علل الحديث
للإمام أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي المتوفى سنة 327هـ
من قوله : علل أخبار رُويت في مناسك الحج ، من أول المسألة رقم :
( 787 ) ، إلى نهاية المسألة رقم ( 937 ) ، وهي قوله : سئل أبو زرعة
عن حديث رواه زيد بن الحباب
تحقيقاً وتخريجاً ودراسة
رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في السنة وعلومها
إعداد :
تركي بن فهد بن عبد الله الغُمَيْز
إشراف :
فضيلة الشيخ الدكتور : عبد الله بن عبد العزيز الغصن
الأستاذ المشارك في قسم السنة وعلومها بفرع جامعة الإمام
محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم
المجلد الأول
العام الجامعي 1423/1424هـ(1/1)
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
أما بعد ، فإن البحث في السنة النبوية وعلومها من أعظم ما أنفقت فيه ساعات العمر المحدودة ، وأيامه المعدودة ، ذلك أن السنة النبوية هي المصدر الثاني للشريعة الإسلامية بعد القرآن الكريم ، وهي الوحي الثاني ، والحكمة التي أنزلها الله على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - .
فلا عجب أن يتسابق علماء هذه الأمة وأئمتها في جميع عصورها على المساهمة في خدمة السنة النبوية، جمعاً لها، وحفظاً ، ورواية ، وفقهاً في معانيها ، ونظراً في مدلولاتها، ونشراً ، وتأليفاً ، بل لا عجب أن يهتموا بكل ما يمت إلى السنة النبوية بصلة .
وما ذلك إلا لأجل حفظ هذه السنة ، وتبليغها للأجيال اللاحقة ، وصيانتها عن أن يدخل فيها ما ليس منها ، ولا شك أن الله قد تكفل بذلك إذ السنة أصل ومصدر لهذا الدين لا يقوم إلا به ، ولكن اقتضت حكمة الله تعالى ورحمته أن يستعمل من شاء من عباده في ذلك ، منةً منه وفضلاً على هذه الأمة المرحومة ، فلله الحمد أولاً وآخراً .
هذا ، وقد تشعبت علوم السنة وتنوعت ، حتى غدا حصر أنواع ذلك والإحاطة به بتفاصيله عسيراً ، وإنما علوم السنة كالبحر الذي لا ساحل له ، وما من نوعٍ من هذه الأنواع إلا وهو كفيل بأن يستوفي لحظات العمر ولما يبلغ الطالب فيه نهايته ، بل غايته منه وأمنيته ، كعلم الرجال مثلاً ، تعديلاً وتجريحاً ، وجمعاً وتفريقاً ... وغير ذلك .
ولكن هذه العلوم متماسكة وآخذ بعضها ببعض ، بحيث لا يمكن للناظر أن ينال بغيته في واحدٍ من هذه الأنواع دون أن يخوض في غيره من أنواع علوم السنة الأخرى .(1/1)
وقد رأيت أن علم العلل من أدق علوم السنة مسلكاً ، وأقلها سالكاً - كما وصفه بذلك غير واحدٍ من الأئمة - ورأيت هذا العلم لا يدع نوعاً من أنواع علوم السنة ولا فناً من تلك الفنون إلا وداخله وخالطه ، فصار الباحث فيه محتاجاً للنظر في جميع تلك الأنواع ، وزائداً عليها أعمق شيء يبنى عليها ، وهو علم العلل ذاته .
وكانت رسالتي للماجستير في هذا العلم - أيضاً- وقد أفدت منها - بحمد الله - كثيراً، وازددت رغبة في هذا العلم ، وإيماناً بأهميته ، وإجلالاً لأئمته .
فمن هنا حرصت على أن يكون بحثي في هذه المرحلة - أيضاً - في هذا العلم الدقيق ، وكان أن وفق الله لأن يكون ذلك عبر ديوان عظيم مما كتب في هذا العلم ، وهو كتاب " علل الحديث " للإمام أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي المتوفى سنة 327 - رحمه الله - ، وكان نصيبي :" علل أخبار رويت في مناسك الحج وآدابه وثوابه ونحو ذلك " بكامله ، وجزء من الكتاب الذي بعده ، وهو :" علل أخبار رويت في الغزو والسير " .
وتتلخص أهمية هذا الموضوع بالأمور التالية :
1- ما سبقت الإشارة إليه أن علم العلل أدق علوم الحديث وأغوصها ، وأن البحث فيه يستلزم البحث في بقية علوم الحديث ، بل وفي فقه الحديث ، إذ من العلل الواردة في الأحاديث ما لا يمكن كشفه وبيانه إلا بعد طول بحث ونظر ، وهذا من أهم ما ينفع الباحث ، وإن كان فيه عناء ومشقة .
2- أن كتاب " علل الحديث " لابن أبي حاتم أصل في المؤلفات في هذا الموضوع لجلالة مؤلفه وجلالة شيخيه الذين تدور عليهما أغلب مادة هذا الكتاب ، وهما : أبو حاتم، وأبو زرعة الرازيان، مع ضخامة الكتاب، وثرائه بالمادة العلمية، واشتماله على عامة أنواع العلة بحيث يتسنى للباحث النظر في ذلك أجمعه .(1/2)
3- الحاجة الماسة في هذا العصر لإحياء هذا العلم الذي كاد أن يندثر وينسى ، فقد أعرض عنه عامة الباحثين ، ولم يقف الأمر على هذا ، بل تعدى ذلك إلى أن صارت بعض عبارات الأئمة في تعليل بعض الأحاديث محل نقدٍ وردٍ بغير حجة ، وقد يكون فاعل ذلك أقل ما يقال فيه أنه لم يفهم معنى كلامهم فهماً صحيحاً .
ومن تأمل في جملة من المؤلفات في تمييز صحيح السنة من ضعيفها ، في هذا العصر وقبله - أيضاً - عرف أن هذا العلم قد لقي صدوداً وإعراضاً من كثير ممن يتعنى النظر في صحيح الحديث وسقيمه .
وقد ترتب على ذلك خلل شديد ، وفساد عريض ، فكم نسب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مما لا يصح أنه قاله ، بل مما قد يتفق أئمة هذا العلم على أن نسبة ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - خطأ ووهم.
ومن هنا كان قسم السنة وعلومها بجامعة الإمام موفقاً أيما توفيق بفتح المجال للباحثين في هذا العلم الشريف ، ومن ذلك طرح هذا المشروع النافع في خدمة كتاب "علل الحديث" لابن أبي حاتم تحقيقاً لنصه ، وتخريجاً ودراسة لأحاديثه دراسة موسعة ينتفع بها الباحث أولاً ، ثم الناظر ثانياً .
وأما أسباب اختياري لهذا الموضوع فهي كالتالي :
1- ما سبق بيانه من أهمية هذا الموضوع من جميع جوانبه .
2- حرصي الشديد على البحث في هذا المجال ، وقناعتي الشديدة بذلك ، ولم تكن صعوبة البحث في ذلك خافية علي ، ولكني رأيت أن هذا الطريق من أمثل الطرق التي تفيد الباحث ، وتبعث فيه ملكة النقد والتمحيص ، مع ما يورث ذلك من حب هؤلاء الأئمة ، وتعظيمهم ، ومعرفة قدرهم ، وإنزالهم منازلهم اللائقة بهم ، لعلو قدمهم في هذا العلم الدقيق ، الذي لم ينالوه إلا بعد طلب دائب ، وصبر عظيم ، مع ما منحهم الله من البصر النافذ ، والفهم الثاقب ، فرحمهم الله رحمة واسعة .(1/3)
3- أن من توفيق الله لي أن صار من نصيبي في هذا الديوان العظيم كتاب المناسك بتمامه من أوله إلى آخره ، وزيادة عليه من كتاب الغزو والسير ، وكتاب المناسك يعتبر وحدة موضوعية مستقلة ، يمكن الانتفاع به دون التعلق ببقية الكتاب ، ثم إن في المناسك أحاديث كثيرة اشتهرت عللها وكلام الأئمة فيها ، وقد بني عليها مسائل في المناسك ، فكانت دراسة هذه الأحاديث دراسة وافية من الأهمية بمكان .
وكانت خطة البحث مكونة من مقدمة وقسمين وخاتمة وفهارس فنية ، وتفصيل ذلك كالتالي :
المقدمة : وفيها بيان أهمية الموضوع ، وأسباب اختياره ، وخطة البحث .
القسم الأول : الدراسة ، وفيه أربعة فصول :
الفصل الأول : ترجمة المؤلف وشيخيه - بإيجاز - وفيه ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : ترجمة عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ، وهو المؤلف .
المبحث الثاني : ترجمة أبي حاتم الرازي .
المبحث الثالث : ترجمة أبي زرعة الرازي .
الفصل الثاني : دراسة موجزة لعلم العلل ، وفيه أربعة مباحث :
المبحث الأول : لمحة تاريخية عن علم العلل .
المبحث الثاني : معنى العلة وأقسامها .
المبحث الثالث : أهمية علم العلل ، وأبرز المؤلفات فيه .
المبحث الرابع : كيفية معرفة العلة .
الفصل الثالث : دراسة موجزة لكتاب " علل الحديث " لابن أبي حاتم ، وفيه خمسة مباحث :
المبحث الأول : تسمية الكتاب ، وصحة نسبته إلى مصنفه .
المبحث الثاني : موضوع الكتاب ، وكيفية ترتيبه .
المبحث الثالث : موارد المصنف في كتابه .
المبحث الرابع : بيان منزلة الكتاب ، وأهم مزاياه .
المبحث الخامس : مقارنة الكتاب بغيره من كتب العلل ، كالعلل الكبير للترمذي ، وعلل الإمام الدارقطني .
الفصل الرابع : دراسة منهج المصنف في القسم المحقق ، وفيه خمسة مباحث :
المبحث الأول : منهجه في السؤال عن الأسانيد والمتون .
المبحث الثاني : منهج شيوخه في الإجابة عن سؤاله في الأسانيد والمتون .(1/4)
المبحث الثالث : تعقيبه على كلام شيوخه .
المبحث الرابع : منهجه في إثبات العلة أو دفعها .
المبحث الخامس : منهجه في الكلام عن الرواة .
القسم الثاني : التحقيق .
وقبل سياق النص محققاً أذكر أمرين :
أولهما : وصف النسخ الخطية ، وبيان المعتمد منها .
وثانيهما : الطريقة المتبعة في التحقيق والتخريج والدراسة ، وسيأتي تفصيل ذلك في موضعه - إن شاء الله - .
الخاتمة : وفيها بيان أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال هذا البحث المتواضع ، سواء كانت في تحقيق النص ، أو تخريجه ، أو دراسته أو غير ذلك .
الفهارس الفنية : وهي كالتالي :
1- فهرس الآيات القرآنية .
2- فهرس الأحاديث والآثار على حروف المعجم .
3- فهرس الأحاديث والآثار على المسانيد .
4- فهرس الرواة المترجمين .
5- فهرس الأماكن والبلدان .
6- فهرس المصادر والمراجع .
7- فهرس الموضوعات .
وفي ختام هذه المقدمة فإني أشكر الله على ما أنعم علي من نعم عظيمة لا أحصي لها عداً ، ومنها إتمام العمل في هذا الكتاب المبارك ، وأسأل ربي المزيد من فضله .
ثم إني أشكر جامعة الإمام محمد بن سعودٍ الإسلامية على جهودها المباركة ، وأشكر شكراً خاصاً لكلية أصول الدين التي أقدم هذه الرسالة إليها ممثلة في قسم السنة وعلومها فللجميع جميل الشكر والعرفان .
كما أشكر فضيلة شيخي المشرف على هذه الرسالة د/ عبد الله بن عبد العزيز الغصن، الأستاذ المشارك بقسم السنة وعلومها بفرع الجامعة بالقصيم ، أشكره على ما منحني من وقته وعلمه ، كما أشكره على جميل أخلاقه وكريم سجاياه ، ولاعجب فالشيء من معدنه لا يستغرب ، ولا أنسى له أبداً ذلك الاهتمام الشديد بقراءة ما أقدمه من أجزاء من هذا البحث ، رغم ما أصابه من مرض وعناء ، فأسأل الله أن يمتعه بالصحة والعافية وأن يبارك له في علمه وعمره وأهله وماله ، وأن يجزيه على ما قدم لي خير الجزاء .(1/5)
ثم إني أشكر جميع مشايخي وزملائي في قسم السنة بفرع الجامعة بالقصيم ، وأخص منهم فضيلة شيخي الدكتور : إبراهيم بن عبد الله اللاحم ، الأستاذ المشارك بالقسم ، حيث لم يبخل عليَّ بشيءٍ طلبته منه أو سألته عنه ، فقد جاد لي بعلمه ووقته ، فشكر الله له وأحسن مثوبته وجزاه خير جزائه .
كما أخص فضيلة شيخي الشيخ عبد الله بن صالح الفوزان ، فقد شفاني فيما سألته عنه من أسئلة أشكلت علي في إعراب بعض الكلمات الواردة في النص ، وبيان معناها فجزاه الله خير الجزاء .
والشكر موصول للجميع كل بخصوصه ، فما أعلم منهم أحداً سألته عن شيء أو طلبته منه إلا وسارع بتلبية ذلك ، فشكرهم الله جميعاً وأحسن إليهم وبارك في علمهم وجزاهم الله خير الجزاء .
وشكر الله لكل من أعانني على هذا البحث ، أو أسدى إلي معروفاً ، وجزاه الله خير الجزاء .
ثم إني أسأل الله الهداية والسداد ، وأسأله أن يجعل هذا العمل لوجهه خالصاً ، وأن ينفعني به أولاً ، وينفع به قارئه ، والناظر فيه ، كما أسأله - جل وعلا - أن يغفر لي ولوالدي ، اللهم اغفر لوالدي وارحمهما إنك أنت الغفور الرحيم ، اللهم وألبس والدتي لباس الصحة والعافية ، وأصلح لها أمور دينها ودنياها ، وبارك لها في عمرها ، وأصلح لها ذريتها ، وارزقني برها واختم لنا جميعاً بخير يا كريم .
اللهم وأدم على هذا البلاد نعمة الأمن والإيمان ، اللهم وأصلح ولاتنا واجعلهم خير معين على نشر دينك وتحكيم شرعك ووفقهم لصالح القول والعمل ، وزدهم حباً وإكراماً للعلم وأهله .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .(1/6)
الفصل الأول : ترجمة المؤلف وشيخيه بإيجاز
وفيه ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : ترجمة عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ،
وهو المؤلف .
المبحث الثاني : ترجمة أبي حاتم الرازي .
المبحث الثالث : ترجمة أبي زرعة الرازي .
المبحث الأول : ترجمة المؤلف
ابن أبي حاتم أحد الأعلام المشاهير ، الذين تدل آثارهم على عظيم منزلتهم ، وعلى سعة اطلاعهم في علوم الشريعة ، وخاصة علم الحديث الذي ضرب فيه بسهام متعددة ، في علله ، وفي رجاله جرحاً وتعديلاً ، واتصالاً وإرسالاً ، وفي تحصيله جمعاً ورواية ، ولذا فليس غريباً أن يعنى بالترجمة له عامة من جاء بعده ممن كتب في رجال الحديث وأئمته ورواته منذ عصره إلى هذا العصر ، بل ليس غريباً أن يخص بترجمة مستقلة ، كما صنع أبو الحسن علي بن إبراهيم الرازي الخطيب ( انظر سير أعلام النبلاء 13/263 ) ، وقد نقل قوام السنة جملة وفيرة مما ذكره أبو الحسن الخطيب وذلك في ترجمة ابن أبي حاتم في سير السلف الصالحين ، كما خص بدراسة علمية مستقلة معاصرة بين فيها الباحث أثره في علوم الحديث ، في كتاب مطبوع بعنوان :" ابن أبي حاتم الرازي وأثره في علوم الحديث " تأليف الدكتور رفعت فوزي عبد المطلب .
وكُتب في ترجمته كتابات علمية أخرى ، ومن ذلك جميع الأخوة المشايخ الذين قدموا رسائلهم العلمية في خدمة هذا الكتاب ، وليس غرضي التوسع في ذلك ، وإنما أقصد الإيجاز ، والاقتصار على جوانب مهمة في حياته الشخصية والعلمية ، وذلك عبر النقاط التالية :(1/1)
1- اسمه ونسبه(1):
هو الإمام العلامة الحافظ الناقد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران أبو محمد بن أبي حاتم الحنظلي الرازي ، قيل : مولى حنظلة ، وقيل منهم ، وقيل إنه نسبة إلى درب حنظلة بالري .
2- ولادته ونشأته وطلبه للعلم وحرصه عليه :
ولد ابن أبي حاتم سنة 240 أو 241 ، ونشأ في بيت علم وجلالة على يدي والده أبي حاتم الرازي، قال أبو بكر محمد بن عبد الله البغدادي : كان من منة الله على عبد الرحمن أنه ولد بين قماطر العلم والروايات ، وتربى بالمذاكرات بين أبيه وأبي زرعة ، فكانا يزقانه كما يزق الفرخ الصغير ، ويعنيان به ، فاجتمع له مع جوهر نفسه كثرة عنايتهما ...(2). وأول شيء بدأ به القرآن حيث قرأه على الفضل بن شاذان ، ولم يأذن له والده بطلب الحديث قبل ذلك - كما قال هو عن نفسه - .
ثم شرع في طلب الحديث بعد ذلك على أبيه ، وأبي زرعة وغيرهما من محدثي بلده الري .
قال أبو الحسن علي بن إبراهيم الرازي الخطيب: سمعته - يعني ابن أبي حاتم- يقول: رحل بي أبي سنة خمسٍ وخمسين ومائتين ، وما احتلمت بعد ، فلما بلغنا ذا الحليفة احتلمت ، فسر أبي ، حيث أدركت حجة الإسلام ، فسمعت في هذه السنة من محمد بن أبي عبد الرحمن المقرئ .
__________
(1) أهم مصادر ترجمته : الإرشاد للخليلي 2/683 ، سير السلف الصالحين لقوام السنة الأصبهاني 4/1231 ، تاريخ دمشق 35/357 ، طبقات الحنابلة 2/55 ، التقييد لابن نقطة 2/78 ، التدوين في أخبار قزوين 3/153 ، سير أعلام النبلاء 13/263 ، تاريخ الإسلام 24/206 ، تذكرة الحفاظ 3/829 ، طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي 3/17، طبقات الشافعية الكبرى 3/324، الميزان 2/587، لسان الميزان 3/432، البداية والنهاية 15/113 وغيرها كثير ، ومن ذلك مقدمات محققي كتبه كالعلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في مقدمة تقدمة الجرح والتعديل ، وغيره .
(2) سير السلف الصالحين 4/1232.(1/2)
فهذه أول رحلة له في طلب الحديث ، وله رحلتان أخريان ، قال الخطيب الرازي : كان لعبد الرحمن ثلاث رحلات ، الأولى مع أبيه سنة خمس ، وست ، ثم حج وسمع محمد بن حماد في سنة ثنتين ، ثم رحل بنفسه إلى السواحل والشام ومصر سنة اثنتين وستين ومائتين ، ثم رحل إلى أصبهان في سنة أربع وستين فلقي يونس بن حبيب(1).
وقال الرازي الخطيب - أيضاً -: سمعت أحمد بن علي الرقام يقول : سمعت الحسن ابن الحسين الدارستيني يقول : سمعت أبا حاتم يقول : قال لي أبو زرعة : ما رأيت أحرص على طلب الحديث منك يا أبا حاتم ، فقلت : إن عبد الرحمن لحريص ، قال : من أشبه أباه فما ظلم . قال الرقام : سألت عبد الرحمن عن اتفاق كثرة السماع له وسؤالاته من أبيه فقال : ربما كان يأكل وأقرأ عليه ، ويمشي وأقرأ عليه ، ويدخل البيت في طلب شيء وأقرأ عليه(2).
بل قد سأل أباه وهو في النزع فأجابه ، كما في تقدمة الجرح والتعديل 1/367 .
3- شيوخه والآخذون عنه :
سمع من شيوخ كثيرين، ومنهم - غير من سبق ذكره - أبو سعيد الأشج، والحسن بن عرفة ، والزعفراني ، ويونس بن عبد الأعلى ، وعلي بن المنذر الطرايفي ، وحجاج بن الشاعر وغيرهم كثير .
ولكنْ من أئمة شيوخه : أبوه ، وأبو زرعة ، وهو أشهر من نقل علمهما ، ومنهم : محمد بن مسلم بن واره ، وعلي بن الحسين بن الجنيد ، ومسلم بن الحجاج .
ومن الآخذين عنه : أبو أحمد بن عدي ، وأبو الشيخ محمد بن حيان الأصبهاني ، وأبو أحمد الحاكم ، والحسين بن علي التميمي الحافظ " حسينك " ، وأبو حاتم بن حبان وغيرهم كثير .
4- سيرته وعبادته وورعه :
__________
(1) انظر سير النبلاء 13/263و266 ، وقد ذكره قبله قوام السنة في سير السلف الصالحين 4/1237 وفيه بعض الاختلاف .
(2) سير السلف 4/1235 .(1/3)
كان ابن أبي حاتم على جانب كبير من العلم والعمل ، وكان عابداً صالحاً ، حتى كان أبو ه يتعجب من ذلك ويقول : من يقوى على عبادة عبد الرحمن ، لا أعرف لعبد الرحمن ذنباً(1).
وقال أبو الحسن علي بن أحمد الفرضي : ما رأيت أحداً ممن عرف عبد الرحمن ذكر عنه جهالة قط ، وكنت ملازماً له مدة طويلة فما رأيته إلا على وتيرة واحدة ، ولم أر منه ما أنكرته من أمر الدنيا ولا من أمر الآخرة ، بل رأيته صائناً نفسه ودينه ومروءته(2). وقال علي بن عبد الرحمن : كان عبد الرحمن بن أبي حاتم مقبلاً على العبادة من صغره، والسهر بالليل ، والذكر ولزوم الطهارة ، فكساه الله بهاءً ونوراً فكان يسر به من نظر إليه (1) .
5- محنته ووفاته :
قال أبو بكر محمد بن قارن بن العباس : امتحن في الإسلام ثلاثة : سفيان الثوري ، وأحمد بن حنبل ، وعبد الرحمن بن أبي حاتم(3).
وكانت محنة ابن أبي حاتم مع أصحاب الزعفراني ، وقد طالت مدة محنته فبلغت عشرين سنة ، وقد أوذي في ذلك وتعرض للقتل والاغتيال مراراً ، ولكن ينجيه الله، وقد ساق قوام السنة الأصبهاني في سير السلف الصالحين 4/1239 جانباً من هذه القصة ، وفيها بيان الحال التي وصل إليها خصومه من إيذائه ومحاربته إلى أن مات الزعفراني فخمدت المحنة .
وقد توفي ابن أبي حاتم - رحمه الله - بعد أن لقي ما لقي من خصومه وهو صابر محتسب ، ينهى عن اغتياب خصومه والكلام في أعراضهم ، وكانت وفاته في المحرم سنة سبع وعشرين وثلاثمائة بالري ، وله بضع وثمانون سنة .
6- أشهر مؤلفاته :
يعتبر ابن أبي حاتم مشهوراً بالتأليف ، وله مؤلفات ضخمة تقضي له بالإمامة ، وتدل على همة عالية ، ومقدرة فائقة ، قلما يصلها كثير ممن عني بالتأليف في عصر وبعده فمن مؤلفاته ما يلي :
__________
(1) سير السلف الصالحين 4/1232 ، وانظر سير النبلاء 13/265 .
(2) سير السلف 4/1232 .
(3) سير السلف 1239 .(1/4)
1- التفسير ، وهو مطبوع ، وقد وصفه الذهبي بأنه من أحسن التفاسير .
2- الجرح والتعديل ، وهو كتاب مشهور ، وتقدمته مشهورة - أيضاً - وهي كتاب مستقل ، وقد طبعا جميعاً .
3- علل الحديث ، وهو موضوع هذا البحث .
4- المراسيل ، وهو كتاب مشهور .
5- الرد على الجهمية ، قال الذهبي : مجلد ضخم .
6- المسند ، قال ابن منده : في ألف جزء .
7- بيان خطأ محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه ، وهو مطبوع .
8- الزهد .
9- الكنى .
10- الفوائد الكبير .
11- فوائد أهل الري . ذكرها الذهبي وغيره .
12- آداب الشافعي ومناقبه . مطبوع .
13- أصل السنة واعتقاد الدين . وهو مطبوع .
14- حديث ابن أبي حاتم .
15- ثواب الأعمال .
16- زهد الثمانية من التابعين . وهو مطبوع .
17- فضائل الإمام أحمد .
18- فضائل قزوين .
19- فضائل أهل البيت .
20- فضائل مكة(1).
المبحث الثاني : ترجمة أبي حاتم الرازي
والقول في أبي حاتم كالقول في ابنه ، بل أعظم ، فإن إمامته وشهرته وذيوع ذكره أكثر من أن تحصر في وريقات يترجم له بها ، فقل كتاب من كتب التراجم والتاريخ في عصره وبعد إلا وله فيه ذكر ، وأول وأحسن من ترجم له ابنه في تقدمة الجرح والتعديل ، فقد ترجم له ترجمة ضافية ، وبين فيها منزلته في العلم والعمل ، ثم تتابع المترجمون له بعد ذلك ، ولذا فليس غريباً أن يؤخذ جانب فقط من جوانب حياته بالدراسة والتأليف في هذا العصر كما فعله محمود الحداد في كتابه : عقيدة أبي حاتم الرازي . أو أن يكتب في حياته وآثاره العلمية رسالة علمية مستقلة كما فعله الباحث في جامعة أم القرى محمد بن أحمد بن حامد الأزوري في رسالته للماجستير .
وقصدي من الترجمة له في هذا الموطن الإيجاز والاختصار ، وذلك حسب النقاط التالية :
__________
(1) ينظر في هذه المؤلفات ما كتبه د/ رفعت فوزي في كتابه ، ود/ عبد الله بن عبد المحسن التويجري في مقدمته للقسم الأول من هذا الكتاب ص29-35 وغيرهما .(1/5)
1- اسمه ونسبه وولادته ونشأته وطلبه للعلم(1):
هو الإمام الحافظ الناقد البارع ، صيرفي الحديث وعلله ، محمد بن إدريس بن المنذر بن داود ابن مهران الحنظلي ، أبو حاتم الرازي ، ولد سنة 195 وأول سماعه للحديث كان في سنة 209 وله 14 سنة .
ثم رحل في طلب الحديث بعد ذلك ، وأول رحلة له كانت سنة 213 ، وأول حجة له كانت سنة 215، وقد بالغ في الرحلة ومشى في ذلك آلاف الأميال، ولقي العناء الشديد، وأشرف على الموت غير مرة ، ففي تقدمة الجرح والتعديل ص360 : قال ابنه عبد الرحمن : سمعت أبي يقول : أول سنة خرجت في طلب الحديث أقمت سبع سنين أحصيت ما مشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ ، لم أزل أحصي حتى لما زاد على ألف فرسخ تركته ... ثم ذكر رحلته بين البلدان وتنقله على قدميه في ذلك ... ثم ذكر بعد ذلك جملة مما حصل له في رحلته من العناء الشديد(2). وقد أفاد في رحلاته فوائد عظيمة ، ولقي شيوخاً ما كان ليلتقي بهم لولا هذه الرحلات ، ولذا فليس غريباً أن يكون ملماً بالحديث على اختلاف بلدانه، لما كان يدخل من البلاد ، ويلتقي من الشيوخ، حتى لربما صار أعرف من أهل البلد بحديثهم ، وهذا أحد أسرار هذا الإنتاج العظيم في علل الحديث وخطئه وصوابه ، مع ما أوتي من الحفظ والنباهة .
2- شيوخه والآخذون عنه :
__________
(1) من أهم مصادر ترجمته : تقدمة الجرح والتعديل 1/349-372 ، وفي الجرح والتعديل - أيضاً - 7/204 ، ثقات ابن حبان 9/137 ، مقدمة الكامل 1/133، الإرشاد للخليلي 2/681 ، تاريخ بغداد 2/73 ، سير السلف الصالحين 4/1227 ، تهذيب الكمال 24/381 ، سير أعلام النبلاء 13/247 ، تذكرة الحفاظ 2/567، طبقات علماء الحديث 2/260 ، البداية والنهاية 14/628 ، طبقات الشافعية الكبرى 2/207 ، تهذيب التهذيب 3/500، التقريب 5718 ، المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد 2/370 ، وغيرها.
(2) تقدمة الجرح والتعديل 1/360-364 .(1/6)
لقد حظي أبو حاتم بسبب تطوافه في البلدان بلقي عامة المحدثين في عصره ، ويتعذر استقصاء سائر مشايخه - كما قال الذهبي - فقد قال الخليلي : قال لي أبو حاتم اللبان الحافظ : قد جمعت من روى عنه أبو حاتم الرازي فبلغوا قريباً من ثلاثة آلاف(1).
ولكن من أشهر شيوخه : عبيد الله بن موسى ، ومحمد بن عبد الله الأنصاري ، وقبيصة بن عقبة ، وأبو نعيم الفضل بن دكين ، وعفان بن مسلم ، وأبو مسهر ، وأبو اليمان وغيرهم ممن يصعب حصره، وقد أخذ عن الإمام أحمد وروى عنه مسائل عزيزة، وكان على مذهبه في العلم والعمل .
ومن أشهر الآخذين عنه ابنه عبد الرحمن ، وهو الذي روى عنه عامة علمه في كتبه السابق ذكرها ، فهي مملوءة بروايته عن أبيه ونقله عنه ، وكذلك روى عنه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، وإبراهيم الحربي ، وغيرهم كثير ، وقيل إن البخاري روى عنه، كما روى عنه بعض شيوخه كيونس بن عبد الأعلى ، والربيع بن سليمان المؤذن .
وأما رفيقه وقريبه أبو زرعة الرازي فقد أخذ كل منهما عن صاحبه ، وبينهما من الرفقة والمودة والألفة شيء كبير .
3- ذكر طرف من ثناء الأئمة عليه :
أبو حاتم الرازي إمام مقدم في زمانه ، وهو من أقران البخاري ، وأبي زرعة في السن والمعرفة ، فهؤلاء ثلاثة متقاربون في السن ، وفي الحفظ والمعرفة ، إلا أن أبا حاتم تأخرت وفاته ، وآثاره وأقواله كثيرة وهي تدل على سعة في الحفظ ومعرفة ثاقبة ، وكفى بذلك بياناً لمنزلته، وإنما أريد أن أسوق شيئاً يسيراً من كلام الأئمة في عصره وبعده في بيان منزلته.
__________
(1) الإرشاد 2/682 .(1/7)
فمن ذلك قول شيخه يونس بن عبد الأعلى : أبو زرعة ، وأبو حاتم إماما خراسان ، ودعا لهما ، وقال : بقاؤهما صلاح للمسلمين(1). وقال شيخه - أيضاً - الربيع بن سليمان : لم نلق مثل أبي زرعة ، وأبي حاتم ممن ورد علينا من العلماء(2). وسبق قول أبي زرعة أنه ما رأى أحرص منه على طلب الحديث(3).
وقال ابن أبي حاتم : سمعت موسى بن إسحاق يقول : ما رأيت أحفظ من أبيك - رحمه الله - . وقد رأى أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وأبا بكر بن أبي شيبة ، وابن نمير وغيرهم ، فقلت له : رأيت أبا زرعة ؟ فقال : لا(4).
وقال الخليلي : الإمام المتفق عليه بالحجاز والشام ومصر والعراق والجبل وخراسان بلا مدافعة ... ثم قال : وكان عالماً باختلاف الصحابة وفقه التابعين ومن بعدهم من الفقهاء ... ثم روى بإسناده عن أبي الحسن القطان قال : ما رأيت مثل أبي حاتم الرازي ، لا بالعراق ، ولا باليمن ، ولا بالحجاز ، فقلنا له : قد رأيت إسماعيل القاضي ، وإبراهيم الحربي وغيرهما من علماء العراق ؟ فقال : ما رأيت أجمع من أبي حاتم ولا أفضل منه(5).
وقال الخطيب البغدادي : كان أبو حاتم أحد الأئمة الحفاظ الأثبات(6).
وقال الذهبي : كان من بحور العلم ، طوف البلاد ، وبرع في المتن والإسناد ، وجمع وصنف ، وجرح وعدل ، وصحح وعلل(7).
وقال المزي: كان أحد الأئمة الحفاظ الأثبات ، المشهورين بالعلم ، المذكورين بالفضل(8).
وثناء الأئمة عليه أكثر من هذا فرحمه الله رحمة واسعة .
4- وفاته ومؤلفاته :
__________
(1) تقدمة الجرح والتعديل 1/334 ، وسير السلف 4/1223 .
(2) الإرشاد للخليلي 2/683 .
(3) سير السلف الصالحين 4/1235 .
(4) تقدمة الجرح والتعديل 1/357 .
(5) الإرشاد 2/682 .
(6) تاريخ بغداد 2/73 .
(7) سير أعلام النبلاء 13/247 .
(8) تهذيب الكمال 24/381 .(1/8)
لقد بارك الله لأبي حاتم في عمره فامتد حتى توفي سنة 277 وعمره ثلاث وثمانون سنة تقريباً ، ومن الجدير ذكره أنه كان يجيب على بعض أسئلة ابنه في الحديث وهو في النزع ، كما ذكر ابنه في تقدمة الجرح والتعديل(1)، وقد خلف جملة من المؤلفات الخاصة به ، مع أن كثيراً من علمه قد حوته مؤلفات ابنه ، ولا أعلم طبع شيء من مؤلفاته غير كتاب الزهد ، فمن مؤلفاته : تفسير القرآن ، والجامع في الفقه ، وطبقات التابعين ، وكتاب الزينة ، والاعتقاد ، وأعلام النبوة ، وكتاب تعبير الرؤيا .
المبحث الثالث : ترجمة أبي زرعة الرازي
أبو زرعة أحد علماء الدنيا ، وإنما يجزئ الاختصار في ترجمته لأجل الضرورة ، وأقوال العلماء في الثناء عليه كثيرة، ومصادر ترجمته وفيرة ، فممن ترجم له ابن أبي حاتم في تقدمة الجرح والتعديل ، وقد خص في هذا العصر بدراسة مستقلة بعنوان : أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية ، للدكتور : سعدي الهاشمي ، والمجلد الأول منه بكامله في ترجمة هذا الإمام ، ولكن أختصر الكلام عليه في النقاط التالية :
1- اسمه ونسبه ومولده(2):
هو الإمام الناقد الجهبذ ، سيد الحفاظ عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ بن داود الرازي ، مولى بني مخزوم .
__________
(1) 1/367 .
(2) من أهم مصادر ترجمته : تقدمة الجرح والتعديل 1/328-349 ، وفي الجرح والتعديل - أيضاً - 5/324 ، مقدمة الكامل لابن عدي 1/132 ، معرفة علوم الحديث للحاكم ص75 ، الإرشاد للخليلي 2/678 ، تاريخ بغداد 10/326 ، طبقات الحنابلة 1/199 ، سير السلف الصالحين لقوام السنة الأصبهاني 4/1223 ، تاريخ دمشق 38/11 ، صفة الصفوة لابن الجوزي 4/88 ، التدوين في أخبار قزوين 3/284 ، تهذيب الكمال 19/89 ، سير أعلام النبلاء 13/65 ، تذكرة الحفاظ 2/557 ، البداية والنهاية 14/563 ، شرح علل الترمذي 1/491 ، تهذيب التهذيب 3/18 ، التقريب 4316 وغيرها كثير جداً .(1/9)
وقد اختلف في تاريخ ميلاده ، وقد ذكر الدكتور سعدي الهاشمي في كتابه 1/49 أربعة أقوال في هذا ، وهي 190 ، 194 ، 200 ، بعد نيف ومائتين ، ثم مال الدكتور سعدي الهاشمي إلى أنه ولد سنة 194 وهو قول الحاكم النيسايوري ، أما الذهبي فقال : والظاهر أنه ولد سنة مائتين ، بعد أن ذكر أن مولده بعد نيف ومائتين(1)، ومما يؤيد أنه ولد سنة مائتين أن أبا حاتم كان أعلى إسناداً منه ، وأبو زرعة قد بكر في الرحلة ، وما ذاك إلا لتقدم أبي حاتم عليه في السن ، والله أعلم .
2- طلبه للعلم وسعة حفظه وثناء الأئمة عليه :
شرع أبو زرعة في الرحلة في طلب الحديث مبكراً ، حيث سمع من أبي نعيم سنة 214(2)، والعادة أنه لا يرحل حتى يعرف ما في بلده ، وهذا يدل على تقدم أبي زرعة في الحفظ والمعرفة مبكراً ، خاصة إذا قيل إنه ولد سنة 200 أو نحوها ، ولذا قال الذهبي : طلب هذا الشأن وهو حدث ، وارتحل إلى الحجاز والشام ، ومصر والعراق والجزيرة وخراسان وكتب ما لا يوصف كثرة(3).
ثم رحل مرة أخرى رحلة طويلة من سنة 217 إلى سنة 232(4)، وقد طوف في هذه السنين البلاد وجمع وحفظ وذاكر حتى شهر وعرف بالحفظ والإتقان ، فقد أثنى عليه في ذلك مشايخه وأقرانه وتلامذته ، قال عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه : ما جاوز الجسر أحد أفقه من إسحاق بن راهويه ، ولا أحفظ من أبي زرعة(5).
__________
(1) انظر سير أعلام النبلاء 13/65و77 .
(2) تقدمة الجرح والتعديل 1/339 .
(3) سير أعلام النبلاء 13/66 .
(4) انظر خبر هذه الرحلة في تقدمة الجرح والتعديل 1/340 ، وسير السلف 4/1226 .
(5) تاريخ بغداد 10/328 .(1/10)
وقال عبد الله بن أحمد - أيضاً - : ذاكرت أبي ليلة الحفاظ ، فقال : يا بني قد كان الحفظ عندنا ثم تحول إلى خراسان ، إلى هؤلاء الشباب الأربعة ، قلت : من هم ؟ قال : أبو زرعة ذاك الرازي، ومحمد بن إسماعيل ذاك البخاري ، وعبد الله بن عبد الرحمن ذاك السمرقندي ، والحسن بن شجاع ذاك البلخي ، قلت : يا أبة فمن أحفظ هؤلاء ؟ قال : أما أبو زرعة فأسردهم ، وأما البخاري فأعرفهم ، وأما عبد الله - يعني الدارمي - فأتقنهم ، وأما ابن شجاع فأجمعهم للأبواب(1). وكان الإمام أحمد يدعو لأبي زرعة(2)ويثني عليه ، بل لما ورد أبو زرعة بغداد نزل على أحمد فقال أحمد لابنه : يا بني ، لقد اعتضت بنوافلي مذاكرة هذا الشيخ(3).
وقال إسحاق بن راهويه : كل حديث لا يعرفه أبو زرعة الرازي فليس له أصل(4).
وقال يونس بن عبد الأعلى : ما رأيت أكثر تواضعاً من أبي زرعة ، هو وأبو حاتم إماما خراسان . وحدث عنه يوماً فقيل له : من هذا ؟ فقال : إن أبا زرعة أشهر في الدنيا من الدنيا(5).
وقال ابن أبي شيبة : ما رأيت أحفظ من أبي زرعة(6).
وقال رفيقه أبو حاتم الرازي : حدثني أبو زرعة عبيد الله ، وما خلف بعده مثله ، علماً وفهماً وصيانة وحذقاً ، وهذا ما لا يرتاب فيه ، ولا أعلم من المشرق والمغرب من كان يفهم هذا الشأن مثله(7).
وقال علي بن الحسين بن الجنيد : ما رأيت أحداً أعلم بحديث مالك بن أنس مسندها ومنقطعها من أبي زرعة ، وكذلك سائر العلوم(8).
__________
(1) تاريخ بغداد 10/327 ، وسير أعلام النبلاء 13/78 .
(2) انظر دعاء أحمد لأبي زرعة في تقدمة الجرح والتعديل 1/341 .
(3) تاريخ بغداد 10/327 .
(4) مقدمة الكامل لابن عدي 1/132 .
(5) انظر : الجرح والتعديل 5/325 ، وسير أعلام النبلاء 13/74 .
(6) مقدمة الكامل 1/132 ، وتذكرة الحفاظ 2/557 .
(7) مقدمة الكامل 1/132 ، وتاريخ بغداد 10/333 .
(8) تقدمة الجرح والتعديل 1/331 .(1/11)
وثناء الأئمة عليه كثير جداً ، مع ما حباه الله من الزهد والورع ، والديانة والصيانة وحسن الخلق وكريم السجايا ، وقد ذكر ابن أبي حاتم طرفاً من ذلك في تقدمة الجرح والتعديل ، ولذا فقد كان يشبه بأحمد بن حنبل كما قاله محمد بن إسحاق الصاغاني(1).
3- شيوخه والآخذون عنه :
حصر شيوخ أبي زرعة غير ممكن مع طول رحلته وشدة طلبه وحرصه ، ولكن من أشهرهم : أبو نعيم الفضل بن دكين ، والقعنبي ، وإسحاق الفروي ، ومحمد بن سابق ، وعبد العزيز الأويسي ، ويحيى بن بكير ، وأحمد بن حنبل وغيرهم كثير ، وقد جمع الدكتور سعدي الهاشمي من شيوخه 58 شيخاً .
وأشهر من نقل علمه عبد الرحمن بن أبي حاتم ، فكتبه ملأى بالرواية عنه ونقل أقواله ، ومنهم سعيد بن عمرو البرذعي الذي روى عنه السؤالات وغيرها ، وحدث عنه جماعة من شيوخه منهم أبو حفص الفلاس ، ويونس بن عبد الأعلى وغيرهما ، وجماعة من أقرانه كأبي حاتم الرازي ، وابن واره، ومسلم بن الحجاج وغيرهم، وروى عنه الترمذي ، والنسائي، وابن ماجه، وعبد الله بن الإمام أحمد ، وأبو بكر بن أبي داود وغيرهم .
4- وفاته ومؤلفاته :
وبعد عمرٍ عامرٍ بالعلم والتعليم والعمل توفي أبو زرعة الرازي - رحمه الله - في آخر يومٍ من سنة 264 ، كما قال أبو سعيد بن يونس ، وأبو الحسين بن المنادي .
وقال أبو حاتم : مات أبو زرعة مطعوناً مبطوناً يعرق جبينه في النزع ، ثم ذكر قصة تلقينه وأن آخر كلامه كان قوله : لا إله إلا الله ، وقد ساق أبو زرعة الحديث الوارد في ذلك بإسناده مما يدل على تمام عنايته بهذا العلم وإتقانه له وهو في هذه الحال ، فرحمه الله(2).
وروي عنه أنه قال في مرضه : اللهم إني أشتاق إلى رؤيتك ، فإن قال لي : بأي عمل اشتقت لي ؟ قلت : برحمتك يا رب (1) .
__________
(1) تاريخ بغداد 10/333 ، وسير أعلام النبلاء 13/70 .
(2) تقدمة الجرح والتعديل 1/345-346 ، والإرشاد للخليلي 2/677 .(1/12)
وقد خلف أبو زرعة جملة من المؤلفات ، وإن كان كثير من علمه أودعه ابن أبي حاتم في كتبه - كما سبق - ولا أعلم طبع له من مؤلفاته سوى كتاب الضعفاء ، وأجوبته على أسئلة البرذعي ، وقد طبعا ضمن كتاب الهاشمي " أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية " .
وقد ذكر سعدي الهاشمي 23 كتاباً من مصنفات أبي زرعة الأخرى وتكلم عليها ، فمن أحب فليرجع إليه والله أعلم .(1/13)
الفصل الثاني : دراسة موجزة لعلم العلل
وفيه أربعة مباحث :
المبحث الأول : لمحة تاريخية عن علم العلل .
المبحث الثاني : معنى العلة وأقسامها .
المبحث الثالث : أهمية علم العلل ، وأبرز المؤلفات فيه .
المبحث الرابع : كيفية معرفة العلة .
المبحث الأول : لمحة تاريخية عن علم العلل
هذا المبحث بعنوان : لمحة ... ، واللمحة لها مدلولها ، فليس المراد هنا السبر والتقصي لتاريخ علم العلل ، وإنما هي إشارات فقط ، وعلم العلل له معنى خاص ، ومعنى عام - كما سيأتي - والفصل الدقيق بين هذا وذاك ليس له كبير لزوم ، خاصة أن كتاب " علل الحديث " لابن أبي حاتم اشتمل على المعنى العام ، ولم يقتصر على العلة بمعناها الخاص .
وعلم العلل بمعناه العام قد وجد حيث وجدت الرواية وذلك في الصدر الأول في عصر الصحابة - رضوان الله عليهم - ثم ما زال يتسع ويتشعب تبعاً لاتساع الرواية وتشعب طرقها ، ويمكن جمع أمثلة عديدة من مواقف بعض الصحابة من بعض ما يسمعون من غيرهم مما يروونه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، كرد عائشة لجملة مما رواه غيرها ، واستنكارها لذلك وتوهيم راويه ، بل ربما صححت له لفظ الحديث وبينت سبب وهمه فيه ، وهذا اختلاف في لفظ الحديث وهو داخل في العلة بمعناها الخاص - أيضاً - ، فمن ذلك إنكارها على من قال إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" إن الميت ليعذب ببكاء الحي " فقالت عائشة : إنما مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على يهودية يُبكى عليها ، فقال : إنهم ليبكون عليها ، وإنها لتعذب في قبرها(1).
ومثله اختلاف الصحابة - رضوان الله عليهم - في نسك النبي - صلى الله عليه وسلم - وتلبيته ، وتخطئة بعضهم لبعض في ذلك .
__________
(1)
(1) انظر صحيح مسلم ح932 ، وقد جمع الزركشي جملة من استدراكات عائشة على غيرها في كتابه : الإجابة فيما استدركته عائشة على الصحابة .(1/1)
ولهذا أمثلة متعددة ومتنوعة تصلح أن تكون بداية لعلم العلل ، وقد وقفت على رسالة علمية لنيل درجة الدكتوراه بعنوان : استدراكات الصحابة في الرواية . دراسة حديثية ، للباحثة : نوال بنت حسن الغنام ، وقد ذكرت فيها ما وقفت عليه من الأمثلة في استدراك الصحابة بعضهم على بعض ، وفيها فصول مهمة بعضها له مدخل في باب العلة ، وبعضها من صميم باب العلة .
فمن ذلك مبحث في التثبت في الرواية ، ومن مطالب هذا المبحث : طرق الصحابة في التثبت ، ومن هذه الطرق : سوق المعارض ( انظر ص498 ) ، وهذا نوع من التعليل ، ومن ذلك في مبحث مبررات التوقف في الرواية ، وفيه عدة أسباب ، منها : مخالفة الرواية لآية من كتاب الله ، ومنها : مخالفة الرواية لرواية أخرى ، وهذا على أنواع ، ومنها : التوقف بسبب معارضة بعض أصول الشرع ، ومنها : التوقف بسبب استبعاد الصحابي للرواية لكونه صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسمعها ، ومنها: مخالفة الرواية للنظر ( انظر ص506-519 ) .
ثم ساقت فصلاً في اتصال الإسناد ، وفيه مبحث في التفتيش عن السماع - يعني بين الصحابة - ، وهذا من مباحث العلة الدقيقة ( انظر ص596 ) .
ثم أتت على فصل في اختلاف الرواة وأحكامه ، وفيه مبحث في أنواع الاختلاف وأسبابه ، ذكرت فيه اختلاف الصحابة وسببه ، ثم زادت ذكر شيء مما بعد الصحابة ( انظر ص629-642 ) ، والاختلاف أوسع أبواب العلة ، وأخصها بها .
والغرض من هذا التلخيص السريع إثبات أن نشأة هذا العلم كان في عصر الصحابة - رضوان الله عليهم - ، ولكنه كان بحدود ضيقة ، كما أن بقية علوم السنة الأخرى التي وجدت في عصر الصحابة كانت كذلك - أيضاً - ، كالجرح والتعديل مثلاً .(1/2)
ثم بعد الصحابة أخذ هذا العلم يتسع شيئاً فشيئاً في عصر التابعين إلى أن جاء عصر شعبة بن الحجاج المتوفى سنة 160 ، فهو الذي نشر هذا العلم وحمل لواءه ، قال ابن رجب : هو أول من وسع الكلام في الجرح والتعديل ، واتصال الأسانيد وانقطاعها ، ونقب عن دقائق علم العلل ، وأئمة هذا الشأن بعده تبع له في هذا العلم . ثم نقل قول أحمد بن حنبل : كان شعبة أمة وحده في هذا الشأن ، يعني في الرجال وبصره في الحديث وتثبته وتنقيته للرجال . وقول أبي حاتم الرازي: كان شعبة بصيراً بالحديث جداً، فهما له، كأنما خلق لهذا الشأن(1).
وكان لمالك بن أنس الإمام المتوفى سنة 179 ، وسفيان الثوري المتوفى سنة 161 من هذا نصيب ، ولكن ليس مثل شعبة ، ثم سفيان بن عيينة المتوفى سنة 198 قد تكلم في هذا - أيضاً - ، ثم من بعدهم يحيى بن سعيد القطان المتوفى سنة 198 ، وعبد الرحمن ابن مهدي المتوفى سنة 198 ، ثم ابن المديني المتوفى سنة 234 ، وأحمد بن حنبل المتوفى سنة 241، ويحيى بن معين المتوفى سنة 233، وعمر و بن علي بن الفلاس المتوفى سنة 249، وغيرهم من طبقتهم، ثم البخاري المتوفى سنة 256، والذهلي المتوفى سنة 258، ويعقوب بن شيبة السدوسي المتوفى سنة 262 ، وأبو زرعة المتوفى سنة 264 ، وأبو حاتم المتوفى سنة 277 ، ومسلم المتوفى سنة 261 ، وأبو داود المتوفى سنة 275 ، والترمذي المتوفى سنة 279 ، والبزار المتوفى سنة 292 ، والنسائي المتوفى سنة 303 وهكذا إلى أن ختموا بالحافظ الناقد أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني المتوفى سنة 385 .
المبحث الثاني : معنى العلة وأقسامها
معنى العلة في اللغة :
__________
(1) انظر شرح العلل 1/448-451 .(1/3)
ذكر ابن فارس أن لكلمة " علَّ " أصولاً ثلاثة صحيحة ، أحدها : التكرر أو التكرار ، والآخر : أنه العائق الذي يعوق ، والثالث : أنه الضعف في الشيء ، وهو المرض ، يقال: عَلَّ المريض يعِلّ عِلَّة ، فهو عليل ، وأعله الله تعالى فهو معل(1).
وهذا المعنى الثالث أنسب المعاني لموضوع العلة في الحديث ، وقد اقتصر عليه الفيروزآبادي فقال : العِلَّة بالكسر : المرض ، علَّ يَعِلُّ ، واعتَل ، وأعله الله تعالى فهو مُعَلٌّ وعليل ، ولا تقل : معلول ، والمتكلمون يقولونها ، ولست منها على ثلج(2).
ومن هنا قال ابن الصلاح : المعلول مرذول عند أهل اللغة والعربية(3). وتبعه غير واحد كالنووي فإنه قال : إنه لحن(4). ونظم ذلك العراقي في ألفيته(5).
والصواب عندهم أن يقال : مُعَلٌّ ، ويصح أن يقال : معلل - أيضاً - على المعنى الثاني الذي ذكره ابن فارس ، ولكن جرى استعمال كثير من المحدثين لكلمة معلول ، كالبخاري ، والترمذي ، والدارقطني ، والحاكم ، وابن عدي ، والخليلي وغيرهم . ولذا قال العراقي : والتعبير بالمعلول موجود في كلام كثير من أهل الحديث ، ثم ذكر الأئمة السابق ذكرهم(6).
معنى العلة في الاصطلاح :
ذكر ابن الصلاح أن علل الحديث عبارة عن أسباب خفية غامضة قادحة فيه ، ثم عرف الحديث المعلّ بقوله : فالحديث المعلل هو الذي اطلع فيه على علة تقدح في صحته، مع أن ظاهره السلامة منها ، ويتطرق ذلك إلى الإسناد الذي رجاله ثقات الجامع شروط الصحة من حيث الظاهر(7).
__________
(1) معجم مقاييس اللغة لابن فارس 4/12-14 .
(2) القاموس المحيط للفيروز آبادي 4/21 .
(3) علوم الحديث لابن الصلاح ص81 .
(4) التقريب مع تدريب الراوي 1/251 .
(5) ألفية العراقي ص100 مع شرحها له .
(6) التقييد والإيضاح ص115 .
(7) علوم الحديث لابن الصلاح ص81 .(1/4)
وقد كان الحاكم حدد مفهومه بقوله : هو علم برأسه غير الصحيح والسقيم ، والجرح والتعديل ... وإنما يعلل الحديث من أوجه ليس للجرح منها مدخل ، فإن حديث المجروح ساقط واهٍ ، وعلة الحديث يكثر في أحاديث الثقات أن يحدثوا بحديث له علة فيخفى عليهم علمه فيصير الحديث معلولاً ، والحجة فيه عندنا الحفظ والفهم والمعرفة لا غير(1).
ومن أحسن ما قيل فيه : إنه خبر ظاهره السلامة اطلع فيه بعد التفتيش على قادح(2).
وهذا كله في تحديد معنى العلة بمعناها الضيق ، فالإسناد في هذه الحالة لو حكم عليه بمفرده لم يكن فيه ما يقدح ، وإنما تبين القادح فيه بعد البحث والتنقيب ، والأصل في هذا الباب الاطلاع على اختلافٍ في الحديث سبَّب قدحاً في الإسناد ، أما إذا لم يقدح فهي العلة غير المؤثرة ، ومن هنا يأتي الغموض .
ولذا يقول الحافظ ابن رجب : اعلم أن معرفة صحة الحديث وسقمه تحصل من وجهين :
أحدهما : معرفة رجاله وثقتهم وضعفهم ، ومعرفة هذا هين ، لأن الثقات والضعفاء قد دونوا في كثير من التصانيف ، وقد اشتهرت بشرح أحوالهم التواليف .
والوجه الثاني : معرفة مراتب الثقات وترجيح بعضهم على بعض عند الاختلاف ، إما في الإسناد ، وإما في الوصل والإرسال ، وإما في الوقف والرفع ونحو ذلك ، وهذا هو الذي يحصل من معرفته وإتقانه وكثرة ممارسته الوقوف على دقائق علم علل الحديث(3).
ولكن جاء استعمال العلة والحديث المعلول في عبارات الأئمة في غير هذا - أيضاً - كاستعمال ذلك في كل قادح في الحديث سواء كان خفياً أو ظاهراً كضعف في الراوي ، أو انقطاع لا يخفى ونحو ذلك ، فيقولون : علة هذا الحديث فلان فإنه ضعيف ، أو فلان لم يسمع من فلان ، وكل هذا في مسائل الاصطلاح ، وفي الأمر سعة ما لم يترتب على ذلك مفسدة ، ولبعض الأئمة في ذلك اصطلاحات خاصة .
__________
(1) معرفة علوم الحديث للحاكم ص112 .
(2) فتح المغيث للسخاوي 1/261 .
(3) شرح علل الترمذي لابن رجب 2/663 .(1/5)
وكتب العلل الأكثر فيها المعنى الأول ، وفيها علل غير مؤثرة ، وفيها من غير ذلك(1).
أقسام العلة :
تقسم العلة باعتبارات متعددة ، فتقسم باعتبار التأثير وعدمه إلى علة مؤثرة ، وعلة غير مؤثرة ، وباعتبار مكان العلة إلى : علة في الإسناد ، وعلة في المتن ، والعلة في الإسناد تنقسم إلى أقسام عديدة منها : رفع الموقوف ، ووصل المرسل ، وإبدال راوٍ بآخر ، وإسقاط راوٍ أو زيادته ، ودخول حديث في حديث أي جعل إسناد حديث لآخر ، واضطراب في الإسناد ، وغير ذلك .
وقد ذكر الحاكم عشرة أجناس من أجناس علل الحديث بالأمثلة(2)، وذكر الحافظ ابن حجر تقسيم العلل إلى ستة أقسام(3).
وبعيداً عن سرد هذه التقسيمات وتفصيلها فأحب أن أسرد أقسام العلة التي وقعت لابن أبي حاتم في هذا القسم المحقق فقط ، وهي كالتالي :
1- اختلاف في الوصل والإرسال ، مثل المسائل : 5 ، 7 ، 15 ، 17، 18 ، 23 ، 38 ، 39 ، 41 ، 51 ، 63 ، 75 ، 84 ، 91 ، 94 ، 102 ، 109 ، 111 ، 116 ، 118 ، 120 ، 124 ، 133 ، 134 ، 138 ، 139 .
2- اختلاف في الوقف والرفع ، مثل المسائل : 11 ، 24 ، 28 ، 32 ، 56 ، 88 ، 90 ، 98 ، 112 ، 140 ، 144 ، 150 .
3- اختلاف في الوقف والقطع ، يعني هل هو موقوف أو مقطوع على من دون الصحابي ، مثل المسألتين : 22 ، 72 .
4- اختلاف في تعيين صحابي الحديث ، مثل المسائل : 1 ، 17 ، 44 ، 50 ، 54 ، 60 ، 61 ، 62 ، 65 ، 92 ، 111 ، 117 ، 119 ، 128 .
__________
(1) ينظر في هذا المبحث مقدمة همام عبد الرحيم سعيد لشرح ابن رجب لعلل الترمذي 1/19-23 ، ومقدمة محقق علل الدارقطني محفوظ الرحمن زين الله 1/36 ، ومرويات الزهري المعلة د/ عبد الله بن محمد حسن دمفو 1/73-77 وغيرها .
(2) معرفة علوم الحديث ص113-119 .
(3) النكت على ابن الصلاح 2/747 .(1/6)
5- اختلاف في إبدال راوٍ بآخر غير الصحابي ، مثل المسائل : 2 ، 6 ، 21 ، 33 ، 37 ، 45 ، ب/48 ، 49 ، 55 ، 57 ، 60 ، 65 ، 69 ، 80 ، 82 ، 83 ، 97 ، 101 ، 102 ، 103 ، 106 ، 116 ، 128 ، 130 ، 131 ، 135 ، 136 ، 139 ، 142 ، 143 ، 145 ، 146 ، 148 .
6- اختلاف في إسناد الحديث ، يعني أن الإبدال وقع في أكثر من طبقة من الإسناد ، مثل المسائل : 2 ، 4 ، 24 ، 62 ، 65 ، 83 ، 99 ، 110 ، 113 ، 117 ، 125 ، 129 ، 149 .
7- زيادة راوٍ في الإسناد ، مثل المسائل : 3 ، 6 ، 26، 27 ، 31 ، 33 ، 77 ، 81 ، 85 ، 123 ، 126 ، 130 ، 142 ، 143 ، 150 .
8- إعلال بالانقطاع وعدم السماع أو عدم الإدراك ، مثل المسائل : 8 ، 9 ، 35 ، 36 ، 40 ، 96 ، 121 .
9- إسقاط صحابي من الإسناد في حديث يرويه صحابي ، عن آخر ، مثل المسائل : 10 ، 47 ، 59 .
10- إسقاط راوٍ من الإسناد أو أكثر غير الصحابي مثل المسائل : 10 ، 13 ، 14 ، 30 ، 34 ، 42 ، أ/48 ، 97 ، 122 ، 139 ، 141 .
11- استنكار زيادة في لفظ الحديث ، مثل المسائل : 12 ، 52 ، 58 .
12- قلب في اسم أحد الرواة ، مثل المسألة رقم : 16 ووقع القلب في اسم الصحابي.
13- إنكار لإسناد الحديث ، ولا يلزم أن يكون بلفظ منكر، مثل المسائل : 19 ، 20 ، 25 ، 35 ، 36 ، 53 ، 64 ، 66، 67 ، 68 ، 70 ، 76 ، 78 ، 79 ، 87 ، 88 ، 93 ، 104 ، 105 ، 107 ، 108 ، 114 .
14- وهم في كنية أحد الرواة ، مثل المسألة رقم : 29 .
15- بيان لمبهم في الإسناد ، مثل المسألة رقم : 30 .
16- خطأ في المتن ، مثل المسألة رقم : 43 .
17- إدخال الحديث على الراوي ، مثل المسألة رقم : 46 .
18- وهم في اسم أحد الرواة ، وليس قلباً لاسمه ، مثل المسائل: 71 ، 89 ، 122.
19- إدراج في لفظ الحديث ، مثل المسألة رقم : 73 .
20- ذكر التفرد بالحديث لا على سبيل الإعلال ، مثل المسألة رقم : 74 .
21- إعلال بالاضطراب ، مثل المسألتين : 83 ، 117 .(1/7)
22- دخول حديث في آخر ، مثل المسألة رقم : 86 .
23- بيان سرقة الحديث ، مثل المسألتين : 86 ، 132 .
24- بيان إرسال حديث ، أي أن راويه لا تثبت له الصحبة ، مثل المسألة رقم : 95 .
25- إعلال بالتفرد ، مثل المسألتين : 100 ، 106 وفيه تفرد راويين .
26- اختصار الراوي للمتن اختصاراً مخلاً على جهة الاستنباط ، مثل المسألة رقم : 115 .
27- قلب الحديث من رجل لآخر مشابه له ، مثل المسألة رقم : 132 .
28- عدم معرفة راوٍ ذكر بكنيته ، مثل المسألة رقم : 137 .
29- اختلاف في الشك في أحد الرواة ، مثل المسألة رقم : 146 .
ويلاحظ على هذه الأقسام ثلاثة أمور : أحدها : أن هذه الأقسام بينها شيء من التداخل ويمكن رد بعضها إلى بعض ، وإنما فصلتها هذا التفصيل ليكون أوضح للقارئ ، وليعلم ثراء هذا الكتاب بأنواع من العلم قد يكون فيها ندرة .
الأمر الثاني : أن بعض هذه المسائل يذكر في أكثر من نوع ، والسبب في هذا أن المسألة الواحدة يكون فيها أكثر من نوع من العلة ، أو يتجاذبها أكثر من نوع ، وعند النظر في أرقام المسائل المتكررة يتبين المقصود بجلاء .
الأمر الثالث : ما سبقت الإشارة إليه في بيان معنى العلة ، وهو أنّ كتب العلة ليست خاصة بما فيه من غموض وظاهر الإسناد السلامة منه ، بل في الأمثلة السابقة أشياء أخرى ، كسرقة الحديث ، وما فيه ضعف ظاهر ، وأشياء لا تكون العلة فيها قادحة وغير ذلك ، وكل هذا ظاهر عند أدنى تأمل ، والله الموفق .
المبحث الثالث : أهمية علم العلل ، وأبرز المؤلفات فيه
أما أهمية علم العلل فتبرز من خلال النقاط التالية :(1/8)
1- جلالة النتيجة المبنية على النظر في علل الحديث، ذلك أن انتفاء العلة أحد الشروط الخمسة المتفق عليها بين النقاد للحديث الصحيح ، ولذا قال ابن مهدي : لأن أعرف علة حديث هو عندي أحب إلي من أن أكتب عشرين حديثاً ليس عندي(1).
وذلك أنه إذا علم انتفاء العلة حصل الاطمئنان إلى صحة الحديث عند توافر بقية الشروط الأخرى ، وإذا لم يعلم انتفاء العلة بقي الحديث متوقفاً فيه .
وإذا ثبتت علة حديث منعت ثبوته وصحته ، فمن هنا تظهر أهمية هذا العلم ، ولذا قال الحاكم بعد أن ذكر بعض أحاديث الثقات المعلولة : إن الصحيح لا يعرف بروايته فقط ، وإنما يعرف بالفهم والحفظ وكثرة السماع ، وليس لهذا النوع من العلم عون أكثر من مذاكرة أهل الفهم والمعرفة ليظهر ما يخفى من علة الحديث ، فإذا وجد مثل هذه الأحاديث بالأسانيد الصحيحة غير مخرجة في كتابي الإمامين البخاري ومسلم لزم صاحب الحديث التنقير عن علته ومذاكرة أهل المعرفة به لتظهر علته(2).
2- غموض هذا العلم وصعوبته ووعورة البحث فيه ، ولذا قل المتكلمون فيه من الأئمة أنفسهم ، وربما أنكره بعض من لا معرفة له به ، ولذا قال ابن مهدي : إنكارنا للحديث عند الجهال كهانة . وقال - أيضاً - : معرفة الحديث إلهام . قال ابن نمير : وصدق ، لو قلت له من أين قلت ؟ لم يكن له جواب .
__________
(1) معرفة علوم الحديث للحاكم ص112 ، وقد ذكره ابن أبي حاتم في مقدمة العلل 1/9 ، ولكن ليس فيه قوله " عشرين " فلعله سقط في أصل النسخة . وانظر الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي 2/281 و2/451 .
(2) معرفة علوم الحديث ص59-60 .(1/9)
وقال أبو حاتم : مثل معرفة الحديث كمثل فصٍ ثمنه مائة دينار وآخر مثله على لونه ثمنه عشرة دراهم . وقال أحمد بن صالح : معرفة الحديث بمنزلة معرفة الذهب والشّبه ، فإن الجوهر إنما يعرفه أهله ، وليس للبصير فيه حجة إذا قيل له كيف قلت إن هذا - يعني الجيد والرديء -(1).
وكلام الأئمة في هذا المعنى كثير ، ومرادهم من هذه العبارات ظاهر ، وذلك أن هذا العلم لغموضه وقلة العارفين به قد يستغني عنه الجاهل به فيقع في المحذور ، وهو الحكم على الأحاديث دون اعتبار هذا العلم الجليل ، ومن هنا تظهر أهمية هذا العلم وأهمية إحياء الكلام فيه عند أهل الاختصاص .
وقد وقع هذا المحذور فعلاً ، قال ابن رجب : وأردت بذلك تقريب علم العلل على من ينظر فيه ، فإنه علم قد هجر في هذا الزمان ، فقد ذكرنا في كتاب العلم أنه علم جليل قل من يعرفه من أهل هذا الشأن ، وأن بساطه قد طوي منذ أزمان ، وبالله المستعان ، وعليه التكلان(2).
3- وتتميماً للنقطة السابقة فإن مما يبين أهمية هذا العلم ، ويوجب الكلام فيه لأهل الاختصاص ما وقع لكثير من الباحثين في هذا العصر من الإعراض عن هذا العلم وإغفاله ، وعدم فهم المراد منه ، مما ترتب عليه أخطاء جسيمة في البحوث المتعلقة بالسنة النبوية ، بل وفي غيرها ، حيث صححت نصوص كثيرة ، قد نص أئمة العلم على ضعفها أو أنها خطأ ووهم، سواء كان ذلك في نصوص بكاملها، أو في زيادات في متونها، وترتب على ذلك إعمال لهذه النصوص ، وقد تعارض بها نصوص أخرى هي أصح منها، ونتج عن هذا أقوال شاذة في العلم ، وأوجه مستنكرة في الجمع بين النصوص ، لاعتقاد صحة هذه النصوص كلها عن المعصوم - صلى الله عليه وسلم - .
__________
(1) ذكر هذه النصوص جميعاً بأسانيدها ابن أبي حاتم في مقدمة هذا الكتاب 1/9 . وانظر الجامع للخطيب 2/382-383 .
(2) شرح العلل 2/663 .(1/10)
وكان قد اشتكى من هذا الأمر شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - قبل ذلك، حيث يقول - بعد أن ذكر أن الناس في هذا الباب طرفان - فذكر الطرف الأول جماعة من أهل الكلام ونحوهم ممن هو بعيد عن معرفة الحديث وأهله ... فيشك في صحة أحاديث أو في القطع بها مع كونها معلومة عند أهل العلم به ، قال : وطرف ممن يدعي اتباع الحديث والعمل به ، كلما وجد لفظاً في حديث قد رواه ثقة ، أو رأى حديثاً بإسناد ظاهره الصحة يريد أن يجعل ذلك من جنس ما جزم أهل العلم بصحته ، حتى إذا عارض الصحيح المعروف أخذ يتكلف له التأويلات الباردة ، أو يجعله دليلاً في مسائل العلم ، مع أن أهل العلم بالحديث يعرفون أن مثل هذا غلط(1).
فمن خلال هذه النقاط وغيرها تظهر أهمية هذا العلم وجلالته ، ولذا قال الحاكم : فإن معرفة علل الحديث من أجل هذه العلوم(2).
أبرز المؤلفات في العلل :
المؤلفات في علل الحديث كثيرة ، سواء ما كان خاصاً بالعلل ، أو ما جمع العلل وغيرها ، وسأقتصر على أهم الكتب المطبوعة مما كان لأئمة الحديث في هذا الباب(3)، وهي :
1- العلل المسند لعلي بن المديني ، وقد طبع قطعة منه .
2- العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ، وبرواية المروذي وغيره . كما طبع قطعة من المنتخب من علل الخلال .
3- التاريخ الكبير للإمام البخاري .
__________
(1) الفتاوى 13/353 .
(2) معرفة علوم الحديث ص119 .
(3) ولمعرفة ما ألف في هذا الباب من الكتب المفقودة والموجودة ينظر : مقدمة محقق علل الدارقطني 1/47 ، ومقدمة محقق العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد : وصي الله عباس 1/39 ، ومقدمه د/ عبد الله بن عبد المحسن التويجري في تحقيقه للقسم الأول من هذا الكتاب 1/64 ، وما كتبه عادل الزرقي في رسالته في الأحاديث التي أعلها الإمام البخاري في التاريخ الكبير 1/43 .(1/11)
4- التاريخ الأوسط للإمام البخاري - أيضاً - وهذان الكتابان مملوءان من الكلام في علل الحديث وذكر الاختلاف ، بخلاف غيرهما من التواريخ كتواريخ يحيى بن معين برواياته ، فإنها في الجرح والتعديل ، ويندر فيها ذكر العلة والاختلاف .
5- المسند المعلل ليعقوب بن شيبة ، وقد طبع قطعة منه .
6- علل حديث الزهري لمحمد بن يحيى الذهلي ، وقد طبع المنتقى من الزهريات له .
7- التمييز لمسلم بن الحجاج ، وقد طبع قطعة منه .
8- مسند البزار، المسمى " البحر الزخار " ، فهو مسند معلل .
9- العلل الكبير للإمام الترمذي ، وأما علله الصغير فهو مسائل من علوم الحديث ومنهجه في كتابه وغير ذلك ، وفيه تقعيد لعلم العلل .
10- علل الأحاديث في كتاب الصحيح لمسلم بن الحجاج للإمام أبي الفضل بن عمار الشهيد المتوفى سنة 317 .
11- علل الحديث لابن أبي حاتم ، وهو هذا الكتاب .
12- العلل الواردة في الأحاديث النبوية للإمام أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني المتوفى سنة 385 .
13- التتبع له - أيضاً - .
14- الأحاديث التي خولف فيها مالك للدارقطني - أيضاً - .
15- كتاب الأجوبة للشيخ أبي مسعود الدمشقي المتوفى سنة 401 عما أشكل الدارقطني على صحيح مسلم بن الحجاج .
16- الفصل للوصل المدرج في النقل للخطيب البغدادي ، وهو في نوع واحدٍ من أنواع العلة ، وقد طبع .
17- تقييد المهمل وتمييز المشكل لأبي علي الجياني الأندلسي المتوفى سنة 498 ، وقد طبع بكامله ، وفيه قسم في التنبيه على الأوهام الواقعة في الصحيحين في الأسانيد وأسماء الرواة ، وقد أفدت منه .
ومن المهم أن يعلم أن البحث عن كلام الأئمة في علل الحديث لا يقف على هذه المؤلفات ولا غيرها من كتب العلل ، بل كلام الأئمة منثور في كتب كثيرة ، منها الكتب الستة المشهورة كلها ففيها كلام في علل بعض الأحاديث ، وذلك كثير في كتاب الترمذي، وسنن النسائي الكبرى والصغرى ، وكذا سنن أبي داود .(1/12)
كما أن كثيراً من كتب تواريخ الرجال بأنواعها يوجد فيها جملة من كلام الأئمة في علل الحديث ، كالتاريخ عن يحيى بن معين برواياته ، وتاريخ ابن أبي خيثمة ، والكامل لابن عدي ، وتواريخ البلدان - أيضاً - كتاريخ بغداد ، وتاريخ دمشق وغير ذلك ، وليس المقصود الحصر ، وإنما الإشارة فقط .
المبحث الرابع : كيفية معرفة العلة
قال ابن الصلاح : ويستعان على إدراكها - يعني العلة - بتفرد الراوي ، وبمخالفة غيره له ، مع قرائن تنضم إلى ذلك تنبه العارف بهذا الشأن على إرسال في الموصول ، أو وقف في المرفوع ، أو دخول حديث في حديث ، أو وهم واهم بغير ذلك ، بحديث يغلب على ظنه ذلك ، فيحكم به ، أو يتردد فيتوقف فيه(1).
وسبق قريباً قول الحاكم : وليس لهذا النوع من العلم عون أكثر من مذاكرة أهل الفهم والمعرفة ليظهر ما يخفى من علة ، فإذا وجد مثل هذه الأحاديث بالأسانيد الصحيحة غير مخرجة في كتابي الإمامين البخاري ومسلم لزم صاحب الحديث التنقير عن علته ومذاكرة أهل المعرفة به لتظهر علته(2).
فأول خطوة في هذا الطريق جمع طرق الحديث بتوسع ، قال شعبة : ما أعلم أحداً فتش الحديث كتفتيشي ، وقفت على أن ثلاثة أرباعه كذب(3). قال الإمام أحمد : الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه(4). وقال ابن معين : اكتب الحديث خمسين مرة ، فإن له آفات كثيرة(5). وقال ابن المديني : الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه(6).
__________
(1) علوم الحديث ص83-84 .
(2) معرفة علوم الحديث ص59-60 .
(3) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي 2/451 .
(4) الجامع للخطيب - أيضاً - 2/315 .
(5) الجامع للخطيب - أيضاً - 2/315 .
(6) الجامع للخطيب - أيضاً - 2/315 .(1/13)
فإذا جمعت طرقه نظر في اتفاقها واختلافها ، وعليه يمكن تحديد الراوي الذي تعود إليه طرق الحديث المختلفة ، وهو المدار ، كما يفعل ذلك أئمة العلل ، وأبرز ما يكون ذلك في طريقة الدارقطني في علله ، فإنه يحدد المدار سواء كان واحداً أو أكثر في أول شيء ، ثم يبين الاختلاف الواقع عليه .
ثم بعد ذلك تجري الموازنة بين المختلفين على حسب مراتبهم وتفاوتها ، وعلى حسب قرائن الأحوال التي تحف بكل حديث بخصوصه .
وقد جمع هذه الأمور الخطيب بقوله : والسبيل إلى معرفة علة الحديث أن يجمع بين طرقه ، وينظر في اختلاف رواته ، ويعتبر بمكانهم من الحفظ ، ومنزلتهم في الإتقان والضبط ، ثم روى بإسناده عن ابن المبارك قال : إذا أردت أن يصح لك الحديث فاضرب بعضه ببعض(1).
فهذا - باختصار - هو السبيل إلى معرفة العلة ، والباحث في هذا العصر أحوج شيء إلى جمع كلام الأئمة حول الحديث ، ومعرفة من صححه من أئمة هذا الشأن الذين عليهم المعول فيه ، أو من أعله وسبب إعلاله إن استطاع تجلية ذلك ، وإذا اختلف الأئمة في تعليل حديث فالباحث محتاج إلى التأني في ذلك كثيراً ، وإلى البحث والتنقيب عما وراء ذلك الاختلاف ، وإلى فهم حقيقة كلام كل إمام ووجهه ، كما هو محتاج إلى التجرد عن الهوى ، ومع ذلك ينبغي أن لا يبالغ في الجزم إذا تبين له أحد الأمرين ، فإنه عسى أن يكون خفي عليه أكثر مما تبين له .
قال الخطيب البغدادي : من الأحاديث ما تخفى علته ، فلا يوقف عليها إلا بعد النظر الشديد ، ومضي الزمان البعيد ، ثم ساق بإسناده عن علي بن المديني قال : ربما أدركت علة حديث بعد أربعين .
__________
(1) الجامع للخطيب 2/452 .(1/14)
فإذا كان هذا القول قاله إمام العلل علي بن المديني ، فكيف بمن هو دونه ، وهذا يدل على أن من العلل ما هو غامض جداً ، بحيث يكون الكشف عنه عسيراً ، وإنما ينتبه له الأفذاذ من أهله ، وقد لا يكون ذلك في أول وهلة ، هذا مع ما آتاهم الله من العلم والمعرفة(1)، والله أعلم .
__________
(1) الجامع للخطيب 2/385 .(1/15)
الفصل الثالث : دراسة موجزة لكتاب " علل الحديث "
لابن أبي حاتم
وفيه خمسة مباحث :
المبحث الأول : تسمية الكتاب ، وصحة نسبته إلى مصنفه .
المبحث الثاني : موضوع الكتاب وكيفية ترتيبه.
المبحث الثالث : موارد المصنف في كتابه .
المبحث الرابع : بيان منزلة الكتاب ، وأهم مزاياه .
المبحث الخامس : مقارنة الكتاب بغيره من كتب العلل ،
كالعلل الكبير للترمذي ، وعلل الدارقطني .
المبحث الأول : تسمية الكتاب ، وصحة نسبته إلى مصنفه
أما تسمية الكتاب فهو مشهور باسم كتاب العلل ، وقد جاء هكذا في نسخة مكتبة أحمد الثالث ( ح ) ، وفي نسخة فيض الله ( ض ) هكذا : كتاب العلل وبيان ما وقع فيه من الخطأ والخلل في بعض طرق الأحاديث المروية في السنة النبوية .
هكذا وقع عنوانه في النسخة بهذا الأسلوب المسجوع ، ولكن في ثنايا النسخة جاء مختصراً كقوله : أول كتاب العلل ، وكذا قوله : آخر كتاب العلل .
أما في النسخة التيمورية ( ت ) فاسمه : كتاب علل الحديث .
وأما النسختان الأخريان ، النسخة المصرية ( م ) ، ونسخة تشستربتي ( س ) فقد انخرم أول الكتاب فذهب معه العنوان ، ولكنه في آخر ( س ) قال : آخر كتاب العلل .
وقد حمل الكتاب بطبعتيه طبعة محب الدين الخطيب ، وطبعة كمال نشأت المصري ما جاء في التيمورية وهو :" علل الحديث " وهو الذي اعتمد في خطة البحث الأولى ، وهو مناسب ، ولا فرق بينه وبين تسميته :" كتاب العلل " فإن النسخة التيمورية نفسها جاء في ثناياها هذه التسمية - أيضاً - كقوله : أول كتاب العلل ، وقوله : آخر كتاب العلل .
وكل ذلك دارج ومستعمل عند الناقلين عنه ، وإنما العنوان الذي لم أقف عليه ما جاء في نسخة فيض الله ، فإني لا أعرف من ذكره غير ما في هذه النسخة ، والله أعلم .
وأما صحة نسبة الكتاب إلى مصنفه فهو مالا يتطرق إليه أدنى شك لما يلي :
1- شهرة الكتاب عن مصنفه ونسبته إليه .(1/1)
2- نسبة هذا الكتاب إلى مصنفه في جميع نسخه الخطية سواء في العنوان أو في ثنايا النسخ ، وهذا في جميعها ، ومنها نسخة ثبت الإسناد في أولها - كما سيأتي في وصف النسخ الخطية - .
3- نقول الأئمة الكثيرة عن هذا الكتاب ، وهي أكثر من أن تحصر(1).
4- مادة الكتاب الذي لا يمكن إلا أن تكون لهذا المؤلف، فعامتها سألت أبي، وسألت أبا زرعة ، وهذا لا يكون إلا من عبد الرحمن بن أبي حاتم ، فإن الكلام لأبيه أبي حاتم ، ولأبي زرعة .
وغير هذا من الدلائل الكثيرة ، وفي هذا كفاية .
المبحث الثاني : موضوع الكتاب ، وكيفية ترتيبه
موضوع الكتاب هو ما دل عليه عنوانه ، فهو في علل الحديث ، وعلل الحديث فيه بمعناها الواسع ، الذي يدخل فيه أولاً العلل الغامضة ، ويدخل فيه - أيضاً - غير الغامضة .
وقد سبق قريباً ذكر أنواع العلة التي وقعت في القسم المحقق ومن خلال النظر في ذلك يتبين موضوع الكتاب ، ففي ثنايا هذا الكتاب ما يحكم بتأثير العلة فيه ، وفيه ما يحكم بعدم تأثيرها ، كما فيه أشياء دقيقة في علم العلل ، وأشياء ظاهرة .
وزيادة على ذلك ففيه أنواع من العلوم الأخرى، كالكلام في الرجال جرحاً وتعديلاً ، وجمعاً وتفريقاً ، بل وضبطاً للأسماء ، وبيان ما وقع في ذلك من الوهم والخلل .
وغير ذلك من الفوائد التي تزيد في قيمة هذا الكتاب ، وتجعل الاستغناء عنه في غاية الصعوبة للباحث الجاد .
أما طريقة ترتيبه :
فقد سلك فيه ابن أبي حاتم مسلكاً لم يسبقه إليه أحد ممن ألف في العلل ، حيث رتبه على أبواب العلم المعهودة ، وكانت كتب العلل قبله ترتب على المسانيد في الغالب .
__________
(1)
(1) قد جمع د/ ناصر العبد الله في أول القسم الذي حققه جملة من نقول الأئمة عن هذا الكتاب ، انظر 1/63-370 .(1/2)
وهذا مما يقرب كتاب ابن أبي حاتم وييسر الاستفادة منه ، ومن طريقته أنه يبتدئ كل كتاب بقوله : علل أخبار في كذا ... ولا يذكر كلمة : كتاب ، ولكن يلاحظ أن بعض هذه الكتب كررها أكثر من مرة ، مثل : النذور والأيمان ذكرهما جميعاً ، ثم ذكر النذور مرة أخرى ، ومثل الدعاء ساقه مرتين ، وكذا يلاحظ أن بعض هذه الكتب قدم أو أخر عن مواطنها المعهودة ، وهو أمر ليس فيه حتم ، وإنما ذلك على سبيل التنبيه .
وأما داخل كل كتاب من هذه الكتب مثل : علل أحاديث في الصلاة ، ونحو ذلك ، فليس له في ترتيب المسائل طريقة منضبطة ، وإنما يقع ذلك كما اتفق ، كما هو ظاهر جداً من النظر في الجزء المحقق .
ولأجل ذلك فقد كرر مسائل كثيرة ، والغالب أنها متفرقة ، وربما وقعت مجتمعة ، وفي هذا التكرار قد يكون في أحد الموطنين زيادة على الآخر ، وقد لا يكون ، وهذا بيان ما وقع من ذلك في هذا الجزء المحقق :
أولاً : علل أخبارٍ في المناسك :
1- المسألة رقم : 2 تكررت برقم : 65 ، ورقم : 83 وفي ذلك فوائد وزيادات .
2- المسألة رقم : 5 كررها برقم : 23 ، وهما من طريق واحدٍ ، ولكن في الموطن الثاني زيادة فائدة يسيرة ، وستأتي المسألة رقم : 5 من طريق آخر برقم : 103 .
3- المسألة رقم : 9 أعادها في المسألتين : 35و36 ، ولكن بلفظ آخر ، وأصل المسألة واحدة ، ووجه العلة واحد .
4- المسألة رقم : 13 ، كررها برقم : 14 ، ورقم : 114 ، وهذه المواطن يتمم بعضها بعضاً .
5- المسألة رقم : 21 كررها برقم : 57 ، والموطن الثاني أتم من الموطن الأول .
6- المسألة رقم : 25 كررها برقم : 27و32 ، وطرق هذه المواطن مختلفة ، كما جاءت من حديث آخر برقم 105 .
7- المسألة رقم : 44 كررها برقم : 50 من طريق آخر .
8- المسألة رقم : 47 كررها برقم : 59 والطريق واحد .
9- المسألة رقم : 61 تكررت من طريق آخر برقم : 101 ، كما جاءت من حديث آخر برقم : 107 .(1/3)
10- المسألة رقم : 62 تكررت برقم : 63 من طريق آخر .
11- المسألة رقم : 69 تكررت برقم : 79 من طريق آخر .
12- المسألة رقم : 75 تكررت برقم : 94 والطريق واحد ، ولكن في ذلك فائدة ، كما جاءت برقم : 76 من حديث آخر ، إلا أنها ذات القصة .
فهذه جملة من المسائل التي تكررت في المناسك ، وهناك مسائل ذكرها ابن أبي حاتم في علل أخبارٍ في المناسك ، ثم ذكرها في غيره ، وهي :
13- المسألة رقم :1 تكررت في : علل أخبارٍ في الفضائل 2/363 ح2605 والطريق واحد .
14- المسألة رقم : 4 تكررت في: علل أخبار في الأدب والطب 2/267 ح2297 من طريق آخر .
15- المسألة رقم: 66 تكررت في: علل أخبار في الأضاحي والذبائح 2/38 ح1592 والطريق واحد ، ولكن فيه فائدة جديدة .
16- المسألة رقم : 93 تكررت في : علل أخبار في الإيمان 2/156 ح1962 والطريق واحد .
ثانياً : علل أخبار في الغزو والسير :
الجزء المحقق من الغزو والسير لم يتكرر فيه أي مسألة ، ولكن تكرر بعض المسائل مع بقية الغزو والسير ، وهذا بيانها :
17- المسألة رقم : 117 تكررت في : 1/318 ح953 بأخصر منها .
18- المسألة رقم : 118 تكررت في 1/335 ح997 .
19- المسألة رقم : 124 تكررت في 1/343 ح1016 من طريق آخر .
20- المسألة رقم : 127 تكررت في 1/345 ح1019 على وجه آخر .
21- المسألة رقم : 143 تكررت في 1/324 ح969 و1/340 ح1009 .
وأما ما تكرر في غير الغزو والسير فهما مسألتان :
22- المسألة رقم : 125 سبقت في الصلاة 1/94 ح252 .
23- المسألة رقم : 144 تكررت في علل أخبارٍ في العرض والحساب 2/214 ح2131 .
ومن المهم أن يعلم أن كل مسألة تكررت في هذا الكتاب في الجزء المحقق فإني أذكر ذلك وأبينه ، وأحيل في كل موطن على الآخر .
المبحث الثالث : موارد المصنف في كتابه(1/4)
أهم مورد يعتمد عليه المؤلف في كتابه ما ينقله عن أبيه أبي حاتم الرازي مما سأله عنه من علل الحديث ، أو سمعه منه ، ثم يليه ما أخذه عن أبي زرعة الرازي سواء سأله أو سمعه يسأل أو قرأه عليه وسمعه منه ، والقليل جداً ما أخذه عن غير هذين الإمامين ، كعلي بن الحسين بن الجنيد .
وهذا بيان لموارد المؤلف في هذا الجزء المحقق ، وذلك كالتالي :
أولاً : المسائل التي نقل فيها عن أبيه وأبي زرعة جميعاً ، وهي بالأرقام التالية : 4 ، 15 ، 21 ، 29 ، 44 ، 55 ، 59، 83، 85 ، 116 ، 118 ، 119 ، 127، 142، 143 .
ثانياً : المسائل التي نقل فيها عن أبيه لوحده، وهي بالأرقام التالية: 2 ، 3 ، 5 ، 6، 7 ، 8 ، 9، 10، 13 ، 16 ، 17 ، 18 ، 19 ، 20 ، 22 ، 23 ، 24 ، 25 ، 26، 27، 28 ، 30 ، 31 ، 32 ، 33 ، 34 ، 35 ، 36 ، 37 ، 37 ، 39 ، 40 ، 41 ، 42، 43 ، 46 ، 47 ، أ/48 ، ب/48 ، 49 ، 50 ، 51 ، 52 ، 53 ، 54 ، 56 ، 57 ، 58 ، 60 ، 61 ، 62 ، 63 ، 64 ، 65 ، 66 ، 67 ، 68 ، 69، 70 ، 71 ، 72 ، 73 ، 74 ، 75 ، 76 ، 77 ، 78 ، 79 ، 80 ، 81 ، 82 ، 84 ، 86 ، 87، 88 ، 89 ، 90 ، 91 ، 92 ، 93 ، 94 ، 95 ، 96 ، 100 ، 101 ، 103 ، 105، 106 ، 107 ، 108 ، 111 ، 112 ، 113 ، 114 ، 115 ، 117 ، 120 ، 121 ، 122 ، 123 ، 124 ، 125 ، 128 ، 130 ، 131 ، 132 ، 133 ، 134 ، 136 ، 137 ، 139 ، 140 ، 141 ، 144 ، 145 ، 146 ، 147 .
ثالثاً : المسائل التي نقل فيها عن أبي زرعة لوحده ، وهي بالأرقام التالية : 1 ، 11 ، 12 ، 45 ، 97 ، 98 ، 99 ، 102 ، 109 ، 110 ، 126 ، 129 ، 135 ، 138 ، 148 ، 149 ، 150 .(1/5)
رابعاً : نقل عن علي بن الحسين بن الجنيد(1)مسألتين إحداهما برقم: 88 ، بعد أن سأل أباه، والأخرى برقم : 104 ولم يسأل عنها غيره . كما نقل عن عبد الرحمن بن بشر النيسابوري ، عن ابن مهدي ، عن شعبة مسألة واحدة ، وهي برقم : 14 ، ونقل عن أبي سعيد الأشج مسألة واحدة وهي برقم : 113 ، ثم سأل أباه عنها .
وقد تحصل من هذا أن أهم مورد للمؤلف هو نقله عن والده أبي حاتم الرازي حيث نقل عنه بمفرده : 117 مسألة ، وبمشاركة أبي زرعة له 15 مسألة ، فصار مجموع ماله : 132 مسألة من : 150 مسألة ، وهي نسبة عالية جداً .
يليه أبو زرعة حيث نقل عنه بمفرده : 17 مسألة ، وبمشاركة أبي حاتم : 15 مسألة ، والمجموع : 32 مسألة .
فعلم أن ما يزيد على ثلاثة أرباع الكتاب مستفاد من أبي حاتم الرازي .
والغالب على ذلك ما كان يقوله أبو حاتم من قبل نفسه ، والقليل فيه ما ينقل عن غيره ، كما نقل عن يحيى القطان في المسألة رقم: 13، وعن الإمام أحمد في المسألة رقم: 46 ، وعن ابن عيينة في المسألة رقم : 92 .
هذا ما يتعلق بالجزء المحقق ، أما بقية الكتاب ففيه نقول قليلة جداً عن أئمة آخرين غير المذكورين ، كمحمد بن عوف الحمصي 1/66 ح175 ، ونقل علة حديث عن الإمام أحمد بواسطة شيخه علي بن الحسن الهسنجاني 1/481 ح1438 ، وليس المقصود هنا الحصر ، وإنما الإشارة .
المبحث الرابع : بيان منزلة الكتاب وأهم مزاياه
منزلة الكتاب تتضح من خلال المزايا التالية :
__________
(1) هو علي بن الحسين بن الجنيد أبو الحسن النخعي الرازي ، الإمام الحافظ الحجة ، ويعرف بالمالكي لكونه جمع حديث مالك ، وكان من أئمة هذا الشأن ، وقد وثقه ابن أبي حاتم ، وسماه حافظ حديث الزهري ، مات سنة 291 على ما رجحه الذهبي . ( انظر ترجمته في : الجرح والتعديل 6/179 ، وسير أعلام النبلاء 14/16 وغيرهما ) .(1/6)
1- أن هذا الكتاب قد جُمع فيه علم عدد من الأئمة ، وهم مؤلفه عبد الرحمن بن أبي حاتم ، وأبوه أبو حاتم الرازي ، وأبو زرعة الرازي ، ويضاف إليهم عدد قليل من الأئمة الذي سبق قريباً ذكر بعض ما نقل عنهم وإن كان قليلاً .
وأبو حاتم ، وأبو زرعة عليهما تدور مادة هذا الكتاب ، وهما من كبار أئمة النقد والتعليل ، ولهما فيه فهم خاص ، ونظر ثاقب ، وقد سبق في ترجمتيهما ذكر شيء من منزلتهما في هذا العلم ، وأحب أن أذكر هذه الحادثة زيادة في البيان ، فقد أخرج المؤلف في تقدمة الجرح والتعديل 1/356 عن أبيه قال : جرى بيني وبين أبي زرعة يوماً تمييز الحديث ومعرفته ، فجعل يذكر أحاديث ويذكر عللها ، وكذلك كنت أذكر أحاديث خطأ وعللها ، وخطأ الشيوخ ، فقال لي : يا أبا حاتم ، قلَّ من يفهم هذا ، ما أَعَزَّ هذا ، إذا رفعت هذا من واحدٍ واثنين فما أقل من تجد من يحسن هذا ، وربما أشك في شيء أو يتخالجني شيء في حديثٍ فإلى أن ألتقي معك لا أجد من يشفيني منه ، قال أبي : وكذاك كان أمري .
2- قرب تناوله وتيسر البحث فيه ، وذلك أنه مرتب على الأبواب مما يسهل على الناظر فيه البحث عن بغيته ، وذلك بخلاف غالب كتب العلل الموسعة فإنها مرتبة على المسانيد .
3- ضخامة المادة العلمية المودعة في هذا الكتاب ، حيث بلغ عدد مسائله : 2840 مسألة ، مع ما يتبع ذلك من الفوائد الأخرى كالكلام في الرجال وغير ذلك .
4- طريقة المؤلف في سياقه لمسائل الكتاب ، وهي طريقة في غالبها تعتمد على حصر المسألة في طريق معين ، دون التعرض للطرق الأخرى ، وذلك أن جملة من الأحاديث قد تشعبت طرقها فلو كان يُفَصِّل فيها لطال الكلام جداً ، والتطويل في مثل هذا يُشَعِّب الكلام على الناظر ، خاصة إذا كان هذا التطويل مصحوباً بالأسلوب المختصر الذي اعتاد عليه الأئمة ، فإنه قد يبقى - في هذا الزمن - رموزاً مستغلقة .(1/7)
5- وضوح الأسلوب الذي نهجه المؤلف في هذا الكتاب ، فهو أسلوب مفهوم للقارئ في هذا الزمن ، وإنما قد تستغلق بعض العبارات لسببٍ معين ، كأن يكون وقع في العبارة تصحيف ، أو يكون في العبارة إشارة إلى شيء لم يدركه القارئ أو غير ذلك ، على أن العبارات المستغلقة قليلة بالنسبة لمجموع الكتاب .
6- أن هذا الكتاب قد حفظ عدداً من الأسانيد التي لم أقف عليها عند غيره ، وهذا مما يزيد في أهميته ، وأمثلة هذا كثيرة في ثنايا البحث .
7- ومن مزايا هذا الكتاب أنه يكثر فيه بيان خطأ المخطئ من الرواة ، وزيادة عليه بيان سبب خطئه ، وكيف وقع هذا الخطأ ، وقد كان لابن أبي حاتم فضل كبير في هذا ، إذ كان كثير السؤال لشيوخه عن هذا الأمر ، وسيأتي ذكر أمثلة ذلك في الفصل الرابع .
8- اشتمال هذا الكتاب على جميع أنواع الخطأ في الأسانيد والمتون ، فهو كتاب غني جداً بالأمثلة، ويمكن النظر في أقسام العلة التي احتوى عليها الجزء المحقق فقط لتبين ذلك، وقد سبق قريباً .
9- كما اشتمل هذا الكتاب على عددٍ كبير من مصطلحات أهل الحديث في ذلك الوقت ، كالوصل ، والإرسال ، والوقف ، والرفع ، والغرابة ، والنكارة ، والتفرد ، وغير ذلك .
10- واشتمل - أيضاً - على جملة من القواعد العظيمة ، سواء في الموازنة بين المختلفين ، أو في الكلام في الرواة ، أو في نقد الطرق المفردة أو غير ذلك .
وفيه أشياء أخرى كثيرة تظهر بالتأمل ، والله أعلم .
المبحث الخامس : مقارنة الكتاب بغيره من كتب العلل ،
وهما : العلل الكبير للترمذي ، وعلل الدارقني
أولاً : المقارنة بين هذا الكتاب والعلل الكبير للترمذي ، وذلك عبر النقاط التالية :
1- يتفق الكتابان في أن كلاً منهما قد احتوى على مادة غزيرة في علل الحديث قد نقلها المؤلفان عن شيوخهما ، فابن أبي حاتم ينقل عن أبيه ، وأبي زرعة وغيرهما ، والترمذي ينقل عن البخاري ، والدارمي ، وأبي زرعة وغيرهم .(1/8)
2- يتفق الكتابان في أن المادة العلمية المودعة فيهما ليست خاصة بالعلل بمعناها الدقيق، بل هي أوسع من ذلك ، كما يذكر فيهما - أيضاً - أشياء من الجرح والتعديل ، والعلل غير المؤثرة وغير ذلك ، وإن كان نقل الترمذي لتصحيح البخاري كثيراً وظاهراً ، وكذا نقله لأقواله في الرجال وفي السماع وعدمه ، بخلاف ابن أبي حاتم ، فإن نقله لذلك عن شيوخه ليس بذلك القدر .
3- علل ابن أبي حاتم أضخم وأكثر مادة من علل الترمذي ، فعدد مسائل العلل الكبير للترمذي : 717 على حسب طريقة المحققين في العد ، وأما العلل لابن أبي حاتم فعدد مسائله : 2840 فهو أربعة أضعاف كتاب الترمذي .
4- كتاب ابن أبي حاتم قد تولى ترتيبه بنفسه ، وأما كتاب الترمذي فإنما رتبه على أبواب الجامع أبو طالب القاضي ، فتحصل أن الكتابين مرتبان على طريقة الأبواب ، وإن اختلف المرتِّب ، وزاد أبو طالب أنه ساق الأبواب قبل الأحاديث ، بخلاف كتاب العلل لابن أبي حاتم فإنه غير مبوب ، وإنما سيقت الأحاديث في كل كتاب كما اتفق .
5- يكثر في كتاب الترمذي روايته للأحاديث بإسناده ، بل ربما لم يزد على ذلك ، بخلاف ابن أبي حاتم فإن روايته للحديث بإسناده موجودة ، ولكن ليست بكثرة .
6- تكرار المسائل في أكثر من موطن شيء ظاهر في كتاب العلل لابن أبي حاتم - كما سبق - بخلاف علل الترمذي .
7- يعتبر الترمذي في طبقة شيوخ ابن أبي حاتم ، فولادة الترمذي سنة 209 ووفاته سنة 279 ، وأما ابن أبي حاتم فولادته سسنة 240 ووفاته سنة 327 ، ومع ذلك فقد اتفقا في الأخذ عن جملة من المشايخ كأبي زرعة الرازي الذي نقلا عنه جميعاً .
