إنَّ الحمدَ لله، نحمدُهُ ونستعينهُ، ونستغفرهُ، ونعوذُ باللهِ من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله-صلى الله عليه وسلم-.
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللهَ حق تقاتهِ ولا تموتنَّ إلاَّ وأنتم مسلمون } ( ) سورة آل عمران، آية : 102. ) ، { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خَلَقكم من نفسٍ واحدةٍ وخَلَقَ منها زوجها وبثَّ منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا } ( ) سورة النساء، آية : 1. ) ، { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً } ( ) سورة الأحزاب، آية : 70. ).
أمَّا بعد : فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ الله وخيرَ الهدى هدى محمدٍ-صلى الله عليه وسلم-، وشرّ الأمورِ محدثاتها وكلَّ بدعةٍ ضلالة.
إنَّ مِنْ أسبغ نعم الله على هذه الأمة حفظ دينها بحفظ كتابه العزيز، وسنة نبيه الكريم، " فأما الكتاب العزيز فإنَّ الله تعالى تَولّى حِفظَه بنفسِهِ ولم يَكِلْ ذلك إلى أحدٍ من خلقهِ فقال تعالى : { إِنّا نَحْنُ نَزّلنا الذِّكرَ وإِنّا لهُ لحافظون } ( ) سورة الحِجْر، آية : 9. )، فظهر مصداقُ ذلك مع طول المُدّة، وامتدادِ الأيام، وتوالي الشهور، وتعاقبِ السنين، وانتشارِ أهل الإسلامِ، واتساعِ رُقعتهِ.
وأما السُّنَّةُ فإنَّ الله تعالى وَفَّق لها حُفَّاظاً عارفين، وجهابذةً عالمين، وصيارفةً ناقدين، ينفون عنها تحريف الغالين، وانتحال المُبْطلين، وتأويل الجاهلين "( ) مقتبس من كلام المزيّ في تهذيب الكمال (1/ 146). )، فتفرغوا لها، وأفنوا أعمارهم في تحصيلها، وبيان عللها وأحوالها، وتمييزِ ضعيفها من صحيحها، فجزاهم اللهُ عن الإسلامِ والمسلمينَ خيرَ الجزاءِ وأوفرَهَ.(1/1)
لذا كان حقاً على مَنْ جاءَ بعدَهم إظهارُ علومهم وتحقيقُ كتبهم التحقيق الذي يليق بمكانتها، ودراسةُ مناهجِهِم في حِفظِ السُّنةِ وعلومِهِا.
ومن أولئكَ الحُفَّاظ العارفين، والجهابذة العالمين، الإمام الحافظ أبو محمد عبدالرحمن بن أبي حاتم فقد ألف كتاباً في علل الحديث يُعدُّ من أهم مؤلفات هذا العلم الدقيق، ومصدراً من مصادره الأصلية، قال الحافظ سراج الدين البلقيني :((وأجل كتابٍ في العلل كتابُ الحافظ ابن المديني، وكذلك كتابُ ابنِ أبي حاتم))( ) محاسن الاصطلاح (ص203). ) .
وقد جمع ابنُ أبي حاتم في هذا الكتابِ علمَ إمامينِ كبيرينِ، وحافظين جليلين هما : أبو زرعةَ عبيدُ الله بنُ عبد الكريم الرازيّ، وأبوه: أبو حاتم محمدُ بنُ إدريس الرازيّ، حيثُ وجه لهما أسئلةً تتعلق بعلل الأحاديث، فأجابا على هذه الأسئلة، فقام ابنُ أبي حاتم بجمع هذه الأسئلة والأجوبة، وما سمعه مما يُلقى عليهما، وترتيبه على أبواب الفقه.
ولابنِ أبي حاتم في هذا الكتاب –أحياناً- إضافاتٌ، وتعاليلٌ، وزيادات على كلام شيخيه، وقد ينقلُ في بعض المواطن عن غير أبيه وأبي زرعة كما سيأتي بيانه.
- أهميةُ الموضوع :
تتضح أهمية الموضوع في عدة أمور :
الأوَّل: أنَّ علمَ العلل له منزلةٌ كبيرةٌ في علوم الحديث، فهو من أشرف علومها، وأعوصها، وأدقها مسلكاً، وأقلها سالكاً، قال الحافظ ابن حجر : (( المُعَلَّل : وهو من أغمض أنواع علوم الحديث وأدقها، ولا يقوم به إلاّ من رزقه الله فهماً ثاقباً، وحفظاً واسعاً، ومعرفةً تامةً بمراتب الرواة، وملكةً قويةً بالأسانيد والمتون، ولهذا لم يتكلم فيه إلاّ القليل من أهل هذا الشأن؛ كعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل، والبخاري، ويعقوب بن شيبة، وأبي حاتم، وأبي زرعة..))( ) نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر (ص43)، وانظر المزيد من أقوال العلماء في "أهمية علم العلل" في الفصل الثالث من الباب الثاني. ).(1/2)
الثاني: إحياءُ هذا العلم الشريف، ونشره بين طلبة العلم، لما في معرفته من فوائد لا تخفى، قال ابنُ رجب :((ولما انتهى الكلام على ما ذكره الحافظ أبوعيسى الترمذي-رحمة الله عليه- في كتاب الجامع…أحببت أن أتبع كتاب العلل بفوائد أُخر مهمة..وأردت بذلك تقريب علم العلل على من ينظر فيه، فإنه علمٌ قد هُجر في هذا الزمان، وقد ذكرنا في كتاب العلم أنَّه علمٌ جليلٌ، قلَّ من يعرفه من أهل هذا الشأن، وأنَّ بساطه قد طوي منذ أزمان )) ( ) شرح علل الترمذي (2/467). ) ، فإذا كان هذا في زمان ابنِ رجب المتوفى سنة خمسٍ وتسعين وسبعمائة من الهجرة فكيف بزماننا هذا ! والله المستعان.
الثالث: أنَّ الاشتغالَ بهذا الفنِ يورثُ الباحث دقةً في النظر، ودرايةً في العلل، ورويّةً في الحكم على الرجال والأحاديث، وعمقاً في البحث والنقد؛ مما يصقل طالب العلم، ويقوي ملكته في النقد والبحث، خاصةً في هذا الزمان الذي تجرأ فيه البعض على الأئمة برد أحكامهم على الأحاديث والرجال من غير علم ولا برهان، قال ابن رجب :((ولا بدَّ في هذا العلم من طول الممارسة وكثرة المذاكرة، فإذا عُدِمَ المُذاكر به فليكثر طالبه المطالعة في كلام الأئمة العارفين به؛ كيحيى القطان، ومن تلقى عنه؛ كأحمد، وابن المديني، وغيرهما، فمَنْ رُزقَ مطالعة ذلك وفهمه وفقهت نفسه فيه، وصارت له فيه قوة نَفَس وملكة صَلُحَ له أن يتكلم فيه )) ( ) شرح علل الترمذي (2/469). ) .
الرابع : معرفة مناهج الأئمة وطرقهم في كشف علل الأخبار، ونقد المتون.
- أسبابُ اختيار الموضوع :
من أسباب اختيار كتاب العلل لابن أبي حاتم :
أهمية العلم الذي يبحثه هذا الكتاب كما تقدم.
أنَّ كتاب ابن أبي حاتم يُعدُّ من أهم مؤلفات هذا العلم الدقيق، ومصدراً من مصادره الأصلية، وتقدم كلامُ البلقيني في ذلك.
جلالةُ مؤلفِ هذا الكتاب، ومَنْ نقل عنهم من الأئمة في تعليل الأخبار، مما أضفى على الكتاب أهميةً خاصةً.(1/3)
سعةُ الكتابِ وكثرةُ مسائله؛ فقد حوى أكثر من ألفين وثمانمائة وأربعين مسألة.
سوأ الطبعة الحالية من الكتاب حيثُ يكثر فيها السقط، والتحريف، والتصحيف، والدمج والخلط بين المسائل المختلفة مما يجعل الباحث والقارئ للكتاب في حيرةٍ وإشكالٍ.
أنَّ هناك مسائل كثيرة تحتاج إلى توضيحٍ وبيانٍ وتحليلٍ؛ وذلك لما فيها من إشارةٍ، أو إجمالٍ، أو غموض ولا يمكن كشف ذلك إلاَّ بالتوسع في التخريج والدراسة.
فَلِمَا تقدّم وغيره رغبتُ في مشاركة زملائي طلبة العلم في تحقيق هذا الكتاب النفيس، فكان نصيبي من خدمة هذا الكتاب تحقيق وتخريج ودراسة المسائل من أول المسألة رقم ( 1089) وهي قوله : ((سألتُ أبي عن حديث رواه ابنُ أبي فُديك، عن عبدِالحميد بن حَفْص، عن مُوسى بن علي، عن أبيه...))، إلى نهاية المسألة رقم ( 1239) وهي قوله: (( سألتُ أبي عن حديث رواه محمد بن بكار، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة....))، وعدد مسائل هذا القسم ( 152) مسألة، حيث اتضح خلال التحقيق أنَّ هناك مسألتين دمجتا في المطبوع فأصبحتا مسألة واحدة وهي المسألة رقم (1198).
- خطة البحث :
تتكون الخطة من مقدمة وقسمين وخاتمة وفهارس فنية.
المقدمة : وفيها بيان أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، وخطة البحث، وهي كالتالي :
القسم الأول : الدراسة، وفيها أربعة أبواب :
الباب الأول : ترجمة المؤلف وشيخيه بإيجاز، وفيه ثلاثة فصول :
الفصل الأول : ترجمة المؤلف ابن أبي حاتم.
الفصل الثاني : ترجمة أبي حاتم الرازي.
الفصل الثالث : ترجمة أبي زرعة الرازي.
الباب الثاني : دراسة موجزة لعلم العلل، وتحوي أربعة فصول :
الفصل الأول : لمحة تاريخية عن علم العلل.
الفصل الثاني : معنى العلة وأقسامها.
الفصل الثالث : أهمية علم العلل، وأبرز المؤلفات فيه.
الفصل الرابع : كيفية معرفة العلة.
الباب الثالث: دراسة موجزة لكتاب (( العلل )) لابن أبي حاتم، وفيه خمسة فصول:(1/4)
الفصل الأول : تسمية الكتاب، وصحة نسبته إلى مصنفه.
الفصل الثاني : موضوع الكتاب، وكيفية ترتيبه، والمآخذ على الترتيب.
الفصل الثالث : موارد المصنف في كتابه.
الفصل الرابع :بيان منزلة الكتاب وأهم مزاياه.
الفصل الخامس : مقارنة الكتاب بغيره من كتب العلل؛ كالعلل الكبير للترمذي، وعلل الإمام الدارقطني.
الباب الرابع : دراسة منهج المصنف في القسم المحقق، وفيه خمسة فصول :
الفصل الأول : طريقته في السؤال عن الأسانيد والمتون.
الفصل الثاني : طريقة شيوخه في الإجابة عن سؤاله في الأسانيد والمتون.
الفصل الثالث : تعقيبه على كلام شيوخه.
الفصل الرابع : منهجه في إثبات العلة أو دفعها.
الفصل الخامس :منهجه في الكلام على الرواة.
القسم الثاني : التحقيق ، ويشمل :
أوَّلاً- وصف النسخ الخطية وبيان المعتمد منها.
ثانياً- بيان الطريقة المتبعة في التحقيق والتخريج والدراسة، وهي إجمالاً:
كتابة النص حسب القواعد الإملائية.
إثبات الفروق بين النسخ.
عزو الآيات القرآنية إلى سورها.
ترجمة الرواة والأعلام الوارد ذكرهم في الأصل، مع التوسع عند الحاجة في المختلف فيهم.
شرح المفردات والجمل الغريبة الواردة في النص.
التعريف بالأماكن والبلدان غير المشهورة.
تخريج الطرق التي يذكرها المؤلف، ثم التوسع في ذكر طرق الحديث الأخرى حسب الاستطاعة.
الدراسة والحكم على الحديث، وفيها خلاصة الكلام على المسألة، و الحكم النهائي على الحديث، وبيان الأدلة على صحة ما قاله المؤلف أو نقله عن شيوخه، إلاّ أن يتبين خلاف ذلك فيذكر مع ذكر الحجة عليه.
-الخاتمة ، وفيها بيان أهم النتائج التي توصلتُ إليها.
- الفهارس الفنية.(1/5)
وفي الختام أتوجه بالشكر - بعد شكر الله عزَّ وجلّ- لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التي أتاحت لي الفرصة لإكمال دراستي، وأخص بذلك كلية أصول الدين ممثلةً في عميدها ووكيلها وقسم السنة وعلومه، كما أشكر فضيلة الدكتور علي بن عبد الله الزبن على تفضله بقبول الإشراف على هذه الرسالة وقراءتها وإبداء الملحوظات عليها.
وأخيراً أشكرُ كلَّ من أعانني في بحثي من مشايخي وزملائي بفائدةٍ علميةٍ، أو إعارة كتب، وأسأل الله سبحانه أن يرزقنا الإخلاص في السر والعلن، وأن يحفظنا من فتنةِ القولِ والعملِ، إنه على كل شيءٍ قدير، وصلى اللهُ على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبهِ وسلّم.
- - - -
ترجمةٌ موجزةٌ لابنِ أبي حاتم ( ) لم أر فائدة من إطالة الترجمة والإسهاب في سيرة المؤلف ابن أبي حاتم-وكذلك الحال في سيرة شيخيه- نظراً لأنَّ فضيلة الدكتور: عبدالله بن عبد المحسن التويجري –حفظه الله- وهو الذي حقق القسم الأوَّل من الكتاب، قد وَفّى ترجمة ابن أبي حاتم حقها (ص13-36)، وكذلك أفرد الدكتور: رفعت فوزي في ترجمته كتاباً مفرداً بعنوان " ابن أبي حاتم الرازي وأثره في علوم الحديث" وقد طبع الطبعة الأولى عام 1415هـ، الناشر مكتبة الخانجي بالقاهرة، ومن أهم مصادر ترجمة ابن أبي حاتم–وهي مرتبة حسب وفيات مؤلفيها- :
تاريخ مولد العلماء ووفياتهم لابن زبر (2/658)، الإرشاد للخليلي (2/683-684)، طبقات الحنابلة (2/55رقم596)، تاريخ دمشق (35/357-366)، التقييد لابن نقطة (2/78-82رقم401) ، التدوين في أخبار قزوين (3/153-155)، طبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح (1/534رقم199)، سير أعلام النبلاء (13/263-269)، تاريخ الإسلام (وفيات 321-330، ص206- 209)، ميزان الاعتدال (2/587-588رقم4965)، طبقات الشافعية للسبكي (3/324-328رقم207)، البداية والنهاية (11/ 191)، لسان الميزان (3/432-433) وغيرها من المراجع.(1/6)
وأفاد الذهبيُّ في السير أنَّ أبا الحسن على بن إبراهيم الرازي الخطيب عمل ترجمة لابن أبي حاتم، وقد رأيتُ ابن عساكر في تاريخه ينقل كثيراً من أخبار ابن أبي حاتم من طريق أبي الحسن الخطيب هذا.
)
1- اسمه، ونسبه، وكنيته :
هو الإمام ابنُ الإمام، حافظُ الريّ وابنُ حافظها أبو محمد عبدالرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران، الحنظلي الرازي .
2- مولده، ووفاته :
ولد سنة أربعين ومائتين، وتوفي-رحمه الله- بمدينة الري، في شهر محرم ، سنة سبع وعشرين وثلاثمائة.
3 –نشأته، وطلبه للعلم، ورحلاته :
هيا اللهُ لابن أبي حاتم أسرةً علمية، تتصف بالدين والزهد، والبروز في علم الحديث، فأبوه من كبار الأئمة في زمانه، وابن خال أبيه: الإمام الكبير أبو زرعة ، وعمه : إبراهيم بن إدريس، وخال أبيه: إسماعيل بن يزيد –وقد ترجم لهم في كتابه الجرح والتعديل- وغيرهم من محدثي أسرته.
وقد عنو بتربيته وتوجيهه مبكراً، ومما يدل على ذلك قول ابن أبي حاتم :((لم يدعني أبي أشتغل بالحديث حتى قرأت القرآن على الفضل بن شاذان، ثم كتبت الحديث))( ) تاريخ دمشق (35/ 360). ) ، وقال أيضاً :((رحل بي أبي سنة خمس وخمسين ومائتين وما احتلمتُ بعد، فلما بلغنا ذا الحليفة احتلمتُ، فَسُّر أبي حيث أدركتُ حجةَ الإسلام، فسمعتُ في هذه السنة من محمد بن أبي عبدالرحمن المقرئ)) ( ) المرجع السابق. ).(1/7)
وقال علي بن إبراهيم :((استأذن أباه وتشفع إليه بأبي زرعة أن يأذن له في الرحلة فلم يأذن له حتى ألح عليه، ولم يكن لأبي حاتم في هذا الوقت ولدٌ إلاّ عبدالرحمن، وكان له أولادٌ قبله فماتوا، فلم تطب نفسه أن يأذن له، ثم أذن له وشرط عليه إلى وقت كذا وينصرف إليه في وقت كذا، فرحل ودخل مصر ومشايخ مصر متوافرون، قال : وعندي أنَّه كان في اثنتين وستين مثل: يونس بن عبد الأعلى، وبحر بن نصر، وابن عبدالحكم، والمزني، والربيع وغيرهم، ومشايخ إسكندرية : محمد بن عبدالله بن ميمون وغيرهم، فأجهد نفسه في السماع ليلحق وعد أبيه لا يخلفه، فرزق السماع الكثير مثل: كتب ابن وهب بأسرها، وكتب الشافعي -رحمه الله- وحديث سائر الشيوخ وفوائدهم، ثم خرج من مصر)) ( ) المرجع السابق (ص361-362). ).
فهذه بعضُ النصوص الدالة على عناية أبيه، وأسرته بتربيته وتوجيهه، وقد آتت هذه التربية ثمارها وأُكُلها، فيا ليت الآباء يستفيدون من هذه المثل العليا في التربية والتوجيه.
قال أبو بكر محمد بنُ عبدالله البغدادي :((كان مِنْ مِنّة الله على عبدالرحمن أنّه وُلد بين قماطر العلم والروايات، وتربى بالمذاكرات مع أبيه وأبي زرعة، فكانا يَزُّقَانه ( ) الزَّق: مصدر زَقَّ الطائرُ الفَرخَ يزُقُّه زَقًّا وزَقْزَقَه زَقَّه أَطعمه بفِيه. لسان العرب (10/143). ) كما يزّقُ الفرخ الصغير، ويعنيان به، فاجتمع له مع جوهر نفسه كثرةُ عنايتهما، ثم تمت النعمةُ برحلته مع أبيه فأدرك الإسناد وثقات الشيوخ بالحجاز والعراق والشام والثغور، وسمع بانتخابه حين عرف الصحيح من السقيم، فترعرع في ذلك، ثم كانت رحلته الثانية بنفسه بعد تمكن معرفته يعرف له ذلك، وتقدم بحسن فهمه وديانته وقديم سلفه)) ( ) تاريخ دمشق (35/ 360). )، وقال أبوالحسن علي بن أحمد الخوارزميّ :((عبدالرحمن بنُ أبي حاتم إمامٌ ابنٌ إمامٍ قد رُبي بين إمامين أبي حاتم، وأبي زرعة إمامي هدى)) ( ) المرجع السابق (ص361). ).(1/8)
ومما يدلُ على شدةِ حرصهِ على طلب العلم قولُهُ :((كنّا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مَرَقةً كلّ نهارنا مقسم لمجالس الشيوخ، وبالليل النسخ والمقابلة، قال: فأتينا يوما أنا ورفيق لي شيخا فقالوا: هو عليل فرأينا في طريقنا سمكة أعجبتنا فاشتريناها، فلما صرنا إلى البيت حضر وقتُ مجلسٍ، فلم يمكنا إصلاحه ومضينا إلى المجلس، فلم نزل حتى أتى عليه ثلاثة أيام، وكاد أن يتغير فأكلناه نيئا،لم يكن لنا فراغ أن نعطيه من يشويه، ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد)) ( )المرجع السابق. ).
وسار ابنُ أبي حاتم على سنة المحدثين فرحل في طلب العلم والحديث، قال علي بن إبراهيم :((كان لعبد الرحمن ثلاث رحلات الأولى مع أبيه سنة خمس أو سنة ست ثم حج وسمع محمد بن حماد في سنة اثنتين ثم رحل بنفسه إلى السواحل والشام ومصر سنة اثنتين وستين ومائتين ثم رحل إلى أصبهان في سنة أربع وستين فلقي يونس بن حبيب)) ( ) المرجع السابق (ص362). ).
وقال الذهبيُّ :((وسمع من أبي سعيد الأشج… وخلائق من طبقتهم وممن بعدهم بالحجاز والعراق والعجم ومصر والشام والجزيرة والجبال)) ( ) السير (13/264). ).
4- شيوخه، وتلاميذه :
مَنْ تأمل سيرةَ ابنِ أبي حاتم عَلِمَ أنّه مكثرٌ جداً من المشايخ فَطَلَبُهُ للعلم مبكراً، ورحلاته -مع حرصٍ شديد على لقي العلماء والمحدثين- دليلٌ واضحٌ على ذلك، قال الدكتور رفعت فوزي :((مشايخُ ابنِ أبي حاتم كثيرون، ذكر منهم في الجرح والتعديل قرابة الثلاثمائة والستين ممن كتب عنهم، وسمع منهم…)) ( ) ابن أبي حاتم وأثره في علوم الحديث (ص69). ).
ومن أشهر شيوخه :
أبوه : أبو حاتم.
وأبو زرعة.
وأبو سعيد الأشج.
والحسن بن عرفة.
ويونس بن عبد الأعلى.
وغيرهم كثير.
ولابنِ أبي حاتم تلاميذ كثيرون، من أشهرهم :
أبو أحمد عبد الله بن عدي، صاحب الكامل في ضعفاء الرجال.(1/9)
وأبو الشيخ عبدالله بن محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني، صاحب كتاب طبقات المحدثين بأصبهان وغيره من المصنفات الكثيرة.
وأبو أحمد الحاكم الكبير، صاحب كتاب الكنى.
وأبو زرعة الصغير أحمد بن الحسين.
والحسين بن علي التميمي، المعروف بحُسينك.
وغيرهم كثير.
5- زُهْدُهُ وَعِبادتُهُ :
كان –رحمه الله- على مستوى عالٍ من الزهد والورع والصلاح، قال أبو الفضل الترمذي :((كنت مع أبي حاتم إذ خرج من السكة، وعبدالرحمن في الصلاة يصلي بالناس على رأس مسكنة، فوقف فقال: خفف يا عبدالرحمن، ثم قال: لا يتهيأ لي أن أعمل ما يعمل عبدالرحمن)) ( ) تاريخ دمشق (35/ 362). )، وقال أيضاً :((ومَنْ يقوى على عبادة عبدالرحمن؟ لا أعرف لعبدالرحمن ذنباً))( ) المرجع السابق (35/ 359). )، وقال أبو يعلى الخليلي :((وكان زاهداً يُعدُّ من الأبدال)) ( ) الإرشاد (2/ 683). )، وقال علي بن أحمد الفرضي :((ما رأيت أحداً ممن عرف عبدالرحمن ذكر عنه جهالةً قط، وكنت ملازما له مدة طويلة، فما رأيته إلا على وتيرةٍ واحدةٍ لم أر منه ما أنكرته من أمر الدنيا ولا من أمر الآخرة، بل رأيته صائنا لنفسه ودينه ومروءته)) ( ) تاريخ دمشق (35/ 359). ).
وقال أبو بكر محمد بنُ مهروية بن سنان الرازي :((سمعت علي بن الحسين بن الجنيد يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: إنَّا لنطعنُ على أقوامٍ لعلهم قد حَطوا رحالهم في الجنة منذ أكثر من مائتي سنة، قال ابن مهرويه: فدخلت على عبدالرحمن بن أبي حاتم وهو يقرأ على الناس كتاب الجرح والتعديل فحدثته بهذه الحكاية فبكى، وارتعدت يداه حتى سقط الكتاب من يده، وجعل يبكي ويستعيدني الحكاية ولم يقرأ في ذلك المجلس شيئا)) ( ) المرجع السابق (35/ 365). )، قال الذهبي :((قلتُ: أصابه على طريق الوجل وخوف العاقبة وإلا فكلام الناقد الورع في الضعفاء من النصح لدين الله والذب عن السنة)) ( ) السير (13/ 268). ).(1/10)
وغير ذلك من الأخبار الدالة على شدة عبادته وزهده وعزوفه عن الدنيا.
6- مكانتُهُ وثناءُ العلماءِ عليه :
بلغ ابنُ أبي حاتم في زمانه مكانةً عاليةً لعلمه وعمله حتى كان يرجع إليه في الأمور الكبار ومما يدل على ذلك ما قاله أبو عبدالله الزعفراني :((روى ابنُ صاعد ببغداد في أيامه حديثاً أخطأ في إسناده، فأنكر عليه ابنُ عقدة، فخرج عليه أصحاب ابن صاعد، وارتفعوا إلى الوزير علي بن عيسى، فحبس ابن عقدة، ثم قال الوزير: مَنْ يرجع إليه في هذا ؟ فقالوا: ابن أبي حاتم، فكتبوا إليه في ذلك، فنظر وتأمل، فإذا الصواب مع ابن عقدة، فكتب إلى الوزير بذلك، فأطلق ابن عقدة، وارتفع شأنه)) ( ) تاريخ دمشق (35/ 365). )، قال عبد الرحمن المعلمي تعليقاً على القصة:((وقد كان في ذاك العصر جماعة من كبار الحفاظ ببغداد وما قرب منها، فلم يقع الاختيار إلا على ابن أبي حاتم مع بُعْدِ بلده)) ( ) مقدمة تقدمة الجرح والتعديل (ص: ز). ).
وأقوال العلماء في الثناء على ابن أبي حاتم كثيرةٌ جداً، ولعلي أكتفي منها بقول أبي يعلى الخليلي قال :((أخذ علمَ أبيه، وأبي زرعة، وكان بحراً في العلوم ومعرفة الرجال والحديث الصحيح من السقيم، وله من التصانيف ما هو أشهر من أن يوصف ، في الفقه والتواريخ، واختلاف الصحابة، والتابعين، وعلماء الأمصار، وكان زاهداً يعد من الأبدال…. ويقال: إن السّنّة بالري ختمت به)) ( ) الإرشاد (2/ 683). ).
6_ عقيدته:
نقل الذهبيُّ في الميزان أنَّ أبا الفضل السليماني قال :((ذِكْرُ أسامي الشيعة من المحدثين الذين يقدمون علياً على عثمان : الأعمش، النعمان بن ثابت، شعبة بن الحجاج، عبدالرزاق، عبيدالله بن موسى، عبدالرحمن بن أبي حاتم)) فتعقبه الذهبي بقوله :((وما ذكرته لولا ذكر أبي الفضل السليماني له،فبئس ماصنع)) ( ) الميزان (2/ 588). ).
والجواب عن هذا من أوجه :(1/11)
الوجه الأوَّل: أنّ ابن أبي حاتم لو كان من الشيعة المفضلة لانتشر هذا عنه، ولما تفرد بنقله السليماني وَحدَهُ، فإنّ ابن أبي حاتم كانت له منزلة كبيرة في ذلك الوقت كما تقدم.
الوجه الثاني: أنَّ السليماني( ) السليماني هو: أبو الفضل أحمد بن علي السليماني البيكندي البخاري، قال الذهبي :((الإمام الحافظ المعمر محدث ما وراء النهر))، مات سنة أربع وأربعمائة. السير (17/200-202). ) –على فضله وعلمه- قال عنه الذهبيُّ :((رأيت للسليماني كتابا فيه حط على كبار فلا يسمع منه ما شذ فيه)) ( ) السير (17/ 202). )، فهذا القول من السليماني مما شذَّ فيه، وخالف الإجماع.
الوجه الثالث: أنّ كبار المؤلفين في عقيدة أهل السنة والجماعة ذكروا ابن أبي حاتم من أئمة أهل السنة والجماعة منهم : اللالكائي في كتابه "شرح أصول إعتقاد أهل السنة والجماعة" ( ) انظر (1/49). )، وأبو القاسم الأصبهاني في كتابه "الحجة في بيان المحجة"( ) انظر (2/476).
).
7_ مصنفاته :
صنف ابن أبي حاتم مصنفات كثيرة، وتقدم قول أبي يعلى الخليلي :((وله من التصانيف ما هو أشهر من أن يوصف ، في الفقه والتواريخ، واختلاف الصحابة، والتابعين، وعلماء الأمصار..))، وسأذكر ما وقفت عليه، وأشير إلى المطبوع منها، فمن مصنفاته –وهي مرتبة حسب حروف الهجاء-:
آداب الشافعي ومناقبه –مطبوع-.
أصل السنة واعتقاد الدين–مطبوع-.
بيان خطأ البخاري في تاريخه –مطبوع-.
التفسير–مطبوع-.
تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل –مطبوع-.
ثواب الأعمال .
الجرح والتعديل –مطبوع-.
حديث ابن أبي حاتم .
الرد على الجهمية.
زهد الثمانية من التابعين –مطبوع-.
السنة .
العلل–مطبوع، وهو المراد تحقيقه-.
فضائل أهل البيت .
فضائل الإمام أحمد .
فضائل قزوين .
فضائل مكة .
فوائد الرازيين .
الفوائد الكبير.
الكنى.
المراسيل –مطبوع-.
المسند.
رحم اللهُ إمامنا ابنَ أبي حاتم رحمةً واسعةً.
- - - -(1/12)
ترجمةٌ موجزةٌ لأبي حاتم الرازيّ ( ) أُفردت في سيرته رسالة علمية بعنوان "أبو حاتم الرازي وآثاره العلمية"للباحث محمد الأزوري، وهي رسالة ماجستير في جامعة أم القرى بمكة المكرمة، وقد ترجم لأبي حاتم كثيرون، ومن أهم مصادر ترجمته–وهي مرتبة حسب وفيات مؤلفيها- :
تقدمة الجرح والتعديل (ص349-372)، الثقات (9/137)، طبقات المحدثين بأصبهان (3/150رقم290)، الإرشاد للخليلي (2/681-683رقم444)، تاريخ بغداد (2/73-77)، طبقات الحنابلة (1/284-286رقم390)، تاريخ دمشق (52/3-16)، تهذيب الكمال (24/381-391)، سير أعلام النبلاء (13/247-263)، وغيرها من المراجع. )
1- اسمه، ونسبه، وكنيته :
هو الإمامُ الحافظُ الناقدُ شيخُ المحدثين أبو حاتم محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران الحنظلي الرازي.
2- مولده، ووفاته :
ولد سنة خمس وتسعين ومائة، وتوفي بالري، في شعبان، سنة سبع وسبعين ومائتين- رحمه الله رحمةً واسعة-.
3 – طلبه للعلم، ورحلاته :
قال الذهبيُّ :((وأول كتابه للحديث كان في سنة تسع ومائتين، وهو من نظراء البخاري ومن طبقته ولكنه عمّر بعده أزيد من عشرين عاما)) ( ) السير (13/247). ).(1/13)
قال ابنُ أبي حاتم :((ما ذُكر من رحلة أبى في طلب العلم..سمعت أبى يقول: أوَّلُ سنةٍ خرجتُ في طلب الحديث أقمتُ سبعَ سنين، أحصيتُ ما مشيتُ على قدمي زيادة على ألف فرسخ، لم أزل أحصى حتى لما زاد على ألف فرسخ تركتُهُ، ما كنتُ سرت أنا من الكوفة إلى بغداد فما لا أحصى كم مرة، ومن مكة إلى المدينة مراتٍ كثيرة، وخرجتُ من البحرين من قرب مدينة صلا إلى مصر ماشياً، ومن مصر إلى الرملة ماشياً، ومن الرملة إلى بيت المقدس، ومن الرملة إلى عسقلان، ومن الرملة إلى طبرية، ومن طبرية إلى دمشق، ومن دمشق إلى حمص، ومن حمص إلى أنطاكية، ومن أنطاكية إلى طرسوس، ثم رجعت من طرسوس إلى حمص، وكان بقى علىَّ شيءٌ من حديث أبى اليمان فسمعتُ، ثم خرجت من حمص إلى بيسان، ومن بيسان إلى الرقة، ومن الرقة ركبت الفرات إلى بغداد، وخرجت قبل خروجى إلى الشام من واسط إلى النيل، ومن النيل إلى الكوفة، كل ذلك ماشيا، كلُّ هذا في سفرى الأول، وأنا ابنُ عشرين سنة، أجول سبع سنين، خرجتُ من الري سنة ثلاث عشرة ومائتين، قدمنا الكوفة في شهر رمضان سنة ثلاث عشرة، والمقرئ حي بمكة وجاءنا نعيه ونحن بالكوفة، ورجعتُ سنة إحدى وعشرين ومائتين، وخرجتُ المرة الثانية سنة اثنتين وأربعين، ورجعت سنة خمس وأربعين، أقمت ثلاث سنين، وقدمتُ طرسوس سنةَ سبع عشرة أو ثماني عشرة وكان واليها الحسن بن مصعب))( ) تقدمة الجرح والتعديل (ص359-360). ).
وقال الحسن بن الحسين :((سمعتُ أبا حاتم يقول: قال لي أبو زرعة : ما رأيت أحرص على طلب الحديث منك يا أبا حاتم)) ( ) تاريخ دمشق (52/11). ).
4- شيوخه، وتلاميذه :(1/14)
تميز أبو حاتم بكثرة شيوخه مما يدل على حرصه الكبير على العلم منذ صغره، قال الذهبيُّ :((ويتعذر استقصاء سائر مشايخه)) ( ) السير (13/248). )، وقال أبو يعلى الخليلي :((قال لي أبو حاتم اللبّان الحافظ: قد جمعتُ من روى عنه أبو حاتم الرازي، فبلغوا قريباً من ثلاثة آلاف))( ) الإرشاد (2/ 682). )، ومن أشهر شيوخه :
أحمد بن حنبل.
وعبيد الله بن موسى.
والفضل بن دكين.
ومحمد بن عبد الله الأنصاري.
ويحيى بن معين.
وغيرهم كثير.
وتتلمذ على يديه كثيرون، ومن أشهرهم :
ابنه : عبد الرحمن.
وأبو داود السجستاني صاحب السنن، وقد حدث عنه في سننه.
وابن ماجه القزويني صاحب السنن، وقد حدث عنه في التفسير.
وأبو عبد الرحمن النسائي، صاحب السنن، وقد حدث عنه في سننه.
ويونس بن عبد الأعلى وهو من شيوخه.
وغيرهم كثير.
5- ثناءُ العلماءِ عليه :
عبارات الثناء التي قيلت في أبي حاتم كثيرةٌ ومتعددة، وكلٌ يثني على جانبٍ من سيرةِ وحياةِ هذا الإمام الكبير، ولو سردتُ تلك العبارات لطال المقام، وهي مبسوطة في الكتب التي ترجمت له، ولعلي أكتفي منها بقول أبي يعلى الخليلي قال :((الإمام المتفق عليه بالحجاز، والشام، ومصر، والعراق ،والجبل، وخراسان، بلا مدافعة،…سمعتُ جدي، وأبي، ومحمد بن إسحاق الكيساني وغيرهم قالوا: سمعنا علي بن إبراهيم بن سلمة القطان أبا الحسن يقول : ما رأيت مثل أبي حاتم الرازي، لا بالعراق، ولا باليمن، ولا بالحجاز! فقلنا له: قد رأيت إسماعيل القاضي، وإبراهيم الحربي، وغيرهما من علماء العراق ؟ فقال: ما رأيتُ أجمع من أبي حاتم ولا أفضل منه…وقال الربيع بن سليمان المرادي صاحب الشافعي : لم نلق مثل أبي زرعة، وأبي حاتم، ممن ورد علينا من العلماء)) ( ) الإرشاد (2/ 682-683). ).
6- مصنفاته :
الزهد، وقد طبع حديثاً، تحقيق: منذر سليم الدومي، عام1421هـ، الناشر: دار أطلس للنشر والتوزيع.(1/15)
العلل –رواية محمد بن إبراهيم الكتاني-، نقل عنه ابن ناصر الدين محمد بن عبد الله (ت842هـ)، في كتابه "توضيح المشتبه" انظر : (1/225، 5/285، 7/174).
الوحدان، نسبه إليه، ونقل عنه أبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة (1/187).
رحم الله إمامنا أبا حاتم رحمةً واسعةً.
- - - -
ترجمةٌ موجزةٌ لأبي زُرْعةَ الرازيّ ( ) أُفردت في سيرته رسالة علمية بعنوان "أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية" للدكتور سعدي الهاشمي، وهي رسالة دكتوراه في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، وقد ترجم لأبي زرعة كثيرون، ومن أهم مصادر ترجمته–وهي مرتبة حسب وفيات مؤلفيها- :
تقدمة الجرح والتعديل (ص328-349)، الجرح والتعديل (5/324رقم1543)، الثقات (8/407)، الإرشاد للخليلي (2/678-679رقم442)، تاريخ بغداد (10/326-337)، طبقات الحنابلة (1/199-203رقم رقم271)، تاريخ دمشق (38/11-39)، تهذيب الكمال (19/89-104)، سير أعلام النبلاء (13/65-85)، وغيرها من المراجع. )
1- اسمُهُ، ونسبُهُ، وكنيتُهُ :
هو الإمام، سيد الحفاظ، ومحدث الرَّي أبو زرعة عبيدالله بن عبد الكريم بن يزيد بن فرّوخ القرشي المخزومي،الرازي، مولى عياش بن مطرف.
2- مولدُهُ، ووفاتهُ :
ولد سنة نيف ومائتين، وتوفي في آخر يوم من سنة أربع وستين ومائتين- رحمه الله رحمةً واسعة-.
3 – طلبه للعلم، ورحلاته :
قال الذهبيُّ :((وطلب هذا الشأن وهو حَدَثٌ وارتحل إلى الحجاز والشام ومصر والعراق والجزيرة وخراسان وكتب ما لا يوصف كثرة)) ( ) السير (13/ 66). ).(1/16)
وقال ابنُ أبي حاتم :((قلت لأبي زرعة -رحمه الله-: تحزر ما كتبت عن إبراهيم بن موسى مائة ألف حديث؟ قال: مائة ألف كثير، قلت: فخمسين ألفا ؟ قال: نعم وستين ألفا وسبعين ألفا)) ( ) تقدمة الجرح والتعديل (ص334-335). )، وقال ابنُ أبي حاتم أيضاً :((سمعت أبا زرعة يقول: لزمنا إبراهيم بن موسى ثماني سنين من سنة أربع عشرة في آخرها إلى سنة اثنتين وعشرين حتى خرجتُ إلى مكة في رمضان)) ( ) المرجع السابق (ص360). ).
وقال ابنُ أبي حاتم أيضاً :((سمعت أبا زرعة يقول: خرجتُ من الري المرة الثانية سنة سبعٍ وعشرين ومائتين، ورجعتُ سنة اثنتين وثلاثين في أولها بدأت فحججتُ، ثم خرجتُ إلى مصر فأقمتُ بمصر خمسة عشر شهراً، وكنتُ عزمت في بدر قدومى مصر أني أقل المقام بها، فلما رأيتُ كثرة العلم بها، وكثرة الاستفادة، عزمت على المقام ولم أكن عزمت على سماع كتب الشافعي، فلما عزمت على المقام وجهت إلى أعرف رجل بمصر بكتب الشافعي فقبلتها منه بثمانين درهما أن يكتبها كلها، وأعطيته الكاغذ، وكنت حملت معي ثوبين ديبقيين لأقطعهما لنفسي، فلما عزمت على كتابتها أمرت ببيعها فبيعا بستين درهما، واشتريت مائة ورقة كاغذ بعشرة دراهم، كتبت فيها كتب الشافعي، ثم خرجتُ إلى الشام فأقمت بها ما أقمت، ثم خرجت إلى الجزيرة، وأقمت ما أقمت، ثم رجعت إلى بغداد سنة ثلاثين في آخرها، ورجعت إلى الكوفة، وأقمت بها ما أقمت، وقدمت البصرة فكتبتُ بها عن شيبان، وعبد الأعلى، -قال ابن أبي حاتم-سمعت محمد بن عوف يقول: كان أبو زرعة عندنا بحمص سنة ثلاثين ومائتين، -قال ابن أبي حاتم-سمعت أبا زرعة يقول: أقمت في خرجت الثالثة بالشام والعراق ومصر أربع سنين وستة أشهر فما أعلم أني طبخت فيها قدرا بيد نفسي)) ( ) المرجع السابق (ص340). ).
4- شيوخهُ، وتلاميذهُ :(1/17)
سمع أبو زرعة من شيوخٍ كثيرين، ذكرهم الدكتور: سعدي الهاشمي فبلغوا خمسمائة وثمانين شيخاً( ) أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية (1/85-155). )، ومن أشهرهم :
أحمد بن حنبل.
وعبد الله بن مسلمة القعنبيّ.
والفضل بن دكين.
وهشام بن عبد الملك الطيالسي أبو الوليد.
ويحيى بن عبد الله بن بكير.
وغيرهم كثير.
وتتلمذ على يديه كثيرون، ومن أشهرهم :
عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي.
وأبو عبد الرحمن النسائي، صاحب السنن، وقد حدث عنه في سننه.
وأبو عيسى الترمذي صاحب السنن، وقد حدث عنه في سننه.
وابن ماجه القزويني صاحب السنن، وقد حدث عنه في سننه.
ومسلم بن الحجاج صاحب الصحيح، وقد حدث عنه في الصحيح.
وغيرهم كثير.
5- زُهْدُهُ وَورعُهُ :
قال القاسم بن صفوان البردعي :((سمعت أبا حاتم يقول: أزهد من رأيتُ أربعة آدم ابن أبي إياس، وثابت بن محمد الزاهد، وأبو زرعة، وذكر آخر)) ( ) أسامي من روى عنهم البخاري لابن عدي (ص138). ).
وقال عبد الله بنُ محمد بن جعفر القزويني :((سمعتُ محمد بن إسحاق الصاغاني يقول في حديث ذكره من حديث الكوفة قال: هذا أفادنيه أبو زرعة عبيد الله بن عبدالكريم فقال له بعضُ من حضر: يا أبا بكر أبو زرعة من أولئك الحفاظ الذين رأيتهم؟ –وذكر جماعة من الحفاظ منهم الفلاَّس - ، فقال : أبو زرعة أعلاهم لأنَّه جمع الحفظ مع التقوى والورع وهو يُشبّه بأبي عبد الله أحمد بن حنبل)) ( ) تاريخ بغداد (10/333-334). ).(1/18)
وقال ابنُ أبي حاتم :((بابُ ما ذُكر من زهد أبى زرعة وظلف( ) الظَّلْفُ : الكف والمنع. النهاية في غريب الحديث (3/159). ) نفسه عن الدنيا ..سمعت أبا زرعة يقول: لو كان لي صحةُ بدن على ما أريد كنتُ أتصدق بمالي كله، وأخرج إلى طرسوس أو إلى ثغر من الثغور، وآكل من المباحات والزمها، ثم قال: أني لألبس الثياب لكي إذا نظر إلىّ الناس لا يقولون: قد ترك أبو زرعة الدنيا ولبس الثياب الدون، وإني لآكل ما يقدم إلىّ من الطيبات والحلواء لكي لا يقول الناس: إن أبا زرعة لا يأكل الطيبات لزهده، وإني لآكل الشيء الطيب وما مجراه عندي ومجرى غيره من الأدم إلا واحد، وألبس الثياب الجياد ودونه من الثياب عندي واحد؛ لأن جميعا يعملان عملا واحدا، ومن أحب أن يسلم من لبسه الثياب يلبسه لستر عورته، فإنه إذا نوى هذا ولم ينو غيره سَلِمَ)) ( ) تقدمة الجرح والتعديل (ص348). ).
6- ثناءُ العلماءِ عليه :
كثر ثناءُ العلماءِ على أبي زرعة، وكلٌ يثني على جانبٍ من سيرةِ وحياةِ هذا الإمام الجليل، وليس المقام مقام سرد هذه العبارات، وهي مبسوطة في الكتب التي ترجمت له، ولعلي أكتفي منها بقول أبي حاتم الرازي قال:((حدثني أبو زرعة عبيد الله بن عبدالكريم ابن يزيد القرشي، وما خلف بعده مثله: علماً وفهماً وصيانةً وحذقاً، وهذا ما لا يرتاب فيه ، ولا أعلم من المشرق والمغرب من كان يفهم مثل هذا الشأن مثله، ولقد كان من هذا الأمر بسبيل)) ( )تاريخ بغداد (10/334). ).
وبقول ابنُ حبان البستي قال :((كان أحد أئمة الدنيا في الحديث، مع الدينِ والورعِ والمواظبةِ على الحفظ والمذاكرة وترك الدنيا وما فيه الناس)) ( ) الثقات (8/407). ).
7- مصنفاته :
حصر الدكتور: سعدي الهاشمي في كتابه مصنفات أبي زرعة ما وجد منها وما لم يوجد( ) أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية (1/184-203). )، وهي :
الآداب.
الأطعمة.
أعلام النبوة.
الأفراد.(1/19)
بيان خطأ أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه.
التفسير.
الجرح والتعديل.
الزهد.
السير.
الشفعة.
الصوم.
العلل.
الفرائض.
الفضائل.
الفوائد.
المختصر.
المسند.
الوضوء.
رحم الله إمامنا أبا زرعة رحمةً واسعةً.
- - - -
لمحةٌ تاريخيةٌ عن علمِ العلل
تردُ كلمة علة ومعلول في لسان المحدثين–كما سيأتي- على معنيين :
المعنى الأوَّل : معنى عام ويراد به الأسباب الظاهرة التي تقدح في صحة الحديث، كالجرح بالكذب، والغفلة، وسوء الحفظ ونحو ذلك من أنواع الجرح، ومنشأ هذا النقد وأصله قديم من عهد الصحابة، قال الحاكم في النوع الثامن عشر من علوم الحديث:((هذا النوع من علم الحديث معرفة الجَرْح والتَّعديل، وهما في الأصل نوعان كل نوع منهما عِلْمٌ برأسه، وهو ثمرة هذا العلم والمرقاة الكبيرةُ منه،..ثم ذكرتُ في كتاب المزكين لرواة الأخبار على عشر طبقات في كل عصر منهم أربعة وهم أربعون رجلاً، فالطبقة الأولى منهم: أبو بكر، وعمر، وعلي، وزيد بن ثابت، فإنهم قد جَرَّحوا وعَدَّلوا ، وبحثوا عن صحة الروايات وسقيمها))( ) معرفة علوم الحديث ص 66. ).
وقد ذكر مسلم بن الحجاج في مقدمة صحيحه( ) (1: 12-14). )، وابنُ حبان في مقدمة كتابه المجروحين( ) ( 1: 34-38). )، وابنُ عدي في مقدمة كتابه الكامل( ) (1: 47-49). )، أمثلةً كثيرة لنقد الصحابة وتحريهم.(1/20)
المعنى الثاني : معنى خاص، ويراد به الحديث الذي ظاهره السلامة واطلع فيه بعد التفتيش على قادح، وهذا المعنى هو المراد بهذا الفصل، ويظهر أنَّ أول مَنْ أظهر ذلك شعبةُ بنُ الحجاج الواسطي (ت160هـ) قال ابنُ رجب :((وهو أوَّل من وسع الكلام في الجرح والتعديل، واتصال الأسانيد وانقطاعها، ونقب عن دقائق علم العلل، وأئمة هذا الشأن بعده تَبَعٌ له في هذا العلم)) ( ) شرح علل الترمذي (1/172). )، وقال ابن أبي حاتم :((بابُ ما ذُكر من معرفة شعبة بعلل الحديث صحيحه وسقيمه وما فسر من ذلك))( ) تقدمة الجرح والتعديل (ص157). )، ثم سرد له جملةً من الأخبار الدالةِ على علمه بهذا الشأن.
وتبعه تلميذه المبرز يحيى بنُ سعيد القطان (ت198هـ) قال ابنُ أبي حاتم :((باب ما ذُكر من كلام يحيى بن سعيد في علل الحديث))( ) المرجع السابق (ص235). )، وسرد له جملةً من الأخبار الدالة على علمه بهذا الشأن، وذكر ابنُ رجب أنَّ له مؤلفاً في علل الحديث( ) شرح علل الترمذي (2/805)، وتسمية ما ورد به الخطيب دمشق (ص89). )، وقرين يحيى عبد الرحمن بن مهدي أبو سعيد (ت198هـ) قال ابنُ أبي حاتم :((باب ما ذُكر من علم عبد الرحمن بن مهدى بعلل الحديث))( ) تقدمة الجرح والتعديل (ص235). )، وسرد له جملة من الأخبار الدالة على علمه بهذا الشأن، وعبد الرحمن بن مهدي هو القائل :((لأنْ أعرف علةَ حديثٍ هو عندي أحب إلي من أن أكتب عشرين حديثا ليس عندي))( ) معرفة علوم الحديث (ص140)، ونقل قول عبد الرحمن بن مهدي هذا غير واحد منهم: ابن أبي حاتم في مقدمة العلل (1/10)، وعنده بلفظ (أكتب حديثا ليس عندي). )، وهما أشهر أهل زمانهما في هذا الفن.(1/21)
وأخذ عنهما من جاء بعدهم من أئمة هذا الشأن ومن أبرزهم: علي بن عبد الله المديني (ت234هـ)، وهو مِنْ أبرز مَنْ أظهر هذا الفن وشهره، وأكثر فيه التصنيف، قال أحمد بن حنبل :((أعلمنا بالعلل علي بن المديني))( ) المجروحين (1/55). )، وقال أبو حاتم :((كان على بن المديني عَلَماً في الناس في معرفة الحديث والعلل))( ) تقدمة الجرح والتعديل (ص319). )، وأقوال العلماء في إمامته في هذا الفن كثيرة حتى قال ابن حبان :((وكان من أعلم أهل زمانه بعلل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم))( ) الثقات (8/469). )، وابنُ المديني هو القائل :((ربما أدركتُ علة حديث بعد أربعين سنة))( ) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (1/257). )، وقال أيضاً :((البابُ إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه))( ) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (1/212). ).
وعنه أخذ هذا العلم: البخاريُّ، ويعقوبُ بنُ شيبة، وأبو زرعة، وأبو حاتم وغيرهم من المبرزين في هذا الفن.
ومن أئمة هذا الشأن أيضاً قرينُ ابنِ المديني: يحيى بن معين أبو زكريا (ت233هـ) قال ابنُ أبي حاتم :((ما ذكر من علم يحيى بن معين رحمه الله بناقلة الآثار ورواة الأخبار وعلل الحديث))( ) تقدمة الجرح والتعديل (ص314). )، وسرد له جملة من الأخبار الدالة على علمه بهذا الشأن، وذكر ابنُ رجب أنَّ له مؤلفاً في علل الحديث( ) شرح علل الترمذي (2/805). )، ومن أئمة هذا الشأن أيضاً: أحمد بن حنبل (ت241هـ) قال ابنُ أبي حاتم :((باب ما ذكر من معرفة أحمد بن حنبل بعلل الحديث بصحيحة وسقيمة وتعديله ناقلة الأخبار وكلامه فيهم))( ) تقدمة الجرح والتعديل (ص314). )، وسرد له جملة من الأخبار الدالة على علمه بهذا الشأن، ونُقِلَ عنه كلام كثير في العلل من رواية ابنيه: عبد الله وصالح، ومن رواية: المروذي، والميموني وغيرهم.(1/22)
وجاء بعد هؤلاء عددٌ من الحفاظ على رأسهم: محمد بن إسماعيل البخاريّ أبوعبدالله (ت256هـ)، قال الترمذيُّ :((ولم أر أحداً بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد كثير أحد أعلم من محمد بن إسماعيل))( ) العلل الصغير مع شرح ابن رجب (1/32). )، ومن أئمة هذا الشأن أيضاً: محمد بن يحيى الذهلي (ت258هـ) مؤلف كتاب "علل حديث الزهري"، ومسلم بن الحجاج (ت261) وله كتاب"التمييز" وغيره من المؤلفات المشهورة،ويعقوب بن شيبة السدوسي (ت262هـ) صاحب كتاب " المسند المعلل"، قال الذهبي عنه :((صاحب المسند الكبير المعلل ما صنف مسند أحسن منه))( ) تذكرة الحفاظ (2/577). )، وأبو زرعة الرازي (ت264هـ)، وأبو داود السجستاني (ت275هـ)، وأبو حاتم الرازي (ت277هـ)، والترمذي (ت279هـ) وغيرهم من أئمة العلل في زمانهم.
وبعد هؤلاء يأتي: أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (ت303هـ)، قال الذهبيُّ :((ولم يكن أحد في رأس الثلاثمائة أحفظ من النسائي هو أحذق بالحديث وعلله ورجاله من مسلم، ومن أبي داود، ومن أبي عيسى وهو جار في مضمار البخاري، وأبي زرعة))( ) السير (14/133). )، وصناعة العلل واضحة في سننه الكبرى والصغرى، ومن أئمة هذا الشأن في هذا الزمان : أبو جعفر محمد بن عمرو العقيلي (ت323هـ)، وعبد الرحمن بن أبي حاتم (ت327هـ)، وأبو أحمد ابن عدي (ت360هـ)، وإمام العلل في وقته أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني (ت385هـ) وغيرهم من أئمة العلل.(1/23)
وأوَّلُ من ذكر هذا العلم كنوعٍ من أنواع الحديث الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوريّ (ت404هـ) ( ) تنبيه : عقد الشافعيُّ في كتابه "الرسالة" (ص210) باباً قال فيه :((باب العلل في الحديث))، ويقصد بالعلل هنا حِكَم التشريع وعلته، لا العلل في اصطلاح المحدثين. ) فإنه قال في معرفة علوم الحديث :((ذكر النوع السابع والعشرين من علوم الحديث هذا النوع منه معرفة علل الحديث، وهو علم برأسه غير الصحيح والسقيم والجرح والتعديل))( ) معرفة علوم الحديث (ص140). ).
ثم إنَّ كثيراً ممن كتب في مصطلح الحديث تبع الحاكم في جعل هذا العلم أحد أنواع علوم الحديث، وذكروا تعريفه، وأهميته، وأقسامه، وأمثلة على تلك الأقسام ونحو ذلك من مبحث العلل.
- - - -
معنى العلة وأقسامها
-العلة في اللغة :
قال ابنُ فارس :((عَلَّ:العين واللام أصولٌ ثلاثةٌ صحيحة: أحدها : تكرّر أو تكرير، والآخر: عائق يعوق، والثالث: ضعف في الشيء، فالأوَّل: العلل، وهي الشربة الثانية،…والأصل الآخر: العائق يعوق، قال الخليل: العلة حدث يشغل صاحبه عن وجهه…، والأصل الثالث: العِلةُ : المرض، وصاحبها معتل..)) ( ) معجم مقاييس اللغة (4/12-14). ).
واسم المفعول من أعل "مُعَلّ"، واستعمل المحدثون في كلامهم لفظة معلول، قال العراقي :((والتعبير بالمعلول موجود في كلام كثير من أهل الحديث في كلام الترمذي في جامعه، وفي كلام الدارقطني، وأبي أحمد بن عدي، وأبي عبد الله الحاكم، وأبي يعلى الخليلي، ورواه الحاكم في التاريخ، وفي علوم الحديث عن البخاري)) ( ) التقييد والإيضاح (ص97). )، واستعمال البخاري نقله الترمذيُّ في العلل الكبير عن البخاريّ( ) العلل الكبير للترمذي (ص206). ).(1/24)
وممن يستعمل لفظة معلول من المحدثين أيضاً: أبو داود السجستاني في رسالته لأهل مكة( ) رسالة أبي داود لأهل مكة (ص34). )، العقيلي في الضعفاء الكبير( ) الضعفاء الكبير (2/83، 139) وغيرها. ) ، وابن حبان في صحيحه( ) انظر صحيح ابن حبان –بترتيب ابن بلبان- : (3/408، 4/483، 5/180) وغيرها كثير. )، وابن حزم في المحلى( ) المحلى (2/92). ) وغيرهم كثير.
غير أنَّ كثيراً من أهل اللغة، وبعض المحدثين انتقدوا هذا الاستعمال، قال ابن الصلاح :((ويسميه أهل الحديث المعلول، وذلك منهم ومن الفقهاء في قولهم في باب القياس: العلة والمعلول مرذول عند أهل العربية واللغة)) ( ) علوم الحديث (ص81). ).
وقال ابنُ منظور :((واستعمل أَبو إسحاق لفظة المَعْلول في المُتقارِب من العَروض.... والمتكلمون يستعملون لفظة المَعْلول في مثل هذا كثيراً؛ قال ابن سيده: وبالجملة فَلَسْتُ منها على ثِقَةٍ ولا على ثَلَجٍ، لأَن المعروف إِنَّما هو أَعَلَّه الله فهو مُعَلٌّ)) ( ) لسان العرب (11/471) مادة (علّ). ).
إلاَّ أنّ أهل اللغة أنفسهم ليسوا متفقين على تخطئة هذا الاستعمال، قال العراقيُّ-بعد نقله كلام ابن الصلاح المتقدم- :((وقد تبعه عليه الشيخ محي الدين النوويّ فقال في مختصره: إنه لحن، واعترض عليه بأنه قد حكاه جماعة من أهل للغة منهم قطرب فيما حكاه اللبلي، والجوهري في الصحاح، والمطرزي في المغرب)) ( ) التقييد والإيضاح (ص96). )، واستعمل هذه اللفظة كبار أهل اللغة منهم: أبو إسحاق الزجاج كما تقدم في كلام ابن منظور( ) انظر : التقييد والإيضاح (ص96)، فتح المغيث للسخاوي (1/259)، توضيح الأفكار (2/25). )، وقال الفيوميُّ :((والعلة المرض الشاغل، والجمع علل مثل سدرة وسدر، وأعله الله فهو معلول قيل من النوادر التي جاءت على غير قياس وليس كذلك، فإنه من تداخل اللغتين، والأصل أعله الله فَعُلَّ فهو مَعْلُول)) ( ) المصباح المنير (ص426) مادة (علّ). ).(1/25)
فمما تقدم من عدم اتفاق أهل اللغة على تخطئة استعمال هذه الكلمة، واستعمال كثير من الأئمة المحدثين لها نستفيد أنّها كلمة صحيحة لغوياً، وإنْ كان الأفصح استعمال كلمة معل.
-العلة في الاصطلاح :
ترد كلمة علة ومعلول ومعلل في لسان المحدثين على معنيين :
المعنى الأوَّل : معنى عام ويراد به الأسباب الظاهرة التي تقدح في صحة الحديث، قال ابن الصلاح :((اعلم أنه قد يطلق اسم العلة على غير ما ذكرناه من باقي الأسباب القادحة في الحديث المخرجة له من حال الصحة إلى حال الضعف المانعة من العمل به على ما هو مقتضى لفظ العلة في الأصل، ولذلك نجد في كتب علل الحديث الكثير من الجرح بالكذب، والغفلة، وسوء الحفظ ونحو ذلك من أنواع الجرح)) ( ) علوم الحديث (ص84)، وانظر: ألفية السيوطي شرح أحمد شاكر (ص59-60). ).
وما قاله ابن الصلاح ظاهر ففي كتاب العلل لابن أبي حاتم أمثلةً كثيرةً على ما قاله ابن الصلاح كما سيأتي( ) انظر : ص55-56. )، وكذلك في تطبيقات الأئمة المتقدمين، فالعلة عندهم لها معنى واسع وشامل، بحيث تشمل ما قاله ابن الصلاح، والمعنى الخاص الآتي الذكر .
المعنى الثاني : معنى خاص، عرّفه ابنُ الصلاح بقوله:((هو الحديث الذي اطلع فيه على علةٍ تقدحُ في صحته مع أنّ ظاهره السلامة منها)) ( ) علوم الحديث (ص81). )، وعرفه ابنُ حجر بقوله :((هو حديث ظاهره السلامة اطلع فيه بعد التفتيش على قادح)) ( ) فتح الباقي على ألفية العراقي (1/226). ).
والاستعمال الثاني هو المراد في كلام كثير من المتأخرين، وهو الذي ذكروه في كتب المصطلح.
-أقسام العلة :
العلة إما أن تكون في الإسناد، أو في المتن، وإمَّا أن تكون قادحة أو غير قادحة، وبهذا الاعتبار قسم الحافظ ابنُ حجر العلة إلى ستةِ أقسام قال :((إذا وقعت العلة في الإسناد قد تقح، وقد لا تقدح وإذا قدحت تخصه وقد تستلزم القدح في المتن، وكذا القول في المتن سواء، فالأقسام على هذا ستة أقسام:(1/26)
فمثال ما وقعت العلة في الإسناد ولم تقدح مطلقاً: ما يوجد مثلاً من حديث مدلس بالعنعنة، فإن ذلك علة توجب التوقف عن قبوله فإذا وجد من طريق أخرى قد صرح فيها بالسماع تبين أنَّ العلة غير قادحة، وكذا إذا اختلف في الإسناد على بعض رواته فإنَّ ظاهر ذلك يوجب التوقف عنه، فإن أمكن الجمع بينها على طريق أهل الحديث بالقرائن التي تحف الإسناد تبين أنّ تلك العلة غير قادحة.
ومثال ما وقعت العلة فيه في الإسناد وتقدح فيه دون المتن ما مثل به المصنف( ) يقصد ابن الصلاح. ) من إبدال راو ثقة براو ثقة، وهو بقسم المقلوب أليق.
فإن أبدل راو ضعيف براو ثقة، وتبين الوهم فيه استلزم القدح في المتن أيضاً إن لم يكن له طريق أخرى صحيحة…
ومثال ما وقعت العلة في المتن دون الإسناد، ولا تقدح فيهما ما وقع من اختلاف ألفاظ كثيرة من أحاديث الصحيحين إذا أمكن ردّ الجميع إلى معنى واحد، فإنّ القدح ينتفي عنها….
ومثال ما وقعت العلة فيه في المتن، واستلزمت القدح في الإسناد: ما يرويه راو بالمعنى الذي ظنه يكون خطأ والمراد بلفظ الحديث غير ذلك…
ومثال ما وقعت العلة في المتن دون الإسناد ما ذكره المصنف من أحد الألفاظ الواردة في حديث أنس-رضي الله عنه- وهي قوله"لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها"، فإنّ أصل الحديث في الصحيحين، فلفظ البخاري" كانوا يفتتحون بالحمد لله رب العالمين")) ( ) النكت على كتاب ابن الصلاح (2/746-749). ).
ونقل ابنُ حجر عن العلائي كلاما نفيساً في أنواع الاختلاف فقال :((وقد تكلم الحافظ العلائيُّ في مقدمة الأحكام على الحديث المعلول بكلامٍ طويلٍ مفيدٍ نقلتُ منه ما يتعلق بما نحن فيه هنا ملخصاً لأنه شامل لكل ما يتعلق بتعليل الحديث من اضطراب وغيره قال:….والاختلاف تارةً في السند، وتارةً في المتن، فالذي في السند يتنوع أنواعاً:
أحدها: تعارض الوصل والإرسال.
ثانيها: تعارض الوقف والرافع.(1/27)
ثالثها: تعارض الاتصال والانقطاع.
رابعها: أن يروي الحديث قوم-مثلاً- عن رجل عن تابعي عن صحابي، ويرويه غيرهم عن ذلك الرجل عن تابعي آخر عن الصحابي بعينه.
خامسها: زيادة رجل في أحد الإسنادين.
سادسها: الاختلاف في اسم الراوي ونسبه إذا كان متردداً بين ثقة وضعيف)) ( ) المرجع السابق (2/777-790). ).
ثم فَصّلَ في أحكام هذه الأنواع، وكيفية التعامل معها، ثم قسم النوع السادس إلى أربعة أقسام قال :((وأمَّا النوع السادس: وهو الاختلاف في اسم الراوي ونسبه فهو على أقسام أربعة :
الأوَّل: أن يبهم في طريق ويسمى في أخرى…
القسم الثاني: أن يكون الاختلاف في العبارة فقط، والمعنى بها في الكل واحد..
القسم الثالث: أن يقع التصريح باسم الراوي ونسبه لكن مع الاختلاف في سياق ذلك…
أن يقع التصريح به من غير اختلاف لكن يكون ذلك من متفقين: أحدهما ثقة، والآخر: ضعيف، أو أحدهما مستلزم الاتصال، والآخر الإرسال…))( ) النكت على كتاب ابن الصلاح (2/785-788). ).
وذكر الحاكم أبو عبد الله في كتاب معرفة علوم الحديث( ) معرفة علوم الحديث (ص141-148). ) أنَّ علل الحديث على أجناس متعددة، وذكر أمثلةً على عشرة أجناس، وقد لخصها السيوطيُّ في تدريب الراوي وسمّى كل نوعٍ منها فقال :((وقد قسم الحاكمُ في علوم الحديث أجناس المعلل إلى عشرة ونحن نلخصها هنا بأمثلتها
أحدها : أن يكون السند ظاهره الصحة وفيه من لا يعرف بالسماع ممن روى عنه…
الثاني: أن يكون الحديث مرسلا من وجه رواه الثقات الحفاظ ويسند من وجه ظاهره الصحة …
الثالث: أن يكون الحديث محفوظا عن صحابي ويروى عن غيره لاختلاف بلاد رواته كرواية المدنيين عن الكوفيين…
الرابع: أن يكون محفوظا عن صحابي فيروي عن تابعي يقع الوهم بالتصريح بما يقتضي صحته بل ولا يكون معروفا من جهته…
الخامس: أن يكون روى بالعنعنة وسقط منه رجل دل عليه طريق أخرى محفوظة…(1/28)
السادس : أن يختلف على رجل بالإسناد وغيره ويكون المحفوظ عنه ما قابل الإسناد…
السابع : الاختلاف على رجل في تسمية شيخه أو تجهيله…
الثامن : أن يكون الراوي عن شخص أدركه وسمع منه لكنه لم يسمع منه أحاديث معينة فإذا رواها عنه بلا واسطة فعلتها أنه لم يسمعها منه…
التاسع : أن يكون طريقه معروفة يروي أحد رجالها حديثا من غير تلك الطريق فيقع من رواه من تلك الطريق بناء على الجادة في الوهم…
العاشر : أن يروي الحديث مرفوعا من وجه وموقوفا من وجه…
قال الحاكم وبقيت أجناس لم نذكرها وإنما جعلنا هذه مثالا لأحاديث كثير))( ) تدريب الراوي (1/304-307). ).
والحق أنَّ صور علل الأحاديث كثيرة ومتعددة ، وفي بعضها دقة وغموض، لا يعلمها إلاّ حذاق هذا الفن، فمن ذلك ما قاله يعقوب بن شيبة السدوسيّ :((كان سفيان بن عيينة ربما يحدث بالحديث عن اثنين، فيسند الكلام عن أحدهما، فإذا حدّث به عن الآخر على الانفراد أوقفه أو أرسله))( ) شرح علل الترمذي (2/765). ).
قال ابنُ رجب :((ومن هذا المعنى: أنّ ابن عيينة كان يروي عن ليث، وابن أبي نجيح جميعاَ عن مجاهد عن أبي معمر عن علي حديث القيام للجنازة، قال الحميديُّ: فكنا إذا وقفناه عليه لم يدخل في الإسناد أبا معمر إلاَّ في حديث ليث خاصة، يعني أنّ حديث ابن أبي نجيح كان يرويه مجاهد عن علي منقطعاً))( ) شرح علل الترمذي (2/764-765). ).
وقد ذكرتُ عدداً من صور علل الأحاديث والأجناس التي نبه عليها أو استفيدت من كلام الأئمة في الفصل الرابع من الباب الرابع.
- - - -
كيفيةُ معرفةِ العِلةِ(1/29)
قال الحاكم أبو عبد الله :((والحجة فيه عندنا الحفظ والفهم والمعرفة لا غير))( ) معرفة علوم الحديث (ص140). )، وقال ابنُ رجب :((قاعدةٌ مهمةٌ : حذّاق النقاد من الحفاظ لكثرة ممارستهم للحديث، ومعرفتهم بالرجال، وأحاديث كل واحد منهم، لهم فهم خاص يفهمون به أنَّ هذا الحديث يشبه حديث فلان، ولا يشبه حديث فلان، فيعللون الأحاديث بذلك، وهذا مما لا يعبر عنه بعبارة تحصره، وإنما يرجع فيه إلى مجرد الفهم والمعرفة التي خصوا بها عن سائر أهل العلم))( ) شرح علل الترمذي (2/757-758). ).
وما قاله ابنُ رجب يتعذر في مثل هذه الأزمنة مما يجعل الأمر كما قال ابنُ حجر :((فمتى وجدنا حديثاً قد حكم إمام من الأئمة المرجوع إليهم بتعليله فالأولى اتباعه في ذلك كما نتبعه في تصحيح الحديث إذا صححه، وهذا الشافعيّ مع إمامته يحيل القول على أئمة الحديث في كتبه فيقول: "وفيه حديث لا يثبته أهل العلم بالحديث"، وهذا حيث لا يوجد مخالف منهم لذلك المعلل)) ( ) النكت على كتاب ابن الصلاح (2/711). ).
وقال السخاويُّ –عن تعليل الأئمة-:((أمرٌ يهجم على قلوبهم لا يمكنهم رده، وهيئة نفسانية لا معدل لهم عنها، ولهذا ترى الجامع بين الفقه والحديث كابن خزيمة، والإسماعيلي، والبيهقي، وابن عبد البر لا ينكر عليهم بل يشاركهم ويحذوا حذوهم، وربما يطالبهم الفقيه أو الأصولي العاري عن الحديث بالأدلة، هذا مع اتفاق الفقهاء على الرجوع إليهم في التعديل والتجريح…فالله تعالى بلطيف عنايته أقام لعلم الحديث رجالاً نقاداً تفرغوا له، وأفنوا أعمارهم في تحصيله، والبحث عن غوامضه، وعلله، ورجاله، ومعرفة مراتبهم في القوة واللين، فتقليدهم( ) لو عُبّر بالاتباع لكان أحسن. )، والمشي وراءهم، وإمعان النظر في تواليفهم، وكثرة مجالسة حفاظ الوقت مع الفهم، وجودة التصور، ومداومة الاشتغال، وملازمة التقوى والتواضع يوجب لك إن شاء الله معرفة السنن النبوية)) ( ) فتح المغيث (1/174). ).(1/30)
ومما يدل على ما تقدم قول ابنُ أبي حاتم :((سمعت أبى رحمه الله يقول: جاءني رجلٌ من جِلةِ أصحاب الرأي من أهل الفهم منهم، ومعه دفتر فعرضه علىَّ، فقلت في بعضها: هذا حديثٌ خطأ قد دخل لصاحبه حديثٌ في حديث، وقلت في بعضه: هذا حديثٌ باطل، وقلت في بعضه: هذا حديث منكر، وقلت في بعضه: هذا حديث كذب، وسائر ذلك أحاديث صحاح، فقال : من أين علمتَ أنّ هذا خطأ، وأن هذا باطل، وأن هذا كذب، أخبرك راوي هذا الكتاب بأني غلطت وأني كذبت في حديث كذا ؟ فقلت: لا ما أدري هذا الجزء من رواية من هو، غير أنى أعلم أن هذا خطأ، وأن هذا الحديث باطل، وأن هذا الحديث كذب، فقال: تدعى الغيب ؟ قال قلت: ما هذا ادعاء الغيب، قال: فما الدليل على ما تقول؟ قلت: سل عما قلتُ من يحسن مثل ما أحسن فإن اتفقنا علمتَ أنَّا لم نجازف ولم نقله إلا بفهم، قال: من هو الذي يحسن مثل ما تحسن؟ قلت: أبو زرعة، قال: ويقول أبو زرعة مثل ما قلتَ؟ قلت: نعم، قال: هذا عجب، فأخذ فكتب في كاغذ ألفاظي في تلك الأحاديث، ثم رجع إليّ وقد كتب ألفاظ ما تكلم به أبا زرعة في تلك الأحاديث فما قلت إنه باطل قال أبو زرعة: هو كذب، قلتُ: الكذب والباطل واحد، وما قلت إنه كذب قال أبو زرعة : هو باطل، وما قلت إنه منكر قال: هو منكر كما قلتُ، وما قلت إنه صحاح قال أبو زرعة: هو صحاح، فقال: ما أعجب هذا تتفقان من غير مواطأة فيما بينكما، فقلت: فقد علمت أنا لم نجازف، وإنما قلناه بعلم ومعرفة قد أوتينا، والدليل على صحة ما نقوله بأن ديناراً نَبْهَرَجا( ) النبهرج: هو الباطل، والرديء من الشيء، لسان العرب (2/217). ) يحمل إلى الناقد فيقول هذا دينار نبهرج، ويقول لدينار: هو جيد، فان قيل له: من أين قلت إن هذا نبهرج هل كنت حاضرا حين بهرج هذا الدينار؟ قال: لا فإن قيل له فأخبرك الرجل الذي بهرجه أني بهرجت هذا الدينار؟ قال: لا، قيل: فمن أين قلت إن هذا نبهرج؟ قال: علما رزقت، وكذلك نحن رزقنا معرفة(1/31)
ذلك، قلتُ له: فتحمل فصّ ياقوت إلى واحدٍ من البصراء من الجوهريين فيقول: هذا زجاج، ويقول لمثله: هذا ياقوت، فإن قيل له: من أين علمت أن هذا زجاج وأن هذا ياقوت هل حضرت الموضع الذي صنع فيه هذا الزجاج؟ قال: لا، قيل له: فهل أعلمك الذي صاغه بأنه صاغ هذا زجاجا، قال: لا ، قال: فمن أين علمت؟ قال : هذا علم رزقت، وكذلك نحن رزقنا علما لا يتهيأ لنا أن نخبرك كيف علمنا بأنّ هذا الحديث كذب وهذا حديث منكر إلا بما نعرفه))( ) تقدمة الجرح والتعديل (ص349-351). ).
فنستفيد مما تقدم أنّ من طرق معرفة العلة نصُّ إمامٍ من الأئمة على تلك العلة.
ومن طرق معرفة العلة التي نص عليها العلماء : جمع طرق الحديث، والنظر فيها مجتمعةً، ومعرفة مراتب رواتها، ومن أقوالهم في ذلك :
قال الخطيب البغداديّ :((والسبيل إلى معرفة علة الحديث أن يجمع بين طرقه وينظر في اختلاف رواته ويعتبر بمكانهم من الحفظ ومنزلتهم في الإتقان والضبط، كما أخبرنا أبوبكر أحمد بن محمد بن إبراهيم الأشناني بنيسابور قال: سمعت أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي يقول: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: سمعت نعيم بن حماد يقول: سمعت ابن المبارك يقول: إذا أردت أن يصح لك الحديث فاضرب بعضه ببعض))( ) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/295-296). ).
وقال علي بن المديني :((الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه))( )المرجع السابق (2/212). )، وقال يحيى بن معين :((اكتب الحديث خمسين مرة، فإنّ له آفات كثيرة)) ( ) المرجع السابق. )، وقال ابن حجر :((ويحصل معرفة ذلك بكثرة التتبع وجمع الطرق))( ) نزهة النظر (ص45). ).
قال ابن رجب :((معرفة مراتب الثقات، وترجيح بعضهم على بعض عند الاختلاف، إمّا في الإسناد، وإمّا في الوصل والإرسال، وإما في الوقف والرفع ونحو ذلك، وهذا هو الذي يحصل من معرفته وإتقانه وكثرة ممارسته الوقوف على دقائق علل الحديث))( ) شرح علل الترمذي (2/467-468). ).(1/32)
وقال ابن الصلاح :((ويستعان على إداركها بتفرد الراوي وبمخالفة غيره له مع قرائن تنضم إلى ذلك تنبه العارف بهذا الشأن على إرسال في الموصول، أو وقف في المرفوع، أو دخول حديث في حديث، أو وهم واهم بغير ذلك))( ) علوم الحديث (ص81-82). ).
- - - -
تسمية الكتاب، وصحة نسبته إلى مصنفه
- تسمية الكتاب :
وقع اسمُ الكتابِ في أول نسخةِ أحمد الثالث-وهي الأصل الذي اعتمدته كما سيأتي- "كتابُ العلل"، وفي النسخة التيمورية "كتابُ عللِ الحديث"، وفي نسخة فيض "كتابُ العلل وبيان ما وقع من الخطأ والخلل في بعض طرق الأحاديث المروية في السنة النبوية"، وأمَّا نسخةُ تشستربتي فسيأتي أنها ناقصة من أولها، ومن ضمن النقص صفحة العنوان، غير أنّ في آخر النسخة "آخر كتاب العلل".
وقد ترجح عندي أنَّ اسم الكتاب " العلل" لعدة أمور :
الأوَّل : أنَّ هذه التسمية هي الموجودة في الأصل الذي اعتمدته وهي نسخة مكتبة أحمد الثالث وهي نسخةٌ تامةٌ ومقابلةٌ، وحسنةُ الخطِ وسيأتي الكلام عليها في وصف النسخ الخطية.
الثاني : أنَّ جميعَ مَنْ ذكر الكتابَ سماه " العلل" سواءً مَنْ ترجم لابن أبي حاتم-تقدم ذكرهم( ) انظر : ص9. )-، أو من ذكر كتابه ضمن فهارس الكتب ( ) منهم : ابن حجر في المعجم المفهرس (ص158)، وحاجي خليفة في كشف الظنون (2/1440)، والبغدادي في هدية العارفين (5/513)، والكتاني في الرسالة المستطرفة (ص148) وغيرهم. )، أو مَنْ نقل عنه –وسيأتي ذكرهم في الفصل الرابع من هذا الباب-، وإلى الآن لم أقف على أحدٍ من المتقدمين سماه بغير هذا الاسم، وأمَّا قولُ الدارقطني :((علي بن بخار الرازي أبو الحسن، شيخٌ كتبنا عنه في دار قُطْن، حدثنا عن عبد الرحمن بنِ أبي حاتم بعلل الحديث وسؤالاته لأبيه ولأبي زرعة في ذلك)) ( ) المؤتلف والمختلف (4/2230). )، فهو لا يقصد التسمية إنما يذكر مضمون الكتاب وموضوعه بقرينة قوله:((وسؤالاته لأبيه ولأبي زرعة)).(1/33)
الثالث : أنَّ النسخ مختلفة في التسمية كما تقدم، فلا يجزم بأحد هذه التسميات إلاّ بقرينة، وما تقدم في الأمر الثاني قرينة على ترجيح ما جاء في نسخة أحمد الثالث، وإن كان ما جاء في النسخة التيمورية "علل الحديث" قريب من التسمية التي في الأصل.
وأمّا ما جاء في نسخة فيض "كتاب العلل وبيان ما وقع من الخطأ والخَلَل في بعضِ طرق الأحاديث المروية في السنة النبوية" ففي نفسي منها شيءٌ لعدة أمور:
الأوَّل : أني لم أقف على أحدٍ من المتقدمين أو المتأخرين ذكر هذه التسمية.
الثاني : أنّ التعبير "بالسنة النبوية" هكذا مركباً غير شائع في ذلك الزمان وما قبله -حسب بحثي-.
الثالث : أنَّ ابن حجر في كتابه "المعجم المفهرس" سماه "العلل"، ولو كان الاسم غير ذلك لذكره كاملاً، فهو في هذا الكتاب يذكر أسماء المصنفات كاملة.
ويبدو أنّ هذه التسمية من لدن النساخ تعبيراً عن موضوع الكتاب ومحتواه، والله أعلم.
- صحة نسبة الكتاب إلى المؤلف:
نسبة هذا الكتاب إلى ابن أبي حاتم مما لا يرتاب فيها لعدة أمور :
الأوَّل : اتفاقُ المترجمين لابنِ أبي حاتم على نسبة هذا الكتاب له، وأنه من تأليفه.
الثاني : روايةُ الأئمة للكتاب بأسانيدهم إلى ابن أبي حاتم، وممن وقفتُ عليه :
الدارقطنيّ (ت385هـ) قال –كما تقدم قريباً-:((علي بن بخار الرازي أبوالحسن، شيخٌ كتبنا عنه في دار قطن، حدثنا عن عبد الرحمن بن أبي حاتم بعلل الحديث وسؤالاته لأبيه ولأبي زرعة في ذلك)).
والخطيبُ البغدادي (ت463هـ) فقد نقل عدة مسائل من كتاب ابن أبي حاتم بسنده في عددٍ من كتبه منها:(1/34)
-في الموضح لأوهام الجمع والتفريق (1/258) قال :((كتب إلىّ أبو بكر محمد ابن أحمد بن عبدالرحمن الأصبهاني يذكر أن محمد بن أحمد بن الفضل بن شهريار أخبرهم قال: أخبرنا عبدالرحمن بن محمد بن إدريس الحنظلي قال: سمعت أبي وذكر سهيل بن أبي صالح، وعباد بن أبي صالح فقال: هما أخوان، ولا أعلم لهما أخا إلا ما رواه حيوة بن شريح، عن نافع بن سليمان، عن محمد بن أبي صالح، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّ الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين، والأعمشُ يروي هذا الحديث عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قلتُ: فأيهما أصح؟ قال: حديث الأعمش الصحيح، ونافع بن سليمان ليس بالقوي))، وهذه المسألة مذكورةٌ في العلل برقم (217).
وانظر أيضاً (2/ 123) نقل المسألة رقم (1163)، و(2/540) نقل المسألة رقم (2369).(1/35)
- وقال في الكفاية في علم الرواية (ص364) :((قرأتُ في كتابِ أبي مسعود إبراهيم بن محمد بن عبيد الدمشقي أخبرنا محمد بن أحمد بن الفضل بن شهريار قال: أنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سمعتُ أبي وذكر الحديث الذي رواه إسحاق بن راهويه عن بقية قال: حدثني أبو وهب الأسدي قال: ثنا نافع عن ابن عمر قال:"لا تحمدوا إسلام امرئ حتى تعرفوا عقدة رأيه"، قال أبي: هذا الحديث له علة قل من يفهمها روى هذا الحديث عبيد الله بن عمرو عن إسحاق بن أبي فروة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعبيد الله بن عمرو وكنيته أبو وهب هو أسدي وكان بقية بن الوليد كنى عبيد الله ونسبه إلى بني أسد لكيلا يفطن له حتى إذا ترك إسحاق بن أبي فروة من الوسط لا يهتدي وكان بقية من أفعل الناس لهذا وأما ما قال إسحاق في روايته عن بقية عن أبي وهب حدثنا نافع فهو وهم غير أن وجهه عندي أن إسحاق لعله حفظ عن بقية هذا الحديث ولم يفطن لما عمل بقية من تركه إسحاق من الوسط وتكنيته عبيد الله بن عمرو فلم يفتقد لفظه بقية في قوله ثنا نافع أو عن نافع))، وهذه المسألة مذكورةٌ في العلل برقم (1957).
- وقال في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/256) :(( أخبرني أبوبكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الأصبهاني في كتابه إلي أنا محمد بن أحمد بن الفضل بن شهريار أنا عبدالرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي بالري حدثني أبي نا محمود بن إبراهيم بن سميع قال: سمعت أحمد بن صالح يقول: معرفة الحديث بمنزلة معرفة الذهب وأحسبه قال: الجوهر إنما يبصره أهله، وليس للبصير فيه حجة إذا قيل له كيف قلت: إن هذا بائن يعني جيدا أو رديئا)) وقول أحمد بن صالح هذا مذكور في أوَّل العلل (1/10).(1/36)
وابن عساكر (ت571هـ) في تاريخ دمشق (28/217) قال :((أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم نا أبو بكر الخطيب أنبأنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدالرحمن الأصبهاني أنا محمد بن أحمد بن الفضل بن شهريار أنا عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الحنظلي قال: سئل أبوزرعة عن حديث رواه قبيصة، وثابت بن محمد، وأبو نعيم، عن الثوري فاختلفوا فقال قبيصة: عن الثوري ، عن عبد الملك بن أبي بشير، عن عبدالله بن أبي المساور، عن ابن عباس ، عن النبي قال: ليس المؤمن بالذي يشبع وجاره جائع إلى جانبه، وقال ثابت : عن الثوري، عن عبد الملك، عن عبدالله بن المسور، عن ابن عباس، وقال وكيع: عن سفيان، عن عبد الملك ، عن عبدالله بن المسور ، عن ابن عباس، وقال أبو نعيم : عن الثوري، عن عبدالملك، عن عبدالله بن مساور، عن ابن عباس، قال أبوزرعة : وهم ثابت في ما قال وأبو نعيم أثبت في هذا الحديث من وكيع كأنه حكم لأبي نعيم)) وهذه المسألة مذكورةٌ في العلل برقم (2507).
وابن حجر العسقلاني (ت852هـ) في المعجم المفهرس (ص158) بسنده إلى أبي القاسم بن أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن منده، قال : أنبأنا أبي عن أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم.
الروداني (ت1094هـ) في صلة الخلف بموصول علم السلف (ص52) بسنده إلى عبد الوهاب بن أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن منده، عن أبيه عن أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم.
الثالث : نقول العلماء عن الكتاب، مع نسبته لابن أبي حاتم، وسيأتي ذكر من نقل عنه عند الكلام على منزلة الكتاب في الفصل الرابع من هذا الباب .
الرابع : أنَّ جميع المخطوطات اتفقت على نسبة الكتاب لابن أبي حاتم، وقد ذكر الإسناد إليه في نسخة أحمد الثالث، وفي النسخة التيمورية، وفي نسخة فيض الله –كما سيأتي في القسم الثاني-.
- - - -
-موضوعُ الكتابِ :
موضوع الكتاب في الأصل بيانُ عِللِ الأخبارِ :
سواءً كان ذلك الخبر :(1/37)
حديثاً مرفوعاً-وهو الغالبُ على الكتاب-، والأمثلةُ كثيرةٌ جداً، يأتي بعضُها في الأمثلة الآتية.
أو موقوفاً على صحابي كما في المسألة رقم (1098) قال ابنُ أبي حاتم :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ ثُمَامَةُ الْبَصْرِيّ، عَنْ أَبِي الزُّبير، عَنْ جَابِر قَالَ : الكَفَنُ مِنْ جَميعِ الْمَالِ، قَالَ أَبِي: هَذَا حَدِيث مُنْكَر)) وانظر كذلك المسائل رقم (1110- 1127- 1142-1166- 1215- 1217- 1223).
أو موقوفاً على تابعيّ كما في المسألة رقم (1117) قال ابن أبي حاتم:((سَمِعْتُ أَبِي وحَدَّثَنَا عَنْ إِسْحَاقَ بنِ بهَلُول الأنْبَاريّ، عَنْ الحَسَن بنِ عَلِيّ بنِ عَاصِم، عَنْ الأَوْزَاعِيّ، عَنْ وَاصِل، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ: أنَّهُ كَانَ لا يَرَى بأسَاً أنْ يَسْتَقْرِضَ الرَجُلُ الخُبْزَ مِنْ الجيران أو قَالَ: الرَّغِيف. قَالَ أَبِي : الحَسَنُ بنُ عَلِيّ بنِ عَاصِم مَاتَ قَدِيماً لم يُدْرِكْهُ، وَهُوَ شَيْخٌ، وهَذَا الْحَدِيث لا أدْرِي كَيْفَ هُوَ!، وَاصِلُ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ لا يجيء، ولا أَعْلَم أَحَدَاً رَوَى هَذَا عَنْ الأَوْزَاعِي غَيْرُهُ))، وانظر كذلك المسألة رقم (1190).
وسواءً كانت العلة :
ظاهرة كما في المسألة رقم (1095) قال ابن أبي حاتم :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ رَبَيْعةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنِ بنِ عَطِيَّة، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ الْخُدْرِيّ قَالَ :لَعَنْ رَسُولُ اللَهِ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّائِحَةََ وَالْمُسْتَمِعَةَ، قَالَ أَبِي: هَذَا حَدِيث مُنْكَر، مُحَمَّدُ بنُ حَسَن بنِ عَطِيَّة، وأَبُوهُ، وجَدُّهُ ضُعَفَاء الْحَدِيث))، وانظر كذلك المسائل رقم (1098-1124-1156) وغيرها.(1/38)
أو خفية كما في المسألة رقم (1133) قال ابن أبي حاتم :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ الزُّهْرِي، عَنْ الْقَاسِم بْنِ مُحَمَّد، عَنْ رَجُل سَمَّاهُ، عَنْ عُمَر ، قَالَ:لاَ بَأْسَ عَلَى امرئ ابْتَاعَ مِنْ أَهَلْ الْكِتَاب خَلاً لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُمْ تَعَمَّدُوا إفْسَادَهُ حَتَّى يَكُونَ اللّه هُوَ أَفْسَدَهُ، قَالَ أَبِي : كَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، ولا أَحْسَبهُ إلاّ وَهُوَ وَهِمَ، يُشْبِهُ كَلاَم الزُّهْرِيّ؛ حَتَّى رَأَيْتُ مِنْ رِوَايَةِ ابْن الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ الزُّهْرِيّ هَذَا الْكَلاَم بِلا إِسْنَادٍ فَتَيَقَّنَتُ أَنَّ حَدِيث ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ خَطَأٌ، وَالنَّاسُ يَرْوُونَ عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ الْقَاسِم، وآخَرَ، عَنْ عُمَر كَلاَماً فِي الطِّلاء لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا))، وانظر كذلك المسائل رقم (1091-1092-1100-1102-1104) وغيرها.
وسواءً كانت العلة :
في الإسناد –وهو الغالب – والأمثلةُ السابقةُ كلها من هذا القبيل.
أو في المتن كما في المسألة رقم (1116) قال ابن أبي حاتم :((سَمِعْتُ أَبِي وحَدَّثَنَا بحَدِيث عَنْ عِيسَى بن يُونُس الرَّمْلِيّ، عَنْ مُؤَمَّل بنِ إِسْمَاعِيل، عَنْ عَبْد الْعَزِيزِ بنِ مُسْلِم، عَنْ شُمَيْط بنِ عَجْلاَن، عَنْ رَجُل يقَالَ لَهُ زُهَيْر، عَنْ أَنَس : أنَّ رَجُلاً مِنْ أهَلِ الصُّفةِ مَاتَ وَتَرَكَ مَتَاعَاً، فَبَاعَ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَتَاعَهُ فِيمَنْ يَزِيد. قَالَ أَبِي : زُهَيْرُ هَذَا هُوَ أَبُو بَكْر الحَنَفِي، ووَهِمَ مُؤَمَّل فِي لَفْظِ مَتْنِ هَذَا الْحَدِيثِ))، وانظر كذلك المسائل رقم (1120-1177).(1/39)
ويتعرض -أحياناً-لبعض مسائل الفقه، فيذكر رأي أبيه أو أبي زرعة، كما في المسألة رقم (1217) قال ابن أبي حاتم :((سَمِعْتُ أَبِي وذَكَرَ حَدِيثَ حَمَّادٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بنِ عُمَر، عَنْ نَافِع أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ : أَنْ مُرُوا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَنْ يَقْدُمُوا عَلَى نِسَائِهِمْ أَوْ يُطَلِّقُوهُنَّ فَإنْ طَلَّقُوهُنَّ فَلْيَبْعَثُوا إِلَيْهِنَّ بِنَفَقَةٍ لِمَا مَضَى، قَالَ أَبِي: نَحْنُ نَأْخُذُ بِهَذَا فِي نَفَقَةِ مَا مَضَى))، وانظر كذلك المسائل رقم (1100-1213).
وينقل -أحياناً-عن أبيه أو أبي زرعة معاني بعض الألفاظ كما في المسألة رقم (1138) قال ابن أبي حاتم :((سَأَلْتُ أَبِي وأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيث رَوَاهُ يَحْيَى بن أَيُّوب، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بن عُمَر، عَنْ أَبِي الْزِّنَادِ، عَنْ ابْنِ عُمَر، أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ، وعَنْ بَيْعِ الحَصَا))، قَالا : هَذَا خَطَأٌ، إِنَّمَا هُوَ أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبِي: أَبُو الْزِّنَاد لم يَسْمَع من ابْنِ عُمَر شَيْئاً، قيل لأَبِي زُرْعَةَ: ما معَنْى بَيْع الحَصَاة ؟ قَالَ: إِذَا رَمَى بها وَقَعَ البَيْعُ))، وانظر كذلك المسائل رقم (1139-1201).
قد يذكر حديثاً ليبين أنه صحيح كما في المسألة رقم (1121) قال ابن أبي حاتم:((سَمِعْتُ أَبِي وذَكَرَ حَدِيثَ جَابِر: أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشتَرَى مِنْ جَابِرٍ بَعِيرًا وَاشْتَرَطَ رُكُوبَهَا.فقَالَ: حَدِيثُ هُشَيْم، عَنْ سَيَّارٍ، عَنْ أَبِي هُبَيرة يَحْيَى بنِ عَبّاد، عَنْ جَابِر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صحيحٌ)).(1/40)
يذكر أحياناً حديثين ظاهرهما التعارض، وينقل عن أبيه الجمع بينهما كما في المسألة رقم (1139) قال ابن أبي حاتم :((سَمِعْتُ أَبِي وَذَكَرَ حَدِيث ابْنِ لَهِيْعَة، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِر أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زجر عَنْ الْخَرْصِ وَقَالَ : ((أَرَأَيْتُمْ إِنْ أهَلْكَ الثَّمْرُ أيأَخَذَ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ))، قَالَ أَبِي : مَا أَدْرِي هَذَا ؟، أَبُوالزُّبَيْر يُحَدِّث عَنْ جَابِر أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَبْد اللّه بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى خَيْبَرَ يَخْرُصُ، قَالَ أَبِي: مَعَنْاهُ عَنْدِي أَنَّ خَرْصَ الْجَائِحَةَ أَنْ يَبَيْع الرَجُل الثَّمَرِ قَبْلَ أَنْ يُخْرَصَ فَتُصِيبهُ الآفَةُ)).
كما تضمن الكتاب بيان حال كثير من الرواة جرحاً أو تعديلاً أو تفضيلاً ونحو ذلك، وفهرسُ الرواةِ المتكلم فيهم جرحاً أو تعديلاً-في آخر البحث- يدلُ على ذلك.
ترتيب الكتاب :
الترتيبُ العام للكتاب على أبواب الفقه، والمنهج التفصيلي للترتيب يتلخص في النقاط التالية :
بدأ ابن أبي حاتم كتابه بنقل بعض أقوال العلماء في أهمية العلل (ثلاثة أقوال لعبدالرحمن بن مهدي، وقول لابن نمير، وأبيه أبي حاتم، وأحمد بن صالح المصري).
ثم ذكر بعد ذلك أبواب الكتاب تباعاً، فبدأ "ببيان علل أخبار رويت في الطهارة" ثم "باب علل أخبار رويت في الصلاة" ثم "باب في الوتر" ثم سرد بقية الأبواب وعددها واحد وخمسون باباً.
تختلف هذه الأبواب في عدد المسائل فبعض الأبواب فيه أكثر من مائتي مسألة كما في "علل أخبار رويت في الصلاة"، وبعض الأبواب فيه مسألة واحدة كما في "علل أخبار رويت في السهو"، وبابٌ في النذر" وغيرهما.(1/41)
لا يوجد ترتيب معين منضبط داخل الأبواب، فهو يسوق الأحاديث المتعلقة بالباب مطلقاً، إلاّ أنه أحياناً قد يذكر عدداً من المسائل لراوٍ واحدٍ كما في المسائل رقم (1196-1197) فكلاهما عن شعبة بن الحجاج، والمسألة رقم (1238-1239) فكلاهما من رواية سعيد بن بشير، عن قتادة، والمسألة رقم (1233-1234) فكلاهما من رواية الزهري، عن حمزة بن عبد الله بن عمر.
تكرار بعض المسائل في أبواب أخرى بدون زيادة ولا نقص، من ذلك المسألة رقم (1110) هي نفس المسألة رقم (1662)، والمسألة رقم (1112-266)، والمسألة رقم (1118-2835)، والمسألة رقم (1137-2833)، والمسألة رقم (1197-2229)، والمسألة رقم (1212-2004) وغيرها.
تكرار بعض المسائل في أبواب أخرى مع بعض الاختلاف، من ذلك المسألة رقم (1204-2317)، و(1205-1555-1576)، و(1220-1312)، و(1231-636) وغيرها.
-المآخذ على الترتيب :
تبين لي عند تحقيق الكتاب بعض المآخذ على الترتيبِ، وسياقِ المسائلِ، وهي :(1/42)
وضعُ مسألةٍ في بابٍ لا تدلُ المسألةُ على موضوعِ الباب ألبته، فقد ذكر ضمن باب البيوع المسألة رقم (1180) وهي قوله :((سُئِلَ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ سُفْيَانُ، وَإِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، فَاخْتَلَفَا فقَالَ سُفْيَانُ الْثَّورِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَلاّمٍ، عَنْ ابْنِ مَسْعُود، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ امْرَأَةً فَأَعْجَبَتْهُ فَلْيَقُمْ إِلَى أَهْلِهِ فَإِنَّ مَعَ أَهْلِهِ مِثْلَ الَّذِي مَعَهَا، وَرَفَعَهُ إِسْرَائِيلُ، وَأَوْقَفَهُ سُفْيَانُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ، فسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سُفْيَانُ أَحْفَظُ مِنْ إِسْرَائِيلَ، والْحَدِيثُ هُوَ مَوْقُوفٌ)) فهذا الحديثُ موضوعه النكاح وليس البيوع، وقد ذكر في النكاح متناً شبيهاً بهذا المتن وذلك في المسألة رقم (1238) قال :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بن بَكَّارٍ، عَنْ سَعِيدَ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ إلى امْرَأَةٍ فَأَعْجَبَتْهُ فَأَتَى زَوْجَتَهُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ فَقَضَى حَاجَتَهُ ثم خَرَجَ فقَالَ :إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إلى امْرَأَةٍ فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ فَلْيَقْضِ حَاجَتَهُ، فقَالَ رَجُلٌ: فَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ امْرَأَة قَالَ : فَلْيَنْظُرْ إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ أَبِي :هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ))، فكان من الأولى ذكر المسألتين في موطن واحد من النكاح، وقد اجتهدتُ أن التمس علةً لذكر الحديث في البيوع فلم يتبين لي شيء، والله أعلم.(1/43)
التفريقُ بين المسائلِ المتشابهة في الباب الواحد،والتي من الأولى جمعها في موطن واحد، من ذلك حديث "الربا بضع وسبعون باباً" كرره في باب البيوع في عدة مسائل متباعدة في المسألة رقم (1105- و1132-و1136-و1170)، وقصة جمل جابر ذكرها في المسائل رقم (1112-1121-1123)، وحديث الإفلاس (1143-1162-1179)، وحديث "لا نكاح إلاّ بولي" في المسائل (1188-1216-1224)، وحديث النهي عن إتيان النساء في أدبارهن (1206-1229) وغيرها.
التفريق بين الأوجه المتقاربة والتي من المتعين ذكرها في مسألة واحدة، فمثلاً : يذكر وجه من الخلاف في موضع، وبعد عدة مسائل في نفس الباب يذكر وجهاً آخر، ومدارُ الخلافِ واحد، والمتنُ واحد !، مثاله : المسألة رقم (1122-1175)، و(1128-1164)، و(1220-1122)، و(1143-1162)، (1202-1281)، و(1207-1277) وغيرها.
ذكرُ مسألةٍ في موضع، ثم ذكرها في موضع آخر من الباب نفسه مع اختلافٍ يسير، من ذلك المسألة رقم (1092-1029)، و(1106-1131)، و(1107-1130)، و(1191-1280)، و(1198/ب-1261)، و(1208-1219)، و(1220-1222) وغيرها.
وهذه المآخذ فقط في القسم الذي أقوم بتحقيقه وعدد مسائله (152) مسألة، فكيف بالكتاب كله والذي تبلغ مسائله أكثر من ألفين وثمانمائة وأربعين مسألة !!.(1/44)
والذي بدا لي أنَّ الكتاب مسودة لم يُبَيّض بدلالة ما تقدم( ) لا يخفى أنّ من عادة العلماء في ذلك الزمان إذا أرادوا أنْ يكتبوا مصنفاً كتبوا أوَّلاً مسودة، ثم يأخذون في الزيادة والحذف، والتقديم والتأخير، والتهذيب، والضرب على بعض الأحاديث…ونحو ذلك حتى يتم تبيض الكتاب وتسويته على شكل يرضي المؤلف، قال الأزهري :((بلغني أنّ يعقوب- هو : ابن شيبة السدوسي- كان في منزله أربعون لحافاً أعدها لمن كان يبيت عنده من الوراقين لتبيض المسند ونقله)) تاريخ بغداد (14/281)، وقال حاجي خليفة في كشف الظنون (1/100) :((الأشباه والنظائر في الفروع...وللشيخ جمال الدين عبد الرحيم بن حسن الأسنوي الشافعي المتوفى سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة وفيه أوهام كثيرة على قول السبكي لأنه مات عنه مسودة))، وقال عبد السلام هارون في "تحقيق النصوص" (ص32 وما بعدها) :((ويراد بالمسوَّدة النسخة الأولى للمؤلف قبل أن يهذبها ويخرجها سوية. أمّا المبيّضة فهي التي سويت وارتضاها المؤلف كتاباً يخرج للناس في أحسن تقويم. ومن اليسير أن يعرف المحقق مسودة المؤلف بما يشيع فيها من اضطراب الكتابة…)).
)، ويدلُ على ذلك أيضاً:(1/45)
كثرة الأخطاء اللغوية، من ذلك المسألة رقم (530) وفيها :((فبصر برجلين متنحيان)) والصواب: متنحيين، والمسألة رقم (539) وفيها :((فسبقت ركبتيه يديه)) والصواب: فسبقت ركبتاه يديه، وانظر أيضاً المسائل رقم (1097-1129-1135-1183-1184-1185 ) وغيرها من المسائل في القسم الذي أقوم بتحقيقه، ومن عموم الكتاب انظر : (130-252-288- 298-308-312-331-402-407-594-618-636-754-782-787-1063-1335- 1383-1385)، وقد نبه على هذه النقطة أيضاً الدكتور: ناصر العبد الله( ) مقدمة تحقيقه للقسم الثاني من علل الحديث (1/101). )، ولكنه لم يذكر أو يشر إلى أيّ مثال، وينبغي التنبه إلى أنَّ المعلق على العلل المطبوع الشيخ : محب الدين الخطيب يصلح الأخطاء اللغوية وينبه أحياناً على ذلك في الحاشية، وأحياناً لا ينبه.
عَقَدَ بابين لموضوعٍ واحد؛ فقد ذَكَرَ "علل أخبار رويت في الدعاء" انظر : العلل (2/178)، وبعد عدة أبواب ذَكَر "علل أخبار رويت في الدعاء" انظر : العلل (2/349).
عدم التناسق بين أبواب الكتاب؛ فقد ذكر "علل أخبار في الأمراء والفتن" (2/404)، ثم ذكر بعده "علل أخبار في العتق، والمدبر، وأم الولد" ثم ذكر بعدها "علل أخبار رويت في صفة الجنة والنار"، وبعده "علل الأخبار المروية في العمرى والهبات".
الأخطاء والأوهام التي في أصل الرواية، واتفقت عليها جميع النسخ، والتي تدعو أحياناً للحيرة والاستشكال، من ذلك المسألة رقم (1099) فإنّ الخطأ فيها جليّ كما أوضحته في المسألة، وانظر المسائل رقم (1101-1102-1103-1105-1109-1125-1128-1160-1183-1196-1206-1216-1219-1220-1227-1230)، وانظر أيضاً المسائل التالية- وهي في القسم الذي حققه الدكتور: محمد التركي- (504-508-522-532-533-535-542-558-563-564-570-573-577-621) وغيرها كثير.(1/46)
وقد أشار إلى سوء النسخة بعض العلماء قال ابنُ عبد الهادي في شرحه لعلل ابن أبي حاتم :((وقوله: "عن عروة بن المغيرة بن شعبة أنّ محمد بن إسماعيل أخبره"، فيه وهم فاحش غير ما ذكره أبو حاتم من التقديم والتأخير، وهو أنَّ عروة بن المغيرة لم يروه عن إسماعيل بن محمد، والراوي عن إسماعيل بن محمد هو الزهريّ، لكن هذا الغلط من النسخة بلا شك))( ) شرح علل ابن أبي حاتم لابن عبد الهادي (ورقة 50/أ-51ب المسألة رقم 173). )، وقال أيضاً :((كذا في النسخة التي كتبتُ منها "سلام بن سليم"، والصواب "ابن سلم"، و"زيد بن أسلم"، والصواب "زيد العمي"))( ) الموضع السابق (ورقة 81/أ المسالة رقم100). ).
ويشتكي الزملاء المشاركون في التحقيق من كثرة الأخطاء السابقة مما يجعلهم في كثير من الأحيان في حيرة وإشكال، قال الأخ الفاضل الدكتور محمد التركي :((كثيراً ما تتفق هذه النسخ جميعاً على خطأ واضح، أو سقط بين، مما لا يمكن أن يكون له وجه من الصواب،… وهذا الأمر-أعني اتفاق النسخ على الخطأ أو السقط- ليس بقليل حتى يمكن تجاوزه، وإنما هو في مواضع كثيرة))، وقال أيضاً :((هذه النسخ جميعاً مع توفرها لا يمكن الوثوق بها تماماً لاخراج نص كامل وصحيح للكتاب، حيث تقدم القول باتفاقها في كثير من الأحيان على السقط أو الخطأ))( ) مقدمة تحقيقه للقسم الثالث من علل الحديث (1/96، 99). ).
وقد يقول البعض: إنَّ هذا من تصرف النساخ- ولا يخفى أنَّ النساخ قد يتصرفون في النُسَخِ-، وهذا القول يدفعه أمران :(1/47)
الأوَّل : أنّ نُسخَ العللِ التي وقفتُ عليها رُويت عن ابن أبي حاتم من طريقين : من طريق أبي بكر محمد بن أحمد بن الفضل بن شهريار، عن المؤلف ابن أبي حاتم، ومن طريق أبي أحمد الحسين بن علي بن محمد بن يحيى التميمي عن المؤلف ابن أبي حاتم، وكلا الروايتين متفقة في الترتيب، والتبويب، والمسائل –سيأتي الكلام على النسخ في الفصل الأوَّل من القسم الثاني-، فيبعد في هذه الحال أن يكون تصرف النساخ متفق في كلا الروايتين.
الثاني : أنّ تصرف النساخ لا يمكن أن يصل إلى هذا الحد من التجاوز بحيث يتصرفون في الترتيب، والتقديم والتأخير، والكلام.. ونحو ذلك مما تقدم ذكره.
وعلى هذا القول –وهو أن الكتاب مسودة لم يبيض- يندفع ما قد يرد من نقدٍ لابن أبي حاتم، فإنّ ابن أبي حاتم كان يأمل أن يبيض الكتاب فلم يتمكن من ذلك.
وقد فسر ابنُ حجر ما وقع للحاكم في المستدرك من أوهام على هذا فقال :((وإنما وقع للحاكم التساهل لأنه سود الكتاب لينقحه فأعجلته المنية، وقد وجدتُ في قريب نصف الجزء الثاني من تجزئة ستة من المستدرك إلى هنا انتهى إملاء الحاكم، وما عدا ذلك من الكتاب لا يوجد عنه إلاّ بطريق الإجازة))( ) تدريب الراوي (1/113). ).
وهذا الاحتمال الذي ذكرته لم أر من أشار إليه من الزملاء، وأرجو أن تظهر أدلة أخرى وقرائن تدل عليه عند الانتهاء من تحقيق جميع الكتاب، والله الموفق.
- - - -
موارد المصنف في كتابه
نستطيعُ أن نقسم مواردَ ابنِ أبي حاتم في كتاب "العلل" إلى قسمين :
- القسمُ الأوَّل : موارد مباشرة : وهم الأئمة الذين نقل عنهم تعليل الأحاديث، أو روى عنهم الأخبار بدون واسطة.
- القسمُ الثاني : موارد غير مباشرة : وهم الأئمة الذين نقل عنهم تعليل الأحاديث بواسطة.
- والقسم الأوَّل مبناه في الحقيقة على أبيه، وأبي زرعة-في الغالب الكثير-، وعن غيرهما -بقلة-، وتوضيح ذلك كما يلي-هذا الحصر في القسم الذي أتولى تحقيقه فقط-:(1/48)
أبو حاتم الرازي، وعددُ المسائلِ المنقولةِ عنه [ 121] وهي : ( 1089-1090-1092-1093-1094-1095-1096 –1097 -1098-1099-1102-1104-1105-1106-1107-1108-1109-1110-1113-1114- 1115 - 1116- 1117- 1119-1121- 1122- 1123-1124- 1125- 1126- 1127-1128- 1131- 1132- 1133- 1134- 1135-1136-1137-1139-1140- 1141- 1142- 1143- 1144- 1145- 1146-1147- 1148- 1149-1150- 1151-1152- 1153-1154- 1155- 1156- 1157- 1158- 1159-1160- 1163- 1164- 1165- 1166- 1167- 1168- 1169- 1172-1173- 1174- 1176- 1177- 1178- 1180- 1181- 1182- 1183- 1184- 1185- 1187- 1188- 1189- 1190- 1193-1194- 1195- 1196- 1197- 1198- 1200-1201- 1203-1204-1205-1206- 1207- 1208- 1209-1212- 1213- 1217-1218- 1221-1222-1223-1224-1225-1226-1227 - 1228- 1229-1230- 1231-1233-1234- 1235-1236- 1237-1238-1239).
أبو زرعة الرازي، وعددُ المسائلِ المنقولةِ عنه [ 17] وهي : (1091- 1100-1101-1112- 1118- 1120-1161-1171-1179-1186-1191-1192-1199- 1214 -1223).
والمسائلُ المشتركة المنقولةِ عنهما [ 14] وهي : (1103-1111-1129-1130-1138-1162-1198-1202-1210-1211-1215-1216-1219-1220).
وعلي بن الحسين بن الجنيد، نقل عنه مسألة وحده (1227)، ولقب ابنُ أبي حاتم ابنَ الجنيد-في نفس المسألة- بحافظ حديث الزهري.
وأمّا الموارد التي نقل عنها الأحاديث مباشرة فهي –غير أبيه وأبي زرعة- :
أحمد بن سنان، رقم المسألة (1198/ب).
وعباس بن محمد الدوري، رقم المسألة (1147).
وعبد الله بن سعيد الكندي أبو سعيد الأشج الكوفي رقم المسألة (1207-1208).
وعلي بن حرب، رقم المسألة (1208).
ومحمد بن عبد الله بن الحكم، رقم المسألة (1225).
ومحمد بن عوف الحمصي، رقم المسألة (1189).
وموسى بن عبدالرحمن الكندي المَسْروقي الكوفي، رقم المسألة (1110).
ويحيى بن محمد بن يحيى النيسابوري، رقم المسألة (1103).(1/49)
ويونس بن حبيب الأصبهاني، رقم المسألة (1194).
- والقسم الثاني : الموارد غير المباشرة، وهم :
أحمد بن حنبل، قال ابنُ أبي حاتم في المسألة رقم (1224) :((سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَل عَنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ الزُّهْرِيّ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا نِكَاحَ إِلاّ بِوَلِيٍّ، وذَكَرَتُ لَهُ حِكَايةَ ابنِ عُلَيّةَ ، فقَالَ : كُتُبُ ابنِ جُرَيْج مُدَوَنة فِيهِا أحاديثه من حدث عَنْهُم : ثُمَّ لَقِيْتُ عَطَاءً ثُمَّ لَقِيْتُ فُلاناً، فلو كَانَ محفوظا عَنْه لكَانَ هَذَا فِي كُتُبهِ ومُرَاجَعَاتِهِ)).
ومحمد بن عبد الله الزبيري أبو أحمد، قال ابنُ أبي حاتم في المسألة رقم (1115) :((حدثني أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بنُ عَلِيّ الجَهْضَمي قَالَ: قَالَ لي أَبُو أَحْمَد : أخطأ أَبُو نُعَيْم فِيما قَالَ عَنْ ابْنِ عُمَر)).
وهشام بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسي، قال ابنُ أبي حاتم في المسألة رقم (1209) :((قَالَ أَبِي : سَأَلْتُ أبا الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فقَالَ: ما تصنعون بِهَذَا هَذَا خَطَأٌ…)).
ويحيى بن عبد الله بن بكير، قال ابنُ أبي حاتم في المسألة رقم (1232) :((قَالَ أَبُو زُرْعَةَ : وذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ ليَحْيَى بنِ عَبْدِ اللّه بن بُكَيْر، وَأَخْبَرْتُهُ بِرِوَايةِ عَبْدِ اللّه بنِ صَالِح، وعُثْمَانَ بنِ صَالِح، فَأَنْكَرَ ذَلكَ إنْكَاراً شَديداً، وقَالَ: لم يَسْمَعْ اللَّيْثُ من مِشْرَح شَيْئاً، ولا رَوَى عَنْه شَيْئاً)).
يحيى بنُ معين، قال ابنُ أبي حاتم في المسألة رقم (1131) :(( قَالَ أَبِي : وكان يَحْيَى بنُ مَعِين حمل عَلَى فُلَيْح، وعَلَى أَبِي أُوَيس)).
- - - -
بيان منزلة الكتاب، وأهم مزاياه
-بيان منزلة الكتاب :(1/50)
تتضحُ منزلةُ الكتابِ من النقاط التالية :
أ- نقولُ العلماءِ عنه، واستفادتهُم منه :
ذكر الدكتور ناصر العبد الله في القسم الذي حققه من العلل( ) انظر : (1/62-70). ) العلماءَ الذين نقلوا عن ابنِ أبي حاتم، واستفادوا منه، وموضع ذلك النقل-ولم أذكره هنا اختصاراً-، وهم-حسب الوفاة- :
علي بن عمر الدارقطني (ت385هـ).
أحمد بن الحسين البيهقي (ت458هـ).
أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت463هـ).
الحسين بن إبراهيم الجوزقاني (ت543هـ).
محمد بن موسى الحازمي (ت584هـ).
عبد الرحمن بن علي بن الجوزي (ت597هـ).
محمد بن عبد الواحد الضياء المقدسي (ت643هـ).
علاء الدين بن علي ابن التركماني (ت745هـ).
محمد بن أحمد بن عبد الهادي (ت744هـ).
محمد بن أحمد الذهبيّ (ت748هـ).
محمد بن أبي بكر ابن القيم الجوزية (ت751هـ).
عبد الله بن يوسف الزيلعي (ت762هـ).
عبد الوهاب بن علي السبكي (ت771هـ).
إسماعيل بن عمر بن كثير (ت774هـ).
بدر الدين الزركشي (ت794هـ).
عبد الرحمن بن أحمد ابن رجب (ت795هـ).
عمر بن علي بن الملقن (ت804هـ).
عبد الرحيم بن الحسين العراقي (ت806هـ).
أحمد بن عبد الرحيم ابن العراقي (ت826هـ).
أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت852هـ).
محمد بن علي الشوكاني (ت1250هـ).
طاهر الجزائري (ت1338هـ).
ناصر الدين الألباني (ت1420هـ).
ويزاد عليهم –من غير حصر ولا تقصي، وإلى زمان ابن حجر- :
الخليل بن عبد الله أبو يعلى الخليلي (ت446هـ)، انظر كتابه "الإرشاد" (1/275)، ومقدمة محقق الكتاب (1/59).
علي بن الحسن ابن عساكر (ت571هـ) انظر كتابه "تاريخ دمشق" (28/217).
عبد الحق بن محمد الإشبيلي (ت581هـ)، ذكر ذلك الأستاذ: إبراهيم الصديق في كتابه "علم علل الحديث من خلال كتاب بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام" (1/371).
عبد الكريم بن محمد القزويني (ت623هـ) انظر كتابه "التدوين في أخبار قزوين" (1/449).(1/51)
ابن القطان علي بن محمد الفاسي (ت628هـ)، ذكر ذلك الأستاذ: إبراهيم الصديق في الموضع السابق.
ابن دقيق العيد محمد بن علي (ت702هـ)، انظر كتابه " الإمام في معرفة أحاديث الأحكام" (1/145، 490) وغير ذلك.
عمر بن علي الوادياشي الأندلسي (ت723هـ)، انظر كتابه "تحفة المحتاج" (1/191، 525).
أبو الفتح محمد بن محمد ابن سيد الناس اليعمري (ت734هـ)، انظر كتابه "النفح الشذي في شرح جامع الترمذي" (1/442-443) وغير ذلك.
العلائي خليل بن كيكلدي (ت761هـ)، )، انظر كتابه "جامع التحصيل" (ص103).
علاء الدين مغلطاي بن قليج (ت762هـ) )، انظر كتابه "شرح سنن ابن ماجه" (2/1457،1467) وغير ذلك.
نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (ت807هـ)، انظر كتابه "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد" (1/16) وغير ذلك.
البوصيري أحمد بن أبي بكر (ت840هـ)، انظر كتابه "مصباح الزجاجة" (1/61) وغير ذلك.
ب- ثناء العلماء على الكتاب وأنه من أجل ما كتب في هذا الفن، من ذلك :
قول ابن كثير :((ومن أحسن كتاب وضح ذلك، وأجله وأفحله كتاب العلل لعلي بن المديني…وكذلك كتاب العلل لعبد الرحمن بن أبي حاتم، وهو مرتب على أبواب الفقه))( ) اختصار علوم الحديث (ص64). ).
وقول عمر بن رسلان البلقيني (ت805هـ) :((وأجل كتاب في العلل كتاب الحافظ ابن المديني، وكذلك كتاب ابن أبي حاتم))( ) محاسن الاصطلاح (ص203). ).
ج- ما اتصف به الكتاب من مزايا كثيرة قلما توجد في غيره من كتب هذا الفن، وسيأتي ذكرها في النقطة الآتية.
ولمنزلة الكتاب شرع ابنُ عبد الهادي (ت744هـ) في شرحه والتعليق عليه غير أنه مات بعد أن كتب مجلدين( ) ذكر ذلك ابن رجب في "ذيل طبقات الحنابلة" (2/439)، وقد انتهى أخونا الشيخ :سامي جاد الله-وفقه الله- من تحقيقه والتعليق عليه، وأول الشرح مفقود إلى المسالة رقم (93)، ثم يبدأ الشرح من تلك المسألة إلى نهاية كتاب الطهارة فقط إلى المسألة رقم (195)، وهو شرح نفيس. ).(1/52)
- أهم مزايا الكتاب :
من أهم مزايا الكتاب :
ترتيبُ الكتابِ على أبوابِ الفقه، مما يسهل على الباحثِ الوصول إلى المادة المطلوبة لأنَّ كثيراً من الناس قد لا يعرف صحابي الحديث ولا الراوي عنه، قال السخاويُّ عن هذه الطريقة من التصنيف :(( وهو أحسن لسهولة تناوله)) ( ) فتح المغيث (3/324). )، وأيضاً يفيد في معرفة ما يصح في الباب المعين مما لا يصح.
سعة مادة الكتاب وكثرة مسائله، فقد حوى أكثر من ألفين وثمانمائة وأربعين مسألة، وهذا كمٌّ لا يستهان به في مثل هذا الفن الدقيق، والقليل سالكه.
بيان أحوال الرجال جرحاً أوتعديلاً أوتفضيلاً أوتفصيلاً، بكلام نفيس قد لا يوجد في مصدر آخر، من ذلك قول أبي حاتم في المسألة رقم (1140) : ((ولا أَعْلَمُ يَزِيد بنَ أَبِي حَبِيب سمع من عَطَاء شَيْئاً)) فهذه فائدة لم أجد من نصّ عليها غير أبي حاتم في هذا الكتاب، وقوله أيضاً في المسألة رقم (1198/أ) :((وَكَانَ أَيُّوبُ قَدِمَ بَغْدَادَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ كُتُبُهُ وَكَانَ يُحَدّثُ مِنْ حِفْظِهِ عَلَى التّوَهُمِ فَيَغْلَطُ وَأَمَّا كُتُبُهُ فِي الأَصْلِ فَهي صَحِيْحَةٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ)) وأيوب هو : ابن عتبة، وقوله أيضاً في المسألة رقم (1211) : ((أضبط الناس لحديث ثابت وعلي بنِ زيد حمادُ بنُ سلمة بين خطأ الناس))، وقد وضعتُ فهرساً للرواة المتكلم فيهم جرحاً أوتعديلاً أوتفضيلاً أوتفصيلاً في هذا القسم فقط، فبلغوا ثلاثاً وثمانين راوياً، وقد جمع فالح الشبلي هذه الأقوال في كتاب سماه"المستخرج من كتاب العلل في الجرح والتعديل"-الناشر: مكتبة الوعي الإسلامي،1413هـ- فبلغت هذه الأقوال (614) قولاً، ويبدو أنّ العدد أكبر من هذا إذ قد فاته عدد من الأقوال لم يذكرها.(1/53)
روايته للأحاديث-في كثيرٍ من الأحيان- بسنده مما يجعل الكتاب من المصادر الأصلية في التخريج، من ذلك المسائل رقم (1112-1113-1115-1116-1117-1123-1131-1137-1155-1218-1228-1229-1230-1232-1234) وغيرها.
ما حواه الكتاب من نكت وفوائد وقواعد في العلل، وفي الرجال وغير ذلك، من ذلك قول أبي حاتم في المسألة رقم (1092) :((أهل الشام أعرف بحديثهم من الغرباء))، وقوله أيضاً في المسألة رقم (1222) :((فلو كان سمع من جابر لم يحدث عن رجل عن طاووس مرسل)) وغير ذلك من الفوائد، وقد جمع بعضها المعلمي في جزء طبع باسم"فوائد في كتاب العلل لابن أبي حاتم" تحقيق: عبدالرزاق بن أسعد، عام 1420هـ، الناشر : دار أطلس.
أنّ مضمون الكتاب منقول من عِلْمِ إمامين كبيرين هما: أبو حاتم، وأبوزرعة، ولا شك أنّ كلامهما في هذا الفن له قوته ومتانته وعمقه، مما يجعل القاريء يطمئن لهذا الكلام، وكذلك ما ينقلانه عن أئمة هذا الشأن كأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين وغيرهما.
أنَّ الكتاب من تأليف إمام من كبار الأئمة في زمانه، وقد عاصر العهد الذهبيّ للسنة النبوية، وعلماء هذا الشأن وفرسانه، فبكر بالسماع وحرص على علو الإسناد، وكثرة السماع مما جعل له تميزاً كبيراً في العلم.
عدم الطول الممل في عرض المسائل مما يجعل القاريء ينشط للفهم والاستيعاب.
أسلوب عرض المسائل بطريقة السؤال والجواب، والحوار والمناقشة، أضفى على الكتاب رونقاً خاصاً بحيث يتشوق القاريء للمسألة الجديدة، وما فيها من مباحث، ولا شك أنَّ أسلوب الحوار والمناقشة والسؤال والجواب أقوى في جذب الانتباه من أسلوب السرد.
- - - -
مقارنة الكتاب بغيره من كتب العلل؛ كالعلل الكبير للترمذي، وعلل الإمام الدارقطني
-مقارنةُ الكتابِ بغيره من كُتُبِ العلل :(1/54)
تنوعت طرقُ المحدثين في التأليف في علم العلل قال ابن رجب :((وقد صنفت فيه كتب كثيرة مفردة : بعضها غير مرتبة كالعلل المنقولة عن يحيى القطان، وعلي بن المديني، وأحمد، ويحيى وغيرهم، وبعضها مرتبة : ثم منها ما رتب على المسانيد كعلل الدارقطني، وكذلك مسند علي بن المديني، ومسند يعقوب بن شيبة هما في الحقيقة موضوعان لعلل الحديث، ومنها ما هو مرتب على الأبواب: كعلل ابن أبي حاتم، والعلل لأبي بكر الخلال الحنبلي)) ( ) شرح علل الترمذي (2/805)، وانظر : فتح المغيث (3/324). )، فمن تلك الطرق :
الترتيبُ على أبوابِ الفقه، ومثاله: ما ذكره ابن رجب في كلامه السابق، وعلل الترمذي الكبير.
الترتيبُ على المسانيد، ومثاله: ما ذكره ابن رجب في كلامه السابق.
ذِكْرُ علل أحاديث راوٍ معين، ومثاله: كتاب "علل حديث الزهري" للذهلي، والنسائي، وابن حبان، وكتاب "علل حديث ابن عيينة" لعلي بن المديني، وكتاب "الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس" للدارقطني.
ذِكْرُ علل أحاديث كتاب معين، ومثاله: كتاب "علل الأحاديث في كتاب الصحيح لمسلم بن الحجاج" لأبي الفضل بن عمار.
إفراد نوع من أنواع العلل بالتصنيف، ومثاله: كتاب "الفصل للوصل المدرج في النقل" للخطيب البغدادي.
إفرادُ حديثٍ معين معلول بالتأليف، ومثاله: كتاب "حديث الستة من التابعين وذكر طرقه واختلاف وجوهه" للخطيب البغدادي.
ذِكْرُ العلل بدون ترتيب، ومثاله: ما ذكره ابن رجب في كلامه السابق.
وسأبين في هذا الفصل منهج كتابين مشهورين في هذا الفن هما : كتاب "العلل الكبير" للترمذي، وكتاب "العلل الواردة في الأحاديث النبوية" للدارقطني.
- كتاب "العلل الكبير" للترمذي :(1/55)
وصل إلينا كتاب الترمذي هذا مرتباً على أبواب الفقه، والذي تولى ترتيبه أبوطالب محمود بن علي الأصبهاني القاضي (ت585هـ) حيث وجد الأحاديث فيه متفرقة ومنثورة فرتبه على أبواب الفقه على نسق جامع الترمذي، وقد وضح منهجه في مقدمته للكتاب فقال :((هذا كتاب قصرت فيه ترتيب كتاب العلل لأبي عيسى الترمذي رحمه الله على نسق كتاب الجامع له حتى يسهل فيه طلب الحديث إذ الأحاديث فيه مفترقة منثورة فلا يضبطها أبواب تذكر فيها فرددت أحاديث كتاب العلل إلى ما يليق بها من كتب الجامع فجعلت أحاديث الطهارة في كتاب الطهارة…)) ( ) علل الترمذي الكبير (ص19). )، وليس المقصود هنا بيان ترتيب الكتاب، فالترتيب ليس من عمل الترمذي كما تقدم، وإنما المقصود بيان منهج الترمذي في تعليله للأحاديث، ويتضح منهجه من النقاط التالية :
يسوق الترمذي الحديث بإسناده –غالباً-، وتقدم أنّ ابن أبي حاتم يسوق الأحاديث بإسناده ولكنه أقل من الترمذي في سياق الأحاديث بأسانيده.
كثيراً ما يسأل الترمذيُّ البخاريَّ عن الأحاديث، وقد يسأل أحياناً الدرامي، وأبا زرعة، وكذلك ابن أبي حاتم بنى كتابه على سؤالاته لأبيه، وأبي زرعة، لكن ابن أبي حاتم لم يفرد مسالة واحدة بكلامه فقط، بخلاف الترمذي فهو يذكر أحاديث ويعللها بدون نقل عن غيره.
لا يكتفي الترمذي بكلام شيوخه أحياناً بل يزيد، ويفصل، ويناقش شيوخه في العلة ونحو ذلك، وكذلك كان ابن أبي حاتم.
يتفق الترمذي وابن أبي حاتم أيضاً في ذكر أحوال الرجال جرحاً وتعديلاً ونحو ذلك.
غالبُ الأحاديث التي ذكرها الترمذي من الأحاديث المشهورة، والتي عللها واضحة، وأسلوب الترمذي في العرض واضح جداً، وأمَّا ابن أبي حاتم فإنّ في أسلوب العرض أحياناً غموض واختصار لا يتضح إلاّ بعد جمع الطرق، وتفحص الروايات، وقد تكون العلل التي يذكرها دقيقة جداً لا يتنبه لها.(1/56)
يتميز كتاب ابن أبي حاتم بكثرة مسائله، وأحاديثه، وأما الترمذي فهو أقل من ذلك بكثير.
فمما تقدم يتضح الشبه الكبير بين كتاب العلل الكبير للترمذي، وكتاب العلل لابن أبي حاتم.
ولعلي أذكر مثالاً واحداً من كتاب العلل الكبير للترمذي يوضح ما تقدم، قال الترمذي :((حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو معاوية عن شبيب بن شيبة عن الحسن البصري عن عمران بن حصين قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي :يا حصين كم تعبد اليوم إلها؟ قال: سبعة ستا في الأرض وواحدا في السماء، قال: فأيهم تعد لرغبتك ورهبتك؟ قال: الذي في السماء، قال: يا حصين أما إنك لو أسلمت علمتك كلمتين تنفعانك، قال: فلما أسلم حصين قال: يا رسول الله علمني الكلمتين اللتين وعدتني، فقال: قل اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي، سألت محمدا عن هذا الحديث فلم يعرفه إلا من حديث أبي معاوية ، قال محمد: وروى موسى بن إسماعيل هذا الحديث عن جويرية بن بشير عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، قال أبو عيسى: وحديث الحسن عن عمران بن حصين في هذا أشبه عندي وأصح، وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن عمران بن حصين روى إسرائيل عن منصور عن ربعي بن حراش عن عمران ابن حصين عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من هذا، حدثنا بذلك عبد الله بن عبد الرحمن قال أخبرنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن منصور عن ربعي عن عمران ابن حصين عن أبيه أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا محمد عبد المطلب كان خيرا لقومه منك كان يطعمهم الكبد والسنام وأنت تنحرهم فقال له ما شاء الله فلما أن أراد أن ينصرف قال له: ما أقول؟ قال : قل اللهم قني شر نفسي واعزم لي على رشد أمري فانطلق ولم يكن أسلم الحديث))( ) علل الترمذي الكبير (ص364-365). ).
-كتابُ "العلل الواردة في الأحاديث النبوية" للدارقطني :(1/57)
لم يؤلف الدارقطني العلل مثل تأليفه للسنن وغيرها من كتبه، بل جمع هذه السؤالات أبو بكر أحمد بن محمد البرقاني (ت425هـ) ورتبها ثم عرضها على الدارقطني، يبين ذلك ما قاله الخطيب البغدادي في ترجمة أبي منصور إبراهيم بن الحسين الكرخي :((أراد أن يصنف مسندا معللا فكان أبو الحسن الدارقطني يحضره عنده في كل أسبوع يوما ويعلم على الأحاديث في أصوله وينقلها شيخنا أبو بكر البرقاني وكان إذ ذاك يورق له ويملي عليه أبو الحسن علل الأحاديث حتى خرج من ذلك شيئا كثيرا وتوفي أبو منصور قبل استتمامه فنقل البرقاني كلام الدارقطني ورتبه على المسند وقرأه على أبي الحسن وسمعه الناس بقراءته فهو كتاب العلل الذي دونه الناس عن الدارقطني))( ) تاريخ بغداد (6/59). ).
وقد رتب البرقانيُّ كتاب العلل على المنهج الآتي( ) انظر : مقدمة الدكتور: محفوظ الرحمن-رحمه الله- لكتاب علل الدارقطني (89-97)، وما هنا منقولٌ عنه بتصرف. ) :
رتبه على مسانيد الصحابة.
قدم العشرة المبشرين بالجنة، ثم ذكر بقية مسانيد الرجال.
أتبع مسانيد الرجال مسانيد النساء.
رتب مسانيد المكثرين منهم على الرواة عنهم، وقد يرتب الرواة عن الراوي.
يبدأ كلامه بقوله "سئل" ثم يذكر الحديث المسؤول عنه مختصراً.
قد يجمع في السؤال بين حديثين لاتفاق الإسناد.
قد يسأل البرقاني الدارقطنيَّ عن راو، أو عن شيخه الذي سمعه منه أو غير ذلك.
قد يزيد البرقاني على كلام الدارقطني وهذا نادرٌ جداً، ويميزه بقوله "قلتُ" بعد انتهاء كلام الدارقطني.
وأمَّا منهج الدارقطني في أجوبته فيتضح من النقاط التالية :
غالباً ما يبدأ أجوبته بذكر الراوي –سواءً كان واحداً أو أكثر- مدار الحديث الذي وقع الاختلاف عليه، ثم يذكر أوجه الاختلاف، ويفصل فيه.
يرجح في الغالب بين الأوجه فيصحح ويضعف.
يروي الأحاديث بإسناده أحياناً، وغالباً ما يختم بها جوابه.
تختلف الإجابة طولاً وقصراً بحسب الاختلاف.(1/58)
يتكلم –أحياناً- في الرواة جرحاً وتعديلاً وغير ذلك.
ولعلي أذكر مثالاً واحداً من كتاب العلل للدارقطني يوضح بعض ما تقدم، قال البرقانيُّ :((وسئل عن حديث يرويه أبو هريرة عن أبي بكر الصديق عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :لا نورث فقال: هو حديث رواه محمد بن عمرو عن أبي سلمة واختلف عنه فيه فرواه حماد بن سلمة من رواية أبي الوليد الطيالسي ويحيى بن سلام عنه فأسنداه عنه عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن أبي بكر، وخالفهما عفان بن مسلم فرواه عن حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة مرسلا عن أبي بكر، لم يذكر فيه أبا هريرة وتابعه عبد العزيز بن محمد الدراوردي وأنس بن عياض وغير واحد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة لم يذكروا فيه أبا هريرة، ورواه عبد الوهاب بن عطاء الخفاف عن محمد بن عمرو فأسنده عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى نحو هذا الحديث، وهذا المعنى شيخ لأهل البصرة يقال له: سيف بن مسكين حدث به عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد ابن المسيب عن أبي هريرة عن أبي بكر، وزاد فيه ألفاظا لم يأت بها غيره، وسيف بن مسكين هذا ليس بالقوي، ولم يتابع على روايته هذه عن سعيد وليس بمحفوظ عن قتادة من هذا الوجه ولا غيره، والصحيح من هذا الحديث المرسل لكثرة من رواه من الحفاظ عن محمد بن عمرو مرسلا، وروي عن حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن أبي بكر، وليس ذلك بمحفوظ ولا هذا من حديث الزهري، والصحيح ما تقدم ذكره عن حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة))( ) علل الدارقطني (1/218-220). ).
( ( ( (
الفصل الأول : طريقته في السؤال عن الأسانيد والمتون.(1/59)
يبدأ ابن أبي حاتم غالب مسائل الكتاب بإحدى ألفاظ ثلاثة إمَّا ((سألتُ))، أو ((سمعتُ)) : لما سأله أو سمعه هو، وإمّا ((سُئل)) إن كان السائل غيره، و تتضح طريقة ابن أبي حاتم في السؤال عن الأسانيد والمتون من النقاط التالية :
يسوق ابن أبي حاتم -أحياناً- الحديث أو الأثر بإسناده، مما يجعل الكتاب من المصادر الأصلية في التخريج، من ذلك المسائل رقم (1112-1113-1115-1116-1117-1123-1131-1137-1155-1160-1175-1179-1188-1199-1201-1209-1218-1228-1229-1230-1232-1234) وغيرها.
يبدأ -أحياناً- بسوق الإسناد من قَبْلِ الراوي الذي هو مظنة الخطأ والعلة، من ذلك قوله في المسألة رقم (1095) :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رَوَاهُ مُحَمَّدُ ابْنُ رَبَيْعةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنِ بنِ عَطِيَّة، عَنْ أَبِيه، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ الْخُدْرِي قَالَ :" لَعَنْ رَسُولُ اللَهِ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّائِحَةَ وَالْمُسْتَمِعَة"، قَالَ أَبِي: هَذَا حَدِيث مُنْكَر، مُحَمَّدُ بنُ حَسَن بنِ عَطِيَّة، وأَبُوهُ، وجَدُّهُ ضُعَفَاء الْحَدِيث)) ، وانظر أيضاً المسائل رقم (1093-1097-1098-1126-1156) وغيرها.
ويبدأ -أحياناً- بسوق الإسناد من الراوي الذي أخطأ، من ذلك قوله في المسألة رقم (1091) :((سألتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيث رَوَاهُ مَكَّيّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَر: "أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا"، فقَالَ: هَذَا خَطَأٌ… وَهِمَ فِيهِ مكيُّ)) وانظر أيضاً المسائل رقم (1092-1098-1104-1111-1123-1127-1185).(1/60)
و -أحياناً- يصدر المسألة بذكر مدار الخلاف ثم يفصل، من ذلك قوله في المسألة رقم (1101) :((وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حَدِيث اخِتُلِفَ عَلَى مُوسَى بن عُقْبَة، فرَوَاهُ عَبْد الرَّزَّاق…)) ، وانظر أيضاً المسألة رقم (1191) وغيرها.
و -أحياناً- يصدر المسألة بذكر الرواة المختلفين ثم يفصل، من ذلك قوله في المسألة رقم (1180) :((سُئِلَ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ سُفْيَانُ، وَإِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، فَاخْتَلَفَا فقَالَ سُفْيَانُ الْثَّورِيُّ : عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ…))، وانظر المسألة رقم (1197).
لا يصرح ابن أبي حاتم -أحياناً- بالمراد السؤال عنه، ولكن يفهم من الإجابة أنه يريد السؤال عن أمر معين، من ذلك قوله في المسألة رقم (1090) : ((سَأَلْتُ أبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ ضَمْرةُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ : كَانَ أَنَسٌ إذا شَهِدَ جِنَازَةَ الأخِ مِنْ إِخْوَانِهِ وَقَفَ عَلَى قَبْرِهِ بَعْدَ أَنْ يُدْفَنَ فَيَقُولُ :"جَافِ الأرْضَ عَنْ جُثتِهِ"، قَالَ أَبِي: إنمَّا هُوَ : ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ)) وانظر أيضاً المسائل رقم (1099-1106-1110) وغيرها.
و-أحياناً- يصرح بالمراد السؤال عنه، من ذلك قوله في المسألة رقم (1092) :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيد بنِ جَابِر، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللّه، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ، عَنْ وَاثِلَةَ ابْنِ الأسْقَعِ، عَنْ أَبِي مرثد الغَنَويّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ أَبُومُحَمَّد : وابْن الْمُبَارَكِ أَدْخَلَ بَيْنَهُمَا أبَا إِدْرِيسَ فأيُّهما أَصَح عَنْدك ؟))، وانظر أيضاً المسائل رقم (1094-1108-1180) وغيرها.(1/61)
قد يذكر ابن أبي حاتم وجهاً واحداً من الخلاف، كما في المسائل رقم (1091-1100-1102-1106)، وقد يذكر اثنين، كما في المسائل رقم (1099-1101-1115-1118-1220).
يسأل ابن أبي حاتم شيوخه عن المتابعات ومدى قوتها، من ذلك قوله في المسألة رقم (1208) :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ الْحَارِثُ بنُ عِمْرَانَ الجَعْفَريُّ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ:"تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ"، قَالَ أَبِي : الْحَدِيثُ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ،…قُلْتُ لأَبِي: ورَوَاهُ أَبُو أُمَيَّةَ بنُ يعَلَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ…)) ، المسألة رقم (1209).
وأمَّا طريقته في ذكر المتون فهي :
سياقُ المتنِ كاملاً إمّا لقصره –كما تقدم في الفقرة الثانية والثالثة- أو لأنّ العلة فيه، أو لارتباط بعضه ببعض، انظر المسائل رقم (1089-1096-1097-1102-1103-1104-1107) وغيرها.
وقد لا يذكر المتن ألبته، إمَّا لأن المسألة تقدمت كما في المسألة رقم (1092) فهي تقدمت برقم (1029)، وقد لا تكون تقدمت ومع ذلك لا يذكر المتن كما في المسألة رقم (1163-1225).
قد يذكر اختلاف الألفاظ في متن الحديث من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1093) :(( سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حديث… سَمُرَة بنِ جُنْدُب قَالَ: قَالَ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْبَيَاضِ فَلْيَلْبَسْهُ أَحْيَاؤُكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهِ مَوْتَاكُمْ، فَإِنَّهُ مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ" أو قَالَ : "لِبَاسُكُم" )).(1/62)
قد يذكر طرفاً من المتن ثم يقول :((الحديثَ)) أو :((وذكرتُ لهما الحديث)) ونحو ذلك مما يدل على أنّ للحديث بقية، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1140) :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث …جَابِرٍ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :"إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَنَازِيرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْأَصْنَامِ"، فقَالَ رَجُل : فَمَا تَرَى فِي شُحُومِ الْمَيْتَةِ يُدْهَنُ بِهَا، فقَالَ :"لَعَنَ اللّه الْيَهُودَ" الْحَدِيثَ))، وانظر المسائل رقم (1099-1161-1185) وغيرها.
وقد يذكر طرفاً من المتن ولا يشير إلى باقيه بأي عبارة، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1105) :(( سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث…أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :" الْرِّبَا بِضْعٌ وسَبْعُونَ بَابَاً " ))، وانظر المسائل رقم (1106-1119-1120-1162-1209).
ربما ذكر المتن بالمعنى، من ذلك قوله في المسألة رقم (1121) :(( سَمِعْتُ أَبِي وذَكَرَ حَدِيثَ جَابِر: أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشتَرَى مِنْ جَابِرٍ بَعِيرًا وَاشْتَرَطَ رُكُوبَهَا ))،كما في المسألة رقم (1116).
ربما لم يذكر أوّل المتن وذكر آخره لأنّه وقع فيها خلاف رفعاً ووقفاً، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1129) :(( سَأَلْتُ أَبِي وأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيث …أَنَس أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنْ لَمْ يُثْمِرْهَا اللّه فَبِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ".. )).
عندما يذكر المتن في الوجه الأوَّل، لا يذكره في الوجه الثاني بل يقول :((مثله)) كما في المسألة رقم (1140).
وأحياناً قد يكرره في الوجه الثاني لأنه قصير، كما في المسألة رقم (1203).
قد يبين الزيادات في المتون ومن زادها، كما في المسألة رقم (1208).(1/63)
قد يذكر في مسألة متنين مختلفين، فيذكر الإسناد في الحديث الأوَّل، ويقول في الحديث الثاني :((وبهذا الإسناد)) كما في المسألة رقم (1226).
- - - -
الفصل الثاني : طريقة شيوخه في الإجابة عن سؤاله في الأسانيد والمتون.
تتضح طريقة شيوخ ابن أبي حاتم في الإجابة عن الأسانيد والمتون من النقاط التالية :
قد يسوقون -أحياناً- الحديث أو الأثر بإسنادهم، من ذلك المسائل رقم (1112-1113-1131) وغيرها.
يبدءون -أحياناً- بذكر الوجه الراجح من المدار، ولا يبينون من رواه كذلك عن المدار، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1091) :((سألتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيث رَوَاهُ مَكَّيّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَر: "أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا"، فقَالَ: هَذَا خَطَأ إِنَّمَا هُوَ مَالِك، عَنْ الزُّهْرِيّ، عَنْ سَعِيد بْنِ الْمُسَيّب ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ))، وانظر المسائل رقم (1093-1111-1182-1187-1190).(1/64)
و -أحياناً- يذكرون من روى الوجه الراجح عن المدار، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1100) :(( سُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ جَرِير ابنُ عَبْدِالْحَمِيد، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيد، عَنْ سَعِيدِ بنِ أَبِي سَعِيد، قَالَ: قَالَ نَافِع بن جُبَيْر: حدّثني مَسْعُود بنُ الْحَكَم، عَنْ عَلِيّ : أنَّ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يقومُ فِي الْجِنَازَة ثم جَلَسَ بَعْدَ، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ : هَذَا حَدِيثٌ وَهمَ، رَوَاهُ مَالِكٌ، والليثُ بنُ سَعْدٍ، وعَائِذُ بنُ حَبِيب، عَنْ يَحْيَى بن سَعِيد، عَنْ وَاقِدِ بنِ عَمْرو بن سَعْد بنِ مُعَاذ، عَنْ نَافِعِ بن جُبَيْر، عَنْ مَسْعُودِ ابنِ الْحَكَم، عَنْ عَلِيّ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ))، و انظر المسائل رقم (1102-1103-1127).(1/65)
ربما ذكروا في الإجابة عدداً من الأوجه زيادةً على ما ذكره ابن أبي حاتم في سؤاله، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1220) :(( سَأَلْتُ أَبِي، وأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَطَاء، عَنْ جَابِر، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : "لاَ طَلاَقَ قَبْلَ نكَاح"، فَقَالاَ : لم يَسْمَعْ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ مِنْ عَطَاءٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ فِي هَذَا الحَدِيثِ : بَلَغَنِي عَنْ عَطَاء، فقُلْتُ لَهُمَا : رَوَاهُ صَدَقَةُ بنُ عَبْدِ اللّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِر، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالاَ : كَذَا رَوَاهُ صَدَقَةُ !، وَرَوَى ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَعَطَاء، عَنْ جَابِر، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ َمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنْ ابنِ عَبَّاس، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَاهُ ابِنُ سَمْعَانَ –مَعَ لِينِهِ- عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنْ ابنِ عَبَّاس، عَنْ عَلِي، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ… ))، وانظر المسألة رقم (1119).(1/66)
ربما حكما على الإسناد إجمالاً، ولم يفصلا، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1194) :(( سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ حَدَّثَنَا بِهِ يُونُس بنُ حَبِيبٍ الأَصْبَهَانِيُّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ أَبِي الأَشْهَبِ ، وَجَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، وَ حَمَّادِ ابْنِ نَجِيحٍ، وَسَلْمِ بْنِ رَزِين، وَصَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ ابْنِ حُصَيْنٍ، وابنِ عَبَّاسٍ، قَالاَ : قَالَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"نَظَرْتُ فِي الْجَنَّةِ فإِذَا أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ ، وَنَظَرْتُ فِي النَّارِ فإِذَا أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاء"، فسَمِعْتُ أَبِي يَقُول: هَذَا فإِنَّ بَعْضَهُمْ يَرْوِي عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ ابنِ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبعضهم يُرْوَى عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلاَ أَعْلَمُ وَاحِدَاً مِنْهُمْ يَجْمَعُ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، بَيْنَ ابنِ عَبَّاسٍ، وعِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ))، انظر (1204)، وربما فصل أحدهما، انظر (1129-1162).
ربما نقلا عن غيرهما الكلام على الأسانيد والرجال والمتون، من ذلك قول أبي حاتم في المسألة رقم (1224) :((سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَل عَنْ حَدِيثِ …"لا نِكَاحَ إِلاّ بِوَلِيٍّ"، وذَكَرَتُ لَهُ حِكَايةَ ابنِ عُلَيّةَ، فقَالَ : كُتُبُ ابنِ جُرَيْج مُدَوَنة فِيهِا أحاديثه من حدث عَنْهُم ثُمَّ لَقِيْتُ عَطَاءً ثُمَّ لَقِيْتُ فُلاناً، فلو كَانَ محفوظا عَنْه لكَانَ هَذَا فِي كُتُبهِ ومُرَاجَعَاتِهِ)). انظر (1131-1209) وغيرها.(1/67)
ربما ذكر ابن أبي حاتم طريقاً فسأله أحدهما: من رواه ؟، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1162) :(( فَإِنَّ بَقِيَّةَ، يُحَدِّثُ عَنْ الزُّبَيْدِيِّ، فقَالَ-أي أبو زرعة- : مَا هَذَا مِنْ حَدِيثِ بَقِيَّة أَصْلاً، مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ بَقِيَّة ؟ قُلْتُ : نُعَيْمُ بنُ حَمَّاد )).
ربما قالا : الصحيح حديث فلان، ولا يبين كيف روايته، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1204) :(( سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ الأَجْلَحُ، عَنْ الشَّعْبِيّ، عَنْ عَبْدِاللّهِ بنِ الْخَلِيلِ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَرْقَمْ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبِيِّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَالَ: إِنَّ عَلِيَّاً أَفْتَى بِالْيَمَنِ فِي ثَلَاثَةٍ وَقَعُوا عَلَى جَارِيةٍ فَوُلَدَ بينهم وَلَدٌ…الْحَدِيثَ، فقَالَ أَبِي : قَدْ اخِتَلَفُوا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَاضْطَرَبُوا، وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ سَلَمَةَ بنِ كُهَيْل )).
قد يذكرون المتابعات للوجه الراجح، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1106) :(( ورَوَاهُ ابنُ عُيَيْنَةَ، ومُحَمَّدُ بنُ مُسْلِم، عَنْ عَمْروِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيد، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَابَعُوا يَعْقُوبَ فِي رِوَايتِهِ عَنْ أَبِي سَعِيد )).
ربما اكتفوا في الإجابة بذكر الراجح دون سياق الإسناد أو شيء منه، كأن يكون الخلاف في صحابي الحديث فيقولون :((الصحيح كذا ))، انظر (1115-1163).
و -أحياناً- يذكرون الحكم فقط دون التفصيل في الإجابة فيقولون : ((ليس بصحيح )) انظر (1089-1095-1096-1098-1099) وغيرها.
وأمَّا طريقتهم في ذكر المتون فهي :
لا يذكرون- في الغالب- المتن اكتفاءً بذكره في السؤال، انظر (1091-1103-1109) والأمثلة كثيرة، وفيما تقدم كفاية.(1/68)
قد يذكرون المتن كاملاً لسبب إمَّا لبيان صحته انظر (1104)، أو لقصره انظر (1113-1114)، وفيما تقدم ما يدل على ذلك، انظر فقرة ( 5) مما تقدم.
ربما ذكروا أنّ المتن فيه وهم ولا يبينون ذلك الوهم، من ذلك قول أبي حاتم في المسألة رقم (1116) :(( ووَهِمَ مُؤَمَّل فِي لَفْظِ مَتْنِ هَذَا الْحَدِيثِ)) ولم يبين ذلك الوهم.
ربما ذكروا في الإجابة ألفاظ المتن واختلافها، من ذلك قول أبي حاتم في المسألة رقم (1119) :(( رَوَاهُ ابنُ جُرَيْج، عَنْ عَمْرو بنِ دِينَار، عَنْ عَطَاء بنِ مِيْناء، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : ينُهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ، ورَوَاهُ مَعْقِلُ بنُ عُبَيْدِ اللّه، عَنْ عَمْرو بنِ دِينَار، عَنْ عَطَاء، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:"نَهَى رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّم"…)).
ربما ذكروا ما يدل على المتن دون ذكره، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1133) :(( وَالنَّاسُ يَرْوُونَ عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ الْقَاسِم، وآخَرَ، عَنْ عُمَر كَلاَماً فِي الطِّلاء )).
ربما ذكروا متناً يعارض المتن الآخر، وحاولوا الجمع بينهما، من ذلك قول ابن أبي حاتم المسألة رقم (1139) قال ابن أبي حاتم :((سَمِعْتُ أَبِي وَذَكَرَ حَدِيث ابْنِ لَهِيْعَة، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِر أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زجر عَنْ الْخَرْصِ وَقَالَ :((أَرَأَيْتُمْ إِنْ أهَلْكَ الثَّمْرُ أيأَخَذَ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ))، قَالَ أَبِي : مَا أَدْرِي هَذَا ؟، أَبُوالزُّبَيْر يُحَدِّث عَنْ جَابِر أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَبْد اللّه بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى خَيْبَرَ يَخْرُصُ، قَالَ أَبِي: مَعَنْاهُ عَنْدِي أَنَّ خَرْصَ الْجَائِحَةَ أَنْ يَبَيْع الرَجُل الثَّمَرِ قَبْلَ أَنْ يُخْرَصَ فَتُصِيبهُ الآفَةُ)).(1/69)
ربما ذكروا طرف المتن الصحيح فقط، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1120) :(( هَذَا خَطَأٌ أخطأ فِيهِ أَبُو الْوَلِيد، إِنَّمَا هُوَ أنّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :"لا تَسْتَقْبِلُوا السُّوقَ، وَلا تُحَفِّلُوا")).
الفصل الثالث: تعقيبه على كلام شيوخه
لا شك أنَّ لابنِ أبي حاتم فضلاً كبيراً في طرح هذه الأسئلة، وجمعها، وجمع ما سمع من أبيه، وأبي زرعة وغيرهما، فقد حصل منه نفعاً عظيماً لأهل العلم والحديث والذين ما فتئوا ينهلون من فوائده ونكته.
ومما يزيدُ الكتابَ فائدةً ما تضمنه من كلامٍ نفيسٍ لابنِ أبي حاتم في هذا الفن، ويتضحُ ذلك من النقاط التالية:
توضيح ابن أبي حاتم وتبيين العلة التي ذكرها أحدُ شيخيه، من ذلك قول ابنِ أبي حاتم في المسألة رقم (1185) :((سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : أخطأ ابنُ وَهْبٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ؛ اللَّيْثُ لا يَقُولُ عَنْ الزُّبَيْرَ، قَالَ أَبُو مُحَمَّد : إِنَّمَا يَقُول اللَّيْثُ عَنْ الزُّهْرِيّ، عَنْ عُرْوَةَ أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ أنَّ رَجُلاً مِنْ الأنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ)).(1/70)
تفصيلُ ما أُجْمَل من كلام أحدِ شيخيه، من ذلك قوله في المسألة رقم (1194) :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ حَدَّثَنَا بِهِ يُونُس بنُ حَبِيبٍ الأَصْبَهَانِيُّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ أَبِي الأَشْهَبِ ، وَجَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، وَ حَمَّادِ بْنِ نَجِيحٍ، وَسَلْمِ بْنِ رَزِين، وَصَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وابنِ عَبَّاسٍ، قَالاَ : قَالَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَظَرْتُ فِي الْجَنَّةِ فإِذَا أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ ، وَنَظَرْتُ فِي النَّارِ فإِذَا أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ، فسَمِعْتُ أَبِي يَقُول: هَذَا فإِنَّ بَعْضَهُمْ يَرْوِي عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ ابنِ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبعضهم يُرْوَى عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلاَ أَعْلَمُ وَاحِدَاً مِنْهُمْ يَجْمَعُ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، بَيْنَ ابنِ عَبَّاسٍ، وعِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : أَبُو الأَشْهَبِ جَعْفَرُ بنُ حَيِّان، وَ حَمَّادُ بْنُ نَجِيحٍ، وَصَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ فَإنَّهُمْ يَرْوُونَ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيّ، عَنْ ابنِ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَذْكُرُونَ عِمْرَانَ بنَ حُصَيْنٍ، وَأَمَّا سَلْمُ بْنُ رَزِين فإِنهُ يَرْوِي عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيّ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ فَلاَ أَدْرِي كَيْفَ فإِنهُ لَمْ يَقَعْ عِنْدَنَا، فهَذَا عِلَةُ هَذَا الْحَدِيثِ )).(1/71)
بيانه غلط بعض الحفاظ المصنفين في ظنهم مَنْ ليس صحابياً صحابياً، من ذلك قوله في المسألة رقم (1144) :((سمعتُ أبي يقول: هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، ولَيْسَ لأَبِيه صحبة، قال أبو محمد : قد غَلِطَ جَمَاعَةٌ صَنَّفُوا مُسْنَدَ أَبِي بَكْرٍ فَظَنُّوا أنَّ هَذَا مُحَمَّدَ بنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَأدْخَلُوُه فِيهِ مِنْهُم : مُحَمَّدُ بنُ عَوْف الْحِمْصِيّ، وإِبْرَاهِيمُ بنُ يُوسُفَ الْهِسِنْجَانِيّ وَغَيْرُهُمَا)).
بيانه مَنْ روى الوجه الصحيح عن المدار الذي عليه الخلاف، من ذلك قوله في المسألة رقم (1190) :(( سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ بَقِيَّةُ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاج، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ دَاوُدَ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لاِبْنِهِ سُلَيْمَانَ :((اعْلَمْ أنَّ الْمَرْأَةَ الصَّالِحَةَ لِزَوْجِهَا كالْمَلِكِ الْمُتَوَّجِ باِلتَّاجِ المخوص بِالذَّهَبِ، فاعْلَم أنَّ الْمَرْأَةَ السُّوءَ لِزَوْجِهَا كَحَامِلِ الثّقْلِ عَلَى الشَّيِخِ الضَّعِيفِ))، فسَمِعْتُ أَبِي يَقُول: هَذَا خَطَأٌ إِنَّمَا هُوَ أَبُو إِسْحَاق عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى فَقَط لَيْسَ فِيهِ أَبُوهُ، قَالَ أَبُو مُحَمَّد : رَوَى الأَعْمَشُ، والْثَّورِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قولَهُ كما قَالَ أَبِي -رضي اللّه عَنْه-)).
ما تضمنتهُ أسئلتُهُ الموجة لشيوخه من فوائد عديدة من ذلك :
ذكر طرق وأوجه الخلاف، كما في المسائل التالية : (1092-1101-1105-1115-1118-1140) وغيرها كثير.
ذكر الأحاديث بأسانيده المتصلة، من ذلك المسائل رقم (1112-1113-1115-1116-1117-1123-1137) وغيرها.(1/72)
التنصيص على علة الحديث، من ذلك قوله في المسألة رقم (1092) : ((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيد بنِ جَابِر، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللّه، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيِّ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، عَنْ أَبِي مرثد الغَنَويّ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ أَبُومُحَمَّد : وابْن الْمُبَارَكِ أَدْخَلَ بَيْنَهُمَا أبَا إِدْرِيسَ فأيُّهما أَصَح عَنْدك ؟، فقَالَ: الصَّحِيح ما يَقُولهُ أَهَلْ دمشق… ))، وانظر المسألة رقم (1180).
الاستفسارُ عن اسم راوٍ، ، من ذلك قوله في المسألة رقم (1094) :((قُلْتُ لأَبِي : مَنْ أَبُو إِسْحَاق هَذَا، وَهَلْ يُسَمَّى ؟ قَالَ: لا يُسَمَّى ))، وانظر المسألة رقم (1167).
السؤال عن أحوال الرواة جرحاً وتعديلاً، من ذلك قوله في المسألة رقم (1163) :((قُلْتُ : فَمَا حال عَبْد اللّه بنِ سُلَيْمٍ ؟ قَالَ : شَيْخٌ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ ))، وانظر المسألة رقم (1165).
طلبُ تحديدِ المخطئ من الرواة، من ذلك قوله في المسألة رقم (1196) : ((قُلْتُ لأَبِي: الْخَطَاُ مِمَّنْ هُوَ مِنْ شُعْبَةَ أَوْ مِنْ أَبِي دَاوُدَ ؟ قَالَ : لاَ أَدْرِي وَكَانَ أَكْثَرُ خَطَأِ شُعْبَةَ فِي أَسْمَاءِ الرُّوَاةِ))، وانظر المسألة رقم (1208).
طلب تحديد الصحيح من الروايات، من ذلك قوله في المسألة رقم (1209):(( قُلْتُ لأَبِي :وما الصَّحِيحُ عِنْدكَ ؟ قَالَ : حَدِيثُ عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ))، وانظر المسألة رقم (1215).(1/73)
إيرادُ المتابعاتِ، والسؤالُ عنها، من ذلك قوله في المسألة رقم (1162) : ((قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بنُ عَيَّاش، عَنْ الزُّبَيْدِيِّ ، ومُوسَى بنِ عُقْبَة، عَنْ الزُّهْرِيّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بن عَبْد الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قُلْتُ : فَإِنَّ بَقِيَّةَ، يُحَدِّثُ عَنْ الزُّبَيْدِيِّ، فقَالَ : مَا هَذَا مِنْ حَدِيثِ بَقِيَّة أَصْلاً، مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ بَقِيَّة ؟ قُلْتُ : نُعَيْمُ بنُ حَمَّاد، قَالَ: رَوَى نُعَيْمُ بنُ حَمَّاد، عَنْ بَقِيَّةَ أحَادِيثَ لَيْسَتْ مِنْ حَدِيثِ بَقِيَّة أَصْلاً، مَا أَعْلَمُ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ غَيْر إِسْمَاعِيلِ بنِ عَيَّاش))، وانظر المسألة رقم (1144).
ونستفيد مما تقدم :
أنَّ لابن أبي حاتم جهداً لا يستهانُ به في هذا الكتاب فهو ليس راوياً فقط، ولا جامعاً حسب.
معرفةُ ابنِ أبي حاتم لهذا الفنِ الدقيق، واستفادته من علماء زمانه في هذا الشأن.(1/74)
أنَّه لا يأخذُ أحكامَ أبيه وأبي زرعة قضايا مسلمة، بل يناقشهم، ويحاورهم، ويورد عليهم الإيرادات، والأسئلة المتعلقة بحديث الباب، بل وقد يخالفهم في الحكم كما في المسألة رقم (192) قال :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رَوَاهُ يحيى بن أيوب، واختلف في الرواية على يحيى بن أيوب فروى عبدُ الله بنُ وهب، عن يحيى بن أيوب، عن يعقوب بن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن محمد بن ثابت بن شرحبيل، عن عبد الله بن يزيد، عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر من نسائكم فلا تدخلن الحمام"، فرواه الليث بن سعد، وعمرو بن الربيع بن طارق كلاهما عن يحيى بن أيوب، عن يعقوب بن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن محمد بن ثابت بن شرحبيل، عن عبد الله بن سويد الخطمي، عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم، غير أن الليث زاد في الإسناد رجلا، روى الليث عن يحيى بن أيوب عن يعقوب بن إبراهيم عن عبدالرحمن بن جبير عن محمد بن ثابت بن شرحبيل القرشي من بني عبد الدار أن عبد الله بن سويد الخطمي أخبره عن أبي أيوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعت أبي يقول: عبد الله بن سويد أشبه، قال أبو محمد : والذي عندي -والله أعلم- أنَّ الأصح ما رواه ابن وهب، عن يحيى بن أيوب، عن يعقوب، عن محمد بن ثابت، عن عبد الله بن يزيد الخطمي عن أبي أيوب)).
الفصل الرابع : منهجه في إثبات العلة أو دفعها
يتضمن هذا الفصل الكلام على ثلاث نقاط :
الأولى : أنواع وأجناس العلل التي ذكرها الأئمة، وطريقتهم في التعامل معها.
الثانية : طرق وقرائن الترجيح التي استعملها الأئمة.
الثالثة : الألفاظ التي استعملها الأئمة في الحكم والترجيح بين الروايات المُعلة، وبيانها.
- النقطة الأولى : أنواع وأجناس العلل التي ذكرها الأئمة،وطريقتهم في التعامل معها :(1/75)
تنقسم هذه النقطة إلى قسمين : علل تتعلق بالإسناد، وعلل تتعلق بالمتن.
أ- فأمَّا العلل التي تتعلق بالإسناد فهي :
تفرد الراوي بالحديث، فكثيراً ما يعل الأئمة بعض الروايات بالتفرد، وأحياناً ينصون على ذلك، من ذلك قول أبي حاتم في المسألة رقم (1114) :((طَلْق بن غَنّام…رَوَى حَدِيثاً مُنْكَراً عَنْ شَرِيك، وقَيْسٍ…ولم يَرْو هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُهُ))، وأحياناً لا يذكرون ذلك إنما يتبين هذا من التخريج والدراسة، وانظر المسائل رقم (1089-1095-1096-1098-1108-1109-1124-1125-1126-1141-1144-1145-1146-1153-1156-1162-1165-1167-1168-1170-1172-1173-1174-1181-1186-1192-1208-1226) وغيرها.
إرسالُ حديثٍ مسندٍ، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1149) :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِالْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً، قَالَ أَبِي :الصَّحِيحُ عَنْ عِكْرِمَةَ أن النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَل))، وانظر أيضاً المسائل رقم (1103-1134-1143-1147-1149-1155-1162-1163-1193-1198/أ-1198/ب-1199-1200-1201-1202-1213-1220-1222-1227) وغيرها، وفي جميع هذه الأمثلة رجحوا المرسل على المسند، ولم أقف في هذا القسم على العكس، وهو موجود في باقي الكتاب، انظر المسألة رقم (302) وغيرها، والترجيح في هذا وغيره مبني على قرائن وأسس اعتمدها الأئمة، ويأتي ذكر شيء منها في النقطة الثانية.(1/76)
رفعُ الموقوفِ، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1118) :((سألتُ أَبَازُرْعَةَ عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ حَمَّادُ بنُ سَلَمَة، عَنْ حَمَّاد، عَنْ إِبْرَاهِيم، عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه :نَهَى أن يُسْتَأَجْرَ الأجِيرُ حَتَّى يعلم أَجْره، ورَوَاهُ الْثَّورِيّ، عَنْ حَمَّاد، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَعِيد مَوْقُوف، قَالَ أَبُوزُرْعَةَ : الصَّحِيحُ مَوْقُوف عَنْ أَبِي سَعِيد، لانَّ الْثَّورِيّ أحْفَظُ)) وانظر أيضاً المسائل رقم (1105-1129-1137-1158-1159-1180-1182-1188-1204)، وفي جميع هذه الأمثلة رجحوا الموقوف على المرفوع، وقد يرجحون وقف الحديث بالنسبة لراوٍ معين لا في جميع الحديث كما في المسألة رقم (1135) قال أبو حاتم :(( أَمَّا مِنْ حَدِيث مَنْصُور فَمَوْقُوف أَشْبَه، والْحَدِيث فِي الأَصْلِ مَرْفُوع)).
إبدالُ راوٍ بآخر، وهذا الإبدال على أضرب :
إبدالُ صحابي بصحابي، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم(1106): ((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ فُلَيْح، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ…، قَالَ أَبِي: رَوَاهُ يَعْقُوبُ الإِسَكَنَدَرَانِيّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ أَبِي سَعِيد، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ…وهَذَا الصَّحِيحُ عَنْ أَبِي سَعِيد)) وانظر أيضاً المسائل رقم (1115-1131-1138-1171-1175-1210-1212)(1/77)
إبدالُ صحابي بصحابي وتابعي، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1225) :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث…زَيْدِ بنِ أسلم، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ … قَالَ أَبِي : رَوَاهُ عَبْدُ اللّهِ بنُ نَافِع الصَّائِغُ، عَنْ دَاوُدَ بنِ قَيْسٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أسلم، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ…وهذا أشبه )).
إبدالُ تابعي بتابعي آخر، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1111) :((سَأَلْتُ أَبِي، وأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيث رَوَاهُ قَبِيصةَ، عَنْ الْثَّورِيّ، عَنْ عَمْرو بن دِينَار، عَنْ عَطَاء، عَنْ ابن عَبَّاس، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :مَنْ ابْتَاعَ طَعَامَاً فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ، فقَالا: هَذَا خَطَأٌ إِنَّمَا هُوَ عَمْرو بن دِينَار، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنْ ابنِ عَبَّاس، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ))، وانظر أيضاً المسائل رقم (1110-1148-1154-1161-1182-1215)(1/78)
إبدالُ مَنْ دون التابعي، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1100) :(( سُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ جَرِير بنُ عَبْدِالْحَمِيد، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيد، عَنْ سَعِيدِ بنِ أَبِي سَعِيد، قَالَ: قَالَ نَافِع بن جُبَيْر: حدّثني مَسْعُود بنُ الْحَكَم، عَنْ عَلِيّ : أنَّ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يقومُ فِي الْجِنَازَة ثم جَلَسَ بَعْدَ، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ : هَذَا حَدِيثٌ وَهمَ، رَوَاهُ مَالِكٌ، والليثُ بنُ سَعْدٍ، وعَائِذُ بنُ حَبِيب، عَنْ يَحْيَى بن سَعِيد، عَنْ وَاقِدِ بنِ عَمْرو بن سَعْد بنِ مُعَاذ، عَنْ نَافِعِ بن جُبَيْر، عَنْ مَسْعُودِ بنِ الْحَكَم، عَنْ عَلِيّ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ))، وانظر المسائل رقم (1101-1142-1169-1206-1223-1237).
وصلُ المنقطعِ، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1093) :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رواه عَبْد الرَّزَّاق، عَنْ مَعْمَر، عَنْ أَيُّوب، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلْبِ، عَنْ سَمُرَة بنِ جُنْدُب قَالَ: قَالَ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْبَيَاضِ …، قَالَ أَبِي : لَمْ يُتَابَعْ مَعْمَر عَلَى تَوْصِيل هَذَا الْحَدِيث، وإنما يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ سَمُرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ))، وأبو قلابة لم يسمع من سمرة، وقد يرجحون المتصل على المنقطع كما في المسألة رقم (1099-1179).(1/79)
اضطرابُ الراوي في الإسناد، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1218) :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ حَدَّثَنَا بِهِ عَنْ هُدْبَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هِلاَلٍ الرَّاسِبِيُّ، قالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ مَعْقِلِ بنِ يَسَارٍ قالَ : مَا كَانَ شَيْءٌ أَعْجَبَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْخَيْلِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ غُفْرًا إِلاَّ النِّسَاءُ، فَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : قَالَ هُدْبَةُ مَرَّةً عَنْ الْحَسَنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَرَّةً الْحَسَنَ)) وانظر أيضاً المسائل رقم (1113-1233-1234).(1/80)
إسقاطُ راوٍ أو زيادته، فربما رجحوا زيادة راوٍ، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1128) :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رَوَاهُ ابْن الْمُبَارَكِ، عَنْ ثَوْرٍ بْنِ يَزِيد، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ جُبَيْر بْنِ نُفِيرٍ ، عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ، قَالَ أَبِي : رَوَاهُ بَقِيَّة ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْد ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ الْمِقْدَامِ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يدخلُ بينهما جُبَيْر بْنُ نُفِيرٍ، قُلْتُ: أَيُّهُمَا الصَّحِيح ؟ قَالَ: حَدِيث ثَوْر حَيْثُ زَادَ رَجُلاً)) وانظر أيضاً المسائل رقم (1122-1207-1209-1211-1221)، وربما رجحوا عدم الزيادة، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1092) :(( سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيد بنِ جَابِر، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللّه، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، عَنْ أَبِي مرثد الغَنَويّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ أَبُو مُحَمَّد : وابْن الْمُبَارَكِ أَدْخَلَ بَيْنَهُمَا أبَا إِدْرِيسَ فأيُّهما أَصَح عَنْدك ؟، فقَالَ : الصَّحِيح ما يَقُولهُ أَهَلْ دمشق لَيْسَ بَيْنَهُمَا أَبُو إِدْرِيسَ، وقد وَهِمَ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي زيادته أبَا إِدْرِيسَ ))، وانظر أيضاً المسألة رقم (1191-1214).(1/81)
إبدالُ سندٍ بآخر أشهر منه، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1091) :((سألتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيث رَوَاهُ مَكَّيّ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَر : أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا، فقَالَ: هَذَا خَطَأٌ، إِنَّمَا هُوَ مَالِك، عَنْ الزُّهْرِيّ، عَنْ سَعِيد بْنِ الْمُسَيّب ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهِمَ فِيهِ مكيُّ))، وانظر أيضاً المسائل رقم (1140-1178-1187-1205).
الجمع في الرواية بين عددٍ من الرواة، وسوق روايتهم مساقاً واحداً، وهي مختلفة، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1194) :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ حَدَّثَنَا بِهِ يُونُس بنُ حَبِيبٍ الأَصْبَهَانِيُّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ أَبِي الأَشْهَبِ، وَجَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، وَ حَمَّادِ بْنِ نَجِيحٍ، وَسَلْمِ بْنِ رَزِين، وَصَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وابنِ عَبَّاسٍ، قَالاَ : قَالَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَظَرْتُ فِي الْجَنَّةِ فإِذَا أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ ، وَنَظَرْتُ فِي النَّارِ فإِذَا أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ، فسَمِعْتُ أَبِي يَقُول: هَذَا فإِنَّ بَعْضَهُمْ يَرْوِي عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ ابنِ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبعضهم يُرْوَى عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلاَ أَعْلَمُ وَاحِدَاً مِنْهُمْ يَجْمَعُ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، بَيْنَ ابنِ عَبَّاسٍ، وعِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم))، وانظر أيضاً المسائل رقم (1130-1185-1227).(1/82)
تلقين الراوي حديثاً ليس من حديثه، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1160) :((سَمِعْتُ أَبِي وَحَدَّثَنَا عَنْ هِشَام بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ عَيَّاش ، عَنْ سُهَيْل بْنِ أَبِي صَالِح، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي قَتَادَة ، عَنْ جَابِر، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنَجِّيهِ اللّه مِنْ كُرِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وأَنْ يُظِلَهُ تَحْتَ ظِلِّ الْعَرْشِ فَلْيُنْظِرْ مُعْسِرًا، قَالَ أَبِي: هَذَا حَدِيث بَاطِلٌ كَذِبٌ قَدْ أُدْخِلَ عَلَى هِشَام))، وانظر أيضاً المسألة رقم (1104).
الخطأ في اسم راوٍ، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1132) :((سَمِعْتُ أَبِي وذَكَرَ حَدِيثاً رَوَاهُ فُضَيلُ بنُ عِيَاض، عَنْ لَيْث، عَنْ الْمُغِيرَة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :((الْرِّبَا سَبْعُونَ بَابَا، أدناها مِثْلَ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ))، قَالَ أَبِي : هَذَا خَطَأٌ، إِنَّمَا هُوَ لَيْث، عَنْ أَبِي الْمُغِيرَة واسمه : زياد، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ))، وانظر أيضاً المسائل رقم (1090-1157-1195-1196-1197).
الجمع بين راويين، والصواب أنّ أحدهما أخذه عن الآخر، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1107) :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رَوَاهُ سَعِيدُ بن يَحْيَى الأموي، عَنْ أَبِيه، عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بن عُمَر، عَنْ نَافِع، وعَبْدِ اللّهِ بن دِينَار، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: نَهَى رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْوَلاَء، وعَنْ هِبَتِهِ، قَالَ أَبِي: نَافِعٌ أَخَذَ عَنْ عَبْد اللّه بنِ دِينَار هَذَا الْحَدِيثَ، ولَكِنْ هكذا قَالَ)).(1/83)
عدم السماع أو الإدراك، من ذلك قول أبي حاتم في المسألة رقم (1117) : ((الحَسَنُ بنُ عَلِيّ بنِ عَاصِم مَاتَ قَدِيماً لم يُدْرِكْهُ، وَهُوَ شَيْخٌ، وهَذَا الْحَدِيث لا أدْرِي كَيْفَ هُوَ!، وَاصِلُ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ لا يجيء، ولا أَعْلَم أَحَدَاً رَوَى هَذَا عَنْ الأَوْزَاعِي غَيْرُهُ))، وانظر أيضاً المسألة رقم (1134-1166).
تَوَهّم أنّ أحد الرواة أخذ الحديث عن راوٍ آخر اشتهر برواية الحديث، أو غلط في روايته لأنّ الحديث اشتهر من طريق معين، من ذلك قول أَبُي زُرْعَةَ في المسألة رقم (1112) -في حديثٍ رواه الْثَّورِي، عَنْ مُحَارِب بن دِثَار، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِاللّه قَالَ: كَانَ لي عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَيْنٌ فَقَضَانِي وَزَادَني-قال أبو زرعة :((تَوَهمتُ أنْ يكونَ أَخَذَه عَنْ مِسْعَر))، وقال أبو حاتم في المسألة رقم (1123) :((كَذَا حَدَّثَنَا عَمْرو بن عَوْن ، وأحسبه قد غَلِط، إِنَّمَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ مِسْعَر، عَنْ مُحَارِب بنِ دِثَار، عَنْ جَابِر، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)).
عدمُ معرفةِ حديثٍ مسندٍ لراوٍ في باب معين، من ذلك قول أبي حاتم في المسألة رقم (1097) :((هَذَا حَدِيث مُنْكَرٌ، لا أَعْلَمُ لسَالِم حَدِيثاً مُسْنَداً-يعَنْي فِي هَذَا الْبَابِ –)).
عدمُ معرفةِ اسم راوٍ، أو حاله، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1094) :((قُلْتُ لأَبِي : مَنْ أَبُو إِسْحَاق هَذَا، وَهَلْ يُسَمَّى ؟ قَالَ: لا يُسَمَّى))، وانظر : (1152-1167).(1/84)
الاختلاف في إبهام راوٍ أو تعيينه، فربما رجحوا جميع الأوجه لإمكان الجمع، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1119) :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ حَمَّادُ بنُ سَلَمَة، عَنْ عَمْرو بنِ دِينَار، عَمّن سَمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : نَهَى رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ وَلِبْسَتَيْنِ، قَالَ أَبِي : رَوَاهُ ابنُ جُرَيْج، عَنْ عَمْرو بنِ دِينَار، عَنْ عَطَاء بنِ مِيْناء، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : ينُهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ، ورَوَاهُ مَعْقِلُ بنُ عُبَيْدِ اللّه، عَنْ عَمْرو بنِ دِينَار، عَنْ عَطَاء، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :نَهَى رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ…، قَالَ أَبِي : وكُلّهُا صَحيح، ضَبَطَ ابنُ جُرَيْج هو : عَطَاء بن مِيْناء)) ، وربما رجحوا الإبهام كما في المسألة رقم (1231)، وربما ترددوا بين اثنين كما في المسألة رقم (1150).
عدم ضبط الراوي عن المدلس صيغة التحمل، من ذلك قول أبي حاتم في المسألة رقم (1151) :((هَذَا حَدِيثٌ باطِلٌ، ولَمْ يَضْبِطْ أَبُو تَقِيِّ، عَنْ بَقِيَّةَ، وكان بَقِيَّةُ لا يذَكَرَ الخَبَر فِي مِثْلِ هَذَا)).
بيان أنَّ بعض الرواة تابعيون وليسوا صحابة، وتخطئة من ظن ذلك، قَالَ ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1144) :((سمعتُ أبي يقول: هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، ولَيْسَ لأَبِيه صحبة، قال أبو محمد : قد غَلِطَ جَمَاعَةٌ صَنَّفُوا مُسْنَدَ أَبِي بَكْرٍ فَظَنُّوا أنَّ هَذَا مُحَمَّدَ بنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَأدْخَلُوُه فِيهِ مِنْهُم : مُحَمَّدُ بنُ عَوْف الْحِمْصِيّ، وإِبْرَاهِيمُ بنُ يُوسُفَ الْهِسِنْجَانِيّ وَغَيْرُهُمَا)).(1/85)
نسبة قول التابعي لصحابي، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1127) :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رَوَاهُ سُويدُ أَبُو حَاتِم، عَنْ قَتَادَة، عَنْ جَابِر بنِ عَبْد اللّه قَالَ :ليْسَ بينَ الأبِ وبين ابنهِ ربا، قَالَ أَبِي: هَذَا حَدِيث خَطأ إِنَّمَا هُوَ قَتَادَة، عَنْ جَابِر بن زَيْد،كذا يَرْوِيهِ الْدَّسْتَوَائِيّ))، وانظر أيضاً المسألة رقم (1133).
ب- وأمَّا العلل التي تتعلق بالمتن فهي :
إبدالُ متنٍ بمتنٍ آخر، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1120) : ((سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ أبو الْوَلِيد، عَنْ أَبي الأحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" وَلا يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ"، فقَالَ أَبُو زُرْعَةَ : هَذَا خَطَأٌ أخطأ فِيهِ أَبُو الْوَلِيد، إِنَّمَا هُوَ أنّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :"لا تَسْتَقْبِلُوا السُّوق، وَلا تُحَفِّلُوا"))، وانظر: (1104-1183-1209-1239).