ثانياً : المقارنة بين هذا الكتاب وكتاب العلل الواردة في الأحاديث النبوية للإمام الدارقطني ، وذلك عبر النقاط التالية :
1- يعتبر ابن أبي حاتم متقدماً على الإمام الدارقطني فهو في طبقة كبار شيوخه ، إذا وفاة ابن أبي حاتم سنة 327 ، وولادة الدارقطني سنة 306 ، ووفاته سنة 385 .(1/9)
2- يختلف الكتابان في الترتيب فالعلل لابن أبي حاتم مرتب على الأبواب ، وأما علل الدارقطني فقد رتبه على المسانيد ، وقد افتتحه بمسانيد العشرة ثم من بعدهم ، وهكذا ، ولم يرتب الصحابة على حروف المعجم ، وثمة صحابة ليست لهم مسانيد وإن كانوا من المشاهير ، كابن عباس - رضي الله عنهما - .
3- كتاب الدارقطني أوسع في ذكر الاختلاف في الحديث ، بل ربما تكلم على المسألة الواحدة بعدة صفحات ، وذلك مثل ما سيأتي من كلامه على المسألة رقم : 111 ، فإنه تكلم عليها كلاماً طويلاً ، ونقل عن غيره من الأئمة ، وساق الحديث بإسناده من طرقٍ متعددة ، وليس هذا عادة متبعة عند الدارقطني ، ولكنه ربما فعل ذلك ، أما ابن أبي حاتم فمنهجه ظاهر في ذلك ، فإنه لا يكاد يزيد على بضعة أسطر ، وكثيراً ما يكون الكلام في طريق بمفرده ، دون إحاطة بطرق الحديث الأخرى - كما سبق - .
4- المادة العلمية في علل الدارقطني عامتها من قوله ، وقد ينقل عن غيره من الأئمة ، ولكن ليس بكثرة ، أما ابن أبي حاتم فقد سبق أن مادة الكتاب عامتها من قول أبيه ، وأبي زرعة .
5- علل الدارقطني نسب إليه مع أنه عبارة عن أسئلة وجهها إليه تلميذه البرقاني ، أما علل ابن أبي حاتم فقد نسب إليه مع أنه هو السائل ، وليس المسؤول ، ولعل الفرق أن علل الدارقطني ليس فيها أسئلة وجهها البرقاني إلى غير الدارقطني ، ثم لعل الفكرة كانت للدارقطني ، وكان المقصود بها جمع هذا الكتاب ، أما علل ابن أبي حاتم فحالها تختلف - كما سبق - .(1/10)
6- الدارقطني يحرص على تحرير المدار عند جوابه على السؤال بقوله : يرويه فلان واختلف عليه، ولو تعدد المدار ذكر ذلك، ومن هنا توسع الدارقطني في سياق الاختلاف، لأن هذا الأسلوب يستدعي ذكر جميع الأوجه عن ذلك المدار ، أما ابن أبي حاتم فلم تكن طريقة أبيه وأبي زرعة كذلك ، وإن كان في كثير من ذلك يفهم المدار ، إلا أنه ليس كطريقة الدارقطني في تعيينه ، وفي أحيان أخرى لا يعين المدار مطلقاً ، بل ينص على أنه خطأ ، ثم يذكر الصواب ، وقد لا يذكره ، وقد لا يكون في المسألة مدار ، بل في المسألة انقطاع ، أو بيان مبهم ، أو حكم على الحديث بالنكارة أو نحو ذلك .
7- ومما يتعلق بهذه المسألة أن الدارقطني لما توسع في ذكر الاختلاف على المدار صار يذكر أوجهاً غريبة ، وربما يكون الخطأ فيها متأخراً ، ولذا فقد يعجز الباحث عن الوقوف على كثير من الأوجه غير المشهورة التي يذكرها ، وهذا بخلاف ما يقع في علل ابن أبي حاتم ، فإن القليل منه الذي لا يوقف عليه .
8- ويتعلق بذلك - أيضاً - أن الدارقطني قد يعلق أوجهاً عن بعض الرواة المشاهير كشعبة ، والثوري ونحوهما ، وهي لا تصح عنهما ، وإنما الخطأ فيها ممن دونهم ، ولذا فإن الوجه الذي يعلقه الدارقطني عن راوٍ ، ولا يقف عليه الباحث عند غيره ، فمن الصعوبة الاعتماد في ثبوت ذلك الوجه عن هذا الراوي على تعليقه ، وهذا بخلاف العلل لابن أبي حاتم ، فإن الغالب أن أبا حاتم ، وأبا زرعة إذا ذكرا أن فلاناً روى هذا الحديث على هذا الوجه فإنه يكون قد رواه كذلك .(1/11)
الفصل الرابع : دراسة منهج المصنف في القسم المحقق
وفيه خمسة مباحث :
المبحث الأول : منهجه في السؤال عن الأسانيد والمتون .
المبحث الثاني : منهج شيوخه في الإجابة عن سؤاله
في الأسانيد والمتون .
المبحث الثالث : تعقيبه على كلام شيوخه .
المبحث الرابع : منهجه في إثبات العلة أو دفعها .
المبحث الخامس : منهجه في الكلام عن الرواة .
المبحث الأول : منهجه في السؤال عن الأسانيد والمتون
- الغالب في طريقة المؤلف في سياقه للسؤال أن يذكر الطريق مكان الإشكال بقوله : سألت ... عن حديث رواه فلان ... فيسوق الإسناد إلى منتهاه ومعه المتن بكامله إن كان مختصراً ، أو مكتفياً بطرفه إن كان مطولاً ، وكثيراً ما يكون مبدأ الإسناد عند المؤلف من طبقة شيوخه أو شيوخ شيوخه ، وهذا شيء كثير جداً في الكتاب ، ومن أمثلته المسائل الست الأولى .
وقد يبتدئ الإسناد من طبقة أعلى من شيوخ شيوخه، مثل المسألة رقم : 9 ، حيث ابتدأ بقوله : ... حديث رواه همام ... ، والمسألة رقم : 13 حيث ابتدأ بقوله : ... حديث رواه الثوري ... ، والمسألة رقم : 21 حيث ابتدأ بقوله : ... رواه شعبة ... ، وغير ذلك ، وكل هؤلاء أعلى من طبقة شيوخ شيوخ المؤلف .
وأحيانا لا يكون هو السائل، بل غيره، كما في المسائل : 98، 148 ، 149 ، 150، وهذه المسائل كلها عن أبي زرعة، وفي المسألة رقم: 137 قال : سمعت أبي وقيل له ...، وفي المسألة رقم : 125 قال : سمعت أبي ورأى في كتابي عن ... .
وفي هذه الطريقة بعمومها يقل أن يسوق المؤلف الحديث مسنداً له ، كما في المسألة رقم : 75 حيث قال : سألت أبي عن حديث رواه الشافعي : حدثنا أبي ، قال : حدثنا الشافعي ... ثم ساقه ، ولكن ربما عاد بعد جواب شيخه وساق الحديث بإسناده على الوجه الذي رجحه شيخه ، كما في المسألة رقم : 101 ، وربما يسوقه في أثناء جواب شيخه ، لأنه جزء من الجواب ، كما في المسألة رقم : 47 .(1/1)
- وللمؤلف طريقة أخرى في سياقه للمسألة وهو أن يذكر أنه سمع شيخه ثم يسوق الحديث ، دون أن يكون هناك سؤال موجه إلى شيخه ، وفي هذه الطريقة يكثر أن يكون سياق الحديث مسنداً ، كما في المسائل رقم : 45 ، 58 ، 89 ، 109 وغيرها .
وقد لا يسنده شيخه صريحاً ، كما في المسألة رقم : 49 ، حيث قال : سمعت أبي وذكر حديثاً رواه محمد بن عبد الله الأنصاري ... ، وقد يسوق في كلامه ما يدل على أنهم كانوا في مجلس التحديث وشيخه يقرأ عليهم ، كما في المسألة رقم : 110 ، حيث قال : سمعت أبا زرعة وانتهى إلى حديثٍ كتبه عن عبد الرحمن ... .
- وأحياناً يذكر المؤلف في السؤال وجهين -يعني أيهما الصحيح- كما في المسائل: 31 ، 47 ، أ/48 ، ب/48 ، 90 ، 123 ، وفي هذه المسائل كلها لم يزد الشيخ على ما ذكره المؤلف ، وربما زاد وجهاً ثالثاً غير مذكور في السؤال ، كما في المسألة رقم : 17 .
وقد يكون سياق المؤلف للوجهين بأسلوب الشك في الرواية ، كقوله في المسألة رقم : 29 : عن أبي العالية أو أبي العلانية ... يعني أيهما الصواب .
- وقد يذكر المؤلف الطريق المسؤول عنه عن عددٍ من الرواة اثنين فأكثر ، كما في المسائل : 13 ، 49 ، 51 ، 56 ، 57 ، 59 ، 72 .
- وربما جمع في المسألة أكثر من حديث ، ولكنها بإسناد واحد ، وعلتها واحدة ، كما في المسألة رقم : 125 .
وربما ذكر في المتن ألفاظاً متعددة هي في أصلها حديث واحد ، ولكن لما كان كل لفظ منها كثيراً ما يروى بمفرده جمعها ، كما في المسألة رقم : 126 ، ولعل ذلك ليعلم أنها حديث واحد .
وقد يقع أن يسوق المؤلف سؤالين في مسألتين ، ويؤخر الجواب ليكون جواباً للمسألتين جميعاً كما في المسألتين : 35 ، 36 .
المبحث الثاني : منهج شيوخه في الإجابة عن سؤاله في الأسانيد والمتون
يمكن أن يقسم منهج شيوخه في إجاباتهم إلى طريقتين، وذلك مبني على طريقة المؤلف في السؤال ، وهما :(1/2)
الطريقة الأولى : أن يكون المؤلف لم يذكر إلا وجهاً واحداً في السؤال ، فهنا إما أن يُذكر في الحديث اختلاف أو لا يُذكر، فإذا ذُكر فيه اختلاف فصيغة الجواب - في الغالب - تكون كما يلي :
1- أن يذكر الشيخ الوجه المخالف للوجه المذكور ، ويكتفي بهذا الذكر ، إشارة منه إلى تعليل الوجه المذكور ، مثل المسألة رقم : 18 ، وربما ذكر وجهاً ثالثاً ، كما في المسألة رقم : 60 .
2- أن ينص الشيخ على خطأ الوجه المذكور، ويبين الصواب، وهذا كثير جداً - سواء كان في المسألة وجهان فقط أو أكثر - مثل المسائل رقم : 2 ، 5 ، 11 ، 28 وغيرها .
3- قد يزيد الشيخ على ذلك ببيان الحجة على هذا الترجيح مثل المسائل رقم : 24 ، 38 ، 111 ، 139 وغيرها .
وفي هذه الحالة - بما جاء فيها من صور - الغالب أن الشيخ يذكر الطريق المخالف معلقاً ، دون أن يسنده ، وقد يسنده أحيانا ، كما في المسائل رقم : 3 ، 22 ، 60 ، 144 وغيرها .
وأما إن لم يُذكر في الحديث اختلاف ، فالجواب - في الغالب - كما يلي :
1- بالحكم على الحديث بأنه منكر ، أو باطل ، أو وهم ، أو كذب ، أو ليس له أصل أو نحو ذلك، انظر المسائل: 37 ، 64 ، 66، 68 ، 70 ، 76 ، 78 ، 79 ، 104، 105 وغيرها كثير ، وربما زاد على ذلك ذكر جرح أحد رواته كما في المسألة رقم: 37 ، ورقم 68 ، أو أنه ليس من حديث فلان ، كما في المسألة رقم 70 .
2- وقد يكون الجواب بالنص على عدم السماع، أو نفي الإدراك، كما في المسائل : 8 ، 35 ، 36 ، 40 ، 96 ، 101 ، 121 وغيرها ، وقد يبين الساقط من الإسناد ، كما في المسائل : 34 ، 42 ، 122 ، 141 ، أو يبين أنه مرسل ، كما في المسألة رقم : 95 .
3- وقد يكون الجواب بذكر التفرد به دون إنكار له ، بل قد يكون ثابتاً كما في المسألة رقم : 74 ، وقد ينص على إنكاره بعد ذكر التفرد ، كما في المسألة رقم : 100 ، وقد زاد فيها ذكر الحجة ، وهي قوله : أين كان أصحاب أيمن بن نابل عن هذا الحديث ؟.(1/3)
الطريقة الثانية : أن يكون المؤلف ذكر في السؤال وجهين ، ففي هذه الطريقة تكون الإجابة كالتالي :
1- قد يجيب الشيخ بصحة أحد الوجهين وترجيحه ، مثل المسائل : 31 ، 47 ، أ/48 ، 90 ، 123 ، وهذا هو الأكثر .
2- قد يحكم الشيخ بصحة الوجهين جميعاً ، كما في المسألة رقم : ب/48 .
3- قد يذكر الشيخ وجهاً ثالثاً ، ويرجحه على الوجهين المذكورين أولاً ، كما في المسألة رقم : 17 .
فهاتان طريقتان في الإجابة على أسئلة المؤلف ، وثمة نقاط أخرى في أجوبة شيوخه ، يمكن سردها كالتالي :
1- قد يسوق الشيخ الوجه المخالف بإسناده ، كما في المسائل : 3 ، 22 ، 60، 61، 85 ، 144 ، وربما ساق الشيخ الوجه المسؤول عنه مسنداً - أيضاً - كما في المسألة رقم : 146 ، وربما أسند الوجهين جميعاً ، كما في المسألتين : 26 ، 94 ، وهذا كله في حالة أن يكون المؤلف وجه سؤالاً إلى الشيخ، أما إذا كان سمع الشيخ، فغالباً ما يكون مسنداً، كما مر قريباً في منهج المؤلف في سؤاله لشيوخه .
2- كثيراً ما ينص الشيخ على الراوي الذي وقع منه الوهم والخطأ ، كما في المسائل : 4 ، 11 ، 12 ، 16 ، 21 ، 28 ، 97 ، 98 ، 142 ، 143 وغيرها كثير ، وقد يتردد فيمن يحمل عليه الوهم ، كما في المسألة رقم : 23 ، وقد يذكر ما يدل على من يحمل عليه الخطأ دون الجزم بذلك ، كما في المسائل : 3 ، 55 ، 89 .
3- قد يذكر الشيخ مبرراً لإعلال الحديث بأنه لا يمكن أن يقع الإسناد هكذا ، أولا يحتمل أن يكون مرفوعاً، أو ليس لذكر فلان فيه معنى أو نحو ذلك ، انظر المسائل: 19 ، 24 ، 53 ، 80 ، 85 ، 93 .
4- ربما تردد الشيخ في الترجيح ، كما في المسألة رقم : 83 ، أو ذكر أنه لا يدري ، أو ختم بهذه الكلمة إشارة إلى إشكال في المسألة ، أو تعجباً من شيء فيها ، انظر المسائل : 9 ،19 ، 26 ، 116 ، 121 .(1/4)
5- قد ينص الشيخ على خطأ لفظة في الحديث ، وهذا قد يكون مع صحة الحديث ، كما في المسألة رقم : 12 ، وقد يكون مع ضعفه ، كما في المسألة رقم : 52 ، وقد يذكر جملة في الحديث مدرجة فيه ، كما في المسألة رقم : 73 .
6- أحياناً يذكر الشيخ في الجواب كلاماً يدل على أنه قد تأمل في هذا الحديث ، وبان له ما كان خافياً عليه من قبل ، انظر المسألتين : 30 ، 47 .
7- ربما ذكر الشيخ أن أحد الوجهين رواية الناس ، كما في المسائل: 17، 26 ، 39 ، 63 ، 75 ، 91 ، 106 ، أو أنه رواية أصحاب فلان ، كما في المسائل : 21 ، 49 ، 57 ، أو رواية جماعة من الحفاظ ، كما في المسألة رقم : 130 ، أو يذكر راوياً ويقول : وغير واحد ، كما في المسألة رقم : 50 ، و يذكر جماعة ويقول : وغيرهم ، كما في المسألة رقم : 56 ، والغالب أن مثل هذا يفيد الترجيح ، وقد ينسب كل وجه إلى أهل بلدٍ معين ، مثل المسألة رقم : 33 .
8- ربما نقل الشيخ علة الحديث عن غيره من الأئمة ، كما في المسائل: 13 ، 46 ، 86 ، 92 ، وربما ذكر أن الخطأ في هذا الحديث مشهور عند الناس ، كما في المسألة رقم : 16 .
9- ربما قرن الشيخ في الجواب مع الحديث المسؤول عنه حديثاً آخر ، وذلك لموجبٍ ، كأن يكون الحديثان مما أنكر على هذا الراوي ، كما في المسألة رقم : 87 .
10- أحياناً يسوق الشيخ عبارات لها دلالات معينة ، مثل قول أبي حاتم في المسألة رقم: 84: ومن خالف ابن جريج في عطاء فقد وقع في شغل، ومثل قوله في المسألة رقم: 140 : هقل أحفظ، وموقوف أشبه ، ومثلها قوله في المسألة رقم : 145 : الثوري حافظ ، وأهل المدينة أعلم بحديث نافعٍ من أهل الكوفة .
11- قد ينص الشيخ في الجواب على خصوص طريق معين ، يعني يبين الصواب في هذا الطريق فقط ، كما في المسألة رقم : 32 ، وقد يذكر عبارة تدل على أن الوجه المرجوح له أصل من طريق آخر ، كما في المسألة رقم : 22 .
المبحث الثالث : تعقيبه على كلام شيوخه(1/5)
ليس للمؤلف في هذا الجزء أي تعقيب في الرد على شيوخه ، وإنما يعقب كلام شيوخه بالاستفسار ، وهذا يكون على الوجوه التالية :
1- الاستفسار عن الوجه الراجح ، كما في المسائل : 1 ، 3 ، 38 ، 111 ، 119 ، 145 .
2- الاستفسار عن سبب الترجيح ، كما في المسألة رقم : 139 .
3- الاستفسار عن الذي يحمل عليه الوهم ، كما في المسائل : 21 ، 23 ، 120 ، 142 ، 143 .
4- الاستفسار عن حال أحد الرواة ، كما في المسائل : 1 ، 20 ، 119 وغيرها .
5- الاستفسار عن اسم أحد الرواة ، كما في المسألة رقم : 116 .
6- وقد يستفسر من شيخ آخر بعد جواب الشيخ الأول ، كما في المسألة رقم : 113 .
المبحث الرابع : منهجه في إثبات العلة أو دفعها
وكذلك في هذا المبحث فلم يكن للمؤلف اعتراض على شيء من كلام شيوخه لأجل دفع علة حديث ذكره ، والغالب إذا تكلم بعد نقل كلام شيخه فإنما يكون كلامه على سبيل الاستفسار- كما في المبحث السابق - .
ولكن ربما ذكر كلاماً لغير شيخه المسؤول يثبت فيه العلة التي ذكرها ، كما في المسألة رقم : 14 ، فإنه ذكر العلة التي نقلها أبوه في المسألة التي قبلها رقم : 13 من غير الطريق الذي ذكره أبوه ، زيادة في تثبيت هذه العلة .
وفي المسألة رقم : 138 استفصل من أجل إثبات العلة .
وذكر في المسألة رقم : 101 رواية له تؤكد ما ذكره أبوه في علة الحديث .
المبحث الخامس : منهجه في الكلام عن الرواة
ليس للمؤلف كلام عن الرواة في هذا الجزء من قبل نفسه ، ولكن له كلام نقله عن شيوخه ، وهو على الأوجه التالية :
1- الثناء على الراوي بحفظه وضبطه أو صدقه أو نحو ذلك، كما في المسائل: 1 ، 20 ، أ/48 ، 105 ، 145 .
2- جرح الراوي إما بتضعيفه أو جهالته أو نحو ذلك ، كما في المسائل: 20 ، 37 ، 40 ، 68 ، 69 ، 112 ، 119 ، 124 .
3- المفاضلة بين الرواة المختلفين ، كما في المسألة رقم : 139 ، ورقم : 140 .(1/6)
4- قد يذكر الشيخ أنه لا يعرف هذا الراوي ، كما في المسألتين : 34 ، 53 .
5- أو يذكر أنه كتب عنه ، مثل المسألة رقم : 1 ، أو غيره كتب عنه ، مثل المسألة رقم : 119 ، أو روى عنه ، مثل المسألة رقم : 1 .
6- تصحيح خطأ وقع في اسم الراوي ، كما في المسائل : 55 ، 71 ، 93 .
7- النص على تعيين الراوي لرفع الإيهام والاشتباه ، مثل المسألة رقم : 37 ، أولا يكون مسمى فيذكر اسمه مثل المسألة رقم : 116 ، أو يذكر بكنيته فيبين اسمه ، مثل المسألة رقم : 53 ، وقد يكون ذلك على الشك ، مثل المسألة رقم : 137 .
فهذا أهم ما يمكن تسجيله في هذه المباحث .
وقبل ختام هذا الفصل أحب أن أسجل جملة من النقاط التي استوقفتني خلال هذا البحث - بشكل مختصر - .
1- استوقفني في هذا الكتاب جملة من الإشكالات في سياق الأسانيد ، وقد وقع في نفسي أن كثيراً من ذلك راجع إلى خلل مشترك في جميع النسخ ، وسيأتي بيان حال النسخ قريباً ، وانظر المسألة رقم : 4 ، ورقم : 52 .
2- كما استوقفني إشكال كبير حين ينسب شيخ المؤلف وجهاً لراوٍ ، فأجد عن ذلك الراوي ما يخالفه ، وقد أجد لذلك جواباً في احتمال أن الوجهين مرويان عن هذا الراوي، ولكن يشكل علي عندما ينفي الإمام رواية عن أحد الرواة فأجدها مشهورة عنه ، كما وقع في المسألة رقم : 18 ، حيث ذكر أبو حاتم اختلافاً على حبيب بن أبي ثابت ، بين قيس بن الربيع ، وشعبة بن الحجاج ، حيث يرويه قيس بن الربيع ، عن حبيب ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعاً ، ويرويه شعبة عن حبيب ، عن الحسن العرني مرسلاً، هكذا ذكر أبو حاتم ، ثم ذكر وجهاً آخر عن شعبة ليس محلاً للإشكال .
وقد تبين بعد تخريجه الحديث أن شعبة قد تابع قيس بن الربيع على روايته ولم يخالفه ، وذلك مشهور وثابت عن شعبة من رواية الثقات الأثبات من أصحابه ، بل ومخرج في صحيح مسلم ، وأما الوجه المرسل الذي ذكره أبو حاتم عن شعبة فلم أقف عليه .(1/7)
فمثل هذا المثال أشكل عليّ ، ولم أعرف وجهه ، إلا أن يكون وهماً من أبي حاتم ، أو ابنه ، أو يكون وقع في النسخة شيء .
وفي المسألة رقم : 103 ذكر حديثاً اختلف فيه على سفيان الثوري ، ورجح أنه : عن سفيان ، عن حبيب ، عن عطاء ، عن ابن عباس مرفوعاً ، وهذا لم أقف عليه ، وإنما المعروف فيه : عن سفيان ، عن حبيب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس مرفوعاً ، وليس عن عطاء ، على أنه يحتمل أن يكون هذا وهماً من الناسخ لأنه سبق ذكر عطاء في الإسناد الأول ، فالله أعلم .
وانظر المسألة رقم : 33 حيث وقع إشكال فيما نسبه أبو حاتم إلى الكوفيين والبصريين.
3- ومما استوقفني المسائل التي كررها المؤلف في أكثر من موطن، وقد مر ذكرها قريباً، وليس الإشكال في تكرارها ، ولكن في اختلاف كلام الشيخ في الموطنين ، كما وقع لأبي حاتم في المسألة رقم : 144، في حديث اختلف فيه على حميد الطويل رفعاً ووقفاً ، فقال أبو حاتم : حديث حميد فيه مثل ذا كثير ، واحد عنه يسند وآخر يوقف .
وهذا يعني أن الاختلاف من حميدٍ نفسه ، وهو - فيما يظهر - على سبيل الورع ، كما عرف من حاله ، ولكن أبا حاتم في الموطن الثاني 2/214 ح2131 جزم بخطأ الوجه المرفوع ، وقال : الصحيح عن أنس موقوف .
فهذان رأيان فيهما شيء من الاختلاف في مسألة واحدة ، والمقصود من هذا أن الإمام قد يكون له كلام يخالف كلاماً آخر له ، مما يقوي أهمية جمع كلام الإمام الواحد في المسألة إذا كان متفرقاً .
كما اختلف كلام أبي حاتم في الترجيح في المسائل رقم : 2 و 65 و83 ، وهي مسألة واحدة ، في حديث :" إن عبداً أصححت جسمه ... " ففي الموطن الأول قال : إنما هو عن العلاء بن المسيب ، عن يونس بن خباب ، عن أبي سعيد مرسل مرفوع .
وفي الموطن الثاني قال : إنما هو كما رواه خلف بن خليفة ، عن العلاء بن المسيب ، عن أبيه ، عن أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومنهم من يقفه .(1/8)
وفي الموطن الثالث ذكر اضطراب الناس في حديث العلاء بن المسيب ، ثم عدد أوجه الاضطراب ، فقال ابنه : فأيها الصحيح منها ؟ قال : هو مضطرب ، فأعدت عليه ، فلم يزدني على قوله : هو مضطرب ، ثم قال : العلاء بن المسيب ، عن يونس بن خباب ، عن أبي سعيد موقوف مرسل أشبه ... .
فهذه ثلاثة آراء لأبي حاتم في الراجح في هذا الحديث ، وإن كان عذره في هذا شدة الاضطراب .
فهذا ما أحببت التنبيه عليه ، وثمة أمور ومسائل متعددة يراها القارئ أثناء البحث ، وأسأل الله التوفيق والسداد .(1/9)
الأمر الأول : وصف النسخ الخطية(1):
وقفت على خمس نسخٍ خطية لهذا الكتاب ، وهي كالتالي :
1- النسخة التيمورية ، وقد كانت محفوظة في مكتبة العلامة أحمد تيمور باشا برقم 135 حديث ، وهي الآن في دار الكتب المصرية برقم 11816 ، وهي نسخة كاملة عدد أوراقها : 364 وصفحاتها : 728 بدون صفحة العنوان ، وفي كل صفحة : 23 سطراً تقريباً ، وإن كان فيها طمس في مواضع يسيرة ، وليس منها شيء في هذا الجزء المحقق ، وخطها واضح جداً ومقروء ، وهي نسخة جيدة في عمومها وعليها بعض الإلحاقات مما يعني الاستدراك عند المقابلة ، وهي من رواية أبي بكر محمد بن أحمد بن الفضل بن شهريار، وقد ذكر إسنادها في الورقة الأولى ، وصورة ذلك كالتالي : كتاب علل الحديث تأليف الإمام أبي محمد عبد الرحمن بن الإمام أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر بن داود ابن مهران الرازي الحافظ مولى تميم بن حنظلة الغطفاني الحنظلي رحمه الله ،
رواية أبي بكر محمد بن أحمد بن الفضل بن شهريار ... ... عنه ،
رواية أبي ظاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم ... ... ... عنه ،
رواية أبي بكر محمد بن علي بن أبي ذر الصالحاني إجازة ... ... عنه ،
رواية أبي الفتح ناصر بن أبي الفتح المعروف بويرج الأصبهاني ... عنه ،
إجازة منه لصاحبه إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن الأنماطي الأنصاري رفق الله به ونفعه بسائره(2).
__________
(1)
(1) وصف هذه النسخ المشايخ الذين سبقوني بخدمة هذا الكتاب ، وقد اطلعت على ما كتبه د/ عبد الله بن عبد المحسن التويجري ، ود/ ناصر بن محمد العبد الله ، ود/ محمد بن تركي التركي ، كما وصفها محقق الطبعة الجديدة أبو يعقوب كمال نشأت المصري ، وقبل ذلك وصف محب الدين الخطيب النسختين اللتين وقف عليهما واعتمدهما في التحقيق ، وقد أفدت من ذلك كله - بحمد الله - مع أن هذه النسخ بين يدي ، وسأختصر في ذلك ما استطعت .
(2) وقد ترجم د/ ناصر العبد الله لجميع رواة إسناد هذه النسخة 1/106-107 م ، فيمكن مراجعته .(1/1)
وقد انتهى من نسخها يوم الأحد لليلتين بقيتا من شهر رجب من سنة 615 ، بمدينة دمشق . ولم يكتب الناسخ اسمه . ويبدأ القسم المحقق بالورقة: 93/ب، وينتهي بالورقة: 111/جـ .
2- النسخة المصرية ، وهي محفوظة بدار الكتب المصرية برقم : 908 ، وعدد أوراقها : 215 وخطها في أصله جيد ومقروء ، ولكن وقعت لي صورتها سيئة جداً ، وذلك لغلبة سواد الحبر على الصفحات بحيث صارت قراءتها عسيرة جداً ، ولقد حرصت على قراءتها في المواطن المشكلة ، واحتجت في ذلك إلى الْمُكَبِّر لتوضيح الكتابة ، وإذا لم أستطع قراءة الكلمة فيها ذكرت ذلك في الهامش ، وأما في المواطن غير المشكلة فإني ربما تجاوزتها ، وربما نظرت فيها، وقد قال محب الدين الخطيب في وصفها 1/3 : وهي في مجلد من القطع الكبير في كل صفحة منه : 29 سطراً وقد فتكت بها الأرضة وليس في آخرها تاريخ اهـ . ومما فتكت به الأرضة أولها . ويبدأ هذا القسم المحقق من الورقة : 57/ب إلى الورقة : 67/أ ، ولكن سقطت الورقة رقم : 63، وهي تبدأ بالمسألة رقم : 87 ، وتنتهي بأول المسألة رقم : 103 .
وهاتان النسختان هما اللتان اعتمد عليهما محب الدين الخطيب في طبعته للكتاب ، وقد ذكر اعتقاده أن إحدى النسختين منقولة عن الأخرى لاتفاقهما أحياناً كثيرة في أخطاء الناسخ ( انظر مقدمته 1/3 ) .
والذي لا شك فيه أن هاتين النسختين تعودان إلى أصل واحد ، فإما أن تكون إحداهما نقلت من الأخرى ، أو يكون الأصل الذي نقلتا عنه واحد .
ومما اتفقت عليه هاتان النسختان أنه ليس فيهما تجزئة للكتاب ، وليس فيهما واو عاطفة لكل مسألة على الأخرى ، كما تتفقان في الخطأ والسقط غالباً .(1/2)
3- نسخة مكتبة أحمد الثالث " طوبقبو " ، وقد ألحقت هذه المكتبة بالمكتبة السليمانية باستنبول ، والنسخة برقم : 531 ، ومنها صورة في جامعة الإمام برقم : 552ف ، وهي نسخة كاملة وعدد أوراقها : 279 ورقة ، في كل صفحة : 25 سطراً تقريباً ، ومن رواية أبي بكر محمد بن أحمد ابن الفضل بن شهريار - راوي النسخة التيمورية - ولكن ليس فيها إسناد النسخة ، وهي نسخة مصححة ومقابلة ، وقد ظهر ذلك بالإلحاقات والتصحيحات ، وعلامة المقابلة في نهاية كل مسألة ، وناسخها هو محمد ابن أحمد بن علي بن الخطيب بقرية الصالحية من عمل الشام بدمشق ، في سابع ربيع الأول سنة 730 ، ويبدأ هذا القسم بالورقة رقم : 79/أ ، وينتهي بالورقة رقم : 93/أ .
4- نسخة مكتبة فيض الله أفندي ، وقد ضمت هذه المكتبة إلى المكتبة السليمانية باستنبول ، والنسخة برقم : 498 ، وهي نسخة كاملة عدد أوراقها : 263 ورقة ، في كل صفحة 25 سطراً تقريباً، وهي بخط ناسخ النسخة التي قبلها محمد بن أحمد بن علي الخطيب وهي مثلها في الخط ، وفيها ميزاتها ، وقد كتبت في العام نفسه 730 ، بعد السابقة بشهر ، ولكنها من رواية أبي أحمد الحسن بن علي بن محمد بن يحيى التميمي المعروف بـ( حُسَيْنَك ) ، وليس فيها إسناد النسخة ، وقد وقع فيها عنوان الكتاب بأطول مما وقع في التي قبلها حيث جاء كالتالي " كتاب العلل وبيان ما وقع من الخطأ والخلل في بعض طرق الأحاديث المروية في السنة النبوية " ، وهي نسخة مقابلة ومصححة ، ويكثر فيها الضرب على الخطأ وتصحيحه ، مما يؤكد تصحيح الناسخ لها ، ويبدأ القسم المحقق بالورقة رقم : 78/أ ، وينتهي بالورقة رقم : 92/أ .(1/3)
5- نسخة مكتبة تشستربتي بأيرلندا برقم : 3516 ، ومنها صورة في جامعة الإمام برقم : 351ف ، وأولها مخروم ، وإنما تبدأ من 1/27 رقم 44 ، من : علل أحاديث في الطهارة ، وهي نسخة كاملة بعد الخرم الذي في أولها ، ولكن في آخرها مسح في بعض الصفحات ، وناسخها هو علي بن عمر بن عبد الله، وقد كتبت آخر سنة 735، وخطها جيد ومقروء وعليها علامة التصحيح والمقابلة وقد ظهر أثر ذلك بالإلحاقات والتصويبات ، وعدد أوراقها : 309 ورقات ، في كل صفحة 25 سطراً تقريباً ، ويبدأ هذا القسم من الورقة : 89/ب ، وينتهي بالورقة رقم : 106/ب حسب ترقيمي .
وهذه النسخ الثلاث متفقة في التجزئة وفي كثير من الخطأ والسقط ، وإن كان قد يكون في بعضها ما ليس في الأخرى مما هو معهود من النساخ ، ولكن من المؤكد أن الأصل الذي نقلت عنه هذه النسخ الثلاث واحد ، وإن كانت رواية نسخة أحمد الثالث تختلف عن رواية نسخة فيض الله ، إلا أن ناسخهما واحد وأصلهما واحد ، وتتفق معهما نسخة تشستربتي في الأصل أما الراوي فلا يعلم للانخرام الواقع في أولها .
ثم إن هذين الأصلين - أعني الأصل الأول للنسختين المصريتين ، والأصل الثاني للنسخ الثلاث الأخيرة - يعودان إلى أصل واحدٍ، وهذا شيء ظاهر للاتفاق في جميع هذه النسخ على السقط والإقحام ، والخطأ والتصحيف في مواطن متعددة، مما يعني أن الأصل الأول الذي يعود إليه الأصلان لهذه النسخ غير متقن .
وقد يكون السبب في هذا أن ناسخها ليس من أهل العلم والمعرفة أو أنها لم تقابل أو غير ذلك ، فالله أعلم ، وسيأتي قريباً تفصيل المنهج في تحقيق النص وفيه ذكر الأمثلة لهذه الأخطاء ، والله المستعان .(1/4)
نماذج من النسخ الخطية :
صفحة العنوان من النسخة التيمورية ( ت )
بداية المناسك من النسخة التيمورية ( ت )
بداية المناسك من النسخة المصرية ( م )
الصفحة الأولى من نسخة أحمد الثالث ( ح )
بداية المناسك من نسخة أحمد الثالث ( ح )
صفحة العنوان من نسخة مكتبة فيض الله ( ض )
نهاية المناسك وبداية الغزو والسير من نسخة فيض الله ( ض )
نهاية المناسك وبداية الغزو والسير من نسخة تشستربتي ( س )(1/1)
الأمر الثاني : الطريقة المتبعة في تحقيق النص ، ودراسة الرواة ، وتخريج الأحاديث :
أولاً : الطريقة المتبعة في تحقيق النص على النقاط التالية :
1- كتبت النص حسب القواعد الإملائية الحديثة .
2- ضبطت ما يحتاج إلى ضبط ، وذلك بالشكل في الأصل ، وبالحروف في الحاشية ، إلا الأعلام الذين وردوا في الإسناد فإني أذكر ذلك في ترجمة الراوي عند دراسة الرواة ، وليس في الحاشية تلافياً للتكرار .
3- أثبت الفروق بين النسخ الخطية ، وزدت عليها ذكر ما وقع في المطبوعة وهي التي حققها محب الدين الخطيب ، وذلك لشهرتها وتداولها ، أما الطبعة التي حققها نشأت بن كمال المصري فلم تصدر إلا بعد انتهائي من العمل .
4- سلكت طريقة النص المختار من المخطوطات ، فلم أتخذ أياً من النسخ أصلاً ، كما سبقت الإشارة إليه ، وإذا اختلفت النسخ في كلمة ، وكان الوجهان صحيحين ، فإن كان هناك ما يرجح أحد الوجهين فإني أختاره ولو لم يكن إلا في نسخة خطية واحدة ، أما إذا لم يكن هناك ما يرجح أحد الوجهين فإني أختار ما كان في أكثر النسخ ، فإني لم يكن هناك أكثر فالغالب اختيار ما في التيمورية والمصرية ، وهو الذي في المطبوعة الأولى ، وذلك مثل ذكر الواو في أول كل مسألة لم أفعله موافقة لهذه النسخ .
5- إذا اتفقت النسخ الخطية على الخطأ سواء كان لحناً ، أو تحريفاً وتصحيفاً ، فإني أصلحه ، وأبين ذلك في الحاشية ، كما في المسائل : 54 و70 و85 وغيرها ، إلا أن يكون هذا الخطأ إسنادياً كإضافة رجل ، كما في المسألة رقم : 4 ، أو نسبته خطأ، كما في المسألة رقم : 52 فإني أبقي ذلك على حاله ، وأنبه عليه في الحاشية ، وأعيد التنبيه عليه عند التخريج والحكم على الحديث، وكذلك إذا كانت الكلمة تحتمل وجهين في الإعراب ، فإني لا أغير ما وقع في النسخ ، ولو كان خلاف المشهور كما في المسألة رقم : 2 ، إلا أن يكون الوجه الثاني فيه تكلف ، فإني لا أعتد به .(1/1)
6- جعلت حاشية للنص ، ذكرت فيها الفروق بين النسخ الخمس المخطوطة ، وزدت عليها المطبوعة بتحقيق محب الدين الخطيب لشهرتها ، وذكرت ما وقع فيها أو في بعضها من تصحيف وتحريف ، وبينت كل شيء أصلحته من الأخطاء الواقعة في النص ، مع ذكر الحجة على ذلك ، وذكرت في الحاشية شرح الكلمات الغريبة ، وضبطها بالحروف ، وعزو الآيات القرآنية ، وتراجم الأعلام الذين ورد ذكرهم في المتن ، وليسوا من رواة الإسناد ، والتعريف بالأماكن والبلدان غير المشهورة ، وغير ذلك .
7- إذا وقع سقط في جميع النسخ وكان الكلام لا يستقيم إلا بتسديده ، فإن كان المؤلف أعاد المسألة مرة أخرى ، ولم يقع فيها سقط ، فإني أسدد الموطن الأول من الموطن الثاني ، كما وقع في المسألتين رقم : 21 ورقم : 146 وأجعل ذلك بين معقوفين [ ] ، مع التنبيه عليه في الحاشية .
فإن وقع في نفسي احتمال عدم السقط ، ولو كان الاحتمال ضعيفاً ، فإني لا أفعل ذلك ، وإنما أنبه عليه في الحاشية ، كما في المسألة رقم : 94 وجميع هذه المسائل كان السقط فيها في الإسناد .
ووقع السقط في المتن مرة واحدة ، ولم يستقم الكلام بدون تسديده ، وقد فعلت ذلك من المصادر الأخرى ، وجعلته بين معقوفين ، ونبهت عليه في الحاشية ، وهو في المسألة رقم : 112 .
8- رموز النسخ كالتالي : ( ت ) للتيمورية ، و( م ) للمصرية ، و( ح ) لنسخة أحمد الثالث، و( ض ) لنسخة فيض الله، و( س ) لنسخة تشستربتي ، و( ط ) للمطبوعة بتحقيق محب الدين الخطيب .
وقد رتبتها بحسب الآتي : ت ، س ، ح ، ض ، م ، ط .
9- جعلت في أول كل مسألة رقمين ، أحدهما الرقم التسلسلي لهذا القسم المحقق ، والثاني الرقم العام للكتاب كله ، وهو موافق لما في طبعة محب الدين الخطيب .(1/2)
ملحوظة : واجهني عند تحقيق النص جملة من الأخطاء التي تجمع عليها النسخ - كما سبقت الإشارة إليه - ، ومن ذلك أخطاء في النحو والإعراب ، منها ما هو في متن الحديث ، ومنها ما هو في كلام الأئمة على الحديث ، وسبق أن ذلك قد يكون راجعاً إلى النسخة الأصل لجميع هذه النسخ ، مع أن اللحن كان قد تفشى في زمن المؤلف ، فلا يبعد أن يكون بعض ذلك واقعاً على سبيل السهو والغلط ، خاصة أن طريقة جمع مادة الكتاب كانت بالمشافهة مما يعني عدم التدقيق الشديد في الألفاظ ، ومن هنا فإني عمدت إلى تصحيح هذه الأخطاء - كما سبق - ، مع أن جملة من ذلك يمكن تأويله بالتقدير ، أو بالبحث في لغات العرب ، ونحو ذلك مما فيه تكلف وفي بعضه تعسف ، ولكن إنما يسوغ ذلك حيث يكون الكلام مما يحتج به ، أما والحال كما وصفت فلا وجه لذلك ، بل حمله على الخطأ أياً كان فاعله ، سواء الناسخ أو غيره أولى من التكلف في الإجابة عنه .(1/3)
فمن أمثلة ذلك مواطن متعددة تكون الكلمة فيها منصوبة ويكون حقها أن تكون مختومة بالألف والتنوين ، مثل ما وقع في المسألة رقم: 24 قوله :" لا يحتمل أن يكون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعاً " فكلمة مرفوعاً كتب كذا : مرفوع ، وهو خطأ ، والصواب ما سبق فإنها منصوبة بلا شك ، ويمكن حمل ذلك على لغة ربيعة الذين يقفون على المنصوب في آخر الكلمة بالسكون في مثل هذا الموطن(1)، وقد تكرر مثل هذا في الجزء المحقق عدة مرات ، ولكن حمل هذا على لغة ربيعة غير وجيه ، لأن اللحن والخطأ في هذه النسخ جميعها ظاهر ، مما يبعد هذا الحمل ، وإنما يحسن مثل هذا لو كان الكتاب نادر الخطأ ، أو كان مؤلفه حجة في اللغة كالإمام الشافعي ، أما وحال الكتاب ما ذكرت فيظهر لي أن حمله على الخطأ هو الصواب ، ولذلك فقد أصلحت كل ما وقع من ذلك ، وإنما نبهت عليه هنا لأجل البيان فقط ، وانظر المسألة رقم : 4 ، ورقم :71 .
ومن أمثلة ما يمكن تأويله بالتقدير ما وقع في المسألة رقم :41 قوله :" اذهب فأنت أمير عليهم " حيث وقع في النسخ بالنصب " أميراً " مع أنه خبر مرفوع ، ولكن يمكن تأويله بالتقدير أي : اذهب فأنت مجعول أميراً عليهم ، وهذا تقدير فيه تكلف فأعرضت عنه ، وانظر المسألة رقم : 42 ، ورقم : 49 .
أما إذا كان التقدير غير متكلف ، فإني أثبت ما وقع في النسخ ، وأنبه على الوجه الآخر ، كما وقع في المسألة رقم : 102 قوله :" لبيك ذو المعارج " فإن التقدير : أنت ذو المعارج ، والمشهور بالنصب : ذا المعارج ، أي : يا ذا المعارج .
__________
(1) ينظر في ذكر لغة ربيعة : شرح الأشموني على الألفية بحاشية الصبان 4/204 .(1/4)
ومن ذلك - أيضاً - ما وقع في المسألة رقم : 2 وهو قول أبي حاتم :" وإنما هو عن العلاء ابن المسيب ، عن يونس بن خباب ، عن أبي سعيد مرسل مرفوع " بالرفع في قوله " مرسل مرفوع " مع أن المعتاد أنه بالنصب، على أنه حال، وإنما الرفع على التقدير، أي: وهو مرسل مرفوع ، وحيث إن مثل هذه الكلمة قد تكررت في مواطن عديدة ، وأن هذا الاستعمال مشهور في هذا الكتاب وغيره ، فقد أبقيت ذلك على حاله ، ونبهت عليه في أول موطن ، واكتفيت بذلك على التنبيه عليه في كل موطن .
ثانياً : الطريقة المتبعة في دراسة الرواة :
1- جعلت عنواناً لدراسة الرواة أذكر فيه جميع الرواة الوارد ذكرهم في الأسانيد التي يسوقها المؤلف ، وأما من ورد ذكرهم في المتن ولم يكونوا من رواة الإسناد فإن تراجمهم تكون في الحاشية - كما سبق - .
2- أذكر اسم الراوي ، واسم أبيه ، ونسبته بأنواعها ، سواء كانت إلى قبيلة ، أو بلد ، أو حرفة أو غيرها ، وإذا تعددت نسبته فإني أذكرها ، كالمكي ، ثم المدني ، ثم الشامي وهكذا ، فإذا اشتبه بغيره فإني أذكر من نسبه ما يرفع الاشتباه ، وأذكر كنية الراوي ، ولقبه - إن وجد - وإذا حصل في كنيته أقوال ذكرتها ، أو ذكرت بعضها وأشرت إلى باقيها .
3- أذكر بعض شيوخ المترجم ، وبعض الآخذين عنه ، فربما ذكرت اثنين أو ثلاثة أو أزيد ، وهذا له فوائد لا تخفى ، وأحرص على انتقاء المذكورين إما ممن كثرت روايته أو روايتهم عنه ، أو أنهم من المشاهير ، أو غير ذلك ، وربما أفدت من اختيار ابن حجر في تهذيب التهذيب .
4- إذا كان الراوي متفقاً على توثيقه أو على ضعفه ، فإني أنص على ذلك ، وأذكر بعض عبارات الأئمة في بيان حاله ، أو أعدد بعض من وثقه أو ضعفه من مشاهير النقاد ، ثم أختم بعبارة ابن حجر في كتاب " التقريب " لتكون حكماً على هذا الراوي ، ما لم يكن فيها إشكال ، فإن كان فيها إشكال فإني أوضحه .(1/5)
5- الراوي المختلف فيه أسوق أقوال الأئمة النقاد في بيان حاله ، مبتدئاً بمن وثقه ، ثم المتوسط فيه ، ثم من ضعفه - في الغالب - وكثيراً ما أختم بعبارات الأئمة المفصلة لحاله ، كعبارة ابن عدي في الكامل ، ثم أنهي ترجمته بعبارة الذهبي في كتبه ، وابن حجر في التقريب ، فإن احتاج الأمر إلى تعقيب أو إتمام ذكرته بعد عبارة الحافظ ابن حجر ليكون داخلاً في الحكم على هذا الراوي .
6- حرصت كثيراً على نقل نصوص الأئمة وعباراتهم من مصادرها الأصلية ، وربما وجدت فيها ما يختلف عما في المراجع الفرعية كالتهذيبين، فأعتمد ما في المصادر الأصلية، إلا أن يكون هناك سبب يستدعي اعتماد ما في المصادر الفرعية وتقديمه على ما في المصادر الأصلية .
7- أذكر المصادر بعد نهاية كل ترجمة ، مرتباً لها على تاريخ وفيات مصنفيها ، إلا الكتب الستة المشهورة فإني أقدمها على غيرها .
8- إذا تكرر الراوي مرة أخرى ، فإني أحيل على الموطن الذي سبقت فيه ترجمته ، وأذكر بيان حاله مختصراً ، وفي الغالب يكون ذلك بعبارة ابن حجر في التقريب ، ما لم يكن سبق عليها اعتراض أو إضافة، فإن كان كذلك فأذكر النتيجة التي توصلت إليها باختصار.
ثالثاً : الطريقة المتبعة في التخريج :
1- جعلت عنواناً لكل مسألة أسوق فيه تخريج الحديث من جميع وجوهه المندرجة تحت ما ذكره المؤلف في المسألة .(1/6)
2- اعتمدت طريقة التخريج على المتابعات مقدماً المتابعة التامة على المتابعة القاصرة ، بانياً هذه المتابعات على الأسانيد التي يذكرها المؤلف ، مبتدئاً بأول إسناد يذكره ، ثم الثاني ، ثم الثالث وهكذا ، فإن كانت هذه الطرق كلها دون المدار الذي يعود إليه الحديث ذكرت بعد ذلك الطرق الأخرى عن المدار على حسب المتابعات - أيضاً - ، وأكتفي عند سياق المتابعة على ذكر المتابع ، دون ذكر من دونه من الرواة الواردين عند المخرجين ، إلا أن تدعو الحاجة إلى ذكر شيء من ذلك فأذكره ، وفي نهاية كل متابعة أذكر ما وقع فيها من اتفاق واختلاف سواء في الإسناد أو في المتن .
3- أستوعب في التخريج جميع الطرق التي يذكرها المؤلف بمتابعاتها ، سواء اتفقت أو اختلفت ، كما أزيد على ذلك جميع الطرق التي تعود إلى أصل هذا الحديث ، ولو تعددت ، وربما اختصرت الكلام في بعض الطرق المشهورة إذا كانت بعيدة عن موطن الاختلاف ولم يكن لتفصيلها حاجة، كما في المسألة رقم: 18، وأما الطرق التي لا علاقة لها بأصل الحديث ، بل هي أحاديث أخرى مستقلة فإني أذكر ما أحتاج إليه منها في الحكم على الحديث .
4- أجعل قبل كل متابعة نجمة - ، إشارة إلى ابتداء المتابعة ، وأذكر بعدها كلمة : " أخرجه " ، ثم لا أذكر هذه الكلمة في المتابعة نفسها مرة أخرى إلا لموجب .
5- أحاول جهدي أن أضم الطرق بعضها إلى بعض ما دامت المتابعة واحدة ، ولو كثرت الطرق ، فإن استدعى الأمر تفريق ذلك لتوضيح إشكال ، أو كشف غموض ونحو ذلك فإني أفرقها ، وغالباً ما يكون ذلك في المتابعات التي في طبقة التابعين ، كما في المسألة رقم : 123 .(1/7)
6- إذا ذكر المصنف المسألة في أكثر من موطن فإني أراعي ذلك في التخريج ، وأبحث عن الأنسب ، فإن كان جمع التخريج في الموطن الأول ممكناً ومناسباً فأفعل ذلك كما في المسألة رقم : 5 ، حيث تكررت برقم : 23 ، وأحيل في الموطن الثاني على الأول ، وإن كان ذكره في موطن واحد غير ممكن ، أو كان الأنسب والأوضح تفريق التخريج فإني أفعل ذلك ، فأخرج في كل موطن ما يتعلق بالطريق المذكورة فيه ، وأحيل في كل موطنٍ على الآخر لتكتمل الصورة للقارئ ، كما في المسألة رقم :44 مع رقم : 50 ، وقد سبق ذكر المسائل التي كررها المؤلف فيمكن مراجعتها .
7- إذا دخل مصنف متأخر على مصنف متقدم فلا ألتزم بيان ذلك إذا كان خالياً من الفائدة التي تستدعي البيان ، بل ربما بينت ذلك وربما لم أبينه لأجل الاختصار ، أما إذا ترتب على ذلك فائدة تستدعي ذكره فأذكره وأبينه .
وذلك أن التزام بيان ذلك يوقع في إرباك يستدعي التطويل ، وزيادة الكلام لأجل إيضاحه ، دون أن تكون الحاجة مستدعية لهذا التطويل .
8- أتجاوز كثيراً عن المصادر النازلة والمتأخرة جداً عن عصر الرواية كمؤلفات القرن السادس والسابع وربما الخامس - أيضاً - ، اكتفاءً بأصولها وهي المصادر العالية ، إلا أن يكون في هذه المصادر النازلة فائدة كإسناد جديد ، أو نقل عن مصدر ليس بيدي ، كالمصادر المفقودة ونحوها ، أو يكون لمؤلفه كلام مهم في نقد الحديث أو توجيهه ، أو يكون له شرط في كتابه كالضياء في كتابه المختارة ، ونحو ذلك ، وربما ذكرت بعض هذه المصادر على سبيل التبع ، ولكن الغالب عدم ذكرها .
9- إذا كان في المسألة أكثر من حديث فإني أبين ذلك في التخريج ، وأجعل عنواناً توضيحياً لتخريج كل حديث ، كما في المسألة رقم : 87 .(1/8)
10- التصحيف الواقع في الكتب الأخرى المحال عليها في التخريج أمر لا يمكن تجاهله ولا التغاضي عنه ، ولكن التنبيه على ذلك في كل موطن غير ممكن لكثرة ذلك ، ولما في فعله من التطويل والخروج عن الهدف الأصلي من هذا العمل ، ثم منه جملة كثيرة ظاهرة لكل قارئ ، وإنما أبين من ذلك ما كان فيه غموض واستدعى الأمر بيانه .
رابعاً : الطريقة المتبعة في الحكم على الحديث :
1- أجعل عنوانا للحكم عليه ، أذكر فيه خلاصة الكلام في المسألة .
2- أبتدئ ذلك بذكر المدار الذي ذكر شيخ المؤلف أو تبين من التخريج أن الاختلاف عليه ، ثم أذكر أوجه الاختلاف جميعها ، سواء ما ذكر في المسألة أو ما وقفت عليه في التخريج بأسلوب مفصل ليكون أوضح للقارئ - هذا إذا كان في الحديث اختلاف - .
أما إذا لم يكن فيه اختلاف فإني أذكر ما قاله شيخ المؤلف ، ثم أشرع في تفصيل ذلك وبيانه .
3- أُبرز رأي المؤلف وشيخه أو شيخيه في المسألة ، ثم أذكر من وافقهم من الأئمة على ذلك ، وأسوق ما توصلت إليه من الحجج في تأييد ذلك ، إلا أن يكون الأمر في غاية الظهور فإني لا أطيل بذلك بل أذكر أنه أمر ظاهر .
4- إن كان في المسألة رأي آخر لأئمة آخرين فإني أذكره ، وأوازن بينه وبين الرأي الأول ، وأسوق ما استطعت من الحجج لكل رأي ، فإن كان لي ميل إلى أحد القولين ذكرته مع ذكر الحجة عليه .
5- إذا كان في المسألة وجهان أو أكثر ، فبعد أن أبين الوجه المحفوظ من ذلك أحكم عليه بما يقتضيه حاله من صحة وضعف ، وأعتمد النقل في ذلك عن الأئمة كثيراً ، فإن كان مما يجري فيه الاختلاف أو محتملاً لأكثر من رأي ذكرت ذلك كله بحججه ونسبت ذلك إلى قائله من الأئمة .(1/9)
6- أحرص كثيراً على نقل كلام أئمة النقد المتقدمين ، سواء في الموازنة عند الاختلاف، أو في الحكم على الحديث ، ولا أكاد أغفل شيئاً من كلامهم إذا وقفت عليه، أما المتأخرون فلا أحرص كثيراً على نقل كلامهم ، خصوصاً إذا كان في حكم على الإسناد بمفرده ، دون النظر في الاختلاف ، فإن نقل ذلك مُرْبك للدراسة ، فإنها قائمة في هذا الكتاب على النظر في الاختلاف ، ثم هو بعد ذلك يستلزم بيان ما عليه من تعقب ، وهذا شيء يطول .
7- أراعي في الحكم عليه ما سبقت الإشارة إليه في التخريج وهو المسائل المتكررة في أكثر من موطن ، فإن كان التخريج مجموعاً في موطن واحد فأنهي الحكم في هذا الموطن ، وإن كان مفرقاً في أكثر من موطن فإني أفرق الحكم عليه تبعاً لتفريق التخريج ، وأحيل في كل موطن على الموطن الآخر .
8- بعد الحكم على الإسناد المحفوظ للحديث فإن كان صحيحاً اكتفيت بذلك ، وإلا فإني أنظر في الشواهد ، فإن كان له شواهد صحيحة في الصحيحين أو أحدهما فإني أذكر ذلك مكتفياً بالعزو إلى الصحيحين أو أحدهما ، وأما إن كان في غيرهما فإني أخرجه ، وأتكلم على إسناده ، وأبين حاله من الصحة وعدمها ، فما صح من ذلك اكتفيت به ، وإلا فربما درست عامة ما جاء في الباب لأخرج بنتيجة نهائية في الحكم على ما جاء في ذلك المعني كما في المسألة رقم : 28 ، ورقم : 52 ، ورقم : 113 وغيرها .
وإذا كان شاهد الحديث قد سبق أو سيأتي فإني أشير إلى ذلك ، وأذكر الحكم عليه باختصار لأجل إظهار النتيجة النهائية على ذلك المتن .(1/10)
1/787- قال أبو محمد :(1)(2)سألت أبا زرعة عن حديثٍ رواه معاوية بن عبد الله الزبيري ، عن عائشة ابنة الزبير ، عن هشام بن عروة ، عن موسى بن عقبة ، عن عطاء ابن يسار ، عن السائب بن خلاَّد ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم(3)فأخفه ، وعليه لعنة الله ... الحديث "قال أبو زرعة : روى هذا الحديث الليث بن سعد(4)، عن هشام بن عروة ، عن موسى بن عقبة ، عن عطاء بن يسار ، عن عبادة بن الصامت ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قلت لأبي زرعة : أيهما الصحيح ؟ قال حديث عائشة ابنة الزبير أصح ، لأن الناس قد رووه عن السائب بن خلاَّد ، فسألت أبا زرعة : ما حال معاوية بن عبد الله هذا ؟ قال : لا بأس به . كتبنا عنه بالبصرة ، أخرج إلينا جزءاً عن عائشة فانتخبت منه أحاديث(5)غرائب ، وتركت المشاهير ، قلت : ما حال عائشة ؟ هل روى عنها أحد سوى معاوية ؟ قال : نعم حدثنا عنها المدنيون(6).
دراسة الرواة :
* معاوية بن عبد الله بن معاوية الزبيري ، من ذرية الزبير بن العوام - رضي الله عنه - القرشي ، الأسدي ، روى عن : عائشة بنت الزبير ، وسلام بن سليمان أبي المنذر المزني، وعنه : أبو زرعة الرازي، والحسن بن سفيان، وعبد الله بن أحمد وغيرهم.
قال أبو زرعة : لا بأس به كتبنا عنه بالبصرة . وذكره ابن حبان في الثقات .
__________
(1) قوله :" قال أبو محمد " ليس في ( س ، ح ، ض ) .
(2) في ( س ، ح ، ض ) تعطف كل مسألة على التي قبلها بالواو ، وقد حذفت هذه الواو في جميع المواطن ، مكتفياً بالتنبيه على ذلك في هذا الموطن .
(3) في ( س ، ح ) :" فأخافهم ".
(4) في ( ض ) :" سعيد " . وهو تصحيف .
(5) في ( ح ، م ) :" أحاديثاً ". وهو لحن ، لأن هذه الكلمة ممنوعة من الصرف .
(6) أورد ابن أبي حاتم هذه المسألة مرة ثانية في الفضائل 2/363 ح2605 .(1/1)
الجرح والتعديل 8/387 ، ثقات ابن حبان 9/167 ، تعجيل المنفعة ص406 .
* عائشة بنت الزبير بن هشام بن عروة القرشية ، الأسدية ، الزبيرية ، ذكرها ابن حبان في الثقات ، وقال : روى عنها معاوية بن عبد الله الزبيري . وقد قال أبو زرعة : حدثنا عنها المدنيون .
الثقات 7/307 .
* هشام بن عروة بن الزبير القرشي ، الأسدي ، أبو المنذر ، وقيل : أبو عبد الله المدني ، ( 61-146 ) رأى جمعاً من الصحابة ، وروى عن : أبيه ، وعمه عبد الله، والزهري وغيرهم ، وعنه : مالك ، وشعبة ، والثوري وغيرهم .
وثقه الأئمة ، كابن سعد ، ويعقوب ، والعجلي ، وأبي حاتم الرازي وغيرهم .
قال في التقريب : [ ثقة فقيه ، ربما دلس ] .
طبقات ابن سعد ( القسم المتمم لتابعي أهل المدينة ص230 ) ، ثقات العجلي ص 459 ، الجرح والتعديل 9/63 ، تهذيب الكمال 30/232 ، تهذيب التهذيب 4/275 ، التقريب 7302 ، طبقات المدلسين لابن حجر ص41 ، أسماء المدلسين للسيوطي ص106 .
* موسى بن عقبة بن أبي عياش القرشي ، الأسدي ، مولاهم ، أبو محمد المدني مات سنة 141 ، وقيل بعدها ، أدرك ابن عمر وغيره من الصحابة ، وروى : عن أم خالد بنت خالد بن سعيد - ولها صحبة - ، وحمزة ، وسالم ابني عبد الله بن عمر وغيرهم ، وعنه: بكير بن الأشج ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، ومالك وغيرهم.
ثقة ، وثقه مالك ، وابن سعد ، وابن معين ، وأحمد وغيرهم ، وأثنى مالك وغيره على مغازيه .
قال ابن حجر : [ ثقة فقيه ، إمام في المغازي ] .
طبقات ابن سعد ( القسم المتمم لتابعي أهل المدينة ص340 )، تاريخ الدوري 2/594، العلل ومعرفة الرجال 2/19و477 ، تهذيب الكمال 29/115 ، تهذيب التهذيب 4/183 ، التقريب 6992 .(1/2)
* عطاء بن يسار الهلالي ، مولاهم ، أبو محمد المدني القاضي ، مولى ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - مات سنة 93 أو 94 ، وقيل بعد ذلك ، روى عن جماعة من الصحابة منهم : أبي بن كعب ، وعبادة بن الصامت، والسائب بن خلاد ، وعنه: زيد بن أسلم ، وعمرو ابن دينار وغيرهما .
متفق على توثيقه وجلالته .
قال ابن حجر في التقريب : [ ثقة فاضل ، صاحب مواعظ وعبادة ] .
طبقات ابن سعد 5/173 ، التاريخ الكبير 6/461 ، الجرح والتعديل 6/338 ، تهذيب الكمال 20/125 ، تهذيب التهذيب 3/110 ، التقريب 4605 .
* السائب بن خلاد بن سويد الأنصاري ، الخزرجي ، أبو سهلة المدني ، له صحبة . وقيل شهد بدراً ، روى عنه : ابنه خلاد ، وعطاء بن يسار وغيرهما ، مات سنة 71 .
وقيل : هما اثنان فالذي روى عنه عطاء بن يسار حديث الباب هو المذكور ، وأما الذي روى عنه ابنه خلاد فهو : السائب بن خلاد الجهني ، وعكس ذلك ابن عبد البر ، ولعله وهم في ذلك ، فقد جاء منسوباً إلى بني الخزرج في بعض طرق هذا الحديث .
وبعضهم يذكر لكل منهما ابنا اسمه خلاد .
فممن فرق بينهما البخاري ، وأبو نعيم الأصبهاني ، وابن عبد البر ، وابن الأثير ، وابن حجر وغيرهم .
وممن لم يفرق بينهما ابن أبي حاتم ذكر عن أبيه أنه الجهني الأنصاري ، وكذا لم يفرقهما غير واحد ممن ألف في مسانيد الصحابة كأحمد ، وابن أبي شيبة وغيرهما, فالله أعلم .
التاريخ الكبير 4/150-151 ، الجرح والتعديل 4/240 ، معرفة الصحابة لأبي نعيم 3/1371و1372 ، الاستيعاب 2/103و104 ، أسد الغابة 2/266و267 ، تهذيب الكمال 10/186 ، تهذيب التهذيب 1/682 ، الإصابة 2/10 ، التقريب 2196 .
* الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي ، وقيل : مولاهم ، أبو الحارث المصري (94-175 ) روى عن : نافع مولى ابن عمر ، والزهري ، وهشام بن عروة وغيرهم ، وعنه : ابن وهب ، وابن المبارك وغيرهما .
متفق على جلالته وإمامته وحفظه وإتقانه .(1/3)
قال ابن حجر في التقريب :[ ثقة فقيه إمام مشهور ] .
طبقات ابن سعد 7/517 ، طبقات خليفة ص296 ، تهذيب الكمال 24/255 ، تهذيب التهذيب 3/481 ، التقريب 5684 ، الرحمة الغيثية بالترجمة الليثية لابن حجر .
* عبادة بن الصامت بن قيس الأنصاري ، الخزرجي ، أبو الوليد المدني ، صحابي جليل مشهور ، وهو أحد النقباء ، وشهد المشاهد كلها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - مات سنة 34 ، روى عنه : أنس بن مالك ، ومحمود بن الربيع ، وعطاء بن يسار وغيرهم .
معرفة الصحابة لأبي نعيم 4/1919، تهذيب الكمال 14/183 ، الإصابة 2/268 ، التقريب 3157 .
التخريج :
- أخرجه ابن حبان في الثقات 9/168 ، عن الحسن بن سفيان ،
والطبراني في الكبير 7/17 ح6636 - وعنه أبو نعيم في معرفة الصحابة 3/1375 ح3472 - عن عبد الله بن أحمد ،
والطبراني في الكبير 7/17 ح6636 ، عن الحسين بن إسحاق التستري ،
ثلاثتهم ( الحسن بن سفيان ، وعبد الله بن أحمد ، والحسين بن إسحاق ) عن معاوية ابن عبد الله الزبيري به ، وتتمة لفظ الحديث " فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً "(1)هذا لفظ الطبراني ، ولم يسق ابن حبان ، ولا أبو نعيم لفظه ، ووقع في رواية الطبراني ، وأبي نعيم : عائشة بنت المنذر(2)،
وعلقه الدارقطني في العلل 4/ الورقة 79 ، عن معاوية الزبيري به ،
- وأخرجه الطبراني في الأوسط 4/57 ح3589 - ومن طريقه الضياء في المختارة 8/330 ح401 - من طريق يحيى بن بكير ،
والضياء في المختارة 8/330 ح401 ، من طريق عيسى بن حماد " زُغْبة " ،
كلاهما عن الليث بن سعد به بنحوه ،
وعلقه البخاري في التاريخ الكبير 3/186 ، عن الليث بن سعد به .
__________
(1) سوف تكون الإحالة في بقية المصادر على الحديث بتمامه .
(2) ولعله خطأ من الناسخ أو من الطباعة . والصواب : عائشة بنت الزبير .(1/4)
- وأخرجه الدارقطني في العلل 4/ الورقة 79 - معلقاً - عن ابن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة به، لكن جعله: عن هشام ، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله.
- وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 3/75 ، عن سليمان بن حرب ، والنسائي في الكبرى(1)2/483 ح4265، والدولابي في الكنى والأسماء 1/128 ح454 ، عن يحيى ابن حبيب بن عربي ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 2/962 ح2483 ، عن محمد بن عبيد ، ومعلقاً - في الموضع نفسه - عن محمد بن الفضل السدوسي " عارم "، أربعتهم ( سليمان ، ويحيى ، ومحمد بن عبيد ، وعارم ) عن حماد بن زيد ،
وأحمد 4/55 ح16559، وإبراهيم الحربي في الغريب 2/834 ، والطبراني في الكبير 7/169 ح6631 ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 3/1373 ح3466 ، من طريق حماد بن سلمة ،
وأحمد 4/56 ح16562، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة 3/184 ح1104 من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث ، عن أبيه ،
وأبو نعيم في المعرفة 3/1373 - معلقاً - عن عمرو بن عاصم ، وعباس بن الفضل، عن همام بن يحيى العوذي ،
__________
(1) جاء في رواية النسائي في الكبرى : عن يحيى بن حبيب بن عربي ، عن حماد ، هكذا غير منسوب ، وهكذا ذكره المزي في تحفة الأشراف 3/255 ، غير أن محقق التحفة أقحم كلمة : ( ابن سلمة )، وجعلها بين قوسين، إشارة إلى أنه زيادة اجتهادية من المحقق ، وما فعله المحقق غير سديد ، فإن حماداً هنا ، هو حماد بن زيد ، كما جاء منسوباً في رواية الدولابي المذكورة ، من الطريق نفسه ، ثم إن يحيى بن حبيب لم يدرك حماد بن سلمة فوفاة حماد بن سلمة سنة 167 ، ووفاة يحيى بن حبيب سنة 248 أو نحوها ، فلكي يدرك حماد بن سلمة ويروي عنه يجب أن يزيد عمره على التسعين ، وقد ذكر المزي يحيى بن حبيب في تلاميذ حماد بن زيد ، ولم يذكره في تلاميذ حماد بن سلمة ، وقد نص على أن عامة من ذكر في تلاميذ أحدهما دون الآخر ، فهو ممن أخذ عنه وحده . ( تهذيب الكمال 31/262 و 7/269 ) .(1/5)
أربعتهم ( الحمادان ، وعبد الوارث ، وهمام ) عن يحيى بن سعيد الأنصاري ،
والبخاري في التاريخ الكبير 1/117 ، والدولابي في الكنى والأسماء 1/274 ح967 ، من طريق محمد بن صالح بن قيس بن الأزرق المدني ،
كلاهما ( يحيى بن سعيد ، ومحمد بن صالح ) عن مسلم بن أبي مريم ،
وإسماعيل بن جعفر في حديثه ( رواية علي بن حجر ) ص386 ح332 ، - ومن طريق إسماعيل: النسائي في الكبرى 2/483 ح4266 ، وأحمد 4/56 ح16565، والطبراني في الكبير 7/170 ح6634، وأبو نعيم في المعرفة 3/1375 ح 3471 ، وفي الحلية 1/372 - ،
وأحمد 4/55 ح16557، والحارث بن أسامة ( بغية الباحث ص131 ح392 ) ، والطبراني في الكبير 7/170 ح6635 ، من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض الليثي ،
والطبراني في الكبير 7/170 ح6633 ، من طريق الحميدي ، عن عبد العزيز بن أبي حازم .
ثلاثتهم ( إسماعيل ، وأبو ضمرة ، وابن أبي حازم ) عن يزيد بن خصيفة(1)،
وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 4/171 ح2152 ، من طريق عبد العزيز ابن محمد الدراوردي ،
وأبو الفضل الزهري في حديثه 2/483 ح4266 ، من طريق إبراهيم بن صرمة ،
ثلاثتهم ( يزيد ، والدراوردي ، وإبراهيم ) عن ابن أبي صعصعة ،
__________
(1) وقع في طريق الحميدي ، عن عبد العزيز بن أبي حازم ، عند الطبراني هكذا : عن يزيد - وهو ابن الهاد - ...، وقد ذكر المزي رواية الحميدي هذه في تحفة الأشراف 3/256 وذكر أنه يزيد بن خصيفة ، ولعل ما ذكره المزي أصح ، ويؤيده أن رواية ابن الهاد إنما هي عن أبي بكر بن المنكدر - وستأتي - ولعل هذا هو سبب الوهم ، حيث إن طريق ابن الهاد ، عن ابن المنكدر سبق قبل هذا الطريق عند الطبراني، بالإسناد نفسه إلى عبد العزيز ابن أبي حازم ، والله أعلم .(1/6)
والدولابي في الكنى والأسماء 1/248 ح865 ، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة 3/183 ح1103 ، والطبراني في الكبير 7/169 ح6632، وابن قانع في معجم الصحابة 1/299 ، وأبو الفضل الزهري في حديثه 2/623 ح680 ، وأبو نعيم في المعرفة 2/932 ح2484 و 3/1374 ح3467 و3/1375 ح3470 من طريق أبي بكر ابن المنكدر التيمي ،
ثلاثتهم ( مسلم بن مريم ، وابن أبي صعصعة ، وأبو بكر بن المنكدر ) عن عطاء بن يسار به بمعناه ، مختصراً عند بعضهم ، غير أنه انقلب اسم صحابيه في رواية سليمان بن حرب ، ومحمد بن عبيد ، عن حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد، عن مسلم بن أبي مريم ، وجاء على الشك في رواية عارم ، عن حماد بن زيد : خلاد بن السائب أو السائب بن خلاد ،
وجعله همام في روايته عن يحيى بن سعيد، عن مسلم بن أبي مريم من حديث عطاء، عن عبد الله بن عمرو بن العاص .
وجعله محمد بن صالح المدني في روايته : عن مسلم بن أبي مريم ، عن علي بن عبد الرحمن المعاوي ، عن جابر بن عبد الله .
واختلف الرواة عن ابن أبي صعصعة في اسمه ، فَسُمِّي : عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ، وذلك في رواية إسماعيل بن جعفر ، عن يزيد بن خصيفة - عند غير الطبراني ، وأبي نعيم في المعرفة - ورواية الدراوردي ، وإبراهيم بن صرمة ، وَسُمِّي : عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ، في رواية أبي ضمرة ، وعبد العزيز ابن أبي حازم، عن يزيد بن خصيفة، وكذا في رواية إسماعيل بن جعفر عند الطبراني ، وأبي نعيم في المعرفة ،
وأسقطه في رواية أبي ضمرة عند الطبراني فقط .
- وأخرجه ابن أبي شيبة في مسنده 2/349 ح854 ، والطبراني في الكبير 7/170 ح6637 ، من طريق موسى بن عبيدة ، عن عبد الله بن دينار ، عن خالد بن خلاد بن السائب ، عن أبيه ، عن جده به بمعناه مختصراً .
الحكم عليه :(1/7)
ذكر أبو زرعة الاختلاف في هذا الحديث على هشام بن عروة ، وقد تبين من التخريج السابق أنه قد روي عنه على ثلاثة أوجه :
الوجه الأول : عن هشام بن عروة ، عن موسى بن عقبة، عن عطاء بن يسارٍ، عن السائب بن خلاد ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذه رواية عائشة بنت الزبير .
الوجه الثاني : عن هشام بن عروة ، عن موسى بن عقبة ، عن عطاء بن يسارٍ، عن عبادة بن الصامت ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذه رواية الليث بن سعد .
الوجه الثالث : عن هشام بن عروة ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذه رواية ابن أبي الزناد .
وقد حكم أبو زرعة في هذا الحديث لعائشة بنت الزبير على الليث بن سعد ، وأيَّد هذا الحكم بأن الناس قد رووه عن السائب بن خلاد ، فليس هذا الحكم مبنياً على الموازنة بين الليث ، وعائشة ، إذ الموازنة هنا بعيدة لجلالة الليث وإمامته وشهرته بخلاف عائشة ، ولكن هذا الحكم مبني على أن الليث لم يرد لروايته أي متابعة في جعل الحديث من مسند عبادة بن الصامت ، ولذا قال الطبراني بعد سياقه : لم يرو هذا الحديث عن موسى بن عقبة إلا هشام، تفرد به الليث بن سعد. وهذا بخلاف حديث عائشة بنت الزبير الذي جاءت له متابعات متعددة ، ولذا قال أبو زرعة : حديث عائشة ابنة الزبير أصح ، لأن الناس قد رووه عن السائب بن خلاد .(1/8)
وكذا حكم الدارقطني لعائشة على ابن أبي الزناد ، والذي جعله عن هشام عن محمد ابن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، حيث قال الدارقطني بعد سياق الوجهين : وهذا أصح . يعني حديث معاوية الزبيري ، عن عائشة بنت الزبير ، ولم يبين الدارقطني سبب الترجيح ، ولكن يؤيد ما ذكره الدارقطني أن ابن أبي الزناد هذا هو: عبد الرحمن بن أبي الزناد المدني ، وقد ضعفه غير واحد ، منهم ابن معين ، وقال أحمد : مضطرب الحديث. ونص ابن المديني ، وعمرو بن علي الفلاس ، والساجي وغيرهم على أن في حديثه في العراق نظراً ، ولذا قال ابن حجر : صدوق تغير حفظه ببغداد ، وكان فقيهاً . ( تهذيب الكمال 17/95 ، التقريب 3861 ) فلعل هذا مما حدث به ببغداد ، أو حصل له فيه وهم .
ولا يعترض على هذا بما رواه أبو داود، عن ابن معين أنه قال في ابن أبي الزناد: إنه أثبت الناس في هشام بن عروة . لاختلاف كلام ابن معين فيه ، فمرة ضعفه مطلقاً ، وهذا من رواية المفضل الغلابي ، ومعاوية بن صالح وغيرهما، ومرة قال: ليس ممن يحتج به أصحاب الحديث ، ليس بشيء. وهذا من رواية ابن محرز ( تاريخ ابن محرز ص73 ، تاريخ بغداد 10/228 ، تهذيب الكمال 17/98 ) .
ثم إنه طريق فرد لم يتابع عليه ابن أبي الزناد ، ولم ترد له متابعات ثابتة تقويه، فشأنه شأن حديث الليث بن سعد ، على أنه طريق معلق عند الدارقطني ، لم أقف على من وصله .
وبعد أن تبين أن أصح الوجوه عن هشام بن عروة رواية عائشة بنت الزبير ، عن هشام ابن عروة، عن موسى بن عقبة ، عن عطاء بن يسارٍ، عن السائب بن خلاد، وأن سبب هذا الترجيح هو وجود المتابعات لهذا الوجه ، فهذا وقت بيانها ، حيث تابع موسى بن عقبة في روايته عن عطاء بن يسار ، عن السائب بن خلاد ثلاثة وهم :(1/9)
1- مسلم بن أبي مريم المدني الأنصاري ، مولاهم ، وهو ثقة ، وثقه ابن معين وأبو داود ، والنسائي وغيرهم ( تهذيب الكمال 27/541 ، التقريب 6647 ) ، إلا أنه وقع عليه اختلاف ، حيث رواه يحيى بن سعيد عنه ، عن موسى بن عقبة ، عن عطاء بن يسارٍ ، عن السائب بن خلاد ، وخالفه محمد بن صالح المدني ، فرواه عن مسلم بن أبي مريم ، عن علي بن عبد الرحمن المعاوي، عن جابر بن عبد الله، وقد ترجم البخاري لمحمد هذا، وساق هذا الحديث في ترجمته ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وقد ذكره ابن حبان في الثقات . وفي المجروحين - أيضاً -، وقال : يروي المناكير عن المشاهير ، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد . وقال أبو حاتم الرازي : شيخ . وقال ابن حجر : مقبول . ( الجرح والتعديل 7/287 ، الثقات 7/385 ، المجروحين 2/260 ، تهذيب الكمال 25/383 ، التقريب 5964 ) ، وهو هنا قد تفرد بهذا الطريق ، وخالف من هو أحفظ منه وأتقن ، وهو يحيى ابن سعيد الأنصاري الثقة الثبت ( التقريب 7559 ) ولذا فالمحفوظ رواية يحيى بن سعيد ، عن مسلم بن أبي مريم ، عن عطاء بن يسار ، عن السائب بن خلاد .
ولكن قد وقع على يحيى بن سعيد فيه اختلاف - أيضاً - ، حيث رواه الجماعة ، وهم : حماد بن زيد ، وحماد بن سلمة ، وعبد الوارث بن سعيد ، عن يحيى بن سعيد على هذا الوجه ، وخالفهم همام بن يحيى ، فرواه عن يحيى بن سعيد ، عن مسلم بن أبي مريم ، عن عطاء ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، ورواية الجماعة هي المحفوظة عن يحيى بن سعيد ، ورواية همام ضعيفة لأمرين :(1/10)
أولهما : أن الراوي عن همام هو عمرو بن عاصم الكلابي ، أبو عثمان البصري ، وقد تكلم في حفظه ، ولذا قال ابن حجر: صدوق في حفظه شيء ( تهذيب الكمال 22/87 ، التقريب 5055 ) وقد تابعه من لا تغني متابعته شيئاً ، وهو عباس بن الفضل البصري ، أبو عثمان الأزرق ، قال البخاري وأبو حاتم : ذهب حديثه . وترك أبو زرعة حديثه . قال ابن حجر : ضعيف ... وقد كذبه ابن معين . ( تهذيب الكمال 14/243 ، التقريب 3186 ) .
وثانيهما : أنه لو ثبت هذا الحديث عن همام لكان شاذاً لمخالفته للجماعة من أصحاب يحيى بن سعيد ، وهمام مع ثقته له أوهام ( انظر ترجمته في تهذيب الكمال 30/302 ، والتقريب 7319 ) على أن رواية همام هذه مما علقه أبو نعيم ، ولم أقف عليها موصولة في مصدر آخر .
ولكن حماد بن زيد في روايته عن يحيى بن سعيد قد وقع عليه اختلاف في اسم " السائب بن خلاد " ، حيث سماه سليمان بن حرب ، ومحمد بن عبيد في روايتهما عن حماد بن زيد " خلاد بن السائب " ورواه عارم، عن حماد بن زيد على الشك: " السائب ابن خلاد أو خلاد بن السائب " ورواه يحيى بن حبيب بن عربي ، عن حماد بن زيد فسماه " السائب بن خلاد " كرواية الجماعة عن يحيى بن سعيد ، وبقية طرق الحديث ، فلعل حماد بن زيد وقع له فيه اشتباه وشك ، والمحفوظ رواية الجماعة " السائب بن خلاد " وقد أشار إلى هذا الاختلاف غير واحد كالبخاري ، وأبي نعيم الأصبهاني .
وبهذا يعلم ثبوت هذه المتابعة عن يحيى بن سعيد ، عن مسلم بن أبي مريم ، عن عطاء بن يسارٍ عن السائب بن خلاد .(1/11)
2- ابن أبي صعصعة ، وقد اختلف الرواة في اسمه - كما سبق في التخريج - والصحيح أنه عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ، إلا أن بعض الرواة يغلط في اسمه ، وقد وقع هذا الغلط لبعض الأكابر ، كسفيان بن عيينة - في غير هذا الحديث - كما ذكر ذلك المزي ، وعبد الرحمن هذا ثقة ، وثقه أبو حاتم الرازي ، وابن حبان . ( انظر ترجمته في تهذيب الكمال 17/216، التقريب 3917 )، وقد رواه عنه : يزيد ابن خصيفة ، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي ، وإبراهيم بن صرمة، ورواه عن يزيد بن خصيفة : إسماعيل بن جعفر ، وأبو ضمرة أنس بن عياض الليثي ، وعبد العزيز بن أبي حازم ، وقد سقط من رواية أبي ضمرة عند الطبراني فقط ذكر ابن أبي صعصعة فإن لم يكن ذلك من الناسخ أو الطباعة فهو وهم .
3- أبو بكر بن المنكدر التيمي المدني ، وهو ثقة ، وثقه أبو داود وغيره ( تهذيب الكمال 33/143 ، التقريب 7989 ) ، وقد رواه عنه يزيد بن الهاد ويحيى بن سعيد الأنصاري .
فهؤلاء ثلاثة من الثقات ، وهم : مسلم بن أبي مريم ، وابن أبي صعصعة ، وأبو بكر بن المنكدر تابعوا موسى بن عقبة في روايته لهذا الحديث ، عن عطاء بن يسارٍ ، عن السائب بن خلاد ، وهذا معنى قول أبي زرعة : لأن الناس رووه عن السائب بن خلاد .
وقد توبع عطاء بن يسار على هذا الحديث - كما سبق في التخريج - إلا أنها متابعة لا تثبت فهي من طريق موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار، عن خالد بن خلاد بن السائب، عن أبيه ،عن جده ، وقد تفرد بهذا الطريق موسى بن عبيدة الرَّبذي ، أبو عبد العزيز المدني ، وهو ضعيف ، ولا سيما في عبد الله بن دينار ، نص على ذلك الإمام أحمد ، وابن معينٍ وغيرهما ، وذكرا أنه منكر الحديث ( تهذيب الكمال 29/104 ، التقريب 6989 ) .
وحديث عطاء بن يسارٍ ، عن السائب بن خلاد لا بأس بإسناده ، وقد جاء ما يقويه - أيضاً - فإن له شاهداً من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري ، وهذا تخريجه :-(1/12)
- أخرجه البخاري في التاريخ الكبير 1/53 و 4/35 و 7/404 و 8/287، وأحمد في المسند 3/354 ح14818 و3/393 ح15225 ، وفي فضائل الصحابة 2/794 ح1421 ، والطيالسي 3/316 ح1867 ، وابن أبي شيبة 6/406 ح32427 ، والحارث بن أسامة ( بغية الباحث ص131 ح391 ) ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 3/391 ح1816 و 4/70 ح2019 ، والبزار ( كشف الأستار 2/794 ح1421) ، وأبو يعلى في معجمه ص242 ح201، وابن حبان 9/55 ح3738 وفي الثقات 5/362 ، والطبراني في الأوسط 2/18 ح1089 و 5/274 ح5279، وابن النجار في الذيل 1/18 وغيرهم، من طرقٍ متعددة عن جابر بن عبد الله ولفظه في رواية البخاري الأولى " من أخاف الأنصار أخاف ما بين جنبي " وفي بعض ألفاظه قصة ، وطرقه يشد بعضها بعضاً ، وقد صححه ابن حبان .
وفي الباب أحاديث أخرى بغير هذا اللفظ ، ( انظر الأحاديث الواردة في فضائل المدينة ص233-255 ) والله أعلم .(1/13)
2/788- سألت أبي عن حديث رواه عمرو بن عبد الله النّصْرِي(1)- والد أبي زرعة(2)الدمشقي - عن الوليد ، عن صدقة بن يزيد ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن عبداً أصححت(3)جسمه وأوسعت عليه في الرزق ، يأتي عليه خمس سنين لا يَفِد(4)إليَّ محروم " قال أبي : هذا خطأ، إنما هو العلاء بن المسيب ، عن يونس بن خَبَّاب ، عن أبي سعيد ، مرسل مرفوع(5)(6).
دراسة الرواة :
* عمرو بن عبد الله النصري ، والد أبي زرعة الدمشقي ، لم أقف على بيان حاله .
__________
(1) في ( ط ) :" البصري " بالباء ، وهو تصحيف .
(2) أبو زرعة الدمشقي ، هو : عبد الرحمن بن عمرو بن عبد الله النصري ، - بالنون - ، ثقة حافظ مصنف ، وله التاريخ المشهور ، وهو شيخ الشام في وقته ، مات سنة 281 ( انظر : الجرح 5/267 ، تهذيب الكمال 17/301 ، التقريب 3965 ) .
(3) في ( ط ) :" صححت " بدون همزة . وفي ( ت ، ض ، م ) تحتمل الوجهين ، لوجود ألف واحدة يحتمل أن تكون همزة أصححت ، ويحتمل أن تكون ألف التنوين في قوله : عبداً . وهي واضحة جداً في ( س ، ح ) : " عبداً أصححت "، والوجهان صحيحان لغة ، لأن تعدية الفعل اللازم يجوز أن تكون بالهمزة ، ويجوز أن تكون بالتضعيف .
(4) من وَفَد يَفِدُ وفادة ، قال الأصمعي : إذا خرج إلى ملك أو أمير . والوفد هم القوم يجتمعون ويردون البلاد ، واحدهم وافد ( النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير 5/205 ، ولسان العرب لابن منظور 3/464 ) .
(5) كذا وقع :" مرسل مرفوع " بالرفع ، والأظهر النصب على أنه حال ، ويمكن أن يكون بالرفع على التقدير ، أي : وهو مرسل مرفوع . وهذا شيء يتكرر ، فلا حاجة للتنبيه عليه مرة أخرى .
(6) ستأتي هذه المسألة مرتين أخريين برقم 65/851 ، و83/869 .(1/1)
* الوليد بن مسلم القرشي ، مولاهم، أبو العباس الدمشقي ( 119- 195 )، روى عن : الأوزاعي ، وابن جريج ، وصدقة بن يزيد وغيرهم ، وعنه : هشام بن عمار ، وبقية بن الوليد ، وأحمد ، وابن المديني وغيرهم .
قال ابن سعد : كان ثقة كثير الحديث. ووثقة العجلي ، ويعقوب بن شيبة . وقال أبو حاتم : صالح الحديث . وقال أحمد : ما رأيت من الشاميين أعقل من الوليد بن مسلم . وقال - أيضاً -: كان رفاعاً . وقال : كان كثير الخطأ . وقال : اختلطت عليه أحاديث ما سمع ومالم يسمع . وقال أبو داود : إذا حدث عن الغرباء يخطئ . وقد وصفه بالتدليس غير واحد من الأئمة.
قال الذهبي: إذا قال الوليد عن ابن جريج ، أو عن الأوزاعي ، فليس بمعتمد، لأنه يدلس عن كذابين ، فإذا قال حدثنا ، فهو حجة .
ولخص الحافظ حاله بقوله : [ ثقة ، لكنه كثير التدليس والتسوية ] .
طبقات ابن سعد 7/470 ، علل أحمد رواية المروذي ص141 ، الثقات للعجلي ص466 ، الجرح والتعديل 9/16 ، تهذيب الكمال 31/86 ، الميزان 4/347 ،تهذيب التهذيب 4/325 ، التقريب 7456 ، طبقات المدلسين ص79 .
* صدقة بن يزيد الخراساني ، ثم الشامي ، مات سنة نيف وخمسين ومائة ، روى عن : العلاء بن عبد الرحمن ، وإبراهيم الصائغ ، وحماد بن أبي سليمان وغيرهم ، وعنه : الوليد بن مسلم ، وروَّاد بن الجراح وغيرهما .
وثقه أبو زرعة الدمشقي . وقال أبو حاتم : صالح ، وصدقة بن خالد أحب إلي منه . وقال ابن معين : صالح الحديث . وقال - أيضاً -: ليس به بأس . وذكره ابن شاهين في الثقات ، وقال : صالح الحديث . وقال يعقوب بن سفيان : حسن الحديث .(1/2)
وضعفه أحمد ، وضعف حديثه . وقال البخاري: منكر الحديث . وقال الجوزجاني: لين الحديث . وضعفه النسائي ، وابن معين ، وأبو حاتم - في رواية عنهما -. وقال ابن حبان : كان ممن يحدث عن الثقات بالأشياء المعضلات ، على قلة روايته ، لا يجوز الاشتغال بحديثه ولا الاحتجاج به. وذكر ابن عدي أنه إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق، وأن حديثه منه ما يتابع عليه ، ومنه مالا يتابع .
وجعله الذهبي في " المغني " و " الديوان " اثنين ، أحدهما يروي عن حماد بن أبي سليمان ، وقال فيه : ضعفوه ، والآخر يروي عن العلاء بن عبد الرحمن ، وذكر بعض ما قيل فيه في المغني ، واقتصر على عبارة ابن حبان في الديوان .
ولم أر هذا التفريق لأحدٍ قبل الذهبي ، بل إنه لم يفعل ذلك في " الميزان " ولا في " سير أعلام النبلاء ". فالله أعلم .
تاريخ الدوري4/418 ، سؤالات ابن الجنيد ص359 ، الضعفاء الكبير 2/206 ، أحوال الرجال ص159 ، سؤالات الآجري 2/211 ، الجر ح والتعديل 4/431 ، تاريخ أسماء الثقات لابن شاهين ص175 ، المجروحين 1/370 ، الكامل 4/78 ، تهذيب تاريخ دمشق 6/416 ، المغني 1/488 و 1/489 ، الميزان 2/313 ، ديوان الضعفاء والمتروكين 1/394 ، سير النبلاء 7/58 ، لسان الميزان 3/187 .
* العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الحُرَقي - بضم المهملة ، وفتح الراء ، بعدها قاف - مولاهم ، أبو شبل المدني ، مات سنة بضع وثلاثين ومائة . روى : عن أبيه ، وأنس بن مالك ، وابن عمر وغيرهم ، وعنه : ابن جريج ، ومالك ، والثوري وغيرهم . روى له الجماعة غير البخاري ، فلم يخرج له في الصحيح خاصة ، وتجنب مسلم ما أنكر عليه .
قال أحمد : ثقة ، لم أسمع أحداً ذكره بسوء . وقال الترمذي : هو ثقة عند أهل الحديث . وقال الواقدي :صحيفة العلاء بالمدينة مشهورة، وكان ثقة، كثير الحديث، ثبتاً. وقال العجلي : مدني ، تابعي ، ثقة . وذكره ابن حبان في الثقات.(1/3)
وقال النسائي : ليس به بأس . وقال أبو حاتم الرازي : صالح ، وذكر أنه عنده أشبه من العلاء بن المسيب . وقال أبو حاتم - أيضاً -: روى عنه الثقات ، أنا أُنكر من حديثه أشياء . وقال أبو زرعة : ليس هو بأقوى ما يكون . وقال ابن عدي : وللعلاء نسخ عن أبيه ، عن أبي هريرة يرويها عنه الثقات ، وما أرى به بأساً .
وقال ابن معين: ليس به بأس، قيل: هو أحب إليك أو سعيد المقبري ؟ فقال: سعيد أوثق ، والعلاء ضعيف . وقال - أيضاً -: مضطرب الحديث، ليس حديثه بحجة. وقال: ليس بذاك ، لم يزل الناس يتوقون حديثه .
لخص الذهبي حاله بقوله : صدوق .
وابن حجر بقوله : [ صدوق ربما وهم ] .
سنن الترمذي 1/74 ، طبقات ابن سعد ( القسم المتمم لتابعي أهل المدينة ص330 )، تاريخ الدارمي ص173 و 174، الضعفاء الكبير 3/341 ، ثقات العجلي ص343 ، الجرح والتعديل 6/357 ، الكامل 5/217، تهذيب الكمال 22/520 ، الديوان 2/165 ، تهذيب التهذيب 3/346 ، التقريب 5247 .
* عبد الرحمن بن يعقوب الجهني الحُرَقِي ، مولاهم ، المدني ، روى عن : أبي هريرة ، وأبي سعيد وغيرهما من الصحابة ، وعنه: ابنه عبد الرحمن ، ومحمد بن إبراهيم التيمي وغيرهما .
وثقه ابن المديني ، وذكره مع أصحاب أبي هريرة ، ولكن ليس من كبارهم . وقال العجلي: تابعي ثقة . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال النسائي : لا بأس به.
قال ابن حجر : [ ثقة ] .
ثقات العجلي ص301 ، التاريخ وأسماء المحدثين وكناهم لأبي بكر المقدمي ص154، الثقات لابن حبان 5/108 ، تهذيب الكمال 18/18 ، التقريب 4046 .
* أبو هريرة الدوسي ، اليماني ، ثم المدني ، الصحابي الجليل ، حافظ الأمة، اختلف في اسمه واسم أبيه اختلافاً عريضاً ، وأرجح ذلك : عبد الرحمن بن صخر ، ثم عمرو بن عامر ، روى عنه نحو من ثمانمائة من الصحابة ومن بعدهم ، مات سنة 57 ، وقيل 58 ، وقيل 59 .(1/4)
معرفة الصحابة لأبي نعيم 4/1846 ، تهذيب الكمال 34/366 ، الإصابة 4/202 ، تذكرة الحفاظ 1/32 ، التقريب 8426 .
* العلاء بن المسيب بن رافع الأسدي الكاهلي ، ويقال : الثَّعْلبي - بالثاء المثلثة والعين المهملة - الكوفي ، روى عن : أبيه ، وعطاء بن أبي رباح ، والحكم بن عتيبة وغيرهم ، وعنه : الثوري ، ومحمد بن فضيل ، وخلف بن خليفة وغيرهم .
وثقه ابن سعد ، وابن معين ، وابن عمار الموصلي وغيرهم . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال أبو حاتم : صالح الحديث .
وقال الحاكم : له أوهام في الإسناد والمتن. وقال الأزدي : في بعض حديثه نظر.
قال الذهبي في المغني : صدوق مشهور ، أخبرت عن بعض الحفاظ أنه يهم كثيراً ، وما أعلم هذا . وقال في الميزان : صدوق ، ثقة ، مشهور ، وقال بعض العلماء : كان يهم كثيراً ، وهذا قول لا يعبأ به ، فإن يحيى قال : ثقة مأمون .
وقال ابن حجر : [ ثقة ربما وهم ] .
طبقات ابن سعد 6/348 ، الجرح والتعديل 6/360، ثقات ابن حبان 7/263، تهذيب الكمال 22/541 ، المغني 2/71 ، الميزان 3/105 ، تهذيب التهذيب 3/349 ، التقريب 5258 .
* يونس بن خبَّاب - بمعجمة وموحدتين - الأسيِّدي، مولاهم، أبو حمزة، ويقال: أبو الجهم الكوفي ، روى عن : أبيه ، ونافع بن جبير ، ومجاهد وغيرهم، وعنه : منصور ابن المعتمر ، وشعبة ، والثوري وغيرهم .
قال ابن معين - في رواية - : كان ثقة ، وكان يشتم عثمان . وذكره ابن شاهين في الثقات ، وقال : قال عثمان - يعني ابن أبي شيبة - : ثقة صدوق .(1/5)
وذكره أيضاً في الضعفاء ، ونقل قول ابن معين : لا شيء . وقال أبو حاتم : مضطرب الحديث ، ليس بالقوي . وقال أبو داود : ليس في حديثه نكارة إلا أنه زاد في حديث عذاب القبر :" وعليٌّ وليي " . وقال أبو داود - أيضاً -: قد رأيت أحاديث شعبة عنه مستقيمة، وليس الرافضة كذلك . وقال النسائي: ليس بالقوي ، مختلف فيه . وقال مرة: ضعيف . وكذا ضعفه ابن معين - في رواية - . وقال أبو أحمد الحاكم : تركه يحيى ، وعبد الرحمن ، وأحسنا في ذلك ، لأنه كان يشتم عثمان ، ومن سب أحداً من الصحابة فهو أهل أن لا يروى عنه . وذكر ابن الجوزي أن القطان كذبه . وقال البخاري : منكر الحديث . وقد ذمه جماعة من الأئمة لغلوه في التشيع .
لخص الحافظ حاله بقوله : [ صدوق يخطئ ، ورمي بالرفض ] ، ولعله أنزل مما وصفه الحافظ ، والله أعلم .
تاريخ الدارمي ص226 ، سؤالات الآجري 1/244 ، الجرح والتعديل 9/238 ، تاريخ أسماء الثقات ص357 ، تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين ص199،الضعفاء لابن الجوزي 3/224 ، تهذيب الكمال 32/503 ، تهذيب التهذيب 4/468 ، التقريب 7903 .
* سعد بن مالك بن سنان ، أبو سعيد الخدري ، الخزرجي ، الأنصاري ، له ولأبيه صحبة، استصغر بأحد، وشهد ما بعدها، مات - على الصحيح - سنة 74.
طبقات خليفة بن خياط ص96 ، المعجم الكبير للطبراني 6/33، تهذيب الكمال 10/294 ، الإصابة 2/35 ، التقريب 2253 .
التخريج :
لم أقف عليه من حديث عمرو بن عبد الله النصري .(1/6)
- وأخرجه العقيلي 2/206 ، والفاكهي في أخبار مكة 1/437 ح953، وابن عدي 4/78، والبيهقي 5/262 ، وابن عساكر في تاريخ دمشق 24/38 ، من طرقٍ عن هشام ابن عمارٍ ، عن الوليد بن مسلمٍ به بنحوه ، إلا أنه قال في رواية الفاكهي " خمسة أعوام أو أربعة " وقال : عن هشام بن عمارٍ أو غيره. على الشك . وعلقه البخاري في التاريخ الكبير 4/295 عن الوليد بن مسلم ، كما علقه البيهقي في شعب الإيمان 8/74 عن العلاء بن عبد الرحمن ، ولكنه ذكر أنه موقوف .
- وأخرجه الدارقطني في العلل 11/310 - معلقاً - عن الأخنسي ، وهو محمد بن عمران ،
والبيهقي في شعب الإيمان 8/72 ح3837 من طريق علي بن المنذر ،
والخطيب في تاريخ بغداد 8/318 من طريق يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول الكاتب ، عن جده ،
ثلاثتهم ( الأخنسي ، وعلي بن المنذر ، وإسحاق بن البهلول ) عن محمد بن فضيل(1)ابن غزوان ، عن العلاء بن المسيب ، عن يونس بن خباب ، عن أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الله عز وجل بنحوه ، إلا أنه في رواية الأخنسي أدخل مجاهداً بين العلاء ، وأبي سعيد .
وعلقه ابن أبي حاتم في العلل ( كما سيأتي في المسألة رقم 83/869 ) ، عن العلاء بن المسيب به إلا أنه لم يرفعه .
- وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده ( المطالب العالية 2/12ح1161 ) - وعنه أبو يعلي 2/304 ح1031 - ،
وابن حبان 9/16 ح3703 ، من طريق قتيبة بن سعيد ،
وابن عدي 3/63 ، من طريق بشار بن موسى ،
والبيهقي في السنن الكبرى 5/262 ، من طريق سعيد بن منصور ،
والبيهقي في شعب الإيمان 8/72 ح3838 من طريق بشر بن الوليد ،
__________
(1) وقع في المطبوع من تاريخ بغداد : ابن نفيل ، وهو تصحيف . ووقع فيه - أيضاً -: يونس بن حباب ، وهو تصحيف - أيضاً - ، وقد جاء كل ذلك على الصواب في النسخة الخطية كما ذكر مؤلف زوائد تاريخ بغداد 6/375 .(1/7)
والخطيب 8/318 ، وابن الجوزي في العلل المتناهية 2/74 ح928 ، من طريق الحسن بن عرفة ،
وابن الجوزي في العلل المتناهية 2/75 ح929 ، من طريق محمد بن معاوية ،
سبعتهم ( ابن أبي شيبة ، وقتيبة ، وبشار ، وسعيد ، وبشر ، والحسن بن عرفة ، ومحمد بن معاوية ) عن خلف بن خليفة ،
وأحمد في العلل ومعرفة الرجال 2/23 ح1427 ،
وإسحاق الدبري في حديثه ( الورقة 173 كما في السلسلة الصحيحة للألباني 4/222 ) ،
والفاكهي في أخبار مكة 1/436 ح951 ، والطبراني في الأوسط 1/155 ح486 من طريق محمد بن أبي عمر ،
والبيهقي في شعب الإيمان 8/74 - معلقاً - عن محمد بن أبي رافع ،
أربعتهم (أحمد، والدبري، وابن أبي عمر، ومحمد بن رافع ) عن عبد الرزاق،
وهو في المصنف لعبد الرزاق 5/13 ح8826 ،
وأحمد في العلل ومعرفة الرجال 2/23 ح1427 عن وكيع بن الجراح ،
كلاهما ( عبد الرزاق ، ووكيع ) عن سفيان الثوري ،
كلاهما ( خلف ، والثوري ) عن العلاء بن المسيب ، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري به بنحوه ، إلا أنه قال في رواية عبد الرزاق ، عن الثوري " أربعة أعوام " ، ولكنه موقوف في رواية وكيع عن الثوري وكذا رواية أحمد ، ومحمد بن رافع ، وإسحاق الدبري التي في المصنف عن عبد الرزاق ، عن الثوري . ومرفوع في رواية ابن أبي عمر ، عن عبد الرزاق ، ورواية الدبري التي في حديثه فيما يظهر .
ولم يصرح وكيع باسم شيخ العلاء بل قال : عن العلاء ، عن رجل ، وجاء على الشك في رواية الدبري ، عن عبد الرزاق التي في المصنف والتي في حديثه : عن العلاء ، عن أبيه أو عن رجل ... .
وعلقه أبو حاتم (كما سيأتي في المسألة رقم 65/851 ورقم 83/869)، عن خلف بن خليفة، عن العلاء بن المسيب به ، قال أبو حاتم : ومنهم من يقفه .
وعلقه - أيضاً - ( كما سيأتي في المسألة رقم 83/869)، عن العلاء بن المسيب ، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً وموقوفاً .(1/8)
كما علقه الدارقطني في العلل 11/310 عن الثوري ، عن العلاء بن المسيب من قوله.
- وأخرجه أبو يعلى ( المطالب العالية 2/12 ح1162) ، من طريق المسعودي ، عن يونس بن خباب ، عن رجل ، عن خباب بن الأرت ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به بنحوه .
- وأخرجه الخطيب في الموضح 1/266 من طريق قيس بن الربيع ، عن عبَّاد بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به بمعناه ، لكنه قال : " ثلاث سنين " .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم أن رواية صدقة بن يزيد بجعله الحديث من حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه ، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : خطأ ، وذكر أيضاً أنها : وهم ، ( كما في المسألة رقم 65/851 ) وقال - أيضاً - هو وأبو زرعة : هذا عندنا منكر من حديث العلاء بن عبد الرحمن ، وهو من حديث العلاء بن المسيب أشبه ، ( كما في المسألة رقم 83/869 ) .
وقد وافق هذين الإمامين على استنكار رواية صدقة بن يزيد ، عن العلاء بن عبد الرحمن جماعة من الأئمة ، فقال البخاري - بعد سياقه -: منكر. وقال ابن عدي : وهذا عن العلاء منكر ، كما قال البخاري ، ولا أعلم يرويه عن العلاء غير صدقة، وإنما يروي هذا خلف بن خليفة، وهو مشهور، وروي عن الثوري - أيضاً -، عن العلاء بن المسيب ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلعل صدقة هذا قد سمع بذكر العلاء ، فظن أنه العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، وكان هذا الطريق أسهل عليه ، وإنما هو : العلاء بن المسيب ، عن أبيه ، عن أبي سعيد . وقال البيهقي: وإسناده ضعيف .(1/9)
وما ذكره هؤلاء الأئمة من استنكار هذا الحديث ، عن صدقة بن يزيد ، عن العلاء بن عبد الرحمن أمر ظاهر ، فإنه لم يروه عن العلاء بن عبد الرحمن غير صدقة بن يزيد ، وقد سبق كلام الأئمة فيه ، ومن ذلك قول ابن حبان : كان ممن يحدث عن الثقات بالأشياء المعضلات على قلة روايته ، لا يجوز الاشتغال بحديثه ، ولا الاحتجاج به .
وإذا تبين أن هذا الحديث لا يصح عن العلاء بن عبد الرحمن ، وإنما هو من حديث العلاء بن المسيب - كما ذكر أبو حاتم ، وأبو زرعة ، وابن عدي وغيرهم - فقد اختلف فيه على العلاء بن المسيب ، ومحصل هذا الاختلاف في ستة أوجه هذا بيانها :
الوجه الأول : عن العلاء بن المسيب، عن يونس بن خباب، عن أبي سعيد مرفوعاً، وهذه رواية محمد بن فضيل - فيما رواه عنه : علي بن المنذر ، وإسحاق بن البهلول - .
وقد علقه ابن أبي حاتم عن العلاء بن المسيب على هذا الوجه ولكن جعله موقوفاً ، ولم أقف عليه - كما سبق - .
الوجه الثاني : عن العلاء بن المسيب ، عن يونس بن خباب ، عن مجاهد ، عن أبي سعيد مرفوعاً ، وهذه رواية محمد بن فضيل - فيما رواه عنه الأخنسي - .
الوجه الثالث : عن العلاء بن المسيب ، عن أبيه ، عن أبي سعيد مرفوعاً وهذه رواية خلف بن خليفة ، ورواية الثوري - فيما رواه محمد بن أبي عمر ، وإسحاق الدبري في حديثه عن عبد الرزاق ، عنه ، إلا أن الدبري شك في شيخ العلاء بن المسيب ، كما سبق - .
الوجه الرابع : عن العلاء بن المسيب ، عن أبيه ، عن أبي سعيد موقوفاً ، وهذه رواية الثوري - فيما رواه عنه وكيع ، وفيما رواه أحمد ، ومحمد بن رافع ، والدبري في المصنف عن عبد الرزاق ، إلا أنه في المصنف شك في شيخ العلاء بن المسيب، كما سبق في التخريج - .
الوجه الخامس والوجه السادس : عن العلاء بن المسيب، عن أبيه ، عن أبي هريرة مرفوعاً وموقوفاً، وهذان وجهان علقهما ابن أبي حاتم ولم أقف على من وصلهما.(1/10)
فهذه ستة أوجه كلها عن العلاء بن المسيب ، وقد اختلف رأي أبي حاتم في الموازنة بين هذه الأوجه ، فرجح هنا الوجه الأول ، وهو : العلاء بن المسيب ، عن يونس بن خباب، عن أبي سعيد مرفوعاً ، وهذه روايةٌ عن محمد بن فضيل بن غزوان ، وقد وثقه ابن معين . وقال أبو زرعة : صدوق من أهل العلم . وقال أبو حاتم : شيخ . وقال أبو داود : كان شيعياً محترقاً . قال ابن حجر : صدوق عارف رمي بالتشيع . ( تهذيب الكمال 26/293 ، التقريب 6227 ) .
ورجح أبو حاتم في المسألة رقم 65/851 ، رواية خلف بن خليفة ، عن العلاء بن المسيَّب ، عن أبيه ، عن أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ومنهم من يقفه . وكذا رجح هذا الوجه مرفوعاً أبو زرعة الرازي ، ( كما في المسألة رقم 83/869 ). وخلف بن خليفة صدوق اختلط في الآخر - وستأتي ترجمته مستوفاة في المسألة الخامسة والستين - وتابع خلفاً على هذا الوجه الثوري ، ولكن ذلك من رواية محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني ، عن عبد الرزاق ، عن الثوري ، وابن أبي عمر قال فيه أبو حاتم : كان رجلاً صالحاً ، وكان به غفلة ، قال ابن حجر : صدوق ، صنف المسند ، وكان لازم ابن عيينة ، ثم ذكر قول أبي حاتم . ( تهذيب الكمال 26/639 ، التقريب 6391 ) ، والذي في مصنف عبد الرزاق عن الثوري موقوف ، فلعل ابن أبي عمر وهم فيه، وأما ما وقع في حديث الدبري من رفع هذا الحديث عن عبد الرزاق فهو مخالف لما في المصنف ، فإن كانت النسخة متقنة فهو وهم ، ويكفي في ذلك أن رواية أحمد عن عبد الرزاق موقوفة ، وكذا رواية محمد بن رافع ، وعلى فرض صحة رفعه عن عبد الرزاق فإن المحفوظ رواية وكيع الموقوفة عن الثوري ، فرفع هذا الحديث عن الثوري غير محفوظ ، ولذا قال ابن عدي : وهذا يعرف بخلف ، عن العلاء ، وقد روي عن الثوري عن العلاء ، وهو غريب .(1/11)
أما في المسألة رقم 83/869 فقد ذكر أبو حاتم اضطراب الناس في حديث العلاء بن المسيب ، فقال له ابنه : فأيها الصحيح منها ؟ قال هو مضطرب ، فأعاد عليه ، فلم يزده على قوله : هو مضطرب . ثم قال : العلاء بن المسيب ، عن يونس بن خباب ، عن أبي سعيد موقوف مرسل أشبه ، فقال له ابنه : لم يسمع يونس من أبي سعيد ؟ قال لا . وهذا الوجه لم أقف على من وصله .
وما ذكره أبو حاتم من الحكم باضطراب الحديث قول قوي ، مع أن الحديث لا يصح على أيٍّ من هذه الأوجه الستة لو فرض ترجيحه ، ذلك أن المسيب بن رافع لم يسمع من أبي سعيد ولا من أبي هريرة كما قاله ابن معين ، ( انظر ترجمته في المسألة الخامسة والستين ) وكذا يونس بن خباب لم يسمع من أبي سعيد كما قاله أبو حاتم . فالحديث على جميع الاحتمالات منقطع ، مع ما يصحب ذلك من الاضطراب في الحديث ، وتفرد محمد بن فضيل بالوجه الأول ، وخلف بن خليفة بالوجه الثالث . ولذا قال العقيلي : وفيه رواية عن أبي سعيد الخدري ، وفيها لين. وقال الدارقطني بعد الإشارة إلى بعض هذه الوجوه : ولا يصح منها شيء .
وبهذا يعلم أن تصحيح ابن حبان له من حديث أبي سعيد مرفوعاً فيه نظر ، والله أعلم .
وإذا تقرر هذا فلم يبق إلا روايتان لهذا الحديث :(1/12)
الأولى منهما : رواية المسعودي ، ولعله : عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود المسعودي الكوفي ، عن يونس بن خباب ، عن رجل ، عن خباب بن الأرت ، والمسعودي صدوق اختلط قبل موته وضابطه أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط، ( التقريب 3919 ، الكواكب النيرات ص282 ) ، والراوي عنه هنا أبو سعيد ، وهو عبد الرحمن بن عبد الله البصري ، مولى بني هاشم ، وهو صدوق ربما أخطأ . ( تهذيب الكمال 17/217 ، التقريب 3918 ) وتفرد عنه أبو عبيدة بن الفضيل بن عياض ، وقد ذكره ابن حبان في الثقات ووثقه الدارقطني وضعفه الجورقاني وتبعه ابن الجوزي . وقال الذهبي : فيه لين . وقد تعقبه ابن حجر ، ( انظر : الميزان 4/549 ، واللسان 7/79 ) . ثم إن المسعودي قد خالف العلاء بن المسيب الذي سبقت روايته عن يونس بن خباب ، عن أبي سعيد مرفوعاً وموقوفاً، والحديث معروف بالعلاء بن المسيب - كما سبق في نصوص الأئمة - وبناءً عليه فرواية المسعودي هذه فيها نظر ، إلا أنه يستفاد منها تقوية جعل هذا الحديث عن العلاء بن المسيب ، عن يونس بن خباب ، وسبق ذكر ترجيح أبي حاتم له من حديث أبي سعيد ، مرة مرفوعاً ، ومرة موقوفاً ، وأن الحديث على جميع الوجوه لا يصح .(1/13)
والثانية : رواية قيس بن الربيع ، عن عباد بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة مرفوعاً ، وهو طريق تفرد به قيس بن الربيع الأسدي ، أبو محمد الكوفي ، وقد أثنى عليه جماعة من الأئمة ، وتكلم فيه آخرون كيحيى القطان ، وأحمد حيث سئل عن سبب ضعفه فقال : روى أحاديث منكرة . وضعفه جماعة من الأئمة كوكيع ، وابن المديني ، وابن معين ، والنسائي وغيرهم . قال ابن حجر : صدوق ، تغير لما كبر ، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به . ( تهذيب الكمال 24/25 ، والتقريب 5573 ) وشيخه عباد هو عبد الله بن أبي صالح السمان ، المدني، لقبه :"عبَّاد " وثقه ابن معين، وقال البخاري، عن ابن المديني : ليس بشيء ، وقال ابن حبان : يتفرد عن أبيه بما لا أصل له من حديث أبيه ، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد . قال ابن حجر : لين الحديث . ( المجروحين 2/164 ، تهذيب الكمال 15/116 ، التقريب 3390 ) فمثل هذا الإسناد لا يفيد شيئاً ، ويبقى الحديث على ضعفه - كما سبق - والله أعلم .(1/14)
3/789 - سألت أبي عن حديثٍ رواه أبو الطاهر(1)بن السرح ، قال : حدثنا أشعث بن شعبة(2)، عن حَنَش(3)، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : " رأيت الطيب في مفرق(4)رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم " فقال: حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا حَنَش ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يقل عن أبيه ، قلت لأبي : أيهما أشبه ؟ قال : أبو نعيم أثبت ، ولا أُبْعِد أن يكون قال لهم مرة : عن أبيه ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (5).
دراسة الرواة :
* أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح القرشي ، الأموي ، مولاهم ، المصري ، مات سنة 250، روى عن : ابن وهب ، والشافعي، وأشعث بن شعبة وغيرهم ، وعنه : أبو زرعة ، وأبو حاتم ، ومسلم وغيرهم .
وثقه النسائي . وقال أبو حاتم : لا بأس به . وذكره ابن حبان في الثقات .
قال ابن حجر : [ ثقة ] .
الجرح والتعديل 2/65، ثقات ابن حبان 8/29 ، تهذيب الكمال 1/415، تهذيب التهذيب 1/38، التقريب 85 .
* أشعث بن شعبة المصيصي ، أبو أحمد ، أصله خراساني ، روى عن إبراهيم ابن أدهم ، وأبي إسحاق الفزاري ، وحنش بن الحارث النخعي وغيرهم ، وعنه: أبو الطاهر ابن السرح ، ومحمد بن عيسى الطباع وغيرهما .
وثقه أبو داود . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال أبو زرعة : لين . وضعفه الأزدي .
لخص الذهبي حاله بقوله : ليس بالقوي .
وابن حجر بقوله : [ مقبول ] .
__________
(1) في ( ت ، ط ) :" أبو الظاهر " بالمعجمة ، وهو تصحيف .
(2) في ( س ):" سعيد" وهو تصحيف، وفي ( ح ) اشتبهت هذه الكلمة على الناسخ، فكتبها كتابة تحتمل الوجهين.
(3) في ( ط ) :" حفش " وهو تصحيف .
(4) المفرق - بفتح الراء وكسرها - وسط الرأس ، وهو الذي يفرق فيه الشعر . ( لسان العرب 10/301 ) .
(5) سوف تأتي هذه المسألة مرة ثانية من طريق آخر برقم 58/844 .(1/1)
الجرح والتعديل 2/272 ، ثقات ابن حبان 8/129 ، تهذيب الكمال 3/270 ، ديوان الضعفاء والمتروكين 1/94 ، تهذيب التهذيب 1/179 ، التقريب 525 .
* حنش بن الحارث بن لقيط النخعي الكوفي ، روى عن : أبيه ، والأسود بن يزيد ، وعبد الرحمن بن الأسود ، وعنه : أشعث بن شعبة ، وأبو نعيم ، وحماد بن أسامة ، وشريك القاضي وغيرهم .
وثقه أبو نعيم الفضل بن دكين ، وابن سعد ، والعجلي وغيرهم . وقال أبو حاتم : صالح الحديث ما به بأس . وذكره ابن حبان في الثقات .
لخص الحافظ حاله بقوله [ لا بأس به ] .
طبقات ابن سعد 6/354 ، المعرفة والتاريخ 3/194 ، ثقات العجلي ص136، الجرح والتعديل 3/291 ، ثقات ابن حبان 6/242 ، تهذيب الكمال 7/428 تهذيب التهذيب 1/503 ، التقريب 1575.
* عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي ، أبو حفص ، ويقال : أبو بكر الكوفي ، مات سنة 99 أو نحوها ، روى عن : أبيه ، وعائشة ، وأنس بن مالك ، وابن الزبير وغيرهم ، وعنه : أبو إسحاق السبيعي ، والأعمش ، وحنش بن الحارث وغيرهم .
ثقة ، وثقه ابن معين ، والنسائي ، والعجلي وغيرهم .
قال ابن حجر : [ ثقة ] .
طبقات ابن سعد 6/289 ، ثقات العجلي ص288، الجرح والتعديل 5/209 ، تهذيب الكمال 16/530 ، تهذيب التهذيب 2/488 ، التقريب 3803 .
* الأسود بن يزيد بن قيس النخعي ، أبو عمرو ، ويقال : أبو عبد الرحمن الكوفي ، روى عن : أبي بكر ، وعمر ، وعائشة - رضي الله عنهم - وغيرهم ، وعنه : ابنه عبد الرحمن ، وابن أخيه عبد الرحمن ، وإبراهيم النخعي وغيرهم .
متفق على جلالته وإمامته ، قالت عائشة أم المؤمنين : ما بالعراق رجل أكرم علي من الأسود .
وقال في التقريب : [ ثقة مكثر فقيه ] .
طبقات ابن سعد 6/70-74 ، تهذيب الكمال 3/234 ، تهذيب التهذيب 1/173 ، التقريب 509 .(1/2)
* عائشة أم المؤمنين بنت أبي بكر الصديق عبد الله بن عثمان - رضي الله عنهم - القرشية التيمية، أمها أم رومان بنت عامر بن عويمر الكنانية، ولدت بعد البعثة بأربع سنين، أو خمس ، وتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي بنت ست سنين بمكة ، وبنى بها بالمدينة وهي بنت تسع ، وماتت سنة 57 على الصحيح ، وقيل 58 ، وهي أفقه النساء مطلقاً ، وأفضل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا خديجة ففيهما خلاف شهير .
فضائل الصحابة لأحمد 2/868، تهذيب الكمال 35/227 ، الإصابة 4/359 ، التقريب 8633 .
* أبو نعيم الفضل بن دكين - وهو لقب واسمه عمرو - بن حماد القرشي التيمي ، مولاهم ، الملائي ، الكوفي ، الأحول ( 130-218 ) أو نحوها ، روى عن : الأعمش ، وأيمن بن نابل ، وحنش بن الحارث وغيرهم ، وعنه : أحمد بن حنبل ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، والبخاري وغيرهم كثير .
ثقة ثبت متفق عليه ، قال الإمام أحمد : يحيى ، وعبد الرحمن ، وأبو نعيم الحجة الثبت، كان أبو نعيم ثبتاً . وقال يعقوب بن سفيان : أجمع أصحابنا أن أبا نعيم كان غاية في الإتقان .
قال في التقريب : [ ثقة ثبت ] .
المعرفة والتاريخ 2/633 ، تاريخ بغداد 12/346 - 357 ، تهذيب الكمال 23/157 ، تهذيب التهذيب 3/387 ، التقريب 5401 .
التخريج :
- أخرجه أبو محمد الفاكهي في فوائده ص261 ح94، والدولابي في الكنى والأسماء 1/209 ح721 ، من طريق خلاد بن يحيى السلمي أبي محمد الكوفي ، عن حنش بن الحارث، عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه ، عن عائشة به بنحوه .
- وأخرجه البخاري 7/210 ح5923 ، وأحمد 6/209 ح25752 و6/254 ح26163، والنسائي في المجتبى 5/140 ، وفي الكبرى 2/340 ح3681 ، وإسحاق بن راهويه 3/868 ح1534 و 3/1036 ح1788، والطحاوي في شرح المعاني 2/129 ح 3593 ، وابن عدي في الكامل 1/423 من طرقٍ عن إسرائيل بن يونس ،(1/3)
ومسلم 4/12 ح1190 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/278 ح2725 ، من طريق يوسف بن أبي إسحاق السبيعي ،
والنسائي في المجتبى 5/140 ، وفي الكبرى 2/340 ح3683 ، وابن ماجه 2/977 ح2928 ، وأحمد 6/109 ح24782 ، وابن أبي شيبة 3/205 ح13476 ، وأبو يعلى 8/250(1)ح4833، وابن حبان 9/84 ح3768، وابن عبد البر في التمهيد 19/301، من طرقٍ عن شريكٍ القاضي ،
والنسائي في المجتبى 5/140 ، وفي الكبرى 2/340 ح3680 ، والطيالسي 3/19 ح1490 ، وابن أبي شيبة 3/205 ح13477 ، من طريق أبي الأحوص سلام بن سليم الحنفي
وأحمد 6/236 ح25991، والدارقطني في العلل 5/ الورقة 133، من طريق زكريا ابن أبي زائدة ،
وإسحاق بن راهويه 3/868 ح1533 ، من طريق يونس بن أبي إسحاق ،
والدارقطني في العلل 5/ الورقة 133، من طريق الثوري ،
سبعتهم ( إسرائيل، ويوسف ، وشريك ، وأبو الأحوص ، وزكريا، ويونس، والثوري ) عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي ،
والطيالسي 3/23 ح1497 - ومن طريقه البخاري في التاريخ الكبير 2/32، والخطيب في المتفق والمفترق 1/148 ح30 - وفيه أيضاً 1/147 ح29 ، والدارقطني في الغرائب والأفراد ( الأطراف 5/419 ح5913 ) ، من طريق أنس بن مالك أبي القاسم الكوفي ،
ومسلم 4/12 ح1190 ، وأحمد 6/250 ح26129، وأبو عوانة 2/420 ح3675، والطحاوي في شرح المعاني 2/129 ح3592، والخطيب في التاريخ 5/141، من طريق مالك بن مغول ،
وأبو عوانة 2/420 ح3676 ، من طريق أبي بكر النهشلي ،
وأبو الشيخ في أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - ص89 وابن المقري في المعجم ص266 ح893، من طريق أبي سعد سعيد بن المرزبان البقال ،
__________
(1) وقع في النسخة التي حققها حسين أسد تصحيف ، وتصحيحه من النسخة التي حققها إرشاد الحق الأثري 4/411 ح4814 .(1/4)
خمستهم ( أبو إسحاق ، وأبو القاسم الكوفي ، ومالك بن مغول ، وأبو بكر النهشلي ، وأبو سعد البقال ) عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه ، عن عائشة به بنحوه ، وربما زاد فيه بعضهم يسيراً أو نقص ، إلا رواية أبي سعد البقال فهي بمعناه ، ولم يذكر شريك ، وأبو الأحوص ، وزكريا ، ويونس في روايتهم عن أبي إسحاق : عبد الرحمن بن الأسود ، بل جعلوه عن أبي إسحاق ، عن الأسود .(1/5)
- وأخرجه البخاري 1/86 ح271 و2/168 ح1537و1538 و 7/209 ح5918 ، ومسلم 4/11-12 ح1190، وأبو داود 2/415 ح1743 ، والنسائي في المجتبى 5/138-140 ، وفي الكبرى 2/339 ح3673-3679 و2/340 ح3682 ، وفي الجزء الرابع من الإغراب ص105 ح41 ، وص201 ح131، وأحمد 6/38 ح24107 و6/41 ح24134 و6/109 ح24781 و6/124 ح24934 و6/128 ح24966 و6/173 ح25402 و6/175 ح25427 و6/186 ح25522و25527 و6/191 ح25586 و6/212 ح25775 و6/224 ح25874 و6/230 ح25933 و6/245 ح26080 و6/254 ح26162 و6/264 ح26272 و6/267 ح26303 و6/280 ح26396، ومحمد بن الحسن في الحجة على أهل المدينة 2/404، والشافعي في الأم 2/223، وفي المسند ص120، والطيالسي 3/11 ح1475، و3/15 ح1482، والحميدي 1/106 ح215 ، وأبو عمرو مسلم بن إبراهيم الأزدي في أحاديثه الورقة 3 ، وابن أبي شيبة 3/205 ح13475 و13479 ، وإسحاق بن راهويه 3/850 ح1509 و1510 ، و3/851 ح1511، و3/869 ح1535 ، و3/870 ح1536 وابن الجارود 2/58 ح415 ، وابن خزيمة 4/157 ح2585 و2586و2587 ، وأبو عوانة 2/322 ح3295 و2/418 ح3664-3668 و2/419 ح3669 و3670 و3672 و3673 ، وأبو القاسم البغوي في حديث ابن الجعد ص47 ح181 وص137 ح877 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/129 ح3588 -3591 ، وابن حبان 4/213 ح1376 و4/215 ح1377 و9/83 ح3767 و9/84 ح3769 ، والطبراني في الأوسط 5/189 ح5033 و6/78 ح5848 و7/69 ح6877 و9/128 ح9323 ، وابن عدي في الكامل 5/28 و7/91 ، والدارقطني في العلل 5/ الورقة 133 ، وفي الغرائب والأفراد ( الأطراف 4/414 ح5893 ) ، وأبو نعيم في المستخرج 3/276 ح2721 و3/277 ح2723 و2724 و3/278 ح2726 و2727، وفي الحلية 6/284 و7/99 ، وفي مسند أبي حنيفة ص78، وابن حزم في المحلى 7/86 ، وفي حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - ص136 ح20 و19، والبيهقي في السنن الكبرى 5/34 و35 ، وفي السنن الصغير 1/398 ح1543و1544 ، وفي المعرفة 3/544 ح2783 و3/549 ح2792 ، والخطيب(1/6)
في التاريخ 5/12 و82 ، وفي المتفق والمفترق 1/148 ح29 ، وابن عبد البر في التمهيد 19/300-302 ، والبغوي في شرح السنة 7/46 ح1864 ، وفي الأنوار في شمائل النبي المختار 2/494 ح713 ، من طرقٍ متعددة عن إبراهيم النخعي، عن الأسود بن يزيد، عن عائشة أم المؤمنين به بنحوه، وربما زاد فيه بعضهم أو نقص .
- وأخرجه مسلم 4/11 ح1190، وابن ماجه 2/976 ح2927، وأحمد 6/109 ح24781 و6/207 ح25723، وابن طهمان في مشيخته ص203 ح162 ، وابن أبي شيبة 3/207 ح13494 ، وإسحاق بن راهويه 3/810 ح1447 ، وأبو عوانة 2/419 ح3670 و3671، وابن حبان 4/215 ح1377، والطبراني في الأوسط 2/51 ح1219 و6/78 ح5848 ، والدارقطني في الغرائب والأفراد ( الأطراف 5/529 ح6300 ) ، وأبو نعيم في المستخرج 3/277 ح2722 و2723 ، والبيهقي 5/35 وابن عبد البر في التمهيد 19/301 ، من طريق مسروق ،
وأحمد 6/130 ح24983 و186 ح25528 و212 ح25775 ، من طريق علقمة ابن قيس ،
وأحمد 6/264 ح26273، من طريق مجاهد ،
ثلاثتهم ( مسروق ، وعلقمة ، ومجاهد ) عن عائشة - رضي الله عنها - به بمعناه .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم الاختلاف في هذا الحديث على حنش بن الحارث ، حيث روي عنه على وجهين ، وهما :
الوجه الأول : عن حنش بن الحارث، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة وهذه رواية أشعث بن شعبة .
الوجه الثاني : عن حنش بن الحارث ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن عائشة ، دون ذكر الأسود ، وهذه رواية أبي نعيم .
وقد حكم أبو حاتم بأن أبا نعيم أثبت ، ولكنه لم يبعد أن يكون الاختلاف من حنش ابن الحارث نفسه ، ويكون حدث بالوجهين .(1/7)
وما ذكره أبو حاتم من أن أبا نعيم أثبت من أشعث بن شعبة أمر لا شك فيه ، وقد سبق بيان ذلك في ترجمتيهما ، إلا أن أشعث بن شعبة قد توبع في روايته على الوجه الأول ، فقد تابعه خلاد بن يحيى السلمي ، أبو محمد الكوفي، وهو صدوق، قال الإمام أحمد : ثقة أو صدوق ، ولكن كان يرى شيئاً من الإرجاء . وهو من كبار شيوخ البخاري . ( تهذيب الكمال 8/359 ، التقريب 1766 ) .
وهذا يدل على صحة الاحتمال الآخر الذي ذكره أبو حاتم ، وهو أن يكون حنش بن الحارث حدث بالوجهين جميعاً .
والصواب من هذين الوجهين الوجه الأول ، الذي حدث به أشعث بن شعبة ، وخلاد بن يحيى ، ذلك أنه قد توبع عليه حنش بن الحارث ، فقد تابعه أبو إسحاق السبيعي - على اختلاف عليه يأتي تحريره - ، وتابعه - أيضاً - أنس بن مالك أبو القاسم الكوفي ، وقد ذكره ابن حبان في الثقات . وسكت عنه ابن أبي حاتم . وقال الذهبي : مجهول ( الجرح والتعديل 2/286 ، ثقات ابن حبان 6/75 ، الميزان 1/277 ) كما تابعه أيضاً مالك ابن مِغْوَل ، وهو ثقة ثبت . ( تهذيب الكمال 27/158، التقريب 6451 )، وتابعه أبو بكر النهشلي الكوفي ، وثقه أحمد ، وابن معين ، وأبو داود ، والعجلي وغيرهم . وقال أبو حاتم : شيخ صالح يكتب حديثه ، لخص حاله ابن حجر بقوله: صدوق . ( تهذيب الكمال 33/156 ، التقريب 8001 ) ، وتابعه أيضاً أبو سعد البقال، وهو ضعيف مدلس، قال ابن معين ليس بشيء . وقال أبو زرعة: لين الحديث ، مدلس. وقال أبو حاتم: لا يحتج بحديثه. وقال البخاري : منكر الحديث . وتكلم فيه غيرهم ، ( تهذيب الكمال 11/52 ، التقريب 2389 ) .(1/8)
فهؤلاء خمسة من الرواة تابعوا حنش بن الحارث على الوجه الأول بذكر الأسود بن يزيد ، في حين أني لم أقف على متابعٍ له على الوجه الثاني بإسقاط الأسود بن يزيد ، بل ذكر الدارقطني في العلل 5/ الورقة 133، أنه لم يختلف على عبد الرحمن بن الأسود في هذا الحديث ، وهذا يؤكد غرابة الوجه الذي حدث به أبو نعيم ، والحمل فيه على حنش ابن الحارث ، كما أشار إليه أبو حاتم ، والله أعلم .
إذا تبين هذا فيبقى تحرير الاختلاف على أبي إسحاق السبيعي ، فقد روي عنه على وجهين :
الوجه الأول : عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه ، عن عائشة ، وهذا يرويه عن أبي إسحاق : إسرائيل ، ويوسف بن أبي إسحاق ، والثوري .
الوجه الثاني : عن أبي إسحاق عن الأسود ، عن عائشة ، بإسقاط عبد الرحمن بن الأسود ، وهذا يرويه شريك ، وأبو الأحوص ، وزكريا بن أبي زائدة ، ويونس بن أبي إسحاق .
وقد ذكر الدارقطني أن الصحيح عن أبي إسحاق بذكر عبد الرحمن ، وهو الوجه الأول ، وهذا هو الذي اختاره صاحبا الصحيح ، فأودعاه في صحيحيهما من هذا الوجه - كما سبق في التخريج - فتبين أن أبا إسحاق دلسه حين حدث به بإسقاط عبد الرحمن ابن الأسود ، وهو مشهور بالتدليس ، ( طبقات المدلسين ص67) .
هذا ، وقد تابع عبد الرحمن بن الأسود في روايته عن أبيه : إبراهيم النخعي ، إلا أنه وقع فيه على إبراهيم النخعي اختلاف يسير في متنه وإسناده ، أشار إليه الدارقطني في العلل 5/ الورقة 133 ، وأبو نعيم في مسند أبي حنيفة - وليس هذا موضع تفصيله - وذكر الدارقطني أن الصحيح فيه عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة - وهو الذي سبق في التخريج - وخرجه صاحبا الصحيح من هذا الوجه - أيضاً - .
كما روي هذا الحديث عن مسروق ، وعلقمة بن قيس ، ومجاهد عن عائشة أم المؤمنين .(1/9)
والخلاصة أن هذا الحديث ثابت من حديث عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة ، وقد اتفق عليه البخاري ومسلم ، وقال ابن عبد البر : لا يختلف أهل العلم بالحديث في صحته وثبوته . ( التمهيد 19/296 ) ، ولا يثبت من حديث عبد الرحمن بن الأسود ، عن عائشة دون ذكر أبيه . وانظر المسألة الآتية برقم : 58/844 والله أعلم .(1/10)
4/790- سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه سعيد بن خُثَيْم(1)، عن حنظلة ، عن سالم ، عن أبيه " أنه كان إذا نظر إلى رجل يريد السفر يقول : أودعك كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يودع ، ثم يقول : أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك " قالا : وهم سعيد في هذا الحديث ، وروى هذا الحديث الوليد بن مسلم فوهم فيه - أيضاً - ، فقال : عن حنظلة ، عن سالم(2)، عن القاسم ، عن ابن عمر ، والصحيح عندنا - والله أعلم - : عن حنظلة ، عن عبد العزيز بن عمر ، عن يحيى بن إسماعيل بن جرير ، عن قزعة ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قال أبو زرعة : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا عبد العزيز بن عمر ، عن يحيى بن إسماعيل بن جرير ، عن قزعة ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه كان إذا ودع رجلاً قال : أستودع الله دينك وأمانتك " ثم ذاكرت به أبي ، فقال : حدثنا أبو نعيم ، عن عبد العزيز هذا الحديث(3).
دراسة الرواة :
* سعيد بن خثيم - بمعجمة ومثلثة مصغراً - الهلالي ، أبو معمر الكوفي ، مات سنة 180 أو بعدها ، روى عن : حنظلة بن أبي سفيان ، وأيمن بن نابل وغيرهما ، وعنه : أحمد ، وابنا أبي شيبة وغيرهم .
وثقه ابن معين . وقال مرة : كوفي ، ليس به بأس ، ثقة ، فقيل له : شيعي ؟ قال : وشيعي ثقة ، وقدري ثقة . ووثقه العجلي . وذكره ابن حبان في الثقات .
وقال أبو زرعة والنسائي : لا بأس به .
وقال أبو حاتم : لا أعرفه .
وقال ابن عدي : أحاديثه ليست بمحفوظة . وقال الأزدي :كوفي منكر الحديث.
__________
(1) في ( ط ) :" خيثم " وهو تصحيف .
(2) هكذا وقع في جميع النسخ الست - المطبوعة والمخطوطات - بذكر سالم في هذا الإسناد ، وقد أخرجه غير واحد من طريق الوليد بن مسلم دون ذكر سالم - كما سيأتي في التخريج - ، والله أعلم .
(3) سوف يورد ابن أبي حاتم هذه المسألة من وجه آخر في الأدب والطب 2/267 ح2297 .(1/1)
اقتصر الذهبي في الكاشف على ذكر توثيق ابن معين .
وقال في التقريب : [ صدوق ، رمي بالتشيع ، له أغاليط ] .
ثقات العجلي ص183 ، الجرح والتعديل 4/17 ، ثقات ابن حبان 8/264 ، الكامل 3/408 ، تهذيب الكمال 10/413 ، الكاشف 1/359 ، تهذيب التهذيب 2/14 ، التقريب 2295 .
* حنظلة بن أبي سفيان بن عبد الرحمن القرشي الجمحي ، المكي ، مات سنة 151، روى عن : سالم بن عبد الله ، والقاسم بن محمد ، وطاووس بن كيسان وغيرهم ، وعنه : الثوري ، وابن المبارك ، والوليد بن مسلم وغيرهم .
متفق على توثيقه ، قال أحمد : ثقة ثقة .
قال في التقريب : [ ثقة حجة ] .
طبقات ابن سعد 5/493 ، تهذيب الكمال 7/443 ، تهذيب التهذيب 1/504 ، التقريب 1582.
* سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي ، أبو عمر ، أو أبو عبد الله المدني ، الفقيه ، مات سنة 106 ، روى عن : أبيه ، وأبي هريرة ، وأبي رافع وغيرهم ، وعنه : الزهري ، وحنظلة بن أبي سفيان ، وعبيد الله بن عمر العمري وغيرهم .
متفق على إمامته وجلالته، قال ابن المسيب : كان عبد الله بن عمر أشبه ولد عمر به، وكان سالم أشبه ولد عبد الله به .
قال في التقريب : [ أحد الفقهاء السبعة ، وكان ثبتاً عابداً فاضلاً ، كان يشبه بأبيه في الهدي والسمت ] .
طبقات ابن سعد 5/195، تهذيب الكمال 10/145، تهذيب التهذيب 1/676، التقريب 2176.
* عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي ، أبو عبد الرحمن المكي، ثم المدني، أسلم قديماً مع أبيه ، وهو صغير ، وهاجر ، واستصغر يوم أحد ، وشهد الخندق وما بعدها ، وهو من المكثرين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، مات آخر سنة 73 ، أو أول سنة 74 .
فضائل الصحابة للإمام أحمد 2/894 ، تهذيب الكمال 15/332 ، الإصابة 2/347 ، التقريب 3490 .
* الوليد بن مسلم القرشي ، سبق في المسألة الثانية ، وهو ثقة ، ولكنه كثير التدليس والتسوية ، وقد أثنى عليه أحمد ،وذكر أنه كثير الخطأ .(1/2)
* القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي ، أبو محمد ، ويقال : أبو عبد الرحمن المدني ، مات بعد المائة ، روى عن : عمته عائشة أم المؤمنين ، وابن عمر، وأبي هريرة وغيرهم ، وعنه : ابنه عبد الرحمن ، وسالم بن عبد الله ، والشعبي ، وحنظلة بن أبي سفيان وغيرهم .
متفق على ثقته وإمامته ، قال البخاري في صحيحه : حدثنا علي بن عبد الله . قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن القاسم - وكان أفضل أهل زمانه - أنه سمع أباه - وكان أفضل أهل زمانه - .. فذكر حديثاً .
قال في التقريب : [ ثقة ، أحد الفقهاء بالمدينة ، قال أيوب : ما رأيت أفضل منه ] .
صحيح البخاري 2/220 ح1754، تهذيب الكمال 23/427 ، تهذيب التهذيب 3/419 ، التقريب 5489 .
* عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز القرشي الأموي ، أبو محمد المدني ، مات سنة 150 تقريباً ، روى عن : أبيه ، ويحيى بن إسماعيل بن جرير ، ونافع مولى ابن عمر وغيرهم ، وعنه : يحيى الأنصاري ، وشعبة ، وابن جريج ، وأبو نعيم وغيرهم .
وثقه أبو نعيم ، وابن معين ، وأبو داود ، وابن عمار ، وقال : ليس بين الناس فيه اختلاف . وقال ابن معين : ثبت روى عن أبيه يسيراً . وقال مرة : لا بأس به . وكذا قال أبو زرعة ، والنسائي . وقال أبو حاتم : يكتب حديثه . وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : يخطئ ، يعتبر حديثه إذا كان دونه ثقات .
وضعفه أبو مسهر . وحكى الخطابي عن أحمد أنه قال : ليس هو من أهل الحفظ والإتقان .
قال الذهبي : ثقة .
وقال ابن حجر : [ صدوق يخطئ ] .
تاريخ الدوري 2/367 ، سؤالات الآجري 2/213 ، المعرفة والتاريخ 2/439 ، ضعفاء العقيلي 39/18، الجرح والتعديل 5/389 ، ثقات ابن حبان 7/114 ، تهذيب الكمال 18/173 ، الكاشف 2/201 تهذيب التهذيب 2/591 ، التقريب 4113 .
* يحيى بن إسماعيل بن جرير البجلي الكوفي ، روى عن: الشعبي ، وقزعة بن يحيى وغيرهما ، وعنه : عبد العزيز بن عمر ، وهشيم وغيرهما .(1/3)
ذكره ابن حبان في الثقات ، وترجم له البخاري ، وابن أبي حاتم ، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً .
وقال الدارقطني : لا يحتج به . واقتصر على قوله الذهبي في الميزان .
وقال ابن حجر : [ لين الحديث ] .
التاريخ الكبير 8/260 ، الجرح والتعديل 9/126 ، ثقات ابن حبان 7/599 ، سؤالات الحاكم للدارقطني ص159، تهذيب الكمال 31/203 ، الميزان 4/361، تهذيب التهذيب 4/339 ، التقريب 7504 .
* قَزَعَة - بزاي وفتحات - بن يحيى ، ويقال : ابن الأسود ، أبو الغادية ، روى عن : ابن عمر ، وابن عمرو بن العاص ، وأبي سعيد وغيرهم ، وعنه : مجاهد ، ويحيى ابن إسماعيل بن جرير ، وأبو سنان الشيباني ، ونهشل الضبي وغيرهم .
قال العجلي : بصري ، تابعي ، ثقة . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال ابن خراش: صدوق .
قال في التقريب : [ صدوق ] .
ثقات العجلي ص391 ، ثقات ابن حبان 5/324 ، تهذيب الكمال 23/597 ، تهذيب التهذيب 3/440 ، التقريب 5547 .
* أبو نعيم الفضل بن دكين ، سبق في المسألة الثالثة ، وهو ثقة ثبت متفق عليه.
التخريج :
- أخرجه الترمذي 5/441 ح3443 ، عن إسماعيل بن موسى الفزاري ،
والنسائي في الكبرى 5/250 ح8806 و 6/132 ح10357 ( وعمل اليوم والليلة ص164 ح527 ) ، عن محمد بن عبيد ،
وأحمد 2/7 ح4524 ،
والمحاملي في الدعاء ص84 ح3 ، عن خلاد بن أسلم الصفار ،
والطبراني في الدعاء 2/1181 ح821 ، من طريق محمد بن بكير الحضرمي ،
خمستهم ( الفزاري ، ومحمد بن عبيد ، وأحمد ، وخلاد ، ومحمد بن بكير ) عن سعيد بن خثيم ، عن حنظلة ، عن سالم ، عن أبيه به بنحوه .
- وأخرجه النسائي في الكبرى 5/250 ح8805 ، عن عمرو بن عثمان ،
وفي الكبرى - أيضاً - 6/133 ح10356 ، ( وعمل اليوم والليلة ص164 ح526 )، عن محمود بن خالد ،
وأبو يعلى 9/471 ح5624 و10/42 ح5674 ، عن أبي الوليد القرشي ،
وابن خزيمة 4/137 ح2531 - ومن طريقه الحاكم 2/97 - عن علي بن سهل الرملي ،(1/4)
أربعتهم ( عمرو ، ومحمود ، وأبو الوليد ، والرملي ) عن الوليد بن مسلم ، عن حنظلة بن أبي سفيان ، عن القاسم ، عن ابن عمر به بنحوه ، ولم يذكر أحد منهم سالماً في الإسناد - كما سبق التنبيه عليه -.
- وأخرجه الحاكم 1/442 - وعنه البيهقي 5/251 - من طريق إسحاق بن أحمد الخراز عن إسحاق بن سليمان الرازي، عن حنظلة، عن القاسم ، عن ابن عمر به بنحوه.
ولم أقف على طريق حنظلة ، عن عبد العزيز بن عمر .
- وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 8/260 ،
والنسائي في الكبرى 6/131 ح 10346 ( وعمل اليوم والليلة ص162 ح516 ) ، عن أحمد بن سليمان الرهاوي ،
وأحمد 2/136 ح6199 ،
وعبد بن حميد ( المنتخب ص 264 ح834 ) ،
والمحاملي في الدعاء ص86 ح4 ، عن أحمد بن محمد بن عيسى القاضي ،
والهيثم بن كليب 2/100 ح626 ، عن عيسى بن أحمد العسقلاني ،
والبيهقي 5/251 ، من طريق أحمد بن حازم بن أبي عزرة ،
سبعتهم ( البخاري ، والرهاوي ، وأحمد، وعبد ، والقاضي ، والعسقلاني، وابن أبي عزرة ) عن أبي نعيم ، عن عبد العزيز بن عمر به بنحوه .
- وأخرجه أبو داود 3/256 ح2593 ، والحاكم 2/97 ، من طريق عبد الله بن داود الخريبي ،
والنسائي في الكبرى 6/131 ح10344 ( وعمل اليوم والليلة ص161 ح514 ) وابن أبي حاتم في العلل 2/267 ح2297 - معلقا ً- ، والخرائطي في مكارم الأخلاق 2/779 ح863، والدارقطني في العلل 4/ الورقة 109 - معلقاً -، من طرقٍ عن عبد الله العمري المكبر ،
والنسائي في الكبرى 6/132 ح10347 ، ( وعمل اليوم والليلة ص162 ح517 ) ، والطحاوي في شرح المشكل 15/192 ح5940 ، والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/357 ح1786 من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض ،
والنسائي في الكبرى 6/132 ح10349 ، ( وعمل اليوم والليلة ص162 ح519 ) ، والخرائطي في مكارم الأخلاق 2/778 ح862 ، من طريق يحيى بن حمزة ،(1/5)
والنسائي في الكبرى 6/131 ح10345، ( وعمل اليوم والليلة ص161 ح515 ) ، من طريق عبدة بن سليمان ،
والنسائي في الكبرى 6/132 ح10348، ( وعمل اليوم والليلة ص162 ح518 ) ، من طريق عيسى بن يونس ،
وأحمد 2/52 ح4781 ، عن وكيع ،
وأحمد 2/38 ح 4957 ، عن مروان بن معاوية الفزاري ،
والدارقطني في العلل 4/ الورقة 109 - معلقاً - عن يحيى بن نصر، ومندل بن علي، والقاسم بن مالك ،
جميعهم ( 11 راوياً، وهم : الخريبي ، والعمري ، وأبو ضمرة ، ويحيى بن حمزة ، وعبدة ، وعيسى بن يونس ، ووكيع ، ومروان ، ويحيى بن نصر ، ومندل ، والقاسم ) عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز به بنحوه ، إلا أنه سمى شيخ عبد العزيز في رواية عبد الله بن داود ، ومروان بن معاوية : إسماعيل بن جرير، وسماه في رواية عيسى بن يونس : إسماعيل بن محمد بن سعد ، وأبهمه في رواية القاسم بن مالك فقال : عن عبد العزيز ، عن رجل ، عن قزعة ، وأسقطه في رواية يحيى بن حمزة ، ووكيع ، فجعله عن عبد العزيز، عن قزعة . وجعله في رواية العمري : عن عبد العزيز عن أبي الحجاج ، عن مجاهد ، عن ابن عمر - هكذا هو عند ابن أبي حاتم ، ولم يذكر غيره ممن خرج طريق العمري : أبا الحجاج - وبعض من رواه عن العمري أبهم اسم عبد العزيز فقال : عن رجل من قريش .
- وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 8/260 ، والنسائي في الكبرى 6/133 ح10354 ، ( وعمل اليوم والليلة ص163 ح524 ) ، من طريق سفيان الثوري ،
والنسائي في الكبرى 6/133 ح10355، وعمل اليوم والليلة ص163 ح525، من طريق إسرائيل بن يونس ،
والخرائطي في مكارم الأخلاق 2/777 ح861 ، من طريق علي بن عاصم ،
ثلاثتهم ( الثوري ، وإسرائيل ، وعلي بن عاصم ) عن أبي سنان ضرار بن مرة ،(1/6)
والنسائي في الكبرى 6/133 ح 10352 ، ( وعمل اليوم والليلة ص163 ح522 ) ، وأحمد 2/87 ح5606 ، من طريق عبد الله بن المبارك ، والنسائي في الكبرى 6/132 ح10351، ( وعمل اليوم والليلة ص163 ح521 )، من طريق عبدة بن سليمان ، وفي الكبرى - أيضاً - 6/133 ح10353 ، ( وعمل اليوم والليلة ص163 ح523 ) ، من طريق إسحاق الأزرق ، وأحمد 2/87 ح5605 عن عبد الرحمن بن مهدي ، وعبد بن حميد ( المنتخب ص270 ح855 ) عن قبيصة بن عقبة، والطبراني في الدعاء 2/1185 ح827، من طريق أبي نعيم، ستتهم ( ابن المبارك، وعبدة ، وإسحاق، وابن مهدي ، وقبيصة، وأبو نعيم ) عن سفيان الثوري ،
والنسائي في الكبرى 6/132 ح10350 ، ( وعمل اليوم والليلة ص162 ح520 ) ، والخرائطي في مكارم الأخلاق 2/777 ح860 من طريق محمد بن فضيل ،
كلاهما ( سفيان ، وابن فضيل ) عن نهشل بن مجمع الضبي ،(1/7)
كلاهما ( أبو سنان ، ونهشل ) عن قزعة ، وأبي غالب جميعاً عن ابن عمر به في رواية الثوري(1)، وعلي بن عاصم ، عن أبي سنان ، ولفظه : عن قزعة ، وأبي غالب قالا : " شيعنا ابن عمر ، فلما أردنا أن نفارقه قال : إنه ليس عندي ما أعطيكما ، ولكن أستودع الله دينكما وأمانتكما وخواتم أعمالكما ، وأقرأ عليكما السلام " هكذا موقوفاً غير مرفوع، وعن قزعة وحده في رواية ابن المبارك، وعبدة، وابن مهدي ، عن الثوري ، عن نهشل ، وكذا رواية ابن فضيل ، عن نهشل ، وعن أبي غالبٍ وحده في رواية إسحاق الأزرق ، وقبيصة ، عن الثوري ، عن نهشل ، وكذا رواية إسرائيل ، عن أبي سنان إلا أنه وقفه ، وعلى الشك في رواية أبي نعيم(2)، عن الثوري ، عن نهشل قال: عن أبي غالب ، وقزعة أو أحدهما، وكذا ذكر الشك عقب رواية ابن مهدي السابقة ، فقال : وقال نهشل مرة : عن قزعة ، أو عن أبي غالب ، ولفظه في رواية قزعة قال : كنت عند ابن عمر فلما خرجت شيعني وقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " قال لقمان الحكيم : إن الله إذا استودع شيئاً حفظه ، وإني أستودع الله دينك وأمانتك وخواتم عملك وأقرأ عليك السلام " ، وربما اختصره بعضهم ، وهو مرفوع في رواية نهشل من جميع الطرق ، لكن المزي في التحفة 6/273 ذكر رواية أبي نعيم ، عن الثوري ، عن نهشل وذكر أنها موقوفة .
__________
(1) ولكن وقع في التاريخ الكبير للبخاري قوله : عن غالب ، وأبي قزعة . وهو تصحيف ، والصواب : عن أبي غالب ، وقزعة . ولم يبين كيفية الرواية ، والظاهر أنها موقوفة كما هي عند غيره .
(2) روايته في كتاب الدعاء للطبراني ، وجاء فيه : عن أبي غالب ، وأبي قزعة سويد بن حجير ... والظاهر أن التسمية من أحد الرواة لما وقع له بدل قزعة : أبو قزعة ، اجتهد فسماه . والصواب : قزعة ، وهو ابن يحيى كما في بقية المصادر .(1/8)
- وأخرجه الترمذي 5/440 ح3442 ، والبزار ( الفتوحات الربانية 5/118) والدارقطني في الغرائب والأفراد ( الأطراف 3/520 ح3435 ) من طريق إبراهيم بن عبد الرحمن ،
والنسائي في الكبرى 6/130 ح10340 ، ( وعمل اليوم والليلة ص160ح510 ) ، وابن ماجه 2/943 ح2826، من طريق أبي محصن حصين بن نمير ، عن ابن أبي ليلى ،
والطبراني في الكبير 12/373 ح13384 ، من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر ، عن عبيد الله ، وعبد الله ابني عمر ،
أربعتهم ( إبراهيم بن عبد الرحمن ، وابن أبي ليلى ، وابني عمر ) عن نافع مولى ابن عمر ،
والنسائي في الكبرى 6/131 ح10343 ، ( وعمل اليوم والليلة ص161 ح513) ، وأبو زرعة الدمشقي في الجزء الأول من فوائده ( رواية أبي القاسم بن أبي العقب ) الورقة 8 ، وابن حبان 6/410 ح2693 ، والطبراني في الكبير 12/427 ح13571 ، والأوسط 5/60 ح4667 والدعاء 2/1185 ح228 ، ومسند الشاميين 2/52 ح906، والبيهقي 9/173، من طريق الهيثم بن حميد ، عن المطعم بن المقدام ،
والطبراني في الأسط 7/17 ح6725 ، من طريق ليث بن أبي سليم ،
والدارقطني في العلل 4/ الورقة 109 - معلقاً - عن زهير بن محمد ،
ثلاثتهم ( المطعم ، وليث ، وزهير ) عن مجاهد بن جبر ،
والمحاملي في الدعاء ص89 ح5 ، والطبراني في الأوسط 1/305 ح1027 ، والخطيب في السابق واللاحق ص106 ، من طريق ابراهيم بن عيينة ، عن إسماعيل بن رافع عن زيد بن أسلم ،
والطبراني في الأوسط 2/152 ح1551 ، من طريق شريك ، عن جابر ، عن الشعبي ،(1/9)
أربعتهم ( نافع ، ومجاهد ، وزيد ، والشعبي ) عن ابن عمر به ، ولفظه في حديث نافع " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ودع رجلاً أخذ بيده ، فلا يدعها حتى يكون الرجل هو يدع يد النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقول : أستودع الله دينك وأمانتك وآخر عملك ". ولفظ مجاهد قال: خرجت إلى العراق أنا ورجل معي ، فشيعنا عبد الله بن عمر ، فلما أراد أن يفارقنا قال :" إنه ليس معي شيء أعطيكما ، ولكن سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إذا استودع الله شيئاً حفظه ، وإني أستودع الله دينكما وأمانتكما وخواتيم عملكما " . ولفظ زيد بن أسلم :" كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ودع رجلاً من أصحابه قال : زودك الله التقوى وغفر ذنبك ولقاك الخير حيث وجهت " ، هذا لفظ الطبراني، ولفظ الخطيب نحوه ، وأحال المحاملي على سابقه وهو حديث قزعة. ولفظ الشعبي : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله إذا استودع شيئاً أداه ، وإن لقمان - عليه السلام - قال لابنه : أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك " .
ووقع في رواية إبراهيم بن عبد الرحمن ، عن نافع اختلاف فهي عند الترمذي عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن يزيد بن أمية عن نافع ، وعند البزار ، والدارقطني عن إبراهيم بن عبد الرحمن ، عن يزيد بن أمية ، عن نافع .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم وأبو زرعة الاختلاف في هذا الحديث على حنظلة بن أبي سفيان ، وهو على ثلاثة أوجه :
الوجه الأول : عن حنظلة، عن سالم ، عن أبيه، وهذه رواية سعيد بن خثيم.(1/10)
الوجه الثاني : عن حنظلة ، عن سالم ، عن القاسم ، عن ابن عمر ، وهذه رواية الوليد بن مسلم - هكذا وقعت رواية الوليد عند ابن أبي حاتم في جميع النسخ - ولم أقف عليه بذكر سالمٍ فيه عند غيره ، وإنما وقفت عليه بدون ذكر سالم، أي: عن حنظلة، عن القاسم ، عن ابن عمر ، وقد رواه عن الوليد على هذا أربعة ، وهم : عمرو بن عثمان، ومحمود بن خالد ، وأبو الوليد القرشي ، وعلي بن سهل الرملي ، كما هو رواية إسحاق ابن سليمان الرازي ، عن حنظلة .
وبناءً عليه فلعل ذكر سالم في نسخ كتاب العلل لابن أبي حاتم وهم أو سبق قلم من الناسخ ، ولعله كان في النسخة الأم التي نقلت عنها جميع النسخ المتوافرة بيدي، فإنها جميعها ترجع إلى نسخة واحدة ، كما ظهر لي من خلال المقابلة بينها .
فإن لم يكن الأمر كذلك فهو اختلاف على الوليد بن مسلم ، وروايته لهذا الحديث وهم - كما سيأتي - .
الوجه الثالث : عن حنظلة، عن عبد العزيز بن عمر ، عن يحيى بن إسماعيل بن جرير ، عن قزعة ، عن ابن عمر ، ولم يسميا أحداً روى ذلك عن حنظلة .
وقد حكم أبو حاتم ، وأبو زرعة على الوجهين الأولين بأنهما وهم . ثم رويا الحديث عن أبي نعيم ، عن عبد العزيز بن عمر، متابعاً لحنظلة على الوجه الثالث، تأييداً لترجيح الوجه الثالث على الوجهين الأولين .(1/11)
هذا ما ذهب إليه هذان الإمامان ، وقرائن الحال تؤيد ما ذهبا إليه ، وبيانه أن الوجه الأول تفرد به سعيد بن خثيم ، وقد مرت ترجمته قريباً ، وهو وإن كان وثقه غير واحد إلا أن له أغلاطاً ، وقد خالف في هذا الحديث ، ورواه على وجه لم يروه عليه غيره ، مع أنه سلك جادة معهودة وهي سالم ، عن أبيه ، وهذا مما يؤكد غلطه فيه ، وقد جعل أبو حاتم ، وأبو زرعة الحمل في ذلك على سعيد بن خثيم نفسه ، وهو كذلك ، وقد قال الترمذي بعد سياقه : حسن صحيح غريب من هذا الوجه من حديث سالم . فاستغربه من حديث سالم لأنه لم يرو إلا من هذا الطريق ، وأما تصحيحه فمدفوع بما سبق من المخالفة . والله أعلم .
وأما الوجه الثاني ، وهو رواية الوليد بن مسلم، عن حنظلة ، عن القاسم ، عن ابن عمر ، فقد حمل أبو حاتم ، وأبو زرعة الوهم فيها على الوليد بن مسلم ، وهو وإن كان ثقة إلا أنه قد وصفه غير واحد بالخطأ - كما سبق في ترجمته - ومن ذلك قول أبي داود : إذا حدث عن الغرباء يخطئ . كما في حديثه هنا ، فإن حنظلة مكي ، والوليد شامي ، وقال أحمد : كان كثير الخطأ . فلعل هذا الحديث مما أخطأ فيه .
وأما متابعة إسحاق بن سليمان الرازي للوليد على هذا الوجه ، فإنها غير ثابتة ، فقد تفرد بذلك إسحاق بن أحمد الخزاز ، ولم أقف على ترجمته ، ولم أتبين حاله .
وبناءً على هذا فلم يبق عن حنظلة إلا الوجه الثالث ، وهو الذي صوبه أبو حاتم ، وأبو زرعة، وهو : عن حنظلة ، عن عبد العزيز بن عمر ، عن يحيى بن إسماعيل بن جرير ، عن قزعة ، عن ابن عمر ، وقد تابع الناس حنظلة على هذا الوجه . مما يؤكد ترجيحه على غيره ، إلا أنه وقع فيه اختلاف على عبد العزيز بن عمر ، وتفصيله على الأوجه التالية :(1/12)
الوجه الأول : عن عبد العزيز بن عمر ، عن يحيى بن إسماعيل بن جرير ، عن قزعة ، عن ابن عمر ، وهذه رواية الجماعة ، وهم : حنظلة بن أبي سفيان ، وأبو نعيم الفضل بن دكين ، وأبو ضمرة أنس بن عياض ، وعبدة بن سليمان ، ويحيى بن نصر بن حاجب ، ومندل بن علي .
الوجه الثاني : عن عبد العزيز بن عمر، عن إسماعيل بن جرير، عن قزعة ، عن ابن عمر ، وهذه رواية عبد الله بن داود الخريبي ، ومروان بن معاوية الفزاري .
الوجه الثالث : عن عبد العزيز بن عمر ، عن إسماعيل بن محمد بن سعد ، عن قزعة ، عن ابن عمر ، وهذه رواية عيسى بن يونس .
الوجه الرابع : عن عبد العزيز بن عمر ، عن قزعة ، عن ابن عمر ، وهذه رواية وكيع ، ويحيى بن حمزة .
الوجه الخامس : عن عبد العزيز بن عمر ، عن رجل ، عن قزعة ، عن ابن عمر ، وهذه رواية القاسم بن مالك .
الوجه السادس : عن عبد العزيز بن عمر، عن مجاهد ، عن ابن عمر، أو عن أبي الحجاج ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، وهذه رواية عبد الله العمري ، وربما أبهم العمري اسم عبد العزيز .
وأصح هذه الأوجه الوجه الأول ، وهو رواية الجماعة وأكثرهم ثقات ، وهو الذي اقتصر على ذكره أبو حاتم ، وأبو زرعة في هذا الموطن ، وقدمه أبو حاتم على رواية العمري في الموطن الثاني 2/267 ح2297 فقال بعد ذكر رواية العمري : هذا خطأ ، إنما هو عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، عن يحيى بن إسماعيل بن جرير ، عن قزعة ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال ابنه : ممن الوهم ؟ قال: من العمري . وكذا رجح الوجه الأول الدارقطني بعد سياق الاختلاف ، وذكر المزي أنه الصواب ، وهو المحفوظ ( تهذيب الكمال 3/56 و31/205 ) وقد يكون بعض هذا الاختلاف من عبد العزيز بن عمر ، فقد سبق أنه يخطئ .(1/13)
وإذا كان أصح طرق هذا الحديث : عن عبد العزيز بن عمر ، عن يحيى بن إسماعيل بن جرير ، عن قزعة ، عن ابن عمر ، فإنه إسناد غير قائم لحال يحيى بن إسماعيل فقد سبق أنه لين الحديث ، ولكنه لم يتفرد به عن قزعة ، فقد روي عن قزعة من طريقين آخرين . هذا بيانهما :
أولاً : طريق نَهْشَل بن مجمِّع الضبي الكوفي ، وقد وثقه ابن معين ، وأبو داود وغيرهما . وقال أبو حاتم : لا بأس به يكتب حديثه . قال ابن حجر : صدوق . ( تهذيب الكمال 30/34 ، التقريب 7199 ) وقد اختلف على نهشل في هذا الحديث على ثلاثة أوجه ، وهي :
الوجه الأول : عن نهشل ، عن قزعة ، عن ابن عمر ، وهذه رواية محمد بن فضيل، وسفيان الثوري - فيما رواه عنه ابن المبارك ، وابن مهدي ، وعبدة بن سليمان -.
الوجه الثاني : عن نهشل، عن أبي غالب، عن ابن عمر، وهذه رواية سفيان الثوري- فيما رواه عنه إسحاق الأزرق ، وقبيصة - .
الوجه الثالث : عن نهشل ، عن قزعة ، وأبي غالب أو أحدهما - هكذا على الشك - وهذه رواية الثوري - فيما رواه عنه أبو نعيم - ، وكذا روى ابن مهدي ، عن سفيان قال : وقال نهشل مرة : عن قزعة أو عن أبي غالب ، وعلقة الدارقطني ( في العلل 4/ الورقة 109 ) عن الثوري ، عن نهشل ، عن قزعة ، وأبي غالب جميعاً .(1/14)
فتبين من هذا أنه قد رواه عن نهشل رجلان ، أحدهما محمد بن فضيل ، ولم يقع في روايته اختلاف حيث رواه عن نهشل على الوجه الأول ، وإنما وقع الاختلاف على الراوي الثاني عن نهشل ، وهو سفيان الثوري ، والظاهر أن هذا الاختلاف من نهشل نفسه ، يدل له ما جاء في رواية ابن مهدي عن سفيان قال : وقال نهشل مرة : عن قزعة أو عن أبي غالب . فنهشل قد حدث الثوري بهذا الحديث أكثر من مرة، على أكثر من وجه، فكأنه تردد فيه، وسبب ذلك أن قزعة، وأبا غالب كانا قد ودعا ابن عمر جميعاً ، فمن هنا جاء الشك ، فإما أن يكون نهشل يروي هذا الحديث عنهما جميعاً ، أو يكون إنما يرويه عن قزعة وحده ، ثم حصل له الشك ، وكأن هذا أظهر ، والله أعلم .
وعلى كل حال فهو عن نهشل من جميع طرقه مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - غير أن المزي ذكر في التحفة 6/273 رواية أبي نعيم ، عن سفيان ، عن نهشل، عن أبي غالب، وقزعة ، أو عن أحدهما عن ابن عمر موقوفاً .
ثانياً : طريق أبي سنان ضرار بن مرة الشيباني الأكبر الكوفي ، وهو ثقة ثبت ، وثقه يحيى القطان ، والنسائي . وقال أحمد : كوفي ثبت . وقال أبو حاتم ثقة ، لا بأس به . وقال العجلي : ثقة ثبت في الحديث ، مبرز، صاحب سنة . ( تهذيب الكمال 13/306 ، التقريب 2983 ) ، وقد اختلف على أبي سنان في هذا الحديث على وجهين :
الوجه الأول : عن أبي سنان ، عن قزعة ، وأبي غالب - جميعاً - عن ابن عمر موقوفاً ، وهذه رواية الثوري ، وعلي بن عاصم .
الوجه الثاني : عن أبي سنان، عن أبي غالبٍ وحده ، عن ابن عمر موقوفاً ، وهذه رواية إسرائيل بن يونس .
فلم يختلف على أبي سنان في رفعه ووقفه ، بل هو موقوف من جميع الطرق ، ولكن اختلف هل سمعه من قزعة وأبي غالب جميعاً ، أو من أبي غالب وحده ، والوجه الأول أثبت وأصح .
فتحصل مما سبق أنه قد اختلف في هذا الحديث على قزعة بن يحيى على وجهين :(1/15)
الوجه الأول : عن قزعة ، عن ابن عمر مرفوعاً ، وهذه رواية يحيى بن إسماعيل بن جرير ، ونهشل بن مجمع الضبي .
الوجه الثاني : عن قزعة ، عن ابن عمر موقوفاً ، وهذه رواية أبي سنان الشيباني .
وأبو سنان أثبت هؤلاء الثلاثة الذين رووه عن قزعة - كما سبق بيان حالهم - فإن لم تقدم روايته الموقوفة فإنها توجب التوقف في الحديث ، والله أعلم .
وإذا صحت رواية نهشل بن مجمع ، عن أبي غالب يكون قد اختلف عليه أيضاً على وجهين :
الوجه الأول : عن أبي غالب ، عن ابن عمر مرفوعاً ، وهذه رواية نهشل .
الوجه الثاني : عن أبي غالب ، عن ابن عمر موقوفاً ، وهذه رواية أبي سنان الشيباني .
وأبو سنان أثبت من نهشل فتكون روايته أرجح ، ولكنْ أبو غالب هذا قال ابن معين: لا أعرفه ، وقال ابن حجر : مستور . ( تهذيب الكمال 34/173 والتقريب 8300 ) ، وروايته هذه إن لم تؤيد وقف الحديث فلا تؤيد رفعه .
وبناءً عليه يبقى النظر في الطرق الأخرى إلى ابن عمر ، وهي كالتالي :
أولاً : طريق نافع مولى ابن عمر ، وقد روي عنه من ثلاثة طرق هذا بيانها :
الطريق الأول : طريق إبراهيم بن عبد الرحمن ، وقد اختلف فيه ، فجاء عند الترمذي في روايته ، وهي من طريق سلم بن قتيبة : عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن يزيد ابن أمية ، هكذا هو في نسخ الترمذي المطبوعة التي وقفت عليها ، وذكر ابن علان في الفتوحات الربانية 5/117 أنه في بعض نسخ الترمذي : إبراهيم بن عبد الرحمن ، غير منسوب .(1/16)
وجاء في رواية البزار ، وهي من طريق سلم بن قتيبة - أيضاً - ورواية الدارقطني - ولم يبين في الأطراف الراوي عن إبراهيم، ولعله سلم بن قتيبة أيضاً - جاء فيها :عن إبراهيم بن عبد الرحمن عن يزيد بن أمية ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال البزار : لم يرو يزيد بن أمية عن نافع إلا هذا الحديث . وقال في أطراف الغرائب : تفرد به يزيد عنه . وهذا يبعد احتمال التصحيف في هذه الرواية ، كما نبه إلى ذلك الحافظ ابن حجر فيما نقله عنه ابن علان في الفتوحات الربانية 5/118 .
فتحصل من هذا احتمالان ، أحدهما : أن يكون هذا الحديث عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن يزيد بن أمية ، وهذا ظاهر رواية الترمذي ، وإبراهيم بن عبد الرحمن هذا مجهول، ( تهذيب الكمال 2/137، التقريب 208 ) ولذا ضعفه الترمذي بقوله: هذا حديث غريب من هذا الوجه ، وروي هذا الحديث من غير وجهٍ عن ابن عمر .
والاحتمال الثاني : أن يكون عن إبراهيم بن عبد الرحمن ، عن يزيد بن أمية، وهذا ظاهر رواية البزار ، والدارقطني وظاهر صنيع البخاري ، حيث ترجم في التاريخ الكبير 1/297 لإبراهيم بن عبد الرحمن ، وذكر أنه يروي عن يزيد بن أمية ، قال الحافظ بن حجر : وبالجملة لم أعرف لإبراهيم ولا ليزيد - إن ثبت أن له رواية - جرحاً ولا تعديلاً ( الفتوحات الربانية 5/118 ) وقد سبق نقل كلام البزار ، والدارقطني - أيضاً - .(1/17)
وقد ذكر المزي في التحفة 6/54 احتمال أن يكون إبراهيم بن عبد الرحمن بن الحارث ابن حاطب ، ولعله استند إلى ما في ثقات ابن حبان 6/18 ، حيث ذكره ابن حبان معتمداً على ما في تاريخ البخاري الكبير 1/298 ، وهو موطن مشكل يرد فيه احتمال السقط والتداخل بين ترجمتين ، وهما: ترجمة إبراهيم بن عبد الرحمن راوي هذا الحديث ، وترجمة إبراهيم بن عبد الله بن الحارث بن حاطب ، كما أشار إلى ذلك محقق التاريخ الكبير العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني - رحمه الله - وليس لإبراهيم بن عبد الرحمن بن الحارث بن حاطب ذكر في كتب الرجال الأخرى كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر . ( لسان الميزان 1/76 ) .
وعلى جميع هذه الاحتمالات فإن هذا طريق غير صحيح ولا ثابت عن نافع ، والله أعلم .
الطريق الثاني : طريق ابن أبي ليلى ، وهو محمد بن عبد الرحمن ، وقد أثنى عليه الأئمة في فقهه وعلمه وتقواه ، إلا أنه كان سيئ الحفظ مضطرب الحديث كما قال الإمام أحمد . وقال شعبة : ما رأيت أحداً أسوأ حفظاً من ابن أبي ليلى . وقال - أيضاً -: أفادني ابن أبي ليلى أحاديث فإذا هي مقلوبة . وضعفه يحيى القطان . وقال ابن معين : ليس بذاك . وقال النسائي : ليس بالقوي . وقال أبو زرعة : ليس بأقوى ما يكون . وقال أبو حاتم : محله الصدق ، كان سيئ الحفظ ، شغل بالقضاء فساء حفظه ، لا يتهم بشيء من الكذب ، إنما ينكر عليه كثرة الخطأ ، يكتب حديثه ولا يحتج به ... لخص حاله ابن حجر بقوله : صدوق سيئ الحفظ جداً . ( تهذيب الكمال 25/622، تهذيب التهذيب 3/627، التقريب 6081) .
والراوي عنه في رواية ابن ماجه: ابن محيصن ، وفي رواية النسائي: أبو محصن، وذكر المزي في التحفة 6/228 أنه أبو محصن حصين بن نمير ، فإن كان كذلك فهو لا بأس . ( تهذيب التهذيب 1/446 والتقريب 1389 ) .
والحاصل أن هذا الطريق - أيضاً - لا يصح عن نافع لحال ابن أبي ليلى، والله أعلم .(1/18)
الطريق الثالث : طريق عبيد الله ، وعبد الله ابني عمر العمريين ، عن نافع ، وقد تفرد به عنهما عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر العمري ، قال أحمد : أحاديثه مناكير ، كان كذاباً . وقال ابن معين : ليس بشيء . وقال أبو زرعة : متروك الحديث . وقال أبو حاتم : كان يكذب ، وهو متروك الحديث . وفيه كلام غير ذلك ، قال ابن حجر: متروك. ( تهذيب التهذيب 2/525 ، التقريب 3922 ) فمثل هذا الطريق لا يلتفت إليه .
فهذه ثلاثة طرقٍ عن نافع لا يثبت منها شيء ، ونافع ممن سارت بحديثه الركبان فإذا لم يرو عنه إلا بمثل هذه الطرق علم أنه ليس من حديثه ، والله أعلم .
ثانياً : مجاهد بن جبر المكي ، وقد روي عنه من ثلاثة طرقٍ - أيضاً - ، وهي :
الطريق الأول : طريق المطعم بن المقدام الصنعاني الشامي ، وثقه ابن معين . وقال أبو حاتم : لا بأس به . قال الذهبي : ثقة نبيل . وقال ابن حجر : صدوق . ( الكاشف 2/150 ، تهذيب التهذيب 4/92 ، التقريب 6708 ) ، وقد تفرد بالرواية عنه الهيثم بن حميد النسائي ، ولذا قال الطبراني بعد سياقه : لم يرو هذا الحديث عن المطعم إلا ابن حميد . والهيثم بن حميد وثقه ابن معين ، وأبو داود ، وقال : قدري . وقال النسائي : لا بأس به . وقال أحمد : لا أعلم إلا خيراً . وضعفه أبو مسهر وتكلم في حفظه . قال الحافظ : صدوق ، رمي بالقدر . ( تهذيب التهذيب 4/295 ، التقريب 7362 ) ، وقد صحح ابن حبان حديث المطعم هذا - كما سبق في التخريج - .(1/19)
الطريق الثاني : طريق ليث بن أبي سليم الكوفي، وقد ضعفه غير واحد من الأئمة، قال أحمد : مضطرب الحديث . وقال أبو حاتم ، وأبو زرعة : ليث لا يشتغل به ، هو مضطرب الحديث . وقال أبو زرعة - أيضاً - : ليث بن أبي سليم لين الحديث لا تقوم به الحجة عند أهل العلم بالحديث . وقال الحاكم أبو عبد الله : مجمع على سوء حفظه . وهو مع ذلك معروف بالصلاح والعبادة والخير ، لخص الحافظ ابن حجر حاله بقوله : صدوق اختلط جداً ، ولم يتميز حديثه فترك . ( تهذيب التهذيب 3/484، التقريب 5685 )، ومع ذلك فالطريق إليه طريق فرد غريب ، لم يخرجه غير الطبراني ، وقال : لم يرو هذا الحديث عن معاوية بن سلمة إلا محمد بن عيسى بن سميع ، تفرد به هشام بن عمار . فمثل هذا الطريق لا يعتد به .
الطريق الثالث : طريق زهير بن محمد التميمي ، أبو المنذر الخراساني ، وثقه أحمد وغيره ، وتكلم فيه آخرون ، فقد استنكرت عليه أحاديث . قال أحمد : كأن زهيراً الذي روى عنه أهل الشام زهير آخر . وقال البخاري : ما روى عنه أهل الشام فإنه مناكير، وما روى عنه أهل البصرة فإنه صحيح . وقال أبو حاتم: محله الصدق ، وفي حفظه سوء ، وكأن حديثه بالشام أنكر من حديثه بالعراق لسوء حفظه ، فما حدث به من حفظه ففيه أغاليط ، وما حدث من كتبه فهو صالح . وفيه كلام غير ذلك . ( تهذيب الكمال 9/414 ، تهذيب التهذيب 1/639 ، التقريب 2049 ) ، ولم أقف على من أخرج روايته موصولة ، وإنما علقها الدارقطني عنه ، فلا أدري أمن حديثه في العراق أم في الشام ، ولا أدري أسمع من مجاهد أم لا ، فلم يذكر المزي له رواية عن مجاهد ، وعلى كل حال فهي رواية غير ثابتة .
فهذه ثلاثة طرق عن مجاهد ، أصحها طريق المطعم بن المقدام ، مع ما فيه من التفرد ، وقد مرَّ ذكر مجاهد في الاختلاف على عبد العزيز بن عمر ، وتبين أنه لا يصح ذكره هناك .(1/20)
ثالثاً: زيد بن أسلم ، وقد تفرد بالرواية عنه إسماعيل بن رافع بن عويمر الأنصاري، وهو ضعيف ، ضعفه جمهور الأئمة ، كأحمد ، وابن معين ، وابن سعد ، والنسائي ، والعجلي ، والعقيلي وغيرهم ، ( تهذيب التهذيب 1/149، التقريب 442) وتفرد عن إسماعيل : إبراهيم بن عيينة الهلالي ، وهو صدوق يهم ، قال ابن معين : كان مسلماً صدوقاً ، لم يكن من أصحاب الحديث . وقال أبو حاتم : شيخ يأتي بمناكير . وقال النسائي : ليس بالقوي . ( تهذيب التهذيب 1/79 ، التقريب 227 ) ، وبهذا يعلم عدم صحة هذا الحديث عن زيد بن أسلم .
رابعاً : عامر بن شراحيل الشعبي ، وقد تفرد عنه جابر بن يزيد الجعفي ، أبو عبد الله الكوفي ، وضعفه مشهور ، وقد اتهمه غير واحد بالكذب ، قال أحمد : تركه يحيى ، وعبد الرحمن . قال ابن حجر : ضعيف رافضي . ( تهذيب التهذيب 1/283، التقريب 878 ) ، وتفرد عن جابر : شريك بن عبد الله النخعي القاضي ، وهو مختلف فيه ، وثقه قوم ، منهم يحيى بن معين ، وضعفه آخرون ، ومن وثقه أشار إلى وهمه وسوء حفظه ، ويشتد ذلك إذا خالف أو تفرد ، ومع ذلك فهو صدوق في نفسه ، وعالم ، لخص الحافظ حاله بقوله : صدوق يخطئ كثيراً ، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة ، وكان عادلاً فاضلاً عابداً ، شديداً على أهل البدع . ( تهذيب الكمال 12/462، الميزان 2/270، التقريب 2787 )، ولذا قال الطبراني بعد سياقه: لم يرو هذا الحديث عن الشعبي إلا جابر ، ولا عن جابر إلا شريك ، تفرد به الفضل . فمثل هذا الإسناد لا يعتد به .
وبهذا يعلم أن الطرق عن ابن عمر ليس فيها كبير شيء يعتمد عليه ، وأقواها طريق المطعم بن المقدام عن مجاهد ، وجملة التوديع فيه غير مرفوعة - كما سبق سياق لفظه - وهذا يؤيد وقف حديث قزعة السابق ، والله أعلم .(1/21)
5/791 - سألت أبي عن حديث رواه عباد بن العوام ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس : أن أم سليم حاضت بعدما أفاضت يوم النحر ، فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تنفر . قال أبي : هذا خطأ، إنما هو : قتادة ، عن عكرمة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل في قصة صفية(1). رواه الدستوائي وغيره، وهذا هو الصحيح(2).
دراسة الرواة :
* عباد بن العوام الكلابي ، مولاهم ، أبو سهل الواسطي ، ( 118- 185 ) أو نحوها ، روى عن : حميد الطويل ، وإسماعيل بن أبي خالد ، وسعيد بن أبي عروبة وغيرهم ، وعنه : أحمد ، وسعيد بن سليمان الواسطي وغيرهما .
وثقه ابن سعد ، وابن معين ، والعجلي ، وأبو داود ، والنسائي وأبو حاتم وغيرهم ، وقال أحمد : كان يشبه أصحاب الحديث. وقال - أيضاً -: مضطرب الحديث عن سعيد ابن أبي عروبة .
قال ابن حجر : [ ثقة ] ، وهو كما قال ، لكن يلاحظ ما في روايته عن سعيد ، ولذا لم يخرج له البخاري عن سعيد شيئاً ، كما ذكر ذلك الحافظ في هدي الساري، ولعل اضطرابه في حديث سعيد بن أبي عروبة لأنه سمع منه بعد الاختلاط ، فإني لم أقف على من ذكر أنه سمع منه قبل الاختلاط . والله أعلم .
طبقات ابن سعد 7/330 ، تاريخ الدوري 2/292 ، ثقات العجلي ص247، سؤالات الآجري 2/78 ، الجرح والتعديل 6/83 ، تهذيب الكمال 14/140 ، شرح علل الترمذي 2/746 ، هدي الساري ص433 ، تهذيب التهذيب 2/279 ، التقريب 3138 .
__________
(1)
(1) صفية بنت حيي بن أخطب الإسرائيلية ، أم المؤمنين ، تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد خيبر ، وماتت في خلافة معاوية على الصحيح ( السمط الثمين ص203 ، التقريب 8621 ) .
(2) سوف تأتي هذه المسألة مرة ثانية من الطريق نفسه برقم 32/809 .(1/1)
* سعيد بن أبي عروبة - واسمه مهران - العدوي ، مولاهم ، أبو النضر البصري ، مات سنة 156، وقيل بعدها ، روى عن : قتادة ، وأيوب ، والحسن البصري وغيرهم ، وعنه : عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، ويزيد بن زريع ، وعباد بن العوام وغيرهم .
ثقة حافظ، متفق عليه ، بل هو أثبت الناس في قتادة ، كما قاله غير واحد من الأئمة، ولكن وقع له أمران : أحدهما : التدليس ، كما ذكر ذلك النسائي ، والبزار ، وابن عدي وغيرهم ، قال النسائي : ذكر من حدث عنه سعيد بن أبي عروبة ولم يسمع منه ... ثم ذكرهم ، وقال البزار : يحدث عن جماعة لم يسمع منهم ، فإذا قال سمعت وحدثنا كان مأموناً على ما قال . وذكر ابن عدي أنه ثبت عن كل من حدث عنه ، قال : إلا من دلس عنهم ، وهم الذين ذكرتهم ممن لم يسمع منهم . وظاهر هذا العبارات أنهم أرادوا بالتدليس الإرسال الخفي ، وقد قال ابن معين : كان يرسل .
الثاني : الاختلاط ، كما ذكر ذلك غير واحد من الأئمة ، كابن سعد ، وابن معين ، وأبي حاتم ، وأبي داود وغيرهم ، وهو أمر متفق عليه ، ولكن اختلفوا في تحديد وقته ، وفي تمييز بعض من سمع منه ، هل هو بعد الاختلاط أو قبله ، وليس هذا موطن تفصيل ذلك .
لخص الحافظ حاله بقوله: [ ثقة حافظ، له تصانيف، كثير التدليس ، واختلط، وكان من أثبت الناس في قتادة ] ، وهو كما قال، لكن يلاحظ ما سبق في التدليس ، وقد جعله الحافظ - نفسه - في المرتبة الثانية من المدلسين .
طبقات ابن سعد 7/273، سؤالات الآجري 1/349، الجرح والتعديل 4/65، الكامل 3/393، تهذيب الكمال 11/5 ، تهذيب التهذيب 2/33 ، التقريب 2365 ، طبقات المدلسين ص50 ، الكواكب النيرات ص190 .
* قتادة بن دعامة السدوسي، أبو الخطاب البصري، ( 61 – 117 ) أو بعدها بيسير، يقال: ولد أكمه، روى عن : أنس بن مالك، وعبد الله بن سرجس، وعكرمة وغيرهم، وعنه : سعيد بن أبي عروبة ، وهشام الدستوائي ، وشعبة وغيرهم .(1/2)
إمام حافظ متقن ، قال ابن سيرين : قتادة هو أحفظ الناس . وقال أبو حاتم : سمعت أحمد بن حنبل ، وذكر قتادة فأطنب في ذكره ، فجعل ينشر من علمه وفقهه ومعرفته بالاختلاف والتفسير ، ووصفه بالحفظ والفقه ، وقال : قل ما تجد من يتقدمه ، أمَّا المثل فلعلَّ .
وقد رمي بالقدر ، قال ابن سعد : كان ثقة مأموناً حجة في الحديث ، وكان يقول بشيء من القدر . وكان - أيضاً - يدلس ، قال شعبة : كان قتادة إذا جاء ما سمع قال : حدثنا ، وإذا جاء مالم يسمع قال : قال فلان . وقد ذكر تدليسه غيره من الأئمة .
قال ابن حجر : [ ثقة ثبت ] ، وهو كما قال ، ولكن يلاحظ تدليسه ، وقد جعله الحافظ - نفسه - في المرتبة الثالثة .
طبقات ابن سعد 7/229 ، المعرفة والتاريخ 3/209 ، الجرح والتعديل 7/133 ، تهذيب الكمال 23/498 تهذيب التهذيب 3/428 ، التقريب 5518 ، طبقات المدلسين ص67 .
* أنس بن مالك الأنصاري الخزرجي ، أبو حمزة المدني ، ثم البصري ، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخادمه ، خدمه نحو عشر سنين ، ودعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبركة في ماله وولده ، وغزا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو ثمان غزوات ، وأمه أم سليم الأنصارية ، صحابية مشهورة ، مات بعد التسعين ، وله مائة سنة ، أو أكثر ، وهو آخر من مات من الصحابة بالبصرة .
معرفة الصحابة لأبي نعيم 1/231 ، تهذيب الكمال 3/353 ، الإصابة 1/71 ، التقريب 565 .
* عكرمة القرشي الهاشمي ، أبو عبد الله المدني ، مولى عبد الله بن عباس ، أصله من البربر من أهل المغرب، مات سنة 104هـ وقيل بعدها، روى عن : ابن عباس مولاه، وعلي ، وأبي هريرة وغيرهم ، وعنه : قتادة ، وأيوب ، وأبو إسحاق السبيعي وغيرهم .
لا شك في حفظه وإتقانه وعلمه، وقد أثنى عليه جماعة كثيرون من الأئمة، ووثقوه، قال الشعبي : ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة . وقال أيوب: لو لم يكن عندي ثقة ما كتبت عنه .(1/3)
ولكن تكلم فيه آخرون ، منهم مالك ، وتولى الدفاع عنه غيرهم ، قال الحافظ ابن حجر في هدي الساري : احتج به البخاري ، وأصحاب السنن ، وتركه مسلم فلم يخرج له سوى حديث واحد في الحج مقروناً بسعيد بن جبير، وإنما تركه مسلم لكلام مالك فيه، وقد تعقب جماعة من الأئمة ذلك ، وصنفوا في الذب عن عكرمة ، منهم : أبو جعفر بن جرير الطبري ، ومحمد بن نصر المروزي ، وأبو عبد الله بن منده ، وأبو حاتم ، وابن حبان ، وأبو عمر بن عبد البر ... فأما أقوال من وهاه فمدارها على ثلاثة أشياء : على رميه بالكذب ، وعلى الطعن فيه بأنه كان يرى رأي الخوارج ، وعلى القدح فيه بأنه كان يقبل جوائز الأمراء ، فهذه الأمور الثلاثة يدور عليها جميع ما طعن به فيه .
فأما البدعة فإن ثبتت عليه فلا تضر حديثه ، لأنه لم يكن داعية ، مع أنها لم تثبت عليه .
وأما قبول الجوائز فلا يقدح - أيضاً - إلا عند أهل التشديد ، وجمهور أهل العلم على الجواز ، كما صنف في ذلك ابن عبد البر .
وأما التكذيب فسنبين وجوه رده بعد حكاية أقوالهم ، وأنه لا يلزم من شيء منه قدح في روايته ... ثم ذهب يحكي ذلك ورده .
وقال الذهبي : ثبت، لكنه أباضي يرى السيف . وقال - أيضاً -: أحد أوعية العلم، تكلم فيه لرأيه لا لحفظه ، فاتهم برأي الخوارج ، وقد وثقه جماعة .
وقال في التقريب [ ثقة ثبت ، عالم بالتفسير ، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر ، ولا تثبت عنه بدعة ] .
الجرح والتعديل 7/7 ، تهذيب الكمال 20/264 ، الكاشف 2/276 ، الميزان 3/93 ، تهذيب التهذيب 3/134 ، هدي الساري ص446 ، التقريب 4673 .
* هشام بن أبي عبد الله ، واسمه : سنْبَر - بمهملة ، ثم نون ، ثم موحدة ، وزن جعفر - الرَّبَعي ، أبو بكر الدَّسْتوائي - بفتح الدال وسكون السين المهملتين - وربما قيل له: صاحب الدستوائي ، مات سنة 154 ، روى عن : قتادة ، وأيوب ، وحماد بن أبي سليمان وغيرهم ، وعنه : شعبة ، والقطان ، وابن مهدي وغيرهم.(1/4)
متفق على جلالته وضبطه وإتقانه، قال شعبة: هشام أحفظ مني عن قتادة . وقال أبو داود الطيالسي : هشام الدستوائي أمير المؤمنين في الحديث . وقال أبو حاتم : سألت أحمد بن حنبل عن الأوزاعي ، والدستوائي أيهما أثبت في يحيى بن أبي كثير ؟ قال : الدستوائي ، لا تسأل عنه أحداً ، ما أرى الناس يروون عن أحد أثبت منه ، أما مثله فعسى ، أما أثبت منه فلا .
قال الحافظ : [ ثقة ثبت ، رمي بالقدر ] .
الجرح والتعديل 9/59 ، تهذيب الكمال 30/215 ، تهذيب التهذيب 4/272 ، التقريب 7299 .
تخريجه :
- أخرجه أبو يعلى 5/407 ح3083 ، والطحاوي في شرح المعاني(1)2/233 ح4054 والطبراني في الأوسط 1/245 ح805 ، من طرقٍ عن سعيد بن سليمان الواسطي " سعدويه " ، عن عباد بن العوام به بنحوه .
- وأخرجه أحمد 6/430 ح27427 ، والبيهقي 5/164 ، من طريق روح بن عبادة ،
وأحمد 6/430 ح27247 ، عن محمد بن جعفر " غندر " ،
وإسحاق بن راهويه 5/79 ح2187 ، عن عبدة بن سليمان ،
ثلاثتهم ( روح ، وغندر ، وعبدة ) عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن عكرمة : أنه كان بين ابن عباس ، وزيد بن ثابت في المرأة تحيض بعدما تطوف بالبيت يوم النحر مقاولة في ذلك ، فقال زيد : لا تنفر حتى يكون آخر عهدها بالبيت، وقال ابن عباس: إذا طافت يوم النحر وحلت لزوجها نفرت، إن شاءت، ولا تنتظر ، فقالت الأنصار : يا ابن عباس إنك إذا خالفت زيداً لم نتابعك ، فقال ابن عباس : سلوا أم سليم ، فسألوها عن ذلك فأخبرت أن صفية بنت حيي بن أخطب أصابها ذلك ، فقالت عائشة : الخيبة لك حبستينا ، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرها أن تنفر ، وأخبرت أم سليم أنها لقيت ذلك ، فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تنفر .
__________
(1) وقع في المطبوع من شرح المعاني : عن أنس ، عن أم سليم أنها حاضت ، والذي في إتحاف المهرة 2/242 ، عن أنس أن أم سليم ، ولعله أصح لموافقته بقية الروايات .(1/5)
وهو من هذا الوجه في كتاب " المناسك " لسعيد بن أبي عروبة الذي يرويه عنه عبد الأعلى بن عبد الأعلى بنحو هذا السياق ( فتح الباري 6/688 ) .
- وأخرجه أحمد 6/431 ح27432 ، عن عبد الصمد ،
وأبو داود الطيالسي 3/224 ح1756 ،
والطحاوي في شرح المعاني 2/233 ح4053 ، من طريق عمرو بن أبي رزين ،
ثلاثتهم ( عبد الصمد ، وأبو داود ، وعمرو ) عن هشام الدستوائي ،
والخطيب في المتفق والمفترق 2/1035 ح631 من طريق سليمان بن أبي سليمان اليمامي ، عن يحيى بن أبي كثير ،
كلاهما ( الدستوائي ، ويحيى ) عن قتادة ، قال في رواية يحيى: عن قتادة ، عن أنس بنحو رواية عباد ، عن سعيد . وقال في رواية هشام الدستوائي : عن قتادة ، عن عكرمة بنحو القصة السابقة في اختلاف زيد ، وابن عباس .
وقد علق البخاري رواية قتادة ، عن عكرمة ، بعد رواية أيوب الآتية .
- وأخرجه البخاري 2/220 ح1758 و1759 ، والبيهقي 5/163 ، من طريق حماد بن زيد ، والطبراني في الكبير 11/319ح11867 ، من طريق عاصم بن هلال البارقي ، والطبراني فيه - أيضاً - 25/129 ح314 ، والاسماعيلي ( الفتح 3/687 ) من طريق عبد الوهاب الثقفي ، ثلاثتهم ( حماد ، وعاصم ، وعبد الوهاب ) عن أيوب السختياني ،
والبيهقي 5/163 و164 ، من طريقين عن هشيم قال : حدثنا خالد الحذاء ، وعلقه البخاري 2/220 عن خالد الحذاء ،
كلاهما ( أيوب ، وخالد ) عن عكرمة به بنحو القصة السابقة في اختلاف زيد، وابن عباس ، إلا أن أم سليم لم تذكر ذلك عن نفسها ، بل عن صفية فقط ، هذا في رواية حماد ، وعبد الوهاب، عن أيوب ، ولم يذكر عاصم في روايته عن أيوب اختلاف زيد ، وابن عباس ، وإنما ذكر قصة صفية . أما رواية خالد الحذاء ففيها ذكر اختلافهما وسؤال أم سليم دون تسمية من وقع لها ذلك ، لا صفية ولا أم سليم .
الحكم عليه :(1/6)
ذكر أبو حاتم أن حديث عباد بن العوام ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة، عن أنس، خطأ، وأن الصواب عن قتادة ، عن عكرمة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل في قصة صفية، وأنه رواه الدستوائي وغيره - يعني عن قتادة هكذا - ، وقد أعاد عليه ابنه هذه المسألة مرة أخرى - كما سيأتي برقم 23/809 - فذكر نحو هذا ، إلا أنه ذكره عن عكرمة أن أم سليم حاضت ، فقال ابنه : الخطأ ممن هو ؟ قال : لا أدري من عبادٍ هو ، أو من سعيد .
وما ذكره أبو حاتم من أن حديث عباد هذا خطأ قد وافقه عليه غيره من الأئمة ، ففي علل المروذي ص149 ح265 : ذكر ت - يعني لأحمد بن حنبل - حديث عباد ، عن ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس أن صفية حاضت بعدما طافت . فقال أحمد : أخطأ فيه عباد ، إنما هو قتادة ، عن عكرمة .
وسئل الدارقطني عن هذا الحديث فقال : يرويه عباد بن العوام ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس ، وغيره يرويه عن سعيد ، عن قتادة مرسلاً ، وهو الصحيح ... ( العلل 4/ الورقة 27) .
فاتفق هؤلاء الأئمة على أن حديث عباد خطأ ، ولكن أبا حاتم لم يجزم بالذي يحمل عليه الخطأ، فتردد في ذلك بين عباد ، وسعيد بن أبي عروبة، وقد جزم أحمد بأن الخطأ من عباد بن العوام ، وكأن عبارة الدارقطني تدل على ذلك - أيضاً - ، وقد سبق قول أحمد في عباد أنه مضطرب الحديث عن سعيد بن أبي عروبة ، فلعل هذا من اضطرابه ، ولذا قال الحافظ ابن حجر : وقد شذ عباد بن العوام ، فرواه عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس . ( الفتح 3/688 ) .(1/7)
ويؤيد الحمل على عباد في ذلك أنه قد تفرد به عن سعيد بن أبي عروبة ، ولذا قال الطبراني بعد سياقه ، لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا سعيد ، تفرد به عباد بن العوام . ثم إنه قد خولف ، فرواه الجماعة ، وهم : روح ، وغندر ، وعبدة بن سليمان ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن عكرمة - كما سبق في التخريج - ، وهو أيضاً كذلك في كتاب المناسك لسعيد بن أبي عروبة رواية عبد الأعلى بن عبد الأعلى عنه . فهؤلاء أربعة رووه عن سعيد بن أبي عروبة على الصواب ، وهذا مما يؤكد الحمل في ذلك على عباد بن العوام . والله أعلم .
ولا يعترض على ذلك برواية يحيى بن أبي كثير ، عن قتادة ، عن أنس ، فإنها رواية ساقطة، لا يلتفت إليها، تفرد بها سليمان بن أبي سليمان الزهري اليمامي، قال بعضهم: هو ابن داود صاحب يحيى بن أبي كثير ، قال ابن معين: ليس بشي . وقال البخاري : منكر الحديث . وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث ، منكر الحديث، ما أعلم له حديثاً صحيحاً . وبعضهم فرقهما كالبخاري ، وتبعه أبو حاتم وقال فيه - أيضاً -: شيخ ضعيف . وكذا ابن عدي ، وقال فيه : يروي عن يحيى بن أبي كثير أحاديث ليست بمحفوظة ، ثم قال : وفي بعض أحاديثه ورواياته عن يحيى بعض الإنكار مما لا يرويه عن يحيى غيره ، ولم أر للمتقدمين فيه كلاماً من صدقٍ أو ضعفٍ . فهو على الاحتمالين جميعاً ضعيف لا تقبل روايته ، ( انظر : التاريخ الكبير 4/11 و19 ، الجرح والتعديل 4/110 و122 ، والكامل 3/259 و 276 ، والموضح للخطيب 1/119 ، واللسان 3/83 و95 ) .