إدراجُ كلامٍ في الحديثِ ليس منه، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1177) :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ بَقِيَّةُ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ الأَسَدِّيِّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ :" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ فَإِنْ اشْتَرَاهُ مُشْتَرٍ فَإنَّ صَاحِبَ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ إِذَا دَخَلَ الْمِصْرَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نِصْفِ النَّهَار"ِ، فسَمِعْتُ أَبِي يَقُول : لَيْسَ فِي شَيءٍ مِنْ الْحَدِيثِ : "إِذَا دَخَلَ الْمِصْرَ فَإنَّ صَاحِبَهُ بِالْخِيَارِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نِصْفِ النَّهَارِ"))، وانظر : (1116).(1/86)
تعارض بين متني حديثين، من ذلك قال ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1139) :((سَمِعْتُ أَبِي وَذَكَرَ حَدِيث ابْنِ لَهِيْعَة، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِر أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زجر عَنْ الْخَرْصِ وَقَالَ :أَرَأَيْتُمْ إِنْ أهَلْكَ الثَّمْر أيأَخَذَ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ، قَالَ أَبِي : مَا أَدْرِي هَذَا ؟، أَبُوالزُّبَيْر يُحَدِّث عَنْ جَابِر أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَبْد اللّه بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى خَيْبَرَ يَخْرُصُ)).
اختصارُ المتنِ، من ذلك قال ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1209) :((قِيلَ لأَبِي : فَإنَّ عَفَّانَ حَدّثَهُ عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِت، عَنْ ابْنِ عُمَر بن أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أم سَلَمَة بَعْضَ هَذَا الْحَدِيث، قَالَ : اخْتَصَرَ عَفَّانُ مِنْ الْحَدِيثِ شَيْئاً)).
بيانُ خطأ في اسم رجل في متن أثر، قال ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1102) :((روى هَذَا الْحَدِيث هُشَيْمٌ، ووَكِيعٌ، وأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، وسَعْدَانُ بنُ يَحْيَى، عَنْ عُيَيْنَة بنِ عَبْد الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيه، وقَالَ فِيهِ : فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرة، بدل عُثْمَانَ بْن أَبِي الْعَاصِ ، وهَذَا أَصَح)).
- النقطة الثانية : طُرُقُ وقرائنُ الترجيحِ التي استعملها الأئمة :
يصرح الأئمة -أحياناً - بهذه القرائن والطرق، وأحياناً تفهم وتستنبط من صنيعهم، فمن تلك الطرق والقرائن :
الترجيح بالحفظ، من ذلك قول أبي زرعة في المسألة رقم (1118) :((الصَّحِيحُ مَوْقُوف عَنْ أَبِي سَعِيد، لانَّ الْثَّورِيّ أحْفَظُ))، وانظر أيضاً المسائل رقم : (1180-1197-1203-1215).(1/87)
الترجيح بالعدد، ويعبر عنه أبو زرعة، وأبو حاتم ب(الناس)، من ذلك قول أبي زرعة في المسألة رقم (1129) :((كَذا يَرْوِيهِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، ومَالِكُ بْنُ أَنَس مَرْفُوع، وَالنَّاسُ يَرْوُونَهُ مَوْقُوف مِنْ كَلاَم أَنَس))، وانظر أيضاً المسائل رقم : (1130-1133-1213)، ويفهم ذلك من ترجيحهم في المسائل رقم :(1100-1101-1102-1103-1120) وغيرها.
الترجيح باعتبار البلد، من ذلك قول أبي حاتم في المسألة رقم (1092) :((أهل الشام أضبط لحديثهم من الغرباء))، ويفهم ذلك من ترجيحه في المسألة رقم (1099).
الترجيح بالزيادة، من ذلك قول ابن أبي حاتم لأبيه في المسألة رقم (1128) :((أَيُّهُمَا الصَّحِيح ؟ قَالَ: حَدِيثُ ثَوْر حَيْثُ زَادَ رَجُلاً))، وقد قال أبو حاتم في المسألة رقم (488) لمّا سأله ابنه :(( لِمَ حَكَمْتَ بروايةِ ابنِ لهيعةَ ؟ فقال: لأنّ في رواية ابن لهيعة زيادةَ رجلٍ، ولو كان نقصان رجل كان أسهل على ابن لهيعة حفظه)).
عدمُ وجودِ الحديث في كتب الراوي الذي رُوي الحديث عنه، قال أبوحاتم في المسألة رقم (1224) :((سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَل عَنْ حَدِيثِ …"لا نِكَاحَ إِلاّ بِوَلِيٍّ"، وذَكَرَتُ لَهُ حِكَايةَ ابنِ عُلَيّةَ، فقَالَ : كُتُبُ ابنِ جُرَيْج مُدَوَنة فِيهِا أحاديثه من حدث عَنْهُم ثُمَّ لَقِيْتُ عَطَاءً ثُمَّ لَقِيْتُ فُلاناً، فلو كَانَ محفوظا عَنْه لكَانَ هَذَا فِي كُتُبهِ ومُرَاجَعَاتِهِ)).
سلوك الراوي للجادة والطريق المشهور، من ذلك قول أبي حاتم في المسألة رقم (1029) :((بسر قد سمع من واثلة، وكثيراً ما يحدث بسر عن أبي إدريس فغلط ابن المبارك، وظن أنّ هذا مما روى عن أبي إدريس عن واثلة))، ويفهم ذلك من ترجيحهم في المسائل رقم :(1091-1092-1106-1113-1147-1159-1161-1169-1178) وغيرها.(1/88)
الترجيح بالنظر إلى أصحاب الراوي المقدمين فيه، من ذلك قول أبي حاتم في المسألة رقم (1212) :((رَوَاهُ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ أَشْبَهُ بالصوابِ، وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي ثَابِتٍ، وَعَلِي بنِ زَيْدٍ))، وانظر أيضاً المسألة رقم (1211)، ويفهم ذلك من ترجيحهم في المسائل رقم :(1100-1103-1105-1111-1127-1133-1171-1193-1205) وغيرها.
شهرة الحديث وانتشاره من طريق يدل على غلط من رواه من طريق آخر، من ذلك قول أبي حاتم في المسألة رقم (1225) :((لأَنَّ النَّاسَ أَقْبَلُوا قِبَلَ نَافِع فِيما حَكَى عَنْ ابْنِ عُمَر فِي {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}، فِي الرُّخْصَةِ، فَلُو كَانَ عَنْدَ زَيْدِ بنِ أسلم عَنْ ابْنِ عُمَرَ لكانوا لا يُولَعُون بِنَافِع))، وانظر أيضاً المسألة رقم (1123).
دلالة الرواية على الكذب، كأنْ يتفرد غير المعروف بحديث من طريق مشهور، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1165) :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ عَبْدُ الْكَرِيمِ بنُ عبد الكريم النَّاجِي، عَنْ الحَسَنِ بن مُسْلِم، عَنْ الحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :مَنْ حَبَسَ الْعِنَبَ أَيَّامِ الْقِطَافِ لِيَبِيعَ مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ إِلاّ كَانَ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَقْتٌ، قَالَ أَبِي :هَذَا حَدِيثٌ كَذِبٌ باطلٌ، قُلْتُ: تَعْرِفُ عَبْدَ الْكَرِيمِ هَذَا ؟ قَالَ: لا، قُلْتُ: فتَعْرِفُ الحَسَنَ بنَ مُسْلِم ؟ قَالَ: لا، ولكَنْ تَدُلُ رِوَايَتُهُمْ عَلَى الكَذِبِ)).(1/89)
وجود قصة في الخبر تدل على صحة الطريق، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1203) :((سَأَلْتُ أبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ أشعث بْنُ عَبْدِ الَمْلِك، عَنْ الحَسَنِ، عَنْ سَعْدِ بنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ التبتل، ورَوَاهُ مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ التبتل، قُلْتُ أَيُّهُمَا أَصَح ؟ قَالَ أَبِي : قَتَادَةُ أَحْفَظُ مِنْ أَشْعَت، وَأَحْسَبُ الْحَدِيثينِ صَحِيحَينِ لأَنَّ لِسَعْدِ بنِ هِشَامٍ قِصّةً فِي سُؤَالِهِ عَائِشَةَ عَنْ تَرْكِ النّكَاحِ يعَنْي التبتل)).
التفرد، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1229) :((سَمِعْتُ أَبِي وحَدَّثَنَا عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْن الْفَضْلِ بْنِ هِلاَل الرَّبَعِيِّ، عَنْ ابنِ وَهبْ…قال أبي: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ، مَا أَعْلَم رَوَاهُ عَنْ ابنِ وَهْبٍ غَيْرهُ))، وتقدم ذكر المسائل التي فيها تفرد في النقطة الأولى.
تحديثُ الراوي في مكان ليس معه كتبه،من ذلك قول أبي حاتم في المسألة رقم (1198/أ) :((وَكَانَ أَيُّوبُ قَدِمَ بَغْدَادَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ كُتُبُهُ وَكَانَ يُحَدّثُ مِنْ حِفْظِهِ عَلَى التّوَهُمِ فَيَغْلَطُ وَأَمَّا كُتُبُهُ فِي الأَصْلِ فَهي صَحِيْحَةٌ عَنْ يَحْيَى ابْنِ أَبِي كَثِيرٍ)).(1/90)
التحديث بنزول مع إمكانية العلو في السماع، قال أبو حاتم في المسألة رقم (1222) :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ صَدَقَةُ بنُ عَبْدِ اللّهِ السَّمِينُ أَبُو مُعَاوِيَة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ قُلْتُ : أَنْتَ أحْلَلَتَ لِلِوَلِيدِ بنِ يَزِيد امرَأَتَهُ أمّ سَلَمَة قُلْتُ : أَنَا لَكِنْ حَدّثني جَابِرُ بنُ عَبْد اللّه، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لاَ طَلاَقَ قَبْلَ نكَاحِ، قَالَ أَبِي : هَذَا خَطَأٌ، وَالصَّحِيحُ ما رَوَاهُ الْثَّورِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ طَاوُوسَاً، قَالَ أَبِي : فلو كَانَ سَمِعَ من جَابِر لَمْ يُحَدّثْ عَنْ رَجُلٍ عَنْ طَاوُوس مُرْسَل)).
عدم العلم برواية الراوي عمن روى عنه، قال أبو حاتم في المسألة رقم (1092) :((وقد وَهِمَ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي زيادته أبَا إِدْرِيسَ، لأنّ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِاللّه روى عَنْ وَاثِلَةَ ولقيه، ولا أَعْلَم أبَا إِدْرِيسَ رَوَى عَنْ وَاثِلَةَ شَيْئاً)).
إمكانية الجمع بين الروايات، قال أبو حاتم في المسألة رقم (1119) : ((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رَوَاهُ حَمَّادُ بنُ سَلَمَة، عَنْ عَمْرو بنِ دِينَار، عَمّن سَمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : نَهَى رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ وَلِبْسَتَيْنِ، قَالَ أَبِي : رَوَاهُ ابنُ جُرَيْج، عَنْ عَمْرو بنِ دِينَار، عَنْ عَطَاء بنِ مِيْناء، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : ينُهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ، ورَوَاهُ مَعْقِلُ بنُ عُبَيْدِ اللّه، عَنْ عَمْرو بنِ دِينَار، عَنْ عَطَاء، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :نَهَى رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ…، قَالَ أَبِي : وكُلّهُا صَحيح، ضَبَطَ ابنُ جُرَيْج هو : عَطَاء بن مِيْناء)).(1/91)
- النقطة الثالثة : الألفاظ التي استعملها الأئمة في الحكم والترجيح بين الروايات المُعلة، وبيانها :
((منكر))، ((منكر جداً)) المراد بها : تفردُ ضعيفٍ أو مجهولٍ أو مَنْ لا يحتملُ تفرده بحديثٍ أو طريقٍ، سواءً خالفه غيره –ولم أجد في هذا القسم إلاّ مثالاً واحداً في المسألة رقم (1147)-، أو لم يخالفه أحد، انظر المسائل رقم (1095-1096-1097-1098-1104-1114-1124-1125-1126-1141-1145-1146-1147-1148-1153-1229-1238-1239) وغيرها.
((خطأ)) وهذه اللفظة تستعمل كثيراً في كلام أبي حاتم وأبي زرعة، والمراد بها: بيان عدم صحة هذا الوجه المذكور، انظر المسائل رقم (1110-1111-1115-1120-1127-1130-1132-1133-1138-1178-1182-1183-1185-1187-1188-1190-1195-1196-1198/أ-1198/ب-1205-1206-1214-1222-1231-1233) وغيرها.
((مرسل)) المراد بها أمران :
إمَّا المعنى المشهور وهو ما أضافه التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1149) :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِالْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً، قَالَ أَبِي : الصَّحِيحُ عَنْ عِكْرِمَةَ أن النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَل))، وانظر المسائل رقم (1155-1162-1163-1193-1199-1201).(1/92)
أو الانقطاع، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1136) :((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رَوَاهُ الفِرْيابِيُّ، عَنْ عُمَرَ بنِ رَاشِد، عَنْ يَحْيَى بنِ إِسْحَاقَ بنِ عَبْد اللّه بنِ أَبِي طَلْحة، عَنْ الْبَرَاء، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :((الْرِّبَا اثنان وسَبْعُون بَابَا، أدناها مِثْلَ إتيان الرَّجُلُ أُمَّهُ))،))، قَالَ أَبِي : هو مرسل، لم يدرك يَحْيَى بنُ إِسْحَاق الْبَرَاء، و لا أدرك والدُهُ الْبَرَاء))، وانظر أيضاً المسألة رقم (1184).
((أشبه))، ((أصح))، ((الصواب)) المراد بها : بيان أنّ هذا الوجه أرجح وأقوى من غيره، انظر لكلمة ((أشبه)) المسائل رقم (1105-1164-1202-1205-1212-1225-1233)، ولكلمة ((أصح)) انظر المسائل رقم ( 1099-1101-1102-1211-1213-1215-1234))، وأحياناً يجمع بينهما فيقول ((أشبه وأصح))، انظر المسألة رقم ( 1131)، ولكلمة ((الصواب)) (1232).
((ليس بصحيح)) المراد بها: بيان ضعف الحديث، انظر ( 1089-1219)، ونحوها في المعنى لفظة ((ليس هذا الحديث بمحفوظ)) انظر (1175).
((وَهِمَ))، ((وَهمٌ)) المراد بها: بيان خطأ الراوي في روايته، انظر المسائل رقم (1091-1092-1100-1116-1130-1133-1161-1200-1207-1220-1223).
((غلط)) وهي بمعنى ((وهم)) المتقدم ذكرها، انظر المسائل رقم (1103-1123-1176).
((الصحيح)) المراد بها:
إمَّا الحكم على الحديث بالصحة الاصطلاحية، كما في المسألة رقم (1121-1204) وغيرها.
أو تصحيح نسبي لأحد الوجوه، وإن لم يكن هذا الوجه صحيحاً اصطلاحاً، كأن يكون مرسلاً، أو في إسناده من لا يحتج به وغير ذلك، انظر المسائل رقم (1103-1149-1161-1191-1197) وغيرها.
((توصيل))، ((متصل)) المراد بها : ما اتصل إسناده بسماع كل واحدٍ من رواته عمن فوقه، انظر ( 1093-1134).
((موقوف)) المراد بها : قول الصحابي، انظر ( 1118-1129-1130-1135-1180)(1/93)
((أستحسن هذا الحديث)) المراد بها: استغرب هذا الحديث، انظر (1122).
((مرفوع))، المراد بها : ما نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، انظر (1129-1135-1180).
((باطل)) المراد بها : الموضوع المكذوب، انظر ( 1144-1151-1163-1168-1172-1208-1226-1227-1228-1230-1235)، وأحياناً يستعمل لهذا المعنى لفظة :((باطل موضوع)) انظر (1144)، وأحياناً:((باطل كذب)) انظر (1160-1165)، وأحياناً :((كذب لا أصل له)) انظر (1236)، وأحياناً :((مفتعل)) (1205)، وأحياناً :((لا أصل له)) انظر (1156-1208).
((قصر به)) المراد بها : عدم وصل الحديث، انظر ( 1179).
((دُلس له)) المراد بها : أدخل عليه حديث ليس من حديثه، انظر المسألة رقم (1104).
( ( ( (
منهجه في الكلام على الرواة
تقدم أنَّ من مزايا الكتاب بيان أحوالِ الرجالِ جرحاً أوتعديلاً أوتفضيلاً أوتفصيلاً، بكلامٍ نفيسٍ قد لا يوجد في مصدرٍ آخر، وقد وضعتُ فهرساً للرواةِ المتكلمِ فيهم جرحاً أوتعديلاً أوتفضيلاً أوتفصيلاً في هذا القسم فقط، فبلغوا ثلاثاً وثمانين راوياً، وقد جمع فالحُ الشبلي هذه الأقوال في كتاب سماه"المستخرج من كتاب العلل في الجرح والتعديل" فبلغت هذه الأقوال (614) قولاً.
ولا يخفى أنَّ أحكام الأئمة المبرزين في العلل على الرجال لها أهميتها الخاصة، لمعرفتهم الدقيقة بأخطاء الرواة وأوهامهم أولاً، ولتفصيلهم في الحكم على الرواة ثانياً.
ويتضح منهج ابن أبي حاتم وشيخيه في الكلام على الرواة من النقاط التالية :(1/94)
العنايةُ بذكر أحوال الرواة جرحاً وتعديلاً، من ذلك قول أبي حاتم في المسألة رقم (1095) :((مُحَمَّدُ بنُ حَسَن بنِ عَطِيَّة، وأَبُوهُ، وجَدُّهُ ضُعَفَاء الْحَدِيث))، وقوله في المسألة رقم (1140) :((فَإِنْ كَانَ عَبْدُ الْحَمِيد سَمِعَهُ وحَفِظَهُ فَإِنَّ مَحَلّهُ الْصِّدْق))، انظر المسائل رقم : (1108-1109-1124-1143) وغير ذلك كثير مما هو مذكور في فهرس الرواة المتكلم فيهم جرحاً أوتعديلاً.
التفصيل في أحوال بعض الرواة، من ذلك قول أبي حاتم في المسألة رقم (1198/أ) :((وَكَانَ أَيُّوبُ قَدِمَ بَغْدَادَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ كُتُبُهُ وَكَانَ يُحَدّثُ مِنْ حِفْظِهِ عَلَى التّوَهُمِ فَيَغْلَطُ وَأَمَّا كُتُبُهُ فِي الأَصْلِ فَهي صَحِيْحَةٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ)).
رواية الراوي تدلُ على حاله، قال ابنُ أبي حاتم في المسألة رقم (1165) –والسؤال موجه لأبيه-:(( قلتُ: فتعرف الحسن بن مسلم ؟ قال: لا ولكن تدل روايتهم على الكذب )).
العنايةُ بسماع الرواة بعضهم من بعض، وبيان تدليس بعض الرواة، والتنبيه على أخطاء الرواة في صيغ التحمل، من ذلك قول أبي حاتم في المسألة رقم (1138) :((أبو الزناد لم يَسْمَعْ مِنْ ابن عمر شيئاً ))، وقوله أيضاً في المسألة رقم (1166) :((عبد الله بْنُ ذَكْوَانَ هُوَ أَبُو الْزِّنَاد، ولم يَرَ ابْنَ عُمَرَ، وبَيْنَهُمَا عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ))، وقوله أيضاً في المسألة رقم (1151) :((ولَمْ يَضْبِطْ أَبُو تَقِيِّ، عَنْ بَقِيَّةَ، وكان بَقِيَّةُ لا يذَكَرَ الخَبَر فِي مِثْلِ هَذَا))، انظر المسائل رقم : (1092-1104-1117-1123-1134-1136-1140-1183-1219-1220-1222-1232).(1/95)
نسبة الوهم أو الخطأ لبعض الرواة، من ذلك قول أبي زرعة في المسألة رقم (1091) :((وَهِمَ فيه مكيُّ))، وقول أبي حاتم في المسألة رقم (1185) :((أخطأ ابن وهب في هذا الحديث الليث لا يقول عن الزبير ))، انظر المسائل رقم : (1092-1115-1116-1120-1123-1130-1133-1151-1206).
التردد في نسبة الوهم أو الخطأ لبعض الرواة، من ذلك قول ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1161) :(( قيل لأَبِي زُرْعَةَ : الوَهْمُ ممنْ هُوَ ؟ قَالَ : إمَّا مِنْ الْفِرْيَابِيّ، وإمَّا مِنْ الْثَّورِيّ )) وقوله في المسألة رقم (1196) :(( قُلْتُ لأَبِي: الْخَطَاُ مِمَّنْ هُوَ مِنْ شُعْبَةَ أَوْ مِنْ أَبِي دَاوُدَ ؟ قَالَ : لاَ أَدْرِي وَكَانَ أَكْثَرُ خَطَأِ شُعْبَةَ فِي أَسْمَاءِ الرُّوَاةِ )) انظر المسائل رقم : (1201-1223).
بيانُ تفاضلِ بعضِ الرواةِ على بعض، من ذلك قول أبي زرعة، وأبي حاتم في المسألة رقم (1215):((سفيان أحفظ من شعبة، وحديث الثوري أصح ))، وقول أبي حاتم في المسألة رقم (1180) :((سفيان أحفظ من إسرائيل ))، انظر المسائل رقم : (1118-1197-1203-1211-1212).
ذِكرُ المختلطين، وتمييزُ حديثهم المتأخر، المتقدم، قال أبو زرعة، وأبو حاتم في المسألة رقم (1210) :(( عَنْ سَمُرَةَ عَنْ النبيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصحُ، لأَنَّ ابْنَ أَبِي عَرُوبَةَ حَدَّثَ بِهِ قَدِيمَاً فَقَالَ: عَنْ سَمُرَةَ، وَبِآخِرِهِ شَكَّ فِيهِ )).
بيانُ تفردِ الرواة، وعدم المتابع لهم في بعض رواياتهم، من ذلك قول أبي حاتم في المسألة رقم (1093) :((لَمْ يُتَابَعْ مَعْمَر عَلَى تَوْصِيل هَذَا الْحَدِيث))، انظر المسائل رقم : (1114-1117-1140-1162-1229).(1/96)
بيانُ اسم راوٍ، أو كنيته، أو نسبه، أو بلده، أو أنه لا يُعرف، من ذلك قول أبي حاتم في المسألة رقم (1093) :((وأَبُو وَهْبٍ هو : عُبَيْدُ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو الرَّقِّيّ )) انظر المسائل رقم : (1090-1094-1108-1110-1116-1119-1132-1150-1152-1157-1163-1165-1167-1173-1174-1177-1230-1235).
بيان أنه لا يَعْرفُ لراوٍ معين حديثاً مسنداً في بابٍ معينٍ، قال أبو حاتم في المسألة رقم (1097) :(( هَذَا حَدِيث مُنْكَرٌ، لا أَعْلَمُ لسَالِم حَدِيثاً مُسْنَداً -يعَنْي فِي هَذَا الْبَابِ – )).
بيان أنّ بعض الرواة أخذ حديثاً معيناً عن راوٍ آخر، من ذلك قول أبي حاتم في المسألة رقم (1107) :(( نَافِعٌ أَخَذَ عَنْ عَبْد اللّه بنِ دِينَار هَذَا الْحَدِيثَ))، وانظر المسألة رقم (1112).
بيان أنّ بعض الرواة قد يُدْخَلُ في حديثه ما ليس من حديثه، قال أبو حاتم في المسألة رقم (1160) :(( هَذَا حَدِيث بَاطِلٌ كَذِبٌ قَدْ أُدْخِلَ عَلَى هِشَام))، وهشام هو: ابن عمّار.
نقل كلام بعض الأئمة في الرواة، من ذلك قول أبي حاتم في المسألة رقم (1115) :((حَدَّثَنَا نَصْرُ بنُ عَلِيّ الجَهْضَمي قَالَ: قَالَ لي أَبُو أَحْمَد : أخطأ أَبُو نُعَيْم فِيما قَالَ عَنْ ابْنِ عُمَر))، وانظر المسألتين رقم (1131-1209).
نسبة الوضع في الحديث لراوٍ، قال أبو حاتم في المسألة رقم (1144) :((وهَذَا حَدِيثٌ باطِلٌ مَوْضُوعٌ، وكَانَ ذَلكَ مِنْ عِمْرَان )).(1/97)
بيان أنَّ بعض الرواة تابعيون وليسوا صحابة، وتخطئة من ظن ذلك، وإثبات الصحبة لبعض الرجال، قَالَ ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1144) :((سمعتُ أبي يقول: هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، ولَيْسَ لأَبِيه صحبة، قال أبو محمد : قد غَلِطَ جَمَاعَةٌ صَنَّفُوا مُسْنَدَ أَبِي بَكْرٍ فَظَنُّوا أنَّ هَذَا مُحَمَّدَ بنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَأدْخَلُوُه فِيهِ مِنْهُم : مُحَمَّدُ بنُ عَوْف الْحِمْصِيّ، وإِبْرَاهِيمُ بنُ يُوسُفَ الْهِسِنْجَانِيّ وَغَيْرُهُمَا))، وقال أبو حاتم في المسألة رقم (1231) :(( الْمُسْتَوْرِدُ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولَهُ صُحْبَةٌ)) والمستورد هو: ابن شداد.
بيان أنَّ بعض الرواة قد يقصر في الإسناد فلا يصل الحديث، قال أبو زرعة في المسألة رقم (1097) :((قَصَّرَ بِهِ شُعْبَةُ)).
ذكر أنّ بعض الرواة روى حديثاً منكراً، قال أبو حاتم في المسألة رقم (1114) :(( طَلْق بن غَنّام، هو ابنُ عم حَفْص بن غِيَاث، وَهُوَ كَاتِبُ حَفْص بنِ غِيَاث، رَوَى حَدِيثاً مُنْكَراً )).
ذكر جوانب مهمة تتعلق ببعض الرواة، وتفيد في الترجيح عند الاختلاف، قال أبو حاتم في المسألة رقم (1196) :((وَكَانَ أَكْثَرُ خَطَأِ شُعْبَةَ فِي أَسْمَاءِ الرُّوَاةِ)).
بيان أنّ الرواة أعرف بحديث بلدهم من غيرهم، قال أبو حاتم في المسألة رقم (1092) :(( الصَّحِيح ما يَقُولهُ أَهَلْ دمشق لَيْسَ بَيْنَهُمَا أَبُو إِدْرِيسَ، وقد وَهِمَ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي زيادته أبَا إِدْرِيسَ…، وأَهَلُ الشَّامِ أضبط لحَدِيثهم من الغرباء )).
ونستفيد مما تقدم أنَّه ينبغي عند دراسة الحديث المعلول الاعتناء بالرواة من حيث :
معرفة حالهم من حيثُ الجرح والتعديل، كما في النقطة الأولى.(1/98)
معرفة هل الراوي يحدث من كتابه، أو من حفظه، والمكان الذي حدّث فيه، ودرجة ضبطه في كل مقام مما سبق، كما في النقطة الثانية.
أنّ رواية الراوي تدلُ على حاله وضبطه، كما في النقطة الثالثة.
معرفة سماع الرواة بعضهم من بعض، وخاصةً من كان مشهوراً بالتدليس، والتنبه إلى أنَّ الرواة عن المدلس قد يخطئون في صيغ التحمل التي يقولها المدلس، فينقلون عنه التصريح بالتحديث أو الإخبار أو السماع وهو قد عنعن، كما في النقطة الرابعة.
أنّ الراوي مهما بلغ من الثقة والإتقان فإنه لا يؤمن عليه الخطأ والوهم، وقد خَطّأ أبو حاتم وأبو زرعة بعض روايات كبار المتقنين، والمتفق على توثيقهم؛ منهم : سفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب، وعبد الله بن المبارك، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وهشام بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسي، وابن أبي ذئب، ومكي بن إبراهيم وغيرهم، كما في النقطة الخامسة.
الجزم بخطأ ووهم الراوي إنْ دلت القرائن على ذلك، ومع عدم القرائن فلا يجزم، كما في النقطة الخامسة والسادسة.
معرفة المقدمين في بعض الشيوخ، والعكس، كما في النقطة السابعة.
معرفة المختلطين من الرواة، وتمييز حديثهم القديم والأخير، كما في النقطة الثامنة.
ملاحظة تفرد الراوي بالحديث، والعناية بالمتابعات كما في النقطة التاسعة.
معرفة أسماء الرواة، وأنسابهم، وكناهم، لئلا يخلط بين الرواة، كما في النقطة العاشرة.
عدم معرفة الأئمة النقاد أحاديث لراوٍ معين في بابٍ معين يدل على نكارة ما يروى عنه في هذا الباب، كما في النقطة الحادية عشر، وهذا الأمر لا يستطيعه إلاَّ جهابذة النقاد الذين فتح الله عليهم في هذا الباب، وجعلهم حماةً لهذا الدين.
التنبه إلى أنّ بعض الرواة قد يُدْخَلُ في حديثه ما ليس من حديثه، وقد يلقن ذلك، كما في النقطة الثالثة عشر.(1/99)
معرفة طبقات الرواة، والتأني في ذلك، لئلا يظنّ أنّ التابعي صحابي كما وقع ذلك لبعض الحفاظ، ويترتب على ذلك الحكم على الحديث وصلاً وإرسالاً، كما في النقطة السادسة عشر.
التنبه إلى أنّ بعض الرواة -وإنْ كان على درجةٍ عاليةٍ مِنْ الضبطِ والإتقان - عنده أوهام في جوانب معينة، مما يعني أنّ غيره قد يقدم عليه في هذا الجانب المعين، أو صفة معينة في الرواية كقصر الأسانيد، كما في النقطة السابعة عشر، والتاسعة عشر.
تقديم رواية أهل البلد في حديثهم على غيرهم ممن ليس من أهل البلد، فهذه قرينة من قرائن الترجيح، كما في النقطة العشرون.
- - - -
أوَّلاً: وصف النسخ الخطية وبيان المعتمد منها
تيسر لي عند البدء في التحقيق الحصول على أربع نسخ خطية من العلل وهي :
1- نسخة مكتبة أحمد الثالث-بتركيا- ورمزتُ لها بالأصل- :
وهذه النسخة محفوظة في المكتبة برقم (531)، وعنها مصورة في جامعة الإمام محمد ابن سعود برقم (552ف).
وصف النسخة :
عدد أوراقها (279) ورقة، في كل ورقة وجهان، وفي كل وجه (25) سطراً في الغالب، ومسطرتها 18,5×26.
وهي نسخة تامة، وخطها جميل، وفي نهاية كل مسألة دائرة منقطة ? مما يعني أنها مقابلة، ويلاحظ عليها هوامش كما في الورقة ( 47، 149) وغيرها، وهي في سبعة عشر جزءاً، ويلاحظ أنّ الناسخ يكتب التاء من سألتُ، وسمعت بخط عريض ممدود ليلفت الانتباه إلى أوَّل المسألة.(1/100)
وناسخها هو: محمد بن أحمد بن علي الخطيب( ) فائدة: رأيتُ في آخر سنن سعيد بن منصور (2/401)-تحقيق الأعظمي- ما نصه :((آخر كتاب الجهاد، كتبه العبد الفقير إلى رحمة الله تعالى محمد بن أحمد بن على الخطيب يومئذ بقرية العبادية من مرج دمشق رحمه الله وغفر له ولمن قرأه ودعا له بالمغفرة وترحم عليه ولجميع المسلمين والحمد لله رب العالمين وكان الفراغ من كتابته في العشر الأول من شهر ربيع الأول سنة خمسة عشرين وسبعمائة من الهجرة النبوية ))، وانظر : معجم البلدان (4/75) العبادية. )، وقد فرغ من نسخها في سابع عشر شهر ربيع الأوَّل من سنة ثلاثين وسبعمائة، بقرية العبادية من عمل المرج الشامي بدمشق، كما في آخر ورقة من المخطوط .
وهي من رواية أبي طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم( ) قال عنه الذهبيُّ :((الإمام المحدث الثقة بقية المسندين ))، مات سنة خمس وأربعين وأربعمائة. السير (17/639-640). ) ، عن أبي بكر محمد ابن أحمد بن الفضل بن شهريار( ) ذكره أبو نعيم في ذكر أخبار أصبهان (2/297)، والذهبيُّ في تاريخ الإسلام (وفيات 381-400) ص156، ولم يزيدوا عن ذكر اسمه ونسبه وكنيته، وأنه روى عن ابن أبي حاتم، ومات سنة سبع وثمانين وثلاثمائة. )، عن المؤلف ابن أبي حاتم.
وعلى صفحة العنوان فهرس لأبواب الكتاب.
وتبين لي عند التحقيق أنها من أحسن النسخ، وأقلها سقطاً، وأخفها تصحيفا، لذا جعلتها هي الأصل،ورمزتُ لها ( بالأصل).
ويبدأ القسم المحقق من الورقة رقم (109/أ) إلى الورقة رقم (122/أ).
2- نسخة مكتبة فيض الله أفندي-بتركيا، ورمزتُ لها بـ(ف)- :
وهذه النسخة محفوظة في المكتبة برقم (498).
وصف النسخة :
عدد أوراقها (263) ورقة، في كل ورقة وجهان، وفي كل وجه (25) سطراً في الغالب.(1/101)
وهي نسخة تامة، وخطها جميل، وهي شبيهةٌ جداً بنسخة أحمد الثالث، فالخط واحد ، وكذلك في نهاية كل مسألة دائرة منقطة ?، وهي في سبعة عشر جزءاً أيضاً، والناسخ يكتب التاء من سألتُ، وسمعت بخط عريض ممدود كما في نسخة أحمد الثالث.
لم يتضح لي اسم ناسخها إذ الورقة الأخيرة فيها بياض.
ووقع اسم الكتاب في هذه النسخة "كتاب العلل وبيان ما وقع من الخطأ والخلل في بعض طرق الأحاديث المروية في السنة النبوية"، والاسم هكذا تفردت فيه هذه النسخة كما تقدم، وفي نفسي منه شيء ذكرته في الفصل الأوَّل من الباب الثالث.
وفي أوَّل النسخة أخبرنا أبو أحمد الحسين بن علي بن محمد بن يحيى التميمي( ) قال الذهبيُّ :((الإمام الحافظ الأنبل القدوة))، مات سنة خمس وسبعين وثلاثمائة. السير (16/407-408). ) قراءةً عليه في سنة تسع وستين وثلاثمائة، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم.
ويبدأ القسم المحقق من الورقة رقم (107/أ) إلى الورقة رقم (121/ب).
3- نسخة مكتبة تشستربتي –بأيرلندا، ورمزتُ لها بـ(ش)-:
وهذه النسخة محفوظة في المكتبة برقم (3516)، وعنها مصورة في جامعة الإمام محمد بن سعود برقم (351ف).
وصف النسخة :
هذه النسخة ناقصة الأوَّل، وأوَّل الموجود يبدأ من المسألة رقم (44) إلى نهاية الكتاب، وعدد أوراقها (309) ورقة، في كل ورقة وجهان، وفي كل وجه (25) سطراً في الغالب.
وخطها جميل وواضح، وهي في سبعة عشر جزءاً أيضاً.
وناسخها هو: حماد بن عمر( ) كذا في فهرس المخطوطات والمصورات بجامعة الإمام-الحديث الشريف- (2/567)، ولم أقف على ترجمة حماد بن عمر هذا. )، وقد فرغ من نسخها في سنة 735هـ.
ويبدأ القسم المحقق من الورقة رقم (117/ب) إلى الورقة رقم (133/أ).
4- النسخة التيمورية –ورمزتُ لها بـ(ت)-:
وهذه النسخة محفوظة في المكتبة التيمورية بمصر برقم (135حديث)، ورقمها في دار الكتب المصرية (11816).
وصف النسخة :(1/102)
عدد أوراقها (364) ورقة، في كل ورقة وجهان، وفي كل وجه (23) سطراً في الغالب.
وهي نسخة تامة وواضحة الخط، وعلى صفحة العنوان إسناد الكتاب إلى مؤلفه وهو :( تأليف أبي محمد عبد الرحمن…رواية أبي بكر محمد بن أحمد بن الفضل ابن شهريار عنه رواية أبي طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم عنه رواية أبي بكر محمد بن علي بن أبي ذر الصالحي إجازةً عنه رواية أبي الفتح ناصر بن محمد بن أبي الفتح المعروف بويرج الأصبهاني عنه إجازةً منه لصاحبه إسماعيل بن عبد الله ابن عبد المحسن..)، وعليه تملكات، وفهرسة لأبواب الكتاب، وختم مكتبة أحمد تيمور.
وفي الورقة الأخيرة من النسخة "وقع الفراغ من تسويده يوم الأحد لليلتين بقيتا من شهر رجب، من سنة خمس عشرة وستمائة بدمشق حرسها الله غفر الله لكاتبه، ولصاحبه، ولجميع المؤمنين إنه هو الغفور الرحيم"، ولم يذكر اسم الناسخ.
وتبين لي من خلال المقابلة أنها أكثر النسخ سقطاً وتحريفاً، انظر على سبيل المثال (1138-1171-1219-1227-1237)، وفي القسم الذي حققه الأخ الدكتور: محمد التركي مسألتان ساقطتان نبه عليهما هما المسألة رقم (556-557)، ولهذا السبب لم أجعلها أصلاً.
وقد اعتمد محب الدين الخطيب على هذه النسخة، ونسخة أخرى –خامسة- وهي نسخة دار الكتب المصرية –ولم يتيسر لي الحصول عليها- قال محب الدين في وصفها في مقدمة الكتاب (ص3) :((والثانية في دار الكتب المصرية (رقم908حديث) وهي في مجلد من القطع الكبير في كل صفحة منه 29 سطراً، وقد فتكت بها الأرضة وليس في آخرها تاريخ، وأعتقد أن إحدى النسختين منقولة عن الأخرى لاتفاقهما أحياناً كثيرة في خطأ الناسخ)).
ويبدأ القسم المحقق من الورقة رقم (132/ب) إلى الورقة رقم (149/ب).
و لابدَّ هنا من التنبيه على أمور تبينت من خلال النسخ والمقابلة، وهي:
أنّ نسخة أحمد الثالث، ونسخة تشستربتي كثيراً ما تتفقان، ونسخة فيض، والنسخة التيمورية كثيراً ما تتفقان فيما بينهما.(1/103)
أنّ النسخ قد تتفق على سقط، أو خطأ -إمّا خطأ نحوي أو في الأسانيد أو في أسماء الرجال أو غير ذلك- وقد بينتُ جميع ذلك في الهوامش، وقد تقدم بيان وتقرير أنّ الكتاب ربما كان مسودة لم يبيض وذكرت ما يدل على ذلك في الفصل الثاني من الباب الثالث.
أنّ كتاب "العلل" المطبوع بتعليق: محب الدين الخطيب-رحمه الله تعالى-، -نشر دار المعرفة، بيروت- زاد على الأخطاء أخطاءً وأوهاماً، نبهتُ عليها في الهوامش.
أنّ المعلق يتصرف في النص أحياناً فهو يصحح الأخطاء النحوية في متن الكتاب، وينبه على أنَّ في الأصل :((كذا )) كما في المسألة رقم (1107-1185-1229) وغيرها، وأحياناً يصلح ولا ينبه انظر المسألة رقم (1184-1209-1227) وغيرها.
- - - -
ثانياً: بيان الطريقة المتبعة في التحقيق والتخريج والدراسة
قمتُ بنسخ المخطوط ومقابلته، وجعلتُ نسخة أحمد الثالث هي الأصل ورمزتُ لها ( بالأصل) لأنها أفضل الموجود-كما تقدم-، ثم قابلت ما في الأصل على باقي النسخ.
أثبت ما في الأصل كما هو، حتى لو كان في نظري فيه خطأ –سواءً أكان خطأ نحوياً أو لغوياً أو في أسماء الرجال أوفي الأسانيد أو سقط- وأشارت في الحاشية إلى أنَّ هذا في الأصل، وأنّ الصواب كذا وكذا، وسبب عدم تغييري للأصل لأنّ هذا هو الأصل أن ينسخ المخطوط كما هُوَ، وينبه في الهامش على ما يلاحظ في نص الكتاب، ثم إنه يحتمل أنّ ما يلاحظ صواب ولكن لم يتبين للباحث، وغير الباحث يجد مخرجاً ووجها لذلك، ومن أسباب هذا أيضاً ما عانيته من تصرف وتلاعب كثير من معلقي –ولا أقول محققي- الكتب المعاصرين وجرأتهم البالغة على التصرف في نص الكتاب زيادة ونقصاً، تقديماً وتأخيراً، تصويباً وتعديلاً، حيث إني كثيراً ما أقف حائراً مستشكلاً وجهاً من الوجوه وعندما أرجع إلى المخطوط أجده على الصواب، ولولا خشية الإطالة لذكرت من ذلك العجب العجاب.(1/104)
جعلتُ لكل نسخة من هذه النسخ رمزاً خاصاً بها، فنسخة فيض الله رمزها (ف)، ونسخة تشستربتي رمزها (ش)، ونسخة المكتبة التيمورية (ت).
رقمتُ المسائل ترقيماً متسلسلاً فكلُّ مسألة جعلتُ لها رقماً جديداً، وضعتُ بعده رقم المسألة في المطبوع بين قوسين معكوفين.
ذكرتُ المسألة كاملةً، ووضعتُ خطاً مائلاً هكذا ( / ) قبل أول كلمة من الصفحة، للدلالة على موضع ابتداء الصفحة في المخطوط، وأضع بحذائه في الهامش الأيسر –من الصفحة- رقم اللوحة والوجه منها، فالوجه الأيمن رمزه -أ-، والأيسر - ب-، فمثلاً : ] ل26 أ [ يعني الوجه الأول (الأيمن) من اللوحة رقم ست وعشرين.
وضعتُ بعد المسألة خطاً منقطاً -كحاشية أولى ورمزها نجمة ( * ) - تحوي -إنْ وجد- :
الفروق بين النسخ.
بيان معاني الكلمات والجمل الغريبة.
شرح المصطلحات الحديثية الغريبة.
التعريف بالأماكن والبلدان غير المشهورة.
التعريف بالأعلام الواردين في المتن.
ذكر ومناقشة المسائل الفقهية التي تعرض لها المؤلف أو شيخاه.
أُبيّن إن كانت المسألة قد تكررت، وأذكر موضعها من المطبوعة.
أذكر من نقل المسألة من العلماء وفي أي كتاب.
أنبه على ما وقع في مطبوعة "العلل" من أخطاء وتصحيفات.
وضعتُ بعد ذلك خطاً -كحاشية ثانية- تحوي: تراجم رجال الإسناد، والتخريج، والدراسة والحكم على الحديث.
تراجم رجال الإسناد :
وضعتُ رقماً فوق اسم الراوي المراد ترجمته، فإن كان قد تقدمت ترجمته أحلتُ إلى موضع الترجمة، مع ذكر خلاصة الحكم عليه، وإلاّ ذكرتُ اسمه كاملاً، ونسبه، وكنيته، وبلده - ما وجد من ذلك-، وذكرتُ ثلاثة من أشهر شيوخه وغالباً أذكر من ذكرهم الذهبي في الكاشف -وأخص بالذكر شيخه المذكور في الطريق-، وثلاثة من أشهر تلاميذه، وغالباً أذكر من ذكرهم الذهبي في الكاشف - وأخص بالذكر تلميذه المذكور في الطريق-.
ثم أصدر الحكم عليه ببيان درجته في الرواية :(1/105)
فإن كان متفقاً على توثيقه ذكرتُ ذلك، وذكرتُ ما يدل على ذلك من أقول الأئمة-من غير حصر و لا استيعاب- مما يجعل القارئ يزداد طمأنينة لهذا الحكم، وكذلك إن كان متفقاً على ضعفه، وقد أضيف إلى الحكم بعض الأوصاف التي قيلت فيه مما له تعلق بالعلل كأن يكون أوثق الناس في راوٍ معين فاذكر ذلك، أو في روايته عن فلان مقال، وأذكر إن كان مدلساً، أو مختلطاً وأثر ذلك في روايته.
وإن كان الراوي مختلفاً فيه فأذكر ما تبين لي فيه من خلال كلام النقاد مدعماً ذلك بذكر أهم ما قيل فيه -من غير حصر و لا استيعاب- إذ التوسع في التراجم ليس من مقاصد البحث.
ثم أذكر من روى له من أصحاب الكتب الستة، وأختم الترجمة بذكر وفاته -إن وجدت-.
ثم أذكر المصادر التي رجعتُ إليها في ترجمة الراوي.
وقد عُنيتُ بنقل أقوال الأئمة النقاد من كتبهم كما هو الأصل بطالب العلم، إذْ قد ينقل كلام ذلك الناقد بالمعنى أو باختصار كما لا يخفى.
ترجمت للصحابة ترجمة مختصرة جداً تبين اسم الصحابيّ، ونسبه، وكنيته، ووفاته، مقتصراً –في الغالب- على تهذيب الكمال، والتقريب، أو الإصابة.
التخريج ، ثم أضع بعد تراجم رجال الإسناد عنواناً، فأقول : التخريج ، وسلكتُ في التخريج المنهج الآتي :
أبدأ بذكر طرق الروايات التي ساقها المؤلف وشيوخه، واحدة واحدة كما ذكرها المؤلف، وأذكر معها المتابعات التي وقفت عليها لكل طريق.
أُخَرِّجُ أولاً من طريق الراوي الذي بدء به المؤلف؛ فإن كان له كتاب روى فيه هذا الحديث ذكرته أوّلاً؛ كمالك بن أنس، وعبد الرزاق بن همام وغيرهما، وإلاّ بدأتُ بمن خرجه من طريقه.
عند ذكر المخرجين أبدأ بالكتب الستة مقدماً الصحيحين، ثم بقية الكتب الستة، ثم أذكر بعد ذلك المخرجين حسب الوفاة، إلاّ أن يكون أحد المتأخرين وفاةً رواه من طريق أحد مَنْ تقدّم فأقدمه قائلاً –ومن طريقه فلان…-، أو يجتمع مع أحد المتقدمين في رواية الطريق عن راو معين فأقدمه في الذكر.(1/106)
أكتفي عند العزو إلى الموطأ برواية يحيى بن يحيى الليثي إلاّ أن يكون الاختلاف على مالك نفسه فأذكر ما وقفتُ عليه من الروايات.
أذكر أقوال المُخَرّجين للحديث كالترمذي، والحاكم وغيرهما.
قد أحتاج أحيانا في المتابعات إلى ذكر حال بعض الرواة لما في ذلك من الأثر في الحكم على الطريق، فاذكر حاله باختصار، مقتصراً –في الغالب- على الكاشف للذهبيّ، أو التقريب لابن حجر.
إنْ كان هناك أوجه أخرى من الخلاف على المدار لم يذكرها ابن أبي حاتم ولا شيوخه فإني أذكرها لتعلقها بالحكم على الحديث صحةً وضعفاً وترجيحاً.
ثم أذكر بعد التخريج: الدراسة والحكم على الحديث؛ وفيها :
أوجز الكلام على علل الحديث المتقدمة على طريقة الدارقطني في ((العلل))؛ فأذكر المدار الذي عليه الاختلاف، ثم أذكر الاختلاف، والراجح من تلك الطرق، وسبب الترجيح.
أذكر سبب ترجيح أبي حاتم وأبي زرعة لهذا الوجه إن أشارا إليه في المسألة أو تبين لي بعد التخريج والدارسة.
أذكر من وافق المؤلف وشيوخه، ومن خالفهم.
ثم أذكر درجة الحديث من وجهه الراجح، فإن كان ضعيفاً ذكرتُ له من الشواهد -إن وجد- ما يرفعه إلى الصحة أو الحسن.
إذا تكررت المسألة فإني أبحثها في الموضع الأوّل، وأحيل عليها في الموضع الثاني، وكذلك إذا تكررت بعض الأوجه وكان مدار الخلاف واحداً فإني أذكرها في الموضع الأوّل، وأحيل عليها في الموضع الثاني، لأنّ بحث المسألة في موضع واحدٍ من جميع الأوجه أقرب إلى الفهم، وعدم التكرار.
قد أبيّن في الهامش ما قد يمر علىّ من تصحيف أو تحريف في الكتاب المنقول عنه، أو أذكر مصطلحاً، أو فائدة أرى من المناسب ذكرها في الهامش.
- - - -(1/107)
1- ] 1089[ وسَأَلْتُ أبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ (1)، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ حَفْصِ (2)، عَنْ مُوسَى بْنِ عُلَيٍّ(3)، عَنْ أَبِيهِ(4)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ(5)، أنَّ * النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :((يُكْرهُ الضَّحِكُ فِي مَوْضِعَيْنِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْجَنَازَةِ، وعِنْدَ رُؤْيَةِ الْقِرْدِ))، قَالَ أَبِي : هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ بِصحِيحٍ.
.…………………..………………
* كذا في جميع النسخ ( أنَّ )، وفي المطبوع ( عن ) !!.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : محمدُ بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فُديك الدِّيلي، أبو إسماعيل المدني مولى بني الدِّيل، روى عن : ابن أبي ذئب، وسلمة بن وردان، والضحاك بن عثمان وغيرهم، وعنه: سلمة بن شبيب، وعبد بن حميد، وهارون الحمّال وغيرهم.
صدوق، قال ابن معين-في رواية الدوري، والدارمي- :(( ثقة ))، وقال -في رواية ابن محرز- :(( ليس به بأس))، وقال أحمد :((لا بأس به))، وقال النسائي :(( ليس به بأس))، وذكره ابن حبان في الثقات وقال :((ربما أخطأ))، وقال ابن سعد :(( كثير الحديث، وليس بحجة ))، وقال الذهبي :(( صدوق مشهور يحتج به في الكتب الستة...قال ابن سعد وَحْدَه: ليس بحجة ))، وقال ابن حجر :((صدوق مشهور.. وقال ابن سعد : كثير الحديث، وليس بحجة، كذا قال ابن سعد ولم يوافقه على ذلك أئمة الجرح والتعديل، وقد احتج به الجماعة ))، روى له الجماعة، مات سنة مائتين.
انظر : الطبقات ( 5/437)، تاريخ الدوري ( 2/505)، تاريخ الدارمي (ص218 رقم 819)، معرفة الرجال ( 1/80 رقم 241)، المعرفة والتاريخ (2/ 165، 3/53)، الجرح والتعديل (7/188رقم1071)، الثقات ( 9/ 42)، تهذيب الكمال (24/485-489)، الميزان ( 3/483)، التهذيب (9/61)، الهدي ( ص437).(1/108)
(2) عبد الحميد بن حفص، روى عن : موسى بن عُلي بن رَبَاح، روى عنه : ابنُ أبي فُديك، كذا قال ابن أبي حاتم في الجرح ولم يزد على ذلك، ولم أقف له على ترجمة عند غيره. انظر : الجرح (6/ 12 رقم 52 ).
(3) هو : موسى بن عُلي بن رباح اللّخمي، أبو عبد الرحمن المصري، روى عن: الزهري، وأبيه عُلي بن رباح، ومحمد بن المنكدر وغيرهم، وعنه: عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن وهب، ووكيع بن الجراح وغيرهم.
ثقة، وثقه ابن سعد، وابن معين، وأحمد، والبخاري، وأبو حاتم، والنسائي وغيرهم، قال الذهبي :(( الإمام الحافظ الثقة ))، وتشدد ابن حجر فقال :((صدوق ربما أخطأ ))، مع أنّ جمهور النقاد على توثيقه كما تقدم، روى له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، والأربعة، مات سنة ثلاث وستين ومائة.
انظر : الطبقات ( 7/515)، معرفة الرجال-رواية ابن محرز عن ابن معين- (1/97رقم398)، علل الترمذي الكبير (ص391رقم 88)، الجرح (8/153-154)، الثقات (7/453)، تهذيب الكمال (29/ 122-125)، السير (7/411-412)، التهذيب (10/ 363-364)، التقريب (ص 553رقم6994).
(4) هو : عُلي بن رباح بن قَصير اللَّخمي، أبو عبد الله، روى عن: زيد بن ثابت، وأبي قتادة الأنصاري، وأبي هريرة وغيرهم، وعنه : الحارث الحضرمي، وابنه موسى، ويزيد بن حبيب وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه، وثقه ابن سعد، والنسائي، وابن حجر وغيرهم، وقال الذهبي : ((الثقة العالم))، روى له البخاري في الأدب، وفي أفعال العباد، وروى له الباقون، مات سنة سبع عشرة ومائة.
انظر : الطبقات ( 7/512)، الجرح (6/ 186)، تهذيب الكمال (20/ 426-431)، السير (5/ 101و7/412-414)، التهذيب (7/318-319)، التقريب (ص401رقم4732).(1/109)
(5) هو : أبو هريرة الدوسيّ، الصحابي الجليل، حافظ الصحابة، وأشهر ما قيل في اسمه: عبد الرحمن بن صخر، وقيل: عمرو بن عامر، مات سنة سبع، وقيل: ثمان، وقيل: تسع وخمسين، وهو ابن ثمان وسبعين سنة، وكانت وفاته بقصره في العقيق، وحمل إلى المدينة.
انظر : الإصابة (4/202-211)، التقريب (ص680-681رقم8426).
- - -
- التخريج :
-أخرجه : البيهقيُّ في شعب الإيمان ( 7/ 8 رقم 9272) قال : أخبرنا أبوطاهر الفقيه، أخبرنا أبو العباس أحمد بن هارون الفقيه، أخبرنا محمد بن عبد الله بن سليمان، أخبرنا عبد السلام بن عاصم الرازي، أخبرنا ابن أبي فديك عن عبد الحميد، عن موسى ابن علي عن أبيه عن أبي هريرة :((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره الضحك في موطنين عند رؤية القرد، وعن الجنازة)).
وقال البيهقي :(( قد رُوي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد غير قوي))، وساق هذا الحديث.
وذكره الديلميُّ في الفردوس (5/537 رقم 9013) بلفظ :((يكره الضحك في موضعين عند رؤية الهلال، وعند رؤية القرد))، وذكره المتقي الهندي في كنز العمال (15/724 رقم42886) وعزاه إلى البيهقي في شعب الإيمان فقط.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
ضعف أبو حاتم الحديث بقوله :((هذا حديث ليس بصحيح))، ولم يبين سبب التضعيف وعلته، ولعل ذلك بسبب جهالة وتفرد عبد الحميد بن حفص بهذا الحديث، فهو أقربُ منْ يعلُ به الحديث، ولم أجد من ترجم له سوى ابن أبي حاتم،.
وتقدم أنّ البيهقيّ قال عن الحديث :(( إسنادٌ غيرُ قوي))، ولم أجد ما يشهد للحديث.
- - - -(1/110)
2- [1090] وسَأَلْتُ أبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ ضَمْرةُ(1)، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ(2)، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ(3) قَالَ : كَانَ أَنَسٌ (4) إذا شَهِدَ جِنَازَةَ الأَخِ مِنْ إِخْوَانِهِ وَقَفَ عَلَى قَبْرِهِ بَعْدَ أَنْ يُدْفَنَ فَيَقُولُ :((جَافِ الأَرْضَ عَنْ جُثتِهِ))، قَالَ أَبِي: إنمَّا هُوَ ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ(5).
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : ضمرة بن ربيعة الفلسطيني، أبو عبد الله الرَّملي، روى عن : عبد الله بن شوذب، وعثمان بن عطاء الخُراساني، وعلي بن أبي حملة وغيرهم، وعنه : أيوب الوزان، ودحيم، وعيسى بن محمد الرملي وغيرهم.
ثقة فقيه، وثقه ابن سعد، وابن معين، وأحمد، والنسائيُّ وغيرهم، وقال ابن يونس: ((كان فقيهاً في زمانه))، وقال الذهبي :((مشهور ما فيه مغمز))، وتشدد ابن حجر فقال: ((صدوق يهم قليلاً))، مع أنّ جمهور وكبار النقاد على توثيقه كما تقدم، روى له البخاري في ((الأدب المفرد))، والأربعة، مات سنة اثنتين ومائتين.
انظر : الطبقات ( 7/ 471)، العلل ومعرفة الرجال (2/366رقم2624)، تاريخ الدارمي (ص135رقم441)، الجرح (4/467رقم 2052)، تاريخ دمشق (24/404-414)، تهذيب الكمال ( 13/316-321)، الميزان ( 2/ 330رقم3959)، التقريب (ص 280 رقم2988).
(2) هو : عثمان بن عطاء بن أبي مسلم الخراساني، أبو مسعود المقدسي، روى عن: إسحاق بن قبيصة، وزياد بن أبي سودة، وأبيه عطاء الخراساني وغيرهم، وعنه: حجاج بن محمد، وضمرة بن ربيعة، وعبد الله بن وهب وغيرهم.
متفق على ضعفه، ضعفه ابن معين، والفلاّس، والبخاري، وابن حجر وغيرهم، وقال الذهبي :((ضعفوه)) ، روى له أبو داود في ((الناسخ والمنسوخ))، وابنُ ماجه، مات سنة خمس وخمسين ومائة.
انظر : الكامل ( 5/170-171)، تاريخ دمشق (38/445-452)، تهذيب الكمال (19/ 441-445)، ديوان الضعفاء ( ص271رقم2776)، التقريب (ص385رقم4502).(1/111)
(3) الصواب : ثمامة بن عبد الله بن أنس، كما سيأتي في كلام أبي حاتم، ولم أقف على أحد اسمه ثمامة بن النضر بن أنس.
(4) هو: أنس بن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجي، خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، مات سنة اثنتين، وقيل: ثلاث، وتسعين، وقد جاوز المائة، وهو آخر الصحابة موتاً بالبصرة.
انظر : الإصابة (1/71-72)، التقريب (ص115رقم565).
(5) هو : ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري البصري، قاضيها، روى عن: جده أنس بن مالك، والبراء بن عازب، وأبي هريرة -ولم يدركه-، وعنه: عبدالله ابن المثنى، وقتادة السّدوسي، ومعمر بن راشد وغيرهم.
ثقة، وثقه أحمد، والعجلي، والنسائي، والذهبي، وذكره ابن حبان، وابن شاهين في ثقاتيهما، وقال ابن عدي :((ولثمامة عن أنس أحاديث وأرجو أنه لا بأس به وأحاديثه قريبة من غيره، وهو صالح فيما يرويه عن أنس عندي)) ، وتشدد ابن حجر فقال:((صدوق)) ، روى له الجماعة، قال ابن حجر :((عزل سنة عشر –أي ومائة-ومات بعد ذلك)).
انظر : معرفة الثقات ( 1/261 رقم 197)، الجرح (2/466رقم 1893)، الثقات (4/96)، الكامل (2/108)، تاريخ أسماء الثقات (ص84رقم147)، تهذيب الكمال (4/405-408)، الكاشف (1/174رقم723)، التهذيب (2/28-29)، التقريب (ص134رقم853).
- - -
- التخريج :
1- ضمرة بن ربيعة، عن عثمان بن عطاء، عن ثمامة بن النضر بن أنس قال : كان أنس إذا شهد جنازة الأخ من إخوانه وقف على قبره بعد أن يدفن فيقول : جاف الأرض عن جثته.
لم أجد من أخرجه من هذا الطريق.
2- ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس.
أخرجه :(1/112)
-البيهقي في شعب الإيمان (7/8 رقم 9262) قال : أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، قال : أخبرنا أحمد بن عبيد، قال : أخبرنا العُوْديُّ محمد بن أحمد، قال : أخبرنا كثير بن يحيى، قال : أخبرنا أبوعوانة، عن قَتَادة، عن ثُمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس بن مالك أنه كان يقول إذا وضع الميت في قبره :((اللهم جافِ الأرض عن جنبيه، وصعّد روحه وتكفله، وتلقّه منك برحمة)).
وشيخ البيهقي علي بن أحمد، وأحمد بن عبيد هو : الصفار، ومحمد بن أحمد ثقات (السير17/397-398، 15/438-440، سؤالات الحاكم ص147رقم202) ، وكثير ابن يحيى صدوق -انظر : الجرح ( 7/158 رقم 885)، وأبو عوانة هو : الوضاح بن عبد الله تأتي ترجمته في المسألة رقم (1216) وهو ((ثقة ثبت)) ، وقتادة تأتي ترجمته في المسألة رقم (1103) وهو ((متفق على توثيقه وجلالته، وهو كثير الإرسال ويدلس)) .
وقد اختلف في هذا الأثر عن قتادة على أوجه :
قَتَادة، عن ثُمامة بن أنس، عن أنس بن مالك، رواه عنه : أبوعوانة – عنه : كثير بن يحيى-، تقدم تخريجه.
قَتَادة، عن ثُمامة بن أنس موقوفاً على ثمامة، أخرجه : عمرُ بنُ شبّة -كما في تهذيب الكمال (4/407)- قال : حدثنا عبد الواحد بن غياث قال : حدثنا أبوعوانة، عن قَتَادة، عن ثُمامة ابن أنس أنه كان إذا وضع الميت في قبره قال :((اللهم جافِ الأرض عن جنبيه، وصَعّد روحَه، وتلقَّه منك برحمة)).
وعبد الواحد بن غياث صدوق –التقريب (ص 367رقم4247)-.
قَتَادة، عن أنس بن مالك، أخرجه : ابنُ أبي شيبة في المصنف (3/329-330) كتاب الجنائز، ما قالوا إذا وضع الميت في قبره، قال : حدثنا وكيع، وابن المنذر في الأوسط (5/456رقم3206) كتاب الجنائز، ذكر التسمية عند وضع الميت في القبر، قال : حدثناه إبراهيم بن عبدالله، قال : أخبرنا وهب بن جرير، والطبراني في المعجم الكبير (1/244رقم687 ) قال : حدثنا أبو مسلم الكجي، حدثنا مسلم بن إبراهيم.(1/113)
جميعهم عن هشام الدستوائي، قال :حدثنا قتادة أنَّ أنساّ دفن ابنا له فقال :((اللهم جاف الأرض عن جنبيه، وافتح أبواب السماء لروحه، وأبدله دارا خيرا من داره)) .
وهشام الدستوائي تأتي ترجمته في المسألة رقم (1103) وهو ((متفق على ثقته وفضله وقد رمي بالقدر، وهو في الطبقة الأولى من أصحاب قتادة)) .
قتادة، عن أبي الصديق الناجي، عن أنس، أخرجه : الحارثُ بن أبي أسامة في مسنده -كما في بغية الباحث (ص99-100رقم275)، والمطالب العالية (1/329-330رقم854) - قال : حدثنا العباس بن الفضل، حدثنا همام، عن قتادة، عن أبي الصديق قال : كان أنس -رضي الله عنه- إذا وضع الميت في قبره قال : ((اللهم جافِ الأرض عن جنبيه، ووسع عليه حفرته)).
وهذا الإسناد ضعيفٌ جداً، فإنّ العباس بن الفضل متروك الحديث-التقريب ص293رقم3183-، ومع ذلك خالفه مسلمُ بنُ إبراهيم الفراهيدي وهو متفق على ثقته وفضله (كما سيأتي في ترجمته في المسألة رقم 1099) فرواه عن همام، عن قتادة، عن أبي الصديق، عن ابن عمر: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع الميت في القبر قال : ((بسم الله، وعلى ملة رسول الله))، رواه أبو داود في سننه (3/241رقم3213) كتاب الجنائز، باب في الدعاء للميت إذا وضع في قبره، والحاكم في المستدرك (1/366) كتاب الجنائز، والبيهقي في السنن الكبرى (4/55) كتاب الجنائز، باب ما يقال إذا أُدخل الميت قبره، وقد توسع الزيلعي في بيان علل حديث ابن عمر هذا، ونقل عن الدارقطنيِّ ترجيحَ وقفه على ابنِ عمر، انظر : نصب الراية (2/ 301-302).
والوجه الثالث أرجح الوجوه لأنه من رواية هشام الدستوائي وهو من الطبقة الأولى من أصحاب قتادة، وقال ابن محرز في معرفة الرجال (2/194 رقم 645) :((سمعت عليّ ابن المديني يقول: سعيد أحفظهم عن قتادة، وشعبة أعلم بما يسمع وما لم يسمع، وهشام أروى القوم، وهمام أسندهم إذا حدث من كتابه، هم هؤلاء الأربعة أصحاب قتادة)).(1/114)
وتابع قتادةَ بنَ دعامة عبيدُ الله بنُ أبي بكر بن أنس بن مالك ، أخرجه :
- ابنُ أبي شيبة في المصنف (3/330) كتاب الجنائز، في الدعاء للميت بعد ما يدفن ويُسوى عليه، وأيضاً (10/435) كتاب الدعاء، ما يدعى به للميت بعدما يدفن، ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (5/458 رقم3211) كتاب الجنائز، ذكر الأمر بالاستغفار للميت عند الفراغ من الدفن والدعاء له بالتثبيت، قال ابنُ أبي شيبة: حدثنا إسماعيلُ بن عُلية، عن عبيد الله بن أبي بكر قال: كان أنس بن مالك إذا سوى على الميت قبره قام عليه فقال : :((اللهم عبدك رُدّ إليك فارأف به وارحمه، اللهم جافِ الأرض عن جنبيه، وافتح أبواب السماء لروحه، وتقبله منك بقبول حسن، اللهم إن كان محسناً فضاعف له في إحسانه أو قال: فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه))، وإسماعيلُ بن عُلية ثقة حافظ، وعبيد الله بن أبي بكر ثقة–التقريب (ص 105رقم416، ص370رقم4279)-.
- -
- الدراسة والحكم على الحديث :
أورد ابنُ أبي حاتم هذا الأثر في العلل ليبين أنّ عثمان بن عطاء الخراساني-وهو ضعيف- أخطأ في اسم ثمامةَ بنِ عبد الله بن أنس، إذ سماه : ثمامة بن النضر بن أنس، ولا شك أنّ مثلَ هذه الأخطاء إذا كثرت من الراوي تضعفه.
وتبين مما تقدم أنَّ الأثر صحيح عن أنس بن مالك، وقد رواه عن أنس بن مالك اثنان : عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، وقتادة بن دعامة السدوسي –في الراجح عنه-.
- - - -
3- ] 1091[ وسألتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ مَكَّيّ(1)، عَنْ مَالِكٍ(2)، عَنْ نَافِعٍ(3)، عَنْ ابْنِ عُمَرَ(4) :((أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ* فَكَبَّرَ أَرْبَعًا))، فقَالَ: هَذَا خَطَأٌ، إِنَّمَا هُوَ مَالِك، عَنْ الزُّهْرِيّ(5)، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ(6) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ(7) ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهِمَ فِيهِ مكيُّ.(1/115)
.....................................
* النجاشي : لقب لكل من ملك الحبشة، كما يقال لكل من ملك الروم قيصر، ومن ملك الفرس كسرى، والمراد بالحديث أصحمة، فقد أسلم ولكنه لم يهاجر، وكان ردأ للمسلمين محسناً إليهم، وكانت وفاته في رجب سنة تسع، قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية :(( وكذلك النجاشي هو وإن كان ملك النصارى فلم يطعه قومه في الدخول في الإسلام، بل إنما دخل معه نفر منهم، ولهذا لما مات لم يكن هناك من يصلي عليه، فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة...وكثير من الشرائع الإسلام -أو أكثرها- لم يكن دخل فيها لعجزه عن ذلك، فلم يهاجر ولم يجاهد ولا حج البيت.. )).
انظر : معرفة الصحابة (3/10)، أُسْد الغابة (1/1539)، صحيح مسلم بشرح النووي (7/22)، منهاج السنة النبوية (5/112-113)، الإصابة (1/109).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هو : مكيُّ بنُ إبراهيم بن بشير التميمي الحنظلي البُرْجُمي، أبو السَّكن البلخيّ، روى عن : بهز بن حكيم، ومالك بن أنس، وهشام الدستوائي وغيرهم، وعنه : البخاري، وسهل بن زنجلة الرازي، ويعقوب بن شيبة وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه، وثقه ابن سعد، وابن معين، وأحمد، وغيرهم، وقال الخليلي :((ثقة، متفق عليه))، وقال ابن حجر :((ثقة ثبت))، روى له الجماعة، مات سنة خمس عشرة ومائتين.
انظر : الطبقات (7/373)، الجرح (8/441رقم2011)، الإرشاد (1/274-275) و(3/ 932-933)، تاريخ بغداد (13/115-118)،تهذيب الكمال (028/476-482)، التهذيب (10/293-295)، التقريب (ص545رقم6877).
(2) هو : مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي الحميري، أبو عبد الله المدني، حليف بني تيم من قريش، روى عن : أيوب السختياني، والزهري، ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، وعنه خلق كثير منهم : القعنبي، ويحيى القطان، ويحيى بن يحيى النيسابوري.(1/116)
متفقٌ على توثيقه، وجلالته، وفضله، وفقهه، قال ابن سعد :(( وكان مالك ثقة مأموناً ثبتاً ورعاً فقيهاً عالماً حجة ))، وقال أبوحاتم :((مالك بن أنس ثقة إمام أهل الحجاز وهو أثبتُ أصحاب الزهري، وابنُ عيينة وإذا خالفوا مالكاً من أهل الحجاز حكم لمالك، ومالك نقىُّ الرجالِ، نقيُّ الحديث، وهو أنقى حديثاً من الثوري والأوزاعي، وأقوى في الزهري من ابن عيينة، وأقل خطأً منه وأقوى من معمر وابن أبي ذئب))، وشهرةُ الإمام مالك بن أنس تغني عن تطويل ترجمته، روى له الجماعة، مات سنة تسع وسبعين ومائة.
انظر : الطبقات (ص433-444:القسم المتمم)، الجرح (8/205-206)، تهذيب الكمال (27/91-120).
(3) هو : نافع مولى ابن عمر، أبو عبد الله المدني، أصابه ابن عمر في بعض غزواته، روى عن: أبي سعيد الخدري، ومولاه ابن عمر، وأبي هريرة وغيرهم وعنه : عبد الله بن دينار، ومالك بن أنس، ويحيى الأنصاري وغيرهم.
متفق على جلالته وإتقانه وفقهه، قال ابن سعد :((ثقة كثير الحديث))، وقال البخاري :(( أصح الأسانيد كلها : مالك عن نافع عن ابن عمر))، وقال الخليلي :(( من أئمة التابعين، من أهل المدينة، إمام في العلم، متفق عليه، صحيح الرواية ))، روى له الجماعة، مات سنة سبع عشر ومائة.
انظر : الطبقات ( ص142-144:القسم المتمم )، الجرح ( 8/451-452رقم 2070)، الإرشاد (1/205-206)، تهذيب الكمال (29/298-306).
(4) هو : عبد الله بن عمر بن الخطاب، أبو عبد الرحمن العدوي، مات سنة ثلاث وسبعين في آخرها أو أول التي تليها، وكان عمره سبعاً وثمانين سنة.
انظر : الإصابة (2/347-350)، التقريب (ص315رقم3490).
(5) هو : محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري، القرشي، أبو بكر المدني، سكن الشام، روى عن جمع من الصحابة منهم: جابر بن عبد الله، ورافع بن خديج، وابن عمر، وعنه خلق كثير منهم: مالك، ومحمد بن إسحاق، ويونس الأيلي وغيرهم.(1/117)
متفق على جلالته وإتقانه، قال ابن سعد :(( قالوا: وكان الزهري ثقة كثير الحديث والعلم والرواية، فقيهاً جامعاً))، وقال ابن حجر:((الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه، وهو من رؤوس الطبقة الرابعة))، وقال خليفة بن خياط : ((ولد سنة إحدى وخمسين))، روى له الجماعة، مات سنة خمس وعشرين، وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين.
انظر : الطبقات (ص157-186:القسم المتمم)، تاريخ دمشق (55/ 294-387)، تهذيب الكمال ( 26/419-443)، التهذيب ( 9/445-451)، التقريب (ص506، رقم 6296).
(6) هو : سعيد بن المُسَيّب بن حزن بن أبي وهب القرشي، المخزومي، أبو محمد المدني، روى عن : ابن عباس، وأبي هريرة، وأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وعنه: سالم بن عبد الله بن عمر، ومحمد بن مسلم الزهري، ومحمد بن المنكدر وغيرهم.
متفق على جلالته وإتقانه وفقهه، قال ابن سعد :(( وكان سعيد بن المسيب جامعاً ثقةً كثير الحديث ثبتاً فقيهاً مفتياً مأموناً ورعاً عالياً رفيعاً ))، وقال علي بن المديني :((لا أعلم في التابعين أحداً أوسع علماً من سعيد بن المسيب، نظرتُ فيما روى عنه الزهري وقتادة ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن حرملة، فإذا كل واحد منهم لا يكاد يروي ما يرويه الآخر ولا يشبهه، فعلمتُ أنّ ذلك لسعة علمه، وكثرة روايته، وإذا قال سعيد : مضت السنة، فحسبك به، قال علي: وهو عندي أجل التابعين ))، وقال أبو حاتم :((ليس في التابعين أنبل من سعيد بن المسيب، وهو أثبتهم في أبي هريرة ))، روى له الجماعة، مات سنة أربع وتسعين.
انظر : الطبقات (5/119-143)، الجرح (4/59-61رقم262)، تهذيب الكمال (11/66-75)، السير (4/217-246).
(7) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1089).
- - -
- التخريج :
مكيّ، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر : (( أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى على النجاشي فكبر أربعاً)).
أخرجه :(1/118)
ابنُ ماجه في سننه ( 1/491 رقم1538) كتاب الجنائز، باب : ما جاء في الصلاة على النجاشي.
والخطيبُ في تاريخ بغداد (9/117)، من طريق أحمد بن الحسن الصوفي.
و أيضاً (13/117) من طريق محمد بن عبد الله الحضرمي– ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (60/240)-.
وابنُ عبد البر في التمهيد (6/325 ).
وابن عساكر في تاريخ دمشق (60/240).
كلاهما من طريق أبي يعلى الموصلي.
جميعهم (ابن ماجه، وأحمد بن الحسن، ومحمد بن عبد الله، وأبو يعلى الموصلي) عن سهل بن زنجلة أبي سهل.
وميسرة بن علي الخفاف في مشيخته-كما في التدوين في أخبار قزوين (2/483)- قال: حدثنا حمدان بن الربيع، قال: حدثنا عمرو بن رافع.
وابن المقرئ في المعجم (ص39رقم29) قال: حدثنا أحمد بن عمرو بن جابر.
والخليليُّ في الإرشاد (1/ 275 رقم37) قال: حدثني عبد الصمد ابن أحمد الحمصي، قال: حدثنا أحمد بن زكريا.
كلاهما عن محمد بن حماد الطهرانيُّ.
وأخرجه : الخليليُّ أيضاً في الإرشاد (1/ 275 رقم37) قال: حدثنا القاسم بن علقمة، قال: حدثنا ابن أبي حاتم قال: حدثنا محمد بن عمّار بن الحارث-ومن طريقه القزويني في التدوين (4/140)-.
كلهم (سهل بن أبي سهل، وعمرو بن رافع، ومحمد بن حماد، ومحمد بن عمار) عن مكي بن إبراهيم، عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنّ النبي صلى اللهُ عليه وسلم صلى على النجاشي فكبر أربعاً.
وسهل بن أبي سهل صدوق، وعمرو بن رافع ثقة ثبت، ومحمد بن حماد ثقة حافظ –التقريب (ص 257رقم2657، وص412رقم5028، ص 475رقم5829)-، ومحمد بن عمار بن الحارث قال ابنُ أبي حاتم في الجرح (8/43رقم198):((كتبتُ عنه وهو صدوق ثقة)).
وتابع مكيَّ بنَ إبراهيم على هذه الرواية الحُبابُ بنُ جبلة الدقاق، أخرجه :
دَعْلَج بن أحمد في ((غرائب مالك)) -كما في لسان الميزان (2/164)، ومن طريقه الخطيب في تاريخ بغداد (8/284)-.
وابن المقرئ في المعجم (ص39رقم29) قال: حدثنا أبو يحيى محمد بن عبدالرحمن.(1/119)
وتمام في الفوائد (1/79 رقم 178) قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن عيسى.
جميعهم عن موسى بن هارون –به-، وقال دعلج :((لم يروه عن مالك غيرهما)).
والحُباب بن جَبَلة الدَّقاق، كذبه الأزدي، ووثقه موسى بن هارون، وروايته عن مالك هذا الحديث بهذا الطريق مما يدل على ضعفه، فإذا كان مكي على ثقته أُنكر عليه روايته هذا الطريق، فكيف بالحباب وهو غير مشهور!!، مات الحباب سنة ثمان وعشرين ومائتين.
انظر : تاريخ بغداد (8/284)، الضعفاء لابن الجوزي (1/186رقم741)، المغني (1/145رقم1273)، الميزان (1/448)، اللسان (2/164).
2- مالك، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- أخرجه مالك في الموطأ-رواية سويد بن سعيد (ص319 رقم402)، ورواية أبي مصعب (1/386 رقم978)، ورواية يحيى بن يحيى الليثي (1/226-227رقم14)- كتاب الجنائز، باب التكبير على الجنائز.
وأخرجه :
- البخاريُّ في جامعه الصحيح (3/116 رقم1245) كتاب الجنائز، باب: الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه، قال : حدثنا إسماعيل بن أبي أويس.
- و أيضاً (3/202رقم 1333) باب التكبير على الجنازة أربعاً.
- والبيهقي في السنن الكبرى (4/35) كتاب الجنائز، باب عدد التكبير في صلاة الجنازة، من طريق محمد بن إسحاق.
كلاهما عن عبد الله بن يوسف.
-ومسلم في صحيحه (2/656رقم951) كتاب الجنائز، باب في التكبير على الجنازة.
- والبيهقي في السنن الكبرى (4/35) من طريق موسى بن محمد الذهلي.
-وابنُ بشكوال في الغوامض والمبهمات (2/675-676رقم684) من طريق عبيد الله بن يحيى.
جميعهم عن يحيى بن يحيى.
-وأبو داود في سننه (3/212رقم3204) كتاب الجنائز، باب الصلاة على المسلم يموت في بلاد الشرك.
- وأبو نعيم في المسند المستخرج (3/33رقم2129) من طريق محمد بن غالب.
كلاهما عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، زاد أبو نعيم : محرز بن عون.
-والنسائيُّ في سننه (4/70) كتاب الجنائز، الصفوف على الجنازة.(1/120)
-والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/4959) كتاب الجنائز، باب في التكبير على الجنائز كم هو ؟.
- والدارقطنيُّ في العلل ( 9/ 359-360 ) من طريق يونس بن عبد الأعلى، وأحمد بن عبد الرحمن.
جميعهم عن عبد الله بن وهب.
- وأخرجه : النسائيُّ أيضاً في سننه (4/72) عدد التكبير على الجنازة.
- والحسن بن سفيان في الأربعين (ص69 رقم28).
كلاهما عن قتيبة بن سعيد.
-والشافعيّ في الأم (1/270)، كتاب الجنائز، باب الصلاة على الجنازة والتكبير فيها وما يفعل بعد كل تكبير، وفي مسنده (ص358)-ومن طريقه : ابنُ المنذر في الأوسط (5/418رقم3120) كتاب الجنائز، ذكر إباحة الصلاة على الميت الغائب عن الأرض التي بها المصلى، والبيهقي في السنن الكبرى (4/35) وفي معرفة السنن والآثار (3/164 رقم2140) كتاب الجنائز، باب التكبير على الجنائز وغير ذلك-.
- وأحمد في مسنده (2/438،439).
- والدارقطنيُّ في العلل ( 9/ 360 ) من طريق أحمد بن سنان.
كلاهما عن يحيى بن سعيد القطان.
- وابن الجارود في المنتقى (ص190رقم543) كتاب الجنائز، قال: حدثنا محمد بن يحيى.
-والدارقطنيُّ في العلل ( 9/ 360 ) من طريق محمد بن بشار.
كلاهما عن بشر بن عمر.
-وابن حبان في صحيحه –كما في الإحسان (7/338 رقم 3068و3098) كتاب الجنائز، فصل في الصلاة على الجنازة -.
- والبغوي في شرح السنة (5/339 رقم 1489) كتاب الجنائز، باب الصلاة على الجنازة.
كلاهما من طريق أبي مصعب أحمد بن أبى بكر الزهري.
- والصيداوي في معجم الشيوخ (ص208) من طريق خلاّد بن يزيد.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن مالك بن أنس على وجهين :
الوجه الأوَّل : رواه مكيُّ بن إبراهيم، وحُباب بن جبلة الدّقاق، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر-به-.(1/121)
الوجه الثاني : رواه إسماعيل بن أبي أويس، وبشر بن عمر، وخلاد بن يزيد، وسويد بن سعيد، والشافعي، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن مسلمة، وعبد الله بن وهب، وعبد الله بن يوسف التنيسي، وقتيبة بن سعيد، ومحرز بن عون، وأبو مصعب الزهري ، ويحيى القطان، ويحيى بن يحيى التميمي، ويحيى بن يحيى الليثي، جميعهم عن مالك، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة -به-.
و لاشك أنّ الوجه الثاني أرجح لعدة أمور :
الأوَّل : أنّ رواة الوجه الثاني هم من أصحاب مالك المقدمين، وهم :
- عبد الله بن مسلمة القعنبيّ، وعبد الله بن يوسف التنيسي، قال الدارميّ – كما في سؤالات مسعود السجزي للحاكم(ص233-234)- :((سمعتُ علي بن عبد الله المديني ، وذُكر عنده أصحاب مالك، فقيل له : معنٌ، ثم القعنبيّ ؟ فقال: لا بل القعنبيّ، ثم معن ))، ونقل أيضاً عن ابن المديني قوله :((لا يُقدّم من رواة الموطأ أحدٌ على القعنبيّ))، ونقل أيضاً (ص236-237) عن البَردَانيّ قوله :((قلتُ لأحمد بن حنبل: عن مَن أكتب الموطأ؟ فقال : اكتبه عن القعنبيّ))، ونقل أيضاً (ص238-239) عن نصر بن مرزوق قوله : ((سمعتُ يحيى بن معين يقول، وسألته عن رواة الموطأ عن مالك؟ فقال: أثبت الناس في الموطأ عبد الله بن مسلمة القعنبيّ، وعبد الله بن يوسف التنيسي بعده)).
-و الشافعيّ، قال أحمد بن حنبل –كما في الكامل لابن عدي (1/125)- : ((سمعتُ الموطأ من محمد بن إدريس الشافعي، لأني رأيته فيه ثبتاً، وقد سمعته من جماعة قبله))، وقال أيضاً –كما في الإرشاد للخليلي (1/231)- :((كنت قد سمعت الموطأ من بضعة عشر نفساً من حفاظ أصحاب مالك، فأعدته على الشافعيّ، لأني وجدته أقومهم به)).
- وعبد الله بن وهب، وهو من الثقات الحفاظ، لازم مالكاً أكثر من ثلاثين سنة، قال هارون الزهري –كما في الجرح (5/189) -:((كان الناس يختلفون في الشيء عن مالك فينتظرون قدوم ابن وهب حتى يسألوه عنه)).(1/122)
- ويحيى القطان، قال الخليلي في الإرشاد (1/237 ) :(( أجل أصحاب مالك بالبصرة يحيى بن سعيد القطان إمام بلا مدافعة)).
الثاني : أنّ كبار النقاد على ترجيح الوجه الثاني، وتوهيم مكي في روايته، وممن وقفتُ عليه :
يحيى بن معين، فروى الخطيبُ في تاريخ بغداد (13/117) -ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (60/241)- بسنده عن علي بن الحسين بن حبان قال : وجدت في كتاب أبي -بخط يده- وسألته -يعني يحيى بن معين- عن حديث حدّث به مكيّ، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي. فقال أبو زكرياء : هذا باطلٌ وكذبٌ، قلتُ : وهذا الحديث؟ فقال: إنّ مكي بن إبراهيم رواه هكذا بالري، وهو جاءني من خراسان يريد الحج فلما رجع من حجه سُئل عنه فأبى أن يحدث به.
وأبو زرعة، كما في العلل في هذا الموضع.
وإبراهيم الحربي، فروى الخطيب في تاريخه (9/117) بسنده عن سليمان ابن إسحاق الجلاب قال : سُئل إبراهيم الحربي عن حديث سهل بن زنجلة مكيّ، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي فكبر أربعاً. قال : ما خلق الله من هذا شيئاً، ولو كان من هذا شيء كان في الموطأ.
والدارقطنيُّ، فقد قال في العلل (4/ ورقة110أ ) :(( ورواه مالك بن أنس، وأختلف عنه فرواه مكي بن إبراهيم البلخي، وحباب بن جبلة الدقاق عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، والمعروف عن مالك، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة)).
والخطيبُ البغدادي، فقد قال تاريخ بغداد (8/284) :(( كذا روى هذا الحديثَ حُباب بن جبلة، وتابعه مكيُّ بنُ إبراهيم، فرواه عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، ثم رجع مكي عنه ورواه عن مالك، عن سعيد ابن المسيب عن أبي هريرة، وهو المحفوظ عن مالك )).(1/123)
وابن عبد البر، فقد قال في التمهيد (6/325-326) :(( وقد روى مكي ابن إبراهيم، وحباب بن جبلة في هذا الحديث إسناداً آخر : مالك، عن نافع عن ابن عمر : أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر على النجاشي أربعاً، وليس هذا الإسناد في الموطأ لهذا الحديث، ولا أعلم أحداً حدّث به هكذا عن مالك غيرهما..-ثم قال- لا أعلم أحداً روى هذا الحديث عن مالك غير مكي بن إبراهيم، وحباب بن جبلة، وإنما الصحيح فيه عن مالك ما في الموطأ)).
والخليل بن عبد الله الخليلي، فقد قال في كتابه الإرشاد (1/275) :((وأخطأ مكيّ بالري في حديث حدثنيه.. ))، وساقه من الطريق المتقدم ذكره.
الثالث : أنّ مكيَّ بن إبراهيم صرح برجوعه عن هذه الرواية وذلك فيما رواه الخطيب في تاريخه (9/ 117) من طريق عمر بن مدرك البلخي قال: سمعت مكي بن إبراهيم يقول : حدثتهم بالبصرة عن مالك عن نافع عن ابن عمر : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي فكبر عليه أربعاً، وهو خطأ إنما حدثنا مالكٌ، عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي وكبر عليه أربعاً، وروى الخطيبُ أيضاً ( 13/117) -ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (60/240-241)- من طريق عبد الصمد بن الفضل أنه قال : سألنا مكيَّ بنَ إبراهيم عن حديث مالك، عن نافع عن ابن عمر : أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر على النجاشي أربعاً، فحدثنا من كتابه عن مالك، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، وقال : هكذا في كتابي.
وتقدم قي كلام ابن معين السابق أنّ مكي بن إبراهيم لما رجع من الحج أبى أن يحدث به.
وقال الذهبي في السير (9/551) :(( حدّث عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر : "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي فكبر أربعاً"، فتفرد بهذا، ثم رجع عنه، لما بان له أنه وهم، وأبى أن يحدث به، ثم وجده في كتابه، عن مالك، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، وقال : هكذا في كتابي )).(1/124)
ويلاحظ أنَّ مكي بن إبراهيم لمَّا أخطأ سلك في روايته للحديث الجادة فمالك عن نافع عن ابن عمر طريق مشهور لذا سبق إلى لسان مكي ثم رجع عنه.
والحديثُ من الطريق الراجح ثابتٌ في الصحيحين كما تقدم.
- - - -
4- [1092] و*سَأَلْتُ أبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ(1)، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيدَ بنِ جَابِر(2)، عَنْ بُسْرِ** بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ(3)، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ(4)، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ(5)، عَنْ أبي مَرْثد الغَنَويّ(6)عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّد : وابْنُ الْمُبَارَكِ أَدْخَلَ بَيْنَهُمَا أبَا إِدْرِيسَ فأيُّهما أصحُ عَنْدكَ ؟، فقَالَ : الصَّحيحُ ما يقولُه أهلُ دمشق لَيْسَ بَيْنَهُمَا أَبُو إِدْرِيسَ، وقد وَهِمَ ابْنُ الْمُبَارَكِ في زيادته أبَا إِدْرِيسَ، لأنّ بُسْرَ** بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ رَوَى عَنْ وَاثِلَةَ ولقيه، ولا أعلم أبَا إِدْرِيسَ رَوَى عَنْ وَاثِلَةَ شيئاً، وأَهْلُ الشَّامِ أضبَطُ لحديثهم مِنْ الغُرَباء***.
………………………………….
* وقع في (ت) ((قَالَ أَبُو مُحَمَّد: سألت)).
** في المطبوع ((بشر)) وهو تصحيف.
*** تكرر ذكر المسألة في الكتاب (1/80 رقم213)، و(1/349 ورقم 1029) بزيادة، وقد ذكر المتن هناك وهو :((لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها)).
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظليُّ التميمي، مولاهم، أبو عبدالرحمن المروزي، روى عن : سليمان التيمي، وعاصم الأحول، وعبد الرحمن بن يزيد وغيرهم، وعنه: الحسن عرفة، وابن معين، وابن مهدي وغيرهم كثير.(1/125)
ثقة متفق على جلالته وإتقانه، قال ابن سعد :((كان ثقة، مأموناً، إماماً، حُجة، كثير الحديث))، وقال النسائي :((لا نعلم في عصر ابن المبارك أجلَّ من ابن المبارك، ولا أعلى منه، ولا أجمعَ لكل خصلة محمودة منه))، روى له الجماعة، مات سنة إحدى وثمانين ومائة.
انظر : الطبقات (7/372)، تاريخ دمشق (32/396-484)، تهذيب الكمال (16/5-25)، التهذيب (5/382-387)، التقريب (ص320 رقم3570).
(2) هو : عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي، أبو عتبة السُّلَمِي الدمشقيُّ، روى عن : بسر بن عبيد الله الحضرمي، وأبي سلام ممطور، وأبيه: يزيد بن جابر، وعنه : ابن المبارك، والوليد بن مسلم، ويحيى بن حمزة وغيرهم.
ثقة، وثقه ابن سعد، وابن معين، وأحمد، وأبو داود، وأبو حاتم، ويعقوب بن سفيان وغيرهم، روى له الجماعة، مات سنة ثلاث وخمسين ومائة.
انظر : الطبقات (7/ 466)، تاريخ الدوري (2/362)، سؤالات ابن الجنيد (ص399رقم531)، سؤالات أبي داود (ص257رقم277)، سؤالات الآجري (2/222رقم 1668)، المعرفة والتاريخ (2/453)، علل الحديث (ص197رقم565).
(3) هو : بسر بن عبيد الله الحضرمي الشاميُّ، روى عن : أبي إدريس الخولاني، ورويفع بن ثابت، وعمرو بن عبسة وغيرهم، وعنه : ثور بن يزيد، وعبد الله بن العلاء، وعبدالرحمن بن يزيد بن جابر وغيرهم.
متفق على توثيقه، وثقه مروان بن محمد، والنسائي، والذهبي وغيرهم، وقال أبو مسهر :((أحفظ أصحاب أبي إدريس عنه : بسر بن عبيد الله))، روى له الجماعة، مات في خلافة هشام بن عبد الملك.
انظر : معرفة الثقات (1/245رقم151)، الثقات (6/109)، تاريخ دمشق (10/157-165)، تهذيب الكمال (4/75-77)، السير (4/ 592).
(4) هو : عائذ الله بن عبدالله بن عمرو الخولاني، ولد عام حنين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، روى عن : حذيفة بن اليمان، وأبي ذر الغفاري، وعبادة بن الصامت وغيرهم، وعنه : بسر بن عبيد الله، والزهري، ومكحول الشامي وغيرهم.(1/126)
متفق على توثيقه، فقيه عابد، قال سعيد بن عبدالعزيز :((كان عالم الشام بعد أبي الدرداء))، وثقه ابن سعد، وأبو حاتم، والنسائي وغيرهم، روى له الجماعة، مات سنة ثمانين.
انظر : الطبقات (7/ 448)، الجرح (7/37رقم200)، الثقات (5/277)، تاريخ دمشق (26/137-169)، تهذيب الكمال (14/88-93)، السير (4/272-277)، التقريب (ص279رقم3115).
(5) هو : واثلة بن الأسقع بن كعب الليثي، أبو الأسقع وقيل: أبو محمد، وقيل: غير ذلك، صحابي مشهور، نزل الشام، وعاش إلى سنة خمس وثمانين، وله مائة وخمس سنين، وهو آخر من مات بدمشق من الصحابة.
انظر : الإصابة (3/262)، التقريب (ص579رقم7379).
(6) هو: كنَّاز -بتشديد النون، وآخره زاي-ابن حصين الغَنَوي، أبو مَرْثد-بفتح الميم، وسكون الراء بعدها مثلثة- صحابي بدري، مشهور بكنيته، سكن الشام، مات سنة اثنتي عشرة من الهجرة.
انظر : الإصابة (4/177)، التقريب (ص462رقم5666).
- - -
- التخريج :
1- ابن المبارك، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن بُسر بن عُبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني، عن واثلة بن الأسقع، عن أبي مرثد الغنوي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه :
- مسلم في صحيحه (2/668 رقم 98) كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، قال : حدثنا حسن بن الربيع البجلي.
-والترمذيُّ في سننه (3/367 رقم1050) كتاب الجنائز، باب ما جاء في كراهية المشي على القبور والجلوس عليها والصلاة إليها.
- وابن خزيمة في صحيحة (2/8رقم794) كتاب الصلاة، باب النهي عن الصلاة خلف القبور-ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (10/157)-.
-والحاكم في المستدرك (3/220-221) كتاب معرفة الصحابة، ذكر مناقب أبي مرثد الغنوي كناز بن الحصين، من طريق هارون بن سليمان الأصبهاني- ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (2/435) كتاب الصلاة، باب النهي عن الصلاة إلى القبور-.(1/127)
- وأبو نعيم في الحلية (9/38) ( ) سقط من المطبوع (ابن المبارك عن عبد الرحمن بن يزيد) وهو على الصواب في تاريخ دمشق. ).
-وابن حزم في المحلى (4/29).
-وابنُ عساكر في تاريخ دمشق (10/158).
جميعهم من طرق عن عبد الرحمن بن مهدي.
-والترمذيُّ في سننه (3/367 رقم1050).
- وابن قانع في معجم الصحابة (2/389رقم943) قال: حدثنا يعقوب بن غيلان العماني.
كلاهما عن هناد بن السري.
- وأحمد في مسنده (4/135) قال: حدثنا عتاب بن زياد، وعلي بن إسحاق.
- وعبد بن حميد في مسنده (ص172رقم473) قال: حدثنا زكرياء بن عدي.
- وأبو يعلى في مسنده (3/83رقم1514)، وفي المفاريد (ص37رقم26) -ومن طريقه رواه : ابن عساكر في تاريخ دمشق (10/158)، وابنُ الأثير في أسد الغابة (6/282-283)-.
- وابن قانع في معجم الصحابة (2/390رقم943).
- وابن حبان في صحيحه -كما في الإحسان (6/ 93-94رقم2324) كتاب الصلاة، باب ما يكره للمصلي وما لا يكره-.
- والطبرانيُّ في المعجم الكبير (19/193رقم434) ( ) ليس في رواية الطبراني ذكر أبي إدريس فما أدري هل هو من النسخة، أو هي رواية نعيم بن حماد المقرونة مع العباس بن الوليد، فيكون الطبراني ساق لفظ نعيم، ونعيم ضعيف. ).
- وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/3022)( ) وقع في معرفة الصحابة بدل (عبد الرحمن بن يزيد) (صفوان بن عمرو) . ).
جميعهم من طرق عن العباس بن الوليد النرسي.
- والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/515) كتاب الجنائز، باب الجلوس على القبور.
- وأبو نعيم في المسند المستخرج (3/51 رقم2179) كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه.
كلاهما من طريق عبيد الله بن محمد التيمي ابن عائشة.
- وابن قانع في معجم الصحابة (2/389رقم943) قال: حدثنا محمد بن حميد بن نصر، قال: أخبرنا محمد بن بكار.(1/128)
- وابن حبان في صحيحه -كما في الإحسان (6/90-91 رقم1320) كتاب الصلاة، باب ما يكره للمصلي وما لا يكره-قال: أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان بن موسى.
- والطبرانيُّ في المعجم الكبير (19/193رقم434) قال: حدثني يحيى بن عثمان بن صالح ثنا نعيم بن حماد.
-والحاكم في المستدرك (3/220-221) قال: أخبرنا الحسين بن حكيم قال: أخبرنا أبو الموجه قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان عبدان.
- وأبو نعيم في المسند المستخرج (3/51 رقم2179) قال: حدثنا أبو بكر الطلحي ثنا الحسين بن جعفر القتات ثنا عبد الحميد بن صالح البرجمي.
جميعهم (حسن بن الربيع، وعبد الرحمن بن مهدي، وهناد بن السري، وعتاب بن زياد، وعلي بن إسحاق، وزكرياء بن عدي، والعباس بن الوليد، وعبيد الله بن محمد التيمي، ومحمد بن بكار، وحبان بن موسى، ونعيم بن حماد، وعبد الله بن عثمان عبدان، وعبد الحميد بن صالح) عن عبد الله بن المبارك، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن بسر بن عبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني، عن واثلة بن الأسقع، عن أبي مرثد الغنوي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :((لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها)).
وقال الحاكم : ((صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد تفرد به عبد الله بن المبارك بذكر أبا إدريس الخولاني فيه بين بسر بن عبيدالله، وواثلة فقد رواه بشر بن بكر، والوليد بن مزيد، عن بسر سمعت واثلة بن الأسقع)).
وتابعَ ابنَ المبارك بشرُ بنُ بكر : ذكر ذلك الدارقطنيُّ في العلل (7/43)، ولم أجد من روى هذه المتابعة، بل وجدتُ رواية بشر بن بكر توافق رواية المخالفين لابن المبارك، وسيأتي ذكرها عند تخريج الطريق الآخر.
2- عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن بُسر بن عُبيد الله، عن واثلة بن الأسقع، عن أبي مرثد الغنوي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه :
- مسلم في صحيحه (2/668 رقم97).
-والترمذيُّ في سننه (3/368 رقم1051).(1/129)
-والنسائي في سننه (2/67) كتاب القبلة، النهي عن الصلاة إلى القبر.
- وأحمد بن حنبل في مسنده (4/135) –ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (10/158)-.
- وابن خزيمة في صحيحة (2/8رقم794) –ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (10/159-160)-.
-وابن المنذر في الأوسط (2/ 186 رقم765) كتاب طهارات الثياب، والأبدان، ذكر النهي عن الصلاة في المقبرة والحمام.
- والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/515).
-والطبراني في المعجم الكبير (19/193 رقم433)، وفي مسند الشاميين (1/329-330رقم 579،580).
- وأبو نعيم في المسند المستخرج (3/51 رقم2179).
- والبيهقي في السنن الكبرى (4/79) كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبور.
-وابنُ عساكر في تاريخ دمشق (10/158-160).
جميعهم من طرق متعددة عن الوليد بن مسلم.
-وأبو داود في سننه (3/217رقم3229) كتاب الجنائز، باب كراهية القعود على القبر، قال: حدثنا إبراهيم بن موسى، قال: أخبرنا عيسى بن يونس.
- وابنُ أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1/242رقم 316)-ومن طريقه أبو نعيم في حلية الأولياء (2/19)-.
- والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/515)( ) وقع في روايته ذكر أبي إدريس الخولاني، ولم يذكر في جميع الطرق عن صدقة بن خالد ولم يتبين لي هل هو وهم من يحيى بن حسان-الراوي عن صدقة- أو خطا في النسخة المطبوعة-وهي كثيرة الأخطاء-. ).
-والطبراني في المعجم الكبير (19/193 رقم433)، وفي مسند الشاميين (1/329-330رقم 579،580).
-والحاكم في المستدرك (3/221).
- وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/2387رقم5847، 6/3022رقم7006).
-وابنُ عساكر في تاريخ دمشق (59/378).
جميعهم من طرق عن صدقة بن خالد، وفي رواية ابن عساكر الجمع بين صدقة بن خالد، ويحيى بن حمزة.
- وأبو عوانة في مسنده (1/332رقم1179) كتاب الصلاة، بيان حظر الصلاة إلى المقابر.
- والبيهقي في السنن الكبرى (4/79).
-وابن عساكر في تاريخ دمشق (10/160).(1/130)
جميعهم من طرق عن العباس بن الوليد بن مزيد، عن أبيه.
- وأبو عوانة في مسنده (1/332رقم1180).
- والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/515).
-والحاكم في المستدرك (3/221).
جميعهم من طرق متعددة عن بشر بن بكر.
-وابن عساكر في تاريخ دمشق (10/158-160) من طريق بكر بن يزيد الطويل.
جميعهم (الوليد بن مسلم، وعيسى بن يونس، وصدقة بن خالد، والوليد بن مزيد، وبشر بن بكر، وبكر بن يزيد الطويل) عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن بُسر بن عُبيد الله، عن واثلة بن الأسقع، عن أبي مرثد الغنوي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :((لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها)).
قال ابن أبي عاصم :((ورواه أيوب بن سويد، والوليد بن مسلم فقالا عن ابن بسر، قال: سمعتُ واثلة بن الأسقع، وقال ابن المبارك : عن بسر سمعتُ أبا إدريس الخولاني، عن واثلة، وقال عن الوليد أيضا مثله وأخطأ، وصدقة من أثبتهم في ابن جابر))، وقال أبو نعيم في معرفة الصحابة :((ورواه الوليد بن مسلم، وعبد الملك بن محمد الصنعاني، ومحمد بن دينار عن ابن جابر مثله، وخالفهم عبد الله بن المبارك في روايته عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر قال : عن بسر عن أبي إدريس الخولاني، عن واثلة، عن أبي مرثد)).
وزاد الدارقطني في العلل (7/43-44) محمد بن شعيب.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر على وجهين :
الوجه الأوَّل : رواه عبد الله بن المبارك عن ابن جابر، عن بسر بن عبيد الله الحضرمي، عن أبي إدريس الخولاني، عن واثلة بن الأسقع، عن أبي مرثد الغنوي، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر أبا إدريس بين بسر، وواثلة.(1/131)
الوجه الثاني : رواه أيوب بن سويد، وبشر بن بكر، وبكر بن يزيد الطويل، وصدقة بن خالد، وعبد الملك بن محمد الصنعاني، وعيسى بن يونس، ومحمد بن دينار، ومحمد بن شعيب، والوليد بن مزيد، والوليد بن مسلم، عن ابن جابر عن بسر بن عبيدالله عن واثلة بن الأسقع عن أبي مرثد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يذكروا أبا إدريس.
وأيوب بن سويد هو الرملي صدوق يخطئ، وبشر بن بكر هو التنيسي ثقة يغرب، وصدقة بن خالد هو الأموي ثقة، وعبد الملك بن محمد الصنعاني لين الحديث، ومحمد بن دينار صدوق سيئ الحفظ ورمي بالقدر وتغير قبل موته، ومحمد بن شعيب هو الأموي صدوق صحيح الكتاب، والوليد بن مزيد ثقة ثبت قال النسائي كان لا يخطىء ولا يدلس، والوليد بن مسلم ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية –التقريب (ص118رقم615، ص 122رقم677، ص 275رقم 2911، ص365رقم4211، ص477رقم5870، ص483رقم5958، ص 583 رقم7454، ص 584رقم4756) -، وعيسى بن يونس هو الرملي صدوق –يأتي في المسألة رقم (1116)-، وبكر بن يزيد الطويل صدوق–تعجيل المنفعة (1/354-355رقم101)-.
وقد رجح أبو حاتم الوجه الثاني وخطّأ ابنَ المبارك لثلاثة أمور :
الأوّل : أنّ أهل الشام خالفوا ابن المبارك وهم أعرف بحديثهم من الغرباء.
الثاني : أنّ بسر بن عبيد الله يروي عن أبي إدريس كثيراً، فظن ابن المبارك أنّ هذا مما يرويه بسر عن أبي إدريس، فسلك به الجادة، قال أبو حاتم في العلل (1/349رقم1029) :((بسر قد سمع من واثلة، وكثيرا ما يحدث بسر عن أبي إدريس فغلط ابن المبارك وظن أن هذا مما روى عن أبي إدريس عن واثلة وقد سمع هذا الحديث بسر من واثلة نفسه لان أهل الشام أعرف بحديثهم)).
الثالث : أنَّه لا يعلم لأبي إدريس رواية عن واثلة بن الأسقع، -ولم أجد بعد التتبع لأبي إدريس رواية عن واثلة-.
ويضاف إلى ما تقدم :(1/132)
الرابع : أنّ المخالفين لابن المبارك أكثر عدداً، وفيهم من هو متثبت في ابن جابر وهو صدقة بن خالد كما قال ابن أبي عاصم –كما تقدم-.
الخامس : أنَّ كبار الأئمة وافقوا أبا حاتم على تغليط ابن المبارك منهم :
البخاريُّ، فروى الترمذيُّ في سننه (3/368)، وفي العلل الكبير (ص151رقم259) عن البخاريّ أنه قال :((وحديث ابن المبارك خطأٌ، أخطأ فيه ابن المبارك وزاد فيه عن أبي إدريس الخولاني، وإنما هو بُسر بن عبيدالله عن واثلة، هكذا روى غيرُ واحدٍ عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وليس فيه عن أبي إدريس، وبُسر بن عبيدالله قد سمع من واثلة بن الأسقع)).
والترمذي في سننه (3/368) قال :((وليس فيه عن أبي إدريس وهذا الصحيح)).
وابن أبي عاصم، وتقدم نقل كلامه.
والدارقطنيُّ، فقد قال في العلل (7/43-44) عن هذا الحديث :((يرويه عبدالرحمن بن يزيد بن جابر واختلف عنه فرواه الوليد بن مسلم، وصدقة ابن خالد، وبكر بن يزيد الطويل، ومحمد بن شعيب، وأيوب بن سويد وغيرهم، عن ابن جابر عن بسر بن عبيدالله عن واثلة بن الأسقع عن أبي مرثد، وخالفهم عبد الله بن المبارك، وبشر بن بكر فروياه عن ابن جابر، عن بسر، عن أبي إدريس الخولاني، عن واثلة بن الأسقع، عن أبي مرثد، والمحفوظ ما قاله الوليد ومن تابعه عن ابن جابر لم يذكر أبا إدريس فيه)).
والهيثم بن خارجة، فقد قال -كما في تاريخ دمشق (10/ 161)-:((ما صنع ابن المبارك شيئاً هذا صدقة، والوليد، وذكر ثالثاً عن بُسر بن عبيدالله ليس فيه أبو إدريس)).
وابن عساكر، فقد قال في تاريخ دمشق (10/158) عن رواية ابن المبارك :((كذا يقول ابن المبارك ووهم فيه، فإنَّ بسراً سمعه من واثلة نفسه ليس فيه أبو إدريس، كذلك رواه عن ابن جابر الوليد بن مسلم، والوليد بن مزيد، وبشر بن بكر، وبكر بن يزيد الطويل)).
وابنُ الأثير، فقد قال في أُسْد الغابة (6/297) :((وذكر أبي إدريس في الإسناد وهمٌ من ابنِ المبارك)).(1/133)
وابن الصلاح، فقد ذكر هذا الحديث مثالاً على المزيد في متصل الأسانيد، فقال في علوم الحديث (ص259-260) :((النوع السابع والثلاثون : معرفة المزيد في متصل الأسانيد، مثاله : ما روي عن عبد الله بن المبارك قال: حدثنا سفيان عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثني بسر بن عبيد الله، قال: سمعت أبا إدريس يقول: سمعت واثلة بن الأسقع يقو:ل سمعت أبا مرثد الغنوي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها"، فذكر سفيان في هذا الإسناد زيادة ووهم، وهكذا ذكر أبي إدريس،..وأما ذكر أبي إدريس فيه، فابن المبارك منسوب فيه إلى الوهم، وذلك لأن جماعة من الثقات رووه عن ابن جابر فلم يذكروا أبا إدريس بين بسر وواثلة، وفيهم من صرح فيه بسماع بسر من واثلة…))، ونقل كلام أبي حاتم المتقدم ذكره، وتبع ابن الصلاح في ذكر هذا المثال جميعُ من كتب في المصطلح بعده كالنووي في تقريبه، والسيوطي في شرحه له تدريب الراوي (2/661-662)، وابن جماعة في المنهل الروي (ص71-72) وغيرهم.
والحديث من الطريق الراجح صحيح فقد رواه مسلمٌ في صحيحه، وصححه ابنُ خزيمة وغيره.
- - - -
5- [1093[ وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَواهُ * عَبْدُ الرَّزَّاق(1)، عَنْ مَعْمَر(2)، عَنْ أَيُّوبَ(3)، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ(4)، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ(5)، عَنْ سَمُرَة بنِ جُنْدُب(6) قَالَ: قَالَ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْبَيَاضِ فَلْيَلْبَسْهُ أَحْيَاؤُكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهِ مَوْتَاكُمْ، فَإِنَّهُ مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ)) أو قَالَ : لِبَاسِكُم.
قَالَ أَبِي : لَمْ يُتَابَعْ مَعْمَر عَلَى تَوْصِيل** هَذَا الْحَدِيث، وإنما يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ سَمُرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
..........................................(1/134)
* كذا في الأصل، و(ش)، وفي (ت)، و(ف) ((حديث عبد الرزاق)).
** تَوْصِيل : على وزن تفعيل مصدر وَصَّلَ يُوَصِّلُ تَوْصِيلاً، قال ابن فارس :((الواو، والصاد، واللام : أصلٌ واحدٌ يدلُ على ضم شيء إلى شيء حتى يعلقه))، والمتصل، والموصول، والمُؤْتَصِل -كما هي لغة الشافعي- أسماء مترادفة، المراد بها : ما اتصل إسناده بسماع كل واحدٍ من رواته عمن فوقه، ويقابله المنقطع والمرسل -في بعض استعمالات الأئمة المتقدمين-، قال الخطيب :((لا خلاف بين أحد من أهل العلم أنّ إرسال الحديث الذي ليس بمدلس هو رواية الراوي عمن لم يعاصره أو لم يلقه))، وسيأتي في التخريج أنّ الحاكم وصف رواية المخالفين لمعمر بأنها مرسلة، وفي هذا النص من أبي حاتم إشارة إلى أنّ أبا قِلاَبة لم يسمع من سمر، وسيأتي الكلام على ذلك في ترجمة أبي قِلاَبة.
انظر : معجم مقاييس اللغة (6/115)، الكفاية (ص384)، لسان العرب (11/726-731)، النكت (1/510، 2/544)، فتح المغيث (1/158-160)، تدريب الراوي (1/219-220).
ـــــــــــــــــــــ
(1) هو : عبد الرَّزاق بن همام بن نافع الحِمْيريُّ، مولاهم، اليمانيُّ، أبو بكر الصنعانيُّ، روى عن: ثور بن يزيد، وابن جريج، ومعمر بن راشد وغيرهم، وعنه: أحمد بن حنبل، وإسحاق الدَّبَري، ويحيى بن معين وغيرهم.
من خلال تأمل أقوال النقاد في عبد الرزاق يتبين أنّ حديثه على ثلاث درجات :
الأولى : ما حدّث به من كتابه، أو عن شيخيه معمر وابن جريج، فهذه الدرجة من أصح حديثه، وهو فيها ثقة ثبت.
الثانية : ما كان من حديثه من غير الدرجة الأولى، ولا الثالثة، وهو في هذه الدرجة ثقة.
الثالثة : ما حدّث به من حفظه بعدما عَمِي وتَغيّر، أو ما حدّث به عن شيخه عبيدالله بن عمر بن حفص، فحديثه في هذه الدرجة فيه ضعف.(1/135)
وإليك بعضُ أقوال النقاد الدالةِ على التفصيلِ المتقدم : قال أحمد :((من سمع من الكتب فهو أصح))، وقال ابن معين :((ما كتبت عن عبد الرزاق حديثاً واحداً إلاّ من كتابه))، وقال البخاريُّ :((ما حدّث من كتابه فهو أصح))، وقال أحمد :((إذا اختلف أصحابُ معمر فالحديث لعبد الرزاق))، وقال مسلم :((عبد الرزاق وهشام بن سليمان أكبر في ابن جريج من ابن عيينة))، وقال يعقوب بن شيبة :((عبد الرزاق متثبت في معمر، جيّد الإتقان))، وقال أيضاً :((ثقةٌ ثبتٌ))، وقال أحمد بن صالح: قلتُ لأحمد بن حنبل: رأيتَ أحداً أحسن حديثاً من عبدالرزاق؟ قال: لا))، وقال أبو زرعة الدمشقي: قلتُ لأحمد بن حنبل: كان عبد الرزاق يحفظ حديث معمر؟ قال: نعم. قيل له: فمن أثبت في ابن جريج عبد الرزاق أو محمد بن بكر البرساني. قال: عبد الرزاق))، وقال ابن معين:((ثقةٌ لا بأس به))، وقال أيضاً :((كان عبد الرزاق في حديث معمر أثبت من هشام بن يوسف))، وقال أبو زرعة :((ابن ثور وهشام بن يوسف وعبد الرزاق، وعبدالرزاق أحفظهم))، وقال أحمد :((أتينا عبد الرزاق قبل المائتين وهو صحيح البصر ومن سمع منه بعدما ذهب بصره فهو ضعيف السماع))، وقال الأثرم: سمعتُ أبا عبد الله يُسأل عن حديث "النار جُبَار"؟ فقال: هذا باطل ليس من هذا شيء. ثم قال: ومن يحدث به عن عبدالرزاق؟ قلتُ: حدثني أحمد بن شبوية، قال: ((هؤلاء سمعوا بعدما عمي، كان يُلقن فَلُقّنه، وليس هو في كتبه وقد أسندوا عنه أحاديث ليست في كتبه كان يُلَقّنها بعدما عمي))، وقال ابن رجب :((ومنهم جماعة من أصحاب عبيد الله بن عمر العمري صُعف حديثهم عنه خاصة، فمنهم : عبد الرزاق بن همام، قال ابن أبي مريم : قيل ليحيى بن معين : إنّ عبدالرزاق كان يحدث بأحاديث عبيدالله بن عمر، عن عبد الله بن عمر، ثم حدّث بها عن عبيد الله، فقال يحيى : "لم يزل عبد الرزاق يحدث بها عن عبيد الله، ولكنها كانت منكرة"، يعني أحاديثه عن عبيد الله بن(1/136)
عمر))، وقال أبو داود: قلتُ لأحمد في سماع عبدالرزاق من عبيد الله ؟ فقال: قال عبدالرزاق: رأيته بمكة، وهشام بن حسان يسأله، قال أحمد : فلعمري لقد روى عنه -يعني عبد الرزاق عبد الرزاق- أحاديث غرائب))، وقال النسائي :((فيه نظر لمن كتب عنه بأَخَرَةٍ))، وقال أبو حاتم :((يكتب حديثه، ولا يحتج به))، وقال عبدالله بن أحمد: سالتُ أبي قلتُ: عبدالرزاق كان يتشيع ويفرط في التشيع، قال: فأما أنا فلم أسمع منه في هذا شيئاً، ولكن كان رجلاً يعجبه أخبار الناس والأخبار))، وقال عباسُ بن عبد العظيم العنبريُّ :((والله الذي لا إله إلاّ هو إنَّ عبد الرزاق كذاب، ومحمد بن عمر الواقدي أصدق منه))، فتعقبه الذهبيُّ بقوله -في السير - :((قلتُ: بل والله ما برَّ عبّاس في يمينه، ولبئس ما قال، يعمد إلى شيخ الإسلام، ومحدث الوقت، ومن احتج به كلُّ أرباب الصحاح -وإن كان له أوهام مغمورةٌ، وغيره أبرع في الحديث منه - فيرميه بالكذب، ويُقّدم عليه الواقدي الذي أجمعتُ الحفاظ على تركه، فهو في مقالته هذه خارقٌ للإجماع بيقين))، وقال -في الميزان- :((هذا شيءٌ ما وافق عليه العباس مُسلِمٌ))، وقال ابن حجر :((أحد الحفاظ الأثبات صاحب التصانيف، وثقه الأئمة كلهم إلاّ العباس بن عبد العظيم العنبري وحده فتكلم بكلام افرط فيه ولم يوافقه عليه أحد...احتج به الشيخان في جملة من حديث من سمع منه قبل الاختلاط وضابط ذلك من سمع منه قبل المائتين، فأما بعدها فكان قد تغير))، روى له الجماعة، ومات سنة إحدى عشرة ومائتين.(1/137)
انظر : الطبقات (5/548)، التاريخ الكبير (6/130)، تاريخ الدوري (2/364)، سؤالات أبي داود (ص241-242رقم247)، الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص164رقم400)، الضعفاء الكبير (3/107-111)، الجرح (6/38-39رقم204)، الثقات ( 8/412)، الكامل (5/311-315)، تاريخ دمشق (36/160-193)، تهذيب الكمال (18/52-62)، الميزان (2/609-614)، السير (9/ 564-580)، الرواة الثقات (ص125رقم52)، شرح علل الترمذي (2/577-581، و665-666) التهذيب (6/310)، الهدي ( ص419-420)، التقريب (ص354رقم4064)، الكواكب (ص266-281).
(2) هو : معمر بنُ راشِد الأزْديُّ مولاهم، أبو عُروة البصريّ، نزيل اليمن، روى عن: أيوب السختياني، والزهري، وهمام بن منبه وغيرهم، وعنه: عبد الله بن المبارك، وعبدالرزاق بن همام، ومحمد بن جعفر غندر وغيرهم.
ثقةٌ ثبتٌ خاصةً عن الزهري وفي روايته عن ثابت البنُاني، وسليمان الأعمش،، وعاصم بن أبي النجود، وقتادة، وهشام بن عروة بعض الأوهام، والأمر كما قال الذهيّ :((ما نزال نحتج بمعمر حتى يلوح لنا خطؤه بمخالفة من هو أحفظ منه))، أو بقدح أحد أئمة العلل لرواية معينة عن أحدِ مَنْ في روايته عنهم كلام من غير مخالف لذلك الإمام.(1/138)
قال أحمد :((ليس يُضم إلى معمر أحدٌ إلاّ وجدته فوقه))، وقال ابن معين، والعجلي، ويعقوب بن شيبة، والنسائي، والدارقطني، وابن حزم :((ثقة))، وقال ابن معين :((معمر، ويونس عالمين بالزهري، ومعمر أثبت في الزهري من ابن عيينة))، وقال أيضاً :((أكثر الناس في الزهري، مالك بن أنس، ثم معمر))، وقال أيضاً :((إذا حدّثك معمر عن العراقيين فخافه إلاّ عن الزهري، وابن طاووس، فإنّ حديثه عنهما مستقيم، وأما أهل الكوفة والبصرة فلا، وما عمل في حديث الأعمش شيئاً، وحديث معمر عن ثابت، وعاصم بن أبي النجود، وهشام بن عروة، وعن هذا الضرب مضطرب كثير الأوهام))، وقال علي بن المديني :((وفي أحاديث معمر عن ثابت أحاديث غرائب ومنكرة، جعل ثابت، عن أنس أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان كذا، وإنما هذا حديث أبان بن أبي عياش، عن أنس))، قال ابن رجب :((وذكر عليٌّ أنها تشبه أحاديث أبان بن أبي عياش))، وقال العقيلي :((أنكرهم رواية عن ثابتٍ معمرُ))، وقال يعقوب بن شيبة :((أصله بصريٌّ، خرج إلى اليمن ثم قدم عليهم البصرة، فحدثهم بها، وليست كتبه معه فمن سمع منه بالبصرة بعد مقدمه من اليمن ففي سماعه شيء، ومن سمع منه باليمن فسماعه صحيح))، وقال أبوحاتم :((معمر ما حدّث بالبصرة ففيه أغاليط، وهو صالح الحديث))، وقال الدارقطني:((معمر سيئ الحفظ لحديث قتادة والأعمش))، وقال ابن عساكر :((ذكر عبدالغني بن سعيد الحافظ أنّ سماع معمر من قتادة، وثابت البناني فيه ضعف، وليس هو في شيء أقوى منه في الزهري، وفي معمر خاصية ليست في غيره من العلماء سمع من الستة الذين مدار حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم : الزهري، وعمرو بن دينار، وقتادة، والأعمش، وأبو إسحاق، ويحيى بن أبي كثير، ما اجتمعوا لأحد إلاّ له))، وقال الذهبيُّ :((له أوهام معروفة احتملت له في سعة ما أتقن))، وقال ابن حجر :((أخرج له البخاريُّ من روايته عن الزهري، وابن طاووس، وهمام بن منبه، ويحيى بن(1/139)
أبي كثير، وهشام بن عروة، وأيوب، وثمامة بن أنس، وعبد الكريم الجزري، وغيرهم، ولم يخرج له من روايته عن قتادة ولا ثابت البناني إلاّ تعليقاً، ولا من روايته عن الأعمش شيئاً، ولم يخرج له من رواية أهل البصرة عنه إلاّ ما توبعوا عليه عنه، واحتج به الأئمة كلهم))، مات سنة اثنتين أو ثلاث وخمسين ومائة.
انظر : علل الحديث لابن المديني (ص87-88)، معرفة الثقات (2/290-291رقم1766)، المعرفة والتاريخ (2/200)، تاريخ أبي سعيد الطبراني عن ابن معين (ص26 رقم 16)، الجرح (8/255-257رقم439)، سنن الدارقطني (1/164)، المحلى (9/441)، تاريخ دمشق (59/390-422)، تهذيب الكمال ( 28/ 303-312)، الميزان (4/154)، الرواة الثقات (ص166رقم 74)، شرح علل الترمذي (2/501، 508)، الهدي (ص444)، التهذيب (10/243-246)، التقريب (541رقم6809).
(3) هو : أيوب بن أبي تَمِيمَة كَيْسان السَّخْتياني، أبو بكر البصري، روى عن: أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، وعمرو بن سلمة، ومحمد بن سيرين وغيرهم، وعنه: إسماعيل بن علية، وشعبة، ومعمر بن رشد وغيرهم.
متفق على ثقته وجلالته وإتقانه، قال ابن سعد :((كان أيوب ثقةً ثبتاً في الحديث، جامعاً، عدلاً، ورعاً، كثير العلم، حجة))، وقال أبو حاتم :((ثقة لا يُسأل عن مثله))، روى له الجماعة، مات سنة إحدى وثلاثين ومائة.
انظر : الطبقات (7/246-251)،الجرح ( 2/255-256رقم915)، تهذيب الكمال (457-464).
(4) هو : عبد الله بن زيد بن عمرو -ويقال : ابن عامر- الجَرْمي، أبو قِلاَبة البصري، روى عن : أنس بن مالك، وسمرة بن جندب، وعَمِّه أبي المُهَلب الجرمي وغيرهم، وعنه: أيوب السختياني، وقتادة السدوسي، ويحيى بن أبي كثير وغيرهم.(1/140)
متفق على توثيقه وإتقانه، وثقه ابن سعد، وأبو حاتم وغيرهما، وقال أبوحاتم :((أبو قِلاَبة لا يُعرف له تدليس)) ( ) أبو قِلاَبة يرسل، ولايدلس وفرق بينهما، قال ابن القطان :((والفرق بينه-أي التدليس- وبين الإرسال هو: أنّ الإرسال روايته عمن لم يسمع منه))، بيان الوهم (5/493)، وقال ابن حجر: ((والفرق بين المدلس والمرسل الخفي دقيق حصل تحريره بما ذكر هنا: وهو أنّ التدليس يختص بمن روى عمن عرف لقاؤه إياه، فأما إن عاصره ولم يعرف أنه لقيه فهو مرسل خفي)). نزهة النظر (ص 43) وانظر : المراسيل لابن أبي حاتم (ص88رقم319)، وتعريف أهل التقديس (ص69)، وفتح المغيث (1/192). )، وقال ابن أبي حاتم:((حدثنا أحمد بن محمد بن البراء قال: قال عليّ : لم يسمع أبو قِلاَبة من هشام بن عامر وروى عنه، ولم يسمع من سمرة بن جندب))، وكذلك نقل العلائيُّ في جامع التحصيل عن ابن المديني، ولكن وقع في تاريخ دمشق، وتهذيب الكمال، والسير، والتهذيب :((سمع من سمرة))، ولم أجد ما يرجح أحد النقلين عن ابن المديني، ولكن أشار أبو حاتم -كما هنا-، والحاكم -كما سيأتي في التخريج- إلى أنه لم يسمع من سمرة، وذكر الذهبيُّ، والعلائي أنّ روايته عن سمرة مرسلةٌ، ولعل هذا الأقرب لأني لم أجد أحداً أثبت سماعه غير ما ذُكر عن ابن المديني - على ما تقدم من الاختلاف-، وقد روى له الجماعة، مات سنة سبع ومائة.
انظر : الطبقات (7/83)، الجرح (5/57-58رقم268)، المراسيل (ص109رقم390)، تاريخ دمشق (28/283-312)، تهذيب الكمال (14/542-546)، السير (4/468-475)، الكاشف (2/88رقم 2759)، جامع التحصيل (ص211رقم362)، التهذيب (5/224-226).(1/141)
(5) هو : أبو المهلب الجَرْميُّ البصريُّ، عم أبي قلابة، قال ابن حجر :((له إدراك))، وقد اختلف في اسمه فقيل : عمرو بن معاوية، وقيل :عبدالرحمن بن عمرو، وقيل: النضر ابن عمرو وقيل غير ذلك، روى عن: أُبي بن كعب، وعثمان بن عفان، وسمرة بن جندب وغيرهم، وعنه: سعيد الجريري، وعوف الأعرابي، وابن أخيه أبو قلابة الجرمي وغيرهم.
ثقة، وثقه ابن سعد وذكره في الطبقة الأولى من تابعي أهل البصرة، وقال :((كان قليل الحديث))، ، والعجلي، والذهبيُّ، وابن حجر، وذكره ابن حبان قي الثقات، روى له البخاري في ((الأدب)) والباقون.
انظر : الطبقات ( 7/126)، التاريخ الكبير( 8/87من الكنى)، معرفة الثقات (2/429رقم2264)، الكنى والأسماء للدولابي (2/ 135)، الثقات (5/414)، تهذيب الكمال (34/329-330)، الكاشف (3/381رقم411)، الإصابة (4/191)، التهذيب (12/250)، التقريب (676رقم8398).
(6) هو: سمرة بن جُنْدب بن هلال الفزَاري، أبو سليمان، حليف الأنصار، صحابي مشهور، مات بالبصرة سنة ثمان وخمسين.
انظر : الإصابة (2/78-79)، التقريب (ص256رقم2630).
- - -
- التخريج :
1- عبد الرَّزاق، عن مَعْمَر، عن أيوب، عن أبي قِلاَبة، عن أبي المُهَلّب، عن سَمُرة بنِ جُنْدب قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم :((عليكم بهذا البياض فليلبسه أحياؤكم وكفنوا فيه موتاكم فإنه من خير ثيابكم)) .
أخرجه :
- عبد الرَّزاق بن همام في مصنفه (3/428-429رقم6198) كتاب الجنائز، باب الكفن.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه :
- أحمد بن حنبل في مسنده (5/20-21).
- وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/30 رقم1315).
- والطبرانيُّ في المعجم الكبير (7/284رقم6975).
- والحاكمُ في المستدرك (4/185) كتاب اللباس، وقال :((هذا حديثٌ صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، لأنّ سفيان بن عيينة، وإسماعيل بن علية أرسلاه عن أيوب))
- والخطيبُ البغدادي في المؤتنف تكملة المؤتلف والمختلف ( ورقة 82 أ ).(1/142)
وقول أبي حاتم : ((لم يتُابع مَعْمَر على تَوْصِيل هذا الحديث)) فيه نظر؛ فقد تابعه سعيدُ بنُ أبي عروبة على هذه الرواية، أخرجها :
- النسائيّ في المجتبى (4/34) كتاب الجنائز، أي الكفن خير، وأيضاً (8/205) في كتاب الزينة، الأمر بلبس البيض من الثياب، قال :أخبرنا عمرو بن علي قال : حدثنا يحيى بن سعيد.
- وأحمد في مسنده (5/20-21) قال : حدثنا روح بن عبادة.
- وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/30 رقم1315).
- وابن المنذر في الأوسط (5/358رقم 2979) كتاب الجنائز، ذكر استحباب التكفين في الثياب البيض.
- والطبرانيُّ في المعجم الكبير (7/284رقم6976).
- وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (ص450رقم597).
جميعهم من طريق العباس بن الوليد النرسي قال: حدثنا يزيد بن زريع.
- والبيهقي في السنن الكبرى (3/403) كتاب الجنائز، باب استحباب البياض في الكفن، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: حدثنا يحيى بن أبي طالب قال: أنبأنا عبد الوهاب بن عطاء.
- وابن حزم في المحلى (5/119 ) معلقاً عن يحيى القطان.
جميعهم عن سعيد بن أبي عروبة يحدث عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :((ألبسوا من ثيابكم البياض فإنها أطهر وأطيب وكفنوا فيها موتاكم)).
وقال الدارقطني - كما في أطراف الغرائب والأفراد ( 3/110) - : ((تفرد به أيوب السختياني، عن أبي قلابة عنه، ولم يروه غير ابن أبي عروبة))، وهذا فيه نظر، فقد تابعه معمر بن راشد كما تقدم.
2- أيوب، عن أبي قلابة، عن سَمُرة عن النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم.
أخرجه :
- النسائي في المجتبى (8/205) كتاب الزينة، الأمر بلبس البيض من الثياب، قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد.
-والحسن بن موسى الأشيب في جزئه (ص30رقم5).
- وابن سعد في طبقاته (1/449) قال : أخبرنا عارم بن الفضل.
- وأحمد بن حنبل في مسنده (5/21) قال: حدثنا عفان بن مسلم.(1/143)
جميعهم عن حماد بن زيد، وزاد عفان في روايته : وهيب بن خالد.
- وأخرجه : النسائي في السنن الكبرى (5/477) كتاب الزينة، الأمر بلبس الثياب البيض، قال: أخبرنا علي بن حجر.
- وابن أبي شيبة في مصنفه (3/266) كتاب الجنائز، من قال ليكون الكفن أبيض، ورخص في غيره- ومن طريقه الطبرانيُّ في المعجم الكبير (7/284رقم6977)-.
- وأحمد بن حنبل في مسنده (5/12).
- وابن الجارود في المنتقى (ص185رقم523) كتاب الجنائز، قال: حدثنا علي بن خشرم.
- والحاكمُ في المستدرك (4/185) كتاب اللباس، من طريق موسى بن سهل.
جميعهم عن إسماعيل بن علية، زاد علي بن حجر في روايته : عبيدالله بن عمرو الرقي.
- وابن سعد في طبقاته (1/449) قال : أخبرنا إسحاق بن عيسى، قال : أخبرنا حماد بن سلمة.
- والرُّوياني في مسنده (2/44-45 رقم795) قال: حدثنا محمد بن بشار.
- وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (ص450رقم598) من طريق محمد بن المثنى.
كلاهما عن عبدالوهاب الثقفيّ.
- والحاكمُ في المستدرك (4/185) كتاب اللباس، قال: أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق أنبأ إسماعيل بن قتيبة أنبأ يحيى بن يحيى أنبأ سفيان بن عيينة.
جميعهم عن أيوب، عن أبي قلابة، عن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((عليكم بالبياض من الثياب فليلبسها أحياؤكم وكفنوا فيها موتاكم فإنها من خير ثيابكم)).
وتابع أيوبَ على هذه الرواية اثنان :
خالدٌ الحذاء ، أخرجه : أحمدُ في مسنده (5/ 10) قال: حَدَّثَنَا علي بن عاصم، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن علي بن عاصم ضعيف، قال الذهبي :((ضعفوه))، ( المغني (2/450)، الميزان (3/135-138).(1/144)
ومتوكل بن الليث، أخرجه : ابن عساكر في تاريخ دمشق (57/14-15) من طرق عن محمد بن عبد الله الشعيثي، عن المتوكل بن الليث المحاربي عن أبي قلابة عن عمران بن الحصين وسمرة بن جندب قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((ليلبس البياض أحياؤكم وكفنوا فيها موتاكم))، ومتوكل بن الليث مجهول الحال ( انظر : تاريخ دمشق 57/14-16 ).
وتابع أبا قِلابة ميمونُ بن أبي شبيب، أخرجه :
-الترمذي في سننه (5/109رقم 2810) كتاب الأدب، باب ما جاء في لبس البياض، وفي الشمائل (ص 75رقم69) باب ما جاء في لباس رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي.
-والنسائي في السنن الكبرى (5/477) كتاب الزينة، الأمر بلبس الثياب البيض، قال: أخبرنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلي، عن يزيد بن زريع.
-وابن ماجه في سننه ( 2/1181رقم3566) كتاب اللباس، باب البياض من الثياب، قال: حدثنا علي بن محمد.
-وابن أبي شيبة في مصنفه (3/266) كتاب الجنائز، من قال ليكون الكفن أبيض، ورخص في غيره.
كلاهما عن وكيع بن الجراح.
-وعبد الرزاق في مصنفه (3/429رقم6199) -ومن طريقه الطبرانيّ في المعجم الكبير (7/215-216رقم6759)-.
-وابن سعد في طبقاته (1/449-450).
-والطبرانيّ في المعجم الكبير (7/216رقم،6761،6762) قال: حدثنا علي بن عبد العزيز.
كلاهما عن أبي نعيم الفضل بن دكين.
-وأحمد بن حنبل في مسنده (5/ 13،18،19) قال : حدثنا يحيى بن سعيد القطان.
- وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (ص447-448رقم591) من طريق عبد الصمد بن حسان.
-والحاكمُ في المستدرك (1/354-355) كتاب الجنائز، و(4/185) كتاب اللباس، من طريق أبي حذيفة النهدي.
جميعهم عن سفيان الثوري.
وأخرجه :
- أبو داود الطيالسي في مسنده (ص121رقم894).
-وابن سعد في طبقاته (1/449-450).
-وأحمد بن حنبل في مسنده (5/17).(1/145)
-والطبرانيُّ في المعجم الكبير (7/216رقم6760) قال: حدثنا علي بن عبد العزيز.
جميعهم عن الفضل بن دكين.
-وأحمد بن حنبل في مسنده (5/18) قال: حدثنا يزيد بن هارون.
-وأبو نعيم في ذكر أخبار أصبهان (1/311) من طريق بكر بن بكار.
-والبيهقي في السنن الكبرى (3/402)، كتاب الجنائز، باب استحباب البياض في الكفن، وفي الآداب (ص204رقم610)، وفي شعب الإيمان (5/190)، من طريق جعفر بن عون.
جميعهم عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي.
وأخرجه :
-الطبرانيُّ في المعجم الكبير (7/216رقم6760) حدثنا الحسين بن إسحاق التستري.
-وأبو نعيم في الحلية (4/378) قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمرو قال ثنا أبو حصين الوادعي.
كلاهما عن يحيى الحماني قال: حدثنا قيس بن الربيع.
- وأخرجه : الطبرانيُّ في المعجم الكبير (7/216رقم6760) قال: حدثنا محمد بن يزداد التوزي ثنا الحسن بن حماد سجادة ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن إسماعيل بن مسلم.
- والطبراني في المعجم الأوسط (4/548رقم3931) قال: حدثنا علي بن سعيد الرازي قال نا محمد بن منصور الطوسي قال نا عبد الملك بي أبي عثمان بن أبي شيبة قال نا الوليد بن عقبة.
-والبيهقي في شعب الإيمان (5/190) قال: أخبرنا أبو طاهر الفقيه أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ثنا أحمد بن يوسف السلمي ثنا يحيى بن أبي بكير.
كلاهما عن حمزة الزيات.
جميعهم ( الثوري، والمسعودي، وقيس بن الربيع، وإسماعيل بن مسلم، وحمزة الزيات ) عن حبيب بن أبي ثابت، عن ميمون بن أبي شبيب عن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((البسوا البياض فإنها أطهر وأطيب وكفنوا فيها موتاكم))، هذا لفظ الترمذي، وجمع المسعوديّ في روايته بين حبيب بن أبي ثابت، والحكم بن عتيبة.
وقال الترمذيُّ :((هذا حديثٌ حسن صحيح))، وقال الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه))، وقال أبو نعيم :((رواه الثوري، والمسعودي، وحمزة الزيات)).(1/146)
وحبيب بن أبي ثابت ثقة –التقريب (ص150رقم1084)-، وكذلك الحكم بن عتيبة- تأتي ترجمته في المسألة رقم ( 1154)-.
وميمون بن أبي شبيب: ((صدوق))-تأتي ترجمته في المسألة رقم (1154)-، ولكني لم أجد عند جميع من خرّج له تصريحاً بالسماع عن سمرة، وقد قال عمرو بن علي الفلاَّس :((وكان يُحدّث عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحدّث عن عمر..، وعن سمرة بن جندب..وليس عندنا في شيءٍ منه يقول : سمعتُ، ولم أخبر أنّ أحداً يزعم أنه سمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم))، ( تهذيب الكمال (29/ 207) )، وقال البخاريّ في التاريخ الكبير (7/338رقم1454):((يروي عن المغيرة بن شعبة، وسمرة، ومعاذ))، ولم يقل سمع كعادته فيمن ثبت عنده سماعه من شيخه مع عنايته بالسماع كما يظهر ذلك بجلاء في تصرفه في التاريخ الكبير( ) ولمزيد الفائدة انظر : موقف الإمامين البخاري ومسلم (ص 97-102). ).
وخالف أبو بكر الهذلي أيوبَ السختياني ومن تابعه فرواه عن أبي قلابة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرجه : ابن سعد في طبقاته (1/449) قال: أخبرنا الفضل بن دكين، قال: حَدَّثَنَا أبو بكر الهذلي، عن أبي قلابة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر الهذلي متروك الحديث، - انظر: الميزان (4/497)، التقريب (ص625رقم8002 )-، فهذا الطريق ضعيفٌ جداً، بل لا يلتفت إليه.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن أيوب السختياني على وجهين :
الوجه الأوَّل : رواه سعيدُ بنُ أبي عروبة ، ومَعْمَر بن راشد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن سَمُرة عن النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم، فزادا بين أبي قلابة، وسَمُرة أبا المهلب.
الوجه الثاني : رواه إسماعيل بن علية، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وسفيان بن عيينة، وعبدالوهاب الثقفي، وعبيدالله بن عمرو الرقي، ووهيب بن خالد جميعهم عن أيوب، عن أبي قلابة، عن سَمُرة عن النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم.(1/147)
وجميع الرواة عن أيوب ثقات فابن علية، وحماد بن سلمة، وسفيان بن عيينة، وعبيدالله بن عمرو الرقي تأتي تراجمهم، وحماد بن زيد، ووهيب بن خالد كلاهما ثقة ثبت -التقريب (ص 178رقم1498، ص586رقم7487)-.
وسعيدُ بنُ أبي عروبة –تأتي ترجمته- وهو :((ثقة ثبت، من أحفظ أصحاب قتادة وأثبتهم، وكان يرسل، واختلط سنة ثلاثٍ وأربعين ومائة، فمن سمع منه بعد الاختلاط فحديثه ضعيف))، والرواة عنه : يحيى القطان، وروح بن عبادة، ويزيد بن زريع، وعبدالوهاب بن عطاء كلهم ممن سمع منه قبل الاختلاط.
والوجه الثاني أرجح لأمرين :
الأوَّل : أنّ المخالفين لسعيد بن أبي عروبة ، ومَعْمَر بن راشد هم أصحاب أيوب المقدمون، وأئمةُ العللِ على تقديم حماد بن زيد، وابن عُلية في أيوب ثم يأتي بعدهما عبدالوهاب الثقفي، وابن عيينة، ووهيب، قال ابن معين :((ليس أحدٌ أثبت في أيوب من حماد بن زيد))، وقال النسائي :((أثبت أصحاب أيوب حماد بن زيد، وبعده عبدالوارث، وابن عُلية))، وسُئل الدارقطني عن أرفع من عنده من أصحاب أيوب السختياني فقال: ((حماد بن زيد، وعبدالوارث، وابن عُلية، وعبدالوهاب الثقفي)).
انظر : تاريخ الدارمي (ص54)، شرح علل الترمذي (2/510-513)، سؤالات أبي عبدالله بن بكير لأبي الحسن الدارقطني (ص44رقم35).
الثانيّ : أنّ المخالفين لسعيد بن أبي عروبة ، ومَعْمَر بن راشد أكثر عدداً.
وعلى هذا تكون الرواية الراجحة ضعيفة من أجل الانقطاع بين أبي قِلابة، وسمرة، وقد تابع أبا قِلابة، عن سمرة ميمونُ بنُ أبي شَبِيب ولكنه لم يسمع من سمرة أيضاً.
ولكن للحديث شاهدٌ يقوى به من حديث ابن عباس، رواه :
- أبو داود في سننه (4/8) كتاب الطب، باب في الأمر بالكحل، وأيضاً (4/51رقم4061) كتاب اللباس، باب في البياض.
-وأحمد في مسنده (1/ 363).
-والطبراني في المعجم الكبير (12/65رقم21489).
جميعهم من طريق زهير بن معاوية.(1/148)
-والترمذي في سننه (3/319-320رقم994) كتاب الجنائز، باب ما يستحب من الأكفان، وفي الشمائل (ص 75رقم68) باب ما جاء في لباس رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-وابن عدي في الكامل (4/161).
-والبيهقي في السنن الكبرى (5/33) كتاب الحج، باب ما يحرم فيه من الثياب.
كلهم من طريق بشر بن المفضل.
-وابن ماجه (1/ 473رقم 1472) كتاب الجنائز، باب ما جاء فيما يستحب من الكفن، قال: حدثنا محمد بن الصباح قال: أنبأنا عبد الله بن رجاء المكي.
-وعبدالرَّزاق في مصنفه (3/429رقم 6201) عن معمر بن راشد-ومن طريقه : الطبراني في المعجم الكبير (12/64-65رقم12485)، والضياء في المختارة (10/199رقم204)-.
-وأيضاً في مصنفه (3/429رقم 6201) عن ابن جريج-ومن طريقه : الطبراني في المعجم الكبير (12/65رقم12486)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/245) كتاب الجمعة، باب خير ثيابكم البيض-.
-والحميدي في مسنده (1/240).
-وابن أبي شيبة في مصنفه (3/266) كتاب الجنائز، من قال ليكون الكفن أبيض، ورخص في غيره.
-وأبو يعلى في مسنده ( 4/300رقم2410) -ومن طريقه : ابن عدي في الكامل (4/161)، والضياء في المختارة (10/ 197رقم199)-.
جميعهم من طريق سفيان بن عيينة.
-وابن سعد في طبقاته (1/450).
-وأحمد بن حنبل في مسنده (1/355).
-وابن المنذر في الأوسط (5/357رقم 2978) كتاب الجنائز، ذكر استحباب التكفين في الثياب البيض.
-والطبراني في المعجم الكبير (12/ 66رقم12491).
-والحاكمُ في المستدرك (1/354) كتاب الجنائز.
جميعهم من طريق عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي.
-وأحمد بن حنبل في مسنده (1/ 274) -ومن طريقه الضياء في المختارة (10/198رقم202)-.
-وابن عدي في الكامل (4/161) من طريق أحمد بن منيع.
كلاهما عن أبي أحمد الزبيري.
-والطبراني في المعجم الكبير (12/ 65رقم12487) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد.
كلاهما (أبو أحمد الزبيري، والضحاك بن مخلد) عن سفيان الثوري.(1/149)
-وأبو يعلى في مسنده ( 4/300رقم2410) من طريق جرير بن عبد الحميد، وعبد الله بن إدريس، وحفص بن غياث، ويحيى بن سليم، وإسماعيل بن عياش-ومن طريقه ابن عدي في الكامل (4/161)-.
-وابن حبان في صحيحه -كما في الإحسان (12/242 رقم5423) كتاب اللباس وآدابه، ذكر الأمر بلبس البياض من الثياب-، من طريق وهيب بن خالد.
-والطبراني في المعجم الكبير (12/ 66رقم12492).
- وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (ص449رقم595).
كلاهما من طريق داود العطار.
-والطبراني في المعجم الكبير (12/ 64-67 رقم12485-12493)، من طريق زائدة بن قدامة، وحماد بن سلمة، وأبو عوانة، وروح بن القاسم.
- وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (ص449رقم596)،.
-والحاكمُ في المستدرك (1/354) كتاب الجنائز، و(4/185) كتاب اللباس.
-والبيهقي في السنن الكبرى (5/33) كتاب الحج، باب ما يحرم فيه من الثياب.
جميعهم من طريق يحيى بن سليم.
جميعهم (زهير بن معاوية، وبشر بن المفضل، وعبد الله بن رجاء، ومعمر بن راشد، وابن جريج، وسفيان بن عيينة، والمسعودي، والثوري، وجرير بن عبد الحميد، وعبد الله بن إدريس، وحفص بن غياث، ويحيى بن سليم، وإسماعيل بن عياش، ووهيب بن خالد، وداود العطار، وزائدة بن قدامة، وحماد بن سلمة، وأبو عوانة، وروح بن القاسم) عن عبد الله بن عثمان بن خُثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ((البسوا من ثيابكم البياض، وكفنوا فيها موتاكم،، فإنه من خير ثيابكم)) ، وله ألفاظ أخرى متقاربة، وعند بعضهم زيادة :((وإنّ من خير أكحالكم الإثمد يجلو البصر، وينبت الشعر)).
قال الترمذيُّ :((حديثٌ حسن صحيح))، وقال الحاكم :((هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه))، وقال أيضا :((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)).(1/150)
وروى ابنُ عدي في الكامل (4/161) الحديثَ موقوفاً على ابنِ عباس فقال :((أخبرناه الفضل بن الحباب ثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد عن بن عباس بمثله موقوفا))، ومحمد بن كثير هو العبدي ثقة –التقريب (ص504رقم6252)-.
لكن تقدم أنّ أبا أحمد الزبيري، والضحاك بن مخلد روياه عن الثوري مرفوعاً، وتابع الثوريَّ على الرفع عددٌ كبيرٌ من الرواة وفيهم ثقات حفاظ، فالمرفوع أرجح.
وعبد الله بن عثمان بن خُثيم الأظهر أنه صدوق-كما سيأتي في المسألة رقم (1178)-.
ولكن نقل العقيليّ في الضعفاء الكبير (2/281) ما يشير إلى تليين عبد الرحمن بن مهدي لهذا الطريق فقال :((حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا عمرو بن على قال: حدثنا عبد الرحمن قلتُ له : حدثنا بشر بن المفضل قال: حدثنا ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"عليكم بالأثمد فإنه يشد البصر وينبت الشعر"، فقال: أنت من هذا الضرب، وكان يحدث عن الرجل بالحديث لا يحدث بحديثه كله، وكان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عن ابن خثيم))، ثم قال العقيلي :((والرواية في هذا المعنى فيها لين))، ونقل كلامَ ابنِ مهدي ابنُ عدي في الكامل (4/161).
ويظهر أنّ العقيلي يقصد بقوله السابق زيادة :((عليكم بالأثمد فإنه يشد البصر وينبت الشعر))، ولعل عبد الرحمن بن مهدي يقصد هذه الزيادة أيضاً.
وأمّا الحثُ على لبس البياض ففيه روايات يقوي بعضها بعضاً منها حديث سمرة بن جندب المتقدم بطريقيه، وقد صحح الحديثَ الترمذيُّ، وابنُ حبان، والحاكمُ، والضياء المقدسي، وابنُ حجر كما في فتح الباري (3/ 135).
- - - -(1/151)
6- [1094] وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاق(1)، عَنْ مَعْمَر(2)، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِير(3)، عَنْ رَجُل يُقَالَ لَهُ: أَبُو إِسْحَاق(4)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ(5) قَالَ: قَالَ رَسُول اللَهُ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((مَنْ غَسّلَ مَيِّتَاً فَلْيَغْتَسلْ))، قُلْتُ لأَبِي: مَنْ أَبُو إِسْحَاق هَذَا، وَهَلْ يُسَمَّى ؟ قَالَ: لا يُسَمَّى *.
………………………………
* نقل سؤال ابن أبي حاتم لأبيه، وإجابة أبيه له ابنُ دقيق العيد في الإمام (3/63).
ـــــــــــــــــــــ
(1) هو: عبد الرزاق بن همام، تقدمت ترجمته في المسألة رقم ( 1093 )، وبيان أنّ حديثه على ثلاث درجات: الأولى: ما حدّث به من كتابه، أو عن شيخيه معمر وابن جريج، فهذه الدرجة من أصح حديثه، وهو فيها ثقة ثبت، الثانية: ما كان من حديثه من غير الدرجة الأولى، ولا الثالثة، وهو في هذه الدرجة ثقة، الثالثة: ما حدّث به من حفظه بعدما عَمِي وتَغيّر، أو ما حدّث به عن شيخه عبيدالله بن عمر بن حفص، فحديثه في هذه الدرجة فيه ضعف.
(2) هو: معمر بن راشد، تقدمت ترجمته في المسألة رقم ( 1093 ) وهو:((ثقةٌ ثبتٌ خاصةً عن الزهري وفي روايته عن ثابت البنُاني، وسليمان الأعمش،، وعاصم بن أبي النجود، وقتادة، وهشام بن عروة بعض الأوهام))..
(3) هو : يحيى بن أبي كَثِير الطائي مولاهم، أبو نصر اليَمَامي، روى عن: أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وأبي سلمة بن عبد الرحمن وغيرهم، وعنه: معمر بن راشد، وهشام الدَّسْتوائي، وهمام بن يحيى وغيرهم.(1/152)
متفقٌ على توثيقه، وكان يرسل، قال يحيى القطان:((سمعتُ شعبة يقول: يحيى بن أبي كثير أحسن حديثاً من الزهري))، وقال أحمد:((من أثبت الناس، إنما يُعد مع الزهري ويحيى بن سعيد، فإذا خالفه الزهري فالقول قول يحيى بن أبي كَثِير))، وقال أبو حاتم:((إمام لا يُحدّث إلاّ عن ثقة))، وقال العقيلي:((كان يذكر بالتدليس))، وقال ابن حبان:((كان يُدلس، فكل ما روى عن أنس فقد دلس عنه، لم يسمع من أنس ولا من صحابي شيئاً))، ويظهر أنّ مرادهم بالتدليس هنا الإرسال كما يدل عليه كلام ابن حبان، وقد ذكره العلائيُّ -وتابعه ابن حجر- في الطبقة الثانية من المدلسين، وهم من احتمل الأئمة تدليسهم، روى له الجماعة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة.
انظر: الضعفاء الكبير (4/423-424)، الجرح (9/141-142رقم599)، الثقات (7/591-592)، تهذيب الكمال (31/504-511)، جامع التحصيل (ص113)، تعريف أهل التقديس (ص127رقم63).(1/153)
(4) أبو إسحاق ذكر أبو حاتم -كما هنا- أنه لا يعرف له اسم، وكذلك ذكره أبو أحمد الحاكم فيمن يعرف منهم بالكنية ولم يقف على اسمه، وكذلك الذهبي في كتابه ((المقتنى)) وقال: ((نكرةٌ))، ونسبه الدارقطني دوسياً وكذلك ابن عبدالبر فقد قال: ((أبو إسحاق الدوسيّ، روى عن: أبي هريرة، روى عنه: يحيى بن أبي كَثِير، وسليمان بن يسار، وقد روى يحيى بن أبي كَثِير عنه، وعن رجل من بني ليث أو هذيل عنه، وقد قيل: إنه الأول))، ويقصد بالأول ((أبا إسحاق مولى بني هاشم المدني، روى عن أبي أيوب الأنصاري، وأبي سعيد الخدري، وذكوان مولى عائشة، روى عنه: بكير بن الأشج))، ويشير ابن عبد البر في قوله قيل: إلى أبي حاتم فقد نقل عنه ابنه أنّ أبا إسحاق مولى بني هاشم المدني هو الدوسي وقال عنه: ((معروف))، وتابعه ابن حجر، والذي يظهر أنّ أبا إسحاق الذي روى هذا الحديث عن أبي هريرة غير أبي إسحاق مولى بني هاشم المدني، وأبي إسحاق الدوسيّ- سواء كانا واحداً أو اثنين- فإنّ هذين معروفان بخلاف أبي إسحاق الذي روى هذا الحديث عن أبي هريرة فإنه لا يُسمى كما قال أبوحاتم، وأبو أحمد الحاكم، والذهبي، فهو مجهول العين.
انظر: الجرح (9/333)، الأسامي والكنى (1/189رقم67)، العلل (11/224)، الاستغناء (2/1025)، المقتنى في سرد الكنى (1/46)، التهذيب (12/9).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1089).
- - -
- التخريج:
- عبدالرزاق، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن رجل يقال له: أبو إسحاق، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه:
عبد الرزق في مصنفه ( 3/407رقم6110) كتاب الجنائز، باب من غسل ميتاً اغتسل أو توضأ – وعنه: أحمد بن حنبل في مسنده (2/280)، -ومن طريقه رواه ابنُ الجوزي في العلل المتناهية (1/377)-.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه: الإسماعيليّ في حديث يحيى بن أبي كثير- كما في الإمام لابن دقيق العيد (3/63)-.(1/154)
وأشار إلى هذا الطريق البخاريُّ في التاريخ الكبير (1/397) فقال:((وقال معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي إسحاق، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم))، وكذلك أشار إليه الدارقطنيُّ في العلل (11/224)، والبيهقيُّ في معرفة السنن والآثار (1/358-359) كتاب الطهارة، باب الغسل من غسل الميت.
وتابع معمرَ بنَ راشد هشامُ الدستوائي -في رواية هدبة بن خالد - أشار إلى ذلك الدارقطني في العلل (11/224).
وقد خالف معمرَ بنَ راشد أبانُ العطار، والأوزاعيُّ، وعليُّ بنُ المبارك، ومعاويةُ بن سلام، وهشام الدستوائي- في رواية عنه- فرووه عن يحيى بن أبي كثير، عن رجل من بني ليث -وقال الأوزاعي: من بني هذيل- عن أبي إسحاق، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
1- فأما رواية أبان العطار فقد أخرجها:
أحمد بن حنبل في مسنده (2/280 ) قال: حَدَّثَنَا يونس بن محمد.
والبخاريُّ في التاريخ الكبير (1/397) قال:وقال لنا موسى بن إسماعيل.
وأبو أحمد الحاكم في الأسامي والكنى (1/197) من طريق هدبة بن خالد.
جميعهم عن أبان بن يزيد–به-.
2- وأما رواية الأوزاعي فقد أخرجها: أبو أحمد الحاكم في الأسامي والكنى (1/189) قال: أخبرنا أبو القاسم البغوي، قال: أخبرنا هدبة بن خالد، قال: أخبرنا الحارث بن عطية، عن الأوزاعي ( ) وقع في النسخة المطبوعة خلط بين الإسنادين هكذا (أخبرنا أبو القاسم البغوي، قال: أخبرنا هدبة بن خالد، قال: أخبرنا أبان يعني ابن يزيد، نا عن يحيى بن أبي كثير، نا الحارث بن عطية، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير..). ) –به-.
3- وأما رواية علي بن المبارك فقد أخرجها: أبو أحمد الحاكم في الأسامي والكنى (1/197) قال: أخبرني أحمد بن محمد بن الحسن، قال: اخبرنا محمد بن يحيى قال: أخبرنا عثمان، قال: أخبرنا علي بن المبارك –به-، وأشار إليها ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (1/509) وذكر أنها عند بقي بن مخلد في مسنده.(1/155)
4- وأما رواية معاويةُ بن سلام فقد أشار إليها ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (1/509) وذكر أنها عند بقي بن مخلد في مسنده.
5- وأما رواية هشام الدستوائي فقد أشار إليها الدارقطني في العلل (11/224).
هذا وقد اختلف في هذا الحديث على أبي هريرة اختلافاً كثيراً، فمن ذلك:
1- رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً، رواه عن سهيل:
أ - عبدالعزيز بن المختار، رواه الترمذي في سننه ( 3/318رقم993) كتاب الجنائز، باب ما جاء في الغسل من غسل الميت، وقال:((حديث أبي هريرة حديث حسن وقد روي عن أبي هريرة موقوفاً))، وابن ماجه في سننه (1/470رقم1463) كتاب الجنائز، باب ما جاء في غسل الميت، والبيهقي في السنن الكبرى (1/300-301) كتاب الطهارة، باب الغسل من غسل الميت.
ب- وحماد بن سلمة، علقه البخاري في التاريخ الكبير (1/397)، ورواه ابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان ( 3/435-436رقم1161) كتاب الطهارة، باب نواقض الوضوء-.
ج- وزهير بن محمد، رواه الطبراني في الأوسط (1/526رقم989).
د- وابن أبي ذئب، عنه: ابن جريج، رواه أبو نعيم في ذكر أخبار أصبهان (2/279)، وعنه أيضاً: ابن أبي فديك، رواه بقي بن مخلد في مسنده- كما في تنقيح التحقيق (1/509)- وذكرها الدارقطني في العلل (10/379) ووصفها بالغرابة، وسيأتي أن كبار الثقات رووه عن ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة مرفوعاً.
هـ- وابن جريج، رواه أحمد في مسنده (2/272-273)، وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه ( ص54رقم 33)، وبقي بن مخلد في مسنده- كما في تنقيح التحقيق (1/509)-.
و- ووهيب بن خالد، ذكر روايته الدارقطني في العلل (10/161).
ز- وسفيان بن عيينة، ذكر روايته الدارقطني في العلل (10/161)، ورواها أبو نعيم في الحلية (9/158) من طريق الشافعي عنه.
2- سهيل، عن أبيه، عن إسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة مرفوعاً، رواه عن سهيل:(1/156)
أ- سفيان بن عيينة، رواه أبو داود في سننه ( 03/172-173) كتاب الجنائز، باب ما في الغسل من غسل الميت، من طريق حامد بن يحيى عنه، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (1/301)، وذكر روايته الدارقطني في العلل (10/161) من طريق الحميدي، وابن أبي عمر عنه.
ب- وخالد بن عبد الله عند بقي بن مخلد في مسنده ذكر ذلك ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (1/509).
3- سهيل، عن أبيه، عن إسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة موقوفاً، رواه عن سهيل:
أ- إسماعيل بن جعفر، ذكر روايته الدارقطني في العلل (10/162).
ب- وابن علية رواه البخاري في التاريخ الكبير (1/397)، وذكر البيهقي في السنن الكبرى (1/301) رواية ابن علية ثم قال:((رواه ابن علية عن سهيل مرة مرفوعاً ومرة موقوفاً)).
ج- وسفيان بن عيينة، ذكره البخاري في التاريخ الكبير (1/397).
4- سهيل، عن إسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة موقوفاً، لم يذكر أبا صالح رواه عن سهيل: إسماعيل بن علية، ذكر روايته الدارقطني في العلل (10/162).
5- سهيل، عن أبيه، عن الحارث بن مخلد، عن أبي هريرة مرفوعاً، رواه عن سهيل: وهيب بن خالد، رواه البيهقي في السنن الكبرى (1/301).
وسهيل بن أبي صالح صدوق تغير بأَخَرة ( كما سيأتي في ترجمته في المسألة رقم 1106)، لذا جعل الدارقطني العلة فيه فقال في العلل (10/162):((ويشبه أن يكون سهيل يضطرب فيه))، وهو الأقرب، والله أعلم.
6- وهيب بن خالد، عن أبي واقد، عن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، وإسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة مرفوعاً، رواه البيهقي في السنن الكبرى (1/301)، وذكرها البخاري في التاريخ الكبير (1/397)، وأبوواقد واسمه صالح بن محمد ضعيف الحديث (التقريب (ص273رقم2885) ).(1/157)
7- ابن وهب، عن إسامة، عن سعيد بن أبي سعيد مولى المهري، عن إسحاق مولى زائدة، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً، رواه البخاري في التاريخ الكبير (1/397)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (1/301)، وسعيد بن أبي سعيد مجهول الحال (انظر: لسان الميزان (3/31) ).
8- محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً، رواه البيهقي في السنن الكبرى (1/300)، وذكره البخاري في التاريخ الكبير (1/397)
9- يحيى بن أبي كثير، عن أبي إسحاق، عن أبي هريرة، تقدم تخريجها وهي التي سُئل عنها أبو حاتم في هذه المسألة.
10- يحيى بن أبي كثير، عن رجل من بني ليث أو هذيل، عن أبي إسحاق، عن أبي هريرة، تقدم تخريجها.
11- ابن لهيعة، عن حنين بن حكيم، عن صفوان بن سليم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً، رواه ابن عدي في الكامل (2/456) وقال:((أحاديث ابن لهيعة، عن حنين غير محفوظة))، والبيهقي في السنن الكبرى (1/302) وقال:((لا يحتج بهما، والمحفوظ من حديث أبي سلمة ما أشار إليه البخاري موقوف من حديث أبي هريرة)).
12- محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً، رواه عن محمد:
أ- حماد بن سلمة، رواه البخاري في التاريخ الكبير (1/397) وقال:((لا يصح))، وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (56رقم 36)، وقال أبو حاتم في علل الحديث (1/351رقم1035):((هذا خطأ إنما هو موقوف عن أبي هريرة لا يرفعه الثقات))، وذكر روايته الدارقطني في العلل (9/293).
ب- ومحمد بن شجاع-وهو متروك-، رواه ابن عدي في الكامل (6/217).
ج- وأبو بحر البكراوي -وهو ضعيف-، رواه ابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (55رقم 34)، وذكر روايته الدارقطني في العلل (9/293)، وعزاها المحقق إلى البزار (مخطوط 2/147).
13- محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة موقوفاً، رواه عن محمد:
أ- عبدة بن سليمان، رواه ابن أبي شيبة في المصنف(3/269)، كتاب الجنائز، من قال على غاسل الميت غسل.(1/158)
ب- ابن علية ، رواه ابن المنذر في الأوسط (5/350رقم2967).
ج- معتمر بن سليمان، رواه ابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (56رقم35).
د- الدراوردي، رواه البخاري في التاريخ الكبير (1/397) وقال:((وهذا أشبه)).
ه- عبدالوهاب بن عطاء، رواه البيهقي في السنن الكبرى (1/302).
و- ثابت بن يزيد، وذكر روايته الدارقطني في العلل (9/293).
ز- يزيد بن هارون، رواه ابن أبي شيبة (3/369) كتاب الجنائز، من كان إذا حمل الجنازة توضأ.
وقد رجح الوقف غير البخاري، وأبي حاتم، البيهقيُّ فقد قال في معرفة السنن (1/359): ((وروي عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً، وروي عنه موقوفاً، والموقوف أصح)).
14- عمرو بن أبي سلمة الدمشقي، عن زهير بن محمد، عن العلاء بن عبدالرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً، رواه الطبراني في المعجم الوسط (1/527رقم990)، وابن شاهين في ناسخ الحديث (ص53رقم31)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/302)، وقال:((زهير بن محمد، قال البخاري:روى عنه أهل الشام أحاديث مناكير))، وذكر روايته الدارقطني في العلل (9/293)، وقال:((ليس بمحفوظ))، وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (3/285) عن هذا الطريق:((غير معروف)).
15- ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي هريرة مرفوعاً، رواه حبان بن علي عنه، ذكر روايته الدارقطني في العلل (10/ 378)، وقال:((حديث المقبري أصح))، وما أدري ما سبب ترجيح الدارقطني لرواية حبان مع أنه ضعيف ( نظر: تهذيب الكمال (5/339-344)، التقريب (ص149رقم 1076) ) وخالف كبار الثقات كما سيأتي.
16- ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة مرفوعاً، رواه عنه:
أ- شبابة بن سوار، رواه ابن أبي شيبة في المصنف (3/269، و369)، وبقي بن مخلد في مسنده- كما في تنقيح التحقيق (1/509)-.
ب- و أبو داود الطيالسي، في مسنده (ص305رقم2314).
ج- ويحيى القطان، رواه أحمد في مسنده (2/433)، و(2/472).(1/159)
د- وحجاج بن محمد، رواه أحمد في مسنده (2/454).
ه- ويحيى بن المغيرة، رواه ابن شاهين في ناسخ الحديث (ص53رقم32).
و- وابن أبي فديك، رواه بقي بن مخلد في مسنده- كما في تنقيح التحقيق (1/509)-، وذكره الدارقطني في العلل (10/ 379).
ز،ح- والدراوردي، وعبد الصمد بن النعمان، ذكر ذلك الدارقطني في العلل (10/ 379).
ط- ويحيى بن أيوب، رواه الخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/178).
ي- وحسين بن محمد، رواه علي بن الجعد في مسنده (ص404رقم2754).
ك- وأسد بن موسى، رواه البغوي في شرح السنة (2/186رقم339) الغسل من غسل الميت.
قال البيهقيُّ في السنن الكبرى (1/303):((هذا هو المشهور من حديث ابن أبي ذئب، وصالح مولى التوأمة ليس بالقوي))، وخالف صالح أبا سلمةَ فقد أوقفه كما تقدم.
17- ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن عمرو بن عمير، عن أبي هريرة مرفوعاً، رواه عنه: ابن أبي فديك، أخرجها أبو داود في سننه ( 03/172-173)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (1/303)، وقال:((هذا عمرو بن عمير إنما يعرف بهذا الحديث، وليس بالمشهور))، وقال الذهبي:((تفرد عنه القاسم بن عباس اللهببي))، -الميزان (3/282رقم6416)-، وانظر: الجرح (6/250)، وبيان الوهم والإيهام (3/283-284) )، وذكرها الدارقطني في العلل (10/379) ووصفها بالغرابة، وأشار إليها البخاري في التاريخ الكبير (6/355-356رقم2621).
18- عقيل بن خالد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة موقوفاً، رواه البيهقي في السنن الكبرى (1/303)، وذكرها الدارقطني في العلل ثم قال:((وفي ذلك نظر))، وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (3/285) عن هذا الطريق:((غير معروف)).
19- شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قوله، رواه البيهقي في السنن الكبرى (1/303)، وعقيل يقدم على شعيب عند الاختلاف في قول ابن معين، انظر: سؤالات ابن الجنيد (ص733رقم147)، شرح علل الترمذي (2/481).
- - -(1/160)
- الدراسة والحكم على الحديث:
اختلف في الحديث عن يحيى بن أبي كثير على وجهين:
الوجه الأوَّل: رواه معمر بن راشد، وهشامُ الدستوائي -في رواية هدبة بن خالد – عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي إسحاق، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثاني: رواه أبانُ العطار، والأوزاعيُّ، وعليُّ بنُ المبارك، ومعاويةُ بن سلام، وهشام الدستوائي- في رواية عنه- عن يحيى بن أبي كثير، عن رجل من بني ليث -وقال الأوزاعي: من بني هذيل- عن أبي إسحاق، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد رجح الدارقطنيُّ في العلل (11/224) رواية أبان ومن تابعه فقال:((والصحيح قول أبان ومن تابعه))، وقد قال أبو زرعة الدمشقي سالتُ أحمد عن أصحاب يحيى بن أبي كثير ؟ فقال: هشام، قلتُ: ثم من ؟ قال: أبان، قلتُ: ثم من ؟ فذكر آخر، قلتُ له: فالأوزاعي ؟ قال: الأوزاعي إمام ، وقال البرديجي:((أبانُ العطار أمثل من همام))، شرح علل الترمذي (2/486-487).
والحديث من هذا الطريق الراجح ضعيف لعلتين:
لجهالة أبي إسحاق، فقد ذكر أبوحاتم أنّه لا يُسمى ، وتابعه أبو أحمد الحاكم، والذهبي، ولا يعرف أيضاً نسبه و لا حاله فهو مجهول العين.
وإبهام الراوي عنه.
وتبين أيضاً مما تقدم أنَّ الحديث اختلف فيه اختلافاً شديداً مما جعل كبار الأئمة يضعفونه مرفوعاً -كما سيأتي بعد ذكر الشواهد-:
وللحديث شواهد من حديث حذيفة بن اليمان، والمغيرة بن شعبة، وعائشة أم المؤمنين :(1/161)
1-فأما حديثُ حذيفةَ بنِ اليمان فقد أخرجه: الطبراني في الأوسط (3/364رقم2781)، وابن شاهين في ناسخ الحديث (ص57رقم37)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/303-304) من طريق يزيد بن زريع، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن أبيه، عن حذيفة مرفوعاً:((من غسل ميتاً فليغتسل)). ثم قال البيهقي:((قال أبو بكر بن إسحاق الفقيه: خبر أبي إسحاق، عن أبيه، عن حذيفة ساقط))، وقال أبو حاتم في علل الحديث (1/354رقم1046):((هذا حديثٌ غلط))، وبين الدارقطنيُّ في العلل (4/146رقم475) أنّ سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وإسرائيل بن يونس، وشريك بن عبد الله، وزهير بن محمد، وقيس بن الربيع، وورقاء بن عمر، وإبراهيم بن طهمان رووه عن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب، عن علي، وقال عن رواية يزيد بن زريع، عن معمر:((ولا يثبت هذا عن أبي إسحاق، والمحفوظ قول الثوري، وشعبة ومن تابعهما))، فهذا الخبر ساقط كما قال أبو بكر بن إسحاق الفقيه.
2- وأما حديث المغيرة بن شعبة، فأخرجه: أحمد في مسنده (4/246) قال: حَدَّثَنَا يعقوب ، حَدَّثَنَا أبي، عن ابن إسحاق، قال: وقد كنتُ حفظت من كثير من علمائنا بالمدينة أنّ محمد بن عمرو بن حزم كان يروي عن المغيرة أحاديث منها أنه حدثه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:((من غسل ميتاً فليغتسل))، فهذا الحديث ضعيف لإبهام من حدّث ابن إسحاق، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/22 ):((في إسناده من لم يسم)).(1/162)
3- وأما حديث عائشة، فأخرجه: أبو داود في سننه (1/96رقم 348) كتاب الطهارة، باب في الغسل يوم الجمعة، وأيضاً (3/201رقم3160)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (1/300)، وابن أبي شيبة في المصنف (3/268)، وإسحاق بن راهويه في مسنده معلقاً ( 2/81 رقم5)، وأحمد في مسنده (1/152)، وابن خزيمة في صحيحه (1/126رقم256) كتاب الوضوء، باب استحباب الاغتسال من الحجامة ومن غسل الميت، والعقيلي في الضعفاء الكبير (4/197)، والدارقطني في سننه (1/113) كتاب الطهارة، باب في وجوب الغسل بالتقاء الختانين وإن لم ينزل، والحاكم في المستدرك (1/163) كتاب الطهارة، من طرق عن مصعب بن شيبة، عن طلق بن حبيب، عن عبدالله بن الزبير، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم ((أنه كان يأمر بالغسل من الجنابة، والحجامة، ومن غسل الميت، ويوم الجمعة)).
ونقل أبو داود عقب تخريجه (3/201) عن أحمد قوله:((وحديث مصعب ضعيف، فيه خصال ليس العمل عليه))، وقال الدارقطني عقب روايته:((مصعب بن شيبة ليس بالقوي، ولا بالحافظ))، وقال البخاريُّ -كما في علل الترمذي الكبير (ص143رقم246)-:((وحديث عائشة في هذا الباب ليس بذاك))، ونقل ابن أبي حاتم عن أبي زرعة -كما في علل الحديث (1/49رقم113)- قوله:((لا يصح هذا، رواه مصعب بن شيبة، وليس بالقوي، قلتُ لأبي زرعة: لم يُرو عن عائشة من غير حديث مصعب ؟ قال: لا))، وقال ابن عبد البر في الاستذكار (8/202):((وأما حديث مصعب بن شية..فمما لا يحتج به، ولا يقوم عليه)).
هذا وقد ضعف أحاديث الباب عددٌ من الأئمة، والذي وقفتُ عليه:(1/163)
الشافعي، فقد قال -كما في معرفة السنن والآثار (1/357)-:((وإنما منعني من إيجاب الغسل من غسل الميت أنّ في إسناده رجلاً لم أقع من معرفة ثبت حديثه إلى يومي هذا على ما يقنعني فإن وجدت من يقنعني من معرفة ثبت حديثه أو جبته))، وقال أيضاً -كما في المصدر السابق-:((وإنما لم يقو عندي أنه يروى عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، ويدخل بعض الحفاظ بين أبي صالح، وبين أبي هريرة إسحاق مولى زائدة)).
وعلي بن المديني، قال البخاريُّ -كما في علل الترمذي الكبير(ص143)-:((إنّ أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني قالا: لايصح في هذا الباب شيء)).
وأحمد بن حنبل، ففي مسائله رواية ابنه عبد الله (1/78-79):((سُئل أبي -وأنا أسمع- عن حديث أبي هريرة:" من غَسلِ الميتِ الغُسْلُ"، قال: ليس فيه حديث يثبت)).
والبخاري، فقد رجح في التاريخ الكبير (1/397) أنّ الحديث موقوف على أبي هريرة، ونقل فيما تقدم قول أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني في معرض الاحتجاج.
ومحمد بن يحيى الذهلي، فروى البيهقي في السنن الكبرى (1/302) عنه قوله:((لا أعلم فيمن غسل ميتاً فليغتسل حديثاً ثابتاً)).
والمزني، فنقل عنه النووي في المجموع (5/185) قوله:((وقال هذا الغسل ليس بمشروع، وكذا الوضوء من مس الميت وحمله لأنه لم يصح فيهما شيء)).
وأبو حاتم، تقدم أنه رجح أنّ الحديث موقوف على أبي هريرة.
وابن المنذر، فقد قال في الأوسط (5/351):((الاغتسال من غسل الميت لا يجب، وليس فيه خبر يثبت)).
-والدارقطني، فقد تقدم أنه يرى أن سهيلاً يضطرب في الحديث.
-والبيهقي، فقد قال في السنن الكبرى (1/303) بعد بحث مسهب طويل:((الروايات المرفوعة في هذا الباب عن أبي هريرة غير قوية لجهالة بعض رواتها، وضعف بعضهم، والصحيح عن أبي هريرة من قوله موقوفاً غير مرفوع)).
وابن رُشْد في بداية المجتهد (1/29).
وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/375-379).(1/164)
والنووي، فقد قال في المجموع (5/185) بعد أن ذكر أن الترمذي حسنه:((وقد ينكر عليه قوله إنه حسن، بل هو ضعيف، وقد بين البيهقي وغيره ضعفه))، وقال في شرح صحيح مسلم (7/6):((ضعيف بالاتفاق)).
وقال الرافعي -كما في التلخيص الحبير (1/137)-:((لم يصحح علماء الحديث في هذا الباب شيئاً مرفوعاً)).
وأقدم منْ وجدتُه صحح حديث أبي هريرة ابن حبان حيث أخرجه في صحيحه كما تقدم، وابن حزم في المحلى (1/250)، وقال ابن حجر في التلخيص الحبير (1/137):((وفي الجملة هو بكثرة طرقه أسوا أحواله أن يكون حسناً)).
والذي يظهر أنّ هذه الطرق -على كثرتها عن أبي هريرة - يُعل بعضها بعضاً، والصواب الوقف عنه كما رجحه إمام العلل في زمانه البخاري وغيرهُ -كما تقدم-، فعلى هذا لا يصح في هذا الباب شيء مرفوع كما نصَّ على ذلك كبار الأئمة، والله أعلم.
- - - -
7- [1095] وسَأَلْتُ / أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ(1)، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنِ بنِ عَطِيَّة(2)، عَنْ أَبِيهِ(3)، عَنْ جَدِّهِ(4)، عَنْ أَبِي سَعِيدِ الْخُدْرِيِّ(5) قَالَ :((لَعَنْ رَسُولُ اللَهِ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّائِحَةََ* وَالْمُسْتَمِعَةَ))، قَالَ أَبِي: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَر، ومُحَمَّدُ بنُ الحَسَن بنِ عَطِيَّة، وأَبُوهُ، وجَدُّهُ ضُعَفَاءُ الْحَدِيثِ.
........................................
* النائحة : اسم فاعل من ناحَ يَنُوحُ نَوْحاً، ويُقالُ: نائحة ذات نياحة، قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (5/ 367) :((نَوْح: النون والواو والحاء أصلٌ يدلُ على مقابلة الشيء للشيء..ومنه النّوح والمناحة لتقابل النساء عند البكاء))، وقال القاضي عياض :((النوح والنياحة: اجتماع النساء للبكاء على الميت متقابلات، والتناوح: التقابل، ثم استعمل في صفة بكائهن بصوتٍ ورنّه وندبة))، وانظر : لسان العرب (2/627)، المطلع (ص121).
ــــــــــــــــــ(1/165)
(1) محمدُ بنُ ربيعة الكِلابيُّ الرُّؤاسيُّ، أبو عبدالله الكوفي، روى عن: الأعمش، ومحمد بن حسن بن عطية، وهشام بن عروة وغيرهم، وعنه: أحمد بن حنبل، ومحمود بن غيلان، ويحيى بن معين وغيرهم.
ثقة، وثقه ابن معين- في رواية الدارمي، وابن أبي خيثمة -، وأبو داود، والدارقطني، وذكره ابن حبان، وابن شاهين في ثقاتيهما، وقال ابن معين- في رواية الدوري- :((ليس به بأس))، وقال أبو حاتم :((صالح الحديث))، وقال ابن حجر :((صدوق))، روى له البخاري في ((الأدب المفرد)) والأربعة، مات بعد التسعين ومائة.
انظر : تاريخ الدوري (2/ 515)، تاريخ الدارمي (ص214رقم797)، سؤالات الآجري (1/ 278رقم419)، الجرح (7/ 252رقم1383)، تاريخ أسماء الثقات (ص285رقم1169)، سؤالات البرقاني (رقم 430)، تاريخ بغداد (5/ 274-275)، تهذيب الكمال (25/ 196-199)، التهذيب (9/ 162-163)، التقريب (478رقم5877).
(2) هو : محمد بن حسن بن عطيَّة بن سعد العَوْفِيّ، أبو سعد الكوفي، روى عن: أبيه الحسن بن عطية، ومحمد بن عبدالرحمن، وعنه: عبدالله بن داود الخريبي، ومحمدُ بنُ ربيعة.
ضعيف، قال ابن معين :((ليس بمتين))، وقال أبو زرعة :((ليّن الحديث))، وقال البخاري :((لم يصح حديثه))، وضعفه أبو حاتم-كما هنا والجرح-، وقال العقيلي :((مضطرب الحفظ))، وقال ابن حبان :((منكر الحديث، يروي أشياء لا يتابع عليها، ولا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد))، وقال الذهبي :((ضعفوه ولم يترك))، وقال ابن حجر :((صدوق يخطئ))، روى له أبو داود فقط.
انظر : التاريخ الكبير (1/ 66 رقم 151)، الضعفاء الكبير (4/ 49-50)، الجرح ( 7 / 226رقم1251)، المجروحين ( 2/284)، تهذيب الكمال ( 25/70-71)، الميزان (3/ 513-514)، المغني (2/568رقم5411)، شرح علل الترمذي (2/793)، التهذيب (9/118)، التقريب (ص474رقم5817).(1/166)
(3) هو : حسن بن عطيَّة بن سعد بن جُنَادة العَوْفِيّ، روى عن: جده سعد بن جُنَادة، وأبيه عطيَّة العَوْفِيّ، وعنه: ابناه حسين، ومحمد، وحكام بن سلم وغيرهم.
ضعيف، قال البخاري :((ليس بذاك))، وضعفه أبوحاتم -كما هنا والجرح-، وقال ابن حبان :((منكر الحديث، فلا أدري البلية في أحاديثه منه أو من أبيه أو منهما معاً ؟ لأنّ أباه ليس بشيء في الحديث، وأكثر روايته عن أبيه، فمن هنا اشتبه أمره ووجب تركه))، وقال ابن حجر :((ضعيف))، وقال ابن معين :((لم يكن به بأس))، روى له أبو داود فقط، مات سنة إحدى وثمانين ومائة.
انظر : التاريخ الكبير (2/ 301رقم2541)، تاريخ الدوري (2/115) الجرح (3/26رقم112)، المجروحين (1/234)، تهذيب الكمال ( 6/211-212)، الميزان (1/503رقم1888)، شرح علل الترمذي (2/792)، التقريب (ص162رقم1256).
(4) هو : عطيَّة بن سعد بن جُنَادة العَوْفِيّ، أبو الحسن الكوفي، روى عن: أبي سعيد، وابن عباس، وأبي هريرة وغيرهم، وعنه: ابناه الحسن وعمر، والأعمش وغيرهم.
ضعيف ويدلس، ضعفه الثوري، وهشيم، وأحمد، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والنسائي، والدارقطني وغيرهم، قال ابن حبان :((سمع من أبي سعيد الخدري أحاديث، فلما مات أبو سعيد جعل يجالس الكلبي ويحضر قصصه، فإذا قال الكلبي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، فيحفظه، وكناه أبا سعيد، ويروي عنه، فإذا قيل له: من حدّثك بهذا؟ فيقول: حدثني أبو سعيد، فيتوهمون أنه يريد أبا سعيد الخدري، وإنما أراد به الكلبي، فلا يحل الاحتجاج به ولا كتابة حديثه إلا على جهة التعجب))، وقال ابن عدي :((وهو مع ضعفه يكتب حديثه، وكان يعد من شيعة الكوفة))، روى له البخاري في ((الأدب المفرد))، وأبوداود، والترمذي، وابن ماجه، مات سنة إحدى عشرة ومائة.
انظر : الجرح (6/382-383رقم2125)، المجروحين (2/176)، الكامل (5/369-370)، تهذيب الكمال ( 20/145-149)، شرح علل الترمذي (2/791)، التهذيب (7/224-226).(1/167)
(5) هو: سعد بن مالك بن سنان الأنصاري، أبو سعيد الخدريّ، مشهورٌ بكنيته، له ولأبيه صحبة، مات بالمدينة سنة أربع وسبعين، وقيل: غير ذلك.
انظر : الإصابة ( 2/35 )، التقريب (ص232رقم2253).
- - -
- التخريج :
- محمد بن ربيعة، عن محمد بن حسن بن عطية، عن أبيه، عن جده، عن أبي سعيد الخدري قال :((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم النائحة والمستمعة)).
أخرجه :
-أبو داود في سننه (3/193رقم3128) كتاب الجنائز، بابٌ في النوح، -ومن طريقه رواه البيهقي في السنن الكبرى (4/63) كتاب الجنائز، بابٌ ما ورد في التغليط في النياحة والاستماع لها، وابنُ عبدالبر في التمهيد (17/281)-.
- والبخاريّ في التاريخ الكبير (1/66).
كلاهما عن إبراهيم بن موسى.
-وأحمد بنُ حنبل في مسنده (3/ 65)، -ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (6/212)-.
- والبغويُّ في شرح السنة (5/ 439) كتاب الجنائز، باب النهي عن النياحة والندب، من طريق محمد بن حرب.
- والأصبهاني في الترغيب والترهيب (3/ 239 رقم2434) من طريق يحيى بن معين.
جميعهم عن محمد بن ربيعة –به-، وذكره البيهقيُّ في شعب الإيمان (7/240) بلا إسناد.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
تبين مما تقدم أنّ الحديث تفرد به محمد بنُ الحسن بن عطية، عن أبيه ، عن جده وكلهم ضعفاء الحديث، وقد ضعفه ابنُ الملقن فقال في خلاصة البدر المنير (1/277) :((إسنادٌ واهٍ))، وضعفه ابنُ حجر في التلخيص الحبير (2/139)، فالحديث منكر كما قال أبو حاتم.
هذا وللحديث شواهد لا يعتمد عليها إنما تُذكر للتنبيه عليها من حديث ابن عباس، وابن عمر، وأبي هريرة.
-فأما حديثُ ابنِ عباس :(1/168)
فرواه البزار -كما في كشف الأستار (1/376)-، والطبراني في المعجم الكبير (11/145رقم1309) كلاهما من طريق أبي غسان، قال: حَدَّثَنَا الصباح أبو عبد الله الفراء، عن جابر، عن عطاء، عن ابن عباس قال: لعن رسول الله النائحة والمستمعة، وقال :((ليس للنساء في الجنازة نصيب)).
وهذا الإسناد ضعيفٌ جداً من أجل :
- جابر وهو ابن يزيد الجُعْفي متروك الحديث، ويدلس، وكان غاليا بالرفض، كما سيأتي في ترجمته في المسألة رقم ( 1166).
- الصباح أبو عبد الله الفراء، قال الهيثمي- كما في مجمع الزوائد (3/13)- :((لم أجد من ذكره))، ونقل ابن حجر - كما في مختصر زوائد مسند البزار (1/348 رقم562)- عن الهيثمي قوله :((الصباح ضعيف))، ثم عقبه بقوله :((وجابر هو الجعفي أشد ضعفاً منه)).
-وأمَّا حديثُ ابنِ عمر :
فرواه الطرسوسي في مسند عبد الله بن عمر (ص25 رقم25)، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (4/63) كلاهما من طريق عُفير بن معدان، قال: حَدَّثَنَا عطاء بن أبي رباح أنه كان عند ابن عمر وهو يقول : إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة والحالقة والسالقة والواشمة والموتشمة وقال :((ليس للنساء في إتباع الجنائز أجر)).
وهذا الإسناد ضعيف جداً من أجل :
- عُفير بن معدان فهو ضعيفٌ جداً، قال البخاريُّ :((منكر الحديث))، وقال أبوزرعة الرازي :((حديثه ضعيفٌ جداً))، وقال ابن عدي :((عامة رواياته غير محفوظة)). انظر: التاريخ الصغير (2/161)، وأبوزرعة الرازي (2/372)، الكامل ( 5/379-382)، الميزان (3/83).
وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير - كما في مجمع الزوائد (3/14)، ولم أجده في المطبوع من مسند ابن عمر فلعله في الجزء المفقود من المعجم- وقال الهيثمي :((فيه الحسن بن عطية ضعيف))، وضعفه ابن حجر كما في التلخيص الحبير (2/139).
-وأمّا حديثُ أبي هريرة :(1/169)
فرواه ابنُ عدي في ترجمة عمر بن يزيد المدائني من الكامل (5/29) قال: حَدَّثَنَا ابن ياسين، حَدَّثَنَا محمد بن معاوية، حَدَّثَنَا عمر، قال: سمعتُ الحسن بن أبي الحسن البصري حدّث عن أبي هريرة قال :((لعن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم النائحةَ والمستمعةَ والمغني والمغنى له)).
وهذا السند ضعيفٌ من أجل :
- عمر بن يزيد، فقد قال ابن عدي عنه :((منكر الحديث...وهذه الأحاديث عن عطاء والحسن غير محفوظة)).
- والحسن البصري لم يسمع من أبي هريرة، قاله أيوبُ السختياني، وعلي بنُ زيد، وأحمدُ بنُ حنبل، وبهزُ بنُ أسد، وابنُ المديني، وأبو حاتم، والبزار، وقال شعبة :((قلتُ ليونس بن عبيد: سمع الحسن من أبي هريرة؟ قال: ما رآه قط))، وقال أبو زرعة : لم يره، قيل له: فمن قال: حَدَّثَنَا أبو هريرة؟ قال: يخطئ، وقال الدارقطني :((والحسن لم يثبت سماعه عن أبي هريرة)). انظر : جامع التحصيل (ص164)، التهذيب (2/266-268)، العلل (10/266) ).
وضعف هذا الحديث غير ابن عدي ابنُ حجر كما في التلخيص الحبير(2/139).
ولكن وردت أحاديثُ صحيحة تنهى عن النياحة، وتبين عقوبة النائحة، من ذلك :
1- ما رواه مسلم في صحيحه (2/644رقم 934) كتاب الجنائز، باب التشديد في النياحة، وأحمد بن حنبل في مسنده (5/434)، وابنُ حبان في صحيحه -كما في الإحسان (7/412-413رقم3143) كتاب الجنائز، فصل في النياحة ونحوها- وغيرهم من طريق أبي سلاّم، عن أبي مالك الأشعري أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال :((أربعٌ في أمتي من أمر الجاهلية، لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة، والنائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سِرْبال من قطران، ودرع من جراب)).
2- وما أخرجه مسلمٌ أيضاً (2/645رقم 936) من طريق محمد بن سيرين، عن أم عطية قالت: :((أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع البيعة ألاّ ننوح..)).(1/170)
3- وما أخرجه أيضاً في صحيحه (1/82رقم 121)كتاب الإيمان، باب إطلاق اسم الكفر على الطعن في النسب والنياحة، من طريق الأعمش، عن أبي صالح ،عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعنُ في النسب، والنياحةُ على الميت)).
- - - -
9- [1097] وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ الْمُحَارِبِيّ(1)، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بنِ الْفَضْل(2)، عَنْ سَالِمٍ الأَفْطَس(3)، عَنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاح(4)، عَنْ ابْنِ عُمَرَ(5) قَالَ: قَالَ رَسُول اللَهُ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((منْ قَالَ: لا إلَه إلاّ اللَهُ فَصَلُّوا عَلَيْهِ، وَصَلُّوا وَرَاءَهُ))، قَالَ أَبِي: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، لا أَعْلَمُ لسَالِم حَدِيث مُسْنَد* -يعَنْي فِي هَذَا الْبَابِ -.
.........................................
* كذا في جميع النسخ :((حديث مسند))!!، وعلى مقتضى قواعد اللغة العربية: حديثاً مسنداً، وتقدم الكلام على كثرة الأخطاء اللغوية في النسخة، وتوجيه ذلك في المقدمة في الفصل الثاني من الباب الثالث قسم الدراسة، وينبه أنّ محقق العلل أصلح الخطأ في المتن ولم ينبه على ذلك في الحاشية !.
ـــــــــــــــــــــ
(1) هو: عبدُالرحمن بن محمد بن زياد المُحاربيُّ، أبو محمد الكوفي، روى عن: إبراهيم بن الفضل المخزومي، والأعمش، ويحيى بن سعيد وغيرهم، وعنه: أحمد بن حنبل، وعلي بن حرب، وابن نُمير وغيرهم.
ثقةٌ زاهدٌ يرسل، وثقه ابن معين، والنسائي، والدارقطني وغيرهم، وقال أبو حاتم :((صدوق إذا حدّث عن الثقات، ويروي عن المجهولين أحاديث منكرة فيفسد حديثه بروايته عن المجهولين))، وقال أحمد :((ولم نعلم المحاربي سمع من معمر شيئاً، وبلغنا أنّ المحاربي كان يدلس))، وقال الذهبيُّ :((ثقة نبيل، روى مناكير عن مجاهيل))، روى له الجماعة، مات سنة خمس وتسعين ومائة.(1/171)
انظر : الضعفاء الكبير (2/347-348)، الجرح ( 5/282 رقم1342)، سؤالات الحاكم (ص235رقم380)، تهذيب الكمال ( 17/386-390)، الرواة الثقات (ص123رقم51)، التهذيب (6/265-266).
(2) هو : إبراهيم بنُ الفضل المخزومي، أبو إسحاق المدنيُّ، روى عن: سعيد المقبري، وعبدالله بن عقيل، وعبد الله النوفلي، وعنه: عبدُالرحمن المُحاربيُّ، وعبيد الله بن موسى، ووكيع بن الجراح وغيرهم.
متفقٌ على ضعفه، قال البخاريّ :((منكر الحديث))، وقال الذهبيّ :((تركه غير واحد))، روى له الترمذي وابن ماجه.
انظر : التاريخ الكبير (1/311 رقم989)، تهذيب الكمال (2/165-167)، ديوان الضعفاء (ص18رقم225).
(3) هو : سالم بن عَجْلان الأفْطَس، القرشي، أبو محمد الجَزَري، الحرّاني، روى عن : الزهري، وسعيد بن جبير، وأبي عبيدة بن عبد الله وغيرهم، وعنه: إسرائيل بن يونس، والثوري، ومروان بن شجاع وغيرهم.
ثقةٌ عابدٌ رمي بالإرجاء، وثقه ابن سعد، وأحمد، والعجليّ، والدارقطنيُّ وغيرهم، وقال ابن معين :((صالح))، وقال أبو حاتم :((صدوق، كان مرجئاً، نقي الحديث))، وقال ابن حجر :((ثقة رمي بالإرجاء))، روى له البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة.
انظر: طبقات ابن سعد ( 7/481)، معرفة الثقات (1/381رقم536)، الجرح (4/ 186رقم806)، سؤالات الحاكم (ص219رقم343)، تهذيب الكمال (10/ 164-168)، التقريب (ص227رقم2183).
(4) هو : عطاء بن أبي رَبَاح :أسلم القرشي، مولاهم، أبو محمد المكيّ، روى عن: عائشة أم المؤمنين، وابن عمر، وأبي هريرة وغيرهم، وعنه: الأوزاعيّ، وابن جريج، والليث بن سعد وغيرهم.(1/172)
متفق على جلالته وإتقانه وفقهه وعبادته وكان يرسل، قال أحمد :((وليس في المرسلات أضعف من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رَبَاح فإنهما كانا يأخذان عن كل أحد))، وقال ابن حبان :((كان من سادات التابعين فقهاً، وعلماً، وورعاً، وفضلاً))، روى له الجماعة، مات سنة أربع عشرة أو خمس عشرة ومائتين.
انظر : المعرفة والتاريخ ( 3/239-240)، الثقات (5/198 )، تهذيب الكمال (20/ 69-86).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091).
- - -
- التخريج :
- المحاربي، عن إبراهيم بن الفضل، عن سالم الأفطس، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((من قال لا إله إلاّ الله…))، الحديث.
لم أجد من أخرجه من طريق المحاربي.
وقد تابع إبراهيمَ بنَ الفضل محمدُ بنُ الفضل، أخرجه :
-الطبرانيُّ في المعجم الكبير (12/ 447 رقم 13622) قال : حدثنا أحمد بن الجعد الوشاء قال: حدثنا محمد بن بكار قال: حدثنا محمد بن الفضل عن سالم الأفطس عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((صلوا على من قال لا إله إلا الله وصلوا وراء من قال لا إله إلا الله)).
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/67) :((وفيه محمد بن الفضل بن عطية وهو كذاب)).
وتابع سالمَ بنَ عجلان الأفطس عثمانُ بنُ عبد الرحمن، أخرجه :
- الدارقطني في سننه (2/56) كتاب العيدين، باب صفة من تجوز الصلاة معه، والصلاة عليه،قال : حدثنا محمد بن إسماعيل الفارسي ثنا أبو عمر محمد بن عبد الله البصري بحلب حدثنا حجاج بن نصير-ومن طريقه ابنُ الجوزي في العلل المتناهية (1/422)-.
- وأبو نعيم في ذكر أخبار أصبهان ( 2/317) قال: حدثنا عبد الرحيم بن محمد، قال: حدثنا إسماعيل بن عمرو.
كلاهما عن عثمان بن عبد الرحمن الوقاصيّ، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((صلوا على من قال لا إله إلا الله وصلوا خلف من قال لا إله إلا الله)).(1/173)
وعثمان بن عبد الرحمن هو: أبو عمر الوقاصيّ متروك وكذبه ابن معين، انظر: تهذيب الكمال (19/ 425-428).
وقد روي الحديث من طرق أُخرى عن ابن عمر :
1- سعيد بن جبير، عن ابن عمر :
رواه أبو نعيم في الحلية (10/ 320) قال: حَدَّثَنَا أبو بكر محمد بن أحمد، حَدَّثَنَا أبو الحسن بن أبان، حَدَّثَنَا إسحاق بن سُنَيْن، حَدَّثَنَا نصر بن حريش الصامت، عن المُشَمْعِل بن ملحان، عن سويد بن عمر، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير -به-.
وهذا السند ضعيفٌ من أجل:
أ- إسحاق بنُ سُنَيْن، فقد ضعفه الدارقطني كما في سؤالات الحاكم (ص104رقم58)
ب- ونصر بنُ حريش، ضعفه الدارقطني كما في تاريخ بغداد (13/286).
ج- والمُشَمْعِل بن ملحان، ضعفه أبو زرعة، والدارقطني، وقال ابن معين :((صالح الحديث))، انظر : الجرح ( 8/417 رقم1901)، تاريخ بغداد (13/251-252).
د- وسويد بن عُمر لم أقف له على ترجمة.
2- مجاهد، عن ابن عمر :
رواه الدارقطني في سننه (2/56)، -ومن طريقه ابنُ الجوزي في العلل المتناهية (1/423)-، وتمام في الفوائد (2/27 رقم 1034) من طريق محمد بن الفضل بن عطية، عن سالم الأفطس، عن مجاهد -به-.
وتقدم أنّ محمد بن الفضل كذاب، ويظهر أنّه يضطرب -أو يكذب- في الحديث فمرةً يجعل شيخ سالم عطاء بن أبي رباح ومرةً يجعله مجاهداً.
3- نافع، عن ابن عمر : وله عن نافع طريقان :
أ- طريق مالك بن أنس، رواه محمد بن المظفر في غرائب حديث الإمام مالك (ص131رقم74)، وابنُ عدي في الكامل (5/177)، وتمام في الفوائد (1/173 رقم401)، والخطيب في تاريخ بغداد (11/ 283)، والنسَفيُّ في القند في ذكر علماء سمرقند ( ص317 رقم569)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/423-424)، وعلقه ابن حبان في المجروحين (2/102) كلهم من طريق عثمان بن عبد الله القرشي، عن مالك -به-.(1/174)
قال ابن عدي :((وهذا بهذا الإسناد باطلٌ عن مالك))، وقال ابنُ حبان :((وليس هذا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من حديث ابن عمر، ولا من حديث نافع، ولا من حديث مالك))،
وعثمان وضّاع يضعُ الحديث كما في ترجمته من الكامل (5/176-178)، والمجروحين (2/102).
ب- وطريق عبيد الله بن عمر، رواه ابن عدي في الكامل (3/ 43)، والدارقطني في سننه (2/56)، -ومن طريقه ابنُ الجوزي في العلل المتناهية (1/424)، والضياءُ في المختارة كما قال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (2/1117) -، والخطيب في تاريخ بغداد (11/293) من طريق أبي الوليد خالد بن إسماعيل المخزومي، عن عبيد الله بن عمر، عن مالك -به-.
وأبو الوليد خالد بن إسماعيل المخزومي كذّاب، قال ابنُ عدي :((كان يضع الحديث على ثقات المسلمين)).
وتابعه وَهْب بنُ وهب، عن عبيد الله بن عمر -به-، رواه الخطيب في تاريخ بغداد (6/403)، -ومن طريقه ابنُ عساكر في تاريخ دمشق (36/221)، وابنُ الجوزيّ في العلل المتناهية (1/423)-، قال أحمد بن حنبل عن وهب بن وهب :((هو أكذب الناس))، انظر : لسان الميزان (6/231-234).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
تبيّن مما تقدم أنّ الحديث مداره على الضعفاء والمتروكين والكذابين فهو منكر، وليس لسالم الأفطس روايةٌ صحيحةٌ في هذا الباب كما قال أبو حاتم، وقد ضعف هذا الحديثَ وما كان في معناه عددٌ من الأئمة؛ منهم :
العقيليُّ، فقد قال في الضعفاء الكبير (3/90) :((وليس في هذا المتن شيءٌ يثبت)).
والدارقطنيّ، فقال في سننه (2/57) :((ليس فيها شيء يثبت)).
والبيهقيّ، فقال في السنن الكبرى (4/19) :((قد رُوي في الصلاة على كل بر وفاجر، والصلاة على منْ قال: لا إله إلاّ الله أحاديث كلها ضعيفة غاية الضعف)).
وابنُ الجوزي في العلل المتناهية (1/421-428).
وابنُ عبد الهادي في تنقيح التحقيق (2/1106-1117).(1/175)
وابن المُلقن، فقد قال في البدر المنير ( 2 / ل141أ، و142ب ) :((فالحاصل أنّ هذا الحديث من جميع طرقه لا يثبت)).
-وابنُ حجر في التلخيص الحبير (2/35).
- - - -
10- ] 1098[ وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ ثُمَامَةُ الْبَصْرِيّ( 1)، عَنْ أَبِي الزُّبير(2)، عَنْ جَابِر(3) قَالَ :((الكَفَنُ مِنْ جَميعِ الْمَالِ*))، قَالَ أَبِي: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَر.
.........................................
* أيّ أنّ كفن الميت يُخرجُ من رأس المال قبل قضاء الديون والوصايا والمواريث، قال ابن المنذر في الأوسط (5/362-363) :((قال بذلك جميع أهل العلم إلاّ رواية شاذة عن خلاس بن عمرو قال: "الكفن من الثلث"، وعن طاووس قال: " من الثلث إن كان قليلاً"))، وقال الخطابي -كما في عون المعبود (8/56)- :((فيه دلالة على أنّ الكفن من رأس المال، وأنه إن استغرق جميع المال كان الميت أولى به من الورثة))، وانظر : المجموع (5/ 188-189)، فتح الباري (3/141).
ـــــــــــــــــــــ
(1) هو : ثمامةُ بنُ عُبيدة العبديُّ، أبو خليفة البصري، روى عن : أبي الزبير، وثابت البناني، وعنه : أحمد بن عبدة، والحسن بن الربيع، وزيد بن الحباب وغيرهم.
متفق على ضعفه، قال البخاريُّ :((ضعفه عليٌّ، ونسبه إلى الكذب))، وقال أبو حاتم:((منكر الحديث)).
انظر : التاريخ الكبير (2/178 رقم 2120)، الجرح (2/467 رقم1899)، الكامل (2/108)، لسان الميزان (2/ 84).
(2) هو : محمد بن مسلم بن تَدْرُس القرشي، مولاهم، أبو الزُّبير المكي، روى عن: جابر بن عبد الله، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر وغيرهم، وعنه: أيوب السختياني، وشعبة بن الحجاج، وهشام بن عروة وغيرهم.(1/176)
ثقةٌ يدلس-وهو من الطبقة الثانية من المدلسين المقبول حديثهم-، وثقه ابن سعد، وابن المديني-وزاد ((ثبتٌ))-، وابنُ معين، والنسائي، وابنُ عدي، وقال عطاء بن أبي رباح :((كنَّا إذا خرجنا من عند جابر بن عبد الله تذاكرنا حديثه فكان أبو الزبير من أحفظنا للحديث))، وأثنى عليه أيوب السختياني وغيرهُ، وقال ابنُ عدي :((وكفى بأبي الزبير صدقاً أن يُحدّث عنه مالك، فإنّ مالكاً لا يروي إلاّ عن ثقة))، وقال ابنُ عبدالبر:((أبو الزبير تكلم فيه جماعة ممن روى عنه ولم يأت واحدٌ منهم فيه بحجة توجب جرحه، وقد شهدوا له بالحفظ وهو عندي من ثقات المحدثين))، وقد ذكره العلائي في الطبقة الثالثة من المدلسين - وهم من توقف فيهم جماعة فلم يحتجوا بهم إلاّ بما صرحوا فيه بالسماع وقبلهم آخرون مطلقاً كالطبقة الثانية - وتابعه ابنُ حجر، ولعل الأقرب في أبي الزبير أنْ يكون من الطبقة الثانية من المدلسين إذ ما نقل عنه من التدليس كان عن جابر فقط من غير رواية الليث بن سعد عنه، وهو من أحفظ الناس لحديث جابر كما تقدم( ) وانظر بحث ذلك موسعاً في العدد الثامن من مجلة جامعة الإمام (ص19-101).
)، روى له الجماعة، مات سنة ست وعشرين ومائة.
انظر : طبقات ابن سعد (5/ 481)، المعرفة والتاريخ (2/22-23)، سؤالات محمد بن عثمان لعلي بن المديني (ص87رقم 80)، الجرح (8/ 74-76 رقم319)، الكامل (6/121-126)، الاستغناء في معرفة المشهورين بالكنى (1/647-649)، تهذيب الكمال (26/402-411)، جامع التحصيل (ص113)، تعريف أهل التقديس (ص151-152رقم101).
(3) هو : جابر بن عبد الله بن عمرو بن حَرَام، الأنصاري، ثم السَلَمي، أبو عبد الله أحد المكثرين عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه جماعة من الصحابة، مات سنة أربع وسبعين بالمدينة.
انظر : الإصابة ( 1/213)، التقريب (ص136رقم 871).
( ( (
( التخريج :
لم أجد من أخرجه.
( ( (
( الدراسة والحكم على الحديث :(1/177)
قال أبو حاتم عن هذا الأثر إنه منكر، ويظهر أنّ ذلك من أجل راويه ثُمَامة البصري فهو منكر الحديث كما تقدم في ترجمته، وتفرده بهذا الأثر عن أبي الزبير مما يدل على شدة نكارته.
وقد بوّب الإمام البخاريُّ في صحيحه (3/140) في كتاب الجنائز، باباً قال فيه :((بابُ الكفن من جميع المال، وبه قال عطاء، والزهري، وعمرو بن دينار، وقتادة)).
قال ابنُ حجر في الفتح (3/141) :((وكأنّ المصنف راعى لفظ حديث مرفوع ورد بهذا اللفظ أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث عليّ وإسناده ضعيف، وذكره ابنُ أبي حاتم في العلل من حديث جابر، وحكى عن أبيه أنه منكر))، وقال في تغليق التعليق (2/ 464) :((وقد روينا هذه الجملة حديثاً مرفوعاً من طريق أبي الزبير، عن جابر، واستنكره أبو حاتم)).
ويلاحظ أنّ ابن أبي حاتم أورد الحديثَ من قول جابر بن عبد الله موقوفاً عليه وليس مرفوعاً كما قال الحافظ ابن حجر.
وأما حديثُ عليّ الذي أشار إليه ابن حجر وضعفه فقد رواه الطبراني في المعجم الأوسط (8/ 195 رقم 7397) قال: حَدَّثَنَا محمد بن أبان، قال: حَدَّثَنَا عبد الله بن هارون الفَرْويُّ، قال: حَدَّثَنَا يحيى بن محمد الجاري، عن محمد بن صدقة الفَرْويُّ، عن أبي ضمرة،، عن أبيه، عن جده، عن عليّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :((الكفنُ من جميع المال))، ثم قال الطبرانيّ :((لا يُروى هذا الحديث عن علي إلاّ بهذا الإسناد، تفرد به يحيى الجاري)).
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 23 ) :((وفيه عبد الله بن هارون الفروي وهو ضعيف)).
( ( ( ((1/178)
11- [1099[ وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ وَكِيعٌ( 1)، وأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ( 2)، عَنْ الأَسْوَدَ بْنِ شَيْبَانَ (3)، عَنْ بَحْرِ بْنِ مَرَّارٍ(4)، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بَكْرَةَ(5) قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ * صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرَّ عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ:((إِنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ))، فقَالَ :((ائتني بِجَرِيدَةٍ **))، وذَكَرَ الْحَدِيثَ.
ورَوَاهُ سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ( 6)، ومُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيمَ( 7)، وعَبْد اللَهُ بنُ أَبِي بَكْر العَتَكيّ( 8)، عَنْ الأَسْوَدَ بْنِ شَيْبَانَ، عَنْ بَحْرِ بْنِ مَرَّارٍ، عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي بَكْرَةَ ( 9)، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسَمِعْتُ أَبِي يقول: هَذَا أَصَحُ مِنْ حَدِيثِ وَكِيع.
………………………………
* كذا في جميع النسخ، وفي المطبوع ((النبي)) !.
** قال ابنُ الأثير في النهاية (1/257) :((الجَريدة :السَّعَفَة، وجَمْعُها جَرِيدٌ))، وقال ابنُ حجر في الفتح (1/319) :((وقيل: إنه خص الجريدة بذلك لأنه بطيء الجفاف)).
ـــــــــــــــــــــ
(1) هو : وكيع بن الجَرَّاح بن مَلِيح الرُّؤاسِيّ، أبو سفيان الكوفي، روى عن: الأسود بن شيبان، والأعمش، وهشام بن عروة وغيرهم، وعنه: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن معين وغيرهم.
متفق على جلالته وإتقانه وفضله، قال ابن سعد :((كان ثقةً، مأموناً، عالماً، رفيعاً، كثير الحديث، حجة))، وقال أحمد :((كان وكيع مطبوع الحفظ، كان وكيع حافظاً حافظاً، وكان وكيع أحفظ من عبد الرحمن بن مهدي كثيراً كثيراً))، روى له الجماعة، مات سنة سبع وتسعين ومائة.
انظر : الطبقات (6/ 394 )، الجرح (9/37-39رقم168)، تهذيب الكمال (30/462-484).(1/179)
(2) هو : سليمان بن داود بن الجارود، أبو داود الطّيالِسيُّ البصري، روى عن: أبان العطار، وشعبة بن الحجاج، وعبد الله بن عون وغيرهم، وعنه: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويونس بن حبيب وغيرهم.
ثقة حافظ ربما غلط، قال ابنُ المديني :((ما رأيتُ أحفظ من أبي داود الطيالسي))، وقال وكيع :((أبو داود جبل الحفظ))، وقال ابن سعد :((كان ثقة كثير الحديث، وربما غلط))، استشهد به البخاري في صحيحه وروى له الباقون، مات سنة أربع ومائتين.
انظر : الطبقات (7/ 298)، تاريخ بغداد (9/24-29)، تهذيب الكمال (11/401-408)، التقريب (ص250 رقم2550).
(3) هو : الأسود بن شيبان السّدُوسِيُّ، مولاهم، أبو شيبان البصري، روى عن: بَحْر بن مَرَّار، والحسن البصري، ويزيد بن الشخير وغيرهم، وعنه: أبو داود الطيالسيّ، ووكيع بن الجَرَّاح، ويزيد بن هارون وغيرهم.
ثقة عابد، وثقه ابن معين، وأحمد بن حنبل، والنسائي وغيرهم، روى له البخاري في ((الأدب)) والباقون سوى الترمذي، مات سنة خمس وستين ومائة.
انظر : الجرح (2/293-294 رقم1077)، تهذيب الكمال (3/ 224-225)، التهذيب 01/339-340).
(4) هو : بَحْر بن مَرَّار- بفتح الميم، وتشديد الراء، ويقال: بلا تشديد- بن عبدالرحمن بن أبي بكرة الثقفي، أبو معاذ البصري، روى عن: الحكم بن الأعرج، وجده عبدالرحمن بن أبي بكرة، وجد أبيه أبي بكرة-ولم يسمع منه-، وعنه: الأسود بن شيبان، وحماد بن زيد، وشعبة بن الحجاج، ويحيى القطان.(1/180)
ثقة تغير بأَخَرة ولم تظهر له منكرات -كما سيأتي عن ابن عدي- فهو على أصل الصدق ، وثقه ابنُ معين، وابن ماكولا، والسمعانيُّ وغيرهم، وقال ابنُ المديني :((سمعت يحيى بن سعيد، وذكر بَحْر بن مَرَّار فأثنى عليه خيراً))، وقال النسائي :((ليس به بأس))، وقال ابن عدي :((ولا أعرف له حديثاً منكراً فأذكره، ولم أر أحداً من المتقدمين ممن تكلم في الرجال ضعفه إلاّ يحيى القطان ذكر أنه كان قد خولط، ومقدار ما له من الحديث لم أر فيه حديثاً منكراً))، وقال البخاريُّ :((قال يحيى القطان :رأيت بحراً خَلَّط))، وتابعه النسائي فقال :((تَغَيّر))، وبالغ ابن حبان فقال :((اختلط بأَخَرة حتى كان لا يدري ما يحدث، فاختلط حديثه الأخير بحديثه القديم ولم يتميز تركه يحيى القطان))، ولم يذكر أحدٌ أنّ يحيى القطان تركه، بل ذكروا أنه روى عنه وأثنى عليه، وأمّا قوله :((خلط)) فيفسره قول النسائي بأنه تغير، ويبدو أنه لم يحدث عندما تغير، كما يدل عليه كلام ابن عدي المتقدم، وقال الذهبيُّ، وابن حجر : ((صدوق))، زاد ابن حجر :((اختلط بأَخَرة))، روى له ابن ماجه، مات سنة ثمان وثلاثين ومائة.
انظر : التاريخ الكبير (2/ 126-127 رقم1924)، الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص64رقم85)، الجرح (2/418-419 رقم1656)، المجروحين (1/194)، الكامل (2/55-56)، الإكمال (7/239)، الأنساب (5/248)، تهذيب الكمال (4/14-15)، الميزان (1/298-299)، الكاشف (1/149رقم545)، التقريب (ص120رقم638)، الكواكب النيرات (ص106-109).
(5) هو : نُفيع بن الحارث بن كَلَدة-بفتحتين- الثقفي، أبو بكرة من فضلاء الصحابة، مشهور بكنيته، مات سنة إحدى، أو اثنتين وخمسين بالبصرة.
انظر : الإصابة (3/ 571-572)، التقريب (ص565 رقم7180).(1/181)
(6) هو : سليمان بن حرب الأزديُّ الواشحيّ، أبو أيوب البصري، روى عن: الأسود بن شيبان، وجرير بن حازم، وشعبة بن الحجاج وغيرهم، وعنه: البخاري، وأبو داود السجستاني، وأبو مسلم الكجي وغيرهم.
متفق على جلالته وإتقانه وفضله، قال أبو حاتم :((إمام من الأئمة كان لا يدلس، ويتكلم في الرجال، وفي الفقه...))، روى له الجماعة، مات سنة أربع وعشرين ومائتين.
انظر : الجرح (4/108-109رقم481)، تهذيب الكمال (11/ 384-393).
(7) هو : مسلم بن إبراهيم الأزديُّ الفَرَاهِيديُّ، أبو عمرو البصري، روى عن: الأسود بن شيبان، وعبد الله بن عون، وهشام الدستوائي وغيرهم، وعنه: البخاريُّ، وأبو داود، ويحيى بن معين وغيرهم.
متفق على ثقته وفضله، قال ابنُ سعد :((كان ثقة كثير الحديث))، وقال ابن معين :((ثقة مأمون))، روى له الجماعة، مات سنة اثنتين وعشرين ومائتين.
انظر : الطبقات (7/ 304)، الجرح (8/ 180-181 رقم788)، تهذيب الكمال (27/ 487-492).
(8) هو : عبد الله بن أبي بكر: السّكن بن الفضل العَتَكيّ، الأزديُّ، البصري، روى عن: الأسود بن شيبان، وشعبة بن الحجاج، وهمام بن يحيى وغيرهم، وعنه: البخاريُّ، وأبو حاتم الرازي، وأبو زرعة الرازي وغيرهم.
صدوق، قال أبو حاتم :((صدوقٌ صالح))، وذكره ابنُ حبان في الثقات، وقال ابنُ حجر :((صدوق))، روى له البخاري في ((الأدب))، مات سنة أربع وعشرين ومائتين.
انظر : الجرح (5/ 18رقم83)، الثقات (8/339)، تهذيب الكمال (14/348-349)، التقريب (ص297 رقم 3238).
(9) هو : عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفي، روى عن : الأسود بن سريع، وأبيه أبي بكرة، وعلي بن أبي طالب وغيرهم، وعنه: خالد الحذاء، ومحمد بن سيرين، ويونس بن عبيد وغيرهم.
ثقة، وثقه ابنُ سعد، والعجليّ، وابنُ حجر، وذكره ابن حبان في الثقات، روى له الجماعة، مات سنة ست وتسعين.
انظر : الطبقات (7/ 190)، معرفة الثقات (2/73رقم1023)، الثقات (5/77)، التقريب (337رقم3816).
- - -(1/182)
- التخريج :
1- وكيع، وأبو داود الطيالسي، عن الأسود بن شيبان، عن بَحْر بن مَرَّار ، عن جده أبي بكرة قال: كنتُ أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم فمرَّ على قبرينِ فقال :((إنهما يُعذبان))، ، فقال :((ائتني بجريدة))، الحديث.
أ- رواية وكيع :
- أخرجها ابن ماجه في سننه (1/125 رقم 349) كتاب الطهارة، باب التشديد في البول، عن أبي بكر بن أبي شيبة - وهي في مصنفه (1/122) كتاب الطهارة، في التوقي من البول-.
- وأحمد بن حنبل في المسند (5/39).
كلاهما عن وكيع قال: حدثنا الأسود بن شيبان قال: حدثني بحر بن مرار عن جده أبي بكرة قالَ: كنتُ أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم فمرَّ على قبرين، فقال :((مَنْ يأتيني بجريدة نخل))، قال: فاستبقتُ أنا ورجل آخر فجئنا بعسيب فشقه باثنين فجعل على هذا واحدة، وعلى هذا واحدة، ثم قال :((أما إنه سَيُخَفف عنهما ما كان فيهما من بلولتهما شيء-ثم قال:- إنهما ليعذبان في الغيبة والبول))، وهذا لفظ أحمد ونحوه لفظ ابن ماجه.
ب- رواية أبي داود الطّيالسي :
- رواها في مسنده (ص117 رقم 867) مطولاً( ) وقع في المطبوع (عن بَحْر بن مَرَّار البكراوي، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبي بكرة)، وذِكْرُ عبدِ الرحمن بن أبي بكرة خطأ من النساخ، انظر : مسند أبي داود الطيالسي (1/322)، تحقيق: علي بن مختار - رسالة ماجستير لم تطبع-. )، -ومن طريقه البيهقيُّ في إثبات عذاب القبر( ) وقع في المطبوع -وهو كثير الخطأ- (عن محمد بن صفوان البكري، عن أبي بكرة)، وهذا خطأ وصوابه : بَحْر بن صفوان البكري كما في المخطوطة- وهي واضحة ومتقنه- (ل 25ب). ) (ص88رقم125)، ثم قال :((وهكذا رواه وكيع، عن الأسود))-.
-والبخاري في التاريخ الكبير (2/127) قال : وقال حامد بن عمر: حَدَّثَنَا أبو داود الطيالسي -به-.
وقال الطبراني في المعجم الأوسط (4/449) :((ورواه أبو داود الطيالسي، عن الأسود بن شيبان، عن بَحْر بن مَرَّار، عن أبي بكرة)).(1/183)
وقال الدارقطني في العلل (7/ 156) :((ورواه أبو داود، عن الأسود، عن بَحْر، عن أبي بكرة، ولم يذكر عبد الرحمن)).
2-سليمان بن حرب، ومسلم بن إبراهيم، وعبد الله بن أبي بكر العَتَكيّ، عن الأسود بن شيبان، عن بَحْر بن مَرَّار، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أ- رواية سليمان بن حرب : لم أقف عليها.
ب- رواية مسلم بن إبراهيم : أخرجها :
- البخاريُّ في التاريخ الكبير (2/127).
- والبزار في مسنده (9/ 101رقم3636) عن عمرو بن علي.
- والعُقيليُّ في الضعفاء الكبير (1/ 154).
- والطبراني في المعجم الأوسط (4/449).
كلاهما عن علي بن عبد العزيز.
- وابنُ قانع في معجم الصحابة (3/142-143) عن أحمد بن إسحاق.
- وابنُ عدي في الكامل (2/ 55) من طريق يوسف بن موسى.
- والبيهقيُّ في إثبات عذاب القبر (ص88رقم125) من طريق إبراهيم الشيرازي.
جميعهم عن مسلم بن إبراهيم –به-، وقال البزار :((وهذا الحديث لا نعلم أحداً يرويه عن أبي بكرة إلاَّ من هذا الطريق، وقد رُوي عن غير أبي بكرة هذا الكلام، وهذا الفعل فذكرنا كل حديثٍ منها بلفظه في موضعه))، وقال العُقيليُّ :((وليس بمحفوظ من حديث أبي بكرة إلاّ عن بَحْر بن مَرَّار هذا، وقد صحّ من غير هذا الوجه)) ، وقال الطبراني :((لا يُروى هذا الحديث عن أبي بكرة إلاّ من حديث الأسود بن شيبان، ولم يُجَوّده عن الأسود بن شيبان إلاَّ مسلم بن إبراهيم، ورواه أبو داود الطيالسي، عن الأسود بن شيبان، عن بَحْر بن مَرَّار، عن أبي بكرة)).
ج- رواية عبد الله بن أبي بكر العَتَكي : أخرجها :
- أبو إسحاق الحربيُّ في غريب الحديث (2/ 610).
- وابنُ عدي في الكامل (2/ 55) من طريق هشام بن علي.
كلاهما عن عبد الله العتكي –به-، وأشار إليها الدارقطني في العلل (7/ 156).
وتابعهم :(1/184)
د- عبد الصمد بن عبد الوارث البصري : رواه البخاري في التاريخ الكبير (2/127) مختصراً، وأشار إليها الدارقطني في العلل (7/ 156).
هـ- وأبو سعيد مولى بني هاشم : رواه أحمد بن حنبل في مسنده (5/35-36) مطولاً.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن الأسود بن شيبان على وجهين :
الوجه الأوَّل : رواه أبو داود الطيالسي، ووكيع بن الجراح عن الأسود بن شيبان، عن بَحْر بن مَرَّار، عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الطريق منقطع بين بَحْر وأبي بكرة؛ فإنّ بحراً لم يسمع من أبي بكرة كما تقدم.
الوجه الثاني : رواه أبو سعيد مولى بني هاشم ، وسليمان بن حرب، و عبد الله بن أبي بكر العَتَكي، وعبد الصمد بن عبدالوارث، ومسلم بن إبراهيم جميعهم عن الأسود بن شيبان، عن بَحْر بن مَرَّار، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والوجه الثاني أرجح لأمور منها :
أنّ رواته أكثر من رواة الوجه الأوَّل.
ولأنَّ فيهم من هو من كبار الثقات مثل : سليمان بن حرب، ومسلم الفراهيدي.
ولأنّ رواة الوجه الثاني بصريون، والحديثُ مخرجه بصريّ، فالأسود بن شيبان، وبحر بن مرار، وأبو بكرة كلهم بصريون، وتقدم قول أبي حاتم في المسألة رقم (1092) :((وأهل الشام أضبط لحديثهم من الغرباء))، فأهل البصرة أعلم بحديثهم من غيرهم، فوكيع بن الجراح كوفيٌّ، وأبوداود بصريٌّ لكن له أغلاط.
أنّ الأئمة على ترجيحه، فقد رجحه أبو حاتم في هذه المسألة، وقال الدارقطنيّ في العلل (7/156) :((والصواب قول من قال : عن عبد الرحمن بن أبي بكرة))، وتقدم قول الطبرانيّ :((ولم يُجَوّده عن الأسود بن شيبان إلاَّ مسلم بن إبراهيم)).
والحديثُ من الطريق الراجح صحيحٌ، وقد صححه ابنُ حجر في فتح الباري (1/384)، وقال العراقيُّ-كما في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين (4/1742)-: ((إسنادٌ جيّد)).(1/185)
وقد وردت أحاديث صحيحة بمعناه منها : ما رواه البخاريُّ في صحيحه (10/469 رقم6052) كتاب الأدب، باب الغيبة، ومسلم في صحيحه (1/240- 241 رقم111) كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه، من حديث ابن عباس قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين، فقال :((أما إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله))، قال: فدعا بعسيب رطب فشقه باثنين، ثم غرس على هذا واحداً، وعلى هذا واحداً، ثم قال :((لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا)).
- - - -
12- ] 1100[ وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ جَرِيرُ بنُ عَبْدِالْحَمِيد(1)، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيد(2)، عَنْ سَعِيدِ بنِ أَبِي سَعِيد(3)، قَالَ: قَالَ نَافِع بن جُبَيْر(4): حدّثني مَسْعُود بنُ الْحَكَم(5)، عَنْ عَلِيّ(6) :((أنَّ رَسُول اللَهُ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يقومُ فِي الْجِنَازَة ثم جَلَسَ بَعْدَ)).
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ : هَذَا حَدِيثٌ وَهمٌ، رَوَاهُ مَالِكٌ(7)، والليثُ بنُ سَعْدٍ(8)، وعَائِذُ بنُ حَبِيب(9)، عَنْ يَحْيَى بن سَعِيد، عَنْ وَاقِدِ بنِ عَمْرو بن سَعْد بنِ مُعَاذ(10)، عَنْ نَافِعِ بن جُبَيْر، عَنْ مَسْعُودِ بنِ الْحَكَم، عَنْ عَلِيّ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قيل لأَبِي زُرْعَةَ : إلى ما تَذْهبُ ؟، قَالَ : إلى الجلوسِ فِي الْجِنَازَة*.
.........................................
* اختلف العلماء في القيام للجنازة على قولين :(1/186)
القول الأول : مشروعية القيام عند رؤية الجنازة، وممن ذهب إلى ذلك : أبو مسعود البدري، وأبو سعيد الخدري، وسالم بن عبد الله وغيرهم، ودليلهم حديث عامر بن ربيعة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :((إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها حتى تخلفكم أو توضع))، رواه البخاريّ في صحيحه (3/ 177 رقم1307) كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة، ومسلم في صحيحه (2/659 رقم958) كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة.
وقال أبو جعفر الطحاويُّ في شرح معاني الآثار (1/ 487) :((فذهب قومٌ إلى هذه الآثار فاتبعوها وجعلوها أصلا وقلدوها، وأمروا مَنْ مرتْ به جنازة أن يقوم لها حتى تتوارى عنه)).
القول الثاني : أنه ليس على أحد أن يقوم للجنازة، قال الترمذي في سننه (3/362)-تعليقاً على حديث عليّ هذا- :((والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، قال الشافعي: وهذا أصح شيء في هذا الباب، وهذا الحديث ناسخ للأول إذا رأيتم الجنازة فقوموا، وقال أحمد: إن شاء قام وإن شاء لم يقم، واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد رُوى عنه "أنه قام ثم قعد"، وهكذا قال إسحاق بن إبراهيم، - ثم قال الترمذيُّ:- معنى قول علي :"قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنازة ثم قعد" يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الجنازة قام ثم ترك ذلك بعد فكان لا يقوم إذا رأى الجنازة)).
وقال الحازمي في الاعتبار (ص121-122) :((وقال أكثر أهل العلم: ليس على أحد القيام للجنازة، روينا ذلك عن على بن أبي طالب، والحسن بن عليّ..، وبه قال عروة بن الزبير، ومالك، وأهل الحجاز، والشافعي وأصحابه، وذهبوا إلى أنّ الأمر بالقيام منسوخ، وتمسكوا في ذلك بأحاديث))، وذكر الحازميُّ حديث علي المذكور في هذه المسالة.
وقال أبو داود في مسائله (ص216) : سمعتُ أحمد : سُئل عن القيام إذا رأى الجنازة ؟ قال: إن لم يقم أرجو، وإن قام أرجو، قيل: القيام أفضل عندك؟ قال: لا، وإلى القول الثاني ذهب أبو زرعة كما هنا.(1/187)
وانظر : المغني لابن قدامة (3/403-404)، المجموع (5/280).
ـــــــــــــــــــــ
(1) هو: جرير بن عبد الحميد بن قُرْط-بضم القاف، وسكون الراء- الضبيّ أبو عبد الله الكوفي، نزيل الريّ وقاضيها، روى عن: حصين بن عبد الرحمن، ومنصور بن المعتمر، ويحيى بن سعيد وغيرهم، وعنه: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن معين وغيرهم.
ثقة صحيح الكتاب، وثقه ابنُ سعد، وأبو حاتم، والنسائي وغيرهم، وقال البيهقي :((ثقة حجة))، وقال أيضا :((نُسب في آخر عمره إلى سوء الحفظ))، قال ابن حجر :((ولم أر ذلك لغيره، بل احتج به الجماعة))، مات سنة ثمان وثمانين ومائة.
انظر : الطبقات (7/381)، الجرح (2/505-507رقم2080)، السنن الكبرى للبيهقي (4/208، و6/87)، تهذيب الكمال (4/540-551)، الميزان (1/394-396)، الهدي (ص395)، الكواكب النيرات (ص120-122)
(2) هو : يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني، أبو سعيد القاضي، روى عن: سعيد المقبري، وواقد بن عمرو، ويوسف بن مسعود بن الحكم وغيرهم، وعنه: جرير بن عبد الحميد، والليث بن سعد، ومالك وغيرهم.
متفق على توثيقه وجلالته وفضله، قال ابن سعد :((كان ثقةً كثير الحديث، حجة، ثبتاً))، روى له الجماعة، مات سنة ثلاث وأربعين ومائة.
انظر : الطبقات (ص335-337رقم 244: القسم المتمم)، تهذيب الكمال (31/346-359).
(3) هو : سعيد بن أبي سعيد: كيسان المَقْبُري، أبو سعد المدنيّ، روى عن: أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وجبير بن مطعم وغيرهم، وعنه: الليث بن سعد، ومالك بن أنس، ويحيى بن سعيد وغيرهم.(1/188)
ثقة تغير قبل موته بأربع سنين ولم تظهر له منكرات -كما قال الذهبيُّ-، وثقه ابن المديني، والعجليُّ، والنسائي وغيرهم، قال ابن حجر :((وزعم الواقديُّ أنه اختلط قبل موته بأربع سنين، وتبعه ابن سعد، ويعقوب بن شيبة، وابن حبان، وأنكر ذلك غيرهم))، وقال الذهبيُّ-في السير- :((ما أحسبه روى شيئاً في مدة اختلاطه، وكذلك لا يوجد له شيء منكر))، وقال أيضاً-في الميزان- :((ثقةٌ، حجةٌ، شاخ ووقع في الهرم، ولم يختلط))، وقال أيضاً :((ما أحسب أنّ أحداً أخذ عنه في الاختلاط، فإنّ ابن عيينة أتاه فرأى لعابه يسيل، فلم يحمل عنه))، روى له الجماعة، مات سنة ثلاث وعشرين ومائة.
انظر : طبقات ابن سعد (ص145-147رقم53: القسم المتمم)، معرفة الثقات (1/400رقم 594)، تاريخ دمشق (21/277-287)، السير (5/216-217)، الميزان (2/139-140)، الهدي (ص405).
(4) هو : نافعُ بن جبير بن مُطعِم النَّوْفليُّ، أبو محمد المدني، روى عن: أبيه: جبير بن مطعم، ومسعود بن الحكم، والمغيرة بن شعبة وغيرهم، وعنه: سعيد المقبري، وابن شهاب الزهري، وموسى بن عقبة وغيرهم.
ثقة بالاتفاق وكان عابداً فاضلاً، وثقه أبو زرعة الرازي، والعجليّ، وابن خراش وغيرهم، روى له الجماعة، مات سنة تسع وتسعين.
انظر : الجرح (8/451رقم2069)، معرفة الثقات (2/308 رقم1832)، تهذيب الكمال (29/272-276).
(5) هو : مسعودُ بنُ الحكم بن الربيع بن عامر الأنصاريُّ الزُّرَقي، أبو هارون المدني، وُلِدَ في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عن : عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب وغيرهم، وعنه: ابناه: إسماعيل بن مسعود، وقيس بن مسعود، ونافع بن جبير وغيرهم.
ثقة بالاتفاق، قال الواقدي :((كان سَرِيّاُ مَرِيّاً ثقةً))، وقال ابن عبد البر :((وكان سَرِيّاُ له قدر وجلالة بالمدينة، ويُعد في جلة التابعين وكبارهم))، روى له الجماعة سوى البخاري، مات سنة تسعين.(1/189)
انظر : الطبقات (5/73)، طبقات خليفة (ص237)، الاستيعاب (3/1391)، تهذيب الكمال (27/471-473).
(6) هو : عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن السابقين الأولين، وأحد العشرة، مات في رمضان سنة أربعين.
انظر : الإصابة ( 2/507-510)، التقريب (ص402 رقم4753).
(7) هو : مالك بن أنس، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091)، وهو :((متفقٌ على توثيقه، وجلالته، وفضله، وفقهه)).
(8) هو : الليث بن سعد بن عبدالرحمن الفَهْميُّ، أبو الحارث المصريُّ، روى عن: الزهريّ، ونافع مولى ابن عمر، يحيى بن سعيد وغيرهم، وعنه: قتيبة بن سعيد، ومحمد بن رمح، وهشيم بن بشير وغيرهم.
ثقة بالاتفاق وكان فقيهاً إماماً مشهوراً، قال ابن سعد :((كان ثقة كثير الحديث صحيحه، وكان قد استقل بالفتوى في زمانه بمصر، وكان سَرِيَاً من الرجال، نبيلاً، سخياً، له ضيافة))، روى له الجماعة، مات سنة خمس وسبعين ومائة.
انظر : الطبقات (7/ 517)، تهذيب الكمال (24/255-279).
(9) هو : عائذ بن حبيب بن المَلاَّح العَبْسيُّ، ويقال: القرشيّ، مولاهم، أبو أحمد الكوفيّ، روى عن: إسماعيل بن أبي خالد، وهشام بن عروة، ويحيى بن قيس وغيرهم، وعنه: أحمد بن حنبل، وابن راهويه، ومحمد بن العلاء وغيرهم.
صدوق رُمي بالتشيع، قال ابن معين -في رواية إسحاق بن منصور- :((صُوَيلح))، وقال- في رواية الدوريّ وغيره- :((ثقةٌ))، وكذلك قال ابن سعد، وقال أحمد :((ليس به بأس))، وقال أبو زرعة : ((صدوق))، وقال ابن عديّ :((روى هو عن هشام بن عروة أحاديث أنكرت عليه، وسائر أحاديثه مستقيمة))، وقال ابن حجر : ((صدوق رُمي بالتشيع))، روى له النسائي وابن ماجه، مات سنة تسعين ومائة.(1/190)
انظر : الطبقات (6/397)، العلل ومعرفة الرجال (2/361)، تاريخ الدوري (2/290)، أبو زرعة الرازي (2/384)، الجرح (7/17 رقم83)، الكامل (5/355)، تهذيب الكمال (14/95-98)، الميزان (2/363)، التقريب (ص289رقم3117).
(10) هو : واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ الأنصاريُّ الأشهليُّ، أبو عبد الله المدنيّ، روى عن: أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، ونافع بن جبير بن مطعم، وعنه: داود بن الحصين، ومحمد بن عمرو، ويحيى بن سعيد وغيرهم.
ثقة بالاتفاق، وثقه ابن سعد، وأبو زرعة الرازي وغيرهما، روى له مسلم، وأبوداود، والترمذي، والنسائي، مات سنة عشرين ومائة.
انظر : الطبقات (7/ 517)، الجرح (9/32 رقم146)، تهذيب الكمال (30/412-413).
- - -
- التخريج :
1- جريرُ بنُ عبدالحميد، عن يحيى بنِ سعيد، عن سعيد بنِ أبي سعيد، قالَ: قالَ نافعُ بن جبير: حدّثني مسعودُ بنُ الحكم، عن عليّ :((أنَّ رسولَ الله صلى اللهُ عليه وسلم كان يقومُ في الجنازة ثم جلسَ بعدُ)).
أخرجه :
- البزار في مسنده (3/ 122 رقم980)، والمحامليُّ في أماليه (ص184 رقم159) كلاهما عن يوسف بن موسى القطان قال: حدَّثنا جرير -به-، ولفظه : ((إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قام مرةً ثم لم يقم))، وعند المحامليّ : ((ثم لم يعد)).
وقال الدارقطنيُّ في العلل (4/ 128) بعد ذكر رواية الليث بن سعد وغيره :((وخالفهم جرير بن عبد الحميد؛ فرواه عن يحيى بنِ سعيد، عن سعيد بنِ أبي سعيد، عن نافع بن جبير، عن مسعود بن الحكم، ووهم فيه جرير)).
2- مالكٌ، والليثُ بنُ سعد، وعائذُ بنُ حبيب، عن يحيى بن سعيد، عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن نافع بن جبير، عن مسعود بن الحكم، عن عليّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أ- رواية مالك بن أنس :
- أخرجها في الموطأ - رواية يحيى بن يحيى الليثي (1/232 رقم 33)- كتاب الجنائز، باب الوقوف للجنائز، والجلوس على المقابر.
وأخرجها :(1/191)
- أبوداود في سننه (3/204 رقم 3175) كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة، عن القعنبيّ.
- والشافعي في الأم (1/279) كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة، - ومن طريقه : ابنُ المنذر في الأوسط (5/392 رقم3064) كتاب الجنائز، ذكر الخبر الدال على أنّ الجلوس كان بعد القيام، والبيهقي في السنن الكبرى (4/27) كتاب الجنائز، باب حجة من زعم أنّ القيام للجنازة منسوخ، وفي معرفة السنن والآثار (3/157) كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة، والخطيب البغداديُّ في المؤتنف تكملة المؤتلف والمختلف (ل301ب)، والحازمي في الاعتبار (ص122)، والذهبيّ في معجم الشيوخ (1/ 53)-.
- والبخاريُّ في التاريخ الكبير (8/ 174)، عن إسماعيل بن أبي أويس.
- والطحاويُّ في شرح معاني الآثار (1/488) كتاب الجنائز، باب الجنازة تمر بالقوم أيقومون لها أم لا ؟، من طريق عبد الله بن وهب.
- وابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان (7/ 325 رقم3054) كتاب الجنائز، فصلٌ في القيام للجنازة-.
- والبغوي في شرح السنة (5/330) كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة.
كلاهما من طريق أحمد بن أبي بكر.
جميعهم عن مالك بن أنس –به-.
ب- رواية الليث بن سعد :
- أخرجها مسلمٌ في صحيحه (2/661 رقم 962) كتاب الجنائز، باب نسخ القيام للجنازة.
- والترمذيُّ في سننه (3/361 رقم1044) كتاب الجنائز، باب الرخصة في ترك القيام لها -أي الجنازة-.
- والنسائيُّ في سننه (4/77-78) كتاب الجنائز، الوقوف للجنائز.
- والبيهقي في السنن الكبرى (4/27)، من طريق أحمد بن سلمة.
جميعهم عن قتيبة بن سعيد، وزاد مسلم : محمد بن رمح.
- وابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان (7/ 326 رقم3055)-، من طريق يزيد بن وهب.
- والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (4/ 75-76)، من طريق أحمد بن الجنيد.(1/192)
جميعهم عن الليث بن سعد –به-، وأشار إليها البخاريُّ في التاريخ الكبير (8/174)، وقال الترمذيّ :((حديث علي حديث حسن صحيح، وفيه رواية أربعة من التابعين بعضهم عن بعض)).
ج- رواية عائذ بن حبيب :
- أخرجها ابنُ أبي شيبة في المصنف (3/309) كتاب الجنائز، الرجل يكون مع الجنازة من قال لا يجلس حتى توضع، عن عائذ بن حبيب –به-.
وقد تابع هؤلاء الثلاثة عددٌ من الثقات والحفاظ فرووه عن يحيى بن سعيد الأنصاريّ؛ وهم :
د- زهير بن معاوية، رواه ابن عبدالبر في التمهيد (23/ 266) وفيه قصة.
ه- وسفيان بن عيينة، رواه الحميدي في مسنده (1/ 28 رقم51)، ومن طريقه ابنُ عبدالبر في التمهيد (23/ 266)، والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه (1/337).
و- وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفيّ، رواه مسلمٌ في صحيحه (2/662)، والبخاريُّ في التاريخ الكبير (8/ 174)، وأبو يعلى في مسنده (1/186 رقم 303)، والطبريّ في تهذيب الآثار (2/560 رقم827).
ز- ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، رواه مسلمٌ في صحيحه (2/662).
ح- ويزيد بن هارون، رواه أبو يعلى في مسنده (1/173 رقم 268)، والطبريّ في تهذيب الآثار (2/559 رقم826)، والمحامليُّ في أماليه (ص186 رقم161) وفيه قصة، وفي رواية أبي يعلى، والمحاملي جمع يزيد بن هارون في روايته بين يحيى بن سعيد، ومحمد بن عمرو.
وتابع يحيى بنَ سعيد على هذه الرواية محمدُ بنُ عمرو بن علقمة الليثي؛ أخرجها :
- أحمد بن حنبل في المسند (1/82)، وأبو يعلى الموصلي في مسنده (1/173 رقم 268)، والطبريّ في تهذيب الآثار (2/558 رقم825)، والطحاويُّ في شرح معاني الآثار (1/488)، والمحامليُّ في أماليه (ص186 رقم161) وفيه قصة، وابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان (7/ 326-327 رقم3056)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 27).
وتابع نافعَ بنَ جبير محمدُ بنُ المنكدر، أخرجها :(1/193)
- مسلم في صحيحه (2/662)، والنسائي في سننه (4/78)، وابن ماجه في سننه (1/494رقم1544) كتاب الجنائز، باب ما جاء في القيام للجنازة، والطيالسي في مسنده (ص22رقم150)، وابن أبي شيبة في المصنف (3/359) كتاب الجنائز، من كره القيام للجنازة، وأحمد في المسند (1/83، 131، 138)، وابن الجارود في المنتقى (ص186رقم 529)، والطبري في تهذيب الآثار (2/561رقم830،831)، والبغوي في الجعديات (ص252رقم1668)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/488) وغيرهم.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن يحيى بن سعيد الأنصاريّ على وجهين :
الوجه الأوَّل : رواه جرير بن عبد الحميد وَحْده، عن يحيى بنِ سعيد، عن سعيد بنِ أبي سعيد، قالَ: قالَ نافعُ بن جبير: حدّثني مسعودُ بنُ الحكم، عن عليّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثاني : رواه سفيان بن عيينة، وزهير بن معاوية، وعائذ بن حبيب، وعبد الوهاب بن عبد المجيد، والليث بن سعد، ومالك بن أنس، ويحيى بن أبي زائدة، ويزيد بن هارون جميعهم عن يحيى بن سعيد، عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن نافع بن جبير، عن مسعود بن الحكم، عن عليّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد رجح أبو زرعة الوجه الثاني، وقال الدارقطنيّ في العلل (4/ 128) : ((والصواب قول الليث بن سعد ومن تابعه عن يحيى، عن واقد بن عمرو)).
وهذا الترجيح ظاهر لأمور :
لأنهم أكثر عدداً.
وأوثق من المخالف.
ولأنَّ فيهم من هو معدود من أصحاب يحيى بنِ سعيد الأنصاري المُقَدّمين، وقد سُئل الدارقطنيّ عن أثبت أصحاب يحيى بنِ سعيد الأنصاري فقال :((الثوري، ومالك، وسليمان بن بلال، ويحيى بن سعيد القطان، وعبدالوهاب الثقفي))، سؤالات أبي عبدالله بن بكير لأبي الحسن الدارقطني (ص48-49).
ولأنَّ الحديثَ مخرجه مدنيّ، ومالكُ بنُ أنس أعرفُ الناسِ بحديثِ المدنيين رواه كذلك -على الوجه الثاني-.(1/194)
والحديث من الطريق الراجح صحيح فقد رواه مسلمٌ في صحيحه كما تقدم.
- - - -
13- ] 1101[ وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثٍ اختُلِفَ عَلَى * مُوسَى بن عُقْبَة(1)، فرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاق(2)، عَنْ ابنِ جُرَيج(3)، عَنْ مُوسَى بنِ عُقْبَة، عَنْ قَيْسِ بنِ مَسْعُود بن الْحَكَم(4)، عَنْ أَبِيهِ(5)، عَنْ عَلِيّ(6)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((أنَّه جَلَسَ فِي الْجِنَازَة بَعْدَ أنْ كَانَ يقوم)).
وروى إِسْمَاعِيلُ بنُ عَيَّاش(7)، عَنْ مُوسَى بنِ عُقْبَة، عَنْ إِسْمَاعِيل بنِ مَسْعُود بن الْحَكَم(8)، عَنْ أَبِيه، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَهُ / عَلَيْهِ وَسَلَّمَ **.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: إِسْمَاعِيل أَصَح.
........................................
* كذا في الأصل، وفي (ش)، و(ت)، و(ف) ((على بن موسى بن عقبة))، وكذا في المطبوع وهو خطأ.
** كذا وقع في جميع النسخ المخطوطة بدون ذكر عليّ بن أبي طالب، وأشك في هذا لأمور:
أنّ الخطيب البغدادي روى طريق إسماعيل بن عياش متصلاً بذكر عليّ بن أبي طالب.
أنّ جميع من روى طريق إسماعيل بن مسعود رواه متصلاً كما سيأتي.
إن ترجيح أبي زرعة يدل على أنّ الخلاف ليس في الوصل والإرسال، بل بإبدال راوٍ بآخر كما هو ظاهر.
ـــــــــــــــــــــ
(1) هو : موسى بن عُقْبة بن أبي عياش، الأسدي مولاهم، المدني، روى عن: إسماعيل، وعيسى، وقيس أبناء مسعود بن الحكم-على خلاف يأتي ذكره-، وعروة بن الزبير وغيرهم، وعنه: إبراهيم بن طهمان، ومعمر بن راشد، ويحيى الأنصاري وغيرهم.
ثقةٌ فقيه إمامٌ في المغازي، قال مالك بن أنس :((عليكم بمغازي موسى بن عقبة فإنه ثقة))، ووثقه أحمد، وابن معين، وأبو حاتم وغيرهم، روى له الجماعة، مات سنة إحدى وأربعين ومائة.(1/195)
انظر: العلل ومعرفة الرجال (2/19 رقم 1407)، تاريخ الدوري (2/594)، الجرح (8/154رقم693)، تهذيب الكمال (29/ 115-122)، التقريب (ص552رقم 6992).
(2) هو: عبد الرزاق بن همام، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1093)، وبيان أنّ:((حديثه على ثلاث درجات: الأولى : ما حدّث به من كتابه، أو عن شيخيه معمر وابن جريج، فهذه الدرجة من أصح حديثه، وهو فيها ثقة ثبت، الثانية : ما كان من حديثه من غير الدرجة الأولى، ولا الثالثة، وهو في هذه الدرجة ثقة، الثالثة : ما حدّث به من حفظه بعدما عَمِي وتَغيّر، أو ما حدّث به عن شيخه عبيدالله بن عمر بن حفص، فحديثه في هذه الدرجة فيه ضعف)).
(3) هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جُريج الأموي، مولاهم، أبو خالد المكيّ، روى عن: عطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، وموسى بن عقبة وغيرهم، وعنه: عبدالرزاق بن همام، والليث بن سعد، ويحيى القطان وغيرهم.
ثقة ثبت فقيه وكان يدلس ويرسل، وهو أثبت الناس في عطاء بن أبي رباح لا يدلس عنه، قال أحمد بن حنبل :((عمرو بن دينار، وابن جريج أثبت الناس في عطاء))، وقال أبو زرعة:((بَخٍ من الأئمة))، وقال الدارقطنيُّ:((يُتجنب تدليسه، فإنه وحش التدليس، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح..))، وقال الذهبيّ :((أحد الأعلام الثقات، يدلس، وهو في نفسه مجمع على ثقته))، وقال يحيى القطان عن ابن جريج قال :((إذا قلتُ: قال عطاء فأنا سمعته منه، وإن لم أقل سمعتُ))، وذكره ابن حجر في الطبقة الثالثة من المدلسين، روى له الجماعة، مات سنة خمسين ومائة.
انظر: العلل ومعرفة الرجال (2/ 496 رقم 3272)، أخبار المكيين (ص356 رقم 350)، الجرح (5/356-358 رقم1678)، سؤالات الحاكم (ص174 رقم 265)، تهذيب الكمال (18/338-354)،السير (6/325-336)، الميزان (2/ 659 رقم5227)، تعريف أهل التقديس (ص141-142رقم83)،(1/196)
(4) هو : قيس بن مسعود بن الحكم الأنصاريُّ الزُّرَقيُّ، روى عن: أبيه، وعنه: موسى بن عقبة، مجهول، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر :((مجهول))، روى له النسائي في مسند عليّ هذا الحديث.
انظر: الثقات (7/328)، تهذيب الكمال (24/81)، التهذيب (8/403)، التقريب (ص458 رقم5590)
(5) هو : مسعود بن الحكم تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1100) وهو :((ثقة بالاتفاق)).
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1100).
(7) هو : إسماعيل بن عيّاش بن سُلَيم العنَسيُّ، أبو عُتبة الحمصيّ، روى عن: شرحبيل بن مسلم، ومحمد بن زياد الألهاني، وموسى بن عقبة وغيرهم، وعنه: الحسن بن عرفة، وعلي بن حجر، وهناد بن السري وغيرهم.
ثقة فيما روى عن الشاميين، ضعيفٌ فيما روى عن غيرهم، قال ابن معين- في رواية ابن أبي شيبة-:((ثقة فيما روى عن الشاميين، وأما روايته عن أهل الحجاز فإنّ كتابه ضاع، فخلَّط في حفظه عنهم))، وقال ابن المديني:((كان يوثق فيما روى عن أصحابه أهل الشام، فأما ما روى عن غير أهل الشام ففيه ضعف))، وقال أحمد:((ما روى عن الشاميين صحيح، وما روى عن أهل الحجاز فليس بصحيح))، وهذا التفصيل في حال إسماعيل بن عيّاش ذكره أيضاً عمرو بن عليّ، ودُحَيْم، والبخاريّ، ويعقوب بن شيبة، والفَسَوي، وابنُ عدي وغيرهم، روى له البخاريُّ في كتاب ((رفع اليدين في الصلاة)) وغيره، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، مات سنة اثنتين وثمانين ومائة.
انظر: التاريخ الكبير (1/ 370)، المعرفة والتاريخ (2/ 424)، سؤالات ابن أبي شيبة لابن المديني (ص161 رقم233)، الكامل (1/291-300)، تاريخ بغداد (6/ 221-228)، تاريخ دمشق (9/35-50)، تهذيب الكمال (3/163-181)، التهذيب (1/321-326).(1/197)
(8) هو : إسماعيل بن مسعود بن الحكم الأنصاريُّ الزُّرَقيُّ، المدنيّ، روى عن: أبيه، وعنه: موسى بن عقبة، مجهول، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر:((صدوق))، روى له النسائي في مسند عليّ هذا الحديث.
انظر: التاريخ الكبير (1/373-374 رقم1185)، الجرح (2/200 رقم674)، الثقات (6/28)، تهذيب الكمال (3/194-192)، التهذيب (1/330-331)، التقريب (ص110 رقم481).
- - -
- التخريج:
1- عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن قيس بن مسعود بن الحكم، عن أبيه، عن عليّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (3/ 460 رقم 6312) كتاب الجنائز، باب القيام حين ترى الجنازة، عن ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن قيس بن مسعود، عن أبيه أنه شهد جنازة مع عليّ بن أبي طالب بالكوفة فرأى ناساً قياماً ينتظرون الجنازة أن توضع، فأشار إليهم بدرة معه أو سوط: ((اجلسوا، فإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جلس بعدما كان يقوم))، -ومن طريقه الخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 413)-.
- والبيهقي في السنن الكبرى (4/27) كتاب الجنائز، باب حجة من زعم أنّ القيام للجنازة منسوخ، من طريق أحمد بن يوسف السلمي، عن عبدالرزاق –به-، وفيه قصة.
وعزاه المزيُّ في تهذيب الكمال (3/ 195) إلى النسائي في مسند عليّ بن أبي طالب.
وتابع عبدَ الرزاق بنَ همام على هذه الرواية:
حجاجُ بنُ محمد، رواه الخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 414) قال: أخبرناه أبو عبد الله بن عبد الواحد قال: حدثنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد قال: حدثنا يوسف بن سعيد المصيصي حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج بنحوه.
وهشامُ بنُ يوسف، قال البخاريُّ في التاريخ الكبير (8/175) :((وقال إبراهيم بن موسى عن هشام بن يوسف عن ابن جريج سمع موسى بن عقبة عن قيس بن مسعود عن أبيه نحوه)).(1/198)
وأشار إلى رواية ابن جريج هذه البخاريُّ في التاريخ الكبير (3/373)، و(6/399)، وابنُ حبان في الثقات (7/328).
2- إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة، عن إسماعيل بن مسعود بن الحكم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
لم أجد من أخرج هذه الرواية المرسلة( ) تقدم في ص (262) أنّ في نفسي من هذه الرواية شيئاً، وبيان ما يدل على ذلك. ).
ولكن روى الخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 412-413) هذا الحديث متصلاً، فقال: أخبرنا أبو الخطاب عبد الصمد بن محمد بن محمد بن نصر بن مكرم، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح الأبهري قال: حدثنا محمد بن جعفر بن يحيى بن رزين العطار بحمص قال:حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن إسماعيل بن مسعود بن الحكم السلمي أنه حدث عن أبيه أنه شهد جنازة بالكوفة مع علي بن أبي طالب فأبصر علي الناس قياماً ينتظرون أن توضع الجنازة فجعل يشير إليهم بدرة معه أو بسوط :((أيها الناس ( ) كذا وقع ولعل كلمة ((اجلسوا)) التي في باقي الروايات سقطت. ) فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جلس بعد أن كان يقوم)).
وتابع إسماعيل بن عياش على هذه الرواية عددٌ من الثقات منهم:
عبد الله بن المبارك، رواه يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ (2/223) قال: حدثنا عبد الله بن عثمان عبدان عن عبد الله بن المبارك –به-، -ومن طريقه الخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/412)-.
وأشار إليها البخاريُّ في التاريخ الكبير (1/ 373، و6/399، و8/175)، وعزاها المزيّ في تهذيب الكمال (3/194) إلى النسائي في مسند علي بن أبي طالب.
وعبدالعزيز بن محمد الدراوردي، أشار إليها البخاري في التاريخ الكبير (1/ 373).(1/199)
ومحمد بن جعفر بن أبي كثير، رواه الطبريّ في تهذيب الآثار-مسند عمر بن الخطاب- (2/560 رقم 828) قال: حدثني ابن عبد الرحيم البرقي، والخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 413) من طريق أحمد بن منصور كلاهما عن ابن أبي مريم قال: حدثنا محمد بن جعفر.
وموسى بن طارق، رواه النسائي في مسند عليّ بن أبي طالب – كما قال المزيُّ في تهذيب الكمال (3/ 194)-.
ووهيب بن خالد، رواه البخاريُّ في التاريخ الكبير (1/ 373) قال :(( وقال لي أبو جعفر حدثنا أحمد بن إسحاق حدثنا وهيب قال حدثنا موسى حدثت عن نافع بن جبير عن مسعود فلقيت إسماعيل بن مسعود فحدثني نحوه )).
وتابع موسى بن عقبة على هذه الرواية: عبدالعزيز بن محمد الدراوردي، فروى الخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 412) من طريق يحيى بن عبدالحميد الحِماني، قال: حدثنا عبدالعزيز الدراوردي، قال: حدثني إسماعيل بن مسعود–به-.
ويحيى بن عبدالحميد الحِماني ضعيف، -انظر: التهذيب (11/243-249)-، وتقدم أنّ عبدالعزيز الدراوردي يروي هذا الحديث عن موسى بن عقبة.
وهناك اختلافات أخرى على موسى بن عقبة لم تُذكر وهي:
إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عن عيسى بن مسعود بن الحكم، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- رواه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 373)، و(6/399) معلقاً، -ومن طريقه الخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 414)-، والنسائي في مسند عليّ بن أبي طالب – كما في تهذيب الكمال (3/ 194)-.
موسى بن عقبة، عن يوسف بن مسعود بن الحكم، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
رواه عن موسى اثنان:
ابن جريج، رواه البزار في مسنده (3/124 رقم910) قال: حدثنا أحمد بن عمرو بن عبيدة العصفري قال: أخبرنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد عن ابن جريج.(1/200)
وعبد السلام بن حفص أبو مصعب، رواه البخاري في التاريخ الكبير (8/174-175) قال : وقال عبد الله الجعفي، والبزار في مسنده (3/123 رقم909) قال: حدثنا محمد بن مرزوق، والطبريّ في تهذيب الآثار-مسند عمر بن الخطاب- (2/561 رقم829) حدثنا محمد بن معمر، جميعهم عن أبي عامر عبدالملك بن عمرو العقدي، عن أبي مصعب-به-.
وذكرها البخاريّ في التاريخ الكبير أيضاً (1/373، 6/399) معلقاً، وقال الدارقطنيُّ- كما في أطراف الغرائب والأفراد (1/270)-:((غريبٌ من حديث أبي مصعب المديني عبدالسلام بن حفص، عن موسى بن عقبة، عن يوسف بن مسعود بن الحكم، عن أبيه، تفرد به أبو عامر العقدي، عن أبي مصعب)).
وتابع موسى بن عقبة على هذه الرواية عبيد الله بن عمر بن حفص، أخرجه : الخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 414) قال: أخبرني محمد بن عبد الملك القرشي قال: أخبرنا محمد بن المظفر الحافظ قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد قال: حدثنا أبو السائب سلم بن جنادة قال: وجدتُ في كتاب أبي عن عبيد الله بن عمر، عن يوسف بن مسعود –به-.
وقال الدارقطنيُّ- كما في أطراف الغرائب والأفراد (1/271)-:((غريب من حديث يوسف بن مسعود بن الحكم، عن أبيه، وغريب من حديث عبيد الله العمري عنه تفرد به جُنادة بن سلم))، وجُنادة بن سلم ضعيف، قال أبو زرعة، وأبو حاتم:((ضعيف))، زاد أبو حاتم: ((ما أقربه من أن يُترك حديثه، عَمِدَ إلى أحاديث موسى بن عقبة، فحدّث بها عن عبيد الله بن عمر)) -الجرح (2/515-516رقم 2133)-.
سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، عن موسى بن عقبة، عن رجل من الأنصار، عن مسعود بن الحكم، عن عليّ بن أبي طالب، عن النبي صلى الله عليه وسلم.(1/201)
- رواه الخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 415) قال: أخبرني محمد بن عبد الملك أخبرنا محمد بن المظفر حدثنا علي بن أحمد بن سليمان حدثنا يزيد بن سنان حدثنا ابن أبي مريم حدثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي حدثني موسى بن عقبة أن رجلا من الأنصار حدثه عن مسعود بن الحكم أنه سمع علي بن أبي طالب يقول في جنازة تبعها وهم قيام :((أيها الناس اجلسوا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جلس بعد ما كان يقوم )).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث:
اختلف في الحديث عن موسى بن عقبة على خمسة أوجه وهي:
الوجه الأوَّل : رواه إسماعيل بن عياش، والدراوردي، وعبد الله بن المبارك، ومحمد بن جعفر، وموسى بن طارق، ووهيب بن خالد جميعهم عن موسى بن عقبة، عن إسماعيل بن مسعود بن الحكم، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثاني : رواه ابن جُريج – عنه : حجاجُ بنُ محمد، وعبد الرزاق بن همام، وهشامُ بنُ يوسف- عن موسى بن عقبة، عن قيس بن مسعود بن الحكم، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثالث : رواه إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة، عن عيسى بن مسعود بن الحكم، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وإبراهيم بن طهمان ثقة يُغرب-التقريب (ص90 رقم189)-.
الوجه الرابع : رواه ابن جُريج –وعنه: أبو عاصم الضحاك بن مخلد-، وعبد السلام بن حفص كلاهما عن موسى بن عقبة، عن يوسف بن مسعود بن الحكم، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
ورواية أبي عاصم هذه مرجوحة فقد تقدم أنّ حجاج بن محمد، وعبد الرزاق بن همام، وهشام بن يوسف رووه عن ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن قيس بن مسعود –به-، وأبو عاصم ثقة التقريب (ص280 رقم2977)، وعبدُ السلام بن حفص وثقه ابن معين كما في تاريخ الدوري (2/364).(1/202)
الوجه الخامس : رواه سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن موسى بن عقبة، عن رجل من الأنصار، عن مسعود بن الحكم، عن علي بن أبي طالب، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وسعيد بن عبد الرحمن صدوق، قال أحمد:((ليس به بأس))، وقال ابن عدي:((له أحاديث غرائب حسان، أرجو أنها مستقيمة، وإنما يهم عندي في الشيء بعد الشيء، فيرفع موقوفاً، أو يصل مرسلاً لا عن تعمد))-انظر: الجرح (4/41-42رقم 178)، الكامل (3/ 399-401)، تهذيب الكمال (10/528-532)-، لكن سعيد بن عبد الرحمن خالف من هو أوثق منه، وأكثر عدداً.
وقد رجّح أبو زرعة الوجه الأوَّل الذي فيه ذكر إسماعيل بن مسعود في قوله :((إسماعيل أصح))، وقال الخطيب البغدادي :((فتحصل مما ذكرناه أنّ موسى بن عقبة رُوي عنه حديث الجلوس في الجنازة مختلفاً على أربعة أقوال: أشهرها: عن إسماعيل بن مسعود..)).
وهذا الوجه أقوى لأمرين:
أنّ رواته أوثق من المخالفين لهم.
أنهم أكثر عدداً ممن خالفهم.
والحديث من الطريق الراجح فيه إسماعيل بن مسعود وهو مجهول، غير أنه متابع فقد تابعه محمد بن المنكدر، ونافع بن جبير وتقدم ذكر روايتيهما في المسألة السابقة ، وبيان أنَّ الحديث صحيح.
- - - -(1/203)
14- ] 1102[ وسَمِعْتُ أَبِي وذَكَرَ حَدِيثاً رَوَاهُ مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيم(1)، عَنْ شُعْبَةَ(2)، عَنْ عُيَيْنَةَ بنِ عَبْد الرَّحْمَنِ بن جَوْشَن(3)، عَنْ أَبِيه(4) قَالَ: شهدتُ جِنَازَة ابنِ عَبْد الرَّحْمَنِ بنِ سَمُرَة * فَجَعَلَ رِجَالٌ مِنْ مَوالِيهِ وأَهْلِهِ يَمْشُونَ أمامَ السرِيرِ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، وَيَقُولُونَ: رُوَيْدًا بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمْ، فَكَانُوا يَدبون دَبِيبَاً**، فَلَحِقَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ(5) فَلَمَّا رَأَى أُولَئِكَ وَمَا يَصْنَعُونَ حَمَلَ عَلَيْهِمْ بِالسّوطِ، فقَالَ: خَلوا *** فَوَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَنحنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّا نَكَادُ نَرْمُلُ بِهَا رَمَلا **** .
فسَمِعْتُ أَبِي يَقولُ: روى هَذَا الْحَدِيثَ هُشَيْمٌ(6)، ووَكِيعٌ(7)، وأبو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ(8)، وسَعْدَانُ بنُ يَحْيَى(9)، عَنْ عُيَيْنَةَ بنِ عَبْد الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيه، وقَالَ فِيهِ: فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ أبو بَكْرَةَ(10) بدل عُثْمَانَ بْن أَبِي الْعَاصِ ، وهَذَا أَصَح*****.
.........................................
* كذا وقع في الأصل، وفي جميع النسخ المخطوطة، وليس لابن عبدالرحمن بن سمرة ذكر في المسألة أصلاً، وسيأتي التعليق على ذلك، وبيان أنّه وقع في المسألة خلط.
** الدّب: قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (2/ 263):((الدال والباء أصلٌ واحدٌ صحيح منقاس، وهو حركة على الأرض أخف من المشي، تقول: دَبَّ دَبيباً)).
*** كذا في جميع النسخ، وفي (ت) ((كلوا)) وهو خطأ، ولفظة ((خلوا)) هي الموافقة لجميع الروايات التي خرجت الحديث.(1/204)
**** الرَّمَل: مصدر رَمَلَ يَرْمُلُ رَمَلاً ورَمَلانا، قال ابن فارس معجم مقاييس اللغة (2/ 442):((الراء والميم واللام أصلٌ يدلُ على رقةٍ في شيء يتضام بعضه إلى بعض..ومن الباب الرَّمَل: الهرولة، وذلك أنه كالعدو أو المشي الذي لا حصافة فيه))، وقال ابن الأثير في النهاية (2/ 265):((رَمَلَ.. إذا أسرع في المشي وهز منكبيه)).
***** كذا وقع في الأصل، وفي جميع النسخ المخطوطة، ومن خلال جمع الطرق والروايات يتبين أنّ هناك خلطاً في هذه المسألة، وبيان ذلك: أنّ ظاهر الكلام في المسألة أنّ الخلاف في تحديد الشخص الذي حَمَلَ على حاملي الجنازةِ، فشعبة بن الحجاج ذكر أنه: عثمان بن أبي العاص، والآخرون ذكروا أنه: أبو بكرة، والحق أنّ الخلاف إنما هو في تحديد الجنازة التي وقعت فيها هذه القصة فشعبة بن الحجاج- في رواية مسلم بن إبراهيم- ذكر أنها جنازة عثمان بن أبي العاص، والآخرون ذكروا أنها جنازة عبدالرحمن بن سمرة- وهو الأرجح كما سيأتي-.
وهذا الخلطُ يدلُ على ما تقدم تقريره في المقدمة في الفصل الثاني من الباب الثالث قسم الدراسة من أنّ الكتاب مسودة لم ينقحه ابن أبي حاتم.
ــــــــــــــــــــــ
(1) مسلم بن إبراهيم تقدمت ترجمته في المسألة رقم ( 1099).
(2) هو: شُعبة بن الحجاج بن الورد العَتَكيُّ الأزديُّ، مولاهم، أبو بسطام الواسطي ثم البصريّ، روى عن: الحكم بن عتيبة، وعُيَيْنة بن عبد الرحمن، ومعاوية بن قرة وغيرهم كثير، وعنه: غندر محمد بن جعفر، ومسلم بن إبراهيم، وأبو الوليد الطيالسي وغيرهم كثير.(1/205)
متفق على جلالته وإتقانه وإمامته، وله بعض الأوهام في أسماء الرجال، قال سفيان الثوريُّ :((شعبة أمير المؤمنين في الحديث))، وقال أحمد بن حنبل :((كان شعبة أُمةً وحده في هذا الشأن- يعني في الرجال وبصره بالحديث وتثبته وتنقيته للرجال-))، وقال ابن معين:((شعبة ثقة ثبت، ولكنه يخطىء في أسماء الرجال ويُصحف))،وقال أبو زرعة:((وكان أكثر وهم شعبة في أسماء الرجال))، وقال أبو حاتم:((وشعبة ربما أخطأ في أسماء الرجال))، روى له الجماعة، مات سنة ستين ومائة.
انظر: العلل ومعرفة الرجال (2/539 رقم3557)، علل الحديث (1/27 رقم45)، معرفة الرجال (1/117 رقم569)، تاريخ بغداد (9/ 255-266)، تهذيب الكمال (12/479-495).
(3) هو : عُيَيْنة بن عبد الرحمن بن جَوْشَن الغطفانيُّ الجَوْشني، أبو مالك البصري، روى عن: أيوب بن موسى، وأبيه: عبد الرحمن، ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، وعنه: إسماعيل بن علية، وسفيان الثوري، وشعبة وغيرهم.
ثقة، وثقه ابن سعد، وابن معين –في رواية الدوري-، والعجلي، والنسائي وغيرهم، روى له البخاريُّ في ((الأدب))، والباقون سوى مسلم، مات في حدود الخمسين ومائة.
انظر: الطبقات (7/272)، تاريخ الدوري (2/ 467)، معرفة الثقات (2/201 رقم1468)، الجرح ( 7/31 رقم 168)، تهذيب الكمال (23/77-81)، التقريب (ص441 رقم5343).
(4) هو : عبد الرحمن بن جَوْشَن الغطفانيُّ الجَوْشني، البصري، وكان صهر أبي بكرة على ابنته، روى عن: أبي بكرة الثقفي، بريدة بن الحصيب، وسمرة بن جندب وغيرهم، وعنه: ابنه عُيينة.
ثقة، وثقه ابن معين، وأبو زرعة وغيرهما، روى له البخاريُّ في ((الأدب))، والباقون سوى مسلم.
انظر: من كلام أبي زكريا يحيى بن معين في الرجال (ص48 رقم 69)، الجرح (5/220 رقم 1038)، تهذيب الكمال (17/ 34-36).(1/206)
( 5) هو : عثمان بن أبي العاص الثقفي، الطائفيّ، أبو عبد الله نزيل البصرة، صحابي شهير، استعمله النبيّ صلى الله عليه وسلم على الطائف، مات سنة خمس وقيل: إحدى وخمسين بالبصرة.
انظر: الإصابة (2/460)، التقريب (ص384 رقم 4485).
(6) هو: هُشيم-بالتصغير-ابن بَشير بن القاسم السُّلمي، أبو معاوية الواسطيُّ، روى عن: عمرو بن دينار، وعُيَيْنة بن عبد الرحمن، ومحمد بن مسلم أبي الزبير وغيرهم، وعنه: أحمد بن حنبل، وهناد بن السري، ويحيى بن معين وغيرهم.
ثقةٌ ثبتٌ، أثبت الناس في حصين بن عبد الرحمن، ومن أعلم الناس بحديث يونس بن عبيد، ومنصور بن زاذان، وأبي بشر، وهو يدلس ويرسل، قال ابن سعد:((كان ثقة كثير الحديث، ثبتاً، يدلس كثيراً، فما قال فيه: أخبرنا فهو حجة، وما لم يقل فيه: أخبرنا فليس بشيء))، وقال ابن مهديُّ:((هشيم أعلم الناس بحديث هؤلاء الأربعة: أعلم الناس بحديث منصور بن زاذان، ويونس، وسيّار، وأثبت الناس في حُصين))، وقال أحمد:((هشيم أعلم بحديث حصين))، وقال ابن حجر:((ثقةٌ ثبتٌ كثير التدليس والإرسال الخفيّ))، روى له الجماعة، مات سنة ثلاث وثمانين ومائة.
انظر: الطبقات (7/ 313)، العلل ومعرفة الرجال (1/370 رقم 712)، تاريخ بغداد (14/ 85-94)، تهذيب الكمال ( 30/272-288)، التقريب (ص574 رقم7312).
(7) هو: وكيع بن الجرح، تقدمت ترجمته في المسألة رقم ( 1099)، وهو:((متفق على جلالته وإتقانه وفضله)).
(8) هو: سليمان بن داود الطيالسي، تقدمت ترجمته في المسألة رقم ( 1099)، وهو:((ثقة حافظ ربما غلط)).
(9) هو : سعدان – واسمه سعيد وسعدان لقب -ابن يحيى بن مهدي، أبو سفيان الحِمْيريُّ، الحذاء الواسطيُّ، روى عن: زكريا بن أبي زائدة، ، وعيينة بن عبد الرحمن، وهشام بن عروة وغيرهم، وعنه: أحمد بن سنان، وعلي بن حجر ، وهشام بن عمار وغيرهم.(1/207)
صدوق، قال أبو بكر بن أبي شيبة:((كان صدوقاً))، وكذلك قال أبو زرعة، والخطيب البغدادي، والذهبي وابن حجر، وقال أبو داود:((ثقة))، وقال الدارقطنيُّ:((لا بأس به))، روى له البخاري، والترمذي، مات سنة اثنتين ومائتين.
انظر: الجرح (4/ 74 رقم 313)، العلل (5/169)، تاريخ بغداد (9/ 75-76)، تهذيب الكمال ( 11/108-111)، الميزان (4/ 531 رقم 10250)، التهذيب (4/99)، التقريب (242 رقم2417).
(10) هو: نفيع بن الحارث، صحابي تقدمت ترجمته في المسألة رقم ( 1099).
- - -
- التخريج:
مسلم بن إبراهيم، عن شعبة، عن عُيَيْنة بن عبد الرحمن بن جَوْشَن، عن أبيه.
أخرجه :
أبو داود في سننه (3/ 205 رقم3182) كتاب الجنائز، باب الإسراع في الجنازة، -ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 22) كتاب الجنائز، باب الإسراع في المشي بالجنازة-.
والحاكم في المستدرك (3/ 446) كتاب معرفة الصحابة، ذكر مناقب عثمان بن أبي العاص، من طريق حامد بن سهل.
كلاهما عن مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا شعبة عن عيينة بن عبدالرحمن، عن أبيه: أنه كان في جنازة عثمان بن أبي العاص، وكنا نمشي مشياً خفيفاً، فلحقنا أبو بكرة فرفع سوطه فقال:((لقد رأيتنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نرمُلُ رَمَلاً)).
وتابع مسلم بن إبراهيم على هذه الرواية:
الربيعُ بنُ يحيى المَرَئي، أخرجه: يعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ (1/213-214)، قال: حدثني الربيع بن يحيى قال: حدثنا شعبة، قال: عن عيينة بن عبدالرحمن، عن أبيه: أنه كان في جنازة عثمان بن أبي العاص.(1/208)
ومحمد بن جعفر البزاز-رواه على الشك-، أخرجه: الطحاويّ في شرح معاني الآثار (1/ 477)، كتاب الجنائز، باب المشي في الجنازة كيف هو ؟، قال: حدثنا علي بن معبد قال: حدثنا محمد بن جعفر المدائني قال: حدثنا شعبة، عن عيينة، عن أبيه قال: كنا في جنازة عبدالرحمن بن سمرة أو عثمان بن أبي العاص فكانوا يمشون بها مشيا ليناً قال: فكان أبو بكرة انتهرهم ورفع عليهم صوته، وقال :((لقد رأيتنا نرمل بها مع النبي صلى الله عليه وسلم)).
هشيم، ووكيع، وأبو داود الطيالسي، وسعدانُ بنُ يحيى، عن عُيَيْنة بن عبدالرحمن، عن أبيه.
أ- رواية هشيم بن بشير، أخرجها:
النسائيُّ في سننه (4/43) كتاب الجنائز، السرعة بالجنازة، ، عن علي بن حجر، -ومن طريقه ابن حزم في المحلى (5/ 155)-.
وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 281) كتاب الجنائز، في الجنازة يسرع بها إذا خرج أم لا،-ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (5/ 377 رقم 3028) كتاب الجنائز، ذكر صفة السير بالجنازة، وابن حبان في صحيحه"كما في الإحسان (7/ 317 رقم3044) كتاب الجنائز، فصلٌ في حمل الجنازة وقولها"-.
وأحمد بن حنبل في مسنده (5/37).
والحاكم في المستدرك (1/355) كتاب الجنائز، من طريق يحيى بن يحيى.
جميعهم عن هشيم بن بشير، عن عيينة بن عبدالرحمن، عن أبيه، عن أبي بكرة قال:((لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنا لنكاد نرمل بها رملاً))، وقال الحاكم:((هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه)).
ب- رواية وكيع بن الجراح، أخرجها:
ابن سعد في الطبقات (7/ 15).
وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 279) كتاب الجنائز، من رخص في الركوب أمام الجنازة.
وأحمد بن حنبل في مسنده (5/37).
جميعهم عن وكيع قال: حدثنا عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بكرة قال:((لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنا لنكاد أن نرمل بها)).
ج- رواية أبي داود الطيالسيّ أخرجها:(1/209)
- في مسنده (ص120رقم 883)، -ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (4/22)- ولفظه: حدثنا عيينة بن عبدالرحمن، عن أبيه قال: كنتُ في جنازة عبد الرحمن بن سمرة، فجعل زياد ورجال من مواليه يمشون على أعقابهم أمام السرير، ثم يقولون: رويداً، رويداً بارك الله فيكم، قال: فلحقهم أبو بكرة في بعض سكك المدينة، فحمل عليهم بالبغلة، وشدّ عليهم بالسوط، وقال: خلوا، والذي أكرم وجه أبي القاسم صلى الله عليه وسلم لقد رأيتنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لنكاد نرمل بها رملا.
قال البيهقي عقبه:((وكذلك رواه إسماعيل بن إبراهيم، ويحيى بن سعيد، ووكيع، وخالد بن الحارث، وعيسى بن يونس عن عيينة، وخالفهم شعبة عن عيينة فقال: في جنازة عثمان بن أبي العاص)).
د - رواية سعدان بن يحيى: لم أقف على من أخرج روايته.
وقد تابع هؤلاء عددٌ من الثقات الحفاظ، وهم:
إسماعيل بن إبراهيم بن عُلية: رواه النسائي في سننه (4/43) مختصراً، -ومن طريقه ابن حزم في المحلى (5/ 155)-، ويعقوبُ الفسوي في المعرفة والتاريخ (1/214) مختصراً، وابن حبان في صحيحه –كما في الإحسان (7/ 317 رقم3043)-، وابن عساكر في تاريخ دمشق (34/ 417-418) مطولاً، وفيه قصة.
وخالد بن الحارث: رواه أبو داود في سننه (3/ 205 رقم3183)، والنسائي في سننه (4/43) مطولاً، وفيه القصة.
والضحاك بن مخلد: رواه البخاريّ في التاريخ الصغير (1/127) معلقاً.
وعبد الله بن يزيد المقرئ: رواه الحاكم في المستدرك (3/ 445) كتاب معرفة الصحابة، ذكر مناقب عبدالرحمن بن سمرة القرشي رضي الله عنه، مطولاً، وفيه القصة.
وابن أبي عدي: رواه البزار في مسنده (9/129 رقم 3680) ) مطولاً، وفيه القصة. وقال:((وهذا الحديث لا نحفظه عن أبي بكرة إلاّ من هذا الوجه بهذا الإسناد، وقد رواه شعبة عن عيينة أيضاً)).
وعيسى بن يونس: رواه أبو داود في سننه (3/ 205 رقم3183).(1/210)
و يحيى بن سعيد القطان: رواه أحمد في مسنده (5/ 38)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (34/ 417) مطولاً، وفيه القصة.
ويزيد بن هارون: رواه البخاريّ في التاريخ الصغير ((1/127) مختصراً، وابن عساكر في تاريخ دمشق (34/ 418) مطولاً، وفيه القصة.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث:
اختلف في الحديث عن عيينة بن عبدالرحمن على وجهين :
الوجه الأوَّل : رواه شعبة بن الحجاج- عنه : مسلم بن إبراهيم، والربيع بن يحيى- عن عيينة بن عبدالرحمن، عن أبيه قال: كنتُ في جنازة عثمان بن أبي العاص.
ورواه محمد بن جعفر البزاز عن شعبة على الشك:((كنتُ في جنازة عثمان بن أبي العاص أو عبدالرحمن بن سمرة..))، ومحمد بن جعفر لا بأس به قاله أحمد، وأبو داود -سؤالات الآجري (2/ 279 رقم1842)، تاريخ بغداد (2/116)-، غير أنّ رواية مسلم، والربيع والتي فيها الجزم بجنازة عثمان بن أبي العاص تقدم لأنهما أوثق من محمد بن جعفر، إلاّ أن يقال إنّ شعبة يجزم أحياناً بأنه عثمان بن أبي العاص، وأحياناً يرويه على الشك.
الوجه الثاني : رواه إسماعيل بن إبراهيم بن عُلية، وخالد بن الحارث، وسعدان بن يحيى، وسليمان بن داود الطيالسي، والضحاك بن مخلد، وعبد الله بن يزيد المقرئ، وابن أبي عدي، وعيسى بن يونس، وهشيم بن بشير، ووكيع بن الجراح، يحيى بن سعيد القطان، ويزيد بن هارون جميعهم عن عيينة بن عبدالرحمن، عن أبيه قال: كنتُ في جنازة عبدالرحمن بن سمرة –به-.(1/211)
والوجه الثاني أرجح لكثرة من رواه عن عيينة أوّلاً، ولأنَّ فيهم مَنْ هو من كبار الحفاظ: كيحيى القطان، ووكيع بن الجراح، وابن علية، ويزيد بن هارون، لذا نصَّ البخاريُّ على أنّ ذكر عثمان بن أبي العاص في هذه الرواية وهم فقال في التاريخ الصغير (1/127): ((حدثني عبد الله بن منير، سمع يزيد بن هارون، عن عيينة بن عبد الرحمن جوشن، حدثني أبي: شهدت جنازة عبدالرحمن بن سمرة فلحقنا أبو بكرة، تابعه أبو عاصم، عن عيينة: وزياد يمشى أمامها، وقال شعبة، عن عيينة، عن أبيه: جنازة عثمان بن أبي العاص، وعثمان وَهْمٌ))، أي أنّ ذكر عثمان بن أبي العاص خطأ، وهذا ترجيحٌ منه للوجه الثاني.
والحديث من الوجه الراجح صحيح، وقد صححه ابن حبان والحاكم.
- - - -
15- [1103[ وسَأَلْتُ أَبِي، وأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثٍ حَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بنُ مُحَمَّد بنِ يَحْيَى النيسابُوري(1)، عَنْ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللَهُ بنِ عَلِيّ بنِ سُوَيد بنِ مَنْجُوف(2)، عَنْ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ(3)، عَنْ هِشَام(4)، وعِمْرَانَ(5)، عَنْ قَتَادَةَ(6)، عَنْ سَعِيدِ بنِ الْمُسَيّب(7)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ(8):((أنَّ رَسُول اللَهُ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَوْبٍ نَجْرَانِيّ ورَيْطَتَيْن*))، فلما كَانَ من الغدِ، قَالَ: أشكُ أنَّه أبان(9)، أو هِشَام مَعَ عِمْرَان.
فسَمِعْتُ أَبِي، وأَبَا زُرْعَةَ يقولان: هَذَا غَلَط روى مُعَاذ بن هِشَام(10)، عَنْ أَبِيه، عَنْ قَتَادَة، عَنْ الحَسَن(11) **: أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وهو الصَّحِيح.
.........................................
* قال ابن الأثير في النهاية (2/289):((الرَّيطة: كل مُلاءة ليست بِلِفْقَين، وقيل: كل ثوبٍ رقيق لَيِّن، والجمع رَيْطٌ ورِياط)).(1/212)
** كذا وقع في جميع النسخ المخطوطة، وفي نفسي من ذكر الحسن البصري شيء، وأكادُ أجزمُ أنّ مكان الحسن البصري سعيد بن المسيب لأمور :
أنّ جميع الطرق والراويات تدور على قتادة، عن سعيد بن المسيب مرسلاً، وموصولاً – كما سيأتي-، ولا يوجد ذكر للحسن البصريّ.
أنّ البزار، والدارقطنيّ لم يذكرا الحسن البصري عند ذكرهما الخلاف في الحديث، إنما ذكرا سعيد بن المسيب.
أنّ أبا زرعة، وأبا حاتم رجحا هذا الوجه، ومن المستبعد أن يرجحا رواية معاذ هذه على رواية كبار الحفاظ الذين ذكروا سعيد بن المسيب، وسيأتي ذكر رواياتهم.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : يحيى بن محمد بن يحيى الذُّهليُّ النيسابوري، لقبه: حَيْكان- بمهملة ثم تحتانية، روى عن: عمرو بن الحصين، ومسدد بن مسرهد، وهشام بن عبد الملك وغيرهم، وعنه: ابن خزيمة، وابن ماجه، ووالده محمد بن يحيى وغيرهم.
ثقة، قال الحاكم:((هو إمام نيسابور في الفتوى والرئاسة))، وقال ابن أبي حاتم:((صدوق))، وثقه الذهبي، وابنُ حجر، روى له ابن ماجه- على خلافٍ في ذلك-، مات سنة سبع وستين ومائتين.
انظر: الجرح (9/186 رقم 774)، تهذيب الكمال ( 31/528-531)، السير (12/ 285-295)،التذكرة (2/ 616-618)، التهذيب (11/276-278)، التقريب (ص596 رقم7641).
(2) هو : أحمد بن عبدالله بن علي بن سويد بن مَنْجُوف السّدوسيّ، المنجوفيّ، أبو بكر البصريّ، روى عن: روح بن عبادة، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى القطان وغيرهم، وعنه: البخاريُّ، وابن خزيمة، و يحيى بن محمد الذُّهليُّ وغيرهم.
صدوق، قال النسائي:((صالح))، وكذلك قال مسلمة بن القاسم، وقال الذهبي:((ثقة))، وقال ابن حجر:((صدوق))، روى له البخاريّ، وأبو داود، والنسائيّ، مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
انظر: إكمال تهذيب الكمال ( 1/ ورقة 14أ، 15ب)، تهذيب الكمال (1/365-366)، تاريخ الإسلام (حوادث ووفيات 251-260 ص46)، التهذيب (1/ 48)، التقريب (ص 81 رقم 58).(1/213)
(3) هو: سليمان بن داود الطيالسي، تقدمت ترجمته في المسألة رقم ( 1099)، وهو:((ثقة حافظ ربما غلط)).
(4) هو: هشام بن أبي عبد الله :سَنْبَر- وزن جعفر- الدَّسْتَوائيّ-بفتح الدال، وسكون النون، وفتح المثناة-، أبو بكر البصري، روى عن: أيوب السختياني، وقتادة، ويحيى بن أبي كثير وغيرهم، وعنه: سليمان بن داود الطيالسي، وابنه معاذ، ويزيد بن هارون وغيرهم.
متفق على ثقته وفضله وقد رمي بالقدر، وهو في الطبقة الأولى من أصحاب قتادة، قال شعبة:((كان هشام الدَّسْتَوائيّ أحفظ مني عن قتادة))، وقال أبو زرعة:((أثبت أصحاب قتادة هشام، وسعيد))، وقال ابن أبي شيبة:((قلتُ لعليّ بن المديني: إنّ يحيى بن معين ذكر لنا أنّ مشايخ من البصريين كانوا يُرمون بالقدر إلاّ أنهم لا يدعون إليه، ولا يأتون في حديثهم بشيء منكر؛ منهم: قتادة، وهشام صاحب الدَّسْتَوائيّ، وسعيد بن أبي عروبة، وأبو هلال، وعبد الوارث، وسلاّم كانوا ثقات يكتب حديثهم، فماتوا وهم يرون القدر، ولم يرجعوا عنه، فقال لي عليّ-رحمه الله-: أبو زكريا كذا كان يقول عندنا، إلاّ أنّ أصحابنا ذكروا أنّ هشام الدَّسْتَوائيّ رجع قبل موته، ولم يصح ذلك عندنا))، روى له الجماعة، مات سنة أربع وخمسين ومائة.
انظر: سؤالات ابن أبي شيبة لعلي بن المديني (ص45-46)، الجرح (9/59-61رقم 240 )، تهذيب الكمال ( 30/215-223)، التقريب (ص573 رقم7299).
(5) هو: عمران بن دَاوَر- بفتح الواو بعدها راء- العَمِّيُّ، أبو العوّام القطان البصريّ، روى عن: بكر المزني، والحسن البصري، وقتادة بن دعامة وغيرهم، وعنه: سليمان بن داود الطيالسي، وعبد الرحمن بن مهديّ، وعمرو بن مرزوق وغيرهم.(1/214)
صدوق وكان يرى رأي الخوارج، قال أحمد بن حنبل :((أرجو أن يكون صالح الحديث))، ووثقه عفان بن مسلم، والعجليُّ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال عمرو بن عليّ:((كان عبدالرحمن بن مهدي يحدّث عنه، وكان يحيى لا يحدث عنه، وقد ذكره يحيى يوماً فأحسن الثناء عليه))، وقال البخاري:((صدوق يهم))، وقال ابن عديّ:((وهو ممن يكتب حديثه))، وضعفه ابن معين، وأبوداود، والنسائيّ، وقال الذهبيُّ:((صدوق))، وقال ابن حجر:((صدوق يهم ورمي برأي الخوارج))، استشهد به البخاريّ في الصحيح، وروى له في ((الأدب))، وروى له الباقون سوى مسلم، مات بين الستين والسبعين.
انظر: تاريخ الدوري (2/437)، معرفة الثقات (2/189رقم1424)، العلل ومعرفة الرجال (3/25رقم3989)، سؤالات الآجري (1/ 418-419 رقم851)، الضعفاء والمتروكون للنسائي (ص192 رقم502)، الضعفاء الكبير (3/300-301)، الثقات (7/243)، الكامل ( 5/87-89)، تهذيب الكمال ( 22/328-330)، الميزان (3/236-237 رقم6282)، المغني (2/478 رقم4596)، التهذيب (8/ 130-132)، التقريب (ص 429 رقم5153).
(6) هو: قتادة بن دِعَامة بن قتادة السَّدوسيّ، أبو الخطاب البصريُّ، روى عن: أنس، والحسن البصري، وسعيد المسيب وغيرهم، وعنه: أبان العطار، وأيوب السختياني، هشام الدَّسْتَوائيّ وغيرهم.
متفق على توثيقه وجلالته، وهو كثير الإرسال ويدلس، وقال شعبة:((كان قتادة إذا جاء ما سمع قال: حدثنا، وإذا جاء ما لم يسمع قال: قال فلان))، وقال الذهبيّ:((حافظ العصر، قدوة المفسرين والمحدّثين..، وهو حجة بالإجماع إذا بيّن السماع، فإنه مدلس معروف بذلك، وكان يرى القدر، نسأل الله العفو، ومع هذا فما توقف أحدٌ في صدقه وعدالته وحفظه..))، وذكره العلائيُّ، وابن حجر في الطبقة الثالثة من المدلسين، روى له الجماعة، مات سنة سبع عشرة ومائة.(1/215)
انظر: تهذيب الكمال ( 23/498-517)، السير (5/269-271)، جامع التحصيل (ص113)، تعريف أهل التقديس (146-147 رقم 92)، التقريب (ص453 رقم5518).
(7) سعيد بن المسيّب، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091)، وهو:((متفق على جلالته وإتقانه وفقهه)).
(8) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1089).
(9) هو: أبان بن يزيد العطار، أبو يزيد البصري، روى عن: الحسن البصري، وقتادة، ومعمر وغيرهم، وعنه: سليمان بن داود الطيالسي، وعفان بن مسلم، ويحيى القطان وغيرهم.
ثقة، وثقه ابن معين، وابن المديني، وأحمد وغيرهم، وقال الذهبيُّ:((أحد الثقات.. واحتج به الشيخان، وهو من طبقة همام))، روى له الجماعة، مات في حدود الستين ومائة.
انظر: تاريخ الدوريّ (2/ 6)، سؤالات ابن أبي شيبة لعلي بن المديني (ص71 رقم50)، الجرح (2/ 299 رقم1098)، تهذيب الكمال ( 2/24-26)، الرواة الثقات (ص39-40 رقم3)، التقريب (ص 87 رقم143).
(10) هو: معاذ بن هشام بن أبي عبد الله: سَنْبَر الدَّسْتَوائيّ، البصري، روى عن: أشعث بن عبد الملك، وعبد الله بن عون، وأبيه: هشام وغيرهم، وعنه: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن منصور الكوسج، وعلي بن المديني وغيرهم.
صدوق، قال ابن معين-في رواية الدوري-:((صدوق، وليس بحجة))، وقال ابن محرز:((سمعتُ يحيى وقيل له: أيما أحب إليك في قتادة سعيد أو هشام؟ فقال: سعيد ثقة ثبت، وهشام ثقة، وأما ابنه معاذ بن هشام فلم يكن بالثقة، إنما رغب فيه أصحاب الحديث للإسناد))، وقال ابن عديّ:((ولمعاذ بن هشام، عن أبيه عن قتادة حديث كثير، ولمعاذ عن غير أبيه أحاديث صالحة، وهو ربما يغلط في الشيء بعد الشيء، وأرجو أنه صدوق))، وقال الذهبيُّ:((صدوق، حديثه في الكتب كلها))، وقال ابن حجر:((صدوق ربما وهم))، روى له الجماعة، مات سنة مائتين.(1/216)
انظر: تاريخ ابن معين (2/572)، معرفة الرجال (1/ 118رقم 575 )، الكامل (6/ 433-434)، تهذيب الكمال ( 28/139-143)، الرواة الثقات (ص164 رقم 73)، التقريب (ص 536 رقم6742).
(11) هو: الحسن بن أبي الحسن: يسار، الأنصاريّ، مولاهم، البصريُّ، روى عن: عبد الله بن عباس ، وعمران بن حصين، وأبي موسى الأشعري وغيرهم، وعنه: عبد الله بن عون، وقتادة بن دعامة، ويونس بن عبيد وغيرهم.
متفق على توثيقه ومن سادات التابعين، وهو كثير الإرسال ويدلس، قال ابن سعد:((قالوا: وكان الحسن جامعاً، عالماً، رفيعاً، فقيهاً، ثقةً، مأموناً، عابداً، ناسكاً، كثير العلم فصيحاً جميلاً وسيماً، وكان ما أسند من حديثه وروى عمن سمع منه فحسن حجة، وما أرسل من الحديث فليس بحجة))، وقال البزار:((كان يروي عن جماعة لم يسمع منهم فيتجوز؛ ويقول: حدثنا، وخطبنا يعني قومه الذين حُدّثوا وخطبوا بالبصرة))، وقد ذكره ابن حجر في الطبقة الثانية من المدلسين؛ وهم: من احتمل الأئمة تدليسهم..، روى له الجماعة، مات سنة عشر ومائة.
انظر: الطبقات (7/ 156-178)، تهذيب الكمال ( 6/95-127)، التهذيب (2/263-270)، تعريف أهل التقديس (ص102 رقم 40)، التقريب (ص160رقم 1227).
- - -
- التخريج:
1- يحيى بن محمد بن يحيى النيسابوري، عن أحمد بن عبدالله بن علي بن سويد بن مَنْجُوف، عن أبي داود الطيالسي، عن هشام، وعمران، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة-مرفوعاً-.
أخرجه :
- البزار في مسنده- كما في كشف الأستار (1/385 رقم812)-.
- وابنُ حبان في صحيحه –كما في الإحسان (14/598-599 رقم6630) كتاب التاريخ، باب وفاته صلى الله عليه وسلم-، قال: أخبرنا محمد بن أحمد الرقام.
كلاهما عن أحمد بن عبدالله بن علي –به-، وقال البزار:((لا نعلم رواه هكذا موصولاً إلاّ أبو داود، ورواه يزيد بن زريع وغيره، عن هشام، عن قتادة، عن سعيد مرسلاً))(1/217)
وذكر رواية أحمد بن عبدالله بن علي الدارقطنيُّ في العلل (7/306).
وفي الرواية أنّ أبا داود الطيالسي شكَّ هل تابع عمرانَ القطان أبان العطار، أو هشام الدستوائي، وسيأتي أنَّ مسلم بن إبراهيم، ووهب بن جرير بن حازم، ويزيد بن زريع رووا الحديث عن هشام الدستوائي، عن قتادة مرسلاً، فلعل هذه قرينة تدلُ على أنّ الذي تابع عمران القطان هو أبان العطار.
وتابعهما عن قتادة بن دعامة : همّامُ بنُ يحيى: رواه ابن الأعرابيّ في معجمه (2/547رقم 1068) -ومن طريقه الخطابيُّ في غريب الحديث (1/158)- قال: أخبرنا إبراهيم بن الوليد، قال: أخبرنا محمد بن كثير العبديّ، عن همام، عن قتادة –به-، وذكر رواية همّام هذه الدارقطنيُّ في العلل (7/306) ( ) وقع في العلل ( هشام ) بدل ( همّام )، والأظهر أنه همّام ففي ترجمة محمد بن كثير أنه يروي عن همّام بن يحيى ولم يذكر هشام في شيوخه. انظر: تهذيب الكمال ( 26/ 335). ).
ورَوى حديثَ أبي هريرة ابنُ عساكر في تاريخ دمشق- كما في مختصره لابن منظور (2/396) ( ) وهذا الجزء من تاريخ دمشق ساقط من المخطوط والمطبوع. )-.
معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن الحسن( ) تقدم في ص(284) أنّ في نفسي من ذكر الحسن البصري شيء،وقلتُ فيما تقدم: لعله سعيد بن المسيب. ) –مرسلاً-.
لم أجد من أخرج هذا الطريق.
هذا وقد روى الحديث عددٌ من الثقات من أصحاب قتادة عنه، عن سعيد بن المسيب مرسلاً، وهم:
سعيد بن أبي عروبة ، أخرجه: ابن سعد في الطبقات الكبرى (2/ 284) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: أخبرنا سعيد بن أبي عروبة.
وشعبة بن الحجاج ، أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (2/ 284) قال: أخبرنا وكيع بن الجراح ومسلم بن إبراهيم عن شعبة بن الحجاج.
ومعمر بن راشد ، أخرجه: عبد الرزاق في مصنفه (3/420 رقم6165) كتاب الجنائز، باب الكفن.(1/218)
وهشام الدَّستوائي ، أخرجه: ابن سعد في الطبقات الكبرى (2/ 284) قال: أخبرنا وهب بن جرير بن حازم ومسلم بن إبراهيم قالا: أخبرنا هشام الدستوائي، وعنه أيضاً يزيد بن زريع ذكر ذلك البزار -كما في كشف الأستار (1/385 رقم812)-.
وهمام بن يحيى ، أخرجه: ابن سعد في الطبقات الكبرى (2/ 284) قال: أخبرنا عفان بن مسلم عن همام.
جميعهم عن قتادة عن سعيد بن المسيب أنّ النبي صلى الله عليه وسلم.. مرسلاً.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث:
اختلف في الحديث عن قتادة بن دعامة على ثلاثة أوجه :
الوجه الأوَّل : رواه عمران القطانُ، وهمامُ بن يحيى- عنه : محمد بن كثير العبدي-، وأبانُ العطار أو هشام الدستوائي –شَكَ أبو داود الطيالسي، وتقدم أنّ الأقرب أنه أبان العطار- عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعاً.
و هذه الرواية عن همام مرجوحة ، فإن محمد بن كثير وإن كان ثقة غير أنه خالف عفان بن مسلم الذي أرسل الحديث، وعفان بن مسلم ثقة ثبت أوثق من محمد بن كثير بدرجات فتقدم روايته على رواية محمد بن كثير.
الوجه الثاني : رواه معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن الحسن( ) تقدم أنّ في نفسي من ذكر الحسن البصري شيء. ) –مرسلاً-.
الوجه الثالث : رواه سعيد بن أبي عروبة، وشعبة بن الحجاج، ومعمر بن راشد، وهشام الدستوائي، وهمام بن يحيى- في رواية عفان بن مسلم- جميعهم عن قتادة، عن سعيد بن المسيب ، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم… مرسلاً.
وقد رجح الدارقطنيُّ الوجه الثالث فقال:((وغيره يرويه عن قتادة، عن ابن المسيب مرسلاً، وهو الصواب)).
ورجح أبو زرعة، وأبو حاتم الوجه الثاني !-والذي يظهر أنّ ترجيحهما موافق لترجيح الدارقطني، وأنَّ ما في النسخة خطأ-.
وترجيح الوجه الثالث ظاهر لثلاثة أمور:
أنّ رواته أكثر من المخالفين.
أنهم المُقَدّمون من أصحاب قتادة، كما نص على ذلك عدد من النقاد:(1/219)
قال البرديجيُّ –كما في شرح علل ابن رجب (2/506-507):((فإذا أردت أن تعلم صحيح حديث قتادة فانظر إلى رواية شعبة، وسعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي، فإذا اتفقوا فهو صحيح)).
وقال ابن معين كما في سؤالات ابن الجنيد (ص127 رقم313):((سعيد بن أبي عروبة أثبت الناس في قتادة)).
وقال ابن محرز في معرفة الرجال (2/194 رقم 645):((سمعت عليّ بن المديني يقول: سعيد أحفظهم عن قتادة، وشعبة أعلم بما يسمع وما لم يسمع، وهشام أروى القوم، وهمام أسندهم إذا حدث من كتابه، هم هؤلاء الأربعة أصحاب قتادة)).
وقال الفلاّس-كما في التهذيب (11/ 69)-:((والأثبات من أصحاب قتادة: ابن أبي عروبة، وهشام، وشعبة، وهمام)).
وقال أبو حاتم-كما في علل الحديث (1/86 رقم المسألة 228):((قتادة كان واسع الحديث، وأحفظهم سعيد بن أبي عروبة قبل أن يختلط، ثم هشام، ثم همّام)).
وقال الدارقطنيُّ –لمّا سئل عن أثبت أصحاب قتادة كما في سؤالات أبي عبدالله بن بكير للدارقطنيّ (ص48 رقم 41)-:((شعبة، وسعيد، وهشام)).
أنَّ هذه السلسلة ( قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعاً ) نصّ النقاد على أنه لا يصح منها شيء:
ذكر ابن رجب في شرح علل الترمذيّ ( 2/ 732) في: ذكر الأسانيد التي لا يثبت منها شيء، أو لا يثبت منها إلاّ شيء يسير مع أنه قد روى بها أكثر من ذلك، ثم ذكر هذه السلسلة، ونقل قول البرديجيُّ:((هذه الأحاديث كلها معلولة..)).
وقال إسماعيل القاضي-كما في التهذيب (8/ 356)-:((سمعتُ علي بن المديني يضعف أحاديث قتادة، عن سعيد بن المسيب تضعيفاً شديداً، وقال: أحسب أن أكثرها بين قتادة وسعيد فيها رجال)).
وقال أبو داود-في مسائله ( ص304):((سمعتُ احمد يقول: أحاديث قتادة، عن سعيد ما أدري كيف هي ؟ قد أدخل بينه وبين سعيد نحواً من عشرة رجال لا يعرفون)).(1/220)
والحديثُ من الوجه الراجح ضعيفٌ لإرساله، وقد قال مسلم بن الحجاج في صحيحه (1/0 3):((والمرسل من الروايات في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة))، وقال ابن أبي حاتم في المراسيل (ص7رقم15):((سمعتُ أبي، وأبا زرعة يقولان: لا يحتج بالمراسيل، ولا تقوم الحجة إلاّ بالأسانيد الصحاح المتصلة، وكذا أقول أنا)).
وقد ثبت في الصحيحين ما يغني عن هذا الحديث؛ فقد أخرج البخاريُّ في الجامع الصحيح (3/ 135 رقم 1264) كتاب الجنائز، باب الثياب البيض للكفن، ومسلمٌ في صحيحه (2/ 649 رقم 941) كتاب الجنائز، باب في كفن الميت، عن عائشة –رضي الله تعالى عنها- قالت:((كُفّن النبيّ صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب يمانية بيض سُحُولية( )سُحُولية –بضم المهملتين-: جمع سَحْل: وهو الثوب الأبيض النقي. فتح الباري (3/140). ) من كُرْسف( ) الكُرْسف-بضم الكاف، والمهملة بينهما راءٌ ساكنة-: هو القطن. فتح الباري (3/140). ) ليس فيهن قميص ولا عمامة)).
قال ابن عبد البر في التمهيد:((هذا أثبت حديث يُروى في كفن الرسول صلى الله عليه وسلم)).
- - - -
16- ]1104[ وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ ابنُ لَهِيْعَة(1)، عَنْ بُكَيْر بن الأَشَجّ(2)، عَنْ الْقَاسِم بنِ مُحمَّد(3)، عَنْ عَائِشَة(4)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إنَّ الْمَيِّتَ يُؤذِيه فِي قَبْرِهِ ما يُؤذِيه فِي بَيْتِهِ)).
قَالَ أَبِي: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ؛ الذي يُشْبه حَدِيث سَعْدِ بنِ سَعِيد(5)، عَنْ عَمْرةَ(6)، عَنْ عائِشةَ، عَنْ النبِيّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((كَسرُ عَظمِ الْمَيِّتِ ميتاً ككَسْرهِ وهو حيّ))، فأرَى أنَّهُ دُلّسَ لَهُ هَذَا الإِسْنَاد، لأنَّ ابنَ لَهِيْعَة لم يَسْمَع من سَعْد بن سَعِيد.
ــــــــــــــــــــــ(1/221)
(1) هو: عبد الله بن لَهِيعة بن عقبة الحضرميُّ، أبو عبد الرحمن المصريّ القاضي، روى عن: بكير بن الأشج، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وعطاء بن أبي رباح وغيرهم، وعنه: عبد الله بن يزيد المقرئ، وقتيبة بن سعيد، ويحيى بن بكير وغيرهم.
ضعيفٌ، وكان يدلس، وقد تغير قبل موته بأربع سنين بعد احتراق كتبه، قال ابن معين-في رواية ابن محرز- :((ابن لهيعة في حديثه كله ليس بشيء))، وقال ابن أبي حاتم :((سُئل أبو زرعة عن ابن لهيعة سماع القدماء منه؟ فقال: آخره وأوله سواء، إلاّ أنّ ابن المبارك، وابن وهب يتتبعان أصوله فيكتبان منه، وهؤلاء الباقون كانوا يأخذون من الشيخ، وكان ابن لهيعة لا يضبط، وليس ممن يحتج بحديثه))، وقال ابن أبي حاتم أيضاً:((قلتُ لأبي: إذا كان من يروي عن ابن لهيعة مثل ابن المبارك، وابن وهب يحتج به؟ قال: لا))، وقال الترمذيُّ :((ابن لهيعة ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره من قبل حفظه))، وقال ابن حبان :((كان شيخاً صالحاً، ولكنه كان يدلس عن الضعفاء قبل احتراق كتبه، ثم احترقت كتبه في سنة سبعين ومائة قبل موته بأربع سنين،…وقد سبرتُ أخبار ابن لهيعة من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه، فرأيتُ التخليط في رواية المتأخرين عنه موجوداً، وما لا أصل له من رواية المتقدمين كثيراً، فرجعتُ إلى الاعتبار فرأيته كان يدلس عن أقوام ضعفى، عن أقوام رآهم ابن لهيعة ثقات، فالتزقت تلك الموضوعات به…، وأما رواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه ففيها مناكير كثيرة، وذاك أنه كان لا يبالي ما دفع إليه قراءة، سواءً كان ذلك من حديثه أو غير حديثه، فوجب التنكب عن رواية المتقدمين عنه قبل احتراق كتبه؛ لما فيها من الأخبار المدلسة عن الضعفاء والمتروكين، ووجب ترك الاحتجاج برواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه؛ لما فيه مما ليس من حديثه))، وقال الذهبيُّ –في الكاشف-:((العمل على تضعيف حديثه))، وقال أيضاً –في تذكرة الحفاظ-(1/222)
:((ولم يكن على سعة علمه بالمتقن، حدّث عنه ابن المبارك، وابن وهب، وأبو عبد الرحمن المقرئ وطائفة قبل أن يكثر الوهم في حديثه، وقبل احتراق كتبه فحديث هؤلاء عنه أقوى، وبعضهم يصححه ولا يرتقي إلى هذا…، يروى حديثه في المتابعات ولا يحتج به))، وقد ذكره ابن حجر في الطبقة الخامسة من المدلسين-وهم من قد ضعف بأمر آخر غير التدليس-، روى له مسلم مقروناً بعمرو بن الحارث، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، مات سنة أربع وسبعين ومائة.
انظر : جامع الترمذي (1/ 16)، معرفة الرجال (1/67 رقم 134)، الجرح (5/145-148 رقم682)، المجروحين (2/11-14)، تهذيب الكمال ( 15/487-503)، الكاشف (2/122)، تذكرة الحفاظ (1/ 237-239)، شرح علل الترمذي (1/136-139)، تعريف أهل التقديس (ص177رقم140).
(2) هو: بكير بن عبد الله بن الأشج القُرشيُّ، مولى بني مخزوم، أبو عبد الله، ويقال: أبو يوسف المدنيُّ، نزيل مصر، روى عن: سعيد بن المسيب، وأبيه عبد الله بن الأشج، وأبي أمامة بن سهل وغيرهم، وعنه: عبد الله بن لهيعة، والليث بن سعد، وابنه: مخرمة بن بكير وغيرهم.
متفق على ثقته وفضله، قال ابن المديني : ((لم يكن بالمدينة بعد كبار التابعين أعلم من ابن شهاب، ويحيى بن سعيد الأنصاريّ، وأبي الزناد، وبكير بن عبد الله بن الأشج))، وقال النسائيُّ : ((ثقة ثبت))، روى له الجماعة، مات سنة سبع وعشرين ومائة.
انظر : الجرح (2/403-404رقم1585)، تهذيب الكمال ( 4/242-246)، تاريخ الإسلام (حوادث ووفيات 121-140 ص48-49)، التقريب (ص128 رقم760).
(3) هو : القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق القرشيّ التيميُّ، أبو محمد، ويقال: أبو عبد الرحمن المدنيّ، روى عن: رافع بن خَديج، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمته عائشة أم المؤمنين وغيرهم، وعنه: أيوب السختياني، والزهري، ونافع مولى ابن عمر وغيرهم.(1/223)
متفق على ثقته وفقهه وفضله، قال ابن حبان : ((من سادات التابعين، ومن أفضل أهل زمانه علماً وأدباً وعقلاً وفقهاً، وكان صموتاً لا يتكلم..))، روى له الجماعة، قال ابن حجر : ((مات سنة ست ومائة على الصحيح)).
انظر : الثقات (5/302)، تهذيب الكمال ( 23/427-436)، التقريب (ص451 رقم5489).
(4) هي: عائشة بنت أبي بكر الصديق، أم المؤمنين، أفقه النساء مطلقاً، وأفضل أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم إلاّ خديجة ففيهما خلافٌ مشهور، ماتت سنة سبع وخمسين على الصحيح، ودفنت بالبقيع.
انظر : الإصابة (4/ 359-361)، التقريب (ص750 رقم8633).
(5) هو: سعد بن سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاريّ، المدنيّ أخو يحيى بن سعيد، روى عن: أنس بن مالك، والسائب بن يزيد، والقاسم بن محمد وغيرهم، وعنه: إسماعيل بن جعفر، وشعبة بن الحجاج، وعبد الله بن المبارك وغيرهم.
صدوق، وثقه ابن سعد، وابن معين-في رواية ابن محرز-، وابن عمار، والعجليّ، وقال ابن عدي : ((ولسعد بن سعيد أحاديث صالحة تقرب من الاستقامة، ولا أرى بحديثه باساً بمقدار ما يرويه))، وقال الدارقطنيّ : ((ليس به باس))، وقال الذهبيّ : ((صدوق))، وقال ابن حجر : ((صدوق سيئ الحفظ))، وقال ابن معين-في رواية كما في تهذيب الكمال-، وأحمد بن حنبل : ((ضعيفٌ))، وقال النسائي : ((ليس بالقوي))، وبالغ ابن حزم فقال : ((ضعيف الحديث، لا يحتج به، لا خلاف في ذلك))، ولعل التوسط في حاله أقرب الأقوال، استشهد به البخاري في الجامع وروى له في الأدب، وروى له الباقون، مات سنة إحدى وأربعين ومائة.(1/224)
انظر : الطبقات (ص338-339)، معرفة الرجال (1/96 رقم 390)، معرفة الثقات (1/ 390رقم 563)، العلل ومعرفة الرجال ( 1/513 رقم 1200)، الضعفاء والمتروكون للنسائيّ (130رقم298)، الكامل (3/352-353)، سؤالات ابن بكير وغيره للدارقطني ( ص34 رقم18)، المحلى (12/397)، تهذيب الكمال 10/262-265)، الكاشف (1/351)، التهذيب (3/470-474)، التقريب (ص231 رقم2237).
(6) هي: عمرة بنت عبدالرحمن بن سعد بن زُرارة الأنصارية، المدنية، روت عن: رافع بن خَديج، ومروان بن الحكم، وعائشة أم المؤمنين وأكثرت عنها وغيرهم، وعنها: حارثة بن أبي الرجال، وسعد بن سعيد، ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم.
ثقة، قال ابن المديني : ((عَمرة أحد الثقات العلماء بعائشة الأثبات فيها))، وقال ابن معين : ((ثقةٌ حجة))، روى لها الجماعة، ماتت سنة ثمان وتسعين، وقيل: ست ومائة.
انظر : تهذيب الكمال ( 35/241-243)، التقريب (ص750 رقم8643).
- - -
- التخريج :
1- ابنُ لهيعة، عن بكير بن الأشج، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ((إنّ الميت يؤذيه في قبره ما يؤذيه في بيته)).
ذكره الديلميُّ في أخبار الفردوس (1/ 199رقم754) بلا إسناد، وذكره السخاويُّ في المقاصد الحسنة ( ص145 رقم258) وقال :((الديلميُّ بلا سند عن عائشة مرفوعاً)).
2- حديث سعد بن سعيد، عن عَمْرة، عن عائشة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ((كَسْر عَظم الميت ميتاً ككسره وهو حيّ)).
أخرجه :
أبو داود في سننه (3/212-213 رقم 3207) كتاب الجنائز، باب في الحفار يجد العظم هل يتنكب ذلك المكان- ومن طريقه ابن حزم في المحلى (11/40)-.
وابن ماجه في سننه (1/516 رقم 6116) كتاب الجنائز، باب النهي عن كسر عظم الميت.
وابن عدي في الكامل (3/353).
جميعهم من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي.(1/225)
وأخرجه : عبدالرزاق في المصنف (3/444 رقم6256) كتاب الجنائز، باب كسر عظم الميت، و(9/391 رقم17732) كتاب العقول، باب كسر عظم الميت-ومن طريقه : أحمد بن حنبل في مسنده (6/ 168-169-200)، وابن عدي في الكامل (3/353)، والدارقطنيّ في سننه (3/188)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/58) كتاب الجنائز، باب من كره أن يحفر له قبر غيره-، عن داود بن قيس، وابن جريج.
وأخرجه : عبدالرزاق في المصنف (9/391 رقم17733) كتاب العقول، باب كسر عظم الميت –ومن طريقه الدارقطنيّ في سننه (3/188)- عن أبي بكر بن محمد.
وإسحاق بن راهويه في مسنده (2/ 438-439 رقم463).
وهناد بن السري في الزهد (2/561 رقم 1169).
كلاهما عن عبد الله بن المبارك، زاد إسحاق بن راهويه : يحيى بن آدم.
وأخرجه : أحمد بن حنبل في مسنده (6/264).
والطحاوي في شرح مشكل الآثار ( 3/308-309)قال: حدثنا عبد الملك بن مروان الرقي.
كلاهما عن شجاع بن الوليد.
وأحمد بن حنبل في مسنده (6/264) عن عبد الله بن نمير.
وابن الجارود في المنتقى (192-193 رقم551) كتاب الجنائز، من طريق محاضر بن المورّع.
والطحاوي في مشكل الآثار ( 3/308-309).
والدارقطنيّ في العلل (5/ ل102 ب).
من طريق سفيان الثوريّ.
وأبو نعيم في أخبار أصبهان ( 02/186) من طريق علي بن صالح.
وابن عبدالبر في التمهيد (13/143) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة.
جميعهم عن سعد بن سعيد الأنصاري عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :((كسر عظم الميت ككسره حيا))، وقال ابن عديّ :((وهذا مداره على سعد بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة، رواه ابن جريج، والثوري وغيرهما))، وقال ابنُ حزم :((هذا لا يسند إلاّ من طريق سعد بن سعيد الأنصاريّ..)).(1/226)
وأشار إلى روايته البخاريُّ في التاريخ الكبير (1/150) وقال :((ورواه سليمان، والدراوردي عن سعد، ولم يرفعاه))، ولم أقف على روايتيهما الموقوفة، وتقدم أنّ الدراوردي رواه عن سعد مرفوعاً.
وقد توبع سعد على هذه الرواية، فقد تابعه :
أيوب بن خالد، رواه الخطيب البغداديُّ في السابق واللاحق (ص99-100) من طريق إبراهيم بن طهمان، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن أبيه، عن أيوب بن خالد، عن عمرة –به-.
وهذا السند ضعيفٌ جداً من أجل: إبراهيم بن أبي يحيى فهو متروك-التقريب (ص93 رقم241)، وأيوب بن خالد فيه لين-التهذيب (1/401)، التقريب (ص118 رقم610).
وحارثة بن أبي الرجال، رواه عبدالرزاق بن همام في المصنف (3/444 رقم 6257)، وهنّاد بن السري في الزهد (2/562 رقم1171)، والطحاوي في مشكل الآثار ( 3/309)، والدارقطنيّ في العلل (5/ ل102 ب)، والخطيب البغداديّ في تاريخ بغداد (13/119-120)، وأشار إلى روايته البخاريُّ في التاريخ الكبير (1/150).
غير أنّ هذا السند ضعيف جداً من أجل: حارثة بن أبي الرجال فهو متروك -التهذيب (2/165-166) ، التقريب (ص149 رقم1062)-.
وسعيد بن عبدالرحمن الجَحْشي، رواه عبدالرزاق في المصنف (3/444 رقم 6258) قال: أخبرنا معمر بن راشد، عن سعيد بن عبدالرحمن الجَحْشي –به-.
ومحمد بن عبد الرحمن بن حارثة الأنصاريّ أبو الرجال، رواه أحمد بن حنبل في المسند (6/105) قال: حدثنا أبو سعيد، قال: حدثنا عبدالرحمن بن محمد بن عبدالرحمن بن أبي الرجال، قال : سمعتُ أبا الرجال –به-، والخطيب في تاريخ بغداد (12/106) من طريق ابن إسحاق، عن أبي الرجال –به-.
ومحمد بن عمارة بن عمرو بن حزم الأنصاريّ، رواه الطحاوي في مشكل الآثار ( 3/308) قال: حدثنا بكار بن قتيبة،قال: حدثنا صفوان بن عيسى، قال: حدثنا محمد بن عمارة –به-، وتمام في الفوائد (2/251 رقم 1659) من طريق بكار بن قتيبة –به-.(1/227)
ويحيى بن سعيد الأنصاري –أخو سعد -، رواه ابن حبان في صحيحه –كما في الإحسان ( 7/437 رقم3167) كتاب الجنائز، فصلٌ في القبور-، والدارقطنيّ في العلل (5/ ل102 ب)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/58)، من طريق أبي أحمد الزبيري، عن الثوريّ، عن يحيى –به-.
وقد اختلف على يحيى بن سعيد في هذا الحديث :
فرواه حماد بن زيد، عن يحيى ، عن عمرة، من قولها، أشار إليه الدارقطنيّ في العلل (5/ ل102 أ).
ورواه يعلى بن عبيد، عن يحيى، عن أخيه سعد ، عن عمرة، من قولها، أشار إليه الدارقطنيّ في العلل (5/ ل102 أ).
ورواه ابن المبارك، عن يحيى، عن عمرة، عن أم سلمة مرفوعاً، قال الدارقطنيُّ في العلل ( 5/ ل102أ ) عن هذا الطريق :((ليس محفوظاً)).
ورجح الدارقطنيّ رواية حماد بن زيد.
وقد خالف هؤلاء في الرفع فوقفَ الحديث :
أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، فرواه عن خالته عمرة، عن عائشة موقوفاً عليها، أخرج روايته ابن سعد في الطبقات (8/480).
ومحمدُ بن عبدالرحمن بن سعد الأنصاري، فرواه عن عمته عمرة، عن عائشة موقوفاً عليها، أخرج روايته أحمد في المسند (6/100)، وابن سعد في الطبقات (8/480)، والبخاريّ في التاريخ الكبير (1/ 150)، وابن عبدالبر في التمهيد (13/143-144)، ووقع عندهم :((قال محمد: وكان مولى بالمدينة يحدّث عن عمرة، عن عائشة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم)).
ويحيى بنُ سعيد –في رواية عنه رجحها الدارقطنيُّ كما تقدم-.
وقد ذكر البخاري في التاريخ الكبير (1/150) أنّ عروة بن الزبير، والقاسم بن محمد روياه عن عائشة من قولها، ولم أقف على روايتيهما.
وقد ذكر الحديثَ مالك في الموطأ (1/ 396) كتاب الجنائز، باب الاختفاء، بلاغاً عن عائشة موقوفاً، قال ابن عبدالبر في التمهيد (13/143) :((ولا أعلم أحداً رفعه عن مالك)).(1/228)
وقد تابع عمرةَ القاسمُ بنُ محمد، فروى الدارقطنيُّ في سننه (3/188-189) كتاب الحدود، وابن عبدالبر في التمهيد (13/144) من طريق أبي حذيفة النهديّ، قال: حدثنا زهير بن محمد، عن إسماعيل بن أبي حكيم، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :((كَسْر عَظم ميتاً ككسره حيّاً)).
وهذا السند ضعيف من أجل أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي البصري فهو ضعيف- انظر : التهذيب (10/370 )-.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
مما تقدم يتبين :
أنَّ حديث : ابن لهيعة، عن بكير بن الأشج، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنّ الميت يؤذيه في قبره ما يؤذيه في بيته)) أُدخل على ابن لهيعة كما قال أبو حاتم :((أرى أنه دُلس له هذا الإسناد، لأنّ ابن لهيعة لم يسمع من سعد بن سعيد ))، وابنُ لهيعةَ موصوفٌ بأنّه يُدخلُ في حديثه ما ليس منه، ويُلقن فيتلقن كما تقدم في ترجمته، إذ أنّ الحديث الثاني "كسر عظم.." ليس في مسموعات ابن لهيعة فهو لم يسمع من سعد بن سعيد، فأدخل الحديث الأوَّل على ابن لهيعة على أنه هذا الحديث الثاني "كسر عظم..".
أنّ حديث : ((كَسْر عَظم الميت ميتاً ككسره وهو حيّ))، اختلف فيه عن عمرة بنت عبد الرحمن على أوجه :
فرواه سعد بن سعيد، وسعيد بن عبدالرحمن، ومحمد بن عبدالرحمن بن حارثة، ومحمد بن عمارة، ويحيى بن سعيد –في رواية مرجوحة- عن عمرة، عن عائشة-به-مرفوعاً.
وسعيد بن عبدالرحمن، ومحمد بن عمارة كلاهما صدوق، ومحمد بن عبدالرحمن ثقة -انظر: التهذيب (4/54، 9/359، 9/295-296)-.
ورواه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، ومحمد بن عبدالرحمن بن سعد، عن عمرة، عن عائشة من قولها.
وأبو بكر بن محمد، ومحمد بن عبد الرحمن كلاهما ثقة -التقريب (ص492 رقم6074) ، التهذيب (12/38-40)-.
ورواه يحيى بن سعيد –في رواية عنه رجحها الدارقطني-، عن عمرة من قولها.(1/229)
وقد رجح الدارقطنيّ الرفع عن سعد بن سعيد فقال في العلل (5/ل102ب) :((والصحيح عن سعد بن سعيد، وعن حارثة -وليس بالقوي-، عن عمرة، عن عائشة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم)).
وقد صحح الحديثَ مرفوعاً ابنُ حبان كما تقدم، وحسنه ابنُ القطان في بيان الوهم والإيهام (4/212)، وقال النووي في المجموع (5/ 300) عن الحديث :((رواه أبو داود بإسناد صحيح إلاّ رجلاً واحداً وهو سعد بن سعيد الأنصاري أخو يحيى بن سعيد الأنصاري؛ فضعفه أحمد بن حنبل، ووثقه الأكثرون، وروى له مسلم في صحيحه وهو كافٍ في الاحتجاج به، ولم يضعفه أبو داود مع قاعدته التي قدمنا بيانها))، وقال ابن حجر في بلوغ المرام ( ص114) :((رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم)) ( ) عزا ابنُ دقيق العيد في الإلمام (1/291) الحديثَ إلى مسلم وهو وهم. ).
وقد ألمح البخاريُّ في التاريخ الكبير (1/ 150) إلى أنّ الموقوف أرجح فقال :((وغير المرفوع أكثر))، والله أعلم.
وللحديث شاهد من حديث أم سلمة رضي الله عنها، وله طريقان :
رواه أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة، عن أمه، عنها- أخرجه ابن ماجه في سننه (1/516 رقم 6117) كتاب الجنائز، باب النهي عن كسر عظم الميت، قال: حدثنا محمد بن معمر ثنا محمد بن بكر ثنا عبد الله بن زياد أخبرني أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أمه عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :((كسر عظم الميت ككسر عظم الحي في الإثم)).
قال البوصيريّ في الزوائد ( 596) :((فيه عبد الله بن زياد مجهول، ولعله عبد الله بن زياد بن سمعان المدنيّ أحد المتروكين فإنه في طبقته)).
رواه أبو همام، عن ابن المبارك، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن أم سلمة مرفوعاً، قال الدارقطنيُّ في العلل ( 5/ ل102أ ) عن هذا الطريق :((ليس محفوظاً)).
وتقدم أنّ طريق يحيى الأنصاري اختلف عليه، وأنّ الدارقطنيّ رجح رواية الوقف.
- - - -(1/230)
17- ] 1105[ وسَألتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ(1)، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِير(2)، عَنْ عَبْد اللَهُ بنِ زَيْد * (3) ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ(4)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ(5)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :((الْرِّبَا بِضْعٌ وسَبْعُونَ بَابَاً))، قَالَ أبي ** : رَوَاهُ الأَوْزَاعِيّ(6)، عَنْ يَحْيَى بن أَبِي كَثِير، عَنْ ابن عَبَّاس(7) قولَهُ :((إنَّ الرِّبَا بِضْعٌ وسَبْعُونَ بَابَاً))، قَالَ أَبِي : هَذَا أَشْبَهُ، واللَهُ أَعْلَم.
………………………………
* كذا وقع في جميع النسخ، وسيأتي في التخريج أنّ جميع من رَوَى هذا الطريق لم يذكر واسطة بين يحيى بن أبي كثير، وأبي سلمة، إنما يرويه عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة مباشرةً.
** كذا في جميع النسخ، وفي (ت) ((قال : رواه)) بدون أبي.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : عكرمة بن عَمّار العجْليُّ، أبو عمار اليمامي، بصري الأصل، روى عن: طاووس بن كيسان، والهرماس بن زياد، ويحيى بن أبي كثير وغيرهم، وعنه: شعبة بن الحجاج، وعبد الله بن زياد، وعفيف بن سالم، ويحيى القطان وغيرهم.
ثقة، وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب، وثقه ابنُ معين –في رواية معاوية بن صالح-، وابن المديني، وأحمد بن حنبل، والدارقطنيّ وغيرهم، وقال البخاريّ :((مضطرب في حديث يحيى بن أبي كثير، ولم يكن عنده كتاب))، وكذلك قال أحمد بن حنبل، وابن المديني، وأبو داود، وأبو حاتم، والنسائي وغيرهم، وقال الذهبيُّ :((ثقة إلاَّ في يحيى بن أبي كثير فمضطرب))، استشهد به البخاريّ في ((الصحيح))، وروى له في كتاب ((رفع اليدين في الصلاة)) وغيره، وروى له الباقون، مات سنة تسع وخمسين ومائة.(1/231)
انظر : سؤالات ابن أبي شيبة (ص133رقم169)، الضعفاء الكبير (3/378)، الجرح (7/10-11 رقم41)، سؤالات البرقاني (ص56رقم 403)، تاريخ بغداد (12/257-262)، تهذيب الكمال (20/256-264)، الكاشف (2/376)، الميزان (3/90-93 رقم 5713)، التهذيب (7/ 261-263).
(2) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1094 )، وهو ((ثقة ثبت يرسل)).
(3) تقدم التنبيه على أنّ جميع من رَوَى هذا الطريق لم يذكر واسطة بين يحيى بن أبي كثير، وأبي سلمة، إنما يرويه عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة مباشرةً.
ثم إني لم أجد مَنْ يسمى بعبد الله بن زيد يروي عن: أبي سلمة، وعنه: يحيى بن أبي كثير، غير أنّ أبا قلابة واسمه : عبد الله بن زيد -تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1093)- يروي عنه : يحيى بن أبي كثير، ولكن لم أجد من نصَّ على أنه يروي عن أبي سلمة، وهو قرينٌ له ومن طبقته، ولكن يوجد في هذه الطبقة عبد الله بن يزيد القرشي، المخزوميّ، مولاهم، المدنيّ، يروي عن: أبي سلمة، وعروة بن الزبير، ومحمد بن ثوبان، وعنه: إسماعيل بن أمية، ومالك بن أنس، و يحيى بن أبي كثير وغيرهم، وهو ثقة بالاتفاق.
انظر : الجرح (5/ 198رقم 922)، تهذيب الكمال ( 16/318-319).
(4) هو : أبو سلمة بن عبدالرحمن بن عوف القُرشي الزُّهريُّ المدنيُّ، مختلف في اسمه، قيل: عبدالله، وقيل: إسماعيل، وقيل: اسمه وكنيته واحد، والأول أشهر الأقوال، قال ابن عبدالبر :((وهو الأصح عند أهل النسب))، روى عن: عائشة بنت أبي بكر، وأبيه عبدالرحمن بن عوف، وأبي هريرة وغيرهم، وعنه : محمد بن مسلم الزهري، وابنه عمر بن أبي سلمة، ومحمد بن عمرو وغيرهم.
متفق على ثقته وفقهه وجلالته، قال أبو زرعة :((ثقةٌ إمام))، روى له الجماعة، مات سنة أربع وتسعين في خلافة الوليد.
انظر : الجرح (5/93-94 رقم 429)، الاستغناء (2/ 908)، تاريخ دمشق (29/ 290-310)، تهذيب الكمال ( 33/370-376).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1089).(1/232)
(6) هو : عبدالرحمن بن عمرو بن أبي عمرو، أبو عمرو الأوزاعيُّ الدمشقي، روى عن: عطاء بن أبي رباح، ومكحول الشامي، ويحيى بن أبي كثير وغيرهم،و عنه: الزهري، وقتادة بن دعامة، ويحيى بن أبي كثير -وهم من شيوخه-وغيرهم.
ثقة فقيه جليل، وفي روايته عن الزهري شيء، قال ابن مهدي :((الأئمة في الحديث أربعة: الأوزاعي، ومالك، وسفيان الثوري، وحماد بن زيد))، وقال أبو حاتم :((فقيه مُتّبع))، وقال يعقوب بن شيبة :((والأوزاعيُّ ثقة ثبت، وفي روايته عن الزهريّ خاصة شيء))، وقال ابن رجب :((تكلم طائفة في حديثه عن الزهري خاصة...، وتكلم الإمام أحمد في حديثه عن يحيى بن أبي كثير خاصة، وقال : لم يكن يحفظه جيداً فيخطئ فيه…، وقال مهنا: سألتُ أحمد عن حديث الأوزاعيّ عن يحيى بن أبي كثير ؟ قال أحمد : كان كتاب الأوزاعيّ عن يحيى بن أبي كثير قد ضاع منه، فكان يحدث عن يحيى بن أبي كثير حفظاً)).
ومراد الأئمة بكلامهم السابق أنّ حديث الأوزاعيّ عن يحيى بن أبي كثير، وعن الزهري ليس في الدرجة العليا من الصحة والإتقان كغيره من المتقنين عن يحيى بن أبي كثير، والزهري، لذا لمّا سُئل ابن معين : مَنْ أثبت الناس في الزهري ؟ قال :((مالك، ثم معمر، ثم عُقيل، ثم يونس، ثم شعيب، والأوزاعيّ…))، وكذلك لما سُئل علي بن المديني: مَنْ أثبت أصحاب يحيى بن أبي كثير ؟ قال :((هشام الدستوائي، ثم الأوزاعيّ ..))، روى له الجماعة، مات سنة سبع وخمسين ومائة.
انظر : الجرح (5/266-267 رقم1257)، تاريخ دمشق (35/147-229)، تهذيب الكمال ( 17/ 307-316)، شرح علل الترمذي (2/481، 486، 644-646)، التهذيب (6/ 240-241).
(7) هو : عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفهم في القرآن، واتفقوا على أنه مات سنة ثمان وستين بالطائف.(1/233)
انظر : الإصابة ( 2/330-334)، التقريب (ص309 رقم 3409).
- - -
- التخريج :
عِكرمة بن عَمَّار، عن يحيى بن أبي كَثير، عن عبد الله بن زيد، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى اللهُ عليه وسلم قال :((الربا بضعٌ وسبعون باباً)).
لم أجد من أخرجه هكذا.
وقد أخرج الحديث غير واحدٍ من الأئمة بدون ذكر عبد الله بن زيد، وممن أخرجه:
البخاريّ في التاريخ الكبير (5/95) - ومن طريقه ابن عدي في الكامل (5/275)-.
والعقيليُّ في الضعفاء الكبير (2/ 257)- ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (3/21 رقم1224)-.
والبيهقي في شعب الإيمان (4/394).
جميعهم من طرق عن سعد بن عبد الحميد بن جعفر قال: حدثنا عبد الله بن زياد اليمامي.
وابن الجارود في المنتقى (ص217 رقم647) باب ما جاء في الربا.
والبغويُّ في التفسير (1/401).
كلاهما من طرق عن النضر بن محمد.
والدينوري في المجالسة (4/395 رقم1590).
وابن عديّ في الكامل (5/275).
والبيهقي في شعب الإيمان (4/394).
جميعهم من طرق عن محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي قال: حدثنا عفيف بن سالم.
جميعهم عن عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((الربا سبعون بابا أهونها عند الله كالذي ينكح أمه))، وقال البيهقي :((غريب بهذا الإسناد، وإنما يعرف بعبد الله بن زياد، عن عكرمة، وعبد الله بن زياد هذا منكر الحديث)).
الأوزاعيُّ، عن يحيى بن أبي كثير، عن ابن عباس –موقوفاً عليه-.
لم أجد من أخرجه.
وللحديث روايات أخرى عن يحيى بن أبي كثير لم تُذكر ، وهي :
أحمد بن إسحاق الحضرميُّ، عن عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن سلام –موقوفاً عليه-.
أخرجه العقيليُّ في الضعفاء الكبير (2/258) قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا أحمد بن إسحاق الحضرميُّ –به-.(1/234)
طلحة بن زيد، عن الأوزاعيُّ، عن يحيى بن أبي كثير، عن أنس مرفوعاً.
رواه ابن الجوزي في الموضوعات (3/22 رقم1228) من طريق الدارقطني-ولم أقف عليه في السنن، فلعله في الغرائب والأفراد- قال الدارقطني : حدثنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الصلحي، قال: حدثنا أبو فروة يزيد بن محمد، قال: حدثنا أبي قال: حدثنا طلحة بن زيد –به-.
وقال الدارقطنيّ –كما في أطراف الغرائب والأفراد (2/251)- :((غريب من حديث يحيى عنه، وغريب من حديث الأوزاعي، عن يحيى، تفرد به طلحة بن زيد عن الأوزاعي، وتفرد به عنه محمد بن يزيد بن سنان)).
عمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير، عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن البراء بن عازب مرفوعاً :((الربا اثنان وسبعون باباً، أدناها…)).
أخرجه الطبرانيُّ في المعجم الأوسط (8/73-74 رقم7147) قال: حدثنا محمد بن عبد الرحيم الديباجيُّ، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا معاوية بن هشام، قال: حدثنا عمر بن راشد –به-، وقال :((لم يرو هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير إلاّ عمر بن راشد، ولا رواه عن عمر بن راشد إلاّ معاوية بن هشام، ولا يُرْوى عن البراء إلاّ بهذا الإسناد))، وللحديثِ عن البراء طريقٌ آخر ذكره ابنُ أبي حاتم، يأتي في المسألة رقم (1136).
عمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير، عن رجلٍ من الأنصار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((الربا أحد وسبعون، أو قال:ثلاثة وسبعون حوباً ، أدناها…)).
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (8/ 314 رقم 15345) كتاب البيوع، باب ما جاء في الربا، قال: أخبرنا عمر بن راشد –به-، وتقدم أنّ عمر بن راشد متفق على ضعفه، ويبدو أنه يضطرب في الحديث.
هذا وللحديثِ طرقٌ أخرى عن أبي هريرة، وكلها منكرة وضعيفة :
الطريق الأوَّل : من رواية زياد أبي المغيرة، عن أبي هريرة، وسيأتي في المسألة رقم (1132).
الطريق الثاني : من رواية سعيد المقبريّ، ، عن أبي هريرة ، ورواه عن سعيد اثنان :(1/235)
عبد الله بن سعيد المقبري، أخرجه : ابن أبي شيبة في المصنف (6/561) كتاب البيوع والأقضية، أكل الربا وما جاء فيه، وهناد بن السري في الزهد (2/564 رقم1167)، وابن أبي الدنيا في الصمت وآداب اللسان (ص123رقم173)، والأصبهاني في الترغيب والترهيب (1/348 رقم590، 2/191 رقم 1409)، وأشار إليها والبيهقي في شعب الإيمان (4/ 395).
وعبد الله بن سعيد متروك الحديث -التقريب (ص 306 رقم3356)-.
وأبو معشر نجيح بن عبدالرحمن السندي، أخرجه : ابن ماجه في سننه (2/764رقم2274) كتاب التجارات، باب التغليظ في الربا، والمروزيُّ في السنة (ص60 رقم204)، والبيهقي في شعب الإيمان (4/ 395)، وقال :((أبو معشر، وابنه غير قويين))، وقال البوصيري في الزوائد ( 2/197) :((هذا إسنادٌ ضعيف، أبو معشر هو نجيح بن عبدالرحمن، متفق على ضعفه)).
ورواه الطبراني في مسند الشاميين (1/157 رقم 254) قال: حدثنا موسى بن جمهور التنيسي، قال: حدثنا محمد بن مصفى، قال: حدثنا بقية، قال: حدثنا ابن ثوبان، قال: حدثني مَنْ سمع سعيد المقبري، يُحدث عن أبيه، عن أبي هريرة قال :((الربا اثنان وسبعون باباً، أدناها كالذي يأتي أمه …))، وهذا ضعيف لإبهام الراوي عن سعيد المقبري، ثم هو موقوف على أبي هريرة.
الثالث: من رواية يحيى بن المتوكل، عن ابن عباد، عن أبيه، عن جده، عن أبي هريرة، رواه النسفي في القند في ذكر علماء سمرقند (ص 465)، ولم أقف على تراجم رواته-بعد البحث- للنظر في حالهم.
وكذلك رُوي الحديث عن ابن عباس من طرق أخرى ضعيفة، وهي :
طاووس بن كيسان، عن ابن عباس، وسيأتي في المسألة رقم (1170).
عكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس مرفوعاً ، وله عن عكرمة طرق :(1/236)
الأوَّل : أخرجه الخطيب البغداديّ في تاريخ بغداد (6/ 76) –ومن طريقه ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/277-278)- من طريق إبراهيم بن زياد القرشي، عن خُصيف بن عبد الرحمن، عن عكرمة ، عن ابن عباس مرفوعاً، وفيه :((… ومن أكل درهم رباً كان عليه مثل إثم ست وثلاثين زنية في الإسلام ، ومن نبت لحمه من سحت، فالنار أولى به))، وهذا إسناد ضعيف جداً، فإبراهيم بن زياد لا يُعرف قاله ابن معين، والذهبيّ، وقال الخطيب :((في حديثه نُكرة)) -انظر : تاريخ ابن معين رواية ابن طهمان (ص100رقم311)-، الميزان (1/32)، تاريخ بغداد (6/76)-، وخصيف بن عبدالرحمن ضعيف -التهذيب (3/143-144)-.
الثاني : أخرجه ابن حبان في المجروحين (1/243)، والطبرانيّ في المعجم الكبير (11/251 رقم 11539) مختصراً، والحاكم في المستدرك (4/100) كتاب الأحكام، مختصراً، والهرويُّ في ذم الكلام (2/20-21)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (53/256) من طريق حنش الرَّحبي، عن عكرمة ، عن ابن عباس مرفوعاً، وقال الحاكم :((صحيح الإسناد))، وتعقبه الذهبيّ بقوله :((حنش الرَّحبي: ضعيف))، وقال الهيثميُّ في مجمع الزوائد (4/117) :((وفي إسناد الكبير : حنش وهو متروك)).
الثالث : أخرجه ابن حبان في المجروحين (1/328)، والطبرانيّ في المعجم الأوسط (3/451 رقم2968)، وفي المعجم الصغير (1/82)، وأبو نعيم في الحلية (5/248)، والهرويُّ في ذم الكلام (2/20-21) من طريق سعيد بن رحمة المصيصيّ، عن محمد بن حِمْير، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً، قال الهيثميُّ في مجمع الزوائد (4/117) :((رواه الطبرانيّ في الصغير والأوسط، وفيه: سعيد بن رحمة، وهو ضعيف))، وقال عنه ابن حبان :((يروي عن محمد بن حِمْير ما لم يتابع عليه، روى عنه أهل الشام، لا يجوز الاحتجاج به لمخالفته الأثبات في الروايات))، وقال أبو نعيم :((غريب من حديث إبراهيم، تفرد به محمد بن حِمْير)).(1/237)
عمرو بن دينار، عن ابن عباس مرفوعاً :
أخرجه الطبرانيّ في المعجم الكبير (11/114 رقم 11216) من طريق أبي محمد حمزة الجزَرَي، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس مرفوعاً، وفيه :((ومن أكل درهم ربا فهو ثلاث وثلاثين زنية..))، وحمزة الجزَرَي متروك، ومتهم بالوضع-انظر : التهذيب (3/28-29)-.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن يحيى بن أبي كثير على ستة أوجه :
الوجه الأوَّل : رواه عِكرمة بن عَمَّار-عنه: عبد الله بن زياد، وعفيف بن سالم، والنضر بن محمد-، عن يحيى بن أبي كَثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، مرفوعاً.
الوجه الثاني : رواه الأوزاعيُّ-لم أقف على من رواه عنه-، عن يحيى بن أبي كثير، عن ابن عباس –موقوفاً عليه-.
الوجه الثالث : رواه عكرمة بن عمار- عنه : أحمد بن إسحاق الحضرميُّ-، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن سلام –موقوفاً عليه-.
الوجه الرابع : رواه الأوزاعيُّ-عنه : طلحة بن زيد-، عن يحيى بن أبي كثير، عن أنس مرفوعاً.
الوجه الخامس : رواه عمر بن راشد-عنه : معاوية بن هشام-، عن يحيى بن أبي كثير، عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن البراء بن عازب مرفوعاً.
الوجه السادس : رواه عمر بن راشد-عنه : عبد الرزاق بن همام-، عن يحيى بن أبي كثير، عن رجلٍ من الأنصار، مرفوعاً.
وقد رجح أبو حاتم الوجه الثانيّ على الوجه الأوَّل، وتقدم أني لم أقف على من خرّج الوجه الثاني، وعلى كل حال فإنّ جميع هذه الأوجه لا تخلو من علة، أو علل قادحة :
ففي الوجه الأوّل، والثالث: عكرمة بن عمار وهو يضطرب في حديث يحيى بن أبي كثير، وقد خالفه الأوزاعيُّ وهو أوثق منه بدرجات.(1/238)
وفي الوجه الثاني : يحيى بن أبي كثير لم يسمع من ابن عباس، بل إنه لم يدرك أحداً من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ إلاّ أنساً فإنه رآه رؤية ولم يسمع منه، قاله أبو حاتم كما في المراسيل لابنه (ص244)، وأيضاً لم أقف على من رواه عن الأوزاعيّ.
وفي الوجه الرابع : طلحة بن زيد قال ابن الجوزي في الموضوعات (3/22 رقم1228) :((تفرد به طلحة بن زيد، قال البخاريّ: منكر الحديث، وقال النسائي : متروك الحديث)).
وفي الوجه الخامس، والسادس: عمر بن راشد وهو متفق على ضعفه كما سيأتي في المسألة رقم ( 1136)، ويضطرب في الحديث.
وتقدم أنّ للحديث عن أبي هريرة، وابن عباس طُرُقاً أُخرى كلها ضعيفة ومنكرة.
هذا وللحديث شواهد لا يعتمد عليها، وهي :
حديث أنس بن مالك، وله طريقان :
الطريق الأوَّل: رواه ابن أبي الدنيا في الصمت (ص123-124رقم175)، وابن عدي في الكامل (4/233) –ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (3/22 رقم1227)-، والبيهقي في شعب الإيمان (4/ 395)، والأصبهاني في الترغيب والترهيب (2/192 رقم1410) من طريق أبي مجاهد عبد الله بن كيسان، عن ثابت البُناني، عن أنس بن مالك قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الربا وعظّم شأنه فقال :((إنّ الرجل يصيب من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل..))، قال البيهقيُّ :((تفرد به أبو مجاهد عبد الله بن كيسان المروزي، عن ثابت ، وهو منكر الحديث))، وكذلك قال البخاريُّ عنه في التاريخ الكبير (5/178)، وقال العراقيُّ –كما في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين (4/1742) :((سنده ضعيف)).
الطريق الثاني : تقدم ذكره في هذه المسألة في الوجه الرابع من الاختلاف على يحيى بن أبي كثير.
حديث البراء، يأتي في المسألة رقم (1136).
حديث عائشة، يأتي في المسألة رقم (1159).
حديث عبد الله بن حنظلة، يأتي في المسألة رقم (1159).
حديث عبد الله بن سلام :(1/239)
رواه الطبراني في المعجم الكبير (171-172رقم411-القطعة من الجزء 13) في المراسيل عن عبد الله بن سلام، قال: حدثنا المقدام بن داود، قال: حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي عيسى الخراساني سليمان بن كيسان، عن عطاء الخراساني، عن عبد الله بن سلام، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :((الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله من ثلاثة وثلاثين زنية يزنيها في الإسلام))، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :((إنّ أبواب الربا اثنان وسبعون حوباً أدناه كالذي يأتي أمه في الإسلام))، وهذا الإسناد ضعيفٌ جداً لعدة علل :
ضعف المقدام بن داود -الجرح (8/303رقم 1399)-.
ضعف ابن لهيعة، وقد تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1104).
وعطاء لم يسمع من عبد الله بن سلام.
وسليمان بن كيسان مجهول -التهذيب (12/196)-، وقد خالف من هو أوثق منه؛ فقد رواه عبد الرزاق في المصنف (10/461 رقم19706)، والبيهقي في شعب الإيمان (4/392) من طريق معمر، عن عطاء الخراساني، أنّ عبد الله بن سلام بنحو ما تقدم موقوفاً عليه، ورواه الدينوري في المجالسة (6/318 رقم2696) من طريق معمر ولم يسق الشاهد من المتن.
ورواه البيهقي في شعب الإيمان (4/393) من طريق الجراح بن مليح، قال: حدثنا الزُّبيديُّ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن سلام بنحو ما تقدم موقوفاً عليه، وخالف هشامُ بنُ سعد الزُّبيديَّ فرواه عن زيد بن أسلم، أنّ عبد الله بن سلام بنحو ما تقدم موقوفاً عليه.
قال أبو داود –كما في تهذيب الكمال ( 30/208)- :((هشام بن سعد أثبت الناس في زيد بن أسلم))، وزيد لم يسمع من عبد الله بن سلام.
وتقدم أنّ عكرمة بن عمار رواه عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عبدالله بن سلام –موقوفاً عليه-.(1/240)
قال المنذريُّ في الترغيب والترهيب (3/6) :((رواه الطبراني في المعجم الكبير من طريق عطاء الخراساني، عن عبد الله، ولم يسمع منه، ورواه ابن أبي الدنيا والبغوي وغيرهما موقوفاً على عبد الله، وهو الصحيح)).
فتحصل من هذا أنّ الصواب أنّ الأثر موقوف على عبدالله بن سلام بسندٍ ضعيف.
حديث عبد الله بن عمر :
رواه ابن عديّ في الكامل (6/391) قال: حدثنا يحيى بن صاعد، قال: حدثنا الجهم بن مسعدة الفزاري بالمدينة، قال: أخبرني أبي، عن ابن أبي ذئب، عن نافع ، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((الربا اثنان وسبعون باباً، أيسر باب فيها أخفى من دبيب الذر على الصفاء))، قال الذهبيُّ في الميزان (4/99) :((مسعدة الفزاري، عن ابن أبي ذئب بخبرين منكرين، وعنه ابنه الجهم شيخ لابن صاعد، وهو مدني مذكور في الكامل، ولا يكاد يُعرف)).
حديث عبد الله بن مسعود :
رواه الحاكم في المستدرك (2/37) كتاب البيوع، وعنه البيهقي في شعب الإيمان (4/394) من طريق محمد بن غالب، قال: حدثنا عمرو بن علي، قال: حدثنا ابن أبي عدي، قال: حدثنا شعبة بن الحجاج، عن زُبيد بن الحارث اليامي، عن إبراهيم النخعي، عن مسروق بن الأجدع، عن عبد الله بن مسعود، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :((الربا ثلاثة وسبعون باباً، أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه، وإنّ أربى الربا عرض الرجل المسلم))، قال الحاكم :((هذا حديثٌ صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه))، وقال البيهقيُّ :((هذا إسناد صحيح، والمتن منكر بهذا الإسناد، ولا أعلمه إلاّ وهماً، وكأنه دخل لبعض رواة الإسناد في إسناده)).
ويبدو أنّ الخطأ من محمد بن غالب فهو وإنْ كان في الأصل صدوقاً إلاّ أنّ له أوهاماً وأخطاء كما قال الدارقطنيُّ في سؤالات السهميّ (ص74-77رقم 9).
وقد خالفه في سياق المتن ثلاثة :(1/241)
ابن ماجه فقد رواه في سننه (2/764 رقم2275) كتاب التجارات، باب التغليظ في الربا، عن عمرو بن علي –به- مرفوعاً ولفظه :((الربا ثلاثة وسبعون باباً)).
البزار، فقد رواه في مسنده (5/318 رقم 1935) عن عمرو بن علي –به- مرفوعاً ولفظه :((الربا بضع وسبعون باباً، والشرك مثل ذلك))، وقال البزار :((وهذا الحديث لم نسمع أحداً أسنده بهذا الإسناد إلاّ عمرو بن علي)).
عبد الله بن بُندار الباطرقاني، رواه أبو نُعيم في ترجمته من أخبار أصبهان (2/ 16) عن عمرو بن علي –به-، ولفظه مثل لفظ ابن ماجه.
والذي يظهر أنّ الصواب وقف الحديث على ابن مسعود بلفظ :((الربا ثلاثة وسبعون باباً، والشرك مثل ذلك))، فقد أخرجه المروزي في السنة (ص59 رقم 200) من طريق النضر بن شُميل، والخلاّل في السنة (5/18 رقم1495) من طريق محمد بن جعفر كلاهما عن شعبة، عن زُبيد، عن إبراهيم، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود قال :((الربا ثلاثة وسبعون باباً، والشرك مثل ذلك)).
وتابع شعبة على هذه الرواية سفيان الثوريّ، أخرجه عبدالرزاق في المصنف (8/315 رقم 15347)، والمروزيُّ في السنة (ص59 رقم 199)، والخلاّل في السنة (5/13 رقم1480)، والطبرانيُّ في المعجم الكبير (9/374 رقم9608)، ولفظه :((الربا بضع وسبعون باباً، والشرك نحو ذلك)).
ورواه شعبة، وسفيان أيضاً عن سلمة بن كُهيل، عن أبي الضحى، عن مسروق –به-، أخرجه عبد الله ابن الإمام أحمد في السنة (1/366رقم791)، والمروزيُّ في السنة (ص59 رقم 198،201)، والخلاّل في السنة (5/15،18 رقم1486، 1496).
وللأثر إسنادٌ آخر صحيح أخرجه عبدالرزاق (8/314 رقم 15346)، وابن أبي شيبة (6/564) في مصنفيهما ، وعبد الله ابن الإمام أحمد في السنة (1/366رقم791)، والخلاّل في السنة (5/15رقم1486) من طريق الأعمش، عن عمارة بن عُمير، عن عبدالرحمن بن يزيد، عن عبد الله قال :((الربا بضع وسبعون باباً، والشرك نحو ذلك)).(1/242)
وله إسنادٌ آخر أيضاً أخرجه الخلاّل في السنة (4/125 رقم1325) من طريق عاصم بن أبي النجود، عن وائل بن ربيعة، عن عبد الله قال :((الربا بضع وسبعون باباً، والشرك نحو ذلك)).
وقد روى عبدالرزاق في المصنف (8/314 رقم 15344) قال : أخبرنا معمر، عن عطاء الخراسانيّ، عن رجل، عن عبد الله قال :((الربا ثلاث وسبعون حوباً، أدناها حوباً كمن أتى أمه في الإسلام، ودرهم من الربا كبضع وثلاثين زنية))، وهذا إسنادٌ ضعيف جداً لإبهام الراوي عن ابن مسعود، ولمخالفته كبار أصحاب ابن مسعود المتقنين.
حديث وهب بن الأسود :
رواه ابن قانع في معجم الصحابة (1/19-20) من طريق صدقة السمين، عن أبي معيد حفص بن غيلان، عن وهب بن الأسود، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :((ألا أنبئك بالذي عسى أن ينفعك الله به))، قلت: بلى بأبي وأمي علمني مما علمك الله تعالى، قال :((إنّ أدنى الربا عدل سبعين حوباً، أدناها فجرة اضطجاع الرجل أمه،…))، ورواه أيضاً (3/179)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/2718) من طريق الهيثم بن حميد، عن أبي معيد حفص بن غيلان، عن زيد بن أسلم، عن وهب بن الأسود ابن خال النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: دخلتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :((ألا أنبئك بشيء من الربا))، قلت: بلى، قال :((الربا سبعون باباً، أدناها فجرة كاضطجاع الرجل مع أمه)).
ورواه ابن مندة –ذكر ذلك ابن حجر في الإصابة (1/46)-، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/273) من طريق عمرو بن أبي سلمة، عن صدقة السمين، عن أبي معيد حفص بن غيلان، عن زيد بن أسلم، عن وهب بن الأسود، عن أبيه –بنحو ما تقدم-، ولم يذكر أبو نعيم في روايته : صدقة السمين، وقال ابن الأثير في أسد الغابة (5/472) :((وهب بن الأسود…لا تصح له صحبة، وقيل فيه: الأسود بن وهب))، والحديث فيه اضطراب شديد كما يظهر من سياق الأسانيد.(1/243)
هذا وقد ضعف الحديث من جميع طرقه ابنُ الجوزي فقال في الموضوعات (3/20-26) :((ليس في هذه الأحاديث شيء صحيح…واعلم أنّ مما يرد صحة هذه الأحاديث، أنّ المعاصي إنما تُعلم مقاديرها بتأثيراتها، والزنى يُسد الأنساب، ويصرف الميراث إلى غير مستحقه، ويؤثّر في القبائح ما لا يؤثر أكل لُقمة لا يتعدى ارتكاب نهي، فلا وجه لصحة هذا)).
وقال الشيخ المعلمي اليماني في تعليقه على الفوائد المجموعة (ص150) :((والذي يظهر لي أنّ الخبر لا يصح عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ألبته)).
وقد قوّى الحديث المنذريُّ في الترغيب والترهيب (3/6-8)، وكذلك قواه ابن حجر في القول المسدد (ص41)، وتبعه السخاويّ في الأجوبة المرضية (1/131-140، 3/1052-1055) معتمدين في تقوية الحديث على الطريق الذي رواه أحمد بن حنبل من حديث عبد الله بن حنظلة، وللشواهد التي تقدم ذكرها.
وما قاله المعلميُّ وقبله ابن الجوزي هو الذي يدل عليه البحث في طرق وأسانيد هذا الحديث، فحديث عبد الله بن حنظلة سيأتي بيان ما فيه من علة وأقوال النقاد فيه في المسألة رقم (1159)، وأما الشواهد فلا يعتمد عليها إذ مدارها على المتروكين، والواضاعين، والضعفاء، علماً أنّ أصحاب الكتب المعتمدة لم يخرجوا هذا الحديث، فلم يخرجه إلاّ مَنْ كتابُهُ مظنة الضعف، أومَنْ أشار إلى تعليل الحديث كما فعل الإمام أحمد عندما أخرج حديث عبدالله بن حنظلة في مسنده ثم أتبعه برواية الحديث موقوفاً على كعب الأحبار مشيراً إلى إعلال الرواية المرفوعة بالموقوفة ، وسيأتي بيان ذلك في المسألة رقم (1159).
ويتبين مما تقدّم ومما سيأتي أنّه لم يصح أنّ الربا أشد من الزنا إلاّ عن كعب الأحبار موقوفاً عليه، ولم يصح تعداد الربا إلاّ عن ابن مسعود-رضي الله عنه-.
- - - -(1/244)
18- ] 1106[ وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ فُلَيْحٌ(1)، عَنْ سُهَيْلٍ(2)، عَنْ أَبِيهِ(3)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ(4)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ…))، قَالَ أَبي: رَوَاهُ يَعْقُوبُ الإِسْكَنْدَرَانِيّ(5)، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ أَبِي سَعِيد(6)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ورَوَاهُ ابنُ عُيَيْنَةَ(7)، ومُحَمَّدُ بنُ مُسْلِم(8)، عَنْ عَمْروِ بنِ دِينَارٍ(9)، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيد، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَابَعُوا يَعْقُوبَ فِي/ روَايتِهِ عَنْ أَبِي سَعِيد، وهَذَا الصَّحِيحُ عَنْ أَبِي سَعِيد *.
………………………………
* سوف تتكرر هذه المسألة برقم (1131) مع بعض الاختلاف اليسير.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو: فُليح بن سليمان بن أبي المغيرة، الخزاعي، مولاهم، أبو يحيى المدنيّ، ويقال: فُليح لقب، واسمه: عبدالملك، روى عن: سهيل بن أبي صالح، وضمرة بن سعيد، ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، وعنه: سعيد بن منصور، وأبو الربيع الزهراني سليمان بن داود، وابنه محمد بن فليح وغيرهم.(1/245)
فيه ضعف، ضعفه مظّفر بن مدرك، وابن معين، وأبو زرعة، وأبو داود، وأبو حاتم، والنسائي، وقال أبو أحمد الحاكم :((ليس بالمتين عندهم))، وقال الدارقطنيُّ –في الضعفاء والمتروكين- :((ثقة))، وقال أيضاً :((يختلفون فيه، وليس به بأس))، وقال ابن عدي :((لا بأس به))، وقال الذهبيّ-في ديوان الضعفاء- :((له غرائب))، وقال أيضاً-في تذكرة الحفاظ- :((وكان صادقاً عالماً صاحب حديث، وما هو بالمتين…وحديثه في رتبة الحسن))، وقال ابن حجر-في التقريب-:((صدوق، كثير الخطأ))، وقال أيضاً-في هدي الساري- :((احتج به البخاريّ، وأصحاب السنن، وروى له مسلم حديثاً واحداً وهو حديث الإفك…لم يعتمد عليه البخاريّ اعتماده على مالك، وابن عيينة وأضرابهما، وإنما أخرج له أحاديث أكثرها في المناقب، وبعضها في الرقاق))، مات سنة ثمان وستين ومائة.
وكبار النقاد على تضعيفه كما تقدم، وأما إخراج البخاري، ومسلم له فقد تقدم الجواب عنه في كلام ابن حجر ثم إنّ من منهج البخاري، ومسلم في صحيحيهما الانتقاء من أحاديث الرواة المتكلم فيهم.
انظر : تاريخ الدوري (2/477-478)، أبو زرعة الرازي (2/425)، الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص197 رقم510)، الجرح (7/84-85 رقم479)، الكامل (6/30)، الضعفاء والمتروكين للدارقطني (ص282رقم351)، تهذيب الكمال (23/317-322)، تذكرة الحفاظ (1/223-224)، الميزان (3/365-366رقم 6782)، ديوان الضعفاء (ص322رقم3397)، التهذيب (8/303-305)، الهدي (ص435)، التقريب (ص448رقم5443).