وإذا كان الأمر كذلك ، فإن الصحيح جعله عن قتادة ، عن عكرمة ، وقد نص أبو حاتم - في الموطنين جميعاً - على أنه مرسل ، فلعله يعني بذلك أن عكرمة لم يسمعه من أم سليم ، وهو كذلك - كما سبق في التخريج - إلا أن قصة اختلاف زيد ، وابن عباس غير مرسلة ، بل متصلة ، وهي تدل على ثبوت خبر أم سليم ، ولذلك أخرجه البخاري في الصحيح من حديث عكرمة .(1/8)
وأما كون أبي حاتم ذكر مرة قصة صفية ، ومرة قصة أم سليم ، فذلك لأن أم سليم ذكرت القصتين جميعاً - كما سبق في سياق لفظ الحديث - فاقتصر أبو حاتم على إحدى القصتين مرة ، وعلى الثانية مرة أخرى .
هذا ، ثم إن قصة اختلاف زيد ، وابن عباس قد ثبتت من غير طريق عكرمة ، فأخرج مسلم 4/93 ح1328، والنسائي في الكبرى 2/467 ح4201 ، وأحمد 1/246 ح1990 و1/348 ح3256 ، والشافعي في الأم 2/275 وفي الرسالة ص439 فقرة 1216 وأبو عوانة 2/326 ح3313 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/233 ح4052 ، والاسماعيلي في مستخرجه ( الفتح 3/688) ، وأبو نعيم في المستخرج 3/402 ح3073 ، والبيهقي 5/163 ، من طرقٍ عن ابن جريج ، عن الحسن بن مسلم ، عن طاووس ، عن ابن عباس به بنحو قصة عكرمة ، إلا أنه لم يصرح باسم أم سليم ، بل قال : فلانة الأنصارية ، ولم يذكر قصة صفية .
وزاد الاسماعيلي في إسناده عن ابن جريج قال : وقال عكرمة بن خالد ، عن زيد بن ثابت ، وابن عباس نحوه ، وصرح بأن المسؤولة أم سليم وصواحبها ، وقد أخرج أحمد 6/431 ح27431 هذه الرواية عن روح ، عن ابن جريج ، لكنها مختصرة .
وقد رويت قصة أم سليم من غير هذا الطريق ، فأخرج مالك 1/330 ح229 - ومن طريقه إسحاق بن راهويه 5/85 ح2163 ، والطبراني في الكبير 25/128 ح312 - عن عبد الله بن أبي بكر ، عن أبيه ، عن أبي سلمة بنحو حديث الباب ، وسقط من إسناد الطبراني قوله " عن أبيه " وانظر علل الدارقطني 5/ الورقة 220 .
وأما قصة صفية فهي ثابتة في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة أم المؤمنين من وجوه متعددة عنها ، انظر صحيح البخاري 1/90 ح328 و2/174 ح1561 و2/214 ح1733 و2/220 ح1757 و1762 و2/223 ح1771 و1772 و5/223 ح4401 و7/75 ح5329 و8/45 ح 6157 ، وصحيح مسلم 4/33ح1211 و4/93-95 ح1211 والمسند الجامع 19/619 ح16499 و 19/620 ح16500 و16501 و19/637 ح16512 ، والله أعلم .(1/9)
6/792- سألت أبي عن حديث رواه سعيد بن سليمان ، عن عبد الله بن المؤمل ، عن عطاء ، عن صفية ابنة شيبة ، عن حبيبة ابنة أبي تجراة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في السعي بين الصفا والمروة ، قال أبي : رواه غير سعيد ، عن عبد الله بن المؤمل ، فقال : عن عمر بن عبد الرحمن بن مُحَيْصِن(1)، عن صفية ابنة شيبة(2)، عن حبيبة ابنة أبي تَِجْرَاة . وأما الشافعي فروى عن ابن المؤمّل ، عن عمر(3)بن عبد الرحمن بن محيصن (1)، عن عطاء ، عن صفية بنت شيبة ، عن حبيبة بنت أبي تَِجْرَاة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
دراسة الرواة :
* سعيد بن سليمان الضبي ، أبو عثمان الواسطي ، ثم البغدادي ، البَزَّاز ، لقبه " سعدويه " مات سنة 225، وقد عاش مائة سنة ، روى عن حماد بن سلمة ، والليث بن سعد ، وعبد الله بن المؤمل وغيرهم ، وعنه : البخاري ، وأبو داود ، والحسن بن محمد الزعفراني وغيرهم .
متفق على توثيقه ، قال أبو حاتم الرازي : ثقة مأمون ، ولعله أوثق من عفان - إن شاء الله - .
قال ابن حجر : [ ثقة حافظ ] .
الجرح والتعديل 4/26 ، تهذيب الكمال 10/483 ، تهذيب التهذيب 2/24 ، التقريب 2329 .
* عبد الله بن المؤمل القرشي المخزومي ، المدني ، ويقال : المكي ، مات سنة 160 روى عن : عطاء بن أبي رباح ، وابن جريج ، وابن محيصن السهمي وغيرهم، وعنه : الشافعي ، وسعدويه ، وأبو نعيم وغيرهم .
اختلف فيه كلام ابن معين ، فقال - في رواية -: صالح الحديث . وقال في أخرى : ليس به بأس ، ينكر عليه الحديث . وضعفه في رواية الجماعة عنه . وقال ابن سعد : ثقة قليل الحديث . ووثقه ابن نمير .
__________
(1) في ( ت ، م ، ط ) :" محيض " بالضاد ، وحذف النون ، وهو تصحيف .
(2) في ( س ) :" عن صفية ابنة شيبة ، عن صفية ، عن بنت أبي تجراة ". وفي ( ح ) :" عن صفية ابنة أبي تجراة " وهو خطأ ، والصواب ما أثبت .
(3) في ( س ) :" عمرو بن عبد الرحمن " وهو خطأ .(1/1)
وأما أكثر الأئمة فعلى توهينه ، قال أحمد : أحاديثه مناكير . وقال - أيضاً -: ليس هو بذاك . وقال أبو زرعة وأبو حاتم : ليس بقوي . وقال أبو داود : منكر الحديث . وقال النسائي : ضعيف . وقال ابن عدي : وعامة ما يرويه الضعف عليه بيِّن . وضعفه غيرهم .
أما ابن حبان فظنه اثنين ، ذكر أحدهما في الثقات ، وذكر الآخر في المجروحين ، وليس الأمر كما ظنَّ .
لخص الحافظ حاله بقوله : [ ضعيف الحديث ] .
طبقات ابن سعد 5/494 ، تاريخ الدوري 2/333 ، تاريخ الدارمي ص142، العلل ومعرفة الرجال 1/567 ، الضعفاء والمتروكون للنسائي ص63، الجرح والتعديل 5/175 ثقات ابن حبان 7/28 ، المجروحين 2/28 ، الكامل 4/135 ، تهذيب الكمال 16/187 ، تهذيب التهذيب 2/440 ، التقريب 3648.
* عطاء بن أبي رباح - واسمه أسلم - القرشي ، مولاهم ، أبو محمد المكي ، مات سنة 114 ، روى عن : ابن عباس ، وابن عمر ، وجابر وغيرهم ، وعنه : مجاهد ، والزهري ، وابن جريج وغيرهم .
متفق على إمامته وجلالته وعلمه وإتقانه ، قال الأوزاعي : مات عطاء يوم مات وهو أرضى أهل الأرض عند الناس .
وقال ابن حجر : [ ثقة فقيه فاضل ، لكنه كثير الإرسال ] .
المعرفة والتاريخ 1/702 ، تهذيب الكمال 20/69 ، تهذيب التهذيب 3/101 ، التقريب 4591 .
* صفية بنت شيبة بن عثمان القرشية العبدرية ، اختلف في صحبتها ، ففي صحيح البخاري - تعليقاً -: وقال أبان بن صالح ، عن الحسن بن مسلم بن يناق ، عن صفية بنت شيبة سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ... . قال ابن حجر - في الإصابة - : وأبعد من قال : لا رؤية لها ، فقد ثبت حديثها في صحيح البخاري - تعليقاً - ثم ذكره، ثم ساق لها حديثاً آخر في رؤيتها للنبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح - وسيأتي برقم 73/859- .(1/2)
وقد ذكر المزي أن حديث أبان بن صالح لو صح لكان صريحاً في سماعها من النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لكن في إسناده أبان بن صالح ، وهو ضعيف . وقد تعقبه الحافظ ابن حجر - في الفتح - وذكر أنه غير ضعيف .
ثم ذكر المزي حديثها الآخر ، وقال : هذا الحديث يضعف قول من أنكر أن تكون لها رؤية ، فإن إسناده حسن ، والله أعلم .
هذا، ولها حديث آخر في البخاري -أيضاً - ولكن ليس فيه تصريحها بالسماع، وهو حديث منصور بن صفية ، عن أمه " أولم النبي - صلى الله عليه وسلم - على بعض نسائه بمدين من شعير " وقد اختلف في إسناده ، فبعضهم يذكر فيه عائشة ، ولكن البخاري لم يسقه إلا من حديث صفية ، فالظاهر أن البخاري يرى ثبوت صحبتها وسماعها من النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقد خالفه غير واحد ، فحكم النسائي بأنه حديث مرسل ، وقال الدارقطني : هذا من الأحاديث التي تعد فيما أخرج البخاري من المراسيل. وقال البرقاني: وصفية بنت شيبة ليست بصحابية، وحديثها مرسل ، وإن كان البخاري أخرجه ، ثم ذكر قول النسائي . وكذا قال إسماعيل القاضي . وإلى ذلك مال الذهبي .
وقد جزم بأنها تابعية غير واحدٍ - أيضاً - كابن سعد ، والعجلي فقال : تابعية ثقة . وابن حبان حيث ذكرها في ثقات التابعين .
قال في التقريب: لها رؤية ، وحدثت عن عائشة وغيرها من الصحابة ، وفي البخاري التصريح بسماعها من النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنكر الدارقطني إدراكها .
صحيح البخاري ( مع الفتح 3/253 ح1349 و9/146 ح5172 ) ، ثقات العجلي ص520 ، ثقات ابن حبان 4/386 ، أسد الغابة 5/328 ، تهذيب الكمال 35/211 ، تحفة الأشراف 11/342-343 ، الكاشف 3/474 ، تهذيب التهذيب 4/678 ، الإصابة 4/348 ، التقريب 8622 .(1/3)
* حبيبة - وقيل : حُبَيِّبَة بالتصغير ، وقيل حَيِيَّة وزن حبيبة - بنت أبي تجراة - بفتح المثناة الفوقية ، وسكون الجيم ، وفتح الراء ، وبعد الألف هاء . وقيل بكسر التاء ، ضبطه على الأول الدارقطني ، وابن ناصر الدين ، وعلى الثاني ابن حجر في التبصير وفي إحدى نسخه كالأول ، واختلفت المصادر الأخرى في شكله على هذين الوجهين وغيرهما - العبدرية الشيبية ، قال ابن سعد : ويقولون إنها من الأزد ، حلفاء بني عبد الدار ، ولهم فيهم ولادات .
وليس لحبيبة إلا هذا الحديث ، وقد وقع في اسمها اختلاف واضطراب - وسيأتي بيانه في التخريج - وهذا أصح ما جاء فيه .
انظر : طبقات ابن سعد 8/246-247 ، المؤتلف والمختلف للدارقطني 1/315 ، المعرفة لأبي نعيم 6/3275 و3281 و3296 ، الاستيعاب (بهامش الإصابة) 4/274، أسد الغابة 5/228 و232 و527، توضيح المشتبه 2/29 ، الإصابة 4/250 و269 ، تهذيب التهذيب 4/705 ، تعجيل المنفعة ص555 .
* عمر بن عبد الرحمن بن محيصن - بمهملتين ، مصغراً آخره نون - القرشي السهمي ، مولاهم ، أبو حفص المكي ، قال البخاري : ومنهم من قال : محمد بن عبد الرحمن . وقال ابن معين : اختلف في اسم ابن محيصن . وذكر الذهبي في اسمه ستة أقوال .
وهو قارئ أهل مكة ، قال مجاهد : ابن محيصن يبني ويرص ، يعني : أنه عالم بالأثر والعربية . وذكره ابن حبان في الثقات . ولم يذكر البخاري ، وابن أبي حاتم فيه جرحاً ولا تعديلاً .
قال الذهبي في معرفة القراء الكبار : وهو في الحديث ثقة . وقال في الميزان : ما علمت به بأساً في الحديث ، وقد احتج به مسلم ... ولكن ليس هو بعمدة في القراءات .
وقال ابن حجر : [ مقبول ] .
التاريخ الكبير 6/173 ، الجرح والتعديل 6/121 ، ثقات ابن حبان 7/178 ، تهذيب الكمال 21/429 ، الميزان 3/218 ، معرفة القراء الكبار 1/98 ، تهذيب التهذيب 3/239 ، التقريب 4938.(1/4)
* الشافعي ، وهو محمد بن إدريس بن العباس المطلبي القرشي ، أبو عبد الله المكي، ثم المصري ، ( 150- 204 ) روى عن : مالك، وإبراهيم بن سعد ، ومسلم بن خالد وغيرهم ، وعنه : أحمد بن حنبل ، والحميدي ، والربيع بن سليمان المرادي وغيرهم .
إمام عصره ، وفريد دهره ، متفق على إمامته وجلالته وحفظه وإتقانه ، وإليه ينسب المذهب الفقهي المشهور ، ومناقبه كثيرة شهيرة ، أُفْرِدَت فيها مصنفات مستقلة، قال أحمد : ما بت منذ ثلاثين سنة إلا وأنا أدعو للشافعي وأستغفر له. وذكر أبو زرعة ، وأبو داود : أنه ليس له حديث غلط أو أخطأ فيه .
قال في التقريب : [ رأس الطبقة التاسعة ، وهو المجدد لأمر الدين على رأس المائتين ] .
آداب الشافعي ومناقبه لابن أبي حاتم ، تهذيب الكمال 24/355 ، توالي التأسيس لمعالي محمد بن إدريس لابن حجر ، تهذيب التهذيب 3/497 ، التقريب 5717 .
التخريج :
- أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة 6/2396 ح7571 ، من طريق الحسن بن علي ابن زياد ، عن سعيد بن سليمان الواسطي به ، ولفظه : عن حبيبة بنت أبي تجراة قالت : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوف بين الصفا والمروة ، والناس بين يديه، وهو وراءهم ، وهو يسعى ، حتى أرى ركبتيه من شدة السعي ، يدور به إزاره ، ويقول :" اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي " .
- وحديث الشافعي في الأم 2/324 ، وفي المسند ص372 ، ولفظه عن حبيبة بنت أبي تجراة إحدى نساء بني عبد الدار قالت : دخلت مع نسوة من قريش دار ابن أبي حسين ، ننظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يسعى بين الصفا والمروة ، فرأيته يسعى وإن مئزره ليدور من شدة السعي ، حتى إني لأقول : إني لأرى ركبتيه ، وسمعته يقول : " اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي " ولم يصرح باسم حبيبة في الأم ، بل قال : بنت أبي تجزأة - بالزاي المعجمة والهمزة - .(1/5)
وأخرجه الطبراني في الكبير 24/226 ح573، والدارقطني في السنن 2/256 ح88، وفي المؤتلف والمختلف 1/316 ، وأبو نعيم في الحلية 9/158-159 ، من طريق أحمد ابن حنبل ،
والدارقطني في السنن 2/256 ح87 ، وفي المؤتلف والمختلف 1/316 ، من طريق الحسن بن محمد الزعفراني ،
وابن عدي 4/137، وأبو نعيم في الحلية 9/158-159، من طريق حرملة التجيبي،
والبيهقي في السنن 5/98 ، وفي المعرفة 4/82 ح2981 والبغوي 7/140 ح1921، من طريق الربيع المرادي ،
وابن عبد البر في التمهيد 1/100-101 ، من طريق الطحاوي ، عن المزني ،
خمستهم ( أحمد، والحسن الزعفراني ، وحرملة ، والربيع المرادي ، والمزني ) عن الشافعي به بنحوه ، إلا أنه ذكر أن السعي إنما هو في بطن الوادي في رواية أحمد - عند الطبراني ، وأبي نعيم - ورواية حرملة . ولم يصرح باسم ابن محيصن في رواية الزعفراني، وكذا في رواية أحمد - عند الدارقطني في المؤتلف والمختلف وهي رواية مجموعة مع غيرها - في حين أنه لم يقع التصريح باسم حبيبة إلا في هذه الرواية المجموعة مع غير رواية الشافعي ، ووقع في بعض المصادر اختلاف في نسبتها ، ففي رواية الطبراني : بنت تجراة ، وفي روايتي أبي نعيم في الحلية : بنت أبي نجران ، وفي رواية ابن عدي : فلانة بن مجزأة ، وفي روايتي البيهقي : بنت أبي تجرأة - بالهمزة - ، والبقية على الصواب ، ولعل بعض هذا الاختلاف تصحيف .
وعلقه الدارقطني في العلل 5/ الورقة231 عن الشافعي ، ولكن لم يذكر فيه ابن محيصن .(1/6)
- وأخرجه أحمد 6/421 ح27368 - ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق 2/145 ح1306-، والطبراني في الكبير 24/525 ح572 ، عن محمد بن العباس المؤدب ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 6/3296 ح7571 عن أحمد بن السندي ، عن محمد بن العباس المؤدب ، وابن عبد البر في التمهيد 2/99 من طريق أحمد بن زهير أبي بكر بن أبي خيثمة ، ثلاثتهم ( أحمد بن حنبل ، ومحمد بن العباس المؤدب ، وابن أبي خيثمة ) عن سريج بن النعمان ،
وأحمد 6/421 ح27367، والدارقطني في السنن 2/255 ح86 ، وفي المؤتلف والمختلف 1/317 ، والحاكم 4/70 ، من طريق يونس بن محمد المؤدب، وعلقه الدارقطني في العلل 5/ الورقة 231، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 6/3296 عن يونس ابن محمد المؤدب ،
وابن سعد 8/247 ، والدارقطني في السنن 2/255 ح86 ، وفي المؤتلف والمختلف 1/317 ، وابن منده في معرفة الصحابة ( الإصابة 4/269 ) ، من طريق معاذ بن هانئ ،
وإسحاق بن راهويه 5/194 ح2324 ، عن يحيى بن آدم ،
وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 6/83 ح3296 ، والطبراني في الكبير 24/226 ح575 ، وابن عبد البر في التمهيد 2/101 من طريق أبي بكر بن أبي شيبة عن محمد بن بشر ،
وبحشل في تاريخ واسط(1)ص157 ، من طريق محمد بن ماهان ،
والعقيلي ( التمهيد 2/101 ) من طريق محمد بن سنان العَوَقي ، وعلقه عنه الدارقطني في العلل 5/ الورقة 231 عن محمد بن سنان العَوَقي ،
والطبراني في الكبير 24/226 ح574 ، من طريق حميد بن عبد الرحمن ،
__________
(1) وقع في تاريخ واسط : عبد الله بن زيد ، أبو المؤمل المكي ، وهكذا هو في مخطوطة الكتاب الورقة 42، ولم يقع ذلك لغيره ، والصواب عبد الله بن المؤمل - كما سبق في ترجمته - ، وانظر تخريج الأحاديث المرفوعة في تاريخ واسط ، رسالة ماجستير ، إعداد : عبد الكريم بن أحمد الخلف 2/1190 ح230.(1/7)
والدارقطني في المؤتلف والمختلف 1/315 ، من طريق عباس الدوري، وابن عبد البر في التمهيد 2/100 ، من طريق محمد بن سنجر ، كلاهما ( الدوري ، ومحمد ابن سنجر ) عن أبي نعيم الفضل بن دكين ،
تسعتهم ( سريج ، ويونس المؤدب ، ومعاذ بن هانئ ، ويحيى بن آدم ، ومحمد بن بشر ، ومحمد بن ماهان ، ومحمد بن سنان ، وحميد، وأبو نعيم ) عن عبد الله بن المؤمل عن عمر بن عبد الرحمن بن محيصن ، عن عطاء ، عن صفية ابنة شيبة ، عن حبيبة ابنة أبي تجراة به بمعناه . إلا في رواية محمد بن سنان فجعله في الطواف في البيت ، ولم يذكر ابنَ محيصن في رواية سريج - عند غير الطبراني - ، وكذا لم يذكره فيما علقه الدارقطني عن محمد بن سنان ، ويونس المؤدب ، وسماه : محمد بن عبد الرحمن السهمي في رواية يحيى بن آدم ، بينما سماه : عبد الله بن محيصن في رواية الدارقطني في السنن عن معاذ بن هانئ ، ويونس المؤدب - جميعاً - ، وسماه في رواية محمد بن بشر : عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين ، وقال في بعض الروايات : ابن محيصن ، ولم يسمه .
وأسقط عطاءً من الإسناد في رواية أبي نعيم - عند الدارقطني - وكذا رواية سريج - عند الطبراني - ورواية محمد بن سنان - عند العقيلي - .
في حين أسقط صفية في رواية يونس المؤدب - عند أحمد(1)، والحاكم - وكذا رواية محمد بن بشر ، وسماها في رواية أبي نعيم - عند الدارقطني - : حفصة .
__________
(1) هكذا في الطبعة الميمنية من المسند في رواية المؤدب أسقط صفية ، وفي رواية سريج أسقط ابن محيصن ، وكذا أخرجه من طريقه ابن الجوزي - كما سبق - غير أن الحافظ في الأطراف 8/401 ح11330 جمع بين الطريقين ولم يسقط من الإسناد أحداً ، والظاهر أنه لفق بين الطريقين ، والصواب كما جاء في الطبعة الميمنية ، وأما في الطبعة المحققة فإنهم أضافوا اسم صفية بنت شيبة اعتماداً على ما وقع في الأطراف وعلى بقية المصادر في التخريج وهذا غير سديد ، والله أعلم .(1/8)
وذكر أبو نعيم في روايته أن ابنة أبي تجراة امرأة من أهل اليمن ، وقال في روايته - عند الدارقطني - : بجراة - بالباء الموحدة من تحت - ، وربما لم يسمها بعضهم، أو وقع في نسبتها تصحيف - كما سبق في رواية الشافعي - .
- وأخرجه الطبراني في الكبير 11/184 ح11437 ، والأوسط 5/188 ح5032 من طريق معاوية بن عمرو ، عن المفضل بن صدقة ، عن ابن جريج ، وإسماعيل بن مسلم ، عن عطاء به ، لكن جعله عن ابن عباس ، ولفظه : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حج عن الرمل فقال: " إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا ".
- وأخرجه النسائي في المجتبى 5/242 ، وفي الكبرى 2/414 ح3974 ، وأحمد 6/404 ح27281، ومسدد بن مسرهد في مسنده ( المطالب العالية 2/64 ح1326 ) والبيهقي 5/98 ، من طرق متعددة عن حماد بن زيد ،
وابن ماجه 2/995 ح2987، وأحمد 6/404 ح27280 ، وابن سعد 8/313 ، وابن أبي شيبة 3/420 ح15569- وعنه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 6/221 ح3453 - وإسحاق 5/194 ح2322 و2323 ، وابن أبي عمر في مسنده ( المطالب العالية 2/63 ح1323 ) والفاكهي في أخبار مكة 2/216 ح1386 ، والطبراني في الكبير 25/98 ح253 ، من طرق متعددة عن هشام الدستوائي ،
وابن سعد 8/313 من طريق محمد بن ذكوان الجهضمي ،
والدارقطني في العلل 5/ الورقة 231 - معلقاً - عن أبي عامر صالح بن رستم الخراز(1)،
أربعتهم ( حماد ، وهشام ، والجهضمي ، وأبو عامر ) عن بديل بن ميسرة ،
__________
(1) وقع في علل الدارقطني أبو عامر وأبو صالح بن رستم ، والتصحيح من مصادر ترجمته . انظر تهذيب الكمال 13/47 ، والتقريب 2861 .(1/9)
وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 6/222 ح3454 - ومن طريقه أبو نعيم في معرفة الصحابة 6/3281 ح7546 - والعقيلي ( التمهيد 2/103 ) ، والطبراني في الكبير 24/206 ح529 ، والبيهقي 5/98 من طريق مهران بن أبي عمر العطار ، عن الثوري ، والطبراني في الكبير 24/323 ح813 ، من طريق علي بن الحكم الأودي ، عن حميد بن عبد الرحمن ، كلاهما ( الثوري ، وحميد ) عن المثنى بن الصباح ،
كلاهما ( بديل ، والمثنى ) عن المغيرة بن حكيم ،
وأحمد 6/437 ح27463 ، وابن خزيمة 4/233 ح2765 عن محمد بن يحيى ، كلاهما ( أحمد ، ومحمد بن يحيى ) عن عبد الرزاق ، عن معمر ،
وابن أبي عمر ( المطالب العالية 2/63 ح1325 ) - وعنه الفاكهي في أخبار مكة 2/219 ح1392 - والدارقطني 2/256 ح89 ، من طريق أحمد بن منصور الرمادي ، كلاهما ( ابن أبي عمر، والرمادي ) عن عبد الرزاق، عن هشام بن حسان ،
كلاهما ( معمر، وهشام ) عن واصل مولى أبي عيينة، عن موسى بن عبيد(1)،
والواقدي في المغازي 3/1099 - ومن طريقه الدارقطني 2/255 ح85 ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 6/3275 ح7537 ، والخطيب في الموضح 2/406 - عن علي بن محمد بن عبيد الله بن عبد الله العمري(2)،
والفاكهي في أخبار مكة 3/303 ح2132 ، والدارقطني 2/255 ح84 ، من طريق عبد الله بن المبارك ، عن معروف بن مشكان ،
__________
(1) وقع في مسند أحمد ، وسنن الدارقطني : موسى بن عبيدة . ولذا فقد ظنه الهيثمي : موسى بن عبيدة الربذي فذكر ضعفه ( مجمع الزوائد 3/247 ) والصواب أنه : موسى بن عبيد - ليس فيه تاء مربوطة - كما هو في صحيح ابن خزيمة وأخبار مكة للفاكهي، وكما هو في نسخة من نسخ المسند حيث ضبب على التاء المربوطة ، كما ذكر محققو المسند ، ووقع في المطالب العالية : موسى بن عقبة . وهو تصحيف .
(2) وقع في المطبوع من مغازي الواقدي : علي بن محمد عن عبيد الله بن عبد الله ... والتصحيح من نصب الراية 3/57 وبقية مصادر التخريج .(1/10)
كلاهما ( العمري ، ومعروف ) عن منصور بن عبد الرحمن الحجبي ،
وابن أبي عمر ( المطالب 2/64 ح1326/2 ) ، والفاكهي 2/219 ح1393، من طريق وكيع ، عن إبراهيم بن يزيد الخوزي، عن الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث،
وابن خزيمة 4/232 ح2764 ، والطبراني في الكبير 24/227 ح576 ، والحاكم 4/70 ، من طريق عبد الله بن نبيه ،
خمستهم ( المغيرة ، وموسى بن عبيد ، ومنصور الحجبي ، والوليد بن عبد الله ، وعبد الله بن نبيه ) عن صفية بنت شيبة به بمعناه ، غير أن رواية بديل بن ميسرة عن المغيرة ابن حكيم بلفظ :" أنها أبصرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يسعى بين الصفا والمروة ، وهو يقول: " لا يقطع الأبطح إلا شداً " ، وجعله في روايته : عن صفية ، عن أم ولد لشيبة أنها أبصرت ... وجعله في رواية الثوري : عن المثنى بن الصباح ، عن المغيرة بن حكيم ، عن صفية ، عن تملك قالت : نظرت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا في غرفة لي وهو بين الصفا والمروة وهو يقول " يا أيها الناس إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا ". أما في رواية حميد بن عبد الرحمن ، عن المثنى بن الصباح عن المغيرة فجعله من مسند صفية نفسها مقتصراً على اللفظ النبوي فقط .
وكذا هو من مسند صفية في رواية هشام بن حسان ، عن واصل مولى أبي عيينة، عن موسى بن عبيد ، في حين أن رواية معمر، عن واصل مولى أبي عيينة ، عن موسى بن عبيد ، عن صفية . عن امرأة - هكذا لم تسمها - .
وقال في رواية علي بن محمد العمري ، عن منصور الحجبي : عن أمه - وهي صفية بنت شيبة - عن برة بنت أبي تجراة ، بينما في رواية معروف بن مشكان، عن منصور قال: عن صفية قالت : أخبرتني نسوة من بني عبد الدار .
وفي رواية الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث : عن صفية ، عن امرأة من بني نوفل - لم تسمها أيضاً - وقد زاد في لفظه جملة في الدعاء ، اقتصر عليها الفاكهي في روايته من طريقه .(1/11)
أما عبد الله بن نبيه فجعله عن جدته صفية ، عن جدتها بنت أبي تجراة .
وقد وقع في حديث بديل بن ميسرة ، عن المغيرة ، عن صفية اختلاف ، فرواه هكذا حماد بن زيد، ولم يذكر هشام الدستوائي، والجهضمي ، وأبو عامر صالح بن رستم فيه: المغيرة بن حكيم ، جعلوه عن بديل ، عن صفية ، ولم يذكر الجهضمي فيه - أيضاً - : أم ولد شيبة ، بل جعله من مسند صفية .
- وأخرجه ابن قانع في معجم الصحابة 1/189 من طريق خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن سلمة ،
وأبو نعيم في معرفة الصحابة 6/3297 ح7572 ، من طريق خالد بن يزيد العمري ،
كلاهما عن جبرة السباعية ، عن حبيبة بنت أبي تجراة به مختصراً ، إلا أنه وقع في معجم ابن قانع : حبيب بن أبي تجراة .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم الاختلاف في هذا الحديث على عبد الله بن المؤمل ، وقد تبين من التخريج السابق أنه قد روي عنه على أربعة أوجه ، وهي :
الوجه الأول : عن عبد الله بن المؤمل ، عن عطاء ، عن صفية بنت شيبة ، عن حبيبة ابنة أبي تجراة - دون ذكر ابن محيصن - وهذه رواية سعيد بن سليمان ، وسريج بن النعمان - فيما رواه أحمد بن حنبل ، وأحمد بن زهير ، عنه ، وفيما رواه أحمد بن السندي ، عن محمد بن العباس المؤدب ، عنه - وقد علق الدارقطني هذا الوجه - أيضاً - عن الشافعي ، ومحمد بن سنان العَوَقي ، ويونس بن محمد المؤدب ، عن عبد الله بن المؤمل .
الوجه الثاني : عن عبد الله بن المؤمل، عن عمر بن عبد الرحمن بن محيصن، عن صفية ابنة شيبة ، عن حبيبة ابنة أبي تجراة - دون ذكر عطاء - ولم يسم أبو حاتم أحداً ممن روى ذلك ، وهو رواية محمد بن سنان العوقي - في غير ما علقه الدارقطني عنه - ، ورواية أبي نعيم الفضل بن دكين - فيما رواه عنه عباس بن محمد الدوري - وكذا رواية سريج بن النعمان - فيما رواه الطبراني ، عن محمد بن العباس المؤدب ، عن سريج - .(1/12)
الوجه الثالث: عن عبد الله بن المؤمل، عن عمر بن عبد الرحمن بن محيصن، عن عطاء بن أبي رباح، عن صفية ابنة شيبة، عن حبيبة ابنة أبي تجراة، وهذه رواية الشافعي، ومعاذ بن هانئ ، ويحيى بن آدم ، ومحمد بن ماهان ، وحميد بن عبد الرحمن ، وأبو نعيم الفضل بن دكين - فيما رواه عنه محمد بن سنجر - وكذا يونس بن محمد المؤدب - فيما رواه عنه محمد بن إسحاق الصنعاني - وعلقه أبو نعيم عن يونس - أيضاً - .
الوجه الرابع : عن عبد الله بن المؤمل، عن عمر بن عبد الرحمن بن محيصن، عن عطاء ، عن حبيبة ابنة أبي تجراة - بإسقاط صفية - وهذه رواية محمد بن بشر، ويونس المؤدب - فيما رواه عنه أحمد بن حنبل ، ومحمد بن عبد الله بن المنادي - إلا أن محمد بن بشر ذكر بدل ابن محيصن : عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين .
فهذه أربعة أوجه في الاختلاف على عبد الله بن المؤمل ، وإذا لم تعتمد ما علقه الدارقطني عن الشافعي ، ويونس المؤدب ، ومحمد بن سنان لمخالفته للموصول عنهم تحصل أنه لم يختلف إلا على ثلاثة ممن دون ابن المؤمل، أولهم: سريج بن النعمان،وقد رواه عنه ثلاثة ، وهم : الإمام أحمد بن حنبل ، وأحمد بن زهير أبو بكر بن أبي خيثمة، ومحمد بن العباس المؤدب ، فاتفق الأولان على روايته عن سريج كما في الوجه الأول - بإسقاط ابن محيصن - ، واختلف على محمد بن العباس المؤدب ، فرواه عنه أحمد بن السندي شيخ أبي نعيم الأصبهاني كذلك ، وخالفه الطبراني فرواه عن محمد بن العباس المؤدب كما في الوجه الثاني - بإسقاط عطاء - ، والمحفوظ هو الأول كرواية الجماعة ، ولعل منشأ هذا الاختلاف خلل في نسخة المعجم الكبير للطبراني ، أو وهم من ناسخ أو غيره ، والله أعلم .(1/13)
والثاني : أبو نعيم الفضل بن دكين ، وقد رواه عنه اثنان وهما : محمد بن عبد الله بن سنجر الجرجاني الحافظ، وعباس بن محمد الدوري، وقد ذكر الدارقطني في رواية الدوري عن أبي نعيم ثلاثة أوهام، أولها: قوله بَجْراه - بالباء- قال عباس : هكذا قال أبو نعيم : بجراه فقلت : تجراة ؟ فقال : أما الذي أحفظه الساعة بَجراة ، امرأة من أهل اليمن ، والثاني: قوله حفصة بنت شيبة، وإنما هي صفية بنت شيبة، والثالث: قوله: عن عمر بن عبد الرحمن ، عن بنت شيبة - يعني بإسقاط عطاء - ثم ذكر رواية من رواه بذكر عطاء .
فإن كانت هذه الأوهام المذكورة من أبي نعيم نفسه فإن رواية محمد بن سنجر تدل على أنه رجع عن ذلك لأنه لم يذكر شيئاً من ذلك إلا أنها امرأة من أهل اليمن، وقد تعقبه ابن عبد البر بأن ذلك ليس بشيء . ويحتمل أن تكون بعض هذه الأوهام كإسقاط عطاء ممن دون أبي نعيم ، والحاصل أن رواية محمد بن سنجر ، عن أبي نعيم أولى ، والله أعلم .
والثالث: يونس بن محمد المؤدب ، وقد رواه عنه ثلاثة وهم: الإمام أحمد بن حنبل، ومحمد بن عبد الله المنادي ، ومحمد بن إسحاق الصنعاني ، وقد اتفق الأولان على روايته عنه على الوجه الرابع - بإسقاط صفية - ورواه محمد بن إسحاق الصنعاني عنه بذكرها على الوجه الثالث ، وهكذا علقه أبو نعيم عن المؤدب ، ولعل رواية أحمد ، والمنادي أرجح لجلالة الإمام أحمد ولأن رواية الصنعاني مقرونة ، قد جمع فيها بين رواية معاذ ابن هانئ ، ويونس المؤدب ، فلعله حمل إحدى الروايتين على الأخرى ، والله أعلم .(1/14)
وبهذا يتبين أنه لم يتغير شيء من الأوجه الأربعة المذكورة عن ابن المؤمل ، وإنما الكلام في تحرير من يروي كل وجه عن ابن المؤمل ، وهذا الاختلاف عليه ، مع تفرده به يدل على نكارة هذا الحديث واضطرابه، وقد سبق قول الإمام أحمد: إن أحاديثه مناكير، وقال ابن عدي : وهذا يرويه عبد الله بن المؤمل ، وبه يعرف ، ولابن المؤمل هذا غير ما ذكرت من الحديث ، وعامة ما يرويه الضعف عليه بيِّن . وقال ابن القطان بعد ذكر الاختلاف فيه : فهذا الاضطراب بإسقاط عطاء تارة ، وابن محيصن أخرى ، وصفية بنت شيبة أخرى ، وإبدال ابن محيصن بابن أبي حسين أخرى ، وجعل المرأة عبدرية تارة ، ومن أهل اليمن أخرى ، وفي الطواف تارة ، وفي السعي بين الصفا والمروة أخرى ، من عبد الله بن المؤمل ، وهو دليل على سوء حفظه ، وقلة ضبطه . ( الوهم والإيهام 5/159 ) ، هكذا قال ابن القطان ، ولا يلزم حمل كل هذا الاختلاف على ابن المؤمل ، وإن كان أصله منه ، وقد أشار إلى اضطرابه في هذا الحديث غير واحد من الإئمة ، وهو أمر ظاهر، ولعله لأجل ذلك لم يصرح أبو حاتم بالترجيح بين هذه الأوجه ، وإنما اكتفى بذكر الاختلاف .
هذا ، وقد نحى الدارقطني إلى الترجيح بين هذه الأوجه ، وكذا ابن عبد البر وغيره ، فقال الدارقطني بعد عرض بعض أوجه الاختلاف : والصحيح قول من قال : عن ابن محيصن ، عن عطاء ، عن صفية ، عن حبيبة بنت أبي تجراة ، وهو الصواب . ( العلل 5/ الورقة 231 ) .
أما ابن عبد البر فقد قال بعد ذكر رواية أبي بكر بن أبي شيبة عن محمد بن بشر: ولكنه أخطأ في موضعين من الإسناد ، أحدهما أنه جعل في موضع عمر بن عبد الرحمن ، عبد الله بن أبي حسين ، والآخر أنه أسقط صفية بنت شيبة من الإسناد ، فأفسد إسناد هذا الحديث ، ولا أدري ممن هذا ، أمن أبي بكر ؟ أم محمد ابن بشر ؟ ومن أيهما كان فهو خطأ ، لا شك فيه .(1/15)
وقد تعقبه ابن القطان بقوله : كذا قال أبو عمر ، وعندي أن الخطأ فيه إنما هو من عبد الله بن المؤمل ، فإن محمد بن بشر راوية عنه ثقة ، وابن أبي شيبة إمام ، وعبد الله بن المؤمل يحتمل بسوء حفظه أن يحمل عليه ، وقد ظهر اضطرابه في هذا الحديث . ( الوهم والإيهام 5/158 ) .
وقال ابن عبد البر بعد ذكر رواية محمد بن سنان : هكذا قال : " يطوف بالبيت" وأسقط من إسناد الحديث عطاء ، والصحيح في إسناد هذا الحديث ومتنه ما ذكره الشافعي وأبو نعيم - يعني به الوجه الثالث ، الذي لم يسقط من إسناده أحد ، كالذي رجحه الدارقطني - .
ثم تكلم ابن عبد البر - رحمه الله - في رفع حال ابن المؤمل ، ودفع تهمة التفرد والاضطراب عنه ، ( انظر التمهيد 2/102 ) .
والذي يظهر لي أن الاضطراب في حديث ابن المؤمل ظاهر، لثبوت هذه الأوجه عنه من رواية الثقات مما يدل على أن أصل هذا الاختلاف من ابن المؤمل نفسه .
على أنه لو رجح الوجه الذي رجحه الدارقطني ، وابن عبد البر فإنه لا يعني ثبوت الحديث لحال ابن المؤمل- كما سبق- وكذا ابن محيصن لا يحتمل مثله التفرد، والله أعلم .
وبناءً على هذا يبقى النظر في الطرق عمَّن فوق ابن المؤمل وابن محيصن ، وهي كالتالي :
أولاً : عطاء بن أبي رباح ، وقد روي عنه على وجهين :
الوجه الأول : عن عطاء ، عن صفية ، عن حبيبة، وهذه رواية ابن محيصن أو ابن المؤمل على الاختلاف السابق .
الوجه الثاني : عن عطاء عن ابن عباس، وهذه رواية ابن جريج، وإسماعيل ابن مسلم ، وقد تفرد عنهما المفضل بن صدقة ، وعنه معاوية بن عمرو ، ولذا قال الطبراني في الأوسط بعد سياق عدة أحاديث من طريق معاوية عن المفضل قال : لم يرو هذه الأحاديث عن المفضل بن صدقة إلا معاوية بن عمرو .(1/16)
والمفضل هذا قال فيه ابن معين : ليس بشيء . وقال النسائي : متروك . وقال أبو حاتم : ليس بقوي يكتب حديثه . وقال أبو زرعة : كوفي ضعيف الحديث . ( الجرح والتعديل 8/315 ، والميزان 4/168 ) وفيه كلام غير ذلك ، وقد جاء بهذا الوجه الغريب في هذا الحديث ، الذي لم يأت به أحد سواه ، وهذا يدل على سقوط هذا الوجه ، وأنه لا يعتد به .
وبهذا يعود الكلام عن عطاء إلى الكلام السابق ، والله أعلم .
ثانياً : صفية بنت شيبة ، وله عنها عدة طرق ، وهي :
الطريق الأول : طريق المغيرة بن حكيم الصنعاني، وهو ثقة، وثقه ابن معين، والنسائي ، والعجلي وغيرهم ( تهذيب الكمال 28/357 ، التقريب 6833 ) ، وقد رواه عنه اثنان ، وهما : بديل بن ميسرة العقيلي ، والمثنى بن الصباح اليماني ثم المكي .
فأما بديل بن ميسرة فاختلف عليه، فرواه حماد بن زيد، عن بديل، عن المغيرة ابن حكيم ، عن صفية ، عن أم ولد لشيبة ، وخالفه هشام الدستوائي ، والجهضمي ، وأبو عامر صالح بن رستم، فرووه عن بديل ، عن صفية ، عن أم ولد لشيبة - لم يذكروا المغيرة - ولكن الجهضمي - أيضاً - لم يذكر أم ولد شيبة ، بل جعله من مسند صفية ، وقد حكم الدارقطني لحماد بن زيد ، فقال : وقول حماد أشبه . ( العلل 5/ الورقة 231 ) .
وحديث بديل هذا من أقوى طرق هذا الحديث ، فإن بديل بن ميسرة ثقة ، وثقه ابن معين ، وابن سعد ، والنسائي وغيرهم ، وقال أبو حاتم : صدوق . ( تهذيب الكمال 4/31، التقريب 646 ) ، وقد سبق أنه بلفظ " لا يقطع الأبطح إلا شداً " وهو من حديث أم ولدٍ لشيبة ، وقد قيل هي حبيبة بنت أبي تجراة ، وقيل : بل غيرها ، والله أعلم .(1/17)
وأما المثنى بن الصباح فاختلف عليه - أيضاً - فروي عن الثوري ، عنه ، عن المغيرة ابن حكيم ، عن صفية بنت شيبة ، عن تملك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد تفرد بذلك عن الثوري : مهران بن أبي عمر العطار - كما ذكر البيهقي - ومهران صدوق له أوهام سيء الحفظ ، ( التقريب 6933 ) فمثله لا يحتمل تفرده عن الثوري مع كثرة أصحابه ، وقد قال العقيلي : روى عن الثوري أحاديث لا يتابع عليها ( الضعفاء الكبير 4/229 ) ففي ثبوت هذا عن الثوري نظر ، والله أعلم .
ورواه حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، عن المثنى بن الصباح، عن المغيرة بن حكيم، عن صفية بنت شيبة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعله من مسند صفية .
والمثنى بن الصباح هذا اختلف فيه قول ابن معين ، وقال أحمد : لا يسوى حديثه شيئاً ، مضطرب الحديث . وضعفه أبو حاتم ، والترمذي ، والنسائي ، والدارقطني وغيرهم . قال ابن عدي : له حديث صالح عن عمرو بن شعيب ، قد ضعفه الأئمة المتقدمون ، والضعف على حديثه بيِّن . وقال ابن حجر : ضعيف اختلط بأخرة ، وكان عابداً . ( تهذيب الكمال 27/203 ، التقريب 6471) .
والحاصل أن ضعف المثني ، مع الاختلاف عليه ، ومخالفته لبديل بن ميسرة يؤكد سقوط روايته هذه ، ويبقى أن رواية بديل بن ميسرة أصح إسناداً ومتناً ، والله أعلم .
الطريق الثاني : طريق موسى بن عبيد ، وهو مولى خالد بن عبد الله بن أسيد ، وقد ذكره ابن حبان في الثقات . وترجم له البخاري ، وابن أبي حاتم ، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً . وقال ابن حجر : مجهول . ( التاريخ الكبير 7/291 ، الجرح والتعديل 8/151 ، ثقات ابن حبان 5/403 ، تعجيل المنفعة ص415 ) .(1/18)
وقد تفرد برواية حديثه عبد الرزاق ، ولكن اختلف عليه ، فرواه أحمد بن حنبل ، ومحمد بن يحيى ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن واصل مولى أبي عيينة ، عن موسى ابن عبيد ، عن صفية، عن امرأة - هكذا لم تسمها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . ورواه ابن أبي عمر، والرمادي ، عن عبد الرزاق ، عن هشام بن حسان ، عن واصل مولى أبي عيينة ، عن موسى بن عبيد ، عن صفية ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فجعله من مسند صفية ، فهذا اختلاف في موطنين من الإسناد ، وهو يؤكد عدم الاعتداد برواية موسى بن عبيد لجهالته ، وللاختلاف في روايته ، وللتفرد الواقع فيها والله أعلم .
الطريق الثالث : طريق منصور بن عبد الرحمن الحجبي ، وهو منصور بن صفية ، وقد رواه عنه اثنان ، وهما علي بن محمد العمري ، ومعروف بن مُشْكان - بضم أوله وسكون المعجمة - المكي .
فأما علي بن محمد العمري فلم أقف له على ترجمة ، وقد رواه عن منصور ، عن أمه صفية ، عن برة بنت أبي تجراة ، وقد تفرد بذلك عن علي بن محمد : محمد بن عمر الواقدي ، وهو متروك ، مع سعة علمه . ( التقريب 6175 ) ، فمثل هذا الطريق لا يلتفت إليه .
وأما معروف بن مُشكان فرواه عن منصور بن عبد الرحمن ، عن أمه صفية ، قالت : أخبرتني نسوتي من بني عبد الدار اللائي أدركن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلن: دخلن دار ابن أبي حسين فاطلعنا من باب مقطع فرأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسعى في المسعى ، حتى إذا بلغ زقاق بني قرظة قال :" أيها الناس اسعوا فإن السعي قد كتب عليكم " .(1/19)
ومعروف بن مشكان أحد القراء المشهورين ، وقد ترجم له البخاري، وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً ، ولم أقف على من وثقه ، غير أن ابن حبان ذكر في الثقات معروف بن خَرَّبُوذ وقال : كان ابن عيينة يقول : هو معروف بن مشكان . وقد ذكر البخاري ذلك - أيضاً - عن ابن عيينة . وقال الذهبي : وهو قليل الحديث ، مقدم في القراءة. وقال ابن حجر : صدوق مقرئ مشهور. ( التاريخ الكبير 7/414 ، والجرح والتعديل 8/322، والثقات 5/439، تهذيب الكمال 28/271، معرفة القراء الكبار 1/130، التقريب 6795)، وقد قال الحافظ محمد بن أحمد بن عبد الهادي بعد ذكر هذا الطريق : قال شيخنا - يعني المزي - : والحديث صحيح الإسناد ، ومنصور بن عبد الرحمن ثقة مخرج له في الصحيحين . ( تنقيح التحقيق 2/462) ، وقد نقل ذلك عن ابن عبد الهادي غير واحد ، وفيه شيء من النظر ، وعلى كل حال فهذا الطريق أقوى من طريق الواقدي ، عن علي ابن محمد العمري .
الطريق الرابع : طريق الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث العبدري ، مولاهم المكي ، وقد تفرد عنه إبراهيم بن يزيد الخوزي ، وهو متروك الحديث ، كما قال ذلك أحمد ، والنسائي . وقال ابن معين : ليس بثقة، وليس بشيء . وقال البخاري: سكتوا عنه . قال الدولابي : يعني تركوه ، وقال أبو زرعة ، وأبو حاتم : منكر الحديث ، ضعيف الحديث . ( تهذيب الكمال 2/242 ، التقريب 272 ) ، ومع ذلك فقد خالف في الإسناد والمتن، فأما مخالفة الإسناد فجعله عن صفية ، عن امرأة من بني نوفل ، وليس يقول ذلك أحد سواه ، وأما مخالفة المتن فقد زاد فيه جملة في الدعاء في السعي ، لم يأت بها في هذا الحديث أحد سواه ، وهذا كله يؤكد سقوط هذه الرواية وعدم الاعتداد بها ، والله أعلم .(1/20)
الطريق الخامس : طريق عبد الله بن نبيه ، هكذا هو في رواية الطبراني ، وبتقديم الباء على النون : بنيه ، في رواية ابن خزيمة ، أما المستدرك ففيه : ابن أبي نبيه ، وقد تفرد عنه الخليل بن عثمان التميمي ، كذا نسبه في رواية الطبراني ، ووقع في المستدرك : الخليل ابن عمر ، وعبد الله ، والخليل لم أقف لهما على ترجمة ، غير أن العلامة الألباني - رحمه الله - في تعليقه على ابن خزيمة قال : و ( بنيه ) أظنه محرفاً من " خثيم " وهو عبد الله بن عثمان بن خثيم ، ثقة معروف بالرواية عن صفية . ولم يذكر شيئاً يقوي به ظنه ، ويصعب الاعتماد على مثل هذا الظن .
ومع ما في الإسناد من نكارة ففي المتن أيضاً نكارة ، فقد زاد فيه قولها : حتى رأيت بياض بطنه وفخذيه ، هكذا عن ابن خزيمة ، وفي المستدرك : بياض إبطيه وفخذيه ، واقتصر على ذكر الفخذ في رواية الطبراني ، وكل هذا لم يذكر في غير هذا الطريق .
والحاصل أن هذا الطريق لا يعتمد عليه ولا يعول عليه حتى تتبين حاله، والله أعلم.
وبعد هذا كله يعلم أن أقوى طرق هذا الحديث عن صفية رواية بديل بن ميسرة ، عن المغيرة بن حكيم ، عن صفية ، عن أم ولدٍ لشيبة ، ولفظه " لا يقطع الأبطح إلا شداً " ليس فيه الأمر بالسعي .(1/21)
ثالثاً : حديث بنت أبي تجراة ، وقد روي عنها من طريقين ، أولهما : طريق صفية بنت شيبة ، وقد سبق تفصيله . وثانيهما : طريق جبرة السباعية ، وهي بنت محمد بن ثابت بن سباع الخزاعية، وزوجها عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي مليكة، لها ذكر في الطبقات الكبرى ، والتاريخ الكبير ، والجرح والتعديل ، ولم أقف على بيان حالها ، ( الطبقات الكبرى 5/495 ، التاريخ الكبير 1/51 ، الجرح والتعديل 7/216 ، التحفة اللطيفة للسخاوي 2/506 ) وقد روى هذا الحديث عنها راويان ، أحدهما : خالد بن عبد الرحمن بن خالد ابن سلمة المخزومي ، وهو متروك ( التقريب 1652) ، والثاني : خالد بن يزيد العمري المكي ، وهو - أيضاً - متروك ، تركه أبو زرعة ، وكذبه ابن معين ، وأبو حاتم ، ( الجرح والتعديل 3/360 ، الميزان 1/646 ) ، وقد جعله الأول منهما عن حبيب بن أبي تجراة الخزاعي ، هكذا قال ، وليس بشيء، وحديث جبرة ساقط من الطريقين جميعاً والله أعلم .
إذا تبين هذا علم أن الحديث حديث صفية بنت شيبة ، وأنه لا يصح إلا من طريقها ، وأن أصح طرقه عنها طريق بديل بن ميسرة ، عن المغيرة بن حكيم ، عنها ، عن أم ولدٍ لشيبة ، ولفظه : " لا يقطع الأبطح إلا شداً " ، وهذا المعنى الذي دل عليه هذا اللفظ ، وهو الإسراع ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير وجهٍ في الصحيحين وغيرهما .
أما الطرق الأخرى عن صفية فكلها معلولة ، وأقواها طريق معروف بن مشكان ، عن منصور بن عبد الرحمن ، عن أمه صفية قالت : أخبرتني نسوة من بني عبد الدار ، وفيه قوله : " أيها الناس اسعوا ، فإن السعي قد كتب عليكم " - وقد سبق القول فيه - ولم أقف على شيء يقوي نسبة ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - والطرق فيه كلها ضعيفة ومضطربة ، ففي ثبوت هذا اللفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نظر ، والله أعلم .(1/22)
هذا ، وقد رأى بعض الأئمة تقوية هذه الطرق بعضها ببعض وتصحيح هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد سبق ذكر كلام ابن عبد البر وغيره في هذا ، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح بعد أن ذكر ضعف عبد الله بن المؤمل : قلت : له طريق أخرى في صحيح ابن خزيمة مختصرة ، وعند الطبراني عن ابن عباس كالأولى ، وإذا انضمت إلى الأولى قويت ، ثم ذكر الاختلاف على صفية في اسم الصحابية التي أخبرتها به ، وجوَّز أن تكون أخذته عن جماعة استدلالاً برواية " أخبرتني نسوة من بني عبد الدار " ( الفتح 3/582 ) وقد سبقه إلى هذا التجويز البيهقي ، ولكن يمنع هذا التجويز ضعف الطرق مع الاختلاف الشديد فيها ، مما يبعد أن تكون صفية حدثت بذلك كله ، والطريقان اللذان أوردهما الحافظ لتقوية الحديث سبق القول فيهما وبيان ضعفهما ، والله أعلم .(1/23)
7/793- سألت أبي عن حديث رواه علي بن عبد الحميد الْمَعْنِيُّ ، عن سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مشى عن زميل له ". قال أبي : وقد روى(1)داود بن عمرو الضبي ، عن محمد بن الحسن ، عن سليمان بن المغيرة مثل روايته : عن ثابت ، عن أنس أن(2)النبي - صلى الله عليه وسلم - . قال أبي : هذا خطأ عندي ، لأن(3)سعيد بن سليمان حدثنا عن سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن الحسن ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أشبه .
دراسة الرواة :
* علي بن عبد الحميد بن مصعب المَعْنِيّ - بفتح الميم ، وسكون المهملة ، وكسر النون بعدها ياء النسب - الأزدي ، ويقال: الشيباني ، أبو الحسن ، ويقال: أبو الحسين الكوفي ، مات سنة 222، وكان ضريراً ، روى عن : سليمان بن المغيرة ، وحماد بن سلمة وغيرهما ، وعنه : أبو حاتم ، وأبو زرعة وغيرهما .
وثقه أبو حاتم، وأبو زرعة ، والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن سعد: كان فاضلاً خيراً . وقال ابن واره : كان من الفاضلين .
قال الحافظان الذهبي ، وابن حجر : [ ثقة ] .
طبقات ابن سعد 6/408 ، ثقات العجلي ص349 ، الجرح والتعديل 6/195 ، ثقات ابن حبان 8/465 ، تهذيب الكمال 21/46 ، الكاشف 3/290 ، تهذيب التهذيب 3/181 ، التقريب 4764 .
* سليمان بن المغيرة القيسي ، مولاهم ، أبو سعيد البصري ، مات سنة 165 روى عن : أبيه ، وثابت البناني ، والحسن وغيرهم ، وعنه : الثوري ، وشعبة ، ومحمد بن الحسن الأسدي ، وعلي بن عبد الحميد وغيرهم .
متفق على توثيقه ، قال شعبة : سليمان بن المغيرة سيد أهل البصرة . وقال أحمد : ثبت ثبت . وقال ابن معين : ثقة ثقة .
واقتصر ابن حجر في التقريب على قول ابن معين .
__________
(1) في ( ط ) : " رواه ".
(2) في ( س ، ح ، ض ) :" عن ". بدل :" أنَّ " وهما في هذا الموضع سواء .
(3) في ( ح ) وهم الناسخ فكرر سطراً من الكلام السابق .(1/1)
الجرح والتعديل 4/144 ، تهذيب الكمال 12/69 ، تهذيب التهذيب 2/108 ، التقريب 2612 .
* ثابت بن أسلم البُناني - بضم الموحدة ، ونونين - أبو محمد البصري ، مات سنة 123 وقيل بعدها، روى عن : أنس ، وابن عمر، وابن الزبير وغيرهم ، وعنه: حميد الطويل ، وسليمان بن المغيرة ، وشعبة ، والحمادان وغيرهم .
متفق على توثيقه ، قال أبو طالب : قلت لأحمد بن حنبل : ثابت البناني أثبت أو قتادة ؟ قال : ثابت ثبت في الحديث ، من الثقات المأمونين ، صحيح الحديث ، وكان يقص .
قال ابن حجر : [ ثقة عابد ] .
التاريخ الأوسط 1/461-462 ، الجرح والتعديل 2/449 ، تهذيب الكمال 4/332 ، تهذيب التهذيب 1/262 ، التقريب 810 .
* أنس بن مالك - رضي الله عنه - سبقت ترجمته في المسألة الخامسة .
* داود بن عمرو الضَّبِّي ، أبو سليمان البغدادي ، مات سنة 228 ، روى عن : نافع ابن عمر الجمحي ، ومحمد بن الحسن الأسدي ، ومسلم بن خالد وغيرهم ، وعنه : أحمد بن حنبل ، ومسلم ، وإبراهيم الحربي وغيرهم .(1/2)
قال ابن محرز : سمعت يحيى وسئل عن داود بن عمرو الضبي ، فقال : لا أعرفه ، من أين هذا ؟ قلت : ينزل المدينة ، قال مدينتنا هذه ، أو مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ؟ قلت : مدينة أبي جعفر ، قال : عمن يحدث ؟ قلت : عن منصور بن الأسود، وصالح بن عمر، ونافع بن عمر ، فقال : هذا شيخ كبير ، من أين هو ؟ قلت: من آل المسيب ، فقال : قد كان لهؤلاء نفسين متقشفين - كذا - ، أحدهما يتصدق ، والآخر يبيع القصب ، لا أعرفه ، أما لهذا أحد يعرفه ؟ قلت : بلى ، بلغني عن سعدويه أنه سئل عنه فقال: ذاك المشؤوم ما حدث بعد، وعرَّفه، فقال: سعدويه أعرف بمن كان يطلب الحديث معه منا ، ثم بلغني عن يحيى بن معين بعد، أو سمعته وسئل عنه فقال : لا بأس به ، وبلغني أن يحيى سأل سعدويه عنه فحمده . وقال عبد الخالق بن منصور: سألت يحيى عنه فقال: ليس به بأس . ووصفه أبو القاسم البغوي بالثقة المأمون . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال ابن قانع : ثقة ثبت .
قال الحافظان الذهبي ، وابن حجر : [ ثقة ] .
تاريخ ابن محرز ص74 ، ثقات ابن حبان 8/236 ، تاريخ بغداد 8/364 ، تهذيب الكمال 8/425، الكاشف 1/290 ، تهذيب التهذيب 1/568 ، التقريب 1803 .
* محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي، أبو عبد الله، ويقال: أبو جعفر الكوفي، لقبه : " التل " - بفتح المثناة ، وتشديد اللام - مات سنة 200 . روى عن أبيه ، وسليمان بن المغيرة ، والثوري وغيرهم ، وعنه : ابناه : عمر ، وجعفر ، وداود بن عمرو الضبي وغيرهم .
وثقه بعضهم ، والأكثر على توهينه ، فممن وثقه البزار ، والدارقطني . وقال ابن شاهين في الثقات : قال عثمان بن أبي شيبة : هو ثقة صدوق ، قلت : هو حجة ؟ قال : أما حجة فلا ، وهو ضعيف . وذكره العجلي في الثقات وقال : كوفي لا بأس به . وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : يغرب . وذكره في المجروحين ، وقال : كان فاحش الخطأ ممن يرفع المراسيل ويقلب الأسانيد ، ليس ممن يحتج به .(1/3)
وقال ابن معين، وأبو حاتم : شيخ . وقال أبو داود : صالح يكتب حديثه . وقال ابن عدي : له أحاديث أفراد ، وحدث عنه الثقات ، ولم أر بحديثه بأساً .
وقال ابن معين - في رواية - : قد أدركته وليس بشيء . وضعفه يعقوب بن سفيان ، والساجي .
قال الذهبي : ضُعِّف ، ثم ذكر قول ابن عدي .
ولخص الحافظ حاله بقوله : [ صدوق ، فيه لين ] .
تاريخ الدوري 2/511، ثقات العجلي ص403، المعرفة ليعقوب 3/56، الجرح والتعديل 7/225، ثقات ابن حبان 9/78 ، المجروحين 2/277 ، الكامل 6/174 ، ثقات ابن شاهين ص293 ، تهذيب الكمال 25/67 ، الميزان 3/512 ، الكاشف 3/33 ، تهذيب التهذيب 3/541 ، التقريب 5816 .
* الحسن بن أبي الحسن البصري ، واسم أبيه يسار -بالتحتانية والمهملة- الأنصاري، مولاهم ، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر ومات سنة 110 ، روى عن جماعة من الصحابة منهم من لم يدركهم كعمر ، وأُبَيّ ، وآخرين أدركهم ولم يسمع منهم كعثمان، وعلي ، وسمع من آخرين ، واختلف في سماعه من جماعة من الصحابة ، وعنه : أيوب ، وقتادة ، وحميد الطويل وغيرهم .
متفق على إمامته وجلالته وعلمه ، قال بكر المزني : من سره أن ينظر إلى أعلم عالم أدركناه في زمانه ، فلينظر إلى الحسن ، فما أدركنا الذي هو أعلم منه . وقال قتادة : كان الحسن من أعلم الناس بالحلال والحرام .
قال في التقريب : [ ثقة فقيه فاضل مشهور، وكان يرسل كثيراً، ويدلس ، قال البزار: كان يروي عن جماعة لم يسمع منهم ، فيتجوز ويقول : حدثنا وخطبنا ، يعني قومه الذين حدثوا وخطبوا بالبصرة ] .
طبقات ابن سعد 7/156 ، تهذيب الكمال 6/95 ، تهذيب التهذيب 1/388 ، التقريب 1227 .
* سعيد بن سليمان الواسطي ، " سعدويه " سبق في المسألة السادسة، وهو ثقة حافظ.
التخريج :
- أخرجه ابن عدي 6/173 ، عن أحمد بن الحسن بن عبد الجبار ، عن داود بن عمرو الضبي به بنحوه .(1/4)
- وأخرجه البزار ( كشف الأستار 3/156 ح2465 ) ، والضياء في المختارة 5/108 ح1731 ، من طريق عمر بن محمد بن الحسن ، عن أبيه محمد بن الحسن الأسدي به بنحوه .
ولم أقف على من أخرج حديث الحسن البصري المرسل .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم الاختلاف في هذا الحديث على سليمان بن المغيرة ، وذلك من وجهين :
الوجه الأول : عن سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس ، وهذه رواية علي بن عبد الحميد ، ومحمد بن الحسن الأسدي .
الوجه الثاني : عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت ، عن الحسن مرسلاً، وهذه رواية سعيد بن سليمان " سعدويه " .
وقد حكم أبو حاتم بأن رواية علي بن عبد الحميد ، ومحمد بن الحسن خطأ ، واستدل برواية سعيد بن سليمان ، وأنها أشبه .
ويؤيد ما ذهب إليه أبو حاتم أمران ، أولهما : أن سعيد بن سليمان أحفظ هؤلاء الثلاثة الذين رووا هذا الحديث عن سليمان بن المغيرة ، وهم : علي بن عبد الحميد، ومحمد بن الحسن، وسعيد بن سليمان - كما سبقت تراجمهم قريباً -.
وثانيهما : أن رواية ثابت عن أنس جادة معهودة تسبق إليها الأذهان والألسن، فمن خالفها فهو أحرى بالضبط والإتقان .
وقد أعل حديث أنس البزار بقوله : لا نعلم رواه عن سليمان بن المغيرة إلا محمد بن الحسن الأسدي - كوفي ثقة - يقل له التل . وكذلك أعله ابن عدي حيث قال : وهذا لا أعلم رواه عن سليمان بن المغيرة غير محمد بن الحسن . فلعل البزار وابن عدي لم يطلعا على رواية علي بن عبد الحميد .
وقد ذكر صاحب المختارة كلام أبي حاتم ثم قال : وقد قال بعضهم : إن محمد بن الحسن تفرد بهذا الحديث عن سليمان . قال : ومحمد قد تكلم فيه يحيى بن معين ، وأبو حاتم بن حبان ، وقد روى البخاري ، عن ابنه عمر بن محمد بن الحسن ، عنه غير حديث في كتاب الصحيح .(1/5)
ومع إن إرسال هذا الحديث أقوى من وصله ، فإن ما اشتمل عليه من الأدب النبوي الكريم قد جاء من غير هذا الطريق ، فأخرج النسائي في الكبرى 5/250 ح8807 ، وأحمد 1/411 ح3901 و1/418 ح3965 و1/422 ح4009و4010 و1/424 ح4029 ، والطيالسي 1/277 ح352 ، وابن أبي شيبة في المسند 1/266 ح399، والبزار 5/210 ح1813، وأبو يعلى 9/242 ح5359، والهيثم بن كليب 2/114 ح639 ، وابن حبان 11/35 ح4733 ، والحاكم 2/91 و3/20 ، وأبو نعيم في الحلية 6/254، والبيهقي 5/258، والبغوي 11/35 ح2686 ، وغيرهم من طرقٍ عن حماد ابن سلمة ، أخبرنا عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش ، عن عبد الله بن مسعود قال : " كنا يوم بدر كل ثلاثة منا على بعير، كان أبو لبابة ، وعلي بن أبي طالب زميلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : وكانت عقبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فقالا : نحن نمشي عنك ، قال : " ما أنتما بأقوى مني ، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما " . قال البزار : لا نعلم رواه عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله إلا حماد ، والله أعلم .(1/6)
8/794- سألت أبي عن حديث رواه الوليد بن مسلم ، عن ابن(1)جريج قال : أحسن ما سمعت في بيض النعامة(2)حديث أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في بيض النعام (2) : " في كل بيضة صيام يوم أو(3)إطعام مسكين ". قال أبي : هذا حديث ليس بصحيح عندي ، ولم يسمع ابن جريج من أبي الزناد شيئاً ، يشبه أن يكون ابن جريج أخذه من إبراهيم بن أبي يحيى .
دراسة الرواة :
* الوليد بن مسلم الدمشقي ، سبقت ترجمته في المسألة الثانية ، وهو ثقة ، لكنه كثير التدليس والتسوية .
* ابن جريج هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي ، مولاهم، أبو الوليد، وأبو خالد المكي ، ( 80- 150) أو نحوها . روى عن : عطاء بن أبي رباح، وزيد بن أسلم ، وزياد بن سعد وغيرهم ، وعنه : ابناه : عبد العزيز ، ومحمد ، والأوزاعي ، وأبو قرة ، والوليد بن مسلم وغيرهم .
ثقة عالم متفق عليه ، قال عطاء بن أبي رباح : سيد شباب أهل الحجاز ابن جريج . وسئل عنه أبو زرعة فقال : بخ ، من الأئمة .
ولكنه مع ذلك مشهور بالإرسال عن الضعفاء والتدليس ، قال مالك : كان ابن جريج حاطب ليل . وقال يحيى بن سعيد : كان ابن جريج صدوقاً ، فإذا قال: " حدثني " فهو سماع ، وإذا قال : " أخبرني " فهو قراءة ، وإذا قال : " قال" فهو شبه الريح . وقال أحمد : إذا قال ابن جريج : " قال فلان وقال فلان ، وأخبرت " جاء بمناكير ، وإذا قال : " أخبرني ، وسمعت " فحسبك به . وقال الدارقطني : تجنب تدليس ابن جريج ، فإنه قبيح التدليس، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح، مثل إبراهيم بن أبي يحيى ، وموسى ابن عبيدة وغيرهما .
__________
(1) في ( ط ) :" أبي جريج " ، وهو تصحيف .
(2) اختلفت النسخ في إفراد النعامة وجمعها ، في الموطنين ، والخطب يسير .
(3) في ( ت ، س ، ح ، ض ) :" وإطعام " بالعطف بالواو . ولعل الصواب :" أو " كما في ( م ، ط ) .(1/1)
قال ابن حجر : [ ثقة فقيه فاضل ، وكان يدلس ويرسل ] ، وقد جعله في المرتبة الثالثة من مراتب المدلسين .
الجرح والتعديل 5/356 ، تاريخ بغداد 10/400-407 ، تهذيب الكمال 18/338 ، تهذيب التهذيب 2/616 ، التقريب 4193 ، طبقات المدلسين ص65 .
* أبو الزناد، عبد الله بن ذكوان القرشي ، مولاهم ، أبو عبد الرحمن المدني، المعروف بأبي الزناد ، وكان يغضب من ذلك ، مات سنة 130 وقيل بعدها . روى عن : أنس بن مالك ، وابن المسيب ، والأعرج ، وهو راويته ، وعنه : ابناه عبد الرحمن ، وأبو القاسم ، ومالك ، وابن عيينة ، وزياد بن سعد وغيرهم .
متفق على توثيقه وعلمه وجلالته ، قال أحمد : كان سفيان يسمي أبا الزناد أمير المؤمنين في الحديث . وقال البخاري : أصح أسانيد أبي هريرة: أبو الزناد ، عن الأعرج، عن أبي هريرة .
قال ابن حجر : [ ثقة فقيه ] .
الجرح والتعديل 5/49 ، تهذيب الكمال 14/476 ، تهذيب التهذيب 2/329 ، التقريب 3302 .
* الأعرج ، عبد الرحمن بن هرمز ، أبو داود المدني ، مات سنة 117 ، روى عن : أبي هريرة ، وأبي سعيد ، وابن عباس وغيرهم ، وعنه : زيد بن أسلم ، والزهري ، وأبو الزناد وغيرهم .
متفق على توثيقه وجلالته وعلمه ، قال ابن سعد : كان ثقة كثير الحديث . وقال أبو عبد الله المقدمي ، عن أبيه : سئل علي بن المديني - وأنا حاضر - عن أعلى أصحاب أبي هريرة ، فبدأ بسعيد بن المسيب ، ثم قال : وبعده أبو سلمة بن عبد الرحمن ، وأبو صالح السمان ، وابن سيرين ، فقيل لعلي بن المديني : فالأعرج ؟ قال : هو ثقة ، وهو دون هؤلاء ... . وسبق قول البخاري : أصح أسانيد أبي هريرة : أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة .
قال ابن حجر : [ ثقة ثبت عالم ] .
طبقات ابن سعد 5/283 ، التاريخ وأسماء المحدثين وكناهم لأبي عبد الله المقدمي ص154 ، تهذيب الكمال 17/467 ، تهذيب التهذيب 2/562 ، التقريب 4033 .(1/2)
* أبو هريرة الدوسي - رضي الله عنه - سبقت ترجمته في المسألة الثانية .
* إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى - واسمه سمعان - الأسلمي ، مولاهم ، أبو إسحاق المدني ، مات سنة 184 ، وقيل 191. روى : عن الزهري ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، ومحمد بن المنكدر وغيرهم ، وعنه : الثوري ، وابن جريج ، والشافعي وغيرهم .
جمهور الأئمة على تركه ، بل واتهامه بالكذب ، إلا أن الشافعي كان حسن الرأي فيه ، قال يحيى بن سعيد القطان : سألت مالكاً عنه : أكان ثقة ؟ قال : لا ، ولا ثقة في دينه . وقال أحمد : كان قدرياً جهمياً، كل بلاء فيه . وقال - أيضاً -: لا يكتب حديثه، ترك الناس حديثه، كان يروي أحاديث منكرة ، ليس لها أصل، وكان يأخذ أحاديث الناس يضعها في كتبه . وقال البخاري : تركه ابن المبارك والناس ، وذكر البخاري أنه كان يرى القدر وكلام جهم . واتهمه بالكذب يحيى القطان وغيره .
قال في التقريب : [ متروك ] .
العلل ومعرفة الرجال لأحمد 3/503و535 ، التاريخ الكبير 1/323 ، الجرح والتعديل 1/125، تهذيب الكمال 2/184 ، تهذيب التهذيب 1/83 ، التقريب 241 .
التخريج :
- أخرجه الطبراني في الأوسط 7/45 ح6804 ، من طريق عثمان بن إسماعيل الدمشقي ،
والدارقطني 2/249 ح61 ، من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي " دحيم "،
والدارقطني 2/249 ح60 ، من طريق عيسى بن أبي عمران ، وسليمان بن أبي عبد الرحمن ، وصفوان بن صالح ،
خمستهم ( عثمان ، ودحيم ، وعيسى ، وسليمان ، وصفوان ) عن الوليد بن مسلم به بنحوه .
- وأخرجه أبو داود في المراسيل ص146 ح138 ، والدارقطني 2/249 ح62 ، - ومن طريقه البيهقي في المعرفة 4/226 - من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد ،
وابن أبي شيبة 3/389 ح15211 ، والدارقطني 2/249 ح62 ، من طريق أبي خالد الأحمر ،
وابن أبي شيبة 3/389 ح15210 ، عن حفص بن غياث ،
والدارقطني 2/250 ح63 - ومن طريقه البيهقي 5/207 - من طريق أبي قرة موسى ابن طارق اليماني ،(1/3)
والبيهقي 5/207 - معلقاً - عن هشام بن سليمان ، عن عبد العزيز بن أبي رواد ،
خمستهم ( أبو عاصم ، وأبو خالد ، وحفص ، وأبو قرة ، وابن أبي رواد ) عن ابن جريج به بنحوه ، إلا أن الدارقطني لم يذكر الإطعام في جميع رواياته ، وقد ساقها جميعاً، وقال أبو قرة في روايته : عن ابن جريج ، أخبرني زياد بن سعد، عن أبي الزناد، عن عروة ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذا هو في رواية أبي عاصم ، وعبد العزيز بن أبي رواد ، ورواية أبي خالد الأحمر - عند الدارقطني - إلا أنهم لم يسمُّوا عروة ، بل قال أبو عاصم : عن ابن جريج ، عن أبي الزناد قال : بلغني عن عائشة ، وقال عبد العزيز : عن ابن جريج ، عن أبي الزناد عن رجل ، عن عائشة . وكذا قال أبو عاصم في روايته عند الدارقطني . وقال أبو خالد : عن ابن جريج ، أخبرني أبو الزناد عمن أخبره عن عائشة ، فأسقط أبو خالد زياداً وذكر تصريح ابن جريج بالإخبار .
ووقع في رواية أبي خالد - عند ابن أبي شيبة -: عن ابن جريج ، عن أبي زياد - هكذا - ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي رواية حفص بن غياث: عن ابن جريج، عن عبد الله بن ذكوان ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً(1).
__________
(1) هكذا وقع في المصنف لابن أبي شيبة في رواية أبي خالد - وقد راجعت عدداً من النسخ المطبوعة - وهو تصحيف ، ولعله قديم، والصواب : عن أبي الزناد . وكذا وقعت - أيضاً - رواية حفص مرسلة ، بينما ذكر ابن حزم في المحلى 7/234 رواية ابن أبي شيبة عنهما جميعاً ، عن ابن جريج ، عن عبد الله بن ذكوان - وهو أبو الزناد - عن عائشة أم المؤمنين ، فلعل ابن حزم أو بعض الرواة قبله حمل إحدى الروايتين على الأخرى ، وقد أعله بأن أبا الزناد لم يدرك عائشة .(1/4)
- وأخرجه الشافعي في الأم 2/294 - ومن طريق البيهقي في المعرفة 4/226- قال: أخبرني الثقة ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً، ولفظه: " في بيضة النعامة يصيبها المحرم قيمتها " .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم أن حديث الوليد بن مسلم ، عن ابن جريج ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ليس بصحيح ، وأن ابن جريج لم يسمع من أبي الزناد شيئاً ، ثم قال : يشبه أن يكون ابن جريج أخذه من إبراهيم بن أبي يحيى . وقد ذكر أبو حاتم عدم سماع ابن جريج من أبي الزناد في المراسيل (ص113)، - أيضاً - ووافقه على ذلك أحمد، والدارقطني ، حيث قال الدارقطني : وذكر لأحمد بن حنبل حديث الوليد بن مسلم فقال : لم يسمع ابن جريج من أبي الزناد، إنما يروي عن زياد بن سعد ، عن أبي الزناد . ( العلل 10/312 ) .
فظهر من هذا اتفاق هؤلاء الأئمة على أن ابن جريج لم يسمعه من أبي الزناد ، ولكن وقع الاختلاف بينهم في الواسطة بينهما ، وقبل تحرير ذلك يحسن ذكر الاختلاف على ابن جريج في هذا الحديث ، وهو على الأوجه التالية :
الوجه الأول : عن ابن جريج ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه رواية الوليد بن مسلم .
الوجه الثاني : عن ابن جريج ، قال : أخبرني زياد بن سعد، عن أبي الزناد، عن عروة، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذه رواية أبي قرة موسى بن طارقٍ اليماني .
الوجه الثالث : عن ابن جريج ، عن زياد بن سعد ، عن أبي الزناد قال : بلغني عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذه رواية أبي عاصم الضحاك بن مخلد ، وكذا عبد العزيز بن أبي رواد إلا أنه قال : عن رجل ، عن عائشة .
الوجه الرابع : عن ابن جريج ، عن أبي الزناد ، عن عائشة ، أو عمن أخبره عن عائشة ، وهذه رواية أبي خالد الأحمر .
الوجه الخامس : عن ابن جريج ، عن أبي الزناد مرسلاً، وهذه رواية حفص بن غياث .(1/5)
وقد ذكر أبو داود في المراسيل أن الصحيح قول أبي عاصم ، وهو الوجه الثالث ، ووافقه على ذلك البيهقي فقال بعد ذكر رواية أبي عاصم ، وعبد العزيز بن أبي رواد : هذا هو الصحيح ، قاله أبو داود السجستاني وغيره من الحفاظ . وقد حكم بذلك الدارقطني - أيضاً - ، فقال بعد ذكر الاختلاف : وقول أبي عاصم أشبه بالصواب .
وإذا كان الوجه الثالث أصح هذه الأوجه ، فإن الوجهين الأخيرين يؤيدان ذلك ، فإنهما بحكم الوجه الثالث ، إلا أن ابن جريج لم يذكر شيخه فيهما ، أما كونه عن أبي الزناد عن عائشة ، أو عن أبي الزناد عمن أخبره عن عائشة ، أو عن أبي الزناد مرسلاً ، فحكمه واحد ، وحقيقته قريبة من السواء ، وذلك أن أبا الزناد لم يدرك عائشة فسواء أرسله عنها أو قال: عمن أخبره أو أرسله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فكله منقطع ، وإنما المخالفة في الوجهين الأولين ، فأما الوجه الأول فقد تفرد به الوليد بن مسلم ، ولذا قال الطبراني بعد سياقه : لم يرو هذا الحديث عن أبي الزناد إلا ابن جريج ، تفرد به الوليد بن مسلم . وقد خالف في موطنين ، أولهما : إسقاط الواسطة بين ابن جريج وأبي الزناد ، ولعل هذا من تدليس ابن جريج ، وثانيهما : جعله عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، وهذه جادة معروفة ، يسهل سلوكها ، وذلك دليل على أنه لم يضبط ولم يتقن الحديث، ولذا حكم الأئمة السابق ذكرهم بأن روايته غير صحيحة .
أما الوجه الثاني وهو رواية أبي قرة فوجه المخالفة فيه تسمية شيخ أبي الزناد بعروة ، وهذا ما لم يأت به أحد غير أبي قرة ، وهو ثقة يغرب ، ( التقريب 6977) فإما أن يكون الوهم في ذلك منه أو ممن دونه ، فالله أعلم .(1/6)
وقد تبين من هذا الاختلاف أن ابن جريج لم يسمع هذا الحديث من أبي الزناد - كما سبق كلام الأئمة في ذلك - أما رواية أبي خالد الأحمر ، عن ابن جريج أخبرني أبو الزناد ، فهي وهم ، ولعل ذلك ممن دون أبي خالد أو من ناسخ أو غيره ، فإن رواية أبي خالد عند ابن أبي شيبة لم يرد فيها ذكر الإخبار ، وإنما ورد ذلك في روايته عند الدارقطني فقط .
وقد ذكر الإمام أحمد - كما تقدم آنفاً - أن ابن جريج لم يسمع من أبي الزناد، وأنه يروي عن زياد بن سعد ، عن أبي الزناد ، ومراده بذلك إقامة الدليل على أنه لم يسمع منه ، وهذا الحديث من الأحاديث التي أدخل فيه ابن جريجٍ بينه وبين أبي الزناد : زياد بن سعد .
وأما قول أبي حاتم : يشبه أن يكون ابن جريج أخذه من إبراهيم بن أبي يحيى ، فلعل الذي دعى أبا حاتم إلى ذلك رواية الشافعي السابقة : أخبرني الثقة ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ... فقد قال الربيع : كان الشافعي إذا قال : حدثني من لا أتهم يريد به إبراهيم بن أبي يحيى . ( انظر الميزان 1/58 ) ، ثم إن ابن جريج مكثر عن إبراهيم ابن أبي يحيى ، وهو يدلسه كثيراً .
ولا يبعد أن يكون ابن جريج أخذه عن زياد بن سعد ، وإبراهيم بن أبي يحيى جميعاً، ولكن في لفظيهما اختلاف - كما سبق في التخريج - وقد يكون هذا من أسباب الوهم في رواية الوليد بن مسلم حيث ذكر فيها الأعرج ، كما هو مذكور في رواية الشافعي ، عن شيخه فالله أعلم .(1/7)
وبهذا يتبين أن الحديث لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من جميع وجوهه ، وقد جاء معناه سواء بلفظه الأول " صوم يوم أو إطعام مسكين " أو بلفظ رواية الشافعي " في بيضة النعام يصيبها المحرم قيمتها " من عدة وجوه ، ولم أر فيها شيئاً ثابتاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعرضت عن ذكرها ، ( انظر : الحجة على أهل المدينة 2/356 ، والأم 2/293 ، وسنن الدارقطني 2/247- 250، وسنن البيهقي 5/207، والمحلى 7/233- 235، ونصب الراية 3/135، وإرواء الغليل 4/216- 219) والله أعلم .(1/8)
9/795- سألت أبي عن حديث رواه همام ، عن قتادة ، عن عزرة ، عن الشعبي أن الفضل بن عباس حدثه ، وأن أسامة بن زيد حدثه : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلبي حتى رمى جمرة العقبة " . هل سمع الشعبي منهما(1)؟ فقال : لا يحتمل ، وينبغي أن يكون بينهما آخر(2)، ولكن كذا حدث به همام ، فلا أدري ما هذا الأمر .
دراسة الرواة :
* همام بن يحيى بن دينار العوذي -بفتح المهملة وسكون الواو وكسر المعجمة- مولاهم ، أبو عبد الله ، أو أبو بكر البصري ، مات سنة 164 أو 165 ، روى عن : عطاء بن أبي رباح ، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، وقتادة وغيرهم، وعنه: ابن المبارك ، وابن علية ، ووكيع وغيرهم .
قال أحمد : همام ثبت في كل المشايخ . وقال : همام يضبط ضبطاً جيداً . وقال - أيضاً - : سماع من سمع من همام بأخرة هو أصح ، وذلك أنه أصابته مثل الزمانة فكان يحدثهم من كتابه ، فسماع عفان ، وحبَّان ، وبهز أجود من سماع عبد الرحمن ، لأنه كان يحدثهم - يعني لعبد الرحمن ، أي أيامهم - من حفظ .
وقال أحمد - أيضاً -: قال عفان : حدثنا همام يوماً بحديث ، فقيل له فيه ، فدخل فنظر في كتابه فقال : ألا أراني أخطئ وأنا لا أدري ، فكان بعد ذلك يتعاهد كتابه .
وقال ابن معين : ثقة صالح ، وهو أحب إلي في قتادة من حماد بن سلمة . وقال ابن سعد : كان ثقة ، ربما غلط في الحديث . وقال أبو زرعة : لا بأس به . وقال أبو حاتم : ثقة صدوق ، في حفظه شيء ، وهو أحب إلي من حماد بن سلمة ، وأبان العطار في قتادة . وقال العجلي : بصري ثقة . وقال الحاكم : ثقة حافظ . وقال أبو بكر البرديجي : همام صدوق ، يكتب حديثه ولا يحتج به ، وأبان العطار أمثل منه .
__________
(1) في ( ط ) :" فيهما " .
(2) في ( ت ، ط ) :" أحد " . وفي :( ض ) :" رجل آخر " .(1/1)
وقد اختلف فيه عبد الرحمن بن مهدي ، ويحيى بن سعيد ، فكان الأول يرضاه ، وكان يحيى بن سعيد لا يرضاه ، وقد أنكر ابن معين وغيره على يحيى بن سعيد ذلك ، وهمام معدود في المشايخ من أصحاب قتادة .
لخص الحافظ حاله بقوله : [ ثقة ربما وهم ] ، وهو كما قال .
طبقات ابن سعد 7/282 ، سؤالات أبي داود للإمام أحمد ص335 ، ثقات العجلي ص461 ، الجرح والتعديل 9/107 ، تهذيب الكمال 30/302 ، شرح علل الترمذي 2/695، تهذيب التهذيب 4/482، التقريب 7319 .
* قتادة بن دعامة السدوسي ، سبقت ترجمته في المسألة الخامسة ، وهو ثقة ثبت ولكنه يدلس .
* عزرة بن عبد الرحمن الخزاعي ، الكوفي ، الأعور ، روى عن : أبي الشعثاء ، والحسن العرني ، والشعبي وغيرهم ، وعنه : قتادة ، وخالد الحذاء ، وداود بن أبي هند وغيرهم .
وثقه ابن معين ، وابن المديني . وذكره ابن حبان في الثقات .
وقال في التقريب : [ ثقة ] .
تاريخ الدوري 4/159، الجرح والتعديل 7/21 ، ثقات ابن حبان 7/300 ، تهذيب الكمال 20/51 ، تهذيب التهذيب 3/98 ، التقريب 4576 .
* الشعبي هو : عامر بن شراحيل الشعبي - بفتح المعجمة - الحميري ، أبو عمرو الكوفي ، ولد على المشهور لست سنين خلت من خلافة عمر ، ومات بعد سنة مائة ، روى عن : جماعة من الصحابة ، منهم : علي ، وسعد بن أبي وقاص، والمغيرة ، وأبو هريرة . وعنه : أبو إسحاق السبيعي ، وإسماعيل بن أبي خالد ، وعزرة بن عبد الرحمن وغيرهم .
متفق على إمامته وجلالته وعلمه ، قال ابن عيينة : كانت الناس تقول بعد الصحابة: ابن عباس في زمانه ، والشعبي في زمانه ، والثوري في زمانه .
قال الحافظ : [ ثقة مشهور فقيه فاضل ... قال مكحول : ما رأيت أفقه منه ] .
التاريخ الكبير 6/450 ، تهذيب الكمال 14/28 ، تهذيب التهذيب 2/264 ، التقريب 3092 .(1/2)
* أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي، أبو محمد ، ويقال: أبو زيد، الحب بن الحب ، مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمه أم أيمن حاضنة النبي - صلى الله عليه وسلم - استعمله النبي - صلى الله عليه وسلم - أميراً على جيش فيه أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - فلم ينفذ حتى توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - فنفذه أبو بكر الصديق . مات سنة 54 أو بعدها .
معرفة الصحابة لأبي نعيم 1/224 ،أسد الغابة 1/75 ، تهذيب التهذيب 1/107، التقريب 316.
* الفضل بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي ، ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأكبر ولد العباس ، وأمه أم الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث الهلالية ، غزا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الفتح وحنيناً ، وثبت معه حين انهزم الناس ، وشهد معه حجة الوداع ، وكان رديفه ، وكان أبيض وسيماً ، استشهد في خلافة أبي بكر، وقيل في خلافة عمر، وقيل مات في طاعون عمواس سنة 18 ، والله أعلم .
طبقات ابن سعد 4/54 ، أسد الغابة 3/460 ، الإصابة 3/208 ، التقريب 5407 .
التخريج :
لم أقف على حديث الشعبي عن الفضل ، وأسامة بهذا اللفظ ، وسيأتي بلفظ آخر في المسألة رقم 35/821 .
ولفظ هذا الحديث مشهور من حديث عبد الله بن عباس ، عن الفضل ، وأسامة - جميعاً - ، وسيأتي تخريجه موسعاً في المسألة رقم 103/890 . وله طريقان آخران إلى الفضل بن عباس حده ، دون أسامة ، وهذا بيانهما :
- أخرجه أحمد 1/211 ح1798، والبزار 6/108 ح2167، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات 2/42 ح426 ، والطبراني في الكبير 18/294 ح753 من طرقٍ عن وهيب ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن أبي الطفيل ،
وابن سعد 4/55 ، عن أبي الوليد الطيالسي ، عن عكرمة بن عمار ، عن عبد الله ابن عبيد ،
كلاهما ( أبو الطفيل ، وعبد الله بن عبيد ) عن الفضل بن عباس بنحوه .
الحكم عليه :(1/3)
ذكر أبو حاتم أن التصريح بتحديث الفضل بن عباس ، وأسامة بن زيد للشعبي الوارد في رواية همام ، عن قتادة ، عن عزرة ، عن الشعبي غير محتمل ، وأنه ينبغي أن يكون بين الشعبي وكل منهما راوٍ آخر ، ثم ذكر ما يدل على أن الحمل في هذا الوهم على همام ، وهو قوله : ولكن كذا حدث به همام .
وقد روى همام هذا الحديث بلفظ آخر، وصرح فيه بسماع الشعبي من أسامة، فحكم عليه أبو حاتم - أيضاً - بأنه خطأ ، وقال : الشعبي لم يسمع من أسامة ، كما سيأتي في المسألة رقم 35/821 .
وقد سئل أبو حاتم عن هذين الحديثين جميعاً ، ففي المراسيل ص132 : سألت أبي عن حديثين رواهما همام ، عن قتادة ، عن عزرة، عن الشعبي أن أسامة حدثه أنه كان رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - عشية عرفة . هل أدرك الشعبي أسامة ؟ قال : لا يمكن أن يكون الشعبي سمع من أسامة هذا ، ولا أدرك الشعبي الفضل بن عباس .
وقد وافق أبا حاتم على هذا غيره ، ففي المراسيل - أيضاً - ص132 : ذكره أبي عن إسحاق بن منصور قلت ليحيى: قال الشعبي إن الفضل حدثه ، وإن أسامة حدثه ؟ قال: لا شيء . وقال أحمد ، وعلي : لا شيء. وفي تاريخ الدوري 4/44 : سمعت يحيى يقول : لم يسمع الشعبي من أسامة . وكذا ذكر الحاكم أن الشعبي لم يسمع من أسامة ( علوم الحديث ص111 ) .
وما ذكره هؤلاء الأئمة من عدم سماع الشعبي من الفضل بن العباس أمر ظاهر ، فإن الفضل بن العباس قديم الوفاة ، إما في خلافة أبي بكر ، أو خلافة عمر - كما سبق - والشعبي لم يولد إلا بعد ما مضى ست سنين من خلافة عمر - كما سبق أيضاً -، فإما أن يكون الشعبي ولد بعد موت الفضل ، أو مات الفضل والشعبي لا يزال طفلاً ، على أن الشعبي في الكوفة ، وكانت وفاة الفضل بالشام .(1/4)
وأما أسامة بن زيد فقد تأخر موته إلى سنة 54 أو نحوها، وقيل قبل ذلك -كما سبق - وقد اتفق هؤلاء الأئمة على أن الشعبي لم يسمع منه ، واتفاقهم على شيء يكون حجة ، كما قال أبو حاتم نفسه ( المراسيل ص153 ) ، ومما يقوي ذلك أن الشعبي كوفي ، وقد لزم أسامة المدينة لما حصلت الفتنة ، ولم يخرج مع علي إلى الكوفة ( انظر صحيح البخاري مع الفتح 13/66 ح7110 )، ولم أقف على شيء يدل على سماعه منه غير حديث همام هذا، فلعله مما حدث به همام من حفظه ، فإنه كان يخطئ إذا لم يحدث من كتابه ، كما تقدم في ترجمته ، والله أعلم .
ولكن هذا الحديث ثابت عن الفضل ، وأسامة من غير طريق الشعبي ، وسيأتي في المسألة رقم 103/890، وانظر حديث ابن مسعود في المسألة رقم 51/837 ، والله أعلم.(1/5)
10/796- سألت أبي عن حديث رواه وهب بن جرير ، عن أبيه ، عن أيوب ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ، عن أُبي بن كعب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أن(1)جبريل - عليه السلام - حين ركض(2)زمزم بعقبه جعلت أم إسماعيل تجمع الحصباء(3). فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : رحم الله هاجر أم إسماعيل ، لو تركتها كانت عيناً معيناً(4)" قال أبي : لا يقولون في هذا الحديث أبي بن كعب ، ويقولون : أيوب ، عن رجل ، عن سعيد بن جبير .
دراسة الرواة :
* وهب بن جرير بن حازم الأزدي ، أبو العباس البصري ، مات سنة 206، روى عن : أبيه ، وشعبة ، والدستوائي وغيرهم ، وعنه: أحمد بن حنبل ، وابن المديني ، وابن معين وغيرهم، أخرج له الجماعة .
وثقه ابن معين ، وابن سعد ، والعجلي وغيرهم ، وقال أبو حاتم : صدوق ، وقال النسائي : ليس به بأس .
قال الحافظان الذهبي ، وابن حجر : [ ثقة ] .
طبقات ابن سعد 7/298 ، تاريخ الدارمي ص222 ، ثقات العجلي ص466 ، الجرح والتعديل 9/28 ، تهذيب الكمال 31/121 ، الكاشف 3/244 ، تهذيب التهذيب 4/329 ، التقريب 7472 .
* جرير بن حازم بن زيد الأزدي ، أبو النضر البصري ، ( 85 - 170 ) ، روى عن : أيوب السختياني ، والحسن البصري ، وابن سيرين وغيرهم ، وعنه : ابنه وهب ، وابن المبارك ، وعبد الله بن وهب وغيرهم ، روى له الجماعة .
__________
(1) في ( س ، ح ) :" إلى " بدل :" أن " وهو تصحيف .
(2) أصل الركض : الضرب بالرجل والإصابة بها. ( النهاية 2/259 ) . وفي بعض ألفظ البخاري :" فبحث بعقبه، أو قال : بجناحه " . وفي لفظ له :" فقال بعقبه هكذا ، وغمز عقبه على الأرض ".
(3) في ( ت ، ط ) :" الحصى ".
(4) أي ظاهراً جارياً على وجه الأرض ، وفي بعض ألفاظ البخاري :" لو تركته كان الماء ظاهراً " ( انظر : الفتح 6/463 ) . وقال العيني : يقال : عين معين : أي ذات عين جارية ( انظر عمدة القاري 15/253 ) .(1/1)
وثقه ابن معين . وقال مرة : ليس به بأس ، قيل له : إنه يحدث عن قتادة ، عن أنس أحاديث مناكير ، فقال : ليس بشيء ، هو عن قتادة ضعيف . ووثقه العجلي ، والبزار ، والساجي وغيرهم . وقال النسائي : ليس به بأس . وقال أبو حاتم : صدوق صالح . وقال - أيضاً -: تغير قبل موته بسنة . وقال ابن سعد : كان ثقة ، إلا أنه اختلط في آخر عمره . وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : كان يخطئ ؛ لأن أكثر ما كان يحدث من حفظه ، وكان شعبة يقول : ما رأيت بالبصرة أحفظ من رجلين ، جرير بن حازم ، وهشام الدستوائي . وقال أحمد : كأن حديثه عن قتادة غير حديث الناس ، يوقف أشياء ويسند أشياء ، ثم أثنى عليه . وقال - أيضاً - : جرير بن حازم حدث بالوهم بمصر ، ولم يكن يحفظ . وقال : جرير كثير الغلط . وقال : جرير بن حازم يروي عن أيوب عجائب .
وقال ابن عدي : له أحاديث كثيرة عن مشايخه ، وهو مستقيم الحديث ، صالح فيه ، إلا روايته عن قتادة ، فإنه يروي أشياء عن قتادة لا يرويها غيره ، وجرير عندي من ثقات المسلمين ، حدث عنه الأئمة من الناس .
وقال ابن مهدي عن اختلاطه : كان له أولاد أصحاب حديث ، فلما خشوا ذلك منه حجبوه ، فلم يسمع منه أحد حال اختلاطه شيئاً .
قال الذهبي : ثقة ، لما اختلط حجبه ولده .
ولخص ابن حجر حاله بقوله : [ ثقة ، لكن في حديثه عن قتادة ضعف ، وله أوهام إذا حدث من حفظه ... مات بعدما اختلط ، ولكن لم يحدث في حال اختلاطه ] وهو تلخيص جيد جداً .
طبقات ابن سعد 7/278 ، ثقات العجلي ص96 ، الجرح والتعديل 1/504 ، ثقات ابن حبان 6/144 ، الكامل 2/124 ، تهذيب الكمال 4/524 ، الكاشف 1/181 ، شرح علل الترمذي 2/702، تهذيب التهذيب 1/294 ، هدي الساري ص414 ، التقريب 911 .(1/2)
* أيوب بن أبي تميمة - واسمه كيسان - السَّخْتياني - بفتح السين المهملة - أبو بكر البصري ، ( 66 - 131 ) روى عن : سعيد بن جبير ، وأبي قلابة الجرمي ، ونافع مولى ابن عمر وغيرهم ، وعنه : الحمادان ، والسفيانان ، وشعبة ، وجرير بن حازم وغيرهم.
متفق على ثقته وجلالته وعلمه ، قال شعبة : حدثنا أيوب سيد الفقهاء .
وقال في التقريب : [ ثقة ثبت حجة ، من كبار الفقهاء والعباد ] .
تاريخ الدوري 2/48 ، تهذيب الكمال 3/457 ، تهذيب التهذيب 1/200 ، التقريب 605 .
* سعيد بن جبير الأسدي الوالبي ، مولاهم ، أبو محمد ، ويقال أبو عبد الله الكوفي، قتل سنة 94 ، أو 95 - رحمه الله تعالى - روى عن : ابن عمر ، وابن عباس ، وأنس وغيرهم ، وعنه : أيوب السختياني ، وأبو إسحاق السبيعي ، وحبيب بن أبي ثابت وغيرهم .
متفق على إمامته وجلالته وعلمه ، قال عمرو بن ميمون ، عن أبيه : لقد مات سعيد ابن جبير وما على ظهر الأرض أحد إلا وهو محتاج إلا علمه .
وقال ابن حجر : [ ثقة ثبت فقيه ، وروايته عن عائشة ، وأبي موسى ونحوهما مرسلة ] .
طبقات ابن سعد 6/256، تهذيب الكمال 10/358 ، تهذيب التهذيب 2/10، التقريب 2278 .
* عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي ، أبو العباس ، ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البحر ، حبر الأمة ، وترجمان القرآن ، وإمام التفسير ، وفقيه العصر ، ولد في شعب بني هاشم قبل الهجرة بثلاث سنين ، وصحب النبي - صلى الله عليه وسلم - نحواً من ثلاثين شهراً ، ودعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالفهم في القرآن فكان يسمى البحر والحبر لسعة علمه ، قال عمر : لو أدرك ابن عباس أسناننا ما عشره منا أحد ، مات سنة 68 بالطائف ، وهو أحد المكثرين من الصحابة ، وأحد العبادلة من فقهاء الصحابة .
فضائل الصحابة لأحمد 2/844 ، المعجم الكبير للطبراني 10/286 ، تهذيب الكمال 15/154 ، سير النبلاء 3/331 ، الإصابة 2/330 ، التقريب 3409 .(1/3)
* أبي بن كعب بن قيس الخزرجي الأنصاري ، أبو المنذر ، وأبو الطفيل - أيضاً - المدني ، سيد القراء ، وأحد فضلاء الصحابة وعلمائهم ، شهد العقبة الثانية والمشاهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اختلف في وفاته ، فقيل سنة 19 ، وقيل 20 أو 22 ، وقيل 30 أو بعدها فالله أعلم .
معرفة الصحابة لأبي نعيم 1/214 ، أسد الغابة 1/57 ، تهذيب الكمال 2/262 ، الإصابة 1/19، التقريب 283 .
التخريج :
- أخرجه البخاري 4/172 ح3362 ، والنسائي في الكبرى 5/99 ح8376، عن أحمد بن سعيد الرباطي أبي عبد الله ،
والنسائي في الكبرى 5/99 ح8377 من طريق علي بن المديني ،
وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 3/426 ح1852 ، وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند 5/121 ح21125، وابن حبان 9/28 ح3713 ، والإسماعيلي في المعجم 3/773 ح385 ، وابن شاهين في الجزء الخامس من الأفراد ص264 ح66 ، والخطيب في التاريخ 13/55 ، وأبو علي الغساني الجياني في تقييد المهمل وتمييز المشكل 2/650 ، وابن عساكر في تاريخ دمشق 70/145 ، والضياء في المختارة 3/413 ح1210 من طرقٍ عن حجاج بن الشاعر ،
وبحشل في تاريخ واسط ص149 عن إسماعيل بن عيسى ،
والرامهرمزي في المحدث الفاصل بين الرواي والواعي ص396 رقم 405 ، من طريق محمد بن علي بن الوضاح البصري ،
وأبو علي الغساني في تقييد المهمل 2/651، من طريق محمد بن أحمد بن نيزك ،
ستتهم ( الرباطي، وابن المديني ، وحجاج ، وإسماعيل بن عيسى، ومحمد بن علي، ومحمد بن أحمد ) عن وهب بن جرير ، عن أبيه به بنحوه ، إلا في رواية محمد بن علي ابن الوضاح فقد ذكر طرفاً من قصة إبراهيم مع إسماعيل وأمه وأحال على بقيتها ، وزاد في الإسناد : عبد الله بن سعيد بن جبير بين : أيوب ، وسعيد بن جبير وذلك في رواية البخاري ، عن أحمد بن سعيد ، ورواية حجاج عند أبي علي الغساني فقط . ولم يذكر أُبي بن كعب في رواية البخاري ، عن أحمد ابن سعيد فقط .(1/4)
- وأخرجه الفاكهي في أخبار مكة 2/6 ح1050 من طريق محمد بن يونس ،
وابن شاهين في الخامس من الأفراد ص265 - معلقاً - عن سعيد بن سليمان النشيطي ،
كلاهما عن جرير بن حازمٍ به ، إلا أنه قال في رواية محمد بن يونس : عن أيوب ، عن ابن سعيد بن جبير ، عن أبيه ، ولم يصرح باسمه .
- وأخرجه عبد الرزاق 5/105 ح9107 - ومن طريقه البخاري 3/147 ح2368 و4/172 ح3364، وأحمد 1/347 ح3250، والفاكهي في أخبار مكة 2/6 ح1049، والبيهقي في السنن الكبرى 5/98 ، وفي شعب الإيمان 7/609 ح3771 ، وفي الدلائل 2/46-48 - ،
والنسائي في الكبرى 5/100 ح8379 من طريق محمد بن ثور ،
وابن سعد 1/50 ، وابن شاهين في الخامس من الأفراد ص266 ح67 من طريق أبي سفيان محمد بن حميد اليشكري المعمري ،
والأزرقي في أخبار مكة 1/59 ، من طريق عبد الله بن معاذ الصنعاني ،
أربعتهم ( عبد الرزاق ، ومحمد بن ثور، ومحمد بن حميد ، وعبد الله بن معاذ ) عن معمر بن راشد ،
والنسائي في الكبرى 5/99 ح8378 ، من طريق علي بن المديني ، والرامهرمزي في المحدث الفاصل ص396 رقم 405 من طريق محمد بن علي بن الوضاح ، كلاهما عن وهب بن جرير ، عن حماد بن زيد ، و سلام بن أبي مطيع ،
وأحمد 1/360 ح3390 ، وابن جرير في التفسير 13/152 ، والتاريخ 1/154، والإسماعيلي في المستخرج ( الفتح 6/460 ) وأبو علي الغساني الجياني في تقييد المهمل 2/655 ، وابن عساكر في تاريخ دمشق 70/145، من طرقٍ عن إسماعيل بن علية ،
والأزرقي في أخبار مكة 1/56 ، والفاكهي في أخبار مكة 2/6 ح1051، من طريق علي بن عبيد الله بن الوازع ،(1/5)
خمستهم ( معمر ، وحماد بن زيد ، وسلام ، وابن علية ، وعلي بن عبيد الله ) عن أيوب به بنحوه ، مطولاً بذكر قصة إبراهيم مع هاجر وإسماعيل وذكر بناء البيت في رواية معمرٍ فقط ، إلا في رواية محمد بن حميد عنه ، فعند ابن سعد اكتفى بذكر طرف القصة دون حديث الباب ، وعند ابن شاهين لم يذكر القصة ، واكتفى بذكر بعض القصة في رواية عبد الله بن معاذ ، عن معمر ، وكذا رواية علي بن عبيد الله ، عن أيوب ، ومن ذكره عن معمر مطولاً فقد صرح برفع حديث الباب، وإن كان أصل القصة موقوفاً على ابن عباس ، إلا عند أحمد فإنه جعل حديث الباب من قول ابن عباس - أيضاً - ، ولم يذكر لفظ الحديث في رواية حماد بن زيد ، وسلام بن أبي مطيع .
وقال في رواية معمر - عند غير ابن سعد - : عن أيوب ، وكثير بن كثير - يزيد أحدهما على الآخر - عن سعيد بن جبير. وقال في رواية حماد بن زيد - عند النسائي -: عن أيوب ، عن عبد الله بن سعيد بن جبير ، عن أبيه . ولم يذكر عبد الله بن سعيد في رواية الرامهرمزي عنه ، ولم يرفعه حماد عندهما جميعاً .
وقال في رواية إسماعيل بن علية : عن أيوب أنبئت عن سعيد بن جبير ، إلا وجهاً عند الاسماعيلي صرح فيه باسم عبد الله بن سعيد بن جبير .
وأما رواية سلام بن أبي مطيع فهي عن أيوب ، عن عكرمة بن خالد ، قال أبو علي الغساني : لم يذكر فيه سعيد بن جبير ، وقال المزي : يعني عن سعيد بن جبير . ( التحفة 1/26 ) .
ولم يذكر أبي بن كعب في جميع هذه الطرق .
- وأخرجه البخاري 4/175 ح3365 ، والنسائي في الكبرى 5/101 ح8380، وابن جرير في التاريخ 1/156 من طريق إبراهيم بن نافع ،(1/6)
وعمر بن شبه في كتاب مكة ، وأبو نعيم في المستخرج على صحيح البخاري ( الفتح 6/460 ) من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري ، والفاكهي ( الفتح 6/460 ) من طريق محمد بن جعشم، وسعيد بن داود في تفسيره ( النكت الظراف 4/439 ) وابن جرير في التفسير 13/153 من طريق حجاج بن محمد ، والأزرقي في أخبار مكة 1/54 و57 و58 و2/31و39 ، من طريق مسلم بن خالد الزنجي ، أربعتهم ( الأنصاري ، ومحمد بن جعشم ، وحجاج ومسلم ) عن ابن جريج ،
وعلق البخاري 4/172 ح3363 رواية الأنصاري ، عن ابن جريج .
كلاهما ( إبراهيم بن نافع ، وابن جريج ) عن كثير بن كثير(1)بن المطلب ،
وأحمد 1/253 ح2285 ، وابن جرير في التفسير 13/152 ، والتاريخ 1/155 من طريق حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب
__________
(1) وقع في رواية حجاج بن محمد ، عن ابن جريج عند سعيد بن داود : عن ابن جريج ، أخبرني عمرو بن كثير . بدل كثير بن كثير، وكذا وقع في روايته عند ابن جرير إلا أن ابن جرير أسقط عمراً، واكتفى بقوله : ابن كثير ، ثم ذكر أنه وقع له : عمرو بن كثير ، فغيره وأسقط عمراً لأنه لا يعرف إنساناً يقال له عمرو بن كثير حدث عنه ابن جريج ، ثم استدل برواية معمر عن كثير بن كثير ، قال : وأخشى أن يكون حديث ابن جريج أيضاً عن كثير بن كثير ، وقد نقل قوله الحافظ في النكت الظراف وأيده .(1/7)
كلاهما (كثير ، وعطاء ) عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس بنحوه ، مطولاً في رواية إبراهيم بن نافع ، عن كثير بن كثير - إلا في رواية ابن جريج فقد ذكر طرف القصة فقط - وكذا مطولاً في رواية عطاء بن السائب ، عند ابن جرير ، واقتصر البخاري فيما علقه عن الأنصاري ، عن ابن جريج على ذكر طرف القصة ، وكذا ذكر أطرافاً من القصة في رواية ابن جريج ، عند الأزرقي في المواطن الأربعة الأولى ، ولم يذكر حديث الباب إلا في الموطن الأول منها بمعناه ، وساق القصة كاملة في الموطن الخامس ، وأحال على حديث أيوب المطول في رواية ابن جرير ، عن حجاج ، عن ابن جريج ، ولم أقف على لفظ رواية ابن جريج، عند الفاكهي، وأبي نعيم ، وعمر بن شبه، وسعيد بن داود، ويظهر من كلام الحافظ في الفتح والنكت الظراف أنها مطولة بسياق القصة ، إلا رواية أبي نعيم فذكر أنها مختصرة .
ولم يذكر أبي بن كعب في جميع هذه الطرق .
- وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 3/427 من طريق همام بن يحيى، عن قتادة ، عن يحيى بن يعمر ، عن سليمان بن صرد ، عن أبي بن كعب به ، وأحال على سابقه وهو بنحوه .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم أن حديث وهب بن جرير ، عن أبيه ، عن أيوب ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب ، لا يقولون فيه : أبي بن كعب ، ويقولون : أيوب ، عن رجل ، عن سعيد بن جبير .
فذكر الاختلاف في هذا الحديث في موطنين ، أولهما في ذكر أبي بن كعب ، والثاني في ذكر رجل بين أيوب ، وسعيد بن جبير .
وقد تبين من التخريج السابق أنه قد اختلف في هذا الحديث على أيوب السختياني ، فروي عنه على وجوه ، وهي :(1/8)
الوجه الأول : عن أيوب ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب، وهذه رواية جرير بن حازم ، فيما رواه الجماعة ( وهم : علي بن المديني ، وإسماعيل بن عيسى ، ومحمد بن أحمد بن نيزك ، ومحمد بن علي بن الوضاح ، وحجاج بن الشاعر - في المشهور عنه -، وأحمد بن سعيد الرباطي - في رواية النسائي عنه - ) عن وهب بن جرير عن أبيه ، وكذا رواه سعيد بن سليمان النشيطي عن جرير .
الوجه الثاني : عن أيوب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس - دون ذكر أبي بن كعب - وهذه رواية معمر بن راشد، وعلي بن عبيد الله بن الوازع ، وحماد بن زيد - فيما رواه محمد بن علي بن الوضاح ، عن وهب بن جرير ، عنه - .
الوجه الثالث : عن أيوب ، عن عبد الله بن سعيد بن جبير ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، - بذكر عبد الله بن سعيد ، وإسقاط أبي بن كعب - وهذه رواية حماد بن زيد - فيما رواه علي بن المديني ، عن وهب بن جرير ، عنه - ورواية إسماعيل بن علية ، إلا أن إسماعيل لم يصرح باسم عبد الله بن سعيد ، بل قال : عن أيوب أنبئت عن سعيد بن جبير، إلا في روايةٍ عند الإسماعيلي صرح فيها إسماعيل بن علية باسم عبد الله بن سعيد. وهي - أيضاً - رواية جرير بن حازم - فيما رواه البخاري عن أحمد بن سعيد الرباطي ، عن وهب بن جرير ، عن أبيه - .
الوجه الرابع : عن أيوب ، عن عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب - بذكر عبد الله ، وأبي بن كعب - وهذه رواية جرير بن حازم - فيما رواه عنه محمد بن يونس ، وأيضاً رواية عن حجاج بن الشاعر، عن وهب، عن أبيه - .
الوجه الخامس : عن أيوب ، عن عكرمة بن خالد ... وهذه رواية سلام بن أبي مطيع .(1/9)
وبهذا يعلم أنه قد روى هذا الحديث عن أيوب ستة رواة ، وهم : جرير بن حازم ، وحماد بن زيد ، وإسماعيل بن علية ، ومعمر بن راشد ، وسلام بن أبي مطيع ، وعلي ابن عبيد الله بن الوازع ، وقد اختلف على الأولين منهم فقط ، فأما جرير بن حازم فرواه عنه ابنه وهب ، وسعيد بن سليمان النشيطي ، وهو ضعيف ، ( التقريب 2330 ) روياه عن جرير بن حازم على الوجه الأول - بذكر أبي بن كعب ، وإسقاط عبد الله بن سعيد - غير أنه وقع اختلاف على من دون وهب سيأتي تفصيله ، وخالفهما محمد بن يونس ، فرواه عن جرير بن حازم على الوجه الرابع - بذكر ابن سعيد بن جبير ، وأُبي بن كعب - ولم أتبين من هو محمد بن يونس، ويحتمل أن يكون الكُدَيْمي، وهو متهم ، والكلام فيه كثير، قال الحافظ: ضعيف . ( تهذيب الكمال 27/66، والتقريب 6419 )، ولكنه لا يروي عن جرير ابن حازم، إنما يروي عن ابنه وهب ، فلعل وهباً سقط من الإسناد، فإن كان الأمر كذلك عاد الحديث إلى وهب بن جرير ، وإلا فإن حديث محمد بن يونس لا يعتمد عليه لما سبق، ولأن الراوي عنه وهو عبد الله بن أبي سلمة لم أعرفه .
وبهذا يتبين أن الاعتماد في رواية جرير بن حازم على ما رواه عنه ابنه ، ولكن اختلف على وهب في ذلك ، فرواه علي بن المديني ، وإسماعيل بن عيسى ، ومحمد بن علي بن الوضاح ، ومحمد بن أحمد بن نيزك ، عن وهب ، عن أبيه ، على الوجه الأول - بذكر أبي بن كعب وإسقاط عبد الله بن سعيد - وكذا هو المحفوظ من رواية حجاج بن الشاعر عن وهب، إذ هو رواية الجماعة عن حجاج ، ولا التفات إلى ما وقع عند أبي علي الغساني مما يخالف ذلك ، فإن روايته من طريق عبد الله بن محمد البغوي ، عن حجاج ، وقد رواه ابن شاهين عن البغوي على الصواب ، مما يدل على وهمٍ وقع في رواية أبي علي الغساني .(1/10)
وإنما الاختلاف في حديث وهبٍ عن أبيه على أحمد بن سعيد الرباطي ، حيث رواه النسائي عنه ، عن وهب ، عن أبيه كالرواية السابقة - على الوجه الأول - وخالفه البخاري فرواه عن أحمد بن سعيد ، عن وهب ، عن أبيه ، على الوجه الثالث - بذكر ابن سعيد وإسقاط أبي بن كعب - ورواية النسائي أولى من رواية البخاري لموافقتها لرواية الجماعة عن وهبٍ ، عن أبيه ، ويحتمل أن يكون الوهم في ذلك من أحمد بن سعيد انقلب عليه حديث وهب عن أبيه ، وحديث وهبٍ عن حماد بن زيد ، أو يكون ذلك من وهبٍ نفسه فالله أعلم .
وأما حماد بن زيد فقد تفرد عنه وهب بن جرير ، واختلف على وهب ، فرواه علي ابن المديني عن وهب ، عن حماد على الوجه الثالث - بذكر عبد الله بن سعيد وإسقاط أبي بن كعب - وخالفه محمد بن علي بن الوضاح ، فرواه عن وهب ، عن حماد على الوجه الثاني - بإسقاط عبد الله بن سعيد ، وأبي بن كعب - ومحمد بن علي هذا لم أقف له على ترجمة ، فلا شك أن المحفوظ في ذلك رواية علي بن المديني ، ويحتمل أن يكون ما وقع في رواية محمد بن علي سقطاً في نسخة المحدث الفاصل للرامهرمزي ، فإني لم أقف على روايته عند غيره ، والله أعلم .
وبهذا يتحرر الاختلاف على أيوب بالأوجه التالية :
الوجه الأول : عن أيوب ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب ، - بإسقاط عبد الله بن سعيد ، وذكر أبي بن كعب - وهذه رواية جرير بن حازم .
الوجه الثاني : عن أيوب ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، - بإسقاط عبد الله ابن سعيد ، وأبي بن كعب - وهذه رواية معمر ، وعلي بن عبيد الله بن الوازع .
الوجه الثالث : عن أيوب ، عن عبد الله بن سعيد بن جبير ، عن أبيه ، عن ابن عباس - بذكر عبد الله بن سعيد ، وإسقاط أبي بن كعب - وهذه رواية حماد بن زيد ، وإسماعيل بن علية ، إلا أن إسماعيل لم يصرح باسم عبد الله بن سعيد إلا في رواية واحدة - كما سبق - .(1/11)
الوجه الرابع : عن أيوب ، عن عكرمة بن خالد ... وهذه رواية سلام بن أبي مطيع .
فهذا محصل الاختلاف على أيوب السختياني في هذا الحديث ، وقد وقف وهب بن جرير على الاختلاف في هذا الحديث ، فقد ذكر النسائي في روايته السابقة لحديث علي بن المديني عن وهب ، عن أبيه : قال وهب : فقلت لأبي : حماد لا يذكر أبي بن كعب ، ولا يرفعه ، قال : أنا أحفظ لذا ، هكذا حدثني به أيوب ... ثم ذكر وهب حديث حماد ابن زيد ... قال وهب : فأتيت سلام بن أبي مطيع فحدثني هذا الحديث ، فروى له عن حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن عبد الله بن سعيد بن جبير ، فردَّ ذلك رداًّ شديداً ، ثم قال لي : فأبوك ما يقول ؟ قلت : أبي يقول : أيوب ، عن سعيد بن جبير . قال : العجب والله ، ما يزال الرجل الحافظ من أصحابنا قد غلط ، إنما هو أيوب عن عكرمة بن خالد . وقد أخرج هذا الكلام أبو علي الغساني من طريق النسائي ، ونقله عن النسائي غير واحد ، وأخرجه الرامهرمزي من طريق محمد بن علي بن الوضاح ، عن وهب - كما سبق- وفيه بعض اختلاف سبق ذكره وبيان ما فيه، وأن الاعتماد على ما رواه علي بن المديني ، عن وهب .
وبهذا تتضح المسألتان اللتان ذكرهما أبو حاتم في الاختلاف في هذا الحديث ، وهما : الاختلاف في ذكر أبي بن كعب ، والاختلاف في ذكر رجلٍ بين أيوب ، وسعيد بن جبير .(1/12)
فأما ذكر أبي بن كعب فقد تبين مما سبق أنه لم يذكره غير جرير بن حازمٍ، عن أيوب، وجرير في أيوب غير متقن ، قال أحمد : جرير بن حازم يروي عن أيوب عجائب . ( شرح علل الترمذي 2/702 ) ، وقد خالفه الجماعة من أصحاب أيوب ، وفيهم حماد بن زيد ، وإسماعيل بن علية ، وهما أثبت الناس في أيوب في قول عامة الأئمة النقاد ، فهذا يدل على وهم جرير في ذلك ، وكأن أبا حاتم كان يشير إلى ذلك بقوله : لا يقولون في ذلك أبي بن كعب . وقال ابن شاهين بعد سياق حديث عجاج الشاعر : هذا حديث غريب ، تفرد به حجاج بن الشاعر ، لا أعلم قال فيه : عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب غير حجاج ، ومحمد بن علي بن الوضاح البصري عن وهب ... إلخ . وما ذكره من تفرد حجاج ، ومحمد بن علي متعقب بما سبق في التخريج .
ومما يؤكد وهم جرير في ذلك ، أنه لم يُذكر أبي بن كعب في طرق الحديث الأخرى عن غير أيوب ، إلا ما جاء في حديث همام ، عن قتادة ، عن يحيى بن يعمر ، عن سليمان بن صرد ، عن أبي بن كعب ، وهو حديث لم أقف عليه عند غير ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ، ولم يسق لفظه ، وإنما ذكره بعد حديث الباب ثم قال: وذكر الحديث اهـ . وإنما يروى بهذا الإسناد حديث آخر عن أبي بن كعب في قراءة القرآن على أحرف ، ( انظر تحفة الأشراف 1/16 )، فإن كان ما وقع في نسخة الآحاد والمثاني صحيحاً ، فهو إسناد تفرد به همام عن قتادة ، ولم يصرح قتادة بالسماع ، فلا يعتمد عليه ، والله أعلم .(1/13)
وأما المسألة الثانية التي ذكرها أبو حاتم - وهي الاختلاف في ذكر رجل بين أيوب ، وسعيد بن جبير - فقد تبين مما سبق اتفاق حماد بن زيد ، وإسماعيل بن علية على ذكر الواسطة ، إلا أن حماداً صرح بأنه عبد الله بن سعيد بن جبير ، وإسماعيل لم يصرح بذلك إلا في رواية واحدة عنه ، وحماد بن زيد ، وإسماعيل هما أثبت أصحاب أيوب السختياني ، ولا يعوَّل على من خالفهما في قول عامة الأئمة النقاد، وإنما اختلف الأئمة في التفضيل بينهما إذا اختلفا . ( انظر شرح علل الترمذي 2/702 ) ، ولم يختلفا في إثبات الواسطة بين أيوب ، وسعيد بن جبير في هذا الحديث ، مما يقضي بالحكم لهما في ذلك ، ويؤيد ذلك حال من خالفهما، فجرير بن حازم سبق القول في روايته عن أيوب، ومعمر تكلم في روايته عن أهل العراق، قال ابن معين : إذا حدثك معمر عن العراقيين فخفه ، إلا عن الزهري، وابن طاوس فإن حديثه عنهما مستقيم ، فأما أهل الكوفة والبصرة فلا... ((1/14)
شرح علل الترمذي 2/774 ) وعلي بن عبيد الله بن الوازع لم أقف له على ترجمة ، وأما سلام بن أبي مطيع فهو ثقة ، ( التقريب 2711 ) ولكنه تفرد بوجه غريب لم يأت به أحد سواه ، ثم إنه لم يتبين لي وجه روايته على اليقين ، فإن كانت عن أيوب ، عن عكرمة ابن خالد ، عن سعيد بن جبير - كما ذكر المزي - فقد وافق على ذكر الواسطة ، إلا أنه ذكر غير من نص عليه حماد بن زيد ، وحماد أثبت منه في أيوب ، وقد يقال أن أبا حاتم لم يصرح بالواسطة لهذا الاختلاف ، وإن كانت روايته ، عن أيوب ، عن عكرمة بن خالد دون ذكر سعيد بن جبير فهي أولى بالرد ، لأن الحديث معروف عن سعيد بن جبير من جميع طرقه السابقة ، ولذا قال أبو علي الغساني : وأما ما رويناه من إنكار سلام بن أبي مطيع أن يكون مخرج الحديث عن سعيد بن جبير ، وأنه عن عكرمة بن خالد فلا يلتفت إليه، وأحسن حالات سلام مع حماد بن زيد، وابن علية ، وجرير بن حازم - إن كان حفظ عن أيوب ما قال - أن يكون أيوب - رحمه الله - كان يحدث به على الوجهين، عن عبد الله بن سعيد بن جبير ، وعن عكرمة بن خالد ، وليس سلام من جمال المحامل اهـ . وما ذكره من احتمال التحديث بالوجهين فيه نظر ، إلا أن يكون أيوب اضطرب فيه .
هذا ما يتعلق بالمسألتين اللتين ذكرهما أبو حاتم في هذا الحديث ، وقد بقي في الحديث اختلاف ثالث ، سبقت الإشارة إليه ، وهو الاختلاف في وقف الحديث ورفعه .
فأما لفظ حديث المسألة فقد سبق أنه مرفوع في جميع الروايات السابقة إلا في رواية حماد بن زيد ، فإنه وقفه ، وكذا هو موقوف في رواية أحمد ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، وأما القصة بطولها فهي موقوفة على ابن عباس عند كل من ساقها بطولها ، إلا أجزاء منها وقع التصريح برفعها ، ومن هذه الأجزاء حديث المسألة - كما سبق - .(1/15)
والذي يظهر صحة رفع حديث المسألة من حديث ابن عباس ، فلعل حماد بن زيد تهيب رفعه فأوقفه وقصر به. ورفعه رواية الجماعة عن أيوب، وفيهم إسماعيل بن علية، وليس دون حماد في أيوب ، وقد اختلف الأئمة في الترجيح بينهما إذا اختلفا ، على أنه يمكن أن يكون هذا الاختلاف من أيوب نفسه ، فقد سئل ابن معين عن أحاديث أيوب ، اختلاف ابن علية ، وحماد بن زيد ، فقال : إن أيوب كان يحفظ ، وربما نسي الشيء اهـ . وقد كان أيوب يشعر بذلك ، حتى قال حماد بن زيد : قال لي أيوب : لقد كنت أجمعت أن لا أحدث بشيء اختلف علي فيه . ( انظر شرح علل الترمذي 1/447 و2/702 ) فإن كان الأمر كذلك فإن رواية كثير بن كثير ، وعطاء بن السائب - ولم يقع فيها اختلاف - تدل على صحة رفع حديث الباب ، وقد صححه البخاري مرفوعاً من طريق أيوب ، وكثير ابن كثير - كما سبق - .
أما القصة بطولها فغير مرفوعة ، وإنما المرفوع أجزاء منها كما سبق - وقد جعل الحافظ ابن حجر رفع جزء من القصة مشعراً بأن القصة كلها مرفوعة ، ( الفتح 6/463 ) بينما قال الحافظ ابن كثير بعد سياق القصة : وهذا الحديث من كلام ابن عباس وموشح برفع بعضه، وفي بعضه غرابة، وكأنه مما تلقاه ابن عباس عن الاسرائيليات . ( البداية والنهاية 1/361 ) وكأن هذا الذي ذكره ابن كثير أقرب ، فالتفصيل يدل على ضد ما ذكره ابن حجر ، والله أعلم .
فهذا محصل الموازنة في الاختلاف على أيوب في هذا الحديث ، وقد جعل بعض الأئمة الاختلاف على أيوب في هذا الحديث اضطراباً ، قال الحافظ في الفتح 6/460 : وقد عاب الإسماعيلي على البخاري إخراجه رواية أيوب لاضطرابها ، والذي يظهر أن اعتماد البخاري في سياق الحديث إنما هو على رواية معمر ، عن كثير بن كثير ، عن سعيد ابن جبير ... .(1/16)
وقال أبو مسعود الدمشقي : رأيت جماعة قد اختلفوا في هذا الإسناد على وهب بن جرير. قال أبو علي الغساني: كأنه يغمز البخاري إذ أخرجه في الصحيح... ثم ذكر أبو علي الاختلاف في هذا الحديث ... ثم قال : ويقال : كيف يصح إسناد هذا الحديث وفيه من الخلاف ما تقدم ، لأن من الرواة من وقفه ، ومنهم من أسقط من إسناده أبي بن كعب ، ومنهم من ذكر فيه عبد الله بن سعيد بن جبير ، ومنهم من لم يذكره ، وقال فيه بعضهم عن أيوب ، عن عكرمة ... ثم ذهب يجيب عن ذلك ويدفعه .
وقد يتأيد القول باضطراب حديث أيوب بما سبق نقله عن ابن معين أن بعض الاختلاف على أيوب منه هو ، وكذا قول أيوب المتقدم ، وبما سبق نقله عن وهب في روايته عن أبيه ، وحماد بن زيد ، وسلام بن أبي مطيع أوجه مختلفة في هذا الحديث وتمسك أبيه ، وسلام بما يذكران أنه هكذا حدث به أيوب ، مما يدل على حفظ كل منهم لما سمع من أيوب ، وأن الاختلاف من أيوب نفسه .
وسواء قيل بهذا القول أو بما سبق ترجيحه عن أيوب فإن حديث المسألة ثابت من غير طريق أيوب - كما سبق - . والله أعلم .(1/17)
11/797- سألت أبا زرعة عن حديث رواه يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى هدية من قُدَيْد(1)" . قال : إنما هو عن ابن عمر موقوف ، والوهم من يحيى بن يمان .
دراسة الرواة :
* يحيى بن يمان العجلي ، أبو زكريا الكوفي ، مات سنة 189 ، روى عن الثوري ، والأعمش وغيرهما، وعنه : ابنا أبي شيبة، وابن معين وغيرهم ، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم والأربعة .
اختلف فيه كلام ابن معين فوثقه مرة وضعفه أخرى، وقال مرة: لا بأس به . وقال ابن المديني : صدوق ، وكان قد فلج فتغير حفظه . وقال وكيع : ما كان أحد من أصحابنا أحفظ للحديث منه ، كان يحفظ في المجلس خمسمائة حديث ، ثم نسي . وقال يعقوب بن شيبة : كان صدوقاً كثير الحديث ، وإنما أنكر عليه أصحابنا كثرة الغلط ، وليس بحجة إذا خولف ، وهو من متقدمي أصحاب سفيان في الكثرة . وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : ربما أخطأ .
وقال أبو حاتم : مضطرب الحديث ، في حديثه بعض الصنعة ، ومحله الصدق . وقال أحمد : ليس بحجة ، ونقل الساجي عنه أنه ضعفه وقال : حدث عن الثوري بعجائب ، لا أدري لم يزل هكذا أو تغير حين لقيناه ، أو لم يزل الخطأ في كتبه ، وروى من التفسير عن الثوري عجائب . وقال ابن معين : ليس بثبت ، لم يكن يبالي أي شيء حدث ، كان يتوهم الحديث ، قال : قال وكيع : هذه الأحاديث التي يحدث بها يحيى بن يمان ليست من أحاديث سفيان . وقال أبو داود : يخطئ في الأحاديث ويقلبها . وقال النسائي : ليس بالقوي . وفيه كلام غير ذلك .
قال الذهبي : صدوق ، فلج فساء حفظه .
__________
(1)
(1) قديد - بضم القاف ، وفتح الدال - موضع قرب مكة ، وذكر القاضي عياض أنه قرية جامعة ، قال : وسميت قديداً لتقدد السيول بها . ( انظر : مشارق الأنوار 2/245 ومراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع لعبد المؤمن بن عبد الحق البغدادي 3/1070 ) .(1/1)
وقال ابن حجر :[ صدوق عابد ، يخطئ كثيراً ، وقد تغير ] .
الضعفاء والمتروكون للنسائي ص109 ، الجرح والتعديل 9/199 ، ثقات ابن حبان 9/155 ، تاريخ بغداد 14/120 ، تهذيب الكمال 32/55 ، الكاشف 3/273 ، تهذيب التهذيب 4/401 ، التقريب 7679 ، الكواكب النيرات ص436 .
* سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، أبو عبد الله الكوفي ( 97- 161 ) روى عن: زيد بن أسلم ، وابن جريج ، وأبي إسحاق السبيعي ، وعبيد الله بن عمر وغيرهم ، وعنه : ابن المبارك ، وابن مهدي ، والقطان وغيرهم كثير .
متفق على إمامته وجلالته وحفظه وإتقانه ، قال شعبة ، وسفيان بن عيينة ، وأبو عاصم النبيل ، وابن معين وغير واحد من الأئمة : سفيان أمير المؤمنين في الحديث .
قال في التقريب [ ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة ... وكان ربما دلس ] .
مقدمة الجرح والتعديل 1/55-126، تهذيب الكمال 11/154 ، تهذيب التهذيب 2/56 ، التقريب 2445 .
* عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي العمري ، أبو عثمان المدني ، مات سنة بضع وأربعين ومائة ، روى عن : نافع ، وسالم وغيرهما ، وعنه : السفيانان ، والحمادان ، وشعبة وغيرهم .
متفق على ضبطه وإتقانه وثقته ، قال ابن حجر : [ ثقة ثبت ، قدمه أحمد بن صالح على مالك في نافع، وقدمه ابن معين في القاسم عن عائشة على الزهري عن عروة عنها ].
الجرح والتعديل 5/326 ، تهذيب الكمال 19/124 ، تهذيب التهذيب 3/22، التقريب 4324 .
* نافع أبو عبد الله المدني الفقيه ، مولى ابن عمر ، مات سنة 117 أو بعدها ، روى عن : عبد الله بن عمر مولاه ، وأبي هريرة وغيرهما ، وعنه : الزهري ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، ومالك ، وعبيد الله بن عمر وغيرهم .
ثقة ثبت فقيه مشهور متفق على جلالته وإتقانه ، قال البخاري : أصح الأسانيد مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر .
التاريخ الكبير 8/84 ، تهذيب الكمال 29/298 ، تهذيب التهذيب 4/210 ، التقريب 7086 .(1/2)
* عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، سبقت ترجمته في المسألة الرابعة .
التخريج :
- أخرجه الترمذي 2/240 ح907 ، والطوسي في المستخرج 4/160 ح728 عن أبي سعيد الأشج ،
والترمذي 2/240 ح907 عن قتيبة بن سعيد ،
وابن ماجه 2/1035 ح3102 عن محمد بن عبد الله بن نمير ،
وأحمد 2/38 ح6964 ،
أربعتهم ( الأشج ، وقتيبة، وابن نمير، وأحمد ) عن يحيى بن اليمان به بنحوه، وفيه زيادة يسيرة في رواية أحمد .
- وأخرجه مسلم 4/51 ح1230 ، وأحمد 2/54 ح5165 من طريق يحيى بن سعيد القطان ،
ومسلم 4/51 ح1230 ، وأحمد 2/141 ح6268 ، والبيهقي 5/107 ، من طريق عبد الله بن نمير ،
والنسائي في الكبرى 2/399 ح3915 ، وأحمد 2/151 ح6391 ، والبيهقي 4/354 من طريق عبد الرزاق ،
والنسائي في المجتبى 5/226 ، وفي الكبرى 2/399 ح3914 من طريق سفيان بن عيينة ،(1/3)
أربعتهم ( القطان، وعبد الله بن نمير، وعبد الرزاق ، وابن عيينة ) عن عبيد الله بن عمر به مطولاً موقوفاً ، ولفظه : عن عبيد الله ، حدثني نافع :" أن عبد الله بن عبد الله، وسالم بن عبد الله كلما عبد الله حين نزل الحجاج لقتال ابن الزبير، قالا: لا يضرك أن لا تحج العام ، فإنا نخشى أن يكون بين الناس قتال ، يحال بينك وبين البيت ، قال : فإن حيل بيني وبينه فعلت كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا معه ، حين حالت كفار قريش بينه وبين البيت ، أشهدكم أني قد أوجبت عمرة ، فانطلق حتى أتى ذا الحليفة فلبَّى بالعمرة ، ثم قال : إن خُلِّي سبيلي قضيت عمرتي ، وإن حيل بيني وبينه فعلت كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا معه ، ثم تلا : { } ثم سار حتى إذا كان بظهر البيداء قال : ما أمرهما إلا واحد ، إن حيل بيني وبين العمرة حيل بيني وبين الحج، أشهدكم أني قد أوجبت حجة مع عمرة ، فانطلق حتى ابتاع بقديدٍ هدياً ، ثم طاف لهما طوافاً واحداً بالبيت وبين الصفا والمروة ، ثم لم يحل منهما حتى حل منهما بحجة يوم النحر "(1)هذا لفظ رواية يحيى القطان عند مسلم ، والبقية بنحوه ، ولم يسق لفظه كاملاً في رواية ابن نمير ، ولكن أشار إلى بقيته . وقرن عبد الرزاق في روايته مع عبيد الله : عبد العزيز بن أبي رواد، وقرن ابن عيينة في روايته مع عبيد الله: أيوب السختياني، وأيوب بن موسى ، وإسماعيل بن أمية .
__________
(1) روي حديث ابن عمر بطوله في مصادر أخرى ، ومن طرق أخرى ، وحيث إن الاختلاف المذكور هنا هو في قوله :" اشترى هديه من قديد " فإني لم أذكر من طرق هذا الحديث إلا ما فيه هذه الجملة ، وأعرضت عما سواه ، لأنه ليس له أثر في الحكم على هذه الجملة .(1/4)
- وأخرجه البخاري 2/192 ح1640 ، ومسلم 4/51 ح1230 ، والنسائي في المجتبى 5/158، وفي الكبرى 2/352 ح3727 ، وأبو عوانة 2/349 ح3386 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/151 ح3705 ، وابن حبان 9/310 ح3998 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/329 ح2858 من طريق الليث بن سعد ،
والبخاري 2/206 ح1693 ، ومسلم 4/52 ح1230 ، والنسائي في المجتبى 5/ 226 ، وفي الكبرى 2/399 ح3914 ، وأبو عوانة 2/350 ح3387 من طريق أيوب السختياني ،
والنسائي في المجتبى 5/226 ، وفي الكبرى 2/399 ح3914 ، وأحمد 2/11 ح4595 و2/12ح4596 ، والحميدي 2/298 ح678 ، وابن خزيمة 4/224 ح2743 من طريق أيوب بن موسى ،
والنسائي في الكبرى 2/399 ح3915 ، وأحمد 2/151 ح6391 ، والبيهقي 4/354 من طريق عبد العزيز بن أبي روَّاد ،
والنسائي في المجتبى 5/226 ، وفي الكبرى 2/399 ح3914 من طريق إسماعيل بن أمية ،
خمستهم ( الليث بن سعد، وأيوب السختياني ، وأيوب بن موسى ، وابن أبي رواد، وإسماعيل بن أمية ) عن نافع به مطولاً بنحو القصة السابقة موقوفاً على ابن عمر، ورواية عبد العزيز ، وإسماعيل مقرونة مع رواية عبيد الله السابقة .
الحكم عليه :
ذكر أبو زرعة الرازي أن حديث يحيى بن يمان، عن سفيان، عن عبيد الله ، عن نافع، عن ابن عمر " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى هديه من قديد " وهم ، وأن الصواب أنه موقوف على ابن عمر ، وقد تبين مما سبق أن هذا الحديث وهو قوله :" اشترى هديه من قديد" اختلف فيه على عبيد الله بن عمر العمري، فروي عنه على وجهين:
الوجه الأول : عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعاً ، وهذا وجه تفرد به يحيى بن اليمان ، عن سفيان الثوري ، عن عبيد الله .(1/5)
الوجه الثاني : عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر موقوفاً، وهذه رواية الجماعة عن عبيد الله، وهم: يحيى القطان، وعبد الله بن نمير، وعبد الرزاق، وسفيان بن عيينة . وقد تابع عبيد الله على هذا الوجه أصحاب نافع ، وهم : الليث بن سعد ، وأيوب السختياني ، وأيوب بن موسى ، وإسماعيل بن أمية ، وعبد العزيز بن أبي روَّاد .
وقد ذكر أبو زرعة أن الوجه الأول وهم ، وأن الوهم في ذلك من يحيى بن اليمان ، وأن الوجه الثاني هو الصواب .
وقد وافقه على ذلك الترمذي فقال - بعد سياقه - : هذا حديث غريب ، لا نعرفه من حديث الثوري إلا من حديث يحيى بن اليمان ، وروي عن نافع أن ابن عمر اشترى من قديد ، قال أبو عيسى : وهذا أصح . وكذا قال الطوسي في مستخرجه .
وما ذكره هؤلاء الأئمة ظاهر جداً ، فإن يحيى بن اليمان تفرد بهذا عن الثوري، وقد سبق ذكر أقوال الأئمة في بيان حاله ، وأنه كثير الغلط ، خاصة على الثوري ، كما قاله وكيع ، وأحمد وغيرهما .
ويؤكد ذلك أن هذا الحديث محفوظ عن عبيد الله من رواية الثقات موقوفاً ، كما هو محفوظ عن نافع من رواية الثقات موقوفاً - أيضاً - كما سبق في التخريج .
كما أنه لا يعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى هدياً من قديد ، وإنما ساق هديه في حجته من ذي الحليفة ، وأتى علي ببعضه من اليمن ( انظر : حديث سالم بن عبد الله ، عن أبيه في البخاري 2/205 ح1691 ، ومسلم 4/49 ح1227 ، وحديث جابر الطويل في حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - في صحيح مسلم 4/38 ح1218 وغيرهما ) والله أعلم .(1/6)
12/798- سألت أبا زرعة عن حديث رواه أبو معاوية ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" لا يلبس المحرم ثوباً مَسَّه الورس(1)ولا الزعفران ، إلا أن يكون غسيلاً " قال : أخطأ أبو معاوية في هذه اللفظة : " إلا أن يكون غسيلاً(2)".
دراسة الرواة :
* أبو معاوية : محمد بن خازم - بمعجمتين - التميمي السعدي، مولاهم ، الضرير، الكوفي ( 113- 195) روى عن الأعمش، وعاصم الأحول ، وعبيد الله بن عمر وغيرهم ، وعنه : أحمد ، وابن المديني ، وابن راهويه وغيرهم .
ثقة متقن لحديث الأعمش خاصة ، قال وكيع : ما أدركنا أحداً كان أعلم بحديث الأعمش من أبي معاوية . وقيل لابن معين : من أثبت أصحاب الأعمش ؟ قال : أبو معاوية بعد شعبة ، وسفيان . وقال أبو حاتم : أثبت الناس في الأعمش سفيان ثم أبو معاوية ... ومعتمر بن سليمان أحب إليَّ من أبي معاوية - يعني في غير حديث الأعمش -. وقد نص غيرهم من الأئمة على تقدم أبي معاوية في حديث الأعمش وإتقانه له .
__________
(1) الورس : هو نبت أصفر يكون باليمن يصبغ به الثياب وغيرها ( مشارق الأنوار 2/357 ، تهذيب الأسماء واللغات للنووي 3/190 ) .
(2) سوف تأتي هذه المسألة مرة أخرى من طريق آخر برقم 80/866 .(1/1)
أما في غير الأعمش فقد تكلم فيه ، قال أحمد : أبو معاوية الضرير في غير حديث الأعمش مضطرب ، لا يحفظها حفظاً جيداً. وقال أبو داود: قلت لأحمد: كيف حديث أبي معاوية عن هشام بن عروة ؟ قال: فيها أحاديث مضطربة، يرفع منها أحاديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقال ابن معين : أبو معاوية أثبت في الأعمش من جرير، وروى أبو معاوية عن عبيد الله بن عمر مناكير . وقال ابن محرز : سألت يحيى عن أبي معاوية محمد بن خازم ، قلت : كيف هو في غير الأعمش ؟ فقال : ثقة ، ولكنه يخطئ . وقال ابن نمير : كان أبو معاوية لا يضبط شيئاً من حديثه ضبطه لحديث الأعمش ، كان يضطرب في غيره اضطراباً شديداً . وقال النسائي : ثقة . وقال مرة : ثقة في الأعمش . وقال أبو داود : أبو معاوية إذا جاز الأعمش كثر خطؤه ، يخطئ على هشام بن عروة وعلى إسماعيل ، وعلى عبيد الله بن عمر .
وقد وصفه بالإرجاء والتدليس غير واحد من الأئمة : قال يعقوب بن شيبة : كان من الثقات ، وربما دلس ، وكان يرى الإرجاء . وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : كان حافظاً متقناً ، ولكنه كان مرجئاً .
قال الذهبي : ثبت في الأعمش ، وكان مرجئاً .
وقال ابن حجر : [ ثقة ، أحفظ الناس لحديث الأعمش ، وقد يهم في حديث غيره ... وقد رمي بالإرجاء ] .
تاريخ الدوري 2/512، تاريخ ابن محرز 1/96 و157، العلل ومعرفة الرجال 1/387 و2/374، سؤالات الآجري 1/295، الجرح والتعديل 7/247 ، ثقات ابن حبان 7/441 ، تاريخ بغداد 5/242 ، تهذيب الكمال 25/123 ، الكاشف 3/37 تهذيب التهذيب 3/551 ، التقريب 5841 .
* عبيد الله بن عمر العمري ، سبق في المسألة الحادية عشرة ، وهو ثقة ثبت قدمه أحمد بن صالح على مالكٍ في نافع .
* نافع أبو عبد الله ، مولى ابن عمر ، سبق في المسألة الحادية عشرة ، وهو ثقة ثبت فقيه مشهور .
* عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة الرابعة .
التخريج :
- أخرجه أحمد 2/41 ح5003 ،(1/2)
ويحيى الحماني في مسنده ( الفتح 3/472 ) - ومن طريقه الطحاوي في شرح المعاني 2/137 ح3635 - ،
والحربي في المناسك - المنسوب له - ص429 عن محمد بن إسماعيل الواسطي ،
والطحاوي في شرح المعاني 2/137 ح3636 ، من طريق عبد الرحمن بن صالح الأزدي ،
أربعتهم ( أحمد، والحماني ، ومحمد بن إسماعيل، وعبد الرحمن بن صالح الأزدي) عن أبي معاوية به بنحوه ، وفيه زيادة عند أحمد ، واقتصر في رواية محمد بن إسماعيل على أصل الحديث دون قوله :" إلا أن يكون غسيلاً " .
- وأخرجه النسائي في المجتبى 5/132 ، وفي الكبرى 2/333 ح3650 ، وابن حبان 9/76 ح3761 ، من طريق يحيى بن سعيد القطان ،
والنسائي في المجتبى 5/135 ، وفي الكبرى 2/336 ح3658 ، من طريق ابن أبي زائدة ،
والحميدي 2/281 ح627 عن سفيان بن عيينة ،
وإسحاق بن راهويه في مسنده ( الفتح 4/64 ) عن محمد بن بشر ، وحماد بن مسعدة ،
وأبو أمية الطرسوسي في مسند ابن عمر ص34 ح47 عن روح بن عبادة ،
وابن خزيمة 4/162 ح2597 و 4/200 ح2684 ، وابن المنذر في الإقناع 1/213 ح75 من طريق بشر بن المفضل ،
وابن خزيمة 4/162 ح2598 ، والدارقطني 2/232 ح68 ، والبيهقي 5/50 من طريق حفص بن غياث ،
والطحاوي في شرح المشكل 14/54 ح5446 ، وابن حبان 9/269 ح3955 من طريق عبد الله بن نمير
والطحاوي في شرح المشكل - أيضاً - 14/54 ح5446 ، من طريق عبدة بن سليمان ،
والطبراني في الأوسط 5/263 ح5265 ، والدارقطني 2/230 ح62 من طريق هشام بن حسان ،(1/3)
جميعهم ( 11 راوياً ، وهم : القطان ، وابن أبي زائدة ، وابن عيينة ، ومحمد بن بشر ، وحماد بن مسعدة ، وروح بن عبادة ، وبشر ، وحفص ، وابن نمير ، وعبدة ، وهشام بن حسان ) عن عبيد الله بن عمر به بنحوه مطولاً ، ولفظه : عن ابن عمر أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما يلبس المحرم من الثياب ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السرويلات ولا البرانس ولا الخفاف ، إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين ، وليقطعهما أسفل من الكعبين ، ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه الورس والزعفران " . وربما زاد فيه بعضهم(1)أو نقص ، ولم يذكر أحد منهم قوله : " إلا أن يكون غسيلاً " .
- وأخرجه مالك في الموطأ 1/266 ح8 - ومن طريق مالك أخرجه البخاري 2/168 ح1542 و7/187 ح5803، ومسلم 4/2 ح1177، وأبو داود 2/454ح1820، والنسائي في المجتبى 5/131و133، وفي الكبرى 2/333 ح3649 و2/334 ح3654 ، وابن ماجه 2/977 ح2929 و2/978 ح2932 ، وأحمد 2/63 ح5308 ، والشافعي في الأم 2/214، وفي المسند ( 1/300 ح783 بترتيب السندي )، والدارمي 2/50 ح1800، وأبو أمية الطرسوسي في مسند ابن عمر ص34 ح47 ، وأبو يعلى 9/181 ح5805 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/135 ح3625 و2/136 ح3633 ، وفي شرح المشكل 14/49 ح5440 ، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات الورقة 20، وابن حبان 9/94 ح3784، وأبو الفضل الزهري في حديثه 2/606 ح656 ، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك 1/48 ح24 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/263 ح2685، والبيهقي في السنن الكبرى 5/49 ، وفي المعرفة 4/10 ، والبغوي في شرح السنة 7/237 ح1976 - ،
والبخاري 3/19 ح1838 ، وأبو داود 2/454 ح1821 ، والترمذي 2/183 ح833 ، والنسائي في المجتبى 5/133 ، وفي الكبرى 2/334 ح3653 و3/444 ح5878 ، وأحمد 2/119 ح6003 ، والبيهقي 5/46 ، من طريق الليث بن سعد ،
__________
(1) انظر التعليقة الآتية .(1/4)
والبخاري 7/184 ح5794 ، وأبو داود 2/456 ح1824 ، والنسائي في المجتبى 5/134 ، وفي الكبرى 2/335 ح3656 ، وأحمد 2/4 ح4482 و2/65 ح5325 و2/141 ح6266 ، وابن طهمان في مشيخته ص199 ح 157 ، والحميدي 2/181 ح627 و2/305 ح695، وابن أبي شيبة 3/325 ح14640 و3/439 ح15776 و7/283 ح36106 ، وابن خزيمة 4/200 ح2682 و2684 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/135 ح3623 و3624 و2/136 ح3634 ، وفي شرح المشكل 14/50 ح5441 و14/54 ح5447 ، والطبراني في الأوسط 5/189 ح5035 ، والبيهقي في الكبرى 5/49 ، وفي المعرفة 4/12 من طريق أيوب السختياني ،
والبخاري 1/45 ح134 و1/102 ح366 ، وأحمد 2/59 ح5243 ، والطيالسي 3/373 ح1948 ، من طريق ابن أبي ذئب ،
البخاري 7/187 ح5805 ، والبيهقي 5/47، من طريق جويرية بن أسماء ، وعلقه البخاري 3/19 ح1838 عن جويرية ،
وأبو داود 2/455 ح1822 ، وأحمد في المسند 2/22 ح4740 و2/32 ح4868 ، وفي مسائل أبي داود عنه ص102 ح723 ، وابن أبي شيبة 3/284 ح14236 ، و3/293 ح 14336 ، والطبراني في الأوسط 7/154 ح7137 ، والحاكم 1/486 ، والبيهقي في الكبرى 5/47 و52 ، وفي المعرفة 4/3 ، من طريق محمد بن إسحاق ، وعلقه البخاري 3/19 ح1838 عن محمد بن إسحاق ،
وأبو داود 2/455 ح1822، وأبو يعلى 10/189 ح5818 ، وابن عدي 1/258، والبيهقي 5/47 من طريق إبراهيم بن سعيد المديني ،
والنسائي في المجتبى 5/134، وفي الكبرى 2/335 ح3655 ، وأحمد 2/77 ح5472 ، والدارمي 2/49 ح1798 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/134 ح3622 ، وفي شرح المشكل 14/54 ح5445 ، والدارقطني في الأفراد ( الأطراف 3/486 ح3352 ) ، من طريق عمر بن نافع ،(1/5)
والنسائي في المجتبى 5/134 و135 ، وفي الكبرى 2/335 ح3657 و2/336 ح3660 ، وأحمد 2/3 ح4454 و4456 ، وأبو أمية الطرسوسي في مسند ابن عمر ص34 ح47، وابن خزيمة 4/200 ح2683، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي في الجزء الأول من أماليه ص44 ح45 ، والبيهقي 5/49، من طريق عبد الله ابن عون ،
والنسائي في المجتبى 5/135، وفي الكبرى 2/336 ح3661 ، وابن طهمان في مشيخته ص200 ح158 ، وأبو محمد الفاكهي في الفوائد ص263 ، وابن خزيمة 4/163 ح2599 و2600، والبيهقي في السنن الكبرى 5/46، وفي المعرفة 4/8، من طريق موسى بن عقبة ، وعلقه البخاري 3/19 ح1838 عن موسى بن عقبة ،
وأحمد 2/30 ح4856، وأبو يعلى 10/185 ح5812، من طريق جرير بن حازم،
وأحمد 2/57 ح5198 ، والبيهقي 5/52 ، من طريق ابن عجلان ،
والحميدي 2/281 ح627 من طريق إسماعيل بن أمية ، وأيوب بن موسى ،
وأبو أمية الطرسوسي في مسند ابن عمر ص44 ح82 ، وابن خزيمة 4/201 ح2684 من طريق ابن جريج ،
والطبراني في الأوسط 5/189ح5034 ، من طريق ابن أبي ليلى ،
وفيه - أيضاً - 6/282 ح6420 ، من طريق عمر بن أبي صهبان ،
وفي مسند الشاميين 1/408 ح711 ، من طريق المعلى بن إسماعيل ،
والدارقطني في الغرائب والأفراد ( الأطراف 3/522 ح3439 ) من طريق أبي إسحاق السبيعي ،
وعلي بن محمود المصري في فوائده ( الفتح 4/64 ) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ، وعلقه البخاري 3/19 ح1838 عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ،(1/6)
جميعهم ( 19 راوياً ) عن نافع به مطولاً بنحو رواية عبيد الله السابقة ، إلا رواية ابن إسحاق ففيها اختلاف عن بقية الروايات، ولم يذكر أحد منهم قوله "إلا أن يكون غسيلاً " وربما زاد فيه(1)بعضهم أو نقص .
- وأخرجه البخاري 1/45 ح134 و1/102 ح366 و3/20 ح1842 و 7/187 ح5806 ، ومسلم 4/2 ح1177 ، وأبو داود 2/454 ح1819 ، والنسائي في المجتبى 5/129 ، وفي الكبرى 2/332 ح3647 ، وأحمد في المسند 2/8 ح4538 و2/34 ح4899 و2/59 ح5243 ، وفي مسائل أبي داود عنه ص140 ح680 ، وفي مسائل ابن هاني 1/159 ح806 ، والشافعي في الأم 2/214 ، وفي المسند ( 1/301 ح785 بترتيب السندي)، والطيالسي 3/349 ح1915، ومحمد بن نصر المروزي في السنة ص127ح135 و136 ، وأبو يعلى في المسند 9/303 ح5425 و9/369 ح5488 و9/399 ح5533 ، وفي المعجم ص159 ح114 ، وابن الجارود 2/59 ح416 ، وابن خزيمة 4/163 ح2601 و4/201 ح2685 ، والطوسي في المستخرج 4/53 ح764 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/135 ح3626و3627 و2/136 ح3631 ، وفي شرح المشكل 14/49 ح5439 ، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات الورقة 20، والدارقطني 2/230 ح63 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/263 ح2686 ، والبيهقي في الكبرى 5/49 ، وفي المعرفة 4/10- 11 من طرقٍ عن ابن شهاب الزهري ، عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه به بنحو رواية عبيد الله المطولة ، وربما اختصره بعضهم ، وليس في شيء من ألفاظه قوله " إلا أن يكون غسيلاً " .
__________
(1) مما زيد في هذا الحديث قوله : " ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين " ، واقتصر في بعض الروايات السابقة على هذه الزيادة ، وقد اختلف الرواة عن نافع في رفع هذه الجملة ووقفها ، أشار إلى ذلك البخاري في الصحيح 3/19 ح1838، وأبو داود 2/454 ، وانظر : التمهيد 15/105-106، والأحاديث التي بيَّن أبو داود في سننه تعارض الرفع والوقف فيها ، رسالة ماجستير ، إعداد الشيخ : محمد بن عبد العزيز الفراج .(1/7)
وتابع نافعاً في روايته عن ابن عمر عبد الله بن دينار ، وسيأتي تخريج روايته في المسألة رقم 80/866 حيث ذكرها المؤلف هناك وليس في شيء من ألفاظه قوله : " إلا أن يكون غسيلاً " .
الحكم عليه :
ذكر أبو زرعة أن أبا معاوية أخطأ في حديثه عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لا يلبس المحرم ثوباً مسه الورس ولا الزعفران ، إلا أن يكون غسيلاً " حيث زاد فيه الجملة الأخيرة " إلا أن يكون غسيلاً " .
ويؤكد صحة ما ذكره أبو زرعة ما سبق في التخريج ، حيث تبين أن هذه اللفظه تفرد بها أبو معاوية عن أصحاب عبيد الله ، فلم يذكرها أحد من أصحاب عبيد الله الذين رووا هذا الحديث ، وهم : يحيى القطان ، وابن أبي زائدة ، وسفيان بن عيينة ، ومحمد بن بشر، وحماد بن مسعدة ، وروح بن عبادة ، وبشر بن المفضل ، وحفص بن غياث ، وعبد الله بن نمير ، وعبدة بن سليمان ، وهشام بن حسان ، فهؤلاء أحد عشر نفساً ثقات أثبات ، أحدهم أثبت من أبي معاوية في عبيد الله بمفرده ، فكيف وقد اجتمعوا .
ولذا قال الحافظ ابن حجر في الفتح 3/472 - بعد ذكر هذه اللفظة - : وهي زيادة شاذة، لأن أبا معاوية وإن كان متقناً، لكن في حديثه عن غير الأعمش مقال، قال أحمد: أبو معاوية مضطرب الحديث في عبيد الله . ولم يجئ بهذا الزيادة غيره .
وقد سبق في ترجمة أبي معاوية ما قيل في روايته عن غير الأعمش ، من ذلك قول ابن معين : روى أبو معاوية عن عبيد الله مناكير . وقول أبي داود : أبو معاوية إذا جاز الأعمش كثر خطؤه ، يخطئ على هشام بن عروة ، وعلى إسماعيل ، وعلى عبيد الله بن عمر ، وغير ذلك من نصوص الأئمة السابقة .
وقد جزم أبو زرعة بأن الخطأ في ذلك من أبي معاوية ، وهو كذلك ، إلا أن الحافظ ابن حجر بعد كلامه السابق ذكر ما يدل على تبرئة أبي معاوية من هذا الخطأ ، حيث قال: قلت : والحماني ضعيف ، وعبد الرحمن الذي تابعه فيه مقال .(1/8)
وما ذكره الحافظ من الكلام فيمن روى هذه اللفظة عن أبي معاوية ، فيه نظر ، ذلك أنه قد ثبتت هذه اللفظة عن أبي معاوية برواية الإمام أحمد عنه - كما سبق تخريج ذلك من المسند - وقد كان يحيى بن معين متوقفاً في ثبوت هذه اللفظة عن أبي معاوية ، ثم تبين له ثبوتها فكتبها ، فذكر الطحاوي بعد روايته لهذا الحديث : عن شيخه ابن أبي عمران قال : ورأيت يحيى بن معين وهو يتعجب من الحماني أن يحدث بهذا الحديث ، فقال له عبد الرحمن - يعني ابن صالح الأزدي - : هذا عندي ، ثم وثب من فوره فجاء بأصله ، فأخرج منه هذا الحديث عن أبي معاوية كما ذكره يحيى الحماني ، فكتبه عنه يحيى بن معين ، وقد فهم الطحاوي من هذه القصة تثبيت الزيادة مرفوعة ، ولكن الظاهر أن مراد ابن معين تثبيتها عن أبي معاوية ، فإنه كان ينكرها على الحماني . ولا يلزم من ذلك ثبوتها مرفوعة .
ومما يؤكد شذوذ هذه اللفظة -أيضاً- أنها لم ترد في شيء من طرق الحديث الأخرى ، فقد سبق في التخريج ذكر رواة هذا الحديث عن نافع - غير عبيد الله - وهم تسعة عشر راوياً ، ليس في شيء من روايتهم هذه اللفظة ، كما رواه عن ابن عمر سالم ، وعبد الله ابن دينار ، وليس في شيء من رواياتهم هذه الجملة ، وهذا كاف في الحكم على هذه اللفظة بالشذوذ والخطأ، كما ذكر أبو زرعة وغيره .
أما أصل الحديث دون هذه اللفظة فهو ثابت لا مرية فيه ، مخرج في الصحيحين وغيرهما من طرقٍ - كما سبق - وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، والعمل عليه عند أهل العلم ، والله أعلم .(1/9)
13/799- سألت أبي عن حديث رواه الثوري وغيره ،عن أبي إسحاق ، عن علي ابن ربيعة قال : " كنت رديف(1)علي ، فقال حين ركب : الحمد لله - ثلاثاً - ، { ...}(2)وذكر الحديث ". فقال أبي : حدثني أبو زياد القطان ، عن يحيى بن سعيد قال : كنت أعجب من حديث علي بن ربيعة " كنت ردف علي " لأن علي بن ربيعة كان حدثاً في عهد علي ، ومثله أنكرت أن يكون رِدْف عليٍّ حتى حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن علي بن ربيعة ، قلت لسفيان : سمعه أبو إسحاق من علي بن ربيعة ؟ فقال: سألت أبا إسحاق ، عنه فقال: حدثني رجل ، عن علي بن ربيعة.
__________
(1) الرديف هو المرتدف ، والرِّدف هو الراكب خلفك . وأصله الركوب خلف الراكب ورَدِفته أردَفه إذا ركبت خلفه - بكسر الدال في الماضي ، وفتحها في المستقبل - والردف العجر . ( مشارق الأنوار 1/359 ، ولسان العرب 9/116 .
(2) من الآية 13 من سورة الزخرف .(1/1)
14/800- أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال(1): أخبرنا عبد الرحمن ابن بشر النيسابوري - فيما كتب إلي - قال: ذكر(2)عبد الرحمن بن مهدي(3)حديث علي بن ربيعة الذي رواه(4)قال : " كنت ردف علي ، فلما ركب قال : سبحان(5)الذي سخر لنا هذا " فسمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : قال شعبة : فقلت لأبي إسحاق : ممن سمعته ؟ قال : من يونس بن خباب، فأتيت يونس بن خباب، فقلت : ممن سمعته ؟ فقال : من رجل رواه(6)عن علي بن ربيعة .
دراسة الرواة :
* سفيان بن سعيد الثوري ، سبق في المسألة الحادية عشرة ، وهو ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة .
* أبو إسحاق عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، الكوفي، مات سنة 129، وقيل قبلها ، روى عن جماعة من الصحابة منهم : البراء بن عازب ، والنعمان بن بشير ، وعن جماعة من التابعين ، وعنه : الأعمش ، ويونس ، وإسرائيل ، والسفيانان ، وشعبة وغيرهم .
__________
(1) قوله :" أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال " ساقط من ( س ، ح ، ض ) .
(2) في ( ح ) :" ذكرت ".
(3) ذكر ابن أبي حاتم قصة شعبة هذه في تقدمة الجرح والتعديل ص168 عن عبد الرحمن بن بشر، وعن أبيه قال : أخبرنا أبو زياد حماد بن زاذان سمعت عبد الرحمن بن مهدي ... إلخ .
(4) في التاريخ الأوسط 1/434 : الذي رواه يحيى القطان ، عن شعبة، عن أبي إسحاق ، عن علي بن ربيعة إلخ، وقد علقه البخاري عن ابن مهدي . وفي تاريخ نيسابور للحاكم أسنده عن عبد الرحمن بن بشر وفيه : الذي حدثناه يحيى القطان... إلخ ( الفتوحات الربانية لابن علان نقلاً عن الحافظ ابن حجر 5/125 ) .
(5) في ( ت ) :" سبحان الله الذي " .
(6) في التاريخ الأوسط : أراه ، وفي تاريخ نيسابور وتحفة الأشراف 7/436 : سمعه .(1/2)
متفق على توثيقه ، وهو مكثر من الرواية، قال ابن المديني : أحصينا مشيخته نحواً من ثلاثمائة شيخ . وقال مرة : أربعمائة ، وقد روى عن سبعين أو ثمانين لم يرو عنهم غيره .
وهو مدلس ، وصفه بذلك غير واحد من الأئمة كشعبة ، والنسائي ، وابن حبان ، واختلط بآخره ، وأنكر الذهبي ذلك وقال: شاخ ونسي ولم يختلط . فكأنه ينفي الاختلاط الفاحش .
قال ابن حجر : [ ثقة مكثر عابد ... اختلط بآخره ] .
ثقات ابن حبان 5/177 ، معرفة السنن والآثار للبيهقي 1/86، تهذيب الكمال 22/102 ، الميزان 3/270، تهذيب التهذيب 3/248 ، التقريب 5065 ، طبقات المدلسين ص67 ، الكواكب النيرات ص341 .
* علي بن ربيعة بن نَضْلة الوالِبي - بكسر اللام - ويقال : البجلي ، أبو المغيرة الكوفي ، روى عن : علي بن أبي طالب ، والمغيرة بن شعبة وغيرهما ، وعنه : الحكم ابن عتيبة ، وأبو إسحاق السبيعي وغيرهما .
ثقة ، وثقه ابن سعد ، وابن نمير ، وابن معين ، والنسائي، والعجلي وغيرهم، وقال أبو حاتم : صالح الحديث .
قال ابن حجر : [ ثقة ] .
طبقات ابن سعد 6/226 ، ثقات العجلي ص346 ، الجرح والتعديل 6/185 ، تهذيب الكمال 20/431 ، تهذيب التهذيب 3/161 ، التقريب 4733 .
* أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي ، ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم - وزوج ابنته ، وأبو الحسن ، والحسين ، من السابقين الأولين، ورجح جمع أنه أول من أسلم ، وهو أحد العشرة المبشرين ، ولد قبل البعثة بعشر سنين - على الصحيح - ومات في رمضان سنة 40 ، وله ثلاث وستون سنة - على الأرجح - .
فضائل الصحابة لأحمد 1/528 و2/727، تهذيب الكمال 20/472 ، الإصابة 2/507 ، التقريب 4753 .
* أبو زياد حماد بن زاذان القطان الرازي ، روى عن : ابن عيينة ، ويحيى القطان ، وابن مهدي وغيرهم ، وعنه : أبو زرعة ، وأبو حاتم ، ومحمد بن مسلم.(1/3)
ثقة، أثنى عليه أحمد، وابن المديني ، وذكراه بخير ، وكان رفيق أحمد بالبصرة عند المعتمر بن سليمان ، ووثقه أبو زرعة ، وقال أبو حاتم : ثقة صدوق .
الجرح والتعديل 3/139 ، المقتنى في سرد الكنى 1/252 .
* يحيى بن سعيد بن فروخ القطان التميمي ، وقيل : مولاهم ، أبو سعيد البصري الأحول الحافظ ( 120 – 198 ) ، روى عن سليمان التيمي ، وعبيد الله بن عمر ، والأعمش ، وشعبة ، والثوري وغيرهم ، وعنه : أحمد ، وإسحاق ، وابن المديني ، وابن معين وغيرهم .
متفق على إمامته وضبطه وإتقانه وحفظه، قال أحمد: إليه المنتهى في التثبت بالبصرة، وقال - أيضاً -: ما رأيت أثبت في الحديث من يحيى بن سعيد ، ولم يكن في زمان يحيى القطان مثله ، وكان تعلم من شعبة .
قال ابن حجر : [ ثقة متقن حافظ إمام قدوة ] .
الجرح والتعديل 9/150، تهذيب الكمال 31/329، تهذيب التهذيب 4/357، التقريب 7557.
* عبد الرحمن بن بشر بن الحكم العبدي ، أبو محمد النيسابوري، مات سنة 260، روى عن : ابن عيينة ، وعبد الرزاق ، ويحيى القطان وغيرهم ، وعنه : البخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، وابن ماجه ، وأبو حاتم وغيرهم .
قال صالح بن محمد : صدوق . وقال ابن أبي حاتم : كتب إليَّ ببعض فوائده ، وكان صدوقاً ثقة . وذكره ابن حبان في الثقات . ووصفه الحاكم بالعالم ابن العالم ابن العالم .
قال الذهبي ، وابن حجر : [ ثقة ] ، زاد الذهبي : صاحب حديث .
الجرح والتعديل 5/215 ، ثقات ابن حبان 8/382 ، تاريخ بغداد 10/271 ، تهذيب الكمال 16/545 ، الكاشف 2/157 ، تهذيب التهذيب 2/490 ، التقريب 3810 .
* عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري ، وقيل : الأزدي، مولاهم ، أبو سعيد البصري اللؤلؤي ( 135 – 198 ) ، روى عن : مالك ، وشعبة ، والسفيانين وغيرهم، وعنه : أحمد ، وإسحاق ، وابن معين ، وعبد الرحمن بن بشر وغيرهم .(1/4)
متفق على إمامته وجلالته وفقهه وإتقانه . قال الشافعي : لا أعرف له نظيراً في الدنيا . وقال ابن حبان : وكان من الحفاظ المتقنين ، وأهل الورع في الدين ، ممن حفظ وجمع وتفقه وصنف وحدث ، وأبى الرواية إلا عن الثقات .
قال ابن حجر : [ ثقة ثبت حافظ ، عالم بالرجال والحديث ، قال ابن المديني : ما رأيت أعلم منه ] .
ثقات ابن حبان 8/373 ، تهذيب الكمال 17/430 ، تهذيب التهذيب 2/556 ، التقريب 4018 .
* شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي الأزدي، مولاهم، أبو بسطام الواسطي، ثم البصري ( 82 – 160 ) ، روى عن : عدي بن ثابت ، وعبد الله بن دينار ، وعمرو بن دينار ، وأبي إسحاق السبيعي ، والأعمش ، وهشام بن عروة وخلق كثير ، وعنه : ابن مهدي ، والقطان ، ووكيع ، وابن المبارك وغيرهم .
متفق على حفظه وإتقانه وجلالته في هذا العلم ، قال أحمد : كان شعبة أمة وحده في هذا الشأن - يعني في الرجال وبصره في الحديث وتثبته وتنقيته للرجال - .
قال ابن حجر : [ ثقة حافظ متقن ، كان الثوري يقول : هو أمير المؤمنين في الحديث، وهو أول من فتش بالعراق عن الرجال وذب عن السنة ، وكان عابداً ] .
تاريخ بغداد 9/255 ، تهذيب الكمال 12/479 ، تهذيب التهذيب 2/166 ، التقريب 2790 .
* يونس بن خباب - بمعجمة وموحدتين - الأسيِّدي ،سبق في المسألة الثانية ، وهو صدوق يخطئ ، ورمي بالرفض .
التخريج :
- أخرجه البخاري في التاريخ الأوسط 1/435 ح977 ، والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/358 ح1788، من طريق مسدد ،
والمحاملي في الدعاء ص103 ح16 - وعنه الدارقطني في العلل 4/62 - عن زكريا ابن يحيى الباهلي ،(1/5)
كلاهما ( مسدد ، وزكريا ) عن يحيى بن سعيد القطان ، عن الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن علي بن ربيعة به ، ولفظه بتمامه : عن علي بن ربيعة قال : كنت ردف علي ، فلما ركب كبر ثلاثاً ، وحمد ثلاثاً ، ثم قال : { سبحان الذي سخر لنا هذا وما يبلكبيملبلكيبلكبتل كبتل }، ثم قال : سبحانك لا إله إلا أنت إني ظلمت نفسي فاغفر لي ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، ثم استضحك فقلت : ما أضحكك ؟ فقال: كنت ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - ففعل كما فعلت ، ثم استضحك فقلت: ما يضحكك؟ فقال : يعجب الرب - عز وجل - أو ربنا - عز وجل - إذا قال العبد سبحانك لا إله إلا أنت إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت " هذا لفظ زكريا ، واختصره غيره .
- وأخرجه الطبراني في الدعاء 2/1162 ح781 ، وأبو بكر الآجري في الشريعة 2/1061 ح644، من طريق محمد بن يوسف الفريابي ، عن الثوري به بنحو رواية زكريا السابقة .
- وأخرجه أبو داود 3/257 ح2595، ، والترمذي في الجامع 5/443 ح3446 ، وفي الشمائل ص194 ح223، والنسائي في الكبرى 5/247 ح8799، والطيالسي 1/120 ح134، وابن حبان 6/415 ح2698 ، والطبراني في الدعاء 2/1163 ح784 ، والبيهقي في الأسماء والصفات ص594 – 595 ، من طريق أبي الأحوص سلام بن سليم ،
والنسائي في الكبرى 5/248 ح8800 ، و6/129 ح10336 ( عمل اليوم والليلة ص159 ح506 ) ، - وعنه ابن السني ص145 ح498 - والبزار 3/24 ح773 ، وأبو يعلى 1/439 ح586 ، والمحاملي في الدعاء ص108 ح19 ، والطبراني في الدعاء 2/1164 ح785 ، والآجري في الشريعة 2/1062 ح645 ، والحاكم 2/99 من طريق منصور بن المعتمر ،(1/6)
ومعمر في الجامع ( مع المصنف لعبد الرزاق 10/396 ح19480) - ومن طريقه أحمد 1/115 ح930، وعبد بن حميد ( المنتخب ص58 ح88)، والمحاملي في الدعاء ص107 ح18، والطبراني في الدعاء 2/1162 ح782، والبيهقي في الكبرى 5/252 ، وفي الآداب ص344 ح921 ، والبغوي في شرح السنة 5/138 ح1342 - كلهم من طريق عبد الرزاق ، عن معمر بن راشد ،
وأحمد 1/128 ح1056 ، وعبد بن حميد ( المنتخب ص59 ح89 ) ، والطبراني في الدعاء 2/1163 ح783 ، والبيهقي في الدعوات الكبير 2/177 ح407 من طرقٍ عن إسرائيل بن يونس ،
وأحمد 1/97 ح753 ، والمحاملي في الدعاء ص105 ح17 من طريق شريك القاضي ،
وابن أبي حاتم ( كما سيأتي في المسألة رقم 114/901 ) - معلقاً - عن يعقوب بن سفيان ، عن عمرو بن عاصم ، عن عبيد الله بن الوازع ، والدارقطني في العلل 4/60 - معلقاً - عن أبي يوسف القاضي ، كلاهما ( عبيد الله ، وأبو يوسف ) عن ليث بن أبي سليم ،
والمحاملي في الدعاء ص109 ح20 ، والبيهقي في الدعوات الكبير 2/179 ح408 ، من طريق أبي أسامة حماد بن سلمة ، وابن السني ص146 ح501 من طريق محمد بن فضيل ، والطبراني في الدعاء 2/1164 ح786 من طريق شيبان بن عبد الرحمن ، وعلقه الدارقطني في العلل4/60 عن شيبان، ومصعب بن سلام ، أربعتهم ( أبو أسامة ، ومحمد بن فضيل ، وشيبان ، ومصعب ) عن الأجلح بن عبد الله الكندي ،
وابن حبان 6/414 ح2697 من طريق الوليد بن مسلم ، عن أبي نوفل علي بن سليمان ،
وابن عدي في الكامل 5/121 من طريق عمرو بن أبي المقدام العجلي ،
والطبراني في الدعاء 2/1165 ح787 من طريق حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي ، عن أبيه ،
والدارقطني في الغرائب والأفراد (الأطراف 1/240 ح357) من طريق حصين بن مخارق، عن مسعر ،
وفي الغرائب(1)- أيضاً- وفي العلل 4/59 - معلقاً - عن عمرو بن قيس الملائي ،
__________
(1) في المطبوع من الأطراف ارتباك وسقط وخلل وكذا في مخطوطة القرويين الورقة 22 .(1/7)
جميعهم ( 12 راوياً ، وهم : أبو الأحوص ، ومنصور ، ومعمر، وإسرائيل، وشريك ، وليث بن أبي سليم ، والأجلح ، وأبو نوفل ، وعمرو بن أبي المقدام، والرؤاسي ، ومسعر ، وعمرو بن قيس ) عن أبي إسحاق السبيعي به بنحو رواية زكريا السابقة ، إلا أنه قال " بسم الله " في أوله ، وقال آخره : " يعلم أن لا يغفر الذنوب غيره " أو نحوها ، وربما اختصره بعضهم ، ولم يقل " كنت ردف علي " إلا في رواية إسرائيل ، وإنما قال في بقية الروايات " شهدت علياً " أو " رأيت علياً " أو نحو ذلك .
وقال في رواية عبد الرزاق عن معمر - عند عبد بن حميد ، والمحاملي ، والبيهقي -: عن أبي إسحاق ، أخبرني علي بن ربيعة . وفي رواية أحمد عن عبد الرزاق قال: عن أبي إسحاق ، عن علي بن ربيعة - قال مرة- قال عبد الرزاق: وأكثر ذلك يقول : أخبرني من شهد علياً .
وقد جعله في رواية ليث بن أبي سليم ، والأجلح الكندي - فيما رواه عنه محمد بن فضيل ، ومصعب بن سلام -: عن أبي إسحاق ، عن الحارث الأعور ، عن علي بن أبي طالب .
- وأخرجه البخاري في التاريخ الأوسط 1/435 ح978 ، وابن أبي شيبة 6/51 ح29401، والبزار 3/23 ح771 ، وابن خزيمة في التوحيد ص236 - 237، والمحاملي في الدعاء ص110 ح21، والطبراني في الدعاء 2/1159 ح777 ، وأبو بكر الآجري في الشريعة 2/1059 ح642 و2/1061 ح643 ، والبيهقي في الأسماء والصفات ص594 من طرقٍ عن إسماعيل بن عبد الملك ،
والمحاملي في الدعاء ص112 ح23 ، والطبراني في الدعاء 2/1160 ح778 ، والحاكم 2/98 ، وابن منده في التوحيد 3/199 ح660 من طريق فضيل بن مرزوق ، عن ميسرة بن حبيب ، عن المنهال بن عمرو ،
والمحاملي في الدعاء ص111 ح22 ، والأمالي ص223 ح211، والطبراني في الدعاء 2/1161 ح780 ، والخطيب في المتفق والمفترق 3/1635 ح1118 ، من طريق محمد بن عمران بن أبي ليلى ، عن أبيه ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن الحكم بن عتيبة ،(1/8)
والطبراني في الدعاء 2/1161 ح779 ، وفي الأوسط 1/62 ح175، والدارقطني في الغرائب والأفراد ( الأطراف 1/340 ح358 ) من طريق ابن لهيعة ، عن عبد ربه بن سعيد، والدارقطني في العلل 4/61 - معلقاً - عن شعيب بن صفوان، كلاهما ( عبد ربه ، وشعيب ) عن يونس بن خباب ، عن شقيق الأزدي ،
والدارقطني في الغرائب والأفراد ( الأطراف 1/240 ح358 ) من طريق محمد بن القاسم الأسدي ، عن سعيد بن عبيد الطائي ،
خمستهم ( إسماعيل بن عبد الملك ، والمنهال، والحكم، وشقيق ، وسعيد بن عبيد ) عن علي بن ربيعة به مطولاً لبعضهم ومختصراً لبعضهم .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم حديث الثوري وغيره ، عن أبي إسحاق ، عن علي بن ربيعة ، قال : كنت رديف علي فقال حين ركب : الحمد لله - ثلاثاً - ... وروى عن يحيى بن سعيد تعجبه منه ، وإنكاره أن يكون علي بن ربيعة رِدْف علي ، وهو حَدَث في عهد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فيبعد أن يكون مثله ردفاً لعلي ، حتى حدثه سفيان الثوري بالحديث فسأله هل سمعه أبو إسحاق من علي بن ربيعة ؟ فذكر الثوري أنه سأل أبا إسحاق عن ذلك ، فقال : حدثني رجل عن علي بن ربيعة . يعني فاستبان ليحيى بن سعيد ضعف الحديث حيث لم يسمعه أبو إسحاق من علي بن ربيعة ، ثم أيد ابن أبي حاتم ذلك بما رواه من طريق شعبة أنه سأل أبا إسحاق عن ذلك ، فأخبره أنه سمعه من يونس بن خباب ، فأتى شعبة يونس بن خباب فسأله ممن سمعته ؟ فقال : من رجل رواه عن علي بن ربيعة . فتبين برواية شعبة هذه أن بين أبي إسحاق وعلي بن ربيعة رجلين ، وأن أبا إسحاق كان قد دلس هذا الحديث - وهو مدلس كما سبق - فرواه الجماعة - كما سبق في التخريج - عن أبي إسحاق عن علي بن ربيعة، فلما نوقش أبو إسحاق بيَّن عدم سماعه له من علي ابن ربيعة .(1/9)
وشيخ أبي إسحاق الذي بيَّنه لشعبة هو يونس بن خباب ، وهو صدوق يخطئ، وقد رمي بالرفض- كما سبق - وقال البخاري : منكر الحديث . وقال ابن معين : رجل سوء كان يشتم عثمان . وقال - أيضاً - : لا شيء . وقال أبو حاتم : مضطرب الحديث ، ليس بالقوي . وضعفه غير واحد من الأئمة ( انظر ترجمته في المسألة الثانية ) .
أما شيخ يونس فلم يسمه في رواية شعبة ، ولكن جاء ما يدل عليه ، قال ابن حجر : وقد وضح لي أن الذي لم يسمَّ هو شقيق الأزدي ، ثم استدل برواية عبد ربه بن سعيد ، وشعيب بن صفوان ، عن يونس بن خباب ، عن شقيق الأزدي ، عن علي بن ربيعة - وقد سبق تخريج ذلك - ثم قال : وشقيق هذا ما عرفت اسم أبيه ولا حاله هو ، والعلم عند الله تعالى . ( نقله ابن علان في الفتوحات الربانية 5/125 ) والأمر كما ذكر - رحمه الله - فإني لم أتبين من هو شقيق هذا ، وقد اختلفت مصادر التخريج في اسمه ، ففي رواية عبد ربه بن سعيد قال : شقيق الأزدي ، إلا أن الطبراني قال بعد سياقه : وهو شقيق بن أبي عبد الله . وفي رواية شعيب بن صفوان قال : شقيق بن عقبة الأسدي ، وكذا ذكر المزي في التحفة 7/436 ، ولم أقف له على ترجمة ، غير أن المزي لما ترجم لشقيق بن أبي عبد الله الكوفي مولى آل الحضرمي ذكر حديث يونس بن خباب هذا وقال : فزعم أبو القاسم الطبراني أنه شقيق بن أبي عبد الله فالله أعلم ، وشقيق بن أبي عبد الله هذا ثقة ، وثقه ابن معين وغيره ، ( تهذيب الكمال 12/554 ، التقريب 2817 ) ، ولكنه لا يتبين أنه المراد هنا ، فليس أزديًّا ولا أسديًّا ، ولا له رواية عن علي بن ربيعة ، ولا ليونس عنه رواية .
وهناك شقيق بن عقبة العبدي ، وهو ثقة ، ( تهذيب الكمال 12/556 ، التقريب 2818 ) ولكن لا يتبين أنه المراد هنا ، فالله أعلم .(1/10)
ثم إنه لو قدر أن شقيقاً المذكور في هذا الحديث ثقة فإنه لا يعني صحة الحديث، فقد تفرد عنه يونس بن خباب - وقد سبق بيان حاله - ثم الطريق الذي ذكر فيه شقيق في ثبوته عن يونس نظر ، ذلك أنه لم يرو عنه إلا من طريقين ، أحدهما : طريق عبد ربه بن سعيد ، وهو ثقة ، ( التقريب 3786 ) ، ولكن تفرد عنه ابن لهيعة ، كما ذكر الدارقطني ، وأكثر الأئمة على تضعيف عبد الله بن لهيعة ، وذكر الذهبي أن العمل على تضعيفه ، وقال ابن حجر : صدوق خلط بعد احتراق كتبه ، ورواية ابن وهب ، وابن المبارك عنه أعدل من غيرها ( تهذيب الكمال 15/487 ، الميزان 2/475 ، التقريب 3563 ) ، ولذا قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن شقيق الأزدي - وهو شقيق بن أبي عبد الله - إلا يونس بن خباب ، ولا عن يونس إلا عبد ربه بن سعيد ، تفرد به ابن لهيعة .
والثاني : طريق شعيب بن صفوان ، أبي يحيى الكوفي ، استنكر أحمد تحديث ابن مهدي عنه . وقال مرة: لا بأس به ... وهو صحيح الحديث ... . وقال ابن معين: ليس حديثه بشيء . وقال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال ابن عدي : وعامة ما يرويه لا يتابع عليه . قال ابن حجر: مقبول . ( تهذيب الكمال 12/528 ، التقريب 2803 ) ثم إن الرواية عنه معلقة ، لم أقف على من وصلها .(1/11)
وأما ما جاء في رواية عبد بن حميد ، عن عبد الرزاق ، وراية المحاملي ، والبيهقي من طريق أحمد بن منصور الرمادي ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أبي إسحاق من تصريح أبي إسحاق بإخبار علي بن ربيعة له بهذا الحديث ، فإن التصريح المذكور ليس بشيء ، بل هو خطأ من معمر أو عبد الرزاق أو غيرهما ، ولذا لم يذكره أحمد ، ولا الدبري - وروايته عند الطبراني - بل في رواية أحمد ذكره بالعنعنة ثم قال : قاله مرة ، قال عبد الرزاق : وأكثر ذلك يقول : أخبرني من شهد علياً . ففيه إبهام من أخبر أبا إسحاق ، ولعل هذا أصح . ثم رواية معمر عن أهل العراق فيها كلام ، قال ابن معين : إذا حدثك معمر عن العراقيين فخفه ... ( شرح العلل 2/774 ) ، وعلى كل حالٍ فليس هذا التصريح بالإخبار بنافعٍ شيئاً بعد أن ثبت عن أبي إسحاق أنه لم يسمع هذا الحديث من علي بن ربيعة .
وبهذا يتبين صحة ما ذكره أبو حاتم وابنه ونقلاه من الطعن في حديث أبي إسحاق ، وقد ذكر ذلك البخاري - أيضاً - في التاريخ الأوسط ، حيث روى قصة ابن مهدي عن شعبة نحواً مما ذكره ابن أبي حاتم ، وكذا الدارقطني في العلل 4/61 حيث قال : وأبو إسحاق لم يسمع هذا الحديث من علي بن ربيعة ، ثم ذكر قصة ابن مهدي عن شعبة . وكذا الحاكم في تاريخ نيسابور ، قال الحافظ ابن حجر بعد ذكر الحديث : وقفت له على علة خفية ، ذكرها الحاكم في تاريخ نيسابور ، وذهل عنها في المستدرك ، وهي ما أسنده إلى عبد الرحمن بن بشر ... ثم ذكر القصة . قال ابن حجر : فدلت هذه القصة على أن أبا إسحاق دلس بحذف رجلين أو أكثر ... ( الفتوحات الربانية 5/125 ) .(1/12)
فعلم بهذا أن من صحح الحديث من الأئمة إما لذهوله عن القصة - كالحاكم - أو لعدم علمه بها ، فمن ذلك قول الترمذي حسن صحيح . ولكن النووي ذكر اختلاف نسخ الترمذي في ذلك، ففي بعضها حسن فقط . ( الأذكار مع الفتوحات 5/128 ) ، ولعل الأخير أصح عن الترمذي ، فإن حكم الترمذي على مثل هذا الحديث بالحسن فقط غير مستنكر لتوفر شروط الحسن عنده في هذا الحديث التي ذكرها في العلل الصغير آخر الجامع ( 6/251) وهي لا تعني الصحة ولا الثبوت بحالٍ ، والله أعلم .
ومما يجب التنبيه عليه أن جعل هذا الحديث : عن أبي إسحاق ، عن الحارث الأعور ، عن علي بن أبي طالب وجه شاذ عن أبي إسحاق ، وله عنه طريقان : أولهما : طريق الأجلح الكندي ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي ، وقد سبق أنه اختلف على الأجلح في هذا الحديث ، فرواه عنه شيبان بن عبد الرحمن أبو معاوية البصري ، وهو ثقة صاحب كتاب ، ( التقريب 2833 ) ، وأبو أسامة حماد بن أسامة ، وهو ثقة ثبت ربما دلس ، وكان بأخرة يحدث من كتب غيره ( التقريب 1487 ) ، روياه عن الأجلح ، عن أبي إسحاق عن علي بن ربيعة ، عن علي ، كرواية الجماعة عن أبي إسحاق ، وخالفهما محمد بن فضيل الضبي ، وهو صدوق عارف رمي بالتشيع ( التقريب 6227 ) ، ومصعب ابن سلام ، وهو صدوق له أوهام ( التقريب 6690) ، فروياه عن الأجلح ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي . والوجه الأول هو المحفوظ ، والثاني وهم ، كما قال الدارقطني ، فإن الأول موافق لرواية الجماعة عن أبي إسحاق وفيهم شعبة ، والثوري ، وإسرائيل فلا شك أنه المحفوظ .(1/13)
ثانيهما : طريق ليث بن أبي سليم الكوفي ، وقد ضعفه غير واحد من الأئمة ، قال أحمد : مضطرب الحديث . وقال أبو حاتم ، وأبو زرعة : ليث لا يشتغل به ، هو مضطرب الحديث . وقال أبو زرعة - أيضاً - : ليث بن أبي سليم لين الحديث، لا تقوم به الحجة عند أهل العلم بالحديث . وقال الحاكم أبو عبد الله : مجمع على سوء حفظه . وهو مع ذلك معروف بالصلاح والعبادة والخير . لخص الحافظ حاله بقوله: صدوق اختلط جداً ، ولم يتميز حديثه فترك . ( تهذيب التهذيب 3/484 ، التقريب 5685 )، وقد رواه الليث عن أبي إسحاق، عن الحارث ، عن علي بن أبي طالب، وقد حكم عليه أبو حاتم بأنه ليس له أصل بهذا الإسناد ، وحكم عليه الدارقطني بأنه وهم . وهو كما قالا ، فيكفي في ذلك مخالفته لرواية الجماعة من أصحاب أبي إسحاق ، فكيف والليث ضعيف .
وبهذا يعلم أن حديث أبي إسحاق لا يصح من جميع وجوهه ويبقى النظر في طرق الحديث الأخرى عن علي بن ربيعة ، وهي كالتالي :
أولاً: طريق إسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصُّفَيْرا - بالمهملة والفاء مصغراً- قال ابن معين : ليس به بأس . وقال - أيضاً - : ليس بالقوي . وكذا قال النسائي ، وابن الجارود . وقال أبو حاتم : ليس بقوي في الحديث ، وليس حده الترك . وقال البخاري : يكتب حديثه . وقال أحمد : منكر الحديث . وضعفه أبو داود ، وابن عمار . وقال ابن حبان : تركه ابن مهدي ، وكان سيء الحفظ ، رديء الفهم ، يقلب ما يروي . قال ابن حجر : صدوق كثير الوهم . ( تهذيب التهذيب 1/160 ، التقريب 465 ) ، فمثل هذا لا يعتمد على روايته .
ثانياً : طريق المنهال بن عمرو ، وقد وثقه ابن معين ، والنسائي ، والعجلي وغيرهم . وقال الدارقطني : صدوق . وعن ابن معين أنه كان يضع من شأنه . وتركه شعبة، لأنه سمع من بيته صوت طنبور . وغمزه يحيى القطان . قال ابن حجر : صدوق ربما وهم . ( تهذيب التهذيب 4/162 ، التقريب 6918 ) .(1/14)
وقد تفرد عنه ميسرة بن حبيب النهدي ، أبو حازم الكوفي ، وثقه أحمد وابن معين والعجلي والنسائي وغيرهم . قال الذهبي : ثقة ، وقال ابن حجر: صدوق . ( الكاشف 3/191، تهذيب التهذيب 4/196 ، التقريب 7037 ) .
وتفرد عن ميسرة : فضيل بن مرزوق ، أبو عبد الرحمن الرقاشي الكوفي ، وثقة الثوري ، وابن عيينة ، وابن معين ، وقال أحمد: لا أعلم إلا خيراً . وقال ابن معين - في رواية - : صالح الحديث ، إلا أنه شديد التشيع . وقال أبو حاتم : صالح الحديث ، صدوق يهم كثيراً ، يكتب حديثه ، قيل: يحتج به ؟ قال : لا . وضعفه النسائي . وقال الحاكم : ليس هو على شرط الصحيح ، وقد عيب على مسلم إخراجه لحديثه . وذكره ابن حبان في الثقات وفي الضعفاء ، وقال : يخطئ على الثقات ، ويروي عن عطية الموضوعات . قال الذهبي: ثقة . وقال ابن حجر: صدوق يهم، ورمي بالتشيع . ( الكاشف 2/386، تهذيب التهذيب 3/401، التقريب 5437 ).
وهذا الإسناد ذكر الدارقطني ، وابن حجر أنه أحسن أسانيد حديث علي بن ربيعة ، وقد صححه الحاكم على شرط مسلم ، ولكن يصعب القول بصحته مع وجود التفرد في ثلاث طبقات من الإسناد ، مع ما قيل في كل واحد منهم ، والله أعلم .
ثالثاً : طريق شقيق الأزدي ، وقد سبق القول فيه .(1/15)
رابعاً : طريق الحكم بن عتيبة ، وهو ثقة ثبت فقيه ، إلا أنه ربما دلس ، ( التقريب 1453 ) ، وقد تفرد عنه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، أثنى عليه الأئمة في فقهه وعلمه وتقواه، إلا أنه كان سيئ الحفظ ، مضطرب الحديث ، كما قال ذلك الإمام أحمد. وقال شعبة : ما رأيت أحداً أسوأ حفظاً من ابن أبي ليلى . وقال - أيضاً -: أفادني ابن أبي ليلى أحاديث ، فإذا هي مقلوبة. وضعفه يحيى القطان. وقال ابن معين : ليس بذاك . وقال النسائي : ليس بالقوي . وقال أبو زرعة : ليس بأقوى ما يكون . وقال أبو حاتم : محله الصدق ، كان سيء الحفظ ، شغل بالقضاء ، فساء حفظه ، لا يتهم بشيء من الكذب ، إنما ينكر عليه كثرة الخطأ ، يكتب حديثه ولا يحتج به . لخص الحافظ ابن حجر حاله بقوله : صدوق سيئ الحفظ جداًّ . ( تهذيب الكمال 25/622 ، تهذيب التهذيب 3/627 ، التقريب 6081 ) .
وقد تفرد عنه ابنه عمران ، ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال ابن حجر: مقبول . ( تهذيب التهذيب 3/321 ، التقريب 5166) .
وعن عمران تفرد ابنه محمد بن عمران بن أبي ليلى ، قال أبو حاتم: صدوق . ووثقه مسلمة بن قاسم . وذكره ابن حبان في الثقات . قال ابن حجر : صدوق . ( تهذيب التهذيب 3/665، التقريب 6197 ) .
فهذا إسناد ظاهر الضعف ، لحال ابن أبي ليلى وابنه وللتفرد ، فالله أعلم .(1/16)
خامساً : طريق سعيد بن عبيد الطائي ، وهو ثقة ، ( التقريب 2361 )، ولكن تفرد عنه محمد بن القاسم الأسدي ، كذبه غير واحد من الأئمة كأحمد ، والدارقطني ، وقال عبد الله بن أحمد : ذكرت لأبي حديث محمد بن القاسم ، عن سعيد بن عبيد ، عن علي بن ربيعة ، عن علي " إذا هاج بأحدكم الدم فليهرقه ولو بمشقص" فقال أبي : محمد بن القاسم أحاديثه موضوعة ، ليس بشيء . وقال أبو داود : غير ثقة ولا مأمون ، أحاديثه موضوعة . وقال ابن حبان : يروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم ، لا يجوز الاحتجاج به . وضعفه غير واحد ، وفيه كلام غير ذلك ، غير أن ابن معين وثقه وكتب عنه ، فلعله أخفى عنه سيئ حديثه فحسن الرأي فيه، وعلى كل حال فتوثيق ابن معين لا يقوي على رفع ما فيه ، ولذا قال الذهبي : ضعفوه ، وقال ابن حجر : كذبوه . ( الكاشف 3/89 ، تهذيب التهذيب 3/678، التقريب 6229 ) فهذا إسناد لا يلتفت إليه، ولا يعتمد عليه، ولذا قال الدارقطني : غريب من حديث سعيد بن عبيد ، تفرد به محمد بن القاسم ... .
فهذه طرق هذا الحديث عن علي بن ربيعة التي وقفت عليها ، وقد تبين مما سبق أنه ليس فيها إسناد يعتمد عليه ، وأحسنها عند البزار حديث أبي إسحاق ، فإنه قال بعد سياقه : ولا نعلم هذا الحديث يروى إلا عن علي ، وأحسن إسنادٍ يروى عن علي هذا الإسناد . أما الدارقطني فقال : فهو من طريق أبي إسحاق مرسلٌ ، وأحسنها إسناداً حديث المنهال بن عمرو ، عن علي بن ربيعة . وكذا قال الحافظ بن حجر .
وقد تبين بهذا قوة حدس يحيى القطان - رحمه الله - حيث كان يتعجب من هذا الحديث ، كيف يكون علي بن ربيعة وهو حَدَثٌ رديفاً لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب - وإن كانت هذه اللفظة لا يرويها جميع الرواة ، ولكنها ثابتة في هذا الحديث - فهذه علة في المتن دلت على خلل في الإسناد ، تبين بعد البحث والسؤال ، فبه تعلم منزلة هؤلاء الأئمة ، والله أعلم .(1/17)
15/801- سألت أبي ، وأبا زرعة عن حديث رواه يونس بن بكير ، عن مسعر ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن عمر " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرم ولبى من البيت حين انبعثت به راحلته " فقالا : هذا خطأ إنما هو حبيب ، عن الحسن بن محمد بن الحنفية ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل ، وقالا : هو الصحيح .
دراسة الرواة :
* يونس بن بكير الشيباني ، أبو بكر، ويقال : أبو بكير الكوفي، مات سنة 199 ، روى عن : الأعمش ، وابن إسحاق ، وهشام بن عروة وغيرهم ، وعنه : ابن معين ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن عبد الله بن نمير وغيرهم .
وثقه ابن معين ، وابن نمير ، وعبيد بن يعيش ، وغيرهم . وقال أبو حاتم : محله الصدق . وقال ابن عمار : هو اليوم ثقة عند أهل الحديث . وسئل أبو زرعة عن يونس أي شيء ينكر عليه ؟ فقال : أما في الحديث فلا أعلمه ... الخ .
وضعفه النسائي ، وقال مرة : ليس بالقوي . وقال أبو داود : ليس هو عندي بحجة ، كان يأخذ كلام ابن إسحاق فيوصله بالأحاديث . وفيه كلام غير ذلك .