(2) هو : سهيل بن أبي صالح: ذكوان السّمان، أبو يزيد المدني، مولى جويرية بنت الأحمس، روى عن: أبيه ذكوان، وسعيد بن المسيب، ومحمد بن المنكدر وغيرهم، وعنه: حماد بن زيد، وشعبة بن الحجاج، وفليح بن سليمان وغيرهم.(1/246)
صدوق تغير بأَخَرة، وثقه بعض الأئمة كابن سعد، وابن معين-في رواية الدوري -، وابن المديني وغيرهم، وضعفه آخرون كابن معين – في رواية الدوري أيضاً-، وأبي حاتم الرازي، وتوسط آخرون فقال أحمد، والنسائي :((ليس به بأس))، وقال الدراوردي :((قد كان أصاب سهيلاً علة أضرت ببعض حفظه، ونسي بعض حديثه))، قال الذهبي :((ثقة، تغير حفظه))، وقال ابن حجر :((صدوق، تغير حفظه بأَخَرة))، روى له البخاري مقروناً وتعليقاً، وبقية أصحاب الكتب الستة، مات في خلافة المنصور.
انظر : الطبقات (القسم المتمم: ص345)، تاريخ ابن معين (2/243)، سؤالات ابن أبي شيبة (ص110 رقم124)، سنن الترمذي (2/400 رقم523)، الجرح (4/246-247رقم1063)، الكامل (3/447-449)، تهذيب الكمال (12/223-228)، المغني (1/289رقم2691)، شرح علل الترمذي (1/ 121-123)، التهذيب (4/263-264)، التقريب (ص 259 رقم2675).
(3) هو: ذكوان السّمّان الزَّيَّات، أبو صالح المدنيّ، مولى جويرية بنت الأحمس، روى عن: أبي سعيد الخدري، وعائشة أم المؤمنين، وأبي هريرة وغيرهم، وعنه: بنوه سهيل، وصالح، وعبد الله، وعمرو بن دينار وغيرهم.
متفق على ثقته وجلالته، قال أحمد :((ثقةٌ ثقة، من أجل الناس وأوثقهم، وقد شهد الدار زمن عثمان))، روى له الجماعة، مات سنة إحدى ومائة.
انظر : الجرح (3/450-451 رقم2039)، تهذيب الكمال ( 8/ 513-517).
(4) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1089).
(5) هو : يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد القارّيُّ المدني، حليف بني زهرة، سكن الإسكندرية، روى عن: زيد بن أسلم،وسهيل بن أبي صالح، وموسى بن عقبة وغيرهم، وعنه: سعيد بن منصور، وقتيبة بن سعيد، ويحيى بن يحيى وغيرهم,
ثقة، وثقه ابن معين-في رواية الدوري-، والذهبيّ، وابن حجر، وذكره ابن حبان في الثقات، روى له الجماعة سوى ابن ماجه، مات سنة إحدى وثمانين ومائة.(1/247)
انظر : تاريخ الدوري (2/680)، الثقات (7/644)، تهذيب الكمال (32/348-350)، الكاشف (3/التقريب (ص 608رقم7824).
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1095).
(7) هو: سفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلاليّ، أبو محمد الكوفي، روى عن: سفيان الثوريّ، وعمرو بن دينار، ومحمد بن مسلم الزهري وغيرهم، وعنه: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين وغيرهم.
متفق على ثقته وجلالته، قال الذهبيُّ :((كان إماماً، حجة ، حافظاً، واسع العلم، كبير القدر،…اتفقت الأئمة على الاحتجاج بابن عيينة لحفظه وأمانته، وقد حج سبعين سنة، وكان مدلساً لكن على الثقات))، روى له الجماعة، مات سنة ثمان وتسعين ومائة.
انظر : تهذيب الكمال ( 11/177-196)، تذكرة الحفاظ (1/262-265).
(8) هو : محمد بن مسلم الطائفي، يُعد في المكيين، روى عن: أيوب بن موسى، وابن جريج، وعمرو بن دينار وغيرهم، وعنه: زيد بن الحباب، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن يحيى وغيرهم.
حديثه من حفظه حسن، ومن كتابه صحيح، قال ابن مهدي :((كتب محمد صحاح))، وقال ابن معين-في رواية الدوري- :((لم يكن به بأس ، وكان سفيان بن عيينة أثبت منه، ومن أبيه، ومن أهل قريته، كان إذا حدّث من حفظه يقول-كأنه يخطئ-، وكان إذا حدّث من كتابه فليس به بأس))، وقال أيضاً-في رواية إسحاق بن منصور-: ((ثقة))، وكذلك قال يعقوب الفسوي، والعجلي، وأبو داود، وقال ابن عدي :((صالح الحديث، لا بأس به، لم أر له حديثاً منكراً))، وقد ضعفه أحمد بن حنبل مطلقاً، وقال ابن حجر :((صدوق يخطئ))، استشهد به البخاري في الصحيح، وروى له الباقون، مات سنة سبع وسبعين ومائة.
انظر : العلل ومعرفة الرجال (1/189 رقم172)، التاريخ الكبير(1/223-224 رقم700)، معرفة الثقات (2/254رقم1648)، تاريخ الدوري (2/537)، المعرفة والتاريخ (1/435)، الجرح (8/ 77رقم322)، الكامل (6/126-128)، تهذيب الكمال ( 26/412-417)، التهذيب (9/444-445)، التقريب (ص506رقم6293).(1/248)
(9) هو : عمرو بن دينار المكي، أبو محمد الأثرم الجُمحي، مولاهم، روى عن: ذكوان السمان، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر وغيرهم، وعنه: سفيان بن عيينة، وشعبة بن الحجاج، ومحمد بن مسلم الطائفي وغيرهم.
متفق على ثقته وجلالته، قال ابن سعد :((كان ثقةً ثبتاً كثير الحديث))، روى له الجماعة، مات سنة خمس وعشرين ومائة.
انظر : الطبقات (5/479-480)، تهذيب الكمال ( 22/5-13).
- - -
- التخريج :
فُلَيْح، عن سُهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى اللهُ عليه وسلم.
أخرجه :
الطبرانيّ في المعجم الأوسط (4/111 رقم3166) قال: حدثنا بكر بن سهل، قال: حدثنا سعيد بن منصور( ) لم أجده في سنن سعيد بن منصور المطبوع. )، قال: حدثنا فليح –به-، وقال :((لم يرو هذا الحديثَ عن فليح إلاّ سعيد)).
وأشار إليها الدارقطنيّ في العلل (10/ 141 رقم1930).
وسيأتي أنّ فليحاً رواه أيضاً عن سُهيل، عن أبيه، عن أبي سعيد مرفوعاً.
وقد رُوي الحديث عن أبي هريرة من طرق أخرى من رواية :
سعيد بن يسار، أخرجه : مسلم في صحيحه (3/1212 رقم1588) كتاب المساقاة، باب بيع الذهب بالورق نقداً، والنسائي في سننه (7/281) كتاب البيوع، باب بيع الدينار بالدينار، وأحمد بن حنبل في مسنده (2/379، 485).
وشرحبيل بن سعد، أخرجه : أحمد بن حنبل في مسنده (3/58)، والحسن بن عرفة في جزئه (ص56رقم26).
وعبد الرحمن بن أبي نعم، أخرجه : مسلم في صحيحه (3/1212 )، والنسائي في سننه (7/278) ، وأحمد بن حنبل في مسنده (2/261،262،437).
وأبو زرعة بن عمرو البجلي، أخرجه : أبو عوانة في مسنده (3/382-383رقم5400-5402) البيوع، باب حظر بيع البر بالبر، والشعير بالشعير.
يعقوب، عن سُهيل، عن أبيه، عن أبي سعيد، عن النبيّ صلى اللهُ عليه وسلم.
أخرجه :
مسلم في صحيحه (3/1209 رقم1584) باب الربا.
وأحمد بن حنبل في المسند (3/9).
وابن أبي حاتم الرازي في العلل (1/379 رقم 1131).(1/249)
وأبو نعيم في المستخرج على صحيح مسلم –ومن طريقه ابن حجر في موافقة الخبر الخبر (1/397)-، من طريق الحسن بن سفيان .
جميعهم عن قتيبة بن سعيد.
والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/67) كتاب الصرف، باب الربا، وفي شرح مشكل الآثار (15/ 390 رقم 6107) من طريق عبد الله بن وهب.
كلاهما (قتيبة بن سعيد، وعبد الله بن وهب ) عن يعقوب بن عبد الرحمن القاري عن سهيل عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :((لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق إلا وزنا بوزن مثلا بمثل سواء بسواء)).
وتابع يعقوب على هذه الرواية :
عبدالعزيز بن مسلم، رواه أحمد بن حنبل في مسنده (3/47) قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث،وحسن بن موسى عن عبد العزيز بن مسلم–به-.
وفليح بن سليمان، رواه أحمد في مسنده (3/47) قال: حدثنا سريج بن النعمان، قال: حدثنا فليح –به-، ثم قال الإمام أحمد :((حدثنا سعيد بن منصور مثله بإسناده)).
ووهيب بن خالد، رواه الطيالسيُّ في مسنده (ص290 رقم2181) قال: حدثنا وهيب –به-.
ابن عيينة، ومحمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
رواية ابن عيينة ، أخرجها :
مسلم في صحيحه (3/1217 رقم1596) كتاب المساقاة، باب بيع الطعام مثلاُ بمثل.
والبغويُّ في مسند الحب بن الحب (ص71 رقم13)، وفي الجعديات (ص249 رقم1646).
كلاهما عن محمد بن عباد، زاد مسلم : محمد بن حاتم، وابن أبي عمر.
والنسائي في سننه (7/281) كتاب البيوع، بيع الفضة بالذهب، والذهب بالفضة، عن قتيبة بن سعيد.
وابن ماجه في سننه (2/758 رقم 2257) كتاب التجارات، باب من قال: لا ربا إلاّ في النسيئة، عن محمد بن الصباح، ووقع عنده :عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وفيه قصة، غير أنّ المزي في تحفة الأشراف (3/352) ذكر رواية ابن ماجه هذه في مسند أبي سعيد الخدري من رواية أبي صالح عنه.(1/250)
وعبدالرزاق في المصنف (8/117-118 رقم14546) كتاب البيوع، باب الصرف- ومن طريقه أبو عوانة في مسنده (3/389 رقم 5428)-.
والحميديُّ في مسنده (2/328 رقم 744) -ومن طريقه الطبراني في المعجم الكبير (1/174 رقم440)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/280) كتاب البيوع، باب من قال: الربا في النسيئة، والخطيب البغدادي في الأسماء المبهمة (ص100)، وابنُ عبد البر في التمهيد (2/243-244)-.
وأحمد بن حنبل في مسنده (5/200) .
والبزار في مسنده (7/9 رقم2547) عن أحمد بن عبدة.
والفاكهي في أخبار مكة (3/95 رقم5428) قال: حدثنا محمد بن منصور.
جميعهم عن سفيان بن عيينة –به-.
رواية محمد بن مسلم، أخرجها :
البغويُّ في مسند الحب بن الحب (ص74 رقم14)، وفي الجعديات (ص249 رقم1647)-ومن طريقه ابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (ص382رقم488)-.
وابنُ عبد البر في التمهيد (2/243-244) من طريق علي بن عبد العزيز.
كلاهما عن داود بن عمرو الضبي، عن محمد بن مسلم –به-.
وتابع سفيانَ، ومحمدَ بنَ مسلم على هذه الرواية عن عمرو بن دينار :
ابن جريج، رواه البخاري في الصحيح (4/ 381رقم2178،2179) كتاب البيوع، باب بيع الدينار بالدينار نساء، والبزار في مسنده (7/10 رقم2548).
وشعبة بن الحجاج، رواه أحمد في مسنده (5/209)، وبحشل في تاريخ واسط (ص92)، والبغويُّ في الجعديات (ص249 رقم1648)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/67)، والطبراني في المعجم الكبير (1/173-174 رقم 441) مختصراً ولم يذكر أبا سعيد.
ومعمر بن راشد، رواه عبدالرزاق في المصنف (8/117-118 رقم14546)، وأبو عوانة في مسنده (3/389 رقم 5428).
وتابع عمرو بنَ دينار على هذه الرواية عن أبي صالح :
حبيب بن أبي ثابت، رواه البزار في مسنده (7/10 رقم2551)، والطبراني في المعجم الكبير (1/173-174 رقم 448).
وسليمان الأعمش، رواه البزار في مسنده (7/10 رقم2550).(1/251)
وعبدالعزيز بن رفيع، رواه البزار في مسنده (7/10رقم2549)، والطبراني في المعجم الكبير (1/173-174 رقم 448).
وعبدالملك بن ميسرة، سيأتي تخريجه عند ذكر أبي حاتم له في المسألة رقم (1131).
وتابع أبا صالح في روايته هذه عن أبي سعيد الخدري:
سالم بن عبد الله مولى النصريين، وسيأتي حديثه برقم (1157).
وأبو سلمة بن عبد الرحمن، أخرجه : البخاريّ في صحيحه (4/311رقم2080) كتاب البيوع، باب بيع الخلط من التمر، ومسلم في صحيحه (3/1217 رقم 1595).
وشرحبيل بن سعد، أخرجه : أحمد في مسنده (3/58)، والحسن بن عرفة في جزئه (ص56رقم26).
وعبد الله بن عمر، أخرجه : البخاريّ في صحيحه (4/379رقم2176) كتاب البيوع، باب بيع الفضة بالفضة، وأجمد في مسنده (2/81-82).
وعطاء بن يسار، أخرجه : الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/67) وفي شرح مشكل الآثار (15/396رقم 6113).
وعلي بن داود أبو المتوكل الناجي، أخرجه : مسلم في صحيحه (3/1211رقم1584) باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقداً، والنسائي في سننه (7/278) وغيرهما.
ومجاهد بن جبر، أخرجه : أحمد في مسنده (3/93).
ونافع مولى ابن عمر ، أخرجه : البخاريّ في صحيحه (4/379رقم2177)، ومسلم في صحيحه (3/1208رقم1584)، والنسائي في سننه (7/278) وغيرهم.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن سُهيل بن أبي صالح على وجهين :
الوجه الأوَّل: رواه فليح بن سليمان –عنه : سعيد بن منصور- عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثاني: رواه عبدالعزيز بن مسلم، وفليح بن سليمان –عنه: سريج بن النعمان-، ووهيب بن خالد، ويعقوب بن عبدالرحمن كلهم عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدريّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وتابعهم ابن جريج، وشعبة بن الحجاج، وابن عيينة، ومحمد بن مسلم، ومعمر بن راشد كلهم عن عمرو بن دينار، عن أبي صالح –به-.(1/252)
وقد رجح أبو حاتم الوجه الثاني والدارقطني في العلل (10/141) حيث قال :((وغيره يرويه عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي سعيد، وهو الصواب)).
وهذا الترجيح ظاهر لأمور :
أنّ فليح بن سليمان فيه ضعف، وخالف من هو أوثق منه، وتقدم أنَّ فليح بن سليمان يضطرب في الحديث فتارةً يجعله من مسند أبي هريرة، وأحياناً يضبط الطريق فيجعله من مسند أبي سعيد الخدري.
أنّ المخالفين لفليح بن سليمان أكثر عدداً.
أنَّ سلسلة سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة طريق مشهور، بلغت الأحاديث من هذا الطريق في الكتب الستة مائتين واثنين وعشرين حديثاً، انظر : تحفة الأشراف (9/394-425)، وعند الاختلاق يقدّم الطريق غير المشهور لما تقدم من أنّ الراوي عند النسيان يسلك بالحديث الطريق المشهور، وهذه طريقة أئمة العلل في الترجيح كما تقدم.
والحديث من الطريق الراجح ثابت في الصحيحين كما تقدم في التخريج.
- - - -
19- ] 1107[ وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ سَعِيدُ بنُ يَحْيَى الأموي(1)، عَنْ أَبِيه(2)، عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بن عُمَر(3)، عَنْ نَافِع(4)، وعَبْدِ اللّهِ بن دِينَار(5)، عَنْ ابْنِ عُمَرَ(6)، قَالَ :((نَهَى رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْوَلاَء، وعَنْ هِبَتِهِ)).
قَالَ أَبِي: نَافِعٌ أَخَذَهُ * عَنْ عَبْد اللّه بنِ دِينَار هَذَا الْحَدِيثَ، ولَكِنْ هكَذَا قَالَ **.
………………………………
* كذا في جميع النسخ، وفي المطبوع (أخذ) وأشار المعلق إلى أنَّ في الأصل (أخذه) !، ولا شك أنّ لفظة (أخذ) هي الأصح في هذا السياق، ولكن هكذا في جميع النسخ.
** سوف تتكرر هذه المسألة برقم (1130) من طريق آخر عن عبيد الله، وأيضاً في العلل (2/ 53 رقم 1645) بأطول مما هنا، وقد نقل هذه المسألة ابن حجر في النكت على كتاب ابن الصلاح (2/671-672).
ــــــــــــــــــــــ(1/253)
(1) هو : سعيد بن يحيى بن سعيد القرشي الأموي، أبو عثمان البغداديّ، روى عن: ابن المبارك، ووكيع، وأبيه يحيى وغيرهم، وعنه: البزار، وأبو زرعة الرازي، ويحيى بن صاعد وغيرهم.
ثقة، وثقه الفسَويّ، والنسائي وغيرهما، وقال ابن المدينيّ :((أثبت من أبيه))، روى له الجماعة سوى ابن ماجه، مات سنة تسع وأربعين ومائة.
انظر : المعرفة والتاريخ (3/133)، تاريخ بغداد (9/90-91)، تهذيب الكمال (11/106-108)، الكاشف (1/374).
(2) هو : يحيى بن سعيد بن أبان القرشي الأموي، أبو أيوب الكوفيّ، نزيل بغداد، روى عن: أبيه سعيد بن أبان، وعبيد الله بن عمر، وهشام بن عروة وغيرهم، وعنه: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهوية، وابنه سعيد بن يحيى وغيرهم.
ثقة يُغرب عن الأعمش، وثقه ابن سعد، وابن معين –في رواية الدوري، وابن أبي خيثمة-، وأبو داود، والدارقطنيّ وغيرهم، وقال أحمد :((ليس به بأس، عنده عن الأعمش غرائب))، وقال الذهبيّ :((ثقة، يُغرب عن الأعمش))، روى له الجماعة، مات سنة أربع وتسعين ومائة.
انظر : طبقات ابن سعد (7/339)، تاريخ الدوري (2/644)، سؤالات الآجري (2/313 رقم1966)، سؤالات البرقاني (ص49 رقم338)، تاريخ بغداد (14/132-135)، تهذيب الكمال (31/318-322)، الكاشف (3/256).
(3) هو : عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العَدَوي العُمَريّ، أبو عثمان المدنيّ، روى عن: عبد الله بن دينار، وأبيه عمر بن حفص، والقاسم بن محمد وغيرهم، وعنه: شعبة بن الحجاج، ويحيى بن سعيد الأموي، ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم.
متفق على جلالته وإتقانه، قال أحمد بن صالح :((ثقة ثبت مأمون، ليس أحدٌ أثبت في حديث نافع منه))، روى له الجماعة، مات سنة سبع وأربعين ومائة.
انظر : تهذيب الكمال (19/124-130)، التهذيب (7/38-40).
(4) هو: نافع مولى ابن عمر، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091) ((وهو متفق على جلالته وإتقانه)).(1/254)
(5) هو : عبد الله بن دينار القُرشيُّ العَدَويّ، أبو عبدالرحمن المدنيّ، مولى ابن عمر، روى عن: أنس بن مالك، وابن عمر، ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، وعنه: سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، ومالك بن أنس وغيرهم.
متفق على ثقته وصلاحه، قال أحمد :((ثقة، مستقيم الحديث))، روى له الجماعة، مات سنة سبع وعشرين ومائة.
انظر : الجرح (5/46 رقم217)، تهذيب الكمال (14/471-474).
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091).
- - -
- التخريج :
- سعيد بن يحيى الأموي، عن أبيه، عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، وعبد الله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعاً.
أخرجه :
أبو عوانة في مسنده (3/238 رقم 4807) كتاب العتق والولاء، باب بيان حظر بيع الولاء وهبته، قال: حدثنا عبدان الجواليقي.
والخطيب البغداديّ في تاريخ بغداد (5/ 116)، وفي الفصل للوصل المدرج في النقل (1/579) قال : أخبرنا علي بن محمد بن الحسن المالكي، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد الأبهري، قال : حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الهيثم الدلال ببغداد.
كلاهما عن سعيد بن يحيى الأموي قال: حدثني أبي، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع مولى ابن عمر، وعبد الله بن دينار عن ابن عمر قال :((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء وعن هبته)).
وقال الدارقطني –كما في أطراف الغرائب والأفراد (2/465)-:((لا نعلم رواه عن يحيى الأموي، عن عبيد الله، عن نافع وعبد الله بن دينار إلاّ ابنه سعيد، ورواه علي بن عاصم، عن عبيدالله بن عمر عنهما أيضاً، تفرد به عنه أحمد بن عبيد بن ناصح)).
وتابع يحيى بنَ سعيد أيضاً أبو ضمرة أنسُ بن عياض، وسوف يذكر ابن أبي حاتم روايته هذه في المسألة رقم (1130)، ويأتي تخريجها هناك.
واختلف على عبيد الله بن عمر في هذا الحديث على أوجه :
عبيدالله بن عمر، عن نافع، وعبد الله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعاً، بلفظ :((نهى عن بيع الولاء، وعن هبته))، وتقدم تخريج هذا الوجه قريباً.(1/255)
عبيدالله بن عمر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعاً، بلفظ :((نهى عن بيع الولاء، وعن هبته))، رواه عن عبيد الله :
حماد بن أسامة، أخرجه : أبو بكر محمد بن عبد الله الأبهري في جزئه (ص56رقم51).
وحماد بن زيد، أخرجه : الخطيب البغداديّ في الفصل للوصل (1/582)، ولم يذكر الهبة.
وحماد بن سلمة، أخرجه : ابن أبي حاتم في العلل (2/ 53 رقم 1645).
وخالد بن الحارث، أخرجه : النسائي في سننه (7/306) كتاب البيوع، باب الولاء.
وسعيد بن بشير، أخرجه : تمام في الفوائد (1/22 رقم26).
وشجاع بن الوليد، أخرجه : البيهقي في السنن الكبرى (10/293).
وعبد الله بن المبارك، أخرجه : في مسنده (101 رقم 237)، ومن طريقه الخطيب البغداديّ في الفصل للوصل (1/582)، وفي روايته: شك عبيدالله هل ذكر الهبة أم لا ؟.
وعبدالله بن نمير، أخرجه : ابن أبي حاتم في العلل (2/ 53 رقم 1645).
وعبد الله بن وهب، أخرجه : الخطيب البغداديّ في المتفق والمفترق (1/661).
وعبد الرحيم بن سليمان، أخرجه : النسائي في سننه الكبرى (4/89) كتاب الفرائض، باب هبة الولاء، والخطيب البغداديّ في الفصل للوصل (1/577-578).
وعبد الوهاب الثقفيّ، أخرجه : مسلم في صحيحه (2/1145رقم1506) كتاب العتق، باب النهي عن بيع الولاء وهبته، والخطيب البغداديّ في الفصل للوصل (1/582)، ولم يذكر الهبة.
وعلي بن غراب، أخرجه : الخطيب البغداديّ في الفصل للوصل (1/578).
ويحيى القطان- عنه مسدد-، أخرجه : الطحاوي في مشكل الآثار (12/529 رقم5000)، والخطيب البغداديّ في الفصل للوصل (1/577-578).
ويعقوب بن إبراهيم أبو يوسف الفقيه-عنه بشر بن الوليد-، أخرجه : أبو يعلى في مسنده – ذكر ذلك ابن حجر في الفتح (12/44) ولم أجده في الرواية المطبوعة-، وعنه ابن حبان في صحيحه –كما في الإحسان (11/325رقم4949) كتاب البيوع، باب البيع المنهي عنه -، بلفظ :((الولاء لُحْمة كلُحْمة النسب، لا يباع ولا يوهب)).(1/256)
وأخرجه : الشافعي في مسنده (338)، عن محمد بن الحسن، عن يعقوب بن إبراهيم، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر-به-، بدون ذكر عبيد الله بن عمر.
ومن طريق الشافعيّ رواه الحاكم في المستدرك (4/341) كتاب الفرائض، والبيهقي في السنن الكبرى (10/292) كتاب الولاء، باب من أعتق مملوكاً له، وفي معرفة السنن والآثار (7/506-507) كتاب العتق، باب الولاء،وقال :((كذا رواه الشافعيّ، عن محمد بن الحسن الفقيه، عن أبي يوسف القاضيّ، وكأنه رواه محمد بن الحسن للشافعي من حفظه، فنزل عن ذكر عبيد الله بن عمر في إسناده، وقد رواه محمد بن الحسن في كتاب ((الولاء)) عن أبي يوسف، عن عبيد الله بن عمر، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم باللفظ الذي رواه الشافعي عنه، وهذا اللفظ بهذا الإسناد غير محفوظ، ورواية الجماعة عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر :"أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء، وعن هبته"، هكذا رواه عبيد الله بن عمر، في رواية عبدالوهاب الثقفي وغيرهِ))، ونقل البيهقي في السنن الكبرى عقب هذا الحديث قول أبي بكر بن زياد النيسابوري :((هذا خطأ، لأنّ الثقات لم يرووه هكذا، وإنما رواه الحسن مرسلاً)).
وتابع عبيد الله بن عمر على هذا الوجه الثاني :
إبراهيم بن أبي يحيى، أخرجه : أبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/171).
وإسماعيل بن جعفر، ، أخرجه : مسلم في صحيحه (2/1145رقم1506)، والنسائي في سننه الكبرى (4/89).
والحسن بن صالح، أخرجه : الطحاوي في مشكل الآثار (12/529 رقم5002)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/171)، وفي الحلية (7،331-332)، وقال :((صحيحٌ ثابت، رواه عن عبد الله بن دينار جماعة)).
وروح بن القاسم، أخرجه : ابن عدي في الكامل (4/261).(1/257)
وسفيان الثوري، أخرجه : البخاري في صحيحه (12/ 42 رقم6756) كتاب الفرائض، باب إثم من تبرأ من مواليه، من طريق أبي نُعيم الفضل بن دكين، ومسلم في صحيحه (2/1145رقم1506)، من طريق عبد الله بن نُمير، والترمذي في سننه (3/537-538رقم1236) كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع الولاء وهبته، من طريق عبد الرحمن بن مهدي، والنسائي في سننه الكبرى (4/89) من طريق عبدالرحيم بن سليمان، وابن ماجه في سننه (2/918رقم 2748) من طريق وكيع بن الجراح، وابن المبارك في مسنده (101 رقم 237)، وعبد الرزاق في المصنف (9/3 رقم16138) كتاب الولاء، باب بيع الولاء، وابن الجارود في المنتقى (326 رقم978) من طريق ابن المقرئ، وأبو عوانة في مسنده (3/238 رقم 4803)، والطحاوي في مشكل الآثار (12/529 رقم4999)، وابن حبان في صحيحه –كما في الإحسان (11/325 رقم4949) جميعهم من طريق زهير بن معاوية زاد أبو عوانة : زائدة بن قدامة، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/247) من طريق إسماعيل بن عمرو البجليّ، وابن المقرئ في معجمه (ص69 رقم133)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (3/224-225 رقم459) من طريق ابن جريج-، والطحاوي في مشكل الآثار (12/529 رقم5000)، والخطيب البغداديّ في الفصل للوصل (1/577-578) من طريق يحيى القطان، والخطيب البغداديّ في الفصل للوصل (1/585-586) من طريق أبي حذيفة النهدي، ويعلى بن عبيد جميعهم عن سفيان الثوري –به-.
وسفيان بن عيينة، أخرجه : مسلم في صحيحه (2/1145رقم1506)، وغيره.
وسليمان بن بلال، أخرجه : مسلم في صحيحه (2/1145رقم1506).
وشعبة بن الحجاج، أخرجه : البخاري في صحيحه (5/167 رقم 2535) كتاب العتق، باب بيع الولاء وهبته، ومسلم في صحيحه (2/1145رقم1506) وغيرهما.
والضحاك بن عثمان، أخرجه : مسلم في صحيحه (2/1145رقم1506).(1/258)
وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، أخرجه : الطحاوي في مشكل الآثار (12/529 رقم4999)، وابن حبان في صحيحه –كما في الإحسان (11/325 رقم4949)-.
وعبد العزيز الماجشون، أخرجه : ابن المبارك في مسنده (101 رقم 237)، والطحاوي في مشكل الآثار (12/530 رقم5003).
وعبد الواحد البناني، أخرجه : الخطيب البغدادي في تلخيص المتشابه (1/215).
وقيس بن سعد، أخرجه : ابن المقرئ في معجمه (ص125 رقم353).
ومالك بن أنس، في الموطأ (2/ 410)كتاب العتق، والنسائي في سننه (7/306) وغيرهما.
ونافع مولى ابن عمر، أخرجه : ابن عدي في الكامل (2/ 333)، والخطيب البغدادي في الموضح (1/552) من طريق الحسن بن أبي الحسن المؤذن، عن عبد الله العُمري، عن نافع، عن عبد الله بن دينار –به-، قال ابن عدي : ((قوله :"عن نافع، عن عبدالله: لا أدري وهم فيه، أو تعمد فأراد تقلّب الإسناد، وإنما أراد أن يقول: عن نافع وعبد الله بن دينار))، والإسناد إلى نافع ضعيفٌ جداً فيه الحسن بن أبي الحسن المؤذن وهو منكر الحديث –كما قال ابن عدي في الموضع السابق-، وفيه عبد الله العُمري وهو ضعيف –التقريب (ص 314رقم3489)-.
وورقاء بن عمر، أخرجه : الطحاوي في مشكل الآثار (12/528 رقم4996).
عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً، رواه عن عبيد الله :
سفيان الثوري، وعنه : قبيصة بن عقبة، أخرجه : ابن المقرئ في معجمه (ص122 رقم340)، والخطيب البغداديّ في الفصل للوصل (1/584)، وعنه أيضاً : نصر بن مزاحم، أخرجه : الخطيب البغداديّ في الفصل للوصل (1/584)، وسيأتي أنّ كبار أصحاب الثوري رووه عنه على الوجه الثاني.
وعبد الرحمن بن مغراء، أخرجه : الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (4/292) من طريق النسائي، عن حسين بن منصور، عن عبد الرحمن بن مغراء-به-.(1/259)
ويحيى بن سعيد القطان- عنه سعيد بن محمد ولم أقف على ترجمته-، أخرجه : الخطيب البغداديّ في الفصل للوصل (1/583)، وتقدم أنّ مسدد بن مسرهد وهو من أثبت الناس في يحيى، رواه عن يحيى على الوجه الثاني.
ويحيى بن سُليم، أخرجه : ابن ماجه في سننه (2/918رقم 2748) كتاب الفرائض، باب النهي عن بيع الولاء وعن هبته، والترمذي في العلل الكبير (ص181 رقم318) قالا: حدثنا محمد بن عبدالملك بن أبي الشوارب، عن يحيى –به- باللفظ المشهور، وأخرجه : البيهقي في السنن الكبرى (10/293) من طريق يعقوب بن حميد بن كاسب، عن يحيى –به- بلفظ :((الولاء لُحْمة كلُحْمة النسب، لا يباع ولا يوهب))، وأشار إلى هذه الرواية ابن أبي حاتم في العلل (2/53)، والخليلي في الإرشاد (1/386-387).
وتابع عبيد الله بن عمر على هذا الوجه الثالث :
إسماعيل بن أمية، أخرجه : الطبراني في الأوسط (2/189 رقم1341)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/293) من طريق الزيادي، عن يحيى بن سُليم، عن إسماعيل –به-، بلفظ :((نهى عن بيع الولاء، وعن هبته))، وبلفظ :((الولاء لُحْمة كلُحْمة النسب، لا يباع ولا يوهب))، قال الطبرانيّ :((لم يرو هذين الحديثين عن إسماعيل إلاّ يحيى))، والحاكم في المستدرك (4/341) من طريق محمد بن مسلم الطائفي، عن إسماعيل –به-، بلفظ :((الولاء لُحْمة كلُحْمة النسب، لا يباع ولا يوهب)).
ومالك بن أنس –في رواية عبد الملك بن الماجشون-، أخرجه : ابن عبدالبر في التمهيد (16/334).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن عبيد الله بن عمر على ثلاثة أوجه :
الوجه الأوَّل : رواه أنس بن عياض، وعلي بن عاصم، ويحيى الأموي جميعهم عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، وعبد الله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعاً.(1/260)
الوجه الثاني : رواه حماد بن أسامة، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وخالد بن الحارث، وسعيد بن بشير، وشجاع بن الوليد، وعبد الله بن المبارك، وعبدالله بن نمير، وعبد الله بن وهب، وعبد الرحيم بن سليمان، وعبد الوهاب الثقفيّ، وعلي بن غراب، ويحيى القطان، ويعقوب بن إبراهيم جميعهم عن عبيدالله بن عمر، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعاً.
وتابع عبيد الله بن عمر على هذا الوجه أكثر من خمسين نفساً ذكرهم أبو نعيم في مسند عبد الله بن دينار له، قال ابنُ حجر في الفتح (12/44) :((وقد اعتنى أبو نعيم الأصبهاني بجمع طرقه عن عبدالله بن دينار فأورده عن خمسة وثلاثين نفساً ممن حدّث به عن عبدالله بن دينار؛ منهم من الأكابر : يحيى بن سعيد الأنصاري، وموسى بن عقبة، ويزيد بن الهاد، وعبيدالله العمري وهؤلاء من صغار التابعين، وممن دونهم مسعر، والحسن بن صالح بن حيّ، وورقاء، وأيوب بن موسى، وعبدالرحمن بن عبد الله بن دينار، وعبدالعزيز بن مسلم، وأبو أويس، وممن لم يقع له ابن جريج وهو عند أبي عوانة، وسليمان بن بلال وهو عند مسلم، وأحمد بن حازم المغافري في جزء الهروي من طريق الطبراني))، وقال في التلخيص الحبير (4/213) :((وقد جمع أبو نعيم طرق حديث النهي عن بيع الولاء، وعن هبته، في مسند عبد الله بن دينار له( ) ذكره ابن حجر ضمن مروياته، وسماه ((مسند عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، جمع أبي نعيم الأصبهاني))، انظر : المعجم المفهرس (ص146)، والمجمع المؤسس (2/48). )، فرواه عن نحو من خمسين رجلاً أو أكثر من أصحابه عنه)).
الوجه الثالث : رواه سفيان الثوري-عنه : قبيصة بن عقبة، ونصر بن مزاحم-، وعبدالرحمن بن مغراء، ويحيى بن سعيد القطان- عنه : سعيد بن محمد-، ويحيى بن سُليم كلهم عن عبيدالله بن عمر، عن نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر مرفوعاً.(1/261)
وتابع عبيد الله بن عمر على هذا الوجه: إسماعيل بن أمية-عنه يحيى بن سليم، ومحمد بن مسلم-، ومالك بن أنس -عنه عبدالملك بن الماجشون-.
وأرجح هذه الوجوه الوجه الثاني لعدة أمور :
أنّ رواته أكثر وأوثق من بقية الوجوه، وهم أصحاب عبيد الله بن عمر المقدّمون.
أنّ كبار الأئمة الحفّاظ من أصحاب عبد الله بن دينار تابعوا عبيد الله على هذا الوجه، قال البرديجي -كما في شرح العلل (2/477)- :((أحاديث عبدالله بن دينار صحاح من حديث شعبة، ومالك، وسفيان الثوري))، وأضاف العقيلي في الضعفاء الكبير (2/247) إليهم ابنَ عيينة ، وكل هؤلاء رووا الحديث عنه.
أنّ هذا الوجه هو الذي اعتمده البخاري، ومسلم في صحيحيهما، وصححه الأئمة، قال الترمذي في سننه (3/537-538) :((هذا حديثٌ حسن صحيح، لا نعرفه إلاّ من حديث عبد الله بن دينار، عن ابن عمر))، وكذلك صححه أبو حاتم، وأبو زرعة، والبيهقي، والخطيب، وابن عبدالبر وغيرهم.
أنّ بقية الوجوه لا تخلوا من علة؛ فالوجه الأوَّل فيه علي بن عاصم وهو ضعيف-التهذيب (7/344-348)-، وأنس بن عياض ، ويحيى الأموي خالفا من هم أوثق منهم بدرجات، قال أبو حاتم، وأبو زرعة عن رواية أنس بن عياض-كما سيأتي في المسألة رقم (1130)- :((هذا خطأ وَهِم فيه أبو ضمرة، الناس يقولون عبيد الله، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويروون عن نافع، عن ابن عمر موقوف "الولاء لحمة"، وهذا هو الصحيح)).(1/262)
وأما الوجه الثالث فأشد نكارة من الوجه الأوَّل، قال الخطيب في الفصل للوصل (1/580) :((فأما رواية عبيد الله، عن عبد الله فهي محفوظة، وأما روايته إياه عن نافع فهي غريبة جداً))، وبيان ذلك: أنّ أصحاب الثوري المقدمون وهم : أبو نعيم، وابن مهدي، ووكيع، وابن المبارك، ويحيى القطان، رووا هذا الحديث عن سفيان على الوجه الأوَّل، وخالفهم اثنان: نصر بن مزاحم وهو متروك الحديث-الجرح (8/468)-، وقبيصة بن عقبة ضعفه ابن معين في الثوري، وقال الطنافسي :((هو كثير الخطأ عن سفيان الثوري)) -شرح علل الترمذي (2/544)-، فروياه على الوجه الثالث، ولا شك أنّ رواية أولئك تقدم، قال الخطيب في الفصل للوصل (1/580) :((كافة أصحاب الثوري فإنهم رووه عنه، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، وهو القول الصحيح))، وقال ابن حجر في النكت (2/672) :((وقد وهم فيه قبيصة فقد أخرجه : الشيخان في الصحيحين من حديث الثوري، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر على المحفوظ))، وقد سئل يحيى بن معين عن أصحاب الثوري ؟ فقال :((هم خمسة: يحيى بن سعيد، ووكيع بن الجراح، وعبدالله بن المبارك، وعبدالرحمن بن مهدي، وأبو نعيم الفضل بن دكين))، وكذلك قال علي بن المدينيّ وزاد: عبيد الله الأشجعيّ، الدارقطنيّ وغيرهما-انظر : المعرفة والتاريخ (1/717)، الجرح (7/ 62)، شرح علل الترمذي (2/538)، وسؤالات ابن بكير للدارقطني (ص41-42)-.
وأما رواية يحيى القطان فهي معلولة فإنّ الراوي عنه سعيد بن محمد لم أقف على ترجمته، ثم إنَّ مسدد بن مسرهد -وهو ثقة حافظ خاصة عن يحيى القطان- خالفه فرواه عنه، عن الثوري على الوجه الأوَّل.(1/263)
وأما رواية عبدالرحمن بن مغراء فهي غريبة منكرة، إذ أنه خالف أصحاب عبيد الله الثقات، وإن كان هو في نفسه صدوق له غرائب-انظر : تهذيب الكمال (17/418-422)، والكامل (4/289)-، وكذلك يحيى بن سُليم صدوق سيئ الحفظ، قال النسائي :((ليس به بأس، وهو منكر الحديث عن عبيد الله بن عمر))-التقريب (ص591رقم 7563)، التهذيب (11/226)-، وقال البيهقي :((وكان سيئ الحفظ، كثير الخطأ))، وقد أعلَّ روايته هذه عدد من الحفاظ؛ فقال الترمذي في العلل الكبير (ص182):((والصحيح: عن عبدالله بن دينار، وعبد الله بن دينار قد تفرد بهذا الحديث عن ابن عمر، ويحيى بن سُليم أخطأ في حديثه))، وقال في العلل الصغير –كما في شرح العلل(1/341)- :((وروى يحيى بن سليم هذا الحديث عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، فوهم يحيى بن سليم، والصحيح هو: عن عبيد الله بن عمر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، هكذا روى عبدالوهاب الثقفي، وعبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر))،
وقال البيهقي في السنن الكبرى (10/293) :((هذا وهم من يحيى بن سُليم أو من دونه في الإسناد والمتن جميعاً؛ فإنّ الحفاظ إنما رووه عن عبيدالله بن عمر، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم "أنه نهى عن بيع الولاء، وعن هبته"))، وقال الخليليّ في الإرشاد (1/387) :((وأخطأ فيه، لأنّ هذا رواه عبيدالله وغيره عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر، وليس هذا من حديث نافع))، وقال المزي في تحفة الأشراف (5/449-450) :((وروى يحيى بن سُليم هذا، عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، وهو وهم، روى الثقفي، وعبدالله بن نمير، وغير واحد، عن عبيدالله بن عمر، عن ابن دينار، وهذا أصح)).
ويبدو أنّ يحيى بن سُليم يضطرب في الحديث فمرة يجعله عن نافع، ومرة عن عبدالله بن دينار، ومرة يرويه عن عبيد الله، وأخرى عن إسماعيل بن أمية.(1/264)
وأما متابعة مالك بن أنس –عنه : عبدالملك بن الماجشون- فهي وهم فإنّ أصحاب مالك رووه على الوجه الأوّل، قال ابن عبدالبر في التمهيد (16/334) :((وذلك خطأ لم يتابع ابن الماجشون عليه، والصواب فيه: مالك، عن عبدالله بن دينار، لا عن نافع)).
أنّ نقاد الحديث وأئمته نصوا على أنّ عبد الله بن دينار تفرد بهذا الحديث عن ابن عمر حتى قال مسلم في صحيحه (2/1145) :((الناسُ كلهم عيالٌ على عبدالله بن دينار في هذا الحديث)).
وقال البخاريُّ-كما في سنن البيهقي الكبرى (10/293)-:((وعبد الله بن دينار تفرد بهذا الحديث))، وقال الترمذي في العلل الصغير –كما في شرح العلل (1/341)-: ((وربّ رجل من الأئمة يحدّث بالحديث لا يُعرف إلاّ من حديثه ويشتهر الحديث لكثرة من روى عنه، مثل: ما روى عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم :" نهى عن بيع الولاء، وعن هبته "، لا نعرفه إلاّ من حديث عبد الله بن دينار، روى عنه عبيد الله بن عمر، وشعبة، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس، وابن عيينة، وغير واحد من الأئمة،… وروى المؤمل هذا الحديث عن شعبة فقال: وددتُ أنّ عبدالله بن دينار أذن لي حتى كنت أقوم إليه فأقبل رأسه)).
وقال الطحاوي في مشكل الآثار (12/530) :((وهذه سنة لم تُرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير هذا الوجه))، وقال ابن عدي في الكامل (4/298) :((وهذا حديثٌ مشهور عن عبد الله بن دينار رواه عنه الأئمة))، وقد نصَّ على تفرده ابنُ الصلاح في علوم الحديث (ص69-70)-وتبعه من كتب في المصطلح بعده-، والذهبيّ في السير (5/254)، وابن حجر في فتح الباري (12/43) وغيرهم، وقال ابن رجب في شرح العلل (1/415) :((لايصح عن النبيّ صلى الله عليه وسلم إلاّ من هذا الوجه، ومنْ رواه من غيره فقد وهم وغلط))،(1/265)
وقد أعل الحديثَ الإمامُ أحمدُ بن حنبل ففي رواية الميموني -كما في كتاب العلل ومعرفة الرجال رواية المروذي وغيره (ص229-230)- :((وسألته عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر ؟ فقال لي: ثقة، إلاّ حديثٌ واحد يرويه عن ابن عمر قال"الولاء لا تباع، ولا توهب"، ونافع قال في قصة بريرة"الولاء لمن أعتق"))، وقال ابن رجب في الموضع السابق :((وهو معدود من غرائب الصحيح، فإنّ الشيخين خرجاه، ومع هذا فتكلم فيه الإمام أحمد وقال:" لم يتابع عبد الله بن دينار عليه"، وأشار إلى أنّ الصحيح ما روى نافع، عن ابن عمر أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :" الولاء لمن أعتق"، لم يذكر النهي عن بيع الولاء وهبته، قلتُ: وروى نافع، عن ابن عمر من قوله النهي عن بيع الولاء وعن هبته، غير مرفوع، وهذا مما يعلل به حديث عبدالله بن دينار)).
والذي يظهر أنّ الحديث صحيح من هذا الوجه؛ فعبد الله بن دينار متفق على ثقته وصلاحه، وقد روى عنه الحديث كبار الأئمة من أصحابه، واتفق على الحديث الشيخان، فمثل هذا التفرد مقبول عند الأئمة، وله نظائر قبلها الأئمة كحديث :((إنما الأعمال بالنيات)) وغيره، وقال ابن الصلاح :((إذا انفرد الراوي بشيء نُظر فيه، فإن كان ما انفرد به مخالفاً لما رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك وأضبط كان ما انفرد به شاذاً مردوداً، وإن لم تكن فيه مخالفة لما رواه غيره وإنما هو أمر رواه هو ولم يروه غيره فينظر في هذا الراوي المنفرد، فإن كان عدلاً حافظاً موثوقاً بإتقانه وضبطه قبل ما انفرد به ولم يقدح الانفراد فيه كما فيما سبق من الأمثلة، وإن لم يكن ممن يوثق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به كان انفراده خارماً له مزحزاً له عن حيز الصحيح)).
ومما يدل على ثبوته ما رواه أبو عوانة في مسنده (3/239) بسندٍ صحيح أنّ شعبة بن الحجاج سأل عبدَ الله بنَ دينار فقال: أنتَ سمعتَه من ابنِ عمر ؟ فقال: نعم.(1/266)
وأمّا قول ابن رجب :((وروى نافع، عن ابن عمر من قوله النهي عن بيع الولاء وعن هبته، غير مرفوع، وهذا مما يعلل به حديث عبدالله بن دينار))، فلم أقف على إسناد هذه الرواية –بعد التتبع- للنظر في حال رجالها، ومدى معارضتها لرواية عبد الله بن دينار.
فتحصل من هذا أنّ حديث :((نهى عن بيع الولاء، وعن هبته)) لا يصح إلاّ من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعاً بهذا اللفظ.
وقول أبي حاتم في صدر المسألة :((نافع أخذ عن عبد الله بن دينار هذا الحديث، ولكن هكذا قال))، لم أجد ما يدل على ذلك عدا الرواية المتقدمة وهي ضعيفة، على أنه لا يبعد ذلك إذا عُلم أنّ الحديث تفرد به عبد الله بن دينار.
- - - -
20- ] 1108[ وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ حَاتِمُ بنُ إِسْمَاعِيل(1)، عَنْ جَهْضَمِ بنِ عَبْدِ اللّه الْيَمَاميّ(2)، عَنْ مُحَمَّد بنِ إِبْرَاهِيم الباهَلْي(3)، عَنْ مُحَمَّد بنِ زَيْد(4)، عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَب(5)، عَنْ أَبِي سَعِيد الخُدُرِيّ(6) أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((نَهَى عَنْ شِرَاءِ مَا فِي بُطُونِ الأَنْعَامِ حَتَّى تَضَعَ، وَعَمَّا فِي ضُرُوعِهَا إِلاّ بِكَيْلٍ، وَعَنْ شِرَاءِ الْعَبْدِ الآبِقِ، وَعَنْ شِرَاءِ الْمَغَانِمِ حَتَّى تُقْسَمَ، وَعَنْ شِرَاءِ الصَّدَقَاتِ حَتَّى تُقْبَضَ، وَعَنْ ضَرْبَةِ الْغَائِصِ*)).
قُلْتُ لأَبِي: مَنْ مُحَمَّدُ هَذَا ؟ قَالَ: هُوَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيمَ شَيْخٌ مَجْهُول**.
21- ] 1109[ وسَأَلْتُ أَبِي فقُلْتُ: رَوَى بَقِيَّةُ(7)، عَنْ إِسْمَاعِيل بنِ جَهْضَم (8) ***، عَنْ ابنِ عَبْدِ اللّه****، عَنْ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَنْ مُحَمَّد بن يَزَيْد*****، عَنْ شَهْر، عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ:((نَهَى رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ…)).(1/267)
فسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ : إِسْمَاعِيلُ بنُ عَيَّاش، عَنْ رَجُل(9)، عَنْ جَهْضَم بنِ عَبْدِ اللّه، عَنْ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم شَيْخٌ مَجْهُول، عَنْ مُحَمَّد بن زَيْد، عَنْ شَهْر، عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
………………………………
* ضربة الغائص: قال ابن الأثير في النهاية (3/79) :((هو أن يقول الغائِص في البحر للتاجر: أغوصُ غوصةً، فما أخرجته فهو لك بكذا، نهى عنه لأنه غرر)).
** نقل هذه المسألة الزيلعيُّ في نصب الراية (4/15) باختصار يسير.
*** كذا وقع في الأصل، و(ش)، و(ف) ، وفي (ت) (إسماعيل عن جهضم)، والسياق يؤيد ما في (ت)، ولم أجد أحداً بهذا الاسم.
**** كذا وقع في الأصل، و(ش)، و(ف) ، وفي (ت) (أبي عبدالله) والذي يظهر أنّ الصواب (جهضم بن عبد الله) كما في باقي الأسانيد.
***** كذا وقع في جميع النسخ، ولم أجد أحداً بهذا الاسم، والحديث معروف من رواية (محمد بن زيد) كما في باقي الأسانيد، وكذلك هو عند جميع من خرّج الحديث.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : حاتم بن إسماعيل المدني، أبو إسماعيل مولى بني عبد المَدَان من بني الحارث، روى عن: جَهْضَم بن عبد الله، وهشام بن عروة، ويزيد بن عبيد وغيرهم، وعنه: إسحاق بن راهويه، وقتيبة بن سعيد، ويحيى بن معين وغيرهم.
ثقة، وثقه ابن سعد، وابن معين-في رواية الدارمي-، والدارقطنيّ وغيرهم، وقال ابن المديني :((كان حاتم عندنا ثقةً ثبتاً))، روى له الجماعة، مات سنة سبع وثمانين ومائة.
انظر : الطبقات (5/425)، تاريخ الدارمي (ص95رقم259)، سؤالات ابن أبي شيبة لابن المديني (ص118رقم140)، الجرح (3/258-259رقم1154)، علل الدارقطني (2/168)، تهذيب الكمال ( 5/187-191)، الكاشف (1/191).(1/268)
(2) هو : جَهْضَم بن عبد الله القيسي اليمامي، مولى قيس بن ثعلبة، روى عن: شعيب بن عبدالرحمن، ومحمد بن إبراهيم، ويحيى بن أبي كثير وغيرهم، وعنه: حاتم بن إسماعيل، وعبد الرحمن بن مهدي، ومحمد بن سنان وغيرهم.
ثقة يروي عن المجهولين مناكير، قال ابن معين :((ثقة، إلاّ أن حديثه منكر –قال ابن أبي حاتم: يعني ما روى عن المجهولين-))، وقال أحمد :((وكان رجلاً صالحاً لم يكن به بأس))، وقال أبو حاتم :((هو أحب إلي من ملازم، وهو ثقة، إلاّ أنه يُحدث أحياناً عن مجهولين))، وقال الذهبي :((ثقة))، روى له الترمذي، وابن ماجه.
انظر : الجرح (2/534رقم2219)، تهذيب الكمال ( 5/156-157)، الكاشف (1/189)، التهذيب (2/120-121).
(3) هو : محمد بن إبراهيم الباهلي البصري، روى عن: محمد بن زيد العبدي، وعنه: جَهْضَم بن عبد الله.
مجهول، قاله أبو حاتم وتبعه الذهبي، وابن حجر، روى له الترمذي، وابن ماجه.
انظر : الجرح (7/184-185رقم1045)، تهذيب الكمال ( 24/335-336)، الميزان (3/445 رقم7098)، المغني (2/544 رقم5204)، التقريب (ص466رقم5703).
(4) هو : محمد بن زيد العبدي، روى عن: شهر بن حَوْشَب، وعنه: محمد بن إبراهيم الباهلي.
مجهول، قال ابن حجر :((لعله ابن أبي القَمُوص، وإلاّ فمجهول))، روى له الترمذي، وابن ماجه. انظر : تهذيب الكمال ( 25/232-233)، التقريب (ص479رقم5895).
وابن أبي القَمُوص هو: محمد بن زيد بن علي الكندي، ويقال: العبدي، ويقال: الجرمي، قاضي مرو، روى عن: إبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب وغيرهم، وعنه: الأعمش، ومعمر بن راشد، ومقاتل بن حيان وغيرهم، قال أبو حاتم :((صالح الحديث لا بأس به))، وذكره ابن حبان في الثقات، وروى له ابن ماجه.
انظر : الجرح (7/256رقم1404)، الثقات (7/424)، تهذيب الكمال (25/228-230).(1/269)
ولم أجد ما يدل على أنّ ابن أبي القَمُوص، هو محمد بن زيد الراوي عن شهر بن حَوْشَب، وقد فرّق المزيُّ بينهما فجعل لكل راوٍ ترجمة.
(5) هو : شهر بن حَوْشَب الأشعري، أبو سعيد، ويقال: أبو عبدالرحمن الشامي، مولى أسماء بنت يزيد الأنصارية، روى عن: مولاته أسماء بنت يزيد الأنصارية، وأبي سعيد الخدري، وعبد الله بن عباس وغيرهم، وعنه: ثابت البناني، وعبد الحميد بن بهرام، ومحمد بن زيد وغيرهم.
صدوق، قال ابن معين –في رواية ابن أبي خيثمة- :((ثقة))، وقال أحمد :((ما أحسن حديثه ووثقه))، وقال البخاريُّ :((حسن الحديث، وقوَّى أمره))، وقال أبو زرعة :((لا بأس به))، وقال النسائي :((ليس بالقوي))، وقال ابن سعد:((ضعيف))، وكذلك قال موسى بن هارون، وابن عدي، والدارقطني، وغيرهم، ولعل التوسط في حاله هو الأقرب، خاصةً مع توثيق المتقدمين من الأئمة له، وعدم وجود حجة قوية لمن ضعفه قال الذهبيّ -في السير-: ((الرجل غير مدفوع عن صدق وعلم، والاحتجاج به مترجِّح))، وقال أيضاً-في ديوان الضعفاء- :((مختلفٌ فيه، وحديثه حسن))، روى له البخاري في ((الأدب))ومسلم مقروناً بغيره، والباقون، مات سنة مائة.
انظر : الطبقات (7/449)، سنن الترمذي (5/58)، الضعفاء والمتروكين (ص134رقم310)، الجرح (4/382رقم1668)، الكامل (4/36-40)، وسنن الدارقطني (3/103-104)، تهذيب الكمال (12/578-589)، السير (4/372-378)، ديوان الضعفاء (ص189رقم1903)،
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1095).
(7) هو: بقيّة بن الوليد بن صائد الكَلاَعيّ الحميري، أبو يُحْمِد-بضم التحتانية، وسكون المهملة، وكسر الميم- الحمصي، روى عن: إسماعيل بن عياش-وهو من أقرانه-، وبحير بن سعد، ومحمد بن زياد وغيرهم، وعنه: شعبة بن الحجاج، وعبد الملك بن جريج، -وهما من شيوخه- وكثير بن عبيد وغيرهم.(1/270)
ثقة مكثر من التدليس عن الضعفاء والمجهولين، وفي روايته عن غير أهل الشام بعض الأوهام، قال ابن سعد :((كان ثقة في روايته عن الثقات، ضعيفاً في روايته عن غير الثقات))، وكذلك قال ابن معين، والعجليّ، وأبو زرعة، ويعقوب بن شيبة وغيرهم، وقال النسائي :((إذا قال "حدثنا، وأخبرنا" فهو ثقة، وإذا قال"عن فلان" فلا يؤخذ عنه، لأنه لا يدري عمن أخذه))، وقال ابن عدي :((إذا روى عن أهل الشام فهو ثبت، وإذا روى عن غيرهم خَلّط))، وذكره العلائي، وابن حجر في الطبقة الرابعة من المدلسين-وهم من اتفقوا على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلاّ بما صرحوا فيه بالسماع-، روى له البخاري استشهاداً، ومسلم في المتابعات، واحتج به الباقون، مات سنة سبع وتسعين ومائة.
انظر : الطبقات (7/469)، معرفة الثقات (1/250 رقم168)، تاريخ الدوري (2/61)، والدارمي (ص79رقم190)، الجرح (2/434-436رقم 1728)، الكامل (2/72-80)، تاريخ بغداد (7/123-127)، تهذيب الكمال ( 4/192-200)، جامع التحصيل (ص113)، تعريف أهل التقديس (ص163).
(8) كذا وقع، والصحيح (إسماعيل عن جهضم بن عبد الله)، وإسماعيل هو : ابن عياش تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1101) وهو ((ثقة فيما روى عن الشاميين، ضعيفٌ فيما روى عن غيرهم)).
(9) لم أقف على اسمه.
- - -
- التخريج :
حاتم بن إسماعيل، عن جَهْضَم بن عبد الله اليماني، عن محمد بن إبراهيم الباهلي، عن محمد بن زيد، عن شهر بن حَوْشَب، عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
أخرجه :
الترمذي في سننه (4/112 رقم1563) كتاب السير، باب في كراهية بيع المغانم حتى تقسم، عن هناد بن السري.
وابن ماجه في سننه (2/740 رقم 2196) كتاب التجارات، باب النهي عن شراء ما في بطون الأنعام وضروعها، وضربة الغائص، عن هشام بن عمار.(1/271)
وابن أبي شيبة في المصنف (3/189) كتاب الزكاة، ما قالوا في بيع الصدقة مما يشترى،و (6/129-130) كتاب البيوع والأقضية، بيع الغرر، و(12/436) كتاب الجهاد، ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّ المغانم أحلت له-ومن طريقه أبو يعلى في مسنده (2/345 رقم1093)، ومن طريق أبي يعلى رواه المزيّ في تهذيب الكمال (24/335-336)-.
وإسحاق بن راهويه في مسنده –كما في نصب الراية (4/15)، ولم يسق إسناده-.
والبخاري في التاريخ الكبير (1/23) عن أحمد بن الحجاج.
والبزار في مسنده –كما في نصب الراية (4/15)، ولم يسق إسناده-.
والدارقطني في سننه (3/ 15) كتاب البيوع، من طريق إسحاق بن أبي إسرائيل.
جميعهم عن حاتم بن إسماعيل، عن جهضم بن عبد الله اليماني، عن محمد بن إبراهيم الباهلي، عن محمد بن زيد العبدي، عن شهر بن حوشب عن أبي سعيد الخدري قال :((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع، وعما في ضروعها إلا بكيل، وعن شراء العبد وهو آبق، وعن شراء المغانم حتى تقسم، وعن شراء الصدقات حتى تقبض، وعن ضربة الغائص)) ، وهذا لفظ ابن ماجه وهو أوفاهم لفظاً، ورواه بعضهم مختصراً، وبعضهم مطولاً، وقال الترمذيُّ :((هذا حديثٌ غريب)) .
وتابع حاتم بن إسماعيل على هذه الرواية :
أبو سعيد مولى بني هاشم، أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده (3/42) -ومن طريقه المزيّ في تهذيب الكمال (24/335)-.
ومحمد بن سنان، أخرجه البيهقي في سننه الكبرى (5/338) كتاب البيوع، باب النهي عن بيع الغرر.
ويحيى بن العلاء، أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (4/38-39 رقم6900) كتاب الزكاة، باب بيع الصدقة قبل أن تعتقل، وأيضاً (8/211 رقم1492) كتاب البيوع، باب الذي يشتري العبد وهو آبق، -ومن طريقه ابن حزم في المحلى (8/390)-.(1/272)
ويحيى بن العلاء ضعيف، ورمي بالوضع-انظر : التقريب (ص 595رقم 7618)، وبيان الوهم (3/520 )-، وهو يضطرب في الحديث فمرةً يرسل الحديث، وأخرى يسنده، ويسقط محمد بن إبراهيم من السند.
بقية، عن إسماعيل، عن جهضم بن عبد الله، عن محمد بن إبراهيم، عن محمد بن زيد، عن شهر، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً.
لم أجد منْ أخرج هذا الطريق.
إسماعيل، عن رجل، عن جهضم بن عبد الله، عن محمد بن إبراهيم، عن محمد بن زيد، عن شهر، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً.
لم أجد منْ أخرج هذا الطريق.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
تبيّن مما تقدم أنّ الحديث تفرد به محمد بن إبراهيم، عن محمد بن زيد وهما مجهولا العين والحال، لذا ضعف الحديثَ عددٌ من العلماء منهم :
- البيهقي، فقال في سننه الكبرى (5/338) :((وهذه المناهي وإن كانت في هذا الحديث بإسنادٍ غير قوي فهي داخلةٌ في بيع الغرر الذي نهى عنه في الحديث الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم)).
-وابن حزم في المحلى (8/390).
- وعبد الحق الإشبيلي، قال في الأحكام الوسطى (6/253-260) :((إسناده لا يحتج به)).
-وابن القطان، في بيان الوهم والإيهام (2/446-447)، و(3/519-521).
- وابن القيم الجوزية، فقد قال في زاد المعاد (5/830) بعد ذكر الحديث:((ولكن هذا الإسناد لا تقوم به حجة، والنهي عن شراء ما في بطون الأنعام ثابتٌ بالنهي عن الملاقيح والمضامين، والنهي عن شراء العبد الآبق، وهو آبق معلومٌ بالنهي عن بيع الغرر، والنهي عن شراء المغانم حتى تُقسم داخلٌ في النهي عن بيع ما ليس عنده، فهو بيعُ غرر ومخاطرة، وكذلك الصدقات قبل قبضها، وإذا كان النبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام قبل قبضه مع انتقاله إلى المشتري وثبوت ملكه عليه، وتعيينه له، وانقطاع تعلق غيره به، فالمغانم والصدقات قبل قبضها أولى بالنهي، وأما ضربة الغائص، فغرر ظاهر لا خفاء به)).
- - - -(1/273)
22- ] 1110[ وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ حَدَّثَنَا المَسرُوقي(1)، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ بشرٍ العَبْديّ(2)، عَنْ سُفْيَانَ الْثَّورِيّ(3)، عَنْ عَبْد اللّه بنِ عَطَاء(4)، عَنْ مَيْمُونَ بنِ مِهْرَان(5)، عَنْ ابنِ عَبَّاس(6) فِي قولَهُ { ومَنْ يُرِدْ فِيهِ بإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } * قَالَ :((تجارةُ الأميرِ فِيهِ)).
قَالَ أَبِي : كذا رَوَاهُ وَهُوَ خَطأ، إِنَّمَا هُوَ عَبْدُ اللّه بنُ عَطَاء، عَنْ مِهْرَان أَبِي صَفْوَان(7)، عَنْ ابنِ عَبَّاس، لَيْسَ هُوَ مِنْ حَدِيثِ مَيْمُون بنِ مِهْرَان**.
………………………………
* سورة الحج:آية رقم (25).
**سوف تتكرر هذه المسألة في العلل (2/59 برقم 1662).
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو: موسى بن عبدالرحمن بن سعيد الكندي المَسْروقي، أبو عيسى الكوفي، روى عن: جعفر بن عون، وعبيد الله بن موسى، ومحمد بن بشر وغيرهم، وعنه: الترمذيّ، وابن ماجه، والنسائي في سننهم وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه، وثقه النسائيُّ وغيره، مات سنة ثمان وخمسين ومائة.
انظر : المعجم المشتمل (ص298 رقم1071)، تهذيب الكمال ( 29/98-100).
(2) هو : محمد بن بشر العبديّ، أبو عبد الله الكوفيُّ، روى عن: سفيان الثوري، وشعبة، ومسعر بن كدام وغيرهم، وعنه: أحمد بن الفرات، والدوريّ، وهارون الحمّال وغيرهم.
ثقة حافظ، وثقه ابن سعد، وابن معين، والنسائي وغيرهم، وقال أبو داود :((هو أحفظ من كان بالكوفة))، روى له الجماعة، مات سنة ثلاث ومائتين.
انظر : الطبقات (6/394)، تاريخ الدارمي (ص205رقم762)، تهذيب الكمال (24/520-523)، التهذيب (9/73-74).
(3) هو: سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، أبو عبد الله الكوفيُّ، روى عن: إسماعيل بن أبي خالد، والأعمش، عبدالعزيز بن رفيع وغيرهم، وعنه: سفيان بن عيينة، ومالك بن أنس، ومحمد بن بشر وغيرهم.(1/274)
متفق على ثقته وجلالته وفقهه وعبادته، وكان ربما دلس، قال الخطيب البغداديُّ :((كان إماماً من أئمة المسلمين، وعَلماً من أعلام الدين، مجمعاً على أمانته بحيث يُستغنى عن تزكيته، مع الإتقان والحفظ، والمعرفة والضبط، والورع والزهد))، وقال ابن حجر :((الثانية من احتمل الأئمة تدليسه، واخرجوا له في الصحيح؛ وذلك لإمامته وقلة تدليسه في جنب ما روى كالثوري..))، روى له الجماعة، مات سنة إحدى وستين ومائة.
انظر : تاريخ بغداد (9/151-184)، تهذيب الكمال ( 11/154-169)، تعريف أهل التقديس (ص62).
(4) هو : عبد الله بن عطاء الطائفي المكيّ، ويقال: المدنيّ، والواسطي، والكوفي، أبو عطاء مولى المطلب بن عبد الله، روى عن: الحسن بن الحُر، وسليمان وعبد الله ابني بريدة وغيرهم، وعنه: الثوري، وشعبة، وابن نُمير وغيرهم.
صدوق، وثقه ابن معين، والبخاري، والترمذي، وقال النسائي :((ضعيف))، وقال الدارقطني :((ليس به بأس))، وقال الذهبي :((صدوق إن شاء الله))، روى له الجماعة سوى البخاريّ.
انظر : تاريخ الدوري (2/320)، علل الترمذي الكبير (ص390 رقم72)، سنن الترمذي (3/55)، سؤالات البرقاني (ص39رقم246)، تهذيب الكمال ( 15/311-314)، الميزان (2/ 461رقم4451).
(5) هو : ميمون بن مهران الجزريُّ، أبو أيوب الرَّقيّ، روى عن: الزبير بن العوام، وابن عباس، وابن عمر وغيرهم، وعنه: أيوب السختياني، وحميد الطويل، وسليمان الأعمش وغيرهم.
متفق على توثيقه وفقهه، قال أحمد :((ثقة، أوثق من عكرمة))، روى له البخاريّ في ((الأدب))، والباقون، مات سنة ثماني عشرة ومائة.
انظر : الجرح (8/233-234رقم1053)، تهذيب الكمال ( 29/210-227).
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1105).
(7) مهران أبو صفوان، روى عن: عبد الله بن عباس، وعنه: الحسن بن عمرو.(1/275)
مجهول، قال أبو زرعة :((لا أعرفه إلاّ في هذا الحديث: من أراد الحج فليتعجل))، وقال الحاكم :((أبو صفوان مهران لم يجرح))، وقال الذهبيّ :((لا يدرى من هو))، وقال ابن حجر :((مجهول))، وذكره ابن حبان في الثقات.
انظر : التاريخ الكبير (7/428 رقم 1877،1878)، الجرح (8/ 301 رقم1387)، الثقات (5/442)، فتح الباب (ص435 رقم3945)، المستدرك (1/448)، الاستغناء (2/779 رقم906)، تهذيب الكمال ( 28/599-600)، الميزان (4/196رقم8829)، التقريب (ص 549رقم6934).
- - -
- التخريج :
المسروقي، عن محمد بن بشر العبدي، عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن عطاء، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس موقوفاً عليه.
لم أقف على من أخرجه من هذا الوجه–غير ابن أبي حاتم في هذه المسألة-.
وقد تابع المسروقيّ عبدُ الله بنُ محمد الجعفي، أخرجه :
- البخاري في التاريخ الكبير ( 8/447 ) قال : قال عبد الله بن محمد الجعفي حدثنا محمد بن بشر قال : أخبرنا عن سفيان عن عبد الله بن عطاء عن ابن مهران عن ابن عباس في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال :((تجارة الأمير فيه)).
2- عبد الله بن عطاء، عن مهران أبي صفوان، عن ابن عباس موقوفاً عليه.
لم أقف على من أخرجه من هذا الوجه.
وقد عزا الأثر السيوطيُّ في الدر المنثور (6/28) إلى ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
ذكر أبو حاتم في هذه المسألة خطأ بعض الرواة بإبدال راوٍ بآخر حيث أبدل مهران أبو صفوان بميمون بن مهران ويبدو أن هذا الإبدال سببه اشتباه الاسم، ولم يذكر أبو حاتم من هو المخطئ في هذا الإسناد، ولم يتبين لي من هو المخطئ إذ أنّ المسروقي قد توبع على هذه الرواية تابعه عبد الله بن محمد الجعفي، ومحمد بن بشر، والثوري من الثقات الحفاظ، ولم أقف على من روى الوجه الصحيح لكي يتبين المخطئ.
- - - -(1/276)
23- ] 1111[ وسَأَلْتُ أَبِي، وأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ قَبِيصةُ(1)، عَنْ الْثَّورِيّ(2)، عَنْ عَمْرو بن دِينَار(3)، عَنْ عَطَاء(4)، عَنْ ابن عَبَّاس(5)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :((مَنْ ابْتَاعَ طَعَامَاً فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ)).
فقَالاَ: هَذَا خَطَأٌ إِنَّمَا هُوَ : عَمْرو بن دِينَار، عَنْ طَاوُوسٍ(6)، عَنْ ابنِ عَبَّاس، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : قبيصة بن عقبة السُّوَائي-بضم المهملة، وتخفيف الواو، والمد-، أبو عامر الكوفي، روى عن: حماد بن سلمة، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج وغيرهم، وعنه: أحمد بن حنبل، والبخاريّ، والذهلي وغيرهم.
ثقة وله بعض الأوهام عن الثوري، قال ابن معين-في رواية ابن أبي خيثمة- :((ثقةٌ في كل شيء إلاّ في حديث سفيان ليس بذاك القوي))، ونحو ذلك قال أحمد بن حنبل، والعجلي، والخليلي، وقال الذهبّي :((الرجل ثقة، وما هو في سفيان كابن مهدي، ووكيع، وقد احتج به الجماعة في سفيان وغيره))، روى له الجماعة، مات سنة خمس عشرة ومائتين.
انظر : الجرح (7/126رقم722)، الإرشاد (2/571)، تاريخ بغداد (12/473)، تهذيب الكمال ( 23/481-489)، من تكلم فيه (ص154)، شرح علل الترمذي (2/538-545).
(2) هو: سفيان بن سعيد، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1110) وهو((متفق على ثقته وجلالته وفقهه وعبادته)).
(3) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1106) وهو((متفق على ثقته وجلالته)).
(4) هو: عطاء بن أبي رباح، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1097) وهو((متفق على ثقته وجلالته وفقهه وعبادته)).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1105).(1/277)
(6) هو: طاووس بن كيسان اليمانيّ، أبو عبدالرحمن الحِميري، مولى بَحير بن ريسان، روى عن: جابر بن عبد الله، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عباس وغيرهم، وعنه: سليمان التيمي، وعمرو بن دينار، ومجاهد بن جبر وغيرهم.
متفق على توثيقه وفضله وفقهه، قال قيس بن سعد :((كان طاووس فينا مثل ابن سيرين في أهل البصرة))، وقال ابن حبان :((كان من عُبّاد أهل اليمن، ومن فقهائهم، ومن سادات التابعين…، وكان قد حج أربعين حجةً، وكان مستجاب الدعوة))، روى له الجماعة، مات سنة ست ومائة.
انظر : طبقات ابن سعد (5/537-542)، الثقات (4/391)، تهذيب الكمال (13/357-374)، التهذيب (5/8-10).
- - -
- التخريج :
قبيصة، عن الثوريّ، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
لم أقف على هذه الرواية، وسيأتي أنّ قبيصة رواه عن الثوري، عن عمرو، عن طاووس-به-.
وهناك وجهٌ ثالثٌ عن قبيصة رواه الطبراني في المعجم الكبير (11/170 رقم11392) قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرميّ، قال: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا قبيصة، عن حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم-به-، وقال الطبراني :((هكذا رواه قبيصة، عن حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، ورواه أصحاب حماد عن حمّاد، عن عمرو، عن طاووس، وكذلك رواه أصحاب عمرو بن دينار وهو الصواب)).
عمرو بن دينار، عن طاووس، عن ابن عباس، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
أخرجه :
البخاري في صحيحه (4/349 رقم2135) كتاب البيوع، باب بيع الطعام قبل أن يقبض، وبيع ما ليس عندك.
والحميدي في مسنده (1/236 رقم508).
وأحمد بن حنبل في المسند (1/270).
وابن الجارود في المنتقى (ص207 رقم606) كتاب البيوع والتجارات، باب المبايعات المنهي عنها.
وأبو عوانة في مسنده (3/281-282رقم4977-4984).
والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/39) كتاب البيوع، باب ما نهي عن بيعه حتى يقبض.(1/278)
والبغويُّ في شرح السنة (8/107) كتاب البيوع، باب النهي عن بيع ما اشتراه قبل القبض.
جميعهم من طرق كثيرة عن سفيان بن عيينة.
وأخرجه : مسلم في صحيحه (3/1159رقم1525) كتاب البيوع، باب بطلان بيع المبيع قبل القبض.
وأبوداود في سننه (3/281-282رقم3497) ) كتاب البيوع، باب بيع الطعام قبل أن يستوفى.
والترمذي في سننه (3/586 رقم1291) كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع الطعام حتى يستوفيه.
وابن ماجه في سننه (2/749 رقم2227) كتاب التجارات، باب النهي عن بيع الطعام قبل ما لم يقبض.
وأبو عوانة في مسنده (3/281-282رقم4977-4984).
والطبراني في المعجم الكبير (11/12رقم10873، 10876).
جميعهم من طرق كثيرة عن حماد بن زيد، زاد أبو داود، وابن ماجه، والطبراني : أبا عوانة الوضاح بن عبد الله.
ومسلم في صحيحه (3/1159رقم1525) كتاب البيوع، باب بطلان بيع المبيع قبل القبض، من طريق كيع بن الجراح.
والنسائي في سننه (7/285) كتاب البيوع، بيع الطعام قبل أن يستوفى، من طريق عبدالرحمن بن مهدي.
وعبدالرزاق في المصنف (8/38 رقم14211) كتاب البيوع، باب النهي عن بيع الطعام حتى يستوفى( ) سقط من المطبوع سفيان الثوري فأصبح (عبد الرزاق، عن عمرو بن دينار). )-وعنه: أحمد بن حنبل في المسند (1/270)-.
والطبراني في المعجم الكبير (11/11رقم10871) من طريق قبيصة بن عقبة -عنه : حفصُ بنُ عمر الرّقي-.
جميعهم عن سفيان الثوري.
وأخرجه : أبو داود الطيالسي في مسنده (ص340 رقم2602).
وأحمد في مسنده (1/285).
وأبو عوانة في مسنده (3/281-282رقم4977-4984).
من طريق شعبة بن الحجاج.
وابن أبي شيبة في المصنف (6/368) كتاب البيوع والأقضية، من قال: إذا بعت بيعا فلا تبيعه حتى تقبضه.
وأحمد في مسنده (1/215)- و من طريقه الطبراني في المعجم الكبير (11/12رقم10874)-.
كلاهما عن هشيم بن بشير.(1/279)
وأبو عوانة في مسنده (3/281-282رقم4977-4984) من طريق هشام الدستوائي، وسعيد بن أبي عروبة، وابن جريج.
وابن المقرئ في معجمه (ص58رقم91).
وتمام في الفوائد (1/141-142 رقم322،323).
كلاهما من طريق داود بن عيسى النخعي.
وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (ص159 رقم364) من طريق ورقاء بن عمر.
والطبراني في المعجم الكبير (11/11-12رقم10871-1078) من طريق محمد بن مسلم الطائفي، وحماد بن سلمة-عنه عبدالأعلى النرسي-، ومعقل بن عبيد الله، والمثنى بن الصباح.
جميعهم عن عمرو بن دينار، عن طاوس عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه))، وقال الترمذي :((حديثٌ حسن صحيح)).
وتابع عمرو بن دينار على هذه الرواية :
1-عبد الله بن طاووس، أخرجه البخاري في صحيحه (4/347 رقم2135) باب ما يذكر في بيع الطعام والحُكْرة، ومسلم في صحيحه (3/1160رقم1525) وغيرهما.
2- وعبد الملك بن ميسرة، رواه أبو الشيخ في طبقات المحدثين (4/211رقم975).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن عمرو بن دينار على وجهين:
الوجه الأوَّل : رواه حماد بن سلمة، وسفيان الثوري – عنهما : قبيصة بن عقبة- عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثاني : رواه ابنُ جريج، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة-عنه: عبدالأعلى النرسي-، وداود النخعي، وسعيد بن أبي عروبة، وسفيان الثوري –عنه: عبد الرزاق بن همام، وعبدالرحمن بن مهدي، وقبيصة بن عقبة، ووكيع بن الجراح-، وسفيان بن عيينة، وشعبة، والمثنى بن الصباح، ومحمد بن مسلم الطائفي، ومعقل بن عبيد الله، وهشام الدستوائي، وهشيم بن بشير، والوضاح أبو عوانة جميعهم عن عمرو بن دينار، عن طاووس، عن ابن عباس، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وقد رجح أبو حاتم، وأبو زرعة، والطبرانيّ الوجه الثاني، وهو الأظهر لأمور:(1/280)
أنّ أصحاب عمرو بن دينار المقدّمين رووه كذلك، وهم: ابن عيينة، وابن جريج، وشعبة، وحماد بن زيد، قال الدارقطنيّ :((أرفع الرواة عن عمرو بن دينار: ابن جريج، وابن عيينة، وشعبة، وحماد بن زيد))، وقال ابن المديني :((ابن جريج، وابن عيينة من أعلم الناس بعمرو بن دينار))، وقال أحمد :((أعلم الناس بعمرو بن دينار ابن عيينة))، وقال ابن معين :((سفيان بن عيينة أعلمهم بحديث عمرو بن دينار)) -انظر : شرح علل الترمذي (2/493-494)، سؤالات ابن بكير للدارقطني (ص47)-.
أنّ قبيصة بن عقبة خالف أصحاب سفيان الثوري، وحماد بن سلمة فرواه عنهما بذكر عطاء بن أبي رباح بدل طاووس، وتقدم أنّ قبيصة بن عقبة له أوهام خاصةً عن الثوري، ويبدو أنه يضطرب في هذا الحديث فقد رواه على ثلاثة أوجه:
الثوري، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس –به-.
الثوري، عن عمرو بن دينار، عن طاووس، عن ابن عباس –به-.
حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس –به-.
أنّ رواة هذا الوجه أكثر عدداً.
أنّ هذا الوجه هو الذي اعتمده الشيخان في صحيحيهما، وكذلك بقية أصحاب الكتب الستة، ورجحه كبار النقاد.
- - - -
24- ] 1112[ قَالَ أَخْبَرنا أَبُو مُحَمَّد عبدُ الرحمنِ بنِ أبي حَاتم قَالَ *: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، قَالَ:حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَوّاس(1)، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَشَجّعيّ(2)، عَنْ الْثَّورِيّ(3)، عَنْ مُحَارِب بن دِثَار(4)، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللّه(5) قَالَ: كَانَ لِي عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَيْنٌ فَقَضَانِي وَزَادَني **، وَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فقَالَ لِي:((صَلِّ رَكْعَتَيْنِ))، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: تَوَهِمَتُ أنْ يكونَ أَخَذَه عَنْ مِسْعَر(6) ***.
………………………………
* كذا في جميع النسخ، وفي (ت) (قال أبو محمد: حدثنا).
**كذا في جميع النسخ، وفي المطبوع (زاد لي) !.(1/281)
***تقدمت هذه المسألة في العلل ( 1/99 رقم 266).
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : أحمد بن جوّاس الحنفي، أبو عاصم الكوفي، روى عن: جرير الضبيّ، وعبدالله بن المبارك، وعبيد الله الأشجعي وغيرهم، وعنه: أبو زرعة الرازي، ومحمد بن مسلم، ومسلم بن الحجاج وغيرهم.
متفق على توثيقة، قال ابن أبي حاتم :((روى عنه محمد بن مسلم، وأحسن الثناء عليه))، روى له مسلم، وأبو داود، مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين.
انظر : الجرح (2/44-45رقم24)، تهذيب الكمال ( 1/285-286)، التهذيب (1/22).
(2) هو: عبيد الله بن عبيد الرحمن، ويقال: عبدالرحمن، الأشجعيُّ، أبو عبدالرحمن الكوفيّ، نزيل بغداد، روى عن: إسماعيل بن أبي خالد، والثوري، وشعبة وغيرهم، وعنه: أحمد بن جوّاس، وأحمد بن حنبل، وابن معين وغيرهم.
ثقة ثبت، وهو من أعلم الناس بسفيان الثوري، قال ابن معين :((ما كان بالكوفة أحد أعلم بسفيان من الأشجعي، كان أعلم به من عبدالرحمن بن مهدي، ومن يحيى بن سعيد، وأبي أحمد الزبيري، وقبيصة، وأبي حذيفة))، وقال العجليّ :((كان ثقةً ثبتاً متقناً، عالماً بحديث الثوري، رجلاً صالحاً، أرفع من روى عن سفيان))، روى له الجماعة سوى أبي داود، مات سنة اثنتين وثمانين ومائة.
انظر : معرفة الرجال (1/ 115رقم553)، معرفة الثقات (2/116رقم1174)، تهذيب الكمال (19/107-111)،التهذيب (7/34-35).
(3) هو: سفيان بن سعيد، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1110) وهو((متفق على ثقته وجلالته وفقهه وعبادته)).
(4) هو : مُحَارِب-بضم أوله، وكسر الراء- بن دِثَار-بكسر المهملة، وتخفيف المثلثة- بن كُرْدُوس-بضم أوله، وسكون الراء- السَّدُوسي، أبو دثار الكوفي، روى عن: جابر بن عبد الله، وعبد الله بن بريدة، وعبد الله بن عمر وغيرهم، وعنه: الثوري، وشعبة، ومسعر بن كدام وغيرهم.(1/282)
ثقة عالم زاهد، وثقه ابن معين، وأحمد، وأبو زرعة، وأبو حاتم وغيرهم، وشذا ابن سعد فقال :((له أحاديث ولا يحتجون به، وكان من المرجئة الأولى الذين كانوا يرجؤن علياً وعثمان))، فتعقبه الحافظ ابن حجر فقال :((بل احتج به الأئمة كلهم، وقال أبو زرعة: مأمون، ولكن ابن سعد يقلد الواقدي، والواقدي على طريقة أهل المدينة في الانحراف على أهل العراق، فاعلم ذلك ترشد، إن شاء الله))، وقال الذهبيّ :((من ثقات التابعين وأخيارهم وعلمائهم، وهو حجة مطلقاً))، روى له الجماعة، مات سنة ست عشرة ومائة.
انظر : الطبقات (6/307)، العلل ومعرفة الرجال (2/477رقم3130)، الجرح (8/416 رقم1899)، تهذيب الكمال ( 27/255-258)، الميزان (3/441رقم7078)، الهدي (ص443)، التقريب (ص 521 رقم6492).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1098).
(6) هو: مسعر بن كِدَام بن ظُهير الهلالي العامريّ، أبو سلمة الكوفيّ، روى عن: حبيب بن أبي ثابت، وزيد العمّي، ومحارب بن دثار وغيرهم، وعنه: الثوريّ-وهو من أقرانه-، وابن عيينة، ويحيى القطان وغيرهم.
متفق على توثيقه وإتقانه وفضله، قال ابن أبي حاتم :((سُئل أبي عن مسعر وسفيان الثوري، فقال: مسعر أتقن، وأجود حديثاً، وأعلى إسناداً من الثوري، ومسعر أتقن من حماد بن زيد))، وقال ابن المديني :((قلتُ ليحيى بن سعيد القطان: أيما أثبت هشام الدَّستوائي أو مسعر ؟ قال: ما رأيتُ مثل مسعر، كان مسعر من أثبت الناس))، روى له الجماعة، مات سنة خمس وخمسين ومائة.
انظر : الجرح (8/368 رقم1685)، تهذيب الكمال ( 27/461-469).
- - -
- التخريج :
أحمد بن جواس، عن الأشجعيّ، عن الثوري، عن محارب بن دثار، عن جابر بن عبد الله قَالَ: كَانَ لِي عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَيْنٌ فَقَضَانِي وَزَادَني، وَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فقَالَ لِي:((صَلِّ رَكْعَتَيْنِ)).
أخرجه :(1/283)
مسلمٌ في صحيحه (1/495 رقم715) كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب تحية المسجد بركعتين.
وابن حبان في صحيحه –كما في الإحسان (6/243-244 رقم 2496)- كتاب الصلاة، باب النوافل، عن محمد بن صالح.
كلاهما عن أحمد بن جواس –به-.
مسعر بن كِدام، عن محارب بن دثار، عن جابر بن عبد الله –به-.
أخرجه :
البخاري في صحيحه (1/639 رقم 443) كتاب الصلاة، باب الصلاة إذا قدم من سفر، و(5/225 رقم2603) كتاب الهبة، باب الهبة المقبوضة وغير المقبوضة.
والبيهقي في السنن الكبرى (5/351) باب الرجل يقضيه خيراً منه بلا شرط طيبة به نفسه، من طريق الباغندي.
كلاهما عن خلاد بن يحيى، وثابت بن محمد، زاد الباغندي : عبيد الله بن موسى.
وأبو داود في سننه (3/248 رقم 3347) كتاب البيوع، باب في حسن القضاء، قال: حدثنا أحمد بن حنبل، عن يحيى القطان- وهو في المسند (3/ 319)-.
والنسائي في سننه (7/283-284) كتاب البيوع، الزيادة في الوزن.
وعبدالرزاق في المصنف (8/318 رقم15359) كتاب البيوع، باب مطل الغني.
والحميدي في مسنده (2/539 رقم1287).
والبرجلانيُّ في الكرم والجود (ص64).
جميعهم من طرق عن سفيان بن عيينة.
وابن أبي شيبة في المصنف (1/340) كتاب الصلوات، من كان يقول: إذا دخلت المسجد فصل ركعتين، عن محمد بن بشر.
وأحمد في مسنده (3/302، 319)، عن وكيع بن الجراح.
وعبد بن حميد في مسنده (ص331 رقم1099).
وتمام في الفوائد (2/188 رقم 1490).
كلاهما من طريق عن محمد بن عبيد.
وابن حزم في المحلى (8/415-416) من طريق ابن شبرمة.
جميعهم عن مسعر بن كِدام، عن محارب بن دثار، عن جابر بن عبد الله قال :((أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد -قال مسعر : أراه قال ضحى- فقال :"صل ركعتين" وكان لي عليه دين فقضاني وزادني))، وهذا لفظ البخاريّ، ونحوه البقية.
وتابع سفيان الثوريَّ، ومسعرَ بنَ كدام شعبةُ بن الحجاج فرواه عن محارب بن دثار نحوه، أخرجه :(1/284)
-البخاري في صحيحه (5/225 رقم2603)، ومسلمٌ في صحيحه (3/1223-1224 رقم 715) كتاب المساقاة، باب بيع البعير واستثناء ركوبه، والنسائيّ في سننه (7/283)، والطيالسيّ في مسنده (ص239 رقم1725، 1727)، وأحمد في مسنده (3/299، 302،363)، وعبد بن حميد في المنتخب (ص331 رقم1098)، وأبو عوانة في مسنده (3/253 رقم 4851-4856) كتاب البيوع، باب ذكر الخبر الموجب على الوازن أن يرجح إذا وزن، جميعهم من طرق عن شعبة بن الحجاج، عن محارب بن دثار، عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما يقول :((اشترى مني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرا بوقيتين ودرهم أو درهمين، قال: فلما قدم صِرَاراً ( ) صرار : بكسر الصاد المهملة وفتحها وتخفيف الراء موضع قريب من المدينة على طريق العراق، وضبطه بعضهم صرار غير مصروف والمشهور صرفه وضبطه بعضهم بكسر الضاد المعجمة قال القاضي وهو خطأ. الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج للسيوطي (4/193). ) أمر ببقرة فذبحت فأكلوا منها فلما قدم المدينة أمرني أن آتي المسجد فأصلي ركعتين، ووزن لي ثمن البعير فأرجح لي))، وهذا لفظ مسلم.
وللحديث عن جابر طُرُق كثيرة، ورُوي مطولاً ومختصراً، وله ألفاظ متنوعة ومختلفة، وممن وقفتُ عليه تابع محارب بن دثار في نحو ما رواه :(1/285)
وهب بن كيسان، أخرجه البخاري في صحيحه (4/320 رقم2097) كتاب البيوع، باب شراء الدواب والحمير، ومسلم في صحيحه (2/1089 رقم715) كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح البكر، والمحاملي في أماليه (ص444-445 رقم530)، وابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان (14/ 449 رقم6518) كتاب التاريخ، ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم رد الراحلة على جابر بن عبد الله بعد أن أوفاه ثمنها هبة له- كلهم من طريق عبد الوهاب، عن عبيد الله بن عمر، عن وهب بن كيسان، عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال…، الحديث مطولاً، وفي آخره :((ثم قال: أتبيع جملك، قلت: نعم فاشتراه مني بأوقية ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلي وقدمت بالغداة فجئنا إلى المسجد فوجدته على باب المسجد، قال: آلآن قدمت، قلت: نعم، قال:" فدع جملك فادخل فصل ركعتين"، فدخلت فصليت فأمر بلالا أن يزن لي أوقية فوزن لي بلال فأرجح في الميزان، فانطلقت حتى وليت فقال: ادع لي جابرا ، قلت: الآن يرد علي الجمل ولم يكن شيء أبغض إلي منه قال: خذ جملك ولك ثمنه)).(1/286)
وسالم بن أبي الجعد، أخرجه مسلمٌ في صحيحه (3/1222 رقم 715)، والنسائي في سننه (7/298) كتاب البيوع، باب البيع يكون فيه الشرط فيصح البيع والشرط، وابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان (11/279 رقم4911) كتاب البيوع، ذكر الخبر الدال على أن البيع يقع بين المتبايعين بلفظة تؤدي إلى رضاهما وإن لم يقل البائع بعت ولا المشتري اشتريت ، كلهم من طريق الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن جابر قال :((أقبلنا من مكة إلى المدينة فنزلنا منزلا دون المدينة فقال النبي صلى الله عليه وسلم :"بعني جملك هذا" قلت: لا بل هو لك، قال: فقال: لا بعنيه، قلت: لا بل هو لك يا رسول الله، قال: لا بعنيه، قلت: كان لرجل علي أوقية من ذهب فهو لك بها، قال صلى الله عليه وسلم: قد أخذته فتبلغ عليه إلى المدينة فلما قدمت المدينة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال :"أعطه أوقية من ذهب وزده" قال: فأعطاني أوقية من ذهب وزادني قيراطا، قال: فقلت: لا تفارقني زيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان في كيس فأخذه أهل الشام ليالي الحرة)).
وأبو الزبير محمد بن مسلم، أخرجه مسلمٌ في صحيحه (3/1223 رقم 715)، من طريق أيوب، عن أبي الزبير، عن جابر قال :((لما أتى عليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وقد أعيا بعيري، قال فنخسه فوثب فكنت بعد ذلك أحبس خطامه لأسمع حديثه فما أقدر عليه فلحقني النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بعنيه فبعته منه بخمس أواق قال: قلت: على أنّ لي ظهره إلى المدينة، قال: ولك ظهره إلى المدينة، قال: فلما قدمت المدينة أتيته به فزادني وقيه ثم وهبه لي)).(1/287)
وعطاء بن أبي رباح، أخرجه البخاري في صحيحه (4/485 رقم2309) كتاب الوكالة، باب إذا وكل رجلٌ رجلاً أن يُعْطِى شيئاً ولم يُبين كم يُعطى، فأعطى ما يتعارفه الناس، من طريق ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح وغيره يزيد بعضهم على بعض ولم يبلغه كلهم رجل واحد منهم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر …الحديث، وفيه :((فلما قدمنا المدينة، قال: يا بلال اقضه وزده فأعطاه أربعة دنانير وزاده قيراطا، قال جابر: لا تفارقني زيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن القيراط يفارق جراب جابر بن عبد الله)).
وسيذكره ابن أبي حاتم في العلل في المسألة رقم (1123) من طريق عمرو بن عون، عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن جابر قَالَ :((قَضَى لي رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَادَنِي))، وينقل إعلال أبيه أبي حاتم لهذا الطريق.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
يرى أبو زرعة –على سبيل الظن لا الجزم كما يشعر به قوله: توهمتُ- أنّ سفيان الثوري أخذ هذا الحديث عن مسعر بن كدام، وعليه يكون سفيان الثوري قد دلّس هذا الحديث حيثُ حذف الواسطة بينه وبين محارب بن دثار.
وسبب هذا التوهم فيما يظهر أنّ هذا الحديث بهذا اللفظ اشتهر عن مسعر بن كدام؛ فقد رواه عنه كبار الأئمة كيحيى القطان، وابن عيينة، ووكيع بن الجراح وغيرهم من الرواة الثقات كما تقدم في التخريج، وأمّا طريق سفيان فلم أجد من رواه عن الثوريّ إلاّ عبيد الله بن عبيد الرحمن الأشجعيّ.(1/288)
ولكن لم أجد ما يدل على قول أبي زرعة، وسماع سفيان الثوري من محارب بن دثار ثابت- وإن كنتُ لم أجد له في هذا الحديث بعينه تصريحاً بالسماع-، ثم إنّ أبا زرعة لم يجزم بهذا القول كما يشعر به قوله :((توهمتُ)) ، وهو مقابل بتصحيح الإمام مسلم وغيره لهذا الطريق، خاصةً أنّ مسعر بن كدام لم يتفرد بهذا الحديث عن محارب بن دثار فقد رواه شعبة بن الحجاج عنه أيضاً.
والحديث ثابت في الصحيحين من طريق محارب بن دثاركما تقدم.
وتقدم أنّ حديث جابر هذا له طُرُق كثيرة، وروي مطولاً ومختصراً، وله ألفاظ متنوعة ومختلفة، حتى قال ابن جُريج كما في صحيح البخاريّ (4/485) :((عن عطاء بن أبي رباح وغيره يزيد بعضهم على بعض ولم يُبْلِّغْه كله رجلٌ واحدٌ منهم))، قال ابن حجر في الفتح (4/485) :((أي ليس جميع الحديث عند واحد منهم بعينه، وإنما عند بعضهم منه ما ليس عند الآخر ووقع لبعضهم لم يبلغه كلهم رجل واحد منهم))، وسيذكر المؤلف في المسائل رقم (1121)، ورقم (1123) بعض طُرُق هذا الحديث.
- - - -
25- ] 1113[ وسَمِعْتُ أَبِي يقول: حَدَّثَنَا عَلِيّ الْطَّنَافِسِيّ (1)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة(2)، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ (3)، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (4)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ(5)، مَرْفُوع* :((الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ ومَحْلوبٌ)) **، رَفَعَه مَرَّةً ثم تَرَكَ بَعْدُ الْرَّفْعَ فَكَانَ يَقِفهُ***.
………………………………
* كذا وقع في جميع النسخ، وقد نقل هذه المسألة ابن الملقن في البدر المنير (5/ورقة66-67) وعنده (( مرفوعاً ))، والرفع والنصب كلاهما جائز، الرفع على الخبرية، والنصب على الحالية، وإن كان النصب أشهر في الاستعمال.(1/289)
** ((الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ ومَحْلوبٌ)) قال الشافعيّ في الأم (3/ 164) :(( يشبه قول أبي هريرة والله تعالى أعلم أنّ من رهن ذات در وظهر لم يمنع الراهن درها وظهرها لأنّ له رقبتها وهي محلوبه ومركوبة كما كانت قبل الرهن ولا يمنع الراهن برهنه إياها من الدر والظهر الذي ليس هو الرهن بالرهن الذي هو غير الدر والظهر ))، وقال المناويُّ في فيض القدير (4/59) :((أيّ ربُّه يركبه ويحلبه، فإن أوجّر كان أجرُ ظهرهِ له، ونفقته عليه))، وانظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (20/560)، وأعلام الموقعين (2/41-43).
*** يحتمل أن يكون المقصود بمن رفع الحديث مرةً، ثم وقفه بعد علي بن محمد الطنافسي، ويحتمل أن يكون أبا حاتم، ولعل الأول أقرب فسياق الكلام لأبي حاتم كما يظهر، والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو: علي بن محمد بن إسحاق الطَّنَافسيّ، أبو الحسن الكوفيّ، روى عن: سفيان بن عيينة، وعبد الله بن إدريس، وأبي معاوية الضرير وغيرهم، وعنه: أبو حاتم، وابن ماجه، وابن وارة وغيرهم.
ثقة عابد، قال أبو حاتم :((كان ثقةً صدوقاً، وهو أحب إليَّ من أبي بكر بن أبي شيبة في الفضل والصلاح..))، روى له النسائي في ((مسند علي))،و ابن ماجه، مات سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.
انظر : الجرح ( 6/ 202 رقم 1111)، تهذيب الكمال ( 21/120-123).
(2) هو: محمد بن خَازم التميميُّ السعديُّ، أبو معاوية الضرير، روى عن: الأعمش، وشعبة بن الحجاج، ويحيى الأنصاري وغيرهم، وعنه: أحمد بن حنبل، وعلي الطَّنافسيّ، وابن المدينيّ وغيرهم.(1/290)
ثقة أحفظ الناس لحديث الأعمش، وربما وهم في حديث غيره، قال معاوية بن صالح :((سألتُ يحيى بن معين: من أثبت أصحاب الأعمش؟ قال: بعد سفيان وشعبة: أبو معاوية))، وقال أحمد :(( أبو معاوية الضرير في غير حديث الأعمش مضطرب لا يحفظها حفظاً جيداً))، وقد ذكره ابن حجر في الطبقة الثانية من المدلسين، وهم من احتمل الأئمة تدليسهم، روى له الجماعة، مات سنة خمس وتسعين ومائة.
انظر : العلل ومعرفة الرجال (2/374 رقم2664)، الجرح ( 7/246-248 رقم 1360)، تهذيب الكمال ( 25/123-133)، تعريف أهل التقديس (ص126 رقم61).
(3) هو: سليمان بن مهران الأسدي الكاهليُّ، مولاهم، أبو محمد الكوفي الأعمش، روى عن: ذكوان السمان، وسعيد بن جبير، وعطاء بن أبي رباح وغيرهم، وعنه: سفيان الثوريّ، وشعبة، ومحمد بن خازم وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه وجلالته، قال الذهبيُّ :((الإمام شيخ الإسلام، شيخ المقرئين والمحدثين..الحافظ))، وقد ذكره العلائيُّ، وابن حجر في الطبقة الثانية من المدلسين، وهم من احتمل الأئمة تدليسهم، روى له الجماعة، مات سنة ثمان وأربعين ومائة.
انظر : تهذيب الكمال (12/76-91)، السير (6/226-249)، جامع التحصيل (ص113)، تعريف أهل التقديس (ص118 رقم55).
(4) هو: ذكوان السمان، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1106) وهو((متفق على ثقته وجلالته)).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1089).
- - -
- التخريج :
علي الطنافسي ، عن أبي معاوية، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة مرفوعاً.
لم أجد من أخرجه من طريق علي الطَّنافسي غير ابن أبي حاتم هنا.
وقد تابع علياً على هذه الرواية المرفوعة عن أبي معاوية إبراهيمُ بنُ مُجَشِّر، أخرجه:
ابن عدي في الكامل (1/274) من طريق محمد بن يوسف، وعبد الله بن أبي سفيان ومحمد الحريري وفارس الأنطاكي.
والدارقطني في سننه (3/34) كتاب البيوع.
والبيهقيُّ في السنن الكبرى (6/38) كتاب الرهن، باب ما جاء في زيادات الرهن.(1/291)
والخطيب البغداديُّ في تاريخ بغداد (6/184).
كلهم من طريق الحسين بن يحيى.
جميعهم (الحسين بن يحيى، وعبد الله بن أبي سفيان، وفارس الأنطاكي، ومحمد الحريري، ومحمد بن يوسف) عن إبراهيمُ بنُ مُجَشِّر-به-، وقال ابن عدي :((وهذا الحديث لا أعلمه يرفعه عن أبي معاوية غير إبراهيم بن مجشر هذا))، وقال الدارقطني –كما في أطراف الغرائب والأفراد (5/340-341)- :((تفرد به إبراهيم بنُ مُجَشِّر، عن أبي معاوية عنه مرفوعاً)).
وقد اختلف في هذا الحديث على الأعمش فرُوي عنه مرفوعاً وموقوفاً :
- فأمّا الرفع فرواه عنه :
سفيان الثوري، أخرجه ابن عدي في الكامل (2/345) قال: حدثنا الحسن-وهو: ابن عثمان التستري-، قال: حدثنا خليفة بن خياط، وحفص بن عمر الرازي، قالا: عبدالرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، وعن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :((الرهن محلوب ومركوب)).
وشعبة بن الحجاج، أخرجه ابن عدي في الكامل (7/39) قال: حدثنا عبدان، قال: حدثنا إدريس بن عبدالسلام، قال: حدثنا نصر بن حماد الوراق، قال: حدثنا شعبة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :((الرهن محلوب ومركوب))، ثم قال ابن عدي :((وهذا من حديث شعبة موصولاً لم أكتبه إلاّ عن عبدان ))، وأشار إلى هذه الرواية الدارقطنيّ في العلل (10/112).(1/292)
وأبو عوانة الوضاح بن عبد الله، أخرجه البزار في مسنده (1/ورقة221)، وابن الأعرابي في معجمه (2/449رقم876)، والدارقطني في سننه (3/34)- ومن طريق ابن الجوزي في التحقيق (2/199)-، والقطيعي في جزء الألف دينار (428 رقم283) من طريق يحيى بن حماد، والحاكم في المستدرك (2/58) كتاب البيوع، والبيهقيُّ في السنن الكبرى (6/38) كلاهما من طريق شيبان بن فروخ، زاد الحاكم : سليمان بن حرب، جميعهم عن أبي عوانة، وقال البزار :((وهذا الحديث لا نعلم أحدا رفعه إلاّ أبو عوانة، ولا نعلم أحداً رفعه عن أبي عوانة إلاّ يحيى بن حماد، وشيبان))، وقال الحاكم :((هذا إسنادٌ صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لإجماع الثوري، وشعبة على توقيفه عن الأعمش، وأنا على أصلٍ أصلته في قبول الزيادة من الثقة )).
وعيسى بن يونس، أخرجه ابن المقرئ في المعجم (75 رقم152) قال: حدثنا محمد بن أحمد بن سلم الضراب، قال: حدثنا لُوين، قال: حدثنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :((الرهن محلوب ومركوب ومعلوف ))، وأشار إلى هذه الرواية الدارقطنيّ في العلل (10/113).
ويزيد بن عطاء اليشكري، أخرجه ابن عدي في الكامل (7/273) قال: حدثنا محمد بن أحمد بن عثمان المديني، قال: حدثنا زهير بن عبّاد، قال: حدثنا يزيد بن عطاء، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :((الرهن محلوب ومركوب،… )).
-وأما الوقف فرواه عن الأعمش :
جرير بن عبد الحميد، ذكره الدارقطني في العلل (10/113)، والخطيب في تاريخ بغداد (6/185).
وسفيان الثوري، ذكره ابن عدي في الكامل (7/273)، والدارقطني في العلل (10/113)، والحاكم في المستدرك (2/58)، والخطيب في تاريخ بغداد (6/185).(1/293)
وسفيان بن عيينة، رواه الشافعي في الأم (3/164)، ومن طريقه البيهقيُّ في السنن الكبرى (6/38)، وفي معرفة السنن والآثار (4/434-435) كتاب الرهن، باب الزيادة في الرهن.
وشعبة بن الحجاج، أخرجه : البيهقي في السنن الكبرى (6/38)، من طريق مسلم بن إبراهيم، عن شعبة –به-، ورجح الدارقطنيّ في العلل (10/ 112) الوقف عن شعبة.
وأبو عوانة الوضاح، قال الدارقطني في العلل (10/113) :((ووقفه عفّان، عن أبي عوانة)).
وعيسى بن يونس، أخرجه : إسحاق بن راهوية في مسنده (1/304رقم282) عنه.
ومحمد بن فضيل، ذكره الدارقطني في العلل (10/113)، والخطيب في تاريخ بغداد (6/185).
وأبو معاوية، أخرجه : ابن أبي حاتم في مسألتنا هذه، وأشار إلى روايته الموقوفة الدارقطني في العلل (10/113)، والخطيب في تاريخ بغداد (6/185).
ومعمر بن راشد، أخرجه : عبدالرزاق في المصنف (8/244 رقم 15066) كتاب البيوع، باب ما يحل للمرتهن من الرهن.
وهشيم بن بشير، أخرجه : الدارقطني في العلل (10/113)، والخطيب في تاريخ بغداد (6/185).
ووكيع بن الجراح، أخرجه : في نسخته عن الأعمش (ص74)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/38).
وروي من طريق آخر عن أبي هريرة موقوفا، أخرجه ابن أبي حاتم في تقدمة الجرح والتعديل (ص229) فقال :(( أخبرنا محمد بن إسماعيل الأحمسي قال: قلنا لوكيع يوماً حدثنا بحديث الأعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة قال: "الرهن مركوب ومحلوب"، فحدثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن أبى هريرة قال:"الرهن مركوب ومحلوب" أيهما أصح إسنادا الأعمش، عن أبى صالح، عن أبى هريرة، أو سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن أبى هريرة قالوا: منصور، عن إبراهيم، قال: والله ما أرى سمعه إبراهيم، من أبى هريرة )).(1/294)
وقال الدارقطني في العلل (10/114) :((وكذلك روي عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، قال: حدّث عن أبى هريرة، واختلف عنه في رفعه، رفعه سلمة بن عطاء، عن حماد، ووقفه غيره، والموقوف أصح )).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن سليمان الأعمش على وجهين :
الوجه الأوّل : رواه جرير بن عبد الحميد، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وشعبة بن الحجاج-عنه:مسلم بن إبراهيم-،وأبو عوانة-عنه: عفّان بن مسلم-، وعيسى بن يونس- عنه: إسحاق بن راهوية -، ومحمد بن فضيل، وأبو معاوية –عنه: علي الطنافسي-، ومعمر بن راشد، وهشيم بن بشير، ووكيع بن الجراح جميعهم عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة موقوفاً عليه.
الوجه الثاني : رواه سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج-عنه: نصر بن حماد الوراق، وأبو عوانة-عنه: يحيى بن حماد، وسليمان بن حرب، وشيبان بن فروخ-، وعيسى بن يونس-عنه: لُوين محمد بن سليمان-، ويزيد بن عطاء اليشكري، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً.
والوجه الأوَّل أرجح لعدة أمور :
أنّ رواة الوجه الأوَّل أكثر وأوثق من رواة الوجه الثاني.
أنّ الوجه الأوَّل رواه عن الأعمش كبار أصحابه المقدّمين وهم: الثوري، وشعبة، ووكيع، وأبو معاوية، ومحمد بن فضيل، قال الدارقطنيّ :((أرفع الرواة عن الأعمش: سفيان الثوري، وأبو معاوية، ووكيع، ويحيى القطان، وابن فضيل، وقد غلط عليه في شيء ))، وقال ابن معين :((لم يكن أحد أعلم بحديث الأعمش من سفيان الثوري))، وقال معاوية بن صالح :((سألتُ يحيى بن معين: من أثبت أصحاب الأعمش؟ قال: بعد سفيان وشعبة: أبو معاوية))، وقال يعقوب بن شيبة :((سفيان الثوري، وأبو معاوية مقدمان في الأعمش على جميع من روى عن الأعمش)).
انظر : سؤالات ابن بكير وغيره (ص46)، وشرح علل الترمذي (2/529-536).
أنّ جميع طرق الوجه الثاني لا تخلو من مقال وعلة، وبيان ذلك:(1/295)
أنّ رواية الثوري لا تصح عنه، قال ابن عدي في الكامل (2/345) :((وهذا عن الثوري، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مسنداً منكر جداً، وبخاصة إذا رواه عنه ابن مهدي، وعن ابن مهدي خليفة، وحفص بن عمر، والبلاء من الحسن بن عثمان ))، وقد قال قبل ذلك سألتُ عبدان الأهوازيَّ عنه فقال :((هو كذاب))، ثم إنّه رُوي عن الثوري وَقْف هذا الحديث على أبي هريرة.
وكذلك رواية شعبة لا تصح عنه أيضاً، فإنّ الراوي عنه نصر بن حماد وهو ضعيف جداً وخاصةً في روايته عن شعبة، قال ابن عدي في الكامل (7/40) :((وهذه الأحاديث التي ذكرتها عن نصر، عن شعبة -وله غيرها عن شعبة- كلها غير محفوظة))، وانظر الكلام في نصر بن حماد في التهذيب (10/425-426)، ثم إنّ مسلم بن إبراهيم -وهو متفق على ثقته (كما تقدم في المسألة رقم 1099)- روى هذا الحديث عن شعبة موقوفاً على أبي هريرة.
وأمّا رواية أبي عوانة فقد اختلف عليه رفعاً ووقفاً، فرواه عفان بن مسلم عنه موقوفاً، ورواه سليمان بن حرب، وشيبان بن فروخ، ويحيى بن حماد مرفوعاً، واختلف عنهما –أيضاً- في رفعه قاله الدارقطنيّ في العلل (10/113)، ولعل مما يؤيد رواية الوقف عن أبي عوانة أنّ كبار أصحاب الأعمش المقدّمين رووه عن الأعمش موقوفاً.
وأمّا رواية عيسى بن يونس فهي معلولةٌ فإنّ إسحاق بن راهوية روى الحديث عنه موقوفاً على أبي هريرة، وإسحاق بن راهوية أوثق وأجل وأرفع من لوين وإن كان لوين ثقة (التقريب ص481رقم5925).(1/296)
وأمّا رواية أبي معاوية فقد تفرد برفعها عنه إبراهيم بن مجشر قاله ابن عدي، والدارقطني كما تقدم، وقال الخطيب في تاريخ بغداد (6/185) :((تفرد برواية هذا الحديث عن أبي معاوية مرفوعاً إبراهيم بن مجشر،..ورواه غيرُهُ عن أبي معاوية موقوفاً لم يذكر فيه النبيّ صلى الله عليه وسلم ))، وإبراهيم بن مجشر هذا ضعيفٌ جداً، وكان الفضل بن سهل يكذبه كما في تاريخ بغداد (6/185)، وخالفه علي الطنافسي فرواه عن أبي معاوية موقوفاً.
وأمّا رواية يزيد بن عطاء فإنّ يزيد ضعيف قاله ابن معين، والنسائي وغيرهما (التهذيب 11/350-351)، ثم إنه خالف من هو أوثق منه ممن رواه عن الأعمش موقوفاً.
أنّ كبار النقاد على ترجيح الوجه الأوَّل، منهم :
الترمذي، فقد قال في سننه (3/555) :((وقد روى غير واحدٍ هذا الحديث عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة موقوفاً))، وقال ابن حجر في الفتح (5/143) :((وقد ذكر الدارقطنيّ الاختلاف على الأعمش وغيره ورجح الموقوف، وبه جزم الترمذي )).
وابن عديّ، فقد قال في الكامل (7/273) :((وهذا الحديث قوله "الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ ومَحْلوبٌ" الأصل فيه موقوف، وقد رواه عن الأعمش أبو عوانة، وعيسى بن يونس، وأبو معاوية، وشعبة، والثوري مرفوعاً وموقوفاً، والأصح هو الموقوف )).
والدارقطنيّ، فقد قال في العلل (10/113) :((ورواه الثوري، وهشيم، ومحمد بن فضيل، وجرير بن عبد الحميد عن الأعمش موقوفاً على أبي هريرة، وهو المحفوظ عن الأعمش )).
والبيهقيّ، فقد قال في السنن الكبرى (6/38) :(( ورواه الجماعة عن الأعمش موقوفاً على أبي هريرة ))، وقال ابن حجر في التلخيص (3/35):((ورجح الدارقطنيّ، ثم البيهقيّ رواية من وقفه على من رفعه )).
والخطيب البغدادي، فقد قال في تاريخ بغداد (6/185) :((وكذلك رواه سفيان الثوري، وهشيم، ومحمد بن فضيل، وجرير بن عبد الحميد عن الأعمش موقوفاً وهو المحفوظ من حديثه)).(1/297)
أنّ الوجه الثاني موافقٌ للجادة، والطريق المسلوك، فإنّ غالب رواية الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعة، ففي الكتب الستة مائتان وأربعٌ وعشرون حديثاً كما في تحفة الأشراف (9/346-384)، وقد تقدم أنّ الألسنة تسبق إلى ذكر الطريق المشهور مما جعل من طرق الترجيح عند الأئمة ترجيح الطريق غير المشهور على المشهور.
فتحصل من هذا أنّ هذا الحديث بهذا اللفظ ((الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ ومَحْلوبٌ)) لا يصح عن أبي هريرة إلاّ موقوفاً عليه، لكن يشهد لمعناه ما رواه البخاريّ في صحيحه (5/142 رقم2511،2512) كتاب الرهن، باب الرهن مركوب ومحلوب، من طريق زكريا عن عامر الشعبيّ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله :((الظهرُ يُرْكب بنفقته إذا كان مرهوناً، ولبن الدَّرِّ يُشربُ بنفقته إذا كان مرهوناً، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة))، وقال الترمذي في سننه (3/555) بعد روايته :((هذا حديثٌ حسن صحيح، لا نعرفه مرفوعاً إلاّ من حديث عامر الشعبيّ، عن أبي هريرة)).
- - - -
26- ] 1114[ وسَمِعْتُ / أَبِي يقول: طَلْقُ بنُ غَنّام(1)، هو ابنُ عَم حَفْصِ بنِ غِيَاث* ، وَهُوَ كَاتِبُ حَفْصِ بنِ غِيَاث، رَوَى حَدِيثاً مُنْكَراً عَنْ شَرِيك(2)، وقَيْسٍ(3)، عَنْ أَبِي حَصين(4)، عَنْ أَبِي صَالِح(5)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ(6)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((أَدِّ الأمَانَةَ إلى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ**)) قَالَ أَبِي :ولم يَرْو هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُهُ.
………………………………
* تأتي ترجمته في المسألة رقم (1207).(1/298)
**قوله : ((وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ)) قال المناوي في فيض القدير (1/223) :((أي لا تعامله بمعاملته ولا تقابل خيانته بخيانتك فتكون مثله، وليس منها ما يأخذه من مال من جحده حقه إذ لا تعدي فيه، أو المراد إذا خانك صاحبك فلا تقابله بجزاء خيانته وإن كان حسنا بل قابله بالأحسن الذي هو العفو وادفع بالتي هي أحسن، وهذا كما قاله الطيبي أحسن، قال ابن العربي : وهذه مسألة متكررة على ألسنة الفقهاء ولهم فيها أقوال: الأول: لا تخن من خانك مطلقا، الثاني: خُنْ من خانك قاله الشافعي، الثالث : إن كان مما ائتمنك عليه من خانك فلا تخنه وإن كان ليس في يدك فخذ حقك منه قاله مالك، الرابع : إن كان من جنس حقك فخذه وإلا فلا قاله أبو حنيفة، قال : والصحيح منها جواز الاعتداء بأن تأخذ مثل مالك من جنسه أو غير جنسه إذا عدلت لأن ما للحاكم فعله إذا قدرت تفعله إذا اضطررت)). وانظر : المحلى (8/180-182)، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام (30/371-375).
ــــــــــــــــــــــ
(1) طلق بن غَنّام بن طلق النّخَعيّ، أبو محمد الكوفيّ، روى عن: حَفْص بن غِيَاث، وشريك بن عبد الله القاضي، وقيس بن الربيع وغيرهم، وعنه: البخاريّ، وأحمد بن حنبل، وعباس الدوري وغيرهم.
ثقة، وثقه ابن سعد، وابن نمير، والدارقطني وغيرهم، وقال أبو داود :((صالح))، وقال ابن حجر :((وشذّ ابن حزم فضعفه في المحلى بلا مستند، واحتج به أصحاب السنن))، روى له البخاريّ، والأربعة، مات سنة إحدى عشرة ومائتين.
انظر : الطبقات (6/405)، تهذيب الكمال (13/456-459)، الهدي (ص411)، التهذيب (5/33-34).
(2) هو: شَريك بن عبد الله النّخعيّ، أبو عبد الله الكوفيّ القاضي، روى عن: شعبة، وعاصم الأحول، وعُثمان بن عاصم وغيرهم، وعنه: طلق بن غنام، وابن المبارك، ويزيد بن هارون وغيرهم.(1/299)
صدوق إن حدّث من كتابه أو حدّث عنه القدماء قبل ولايته القضاء، ولم يكن المتن الذي رواه منكراً، وإلاَّ ففيه ضعف، خاصةً عن الأعمش، وهذا التفصيل المتقدم فيه الجمع بين أقوال النقاد المختلفة في شريك، وإليك بعض أقوال النقاد الدالة على التفصيل المتقدم، قال ابن عمار :((كتبه صحاح فمن سمع من كتبه فهو صحيح))، وقال يعقوب بن شيبة:((صحيح الكتاب))، وقال صالح بن محمد :((صدوق، ولما ولي القضاء اضطرب حفظه))، وقال أبو حاتم :((حدث شريك هذا الحديث من حفظه بأخرة، وقد كان ساء حفظه))، وقال ابن حبان :((وكان في آخر أمره يخطئ فيما يروي، تغير عليه حفظه فسماع المتقدمين عنه الذين سمعوا منه بواسط ليس فيه تخليط، مثل يزيد بن هارون، وإسحاق الأزرق، وسماع المتأخرين عنه بالكوفة فيه أوهام كثيرة))، وقال أبو داود :((ثقة يخطئ في حديث الأعمش))، مات سنة سبع وسبعين ومائة، استشهد به البخاريّ في الجامع الصحيح، وروى له في رفع اليدين، وروى له مسلم في المتابعات، والأربعة.
انظر : علل الحديث لابن أبي حاتم (1/230 رقم668)، الثقات (6/444)، تاريخ بغداد (9/279-295)، تهذيب الكمال ( 12/462-475)، شرح علل الترمذي (2/589)،
(3) هو: قيس بن الربيع الأسديُّ، أبو محمد الكوفيّ، روى عن: الأعمش، وشعبة، عُثمان بن عاصم وغيرهم، وعنه: الثوريّ-وهو من أقرانه، ومات قبله-، وجرير الضبيّ، وطلق بن غنام وغيرهم.
ضعيف، ضعفه جمهور النقاد منهم: وكيع، وابن المديني، وابن معين، وأحمد، وأبو زرعة وغيرهم،قال أبو حاتم :((عهدي به ولا ينشط الناس في الرواية عنه، وأما الآن فأراه أحلى، ومحله الصدق، وليس بقويّ يكتب حديثه ولا يحتج به، وهو أحبّ إلىّ من محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، ولا يحتج بحديثهما))، روى له أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، مات سنة ثمان وستين ومائة.
انظر : الجرح (7/96-98 رقم553)، والمجروحين (2/118-119)، تاريخ بغداد (12/456-462)، تهذيب الكمال ( 24/25-38).(1/300)
(4) هو: عُثمان بن عاصم بن حُصَين-بضم المهملة-، أبوحَصِين-بفتح المهملة- الأسدي الكوفيّ، روى عن: إبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير، وأبي صالح السمان وغيرهم، وعنه: الثوري، وشريك بن عبد الله، وقيس بن الربيع وغيرهم.
متفق على ثقته وجلالته، قال ابن عبدالبر :((أجمعوا على أنه ثقة حافظ))، روى له الجماعة، مات سنة ثمان وعشرين ومائة.
انظر : الاستغناء (1/586رقم 641)، تهذيب الكمال ( 19/401-408).
(5) هو: ذكوان السمان، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1106) وهو((متفق على ثقته وجلالته)).
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1089).
- - -
- التخريج :
-طَلْق بن غَنّام، عن شَريك، وقيس، عن أبي حَصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه :
أبو داود في سننه (3/290 رقم3535) كتاب البيوع، باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده.
والترمذي في سننه (3/564 رقم1264) كتاب البيوع- ومن طريقه ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/592رقم974)-.
والدارميّ في سننه (2/178 رقم2600) كتاب البيوع، باب في أداء الأمانة، واجتناب الخيانة.
والطحاويّ في شرح مشكل الآثار (5/91، 92 رقم1831،1832).
والدارقطنيّ في سننه (3/35) كتاب البيوع.
جميعهم عن محمد بن العلاء، زاد أبو داود : أحمد بن إبراهيم.
والبخاريّ في التاريخ الكبير (4/360).
والخرائطي في مكارم الأخلاق (ص76 رقم184).
والحاكم في المستدرك (2/46) كتاب البيوع.
والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 271) كتاب الدعوى والبينات، باب أخذ الرجل حقه ممن يمنعه إياه، وفي شعب الإيمان (4/319).
والأصبهاني في الترغيب والترهيب (1/173 رقم224).
من طريق العباس بن محمد الدوري.
والطبراني في المعجم الأوسط (4/363 رقم3619)، من طريق الدورقي.
وتمام في الفوائد (1/244 رقم 593)، من طريق محمد بن عوف.
وأبو نعيم في أخبار أصبهان (1/269)، من طريق أحمد بن الخليل.(1/301)
والقضاعي في مسنده (1/432 رقم 742)، من طريق سليمان بن الربيع.
جميعهم عن طلق بن غنام-به-، وقال الترمذي :((حسنٌ غريب))، وقال الطبراني :((لم يرو هذا الحديث عن أبي حَصين إلاّ شريك، وقيس، تفرد به طلق)) ، وقال الحاكم :((حديث شريك، عن أبي حَصين صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
تبين مما تقدم أنّ هذا الحديث بهذا الإسناد تفرد به طلق بن غنّام كما قال أبو حاتم، والطبرانيّ.
وقد حكم أبو حاتم على الحديث بأنه منكر؛ ولعل ذلك بسبب تفرد طلق بن غنّام به كما يظهر من سياق الكلام، وكأنّ أبا حاتم يرى أنّ طلق بن غنّام لا يحتمل التفرد بهذا الطريق، فأبو حَصين عثمانُ بن عاصم، عن أبي صالح سلسلة مشهورة، وأبو حصين له تلاميذ كبار ثقات حريصون على حديثه، ومع ذلك لم يرووا هذا الحديث!، فكيف يتفرد طلق بن غنام به من بينهم.
وقد وافقه على تضعيف هذا الطريق عددٌ من النقاد؛ غير أنهم جعلوا العلة في شريك، وقيس بن الربيع فقال ابن حزم في المحلى (8/181) بعدما ساق عدداً من طرق الحديث :((وكلّ هذا لا شيء..والآخر: طلق بن غنام، عن شريك، وقيس بن الربيع وكلهم ضعيف))، وقال البيهقي في السنن الكبرى (10/271) :((وحديث أبي حَصين تفرد به عنه شريك القاضي، وقيس بن الربيع، وقيس ضعيف، وشريك يحتج به أكثر أهل العلم بالحديث، وإنما ذكره مسلم في الشواهد))، وقال ابن الجوزيّ في العلل المتناهية (2/593) :((هذا الحديث من جميع طرقه لا يصح أما الطريق الأول: فقال أحمد : شريك، وقيس كانا كثير الخطأ))، وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (3/304):((ولم يصح "أَدِّ الأمَانَةَ إلى مَنْ ائْتَمَنَكَ"، وذلك-والله أعلم- لأنه من رواية شريك، وقيس بن الربيع معاً، عن أبي حَصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة)).
ولكن قوّى هذا الإسناد الذهبيُّ فقال في تلخيص العلل (ص197 رقم581):((وهذا إسنادٌ جيّد))، وتقدم أنّ الحاكم صححه على شرط مسلم.(1/302)
ولعل مَنْ قوّى هذا الطريق نظر إلى ثلاثة أمور :
الأوَّل : أنّ متن الحديث ليس فيه ما يُستنْكر.
الثاني : أنّ شريك بن عبد الله، وقيس بن الربيع، وإنْ كانا متكلمٌ فيهما لسوء حفظهما، لكن متابعة أحدهما للآخر تدل على أنهما حفظا الحديث، وطلقُ بنُ غنام لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن.
الثالث : أنّ للحديث شواهد تقوية، من أحسنها حديث أنس بن مالك :
-أخرجه الطبرانيّ في المعجم الكبير (1/261 رقم760) –ومن طريقه الضياء في المختارة (7/282 رقم2738)-، قال الطبرانيّ: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، قال: حدثنا أحمد بن زيد القزاز، قال: حدثنا ضمرة، عن ابن شوذب، عن أبي التياح، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((أَدِّ الأمَانَةَ إلى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ)).
وهذا الإسناد لا بأس به إن كان أحمد بن زيد هو الرملي المترجم له في الجرح (2/51 رقم 56) فقد روى عنه ابن سُميع ووثقه، وضمرة هو ابن ربيعة تقدم في المسألة رقم (1090 ) وهو ثقة، وابن شوذب، وأبو التياح ثقتان، انظر : التهذيب (5/255-256،11/320-321)، ويحيى بن عثمان بن صالح قال الذهبيُّ في الميزان (4/396):((صدوق إن شاء الله)).
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/145) :((ورجال الكبير ثقات))، وقال السخاوي في المقاصد الحسنة (ص53) :((وفي الباب عن جماعة من الصحابة كأنس عند الطبراني في الكبير والصغير برجال ثقات)).
وله طريق آخر عن ابن شوذب لا يفرح به، فقد رواه الطبراني في المعجم الصغير (1/170-171)، وابن عدي في الكامل (1/ 354)، والدارقطنيّ في السنن (3/35)، والحاكم في المستدرك (2/46)، وأبو نعيم في الحلية (6/132)، والقضاعي في مسنده (1/432 رقم 742)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 271)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (29/165) من طرق عن أيوب بن سويد الرملي، عن ابن شوذب –به-.(1/303)
وأيوب بن سويد قال عنه ابن معين :((يسرق الحديث))، وقال أيضاً :((يدعي أحاديث الناس))، انظر : تاريخ الدوري (2/49)، والكامل (1/359-365).
فلا يبعد أن يكون أيوب بن سويد أخذ هذا الحديث من ضمرة ونسبه لنفسه خاصةً أنّ بينهما معرفة ولقيا كما تدل على ذلك ترجمة أيوب في الكامل لابن عدي.
وللحديث شواهد أخرى لكنها شديدة الضعف، فأذكرها للتنبيه عليها، وهي :
حديث أبي أمامة : أخرجه الطبراني في الكبير (8/150 رقم7580)، وفي مسند الشاميين (4/316 رقم3414) وذكره البيهقي في السنن الكبرى معلقاً (10/ 271) من طريق إسحاق بن أسيد، عن أبي حفص الدمشقي، عن مكحول، عن أبي أمامة –به-، وفيه انقطاع، ومجاهيل، وقال ابن حجر في التلخيص (3/97) :((سنده ضعيف))، وكذلك أعله البيهقيُّ، وابن الجوزيّ وغيرهما.
وحديث أبي بن كعب : أخرجه الدارقطنيّ في سننه (3/35) من طريق محمد بن ميمون، عن حميد الطويل، عن يوسف بن يعقوب، عن أبي بن كعب –به-، قال ابن الجوزي في العلل المتناهية ( 2/593):((يوسف بن يعقوب مجهول، وفيه محمد بن ميمون، قال ابن حبان : منكر الحديث جداً، لا يحل الاحتجاج به))، وقال ابن حجر في التلخيص (3/97) :((في إسناده من لا يعرف)).
وحديث الرجل : أخرجه أبو داود في سننه (3/290 رقم3534)، وأحمد بن حنبل في المسند (3/414) وغيرهما من طريق يوسف بن ماهك المكي، عن رجل، عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم –به-، قال البيهقي في السنن الكبرى (10/ 271) :((الحديث في حكم المنقطع حيث لم يذكر يوسف بن ماهك اسم من حدّثه، ولا اسم من حدث عنه من حدّثه)).
ومرسل الحسن البصري، أخرجه الطبريّ في تفسيره (5/93)، قال البيهقي في السنن الكبرى (10/ 271) :((وروي عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو منقطع)).
ولهذه الشواهد قال السخاوي في المقاصد الحسنة (ص54) :((ولكن بانضمامها يقوى الحديث)).(1/304)
ولكن مما يوقف عنده أنَّ البيهقي نقل في السنن الكبرى (10/ 271) عن الشافعيّ أنَّ قال هذا الحديث ليس بثابت عند أهل الحديث، ونقل ابن حجر في التلخيص (3/97) عن أحمد بن حنبل أنه قال :((حديثٌ باطل لا أعرفه من وجه صحيح)).
- - - -
27- ] 1115[ وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رَوَاهُ أَبُو نُعَيْم(1)، عَنْ سُفْيَان(2)، عَنْ حَنْظَلَةَ(3)، عَنْ طَاوُوس(4)، عَنْ ابْنِ عُمَر(5)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:(( الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهَلْ الْمَدِينَةِ، والْوَزْنُ وَزْنُ أَهَلْ مَكَّةَ))، و*رَوَاهُ أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْريّ(6)، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ طَاوُوس، عَنْ ابن عَبَّاس(7)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّهُمَا أَصَح ؟.
قَالَ أَبِي : أخطأ أَبُو نُعَيْم فِي هَذَا الْحَدِيثِ، والصَّحِيحُ عَنْ ابنِ عَبَّاس عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَحَدّثَني** أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بنُ عَلِيّ الجَهْضَمي(8) قَالَ: قَالَ لي أَبُو أَحْمَد : أخطأ أَبُو نُعَيْم فِيما قَالَ عَنْ ابْنِ عُمَر.
………………………………
* كذا في جميع النسخ، وفي (ت) (رواه) بدون واو.
* كذا في جميع النسخ، وفي (ت) (أخبرنا أبو محمد قال: حدثني).
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : الفَضْل بن دُكَين-وهو: لقب، واسمه عمرو- بن حمّاد التيميّ الطَّلحيّ، أبو نعيم الملائيُّ الكوفيّ الأحول، روى عن: حماد بن زيد، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة وغيرهم، وعنه : أحمد بن حنبل، والبخاريّ، ويحيى بن معين وغيرهم.
متفق على توثيقه وإتقانه، قال أبو حاتم :((ثقة كان يحفظ حديث الثوري ومسعر حفظاً،..كان يأتي بحديث الثوريّ على لفظ واحد لا يُغيّر، وكان لا يُلقن، وكان حافظاً متقناً))، روى له الجماعة، مات سنة تسع عشرة ومائتين.
انظر : الجرح (7/61-62 رقم353)، تهذيب الكمال ( 23/197-220).(1/305)
(2) هو : سفيان بن سعيد الثوري، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (76) وهو ((متفق على ثقته وجلالته)).
(3) هو : حنظلة بن أبي سفيان بن عبدالرحمن القُرشيّ المكيُّ، روى عن : سالم بن عبد الله بن عمر، وطاووس بن كيسان، ومجاهد بن جبر وغيرهم، وعنه: الثوريُّ، وابن المبارك، وابن نُمير وغيرهم.
متفق على توثيقه، قال ابن معين :((ثقة حُجة))، روى له الجماعة، مات سنة إحدى وخمسين ومائة.
انظر : الكامل (2/420-421)، تهذيب الكمال ( 7/443-447).
(4) هو : طاووس بن كيسان، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (76) وهو ((متفق على ثقته وجلالته)).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091).
(6) هو : محمد بن عبد الله بن الزبيري الأسلميّ، أبو أحمد الزُّبيريّ الكوفيّ، روى عن: إبراهيم بن طهمان، وسفيان الثوري، ومسعر بن كدام وغيرهم، وعنه : أحمد بن حنبل، ونصر بن عليّ، ويعقوب بن شيبة وغيرهم.
ثقة وقد يخطئ في حديث الثوري، قال ابن نُمير :((صدوق، وهو في الطبقة الثالثة من أصحاب الثوريّ، ما علمتُ إلاّ خيراً، مشهورٌ بالطلب، ثقةٌ صحيح الكتاب، وكان صديق أبي نعيم، وسماعهما قريبٌ، أبو نعيم أسن منه وأقدم سماعاً))، وقال أحمد :((كان كثير الخطأ في حديث سفيان))، وقال ابن أبي خيثمة: سمعتُ يحيى بن معين، وسئل عن أصحاب الثوري أيهم أثبت؟ فقال :((هم خمسة: يحيى بن سعيد، ووكيع بن الجراح، وعبدالله بن المبارك، وعبدالرحمن بن مهدي، وأبو نعيم الفضل بن دكين، فأمّا الفريابي، ..وأبو أحمد الزبيري، وعبدالرزاق وطبقتهم، فهم كلهم في سفيان بعضهم قريب من بعض، وهم ثقات كلهم دون أولئك في الضبط والمعرفة))، وقال أبو حاتم :((حافظ للحديث عابد مجتهد له أوهام ))، روى له الجماعة، مات سنة ثلاث ومائتين.
انظر : الجرح (7/297 رقم1611)، تاريخ بغداد (5/402-404)، تهذيب الكمال ( 25/476-481)، شرح علل الترمذي (2/538).
(7) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1105).(1/306)
(8) هو : نصر بن علي الجهضمي، أبو عمرو البصريّ الصغير، روى عن : سفيان بن عيينة، ومحمد بن عبد الله الزبيري، ويحيى القطان وغيرهم، وعنه : أبو حاتم، وأبو زرعة، ويحيى بن صاعد وغيرهم.
متفق على توثيقه، قال ابن أبي حاتم :((سالتُ أبي عن نصر بن علي، وأبي حفص الصيرفيّ: أيهما أحب إليك؟ قال: نصر أحب إليّ وأوثق منه، وأحفظ منه، قلتُ لأبي: فما تقول في نصر بن عليّ؟ قال : ثقة ))، روى له الجماعة، مات سنة خمسين ومائتين.
انظر : الجرح (8/471 رقم2159)، تهذيب الكمال ( 29/355-361).
- - -
- التخريج :
أبو نعيم، عن سُفْيَان، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: :(( الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، والْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ )).
أخرجه :
أبو داود في سننه (3/246 رقم3340) كتاب البيوع، باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم :(( المكيال مكيال المدينة ))، عن عثمان بن أبي شيبة.
والنسائيُّ في سننه (5/54) كتاب الزكاة، باب كم الصاع، وأيضاً (7/284) كتاب البيوع، باب الرجحان في الوزن، عن أحمد بن سليمان، -ومن طريقه ابن حزم في المحلى (11/ 353)-.
وعبد بن حميد في مسنده (ص256 رقم803).
والدّينوري في المجالسة (5/40 رقم 1837) عن عبدالرحمن بن مرزوق.
وابن الأعرابي في معجمه (2/826-827)، عن السري بن يحيى.
والطبراني في المعجم الكبير (12/ 392-393 رقم13449)، من طريق علي بن عبدالعزيز، - ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (6/31) كتاب البيوع، باب أصل الوزن والكيل بالحجاز-.
وأبو نعيم في الحلية (4/20)، وفي ((تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن أبي نعيم الفضل بن دكين)) (ص87 رقم56)، من طريق أحمد الكندي.(1/307)
جميعهم عن أبي نعيم الفضل بن دكين –به-، وقال أبو داود بعده :(( وكذا رواه الفريابي، وأبو أحمد، عن سفيان وافقهما في المتن، وقال أبو أحمد عن بن عباس مكان بن عمر، ورواه الوليد بن مسلم، عن حنظلة قال: وزن المدينة ومكيال مكة))، وقال أبو نعيم في الحلية :((غريبٌ من حديث طاووس وحنظلة، ولا أعلم رواه عنه متصلاً إلاّ الثوري))
وتابع أبا نُعَيم على هذه الرواية ثلاثة :
إسماعيل بن عمر الواسطي، أخرجه أبو عبيد في الأموال (ص517 رقم1607)-ومن طريقه البغوي في شرح السنة (8/69 رقم2063)، كتاب البيوع، باب المكيال والميزان-.
وقَبيصة بن عُقبة، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (4/170) كتاب الزكاة، باب ما دل على أنّ زكاة الفطر إنما تجب صاعاً.
ومحمد بن يوسف الفريابي، أخرجه الفاكهي في أخبار مكة (3/159-160)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3/288 رقم 1252).
أبو أحمد الزبيريّ، عن سُفْيَان، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
أخرجه :
البزار في مسنده-كما في كشف الأستار(2/85 رقم 1262)، ومختصر زوائد مسند البزار (1/507 رقم 876)-، من طريق محمد بن المثنى، وعمرو بن علي.
وابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان (8/77 رقم 3283)، كتاب الزكاة، باب العُشْر-.
والبيهقي في السنن الكبرى (6/31).
كلاهما من طريق نصر بن علي، زاد البيهقي : عمرو بن علي.
جميعهم عن أبي أحمد الزبيري –به-، وقال البزار :((لا نعلم أحداً أسنده إلاّ حنظلة، عن طاووس، ولا نعلم رواه إلاّ الثوريّ، وقال الفريابي: عن الثوري، عن حنظلة، عن طاووس، عن ابن عمر، وحنظلة ثقة، واختلفوا على الثوريّ، فقال أبو أحمد: عن الثوري، عن حنظلة ، عن طاووس، عن ابن عباس، ولم يروه غير الثوري، وحنظلة صالح الحديث))
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن سفيان الثوري على وجهين :(1/308)
الوجه الأوَّل : رواه إسماعيل بن عمر، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وقبيصة بن عقبة، ومحمد بن يوسف الفريابيّ جميعهم عن سُفْيَان الثوريّ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثاني : رواه أبو أحمد الزبيريّ عن سُفْيَان، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وقد رجح أبو حاتم رواية أبي أحمد الزبيري ( الوجه الثاني) على رواية أبي نعيم الفضل بن دكين ( الوجه الأوَّل) ولم يذكر سبب هذا الترجيح غير ما نقله عن أبي أحمد الزبيري –وهو المخالف لأبي نُعيم- من تخطئته لأبي نعيم.
غير أنّ الذي يظهر أنّ الوجه الأوَّل هو الأرجح لعدة أمور :
أنّ رواة الوجه الأوّل فيهم : أبو نعيم الفضل بن دكين وهو من الطبقة الأولى من أصحاب الثوري –كما تقدم في المسألة رقم (1107)-، فهو يُقدم على أبي أحمد الزبيري عند الاختلاف.
أنّ رواة الوجه الأوّل أكثر عدداً من الوجه الثاني.
أنّ أبا أحمد سلك في روايته الجادة؛ فإنّ رواية طاووس، عن ابن عباس كثيرة بخلاف روايته عن ابن عمر.
أنّ عدداً من النقاد خالفوا أبا حاتم ورجحوا هذا الوجه، وهم :
أبو داود، فقد نقل ابن حجر في التلخيص (2/175) عنه قوله :((ورواه بعضهم من رواية ابن عباس وهو خطأ)).
والطبرانيُّ، فقد نقل البيهقي في السنن الكبرى (6/31) عنه قوله :((هكذا رواه أبو أحمد، فقال: عن ابن عباس، فخالف أبا نعيم في لفظ الحديث، والصواب ما رواه أبو نعيم بالإسناد واللفظ)).
والدارقطنيّ، فقد نقل ابن حجر في التلخيص (2/175) عنه قوله :((أخطأ أبو أحمد فيه)).
والحديث من الوجه الراجح صحيحٌ فقد صححه ابنُ حبان، والدارقطنيّ، والنووي، وابن دقيق العيد، نقل عنهم ذلك ابن حجر في التلخيص (2/175)، وصححه العلائيُّ نقل ذلك المناوي في فيض القدير (6/376)، وصححه ابن الملقن في خلاصة البدر المنير (1/306).
- - - -(1/309)
28- ] 1116[ و*سمِعتُ أَبِي وحَدَّثَنَا بحَدِيثٍ عَنْ عِيسَى بنِ يُونُس الرَّمْلِيّ(1)، عَنْ مُؤَمَّل بنِ إِسْمَاعِيل(2)، عَنْ عَبْد الْعَزِيزِ بنِ مُسْلِم(3)، عَنْ شُمَيْط بنِ عَجْلاَن(4)، عَنْ رَجُل يقَالَ لَهُ زُهَيْر(5)، عَنْ أَنَس(6) : أنَّ رَجُلاً(7) مِنْ أهْلِ الصُّفةِ ** مَاتَ وَتَرَكَ مَتَاعَاً، فَبَاعَ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَتَاعَهُ فِيمَنْ يَزَيْد.
قَالَ أَبِي : زُهَيْرُ هَذَا هُوَ أَبُو بَكْر الحَنَفِي، ووَهِمَ مُؤَمَّلُ فِي لَفْظِ مَتْنِ هَذَا الْحَدِيثِ.
.………………………………
* كذا في جميع النسخ، وفي (ت) (قال أبو محمد).
** أهْلُ الصُّفةِ : قال ابن الأثير في النهاية (3/37) :((أهْلُ الصُّفةِ : هم فقراء المهاجرين، ومن لم يكن له منهم منزل يسكنه فكانوا يأوون إلى موضع مُظَلَّل في مسجد المدينة يسكنونه)).
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : عيسى بن يونس الفاخُوريّ، أبو موسى الرّمْليُّ، روى عن : مؤمل بن إسماعيل، والوليد بن مسلم، ويزيد بن هارون وغيرهم، وعنه : أبو حاتم الرازيّ، والدُّولابيُّ، ومحمد بن المنذر شَكَّر وغيرهم.
صدوق، قال ذلك أبو حاتم، وأبو داود وغيرهم، روى له النسائي، وابن ماجه، مات سنة أربع وستين ومائتين.
انظر : سؤالات الآجري (2/256 رقم1768)، الجرح (6/292 رقم1619)، تهذيب الكمال ( 23/60-62).
(2) هو : مؤمل بن إسماعيل القُرشيّ، أبو عبد الرحمن البصري، نزيل مكة، روى عن: حماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وسفيان الثوري وغيرهم، وعنه: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وعيسى بن يونس وغيرهم.
ضعيف، قال البخاريُّ :((منكر الحديث))، وقال أبو زرعة :((في حديثه خطأ كثير))، ونحو ذلك قال يعقوب الفسويّ، والساجي وغيرهم، استشهد به البخاريّ، وروى له أبو داود في القدر، والباقون سوى مسلم، مات سنة ست ومائتين.
انظر : تهذيب الكمال ( 29/176-179)، التهذيب (10/380-381).(1/310)
(3) هو : عبد العزيز بن مسلم القَسْمليّ، مولاهم، أبو زيد المروزيّ، ثم البصريّ، روى عن: الأعمش، وعبد الله بن دينار، ويحيى الأنصاريّ وغيرهم، وعنه: حبان بن هلال، وعيسى بن إبراهيم، وابن مهديّ وغيرهم.
ثقةٌ عابد، وثقه ابن معين، وأبو حاتم وغيرهما، روى له الجماعة سوى ابن ماجه، مات سنة سبع وستين ومائة.
انظر : الجرح ( 5/394-395 رقم1831)، تهذيب الكمال ( 18/202-204).
(4) هو : شُمَيْط بن عَجْلان الشيباني البصريّ، أبو همام، وقيل: أبو عبيد الله، أخو الأخضر بن عَجْلان، روى عن: أخيه الأخضر، وأبي بكر الحنفيّ، وعطاء بن زهير، ومالك بن دينار وغيرهم، وعنه: جعفر بن سليمان، وعبد العزيز بن مسلم، وابنه عبيدالله بن شميط، وموسى الراسبي وغيرهم.
لا بأس به يكتب حديثه، قال ذلك أبو حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال-في مشاهير علماء الأمصار- :((من المتعبدين وأهل الفضل في الدين ممن لزم التقشف والعبادة وآثرهما على الحديث والفقه))، وقال أبو نعيم الأصبهانيّ :((أسند شُمَيْط عن غير واحد من التابعين، وهو قليل الرواية))، ولم يرو عنه أحدٌ من أصحاب الكتب الستة، ولم تذكر وفاته.
انظر : التاريخ الكبير (4/262-263 رقم 2745)، الأسماء والكنى لمسلم (1/630)، الأسماء المفردة (ص95رقم 307)، الجرح (4/391 رقم 1711)، مشاهير علماء الأمصار (ص153)، الثقات (6/451)، الحلية (3/125).
(5) زهير كذا سماه مؤمل بن إسماعيل، ولم أجد من وافقه على ذلك، وجميع من ترجم له سماه : عبد الله،وكذا صُرّح باسمه في عدد من طرق الحديث، واتفقوا على أنّ كنيته: أبو بكر، ونسبه: الحنفيّ، وبلده: البصرة، روى عن: أنس بن مالك هذا الحديث الواحد، وعنه : الأخضر بن عجلان، وشميط بن عجلان، وعبيد الله بن شميط.
مجهول الحال، قال ابن القطان :((عدالته لم تثبت فحاله مجهول))، وقال الذهبيّ:((تابعي مجهول))، وقال ابن حجر :((لا يعرف))، وقال البخاري :((لا يصح حديثه)).(1/311)
انظر : التاريخ الكبير (5/53رقم116)، وأيضاً الكنى من التاريخ الكبير(8/12رقم78)، الكنى لمسلم (1/130)، الجرح (5/19رقم75)، الأسامي والكنى للحاكم (1/127رقم506)، الاستغناء (1/439 رقم441)، بيان الوهم (5/57)، تهذيب الكمال ( 16/338-339)، ديوان الضعفاء (ص233 رقم2357)، الميزان (2/529 رقم 4718)، التهذيب (6/88)، التقريب (ص330 رقم3724).
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1096).
(7)لم أقف له على تسميةٍ.
- - -
- التخريج :
- عيسى بن يونس الرملي، عن مؤمل بن إسماعيل، عن عبد العزيز بن مسلم، عن شميط بن عجلان، عن رجل يقال له: زهير، عن أنس: أنّ رجلاً من أهل الصفة مات وترك متاعاً، فباع النبيّ صلى الله عليه وسلم متاعه فيمن يزيد.
لم أجد من أخرجه من طريق عيسى بن يونس غير ابن أبي حاتم هنا.
وقد تابع عبدَ العزيز بنَ مسلم عبيدُ الله بنُ شميط أخرج روايته :
أبو داود الطيالسي في مسنده (ص285رقم2146)-ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (3/132)، والضياءُ في المختارة (6/ 245-246 رقم2266) -، قال أبو داود : حدثنا عبيد الله بن شميط، قال :حدثني أبي وعمى، عن أبي بكر، عن أنس :((أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم باع فيمن يزيد حلسا وقعبا ( ) الحلس : كساء يبسط تحت حُرّ الثياب، والقَعْبُ: القَدَح الضَّخْمُ، الغليِظُ، الجافي، وقيل: قَدَح من خَشَب مُقَعَّر؛ وقيل: هو قدح إِلى الصِّغَر، يُشَبَّه به الحافرُ، وهو يُرْوِي الرجل. مختار الصحاح (ص: 63)، لسان العرب (1/683).
) وقال: من يشتري هذين؟ فقال رجل: أنا آخذهما بدرهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم من يزيد)).
وتابع شميطَ بنَ عجلان أخوه الأخضر بن عجلان، وابنه عبيدُ الله بن شميط:
1- فأمّا رواية الأخضر بن عجلان فهي أشهر روايات الحديث، وقد أخرجها:
أبو داود في سننه (2/120 رقم1641) كتاب الزكاة، باب ما تجوز فيه المسألة.
والنسائيّ في سننه (7/259) كتاب البيوع، باب البيع فيمن يزيد.(1/312)
وابن ماجه في سننه (2/740 رقم 2198) كتاب التجارات، باب بيع المزايدة.
وابن أبي شيبة في المصنف (12/338) كتاب الجهاد، ما قالوا في بيع المغنم بمن يزيد.
جميعهم من طريق عيسى بن يونس، ولفظ أبي داود، وابن ماجه مطولاً وفيه قصة، وسيأتي ذكر لفظه في آخر التخريج، ولفظ النسائيّ، وابن أبي شيبة :((عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع قدحا وحلسا فيمن يزيد )) مختصراً.
وأخرجه : الترمذيُّ في سننه (3/522 رقم1218) كتاب البيوع، باب ما جاء في بيع من يزيد، من طريق عبيد الله بن شميط.
وأخرجه : الترمذي أيضاً في العلل الكبير (ص179 رقم 312) عن علي بن سعيد الكندي.
والنسائيّ في سننه (7/259) كتاب البيوع، باب البيع فيمن يزيد، عن إسحاق بن راهوية.
ومسدد بن مسرهد في مسنده –كما في إتحاف الخيرة للبوصيري (4/185رقم3656)-.
وابن أبي شيبة في المصنف (6/243) كتاب البيوع والأقضية، في بيع من يزيد، و(12/338) كتاب الجهاد، ما قالوا في بيع المغنم بمن يزيد،– ومن طريقه ابن حزم في المحلى (8/448)-.
وأحمد بن حنبل في مسنده (3/100)، وفي العلل ومعرفة الرجال (1/262 رقم382) -ومن طريقه أخرجه : الضياء في المختارة (6/ 246-247 رقم2264)-.
جميعهم عن معتمر بن سليمان –به-، مختصراً، وفي رواية علي بن سعيد الكندي، ومسدد بن مسرهد، وابن أبي شيبة عن المعتمر بن سليمان، عن الأخضر بن عجلان، عن أبي بكر الحنفي، عن أنس بن مالك، عن رجل من الأنصار، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم باع –به-.
وأخرجه : إسحاق بن راهوية في مسنده-كما في نصب الراية (4/22)- عن النضر بن إسماعيل.
وأحمد بن حنبل في مسنده (3/100)، وفي العلل ومعرفة الرجال (1/262 رقم 382) عن يحيى بن سعيد القطان، مختصراً-ومن طريقه أخرجه الضياء في المختارة (6/ 246رقم2263)-، وأعاده (3/114) مطولاً.
وأخرجه أيضاً في المسند (3/100)، وفي العلل ومعرفة الرجال (1/262 رقم381).(1/313)
والبخاري في التاريخ الكبير (5/146).
كلاهما عن عبد الله بن عثمان، مختصراً.
وأحمد بن منيع في مسنده–كما في إتحاف الخيرة للبوصيري (3/373-375)، ومن طريق أحمد بن منيع رواه: الضياء في المختارة (6/ 247 رقم2265)-.
وابن الجارود في المنتقى (ص198 رقم569) عن محمد الصائغ.
كلاهما عن روح بن عبادة، مطولاً وفيه قصة.
والبخاري في التاريخ الكبير (2/66) عن عون بن عمارة.
والحارث بن أبي أسامة في مسنده –كما في إتحاف الخيرة للبوصيري (3/373-375)، ولم يسق البوصيري إسناده-.
وأبو يعلى الموصلي في مسنده-كما في نصب الراية (4/22)، ولم أقف عليه في الرواية المطبوعة، فلعله في الرواية الأخرى-، عن هارون بن مسلم.
والخلاّل في الحث على التجارة والصناعة والعمل (ص163 رقم119).
والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/6) كتاب النكاح، باب ما نهي عنه من سوم الرجل على سوم أخيه.
وأبو نعيم في الحلية (3/132).
والبيهقي في السنن الكبرى (7/25) كتاب الصدقات، باب لا وقت فيما يعطى الفقراء والمساكين، وفي شعب الإيمان (2/77-78 رقم1201).
جميعهم من طريق عبدالوهاب بن عطاء، مطولاً وفيه قصة.
والطبراني في المعجم الأوسط (3/308 رقم2661).
والبيهقي في السنن الكبرى (5/344) كتاب البيوع، باب النهي عن النجش.
والضياء في المختارة (6/ 249 رقم2266).
جميعهم من طريق محمد بن عبد الله الأنصاريّ، مختصراً.(1/314)
جميعهم ( روح بن عبادة،وعبد الله بن عثمان، وعبد الوهاب بن عطاء، وعبيد الله بن شميط، وعيسى بن يونس، ومحمد بن عبدالله الأنصاري، ومعتمر بن سليمان-عنه : أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهوية -، والنضر بن إسماعيل، وهارون بن مسلم، ويحيى بن سعيد الأنصاري ) عن الأخضر بن عجلان-به-، ولفظ أبي داود :((أنّ رجلاً من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله، فقال: أما في بيتك شيء، قال بلى حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه وقعب نشرب فيه من الماء، قال: ائتني بهما، فأتاه بهما فأخذهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيده وقال: من يشتري هذين قال رجل : أنا آخذهما بدرهم، قال: من يزيد على درهم مرتين أو ثلاثا قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين وأعطاهما الأنصاري وقال: اشتر بأحدهما طعاما فانبذه إلى أهلك واشتر بالآخر قدوما فأتني به، فأتاه به فشد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عودا بيده ثم قال له: اذهب فاحتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يوما فذهب الرجل يحتطب ويبيع فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع)).
وقال الترمذيُّ في سننه :((هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث الأخضر بن عجلان، وعبد الله الحنفي الذي روى عن أنس هو أبو بكر الحنفي… وقد روى المعتمر بن سليمان وغير واحد من كبار الناس عن الأخضر بن عجلان هذا الحديث))، وقال أيضاً في العلل الكبير :((سألتُ محمداً عن هذا الحديث فقال: الأخضر بن عجلان ثقة، وأبو بكر الحنفيّ الذي روى عن أنس اسمه: عبدالله))، وقال الطبرانيُّ:((لم يرو هذا الحديث عن أنس إلا أبو بكر تفرد به الأخضر)).(1/315)
وقد وقع في رواية معتمر بن سليمان-عنه: مسدد بن مسرهد، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن سعيد الكندي- : عن الأخضر بن عجلان، عن أبي بكر الحنفي، عن أنس بن مالك، عن رجل من الأنصار، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم باع –به-، ورواه أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهوية عن معتمر بن سليمان عن الأخضر بن عجلان، عن أبي بكر الحنفي، عن أنس بن مالك : أنّ رجلاً من الأنصار…الحديث.
والوجه الثاني عن معتمر هو الصواب الموافق لرواية الجمع الكثير عن الأخضر بن عجلان، ويبدو أنّ الوهم من معتمر نفسه فرواةُ كلا الوجهين من الثقات الأثبات.
2- وأمّا رواية عبيد الله بن شميط، فقد أخرجها :
وأبو داود الطيالسي في مسنده (رقم2146) -ومن طريقه أخرجه الضياء في المختارة كما تقدم-.
وأحمد في مسنده (3/126-127) عن عبد الصمد بن عبدالوارث،-ومن طريقه أخرجه الضياء في المختارة (6/ 245-246 رقم2261)-.
والبخاري في التاريخ الكبير (5/53) عن موسى بن إسماعيل، ولم يسق لفظ الحديث.
جميعهم عن عبيد الله بن شميط، قال : سمعت عبد الله الحنفي، يحدث أنه سمع أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :((إن المسألة لا تحل إلاّ لثلاثة لذي فقر مدقع أو لذي غرم مفظع أو لذي دم موجع)).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
تبين مما تقدم أنّ مؤمل بن إسماعيل وهم في هذا الحديث في موضعين :
في إسناد الحديث : فقد تفرد بتسمية أبي بكر الحنفي زهيراً، بينما اتَفَقَ جميعُ من ترجم له على تسميته عبدالله-كما تقدم في ترجمته-، وقد صُرّح باسمه في رواية أبي داود، والترمذيّ، وابن ماجه، ولم ينبه أبو حاتم على وهم مؤمل في اسم أبي بكر الحنفي، بل ظاهر كلامه أنه يوافقه على هذه التسمية، غير أنه صرّح في الجرح بخلاف ذلك فقال :((عبد الله أبو بكر الحنفي بصرى، روى عن أنس، روى عنه الأخضر بن عجلان وعبيد الله بن شميط)).(1/316)
في متن الحديث : وهذه هي العلة التي أشار إليها أبو حاتم، ولم يفصل فيها، ووجه وهم مؤمل بن إسماعيل في المتن في قوله : "أنَّ رجلاً من أهل الصُّفة مات وترك متاعاً"، فهذه اللفظة لم ترد في جميع الروايات، وظاهر مجموع الروايات أنّ رجلا من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه الحاجة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ما عندك شيء، فأتاه بحلس وقدح، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يشتري هذا فقال رجل : أنا آخذهما بدرهم قال: من يزيد على درهم مرتين أو ثلاثا قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين وأعطاهما الأنصاري وقال: اشتر بأحدهما طعاما فانبذه إلى أهلك واشتر بالآخر قدوما فأتني به، فأتاه به فشد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عودا بيده ثم قال له: اذهب فاحتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يوما فذهب الرجل يحتطب ويبيع فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع)).
والحديث رواه الأخضر بن عجلان-وروايته أشهر روايات الحديث، وقد رواها عنه كبار الأئمة الثقات-، وشميط بن عجلان، وعبيد الله بن شميط جميعهم عن أبي بكر الحنفي، عن أنس بن مالك، وتقدم أنّ شميط بن عجلان لا بأس به، وأما الأخضر بن عجلان فهو صدوق قاله الذهبيُّ في الكاشف (1/ 100رقم239)، وابنُ حجر في التقريب (ص 97رقم291)، وعبيد الله بن شميط ثقة قاله ابنُ حجر في التقريب (ص371رقم4301).(1/317)
والحديث قال عنه البخاريّ-كما نقل ذلك عنه ابن عبد البر في الاستغناء (1/439)- :((لا يصح))، وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (5/57) :((لا يصح، فإنّ عبد الله الحنفي لا أعرف أحداً نقل عدالته، فهي لم تثبت))، وتَفَردُ عبد الله الحنفي – وهو مجهول الحال- بهذا الحديث عن جميع أصحاب أنس بن مالك مما يزيد الحديث ضعفاً.
- - - -
29- ] 1117[ وسمِعْتُ أَبِي وحَدَّثَنَا عَنْ إِسْحَاقَ بنِ بهَلُول الأنْبَاريّ(1)، عَنْ الحَسَن بنِ عَلِيّ بنِ عَاصِم(2)، عَنْ الأَوْزَاعِيّ(3)، عَنْ وَاصِل(4)، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ(5): أنَّهُ كَانَ لا يَرَى بأسَاً أنْ يَسْتَقْرِضَ الرَجُلُ الخُبْزَ مِنْ الجيران أو قَالَ: الرَّغِيف.
قَالَ أَبِي : الحَسَنُ بنُ عَلِيّ بنِ عَاصِم مَاتَ قَدِيماً لم يُدْرِكْهُ، وَهُوَ شَيْخٌ، وهَذَا الْحَدِيث لا أدْرِي كَيْفَ هُوَ!، وَاصِلُ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ لا يجيء، ولا أَعْلَم أَحَدَاً رَوَى هَذَا عَنْ الأَوْزَاعِي غَيْرُهُ.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : إسحاق بن بهلول الأنباري،أبو يعقوب التنوخي، من أهل الأنبار، روى عن: إسماعيل بن علية والحسن بن علي بن عاصم، وعفان بن مسلم وغيرهم، وعنه: إبراهيم الحربي، وأبو حاتم، وأبو زرعة وغيرهم.
ثقة، قال أبو حاتم :((صدوق))، وقال الخطيب :((ثقة))، وقال الذهبيُّ :((الحافظ الثقة العلاّمة))، وذكره ابن حبان في الثقات، مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
انظر : الجرح (2/214-215 رقم 736)، الثقات (8/119)، تاريخ بغداد (6/ 366-369)، السير (12/489-491).
(2) هو : الحسن بن علي بن عاصم بن صهيب، أبو محمد مولى قريبة بنت محمد بن أبي بكر الصديق، وهو أخو عاصم بن علي، واسطي الأصل سكن بغداد، روى عن: الأوزاعي، وأيمن بن نابل، وعبد الملك بن مسلم وغيرهم، وعنه: أحمد بن حنبل، وأخوه عاصم، وإسحاق بن بهلول الأنباري وغيرهم.(1/318)
لين، قاله الذهبيّ، وقال ابن المديني :((قد رأيته سمع من الأوزاعيّ، وسعيد والناس، ولم أكتب عنه شيئاً))، وقال يعقوب بن شيبة :((سألتُ يحيى بن معين عن عاصم بن علي فطعن فيه، وفي أبيه، وفي أخيه))، وقال أيضاً-في رواية معاوية بن صالح- :((ليس بشيء))، وقال أبو حاتم الرازي :((محله الصدق))، وقال ابن عدي :((أحاديثه مستقيمة أرجو أنه لا بأس به))، مات في حياة أبيه، وقد مات أبوه سنة إحدى ومائتين.
انظر : الجرح (3/21 رقم83)، الكامل (2/321-322)، تاريخ بغداد (7/363-364)، ديوان الضعفاء (ص83رقم927)، لسان الميزان (2/226)، تعجيل المنفعة (1/446-447).
(3) هو: عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعيّ، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1105) وهو ((ثقة فقيه جليل، وفي روايته عن الزهري شيء،)).
(4) هو : واصل بن أبي جَمِيل الشامي، أبو بكر السّلاماني، روى عن: عطاء، وطاووس، ومجاهد، والحسن البصري، ومكحول، وعنه : الأوزاعي، وعمرو بن موسى بن وجيه.
لا بأس به، وجميع مرويات الأوزاعي عنه مرسلة لا يوجد فيها مسند، قال ابن معين-في رواية ابن أبي مريم- :((مستقيم الحديث))، وقال –في رواية إسحاق بن منصور- :((لا شيء))، أي أنّ أحاديث قليلة جداً كما تدل على ذلك الرواية الأخرى، وقال البخاري :((روى عنه الأوزاعي أحاديث مرسلة))، قال الخطيب :(( لا يوجد فيها مسند))، وقال يحيى بن سعيد :((ما أدري ما واصل هذا، ولا أروي عنه))، وذكره ابن حبان في الثقات، روى له أبو داود في المراسيل.
انظر : التاريخ الكبير ( 8/173 رقم 2596)، الجرح (9/30 رقم135)، الثقات (7/559)، تاريخ دمشق (62/372-376)، تهذيب الكمال (30/398-400)، التهذيب (11/102-103).
(5) هو : عبد الله بن زيد الجرمي، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1093) وهو ((متفق على توثيقه وإتقانه)).
- - -
- التخريج :
أخرجه :
أحمد بن حنبل في العلل ومعرفة الرجال (2/542 رقم3572 ) - ومن طريقه الخطيب في تاريخ بغداد ( 7/363)-.(1/319)
وبحشل في تاريخ واسط ( ص146) قال: حدثنا علي بن سليمان.
كلاهما عن حسن بن علي بن عاصم، قال أخبرنا الأوزاعي، عن واصل، عن أبي قلابة : كان لا يرى بأسا أن يستقرض الرجل الرغيف من الخبز، هذا لفظ أحمد، ولفظ بحشل : عن أبي قلابة في الرجل يستقرض الرغيف فيعطي أكبر منه أو أصغر فقال: لا بأس به.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
أورد ابن أبي حاتم هذا الأثر ونقل عن أبيه أمرين :
الأول: أنّ الحسن بن علي بن عاصم لم يدرك الأوزاعيّ، وهذا فيه نظر فقد أثبت سماعه ابنُ المديني –كما تقدم في ترجمة الحسن-، وقد صرح بالسماع في طرق الحديث.
الثاني: أنّ رواية واصل عن أبي قلابة لا يجيء-كما قال أبو حاتم- كأنه يعني أنه لم يسمع منه، ولم أجد أحداً نفى سماعه منه أو أثبته.
وهذا الأثر بهذا الإسناد لا يصح من أجل الحسن بن علي، ولعدم ثبوت سماع واصل من أبي قلابة.
وقد رُوي في هذا المعنى حديثٌ مرفوعٌ لا يصح، رواه ابن عدي الكامل (6/160) من طريق محمد بن عبد الملك الأنصاري، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((لا بأس أن يستقرض القوم من جيرانهم الخبز فيقضون أصغر منه أو أكبر))، ثم قال ابن عدي :((وهذه الأحاديث عن الزهري، عن عروة، عن عائشة بهذا الإسناد مناكير كلها لا يرويها عن الزهري غير محمد بن عبد الملك..وهو ضعيفٌ جداً)).
- - - -
30- ] 1118[ وسألتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ حَمَّادُ بنُ سَلَمَة(1)، عَنْ حَمَّاد(2)، عَنْ إِبْرَاهِيم(3)، عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ(4)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه :((نَهَى أن يُسْتَأَجْرَ الأجِيرُ حَتَّى يعلمَ أَجْره))، *ورَوَاهُ الْثَّورِيّ(5)، عَنْ حَمَّاد، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَعِيد مَوْقُوف.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ : الصَّحِيحُ مَوْقُوف عَنْ أَبِي سَعِيد، لانَّ الْثَّورِيّ أحْفَظُ**.
………………………………(1/320)
* كذا في جميع النسخ، وفي (ف) زيادة (قلتُ).
** سوف تتكرر هذه المسألة في العلل (2/443 برقم 2835)، وقد نقل هذه المسألة الزيلعيُّ في نصب الراية (4/131)-بتصرف يسير-.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : حماد بن سلمة بن دينار البصري، أبو سلمة بن أبي صخر مولى ربيعة بن مالك، روى عن: أيوب السختياني، وثابت البناني، وحماد بن أبي سليمان وغيرهم، وعنه: سليمان بن داود الطيالسي، وشعبة بن الحجاج، وعبد الله بن المبارك وغيرهم.
ثقة عابد له أوهام، من أثبت الناس في حديث ثابت البناني، وحميد الطويل، وعمار بن أبي عمار، وعلي بن زيد بن جدعان، وهشام بن عروة، قال أحمد بن حنبل :((أعلم الناس بحديث ثابت، وعلى بن زيد، وحميد حمادُ بنُ سلمة))، ونحو ذلك قال ابن مهدي -وجعل بدل علي بن زيد هشام بن عروة-، وأبو حاتم، وقال يعقوب بن شيبة :((حماد بن سلمة ثقة، في حديثه اضطراب شديد؛ إلاّ عن شيوخ فإنه حسن الحديث عنهم، متقن لحديثهم، مقدم على غيره فيهم، منهم: ثابت البناني، وعمار بن أبي عمار))، وقال الذهبيّ :((إمام، ثقة، يهم كغيره، احتج به مسلم))، استشهد به البخاريّ، وروى له الباقون، مات سنة سبع وستين ومائة.
انظر : العلل لابن أبي حاتم (2/233 رقم 2185)، تهذيب الكمال ( 7/253-269)، ديوان الضعفاء (ص100 رقم1118)، شرح علل الترمذي (2/621-624)، التهذيب (3/11-16).
(2) هو : حماد بن أبي سليمان: مسلم الأشعري، مولاهم، أبو إسماعيل الكوفي، روى عن: إبراهيم النخعي، والحسن البصري، وزيد بن وهب وغيرهم، وعنه: حماد بن سلمة، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج وغيرهم.(1/321)
صدوق فقيه، ورواية القدماء عنه أقوى من رواية المتأخرين، قال أحمد :((رواية القدماء عنه مقاربة:شعبة، والثوريّ، وهشام-يعني الدستوائي-،قال: وأما غيرهم فقد جاءوا عنه بأعاجيب))، وقال ابن حبان :((يخطئ وكان مرجئاً))، وقال ابن عدي :((كثير الرواية خاصة عن إبراهيم المسند والمقطوع، ويحدث عن أبي وائل وعن غيره بحديث صالح، ويقع في حديثه أفرادات وغرائب، وهو متماسك في الحديث لا بأس به))، وقال الذهبيُّ :((صدوق ))، روى له مسلم مقروناً بغيره، والأربعة، مات سنة عشرين ومائة.
انظر : الثقات (4/160)، الكامل (2/235-238)، تهذيب الكمال ( 7/269-279)، الميزان (1/599 رقم2271).
(3) هو : إبراهيم بن يزيد بن الأسود النخعي، أبو عمران الكوفي، روى عن : خاليه : الأسود، وعبد الرحمن ابني يزيد، ومسروق بن الأجدع وغيرهم، وعنه : الأعمش، وحماد بن أبي سليمان، وزبيد اليامي وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه وفقهه وعبادته، ولم يسمع من أحد من الصحابة، وهو يرسل كثيراً، قال ابن المديني، والعجليُّ، وأبو حاتم :((لم يسمع من أحد من الصحابة ))، وقال الذهبيُّ :((الإمام الحافظ فقيه العراق…أحد الأعلام))، روى له الجماعة، مات سنة ست وتسعين.
انظر : معرفة الثقات (1/209-210 رقم45)، المراسيل لابن أبي حاتم (ص8-9)، تهذيب الكمال ( 2/233-240)، السير (4/ 520-529)، التهذيب (1/177-179).
(4) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1095).
(5) هو : سفيان بن سعيد الثوري، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1110) وهو((متفق على ثقته وجلالته وفقهه وعبادته)).
- - -
- التخريج :
1- حماد بن سلمة، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعيّ، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه :
إسحاق بن راهويه في مسنده، عن عبدالرزاق–كما في نصب الراية (4/131)-.
وأحمد بن حنبل في مسنده (3/59، 68، 71) عن مظفر بن مدرك، وسريج بن يونس، وحسن بن موسى.(1/322)
وأبو داود في المراسيل (ص167 رقم181)، ، عن موسى بن إسماعيل، - ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (6/120) كتاب الإجارة، باب لا تجوز الإجارة حتى تكون معلومة-.
جميعهم عن حماد بن سلمة –به-، وعند أحمد بن حنبل في آخره زيادة :((وعن النجش واللمس وإلقاء الحجر )).
وتابع حماد بن سلمة :
سفيان الثوري، ومعمر بن راشد، رواه عبد الرزاق في المصنف (8/235 رقم15023) كتاب البيوع، باب الرجل يقول: بع هذا بكذا، قال: أخبرنا معمر، والثوري، عن حماد، عن إبراهيم، عن أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري -أو أحدهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :((من استأجر أجيراً فليسم له إجارته ))، وعن عبدالرزاق رواه إسحاق بن راهويه في مسنده –كما في نصب الراية (4/131)-، ولم يذكر الثوري في روايته.
وأبو حنيفة، رواه محمد بن الحسن في كتاب ((الآثار))–كما في نصب الراية (4/131)-، قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي عن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(( من استأجر أجيرا فليعلمه أجره )).
2- سفيان الثوري، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم عن أبي سعيد موقوفاً.
أخرجه :
ابن أبي شيبة في المصنف (6/303) كتاب البيوع والأقضية، من كره أن يستعمل الأجير حتى يبين له أجره ، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، عن أبي هريرة، وأبي سعيد قالا :((من استأجر أجيرا فليعلمه أجره)).
وتابع سفيانَ الثوريَّ : شعبةُ بنُ الحجاج، أخرجه النسائيُّ في سننه (7/32) كتاب المزارعة، عن أبي سعيد موقوفاً.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في هذا الحديث عن حماد بن أبي سليمان على وجهين :
الوجه الأوَّل : رواه حمادُ بن سلمة، وأبو حنيفة، وسفيانُ الثوري- عنه: عبد لرزاق بن همام-، ومعمر بن راشد جميعهم عن حماد بن أبي سليمان، : عن إبراهيم، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم.(1/323)
الوجه الثاني : رواه سفيانُ الثوري-عنه: وكيع بن الجراح-، وشعبة بن الحجاج كلاهما عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن أبي سعيد موقوفاً.
وقد رجح أبو زرعة الوجه الثاني معللاً ذلك بأنّ الثوريَّ أحفظُ من حماد بن سلمة، و لاشك أنَّه عند التعارض يقدم الثوري؛ لأنّه أحفظ من حماد بن سلمة بدرجات، ولكن مما تقدم يتبين أنّ الثوري رواه مرفوعاً أيضاً كما رواه حماد بن سلمة، وقد بيَّن الثوريّ أنّ سببَ الاضطراب حماد بن أبي سليمان نفسه، فقد روى عبدالرزاق بن همام في المصنف (8/235) قال قلتُ للثوري : أسمعتَ حماداً يحدث عن إبراهيم عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :((من استأجر أجيرا فليسم له إجارته))، قال: نعم، وحدّث به مرةً أخرى فلم يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم.، فتبين أنَّ العلة في حماد بن أبي سليمان نفسه لا في الرواة عنه.
ولكن هذا الأثر مرفوعاً أو موقوفاً لا يصح من أجل الانقطاع بين إبراهيم النخعي، وأبي سعيد الخدري، قال البيهقيُّ في السنن الكبرى (6/120):(( وهو مرسل بين إبراهيم، وأبي سعيد))، وقال عبد الحق في أحكامه–كما في نصب الراية (4/131)- :((وإبراهيم لم يدرك أبا سعيد))، وقال الهيثميُّ في مجمع الزوائد (4/97):((رواه أحمد، وقد رواه النسائي موقوفاً، ورجال أحمد رجال الصحيح إلا أنّ إبراهيم النخعي لم يسمع من أبي سعيد فيما أحسب))، وقال ابن حجر في التلخيص (3/60) :(( وهو منقطع ))، وتقدم قول ابن المديني، والعجلي، وأبي حاتم :(( إنه لم يسمع من أحد من الصحابة)).
- - - -
31- ] 1119[ وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ حَمَّادُ بنُ سَلَمَة(1)، عَنْ عَمْرو بنِ دِينَار(2)، عَمّن سَمِعَ(3) أبَا هُرَيْرَةَ(4) يَقُولُ :((نَهَى رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ وَلِبْسَتَيْنِ)).(1/324)
قَالَ أَبِي : رَوَاهُ ابنُ جُرَيْج(5)، عَنْ عَمْرو بنِ دِينَار، عَنْ عَطَاء بنِ مِيْناء(6)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : ينُهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ، ورَوَاهُ مَعْقِلُ بنُ عُبَيْدِاللّه(7)، عَنْ عَمْرو بنِ دِينَار، عَنْ عَطَاء، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :((نَهَى رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ…))، قَالَ أَبِي : وكُلّهُا صَحيح، ضَبَطَ ابنُ جُرَيْج هو : عَطَاء بن مِيْناء.
ــــــــــــــــــــــ
(1) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1118)، وهو :((ثقة عابد له أوهام، من أثبت الناس في حديث ثابت البناني، وحميد الطويل، وعمار بن أبي عمار، وعلي بن زيد بن جدعان، وهشام بن عروة)).
(2) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1106)، وهو :((متفق على ثقته وجلالته)).
(3) هو : عطاء بن ميناء كما في باقي الروايات، وستأتي ترجمته.
(4) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1089).
(5) هو : عبد الملك بن عبدالعزيز، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1101)، وهو:((ثقة ثبت فقيه وكان يدلس ويرسل، وهو أثبت الناس في عطاء بن أبي رباح لا يدلس عنه)).
(6) هو : عطاء بن مِيْناء-بكسر الميم، وسكون التحتانية-، أبو معاذ المدني وقيل : البصري، مولى بن أبي ذباب الدوسي، روى عن: أبي هريرة، وعنه : أيوب بن موسى، وسعيد المقبري، وعمرو بن دينار وغيرهم.
ثقةٌ عابد مقل من الحديث، وثقه العجليّ، ، وذكره ابنُ حبان في الثقات، وقال ابن عيينة :((عطاء بن ميناء من المعروفين من أصحاب أبي هريرة))، وقال ابن سعد :((كان قليل الحديث))، روى له الجماعة.
انظر : طبقات ابن سعد (5/477)، معرفة الثقات (2/137 رقم 1243)، الجرح (6/336 رقم1855)، الثقات (5/200)، تهذيب الكمال ( 20/119-121)، التقريب ( ص392 رقم4603) .(1/325)
(7) هو : مَعْقل بن عُبيد الله الجزري، أبو عبد الله العَبْسِيُّ، مولاهم الحرَّاني، روى عن: عطاء بن أبي رباح، وعكرمة بن خالد، وعمرو بن دينار وغيرهم، وعنه: الثوري -وهو من أقرانه-، والحسن بن محمد، ومحمد بن يزيد وغيرهم.
صدوق، قال أحمد :((صالح الحديث))، وقال مرة :((ثقة))، وقال ابن معين-في رواية عبد الله بن أحمد- :((ليس به بأس))،وكذا قال النسائي، وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين :((ثقة))، وقال معاوية بن صالح، عن ابن معين :((ضعيف))، وقال ابن عديّ :((معقل هذا هو حسن الحديث، ولم أجد في أحاديثه حديثا منكرا فأذكره إلا حسب ما وجدت في حديث غيره ممن يصدق في غلط حديث أو حديثين))، وقال الذهبيّ:((وما عرفتُ له شيئا منكرا فأذكره، وحديثه لا ينزل عن رتبة الحسن))، روى له مسلم، وأبو داود، والنسائي، مات سنة ست وستين ومائة.
انظر : العلل ومعرفة الرجال (2/485 رقم3188، 3/25رقم3988)، الضعفاء الكبير (4/221)، الجرح (8/286 رقم1313)، الكامل (6/452-453)، تهذيب الكمال (28/274-277)، السير( 7/ 318-319).
- - -
- التخريج :
1- حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عمن سمع أبا هريرة يقول :((نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين ولُبْستين...)).
أخرجه:
-إسحاق بن راهويه في مسنده (1/434 رقم504) عن النضر بن شميل، عن حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن رجل، عن أبي هريرة قال :((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبسين وعن بيعتين: عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد، وعن اللمس والنبذ)).
2- ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة قال : ينهى عن بيعتين.
أخرجه:
-البخاريّ في صحيحه (4/240 رقم1993) كتاب الصوم، باب الصوم يوم النحر، قال: حدثنا إبراهيم بن موسى قال: أخبرنا هشام بن يوسف.
-وأخرجه : مسلم في صحيحه ( 3 /1152 رقم 1511) كتاب البيوع، باب إبطال بيع الملامسة والمنابذة، قال: حدثني محمد بن رافع.(1/326)
- وأبو عوانة في مسنده (3/256 رقم4870) كتاب البيوع، باب حظر الملامسة، والمنابذة، قال: حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري.
كلاهما عن عبدالرزاق بن همام- وهو في مصنفه (8/228رقم14991) كتاب البيوع، باب بيع المنابذة والملامسة-.
كلاهما (هشام بن يوسف، وعبدالرزاق بن همام) عن ابن جريج قال:أخبرني عمرو بن دينار عن عطاء بن ميناء قال: سمعته يحدث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:((ينهى عن صيامين وبيعتين الفطر والنحر والملامسة والمنابذة))، هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم: عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال :((نهُي عن بيعتين الملامسة والمنابذة : أما الملامسة فأن يلمس كل واحد منهما ثوب صاحبه بغير تأمل، والمنابذة أن ينبذ كل واحد منهما ثوبه إلى الآخر ولم ينظر واحد منهما إلى ثوب صاحبه)).
وتابع ابن جريج على التصريح باسم عطاء بن ميناء الراوي عن أبي هريرة: معمرُ بنُ راشد، أخرجه عبد الرزاق في المصنف (4/303رقم7880) كتاب الصيام، باب ما يكره من الصيام.
3- معقل بن عبيد الله، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن أبي هريرة قال :((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم…))
لم أقف على من أخرجه من طريق معقل بن عبيد الله.
وقد تابع عطاء بن ميناء عددٌ من التابعين منهم :
الأعرج : رواه البخاريّ في صحيحه (1/569 رقم368) كتاب الصلاة، باب ما يستر العورة، ومسلم في صحيحه (3/1151 رقم1511) من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال :((نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعتين: عن اللماس والنباذ، وأن يشتمل الصماء وأن يحتبي الرجل في ثوب واحد))، وهذا لفظ البخاريّ.(1/327)
وحفص بن عاصم : رواه البخاريّ في صحيحه (2/58 رقم584) كتاب مواقيت الصلاة، باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس، ومسلم في صحيحه (3/1152 رقم1511) من طريق عن عبيد الله بن عمر، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة :((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين، وعن لبستين، وعن صلاتين : نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس، وعن اشتمال الصماء، وعن الاحتباء في ثوب واحد يفضي بفرجه إلى السماء، وعن المنابذة، والملامسة))، وهذا لفظ البخاريّ.
ومحمد بن سيرين : رواه البخاريّ في صحيحه (4/358 رقم2145) كتاب البيوع، باب بيع الملامسة، من طريق أيوب السختياني، عن محمد، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال :((نهي عن لبستين أن يحتبي الرجل في الثوب الواحد ثم يرفعه على منكبه، وعن بيعتين:اللماس، والنباذ))، وأحمد بن حنبل في مسنده (2/491) من طريق هشام بن حسان، عن محمد، عن أبي قال :((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبستين وبيعتين وأن يحتبي الرجل في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء، وأن يرتدي في ثوب يرفع طرفيه على عاتقيه، وأما البيعتان فاللمس والإلقاء)).
أبو صالح السمان : رواه مسلم في صحيحه (3/1152 رقم1511) من طريق سهيل بن أبي صالح، وأحمد بن حنبل في مسنده (2/380) من طريق الأعمش كلاهما عن أبي صالح عن أبي هريرة قال :((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبستين وعن بيعتين :فأما اللبستان فإنه يلتحف في ثوبه ويخرج شقه أو يحتبي بثوب واحد فيفضي بفرجه إلى السماء وأما البيعتان :فالملامسة ألق إلىّ والق إليك والق الحجر)).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف على عمرو بن دينار في اسم شيخه :
فذكر ابنُ جريج، ومعمرُ بنُ راشد أنّه عطاء بن ميناء.(1/328)
وذكر معقل بن عبيد الله أنّه عطاء ولم ينسبه، ومعلوم أنّ هناك أكثر من واحد يروي عن أبي هريرة اسمه عطاء ؛ منهم : عطاء بن يزيد، وعطاء بن يسار وغيرهما.
وأما حماد بن سلمة فأبهم شيخ عمرو بن دينار ولم يسمه.
والوجه الأوَّل هو الأضبط- كما قال أبو حاتم- وذلك أنّ ابن جريج من أصحاب عمرو بن دينار المقدّمين، كما تقدم في المسألة رقم (1111)، وتابعه أيضاً معمرُ بنُ راشد على هذه الرواية، وهذا الوجه هو الذي اعتمده الشيخان في صحيحيهما.
ووجه قول أبي حاتم :((وكلُّها صحيحٌ، ضبط ابنُ جريج هو : عطاء بن مينا))، أنه لا تعارض بين هذه الأوجه الثلاث فحماد بن سلمة أبهم شيخ عمرو بن دينار، ومعقل بن عبيد الله اكتفى بذكر اسم عطاء ولم ينسبه، وأمّا رواية ابن جريج –وهي أضبط الروايات- فجاءت مبينة لهذه الروايات وفيها اسم شيخ عمرو بن دينار الكامل.
وعلى فرض التعارض بين الروايات فإنّ الوجه الأوّل هو الأرجح لما تقدم، ولأنَّ حماد بن سلمة كثير الخطأ عن عمرو بن دينار؛ قال مسلم في كتاب التمييز (ص218) :((وحماد يُعدُّ عندهم إذا حدّث عن غير ثابت كحديثه عن قتادة،… وعمرو بن دينار وأشباههم فإنه يخطئ في حديثهم كثيراً)).
والحديث ثابت في الصحيحين –كما تقدم-.
- - - -
32- ] 1120[ وسَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ / عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ أبو الْوَلِيد* (1)، عَنْ أَبي الأحْوَصِ(2)، عَنْ سِمَاكٍ(3)، عَنْ عِكْرِمَةَ(4)، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ(5)، عنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((لا يَبِيع ** حَاضِرٌ لِبَادٍ))، فقَالَ أَبُو زُرْعَةَ : هَذَا خَطَأٌ أخطأ فِيهِ أَبُو الْوَلِيد، إِنَّمَا هُوَ أنّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :((لا تَسْتَقْبِلُوا السُّوقَ***، وَلاَ تُحَفِّلُوا****)).
………………………………(1/329)
* كذا وقع في الأصل، وفي بقية النسخ : (الوليد)، وهو خطأ، يدلُ على ذلك سياقُ الكلام فقد اتفقت جميع النسخ على قول أبي زرعة –في آخر المسألة-: :((هذا خطأ أخطأ فيه أبو الوليد))، وأبو الوليد الراوي عن أبي الأحوص هو: هشام بن عبد الملك تأتي ترجمته.
** كذا وقع بإثبات الياء في يبيع وهو جائز في اللغة، قال ابن حجر في الفتح (4/353) :((قوله "لايبيع" كذا للأكثر بإثبات الياء في يبيع على أنّ "لا" نافية، ويحتمل أن تكون ناهية، وأشبعت الكسرة كقراءة من قرأ {إنه من يتقي ويصبر })).
*** قال المباركفوري في تحفة الأحوذي ( 4/405) :((قوله "لا تستقبلوا السوق" المراد من السوق :العير، أي : لا تلقوا الركبان، قال في المجمع في حديث الجمعة :إذا جاءت سويقة أي تجارة، وهي مصغر السوق، سميت بها لأن التجارة تجلب إليها والمبيعات تساق نحوها والمراد العير انتهى)).
**** قوله : ولا تحفّلوا : قال ابن الأثير في النهاية (1/408-409) :((المحفَّلة: الشاة، أو البقرة، أو الناقة، لا يحلبها صاحبها أياماً حتى يجتمع لبنها في ضرعها، فإذا احتلبها المشتري حسبها غزيرة، فزاد في ثَمنِها , ثم يَظهر له بعد ذلك نَقْصُ لبَنِها عن أيام تَحفْيِلها، سُمِّيَت مُحفَّلة، لأن اللبن حُفِّل في ضَرْعها : أي جُمِع))، وقال الترمذيُّ في سننه (3/ 568) :((وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ كَرِهُوا بَيْعَ الْمُحَفَّلَةِ وَهِيَ الْمُصَرَّاةُ لا يَحْلُبُهَا صَاحِبُهَا أَيَّامًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لِيَجْتَمِعَ اللَّبَنُ فِي ضَرْعِهَا فَيَغْتَرَّ بِهَا الْمُشْتَرِي وَهَذَا ضَرْبٌ مِنْ الْخَدِيعَةِ وَالْغَرَرِ)).
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : هشام بن عبد الملك الباهلي، مولاهم، أبو الوليد الطيالسي، البصري، روى عن: حماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وأبي الأحوص سلام بن سليم وغيرهم، وعنه: البخاري، وأبو داود، وزهير بن حرب وغيرهم.(1/330)
متفق على توثيقه وجلالته، قال أبو حاتم :((أبو الوليد إمام، فقيه، عاقل، ثقة، وما رأيت في يده كتابا قط))، وقال أبو زرعة :((كان إماما في زمانه جليلا عند الناس))، روى له الجماعة، مات سنة سبع وعشرين ومائتين.
انظر : الجرح (9/65 رقم 253)، تهذيب الكمال ( 30/226-232).
(2) هو : سلاّم بن سُليم الحنفي، مولاهم، أبو الأحوص الكوفي، روى عن: حصين بن عبد الرحمن، وسليمان الأعمش، وسماك بن حرب وغيرهم،وعنه: مسدد بن مسرهد، وهشام بن عبد الملك الطيالسي، وهناد بن السري وغيرهم.
ثقة، قال ابن معين :((ثقة متقن))، وقال أبو زرعة، والنسائي :((ثقة ))، روى له الجماعة، مات سنة تسع وسبعين ومائة.
انظر : الجرح (4/ 259رقم 1121)، تهذيب الكمال ( 12/282-285).
(3) هو : سماك بن حرب بن الذهلي البكري، أبو المغيرة الكوفي، روى عن: إبراهيم النخعي، وجابر بن سمرة،وعكرمة مولى بن عباس وغيرهم، وعنه: إبراهيم بن طهمان، وسليمان الأعمش ، وسلام بن سليم وغيرهم.
صدوق، وروايته عن عكرمة مضطربة، قال يعقوب بن شيبة :((وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وهو في غير عكرمة صالح، وليس من المتثبتين))، ونحو ذلك قال ابن المديني، والعجلي، وقال الذهبيّ :((صدوق جليل))، استشهد به البخاري في الصحيح، وروى له الباقون، مات سنة ثلاث وعشرين ومائة.
انظر : معرفة الثقات (1/436-437 رقم680)، تاريخ بغداد (9/214-216)، تهذيب الكمال ( 12/115-121)، ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق (ص95رقم149).
(4) هو : عكرمة القرشي الهاشمي، أبو عبد الله المدني، مولى عبد الله بن عباس، أصله من البربر، روى عن: جابر بن عبد الله، ومولاه عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر بن الخطاب وغيرهم، وعنه: إبراهيم النخعي، وأيوب السختياني، وسماك بن حرب وغيرهم.(1/331)
ثقة ثبت، قال محمد بن نصر المرزوي :((أجمع عامة أهل العلم على الاحتجاج بحديث عكرمة، واتفق على ذلك رؤساء أهل العلم بالحديث من أهل عصرنا، منهم: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، ويحيى بن معين، ولقد سألتُ إسحاق عن الاحتجاج بحديثه، فقال: عكرمة عندنا إمام أهل الدنيا، وتعجب من سؤالي إياه))، وقال الذهبي :((ثقة ثبت، أعرض عنه مالك، واحتج به الجمهور))، وقال ابن حجر :((ثقة ثبت، عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر، ولا تثبت عنه بدعة ))، روى له الجماعة، مات سنة أربع ومائة وقيل بعد ذلك.
انظر : الرواة الثقات (ص138 رقم59)، الهدي (ص425-430)، التقريب (ص397رقم4673).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1105).
- - -
- التخريج :
1- أبوالوليد، عن أبي الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبيّ صلى اللهُ عليه وسلم قال :((لايبيع حاضر لباد)).
لم أقف على من أخرجه من هذا الطريق.
وقد رُوي الحديث عن ابن عباس من طريق آخر : رواه البخاريّ في صحيحه (4/358 رقم2145) كتاب البيوع، باب هل يبيع حاضر لباد بغير أجر ؟ وهل يعينه وينصحه؟، ومسلم في صحيحه (3/1157 رقم 1521) كتاب البيوع، باب تحريم بيع الحاضر للبادي، من طريق معمر، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(( لا تلقوا الركبان ولا يبيع حاضر لباد ))، قال: فقلت لابن عباس: ما قوله لا يبيع حاضر لباد قال لا يكون له سمسارا .
2- أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبيّ صلى اللهُ عليه وسلم قال :(( لا تستقبلوا السوق ولا تحفلوا)).
أخرجه :
- الترمذي في سننه (3/ 568رقم 1268) كتاب البيوع، باب ما جاء في بيع المحفلات، عن هناد بن السري.(1/332)
-وابن أبي شيبة في المصنف (6/215) كتاب البيوع والأقضية، في بيع المحفلات، مختصراً ، (4/398)، في تلقي البيوع- وعنه : أحمد بن حنبل في مسنده (1/256)، وأبو يعلى في مسنده (3/12 رقم 2341)-.
- وأبو يعلى في مسنده (3/16 رقم 2352) عن خلف بن هشام.
- والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 7) كتاب البيوع، باب تلقي الجلب، من طريق أسد بن موسى، ويوسف بن عدي.
- والطبراني في المعجم الكبير (11/ 292رقم 11774).
-والبيهقي في سننه الكبرى (5/317) كتاب البيوع، باب النهي عن التصرية.
كلاهما من طريق مسدد بن مسرهد، زاد الطبراني : عاصم بن علي.
جميعهم عن أبي الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبيّ صلى اللهُ عليه وسلم قال :(( لا تستقبلوا السوق ولا تحفلوا، ولا ينفق بعضكم لبعض))، وقال الترمذيّ :((وحديث بن عباس حديث حسن صحيح)).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في متن الحديث عن أبي الأحوص سلاّم بن سُليم على وجهين :
الوجه الأوّل : رواه أبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي وَحْدَه، عن أبي الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبيّ صلى اللهُ عليه وسلم قال :((لايبيع حاضر لباد)).
الوجه الثاني : رواه أسد بن موسى، وأبي بكر بن أبي شيبة، وخلف بن هشام، وعاصم بن علي، ومسدد بن مسرهد، وهناد بن السري، ويوسف بن عدي جميعهم عن أبي الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبيّ صلى اللهُ عليه وسلم قال :((لا تستقبلوا السوق، ولا تحفلوا)).
وقد رجح أبو زرعة الوجه الثاني، وهذا ظاهر فإنّ رواته أكثر وفيهم من هو ثقة ثبت : كمسدد بن مسرهد، وهناد بن السري، وأبي بكر بن أبي شيبة.(1/333)
ويبدو أنّ أبا الوليد اختلط عليه طريق سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبيّ صلى اللهُ عليه وسلم قال :((لا تستقبلوا السوق ولا تحفلوا، ولا ينفق بعضكم لبعض))، وطريق عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((لا تلقوا الركبان ولا يبيع حاضر لباد))، فجعل متن الطريق الثاني للطريق الأوَّل فوهم في ذلك، والله أعلم.
والحديث من الوجه الراجح ضعيف لاضطراب رواية سماك بن حرب، عن عكرمة، ولم أجد ما يشهد له بهذا اللفظ، ولكن النهي عن تلقي الركبان، والنهي عن بيع المحفّلة –المصراة- صح عن عدد من الصحابة، وسيأتي ذكر بعض هذه الأحاديث عند المسألة رقم (1161)، والمسألة رقم (1177).
وأمّا حديث :((لا يبيع حاضر لباد)) فقد تقدم أنه في الصحيحين من طريق معمر، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما مرفوعاً، وصح عن عدد من الصحابة أيضاً، قال الترمذي في سننه (3/525) :((وفي الباب عن طلحة، وجابر، وأنس، وابن عباس، وحكيم بن أبي يزيد عن أبيه، وعمر بن عوف المزني جد كثير بن عبد الله، ورجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم))، وأيضاً : أبو هريرة، وابن عمر وغيرهما.
- - - -
33- ] 1121[ وسَمِعْتُ أَبِي وذَكَرَ حَدِيثَ جَابِر(1): أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشتَرَى مِنْ جَابِرٍ بَعِيرًا وَاشْتَرَطَ رُكُوبَهَا.
فقَالَ: حَدِيثُ هُشَيْم(2)، عَنْ سَيَّارٍ(3)، عَنْ أَبِي هُبَيرة يَحْيَى بنِ عَبّاد(4)، عَنْ جَابِر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صحيحٌ.
ــــــــــــــــــــــ
(1) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1098).
(2) هو: هشيم بن بَشير، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1102) وهو((ثقةٌ ثبتٌ، أثبت الناس في حُصين بن عبد الرحمن، ومن أعلم الناس بحديث يونس بن عبيد، ومنصور بن زاذان، وأبي بشر، وهو يدلس ويرسل)).(1/334)
(3) هو: سيّار أبو الحكم العنَزَي الواسطي، ويقال: البصري، واختلف في اسمه فقيل: وردان، وقيل: ورد، وقيل غير ذلك، روى عن: ثابت البناني، والشعبي، ويحيى بن عبّاد وغيرهم، وعنه: الثوري، وشعبة، وهشيم وغيرهم.
متفق على توثيقه، قال أحمد :((صدوقٌ ثقةٌ ثبتٌ في كل المشايخ))، روى له الجماعة، مات سنة اثنتين وعشرين ومائة.
انظر : العلل ومعرفة الرجال (1/416 رقم890)، تهذيب الكمال ( 12/313-315).
(4) هو : يحيى بن عبّاد بن شيبان السَّلَميّ، أبو هبيرة الكوفيّ، روى عن: أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وسعيد بن جبير وغيرهم، وعنه: أشعث بن سوّار، وسليمان التيمي، وسيّار أبو الحكم وغيرهم.
متفق على توثيقه وفضله، قال النسائي :((ثقة))، روى له البخاري في ((الأدب المفرد))، والباقون، قال ابن سعد :((توفي في ولاية يوسف بن عمر)).
انظر : طبقات ابن سعد (6/311)، تهذيب الكمال ( 31/390-393).
- - -
- التخريج :
-هشيم بن بشير، عن سيار، عن أبي هبيرة يحيى بن عباد، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه :
-أحمد بن حنبل في مسنده (3/303).
-وأبو يعلى في مسنده ( 2/421-422 رقم2121) عن إسحاق بن عيسى.
-والطحاوي في شرح مشكل الآثار (11/240 رقم4410) قال: حدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: حدثنا عمرو بن عون.
- والطبراني في المعجم الأوسط (2/85 رقم 1166) قال: حدثنا أحمد بن عبدالرحمن بن عقال الحراني، عن أبي جعفر النفيليّ.(1/335)
جميعهم عن هشيم، قال: أخبرنا سيار، عن أبي هبيرة، عن جابر بن عبدالله قال :((كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فاشترى مني بعيرا، فجعل لي ظهره حتى أقدم المدينة، فلما قدمت أتيته بالبعير فدفعته إليه وأمرني بالثمن ثم انصرفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لحقني قال: قلتُ: قد بدا له قال: فلما أتيته دفع إلي البعير، وقال: هو لك فمررت برجل من اليهود فأخبرته قال: فجعل يعجب قال: فقال: اشترى منك البعير ودفع إليك الثمن ووهبه لك، قال: قلت نعم))، وهذا لفظ أحمد ونحوه رواية أبي يعلى، وفي رواية الطحاوي :((فبعته إياه بسبع أواق، أو تسع أواق، ولي ظهره حتى أَقدم))، وعند الطبراني :((فاشترى مني بعيرا فبعته إياه على أن لي ظهره حتى نقدم))، وقال الطبراني :((لم يرو هذه الأحاديث عن سيار أبي الحكم إلا هشيم)).
وتقدم في المسألة رقم (1112) بيان أنَّ للحديث عن جابر طُرُقاً كثيرة، وأنه رُوي مطولاً ومختصراً، وله ألفاظ متنوعة ومختلفة، حتى قال ابن جُريج كما في صحيح البخاريّ (4/485) :((عن عطاء بن أبي رباح وغيره يزيد بعضهم على بعض ولم يُبْلِّغْه كله رجلٌ واحدٌ منهم))، قال ابن حجر في الفتح (4/485) :((أي ليس جميع الحديث عند واحد منهم بعينه، وإنما عند بعضهم منه ما ليس عند الآخر ووقع لبعضهم لم يبلغه كلهم رجل واحد منهم))، ولكن يذكر هنا من تابع أبا هبيرة يحيى بن عبّاد في اشتراط جابر ركوب البعير إلى المدينة :(1/336)
عامر الشعبيّ، أخرجه البخاري في صحيحه (5/314 رقم2718) كتاب الشروط، باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز، عن أبي نُعيم، ومسلمٌ في صحيحه (3/1223-1224 رقم 715) كتاب المساقاة، باب بيع البعير واستثناء ركوبه، عن ابن نمير، وعيسى بن يونس، وأبو داود في سننه (3/ رقم3505) كتاب البيوع، باب في شرط في بيع، من طريق يحيى القطان، والترمذي في سننه (3/554 رقم 1253) كتاب البيوع، باب ما جاء في اشتراط ظهر الدابة عند البيع، من طريق وكيع، والنسائي في سننه (7/297) كتاب البيوع، باب البيع يكون فيه الشرط فيصح البيع والشرط، من طريق سعدان بن يحيى، جميعهم عن زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبيّ، عن جابر رضي الله تعالى عنه :((أنه كان يسير على جمل له قد أعيا فمر النبي صلى الله عليه وسلم فضربه فدعا له فسار بسير ليس يسير مثله، ثم قال: بعنيه بوقية، قلت: لا، ثم قال: بعنيه بوقية، فبعته فاستثنيتُ حملانه إلى أهلي، فلما قدمنا أتيته بالجمل ونقدني ثمنه ثم انصرفت فأرسل على إثري قال ما كنت لآخذ جملك فخذ جملك فهو مالك))، وهذا لفظ البخاري، ولفظ الترمذيّ عن جابر بن عبد الله :((أنه باع من النبي صلى الله عليه وسلم بعيرا واشترط ظهره إلى أهله)).
قال الترمذي :((هذا حديث حسن صحيح وقد روي من غير وجه عن جابر، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم يرون الشرط في البيع جائزا إذا كان شرطا واحدا وهو قول أحمد، وإسحاق وقال بعض أهل العلم: لا يجوز الشرط في البيع ولا يتم البيع إذا كان فيه شرط)).(1/337)
وأبو الزبير محمد بن مسلم، أخرجه مسلمٌ في صحيحه (3/1223 رقم 715)، من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي الزبير، عن جابر قال :((لما أتى عليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وقد أعيا بعيري، قال فنخسه فوثب فكنت بعد ذلك أحبس خطامه لأسمع حديثه فما أقدر عليه فلحقني النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بعنيه فبعته منه بخمس أواق قال: قلت: على أنّ لي ظهره إلى المدينة، قال:"ولك ظهره إلى المدينة"، قال: فلما قدمت المدينة أتيته به فزادني وقيه ثم وهبه لي)).
ومحمد بن المنكدر، أخرجه البخاري في صحيحه (5/314 رقم2718) معلقاً فقال :((وقال ابن المنكدر، عن جابر: وشرط ظهره إلى المدينة))، ووصله البيهقي في السنن الكبرى (5/337) كتاب البيوع، باب من باع حيواناً أو غيره واستثنى منافعه مدة، قال : أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرني أبو النضر الفقيه، قال: حدثنا تميم بن محمد قال: حدثنا أحمد بن محمد القواس قال: حدثنا المنكدر بن محمد بن المنكدر، عن أبيه عن جابر فذكره.
ورُوي عن جابر أنّ ركوبه للجمل بعد بيعه إباحة من النبيّ صلى الله عليه وسلم بعد شرائه على طريق العارية، وممن روى ذلك عن جابر :
سالم بن أبي الجعد، أخرجه مسلمٌ في صحيحه (3/1222 رقم 715)، والنسائي في سننه (7/298) كتاب البيوع، باب البيع يكون فيه الشرط فيصح البيع والشرط، وابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان (11/279 رقم4911) كتاب البيوع، ذكر الخبر الدال على أن النبيّ بيع يقع بين المتبايعين بلفظة تؤدي إلى رضاهما وإن لم يقل البائع بعت ولا المشتري اشتريت، كلهم من طريق الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن جابر قال :أقبلنا من مكة إلى المدينة..الحديث، وفيه قال صلى الله عليه وسلم :((قد أخذته فَتَبلَّغْ عليه إلى المدينة)).(1/338)
وعطاء بن أبي رباح، أخرجه البخاري في صحيحه (4/485 رقم2309) كتاب الوكالة، باب إذا وكل رجلٌ رجلاً أن يُعْطِى شيئاً ولم يُبين كم يُعطى، فأعطى ما يتعارفه الناس، ومسلمٌ في صحيحه (3/1224 رقم 715) من طريق ابن جريج، عن عطاء، عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له :((قد أخذت جملك بأربعة دنانير، ولك ظهره إلى المدينة))، وهذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري مطولاً وفيه الشاهد.
وزيد بن أسلم، أخرجه البخاري في صحيحه (5/314 رقم2718) معلقاً فقال :((وقال زيد بن أسلم، عن جابر ولك ظهره حتى ترجع))، ووصله البيهقي في السنن الكبرى (5/337) كتاب البيوع، باب من باع حيواناً أو غيره واستثنى منافعه مدة، قال: أخبرنا أبو عبد الله، حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، قال: حدثنا السري بن خزيمة، حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: حدثنا عبد الله بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جابر.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
ذكر أبو حاتم حديث هشيم، عن سيار، عن أبي هبيرة عن جابر :((أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم اشترى من جابر بعيراً، واشترط ركوبها))، وصححه، ويبدو أنّ سبب ذكر هذا الحديث في العلل لما وقع فيه من الاختلاف في ألفاظ الحديث فبعض الرواة عن جابر ذكر أنّ ذلك شرطاً في البيع من جابر، وبعضهم ذكر أنّ ذلك من باب الهبة من الرسول صلى الله عليه وسلم، وكلها أسانيد صحيحة وبعضها ثابت في الصحيحين أو أحدهما كما تقدم في التخريج، قال البيهقي في السنن الكبرى (5/337) :((وبعض هذه الألفاظ تدل على أن ذلك كان شرطا في البيع، وبعضها يدل على أن ذلك كان منه صلى الله عليه وسلم تفضلا وتكرما ومعروفا بعد البيع)).(1/339)
والذي يظهر أنَّ رواية الاشتراط أصح، ولذا قال البخاريُّ في صحيحه (5/314 رقم2718) :((الاشتراط أكثر وأصح عندي))، بل وجزم بالعمل به فقد بوَّب باباً قال فيه:((باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز))، قال ابن حجر :((قوله باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز هكذا جزم بهذا الحكم لصحة دليله عنده وهو مما اختلف فيه وفيما يشبهه كاشتراط سكنى الدار وخدمة العبد فذهب الجمهور إلى بطلان البيع لأن الشرط المذكور ينافي مقتضى العقد وقال الأوزاعي وابن شبرمة وأحمد وإسحاق وأبو ثور وطائفة يصح البيع ويتنزل فيه الشرط منزلة الاستثناء لأن المشروط إذا كان قدره معلوما صار كما لو باعه بألف إلا خمسين درهما مثلا ووافقهم مالك في الزمن اليسير دون الكثير وقيل حده عنده ثلاثة أيام وحجتهم حديث الباب وقد رجح البخاري فيه الاشتراط)).(1/340)
وقال أيضاً في الفتح (5/ 318) :((قوله :"قال أبو عبد الله هو المصنف الاشتراط أكثر وأصح عندي" أي أكثر طرقا وأصح مخرجا، وأشار بذلك إلى أنَّ الرواة اختلفوا عن جابر في هذه الواقعة : هل وقع الشرط في العقد عند البيع، أو كان ركوبه للجمل بعد بيعه إباحةً من النبي صلى الله عليه وسلم بعد شرائه على طريق العارية،… والحاصل أن الذين ذكروه بصيغة الاشتراط أكثر عددا من الذين خالفوهم، وهذا وجه من وجوه الترجيح فيكون أصح ويترجح أيضا بأن الذين رووه بصيغة الاشتراط معهم زيادة، وهم حفاظ فتكون حجة، وليست رواية من لم يذكر الاشتراط منافية لرواية من ذكره؛ لأن قوله :"لك ظهره"، "وأفقرناك ظهره"، "وتبلغ عليه"، لا يمنع وقوع الاشتراط قبل ذلك، وقد رواه عن جابر بمعنى الاشتراط أيضا أبو المتوكل عند أحمد ولفظه: "فبعني ولك ظهره إلى المدينة" لكن أخرجه المصنف في الجهاد من طريق أخرى عن أبي المتوكل فلم يتعرض للشرط إثباتا ولا نفيا، ورواه أحمد من هذا الوجه بلفظ :"أتبيعني جملك" قلت: نعم، قال: "أقدم عليه المدينة"، ورواه أحمد من طريق أبي هبيرة عن جابر بلفظ :"فاشترى مني بعيرا فجعل لي ظهره حتى أقدم المدينة"، ورواه بن ماجة وغيره من طريق أبي نضرة عن جابر بلفظ: فقلت: يا رسول الله هو ناضحك إذا أتيت المدينة، ورواه أيضا عن جابر نبُيح العنزي عند أحمد فلم يذكر الشرط ولفظه :"قد أخذته بوقية قال فنزلت إلى الأرض فقال: مالك؟ قلت: جملك، قال: اركب، فركبت حتى أتيت المدينة، ورواه أيضا من طريق وهب بن كيسان عن جابر فلم يذكر الشرط قال فيه:" حتى بلغ أوقية، قلت: قد رضيت قال: نعم، قلت: فهو لك، قال: قد أخذته ثم قال: يا جابر هل تزوجت الحديث، وما جنح إليه المصنف من ترجيح رواية الاشتراط هو الجاري على طريقة المحققين من أهل الحديث؛ لأنهم لا يتوقفون عن تصحيح المتن إذا وقع فيه الاختلاف إلا إذا تكافأت الروايات، وهو شرط الاضطراب الذي يرد به الخبر، وهو مفقود(1/341)
هنا مع إمكان الترجيح، قال ابن دقيق العيد: إذا اختلفت الروايات وكانت الحجة ببعضها دون بعض توقف الاحتجاج بشرط تعادل الروايات أما إذا وقع الترجيح لبعضها بأن تكون رواتها أكثر عددا أو أتقن حفظا فيتعين العمل بالراجح إذ الأضعف لا يكون مانعا من العمل بالأقوى والمرجوح لا يمنع التمسك بالراجح)).
وقد رجح ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (2/535) رواية الاشتراط فقال:((الاشتراط أصح وأثبت)).
فتبيّن مما تقدم أنّ ذكر الاشتراط في حديث جابر هو الصحيح، وقد قال الترمذي-كما تقدم-:((والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم يرون الشرط في البيع جائزا إذا كان شرطا واحدا وهو قول أحمد، وإسحاق))، وتقدم أيضاً نقل ابن حجر عن عدد من العلماء العمل به.
وقد تقدم الحديث من طريق آخر عن جابر برقم (1112)، وسيأتي أيضاً من طريق آخر عن جابر برقم (1123).
- - - -
34- ] 1122[ وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ قَتَادَةُ(1)، وحَمَّادُ بنُ سَلَمَة(2)، عَنْ عِكْرِمَةَ بنِ خَالد(3)، عَنْ ابْنِ عُمَر(4)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :((مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ * فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلاّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ)).
قَالَ أَبِي: كُنْتُ أستحَسَنُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ ذا الطَّرِيق حَتَّى رأيتُ مِنْ حَدِيثِ بعضِ الثِّقَاتِ : عَنْ عِكْرِمَة بنِ خَالد، عَنْ الزُّهْرِيّ(5)، عَنْ ابْنِ عُمَر، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أَبِي : فإِذَا الْحَدِيثُ قد عَادَ إلى الزُّهْرِيّ، عَنْ سَالِم(6)، عَنْ ابْنِ عُمَر، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ**.
………………………………
* قوله : أُبِّرَتْ : قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (1/35) :((الأَبْرُ: إلقاح النخل، يقال: أَبَرَه، أَبْراً، وأبَّرَه تأبيراً)).(1/342)
** من قوله :((قال أبي : فإذا الحديثُ..)) إلى نهاية المسألة ليس في (ف)، ونقل هذه المسألة ابن حجر في النكت (2/712-713، 782) بتصرف يسير.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : قتادة بن دعامة السدوسي، وقد تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1103)، وهو :((متفق على توثيقه وجلالته، وهو كثير الإرسال ويدلس)).
(2) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1118)، وهو :((ثقة عابد له أوهام، من أثبت الناس في حديث ثابت البناني، وحميد الطويل، وعمار بن أبي عمار، وعلي بن زيد بن جدعان، وهشام بن عروة)).
(3) هو : عكرمة بن خالد بن العاص، القرشي، المخزومي، المكي، روى عن: عبدالله بن عباس، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، ومحمد بن مسلم الزهري وغيرهم، وعنه: حماد بن سلمة، وعمرو بن دينار،وقتادة بن دعامة وغيرهم.
متفق على توثيقه، وثقه ابن معين، وأبو زرعة وغيرهما، وقال أحمد :((لم يسمع من عمر، وقد سمع من ابن عمر))، روى له الجماعة سوى ابن ماجة، وقال ابن حبان :((مات بعد عطاء بن أبي رباح، وعطاء مات سنة خمس عشرة ومائة)).
انظر : الجرح (7/9رقم34)، المراسيل لابن أبي حاتم (ص158 رقم586)، الثقات (5/231)، تهذيب الكمال ( 20/249-251).
(4) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091).
(5) هو: محمد بن مسلم بن شهاب، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091)، وهو:((متفق على جلالته وإتقانه)).
(6) هو: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي، العدوي، أبو عمر، ويقال: أبو عبدالله ويقال المدني، روى عن: رافع بن خديج، وسفينة مولى أم سلمة، وأبيه عبد الله بن عمر وغيرهم، وعنه: صالح بن كيسان، وعمرو بن دينار المكي، ومحمد بن مسلم الزهري وغيرهم.
متفق على جلالته وإتقانه وعبادته، قال أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه :((أصح الأسانيد الزهري، عن سالم، عن أبيه))، روى له الجماعة، مات سنة ست ومائة.
انظر : تهذيب الكمال ( 10/145-154).
- - -
- التخريج :(1/343)
قَتادةُ، وحمادُ بنُ سلمةَ، عن عِكرمةَ بنِ خَالد، عن ابْنِ عُمَرَ، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :((مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلاّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ)).
أ- رواية قتادة بن دعامة :
أخرجها الترمذي في العلل الكبير (ص185 رقم325) كتاب البيوع، ما جاء في ابتياع النخل بعد التأبير والعبد وله مال، قال: حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبدالأعلى بن عبد الأعلى، وذكره في سننه (3/537) معلقاً.
والبيهقي في السنن الكبرى ( 5/325) كتاب البيوع، باب ما جاء في مال العبد، قال: أخبرنا أبو علي الروذباري أنا إسماعيل بن محمد الصفار ح وأخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد أنا أبو جعفر محمد بن عمرو قالا ثنا أحمد بن الوليد الفحام ثنا عبد الوهاب بن عطاء.
كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة.
وابن عدي في الكامل (2/212) قال: حدثنا إبراهيم بن أسباط ثنا إسماعيل بن عبد الرحمن أبو إبراهيم الأعرج ثنا علي بن ثابت قال: أخبرنا الحكم بن عبد الملك.
كلاهما عن قتادة بن دعامة، عن عكرمة بن خالد-به-، وقال البيهقيُّ :((وهذا منقطع)).
وقال الدارقطني في العلل (4/لوحة 98أ ) :((رواه محمد بن إسحاق، ومحمد بن عبدالرحمن، عن شعبة، عن قتادة، عن عكرمة بن خالد، عن ابن عمر ))، ولم أقف على من أخرج هذا الطريق.
ب- رواية حماد بن سلمة :
أخرجها :
أحمد بن حنبل في مسنده (2/30).
والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/26) كتاب البيوع، باب بيع الثمار قبل أن تتناهى، قال: حدثنا حسين بن نصر.
كلاهما عن يزيد بن هارون.
وأبو القاسم البغوي في الجعديات (ص481 رقم3342) عن علي بن الجعد.
وابنُ البخاري في مشيخته (1/693-694 رقم307) من طريق سليمان بن حرب.
جميعهم عن حماد بن سلمة، عن عكرمة بن خالد المخزومي -به-، وفيه قصة.
وتابع قتادة بن دعامة، وحماد بن سلمة :(1/344)
-مطر الوراق، أخرج روايته النسائي في السنن الكبرى (3/190رقم 4993) كتاب العتق، ذكر العبد يعتق وله مال، وعبدالرزاق في المصنف (8/135 رقم14621) كتاب البيوع، باب بيع العبد وله مال، وابن البخاري في مشيخته (1/692-693 رقم306).
وقد أشار الدارقطني في العلل (4/لوحة 97ب) إلى هذه الروايات.
عِكرمة بن خَالد، عن الزهري، عن ابْنِ عُمَرَ، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أخرجه :
النسائي في السنن الكبرى (3/190رقم 4994).
والترمذي في العلل الكبير (ص185).
والبيهقي في السنن الكبرى (5/325) معلقاً.
جميعهم من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة عن عكرمة بن خالد –به-.
وقد ذكر الدارقطني في العلل (4/لوحة 98أ ) أنّ أبان بن يزيد العطار، وهمام بن يحيى تابعا هشاماً على هذه الرواية.
وسيأتي أنّ أبان بن يزيد العطار رواه عن قتادة، عن عِكرمة بن خَالد، عن الزهري، عن سالم، عن ابْن عُمَرَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الزهريّ، عن سالم، عن ابْنِ عُمَرَ، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أخرجه :
أخرجه البخاريّ في صحيحه (5/49 رقم 2379) كتاب المساقاة، باب الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط أو نخل.
ومسلم في صحيحه (3/1173 رقم1543) كتاب البيوع، باب من باع نخلاً عليه ثمر.
والترمذي في سننه (3/546 رقم1244) كتاب البيوع، باب ما جاء في ابتياع النخل بعد التأبير والعبد وله مال.
وابن ماجه في سننه (2/746 رقم 2211) كتاب التجارات، باب فيمن باع نخلاً مؤبراً أو عبداً له مال.
وأبو عوانة في مسنده (3/303رقم5071) كتاب البيوع، باب ذكر الخبر الموجب لبائع العبد ماله إلاّ أن يشترط المشتري.
والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/26).
وابن حبان في صحيحه –كما في الإحسان (11/289رقم4922) كتاب البيوع، ذكر البيان بأن قوله : فلا شيء له أراد به البائع لا المشتري-.
والبيهقي في السنن الكبرى (5/325).
جميعهم من طرق عن الليث بن سعد.(1/345)
وأخرجه : مسلم في صحيحه (3/1173 رقم1543).
وأبو داود في سننه (3/268 رقم 3433) كتاب البيوع، باب في العبد يباع وله مال.
والنسائي في سننه (7/ 297) كتاب البيوع، باب العبد يباع، ويستثني المشتري ماله.
وابن ماجه في سننه (2/746 رقم 2211).
والشافعي في الأم (3/41) كتاب البيوع، باب ثمر الحائط يباع أصله.
والحميدي في مسنده (2/277رقم 613).
وابن أبي شيبة في مصنفه (7/112) كتاب البيوع، الرجل يشتري العبد له المال أو النخل فيه التمر.
وأحمد بن حنبل في مسنده (2/9).
وعبد بن حميد في مسنده (ص237-238 رقم722).
وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير – كما في ((أخبار المكيين)) منه (ص309رقم274).
وأبو يعلى في مسنده (5/184 رقم5404).
وابن الجارود في المنتقى (ص 159رقم 628) كتاب البيوع.
وأبو عوانة في مسنده (3/302-303رقم5070-5071).
وابن حبان في صحيحه –كما في الإحسان (11/290رقم4923)-.
والبيهقي في السنن الكبرى (5/325).
وابن عبدالبر في التمهيد (13/185).
جميعهم من طرق عن سفيان بن عيينة.
وأخرجه : مسلم في صحيحه (3/1173 رقم1543).
وأبو يعلى في مسنده (5/198 رقم5445).
وأبو عوانة في مسنده (3/304رقم5078-5079).
جميعهم من طرق عن يونس بن يزيد.
والنسائي في السنن الكبرى (3/190رقم 4994).
وعبد الرزاق في مصنفه (8/135 رقم 14620) -ومن طريقه أبو عوانة في مسنده (3/304 رقم5076)-.
وأحمد بن حنبل في مسنده (2/82، 150).
وأبو يعلى في مسنده (5/209 رقم5483).
وأبو الشيخ في ((ذكر الأقران)) (ص100رقم362).
وأبو الفضل الزهري في جزئه المسمى ((حديث الزهري)) (2/536 رقم571).
جميعهم من طرق عن معمر بن راشد.
وأخرجه : أبو داود الطيالسي في مسنده (2/249 رقم 1805).
والدارمي في سننه (2/253) كتاب البيوع، باب فيمن باع عبداً وله مال.
وأبو يعلى في مسنده (5/212 رقم5492)-عنه : ابن حبان في صحيحه –كما في الإحسان (11/288 -289رقم 4921) -.(1/346)
وأبو عوانة في مسنده (3/303-304رقم5075).
وأبو القاسم البغوي في الجعديات (ص407 رقم2778).
والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/26).
جميعهم من طرق عن ابن أبي ذئب.
وأخرجه : أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (1/350).
وأبو عوانة في مسنده (3/303رقم5074).
كلاهما من طريق ابن جريج.
وعبد بن حميد في مسنده (ص237-238 رقم722) من طريق سفيان بن حسين.
وإبراهيم بن طهمان في مشيخته (214رقم179) عن عباد بن إسحاق.
وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير – كما في ((أخبار المكيين)) منه (ص309رقم274) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: أخبرنا أبان بن يزيد، قال: أخبرنا قتادة، عن عكرمة بن خالد حدثه.
والطبراني في المعجم الكبير (12/282-285 رقم13130) من طريق سليمان بن أبي داود.
جميعهم عن الزهريّ عن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :((من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع، ومن ابتاع عبدا وله مال فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع))، وقال الترمذيُّ :((وحديث ابن عمر حديث حسن صحيح، هكذا روي من غير وجه عن الزهري، عن سالم، عن بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم…قال محمد بن إسماعيل حديث الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أصح ما جاء في هذا الباب)).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن قتادة بن دعامة على ثلاثة أوجه :
الوجه الأوَّل : رواه سعيد بن أبي عروبة، وشعبة بن الحجاج، والحكم بن عبدالملك جميعهم عن قتادة، عن عِكرمة بن خَالد، عن ابْنِ عُمَرَ، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وتابع قتادة على هذا الوجه : حماد بن سلمة، ومطر الوراق.(1/347)
الوجه الثاني : رواه أبان بن يزيد العطار، وهشام الدستوائي، وهمام بن يحيى جميعهم عن قتادة بن دعامة، عن عِكرمة بن خَالد، عن الزهري، عن ابْنِ عُمَرَ، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الوجه الثالث : رواه أبان بن يزيد العطار عن قتادة بن دعامة، عن عِكرمة بن خَالد، عن الزهري، عن سالم، عن ابْنِ عُمَرَ، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وتابع عِكرمة بن خَالد على هذا الوجه عدد كبير من أصحاب الزهري، وهم : سفيان بن حسين، وسفيان بن عيينة، وسليمان بن أبي داود، وصالح بن كيسان، وابن أبي ذئب، وعباد بن إسحاق، عبدالملك بن جريج، والليث بن سعد، ومعمر بن راشد، ويونس بن يزيد.
والوجه الثالث هو الأرجح لأمرين :(1/348)
الأوّل : أنَّ هذا الوجه رواه عن الزهري أصحابه المقدمون وهم: سفيان بن عيينة، ويونس بن يزيد، ومعمر بن راشد، وابن أبي ذئب، والليث بن سعد، قال ابن رجب في شرح علل الترمذي (1/399) :((أصحاب الزهريّ خمس طبقات : الطبقة الأولى: جمعت الحفظ والإتقان، وطول الصحبة للزهريّ، والعلم بحديثه والضبط له، كمالك، وابن عيينة، وعبيد الله بن عمر، ومعمر، ويونس، وعقيل، وشعيب وغيرهم، وهؤلاء متفقٌ على تخريج حديثهم عن الزهري. الطبقة الثانية: أهل حفظ وإتقان، لكن لم تطل صحبتهم للزهريّ، وإنما صحبوه مدة يسيرة، ولم يمارسوا حديثه، وهم في إتقانه دون الطبقة الأولى، كالأوزاعيّ، والليث...ونحوهم ))، وانظر أيضاً: شرح علل الترمذي (2/478-487)، وقال ابن معين –في رواية أحمد بن العباس كما في تهذيب الكمال (13/82)- :(( ليس في أصحاب الزهري أثبت من مالك، ثم صالح بن كيسان، ثم معمر، ثم يونس ))، وقال الدارمي في تاريخه (ص43 رقم8) :(( قلتُ: -أيّ لابن معين-فمعمر أحب إليك أو صالح بن كيسان؟ فقال: معمر أحب إليّ، وصالح ثقة ))، وقال الدارميّ أيضاً :(ص48 رقم30):((قلتُ: فابن أبي ذئب ما حاله في الزهريّ؟ فقال: ابن أبي ذئب ثقة))، وقال أبو حاتم في تقدمة الجرح والتعديل (ص17):(( مالك…أقوى في الزهري من ابن عيينة، وأقل خطأ منه وأقوى من معمر، وابن أبي ذئب)).
الثاني : أنّ هذا الوجه هو الذي اعتمده البخاري ومسلم في صحيحيهما، بل قال البخاريّ –كما تقدم في نقل الترمذي- :((حديث الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أصح ما جاء في هذا الباب)).(1/349)
وقول أبي حاتم-هنا- :((فإذا الحديثُ قد عادَ إلى الزهريّ، عن سالم، عن ابْنِ عُمَرَ، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ))، يشير إلى ترجيح هذا الطريق، وكذلك قال الدارقطني في العلل (4/لوحة 98أ ) :((فرجع حديث عِكرمة بن خَالد إلى حديث الزهري، وإن كان قد أرسله ولم يذكر سالماً))، وكأنّ أبا حاتم، والدارقطني لم يقفا على الطريق الذي صرح فيه عِكرمة بن خَالد بذكر سالم بن عبد الله، والذي يدل صراحةً على أنّ حديث عِكرمة بن خَالد يرجع إلى الطريق المشهور الذي رواه الزهري.
ويظهر أنّ عكرمة بن خالد يضطرب في الحديث فتارةً يرويه على الصواب، وتارةً يسقط سالم بن عبد الله، وتارةً يسقط الزهري، وسالم، وسبب هذا الاحتمال أنّ جميع هذه الوجوه شبه متساوية عن قتادة بن دعامة، فقد روى هذه الأوجه عنه أصحابه المقدمون: سعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي، وهمام بن يحيى، وشعبة بن الحجاج.
والحديث من الوجه الراجح ثابت في الصحيحين من طريق الزهري، عن سالم، ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم.
ولابن حجر في النكت (2/712-714) تعليقٌ على قول العلائي :((ومن المواضع الخفية في الأحاديث المعللة ما ذكره ابن أبي حاتم –وذكر هذه المسألة))، قال ابن حجر :((قلتُ : وسبب الخفاء في هذا المثال أنّ عكرمة بن خالد أكبر من الزهري، وهو معروف بالرواية عن ابن عمر-رضي الله عنهما-، فلما وجد الحديث من رواية حماد بن سلمة عنه، كان ظاهره الصحة، وكان يعتضد بها ما رواه الزهري، عن سالم، عن أبيه، ويرجح على رواية نافع خلافاً لما قال ابن المديني، والنسائي وغيرهما، ولكن لما فتشت الطرق تبين أنّ عكرمة سمعه ممن هو أصغر منه وهو الزهري، والزهريُّ لم يسمعه من ابن عمر-رضي الله عنهما- إنما سمعه من سالم، فوضح أنّ رواية حماد بن سلمة مدلسة، أو مسواة ورجع هذا الإسناد الذي كان يمكن الاعتضاد به إلى الإسناد الأوّل الذي حكم عليه بالوهم)).
- - - -(1/350)
35- ] 1123[ وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رَوَاهُ عَمْرو بنُ عَوْن(1)، عَنْ ابن عُيَيْنَة(2)، عَنْ عَمْرو بنِ دِينَار(3)، عَنْ عَطَاء(4)، عَنْ جَابِر(5) قَالَ: قَضَاني* رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَادَنِي.
قَالَ أَبِي: كَذَا حَدَّثَنَا عَمْرو بنُ عَوْن –وأحسبه قد غَلِط، إِنَّمَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ مِسْعَر(6)، عَنْ مُحَارِب بنِ دِثَار(7)، عَنْ جَابِر، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أَبِي: ولا يُعْرَفُ هَذَا الْحَدِيث من حَدِيثٍ عَمْرو، عَنْ جَابِرٍ، ولا يُحْتَمْل أنْ يكونَ عَنْ عَمْرو، عَنْ جَابِر**.
………………………………
* كذا في جميع النسخ، وفي المطبوع (قضى لي) !.
** كذا وقع عَمْرو، عَنْ جَابِرٍ !، وهو في السياق الأوَّل ذكره من طريق عَمْرو، عَنْ عَطاء، عن جَابِرٍ، ولم يتبين لي الصواب، وكلاهما جائز فعمرو يروي عن عطاء، عن جابر، وهو أيضاً يروي عن جابر بن عبد الله مباشرة، وإن كان ظاهر الكلام يؤيد السياق الثاني فهو أعله بأنه لا يعرف و لا يحتمل أن يكون عمرو عن جابر.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : عمرو بن عون بن أوس السُّلَمِي، مولاهم، أبو عثمان الواسطي، سكن البصرة، روى عن: حماد بن زيد، وابن عيينة، ووكيع بن الجراح وغيرهم، وعنه: البخاريُّ، وأبوداود، وأبو زرعة وغيرهم.
ثقة ثبتٌ، قال أبو حاتم :((ثقةٌ حجة، وكان يحفظ حديثه))، وقال أبو زرعة :((قلّ من رأيتُ أثبت من عمرو بن عون))، روى له الجماعة، مات سنة خمس وعشرين ومائتين.
انظر : الجرح (6/ 252رقم1393)، تهذيب الكمال ( 22/177-180).
(2) هو: سفيان بن عيينة، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1106) وهو((متفق على ثقته وجلالته)).
(3) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1106) وهو((متفق على ثقته وجلالته)).
(4) هو: عطاء بن أبي رباح، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1097) وهو((متفق على ثقته وجلالته، وفقهه وعبادته)).(1/351)
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1098).
(6) هو: مسعر بن كدام، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1112) وهو((متفق على ثقته وإتقانه وفضله)).
(7) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1112) وهو((ثقة عالم زاهد)).
- - -
- التخريج :
عمرو بن عون، عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن جابر-به- مرفوعاً.
لم أقف على من أخرج هذا الطريق.
وللحديث عن عطاء طريق آخر، أخرجه :
- البخاري في صحيحه (4/485 رقم2309) كتاب الوكالة، باب إذا وكل رجلٌ رجلاً أن يُعْطِى شيئاً ولم يُبين كم يُعطى، فأعطى ما يتعارفه الناس، ومسلمٌ في صحيحه (3/1224 رقم 715) كتاب المساقاة، باب بيع البعير واستثناء ركوبه، وأحمد في مسنده (3/397) جميعهم من طريق ابن جريج، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال :((كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فكنت على جمل ثفال( ) ثفال : بفتح المثلثة بعدها فاء خفيفة هو البعير البطيء السير، يقال: ثفال، وثفيل، وأما الثفال بكسر أوله فهو ما يوضع تحت الرحى لينزل عليه الدقيق، وقال ابن التين: من ضبط الثفال الذي هو البعير بكسر أوله فقد أخطأ. فتح الباري (4/486).(1/352)
) إنما هو في آخر القوم، فمر بي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من هذا ؟قلت: جابر بن عبد الله، قال: ما لك؟ قلت: إني على جمل ثفال، قال: أمعك قضيب؟ قلت: نعم، قال: أعطنيه، فأعطيته فضربه فزجره فكان من ذلك المكان من أول القوم، قال: بعنيه، فقلت: بل هو لك يا رسول الله، قال: بعنيه قد أخذته بأربعة دنانير ولك ظهره إلى المدينة، فلما دنونا من المدينة أخذت أرتحل قال: أين تريد؟ قلت: تزوجت امرأة قد خلا منها، قال فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك، قلت: إن أبي توفي وترك بنات فأردت أن أنكح امرأة قد جربت خلا منها، قال: فذلك فلما قدمنا المدينة، قال: يا بلال اقضه وزده، فأعطاه أربعة دنانير وزاده قيراطا، قال جابر: لا تفارقني زيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن القيراط يفارق جراب جابر بن عبد الله)) هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم، وأحمد عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له :((قد أخذت جملك بأربعة دنانير، ولك ظهره إلى المدينة)).
مسعر بن كدام، عن محارب بن دثار، عن جابر مرفوعاً.
تقدم تخريج هذا الطريق في المسألة رقم (1112).
- الدراسة والحكم على الحديث :
يرى أبو حاتم أنّ عمرو بن عون قد غلط في هذا الطريق، فالحديث لا يُعرف من حديث عمرو بن دينار، وإنما يعرف ويشتهر بهذا اللفظ عن مسعر بن كدام، عن محارب بن دثار، عن جابر، وقد تقدم في المسألة رقم (1112) بيان أنَّ الحديث بهذا اللفظ اشتهر عن مسعر بن كدام؛ فقد رواه عنه كبار الأئمة كيحيى القطان، وابن عيينة، ووكيع بن الجراح وغيرهم، وهو مخرج في صحيح البخاريّ، وكثير من كتب السنة.
ويبدو أنَّ عمرو بن عون قد سلك الجادة في هذا الحديث فغلط، إذْ طريقُ ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن جابر من الطرق المشهورة.(1/353)
ومما يدل على صحة كلام أبي حاتم في تغليطه عمرو بن عون أنّي لم أقف على هذا الطريق بعد طول تتبع، فهذا يدل على غرابته، ولو كان ثابتاً لسارع الأئمة بإخراجه فهو طريق مسلسل بكبار الأئمة الثقات المتفق على إخراج حديثهم.
وإن كان الطريق غلطاً، فإنّ المتن صحيح مشهور، وتقدم في المسألة رقم (1112)، و المسألة رقم ( 1121) ذكر ما يشهد له، وبيان أنَّ للحديث عن جابر طُرُقاً كثيرة، وأنه رُوي مطولاً ومختصراً، وله ألفاظ متنوعة ومختلفة.
- - - -
36- ] 1124[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ نَصْرُ بنُ عَلِيّ (1)، عَنْ سُلَيْمَان بنِ سُليم(2)، عَنْ جَابِر بْن يَزِيد (3)، عَنْ سُفْيَان الزّيّات(4)، عَنْ الرَّبَيْع بْنِ أَنَس (5)، عَنْ أَنَس(6) أنّ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استسلف من رَجُل من اليهِود شَيْئاً إلى الْمَيْسَرَة، فقَالَ اليهودي : وهَلْ لمُحَمَّد من مَيْسَرَة ، فَأَتَيْتُ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته فقَالَ :((كَذَبَ اليهودي أَنَا خَيْرُ مَنْ بَايَعَ لأَنْ يَلْبَسَ الرَجُلُ ثَوْبًا مِنْ رِقَاعٍ* شَتَّى خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يأكل فِي أَمَانَتِهِ مَا لَيْسَ عَنْدَهُ))، قَالَ أَبِي : هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَر، وسُلَيْمَان، وسُفْيَان مجهولان. **
………………………………
* رِقَاع: جمع رقعة، وهي خرقة تجعل مكان القطع من الثوب. قاله المناويُّ في فيض القدير (5/259).
** نقل هذه المسألة ابن الملقن في البدر المنير (5/لوحة 62ب)، وابن حجر في لسان الميزان (3/55)، بتصرف يسير.
ــــــــــــــــــــــ
(1) نصر بن علي الجهضميّ، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1115)، وهو:((متفق على توثيقه)).(1/354)
(2) سليمان بن سليم : كذا وقع في جميع النسخ، وكذلك وقع أيضاً في زوائد الزهد لعبد الله بن أحمد بن حنبل، ولم أقف له على ترجمة، وقد يكون سليمان هذا هو: سليمان بن سليمان الرفاعي، فقد قال ابن أبي حاتم في الجرح (2/498-499):((جابر بن يزيد أبو الجهم، روى عن الربيع بن أنس، وربما أدخل بينهما سفيان الزيات، روى عنه أبو سلمة عثمان صاحب الطعام…، وسليمان بن سليمان الرفاعي، الذي يروى عنه نصر بن على))، وقال الحاكم في معرفة علوم الحديث (ص234):((جابر بن يزيد أبو الجهم، عن الربيع بن أنس، روى نصر بن علي الجهضمي، عن سليمان الرفاعي عنه))، وقال ابن أبي حاتم في الجرح (4/121 رقم528):((سليمان بن سليمان روى عن عاصم الجحدري، ومالك بن دينار، روى عنه نصر بن على،... سئل أبو زرعة عنه فقال: شيخ)).
وعلى كل حال سواءً كان سليمان هذا هو الرفاعي أو غيره فهو مجهول كما قال أبو حاتم هنا.
(3) هو : جابر بن يزيد، أبو الجهم روى عن: الربيع بن أنس –قال ابن أبي حاتم: وربما أدخل بينهما سفيان الزيات-، وعنه: أبو سلمة عثمان صاحب الطعام، وسليمان بن سليمان الرفاعي.
مجهول، قال أبو زرعة :((لا أعرفه)).
انظر : الجرح (2/498-499 رقم 2046)، معرفة علوم الحديث ( ص234)، الميزان (1/379 رقم1424)، لسان الميزان (2/88-89)، تعجيل المنفعة (1/65)، التهذيب (2/51-52).
(4) سفيان الزيات، لم أجد فيه غير قول أبي حاتم هنا :((مجهول)).
انظر : لسان الميزان (3/55-56).
(5) هو : الربيع بن أنس البكري ويقال: الحنفي، البصري، ثم الخراساني روى عن: أنس بن مالك، والحسن البصري، ورفيع أبي العاليه وغيرهم، وعنه: الحسين بن واقد، وسفيان الثوري، وسليمان بن عامر وغيرهم.
صدوق، قال أبو حاتم :((صدوق))، وقال النسائي :((ليس به بأس))، روى له الأربعة، مات في خلافه أبي جعفر المنصور.
انظر : الجرح (3/ 454رقم 2054)، تهذيب الكمال ( 9/60-62).(1/355)
(6) هو : أنس بن مالك، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1090).
- - -
- التخريج :
-أخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد الزهد (ص34) عن نصر بن علي –به-.
-وللحديث طريقٌ آخر عن الربيع بن أنس : رواه أحمد بن حنبل في مسنده (3/243) -ومن طريقه الخطيب البغدادي في الأسماء المبهمة (ص59)، وفي المتفق والمفترق (1/621)-من طريق أبي سلمة صاحب الطعام، قال أخبرني جابر بن يزيد، وليس بجابر الجعفي، عن الربيع بن أنس، عن أنس بن مالك قال: بعثني رسول الله إلى حليق النصراني ليبعث إليه بأثواب إلى الميسرة، فأتيته فقلت: بعثني إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم لتبعث إليه بأثواب إلى الميسرة، فقال: وما الميسرة؟ ومتى الميسرة ؟والله ما لمحمد سائقة ولا راعية، فرجعت فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآني قال :((كذب عدو الله، أنا خير من يبايع لأن يلبس أحدكم ثوبا من رقاع شتى خير له من أن يأخذ بأمانته أو في أمانته ما ليس عنده)).
وقد روي الحديث من طُرق أخرى عن أنس :
الطريق الأوَّل : رواه البزار في مسنده –كما في كشف الأستار (2/103)-، والطبراني في الأوسط (2/285 رقم1499)، وابن عدي في الكامل (1/400) من طريق أسيد بن زيد، عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم الأحول، عن أنس قال :أرسل النبي صلى الله عليه وسلم يسأل يهوديا إلى الميسرة فقال: وأي ميسرة له؟ وهو الذي لا زرع له ولا ضرع، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال :((والله أما انه لو أعطانا لوجدنا له ولأن يلبس الرجل من أنواع شتى خير من أن يستدين ما ليس عنده قضاء))، وهذا لفظ ابن عدي، وقال :((وهذا الحديث بهذا الإسناد أيضا لا أعلم يرويه عن أبي بكر بن عياش غير أسيد بن زيد،…وأسيد بن زيد هذا يتبين على رواياته ضَعْفٌ، وله غير ما ذكرت من الروايات وعامة ما يرويه لا يتابع عليه)).(1/356)
الطريق الثاني : رواه الخطيبُ البغداديّ في الأسماء المبهمة (ص58) من طريق أحمد بن زهير بن حرب النسائي، ومحمد بن يونس الكديمي كلاهما عن محمد بن سعيد الأصبهاني، عن عبدالسلام بن حرب، عن الأعمش، عن أنس بن مالك بنحو ما تقدم.
الطريق الثالث : وهو مختصر بلفظ :((لأنْ يلبس العبد المؤمن، والمرأة المؤمنة ألوان شتى خير له من أن يأخذ في أمانته ما ليس عنده))، وليس فيه القصة، أخرجه الدولابيُّ في الكنى والأسماء (2/150)، وأبونعيم في ذكر أخبار أصبهان (1/327) من طريق سعيد بن أبي هانئ، عن أبيه، عن الثوري، عن أبي عمارة، عن النضر بن أنس، عن أنس –به، مرفوعاً، ورواه البيهقي في شعب الإيمان (4/402) من طريق يحي بن اليمان، عن الثوري، عن أبي عمارة، عن أنس –به-، مرفوعاً، وأخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الورع (ص106 رقم172) من طريق أبي عمارة.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
مما تقدم يتبين أنّ الحديث عن أنس ضعيف من جميع طرقه، فالطريق الأوَّل: فيه سليمان بن سُليم-أو ابن سليمان-، وجابر بن يزيد، وسفيان الزيات، وجمعيهم مجاهيل-كما تقدم-، وقد حكم أبو حاتم على الحديث من هذا الطريق بأنه منكر.
والطريق الثاني: فيه أبو سلمة صاحب الطعام، وهو لا يعرف-انظر: تاريخ ابن معين (2/709)، وتعجيل المنفعة (2/472 )-، وجابر بن يزيد وتقدم أنه مجهول، ثم هو منقطع بين جابر بن يزيد، والربيع بن أنس بينهما سفيان الزيات كما في الطريق الأوَّل، وقد نبه على الانقطاع ابنُ حجر في لسان الميزان (3/55-56)، ثم إنّ في المتن أنّ الرجلَ الذي قال ذلك الكلام نصرانيّ، وفي الرواية الأولى يهودي، وقد ضعف الحديث ابن حجر في التلخيص (3/32).
وأما الطريق الثالث عن أنس: فهو ضعيفٌ جداً فيه أسيد بن زيد كذبه ابنُ معين، وقال النسائيُّ :((متروك))، وتقدم كلام ابن عدي فيه ( انظر : التهذيب 1/344-345).(1/357)
وأما الطريق الرابع: فهو منقطع لأنّ الأعمش لم يسمع من أنس بن مالك قاله ابن المديني، والترمذيّ وغيرهما-انظر : جامع التحصيل (ص188-189)-.
وأما الطريق الخامس عن أنس: فهو معلول، وقد بيّن علته أبو حاتم، قال ابنُ أبي حاتم في العلل (2/143 رقم 1924) :((سألتُ أبي عن حديث رواه سعيد بن أبي هانيء إسماعيل بن خليفة قاضي أصبهان، عن أبيه أبي هانئ عن سفيان الثوري، عن أبي عمارة، عن النضر بن أنس، عن أنس بن مالك قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : لأن يلبس العبد المؤمن أو المرأة ألوانا من شتى يعنى مرقعا خير له من أن يأخذ في أمانته ما ليس عنده، فسمعت أبي يقول : روى هذا الحديث يحيى بن يمان، عن الثوري، عن أبي عمارة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو عمارة هذا يشبه أن يكون زياد بن ميمون، وزياد بن ميمون متروك الحديث))، وأبو عُمارة يضطرب في الحديث فمرةً يرويه عن أنس بن مالك مباشرةً، ومرةً يذكر النضر بن أنس بينه وبين أنس.
فتبيّن مما تقدم أنّ حديث أنس بن مالك هذا ضعيفٌ من جميع طرقه.(1/358)
وقد رُوي نحوه من حديث عائشة، أخرجه : الترمذيّ في سننه (3/509 رقم1213) كتاب البيوع، باب في الرخصة في الشراء إلى أجل، والنسائي في سننه 07/294) كتاب البيوع، باب البيع إلى الأجل المعلوم، وأبو داود الطيالسي في مسنده (ص214 رقم1525)، وإسحاق بن راهويه في مسنده (3/ 624 رقم 1200)، وأحمد في المسند (6/147)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين (2/28) كتاب البيوع، وأبو نعيم في الحلية (3/347)، وغيرهم من طريق عمارة بن أبي حفصة، قال: أخبرنا عكرمة، عن عائشة قالت :((كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبان قطريان غليظان، فكان إذا قعد فعرق ثقلا عليه، فقدم بزّ من الشام لفلان اليهودي، فقلتُ: لو بعثتَ إليه فاشتريتَ منه ثوبين إلى الميسرة، فأرسل إليه فقال: قد علمتُ ما يريد، إنما يريد أن يذهب بمالي أو بدراهمي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذب قد علم أني من أتقاهم لله، وآداهم للأمانة))، هذا لفظ الترمذي، وقال :((وفي الباب عن ابن عباس، وأنس، وأسماء بنت يزيد،…حديث عائشة حديث حسن غريب صحيح))، وقال الحاكم:((هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه)).
- - - -
37- ] 1125[ وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ المُؤَمَّلُ بْنُ إسمَاعِيل(1)، عَنْ عَبْد اللّه العُمَريّ(2)، عَنْ نَافِع (3)، عَنْ ابْنِ عُمَر(4)، * عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((نَهَى عَنْ بَيْع الطَّعَامِ حَتَّى يُقْبَضَ))، قَالَ أَبِي : هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَر بِهَذَا الإِسْنَاد.
………………………………
* كذا وقع في جميع النسخ، والذي يظهر أنّ هذا خطأٌ، والصواب أنّ رواية عبدالله بن عمر العمري هي : عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، يدل على ذلك ما يلي :
أنّ جميع من أخرج رواية عبد الله بن عمر العمري رواها عنه على الوجه الثاني، وبعضهم رواه من طريق مؤمل بن إسماعيل وهو الذي بدأ ابن أبي حاتم به الطريق.(1/359)
أنّ البزار نصَّ على أنّ عبد الله بن عمر العمري روى هذا الحديث عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأنه لم يتابع عليه، بل خالفه الثقات الحفاظ، وكذلك الطبراني فقد قال –كما تقدم- :((لم يرو هذا الحديث عن نافع، إلاّ عبد الله بن عمر، ولا عن عبد الله بن عمر إلاّ مؤمل، تفرد به هشام بن عمار)).
أنه لو كان عبد الله بن عمر رواه عن نافع عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان هناك نكارة، فجميع أصحاب نافع رووه كذلك، بل هذا يدل على أنّ عبد الله بن عمر حفظ الحديث على الصواب !!.
وقد تقدم في المقدمة في الفصل الثاني من الباب الثالث قسم الدراسة من أنّ الكتاب أنّ هناك مسائل اتفقت عليها جميع النسخ وهي خطأ بين، وتقدم توجيه ذلك.
ــــــــــــــــــــــ
(1) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1116)، وهو :((ضعيف)).
(2) هو: عبد الله بن عمر بن حفص، العدوي، أبو عبد الرحمن العمري، المدني، روى عن: حميد الطويل، وسهيل بن أبي صالح، ونافع مولى بن عمر وغيرهم وعنه: عبدالله بن وهب، والفضل بن دكين، ووكيع بن الجراح وغيرهم.
ضعيف، ضعفه يحيى القطان، وابن المدينيّ، والبخاري وغيرهم، روى له مسلم مقروناً بغيره، والباقون سوى البخاري، مات سنة إحدى وسبعين ومائة.
انظر : سنن الترمذي (2/179)، تاريخ بغداد (10/19-21)، تهذيب الكمال (15/327-332)، التهذيب (5/326-328).
(3) هو: نافع مولى ابن عمر، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091) ((وهو متفق على جلالته وإتقانه)).
(4) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091).
- - -
- التخريج :
- المؤمل بن إسماعيل، عن عبدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
لم أجد من أخرجه من هذا الطريق.(1/360)
وتقدم أنّ المشهور أنّ عبد الله العمري رواه عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر فجعله من مسند عمر بن الخطاب، أخرج هذه الرواية الطبراني في المعجم الأوسط (7/368 رقم6714) قال: حدثنا محمد بن أبي زرعة الدمشقي، قال: حدثنا هشام بن عمار، قال:حدثنا مؤمل بن إسماعيل،قال:حدثنا عبدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر أنّ :((حكيم بن حزام اشترى طعام الرزق، فباعه قبل أن يقبضه، فنهاه عمر وقال: أمَا إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام حتى يقبض، فرد إليه رأس ماله))، وقال الطبراني :((لم يرو هذا الحديث عن نافع، إلاّ عبد الله بن عمر، ولا عن عبد الله بن عمر إلاّ مؤمل، تفرد به هشام بن عمار)).
ولم يتفرد مؤمل بن إسماعيل بهذا الحديث عن عبد الله العمري فقد تابعه يونسُ بنُ محمد، أخرج روايته :
- البزار في مسنده (1/265 رقم162) عن إبراهيم بن زياد الصائغ، وأبو يعلى الموصلي في مسنده –كما في مسند الفاروق عمر بن الخطاب لابن كثير (1/343)، وإتحاف الخيرة المهرة (4/215 رقم3715)، ولم أقف عليه في الرواية المطبوعة-عن زهير بن حرب، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/37) كتاب البيوع، باب ما نهي عن بيعه حتى يقبض، عن علي بن معبد، والطبراني في المعجم الكبير –كما في مجمع الزوائد (4/98)، ولم أجده في المطبوع من المعجم الكبير-، جميعهم عن يونس بن محمد، قال: أخبرنا عبدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :((من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه)).(1/361)
وقال البزار-بعد أن ساق هذا الحديث وحديثاً آخر- :((وهذان الحديثان إنما يرويهما الثقات الحفاظ عن نافع، عن ابن عمر، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا نعلم أحداً قال: عن ابن عمر، عن عمر، إلاّ عبد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر، ولم يتابع عليه))، وقال ابن كثير :((إسناده حسن، ولم يخرجه أهل السنن فإنه على شرطهم، وإن كان في العمري كلام))، وسيأتي في الدراسة أنّ للسند علةً خفيةً تقدح فيه.
وقد رواه عن نافع، عن ابن عمر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم :
أيوب السختياني : أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (8/186 رقم3157).
وجويرية بن أسماء : أخرجه : البخاريّ في الصحيح (4/375 رقم2166) كتاب البيوع، باب منتهى التلقي.
وعبيد الله بن عمر: أخرجه : البخاريّ في الصحيح (4/375 رقم2167)، ومسلم في صحيحه (3/1161رقم1526) كتاب البيوع، باب بطلان بيع المبيع قبل القبض، وأبو داود في سننه (3/281 رقم 3494) كتاب البيوع، باب في بيع الطعام قبل أن يستوفى، والنسائي في سننه (7/287) كتاب البيوع، باب بيع ما يشترى من الطعام جزافاً قبل أن ينقل من مكانه، وأحمد بن حنبل في مسنده (2/22)، وابن حبان في صحيحه –كما في الإحسان (11/362 رقم4986) كتاب البيوع، باب البيع المنهي عنه وغيرهم.
وعمر بن محمد : أخرجه : مسلم في صحيحه (3/1161)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (8/189 رقم3164)، وفي شرح معاني الآثار (4/37).
وعمر بن نافع، أخرجه : الطحاوي في شرح مشكل الآثار (8/187-188 رقم3160)(1/362)
ومالك بن أنس : رواه في الموطأ (2/640 رقم1310) كتاب البيوع، باب العينة وما يشبهها، وأخرجه : البخاريّ في الصحيح (4/344 رقم2126) كتاب البيوع، باب الكيل على البائع والمعطي، ومسلم في صحيحه (3/1160رقم1526)، وأبو داود في سننه (3/281 رقم 3492)، والنسائي في سننه (7/287) ، وابن ماجه في سننه (2/749 رقم 2226) كتاب التجارات، باب النهي عن بيع الطعام قبل ما لم يقبض، وغيرهم.
ومحمد بن إسحاق، أخرجه : أحمد في مسنده (2/135)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (8/188 رقم3161).
ومحمد بن عبد الرحمن غنج: أخرجه : النسائي في سننه (7/287).
وموسى بن عقبة : أخرجه : البخاريّ في الصحيح (4/339 رقم2123) كتاب البيوع، باب ما ذكر في الأسواق، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (8/187 رقم3159).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن نافع مولى ابن عمر على وجهين :
الوجه الأوَّل : رواه عبدالله بن عمر العُمري، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثاني : رواه أيوب السختياني، وجويرية بن أسماء، وعبيد الله بن عمر، وعمر بن محمد، وعمر بن نافع، ومالك بن أنس ومحمد بن إسحاق، ومحمد بن عبد الرحمن غنج، وموسى بن عقبة جميعهم عن نافع، عن ابن عمر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
ولا شك أنّ الوجه الثاني هو الراجح لأمور :
الأوَّل : أنّ عبد الله العمري ضعيف، والمخالفون له كبار الأئمة الثقات.
الثاني : أنّ المخالفين له عدد من الرواة.(1/363)
الثالث : أنّه رواه عن نافع أصحابه المقدمون: أيوب السختياني، وعبيد الله بن عمر، ومالك بن أنس، وهؤلاء هم الطبقة الأولى من أصحاب نافع كما ذكر ذلك علي بن المديني، والنسائيّ، ويحيى القطان، وأحمد بن حنبل –كما في شرح علل الترمذي (1/401-403)، (2/474-475)-، وذكرهم الدارقطني كذلك –كما سؤالات أبي عبد الله بن بكير (ص54)، فهؤلاء إذا اتفقوا لا يُقَدّم عليهم أحد في نافع، وتابعهم أيضاً عدد من الثقات الأثبات.
وقال البزار-بعد أن ساق هذا الحديث وحديثاً آخر- :((وهذان الحديثان إنما يرويهما الثقات الحفاظ عن نافع، عن ابن عمر، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا نعلم أحداً قال: عن ابن عمر، عن عمر، إلاّ عبد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر، ولم يتابع عليه)).
وعلى ما تقدم تكون رواية عبد الله بن عمر العمري هذه منكرةٌ جداً.
والحديث من الطريق الراجح ثابت في الصحيحين كما تقدم، وتقدم أيضاً من حديث ابن عباس مرفوعاً في المسألة رقم (1111).
- - - -
38- ] 1126[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بن عَبْد الْوَارِثِ (1)، عَنْ الْحَسَن بن أَبِي جَعْفَر(2)، عَنْ بُدَيْل (3)، عَنْ أَنَس (4) عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :((خَصْلَتَانِ لا يَحِلُّ مَنْعهمَا: الْمَاءُ، والنَّارُ)) ، قَالَ أَبِي : هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ بِهَذَا الإِسْنَاد *.
………………………………
* نقل كلام أبي حاتم المذكور هنا ابنُ الملقن في البدر المنير (5/لوحة107أ)، وابنُ حجر في التلخيص الحبير (3/65).
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : عبد الصمد بن عبد الوارث التميمي العنبري، مولاهم، أبو سهل البصري، روى عن: أبان بن يزيد العطار، وإبراهيم بن سعد الزهري، وحماد بن سلمة وغيرهم، وعنه: أحمد بن نصر النيسابوري، وإسحاق بن راهويه، وعبد بن حميد وغيرهم.(1/364)
ثقة، وثقه ابن سعد، وابن معين وغيرهما، روى له الجماعة، مات سنة سبع ومائتين.
انظر : الطبقان (7/300)، معرفة الرجال (1/145)، تهذيب الكمال (18/99-102)
(2) هو : الحسن بن أبي جعفر الجُفْرِيُّ أبو سعيد الأزديّ، البصريّ، روى عن: أيوب السختياني، وبديل بن ميسرة، وثابت البناني وغيرهم، وعنه: حفص بن عمر، وأبو داود الطيالسي، ويزيد بن زريع وغيرهم.
ضعيف، قال البخاري :((منكر الحديث)) ، وقال ابن حبان :((وكان الحسن بن أبي جعفر من المتعبدين المجابين الدعوة في الأوقات، ولكنه ممن غفل عن صناعة الحديث وحفظه، واشتغل بالعبادة عنها، فإذا حدّث وَهِم فيما يروي ويقلب الأسانيد وهو لا يعلم حتى صار ممن لا يحتج به وإن كان فاضلا)) ، وقد ضعفه جمهور النقاد، روى له الترمذي، وابن ماجه، مات سنة إحدى وستين ومائة.
انظر : التاريخ الكبير (2/288رقم2500)، المجروحين(1/236-237)، تهذيب الكمال ( 6/73-78).
(3) هو: بُدَيْل بن مَيْسَرة العُقيلي البصري، روى عن : أنس بن مالك، وشهر بن حوشب، وعبد الله بن شقيق العقيلي وغيرهم، وعنه : أبان بن يزيد العطار، والحسن بن أبي جعفر، وحماد بن زيد وغيرهم.
ثقة، وثقه ابن معين، وابن سعد، والنسائي وغيرهم، روى له الجماعة سوى البخاري، مات سنة ثلاثين ومائة.
انظر : طبقات ابن سعد (7/240)، الجرح (2/428 رقم1702)، تهذيب الكمال ( 4/31-33).
(4) هو : أنس بن مالك، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1090).
- - -
- التخريج :
-أخرجه البزار في مسنده –كما في كشف الأستار (2/111 رقم1324)-.
- والطبرانيُّ في المعجم الصغير (2/7 رقم681)، -ومن طريق الطبراني رواه الخطيب البغدادي في المتفق والمفترق (3/1493)-.(1/365)
كلاهما من طريق عبده بن عبد الله الصفار، عن عبد الصمد بن عبد الوارث –به-، وقال البزار :((لا نعلمه إلاّ عن أنس من هذا الطريق، ولا نعلم أسند بديل عن أنس إلاّ هذا وآخر)) ، وقال الطبراني :((لم يروه عن بديل بن ميسرة إلا الحسن تفرد به عبد الصمد)) .
وقال الدارقطني- كما في أطراف الغرائب والأفراد (2/18)- :((تفرد به الحسن بن أبي جعفر، عن بديل عنه)) .
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
تبيّن مما تقدم أنّ الحديث تفرد به الحسن بن أبي جعفر كما قال البزار، والطبراني، والدارقطني، والحسنُ ضعيف الحديث، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/124) :((رواه البزار والطبراني في الصغير وفيه الحسن بن أبي جعفر وهو ضعيف وفيه توثيق لين)) ، وقال ابن حجر في مختصر زوائد البزار (1/524) :((والحسن ضعيف))، فالحديث منكر كما قال أبو حاتم.
وللحديث شواهد بمعناه؛ منها :
حديث أبي هريرة، أخرجه : ابن ماجه في سننه (2/826 رقم2473) كتاب الرهون، باب المسلمون شركاء في ثلاث، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد، قال: حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :((ثلاثٌ لا يُمنعن : الماء، والكلأ، والنار))، قال ابن حجر في الفتح (5/32)، والتلخيص (3/65) :((إسناده صحيح)) ، وقال ابن كثير في تفسيره (4/297) :((إسناده جيد)) ، وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (3/81) :((هذا إسناد صحيح رجاله ثقات محمد بن عبدالله بن يزيد المقري أبو يحيى المكي وثقه النسائي، وابن أبي حاتم، ومسلمة الأندلسي، والخليلي وغيرهم، وباقي رجال الإسناد على شرط الشيخين)) .(1/366)
حديث رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، أخرجه : أبو داود في سننه (3/278 رقم3477) كتاب البيوع، باب في منع الماء، -ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى ( 6/150) كتاب إحياء الموات، باب ما لا يجوز اقطاعه من المعادن الظاهرة-، من طريق علي بن الجعد، وعيسى بن يونس ، وابن أبي شيبة في المصنف (7/304) كتاب البيوع والأقضية، حمى الكلأ وبيعه، وأحمد في مسنده (5/364)، والبخاريّ في التاريخ الكبير (3/84)، وابن عدي في الكامل (2/451-452)، والبيهقي أيضاً، وابن عبد البر في الاستيعاب (8/1635)، والخطيب في موضح أوهام الجمع (2/48-49) جميعهم من طريق ثور بن يزيد، وزاد ابنُ عدي، والبيهقيُّ، والخطيبُ : معاذ بن معاذ، ويزيد بن هارون.
وأخرجه : أبو عبيد في الأموال (306 رقم729) من طريق يزيد بن هارون، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/2877) من طريق أبي اليمان الحكم بن نافع معلقاً.
جميعهم (ثور بن يزيد، والحكم بن نافع، وعلي بن الجعد، وعيسى بن يونس، ومعاذ بن معاذ، ويزيد بن هارون ) عن حَريز بن عثمان، عن أبي خداش، أنه سمع رجلا من المهاجرين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا أسمعه يقول:((المسلمون شركاء في ثلاث في الماء والكلأ والنار)) ، وهذا لفظ مسدد، عن عيسى بن يونس، قاله البيهقيّ، ونحوه رواية البقية.
قال ابن حجر في الدراية (2/246) :((ورجاله ثقات)) ، وقال البوصيري في إتحاف الخيرة (4/297) :((رواه مسدد، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر، وأحمد بن منيع، ورجاله ثقات)) ، قال البيهقي في السنن الكبرى (4/249) :((وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم ثقات فسواء سموا أو لم يسموا)) .(1/367)
وحَريز بن عثمان ثقة ثبت –التقريب (ص 156 رقم1184)-، وأبو خداش -بكسر المعجمة وآخره معجمة- هو : حَبان بن زيد الشرعبي -بفتح المعجمة ثم راء ساكنة ثم مهملة مفتوحة ثم موحدة- ذكره بن حبان في الثقات (4/181)، وقال ابن حجر في التهذيب (2/ 171-172) :((وقد تقدم أن أبا داود قال: شيوخ حريز كلهم ثقات)) ، وقال أيضاً في التقريب (ص 149 رقم1073) :((ثقة)).
وحديث جابر بن عبد الله : أخرجه مسلم في صحيحه (3/1197 رقم 1565) من طريق أبي الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول :((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ضراب الجمل وعن بيع الماء والأرض لتحرث، فَعَنْ ذلك نَهَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم)) .
وحديث إياس بن عبد المزنيّ : أخرجه أبو داود في سننه (3/278 رقم 3478) كتاب البيوع، باب في بيع فضل الماء، والترمذي في سننه (3/571رقم 1271) كتاب البيوع، باب ما جاء في بيع فضل الماء، والنسائي في سننه (7/307) كتاب البيوع، باب بيع الماء، من طريق عمرو بن دينار عن أبي المنهال عن إياس بن عبد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :((نهى عن بيع فضل الماء)) ، وقال الترمذي :((وفي الباب عن جابر، وبهيسة، عن أبيها، وأبي هريرة، وعائشة، وأنس، وعبد الله بن عمرو،…حديث إياس حديث حسن صحيح)) .
- - - -
39- ] 1127[ وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ سُويدُ أَبُو حَاتِم(1)، عَنْ قَتَادَة(2)، عَنْ جَابِر بنِ عَبْد اللّه(3) قَالَ :((لَيْسَ بين الأب وبين ابنه ربا))، /قَالَ أَبِي: هَذَا * خَطأ إِنَّمَا هُوَ قَتَادَة، عَنْ جَابِر بن زَيْد(4)،كذا يَرْوِيهِ الْدَّسْتَوَائِيّ(5).
………………………………
* وقع في المطبوع ( هذا حديث) وليس في جميع النسخ ذلك !.
ــــــــــــــــــــــ(1/368)
(1) هو : سويد بن إبراهيم الجَحْدَريُّ، أبو حاتم الحنّاط البصري، روى عن: الحسن البصري، وقتادة بن دعامة، ومطر الوراق وغيرهم، وعنه: هشام الطيالسي، ويحيى القطان، ويونس المؤدب وغيرهم.
ضعيف، خاصةً عن قتادة، قال النسائي :((ضعيف))، وقال ابن عديّ :((ولسويد غير ما ذكرتُ من الحديث عن قتادة، وعن غيره، بعضها مستقيمة وبعضها لا يتابعه أحد عليها، وإنما يخلط على قتادة ويأتي بأحاديث عنه لا يأتي به أحدٌ عنه غيرُهُ، وهو إلى الضعف أقرب))، روى له البخاري في الأدب حديثا واحدا، مات سنة سبع وستين ومائة.
انظر : الضعفاء والمتروكين (ص124 رقم276)، الكامل (3/421-424)، تهذيب الكمال (12/242-244).
(2) هو : قتادة بن دعامة السدوسي، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1103)، وهو :((متفق على توثيقه وجلالته، وهو كثير الإرسال ويدلس)).
(3) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1098).
(4) هو : جابر بن زيد الأزدي، أبو الشعثاء البصري، روى عن: عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر بن الخطاب وغيرهم، وعنه: أيوب السختياني، وعمرو بن دينار، وقتادة بن دعامة وغيرهم.
متفق على توثيقه وجلالته وفقهه، قال الذهبيُّ :(( كان عالم أهل البصرة في زمانه يعد مع الحسن وابن سيرين وهو من كبار تلامذة ابن عباس ))، روى له الجماعة، مات سنة ثلاث وتسعين.
انظر : السير (4/481-483)، تهذيب الكمال (4/434-437).
(5) هو : هشام بن أبي عبد الله الدَّسْتَوائيّ، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1103) وهو :((متفق على ثقته وفضله وقد رمي بالقدر )).
- - -
- التخريج :
سُويدُ أبو حاتمٍ، عَنْ قَتادة، عَنْ جابرِ بنِ عبدِ الله قالَ :((ليسَ بين الأب وبين ابنه ربا)).
لم أقف على من أخرجه من هذا الوجه.
2- هشام الدستوائي، عن قتادة، عَنْ جابرِ بن زيد.
أخرجه :(1/369)
- ابن أبي شيبة في المصنف (6/22) كتاب البيوع والأقضية، من قال: ليس بين العبد وسيده ربا، عن إسماعيل بن علية، عن هشام الدستوائي عن قتادة عن جابر بن زيد قال :((ليس بين العبد وبين سيده ربا)).
وتابع هشام الدستوائي:
1- سعيدُ بن أبي عروبة، أخرجه : ابن أبي شيبة في المصنف (6/23) عن عبدة بن سليمان، عن سعيد، عن قتادة، عن جابر بن زيد، والحسن قالا :((ليس بين العبد وبين سيده ربا)).
2- ومعمرُ بن راشد، أخرجه عبدالرزاق في المصنف (8/76) كتاب البيوع، باب ليس بين عبد وسيده والمكاتب وسيده ربا، عن معمر، عن قتادة، عن الحسن، وجابر بن زيد قالا :((ليس بين العبد وسيده ربا )).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الأثر عن قتادة بن دعامة على وجهين :
الوجه الأول: رواه سويد أبوحاتم، عن قتادة، جابر بن عبد الله، قال :((ليس بين الأب وبين ابنه ربا)).
الوجه الثاني: رواه سعيد بن أبي عروبة، ومعمر بن راشد، وهشام الدستوائي، عن قتادة، جابر بن زيد، قال :((ليس بين العبد وسيده ربا)).
ولا شك أنّ الوجه الأوَّل خطأ كما قال أبو حاتم، فقد خالف سويد أبوحاتم –وهو ضعيف- ثلاثة من كبار أصحاب قتادة –وتقدم ذكر أصحاب قتادة في المسألة رقم (1103)-.
فالصواب أنّ هذا الأثر موقوف على جابر بن زيد بلفظ :((ليس بين العبد وسيده ربا)).
- - - -(1/370)
40- ] 1128[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ(1)، عَنْ ثَوْرٍ بْنِ يزيد(2)، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ (3)، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ (4)، عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ (5)، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :((كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ))، قَالَ أَبِي : رَوَاهُ بَقِيَّةُ (6)، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ (7)، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ الْمِقْدَامِ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ *، ولا يدخلُ بينهما جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، قلتُ: أَيُّهمَا اَلصَّحِيحُ ؟ قال: حَدِيثُ ثَوْر بنِ يزيد ** حَيْثُ زَادَ رَجُلاً***.
………………………………
* كذا وقع في جميع النسخ، وسيأتي أنّ جميع من روى طريق بقية جعله من رواية خالد بن معدان، عن المقدام، عن أبي أيوب الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
** كذا في الأصل، و(ش)، وفي (ت)، و(ف) (ثور) فقط.
*** ستتكرر المسألة برقم (1164) من طريق آخر يرجع إلى الاختلاف على خالد بن معدان، وكان من الأولى الجمع بين المسألتين هنا، لأنّ الكلام فيهما واحد.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو: عبد الله بن المبارك، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1092)، وهو :((ثقة متفق على جلالته وإتقانه)).
(2) هو : ثُوْر بن يزيد بن زياد الكَلاَعيُّ، أبو خالد الشامي الحمصي، روى عن : خالد بن معدان، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة مولى بن عباس وغيرهم، وعنه: سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك وغيرهم.
ثقةٌ ثبتٌ فاضل عابد، وكان يرى القَدَر، قال أبو حاتم :((صدوق حافظ))، وقال الوليد بن مسلم :((كان يحفظ حديث خالد بن معدان))، وقال ابن حجر-في الهدي -: ((اتفقوا على تثبته في الحديث مع قوله بالقدر))، وقال-في التقريب- :((ثقة ثبت، إلاّ أنه يرى القدر))، روى له الجماعة سوى مسلم، مات سنة ثلاث وخمسين ومائة.(1/371)
انظر : الجرح (2/468-469رقم1904)، تاريخ دمشق (11/183-197)، تهذيب الكمال ( 4/418-428)، الهدي (ص394)، التقريب (ص135رقم 861).
(3) هو : خالد بن مَعْدان بن أبي كرب الكَلاعِيُّ، أبو عبد الله الشامي الحمصي، روى عن : ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجبير بن نفير، والمقدام بن معدي كرب وغيرهم، وعنه : بحير بن سعد، وثور بن يزيد، وحسان بن عطية وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه وفقهه وفضله، وهو يرسل، قال العجلي :((شامي تابعي ثقة))، وقال أبو حاتم :((خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل مرسل لم يسمع منه وربما كان بينهما اثنان))، روى له الجماعة، مات سنة ثلاث ومائة.
انظر : معرفة الثقات (1/332رقم395)، المراسيل (ص52 رقم 184)، تهذيب الكمال (8/167-174).
(4) هو : جُبَيْر بن نُفَير بن مالك الحضرمي، أبو عبد الرحمن الشامي الحمصي، وروى عن: خالد بن الوليد، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص وغيرهم، و عنه : خالد بن معدان ومكحول الشامي، ويزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه وفضله، قال أبو حاتم :((ثقة، من كبار تابعي أهل الشام القدماء))، روى له البخاري في الأدب وغيره والباقون ، مات سنة خمس وسبعين.
انظر : الجرح (2/512-513 رقم2116)، تهذيب الكمال (4/509-512).
(5) هو : المقدام بن مَعْدي كَرِب بن عمرو الكندي صحابي مشهور نزل الشام، وسكن حمص، ومات بها سنة سبع وثمانين على الصحيح، وله إحدى وتسعون سنة.
انظر : تهذيب الكمال ( 28/458-460)، التقريب ( ص545رقم6871)
(6) هو: بقية بن الوليد، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1109)، وهو :((ثقة مكثر من التدليس عن الضعفاء والمجهولين، وفي روايته عن غير أهل الشام بعض الأوهام)).
(7) هو : بَحِير بن سعد السَّحولي، أبو خالد الحمصي، روى عن : خالد بن معدان، ومكحول الشامي، روى عنه: إسماعيل بن عياش، وبقية بن الوليد، وثور بن يزيد -وهو من أقرانه- وغيرهم.(1/372)
متفقٌ على توثيقه، قال أحمد بن حنبل :((ليس بالشام أثبت من حريز إلا أن يكون بحير))، وقال أبو بكر الأثرم :((قلتُ لأبي عبد الله: أيما أصح حديثاً عن خالد بن معدان ثور أو بحير؟ فقال: بحير، فقدم بحيراً عليه))، وهو مقل من الرواية، قال الذهبيّ –في التذكرة-:((له نسخة عن خالد بن معدان، وشيء عن مكحول ليس إلاّ))، روى له البخاري في الأدب وفي أفعال العباد والباقون سوى مسلم، وذكره الذهبيّ في الطبقة الخامسة عشر من تاريخ الإسلام، وهي التي توفي أصحابها بين 141-150.
انظر : الجرح (2/412 رقم1625)، تهذيب الكمال ( 4/20-22)، تاريخ الإسلام (حوادث141-160 ص75)، تذكرة الحفاظ (1/175).
- - -
- التخريج :
1- ابن المبارك، عن ثور، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن المقدام بن معدي كرب، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
-أخرج هذا الطريق الإسماعيليُّ في مستخرجه –كما قال ابن حجر في فتح الباري (4/345)- من طريق أبي الربيع الزهراني، عن ابن المبارك –به-، -ومن طريق الإسماعيليّ رواه : البيهقي في السنن الكبرى (6/31) كتاب البيوع، باب ما جاء في ابتغاء البركة من كيل الطعام-.
وقد خالف أبا الربيع الزهراني :
عبدُالرحمن بنُ مهدي، أخرجه : أحمد بن حنبل في مسنده (4/131)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/31).
وإبراهيم الهرويّ، أخرجه : ابن المقرئ في معجمه (ص212 رقم 697).
كلاهما عن ابن المبارك، عن ثور، عن خالد بن معدان، عن المقدام بن معدي كرب، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وتابع ابن المبارك على هذه الرواية الثانية :(1/373)
الوليدُ بن مسلم، أخرجه البخاري في صحيحه (4/345 رقم2128) كتاب البيوع، باب ما يستحب من الكيل، وابن حبان في صحيحه-كما في الإحسان (11/285 رقم4918) كتاب البيوع، ذكر الأمر لمن اشترى طعاما أن يكيله رجاء وجود البركة فيه-، والطبرانيّ في الكبير (20/372 رقم 643)، وفي مسند الشاميين (1/144 رقم433)، والقضاعيّ في مسند الشهاب (1/406 رقم698)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/32).
ويحيى بن حمزة، أخرجه أبو نعيم في الحلية (5/217)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/32)، وقال أبو نعيم :((صحيح من حديث ثور، عن خالد، رواه ابن المبارك، والوليد بن مسلم عن ثور، ورواه إسماعيل بن عياش، وبقية، عن بحير، فقال : عن المقدام، عن أبي أيوب مثله)).
وعبد الله بن المنذر الخراساني، أخرجه ابن قانع في معجم الصحابة (3/106)
وأشار إلى هذا الطريق الدارقطني في العلل (6/122).
2- بقية بن الوليد، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن المقدام بن معدي كرب، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
لم أقف على من أخرج هذا الطريق.
وجميع من أخرج طريق بقية بن الوليد جعله من رواية المقدام بن معدي، عن أبي أيوب الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أخرجه هكذا :
ابن ماجه في سننه (2/751 رقم 2232) كتاب التجارات، باب ما يرجى في كيل الطعام من البركة، قال: حدثنا عمرو بن عثمان.
وأحمد بن حنبل في مسنده (5/414)، عن حيوة بن شريح.
والطبراني في المعجم الكبير (4/121 رقم 3859)، وفي مسند الشاميين (2/171 رقم1129) من طريق إسحاق بن راهوية، وعبدالوهاب بن نجدة، ويحيى بن يحيى، ويزيد بن عبدربه.
وأبو نعيم في حلية الأولياء (5/217) معلقاً.
والقضاعي في مسند الشهاب (1/405)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/32)، كلاهما من طريق عمرو بن عثمان.(1/374)
جميعهم عن بقية بن الوليد، عن بحير بن سعيد، عن خالد بن معدان، عن المقدام بن معدي كرب عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :((كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه))، وقد صرح بقية بالسماع في رواية أحمد بن حنبل، والقضاعي.
وتابع بقيةَ بنَ الوليد على هذه الرواية إسماعيلُ بن عياش، أخرج روايته :
-أحمد بن حنبل في مسنده (5/414).
-وأحمد بن منيع في مسنده-كما قال البوصيريّ في مصباح الزجاجة (3/26)-.
كلاهما عن هيثم بن خارجة.
-والطبراني في المعجم الكبير (4/121 رقم 3859)، وفي مسند الشاميين (2/171 رقم1129) من طريق سعيد بن منصور.
- وابن عدي في الكامل (1/296) من طريق الحسن بن عرفة.
-و أبو نعيم في حلية الأولياء (5/217) من طريق محمد بن كثير.
جميعهم عن إسماعيل بن عياش-به-.
وسيذكر ابن أبي حاتم روايته في المسألة رقم (1164).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
روى الحديث عن خالد بن معدان اثنان هما: ثور بن يزيد، وبحير بن سعد :
1- فأمّا رواية ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، فقد اختلف فيها عن ثور على ثلاثة أوجه:
الوجه الأوّل: رواه عبد الله بن المبارك –عنه : ابنُ مهدي، وإبراهيمُ الهروي-، وعبدالله بن المنذر، والوليد بن مسلم، ويحيى بن حمزة جميعهم عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن المقدام بن معدي كرب، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الوجه الثانيّ: رواه عبد الله بن المبارك –عنه : أبو الربيع الزهراني-عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن المقدام بن معدي كرب، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الوجه الثالث: عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن أبي أيوب الأنصاري، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذكر هذا الوجه أبو حاتم في المسألة رقم (1164) ولم أجد من أخرج هذه الرواية.(1/375)
والصحيح من هذه الأوجه الوجه الأوَّل، لأنّ الوجه الثاني تفرد به أبو الربيع سليمان بن داود الزهراني عن ابن المبارك، وأبو الربيع ثقة إلاّ أنه خالف من هو أوثق منه بدرجات وأجل : عبدالرحمن بن مهدي، وتابع عبدالرحمن بن مهدي : إبراهيمُ الهروي، فلم يذكرا في روايتيهما جبير بن نفير، وقد تابع ابنَ المبارك -على هذه الرواية الراجحة عنه- عبد الله بنُ المنذر، الوليدُ بنُ مسلم، ويحيى بنُ حمزة كلهم عن ثور-به-، والبخاريَّ يرجح هذا الوجه عن ثور لذا أخرجه في صحيحه من طريق الوليد بن مسلم، عن ثور كما تقدم.
ثم إنّ بحير بن سعد تابع ثور بن يزيد على عدم ذكر جبير بن نفير، وإن كان خالفه في تحديد الصحابيّ الراوي للحديث كما سيأتي.
وأما الوجه الثالث عن ثور بن يزيد فإني لم أقف على من أخرجه، أو رواه عن ثور، وأخشى أنه وهم وأنّ المراد به الوجه الثاني، ولم يذكر أحد ممن تكلم على رواية ثور هذا الوجه كالدارقطني في العلل (6/121-122)، وابن حجر في الفتح (4/345-346).
ومما يدعو لتأمل والاستغراب أنّ الوجه الراجح عن ثور، والصحيحُ الذي اعتمده البخاريّ في صحيحه لم يذكره ابنُ أبي حاتم و لا أبوه مع أهميته في مثل هذا الخلاف!!.
2- ورواه أيضاً بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن المقدام بن معدي كرب، عن أبي أيوب، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، روى هذا الوجه عن بحير بن سعد : بقية بن الوليد، وإسماعيل بن عياش.
وقد ذكر أبو حاتم-في هذه المسألة- أنّ بقية رواه عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن المقدام بن معدي كرب، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم أقف على من أخرجه من هذا الطريق، وجميع من روى طريق بقية جعله من رواية المقدام بن معدي كرب، عن أبي أيوب، مرفوعاً.
فتحصل مما تقدم :(1/376)
أنّ ذكر جبير بن نفير تفرد به أبو الربيع الزهرانيّ، عن ابن المبارك، وهو خطأ، والصواب رواية من روى الحديث عن خالد بن معدان، عن المقدام بن معدي كرب، دون ذكر جبير بن نفير كما تقدم.
أنّ ثور بن يزيد –في الراجح عنه- خالف بحير بن سعد، فثور جعل الحديث من رواية المقدام بن معدي كرب مرفوعاً، وبحير بن سعد جعله من رواية المقدام بن معدي كرب، عن أبي أيوب، مرفوعاً، والبخاريُّ في صحيحه اعتمد رواية ثور بن يزيد هذه.
وأمّا الدارقطني فقد رجح رواية بحير بن سعد لأنه زاد، فقال في العلل (6/122):((يرويه بحير بن سعيد، وثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، واختلف فيه فقال بحير بن سعيد عن خالد بن معدان، عن المقدام، عن أبي أيوب، قاله عنه بقية وإسماعيل بن عياش، وخالفه ثور بن يزيد فرواه عن خالد بن معدان، عن المقدام، عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر أبا أيوب فيه، قال ذلك ابن المبارك، ويحيى بن حمزة عنه، والقول قول بحير بن سعيد لأنه زاد)).
وقد تقدم في ترجمة بحير بن سعد أنّ أبا بكر الأثرم قال :((قلتُ لأبي عبد الله: أيما أصح حديثاً عن خالد بن معدان ثور، أو بحير؟ فقال: بحير، فقدّم بحيراً عليه)).
وعلى كل حال فالحديث سواءً كان من رواية المقدام بن معدي كرب، أو من رواية أبي أيوب الأنصاريّ فهو صحيح لأنهما صحابيان.
- - - -
41- ] 1129[ وسأَلْتُ أَبِي وأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ(1)، عَنْ عَبْد الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيّ (2)، عَنْ حُمَيْدٍ(3)، عَنْ أَنَسٍ(4) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :((إِنْ لَمْ يُثْمِرْهَا اللَّهُ فَبِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ))، فَقَالا : هَذَا خَطَأٌ إنّمَا هُوَ كَلامُ أَنَس، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ : كَذا يَرْويه الدَّرَاوَرْدِيُّ، ومَالِكُ بْنُ أَنَس(5) مَرْفُوع*، وَالنَّاسُ يَرْوُونَهُ مَوْقُوف* مِنْ كَلامِ أَنَس**.(1/377)
………………………………
* كذا في جميع النسخ، والأصح لغة (مرفوعاً)، و(موقوفاً).
**نقل هذه المسألة ابن الملقن في البدر المنير (5/لوح54أ).
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : محمد بن عبّاد بن الزِّبْرقان المكي، سكن بغداد، روى عن: أنس بن عياض، وسفيان بن عيينة، وعبد العزيز الدراوردي وغيرهم، روى عنه : البخاري، ومسلم، ويعقوب بن سفيان وغيرهم.
صدوق، قال ابن معين :((لا بأس به))، وقال أحمد بن حنبل :((حديثه حديث أهل الصدق، وأرجو أن لا يكون به بأس))، روى له الجماعة سوى أبي داود، مات سنة أربع وثلاثين ومائتين.
انظر : العلل ومعرفة الرجال (2/409 رقم2831)، الجرح (8/14رقم60)، تهذيب الكمال (25/435-441).
(2) هو: عبد العزيز بن محمد بن عُبيد الدَّرَاورديُّ، أبو محمد المدني، مولى جهينة، روى عن: ثور بن زيد، وحميد الطويل، وزيد بن أسلم وغيرهم، وعنه : محمد بن عباد المكي، ومحمد بن المبارك، ووكيع بن الجراح وغيرهم.
صدوق، وحديثه من كتابه صحيح، وحديثه من كتب غيره فيه ضعف، وكذلك حديثه عن عبيد الله العمري فيه ضعف، قال أحمد بن حنبل :((كان معروفا بالطلب، وإذا حدث من كتابه فهو صحيح، وإذا حدث من كتب الناس وهم، وكان يقرأ من كتبهم فيخطئ، وربما قلب حديث عبد الله بن عمر يرويها عن عبيد الله بن عمر))، وقال ابن معين-في رواية الدقاق- :((إذا روى من كتابه فهو أثبت من حفظه))، وقال أبو بكر بن أبي خيثمة، عن ابن معين :((صالح، ليس به بأس))، وقال أبو زرعة :((سيئ الحفظ، فربما حدث من حفظه الشيء فيخطئ))، وقال النسائي :((ليس به بأس، وحديثه عن عبيد الله بن عمر منكر))، روى له الجماعة، البخاريُّ مقروناً بغيره، مات سنة سبع وثمانين ومائة.
انظر : من كلام أبي زكريا يحيى بن معين في الرجال (ص93 رقم289)، الجرح (5/395-396رقم1833)، تهذيب الكمال ( 18/187-195).(1/378)
(3) هو: حميد بن أبي حميد الطَّويل، أبو عبيدة الخزاعي البصري، مولى طلحة الطلحات، روى عن: أنس بن مالك، وثابت البناني، والحسن البصري وغيرهم، روى عنه: إسماعيل بن جعفر، وإسماعيل بن علية، وسفيان الثوري وغيرهم كثير.
ثقةٌ فاضل، يدلس عن أنس بن مالك أحياناً، غير أنّ الواسطة بينهما ثابت البناني –وثابت متفق على ثقته وصلاحه-، قال ابن سعد :((كان ثقة كثير الحديث إلاَّ أنه ربما دلس عن أنس))، وقال العلائي :((حميد بن أبي حميد…تقدم أنه كان يدلس، وقال مؤمل بن إسماعيل : عامة ما يرويه حميد عن أنس سمعه من ثابت يعني البناني عنه، وقال أبو عبيدة الحداد، عن شعبة: لم يسمع حميد من أنس إلا أربعة وعشرين حديثاً والباقي سمعها من ثابت أو ثبته فيها ثابت، قلتُ: فعلى تقدير أن يكون مراسيل قد تبين الواسطة فيها، وهو ثقة محتج به))، روى له الجماعة، مات سنة ثلاث وأربعين ومائة.
انظر : طبقات ابن سعد (7/252)، تهذيب الكمال (7/355-365)، جامع التحصيل (ص168).
(4) هو : أنس بن مالك، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1090).
(5) مالك بن أنس، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091)، وهو :((متفقٌ على توثيقه، وجلالته، وفضله، وفقهه)).
- - -
- التخريج :
1 -محمد بن عباد، عن عبدالعزيز الدراوردي، عن حميد، عن أنس، عن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرفوعاً.
أخرجه :
مسلم في صحيحه (3/1190 رقم 1555) كتاب المساقاة، باب وضع الجوائح.
ومحمد بن المظفر في غرائب حديث الإمام مالك بن أنس (ص167 رقم101) عن عبد الله بن محمد البغوي.
والبيهقي في السنن الكبرى (5/300) كتاب البيوع، باب الوقت الذي يحل فيه بيع الثمار، من طريق الصغاني، وأحمد بن علي.
والخطيب البغدادي في الفصل للوصل (1/125) من طريق عبد الله بن محمد البغوي.
جميعهم عن محمد بن عباد –به-.(1/379)
وخالف محمدَ بنَ عبّاد إبراهيمُ بنُ حمزة الزبيري فرواه عن عبدالعزيز الدراوردي، عن حميد، عن أنس موقوفاً عليه، ويأتي تخريجها قريباً فيمن رواه عن حميد موقوفاً.
2- مالك بن أنس، عن حميد، عن أنس، عن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرفوعاً.
أخرجه :
مالك في الموطأ (2/481 رقم 11) كتاب البيوع، باب النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، ولفظه :((عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : نهى عن بيع الثمار حتى تزهي فقيل له : يا رسول الله وما تزهي؟ فقال حين تحمر، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه)).
وأخرجه :
البخاري في صحيحه (4/398 رقم2198) كتاب البيوع، باب إذا باع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، ثم أصابته عاهة فهو من البائع، عن عبد الله بن يوسف.
ومسلم في صحيحه (3/1190 رقم 1555).
وأبو عوانة في مسنده (3/334 رقم5204).
ومحمد بن المظفر في غرائب حديث الإمام مالك بن أنس (ص167 رقم101).
والحاكم في المستدرك على الصحيحين (2/36-37) كتاب البيوع.
جميعهم من طرق عن عبد الله بن وهب.
والنسائيّ في سننه (7/264) كتاب البيوع، باب شراء الثمار قبل أن يبدو صلاحها، من طريق ابن القاسم.
والشافعيّ في الأم (3/47) كتاب البيوع، -ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (5/300)-.
وأبو يعلى في مسنده (4/36 رقم3728) عن سويد بن سعيد.
وأبو عوانة في مسنده (3/334 رقم5204) من طريق خالد بن مخلد.
وابن حبان في صحيحه (11/365 رقم4990)كتاب البيوع، باب البيع المنهي عنه.
والبغوي في شرح السنة (8/94 رقم2080) كتاب البيوع، باب النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها.
كلاهما من طريق أبي مصعب الزهري.
وأبو نعيم في الحلية (6/340) من طريق ابن أبي أويس.
والبيهقي في السنن الكبرى (5/305) من طريق ابن بكير.
جميعهم عن مالك بن أنس –به-.(1/380)
وتابع مالكاً على الرفع يحيى بنُ أيوب، أخرجه الطحاويُّ في شرح معاني الآثار (4/24) كتاب البيوع، باب بيع الثمار قبل أن تتناهى، من طريق عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني يحيى بن أيوب عن حميد الطويل-به-.
3- حميد، عن أنس، موقوفاً عليه.
رواه عن حميد الطويل عددٌ من الثقات، والذي وقفتُ عليه :
إسماعيل بن جعفر، أخرج روايته البخاريُّ في صحيحه (4/404 رقم2208) كتاب البيوع، باب بيع المخاضرة، ومسلم في صحيحه (3/1190 رقم 1555)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/24)، والخطيب البغدادي في الفصل للوصل (1/124).
وأنس بن عياض، أشار إلى روايته الدارقطنيّ في ((الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس)) (ص136).
وبشر بن المفضل، أشار إلى روايته الدارقطنيّ في علله –كما في البدر المنير (5/لوح54أ).
وسفيان بن حبيب، أشار إلى روايته الدارقطنيّ في علله –كما في البدر المنير (5/لوح54أ).
وسليمان بن بلال، أشار إلى روايته الدارقطنيّ في ((الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس)) (ص136).
وسليمان بن حيان أبو خالد الأحمر، أخرج روايته الخطيب البغدادي في الفصل للوصل (1/126-127) نحو رواية إسماعيل بن جعفر المتقدمة.
وسهل بن يوسف، أشار إلى روايته الدارقطنيّ في ((الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس)) (ص136).
وعبد الله بن المبارك، ذكر روايته الدارقطني في كتاب التتبع (ص539).
وعبدالعزيز بن محمد الدراوردي-عنه : إبراهيم بن حمزة الزبيري- ، أخرج روايته البيهقي في السنن الكبرى (5/300)، والخطيب البغدادي في الفصل للوصل (1/124-125)، وأشار إلى روايته الدارقطنيّ في ((الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس)) (ص136،137).
وعبيدة بن معتب، أشار إلى روايته الدارقطنيّ في علله –كما في البدر المنير (5/لوح54أ).
ومحمد بن إسحاق، أشار إلى روايته الدارقطنيّ في ((الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس)) (ص136).(1/381)
ومروان بن معاوية، أشار إلى روايته الدارقطنيّ في علله –كما في البدر المنير (5/لوح54أ).
ومعاذ بن معاذ، أشار إلى روايته الدارقطنيّ في ((الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس)) (ص136).
ومعتمر بن سليمان، أشار إلى روايته الدارقطنيّ في ((الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس)) (ص136).
وهشيم بن بشير، أشار إلى روايته الدارقطنيّ في علله –كما في البدر المنير (5/لوح54أ).
ويحيى بن أيوب، أشار إلى روايته الدارقطنيّ في علله –كما في البدر المنير (5/لوح54أ).
ويزيد بن هارون، أخرج روايته أبو يعلى في مسنده (4/67 رقم3839)، والخطيب البغدادي في الفصل للوصل (1/124)، والبغوي في شرح السنة (8/94-95 رقم2081)، نحو رواية إسماعيل بن جعفر المتقدمة.
جميعهم عن حميد بن أبي حميد، عن أنس بن مالك أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع ثمر التمر حتى يزهو، فقلنا لأنس: ما زهوها ؟ قال : تحمر وتصفر، أرأيت إن منع الله الثمرة بم تستحل مال أخيك)).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن حميد الطويل على وجهين :
الوجه الأوَّل : رواه عبدالعزيز بن محمد الدراوردي-عنه: محمد بن عباد-، ومالك بن أنس، ويحيى بن أيوب ، جميعهم عن حميد، عن أنس، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :((أرأيت إن منع الله الثمرة بم تستحل مال أخيك)).
الوجه الثاني : رواه إسماعيل بن جعفر، وأنس بن عياض، وبشر بن المفضل، وسفيان بن حبيب، وسليمان بن بلال، وسليمان بن حيان أبو خالد الأحمر، وسهل بن يوسف، وعبدالعزيز بن محمد الدراوردي-عنه: إبراهيم بن حمزة الزبيري- ، وعبيدة بن معتب، ومحمد بن إسحاق، ومروان بن معاوية، ومعاذ بن معاذ، ومعتمر بن سليمان، وهشيم بن بشير، ويحيى بن أيوب، ويزيد بن هارون جميعهم عن حميد، عن أنس قال:((أرأيت إن منع الله الثمرة بم تستحل مال أخيك)).(1/382)
والصواب أنّ الرفع تفرد به مالك بن أنس، فإنّ الصواب أنّ عبدالعزيز الدراوردي رواه على الوجه الأوَّل كما رواه عنه إبراهيم بن حمزة الزبيري، وأما هذه الرواية فقد أخطأ محمد بن عباد فيها، قال الدارقطني في كتاب التتبع (ص451-542) :((وأخرج مسلمٌ عن ابن عباد، عن الدراوردي، عن حميد، عن أنس، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"أرأيت إن منع الله الثمرة بم تستحل مال أخيك"، قال: وهذا وهم فيه ابن عباد على الدراوردي حين سمعه ابن عباد منه، لأنّ إبراهيم بن حمزة رواه عن الدراوردي، عن حميد، عن أنس بن مالك نهى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيع الثمرة حتى تزهو، فقلنا لأنس : ما تزهو؟ قال : تحمر، قال: "أرأيت إن منع الله الثمرة بم تستحل مال أخيك"، وهو الصواب، فأما ابن عباد فإنه أسقط كلام النَّبِيّ وأتى بكلام أنس ورفعه عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهذا خطأ قبيح، والله أعلم)).
وقال أيضاً في ((الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس)) (ص137) :((وقد رواه محمد بن عباد المكي، عن الدراوردي، فوافق مالكاً، ولم يضبط، والصواب رواية إبراهيم بن حمزة، عن الدراوردي، متابعة أصحاب حميد الذين ذكرناهم، وبخلاف رواية مالك))، وقال الخطيب البغدادي في الفصل للوصل (1/126) :((وإبراهيم أتقن من محمد بن عباد، وليس يصح أنّ أحداً رفعه سوى مالك، والله أعلم))، وقال ابن حجر في الفتح (4/498) :((والخطأ في رواية عبدالعزيز من محمد بن عباد، فقد رواه إبراهيم بن حمزة، عن الدراوردي، كرواية إسماعيل بن جعفر)).
وأمّا رواية يحيى بن أيوب ففيها عبد الله بن صالح كاتب الليث وفيه ضعف-الميزان (2/440-445)-، ثم إنّ الدارقطني ذكر يحيى بن أيوب فيمن روى الوجه الثاني، ولم أقف على من أخرج روايته على الوجه الثاني.
هذا وقد خطأ مالك بن أنس عددٌ من الأئمة، منهم :
أبو زرعة، في هذه المسألة.(1/383)
وأبو حاتم، في هذه المسألة.
وابن خزيمة، ذكر ذلك ابن حجر في الهدي (360).
والدارقطنيّ، فقد صرح في عدد من كتبه أنّ مالك بن أنس أخطأ في هذه الرواية؛ فقال في التتبع (ص538-540) :((وأخرجا جميعاً حديث مالك، عن حميد، عن أنس أنّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع الثمار حتى تزهي، قيل: وما تزهي ؟ قال: حتى تحمر، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"أرأيت إن منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه"، وقد خالف مالكاً جماعة منهم: إسماعيل بن جعفر، وابن المبارك، وهشيم، ومروان، ويزيد بن هارون وغيرهم، قالوا فيه قال أنس : أرأيت إن منع الله الثمرة، وأخرجا أيضاً حديث إسماعيل بن جعفر، عن حميد، وقد فصل كلام أنس من كلام النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ))، وقال أيضاً في ((الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس)) (ص135-137):((روى مالك بن أنس، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : نهى عن بيع الثمار حتى تزهي فقيل له : يا رسول الله وما تزهي؟ فقال حين تحمر، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرأيت إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه"، خالفه سليمان بن بلال، وإسماعيل بن جعفر، ومحمد بن إسحاق…فرووه عن حميد، عن أنس :" أنّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع الثمار حتى تزهو" قال أنس بن مالك"أرأيت إن منع الله الثمرة…"، وهذا هو الصواب، ومالك جعل هذا الكلام من قول النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يثبت)).(1/384)
والخطيب البغداديّ، فقال في الفصل للوصل (1/121-122) :((روى مالك بن أنس هذا الحديث عن حميد، عن أنس، فرفعه وفيه هذه الألفاظ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ووهم في ذلك لأن قوله :" أفرأيت إن منع الله الثمرة.." إلى آخر المتن كلام أنس، بيّن ذلك يزيدُ بنُ هارون، وعبدالعزيزُ بنُ محمد الدراوردي، وأبو خالد الأحمر، وإسماعيل بن جعفر كلهم في روايتهم هذا الحديث عن حميد، وفصلوا كلام أنس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم)).
وابن حجر، فقد قال في التلخيص ( 3/28) :((حديث أنه قال:" أرأيت إذا منع الله الثمرة فبم يستحل أحدكم مال أخيه" متفق عليه من حديث أنس، وقد بينتُ في المدرج أن هذه الجملة موقوفة من قول أنس وأن رفعها وهم وبيانها عند مسلم))، وسيأتي أنه أشار في الفتح إلى تقوية رواية مالك خلافاً لقوله هنا.
وصحح بعضُ العلماء رواية مالك بن أنس المرفوعة، والذي وقفتُ عليه:
ابن عبدالبر، فقد قال في التمهيد (2/190) :((وأما قوله:"أرأيت إن منع الله الثمرة ففيم يأخذ أحدكم مال أخيه" فيزعم قوم أنه من قول أنس بن مالك وهذا باطل بما رواه مالك وغيرهُ من الحفاظ في هذا الحديث إذ جعلوه مرفوعاً من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وقد وروى أبو الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله))، وسيأتي تخريج حديث جابر في المسألة رقم (1139)، وقول ابن عبدالبر هنا :((بما رواه مالك وغيرهُ من الحفاظ في هذا الحديث))، لم يسمَّي أحداً من الحفاظ ممن تابع مالكاً، وتقدم أنّ هذه اللفظة لم يصح أنّ أحداً رفعها سوى مالك بن أنس.(1/385)
وابن حجر، فقد قال في الفتح (4/399) :((وليس في جميع ما تقدم ما يمنع أن يكون التفسير مرفوعاً لأنّ مع الذي رفعه زيادة على ما عند الذي وقفه، وليس في رواية الذي وقفه ما ينفي قوله من رفعه، وقد روى مسلم من طريق أبي الزبير، عن جابر ما يقوي رواية الرفع في حديث أنس، ولفظه قال رسول الله: لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته عاهة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا بم تأخذ مال أخيك بغير حق))، وقال في الهدي (ص359) :((الحديث التاسع والعشرون :قال الدارقطني :وأخرجا جميعا حديث مالك، عن حميد، عن أنس "أن النبي نهى عن بيع الثمار حتى تزهى فقيل: وما تزهى، قال: حتى تحمر قال رسول الله: أرأيت إذا منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه" قال الدارقطني : خالف مالكا جماعة منهم إسماعيل بن جعفر، وابن المبارك، وهشيم، ومروان بن معاوية، ويزيد بن هارون وغيرهم، قالوا فيه قال أنس: أرأيت إن منع الله الثمرة..، قال: وقد أخرجا جميعا حديث إسماعيل بن جعفر وقد فصل كلام أنس من كلام النبي قلتُ: سبق الدارقطني إلى دعوى الإدراج في هذا الحديث أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان، وابن خزيمة، وغير واحد من أئمة الحديث كما أوضحته في كتابي "تقريب المنهج بترتيب المدرج" وحكيت فيه عن بن خزيمة أنه قال: رأيت أنس بن مالك في المنام فأخبرني أنه مرفوع، وأن معتمر بن سليمان رواه عن حميد مدرجا لكن قال في آخره: لا أدري أنس قال: بم يستحل أو حدث به عن النبي والأمر في مثل هذا قريب))، وقد صرح ابن حجر في التلخيص-كما تقدم- أنّ هذه الرواية وهم.
والذي يظهر أنّ الوجه الأوّل أرجح لكثرة من رواه عن حميد، ولترجيح أئمة العلل له، والله أعلم.
وحديث جابر الذي ذكر ابن حجر أنه يقوي الرفع سيأتي تخريجه في المسألة رقم (1139).
- - - -(1/386)
42- ] 1130[ وسَأَلْتُ أَبِي وأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ أَنَسُ بن عياض(1)، عَنْ عُبَيْد اللّه(2)، عَنْ نَافِع(3)، وعَبْد اللّه بن دِينَار(4)، عَنْ ابْنِ عُمَر(5)، أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((نَهى عَنْ بَيْع الْوَلاَء وعَنْ هِبَتِهِ))، فقَالا : هَذَا خَطَأٌ وَهِمَ فِيهِ أَبُو ضمرة، الناس يَقُولون عُبَيْد اللّه، عَنْ عَبْد اللّه بن دِينَار، عَنْ ابْنِ عُمَر، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويَرْوُونَ عَنْ نَافِع عَنْ ابْنِ عُمَر مَوْقُوف * الْوَلاَء لحمة، وهَذَا هو الصَّحِيح**.
………………………………
* كذا في جميع النسخ، والأصح لغة (موقوفاً).
**تقدمت هذه المسألة برقم (1107) من طريق آخر عن عبيد الله، وسوف تتكرر هذه المسألة في العلل (2/ 53 رقم 1645 ) بأطول مما هنا.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : أنس بن عياض بن ضمرة، أبو ضمرة المدنيّ، روى عن: ربيعة الرأي، وعبيدالله بن عمر، وهشام بن عروة وغيرهم، وعنه: أحمد بن حنبل، والحميدي، وقتيبة بن سعيد وغيرهم.
ثقة، وثقه ابن سعد، وابن معين وغيرهما، روى له الجماعة، مات سنة مائتين.
انظر : طبقات ابن سعد (5/436)، تاريخ الدوري (2/43)، تهذيب الكمال (3/349-353).
(2) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1107) وهو((متفق على ثقته وجلالته)).
(3) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091) وهو((متفق على ثقته وإتقانه)).
(4) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1107) وهو((متفق على ثقته وصلاحه)).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091).
- - -
- التخريج :
1 – أنس بن عياض، عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، وعبد الله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعاً.
أخرجه أبو عوانة في مسنده (3/238 رقم 4809)، كتاب العتق والولاء، باب بيان حظر بيع الولاء وهبته، قال: حدثنا الحسن بن علي بن شبيب المعمري، قال: حدثنا محمد بن أبان قال: حدثنا أبو ضمرة أنس بن عياض –به-.(1/387)
وتابع أنس بن عياض : يحيى الأموي، وعلي بنُ عاصم وتقدم تخريج روايتيهما في المسألة رقم (1107).
2- عبيدالله بن عمر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعاً.
تقدم تخريج هذا الطريق في المسألة رقم (1107).
2- نافع، عن ابن عمر موقوفاً :((الولاء لحمة)).
لم أجد من أخرجه موقوفاً على ابن عمر، وقد تقدم مرفوعاً في المسألة رقم (1107)، من طريق نافع، عن ابن عمر.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
تقدم الكلام على هذه المسألة مبسوطاً في المسألة رقم (1107)، وبيان أنّ ما قاله أبو حاتم، وأبو زرعة هنا هو الصحيح عن عبيد الله بن عمر.
- - - -
43- ] 1131[ وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رَوَاهُ فُلَيْح(1)، عَنْ سُهَيْل بن أَبِي صَالِح(2)، عَنْ أَبِيه(3)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ(4)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ…))الْحَدِيث، قَالَ أَبِي: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ(5)، عَنْ يَعْقُوب الإِسَكَنَدَرَانِيّ(6)، عَنْ سُهَيْل، عَنْ أَبِيه، عَنْ أَبِي سَعِيد(7)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أَبِي : هَذَا أَشْبَهُ وأَصَحُ، وكان يَحْيَى بنُ مَعِين عمل* عَلَى فُلَيْح، وعَلَى أَبِي أُوَيس(8)، وكان يَعْقُوب الإِسَكَنَدَرَانِيّ من أهَلْ المدينة سَكَنَ الإسَكَنْدَرِيّةَ، ومما يُقَوِّي حَدِيثَ ذَا مَا رَوَاهُ عَبْدُالسّلام(9)، عَنْ الدَّالاني(10)، عَنْ عَبْد الْمَلِكِ بنِ مَيْسَرَةَ(11)، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيد**.
………………………………
* كذا وقع في جميع النسخ، ولعلها ( حمل ) بمعنى تكلم فيهما، ففي تاريخ الدوري (2/318) قال ابن معين :((أبو أويس مثل فليح، وفي حديثه ضعف ))، وفي تاريخ الدارميّ (ص190رقم 694، 695) قال ابن معين :(( أبو أويس ضعيف الحديث، وفليح ضعيف، وقال: ما أقربهما )).
** تقدمت هذه المسألة برقم (1106) مع بعض الاختلاف.
ــــــــــــــــــــــ(1/388)
(1) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1106) ((وفيه ضعف )).
(2) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1106) ((وهو صدوق )).
(3) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1106) ((وهو متفق على توثيقه )).
(4) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1089).
(5) هو: قتيبة بن سعيد بن جَمِيل الثقفيّ، أبو رجاء البلخي البَغْلاني، وقيل: اسمه يحيى، وقتيبة: لقب، روى عن: الليث بن سعد، ومالك بن أنس، ويعقوب بن عبدالرحمن وغيرهم، وعنه: أحمد بن حنبل، وأبو حاتم الرازي، ويعقوب بن شيبة وغيرهم.
ثقة ثبت، وثقه ابن معين، وأبو حاتم، والنسائي وغيرهم، قال الذهبيّ :((هو شيخ الإسلام، المحدث الإمام الثقة الجوال، رواية الإسلام… ))، روى له الجماعة، مات سنة أربعين ومائتين.
انظر : الجرح (7/140رقم784)، تاريخ بغداد (12/464-470)، تهذيب الكمال ( 23/523-5379، السير (11/13-24).
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1106) ((وهو ثقة )).
(7) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1095).
(8) هو: عبد الله بن عبدالله بن أويس الأصبحي، أبو أُوَيس المدني، روى له الجماعة سوى البخاري، مات سنة سبع وستين ومائة، قال ابن معين –في رواية الدارميّ- : ((أبو أُويس ضعيف، وفليح ضعيف، ما أقربهما ))، وقال ابن حجر :((صدوق يهم )).
انظر : تاريخ الدارميّ (ص190 رقم 694، 695)، تهذيب الكمال ( 15/166-171)، التقريب (ص 309رقم3412).
(9) هو: عبد السلام بن حرب النَّهْديُّ المُلائي، أبو بكر الكوفي، روى عن: أيوب السختياني، وأبي خالد الدَّالاني، ويحيى الأنصاري وغيرهم، وعنه: أحمد بن حنبل، والفضل بن دكين، ويحيى بن معين وغيرهم.
ثقة حافظ له مناكير، قال الترمذي :((ثقة حافظ))، وقال أبو حاتم :((ثقة صدوق))، وقال ابن معين –في رواية الدارميّ-، والبخاريُّ :((صدوق))، وقال ابن حجر :(( ثقة حافظ له مناكير ))، ، روى له الجماعة، مات سنة سبع وثمانين ومائة.(1/389)
انظر : سنن الترمذي (3/20 رقم622)، علل الترمذي الكبير (ص45)، تاريخ الدارمي(ص157 رقم550)، الجرح (6/ 47 رقم246)، تهذيب الكمال ( 18/66-70)، التقريب (ص355رقم4067).
(10) هو: يزيد بن عبد الرحمن، أبو خالد الدَّالانيُّ الأسدي الكوفيّ، روى عن: الحكم بن عُتيبة، وعبد الملك بن ميسرة، وقتادة وغيرهم، وعنه: حفص بن غياث، وسفيان الثوري، وعبدالسلام بن حرب وغيرهم.
صدوق، قال ابن معين والنسائي :((ليس به بأس ))، وقال البخاري :((صدوق، يهم في الشيء))، وقال أبو حاتم :(( صدوق ثقة ))، وقال ابن عديّ :((له أحاديث صالحة، وفي حديثه لين إلاّ أنه مع لينه يكتب حديثه ))، وقال الذهبيّ :((مشهور ، حسن الحديث ))، روى له الأربعة.
انظر : علل الترمذي الكبير (ص45)، الجرح(9/ 277 رقم1167)، الكامل (6/277-278)، تهذيب الكمال (33/273-275)، المغني (2/751 رقم7122).
(11) هو : عبد الملك بن ميسرة الهِلالي العامريُّ، أبو زيد الكوفيّ، روى عن: طاووس بن كيسان، وعامر بن واثلة، وعطاء بن أبي رباح وغيرهم، وعنه: أبو خالد الدَّالاني، سليمان بن بلال، وشعبة وغيرهم.
متفق على توثيقه، وثقه ابن معين، وأبو حاتم، والنسائي وغيرهم، روى له الجماعة، مات في زمن خالد بن عبد الله.
انظر : الجرح (5/365-366 رقم 1717)، تهذيب الكمال ( 18/421-423).
( ( (
( التخريج :
تقدم تخريج طريق فليح بن سليمان، وطريق يعقوب بن عبد الرحمن في المسألة رقم (1106)، وأما طريق :
- عبدالسلام، عن الدالاني، عن عبدالملك بن ميسرة، عن أبي صالح، عن أبي سعيد.
فأخرجه :(1/390)
- الطبراني في المعجم الكبير (6/38 رقم5447)، وفي المعجم الأوسط (5/86 رقم4156) قال : حدثنا الحسن بن العباس وعلي بن سعيد الرازيان قالا: حدثنا عبدالمؤمن بن علي قال: حدثنا عبد السلام بن حرب، عن أبي خالد الدالاني عن عبدالملك بن ميسرة عن أبي صالح عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((الذهب بالذهب والفضة بالفضة والحنطة بالحنطة والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل فمن زاد أو ازداد فقد أربى فقيل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن صاحب تمرك يشتري صاعا بصاعين فأرسل إليه فقال يا رسول الله تمري كذا وكذا فلا يأخذوه إلا أن أزيدهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تفعل )).
وقال :((لم يرو هذا الحديث عن عبدالملك بن ميسرة إلاّ أبو خالد، ولا رواه عن أبي خالد إلاّ عبدالسلام، تفرد به عبد المؤمن، وأبو غسان النّهدي)).
( ( (
( الدراسة والحكم على الحديث :
تقدم الكلام على الحديث في المسألة رقم (1106)، وبيان أنه ثابتٌ في الصحيحين.
( ( ( (
44- ] 1132[ وسَمِعْتُ أَبِي وذَكَرَ حَدِيثاً رَوَاهُ فُضَيلُ بنُ عِيَاض(1)، عَنْ لَيْث(2)، عَنْ الْمُغِيرَة(3)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ(4) قَالَ :((الْرِّبَا سَبْعُونَ بَابَا، أدناها* أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ))، قَالَ أَبِي : هَذَا خَطَأٌ، إِنَّمَا هُوَ لَيْث، عَنْ أَبِي الْمُغِيرَة واسمه : زياد، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
………………………………
* في المطبوع (مثل)، وليست في جميع النسخ!.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : فُضَيْل بن عِياض بن مسعود التميمي اليربوعيّ، أبو علي، نزيل مكة، روى عن: حصين بن عبد الرحمن، وليث بن أبي سُليم، ومنصور بن المعتمر وغيرهم، وعنه: عبد الرحمن بن مهدي، ومحمد بن سليمان لوين، ويحيى القطان وغيرهم.(1/391)
متفق على ثقته وهو عابد زاهد، وثقه ابن عيينة، والنسائي، وغيرهم، قال الذهبيُّ :((مجمع على ثقته وجلالته))، روى له الجماعة سوى ابن ماجه، مات سنة سبع وثمانين ومائة.
انظر : الجرح (7/ 73رقم416)، تهذيب الكمال ( 23/ 281-300)، الميزان (3/361رقم6768).
(2) هو: ليث بن أبي سُلَيم : زُنَيْم-بالزاي، والنون مصغراً- القُرشيُّ، أبو بكر الكوفي، روى عن: طاووس بن كيسان، وعكرمة مولى ابن عباس، ومجاهد بن جبر وغيرهم، وعنه: جرير بن عبد الحميد، وشعبة بن الحجاج، وفُضَيْل بن عِياض وغيرهم.
ضعيف، ضعفه جمهور المحدثين منهم: يحيى القطان، وابن معين، وأحمد وغيرهم، قال ابن أبي حاتم :((سمعتُ أبي، وأبا زرعة يقولان : ليث لا يُشتغل به، هو مضطرب الحديث))، استشهد به البخاري في ((الصحيح))، وروى له في كتاب ((رفع اليدين))، وغيره، وروى له مسلم مقروناً بابي إسحاق الشيباني، وروى له الباقون، مات سنة اثنتين وأربعين ومائة.
انظر : العلل ومعرفة الرجال (2/379رقم2691، 3/ 216رقم 4936)، الجرح (7/177-179 رقم1014)، الكامل ( 6/87-90)، تاريخ مولد العلماء (1/331،332)، تهذيب الكمال (24/279-288).
(3) اختلف في تسمية هذا الراوي:
فقال البخاريُّ :((زياد بن أبي المغيرة، عن أبي هريرة، روى عنه ليث بن أبي سُليم، وقال ابن طهمان، عن ليث، عن زياد بن الحارث…))، وتابعه على ذلك ابنُ حبان.
وقال ابن أبي حاتم :((زياد بن المغيرة، أبو المغيرة))، وكذلك وقع في الكنى للدولابيّ.
وسيأتي توجيه هذا الاختلاف في الدراسة والحكم على الحديث.
وعلى كل حال فهو مجهول العين والحال، وله في مسند إسحاق بن راهويه عن أبي هريرة حديثان غير حديث المسألة.
انظر : مسند إسحاق (1/ 320-321)، التاريخ الكبير (3/367 رقم1248)، الكنى للدولابيّ (2/126)، الجرح (3/543 رقم2457)، الثقات (4/259).
(4) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1089).
- - -
- التخريج :(1/392)
لم أقف على من أخرج هذا الطريق، وقد تقدم الكلام على بقية طرق حديث أبي هريرة في المسألة رقم (1105).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
وقع الاختلاف على ليث بن أبي سليم في اسم شيخه فقال الفضيل بن عياض، عن ليث بن أبي سليم، عن المغيرة، وقال غير الفضيل بن عياض-ولم يسم أبو حاتم أحداً- عن ليث عن أبي المغيرة، وخطأ أبو حاتم الوجه الأوَّل، ولم يذكر من هو المخطئ في هذه الرواية، ويبدو أنَّ الأمر كما قال الشيخ المعلميّ اليماني في تعليقه على ((الجرح والتعديل)) الجرح (3/543) :((والظاهر أنّ ليثاً كان يضطربُ في هذا الاسم تارةً يقول: زياد بن المغيرة، وتارةً: زياد بن أبي المغيرة، وتارةً: زياد أبو المغيرة، وتارةً: زياد بن الحارث)).
والحديث ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم، وزياد أبو المغيرة مجهول، وتقدم بيان ضعف الحديث من جميع طرقه في المسألة رقم (1105).
- - - -
45- ] 1133[ وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ(1)، عَنْ الزُّهْرِيِّ(2)، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ (3)، عَنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ(4)، عَنْ عُمَرَ (5)، قَالَ:((لاَ بَأْسَ عَلَى امرئ اِبْتَاعَ مِنْ أَهْل الْكِتَاب خَلاً * لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُمْ تَعَمَّدُوا إفْسَادَهُ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ أَفْسَدَهُ))، قَالَ أَبِي : كَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، ولا أَحْسَبهُ إلاّ وهو وَهم، يُشْبِهُ كَلامَ الزُّهْرِيِّ؛ حَتَّى رَأَيْتُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ(6)، عَنْ يُونُسَ(7)، عَنْ الزُّهْرِيِّ هَذَا الْكَلامِ بِلا إِسْنَادٍ فَتَيَقَّنَتُ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ / خَطَأٌ، وَالنَّاسُ يَرْوُونَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ، وآخَرَ، عَنْ عُمَرَ كَلامَاً في الطِّلاء** لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا***.
………………………………(1/393)
* قال الفيروزآبادي في القاموس (ص1284):((الخَلُّ : ما حَمُضَ من عَصيرِ العِنَبِ وغَيْرِهِ، عَرَبِيٌّ صَحيحٌ، والطائِفَةُ منه :خَلَّةٌ)).
** قال ابن الأثير في النهاية (3/137) :(( الطِلاء بالكسر والمدِّ : الشّرابُ المطبوخُ من عَصير العِنَب، وهو الرُّبُّ0وأصلُه القَطِرانُ الخاثِر الذي تُطْلى به الإبِلُ)).
*** ستأتي هذه المسألة في العلل (2/30 رقم1566) بأطول مما هنا، وقد نقل ابن كثير في مسند الفاروق (1/137) ترجيح أبي حاتم، وأبي زرعة أنّ هذا من كلام الزهري نفسه.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة القرشي العامري، أبو الحارث المدني، روى عن: الزهري، وعكرمة مولى بن عباس، ومحمد بن المنكدر وغيرهم، روى عنه: أحمد بن عبد الله بن يونس، وآدم بن أبي إياس، وعبد الله بن المبارك وغيرهم.
ثقة فقيه فاضل، وله بعض الأوهام عن الزهري، قال ابن معين :((ابن أبي ذئب ثقة وكل من روى عنه ابن أبي ذئب ثقة إلا أبا جابر البياضي))، وقال الدارمي:((قلتُ: -أيّ لابن معين- فابن أبي ذئب ما حاله في الزهريّ؟ فقال: ابن أبي ذئب ثقة))، وقال أبو بكر المروذي :((وسألته –يعني أحمد بن حنبل- عن بن أبي ذئب كيف هو؟ قال: ثقة، قلتُ: في الزهري؟ قال: كذا وكذا حدّث بأحاديث كأنه أراد: خولف))، روى له الجماعة، مات سنة تسع وخمسين ومائة.
انظر : من كلام الإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل(ص50 رقم54)، تاريخ الدارمي (ص48 رقم30)، تاريخ بغداد (2/296- )، تهذيب الكمال (25/630-644).
(2) هو: محمد بن مسلم بن شهاب، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091)، وهو:((متفق على جلالته وإتقانه)).
(3) القاسم بن محمد، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1104)، وهو :(( متفق على ثقته وفقهه وفضله)).
(4) هو: أسلم مولى عمر بن الخطاب، صرّح بذكر اسمه ابنُ أبي حاتم في المسألة في الموضع الثاني، وكذلك صَرّحَ باسمه المخرجون للأثر.(1/394)
وأسلم هو : أسلم القرشي العدوي، أبو خالد، ويقال: أبو زيد المدني، مولى عمر بن الخطاب، وروى عن: أبي بكر الصديق، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، ومولاه عمر بن الخطاب وغيرهم، روى عنه: زيد بن أسلم، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، ومسلم بن جندب، ونافع مولى بن عمر.
متفقٌ على توثيقه، قال العجلي :((مدنيٌّ ثقة من كبار التابعين))، روى له الجماعة، مات سنة ثمانين.
انظر : معرفة الثقات (1/223 رقم81)، تهذيب الكمال (2/529-530).
(5) هو : عمر بن الخطاب بن نُفَيل –بنون، وفاء، مصغر- القرشي، العدوي، أمير المؤمنين مشهور، جم المناقب، استشهد في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وولي الخلافة عشر سنين ونصفا.
انظر : التقريب ( ص412رقم4888).
(6) هو: عبد الله بن المبارك، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1092)، وهو :((ثقة متفق على جلالته وإتقانه)).
(7) هو: يونس بن يزيد بن أبي النَّجاد القرشي، مولى معاوية بن أبي سفيان، روى عن: الزهري، وعكرمة مولى بن عباس، والقاسم بن محمد وغيرهم، وعنه: بقية بن الوليد، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن وهب وغيرهم.
ثقة، وحديثه من كتابه أقوى من حفظه، وهو من المقدمين في الزهري، قال ابن معين، وأحمد :((ثقة))، وقال علي بن المديني :((سألتُ عبدالرحمن بن مهدي عن يونس بن يزيد فقال: كان ابن المبارك يقول: كتابه صحيح، قال ابن مهدي: وأنا أقول: كتابه صحيح))، وقال ابن مهدي :((لم أكتب حديث يونس بن يزيد إلاّ عن ابن المبارك، فإنه أخبرني أنه كتبها عنه من كتابه))، وقال أحمد بن حنبل :((ما أحد أعلم بحديثه يعني الزهري من معمر إلا ما كان من يونس الأيلي فإنه كتب كل شيء هناك))، وقال أحمد بن صالح المصري :((نحن لا نقدم في الزهري على يونس أحداً))، روى له الجماعة، مات سنة تسع وخمسين ومائة.
انظر : تاريخ الدارمي (ص46 رقم24)، الجرح (9/247-249)، تهذيب الكمال ( 32/551-558)، شرح علل ابن رجب (2/598).
- - -
- التخريج :(1/395)
1- ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن القاسم بن محمد، عن رجل سماه، عن عمر قَالَ:((لاَ بَأْسَ عَلَى امرئ اِبْتَاعَ مِنْ أَهْل الْكِتَاب خَلاً لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُمْ تَعَمَّدُوا إفْسَادَهُ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ أَفْسَدَهُ)).
أخرجه :
- عبدالرزاق في المصنف (9/253 رقم 17111) كتاب الأشربة، باب الخمر يجعل خلاً، عن أبي بكر بن عبد الله وغيره، وأيضاً (رقم 17112) عن عبد الوهاب بن مجاهد.
- وأبو عبيد في الأموال (ص114 رقم288) من طريق يحيى بن سعيد، ويزيد بن هارون.
- وابن أبي شيبة في المصنف ( 8/14) كتاب الأشربة، باب في الخمر تحول خلاً( ) وقع عند ابن أبي شيبة ( حدثنا ابن أبي ذئب ) من قول ابن أبي شيبة نفسه وهذا لا يمكن فابن أبي ذئب مات قبل ولادة ابن أبي شيبة. ).
- والبيهقي في السنن الكبرى (6/37) كتاب الرهن، باب العصير المرهون يصير خمراً فيخرج من الرهن ولا يحل تخليل الخمر بعمل آدمي.
- وابن عبدالبر في التمهيد (1/262).
كلاهما من طريق عبد الله بن وهب.
جميعهم (أبو بكر بن عبد الله، وعبد الوهاب بن مجاهد، ويحيى بن سعيد، ويزيد بن هارون، وابن وهب ) عن ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن القاسم بن محمد، عن أسلم مولى عمر بن الخطاب، عن عمر بن الخطاب أنه قال :(( لا يؤكل خل من خمر أفسدت حتى يبدأ الله إفسادها فعند ذلك يطيب الخل قال ولا بأس على امرئ أن يبتاع خلا وجده مع أهل الكتاب ما لم يعلم أنهم تعمدوا إفسادها بعد ما عادت خمرا ))، وهذا لفظ ابن عبد البر، ونحوه رواية البقية.
2- ابن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن الزهري موقوفاً عليه.
لم أجد من أخرجه عن ابن المبارك.
وقد تابع ابنَ المبارك ابنُ وهب أخرجه :(1/396)
- ابن عبدالبر في التمهيد (1/262، 4/151) قال: أخبرنا عبدالوارث، قال: حدثنا قاسم، قال: حدثنا ابن وضاح، قال: حدثنا سحنون، قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني يونس ، عن ابن شهاب أنه كان يقول :((لا خير في خل من خمر أفسدت حتى يكون الله يفسدها عند ذلك يطيب الخل)).
3- الزهري، عن القاسم بن محمد، وآخر، عن عمر كَلامَاً في الطِّلاء.
أخرجه :
-النسائي في السنن الكبرى (4/192 رقم6859) كتاب الوليمة، باب الأشربة المباحة، قال: أخبرنا سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك.
- وعبدالرزاق في المصنف (9/254 رقم 17116) باب الرجل يجعل الرّب نبيذا، -ومن طريقه ابن حزم في المحلى (7/498)،وابن عساكر في تاريخ دمشق (8/339 )-.
كلاهما عن معمر، عن الزهري، عن القاسم بن محمد، عن أسلم قال: قدمنا مع عمر الجابية فأتي بطلاء مثل الرّب إنما يخاض بالمتخوض خوضا فقال: إن في هذا الشراب ما انتهى إليه.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في هذا الأثر عن الزهريّ على وجهين :
الوجه الأوَّل : رواه ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن القاسم بن محمد، عن أسلم مولى عمر بن الخطاب، عن عمر بن الخطاب أنه قال :((لا يؤكل خل من خمر أفسدت حتى يبدأ الله إفسادها فعند ذلك يطيب الخل، قال: ولا بأس على امرئ أن يبتاع خلا وجده مع أهل الكتاب ما لم يعلم أنهم تعمدوا إفسادها بعد ما عادت خمرا)).
الوجه الثاني : رواه يونس بن يزيد، عن الزهري أنه قال :(( :((لا خير في خل من خمر أفسدت حتى يكون الله يفسدها عند ذلك يطيب الخل)).(1/397)
وقد رجح أبو حاتم، وأبو زرعة الوجه الثاني، وقد ذكرا -في الموضع الثاني عند ذكر هذه المسألة- سببَ وهم ابن أبي ذئب، قال ابن أبي حاتم في العلل (2/30 رقم1566) :((وسألته عن حديث رواه ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن القاسم بن محمد، عن أسلم مولى عمر، قال: قال عمر : "لا أشرب خلا من خمر أفسدت حتى يبدى الله إفسادها، فعند ذلك يطيب للرجل، فلا بأس إلى امرئ يبتاع خلا وقد وجدتموه مع أهل الكتاب ما لم نعلم أنهم تعمدوا إفسادها بعد ما صار خمرا"، فقال أبي: يشبه أن يكون عامة هذا الكلام من كلام الزهري، لأنه قد روى بهذا الإسناد عن عمر كلام في الطلاء، وروى عن الزهري قوله هذا الكلام، فاستدللنا أن هذا الكلام ليس هو من كلام عمر وأنه كلام الزهري، فكان أقوام لا يضبطون فجعلوا كلامه في الحديث، وأما الحفاظ وأصحاب الكتب فكانوا يميزون كلام الزهري من الحديث، فذكرتُ هذا الحديث لأبي زرعة فقال: الذي عندي أن هذا كله كلام الزهري، وذكر نحو ما قال أبي في بيان علة هذا الحديث)).
فتبين من هذا أنّ ابن أبي ذئب أخطأ فنسب كلام الزهري لعمر، وسبب ذلك أنّه قد رُوي عن عمر كلاماً في الطّلاء بنفس هذا السند فاختلط على ابن أبي ذئب ذلك.
ويشير أبو حاتم في قوله :(( وأما الحفاظ وأصحاب الكتب فكانوا يميزون كلام الزهري من الحديث)) إلى يونس بن يزيد فقد تقدم أنّ كتابه صحيح، وأنّ ابن المبارك لم يرو عنه إلاّ ما حدّث من كتاب، وتقدم في المسألة رقم (1122) بيان أنّ يونس بن يزيد من الطبقة الأولى من أصحاب الزهريّ: وهي التي جمعت الحفظ والإتقان، وطول الصحبة للزهريّ، والعلم بحديثه والضبط له، وهؤلاء متفقٌ على تخريج حديثهم عن الزهري، وقد قال ابن معين –كما في شرح العلل (2/481)- :((ما أحدٌ أحبّ إلىّ من سفيان، ويونس، ومعمر، وعُقيل –يعني في الزهري-، وقد كان يونس وعُقيل عالمين به))، فروايته تقدم على رواية ابن أبي ذئب.
- - - -(1/398)
46- ] 1134[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ(1)، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ (2)، عَنْ دَاوُدَ بْنِ حُصَيْنٍ(3)، عَنْ عِكْرِمَةَ(4)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ(5) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَمَرَ بِإِخْرَاجِ بَنِي النَّضِيرِ جَاءهُ نَاسٌ مِنْهُمْ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ أَمَرْتَ بإِخْرَاجِنَا، وَلَنَا عَلَى النَّاسِ ديونٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((فَضَعُوا وَ تَعَجَّلُوا))، قَالَ أَبِي : رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ(6)، عَنْ ابْنِ رُكَانَةَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَذْكُرْ دَاوُدَ بْنَ حُصَيْنٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ أَبِي : لا يُمْكِن أَنْ يَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْحَدِيث مُتَّصِل.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : مسلم بن خالد القرشي المخزومي، أبو خالد المكي، المعروف بالزَّنْجيّ، مولي عبدالله بن سفيان المخزومي، روى عن: داود بن أبي هند، والزهريّ، وزيد بن أسلم وغيرهم، وعنه: آدم بن أبي إياس، وعبد الله بن الزبير الحميدي، وهشام بن عمار وغيرهم.
ضعيف الحديث، وكان فقيهاً عابداً، قال علي بن المديني :((ليس بشيء ))، وقال البخاري :((منكر الحديث))، وقال أبو حاتم :((ليس بذاك القوي منكر الحديث يكتب حديثه ولا يحتج به تعرف وتنكر ))، وقال الأزرقيّ :((كان..فقيهاً عابداً يصوم الدهر،..وكان كثير الغلط في حديثه، وكان في بدنه نعم الرجل ))، وقال الذهبيّ -بعدما ساق له عدة أحاديث- :((هذه الأحاديث وأمثالها ترد بها قوة الرجل ويُضعف))، روى له أبو داود، وابن ماجة، مات سنة تسع وسبعين ومائة.
انظر : الطبقات (5/499)، التاريخ الكبير (7/ 260 رقم1097)، الجرح (8/183 رقم800)، تهذيب الكمال ( 27/508-514)، الميزان (4/102-103 رقم8485).(1/399)
(2) هو : عليّ بن يزيد بن رُكانة القرشي المطلبي، والد محمد، وعبد الله، روى عن: جده ركانة بن عبد يزيد، وأبيه يزيد بن ركانة، روى عنه: ابناه عبد الله بن علي، ومحمد بن علي.
مجهول، قال البخاري :((علي بن يزيد بن ركانة القرشي، عن أبيه لم يصح حديثه))، وقال العقيلي :((على بن أبي محمد عن عكرمة مجهول بالنقل حديثه غير محفوظ… ولا يعرف إلاّ به))، وساق له حديث ابن عباس المذكور في هذه المسألة، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وقال ابن حجر :(( مستور))، روى له أبو داود وابن ماجة.
انظر : التاريخ الكبير ( 6/300 رقم2468)، الضعفاء الكبير (3/251-252)، الثقات (5/165)، تهذيب الكمال (21/174-175)، (ص406رقم4815).
(3) هو : داود بن الحصين القرشي، أبو سليمان المدني، مولى عمرو بن عثمان بن عفان، روى عن :عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وعكرمة مولى بن عباس، ونافع مولى بن عمر وغيرهم، وعنه: مالك بن أنس، ومحمد بن إسحاق، ومحمد بن جعفر وغيرهم.
ثقة، وحديثه عن عكرمة خاصةً منكر، قال ابن سعد :((كان ثقة))، وقال علي بن المديني :((ما روى عن عكرمة فمنكر الحديث))، وقال أيضاً :((مرسل الشعبي، وسعيد بن المسيب أحبّ إليّ من داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس))، وقال عباس الدوري عن يحيى بن معين :((ثقة، وقد روى مالك عن داود بن الحصين ))، وقال أبوداود :((أحاديثه عن عكرمة مناكير، وأحاديثه عن شيوخه مستقيمة))، روى له الجماعة، مات سنة خمس وثلاثين ومائة.
انظر : الطبقات (القسم المتمم 317-318)، تاريخ الدوري (2/152)، الضعفاء الكبير (2/35-36)، الجرح (3/408-409 رقم1774)، تهذيب الكمال (8/379-382).
(4) هو: عكرمة مولى ابن عباس، تقدمت ترجمته في المسالة رقم (1119)، وهو:((ثقة ثبت)).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1105).(1/400)
(6) هو : عبد الملك بن عبدالعزيز، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1101)، وهو:((ثقة ثبت فقيه وكان يدلس ويرسل، وهو أثبت الناس في عطاء بن أبي رباح لا يدلس عنه)).
- - -
- التخريج :
مسلم بن خالد، عن علي بن يزيد بن ركانة، عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس…الحديث.
أخرجه :
-الطحاويّ في مشكل الآثار (11/56 رقم4277).
-والطبرانيّ في المعجم الأوسط ( 7/387 رقم6751).
كلاهما من طريق هشام بن عمار، عن مسلم بن خالد –به-، وقال الطبرانيّ :((لم يرو هذا الحديث عن علي بن يزيد بن ركانة إلاّ مسلم بن خالد)).
وقد رواه مسلم بن خالد على أوجه أخرى، وهي :
مسلم بن خالد، عن محمد بن علي بن يزيد بن ركانة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن بن عباس رضي الله تعالى عنهما…الحديث، أخرجه : الدارقطني في سننه (3/46) كتاب البيوع، والحاكم في المستدرك على الصحيحين (2/61) كتاب البيوع، كلاهما من طريق عبد العزيز بن يحيى المديني، عن مسلم بن خالد –به-، والبيهقي في السنن الكبرى (6/28) كتاب البيوع، باب من عجل له أدنى من حقه، من طريق عبدالعزيز المدني، والحكم بن موسى، كلاهما عن مسلم بن خالد –به-، وقال الحاكم :((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه )).
مسلم بن خالد، عن علي بن محمد، عن عكرمة، عن بن عباس رضي الله تعالى عنهما…الحديث، أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط ( 1/453-454 رقم821)، والدارقطني في سننه (3/46) كلاهما من طريق عبيدالله بن عمر القواريري، عن مسلم بن خالد –به-، وقال الطبرانيُّ :((لم يرو هذا الحديث عن عكرمة إلا علي بن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة تفرد به مسلم بن خالد)).
مسلم بن خالد، عن علي بن أبي محمد، عن عكرمة، عن بن عباس رضي الله تعالى عنهما…الحديث، أخرجه العقيلي في الضعفاء الكبير في ترجمة: علي بن أبي محمد (3/251-252) من طريق عبيد الله بن عمر القواريري، عن مسلم بن خالد الزنجي –به-، وقال العقيليُّ :((لا يعرف إلا به)).(1/401)
مسلم بن خالد، عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن بن عباس رضي الله تعالى عنهما…الحديث، أخرجه الدارقطني في سننه (3/46) من طريق عفيف بن سالم عن مسلم بن خالد –به-.
ابن جريج، عن ابن ركانة، عن عكرمة أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ… الحديث.
لم أجد من أخرجه هكذا.
وقد أخرجه ابن أبي عمر في مسنده عن ابن جريج من وجه آخر فقال –كما في إتحاف الخيرة (4/332 رقم3954)، والمطالب العالية (2/111)-: حدثنا هشام بن سليمان، عن ابن جريج، قال: أخبرني محمد بن علي بن يزيد بن ركانة، أنّ محمد بن عمر بن علي أخبره أنّ اليهود حين أمر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإجلائهم قالوا: إن لنا ديونا! قال :((فخذوا وضعوا ))، قال ابن جريج : وأُخبرتُ بمثل ذلك عن داود بن الحصين، عن أبي عبد الله الأشهلي، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن ابن ركانة على وجهين :
الوجه الأوَّل : رواه مسلم بن خالد، عن علي بن يزيد بن ركانة، عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس…الحديث.
الوجه الثاني : رواه ابن جريج، عن ابن ركانة، عن عكرمة أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ… الحديث، فأسقط من إسناده داود بن حصين، وابن عباس.
والوجه الثاني أرجح لأمرين :
الأوَّل : أنّ ابن جريج ثقة ثبت جليل، وأمَّا مسلم بن خالد الزّنجي فهو ضعيف.
الثاني : أن مسلم بن خالد يضطرب في الحديث اضطراباً شديداً على خمسة أوجه:
مسلم بن خالد، عن علي بن يزيد بن ركانة، عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس…الحديث.
مسلم بن خالد، عن محمد بن علي بن يزيد بن ركانة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما…الحديث.
مسلم بن خالد، عن علي بن محمد، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما…الحديث.(1/402)
مسلم بن خالد، عن علي بن أبي محمد، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما…الحديث.
مسلم بن خالد، عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما…الحديث.
وقد نصَّ على اضطرابه بعضُ النقاد فقال الدارقطنيُّ في سننه (3/46) :((مسلم بن خالد ثقة ( ) علق ابن القطان في كتابه بيان الوهم والإيهام (3/134) على قول الدارقطنيّ هذا بقوله :((وفيه تَثْبِيج فإنّ سوء الحفظ يناقض الثقة))، -التثبيج هو الالتباس والاختلاط-، والذي يظهر أنّ الدارقطني أراد بقوله :((ثقة)) أي في نفسه، ودينه فقد كان فقيهاً عابداً يصوم الدهر، وهناك عددٌ من كبار الأئمة يستعملون هذا الاصطلاح أحياناً، منهم: ابن معين، والفلاّس، ويعقوب بن شيبة-وهو مكثر من هذا الاستعمال-، وقد ذكرت ذلك في رسالتي الماجستير ((يعقوب بن شيبة السدوسي آثاره ومنهجه في الجرح والتعديل)) ( ص367). ) إلا أنه سيئ الحفظ وقد اضطرب في هذا الحديث))، وقال ابن القطان في كتاب بيان الوهم والإيهام (3/134):((أنّ هذا الحديث مداره على مسلم بن خالد الزنجي، واضطرب فيه… فإنه وإن كان قد وثقه قوم –وهو أحد الفقهاء- فإنّه سيئ الحفظ، وتبين بعض سوء حفظه في هذا الحديث، فإنه تلون فيه تلوناً نذكر بعضه ليبين أمره))، وذكر بعض أوجه الاضطراب المتقدمة.
والطريق الراجح ضعيفٌ لإرساله.
وكذلك الطريقان الآخران عن ابن جريج ضعيفان، فالطريق الأوَّل: مرسل فإنّ محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب تابعي، ولأنّ محمد بن يزيد مجهول، والوجه الآخر: فيه إبهام فإنّ ابن جريج لم يذكر من حدّثه ولم أقف على ترجمة أبي عبد الله الأشهلي.
وقد ضعف الحديثَ غير أبي حاتم عددٌ من العلماء ، منهم:
العقيليُّ، فقد قال في الضعفاء الكبير (3/251) :((وحديثه غير محفوظ)).
والبيهقي، قال في السنن الكبرى (6/28) :(( وقد روى فيه حديث مسند في إسناده ضعف)).(1/403)
وعبد الحق الإشبيليّ، وابن القطان كما في بيان الوهم والإيهام (3/131-135).
وابن كثير، قال في البداية والنهاية (4/75) :((وفي صحته نظر )).
والهيثميُّ، قال في مجمع الزوائد (4/130) :((رواه الطبراني في الأوسط وفيه مسلم بن خالد الزنجي وهو ضعيف وقد وثق)).
والذهبيُّ، فقد قال -كما في مختصر استدراك الذهبيّ (1/562)– متعقباً الحاكمَ لمّا قال :هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه- قال :((فيه الزَّنجيُّ وهو ضعيف، وعبد العزيز بن يحيى وليس بثقة)).
وقد قوّى الحديثَ غير الحاكم ابنُ القيّم الجوزية فقال في أحكام أهل الذمة (1/186) :((وروى ابنُ عباس -رضي الله عنهما- في ذلك حديثاً رواه الدارقطني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أجلى يهود بني النضير قالوا إن لنا ديونا لم تحل فقال:"ضعوا وتعجلوا "، وإسناده حسن ليس فيه إلا مسلم بن خالد الزنجي وحديثه لا ينحط عن رتبة الحسن))، وقال في إغاثة اللهفان (2/13) :((هو على شرط السنن وقد ضعفه البيهقي وإسناده ثقات : وإنما ضعف بمسلم بن خالد الزنجي وهو ثقة فقيه روى عنه الشافعي واحتج به)).
والحق أنّ الحديث لا يمكن أن يُحَسّنَ للعلل المتقدمة، وليس التضعيف بسبب مسلم بن خالد الزنجي فقط كما قال ابن القيم، والله أعلم.
- - - -(1/404)
47- ] 1135[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو شَيْخٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْوَانَ الحَرَّانّيُّ(1)، وعُبَيْدُ الْعَطَّارُ (2)، عَنْ زُهَيْرٍ(3)، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ(4)، عَنْ رِبْعِيِّ (5)، عَنْ حُذَيْفَةَ (6)، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(( تَلَقَّتْ الْمَلائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، فَقَالَ: كُنْتَ تَعْمَلُ مِنْ الْخَيْرِ شَيء* ؟ قَالَ : لا، قَالَ **: تَذَكَّرْ؟ قَالَ : كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ))، قَالَ أَبِي : أَمَّا مِنْ حَدِيثِ مَنْصُور فَمَوْقُوف أَشْبَه، والْحَدِيثُ في الأَصْلِ مَرْفُوعٌ.
………………………………
* كذا وقع في جميع المخطوطات، ومقتضى السياق أن يكون ( شيئاً ) لأنه مفعول به، والله أعلم.
** كذا في جميع النسخ، وفي (ت) (فقال).
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : عبد الله بن مروان، أبو شيخ الحرَّاني، سكن بغداد، روى عن: زهير بن معاوية، وعيسى بن يونس، ومحمد بن سلمة، وموسى بن أعين، وعنه: إبراهيم بن الهيثم البلدي، وأبوحاتم الرازي، وحسين بن منصور.
ثقةٌ يدلس، قال أبو حاتم :((ثقة))، قال ابن حبان :((يعتبر حديثه إذا بين السماع في خبره ))، وذكره ابنُ حجر في الطبقة الثالثة من المدلسين.
انظر : التاريخ الكبير ( 5/207 رقم655) ، الجرح ( 5/166رقم 767 )، الثقات (8/345) ، لسان الميزان (3/356)، تعريف أهل التقديس (ص136 رقم76).
(2) هو : عبيد بن إسحاق العطَّار، أبو عبد الرحمن الكوفي، روى عن : سيف بن عمر، وقيس بن الربيع، وسيار بن هارون وغيرهم، وعنه : محمد بن عوف، ومحمد بن يحيى ، وميمون بن زيد وغيرهم.
ضعيف جداً، قال البخاري :((منكر الحديث))، وقال النسائي :((متروك الحديث))، وقال ابن عدي :((وعامة ما يرويه إما أن يكون منكر الإسناد أو منكر المتن))، مات سنة أربع عشرة ومائتين.(1/405)
انظر : التاريخ الصغير (2/ 305)، الضعفاء والمتروكون (ص 170رقم423)، الكامل (5/347-348).
(3) هو : زهير بن معاوية بن حُدَيْج الجُعْفيّ، أبو خيثمة الكوفي، نزيل الجزيرة، روى عن : أبان بن تغلب، وحميد الطويل ومنصور بن المعتمر وغيرهم، روى عنه: أحمد بن عبد الله بن يونس، والأسود بن عامر، ويحيى القطان وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه إلاّ أنّ سماعه من أبي إسحاق بأَخَرةٍ، قال أحمد بن حنبل :((زهير فيما روى عن المشايخ ثبتٌ بخٍ بخٍ، وفي حديثه عن أبي إسحاق لين، سمع منه بأخرة))، روى له الجماعة، مات ثلاث وسبعين ومائة.
انظر : الجرح (3/ 588-589رقم2674)، تهذيب الكمال (9/420-425).
(4) هو : منصور بن المعتمر بن عبد الله السلمي، أبو عتَّاب الكوفي، روى عن : إبراهيم النخعي، والحسن البصري، وربعي بن حراش وغيرهم، روى عنه: إبراهيم بن طهمان، وأيوب السختياني، وزهير بن معاوية وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه وفضله، قال العجلي :((كوفي ثقة ثبت في الحديث، كان أثبت أهل الكوفة، وكأن حديثه القِدْح لا يختلفُ فيه أحد، متعبد رجل صالح ..))، روى له الجماعة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة.
انظر : معرفة الثقات (2/299 رقم1795)، تهذيب الكمال ( 28/546-555).
(5) هو : رِبْعيُّ بنُ حِراش بن جَحْش العبسي، أبو مريم الكوفي، روى عن : البراء بن ناجية، وحذيفة بن اليمان، وأبي موسى الأشعري وغيرهم، روى عنه : عامر الشعبي، وعبدالملك بن عمير، ومنصور بن المعتمر وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه وفضله، قال العجلي :((ثقةٌ من كبار التابعين،لم يكذب كذبة قط..))، روى له الجماعة، مات سنة أربع ومائة.
انظر : معرفة الثقات (1/350 رقم447)، تهذيب الكمال ( 9/54-57).(1/406)
(6) هو : حذيفة بن اليمان، واسم اليمان: حُسَيْل -بمهملتين مصغرا- العَبْسي –بالموحدة-، حليف الأنصار، صحابي جليل من السابقين، وكان صاحب سر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبوه صحابي أيضا استشهد بأحد ومات حذيفة في أول خلافة علي سنة ست وثلاثين.
انظر : تهذيب الكمال (5/495-510)، التقريب ( ص154رقم1156).
- - -
- التخريج :
- أبو شيخ عبد الله بن مروان الحراني، وعبيد العطّار، عن زهير بن معاوية، عن منصور بن المعتمر، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة بن اليمان، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. الحديث.
أخرجه :
أبو عوانة في مسنده (3/346 رقم5240) كتاب البيوع، باب الترغيب في التجاوز عن الموسر في الدين.
والطحاوي في شرح مشكل الآثار (14/148 رقم5534).
كلاهما عن أبي أمية، عن أبي شيخ الحراني، عن زهير بن معاوية، عن منصور بن المعتمر، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة بن اليمان، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((تَلَقَّتْ الْمَلَائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، قَالَوا له: عْمَلت مِنْ الْخَيْرِ شَيئاً ؟ قَالَ : لا، قَالَوا: تَذَكَّرْ؟ قَالَ : كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ فآمرُ فتياني أن ينظروا الموسر، ويتجاوزوا عن المعسر، قال الله : تجاوزوا عنه)).
ولم أقف على من أخرج رواية عبيد العطار.
وتابع أبا شيخ الحراني، وعبيدَ العطار :(1/407)
أحمد بن عبد الله بن يونس، أخرج روايته : البخاريّ في صحيحه (4/307 رقم2077) كتاب البيوع، باب من أنظر موسرا، ومسلمٌ في صحيحه (3/1194 رقم 1560) كتاب البيوع، باب فضل إنظار المعسر، -ومن طريقه العراقي في كتابه ((قرة العين)) (ص50)-، والدارمي في سننه (2/165 رقم2549) كتاب البيوع، باب في السماحة، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (14/148 رقم5534)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/356) كتاب البيوع، باب ما جاء في إنظار المعسر والتجوز عن الموسر، وفي شعب الإيمان (7/ 534)، وفي الأربعون الصغرى (ص173 رقم121) جميعهم من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس، عن زهير –به-.
وحسينُ بن عياش، أخرج روايته أبو عوانة في الموضع السابق.
ويحيى بنُ أبي بكير، أخرج روايته أبو عوانة في الموضع السابق.
وتابع زهيرَ بنَ معاوية :
عَبيدةُ بنُ حميد، أخرج روايته : الطحاوي في شرح مشكل الآثار (14/148-149 رقم5535) قال: حدثنا روح بن الفرج، قال: حدثنا يوسف بن عدي، قال: حدثنا عَبيدةُ بنُ حميد، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((نظر الله في عمل رجل، فلم يوجد له شيء إلاّ أنه كان يتجاوز عن الناس، فقال الله عز وجل: تجاوزا عنه)).
وروح بن الفرج هو القطان، ويوسف بن عدي هو التيمي كلاهما ثقة، وعَبيدةُ بنُ حميد صدوق -التقريب (ص 211رقم1967، ص611رقم7872، ص379رقم 4408)-.
وجرير بن عبد الحميد، أخرج روايته مسلمٌ في صحيحه، عزاها إلى مسلم في صحيحه المزيُّ في تحفة الأشراف (3/25-26) وقال :((وحديث جرير عن منصور لم نره إلاّ في بعض النسخ من كتاب أبي مسعود الدمشقي ))، ولم أقف عليه في الرواية المطبوعة بعد طول البحث( ) انظر الكلام على هذه الرواية في ((الأطراف بأوهام الأطراف)) (ص83-85). ).(1/408)
وخالف إسرائيلُ بنُ يونس زهيرَ بن معاوية، وعبيدةَ بن حميد فرواه عن منصور، عن ربعي، عن أبي مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم…فجعل الحديث من مسند أبي مسعود، أخرجه : أبو عوانة في مسنده (3/346 رقم5241) من طريق عبيد الله بن موسى، والطبراني في المعجم الكبير (17/239 رقم 664) من طريق أحمد بن خالد الوهبي كلاهما عن إسرائيلُ بن يونس، عن منصور –به-.
وتابع منصورَ بنَ المعتمر على هذه الرواية : عبد الملك بن عمير، أخرج روايته : البخاريّ قي صحيحه (5/58 رقم2391) كتاب الاستقراض، باب حسن التقاضي، ومسلمٌ في صحيحه (3/1195) -ومن طريقه العراقي في كتابه ((قرة العين)) (ص51)-، ، وابن ماجه في سننه (2/808رقم 2420) كتاب الصدقات، باب إنظار المعسر، وابن أبي شيبة (7/13) كتاب البيوع، والأقضية، إنظار المعسر والرفق به، وأحمد بن حنبل في مسنده (5/399)، وأبو عوانة في مسنده (3/345 رقم5238)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (14/149-150 رقم5536 -5537)، والمحاملي في أماليه (ص303رقم316)- ومن طريقه ابن عساكر في أربعون حديثاً ص45-، والطبراني في المعجم الكبير (17/231 رقم641)، والأصبهاني في الترغيب والترهيب (2/161رقم1350)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/356) جميعهم من طريق عبدالملك بن عمير عن ربعي –به-.
وخالفهما سعدُ بن مالك، ونعيمُ بن أبي هند فروياه عن ربعي، عن حذيفة موقوفاً عليه :(1/409)
1- سعد بن طارق أبو مالك، أخرج روايته: مسلمٌ في صحيحه (3/1195) -ومن طريقه العراقي في كتابه ((قرة العين)) (ص52)-، وأحمد بن حنبل في مسنده (4/118)، والطبراني في المعجم الكبير (17/235 رقم649، 650)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين (2/ 306) كتاب التفسير، جميعهم عن سعد بن طارق عن ربعي بن حراش عن حذيفة قال :((أتي الله بعبد من عباده آتاه الله مالا فقال له ماذا عملت في الدنيا قال ولا يكتمون الله حديثا قال يا رب آتيتني مالك فكنت أبايع الناس وكان من خلقي الجواز فكنت أتيسر على الموسر وأنظر المعسر فقال الله أنا أحق بذا منك تجاوزوا عن عبدي ))،
وقال الحاكم :((هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ))، وتقدم أنّ مسلماً أخرجه!.
وسعد بن طارق أبو مالك هو الأشجعي الكوفي ثقة –التقريب (ص231رقم2240)-.
2- ونعيم بن أبي هند، أخرج روايته : البخاريّ في صحيحه (4/307) معلقاً، ومسلمٌ في صحيحه (3/1195) -ومن طريقه العراقي في كتابه ((قرة العين)) (ص51)-، وأبو عوانة في مسنده (3/346 رقم5242)، والمحاملي في أماليه (ص302رقم313)، وابن حجر في تغليق التعليق (3/218) جميعهم من طريق جرير بن عبد الحميد، عن المغيرة بن مقسم، عن نعيم بن أبي هند عن ربعي بن حراش قال : اجتمع حذيفة وأبو مسعود فقال حذيفة :رجل لقي ربه فقال ما عملتَ؟ قال :ما عملت من الخير إلا أني كنت رجلا ذا مال فكنت أطالب به الناس فكنت أقبل الميسور وأتجاوز عن المعسور، فقال تجاوزوا عن عبدي، قال أبو مسعود هكذا سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول.
نعيم بن أبي هند هو : الأشجعي ثقة –التقريب (ص 565رقم7178)-.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن ربعي بن حراش على ثلاثة أوجه :
1- فرواه عبد الملك بن عمير، ومنصور بن المعتمر-عنه : زهير بن معاوية، وعَبيدة بن حميد- كلاهما عن ربعي، عن حذيفة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.(1/410)
2- ورواه سعد بن طارق، ونعيم بن أبي هند كلاهما عن ربعي، عن حذيفة، موقوفاً عليه.
3- ورواه منصور بن المعتمر-عنه : إسرائيل بن يونس-، عن ربعي، عن أبي مسعود، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
والوجه الأوَّل هو الأرجح فمنصور بن المعتمر كان أثبت أهل الكوفة، وتابعه عبدالملك بن عمير وهو ثقة -التقريب (ص 364رقم4200)-، وقد اعتمد الشيخان في صحيحيهما هذا الوجه.
ولا يبعد أنّ حذيفة بن اليمان، أو ربعي بن حراش كان يرفع الحديث أحياناً، وأحياناً يوقفه، والله أعلم.
وأمَّا الوجه الثالث : وهو الاختلاف على منصور في تحديد الصحابي فالنقاد على تقديم زهير بن معاوية على إسرائيل، قال أبو حاتم –كما في الجرح (3/ 589) -:((زهير أحب إلينا من إسرائيل في كل شيء إلا في حديث أبي إسحاق))، وقدّمه أيضاً يحيى بن معين، بل بعضهم قدّمه على شعبة بن الحجاج، قال شعيب بن حرب –كما في الجرح (3/ 588) :((زهير أحفظ من عشرين مثل شعبة))، ولذا اعتمد الشيخان على روايته في هذا الحديث، وخرجاه في صحيحيهما، وتابعه عليها عبيدة بن حميد كما تقدم.
وقول أبي حاتم :((أَمَّا مِنْ حَدِيثِ مَنْصُور فَمَوْقُوف أَشْبَه، والْحَدِيثُ في الأَصْلِ مَرْفُوعٌ)) يُشعر بأنه اختلُف على منصور بن المعتمر في رفع الحديث ووقفه وأنّ الوقف عن منصور أقوى، وإنْ كان الحديث قد أتى مرفوعاً من طرق أخرى.
والحق أني لم أجد اختلافاً على منصور من هذا القبيل، بل وجدتُ اختلافاً على منصور في صحابي الحديث كما تقدم، وأمَّا الاختلاف في الوقف والرفع فقد وقع على ربعي بن حراش على ما تقدم.
- - - -(1/411)
48- ] 1136[ وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رَوَاهُ الفِرْيابِيُّ(1)، عَنْ عُمَرَ بنِ رَاشِد(2)، عَنْ يَحْيَى بنِ إِسْحَاقَ عَن* عَبْد اللّه بنِ أَبِي طَلْحة(3)، عَنْ الْبَرَاء(4)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :((الْرِّبَا اثنان وسَبْعُون**، أدناها مِثْلَ إتيان الرَّجُل أُمَّهُ))،))، قَالَ أَبِي : هُوَ مُرْسل، لَمْ يُدْرِكْ يَحْيَى بنُ إِسْحَاق الْبَرَاء، وَ لا أَدْرَكَ والدُهُ(5) الْبَرَاء.
………………………………
* كذا في الأصل، وفي (ش)، و(ت)، و(ف) (بن) وهو الصواب.
** في المطبوع (بابا) وليست في جميع النسخ !.
ـــــــــــــــ
(1) هو : محمد بن يوسف الضبيّ، أبو عبد الله الفِرْيابي، سكن قَيْسارية، روى عن: سفيان الثوري، وعمر بن ذر، وفطر بن خليفة وغيرهم، وعنه: أحمد بن حنبل، والبخاريّ، والذُهليُّ وغيرهم.
متفق على توثيقه وفضله، وهو في الطبقة الثانية من أصحاب الثوري، قال أبو بكر بن أبى خيثمة:((سمعت يحيى بن معين وسئل عن أصحاب الثوري فقال أما عبدالرزاق، والفريابي، وعبيد الله بن موسى، وأبو أحمد الزبيري، وأبو عاصم، وقبيصة وطبقتهم فهم كلهم في سفيان قريبا بعضهم من بعض، وهم دون يحيى بن سعيد، وعبدالرحمن بن مهدى، ووكيع، وابن المبارك، وأبى نعيم))، قال البخاريُّ :((حدثنا محمد بن يوسف، وكان من أفضل أهل زمانه))، وقال النسائي :((ثقة))، روى له الجماعة، مات سنة اثنتي عشرة ومائتين.
انظر : الجرح (6/38)، تهذيب الكمال ( 27/52-61)، التهذيب (9/535-537).
(2) هو : عمر بن راشد بن شَجَرة، أبو حفص اليَمَامي، روى عن: إياس بن سلمة، أبي كثير السحيمي، ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، وعنه: علي بن الجعد، ومحمد بن يوسف الفِرْيابي، ووكيع بن الجراح وغيرهم.(1/412)
متفق على ضعفه، قال أحمد :((حديثه ضعيف ليس بمستقيم، حدَّث عن يحيى بن أبي كثير بأحاديث مناكير))، وكذلك قال البخاريُّ وغيره، وقال ابن حبان :((كان من يروي الأشياء الموضوعات عن ثقات أئمة، لا يحل ذكره في الكتب إلاّ على سبيل القدح فيه، ولا كتابة حديثه إلاّ على جهة التعجب))، روى له الترمذيُّ، وابن ماجه.
انظر : الضعفاء الكبير (3/175-185)، الجرح (6/107-108رقم567)، المجروحين (2/83-84)، الكامل (5/15-17)، تهذيب الكمال ( 21/340-343).
(3) هو : يحيى بن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاريُّ النّجاريّ المدنيّ، روى عن: زيد بن أسلم، وسعيد بن أبي مريم، وجده: عبد الله بن أبي طلحة وغيرهم، وعنه: أبو خالد الدالانيّ، وعكرمة بن عمار، وعُمر بن ذر.
ثقة، وثقه ابن معين، والذهبيّ، وابن حجر، وذكره ابن حبان في الثقات، ولم يسمع من البراء، روى له أبو داود.