لخص الحافظ حاله بقوله : [ صدوق يخطئ ] .
تاريخ الدارمي ص228 ، سؤالات الأجري ص178-179، الجرح والتعديل 9/236 ، تهذيب الكمال 32/493 ، تهذيب التهذيب 4/466 ، التقريب 7900 .
* مسعر بن كِدَام - بكسر أوله وتخفيف ثانيه - الهلالي العامري ، أبو سلمة الكوفي ، مات 153 أو 155 ، روى عن : عطاء ابن أبي رباح ، وحبيب بن أبي ثابت وغيرهما ، وعنه : الثوري ، وشعبة ، وابن عيينة ، وابن المبارك وغيرهم .
متفق على ثقته وضبطه وإتقانه . قال شعبة : كنا نسمي مسعراً المصحف . وقال يحيى القطان : ما رأيت مثل مسعر ، كان مسعر من أثبت الناس .
قال ابن حجر : [ ثقة ثبت فاضل ] .
الجرح والتعديل 8/368 ، تهذيب الكمال 27/461، تهذيب التهذيب 4/60 ، التقريب 6605 .(1/1)
* حبيب بن أبي ثابت - قيس ويقال: هند - بن دينار الأسدي، مولاهم ، أبو يحيى الكوفي ، مات سنة 119 وقيل غير ذلك ، روى عن : ابن عمر ، وابن عباس، وغيرهما من الصحابة ، وعن عطاء بن أبي رباح ، وسعيد بن جبير وغيرهما من التابعين ، وعنه : الأعمش ، ومسعر ، وشعبة ، والثوري وغيرهم .
متفق على توثيقه ، قال ابن معين : ثقة حجة . لكنه موصوف بالتدليس والإرسال ، وصفه بذلك غير واحدٍ من الأئمة ، وتكلم يحيى القطان في حديثه عن عطاء بن أبي رباح .
قال ابن حجر : [ ثقة فقيه جليل ، وكان كثير الإرسال والتدليس ] .
ضعفاء العقيلي 1/263 ، الجرح والتعديل 3/107، تهذيب الكمال 5/358 ، تهذيب التهذيب 1/347 ، التقريب 1084 .
* ابن عمر - رضي الله عنهما -، سبقت ترجمته في المسألة الرابعة .
* الحسن بن محمد بن الحنفية ، وهو ابن علي بن أبي طالب الهاشمي ، أبو محمد المدني ، مات سنة 100 أو نحوها ، روى عن : جابر بن عبد الله ، وسلمة بن الأكوع ، وأبيه محمد بن علي وغيرهم . وعنه : عمرو بن دينار ، وابن شهاب ، الزهري وغيرهما .
[ ثقة فقيه ، يقال : إنه أول من تكلم في الإرجاء ] .
مشاهير علماء الأمصار ص62، تهذيب الكمال 6/316، تهذيب التهذيب 1/414، التقريب 1284.
التخريج :
لم أقف على من أخرجه من الوجهين الذين ذكرهما أبو حاتم ، وأبو زرعة ، ولكن وقفت عليه من وجه ثالث :
- أخرجه الطبراني في الكبير 12/430 ح13579 ، وأبو نعيم في الحلية 3/318، من طريق القاسم بن دينار ، عن مصعب بن المقدام ، عن مسعرٍ به ، ولكنه أدخل بين حبيب ، وابن عمر : عطاء بن أبي رباح ، ولفظه : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل حين استوت به راحلته " .
الحكم عليه :(1/2)
ذكر أبو حاتم ، وأبو زرعة أن حديث يونس بن بكير ، عن مسعر ، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عمر" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرم ولبى من البيت حين انبعثت راحلته " خطأ ، وأن الصواب : عن حبيب ، عن الحسن بن محمد بن الحنفية ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً.
وقد تبين من كلام أبي حاتم ، وأبي زرعة ومن التخريج السابق أن هذا الحديث اختلف فيه على حبيب بن أبي ثابت ، فروي عنه على ثلاثة أوجه :
الوجه الأول : عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن عمر مرفوعاً ، وهذه رواية مسعر - فيما رواه عنه يونس بن بكير - .
الوجه الثاني : عن حبيب بن أبي ثابت ، عن الحسن بن محمد بن الحنفية مرسلاً ، ولم يذكر أبو حاتم ، وأبو زرعة من روى ذلك عن حبيب .
الوجه الثالث : عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عطاء ، عن ابن عمر مرفوعاً، وهذه رواية مسعر - فيما رواه عنه مصعب بن المقدام - .
ومقتضى كلام هذين الإمامين أن ما سوى الوجه المرسل فهو خطأ ، ولم يذكرا - رحمهما الله - من روى الوجه المرسل عن حبيب بن أبي ثابت ، كي يمكن الموازنة بين الرواة المختلفين ، ولكني لم أقف على كلامٍ لأحدٍ من الأئمة يخالف ما ذهبا إليه ، ويمكن التماس بعض القرائن المؤيدة لما ذهبا إليه ، والدالة على عدم صحة الحديث ، فمنها : أنه قد تفرد بالوجه الموصول الأول عن مسعر : يونس بن بكير ، وقد سبق في ترجمته بعض ما قيل فيه ، وأن من الأئمة من يضعفه ولا يحتج به كالنسائي، وأبي داود ، ولأجل ذلك نص الحافظ ابن حجر على أنه مع صدقه يخطئ ، فمثله لا يحتج بما تفرد به عن مسعر ، ومع ذلك فقد خولف في روايته .(1/3)
وأما الوجه الموصول الذي ذكر فيه عطاء بن أبي رباح ، فقد تفرد به عن مسعرٍ : مصعب بن المقدام، وثقه ابن معين وقال : ما أرى به بأساً، وقال أبو حاتم : صالح . وضعفه ابن المديني وغيره ، وفيه كلام غير ذلك ، قال ابن حجر : صدوق له أوهام ( تهذيب التهذيب 4/86 ، التقريب 6696 ) فلعل هذا مما أخطأ فيه ووهم فيه ، ولذا قال أبو نعيم : هذا حديث غريب من حديث مسعر تفرد به مصعب.
ثم إن اللفظ الذي ذُكِرَ في هذا الحديث لفظ مستنكر، لا يمكن أن يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحرم من البيت ، وإنما أحرم من الميقات ، وكان قارناً فبقي على إحرامه حتى نحر هديه ، كما تدل على ذلك الأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرهما.
وبهذا يعلم صواب ما ذهب إليه أبو حاتم ، وأبو زرعة من عدم صحة حديث حبيب ابن أبي ثابت موصولاً ، على أنه لو فرض ترجيح الوجه الموصول فإنه لا يعني ثبوت الحديث ، لأن حبيباً مدلس ، وقد جاء ما يدل على تدليسه ، حيث روي بذكر عطاء بن أبي رباح - كما سبق - وقد نقل العقيلي ، عن يحيى القطان قوله : حبيب بن أبي ثابت ، عن عطاء ليست بمحفوظة ، وقوله : إن كانت محفوظة فقد نزل عنها ، يعني عطاء نزل عنها ، ثم قال العقيلي : وله عن عطاء غير حديث لا يتابع عليه ( الضعفاء الكبير 1/263 ) .
إلا أنه قد ثبت عن ابن عمر من غير وجه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل حين استوت به راحلته أو انبعثت به راحلته ، وليس في شيء من ألفاظه أن ذلك عند البيت، وليس فيها شيء من حديث حبيب بن أبي ثابت ( انظر صحيح البخاري 1/53 ح166 و 2/163 ح1514 و2/171 ح1552 و4/37 ح2865 و7/198 ح5851 وغيرها ، ومسلم 4/8-10 ح1186 و1187 ) والله أعلم .(1/4)
16/802- سألت أبي عن حديث رواه أبو نعيم، عن سفيان، عن ابن جريج، عن يحيى بن عبيد ، عن أبيه ، عن السائب بن عبد الله قال : " رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الركن اليماني والحجر الأسود(1)يقول : { }(2)قال أبي : هذا خطأ ، أخطأ فيه أبو نعيم ، إنما هو يحيى بن عبيد ، عن أبيه، عن عبد الله ابن السائب قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - (3)، حدثنا محمد بن كثير العبدي(4)وغيره فقالوا : عبد الله بن السائب . قال أبي: منذ حين أسمع الناس يقولون : هذا مما أخطأ فيه أبو نعيم.
دراسة الرواة :
* أبو نعيم ، الفضل بن دكين ، سبق في المسألة الثالثة ، وهو ثقة ثبت .
* سفيان بن سعيد الثوري ، سبق في المسألة الحادية عشرة ، وهو ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة .
* ابن جريج ، عبد الملك بن عبد العزيز ، سبق في المسألة الثامنة ، وهو ثقة فقيه فاضل ، وكان يدلس ويرسل .
* يحيى بن عبيد المكي ، مولى السائب بن أبي السائب المخزومي ، روى عن أبيه ، وعنه : ابن جريج ، وواصل مولى ابن عيينة فيما ذكره ابن حبان وتبعه عليه الحافظان الذهبي، وابن حجر، والذي ذكره ابن معين ، وأبو حاتم أن الذي يروى عنه واصل آخر، نسبه ابن معين بأنه بصري .
__________
(1) قوله : " الأسود " ليس في ( ت ، ض ، م ، ط ) .
(2) من آية 201 من سورة البقرة .
(3) في ( ت ، م ، ط ) هنا زيادة ، وهي :" أخبرنا أبو محمد قال " ، وأما ( س ، ح ، ض ) فليس فيها ذلك ، ولكن فيها علامة نهاية المسألة ، وابتداء مسألة جديدة بقوله :" وحدثنا محمد بن كثير " . وكل هذا من تصرف النساخ ، والصواب أن الكلام لا زال موصولاً لأبي حاتم ، وليس لابنه ، فإن محمد بن كثير من شيوخ أبي حاتم ، وليس من شيوخ ابنه عبد الرحمن ، فوفاة محمد بن كثير سنة 223 . وإنما ولد عبد الرحمن سنة 240 . وهو شيء ظاهر .
(4) في ( ط ) :" العبيدي " وهو تصحيف .(1/1)
وثقه النسائي ، وذكره ابن حبان في الثقات ، ولم يذكر فيه البخاري ، وابن أبي حاتم جرحاً ولا تعديلاً .
قال الحافظان الذهبي ، وابن حجر : [ ثقة ] .
تاريخ الدوري 2/651 ،التاريخ الكبير 8/293 ، الجرح والتعديل 9/172 الثقات 5/529 ، الوهم والإيهام 4/285 ، تهذيب الكمال 31/455 ، الكاشف 3/263 ، تهذيب التهذيب 4/376 ، التقريب 7601 .
* أبوه : عبيد مولى السائب المخزومي المكي ، روى عن عبد الله بن السائب هذا الحديث ، وعنه ابنه فقط .
ذكره ابن حبان في الثقات ، وذكره البخاري ، وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً .
قال في التقريب [ مقبول ] .
وغَلَّط الحافظ في الإصابة من ذكره في الصحابة ، وسبب ذلك أنه سقط من إسناد هذا الحديث " عبد الله بن السائب " فصار عن يحيى بن عبيد أن أباه أخبره أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فمن هنا جاء الغلط .
التاريخ الكبير 6/7 ، الجرح والتعديل 6/7 ، الثقات 5/139 ، تهذيب الكمال 19/253 ، تهذيب التهذيب 3/43 ، الإصابة 3/159 ، التقريب 4406 .
* السائب بن عبد الله ، صوابه : عبد الله بن السائب بن أبي السائب القرشي المخزومي ، أبو السائب ، ويقال : أبو عبد الرحمن المكي ، له ولأبيه صحبة ، وكان أبوه شريك النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الإسلام ، وكان هو قارئ أهل مكة ، مات سنة بضع وستين .
معرفة الصحابة لأبي نعيم 3/1674، تهذيب الكمال 14/553، تهذيب التهذيب 2/341، الإصابة 2/314 ، التقريب 3337 .
* محمد بن كثير العبدي، أبو عبد الله البصري ، مات سنة 223، روى عن : الثوري ، وشعبة وغيرهما ، وعنه : أبو حاتم ، وأبو زرعة ، والبخاري ، وأبو داود وغيرهم . أخرج له الجماعة .
قال أحمد: ثقة، لقد مات على سنة . وقال أبو حاتم: صدوق . وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : كان تقياً فاضلاً .(1/2)
وتكلم فيه ابن معين، فقال: لا تكتبوا عنه . وقال : لم يكن بالثقة . وقال - أيضاً -: لم يكن يستأهل أن يكتب عنه . وقال : كان في حديثه ألفاظ ... كأنه ضعفه .
قال الذهبي بعد كلام ابن معين : الرجل ممن طفر القنطرة ، وما علمنا له شيئاً يلين به.
وقال ابن حجر : [ ثقة لم يصب من ضعفه ] .
سؤالات ابن الجنيد ص357 ،الجرح والتعديل 8/70 ، الثقات لابن حبان 9/77، تهذيب الكمال 26/334 ، سير النبلاء 10/383 ، تهذيب التهذيب 3/683 ، التقريب 6252 .
التخريج :
- أخرجه البخاري في التاريخ الكبير 8/293 ،
وابن قانع في معجم الصحابة 1/298 ، عن إبراهيم بن إسحاق الحربي ،
وابن حزم في حجة الوداع ص154 ح61 من طريق أحمد بن محمد البرني ،
والضياء في المختارة 9/391 ح363 من طريق الطبراني ، عن علي بن عبد العزيز ،
أربعتهم ( البخاري ، والحربي ، والبرني ، وعلي ) عن أبي نعيم به بنحوه ، غير أنه وقع في رواية علي بن عبد العزيز : عن يحيى بن عبيد ، عن عبد الله بن السائب ، فجعله عن عبد الله بن السائب وأسقط عبيداً .
- وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 8/293 عن إبراهيم بن موسى ، عن هشام بن يوسف ،
وأبو داود 2/479 ح1887 من طريق عيسى بن يونس ،
والنسائي في الكبرى 2/403 ح3934، وأحمد 3/411 ح15399، وابن أبي شيبة في المصنف 3/443 ح15815 و6/81 ح29632 ، وفي المسند 2/364 ح874 ، وابن خزيمة 4/215 ، ح1721 ، وابن حبان 9/134 ح3826 ، والخطيب في المتفق والمفترق 3/2051 ح1721 ، من طرقٍ عن يحيى بن سعيد القطان ،
وعبد الرزاق 5/50 ح8963 - ومن طريقه أحمد في المسند 3/411 ح15398 ، وفي مسائل أبي داود عنه ص147 ح699 ، والفاكهي في أخبار مكة 1/145 ح169 ، وابن الجارود 2/84 ح456، والطبراني في الدعاء 2/1200 ح859 ، والمحاملي في الدعاء ص174 ح67 ، وأبو بكر الآجري في مسألة الطائفين ص34 ح11 - ،(1/3)
وأحمد 3/411 ح15398 ، وابن خزيمة 4/215 ح2721 ، و الحاكم 1/455 ، والبيهقي في السنن الكبرى 5/84 ، وفي شعب الإيمان 7/594 ح3754 من طريق محمد ابن بكر البرساني ،
وأحمد 3/411 ح15398 عن روح ، وهو : ابن عبادة ،
والواقدي في المغازي 3/1098 - ومن طريقه الخطيب في المتفق والمفترق 3/2051 ح1713 - ،
وابن سعد 2/178 ، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 1/247 ، وابن خزيمة 4/215 ح2721، وأبو بكر الباغندي في جزء فيه ستة مجالس من أماليه ص212 ح85 ، والمحاملي في الدعاء ص175ح68 ، والبيهقي 5/84 من طريق أبي عاصم النبيل ،
والشافعي في الأم 2/260، وفي المسند ( 1/347 ح898 بترتيب السندي ) - ومن طريقه البيهقي في المعرفة 4/67 ح2953، والبغوي 7/128 ح1915 - والأزرقي في أخبار مكة 1/340 ، من طريق سعيد بن سالم القداح ،
والحاكم 1/455 - وعنه البيهقي في السنن الكبرى 5/84 ، وفي شعب الإيمان 7/594 ح3754 - من طريق عثمان بن عمر ،
والبيهقي 5/84، من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روَّاد،
جميعهم ( 11 راوياً، وهم : هشام بن يوسف، وعيسى بن يونس، والقطان، وعبد الرزاق ، والبرساني ، وروح ، والواقدي ، وأبو عاصم ، والقداح ، وعثمان بن عمر ، وابن أبي رواد ) عن ابن جريج ، عن يحيى بن عبيد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن السائب به بنحوه ، إلا أنه قال في رواية أبي عاصم عند المحاملي فقط " بين الركن والمقام " وسقط من رواية هشام وهي عند البخاري في التاريخ الكبير قوله :" عن أبيه " وكذا سقط في رواية سعيد بن سالم عند الشافعي في الأم فقط لفظة : "عبد الله " فصارت الرواية عن السائب . ووقع في رواية يحيى القطان عند ابن أبي شيبة في المسند فقط : " يحيى بن عبيد الله " .
الحكم عليه :(1/4)
ذكر أبو حاتم أن حديث أبي نعيم ، عن سفيان، عن ابن جريج، عن يحيى بن عبيد ، عن أبيه ، عن السائب بن عبد الله خطأ ، وأن الصواب في اسم صحابي الحديث: عبد الله ابن السائب، وحمل الخطأ في ذلك على أبي نعيم، وأكد ذلك بما رواه عن محمد بن كثير وغيره ، في روايتهم لهذا الحديث عن سفيان على الصواب " عبد الله بن السائب " ثم ذكر أنه مشتهر بين الناس أن الخطأ في هذا من أبي نعيم .
وما ذكره أبو حاتم أمر صحيح ، لا إشكال فيه ، فعبد الله بن السائب صحابي معروف ، بخلاف السائب بن عبد الله ، ثم قد رواه الجماعة وهم أحد عشر راوياً عن ابن جريج ، على الصواب " عبد الله بن السائب " ، وكذا ثبت عن سفيان من غير طريق أبي نعيم على الصواب ، ورواه البخاري ، وإبراهيم الحربي وغيرهما عن أبي نعيم على الخطأ " السائب بن عبد الله " ثم نص البخاري على أنه وهم ، فثبت الحمل في ذلك على أبي نعيم .
أما رواية علي بن عبد العزيز البغوي ، عن أبي نعيم على الصواب " عبد الله بن السائب " فإن كانت محفوظة فلعل أبا نعيم رجع لما أنكر الناس عليه ، ومما يرجح هذا أن البغوي من صغار الآخذين عن أبي نعيم ، فلعل هذا آخر الأمرين من أبي نعيم ، ويحتمل أن يكون تصويب الاسم ممن دون أبي نعيم ، فالله أعلم .
هذا ما يتعلق بما ذكره أبو حاتم - رحمه الله - أما الحديث من حيث الصحة وعدمها فلم يتعرض له ، وقد صححه ابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم، وقال: على شرط مسلم ، وفيما ذهبوا إليه من القول بصحة الحديث نظر ، لحال عبيد مولى السائب ، وكذا ابنه يحيى - وإن كان وُثِّق إلا أنه لا يثبت أنه روى عنه غير ابن جريج - فالله أعلم .(1/5)
ولم أقف على حديث ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بتخصيص هذا الذكر في هذا الموطن ، وفيه أحاديث مرفوعة في ثبوتها نظر ، وآثار عن الصحابة . ( انظر: سنن ابن ماجه 2/985 ح2957، وأخبار مكة للفاكهي 1/99-100 و1/145-146 ، والأزرقي 1/340 ، ومصنف عبد الرزاق 5/50 ، والدعاء للطبراني 2/1198، ومسألة الطائفين ص32-33 وسنن البيهقي وغيرها ) والله أعلم .(1/6)
17/803- سألت أبي عن حديث رواه أبو بكر بن عياش ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه قال لضباعة اشترطي(1)" قلت(2): رواه الثوري ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن ضباعة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال أبي : إن عامة الناس يقولون : هشام ، عن أبيه ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لضباعة . قال أبي : أشبه عندي مرسل ، هشام ، عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
دراسة الرواة :
* أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي ، مولاهم ، الكوفي الحناط المقرىء ، اختلف في اسمه على عشرة أقوال ، والصحيح أن اسمه كنيته ، ( 96-194 ) أو نحو ذلك ، روى عن : أبيه ، وأبي إسحاق السبيعي ، وهشام بن عروة وغيرهم ، وعنه : الثوري ، وابن المبارك ، وابن مهدي ، وأحمد ، وابن معين، وابن المديني وغيرهم .
__________
(1) في ( ط ) :" اشرطي " وهو تصحيف .
(2) في ( ت ، م ، ط ) :" قال أبو محمد ... " بدل قوله :" قلت " .(1/1)
أثنى عليه الثوري ، وابن المبارك وغيرهما . ووثقه ابن معين . وقال أحمد : صدوق ثقة ، صاحب قرآن وخير . وقال - أيضاً - : ثقة ، وربما غلط ، وقدم عليه إسرائيل ، فقيل : لم ؟ قال لأن أبا بكر كثير الخطأ جداً ، قيل : كان في كتبه خطأ ؟ قال : لا ، كان إذا حدث من حفظه . وقال ابن سعد : كان ثقة صدوقاً عارفاً بالحديث والعلم، إلا أنه كثير الغلط. وقال العجلي : كان ثقة قديماً صاحب سنة وعبادة، وكان يخطئ بعض الخطأ. وجعله أبو حاتم مثل شريك في الحفظ ، إلا أنه أصح كتاباً . وذكر عثمان الدارمي أنه من أهل الصدق والأمانة ، وليس بذاك في الحديث . وذكره ابن حبان في الثقات وقال : كان من الحفاظ المتقنين ... كان يحيى القطان ، وعلي بن المديني يسيئان الرأي فيه ، وذلك أنه لما كبر ساء حفظه فكان يهم إذا روى ... الخ . وقال أبو نعيم : لم يكن في شيوخنا أحد أكثر غلطاً منه . وضعفه ابن نمير . وفيه كلام غير ذلك .
لخص الحافظ حاله بقوله : [ ثقة عابد إلا أنه لما كبر ساء حفظه ، وكتابه صحيح ] .
طبقات ابن سعد 6/386 ، تاريخ الدارمي ص101-102 ، الجرح والتعديل 9/348 ، ثقات ابن حبان 7/668 ، تاريخ بغداد 14/371-385 ، تهذيب الكمال 33/129، تهذيب التهذيب 4/492، التقريب 5985 .
* هشام بن عروة بن الزبير ، سبق في المسألة الأولى ، وهو ثقة فقيه ، ربما دلس .
* عروة بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي ، أبو عبد الله المدني ، مات سنة94 ، روى عن : أبيه ، وأمه أسماء ، وخالته عائشة أم المؤمنين وغيرهم ، وعنه أولاده : عبد الله ، وعثمان ، وهشام ، ويحيى ، وابن شهاب الزهري وغيرهم .
متفق على إمامته وجلالته وعلمه . قال الزهري: عروة بحر لا ينزَف . وقال ابن عيينة: كان أعلم الناس بحديث عائشة ثلاثة : عروة ، وعمرة ، والقاسم .
طبقات ابن سعد 5/178-181 ، الجرح والتعديل 6/395 ، تهذيب الكمال 20/11 ، تهذيب التهذيب 3/92 ، التقريب 4561 .(1/2)
* عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - سبقت ترجمتها في المسألة الثالثة .
* سفيان الثوري ، سبق في المسألة الحادية عشرة ، وهو ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة .
* ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب الهاشمية ، ابنة عم النبي - صلى الله عليه وسلم - لها صحبة ، وكانت تحت المقداد بن الأسود ، وقد ولدت له.
أسد الغابة 5/332 ، تهذيب الكمال 35/221 ، التقريب 8629 .
التخريج :
- أخرجه الطبراني في الكبير 24/336 ح842 عن عثمان بن عمر الضبي ،
والدارقطني في العلل 5/ الورقة 127 - معلقاً - عن أبي قلابة ،
كلاهما عن محمد بن كثير ، عن الثوري به ، قال في رواية عثمان بن عمر : عن هشام ، عن عروة ، عن ضباعة . وقال في رواية أبي قلابة : عن هشام ، عن عروة ، عن عائشة . وقال الدارقطني بعد ذكر رواية أبي قلابة : وغيره يرسله . ولفظ رواية الطبراني : عن ضباعة بنت الزبير قالت : دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أشتكي فذكرت له الحج ، فقال : " حجي واشترطي ، اللهم محلي حيث حبستني " .
- وأخرجه البخاري 7/9 ح5089، ومسلم 4/26 ح1207، وأحمد 6/202 ح25659 ، وابن خزيمة 4/164 ح2602، وأبو نعيم في المستخرج 3/299 ح2785 ، والبيهقي 5/221 و7/137 ، من طرقٍ عن أبي أسامة حماد بن أسامة ،
ومسلم 4/26 ح1207 ، وإسحاق بن راهويه 2/175ح677 - وعنه النسائي في المجتبى 5/168 ، وفي الكبرى 2/357 ح3748 ، وعن النسائي الطحاوي في شرح المشكل 15/147 ح5909 - وأحمد 6/164 ح25308 - ومن طريقه البيهقي 5/221 وأبو نعيم في المستخرج 3/230 ح2787 و2788 - والطحاوي في شرح المشكل 15/146 ح5908 ، والدارقطني 2/235 ح82 من طرقٍ متعددة عن عبد الرزاق ، عن معمر ،
وابن ماجه 2/980 ح2937 ، والطبراني في الكبير 24/336 ح843 من طريق أبي بكر بن أبي شيبة ، عن محمد بن فضيل ، ووكيع ،
وهو في المصنف لابن أبي شيبة 3/340 ح14727 عن ابن فضيل وحده ،(1/3)
والشافعي في الأم 2/234 ، والمسند ( 1/382 ح984 بترتيب السندي ) ، وابن خزيمة 4/164 ح2602 ، والدارقطني 2/219 ح18 - ومن طريقه البيهقي 5/221 - من طريق عبد الجبار بن العلاء ، والطوسي في المستخرج 4/210 ح863 عن محمد بن زياد البصري ، والطبراني في الكبير 24/334 ح834 من طريق محمد بن أبي عمر العدني ، والدارقطني في العلل 5/ الورقة 127 - معلقاً - عن الحميدي ، خمستهم ( الشافعي ، وعبد الجبار ، ومحمد بن زياد ، وابن أبي عمر ، والحميدي ) عن سفيان بن عيينة ،
والطحاوي في شرح المشكل 15/147 ح5910 من طريق الخصيب بن ناصح ، والطبراني في الكبير 24/335 ح835 ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 6/3385 ح7739 من طريق محمد بن أبي بكر المقدمي ، كلاهما ( الخصيب ، ومحمد بن أبي بكر ) عن عمر ابن علي المقدمي ،
والطحاوي في شرح المشكل 15/149 ح5912 من طريق أسد بن موسى ، وفيه - أيضاً - ح5913 من طريق حجاج بن منهال، كلاهما ( أسد ، وحجاج ) عن حماد بن سلمة ،
والطحاوي - أيضاً - 15/146ح5907 من طريق عبد الله بن نمير الهمداني ،
والدارقطني في العلل 5/ الورقة 127 - معلقاً - عن الليث ، وحماد بن زيد ، والمفضل بن فضالة ،
جميعهم ( أحد عشر راوياً ، وهم : أبو أسامة ، ومعمر ، وابن فضيل ، ووكيع ، وابن عيينة ، والمقدمي ، وحماد بن سلمة ، وابن نمير ، والليث ، وحماد بن زيد ، والمفضل ) عن هشام بن عروة ، عن أبيه به ، ولفظه " دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ضباعة بنت الزبير فقال لها : لعلك أردت الحج ؟ قالت : والله لا أجدني إلا وجعة ، فقال لها : حجي واشترطي ، قولي : اللهم محلي حيث حبستني " وكانت تحت المقداد .
هذا لفظ البخاري ، والبقية بمعناه . وهو موصول بذكر عائشة في رواية أبي أسامة ، ومعمر ، وابن نمير ، وابن عيينة - في رواية عبد الجبار ، ومحمد بن زياد ، وابن أبي عمر عنه - وكذا عمر بن علي المقدمي - في رواية محمد بن أبي بكر عنه-.(1/4)
ومرسل في رواية الليث ، وحماد بن زيد ، والمفضل ، وابن عيينة - في رواية الشافعي والحميدي عنه - وكذا حماد بن سلمة - في رواية حجاج عنه - .
وجعله: عن عروة، عن ضباعة في رواية محمد بن فضيل ، ووكيع ، وحماد بن سلمة - في رواية أسد عنه - .
وكذا وقع في رواية الطحاوي ، عن النسائي ، عن إسحاق ، عن عبد الرزاق ، وهي عند النسائي ، وإسحاق : عن عائشة - كما سبق - .
ووقع في رواية الخصيب ، عن عمر بن علي المقدمي ، جَعْلُهُ عن : عروة ، عن أبي ذؤيب الأسلمي .
- وأخرجه مسلم 2/26 ح1207، وإسحاق 2/175 ح677 - وعنه النسائي في المجتبى 5/168، وفي الكبرى 2/357 ح3728 - وأحمد 6/164 ح25308 - ومن طريقه الطبراني في الكبير 24/334 ح833، وأبو نعيم في المستخرج 3/300 ح2787 و2788، والبيهقي 5/221 - وابن الجارود 2/61 ح420، والطحاوي في شرح المشكل 15/148 ح5911 ، وابن حبان 9/87 ح3774، والدارقطني 2/235 ح82 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/300 ح2786 ، وفي معرفة الصحابة 6/3385 ح7738 من طرقٍ متعددة عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، وعلقه الدارقطني في العلل 5/ الورقة 127 عن معمر عن الزهري ،
والطبراني في الأوسط 7/67 ح6869 من طريق الوليد بن مسلم ، عن المثنى بن الصباح ، عن عمرو بن شعيب ،
والدارقطني في العلل 5/ الورقة 128 - معلقاً - عن أبي الأسود يتيم عروة ،(1/5)
ثلاثتهم ( الزهري ، وعمرو ، وأبو الأسود ) عن عروة به بنحو رواية البخاري السابقة ، وهو موصول بذكر عائشة في رواية الزهري ، وعمرو بن شعيب ، ومرسل في رواية أبي الأسود ، وقال الدارقطني بعد ذكر رواية معمر ، عن الزهري الموصولة بذكر عائشة : وغيره يرويه عن الزهري(1)عن عروة مرسلاً ... الخ .
الحكم عليه :
ذكر المؤلف الاختلاف على هشام بن عروة في هذا الحديث ، وذلك على ثلاثة أوجه، وهي :
الوجه الأول : عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذه رواية أبي بكر بن عياش ، وأبي أسامة ، ومعمر بن راشد ، وعبد الله بن نمير ، وسفيان ابن عيينة - فيما رواه عنه عبد الجبار بن العلاء ، ومحمد بن زياد البصري ، ومحمد بن أبي عمر - وكذا هي رواية عمر بن علي المقدمي - فيما رواه عنه محمد بن أبي بكر المقدمي - وكذا الثوري - فيما رواه أبو قلابة ، عن محمد بن كثير ، عنه - .
وقد تابع هشاماً على هذا الوجه الزهري - فيما رواه عبد الرزاق عن معمر عنه - وكذا روي هذا الوجه - أيضاً - عن عمرو بن شعيب ، عن عروة .
الوجه الثاني : عن هشام ، عن أبيه ، عن ضباعة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذه رواية الثوري ، ومحمد بن فضيل ، ووكيع بن الجراح ، وحماد بن سلمة - فيما رواه عنه أسد ابن موسى - .
__________
(1) وقع في النسخة - وهي مخطوطة - : وغيره يرويه عن الثوري ، عن عروة مرسلاً . والصواب : عن الزهري ، بدل الثوري ، لأن الكلام إنما هو في رواية الزهري ، وقد انتهى قبل ذلك الكلام في رواية الثوري ، ثم الثوري إنما يرويه عن هشام ، لا عن عروة ، فلعله سبق نظر من الناسخ ، والله أعلم .(1/6)
الوجه الثالث : عن هشام ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً ، وقد ذكر أبو حاتم أن هذه رواية عامة الناس ، وممن وقفت عليه ممن روى هذا الوجه عن هشام: سفيان بن عيينة - فيما رواه عنه الشافعي ، والحميدي - وكذا حماد بن سلمة - فيما رواه عنه حجاج بن منهال - وعلقه الدارقطني عن : الليث، وحماد بن زيد، والمفضل بن فضالة، ووجهاً في الاختلاف على الثوري .
وتابع هشاماً على هذه الوجه أبو الأسود يتيم عروة ، وابن شهاب الزهري - فيما علقه الدارقطني وجهاً في الاختلاف عليه - .
فهذا تفصيل الأوجه في الاختلاف على هشام بن عروة ، وعلى عروة ، في هذا الحديث ، وقد رواه الخصيب بن ناصح، عن عمر بن علي المقدمي، وجعله: عن عروة، عن أبي ذؤيب الأسلمي، وهو وجه ساقط، لا اعتداد به، تفرد به الخصيب، ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : ربما أخطأ . وقال أبو زرعة : ما به بأس - إن شاء الله - . قال ابن حجر : صدوق يخطئ . ( تهذيب التهذيب 12/543 ، التقريب 1717) ، فهذا من خطئه ، وقد خالفه محمد بن أبي بكر المقدمي ، وهو ثقة ، وثقه أبو زرعة وغيره ، ( تهذيب التهذيب 3/523 ، التقريب 5761 ) فرواه عن عمه عمر بن علي، عن هشام، موصولاً بذكر عائشة، وهو الصواب عن عمر بن علي .
وكذلك لا اعتداد بما وقع في شرح المشكل للطحاوي حيث رواه عن النسائي ، عن إسحاق بن راهويه، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن هشام ، وجعله عن عروة ، عن ضباعة ، فإن الصواب من حديث عبد الرزاق جعله عن عروة ، عن عائشة ، كذا هو في رواية عبد الرزاق عند كل من أخرجها ، بل هو كذلك في سنن النسائي الصغرى والكبرى وفي مسند إسحاق ، مما يدل على أن الوهم فيه من الطحاوي ، والله أعلم .
هذا ، وقد تبين من التفصيل السابق أنه قد وقع فيه اختلاف على بعض من دون هشام ابن عروة ، وبيانهم كالتالي :(1/7)
أولاً : سفيان الثوري ، فقد ذكره المؤلف عنه ، عن هشام ، عن أبيه ، عن ضباعة مرفوعاً ، ورواه محمد بن كثير عنه واختلف عليه ، فرواه عثمان بن عمر الضبي، وهو ثقة، ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال الحاكم : ثقة مشهور. (بلغة القاصي والداني ص219)، رواه عن محمد بن كثير ، عن الثوري كما ذكره المؤلف عن الثوري ، وخالفه أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي ، وهو صدوق يخطئ ، تغير حفظه لما سكن بغداد ، ( التقريب 4210 ) فرواه عن محمد بن كثير ، عن الثوري ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة مرفوعاً .
فهذان وجهان عن الثوري ، وذكر الدارقطني وجهاً ثالثاً ، فقال بعد ذكر رواية أبي قلابة : وغيره يرسله .
وأصح هذه الأوجه عن الثوري الوجه الأول الذي ذكره المؤلف من حديث عروة ، عن ضباعة ، وقد يكون بمعنى المرسل الذي ذكره الدارقطني بأن يكون عروة لا يرويه عن ضباعة ، وإنما معناه عن قصة ضباعة ، والله أعلم .
ثانياً : سفيان بن عيينة ، وقد روي عنه على وجهين :
الوجه الأول : عنه، عن هشام ، عن أبيه موصولاً بذكر عائشة، وهذه رواية عبد الجبار بن العلاء ، ومحمد بن زياد البصري ، ومحمد بن أبي عمر المدني .
الوجه الثاني : عنه ، عن هشامٍ ، عن أبيه مرسلاً ، وهذه رواية الشافعي ، والحميدي .(1/8)
والثاني هو المحفوظ عن ابن عيينة ، فإن الشافعي ، والحميدي إمامان ثبتان ، من أجَلِّ أصحاب ابن عيينة ، وليس كذلك من خالفهم ، فعبد الجبار لا بأس به كما قال النسائي، وقال مرة: ثقة. وقال أحمد: رأيته عند ابن عيينة حسن الأخذ. وقال أبو حاتم: صالح الحديث . وقال مرة : شيخ . ( تهذيب التهذيب 2/469 ، التقريب 3743 ) ومحمد بن زياد البصري ، الملقب بؤبؤ - بتحتانيتين مضمومتين - ذكره ابن حبان في الثقات وقال : ربما أخطأ . وقال ابن حجر : صدوق يخطئ . ( تهذيب التهذيب 3/564 ، التقريب 5887 ) ومحمد ابن أبي عمر العدني قال فيه أبو حاتم : كان رجلاً صالحاً ، وكان به غفلة ، ورأيت عنده حديثاً موضوعاً حدث به عن ابن عيينة، وكان صدوقاً. وذكره ابن حبان في الثقات . قال ابن حجر: صدوق، صنف المسند، وكان لازم ابن عيينة ، لكن قال أبو حاتم : كانت فيه غفلة . ( تهذيب التهذيب 3/73 ، التقريب 6393 ) .
ثالثاً : حماد بن سلمة ، حيث رواه أسد بن موسى ، عنه ، عن هشام ، عن أبيه عن ضباعة ، وخالفه حجاج بن منهال فرواه عن حماد بن سلمة ، عن هشام، عن أبيه أن ضباعة ، هكذا بصيغة الإرسال ، فإن لم يكن الوجهان بمعنى واحد لأنهما مرسلان ، ويكون معنى قوله : عن عروة ، عن ضباعة ، أي عن قصة ضباعة ، وليس المقصود الرواية عنها ، وهو أسلوب في الرواية معروف ، ( انظر المسألة رقم 111/898 وشرح العلل 2/603 ) ، فإن لم يكن الأمر كذلك فرواية حجاج المرسلة أرجح، لأن حجاجاً أثبت من أسد بن موسى، فحجاج ثقة فاضل ، وثقه أحمد ، وأبو حاتم ، والعجلي ، والنسائي وغيرهم ، ( تهذيب التهذيب 1/361 ، التقريب 1137 ) وأسد وثقه النسائي وغيره، وتكلم فيه ابن حزم وغيره ، قال ابن حجر : صدوق يغرب ، وفيه نصب . ( تهذيب التهذيب 1/133 ، التقريب 399 ) والله أعلم .
وبهذا يتحرر رواة الأوجه الثلاثة عن هشام بن عروة كالتالي :(1/9)
الوجه الأول : عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة مرفوعاً وهذه رواية أبي بكر بن عياش ، وأبي أسامة ، ومعمر ، وعمر بن علي المقدمي ، وعبد الله بن نمير .
الوجه الثاني : عن هشام ، عن أبيه ، عن ضباعة مرفوعاً ، وهذا رواية الثوري ، ومحمد بن فضيل ، ووكيع بن الجراح .
الوجه الثالث : عن هشام ، عن أبيه مرسلاً ، وهذا رواية ابن عيينة ، وحماد بن سلمة ، والليث ، وحماد بن زيد ، والمفضل بن فضالة وعامة الناس - كما قال أبو حاتم - .
وهذا اختلاف شديد على هشام بن عروة ، والذي يظهر لي أن ذلك من هشام بن عروة نفسه ، فقد قيل لأحمد : هذا الاختلاف عن هشام ، منهم من يرسل ، ومنهم من يسند عنه ، من قبله كان ؟ فقال : نعم . وقال - أيضاً -: ما أحسن حديث الكوفيين عن هشام بن عروة أسندوا عنه أشياء ، قال : وما أرى ذاك إلا على سبيل النشاط ، يعني أن هشاماً ينشط تارة فيسند ، ثم يرسل مرة أخرى ( شرح العلل 2/679). وقد رجح أبو حاتم، والدارقطني الوجه المرسل ، وتوقف الشافعي في ثبوته ، فقال : لو ثبت حديث عروة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الاستثناء لم أَعْدُه إلى غيره ، لأنه لا يحل عندي خلاف ما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .(1/10)
وصحح البخاري ، ومسلم ، وأحمد(1)، وابن خزيمة الوجه الموصول بذكر عائشة ، وقال البيهقي - بعد كلام الشافعي السابق -: قد ثبت هذا الحديث من أوجه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وكذا صححه غيرهم .
وقد يقال إن البخاري لم يغفل علة هذا الحديث ، حيث لم يذكر الحديث في كتاب الحج، بل لم يذكر مسألة الاشتراط مطلقاً، وهذا الحديث أصل هذه المسألة، وإنما ساقه في كتاب النكاح مستدلاً به على أن الكفاءة إنما هي في الدين حيث كانت ضباعة تحت المقداد ، وكونها تحت المقداد أمر ثابت ، لا يفتقر إلى هذا الحديث ، والله أعلم .
ولكل من هذين القولين - ترجيح المرسل أو الموصول بذكر عائشة - ما يؤيده ، فيؤيد القول بترجيح المرسل ما يلي :
1- أنه رواية الأكثرين - بل عامة الناس كما قال أبو حاتم - وقد سبق ذكرهم ، وهم ثقات أثبات .
2- أن هذا الحديث عرف عن عروة مرسلاً ، فقد رواه أبو الأسود يتيم عروة ، عن عروة مرسلاً - كما ذكر الدارقطني - وأبو الأسود أوثق من هشام ، كما قال العقيلي ، ( شرح العلل 2/681 ) وكذا ذكر الدارقطني أن غير معمر لا يسنده عن الزهري .
ويؤيد ترجيح الموصول بذكر عائشة ما يلي :
__________
(1) في تاريخ أبي زرعة الدمشقي ص216 : سمعت أحمد يسأل عن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لضباعة :" حجي واشترطي " فقال : هذا حديث صحيح ، فقلت له : للمشترط شرطه إذا أصيب قبل تمام الحج ؟ قال : نعم ، واحتج فيه بحديث ابن عباس ، وعائشة اهـ. فظاهر هذا الكلام أن الإمام أحمد يصحح حديث ابن عباس ، وحديث عائشة جميعاً . بل ذكر بعده ما يدل على أنه يصحح حديث عائشة من طريق معمر عن الزهري ، وهشام - جميعاً - عن عروة عنها .(1/11)
1- أنه رواية جماعة من الثقات عن هشام ، وفيهم أبو أسامة حماد بن أسامة - وقد أخرجه من طريقه الشيخان - وقد قال أحمد : ما كان أروى أبا أسامة - يعني عن هشام - روى عنه أحاديث غرائب . وقال - أيضاً - : ما رأيت أحداً أكثر رواية عن هشام بن عروة من أبي أسامة، ولا أحسن رواية منه، ثم ذكر حديث " تركة الزبير" فقال: ما أحسن ما جاء بذلك الحديث وأتمه ، قال : وحديث الإفك حسنه وجوده ، وجوده . ( شرح العلل 2/679-680) .
2- متابعة الزهري لهشام على وصله بذكر عائشة ، وقد أخرج هذه المتابعة مسلم وغيره ، وسبق النقل عن الإمام أحمد في ذلك ، ونقل ابن الجارود عن محمد بن يحيى الذهلي قوله : حديث عبد الرزاق عندنا محفوظ في قصة ضباعة - رضي الله عنها - محتج به لمن أراد الشرط في الحج . وأعرض عنها البخاري - كما سبق - وقد أعلت هذه الرواية بأمرين : أولهما : تفرد معمر بها ، قال النسائي : لا أعلم أحداً أسند هذا الحديث عن الزهري غير معمر. وقد قال ابن حجر : وقول النسائي لا يلزم منه تضعيف طريق الزهري التي تفرد بها معمر فضلاً عن بقية الطرق ، لأن معمراً ثقة حافظ فلا يضره التفرد ، كيف وقد وجد لما رواه شواهد كثيرة . ( الفتح 4/12 ) وما قاله الحافظ ابن حجر فيه نظر ، فإن ظاهر عبارة النسائي تعليل هذه الرواية والله أعلم .
وثانيهما : إعلال رواية الزهري بالإرسال ، فقد ذكر الدارقطني أن غير معمر يرويه عن الزهري مرسلاً ، وقد يلمح ذلك من عبارة النسائي السابقة ، ولهذا كان إسحاق بن راهويه يستثبت عبد الرزاق في هذا الحديث ، فقال له : كلاهما عن عائشة ؟ قال : نعم، هشام ، والزهري .
هذا ما يتعلق برواية عروة بن الزبير لهذا الحديث ، وقد روي الحديث عن عائشة ، وعن ضباعة من غير طريق عروة ، ولكنها طرق غير مستقيمة ، فلم أشأ الانشغال بها .(1/12)
كما روي الحديث عن ابن عباس من وجوه متعددة أخرج مسلم ثلاثة منها، وصححه أحمد - كما سبق - ، وقال الترمذي : حديث ابن عباس حديث حسن صحيح . وقال العقيلي : روى ابن عباس قصة ضباعة بأسانيد ثابتة جياد . ( انظر : صحيح مسلم 4/26 ح1208 ، جامع الترمذي 2/266 ح941 ، التلخيص الحبير 2/309 ) ورويت قصة ضباعة من غير حديث ابن عباس - أيضاً - وقد بالغ الأصيلي حين قال : لا يثبت في الاشتراط إسناد صحيح . ( شرح القاضي عياض لصحيح مسلم 4/227 ) والله أعلم.(1/13)
18/804- سألت أبي عن حديث رواه أسد بن موسى ، عن قيس بن الربيع ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس " أن الصَّعْب بن جَثَّامَة(1)أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عجز حمار وحشٍ وهو محرم فردَّه " قال أبي : شعبة يرويه عن حبيب ، عن الحسن العرني ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (2)مرسل . وشعبة ، عن الحكم ، عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
دراسة الرواة :
* أسد بن موسى الأموي ، المصري ، يقال له : أسد السنة ( 132-212 ) ، روى عن : ابن أبي ذئب ، والليث بن سعد ، وشعبة ، وقيس بن الربيع وغيرهم ، وعنه : أحمد بن صالح المصري ، والربيع بن سليمان ، ودحيم وغيرهم . علَّق له البخاري في الصحيح ، وأخرج له في الأدب المفرد ، وأخرج له أبو داود ، والنسائي .
وثقه النسائي ، والعجلي ، والبزار ، وابن يونس ، وابن قانع وغيرهم ، وذكره ابن حبان في الثقات . وقال البخاري : مشهور الحديث . وقال ابن يونس : حدث بأحاديث منكرة ، وهو ثقة ، وأحسب الآفة من غيره .
وقال ابن حزم : منكر الحديث، ضعيف . وقال عبد الحق: لا يحتج به عندهم .
قال الذهبي : ما علمت به بأساً ، إلا أن ابن حزم ذكره في كتاب الصيد فقال : منكر الحديث ... وقال ابن حزم - أيضاً -: " ضعيف" وهذا تضعيف مردود .
وقال ابن حجر : [ صدوق يغرب ، وفيه نصب ] .
التاريخ الكبير 2/49 ، ثقات العجلي ص62 ، ثقات ابن حبان 8/136، تهذيب الكمال 2/512، الميزان 1/207 ، تهذيب التهذيب 1/133 ، التقريب 399 .
__________
(1) في ( ت ، ط ) :" خثامة " بالخاء . ولم أتبين ما في ( م ) وهو تصحيف ، وإنما هو : الصَّعْب بن جَثامة - بالجيم المفتوحة ، وتشديد المثلثة - الليثي - رضي الله عنه - ، صحابي معروف ، قيل مات في خلافة الصديق ، والأصح أنه عاش إلى خلافة عثمان ( انظر : أسد الغابة 2/449 ، والتقريب 2925 ) .
(2) ما بعد هذا ساقط من ( ض ) .(1/1)
* قيس بن الربيع الأسدي ، أبو محمد الكوفي ، مات سنة بضع وستين ومائة ، روى عن : أبي إسحاق السبيعي ، والأعمش ، وحبيب بن أبي ثابت وغيرهم . وعنه : أبو داود الطيالسي ، وابن المبارك ، وعبد الرزاق وغيرهم .
أثنى عليه جماعة من الأئمة ، منهم شعبة ، وسفيان ، وقال عفان: قيس ثقة ، يوثقه الثوري ، وشعبة . وقال ابن عيينة : ما رأيت بالكوفة أجود حديثاً منه .
وتكلم فيه آخرون ، قال عمرو بن علي : كان يحيى ، وعبد الرحمن لا يحدثان عن قيس ، وكان عبد الرحمن حدثنا عنه ، ثم تركه . وقال أبو حاتم : كان عفان يروي عن قيس ويتكلم فيه . وقال أحمد : روى أحاديث منكرة . وسأله المروذي عنه فلينه ، وقال : كان وكيع إذا ذكره قال : الله المستعان . وقال البخاري : قال علي : كان وكيع يضعفه . وقال ابن معين : قيس ليس بشيء . وقال - أيضاً - : ضعيف ، لا يكتب حديثه ، كان يحدث بالحديث عن عبيدة ، وهو عنده عن منصور . وكذا ضعفه غير واحد من الأئمة .
وقال أبو داود الطيالسي : إنما أُتِي قيس من قبل ابنه ، كان ابنه يأخذ حديث الناس فيدخلها في فُرَج كتاب قيس ، ولا يعرف الشيخ ذلك .
وفيه كلام كثير غير ذلك ، لخص الحافظ حاله بقوله: [ صدوق، تغير لما كبر ، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به ] .
تاريخ الدوري 2/490 ، التاريخ الكبير 7/156 ، الجرح والتعديل 7/96 ، تاريخ بغداد 12/456-462 ، تهذيب الكمال 24/25، تهذيب التهذيب 3/448، التقريب 5573 .
* حبيب بن أبي ثابت الأسدي، سبق في المسألة الخامسة عشرة، وهو ثقة فقيه جليل، وكان كثير الإرسال والتدليس .
* سعيد بن جبير الأسدي الكوفي ، سبق في المسألة العاشرة، وهو ثقة ثبت فقيه.
* عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة العاشرة .
* شعبة بن الحجاج العتكي ، سبق في المسألة الرابعة عشرة ، وهو ثقة حافظ متقن .(1/2)
* الحسن بن عبد الله العُرَني - بضم المهملة وفتح الراء، بعدها نون - البجلي الكوفي، روى عن : ابن عباس ، وعمرو بن حريث وغيرهما ، وعنه : الحكم بن عتيبة ، وسلمة ابن كهيل وغيرهما .
وثقه ابن سعد ، وأبو زرعة ، والعجلي وغيرهم . وقال ابن معين : صدوق ، ليس به بأس ، إنما يقال : لم يسمع من ابن عباس . وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : يخطئ . وذكر أحمد أنه لم يسمع من ابن عباس . وقال أبو حاتم : لم يدركه .
قال ابن حجر : [ ثقة ، أرسل عن ابن عباس ] .
طبقات ابن سعد 6/295 ، ثقات العجلي ص118 ، الجرح والتعديل 3/45 ، ثقات ابن حبان 4/125 ، تهذيب الكمال 6/195 ، تهذيب التهذيب 1/401 ، التقريب 1252 .
* الحكم بن عتيبة الكندي ، مولاهم ، أبو محمد ، ويقال : أبو عبد الله ، ويقال : أبو عمر الكوفي ( 50-113) أو نحوها ، روى عن : أبي جحيفة ، وعبد الله بن أبي أوفى من الصحابة ، وعن قيس بن أبي حازم ، وسعيد بن جبير وغيرهما من التابعين ، وعنه : الأعمش ، ومنصور ، وشعبة وغيرهم .
متفق على إمامته وجلالته ، قال ابن عيينة : ما كان بالكوفة بعد إبراهيم ، والشعبي مثل الحكم ، وحماد .
قال في التقريب : [ ثقة ثبت فقيه ، إلا أنه ربما دلس ] .
الجرح والتعديل 3/123 ، تهذيب الكمال 7/114 ، تهذيب التهذيب 1/466، التقريب 1453 .
التخريج :
لم أقف عليه من رواية أسد بن موسى ، ولا قيس بن الربيع .
- وأخرجه مسلم 4/14 ح1194 ، والبيهقي 5/193 ، من طريق معاذ بن معاذ ،
والنسائي في المجتبى 5/185 ، وفي الكبرى 2/371 ح3806 ، وفي الجزء الرابع من الإغراب ص189 ح118 من طريق سفيان بن حبيب ،
وأحمد 1/338 ح3132 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/281 ح2736 ، من طريق غندر ،
وأحمد 1/280 ح2530 و1/338 ح3132 عن بهز بن أسد ،
وأحمد 1/190 ح2631 ، عن عفان ،(1/3)
والطحاوي في شرح المعاني 2/171 ح3802 ، والطبراني في الكبير 12/18 ح12342 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/281 ح2736 ، والبيهقي 5/193 ، من طريق سليمان بن حرب ،
والطحاوي في شرح المعاني 2/170 ح3799 ، والبيهقي 5/193، من طريق أبي داود الطيالسي ،
والبيهقي 5/193 من طريق أبي الوليد الطيالسي ،
ثمانيتهم ( معاذ ، وسفيان ، وغندر ، وبهز ، وعفان ، وأبو داود ، وسليمان ، وأبو الوليد ) عن شعبة بن الحجاج ،
ومسلم 4/13 ح1194، وأحمد 1/362 ح3417 ، وابن أبي شيبة 3/308 ح14472 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/281 ح2734 ، والبيهقي 5/192 من طريق أبي معاوية ، وأبو عوانة ( إتحاف المهرة 7/82 ح7380 ) ، من طريق عبيدة بن حميد ، كلاهما ( أبو معاوية ، وعبيدة ) عن الأعمش ،
والطبراني في الكبير 12/18 ح12343 من طريق محمد بن عمران بن أبي ليلى، عن أبيه ، عن جده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ،
ثلاثتهم ( شعبة ، والأعمش ، وابن أبي ليلى ) عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس به بنحوه ، إلا في رواية أبي داود الطيالسي ، عن شعبة عند البيهقي فإنه قال : " حمار وحش " وفي روايته عند الطحاوي قال :" حماراً وحشياً يقطر دماً " وقال في رواية سفيان بن حبيب " حماراً " لكنها مقرونة قرن فيها رواية حبيب برواية الحكم ، وكذا قرنهما - أيضاً - في رواية سليمان بن حرب ، وأبي داود الطيالسي - عند البيهقي فقط - وقال فيها : " قال أحدهما : عجز حمار ، وقال الآخر : حمار وحش " . وقال في رواية أبي معاوية ، عن الأعمش : " حمار وحش " وزاد : " لولا أنا محرمون لقبلناه منك " ، أما بقية الرواية ففيها : " عجز حمار " أو نحوه : " شق حمار " ، " رجل حمار " وفي بعض الروايات " يقطر دماً " وفي بعضها أن ذلك بقديد .
ولم أقف على رواية شعبة ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن الحسن العرني مرسلاً ، ولكن وقفت على حديث الحسن العرني من وجه آخر :(1/4)
- أخرجه الطبراني في الكبير 12/141 ح12706 عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، عن سعيد بن عمرو الأشعثي ، عن حماد بن شعيب ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن الحسن العرني ، عن ابن عباس به بنحوه .
وأما حديث شعبة ، عن الحكم بن عتيبة فهذا تخريجه :
- أخرجه مسلم 4/14 ح1194 ، وأحمد 1/341 ح3168 - ومن طريقه أبو نعيم في المستخرج 3/281 ح2736 - من طريق غندر ،
والنسائي في المجتبى 5/185 ، وفي الكبرى 2/371 ح3806 ، وفي الجزء الرابع من الإغراب ص189 ح118 من طريق سفيان بن حبيب ،
وأحمد 1/280 ح2535 و1/341 ح3168 ، عن بهز بن أسد ،
وأحمد - أيضاً - 1/290 ح3630 ، عن عفان ،
وأيضاً 1/345 ح3218 ، عن وكيع ،
والطيالسي 4/359 ح2755 - ومن طريقه أبو عوانة ( إتحاف المهرة 7/81 ح7380 ) والبيهقي 5/193 - ،
وإبراهيم الحربي في الغريب 3/1082 ، وابن حبان 9/282 ح3970 من طريق يحيى القطان ،
وأبو عوانة ( إتحاف المهرة 7/81 ح7380 ) من طريق أبي زيد الهروي ،
والطحاوي في شرح المعاني 2/171 ح3802 ، والطبراني في الكبير 12/26 ح12366 ، والبيهقي 5/193 ، من طريق سليمان بن حرب ،
والطحاوي في شرح المعاني 2/170 ح3800 من طريق أبي عامرٍ ، ووهبٍ ،
وابن قانع في معجم الصحابة 2/8 ، والطبراني في الكبير 12/26 ح12366 ، والبيهقي 5/193 من طريق أبي الوليد الطيالسي ،
وابن قانع 2/8، وأبو نعيم في المستخرج 3/281 ح2736 من طريق أبي النضر،(1/5)
جميعهم ( 13 راوياً ) عن شعبة ، عن الحكم بن عتيبة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس به بنحوه ، إلا في رواية سفيان بن حبيب - وقد قرن فيها بين الحكم، وحبيب بن أبي ثابت - فقد قال :" حماراً " وكذا رواية سليمان بن حرب، وأبي الوليد الطيالسي - عند البيهقي فقط - وهي مقرونة - أيضاً - قال فيها :" قال أحدهما : بقديد عجز حمار، وقال الآخر : حمار وحش فردَّه " . أما بقية الروايات ففيها " عجز حمار" أو " فخذ حمار" أو " رجل حمار " ونحو ذلك ، وزاد في أكثر الروايات " يقطر دماً " وذكر في بعضها أن ذلك بقديد . وقال في رواية أبي الوليد الطيالسي ، وأبي النضر - عند ابن قانع فقط - : عن ابن عباس ، عن الصعب بن جثامة فذكره .
- وأخرجه مسلم 4/14 ح1194 ، والنسائي في المجتبى 5/184 ، وفي الكبرى 2/371 ح3805 ، وأبو عوانة ( إتحاف المهرة 7/81 ح7380 ) ، والطحاوي في شرح المعاني 2/171 ح3801 ، والطبراني في الكبير 12/26 ح12367 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/381 ح2735 ، والبيهقي 5/193 ، من طريق منصور بن المعتمر، عن الحكم بن عتيبة به بنحوه ، وقال في بعض الروايات : " رجل حمار وحشٍ تقطر دماً " وذكر في بعضها أن ذلك بقديد .
- وأخرجه النسائي في الجزء الرابع من الإغراب ص268 ح196 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/170 ح3798 ، من طريق الفريابي ، عن سفيان ، عن أبي الهذيل - وهو غالب بن الهذيل -،
وابن جميع الصيداوي في معجم الشيوخ ص269 من طريق عمار بن زريق ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ،
كلاهما ( أبو الهذيل ، والمنهال ) عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباسٍ به بنحوه، قال في رواية أبي الهذيل : " حماراً وحشياً ، فردَّه وكان مذبوحاً " وقال في رواية المنهال : " عجز حمار يقطر دماً فردَّه ... " .
الحكم عليه :(1/6)
ذكر أبو حاتم أن حديث أسد بن موسى عن قيس بن الربيع ، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس " أن الصعب بن جثامة أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عجز حمار وحش وهو محرم فرده " يرويه شعبة عن حبيب ، عن الحسن العرني مرسلاً ، ويرويه شعبة - أيضاً - عن الحكم بن عتيبة ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ومعنى ما ذكره أبو حاتم إعلال حديث قيس بن الربيع بمخالفة شعبة له ، وشعبة أثبت من قيس - كما لا يخفى - فتكون روايته أولى ، فيكون حديث حبيب بن أبي ثابت إنما هو عن الحسن العرني مرسلاً ، كما رواه شعبة ، لا كما رواه قيس بن الربيع .
هذا معنى ما ذكره أبو حاتم ، أما الذي وقفت عليه فخلاف ذلك ،حيث وقفت على رواية شعبة عن حبيب ، والحكم ، - جميعاً - عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا ثابت عن شعبة من رواية الأثبات من أصحابه، فقد روى الحديثين-جميعاً- عنه : غندر ، وبهز بن أسد ، وعفان ، وأبو داود ، وأبو الوليد الطيالسيان ، وسليمان ابن حرب ، وسفيان بن حبيب . وروى معاذ بن معاذ عن شعبة حديث حبيب بن أبي ثابت فقط ، كما روى جماعة عنه حديث الحكم فقط ، وهم : يحيى القطان ، ووكيع ، وأبو النضر ، وأبو زيد الهروي ، وأبو عامر ، ووهب .
وبهذا يعلم أن الحديث ثابت عن شعبة ، عن حبيب بن أبي ثابت والحكم - جميعاً - عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس، وقد أخرجه مسلم - كما سبق - من حديث شعبة عنهما جميعاً ، وهذا خلاف ما ذكره أبو حاتم - رحمه الله - .
وبهذا يعلم - أيضاً - أن شعبة قد تابع قيس بن الربيع ، ولم يخالفه ، كما تابعهما - أيضاً - الأعمش - وروايته في صحيح مسلم - ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، فروياه عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - كما سبق - .(1/7)
ثم إني لم أقف على حديث شعبة ، عن حبيب ، عن الحسن العرني مرسلاً ، الذي ذكره أبو حاتم ، وإنما وقفت على حديث الحسن العرني ، من طريق حماد بن شعيب ، عن حبيب ، عن الحسن العرني ، عن ابن عباس ، وهذا بمعنى المرسل ، فإن الحسن لم يسمع من ابن عباس ، كما نص عليه جماعة من الأئمة منهم : أحمد ، وابن معين ، وأبو حاتم وغيرهم - كما سبق في ترجمته - ولكنه إسناد ضعيف فإن حماد بن شعيب ضعيف ، ضعفه ابن معين ، وأبو زرعة ، والنسائي . وقال أبو حاتم : ليس بالقوي ( الجرح والتعديل 3/142 ، ذيل الكاشف 320 ) .
هذا ما يتعلق بما ذكره أبو حاتم من الكلام في إسناد هذا الحديث ، وقد بقي أن متن الحديث اختلافاً ، سبق الإشارة إليه في التخريج ، ومحصله في لفظين :
اللفظ الأول : أن الذي أهداه الصعب بن جثامة للنبي - صلى الله عليه وسلم - عجز حمار ، أو رجل حمار ، أو شق حمار ، أو نحوه مما يدل على أن الحمار كان مذبوحاً ، كما في بعض ألفاظه أنه كان يقطر دماً ، وهذا اللفظ هو الأكثر في هذا الحديث ، فهو رواية شعبة - في أكثر الطرق إليه - عن حبيب والحكم جميعاً ، وهو رواية عبيدة بن حميد ، عن الأعمش ، كما هو رواية ابن أبي ليلى - ولا اعتماد على روايته - ورواية حماد بن شعيب ، عن حبيب ، ورواية منصور عن الحكم ، ورواية أبي الهذيل ، والمنهال ، عن سعيد بن جبير .
اللفظ الثاني : أن المُهدى كان حماراً وحشياً ، بمعنى أنه كان حياً غير مذبوح ، وهذا جاء في ألفاظ قليلة عن شعبة ، عن الحكم ، وحبيب - كما سبق تفصيله في التخريج - وهو رواية أبي معاوية ، عن الأعمش .(1/8)
وقد عُلِمَ بهذا أن عامة الروايات إنما هي على اللفظ الأول ، أما البيهقي فقد قال : واختلف فيه على حبيب بن أبي ثابت ، والحكم بن عتيبة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، والمحفوظ عن حبيب " حمار وحش " وعن الحكم " عجز حمار " وقيل عن حبيب كما قال الحكم . ( المعرفة 4/196) وقال - أيضاً - : ولعل هذا هو الصحيح ، حديث شعبة عن الحكم " عجز حمار " وحديثه عن حبيب " حمار وحش " كما رواه أبو داود ... ثم قال : وإذا كانت الرواية هكذا وافقت رواية شعبة عن حبيب رواية الأعمش عن حبيب ، ووافقت رواية شعبة عن الحكم رواية منصور عن الحكم ، فيكون الحكم منفرداً بذكر اللحم أو ما في معناه ، والله أعلم ( السنن الكبرى 5/193 ) .
هكذا قال البيهقي - رحمه الله - وفيما قاله نظر ، فإنه بناه على أن المحفوظ عن شعبة، عن حبيب " حمار وحش " وفيه نظر ، فإن عامة الطرق عنه من هذا الوجه " عجز حمار " كما في حديث شعبة عن الحكم ، والله أعلم .
هذا ما يتعلق بحديث سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وقد روي هذا الحديث عن ابن عباس من طرقٍ متعددة ، أهمها ما أخرجه البخاري 3/16 ح1825 ، ومسلم 4/13 ح1193 ، وغيرهما من طريق الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس ، عن الصعب بن جثامة الليثي أنه أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حماراً وحشياً وهو بالأبواء أو بودان ، فردَّه عليه ، فلما رأى ما في وجهه قال: إنا لم نردَّه عليك إلا أنا حرم" هذا هو المحفوظ في متنه، وقد وقع فيه اختلاف على الزهري ، ( انظر في بيانه: صحيح مسلم ، وجامع الترمذي 2/196 ح849 ، والسنن الكبرى للنسائي 2/370 ، وسنن البيهقي الكبرى 5/191 ، والمعرفة له 4/195 ، والتمهيد 9/54 ، وفتح الباري 4/39، والأحاديث التي ذكر الترمذي فيها اختلافاً، رسالة ماجستير ، إعداد بندر بن عبد الله الشويقي ص288، وغيرها) والله أعلم .(1/9)
19/805- سألت أبي عن حديث رواه أبو خالد الأحمر ، عن ابن جريج ، عن عبد الكريم بن مالك، عن عكرمة ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه قال لرجل يسوق بدنة: اركبها " قال أبي : عكرمة عن أنس ليس له نظام ، وهذا حديث لا أدري ما هو .
دراسة الرواة :
* أبو خالد الأحمر ، سليمان بن حيان الأزدي ، الكوفي، الجعفري ، ( 114- 190 ) ، وقيل قبلها ، روى عن : سليمان التيمي ، وحميد الطويل ، والأعمش ، وابن جريج وغيرهم ، وعنه : أحمد ، وإسحاق ، وابنا أبي شيبة وغيرهم . أخرج له الجماعة .
وثقه ابن سعد ، وابن المديني ، وابن معين ، والعجلي وغيرهم . وقال ابن معين - في رواية - والنسائي : ليس به بأس . وقال أبو حاتم : صدوق . وقال ابن معين - أيضاً - : صدوق ، وليس بحجة .
قال ابن عدي : له أحاديث صالحة ... وإنما أُتي من سوء حفظه، فيغلط ويخطئ، وهو في الأصل كما قال ابن معين : صدوق وليس بحجة .
وقال البزار: ليس ممن تلزم زيادته حجة، لاتفاق أهل العلم بالنقل أنه لم يكن حافظاً، وأنه قد روى أحاديث عن الأعمش وغيره لم يتابع عليها .
قال الذهبي : الرجل من رجال الكتب الستة ، وهو مكثر يهم كغيره .
وقال ابن حجر : [ صدوق يخطئ ] .
طبقات ابن سعد 6/391 ، ثقات العجلي ص201 ، الجرح والتعديل 4/106 ، الكامل 3/283 ، تاريخ بغداد 9/21-24 ، تهذيب الكمال 11/394 ، الميزان 2/200 ، تهذيب التهذيب 2/90 ، التقريب 2547 .
* ابن جريج ، عبد الملك بن عبد العزيز ، سبق في المسألة الثامنة ، وهو ثقة فقيه فاضل ، وكان يدلس ويرسل .
* عبد الكريم بن مالك الجزري ، أبو سعيد الحراني، ويقال له : الخِضْرمي - بالخاء والضاد المعجمتين - نسبة إلى قرية من اليمامة ، مولى بني أمية ، مات سنة 127 ، روى عن : عطاء ، وعكرمة ، وابن المسيب وغيرهم ، وعنه : أيوب ، وابن جريج ، ومالك وغيرهم .
متفق على توثيقه ، قال أحمد ، وابن معين ، وابن المديني : ثقة ثبت.(1/1)
قال في التقريب : [ ثقة متقن ] .
الجرح والتعديل 6/58 ، تهذيب الكمال 18/252 ، تهذيب التهذيب 3/602، التقريب 4154 .
* عكرمة مولى ابن عباس ، سبق في المسألة الخامسة ، وهو ثقة ثبت عالم بالتفسير .
* أنس بن مالك - رضي الله عنه - سبقت ترجمته في المسألة الخامسة .
التخريج :
- أخرجه أبو يعلى 6/310 ح3625 ، عن أبي سعيد الأشج ،
وابن عدي في الكامل 3/283 من طريق عثمان بن أبي شيبة ،
كلاهما عن أبي خالد الأحمر به ، ولفظه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه قال لرجل يسوق بدنة : اركبها ، قال : إنها بدنة ، قال : فاركبها . قال : إنها بدنة ، قال : وإن ، قال : إنها بدنة ، قال : فاركبها غير مقروحة " .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم في حديث أبي خالد الأحمر ، عن ابن جريج ، عن عبد الكريم بن مالك ، عن عكرمة ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه قال لرجل يسوق بدنة : اركبها " أن عكرمة ، عن أنس ليس له نظام ، وذكر أنه لا يدري ما هذا الحديث .(1/2)
ومعنى هذا استنكار هذا الحديث ، واستنكار رواية عكرمة ، عن أنس ، إذ هي رواية غير معهودة، ولا يعرف لعكرمة رواية عن أنس، وكذا استغرب الدارقطني هذا الحديث، فقال بعد ذكره : غريب من حديث عكرمة مولى ابن عباس ، عن أنس ، تفرد به أبو خالد الأحمر ، عن ابن جريج ، عن عبد الكريم الجزري ، عنه ( أطراف الغرائب والأفراد 2/134 ح953 ) ، وكذا ذكره ابن عدي فيما استنكر على أبي خالد الأحمر ، وزاد في بيان علته فقال : وهكذا حدث به عن أبي خالد الأحمر أبو سعيد الأشج ، وهذا الحديث في الأصل : " مُرَّ على النبي - صلى الله عليه وسلم - " مرسلاً . فبيَّن ابن عدي أن الأصل في هذا الحديث عن عكرمة مرسلاً وإنما أخطأ فيه أبو خالد الأحمر ، فوصله بذكر أنس ، ولعل سبب وهم أبي خالد الأحمر أن الحديث محفوظ عن أنس من غير حديث عكرمة ، فقد أخرجه البخاري 2/205 ح1690 وغيره من طريق قتادة ، ومسلم 4/91 ح1323 وغيره من طريق ثابت البناني ، ومن طريق بكير بن الأخنس ، ثلاثتهم عن أنس به بنحوه ، والله أعلم .(1/3)
20/806 – سألت أبي عن حديث رواه سهل بن عقيل ابن عم عمرو بن عون(1)، عن عبد الله بن سنان ، عن محمد بن المنكدر قال : رأيت ابن عمر حج على نابٍ جمعاء(2)، فقلت : أتحج على هذا ؟ فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تدعوا الحج ولو على نابٍ جمعاء " فلم يكن لي في الإبل غيرها . فقال(3): هذا حديث منكر ، قلت لأبي ، ولأبي زرعة : ما حال سهل بن عقيل ؟ فقال أبي : هو قرابة عمرو بن عون ، قلت : صدوق ؟ قال : نعم . وقلت لأبي : ما حال عبد الله بن سنان ؟ فقال : ضعيف الحديث.
دراسة الرواة :
* سهل بن عقيل الواسطي ، قرابة عمرو بن عون ، ومؤذن مسجده ، روى عن عبد الله بن سنان ، وعنه: أبو زرعة ، وأبو حاتم.
قال أبو حاتم : صدوق .
الجرح والتعديل 4/202 .
* عبد الله بن سنان الزهري الكوفي ، روى عن : محمد بن المنكدر ، وزيد بن أسلم، وهشام بن عروة ، وعنه : سهل بن عقيل وغيره .
قال ابن معين : ليس حديثه بشيء . وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث . وقال ابن عدي : وعامة ما يرويه لا يتابع عليه ، إما متناً وإما إسناداً .
الجرح والتعديل 5/68 ، الكامل 4/247 ، الميزان 2/436 .
__________
(1) عمرو بن عون بن أوس الواسطي ، أبو عثمان السلمي ، ثقة ثبت . ( الجرح والتعديل 6/252 ، تهذيب الكمال 22/177 ، التقريب 5088 ) .
(2) الناب من الإبل هي الناقة المسنة ، سموها بذلك حين طال نابها وعظم ، والجمعاء قال ابن وهب : حامل . وقال غيره : مجتمعة الخلق ، لا عاهة بها ولا نقص . ( انظر : مشارق الأنوار 1/196 ، والنهاية 1/296 ، ولسان العرب 1/776 ) .
(3) في ( س ، ح ، ض ) :" فقالا " ولا يبعد أن يكون الجواب من أبي حاتم ، وأبي زرعة ، فإن أبا زرعة قد ذكر بعد ذلك , إلا أن الإفراد هو المطابق لبداية السؤال ، والله أعلم .(1/1)
* محمد بن المنكدر التيمي، أبو بكر المدني، مات سنة 130 أو بعدها ، روى عن أبيه، وعائشة، وابن عمر، وابن عباس وغيرهم ، وعنه : الزهري، ومالك، وعبيد الله بن عمر وغيرهم .
متفق على فضله وجلالته وثقته ، قال ابن حبان : كان من سادات القراء ، لا يتمالك البكاء إذا قرأ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقال ابن حجر : [ ثقة فاضل ] .
ثقات ابن حبان 5/350 ، تهذيب الكمال 26/503 ، تهذيب التهذيب 3/709 ، التقريب 6327.
* عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- سبقت ترجمته في المسألة الرابعة .
التخريج :
- أخرجه الطبراني في الكبير 12/353 ح13323 من طريق زكريا بن يحيى " زحمويه " ، عن عبد الله بن سنان به بمعناه .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم أن حديث سهل بن عقيل ، عن عبد الله بن سنان ، عن محمد بن المنكدر قال : رأيت ابن عمر على نابٍ جمعاء ... " حديث منكر ، ثم ذكر أن سهل بن عقيل صدوق ، وأن عبد الله بن سنان ضعيف ، فدل على أن الحمل فيه عليه ، والأمر كذلك فقد توبع سهل بن عقيل ، تابعه زكريا بن يحيى " زحمويه " فتأكد أن الحمل فيه على عبد الله بن سنان ، وهو مع تفرده بهذا الحديث ضعيف ، ليس حديثه بشيء - كما سبق في ترجمته - فعلم أنه حديث منكر ، كما قال أبو حاتم، والله أعلم .(1/2)
21/807- سألت أبي ، وأبا زرعة عن حديث رواه شعبة ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، عن أبي عطية ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التلبية . فقالا: هذا خطأ ، يخالفه [ أصحاب ](1)الأعمش ، فقالوا : عن الأعمش ، عن عمارة ، عن أبي عطية ، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قلت لهما : الوهم ممن هو ؟ فقالا : من شعبة .
دراسة الرواة :
* شعبة بن الحجاج ، سبق في المسألة الرابعة عشرة ، وهو ثقة حافظ متقن .
* الأعمش ، سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي ، مولاهم ، أبو محمد الكوفي ، مات سنة 147 أو 148 ، رأى أنس بن مالك ، وروى عن :إبراهيم النخعي، وإبراهيم التيمي، وخيثمة بن عبد الرحمن، وعمارة بن عمير وغيرهم، وعنه : شعبة ، والثوري، وابن عيينة ، وأبو معاوية وغيرهم .
متفق على ثقته وحفظه وضبطه وعلمه ، كان شعبة يسميه المصحف ، وقال : ما شفاني أحد في الحديث ما شفاني الأعمش . وقال ابن عيينة : سبق الأعمش أصحابه بأربع خصال : كان أقرأهم للقرآن ، وأحفظهم للحديث ، وأعلمهم بالفرائض ، وذكر خصلة أخرى .
قال في التقريب : [ ثقة حافظ ، عارف بالقراءات ، ورع ، لكنه يدلس ] .
تاريخ بغداد 9/3-13 ، تهذيب الكمال 12/76 ، تهذيب التهذيب 2/109 ، التقريب 2615 .
* خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سَبْرة الجعفي ، الكوفي ، مات بعد سنة 80 ، روى عن : أبيه - وله صحبة - ، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمروٍ وغيرهم ، وعنه : أبو إسحاق السبيعي ، والأعمش وغيرهما .
ثقة ، وثقه ابن معين ، والنسائي ، والعجلي وغيرهم .
قال في التقريب : [ ثقة ، وكان يرسل ] .
ثقات العجلي ص145 ، الجرح والتعديل 3/393 ، تهذيب الكمال 8/370 ، تهذيب التهذيب 1/559 ، التقريب 1773 .
__________
(1) قوله :" أصحاب " ساقطة من جميع النسخ ، ولكنها مثبتة في الموطن الثاني 57/843 حيث أعاد المؤلف هذه المسألة مرة أخرى ، من الطريقين جميعاً ، ثم السياق يقتضي هذه الكلمة ، وهو أمر ظاهر .(1/1)
* أبو عطية الوادعي الهمْداني ، اسمه : مالك بن عمر ، وقيل ابن أبي عامر، وقيل: ابن حُمْرة ، وقيل : ابن أبي حمرة ، وقيل اسمه : عمرو بن جندب ، وقيل : ابن أبي جندب ، وقيل : إنهما اثنان ، مات في حدود سنة 70، روى عن : عائشة، وابن مسعود وغيرهما . وعنه: عمارة بن عمير، وخيثمة بن عبد الرحمن، وأبو إسحاق السبيعي . أخرج له الجماعة سوى ابن ماجه .
ثقة ، وثقه ابن سعد ، وابن معين وغيرهما، وكذا قال الحافظان الذهبي ، وابن حجر.
طبقات ابن سعد 6/121، الجرح والتعديل 8/213، تهذيب الكمال 34/90، الكاشف 3/359، تهذيب التهذيب 4/557 ، التقريب 8253 .
* عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - سبقت ترجمتها في المسألة الثالثة .
* عمارة بن عمير التيمي الكوفي ، مات بعد المائة، وقيل : قبلها بسنتين ، رأى ابن عمر ، وروى عن الأسود بن يزيد ، وعبد الرحمن بن يزيد النخعيين ، وأبي عطية الوادعي وغيرهم ، وعنه : ابراهيم النخعي ، والحكم بن عتيبة ، والأعمش وغيرهم .
سئل عنه أحمد فقال : ثقة وزيادة ، يسأل عن مثل هذا ؟ . ووثقه ابن معين ، وأبو حاتم ، والنسائي وغيرهم .
قال ابن حجر : [ ثقة ثبت ] .
الجرح والتعديل 6/366، تهذيب الكمال 21/256، تهذيب التهذيب 3/212، التقريب 4856 .
التخريج :
- أخرجه أحمد 6/100 ح24690 و6/181 ح25480 و6/243 ح26061 ، عن محمد بن جعفر " غندر " ،
وفي 6/243 ح26062 ، عن روحٍ ،
وأبو داود الطيالسي 3/108 ح1616 - ومن طريقه البيهقي 5/44 - ،
وإسحاق بن راهويه 3/906 ح1592 عن أبي عامر العقدي ،
وابن أبي حاتم ( كما سيأتي في المسألة رقم 57/843) - معلقاً - عن مسلم بن إبراهيم، وأبي زيد الهروي ،
والدارقطني في العلل 5/ الورقة 152 ، من طريق يحيى بن سعيد ،(1/2)
سبعتهم ( غندر ، وروح ، والطيالسي ، وأبو عامر ، ومسلم ، وأبو زيد ، ويحيى بن سعيد ) عن شعبة به، ولفظه :" عن عائشة قالت: إني لأعلم كيف كانت تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم سمعتها لبت : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك " هذا لفظ غندر ، والبقية بنحوه .
وعلقه البخاري 2/170 ح1550 عن شعبة .
- وأخرجه البخاري 2/170 ح1550 ، والبيهقي 5/44 ، من طريق محمد بن يوسف الفريابي ،
وأحمد 6/181 ح25480 ، وأبو نعيم في الحلية 9/28 ، والبيهقي 5/44 ، من طريق ابن مهدي ،
والدارقطني في العلل 5/ الورقة 152 ، من طريق أحمد بن منصور الرمادي ، وشعيب بن أيوب ، عن معاوية بن هشام ، وعلقه ابن أبي حاتم ( كما سيأتي في المسألة رقم 57/843 ) عن معاوية بن هشام ،
ثلاثتهم ( الفريابي ، وابن مهدي ، ومعاوية ) عن الثوري ،
وأحمد 6/229 ح25918 ، ومسدد في مسنده ( تغليق التعليق 3/54) عن أبي معاوية ، والجوزقي في المتفق ( تغليق التعليق 3/54 ) من طريق عبد الله بن هاشم ، عن أبي معاوية ، وعلقه البخاري 2/170 ح1550 ، والدارقطني في العلل 5/ الورقة 152 عن أبي معاوية ،
وأحمد 6/230 ح25935 ، وابن أبي شيبة 3/204 ح13465 ، وأبو يعلى 8/130 ح4671 ، من طريق عبد الله بن نمير ،
وأحمد 6/32 ح24040 ، عن محمد بن فضيل ،
وابن أبي شيبة 3/204 ح13465 ، عن أبي خالد الأحمر ،
والطحاوي في شرح المعاني 2/124 ح3553 ، من طريق أبي الأحوص ،
والدارقطني في العلل 5/ الورقة 152 - معلقاً - عن إسرائيل ، وعبيدة بن حميد، وسعيد بن الصلت ، وعبد الله بن داود الخريبي،(1/3)
عشرتهم ( الثوري ، وأبو معاوية ، وابن نمير ، وابن فضيل ، وأبو خالد ، وأبو الأحوص ، وإسرائيل ، وعبيدة ، وسعيد ، وعبد الله بن داود ) ، عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير(1)، عن أبي عطية ، عن عائشة به بنحو رواية شعبة السابقة ، وزاد في رواية محمد بن فضيل " والملك لا شريك لك " وكذا ذكر هذه الزيادة شعيب بن أيوب ، عن معاوية بن هشام ، عن الثوري ، وزاد في رواية ابن أبي شيبة ، عن أبي خالد ، وابن نمير لفظة " والملك " فقط . وجعله الدارقطني فيما علقه عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير(2)، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عائشة ، ولم يذكر هذا أحد غيره .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم ، وأبو زرعة أن حديث شعبة ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، عن أبي عطية ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التلبية خطأ . وأن الصواب ما رواه أصحاب الأعمش ، عن الأعمش ، عن عمارة ، عن أبي عطية ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وحملا الوهم على شعبة في ذلك .
وقد أعاد ابن أبي حاتم هذه المسألة على أبيه مرة أخرى ( كما سيأتي برقم 57/843 ) فقال في الجواب : هذا حديث غلط فيه شعبة ، وأما أصحاب الأعمش فيقولون كلهم كما روى الثوري ، عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن أبي عطية ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الصحيح عندي .
وقد وافق أبا حاتم ، وأبا زرعة على توهيم شعبة الدارقطني ، حيث قال : وقول شعبة وهم .
__________
(1) وقع في علل الدارقطني : " عمارة بن عمرو " وهو تصحيف .
(2) وقع في علل الدارقطني : " عمارة عن عمير " وهو تصحيف - أيضاً - .(1/4)
وما ذهب إليه هؤلاء الأئمة ظاهر ، فإن أصحاب الأعمش - غير شعبة - اتفقوا على روايته على الوجه الثاني بذكر عمارة بن عمير ، وقد سبق في التخريج ذكر من روى ذلك عن الأعمش ، وهم : سفيان الثوري، وأبو معاوية ، وابن نمير، ومحمد بن فضيل ، وأبو خالدٍ الأحمر ، وأبو الأحوص ، وإسرائيل ، وعبيدة بن حميد ، وسعيد بن الصلت ، وعبد الله بن داود الخريبي ، فهؤلاء عشرة من الثقات خالفوا شعبة ، وفيهم الثوري ، وأبو معاوية الضرير ، وهما أثبت الناس في الأعمش ، وقد قدمهما جماعة من الأئمة على شعبة في الأعمش ، قال ابن معين : لم يكن أحد أعلم بحديث الأعمش من سفيان الثوري ، وقال - أيضاً - : سفيان أحب إلي من الأعمش في شعبة . وقال ابن مهدي : ما رأيت سفيان لشيء من حديثه أحفظ منه لحديث الأعمش . وقال يحيى القطان : سماعي من سفيان، عن الأعمش أحب إلي من سماعي من الأعمش . وسئل أحمد : من أحب الناس إليك في حديث الأعمش ؟ قال: سفيان ، قيل : وشعبة ؟ قال : سفيان. وقال أبو حاتم : أحفظ أصحاب الأعمش الثوري . وقال يعقوب بن شيبة : سفيان الثوري ، وأبو معاوية مقدمان في الأعمش على جميع من روى عن الأعمش . وقال أبو بكر الخلال : أحمد لا يعبأ بمن خالف أبا معاوية في حديث الأعمش إلا أن يكون الثوري . وقيل لأحمد : أبو معاوية فوق شعبة - يعني في الأعمش - ؟ قال : أبو معاوية في الكثرة وعلمه بالأعمش ، وشعبة صاحب حديث يؤدي الألفاظ والأخبار، وأبو معاوية: عن ، عن ، وقيل له : بعد أبي معاوية شعبة أثبت ؟ قال: شعبة أثبت في كل شيء ، وقد غلط شعبة في بعض ما روى عن الأعمش ، وكان زائدة من أصح الناس حديثاً عن الأعمش ، ما خلا الثوري ... وأبو معاوية عنده أحاديث يقلبها عن الأعمش .(1/5)
وقال ابن عمار : قال أبو معاوية : كان أهل خراسان يجيئون إلى الأعمش ليسمعوا منه فلا يقدرون ، فكانوا يجيئون يسمعون من شعبة ، عن الأعمش ، فكان شعبة لا يحدثهم حتى يقعدني معه ، فيقول : يا أبا معاوية ، أليس هو كذا وكذا ؟ فإن قلت نعم ، حدثهم ، قال ابن عمار : إنما يراد من هذا أن أبا معاوية كان أثبت في الأعمش من شعبة . وقال الدارقطني : أرفع الرواة عن الأعمش الثوري ، وأبو معاوية ، ووكيع، ويحيى القطان، وابن فضيل، وقد غلط عليه في شيء . ( انظر شرح العلل 2/715-720 ) .
فهذه جملة من نصوص الأئمة في تقديم الثوري ، وأبي معاوية على شعبة في الأعمش ، فكيف وقد تابعهما أصحاب الأعمش ، مع تفرد شعبة فيما روى ، فهذا مما يؤكد وهمَ شعبة في ذلك ، ولعل هذا من غلطه الذي أشار إليه أحمد وغيره - كما سبق - وقال أبو داود: عند شعبة ، عن الأعمش نحو من خمسمائة، وشعبة قد أخطأ على الأعمش في أكثر من عشرة أحاديث ... ( تهذيب الكمال 12/ 86 ).
والحديث من وجهه المحفوظ قد أخرجه البخاري في صحيحه من حديث سفيان - كما سبق - ثم ذكر متابعة أبي معاوية لسفيان ، ثم ذكر رواية شعبة ، وهذا ظاهر في تقديمه لرواية سفيان حيث أخرجها في صحيحه وأكدها بمتابعة أبي معاوية، ولم يصل رواية شعبة بل علقها ، ولعل هذا إشارة إلى تعليلها ، إلا أن الحافظ ابن حجر ذكر أن الطريقين جميعاً محفوظان ، وأنه محمول على أن للأعمش فيه شيخين ، ثم ذكر ترجيح أبي حاتم ( الفتح 3/481 ) ، وفيما ذكره الحافظ ابن حجر نظر ، ولا يدل له صنيع البخاري ، والله أعلم .
هذا ما يتعلق بما ذكره أبو حاتم ، وأبو زرعة في هذه المسألة ، وقد بقي أمران :(1/6)
أحدهما : أن الدارقطني - كما سبق - علق رواية أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن عمارة ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عائشة ، فجعل مكان أبي عطية ، عبد الرحمن ابن يزيد ، وهذا شيء لم أقف على من ذكره غير الدارقطني ، وقد روى هذا الحديث عن أبي معاوية : أحمد ، ومسدد ، وعبد الله بن هاشم كرواية الجماعة - كما سبق - وكذا علق البخاري رواية أبي معاوية، فما ذكره الدارقطني عن أبي معاوية غير محفوظ ، ولم يذكر الدارقطني من حدث به عن أبي معاوية ، مخالفاً لرواية الجماعة .
ثانيهما : زيادة في متن الحديث سبقت الإشارة إليها في التخريج، وهي قوله في آخره " والملك لا شريك لك " ، وقد سبق أنه لم يأت بهذه الزيادة غير محمد بن فضيل عن الأعمش، وكذا شعيب بن أيوب، عن معاوية بن هشام ، عن الثوري، عن الأعمش ، فأما شعيب بن أيوب فهو كما قال ابن حجر : صدوق يدلس ( التقريب 2794 ) ، والحديث محفوظ عن الثوري ، وعن معاوية بن هشام دون هذه الزيادة فهي من وهم شعيب بن أيوب ، فقد ذكر ابن حبان في الثقات أنه يخطئ ( الثقات 8/309 ) .
وأما محمد بن فضيل فقد قال أحمد: وهم ابن فضيل في هذه الزيادة، ولا تعرف هذه عن عائشة ، إنما تعرف عن ابن عمر ، وذكر أن أبا معاوية روى الحديث عن الأعمش بدونها ، قال ابن رجب : وخرجه البخاري بدونها - أيضاً - من طريق الثوري، عن الأعمش ، وقال : تابعه أبو معاوية ، ثم قال ابن رجب - أيضاً -: قال الخلال : أبو عبد الله لا يعبأ بمن خالف أبا معاوية في الأعمش إلا أن يكون الثوري ، وذكر أن هذه الزيادة رواها ابن نمير وغيره - أيضاً - عن الأعمش ( شرح العلل 2/633 ) .
هكذا قال في ابن نمير ، وقد سبقت روايته عند أحمد ، وأبي يعلى ، وليس فيها هذه الزيادة ، وإنما زاد ابن أبي شيبة في روايته عنه لفظة : " والملك " فقط ، وقد قرن فيها رواية ابن نمير بروايته أبي خالد الأحمر ، والله أعلم .(1/7)
22/808- سألت أبي عن حديث رواه أبو عامر العقدي ، عن حماد بن سلمة ، عن منصور بن شيبة ، عن أمه ، عن عائشة، قالت : " كان لا يوضع حجر(1)على حجر بمنى ، إلا أن يتخذ الرجل كنيفاً(2)" قال أبي : حدثنا أبو سلمة ، قال : حدثنا حماد ، عن منصور بن شيبة ، عن أمه قالت : " كان ... " قولها(3). بلا عائشة ، قال أبي : هذا الحديث عن منصور ، عن أمه أشبه عندي ، ومتن الكلام مشهور عن عائشة .
دراسة الرواة :
* أبو عامر العقدي - بفتح المهملة والقاف - عبد الملك بن عمرو القيسي البصري ، مات سنة 204 ، أو بعدها بسنة، روى عن : أيمن بن نابل ، وحماد بن سلمة ، وشعبة، والثوري ، وغيرهم ، وعنه : أحمد، وإسحاق ، وابن المديني، وابن معين وغيرهم .
ثقة ، وثقه ابن سعد ، وابن معين . وقال النسائي: ثقة مأمون . وقال أبو حاتم : صدوق .
قال ابن حجر : [ ثقة ] .
طبقات ابن سعد 7/299 ، تاريخ الدارمي ص137 ، الجرح والتعديل 5/359، تهذيب الكمال 18/364 ، تهذيب التهذيب 2/619 ، التقريب 4199 .
* حماد بن سلمة بن دينار البصري ، أبو سلمة ، مات سنة 167 ، روى عن : ثابت البناني ، وقتادة، وحميد الطويل وغيرهم، وعنه: ابن المبارك، وابن مهدي، والقطان ، وأبو سلمة التبوذكي، وأبو عامر العقدي وغيرهم ، علق له البخاري ، وأخرج له البقية .
__________
(1) في ( ض ) :" حجرا ً " وهو لحن .
(2) الكنيف : هو كل ما ستر من بناء أو حظيرة ، والكنيف الخلاء ، أي مكان قضاء الحاجة ، وهو راجع إلى الستر ( انظر : النهاية 4/205 ، ولسان العرب 9/309-310 ) .
(3) في ( ت ، م ، ط ) :" قولهما " وهو تحريف .(1/1)
متفق على إمامته وجلالته وعلمه وعبادته، وهو ثقة في نفسه، وثقه الأئمة ، كأحمد، وابن معين وغيرهما ، إلا أنه ربما أخطأ ، وكان أثبت الناس في ثابت البناني ، وحميد الطويل ، قال أحمد : حماد بن سلمة أعلم الناس بحديث حميد وأصح حديثاً . وقال - أيضاً - : أثبتهم في ثابت حماد . وقال ابن معين : من خالف حماد بن سلمة في ثابت فالقول قول حماد . وقال ابن المديني : لم يكن في أصحاب ثابت أثبت من حماد بن سلمة .
وقال ابن معين : من سمع من حماد الأصناف ففيها اختلاف ، ومن سمع منه نسخاً فهو صحيح . قال المعلمي : يعني أن الخطأ كان يعرض له عندما يحول من أصوله إلى مصنفاته التي يجمع فيها من هنا وهنا ، فأما النسخ فصحاح .
وفي حماد بن سلمة كلام كثير ، لخص الذهبي حاله بقوله : هو ثقة صدوق يغلط ، وليس في قوة مالك . وقال - أيضاً -: كان ثقة له أوهام .
ولخص الحافظ ابن حجر حاله بقوله: [ ثقة عابد ، أثبت الناس في ثابت ، وتغير حفظه بأخرة ] .
وما ذكره من تغيره بأخرة فيه نظر ، فقد ذكر ابن معين أن حديثه في أول أمره وآخره واحد .
تاريخ الدوري 2/131 ، الجرح والتعديل 3/140 ، الكامل 2/253 ، تهذيب الكمال 7/253 ، الميزان 1/590 ، الكاشف 1/251 ، تهذيب التهذيب 1/481 ، التقريب 1499 ، التنكيل للمعلمي 1/250 ، وانظر : حماد بن سلمة ومروياته في مسند أحمد عن غير ثابت . رسالة دكتوراه . إعداد د/ محمد بن سليمان الفوزان ، خصوصاً الفصل الرابع من الباب الأول ص70-109 .
* منصور بن شيبة ، الظاهر أنه : منصور بن صفية بنت شيبة العبدرية ، نسب إلى جده أبي أمه ، وهو : منصور بن عبد الرحمن بن طلحة العبدري الحجبي ، المكي ، مات سنة سبع أو ثمان وثلاثين ومائة ، روى عن : أمه صفية بنت شيبة ، وخاله مسافع بن شيبة ، وسعيد بن جبير وغيرهم ، وعنه : ابن جريج ، وابن عيينة ، والثوري وغيرهم .(1/2)
وهو ثقة، وثقه ابن سعد ، والنسائي وغيرهما ، وأحسن الثناء عليه أحمد ، وقال : كان ابن عيينة يثني عليه . وقال أبو حاتم : صالح الحديث .
قال ابن حجر : [ ثقة ... أخطأ ابن حبان في تضعيفه ] .
طبقات ابن سعد 5/487 ، الجرح والتعديل 8/174 ، تهذيب الكمال 28/538 ، تهذيب التهذيب 4/158 ، التقريب 6904 .
* أمه ، صفية بنت شيبة العبدرية، سبقت ترجمتها في المسألة السادسة ، وسبق ذكر الاختلاف في صحبتها ، فظاهر صنيع البخاري أنها صحابية ، وأيد ذلك المزي ، وابن حجر ، وذهب النسائي ، والعجلي، وابن حبان، والدارقطني، والبرقاني إلى أنه لا صحبة لها ، وأيد ذلك الذهبي ، فالله أعلم .
* عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - سبقت ترجمتها في المسألة الثالثة .
* أبو سلمة ، موسى بن إسماعيل المنقري ، مولاهم ، التبوذكي - بفتح المثناة وضم الموحدة وفتح المعجمة - البصري ، مات سنة 223 ، روى عن جرير بن حازم ، وهمام ابن يحيى ، وحماد بن سلمة وغيرهم ، وعنه : ابن معين ، والبخاري ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، وأبو داود وغيرهم .
متفق على ضبطه وإتقانه ، قال ابن المديني : من لا يكتب عن أبي سلمة ، كتب عن رجل عنه . وقال ابن معين : ثقة مأمون . ووثقه غيرهما من الأئمة .
قال الذهبي ، وابن حجر : [ ثقة ثبت ] ، وزاد ابن حجر : ولا التفات إلى قول ابن خراش : تكلم الناس فيه .
الجرح والتعديل 8/136، تهذيب الكمال 29/21، الكاشف 3/180، تهذيب التهذيب 4/169، التقريب 6943 .
التخريج :
لم أقف على هذا الحديث عند غير المصنف من الوجهين جميعاً .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم أن حديث أبي عامر العقدي ، عن حماد بن سلمة ، عن منصور بن شيبة ، عن أمه ، عن عائشة قالت : كان لا يوضع حجر على حجر ... الأشبه فيه أنه كما رواه أبو سلمة ، عن حماد بن سلمة ، عن منصور بن شيبة ، عن أمه قالت ، من قولها، لا من قول عائشة .(1/3)
ومعنى كلام أبي حاتم أنه اختلف في هذا الحديث على حماد بن سلمة ، فرواه أبو عامر العقدي ، عن حماد بن سلمة على الوجه الأول ، بجعله من قول عائشة، وخالفه أبو سلمة التبوذكي ، فرواه عن حماد بن سلمة، على الوجه الثاني ، بجعله من قول صفية بنت شيبة ، وأبو عامر ، وأبو سلمة ثقتان - كما سبق - ولكن أبا سلمة أجلُّ ، ولعله لذلك قدم أبو حاتم روايته ورجحها ولكن لعل الاختلاف فيه من حماد بن سلمة نفسه، فقد سبق أنه يخطئ، قال مسلم في كتاب التمييز: وحماد يعد عندهم إذا حدث عن غير ثابت ، كحديثه عن قتادة ، وأيوب ، وداود بن أبي هند ، والجريري ، ويحيى بن سعيد ، وعمرو بن دينار ، وأشباههم ، فإنه يخطئ في حديثهم كثيراً ... ( التمييز ص218 ) . وقال يعقوب بن شيبة : حماد بن سلمة ثقة في حديثه اضطراب شديد ، إلا عن شيوخ فإنه حسن الحديث عنهم، متقن لحديثهم، مقدم على غيره فيهم... ثم ذكر منهم ثابت البناني، وعمار بن أبي عمار ( شرح العلل لابن رجب 2/781 ) .