انظر : المراسيل ( ص 245)، الجرح (9/125رقم530)، الثقات (7/593)، تهذيب الكمال (31/194-195)، الكاشف (3/249 )، جامع التحصيل (ص296-297)، التقريب (ص 587 رقم7498).
(4) هو: البراء بن عازب بن الحارث بن عدي الأنصاري، الأوسيُّ، أبو عمارة، له ولأبيه صحبة، غزا مع النبيّ صلى الله عليه وسلم خمس عشرة غزوة، نزل الكوفة، ومات بها سنة اثنتين وسبعين.
انظر : الإصابة (1/ 142-143)، التقريب (ص 121 رقم648).
(5) هو: إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاريُّ النّجاريّ المدنيّ، روى عن: عمه أنس بن مالك، وجعفر بن عياض، وذكوان السمان وغيرهم، وعنه: حماد بن سلمة، وسفيان بن عيينة، ومالك بن أنس وغيرهم.
متفق على توثيقه، قال ابن سعد :((كان مالك لا يقدم عليه في الحديث أحداً..وكان ثقة كثير الحديث))، روى له الجماعة، مات سنة أربع وثلاثين ومائة.
انظر : الطبقات ( القسم المتمم:ص288-289)، تهذيب الكمال (2/444-446)، التقريب (ص 101رقم367).
- - -
- التخريج :(1/413)
رواه ابن أبي حاتم في المراسيل (ص245) قال :((حدثنا محمد بن خلف العسقلانيّ، قال: أخبرنا الفريابي عن عمر بن راشد اليمامي عن يحيى بن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" الربا اثنان وسبعون بابا، أدناها مثل إتيان الرجل أمه وأربا الربا استطالة الرجل في عرض أخيه"، فسمعت أبي –رحمه الله- يقول: هو مرسل، لم يدرك يحيى ولا إسحاق البراء بن عازب)).
ورواه ابن أبي شيبة –كما في المطالب العالية (3/193)- قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن عمر بن راشد –به-.
وللحديث عن البراء طريقٌ آخر تقدم ذكره في المسألة رقم (1105).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
أعل أبو حاتم هذا الحديث بالانقطاع بين يحيى بن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة والبراء بن عازب، وبيّن أنّ يحيى بنَ إسحاق لم يدرك البراء، وكذلك والده إسحاق لم يدرك البراء.
وهذا الإسناد ضعيفٌ جداً فيه عمر بن راشد وهو متفق على ضعفه ويضطرب في هذا الحديث، وفي السند انقطاع بين يحيى والبراء كما تقدم عن أبي حاتم، وتقدم بيان ضعف الحديث من جميع طرقه في المسألة رقم (1105).
- - - -
49- ] 1137[ وسمِعْتُ أَبِي وحَدَّثَنَا عَنْ حَرْمَلَة(1)، عَنْ ابْنِ وَهْب(2)، عَنْ ابنِ لَهِيْعَةَ(3)، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيب(4)، عَنْ ابنِ شِهَابٍ(5)، عَنْ أَنَسٍ(6) أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((نَهَى عَنْ أَجْرِ عَسْبِ الْفَحْلِ*))، قَالَ أَبِي: إِنَّمَا يُرْوَى مِنْ كَلاَم أَنَس، ويَزِيدُ لم يَسْمَعْ مِنْ الزُّهْرِيّ إِنَّمَا كَتَبَ إِلَيْهِ**.
.………………………………(1/414)
* عَسْبِ الْفَحْلِ : قال ابن الأثير في النهاية (3/234) :(( عَسْبُ الفَحْل: ماؤُه فَرَساً كان أو بعيراً أو غيرهما، وعَسْبُه أيضاً: ضرَابه يقال: عَسَب الفحْلُ الناقةَ يَعْسبُها عَسْباً …وإنما نهى عنه للجهالة التي فيه ولا بُدَّ في الإجارَة من تَعْيين العَمَل ومَعْرفة مِقْداره)).
** المكاتبة إحدى طرق التحمل الثمانية، قال ابن الصلاح في علوم الحديث (ص153-154) :((القسم الخامس من أقسام طرق نقل الحديث وتلقيه: المكاتبة : وهي أن يكتب الشيخ إلى الطالب وهو غائب شيئاً من حديثه بخطه أو يكتب له ذلك وهو حاضر، ويلتحق بذلك ما إذا أمر غيره بأن يكتب له ذلك عنه إليه، وهذا القسم ينقسم أيضا إلى نوعين : (أحدهما) : أن تتجرد المكاتبة عن الإجازة، (والثاني): أن تقترن بالإجازة بأن يكتب إليه ويقول: أجزتُ لك ما كتبته لك، أو ما كتبت به إليك، أو نحو ذلك من عبارات الإجازة، أمَّا الأوَّل : وهو ما إذا اقتصر على المكاتبة فقد أجاز الرواية بها كثير من المتقدمين والمتأخرين، منهم : أيوب السختياني، ومنصور، والليث بن سعد…وأبى ذلك قوم آخرون..و المذهب الأوَّل هو الصحيح المشهور بين أهل الحديث، وكثيراً ما يوجد في مسانيدهم ومصنفاتهم قولهم :كتب إليّ فلان: قال: حدثنا فلان، والمراد به هذا، وذلك معمول به عندهم معدود في المسند الموصول.. ))، وقال القاضي عياض في الإلماع (ص86) :((وقد استمر عمل السلف ممن بعدهم من المشايخ بالحديث بقولهم: كتب إليَّ فلان قال: أخبرنا فلان، وأجمعوا على العمل بمقتضى هذا التحديث وعدوه في المسند بغير خلاف يعرف في ذلك، وهو موجود في الأسانيد كثير)).
سيذكر ابن أبي حاتم هذه المسألة في العلل (2/443 رقم2836)، وقد نقل هذه المسألة ابنُ الملقن في البدر المنير (5/ ل31ب-32أ) بتصرفٍ يسير.
ــــــــــــــــــــــ(1/415)
(1) هو: حرملة بن يحيي التُّجِيبي، أبو حفص المصري، روى عن : بشر بن بكر، وعبدالله بن وهب، وعبد الله بن يوسف التنيسي وغيرهم، روى عنه: أحمد بن منصور الرمادي، وبقي بن مخلد، ومحمد بن إدريس أبو حاتم الرازي وغيرهم.
ثقة يُغرب، وهو من أعلم الناس بابن وهب، وأرواهم عنه، قال ابن معين-في رواية الدوري- :((شيخ بمصر يقال له: حرملة، كان أعلم الناس بابن وهب))، وقال الذهبيُّ :((أحد الأئمة الثقات، وراوية ابن وهب، وصاحب الشافعيّ…يكفيه أنّ ابن معين قد أثنى عليه، وهو أصغر من ابن معين))، روى له مسلم، والنسائي، وابن ماجة، مات سنة أربع وأربعين ومائتين.
انظر : الضعفاء الكبير (1/322)، تهذيب الكمال ( 5/548-552)، الميزان (1/472-473).
(2) هو : عبد الله بن وَهْب بن مسلم القرشي، الفِهْريّ، أبو محمد المصري، مولى يزيد بن زمانة الفهري، روى عن: إبراهيم بن سعد الزهري، وجرير بن حازم، وعبدالله بن لهيعة وغيرهم، وعنه: بحر بن نصر، والحارث بن مسكين، وحرملة بن يحيى التجيبي وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه وفقهه وفضله، قال ابن حبان :((جمع ابنُ وهب وصَنّفَ، وهو حَفِظَ على أهل الحجاز ومصر حديثَهم، وعُني بجميع ما رَوَوا من المسانيد والمقاطيع وكان من العُبّاد))، روى له الجماعة، مات سنة سبع وتسعين ومائة.
انظر : الثقات 8/346)، تهذيب الكمال ( 16/277-287).
(3) هو: عبد الله بن لهيعة، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1104) وهو ((ضعيفٌ، وكان يدلس، وقد تغير قبل موته بأربع سنين بعد احتراق كتبه)).
(4) هو : يزيد بن أبي حبيب -واسمه سويد- الأزدي، أبو رجاء المصري، مولى شريك الأزدي، روى عن: سالم بن عبد الله بن عمر، وعطاء بن أبي رباح، ومحمد بن شهاب الزهري -فيما كتب إليه –وغيرهم، روى عنه : حيوة بن شريح، وعبد الله بن لهيعة، والليث بن سعد وغيرهم.(1/416)
متفقٌ على توثيقه وفقهه، وكان يرسل، ولم يسمع من الزهريّ شيئاً إنما كتب إليه الزهري، قال ابن سعد :((وكان ثقة كثير الحديث))، وقال ابن معين :((لم يسمع يزيد بن أبي حبيب من الزهريّ شيئاً، ولكنه قال: كتب إلى ابن شهاب، فإنما الذي يروي عنه مما كتب إليه الزهريّ))، وقال أحمد :((لم يسمع من الزهريّ ابن شهاب شيئاً، إنما كتب إليه الزهري، ويروي عن رجل عنه))، ونصّ على ذلك أيضاً أبو عبد الرحمن المقرئ، وابن بكير، وأبو حاتم وغيرهم، وقال العلائيّ :((قال ابن أبي حاتم : إنما كتب إليه، وهو يقول في روايته عن الزهري :كتب إليّ الزهري، قلتُ –القائل العلائيُّ-: تقدم أنّ مثل ذلك متصل))، روى له الجماعة، مات سنة ثمان وعشرين ومائة.
انظر : العلل ومعرفة الرجال (1/538 رقم1273)، معرفة الرجال (1/126 رقم625)، المعرفة والتاريخ (2/431)، تهذيب الكمال ( 32/102-107)، جامع التحصيل (ص300-301).
(5) هو: محمد بن مسلم بن شهاب الزهريّ، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091)، وهو :((متفق على جلالته وإتقانه)).
(6) هو : أنس بن مالك، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1090).
- - -
- التخريج :
لم أجد من أخرجه غير ابن أبي حاتم هنا مرفوعاً، وكذلك لم أقف على من أخرجه موقوفاً، وقال الدارقطني-كما في أطراف الغرائب (2/222)- :((تفرد به ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب عنه)).
وللحديث عن أنس طريقان آخران :(1/417)
الطريق الأول : أخرجه الترمذي في سننه (3/573 رقم1274) كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية عَسْب الفحل، والنسائي في سننه (7/310) كتاب البيوع، باب بيع ضراب الجمل، والطبراني في المعجم الصغير (2/ 204رقم 1032)، والبيهقي في السنن الكبرى ( 5/339) كتاب البيوع، باب النهي عن عسب الفحل، والضياء في المختارة (7/153-154 رقم2582) جميعهم من طريق يحيى بن آدم، عن إبراهيم بن حميد الرؤاسي، عن هشام بن عروة، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أنس بن مالك :((أن رجلا من كلاب سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل فنهاه، فقال: يا رسول الله إنا نطرق الفحل فنُكْرَم فرخص له في الكرامة)).
قال الترمذيُّ :((هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم بن حميد عن هشام بن عروة))، وقال الطبرانيُّ :((لم يروه عن محمد بن إبراهيم إلا هشام بن عروة ولا عن هشام إلا إبراهيم بن حميد تفرد به يحيى بن آدم))، وقال الدارقطني-كما في أطراف الغرائب (2/229-230)- :((غريب من حديث هشام بن عروة، عن محمد، تفرد به إبراهيم بن حميد الرؤاسي عنه ))، وصححه ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (5/395)، ورجال الإسناد ثقات، ولكن في سماع محمد بن إبراهيم التيمي من أنس بن مالك نظر، فقد قال ابن محرز في معرفة الرجال (1/129 رقم646) :((وسمعت يحيى وقيل له : محمد بن إبراهيم بن الحارث لقي أحداً من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لم أسمعه))، ولم أجد أحداً نص على سماعه منه.(1/418)
الطريق الثاني : رواه الشافعي في السنن المأثورة (ص347 رقم432) –ومن طريقه ابن عدي في الكامل (3/398)، وأبو نعيم في الحلية (9/159)- قال الشافعيُّ: حدثنا سعيد بن سالم القداح، عن شبيب بن عبد الله البجلي، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :((نهى عن ثمن عسب الفحل ))، وسعيد بن سالم القداح صدوق قاله الذهبيّ في المغني (1/260رقم2395)، وشبيب بن عبد الله البجلي لم أقف له على ترجمة.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
أعل أبو حاتم حديث أنس بن مالك مرفوعاً، وذكر أنه يُروى من كلام أنس أي موقوفاً عليه، ولم أقف على هذه الرواية الموقوفة للنظر في مدى قوتها، وفي الرواية المرفوعة ابن لهيعة وهو ضعيف الحديث.
فتحصل أنّ الحديث من هذا الطريق ضعيف لعلتين : الأولى: ضعف ابن لهيعة، والثانية : أنه يُروى من كلام أنس كما قال أبو حاتم.
وتقدم أنّ للحديث طريقين عن أنس وكلاهما لا يخلو من مقال، فالأول منقطع بين محمد بن إبراهيم التيمي وأنس بن مالك، والآخر فيه شبيب بن عبد الله البجلي لم أقف له على ترجمة، وما أدري هل سمع من أنس أم لا.
غير أنّ للحديث شواهد صحيحة، من أقواها : ما رواه البخاريّ في صحيحه (4/461 رقم2284) كتاب الإجارة، باب عسب الفحل، وأبو داود في سننه (3/267رقم 3429)كتاب البيوع والإجارات، باب في عسب الفحل، والترمذي في سننه (3/572 رقم1273)، والنسائي (7/310) جميعهم من طريق علي بن الحكم، عن نافع، عن ابن عمر قال :((نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل)).
وأمَّا رواية يزيد بن أبي حبيب عن الزهريّ فقد تقدم في ترجمة يزيد أنّ النّقاد متفقين على ما قال أبو حاتم مِنْ أنّ يزيد بن أبي حبيب لم يسمع من الزهريّ، ولكنْ روى عنه مكاتبة، ومن المعلوم أنّ المكاتبة من طرق التحمل الصحيحة، لذا قال العلائيُّ –كما تقدم- :((تقدم أنّ مثل ذلك متصل)).
- - - -(1/419)
50- ] 1138[ وسأَلتُ أَبِي وأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيث رَوَاهُ يَحْيَى بن أَيُّوب(1)، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بن عُمَر(2)، عَنْ أَبِي الْزِّنَادِ(3)، عَنْ ابْنِ عُمَر(4)، أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ*، وعَنْ بَيْعِ الحَصَا))، قَالا : هَذَا خَطَأٌ، إِنَّمَا هُوَ ] أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الأَعْرَجِ(5)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ(6)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أَبِي : [** وأَبُو الْزِّنَاد لم يَسْمَع من ابْنِ عُمَر شيئا.
قيل لأَبِي زُرْعَةَ: ما معَنْى بَيْع الحَصَاة ؟ قَالَ: إِذَا رَمَى بها وَقَعَ البَيْعُ***.
………………………………
* بيع الغرر: قال الخطابيُّ في معالم السنن (3/88) :((أصل الغرر هو ما طوي عنك علمه، وخفي عليك باطنه وسره، وهو مأخوذ من قولك: طويت الثوب على غرة، أي على كسره الأول،..وكل بيع كان المقصود منه مجهولاً غير معلوم، ومعجوزاً عنه غير مقدور عليه فهو غرر، وذلك مثل: أن يبيعه سمكاً في الماء..، وأبواب الغرر كثيرة وجماعها ما دخل في المقصود منه الجهل)).
** ما بين القوسين ساقط من (ت).
*** قال ابن قدامة في المغني (6/298) :((ومن البيوع المنهي عنها بيع الحصاة فإنّ أبا هريرة روى "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحصاة" رواه مسلم واختلف في تفسيره، فقيل: هو أن يقول ارم هذه الحصاة فعلى أي ثوب وقعت فهو لك بدرهم، وقيل: هو أن يقول بعتك من هذه الأرض مقدار ما تبلغ هذه الحصاة إذا رميتها بكذا وقيل: هو أن يقول بعتك هذا بكذا على أني متى رميت هذه الحصاة وجب البيع، وكل هذه البيوع فاسدة لما فيها من الغرر والجهل، ولا نعلم فيه خلافاً)).، وانظر: شرح مشكل الآثار (14/83-85).
ــــــــــــــــــــــ(1/420)
(1) هو : يحيى بن أيوب الغافِقيّ، أبو العباس المصري، روى عن: إسماعيل بن أمية، وبكير بن عبد الله بن الأشج، وعبيد الله بن عمر وغيرهم، وعنه: جرير بن حازم، وعبدالله بن المبارك، وعبد الله بن وهب وغيرهم.
صدوق فقيه، قال البخاريُّ :((صدوق))، وقال ابن عدي :((له أحاديث صالحة، وقد روى عنه الليث، وروى عنه ابن وهب الكثير، ..وغيرهم من شيوخ مصر وهو من فقهاء مصر ومن علمائهم، … ولا أرى في حديثه إذا روى عنه ثقة، أو يروى هو عن ثقة حديثا منكرا فأذكره وهو عندي صدوق لا بأس به))، وقال الذهبيُّ :((صدوق))، روى له الجماعة، مات سنة ثمان وستين ومائة.
انظر : علل الترمذي الكبير (ص118)، الكامل (7/214-217)، تهذيب الكمال ( 31/233-238)، ذكر أسماء من تكلم فيه (ص193رقم367).
(2) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1107) وهو((متفق على ثقته وجلالته)).
(3) هو : عبد الله بن ذَكْوان القرشي، أبو عبد الرحمن المدني، المعروف بأبي الزِّناد، مولى رملة بنت شيبة، روى عن: أبان بن عثمان بن عفان، وسعيد بن المسيب، وعبدالرحمن بن هرمز الأعرج -وهو راويته- وغيرهم، روى عنه: ثور بن يزيد، وسفيان الثوري، وعبيد الله بن عمر العُمري وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه، قال البخاري :((أصح أسانيد أبي هريرة: أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة))، وقد ذكر أبو حاتم هنا أنه لم يسمع من ابن عمر، وقال ابن أبي حاتم:((سمعتُ أبي يقول:أبو الزناد لم ير ابن عمر، بينهما عبيد بن حنين، وقال مرة: لم يدرك ابن عمر))، روى له الجماعة، مات سنة إحدى وثلاثين ومائة.
انظر : المراسيل (ص111)، تاريخ دمشق (28/44-63)، تهذيب الكمال (14/476-483).
(4) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091).(1/421)
(5) هو : عبد الرحمن بن هُرْمُز الأعرج، أبو داود المدني، مولى ربيعة بن الحارث، روى عن: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مالك بن بحينة، وأبي هريرة وغيرهم، روى عنه: أيوب السختياني، وزيد بن اسلم، وعبد الله بن ذكوان أبو الزناد وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه وعلمه، قال ابن سعد :((كان ثقة كثير الحديث))، وقال علي بن المديني :((أصحاب أبي هريرة هؤلاء الستة: سعيد بن المسيب، وأبو سلمة، والأعرج، وأبوصالح، ومحمد بن سيرين، وطاوس، وكان همام بن منبه يشبه حديثه حديثهم إلا حرفا))، روى له الجماعة، مات سنة سبع عشرة ومائة.
انظر : الطبقات (5/283-284)، سؤالات محمد بن عثمان لعلي بن المديني (ص82رقم 74)، تهذيب الكمال ( 17/467-471).
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1089).
- - -
- التخريج :
يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن عمر، عن أبي الزناد، عن ابن عمر، أنّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((نهى عن بيع الغرر، وعن بيع الحصا)).
لم أقف على من أخرجه من هذا الطريق.
أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أخرجه :
- مسلم في صحيحه (3/ 1153رقم 1513) كتاب البيوع، باب بطلان بيع الحصاة والبيع الذي فيه غرر.
- وأبوداود في سننه (3/254 رقم 3376) كتاب البيوع، باب في بيع الغرر.
-وابن أبي شيبة في المصنف (6/132) كتاب البيوع، في بيع الغرر والعبد الآبق-ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد (21/135).
-وأبو عوانة في مسنده (3/258 رقم4881) كتاب البيوع، بيان حظر بيع الغرر.
جميعهم من طرق عن عبد الله بن إدريس.
- وأخرجه : مسلم أيضاً في صحيحه (3/ 1153رقم 1513).
-والنسائي في سننه (7/262) كتاب البيوع، باب بيع الحصاة.
-وأحمد بن حنبل في مسنده (2/436).
-والدارمي في سننه (2/167رقم 2557) كتاب البيوع، باب في النهي عن بيع الغرر.
-ومحمد بن نصر في السنة (ص63 رقم222).(1/422)
-وأبو عوانة في مسنده (3/259 رقم4882).
-والطحاويّ في شرح مشكل الآثار (14/83 رقم5474).
-وابن حبان في صحيحه –كما في الإحسان (11/ 352رقم 4977) كتاب البيوع، باب البيع المنهي عنه-.
-والدارقطني في سننه (3/15-16) كتاب البيوع.
-وابن عبد البر في التمهيد (21/135-136).
جميعهم من طرق عن يحيى بن سعيد القطان.
-وأخرجه : مسلم أيضاً في صحيحه (3/ 1153رقم 1513).
-والترمذي في سننه (3/532 رقم 1230) كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع الغرر.
-وابن عبد البر في التمهيد (21/135-136).
جميعهم من طرق عن حماد بن أسامة أبي أسامة.
-وأخرجه : ابن ماجه في سننه (2/739رقم2194) كتاب التجارات، باب النهي عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر.
-وأبو عوانة في مسنده (3/259 رقم4882).
-وابن عبد البر في التمهيد (21/135-136).
جميعهم من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي.
-وأخرجه : أحمد بن حنبل في مسنده (2/250،436).
-وأبو عوانة في مسنده (3/258رقم4880).
-والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 266)كتاب البيوع، باب من قال لا يجوز بيع العين الغائبة.
جميعهم من طريق محمد بن عبيد الطنافسي.
-وأحمد بن حنبل في مسنده (2/439 ، 496) عن عبد الله بن نمير.
-والدارمي في سننه (2/169 رقم2566) باب في بيع الحصاة،- ومن طريقه ابن حجر في موافقة الخبر الخبر (1/518)-.
-وابن الجارود في المنتقى (ص 203رقم590) كتاب البيوع، باب المبايعات المنهي عنها.
كلاهما من طريق عقبة بن خالد.
-ومحمد بن نصر في السنة (ص63 رقم221-222).
-وأبو عوانة في مسنده (3/259رقم4883).
كلاهما من طريق محمد بن بشر.
- وابن المنذر في الإقناع (1/243 رقم87) من طريق مسدد بن مسرهد.(1/423)
جميعهم عن عبيد الله بن عمر، حدثني أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال:((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر)) ، وفي رواية ابن نمير-عند أحمد- زيادة النهي عن الشغار، وقال الترمذيّ :((وفي الباب : عن ابن عمر وابن عباس وأبي سعيد وأنس، وحديث أبي هريرة حديث حسن صحيح)).
وتابع عبيدَ الله بنَ عمر أسامةُ بنُ زيد الليثي على هذا الوجه، أخرجه :
-تمام في الفوائد (1/369 رقم941) قال : أخبرنا أبو علي الحسن بن حبيب قراءة عليه، قال: حدثنا أبو القاسم عبد اللطيف بن نباتة بن نافع اليحصبي، قال: حدثنا عبدالأعلى بن عبد الواحد يكنى أبا يزيد يعرف بمرة مصري، قال: حدثنا زين بن شعيب الإسكندراني، عن أسامة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :((نهى عن بيع الغرر، وبيع الحصاة)).
والحسن بن حبيب ثقة حافظ –انظر : تاريخ دمشق (13/49/51)-، وعبداللطيف بن نباتة بن نافع اليحصبي لم أقف له على ترجمة، وعبد الأعلى بن عبدالواحد ذكره ابن حجر في لسان الميزان (3/382) ونقل عن أبي نعيم أنه وهم في حديث رواه عن ابن وهب، وذكره أيضاً في نزهة الألباب (2/171)، وزين بن شعيب ذكره ابنُ حبان في الثقات (8/257) وقال :((زين بن شعيب من أهل مصر يروى عن مالك بن أنس، روى عنه عبد الأعلى بن عبد الواحد الكلاعى، والمصريون مستقيم الحديث))، وأسامة بن زيد صدوق – التهذيب (1/208-210)-.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن عبيد الله بن عمر على وجهين :
الوجه الأوَّل: رواه يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن عمر، عن أبي الزناد، عن ابن عمر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم :((نهى عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر)).(1/424)
الثاني: رواه حماد بن أسامة، وعبد الله بن إدريس، وعبد الله بن نمير، وعبد العزيز الدراوردي، وعقبة بن خالد، ومسدد بن مسرهد، ومحمد بن بشر، ومحمد بن عبيد، ويحيى بن سعيد، عن عبيد الله بن عمر، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال:((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر)).
وتابع عبيدَ الله بنَ عمر : أسامةُ بنُ زيد الليثي على هذا الوجه.
وقد رجح أبو حاتم وأبو زرعة الوجه الثاني، وحكما على الوجه الأوَّل بأنه خطأ، وهذا ظاهر لأمور :
أنّ رواة هذا الوجه أوثق ممن روى الوجه الأوَّل، فقد تفرد بالوجه الأول يحيى بن أيوب وهو خفيف الضبط، وهذه الرواية تُعد من أوهامه الدالة على خفة ضبطه.
أنّ رواة الوجه الثاني أكثر عدداً ممن روى الوجه الأوَّل.
أنّ أبا الزنادلم يسمع ولم يدرك ابن عمر، كما قال أبو حاتم.
والحديث من الوجه الراجح صحيحٌ فقد أخرجه مسلم في صحيحه، وصححه الترمذي، وابن حبان.
- - - -
51- ] 1139[ وسمِعْتُ أَبِي وَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ لَهِيعَةَ(1)، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ(2)، عَنْ جَابِرٍ(3) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زجر عَنْ الْخَرْصِ* وَقَالَ :((أَرَأَيْتُمْ إِنْ أهَلَكَ الثَّمْر أيأخذ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ))، قَالَ أَبِي : مَا أَدْرِي مَا هَذَا ؟، أَبُوالزُّبَيْر يُحَدِّث عَنْ جَابِرٍ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ (4) إِلَى خَيْبَرَ يَخْرُصُ.
قَالَ أَبِي : مَعْنَاهُ عِنْدِي أَنَّ خَرْصَ الْجَائِحَةَ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ الثَّمَرَ قَبْلَ أَنْ يُخْرَصَ فَتُصِيبهُ الآفَةُ.
………………………………(1/425)
* الخَرْص : قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (2/169) :((الخَرْص : وهو حزْر الشيء، يقال: خَرصتُ النخل إذا حزرتُ ثمره))، وقال ابنُ الأثير في النهاية (2/22-23):((خَرَصَ النخلة والكرمة يَخْرصُها خَرْصا :إذا حزر ما عليها من الرطب تمراً، ومن العنب زبيباً، فهو من الخَرْص: الظنّ؛ لأنّ الحَزْر إنما هو تقدير بظنّ والاسم الخِرْص –بالكسر-، يقال: كم خِرْصُ أرضِك؟ وفاعل ذلك الخارِص)).
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو: عبد الله بن لهيعة، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1104) وهو ((ضعيفٌ، وكان يدلس، وقد تغير قبل موته بأربع سنين بعد احتراق كتبه)).
(2) هو: محمد بن مسلم المكي، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1198) وهو ((ثقةٌ يدلس-وهو من الطبقة الثانية من المدلسين المقبول حديثهم-)).
(3) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1098).
(4) عبد الله بن رواحة بن ثعلبة الخزرجيّ الأنصاريّ، شهد بدراً والعقبة، وهو أحد النقباء بها، وشهد المشاهد كلها إلاّ الفتح وما بعده، فإنه قُتل يوم مؤتة، وكان ثالث الأمراء بها، سنة ثمان من الهجرة، رضي الله عنه.
انظر : تهذيب الكمال (14/506-508)، التقريب ( ص303رقم3318 ).
- - -
- التخريج :
1- ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زجر عَنْ الْخَرْصِ وَقَالَ :((أَرَأَيْتُمْ إِنْ أهَلَكَ الثَّمْرُ أيأخذ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ)).
أخرجه :
أحمد بن حنبل في مسنده ( 3/394 ) عن حسن بن موسى.
والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/41) قال: حدثنا ربيع المؤذن، قال: حدثنا أسد بن موسى.
كلاهما عن ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن الخرص، وقال:((أرأيتم إن هلك التمر أيحب أحدكم أن يأكل مال أخيه بالباطل)).(1/426)
وذكره ابن عبدالبر في التمهيد (6/472) معلقاً فقال :((وروى ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :خففوا في الخرص، فإن في المال العرية، والواطية، والأكلة، والوصية، والعامل، والنوائب)).
وتابع ابنَ لهيعة ابنُ جريج لكن ليس في روايته :((زجر عن الخرص))، وقد أخرجها :
-مسلم في صحيحه (3/1190 رقم1554) كتاب المساقاة، باب وضع الجوائح.
-وأبو داود في سننه (3/276-277 رقم3470) كتاب البيوع، باب في وضع الجوائح.
-والنسائي في سننه (7/265) كتاب البيوع، باب في وضع الجوائح.
-وابن ماجه في سننه (2/747 رقم 2219) كتاب التجارات، باب بيع الثمار سنين والجائحة.
-والدارمي في سننه (2/167-168 رقم 2559) كتاب البيوع، باب في الجائحة.
-وابن الجارود في المنتقى (ص215 رقم639) أبواب القضاء في البيوع.
- وأبو عوانة في مسنده (3/333-334 رقم5202-5203) كتاب البيوع، بيان حظر أخذ ثمن الثمر الذي بيع فأصابته جائحة بعد البيع، وأنه لا يحل لبائعه أخذ ثمنه.
-والدارقطني في سننه (3/30-31) كتاب البيوع.
- والحاكم في المستدرك على الصحيحين (2/36) كتاب البيوع.
- والبيهقي في السنن الكبرى (5/306 ) كتاب البيوع، باب ما جاء في وضع الجائحة.
جميعهم من طرق كثيرة عن ابن جريج عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا بم تأخذ مال أخيك بغير حق))، وقال الحاكم :((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين)).
2- أبو الزبير، عن جابر أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى خَيْبَرَ يَخْرُصُ.
أخرجه :
أبو داود في سننه (3/264 رقم 3414) كتاب البيوع، باب في الخرص.
وأحمد بن حنبل في مسنده (3/367).(1/427)
والدارقطني في سننه (2/133-134) كتاب الزكاة، باب في قدر الصدقة فيما أخرجت الأرض وخرص الثمار.
والطحاويّ في شرح معاني الآثار (3/247) كتاب السير، باب الأرض تفتح كيف ينبغي للإمام أن يفعل بها، و(4/113) كتاب المزارعة، والمساقاة.
والبيهقي في السنن الكبرى (4/123) كتاب الزكاة، باب خرص التمر والدليل على أن له حكما.
وابن عبدالبر في التمهيد (6/461)، و(9/143).
جميعهم من طرق إبراهيم بن طهمان.
وأخرجه : أبو داود في سننه (3/264 رقم 3415).
وعبدالرزاق في المصنف (4/124 رقم 7205) كتاب الزكاة، باب في الخرص.
وابن أبي شيبة في مصنفه ( 4/194-195) كتاب الزكاة، ما ذكر في خرص النخل.
وأحمد بن حنبل في مسنده (3/296).
جميعهم من طريق ابن جريج.
كلاهما ( إبراهيم بن طهمان، وابن جريج) عن أبي الزبير، عن جابر أنه قال :((أفاء الله على رسوله خيبر، فأقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كانوا وجعلها بينه وبينهم فبعث عبد الله بن رواحة فخرصها عليهم))، هذا لفظ إبراهيم بن طهمان، ولفظ ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول :((خرصها ابن رواحة أربعين ألف وسق وزعم أن اليهود لما خيرهم بن رواحة أخذوا الثمر وعليهم عشرون ألف وسق)).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
أورد أبوحاتم هذين الحديثين لما قد يظن من تعارضهما في المتن؛ وذلك أنّ الحديثَ الأوّل: حديث ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زجر عَنْ الْخَرْصِ وَقَالَ :((أَرَأَيْتُمْ إِنْ أهَلَكَ الثَّمْرُ أيأخذ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ)) يفهم من ظاهره النهي عن الخرص، والحديث الثاني : حديث أبي الزبير، عن جابر :((أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عبد الله بن رواحة إِلى خَيْبَرَ يَخْرُصُ))، فيه إثبات الخرص والعمل به.(1/428)
ثم إنّ أبا حاتم وجه حديث النهي إلى خرص الجائحة وهو : أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ الثَّمَرَ قَبْلَ أَنْ يُخْرَصَ فَتُصِيبهُ الآفَةُ، فالثمر إذا أصابته جائحة فذهبت الثمرة سقط الخرص.
وذهب بعض العلماء إلى العمل بالحديث الأوَّل الناهي عن الخرص، وقالوا : إنّ الخرصَ منسوخٌ، قال الطحاويُّ (2/40-41) :((وقد قال قوم في الخرص غير هذا القول قالوا : إنه قد كان في أول الزمان يفعل ما قال أهل المقالة الأولى من تمليك الخراص أصحاب الثمار حق الله فيها وهى رطب ببدل يأخذونه منهم تمرا، ثم نسخ ذلك بنسخ الربا فردت الأمور إلى أن لا يؤخذ في الزكوات إلا ما يجوز في البيعات، وذكروا في ذلك ما حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا بن لهيعة قال ثنا أبو الزبير عن جابر رضي الله تعالى عنه أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الخرص وقال: أرأيتم إن هلك الثمر أيحب أحدكم أن يأكل مال أخيه بالباطل)).
وذهب بعض العلماء إلى أنّ حديث النهي عن الخرص إنما هو للثمر الذي لم يبدو صلاحه، قاله البَنّا في الفتح الرباني (15/43).
والذي يظهر أنّه لا حاجة لهذا الجمع والتوجيه؛ وذلك لأنّ الحديثين لم يتساويا في الدرجة، فالحديث الثاني صحيح وهو على شرط مسلم، والحديث الأول ضعيف لعلتين :
الأولى: أنّ ابن لهيعة ضعيف.
الثانية: أنّ ابن لهيعة خالف ابنَ جريج-وحديثُ ابن جريج في صحيح مسلم كما تقدم في التخريج- في لفظ الحديث؛ فابن جريج لم يذكر في روايته جملة :((زجر عن الخرص))، والتي هي موطن الإشكال، ولا شك في تقديم ابن جريج على ابن لهيعة.(1/429)
وكثيرٌ من العلماء على العمل بالخرص، قال ابن قدامة في المغني (4/173-175):((فصل : وينبغي أن يبعث الإمام ساعيه إذا بدا صلاح الثمار ليخرصها ويعرف قدر الزكاة، ويعرف المالك ذلك، وممن كان يرى الخرص عمر بن الخطاب، وسهل بن أبي حثمة، ومروان، والقاسم بن محمد، والحسن، وعطاء، والزهري، وعمرو بن دينار، وعبدالكريم بن أبي المخارق، ومالك، والشافعي، وأبو عبيد، وأبو ثور وأكثر أهل العلم، وحُكي عن الشعبي أنّ الخرص بدعة، وقال أهل الرأي: الخرص ظن وتخمين لا يلزم به حكم، وإنما كان الخرص تخويفا للأَكَرَةِ لئلا يخونوا، فأما أن يلزم به حكم فلا، ولنا ما روى الزهري عن سعيد بن المسيب عن عتاب بن أسيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث على الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم رواه أبو داود، وابن ماجه، والترمذي،…وعمل به أبو بكر، والخلفاء بعده…وقولهم: هو ظنٌّ، قلنا: بل هو اجتهاد في معرفة قدر الثمر وإدراكه بالخرص؛ الذي هو نوع من المقادير والمعايير، فهو كتقويم المتلفات)).(1/430)
وقال ابنُ القيم في أعلام الموقعين (2/367-368) :((المثال التاسع والأربعون: ردُّ السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في خرص الثمار في الزكاة والعرايا وغيرها إذا بدا صلاحها كما رواه الشافعي، عن عبد الله بن نافع، عن محمد بن صالح التمار، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عتاب بن أسيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في زكاة الكرم: يخرص كما يخرص النخل ثم تؤدى زكاته زبيبا كما تؤدى زكاة النخل تمرا، وبهذا الإسناد بعينه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث من يخرص على الناس كرومهم وثمارهم، وقال أبو داود الطيالسي: ثنا شعبة، عن حبيب بن عبدالرحمن، قال سمعتُ عبد الرحمن بن مسعود بن نِيَار يقول: أتانا سهل بن أبي حثمة إلى مجلسنا فحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا خرصتم فدعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع، قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد، ورواه أبوداود في السنن، وروى فيها أيضا عن عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة إلى يهود فيخرص النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه ثم يخير يهود فيأخذونه بذلك الخرص أم يدفعونه إليهم بذلك الخرص لكي تحصى الزكاة قبل أن تؤكل الثمار وتفرق، وروى الشافعي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليهود خيبر : أقركم على ما أقركم الله على أن التمر بيننا وبينكم قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص عليهم ثم يقول إن شئتم فلكم وإن شئتم فلي وكانوا يأخذونه، وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرص حديقة المرأة وهو ذاهب إلى تبوك وقال لأصحابه: اخرصوها فخرصوها بعشرة أوسق فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوا المرأة عن الحديقة فقالت : بلغ عشرة أوسق، وفي الصحيحين من حديث زيد بن ثابت رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها تمرا وصح عن عمر بن(1/431)
الخطاب أنه بعث سهل بن أبي حثمة على خرص التمر وقال : إذا أتيت أرضا فأخرصها ودع لهم قدر ما يأكلون. فردتْ هذه السنن كلَّها بقوله تعالى {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه} قالوا : والخرص من باب القمار والميسر فيكون تحريمه ناسخا لهذه الآثار، وهذا من أبطل الباطل فإن الفرق بين القمار والميسر، والخرص المشروع، كالفرق بين البيع والربا، والميتة والمذكى، وقد نزه الله رسوله وأصحابه عن تعاطي القمار، وعن شرعه، وعن إدخاله في الدين، ويالله العجب أكان المسلمون يقامرون إلى زمن خيبر ثم استمروا على ذلك إلى عهد الخلفاء الراشدين ثم انقضى عصر الصحابة وعصر التابعين على القمار ولا يعرفون أن الخرص قمار حتى بينه بعض فقهاء الكوفة، وهذا والله الباطل حقاً والله الموفق)).
- - - -
52- ] 1140[ وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ يَزَيْدُ بنُ أَبِي حَبِيبٍ(1)، عَنْ / عَطَاء(2)، عَنْ جَابِرٍ(3)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :((إِنَّ اللَّهَ عز وجل حَرَّمَ بَيْعَ الْخَنَازِيرِ وَالْمَيْتَةِ وَالأَصْنَامِ))، فقَالَ رَجُل : فَمَا تَرَى فِي شُحُومِ الْمَيْتَةِ يُدْهَنُ بِهَا، فقَالَ :((لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ..)) الْحَدِيثَ، ورَوَاهُ أَيْضاً حَاتِمُ بنُ إِسْمَاعِيلَ(4)، عَنْ عَبْد الْحَمِيدِ بن جَعْفَر(5)، عَنْ يَزَيْد بنِ أَبِي حَبِيب عَنْ عَمْروِ بنِ الْوَلِيد بنِ عَبَدَه(6)، عَنْ عَبْد اللَهُ بن عَمْرو(7)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثلَهُ.(1/432)
قُلْتُ فأَيُّهُمَا أَصَحُ ؟ قَالَ أَبِي :حَدِيثُ يَزَيْد بنِ أَبِي حَبِيب عَنْ عَطَاء هو مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاق(8)، عَنْ عَطَاء، عَنْ جَابِر، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا أَعْلَمُ يَزَيْدَ بنَ أَبِي حَبِيب سمع مِنْ عَطَاء شَيْئاً، ولا أَعْلَم أَحَدَاً مِنْ الْمِصْرِيِّينَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَزَيْد بنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَمْرو بنِ الْوَلِيد، عَنْ عَبْد اللَهُ بن عَمْرو، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ كَانَ عَبْدُ الْحَمِيد سَمِعَهُ وحَفِظَهُ فَإِنَّ مَحَلّهُ الْصِّدْق *.
………………………………
* نقل ابن حجر هذه المسألة في فتح الباري (4/424) وفي نقله بعض الاختلاف عما هنا، قال :(( وليزيد فيه إسناد آخر ذكره أبو حاتم في العلل من طريق حاتم بن إسماعيل، عن عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمرو بن الوليد بن عبدة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال بن أبي حاتم : سألت أبي عنه فقال: قد رواه محمد بن إسحاق، عن يزيد، عن عطاء، ويزيد لم يسمع من عطاء، ولا أعلم أحدا من المصريين رواه عن يزيد متابعا لعبد الحميد بن جعفر فإن كان حفظه فهو صحيح لأن محله الصدق)).
فقوله هنا :(( رواه محمد بن إسحاق، عن يزيد، عن عطاء .. )) يخالف ما اتفقت عليه النسخ كلها، ففيها :(( .. محمد بن إسحاق، عن عطاء .. ))، وسيأتي في التخريج مَنْ خَرج هذه الرواية، وفي بعض الروايات الصحيحة تصريح محمد بن إسحاق بالتحديث عن عطاء بن أبي رباح، وأمّا رواية :(( محمد بن إسحاق، عن يزيد، عن عطاء)) التي ذكرها ابن حجر فلم أجد من خرجها.
ــــــــــــــــــــــ
(1) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1137) وهو ((متفقٌ على توثيقه وفقهه، وكان يرسل، ولم يسمع من الزهريّ شيئاً إنما كتب إليه الزهري)).(1/433)
(2) هو: عطاء بن أبي رباح، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1097) وهو((متفق على ثقته وجلالته، وفقهه وعبادته)).
(3) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1098).
(4) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1108)، وهو :((ثقة)).
(5) هو : عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله الأنصاري الأوسي، أبو الفضل المدني، روى عن: إبراهيم بن عبد الله بن حنين، وهشام بن عروة، ويزيد بن أبي حبيب وغيرهم، روى عنه: حماد بن أسامة، وحماد بن زيد، ووكيع بن الجراح وغيرهم.
ثقة، وثقه ابنُ معين-في رواية الدوري وغيره-، وابنُ المديني، وأحمدُ وغيرهُم، استشهد به البخاريُّ في الصحيح، وروى له في كتاب رفع اليدين في الصلاة وغيره، وروى له الباقون، مات بالمدينة سنة ثلاث وخمسين ومائة.
انظر : تاريخ الدوريّ (2/341-342)، سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة لعلي بن المديني (ص99-100 رقم105)، الجرح (6/ 10 رقم46)، تهذيب الكمال (16/416-420).
(6) هو : عمرو بن الوليد بن عَبَدَة-بفتحتين- القرشي السَّهْمِيُّ المصري، مولى عمرو بن العاص، روى عن: أنس بن مالك، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وقيس بن سعد بن عبادة، روى عنه: يزيد بن أبي حبيب.
صدوق، قال الذهبيُّ :((وُثق ))، وقال ابن حجر :((صدوق ))، وذكره يعقوب بن سفيان في ثقات التابعين من أهل مصر، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، روى له ابن ماجة حديثاً واحداً، مات سنة ثلاث ومائة.
انظر : المعرفة والتاريخ (2/519)، تهذيب الكمال ( 22/289-290)، الكاشف (2/346 رقم4312)، التقريب ( ص428 رقم5133).
(7) هو : عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل القرشي، أبو محمد وقيل: أبو عبد الرحمن، أسلَمَ قبل أبيه، ولم يكن بينه وبين أبيه في السن سوى إحدى عشرة سنة، قال ابن حجر :((أحد السابقين المكثرين من الصحابة وأحد العبادلة الفقهاء، مات في ذي الحجة ليالي الحرة على الأصح بالطائف على الراجح )).
انظر : تهذيب الكمال (15/357-362)، التقريب ( ص315رقم3499).(1/434)
(8) هو : محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، مولاهم، المدني، نزيل العراق، روى عن: الزهري، وعطاء بن أبي رباح، ويزيد بن أبي حبيب وغيرهم، وعنه : حماد بن زيد، وشعبة، ويزيد بن أبي حبيب –وهو من شيوخه-وغيرهم.
صدوق، وكان يدلس، قال ابن نمير :(( إذا حدث عمن سمع من المعروفين فهو حسن الحديث صدوق))،، وقال ابن عدي :(( فتشت أحاديثه الكثيرة فلم أجد فيها ما يتهيأ أن يقطع عليه بالضعف، وربما أخطأ، أو يهم في الشيء بعد الشيء كما يخطئ غيره، وهو لا بأس به))، وقال الذهبي-في السير- :(( له ارتفاع بحسبه، ولا سيما في السير، وأما في أحاديث الحكام، فينحط حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن، إلاّ ما شذَّ فيه، فإنه يعد منكراً))، وقال أيضاً-في الميزان- :(( فالذي يظهر لي أن ابن إسحاق حسن الحديث، صالح الحال، صدوق، وما انفرد به ففيه نكارة، فإن في حفظه شيئاً، وقد احتج به أئمة))، وذكره العلائي -وتبعه ابن حجر- في الطبقة الرابعة من المدلسين وهم : من اتفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلاّ بما صرحوا فيه بالسماع لغلبة تدليسهم وكثرته عن الضعفاء والمجهولين.
انظر : الكامل (6/ 102-112)، تاريخ بغداد ( 1/214 -234)، تهذيب الكمال ( 24/ 405-429)،السير (7/33-55)، الميزان ( 3/468-475)، جامع التحصيل (ص113،وص261)، تعريف أهل التقديس (ص168-169رقم125).
- - -
- التخريج :
1- يزيد بن أبي حبيب ، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَنَازِيرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْأَصْنَامِ))، فقَالَ رَجُل : فَمَا تَرَى فِي شُحُومِ الْمَيْتَةِ يُدْهَنُ بِهَا، فقَالَ :((لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ..)) الْحَدِيثَ.
أخرجه :(1/435)
- البخاريُّ في صحيحه (4/424 رقم2236) كتاب البيوع، باب بيع الميتة والأصنام، وأيضاً (8/30 رقم4296) كتاب المغازيّ، وأيضاً (8/295 رقم4633) كتاب التفسير، باب {وعلى الذين هادوا حرمنا كلَّ ذي ظفر..}.
-ومسلم في صحيحه (3/1207 رقم1581) كتاب المساقاة، باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام.
-وأبو داود في سننه (3/279 رقم3486) كتاب الإجارة، باب في ثمن الخمر والميتة.
-والترمذي في سننه (3/591 رقم1297) كتاب البيوع، باب ما جاء في بيع جلود الميتة والأصنام.
-والنسائي في سننه (7/309) كتاب البيوع، باب بيع الخنزير،-ومن طريقه ابن حزم في المحلى (1/121)-.
-وابن ماجه في سننه (2/732 رقم 2167) كتاب التجارات، باب ما لا يحل بيعه.
-وأحمد بن حنبل في مسنده (3/324).
-وابن الجارود في المنتقى (ص200 رقم578) باب في التجارات.
-وابن المنذر في الأوسط (2/279رقم867 ).
- والطحاوي في شرح مشكل الآثار (13/396 رقم5361).
- والبيهقي في السنن الكبرى (6/12)كتاب البيوع، باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام.
-وابن عبد البر في التمهيد (9/42).
- والبغويُّ في شرح السنة (8/26-27 رقم 2040) كتاب البيوع، باب تحريم ثمن الخمر والميتة.
جميعهم من طريق الليث بن سعد.
-وأخرجه : البخاريُّ في صحيحه (4/424 رقم2236)، وأيضاً (8/295 رقم4633) معلقاً.
-ومسلم في صحيحه (3/1207 رقم1581).
-وأبو داود في سننه (3/279 رقم3487) -ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد (4/143)-.
-وأحمد في مسنده (3/326)-ومن طريقه ابن حجر في تغليق التعليق (3/274)-.
- والبيهقي في السنن الكبرى (6/12).
جميعهم من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد.
-وأخرجه : مسلم في صحيحه (3/1207 رقم1581).
- وابن أبي شيبة في المصنف (6/101) كتاب البيوع والأقضية، في بيع جلود الميتة، وأيضاً (6/448) ما جاء في بيع الخمر، (14/503-504) كتاب المغازي،حديث فتح مكة.(1/436)
-وأبو يعلى في مسنده (2/347-348 رقم1868).
- وابن حبان في صحيحه –كما في الإحسان (11/311رقم4937) كتاب البيوع، باب البيع المنهي عنه-.
جميعهم من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة.
كلاهما (الضحاك بن مخلد، وحماد بن أسامة) عن عبد الحميد بن جعفر.
كلاهما ( الليث بن سعد، وعبد الحميد بن جعفر ) عن يزيد بن أبي حبيب، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة :((إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، فقيل : يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنها يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس، فقال : لا هو حرام ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك :"قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه")).
وفي رواية عبد الحميد بن جعفر قال: حدثنا يزيد قال: كتب إليَّ عطاء سمعتُ جابراً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الترمذي :((وفي الباب عن عمر، وابن عباس، وحديث جابر حديث حسن صحيح)).
2- حاتم بن إسماعيل، عن عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمرو بن الوليد بن عَبَدَة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ…الحديث مثل حديث جابر.
لم أقف على من أخرجه من هذا الطريق، ولم يعزه ابن حجر في فتح الباري (4/424) إلاّ إلى ابن أبي حاتم هنا.
وقد تابع عمرو بنَ الوليد بن عَبَدَة شعيبُ بنُ محمد، أخرجه :
- عبد الله بن المبارك في مسنده (ص91رقم208)-ومن طريقه أحمد بن حنبل في مسنده (2/213)-.
- والبيهقي في السنن الكبرى (9/355) كتاب الضحايا، باب من منع الانتفاع به، من طريق عبد الله بن وهب.(1/437)
كلاهما عن أسامة بن زيد الليثي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح وهو بمكة يقول :((إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير، فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يدهن بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس، فقال: لا هي حرام، ثم قال : قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم الشحوم جملوها ثم باعوها وأكلوا أثمانها))، وأسامة بن زيد صدوق كما تقدم في المسألة رقم (1138)، وكذلك عمرو بن شعيب، وأبوه صدوقان- التقريب (ص 423رقم5050،وص 267رقم2806).
3- محمد بن إسحاق، عن عطاء، عن جابر، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أخرجه :
-أبو يعلى في مسنده (2/448-449 رقم2206) من طريق يزيد بن هارون.
-وابن المنذر في الأوسط (2/292رقم886 ) من طريق يحيى بن أبي زائدة.
-والسهميُّ في تاريخ جرجان (ص451-452)من طريق عبد الوارث بن سعيد.
جميعهم عن محمد بن إسحاق عن عطاء –به-، وفي رواية ابن المنذر تصريح محمد بن إسحاق بالسماع من عطاء.
وتابع يزيدَ بنَ أبي حبيب، ومحمدَ بنَ إسحاق جعفرُ بنُ ربيعة المصري ، أخرجه:
-الطبراني في المعجم الأوسط (10/22 رقم9049) قال: حدثنا المقدام بن داود، قال: حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن جعفر بن ربيعة، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح يقول :((إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنها تدهن بها السفن وتدهن بها الجلود وتستصبح بها الناس، فقال : حرام، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: قاتل الله اليهود إن الله حرم عليها الشحوم فجملوها ثم باعوها وأكلوا أثمانها ))، وفي سنده ابن لهيعة وهو ضعيف ويدلس، وتقدمت ترجمته في المسألة (1104).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :(1/438)
اختلف في الحديث عن يزيد بن أبي حبيب على وجهين :
الأوَّل: رواه عبد الحميد بن جعفر – عنه حماد بن أسامة، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد-، والليث بن سعد، كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..الحديث.
الثاني: رواه عبد الحميد بن جعفر – عنه حاتم بن إسماعيل- عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمرو بن الوليد بن عَبَدَة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ…الحديث.
وقد بين أبو حاتم في كلامه أنّ عبد الحميد تفرد بهذا الطريق عن يزيد بن أبي حبيب عن جميع المصريين، وعلق الحكم عليه بمدى حفظ عبد الحميد له، فإنْ كان حفظه فهو صحيح.
ولكنْ يرى ابنُ حجر أنّ هذا الوجه الثاني شاذّ، وأنّ الذي شذَّ بهذا الوجه حاتمُ بن إسماعيل، قال ابن حجر في الفتح (4/424) :(( قد اختلف فيه على عبد الحميد ورواية أبي عاصم عنه الموافقة لرواية غيره عن يزيد أرجح فتكون رواية حاتم بن إسماعيل شاذة)).
والذي يظهر أنّ الأرجح ما قاله ابن حجر فإنّ حاتم بن إسماعيل خالف اثنين من الثقات الأثبات، وأيّدت روايتيهما روايةُ الليثِ بنِ سعد الموافقة لهما.
والحديث من الوجه الراجح صحيح؛ فقد اتفق عليه الشيخان.(1/439)
وقولُ أبي حاتم في المسألة :(( ولا أَعْلَمُ يَزَيْدَ بنَ أَبِي حَبِيب سمع مِنْ عَطَاء شَيْئاً )) لم أجد من نصّ على ذلك غير أبي حاتم هنا، وهذه فائدة لم أر من ذكرها في ترجمة يزيد بن أبي حبيب ، ويبدو أنّ رواية يزيد عن عطاء عن طريق المكاتبة، كما بيّن ذلك أبو عاصم الضحاك بن مخلد في روايته-المتقدمة في التخريج- عن عبد الحميد بن جعفر، قال: حدثنا يزيد، قال: كتب إليَّ عطاء، فتكون رواية يزيد عن عطاء بن أبي رباح مثل روايته عن ابن شهاب، فقد تقدم في المسألة رقم (1137) أنه لم يسمع من الزهريّ شيئاً إنما كتب إليه الزهريُّ بحديثه، وتقدم أنّ المكاتبة من طرق التحمل الصحيحة.
- - - -
53- ] 1141[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ عَبَّاسُ الْخَلالُ (1)، عن سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ(2)، قَالَ:حَدَّثَنَا بِشْر بْنُ عَوْنٍ (3)، قَالَ:حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ تَمِيمٍ(4)، عَنْ مَكْحُولٍ(5)، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ(6)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((عِبَاد اللَّه لا تَمْنَعُوا فَضْلَ مَاءٍ، ولا نَارٍ، ولا كَلأ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَهُمْ مَتَاعًا للمقوين وَقُوَّةً للمستمتعين))، قَالَ أَبِي :هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَر.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو: عباس بن الوليد بن صُبْح الخلاّل السُّلمي، أبو الفضل الدمشقي، روى عن: آدم بن أبي إياس، وعبد الأعلى بن مسهر، ومحمد بن يوسف الفريابي وغيرهم، وعنه: الحسن بن سفيان، وسليمان بن أيوب ، وعبيد الله بن عبد الكريم الرازي وغيرهم.(1/440)
صدوق، قال أبو حاتم :((شيخ))، وقال أبو عبيد الآجري :((سألت أبا داود عن العباس بن الوليد الخلال؟ فقال: كتبت عنه كان عالما بالرجال عالما بالأخبار لا أحدث عنه))، وقال ابن حبان :((كان مستقيم الأمر في الحديث))، وقال الذهبيّ :((صويلح))، وقال ابن حجر :((صدوق))، روى له ابن ماجه، مات سنة ثمان وأربعين ومائتين.
انظر : سؤالات الآجري لأبي داود (2/198 رقم1587)،الجرح (6/215رقم1179)، الثقات (8/512)، تهذيب الكمال (14/252-254)، الكاشف (1/536)، التقريب ( ص294رقم 3191).
(2) هو : سليمان بن عبد الرحمن التميمي، أبو أيوب الدمشقي ابن بنت شرحبيل، روى عن: إسماعيل بن عياش، وبشر بن عون، وبقية بن الوليد وغيرهم، وعنه: البخاري، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو زرعة الرازي وغيرهم.
ثقة، مكثر عن الضعفاء، وقال الحاكم أبو عبد الله :((قلت للدارقطني : سليمان بن عبد الرحمن؟ قال: ثقة، قلت: أليس عنده مناكير قال: حدث بها عن قوم ضعفى، فأما هو فثقة))، وقد وثقه أبو داود، ويعقوب الفسوي، وقال الذهبيُّ :((ثقة، لكنه مكثر عن الضعفاء))، روى له الجماعة سوى مسلم، مات سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.
انظر : المعرفة والتاريخ (2/406)، سؤالات الآجري لأبي داود (2/190 رقم1566)، سؤالات الحاكم للدارقطني (ص217-218رقم339)، تهذيب الكمال (12/26-32)، الكاشف (1/397).
(3) هو : بشر بن عون القرشي الجَوْبَري، شامي، روى عن: بكار بن تميم، وعنه : سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي.
مجهول، قاله أبو حاتم، وقال ابن حبان :((روى عن بكار بن تميم، عن مكحول، عن واثلة نسخة فيها ستمائة حديث كلها موضوعة لا يجوز الاحتجاج به بحال))، وقال الهيثميّ :((بشر بن عون، عن بكار بن تميم وكلاهما ضعيف)).
انظر : الجرح (2362 رقم1388)، العلل لابن أبي حاتم (2/389رقم2678)، المجروحين (1/190)، تاريخ دمشق (10/245-246)، مجمع الزوائد (3/179)، لسان الميزان (2/28).(1/441)
(4) بكار بن تميم، روى عن: مكحول، روى عنه : بشر بن عون، مجهول، قاله أبو حاتم.
انظر : الجرح (2/408 رقم 1605)، العلل لابن أبي حاتم (2/389رقم2678)، لسان الميزان (2/41).
(5) هو: مكحول الشامي، أبو عبد الله الدمشقي، روى عن: أنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، وواثلة بن الأسقع وغيرهم كثير، وعنه: أيوب بن مدرك، والزهري، وموسى بن يسار وغيرهم كثير.
متفقُ على توثيقه وفضله وفقهه، وكان يرسل، قال محمد بن عبد الله بن عمار :((مكحول إمام أهل الشام))، وقال أبو حاتم :((ما أعلم بالشام أفقه من مكحول))، وقال العلائيُّ :((كثير الإرسال جدا أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وأبي عبيدة، وسعد بن أبي وقاص، وأبي ذر، وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب، وعائشة، وأبي هريرة، وعبادة بن الصامت، وطائفة آخرين رضي الله عنهم))، وقال أبو حاتم :((سألت أبا مسهر هل سمع مكحول من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما صح عندي إلا أنس بن مالك، قلت: واثلة؟ فأنكره))، وقال الترمذي :((ومكحول قد سمع من واثلة بن الأسقع، وأنس بن مالك، وأبي هند الداري، ويقال: إنه لم يسمع من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هؤلاء الثلاثة))، روى له البخاري في كتاب القراءة خلف الإمام وغيره والباقون، مات سنة اثنتي عشرة ومائة.
انظر : سنن الترمذي (4/571 رقم2506)، الجرح (8/407-408رقم1867)، المراسيل لابن أبي حاتم (ص212)، تهذيب الكمال ( 28/464-475)، جامع التحصيل (ص285 رقم796).
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1092).
- - -
- التخريج :
- عباس الخلال، عن سليمان بن عبد الرحمن، قال: حدثنا بشر بن عون، قال: حدثنا بكار بن تميم، عن مكحول، وعن واثلة بن الأسقع، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم …الحديث.
لم أقف على من أخرجه من طريق عباس الخلال.(1/442)
وقد تابع عباسَ الخلال الوليدُ بنُ حماد، أخرجه : الطبراني في المعجم الكبير (22/61رقم145)، وفي مسند الشاميين (4/310 رقم3394) قال: حدثنا الوليد بن حماد، عن سليمان بن عبدالرحمن –به-.
وتابع بكارَ بنَ تميم أيوبُ بنُ مدرك : أخرج روايته تمام في فوائده (2/94رقم1227) من طريق سليمان بن سلمة، عن عبد الله بن معاوية، عن أيوب بن مدرك الحنفي، عن مكحول-به-، -ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (33/221)-.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
تبيّن مما تقدم أنّ الحديث منكر كما قال أبو حاتم، فإنّ بشر بن عون، وبكار بن تميم كلاهما مجهول، وتقدم قول ابن حبان :((بشر بن عون روى عن بكار بن تميم، عن مكحول، عن واثلة نسخة فيها ستمائة حديث كلها موضوعة لا يجوز الاحتجاج به بحال))، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/125) :((رواه الطبراني في الكبير بسند قال فيه ابن حبان: إنّ ما روي به فهو موضوع))، وقال ابن الملقن في البدر المنير (5/ل111أ):((وبشر هذا له نسخة باطلة عن بكار بن تميم، عن مكحول، وبكار لا يعرف، وفي سماع مكحول من واثلة خلاف))، وسماع مكحول من واثلة ثابت على الصحيح، فقد أثبته ابن معين، والبخاريّ، والترمذيّ وغيرهم، انظر: التهذيب (10/289-293)، جامع التحصيل (285-286).
والطريق الثاني: فيه سليمان بن سلمة الخبائري كذبه ابن الجنيد _كما في لسان الميزان (3/93)-، وأيوب بن مدرك كذبه ابن معين، وقال ابن حبان في المجروحين (1/168):((روى عن مكحول نسخة موضوعة، ولم يره))، فهذا الطريق لا يعتد به ألبتة.
وقد تقدم في المسالة رقم ( 1126) ذكر أحاديث صحيحة تدل على المنع من بيع فضل الماء، وبيع النار، والكلأ.
- - - -(1/443)
54- ] 1142[ وسأَلتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ بَقِيَّةُ(1)، عَنْ ابنِ ثَوْبَانَ(2)، عَنْ أَبِيهِ(3)، عَنْ طَاوُوس(4)، عَنْ عَبْدِاللّهِ بن عُمَرَ(5)، أنَّهُ بَاعَ سرْجَاً فَقَدِمَ المبتاع فرده ورَدَّ مَعَهُ دِرْهَمين أو ثلاثة، فقَالَ ابْنِ عُمَر :((لَو بَاعَهُ لَعَلَهُ كَانَ يَخْسَرُ فِيهِ أكثر مِنْ ذَلِكَ))، قَالَ أَبِي : هَذَا خَطَأٌ إِنَّمَا هُوَ ابنُ ثَوْبَانَ، عَنْ لَيْث(6)، عَنْ طَاوُوس.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو: بقية بن الوليد، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1109)، وهو :((ثقة مكثر من التدليس عن الضعفاء والمجهولين، وفي روايته عن غير أهل الشام بعض الأوهام)).
(2) هو : عبد الرحمن بن ثابت بن ثَوْبان العَنْسِيُّ، أبو عبد الله الدمشقي، روى عن: حميد الطويل، وخالد بن معدان، وزيد بن أبي أنيسة وغيرهم، وعنه : بشر بن المفضل، وبقية بن الوليد، ومحمد بن يوسف الفريابي وغيرهم.
صدوق عابد، قال ابن معين-في رواية الدوري-، وعلي بن المديني، والعجلي، وأبو زرعة :((ليس به بأس))، وقال أحمد بن حنبل :((كان عابد أهل الشام))، وقال الذهبيُّ:((صالح الحديث))، روى له البخاري في الأدب وغيره، والنسائي في اليوم والليلة والباقون سوى مسلم، مات سنة خمس وستين ومائة.
انظر : الجرح (5/ 219رقم1031)، تاريخ الدوري (2/346)، معرفة الثقات (2/74 رقم1024)، تهذيب الكمال ( 17/12-18)، السير (7/313-314).
(3) هو: ثابت بن ثَوْبان العَنْسِيّ الشَّامِيُّ الدِّمشقي، روى عن : خالد بن معدان، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن عبد الرحمن وغيرهم، روى عنه : ابنه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، ويحيى بن حمزة الحضرمي وغيرهم.
ثقة، وثقه ابن معين، وأبو حاتم وغيرهما، روى له البخاريُّ في الأدب وفي أفعال العباد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة.(1/444)
انظر : تاريخ الدارمي ( ص146 رقم498)، الجرح (2/449 رقم1806)، تاريخ دمشق (11/113-117)، تهذيب الكمال ( 4/349-351).
(4) هو: طاووس بن كيسان، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1111) وهو((متفق على ثقته وجلالته وفقهه وعبادته)).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091).
(6) هو: ليث بن أبي سُلَيم، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1132) وهو ((ضعيف)).
- - -
- التخريج :
1- بقية، عن ابن ثوبان، عن أبيه، عن طاووس، عن عبد الله بن عمر أنه باع سرجاً…الأثر.
لم أقف على من أخرجه من هذا الوجه.
2 - ابن ثوبان، عن ليث، عن طاووس ..-به-.
لم أقف على من أخرجه من هذا الوجه.
- وللأثر طريق آخر عن ليث بن أبي سليم، أخرجه :
عبدالرزاق (8/187 رقم 14822) كتاب البيوع، باب الرجل يبيع السلعة ثم يريد اشتراءها بنقد -ومن طريقه ابن حزم في المحلى (9/51)-.
والبيهقي في السنن الكبرى (5/331) كتاب البيوع، باب الرجل يبيع الشيء إلى أجل ثم يشتريه بأقل، من طريق عبد الله بن الوليد.
كلاهما عن سفيان الثوري، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد عن ابن عمر أن رجلا باع من رجل سرجاً ولم ينقد ثمنه فأراد صاحب السرج الذي اشتراه أن يبيعه فأراد الذي باعه أن يأخذه بدون ما باعه منه فسأل عن ذلك ابن عمر فلم ير به بأسا، وقال ابن عمر:((فلعله لو باعه من غيره باعه بذلك الثمن أو أنقص))، وهذا لفظ البيهقي.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في هذا الأثر عن ابن ثوبان على وجهين:
الوجه الأوَّل : رواه بقية، عن ابن ثوبان، عن أبيه، عن طاووس، عن عبد الله بن عمر أنه باع سرجاً…الأثر.
الوجه الثاني : عن ابن ثوبان، عن ليث، عن طاووس ..-به-.
ورجح أبو حاتم الوجه الثاني، ولم أقف على من خرج هذا الأثر من هذين الطريقين للنظر في حال رجاله، والترجيح بينهم.(1/445)
وقد وجدتُ للأثر طريقاً آخر من رواية سفيان الثوري، عن ليث بن أبي سُليم، عن مجاهد عن ابن عمر أن رجلا …الأثر، وسفيان الثوري مقدمٌ على ابن ثوبان، فروايته أرجح.
وعلى كل حال فهذا الأثر مداره على ليث بن أبي سُليم وهو ضعيف.
- - - -
55- ] 1143[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ(1)، عَنْ الْيَمَانِ بْنِ عَدِيٍّ الْحَضْرَمِيّ(2)، عَنْ الزُّبَيْدِيِّ (3)، عَنْ الزُّهْرِيّ(4)، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ(5)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ(6)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((أَيُّمَا امْرِئٍ أَفْلَسَ وَعِنْدَهُ مَالُ امْرِئٍ بِعَيْنِهِ لم يَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا فَهُوَ أَحَقُّ بِعَيْنِ مَالِهِ، فإنْ كَانَ قَبَضَ مِنْهُ شَيْئاً فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ*، وأَيُّمَا امْرِئٍ مَاتَ وَعِنْدَهُ مَالُ امْرِئٍ بِعَيْنِهِ اقْتَضَى مِنْهُ شَيْئًا أَوْ** يَقْتَضِ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ))، قَالَ أَبِي : هَذَا خَطَأٌ إِنَّمَا هُوَ الزُّهْرِيّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ(7)، أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والْيَمَانُ هَذَا شَيْخٌ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ ***.
………………………………
* أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ : قال العظيم آبادي في عون المعبود (9/433) :(( أُِسْوَةُ الْغُرَمَاءِ : بضم الهمزة وكسرها أي: مثلهم)).
** كذا في الأصل، و(ش)، وفي (ت)، و(ف) (لم يقتض) وهو الصواب الموافق لروايات المخرجين، وللمعنى.
***ستتكرر المسألة برقم (1162) بأطول مما هنا، وكان من الأولى الجمع بين المسألتين هنا، لأنّ الكلام فيهما واحد.
ــــــــــــــــــــــ(1/446)
(1) هو : عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار القرشي، أبو حفص الحمصي، مولى بني أمية، روى عن: إسماعيل بن عياش، وسفيان بن عيينة، وأبيه : عثمان بن سعيد الحمصي وغيرهم، روى عنه: بقي بن مخلد الأندلسي، وجعفر الفريابي، وزكريا بن يحيى السجزي وغيرهم.
ثقة، وثقه أبو داود، والنسائيّ، ومسلمة وغيرهم، وقال أبو حاتم :((صدوق))، روى له أبو داود، والنسائي، وابن ماجة، مات سنة خمسين ومائتين.
انظر : الجرح (6/249 رقم1374)، المعجم المشتمل (ص205 رقم 688)، تهذيب الكمال ( 22/144-146)، التهذيب (8/76).
(2) هو : اليمان بن عَدي الحضرمي، أبو عدي الحمصي، روى عن: زهير بن محمد التميمي، وسفيان الثوري، ومحمد بن الوليد الزبيدي وغيرهم، روى عنه: إبراهيم بن العلاء الزبيدي، وإبراهيم بن موسى الرازي، وعمرو بن عثمان الحمصي وغيرهم.
ضعيف، قال البخاري :((في حديثه نظر))، وقال أحمد بن حنبل :((ضعيف رفع حديث التفليس قال فيه : عن أبي هريرة ))، وضعفه أيضاً ابن حبان، والدارقطني وغيرهم، روى له بن ماجة.
انظر : التاريخ الكبير (8/ 425 رقم3580)، المجروحين (3/144)، سنن الدارقطني (3/30)، الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/218 رقم3839)، تهذيب الكمال ( 32/405-407).
(3) هو : محمد بن الوليد بن عامر الزُّبَيْدِيُّ، أبو الهُذَيْل الحمصي، روى عن : سليمان بن موسى، وعمرو بن شعيب، ومحمد بن مسلم الزهري وغيرهم، روى عنه: إسماعيل بن عياش، وبقية بن الوليد، واليمان بن عدي وغيرهم.
متفقُ على توثيقه وتثبته، وهو من الطبقة الأولى من أصحاب الزهري، وقال ابن حبان :((كان من الحفاظ المتقنين، والفقهاء في الدين، أقام مع الزهري عشر سنين حتى احتوى على أكثر علمه وهو من الطبقة الأولى من أصحاب الزهري))، روى له الجماعة سوى الترمذي، مات سنة ثمان وأربعين ومائة.
انظر : الثقات (7/373)، تهذيب الكمال ( 26/586-591).(1/447)
(4) هو: محمد بن مسلم بن شهاب الزهريّ، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091)، وهو :((متفق على جلالته وإتقانه)).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1105)، وهو :(( متفق على ثقته وفقهه وجلالته)).
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1089).
(7) هو : أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، قيل إنّ اسمه: محمد، وقيل: اسمه أبو بكر وكنيته أبو عبد الرحمن، والصحيحُ أنّ اسمه وكنيته واحد، روى عن : عمار بن ياسر، ومروان بن الحكم، وأبي هريرة وغيرهم، روى عنه: الحكم بن عتيبة، والزهري، وعمر بن عبدالعزيز وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه وفقهه وفضله، قال الذهبيُّ :((الإمام أحد الفقهاء السبعة بالمدينة النبوية.. وهو من سادة بني مخزوم ))، روى له الجماعة، مات سنة أربع وتسعين.
انظر : تهذيب الكمال ( 33/112-118)، السير (4/416-419).
- - -
- التخريج :
1- عمرو بن عثمان بن سعيد، عن اليمان بن عدي الحضرمي، عن الزبيدي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( أَيُّمَا امْرِئٍ أَفْلَسَ وَعِنْدَهُ مَالُ امْرِئٍ بِعَيْنِهِ لم يَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا فَهُوَ أَحَقُّ بِعَيْنِ مَالِهِ، فإنْ كَانَ قَبَضَ مِنْهُ شَيْئاً فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، وأَيُّمَا امْرِئٍ مَاتَ وَعِنْدَهُ مَالُ امْرِئٍ بِعَيْنِهِ اقْتَضَى مِنْهُ شَيْئًا أَوْ يَقْتَضِ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ)) .
أخرجه :
- ابن ماجه في سننه (2/791 رقم2361) كتاب الأحكام، باب من وجد متاعه بعينه عند رجل قد أفلس.
- والطبراني في المعجم الأوسط (9/120 رقم8250) عن موسى بن جمهور.
-و الدارقطني في سننه (3/30، 4/230) من طريق محمد بن عبد الله الأسدي.
- والبيهقي في السنن الكبرى (6/48) كتاب التفليس، باب المشتري يموت مفلساً، من طريق عبد الله بن محمد.(1/448)
- وابن عبد البر في التمهيد (8/409) من طريق أبي عروبة الحراني.
جميعهم عن عمرو بن عثمان –به-، وفي رواية ابن ماجه ذكر الجملة الثانية :((أيما امرئ مات.. )) الحديث فقط، وفي رواية الطبراني، وابن عبد البر ذكر الجملة الأولى فقط.
وقال الطبراني :((لم يرو هذا الحديث عن الزهريّ، عن أبي سلمة، إلاّ الزبيديّ، ولا عن الزبيدي إلاّ اليمان بن عدي، تفرد به عمرو بن عثمان)) ، وقال الدارقطنيّ في الموضع الثاني:((خالفه إسماعيل بن عياش، عن الزبيديِّ، وموسى بنِ عقبة، واليمانُ بنُ عدي، وإسماعيلُ بن عياش ضعيفان))، وقال ابن عبد البر:((ليس هذا الحديث محفوظاً من رواية أبي سلمة، وإنما هو معروف لأبي بكر بن عبدالرحمن)).
وذكر الدارقطنيّ في العلل (11/168) أنّ مالكاً تابع الزُّبيديّ على هذا الوجه فقال :((وقيل : عن عباس البحراني، عن عبدالرزاق، عن مالك، عن الزهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، ولا يصح هذا القول)).
2- الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم..الحديث.
رواه عن الزهري عددٌ من أصحابه وهم:
أ- مالك :
- أخرجه : في الموطأ –رواية يحيى بن يحيى-(2/678 رقم87) كتاب البيوع، باب ما جاء في إفلاس الغريم، ورواية أبي مصعب (2/387-388 رقم2686)، ورواية سويد بن سعيد (ص207-208) عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :((أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه منه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئا فوجده بعينه فهو أحق به، وإن مات الذي ابتاعه فصاحب المتاع فيه أسوة الغرماء)).(1/449)
قال ابن عبد البر في التمهيد (8/407):(( هكذا هو في جميع الموطآت التي رأينا، وكذلك رواه جميع الرواة عن مالك فيما علمنا مرسلا إلا عبدالرزاق فإنه رواه عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي بكر، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فأسنده، وقد اختلف في ذلك عن عبدالرزاق، حدثنا أحمد بن عبدالله بن محمد بن علي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن قاسم، قال: حدثنا مالك بن عيسى، قال: حدثنا عبدالله بن بركة الصنعاني، قال: حدثنا عبدالرزاق، قال: حدثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما رجل باع متاعا فأفلس المبتاع ولم يقبض من الثمن شيئا فإن وجد البائع سلعته بعينها فهو أحق بها، وإن مات المشتري فهو أسوة الغرماء" وكذلك رواه محمد بن علي، وإسحاق بن إبراهيم بن جوتى الصنعانيان، عن عبدالرزاق، عن مالك بهذا الإسناد مسندا عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه محمد بن يوسف الحذامي، وإسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبدالرزاق، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبدالرحمن، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا كما في الموطأ ليحيى وغيره وذكر الدارقطني أنه قد تابع عبدالرزاق على إسناده عن مالك أحمد بن موسى، وأحمد بن أبي طيبة وإنما هو في الموطأ مرسل))، وذكر الدارقطني في العلل (11/169) أنّ محمد بن يحيى رواه عن عبد الرزاق، عن مالك مرسلاً.
ومن طريق مالك أخرجه :
-أبو داود في سننه (3/ 287 رقم 3520) كتاب البيوع، باب في الرجل يفلس فيجد الرجل متاعه بعينه عنده، عن القعنبيّ.
- والشافعيّ في الأم (3/214) باب ما جاء في الخلاف في التفليس.
-وعبد الرزاق في مصنفه (8/264 رقم15158) كتاب البيوع، باب الرجل يفلس فيجد سلعته بعينها.
-والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/166)، وفي شرح مشكل الآثار (12/17-18 رقم4605) من طريق عبد الله بن وهب.(1/450)
جميعهم عن مالك بن أنس –به-.
ب- وصالح بن كيسان : ذكر روايته معلقةً ابنُ الجارود في المنتقى (ص214 رقم633)، والعقيليّ في الضعفاء الكبير (1/89) ، وابن عبد البر في التمهيد (8/407).
ج- ومعمر بن راشد : ذكر روايته ابن عبد البر في التمهيد (8/407) تعليقاً.
د- ويونس بن يزيد، أخرجها :
-أبو داود في سننه (3/ 287 رقم3521)، وفي المراسيل (ص163-164 رقم173)قال: حدثنا سليمان بن داود.
-والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/165)قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى.
كلاهما عن عبد الله بن وهب عن يونس –به.
وهناك وجه ثالثٌ من الاختلاف على الزهري ذكره أبو حاتم في المسألة رقم (1162)-ولو ذُكر هنا لكان أولى- وهو :
3- الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رواه عن الزهريّ :
1-مالك بن أنس ، أخرجه :
- الطحاويّ في شرح مشكل الآثار (12/18 رقم4606) قال: حدثنا حامد بن محمد المروزيّ أبو أحمد، قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، عن عبد الرحمن بن بشر.
-وابن عبد البر في التمهيد (8/406) قال: حدثنا أحمد بن عبدالله بن محمد بن علي، قال حدثنا أبي، قال حدثنا محمد بن قاسم، قال: حدثنا مالك بن عيسى، قال حدثنا عبد الله بن بركة.
كلاهما عن عبدالرزاق بن همام، عن مالك –به-، وذكر ابن عبد البر أنّ محمد بن علي، وإسحاق بن إبراهيم الصنعانيين تابعا عبد الله بن بركة، وذكر أيضاً نقلاً عن الدارقطنيّ أنّ أحمد بن موسى، وأحمد بن أبي طيبة تابعا عبدالرزاق.
2- ومحمد بن الوليد الزُّبيدي، أخرجه :
-أبو داود في سننه (3/287 رقم3522).
- وابن الجارود في المنتقى (ص214 رقم632) أبواب القضاء في البيوع.
- وابن خزيمة في صحيحه –قاله ابن حجر في فتح الباري (5/63)-.
-والطحاويّ في شرح مشكل الآثار (12/19-20 رقم4608).
-و الدارقطني في سننه (3/30، 4/230) - ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق (2/201)-.(1/451)
- والبيهقي في السنن الكبرى (6/47).
جميعهم من طريق عبد الله بن عبد الجبار، عن إسماعيل بن عياش–به-، وقال أبو داود :((حديث مالك أصح)).
3- وموسى بن عقبة ، أخرجه :
-ابن ماجه في سننه (2/790 رقم2359).
- وابن الجارود في المنتقى (ص214 رقم633).
-و الدارقطني في سننه (3/29، 4/230).
- وابن عساكر في تاريخ دمشق (5/381).
جميعهم من طريق هشام بن عمار.
- وأخرجه : ابن الجارود في المنتقى (ص213-214 رقم631-632).
-والطحاويّ في شرح مشكل الآثار (12/18 رقم4606).
-والعقيليّ في الضعفاء الكبير (1/89).
-و الدارقطني في سننه (3/29، 4/230).
والبيهقي في السنن الكبرى (6/47).
جميعهم من طريق عبد الله بن عبد الجبار.
-و الدارقطني في سننه (3/29) من طريق خالد بن مرداس.
جميعهم عن إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة–به-، بلفظ:((أيما رجل باع سلعة فأدرك سلعته بعينها عند رجل وقد أفلس ولم يكن قبض من ثمنها شيئا فهي له وإن كان قبض من ثمنها شيئا فهو أسوة للغرماء )).، ونقل ابنُ الجارود عن الذهلي قوله:((رواه مالك، وصالح بن كيسان، ويونس عن الزهريّ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن مُطْلق عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم أولى بالحديث-يعني من طريق الزهريّ))، وقال الدارقطني :((إسماعيل بن عياش مضطرب الحديث، ولا يثبت هذا عن الزهري مسنداً، وإنما هو مرسل))، وقال أيضاً –كما في أطراف الغرائب والأفراد (5/280) – :((تفرد به إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة، عن الزهريّ عنه)).
وتابع إسماعيلَ بنَ عياش شعبةُ بنُ الحجاج :
- أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد في ترجمة عثمان بن جعفر بن محمد الصوفي (11/296-297)، قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك القرشي، قال: أخبرنا عمر بن احمد الواعظ.
-وابن النجار في ذيل تاريخ بغداد (16/198) من طريق محمد بن عبيد الله بن الشخير.(1/452)
كلاهما عن عثمان بن جعفر بن محمد الصوفي، قال: حدثنا أبو قرصافة محمد بن عبدالوهاب العسقلاني، قال: حدثنا آدم بن أبي إياس، قال: حدثنا شعبة، عن موسى بن عقبة، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم قال :((من باع سلعة لم يكن قبض من ثمنها شيئا فهي له فان كان قد قبض من ثمنها شيئا فهو أسوة الغرماء )).
وتابع الزهريَّ على هذا الوجه المرفوع عمرُ بنُ عبد العزيز؛ أخرجه :
- البخاريُّ في صحيحه (5/62 رقم2402) كتاب الاستقراض، باب إذا وجد ماله عند مفلس، ومسلم في صحيحه (3/1193 رقم1559) كتاب المساقاة، باب من أدرك ما باعه عند المشتري وقد أفلس، وأبوداود في سننه (3/286 رقم3519)، والترمذي في سننه (3/ 562رقم1262) كتاب البيوع، باب ما جاء إذا أفلس للرجل غريم فيجد عنده متاعه، وقال :((حسن صحيح ))، والنسائي في سننه (7/311-312) كتاب البيوع، الرجل يبتاع البيع فيفلس ويوجد المتاع بعينه، وابن ماجه في سننه (2/790 رقم2358) من طرق عن عمر بن عبد العزيز ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أخبره أنه سمع أبا هريرة رضي الله تعالى عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :((من أدرك ماله بعينه عند رجل أو إنسان قد أفلس فهو أحق به من غيره)).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن الزهريّ على ثلاثة أوجه :(1/453)
الوجه الأوَّل: رواه صالح بنُ كيسان، ومالكُ بنُ أنس – عنه: سويد بن سعيد، والشافعيّ، وعبد الرزاق بن همام ( في رواية: إسحاق بن إبراهيم الدّبري، ومحمد بن يحيى الذهليّ، ومحمد بن يوسف)، والقعنبيّ، ومحمد بن الحسن، وأبو مصعب الزهري، وابن وهب، ويحيى بن يحيى، وجميع مَنْ روى الموطأ رواه مرسلاً كما تقدم عن ابن عبدالبر-، ومعمر بن راشد، ويونس بن يزيد جميعهم عن الزهري، عن أبي بكر بن عبدالرحمن، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً.
الوجه الثاني: رواه مالك بن أنس – عنه : أحمد بن أبي طيبة، وأحمد بن موسى، وعبدالرزاق بن همام ( في رواية: إسحاق بن إبراهيم الصنعاني، وعباس البحرانيّ، وعبدالله بن بركة، وعبدالرحمن بن بشر، ومحمد بن علي)-، ومحمد بن الوليد الزُّبيدي –عنه إسماعيل بن عياش-، وموسى بن عقبة، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الثالث: رواه مالك بن أنس –عنه: عبد الرزاق بن همام ( في رواية: عباس البحرانيّ)، ومحمد بن الوليد الزُّبيدي –عنه اليمان بن عدي- عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والوجه الأوَّل أرجح الوجوه؛ لأمور :(1/454)
الأوّل : أنه رواه عن الزهريّ أصحابُهُ المقدمون : مالك بن أنس، ويونس بن يزيد، ومعمر بن راشد، وصالح بن كيسان وتقدم في المسألة رقم (1122) بيان أنّهم من الطبقة الأولى من أصحاب الزهري، وبعض النقاد عدَّ مالك بن أنس أثبت أصحاب الزهري، وبعضهم عدَّ معمر بن راشد، وكلاهما روى هذا الوجه المرسل، قال ابن رجب في شرح علل الترمذيّ (2/478-480) :((أصحاب الزهري..واختلفوا في أثبتهم وأوثقهم؛ فقالت طائفة: مالك ، قاله أحمد في رواية، وابن معين، وذكر الفلاس أنه لا يختلف في ذلك..وقال أبو حاتم الرازي:" مالك اثبت أصحاب الزهري…"، ..وقالت طائفة: أثبتهم معمر وأصحهم حديثاً، وبعده مالك، قاله أحمد في رواية ابن هانيء عنه )).
الثاني : أنّ الوجه الثاني، والثالث لا يخلو من علة:
فأمّا الوجه الثاني : فلا يثبت عن مالك وذلك أنه رواه عنه ثلاثة هم :
ا- أحمد بن أبي طيبة، ذكر روايته ابن عبد البر في التمهيد-كما تقدم- معلقة ولم أقف على من أخرجها، وأحمد في الأصل صدوق له أفراد –كما في التقريب (80 رقم 52)-، لكنه خالف أصحاب مالك المقدمين وهم : القعنبيّ، والشافعي، وعبد الله بن وهب تقدم ذكرهم المسألة رقم (1091).
وروى هذا الوجه الأوَّل المرسل أيضاً عن مالك محمد بن الحسن، وأبو مصعب الزهري، ويحيى بن يحيى، بل وجميع رواة الموطأ قال ابن عبد البر-كما تقدم- :(( وكذلك رواه جميع الرواة عن مالك فيما علمنا مرسلا إلا عبدالرزاق))، فتعد رواية أحمد هذه منكرة.
2- وأحمد بن موسى، ذكر روايته ابن عبد البر في التمهيد-كما تقدم- معلقة ولم أقف على من أخرجها، وقال الذهبيّ في الميزان (1/159) :((شيخٌ لا يدرى من هو))، وقال العَطّار في مجرد أسماء الرواة عن مالك ( ص5 رقم22) :((مجهول ))، فيقال في روايته ما قيل في رواية أحمد بن أبي طيبة، بل رواية أحمد بن موسى أشد نكارة لجهالته وتفرده عن مالك.
3- وعبد الرزاق بن همام، وقد اختلف عليه على ثلاثة أوجه :(1/455)
فمرةً يُروى عنه على الوجه الأوَّل، ورواه عنه على الوجه الأوَّل :
- إسحاق بن إبراهيم الدّبري، وهو صدوق –انظر : سؤالات الحاكم للدارقطني (ص105-106رقم62)، السير (13/416-418)-.
- ومحمد بن يحيى الذهليّ، وهو ثقة حافظ جليل –التقريب (ص512رقم3687).
- ومحمد بن يوسف الزَّبيدي، وهو صدوق –التقريب ( ص515رقم6418)-.
ومرةً يُروى عنه على الوجه الثاني، ورواه عنه على الوجه الثاني :
- إسحاق بن إبراهيم الصنعاني، قال ابن حزم في المحلى (8/ 179):((مجهول))، وقال ابن حجر في لسان الميزان (3/344) :(( إسحاق بن إبراهيم بن جوتي قال بن حزم مجهول فالظاهر أنه الطبري))، والطبريّ هذا منكر الحديث كما في الموضع السابق من لسان الميزان.
- وعباس البحراني، وهو صدوق –التقريب ( ص294رقم3194)-.
-وعبد الله بن بركة، لم أقف له على ترجمة.
-وعبد الرحمن بن بشر، وهو ثقة –التقريب ( ص337رقم3810)-.
- ومحمد بن علي الصنعاني، ، لم أقف له على ترجمة.
ومرةً يُروى عنه على الوجه الثالث، ورواه عنه على الوجه الثالث :
-عباس البحراني، وتقدم أنه صدوق.
ولعل الأقرب أنّ عبد الرزاق يضطرب في الحديث فمرةً يرويه على الصواب مرسلاً، ومرةً يهم فيه، وتقدم في ترجمته أنه تغير حفظه بآخرة، فلعل الوجه الثاني، والثالث مما حدّث بهما بعد تغيره.(1/456)
وأمّا رواية محمد بن الوليد الزُّبيدي فهي ثابتةٌ عنه لأنها من رواية إسماعيل بن عياش عنه، وإسماعيل ((ثقة فيما روى عن الشاميين، ضعيفٌ فيما روى عن غيرهم))، ومحمد بن الوليد شاميّ، وكذلك رواية موسى بن عقبة ثابتةٌ عنه لأنها من رواية شعبة بن الحجاج، وإسماعيل بن عياش عن الزهري، وهذه الرواية خطأ لأنّ محمد بن الوليد الزُّبيدي، وموسى بن عقبة وإن كانا ثقتين في الأصل، والزُّبيدي من الطبقة الأولى من أصحاب الزهري، غير أنهما خالفا من هو أوثق منهما وأكثر، كما تقدم في الوجه الأوّل، ولذا لمّا ساق أبوداود رواية الزُّبيدي قال:((حديث مالك أصح)) أي: أنّ حديث مالك، عن الزهري المرسل، أصح من حديث الزبيدي، عن الزهري الموصول.
وأمّا الوجه الثالث : فلا يثبت أصلاً عن مالك بن أنس وذلك أنه رواه عنه عبدالرزاق، وتقدم أنه يضطرب في الحديث، ولذا قال الدارقطنيُّ لمّا ساقَ هذا الطريق عن عبد الرزاق–كما تقدم-:(( ولا يصح هذا القول)) ويقصد رواية عباس البحراني، عن عبدالرزاق، وتقدم أنّ جميع أصحاب مالك الثقات رووه على الوجه الأوَّل المرسل.
وكذلك لا يثبت هذا الوجه عن الزُّبيدي وذلك أنه تفرد به عن الزُّبيديِّ اليمانُ بنُ عدي وهو ضعيف، وتقدم قول أحمد بن حنبل :((ضعيف رفع حديث التفليس قال فيه : عن أبي هريرة))، ومع تفرده عن الزبيدي فقد خالف من هو أوثق منه إسماعيل بن عياش فقد رواه إسماعيل بن عياش، عن الزبيديِّ على الوجه الثاني –كما تقدم -.
الثالث : أنّ الأئمة على ترجيح هذا الوجه المرسل عن الزهريّ، وممن وقفتُ عليه:
الشافعيّ، فقد قال في الأم (3/215)) :((وحديث ابن شهاب منقطع)).(1/457)
ومحمد بن يحيى الذُّهليُّ –وله عناية بحديث الزهري وعلله فقد جمع حديث الزهري وبين علله، قال السلمي في سؤالاته (331) :((سألت الدارقطني: من تقدم من محمد بن يحيى، وعبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي؟ فقال: محمد بن يحيى، ومن أحب أن ينظر ويعرف قصور علمه عن علم السلف، فلينظر في علل حديث الزهري لمحمد بن يحيى))، وقال علي بن المديني لمحمد بن يحيى –كما في تاريخ بغداد (3/417)-:((أنت وارث الزُّهريّ))-، فقد نقل عنه ابن الجارود في المنتقى -كما تقدم- قوله :((رواه مالك، وصالح بن كيسان، ويونس عن الزهريّ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن مُطْلق عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم أولى بالحديث-يعني من طريق الزهريّ)).
وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان، فقد قالا –كما في المسألة رقم (1162)-: ((الصحيح عندنا من حديث الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسل)).
وأبوداود، فقد قال في سننه بعد سياق رواية الزُّبيدي كما تقدم :((حديث مالك أصح)) أي: أنّ حديث مالك، عن الزهري المرسل، أصح من حديث الزبيدي، عن الزهري الموصول.
والدارقطني، فقد قال في سننه (3/29) :(( ولا يثبت هذا عن الزهري مسنداً، وإنما هو مرسل)).
والبيهقي، فقد قال في السنن الكبرى (6/47 ) :((ورواه إسماعيل بن عياش، عن الزبيدي، عن الزهري موصولاً ولا يصح)).(1/458)
وأشار ابن عبد البر إلى احتمال تصحيح الوجه الثاني، لأنه تابع الزهريَّ عليه عمر بن عبد العزيز فقال في التمهيد (8/409-410) :(( وقد تكون رواية من أسنده عن ابن شهاب عن أبي بكر عن أبي هريرة صحيحة لأن يحيى بن سعيد يروي عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمر بن عبدالعزيز، عن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في التفليس مثله سواء إلا أنه لم يذكر الموت ولا حكمه وفي حديث ابن شهاب أن الغريم في الموت أسوة الغرماء وإن وجد ماله بعينه وروى بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله في التفليس ولم يذكر حكم الموت والحديث محفوظ لأبي هريرة لا يرويه غيره فيما علمت)).
والذي يظهر أنّ الحديث من طريق الزهري لا يصح إلاّ مرسلاً لما تقدم في الأمور الثلاثة المرجحة للرواية المرسلة.
غير أنّه يشهد لبعض المتن ما رواه الجماعة-كما تقدم- من طرق عن عمر بن عبدالعزيز ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أخبره أنه سمع أبا هريرة رضي الله تعالى عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :((من أدرك ماله بعينه عند رجل أو إنسان قد أفلس فهو أحق به من غيره)).
وما رواه مسلم في صحيحه (3/ 1194رقم1559) من طريق بشير بن نهيك، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :((إذا أفلس الرجل فوجد الرجل متاعه بعينه فهو أحق به)).، وأخرج أيضاً –في نفس الموضع-من طريق خثيم بن عراك بن مالك، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :((إذا أفلس الرجل فوجد الرجل عنده سلعته بعينها فهو أحق بها)).
وسيأتي في المسألة رقم (1179) من طريق هشام بن يحيى المخزومي، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :((إذا أفلس الرجل فوجد البائع سلعته بعينها فهو أحق بها دون الغرماء)).
- - - -(1/459)
56- ] 1144[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ بَقِيَّةُ(1)، عَنْ زُرْعَةَ بنِ عَبْدِ اللّهِ الزُّبَيْدِيّ(2)، عَنْ عِمْرَانَ بنِ أَبِي الْفَضْل(3)، عَنْ نَافِعٍ(4)، عَنْ ابْنِ عُمَر(5) قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : مَا يَجْمُلُ بِالْعَرَبِ مِنْ التِّجَارَةِ، قَالَ:((بَيْعُ الإِبِلِ، وَالْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ))، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : فَمَا يَجْمُل بِالْمَوَالِي، قَالَ :((بَيْعُ الْبَزِّ *، وَإِقَامَةِ الْحَوَانِيتْ))، قَالَ أَبِي : هَذَا حَدِيثٌ باطِلٌ، وزُرْعَةُ، وعِمْرَانُ جَمِيعًا ضَعِيفَيْنِ.
وسَأَلْتُ أَبِي فقُلْتُ لَهُ : فَإنَّ إِسْمَاعِيلَ بنَ عَيَّاش(6)، رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ / عِمْرَانَ بنِ أَبِي الْفَضْل، عَنْ نَافِع، عَنْ ابْنِ عُمَر، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ قِيلَ لَهُ : مَا يحَسَنُ بِالْعَرَبِ مِنْ التِّجَارَةِ، قَالَ :((الإِبِلِ))، قِيلَ: فَمَا يحَسَنُ بِالْمَوَالِي مِنْ التِّجَارَةِ، قَالَ :(( الْبَزُّ، والْخَزُّ**)) ***، قَالَ أَبِي : وهَذَا حَدِيثٌ باطِلٌ مَوْضُوعٌ، وكَانَ ذَلكَ مِنْ عِمْرَان.
………………………………
* البز: قال ابن منظور في لسان العرب (5/311) :(( البَزُّ: الثياب، وقيل: ضرب من الثياب، وقيل: البز من الثياب أمتعة البزاز، وقيل: البز متاع البيت من الثياب خاصةً )).
** الخز: قال ابن منظور في لسان العرب (5/311) :((معروفٌ من الثياب مشتق منه، عربيّ صحيح،..وقال ابن الأثير: الخز المعروف أوَّلاً ثياب تنسج من صوف وإبريسيم)).
*** كذا في جميع النسخ، وفي المطبوع (الخز والبز)!.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو: بقية بن الوليد، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1109)، وهو :((ثقة مكثر من التدليس عن الضعفاء والمجهولين، وفي روايته عن غير أهل الشام بعض الأوهام)).(1/460)
(2) هو : زرعة بن عبد الله بن زياد الزّبيدي، روى: عن عمران بن أبى الفضل، روى عنه : بقية.
قال أبو حاتم :((شيخ مجهول ضعيف الحديث))، وقال ابن عدي :(( وزرعة غير معروف)).
انظر : الجرح ( 3/606 رقم 2742)، الكامل (5/95)، الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/293)، الميزان (2/70 رقم2860)، لسان الميزان (2/475).
(3) هو : عمران بن أبي الفضل الأيلي، روى عن: هشام بن عروة، ونافع، وعنه: إسماعيل بن عياش، وزرعة بن عبيد الله الزبيدي.
ضعيفٌ جداً بالاتفاق، قال ابن معين –في رواية الدوري- :((عمران بن أبي الفضل روى عنه إسماعيل بن عياش ليس بشيء))، وقال أبو حاتم :((ضعيف الحديث، منكر الحديث جدا، وروى عنه إسماعيل حديثين باطلين موضوعين))، وقال العقيلي :((حديثه غير محفوظ وقد روى مناكير))، وقال ابن حبان :((كان ممن يروى الموضوعات عن الإثبات على قلة روايته لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب ))، وضعفه النسائيّ، وابن عدي وغيرهما.
انظر : تاريخ الدوري (2/439)، الجرح (6/303 رقم1683)، الضعفاء للنسائي (ص193 رقم503)، الضعفاء الكبير (3/303)، المجروحين (2/124)، الكامل (5/94-95)، تعجيل المنفعة (2/82-83 رقم813).
(4) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091) وهو((متفق على ثقته وإتقانه)).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091).
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1101)، وهو ((ثقة فيما روى عن الشاميين، ضعيفٌ فيما روى عن غيرهم)).
- - -
- التخريج :
1- بقية بن الوليد، عن زرعة بن عبد الله، عن عمران بن أبي الفضل، عن نافع، عن ابن عمر قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : مَا يَجْمُلُ بِالْعَرَبِ مِنْ التِّجَارَةِ، قَالَ :((بَيْعُ الْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ))، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : فَمَا يَجْمُل بِالْمَوَالِي، قَالَ :((بَيْعُ الْبَزِّ، وَإِقَامَةِ الْحَوَانِيتْ)).
أخرجه :
-ابن عدي في الكامل (5/95) من طريق كثير بن عبيد.(1/461)
-وابن حبان في المجروحين (2/124) من طريق إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي.
كلاهما عن بقية، عن زرعة بن عبد الله بن زياد الزبيدي عن عمران بن أبي الفضل-به-، وذكر له ابن عدي حديثاً آخر وقال :((وهذان الحديثان بهذا الإسناد منكران وإنما يرويهما بقية عن زرعة بن عبد الله وزرعة غير معروف، ولعمران بن أبي الفضل غير ما ذكرت من الحديث من رواية ابن عياش عنه وضعفه بيّن على حديثه)).
-وأخرجه : ابن أبي الدنيا في إصلاح المال (ص80 رقم249) عن مؤمل بن سعيد، عن بقية، عن زرعة بن عبد الله بن زياد الزبيدي عن نافع-به-، ولفظه عن ابن عمر قال:(( قيل: يا رسول الله ما يحمد العرب من التجارة؟ قال: بيع البز، وإقامة الحوانيت))، ولم يُذكر في إسناده عمران بن أبي الفضل فما أدري هل هناك سقط في النسخة المطبوعة، أو هي رواية عن بقية، فإنْ كانت رواية عن بقية فإنها ضعيفة لأنها من رواية مؤمل بن سعيد، ومؤمل قال عنه أبو حاتم – كما في الجرح (8/375 رقم1712) :((منكر الحديث ))، ثم هو خالف كثير بن عبيد، وكثير ثقة –التقريب (ص460رقم 5618)-، وخالف إسحاق بن إبراهيم بن العلاء، وإسحاق صدوق –التهذيب (1/189)-.
2- إسماعيل بن عياش، عن عمران بن أبي الفضل، عن نافع، عن ابن عمر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ قِيلَ لَهُ : مَا يحَسَنُ بِالْعَرَبِ مِنْ التِّجَارَةِ، قَالَ :((الإِبِلِ))، قِيلَ: فَمَا يحَسَنُ بِالْمَوَالِي مِنْ التِّجَارَةِ، قَالَ :((الْخَزُّ، والْبَزُّ))،
لم أقف على من أخرجه من طريق إسماعيل بن عياش.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :(1/462)
تبيّن مما تقدم أنّ الحديث باطل كما قال أبو حاتم، وقد تفرد به عمران بن أبي الفضل -وهو ضعيف جداً-، عن نافع مولى ابن عمر، ومن المعلوم أنّ نافع من الأئمة المشهورين الذين يجمع حديثهم، وله تلاميذ كثيرون حريصون على حديثه، فكيف يتفرد به عمران –وهذه حاله- عنهم، وهذه قرينة على أنّ الحديث موضوع كما قال أبو حاتم.
وقد ضعف الحديث غيرُ واحد من النقاد منهم العقيليّ فقد قال –كما تقدم-: ((حديثه غير محفوظ))، وابنُ عدي فقد قال –كما تقدم- :((وهذان الحديثان بهذا الإسناد منكران..)).
- - - -
57- ] 1145[ وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ (1)، قَالَ: حَدَّثَنِي الأَوْزَاعِيُّ (2)، قَالَ: حَدَّثَنِي ثَابِتُ بْنُ ثَوْبَانَ (3)، قَالَ: حَدَّثَنِي مَكْحُولُ(4)، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ (5)، قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ * يَشْتَرِي الطَّعَامَ وَيَبِيعهُ قَبْلَ أنْ يَقْتَضِيهُ **، فقَالَ لَهُ رَسُول اللّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((إِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ، وَإِذَا بِعْتَ فَكِلْ))، قَالَ أَبِي : هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ ***.
………………………………
* هو : عُثمان بن عَفّان بن أبي العاص بن أمية الأموي، أبو عمرو، ويقال: أبو عبدالله، أمير المؤمنين، ذو النورين، أسلم قديماً وهاجر الهجرتين، وتزوج بنتي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو أحد الخلفاء الأربعة، والعشرة المبشرين بالجنة، ومناقبه وفضائله كثيرةٌ جداً، استشهد في ذي الحجة بعد عيد الأضحى سنة خمس وثلاثين فكانت خلافته اثنتي عشرة سنة وعمره ثمانون وقيل: أكثر وقيل: أقل.
انظر : تهذيب الكمال ( 19/445-460)، التقريب ( ص 385رقم 4503).
** كذا في الأصل ،و(ش)، وفي (ت)، و(ف) (يقبضه).
*** نقل هذه المسألة ابن حجر في تغليق التعليق (3/240).
ــــــــــــــــــــــ(1/463)
(1) هو : محمد بن حِمْيَر بن أُنَيْس القُضَاعِيّ ثم السَّليحي-بفتح أوله ومهملتين-، أبو عبد الحميد، ويقال أبو عبد الله الحمصي، روى عن: إبراهيم بن أبي عبلة، وإسماعيل بن عياش، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي وغيرهم، روى عنه: خطاب بن عثمان، وداود بن رشيد، وعبد الله بن يوسف التنيسي وغيرهم.
صدوق عابد، له غرائب وأفراد، قال عبد الله بن أحمد بن حنبل :((سئل أبي عنه فقال: ما علمت إلا خيرا))، وقال يحيى بن معين-في رواية الدارمي- :((ثقة))، وكذلك قال دحيم، وقال أبو حاتم :((يكتب حديثه ولا يحتج به، ومحمد بن حرب وبقية أحب إلي منه))، وقال يعقوب الفسوي :((ليس بالقوي ))، وقال النسائي :((ليس به بأس))، وقال الدارقطني :((لا بأس به))، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وقال الذهبيّ -في السير-: ((ما هو بذاك الحجة، حديثه يعد في الحسان، وقد انفرد بأحاديث.. ))، وقال –في الميزان-:((له غرائب وأفراد))، وقال ابن حجر :((صدوق))، روى له البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي، وابن ماجة، مات سنة مائتين.
انظر : المعرفة والتاريخ (2/309)، تاريخ الدارمي (ص205رقم759)، العلل ومعرفة الرجال (3/53رقم4129)، الجرح (7/239 رقم 1315)، الثقات (7/441)، سؤالات البرقاني (ص 58رقم426)، تهذيب الكمال ( 25/116-119)، السير (9/234-235)، الميزان (3/532 رقم7459)، التقريب (ص475 رقم5837).
(2) هو: عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعيّ، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1105) وهو ((ثقة فقيه جليل، وفي روايته عن الزهري شيء)).
(3) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1142) وهو ((ثقة)).
(4) هو: مكحول الشامي، أبو عبد الله الدمشقي، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1141)، وهو :((متفقُ على توثيقه وفضله وفقهه، وكان يرسل، وسمع من بعض الصحابة، وقيل: لم يسمع من أحد من الصحابة)).(1/464)
(5) هو : أبو قتادة الأنصاري، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفارسه، قيل اسمه: الحارث بن ربعي، وقيل: النعمان بن ربعي وقيل غير ذلك، شهد أحدا والخندق وما بعد ذلك من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مات بالمدينة سنة أربع وخمسين، وقيل: ثمان وثلاثين، قال ابن حجر: والأول أصح وأشهر.
انظر : تهذيب الكمال ( 34/194-197)، التقريب ( ص666رقم 8311)
- - -
- التخريج :
- محمد بن حمير، قال: حدثني الاوزاعي، قال: حدثني ثابت بن ثوبان، قال: حدثني مكحول، عن أبي قتادة قال: كان عثمان يشتري الطعام ويبيعه قبل أن يقبضه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :((إذا ابتعت فاكتل، وإذا بعت فكل)).
لم أقف على من أخرجه من هذا الطريق، ولم يعزه ابن حجر في تغليق التعليق (3/240) إلاّ إلى ابن أبي حاتم في العلل.
وقد ورد الحديث عن عثمان بن عفان من طُرُق أُخرى :
الطريق الثاني :
أخرجه : البخاريُّ في التاريخ الكبير (8/18).
والدارقطني في سننه (3/8) كتاب البيوع، من طريق أحمد بن منصور، ومحمد بن إسحاق، ومحمد بن إسماعيل السلمي، -ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (5/315-316) كتاب البيوع، باب الرجل يبتاع طعاماً كيلاً فلا يبيعه حتى يكتاله لنفسه-.
وابن حجر في تغليق التعليق (3/238-239) من طريق أحمد بن منصور، وابن زنجويه، وإبراهيم بن هانئ، وإسماعيل بن عبدالله.
جميعهم عن أبي صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث، قال: حدثني يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن المغيرة، عن منقذ مولى ابن سراقة، عن عثمان بن عفان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له :(( إذا ابتعت فاكتل وإذا بعت فكل )).
الطريق الثالث :
أخرجه : ابن ماجه في سننه (2/750 رقم2230) كتاب التجارات، باب بيع المجازفة، قال: حدثنا علي بن ميمون.
وابن أبي عمر في مسنده –كما قال البوصيريّ في مصباح الزجاجة (3/25)-.
كلاهما عن عبد الله بن يزيد المقرئ.(1/465)
وأحمد بن حنبل في مسنده (1/62، 75) عن أبي سعيد مولى بني هاشم، ويحيى بن إسحاق.
وعبد بن حميد في المنتخب (47-48رقم52) من طريق عبد الله بن المبارك.
وابن عبد الحكم في فتوح مصر - كما قال ابن حجر في تغليق التعليق (3/239)، وفي فتح الباري (4/344)- من طريق الليث بن سعد.
والبزار في مسنده (2/33 رقم379) من طريق الحسن بن موسى.
وأبو بكر المروزي في مسنده – كما قال ابن حجر في تغليق التعليق (3/239-240)-.
والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/16-17).
كلاهما من طريق ابن وهب، زاد الطحاوي: النضر بن عبد الجبار.
والبيهقي في السنن الكبرى (5/315) من طريق سعيد بن أبي مريم.
جميعهم عن ابن لهيعة، قال: حدثني موسى بن وردان أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: سمعت عثمان بن عفان على المنبر يقول: كنت أنطلق فابتاع فاكتاله في أوعيتي ثم أهبط به إلى السوق فأقول فيه كذا وكذا مكيلة فآخذ ربحي وأتخلى بينهم وبين ما بقى فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :((يا عثمان إذا ابتعت فاكتل، وإذا بعت فكل)).
وقال البزار :((وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عثمان إلاّ من هذا الوجه بهذا الإسناد))، وقد ردَّ عليه ابن حجر في تغليق التعليق (3/239) بقوله :((والإسناد السابق يرد عليه))، يقصد طريق منقذ، عن عثمان المتقدم، وقال البيهقي :((رواه ابن المبارك، والوليد بن مسلم، وجماعة من الكبار عن عبد الله بن لهيعة)).(1/466)
وتابع موسى بنَ وردان إسحاقُ بنُ أبي فروة : أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (5/315) قال: أخبرنا أبو محمد جناح بن نذير بن جناح المحاربي بالكوفة، قال: أخبرنا أبو جعفر بن محمد بن علي بن دحيم، قال: حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة، قال: حدثنا مالك بن إسماعيل أبو غسان، قال: حدثنا عبد السلام بن حرب، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن سعيد بن المسيب، عن عثمان بن عفان قال كنت اشتري الأوساق فأجيء بها إلى سوق كذا فيأخذونها مني كيلا ويربحونني فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال :((إذا ابتعت كيلا فاكتل وإذا بعت كيلا فكل)).
الطريق الرابع:
-أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده –كما في بغية الباحث (ص140 رقم430) باب بيع الجزاف- قال: حدثنا محمد بن عمر، قال: حدثنا عبد الحميد، عن عمران بن أبي أنس، عن أبيه قال : سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان عليه السلام يقول: في هذا الوعاء كذا وكذا ولا أبتعك إلا مجازفة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :((إذا سميت كيلا فكل)).
الطريق الخامس-وهو مرسل- :
-أخرجه :ابن أبي شيبة في المصنف (6/363) كتاب البيوع والأقضية، من قال إذا سمى الكيل والوزن فليكل، قال: حدثنا يحيى بن أبي زائدة، وابن أبي غنية، عن عبدالملك بن أبي غنية، عن الحكم قال: قدم لعثمان طعام على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اذهبوا بنا إلى عثمان نعينه على بيع طعامه، فقام إلى جنبه وعثمان يقول: في هذه الغرارة كذا وكذا وأبيعها بكذا وكذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((إذا سميت فكل)).
الطريق السادس-وهو مرسل أيضاً- :(1/467)
-أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (5/315) قال: أخبرنا أبو الحسن المقري،قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب، قال: حدثنا عبدالله بن أسماء، قال: حدثنا مهدي بن ميمون، عن مطر الوراق، عن بعض أصحابه : أن حكيم بن حزام وعثمان بن عفان كانا يجلبان الطعام من أرض قينقاع إلى المدينة فيبيعانه بكيله فأتى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما هذا؟ فقالا: يا رسول الله جلبناه من أرض كذا وكذا ونبيعه بكيله، قال :((لا تفعلا ذلك، إذا اشتريتما طعاما فاستوفياه فإذا بعتماه فكيلاه ))، وقال البيهقي :((مرسل)).
ورواه البخاريُّ في صحيحه (4/343-344 ) كتاب البيوع، باب الكيل على البائع والمعطي، معلقاً فقال :((ويُذْكر عن عثمان رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:"إذا بعت فكل وإذا ابتعت فاكتل")).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
تبين مما تقدم أنّ الحديث ورد عن عثمان بن عفان من ستة طرق، وكلها لا يخلو من مقال:
الطريق الأوَّل : رواه محمد بن حمير، قال: حدثني الأوزاعي، قال: حدثني ثابت بن ثوبان، قال: حدثني مكحول، عن أبي قتادة قال: كان عثمان يشتري الطعام ويبيعه قبل أن يقبضه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :((إذا ابتعت فاكتل، وإذا بعت فكل)).
وهذا الطريق قال عنه أبو حاتم في هذه المسألة :((منكر بهذا الإسناد)) ويظهر أنّ سبب النكارة تفرد محمد بن حمير بهذا الإسناد عن الأوزاعيّ، ومحمد بن حمير قال عنه أبو حاتم-كما تقدم- :((يكتب حديثه ولا يحتج به، ومحمد بن حرب وبقية أحب إلي منه)) فتفرده عن الأوزاعيِّ لا يقبل، خاصةً أنَّ الأوزاعيَّ إمام أهل الشام في وقته وله تلاميذ كثيرون، فكيف يتفرد محمد بن حمير من بينهم بهذا الإسناد ؟، وأمَّا ثابت بن ثوبان فهو من أصحاب مكحول الثقات قال أبو مسهر-كما في تقدمة الجرح والتعديل (ص288)- :((ثابت بن ثوبان من أقدم أصحاب مكحول موتاً)).(1/468)
وللطريق علةٌ أخرى وهي الانقطاع بين مكحول، وأبي قتادة قال ابن حجر في تغليق التعليق (3/240) :((رواته ثقات إلا أن مكحولا لم يسمع من أبي قتادة))، وتقدم أنّ بعض النقاد يرى أنّ مكحولا لم يسمع من أحد من الصحابة، وبعضهم يرى أنه سمع من بعض الصحابة، وعلى كلٍ لم يُذْكر أنه سمع من أبي قتادة، ونصَّ ابن حجر هنا على أنه لم يسمع منه.
الطريق الثاني : مداره على أبي صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث، قال: حدثني يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن المغيرة، عن منقذ مولى ابن سراقة، عن عثمان بن عفان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له :(( إذا ابتعت فاكتل وإذا بعت فكل)).
قال ابن حجر في النكت (1/337-339) :((لكنه اعتضد برواية يحيى بن أيوب المصري وهو من رجال البخاري، عن عبيد الله بن المغيرة وهو ثقة، عن منقذ مولى ابن سراقة وهو مستور ولم يضعفه أحد عن عثمان ))، وقال في تغليق التعليق (3/239) : ((ومنقذ مجهول الحال وقد ذكره ابن حبان في الثقات))، وقال في الهدي (ص18-19) : ((وهذا الحديث قد رواه الدارقطني من طريق عبيد الله بن المغيرة وهو صدوق عن منقذ مولى عثمان وقد وثق عن عثمان به)).
الطريق الثالث: مداره على ابن لهيعة، قال: حدثني موسى بن وردان أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: سمعت عثمان بن عفان على المنبر…الحديث.
وابن لهيعة ضعيف كما تقدم في المسألة رقم (1104)، وأمّا موسى بن وردان فهو صدوق قاله الذهبي في الكاشف (3/190 رقم5837)، وتابع موسى بنَ وردان إسحاقُ بنُ أبي فروة وهو متروك قاله الذهبي في الكاشف (1/111رقم307) فلا يلتفت إلى هذه المتابعة.(1/469)
قال ابن حجر في النكت (1/337-339) :((وهذا الحديث رواه أحمد، والبزار، وابن ماجه، من طريق ابن لهيعة، عن موسى بن وردان، عن سعيد بن المسيب، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، وابن لهيعة ضعيف))، وقال في تغليق التعليق (3/239) : ((وابن لهيعة ضعيف الحديث ولكنه من قديم حديثه…وقد قال أحمد بن حنبل وغيره : إن حديث ابن لهيعة القديم صحيح، وتابع موسى بن وردان على روايته عن سعيد إسحاق بن أبي فروة وهو أضعف من ابن لهيعة))، وقال البوصيريّ في مصباح الزجاجة (3/25) :(( هذا إسناد ضعيف لضعف ابن لهيعة، رواه ابن أبي عمر في مسنده عن عبدالله بن يزيد المقرئ فذكره، ورواه ابن المبارك عن ابن لهيعة به بلفظ "إذا ابتعت فاكتل وإذا بعت فكل" هكذا رواه عبد بن حميد عن ابن المبارك)).
الطريق الرابع: في سنده محمد بن عمر الواقدي، قال ابن حجر في التقريب (ص498 رقم6175) :(( متروك مع سعة علمه))، فلا يلتفت إلى هذا الطريق.
الطريق الخامس: رجاله ثقات:
-فيحيى بن أبي زائدة قال ابن حجر في التقريب (ص590 رقم7548) :(( ثقة متقن)).
-و يحيى بن عبد الملك بن حميد بن أبي غنية -بفتح المعجمة، وكسر النون، وتشديد التحتانية-، قال ابن حجر في التقريب (ص 593رقم7598) :((صدوق له أفراد))، وهو متابع في الرواية من قِبَلِ يحيى بن أبي زائدة.
-وعبد الملك بن حميد بن أبي غنية، قال ابن حجر في التقريب (ص 362رقم4176) :((ثقة)).
-والحكم بن عتيبة تقدم في المسألة رقم (1093) أنه ثقة.
غير أنه مرسل فالحكم بن عتيبة من صغار التابعين لم يدرك هذه القصة، ونصَّ ابن حجر في تغليق التعليق (3/240) على أنه مرسل.
الطريق السادس: ضعيف الإسناد فهو مرسل كما قال البيهقي، وفي سنده إبهام فلا يُعرف من أصحاب مطر هؤلاء، وأمّا مطر الوراق فقد قال عنه ابن حجر في التقريب (ص 534 رقم6699):((صدوق كثير الخطأ وحديثه عن عطاء ضعيف))، وباقي رجال الإسناد ثقات.(1/470)
وهذه الطرق –غير الطريق الرابع- تدل بمجموعها على أنّ للحديث أصلاً، وقد يصل للحسن، وقد قواه بعض العلماء :
قال البيهقي في السنن الكبرى (5/315):((وقد روي في ذلك موصولاً من أوجه إذا ضم بعضها إلى بعض قوي)).
وقال ابن حجر في تغليق التعليق (3/240):((وبمجموع هذه الطرق يعرف أن للحديث أصلا والله أعلم))، وقال في الهدي (ص18-19) :((ومثال الثاني وهو الحسن قوله في البيوع ويذكر عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له إذا بعت فكل، وإذا ابتعت فاكتل وهذا الحديث قد رواه الدارقطني من طريق عبيدالله بن المغيرة وهو صدوق عن منقذ مولى عثمان وقد وثق عن عثمان به وتابعه عليه سعيد بن المسيب ومن طريقه أخرجه أحمد في المسند إلا أن في إسناده ابن لهيعة ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه من حديث عطاء عن عثمان وفيه انقطاع فالحديث حسن لما عضده من ذلك))، وقال في النكت (1/337-339) :((ومثال التعليق الممرض الذي يكون إسناده حسناً…قوله في كتاب البيوع "ويذكر عن عثمان رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:إذا بعت فكل وإذا ابتعت فاكتل"، وهذا الحديث رواه أحمد، والبزار، وابن ماجه، من طريق ابن لهيعة، عن موسى بن وردان، عن سعيد بن المسيب، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، وابن لهيعة ضعيف، لكنه اعتضد برواية يحيى بن أيوب المصري وهو من رجال البخاري، عن عبيد الله بن المغيرة وهو ثقة، عن منقذ مولى ابن سراقة وهو مستور ولم يضعفه أحد عن عثمان رضي الله تعالى عنه، كذلك رويناه في فوائد سمويه، وفي سنن الدارقطني)).
وقول ابن حجر في الهدي:(( ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه من حديث عطاء، عن عثمان، وفيه انقطاع))، لم أقف على هذا الطريق في المصنف بعد البحث، وأخشى أنه يقصد طريق الحكم بن عتيبة الذي رواه ابن أبي شيبة كما تقدم.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/98) :((إسناده حسن)).
- - - -(1/471)
58- ] 1146[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ(1)، عَنْ أَبِيهِ(2)، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ(3)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ (4)، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ(5) قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((رَحِمَ اللَّهُ عَبْدَاً إِذَا بَاعَ سَمْحًا، إِذَا اقْتَضَى سَمْحًا، إِذَا اشْتَرَى سَمْحًا))، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ))، قَالَ أَبِي: وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ مُنْكَرَانِ.
ِ59- ] 1147[ قُلْتُ لأَبِي في حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ :((غَفَرَ اللَّهُ لرَجُلٍ كَانَ قَبْلَكُمْ؛ سَهْلاً إِذَا بَاعَ، سَهْلاً إِذَا اشْتَرَى، سَهْلاً إِذَا قَضَى، سَهْلاً إِذَا اقْتَضَى))، أَخْبَرَنَا أَبو مُحَمَّدِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ(6)، عَنْ عَبْدِالْوَهَّابِ بْنِ عَطَاءٍ(7)، عَنْ إِسْرَائِيلَ (8)، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ(9)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَبِي: هُوَ عندي مُنْكَر؛ رَوَاهُ بَعْضُ الثقات، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: بَلَغَنِي أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ولم يُذْكَرْ جَابِرٌ.
ــــــــــــــــــــــ
(1) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1143)، وهو :((ثقة)).(1/472)
(2) هو : عثمان بن سعيد بن كَثِير بن دينار القرشي، أبو عمرو الحمصي، مولى بني أمية، روى عن: إسماعيل بن عياش، والليث بن سع، ومحمد بن مطرف وغيرهم، وعنه: عثمان بن سعيد الدارمي، وابنه عمرو بن عثمان الحمصي، ومؤمل بن إهاب وغيرهم.
ثقة عابد، وثقه ابن معين، وأحمد بن حنبل، وقال عبد الوهاب بن نجدة :((كان يقال: هو من الأبدال))، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجة، مات سنة تسع ومائتين.
انظر : العلل ومعرفة الرجال (2/409رقم2830)، تاريخ الدرامي (ص154رقم537)، تهذيب الكمال ( 19/377-379).
(3) هو : محمد بن مُطَرِّف بن داود الليثي، أبو غسان المدني، روى عن : سهيل بن أبي صالح، وصفوان بن سليم، ومحمد بن المنكدر وغيرهم، روى عنه: آدم بن أبي إياس، وعبدالله بن المبارك، وعثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي وغيرهم.
ثقةٌ، قال أبو حاتم :((ثقةُ))، وكذلك قال أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، ويعقوب بن شيبة وغيرهم، روى له الجماعة.
انظر : الجرح (8/100 رقم431)، تاريخ بغداد (3/295-297)، تهذيب الكمال (26/470-473).
(4) هو : محمد بن المنكدر بن عبد الله القرشي التيمي، أبو عبد الله المدنيّ، روى عن : أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وذكوان أبي صالح السمان وغيرهم، وعنه: الزهري، ومحمد بن مطرف، ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه وفضله، قال إبراهيم بن المنذر :((غاية في الحفظ والإتقان))، روى له الجماعة، مات سنة ثلاثين ومائة.
انظر : تهذيب الكمال ( 26/503-509)، التهذيب (9/473-475).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1098).
(6) هو : عباس بن محمد بن حاتم الدوريُّ، أبو الفضل البغدادي، مولى بني هاشم، روى عن: أحمد بن حنبل،وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف، ويحيى بن معين وغيرهم، روى عنه: إسماعيل بن محمد الصفار، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي وغيرهم.(1/473)
ثقة، وثقه النسائيّ، والدارقطنيّ وغيرهما، وقال أبو العباس الأصم :((لم أر في مشايخي أحسن حديثا من عباس الدوري))، روى له أبو داود، الترمذي، والنسائي، وابن ماجة، مات سنة إحدى وسبعين ومائتين.
انظر : سنن الدارقطني (1/123)، تاريخ بغداد (12/144- 146)، تهذيب الكمال (14/245-249).
(7) هو : عبد الوهاب بن عطاء الخفّاف، أبو نصر العجلي، مولاهم البصري، سكن بغداد، روى عن: إسرائيل بن يونس، وحميد الطويل، وسعيد بن أبي عروبة وغيرهم، روى عنه: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعباس بن محمد الدوري وغيرهم.
صدوق، وكان يدلس، وهو من أعلم الناس بسعيد بن أبي عروبة، قال أحمد بن حنبل :((كان عبدالوهاب بن عطاء من أعلم الناس بحديث سعيد بن أبي عروبة))، وقال البخاريّ :((يكتب حديثه، قيل له: يحتج به ؟ قال: أرجو إلاّ أنه كان يدلس عن ثور، وأقوام أحاديث مناكير)) ، وقال ابن نمير :((ليس به بأس)) ، وقال الذهبيّ –في السير-: ((حديثه في درجة الحسن)) ، وقال الذهبيّ –في ذكر أسماء من تكلم فيه-:((صدوق وثق))، وذكره ابن حجر في الطبقة الثالثة من المدلسين، روى له البخاري في كتاب أفعال العباد، والباقون، مات سنة أربع ومائتين.
انظر : الجرح (6/72 رقم372)، تهذيب الكمال ( 18/509-516)، تاريخ بغداد (11/21-25)، السير (9/451-454)، ذكر أسماء من تكلم فيه (ص128-129 رقم228)، التهذيب (6/450-453)، تعريف أهل التقديس (143 رقم 85).
(8) هو : إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق الهمداني السبيعي، أبو يوسف الكوفي، روى عن: أشعث بن أبي الشعثاء، والركين بن الربيع ، وزيد بن عطاء بن السائب وغيرهم، وعنه : عبد الرزاق بن همام، وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف، و عيسى بن يونس وغيرهم.(1/474)
ثقة، وهو من أثبت الناس في حديث جده، قال أبو حاتم :((ثقة متقن، من أتقن أصحاب أبي إسحاق))، قال الذهبيّ :((من ثقات الكوفيين وعلمائهم ولاسيما بجده أبي إسحاق، فإنه بصير بحديثه، احتج به الشيخان، ووثقه الناس))، روى له الجماعة، مات سنة اثنتين وستين ومائة.
انظر : الجرح (2/330-331 رقم1258)، تهذيب الكمال ( 2/515-524)، الرواة الثقات (ص66-67 رقم18).
(9) هو : زيد بن عطاء بن السائب الثقفي، الكوفي، روى عن: جعفر بن محمد، وزياد بن علاقة، وعمرو بن يحيى، ومحمد بن المنكدر، روى عنه: إسرائيل بن يونس، وجرير بن عبدالحميد، وحصين بن مخارق، وعبد الغفار بن القاسم.
مجهول الحال، قال أبو حاتم :((شيخ ليس بالمعروف))، وذكره بن حبان في الثقات، وقال الخطيب :((عزيز الحديث)) ، قال الذهبيّ :((وثق))، روى له الترمذي، والنسائي.
انظر : الجرح (3/570 رقم2585)، الثقات (6/316)، تالي تلخيص المتشابه (1/274)، تهذيب الكمال (10/89-91)، الكاشف (1/418).
- - -
- التخريج :
1- عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، عن أبيه، عن محمد بن مطرف، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((رَحِمَ اللَّهُ عَبْدَاً إِذَا بَاعَ سَمْحًا، إِذَا اقْتَضَى سَمْحًا، إِذَا اشْتَرَى سَمْحًا)).
أخرجه :
-ابن ماجه في سننه (2/742 رقم 2203) كتاب التجارات، باب السماحة في البيع.
- والبيهقي في شعب الإيمان (7/536) من طريق محمد بن إسماعيل.
كلاهما عن عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير -به-.
وتابع عثمانَ بنَ سعيد علي بنُ عيّاش، أخرجه :
-البخاريّ في صحيحه (4/306رقم 2076) كتاب البيوع، باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع.
- وابن حبان في صحيحه -كما في الإحسان (11/267 رقم 4903) كتاب البيوع، ذكر ترحم الله جل وعلا على المسامح في البيع والشراء-.
-والطبراني في المعجم الأوسط (5/356-357 رقم4705)، وفي المعجم الصغير (2/3رقم 672).(1/475)
- والقضاعي في مسند الشهاب (2/253 رقم1300).
- والبيهقي في السنن الكبرى (5/357) كتاب البيوع، باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع، وفي شعب الإيمان (6/269)، وفي الآداب (ص66رقم196)، وفي الأربعون الصغرى (ص171 رقم118).
- والخطيب البغدادي في تلخيص المتشابه في الرسم (1/400).
- والبغوي في شرح السنة (8/35 رقم2044).
-وابن عساكر في تاريخ دمشق (22/164- 165).
جميعهم من طرق عن علي بن عياش، عن محمد بن مطرف –به-، وقال الطبراني:((لم يروه عن محمد بن المنكدر إلا أبو غسان))، وقال الدارقطني- كما في أطراف الغرائب والأفراد (2/389)- :((تفرد به أبو غسان محمد بن مطرف عنه)).
وعلي بن عياش ثقة ثبت كما قال ابن حجر في التقريب (ص 404رقم4779).
2- عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، عن أبيه، عن محمد بن مطرف، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((كل معروف صدقة)).
أخرجه :
- ابن حبان في صحيحه –كما في الإحسان (8/ 172رقم 3379) كتاب الزكاة، ذكر كتبة الله جل وعلا الصدقة بكل معروف يفعله قولا أو فعلا، عن محمد بن عبيد الله، عن عمرو بن عثمان –به-.
وتابع عثمانَ بنَ سعيد علي بنُ عيّاش، أخرجه :
- البخاري في صحيحه (10/447 رقم6021) كتاب الأدب، باب كل معروف صدقة، وفي الأدب المفرد (ص224).
-وابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج (ص19 رقم10).
-والطبراني في المعجم الصغير (2/3 رقم 672).
جميعهم من طرق عن علي بن عياش، عن محمد بن مطرف –به-، وقال الدارقطني- كما في أطراف الغرائب والأفراد (2/389)- :((تفرد به علي بن عياش، عن أبي غسان عنه)).
وتابع محمد بن مطرف :(1/476)
سعد بن الصلت، أخرجه : تمام في الفوائد (2/273رقم1724) قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا عبد الله بن الحسين المصيصي قال: حدثنا موسى بن وردان قال: حدثنا سعد بن الصلت عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((كل معروف صدقة)) .
وسعد بن الصلت ذكره ابن حبان في الثقات (6/378) وقال :((ربما أغرب))، وفي الإسناد إليه عبد الله بن الحسين قال ابن حبان في المجروحين (2/46) :((يقلب الأخبار ويسرقها، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد)) .
وسفيانَ الثوري ، أخرجه : ابنُ عساكر في تاريخ دمشق (26/437) فقال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك، قال: أخبرنا أحمد بن محمود الثقفي، قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ، قال: أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد الأزرق القطان، قال: أخبرنا العباس بن الوليد الخلال، قال: أخبرنا الفريابي، قال: أخبرنا سفيان الثوري، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((كل معروف صدقة))، ورجاله ثقات مشهورون عدا العباس بن الوليد الخلال فهو صدوق، وانظر تراجمهم على التوالي : الحسين بن عبد الملك : السير (19/620-621)، وأحمد بن محمود الثقفي : السير (18/123-124)، وأبو بكر بن المقرئ : السير (16/398-402)، والحسين بن عبد الله القطان : السير (14/286-287)، والبقية تقدمت تراجمهم -العباس في المسألة رقم (1141)، والفريابي في المسألة رقم (1136)، والثوريّ في المسألة رقم (1110)- فهذا الإسناد حسن من أجل العباس بن الوليد.
وعبد الجبار بن عمر، أخرجه : الطبراني في المعجم الأوسط (10/8-9 رقم9011) قال: حدثنا المقدام بن داود، قال: أخبرنا سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا عبد الجبار بن عمر، عن محمد بن المنكدر-به-.(1/477)
وعبد الجبار بن عمر ضعيفٌ جداً قال ابن معين :((ليس بشيء ولا يكتب حديثه)) ، وقال البخاري :((ليس بالقوي عندهم عنده مناكير)) ، انظر : الكامل (5/324).
وعبد الحميد بن الحسن الهلالي، أخرجه : الطيالسي في مسنده (ص237 رقم1713)، وعبد بن حميد في المنتخب (ص327 رقم1083)، وابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج (ص19 رقم9)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (ص46 رقم83)، وابن عدي في الكامل (5/ 322)، والدارقطني في السنن (3/28) كتاب البيوع، والحاكم في المستدرك (2/50) كتاب البيوع، والقضاعي في مسند الشهاب (1/87رقم88)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/242) كتاب الشهادات، باب ما جاء في إعطاء الشعراء جميعهم من طرق عن عبد الحميد بن الحسن الهلالي، قال: حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :((كل معروف صدقة وما أنفق المسلم من نفقته على نفسه وأهله كتب له بها صدقة وما وقى به المرء المسلم عرضه كتب له صدقة..)) ، وهذا لفظ عبد بن حميد، والبقية نحوه.
وعبد الحميد بن الحسن الهلالي ضعفه ابن المديني، وأبو زرعة وغيرهما، انظر : التهذيب (6/103).
والمسور بن الصلت،أخرجه : أبو يعلى في مسنده (4/36 رقم2040)، وابن عدي في الكامل (6/431)، والقضاعي في مسند الشهاب (1/90 رقم 95)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/242) من طرق عن مسور بن الصلت حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :((كل معروف صدقة وما أنفق الرجل على أهله وماله كتب له صدقة وما وقى به عرضه فهو له صدقة قال وكل نفقة مؤمن في غير معصية فعلى الله خلفه ضامنا إلا نفقة في بنيان)) .
والمسور بن الصلت متروك الحديث قاله البخاري وغيره انظر : الكامل (6/431).(1/478)
والمنكدر بن محمد بن المنكدر، أخرجه : الترمذي في سننه ( رقم1970) كتاب البر والصلة، باب ما جاء في طلاقة الوجه وحسن البشر، وأحمد في مسنده (3/344،360)، وعبد بن حميد في المنتخب (ص329رقم1090)، والبخاري في الأدب المفرد (ص114رقم304)، والدينوري في المجالسة (7/285 رقم3178)، والطبراني في المعجم الأوسط (19رقم9040)، والقضاعي في مسند الشهاب (1/88 رقم 90)، والخطيب في تاريخ بغداد (8/62) جميعهم من طرق عن المنكدر بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((كل معروف صدقة وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق وأن تفرغ من دلوك في إناء أخيك)) ، قال أبو عيسى :((هذا حديث حسن)) .
والمنكدر بن محمد بن المنكدر لين الحديث قاله ابن حجر في التقريب (ص 547 رقم6916).
ويوسف بن محمد بن المنكدر، أخرجه : الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (13/246) قال: خبرناه أبو الحسن محمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر أخبرنا عمر بن محمد بن علي الناقد حدثنا احمد بن الحسن بن عبد الجبار حدثنا بشر بن الوليد حدثنا المسور بن الصلت أبو الحسن قال حدثنا يوسف بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :((كل معروف صدقة ولو أن تلقى أخاك ووجهك طليق)) .
ويوسف بن محمد بن المنكدر متروك الحديث قاله النسائي كما في الكامل لابن عدي (7/155-156)، و انظر : التهذيب (11/422-423).
3- عباس الدوري، عن عبد الوهاب بن عطاء، عن إسرائيل بن يونس، عن زيد بن عطاء بن السائب، عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((غفر الله لرجل كان قبلكم كان سهلا إذا باع …)) الحديث.
أخرجه :
-الترمذي في سننه (3/610 رقم1320) كتاب البيوع، باب ما جاء في استقراض البعير، وفي علله الكبير (ص197 رقم350).(1/479)
- والبيهقي في السنن الكبرى (5/357-358)، وفي شعب الإيمان (7/536) من طريق أبي حامد بن بلال.
كلاهما عن عباس الدوري –به-.
وتابع عباس الدوري :
أحمد بن حنبل، أخرجه: في مسنده (3/340).
ويحيى بن أبي طالب، أخرجه: الخطيب البغدادي في تالي تلخيص المتشابه (1/274)، وفي السنن الكبرى (5/357-308).
ومحمد بن عبدالرحيم، أخرجه: الأصبهاني في الترغيب والترهيب (2/160 رقم1349)
جميعهم عن عبد الوهاب بن عطاء –به-.
-ورواه ابن حبان في الثقات (6/316) معلقاً عن إسرائيل بن يونس-به-.
وقال الترمذيّ :((هذا حديث صحيح حسن غريب من هذا الوجه)) ، وقال في علله الكبير (ص197 رقم350) :((سألتُ محمداً عن هذا الحديث فقال: هو حديث حسن)).
4- بعض الثقات، عن محمد بن المنكدر قال: بلغني أنّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال.
لم أجد من أخرجه هكذا، وقد أخرجه مالكٌ في الموطأ موقوفاً على ابن المنكدر، فقال في الموطأ (2/685 رقم1370) باب جامع البيوع، عن يحيى بن سعيد أنه سمع محمد بن المنكدر يقول: :((أحب الله عبدا سمحا إنْ باع، سمحا إنْ ابتاع، سمحا إنْ قضى سمحا إنْ اقتضى)).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
ذكر أبو حاتم في هاتين المسألتين ثلاثة أحاديث :
الأوَّل : حديث :((رحم الله عبداً إذا باع سمحاً، إذا اقتضى سمحاً، إذا اشترى سمحاً)).
الثاني : حديث :((كل معروف صدق)).
الثالث : حديث :((غفر الله لرجل كان قبلكم؛ سهلاً إذا باع، سهلاً إذا اشترى، سهلاً إذا قضى، سهلاً إذا اقتضى)).
وكلها مدارها على محمد بن المنكدر، عن جابر، وحكم عليها أبو حاتم كلها بأنها منكرة، ولم يُبَيّنْ سبب نكارة الحديث الأوّل والثاني، وأما الحديث الثالث فقد بيّن سبب حكمه عليه بالنكارة.
وأرى أنّ الحديث الأوَّل، والثالث الكلام عليهما واحد فمعناهما واحد، وكلاهما مداره على محمد بن المنكدر، وقد اختلف عنه على ثلاثة أوجه :(1/480)
الوجه الأوَّل: رواه يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن المنكدر موقوفاً عليه.
قال ابن عبدالبر في التمهيد (24/115) :((حديث سادس وسبعون ليحيى بن سعيد. مالك، عن يحيى بن سعيد، أنه سمع محمد بن المنكدر يقول:"أحب الله عبداً سمحا إن باع، سمحا إن ابتاع، سمحا إن قضى، سمحاً إن اقتضى" ،لم يختلف على مالك في هذا الحديث أنه موقوف على ابن المنكدر، وكذلك رواه أكثر أصحاب ابن المنكدر، ورواه محمد بن مطرف أبو غسان المدني، عن ابن المنكدر، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم)).
الطريق الثاني : رواه محمد بن مطرف أبو غسان المدني، وزيد بن عطاء، كلاهما عن ابن المنكدر، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولفظ محمد بن مطرف : ((رَحِمَ اللَّهُ عَبْدَاً إِذَا بَاعَ سَمْحًا، إِذَا اقْتَضَى سَمْحًا، إِذَا اشْتَرَى سَمْحًا))، ولفظ زيد بن عطاء :((غَفَرَ اللَّهُ لِرَجُلٍ كَانَ قَبْلَكُمْ؛ سَهْلًا إِذَا بَاعَ، سَهْلًا إِذَا اشْتَرَى، سَهْلًا إِذَا قَضَى، سَهْلًا إِذَا اقْتَضَى)).
الطريق الثالث : بعض الثقات، عن محمد بن المنكدر قال: بلغني أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال.. الحديث.
ذكر ذلك أبو حاتم ولم يُسم مَنْ رواه عن محمد هكذا، ولم أقف على مَنْ رواه كذلك.
وقد حكم أبو حاتم على الحديث مرفوعاً ( الوجه الثاني ) بأنه منكر، وأعله بالرواية المرسلة (الوجه الثالث).
هذا وقد أخرج البخاريُّ الحديث في صحيحه من طريق محمد بن مطرف، عن ابن المنكدر، عن جابر، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكذلك حَسّن حديث زيد بن عطاء بن السائب كما نقل ذلك عنه الترمذيُّ –كما تقدم، وقال الترمذيّ عن الحديث : ((هذا حديث صحيح حسن غريب من هذا الوجه)).
والذي يترجح أنّ الوجه الأوّل أقوى الوجوه لأمرين :(1/481)
الأوَّل : أنه رواه عن محمد بن المنكدر أكثر أصحابه كما قال ابن عبد البر، ومنهم يحيى بن سعيد الأنصاري، ويحيى بن سعيد أوثق من محمد بن مطرف، وزيد بن عطاء بدرجات، وهو من طبقة الزهري قال محمد بن الباهلي-كما في تاريخ دمشق (64/254)- :((سمعت يحيى وهو ابن سعيد القطان لا يُقَدّم على يحيى بن سعيد أحداً من الحجازيين، فقيل له الزهري؟ فقال: الزهري خولف عنه، ويحيى لم يختلف عنه))، وقال علي بن المديني-كما في تاريخ دمشق (64/254)- :((أصحاب صحة الحديث وثقاته ومن ليس في النفس من حديثهم شيء أيوب بالبصرة، ويحيى بن سعيد بالمدينة، وعمرو بن دينار بمكة، ومنصور بالكوفة))، وقال أحمد بن حنبل-كما في تاريخ دمشق (64/257)- :((يحيى بن سعيد الأنصاري أثبت الناس)).
الثاني: أنّ محمد بن المنكدر، عن جابر، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جادة، وطريق مشهور فكثيراً ما يقع فيه الوهم والخطأ، قال أبو طالب-كما في الكامل لابن عدي (4/307-308)- :((سألت أحمد بن حنبل عن عبد الرحمن بن أبي الموال قال: عبد الرحمن لا بأس به…، يروي حديثا لابن المنكدر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاستخارة ليس يرويه أحد غيره، هو منكر، قلت: هو منكر؟ قال: نعم ليس يرويه غيره، لا بأس به، وأهل المدينة إذا كان حديث غلط يقولون : "ابن المنكدر، عن جابر" ، وأهل البصرة يقولون :" ثابت عن أنس " يحيلون عليهم))، وقال أيضاً-كما في مسائل أبي داود (ص302)- :((كان ابن المنكدر رجلاً صالحاً، وكان يُعرف بجابر مثل :ثابت، عن أنس، وكان يُحدث يزيد الرقاشي، فربما حدّث بالشيء مرسلاً،؛ فجعلوه عن جابر)).
فتبيّن من هذا أنّ الحديث من الطريق الراجح موقوف على ابن المنكدر، ولعل سبب إخراج البخاري للحديث أنه متعلق بالرقائق، وفضائل الأعمال، ولمعناه شواهد كثيرة كما سيأتي، والله أعلم.
وقد رويت للحديث شواهد وأكثرها لا يخلو من مقال :
1- حديث عثمان بن عفان، أخرجه :(1/482)
- النسائي في سننه (7/318-319) كتاب البيوع، حسن المعاملة والرفق في المطالبة، وابن ماجه في سننه (2/742 رقم2202) كتاب التجارات، باب السماحة في البيع، وأحمد بن حنبل (1/58، 67)، والبزار (2/48) في مسنديهما، والضياء في المختارة (1/506 رقم375) جميعهم من طريق ابن علية.
-وأخرجه : أحمد في مسنده (1/58، 67) عن عفان، عن حماد بن سلمة، -و من طريقه الضياء في المختارة (1/506 رقم375)، والمزي في تهذيب الكمال ( 20/100)، وعبد بن حميد في المنتخب (ص46 رقم47)، عن عارم، عن حماد بن سلمة.
-والقضاعي في مسند الشهاب (2/252 رقم1299) من طريق علي بن الجعد، عن شعبة.
جميعهم عن يونس بن عبيد عن عطاء بن فروخ، عن عثمان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :((غفر الله لرجل سهلا إذا باع سهلا إذا اشترى سهلا إذا قضى سهلا إذا اقتضى)) .
قال البزار :((وعطاء بن فروخ رجل من أهل البصرة حدث عنه يونس بن عبيد وعلي بن زيد ولا نعلمه سمع من عثمان)) ، و قال البوصيري في مصباح الزجاجة (3/19) :((هذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع عطاء بن فروخ لم يلق عثمان بن عفان قاله علي بن المديني في العلل)).
وقد اختلف في هذا الحديث على يونس اختلافاً شديداً على أوجه :
يونس بن عبيد عن عطاء بن فروخ، عن عثمان عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، عنه: إسماعيل بن علية، وحماد بن سلمة، وشعبة بن الحجاج-وهذه الرواية عن شعبة مرجوحة كما سيأتي-، وتقدم تخريج هذا الوجه.
يونس بن عبيد عن الحسن، عن عطاء بن فروخ، عن عثمان عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، أخرجه : الخرائطي في مكارم الأخلاق (ص187 رقم562) قال: حدثنا بنان الدقاق، وعمران بن موسى المؤدب قالا: حدثنا علي بن الجعد، عن حماد بن سلمة، عن يونس –به-.
يونس عن عطاء بن فروخ عن رجل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ذكره البخاريُّ في التاريخ الكبير (6/467) معلقاً فقال :((قال ابن طهمان عن يونس..)) .(1/483)
عن يونس عمن حدثه عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ذكره البخاريُّ في التاريخ الكبير في الموضع السابق معلقاً.
يونس عن عثمان بن عطاء حدثت عن عثمان بن عطاء بن عفان رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ذكره البخاريُّ في التاريخ الكبير في الموضع السابق معلقاً فقال : ((وقال أبو معمر حدثنا عبد الوارث عن يونس عن عثمان بن عطاء حدثت عن عثمان بن عطاء بن عفان رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه)) .
يونس بن عبيد عن الحسن، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، أخرجه : الترمذي في سننه (3/609رقم1319) كتاب البيوع، باب ما جاء في سمح البيع والشراء والقضاء، وأبو يعلى في مسنده (11/112رقم6238)، والدارقطني في العلل (3/42) قال: حدثنا محمد بن القاسم، ثلاثتهم عن أبي كريب، قال: حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي، عن مغيرة بن مسلم، عن يونس-به-، من طريق أبي كريب –به-، قال أبو عيسى :((هذا حديثٌ غريب، وقد روى بعضهم هذا الحديث عن يونس، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة)) .
يونس، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبيّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، أخرجه : الحاكم في المستدرك (2/56) كتاب البيوع، قال أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان الجلاب، قال: حدثنا إسحاق بن أحمد الخراز بالري، قال: حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي قال: حدثنا المغيرة بن مسلم عن يونس بن عبيد عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :((أن الله يحب سمح البيع سمح الشراء سمح القضاء)) ، وقال :((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) .
يونس، عن عثمان بن عبيد الخزاعي، عن عثمان، قال الدارقطني في العلل : ((وروى هذا الحديث عبد الوارث عن يونس عن عثمان بن عبيد الخزاعي عن عثمان ولم يتابع على هذا القول)) .(1/484)
قال الدارقطني في العلل :((وحديث عطاء بن فروخ أشهرها عنه وكلها محفوظ عن يونس)) ، ويونس بن عبيد ثقة ثبت فاضل كما قال ابن حجر في التقريب (ص 613 رقم7907)، وعطاء مجهول الحال فلم يوثقه أحد، وقد ذكره ابن حبان في الثقات (5/204) فقال :((عطاء بن فروخ مولى قريش عداده في أهل المدينة وكان انتقل إلى البصرة يروى عن عثمان بن عفان روى عنه يونس بن عبيد وعلى بن زيد)) ، وقال ابن حجر في التقريب (ص392رقم4596 ) :((مقبول)).
وقد اختلف على شعبة في الحديث :
فرواه علي بن الجعد، عنه، عن يونس-به-، وهو الوجه الأوّل المتقدم.
ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده (ص14رقم78)،وأحمد بن حنبل في مسنده (1/58) عن محمد بن جعغر (غندر)، والحجاج بن محمد، والبغوي في الجعديات (ص247رقم1631) من طريق أبي النضر.
أربعتهم عن شعبة، عن عمرو بن دينار، عن رجل، عن عثمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :((إن رجلا كان سهلا قاضيا ومقتضيا وبائعا ومبتاعا فدخل الجنة)) .
والوجه الثاني عن شعبة أرجح لكثرة من رواه عنه، ولأنهم أوثق من المخالفين.
والوجه الأوَّل عن يونس بن عبيد أشهر طرق الحديث-كما قال الدارقطني-ومع ذلك هو ضعيف لانقطاعه بين عطاء، وأبي هريرة، وعطاء مجهول الحال.(1/485)
وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (7/536) من طريق آخر فقال: أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد الصفار ثنا أحمد بن عبيدالله النرسي ثنا شبابة بن سوار ثنا هشام بن الغاز عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي حسين قال ابتاع عثمان بن عفان حائطا من رجل فساومه حتى تاومه على الثمن الذي رضي به البائع فقال: أرنا يدك، قال: وكانوا لا يستوجبون البيع إلا بالصفقة فلما رأى ذلك الرجل، قال: لا أبيعك حتى تزيد لي عشرة آلاف فالتفت عثمان إلى عبدالرحمن بن عوف فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :((إن الله عز وجل أدخل الجنة رجلا سمحا بائعا ومبتاعا وقاضيا ومقتضيا)) ، اذهب فقد زدتك هذه العشرة آلاف تستوجب لها بهذه الكلمة التي سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعبد الله بن عبد الرحمن هو المكي النوفلي قال ابن حجر في التقريب (ص311رقم3430) :((ثقة عالم بالمناسك من الخامسة)) ، فهو لم يدرك عثمان أصلاً.
حديث أبي هريرة، تقدم الكلام عليه في الاختلاف على يونس بن عبيد، وقد توسع الدارقطني في العلل (10/354-356) في بيان علل الحديث، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (7/536) قال: أخبرنا أبو عبدالله الحافظ وأبو الحسين بن بشران قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبدالله بن إبراهيم الشافعي قال: حدثنا محمد بن الفرح قال: حدثنا الواقدي قال: حدثنا هشام بن سعد أنه سمع الزهري يخبر عن عمر بن عبدالعزيز عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((أحب الله عبدا سمحا إذا باع وسمحا إذا اشترى وسمحا إذا قضى وسمحا إذا اقتضى)) ، وهذا الطريق فيه الواقدي وهو متروك.(1/486)
حديث عبد الرحمن بن عوف، أخرجه الشاشي في مسنده (1/290رقم260) قال: حدثنا ابن المنادى، قال أخبرنا روح بن عبادة، قال أخبرنا ابن جريج قال: قال عطاء وعمرو بن دينار : أن عثمان ساوم بأرض فكان صاحب الأرض عاسرا في البيع فقال عثمان يا عبدالرحمن بن عوف كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول قال سمعته يقول :((دخل عبد الجنة كان سمحا إن باع أو ابتاع أو قضى أو اقتضى))، قال عثمان قد أخذتها بزيادة عشرة آلاف، وتقدم أنّ شعبة رواه عن عمرو بن دينار، عن رجل، عن عثمان، وابنُ جريج شديد التدليس ولم يصرح بالتحديث، والحديث فيه انقطاع أيضاً.
حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، أخرجه: أحمد بن حنبل في مسنده (2/210) قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا حبيب يعني المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((دخل رجل الجنة بسماحته قاضيا ومتقاضيا)) ، قال المنذري في الترغيب والترهيب (2/563) :((رواته ثقات مشهورون)) ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/74) :((ورجاله ثقات)) ، عبد الصمد هو: ابن عبد الوراث التنوري تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1126) وهو ثقة، وأبوه ثقة ثبت، وحبيب المعلم، صدوق- التقريب (ص 367رقم4251، وص152 رقم1115)، وعمرو بن شعيب، وأبوه صدوقان-كما تقدم في المسألة رقم (1140)، فهذا الإسناد حسن.
وقد دلت على معنى الحديث نصوص أخرى في الصحيح يأتي ذكرها في المسألة رقم (1150).
وأمّا الحديث الثاني حديث :((كل معروف صدقة)) : فقد رواه عن محمد بن المنكدر اثنان من الثقات : سفيان الثوري، ومحمد بن مطرف –كما تقدم-، ولم أجد من خالفهما، والحديث رواه البخاريُّ في صحيحه –كما تقدم- من طريق علي بن عياش، عن محمد بن مطرف-به-، ولا أدري لِمَ حكم عليه أبو حاتم بالنكارة.(1/487)
وقال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (3/101):((قال الدارقطني في سننه: هذا الحديث تفرد به عيسى بن يونس ، قال الحافظ محمد بن عبد الواحد: وغرابة الحديث والتفرد به لا يخرجه عن الصحة،فإنّ البخاري روى في صحيحه من حديث محمد بن المنكدر، عن جابر، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "من قال إذا سمع النداء..."، قال الدارقطني : غريب من حديث محمد عنه، وكذلك حديث الاستخارة رواه البخاريُّ، قال الدارقطني : غريب من حديث عبد الرحمن بن أبي الموالي، عن محمد، عن جابر،… وكذا حديث "حديث رحم الله الرجل سمحا إذا باع": تفرد به أبو غسان عن محمد، وفي حديث كل معروف صدقة : تفرد به علي بن عياش عن محمد، وكلها مخرجة في صحيح البخاري إلى غير ذلك))، وانظر : نصب الراية (3/337).
فتبين مما تقدم أنّ الحديث لم يتفرد به محمد بن مطرف بل تابعه عليه الثوريّ، وقد أخرجه البخاري في صحيحه من طريق محمد بن مطرف، فتصحيح البخاري للحديث يُقدّم لأنه ليس هناك من دليل على تعليل الحديث، وخاصةً أنّ للحديث شاهداً رواه مسلمٌ في صحيحه (2/697 رقم 1005) كتاب الزكاة، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، وأبو داود في سننه (4/287 رقم 4947) كتاب الأدب، باب في المعونة للمسلم، وأحمد في مسنده (5/397) من طريق ربعي بن حراش، عن حذيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :((كل معروف صدقة)).
ولم يذكر الحافظ ابن حجر في هدي الساري في الفصل الثامن (ص246) -الذي خصصه لسياق الأحاديث التي انتقدت على البخاري في صحيحه- هذين الحديثين، مع أنهما على شرطه، والله أعلم.
- - - -(1/488)
60- ] 1148[ وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ مُصَفَّى(1)، عَنْ بَقِيَّةَ(2)، عَنْ عُمَرَ بنِ الْمُغِيرَةَ(3)، عَنْ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ(4)، عَنْ قَتَادَةَ(5)، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ(6)، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ(7)، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ(8)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :((لاَ بَأْسَ بِالْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ))، قَالَ أَبِي : هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ؛ وإِنَّمَا هُوَ : قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ(9)، عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيّ(10)، عَنْ عُبَادَةَ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : محمد بن مُصَفَّى بن بُهْلُول القرشي، أبو عبد الله الحمصي، روى عن: أحمد بن عبدالله بن يونس، وآدم بن أبي إياس، وبقية بن الوليد وغيرهم، روى عنه: بقي بن مخلد، وزكريا بن يحيى السجزي، ومحمد بن إدريس أبو حاتم الرازي وغيرهم.
صدوق، وكان يدلس، قال أبو حاتم، والنسائي :((صدوق))، وقال صالح جزرة : ((كان مخلطا، وأرجو أن يكون صادقا، وقد حدث بأحاديث مناكير))، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات وقال :((كان يخطئ))، وقال أبو زرعة الدمشقيُّ :((كان صفوان بن صالح، ومحمد بن المصفى يسويان الحديث))، وقال الذهبيّ :((صدوق مشهور))، وذكره ابن حجر في الطبقة الثالثة من المدلسين، روى له أبو داود، والنسائي، وابن ماجة، مات سنة ست وأربعين ومائتين.
انظر : الجرح (8/ 104رقم446)، الثقات (9/100-101)، المجروحين (1/94)، المعجم المشتمل (ص271 رقم957)، تهذيب الكمال (26/465-469)، الميزان (4/43رقم8182)، تعريف أهل التقديس (ص152-153).
(2) هو: بقية بن الوليد، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1109)، وهو :((ثقة مكثر من التدليس عن الضعفاء والمجهولين، وفي روايته عن غير أهل الشام بعض الأوهام)).(1/489)
(3) هو : عمر بن المغيرة البصري، نزيل المصيصة، روى عن : أيوب السختياني، وداود بن أبي هند، وهشام بن جنادة وغيرهم، وعنه: بقية، وعبد الله بن يوسف، وعبدالأعلى بن مسهر وغيرهم.
ضعيف، قال البخاري :((منكر الحديث))، وقال أبو داود :((لا بأس به، ولكن خالفه الناسُ في حديث" الإضرار في الوصية من الكبائر" عن داود بن أبي هند))، وقال أبو حاتم :((شيخ))، وقال العقيليُّ :((عمر بن المغيرة عن داود بن أبى هند، ولا يتابع على رفعه، حدثنا بكر بن سهل، قال حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: حدثنا عمر بن المغيرة المصيصي، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن بن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" الإضرار في الوصية من الكبائر ثم قرأ تلك حدود الله ومن يتعد حدود الله هذا"، رواه الناس عن داود موقوفا لا نعلم رفعه غير عمر بن المغيرة))، وقال الذهبيّ :((ليس بالمتقن))، وقال ابن حجر-في التهذيب- :((عمر ضعيف جدا)).
انظر : الجرح (6/136 رقم746)، سؤالات الآجري (2/62-63 رقم 1137)، الميزان (3/224 رقم6221)، ديوان الضعفاء (ص297 رقم3110)، لسان الميزان (4/332)، التهذيب (1/220).
(4) هو : سعيد بن أبي عَرُوبة واسمه: مهران، العَدَويُّ، أبو النضر البصريُّ، مولى بني عدي بن يشكر، روى عن: أيوب السختياني، والحسن البصري، وقتادة بن دعامة وغيرهم، روى عنه: إبراهيم بن طهمان، وبشر بن المفضل، وعبد الله بن المبارك وغيرهم.(1/490)
ثقة ثبت، من أحفظ أصحاب قتادة وأثبتهم، وكان يرسل، واختلط سنة ثلاثٍ وأربعين ومائة، فمن سمع منه بعد الاختلاط فحديثه ضعيف، قال ابن أبي خيثمة، عن يحيى بن معين :((أثبت الناس في قتادة سعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي وشعبة فمن حدثك من هؤلاء الثلاثة بحديث يعني عن قتادة فلا تبالي أن لا تسمعه من غيره))، وقال أبو حاتم :((سعيد بن أبي عروبة قبل أن يختلط ثقة وكان أعلم الناس بحديث قتادة))، وقال يحيى القطان :((أنكرنا ابن أبي عروبة قبل هزيمة إبراهيم، وكانت الهزيمة سنة خمس وأربعين ومائة))، وقال ابن أبي مريم : سمعت يحيى بن معين يقول :((سعيد بن أبي عروبة اختلط بعد هزيمة إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن فمن سمع منه سنة اثنتين وأربعين فهو صحيح السماع، وسماعُ من سمع منه بعد ذلك فليس بشيء))، وقال النسائي :((من حدّث عنه سعيد بن أبي عروبة ولم يسمع منه :لم يسمع من عمرو بن دينار ولا من هشام بن عروة…))، وقد ذكر العلائيّ، وابنُ رجب، وابن الكيال من روى عنه قبل الاختلاط، ومن روى عنه بعد الاختلاط، روى له الجماعة، مات سنة ست وخمسين ومائة، وقيل: سبع وخمسين ومائة.
انظر : المعرفة والتاريخ (3/61)، الجرح (4/ 65-66رقم276)، الكامل (3/393-397)، تهذيب الكمال (11/5-11)، كتاب المختلطين (41-43)، شرح علل الترمذي (2/565-570)، الكواكب النيرات (ص190-212).
(5) هو : قتادة بن دعامة السدوسي، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1103)، وهو :((متفق على توثيقه وجلالته، وهو كثير الإرسال ويدلس)).
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1127)، وهو :((متفق على توثيقه وجلالته وفقهه)).
(7) هو : قبيصة بن ذؤيب بن حَلْحَلة الخزاعي، أبو سعيد ويقال: أبو إسحاق المدني، روى عن: جابر بن عبد الله، وحذيفة بن اليمان، وعبادة بن الصامت وغيرهم، روى عنه: جابر بن زيد، ورجاء بن حيوة، والزهري وغيرهم.(1/491)
متفقٌ على توثيقه وفقهه، قال ابن سعد :((كان ثقة مأمونا كثير الحديث))، وقال أبو الزناد :((كان فقهاء أهل المدينة أربعة: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وقبيصة بن ذؤيب، وعبد الملك بن مروان))، روى له الجماعة، مات سنة ست وثمانين.
انظر : الطبقات (5/176)، الجرح (7/ 125رقم 713)، تهذيب الكمال (23/476-481).
(8) هو : عُبَادة بن الصامت بن قيس الأنصاري الخزرجي، أبو الوليد المدني، شهد العقبة الأولى والثانية، وهو أحد النقباء الإثني عشر ليلة العقبة، وشهد بدرا وأحدا وبيعة الرضوان والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من سادات الصحابة، مات بالرملة سنة أربع وثلاثين وله اثنتان وسبعون.
انظر : التقريب (ص 292 رقم3157)، تهذيب الكمال (14/183-189).
(9) هو : عبد الله بن زيد الجرمي، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1093) وهو ((متفق على توثيقه وإتقانه)).
(10) هو : شَرَاحيل بن آدَة-بالمد، وتخفيف الدال- أبو الأشعث الصنعاني، سكن دمشق، روى عن: شداد بن أوس الأنصاري، وعبادة بن الصامت، وعبد الله بن عمرو بن العاص وغيرهم، روى عنه: حسان بن عطية، وأبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، وعبدالرحمن بن يزيد بن جابر وغيرهم.
متفق على توثيقه، قال العجلي :((شامي تابعي ثقة))، توفي زمن معاوية بن أبي سفيان، روى له البخاري في الأدب والباقون.
انظر : معرفة الثقات (2/383رقم2080)، تهذيب الكمال ( 12/408-410)، التقريب (ص 264رقم2761).
- - -
- التخريج :
1- محمد بن مصفى، عن بقية، عن عمر بن المغيرة، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن جابر بن زيد، عن قبيصة بن ذؤيب، عن عبادة بن الصامت، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :((لا بأس بالقمح بالشعير اثنين بواحد)).
أخرجه :
- الشاشي في مسنده (3/171-172 رقم1257) قال: حدثني صاحب بن محمود.
-والطبراني في مسند الشاميين (3/225 رقم2132) قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرق.(1/492)
كلاهما عن محمد بن مصفى قال: حدثنا بقية، عن عمر –به-، ولفظه :((لا بأس بالقمح والشعير اثنين بواحد يداً بيد)).
وتابع جابرَ بنَ زيد إسحاقُ بنُ قبيصة بن ذؤيب، أخرجه :
ابنُ ماجه في سننه (1/8-9 رقم 18) في المقدمة، باب تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والتغليظ على من عارضه، والبخاري في التاريخ الكبير (1/400) معلقاً، والبزار في مسنده (7/167 رقم2735)، والطبراني في مسند الشاميين (1/218رقم390، 3/224 رقم2131)، وتمام في الفوائد (1/326 رقم 832) –ومن طريقه : ابن عساكر في تاريخ دمشق (8/270 ) -، جميعهم من طريق هشام بن عمار، وابن عبد البر في التمهيد (4/85) من طريق محمد بن المبارك، كلاهما (هشام بن عمار، ومحمد بن المبارك) عن يحيى بن حمزة، قال: حدثني برد بن سنان، عن إسحاق بن قبيصة، عن أبيه، عن عبادة بن الصامت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :((الذهب بالذهب مثلاً بمثل، والفضة بالفضة مثلاً بمثل، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر ، والملح بالملح من زاد وازداد فقد أربا))، هذا لفظ البزار في مسنده، وقد رواه بعضهم مطولاً، وفيه قصة إنكار عبادة بن الصامت على معاوية بن أبي سفيان، ورواه بعضهم مختصراً.
2- قتادة، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن عبادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه :
- الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/5) كتاب البيوع، باب بيع الشعير بالحنطة متفاضلاً ، قال: حدثنا سليمان بن شعيب، قال: حدثنا الخصيب قال: حدثنا همام بن يحيى.
-والطبراني في المعجم الأوسط (1/315 رقم520) قال: حدثنا أحمد بن القاسم، قال: حدثنا داود بن رشيد، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن سعيد بن بشير.(1/493)
كلاهما عن قتادة –به-، ولفظ الطبراني :((القمح بالشعير اثنين بواحد يدا بيد ولا يصلح نسيئة))، ونحوه الطحاوي مع زيادة في أوله، وقال الطبراني:((لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا سعيد بن بشير))، وقال الدارقطني –كما في أطراف الغرائب والأفراد (4/226)- :((تفرد به سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أبي قلابة عنه)).
وتابع قتادة على هذا الوجه عن أبي الأشعث :
أيوبُ السختياني، أخرجه مسلم في صحيحه (3/1210-1211 رقم1587) كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقداً، وأبو عوانة في مسنده (3/380-381 رقم5393-5395) كتاب البيوع، باب حظر بيع البر بالبر والشعير بالشعير، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/76) كتاب الصرف، باب القلادة تباع بذهب وفيها خرز وذهب، والشاشي في مسنده (3/163 رقم1243)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 277)، وابن عبد البر في التمهيد (4/78-79)، وابن حجر في موافقة الخبر الخبر (1/396) كلهم من طريق أيوب عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن عبادة بن الصامت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم :((ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا سواء بسواء عينا بعين فمن زاد أو ازداد فقد أربى))، وفيه قصة.(1/494)
وخالدُ الحذاء، أخرجه مسلم في صحيحه (3/1211 رقم1587)، وأبو داود في سننه (3/ 248-249رقم3350) كتاب البيوع ، باب في الصرف، والترمذي في سننه (3/541رقم 1240) كتاب البيوع، باب ما جاء أنّ الحنطة بالحنطة مثلاً بمثل كراهية التفاضل فيه، والنسائيّ في سننه الكبرى (4/28 رقم6157) كتاب البيوع ، باب بيع الملح بالملح، وعبدالرزاق في المصنف (8/34 رقم14193) كتاب البيوع، باب الطعام مثلاً بمثل، وابن أبي شيبة في المصنف (6/158) كتاب البيوع والأقضية، في الحنطة والشعير اثنين بواحد، وأحمد بن حنبل في مسنده (5/314، 320)، والدارمي في سننه (2/174 رقم2582) كتاب البيوع، باب في النهي عن الصرف، وابن الجارود في المنتقى (ص 218 رقم 650)، وأبو عوانة في مسنده (3/380 رقم5390-5392)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 66)، و(ص76)، والشاشي في مسنده (3/168 رقم1250)، وابن حبان في صحيحه –كما في الإحسان (11/389-390 رقم5016، 393 رقم5018) كتاب البيوع، باب الربا-، والدارقطني في سننه (3/18) كتاب البيوع، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 277)، وابن عبد البر في التمهيد (4/83)، و(19/180).
جميعهم من طرق عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد)).
قال الترمذيُّ :((حديث عبادة حديث حسن صحيح)).
وتابع أبا الأشعث حَكيم بن جابر الأحمسي عن عبادة، أخرج روايته :
- النسائي في سننه (7/277-278) كتاب البيوع، بيع الشعير بالشعير.
-وأحمد بن حنبل في مسنده (5/319).
-وابن الجارود في المنتقى (ص 219 رقم 652) باب ما جاء في الربا.
-والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 66) كتاب الصرف، باب الربا.(1/495)
- والشاشي في مسنده (3/170-180 رقم1252-1256).
- وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (181-182 رقم443) –ومن طريقه المزيُّ في تهذيب الكمال ( 7/165)-.
-والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 277) كتاب البيوع، باب الأجناس التي ورد النص بجريان الربا فيها.
جميعهم من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، عن حَكيم بن جابر، عن عبادة بن الصامت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:((الذهب الكفة بالكفة))، -ولم يذكر يعقوب الكفة بالكفة- فقال معاوية : إن هذا لا يقول شيئا، قال عبادة : إني والله ما أبالي أن لا أكون بأرض يكون بها معاوية إني أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك، هذا لفظ النسائي ونحوه رواية البقية عدا الطحاوي، وأبا بكر الشافعي فلفظهما عن عبادة بن الصامت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الذهب بالذهب مثلا بمثل الكفة بالكفة والفضة بالفضة مثلا بمثل الكفة بالكفة والبر بالبر مثلا بمثل يدا بيد والشعير بالشعير مثلا بمثل يدا بيد والتمر بالتمر مثلا بمثل يدا بيد حتى ذكر الملح)).
وهناك اختلافات أخرى على قتادة في الأثر وهي :
3- قتادة، عن مسلم بن يسار، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن عبادة بن الصامت موقوفاً عليه، أخرجه :
-النسائي في سننه (7/276) قال:أخبرني محمد بن آدم، عن عبدة بن سليمان.
-وأبو بكر بن أبي شيبة في المصنف (6/157) عن يزيد بن هارون.
- والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/4).
- والشاشي في مسنده (3/162 رقم1242).
-والبيهقي في السنن الكبرى (5/276).
- وابن عبد البر في التمهيد (4/82).
جميعهم من طريق يزيد بن هارون.(1/496)
كلاهما (عبدة بن سليمان، ويزيد بن هارون) عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن مسلم بن يسار، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن عبادة بن الصامت -وكان بدريا وكان بايع النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يخاف في الله لومة لائم- أن عبادة قام خطيبا فقال :((أيها الناس إنكم قد أحدثتم بيوعا لا أدري ما هي ألا إن الذهب بالذهب وزنا بوزن تبرها وعينها، وإن الفضة بالفضة وزنا بوزن تبرها وعينها، ولا بأس ببيع الفضة بالذهب يدا بيد والفضة أكثرهما، ولا تصلح النسيئة، ألا أن البر بالبر والشعير مدا بمد، ولا بأس ببيع الشعير بالحنطة يدا بيد والشعير أكثرهما، ولا يصلح نسيئة، ألا وإن التمر بالتمر مدا بمد، حتى ذكر الملح مدا بمد فمن زاد أو استزاد فقد أربى))، هذا الفظ النسائي ومثله رواية الطحاوي، والبيهقي، وابن عبد البر، ولفظ ابن أبي شيبة مختصراً.
قال أبو داود في سننه (3/248) بعد ذكر رواية همام عن قتادة :((روى هذا الحديث سعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي، عن قتادة، عن مسلم بن يسار بإسناده))، وقال ابن عبد البر :((هكذا رواه ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن مسلم بن يسار موقوفاً، فذكر الحديث، وتابع هشامُ الدستوائي سعيدَ بن أبي عروبة على هذا الإسناد عن قتادة عن مسلم بن يسار)).
4- قتادة، عن أبي الخليل، عن مسلم بن يسار، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن عبادة بن الصامت، مرفوعاً، أخرجه :
- أبو داود في سننه (3/ 248 رقم3349) من طريق بشر بن عمر، -ومن طريقه: البيهقي في السنن الكبرى (5/291) باب اعتبار التماثل فيما كان موزوناً على عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم بالوزن-.
-والنسائي في سننه (7/276-277) من طريق عمرو بن عاصم.
- والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/4-5) من طريق الخصيب بن ناصح، و(4/66).
- والشاشي في مسنده (3/162 رقم1242).
كلاهما من طريق عفان بن مسلم.
-والدارقطني في سننه (3/18) من طريق هدبة بن خالد.(1/497)
-والبيهقي في السنن الكبرى (5/276) من طريق هشام بن علي بن رجاء، و(5/291) من طريق عفان بن مسلم، وبشر بن عمر.
-وابن عبد البر في التمهيد (19/179-180).
جميعهم عن همام بن يحيى، عن قتادة، عن أبي الخليل، عن مسلم المكي عن أبي الأشعث الصنعاني عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((الذهب بالذهب تبرها وعينها، والفضة بالفضة تبرها وعينها، والبر بالبر مدى بمد، والشعير بالشعير مدى بمد، والتمر بالتمر مدى بمد، والملح بالملح مدى بمد، فمن زاد أو ازداد فقد أربى، ولا بأس ببيع الذهب بالفضة والفضة أكثرهما يدا بيد، وأما نسيئة فلا، ولا بأس ببيع البر بالشعير والشعير أكثرهما يدا بيد، وأما نسيئة فلا)) هذا لفظ أبي داود ونحوه رواية البقية.
5- قتادة، عن أبي أسماء الرحبي، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن عبادة بن الصامت، مرفوعاً، أخرجه :
-الدارقطني في سننه (3/18) قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، قال: أخبرنا عبدالله بن أحمد، قال: أخبرنا هدبة بن خالد، قال: أخبرنا همام بن يحيى، عن قتادة، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن أبي الأشعث الصنعاني، قال: قتادة، وحدثني صالح أبو الخليل عن مسلم المكي عن أبي الأشعث أنه شهد خطبة عبادة بن الصامت قال سمعته يقول :((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباع الذهب بالذهب إلا وزنا بوزن والورق بالورق إلا وزنا تبره وعينه وذكر الشعير بالشعير والبر بالبر والتمر بالتمر والملح بالملح ولا بأس بالشعير بالبر يدا بيد والشعير أكثرهما يدا بيد فما زاد أو أزداد فقد أربى))، قال عبد الله: فحدثت بهذا الحديث أبي فاستحسنه.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن قتادة على خمسة أوجه :
الوجه الأوَّل : رواه سعيد بن أبي عروبة-عنه : عمر بن المغيرة- عن قتادة، عن جابر بن زيد، عن قبيصة بن ذؤيب، عن عبادة بن الصامت، عن النبي صلى الله عليه وسلم.(1/498)
الوجه الثاني : رواه سعيد بن بشير، وهمام بن يحيى - عنه : الخصيب بن ناصح – عن قتادة، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن عبادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وتابع قتادة على هذا الوجه : أيوب السختياني، وخالد الحذاء.
الوجه الثالث : رواه سعيد بن أبي عروية- عنه : عبدة بن سليمان، ويزيد بن هارون-، وهشام الدستوائي عن قتادة، عن مسلم بن يسار، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن عبادة بن الصامت موقوفاً عليه.
الوجه الرابع : رواه همام بن يحيى- عنه : بشر بن عمر، والخصيب بن ناصح، وعفان بن مسلم، وعمرو بن عاصم، وهدبة بن خالد، وهشام بن علي- عن قتادة، عن أبي الخليل، عن مسلم بن يسار، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن عبادة بن الصامت، مرفوعاً.
الوجه الخامس : رواه همام بن يحيى - عنه : هدبة بن خالد- عن قتادة، عن أبي أسماء الرحبي، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن عبادة بن الصامت، مرفوعاً.
ذكر أبو حاتم في هذه المسألة الوجه الأوَّل والثاني فقط من هذه الأوجه، ورجح الوجه الثاني على الأوَّل، وذكر أنّ الوجه الأوَّل منكر، ولا شك أنّ الوجه الثاني يقدم على الوجه الأوّل لأمرين :
الأول : أنّ الوجه الأوّل من رواية عمر بن المغيرة وهو ضعيف.
الثاني : أنّ عبدة بن سليمان، ويزيد بن هارون وهما ثقتان ثبتان -التقريب (ص369رقم4269، ويزيد تأتي ترجمته في المسألة رقم : 1174 )-، وقد سمعا من سعيد قبل الاختلاط، قال ابن معين –كما في شرح علل الترمذي (2/565-566)- : ((يزيد بن هارون صحيح السماع منه، قال: وأثبت الناس سماعاً منه عبدة بن سليمان ))، قد خالفا عمر بن المغيرة فروياه عن سعيد بن أبي عروبة على الوجه الثالث.
ثم إنّ في السند بقية بن الوليد وهو مكثر من التدليس ولم يصرح بالسماع في هذا الطريق.(1/499)
وبالنظر إلى جميع الأوجه يتبين أنّ الوجه الثالث وهو : قتادة، عن مسلم بن يسار، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن عبادة بن الصامت موقوفاً عليه، أقوى الوجوه وذلك أنه رواه عن قتادة : سعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي وهما من كبار أصحاب قتادة كما تقدم في المسألة رقم (1103)، وتقدم هناك أنّ سعيد بن أبي عروبة أثبت أصحاب قتادة، وقد أشار ابن عبد البر إلى ترجيح هذا الوجه بقوله في التمهيد (4/82) :((وسعيد، وهشام كلاهما عندهم أحفظ من همام))، فهذا الوجه الراجح يُعِلُّ بقية الأوجه عن قتادة.
فالوجه الثاني : رواه عن قتادة : سعيد بن بشير وهو ضعيف –التقريب (ص 234 رقم2276)-، وفي السند الوليد بن مسلم وهو مدلس ولم يصرح بالسماع في هذا الطريق، ورواه أيضاً : همام بن يحيى، وهو ثقة -التقريب (ص 574 رقم7319)- وقد اختلف على همام فيه على ثلاثة أوجه :
الأوّل: قتادة، عن أبي الخليل، عن مسلم بن يسار، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن عبادة بن الصامت، مرفوعاً، رواه عن همام بن يحيى : بشر بن عمر، والخصيب بن ناصح، وعفان بن مسلم، وعمرو بن عاصم، وهدبة بن خالد، وهشام بن علي.
الثاني : قتادة، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن عبادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، رواه عن همام بن يحيى : الخصيب بن ناصح، والخصيب قال عنه أبو زرعة-كما في الجرح (3/397 رقم 1827)- :((ما به بأس إن شاء الله)).
الثالث : قتادة، عن أبي أسماء الرحبي، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن عبادة بن الصامت، مرفوعاً، رواه عن همام بن يحيى : هدبة بن خالد، وهدبة ثقة التقريب (ص 571 رقم7269).
والوجه الأوَّل عن همام بن يحيى أقوى من الوجهين الآخرين لأنَّ رواته أكثر، وفيهم من هو ثقة ثبت وهو عفان بن مسلم -التقريب (ص 393 رقم4625)-.
ومع ذلك هذا الوجه الراجح عن همام معلول لما تقدم من أنّ سعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي خالفا هماماً، وهما أرفع منه في سعيد بدرجات.(1/500)
فخلاصة ما تقدم أنَّ أصح الوجوه عن قتادة ما رواه سعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي عن : قتادة، عن مسلم بن يسار، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن عبادة بن الصامت موقوفاً عليه.
لكن الحديث صح عن عبادة مرفوعاً فقد رواه مسلم وغيره –كما تقدم في التخريج- من طريق أيوب السختياني، وخالد الحذاء كلاهما عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن عبادة بن الصامت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وتابع أبا الأشعث:
حَكيم بن جابر وهو ثقة – التقريب (ص 176 رقم1468)- والسند إليه صحيح.
وقبيصة بن ذؤيب والسند إليه جيد.
وتقدم ذكر من خرّج روايتيهما في التخريج.
قال ابن عبد البر في التمهيد (4/88) :((حديث عبادة المذكور في هذا الباب وإن كانوا قد اختلفوا في إسناده فهو عند جماعة من فقهاء الأمصار أصل ما يدور عليه عندهم معاني الربا))، وقال أيضا (4/83) :((ولكن الحديث في الصرف محفوظ لعبادة وهو الأصل الذي عول عليه العلماء في باب الربا)).
- - - -
61- ] 1149[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ عَبْدُ الْمَجِيدِ بن عَبْدِالْعَزِيزِ بن أَبِي رَوَّادٍ* (1)، عَنْ مَعْمَرٍ(2)، عَنْ يَحْيَى بن أَبِي كَثِيرٍ(3)، عَنْ عِكْرِمَةَ(4)، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ(5)، أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً))، قَالَ أَبِي :الصَّحِيحُ عَنْ عِكْرِمَةَ أن النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَل.
........................................
* في المطبوع (داود) وهو خطأ.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رَوَّاد الأزديُّ، أبو عبد الحميد المكيُّ، مولى المهلب بن أبي صفرة، روى عن: عبد الملك بن جريج، ومعمر بن راشد، ووهيب بن الورد المكي وغيرهم، روى عنه: أحمد بن حنبل، وعبد الله بن الزبير الحميدي، ومحمد بن إدريس الشافعي وغيرهم.(2/1)
ثقة، له بعض الأوهام، وهو من أعلم الناس بابن جريج، وكان مرجئاً، قال أحمد بن حنبل :((عبد المجيد بن أبي رواد ثقة وكان فيه غلو في الإرجاء))، وقال أحمد بن سعد بن أبي مريم، عن يحيى بن معين :((ثقة كان يروي عن قوم ضعفاء، وكان أعلم الناس بحديث ابن جريج وكان يعلن بالإرجاء))، قال أبو داود :((ثقة .. وكان مرجئا داعية للإرجاء))، وقال النسائي :((ليس به بأس))، وقال في موضع آخر :((ثقة))، وقال الخليلي :((ثقة، ولكنه أخطأ في أحاديث))، وقال ابن سعد :((كان كثير الحديث، ضعيفاً مرجئاَ))، وقال أبو حاتم:((ليس بالقوي يكتب حديثه، كان الحميدي يتكلم فيه))، وقال الدارقطني-كما في سؤالات البرقاني- :((لا يحتج به، يُعْتَبرُ به))، وقال أيضاً :((كان أثبت الناس في ابن جريج))، وقال ابن حبان :((منكر الحديث جداً، ويروي المناكير عن المشاهير))، ويبدو أنّ ابن حبان تشدد فيه للإرجاء، قال الذهبيّ -ذكر أسماء من تكلم فيه- :((ثقة، مرجئ داعية))، وقال-في الميزان- :((صدوق مرجئ كأبيه))، روى له مسلم مقرونا بغيره، والباقون سوى البخاري، مات سنة ست ومائتين.
انظر : الطبقات (5/500)، الجرح (6/64-65رقم340)، المجروحين (2/160-161)، الكامل (5/344-346)، سؤالات البرقاني (ص47رقم 317 )، الإرشاد (1/233)، تهذيب الكمال (18/271-276)، ذكر أسماء من تكلم فيه (ص124رقم220)، الميزان (2/648-651)، التهذيب (6/381-383).
(2) هو: معمر بن راشد، تقدمت ترجمته في المسألة رقم ( 1093 ) وهو :((ثقةٌ ثبتٌ خاصةً عن الزهري وفي روايته عن ثابت البنُاني، وسليمان الأعمش،، وعاصم بن أبي النجود، وقتادة، وهشام بن عروة بعض الأوهام)).
(3) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1094 )، وهو ((ثقة ثبت يرسل)).
(4) هو: عكرمة مولى ابن عباس، تقدمت ترجمته في المسالة رقم (1119)، وهو:((ثقة ثبت)).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1105).
- - -
- التخريج :(2/2)
1- عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رَوَّاد، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم :((نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة)).
لم أقف عليه من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رَوَّاد.
وقد تابع عبدَ المجيد بن عبد العزيز بن أبي رَوَّاد :
إبراهيمُ بن طهمان، ، أخرجه : البيهقي في السنن الكبرى (5/288-289) كتاب البيوع، باب ما جاء في النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، قال : أخبرناه أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي، قال: أخبرنا أبو حامد بن الشرقي، قال: حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، قال: حدثنا حفص بن عبدالله، قال: حدثني إبراهيم بن طهمان عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن بن عباس انه قال :((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة )).
والإسناد إلى إبراهيم بن طهمان جيد، فحفص بن عبد الله هو السلمي صدوق، وأحمد بن يوسف السلمي حافظ ثقة - التقريب (ص 172 رقم1408، وص86 رقم130)، وأبو حامد بن الشرقي، وأبو الحسن محمد بن الحسين العلوي كلاهما من المشاهير الثقات –السير (15/37-39)، (17/98-99)-.
وداودُ العطار، أخرجه : ابن الجارود في المنتقى (ص208 رقم610) باب المبايعات المنهي عنها، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/60) كتاب البيوع، باب استقراض الحيوان، والطبراني في المعجم الكبير (11/354 رقم 11996)، والمعجم الأوسط (6/17 رقم5027)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (2/571 رقم621)، جميعهم من طرق عن شهاب بن عباد، عن داود العطار.
وقال الطبراني في المعجم الأوسط :((لم يصل هذا الحديث عن معمر إلاّ داود العطار، وسفيان الثوري، تفرد بحديث داود شهاب، وتفرد بحديث سفيان الثوري عثمان بن أبي شيبة عن أبي أحمد الزبيري))، وشهاب بن عباد، وداود العطار كلاهما ثقة -التقريب (ص269 رقم2826)-، (ص199رقم1798)-.(2/3)
وسفيانُ الثوري، أخرجه : الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/60)، وابن حبان في صحيحه-كما في الإحسان (11/401 رقم5028) كتاب البيوع، باب الربا- من طريق أبي داود الحَفَري، والدارقطني في سننه (3/71) كتاب البيوع-ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق (2/171)-، كلاهما من طريق أبي أحمد الزبيري، والدارقطني والبيهقي في السنن الكبرى (5/289) ، كلاهما من طريق عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري، البيهقي معلقاً، جميعهم عن سفيان، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم… الحديث.
-وعبد الرزاق، أخرجه في المصنف ( 8/ رقم 14133) كتاب البيوع، باب بيع الحيوان بالحيوان.
ومحمد بن حميد المعمري، أخرجه : الترمذي في العلل الكبير (ص182 رقم319) قال: حدثنا سفيان بن وكيع قال: حدثنا محمد بن حميد المعمري، عن معمر عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم :((نهى عن بيع الحيوان باللحم نسيئة))، محمد بن حميد المعمري ثقة -التقريب (ص 475 رقم5835)-، ولكن في الإسناد إليه سفيان بن وكيع وهو ضعيف –التقريب (ص 245رقم2456)، وقد أخطأ في متن الحديث؛ فلفظ الحديث المشهور من طريق معمر :((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة )).
2- عن عكرمة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم..الحديث.
أخرجه :
- ابن الجارود في المنتقى (ص307 رقم609) قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرزاق.
- والبيهقي في السنن الكبرى (5/289) قال: أخبرناه أبو الحسين بن بشران، قال: أخبرنا أبوالحسن علي بن محمد المصري، قال: حدثنا ابن أبي مريم قال: حدثنا الفريابي قال: حدثنا سفيان.
كلاهما عن معمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة قال :((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة)).(2/4)
وقال البيهقي :((وكذلك رواه عبد الرزاق وعبد الأعلى عن معمر وكذلك رواه علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا)).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن معمر بن راشد على وجهين :
الوجه الأوّل : رواه إبراهيمُ بن طهمان، وداودُ العطار، وسفيانُ الثوري-عنه : أبو داود الحَفَري، وأبو أحمد الزبيري، وعبد الملك بن عبد الرحمن الذماري-، وعبدالرزاق-عنه: الدبري-، وعبدالمجيد بن أبي رواد، ومحمد بن حميد المعمري، جميعهم عن معمر عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثاني: رواه سفيانُ الثوري-عنه: الفريابي-، وعبد الأعلى بن عبدالأعلى، وعبدالرزاق-عنه: محمد بن يحيى الذهلي- جميعهم عن معمر، عن يحيى، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
وتابع معمرَ بن راشد عليّ بن المبارك.
وقد رجح أبو حاتم الوجه الثاني، ورجحه غيرُ واحد من العلماء، وهم :
الشافعي، فقد نقل البيهقي في السنن الكبرى (5/289) عنه أنه قال :((أما قوله أنه نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة فهذا غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم)).
وأحمد بن حنبل، وسيأتي نقل كلامه في آخر المسألة.
والبخاريّ، قال الترمذي في العلل الكبير (ص182 رقم319) :((سألت محمدا عن هذا الحديث، فقال : قد روى داودُ بن عبد الرحمن العطار، عن معمر هذا وقال : عن ابن عباس، وقال الناس : عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا فوهّن محمدٌ هذا الحديث)).
وابن خزيمة، فقد نقل البيهقي في السنن الكبرى عنه أنه قال :((الصحيح عن أهل المعرفة بالحديث هذا الخبر مرسل ليس بمتصل)).(2/5)
والبيهقي، فقد قال في السنن الكبرى :((والصحيح عن معمر، عن يحيى، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً))، وقال نحو ذلك في معرفة السنن والآثار (4/302)، وفي الخلافيات – كما في مختصره(3/293-294)-.
وقد خالف ابنُ التركماني من تقدم ورجح الرواية الموصولة؛ فقال في الجوهر النقي-كما في حاشية السنن الكبرى للبيهقي (5/289)- :((حاصله أنه اختلف على الثوري فيه، فرواه الفريابي عنه مرسلاً، ورواه عنه الزبيري، والذماري متصلاً، واثنان أولى من واحد، كيف وقد تابعهما أبو داود الحفري، فرواه عن سفيان موصولاً، كذا أخرجه عنه أبو حاتم بن حبان في صحيحه، فظهر بذلك أنّ رواية من رواه عن الثوري موصولاً أولى من رواية من رواه عنه مرسلاً، واختلف أيضاً على معمر فيه : فرواه عنه عبد الرزاق، وعبد الأعلى مرسلاً، على أنّ عبد الرزاق رواه أيضاً عنه متصلاً، كذا رأيتُ في نسخة جيدة من نسخ المصنف له، ورواه عن معمر ابن طهمان، والعطار موصولاً، وتأيدت روايتهما بالرواية المذكورة عن عبد الرزاق، وبما رجح من رواية الثوري، فظهر أنّ رواية من رواه عن معمر موصولاً أولى، ومعمر أحفظ من علي بن المبارك فروايته عن يحيى موصولاً أولى من رواية ابن المبارك، وبالجملة فمن وصل حفظ وزاد، فلا يكون من قصر حجة عليه، وقد أخرج البزار هذا الحديث وقال: ليس في هذا الباب حديث أجل إسناداً منه)).
وكلام ابن التركماني قويّ غير أنّ هناك أمرين يُنَبّه عليهما :
الأول : قوله :((على أنّ عبد الرزاق رواه أيضاً عنه متصلاً، كذا رأيتُ في نسخة جيدة من نسخ المصنف له))، معلوم أنّ المُصَنَّف من رواية الدَّبَري وهو صدوق كما تقدم في المسألة رقم (1143)، وقد روى الحديث عن عبدالرزاق مرسلاً محمد بن يحيى الذهلي وهو ثقة حافظ كما تقدم في المسألة رقم (1143) فهو يقدم على الدَّبَري.(2/6)
الثاني : وقوله :((ومعمر أحفظ من علي بن المبارك فروايته عن يحيى موصولاً أولى من رواية ابن المبارك))، لاشك أنّ معمر بن راشد من حيثُ العموم أحفظ من علي بن المبارك، ولكن علي بن المبارك موصوف بالتثبت في يحيى بن أبي كثير خاصةً؛ لذا قال يحيى بن معين –كما في الجرح (6/203)- :((قال بعض البصريين إنّ علي بن المبارك عرض على يحيى بن أبي كثير عرضاً، وهو ثقة، وليس أحد في يحيى بن أبي كثير مثل هشام الدستوائي، والأوزاعي وبعدهما علي بن المبارك))، وقال ابن عدي في الكامل (5/182):((وهو ثبت في يحيى بن أبي كثير ومقدم في يحيى)).
وأمّا كلام ابن التركماني في ترجيح الرواية الموصولة عن سفيان فهذا ظاهر، فقد روى الرواية الموصولة عن سفيان ثلاثة :
أبو أحمد الزبيري، وقد تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1115)، وهو :((ثقة وقد يخطئ في حديث الثوري)).
وعبد الملك بن عبد الرحمن الذماري، قال ابن حجر في التقريب (ص363 رقم 4162) :((صدوق كان يصحف)).
وأبو داود عمر بن سعد الحَفَري، قال ابن حجر في التقريب (ص 413رقم 4904) :((ثقة))، وهو من المتثبتين في الثوري، قال عباس الدوري في تاريخه (2/484):((سمعت يحيى بن معين قدّم أبا داود الحفري على قبيصة، وأبي أحمد، ومحمد بن يوسف في حديث سفيان))، وقال العجليُّ –كما في شرح علل الترمذي (2/544-545) :((.. وأبو داود الحَفَري أثبت في سفيان من الفريابي وأصحابه)).
وأمَّا الرواية المرسلة عن سفيان فرواها عنه : محمد بن يوسف الفريابيّ، وقد تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1136) وهو :((متفق على توثيقه وفضله، وهو في الطبقة الثانية من أصحاب الثوري)).(2/7)
وأمَّا الاختلاف على معمر فالذي يظهر أنّ كلا الروايتين عن معمر محفوظة وأنّ معمر يضطرب فيه، وذلك أنّ من رواه عن معمر مرسلاً : عبدُ الرزاق بن همام –في الراجح عنه- وهو من المقدمين في معمر حتى قال أحمد :((إذا اختلف أصحابُ معمر فالحديث لعبد الرزاق)) –وتقدم بيان ذلك في المسألة رقم (1093)-، وذكر البيهقي أنه تابع عبدَ الرزاق عبدُ الأعلى بن عبد الأعلى وهو ثقة –التقريب (ص 331رقم3734)، ولم أقف على من أخرج روايته-.
وأمَّا مَنْ ثبت أنه رواه عن معمر متصلاً فهم : إبراهيمُ بن طهمان، وداودُ العطار، وسفيانُ الثوري-في الراجح عنه-، وذكر أبو حاتم في هذه المسألة أن عبدالمجيد بن أبي رواد تابعهم -ولم أقف على من أخرج روايته-، وكلهم ثقات تقدمت تراجمهم، ولكن لم يُذْكر أحدٌ من هؤلاء أنه مقدم في معمر، وإن كان الثوري من أقران معمر.
ولكن مما يرجح الوجه الثاني ( المرسل ) :
أنَّ علي بن المبارك تابع معمر بن راشد على هذه الرواية المرسلة، وهو موصوف بالتثبت في يحيى بن أبي كثير خاصة كما تقدم عن يحيى بن معين، وابن عدي.
أنّ النقاد من الأئمة على ترجيح هذا الوجه ولم أجد لهم مخالفاً من الأئمة المتقدمين.
فتبين مما تقدم أنّ الحديث بهذا الإسناد ضعيفٌ لإرساله، وقد رويت شواهد للحديث وكلها لا يخلو من مقال :
حديث جابر بن سمرة، أخرجه :عبدالله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند (5/99)- ومن طريقه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (8/ 187) في ترجمة حفص بن سليمان-، قال عبدالله بن أحمد بن حنبل حدثني أبو إبراهيم الترجماني إسماعيل بن إبراهيم حدثنا أبو عمر المقرئ، ورواه الطبراني في معجمه الكبير (2/252 رقم2057) قال: حدثنا أحمد بن زهير التستري قال: حدثنا إبراهيم بن راشد الأدمي قال: حدثنا داود بن مهران قال: حدثنا محمد بن الفضل بن عطية كلاهما عن سماك عن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم :((نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة)).(2/8)
وكلا الطريقين عن سماك فيهما ضعف شديد؛ فالطريق الأوَّل: في سنده أبو عمر المقرئ وهو حفص بن سليمان الأسدي القاريء قال ابن حجر في التقريب (ص172 رقم1405) :((متروك الحديث))، والطريق الآخر: في سنده محمد بن الفضل بن عطية وهو كذاب كما تقدم في المسألة رقم (1097).
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/105):((وعن جابر بن سمرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة رواه عبدالله ابن أحمد وفيه أبو عمر المقري فان كان هو الدوري فقد وثق والحديث صحيح وإن كان غيره فلم أعرفه وإسناد الطبراني ضعيف))، وتقدم أنّ الخطيب البغدادي، وكذلك ابن حجر في تعجيل المنفعة (2/514-515) ذكرا أنه حفص بن سليمان الأسدي.
حديث جابر بن عبد الله، أخرجه : الترمذي في سننه (3/ 539 رقم1238) كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وابن ماجه في سننه (2/ 763 رقم2271) كتاب التجارات، باب الحيوان بالحيوان نسيئة، وابن أبي شيبة في المصنف (6/115) كتاب البيوع والأقضية، في العبد بالعبدين، والبعير بالبعيرين، وأحمد في مسنده (3/310، 380، 382) ، جميعهم من طريق الحجاج بن أرطاة، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/60) من طريق أشعث بن سوار، والطبراني في الأوسط (3/357 رقم2764) من طريق بحر بن كَنِيز السقاء ثلاثتهم عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم .الحديث، وقال الترمذي :((حديث حسن)).
والحجاج بن أرطاة، وبحر بن كَنِيز السقاء، وأشعث بن سوار جميعهم ضعفاء –التقريب (ص 152 رقم1119)، و(120رقم637)، و(113رقم524)-، وقال ابن حجر في الفتح (4/419) :((وعن جابر عند الترمذي، وغيره وإسناده لين)).(2/9)
حديث سمرة بن جندب، أخرجه : أبو داود في سننه (3/250رقم3356) كتاب البيوع، باب في الحيوان بالحيوان نسيئة، والترمذي في سننه (3/ 538 رقم1237)، والطبراني في المعجم الكبير (7/247-248 رقم6848)، والخطيب في تاريخ بغداد (2/354)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (7/59) جميعهم من طرق عن حماد بن سلمة.
وأخرجه أيضاً النسائي في سننه (7/292) كتاب البيوع، بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وابن ماجه في سننه (2/ 763 رقم2270)، وابن أبي شيبة في المصنف (6/116)، وأحمد في مسنده (5/12، 19، 21، 22، 99)، والدارمي في سننه (2/169-170 رقم2567) كتاب البيوع، باب في النهي عن بيع الحيوان بالحيوان، وابن الجارود في المنتقى (ص208 رقم611)، والروياني في مسنده (2/52)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/60-61)، والطبراني (رقم6849، 6851)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (2/571 رقم622)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/288) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة.
وأخرجه أيضاً الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/60-61) من طريق حماد بن سلمة، وهشام الدستوائي، والطبراني ( رقم 6847، و6850) من طريق أبان بن يزيد، وعمر بن عامر.
خمستهم عن قتادة بن دعامة، عن الحسن، عن سمرة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم:((نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة)).
قال الترمذي :((حديث حسن صحيح، وسماع الحسن من سمرة صحيح، هكذا قال علي بن المديني وغيره، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم وغيرهم في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وهو قول سفيان الثوري، وأهل الكوفة، وبه يقول أحمد، وقد رخص بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة وهو قول الشافعي وإسحاق))، وعزا السيوطي الحديث إلى الضياء في المختارة – انظر : فيض القدير (6/306)-.(2/10)
حديث عبد الله بن عمر، أخرجه : الترمذي في العلل الكبير (ص182-183رقم320)، الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/60)، والعقيليُّ في الضعفاء الكبير (4/64)، وابن عدي في الكامل (1/270)، وابن المقرئ في معجمه (ص189 رقم601)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/253، 2/137)، والبيهقي في معرفة السنن والآثار (4/302) كلاهما معلقاً، والخطيب في تلخيص المتشابه (2/824)، وفي تالي تلخيص المتشابه (1/43) من طرق عن محمد بن دينار الطاحي عن يونس بن عبيد عن زياد بن جبير عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه :((نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة)).
وهذا الإسناد فيه علتان:
في إسناده محمد بن دينار الطاحي وفيه ضعف – التهذيب (9/155-156).
الاختلاف في إسناده، قال الترمذي في العلل الكبير (ص183) :((سألت محمدا عن هذا الحديث فقال: إنما يروى عن زياد بن جبير عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا))، وقال أحمد بن حنبل-كما عند العقيلي في الضعفاء الكبير(4/64)- :((ليس فيه ابن عمر هو عن زياد بن جبير موقوف))، ولم أقف على الطرق التي تبين الاختلاف في سند الحديث.
والذي يظهر أنّ الحديث بمجموع هذه الطرق-مرسل عكرمة، وحديث جابر بن عبد الله، وحديث سمرة بن جندب - لا ينزل عن مرتبة الحسن، وقد صححه الترمذي، وابن حبان، وابن التركماني، والسيوطي كما في فيض القدير (6/306) والله أعلم.(2/11)
وقد نقل ابن القيم عن الإمام أحمد تضعيف الحديث من جميع طرقه فقال في حاشيته على سنن أبي داود- عون المعبود (9/210)- :(( أما الإمام أحمد فإنه كان يعلل أحاديث المنع كلها، قال: ليس فيها حديث يعتمد عليه ويعجبني أن يتوقاه وذكر له حديثا ابن عباس وابن عمر فقال: هما مرسلان، وحديث سمرة عن الحسن قال الأثرم قال أبو عبد الله : لا يصح سماع الحسن من سمرة، وأما حديث جابر من رواية حجاج بن أرطاة عن الزبير عنه فقال الإمام أحمد : هذا حجاج زاد فيه نساء والليث بن سعد سمعه من أبي الزبير لا يذكر فيه نساء)).
- - - -
62- ] 1150[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ الْفِرْيَابِيُّ (1)، عَنْ ابْنِ ثَوْبَانَ(2)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ الْمَدِينِيُّ(3)، عَنْ مَنْ سَمِعَ كَعْبَ بن عَمْرٍو(4)، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :((مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ أَظَلَّهُ اللهُ يَوْمَ / الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ))، قَالَ أَبِي: كَعْبُ بن عَمْرٍو هُوَ: أَبُو الْيَسَرِ ومَنْ سَمِعَ كَعْبَ بن عَمْرٍو يُحْتَمَلُ : حَنْظَلَةُ بن قَيْسٍ الزُّرَقِيّ(5)، أو عُمَارَةُ * بن الْوَلِيدِ بن عُبَادَةَ بن الصَّامِتِ(6).
........................................
* كذا في الأصل، و(ش)، وفي (ت)، (عبادة) وهو الصحيح الموافق لجميع الروايات، وفي (ف) كُتب (عبادة وعمارة) وعليهما علامة شك، وضرب عليهما.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : محمد بن يوسف، تقدمت ترجمته في المسالة رقم (1136) وهو :((متفق على توثيقه وفضله)).
(2) هو : عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1150)، وهو :(( صدوق عابد)).(2/12)
(3) هو : سلمة بن دينار، أبو حازم الأعرج الأَفْزَر التّمار المدني، مولى الأسود بن سفيان المخزومي، روى عن: سهل بن سعد الساعدي -وهو راويته-، وعبد الله بن أبي قتادة، وعطاء بن أبي رباح وغيرهم، وعنه : أنس بن عياض، وحماد بن سلمة، وسفيان الثوري وغيرهم.
متفق على توثيقه وفضله، قال ابن خزيمة :((أبو حازم سلمة بن دينار ثقة، لم يكن في زمانه مثله ))، روى له الجماعة، مات سنة خمس وثلاثين ومائة.
انظر : تاريخ دمشق (22/16-73)، تهذيب الكمال (11/272-279).
(4) هو : كعب بن عمرو بن عبّاد الأنصاري، أبو اليَسَر-بفتح التحتانية والمهملة- السَّلَميُّ-بالفتح-، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، شهد العقبة وبدراً ، مات بالمدينة سنة خمس وخمسين، وقد زاد على المائة، وقيل: هو آخر من مات من أهل بدر.
انظر : تهذيب الكمال (24/185-187)، التقريب ( ص 461رقم5648).
(5) هو : حنظلة بن قيس بن عمرو الأنصاري الزرقي، المدني، روى عن : رافع بن خديج، وعبد الله بن الزبير، وكعب بن عمرو وغيرهم، روى عنه: ربيعة بن أبي عبدالرحمن، والزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه، وهو قليل الحديث،قال الواقدي :((كان ثقة قليل الحديث))، روى له الجماعة إلا الترمذي.
انظر : الطبقات (5/73)، تهذيب الكمال ( 7/453-454).
(6) هو : عُبَادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت الأنصاري، أبو الصامت المدني، روى عن: جابر بن عبد الله، وكعب بن عمرو السَّلَمي، وأبيه الوليد بن عبادة بن الصامت وغيرهم، وعنه: عبيد الله بن عمر، ومحمد بن إسحاق بن يسار، ومحمد بن عجلان وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه، وثقه أبو زرعة، والنسائي وغيرهما، روى له الجماعة سوى الترمذي.
انظر : الجرح (6/ 96 رقم 496)، تهذيب الكمال ( 14/198-200).
- - -
- التخريج :(2/13)
1-الفريابيّ، عن ابن ثوبان، قال: حدثني أبو حازم المدينيّ، عمن سمع كعب بن عمرو يقول: قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((من أنظر معسراً أو وضع له أظله الله يوم القيامة في ظله)).
لم أقف على من أخرجه من هذا الطريق.
2- حنظلة بن قيس الزرقي، عن كعب بن عمرو مرفوعاً… الحديث.
أخرجه :
-ابن ماجه في سننه (2 /808 رقم 2419) كتاب الصدقات، باب إنظار المعسر.
-وأحمد بن حنبل في مسنده (3/427).
-وابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج (ص75رقم99).
-وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/458 رقم 1914).
- والطحاوي في مشكل الآثار (9/426 رقم3821).
- والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (3/404 رقم1524).
-وابن قانع في معجم الصحابة (2/376).
-والطبراني في المعجم الكبير (19/ 167رقم 376).
-والبيهقي في السنن الكبرى (6/27) كتاب البيوع، باب من عجل له أدنى من حقه.
جميعهم من طريق عبد الرحمن بن معاوية، عن حنظلة بن قيس، عن أبي اليسر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((من أحب أن يظله الله في ظله فلينظر معسرا أو ليضع له)).
3- عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن كعب بن عمرو مرفوعاً…الحديث.
أخرجه :
- مسلم في صحيحه (4/2301-2309 رقم3006) كتاب الزهد والرقاق، باب حديث جابر الطويل، وقصة أبي اليسر، -ومن طريقه البيهقيُّ في دلائل النبوة ( 2/53)، والعراقيُّ في قرة العين (ص54-56)-.
-وابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان (11/423-424 رقم 5044) كتاب البيوع، ذكر إظلال الله جل وعلا في القيامة في ظله من انظر معسرا أو وضع له-.
- والبخاريّ في الأدب المفرد (ص 75).
-وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/459 رقم 1917).
- والطحاوي في مشكل الآثار (9/423 رقم3815).
-والطبراني في المعجم الكبير (19/ 168-170رقم 379-380).
- والحاكم في المستدرك (2/28-29) كتاب البيوع.
- وأبو نعيم في الحلية (2/19-20).(2/14)
-والقضاعيّ في مسند الشهاب (1/282-283 رقم462).
-و البيهقي في السنن الكبرى (5/357) كتاب البيوع، باب ما جاء في إنظار المعسر والتجوز عن الموسر.
- والديلمي في الفردوس (3/568رقم5781).
جميعهم من طريق يعقوب بن مجاهد.
-وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (4/14) معلقاً، عن سعيد بن حميد الأسدي.
كلاهما عن عبادة بن الوليد بن عبادة، عن أبي اليَسَر-به-، رواه بعضهم مطولاً وفيه قصة، وفيه :((من أنظر معسرا، أو وضع عنه أظله الله في ظله))، وبعضهم مختصراً وقال الحاكم :((هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وكذلك رُوي مختصرا عن زيد بن أسلم، وربعي بن حراش، وحنظلة بن قيس كلهم عن أبي اليسر))، وقد تبيّن مما تقدم أنّ مسلماً قد خرجه في صحيحه فلا يصح الاستدراك عليه !.
وتابع حنظلةَ بنَ قيس، وعبادةَ بنَ الوليد :
ربعيُّ بن حراش، أخرجه : ابن أبي شيبة في المصنف ( 7/11) كتاب البيوع، إنظار المعسر والرفق به، وأحمد بن حنبل في مسنده (3/427)، وعبد بن حميد في مسنده (ص 147رقم 378)، والدارمي في سننه (2/179رقم 2588) كتاب البيوع، باب فيمن انظر معسراً، و محمد بن عاصم في جزئه (ص83 رقم8)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/459رقم 1915)، الهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (3/405 رقم1527-1529)، والطبراني في المعجم الكبير (19/165 رقم 372)، والقضاعي في مسند الشهاب (1/281 رقم460)، جميعهم من طريق زائدة بن قدامة، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، عن أبي اليسر –به-، وهذا سند صحيح فزائدة بن قدامة ثقة ثبت –التقريب (ص 213رقم1982)-، والبقية ثقات، وقد تقدمت تراجمهم.(2/15)
ومحمد بن علي بن الحسين، أخرجه : ابنُ أبي شيبة في المصنف ( (7/11)-وعنه : ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/459رقم 1916)، والطبراني في المعجم الكبير (19/166 رقم 374) -، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (3/403 رقم1523) من طريق هشام بن بهرام كلاهما عن حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن أبي اليسر رضي الله تعالى عنه، ورجاله ثقات، ولكن محمد بن علي لم يسمع من أبي اليسر.
وعبد الله بن أبي قتادة، أخرجه : الهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (3/405 رقم1526) قال: حدثنا العباس الدوري، قال : أخبرنا فروة بن أبي المغراء، قال : أخبرنا عبدالرحيم بن سليمان، عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبي اليسر، وفي سنده عبد الله بن سعيد المقبري وهو متروك –التقريب (ص 306 رقم3356)-.
وعون بن عبد الله بن عتبة، أخرجه : الطبراني في المعجم الكبير (19/166 رقم 373)، وفي الأوسط (6/11-12 رقم5018)، قال: حدثنا محمد بن النضر الأزدي قال: حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا أبو الأحوص سلام بن سليم، عن عاصم بن سليمان الأحول، عن عون بن عبد الله قال: كان لأبي اليسر…الحديث، وفيه قصة، وقال في الأوسط :((لم يرو هذا الحديث عن عاصم الأحول إلاّ أبو الأحوص))، ورجاله ثقات، فسلام بن سليم تقدمت ترجمته، والبقية تراجمهم (محمد بن النضر: تاريخ بغداد 1/364، وأحمد :التقريب ص 81رقم63، وعاصم : ص285رقم3060، وعون : ص 434رقم5223 )، ولم ينص أحد على سماع عون من أبي اليسر، غير أنّ البخاري قال في التاريخ الكبير (7/13-14) :((سمع أبا هريرة))، وأبو هريرة مات سنة سبع أو ثمان أو تسع وخمسين، فلا يبعد أنّ عون بن عبد الله سمع من أبي اليسر، والله أعلم.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :(2/16)
قصد أبو حاتم من كلامه السابق في صدر المسألة بيان المبهم في السند، وذكر أنه يحتمل أن يكون حنظلة بن قيس الزرقي، ويحتمل أن يكون عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، فكلاهما قد رَوَى هذا الحديث عن أبي اليَسَر كعب بن عمرو، ولم أجد ما يدلُ على أنّ أحدهما شيخ أبي حازم المديني في هذا الحديث.
وتبيّن مما تقدم أنّ طريق عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت أقوى طرق هذا الحديث، وقد رواه مسلم في صحيحه، وصححه ابن حبان، والحاكم.
وأما طريق حنظلة بن قيس فمداره على عبد الرحمن بن معاوية الزرقي وقد ضعفه مالك بن أنس، وابن معين –في رواية الدوري- وغيرهما، انظر : تهذيب الكمال (17/414-417).
وقد رُويت أحاديث بمعنى هذا الحديث، منها :
حديث أبي قتادة، وهو عند مسلم في صحيحه، يأتي ذكره في المسألة رقم (1160).
وحديث أبي هريرة، أخرجه : الترمذيّ في سننه (3/599 رقم 1306) كتاب البيوع، باب ما جاء في إنظار المعسر والرفق به، وأحمد في مسنده (2/359) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((من أنظر معسرا أو وضع له أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ))، قال الترمذيُّ :((وفي الباب عن أبي اليسر، وأبي قتادة، وحذيفة، وابن مسعود، وعبادة، وجابر قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه )).
وحديث جابر بن عبد الله، سيذكره ابن أبي حاتم في المسألة رقم (1160) ويبيّن أنه باطل من حديث جابر بن عبد الله.
- - - -(2/17)
63- ] 1151[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو تَقِيِّ هِشَامُ بن عَبْدِالَمْلِكِ(1)، عَنْ بَقِيَّةَ(2)، قَالَ : حَدَّثَنِي ثَوْرُ بن يَزِيدَ(3)، عَنْ خَالِدِ بن مَعْدَانَ(4)، عَنْ مُعَاذِ بن جَبَلٍ(5) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَمْ :((إِنَّ أَطْيَبَ الْكَسْبِ كَسْبُ التُّجَّارِ الَّذِينَ إِذَا حَدَّثُوا لَمْ يَكْذِبُوا، وَإِذَا ائْتُمِنُوا لَمْ يَخُونُوا، وَإِذَا وَعَدُوا لَمْ يُخْلِفُوا، وَإِذَا اشْتَرَوْا لَمْ يَذِمُّوا، وَإِذَا بَاعُوا لَمْ يُطْرُوا* ، وَإِذَا كَانَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَمْطُلُوا** ، وَإِذَا كَانَ لَهُمْ لَمْ يُعَسِّرُوا***))، قَالَ أَبِي : هَذَا حَدِيثٌ باطِلٌ، ولَمْ يَضْبِطْ أَبُو تَقِيِّ، عَنْ بَقِيَّةَ، وكان بَقِيَّةُ لا يذَكَرَ الخَبَر فِي مِثْلِ هَذَا.
………………………………
* يُطْرُوا : قال المناوي في فيض القدير (2/425) :((أي لم يتجاوزوا في مدحها الحد في الكذب)).
** يَمْطُلُوا : قال المناوي :((يسوفوا)).
*** يَعْسُرُوا : قال المناوي :((يضيقوا أو يشددوا)).
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : هشام بن عبد الملك بن عمران اليَزَنيّ، أبو تَقِي الحمصي، روى عن : إسماعيل بن عياش، وبقية بن الوليد، ومحمد بن يوسف الفريابي وغيرهم، روى عنه : أبو داود، والنسائي، وابن ماجة وغيرهم.
ثقة، قال أبو حاتم :((كان متقنا في الحديث))، وقال النسائي :((لا بأس به))، وقال في موضع آخر :((ثقة))، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وقال الآجري عن أبي داود : ((شيخ ضعيف))، ولم يفسر أبو داود سبب جرحه له، وهو مقابل بتوثيق من وثقه، وقال الذهبيّ :((ثقة))، وقال ابن حجر :((صدوق ربما وهم))، مات سنة إحدى وخمسين ومائتين.
انظر : سؤالات الآجري (2/251رقم1752)، الجرح (9/66رقم254)، الثقات (9/233)، تهذيب الكمال ( 30/223-226)، الكاشف (3/223)، التقريب (ص573رقم7300).(2/18)
(2) هو: بقية بن الوليد، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1109)، وهو :((ثقة مكثر من التدليس عن الضعفاء والمجهولين، وفي روايته عن غير أهل الشام بعض الأوهام)).
(3) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1128)، وهو ((ثقة ثبت فاضل، وكان يرى القدر)).
(4) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1128)، وهو ((متفقٌ على توثيقه وفقهه وفضله، وهو يرسل)).
(5) هو : معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي، أبو عبد الرحمن، مشهور من أعيان الصحابة شهد بدرا وما بعدها، وكان إليه المنتهى في العلم بالأحكام والقرآن، مات بالشام سنة ثماني عشرة وهو ابن أربع وثلاثين.
انظر : تهذيب الكمال (28/105-114)، التقريب (ص 535رقم6725).
- - -
- التخريج :
أخرجه :
- ابن عدي في الكامل (2/103) قال: حدثنا الحارث بن محمد الصياد، -ومن طريقه البيهقي في شعب الإيمان (4/221)، وفي الآداب (ص318)-.
-والأصبهاني في الترغيب والترهيب (1/449 رقم796) قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد الصيان، قال: أنبانا إبراهيم بن عبد الله التاجر، قال: حدثنا الحسين بن الحسن الحراني ببغداد، قال: حدثنا جعفر بن محمد.
كلاهما عن هشام بن عبد الملك-به-.
وعزاه المتقي الهندي في كنز العمال (4/30) إلى الحكيم الترمذي في نوادره.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
حكم أبو حاتم على هذا الحديث بأنه باطل، وعلل ذلك بأنّ هشام بن عبد الملك لم يضبط الحديث عن بقية بن الوليد، ووجه ذلك : أنّ بقية لم يصرح بالتحديث عن شيخه، فوهم هشام ورواه عن بقية مصرحاً بالتحديث، ومعلوم أنّ بقية مكثر من التدليس عن الضعفاء والمجهولين، وإذا دلس جاء بالمناكير.(2/19)
قال أحمد بن حنبل :((توهمت أن بقية لا يحدث المناكير إلا عن المجاهيل، فإذا هو يحدث المناكير عن المشاهير فعلمت من أين أتى))، قال ابن حبان في المجروحين (1/200-201) بعد نقله كلام أحمد المتقدم :((لم يسبره أبو عبد الله -رحمه الله- وإنما نظر إلى أحاديث موضوعة رويت عنه عن أقوام ثقات فأنكرها، ولعمري إنه موضع الإنكار، وفي دون هذا ما يسقط عدالة الإنسان في الحديث، ولقد دخلت حمص وأكثر همي شأن بقية فتتبعت حديثه وكتبت النسخ على الوجه وتتبعت ما لم أجد بعلو من رواية القدماء عنه، فرأيته ثقة مأمونا ولكنه كان مدلسا سمع من عبيد الله بن عمر، وشعبة، ومالك أحاديث يسيرة مستقيمة ثم سمع عن أقوام كذابين ضعفاء متروكين عن عبيد الله بن عمر، وشعبة، ومالك مثل: المجاشع بن عمرو، والسرى بن عبد الحميد، وعمر بن موسى الميتمي وأشباههم، وأقوام لا يعرفون إلا بالكنى، فروى عن أولئك الثقات الذين رآهم بالتدليس ما سمع من هؤلاء الضعفاء، وكان يقول : قال عبيد الله بن عمر، عن نافع، وقال مالك، عن نافع كذا، فحملوا عن بقية عن عبيد الله، وبقية عن مالك، وأسقط الواهي بينهما فالتزق الموضوع ببقية، وتخلص الواضع من الوسط، وإنما امتحن بقية بتلاميذ له كانوا يسقطون الضعفاء من حديثه ويسوونه فالتزق ذلك كله به))، وقال أبو أحمد الحاكم –كما التهذيب (1/477)- :((ثقة في حديثه إذا حدث عن الثقات بما يعرف، لكنه ربما روى عن أقوام مثل: الأوزاعي، والزبيدي، وعبيد الله العمري أحاديث شبيهة بالموضوعة، أخذها عن محمد بن عبد الرحمن، ويوسف بن السفر وغيرهما من الضعفاء ويسقطهم من الوسط ويرويها عن من حدثوه بها عنهم)).(2/20)
ومعلوم أنّ بقية بن الوليد يدلس أحياناً تدليس التسوية وهو كما عرّفه العلائي في جامع التحصيل (ص102) :((أن يسمع الراوي من شيخه حديثا، قد سمعه من رجل ضعيف، عن شيخ سمع منه ذلك الشيخ هذا الحديث، فيسقط الراوي عنه الرجل الضعيف من بينهما، ويروي الحديث عن شيخه عن الأعلى -لكونه سمع منه أو أدركه-))، ومن أمثلة ذلك ما ذكره ابن أبي حاتم في العلل (2/154- 155 رقم1957) قال :((سمعت أبي وذكر الحديث الذي رواه إسحاق بن راهويه، عن بقية قال: حدثني أبو وهب الأسدي، قال حدثنا نافع عن ابن عمر قال :"لا تحمدوا إسلام امرئ حتى تعرفوا عقدة رأيه "، قال أبي: هذا الحديث له علة قلَّ من يفهمها، روى هذا الحديث عبيد الله بن عمرو، عن إسحاق بن أبي فروة، عن نافع، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعبيد الله بن عمرو كنيته أبو وهب وهو أسدي فكان بقية بن الوليد كنى عبيد الله بن عمرو، ونسبه إلى بني أسد لكيلا يفطن به، حتى إذا ترك إسحاق بن أبي فروة من الوسط لا يهتدي له، وكان بقية من افعل الناس لهذا وأما ما قال إسحاق في روايته عن بقية عن أبي وهب حدثنا نافع فهو وهم، غير أن وجهه عندي أن إسحاق لعله حفظ عن بقية هذا الحديث، ولما يفطن لما عمل بقية من تركه إسحاق من الوسط وتكنيته عبيد الله بن عمرو، فلم يتفقد لفظة بقية في قوله حدثنا نافع، أو عن نافع))،
وهذا الكلام في غاية الدقة والتحرير، وهو دليل على إمامة أبي حاتم في هذا الفن، وحديث المسألة حديث معاذ بن جبل من هذا القبيل؛ فهشام رواه عن بقية بالتصريح بالسماع ولم يضبط ذلك كما قال أبو حاتم، وأيضاً لم يصرح فيه بقية بالسماع بين شيخه، وشيخ شيخه.(2/21)
وظاهر كلام أبي زرعة، وابن عدي أنّ الحمل في الحديث على ثور بن يزيد، قال البرذعي في سؤالاته لأبي زرعة (2/584-586) :((وقال لي-أي : أبو زرعة الرازي-في أحاديث ثور عن خالد بن معدان عن معاذ :"من عير أخاه بذنب"، "وأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يحضر الماء أن نتوضأ ونشرب"، "وأطيب الكسب كسب التجار"، "وفي استقراض الخبز"، و"فيمن وقر صاحب بدعة"، "والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف" فقال : كلها مناكير، لم يقرأها علي وأمرني فضربت عليها)).
وأما ابن عدي فقد روى الحديث في ترجمة ثور بن يزيد في الكامل-كما تقدم-، وقال في آخر الترجمة :((ولم أر في أحاديثه أنكر من هذا الذي ذكرته، وهو مستقيم الحديث، صالح في الشاميين)).
والحمل في هذا الحديث على ثور فيه نظر، فثور بن يزيد تقدم في ترجمته -في المسألة رقم (1128)- قولُ ابن حجر :((اتفقوا على تثبته في الحديث مع قوله بالقدر))، فكلام أبي حاتم المتقدم في إعلال الحديث أولى وأظهر.
وللحديث علةٌ أخرى وهي الانقطاع بين خالد بن معدان ومعاذ بن جبل، فخالد بن معدان لم يدرك من معاذ، قال أبو عيسى الترمذي في سننه (4/571) : ((وخالد بن معدان لم يدرك معاذ بن جبل…، وخالد بن معدان روى عن غير واحد من أصحاب معاذ، عن معاذ غيرَ حديثٍ))، وقال ابن أبي حاتم في المراسيل (ص52 رقم 184) :((وسمعته-يقصد أباه- يقول: خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل مرسل لم يسمع منه وربما كان بينهما اثنان))، ونصّ على عدم سماعه أيضاً البزار في مسنده –كما في كشف الأستار (1/343)، وعبد الحق الإشبيلي، وابن القطان في بيان الوهم والإيهام (3/62)، وابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (3/7)، وابن حجر في التلخيص الحبير (3/164).
فتلخص مما تقدم : أنّ الحديث لا يصح لعدم تصريح بقية بن الوليد بينه وبين شيخه –كما قال أبو حاتم-، ولعدم تصريحه أيضاً بين شيخه وشيخ شيخه، وللانقطاع بين خالد بن معدان، ومعاذ بن جبل.(2/22)
وقد ضعف الحديث –غير أبي زرعة، وأبي حاتم، وابن عدي- الدّمياطيُّ في المتجر الرابح (ص635)، والسيوطيُّ في الجامع الصغير –كما في فيض القدير (2/424-425)-.
- - - -
64- ] 1152[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ(1)، عَنْ مَرْوَانَ بْنَ مُعَاوِيَةَ(2)، عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ الثَّقَفِيِّ(3)، عَنْ أَبِيهِ(4)، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ(5)، عَنْ أَبِيهِ(6)، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((مَنْ تجر بِالْخَمْرِ فَلْيُشَقِّصْ * الْخَنَازِيرَ))، ثم قَالَ أَبِي : حَفْصُ بْنُ عُمَرَ هَذَا هُوَ ابْنُ بَيَانٍ وحَفْصُ مَجْهُولٌ، وأَبُوهُ مَعْرُوف.
………………………………
* فَلْيُشَقِّصْ : قال ابن الأثير في النهاية (2/490) :((أي فليقُطِّعْها قِطَعاً ويُفَصِّلها أعْضاء كما تُفَصِّل الشاة إذا بيعَ لحمُها يقال شَقَّصه يُشَقّصه وبه سُمِّي القصَّاب مُشَقصًّا المعنى مَن اسْتحلَّ بيعَ الخَمْرَ فليسْتَحلَّ بَيْع الخنْزير فإنهما في التَّحريم سواءٌ وهذا لفظُ أمر معناه النهُى تقديرُه من باعَ المر فليكُن للخَنازير قصَّاباً)).
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : هشام بن عمّار بن نُصَيْر السُّلَمِيُّ، أبو الوليد الدمشقي، روى عن : إسماعيل بن عياش، وبقية بن الوليد، والوليد بن مسلم وغيرهم، وعنه: البخاريّ، والقاسم بن سلام، ومحمد بن إدريس الرازي وغيرهم.
صدوق، ولمّا كبر تغير حفظه فكان يُلَقن فيتلقن فحديثه القديم أصح، قال عبدالرحمن بن أبي حاتم :((سمعت أبي يقول: هشام بن عمّار لما كبر تغير فكل ما دفع إليه قرأه، وكلما لُقّنَ تَلَقّنَ، وكان قديما أصح، كان يقرأ من كتابه، وسُئِلَ أبي عنه، فقال: صدوق))، وقال الدارقطني :((صدوق، كبير المحل))، وقال الذهبيّ :((صدوق مكثر، له ما ينكر))، روى له الجماعة عدا مسلم، مات سنة خمس وأربعين ومائتين.(2/23)
انظر : الجرح ( 9/66-67رقم 255)، سؤالات الحاكم للدارقطني (ص281رقم507)، تهذيب الكمال ( 30/242-255)، الميزان (4/302-304رقم9234).
(2) هو : مروان بن معاوية بن الحارث بن الفزاري، أبو عبد الله الكوفي، سكن مكة ثم صار إلى دمشق فسكنها، ومات بها، ويقال مات بمكة، روى عن: إسماعيل بن أبي خالد، وبهز بن حكيم، وحميد الطويل وغيرهم، روى عنه: أحمد بن حنبل ومحمد بن عبدالله بن نمير، وهشام بن عمار وغيرهم.
ثقة حافظ، كثير الرواية عن المجاهيل، ويدلس أسماء الشيوخ، قال أحمد بن حنبل: ((ثبت حافظ))، وقال علي بن المديني :((ثقة فيما روى عن المعروفين وضعفه فيما روى عن المجهولين))، وقال ابن معين :((والله ما رأيتُ أحيل للتدليس منه))، وقال أبو حاتم : ((صدوق لا يدفع عن صدق، وتكثر روايته عن الشيوخ المجهولين))، وقال العجلي :((ثقة ثبت، ما حدث عن المعروفين فصحيح، وما حدث عن المجهولين ففيه ما فيه وليس بشيء))، روى له الجماعة، مات سنة ثلاث وتسعين ومائة.
انظر : معرفة الثقات (2/270-271رقم1704)، الجرح (8/272-273 رقم1246)، تاريخ بغداد (13/151)، تهذيب الكمال ( 27/403-410).
(3) هو : حفص بن عمر بن بيان الثقفي،-كذا نسب في المصادر ثقفياً، بينما جميع من ترجم لأبيه نسبه تغلبياً-، روى عن أبيه، روى عنه: مروان بن معاوية.
مجهول العين، قال أبو حاتم :((هو مجهول وأبوه معروف))، وقال الذهبيُّ :((مجهول)).
انظر : الجرح (3/180رقم777)، وتصحيفات المحدثين (2/826)، المغني (1/181رقم1635).
(4) هو : عُمر بن بَيان التغلبي الكوفي، روى عن: عروة بن المغيرة بن شعبة، روى عنه: الأجلح بن عبد الله الكندي، وطعمة بن عمرو الجعفري.
مجهول الحال، قال أحمد بن حنبل :((لا أعرفه))، قال أبو حاتم :((معروف))، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وقال الذهبيُّ :((وثق))، قال ابن حجر :((مقبول)).(2/24)
انظر : العلل ومعرفة الرجال (2/7 رقم1366)، الجرح (6/99 رقم517)، الثقات (7/168)، تهذيب الكمال (21/282-283)، الكاشف (2/306رقم4087)، التقريب (ص410 رقم4869).
(5) هو : عروة بن المغيرة بن شعبة الثقفي، أبو يَعْفُور -بفتح التحتانية، وسكون المهملة، وضم الفاء- الكوفي، روى عن : أبيه المغيرة بن شعبة، وعائشة أم المؤمنين، روى عنه: الحسن البصري، وعامر الشعبي، وعمر بن بيان التغلبي وغيرهم.
متفق على توثيقه، وجلالته، قال الشعبي :((كان خير أهل بيته))، وقال العجلي : ((كوفي تابعي ثقة))، روى له الجماعة، مات بعد التسعين.
انظر : التاريخ الكبير (7/32رقم139)، معرفة الثقات (2/134رقم1230)، تهذيب الكمال ( 20/37-39)، التقريب (ص 390رقم 4569).
(6) هو : المغيرة بن شعبة بن مسعود الثقفي، أبو عبد الله، ويقال: أبو محمد، صحابي مشهور، أسلم عام الخندق، وولي إمرة البصرة ثم الكوفة مات سنة خمسين على الصحيح.
انظر : تهذيب الكمال ( 28/369-376)، التقريب (ص543 رقم 6840).
- - -
- التخريج :
- هشام بن عمار، عن مروان بن معاوية، عن حفص بن عمر الثقفي، عن أبيه، عن عروة بن المغيرة، عن أبيه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
لم أقف على من أخرجه من طريق هشام بن عمار.
وقد تابع حفصَ بنَ عمر طُعُمةُ بنُ عمرو الجعفري، أخرج روايته :
-أبو داود في سننه (3/280 رقم3489) كتاب البيوع، باب في ثمن الخمر والميتة، عن ابن أبي شيبة – وهو في مصنفه (6/445-446) كتاب البيوع والأقضية، ما جاء في بيع الخمر-.
- وأبو داود الطيالسي في مسنده (ص96 رقم700).
-والحميدي في مسنده (2/ 335رقم 760).
- وأحمد بن حنبل في مسنده (4/253).
- والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/564-565رقم 608) قال: حدثنا إسحاق بن راهويه.
جميعهم عن وكيع بن الجراح، زاد أبو داود : عبد الله بن إدريس.
-والدارمي في سننه (2/40 رقم2108) كتاب الأشربة، باب النهي عن الخمر وشرائها، قال: أخبرنا سهل بن حماد.(2/25)
- وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (ص257 رقم720) من طريق عبد الرحمن بن عمرو،- ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (40/298)، والمزي في تهذيب الكمال (13/384-385)-.
-والطبراني في المعجم الأوسط (9/242 رقم8527).
-والبيهقي في السنن الكبرى (6/12) كتاب البيوع، باب تحريم التجارة في الخمر.
كلاهما من طريق سعيد بن منصور.
-والطبراني في المعجم الكبير (20/379 رقم 884) من طريق أبي غسان النهدي،
- والخطيب البغدادي في تلخيص المتشابه (1/240) من طريق جُبارة بن المُغَلّس.
جميعهم عن طعمة قال: حدثنا عمر بن بيان التغلبي، عن عروة بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :((من باع الخمر فليشقص الخنازير))،
وطعمة بن عمرو صدوق عابد قاله ابن حجر في التقريب (ص 282رقم3015).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
تبين مما تقدم أنّ الحديث مداره على عمر بن بيان التغلبي وقد قال فيه أبو حاتم-كما تقدم- :((معروف)) أي : معروف العين ( اسمه، ونسبه، وبلده)، وهذه اللفظة لا تدل على بوضعها على تعديل، قال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام (4/215)- تعليقاً على قول البزار في عبد الرحمن بن مسعود إنه : معروف- :((وهذا غير كاف فيما يبتغى من عدالته، فكم من معروف غير ثقة، والرجل لا تعرف له حال، ولا يعرف بغير هذا ))، وقول أحمد بن حنبل :((لا أعرفه)) : أي لا أعرف حاله.
ولم أجد من وثق عمر بن بيان إلاّ ما كان من ذكر ابن حبان له في كتاب الثقات، ومعلوم قاعدة ابن حبان في هذا الباب التي ذكرها في كتاب الثقات (1/13) بقوله : ((العدل من لم يعرف منه الجرح ضد التعديل، فمن لم يعلم يجرح فهو عدل إذا لم يبين ضده)).
وقد صحح الحديث السيوطي في الجامع الصغير –كما في فيض القدير (6/93)-.
- - - -(2/26)
65- ] 1153[ وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ الْمُعَافىُّ بْنُ عِمْرَانَ الْحِمْصِيّ الظِّهْرِيّ(1)، عَنْ ابنِ لَهِيْعَة(2)، عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بنِ أَبِي جَعْفَر(3)، عَنْ نَافِعٍ(4)، عَنْ ابْنِ عُمَرَ(5)، قَالَ :((نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَإِنْ كَانَ ضَارِيًا *))، قَالَ أَبِي : هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَر**.
………………………………
*ضَارِيًا : قال ابن منظور في لسان العرب (14/482) :((أي: كلباً معوداً بالصيد، يقال: ضَرِيَ الكلبُ وأضراه صاحبه أي عوَّده وأغراه به، ويجمع على ضوارٍ)).
**نقل ابن حجر في فتح الباري (4/ 427) متن الحديث وعزاه إلى ابن أبي حاتم، وذكر حكم أبي حاتم على الحديث.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : المعافى بن عمران الظِّهْريّ -بكسر المعجمة، وسكون الهاء-الحميري، أبوعمران الحمصي، روى عن: إسماعيل بن عياش، وعبد الله بن لهيعة، ومالك بن أنس وغيرهم، روى عنه: أحمد بن الفرج، ومحمد بن مصفى، وهشام بن عبد الملك اليزني وغيرهم.
لا بأس به، ذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وقال الذهبي –في السير- :((وهو صدوق إن شاء الله لا شيء له في الكتب الستة))، وقال أيضاً-في الميزان- :((المعافى بن عمران موصلي، وحمصي ثقتان))، وقال أيضاً- في المغني- :((لم يضعف ومحله الصدق))، وقال ابن حجر :((مقبول))، روى له النسائي في حديث مالك، مات بعد المائتين.
انظر : الثقات (9/199)، تهذيب الكمال ( 28/156-157)، السير (9/86)، الميزان (4/134رقم8618)، المغني (2/665 رقم6311)، التقريب (ص537رقم6746).
(2) هو: عبد الله بن لهيعة، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1104) وهو ((ضعيفٌ، وكان يدلس، وقد تغير قبل موته بأربع سنين بعد احتراق كتبه)).(2/27)
(3) هو : عبيد الله بن أبي جعفر، أبو بكر المصري، مولى بني كنانة، ويقال: مولى بني أمية روى عن أبان بن صالح، وبكير بن عبد الله بن الأشج، ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، وعنه: عبد الله بن لهيعة، والليث بن سعد، ومحمد بن إسحاق وغيرهم.
ثقة فقيه زاهد، وثقه أحمد –في رواية المروذي-، وأبو حاتم وغيرهما، وقال أحمد-في رواية عبد الله- :((كان يتفقه، ليس به بأس))، قال ابن حجر :((وثقه أحمد في رواية عبدالله ابنه عنه، وأبو حاتم، والنسائي، وابن سعد، وقال بن يونس : كان عالما عابدا، ونقل صاحب الميزان عن أحمد أنه قال: ليس بقوي قلتُ: إن صح ذلك عن أحمد فلعله في شيء مخصوص))، روى له الجماعة، مات سنة خمس وثلاثين ومائة.
انظر : العلل ومعرفة الرجال (2/482 رقم3165)، من كلام الإمام أبي عبدالله أحمد بن حنبل (ص64 رقم107)، الجرح (5/ 310 رقم1478)، تهذيب الكمال (19/18-22)، الهدي (ص423).
(4) هو: نافع مولى ابن عمر، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091) ((وهو متفق على جلالته وإتقانه)).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091).
- - -
- التخريج :
- المعافى بن عمران، عن ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن نافع، عن ابن عمر قال :((نهى النبيّ صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب، وإن كان ضارياً)).
لم أقف على من أخرجه من هذا الوجه، وعزاه ابن حجر في فتح الباري (4/ 427) إلى ابن أبي حاتم فقط.
وقد رواه الطحاويُّ من طريق ابن لهيعة بوجه آخر، في شرح معاني الآثار (4/52) كتاب البيوع، باب ثمن الكلب، قال: حدثنا مالك بن عبد الله التجيبي، قال: حدثنا عثمان بن صالح ح وحدثنا بن أبي داود قال: حدثنا عمرو بن خالد قال: حدثنا ابن لهيعة عن عبيدالله بن أبي جعفر أن صفوان بن سليم أخبره عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :((نهى عن ثمن الكلب وإن كان ضاريا)).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :(2/28)
تبين مما تقدم أنّ الحديث مداره على ابن لهيعة وهو ((ضعيفٌ، وكان يدلس، وقد تغير قبل موته بأربع سنين بعد احتراق كتبه))، ويبدو أنه يضطرب في الحديث فتارةً يرويه عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن نافع، وتارة يرويه عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن صفوان بن سليم، عن نافع، ولتفرد ابن لهيعة بالحديث مع ضعفه حكم أبو حاتم على الحديث بالنكارة، وقال ابن حجر في فتح الباري (4/ 427) :((وسنده ضعيف)).
وقد صح النهي عن ثمن الكلب مرفوعاً عن عدد من الصحابة، منهم :
أبو مسعود الأنصاري، أخرجه : البخاريُّ في صحيحه (4/426 رقم2237) كتاب البيوع، باب ثمن الكلب، ومسلم في صحيحه (3/1198 رقم1567) كتاب المساقاة، باب تحريم ثمن الكلب، وأبو داود في سننه (3/279 رقم3481) كتاب البيوع، باب في أثمان الكلاب، والترمذي في سننه (3/575 رقم1276) كتاب البيوع، باب ما جاء في ثمن الكلب، والنسائي في سننه (7/309) كتاب البيوع، باب بيع الكلب، وابن ماجه في سننه (2/730 رقم2159) كتاب التجارات، باب في النهي عن ثمن الكلب، جميعهم من طرق عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :((نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن)).
وأبو جحيفة السوائي، أخرجه : البخاريُّ في صحيحه (رقم2238)، وأبو داود في سننه (رقم3483) من طريق شعبة، قال: حدثنا عون بن أبي جحيفة، عن أبيه قال :((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم، وثمن الكلب، وكسب الأمة، ولعن الواشمة والمستوشمة، وآكل الربا وموكله، ولعن المصور)).
- - - -(2/29)
66- ] 1154[ سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الرَّقِّيّ(1)، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو(2)، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ(3)، عَنِ الْحَكَمِ(4)، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى(5)، عَنْ عَلِيِّ(6)، قَالَ : أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَبِيعَ غُلامَيْنِ أَخَوَيْنِ فَبِعْتُهُمَا وَفَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :((أَدْرِكْهُمَا فارْتَجِعْهُمَا، وَلا تَبِعْهُمَا إِلا جَمِيعًا))، قَالَ أَبِي : إِنَّمَا هُوَ الْحَكَمُ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ(7)، عَنْ عَلِيّ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ *.
………………………………
* نقل هذه المسألة ابن الملقن في البدر المنير (5/ل40أ)، وابن حجر في التلخيص الحبير (3/16).
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : سليمان بن عبيد الله الأنصاري، أبو أيوب الحَطّاب الرقي، روى عن: بقية بن الوليد، وعبيد الله بن عمرو الرقي، ومحمد بن أيوب صاحب وغيرهم، روى عنه: أبو أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي، ومحمد بن مسلم بن وارة الرازي وغيرهم.(2/30)
صويلح، كما قال الذهبي-في المغني-، قال محمد بن علي بن ميمون( ) قال الحاكم عن محمد هذا :((إمام أهل الجزيرة في عصره ثقةٌ مأمون))، تهذيب الكمال (26/157). ) :((ثقة))، وقال ابن أبي حاتم :((سمع منه أبى بالكوفة وهو يريد مكة سنة خمسة عشرة ومائتين وروى عنه … سألت أبى عنه فقال ما رأينا إلا خيرا صدوق))، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وقال أبو داود عن يحيى بن معين :((ليس بشيء)) وابن معين أحياناً يريد بهذه العبارة قلة ما روى الراوي كما قال الحاكم، وقال النسائي :((ليس بالقوي))، قال المعلميُّ :((بين العبارتين فرقٌ..فكلمة"ليس بقوي" تنفي القوة مطلقاً وإن لم تثبت الضعف مطلقاً، وكلمة"ليس بالقوي" إنما تنفي الدرجة الكاملة من القوة، والنسائي يراعي هذا الفرق فقد قال هذه الكلمة في جماعة أقوياء منهم: عبد ربه بن نافع، وعبد الرحمن بن سليمان… ))، وقال الذهبيُّ –في الميزان- :((هو قديم الوفاة، ما روى عنه إلاّ الكبار مثل أبي حاتم، وسموية، وحفص شيخه))، وقال ابن حجر :((صدوق ليس بالقوي))، روى له الترمذي وابن ماجة، وذكره الذهبي في تاريخ الإسلام فيمن توفي بين (211-220) ( ) وقع في سؤالات البرذعي لأبي زرعة (2/376) :((قلتُ لأبي زرعة: سليمان بن عبد الله، أعني الرقي؟ قال: منكر الحديث))، كذا وقع في المخطوط فقام المحقق –وفقه الله- وبدل (عبد الله) إلى (عبيد الله) وترجم لسليمان بن عبيد الله هذا، ونبه في الحاشية رقم (6) أنه وقع في المخطوط (عبد الله)، ويبدو أنّ هذا التصرف غير سليم: فلم أجد من نقل عن أبي زرعة قوله هذا مع أهميته في بيان حال سليمان بن عبيد الله، ثم إنّ هناك سليمان بن عبد الله الرقي أبي الوليد ذكره ابن الجوزي في الضعفاء (ص22رقم1532)، والذهبي في المغني (1/281رقم2603)، وفي الميزان (2/212رقم3482)، وإن كان ابن حجر في اللسان (3/96-97) قال :((وما أعلم أنّ هذا غير أبي أيوب أم لا بل لعله هو فقد ذكر المؤلف في ترجمته(2/31)
قول ابن معين هذا))، والذي يظهر أنه مع الشك لا يجزم أنّ أبا زرعة قال هذا الكلام في سليمان بن عبيد الله المختلف فيه لما تقدم، والله أعلم. ).
انظر : الضعفاء الكبير (2/131)، الجرح (4/127 رقم 551) الثقات (8/279)، تهذيب الكمال ( 12/36-379، المغني (1/281)، الميزان (2/214 رقم3488)، تاريخ الإسلام (ص181-182)، التهذيب (8/419)، التقريب (ص 253 رقم2591)، التنكيل (1/232).
(2) عبيد الله بن عمرو بن أبي الوليد الأسدي، أبو وهب الرَّقي، مولى بني أسد، روى عن: أيوب السختياني، وزيد بن أبي أنيسة، وعبد الملك بن عمير وغيرهم، روى عنه: بقية بن الوليد، والربيع بن نافع الحلبي، وسليمان بن عبيد الله الحطاب وغيرهم.
ثقة فقيه، وكان أحفظ من روى عن عبد الكريم الجزري، وثقه ابن معين، والنسائي، وابن نمير وغيرهم، وقال ابن سعد :((كان ثقة صدوقاً، كثير الحديث، وربما أخطأ، وكان أحفظ من روى عن عبد الكريم الجزري، ولم يكن أحد ينازعه في الفتوى في دهره))، وقال أبو حاتم :((صالح الحديث، ثقة صدوق، لا أعرف له حديثا منكرا هو أحب إلي من زهير بن محمد))، وقال ابن حبان :((وكان راوياً لزيد بن أبى أنيسة))، روى له الجماعة، مات بالرقة سنة ثمانين ومائة.
انظر : الطبقات (7/484)، الجرح (5/328-329 رقم1551)، الثقات (7/149)، تهذيب الكمال ( 19/136-139)، التهذيب (7/42-43).
(3) هو : زيد بن أبي أُنَيْسة –واسمه: زيد- الجزري، أبو أسامة الرُّهاويُّ كوفيّ الأصل، مولى بني غَنيّ بن أَعْصُر، روى عن: الحكم بن عتيبة، وشهر بن حوشب، وعطاء بن أبي رباح وغيرهم، روى عنه: عبيد الله بن عمرو الرقي-وهو راويته-، ومالك بن أنس، ومسعر بن كدام وغيرهم.(2/32)
ثقة له أفراد، قال محمد بن سعد :((وكان ثقة كثير الحديث فقيها راوية للعلم))، ووثقه ابن معين، وأبو داود، وغيرهم، وقال أحمد-في رواية عبد الله- :((حديثه حسن مقارب، وإنّ فيه لبعض النكرة، وهو على ذاك حسن الحديث))، وقال أيضاً-في رواية المروذي- :((صالح وليس هو بذاك))، قال ابن حجر :((متفق على الاحتجاج به، وتوثيقه))، روى له الجماعة، مات سنة تسع عشرة وقيل سنة أربع وعشرين ومائة.
انظر : الطبقات (7/481)، من كلام الإمام أبي عبد الله-رواية المروذي وغيره-(ص65رقم111)، سؤالات الآجري (2/272 رقم1821)، الضعفاء الكبير (2/74)، الجرح (3/ 556رقم2517)، تهذيب الكمال ( 10/18-23)، الهدي (ص404).
(4) هو : الحكم بن عُتَيْبة -بالمثناة ثم الموحدة مصغرا – الكندي، أبو محمد الكوفي مولي عدي بن عدي الكندي، روى عن: إبراهيم النخعيّ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي وغيرهم، روى عنه : زيد بن أبي أنيسة، وشعبة بن الحجاج، ومسعر بن كدام وغيرهم.
متفق على توثيقه وفقهه وفضله، وهو مع منصور بن المعتمر أثبت أصحاب إبراهيم النخعيّ، قال ابن سعد :((كان الحكم بن عتيبة ثقة فقيهاً عالماً عالياً رفيعاً كثير الحديث))، وقال علي بن المديني قلت ليحيى بن سعيد القطان :((أي أصحاب إبراهيم أحب إليك ؟ قال: الحكم ومنصور، قلتُ أيهما أحب إليك؟ قال: ما أقربهما))، وقدم أحمد بن حنبل الحكم على منصور، روى له الجماعة، مات سنة خمس عشرة ومائة.
انظر : الطبقات (6/331-332)، الجرح (3/123-125 رقم567)، تهذيب الكمال ( 7/114-120).
(5) هو : عبد الرحمن بن أبي ليلى -واسمه: يسار ويقال: بلال ويقال: داود- بن بلال الأنصاري الأوسي، أبو عيسى الكوفي، روى عن : البراء بن عازب، وحذيفة بن اليمان، وعلي بن أبي طالب وغيرهم،روى عنه: الحكم بن عتيبة وعمرو بن مرة، وابنه: عيسى بن عبدالرحمن بن أبي ليلى وغيرهم.(2/33)
متفق على توثيقه وفضله، قال ابن معين، والعجلي :((ثقة))، وقال ابن معين :((سمع من عليّ))، وقال عبد الملك بن عمير :((لقد رأيت عبد الرحمن بن أبي ليلى في حلقة فيها نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يستمعون لحديثه وينصتون له فيهم البراء بن عازب))، وروايته عن علي بن أبي طالب في الصحيحين، روى له الجماعة، مات سنة ثلاث وثمانين.
انظر : معرفة الثقات (2/86 رقم1072)، الجرح (5/ 301 رقم1424)،تهذيب الكمال ( 17/372-377)، التهذيب (6/260-262).
(6) تقدمت ترجمته في المسألة (1100).
(7) هو : ميمون بن أبي شَبِيب الرَّبعِيُّ، أبو نصر الكوفي، ويقال: الرَّقِّيُّ، روى عن: سمرة بن جندب، وعبد الله بن مسعود، وعلي بن أبي طالب وغيرهم، روى عنه: إبراهيم النخعي، والحكم بن عتيبة، ومنصور بن زاذان وغيرهم.
صدوق، كثير الإرسال، قال أبو حاتم :((صالح الحديث))، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات وقال الذهبيّ، وابنُ حجر : ((صدوق))، وقال عمرو بن علي الفلاَّس : ((وكان يُحدّث عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحدّث عمر بن الخطاب، وعن معاذ بن جبل، وعن أبي ذر، وعن سمرة بن جندب، وعن عبد الله بن مسعود وليس عندنا في شيءٍ منه يقول : سمعتُ، ولم أخبر أنّ أحداً يزعم أنه سمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم))، وقال أبو داود :((ميمون لم يدرك علياً))، وقال ابن خراش :((لم يسمع من عليّ))، روى له البخاري في الأدب ومسلم في مقدمة كتابه والباقون، مات سنة ثلاث وثمانين.
انظر : سنن أبي داود (3/63)، الجرح (8/ 234رقم1054)، الثقات (5/416)، تهذيب الكمال (29/206-208)، الكاشف (3/193رقم5858)، التهذيب (10/389)، التقريب (ص 556رقم7046)، تحفة التحصيل (ص322).
- - -
- التخريج :
1- سليمان بن عبيد الله الرقي، عن عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن الحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، عن علي قال أمرني..الحديث.
أخرجه :(2/34)
- ابن الجارود في المنتقى (ص199رقم575) قال: حدثنا أبو أمية الطرسوسي محمد بن إبراهيم.
- والضياء في المختارة (2/273 رقم653) من طريق محمد بن علي بن ميمون.
كلاهما عن سليمان بن عبيد الله الأنصاري-به-، مثله، وقال الدارقطني-كما في أطراف الغرائب (1/232-233) :((تفرد به سليمان بن عبيد الله الرقي، عن عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن الحكم عنه)).
وتابع زيدَ بنَ أبي أنيسة على هذا الوجه :
1- سعيدُ بنُ أبي عَروبة، أخرجه :
- أحمد في مسنده (1/97-98) قال : حدثنا محمد بن جعفر،-و من طريقه الضياء في المختارة (2/271 رقم651)-.
- والبزار في مسنده (2/227 رقم624)، والمحاملي في أماليه (ص193 رقم172)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/127) كتاب السير، باب من قال لا يفرق بين الأخوين في البيع، قال البزار: حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، وقال المحاملي : وفي كتابي عن الحسن الزعفراني-ليس عليه علامة السماع-، قال: حدثنا عبدالوهاب بن عطاء.
-وذكر الدارقطني في العلل (3/272-273) معلقاً رواية خالد بن عبد الله الطحان، وشعيب بن إسحاق.
جميعهم (خالد بن عبد الله الطحان، وشعيب بن إسحاق، عبدالوهاب بن عطاء، ومحمد بن جعفر ) عن سعيد بن أبي عروبة عن الحكم بن عتيبة-به-، وقال البزار:((وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الحكم عن عبدالرحمن بن أبي ليلى إلا محمد بن عبيدالله وسعيد بن أبي عروبة لم يسمع من الحكم شيئا))، وقال الدارقطني :((وسعيد لم يسمع من الحكم شيئا)).
ورُوي عن سعيد بن أبي عروبة، عن رجل، عن الحكم بن عتيبة، أخرجه :
- إسحاق بن راهويه في مسنده-كما في نصب الراية (4/26).
- والبيهقي في السنن الكبرى (9/127) من طريق محمد بن أبي بكر.
كلاهما عن محمد بن سواء.
-وأحمد بن حنبل في مسنده (1/ 126-127) قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، -ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (9/127)-.(2/35)
- وذكر الدارقطني في العلل (3/272-273) معلقاً رواية عبد الأعلى بن عبدالأعلى.
جميعهم عن ابن أبي عروبة عن رجل، عن الحكم بن عتيبة-به-.
والوجه الثاني أرجح، لأنّ النقاد متفقون على أنّ سعيد بن أبي عروبة لم يسمع من الحكم، وممن نصّ على ذلك: أحمد بن حنبل، وأبو حاتم، والنسائي، والدارقطني، والبزار وغيرهم، انظر : المراسيل لابن أبي حاتم (ص77-79)، مسند البزار(2/227)، تحفة التحصيل (ص125-126).
2- وشعبة بن الحجاج، أخرجه :
-المحاملي في أماليه (ص193 رقم171) قال: حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث، -ومن طريقه الدارقطني في سننه (3/65) كتاب البيوع، وفي العلل (3/275)، وزاد في العلل : ومحمد بن الوليد الفحام-.
- والحاكم في المستدرك (2/54) كتاب البيوع، و(2/ 125) كتاب الجهاد، قال: حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب العدل من أصل كتابه غير مرة.
- وعفيف الدين في مسند علي (58/2) –ذكر ذلك محقق علل الدارقطني (3/274)-.
- والضياء في المختارة (2/272 رقم652)-.
كلهم من طريق يحيى بن أبي طالب.
-والدارقطني في العلل (3/274-275) معلقاً من طريق وضاح بن حسان، وعلي بن سهل.
- والبيهقي في السنن الكبرى (9/127) من طريق محمد بن الجهم.
جميعهم (إسماعيل بن أبي الحارث، وعلي بن سهل، ومحمد بن الجهم، ومحمد بن الوليد الفحام، ووضاح بن حسان، ، ويحيى بن أبي طالب ) عن عبد الوهاب بن عطاء، قال: أخبرنا شعبة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله تعالى عنه قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم سبي فأمرني ببيع أخوين فبعتهما وفرقت بينهما ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال :((أدركهما فارتجعهما وبعهما جميعا ولا تفرق بينهما)).
قال الحاكم :((هذا حديث غريب صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)).
3- ومحمد بن عبيد الله العرزمي، أخرجه :
- البزار في مسنده (2/227 رقم623) قال: حدثنا محمد بن معمر، قال أخبرنا أبو بكر الحنفي.(2/36)
- والطبراني في المعجم الأوسط (3/267 رقم2582) قال: حدثنا أبو مسلم قال حدثنا حفص بن عمر الحوضي قال حدثنا مُرَجَّى بن رجاء.
كلاهما عن محمد بن عبيدالله العرزمي عن الحكم-به-، وقال الطبراني :((لم يرو هذا الحديث عن مرجى إلا الحَوْضِي)).
- الحكم بن عتيبة، عن ميمون بن أبي شبيب، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
رواه عن الحكم :
1- الحجاج بن أرطاة، أخرجه :
الترمذي في سننه (3/580-581 رقم1284) كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية الفرق بين الأخوين أو بين الوالدة وولدها في البيع، من طريق عبد الرحمن بن مهدي.
-وابن ماجه في سننه (2/755-756 رقم2249) كتاب التجارات، باب النهي عن التفريق بين السبي.
-وأحمد بن حنبل في مسنده (1/102).
- والبيهقي في السنن الكبرى (9/127).
جميعهم من طريق عفان بن مسلم، زاد أحمد : إسحاق بن عيسى.
-وأبو داود الطيالسي في مسنده (ص26 رقم185).
-والدارقطني في سننه (3/66) من طريق عباس بن الوليد النرسي.
جميعهم عن حماد بن سلمة، عن الحجاج بن أرطاة، عن الحكم، عن ميمون بن أبي شبيب عن علي…الحديث، قال الترمذيُّ :((هذا حديث حسن غريب)).
2- ورقبة بن مصقلة، قال الدارقطني –كما في أطراف الغرائب (1/269)- : ((ميمون بن أبي شبيب، عن علي حديث : أنه أصاب وليدة من السبي فباعها…الحديث، تفرد به أبو حمزة، عن رقبة، عن الحكم عنه))، ولم أقف على من أخرجه.
3- وعبد الغفار بن القاسم أبو مريم، أخرجه :
-أبو نعيم في الحلية (4/375-376) من طريق محمد بن عثمان بن أبي شيبة.
-والبيهقي في السنن الكبرى (9/126) باب التفريق بين المرأة وولدها، من طريق أحمد بن حازم.(2/37)
كلاهما عن عون بن سلام، عن أبي مريم عبد الغفار بن القاسم، عن الحكم بن عتيبة، عن ميمون بن أبي شبيب، عن علي رضي الله تعالى عنه قال: أصبت جارية من السبي معها بن لها فأردت أن أبيعها وأمسك ابنها فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :((بعهما جميعا أو أمسكهما جميعا))، قال أبو نعيم :((رواه الحجاج بن أرطاة، وأبو خالد الدالاني عن الحكم نحوه)).
4-ويزيد بن عبد الرحمن أبو خالد الدالاني، أخرجه :
-أبو داود في سننه (3/16 رقم2696) كتاب الجهاد، باب في التفريق بين السبي،-ومن طريقه البيهقي في معرفة السنن والآثار (7/79)-.
- والدارقطني في سننه (3/66، 4/136).
جميعهم من طريق إسحاق بن منصور، زاد الدارقطني : يحيى بن آدم.
-والحاكم في المستدرك (2/55، 125).
-والبيهقي في السنن الكبرى (9/126).
كلاهما من طريق عبد المؤمن بن خالد الرازي.
جميعهم عن عبد السلام بن حرب، عن يزيد بن عبد الرحمن أبي خالد الدالاني، عن الحكم، عن ميمون بن أبي شبيب، عن علي بن أبي طالب : أنه باع جارية وولدها ففرق بينهما فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وقال الحاكم :((صحيحٌ على شرط الشيخين)).
وهناك وجهُ ثالث من الاختلاف عن الحكم وهو :
- الحكم، عن علي، أخرجه : ابن أبي شيبة في المصنف (7/190) كتاب البيوع والأقضية، في التفريق بين الوالد وولده، قال: حدثنا حفص بن غياث عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن علي قال :((بعث معي النبي صلى الله عليه وسلم بغلامين سبيين مملوكين أبيعهما فلما أتيته قال جمعت أم فرقت قلت فرقت قال فأدرك أدرك)).
قال الدارقطني في العلل (3/275) :((ورواه ابن أبي ليلى، عن الحكم مرسلاً، عن عليّ)).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن الحكم بن عتيبة على ثلاثة أوجه :(2/38)
الوجه الأوَّل : رواه زيد بن أبي أنيسة، وسعيد بن أبي عروبة عن رجل، وشعبة بن الحجاج، ومحمد بن عبيد الله العرزمي جميعهم عن الحكم بن عتيبة، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن علي …الحديث.
والوجه الثاني : رواه الحجاج بن أرطاة، ورقبة بن مصقلة، وعبد الغفار بن القاسم، ويزيد بن عبدالرحمن، جميعهم عن الحكم بن عتيبة، عن ميمون بن أبي شبيب، عن علي…الحديث.
والوجه الثالث : رواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الحكم بن عتيبة، عن عليّ.
وجميع هذه الأوجه فيها مقال عدا طريق زيد بن أبي أنيسة في الوجه الأوَّل، وطريق أبي خالد الدالاني في الوجه الثاني، فالوجه الأوَّل رواه عن الحكم :
زيد بن أبي أنيسة، وطريقه أقوى طرق الحديث لولا الكلام في سليمان بن عبيدالله لكان هذا الطريق صحيحاً، قال ابن عبد الهادي في التنقيح (2/584): ((وقد روي عن زيد بن أبي أنيسة، عن الحكم من رواية سليمان بن عبيدالله، وهذا الإسناد لا بأس به، وسليمان صَدّقه أبو حاتم))، ابن الملقن في البدر المنير (5/ل40أ):((إسناد جيد))، وصححه الضياء في المختارة.
وسعيد بن أبي عروبة، عن رجل، وهذا الرجل لا يعرف فلا يحتج به، قال البيهقي في معرفة السنن (7/79) :((ولا ندري من الرجل الذي رواه عنه)).
ومحمد بن عبيد الله العرزمي، وهو متروك –التقريب (ص494رقم6108)-.
وشعبة بن الحجاج، قال الحاكم-كما تقدم- :((هذا حديث غريب صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه))، وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (5/396) :((رواية شعبة صحيحة لا عيب لها، وأنها أولى ما اعتمد في هذا الباب))، ولكن في طريق شعبة علة خفية نبه عليها الدارقطني في علله وغيرُهُ، وهي أنّ عبد الوهاب بن عطاء -وهو :((صدوق، وكان يدلس، وهو من أعلم الناس بسعيد بن أبي عروبة))، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1147)- اختلف عليه على ثلاثة أقوال :(2/39)
أ- فرواه أحمد بن حنبل، عن عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد بن أبي عروبة، عن رجل، عن الحكم-به-.
ب- ورواه الحسن بن محمد الزعفراني، عن عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد بن أبي عروبة، عن الحكم-به-، والحسن بن محمد ثقة التقريب (ص 163رقم1281).
ج- ورواه إسماعيل بن أبي الحارث، وعلي بن سهل، ومحمد بن الجهم، ومحمد بن الوليد الفحام، ووضاح بن حسان، ، ويحيى بن أبي طالب، جميعهم عن عبد الوهاب بن عطاء، عن شعبة، عن الحكم-به-.
-وإسماعيل بن أبي الحارث صدوق-التقريب (ص 106رقم424)-.
-وعلي بن سهل هو البزاز البغدادي ثقة-التقريب (ص 402 رقم4742)-.
-ومحمد بن الجهم هو السمري، قال ابن حجر في لسان الميزان (5/110) : ((محمد بن الجهم بن هارون السمري من أهل البصرة روى عن يزيد بن هارون وجماعة وسمع من أبي بن زياد الفراء النحوي كاتب فضل القرآن وحدث به عنه وروى عنه أبوبكر بن مجاهد، وأبو العباس الأصم، وأبو بكر الشافعي، وآخرون ما علمت فيه جرحا)).
-ومحمد بن الوليد الفحام، صدوق -التقريب (ص 512 رقم6375-.
-ووضاح بن حسان، قال ابن حجر في لسان الميزان (5/110) :((وضاح بن حسان عن شعبة ذكره الفسوي فقال: كان مغفلا، وعنه الدوري، والصغاني مجهول وأشار بن عدي في ترجمة جارية بن هرم إلي أنه يسرق الحديث))، وقال ابنُ عدي في الكامل (2/175) :((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من كذب علي متعمدا أو قصر عن ما أمرت به فليتبوأ مقعده من النار" حدثناه الحسن بن سفيان قال:حدثنا عبيد الله بن فضالة قال:حدثنا يحيى يعني ابن بسطام الأصغر المقري البصري وحدثنا محمد بن أحمد بن حمدان قال:حدثنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن الأنباري قال:حدثنا الوضاح بن حسان قالا: حدثنا جارية بن هرم بإسناده نحوه وهذا الحديث يقال: إنه حديث يحيى بن بسطام وأن الباقين الذين رووه عن جارية سرقوه منه)).(2/40)
-ويحيى بن أبي طالب، قال أبو حاتم :((محله الصدق))، الجرح (9/134 رقم567)، و انظر : السير (12/619-620)، الميزان (4/386-387 رقم9547)، ولسانه (6/245، 262-263).
وقد رجح الوجه الأوَّل الدارقطنيُّ في العلل (3/275) قال :((وغيرهما يرويه عن عبدالوهاب، عن سعيد، وهو المحفوظ))، وقال أبو محمد عبد الله ابن الخراساني-فيما نقل البيهقي في السنن الكبرى (9/127)- :((وهو الصواب))، وقال البيهقي في نفس الموضع :((وهذا أشبه، وسائر أصحاب شعبة لم يذكروه عن شعبة، وسائر أصحاب سعيد قد ذكروه عن سعيد هكذا)) وقال في معرفة السنن (7/79) :((وقيل: عن شعبة، عن الحكم وهو وهم))، وقال عبد الحق الإشبيلي –كما في بيان الوهم والإيهام (5/396) : ((وقد رُوى عن شعبةَ، عن الحكم، والمحفوظ حديث سعيد بن أبي عروبة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي)).
وهذا الأظهر فإنّ جميع هؤلاء لا يقدمون على أحمد بن حنبل في حفظه وإمامته، ثم إنّ الوجه الثالث فيه تفرد عبد الوهاب عن شعبة، وشعبة من الأئمة الكبار وله أصحاب يعتنون بحديثه ولم يذكر عبد الوهاب منهم، فلا يقبل تفرده عن أصحاب شعبة، وهذا ما أشار إليه البيهقي في كلامه السابق.
فتبين أنّ الوجه الأوَّل لا يثبت إلاّ عن زيد بن أبي أنيسة.
وأمَّا الوجه الثاني : فرواه عن الحكم :
الحجاج بن أرطاة، وهو ضعيف كما تقدم في المسألة رقم (1149)، قال البيهقي في السنن الكبرى (9/127) :((كذا رواه الحجاج والحجاج لا يحتج به))، وقال في معرفة السنن (7/79) :((والحجاج لا يحتج به لكثرة مخالفته غيره في الأسانيد والمتون)).
ورقبة بن مصقلة، وهو ثقة مأمون –التقريب (ص 210رقم1954)-، ولكني لم أجد من أخرجه من طريقه للنظر في حال رجاله.
وعبد الغفار بن القاسم أبو مريم، قال ابن المديني-كما في المغني (2/401 رقم3768)، واللسان (4/42-43)- :((كان يضع الحديث))، فمثل هذا لا يلتفت إلى روايته.(2/41)
ويزيد بن عبدالرحمن أبو خالد الدالاني، صدوق -تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1131)-، قال البيهقي في السنن الكبرى (9/127) :((وحديث أبي خالد الدالاني، عن الحكم أولى أن يكون محفوظاً لكثرة شواهده)).
فتبين أنّ الوجه الثاني لا يثبت إلاّ عن يزيد بن عبدالرحمن الدالاني.
وأمَّا الوجه الثالث : فرواه عن الحكم : محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو ضعيف –كما سيأتي في المسألة رقم (1188)-.
فتلخص مما تقدم أنّ أقوى الأوجه عن الحكم وجهان :
الأوَّل : ما رواه زيد بن أبي أنيسة، عن الحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، عن علي قال أمرني..الحديث.
الثاني : ما رواه يزيد بن عبد الرحمن أبي خالد الدالاني، عن الحكم، عن ميمون بن أبي شبيب، عن علي بن أبي طالب : أنه باع جارية وولدها ففرق بينهما فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
وزيد بن أبي أنيسة أقوى من أبي خالد الدالاني، فتقدم روايته على رواية أبي خالد الدالاني.
غير أنّ الدارقطنيَّ قال في العلل (3/274) :((و لا يمتنع أن يكون الحكم سمعه منهما جميعاً، فرواه مرةً عن هذا، ومرةً عن هذا، والله أعلم))، ولكن طريق ميمون بن أبي شبيب فيه انقطاع بينه وبين علي بن أبي طالب فهو لم يسمع منه كما تقدم.
فتبين مما تقدم أنّ الحديث من طريق زيد بن أبي أنيسة إسناده جيد كما قال ابن الملقن، وقال ابن عبد الهادي-كما تقدم-:((وهذا الإسناد لا بأس به))، وصححه الضياء في المختارة.
- - - -(2/42)
67- ] 1155[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى(1)، عَنْ أَبِي عُمَرَ الطَّحَّانَ(2)، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ مِخْرَاقٍ(3)، عَنْ حُذَيْفَةَ(4)، قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((مَنْ احْتَكَرَ* طَعَامَ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنَّا))، قَالَ أَبِي : هَذَا خَطَأٌ إِنَّمَا هُوَ كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْم(5)، عَنْ أَبِي عُمَرَ الطَّحَّانَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ مِخْرَاقٍ أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّم،َ مُرْسل ولم يذْكُرْ حُذَيْفَةَ.
………………………………
* قال ابن الأثير في النهاية (1/417) في مادة (حَكَرَ ) :((من احتْكَر طَعاما فهو كذا أي : اشتراه وحبَسه ليَقلَّ فيَغْلُو، والحُكْر والحُكْرة الاسْم منه… وأصل الحَكْر الجَمْع والإمساك)).
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : عبيد الله بن موسى بن أبي المختار -واسمه باذام-، العبسي مولاهم، أبو محمد الكوفي، روى عن: إسماعيل بن أبي خالد، وعبد الملك بن جريج، وهشام بن عروة وغيرهم، روى عنه : البخاري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه وغيرهم.(2/43)
ثقة عابد، وكان أثبت في إسرائيل من أبي نعيم، وكان يتشيع، قال ابن معين-في رواية ابن أبي خيثمة- :((ثقة)) ، وقال-في رواية الدوري- :((سمعت جامع سفيان من عبيد الله بن موسى قرأه علي من صحيفته، فقال لي: لقد هممت أن أحكه بالحائط مما قد أكثر الناس علي فيه))، وقال أبو حاتم :((صدوق ثقة حسن الحديث، وأبو نعيم أتقن منه، وعبيد الله أثبتهم في إسرائيل، كان إسرائيل يأتيه فيقرأ عليه القرآن)) ، وقال ابن عدي : ((عنده جامع الثوري، ويستصغر فيه))، وقال عثمان بن أبي شيبة :((صدوق ثقة، وكان يضطرب في حديث سفيان اضطراباً قبيحاً)) ، وقال ابن سعد :((وكان ثقة صدوقاً-إن شاء الله- كثير الحديث، حسن الهيئة، وكان يتشيع ويروي أحاديث في التشيع منكرة فضعف بذلك عند كثير من الناس)) ، ولذلك تشدد فيه أحمد بن حبل، قال المروذي : ((قلتُ له-أي للإمام أحمد-: ما ترى في حديث عبيد الله بن موسى ؟ فقال: قد كان يحدث بأحاديث رديئة، وقد كنت لا أخرج عنه شيئاً، ثم إني خرجتُ)) ، وقال أيضا : ((ربما أخرجتُ عنه، وربما ضربت عليه، حدّث عن قوم غير ثقات، وإن كان من حديث الأعمش فعلى ذاك)) ، قال الذهبيّ :((الحافظ أحد الأعلام على تشيعه وبدعته...ثقة)) ، روى له الجماعة ، مات سنة ثلاث عشرة ومائتين وقيل: بعد ذلك بسنة.
انظر : الطبقات (6/400)، من كلام أبي عبد الله (ص94-95رقم217، 130رقم305)، تاريخ الدوري (3/528)، الجرح (5/334-335رقم1582)، أسامي من روى عنهم البخاري (ص165رقم957،958)، تهذيب الكمال (19/164-170)، الكاشف (2/234رقم3641)، التهذيب (7/50-53).
(2) هو : فضيل بن جرير، أبو عمر الطَّحان العامري، الكوفى، روى عن: مسلم بن مخراق، روى عنه : قيس بن الربيع، ومعاوية بن هشام، وأبو أحمد الزبيري، وإسحاق بن منصور السلولي، وعبيد الله بن موسى، وخلاد بن يحيى، وأبو نعيم.
مجهول الحال، قال أبو حاتم :((هو شيخ)) ، وذكره ابن حبان في الثقات.(2/44)
انظر : التاريح الكبير (7/122رقم548 )، الكنى والأسماء لمسلم (1/535)، الجرح (7/71 رقم406)، الثقات (7/316).
(3) هو : مسلم بن مخراق، مولى حذيفة بن اليمان، يروي عن : مولاه حذيفة بن اليمان، وعبد الله بن مسعود، وأبيه مخراق، و عنه: عبد الله بن شريك العامري، وعبد الأعلى بن عامر الثعلبي، وفضيل بن جرير العامري أبو عمر الطحان الكوفي.
لا بأس به، ذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وقال الذهبي :((فأما مسلم بن مخراق عن حذيفة، وابن مسعود فآخر ثقة)) ، وقال ابن حجر :((مقبول)) .
انظر : التاريخ الكبير (7/272رقم 1148)، الثقات (5/397)، تهذيب الكمال (27/538)، الكاشف (2/142رقم5521)، التقريب (ص 530رقم6644).
(4) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1135).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1115) وهو ((متفق على توثيقه وإتقانه)).
- - -
- التخريج :
1- عبيد الله بن موسى، عن أبي عمر الطحان، عن مسلم بن مخراق، عن حذيفة قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم :((من احتكر طعام المسلمين فليس منا)).
أخرجه :
- البخاريّ في التاريخ الكبير (7/122) قال : قال عبد الله أخبرنا عبيد الله قال: أخبرنا أبو عمران الطحان واسمه فضيل عن مسلم بن مخراق عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((من غش المسلمين فليس منا)) .
وعبد الله شيخ البخاريّ هو ابن محمد الجعفي المسندي ثقة حافظ –التقريب (ص321رقم3585)-، ويلاحظ أنّ لفظ الحديث ليس فيه ((من احتكر طعام المسلمين)).
وتابع عبيدَ الله بنَ موسى قيسُ بنُ الربيع على هذا الإسناد واللفظ، أخرجه :
- الطبراني في المعجم الأوسط (1/529رقم997)قال: حدثنا أحمد بن مسعود المقدسي، عن الهيثم بن جميل، عن قيس بن الربيع عن فضيل بن جرير عن مسلم بن مخراق عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((من غشنا فليس منا)).
2- أبو نعيم، عن أبي عمر الطحان، عن مسلم بن مخراق، أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم.(2/45)
لم أقف على من أخرجه من هذا الوجه غير ابن أبي حاتم في هذه المسألة.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن فضيل بن جرير أبي عمر الطحان على وجهين:
الوجه الأوَّل : رواه عبيد الله بن موسى، وقيس بن الربيع كلاهما عن فضيل بن جرير عن مسلم بن مخراق عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((من غشنا فليس منا)) .
الوجه الثاني : رواه أبو نعيم الفضل بن دكين، عن أبي عمر الطحان، عن مسلم بن مخراق، أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
وقد رجح أبو حاتم الوجه الثاني المرسل على الوجه الأوّل المتصل، لأنّ أبا نعيم أحفظ وأوثق من عبيد الله بن موسى فيقدم عليه، وأمّا متابعة قيس بن الربيع فإنّ قيساً ضعيف كما تقدم في المسألة رقم (1114).
ولا يبعد أنّ أبا عمر الطحان يضطرب في الحديث فتارةً يرفعه، وتارةً يرسله، وجعل العلة منه أولى من جعل العلة في عبيد الله بن موسى لأنه أنزل رجال الإسناد درجة فهو مجهول الحال، وأمّا عبيد الله فهو ثقة كما تقدم.
ثم إنّ اللفظ الذي وقفتُ عليه من رواية عبيد الله بن موسى، وقيس بن الربيع ليس فيه ((من احتكر طعام المسلمين))، بل هو بلفظ ((من غش المسلمين فليس منا))، والله أعلم.
وقد صح النهي عن الاحتكار مرفوعاً فقد روى مسلمٌ في صحيحه (3/1227-1228رقم1605) كتاب المساقاة، باب تحريم الاحتكار في الأقوات، من طريق سعيد بن المسيب، عن معمر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :((لا يحتكر إلا خاطئ))، وسيأتي في المسألة رقم ( 1174) ذكر بعض الأحاديث في النهي عن الاحتكار.
- - - -(2/46)
68- ] 1156[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ(1)، عَنْ كُلْثُومُ بْنُ جَوْشَنٍ(2)، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ(3)، عَنْ نَافِعٍ(4)، عَنْ ابْنِ عُمَرَ(5)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ الْمُسْلِمُ مَعَ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) ، قَالَ أَبِي : هَذَا حَدِيثٌ لا أَصْلَ لَهُ وكُلْثُومُ ضَعِيفُ الْحَدِيث.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : كثير بن هشام الكِلاَبيُّ، أبو سهل الرقي، نزيل بغداد، روى عن : جعفر بن برقان، وشعبة بن الحجاج، وكلثوم بن جوشن وغيرهم، روى عنه : أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وإسحاق بن منصور الكوسج وغيرهم.
ثقة، وثقه يحيى بن معين، والعجلي، ومحمد بن عبد الله بن عمار وغيرهم، روى له البخاري في الأدب والباقون، مات سنة سبع ومائتين.
انظر : تاريخ الدوري (2/495)، معرفة الثقات (2/225-226رقم1546)، تاريخ بغداد (12/482-484)، تهذيب الكمال ( 24/163-166).
(2) هو: كُلْثوم بن جَوْشَن-بفتح الجيم والمعجمة، وسكون الواو بينهما، وآخره نون - القُشَيري الرَّقِّي، روى عن : أيوب السختياني، وثابت البناني، والحسن البصري وغيرهم، روى عنه: عبيد الله بن عمرو الأسدي، وعمرو بن عثمان، وكثير بن هشام وغيرهم.
ضعيف، قال أبو داود، والأزدي :((منكر الحديث)) ، قال أبوحاتم :((ضعيف الحديث)) ، وقال ابن حبان :((ممن يروي عن الثقات المقلوبات وعن الأثبات الموضوعات لا يحل الاحتجاج به بحال)) ، وقال ابن أبى خيثمة :((سمعت يحيى بن معين يقول: كلثوم بن جوشن شامي انتقل إليها ليس به بأس)) ، وقال الحاكم :((كلثوم هذا بصري قليل الحديث)) ، وقال الذهبيّ :((وثقه البخاريّ)) ، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وقال ابن حجر :((ضعيف)) ، روى له بن ماجة حديثا واحدا.(2/47)
انظر : سؤالات أبي داود (2/ 129)، الجرح (7/164 رقم928)، المجروحين (2/230)، الثقات (7/356)، المستدرك (2/6)، تهذيب الكمال ( 24/201-203)، الميزان (3/413رقم6968)، التهذيب (8/442-443)، التقريب (ص462رقم5655).
(3) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1093) ((متفق على ثقته وجلالته وإتقانه)).
(4) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091) وهو((متفق على ثقته وإتقانه)).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091).
- - -
- التخريج :
-كثير بن هشام، عن كلثوم بن جوشن، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((التاجر الصدوق الأمين المسلم مع الشهداء يوم القيامة)) .
أخرجه :
ابن ماجه في سننه (2/724 رقم 2139) كتاب التجارات، باب الحث على المكاسب، عن أحمد بن سنان.
وابن أبي الدنيا في إصلاح المال (ص73رقم215) عن إسماعيل بن أسد.
وابن حبان في المجروحين (2/230) من طريق أبي بكر الأعين.
والطبراني في المعجم الأوسط (8/192 رقم7390) من طريق محمد بن عبادة الواسطي.
والدارقطني في سننه (3/6) كتاب البيوع، من طريق علي بن شعيب والفضل بن سهل، -ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال ( 24/202-203)-.
والحاكم في المستدرك (2/6) كتاب البيوع، من طريق محمد بن كثير الصغاني.
والبيهقي في السنن الكبرى (5/266) كتاب البيوع، باب كراهية اليمين في البيع، وفي الآداب (ص317رقم959)، وفي شعب الإيمان (2/85) من طريق محمد بن عيسى العطار.
جميعهم عن كثير بن هشام-به-، وقال الطبراني :((لم يرو هذا الحديث عن أيوب إلاّ كلثوم بن جوشن، تفرد به كثير بن هشام)).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :(2/48)
تبين مما تقدم أنّ الحديث مداره على كثير بن هشام، عن كلثوم بن جوشن، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً، وكلثوم ضعيف الحديث كما قال أبو حاتم وغيرهُ، ومع ضعفه تفرد بالحديثِ عن أيوب السختياني وأيوب من الأئمة المشهورين، وله أصحاب وتلاميذ يحفظون حديثه كحماد بن زيد، وعبدالوارث، وابن عُلية، وعبدالوهاب الثقفي، -وقد تقدم ذكرهم في المسألة رقم (1093)-، فكيف يتفرد كلثوم بهذا الحديث من بين تلاميذ أيوب المقدمين، ومن هنا حكم أبو حاتم على الحديث بأنه لا أصل له أي من هذا الطريق.
وسبب وهم كلثوم أنّ هذا الطريق : أيوب السختياني، عن نافع، عن ابن عمر طريق مشهور رُوي في الكتب الستة ومسند أحمد أكثر من تسعين حديثاً من هذا الطريق، فيبدو أنه سبق إلى لسان كلثوم، وتقدم أنّ الألسنة تسبق إلى الطريق المشهور وهو ما يعبر عنه أبو حاتم بلزوم الطريق.
وضَعّفَ الحديثَ من هذا الطريق البوصيريُّ فقال في مصباح الزجاجة (3/6) :((هذا إسناد فيه كلثوم بن جوش وهو ضعيف، رواه الدارقطني في سننه من طريق كثير بن هشام به، ورواه الحاكم من طريق محمد العطار عن كثير بن هشام به، ورواه البيهقي في الكبرى عن الحاكم بإسناده ومتنه، وله شاهد من حديث أبي سعيد رواه الترمذي في الجامع)) ، وقال الذهبيّ في تلخيص المستدرك (2/6) :((فيه كلثوم ضعفه أبو حاتم)) .(2/49)
وقوّى الحديثَ ابنُ القطان فقال في بيان الوهم والإيهام (4/478-479) :((وذكر –أي عبد الحق الإشبيلي في كتاب الإحكام الوسطى-من طريق الدارقطني حديث ابن عمر :"التاجر الصدوق المسلم" الحديث، وسكت عنه، وأراه تسامح فيه، وإنما ينبغي أن يقال فيه: حسن، لأنه من رواية كثير بن هشام، وهو وإن كان قد أخرج له مسلم مستضعف عند أبي حاتم وغيره، وقال ابن معين : لا بأس به)) ، وقال الذهبيُّ في الميزان (3/413) في ترجمة كلثوم بعد ذكره الحديث من طريقه :((وهو حديث جيّد الإسناد، صحيح المعنى، ولا يلزم من المعية أن يكون في درجتهم، ومنه قوله تعالى {ومن يطع الله والرسول…} الآية)) .
والأظهر أنّ الحديث من هذا الطريق لا يصح لضعف كلثوم بن جوشن، وتفرده بالحديث عن أيوب.
وللحديثِ شاهدٌ من حديث أبي سعيد الخدري، أخرجه :
-الترمذيُّ في سننه (4/515رقم 1209) كتاب البيوع، باب ما جاء في التجار وتسمية النبيّ صلى الله عليه وسلم إياهم.
-والدارمي في سننه (2/163رقم2542) كتاب البيوع، باب في التاجر الصدوق.
-والأصبهاني في الترغيب والترهيب (1/181رقم237).
-والبغوي في شرح السنة (8/4 رقم2025) كتاب البيوع، باب إباحة التجارة.
جميعهم من طريق قبيصة بن عقبة.
-وأخرجه : الترمذيُّ في سننه (4/515رقم 1209) قال: حدثنا سويد بن نصر قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك.
-وأخرجه : عبد بن حميد في المنتخب من مسند (299رقم966).
-والطبريُّ في تهذيب الآثار –مسند علي بن أبي طالب (ص51رقم101)-.
-و الدارقطني في سننه (3/7).
-والحاكم في المستدرك (2/6).
-وابن عساكر في تاريخ دمشق (6/16).
-والبغوي في شرح السنة (8/4 رقم2025) كتاب البيوع، باب إباحة التجارة.
جميعهم من طريق يعلى بن عبيد.
جميعهم ( ابن المبارك، وقبيصة بن عقبة، ويعلى بن عبيد) عن سفيان، عن أبي حمزة، عن الحسن، عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :((التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء)).(2/50)
قال الترمذيُّ :((هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث الثوري عن أبي حمزة، وأبو حمزة اسمه : عبد الله بن جابر وهو شيخ بصري)) ، وقال الدارمي : ((لا علم لي به أن الحسن سمع من أبي سعيد، وأبو حمزة هذا هو: صاحب إبراهيم وهو ميمون الأعور))، وقال الحاكم :((وله شاهد في مراسيل الحسن)).
والحديث ضعيف لأمور :
أنّ الحسن لم يسمع من أبي سعيد، نصَّ على ذلك : بهز بن أسد، وعلي بن المديني، والدارمي، والحاكم وغيرهم انظر : مراسيل ابن أبي حاتم (ص31-46)، تحفة التحصيل (ص67-76).
وفي سنده أبو حمزة وقد اختلف في تحديده : فيرى الترمذي أنَّ أبا حمزة هو : عبدالله بن جابر البصري وهو مقبول –التقريب (ص 298 رقم3244)، تهذيب الكمال ( 14/356-357)-، ويرى الدارمي أنه ميمون أبو حمزة الأعور، وهو مشهور بكنيته، ضعيف جداً، قال أحمد وغيرهُ :((متروك الحديث)) –تهذيب الكمال (29/237-243)، والثوري روى عنهما جميعاً، وكلاهما روى عن الحسن البصري.
والأقرب أنه ميمون الأعور، فقد رواه ابن أبي شيبة في المصنف (7/ 271-272) كتاب البيوع والأقضية، في التاجر الصدوق، قال: حدثنا ابن نمير، قال: حدثنا مالك بن مغول، عن أبي حمزة، عن الحسن قال :((التاجر الأمين الصادق مع الصديقين والشهداء)) ، قال: فذكرتُ ذلك لإبراهيم فقال: صدق الحسن أوليس في جهاد، ومالك بن مغول ثقة ثبت –التقريب (ص 518رقم6451)-، وهو معروفٌ بالرواية عن ميمون الأعور، وكذلك قوله في الأثر : فذكرتُ ذلك لإبراهيم-أي إبراهيم النخعي- وأبو حمزة معروف بأنه صاحب إبراهيم النخعي كما قال أحمد بن حنبل، وابن معين، والدارميُّ وغيرهم، ثم إنّ أبا حمزة مشهور في هذه الطبقة بكنيته، ومن عادة المحدثين الاكتفاء بكنية المشهور، وأمّا عبد الله بن جابر فلم يرو إلاّ حديثاً أو حديثين كما قال ابن معين- التهذيب (5/167)-، والله أعلم.(2/51)
أنّ أبا حمزة يضطرب في الحديث فتارةً يرويه عن الحسن، عن أبي سعيد مرفوعاً، وتارةً يرويه من كلام الحسن البصري، كما تقدم في الأمر الثاني.
فتبين أنّ حديث أبي سعيد الخدري ضعيفٌ جداً لهذه العلل المتقدمة، ولا يصلح أن يكون شاهداً لحديث ابن عمر، والله أعلم.
- - - -
69- ] 1157[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رَوَاهُ أَبُو هارون / البَكَّاء (1)، عَنْ ابن لَهِيْعَة (2)، عَنْ بُكَيْر (3)، عَنْ سَالِم مولى دَوْس (4)، عَنْ عُثْمَانَ بنِ عَفّان(5)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:((الدِينَارُ بالدِينَار، والدّرْهمُ بالدّرْهمِ ومثل * بمثل، وَزْنَاً بِوَزْنٍ))، وعَنْ ابن لَهِيْعَة، عَنْ بُكَيْر، عَنْ سَالِم بن عَبْد اللّه، عَنْ أَبِي سَعِيد (6) مثلَهُ، قَالَ أَبِي: هَذَا خَطَأٌ إِنَّمَا هُوَ: سَالِم مولى النَّصْريين.
........................................
* كذا في جميع النسخ، والصواب (مثلاً بمثل) كما نصبت (وزناً بوزن).
ـــــــــــــــــــــ
(1) هو: محمد بن موسى، أبو هارون البكاء، روى عن:عبد الله بن لهيعة، وعطاف بن خالد، والليث بن سعد وغيرهم، وعنه: أبو حاتم الرازي، وعلي بن مكي، ويعقوب بن يوسف القزويني.
ضعيف، قال ابن معين :((لا أعرفه ليس هو ممن ينبغي أن يكتب عنه ))، وقال أحمد :((ليس بثقة، ولا أمين ))، وقال ابن أبي حاتم :((سالتُ عنه أبا زرعة فكلح وجهه، فقيل: أي شيء أنكروا عليه، فقال: لا أعلم شيئاً أنكروا عليه، وأنا لا أحدّث عنه، ولا يعرف بالعراق))، وكذلك نقل البرذعي عن أبي زرعة، وقال أبو حاتم :((محله عندي الصدق)).
انظر : أبو زرعة الرازي وجهوده (2/473-474)، الجرح (8/160-161 رقم712)، تاريخ بغداد (13/35)، التدوين في أخبار قزوين (4/132-133)، الميزان (4/220رقم8917)، المغني (2/686رقم6521)، اللسان (6/129)، نزهة الألباب في الألقاب (1/127).(2/52)
(2) هو: عبد الله بن لهيعة، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1104) وهو ((ضعيف)).
(3) هو: بكير بن عبد الله بن الأشج، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1104) وهو ((متفق على ثقته وفضله)).
(4) هو: سالم بن عبد الله النَّصْريُّ، أبو عبد الله المدنيّ، وله أسماء متعددة ونعوت مختلفة، ولكثرة نعوته جعله ابن الصلاح مثالاً على النوع ( الثامن والأربعون) من أنواع علوم الحديث فقال: ((النوع ( الثامن والأربعون) معرفة مَنْ ذُكر بأسماء مختلفة أو نعوت متعددة فظن من لا خبرة له بها أنّ تلك الأسماء أو النعوت لجماعة متفرقين، هذا فنٌ عويص والحاجة إليه حاقة، وفيه إظهار تدليس المدلسين؛ فإنّ أكثر ذلك إنما نشأ من تدليسهم، وقد صنف عبد الغني بن سعيد الحافظ المصري وغيرُهُ في ذلك،…ومثاله أيضاً: سالم الراوي عن أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وعائشة رضي الله عنهم، هو: سالم أبو عبد الله المديني، وهو: سالم مولى مالك بن أوس بن الحدثان النصري، وهو: سالم مولى شداد بن الهاد النصري، وهو في بعض الروايات مسمى بسالم مولى النّصْريين، وفي بعضها: بسالم مولى المهري، وهو في بعضها: سالم سَبَلان، وفي بعضها: أبوعبدالله مولى شداد بن الهاد، وفي بعضها: سالم أبوعبدالله الدوسيّ، وفي بعضها: سالم مولى الدوس ، ذكر ذلك كله عبدُ الغني بن سعيد ))، وتابعه على ذلك من جاء بعده ممن كتب في المصطلح، وقد نبه على تعدد نعوت سالم قبل ابن الصلاح عدد من الأئمة منهم: البخاريُّ، وابن أبي حاتم، والدارقطني، وعبدالغني بن سعيد، والخطيب البغدادي وغيرهم.
وقد روى عنه: بكير بن الأشج، وسعيد المقبري، ويحيى بن أبي كثير وغيرهم.
صدوق، قال أبو حاتم :((شيخ))، وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبيّ :((كان من علماء المدينة…، وُثّق، واحتج به مسلم))، وقال ابن حجر : ((صدوق))، روى له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، مات سنة عشر ومائة.(2/53)
انظر : التاريخ الكبير (4/109 رقم2136)، معرفة الثقات (1/384 رقم545)، الجرح (4/184رقم798)، المؤتلف والمختلف للدارقطني (3/1262-1263)، موضح أوهام الجمع والتفريق (1/281-285)، المتفق والمفترق (2/1151)، علوم الحديث (ص291)، تهذيب الكمال (10/154-156)، السير (4/595-596)، المقنع في علوم الحديث (2/564)، التقريب (ص 226رقم2177)، التهذيب (3/438-439)، فتح المغيث (4/206-207).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1145).
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1095).
- - -
- التخريج :
أبو هارون البَكَّاء، عن ابن لهيعة، عن بُكير، عن سالم مولى دوس، عن عثمان بن عفان، عن النبيّ صلى اللهُ عليه وسلم.
لم أجد من أخرجه من هذا الطريق.
وقد روى الحديث مسلمٌ في صحيحه (3/1209 رقم1585) عن عثمان بن عفان من طريق آخر فقال: حدثنا أبو الطاهر، وهارون بن سعيد الأيلي، وأحمد بن عيسى، قالوا: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني مخرمة، عن أبيه، قال: سمعت سليمان بن يسار يقول: إنه سمع مالك بن أبي عامر يحدث عن عثمان بن عفان أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :((لا تبيعوا الدينار بالدينارين، ولا الدرهم بالدرهمين))، وقال البزار في مسنده (2/37 رقم382) : ((وهذا الحديث قد رواه أبو سهيل بن مالك، عن أبيه، عن عثمان، رواه عاصم بن عبد العزيز، وعاصم فليس بالقوي، ولا نعلم يروى عن عثمان إلاّ من حديث مالك بن أبي عامر عنه )).
وقد روى الحديث العقيليّ (3/338) من طريق عاصم بن عبد العزيز، قال: حدثنا أبو سهيل بن مالك، عن عمه، عن عثمان أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :((لا تبيعوا الذهب إلاّ مثلاً بمثل ))، ثم قال العقيلي :((ليس له من حديث أبي سهيل أصل، وقد رواه ابن وهب، عن مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عن مالك بن أبي عامر، عن عثمان عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :((الدينار بالدينار )).(2/54)
ابن لهيعة، عن بُكير، عن سالم بن عبد الله، عن أبي سعيد، عن النبيّ صلى اللهُ عليه وسلم.
لم أجد من أخرجه من طريق ابن لهيعة.
وتابع ابن لهيعة مخرمةُ بنُ بكير، أخرجه :
- الخطيب البغدادي في المتفق والمفترق (2/1151) قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر، قال: أخبرنا أحمد بن كامل القاضي، قال: حدثنا محمد بن سعد العوفي، قال: حدثنا قدامة بن محمد المدني، قال: حدثني مخرمة بن بكير، عن أبيه، قال: سمعتُ سالم بن عبدالله مولى شداد يزعم أنه سمع أبا سعيد الخدري يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :((دينار بدينار، ودرهم بدرهم لا فضل بينهما )) أو قال :((وزناً بوزن)).
وتابع بكير بن الأشج يحيى بن أبي كثير، أخرجه :
-أبو إسحاق الحربيّ في غريب الحديث (2/811) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن سالم الدوسيّ، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً، ولفظه :((لا تبيعوا الذهب..)).
وتقدم الحديث من طرق أخرى عن أبي سعيد الخدري في المسألة رقم (1106)، والمسألة رقم (1131).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
خطّأ أبو حاتم نسبة سالم بن عبدالله أنه :((مولى دوس ))، وبيّن أنه مولى النصْريين، ولم يتبين لي وجه التخطئة، فإنّ سالم بن عبدالله له نسب متعددة حتى إنّ ابن أبي حاتم ذكر في الجرح أنه ((مولى دوس ))، و((مولى النصريين)) أيضاً، إلاّ أن يكون أبا حاتم يقصد أنّ الخطأ في هذه الرواية المعينة عن ابن لهيعة فيكون محمد بن موسى البكاء رواه عن ابن لهيعة ونسب سالماً مولى دوس، ورواه بعض الثقات عن ابن لهيعة ونسب سالماً مولى النصريين، وهذه الرواية الثانية عن ابن لهيعة أرجح، وتقدم أني لم أقف على من خرج هذه الرواية الثانية عن ابن لهيعة للنظر في حال رواتها.
والحديث من هذين الطريقين ضعيف، لوجود أبي هارون البكاء، وابن لهيعة في الطريق الأوّل وهما ضعيفان، والطريق الثاني فيه ابن لهيعة أيضاً.(2/55)
غير أنّ الحديث صحيح، فقد تقدم أنه ثابت في الصحيحين من عدة طرق، عن عدد من الصحابة، انظر : المسألة رقم (1106)، ورقم (1131).
- - - -
70- ] 1158[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رَوَاهُ أَبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ(1)، عَنْ زِيَادِ بْنِ خَيْثَمَةَ(2)، عَنْ سَعْدٍ الطَّائِيِّ(3)، عَنْ عَطِيَّةَ(4)، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ(5)، عَنْ النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((مَنْ أَسْلَمَ * فِي شَيْءٍ فَلاَ يَصْرِفْهُ إِلَى غَيْرِهِ)) ، قَالَ أَبِي :إِنَّمَا هُوَ سَعْدُ الطَّائِيّ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ ابنِ عَبَّاس(6)، قَولُهُ **.
………………………………
* قال ابن الأثير في النهاية (2/392) :((أسْلم وسَلَّم إذا أسْلف، والاسمُ السَّلَم، وهو : أن تُعطِيَ ذهباً أو فضَّة في سِلْعَة معلومة إلى أمدٍ معلوم فكأنك قد أسْلَمت الثمن إلى صاحب السِّلعة وسَلَّمته إليه ومعنى الحديث أن يُسْلف مثلا في بُرٍّ فيُعْطِيه المسْتَسْلف غيره من جنس آخر فلا يجوز له أن يأخُذَه)) .
** نقل هذه المسألة ابن الملقن في البدر المنير (5/ل 50أ).
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : شجاع بن الوليد بن قيس السَّكُوني، أبو بدر الكوفي، سكن بغداد، روى عن : زياد بن خيثمة، وسليمان الأعمش، وهشام بن عروة وغيرهم، روى عنه: أحمد بن حنبل، وإدريس بن جعفر، وابنه : أبو همام الوليد بن شجاع وغيرهم.(2/56)
صدوق عابد، وثقه ابن معين –في رواية الدوري، وعبد الخالق بن منصور، وأبي بكر بن أبي خيثمة-، وابنُ نمير، وقال العجلي، وأبو زرعة:((لا بأس به)) ، وقال المروذي :((قلت له- أي : أحمد بن حنبل- : أبو بدر ثقة هو ؟ قال : أرجو أن يكون صدوقا قد جالس قوما صالحين)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وتكلم فيه ابن معين قال أبو عبد الله :((كان أبو بدر شيخا صالحا صدوقا كتبنا عنه قديما، قال : ولقيه يحيى بن معين يوما فقال له: يا كذاب، فقال له الشيخ : إن كنت كذابا وإلا فهتكك الله)) ، قال ابن حجر –في الهدي- :((كأنه مازحه، فما احتمل المزاح)) ، لكن الذهبي وجه قولَ ابنِ معين بتوجيه أقوى وأَسَدّ فقال-في السير- :((ثم إنّ يحيى بن معين وثقه وأنصفه نَقَلَ عن يحيى توثيقه أحمدُ بنُ أبي خيثمة)) ، وتكلم فيه أيضاً أبو حاتم فقال :((عبد الله بن بكر السهمي أحب إليّ منه وهو شيخ ليس بالمتين لا يحتج بحديثه)) ، قال الذهبي فقال-في السير- :((قلت: قد قفز القنطرة واحتج به أرباب الصحاح)) ، وقال –في الميزان- : ((صدوق مشهور)) ، وقال ابن حجر –في التقريب- :((صدوق ورع له أوهام)) ، روى له الجماعة، مات سنة أربع ومائتين.
انظر : معرفة الثقات (1/450رقم718)، تاريخ الدوري (2/249)، من كلام الإمام أبي عبد الله (ص94رقم216)، الجرح (4/378-379رقم1654)، الثقات (6/451)، تاريخ بغداد (9/247-250)،تهذيب الكمال ( 12/382-388)، السير (9/353-354)، الميزان (2/264 رقم3668)، الهدي (ص409)، التهذيب (4/313-314)، التقريب (ص 264 رقم2750).
(2) هو : زياد بن خيثمة الجعفي الكوفي، روى عن: سعد أبي مجاهد الطائي، وعامر الشعبي، ومجاهد بن جبر وغيرهم، روى عنه : شجاع بن الوليد، وهشيم بن بشير، ووكيع بن الجراح وغيرهم.
متفق على توثيقه وتعديله، وثقه يحيى بن معين، وأبو زرعة، وأبو داود، والذهبي، وابن حجر وغيرهم، روى له الجماعة سوى البخاري.(2/57)
انظر : الجرح (3/ 530رقم2396)، تهذيب الكمال ( 9/457-458)، الكاشف (1/330رقم1700)، التقريب (ص 219رقم2070).
(3) هو : سعد أبو مجاهد الطائي الكوفي، روى عن : الطّرماح بن حكيم، وعطية العوفي، وأبي مُدّلة وغيرهم، روى عنه : إسرائيل بن يونس، وزياد بن خيثمة، وسفيان بن عيينة وغيرهم.
لا بأس به، ذكره بن حبان في كتاب الثقات، وحكى أبو القاسم الطبري أنّ أحمد بن حنبل قال :((ليس به بأس)) ، وقال وكيع :((حدثنا سعدان الجهني، عن سعد أبي مجاهد الطائي وكان ثقة)) ، وقال ابن القطان :((لا تعرف حاله، وقد روى عنه جماعة))، وقال الذهبيُّ :((وثق)) ، وقال ابن حجر :((لا بأس به)) ، روى له البخاري، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة.
انظر : الثقات (6/380)، بيان الوهم والإيهام (3/173)، تهذيب الكمال (10/317-318)، الكاشف (1/354رقم1866)، التقريب (ص 232رقم2262).
(4) هو : عطية بن سعد العوفي، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1095) وهو ((ضعيف ويدلس)) .
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1095).
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1105).
- - -
- التخريج :
1- شجاع بن الوليد، عن زياد بن خيثمة، عن سعد الطائي، عن عطية، عن أبي سعيد، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :((من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره)).
-أخرجه : أبو داود في سننه (3/276 رقم ) كتاب البيوع، باب السلف لا يُحَوَّل، قال: حدثنا محمد بن عيسى، -ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (6/30) كتاب البيوع، باب من سلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره ولا يبيعه حتى يقبضه-.
- وابن ماجه في سننه (2/766رقم 2283-2284) كتاب التجارات، باب من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، وعبد الله بن سعيد.
-والترمذي في علله الكبير (195رقم 346) قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد.(2/58)
-والدارقطني في سننه (3/45) كتاب البيوع، من طريق الحسن بن عرفة، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وعلي بن الحسين الدرهمي، وأبو سعيد الأشج،-ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق (2/197)-.
-والبيهقي في السنن الكبرى (6/30) من طريق محمد بن عبدالله بن نمير.
جميعهم عن شجاع بن الوليد، عن زياد بن خيثمة، عن سعد الطائي، عن عطية بن سعد، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره)) ، قال الترمذي :((وهذا حديث شجاع بن الوليد لا أعرف هذا الحديث مرفوعا إلا من هذا الوجه وهو حديث حسن)) ، وقال البيهقي :((عطية العوفي لا يحتج به)).
وبيّن ابن ماجه أنّ عبد الله بن سعيد الأشج-وهو ثقة، التقريب (ص 305رقم3354)-، لم يذكر في روايته عن شجاع سعدَ الطائي، فقال في الموضع السابق :(( حدثنا عبد الله بن سعيد قال: حدثنا شجاع بن الوليد، عن زياد بن خيثمة، عن عطية، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله ولم يذكر سعدا )).
والصحيح الذي رواه الثقات عن شجاع بن الوليد ذكر سعد الطائي في الإسناد.
2- سعد الطائي، عن عطية، عن ابن عباس قوله.
لم أقف على من أخرجه من هذا الطريق.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن سعد الطائي على وجهين :
الوجه الأوَّل : رواه زياد بن خيثمة، عن سعد الطائي، عن عطية، عن أبي سعيد، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :((من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره)).
الوجه الثاني : ورُوي عن سعد الطائي، ، عن عطية، عن ابن عباس من قوله، ولم أقف على مَنْ رواه عن سعد للنظر في درجتهم وحالهم في الرواية.(2/59)
وفي كلا الطريقين عطية العوفي وتقدم أنه ضعيف، وضعف الحديثَ غيرُ واحد من العلماء؛ قال عبد الحق في الأحكام الوسطى (6/265) :((وعطية العوفي لا يحتج به وان كان الجلة قد رووا عنه))، وقال ابن عبد الهادي في التنقيح- كما في نصب الراية (4/51)- :((وعطية العوفي ضعفه أحمد وغيره والترمذي يحسن حديثه وقال ابن عدي هو مع ضعفه يكتب حديثه)).
وقال ابن الملقن في البدر المنير(ج5ل50أ) :((فهذه ثلاث علل : الضعف، والاضطراب، والوقف)) ، وقال ابن حجر في التلخيص الحبير (3/25) :((حديث أبي سعيد من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره أبو داود وابن ماجة وفيه عطية بن سعد العوفي وهو ضعيف وأعله أبو حاتم، والبيهقي، وعبد الحق، وابن القطان بالضعف والاضطراب)).
- - - -
71- ] 1159[ وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ زَيْدُ بنُ الحُبَاب (1)، عَنْ عِمْرَانَ بنِ أَنَسٍ (2)، قَالَ: سَمِعْتُ ابنَ أَبِي مُلَيْكةَ (3) يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ (4) تقولُ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(( إنَّ الدّرهمَ مِنْ رِبَاً أعْظمُ عِنْدَ اللّهِ مِنْ سَبْعٍ وثلاثين زَنْيَة ))، قَالَ أَبِي : هَذَا *، رَوَاهُ الْثَّورِيّ(5)، وَغَيْرهُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيز بنِ رُفِيع(6)، عَنْ ابنِ أَبِي مُلَيْكة، عَنْ عَبْدِ اللّه بنِ حَنْظَلةَ(7)، عَنْ كَعْبٍ(7) قَوْلُهُ.
………………………………
* كذا في الأصل، و(ش)، وفي (ت)، و(ف) (هذا خطأ).
ـــــــــــــــ
(1) هو : زيد بن الحُبَاب بن الرَّيان التميمي، أبو الحسن العُكْليُّ، الكوفيّ، روى عن: حسين بن واقد، وعبد الله بن المبارك، ومالك بن مغول وغيرهم، وعنه: أحمد بن حنبل، وسلمة بن شبيب، وعلي بن المدينيّ وغيرهم.(2/60)
صدوقٌ يخطئ في حديث الثوري، قال ابنُ معين-في رواية الغلابيّ- :((كان يقلب حديث الثوريّ، ولم يكن به باس))، وقال أحمد :((كان صدوقاً، وكان يضبط الألفاظ عن معاوية بن صالح، ولكن كان كثير الخطأ))، وقال أبو حاتم :((صدوق، صالح))، ووثقه ابن معين –في رواية الدارميّ-،وابن المدينيّ وغيرهما، وقال الذهبيّ :((لم يكن به بأس، قد يهم))، وقال ابن حجر :(( صدوق يخطئ في حديث الثوري))، روى له مسلم والأربعة، مات سنة ثلاث ومائتين.
انظر : تاريخ الدارمي (ص113رقم342)، الجرح (3/561-562رقم 2538)، تاريخ بغداد (8/442-444)، تهذيب الكمال ( 10/40-47)، الكاشف (1/337)، التهذيب 03/402-403)، التقريب (ص 222رقم 2124).
(2) هو : عمران بن أنس، أبو أنس المكيّ، روى عن: عبد الله بن أبي مُلَيْكة، وعطاء بن أبي رباح، وعنه: مصعب بن المقدام، ومعاوية بن هشام، ويحيى بن واضح.
ضعيف، قال البخاريّ :((منكر الحديث))، وقال العقيليّ :((لايتابع على حديثه))، وقال أبو أحمد الحاكم :((حديثه ليس بمعروف))، وقال ابن حجر :((ضعيف))، روى له أبو داود، والترمذي.
انظر : جامع الترمذي (3/339 رقم1019)، الضعفاء الكبير (3/296)، الأسامي والكنى للحاكم (1/423)، تهذيب الكمال ( 22/307-309)، التقريب (ص 429رقم 5144).
(3) هو: عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مُلَيْكة القرشي التيمي، أبو بكر المكيّ، روى عن: عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، وعائشة وغيرهم، وعنه: أيوب السختياني، وعمران بن أنس، والليث بن سعد وغيرهم.
متفق على توثيقه وفضله وفقهه، قال ابن سعد :((كان ثقة كثير الحديث))، وقال أبوزرعة، وأبو حاتم :(( ثقة ))، روى له الجماعة، مات سنة سبع عشرة ومائة.
انظر : الطبقات ( 5/472-473)، الجرح (5/99-100رقم461)، تهذيب الكمال ( 15/256-259)، التقريب (ص 312رقم3454).
(4) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1104).(2/61)
(5) هو : سفيان بن سعيد، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1110) وهو ((متفق على ثقته وجلالته وفقهه وعبادته)).
(6) هو : عبدالعزيز بن رُفيع الأسدي، أبو عبد الله المكيّ الطائفيُّ، سكن الكوفة، روى عن: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن أبي مُلَيْكة وغيرهم، وعنه: جرير بن عبد الحميد، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج وغيرهم.
متفق على ثقته، وثقه أحمد بن حنبل، وابن معين وغيرهم، روى له الجماعة، مات سنة ثلاثين ومائة.
انظر : الجرح (5/381 رقم1782)، تهذيب الكمال ( 18/134-136).
(7) هو : عبد الله بن حَنظلة بن أبي عامر الأنصاري، الأوسيُّ، أبو عبدالرحمن المدنيُّ، له رؤية من النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأبوه غسيل الملائكة، روى عن: النبيّ صلى الله عليه وسلم، وعن عبد الله بن سلام، وعمر بن الخطاب، وكعب الأحبار، وعنه: ضمضم بن جوس، وعباس بن سهل، وعبد الله بن أبي مُلَيْكة وغيرهم.
قال إبراهيم الحربيُّ :((ليست له صحبة))، وذكره ابن سعد فيمن أدرك النبيّ صلى الله عليه وسلم ورآه ولم يحفظ عنه شيئاً، وذكر أن له سبع سنين عند وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم، وكذلك قال الواقديُّ، وأبو أحمد الحاكم، وابن منده وغيرهم، قُتل يوم الحرة، وذلك يوم الأربعاء لثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وستين، وكانت الأنصار قد بايعته يومئذ، وبايعت قريش عبد الله بن مطيع، روى له أبو داود حديثاً واحداً.
انظر : الطبقات (5/ 65-68)، تاريخ دمشق (27/417-433)، تهذيب الكمال ( 14/436-438)، التهذيب (5/193).
(8) هو: كعب بن مَاتع الحميريُّ، أبو إسحاق، المعروف بكعب الأحبار، وهو من مسلمة أهل الكتاب، كان من أهل اليمن فسكن الشام، روى عن : النبيّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وعن صهيب الرومي، وعمر بن الخطاب، وعائشة، وعنه: خالد بن معدان، وسعيد بن المسيب، وأبو هريرة وغيرهم.(2/62)
قال ابن حجر :((ثقة مخضرم))، روى له ابن ماجه في التفسير، والباقون سوى البخاري فله حكاية عنده.
انظر : تهذيب الكمال ( 24/189-193)، التهذيب (8/438-440)، التقريب (ص 461 رقم5648).
- - -
- التخريج :
زيد بن الحُبَاب، عن عمران بن أنس، قال: سمعتُ ابن أبي مُلَيْكة يقول: سمعتُ عائشة مرفوعاً.
لم أجد من أخرجه من طريق زيد بن الحباب.
وقد تابع زيدَ بنَ الحباب :
معاوية بن هشام، أخرجه :
أبو يعلى في مسنده ( 8/145رقم4689).
وابنُ أبي حاتم في تفسيره (10/3153) قال: حدثنا أحمد بن سلمة.
كلاهما عن أبي كريب محمد بن العلاء قال :حدثنا معاوية بن هشام، عن عمران بن أنس المكي عن بن أبي مليكة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه :(( أي الربا أربى عند الله ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم، قال : أربى الربا عند الله استحلال عرض امرئ مسلم ثم قرأ والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا ))، هذا لفظ ابن أبي حاتم، ونحوه لفظ أبي يعلى وعنده :((أزنى الزنا )).
وأبو تُميلة يحيى بن واضح، أخرجه :
البخاريُّ في التاريخ الكبير (6/423) قال: قال محمد بن سلام.
وأخرجه : الدولابيُّ في الكنى (1/114) معلقاً.
والعقيليُّ في الضعفاء الكبير (3/296) قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الله.
وأبو أحمد الحاكم في الأسامي والكنى (1/423-424) من طريق أحمد بن يحيى الصوفي.
والبيهقي في شعب الإيمان (5/ 298) من طريق موسى بن الحسن .
جميعهم عن سعيد بن محمد الجرمي.(2/63)
كلاهما ( سعيد بن محمد، ومحمد بن سلام ) عن أبي تميلة قال حدثنا عمران بن أنس أبو أنس عن بن أبى مليكة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :((لدرهم ربا أعظم حرجا عند الله من سبعة وثلاثين زنية ))، قال العقيليّ :((وهذا يُروى من غير هذا الوجه مرسلاً، والإسناد فيه من طريق لينة))، وقد قال في صدر ترجمة عمران:((لا يتابع على حديثه))، وقال الحاكم :((هذا حديثٌ منكر))، ونقل عن البخاري أنه قال :((لا يتابع عليه)).
وللحديث عن عائشة طريق آخر ضعيفٌ جداً، أخرجه : أبو نعيم في الحلية (05/74) ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات( 3/23رقم1229)، من طريق سوّار بن مصعب، عن ليث وخلف بن حوشب، عن مجاهد، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((إنّ الربا بضع وسبعون باباً، أصغرها كالواقع على أمه، والدرهم من الربا أعظم عند الله من ستة وثلاثين زنية))، وقال أبو نعيم :((غريب من حديث خلف، لم نكتبه إلاّ من هذا الوجه))، وقال ابن الجوزيّ :((سوار بن مصعب قال أحمد، ويحيى، والنسائي : متروك الحديث، وقال أبو داود: ليس بثقة)).
الثوريُّ، عن عبدالعزيز بن رُفيع، عن ابن أبي مُلَيْكة ، عن عبد الله بن حنظلة، عن كعب قولُهُ.
أخرجه :
عبدالرزاق في المصنف (8/315رقم 15349) كتاب البيوع، باب ما جاء في الربا.
وابن أبي شيبة في المصنف (6/558) كتاب البيوع والأقضية، أكل الربا وما جاء فيه.
وأحمد في المسند (5/225)-ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (27/419)، وابن الجوزي في الموضوعات (3/25 رقم1233)-.
كلاهما عن وكيع بن الجراح.
والدارقطنيُّ في سننه (3/16) كتاب البيوع، من طريق محمد بن يوسف الفريابي.
والبيهقي في شعب الإيمان (4/393) من طريق حماد بن أسامة.
وابن عساكر في تاريخ دمشق (27/419) من طريق أبي أحمد الزبيري محمد بن عبد الله.(2/64)
جميعهم عن الثوري، عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبى ملكية، عن عبد الله بن حنظلة، عن كعب قال :(( لأن أزني ثلاثا وثلاثين زنية أحب إلى من أن آكل درهم ربا يعلم الله أني أكلته حين أكلته ربا ))، قال البوصيري في إتحاف الخيرة (4/241) :((هذا إسنادٌ صحيح، رجاله رجال الصحيح)).
وتابع عبدالعزيز بن رُفيع على رواية الوقف اثنان هما :
ابن جريج، رواه العقيليُّ في الضعفاء الكبير (2/258) قال: حدثنا محمد بن موسى البلخي، قال: حدثنا مكي بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن جريج، قال: حدثني ابن أبي مليكة، أنه سمع عبدالله بن حنظلة بن الراهب يحدث في الحجر، عن كعب الأحبار أنه قال :((ربا درهم يأكله الإنسان في بطنه وهو يعلمه أعز عليه في الإثم يوم القيامة من ست وثلاثين زنية))، ثم قال العقيليُّ :((حديث ابن جريج أولى)).
وبكار بن عبد الله اليماني، رواه عبدالرزاق في المصنف (8/315رقم 15348) قال: أخبرنا بكار، سمعتُ ابن أبي مليكة –به-.
وهناك وجه آخر عن ابن أبي مليكة لم يُذكر وهو :
- ابن أبي مليكة، عن عبدالله بن حنظلة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((درهم ربا أشد من ثلاث وثلاثي زنية))، رواه عن ابن أبي مليكة اثنان :
ليث بن أبي سُليم، أخرجه :
ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/229) من طريق عبد الله بن سليم .
وأخرجه : ابن قانع في معجم الصحابة (2/91).
والدارقطنيُّ في سننه (3/16)- ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات 3/23رقم1230)
وابن عساكر في تاريخ دمشق (27/419).
جميعهم من طريق هاشم بن الحارث.
والطبراني في المعجم الأوسط (3/330 رقم2703)، من طريق يحيى بن يوسف الزمي، وفي المعجم الكبير –كما في مجمع الزوائد (4/117)-.(2/65)
جميعهم عن عبيد الله بن عمرو عن ليث عن عبد الله بن أبي مليكة عن عبد الله بن حنظلة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(( الدرهم ربا أشد عند الله تعالى من ستة وثلاثين زنية في الخطيئة ))، وقال :((لم يرو هذا الحديث عن ليث إلاّ عبيد الله))، وتقدم في المسألة رقم (1132) أنّ ليث بن أبي سُليم ضعيف.
أيوب السختياني، أخرجه :
-أحمد بن حنبل في المسند (5/225) - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (27/419)، والضياء في المختارة (9/267 رقم229)-.
-والبزار في مسنده (8/309 رقم3381).
- والدارقطنيُّ في سننه (3/16) قال : حدثنا أحمد بن العباس البغوي ، - ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (3/23رقم122)-.
كلاهما (أحمد بن العباس البغوي ، والبزار )عن يحيى بن يزداد أبي السقر.
- والطبراني في المعجم الكبير –قاله الزَّبيديُّ كما في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين (2/1057)، ومن طريقه الضياء في المختارة (9/268 رقم230) -، من طريق ابن أبي شيبة.
جميعهم (أحمد بن حنبل، ويحيى بن يزداد، وابن أبي شيبة) عن الحسين بن محمد قال: حدثنا جرير بن حازم، عن أيوب، : عن ابن أبي مليكة، عن عبدالله بن حنظلة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((درهم ربا يأكله الرجل، وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية))، قال البزار :((وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم إلاّ عن عبدالله بن حنظلة عنه، وقد رواه بعضهم عن ابن أبي مليكة، عن رجل، عن عبدالله بن حنظلة)).
وهناك وجه آخر أيضاً عن ابن أبي مليكة وهو : ما رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده – كما في بغية الباحث (ص142رقم 438)، وإتحاف الخيرة (4/240-241) قال: حدثنا خلف بن الوليد، عن أبي جعفر، عن ليث، عن ابن أبي مليكة، عن عبدالله بن حنظلة قال::((الدرهم من الربا أعظم عند الله خطيئة من ست وثلاثين زنية))، قال البوصيري :((هذا إسنادٌ موقوف ضعيف )).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :(2/66)
اختلف في الحديث عن ابن أبي مليكة على أربعة أوجه :
رواه بكار اليمانيّ، وابن جريج، وعبدالعزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة، عن عبدالله بن حنظلة، عن كعب موقوفاً عليه.
ورواه عمران بن أنس، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
ورواه ليث بن أبي سُليم-عنه: أبو جعفر الرازي- عن ابن أبي مليكة، عن عبدالله بن حنظلة موقوفاً عليه.
ورواه أيوب السختياني، وليث بن أبي سُليم-عنه: عبيد الله بن عمرو الرّقي- عن ابن أبي مليكة، عن عبدالله بن حنظلة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
والوجه الأوَّل أرجح لأمور :
أنّ رواته أكثر عدداً.
أنهم ثقات أثبات.
أنّ بقية الوجوه لا تخلو من علة :
فالوجه الثاني : فيه عمران بن أنس وهو ضعيف، وخالف الثقات، فسلك بالحديث الجادة فروايته منكرة جداً.
والوجه الثالث : فيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف وخالف الثقات ثم هو يضطرب في الحديث فمرةً يرفعه عن عبدالله بن حنظلة، ومرةً يقفه عليه.
والوجه الرابع : فيه ليث بن أبي سليم وتقدم الكلام عليه، وأما رواية أيوب السختياني فإنّ في الإسناد إليه الحسين بن محمد، قال ابن الجوزي عنه في الموضوعات (3/23) :((حسين بن محمد، وهو حسين بن محمد بن بهرام، أبو محمد المروزيّ، قال أبو حاتم الرازي: رأيته ولم أسمع منه، وسُئل أبو حاتم عن حديث يرويه حسين فقال: خطأ، قيل له: الوهم ممن ؟ فقال: من حسين ينبغي أن يكون))، ثم إنه تقدم أنّ إبراهيم الحربي نفى صحبة عبدالله بن حنظلة.
أنّ كبار الأئمة النقاد على ترجيح الوجه الأوَّل، وهم :
أبو حاتم- كما هنا-.(2/67)
وأبو القاسم البغوي، فقد قال –كما في تاريخ دمشق (27/419)، والمختارة (9/268) - :(( روى هذا الحديث جرير بن حازم، عن أيوب، وعبيد الله بن عمرو، عن ليث جميعاً عن ابن أبي مليكة، عن عبدالله بن حنظلة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وهما عندي وهم، وحدّث الثوريُّ، عن عبدالعزيز بن رُفيع، عن ابن أبي مليكة على الصواب؛ حدثنيه جديّ، أخبرنا أبو أحمد الزبيريُّ، أخبرنا سفيان، عن عبدالعزيز بن رُفيع، عن ابن أبي مليكة، عن عبدالله بن حنظلة، عن كعب قال: درهم ربا…وذكر الحديث )).
والعقيليُّ، فقد قال في الضعفاء الكبير (2/258) :((حديث ابن جريج أولى)).
والدارقطنيُّ، فقد قال في سننه (3/16) :((هذا أصح من المرفوع )).
والبيهقيُّ، فقد قال في شعب الإيمان (5/298) :((ورواه عبدالعزيز بن رُفيع، عن ابن أبي مُلَيْكة، عن عبد الله بن حنظلة، عن كعب قولُهُ، وهو أصح )).
وقد أشار الإمام أحمد إلى تعليل الحديث عندما أخرج هذا الطريق من حديث عبدالله بن حنظلة في مسنده ثم أتبعه برواية الحديث موقوفاً على كعب الأحبار في مسند عبدالله بن حنظلة مشيراً إلى إعلال الرواية المرفوعة بالموقوفة، ، والله أعلم.
فالحديث من الوجه الراجح موقوف على كعب وسنده صحيحٌ إليه، وتقدم الكلام على الحديث من جميع طرقه في المسألة رقم (1105)، وبيان أنه لا يصح مرفوعاً.
- - - -
72- ] 1160[ وسمِعْتُ أَبِي وَحَدَّثَنَا عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ(1)، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ (2)، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ(3)، عَنْ أَبِيهِ(4)، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ (5)، عَنْ* جَابِرِ(6)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنَجِّيهِ اللَّهُ مِنْ كُرِبَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وأَنْ يُظِلَّهُ تَحْتَ ظِلِّ الْعَرْشِ فَلْيُنْظِرْ مُعْسِرًا))، قَالَ أَبِي: هَذَا حَدِيثٌ بَاطِلٌ كَذِبٌ قَدْ أُدْخِلَ عَلَى هِشَام.(2/68)
………………………………
* كذا وقع في جميع النسخ (عن أبي قتادة، عن جابر)، وسيأتي في التخريج أنّ الطبراني رواه من نفس الطريق وعنده ((عن أبي قتادة، وجابر بن عبد الله)، وهو الأقرب إذ لم يذكر أن أبا قتادة يروي عن جابر بن عبد الله، بل ذُكر العكس.
ــــــــــــــــــــــ
(1) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1152)، وهو ((صدوق، ولمّا كبر تغير حفظه فكان يُلَقن فيتلقن فحديثه القديم أصح)).
(2) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1101)، وهو ((ثقة فيما روى عن الشاميين، ضعيفٌ فيما روى عن غيرهم)).
(3) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1106) ((وهو صدوق )).
(4) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1106) ((وهو متفق على توثيقه )).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1145).
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1098).
- - -
- التخريج:
- أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (5/ 298-299 رقم4589) قال: حدثنا عبدان بن أحمد، قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبى قتادة وجابر بن عبدالله أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:((من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة وأن يظله تحت عرشه فلينظر معسرا ))، وقال :((لم يرو هذا الحديث عن سهيل بن أبي صالح إلاّ إسماعيل بن عياش )).
وللحديث عن أبي قتادة طريق آخر، أخرجه : مسلمٌ في صحيحه (3/1196 رقم 1563) كتاب المساقاة، باب فضل إنظار المعسر، وابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج (ص75 رقم98) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب السختياني، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة أن أبا قتادة طلب غريما له فتوارى عنه، ثم وجده فقال : إني معسر، فقال : آلله، قال: آلله، قال: فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :((من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه )).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :(2/69)
بيّن أبو حاتم في كلامه السابق في صدر المسألة أنّ هذا الحديث كذبٌ وباطل، وأنه أُدخل على هشام بن عمّار، إذْ أنّ هشام بن عمّار لمّا كبر تغير حفظه فكان يُلَقن فيتلقن، وتقدم قول عبدالرحمن بن أبي حاتم :((سمعت أبي يقول: هشام بن عمّار لما كبر تغير فكل ما دفع إليه قرأه، وكلما لُقّنَ تَلَقّنَ، وكان قديما أصح، كان يقرأ من كتابه))، وقال أبو داود –كما في سؤالات الآجري له (2/191 رقم1567)- :((حدّث هشام بأرجح من أربعمائة حديث ليس لها أصل، مسندة، كان فضلك يدور على أحاديث أبي مسهر وغيره يلقنها هشام بن عمّار ))، فهذا الحديث المذكور في صدر المسألة مما لُقنه هشام بن عمار في آخر حياته.
ومتن الحديث صحيح، فقد رواه مسلم في صحيحه من طريق حماد بن زيد، عن أيوب السختياني، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة أن أبا قتادة ..الحديث، تقدم ذكره.
و تقدم في المسألة رقم (1150) ذكر شواهد للحديث من حديث أبي اليسر عند مسلم في صحيحه بلفظ :((من أنظر معسراً أو وضع له أظله الله يوم القيامة في ظله))، ومن حديث أبي هريرة عند الترمذيّ في سننه بلفظ :((من انظر معسرا أو وضع له أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله)).
- - - -
73- ] 1161[ وسأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ الْفِرْيَابِيُّ(1)، عَنْ الثَّوْرِيّ(2)، عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ(3)، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ(4)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ(5)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :((مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً* فَهُوَ بِالْخِيَارِ…))، الْحَدِيثَ، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ : هَذَا وَهْمٌ إِنَّمَا هُوَ مُوسَى بْن يَسَارٍ(6)، قِيلَ لأَبِي زُرْعَةَ : الوَهْمُ ممنْ هُوَ ؟ قَالَ : إمَّا مِنْ الْفِرْيَابِيّ، وإمَّا مِنْ الْثَّورِيّ.
………………………………(2/70)
* مُصَرَّاة : قال ابن الأثير في النهاية (3/27) في مادة ( صرا ) :(( المُصَرَّاة الناقَةُ أو البقَرةُ أو الشَّاةُ يُصَرَّى اللَّبنُ في ضَرْعها أي يُجْمع ويُحْبَس قال الأزهري ذكر الشافعي رضي الله عنه المُصرَّاةَ وفسّرها أنَّها التي تُصَرُّ أخْلافُها ولا تُحْلَبُ أياماً حتى يجتمعَ اللبنُ في ضَرْعِها فإذا حلَبها المُشْترى اسْتَغْزَرَها )).
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : محمد بن يوسف، تقدمت ترجمته في المسالة رقم (1136) وهو :((متفق على توثيقه وفضله)).
(2) هو : سفيان بن سعيد، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1110) وهو ((متفق على ثقته وجلالته وفقهه وعبادته)).
(3) هو : داود بن قيس الفرَّاء الدَّباغ، أبو سليمان القرشي، مولاهم، المدني، روى عن : إبراهيم بن عبد الله بن حنين، وموسى بن يسار، ونافع بن جبير بن مطعم وغيرهم، روى عنه : سفيان الثوري، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه وفضله، قال الشافعي :((ثقة حافظ)) ، وقال ابن حجر :((ثقة فاضل))، استشهد به البخاري في الجامع وروى له في القراءة خلف الإمام وفي الأدب وروى له الباقون، مات بالمدينة في خلافة أبي جعفر.
انظر : تهذيب الكمال ( 8/439-442)، التهذيب (3/198)، التقريب (ص 199رقم1808).
(4) هو : سعيد بن يسار، أبو الحُباب المدني، مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: مولى شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: غير ذلك، روى عن: عبد الله بن عمر بن الخطاب، وأبي هريرة، وعائشة أم المؤمنين وغيرهم، روى عنه : ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وسعيد المقبري، ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه، وثقه يحيى بن معين، وأبو زرعة، والنسائي وغيرهم، وقال ابن حجر :((ثقة متقن)) ، روى له الجماعة، مات سنة سبع عشرة ومائة.(2/71)
انظر : تاريخ الدوري (2/210)، الجرح (4/ 72رقم305)، تهذيب الكمال (11/120-122)، التقريب (ص 243رقم2432).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1089).
(6) هو : موسى بن يسار القرشي المطلبي المدني، مولى قيس بن مخرمة، روى عن : أبي هريرة، روى عنه : داود بن قيس الفراء، وابن أخيه محمد بن إسحاق بن يسار، وأبو معشر نجيح بن عبد الرحمن المدني وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه، وثقه يحيى بن معين، وابن حجر، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، استشهد به البخاري في الصحيح وروى له في الأدب وروى له الباقون سوى الترمذي.
انظر : تاريخ الدوري (2/597)، الثقات (5/404)، تهذيب الكمال (29/168-169)، التقريب (ص 554رقم7024).
- - -
- التخريج :
1- الفريابيّ، عن الثوريّ، عن داود بن قيس، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :((من اشترى مصراة فهو بالخيار…)) الحديث.
أخرجه :
- أبو عوانة في مسنده (3/276 رقم4953) كتاب البيوع، بيان إباحة المشتري المصراة أن يتأنى في ردها إلى بائعها ثلاثة أيام، قال : حدثنا أبو العباس الغزيُّ، قال : حدثنا الفريابيّ، قال : حدثنا سفيان الثوريّ، قال : حدثنا داود بن قيس، عن ابن يسار، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأحال على المتن السابق وهو قوله صلى الله عليه وسلم :((لا تصروا الغنم ، فمن اشتراها بعد ذلك فهو بها بخير النظرين: إن شاء أمسكها، وإن شاء ردها وصاع من تمر)) .
كذا وقع في رواية أبي عوانة : عن ابن يسار ولم يحدد هل هو : موسى، أو سعيد.
2-موسى بن يسار، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
أخرجه :
- البخاريّ في صحيحه (4/361) كتاب البيوع، باب النهي للبائع أن لا يحفِّل الإبل، والغنم، والبقر، معلقاً، فقال :((ويُذكر عن أبي صالح، ومجاهد، والوليد بن رباح، وموسى بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم صاعا من تمر)) .(2/72)
-ومسلم في صحيحه (3/1158رقم1525) كتاب البيوع، باب حكم بيع المصراة.
- وأبو عوانة في مسنده (3/276 رقم4951-4953).
-والطحاويُّ في شرح معاني الآثار (4/18) كتاب البيوع، باب بيع المصراة.
-والبيهقي في السنن الكبرى (5/318) كتاب البيوع، باب الحكم فيمن اشترى مصراة.
جميعهم من طريق القعنبيّ، زاد أبو عوانة، والطحاوي : عبد الله بن نافع، وابن وهب.
-والنسائي في سننه (7/253) كتاب البيوع، النهي عن المصراة، من طريق عبدالله بن الحارث.
-و أحمد بن حنبل في مسنده (2/463) قال :حدثنا عبد الرحمن بن مهدي.
- وابن عبد البر في التمهيد (18/213) من طريق إسحاق بن إبراهيم الحنيني.
- وابن حجر في تغليق التعليق (3/249) من طريق حماد بن أسامة.
جميعهم عن داود بن قيس، عن موسى بن يسار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((من اشترى شاة مصراة فلينقلب بها فليحلبها فإن رضي حلابها أمسكها وإلا ردها ومعها صاع من تمر)).
وقد توبع موسى بن يسار على هذا الحديث عن أبي هريرة، وأشهر من تابعه:
1- عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، أخرجه :
-البخاري في صحيحه (4/361 رقم 2148، 2150)، ومسلم في صحيحه (3/1155رقم 1412) باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه، وأبو داود في سننه (3/270رقم3443) كتاب البيوع، باب من اشترى مصراة فكرهها، والنسائيّ في سننه (7/253)، والحميدي في مسنده (2/446 رقم)، وابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان (11/343رقم4970) كتاب البيوع، باب البيع المنهي عنه، من طرق عن الأعرج، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم :((لا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد فإنه بخير النظرين بعد أن يحتلبها إن شاء أمسك وإن شاء ردها وصاع تمر)) .
2-ومحمد بن سيرين ، أخرجه :(2/73)
-مسلم في صحيحه (3/1158-1159رقم 1524)، وأبو داود في سننه (3/270رقم3444)، والنسائيّ في سننه (7/253)، والترمذي في سننه (3/553رقم1252)، وابن ماجه في سننه (2/753رقم2239) كتاب التجارات، باب بيع المصراة، وابن الجارود في المنتقى (ص146-197رقم 565-566) من طرق عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((من اشترى شاة مصراة فهو بخير النظرين إن شاء أمسكها وإن شاء ردها وصاعا من تمر لا سمراء)) ، وقال الترمذي :((هذا حديث حسن صحيح)) .
3-وثابت مولى عبد الرحمن بن زيد، أخرجه :
-البخاري في صحيحه (4/368 رقم 2151) باب إن شاء ردّ المصراة، وفي حلبتها صاع من تمر، وأبو داود في سننه (3/270رقم3445) من طريق المكي قال : أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني زياد أن ثابتا مولى عبد الرحمن بن زيد أخبره أنه سمع أبا هريرة رضي الله تعالى عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((من اشترى غنما مصراة فاحتلبها فإن رضيها أمسكها وإن سخطها ففي حلبتها صاع من تمر)) .
4- وذكوان أبو صالح السمان، أخرجه :
-مسلم في صحيحه (3/1158رقم1525) من طريق سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :((من ابتاع شاة مصراة فهو فيها بالخيار ثلاثة أيام إن شاء أمسكها وإن شاء ردها ورد معها صاعا من تمر)) .
5- ومحمد بن زياد ، أخرجه :
- الترمذي في سننه (3/553رقم1251) كتاب البيوع، باب ما جاء في المصراة، وإسحاق بن راهويه في مسنده (1/136 رقم63) من طريق محمد بن زياد عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم :((من اشترى مصراة فهو بالخيار إذا حلبها إن شاء ردها ورد معها صاعا من تمر)) .
6- وخلاس بن عمرو، أخرجه :(2/74)
- إسحاق بن راهويه في مسنده (1/430-431رقم498)، وأحمد بن حنبل في مسنده (2/259)، وأبو عوانة في مسنده (3/404رقم5491) باب بيان رد البيع بالعيب، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/17) من طريق عوف الأعرابيّ، عن خلاس بن عمرو، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :((من اشترى شاة مصراة أو لقحه مصراة فحلبها فهو بخير النظيرين بين أن يختارها وبين أن يردها وإناء من طعام)) .
7-وهمام بن منبه، أخرجه :
-مسلم في صحيحه (3/1158-1159رقم 1524)، من طريق عبد الرزاق، قال:حدثنا معمر، عن همام بن منبه قال: حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((إذا ما أحدكم اشترى لقحة مصراة أو شاة مصراة فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إما هي وإلا فليردها وصاعا من تمر)) .
8- وإبراهيم بن يزيد النخعي، أخرجه :
-إسحاق بن راهويه في مسنده (1/203رقم 159)، وأحمد بن حنبل في مسنده (2/410، و420) عن إبراهيم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال :((لا تصروا الإبل والغنم فمن اشترى مصراة فهو بأحد النظرين إن شاء ردها ورد معها صاع من تمر)) ، وإبراهيم لم يسمع من أبي هريرة-انظر : تحفة التحصيل (ص19-21)، أطراف مسند أحمد بن حنبل (7/132-133)-.
9- والوليد بن رباح، أخرجه :
-البخاريّ في صحيحه (4/361) معلقاً، فقال :((ويُذكر عن أبي صالح، ومجاهد، والوليد بن رباح، وموسى بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم صاعا من تمر)) ، وأحمد بن حنبل (2/ 394)، وأحمد بن منيع –كما في تغليق التعليق (3/249)-في مسنديهما من طريق كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((من اشترى مصراة فليرد معها صاعاً من تمر)).
10- ومجاهد بن جبر، أخرجه :(2/75)
-البخاريّ في صحيحه (4/361) معلقاً، فقال :((ويُذكر عن أبي صالح، ومجاهد، والوليد بن رباح، وموسى بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم صاعا من تمر))، والبزار في مسنده –كما في تغليق التعليق (3/284)-، والطبراني في الأوسط(8/200رقم7407)، والدارقطني في سننه (3/74) كتاب البيوع، من طرق عن مجاهد، عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم الحديث، وفيه :((ولا تبيعوا المصراة من الإبل والغنم فمن اشتراها فهو بالخيار إن شاء ردها وصاعا من تمر)).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في إسناد هذا الحديث عن داود بن قيس على وجهين :
الوجه الأوَّل : رواه الفريابيّ، عن الثوريّ، عن داود بن قيس، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثاني : رواه إسحاق بن إبراهيم الحنيني، وحماد بن أسامة، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن الحارث، وعبد الله بن مسلمة القعنبيّ، وعبد الله بن نافع، وعبدالله بن وهب عن داود بن قيس، عن موسى بن يسار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد رجح أبو زرعة الوجه الثاني، وذلك لكثرة من رواه عن داود بن قيس، ومنهم كبار الأئمة الثقات كعبد الرحمن بن مهدي، وابن وهب، والقعنبيّ.
ولم يجزم أبو زرعة بالواهم في الوجه الأوَّل فقال :((إمّا من الفريابي، وإما من الثوري))، فكلاهما يحتمل أن يكون هو الواهم، ولا يوجد ما يدل على نسبة الوهم لأحدهما، ولكن لو قيل : إنّ احتمال نسبة الوهم إلى الفريابي أقوى لم يكن بعيداً، وذلك أنّ من عادة النقاد الحمل على أقل الرواة درجة ومنزلة عند وجود خطأ أو وهم، والفريابيّ أقل ثقة وحفظاً وضبطاً من الثوري، بل لا مقارنة بينهما أبداً.
ويبدو أنّ سبب وهم الواهم سلوك الجادة فرواية سعيد بن يسار، عن أبي هريرة أكثر وأشهر من رواية موسى بن يسار، عن أبي هريرة.(2/76)
والحديث من الوجه الراجح صحيح، وقد رواه مسلمٌ في صحيحه، وأمَّا المتن فقد رواه عن أبي هريرة عدد كبير من الرواة-كما تقدم-، قال ابن عبد البر في التمهيد (18/203) :((والحديث عند أهل العلم بالحديث صحيح من جهة النقل رواه جماعة عن أبي هريرة منهم : موسى بن يسار، وأبو صالح السمان، وهمام بن منبه، ومحمد بن سيرين، ومحمد بن زياد بأسانيد صحاح ثابتة)) .
- - - -
74- ] 1162[ وسأَلْتُ أَبِي وأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ الْيَمَانُ بْنُ عَدِيّ(1)، عَنْ الزُّبَيْدِيِّ(2)، عَنْ الزُّهْرِيّ(3)، عَنْ أَبِي سَلَمَة(4)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ(5) * قَالَ :((إِذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ فَوَجَدَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ..))، فقَالا: هَذَا خَطَأٌ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بنُ عَيَّاش(6)، عَنْ الزُّبَيْدِيِّ ، ومُوسَى بنِ عُقْبَة(7)، عَنْ الزُّهْرِيّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بن عَبْد الرَّحْمَنِ(8)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قُلْتُ: فَإِنَّ بَقِيَّةَ(9)، يُحَدِّثُ عَنْ الزُّبَيْدِيِّ، فقَالَ : مَا هَذَا مِنْ حَدِيثِ بَقِيَّة أَصْلاً، مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ بَقِيَّة ؟ قُلْتُ : نُعَيْمُ بنُ حَمَّاد(10)، قَالَ: رَوَى نُعَيْمُ بنُ حَمَّاد، عَنْ بَقِيَّةَ أحَادِيثَ لَيْسَتْ مِنْ حَدِيثِ بَقِيَّة أَصْلاً، مَا أَعْلَمُ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ غَيْر إِسْمَاعِيلِ بنِ عَيَّاش.
قَالَ أَبِي : رَوَى نُعَيْمُ بنُ حَمَّاد هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ بَقِيَّة؛ فقَالَ فِيهِ : عَنْ أَبِي بَكْرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ولَمْ يُتَابَعْ نُعَيْمٌ عَليه.
وقَالا : الصَّحِيحُ عِنْدَنا مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيّ، / عَنْ أَبِي بَكْر بنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَل **.
………………………………
*كذا في الأصل، و(ش)، وفي (ت)، و(ف) ( عن النبي صلى الله عليه وسلم) وهو الأصح.(2/77)
** تقدمت هذه المسألة برقم (1143) بأقصر مما هنا، وتقدم هناك التنبيه على أنه كان من الأولى الجمع بين المسألتين هناك، لأنّ الكلام فيهما واحد .
ــــــــــــــــــــــ
(1) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1143)، وهو :(( ضعيف)).
(2) هو : محمد بن الوليد الزُّبَيْدِيُّ، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1143)، وهو:((متفقُ على توثيقه وتثبته، وهو من الطبقة الأولى من أصحاب الزهري)).
(3) هو: محمد بن مسلم بن شهاب الزهريّ، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091)، وهو :((متفق على جلالته وإتقانه)).
(4) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1105)، وهو :(( متفق على ثقته وفقهه وجلالته)).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1089).
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1101)، وهو ((ثقة فيما روى عن الشاميين، ضعيفٌ فيما روى عن غيرهم)).
(7) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1101)، وهو ((ثقةٌ فقيه إمامٌ في المغازي)).
(8) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1143)، وهو :(( متفقٌ على توثيقه وفقهه وفضله)).
(9) هو: بقية بن الوليد، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1109)، وهو :((ثقة مكثر من التدليس عن الضعفاء والمجهولين، وفي روايته عن غير أهل الشام بعض الأوهام)).
(10) هو : نُعَيْم بن حمّاد بن الخزاعي، أبو عبد الله المروزي، سكن مصر، روى عن: إبراهيم بن سعد، وبقية بن الوليد، وحفص بن غياث وغيرهم، وعنه:أحمد بن منصور الرمادي، وعبد الله الدارمي، ومحمد بن عوف الحمصيّ وغيرهم.(2/78)
لَيّنُ الحديثِ على جلالته وفضله، قال أبو داود :((عند نعيم بن حماد نحو عشرين حديثاً عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس لها أصل))، وقال أبو علي النيسابوري الحافظ:((سمعت أبا عبدالرحمن النسائي يذكر فضل نعيم بن حماد وتقدمه في العلم والمعرفة والسنن ثم قيل له في قبول حديثه فقال:" قد كثر تفرده عن الأئمة المعروفين بأحاديث كثيرة فصار في حد من لا يحتج به"))، وقال الدارقطني :((إمامٌ في السنة كثير الوهم))، وقال الذهبي-في الميزان- :((أحد الأئمة الأعلام على لين في حديثه))، وقال أيضاً – في السير- :((لا يجوز لأحد أن يحتج به، وقد صنّف كتاب الفتن فأتى فيه بعجائب ومناكير))، روى له البخاريّ مقروناً، ومسلم في المقدمة، والباقون، مات سنة ثمان وعشرين ومائتين.
انظر : تاريخ بغداد (13/306-314)، تهذيب الكمال ( 29/466-481)، الميزان (4/267-270 رقم9102)، السير (10/595-612)، التهذيب (10/458-463).
- - -
- التخريج :
1- اليمان بن عدي الحضرمي، عن الزبيدي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((إذا أفلس الرجل.. )) الحديث.
تقدم تخريج هذا الوجه في المسألة رقم (1143) .
2- إسماعيل بن عياش، عن الزبيدي، وموسى بن عقبة، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة .
تقدم تخريج هذا الوجه في المسألة رقم (1143) .
3-نعيم بن حماد، عن بقية، عن الزبيدي، عن الزهري عن أبي بكر بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة..الحديث.
لم أقف على من أخرجه من طريق بقية.
4- الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن النبي صلى الله عليه وسلم..الحديث.
تقدم تخريج هذا الوجه في المسألة رقم (1143) .
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
تقدم الكلام على هذه المسألة مستوفى في المسألة رقم (1143)، وبيان أنّ الحديث من طريق الزهري لا يصح إلاّ مرسلاً.
- - - -(2/79)
75- ] 1163[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ عَمْرٌو النَّاقِدُ(1)، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بنِ سُلَيْمٍ(2)، عَنْ بَقِيَّة(3)، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ سُلَيْمٍ الأَنْصَارِيّ(4)، عَنْ صَالِح بنِ كَيْسَانَ(5)، عَنْ سَعِيدِ بنِ الْمُسَيّب(6)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ(7)، قَالَ : سُئِلَ النبيّ صلى اللهُ عليه وسلم * عَنْ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يَحْفِرُ لَهُ فقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أَبِي : هَذَا حَدِيثٌ باطِلٌ إِنَّمَا هُوَ : سَعِيدُ أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَل، وسُلَيْمَانُ بنُ سُلَيْمٍ هو : سُلَيْمَانُ بنُ أَرْقَم(8)، قُلْتُ : فَمَا حال عَبْد اللّه بنِ سُلَيْمٍ ؟ قَالَ : شَيْخٌ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ. **
………………………………
* كذا في الأصل و(ش)، و(ف)، وفي (ت) (سئل عن رجل).
** نقل هذه المسألة الخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/122-123).
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : عَمرو بن محمد بن بكير النَّاقد، أبو عثمان البغدادي، سكن الرّقة، روى عن : معتمر بن سليمان، وهشيم بن بشير، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد وغيرهم، روى عنه : البخاري، ومسلم، وأبو داود وغيرهم.
ثقة حافظ، قال أبو حاتم :((ثقة أمين صدوق))، وقال الحسين بن فهم :((ثقة صاحب حديث ثبت وقد كتب عنه أهل بغداد كتابا كبيرا وكان من الحفاظ المعدودين وكان فقيها))، روى له النسائي، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين.
انظر : الطبقات (7/358)، الجرح (6/262 رقم 1451)، تهذيب الكمال (22/213-218)، التقريب (ص426 رقم5106).
(2) ذكره ابن أبي حاتم في الجرح وقال :((عبد الله بن سليم روى عن بقية، روى عنه عمرو الناقد، سألت أبى عنه فقال: شيخ ليس بالمشهور))، ولم أقف له على ذكر عند غير ابن أبي حاتم. انظر : الجرح (5/77 رقم362).(2/80)
(3) هو: بقية بن الوليد، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1109)، وهو :((ثقة مكثر من التدليس عن الضعفاء والمجهولين، وفي روايته عن غير أهل الشام بعض الأوهام)).
(4) هو سليمان بن أرقم كما قال أبو حاتم، تأتي ترجمته.
(5) هو : صالح بن كيسان المدني، أبو محمد، ويقال: أبو الحارث مولى بني غفار، ويقال: مولى بني عامر، ويقال: مولى آل معيقيب الدوسي، روى عن : عروة بن الزبير بن العوام، ومحمد بن مسلم الزهري، ونافع مولى بن عمر وغيرهم، روى عنه : إبراهيم بن سعد، وسفيان بن عيينة، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه وفقهه وجلالته، وهو من المقدمين في الزهري، قال حرب بن إسماعيل :((سئل أحمد بن حنبل عنه فقال: بخ بخ))، وقال يحيى بن معين :((ليس في أصحاب الزهري أثبت من مالك ثم صالح بن كيسان ثم معمر ثم يونس))، وقال الذهبيُّ:((ثقة جامع للفقه والحديث والمروءة))، وقال ابن حجر :((ثقة ثبت فقيه))، روى له الجماعة، مات بعد سنة ثلاثين أو بعد الأربعين ومائة.
انظر : الجرح (4/ 410-411رقم1808 )، تهذيب الكمال ( 13/79-84)، الكاشف (2/23رقم2277)، التقريب (ص 273رقم2884).
(6) سعيد بن المسيّب، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091)، وهو :((متفق على جلالته وإتقانه وفقهه)).
(7) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1089).
(8) هو : سليمان بن أرقم، أبو معاذ البصري، مولى الأنصار، وقيل: مولى قريش، وقيل: مولى قريظة أو النضير، روى عن : الحسن البصري، وصالح بن كيسان، وعطاء بن أبي رباح وغيرهم، روى عنه : بقية بن الوليد، والزهري، ويحيى بن حمزة وغيرهم.
متفق على ضعفه وتركه، قال البخاري :((تركوه))، وقال الذهبيُّ :((متروك))، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.
انظر : التاريخ الكبير (4/2 رقم1756)، تهذيب الكمال ( 11/351-355)، الكاشف (1/390رقم2089).
- - -
- التخريج :(2/81)
1- عمرو الناقد، عن عبد الله بن سليم، عن بقية، عن سليمان بن سليم الأنصاري، عن صالح بن كيسان، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل استأجر أجيرا يحفر له.
لم أقف على من أخرجه من طريق عبد الله بن سليم.
وقد تابع عبد الله بن سليم :
كثير بن عبيد، أخرجه ابن عدي في الكامل (3/254) قال : حدثنا ابن عنبسة وسعيد بن هاشم بن مرثد قالا : حدثنا كثير بن عبيد قال : حدثنا بقية عن سليمان الأنصاري قال: حدثني صالح بن كيسان عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل استأجر رجلا يحفر له بئرا فخر عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((ليس الضمان كالعين ))، قال ابن المسيب : ليس ما علمتَ وعلم، كما علمتَ ولم تعلم.
ومحمد بن مصفى، أخرجه ابن عدي في الكامل (3/254) قال : حدثناه محمد بن عبيد الله بن فضيل قال : حدثنا ابن مصفى قال : حدثنا بقية نحوه.
قال ابن عدي :(( وهذا عن صالح بن كيسان يرويه سليمان بن أرقم وعنه بقية )).
2- سعيد أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم، مرسل.
لم أقف على من أخرجه.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
رجح أبو حاتم أنّ الحديث مرسل من مراسيل سعيد بن المسيب، ولم أقف على الطريق المرسل للنظر في حال رجاله، وأمّا الطريق المتصل ففيه سليمان بن أرقم وهو متروك كما تقدم.
- - - -(2/82)
76- ] 1164[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ(1)، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ(2)، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ (3)، عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ(4)، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ(5)، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :((كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ فيه))، قَالَ أَبِي: رَوَاهُ عَنْ ثَوْرٍ بْنِ يزيد (6)، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ (7)، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبِي: وَهُوَ أَشْبَهُ بالصَّوَاب.
………………………………
* تقدمت المسألة برقم (1128) من طريق آخر يرجع إلى الاختلاف على خالد بن معدان، وتقدم التنبيه على أنه كان من الأولى الجمع بين المسألتين هناك، لأنّ الكلام فيهما واحد.
ــــــــــــــــــــــ
(1) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1101)، وهو ((ثقة فيما روى عن الشاميين، ضعيفٌ فيما روى عن غيرهم)).
(2) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1128)، وهو ((متفقٌ على توثيقه)).
(3) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1128)، وهو ((متفقٌ على توثيقه وفقهه وفضله، وهو يرسل)).
(4) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1128).
(5) هو: خالد بن زيد بن كُلَيْب الأنصاري، أبو أيوب، من كبار الصحابة، شهد بدراً، والمشاهد كلها مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونزل النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قدم المدينة عليه شهراً حتى بنيت مساكنه ومسجده، مات ببلاد الروم غازياً سنة خمسين.
انظر : تهذيب الكمال (8/66-71)، التقريب (ص188رقم1633).
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1128)، وهو ((ثقة ثبت فاضل، وكان يرى القدر)).
(7) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1128)، وهو ((متفقٌ على توثيقه وفضله)).
- - -
- التخريج :(2/83)
1- إسماعيل بن عياش، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن المقدام بن معدي كرب، عن أبي أيوب الأنصاري، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
تقدم تخريج هذا الطريق في المسألة رقم (1128).
2- ثور بن يزيد ، عن خالد بن مَعْدَان ، عن جُبير بنِ نفير، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
لم أقف على من أخرج هذا الطريق.
وقد تقدم في المسألة رقم (1128) التنبيه على أنّ هذا الوجه قد يكون وهماً، لأنّ ثور بن يزيد اختلف عليه على وجهين :
الأوَّل: ثور، عن خالد بن معدان، عن المقدام بن معدي كرب، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الثاني: ثور، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن المقدام بن معدي كرب، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولم أجد من ذكر أنّ ثور بن يزيد رواه من حديث أبي أيوب الأنصاري.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
تقدم الكلام على الحديث مستوفى في المسألة رقم (1128)، وبيان أنّ الحديث صحيح.
- - - -
77- ] 1165[ سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ عَبْدُ الْكَرِيمِ بنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ النَّاجِي*(1)، عَنْ الحَسَنِ بن مُسْلِم(2)، عَنْ الحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ(3)، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ(4)، عَنْ أَبِيهِ(5)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :((مَنْ حَبَسَ الْعِنَبَ أَيَّامَ الْقِطَافِ** لِيَبِيعَ مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ كَانَ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَقْتٌ)) ، قَالَ أَبِي :هَذَا حَدِيثٌ كَذِبٌ باطلٌ، قُلْتُ: تَعْرِفُ عَبْدَ الْكَرِيمِ هَذَا ؟ قَالَ: لا، قُلْتُ: فتَعْرِفُ الحَسَنَ بنَ مُسْلِم ؟ قَالَ: لا، ولكَنْ تَدُلُ رِوَايَتُهُمْ عَلَى الكَذِبِ.
………………………………
* كذا وقع في الأصل، وبقية النسخ، وفي (ت) (عبد الكريم الناجي).(2/84)
* قال ابن الأثير في النهاية (84/4):((قال الأزهري القِطاف : اسم وقت القَطْفِ وذَكَر حديث الحجّاج ثم قال والقَطَاف بالفتح جائز عند الكسائي)).
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : عبد الكريم بن عبد الكريم البزاز الجرجاني التاجر، المعروف بعبدك، روى عن: عمر بن هارون، والحسن بن مسلم، روى عنه محمد بن بندار السباك، وعبد الله بن المهدي.
مجهول، قال أبو حاتم :((لا أعرفه وحديثه يدل على الكذب)).
انظر : الجرح (6/62رقم327)، تاريخ جرجان (ص241)، المغني (2/402رقم3780).
(2) هو : الحسن بن مسلم الواسطي التاجر، روى عن: الحسين بن واقد، روى عنه: عبد الكريم بن عبد الكريم التاجر.
مجهول، قال أبو حاتم :((الحسن بن مسلم هذا لا يعرف ويدل حديثه على الكذب))، وقال ابن حبان :((منكر الحديث قليل الرواية روى عن الحسين بن واقد أحرفا منكرة لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد)) ، وقال الذهبيّ :((ليس بشيء)) .
انظر : الجرح (3/36 رقم 156)، المجروحين (1/236)، الضعفاء لابن الجوزي (1/210رقم864)، المغني (1/168رقم1485)، ديوان الضعفاء (ص86رقم958)، اللسان (2/256).
(3) هو : الحسين بن واقد المروزي، أبو عبد الله، قاضي مرو مولى عبد الله بن عامر بن كريز القرشي روى عن : أيوب بن أبي تميمة السختياني، وعبد الله بن بريدة، وعكرمة مولى بن عباس وغيرهم، روى عنه: سليمان الأعمش، وعبد الله بن المبارك، وعلي بن الحسن بن شقيق وغيرهم.
صدوق، قال ابن سعد :((كان حسن الحديث)) ، قال أحمد :((لا بأس به وأثنى عليه)) ، وقال أبو زرعة، وأبو داود، والنسائي :((ليس به بأس)) ، وقال ابن معين :((ثقة))، وقال الذهبيّ :((صدوق، استنكر أحمد بعض حديثه)) ، وقال ابن حجر :((ثقة له أوهام))، استشهد به البخاري في فضائل القرآن وروى له في الأدب وروى له الباقون، مات سنة تسع وخمسين ومائة.(2/85)
انظر : الطبقات (7/371)، الجرح (3/66رقم302)، تهذيب الكمال (6/491-495)، المغني (2/176رقم1576)، التهذيب (2/373-374)،التقريب (ص 169رقم1358).
(4) هو : عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي، أبو سهل المروزي، روى عن: أنس بن مالك، وأبيه بريدة بن الحصيب، وعمران بن حصين وغيرهم، روى عنه : حسين بن ذكوان المعلم، وحسين بن واقد المروزي، وكهمس بن الحسن وغيرهم.
ثقة، وثقه ابن معين، وأبو حاتم، والعجلي وغيرهم، قال الميموني :((سألته –يعني أحمد بن حنبل- عن ابني بريدة؟ فقال: سليمان أحلا في القلب، وكأنه أصحهما حديثاً، وعبد الله له أشياء كأنا ننكرها من حسنها، وهو جائز الحديث)) ، وقال عبد الله قال أبي :((عبدالله بن بريدة الذي روى عنه حسين بن واقد ما أنكرها، وأبو المنيب أيضا يقول كأنها من قبل هؤلاء)) ، وقال محمد بن علي الجوزجاني( ) من أصحاب الإمام أحمد بن حنبل، له عنه أسئلة، انظر : طبقات الحنابلة (1/307)، المقصد الأرشد (2/467). ) :((قلت لأبي عبد الله –يعني أحمد بن حنبل- سمع عبد الله من أبيه شيئا ؟قال : ما أدري، عامة ما يروون عن بريدة عنه، يضعف حديثه)) ، فتعقب محمد بن علي الجوزجاني هذا الكلام بقوله :((ورأيت سليمان أخوه عنده أكثر منه، لا أدري ما معنى قول أحمد هذا فإن عبد الله بن بريدة ولد في خلافة عمر بن الخطاب وبقي أبوه بريدة إلى أيام يزيد بن معاوية فكيف لم يسمع منه، على أن أحمد قد روى له حديثا أنه وفد مع أبيه على معاوية فكيف خفي سماعه منه))، وقال إبراهيم الحربي :((عبد الله أتم من سليمان، ولم يسمعا من أبيهما وفيما روى عبد الله عن أبيه أحاديث منكرة)) .(2/86)
فتبين مما تقدم أنّ أحمد بن حنبل يستنكر تفردات عبد الله عن أبيه –كما في رواية الميموني-، وأحياناً يجعل العلة في الرواة عنه–كما في رواية عبد الله-، وقد صرح في رواية الميموني بأنه جائز الحديث، وأما قول الجوزجاني :((يضعف حديثه))، فهو فهم من الجوزجاني، وصريح كلام أحمد يرد عليه.