والفرق بين الوجهين في هذا الحديث ، أنه على الوجه الأول - بذكر عائشة - قد يأخذ حكم المرفوع ، أما على الوجه الثاني - دون ذكر عائشة - فإن صفية بنت شيبة قد اختلف في صحبتها - كما سبق - فعلى القول بعدم صحبتها لا يحتمل الرفع بحال ، وإسناده من هذا الوجه الراجح صحيح إلى صفية بنت شيبة ، والله أعلم .
وقد ذكر أبو حاتم أن متن الكلام مشهور عن عائشة ، وله عنها طرق ، وهي :
الطريق الأول : طريق مسيكة المكية :(1/4)
- أخرجه أبو داود 2/530 ح2012 ، والترمذي 2/218 ح881، وابن ماجه 3/1000 ح3006 و3007، وأحمد 6/187 ح25541 و6/206 ح25718 ، وأبو عبيد في الأموال ص71 ح160 ، وإسحاق بن راهويه 3/688 ح1286 ، والدارمي 2/100 ح1937 ، والفاكهي في أخبار مكة 4/282 ح2625 ، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير ( أخبار المكيين ص294 ح255 ) ، والبلاذري في فتوح البلدان ص55 ، وأبو يعلى 8/16 ح4519 ، وابن خزيمة 4/284 ح2891 ، والطحاوي في شرح المعاني 4/50 ح5672 و5673 ، والحاكم 1/466 - وعنه البيهقي 5/139 - من طرقٍ عن إسرائيل بن يونس، عن إبراهيم بن المهاجر، عن يوسف بن ماهك ، عن أمه مسيكة(1)، عن عائشة، قالت : قلنا : يارسول الله ألا نبني لك بناء يظلك بمنى ؟ قال :" لا، منى مناخ من سبق ". قال الترمذي : هذا حديث حسن . وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ، وترجم عليه ابن خزيمة: باب النهي عن احتظار المنازل بمنى، إن ثبت الخبر، فإني لست أعرف مسيكة بعدالة ولا جرح ، ولست أحفظ لها راوياً إلا ابنها اهـ . ولأجل مسيكة ضعفه غير واحد من العلماء ، كابن القطان ، وقال : مسيكة هذه أم يوسف بن ماهك لا تعرف حالها ، ولا يعرف روى عنها غير ابنها ( الوهم والإيهام 3/468 ) ، ومسيكة ترجم لها المزي في تهذيب الكمال ، وذكر حديثها هذا ، ولم يذكر روى عنها غير ابنها . وقال الحافظ ابن حجر : لا يعرف حالها . ( تهذيب الكمال 35/307 ، التقريب 8683 ) ، وقد تفرد بهذا الحديث إسرائيل بن يونس ، عن إبراهيم بن مهاجر ، كما ذكر الدارقطني ( أطراف الغرائب والأفراد 5/557 ) ، وإبراهيم بن مهاجر الكوفي ضعفه بعض الأئمة ، كالقطان ، وابن معين ، وقال أحمد : فيه ضعف ، وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي . ووثقه ابن سعد. وقال الثوري ، وأحمد ، والنسائي - في رواية عنهما - : لا بأس به .
__________
(1) وقع في فتوح البلدان للبلاذري : عن أبيه ، ولم يقل : مسيكة . وهو تصحيف .(1/5)
وفيه كلام آخر ، لخص حاله ابن حجر بقوله : صدوق لين الحفظ ( تهذيب التهذيب 1/88 ، التقريب 254 ، وستأتي ترجمته موسعة في المسألة رقم 101/887) فمثل إبراهيم لا يحتمل منه التفرد بهذا الطريق. والله أعلم .
الطريق الثاني : طريق هشام بن عروة ، عن أبيه :
- أخرجه ابن حبان في المجروحين 1/104 ، من طريق قتيبة بن سعيد ،
وابن عدي 1/238 ، من طريق داود بن حماد ،
والخطيب في الموضح 1/376 ، من طريق الحميدي ،
ثلاثتهم ، عن إبراهيم بن أبي حية، عن هشام بن عروة ، عن أبيه، عن عائشة قالت: " استأذنت النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أبني كنيفاً بمنى فلم يأذن لي " .
وهذا حديث منكر ، استنكروه على إبراهيم بن أبي حية ، وهو إبراهيم بن اليسع ، أبو إسماعيل المكي ، قال البخاري : منكر الحديث . وكذا قال أبو حاتم الرازي . وقال النسائي : مكي ضعيف . وقال ابن حبان : يروي عن جعفر بن محمد ، وهشام بن عروة مناكير وأوابد ، يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها . وقال ابن عدي - بعدما ذكر جملة من مناكيره ومنها حديثه هذا - : وضعف إبراهيم بن أبي حية بيِّن على أحاديثه ورواياته ، وأحاديث هشام بن عروة التي ذكرتها كلها مناكير. وقال الدارقطني : متروك . فهذا كلام الأئمة فيه ، وقد انفرد ابن معين ، فقال فيه: شيخ ثقة . فلعله لم تتبين له حاله أو تصحف بإبراهيم بن أبي حرة كما ذكر ذلك المعلمي ، والعمل على ما سبق نقله عن جمهور الأئمة ( انظر: تاريخ الدارمي ص73 ،التاريخ الكبير 1/283 ، الجرح والتعديل 2/149 ، والمجروحين ، والكامل ، والميزان 1/29 ) .
ولحديث هشام بن عروة، عن أبيه طريق آخر، فقد ذكره ابن حبان في المجروحين 1/107 من حديث إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي ، عن هشام به بنحوه .(1/6)
وإبراهيم بن أبي يحيى متروك الحديث - كما سبق في المسألة الثامنة - فلا يلتفت إلى هذا الطريق - أيضاً - فهو منكر ، كما استنكره ابن حبان ، وانظر سير النبلاء 8/453 ، فقد ذكره عن ابن حبان ، والله أعلم .
الطريق الثالث : طريق إسماعيل بن أمية :
- أخرجه عبد الرزاق 5/148 ح9215 ، والأزرقي في أخبار مكة 2/173 ، والفاكهي في أخبار مكة 4/283 ح2626 ، من طريق سفيان بن عيينة ، عن إسماعيل ابن أمية قال : بلغني أن عائشة استأذنت النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تتخذ كنيفاً بمنى ، فلم يأذن لها " . ولم يقل :بلغني ، في رواية الأزرقي والفاكهي .
وهذا حديث منقطع ، فإن إسماعيل لم يدرك عائشة ، ولم يبين من حدثه بهذا الحديث .
هذا ما وقفت عليه من طرق هذا الحديث عن عائشة ، وليس فيها شيء ثابت ، إلا أن ذلك لا يمنع شهرة هذا المتن عن عائشة ، كما قال أبو حاتم ، ولكن لا يلزم من شهرته عنها ، صحته وثبوته ، والله أعلم .(1/7)
23/809 – سألت أبي عن حديث رواه عباد بن العوام ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك " أن أم سليم حاضت بعدما طافت يوم النحر ، فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تنفر " فقال أبي : هذا خطأ ، إنما هو كما رواه الدستوائي ، عن قتادة ، عن عكرمة " أن أم سليم حاضت ... " قلت لأبي : الخطأ ممن هو ؟ قال : لا أدري ، من عباد هو ، أو من سعيد .
دراسة الرواة :
جميع الرواة سبقت دراستهم وبيان أحوالهم في المسألة رقم 5/791 . حيث ذكر المؤلف هذه المسألة بعينها .
التخريج والحكم عليه :
كما سبق فيها تخريج الحديث والحكم عليه .(1/1)
24/810- سألت أبي عن حديث رواه صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، وأبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق من الجبابرة " قال أبي : هذا خطأ ، رواه معمر ، عن الزهري ، عن محمد بن عروة ، عن عبد الله بن الزبير موقوف ، ورواه الليث عن عبد الرحمن بن خالد ابن مسافر ، عن الزهري ، عن محمد بن عروة ، عن عبد الله بن الزبير ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال أبي : حديث معمر عندي أشبه ، لأنه لا يحتمل أن يكون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعاً(1).
دراسة الرواة :
* صالح بن أبي الأخضر اليمامي ، مولى هشام بن عبد الملك ، نزل البصرة ، مات بعد سنة 140، روى عن : نافع ، والزهري وغيرهما ، وعنه : حماد بن زيد ، وابن عيينة ، وابن مهدي وغيرهم ، أخرج له الأربعة .
ضعيف ، ضعفه جمهور الأئمة ، منهم : يحيى القطان ، وابن معين، وأبو زرعة ، والبخاري ، والنسائي وغيرهم ، قيل لأحمد: يحتج به ؟ قال : يستدل به ويعتبر به .
وذكر يحيى القطان - في حكاية له عنه - قوله : حديثي منه ما قرأت على الزهري ، ومنه ما سمعت ، ومنه ما وجدت في كتاب ، فلست أفصل ذا من ذا . وذكر عنه أنه قدم عليهم قبل ذلك فكان يقول : حدثنا الزهري ، حدثنا الزهري .
وقد ذكر معنى هذا غير واحد من الأئمة ، في حديث صالح ، عن الزهري .
قال ابن حجر : [ ضعيف ، يعتبر به ] .
الجرح والتعديل 4/394 ، الكامل 4/64، تهذيب الكمال 13/8 ، تهذيب التهذيب 2/188 ، التقريب 2844 .
__________
(1) وقع في جميع النسخ بالرفع " مرفوع " ، والصواب بالنصب .(1/1)
* الزهري ، هو : محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري ، القرشي ، أبو بكر المدني ، ثم الشامي ، مات سنة 125 ، وقيل : قبلها ، روى عن : سهل بن سعد ، وأنس بن مالك وغيرهما من الصحابة ، وعن سعيد بن المسيب ، وسالم ابن عبد الله، وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، وغيرهم من التابعين، وعنه : خلق كثير ، منهم : معمر ، وابن عيينة ، ومالك ، وعبيد الله بن عمر ، والأوزاعي وغيرهم .
متفق على إمامته وجلالته وإتقانه ، قال النسائي : أحسن أسانيد تروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة ، منها : الزهري، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس ، عن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... الخ .
وجاء عنه أنه قال : ما استعدت حديثاً قط ، ولا شككت في حديث ، إلا حديثاً واحداً ، فسألت صاحبي فإذا هو كما حفظت .
قال ابن حجر : [ الفقيه الحافظ ، متفق على جلالته وإتقانه ] .
طبقات ابن سعد ( القسم المتمم لتابعي أهل المدينة ص166 ) ، تهذيب الكمال 16/419 ، تهذيب التهذيب 3/696 ، التقريب 6296 .
* سعيد بن المسيب بن حزن القرشي المخزومي ، أبو محمد المدني ، مات سنة 93 ، وقيل 94، روى عن : عثمان ، وعلي ، وسعد ، وأبي هريرة وغيرهم ، وعنه : الزهري ، وقتادة ، ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم .
متفق على إمامه وعلمه وجلالته وإتقانه ، قال ابن عمر : هو والله أحد المفتين .
قال في التقريب :[ أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار ... اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل ، وقال ابن المديني : لا أعلم في التابعين أوسع علماً منه ] .
الجرح والتعديل 4/59 ، تهذيب الكمال 11/66 ، تهذيب التهذيب 2/43 ، التقريب 2396 .(1/2)
* أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي، قيل: اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل ، وقيل : اسمه كنيته ، مات سنة 94، وقيل 104، والأول أثبت كما قال ابن سعد ، روى عن : أسامة ، وأم سلمة ، وعائشة ، وأبي هريرة وغيرهم ، وعنه : عروة ابن الزبير ، والزهري ، ويحيى بن أبي كثير وغيرهم .
متفق على ثقته وإمامته وجلالته. قال الزهري : أربعة من قريش وجدتهم بحوراً ، فذكره منهم .
قال في التقريب : [ ثقة مكثر ] .
طبقات ابن سعد 5/155، تهذيب الكمال 33/370 ، تهذيب التهذيب 4/531 ، التقريب 8142 .
* أبو هريرة - رضي الله عنه - سبقت ترجمته في المسألة الثانية.
* معمر بن راشد الأزدي الحداني، مولاهم، أبو عروة بن أبي عمرو البصري، ثم اليمني ، مات سنة 154 ، وقيل قبلها ، روى عن : ثابت البناني ، وقتادة ، والزهري ، وهمام بن منبه ، وهشام بن عروة ، والأعمش وغيرهم ، وعنه : ابن عيينة ، وابن المبارك ، وعبد الرزاق ، وهشام بن يوسف وغيرهم .
ثقة ، وثقه ابن معين ، والعجلي ، ويعقوب بن شيبة وغيرهم ، وقال النسائي: ثقة مأمون . وقال أحمد : لا تضم معمراً إلى أحدٍ إلا وجدت معمراً أطلب للعلم منه ، وهو أول من رحل إلى اليمن .
وهو مقدم في الزهري ، قال ابن معين: أثبت الناس في الزهري مالك ، ومعمر، ثم عد جماعة ... وقال - أيضاً - : معمر أثبت في الزهري من ابن عيينة . وكذا قدمه أحمد على أصحاب الزهري ، في رواية ابن هانئ عنه .
وقد تكلم في بعض حديثه - عن غير الزهري - قال ابن معين : إذا حدثك معمر عن العراقيين فخفه ، إلا عن الزهري ، وابن طاوس، فإن حديثه عنهما مستقيم ، فأما أهل الكوفة والبصرة فلا، وما عمل في حديث الأعمش شيئاً . وقال ابن معين - أيضاً - : حديث معمر عن ثابت ، وعاصم بن أبي النجود ، وهشام بن عروة وهذا الضرب مضطرب كثير الأوهام . وقال ابن المديني : وفي حديث معمر عن ثابت أحاديث غرائب ومنكرة .(1/3)
وقال أحمد : أخطأ بالبصرة في أحاديث . وقال - أيضاً - : عبد الرزاق عن معمر ، أحب إلى من هؤلاء البصريين ، كان يتعاهد كتبه ، وينظر - يعني باليمن- وكان يحدثهم بخطأ بالبصرة . وقال أبو حاتم : ما حدث معمر بالبصرة فيه أغاليط ، وهو صالح الحديث. وقال يعقوب بن شيبة : سماع أهل البصرة من معمر حين قدم عليهم فيه اضطراب ، لأن كتبه لم تكن معه .
لخص الحافظ ابن حجر حاله بقوله : [ ثقة ثبت فاضل ، إلا أن في روايته عن ثابت ، والأعمش ، وهشام بن عروة شيئاً ، وكذا فيما حدث به بالبصرة ] ، وهو تلخيص جيد ، إلا أنه يتأنى في حديثه عن العراقيين جميعاً ، وكذا في حديثه بالعراق سواء بالبصرة أو الكوفة .
تاريخ الدوري 2/543 ،ثقات العجلي ص435 ، الجرح والتعديل 8/255 ، تهذيب الكمال 28/303 ، شرح العلل 2/691 و767 و774 و804 ، تهذيب التهذيب 4/125 ، التقريب 6809 .
* محمد بن عروة بن الزبير القرشي الأسدي ، المدني ، مات في دمشق في حياة أبيه ، روى عن : أبيه ، وعمه عبد الله، وعنه : أخوه هشام ، والزهري ، أخرج له الترمذي ، وأبو داود في المراسيل .
ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال ابن حجر : [ صدوق ] .
طبقات خليفة ص267 ، ثقات ابن حبان 5/354 ، تهذيب الكمال 26/110 ، تهذيب التهذيب 3/647 ، التقريب 6138 .
* عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي ، أبو بكر ، وأبو خبيب ، أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق ، وهو أول مولود في الإسلام بالمدينة من المهاجرين ، وبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - وله ثمان سنين ، بويع بالخلافة بعد موت يزيد بن معاوية ، ودامت خلافته حتى قتل سنة 73 ، وقد اشتهر - رضي الله عنه - بالعبادة والصبر والشجاعة والجهر بكلمة الحق .
معرفة الصحابة لأبي نعيم 3/1647 ، الإصابة 2/309 ، التقريب 3319 .
* الليث بن سعد المصري ، سبق في المسألة الأولى ، وهو ثقة فقيه إمام مشهور .(1/4)
* عبد الرحمن بن خالد بن مسافر الفهمي ، أبو خالد، ويقال: أبو الوليد المصري ، مات سنة 127، روى عن: الزهري ، وعنه : الليث بن سعد، ويحيى بن أيوب المصري .
قال ابن معين: كان على مصر، وكان عنده عن الزهري كتاب فيه مائتا حديث، أو ثلاثمائة ، كان الليث يحدث بها عنه . وقال الذهلي : ثبت . وقال ابن يونس : كان ثبتاً في الحديث . ووثقه العجلي ، والدارقطني ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال أبو حاتم : صالح . وقال النسائي : ليس به بأس . وقرنه في طبقات أصحاب الزهري بابن أبي ذئب وغيره .
قال ابن حجر : [ صدوق ] . وهذا أقل ما يقال فيه .
ثقات العجلي ص292، الجرح والتعديل 5/229، ثقات ابن حبان 7/83، تهذيب الكمال 17/76، تهذيب التهذيب 3/501 ، التقريب 3849 .
التخريج :
لم أقف عليه من طريق صالح بن أبي الأخضر .
- وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره 17/110 من طريق محمد بن ثور الصنعاني ، وعبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، قال في رواية ابن ثور : أن ابن الزبير قال ، فذكره بنحوه، وقال في رواية عبد الرزاق ، عن ابن الزبير مثله . فلم يذكر محمد بن عروة، في الطريقين جميعاً ، وهو من قول ابن الزبير .
- وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 1/201 - وعنه الترمذي 5/232 ح3170-،
والبزار 6/172 ح2215 ، عن أحمد بن منصور ،
وابن جرير في التفسير 17/111 ، عن محمد بن سهل البخاري،
وابن الأعرابي في معجمه 3/1042 ، عن علي بن داود ،
والطبراني في الكبير 13/108 ، عن مطلب بن شعيب الأزدي ،
والحاكم 2/389 - وعنه البيهقي في شعب الإيمان 7/565 ح3721 - عن إسماعيل ابن محمد بن الفضل الشعراني ، عن جده ،
والبيهقي في دلائل النبوة 1/125 ، من طريق محمد بن إسماعيل السلمي ،(1/5)
سبعتهم ( البخاري ، وأحمد بن منصور ، ومحمد بن سهل ، وعلي بن داود ، ومطلب، وجدُّ الشعراني ، والسلمي ) عن عبد الله بن صالح ، عن الليث بن سعد به بنحوه ، وزاد فيه بعضهم : " فلم يظهر عليه جبار قط "، وهو مرفوع ، وذكر في رواية أحمد بن منصور ومطلب بن شعيب : عبد الله بن عروة ، بدل محمد بن عروة . ووقع في معجم ابن الأعرابي : عن ابن شهاب، عن عروة، فصححه المحقق إلى : محمد بن عروة، ونبه عليه في الحاشية .
- وأخرجه الترمذي 5/233 ح3170، عن قتيبة ، قال : حدثنا الليث ، عن عقيل،
وابن جرير في التفسير 17/111 ، من طريق الحجاج ، عن ابن جريج ،
كلاهما (عقيل، وابن جريج ) عن الزهري، قال في رواية عقيل: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقال في رواية ابن جريج : بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم الاختلاف في هذا الحديث على الزهري ، وقد تبين من التخريج السابق أن قد رُوي عنه على أربعة أوجه ، وهي :
الوجه الأول : عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، وأبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذه رواية صالح بن أبي الأخضر ، وقد ذكر أبو حاتم أن هذا الوجه خطأ، وهو كما ذكر، فلم يروه عن الزهري غير صالح بن أبي الأخضر، وهو ضعيف - كما سبق في ترجمته - وفي حديثه عن الزهري كلام ، زيادة على ضعفه، ثم هو قد لزم جادة معهودة ، روى فيها عن الزهري أحاديث كثيرة فكل هذا مما يؤكد خطأ هذه الرواية .
الوجه الثاني : عن الزهري ، عن محمد بن عروة ، عن عبد الله بن الزبير موقوفاً ، وهذه رواية معمر - فيما ذكره أبو حاتم في هذه المسألة - ولكن سبق في التخريج أنه رواه عن معمر كذلك محمد بن ثور، وعبد الرزاق بن همام الصنعانيان، ولكنهما لم يذكرا فيه محمد بن عروة ، فصار عن الزهري ، عن عبد الله بن الزبير منقطعاً موقوفاً .(1/6)
الوجه الثالث : عن الزهري ، عن محمد بن عروة ، عن عبد الله بن الزبير ، مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذه رواية عبد الرحمن بن خالد بن مسافر ، رواه عنه الليث بن سعد ، وقد رد أبو حاتم هذا الوجه بأنه لا يحتمل أن يكون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعاً ، ويؤكد ما ذهب إليه أبو حاتم من دفع هذا الوجه أني لم أقف عليه عن الليث بن سعد إلا من طريق كاتبه أبي صالح عبد الله بن صالح الجهني ، وهو متكلم فيه ، قال أحمد : كان أول أمره متماسكاً ثم فسد بأخرة ، وليس هو بشيء . وقال ابن المديني : ضربت على حديثه، وما أروي عنه شيئاً . وقال أحمد بن صالح: متهم ليس بشيء . وقال النسائي: ليس بثقة . وتكلم فيه غيرهم من الأئمة، ووثقه بعضهم كابن معين ، لخص الحافظ ابن حجر حاله بقوله : صدوق ، كثير الغلط ، ثبت في كتابه ، وكانت فيه غفلة . ( تهذيب التهذيب 2/354 ، التقريب 3388 ) ، ثم إنه قد وقع عليه فيه اضطراب - كما سبق في التخريج - فمرة جعله عن الزهري ، عن محمد بن عروة ، ومرة جعله عن الزهري ، عن عبد الله بن عروة ، وسواء كان هذا الاختلاف من عبد الله بن صالح نفسه ، وهو الظاهر ، أو كان ممن دونه فإنه يدل على ضعف هذا الوجه ، ثم إن الحديث قد روي عن الليث بن سعد بغير هذا الإسناد ، فرواه قتيبة بن سعيد وهو ثقة ثبت ، ( التقريب 5522 ) عن الليث بن سعد ، عن عقيل بن خالد ، عن الزهري مرسلاً - كما سبق في التخريج - فهذا أثبت عن الليث بن سعد من حديث عبد الله بن صالح ، ولذا قال الترمذي بعد سياق حديثه : هذا حديث حسن غريب ، وقد روى هذا الحديث عن الزهري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً ، ثم ساق المرسل ، فأشار إلى ترجيح المرسل ، وقال البزار بعد سياقه: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا عن ابن الزبير، ولا نعلم له طريقاً عن ابن الزبير إلا هذا الطريق .(1/7)
وعلق ابن جرير القول به على صحته ، فكأنه تردد في صحته من أجل عبد الله بن صالح ، أما الحاكم فقال : صحيح على شرط البخاري . وقد أبعد في ذلك ، ولا يخفى ما في قوله من نظر .
الوجه الرابع : عن الزهري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً ، وهذه رواية عقيل بن خالد ، وابن جريج ، فهذا وجه اتفق عليه ثقتان من أصحاب الزهري ، وظاهر كلام الترمذي ترجيح هذا الوجه - كما سبق- وبناءً على هذا تبقى الموازنة بين هذا الوجه ورواية معمر السابقة في الوجه الثاني ، وهو وقفه على ابن الزبير .
والاختلاف بين هذين الوجهين في أمرين ، أولهما : ذكر محمد بن عروة في الإسناد ، فقد سبق فيما علقه أبو حاتم عن معمر ذكر محمد بن عروة فيه ، وسبق أن عبد الرزاق ، ومحمد بن ثور روياه عن معمر ولم يذكرا فيه محمد بن عروة .
أما رواية عقيل ، وابن جريج عن الزهري ، فليس فيها ذكر محمد بن عروة ، وهي بهذا ترجح رواية عبد الرزاق ، ومحمد بن ثور ، عن معمر ، ويكون ذكر محمد بن عروة في رواية معمر غير محفوظ ، وقد يحتمل أن يكون خطأً قديماً في نسخة العلل لابن أبي حاتم نقله الناسخ من إسناد الليث بن سعد ، عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر ، عن الزهري ، وبناءً على هذا فلم يذكر محمد بن عروة في هذا الحديث إلا في رواية عبد الله بن صالح ، عن الليث بن سعد ، وهي رواية غير محفوظة - كما سبق - .(1/8)
الأمر الثاني مما اختلفت فيه رواية معمر ، عن رواية عقيل ، وابن جريج ، أنه جعله في رواية معمر من قول ابن الزبير ، وجعله في رواية عقيل وابن جريج ، عن الزهري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومع أنه لو رجح أي الوجهين لم يصح الحديث لا مرفوعاً، ولا موقوفاً، فإن الزهري لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عبد الله بن الزبير ، فهو مرسل على الوجهين جميعاً ، إلا أنه يمكن القول في الموازنة بين هذين الوجهين ، فقد ترجح رواية معمر لسببين، أحدهما: تقديم معمر في الزهري، كما سبق نقل بعض ذلك في ترجمته .
وثانيهما : ما أشار إليه أبو حاتم من أن هذا الكلام لا يمكن أن يكون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ذلك أن معنى العتيق في هذا الموضع فيه أقوال ذكرها ابن جرير في تفسيره ، هذا أحدها ، والثاني : قيل له عتيق ، لأنه لم يملكه أحد من الناس ، والثالث : سمي بذلك لقدمه ، فإن العتيق هو القديم . وذكر ابن جرير من قال بهذه الأقوال من السلف، وأن لكل واحدٍ منها وجهاً صحيحاً، إلا أن القول الأخير أغلب معانيه عليه في الظاهر ، إلا أن يصح الحديث فالقول به أولى اهـ . فالظاهر أن هذه الأقوال إنما هي عن السلف ، لا ينسب منها شيء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولذا قال البخاري في صحيحه : والعتيق : عتقه من الجبابرة ( الفتح 3/626 ) ، فلم ينسب ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا غيره .
وقد يقال بترجيح رواية عقيل ، وابن جريج لكونهما ثقتين اتفقا على هذا الوجه عن الزهري ، والله أعلم .(1/9)
25/811- سألت أبي عن حديث رواه عبد الأعلى ، عن عبيد الله العمري ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " قال أبي : إنما أنكره من حديث سعيد المقبري ، يشبه أن يكون عبيد(1)الله ، عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (2).
دراسة الرواة :
* عبد الأعلى بن عبد الأعلى القرشي ، السامي، أبو محمد البصري، ويلقب: أبا همام ، وكان يغضب من ذلك ، مات سنة 189، روى عن: حميد الطويل ، وعبيد الله ابن عمر ، وخالد الحذاء ، وابن أبي عروبة وغيرهم ، وعنه : إسحاق بن راهويه ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، وابن المديني وغيرهم .
وثقه ابن معين ، وأبو زرعة ، والعجلي وغيرهم، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان متقناً في الحديث ، قدرياً غير داعية إليه . وكذا ذكر أحمد، وأبو زرعة أنه كان يرى القدر. وقال النسائي: لا بأس به . وقال أبو حاتم : صالح الحديث .
وقال ابن سعد : لم يكن بالقوي .
قال الذهبي في الكاشف : ثقة ، لكنه قدري . وقال في المغني : صدوق ، ثم ذكر قول ابن سعد . وقال في الميزان : صدوق صاحب حديث ومعرفة .
وقال ابن حجر : [ ثقة ] .
طبقات ابن سعد 7/290 ، سؤالات البرذعي 2/517 ، ثقات العجلي ص284 ، الجرح والتعديل 6/88 ، ثقات ابن حبان 7/130 ، تهذيب الكمال 16/359 ، المغني 1/582 ، الميزان 2/531 ، الكاشف 2/146 ، تهذيب التهذيب 2/465 ، التقريب 3734 .
* عبيد الله بن عمر العمري ، سبق في المسألة الحادية عشرة ، وهو ثقة ثبت .
__________
(1) في ( س ، ح ) :" عبد الله ". وهو تصحيف شائع .
(2) سوف تأتي هذه المسألة من طريقين آخرين برقم 27/813 و32/818 .(1/1)
* سعيد بن أبي سعيد - كيسان - المقبري ، أبو سعد المدني، مات سنة 120، وقيل قبلها ، وقيل بعدها ، روى عن : أبي هريرة، وجابر، وابن عمر، وأبي سعيد وغيرهم من الصحابة ، وعن أبيه ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن وغيرهما من التابعين ، وعنه : مالك ، وابن إسحاق ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وعبيد الله بن عمر وغيرهم .
ثقة ، وثقه جمهور الأئمة ، كابن المديني ، وابن سعد ، والعجلي ، وأبي زرعة ، والنسائي وغيرهم .
وقال يعقوب بن شيبة : قد كان تغير وكبر واختلط قبل موته ، يقال : بأربع سنين ، وكان شعبة يقول : حدثنا سعيد المقبري بعدما كبر . وذكر اختلاطه قبل موته بأربع سنين غيره ، كالواقدي ، وابن سعد ، وابن حبان .
قال الذهبي : ثقة حجة ، شاخ ، ووقع في الهرم ، ولم يختلط . ثم ذكر أقوال الأئمة فيه - ومنها قول شعبة السابق - وقال : ما أحسب أن أحداً أخذ عنه في الاختلاط ، فإن ابن عيينة أتاه فرأى لعابه يسيل ، فلم يحمل عنه شيئاً ... .
وقال ابن حجر [ ثقة ... تغير قبل موته بأربع سنين ، وروايته عن عائشة وأم سلمة مرسلة ] .
طبقات ابن سعد ( القسم المتمم لتابعي أهل المدينة ص145 ) ، الجرح والتعديل 4/57 ، تهذيب الكمال 10/466 ، الميزان 2/139 ، تهذيب التهذيب 2/22 ، التقريب 2321 .
* أبو هريرة - رضي الله عنه - سبقت ترجمته في المسألة الثانية.
* سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي ، أبو عبد الله المدني ، قتلته الحرورية سنة 130 أو نحوها بقديد ، روى عن : مولاه، وابن المسيب ، وأبي صالح السمان وغيرهم ، وعنه : ابنه عبد الملك ، وابن عجلان ، وعبيد الله بن عمر ، ومالك، والسفيانان وغيرهم .
ثقة ، وثقه أحمد ، وابن معبن ، وأبو حاتم ، والنسائي وغيرهم.
قال ابن حجر : [ ثقة ] .
سؤالات ابن طهمان ص69 ، الجرح والتعديل 4/315 ، تهذيب الكمال 12/141 ، تهذيب التهذيب 2/117 ، التقريب 2635 .(1/2)
* أبو صالح ذكوان السمان ، الزيات، المدني ، مات سنة 101، روى عن سعد بن أبي وقاص ، وأبي هريرة ، وعائشة وغيرهم ، وعنه: أولاده : سهيل ، وصالح، وعبد الله، وعطاء بن أبي رباح، وسمي وغيرهم .
متفق على توثيقه ، قال أحمد : أبو صالح من أجلة الناس ، وأوثقهم ، ومن أصحاب أبي هريرة ، وقد شهد الدار - يعني زمان عثمان رضي الله عنه - وهو ثقة ثقة .
قال ابن حجر : [ ثقة ثبت ] .
الجرح والتعديل 3/450 ، تهذيب الكمال 8/513 ، تهذيب التهذيب 1/579، التقريب 1841 .
التخريج :
- أخرجه الطبراني في الأوسط 5/15 ح4543 ، من طريق محمد بن عثمان العقيلي ، عن عبد الأعلى به ، ولفظه " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " .
- وأخرجه مسلم 4/107 ح1349 ، وابن خزيمة 4/131 ح2513 و4/359 ح3072 ، وأبو نعيم في المستخرج 4/28 ح3140 ، من طريق عبد الله بن نمير ،
وأبو داود الطيالسي 4/173 ح2547،
وعبد الرزاق 5/4 ح8799 ،
وأبو عوانة ( إتحاف المهرة 14/534 ح18167 )، والطبراني في الأوسط 7/93 ح6955 ، وابن عدي 7/75 ، من طريق عبد الله بن سعيد بن أبي هند ،
وأبو عوانة ( الإتحاف ) من طريق أيوب بن إسحاق ، وإسماعيل بن إسحاق القاضي ، والطبراني في الأوسط 5/329 ح5456 ، والبيهقي في الشعب 8/39 ح3799 ، وقوام السنة في الترغيب والترهيب 2/15 ح1054 ، من طريق الحسن بن علي الحلواني ، والدارقطني في العلل 10/173 - معلقاً - عن سعيد بن عتاب وعن إسماعيل القاضي وغيره ، أربعتهم : ( أيوب بن إسحاق ، وإسماعيل القاضي ، والحسن الحلواني ، وسعيد بن عتاب ) عن سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب السختياني ،
وأبو عوانة ( الإتحاف ) ، والبيهقي في المعرفة 3/498 ح2703 ، من طريق شجاع بن الوليد ،
وأبو عوانة ( الإتحاف ) ، من طريق علي بن مسهر ،
وابن حبان 9/9 ح3696 ، من طريق عبد الله بن المبارك ،(1/3)
والطبراني في الأوسط 4/149 ح3841 ، من طريق سليمان بن بلال ،
والدارقطني في العلل10/173 - معلقاً - عن عبدة بن سليمان ، وإسماعيل بن زكريا ،
وأبو نعيم في المستخرج 4/28 ح3140 ، من طريق أبي الربيع ، عن حماد بن زيد ،
والبيهقي في السنن الكبرى 4/343 ، من طريق يحيى بن سعيد ،
جميعهم ( 13 راوياً ، وهم : عبد الله بن نمير ، وأبو داود الطيالسي ، وعبد الرزاق ، وعبد الله بن سعيد ، وأيوب ، وشجاع بن الوليد ، وعلي بن مسهر ، وعبد الله بن المبارك ، وسليمان بن بلال ، وعبدة بن سليمان ، وإسماعيل بن زكريا ، وحماد بن زيد، ويحيى بن سعيد ) عن عبيد الله بن عمر العمري ، عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة به ، ولفظه كالسابق ، إلا أنه ربما قدمت الجملة الأولى على الثانية ، وزاد في رواية أيوب - عند البيهقي ، وقوام السنة - " وما سبح الحاج من تسبيحة ، ولا هلل من تهليلة ، ولا كبر من تكبيرة ، إلا بشر بها ببشيرة " ووقع في مصنف عبد الرزاق : عن عبد الله بن عمر - أي مكبراً - ولعله تصحيف ، وكذا وقع في رواية عبد الله بن سعيد - عند الطبراني - ولكن صوبه المحقق ، وقال حماد بن زيد - بعد روايته عن أيوب - : فلقيت عبيد الله فحدثني عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله اهـ . وأوقفه الدارقطني فيما علقه عن إسماعيل القاضي وغيره عن سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب . وأدخل سليمان بن بلال في روايته عن عبيد الله : سهيل ابن أبي صالح ، بين عبيد الله ، وسمي ، وكذا علقه المؤلف عن عبيد الله - كما سيأتي في المسألة رقم 27/813 - .(1/4)
- وأخرجه مالك في الموطأ 2/281 ح65 - ومن طريقه البخاري 3/2 ح1773 ، ومسلم 4/107 ح1349، والنسائي في المجتبى 5/115، وفي الكبرى 2/322 ح3608، وابن ماجه 2/964 ح2888، وأحمد 2/462 ح9948، وأبو يعلى 12/11 ح6657، والطوسي في مستخرجه 4/196 ح854 ، وأبو عوانة ( الإتحاف ) ، وابن حبان 9/9 ح3696 ، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك 1/64 ح37 ، وأبو الفضل الزهري في حديثه 2/609 ح660 ، وأبو نعيم في المستخرج 4/27 ح3139 ، والبيهقي في السنن الكبرى 5/261 ، وفي شعب الإيمان 8/37 ح3797 ، والبغوي 7/6 ح1843 - ،
والبخاري في التاريخ الكبير 1/133 ، وأبو عوانة ( الإتحاف ) من طريق أبي نعيم ،
ومسلم 4/107 ح1349 ، والترمذي 2/260 ح 933، من طريق وكيع بن الجراح،
ومسلم - أيضاً - ، وأحمد 2/461 ح9941 ، وأبو نعيم في المستخرج 4/28 ح3140 ، من طريق عبد الرحمن بن مهدي ،
وعبد الرزاق 5/3 ح8798 - ومن طريقه أبو عوانة ( الإتحاف ) -،
والدارمي 2/48 ح1795 ، عن عبيد الله بن موسى ،
وأبو عوانة ( الإتحاف ) من طريق أبي عاصم ، والفريابي ،
والدارقطني في العلل 10/175 - معلقاً - عن يحيى بن يمان ،
وأبو نعيم في المستخرج 4/28 ح3140 ، من طريق يحيى بن سعيد ،
تسعتهم ( أبو نعيم ، ووكيع ، وابن مهدي، وعبد الرزاق ، وعبيد الله، وأبو عاصم، والفريابي ، ويحيى بن يمان ، ويحيى بن سعيد ) عن سفيان الثوري ، وقد ذكره ابن أبي حاتم - كما سيأتي في المسألة رقم 27/813 معلقاً - عن الثوري ،(1/5)
ومسلم 4/107 ح1349 ، وأحمد 2/246 ح7354 ، والحميدي 2/439 ح1002، وابن أبي شيبة 3/120 ح12639، والفاكهي في أخبار مكة 1/429 ح931، والبزار 1/ الورقة 207(1)، وأبو يعلى 12/13-14 ح6660 و6661 ، وابن الجارود 2/115 ح502 و503 ، وابن خزيمة 4/131 ح2513 و4/359 ح3073 ، وأبو عوانة ( الإتحاف ) ، وأبو إسحاق الهاشمي في الجزء الأول من أماليه ص34 ح17 ، وأبو بكر بن المقرئ في الأربعين ص119 ح60 ، وأبو نعيم في المستخرج 4/27 ح3140 ، من طرقٍ متعددة عن سفيان بن عيينة ،
وأبو عوانة ( الإتحاف ) ، والطبراني في الأوسط 1/277 ح905 ، من طريق عبد العزيز ابن أبي سلمة الماجشون ،
وأبو عوانة ( الإتحاف ) ، والبيهقي في الكبرى 5/261 ، وفي الشعب 8/38 ح3718 ، من طريق ابن عجلان ،
وأبو عوانة ( الإتحاف ) ، من طريق ورقاء ، وأسامة بن زيد ، وعبد الرحمن بن سليمان الإفريقي ،
والطبراني في الأوسط 2/198 ح1704 ، و4/359 ح4432، من طريق إسماعيل بن أمية ،
وفي الأوسط - أيضاً - 4/45 ح3571 ، من طريق سعيد بن أبي هلال ،
عشرتهم (مالك ، والثوري ، وابن عيينة ، والماجشون ، وابن عجلان ، وورقاء ، وأسامة ، وعبد الرحمن ، وإسماعيل ، وسعيد ) عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحو اللفظ السابق ، وربما قدمت الجملة الأولى على الثانية ، غير أنه فيما علقه ابن أبي حاتم عن الثوري أدخل سهيل بن أبي صالح ، بين الثوري وسمي .
وقد روي الحديث عن سهيل ، عن سمي ، من طرق متعددة ، وسيأتي ذكر ذلك مستوفى في المسألة رقم 27/813 ، حيث ذكره المؤلف هناك ، كما ستأتي طرق أخرى لهذا في المسألة رقم 32/818 ، حيث ذكره المؤلف مرة ثالثة .
الحكم عليه :
__________
(1) كما في حاشية محقق علل الدارقطني 10/176 .(1/6)
ذكر أبو حاتم أن حديث عبد الأعلى ، عن عبيد الله العمري ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " منكر من حديث سعيد المقبري ، ثم ذكر أنه يشبه أن يكون الحديث عن عبيد الله ، عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقد تبين من التخريج السابق ما يؤكد ما ذكره أبو حاتم - رحمه الله - حيث تبين أن حديث سعيد المقبري تفرد به عن عبيد الله : عبد الأعلى السامي ، كما نص على ذلك الدارقطني ( أطراف الغرائب والأفراد 5/200 ح5146 )، وتفرد عنه - أيضاً - محمد بن عثمان العقيلي ، كما ذكر ذلك الطبراني ، والعقيلي هذا ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : يغرب ، ولذا قال ابن حجر : صدوق ، يغرب . ( تهذيب التهذيب 3/643 ، التقريب 6127 ) فيحتمل أن يكون الوهم منه ، ويكون هذا من غرائبه .(1/7)
وسواء كان الوهم من العقيلي ، أو من عبد الأعلى ، فإنه حديث منكر، وذلك لمخالفته لرواية الجماعة عن عبيد الله ، حيث سبق في التخريج ذكر ثلاثة عشر راوياً رووا هذا الحديث عن عبيد الله على خلاف رواية عبد الأعلى ، وهم : عبد الله بن نمير ، وأبو داود الطيالسي ، وعبد الرزاق ، وعبد الله بن سعيد ، وأيوب السختياني، وشجاع بن الوليد، وعلي بن مسهر ، وعبد الله بن المبارك ، وسليمان بن بلال ، وعبدة بن سليمان، وإسماعيل بن زكريا ، وحماد بن زيد ، ويحيى بن سعيد ، وبعض هؤلاء بمفرده أثبت من عبد الأعلى ، فكيف بهم وقد اجتمعوا ، وقد رووا هذا الحديث عن عبيد الله ، عن سمي، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على الوجه الذي رجحه أبو حاتم ، إلا في رواية سليمان بن بلال ، فإنه جعله عن سهيل، عن سمي،- وسيأتي بيانه في المسألة رقم 27/813- ووقع في حديث أيوب اختلاف في وقفه ورفعه - وسيأتي بيانه في المسألة رقم 32/818 - على أن ذلك لا يؤثر على رواية الجماعة عن عبيد الله ، فهي رواية محفوظة ، ولذا أخرجه مسلم وابن خزيمة وابن حبان في صحاحهم من طريق عبيد الله .
ثم إن عبيد الله قد توبع على هذا الوجه - كما سبق في التخريج - فقد تابعه مالك ، والثوري ، وابن عيينة ، وعبد العزيز الماجشون ، ومحمد بن عجلان ، وورقاء ، وأسامة ابن زيد ، وعبد الرحيم بن سليمان الإفريقي أبو أيوب ، وإسماعيل بن أمية ، وسعيد بن أبي هلال ، وسهيل بن أبي صالح ، وقد أخرجه البخاري ، ومسلم في صحيحيهما من حديث مالك ، وأخرجه مسلم من حديث الثوري ، وابن عيينة ، وقال الترمذي : حسن صحيح .
وانظر المسألة رقم 27/813 ورقم 32/818 ، والله أعلم .(1/8)
26/812- سألت أبي عن حديث رواه يزيد بن هارون عن عبد العزيز بن الماجِشُون ، عن عبد الله بن الفضل ، عن الأعرج ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة، قال : " كان من تلبية النبي - صلى الله عليه وسلم - لبيك إله الحق " قال أبي كذا حدثنا محمد بن إسماعيل بن البَخْتَري(1)، عن يزيد ، وحدثنا أبو سلمة وغيره ، عن عبد العزيز بن الماجِشُون ، عن عبد الله بن الفضل ، عن الأعرج(2)، عن أبي هريرة ، لا يذكرون أبا سلمة . قلت : أيهما أصح ؟ قال: لا أدري ، غير أن الناس على حديث الأعرج أكثر، ويزيد بن هارون ثقة .
دراسة الرواة :
* يزيد بن هارون السلمي ، مولاهم ، أبو خالد الواسطي ( 117-206 ) ، روى عن : سليمان التيمي ، وحميد الطويل، وعبد العزيز الماجشون ، وخلق كثير، وعنه : أحمد بن حنبل ، وابن معين ، وابن المديني ، وإسحاق وغيرهم .
متفق على ثقته وإمامته وجلالته ، قال أبو حاتم : ثقة ، إمام ، صدوق في الحديث ، لا يسأل عن مثله .
وقال ابن حجر : [ ثقة متقن عابد ] .
الجرح والتعديل 9/295، تهذيب الكمال 32/261، تهذيب التهذيب 4/431، التقريب 7789 .
* عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون - بكسر الجيم، بعدها معجمة مضمومة - أبو عبد الله المدني، ثم البغدادي ، مات سنة 164، وقيل 166. روى عن : محمد بن المنكدر ، والزهري ، وزيد بن أسلم ، وعبد الله بن الفضل وغيرهم ، وعنه : وكيع ، وابن مهدي ، ويزيد بن هارون وغيرهم .
متفق على توثيقه وعلمه وفضله ، قال ابن حبان : كان فقيهاً ، ورعاً ، متابعاً لمذهب أهل الحرمين من أسلافه ، مفرعاً على أصولهم ، ذاباً عنهم .
قال ابن حجر : [ ثقة فقيه مصنف ] .
__________
(1) في ( ط ) :" البحتري " بالحاء المهملة ، وهو تصحيف ، وفي ( ت ، س ، ح ، م ) غير ظاهر النقط ، ولعله لأجل ذلك جاء التصحيف .
(2) من هنا إلى قوله :" حديث الأعرج " ساقط من ( س ، ح ) .(1/1)
ثقات ابن حبان 7/110، تهذيب الكمال 18/152، تهذيب التهذيب 2/587، التقريب 4104 .
* عبد الله بن الفضل الهاشمي المدني ، روى عن : أنس بن مالك ، ونافع بن جبير ، والأعرج وغيرهم . وعنه : مالك ، وعبيد الله بن عمر ، وعبد العزيز الماجشون وغيرهم.
وثقه ابن معين ، وابن المديني ، وأبو حاتم ، والنسائي وغيرهم . وقال أحمد : لا بأس به .
قال ابن حجر : [ ثقة ] .
الجرح والتعديل 5/136 ، تهذيب الكمال 15/432 ، تهذيب التهذيب 2/403 ، التقريب 3533.
* الأعرج عبد الرحمن بن هرمز ، سبق في المسألة الثامنة ، وهو ثقة ثبت عالم .
* أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، سبق في المسألة الرابعة والعشرين ، وهو ثقة مكثر .
* أبو هريرة - رضي الله عنه - سبق ترجمته في المسألة الثانية .
* محمد بن إسماعيل بن البختري - بفتح الموحدة ، والمثناة ، بينهما خاء معجمة ساكنة - الحساني ، أبو عبد الله الواسطي ، ثم البغدادي ، الضرير ، مات سنة 258 ، روى عن: عبد الله بن نمير ، وأبي أسامة ، ويزيد بن هارون وغيرهم ، وعنه : الترمذي، وابن ماجه ، وأبو حاتم وغيرهم .
قال أبو حاتم : صدوق . وكذا قال أحمد بن سنان ، وزاد : لا بأس به . ووثقه الدارقطني . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال الباغندي : كان خيراً مرضياً صدوقاً .
قال في التقريب : [ صدوق ] .
الجرح والتعديل 7/190 ، ثقات ابن حبان 9/118، تاريخ بغداد 2/36، تهذيب الكمال 24/471، تهذيب التهذيب 3/512 ، التقريب 5729 .
* أبو سلمة موسى بن إسماعيل التبوذكي ، سبق في المسألة الثانية والعشرين ، وهو ثقة ثبت .
التخريج :
لم أقف عليه من حديث يزيد بن هارون .
- وأخرجه النسائي في المجتبى 5/161 ، وفي الكبرى 2/354 ح3733 - ومن طريقه ابن حزم في المحلى 7/94 ، وفي حجة الوداع ص142 ح36 - من طريق حميد بن عبد الرحمن ،(1/2)
وابن ماجه 2/974 ح2920 ، وأحمد 2/476 ح10171 ، وابن أبي شيبة 3/204 ح13468 وابن خزيمة 4/172 ح2623، وابن حبان 9/109 ح3800، وابن حزم في حجة الوداع ص143 ح37 من طرقٍ عن وكيع الجراح ،
وأحمد 2/341 ح8497 ، عن أبي سعيد مولى بني هاشم ،
وأحمد 2/352 ح8629 ، عن حجين بن المثنى أبي عمر ،
والشافعي في الأم 2/231 ، وفي المسند ( 1/304 ح791 بترتيب السندي ) - ومن طريقه البيهقي في المعرفة 4/4 ح2812 - ،
والطيالسي 4/132 ح2499 ،
وابن خزيمة 4/172 ح2624 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/125 ح3558، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات الورقة 20 ، والدارقطني 2/225 ، والحاكم 1/449 ، والبيهقي 5/45 من طريق عبد الله بن وهب ،
والطحاوي في شرح المعاني 2/125 ح3559 من طريق أبي عامر العقدي ،
وأبو نعيم في الحلية 9/42 ، من طريق ابن مهدي ،
والخطيب في التاريخ 10/436 ، من طريق سريج بن النعمان ،
عشرتهم ( حميد، ووكيع ، وأبو سعيد، وحجين ، والشافعي، والطيالسي ، وابن وهب ، وأبو عامر ، وابن مهدي ، وسريج ) عن عبد العزيز الماجشون به بنحوه ، ولم يذكر أحد منهم أبا سلمة بن عبد الرحمن .
- وأخرجه الطبراني في الأوسط 6/226 ح6255، من طريق خالد بن يزيد العمري، عن سعيد بن مسلم بن بانك، عن الأعرج، عن أبي هريرة به بنحوه .
- وأخرجه العقيلي 4/260 - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق 61/260 - عن عبد الله بن الحسن الحراني ، عن مؤمل بن الفضل ،
والطبراني في الأوسط 4/329 ح4344 ، عن عبد الله بن الحسن الحراني ، عن مروان بن عبيد ،
والدارقطي في الغرائب والأفراد ( الأطراف 5/232 ح5254)، من طريق مروان بن عبيد،
كلاهما ( مؤمل ، ومروان ) عن بشر بن السري ، عن زكريا بن إسحاق ، عن عمرو ابن دينار ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة به بنحوه .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم الاختلاف على عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون في هذا الحديث على وجهين ، وهما :(1/3)
الوجه الأول : عن عبد العزيز الماجشون ، عن عبد الله بن الفضل ، عن الأعرج ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة قال : كان من تلبية النبي - صلى الله عليه وسلم - ... وقد تفرد بهذا الوجه يزيد بن هارون كما هو ظاهر كلام أبي حاتم ، ولم أقف على أحدٍ تابعه .
الوجه الثاني : عن عبد العزيز الماجشون ، عن عبد الله بن الفضل ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال ... - دون ذكر أبي سلمة بن عبد الرحمن - وهذه رواية الجماعة عن الماجشون ، وهم: أبو سلمة التبوذكي ، وحميد بن عبد الرحمن ، وأبو سعيد مولى بني هاشم ، ووكيع بن الجراح ، وحجين بن المثنى ، والإمام الشافعي ، وأبو داود الطيالسي، وعبد الله بن وهب، وأبو عامر العقدي، وعبد الرحمن بن مهدي ، وسريج بن النعمان . كما رُوي هذا الوجه عن سعيد بن مسلم بن بانك ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة .
وعند النظر في الوجهين يتبين أن الوجه الثاني أرجح ، فهو رواية الجماعة ، غير أن أبا حاتم لم يجزم بترجيحه ، لما ذكر أن يزيد بن هارون ثقة ، ولعله - أيضاً - لأن يزيد بن هارون قد زاد في الإسناد رجلاً بين الأعرج وأبي هريرة ، والأعرج قد سمع من أبي هريرة ، والأكثر أن مثل هذا يكون الحكم فيه للزائد ، إذ إنه يدل على أنه قد أتقن ، فمن أين كان يأتي بذلك ، إلا أن ذلك لا يقوى على دفع رواية الجماعة ، فهم جمع ، وفيهم ثقات أثبات .(1/4)
ولا يلزم من ترجيح رواية الجماعة أن يكون الحمل في الوجه الأول على يزيد بن هارون، فقد يكون ممن دونه، فإني لم أقف على من تابع محمد بن إسماعيل بن البختري، في رواية ذلك عن يزيد بن هارون ، ومحمد بن إسماعيل صدوق - كما سبق - وقد وقع له وهم في حديث أخرجه الترمذي ( انظر الميزان 3/481 ) ، وقد أشار أبو حاتم إلى احتمال غلطه بقوله : ويزيد ثقة ، يعني إن كان هناك خطأ فليس من يزيد ، ومع ذلك فإن يزيد ابن هارون قد عيب عليه في آخر أمره ، بعدما عمي، أنه ربما كانت جاريته تحفظه الحديث الذي لا يعرفه من كتابه ، كما ذكر ذلك ابن أبي خيثمة، عن أبيه ( تهذيب التهذيب 4/433).
هذا ما يتعلق بما ذكره أبو حاتم من الاختلاف على عبد العزيز الماجشون في هذا الحديث ، إلا أن الحديث معلول من وجه آخر ، فقد قال النسائي بعد تخريجه : لا أعلم أحداً أسند هذا الحديث عن عبد الله بن الفضل إلا عبد العزيز ، رواه إسماعيل بن أمية عنه مرسلاً اهـ . هكذا عبارة النسائي في المجتبى ، وهكذا نقلها المزي في تحفة الأشراف 10/211، وابن حجر في إتحاف المهرة 12/220 ، وعقبها بقوله : قلت : فهذه علته .
ووقعت عبارة النسائي في الكبرى كالتالي: قال أبو عبد الرحمن : لا أعلم أحداً أسند هذا الحديث غير عبد الله بن الفضل، وعبد الله بن الفضل ثقة ، خالفه إسماعيل بن أمية . وهكذا نقلها ابن حزم في المحلى ، وفي حجة الوداع ، إلا أنه لم يذكر مخالفة إسماعيل بن أمية . وابن حزم يروي سنن النسائي الكبرى من طريق محمد بن معاوية .
فهذا اختلاف بين كتابي النسائي ، المجتبى والكبرى ، حيث دلت عبارة النسائي في المجتبى على أن إسماعيل بن أمية يروي هذا الحديث عن عبد الله بن الفضل ، وأنه خالف عبد العزيز الماجشون ، أما عبارته في الكبرى فتدل على أنه خالف عبد الله بن الفضل ، أي أن إسماعيل يروي هذا الحديث عن الأعرج .(1/5)
ولم أقف على رواية هذا الحديث عن إسماعيل بن أمية، كما أني لم أقف على من نص على أن إسماعيل يروي عن عبد الله بن الفضل ، أو عن الأعرج ، وروايته عن كل منهما محتملة من حيث الطبقة ، وهذا يجعل الجزم بأحد الاحتمالين عسيراً ، وإن كان الاحتمال الأول - وهو أن إسماعيل بن أمية يرويه عن عبد الله بن الفضل - أقوى ، لأن هذا الحديث معروف بعبد الله بن الفضل ، وهذا يوافق ما في المجتبى للنسائي ، والله أعلم .
وسواء قدم هذا الاحتمال أو ذاك، فإنه يدل على أن النسائي أراد تعليل الوجه الموصول - وهو رواية الماجشون، عن عبد الله بن الفضل، عن الأعرج، عن أبي هريرة - بالوجه المرسل، وهو رواية إسماعيل بن أمية ، وهو ثقة ثبت ، قدمه الإمام أحمد على أيوب بن موسى ( تهذيب التهذيب 1/144 ، التقريب 425 ) ، فكأن روايته أرجح من الوجه الموصول ، ولذا قال ابن حجر : فهذه علته ، يعني علة الحديث المؤثرة ، فكأن في عبارة الحافظ ابن حجر ما يدل على أن الاختلاف على الماجشون في ذكر أبي سلمة بن عبد الرحمن وعدمه ليس علة مؤثرة ، وإنما العلة المؤثرة هي الاختلاف في وصل الحديث وإرساله ، ولعله لهذه العلة أعرض عنه البخاري ومسلم ، فلم يخرجاه في الصحيح ، مع سلامة إسناده في الظاهر .
ولا يعترض على ترجيح الوجه المرسل برواية سعيد بن مسلم بن بانك ، عن الأعرج، عن أبي هريرة . ذلك أنها رواية ساقطة ، حيث تفرد بها خالد بن يزيد العمري ، عن سعيد بن مسلم ، كما ذكر ذلك الطبراني بعد سياقه ، وخالد بن يزيد قال فيه ابن معين : كذاب . وقال أبو حاتم : كان كذاباً ، أتيته بمكة ، ولم أكتب عنه ، وكان ذاهب الحديث، وكتب عنه أبو زرعة وترك الرواية عنه . وقال ابن حبان : منكر الحديث جداً ، أكثر من كتب عنه أصحاب الرأي ، لا يشتغل بذكره، لأنه يروي الموضوعات عن الأثبات. ( الجرح والتعديل 3/360 ، المجروحين 1/280 ، الميزان 1/646 ) فمثل هذا المتابعة لا تغني شيئاً .(1/6)
ولكن يبقى النظر في طريق عطاء بن يسارٍ ، عن أبي هريرة وهو حديث يرويه عبد الله ابن الحسن الحراني ، واختلف فيه عليه فرُوي عنه على وجهين ، هما :
الوجه الأول : عن عبد الله بن الحسن ، عن مؤمل بن الفضل ، عن بشر بن السري ، عن زكريا بن إسحاق ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة . وهذه رواية العقيلي عن عبد الله بن الحسن ، وقد ساق العقيلي هذا الحديث في ترجمة مؤمل بن الفضل ، وقال : لا يتابع على حديثه بهذا الإسناد ، هذا يعرف بالماجشون ، عن عبد الله ابن الفضل ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة .
الوجه الثاني : عن عبد الله بن الحسن الحراني، عن مروان بن عبيد ، عن بشر بن السري ، عن زكريا بن إسحاق ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة . وهذه رواية الطبراني ، وقال الطبراني بعد سياقه : لم يرو هذا الحديث عن عمرو ابن دينار إلا زكريا بن إسحاق ، ولا عن زكريا إلا بشر بن السري ، تفرد به مروان بن عبيد .
وكذا أخرج هذا الوجه الدارقطني في الغرائب والأفراد ، إلا أنه لم يذكر ابن طاهر في الأطراف من رواه عن مروان بن عبيد ، فيحتمل أن يكون عبد الله بن الحسن الحراني ، ويحتمل أن يكون غيره . وقال الدارقطني : تفرد به مروان بن عبيد ، عن بشر بن السري، عن زكريا بن إسحاق ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء .
والاختلاف في هذا الحديث على عبد الله بن الحسن الحراني اختلاف غريب ، فإنه يبعد جداً أن يكون عبد الله بن الحسن يرويه عن مؤمل بن الفضل ، ومروان بن عبيد جميعاً ، وعبارة العقيلي صريحة في أن المؤمل لم يتابع على هذا فهو متفرد به، كما أن عبارة الطبراني والدارقطني - أيضاً - صريحة بتفرد مروان بن عبيد بهذا الإسناد ، وهذا يدل على خطأ وقع في هذا الإسناد ، فإما أن يكون الخطأ من عبد الله بن الحسن الحراني ، أو ممن دونه في أحد الطريقين ، وعلى كل حال فهذا الإسناد غير ثابت ، ولا يمكن التعويل عليه ، والله أعلم .(1/7)
27/813- سألت أبي عن حديث رواه حماد بن سلمة ، عن سهيل، عن أبيه ، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" العمرة تكفر ما بينهما... الحديث " قال : رواه الثوري ، وشعبة ، وعبيد الله ، عن سهيل ، عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (1).
دراسة الرواة :
* حماد بن سلمة البصري ، سبق في المسألة الثانية والعشرين ، وهو ثقة في نفسه، بل إمام عالم جليل، ولكن له أخطاء ، وهو أثبت الناس في ثابت ، وحميد الطويل .
* سهيل بن أبي صالح - ذكوان - السمان ، أبو يزيد المدني ، مات سنة 138 ، أو نحوها، روى عن : أبيه ، وابن المسيب ، وسمي وغيرهم ، وعنه : الأعمش ، ومالك، وشعبة ، وعبيد الله ، والثوري وغيرهم ، روى له الجماعة ، غير أن البخاري إنما روى له مقروناً وتعليقاً .
قال ابن عيينة : كنا نعد سهيلاً ثبتاً في الحديث . وقال أحمد : ما أصلح حديثه . وقال ابن سعد : كان سهيل ثقة كثير الحديث . ووثقه العجلي ، وابن معين - في رواية - .
وقال ابن معين - في رواية - : هو صويلح ، وفيه لين . وقال - أيضاً - : سهيل بن أبي صالح ، والعلاء بن عبد الرحمن حديثهما قريب من السواء ، وليس حديثهما بحجة . وقال - أيضاً - : لم يزل أهل الحديث يتقون حديثه . وقال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به ، وهو أحب إليّ من العلاء . وذكره ابن حبان في الثقات، وقال : يخطئ .
قال ابن عدي : له نسخ ، روى عنه الأئمة ، وحدث عن أبيه ، وعن جماعة ، عن أبيه ، وهذا يدل على ثقة الرجل ... ويدلك على تمييز الرجل كونه ميَّز ما سمع من أبيه، وما سمع من غير أبيه عنه، وسهيل عندي مقبول الأخبار ، ثبت ، لا بأس به .
وقال الذهبي في الميزان: أحد العلماء الثقات، وغيره أقوى منه . وقال في المغني: ثقة ، تغير حفظه .
وقال ابن حجر : [ صدوق ، تغير حفظه بأخرة ] .
__________
(1) سبقت هذه المسألة من طريق آخر برقم 25/811 ، وستأتي برقم 32/818 .(1/1)
وما ذكر من تغير حفظه قيل سببه أنه مات له أخ ، فوجد عليه ، فنسي كثيراً من الحديث، ذكر ذلك ابن سعد ، وابن المديني ، والبخاري ، وقيل أنه كانت أصابته علة أذهبت بعض عقله ونسي بعض حديثه ، ذكر ذلك أبو داود عن عبد العزيز الدراوردي ، في قصة حديث حدث به سهيل ، ثم نسيه بعد ذلك .
سنن أبي داود 4/224 ، طبقات ابن سعد ( القسم المتمم لتابعي أهل المدينة ) ص345، تاريخ الدوري 2/243 ، ثقات العجلي ص210 ، ضعفاء العقيلي 2/155 ، الجرح 4/246 ، ثقات ابن حبان 6/417 ، الكامل 3/447 ، تهذيب الكمال 12/223 ، الميزان 2/243، المغني 1/455 ، تهذيب التهذيب 2/128 ، التقريب 2675 ، الكواكب النيرات ص241 .
* أبو صالح السمان ، سبق في المسألة الخامسة والعشرين ، وهو ثقة ثبت .
* أبو هريرة - رضي الله عنه - ، سبقت ترجمته في المسألة الثانية .
* الثوري ، سفيان بن سعيد ، سبق في المسألة الحادية عشرة ، وهو ثقة ، حافظ ، فقيه ، عابد ، إمام ، حجة ، وكان ربما دلس.
* شعبة بن الحجاج ، سبق في المسألة الرابعة عشرة ، وهو ثقة، حافظ ، متقن، كان الثوري يقول : هو أمير المؤمنين في الحديث ، وهو أول من فتش بالعراق عن الرجال ، وذب عن السنة ، وكان عابداً .
* عبيد الله بن عمر العمري ، سبق في المسألة الحادية عشرة ، وهو ثقة ثبت .
* سمي ، أبو عبد الله المدني ، سبق في المسألة الخامسة والعشرين ، وهو ثقة .
التخريج :
- أخرجه الدارقطني في العلل 10/174 - معلقاً - عن حماد بن سلمة به .
- وأخرجه النسائي في المجتبى 5/112 ، وفي الكبرى 2/320 ح3602 ، وأبو عوانة ( إتحاف المهرة 14/534 ح18167 ) ، من طريق حجاج بن منهال ،
وأبو داود الطيالسي 4/172 ح2545 ،
وأبو عوانة ( إتحاف المهرة ) وتمام في فوائده 2/186 ح1485 ، من طريق وهب بن جرير ،
وابن حبان 9/8 ح3695، وابن عدي 3/449، من طريق حفص بن عمر الحوضي،
وابن عبد البر في التمهيد 22/38 ، من طريق جعفر بن عمر ،(1/2)
خمستهم ( حجاج ، وأبو داود ، ووهب ، وحفص ، وجعفر ) عن شعبة ، عن سهيل ، عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولفظه : " الحجة المبرورة ليس لها جزاء إلا الجنة ، والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما " .
- وأخرجه الطبراني في الأوسط 4/149 ح3841 ، من طريق سليمان بن بلال ، عن عبيد الله بن عمر، عن سهيل ، عن سمي به بنحو الرواية السابقة ، وقد سبق ذكر هذا الطريق في المسألة رقم 25/811 .
- وأخرجه الدارقطني في العلل 10/176 ، من طريق القاسم بن الحكم العرني ، عن الثوري ، عن سهيل ، عن أبيه به بنحو الرواية السابقة ، ولم يذكر سمياً .
- وأخرجه مسلم 4/107 ح1349 ، وأبو الحسن الحربي في فوائده ص137 ح2 - ومن طريقه ابن البخاري في مشيخته 2/1470 ح864 - والخطيب في تاريخ بغداد 9/61-62 ، وابن عبد البر في التمهيد 22/38 ، من طريق عبد العزيز بن المختار ،
والنسائي في المجتبى 5/112، وفي الكبرى 2/320 ح3601 ، من طريق زهير بن معاوية ،
وابن شاهين في الخامس من الأفراد ص213 ح18 ، والدارقطني في الغرائب والأفراد ( الأطراف 5/342 ح5684 ) ، من طريق يحيى بن أيوب ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ،
والدارقطني في العلل 10/174، 175 - معلقاً - عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي ، وعبيد الله بن تمام ، وسفيان بن عيينة ،(1/3)
ستتهم ( عبد العزيز ، ويحيى ، وعبد الرحمن، وسعيد، وعبيد الله ، وسفيان ) عن سهيل به بنحو الرواية السابقة ، وقد ذكر سمياً في الإسناد في رواية عبد العزيز بن المختار، وزهير بن معاوية(1)، وسفيان بن عيينة ، وقد قال في روايته : حدثني سهيل أولاً ، عن سمي ، فسألت سمياً ، فحدثني به اهـ . ولم يذكر سمياً في رواية عبد الرحمن بن عبد الله ابن دينار ، وسعيد الجمحي ، وعبيد الله بن تمام .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم أن حديث حماد بن سلمة، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" العمرة تكفر ما بينهما ... الحديث " خولف فيه حماد بن سلمة، فقد رواه الثوري ، وشعبة ، وعبيد الله ،عن سهيل ، عن سمي ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ووجه المخالفة أنهم أدخلوا سمياً بين سهيل وأبيه ، وكأن أبا حاتم يشير إلى أن هذا هو المحفوظ - يعني بذكر سمي فيه - .
وقد تبين من التخريج السابق ذكر جماعة رووه عن سهيل ، على الوجهين ، غير الذين ذكرهم أبو حاتم ، وبيان ذلك كالتالي :
الوجه الأول : عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد روى هذا الوجه عن سهيل : حماد بن سلمة، وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي ، وعبيد الله بن تمام ، وسفيان الثوري - فيما رواه عنه القاسم بن الحكم العرني - .
الوجه الثاني : عن سهيل ، عن سمي ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد رواه عن سهيل : الثوري - فيما ذكر أبو حاتم عنه - وشعبة ، وعبيد الله ، وعبد العزيز بن المختار ، وزهير بن معاوية ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وابن عيينة .
__________
(1) ذكر المزي في تحفة الأشراف 9/386 ، أنه في رواية ابن حيويه : " عن زهير ، عن سمي " ولم يذكر سهيلاً .(1/4)
وقبل الموازنة بين هذين الوجهين يحسن تحرير القول فيمن وجد عليه اختلاف ممن روى هذا الحديث عن سهيل ، وهم كالتالي :
أولاً : سفيان الثوري : والاختلاف عليه على ثلاثة أوجه :
الوجه الأول : عن سفيان، عن سهيل، عن سمي ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا وجه ذكره أبو حاتم هنا ، ولم أقف على من رواه عن الثوري - كما سبق في التخريج -.
الوجه الثاني : عن سفيان ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسقاط سمي ، وهذه رواية القاسم بن الحكم العرني .
الوجه الثالث : عن سفيان ، عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا وجه ليس فيه ذكر سهيل ، وقد سبق تخريجه في المسألة رقم 25/811 ، وهو رواية الجماعة من أصحاب سفيان ، وهم : أبو نعيم ، ووكيع ، وابن مهدي ، وعبد الرزاق ، وعبيد الله بن موسى ، وأبو عاصم ، والفريابي ، ويحيى بن يمان ، ويحيى ابن سعيد .
ولا شك أن هذا الوجه الأخير هو أثبت الأوجه عن سفيان ، فهو رواية أصحابه الذين عليهم الاعتماد في معرفة حديثه ، إلا أن هذا لا يمنع أن يكون الوجه الأول محفوظاً عن سفيان - أيضاً - فيكون سفيان أخذه عن سهيل أولاً ، ثم لقي سمياً فحدثه به ، فلم تكن به حاجة أن يحدث به عن سهيل ، بعدما سمعه من سمي ، كما هو الحال في سفيان بن عيينة ، خاصة أن أبا حاتم قد جزم بنسبة هذا الوجه إلى سفيان الثوري ، والله أعلم .(1/5)
أما الوجه الثاني فهو وجه غير محفوظ عن سفيان ، فقد تفرد به القاسم بن الحكم العرني ، وهو وإن كان وثقه جماعة من الأئمة كأحمد ، ويحيى ، والنسائي وغيرهم ، إلا أنه تكلم فيه ، فقد قال أبو حاتم : محله الصدق ، يكتب حديثه ، ولا يحتج به. وقال العقيلي : في حديثه مناكير ، لا يتابع على كثير من حديثه . ولذا قال في التقريب : صدوق فيه لين . ( تهذيب التهذيب 3/409 ، التقريب 5455 ) فمثله لا يقبل تفرده عن سفيان ، فكيف وقد خالف أصحاب سفيان ، ثم إن هذا الحديث معروف عن سمي - كما سيأتي - .
ثانياً : عبيد الله بن عمر العمري ، وقد روي عنه على وجهين :
الوجه الأول : عن عبيد الله ، عن سهيل ، عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذه رواية سليمان بن بلال ، وهو الذي ذكره أبو حاتم في هذا الموضع .
الوجه الثاني : عن عبيد الله ، عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسقاط سهيل ، وقد سبق تخريج هذا الوجه عن عبيد الله ، في المسألة رقم 25/811 ، وهو رواية الجماعة عن عبيد الله ، وهم: عبد الله بن نمير، وأبو داود الطيالسي ، وعبد الرزاق ، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند ، وأيوب ، وشجاع بن الوليد ، وعلي بن مسهر، وعبد الله بن المبارك، وسليمان بن بلال ، وعبدة بن سليمان ، وإسماعيل بن زكريا ، وحماد بن زيد ، ويحيى بن سعيد .
وظاهر جداً أن الوجه الثاني أثبت من الوجه الأول، إلا أنه لا يمنع أن يقال في عبيد الله كما قيل في سفيان ، فهو سمعه من سهيل أولاً ، ثم لقي سمياً فسمعه منه ، ويدل لذلك صنيع أبي حاتم، فقد ذكر حديث عبيد الله عن سمي، في المسألة السابقة برقم 25/811، ثم ذكر هنا حديث عبيد الله ، عن سهيل ، عن سمي .
وقد بقي في الاختلاف على عبيد الله وجه ثالث ، لكنه متعلق في الاختلاف على أيوب ، وسيأتي في موضعه في المسألة رقم 32/818 .(1/6)
وبعد هذا يتبين أن رواة الوجه الأول عن سهيل بن أبي صالح - وهو بإسقاط سمي - هم : حماد بن سلمة ، وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي .
ورواة الوجه الثاني عن سهيل - وهو بذكر سمي - هم : سفيان الثوري ، وشعبة ، وعبيد الله بن عمر ، وعبد العزيز بن المختار ، وزهير بن معاوية ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وسفيان بن عيينة .
وظاهر كلام أبي حاتم ترجيح الوجه الثاني - بذكر سمي-، وهو الذي نص عليه الدارقطني في العلل ، فإنه قال بعد ذكر الاختلاف على سهيل : والصحيح قول من قال: عن سهيل ، عن سمي ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة اهـ . ومن هذا الوجه صححه مسلم، وابن حبان .
ويؤيد ما ذهب إليه هؤلاء الأئمة من ترجيح وتصحيح الوجه الثاني ما يلي :(1/7)
1- أن رواة الوجه الثاني عن سهيل بن أبي صالح ، أثبت من رواة الوجه الأول ، فرواة الوجه الثاني أئمة أثبات : شعبة ، والثوري ، وعبيد الله ، وزهير ، وابن عيينة ... الخ . أما رواة الوجه الأول فليسوا كذلك ، فأجلهم حماد بن سلمة ، وهو مع جلالته ، قد عرف عنه الخطأ - كما سبق في ترجمته - وأما عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، فقد قال ابن معين : في حديثه عندي ضعف ، وقد حدث عنه يحيى القطان ، وحسبه أن يحدث عنه يحيى . وقال أبو حاتم : فيه لين ، يكتب حديثه ولا يحتج به . وقال ابن عدي : وبعض ما يرويه منكر لا يتابع عليه ، وهو في جملة من يكتب حديثه من الضعفاء . وقال ابن المديني : صدوق . وفيه كلام آخر ، قال ابن حجر : صدوق يخطئ ، وقال في الفتح: تكلم فيه بعضهم ، لكنه صدوق ( تهذيب التهذيب 2/521 ، التقريب 3913، الفتح 1/333 )، وأما سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، فهو صدوق له أوهام - كما قال ابن حجر - ( التقريب 3250 ) وعبيد الله بن تمام ، قال البخاري : عنده عجائب . وقال أبو حاتم : ليس بالقوي، ضعيف الحديث، روى أحاديث منكرة . وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث، وأمر أن يضرب على حديثه . وقال الدارقطني : أحاديثه مقلوبة . ( التاريخ الكبير 5/375 ، الجرح والتعديل 5/309 ، الضعفاء والمتروكون ص269 ) .
وبهذا يعلم أن مثل هؤلاء لا يمكن أن تقارن روايتهم برواية شعبة ومن معه .(1/8)
2- ويؤيد ترجيح الوجه الثاني أن هذا الحديث معروف عن سمي ، فقد رواه عنه جلة الناس ، كمالك ، والثوري ، وعبيد الله بن عمر ، وابن عيينة ، وغيرهم - كما سبق في المسألة رقم 25/811 - ولا يثبت من غير طريق سمي ، ولذا قال ابن عبد البر : هذا حديث انفرد به سمي ، وليس يرويه غيره ، احتاج الناس إليه فيه ( التمهيد 22/38 ) وقال الترمذي : والمشهور عند الناس : عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، رواه سهيل ، والثوري ، ومالك ، وغير واحد عن سمي، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ( العلل الكبير ص137 ح237 ) .
3- ويؤيده - أيضاً - أن من ذكر سمياً في هذا الحديث فهو زائد ، ومن أسقطه فهو ناقص ، والزائد مقدم على الناقص في مثل هذا ، خاصة أن الزائد أثبت من الناقص ، ثم إن الناقص لزم جادة معهود : سهيل ، عن أبيه ... والزائد خالف هذا الجادة مما يدل على إتقانه .
فهذه جملة أمور تدل على ترجيح الوجه الثاني - بذكر سمي - وبه يعود حديث سهيل إلى حديث سمي ، وهو حديث ثابت من حديث سمي - كما سبق - والله أعلم .
وانظر المسألة الآتية برقم 32/818 .(1/9)
28/814- سألت أبي عن حديثٍ رواه عمر بن إبراهيم ، عن قتادة ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال(1): " الحجر الأسود من حجارة الجنة " قال أبي : أخطأ عمر بن إبراهيم ، ورواه شعبة ، وعمرو بن الحارث المصري ، عن قتادة ، عن أنس موقوف .
دراسة الرواة :
* عمر بن إبراهيم العبدي ، أبو حفص البصري ، صاحب الهروي، روى عن : قتادة ، ومطر الوراق ، وعنه : ابنه الخليل ، وعباد بن العوام ، وعبد الصمد بن عبد الوارث ، وشاذ بن فياض، أخرج له أبو داود في القدر، والترمذي، وابن ماجه .
قال حرب : قلت لأحمد : تعرفه ؟ قال : نعم ، ثقة ، لا أعلم إلا خيراً . ووثقه ابن معين ، وقال مرَّة : صالح . وقال عبد الصمد : حدثنا عمر بن إبراهيم ، وكان ثقة ، وفوق الثقة . وقال البخاري : صدوق .
وقال أحمد يروي عن قتادة أحاديث مناكير ويخالف ، وقد روى عباد بن العوام عنه حديثاً منكراً ، وسأله ابنه عبد الله عنه فقال : روى عن قتادة ، وهو بصري ، فقلت له : هو ضعيف ؟ فقال : هاه ، له مناكير ، كان عبد الصمد يحدث عنه . وقال العقيلي : له غير حديثٍ عن قتادة مناكير ، لا يتابع منها على شيء . وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : يخطئ ويخالف . وذكره في المجروحين ، وقال : كان ممن يتفرد عن قتادة بما لا يشبه حديثه ، فلا يعجبني الاحتجاج به إذا انفرد ، فأما فيما وافق الثقات فإن اعتبر به معتبر لم أر بذلك بأساً . وقال ابن عدي : يروي عن قتادة أشياء لا يوافق عليها ، ثم قال : وحديثه عن قتادة خاصة مضطرب ، وهو مع ضعفه يكتب حديثه .
وقال أبو حاتم : يكتب حديثه ، ولا يحتج به . وقال الدارقطني : لين ، يترك .
لخص الذهبي حاله بقوله : صدوق ، حسن الحديث ، له غلط يسير .
ولخص الحافظ ابن حجر حاله بقوله : [ صدوق ، في حديثه عن قتادة ضعف ] وهو كما قال ، ولكن الأولى أن يقال : حديثه عن قتادة ضعيف .
__________
(1) في ( ت ، م ، ط ) :" فقال " والصواب بحذف الفاء .(1/1)
تاريخ الدارمي ص50 ، العلل الكبير للترمذي ص187 ، ضعفاء العقيلي 3/147 ، الجرح والتعديل 6/98، ثقات ابن حبان 8/446 ، المجروحين 2/89، الكامل 5/42 ، سؤالات البرقاني رقم 349، تهذيب الكمال 21/269 ، الميزان 3/178 ، تهذيب التهذيب 3/214 ، التقريب 4863 .
* قتادة بن دعامة البصري ، سبق في المسألة الخامسة ، وهو ثقة ثبت ، ولكنه يدلس .
* أنس بن مالك - رضي الله عنه - سبقت ترجمته في المسألة الخامسة .
* شعبة بن الحجاج ، سبق في المسألة الرابعة ، وهو ثقة حافظ متقن .
* عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري ، مولاهم ، أبو أمية المدني ، ثم المصري ، ( 92-148)، روى عن : يحيى بن سعيد الأنصاري، والزهري ، وقتادة، وعبد الرحمن ابن القاسم وغيرهم. وعنه : عبد الله بن وهب المصري، وهو روايته، ورشدين بن سعد، وبكر بن مضر وغيرهم ، حتى روى عنه بعض شيوخه وأقرانه .
متفق على توثيقه وحفظه وإتقانه ، قال ابن وهب : سمعت من ثلاثمائة وسبعين شيخاً، فما رأيت أحداً أحفظ من عمرو بن الحارث . وقال أبو حاتم : كان أحفظ أهل زمانه ، ولم يكن له نظير في الحفظ.
قال ابن حجر : [ ثقة فقيه حافظ ] . وهو كما قال ، غير أنه يلاحظ أن في حديثه عن قتادة شيئاً ، فقد قال أحمد : يروي عن قتادة أشياء يضطرب فيها ، ويخطئ . وقد كان أحمد أولاً يجعله قريباً من الليث ، ثم إنه رأى له مناكير ، ولعله يعني بها في روايته عن قتادة ، والله أعلم .
الجرح والتعديل 6/225،تهذيب الكمال 51/570، تهذيب التهذيب 3/261، التقريب 5004 .
التخريج :(1/2)
- أخرجه الفاكهي في أخبار مكة 1/84 ح7، وإبراهيم الحربي في المناسك - المنسوب له - ص493، والبزار ( كشف الأستار 2/23 ح1115) ، وأبو القاسم البغوي في حديث ابن الجعد ص148 ح941 ، والعقيلي في الضعفاء 3/147 ، والطبراني في الأوسط 5/164 ح4954 ، وابن عدي 5/42 ، ومحمد بن علي المعسلي في مشيخته ( كما في التدوين في تاريخ قزوين 4/208 ) ، وابن الغطريف في جزئه ص97 ح55 والشاموخي في أحاديثه ص42 ح22 ، والبيهقي 5/75 ، من طرق متعددة ، عن شاذ بن فياض ، عن عمر(1)بن إبراهيم به بنحوه .
- وأخرجه أحمد 3/277 ح13944 ، عن يحيى بن سعيد ،
وابن أبي شيبة 3/275 ح14148 ، عن أبي أسامة ،
وأبو القاسم البغوي في حديث ابن الجعد ص148 ح940 ، عن ابن الجعد ،
ثلاثتهم عن شعبة به بنحوه ، وهو موقوف .
- وأخرجه الفاكهي في أخبار مكة 1/84 ح8 ، عن هارون بن موسى ، عن ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث به بنحوه ، وهو موقوف - أيضاً - .
- وأخرجه ابن أبي شيبة 3/275 ح14147، عن عبدة بن سليمان ، عن سعيد بن أبي عروبة ،
والحاكم 1/456 ، من طريق داود بن الزبرقان ، عن أيوب السختياني ،
والبيهقي في شعب الإيمان 13/75 ح6992 ، من طريق الأشعث بن براز الهجيمي ،
ثلاثتهم ( سعيد ، وأيوب ، والأشعث ) عن قتادة ، قال في رواية أيوب : عن قتادة ، عن أنس مرفوعاً ، ولفظه : " الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة " وقال في رواية سعيد : عن قتادة قال : سئل كعب عن الحجر الأسود فقال : حجر من حجارة الجنة . وقال في رواية الأشعث : عن قتادة ، عن أبي شيخ الهنائي ، عن كعب الحبر ، فذكر مثل حديث سعيد ، وزاد : وسئل عن السلطان . فقال : ظل الله في الأرض ، فمن ناصحه فقد اهتدى ، ومن غشه فقد ضل .
__________
(1) وقع في التدوين : محمد بن إبراهيم ، بدل عمر بن إبراهيم . ولعله خطأ من الناسخ أو الطباعة .(1/3)
- وأخرجه ابن عدي 3/388، والخطيب في الموضح 2/132، من طريق يونس بن بكير ، عن سعيد بن ميسرة ، عن أنس بن مالك به مرفوعاً ، ولفظه : " كان الحجر من ياقوت الجنة ، فمسحه المشركون فاسود من مسحهم إياه " .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم الاختلاف في هذا الحديث على قتادة ، وقد تحصل من التخريج السابق أنه روي عن قتادة على أربعة أوجه ، وهي :
الوجه الأول : عن قتادة ، عن أنس مرفوعاً ، وهذه رواية عمر بن إبراهيم ، وأيوب السختياني .
الوجه الثاني : عن قتادة ، عن أنس موقوفاً، وهذه رواية شعبة، وعمرو بن الحارث المصري .
الوجه الثالث: عن قتادة، عن كعب الأحبار قوله، وهذه رواية سعيد بن أبي عروبة.
الوجه الرابع : عن قتادة ، عن أبي شيخ الهنائي ، عن كعب قوله ، وهذه رواية الأشعث الهجيمي .
وقد ذكر أبو حاتم أن الوجه الأول ، وهو رواية قتادة ، عن أنس مرفوعاً خطأ ، أخطأ فيه عمر بن إبراهيم ، وهو كما قال ، وقد نص على ذلك عدد من الأئمة . قال البزار : لا نعلمه إلا عن عمر، وهو ليس بالحافظ وإنما نكتب من حديثه مالا نحفظه عن غيره . وقال العقيلي : وهذا يروى عن أنس موقوفاً ، وله غير حديث عن قتادة مناكير ، لا يتابع منها على شيء . وقال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا عمر بن إبراهيم ، تفرد به شاذ . وقال ابن عدي : وهذا لا أعلم يرفعه عن قتادة غير عمر بن إبراهيم ، وقد أوقفه شعبة وغيره .(1/4)
فهذه النصوص صريحة في تفرد عمر بن إبراهيم بهذا الوجه عن قتادة ، وقد سبق بيان حاله ، وأن روايته عن قتادة ضعيفة ، كما نص على ذلك جمع من الأئمة، منهم أحمد، وابن حبان وغيرهما ، وأما المتابعة المروية عن أيوب ، فإنها متابعة ساقطة لا تنفع شيئاً ، تفرد بها داود بن الزبرقان ، وهو متروك ، كما قال أبو زرعة ، وأبو داود ، ويعقوب بن شيبة ، والأزدي وغيرهم . وقال ابن معين : ليس بشيء . وقال الجوزجاني : كذاب . ( انظر تهذيب التهذيب 1/563 ، التقريب 1785 ) ، ونصوص الأئمة السابقة ظاهرة في عدم الالتفات إلى هذه الرواية الساقطة .
وكذلك لا تنفع متابعة سعيد بن ميسرة لقتادة على هذا الوجه - عن أنس مرفوعاً - شيئاً ، فإن سعيد بن ميسرة منكر الحديث كما قال البخاري . وقال ابن حبان : يروي الموضوعات . وقال الحاكم : روى عن أنس موضوعات . وكذبه يحيى القطان . وقد ساق له ابن عدي هذا الحديث وغيره ، وقال : وعامة ما يرويه عن أنس أحاديث ينفرد هو بها عنه ... وهو مظلم الأمر . ( انظر : الكامل 3/388 ، والميزان 2/160 ) ، فمثل هذه المتابعة لا تغني شيئاً .
وقد حكم أبو حاتم في هذا الحديث لشعبة وعمرو بن الحارث - وهو الوجه الثاني ، عن قتادة ، عن أنس موقوفاً - ولكن أبا حاتم لم يذكر الوجهين الأخيرين، ومع ذلك فقد يقال بترجيح رواية شعبة ، وعمرو بن الحارث على جميع الأوجه في هذا الحديث ، لأن شعبة أحد الأثبات من أصحاب قتادة ، وقد قدمه بعض الأئمة على غيره في قتادة ، ( انظر شرح علل الترمذي 2/697) ، وقد تابعه عمرو بن الحارث ، وهو وإن استنكر عليه بعض حديثه عن قتادة ، إلا أن هذا الحديث ليس مما استنكر عليه . ثم هو حافظ ثقة - كما سبق في ترجمته - .
وقد يقال بترجيح رواية سعيد بن أبي عروبة - وهي الوجه الثالث : عن قتادة ، عن كعب - وذلك للأسباب التالية :(1/5)
1- أن سعيد بن أبي عروبة من الأثبات من أصحاب قتادة ، بل هو أثبت أصحاب قتادة في رأي جماعة من الأئمة النقاد . قال ابن معين : سعيد بن أبي عروبة أثبت الناس في قتادة . وقال ابن هانئ : سألت أبا عبد الله : قلت : أيهما أحب إليك في حديث قتادة ، سعيد بن أبي عروبة ، أو همام ، أو شعبة ، أو الدستوائي ؟ فسمعته يقول : قال عبد الرحمن بن مهدي : سعيد عندي في الصدق مثل قتادة ، وشعبة ثبت ، ثم همام ... ( انظر : سؤالات ابن الجنيد ص345 ، وشرح العلل 2/694 ) .
2- أن سعيد بن أبي عروبة روى هذا الحديث عن قتادة على خلاف الجادة المعهودة ، وهي : قتادة ، عن أنس ، فجعله سعيد : عن قتادة، عن كعب ، ومن خالف الجادة المعهودة فهو أولى بالحفظ ، فمن أين يأتي لسعيد ذكر كعب في هذا الحديث لولا أنه حفظه وضبطه ، وهذه قاعدة معروفة ، وقد سبق ذكرها مراراً .
3- أن معنى الحديث قد ورد عن كعب الأحبار ، من غير هذا الوجه ، فقد أخرج عبد الرزاق في مصنفه 5/38 ح8915 ، والفاكهي 1/92 ح28 من طريق ابن جريج قال : حدثني عطاء، عن عبد الله بن عمرو، وكعب الأحبار أنهما قالا: " لولا ما يمسح به ذو الأنجاس من الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا شفي ، وما من الجنة شيء في الأرض إلا هو " وسيأتي في المسألة رقم 112/899 ، وأخرج الأزرقي في أخبار مكة 1/329 ، من طريق سعيد بن سالم ، عن عثمان بن ساج ، عن أبان بن أبي عياش ، أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سأل كعباً عن الحجر ، فقال : " مروة من مرو الجنة " .(1/6)
فهذه جملة دلائل ترجح رواية سعيد بن أبي عروبة ، وهي مرجحات قوية - كما يظهر - ولكن يبقى أن قتادة لم يدرك كعب الأحبار ، فإن قتادة ولد سنة 60 أو نحوها ، وكعب مات قبل ذلك بكثير ، فقد مات سنة 34 وقيل 32 ، فهذا الأثر مما أرسله قتادة عن كعب ، ويحتمل أن يكون الواسطة بينهما هو أبو شيخ حيوان بن خالد الهنائي ، على ما جاء في رواية الأشعث بن براز الهجيمي ، عن قتادة ، عن أبي شيخ، عن كعب - وهو الوجه الرابع - ولولا ضعف الأشعث بن براز - فقد ضعفه ابن معين ، وأبو حاتم ، وأبو زرعة ، وقال البخاري : منكر الحديث . وقال النسائي : متروك . ( انظر: التاريخ الكبير 1/384 ، الجرح والتعديل 2/269 ، الميزان 1/262 ) - لكان هذا الاحتمال قوياً ، إلا أن ذلك لا يمنع ورود هذا الاحتمال، والله أعلم .
وعلى جميع الاحتمالات السابقة فإن هذا الحديث غير ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث أنس، وقد جاء معناه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه أخرى في أحاديث أخرى، وهي:
أولاً : حديث عبد الله بن عمرو " الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة ، وطمس الله - عز وجل - نورهما ، ولولا أن الله طمس نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب " وهو حديث معلول والمحفوظ أنه موقوف ، وسيأتي الكلام عليه مستوفى - بإذن الله ومشيئته - في المسألة رقم 112/899 .
ثانياً : حديث ابن عباس ، وله عنه طرق متعددة ، وأشهرها طريق سعيد بن جبير ،
- أخرجه الترمذي 2/215 ح877 ، وابن خزيمة 4/219 ح2733 ، والضياء في المختارة 10/260 ح274 ، من طريق جرير بن عبد الحميد ،(1/7)
والنسائي في المجتبى 5/226 ، وفي الكبرى 2/399 ح3916 ، وأحمد 1/307 ح2795 و1/329 ح3046، و1/373 ح3537 ، وابن السماك في التاسع من فوائده " جزء حنبل " ص81 ح34 ، والفاكهي في أخبار مكة 1/84 ح6 ، والطبراني في الكبير 11/453 ح12285 ، وابن عدي 2/263 ، والبيهقي في شعب الإيمان 7/585 ح3744 ، والخطيب في تاريخ بغداد 7/361 ، من طرقٍ عن حماد بن سلمة ،
وابن خزيمة 4/219 ح2733 من طريق زياد بن عبد الله ،
ثلاثتهم ( جرير، وحماد ، وزياد ) عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولفظه : " نزل الحجر الأسود من الجنة ، وهو أشد بياضاً من الثلج فسودته خطايا بني آدم " . ولفظ النسائي مختصر : " الحجر الأسود من الجنة " .
وهذا الإسناد فيه عطاء بن السائب ، وكان قد اختلط كما نص على ذلك جماعة من الأئمة ، منهم ابن عيينة ، وأحمد ، وابن معين ، والنسائي ، وأبو حاتم وغيرهم ، قال أحمد : من سمع منه قديماً فسماعه صحيح ، ومن سمع منه حديثاً لم يكن بشيء ، سمع منه قديماً سفيان ، وشعبة ، وسمع منه حديثاً جرير ، وخالد ، وإسماعيل ، وعلي بن عاصم ، وكان يرفع عن سعيد بن جبير أشياء لم يكن يرفعها اهـ . وقال ابن معين : اختلط وما سمع منه جرير وذووه ليس من صحيح حديثه ... الخ . وقال - أيضاً - : وجميع من سمع من عطاء سمع منه في الاختلاط إلا شعبة ، والثوري . وقال أبو حاتم : وقديم السماع من عطاء : سفيان ، وشعبة ، وفي حديث البصريين عنه تخاليط كثيرة ، لأنه قدم عليهم في آخر عمره ... الخ . ( تاريخ الدوري 2/403 ،الجرح والتعديل 6/332 ، تهذيب الكمال 20/86 ، شرح علل الترمذي 2/734 ، تهذيب التهذيب 3/103، الكواكب النيرات ص319 ).(1/8)
وقد روى هذا الحديث عن عطاء بن السائب ثلاثة ، وهم : حماد بن سلمة ، وجرير ابن عبد الحميد ، وزياد بن عبد الله النميري البصري ، فأما جرير ، وزياد فإنما سمعا من عطاء بعد الاختلاط - كما سبق - ومع ذلك فزياد ضعيف ، ( التقريب 2087 ) .
وأما حماد بن سلمة فقد اختلف الأئمة النقاد في وقت سماعه من عطاء بن السائب ، هل كان قبل الاختلاط أم بعده ؟ فلم يذكره أحمد ، والبخاري ، والنسائي ، وأبو حاتم وغيرهم فيمن سمع من عطاء قبل الاختلاط ، وذكره بعضهم فيمن سمع بعد الاختلاط، وذكر يعقوب بن سفيان أن سماعه قديم ، وذكر ابن الجارود أن حديثه عنه جيد ، وقال الدارقطني : دخل عطاء البصرة مرتين ، فسماع أيوب، وحماد بن سلمة في الرحلة الأولى صحيح ، واختلف النقل في هذا عن ابن معين فعنه أنه لم يسمع من عطاء قبل الاختلاط غير شعبة وسفيان - كما سبق - وقال - أيضاً - : كل شيء من حديث عطاء ابن السائب ضعيف إلا ما كان عن شعبة وسفيان . ونُقل عن ابن معين أن حماداً ممن سمع من عطاء قبل الاختلاط ، وذكره - أيضاً - فيمن حديثه عن عطاء مستقيم ، فالله أعلم .
قال ابن حجر : والظاهر أنه سمع منه مرتين : مرة مع أيوب ، كما يومئ إليه كلام الدارقطني ، ومرة بعد ذلك لما دخل إليهم البصرة ، وسمع منه مع جرير وذويه ، وهذا الذي ذكره ابن حجر نقله ابن المديني عن يحيى بن سعيد أن أبا عوانة ، وحماد بن سلمة سمعا منه قبل الاختلاط وبعده، وكانا لا يفصلان هذا من هذا ، ( انظر الضعفاء للعقيلي 3/398، والمصادر السابقة ) .
وإذا كان الأمر كذلك فيبقى حديث حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب غير ثابت ، على أن هذا الحديث قد جاء ما يدل على أن عطاء لم يتقنه، فإنه لم يتابع عليه متابعة مستقيمة ، يمكن الاحتجاج بها ، وإنما توبع من وجوه ضعيفة ، كما أنه قد خولف فيه ، ولولا خشية الإطالة لفصلت ذلك .(1/9)
ثم إن معنى هذا الحديث قد روي عن جماعة من أصحاب ابن عباس بألفاظ مختلفة ، وعامتها موقوفة على ابن عباس ، مما يدل على أن أصل هذا الحديث موقوف غير مرفوع .
كما روي في هذا المعنى عن جماعة من الصحابة ، ولا يثبت منها شيء مرفوع وبعضها موقوف ، ( انظر في ذلك: ومصنف عبد الرزاق 5/30-38 ، وأخبار مكة للأزرقي 1/322 و1/342 و2/29 ، أخبار مكة للفاكهي 1/83-93 و1/443-449 ، وابن أبي شيبة 3/274 ، ومسند إسحاق 1/282 ، ومستخرج الطوسي 4/112، والمعجم الكبير 11/55 و146 ، والأوسط 6/21 و229 ، وابن عدي 2/193 ، وطبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ 4/220 ، والسلسلة الصحيحة 6/233 وغيرها ) .
والذي يظهر لي أن هذا المعنى لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولعله مما حدث به كعب الأحبار وغيره من أهل الكتاب ثم أخذه عنهم بعض الصحابة والتابعين . والله أعلم .(1/10)
29/815- سألت أبي عن حديثٍ رواه حماد بن سلمة ، عن عوف ، عن زياد بن حصين ، عن أبي العالية ، أو أبي العلانية ، عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له : " ناولني حصيات ، فناولته حصى الخذف(1)، فجعل يحركهن في يده ، ويقول : بمثلهن ، بمثلهن(2)، وإياكم والغلواء(3)، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلواء (3) " . قال أبي : أبو العالية أصح . وسئل أبو زرعة ، فقال نحو ما قاله أبي ، وقال : وهم حماد في ذلك .
دراسة الرواة :
* حماد بن سلمة البصري ، سبق في المسألة الثانية والعشرين ، وهو ثقة ، وأثبت الناس في ثابت البناني ، ولكنه يغلط ، وقيل : تغير حفظه بأخرة .
* عوف بن أبي جميلة - بفتح الجيم - العبدي الهجري ، أبو سهل البصري ، المعروف بالأعرابي ، ولم يكن أعرابياً ، مات سنة 146 أو بعدها بقليل، روى عن : أبي رجاء العطاردي ، وأبي عثمان النهدي ، والحسن البصري ، وزياد بن الحصين وغيرهم ، وعنه : حماد بن سلمة ، والثوري ، وشعبة وغيرهم .
متفق على توثيقه ، قال أحمد : ثقة ، صالح الحديث . وقال النسائي : ثقة ثبت .
قال في التقريب : [ ثقة ، رمي بالقدر والتشيع ] .
العلل ومعرفة الرجال 1/411 ، تهذيب الكمال 22/437 ، تهذيب التهذيب 3/336 ، التقريب 5215 .
__________
(1) الخذف قيل هو الرمي بالحجارة ، وقيل هو رميك حصاة أو نواة تأخذها بين سبابتيك وترمي بها . وحصى الخذف حصى صغار . ( انظر المجموع المغيث 1/558 ، والنهاية 2/16 ) .
(2) في ( ت ، م ، ط ) لم يكرر هذه الكلمة .
(3) في ( س ) :" الغلو " وفي ( ح ، ض ) في المرة الأولى غير ممدودة ، وفي الثانية ممدودة . والغلواء ، والغلو بمعنى واحد ، وهو : مجاوزة القدر في كل شيء . والغلو في الدين هو التشدد فيه ومجاوزة الحد . ( انظر: المجموع المغيث 2/573 ، والنهاية 3/382).(1/1)
* زياد بن الحصين اليربوعي ، ويقال : الرِّياحي - بكسر الرَّاء - أبو جهمة البصري ، روى عن : أبيه حصين بن قيس ، وابن عباس ، وابن عمر ، وأبي العالية الرياحي وغيرهم ، وعنه : الأعمش ، وعاصم الأحول ، وعوف الأعرابي وغيرهم ، أخرج له مسلم ، والنسائي ، وابن ماجه .