وأمّا سماعه من أبيه فهو ثابت بدلالة ما يلي :
أنه عاصر أباه أكثر من أربعين سنة فقد ولد سنة خمس عشرة، ومات سنة خمس عشرة ومائة، وله من العمر مائة سنة، وأبوه مات سنة ثلاث وستين فيبعد جداً أن لا يسمع منه.
أنّ هناك أخباراً ثابتة تدل على السماع منها : ما رواه أحمد في المسند (5/347) قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثني حسين قال: حدثني عبدالله بن بريدة قال: دخلت أنا وأبي على معاوية فأجلسنا على الفرش ثم أتينا بالطعام…الخ، ورواه ابن عساكر في تاريخه من طريق علي بن الحسين، عن أبيه –به-، وهذا إسناد جيد.
أنّ البخاري روى له في صحيحه حديثين عن أبيه (رقم4350، 4473)، ونصّ على سماعه من أبيه أبو أحمد الحاكم.
وقد وثقه الذهبيّ، وابن حجر، روى له الجماعة.
انظر : العلل ومعرفة الرجال (2/22رقم1420)، من كلام أبي عبد الله (ص159 رقم17)، معرفة الثقات (2/22رقم857)، الجرح (5/13رقم61)، تاريخ دمشق (27/125-139)، تهذيب الكمال ( 14/328-332)، الكاشف (2/74 رقم2668)، التهذيب (5/157-158)، الهدي (ص413،462)، التقريب (ص297رقم3227).
(5) هو : بريدة بن الحصيب -بمهملتين مصغرا – بن عبد الله الأسلمي، أبو سهل، صحابي جليل، أسلم قبل بدر ولم يشهدها، وسكن المدينة، ثم انتقل إلى البصرة، ثم انتقل إلى مرو ومات بها سنة ثلاث وستين، وهو آخر من مات بخراسان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
انظر : تهذيب الكمال ( 4/53-55)، التقريب (ص121 رقم660).
- - -
- التخريج :(2/87)
- عبد الكريم الناجي، عن الحسن بن مسلم، عن الحسين بن واقد، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :((من حبس العنب أيام القطاف…)) الحديث.
أخرجه :
- ابن حبان في المجروحين (1/236) قال: أخبرناه محمد بن عبد الله بن الجنيد-ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق (2/189)، وفي العلل المتناهية (2/677)-.
-والطبراني في المعجم الأوسط (6/170-171رقم5352) قال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خيثمة قال: حدثنا أحمد بن منصور المروزي.
-والسهمي في تاريخ جرجان (ص241) قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد البكرآباذي، قال: حدثنا أحمد بن محمد العصار الجرجاني، قال: حدثنا عبد الله بن مهدي.
-والبيهقي في شعب الإيمان (5/17) من طريق أحمد بن منصور المروزي، وإبراهيم بن محمد بن يزيد السكري.
جميعهم عن عبدالكريم بن عبدالكريم –به-.
وفي رواية البيهقي، والطبراني : عن عبدالكريم بن أبي عبدالكريم، ووقع في رواية السهمي : عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال..الحديث، ووقع في رواية البيهقي : عن الحسين بن واقد، عن أبي بردة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال السيوطي في الدر المنثور (3/180) :((وأخرج البيهقي عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من حبس العنب…)) ، وهذه الرواية خطأ، فلا يعلم أنّ الحسين روى عن أبي بردة، ويبدو أنه تصحيف من : ابن بريدة، عن أبيه، وهذا التصحيف قديم كما يدل على ذلك نقل السيوطي المتقدم، والله أعلم.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :(2/88)
تبين مما تقدم أنّ الحديث موضوع، والعلة من الحسن بن مسلم أو من عبد الكريم بن عبد الكريم فكلاهما لا يعرف كما قال أبو حاتم، وتفردا بحديث من طريق مشهور، فطريق الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه كثير في كتب السنة، وقال ابن حبان :((وهذا حديث لا أصل له عن حسين بن واقد وما رواه ثقة والحسن بن مسلم هذا راويه يجب أن يعدل به عن سنن العدول إلى المجروحين برواية هذا الخبر المنكر)) ، وقال ابن الجوزي-في التحقيق- :((لا أصل له))، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/90) : ((رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبدالكريم بن عبدالكريم قال أبو حاتم حديثه يدل على الكذب)).
- - - -
78- ] 1166[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ آدَمَ(1)، عَنْ زُهَيْرٍ(2)، عَنْ جَابِر(3)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ذَكْوَانَ(4) قَالَ : رَأيتُ عَبْدَ اللّه بنَ عُمَرَ (5) يَشْتَري بَيْعَ المُجَازَفةِ * ويَقُولُ : قَالَ لي عُمَرُ(6) :((إِذَا ابْتَعْتَ مَتَاعًا فَضَمَمْتَهُ إِلَيْكَ بِذَلِكَ قَبَضْتَهُ))، قَالَ أَبِي : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذَكْوَانَ هُوَ أَبُو الْزِّنَاد، ولم يَرَ ابْنَ عُمَرَ، وبَيْنَهُمَا عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ(7).
………………………………
* المُجَازَفةِ مأخوذةٌ من الجَزْف قال ابن منظور في لسان العرب (9/27) :((الجزف: أخذ الشيء مجازفةً وجِزافاً، فارسيّ معرب، وفي الحديث"ابتاعوا الطعام جزافاً"، الجِزاف، والجَزْف : المجهول القدر مكيلاً كان أو موزوناً)) ، ونحو هذا قال ابن الأثير في النهاية (1/269)، وقال البعلي في المطلع (ص240) :((وجزافاً هو بكسر الجيم وفتحها، ويقال فيه : الجزافة، والمجازفة، وهو : بيع الشيء، واشتراؤه بلا كيل ولا وزن)) .
ــــــــــــــــــــــ(2/89)
(1) هو : يحيى بن آدم بن سليمان القرشي الأموي، أبو زكريا الكوفي، مولى خالد بن خالد بن عقبة بن أبي معيط، روى عن : زهير بن معاوية، وفطر بن خليفة، ومسعر بن كدام وغيرهم، روى عنه : أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، والحسن بن علي بن عفان وغيرهم.
متفق على توثيقه وفضله وعلمه، قال يعقوب بن شيبة :((ثقة كثير الحديث…سمعت علي بن المديني يقول: يرحم الله يحيى بن آدم أي علم كان عنده وجعل يطريه وسمعت عبيد بن يعيش يقول سمعت أبا أسامة يقول ما رأيت يحيى بن آدم قط إلا ذكرت الشعبي يعني أنه كان جامعا للعلم)) ، وقال ابن حجر :((ثقة حافظ فاضل)) ، روى له الجماعة، مات سنة ثلاث ومائتين.
انظر : تهذيب الكمال ( 31/188-192)، التقريب (ص 587رقم7496).
(2) هو: زهير بن معاوية، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1135) وهو ((متفقٌ على توثيقه إلاّ أنّ سماعه من أبي إسحاق بأَخَرةٍ)) .
(3) هو : جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي، أبو عبد الله، ويقال : أبو يزيد، ويقال: أبو محمد الكوفي، روى عن : عامر الشعبي، وأبي الطفيل عامر بن واثلة، والمغيرة بن شبيل وغيرهم، روى عنه : زهير بن معاوية، وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وغيرهم.
متروك الحديث، ويدلس، وكان غالياً بالرفض، قال مسلم بن الحجاج، والنسائي، والدارقطني :((متروك الحديث)) ، وقال ابن معين :((لا يكتب حديثه ولا كرامة)) ، وقال ابن سعد :((كان يدلس، وكان ضعيفاً جداً في رأيه وروايته)) ، وأقوال النقاد في جرحه كثيرة، بل رماه سعيد بن جبير، وأيوب السختياني وغيرهما بالكذب.
وثبت أنّ الثوري، وشعبة، ووكيع وغيرهم عدّلوا ووثقوا جابراً، قال سفيان الثوري:((إذا قال جابر حدثنا وأخبرنا فذاك)) ، وقال شعبة :((جابر صدوق في الحديث)) ، وقال وكيع :((مهما شككتم في شيء فلا تشكوا في أن جابرا ثقة)) .(2/90)
ولعله لم يتبين لهم أمره وشدة ضعفه، وسوء مذهبه، أو كما قال ابن حبان :((فإن احتج محتج بأن شعبة والثوري رويا عنه، فإن الثوري ليس من مذهبه ترك الرواية عن الضعفاء بل كان يؤدي الحديث على ما سمع لأن يَرْغب الناس في كتابة الأخبار ويطلبوها في المدن والأمصار، وأما شعبة وغيره من شيوخنا فإنهم رأوا عنده أشاء لم يصبروا عنها وكتبوها ليعرفوها، فربما ذكر أحدهم عنه الشيء بعد الشيء على جهة التعجب فتداوله الناس، والدليل على صحة ما قلنا أن محمد بن المنذر قال: حدثنا أحمد بن منصور قال: حدثنا نعيم بن حماد قال : سمعت وكيعا يقول قلت لشعبة : مالك تركت فلانا وفلانا ورويت عن جابر الجعفي ؟ قال: روى أشياء لم نصبر عنها، حدثنا ابن فارس قال: حدثنا محمد بن رافع قال : رأيت أحمد بن حنبل في مجلس يزيد بن هارون ومعه كتاب زهير عن جابر وهو يكتبه فقال : يا أبا عبد الله تنهوننا عن حديث جابر وتكتبونه قال: نعرفه))، قال الذهبيُّ :((من أكبر علماء الشيعة وثقه شعبة فشذ، وتركه الحفاظ، قال أبو داود : ليس في كتابي له شيء سوى حديث السهو)) ، وقال ابن حجر :((ضعيف رافضي)) ، روى له أبو داود حديثاً واحداً والترمذيّ، وابن ماجه، مات سنة ثمان وعشرين ومائة.
انظر : الطبقات (6/345)، تاريخ الدوري (3/364رقم1769)، الكنى والأسماء لمسلم (2/725رقم2918)، الجرح (2/ 497-498 رقم 2043)، المجروحين (1/209)، سنن الدارقطني (1/398)، تهذيب الكمال ( 4/465-472)، الكاشف (1/177-178رقم748)، التهذيب (2/46-51)، التقريب (ص 137رقم878).
(4) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1138) وهو ((متفقٌ على توثيقه)) .
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091).
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1133).(2/91)
(7) هو : عبيد بن حنين المدني، أبو عبد الله مولى آل زيد بن الخطاب، وقيل : مولى بن زريق، روى عن : زيد بن ثابت، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وأبي موسى الأشعري وغيرهم، روى عنه : سالم أبو النضر، وأبو الزناد عبد الله بن ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم.
ثقة، قال محمد بن سعد :((كان ثقة وليس بكثير الحديث)) ، وقال أبو حاتم :((صالح الحديث)) ، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وقال ابن حجر :((ثقة قليل الحديث))، روى له الجماعة ، مات سنة خمس ومائة.
انظر : الطبقات (5/285)، الجرح (5/ 404-405رقم1872)، الثقات (5/133)، تهذيب الكمال ( 19/197-200)، التقريب (ص 376رقم4368).
- - -
- التخريج :
لم أقف على من أخرجه.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
أعل أبو حاتم هذا الأثر بالانقطاع بين أبي الزناد، وابن عمر، فأبو الزناد عبد الله بن ذكوان لم يسمع من ابن عمر شيئاً، وتقدم بيان ذلك في المسألة رقم (1138).
- - - -
79- ] 1167[ وسألْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ(1)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ(2)، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ(3)، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُبَيْرٍ(4)، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ(5)، عَنْ عَمْرِو بْنِ حَرِيشٍ(6) قَالَ: قُلْتُ لعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ(7): إِنَّا بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا ذَهَبٌ وَلاَ فِضَّةٌ، أَفَأَبِيعُ الْبَقَرَةَ بِالبَقَرَتَينِ، وَالشَّاةَ بِالشَّاتَيْنِ، وَالْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ إِلَى أَجَلٍ، فقَالَ أَمَرَنِي رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ أُجَهِّزُ جَيْشًا فَنَفِدَتْ الإِبِلُ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللّهِ نَفِدَتْ *، فقَالَ :((خُذْ فِي قِلاصِ ** الصَّدَقَةِ)) ، فجَعَلتُ آخُذُ الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ.(2/92)
قُلْتُ لأَبِي : مَنْ مُسْلِمُ بنُ جُبَيْر ؟ قَالَ : هُوَ مِصْرِيٌّ، قُلْتُ : فأَبُو سُفْيَانَ مَنْ هُوَ ؟ قَالَ: هُوَ الشَّامِيُّ، إنْ لَمْ يَكُنْ الَّذِي رَوَى عَنْه يَحْيَى بنُ أَبِي كَثِير(8)، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ رَجُلٍ مِنْ أهَلِ الشَّامِ عَنْ بَجِيرِ بنِ رَيْسَان(9) ،/ عَنْ عُبَادَةَ(10) فِي الصَّلاةِ بَيْنَ التَّرَاوِيحِ قَالَ: لا أَدْرِي مَنْ هُوَ.
………………………………
* كذا في الأصل، و(ش)، وفي (ت)، و(ف) (نفدت الإبل).
** قِلاصِ : جمع قَلُوص، قال ابن الأثير في النهاية (4/100) :((هي الناقة الشابة، وقيل: لا تزال قَلُوصاً حتى تصير بازلا، وتجمع على قلاص، وقُلُص)) ، قال ابن الملقن في البدر المنير (5/ل27ب) :((ومعناها : السلف على إبل الصدقة إلى أجل معلوم)) .
ــــــــــــــــــــــ
(1) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1118)، وهو :((ثقة عابد له أوهام، من أثبت الناس في حديث ثابت البناني، وحميد الطويل، وعمار بن أبي عمار، وعلي بن زيد بن جدعان، وهشام بن عروة)).
(2) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1140) وهو ((صدوق، وكان يدلس)) .
(3) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1137) وهو ((متفقٌ على توثيقه وفقهه، وكان يرسل، ولم يسمع من الزهريّ شيئاً إنما كتب إليه الزهري)).
(4) هو : مسلم بن جبير الجُرَشي، مولى ثقيف، روى عن : أبي سفيان الجرشي، وعنه : يزيد بن أبي حبيب.(2/93)
مجهول العين، ذكره ابن حبان في الثقات، وفي رواية أحمد للحديث قال :((حدثنا يعقوب قال: حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني أبو سفيان الجرشي وكان ثقة فيما ذكر أهل بلاده، عن مسلم بن جبير مولى ثقيف وكان مسلم رجلا يؤخذ عنه قد أدرك وسمع عن عمرو بن حريش الزبيدي)) ، وقال ابن حزم :((لا يدرى من هو)) ، وقال ابن القطان :((لم أجد له ذكراً، ولا أعلمه في غير هذا الإسناد)) ، وقال الذهبي :((لا يدري من هو، وقيل: تفرد عنه يزيد)) ، وقال ابن حجر :((مجهول)) ، روى له أبو داود.
انظر : مسند أحمد (2/216)، الثقات (5/393)، المحلى (9/107)، بيان الوهم والإيهام (5/163)، الميزان (4/102 رقم8483)، تعجيل المنفعة (2/254-256رقم1026)، التقريب (ص 529رقم 6619).
(5) أبو سفيان، روى عن :عمرو بن حريش أبي محمد الزبيدي، وعنه : مسلم بن جبير.
مقبول، قال عثمان بن سعيد الدارمي :((قلتُ –أي: ليحيى بن معين-: محمد بن إسحاق، عن أبي سفيان، ما حال أبي سفيان هذا ؟ فقال : ثقة مشهور)) ، وفي رواية أحمد للحديث قال :((حدثنا يعقوب قال: حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني أبو سفيان الجرشي وكان ثقة فيما ذكر أهل بلاده)) ، قال ابن حزم :((لا يدرى من هو)) ، وقال ابن القطان :((فيه نظر)) ، وقال الذهبيُّ –في الكاشف- :((أبو سفيان عن عمرو بن حريش وعنه مسلم بن جبير ثقة)) ، وقال –في الميزان- :((أبو سفيان عن عمرو بن حريش عن عبد الله بن عمرو لا يعرف)) ، وقال ابن حجر :((مقبول))، روى له أبو داود.
انظر : مسند أحمد (2/216)، تاريخ الدارمي (ص199 رقم734)، الجرح (9/382-383رقم 1788)، المحلى (9/107)، بيان الوهم والإيهام (5/163)، تهذيب الكمال ( 33/366)، الكاشف (3/342 رقم192)، الميزان (4/531 رقم10248)، التقريب (ص645رقم8137).
(6) هو : عمرو بن حَرِيش -بفتح أوله وآخره معجمة- الزُّبَيْدِيّ- بضم أوله-، أبو محمد، سمع عبدالله بن عمرو، وعنه : أبو سفيان.(2/94)
مجهول الحال، قال ابن حزم :((لا يدرى من هو)) ، وقال ابن القطان :((مجهول الحال)) ، قال ابن حجر :((له حديث مشهور وهو مجهول الحال))، روى له أبو داود.
انظر : المحلى (9/107)، بيان الوهم والإيهام (5/163)، تهذيب الكمال (21/583-584)، التقريب (ص 420رقم5010).
(7) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1140).
(8) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1094 )، وهو ((ثقة ثبت يرسل)).
(9) هو : بحير بن ريسان اليماني، روى عن : عبادة-ولم يدركه-، وعنه : بكر بن مضر، وابن لهيعة.
مجهول، قال البخاري :((مجهول)) ، وقال أيضاً :((لا يتابع عليه)) ، قال ابن عدي : ((وبحير بن ريسان هذا من أهل اليمن وقد روى أحاديث وروى عنه بنوه أحاديث مناكير وليس هو بكثير الرواية)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبيُّ –في المغني-:((لا يعرف، بلى روى عنه ابن لهيعة، وبكر بن مضر، وقال البخاريّ: لا يتابع على حديثه، قلتُ: ولم يدرك عبادة)) ، ولكن وقع في الرواية-كما سيأتي- التصريح بالسماع والرؤية، وقال الذهبيُّ أيضاً –في ديوان الضعفاء- :((لا يعرف)) .
انظر : التاريخ الكبير (2/137رقم 1961)، الضعفاء الكبير (1/155)، الثقات (4/81)، الكامل (2/56)، الميزان (1/299رقم1129)، المغني (1/100رقم851)، ديوان الضعفاء (ص44رقم548)، لسان الميزان (2/3).
(10) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1148).
- - -
- التخريج :
1- حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مسلم بن جبير، عن أبي سفيان، عن عمرو بن حريش قال قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص : إنا بأرض ليس بها ذهب ولا فضة أفأبيع البقرة بالبقرتين والشاة بالشاتين والبعير بالبعيرين إلى أجل، فقال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أجهز جيشا فنفدت الإبل، قلت : يا رسول الله نفدت الإبل، فقال : خذ في قلاص الصدقة، فجعلت آخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة.
أخرجه :(2/95)
-أبو داود في سننه (3/250 رقم3357) كتاب البيوع، باب الرخصة في ذلك –أي في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة-.
-والبخاريّ في التاريخ الكبير (6/323).
-والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/60) عن ابن أبي داود.
-والدارقطني في سننه (3/70) من طريق يوسف بن موسى، وأبي داود.
-والحاكم في المستدرك (2/56-57) كتاب البيوع، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل القارئ حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي.
جميعهم عن حفص بن عمر.
-والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/60) قال: حدثنا نصر بن مرزوق قال:حدثنا الخصيب بن ناصح .
-وأخرجه : الطبرانيّ في المعجم الكبير-قطعة من الجزء الثالث عشر (ص63رقم155)- قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي.
-والبيهقي في السنن الكبرى (5/287) كتاب البيوع، باب بيع الحيوان وغيره مما لا ربا فيه بعضه ببعض نسيئة، قال :أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري، قال :أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال: حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي.
كلاهما عن عبدالواحد بن غياث.
-وأخرجه : الطبرانيّ في المعجم الكبير-قطعة من الجزء الثالث عشر (ص63رقم155)- قال: حدثنا بشر بن موسى، قال: حدثنا العلاف بن عبد الجبار العطار.
-والمزي في تهذيب الكمال (21/583) من طريق أبي القاسم البغوي قال: حدثنا عبدالأعلى بن حماد.
جميعهم عن حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مسلم بن جبير، عن أبي سفيان، عن عمرو بن حريش قال: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص: إنا بأرض ليس بها ذهب ولا فضة أفأبيع البقرة بالبقرتين والشاة بالشاتين والبعير بالبعيرين ، فقال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أجهز جيشا فنفدت الإبل، قلت : يا رسول الله نفدت الإبل، فقال : خذ في قلاص الصدقة، فجعلت آخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة)) ، هذا لفظ البيهقي ونحوه البقية، ولفظ أبي داود مختصر.(2/96)
قال البيهقي :((اختلفوا على محمد بن إسحاق في إسناده وحماد بن سلمة أحسنهم سياقة له)) ، وقال الحاكم :((حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)) .
وقد اختلف في الحديث على ابن إسحاق على أوجه :
رواه حماد بن سلمة –عنه : حفص بن عمر، والخصيب بن ناصح، وعبدالواحد بن غياث، وعبدالأعلى بن حماد، والعلاف بن عبد الجبار-، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مسلم بن جبير، عن أبي سفيان، عن عمرو بن حريش قال: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص…الحديث، تقدم تخريجه.
و رواه حماد بن سلمة –عنه : عفان بن مسلم الصفار-، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مسلم بن أبي سفيان، عن عمرو بن حريش –به، ذكره ابن ماكولا في الإكمال (2/421-422)، وابن القطان في بيان الوهم والإيهام (5/163).
ورواه إبراهيم بن سعد، وجرير بن حازم كلاهما عن محمد بن إسحاق عن أبي سفيان عن مسلم بن جبير عن عمرو بن الحريش قال : سألت عبدالله بن عمرو بن العاص…الحديث، أخرجه : أحمد في مسنده (2/216)، والبخاري في التاريخ الكبير (6/322-323) عن سعيد بن محمد كلاهما عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال : حدثنا أبي..الحديث، وأخرجه : أحمد أيضاً في مسنده (2/171)، والدارقطني (3/68) من طريق أبي أمية الطرسوسي، كلاهما عن حسين بن محمد قال: حدثنا جرير بن حازم…الحديث.
ورواه عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن ابن إسحاق، عن أبي سفيان، عن مسلم بن كثير، عن عمرو بن حريش..الحديث، أخرجه : البخاري في التاريخ الكبير (6/323)، وابن أبي حاتم في الجرح (8/193) معلقاً عن عبد الأعلى.
ورواه يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، عن أبي سفيان الحرشي، عن عمرو، أخرجه : البخاري في التاريخ الكبير (6/323) قال : وقال عبيد –وهو ابن يعيش- عن يونس..-به-.
وللحديث عن عبد الله بن عمرو طريق آخر، أخرجه :(2/97)
- الدارقطني في سننه (3/70) –ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (5/287)-قال : حدثنا أبو بكر النيسابوري قال: أخبرنا يونس بن عبدالأعلى قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني ابن جريج أن عمرو بن شعيب أخبره عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمره أن يجهز جيشا، قال عبد الله بن عمرو : وليس عندنا ظهر قال: فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يبتاع ظهرا إلى خروج المصدق فابتاع عبد الله بن عمرو البعير بالبعيرين وبالأبعرة إلى خروج المصدق بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم)).
وأبوبكر النيسابوري ثقة حافظ-السير (15/65-68)، ويونس بن عبد الأعلى هو الصدفيّ ثقة –التقريب (ص 613رقم7907)، والباقون تقدمت تراجمهم.
ولكن في سماع ابن جريج من عمرو بن شعيب نظر؛ قال البخاري –كما في علل الترمذي (ص108)- :((ابن جريج لم يسمع من عمرو بن شعيب))، وقال البيهقي في السنن الكبرى (6/ 8) :((وابن جريج لا يرون له سماعا من عمرو، قال البخاري رحمه الله :لم يسمعه)) ، ونقل الزيلعي كلام البخاري في نصب الراية (2/420)، ولكن وقع هنا في الإسناد :((ابن جريج أن عمرو بن شعيب أخبره عن أبيه)) ففيه التصريح بإخبار عمرو بن شعيب لابن جريج مما يدل على السماع منه، وقد تتبعتُ كثيراً من حديث ابن جريج عن عمرو ولم أره يصرح بالسماع من عمرو، والله أعلم.
وقال البيهقي عن هذا الطريق :((صحيح)) ، وكذا قال في الخلافيات –كما مختصر الخلافيات (3/291)-، وقال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (2/520) :((هذا إسنادٌ جيد وإن كان غير مخرج في شيء من السنن)) ، وقال ابن حجر في فتح الباري (4/ 419) :((وإسناده قوي)) .
2- يحيى بن أبي كثير، عن أبي سفيان رجل من أهل الشام، عن بحير بن ريسان، عن عبادة في الصلاة بين التراويح.
أخرجه :(2/98)
- ابن أبي شيبة في المصنف (2/399) كتاب الصلوات، في الصلاة بين التراويح، قال:حدثنا عفان بن مسلم، قال : حدثنا همام بن يحيى.
- والبخاري في التاريخ الكبير (2/137)قال لنا مسلم بن إبراهيم.
- والعقيلي في الضعفاء الكبير (1/155) حدثناه محمد بن إسماعيل بن سالم قال:حدثنا عفان.كلاهما عن أبان بن يزيد.
كلاهما ( همام، وأبان ) عن يحيى بن أبي كثير أن رجلا من أهل الشام حدثه يقال له: أبو سفيان أن بحير بن ريسان حدثه أنه كان عند عبادة بن الصامت شهد ذلك زجرهم أن يصلوا إذا تروح الإمام في رمضان فجعل يزجرهم وهم لا يبالون ولا ينتهون فضربهم فرأيته يضربهم على ذلك.
قال البخاريّ والعقيلي :((لا يتابع عليه))، وهذا الأثر ضعيف لجهالة أبي سفيان، وبحير بن ريسان.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن محمد بن إسحاق على خمسة أوجه:
الوجه الأوَّل : رواه إبراهيم بن سعد، وجرير بن حازم كلاهما عن محمد بن إسحاق قال: حدثني أبو سفيان عن مسلم بن جبير عن عمرو بن الحريش قال : سألت عبد الله بن عمرو بن العاص…الحديث.
الوجه الثاني : رواه حماد بن سلمة –عنه : حفص بن عمر، والخصيب بن ناصح، وعبد الواحد بن غياث، وعبدالأعلى بن حماد-، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مسلم بن جبير، عن أبي سفيان، عن عمرو بن حريش قال: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص..الحديث.
الوجه الثالث : رواه حماد بن سلمة –عنه : عفان بن مسلم الصفار-، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مسلم بن أبي سفيان، عن عمرو بن حريش –به.
الوجه الرابع : رواه عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن ابن إسحاق، عن أبي سفيان، عن مسلم بن كثير، عن عمرو بن حريش..الحديث.
الوجه الخامس: رواه يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، عن أبي سفيان الحرشي، عن عمرو بن حَريش.(2/99)
ولعل الوجه الأوَّل هو أقوى الوجوه، قال ابن حجر في تعجيل المنفعة (2/256) : ((ويترجح رواية إبراهيم بن سعد على رواية حماد باختصاصه بابن إسحاق، وقد تابع جرير بن حازم إبراهيم كما تقدم فهي الراجحة)) ،
ومع ذلك فإنّ هذا الطريق الراجح ضعيف لتفرد ثلاثة من المجاهيل بالحديث وهم : أبو سفيان، ومسلم بن جبير، وعمرو بن حريش.
قال عثمان بن سعيد الدارمي في تاريخه (ص199) :((قلتُ –أي: ليحيى بن معين: محمد بن إسحاق، عن أبي سفيان، ما حال أبي سفيان هذا ؟ فقال : ثقة مشهور، قلتُ : عن مسلم بن كثير عن عمرو بن حريش الزبيدي ؟ قال: هذا حديث مشهور)) قال ابن القطان :((والشهرةُ لا تنفعه، فإنَّ الضعيف قد يشتهر)) .
وقد ضعف الحديثَ :
ابنُ حزم، فقال في المحلى (9/ 107) :((رُوى من طريق عبد الله بن عمرو بن العاص أنه كان يبتاع البعير بالقلوصين والثلاثة إلى إبل الصدقة بعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأمره، وهذا حديث في غاية فساد الإسناد رويناه من طريق محمد بن إسحاق فمرة رواه عن أبي سفيان ولا يدرى من هو، عن مسلم بن كثير ولا يدرى من هو، وعن عمرو بن دينار الدينوري ولا يدرى من هو، عن عمرو بن حريش الزبيدي ولا يدرى من هو، ومرة قلب الإسناد فجعل أوله آخره وآخره أوله فرواه عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم بن جبير ولا يدرى من هو، عن أبي سفيان ولا يدرى من هو، عن عمرو بن حريش)) .(2/100)
-وابن القطان الفاسي، فقد قال في بيان الوهم والإيهام (5/162-164) : ((وذكر –أي عبد الحق في الأحكام- من طريق أبي داود حديث عبد الله بن عمرو:" أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يجهز جيشاً ، فنفدت الإبل"..الحديث، ثم قال : يرويه محمد بن إسحاق، واختلف عنه في إسناده والحديث مشهور، كذا قال!، وهو قول تَبِعَ فيه غيرَه، والشهرة لا تنفعه، فإنّ الضعيف قد يشتهر، وهو حديث ضعيف ..-و استطرد في ذكر الاختلاف ثم قال- فاعلم بعد هذا لاضطراب أنّ عمرو بن حريش أبا محمد الزبيدي مجهول الحال، ومسلم بن جبير لم أجد له ذكراً، ولا أعلمه في غير هذا الإسناد، وكذلك مسلم بن كثير مجهول الحال أيضاً)) ، وقال الخطابي في معالم السنن (5/29) :((في إسناد حديث عبد الله بن عمرو مقال)) .
وقوّى الحديثَ البيهقيُّ، وابنُ عبد الهادي، وابنُ حجر –كما تقدم- لأجل طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وقال ابن القيم في حاشيته على سنن أبي داود- عون المعبود (9/210)- :((وحديث عبد الله بن عمرو صريح في جواز المفاضلة والنساء، وهو حديثٌ حسن)) ، ولكن هذا الطريق معلول بما قيل من عدم سماع ابن جريج من عمرو بن شعيب -كما تقدم-، والله أعلم.
- - - -
80- ] 1168[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ بُهْلُولُ بْنُ عُبَيْد(1)، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السبيعيّ(2)، عَنْ الْحَارِثِ(3)، عَنْ عَلِيٍّ(4)، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الأَعْمَالِ أَزْكَى ؟ قَالَ :((كَسْبُ الْمَرْءِ بِيَدِهِ، وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ))، قَالَ أَبِي : هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا الإِسْنَادِ بَاطِلٌ، بُهْلُولُ ذَاهِبُ الْحَدِيثِ *.
………………………………
* نقل هذه المسألة ابن الملقن في البدر المنير (5/ل19ب).
ــــــــــــــــــــــ(2/101)
(1) هو : بهلول بن عبيد الكوفى، روى عن : أبى إسحاق السبيعي، وإسماعيل بن أبى خالد، وسلمة بن كهيل وغيرهم، روى عنه : على بن هاشم بن مرزوق ، وأبو عبيدة الفضل بن الفضل، ومحمد بن معاوية وغيرهم.
متفقٌ على ضعفه ، قال أبو حاتم :((ضعيف الحديث ذاهب)) ، وقال ابن أبي حاتم : ((سئل أبو زرعة عن بهلول بن عبيد فقال: ليس بشيء منكر الحديث حسبك به ضعفا وترك حديثه ولم يقرأه علينا وكان عنده عن أبى عبيدة الفضل بن الفضل عنه)) ، وقال ابن حبان :((شيخ يسرق الحديث لا يجوز الاحتجاج به بحال)) ، وقال ابن عدي :((ليس بذاك…ولبهلول هذا غير ما ذكرت من الحديث قليل وأحاديثه عمن روى عنه فيه نظر وحديثه عن أبي إسحاق أنكر منه عن غيره وإنما ذكرته لأبين أن أحاديثه ليس مما يتابعه الثقات عليها إذ لم أر لمن تكلم في الرجال فيه كلاما)) .
انظر : الجرح (2/429 رقم 1707)، المجروحين (1/202)، الكامل (2/65)، اللسان (2/67).
(2) هو : عمرو بن عبد الله بن عبيد، ويقال: علي، ويقال: ابن أبي شعيرة الهمداني، أبو إسحاق السَّبِيعي -بفتح المهملة وكسر الموحدة-، روى عن : جرير البجلي، والحارث الأعور، وعدي بن حاتم وغيرهم كثير، وعنه : وعنه : حفيده إسرائيل، وشعبة، وابنه يونس وغيرهم كثير.(2/102)
متفق على توثيقه وجلالته، غير أنه كبر وتغير حفظه، وكان ربما دلس، قال أبو حاتم:((ثقة وهو أحفظ من أبي إسحاق الشيباني ويشبه الزهري في كثرة الرواية واتساعه في الرجال)) ، وقال عيسى بن يونس بن أبي إسحاق :((قال لي شعبة :لم يسمع جدك من الحارث إلا أربعة أحاديث، قلت: ما علمك ؟ قال: هو قال لي)) ، وقال الذهبيّ :((من أئمة التابعين بالكوفة وأثباتهم، إلاّ أنه شاخ ونسي ولم يختلط، وقد سمع منه سفيان بن عيينة وقد تغير قليلاً)) ، وقال العلائيُّ :((أحد أئمة التابعين، المتفق على الاحتجاج به، وقال يعقوب الفسويُّ : قال بعض أهل العلم : كان قد اختلط، وقال يحيى بن معين : سمعت حميد الرؤاسي يقول: إنما سمع ابن عيينة من أبي إسحاق بعد ما اختلط..ولم يعتبر أحد من الأئمة ما ذكر من اختلاط أبي إسحاق، احتجوا به مطلقاً، وذلك يدلُ على أنه لم يختلط في شيء من حديثه،..فهو أيضا من القسم الأوَّل)) ، والقسم الأوّل من المختلطين-عند العلائيّ- هم : من لم يوجب ذلك له ضعفاً أصلا، ولم يحط من مرتبته، إمّا لقصر مدة الاختلاط وقلته..، وإمّا لأنه لم يرو شيئاً حال اختلاطه، فسلم حديثه من الوهم..، وقال ابن حجر :((ثقة مكثر عابد من الثالثة اختلط بأخرة)) ، روى له الجماعة، مات سنة تسع وعشرين ومائة وقيل قبل ذلك.
انظر : الجرح (6/ 242-243رقم1347)، تهذيب الكمال ( 22/102-113)، الميزان (3/270 رقم6393)، المختلطين (ص93-94رقم35)، التقريب (ص423رقم5065).
(3) هو : الحارث بن عبد الله الأعور الهَمْداني -بسكون الميم - الحُوتي -بضم المهملة وبالمثناة-، أبو زهير الكوفي، روى عن : زيد بن ثابت، وعبد الله بن مسعود، وعلي بن أبي طالب، وبقيرة امرأة سلمان الفارسي، روى عنه : عامر الشعبي، وعمرو بن مرة، وأبو إسحاق الهمداني وغيرهم.(2/103)
ضعيف، ورمي بالرفض، وكذبه الشعبيّ في رأيه، وثقه ابن معين –في رواية الدارمي، وتعقب الدارميُّ ابنَ معين فقال : لا يتابع عليه-، وأحمدُ بن صالح، وابنُ نمير، وقال النسائي-في موضع- :((ليس به بأس)) .
لكن الجمهور على تضعيفه، قال الشعبيُّ :((حدثني الحارث الأعور وكان كذاباً)) ، وقال أحمد بن صالح :((لم يكن يكذب في الحديث، إنما كذبه في رأيه)) ، وضعفه سعيد بن منصور، وابن سعد، وابن معين –في رواية ابن أبي خيثمة-، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وغيرهم، وقال ابن عدي :((وللحارث الأعور عن علي، وهو أكثر رواياته عن علي، وروى عن ابن مسعود القليل، وعامة ما يرويه عنهما غير محفوظ)) ، وقال الذهبيّ-في الميزان- :((وحديث الحارث في السنن الربعة، والنسائي مع تعنته في الرجال، فقد احتج به وقوّى أمره، والجمهور على توهين أمره مع روايتهم لحديثه في الأبواب)) ، وقال أيضاً-في الكاشف- :((شيعي لين، قال النسائي وغيره: ليس بالقوي، وقال ابن أبي داود : كان أفقه الناس وأفرض الناس وأحسب الناس)) ، وقال ابن حجر :((كذبه الشعبي في رأيه ورمي بالرفض وفي حديثه ضعف وليس له عند النسائي سوى حديثين)) ، روى له الربعة، مات في خلافة بن الزبير.
انظر : تاريخ الدارمي (ص90رقم233)، الجرح (3/78-79رقم363)، الكامل (2/ 604)، تاريخ أسماء الثقات (ص108رقم269)، تهذيب الكمال ( 5/244-253)، الميزان ( 1/435-437رقم1627)، الكاشف (1/195 رقم868)، التهذيب (2/145-147)، التقريب (ص 146رقم1029).
(4) تقدمت ترجمته في المسألة (1100).
- - -
- التخريج :
- بهلول بن عبيد، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث، عن علي قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ..الحديث.
أخرجه :
- ابن عدي في الكامل (2/65) قال :حدثنا محمد بن هارون بن سليمان الحريري ومحمد بن عبد الواحد الناقد.(2/104)
- والبيهقي في شعب الإيمان (2/ 88) أخبرنا أبو عبدالله الحافظ قال: أخبرني الحسين بن محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة.
جميعهم عن الحسين بن منصور قال :حدثنا بهلول بن عبيد الكندي قال :حدثنا أبو إسحاق السبيعي عن الحارث عن علي سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أزكى ؟ قال :((كسب المرء بيديه وكل بيع مبرور)) .
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
تبيّن مما تقدم أنّ الحديث باطل بهذا الإسناد كما قال أبو حاتم، وذلك لعدة علل :
في سنده بهلول بن عبيد وهو متفق على ضعفه.
وفي سنده أيضاً الحارث الأعور وهو ضعيف.
أنّ أبا إسحاق السبيعي لم يسمع من الحارث الأعور إلاّ أربعة أحاديث كما تقدم ولا يعلم سماعه لهذا الحديث.
تفرد بهلول بن عبيد بالحديث عن أبي إسحاق السبيعي، وأبو إسحاق السبيعي إمام أهل الكوفة في زمانه، وله تلاميذ كثيرون، فكيف يتفرد بهلول بالحديث من بينهم ؟، وكذلك تفرد الحارث الأعور بالحديث عن عليّ بن أبي طالب مما يستنكر.
فالحديث بهذا الإسناد باطل كما قال أبو حاتم.
وللحديث شواهد كلها معلولة، وهي :
- حديث عبد الله بن عمر، قال عنه أبو حاتم :((باطل)) ، وسيأتي برقم (1172).
- حديث البراء بن عازب، ورافع بن خديج، وأبي بردة بن نيار ، وأحاديثهم إنما هي اختلافات على وائل بن داود، ووائل ثقة –التقريب (ص 580رقم7394)-، وبيان هذا الاختلاف :
أنّ الحديث مداره على وائل بن داود، واختلف عليه على أوجه :
الوجه الأوَّل -وهو مرسل-: وائل بن داود، عن سعيد بن عمير قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الكسب أطيب ؟ قال :((عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور))، وسعيد بن عمير مقبول –التقريب (ص240رقم2375)-، وهو مرسل .
روى هذا الوجه عن وائل :(2/105)
سفيان الثوري –عنه : أبو نعيم ، وقبيصة-، أخرجه : يعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ (3/179) قال: حدثنا أبو نعيم ، وقبيصة، قالا: حدثنا الثوري، عن وائل –به-، وسنده صحيح، وتقدمت تراجم رواته، وأشار إلى هذه الرواية أبو حاتم كما في العلل لابنه (2/443).
أبو معاوية محمد بن خازم، أخرجه : ابن أبي شيبة في المصنف (7/270) كتاب البيوع والأقضية، في الكسب، ابن أبي الدنيا في إصلاح المال (ص95رقم314) قال: حدثنا علي بن الجعد، كلاهما عن أبي معاوية، عن وائل –به-، وأبو معاوية تقدمت ترجمته، وعلي بن الجعد ثقة ثبت –التقريب (ص 398رقم4698)-، وسنده صحيح.
ومحمد بن عبيد الطنافسي، أخرجه : البيهقي في السنن الكبرى (5/263) كتاب البيوع، باب إباحة التجارة، قال : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: حدثنا عباس بن محمد قال: حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا وائل بن داود–به-، ومحمد بن عبيد ثقة يحفظ-التقريب (ص495رقم6114)-، وعباس بن محمد هو الدوري تقدمت ترجمته، وأبو العباس هو الأصم إمام مشهور.
ومروان بن معاوية الفزاري، أخرجه : أبو عبيد القاسم في غريب الحديث (4/469)، ومروان ثقة حافظ تقدمت ترجمته.
وذكر هذا الوجه البخاريّ في التاريخ الكبير (3/501) معلقاً فقال :((سعيد بن عمير الأنصاري… روى عنه وائل بن داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أطيب الكسب عمل الرجل بيده، وأسنده بعضهم وهو خطأ)) .
الوجه الثاني : وائل بن داود، عن سعيد بن عمير، عن عمه : البراء بن عازب قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الكسب أفضل ؟ قال :((كسب مبرور)).
روى هذا الوجه عن وائل :
إبراهيم بن إسماعيل المؤدب أبو إسماعيل، أشار إلى روايته ابن أبى حاتم في العلل (2/443 رقم2837)، ولم أجد من وصل هذه الرواية إلى إبراهيم، وإبراهيم المؤدب صدوق يغرب –التقريب (ص 90رقم181)-.(2/106)
وسفيان الثوري –عنه : الأسود بن عامر-، أخرجه : ابن منده في معرفة الصحابة –كما في الإصابة (4/19)-، والحاكم في المستدرك (2/10) كتاب البيوع-ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (5/263)-، من طريق العباس بن محمد الدوري، قال: حدثنا الأسود بن عامر، قال: أنبأنا سفيان –به-، وقال الحاكم :((هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، والأسود بن عامر ثقة –التقريب (ص111رقم503)-، وقد خطّأ البيهقيُّ روايته هذه فقال :((وقد أرسله غيره عن سفيان، وقال شريك بن عبدالله، عن وائل بن داود، عن جميع بن عمير، عن خاله أبي بردة وجميع خطأ)) .
وعبد الله بن نمير، أخرجه : ابن أبى حاتم في العلل (2/443 رقم2837) قال :((قال أبى : وحدثني أيضاً الحسن بن شاذان، عن ابن نمير هكذا متصلاً عن البراء)) ، وابن نمير ثقة صاحب حديث –التقريب (ص 327رقم3663)، والحسن بن شاذان هو الحسن بن خلف وشاذان لقب أبيه، وهو صدوق له أوهام –التقريب (ص 160رقم1237)-.
الوجه الثالث : وائل بن داود، عن جميع بن عمير، عن خاله : أبي بردة بن نيار سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم …الحديث.
روى هذا الوجه عن وائل :
-شريك بن عبد الله القاضي، أخرجه : أحمد في المسند (3/366)، والبزار في مسنده –كما في كشف الأستار (2/83 رقم 1258)-، قال: حدثنا عبدة بن عبد الله، والحاكم في المستدرك (2/10)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/263) كلاهما من طريق الدوري، جميعهم عن الأسود بن عامر.
وأخرجه : البغوي في معجم الصحابة –كما في الإصابة (4/19)-، والطبراني في المعجم الكبير (22/197 رقم 520) من طريق يحيى الحماني.
وأخرجه : أبو الشيخ الأصبهاني في طبقات المحدثين (2/134رقم158) من طريق لوين.
جميعهم (الأسود بن عامر، ويحيى الحماني، ولوين) عن شريك بن عبد الله، عن وائل بن داود –به-.(2/107)
وقد اضطرب فيه شريك فرواه عن عبد الله بن عيسى، عن جميع بن عمير، أو عمير بن جميع، عن خاله..الحديث، أخرجه: ابن قانع في معجم الصحابة (3/204)، والطبراني في المعجم الكبير (22/197رقم519)، ورواه شريك أيضا عن وائل التيمي، عن خاله، عن أبي بردة، أخرجه : ابن قانع في معجم الصحابة (3/205).
وقال البيهقي بعد روايته :((هكذا رواه شريك بن عبد الله القاضي، وغلط فيه في موضعين : أحدهما في قوله: جميع بن عمير، وإنما هو سعيد بن عمير، والآخر : في وصله، وإنما رواه غيره عن وائل مرسلاً)).
الوجه الرابع : وائل بن داود، عن عباية بن رفاعة، عن جده رافع بن خديج قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم …الحديث.
روى هذا الوجه عن وائل :
- عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، أخرجه : أحمد بن حنبل في مسنده (4/141)، والطبراني في المعجم الكبير (4/276 رقم ) من طريق إسماعيل بن هود الواسطي كلاهما عن يزيد بن هارون، وابن أبي الدنيا في إصلاح المال (ص94رقم309)، وابن الأعرابي في معجمه (3/1125رقم2426) من طريق إسماعيل بن عمر.
كلاهما ( يزيد بن هارون، وإسماعيل بن عمر ) عن المسعودي عن وائل بن داود، عن عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج عن جده رافع بن خديج قال : قيل: يا رسول الله أي الكسب أطيب ؟ قال :((عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور)) ، وقال الدارقطني –كما في أطراف الغرائب والأفراد (3/64)- :((تفرد به المسعودي)).
والمسعودي صدوق اختلط قبل موته وضابطه أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط-التقريب (ص344رقم3919)-، ويزيد بن هارون، وإسماعيل بن عمر كلاهما ممن روى عنه بعد الاختلاط- التهذيب (6/112)، والتلخيص الحبير (3/3)-.(2/108)
ويبدو أنه يضطرب في رواية الحديث فتارةً يرويه عن وائل بن داود عن عبيد بن رفاعة، عن أبيه ..، أخرجه : البزار في مسنده –كما في كشف الأستار (2/83رقم1257)- قال: حدثنا محمد بن عبد الرحيم، قال: حدثنا أبو المنذر إسماعيل بن عمر، ثنا المسعودي-به-، وقال :((لا نعلم أحدا أسنده عن المسعودي إلاّ إسماعيل، وقد رواه غيره، فقال: عن عبيد بن رفاعة ولم يقل عن أبيه)) وتارةً يرويه عن وائل بن داود عن عباية بن رافع بن خديج عن أبيه، أخرجه : الحاكم في المستدرك (2/10) من طريق معاوية بن عمرو، وابن نقطة في التقييد (2/225) من طريق القاسم بن يزيد، كلاهما عن المسعودي –به-، وقال الحاكم :((وهذا خلاف ثالث على وائل بن داود إلا أن الشيخين لم يخرجا عن المسعودي ومحله الصدق)).
وقد نصَّ بعض النقاد على وهم المسعودي في الحديث؛ فقال يعقوب الفسوي في التاريخ والمعرفة 03/180) :((والمسعودي يخالف في هذا الحديث ويغلط فيه)) ، وقال ابن حجر في التلخيص الحبير (3/3) :((والظاهر أنه من تخليط المسعودي، فإن إسماعيل أخذ عنه بعد الاختلاط)).
وأرجح هذه الوجوه الوجه الأوَّل لأمور :
أنّ كبار النقاد على ترجيح هذا الوجه المرسل؛ قال البخاريّ في التاريخ الكبير (3/501) :((وأسنده بعضهم وهو خطأ)) ، وقال أبو حاتم في العلل لابنه (2/443) :((والمرسل أشبه)) ، وقال البيهقي في السنن الكبرى (5/263-264) :((والصحيح رواية وائل عن سعيد بن عمير عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً)) ، وقال ابن حجر في التلخيص الحبير (3/3) :((والمحفوظ رواية من رواه عن الثوري عن وائل عن سعيد مرسلا)).(2/109)
أنّ بقية الوجوه لا تخلو من علة : فالوجه الثاني : رواه عن وائل ثلاثة : سفيان الثوري، وابن نمير، وإبراهيم المؤدب، والصواب عن سفيان الثوري الوجه الأوّل المرسل لأنه رواه عنه اثنان : أبو نعيم وهو من كبار أصحاب الثوري، وتابعه قبيصة بن عقبة وهو من أصحاب الثوري أيضاً فروايتهما تقدم على رواية الأسود بن عامر، وقد رجح أبو حاتم الإرسال عن الثوري كما في العلل (2/443)، وأمَّا رواية المؤدب وابن نمير فقد خالفا من هو أوثق منهما وأكثر عدداً، وقد يكون الخطأ في رواية ابن نمير من الراوي عنه وهو الحسن بن خالف وهو صدوق له أوهام كما تقدم، وأمَّا الوجه الثالث : ففيه شريك بن عبد الله وقد خالف الثقات في وصل الحديث، واضطرب في الحديث أيضاً، والوجه الرابع : فيه المسعودي وقد خالف الثقات، واضطرب في الحديث لأنه رواه بعد اختلاطه وقد نص على ذلك النقاد كما تقدم.
فتبين مما تقدم أنّ هذه الأحاديث لا تصلح شواهد للحديث لأنّها كلها معلولة لطريق واحد.
ولكن مما يشهد لشطر الحديث الأوَّل قوله :((كسب المرء بيده)) ، ما رواه البخاري في صحيحه (4/303 رقم 2072) كتاب البيوع، باب كسب الرجل وعمله بيده، من طريق خالد بن معدان، عن المقدام، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :((ما أكل أحدٌ طعاماً قطّ خيراً من أن يأكل من عمل يده)) .
- - - -
81- ] 1169[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عُمَرَ(1)، عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ(2)، عَنْ ابْنِ عَجْلاَنَ(3)، عَنْ عِيَاضِ(4)، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ(5)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّ رَجُلاً * أُصِيبَ فِي حائط فقَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ لَيْسَ لَكُمْ غَيرُهُ)) .(2/110)
قَالَ أَبِي :لَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيثِ ابنِ عَجْلاَنَ، إِنَّمَا رَوَاهُ بُكَيْرُ بنُ الأَشَجّ(6)، عَنْ عِيَاضِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
………………………………
* لم أقف على تسمية هذا الرجل.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : محمد بن يحيى بن أبي عُمر العَدَنيّ، أبو عبد الله، نزيل مكة، وقد ينسب إلى جده، روى عن : سفيان بن عيينة، وفضيل بن عياض، ومعتمر بن سليمان وغيرهم، روى عنه: مسلم والترمذي وابن ماجة في كتبهم وغيرهم.
ثقة، وله بعض الأوهام عن ابن عيينة، قال ابن معين، والبرقاني :((ثقة))، وقال أحمد بن سهل الإسفراييني :((سمعت أحمد بن حنبل وسئل عمن نكتب ؟ فقال: أما بمكة فابن أبي عمر)) ، وقال أبو حاتم :((كان رجلا صالحا وكان به غفلة، ورأيت عنده حديثا موضوعا حدث به عن بن عيينة وكان صدوقا)) ، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وقال ابن حجر :((صدوق، صنف المسند، وكان لازم بن عيينة، لكن قال أبو حاتم: كانت فيه غفلة)) ، وقال الذهبي :((الحافظ المسند)) ، وقد نقل ابنُ أبي حاتم في العلل عن أبيه، وابن الجنيد توهيم ابن أبي عمر في عدد من رواياته عن ابن عيينة، روى له النسائي، قال البخاري مات سنة ثلاث وأربعين ومائتين.
انظر : تاريخ الدوري (2/542)، الجرح (8/124-125 رقم 560)، العلل لابن أبي حاتم (1/408، 2/ 44، 67، 97، 193، 307، 397)، الثقات (9/98)، تهذيب الكمال (26/639-642)، تذكرة الحفاظ (2/501)، التقريب (ص513رقم6391).
(2) هو: سفيان بن عيينة، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1106) وهو((متفق على ثقته وجلالته)).
(3) هو : محمد بن عجلان القرشي، أبو عبد الله المدني، مولى فاطمة بنت الوليد،روى عن : أنس بن مالك، وأبيه عجلان، وعياض بن عبد الله وغيرهم، روى عنه: سفيان بن عيينة، وشعبة بن الحجاج، ومالك بن أنس وغيرهم.(2/111)
ثقة، وفي روايته نافع اضطراب ووهم، واختلطت عليه أحاديث أبي هريرة التي رواها عن سعيد المقبري، وثقه ابنُ عيينة، ويحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، ويعقوب بن شيبة، وأبو حاتم، والنسائيّ وغيرهم، وقال يحيى القطان :((كان ابن عجلان مضطرب الحديث في حديث نافع))، وقال ابن حبان :((عنده صحيفة عن سعيد المقبري بعضها عن أبيه، عن أبى هريرة، وبعضها عن أبى هريرة نفسه، قال يحيى القطان : سمعت محمد بن عجلان يقول: كان سعيد المقبري يحدث عن أبيه، عن أبي هريرة، وعن أبى هريرة فاختلط علىَّ فجعلتها كلها عن أبى هريرة، قال أبو حاتم : وقد سمع سعيد المقبري من أبى هريرة وسمع عن أبيه، عن أبى هريرة، فلما اختلط على ابن عجلان صحيفته ولم يميز بينهما اختلط فيها، وجعلها كلها عن أبى هريرة ، وليس هذا مما يُوَهّى الإنسان به، لأن الصحيفة كلها في نفسها صحيحة، فما قال ابن عجلان عن سعيد، عن أبيه، عن أبى هريرة، فذاك مما حمل عنه قديما قبل اختلاط صحيفته عليه، وما قال عن سعيد، عن أبى هريرة، فبعضها متصل صحيح، وبعضها منقطع لأنه أسقط أباه منها فلا يجب الاحتجاج عند الاحتياط إلا بما يروى الثقات المتقنون عنه عن سعيد عن أبيه عن أبى هريرة)) ، وقال الذهبيُّ : ((حديثه إن لم يبلغ رتبة الصحيح فلا ينحط عن رتبة الحسن)) ، وقال ابن حجر :((صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة)) ، استشهد به البخاري في الصحيح وروى له في القراءة خلف الإمام وروى له الباقون، مات سنة ثمان وأربعين ومائة.
انظر : المعرفة والتاريخ (1/698)، الضعفاء الكبير (4/118)، الجرح (8/49-50رقم228)، الثقات (386-387)، تهذيب الكمال (26/101-108)، السير (6/317-322)، التهذيب (9/341-342)، التقريب (ص496رقم6136).(2/112)
(4) هو : عِيَاض-بكسر أوله، وتخفيف التحتانية، وآخره معجمة- بن عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح- بفتح المهملة، وسكون الراء، بعدها مهملة- القرشي العامري المكي، روى عن : جابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة وغيرهم، روى عنه : داود بن قيس، وزيد بن أسلم، ومحمد بن عجلان وغيرهم.
متفق على توثيقه، وثقه يحيى بن معين، والنسائي، وابن حجر وغيرهم، روى له الجماعة، مات على رأس المائة.
انظر : الجرح ( 6/ 408 رقم2284)، تهذيب الكمال ( 22/567-569)، التقريب (ص437رقم5277).
(5) هو سعد بن مالك أبو سعيد الخدري، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1095).
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1104) وهو ((متفق على ثقته وفضله)).
- - -
- التخريج :
1- ابن أبي عمر، عن ابن عيينة، عن ابن عجلان، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّ رجلاً أصيب…الحديث.
أخرجه :
- أبو عوانة في مسنده (3/336رقم 5212) كتاب الييوع، باب ذكر الخبر الموجب وضع الجوائح، معلقاً قال :((رواه سفيان بن عيينة، عن ابن عجلان، أنه سمع عياض بن عبد الله قال: سمعتُ أبا سعيد بنحوه-أي بنحو رواية بكير بن الأشج-)) .
2- بكير بن الأشج، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
أخرجه :
-مسلم في صحيحه (3/1191رقم 1556) كتاب البيوع، باب استحباب الوضع من الدين.
-وأبو داود في سننه (3/276رقم3469) كتاب البيوع، باب وضع الجائحة.
-و الترمذي في سننه (3/44رقم655) كتاب الزكاة، باب ما جاء فيمن تحل له الصدقة.
-والنسائي في سننه (7/265) كتاب البيوع، باب وضع الجوائح.
-وابن ماجه في سننه ( 2/789 رقم 2356) كتاب الأحكام، باب تفليس المعدم والبيع عليه لغرمائه.
-وابن أبي شيبة في المصنف (7/318-319)كتاب البيوع والأقضية، في الرجل يلحقه الدين فيحط عنه.
-وأحمد بن حنبل في مسنده (3/36، 58).(2/113)
- وعبد بن حميد في المنتخب (ص 306رقم 992).
-وابن الجارود في المنتقى (ص341رقم1027).
- وأبو عوانة في مسنده (3/336رقم 5212).
-والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/35) ، وفي شرح مشكل الآثار (5/142).
- وابن حبان في صحيحه-كما في الإحسان (11/409رقم5033) كتاب البيوع، باب الجائحة-.
-والبيهقي في السنن الكبرى (6/49-50) كتاب التفليس، باب لا يؤاجر الحر في دين عليه ولا يلازم إذا لم يوجد له شيء.
- وابن عبد البر في التمهيد (13/152).
جميعهم من طريق الليث بن سعد.
وأخرجه :
- مسلم –في الموضع السابق-.
-والنسائي في سننه (7/312) الرجل يبتاع البيع فيفلس ويوجد المتاع بعينه.
-وابن الجارود في المنتقى–في الموضع السابق-.
-والطحاوي –في الموضع السابق-.
-والحاكم في المستدرك (2/41) كتاب البيوع.
-والبيهقي في السنن الكبرى (5/305) كتاب البيوع، باب من قال لا توضع الجائحة.
- وابن عبد البر في التمهيد (13/152).
جميعهم من طريق عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث.
كلاهما (الليث بن سعد، وعمرو بن الحارث ) عن بكير بن الأشج، عن عياض بن عبدالله، عن أبي سعيد الخدري قال: أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((تصدقوا عليه)) فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لغرمائه :((خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك)) .
قال الترمذيُّ :((حديث أبي سعيد حديث حسن صحيح)) ، وقال الحاكم :((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) وهذا متعقب بأنّ مسلماً خرجه.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
يرى أبو حاتم أنّ هذا الحديث ليس من حديث ابن عجلان عن عياض بن عبد الله، وإنما رواه بكير بن الأشج، عن عياض.
ولم يبين أبو حاتم الواهم في هذا الحديث، ولم يذكر سبب الوهم ؟.(2/114)
والذي يظهر أنّ الواهم هو ابن أبي عمر فقد وُجدتْ له عدت أوهام وأخطاء عن ابن عيينة-كما تقدم في ترجمة ابن أبي عمر-، وسببُ الوهمِ-والله أعلم- أنّ رواية ابن عجلان عن عياض بن عبد الله مشهورة وجادة معروفة فوهم ابن أبي عمر فسلكها.
والحديث من طريق بكير بن الأشج، عن عياض بن عبد الله في صحيح مسلم، وصححه الترمذي.
82- ] 1170[ وسُئِلَ أبا*زُرْعَةَ عَنْ حَدِيث رَوَاهُ مُحَمَّد بنُ رَافِعٍ النيَّسابُوريّ(1)، عَنْ إِبْرَاهِيم بن عُمَر الصنعانيّ (2)، عن النعمان- يعني ابن الزبير-(3)، عَنْ طَاوُوس (4)، عَنْ ابن عَبَّاس (5)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :(( الْرِّبَا نَيّفٌ وسَبْعُون بَابَا، أهونُ بَابٍ مِنْ الْرِّبَا مِثل مَنْ أتى أمه فِي الإِسْلاَم، ودِرْهمُ ربا أشدّ مِنْ خمسٍ وثلاثين زَنْية، وأشدُّ الْرِّبَا – أو أربى الْرِّبَا، أو أخبث الْرِّبَا- انتهاك عِرْضِ المُسْلِم، أو انتهاك حرمته))، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ : هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَر.
………………………………
* كذا في الأصل، وفي بقية النسخ (أبو) وهو الصواب.
ـــــــــــــــ
(1) هو : محمد بن رافع بن أبي زيد، القُشيريُّ مولاهم، أبو عبد الله النيسابوريّ، روى عن: إبراهيم بن عمر الصنعانيّ، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن نمير وغيرهم، وعنه: البخاريّ، وأبو زرعة، ومحمد الذهليّ وغيرهم.
متفق على توثيقه وزهده، قال الحاكم :((هو شيخ عصره بخراسان في الصدق والرحلة، وقال مسلم بن الحجاج : محمد بن رافع ثقة مأمون صحيح الكتاب))، وقال النسائي :((أخبرنا محمد بن رافع الثقة المأمون))، روى له الجماعة سوى ابن ماجه، مات سنة خمس وأربعين ومائة.
انظر : المعجم المشتمل 0ص239 رقم821)، تهذيب الكمال (25/192-195)، التهذيب (9/160-162)، التقريب (ص 478رقم5876).
(2) هو : إبراهيم بن عمر ، أبو إسحاق الصنعانيّ، روى عن: النعمان بن الزبير، وعنه: محمد بن رافع، ونوح بن حبيب.(2/115)
مجهول الحال، قال ابن حجر :((مستور، من العاشرة))، روى له أبو داود حديثاً واحداً.
انظر : تهذيب الكمال ( 2/159-160)، الكاشف (1/88-89)، التقريب (ص 92رقم223).
(3) هو : النعمان بن الزبير اليمانيّ، ختن هشام بن يوسف، روى عن : أبيه: الزبير، وأبي صالح الأحمسيّ، وطاووس، وعنه: عبدالرزاق الصنعانيّ، ومحمد بن الحسن، وهشام بن يوسف.
ثقة، وثقه ابن معين، وكان هشام بن يوسف يثني عليه، وذكره ابن حبان في الثقات.
انظر : الجرح (8/448 رقم2059)، الثقات (9/209).
(4) هو: طاووس بن كيسان، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1111) وهو((متفق على ثقته وجلالته وفقهه وعبادته)).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1105).
- - -
- التخريج :
أخرجه : البيهقي في شعب الإيمان (5/299) قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان أنا عبدالله بن جعفر قال: أخبرنا يعقوب الفسوي( ) لم أجد هذا الحديث في كتاب المعرفة والتاريخ ليعقوب، ولم يذكره د. أكرم العمري في ملحق الاستدراك في آخر الكتاب، وهو على شرطه، والله اعلم. )، قال: حدثنا محمد بن رافع( ) وقع في المطبوع (نافع) وهو خطأ، وهو على الصواب في النسخة المحققة الهندية (12/106). )، قال: أخبرنا إبراهيم بن عمر –به-.
وقد تقدم الكلام على بقية طرق حديث ابن عباس في المسألة رقم (1105).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
الحديث كما قال أبو زرعة منكر، فإبراهيم بن عمر لا يُعرف والمتن منكر كما تقدم عن ابن الجوزي، وتقدم بيان ضعف الحديث من جميع طرقه في المسألة رقم (1105).
- - - -(2/116)
83- ] 1171[ وسُئلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ غُنْدَرٌ(1)، عَنْ شُعْبَةَ(2)، عَنْ أَيُّوبَ(3)، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ(4)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ(5)، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ * (رِبًا ، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ : وَهِمَ شُعْبَةُ عِنْدِي في هَذا الحَدِيثِ، إنما هُوَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ(6)، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ) ** وَهُوَ الصَّحِيحُ.
………………………………
* حَبَلَ الحبلة-بفتح المهملة، والموحدة-: قال ابن الأثير في النهاية (1/332) :((حَبَل الحْبَلَة الحَبَل بالتحريك مصدر سُمِّى به المحْمُول كما سُمِّي بالحمْل وإنما دخَلت عليه التاء للإشعار بمعنى الأنُوثةِ فيه فالحبَل الأوّل يُراد به ما في بُطون النُوق من الَحْمل والثاني حَبَلُ الذي في بطون النوق وإنما نُهِى عنه لمْعَنَيَيْن أحدُهما أنه غَرَرٌ وبيَعْ شيء لم يُخْلَق بَعْدُ وهو أن يَبيعَ ما سَوْفَ يَحْمِلُه الجَنِين الذي في بطن الناقة على تقدير أن تكون أنْثَى فهو بَيْع نِتاج النّتاج، وقيل : أراد بحَبل الحبَلة أن يَبِيعه إلى أجَلٍ يُنْتَج فيه الحمْل الذي في بطن الناقة فهو أجَل مجهول ولا يَصِحّ)) .
** ما بين القوسين ساقط من (ت)، ومن المطبوع، وهو موجود في باقي النسخ، وبه يستقيم الكلام.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : محمد بن جعفر الهذلي، مولاهم، أبو عبد الله البصري، المعروف بغُنْدَر صاحب الكرابيس، وكان ربيب شعبة، روى عن: حسين المعلم، وشعبة بن الحجاج، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند وغيرهم، روى عنه : أحمد بن حنبل، وعمرو بن علي، ومحمد بن بشار بندار وغيرهم.(2/117)
ثقة عابد، صحيح الكتاب، من أثبت الناس في شعبة، وثقه ابن معين، وابن سعد، والعجليّ وغيرهم، قال أحمد بن حنبل :((سمعت غندرا يقول: لزمت شعبة عشرين سنة لم أكتب فيها عن أحد غيره شيئا قال:وكنت إذا كتبت عنه عرضته عليه)) ، وقال عبد الله بن المبارك :((إذا اختلف الناس في حديث شعبة فكتاب غندر حكم بينهم)) ، وقال علي بن المديني :((هو أحب إليَّ من عبد الرحمن في شعبة)) ، وقال الذهبيُّ :((أحد الأثبات المتقنين، ولا سيما في شعبة)) ، وقال ابن حجر :((ثقة صحيح الكتاب إلا أن فيه غفلة)) ، روى له الجماعة، مات سنة ثلاث أو أربع وتسعين ومائة.
انظر : الطبقات (7/296)، معرفة الثقات (2/235رقم1582)، المعرفة والتاريخ (2/201-202)، تاريخ الدارمي (ص64رقم106)، الجرح (7/221 رقم1223)، تهذيب الكمال (25/5-9)، الميزان (3/502 رقم7324)، التقريب (ص472رقم5787).
(2) هو : شُعبة بن الحجاج، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1102)، وهو : ((متفق على جلالته وإتقانه وإمامته، وله بعض الأوهام في أسماء الرجال)).
(3) هو : السختياني، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1093) ((متفق على ثقته وجلالته وإتقانه)).
(4) هو : سعيد بن جبير بن هشام الأسدي، الوالبي، مولاهم، أبو محمد الكوفي، روى عن: أنس بن مالك، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن مغفل وغيرهم، وعنه : الأعمش، وأبو بشر جعفر بن أبي وحشية، وعمرو بن دينار وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه وفقهه وجلالته، قال ابن حجر :((ثقة ثبت فقيه… قتل بين يدي الحجاج سنة خمس وتسعين ولم يكمل الخمسين))، روى له الجماعة.
انظر : تهذيب الكمال ( 10/358-376)، التقريب (ص 234رقم2278).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1105).
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091).
- - -
- التخريج :
1- غندر، عن شعبة، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال في بيع حبل الحبلة :ربا.
أخرجه :(2/118)
- الترمذيُّ في سننه (3/531) كتاب البيوع، باب ما جاء في بيع حبل الحبلة، معلقاً عن شعبة.
- والنسائي في سننه (7/293) كتاب البيوع، باب بيع حبل الحبلة ، قال: أخبرنا يحيى بن حكيم.
-و أحمد بن حنبل في مسنده (1/240)-ومن طريقه الضياء في المختارة (10/61رقم52)-.
-و البغوي في الجعديات (ص185-186رقم 1207) قال: حدثنا محمد بن بشار، -ومن طريقه الضياء في المختارة (10/62رقم54)-.
جميعهم عن محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :((السّلَف في حبل الحبلة : ربا)) .
وذكره الدارقطني في الغرائب والأفراد-كما في أطراف الغرائب والأفراد (3/158)-.
وتابع محمدَ بنَ جعفر عمرو بنُ محمد بن أبي رَزِين، أخرجه :
-الترمذي في العلل الكبير (ص181رقم316) قال: حدثنا رجاء بن محمد العذري قال: حدثنا عمرو بن محمد بن أبي رزين، قال: حدثنا شعبة، عن أيوب قال : سمعتُ سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :((إذا سلم الرجل في حبل الحبلة فهو ربا)) ، ورجاء العذريّ ثقة، وعمرو بن محمد صدوق ربما أخطأ –التقريب (ص208رقم1927، 426رقم5107)-.
وسيأتي أنّ شعبة رواه على الوجه الثاني أيضاً.
وتابع شعبةَ حمادُ بن زيد ؛ أخرجه :
- أحمد بن حنبل في مسنده (1/291) قال: حدثنا عفان بن مسلم، -ومن طريقه الضياء في المختارة (10/61رقم53)-.
- والمروزي في السنة (ص62رقم 214) قال:حدثنا أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري.
-و البغوي في الجعديات (ص186رقم 1211) قال: حدثنا زياد بن أيوب، قال : أخبرنا عارم محمد بن الفضل، -ومن طريقه الضياء في المختارة (10/62رقم55)-.
جميعهم (عفان بن مسلم، وفضيل بن حسين، ومحمد بن الفضل) عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم :((نهى عن حبل الحبلة)).(2/119)
وعفان تقدمت ترجمته، وفضيل ثقة حافظ –التقريب (ص447رقم5426)-، ومحمد بن الفضل السدوسي ثقة ثبت-التقريب (ص502رقم6226)-.
- ورواه حماد مرةً بالشك فقال البغوي في الجعديات (رقم1209) حدثنا أحمد بن إبراهيم الموصلي قال : أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب عن سعيد بن جبير قال حماد : ولا أدري عن ابن عباس أم لا ؟ قال :((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع حبل الحبلة))، وأحمد بن إبراهيم الموصلي صدوق –التقريب (ص 77رقم1)-.
وللحديث عن ابن عباس طريقٌ آخر، أخرجه :
- البزار في مسنده –كما في كشف الأستار (2/87رقم1268)- قال: حدثنا سعيد بن يحيى الأموي، قال: حدثنا أبو القاسم بن أبي الزناد.
- والطبراني في المعجم الكبير (11/230رقم 11581 )قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا أبو كريب، قال: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل السكوني.
كلاهما عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :((نهى عن بيع المضامين والملاقيح، وحبل الحبلة)) ، قال البزار :((لا نعلمه عن ابن عباس إلاّ بهذا الإسناد)) .
وسنده ضعيف، إبراهيم بن إسماعيل ضعيف –التقريب (ص 87رقم146)-، وروايةُ داود بن الحصين، عن عكرمة منكرة-كما تقدم في المسألة رقم (1134)-، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/104) :((فيه إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة وثقه أحمد وضعفه جمهور الأئمة)).
2- سعيد بن جبير، عن ابن عمر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
أخرجه :
-الترمذيُّ في سننه (3/531)، وفي العلل الكبير (ص181رقم 317) معلقاً عن عبد الوهاب الثقفي.
-والنسائي في سننه (7/293) قال: أخبرنا محمد بن منصور.
-وابن ماجه في سننه (2/740رقم2197) كتاب التجارات، باب النهي عن شراء ما في بطون الأنعام وضروعها وضربة الغائص، قال: حدثنا هشام بن عمار.
-والشافعيُّ في السنن المأثورة (ص273رقم236).(2/120)
-وعبد الرزاق في المصنف (8/21رقم14138) كتاب البيوع، باب بيع الحيوان بالحيوان.
-و الحميدي في مسنده (2/303رقم689)-ومن طريقه البغوي في الجعديات (ص186رقم 1212)-.
- وأحمد بن حنبل في مسنده (2/10).
جميعهم عن سفيان بن عيينة، زاد عبدُ الرزاق : معمر بن راشد .
- والمروزي في السنة (ص62رقم 216) قال:حدثنا أبو كامل الجحدري.
-وابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان (11/321رقم 4946) كتاب البيوع، باب البيع المنهي عنه-، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة.
كلاهما عن ابن علية.
-وأبو يعلى في مسنده (10/23رقم 5653) قال: حدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي.
- و البغوي في الجعديات (ص186رقم 1213) قال: حدثنا عبد الواحد بن غياث.
كلاهما عن حماد بن سلمة.
-و البغوي في الجعديات (ص186رقم 1208).
-والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (8/432) من طريق رضوان بن أحمد الصيدلاني.
كلاهما عن أحمد بن منصور، قال: أخبرنا عثمان بن عمر، عن شعبة بن الحجاج.
-وقال البغوي أيضاً –الموضع السابق رقم (1212)-حدثنا ابن زنجويه قال: أخبرنا معلى بن راشد قال: أخبرنا وهيب بن خالد.
جميعهم (إسماعيل بن إبراهيم ابن علية، وحماد بن سلمة، وسفيان بن عيينة، وشعبة بن الحجاج –عنه: عثمان بن عمر-، وعبد الوهاب الثقفي، ومعمر بن راشد، ووهيب بن خالد ) عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم :((نهى عن بيع حبل الحبلة)) .
وتابع سعيدَ بنَ جبير نافعُ مولى ابنِ عمر، أخرجه :
-البخاريُّ في صحيحه (4/356رقم2143) كتاب البيوع، باب بيع الغرر، وحبل الحبلة.
-ومسلم في صحيحه (3/1153رقم1514) كتاب البيوع، باب تحريم بيع حبل الحبلة
-وأبو داود في سننه (3/255 رقم 3380) كتاب البيوع، باب في بيع الغرر.
- والترمذيُّ في سننه (3/531 رقم 1229).
- والنسائي في سننه (7/293).(2/121)
-ومالك في الموطأ (2/653رقم1333) كتاب البيوع، باب ما لا يجوز من بيع الحيوان.
- وأحمد في مسنده (1/56، 2/5، 63، 76، 80، 144، 155).
-وعبد بن حميد في المنتخب (ص 242 رقم 746).
-والمروزي في السنة (ص62رقم213-219).
-وابن الجارود في المنتقى (ص203رقم591) باب المبايعات المنهي عنها من الغرر وغيره.
-وأبو يعلى في مسنده (10/23رقم 5653، 191رقم5821).
- وأبو عوانة في مسنده (3/259-260رقم4882-4887).
-وابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان (11/322رقم 4947)-.
- والبيهقي في السنن الكبرى (5/340-341) كتاب البيوع، باب النهي عن بيع حبل الحبلة.
جميعهم من طرق عن نافع عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه :((نهى عن بيع حبل الحبلة)) ، وقال الترمذيُّ :((حديث ابن عمر حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم، وحبل الحبلة نتاج النتاج وهو بيعٌ مفسوخٌ عند أهل العلم وهو بيوع الغرر)) .
وهناك وجه آخر من الاختلاف على أيوب، وهو :
3- أيوب عن سعيد بن جبير، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً، أخرجه :
-المروزي في السنة ( 62رقم 215 ) قال: حدثنا محمد بن عبيد بن حساب.
-والبغوي في الجعديات (رقم1210) حدثنا أبو الربيع سليمان بن داود الزهراني.
كلاهما (محمد بن عبيد، والربيع بن سليمان) عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره، ومحمد ثقة –التقريب (ص495رقم6115)-، وسليمان تقدمت ترجمته.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن أيوب السختياني على ثلاثة أوجه :
الوجه الأوَّل : رواه إسماعيل بن إبراهيم ابن علية، وحماد بن سلمة، وسفيان بن عيينة، وشعبة بن الحجاج –عنه: عثمان بن عمر-، وعبد الوهاب الثقفي، ومعمر بن راشد، ووهيب بن خالد عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم :((نهى عن بيع حبل الحبلة)) .
وتابع سعيد بن جبير نافع مولى ابن عمر.(2/122)
الوجه الثاني : رواه حماد بن زيد –عنه: عفان بن مسلم، وفضيل بن حسين، ومحمد بن الفضل عارم -، وشعبة بن الحجاج –عنه : عمرو بن محمد، ومحمد بن جعفر غندر- عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثالث : رواه حماد بن زيد –عنه: سليمان بن داود الزهراني، ومحمد بن عبيد بن حساب-، عن أيوب، عن سعيد بن جبير عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
والوجه الأوَّل أرجح الوجوه لأمور :
أنّ رواة الوجه الأوَّل هم أصحاب أيوب المقدمون، وأئمةُ العللِ على تقديم حماد بن زيد، وابن عُلية في أيوب، وقد اختلف النقاد في أيّهما يقدم في أيوب فقدّم أحمد بن حنبل، وابن معين، والنسائي وغيرهم حمادَ بنَ زيد على ابن علية، وقدّم البرديجيُّ، وشعيبُ بن حرب، وعيسى بنُ يونس وغيرهم ابنَ علية على حماد بن زيد.
ولكن في هذه المسألة بعينها لعل ابن علية يقدم على حماد بن زيد وذلك أنّ الرواة الثقات اختلفوا على حماد بن زيد في هذا الحديث اختلافاً شديداً-كما سيأتي-، ثم إنَّ بقية أصحاب أيوب المقدمين تابعوا ابن علية وهم : عبدالوهاب الثقفي، وابن عيينة، ووهيب وغيرهم، قال النسائي :((أثبت أصحاب أيوب حماد بن زيد، وبعده عبدالوارث، وابن عُلية))، وسُئل الدارقطني عن أرفع من عنده من أصحاب أيوب السختياني فقال: ((حماد بن زيد، وعبدالوارث، وابن عُلية، وعبدالوهاب الثقفي)) وتقدم ذكرهم في المسألة رقم (1093).
أنّ رواة الوجه الأوَّل أكثر عدداً من بقية الأوجه.
أنّ الوجهين الآخرين وقع فيهما اختلاف : فقد اختلف على شعبة بن الحجاج في هذا الحديث على وجهين :
الأوَّل : رواه عنه عثمان بن عمر على الوجه الأوَّل.
الثاني : رواه عنه غندر، وعمرو بن محمد على الوجه الثاني وفيه : ابن عباس بدل ابن عمر.(2/123)
ويرى أبو زرعة أنّ الوهم في هذا الوجه من شعبة نفسه، فقد رواه عنه غندر وهو من أوثق الناس فيه كما تقدم، ويبدو أنّ شعبة يضطرب في الحديث فتارةً يرويه على الصواب كما رواه عنه عثمان بن عمر، وتارةً يهم فيه، ثم إنّ شعبة وإن كان من كبار الأئمة الثقات إلاّ أنه ليس من أصحاب أيوب المقدمين إذ لم يذكره النقاد في أصحاب أيوب.
وكذلك اختلف على حماد بن زيد على عدة أوجه :
الأوَّل : رواه عفان بن مسلم، وفضيل بن حسين، ومحمد بن الفضل عارم عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني : رواه أحمد بن إبراهيم الموصلي، عن حماد بن زيد عن أيوب عن سعيد بن جبير قال حماد : ولا أدري عن ابن عباس أم لا ؟ قال :((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع حبل الحبلة)).
الثالث : رواه سليمان بن داود الزهراني، ومحمد بن عبيد بن حساب عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
الرابع : رواه أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري، عن حماد بن زيد عن سماك بن عطية عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة، أخرجه : الطبراني في المعجم الأوسط (8/480رقم7995) قال: حدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا أبو كامل –به-، وقال الطبرانيّ :((لم يرو هذا الحديث عن حماد بن زيد إلاّ أبو كامل))، وقال الدارقطني –كما في أطراف الغرائب والأفراد (3/438)- :((تفرد به حماد بن زيد، عن سماك بن عطية، عن أيوب عنه )) .
الخامس : رواه قتيبة بن سعيد-عند الترمذي-، ومحمد بن الفضل عارم- عند أبي عوانة-، ويحيى بن يحيى النيسابوري-عند المروزيّ-، عن حماد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وتقدم تخريج رواياتهم عند تخريج رواية نافع عن ابن عمر.(2/124)
ويبدو أنّ حماد بن زيد يضطرب في الحديث فتارةً يجعله من مسند ابن عباس، وتارةً يرويه على الشك، وتارةً يرويه مرسلاً، وتارةً يرويه عن سماك بن عطية، وأخرى عن أيوب، ومرةً عن سعيد بن جبير، وليس فيمن روى عن حماد بن زيد هذه الأوجه ضعيف، ثم إنّ بقية الرواة الثقات : ابن علية، وحماد بن سلمة، وسفيان بن عيينة، وشعبة بن الحجاج –عنه: عثمان بن عمر-، وعبد الوهاب الثقفي، ومعمر بن راشد، ووهيب بن خالد خالفوا حماداً فرووه عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر مرفوعاً كما تقدم.
أنّ كبار النقاد على ترجيح الوجه الأوَّل، قال الترمذي في العلل الكبير (ص 181) :((سألت محمدا عن هذا الحديث، فقال : حديث أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر أصح)) ، وكذلك قال الترمذي في السنن (3/531)، وأبو زرعة في هذه المسألة.
ويرى الضياء المقدسي أنه من المحتمل أن يكون سعيد بن جبير حفظه عنهما، فقال في المختارة (10/62) :((قلتُ: ومن المحتمل أن يكون سعيد بن جبير حفظه عنهما ))، ولكن فيما تقدم من المرجحات ما يرد هذا الاحتمال، والله أعلم.
و الحديث من الوجه الراجح صحيح فقد اتفق عليه الشيخان من طريق نافع، عن ابن عمر.
- - - -
84- ] 1172[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ قُدَامَةُ بْنَ شِهَابٍ الْمَازِنِيُّ(1)، عَنْ إسمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ(2)، عَنْ وَبَرَةَ(3)، عَنْ ابْنِ عُمَرَ(4) قَالَ : سُئِلَ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أطيب الكسب قَالَ :((عَمَلُ الرَجُلِ بِيَدِهِ، وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ)) ، فقَالَ أَبِي : هَذَا حَدِيثٌ بَاطِلٌ، وَقُدَامَةُ لَيْسَ بِقَوِيّ*.
………………………………
* نقل هذه المسألة القزويني في التدوين في أخبار قزوين (1/449)، وابن الملقن في البدر المنير (5/ ل19ب).
ــــــــــــــــــــــ(2/125)
(1) هو : قدامة بن شهاب المازنيُّ البصريّ، روى عن : إسماعيل بن أبي خالد، وحميد الطويل، ويحيى البكاء وغيرهم، روى عنه : الحسن بن عرفة، ومحمد بن عبدالملك بن أبي الشوارب، ويوسف بن واضح وغيرهم.
صدوق، قال أبو زرعة :((ليس به بأس)) ، وقال أبو حاتم :((محله عندي محل الصدق)) ، وقال أيضاً –في هذه المسألة- :((ليس بقويّ)) ، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات وقال :((ربما خالف)) ، وقال الذهبي :((وُثق)) ، وقال ابن حجر :((صدوق)) ، روى له النسائي حديثا واحدا.
انظر : الجرح (7/128رقم733)، الثقات (9/21)، تهذيب الكمال (23/544546)، الكاشف (2/397رقم4624)، التقريب (ص 454رقم5526).
(2) هو : إسماعيل بن أبي خالد البجلي الأحمسي، مولاهم، أبو عبد الله الكوفي، وروى عن : عبدالله بن أبي أوفى، ووبرة بن عبد الرحمن، وأبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي وغيرهم، روى عنه : شعبة بن الحجاج، وعبد الله بن نمير، وعبيد الله بن موسى وغيرهم.
متفق على ثقته وإتقانه، قال أحمد بن حنبل :((أصح الناس حديثاً عن الشعبيّ إسماعيل بن أبي خالد ))، وقال أبو حاتم :((لا أقدم عليه أحدا من أصحاب الشعبي، وهو ثقة، أروى من بيان، وفراس، وأحفظ من مجالد)) ، وقال الذهبيُّ :((أجمعوا على إتقانه والاحتجاج به ولم ينبز بتشيع ولا بدعة)) ، وقال ابن حجر :((ثقة ثبت)) ، روى له الجماعة، مات سنة ست وأربعين ومائة.
انظر : الجرح (2/174-175رقم 589)، تهذيب الكمال ( 3/69-76)، السير (6/176-178)، التقريب (ص 107رقم438).
(3) هو : وَبَرة -بالموحدة المحركة- بن عبد الرحمن المُسْلِيُّ -بضم أوله وسكون المهملة بعدها لام- أبو خزيمة أو أبو العباس الكوفي، روى عن: الأسود بن يزيد، وعبدالله بن عباس وعبد الله بن عمر بن الخطاب وغيرهم، روى عنه: إسماعيل بن أبي خالد، وأبو بشر بيان بن بشر، ومسعر بن كدام وغيرهم.(2/126)
متفق على توثيقه، وثقه يحيى بن معين، وأبو زرعة، والذهبي، وابن حجر وغيرهم، روى له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي، مات سنة ست عشرة ومائة.
انظر : الجرح (9/ 42رقم176)، تهذيب الكمال ( 30/426-427)، الكاشف (3/234رقم6144)، التقريب (ص 580رقم7397).
(4) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091).
- - -
- التخريج :
- قدامة بن شهاب المازني، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن وبرة بن عبد الرحمن، عن ابن عمر قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أطيب الكسب فقال :((عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور)) .
أخرجه :
- الخلال في الحث على التجارة (ص66رقم 41).
-والطبراني في المعجم الكبير –كما في مجمع الزوائد (4/60)-، وفي المعجم الأوسط (3/82رقم2161) قال: حدثنا أحمد بن زهير.
-والإسماعيلي في معجمه (2/642-643رقم274) قال: حدثني الخضر بن داود.
- وابن جميع الصيداوي في معجمه (ص377)-ومن طريقه الذهبيُّ في السير (18/376)- قال : أخبرنا يعقوب بن عبدالرحمن.
- والقزويني في التدوين في أخبار قزوين (1/449) من طريق عن عبد الرحمن بن أبي حاتم.
جميعهم عن الحسن بن عرفة قال: أخبرنا قدامة بن شهاب المازني قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن وبرة بن عبد الرحمن، عن ابن عمر قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أطيب الكسب ؟ فقال :((عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور)) .
وقال الدارقطني-كما في أطراف الغرائب والأفراد (3/530)- :((تفرد به قدامة بن شهاب المازني، عن إسماعيل بن أبى خالد، وتفرد به عنه الحسن))، وكذلك قال الطبراني في المعجم الأوسط، والحسن بن عرفة صدوق –التقريب (ص 162رقم1255)-.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :(2/127)
حكم أبو حاتم على الحديث بأنه باطل، ويبدو أنّ سبب ذلك تفرد قدامة بن شهاب بالحديث عن إسماعيل بن أبي خالد، وإسماعيل بن أبي خالد كان من الشهرة وسعة العلم بمكان حتى قال الذهبيّ في السير (6/176) :((كان محدث الكوفة في زمانه مع الأعمش، بل هو أسند من الأعمش…وكان من أوعية العلم)) ، وقدامة ليس بالدرجة العليا من الثقة والإتقان كي يتفرد بالحديث، ولهذا قال أبو حاتم بعد قوله :((هذا حديث باطل)) ، قال :((وقدامة ليس بقوي)) ، مع أنه قال في قدامة –كما تقدم- :((محله عندي محل الصدق)) فتفرده بهذا السند بالذات يستنكر عليه.
وقد قوى الحديث بعض العلماء، فقال المنذري في الترغيب والترهيب (2/523) : ((رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورواته ثقات))، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/60) :((رواه الطبراني في الأوسط والكبير ورجاله ثقات)) ، وقال ابن حجر في التلخيص الحبير (3/3) :((وأخرج الطبراني في الأوسط حديث ابن عمر في ترجمة أحمد بن زهير ورجاله لا بأس بهم)) ، وكلامهم إنما يدور على رجال الإسناد، ورجال الإسناد لا بأس بهم في الجملة، ولكن العلة تفرد خفيف الضبط عن إمام مشهور بحديث لا يعرف إلاّ من طريقه.
وللحديث شواهد تقدم الكلام عليها في المسألة رقم (1168)، وبيان أنها كلها معلولة ولا يصح منها شيء، وتقدم أنَّ مما يشهد لشطر الحديث الأوَّل قوله :((عمل الرجل بيده)) ، ما رواه البخاري في صحيحه (4/303 رقم 2072) كتاب البيوع، باب كسب الرجل وعمله بيده، من طريق خالد بن معدان، عن المقدام، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :((ما أكل أحدٌ طعاماً قطّ خيراً من أن يأكل من عمل يده)).
- - - -(2/128)
85- ] 1173[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ(1)، عَنْ بَقِيَّةَ(2)، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى(3)، عَنْ الْعَلاَءِ بْنِ الْحَارِثِ(4)، عَنْ مَكْحُولٍ(5)، وَسُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى(6)، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ(7)، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :((مَنْ بَاعَ عَيْبًا لَمْ يُبَيِّنْهُ لَمْ يَزَلْ فِي مَقْتِ اللَّهِ أو قَالَ لَمْ تَزَلْ الْمَلائِكَةُ تَلْعَنُهُ)) ، فقَالَ أَبِي : هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، ومُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى هُوَ الصَّدَفِيُّ.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : يزيد بن عبد ربه الزُّبيدي –بالضم-، أبو الفضل الحمصي، المؤذن، يقال له : الجُرجُسي -بجيمين مضمومتين بينهما راء ساكنة ثم مهملة-، روى عن : بقية بن الوليد، ومحمد بن حرب الخولاني الأبرش، والوليد بن مسلم وغيرهم، روى عنه : أبو داود، ومحمد بن عوف الطائي، ومحمد بن مسلم بن وارة الرازي وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه، وهو أوثق الناس في بقية بن الوليد، قال أبو داود :((سمعت أحمد بن حنبل يقول: لا إله إلا الله ما كان أثبته، ما كان فيهم مثله، يعني أهل حمص)) ، وقال أبو بكر بن أبي داود :((حمصي ثقة أوثق من روى عن بقية)) ، ووثقه ابن معين، والذهبيُّ، وابنُ حجر وغيرهم، وروى له مسلم، والنسائي، وابن ماجة، مات سنه أربع وعشرين ومائتين.
انظر : تاريخ الدارمي (ص236 رقم 914)، تهذيب الكمال (32/182-185)، السير (10/667-668)، التقريب (ص603رقم7745).
(2) هو: بقية بن الوليد، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1109)، وهو :((ثقة مكثر من التدليس عن الضعفاء والمجهولين، وفي روايته عن غير أهل الشام بعض الأوهام)).(2/129)
(3) هو : معاوية بن يحيى الصَّدفِيّ، أبو روح الشامي، الدمشقي، روى عن : سليمان بن موسى، ومحمد بن مسلم الزهري، ومكحول الشامي وغيرهم، روى عنه : إسحاق بن سليمان، وبقية بن الوليد، والوليد بن مسلم وغيرهم.
ضعيف، ورواية عيسى بن يونس، وإسحاق بن سليمان عنه أشد ضعفاً، وما حدّث بالشام أحسن مما حدّث بالري، وكذلك في بعض ما روى عنه الهقل بن زياد عن الزهريّ أحاديث مستقيمة يبدو أنها من كتاب، قال ابن معين :((ليس بشيء)) ، وقال البخاري : ((أحاديثه عن الزهري مستقيمة كأنها من كتاب، وروى عنه عيسى بن يونس، وإسحاق بن سليمان أحاديث مناكير كأنها من حفظه)) ، قال أبو زرعة :((ليس بقوي أحاديثه كلها مقلوبة ما حدث بالري والذي حدث بالشام أحسن حالاً))، وقال أبو حاتم :((روى عنه هقل بن زياد أحاديث مستقيمة كأنها من كتاب، وروى عنه عيسى بن يونس وإسحاق بن سليمان أحاديث مناكير كأنها من حفظه، وهو ضعيف الحديث في حديثه إنكار))، وقال الحاكم أبو أحمد :((يروي عنه الهقل بن زياد عن الزهري أحاديث منكرة شبيهة بالموضوعة)) ، وقال الذهبيُّ :((ضعفوه)) ، وقال ابن حجر : ((ضعيف وما حدث بالشام أحسن مما حدث بالري)) .
انظر : التاريخ الكبير (7/ 336رقم 1447)، تاريخ الدارمي (ص204رقم 752)، الجرح (8/383رقم1753)، تهذيب الكمال (28/221-224)، الكاشف (3/159رقم5631)، التقريب (ص538رقم6772).
(4) هو : العلاء بن الحارث بن عبد الوارث الحضرمي، أبو وهب، ويقال: أبو محمد الدمشقي، روى عن : سليمان بن موسى، ومكحول الشامي، وأبي الأشعث الصنعاني وغيرهم، روى عنه: عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، ومعاوية بن يحيى، والهيثم بن حميد وغيرهم.(2/130)
ثقة فقيه، وهو من أوثق الناس في مكحول الشامي، وقد تغير عقله لما كبر، وثقه ابن معين، وابن المديني، وأحمد بن حنبل وغيرهم، وقال أبو حاتم :((ثقة لا أعلم أحدا من أصحاب مكحول أوثق منه))، وقال دحيم :((كان مقدّما على أصحاب مكحول ثقة)) ، وقال أبو داود :((دمشقي تغير عقله، وكان ثقة يرى القدر))، وقال محمد بن سعد :((كان قليل الحديث ولكنه أعلم أصحاب مكحول وأقدمهم كان يفتي حتى خولط))، قال الذهبيُّ :((وثقوه قدري)) ، وتشدد ابن حجر فقال :((صدوق فقيه لكن رمي بالقدر وقد اختلط))، ويبدو أنه تغير –كما قال أبو داود- وليس اختلاطاً لذا لم ينص أحد على أنه اختلط عدا ابن سعد، روى له الجماعة سوى البخاري، مات سنة ست وثلاثين ومائة.
انظر : الطبقات (7/463)، تاريخ الدوري (2/414)، سؤالات الآجري (2/206-207رقم1605)، الجرح (6/ 353رقم1953)، تاريخ أسماء الثقات (ص250رقم991-992)، تاريخ دمشق (47/ 206-213)، تهذيب الكمال (22/478-483)، الكاشف (2/359رقم4390)، التقريب (ص434رقم5230).
(5) هو: مكحول الشامي، أبو عبد الله الدمشقي، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1141)، وهو :((متفقُ على توثيقه وفضله وفقهه، وكان يرسل، وسمع من بعض الصحابة، وقيل: لم يسمع من أحد من الصحابة)).
(6) هو : سليمان بن موسى القرشي الأموي، أبو أيوب، ويقال: أبو الربيع، ويقال: أبو هشام الدمشقي الأشدق مولى آل أبي سفيان بن حرب، روى عن : كثير بن مرة، ومكحول الشامي، وواثلة بن الأسقع وغيرهم، روى عنه: سعيد بن عبد العزيز، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، والعلاء بن الحارث وغيرهم.(2/131)
ثقة فقيه وله جلالة وقدر، وعنده في تفرداته بعض المناكير، وهو من أوثق أصحاب مكحول، وثقه ابن سعد، وابن معين، ودحيم، وأبو داود، والدارقطني، وقال شعيب بن أبي حمزة قال لي الزهري :((إن مكحولا يأتينا وسليمان بن موسى، وأيم الله إن سليمان بن موسى لأحفظ الرجلين))، وقال أبو مسهر :((كان أعلى أصحاب مكحول سليمان بن موسى ومعه يزيد بن يزيد بن جابر)) ، وقال أبو حاتم :((محله الصدق، وفي حديثه بعض الاضطراب، ولا أعلم أحدا من أصحاب مكحول افقه منه ولا أثبت منه)) ، وقال البخاري :((عنده مناكير)) ، وقال النسائي :((أحد الفقهاء وليس بالقوي في الحديث)) ، وقال أبو أحمد بن عدي :((وسليمان بن موسى فقيه راو حدث عنه الثقات من الناس وهو أحد علماء أهل الشام وقد روى أحاديث ينفرد بها يرويها لا يرويها غيره، وهو عندي ثبت صدوق)) ، وقال ابن حجر-في التهذيب – :((وذكر العقيلي عن ابن المديني كان من كبار أصحاب مكحول وكان خولط قبل موته بيسير)) ، ولم أجد هذا النقل في كتاب العقيلي ولا في المصادر المتقدمة-و الله أعلم-، وقال البخاريّ : ((سليمان لم يدرك أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم)) ، وقال الذهبيُّ –في الكاشف-:((أحد الأئمة)) ، وقال- في الميزان- :((كان سليمان فقيه أهل الشام في وقته قبل الأوزاعي، وهذه الغرائب التي تستنكر له يجوز أن يكون حفظها)) ، وقال ابن حجر : ((صدوق فقيه في حديثه بعض لين وخولط قبل موته بقليل)) ، روى له مسلم في مقدمة كتابه والأربعة، مات سنة تسع عشرة ومائة.
انظر : الطبقات (7/457)، التاريخ الكبير (4/38-39 رقم1888)، علل الترمذي الكبير (ص102)، الضعفاء والمتروكون للنسائي (ص122رقم267)، الجرح (4/414-142رقم615)، الكامل (3/263-270)، تهذيب الكمال (12/92-98)، الكاشف (1/401رقم2154)، الميزان (2/225-226رقم3518)، التهذيب (4/226-227)، التقريب (ص255رقم2616).
(7) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1092).
- - -
- التخريج :(2/132)
- يزيد بن عبد ربه، عن بقية بن الوليد، عن معاوية بن يحيى، عن العلاء بن الحارث، عن مكحول، وسليمان بن موسى، عن واثلة بن الأسقع قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :((من باع عيبا لم يبينه لم يزل في مقت الله، أو قال: لم تزل الملائكة تلعنه)) .
لم أجد من أخرجه من طريق يزيد بن عبد ربه.
وتابع يزيدَ بنَ عبد ربه :
عبدُ الوهاب بنُ الضحاك، أخرجه : الطبراني في المعجم الكبير (22/54رقم 129)، قال: حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي قال: حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك قال: حدثنا بقية بن الوليد عن معاوية بن يحيى عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((من باع عيبا لم يسمه لم يزل في غضب الله، ولم تزل الملائكة تلعنه))، وعبد الوهاب بن الضحاك هو: العُرْضيّ متروك وكذبه أبو حاتم-التقريب (ص368رقم2457)-.
وموسى بنُ أيوب، ، أخرجه : الطبراني في المعجم الكبير (22/65رقم157)، وفي مسند الشاميين (2/ 369رقم1511) قال: حدثنا الحسين بن سميدع قال: حدثنا موسى بن أيوب قال: حدثنا بقية بن الوليد عن معاوية بن يحيى عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن واثلة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :((من باع عيبا لم يبينه لم يزل في مقت الله أو قال لم تزل الملائكة تلعنه)) ، وموسى بن أيوب هو : النصيبيّ الأنطاكيّ وهو صدوق –التقريب (ص 550رقم6947)-.
- وأخرجه ابن ماجه في سننه عن عبد الوهاب بن الضحاك بإسقاط العلاء بن الحارث، فقال في سننه (2/755رقم2247) كتاب التجارات، باب من باع عيباً فليبينه، قال: حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك قال: حدثنا بقية بن الوليد عن معاوية بن يحيى عن مكحول وسليمان بن موسى عن واثلة بن الأسقع قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :((من باع عيبا لم يبينه لم يزل في مقت الله ولم تزل الملائكة تلعنه)).(2/133)
ويبدو أنّ هذا اضطراب من معاوية بن يحيى فتارةً يذكر العلاء، وتارةً لا يذكره، وقد تقدم أنه ضعيف، أو يكون من عبد الوهاب بن الضحاك فهو متروك كما تقدم.
وقد روي الحديث عن واثلة بلفظ :((لا يحل لأحد يبيع شيئا إلا يبين ما فيه ولا يحل لمن يعلم ذلك إلا يبينه)) وفيه قصة، أخرجه :
-ابن أبي شيبة في مسنده –كما في إتحاف الخيرة (4/225)-، وأحمد بن حنبل في مسنده (3/491)، وأسلم في تاريخ واسط (ص53-54)، والطبراني في المعجم الكبير (22/91 رقم217) من طريق ابن أبي شيبة، ويعقوب الدورقي، والحاكم في المستدرك (2/9-10) كتاب البيوع، والبيهقي في شعب الإيمان (3/330) كلاهما من طريق محمد بن الفرج الأزرق، والبيهقي في السنن الكبرى (5/320) كتاب البيوع، باب ما جاء في التدليس وكتمان العيب بالمبيع، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (11/144) كلاهما من طريق الحسن بن مكرم.
جميعهم (ابن أبي شيبة، وأحمد بن حنبل، وأسلم الواسطي، ويعقوب الدورقي، ومحمد بن الفرج، والحسن بن مكرم) عن أبي النضر هاشم بن القاسم، قال: حدثنا أبو جعفر الرازي عن يزيد بن أبي مالك قال: حدثنا أبو سباع قال: اشتريت ناقة من دار واثلة بن الأسقع فلما خرجت بها أدركنا واثلة وهو يجر رداءه، فقال: يا عبد الله اشتريت، قلت : نعم، قال: هل بين لك ما فيها، قلت: وما فيها ؟ قال: إنها لسمينة ظاهرة الصحة، قال: فقال : أردتَ بها سفرا أم أردت بها لحما ؟ قلت: بل أردت عليها الحج، قال: فإن بخفها نَقْبَا، قال فقال صاحبها : أصلحك الله أيّ هذا تفسد عليّ، قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :((لا يحل لأحد يبيع شيئا إلا يبين ما فيه ولا يحل لمن يعلم ذلك إلا يبينه)) ، وقال الحاكم :((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) .(2/134)
قال البوصيريُّ في الإتحاف :((هذا إسناد ضعيف لجهالة أبي سباع، قاله أبو حاتم)) ، وفي سنده أيضا أبو جعفر الرازي عيسى بن أبي عيسى، قال عنه ابن حجر :((صدوق سيئ الحفظ خصوصاً عن مغيرة)) -التقريب (ص629رقم8019)-.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
حكم أبو حاتم على حديث واثلة هذا بأنه منكر، وسببُ ذلك -والله أعلم- تفرد معاوية بن يحيى بالحديث وهو ضعيف الحديث، وللحديث علل أخرى:
منها : عدم تصريح بقية بن الوليد بالتحديث.
ومنها: الانقطاع بين سليمان بن موسى، ومكحول وبين واثلة، وتقدم الكلام على سماع مكحول من الصحابة في المسألة رقم (1141)، وكذلك لم يسمع سليمان بن موسى أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم في كلام البخاريّ.
قال البوصيري في مصباح الزجاجة (3/30) :((هذا إسناد ضعيف لتدليس بقية بن الوليد وضعفه شيخه)).
وأمَّا الطريق الآخر عن واثلة فهو أيضاً ضعيف لأمرين :
- في سنده أبو جعفر الرازي وفيه ضعف كما تقدم.
- وفيه أيضاً أبو سباع لا يعرف إلاّ في هذا الحديث.
وتقدم أنّ البوصيريَّ ضعفه.
وبين متني الحديث اختلاف فالطريق الأوَّل فيه :((من باع عيبا لم يبينه لم يزل في مقت الله أو قال لم تزل الملائكة تلعنه)) ، والطريق الآخر فيه :((لا يحل لأحد يبيع شيئا إلا يبين ما فيه ولا يحل لمن يعلم ذلك إلا يبينه)) .
وللمتن الثاني شاهد من حديث عقبة بن عامر، أخرجه :(2/135)
ابن ماجه في سننه (2/755رقم2246)، والروياني في مسنده (1/159رقم183)، والطبراني في المعجم الكبير (17/317رقم877)، وأبو الفتح الأزدي في فوائده –كما تغليق التعليق (3/222-223)-، والحاكم في المستدرك (2/8)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/320)، وابن حجر في تغليق التعليق (3/222) جميعهم من طرق عن وهب بن جرير بن حازم قال: حدثنا أبي سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب عن عبدالرحمن بن شماسة عن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :((المسلم أخو المسلم فلا يحل لمسلم باع من أخيه بيعا يعلم فيه عيبا إلا بينه له)) .
وتابع يحيى بنَ أيوب عبدُ الله بنُ لهيعة، أخرجه :
-أحمد في مسنده (4/158) قال: حدثنا يحيى بن إسحاق قال: حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((المسلم أخو المسلم لا يحل لامرئ مسلم أن يغيب ما بسلعته عن أخيه إن علم بها تركها)).
قال ابن حجر في تغليق التعليق (3/223) :((وهو على هذا حديث حسن لمتابعة يحيى بن أيوب لابن لهيعة عليه وباقي رجاله ثقات)) ، وابن شماسة ثقة –التقريب (ص342رقم3895).
وقد علق البخاريّ الحديث في صحيحه (4/309) كتاب البيوع، باب إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا، موقوفاً على عقبة بن عامر فقال :((وقال عقبة بن عامر : لا يحل لامرئ يبيع سلعة يعلم أن بها داء إلا أخبره به)) ، ولم أجد من رواه موقوفاً على عقبة بن عامر، قال ابن حجر في تغليق التعليق :((وكأن القطعة التي علقها البخاري عنده أنها من قول عقبة وأنها مدرجة في الحديث لأنني وجدتها في جميع الروايات عنه هكذا موقوفة)) .(2/136)
ولكن روى الحديثَ عن يزيد بن أبي حبيب الليثُ بن سعد، ومحمدُ بن إسحاق، وتابعهم أيضاً ابنُ لهيعة رووه عن يزيد بلفظ :((المؤمن أخو المؤمن فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر)) ، وليس فيه بيان العيب عند البيع.
رواية الليث بن سعد، أخرجها : مسلم في صحيحه (2/1034رقم1414) كتاب النكاح، باب تحريم الخطبة على خطبة أخيه حتى يأذن أو يترك، من طريق عبد الله بن وهب، وأبو عوانة في مسنده (3/41رقم4134) كتاب النكاح، باب حظر المسلم أن يخطب على خطبة المسلم، والطبراني في المعجم الكبير (17/316رقم873،876) كلاهما من طريق عبد الله بن صالح، كلاهما عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة أنه سمع عقبة بن عامر على المنبر يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :((المؤمن أخو المؤمن فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر)) .
رواية محمد بن إسحاق، أخرجها : أحمد بن حنبل في مسنده (4/147)، أبو يعلى في مسنده (3/ 298رقم 1762) كلاهما من طريق إبراهيم بن سعد، والروياني في مسنده (1/160رقم189) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، والدارمي في سننه (2/166رقم 2553) كتاب البيوع، باب لا بيع على بيع أخيه، والطبراني في المعجم الكبير (17/316رقم875) كلاهما من طريق يزيد بن زريع، جميعهم عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب –به-.
ورواية ابن لهيعة، أخرجها : الطبراني في المعجم الكبير (17/316رقم874)، وتقدم أنّ ابن لهيعة تابع يحيى بن أيوب، ويبدو أن ابن لهيعة يضطرب في الحديث وهو ضعيف كما تقدم.(2/137)
والليث بن سعد هو أوثق من روى الحديث عن يزيد بن أبي حبيب وهو أقوى من يحيى بن أيوب بدرجات، قال أبو داود :((سمعت أحمد يقول ليس لهم يعني أهل مصر أصح حديثا من الليث وعمرو بن الحارث يقاربه)) ، وقال الأثرم عن أحمد :((ما في هؤلاء المصريين أثبت من الليث لا عمرو بن الحارث ولا غيره)) ، وقال عثمان الدارمي :((قلت لابن معين : فالليث أحب إليك أو يحيى بن أيوب ؟ قال: الليث أحب إلي ويحيى ثقة)) ، وقد تقدمت ترجمة الليث بن سعد في المسألة رقم ( 1100)، وانظر : التهذيب (8/459-465).
- - - -
86- ] 1174[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رَوَاهُ يَزِيدُ بنُ هَارُونَ(1)، عَنْ أَصْبَغِ بْنِ زَيْدٍ (2)، عَنْ أَبِي بِشْرٍ(3)، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ(4)، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ (5)، عَنْ ابْنِ عُمَرَ(6)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :((مَنْ احْتَكَرَ / طَعَامًا أَرْبَعِينَ يَوْمَاً فَقَدْ بَرِئَ مِنْ اللَّهِ، واللَّهُ مِنْهُ بَرِئَ، وَأَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ* ظَلَّ فِي نَادِيِهِم امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ))، قَالَ أَبِي : هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وأَبُو بِشْرٍ لا أَعْرِفُهُ **.
………………………………
* عَرْصَة : قال ابن الأثير في النهاية (3/208) :((هي كل موضع واسع لا بناء فيه)).
**نقل هذه المسألة الزيلعي في نصب الراية (4/262)، وابن الملقن في البدر المنير (5/ل36أ)، وابن حجر في التلخيص الحبير (3/13) وابن حجر ذكر قول أبي حاتم فقط.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : يزيد بن هارون بن زاذي ويقال: بن زاذان بن ثابت السلمي، أبو خالد الواسطي، وكان جده زاذان مولى لأم عاصم امرأة عتبة بن فرقد فأعتقته، روى عن : أصبغ بن زيد، وحميد الطويل، والعوام بن حوشب وغيرهم، وعنه : أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهوية، والبخاري وغيرهم كثير.(2/138)
متفقٌ على ثقته وإمامته وعبادته، قال أبو حاتم :((ثقة إمام صدوق لا يسأل عن مثله))، روى له الجماعة، مات سنة ست ومائتين.
انظر : الجرح (9/295 رقم 1257)، تهذيب الكمال ( 32/261-270).
(2) هو : أصبغ -آخره معجمة - بن زيد بن علي الجهني، مولاهم، أبو عبد الله الواسطي الوراق، روى عن : ثور بن يزيد الحمصي، والقاسم بن أبي أيوب، وأبي بشر الأملوكي وغيرهم، روى عنه : إسحاق بن يوسف الأزرق، وهشيم بن بشير، ويزيد بن هارون وغيرهم.
صدوق، قال أحمد بن حنبل :((ليس به بأس، ما أحسن رواية يزيد بن هارون عنه))، ووثقه ابن معين، وأبو داود، والدارقطني، وقال أبو حاتم :((ما بحديثه بأس))، وقال النسائي :((ليس به بأس))، وقال أبو زرعة :((شيخ))، وقال محمد بن سعد :((كان ضعيفا في الحديث))، وقال ابن حبان :((يخطئ كثيراً، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد))، وقال ابن عدي :((وهذه الأحاديث لأصبغ غير محفوظة يرويها عنه يزيد بن هارون، ولا أعلم روى عن أصبغ هذا غير يزيد بن هارون))، وقال الذهبي، وابن حجر :((صدوق))، ، ومن ضعفه لم يذكر سبب تضعيفه، إلاّ أنّ ابن عدي ذكر له ثلاثة أحاديث استنكرها عليه، والعله في بعضها من غيره كما في حديث المسألة، وبسبب هذه الأحاديث نزّله الأئمةُ من درجة ثقة إلى صدوق، وقول ابن عدي :((ولا أعلم روى عن أصبغ هذا غير يزيد بن هارون))، يدل على أنه لم يخبر أمره فقد ذكر المزيُّ عشرةً من الرواة عنه، روى له أبوداود في كتاب المسائل، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، مات سنة تسع وخمسين ومائة.
انظر : الطبقات (7/312)، الجرح (2/320-321رقم1216)، المجروحين (1/174)، الكامل (1/408-409)، سؤالات البرقاني (ص17رقم36)، تهذيب الكمال (3/301-304)، الكاشف (1/136رقم454)، التهذيب (1/361)، التقريب (ص 113رقم535).(2/139)
(3) هو : أبو بشر الأملوكي، صاحب القرى، روى عن : حدير بن كعب، وزيد بن ثوب، وعنه : أصبغ بن زيد، ذكره أبو أحمد الحاكم فيمن عرفه بكنيته ولم يقف على اسمه.
قال ابن معين :((لا شيء))، وقال أبو حاتم:((لا أعرفه))، وقال ابن حجر :((ضعيف)).
انظر : الكنى من التاريخ الكبير (9/15)، الجرح (9/347رقم1553)، الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم (2/310)، فتح الباب (ص160رقم1254)، الميزان (4/495رقم9998)، المغني (2/772رقم7328)، اللسان (7/14)، تعجيل المنفعة (2/418رقم1234)، التقريب (ص621رقم7957).
(4) هو : حُدَير –مصغراً، وآخره راء - بن كريب الحضرمي، ويقال: الحميري، أبو الزَّاهرية الحمصي، روى عن : جبير بن نفير الحضرمي، وعبد الله بن بسر المازني، وكثير بن مرة وغيرهم، روى عنه: وابنه : حميد بن أبي الزاهرية، ومعاوية بن صالح الحضرمي، وأبو بشر الأملوكي وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه وتعديله، وثقه ابن سعد، ويحيى بن معين، والنسائي وغيرهم، روى له البخاري في كتاب القراءة خلف الإمام وغيره والباقون سوى الترمذي، مات على رأس المائة، وقال محمد بن سعد :((توفي سنة تسع وعشرين ومائة في خلافة مروان بن محمد)).
انظر : الطبقات (7/450)، تاريخ الدوري (2/104)، تهذيب الكمال (5/491-492).
(5) هو : كثير بن مُرَّة الحضرمي الرُّهاويّ، أبو شجرة، ويقال: أبو القاسم، الشامي الحمصي، روى عن : عبادة بن الصامت، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، ومعاذ بن جبل وغيرهم، روى عنه: أبو الزاهرية حدير بن كريب، وخالد بن معدان، ومكحول الشامي وغيرهم.
متفق على توثيقه، وثقه ابن سعد، والعجلي وغيرهما، قال البخاري :((قال أبو مسهر: أدرك كثير بن مرة عبدَ الملك يعني خلافة عبد الملك))، روى له البخاري في القراءة خلف الإمام وغيره، والباقون سوى مسلم.
انظر : الطبقات ( 7/448)، التاريخ الصغير (1/221)، معرفة الثقات (2/225 رقم1545)، تاريخ دمشق (50/53-60)، تهذيب الكمال (24/158-161).(2/140)
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091).
- - -
- التخريج :
- يزيد بن هارون، عن أصبغ بن زيد، عن أبي بشر، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم :((مَنْ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ يَوْمَاً فَقَدْ بَرِئَ مِنْ اللَّهِ، واللَّهُ مِنْهُ بَرِئَ، وَأَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ* ظَلَّ فِي نَادِيِهِم امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ)).
أخرجه :
- ابن أبي شيبة في المصنف (6/104) كتاب البيوع والأقضية، في احتكار الطعام-ومن طريقه رواه : أبو أحمد الحاكم في الأسامي والكنى (2/310)-.
- وأحمد بن حنبل في مسنده (2/33)-ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (3/15 رقم1219)، والضياء في المختارة (قاله ابن حجر في النكت على كتاب ابن الصلاح 1/453)-.
- والمؤمل بن إيهاب في جزئه (ص91 رقم21).
-والبزار في مسنده –كما في كشف الأستار (2/106رقم1311)-قال: حدثنا عمرو بن علي.
- والفاكهي في أخبار مكة (3/49 رقم1772) قال: حدثنا أبو بشر، وعبدالجبار بن العلاء.
- وأبو يعلى في مسنده (10/ 115 رقم5746) –قال: حدثنا زهير بن حرب-ومن طريقه الضياء في المختارة (قاله ابن حجر في النكت على كتاب ابن الصلاح 1/453)-.
- وابن الأعرابي في معجمه (1/249-251رقم 461) قال: حدثنا محمد بن عيسى.
- والطبراني في المعجم الأوسط ( 9/195رقم8421) من طريق سعيد بن عبدالرحمن.
- وابن عدي في الكامل (1/409)- ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (3/15 رقم1220)-، من طريق محمد بن المثنى.
- والدارقطني في غرائب مالك –كما في نصب الراية (4/262)-.
- وابن منده في فتح الباب (ص160رقم1254) من طريق محمد بن عبد الملك، ولم يسق ابن منده لفظ الحديث.
- وأبو نعيم في الحلية (6/100- 101) من طريق أحمد بن عبد الرحمن.(2/141)
جميعهم عن يزيد بن هارون –به-، وقال البزار :((لا نعلمه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه))، وقال الطبراني :((لا يروى هذا الحديث عن ابن عمر إلاّ بهذا الإسناد، تفرد به أبو الزاهرية)).
وتابع يزيد بن هارون :
- عمرو بنُ الحصين العقيلي، أخرجه : الحاكم في المستدرك (2/11) كتاب البيوع، قال الذهبيُّ متعقباً الحاكم :((فيه عمرو بن الحصين تركوه، وأصبغ بن زيد الجهني وفيه لين ))، وكذلك قال ابن حجر في التقريب (ص420رقم5012) عن عمرو.
وتابع أبا بشر :
- سعيدُ بن سنان الحنفي أبو مهدي، أخرجه : الحارث بن أبي أسامة في مسنده - بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث (1/139رقم424)، وإتحاف الخيرة (4/193-194) - قال: حدثنا داود بن رشيد ثنا محمد بن حرب عن أبي مهدي عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من جمع طعاما وتربص به أربعين ليلة فقد بريء من الله وبرىء الله منه وأيما أهل عرصة ظل في ناديهم رجل من المسلمين جائعا فقد برئت منهم ذمة الله))، وأبو مهدي متروك ورمي بالوضع كما في التقريب (ص 237رقم2333)، ولا يبعد أنه سرق الحديث من أبي بشر.
وتابع كثير بن مرة :(2/142)
-نافع مولى ابن عمر، أخرجه : الدارقطني في غرائب مالك –كما قال العراقي في ذيل ميزان الاعتدال (ص150)، وابن حجر في اللسان (1/476)- من طريق أحمد بن يحيى بن خالد بن حيان الرقي، عن أيمن بن أبي خلف أبي هريرة، عن محمد بن المبارك الصوري، عن مالك عن نافع عن بن عمر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال :((من احتكر طعاما أربعين صباحا يريد به الغلاء على المسلمين بريء من الله، وبريء الله منه))، قال الدارقطني :((هذا باطل))، قال العراقيُّ :((والمتهم به أبو هريرة هذا، فإنّ محمد بن المبارك أحد الثقات الأثبات احتج به الشيخان، واحمد بن يحيى الرقي وثقه أبو نصر هبة الله بن معاذ السجزي، وليس فيه محل نظر إلاّ أبو هريرة هذا فهو آفته)).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
تبين مما تقدم أنّ الحديث مداره على يزيد بن هارون، عن أصبغ بن زيد، عن أبي بشر، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد استنكره أبو حاتم من أجل أبي بشر فهو لا يعرف وتفرد بالحديث، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/100) :((رواه أحمد وأبو يعلي والبزار والطبراني في الأوسط وفيه أبوبشر الأملوكي ضعفه ابن معين)).
وأمّا ابنُ عدي فجعله من منكرات أصبغ بن زيد فقال في الكامل :((وهذه الأحاديث لأصبغ غير محفوظة يرويها عنه يزيد بن هارون))، وتبعَ ابنَ عدي ابنُ الجوزي في الموضوعات (3/17) حيث قال :((وأمّا حديث ابن عمر ففي الطريقين أصبغ بن زيد، قال ابن عدي : أحاديث أصبغ غير محفوظة، وقال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد))، وأمَّا ابن حزم فقد أبعد النجعة فقال في المحلى (9/64) بعد ذكر الحديث : ((وهذا لا يصح لأن أصبغ بن زيد وكثير بن مرة مجهولان))، وتقدم في ترجمتيهما ما يدفع هذا القول.(2/143)
وقد ردَّ على ابنَ الجوزي العراقيُّ فقال في التقييد (ص43) :((وفي الحكم بوضعه نظر، وقد صححه الحاكم))، وقال أيضاً -كما في القول المسدد (ص7)- :((الحديث الرابع وبه إلى أحمد ثنا يزيد ثنا أصبغ بن زيد ثنا أبو شر عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة الحضرمي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من احتكر طعاما أربعين ليلة فقد بريء من الله عز وجل وبريء الله منه وأيما عرضة أصبح فيهم أمرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله تبارك وتعالى"، وهذا الحديث رواه ابن عدى في الكامل في ترجمة أصبغ بن زيد وقال: إنه ليس بمحفوظ، ورواه ابن الجوزي في الموضوعات من طريق أحمد وقال: لا يصح ذلك قال: وقال: ابن حبان أصبغ لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد، وكذلك أورد هذا الحديث في موضوعاته أبو حفص عمر بن بدر الموصلي، قلت: وفى كونه موضوعا نظر فإن أحمد وابن معين والنسائي وثقوا أصبغ وقد أورد الحاكم في المستدرك على الصحيحين هذا الحديث من طريق أصبغ))، وقال أيضاً– كما في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين (2/1025-1026)- :((رواه أحمد، والحاكم بسند جيد)).
وقال ابن حجر في النكت (1/452-454) :((ذكر شيخنا أنّ في الحكم بوضعه نظراً وأنّ الحاكم صححه وهو كما قال شيخنا…وللمتن شواهد تدل على صحته، فإنْ قيل: إنما الحكم عليه بالوضع نظراً إلى لفظ المتن وكون ظاهره مخالفاً للقواعد ، قلنا : ليست هذه وظيفة المحدث، وعلى التنزل، فالجواب عنه أنه من جملة الأحاديث التي سيقت في معنى الزجر الشديد والتغليظ، ولفظ البراءة، وإن كان مستشكلاً فقد صحت بمثله أحاديث أخر، ففي صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعري –رضي الله عنه- قال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" أنا بريء ممن سلق، وحلق، وخرق"، فمهما أجيب عنه فهو جوابنا)).(2/144)
وقال أيضاً القول المسدد (ص20-22) :((الحديث الرابع : حديث ابن عمر في الترهيب من الاحتكار وأذية الجار قوله: أورده عمر بن بدر الموصلي، قلت: لا اعتداد بذلك فإنه لم يكن من النقاد وإنما أخرجه من كتاب ابن الجوزي فلخصه ولم يزد من قبله شيئا، قوله: أخرجه الحاكم في المستدرك ، قلت : عليه فيه درك فإنه أخرجه من رواية عمرو بن الحصين وهو متروك عن أصبغ وإسناد أحمد خير منه فإنه من رواية يزيد بن هارون الثقة عن أصبغ وكذا أخرجه أبو يعلى في مسنده عن أبي خيثمة عن يزيد بن هارون ووهم بن عدي فزعم أن يزيد تفرد بالرواية عنه وليس كذلك فقد روى عنه نحو من عشرة ولم أر لأحد من المتقدمين فيه كلاما إلا لمحمد بن سعد وأما الجمهور فوثقوه منهم غير من ذكره شيخنا أبو داود والدارقطني وغيرهما، ثم إن للمتن شواهد تدل على صحته منها في الترهيب من الاحتكار حديث أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من احتكر حكرة يريد أن يغلى بها على المسلمين فهو خاطئ وقد برئت منه ذمة الله تبارك وتعالى"، رواه الحاكم ومنها حديث معقل بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغلى عليهم كان حقا على الله أن يقذفه في جهنم رأسه أسفله"، ورواه أحمد أيضا والحاكم والطبراني ومنها حديث عمر مرفوعا :"من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس"، وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"الجالب مرزوق والمحتكر ملعون"، رواه ماجه أيضا والحاكم ومنها حديث معمر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا يحتكر إلا خاطئ"، رواه مسلم هذا ما يتعلق بالاحتكار، وأما ما يتعلق بوعيد من بات بجوارهم جائع فله شواهد أيضا منها ما روى الطبراني والبزار بإسناد حسن من حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما آمن بي من بات شبعانا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم:، وروى الحاكم من حديث عائشة مرفوعا :"ليس(2/145)
المؤمن الذي يبيت شبعان وجاره جائع إلى جنبه"، وروى البخاري في تاريخه والطبراني وأبو يعلى من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم": ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع بجنبه"، فإن قيل: إنما حكم عليه بالوضع لما في ظاهر المتن من الوعيد الموجب للبراءة ممن فعل ذلك وهو لا يكفر بفعل ذلك، فالجواب: أن هذا من الأحاديث الواردة في معرض الزجر والتنفير ظاهرها غير مراد وقد وردت عدة أحاديث في الصحاح تشتمل على البراءة وعلى نفي الإيمان وعلي غير ذلك من الوعيد الشديد في حق من ارتكب أمورا ليس فيها ما يخرج عن الإسلام كحديث أبي موسى الأشعري في الصحيح في البراءة ممن حلق وسلق وحديث أبي هريرة: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، إلى غير ذلك مهما حصل من الجواب عنها كان هو الجواب عن هذا الخبر ولا يجوز الإقدام على الحكم بالوضع قبل التأمل والتدبر والله الموفق، تنبيه: أبو بشر هو جعفر بن أبي وحشية من رجال الشيخين وأبو الزاهرية اسمه حدير بضم الحاء المهملة بن كريب من رجال مسلم ورواية أبي بشر عنه من باب رواية الأقران لأن كلا منهما من صغار التابعين وكثير بن مرة تابعي ثقة باتفاق من رجال الأربعة ففي الإسناد ثلاثة من التابعين والله أعلم)).
وقال في الفتح (4/348) :((وعن ابن عمر مرفوعا ": من احتكر طعاما أربعين ليلة فقد برئ من الله وبرىء منه"، أخرجه أحمد والحاكم وفي إسناده مقال)).
وتبعهما على هذا السيوطي في اللآلي المصنوعة (2/147)، وابن عراق في تنزيه الشريعة (2/193)، والزَّبيديّ في إتحاف المتقين – كما في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين (2/1025-1026)-، والشوكاني في الفوائد المجموعة (ص144-145).(2/146)
ويبدو أنّ العراقيَّ، وابنَ حجر أُتيا في هذا الكلام والدفاع عن الحديث من جهة ظنهما أنّ أبا بشر شيخ أصبغ في الحديث هو جعفر بن أبي وحشية الثقة الذي روى له الجماعة، مات سنة خمس وعشرين ومائة –التقريب (ص 139رقم930)، تهذيب الكمال ( 5/5-10)-، وقد صرح ابن حجر في النقل السابق من القول المسدد بأنّ أبا بشر هو : جعفر بن أبي وحشية، وتبعهما من تبعهما من دون تحقيق، وهذا ذهول شديد فقد تقدم من النقول السابقة عن أبي حاتم، وأبي أحمد الحاكم، وابن منده وغيرهم أنّه راوٍ آخر لا يُعرف، وابن معين يرى أنه لا شيء، فالحمل عليه أولى من الحمل على أصبغ بن زيد كما هو قول أبي حاتم في هذه المسألة، وجعفر لم يذكر أنه روى عن أبي الزهراية بل هما أقران، وكذلك لم يذكر أنّ أصبغ روى عن جعفر بن أبي وحشية.
فتحصل مما تقدم أنّ الحديث منكر تفرد به أبو بشر وهو لا يعرف كما قال أبو حاتم، والله أعلم.
ولم أجد للحديث شاهداً بهذا اللفظ، وأمّا من حيث المعنى فقد تقدم في كلام ابن حجر السابق في القول المسدد ذكر شواهد لمعنى الحديث، وتقدم في المسألة رقم (1155) ذكر حديث معمر بن عبد الله في النهي عن الاحتكار.
- - - -
87- ] 1175[ وسمعتُ أبا زُرْعةَ وَحدَّثَنَا عَنْ إبراهيمَ بنِ أبي مُوسَى(1)، عَنْ هُشَيم(2)، عَنْ سُفْيانَ بنِ حُسين(3)، عَنْ الزُّهْرِيِّ(4)، عَنْ سَالِمٍ(5)، عَنْ أَبِيهِ(6)، عَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ(7)، عنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:((مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ)).
فقال *: ليسَ هذا الحديثُ بمحفوظٍ، والصحيح سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:((مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ)).
………………………………(2/147)
* كذا في الأصل، و(ش)، وفي (ت)، و(ف) (فقال أبو زرعة).
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : إبراهيم بن عبد الله بن حاتم الهروي، أبو إسحاق، نزيل بغداد، روى عن: عباد بن العوام، وعيسى بن يونس، وهشيم بن بشير وغيرهم، عنه: الترمذي، وأبو زرعة الرازي، وابن ماجة وغيرهم.
ثقة حافظ، من أعلم الناس بحديث هشيم بن بشير، قال عبد الله بن هبيرة :((سألتُ يحيى بن معين قلت: يا أبا زكريا من أصحاب هشيم الذين يعتمد عليهم؟ فقال: إبراهيم الهروي، ومحمد بن الصباح الدولابي ))، وقال إبراهيم الحربي :((كان إبراهيم الهروي حافظا متقنا تقيا ما كان ها هنا أحد مثله ))، روى له الترمذي، وابن ماجة، مات سنة أربع وأربعين ومائتين.
انظر : تاريخ بغداد (6/118-120)، تهذيب الكمال ( 2/119-123).
(2) هو: هشيم بن بَشير، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1102) وهو((ثقةٌ ثبتٌ، أثبت الناس في حُصين بن عبد الرحمن، ومن أعلم الناس بحديث يونس بن عبيد، ومنصور بن زاذان، وأبي بشر، وهو يدلس ويرسل)).
(3) هو : سفيان بن حسين، أبو محمد الواسطي، مولى عبد الله بن خازم السّلمي، روى عن: الحكم بن عتيبة، وحميد الطويل، ومحمد بن مسلم الزهري وغيرهم، عنه: إبراهيم بن صدقة، وشعبة بن الحجاج، ويزيد بن هارون وغيرهم.
ثقة في غير الزهري، قال ابن معين-في رواية الدارميّ- :(( ثقة، وهو ضعيف الحديث عن الزهري))، ونحو ذلك قال أحمد بن حنبل، ويعقوب بن شيبة، وابن حبان، وابن عدي، وقال ابن حجر :((ثقة في غير الزهري باتفاقهم...مات بالري مع المهدي وقيل في أول خلافة الرشيد))، استشهد به البخاري في الصحيح وروى له في القراءة خلف الإمام وفي الأدب ومسلم في مقدمة كتابه والباقون.
انظر : تاريخ الدارمي (ص45رقم19)، الثقات (6/404)، الكامل (4/414-416)، تاريخ بغداد (9/149-151)،تهذيب الكمال ( 11/139-142)، التقريب (ص244رقم2437).(2/148)
(4) : محمد بن مسلم بن شهاب، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091)، وهو : ((متفق على جلالته وإتقانه)).
(5) هو: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1122)، وهو :((متفق على جلالته وإتقانه)).
(6) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1091).
(7) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1133).
- - -
- التخريج :
إبراهيم بن أبي موسى، عَنْ هشيم، عَنْ سفيان بن حسين، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، عنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:((مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ)).
لم أقف على من أخرجه عن إبراهيم بن أبي موسى غير ابن أبي حاتم هنا.
وتابع إبراهيم بن أبي موسى اثنان:
العلاء بن هلال، أخرجه : النسائي في السنن الكبرى (3/189-190رقم 4990) كتاب العتق، ذكر العبد يعتق وله مال،.
والحسن بن عرفة، أخرجه : البزار في مسنده (1/224 رقم112)، والدارقطني في العلل (2/51).
وقال الدارقطني :((وغيره يرويه عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يذكر عمر))، وقال في الغرائب والأفراد-كما في الأطراف (1/119)- :((سالم، عن أبيه، عن جده حديث :"من اشترى عبداً وله مال…"، الحديث تفرد هشيم، عَنْ سفيان بن حسين، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عنه أسنده عن عمر )).
سالم، عن ابْنِ عُمَرَ، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
تقدم تخريج هذا الطريق في المسألة رقم (1122).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن الزهري على وجهين :
الوجه الأوّل : رواه سفيان بن حسين –عنه هشيم بن بشير-، عن الزهري، عن سالم، عن ابْنِ عُمَرَ، عن عمر، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.(2/149)
الوجه الثاني : رواه سفيان بن عيينة، وسليمان بن أبي داود، وصالح بن كيسان، وابن أبي ذئب، وعباد بن إسحاق، وعبدالملك بن جريج، عِكرمة بن خَالد، والليث بن سعد، ومعمر بن راشد، ويونس بن يزيد كلهم عن الزهري، عن سالم، عن ابْنِ عُمَرَ، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقد رجح أبو زرعة الوجه الثاني، وكذلك البزار فقد قال في مسنده (1/225) : ((وهذا الحديث لا نعلم أحداً قال فيه عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا سفيان بن حسين وأخطأ فيه، والحفاظ يروونه عن الزهري عن سالم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصواب)).
وقد تقدم في المسألة رقم (1122) بيان أسباب مرجحات هذا الوجه، وأنّ أصحاب الزهري المقدمين رووه على الوجه الثاني، وهو ما اعتمده الشيخان في صحيحيهما، بل قال البخاريّ –كما نقل ذلك الترمذي في سننه (3/537)- :((حديث الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أصح ما جاء في هذا الباب)).
ويظهر أنّ سفيان بن حسين يضطرب في رواية هذا الحديث فتارةً يخطأ فيه فيجعله من مسند عمر –كما تقدم-، وتارةً يرويه على الصواب فيجعله من مسند ابن عمر، يدل على ذلك ما رواه عبد بن حميد في مسنده (ص237-238 رقم722) قال: أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا سفيان بن حسين، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم :(( من اشترى عبدا له مال فماله للبائع إلا أن يشترط المشتري، ومن اشترى نخلا مؤبرا فثمرها للبائع إلا أن يشترط المشتري )).
والحديث من الوجه الراجح ثابت في الصحيحين كما تقدم في المسألة رقم (1122).
- - - -(2/150)
88- ] 1176[ وسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ ابنُ جُرَيْجٍ(1)، عَنْ صُدَيْقِ بنِ مُوسَى(2)، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْر(3)، عَنْ أَبِيهِ(4)، قَالَ: قَالَ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((لا تَعْضِيَةَ * فِي الْمِيرَاثِ إلاَّ أَنْ يَكُونَ الْمَال ذَا مَنّ **))، فسَمِعْتُ أَبِي يَقُول : هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، ولَيْسَ لأَبِيه صُحْبَة.
قَالَ أَبُو مُحَمَّد : قد غَلِطَ جَمَاعَةٌ صَنَّفُوا مُسْنَدَ أَبِي بَكْرٍ فَظَنُّوا أنَّ هَذَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ*** فَأدْخَلُوُه فِيهِ مِنْهُم: مُحَمَّدُ بنُ عَوْف الْحِمْصِيّ****، وإِبْرَاهِيمُ بنُ يُوسُفَ الْهِسِنْجَانِيّ***** وَغَيْرُهُمَا.
………………………………
* لا تعضية : قال الرازي في مختار الصحاح (ص184) :((وفي الحديث {لا تعضية في ميراث إلا فيما حمل القَسْم} يعني أنّ ما لا يحتمل القسم كالحبة من الجوهر ونحوها لا يُفرَّق، وإن طلب بعض الورثة القسم فيه لأن فيه ضررا عليهم أو على بعضهم ولكنه يُباع ثم يُقسم الثمن بينهم)) ، و انظر : تصحيفات المحدثين (1/335-336).
** منّ : قال ابن منظور في لسان العرب (13/419) :((قال ابن سيده : المَنُّ : كيل أو ميزان والجمع أمنان)) ، والمقصود لا يقسم إلاّ ما احتمل القسم كما في روايات الحديث.
*** هو : محمد بن أبي بكر الصّديق، القرشي التيمي، أبو القاسم المدني، والد القاسم بن محمد بن أبي بكر، ولد عام حجة الوداع، له رؤية، وقتل سنة ثمان وثلاثين وكان علي يثني عليه. انظر : تهذيب الكمال (24/541-543)، التقريب (ص470رقم5764).
**** تأتي ترجمته في المسألة رقم (1189)، ولم أقف على ذِكْرٍ لمسنده في كتب التراجم والفهارس.(2/151)
***** هو : الإمام الحافظ المجود أبو إسحاق الرازي الهسنجاني-نسبة إلى هسنجان بكسر أوله وفتح السين المهملة ثم نون ساكنة وجيم وآخره نون قرية بالري-، سمع : طالوت بن عباد، وعبدالأعلى بن حماد النرسي، وهشام بن عمار وغيرهم، حدث عنه : أبو جعفر محمد بن عمرو العقيلي، وأبو عمرو بن مطر، وأبو بكر الإسماعيلي وغيرهم، قال أبو علي الحافظ :((حدثنا إبراهيم بن يوسف الثقة المأمون)) ، مات في سنة إحدى وثلاث مائة، ولم أقف على ذِكْرٍ لمسنده في كتب التراجم والفهارس. انظر : معجم البلدان (5/467)، السير (14/115-117)، تذكرة الحفاظ (2/692).
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو : عبد الملك بن عبدالعزيز، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1101)، وهو:((ثقة ثبت فقيه وكان يدلس ويرسل، وهو أثبت الناس في عطاء بن أبي رباح لا يدلس عنه)).
(2) هو : صُدَيق –بضم أوله، وفتح ثانيه مخففا-بن موسى بن عبد الله بن الزبير، أبو بكر التيمى، كان أصله جزري ثم تحول إلى مكة، روى عن : أبى بردة بن أبى موسى، ومحمد بن أبى بكر ، روى عنه : إسماعيل بن رافع، وابن جريج، وحفص بن ميسرة، وعثمان بن أبى سليمان، وابن ابنه عتيق بن يعقوب بن صديق الزبيري.
فيه جهالة، ذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وذكره البخاري، وابن أبي حاتم وسكتا عليه، وقال الذهبيُّ :((ليس بالحجة)) ، ولم يتبين لي وجه جزم الذهبي بأنه ليس بحجة مع أني لم أقف للمتقدمين فيه كلاماً.
انظر : الطبقات (5/485)، التاريخ الكبير (4/330رقم3009)، تاريخ الدوري (3/79)، الجرح (4/455رقم2008)، الثقات (4/385)، الميزان (2/314رقم3886)، المغني (1/441رقم2880)، توضيح المشتبه (5/419)، لسان الميزان (3/189).(2/152)
(3) هو : محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري النجاري، أبو عبد الملك المدني، روى عن : عباد بن تميم، وأبيه أبي بكر بن محمد، وخالة أبيه عمرة بنت عبد الرحمن وغيرهم، روى عنه : سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وصديق بن موسى الزبيري وغيرهم.
متفقٌ على توثيقه، وثقه أبو حاتم، والنسائي، وابن حجر وغيرهم، روى له الجماعة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة.
انظر : الجرح (7/ 212رقم 1176)، تهذيب الكمال (24/541-543)، التقريب (ص 470رقم5763).
(4) هو : أبو بكر بن محمد بن عمرو –وتقدم باقي النسب في ترجمة ابنه-، يقال: اسمه أبو بكر وكنيته أبو محمد، ويقال : اسمه وكنيته واحد، روى عن : السائب بن يزيد، وعباد بن تميم، وخالته عمرة بنت عبد الرحمن وغيرهم، روى عنه : الأوزاعي، وابناه عبد الله، وغيرهم.
متفق على توثيقه وفضله، وثقه ابن معين وغيره، وقال الذهبيُّ :((أمير المدينة ثم قاضي المدينة أحد الأئمة الأثبات قيل كان أعلم أهل زمانه بالقضاء)) ، وقال ابن حجر :((ثقة عابد)) ، روى له الجماعة، مات سنة عشرين ومائة وقيل غير ذلك.
انظر : الجرح (9/ 337رقم 1492)، تهذيب الكمال ( 33/137-143)، السير (5/313-315)، التقريب (ص624رقم7988).
- - -
- التخريج :
-ابن جريج، عن صديق بن موسى، عن محمد بن أبي بكر، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((لا تعضية في الميراث إلاّ أن يكون المال ذا منّ)) .
أخرجه :
- أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (2/7) قال: حدثنا حجاج بن محمد.
-والدارقطني في سننه (4/219) كتاب الأقضية، وفي المؤتلف (3/1437) قال: أخبرنا الحسين بن إسماعيل قال: أخبرنا خلاد بن أسلم- ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق (2/385)-.
-و البيهقي في السنن الكبرى (10/133) قال أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد قال: أنبأنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز قال: أنبأنا محمد بن أحمد الرياحي.(2/153)
كلاهما ( خلاد بن أسلم، ومحمد بن أحمد) عن روح بن عبادة.
- وذكره ابن حزم في المحلى (8/132) معلقاً، والدارقطني في العلل (1/290) من طريق عبد الله بن وهب.
جميعهم ( حجاج بن محمد، وروح بن عبادة، وعبد الله بن وهب) عن ابن جريج، قال : أخبرني صُديق بن موسى، عن محمد بن أبي بكر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :((لا تعضية على الميراث إلا ما حمل القسم)).
وقد اختلف في الحديث على ابن جريج على أوجه :
1- ابن جريج، عن صديق بن موسى، عن محمد بن أبي بكر، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
رواه عن ابن جريج : حجاج بن محمد، وروح بن عبادة، وعبد الله بن وهب وغيرهم، وتقدم تخريج هذا الوجه.
2- ابن جريج، عن صديق بن موسى، عن محمد بن أبي بكر، عن النبيّ –به-.
رواه عن ابن جريج : عبد الله بن المبارك، أخرجه : أبو إسحاق الحربي في غريب الحديث (3/915) قال: حدثنا داود بن رشيد، قال: حدثنا ابن المبارك، قال : أخبرنا ابن جريج، عن صديق بن موسى، عن محمد بن أبي بكر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم –به-، وداود بن رشيد ثقة –التقريب (ص198رقم1784)-..
3- ابن جريج، عن صديق بن موسى، عن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم-به-.
رواه عن ابن جريج : أبو بكر بن أبي سبرة، أخرجه : الدارقطني في سننه (4/219) قال: أخبرنا الحسين بن إسماعيل قال: أخبرنا عبد الله بن شبيب قال: أخبرنا عبد الجبار بن سعيد قال: أخبرنا سليمان بن محمد عن أبي بكر بن أبي سبرة عن ابن جريج عن صديق بن موسى عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه كذا قال أن النبي صلى الله عليه وسلم-به-.
وأبو بكر بن أبي سبرة قال فيه ابن حجر :((رموه بالوضع))-التقريب (ص623رقم7973)-.
4- ابن جريج عن صديق بن موسى عن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم –به-.(2/154)
رواه عن ابن جريج : سعيد بن سالم القداح، أخرجه : العسكري في تصحيفات المحدثين (1/334)قال: حدثنا به عبدان قال: حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان قال: حدثنا سعيد بن سالم القداح قال: حدثنا ابن جريج عن صديق بن موسى عن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-به-، وتقدم أنّ سعيد صدوق، وكذلك عبد الله بن عمر بن أبان –التقريب (ص315رقم3493)- .
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن ابن جريج على أوجه :
الوجه الأوَّل : رواه حجاج بن محمد، وروح بن عبادة، وعبد الله بن وهب -وغيرهم كما قال الدارقطني- عن ابن جريج، عن صديق بن موسى، عن محمد بن أبي بكر، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثاني : رواه عبد الله بن المبارك، عن ابن جريج، عن صديق بن موسى، عن محمد بن أبي بكر، عن النبيّ –به-.
الوجه الثالث : رواه أبو بكر بن أبي سبرة، عن ابن جريج، عن صديق بن موسى، عن عبدالرحمن بن أبي بكر، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم-به-.
الوجه الرابع : رواه سعيد بن سالم القداح، عن ابن جريج عن صديق بن موسى عن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم –به-.
والوجه الأوَّل أرجح الوجوه لأمور:
أن في رواته الحجاج بن محمد وهو من أقوى أصحاب ابن جريج قال يحيى بن معين :((قد رأيتُ أصحاب ابن جريج بالبصرة ما رأيت فيهم أثبت من حجاج بن محمد)) ، وقال أيضاً :((وكنت أتعجب منه، فلما تبينت ذلك إذا هو كما قال: كان أثبتهم في ابن جريج)) ، انظر : شرح علل الترمذي (2/491-493).
ورواة الوجه الأوَّل أكثر.
أنّ بقية الوجوه لا تخلو من علة، فالوجه الثاني: خالف فيه ابن المبارك من هم أكثر عدداً، وفيهم من هو أوثق في ابن جريج منه، وكذلك الوجه الرابع: خالف سعيد مَنْ هُم أوثق منه وأكثر عدداً، والوجه الثالث: فيه أبو بكر بن أبي سبرة وهو متروك.(2/155)
ترجيح الدارقطني لهذا الوجه، فقد قال في العلل (1/290) -وقد سئل عن حديث يروي عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :((لا تعضية على أهل الميراث إلا ما حمل القسم)) - قال :((يرويه أبو بكر بن أبي سبرة عن ابن جريح، عن صديق بن موسى، عن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن أبيه وهو وهم والمحفوظ عن ابن جريح، عن صديق بن موسى، عن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه ابن وهب، وروح، وحجاج وغيرهم)).
والحديثُ من الوجه الراجح ضعيفٌ لإرساله، وقد ضعفه :
الشافعيُّ، قال البيهقي في السنن الكبرى (10/133) :((قال الشافعي في القديم :ولا يكون مثل هذا الحديث حجة لأنه ضعيف وهو قول من لقينا من فقهائنا، قال الشيخ رحمه الله : وإنما ضعفه لانقطاعه وهو قول الكافة)) .
وابن حزم، فقد قال في المحلى (8/132) :((واحتج المانعون من هذا بخبر فيه لا تعضية على أهل الميراث إلا فيما احتمل القسم وهذا خبرٌ مرسل، رويناه من طريق ابن وهب عن ابن جريج عن صديق بن موسى عن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه)) .
وابن عبد الهادي، فقد قال في التنقيح (3/537) :((هذا حديثٌ لا يثبت، وهو مرسل، وفي إسناده صديق بن موسى، وقد ذكره ابن أبي حاتم في كتابه..)).
- - - -
89- ] 1177[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ بَقِيَّةُ(1)، عَنْ أَبِي وَهْبٍ الأَسَدِّيِّ(2)، عَنْ أَيُّوبَ(3)، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ(4)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ(5)، قَالَ :((نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ * فَإِنْ اشْتَرَاهُ مُشْتَرٍ فَإنَّ صَاحِبَ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ إِذَا دَخَلَ الْمِصْرَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نِصْفِ النَّهَارِ))،**وأَبُو وَهْبٍ هو : عُبَيْدُ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو الرَّقِّيّ.
………………………………(2/156)
* الجلب : قال ابن الأثير في النهاية (1/282) في مادة جَلَبَ :((الجلب : ما يجلب للبيع من كل شيء)) ، وقال ابن منظور في لسان العرب (1/268) :((الجلب : سوق الشيء من موضع إلى آخر.. والجلب والأجلاب : الذين يجلبون الإبل والغنم للبيع)).
** كذا في الأصل، و(ش)، وفي (ت)، و(ف) زيادة ( فسَمِعْتُ أَبِي يَقُول : لَيْسَ فِي شَيءٍ مِنْ الْحَدِيثِ : "إِذَا دَخَلَ الْمِصْرَ فَإنَّ صَاحِبَهُ بِالْخِيَارِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نِصْفِ النَّهَارِ")، ويظهر أنّ هذا الكلام الزائد هو المراد من ذكر الحديث في العلل لبيان الإدراج الحاصل في المتن.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو: بقية بن الوليد، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1109)، وهو :((ثقة مكثر من التدليس عن الضعفاء والمجهولين، وفي روايته عن غير أهل الشام بعض الأوهام)).
(2) هو: عبيد الله بن عمرو، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1154) وهو ((ثقة فقيه)) .
(3) هو : السختياني، تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1093) ((متفق على ثقته وجلالته وإتقانه)).
(4) هو : محمد بن سيرين الأنصاري، أبو بكر بن أبي عمرة البصري، روى عن : أنس بن مالك، وعمران بن حصين، أبي هريرة وغيرهم، وعنه : أيوب السختياني، عبدالله بن عون، وهشام بن حسان وغيرهم.
متفق على ثقته وجلالته وإتقانه، قال الذهبيُّ :((ثقة حجة كبير العلم ورع بعيد الصيت له سبعة أوراد بالليل)) ، وقال ابن حجر :((ثقة ثبت عابد كبير القدر كان لا يرى الرواية بالمعنى)) ، روى له الجماعة، مات سنة عشر ومائة.
انظر : تهذيب الكمال ( 25/344-355)، الكاشف (3/51-52رقم4971)، التقريب (ص 483رقم5947).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1089).
- - -
- التخريج :(2/157)
-بقية بن الوليد، عن أبي وهب الأسدي، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال :((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تلقي الجلب، فإن اشتراه مشتر فإن صحاب السلعة بالخيار إذا دخل المصر ما بينه وبين نصف النهار)) .
لم أقف على من أخرجه من هذا الطريق.
وتابع بقيةَ بنَ الوليد على إسناده ومتنه دون قوله :((إذا دخل المصر ما بينه وبين نصف النهار)) :
أحمدُ بنُ عبد الملك، أخرجه : أحمد بن حنبل في مسنده (2/403) قال : حدثنا أحمد بن عبد الملك.
والربيع بن نافع أبو توبة، أخرجه : أبو داود في سننه (3/269 رقم3437) كتاب البيوع، باب في التلقي، - ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (5/348) كتاب البيوع، باب النهي عن تلقي السلع، وابن عبد البر في التمهيد (13/322-323، 18/ 188)، والذهبي في السير (13/208-209)-، وأبو عوانة في مسنده (3/264 رقم4909) كتاب البيوع، باب النهي عن تلقي البيوع والجلب والركبان للبيع، قال : حدثنا أبو حاتم الرازي، وأبو داود السجستاني، وتمام في الفوائد (1/164 رقم380 ) من طريق أحمد بن إبراهيم بن فيل، والبيهقي أيضاً من طريق أبي حاتم، كلهم عن الربيع بن نافع.
وعبد الله بن جعفر الرقي، أخرجه : الترمذي في سننه (3/524 رقم 1221) كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية تلقي البيوع، قال :حدثنا سلمة بن شبيب قال :حدثنا عبدالله بن جعفر الرقي.
وعيسى بن سالم ، أخرجه : أبو يعلى في مسنده (10/463 رقم 6087) وفي المعجم (ص226رقم274) قال : حدثنا عيسى بن سالم-ومن طريقه الخطيب في المتفق والمفترق (3/1599 رقم1058)-.
ومحمد بن سليمان المصيصي لُوين، أخرجه : أبو الحسن الحربي في الفوائد المنتقاة (ص391رقم99) قال: حدثنا أبو خبيب، قال: حدثنا لوين.
ويوسف بن عدي، أخرجه : الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/9) قال : حدثنا ابن أبي داود قال حدثنا يوسف بن عدي.(2/158)
جميعهم عن عبيد الله بن عمرو، عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال :((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتلقى الجلب فإن ابتاع مبتاع فصاحب السلعة بالخيار إذا وردت السوق)) .
قال أبو عيسى :((هذا حديث حسن غريب من حديث أيوب)) ، وقال الذهبيّ : ((هذا حديث صحيح غريب أخرجه الترمذي من طريق عبيد الله ابن عمرو وهو من أفراده)) ، وسيأتي أنه تابعه معمر بن راشد.
وأحمد بن عبد الملك ثقة، والربيع بن نافع ثقة حجة عابد، وعبد الله بن جعفر ثقة لكنه تغير بأخرة فلم يفحش اختلاطه، ومحمد بن سليمان ثقة، وعيسى بن سالم ثقة.
انظر : التقريب (ص82رقم69، ص 207رقم1902، ص 298رقم3253، ص481رقم5925)، تعجيل المنفعة (2/100رقم838).
وتابع عبيدَ الله بنَ عمرو الرقيّ :
- معمرُ بنُ راشد الأزديُّ، أخرجه : عبد الرزاق في المصنف (8/201رقم14879) كتاب البيوع، باب لا يبيع حاضر لباد،–ومن طريقه ابن الجارود في المنتقى (ص198رقم571)- قال : أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم :((نهى عن تلقي الجلب فمن تلقى جلبا فأشترى منه فالبائع بالخيار إذا وقع السوق)) .
وتابع أيوبَ السختياني :
1- الأوزاعيُّ، أخرجه :البيهقي في السنن الكبرى (5/348).(2/159)
2-و هشامُ بنُ حسان، أخرجه : مسلم في صحيحه (3/1157 رقم 1517) كتاب البيوع، باب تحريم تلقي الجلب، والنسائي في سننه (7/257)، كتاب البيوع، التلقي، وأحمد بن حنبل في مسنده (2/487)، والدارمي في سننه (2/170 رقم2569) كتاب البيوع، باب النهي عن تلقي البيوع، وأبو يعلى في مسنده (10/459 رقم6073)، وأبو عوانة في مسنده (3/264 رقم4906) والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/9)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/348)، وابن عبد البر في التمهيد (13/322، 18/190)، جميعهم من طرق عن هشام القردوسي عن ابن سيرين قال سمعت أبا هريرة يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :((لا تلقوا الجلب فمن تلقاه فاشترى منه فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار)).
وهشام بن حسان ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين –التقريب (ص572رقم7289)-.
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في متن الحديث عن عبيد الله بن عمرو على وجهين :
الوجه الأوَّل : رواه أحمدُ بنُ عبد الملك، والربيع بن نافع أبو توبة، وعبد الله بن جعفر الرقي، وعيسى بن سالم، ومحمد بن سليمان المصيصي لُوين، ويوسف بن عدي جميعهم عن عبيد الله بن عمرو، عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال :((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتلقى الجلب فإن ابتاع مبتاع فصاحب السلعة بالخيار إذا وردت السوق)) .
وتابع عبيدَ الله على هذه الرواية معمرُ بن راشد، وتابع أيوبَ الأوزاعيُّ، وهشامُ بن حسان.
الوجه الثاني : رواه بقية بن الوليد، عن أبي وهب عبيد الله بن عمرو الأسدي، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال :((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تلقي الجلب، فإن اشتراه مشتر فإنّ صحاب السلعة بالخيار إذا دخل المصر ما بينه وبين نصف النهار)).
وقد رجح أبو حاتم الوجه الأوَّل، وهذا ظاهر لكثرة من رواه عن عبيد الله بن عمرو، ولأنهم ثقات، وكذلك للمتابعات الأخرى.(2/160)
ويبدو أنّ بقية بن الوليد-وهو مشهور بالتدليس- روى هذا الحديث عن أحد الضعفاء- وقد زاد هذا الضعيف هذه الزيادة- ، فحَذَفَ بقيةُ الواسطةَ بينه وبين عبيد الله بن عمرو دَلَّسَ هذا الحديثَ، فالتزق هذا الخطأ ببقية بن الوليد، وتقدم في المسألة رقم ( 1151) قول أحمد بن حنبل :((توهمت أن بقية لا يحدث المناكير إلا عن المجاهيل، فإذا هو يحدث المناكير عن المشاهير فعلمت من أين أتى))، يشير إلى أنه أتى من التدليس –كما فسر ذلك ابن حبان-، وقول ابن حبان :((… ولقد دخلت حمص وأكثر همي شأن بقية فتتبعت حديثه وكتبت النسخ على الوجه وتتبعت ما لم أجد بعلو من رواية القدماء عنه، فرأيته ثقة مأمونا ولكنه كان مدلسا سمع من عبيد الله بن عمر، وشعبة، ومالك أحاديث يسيرة مستقيمة ثم سمع عن أقوام كذابين ضعفاء متروكين عن عبيدالله بن عمر، وشعبة، ومالك مثل: المجاشع بن عمرو، والسرى بن عبد الحميد، وعمر بن موسى الميتمي وأشباههم، وأقوام لا يعرفون إلا بالكنى، فروى عن أولئك الثقات الذين رآهم بالتدليس ما سمع من هؤلاء الضعفاء، وكان يقول : قال عبيد الله بن عمر، عن نافع، وقال مالك، عن نافع كذا، فحملوا عن بقية عن عبيد الله، وبقية عن مالك، وأسقط الواهي بينهما فالتزق الموضوع ببقية، وتخلص الواضع من الوسط، وإنما امتحن بقية بتلاميذ له كانوا يسقطون الضعفاء من حديثه ويسوونه فالتزق ذلك كله به))، وقول أبي أحمد الحاكم:((ثقة في حديثه إذا حدث عن الثقات بما يعرف، لكنه ربما روى عن أقوام مثل: الأوزاعي، والزبيدي، وعبيد الله العمري أحاديث شبيهة بالموضوعة، أخذها عن محمد بن عبد الرحمن، ويوسف بن السفر وغيرهما من الضعفاء ويسقطهم من الوسط ويرويها عن من حدثوه بها عنهم)).
- - - -(2/161)
90- ] 1178[ وسأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ(1)، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبِيدَةَ(2)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ(3)، عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْر(4)، عَنْ ابنِ عَبَّاسٍ(5) أنَّ رَسُولَ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى جَمَاعَةً مِنْ التُّجَّارِ فقَالَ :((يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ إنَّ اللّهَ عز وجل بَاعِثُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُجَّارًا إِلا مَنْ صَدَقَ وَوَصَلَ وَأَدَّى الأَمَانَةَ))، فسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: هَذَا خَطَأٌ إِنَّمَا يَرْوِيهِ ابنُ خُثَيْمٍ، عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ(6)، عَنْ أَبِيه(7)،ِ عَنْ جَدِّهِ(8)، عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ــــــــــــــــــــــ
(1) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1143)، وهو :((ثقة)).
(2) هو : الحارث بن عَبِيدة الحمصي، أبو وهب الكلاعي، روى عن : عبد الله بن عثمان بن خثيم، والعلاء بن عتبة اليحصبي، وهشام بن عروة وغيرهم، وعنه : الربيع بن روح، وعبد الله بن عبد الجبار، عمرو بن عثمان وغيرهم.
ضعيف، قال أبو حاتم :((شيخ ليس بالقوي))، وقال ابن حبان :((يأتي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد))، وقال ابن عدي :((وفي بعض رواياته ما لا يتابعه أحد عليه))، وقال ابن حجر :((وقد تناقض ابن حبان فذكره في كتاب الثقات))، وقال الدارقطني، والذهبي :((ضعيف))، مات سنة ست وثمانين ومائة.
انظر : الجرح (3/81رقم372)، الثقات (6/176)، المجروحين (1/224)، الكامل (2/192)، سنن الدارقطني (2/191)، المغني (1/142رقم1238)، تعجيل المنفعة (1/408 رقم163)، اللسان (2/154).(2/162)
(3) هو : عبد الله بن عثمان بن خُثَيْم-بالمعجمة والمثلثة مصغرا – القَارِيّ، أبو عثمان المكي، حليف بني زهرة، روى عن : إسماعيل بن عبيد، وأبي الطفيل عامر بن واثلة، وصفية بنت شيبة وغيرهم، روى عنه : بشر بن المفضل، ومعمر بن راشد، ويحيى بن سليم الطائفي وغيرهم.
صدوق، قال يحيى بن معين-في رواية بن أبي مريم- :((ثقة حجة))، وقال ابن سعد، والعجلي، والنسائي :((ثقة))، وقال أبو حاتم :((ما به بأس صالح الحديث))، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات وقال :((يخطئ))، ، وقال ابن المديني :((منكر الحديث))، وقال ابن معين –في رواية الدورقي- :((أحاديثه ليست بالقوية))، وقال النسائي في موضع آخر :((ليس بالقوي))، وقال ابن حجر :((صدوق))، وهذا هو الأقرب جمعاً بين الأقوال، استشهد به البخاري في الصحيح وروى له في القراءة خلف الإمام وغيره وروى له الباقون، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة.
انظر : الطبقات (5/487)، معرفة الثقات (2/46رقم931)، سنن النسائي (5/248)، الجرح (5/111-112رقم510)، الثقات (5/34)، الكامل (4/161-162)، تهذيب الكمال (15/279-282)، التهذيب (314-315)، التقريب (ص313رقم3466).
(4) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1171) وهو ((متفقٌ على توثيقه وفقهه وجلالته )).
(5) تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1105).
(6) هو : إسماعيل بن عبيد ويقال: عبيد الله أيضا بن رفاعة بن رافع بن العجلان الأنصاري الزرقي المدني، روى عن: أبيه، روى عنه : عبد الله بن عثمان بن خثيم.
مجهول، ذكره ابن حبان في الثقات قال الذهبيُّ :((مقبول لم يترك))، وقال ابن حجر :((مقبول))، روى له البخاري في الأدب والترمذي وابن ماجة، وقال الترمذي عن حديثه :((حسن صحيح))، وصحح حديثه أيضا-كما سيأتي- ابن حبان، والحاكم.
انظر : الثقات (6/28)، تهذيب الكمال ( 3/151-152)، الكاشف (1/126رقم398)، التقريب (ص 109رقم467).(2/163)
(7) هو : عبيد بن رفاعة بن رافع الأنصاري الزرقي المدني، روى عن : رافع بن خديج، وأبيه رفاعة بن رافع، وأسماء بن عميس، روى عنه: ابناه إبراهيم بن عبيد بن رفاعة، وإسماعيل بن عبيد بن رفاعة، وعبد الواحد بن أيمن وغيرهم.
ثقة، قال العجليُّ :((مدني تابعي ثقة))، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، قال ابن حجر :((ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم))، روى له البخاري في الأدب والنسائي في اليوم والليلة والباقون سوى مسلم.
انظر : معرفة الثقات (2/117رقم1179)، الثقات (5/133)، تهذيب الكمال (19/205-206)، التقريب (ص 377رقم4372).
(8) هو : رفاعة بن رافع بن مالك الأنصاري الزرقي، أبو معاذ المدني، شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم وبقية المشاهد، وكان هو وأبوه من النقباء، مات سنة إحدى أو اثنتين وأربعين.
انظر : تهذيب الكمال (9/203-204)، الإصابة (1/517)، التقريب (ص210رقم1946).
- - -
- التخريج :
1- عمرو بن عثمان، عن الحارث بن عَبيدة، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى جماعة من التجار فقال :((يا معشر التجار إنّ الله عز وجل باعثكم يوم القيامة فجارا إلا من صدق ووصل وأدى الأمانة)).
أخرجه :
- الطبراني في المعجم الكبير (12/68 رقم 12499) قال: حدثنا عبدان بن أحمد قال: حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي قال: حدثنا الحارث بن عبيدة عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى جماعة من التجار فقال :((يا معشر التجار))، فاستجابوا له ومدوا أعناقهم قال :((إن الله باعثكم يوم القيامة فجارا إلا من صدق وبر وأدى الأمانة)).
وتابع عمرو بنَ عثمان الحمصي :
1- إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، أخرجه : ابن حبان في المجروحين (1/224) حدثناه الحسن بن سفيان، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي،–ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (3/5رقم1208)-.(2/164)
2-وعبد الله بن عبد الجبار، أخرجه : الطبريّ في تهذيب الآثار- مسند علي بن أبي طالب (ص48رقم96)-قال: حدثني محمد بن عوف، قال: حدثنا عبد الله بن عبدالجبار.
كلاهما عن الحارث بن عبيدة الحمصي –به-، وقال ابن حبان :((وهذا ليس له أصل صحيح يرجع إليه)).
2- ابن خثيم، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه :
- الترمذي في سننه (3/515-516 رقم1210) كتاب البيوع، باب ما جاء في التجار وتسمية النبيّ صلى الله عليه وسلم إياهم،.
-وابن أبي عاصم الآحاد والمثاني (4/32).
-والطبراني المعجم الكبير (5/ 44رقم4543).
-وأبو نعيم في الحلية (7/114).
جميعهم من طريق بشر بن المفضل.
-وابن ماجه في سننه (2/727رقم 2146) كتاب التجارات، باب التوقي في التجارة.
-والطبريّ في تهذيب الآثار- مسند علي بن أبي طالب (ص47رقم92).
كلاهما من طريق يحيى بن سليم الطائفي.
- وعبد الرزاق في المصنف (11/458رقم20999) باب التجار ومن أكل ولبس بأخيه، قال : أخبرنا معمر بن راشد-ومن طريقه النسفيّ في القند في ذكر علماء سمرقند (ص300)، والطبراني المعجم الكبير (5/ 43-44 رقم 4539)-.
-وأخرجه: الدارمي في سننه ( 322/2) كتاب البيوع، باب في التجار.
-والطبريّ في تهذيب الآثار- مسند علي بن أبي طالب (ص47رقم94)-.
-والطحاوي في شرح معاني الآثار (5/331رقم2083).
-والطبراني المعجم الكبير (5/ 44 رقم 4540).
-وأبو نعيم في الحلية (7/114).
- وابن بشران في أماليه (ص76 رقم135).
جميعهم من طريق سفيان الثوري.
-وابن أبي عاصم الآحاد والمثاني (4/32).
-والطبريّ في تهذيب الآثار- مسند علي بن أبي طالب (ص47رقم95).
-وابن حبان في صحيحه – كما في الإحسان (276/11 رقم4910) كتاب البيوع، ذكر إثبات الفجور للتجار الذين لا يتقون الله في بيعهم وشرائهم-.
-والطبراني المعجم الكبير (5/ 44 رقم4542).
-وأبو نعيم في الحلية (7/114).(2/165)
جميعهم من طريق داود بن عبدالرحمن العطار
- وأبو يعلى في مسنده –ذكر ذلك السخاويُّ في الأجوبة المرضية (1/395) ولم أقف عليه في الرواية المطبوعة-.
-والطبريّ في تهذيب الآثار- مسند علي بن أبي طالب (ص47رقم95)-من طريق مسلم بن خالد.
-والطبراني المعجم الكبير (5/ 44 رقم 4541).
-وأبو نعيم في الحلية (7/114) معلقاً.
كلاهما من طريق إسماعيل بن علية.
-والحاكم في المستدرك (2/6) كتاب البيوع.
-و البيهقي في السنن الكبرى ( 266/5) كتاب البيوع، باب كراهية اليمين في البيع، وفي شعب الإيمان (4/219 رقم4849).
كلاهما من طريق إسماعيل بن زكريا.
- والضياء في المختارة -–ذكر ذلك السخاويُّ في الأجوبة المرضية (1/395) ولم أقف عليه في المطبوع منه-.
جميعهم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه، عن جده أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فرأى الناس يتبايعون فقال: يا معشر التجار فاستجابوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه فقال :(( إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبر وصدق )) هذا لفظ الترمذي، و :((هذا حديث حسن صحيح، ويقال: إسماعيل بن عبيد الله بن رفاعة أيضا)) وقال الحاكم :((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)).
وذكر أبو نعيم في الحلية أنَّ النعمان بن عبدالسلام وهو ثقة عابد-التقريب (ص564رقم7156)- رواه عن سفيان ، عن إسماعيل بن عبدالله بن رفاعة ولم يذكر عبدالله بن عثمان بن خيثم وقال :((غريب من حديث الثوري عن إسماعيل، وجوده أبو نعيم وغيرُه عن الثوري عن عبدالله بن عثمان بن خيثم عن إسماعيل، ورواه عن عبدالله بن عثمان بن خيثم بشر بن المفضل، وإسماعيل بن علية، وداود بن عبدالرحمن العطار كلهم عن ابن خيثم، عن إسماعيل بمثله وهو الصواب)).
- - -
- الدراسة والحكم على الحديث :
اختلف في الحديث عن عبدالله بن عثمان بن خيثم على وجهين:(2/166)
الوجه الأوَّل : رواه الحارث بن عَبيدة الحمصيّ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن بن عباس مرفوعاً…الحديث.
الوجه الثاني : رواه إسماعيل بن زكريا، وإسماعيل بن علية، وبشر بن المفضل، وداود العطار، وسفيان الثوري، ومسلم بن خالد، ومعمر بن راشد، ويحيى بن سليم الطائفي جميعهم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه، عن جده أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم…الحديث.
وقد رجح أبو حاتم الوجه الثاني، وقال ابن حجر :((والمحفوظ عن ابن خثيم، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه، عن جده…))، وهذا الترجيح ظاهر فإنّ رواة الوجه الثاني أكثر وأوثق، ولذا قال ابن حبان عن رواية الحارث هذه :((وهذا ليس له أصل صحيح يرجع إليه))، وقال الهيثمي (4/72) :((وفيه الحارث بن عبيد وهو ضعيف))، ومن المرجحات للوجه الثاني أنّ الحارث بن عبيدة سلك بالحديث الجادة فرواية ابن خثيم عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس كثيرة، لذا وهم الحارث فسلك هذا الطريق.
والحديث من الوجه الراجح فيه إسماعيل بن عبيد وهو مجهول-كما تقدم-، ولكن صححه الترمذيّ، وابن حبان، والحاكم.
وللحديث شاهد، من حديث البراء بن عازب، وعبد الرحمن بن شبل :(2/167)
1- فأمّا حديث البراء بن عازب، فأخرجه : البيهقي في شعب الإيمان (4/219 رقم4849) قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثني مكرم بن أحمد بن مكرم القاضي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن سعيد الجمّال قال: أخبرنا عبد الله بن بكر السهمي قال: أخبرنا حاتم بن أبي صغيرة عن عمرو بن دينار، عن البراء بن عازب قال أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البقيع فقال يا معشر التجار حتى إذا اشرأبوا قال :((إن التجار يحشرون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى وبر، وصدق))، ورجاله ثقات : أبو عبد الله هو الحاكم، ومكرم بن أحمد، وأحمد بن سعيد وثقهما الخطيب في تاريخ بغدادا (13/ 221، 4/170) وعبد الله بن بكر السهمي، وحاتم بن أبي صَغِيرة متفق على توثيقهما، تهذيب الكمال (14/340-344، 5/194-195).
ولكن هذا الحديث بهذا اللفظ معلول فقد رواه كثير من الثقات عن عبد الله بن بكر بلفظ آخر، فرواه :
-ابن أبي شيبة في المصنف (7/21-22)، كتاب البيوع والأقضية، ما نهي عنه من الحلف.
-والترمذي في العلل الكبير (178رقم309)قال: حدثنا قتيبة بن سعيد.
-والروياني في مسنده (1/282-283رقم420) قال: حدثنا يحيى بن حكيم، ومحمد بن إسحاق.
-والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5/330رقم2082)، وتمام في الفوائد (2/68رقم1164) كلاهما من طريق بكار بن قتيبة.
جميعهم (ابن أبي شيبة، وقتيبة بن سعيد، يحيى بن حكيم، ومحمد بن إسحاق، وبكار بن قتيبة ) عن عبد الله بن بكر السهمي.
- ورواه بحشل في تاريخ واسط (ص140) قال: حدثنا زكريا بن يحيى، قال: حدثنا صالح بن عمر.
كلاهما (عبد الله بن بكر، وصالح بن عمر ) عن حاتم بن أبي صغيرة عن عمرو بن دينار عن البراء بن عازب قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتبايع في السوق ونسمي السماسرة فقال :((يا معشر التجار إنكم تكثرون الحلف فاخلطوا بيعكم هذا بصدقة))، فسمانا يومئذ التجار، وصالح بن عمر ثقة-التقريب (ص273رقم2881)-.(2/168)
فهذا اللفظ أصح من اللفظ الذي تفرد به أحمد بن سعيد، عن عبد الله بن بكر.
وللحديث علةٌ أخرى وهي الانقطاع بين عمرو والبراء، قال الترمذي :((سألت محمدا عن هذا الحديث فقال: عمرو بن دينار لم يسمع من البراء ، وبينهما عندي رجل))، وكذلك قال يحيى بن معين، انظر : تاريخ الدوريّ (3/120).
2- وأمّا حديث عبد الرحمن بن شبل، فأخرجه : أحمد بن حنبل في مسنده (3/444) قال: حدثنا عبدالرزاق قال: أخبرنا معمر، عن يحيي بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن جده قال: كتب معاوية إلى عبد الرحمن بن شبل أنّ علّم الناس ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجمعهم، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :((تعلموا القرآن فإذا علمتموه فلا تغلوا فيه ولا تجفوا عنه ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به، ثم قال: إن التجار هم الفجار قالوا يا رسول الله أليس قد أحل الله البيع وحرم الربا ؟ قال: بلى ولكنهم يحلفون ويأثمون، ثم قال: إن الفساق هم أهل النار، قالوا: يا رسول الله ومن الفساق؟ قال: النساء، قالوا: يا رسول الله ألسن أمهاتنا وبناتنا وأخواتنا؟ قال: بلى ولكنهن إذا أعطين لم يشكرن وإذا ابتلين لم يصبرن، ثم قال: يسلم الراكب على الراجل والراجل على الجالس والأقل على الأكثر فمن أجاب السلام كان له ومن لم يجب فلا شيء له)).
والشاهد قوله :((إن التجار هم الفجار، قالوا : يا رسول الله أليس قد أحل الله البيع وحرم الربا ؟ قال: بلى ولكنهم يحلفون ويأثمون)).
وزيد بن سلاّم ، وجده هو : أبو سلاّم ممطور الحبشي ثقتان –التقريب (ص223رقم2140، ص 454رقم6879)
وقد اختلف على يحيى بن أبي كثير في هذا الحديث اختلافاً شديداَ :(2/169)
فرواه هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي راشد الحبراني، أنه سمع عبدالرحمن بن شبل-به-، أخرجه : ابن أبي شيبة في المصنف (2/400-401) كتاب الصلاة، في الرجل يقوم بالناس في رمضان فيعطى، وأحمد في مسنده (3/428)، والطبريّ في تهذيب الآثار- مسند علي بن أبي طالب (ص48-50رقم97-98)-، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5/325رقم2077)، والحاكم في المستدرك (2/86-7) جميعهم من طرق عن هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو راشد الحبراني أنه سمع عبد الرحمن بن شبل يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :((إن التجار هم الفجار قالوا يا رسول الله أليس قد أحل الله البيع قال بلى ولكنهم يحلفون فيأثمون ويحدثون فيكذبون)).
قال الحاكم :((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد ذكر هشام بن أبي عبدالله سماع يحيى بن أبي كثير عن أبي راشد وهشام ثقة مأمون وأدخل أبان بن يزيد العطار بينهما زيد بن سلام)).
وأبو راشد هو أبو راشد الحبراني -بضم المهملة، وسكون الموحدة- الشامي، قيل: اسمه أخضر، وقيل: النعمان ثقة –التقريب (ص 639رقم8088)-.
وتابع هشاماً أيوبُ السختياني، أخرجه : الطبراني في المعجم الأوسط (3/272-273رقم2595) قال : حدثنا أبو مسلم الكجيّ، قال: حدثنا أبو عمر الضرير قال: حدثنا وهيب بن خالد قال: حدثنا أيوب، عن يحيى –به-، وقال :((لم يرو هذا الحديث عن أيوب إلا وهيب))، وأبوعمر هو حفص بن عمر الضرير صدوق –التقريب (ص 173رقم1421)-.
ورواه أبان بن يزيد-عنه : محمد بن عيسى-،عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام عن أبي راشد الحبراني، عن عبدالرحمن بن شبل-به-، أخرجه : الحاكم في المستدرك (2/7) قال: حدثناه علي بن حمشاذ العدل، حدثنا محمد بن عيسى بن السكن الواسطي، قال: حدثنا عفان بن مسلم، قال :حدثنا أبان بن يزيد العطار -به-.(2/170)
ورواه أبان بن يزيد أيضاً- عنه : عفان بن مسلم، وموسى بن إسماعيل، ومسلم بن إبراهيم، وسهل بن بكار، وهدبة بن خالد-، وعلي بن المبارك كلاهما عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن أبي سلام، عن أبي راشد، عن عبد الرحمن بن شبل-به-، وأخرجه : أحمد في مسنده (3/444) قال: حدثنا عفان، أبو يعلى في مسنده (3/88رقم1518) عن هدبة، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5/325-326رقم2078)، والطبراني في المعجم الكبير (19/314رقم711) من طريق موسى، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/18) من طريق مسلم بن إبراهيم، والبيهقي في السنن الكبرى (2/17) كتاب الصلاة، باب وجوب تعلم ما تجزئ به الصلاة من التكبير، من طريق سهل، كلهم عن أبان-به-، وأخرجه : الطبريّ في تهذيب الآثار- مسند علي بن أبي طالب (ص50رقم100)-، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/18) كتاب النكاح، باب التزويج على سورة من القرآن، والبيهقي في السنن الكبرى (5/266) من طريق علي-به-.
وتابع يحيى على هذه الرواية معاويةُ بن سلام أخو زيد بن سلام، أخرجها : ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/135) قال: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم قال: أخبرنا محمد بن شعيب بن شابور .
وابن عساكر في تاريخ دمشق (34/426-427) من طريق الربيع بن نافع.
كلاهما عن معاوية بن سلام، عن أخيه زيد أنه أخبره عن جده أبي سلام، عن أبي راشد أنه أخبره قال كنا مع معاوية رضي الله تعالى عنه في منزل يقال له مسكن فلما أذن المؤذن بالأذان الأول أرسل معاوية إلى عبد الرحمن بن شبل رضي الله تعالى عنهما فقال: أما إنك من قدماء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفقهائهم فإذا صليتُ ودخلتُ فسطاطي فقم في الناس وحدثهم بما سمعتَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام عبد الرحمن رضي الله تعالى عنه فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :((اقرؤوا القرآن واعملوا به ولا تجفوا عنه ولا تغلوا فيه ولا تأكلوا به ولا تستكبروا)).(2/171)
ومعاوية بن سلام ثقة –التقريب (ص 538رقم6761)-.
ورواه معمر بن راشد-عنه : عبد الرزاق-، عن يحيي بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده قال: كتب معاوية إلى عبد الرحمن بن شبل…، أخرجه : عبدالرزاق في المصنف (10/387 رقم1944)، ومن طريقه أحمد في مسنده (3/444)، وعبد بن حميد في المنتخب (ص129رقم 314)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/17)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (34/425)، وتقدم ذكر لفظه كاملاً.
ورواه معمر بن راشد-عنه : عبد الأعلى بن عبد الأعلى-، عن يحيي بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن عبد الرحمن بن شبل…، أخرجه : الطبريّ في تهذيب الآثار- مسند علي بن أبي طالب (ص50رقم99)- قال: حدثنا ابن المثنى، قال: حدثني عبد الأعلى –به-.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (2/62رقم المسألة 1674) :((سألت أبي عن حديث رواه وهيب، عن أيوب، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي راشد، عن عبد الرحمن بن شبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "اقرأوا القرآن.."، قال أبي: رواه بعضهم فقال عن يحيى، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي راشد الحبراني، عن عبد الرحمن بن شبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم كلاهما صحيح غير أن أيوب ترك من الإسناد رجلين)).
وهذا الاضطراب شديد ولم يظهر لي ما يمكن ترجيحه من هذه الأوجه، والله أعلم، وقال المنذري في الترغيب والترهيب (2/587) :((رواه أحمد بإسناد جيد والحاكم واللفظ له وقال صحيح الإسناد))، وقال ابن حجر في الفتح (9/101) :((وسنده قوي)).
- - - -(2/172)