قال العجلي : بصري ثقة . وذكره ابن حبان في الثقات .
قال في التقريب : [ ثقة يرسل ] .
ثقات العجلي ص167 ، ثقات ابن حبان 6/319 ، تهذيب الكمال 9/455 ، تهذيب التهذيب 1/645 ، التقريب 2069 .
* أبو العالية رفيع - بالتصغير - بن مهران الرِّياحي ، مولاهم ، البصري أدرك الجاهلية ، وأسلم بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - بسنتين ، ودخل على أبي بكر الصديق ، وصلى خلف عمر بن الخطاب ، ومات سنة 90، وقيل بعدها ، روى عن عمر، وأبي بن كعب، وعلي ، وابن مسعود ، وابن عباس وغيرهم . وعنه : خالد الحذاء ، ومحمد بن سيرين ، وزياد بن الحصين وغيرهم .
متفق على توثيقه وعلمه وفضله ، وثقه ابن معين ، وأبو زرعة وغيرهما، وقال أبو القاسم اللالكائي : ثقة مجمع على ثقته .
قال في التقريب : [ ثقة ، كثير الإرسال ] .
الجرح والتعديل 3/510 ، تهذيب الكمال 9/214 ، تهذيب التهذيب 1/610 ، التقريب 1953 .
* أبو العلانية ، صوابه : أبو العالية ، وقد سبق .
* عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة العاشرة .
التخريج :
- أخرجه الضياء في المختارة 10/31 ح23 ، من طريق سريج بن النعمان ، عن حماد بن سلمة ، ولم يذكر الشك في كنية أبي العالية .
- وأخرجه النسائي في المجتبى 5/268 ، وفي الكبرى 2/435 ح4063 - ومن طريقه ابن حزم في المحلى 7/133 ، وفي حجة الوداع ص191 ح139 - وأحمد 1/347 ح3248 ، وابن أبي شيبة 3/203 ح13461 و3/248 ح13909 ، وابن الأعرابي 1/282 ح529 من طريق إسماعيل بن علية ،(1/2)
والنسائي في المجتبى 5/269 ، وفي الكبرى 2/436 ح4065 ، وأحمد 1/347 ح3248 ، وابن خزيمة 4/274 ح2868 ، من طريق يحيى بن سعيد القطان ،
وابن ماجه 2/1008 ح3029 ، والفاكهي في أخبار مكة 4/288 ح2639 ، من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة ،
وأحمد 1/215 ح1851 - ومن طريقه الضياء في المختارة 10/30 ح20 - وأبو يعلى 4/357 ح2472 ، من طريق هشيم بن بشير ،
وابن سعد 2/180 عن عبد الوهاب بن عطاء ،
وعبد الرزاق في الأمالي ص111 ح182 - ومن طريقه الطبراني في الكبير 18/289 ح742 ، وفي الأوسط 2/347 ح2189 ، والبيهقي 5/127 - عن جعفر بن سليمان الضبعي ،
وأبو يعلى 4/316 ح2427 - ومن طريقه الضياء في المختارة 10/31 ح22 - وابن الجارود 2/98 ح473 من طريق عيسى بن يونس ،
وأبو يعلى 4/316 ح2427 - ومن طريقه الضياء 10/31 ح22 - وابن حبان 9/183 ح3871 ، من طريق عبد الله بن المبارك ،
وابن خزيمة 4/274 ح274 ح2867 ، والحاكم 1/466 من طريق غندر محمد بن جعفر ،
وابن خزيمة 4/274 ح2867 من طريق ابن أبي عدي ، وعبد الوهاب بن عبد المجيد،
والمحاملي في الأمالي ص84 ح33 ، من طريق أبي خالدٍ الأحمر ،
والطبراني في الكبير 12/156 ح12747/1 - ومن طريقه الضياء في المختارة 10/30 ح21 - وأبو نعيم في الحلية 2/223 ، من طريق هوذة بن خليفة ،
والطبراني في الكبير 12/157 ح12747/2 من طريق سفيان الثوري ،
والحاكم 1/466 من طريق أبي النضر ،
والخطيب في المتفق والمفترق 2/998 ح606 ، من طريق حماد بن زيد ،(1/3)
جميعهم ( 16 راوياً ، وهم : ابن علية ، والقطان ، وأبو أسامة ، وهشيم ، وعبد الوهاب بن عطاء، وجعفر بن سليمان ، وعيسى بن يونس، وابن المبارك، وغندر، وابن أبي عدي ، وعبد الوهاب بن عبد المجيد ، وأبو خالد الأحمر ، وهوذة ، والثوري ، وأبو النضر ، وحماد بن زيد ) عن عوف بن أبي جميلة به بنحوه ، ولم يشك أحد منهم في كنية أبي العالية، إلا أن جعفر بن سليمان الضبعي جعل الحديث: عن ابن عباس قال: حدثني الفضل بن عباس ، وقال يحيى القطان - وذلك عند أحمد ، وابن خزيمة - : لا يدري عوف : عبد الله ، أو الفضل .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم ، وأبو زرعة أن الصواب في كنية راوي هذا الحديث عن ابن عباس : أبو العالية ، وذكر أبو زرعة أن الشك في كنيته هل هو أبو العالية ، أو أبو العلانية وهم من حماد بن سلمة ، والأمر كما ذكر أبو حاتم ، وأبو زرعة ، فهذه كنيته ، واسمه رفيع بن مهران - كما سبق في ترجمته - وكما ذكر في التخريج السابق - أيضاً - حيث روى هذا الحديث عن عوف بن أبي جميلة ستة عشر راوياً ، وفيهم ثقات أثبات ، وكلهم كناه أبا العالية دون شكٍ في كنيته، بل رواه حماد بن سلمة - أيضاً- كما رواه الجماعة دون شك، فلعل الشك عرض لحماد بن سلمة ، ولم يلازمه ، أو يكون حماد شك في كونه راوياً آخر كنيته أبو العلانية غير أبي العالية المشهور ، كل هذا وارد ، والله أعلم .
هذا ما يتعلق بما ذكره أبو حاتم ، وأبو زرعة في هذا الحديث ، ويبقي النظر في الاختلاف الوارد في سند الحديث - كما سبق في التخريج - وبيان درجة الحديث .
فأما الاختلاف ، فقد تبين من التخريج السابق أن هذا الحديث اختلف فيه على عوف ابن أبي جميلة ، فروي عنه على وجهين ، وهما :(1/4)
الوجه الأول : عن عوف بن أبي جميلة ، عن زياد بن الحصين ، عن أبي العالية ، عن عبد الله بن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذه رواية الجماعة ، وهم : حماد بن سلمة ، وإسماعيل بن علية ، ويحيى القطان ، وأبو أسامة ، وهشيم ، وعبد الوهاب بن عطاء ، وعيسى بن يونس ، وابن المبارك ، وغندر ، وابن أبي عدي ، وعبد الوهاب بن عبد المجيد ، والثوري ، وأبو النضر ، وحماد بن زيد .
الوجه الثاني : عن عوفٍ ، عن زياد بن حصين ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذه رواية جعفر بن سليمان الضبعي .
وقد تفرد جعفر بهذا الوجه، قال الطبراني في الكبير: روى هذا الحديث جماعة عن عوف ، منهم سفيان الثوري ، ولم يقل أحد منهم : عن ابن عباس ، عن أخيه ، إلا جعفر بن سليمان ، ولا رواه عن جعفر إلا عبد الرزاق ، وذكر نحوه في الأوسط .
وظاهر جداً أن رواية جعفر مرجوحة ، فإن جعفر بن سليمان مع مخالفته للجماعة قد تكلم في حديثه ، فكان يحيى بن سعيد لا يروي عنه ، وكان يستضعفه. وذكر ابن المديني أن في أحاديثه مناكير، وقال البخاري : يخالف في بعض حديثه . وضعفه ابن عمار الشهيد. ومع ذلك فقد وثقه جماعة من الأئمة ، ولذا قال في التقريب : صدوق زاهد ، لكنه يتشيع . ( تهذيب التهذيب 1/306 ، التقريب 942 ) .
ولكن بقي أن يحيى القطان ذكر أن عوفاً لا يدري هل هو عن عبد الله أو عن الفضل ، وقد ذكر نحو هذا عن القطان يحيى بن معين - أيضاً - ( انظر تاريخ الدوري 1/245 ) وهذا يحتمل أن يكون الشك فيه على الوجه الأول ، أو الثاني ، وقد يحتمل أنه شك هل هو عن أبي العالية عن عبد الله بن عباس ، أو عن أبي العالية ، عن الفضل بن عباس ، فإن كان كذلك فهو وجه ثالث في الحديث .(1/5)
وهذا يدل على أن عوف بن أبي جميلة لم يتقن هذا الحديث بل كان متردداً فيه ، غير أن أكثر ما يذكره : عن عبد الله بن عباس بدون شك ، وهي رواية الجماعة عنه ، وهي رواية مشكلة ، وذلك أن عبد الله بن عباس لم يكن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الموطن ، وإنما الذي كان معه وردفه الفضل بن عباس ، ولذا قال ابن حجر بعد ذكر رواية جعفر بن سليمان السابقة : قلت : وروايته في نفس الأمر هي الصواب ، فإن الفضل هو الذي كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حينئذٍ . ( التلخيص الحبير 2/283 ) ، وهذا لا يمكن أن يكون ترجيحاً لرواية جعفر بن سليمان على رواية الجماعة ، فإن هذا لا وجه له ، وإنما هو دليل على ضعف في أصل هذا الحديث .
وهنا تأتي المسألة الثانية ، وهي الكلام في درجة الحديث ، فإن أبا حاتم ، وأبا زرعة لم يحكما عليه بشيء . ولكن تفرد عوف بهذا الإسناد ، مع تردده فيه ، وورود الإشكال السابق على رواية الجماعة يدل على ضعف هذا الحديث من هذا الوجه ، عن عبد الله بن عباس ، وأن شك عوف كان في محله ، فالراجح خلاف ما كان عوف يكثر من ذكره ، وبناءً عليه ففي تصحيح من صححه كابن خزيمة ، والحاكم ، وابن تيمية ( اقتضاء الصراط المستقيم 1/293 ) نظر لما سبق تقريره ، والله أعلم .(1/6)
ثم إنه قد روي عن ابن عباس ، عن أخيه الفضل في هذا المعنى من غير هذا الطريق ، فأخرج مسلم 4/71 ح1282، والنسائي في المجتبى 5/258 و5/267، وفي الكبرى 2/434 ح4056 و2/435 ح4064 ، وأحمد 1/210 ح1794 و1796 و1/213 ح1821 ، وابن سعد 2/180 ، والدارمي 2/84 ح1891 و1892 ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 1/283 ح371 ، وأبو يعلى 12/96 ح6730 ، وابن خزيمة 4/265 ح2843 ، و4/271 ح2860 و4/276 ح2873، وأبو عوانة 2/389 ح3540 - 3542، وابن حبان 9/184 ح3872، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات 2/42 ح425 ، والطبراني في الكبير 18/272 ح686 و18/274 ح692 ، وأبو الشيخ في أحاديث أبي الزبير عن غير جابر ص182 - 183 ح27- 29 ، وأبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة 4/2280 ح5644 ، والبيهقي في المعرفة 4/123 ح3055 ، والخطيب في الموضح 2/74 وغيرهم من طرقٍ عن أبي الزبير، عن أبي معبد مولى ابن عباس ، عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس ، وكان رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في عشية عرفة وغداة جَمْعٍ للناس : عليكم السكينة ، وهو كافٌّ ناقته حتى دخل محسراً ، وهو من منى ، قال : عليكم بحصى الخذف الذي يرمى به ، فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبي حتى رمى الجمرة " وربما اختصره بعضهم . وانظر المسألة رقم 103/890 والمسألة رقم 88/874 ، والله أعلم .(1/7)
30/816- سألت أبي عن حديثٍ رواه عبد الله العمري ، عن حميد الطويل ، عن رجل من أهل البصرة، قال :" سئل ابن عمر عن رجلٍ واقع أهله قبل أن يرمي الجمرة "، فقال أبي : هو علي البارقي الأزدي . قال أبي : روى هذا الحديث الحسن بن صالحٍ وغيره ، عن ليث بن أبي سليم ، عن حميد، عن ابن عمر، نحو هذا الكلام . قال أبي : فكنت أحسب أن حميداً هذا شيخ أدرك ابن عمر ، حتى تبين لي بعد ذلك(1)أنه حميد الطويل ، عن علي البارقي .
دراسة الرواة :
* عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي المدني ، أبو عبد الرحمن العمري ، مات سنة 171 أو نحوها ، روى عن : نافع ، وزيد بن أسلم ، وحميد الطويل ، وغيرهم ، وعنه: ابن مهدي ، والليث بن سعد، وابن وهب وغيرهم، وروى له مسلم مقروناً ، وروى له الأربعة .
قال أحمد : صالح ، لا بأس به . وقال - أيضاً - : كان يزيد في الأسانيد ويخالف ، وكان رجلاً صالحاً . وقال ابن معين : صالح . وقال مرة : صويلح . وقال - أيضاً - : ليس به بأس يكتب حديثه . وقال يعقوب بن شيبة : ثقة صدوق ، في حديثه اضطراب .
وضعفه القطان ، وابن المديني ، وابن معين - في رواية - والنسائي ، وقال مرة : ليس بالقوي . وقال البخاري : ذاهب ، لا أروي عنه شيئاً . وقال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به . ونقل المروذي أن أحمد ذكره فلم يرضه . وفيه كلام غير ذلك .
قال في التقريب : [ ضعيف عابد ] .
تاريخ الدارمي ص151 ، التاريخ الكبير 5/145 ، الضعفاء الصغير ص65 ، العلل الكبير ص389 ، الضعفاء والمتروكون ص62 ، الطبقات للنسائي من جزء ابن التمار ص131 ، الجرح والتعديل 5/109 ، الكامل 4/141 ، تاريخ بغداد 10/19 ، تهذيب الكمال 15/327 ، تهذيب التهذيب 2/388 ، التقريب 3489 .
__________
(1) قوله :" ذلك " ليس في ( ت ، ض ، م ، ط ) .(1/1)
* حميد بن أبي حميد الطويل ، أبو عبيدة الخزاعي ، مولاهم ، البصري ، اختلف في اسم أبيه على نحو عشرة أقوال ( 68-142 أو 143 ) مات وهو قائم يصلي ، روى عن: أنس بن مالك ، والحسن البصري، وثابت البناني، وعلي البارقي وغيرهم . وعنه: ابن أخته حماد بن سلمة ، وشعبة ، والسفيانان ، ومالك ، وعبد الله العمري وغيرهم .
ثقة ، وثقه ابن سعد ، وابن معين ، والنسائي ، وأبو حاتم ، والعجلي ، وابن حبان وغيرهم . وقال حماد بن سلمة : عامة ما يروي حميد عن أنس ، سمعه من ثابت . وقد ذكر تدليسه ابن سعد ، وابن حبان وغيرهما ، قال أبو بكر البرديجي : أما حديث حميد فلا يحتج منه إلا بما قال : حدثنا أنس .
قال ابن حجر : [ ثقة مدلس ، وعابه زائدة لدخوله في شيء من أمر الأمراء ] .
وربما يقال : تدليسه عن أنس خاصة .
طبقات ابن سعد 7/252 ، ثقات العجلي ص136، الجرح والتعديل 3/219 ، ثقات ابن حبان 4/148 ، تهذيب الكمال 7/355 ، تهذيب التهذيب 1/493 ، التقريب 1544 .
* عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة الرابعة .
* علي بن عبد الله البارقي الأزدي ، أبو عبد الله بن أبي الوليد، روى عن : ابن عمر، وابن عباس ، وأبي هريرة وغيرهم . وعنه : قتادة ، ويحيى بن أبي كثير، وحميد الطويل وغيرهم . روى له مسلم حديثاً واحداً ، وروى له الأربعة .
ذكره العجلي في الثقات ، وقال : تابعي ثقة . وذكر المزي أن ابن حبان ذكره في الثقات . ولم أقف عليه في المطبوع .
قال الذهبي : وقد احتج به مسلم ، ما علمت لأحدٍ فيه جرحةً، وهو صدوق .
وقال ابن حجر : [ صدوق ربما أخطأ ] .
ثقات العجلي ص351 ، الجرح والتعديل 6/193 ، الكامل 5/180 ، تهذيب الكمال 21/40 ، الميزان 3/142 ، تهذيب التهذيب 3/180 ، التقريب 4762 .(1/2)
* الحسن بن صالح بن صالح بن حيّ، وهو حيّان بن شفي- بالمعجمة، والفاء مصغراً- الهمْداني الثوري ، أبو عبد الله الكوفي ( 100-169 ) ، روى عن : أبيه ، وعمرو بن دينار ، وعاصم الأحول ، وليث بن أبي سليم وغيرهم ، وعنه : ابن المبارك ، وحميد الرؤاسي ، ويحيى بن آدم وغيرهم .
ثقة ، وثقه أحمد ، وابن معين ، والنسائي وغيرهم ، وقال أبو حاتم : ثقة حافظ متقن . وقال أبو زرعة : اجتمع فيه إتقان وفقه وعبادة وزهد .
ولكن كان الثوري ، وزائدة ، وابن المبارك وغيرهم يتكلمون فيه بسبب رأيه ، فقد ذكر أنه كان يرى السيف على أئمة الجور ، ولا يشهد خلفهم الجمعة .
قال في التقريب : [ ثقة فقيه عابد ، رمي بالتشيع ] .
الجرح والتعديل 3/18 ، الكامل 2/309 ، تهذيب الكمال 6/177 ، تهذيب التهذيب 1/398 ، التقريب 1250 .
* ليث بن أبي سليم بن زُنَيْم القرشي، مولاهم ، أبو بكر، ويقال : أبو بكير الكوفي، مات سنة 138 ، وقيل : غير ذلك ، روى عن : طاوس ، ومجاهد ، وعطاء ، وحميد وغيرهم ، وعنه: الثوري ، وشعبة ، والحسن بن صالح وغيرهم . أخرج له البخاري تعليقاً ، ومسلم مقروناً . وروى له الباقون .
ضعيف ، ضعفه ابن عيينة وغيره من أئمة الحديث ، قال أحمد : ليث بن أبي سليم مضطرب الحديث ، ولكن حدث عنه الناس . وقال - أيضاً - : ضعيف الحديث جداً ، كثير الخطأ . وقال ابن معين: ضعيف ، إلا أنه يكتب حديثه . وقال أبو حاتم ، وأبو زرعة: ليث لا يشتغل به ، هو مضطرب الحديث. وقال أبو زرعة - أيضاً-: لين الحديث ، لا تقوم به الحجة عند أهل العلم بالحديث . وفيه كلام غير ذلك ، وقد ذكر غير واحدٍ أنه اختلط .
وضعفه إنما هو من سوء حفظه واختلاطه ، وإلا فهو صدوق في نفسه ، كما وصفه بذلك البخاري ، ويعقوب بن شيبة وغيرهما .
لخص الذهبي حاله بقوله : فيه ضعف يسير من سوء حفظه ، كان ذا صلاة وصيام وعلم كثير ، وبعضهم احتج به .(1/3)
ولخص ابن حجر حاله بقوله : [ صدوق ، اختلط جداً ، ولم يتميز حديثه فترك ] .
العلل ومعرفة الرجال 2/379 ، ضعفاء العقيلي 4/14 ، الجرح والتعديل 7/177 ، المجروحين 2/231 ، تهذيب الكمال 24/279 ، الكاشف 3/14 ، تهذيب التهذيب 3/484 ، التقريب 5685 .
التخريج :
لم أقف على حديث عبد الله العمري ، عن حميد .
- وأخرجه ابن أبي شيبة 3/360 ح14936 قال : حدثنا ابن فضيل، وسلام، عن ليث ، عن حميد ، قال : " جاء رجل إلى ابن عمر فقال : يا أبا عبد الرحمن، رجل جاهل بالسنة ، بعيد الشقة ، قليل ذات اليد ، قضيت المناسك كلها كاملة ، غير أني لم أزر البيت حتى وقعت على امرأتي ، فقال : بدنة وحج من قابل ، فأعاد عليه ثلاث مرات كل ذلك يقول: بدنة وحج من قابل ". هكذا لفظه .
- وأخرجه ابن أبي شيبة 3/361 ح14943 ، عن وكيع ، عن سعيد ، عن أبي معشر، عن علي بن عبد الله البارقي ، عن ابن عمر قال: عليه الحج من قابل، قلت : وإن حج من عمان ؟ قال: وإن حج من عمان .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم الاختلاف في هذا الحديث على حميد ، على وجهين ، وهما :
الوجه الأول : عن حميد الطويل ، عن رجل من أهل البصرة ، عن ابن عمر، وهذه رواية عبد الله العمري. وتابع حميداً على هذا الوجه أبو معشر، لكنه صرح باسم الرجل، وهو علي البارقي .
الوجه الثاني : عن حميد ، عن ابن عمر ، وهذه رواية الليث بن أبي سليم .
ولم يذكر أبو حاتم موازنة بين الوجهين، وإنما ذكر أنه كان يحسب أن حميداً ، عن ابن عمر ليس حميداً الطويل ، وإنما هو آخر أدرك ابن عمر ، حتى تبين له أن حميداً لا يروي هذا الحديث عن ابن عمر ، وإنما يرويه عن رجل من أهل البصرة، وهو علي البارقي ، عن ابن عمر ، ومعنى هذا الكلام أن حميداً دلسه وأرسله في رواية الليث عنه .(1/4)
هذا ما يتعلق بما ذكره أبو حاتم ، وقد بقي ما يتعلق بلفظ الحديث ، فإن الطرف الذي ساقه ابن أبي حاتم من الحديث فيمن واقع أهله قبل أن يرمي الجمرة ، واللفظ الذي وقفت عليه عند ابن أبي شيبة من الطريقين المذكورين في التخريج إنما هو فيمن وقع على امرأته قبل أن يزور البيت ، وبهذا المعنى ترجم عليه ابن أبي شيبة في مصنفه .
والفرق بين اللفظين ظاهر، فإن لم يكن ما وقع في نسخ العلل وهماً من بعض النساخ، فإن لفظ ابن أبي شيبة أقوى ، فإنه رواه من طريقين عن الليث بن أبي سليم، عن حميد، ومن طريق أبي معشر ، عن علي البارقي .
ومع ذلك ففي هذا الإسناد إلى ابن عمر ضعف ، ذلك أن حديث حميد الطويل في أحد طريقيه عبد الله العمري ، وفي الآخر الليث بن أبي سليم ، وقد سبق ذكر ضعفهما ، وأما حديث أبي معشر ، وهو زياد بن كليب الكوفي ، فهو من طريق وكيع عن سعيد بن أبي عروبة، ولم يسمع وكيع من سعيد إلا بعد الاختلاط، كما ذكر ذلك ابن نمير ، وابن عمار الموصلي وغيرهما ( انظر شرح العلل 2/746 ).
غير أن هذه الفتوى رويت عن ابن عمر من غير هذا الوجه ، فقد قال ابن أبي شيبة في مصنفه 3/361 ح14939 في الرجل يقع على امرأته قبل أن يزور البيت : حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : عليه الحج ويهدي .(1/5)
وأخرج ابن أبي شيبة - أيضاً - 3/164 ح13085 ، والبيهقي في السنن الكبرى 5/167، وفي المعرفة 4/154 ح3113، وغيرهما من طريق عبيد الله بن عمر ، عن عمرو ابن شعيب ، عن أبيه " أن رجلاً أتى عبد الله بن عمروٍ يسأله عن محرم وقع بامرأته، فأشار إلى عبد الله بن عمر فقال: اذهب إلى هذا فسله، قال شعيب: فلم يعرفه الرجل فذهبت معه ، فسأل ابن عمر ، فقال : بطل حجك . فقال الرجل : فما أصنع ؟ قال : اخرج مع الناس ، واصنع ما يصنعون ، فإذا أدركت قابلاً فحج ، وأهد ، فرجع إلى عبد الله بن عمروٍ ، وأنا معه ، فأخبره ، فقال : اذهب إلى ابن عباس فسله ، قال شعيب : فذهبت معه إلى ابن عباس فسأله فقال كما قال ابن عمر، فرجع إلى عبد الله بن عمروٍ، وأنا معه، فأخبره بما قال ابن عباس ، ثم قال : ما تقول أنت ؟ فقال : قولي مثل ما قالا ". قال البيهقي : هذا إسناد صحيح، وفيه دليل على صحة سماع شعيب بن محمد بن عبد الله من جده عبد الله بن عمرو . والله أعلم .(1/6)
31/817- سألت أبي عن حديثٍ رواه أبان العطار، عن قتادة، عن شهر ، عن عمرو بن خارجة قال : " خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى ، وهو على ناقته ، وهو يقول : إن الله - عز وجل(1)- قد أعطى كل ذي حقٍ(2)حقه ، ولا وصية لوارث ". رواه همام ، عن قتادة ، ومطر ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن عمرو بن خارجة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . فقلت لأبي : أيهما أصح ؟ قال : عن عبد الرحمن بن غنم أصح .
دراسة الرواة :
* أبان بن يزيد العطار ، أبو يزيد البصري ، مات في حدود سنة 160. روى عن : قتادة ، ويحيى بن أبي كثير ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وهشام بن عروة وغيرهم ، وعنه : ابن المبارك ، ويحيى القطان ، ومسلم بن إبراهيم وغيرهم . أخرج له البخاري تعليقاً ، وأخرج له البقية .
ثقة ، وثقه ابن معين ، وابن المديني ، والنسائي وغيرهم . وقال أحمد : ثبت في كل المشايخ .
وذكره ابن عدي في الكامل ، وذكر بعض أفراده ، وقال : له روايات غير ما ذكرت ، وهو حسن الحديث ، متماسك ، يكتب حديثه ، وله أحاديث صالحة عن قتادة وغيره ، وعامتها مستقيمة ، وأرجو أنه من أهل الصدق .
وكذا ذكره ابن الجوزي في الضعفاء ، وذكر في ترجمته عن القطان أنه قال : لا أروي عن أبان العطار . ولكن هذا النقل لا يصح عن القطان ، فإنه من طريق محمد بن يونس الكديمي ، وهو غير معتمد ، كما قال ذلك الذهبي ، وابن حجر ، ثم إن ابن معين ذكر عن القطان أنه يروي عنه ، ولا يروي عن همام .
__________
(1) قوله :" عز وجل " ليس في ( ت ، م ، ط ) .
(2) قوله :" حق " ساقطة من ( ح ، ض ) .(1/1)
ولذا قال الذهبي : حافظ ، صدوق ، إمام ... ثم قال - معلقاً على كلام ابن عدي -: قلت : بل هو ثقة حجة ، ناهيك أن أحمد بن حنبل ذكره فقال : كان ثبتاً في كل المشايخ . وقال ابن معين ، والنسائي : ثقة ، قال : وقد أورده - أيضاً - العلامة أبو الفرج ابن الجوزي في الضعفاء ، ولم يذكر فيه أقوال من وثقه ، وهذا من عيوب كتابه : يسرد الجرح ، ويسكت عن التوثيق ، ولولا أن ابن عدي ، وابن الجوزي ذكرا أبان بن يزيد لما أوردته أصلاً - يعني في الميزان - .
ولخص ابن حجر حاله بقوله : [ ثقة ، له أفراد ] .
التاريخ الكبير 1/454 ، الجرح والتعديل 2/299 ، الكامل 1/390، الضعفاء لابن الجوزي 1/20، تهذيب الكمال 2/24 ، الميزان 1/16 ، تهذيب التهذيب 1/56 ، التقريب 143 .
* قتادة بن دعامة السدوسي ، سبق في المسألة الخامسة ، وهو ثقة ثبت ، إلا أنه كان يدلس .
* شهر بن حوشب الأشعري، أبو سعيد، ويقال : أبو عبد الله، ويقال : أبو عبد الرحمن ، ويقال : أبو الجعد الشامي ، مولى أسماء بنت يزيد بن السكن ، مات سنة 100 ، وقيل بعدها ، روى عن أُمَّيِ المؤمنين عائشة ، وأم سلمة ، وأبي هريرة ، وعمرو ابن خارجة ، وعبد الرحمن بن غنم وغيرهم ، وعنه : قتادة ، ومطر الوراق ، والحكم ابن عتيبة وغيرهم ، أخرج له البخاري في الأدب، ومسلم مقروناً بغيره ، وروى له الباقون .(1/2)
قال ابن معين: ثقة . وقال مرة : ثبت . وقال حرب الكرماني عن أحمد : ما أحسن حديثه ، ووثقه ، وهو شامي من أهل حمص ، وأظنه قال : هو كندي ، وروى عن أسماء بنت يزيد أحاديث حساناً . وأثنى عليه أحمد - أيضاً - وقال : ليس به بأس . وكذا قال أبو زرعة الرازي . ونقل الترمذي عن البخاري : شهر حسن الحديث ، وقَوَّى أمره ، وقال : إنما تكلم فيه ابن عون ، ثم روى عن هلال بن أبي زينب عنه . وقال العجلي : تابعي ثقة . وقال يعقوب بن شيبة : ثقة ، على أن بعضهم قد طعن فيه . وقال يعقوب بن سفيان : وشهر وإن قال ابن عون : إن شهراً نزكوه ، فهو ثقة .
وقال شعبة : وقد لقيت شهراً فلم أعتد به . وقال ابن عمار : روى عنه الناس ، وما أعلم أحداً قال فيه غير شعبة ، قيل يكون حديثه حجة ؟ قال : لا . وقال أبو حاتم : شهر أحب إليَّ من أبي هارون ، وبشر بن حرب ، وليس بدون أبي الزبير ، ولا يحتج به .(1/3)
وقال النضر بن شميل عن ابن عون : إن شهراً نزكوه . قال النضر : نزكوه أي : طعنوا فيه(1), وقال ابن عون - أيضاً - : إن شعبة نزك شهراً . وقال الجوزجاني : أحاديثه لا تشبه حديث الناس . ثم قال : عمرو بن خارجة كنت آخذُ بزمام ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ أسماء بنت يزيد كنت آخذ بزمام ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنه مولع بزمام ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - وحديثه دالٌّ عليه ، فلا ينبغي أن يغتر به وبروايته . وضعفه موسى بن هارون وغيره . وقال النسائي : ليس بالقوي . وقال ابن حبان كان ممن يروي عن الثقات المعضلات ، وعن الأثبات المقلوبات . وذكر ابن عدي أن عامة ما يرويه من الحديث فيه من الإنكار ما فيه ، وأنه ليس بالقوي في الحديث ، وأنه ممن لا يحتج بحديثه ، ولا يُتَدَيَّنُ به .
وذكروا قصتين في اتهامه بالسرقة ، ولكن في صحتهما نظر .
قال صالح بن محمد البغدادي : روى عنه الناس من أهل البصرة ، وأهل الكوفة ، وأهل الشام ، ولم يوقف منه على كذب ، وكان رجلاً يتنسك ، إلا أنه روى أحاديث يتفرد بها لم يشركه فيها أحد .
لخص الحافظ حاله بقوله : [ صدوق كثير الإرسال والأوهام ] وهو قريب مما ذكر .
__________
(1) وقال مسلم في تفسير ذلك : يقول : أخذته ألسنة الناس ، تكلموا فيه . ( مقدمة صحيح مسلم 1/17 ) وبمعنى تفسير النضر بن شميل وتفسير مسلم لهذا الكلمة فسرها أبو زرعة الدمشقي وغيره . وقد تصحفت هذه الكلمة في بعض المصادر إلى : تركوه - بالتاء المثناة والراء المهملة - والصواب أنه بالنون الموحدة والزاي المعجمة ، وتفسيرها ما سبق ( انظر شرح ألفاظ التجريح النادرة أو قليلة الاستعمال ص7 ) .(1/4)
مقدمة صحيح مسلم 1/17 ، سنن الترمذي 4/427 ح2697 ، أحوال الرجال ص96، ثقات العجلي ص223 ، المعرفة والتاريخ 2/426 ، ضعفاء النسائي ص56 ، الجرح والتعديل 4/382 ، المجروحين 1/357 ، الكامل 4/36 ، التحقيق لابن الجوزي 2/459 مع حاشية محققه د/ابراهيم اللاحم، تهذيب الكمال 12/578 ، الميزان 2/283 ، تهذيب التهذيب 2/182 ، التقريب 2830 .
* عمرو بن خارجة بن المنتفق الأشعري ، ويقال : الأنصاري ، ويقال : الأسدي ، ويقال : الجمحي ، والأول أشهر ، حليف أبي سفيان بن حرب ، ورسوله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال بعضهم : خارجة بن عمرو ، والصحيح : عمرو بن خارجة ، له صحبة ، ونزل الشام ، وله هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
التاريخ الكبير 6/304، الجرح والتعديل 6/229، معرفة الصحابة لأبي نعيم 4/2008، أسد الغابة 3/369 ، تهذيب الكمال 21/599 ، الإصابة 2/534 ، التقريب 5019 .
* همام بن يحيى العوذي ، سبق في المسألة التاسعة ، وهو ثقة ، ربما وهم .
* مطر بن طهمان الوراق ، أبو رجاء السلمي ، مولاهم ، الخراساني ، ثم البصري ، مات سنة 125 ، وقيل : 129 ، روى عن : الحسن البصري ، وبكر المزني ، وشهر بن حوشب وغيرهم . وعنه : إبراهيم بن طهمان ، وسعيد بن أبي عروبة ، وهمام ، والحمادان وغيرهم ، روى له البخاري في خلق أفعال العباد ، ومسلم متابعة ، وروى له البقية .
قال ابن معين ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم: صالح . وقال العجلي: صدوق ، وقال مرة: لا بأس به ، قيل له : تابعي ؟ قال : لا . وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : ربما أخطأ .
وقال ابن سعد : كان فيه ضعف في الحديث . وقال أبو داود : ليس هو عندي بحجة ، ولا يقطع به في حديث إذا اختلف . وقال النسائي : ليس بالقوي .
وضعف حديثه عن عطاء خاصة : يحيى القطان ، وأحمد ، وابن معين .
وفيه كلام غير ذلك . لخص الذهبي حاله بقوله : حسن الحديث .(1/5)
وابن حجر بقوله : [ صدوق ، كثير الخطأ ، وحديثه عن عطاء ضعيف ] .
طبقات ابن سعد 7/254 ، ثقات العجلي ص430 ، سؤالات الآجري 2/71 ، الضعفاء للنسائي ص98، الجرح والتعديل 8/287 ، ثقات ابن حبان 5/435 ، تهذيب الكمال 28/51، الميزان 4/126، تهذيب التهذيب 4/87 ، التقريب 6699 .
* عبد الرحمن بن غَنْم - بفتح المعجمة ، وسكون النون - الأشعري ، الشامي ، مختلف في صحبته ، روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن جماعة من الصحابة ، منهم : عمر ، وعثمان ، وعلي ، ومعاذ بن جبل ، وعمرو بن خارجة وغيرهم . وعنه : ابنه محمد ، ومكحول ، وشهر بن حوشب وغيرهم .
قال ابن عبد البر : كان مسلماً على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يره ، ولم يفد عليه ، ولازم معاذ بن جبل منذ بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن إلى أن مات في خلافة عمر ، ويعرف بصاحب معاذ لملازمته ، وسمع من عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وكان من أفقه أهل الشام ، وهو الذي فقَّه عامة التابعين بالشام ، وكان له جلالة وقدر اهـ. وممن ذكره له صحبة الليث بن سعد ، وابن لهيعة ، والبخاري وغيرهم . مات سنة 78 .
التاريخ الكبير 5/247 ، الاستيعاب بهامش الإصابة 2/424 ، تهذيب الكمال 17/339 ، الإصابة 2/417 ، تهذيب التهذيب 2/543 ، التقريب 3978 .
التخريج :
- أخرجه ابن قانع 2/219 ، عن إبراهيم الحربي ، عن أبي سلمة التبوذكي ، عن أبان العطار به ، وأحال في لفظه على سابقه ، وسيأتي ذكره مطولاً . لكنه جعله عن شهر ابن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن عمرو بن خارجة . فذكر فيه عبد الرحمن ابن غنم ، وهذا خلاف ما ذكره ابن أبي حاتم .
- وأخرجه أحمد 4/186 ح17665 و4/238 ح18082 عن عفان ،(1/6)
وأبو داود الطيالسي(1)2/543 ح1313 ،
والطبراني في الكبير 17/35 ح67 ، من طريق حفص بن عمر الحوضي ،
ثلاثتهم ( عفان ، وأبو داود، وحفص ) عن همام(2)به مطولاً في رواية الأولين - كما سيأتي سياقه - ومختصراً في رواية الثالث . ولكن دون ذكر عبد الرحمن بن غنم في جميع طرقه ، وهذا خلاف ما ذكره ابن أبي حاتم هنا .
ولم أقف على حديث همام ، عن مطر ، وسيأتي تخريج رواية مطر من غير طريق همام .
- وأخرجه الترمذي 3/621 ح2121 ، والنسائي في المجتبى 6/247 ، وفي الكبرى 4/107 ح6468 ، وأحمد 4/186 ح17665 ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 2/89 ح786 ، و4/227 ح2481 ، وأبو يعلى في مسنده 3/78 ح1508 ، وفي المفاريد ص34 ح20 ، والطبراني في الكبير 17/33 ح61 ، من طرقٍ عن أبي عوانة ،
__________
(1) رواية الطيالسي هذه قد وقعت في الطبعتين كلتيهما : عن هشام . وقد ذكر محققو مسند الإمام أحمد أن هذا تحريف ، وأن الصواب : عن همام ( المسند 19/214) وما ذكروه وجيه ، وإن كان الطيالسي يروي عنهما جميعاً ، وقد رويا هذا الحديث - أيضاً - جميعاً، إلا أن هشاماً قد ذكر في هذا الحديث عبد الرحمن بن غنم ، وذلك عند كل من ذكر روايته، ولم يذكر عليه اختلاف ، ورواية الطيالسي هذه دون ذكر عبد الرحمن ، وهذا يبين أنها عن همام ، لا هشام ، فإن رواية همام مشهورة دون ذكر عبد الرحمن ، إلا ما وقع لابن أبي حاتم هنا ، وسيأتي الكلام عليه . والله أعلم .
(2) إلا رواية الطيالسي فقد سبق أنه وقع فيها هشام ، ولكن الظاهر أنه وهم ، وأن الرواية إنما هي عن همام ، ولكن إن كان ذكر هشامٍ في رواية الطيالسي صواباً فهو يدل على أنه وقع عليه اختلاف في ذكر عبد الرحمن بن غنم وعدمه ، والمشهور عنه ذكر عبد الرحمن بن غنم . والله أعلم .(1/7)
والنسائي في المجتبى(1)6/247، وفي الكبرى 4/107 ح6469، وابن ماجه 2/905 ح2712، وأحمد 4/186 ح17664 و4/187 ح17669-17671 و4/238 ح18081 و4/239 ح18087 و18088 ، وابن سعد 2/183 ، وابن أبي شيبة 2/9 ح5859 ، و4/51 ح17691 و5/273 ح26107 و6/208 ح30717 ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 4/427 ح2482 ، وابن قانع 2/218 ، والطبراني في الكبير 17/34 ح65 ، والدارقطني 4/152 ح13 ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 4/2008
ح5046 ، والبيهقي 6/264 ، وابن عبد البر في التمهيد 14/299 ، من طرقٍ عن سعيد ابن أبي عروبة ،
والنسائي في المجتبى 6/247 ، وفي الكبرى 4/107 ح6470 ، والطبراني في الكبير 17/35 ح68 من طريق إسماعيل بن أبي خالد ،
وأحمد 4/187 ح17666 و4/238 ح18082 و18083 ، والطبراني في الكبير 17/34 ح65 من طريق حماد بن سلمة ،
وسعيد بن منصور 1/3/150 ح428 ،
وبحشل في تاريخ واسط ص116 ، والطبراني في الأوسط 8/8 ح7791 ، وفي الكبير 17/34 ح63 من طريق زكريا بن يحيى "زحمويه" ،
كلاهما ( سعيد ، وزكريا ) عن هشيم ،
والطبراني في الكبير 17/33 ح62 من طريق القاسم بن عيسى الطائي ،
كلاهما ( هشيم ، والقاسم ) عن طلحة بن عبد الرحمن أبي محمد مولى باهلة ،
والدارمي 2/317 ح2529 و2/511 ح3260 ، والطبراني في الكبير 17/33 ح60 من طريق مسلم بن إبراهيم ، عن هشام الدستوائي ،
وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 2/90 ح788، من طريق محمد بن عبيد الله ،
وبحشل في تاريخ واسط ص116 من طريق سليمان بن الحكم ، عن القاسم بن وليد ،
والطبراني في الكبير 17/35 ح66 من طريق مجاعة بن الزبير ،
__________
(1) وقع في المطبوع من المجتبى : شعبة ، بدل : سعيد ، وهو اختلاف قديم في النسخ ، نبه عليه المزي في التحفة 8/151 ح10731 ، والصواب : سعيد ، كما في الكبرى وغيرها .(1/8)
وعلقه أبو نعيم في معرفة الصحابة 4/2009 ، عن عبد الغفار بن القاسم ، والحجاج ابن أرطأة ، وعبد الرحمن بن عبد الله المسعودي ، والحسن بن دينار ، وبكير بن أبي السميط ،
جميعهم ( 14 راوياً ، وهم : أبو عوانة ، وسعيد ، وإسماعيل ، وحماد ، وطلحة ، وهشام ، ومحمد بن عبيد الله، والقاسم ، ومجاعة ، وعبد الغفار، والحجاج ، والمسعودي، والحسن بن دينار ، وبكير ) عن قتادة به ، ولفظه بتمامه: عن عمرو بن خارجه قال : خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى وهو على راحلته، وهي تقصع بجرتها، ولعابها يسيل بين كتفي، فقال :" إن الله قسم لكل إنسان نصيبه من الميراث ، فلا تجوز لوارثٍ وصية ، الولد للفراش ، وللعاهر الحجر، ألا ومن ادعى إلى غير أبيه ، أو تولى غير مواليه رغبة عنهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " وفي بعض رواياته : " لا يقبل منه صرف ولا عدل " وفي بعضها : " كنت آخذاً بزمام ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... " وربما اختصره بعضهم ، أو اقتصر على جملة واحدة منه فقط .
ولكن اختلفوا في إسناده على قتادة ، ففي رواية أبي عوانة ، وسعيد بن أبي عروبة ، وحماد بن سلمة ، وهشام الدستوائي ، ومجاعة بن الزبير ، وعبد الغفار بن القاسم ، قالوا : عن قتادة ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم(1).
وكذا ذكر عبد الرحمن بن غنم في رواية طلحة بن عبد الرحمن فيما رواه عنه القاسم بن عيسى ، وهشيم - من رواية زحمويه عنه -.
__________
(1) إلا في الموطن الثالث عند ابن أبي شيبة في روايته عن يزيد بن هارون، عن سعيد بن أبي عروبة ، فإنه سقط منه من بين سعيد، وعمرو بن خارجة ، ولعله سقط من الناسخ أو الطباعة ، فإنه في المواطن الأخرى من الطريق نفسه دون سقط .(1/9)
وأسقط عبد الرحمن بن غنم في رواية : محمد بن عبيد الله ، والحجاج بن أرطاة ، والمسعودي ، والحسن بن دينار ، وبكير بن أبي السميط ، وكذا في رواية طلحة بن عبد الرحمن - فيما رواه سعيد بن منصور ، عن هشيم ، عنه - .
وأما في رواية إسماعيل بن أبي خالد فجعله: عن قتادة، عن عمرو بن خارجة، فأسقط شهر بن حوشب ، وعبد الرحمن بن غنم جميعاً .
وقال في رواية القاسم بن وليد : عن قتادة ، عن الحسن البصري ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي خارجة - كذا وقع في النسخة - .
- وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 6/304 - معلقاً - عن شبابة ، عن مغيرة بن مسلم ، وورقاء ،
وأحمد 4/187 ح17670 و17671 و4/238 ح18081 و4/239 ح18087 و18088 ، وابن قانع 2/219 - ومن طريقه البيهقي 6/264 - والدارقطني 4/152 ح13 ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 4/2008 ح5047 ، من طريق سعيد بن أبي عروبة ،
وعبد الرزاق 9/47 ح16306 و9/70 ح16376- ومن طريقه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 2/89 ح787 - عن معمر بن راشد ،
أربعتهم ( مغيرة ، وورقاء، وسعيد، ومعمر ) عن مطر الوراق ، عن شهر بن حوشب به مطولاً في رواية سعيد ، ورواية معمر في الموطن الأول عند عبد الرزاق، ومختصراً في البقية ، ولم يذكر فيه : عبد الرحمن بن غنم غير سعيد ، إلا في روايته عند الدارقطني فهي بإسقاط عبد الرحمن بن غنم - أيضاً -.
- وأخرجه عبد الرزاق 9/48 ح16307 - وعنه أحمد 4/186 ح17663 - عن سفيان الثوري ،
وابن هشام في السيرة 4/510 من طريق ابن إسحاق ،
والطبراني في الكبير 17/35 ح69 من طريق حفص بن غياث ،
ثلاثتهم ( سفيان ، وابن إسحاق، وحفص ) عن ليث - وهو ابن أبي سليم -،(1/10)
وأحمد 4/186 ح17663 من طريق سفيان ، عن ابن أبي ليلى - وهو محمد بن عبد الرحمن(1)- ،
وفي الجزء الثاني من القطيفيات ( النكت الظراف 8/150 ) من طريق مسلم بن إبراهيم عن أبي بكر الهذلي ، وعلقه أبو نعيم في المعرفة 4/2009 ، عن أبي بكر الهذلي ،
ثلاثتهم ( ليث ، وابن أبي ليلى ، وأبو بكر ) عن شهر بن حوشب ، عن عمرو بن خارجة به بنحوه مطولاً في رواية ابن إسحاق، عن ليث ، وفي أوله قال: بعثني عتاب بن أسيد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حاجة ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقف بعرفة ... الخ . ورواية حفص ، عن ليث مختصرة ، وأما رواية سفيان عن الليث ، وابن أبي ليلى فهي مجموعة عند الإمام أحمد ، وفي لفظه زيادة ونقص عن اللفظ المطول ، ولم أقف على لفظ أبي بكر الهذلي ، ولم يسمِّ عمرو بن خارجة في رواية سفيان ، عن الليث، وإنما قال: أخبرني من سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - . وزاد ذكر عبد الرحمن بن غنم في رواية مسلم بن إبراهيم ، عن أبي بكر الهذلي . وفي رواية حفص جعله : عن ليث ، عن مجاهد ، عن عمرو بن خارجة .
- وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 2/90 ح789، والطبراني في الكبير 4/202 ح4140 ، وأبو أحمد العسكري ( كما في أسد الغابة 3/369 ) من طريق عبد الله بن نافعٍ ، عن عبد الملك بن قدامة الجمحي ، عن أبيه قدامة الجمحي ،
والطبراني في الكبير 17/35 ح70، والدارقطني 4/152ح10، والبيهقي 6/264 ، من طريق إسماعيل بن مسلم ، عن الحسن ،
__________
(1) سياق إسناد الرواية مجموعة مع رواية سفيان عن الليث كالتالي : سفيان ، عن الليث ، عن شهر بن حوشب قال : أخبرني من سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعن ابن أبي ليلى ، أنه سمع عمرو بن خارجة ... . والظاهر أن المقصود : ابن أبي ليلى ، عن شهر، سمع عمرو بن خارجة . ويحتمل أن لا يكون فيه شهر، فإن كان كذلك فهو منقطع، وذكر السماع فيه غلط .(1/11)
والطبراني في الكبير 17/35 ح71 من طريق عامر بن مدرك ، عن السري بن إسماعيل ، عن عامر الشعبي ،
ثلاثتهم ( قدامة ، والحسن ، والشعبي ) عن عمرو بن خارجة به بمعناه مطولاً ، إلا في رواية الحسن فهو مختصر ، وقد جعل الخطبة في الفتح في رواية قدامة عند الطبراني فقط . وانقلب اسم عمرو بن خارجة في رواية قدامة عند الطبراني ، وأبي أحمد العسكري .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم الاختلاف في هذا الحديث على قتادة ، وقد تبيَّن من التخريج السابق أنه رُوي عنه على أربعة أوجه ، وهذا بيانها :
الوجه الأول : عن قتادة ، عن شهر بن حوشب ، عن عمرو بن خارجة ، وقد ذكر أبو حاتم أن هذه رواية أبان العطار ، والذي وقفت عليه من رواية أبان على الوجه الثاني، وإنما وقفت على هذا الوجه من رواية: همام، ومحمد بن عبيد الله، وحجاج بن أرطاة ، والمسعودي ، والحسن بن دينار ، وبكير بن أبي السميط ، وكذا طلحة بن عبد الرحمن - فيما رواه سعيد بن منصور ، عن هشيم عنه - .
الوجه الثاني : عن قتادة ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم، عن عمرو بن خارجة، وقد ذكر أبو حاتم أن هذه رواية همام ، والذي وقفت عليه من رواية همام على الوجه الأول -كما سبق- وإنما وقفت على هذا الوجه من رواية: أبان العطار، وأبي عوانة ، وسعيد بن أبي عروبة ، وحماد بن سلمة ، وهشام الدستوائي ، ومجاعة بن الزبير ، وعبد الغفار بن القاسم ، وكذا طلحة بن عبد الرحمن - فيما رواه عنه القاسم ابن عيسى ، وفيما رواه زحمويه ، عن هشيم عنه - .
وقد ظهر من هذا أن ما وقع في هذا المسألة من تعيين رواية أبان العطار ، وهمام يختلف عمَّا وقفت عليه ، فإما أن يكون الأمر قد انقلب على أبي حاتم ، أو ابنه ، أو غيرهما ، أو يكون أبو حاتم قد اطلع على ما لم أقف عليه ، ويكون قد اختلف على أبان ، وهمام جميعاً ، فذكر عن كلٍّ منهما الوجه الذي لم أقف عليه ، فالله أعلم .(1/12)
الوجه الثالث : عن قتادة ،عن عمرو بن خارجة - بإسقاط شهر ، وعبد الرحمن جميعاً - وهذه رواية إسماعيل بن أبي خالد .
الوجه الرابع : عن قتادة ، عن الحسن البصري ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي خارجة ، وهذه رواية القاسم بن وليد .
فهذه أربعة أوجه عن قتادة ، وأضعفها الوجهان الأخيران ، فقد تفرد بالوجه الرابع القاسم بن وليد الهمداني وهو صدوق يغرب ، ( التقريب 5503 ) وتفرد عنه سليمان بن الحكم الواسطي ، قال الذهبي : ضعفوه . وقال ابن معين : ليس بشيء . وقال النسائي : متروك. ( الميزان 2/199 ) وقد ذكر في هذا الإسناد الحسن البصري ، ولا يذكره أحد سواه ، فهو وجه ساقط .
وأما الوجه الثالث فقد تفرد به إسماعيل بن أبي خالد ، وهو ثقة ثبت ( التقريب 438 ) ولكنه خالف الجماعة من أصحاب قتادة ، فإن كان قتادة حدث به على هذا الوجه فقد دلسه .
وعلى هذا تبقى الموازنة بين الوجهبن الأولين ، وقد ذكر أبو حاتم أن من قال : عن عبد الرحمن بن غنم أصح ، وهو الوجه الثاني ، والأمر كما قال أبو حاتم - رحمه الله - فقد اتفق على هذا الوجه سعيد بن أبي عروبة ، وهشام الدستوائي، وهما من الأثبات من أصحاب قتادة ، ( انظر شرح العلل 2/695) ولم يخالفهما أحد أثبت منهما في قتادة ، بل تابعهما أبو عوانة وحماد بن سلمة وغيرهما ممن سبق ذكره ، وهذا أمر ظاهر .
هذا ما يتعلق بالاختلاف على قتادة ، وقد روي عن شهر بن حوشب من غير طريق قتادة ، وهذا بيانه :
أولاً : مطر الوراق ، وقد روي عنه على وجهين :
الوجه الأول : عن مطر، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن عمرو بن خارجة ، وهذا هو الوجه الذي ذكره أبو حاتم عن مطر . وهو رواية سعيد بن أبي عروبة عنه .
الوجه الثاني : عن مطر ، عن شهر بن حوشب ، عن عمرو بن خارجة - بإسقاط عبد الرحمن بن غنم - وهذه رواية معمر، ومغيرة بن مسلم ، وورقاء بن عمر اليشكري.(1/13)
وقد يقال بترجيح الوجه الثاني عن مطر ، لأنه رواية الجماعة ، وقد يقال - أيضاً - بترجيح الوجه الأول ، لأن سعيداً أثبت من رواه عن مطرٍ ، ثم إنه موافق للوجه المحفوظ عن قتادة ، وقد زاد في الإسناد رجلاً ، ولعله لذلك اقتصر على ذكره أبو حاتم .
وقد سبق كلام الأئمة في مطرٍ وبيان حاله في ترجمته ، فيحتمل - أيضاً - أن يكون الاضطراب منه .
ثانياً : ليث بن أبي سليم ، وقد روي عنه على ثلاثة أوجه :
الوجه الأول : عن ليث بن أبي سليم ، عن شهر بن حوشب قال : أخبرني من سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذه رواية الثوري .
الوجه الثاني : عن ليث بن أبي سليم ، عن شهر بن حوشب ، عن عمرو بن خارجة ، وهذه رواية ابن إسحاق .
الوجه الثالث : عن ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، عن عمرو بن خارجة ، وهذه رواية حفص بن غياث .
ولعل هذا الاختلاف من اضطراب ليث بن أبي سليم ، فقد قال الإمام أحمد : ليث ابن أبي سليم مضطرب الحديث . وضعفه أحمد ، وابن معين وغيرهما . وقال أبو حاتم ، وأبو زرعة : ليث لا يشتغل به وهو مضطرب الحديث ( انظر ترجمته في المسألة رقم 30 ) .
ثالثاً : محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وقد رواه عن شهر بن حوشب ، عن عمرو بن خارجة ، وابن أبي ليلى هذا ضعفه يحيى بن سعيد . وقال شعبة : ما رأيت أحداً أسوأ حفظاً من ابن أبي ليلى . وقال أحمد : كان سيئ الحفظ ، مضطرب الحديث . وقال ابن معين: ليس بذاك . وفيه كلام غير ذلك. قال ابن حجر: صدوق سيئ الحفظ جداً . ( تهذيب التهذيب 3/627 ، التقريب 6081 ) .(1/14)
رابعاً : أبو بكر الهذلي ، واسمه سلمى بن عبد الله البصري ، وقيل غير ذلك ، سئل عنه شعبة فقال : دعني لا أقيء . وقال ابن معين : ليس بشيء . وقال : أبو بكر الهذلي إمامنا، وكان يكذب . وضعفه ابن المديني، وأبو زرعة ، والجوزجاني، ويعقوب بن سفيان ، وابن عمار وغيرهم . وقال أبو حاتم : لين الحديث يكتب حديثه ، ولا يحتج به . وقال النسائي : ليس بثقة ولا يكتب حديثه . وقال -أيضاً-: متروك الحديث . ولذا قال ابن حجر : أخباري متروك الحديث . ( تهذيب التهذيب 4/498 ، التقريب 8002 ) .
وقد اختلف عليه في ذكر عبد الرحمن بن غنم في هذا الحديث - أيضاً - فوقع فيما علقه أبو نعيم عنه بإسقاط عبد الرحمن بن غنم ، ولم يسقطه في رواية مسلم بن إبراهيم عنه ، ولعل هذا أرجح .
وبهذا يتبين أن هذا الحديث قد رواه عن شهر بن حوشب خمسة رواة ، وهم : قتادة ، ومطر ، وليث بن أبي سليم ، وابن أبي ليلى، وأبو بكر الهذلي ، وقد اختلفوا على شهر في إسناده ، واختلف عليهم - أيضاً - إلا ابن أبي ليلى ، ولا يبعد أن يكون أصل هذا الاختلاف من شيخهم شهر بن حوشب - وقد سبق كلام الأئمة فيه - ولكن ليس في الرواة عن شهر بن حوشب من يعتمد عليه غير قتادة ، والمحفوظ من روايته: عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن عمرو بن خارجة ، وقد قال الترمذي بعد سياقه من هذا الوجه : حديث حسن صحيح .
وفيما قاله الترمذي نظر لحال شهر بن حوشب ، والظاهر أن الترمذي مال إلى تقوية شهر بن حوشب ، فإنه نقل - بعد سياقه - عن أحمد بن حنبل قوله : لا أبالي بحديث شهر بن حوشب . ثم قال الترمذي : سألت محمد بن إسماعيل عن شهر بن حوشب فوثقه ، وقال : إنما يتكلم فيه ابن عون ، ثم روى ابن عون عن هلال بن أبي زينب عن شهر بن حوشب اهـ. فلعل الترمذي اعتمد قول البخاري هذا، ولعله أيضاً اعتبر شواهده.(1/15)
وعلى كل حالٍ فقد أعله بشهر بن حوشب الجوزجاني - كما سبق نقله في ترجمة شهر- وأشار إلى ضعفه البيهقي ( انظر السنن الكبرى 6/264-265 ) ، وابن الجوزي ( التحقيق 2/238 ) ، لحال شهر بن حوشب ، وإن كان قد توبع على هذا الحديث ، إلا أنها متابعات لا تثبت ، وهذا بيان ذلك .
أولاً : متابعة قدامة بن إبراهيم الجمحي المدني ، ولم أقف على من وثقه ، إلا أن ابن حبان ذكره في الثقات . ولذا قال الذهبي : وثق . وقال ابن حجر : مقبول . ( انظر: الجرح والتعديل 7/129 ، ثقات ابن حبان 5/319 ، تهذيب الكمال 23/542 ، الكاشف 2/397، التقريب 5525 ) وقد تفرد عنه ابنه عبد الملك ، وهو ضعيف ، ضعفه أبو حاتم، وقال : ليس بالقوي ، يحدث بالمناكير عن الثقات . وقال البخاري : تعرف وتنكر . وقال النسائي : ليس بالقوي . وقال الدارقطني : يترك . ومع ذلك فقد وثقه ابن معين ، والعجلي وغيرهما . ( انظر تهذيب التهذيب 3/622 ، التقريب 4204 ) فمثل هذه المتابعة لا تغني شيئاً لحال قدامة ، وابنه عبد الملك ، والله أعلم .
ثانياً : متابعة الحسن البصري ، وقد تفرد عنه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف، قال أحمد : منكر الحديث . وقال ابن معين : ليس بشيء . وقال ابن المديني: لا يكتب حديثه . وضعفه أبو زرعة، وأبو حاتم ، وقال النسائي : متروك الحديث . ( تهذيب الكمال 3/198 ، التقريب 484 ) فهذه المتابعة - أيضاً - لا تغني شيئاً .
ثالثاً : متابعة الشعبي ، وقد تفرد عنه السري بن إسماعيل الكوفي ، ابن عم الشعبي، وهو متروك الحديث ، كما قال أحمد ، وأبو داود ، والنسائي وغيرهم . وقال يحيى بن سعيد : استبان لي كذبه في مجلس . ( انظر : تهذيب التهذيب 10/227 ، التقريب 2221 ) فهذه متابعة ساقطة جداً .
وبهذا يتبين أن حديث عمرو بن خارجة هذا لا يثبت من جميع وجوهه ، مع ما في إسناده من الاختلاف - كما سبق بيانه - ولكن روي في هذا المعنى من غير حديث عمرو ابن خارجة ، وهذا بيانه :(1/16)
1- حديث أنس - رضي الله عنه - قال :" إني لتحت ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسيل عليّ لعابها ، فسمعته يقول : إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ، فلا وصية لوارث ، والولد للفراش ، وللعاهر الحجر ، لا يدعين رجل إلى غير أبيه ، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله متتابعة " .
أخرجه أبو داود 5/403 ح5115 ، وابن ماجه 2/906 ح2714، والطبراني في مسند الشاميين 1/360 ح621، والدارقطني 4/70 ح 8 - ومن طريقه البيهقي 6/264 - والضياء في المختارة 6/149-151 ح2144-2147 وغيرهم ، من طريق عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أنس بن مالك به، واللفظ للدارقطني، وهو مختصر عند أبي داود ، وابن ماجه ، ومطول عند الطبراني ، والضياء .
وهذا حديث وقع في إسناده اختلاف على ابن جابر ، ( انظر تفصيل ذلك في علل الدارقطني 4/ الورقة 86 ) . وقد اختلف في سعيد بن أبي سعيد هذا ، والظاهر أنه الساحلي ، وليس المقبري المشهور ، والساحلي هذا مجهول . ( انظر : تهذيب التهذيب 2/22 ، والتقريب 2322 ، والإرواء 6/90 ) .
وله عن أنس طريق آخر، ولا يصح - أيضاً - ( انظر : الفوائد لتمام 1/36 ح66 ، والموضح للخطيب 2/127 و282 ) ولذا قال البيهقي ، وقد روى هذا الحديث من أوجه أخر ، كلها غير قوية .
2- حديث أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع ، فسمعته يقول : " إن الله - عز وجل - قد أعطى كل ذي حقٍ حقه ، فلا وصية لوارث ، الولد للفراش ، وللعاهر الحجر ، حسابهم على الله ، من ادعى إلى غير أبيه ، أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة ، ألا لا يحل لامرأة أن تعطي من مال زوجها شيئاً إلا بإذنه " فقال رجل : يا رسول الله ، ولا الطعام ؟ قال : " ذاك أفضل أموالنا " .(1/17)
أخرجه أبو داود 3/395 ح2862 و4/203 ح3560، والترمذي 3/620 ح2120، وابن ماجه 1/647 ح2007 و2/905 ح2713 ، وأحمد 5/267 ح22294 ، والطيالسي 2/450 ح223، وعبد الرزاق 4/148 ح7277 و9/48 ح16308، وسعيد بن منصور 1/3/149 ح427 ، وابن أبي شيبة 6/208 ح30716 ، والطحاوي في شرح المعاني 3/104 ح4674 ، وابن حبان في المجروحين 1/215، والطبراني في الكبير 8/159 ح7615 و162 ح7621 ، وابن الغطريف في حديثه ص71 ح22 ، وابن شاهين في الجزء الخامس من الأفراد ص234-235 ح35- 36 ، والبيهقي 4/193 و6/212و264 ، والخطيب البغدادي في السابق واللاحق ص218-220 ، وغيرهم من طرقٍ متعددة عن إسماعيل بن عياش ، عن شرحبيل بن مسلم الخولاني، عن أبي أمامة به ، وهذا لفظ الطيالسي ، والبقية بنحوه إلا أن بعضهم اختصره . وزاد فيه بعضهم زيادات أخرى ، ولم أذكر من طرقه ما ليس فيه شاهد لحديث عمرو بن خارجة .
وقال الترمذي : هذا حديث حسن - وفي بعض النسخ : حسن صحيح - وقد روي عن أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير هذا الوجه ، ورواية إسماعيل بن عياش عن أهل العراق وأهل الحجاز ليس بذلك فيما تفرد به ، لأنه روى عنهم مناكير ، وروايته عن أهل الشام أصح .
سمعت أحمد بن الحسن يقول : قال أحمد بن حنبل : إسماعيل بن عياش أصلح بدناً من بقية ، ولبقية أحاديث مناكير عن الثقات .
وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن يقول : سمعت زكريا بن عدي يقول : قال أبو إسحاق الفزاري : خذوا عن بقية ما حدث عن الثقات ، ولا تأخذوا عن إسماعيل بن عياش ما حدث عن الثقات ولا غير الثقات اهـ .
وقال ابن شاهين : وهذا حديث غريب ، لا أعلم حدث به عن شرحبيل بن مسلم إلا إسماعيل بن عياش .(1/18)
وروى البيهقي - بعد سياقه - بسنده عن أحمد بن حنبل قال : إسماعيل بن عياش ما روى عن الشاميين صحيح ، وما روى عن أهل الحجاز فليس بصحيح . قال البيهقي : وكذلك قاله البخاري وجماعة من الحفاظ ، وهذا الحديث إنما رواه إسماعيل عن شامي ، والله أعلم .(1/19)
32/818- سألت أبي عن حديث رواه عبد العزيز بن عبد الصمد ، عن أيوب ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ، والحج ليس له جزاء إلا الجنة " قال أبي : هذا من حديث أيوب موقوف(1).
دراسة الرواة :
* عبد العزيز بن عبد الصمد العَمِّي ، أبو عبد الصمد البصري ، مات سنة 187 ، وقيل : بعد ذلك، روى عن : أبي عمران الجوني ، وداود بن أبي هند وغيرهما ، وعنه: أحمد ، وإسحاق ، وعلي ، ويحيى وغيرهم .
متفق على توثيقه ، قال ابن مهدي يوم مات : ما مات لكم شيخ منذ ثلاثين سنة يشبهه ، أو مثله ، أو أوثق منه .
قال في التقريب : [ ثقة حافظ ] .
الجرح والتعديل 5/388 ، تهذيب الكمال 18/165 ، تهذيب التهذيب 2/589، التقريب 4108 .
* أيوب بن أبي تميمة السختياني ، سبق في المسألة العاشرة ، وهو ثقة ، ثبت ، حجة، من كبار الفقهاء والعباد .
* أبو صالح السمان ، سبق في المسألة الخامسة والعشرين ، وهو ثقة ثبت .
* أبو هريرة - رضي الله عنه - سبقت ترجمته في المسألة الثانية.
التخريج :
- أخرجه الترمذي في العلل الكبير ص137 ح237 ، وأبو عوانة ( إتحاف المهرة 14/534 ح18167 ) ، من طريق نصر بن علي ،
والدارقطني في العلل 10/172 - معلقاً - عن يحيى بن حكيم المقوّم ،
كلاهما عن عبد العزيز بن عبد الصمد ، عن أيوب به بلفظه ، غير أن يحيى وقفه ولم يرفعه .
- وأخرجه الدارقطني في العلل 10/172 - معلقاً - عن عباد بن كثير ، عن أيوب به بلفظه ، وهو مرفوع .
- وأخرجه أبو عوانة ( إتحاف المهرة 14/534 ح18167 ) عن أيوب بن إسحاق ، وإسماعيل بن إسحاق القاضي ،
والطبراني في الأوسط 5/329 ح5456، والبيهقي في شعب الإيمان 8/39 ح3799، وقوام السنة في الترغيب والترهيب 2/15 ح1054 من طريق الحسن بن علي الحلواني ،
__________
(1) سبقت هذه المسألة من طريقين آخرين برقم 25/811 و27/813 .(1/1)
والدارقطني في العلل 10/173 - معلقاً - عن سعيد بن عتاب، وعن إسماعيل بن إسحاق القاضي وغيره ،
أربعتهم ( أيوب بن إسحاق ، وإسماعيل القاضي ، والحسن الحلواني ، وسعيد بن عتاب ) عن سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب السختياني ، عن عبيد الله ابن عمر العمري ، عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة به بنحوه ، زاد في رواية الحسن الحلواني - عند البيهقي ، وقوام السنة - : " وما سبح الحاج من تسبيحة ، ولا هلل من تهليلة ، ولا كبر من تكبيرة إلا بشر بها ببشيرة " وفي رواية الحلواني - أيضاً - : قال حماد بن زيد : فلقيت عبيد الله فحدثني عن سمي ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وهو مرفوع في جميع هذه المواطن إلا فيما علقه الدارقطني عن إسماعيل القاضي وغيره فقد ذكر أنه موقوف .
وقد سبق تخريج هذا الطريق في المسألة رقم 25/811 .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم أن حديث عبد العزيز بن عبد الصمد، عن أيوب، عن أبي صالح، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " إنما هو من حديث أيوب موقوف .
وقد تبين من التخريج السابق أن هذا الحديث روي عن أيوب على وجوه ، وهي :
الوجه الأول : عن أيوب ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذه رواية عباد بن كثير ، وعبد العزيز بن عبد الصمد - فيما رواه عنه نصر بن علي - . وهي التي ذكرها ابن أبي حاتم عن عبد العزيز بن عبد الصمد .
الوجه الثاني : عن أيوب ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة موقوفاً ، وهذه رواية عبد العزيز بن عبد الصمد - فيما رواه عنه يحيى بن حكيم المقوم - .(1/2)
الوجه الثالث : عن أيوب ، عن عبيد الله بن عمر العمري ، عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذه رواية حماد بن زيد - فيما رواه الجماعة ( وهم : أيوب بن إسحاق ، والحسن الحلواني ، وسعيد بن عتاب ) عن سليمان بن حرب ، عنه . وكذا هي رواية أبي عوانة ، عن إسماعيل بن إسحاق القاضي وغيره ، عن سليمان بن حرب ، عن حماد .
الوجه الرابع : عن أيوب ، عن عبيد الله بن عمر ، عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة موقوفاً ، وهذا وجه علقه الدارقطني عن إسماعيل القاضي وغيره ، عن سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب .
فهذا ملخص الاختلاف على أيوب في هذا الحديث ، والظاهر أن أبا حاتم إنما أراد الموازنة بين الوجهين الأولين فقط ، ولكن الحديث لا يثبت من هذين الوجهين جميعاً ، لا مرفوعاً ، ولا موقوفاً ، فقد قال الترمذي بعد سياقه : سألت محمداً عن هذا الحديث ، فقال : ما أرى أيوب سمع من أبي صالح . قال أبو عيسى : والمشهور عند الناس عن سمي ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - رواه سهيل ، والثوري ، ومالك وغير واحدٍ عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة .
وكلام الترمذي هذا يقتضي ترجيح الوجه الثالث في الاختلاف على أيوب ، وهو رواية حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن عبيد الله، عن سمي ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً ، ويؤيد ترجيح هذا الوجه ما يلي :(1/3)
1- أن حماد بن زيد أثبت من روى هذا الحديث عن أيوب ، فهو أثبت من عبد العزيز ابن عبد الصمد ، وأما عباد بن كثير الثقفي فهو متروك، قال أحمد: روى أحاديث كذب. ( التقريب 3139 ) ، فلا يعتد بروايته ، بل إن حماد بن زيد أثبت أصحاب أيوب هو وإسماعيل بن علية ، عند أئمة هذا الشأن ، قال أحمد : ما عندي أعلم بحديث أيوب من حماد بن زيد . وقال ابن معين: ليس أحد أثبت في أيوب من حماد بن زيد . ( انظر شرح علل الترمذي لابن رجب 2/699 ) ، ولا يعترض على ذلك بالرواية الموقوفة من حديث حماد بن زيد، وهي الوجه الرابع، فإن الاختلاف في ذلك على سليمان بن حرب ، والمحفوظ رواية الجماعة عنه مرفوعاً ، ولم أقف على من ذكر الوقف في هذا غير الدارقطني .
2- أن ذلك يكون موافقاً لرواية الجماعة الذين رووا هذا الحديث عن عبيد الله بن عمر على هذا الوجه ، ثم لرواية الجماعة الذين رووا هذا الحديث عن سمي على هذا الوجه ، وقد سبق ذكر ذلك في المسألتين رقم 25/811 و 27/813 ، وهذا ما أشار إليه الترمذي في عبارته السابقة .
3- أن هذا الحديث إنما يعرف عن سمي ، كما ذكر ذلك ابن عبد البر ، وكما تدل عليه عبارة الترمذي ( انظر المسألة رقم 27/813) .
وبهذا يعلم أن أصح طرق حديث أيوب : رواية حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن عبيد الله بن عمر، عن سمي ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأن معنى قول أبي حاتم : هو من حديث أيوب موقوف ، إنما هو فيما يظهر في الموازنة بين الوجهين الأولين فحسب . والله أعلم .
وحيث إن هذا الموضع هو آخر ثلاث مواضع ذكر فيها المؤلف هذا الحديث ، من حديث أبي صالح ، عن أبي هريرة ، فإنه يحسن أن أذكر ما وقفت عليه من طرقٍ لهذا الحديث ، عن غير أبي صالح ، وهي كالتالي :
أولاً : طريق ابن سيرين ، ومحمد بن المنكدر :(1/4)
- أخرجه البخاري في التاريخ الكبير 1/133 و6/130 - معلقاً-، والعقيلي 4/92، وابن عدي 6/223 ، وابن بشران في الأمالي 2/191 ح1323 ، من طرقٍ عن محمد بن عبد الله بن علاثة ،
والبخاري في التاريخ الكبير 1/133 و6/129 - معلقاً - عن عبد القاهر بن شعيب البصري ،
والعقيلي 4/92 من طريق محمد بن بكر البرساني ،
ثلاثتهم ( ابن علاثة ، وعبد القاهر ، والبرساني ) عن هشام بن حسان ، قال في رواية ابن علاثة : عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقال في رواية عبد القاهر، ومحمد بن بكر: عن عمر بن محمد بن المنكدر، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو بنحو اللفظ السابق .
فهذا اختلاف على هشام بن حسان في هذا الحديث ، وقد قال البخاري بعد ذكر حديث عبد القاهر: وهذا أصح وهو مرسل . فحكم البخاري بترجيح رواية عبد القاهر، عن هشام ، عن عمر بن محمد بن المنكدر ، عن أبيه ، عن أبي هريرة . وسبب ذلك أن البخاري قد ذكر أن في حفظ ابن علاثة نظراً ، ولم يذكر في عبد القاهر جرحاً ، فهو عنده أثبت .
ويؤيده متابعة محمد بن بكر البرساني له ، وهو صدوق قد يخطىء ، وقد أخرج له الجماعة ، ( التقريب 5760 ) وقد حكم العقيلي - أيضاً - بتقديم روايته على رواية ابن علاثة فقال : وهذا أولى مرسل فيه نظر . فوافق البخاري على ترجيح هذا المرسل .
ومعنى كونه مرسلاً ، هو أن محمد بن المنكدر لم يسمع من أبي هريرة ، كما ذكر ذلك ابن معين ، وذكر أبو زرعة أنه لم يلق أبا هريرة - أيضاً - ( المراسيل ص152 ) .
ثم ذكر البخاري وجهاً آخر لحديث ابن المنكدر، وهو من طريق محمد بن ثابت، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر مرفوعاً ، وقال البخاري : ولا يصح فيه جابر ، ولا ابن سيرين .
ثم ذكر حديث أبي نعيم ، عن سفيان ، عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : ما أظنه أخذوه إلا من هذا .(1/5)
ومعنى كلام البخاري أن هذا الحديث يعود إلى حديث سمي ، فكأن محمد بن المنكدر أخذه عن سمي ، ثم أرسله ، ففيه إشارة إلى أن هذا الحديث لا يصح من حديث أبي هريرة إلا من حديث سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة - كما سبق - .
وأما حديث جابر فله طرق أخرى وسيأتي الكلام عليه في المسألة رقم 105/892 .
ثانياً : طريق أبي حازم :
- أخرجه الدارقطني في الغرائب والأفراد ( الأطراف 5/283 ح5437 ) وقوام السنة في الترغيب والترهيب 3/65 ح2084، من طريق محمد بن إسماعيل الأحمسي ، عن عمرو ابن محمد العنقزي، عن سفيان الثوري ، ومسعر، عن منصور ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بنحو اللفظ السابق ، وزاد : قال سفيان : وتفسير المبرور : طيب الكلام ، وإطعام الطعام .
وقد قال الدارقطني : غريب من حديث منصور عنه - يعني أبا حازم - وغريب من حديث مسعر والثوري عنه ، تفرد به محمد بن إسماعيل الأحمسي ، عن عمرو العنقزي، عنهما .
فهذا الإسناد غريب ، كما قال الدارقطني ، وإن كان رواته ثقات ، والله أعلم .(1/6)
33/819- سمعت أبي وذكر حديثاً رواه عوف ، عن زياد بن حصين ، عن ابن عباس أنه تمثل وهو محرم :
وهن يمشين بنا هميساً(1).
فقال أبي : روى البصريون ، عن زياد بن حصين ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس ، ورواه الكوفيون ، عن زياد ، عن أبيه ، عن ابن عباس . قال أبي : البصريون(2)أعلم بزياد بن حصين .
دراسة الرواة :
* عوف بن أبي جميلة الأعرابي ، سبق في المسألة التاسعة والعشرين ، وهو ثقة ، رمي بالقدر والتشيع .
* زياد بن الحصين الرياحي، سبق في المسألة التاسعة والعشرين، وهو ثقة يرسل .
* عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة العاشرة .
* أبو العالية رفيع بن مهران الرياحي ، سبق في المسألة التاسعة والعشرين ، وهو ثقة كثير الإرسال .
* حصين بن قيس الحنظلي اليربوعي ، ويقال : الرياحي ، أبو زياد، روى عن ابن عباس ، ولم يرو عنه غير ابنه كما قال أبو حاتم.
ذكره البخاري وابن أبي حاتم ، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.
وبعضهم خلطه بحصين بن أوس ، ويقال : ابن قيس النهشلي ، وهذا له صحبة ، وهو من رجال التهذيب ، ولكنه غير صاحب الترجمة ، فقد فرقهما غير واحدٍ كالبخاري ، وابن أبي حاتم ، ونص على ذلك المزي - أيضاً - .
التاريخ الكبير 3/3 ، الجرح 3/195 ، تهذيب الكمال 6/513 .
التخريج :
- أخرجه البخاري في التأريخ الكبير 3/3 - معلقاً - عن معتمر ،
وسعيد بن منصور 3/806 ح345 - ومن طريقه البيهقي 5/67 - عن هشيم ،
وابن جرير في التفسير 2/153 من طريق ابن أبي عدي ،
__________
(1) في ( ت ، م ، ط ):" هميشاً " بالشين المعجمة ، وهو تصحيف ، والصواب بالمهملة كما في ( س ، ح ، ض ) فقد جودت هذه الكلمة ، وذلك بجعل قلامة فوق السين علامة للإهمال وهو صوت نقل أخفاف الإبل . انظر الفائق 4/114 ، والنهاية 5/273 . وهذا شطر بيت ، وتتمته : إن تصدق الطير ننك لميساً . كما سيأتي في التخريج .
(2) في ( ت ، م ، ط ) :" المصريون ". وهو تصحيف .(1/1)
وابن جرير -أيضاً- 2/155 من طريق إسحاق - وهو: ابن يوسف الأزرق -،
أربعتهم ( معتمر ، وهشيم ، وابن أبي عدي ، وإسحاق ) عن عوف به ، وقد جعلوه : عن زياد ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، إلا إسحاق ، فإنه جعله : عن زياد، عن أبي العالية ، عن ابن عباس . ولفظ الحديث بتمامه : عن زياد بن حصين، عن أبيه ، قال : " نزل ابن عباس - رضي الله عنه - عن راحلته ، فجعل يسوقها ، وهو يرتجز ، يقول :
وهن يمشين بنا هميسا ... ... ... إن تصدق الطير ننك لميسا
ذكر الجماع ، ولم يكنِّ عنه . فقلت : يا أبا عباس ، تقول الرفث ، وأنت محرم ؟ فقال : الرفث ما روجع به النساء " هذا لفظ هشيم ، والبقية بنحوه ، غير أن البخاري لم يسق لفظ معتمر .
- وأخرجه ابن أبي شيبة 3/310 ح14492 ، وابن جرير في التفسير 2/154 و155 ، والحاكم 2/276 - ومن طريقه البيهقي 5/67 - من طرقٍ عن الأعمش ،
وابن عبد البر في التمهيد 19/54 من طريق فطر بن خليفة ،
كلاهما ( الأعمش ، وفطر ) عن زياد بن حصين ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس به بنحو الرواية السابقة .
- وأخرجه ابن جرير في التفسير 2/154 من طريق شعبة ، عن قتادة ، عن رجلٍ ، عن أبي العالية ، عن ابن عباسٍ به بنحو الرواية السابقة .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم الاختلاف في هذا الحديث على زياد بن حصين ، من ثلاثة أوجه وهي :
الوجه الأول : عن زياد بن حصين ، عن ابن عباس ، وهذه رواية عوف بن أبي جميلة - فيما ذكره عنه أبو حاتم - .
ويحتمل أن لا يكون هذا الوجه مراداً ، بل المراد السؤال عن حديث عوف ، عن زياد ابن حصين ، وهو حديث ابن عباس هذا ، ويؤيد هذا الاحتمال أني لم أقف على هذا الوجه ، وقد وقفت على حديث عوف من غير هذا الوجه .(1/2)
كما يؤيده - أيضاً - أن الإمام أحمد سئل عن الاختلاف في هذا الحديث، بذكر الوجهين الثاني ، والثالث فقط ، أيهما أصح ؟ فقال الإمام أحمد : الناس يختلفون في إسناده ، ما أدري . ( انظر مسائل حرب الكرماني ص1274 رقم 2182 ) فلم يذكر في السؤال غير هذين الوجهين . مما يدل على أن الوجه الأول المذكور هنا غير داخل في الاختلاف ، وإنما المراد به الإشارة إلى أصل الحديث .
وعلى فرض أن يكون هذا الوجه أحد أوجه الاختلاف في هذا الحديث ، فإنه وجه ضعيف ، حيث سقط منه شيخ زياد بن حصين ، وقد ثبت عن عوف ما يخالفه .
الوجه الثاني : عن زياد بن الحصين ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس . وهذه رواية البصريين - فيما ذكره أبو حاتم - ولم أقف عليه عن أحدٍ من البصريين ، إلا من حديث عوف بن أبي جميلة - فيما رواه عنه إسحاق الأزرق فقط - وكذا هو رواية الأعمش ، وفطر بن خليفة ، وهما كوفيان ، كما رواه قتادة - وهو بصري - عن رجلٍ ، عن أبي العالية .
الوجه الثالث : عن زياد بن حصين ، عن أبيه ، عن ابن عباس، وهذه رواية الكوفيين - فيما ذكره أبو حاتم - ولم أقف عليه عن أحدٍ من الكوفيين ، وإنما وقفت عليه من حديث عوف بن أبي جميلة البصري - فيما رواه عنه الجماعة ، وهم : معتمر ابن سليمان ، وهشيم ، وابن أبي عدي - .(1/3)
وبهذا يتبين أن فيما نسبه أبو حاتم للكوفيين والبصريين إشكالاً ، فما نسبه للبصريين لا يروى إلا من وجهٍ ضعيف عن عوف ، فقد تفرد به إسحاق الأزرق ، وهو وإن كان ثقة إلا أنه قد خالفه الجماعة وهم : معتمر ، وهشيم ، وابن أبي عدي ، فروايتهم أولى بالصواب . وإنما يرويه عن أبي العالية الكوفيون ومنهم الأعمش ، وفطر بن خليفة ، وكذا القول فيما نسبه أبو حاتم للكوفيين فإنما هو الوجه المحفوظ عن عوف وهو بصري ، فإما أن يكون أبو حاتم اطلع على طرقٍ أخرى للحديث لم أطلع عليها ، أو يكون انقلب الأمر في نسبة الوجهين ، وقد يكون ذلك من النساخ ، فإن نسخ الكتاب ليست بمتقنة ، وربما اتفقت على الخطأ .
أما ما يتعلق بالترجيح بين هذين الوجهين فإن أبا حاتم رجح ما يرويه البصريون - فيما نسبه إليهم ، وهو الوجه الثاني - لأن البصريين أعلم بزياد بن حصين حيث أنه بصري - أيضاً - .
وبناءً على هذا فإن كان قد وقع في نسبة الوجهين قلب ينقلب الترجيح - أيضاً - فيكون الراجح هو الوجه الثالث بذكر أبيه ، لأنه رواية عوف بن أبي جميلة وهو بصري .
وبما أن النسبة للكوفيين والبصريين غير متحررة فينبغي أن يكون الترجيح بين هذين الوجهين من غير هذه القرينة ، والذي يظهر من النظر أن الوجه الثاني بجعله عن زياد بن الحصين ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس أقوى ، حيث اتفق عليه الأعمش ، وفطر بن خليفة ، وهما ثقتان ، ثم إنه قد روي من حديث أبي العالية من غير هذا الطريق، فقد رواه قتادة ، عن رجلٍ عن أبي العالية ، وهذا مرجح خارج عن محل الاختلاف ، على أنه يحتمل أن يكون هذا الرجل المبهم زياد بن الحصين ، فإن كان هو فإنه موافق لما ذكره أبو حاتم من أن رواية البصريين عن زياد بن حصين ، عن أبي العالية ، لأن قتادة بصري .
وعلى كل حالٍ فإن الظاهر أن الراجح في هذا الإسناد الوجه الثاني، وهذا ظاهر كلام أبي حاتم على ما فيه من الإشكال ، وهذا إسناد لا بأس به . والله أعلم .(1/4)
34/820- سألت أبي عن حديث رواه عمر بن علي المقدمي(1)، عن الحجاج ، عن عبادة بن نسي ، عن أبي زبيد ، عن أبي سعيد الخدري قال : " سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر ، وهو بين الجمرتين ، عن رجل حلق قبل أن يذبح ، وعن رجل حلق قبل أن يرمي ، وعن رجل طاف قبل أن يرمي " . قال أبي : بين حجاج بن أرطاة ، وعبادة بن نسي : محمد بن سعيد الأردني ، وأبو زبيد لا أعرفه .
دراسة الرواة :
* عمر بن علي بن عطاء بن مقدَّم المقدمي ، أبو حفص البصري ، مات سنة 190 ، أو بعدها ، روى عن : إسماعيل بن أبي خالد ، ويحيى الأنصاري ، وحجاج بن أرطاة وغيرهم . وعنه : أحمد بن حنبل ، وعفان ، وسليمان بن حرب وغيرهم . روى له الجماعة .
ثقة ، وثقه أحمد ، وابن سعد وغيرهما . وأثنى عليه أحمد ، وقال : كان يدلس ، ثم ذكر طريقة تدليسه . وقال ابن معين : كان يدلس ، وما كان به بأس . وقال ابن سعد : كان ثقة ، وكان يدلس تدليساً شديداً ، يقول : سمعت ، وحدثنا، ثم يسكت ، فيقول: هشام بن عروة ، والأعمش . وقال عفان : كان رجلاً صالحاً ولم يكونوا ينقمون عليه غير التدليس ، وأما غير ذلك فلا ، ولم أكن أقبل منه حتى يقول : حدثنا . وقال أبو حاتم : محله الصدق ، ولولا تدليسه لحكمنا له إذا جاء بزيادة ، غير أنا نخاف أن يكون أخذه عن غير ثقة . وكذا ذكر تدليسه جماعة من الأئمة .
لخص الحافظ حاله بقوله : [ ثقة ، وكان يدلس شديداً ] .
طبقات ابن سعد 7/291، الجرح والتعديل 6/124،تهذيب الكمال 21/470، تهذيب التهذيب 3/245 ، التقريب 4952 .
__________
(1) في ( ط ) :" المقدسي " وهو تصحيف . وفي ( ت ) ما يحتمل ذلك . ولم أستطع قراءة ( م ) .(1/1)
* الحجاج بن أرطاة بن ثور النخعي ، أبو أرطاة الكوفي القاضي ، مات سنة 145، روى عن : الشعبي، وعطاء بن أبي رباح، والزهري ، وعبادة بن نسي - كما هنا - وغيرهم . وعنه : شعبة ، والثوري ، وهشيم ، والحمادان ، والمقدمي وغيرهم . روى له البخاري في الأدب ، ورواية واحدة في الصحيح متابعة تعليقاً ، وروى له مسلم مقروناً ، وروى له الأربعة .
قال الثوري: عليكم به ، فإنه ما بقي أحد أعرف بما يخرج من رأسه منه . وقال أحمد: كان من الحفاظ ، قيل : فلم هو ليس عند الناس بذاك ؟ قال : لأن في حديثه زيادة على حديث الناس ، ليس يكاد له حديث إلا فيه زيادة . ونقل عن يحيى بن سعيد أنه لم يكن يرى أن يروي عنه ، وقال : هو مضطرب الحديث . وذكر أحمد - أيضاً - : أنه كان يروي عن رجال لم يلقهم ، وكأنه ضعفه . وقال ابن معين: صدوق ، ليس بالقوي ، يدلس . وقال - أيضاً -: لا يحتج بحديثه. وقال أبو زرعة : صدوق ، يدلس . وقال أبو حاتم: صدوق ، يدلس عن الضعفاء، يكتب حديثه، وأما إذا قال : حدثنا ، فهو صالح، لا يرتاب في صدقه وحفظه إذا بين السماع ، ولا يحتج بحديثه، لم يسمع من الزهري ... وقال النسائي: ليس بالقوي . وقال يعقوب بن شيبة: واهي الحديث، في حديثه اضطراب كثير . وقال : صدوق ، وكان أحد الفقهاء . وقال محمد بن نصر : الغالب على حديثه الإرسال والتدليس وتغيير الألفاظ . وقال إسماعيل القاضي : مضطرب الحديث لكثرة تدليسه . وقال ابن سعد : كان شريفاً ، وكان ضعيفاً في الحديث . وقال الدارقطني ، والحاكم : لا يحتج به . وقد وصفه بالتدليس جماعة من الأئمة ، منهم ابن المبارك حيث قال : كان الحجاج يدلس، وكان يحدثنا الحديث عن عمرو بن شعيب مما يحدثنا العرزمي، والعرزمي متروك لا نقر به . وفيه كلام غير ذلك .
قال ابن عدي : إنما عاب الناس عليه تدليسه عن الزهري وغيره، وربما أخطأ في بعض الروايات ، فأما أن يتعمد الكذب فلا، وهو ممن يكتب حديثه .(1/2)
قال الذهبي : وأكثر ما نقم عليه التدليس ، وكان فيه تيه لا يليق بأهل العلم .
ولخص الحافظ ابن حجر حاله بقوله : [ صدوق ، كثير الخطأ والتدليس ] وهو كما قال - رحمه الله - .
طبقات ابن سعد 6/359 ، الجرح والتعديل 3/154 ، الكامل 2/223 ، تاريخ بغداد 8/230 ، تهذيب الكمال 5/420 ، الميزان 1/458 ، تهذيب التهذيب 1/356 ، التقريب 1119 .
* عبادة بن نُسَي - بضم النون ، وفتح المهملة الخفيفة - الكندي، أبو عمرو الشامي، الأردني ، قاضي طبرية ، مات سنة 188 ، وهو شاب - كما قال ابن حبان - روى عن: عبادة بن الصامت ، وأبي الدرداء، وأبي سعيد الخدري وغيرهم. وعنه : أيوب بن قطن، وبرد بن سنان ، وحجاج بن أرطاة ، ومحمد بن سعيد الشامي المصلوب وغيرهم .
ثقة ، وثقه أحمد ، وابن معين ، والنسائي ، وابن سعد ، والعجلي وغيرهم .
قال ابن حجر : [ ثقة فاضل ] .
طبقات ابن سعد 7/456 ، ثقات العجلي ص247 ، الجرح والتعديل 6/96 ، ثقات ابن حبان 7/162 ، تهذيب الكمال 14/194 ، تهذيب التهذيب 2/286 ، التقريب 3160 .
* أبو زبيد ، لم أقف على بيان حاله ، ولم يعرفه أبو حاتم - كما سبق - فهو مجهول، وقد ذكره ابن منده في التابعين ، وأشار إلى حديثه هذا ، ولم يزد على ذلك، والله أعلم .
فتح الباب في الكنى والألقاب ص353 .
* أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - سبقت ترجمته في المسألة الثانية .(1/3)
* محمد بن سعيد الأردني، هو محمد بن سعيد بن حسان بن قيس القرشي، الأسدي، المصلوب ، ويقال : محمد بن سعيد بن عبد العزيز ، ويقال : ابن أبي عتبة ، ويقال : ابن أبي قيس ، ويقال : ابن أبي حسان ، ويقال : ابن الطبري ، ويقال غير ذلك في نسبه ، أبو عبد الرحمن ، ويقال : أبو عبد الله ، ويقال : أبو قيس الشامي الدمشقي ، ويقال : الأردني ، قال العقيلي : بلغني عن بعض أصحاب الحديث أنه قال : يقلب اسمه على نحو مائة اسم ، وما أبعد أن يكون كما قال . وذكر ابن حجر أنهم فعلوا ذلك ليخفى ، روى عن: عبادة بن نسي ، وعبد الرحمن بن غنم وغيرهما ، وعنه : مروان بن معاوية، وأبو معاوية الضرير وغيرهما ، روى له الترمذي ، وابن ماجه .
وضاع ، قال أحمد : قتله أبو جعفر في الزندقة ، حديثه حديث موضوع ، وكذا ذكر أبو حاتم ، وأبو زرعة ، والبخاري وغيرهم أنه قتل في الزندقة . وذكر أحمد أنه كان يضع عمداً . وذكره النسائي في الكذابين المعروفين بوضع الحديث . بل ذكر هو عن نفسه أنه كان يضع ، فقال : إذا كان الكلام حسناً لم أبال أن أجعل له إسناداً . وقال البخاري : ترك حديثه . وقال ابن معين : منكر الحديث ، وليس هو كما قالوا : صلب في الزندقة ، ولكنه منكر الحديث . وكلام الأئمة فيه كثير .
قال في التقريب : [ كذبوه ، وقال أحمد بن صالح : وضع أربعة آلاف حديث . وقال أحمد : قتله المنصور على الزندقة وصلبه ] .
تاريخ الدوري 2/518، العلل ومعرفة الرجال 2/380 ، التاريخ الكبير 1/94، الجرح والتعديل 7/262 ، تهذيب الكمال 25/264 ، تهذيب التهذيب 3/572 ، التقريب 5907 .
التخريج :
- أخرجه ابن جرير في تهذيب الأثار ( مسند ابن عباس 1/227 ح375 ) عن بشر بن معاذ العقدي ،
وفيه - أيضاً - 1/288 ح376 ، عن محمد بن إبراهيم بن صدران ،
وفيه - أيضاً - 1/228 ح377 عن هلال بن العلاء الرقي ، عن أبيه ،
والطحاوي في شرح المعاني 2/237 ح4079 عن ابن أبي داود،(1/4)
أربعتهم ( بشر ، ومحمد بن إبراهيم ، والعلاء ، وابن أبي داود ) عن عمر بن علي المقدمي به ، وتمامه :" فقال : لا حرج ، ثم قال : عباد الله، إن الله قد رفع عنكم الضيق والحرج ، ولكن تعلموا مناسككم ، فإنها من دينكم " إلا في رواية محمد بن إبراهيم فإنها مختصرة . ولم يذكر قوله " حلق قبل أن يرمي " في رواية بشر، ولا قوله : " حلق قبل أن يذبح "، وقوله :" طاف قبل أن يرمي " في رواية ابن أبي داود، وفيها " ذبح قبل أن يرمي". كما أسقط أبا زبيد في رواية محمد بن إبراهيم ، ورواية العلاء الرقي ، وقال في رواية بشر ابن معاذ : سمعت الحجاج يذكر عن عبادة بن نسي .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم في حديث عمر بن علي المقدمي ، عن الحجاج ، عن عبادة بن نسي، عن أبي زبيد ، عن أبي سعيد، أن بين الحجاج بن أرطاة ، وعبادة بن نسي: محمد بن سعيد الأردني ، وهو المصلوب ، ثم ذكر أنه لا يعرف أبا زبيد .
فهاتان علتان في هذا الحديث : الأولى : أن فيه محمد بن سعيد المصلوب ، وهو وضاع - كما سبق - ولكنه أُسقط من الإسناد ، حيث دلسه الحجاج بن أرطاة ، وهو مدلس - كما سبق في ترجمته - وقد جاء ما يدل على تدليسه في هذا الحديث، وهو ما جاء في رواية بشر بن معاذ : سمعت الحجاج يذكر عن عبادة بن نسي ، ولم أقف على رواية عن الحجاج يذكر فيها محمد بن سعيد ، أو على طريق آخر إلى محمد بن سعيد ، ولكن الحجاج قد عرف عنه إسقاط المتروكين .
الثانية : جهالة أبي زبيد - كما سبق - إلا أنه اختلف على عمر بن علي المقدمي في ذكر أبي زبيد وإسقاطه - كما سبق في التخريج - فذكره عن المقدمي بشر بن معاذ ، وابن أبي داود ، وأسقطه محمد بن إبراهيم بن صدران ، والعلاء الرقي ، والمحفوظ ذكره ، كما هو الوجه الذي ذكره أبو حاتم ، ويحتمل أن يكون إسقاطه من صنيع عمر بن علي المقدمي يدلسه تدليس تسوية . فإنه شديد التدليس -كما سبق- فلا يبعد أن يكون إسقاط أبي زبيد من فعله .(1/5)
وعلى كل حالٍ فهذا حديث ساقط ، ذكر فيه أبو زبيد أو لم يذكر ، فهو موضوع قبل أن يصل إليه ، ويكفي أنه من حديث المصلوب ، إلا أن معناه ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير هذا الوجه ، فأخرج مالك في الموطأ 1/335 ح242 ، عن ابن شهاب ، عن عيسى بن طلحة ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، أنه قال : وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للناس بمنى ، والناس يسألونه ، فجاءه رجل فقال له : يا رسول الله ، لم أشعر فحلقت قبل أن أنحر ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " انحر ، ولا حرج " ثم جاءه آخر فقال : يا رسول الله لم أشعر ، فنحرت قبل أن أرمي قال : " ارم ، ولا حرج " قال : فما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شيء قدم ولا أخر إلا قال : " افعل ، ولا حرج " .
ومن طريق مالك أخرجه البخاري 1/31 ح83 ، ومسلم 4/82 ح1306 وغيرهما ، وله طرق أخرى . والله أعلم .(1/6)
35/821- سألت أبي عن حديث رواه أبو داود الطيالسي ، عن همام ، عن قتادة ، عن عزرة(1)، عن الشعبي قال : أخبرني أسامة بن زيد " أنه أفاض من عرفة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم ترفع(2)راحلته يداً غادية(3)حتى أتى المزدلفة " .
36/822- وسألت أبي عن حديث رواه أبو داود ، عن همام ، عن قتادة ، عن عزرة ، عن الحسن العرني(4)، عن الفضل بن عباس " أنه كان رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المزدلفة ، ولم ترفع (2) راحلته يداً(5)غادية (3) حتى رمى الجمرة " . قال أبي : هذان الحديثان خطأ ، الشعبي لم يسمع من أسامة شيئاً فيما أعلم .
دراسة الرواة :
* أبو داود الطيالسي ، سليمان بن داود البصري الحافظ ، مات سنة 204 ، روى : عن شعبة ، والثوري ، وهمام وغيرهم ، وعنه: أحمد بن حنبل ، وابن المديني ، والفلاس وغيرهم .
متفق على توثيقه وحفظه ، وكان واسع الحفظ جداً ، قال ابن المديني : ما رأيت أحفظ من أبي داود الطيالسي . وقال الفلاس: ما رأيت في المحدثين أحفظ من أبي داود ، سمعته يقول : أسرد ثلاثين ألف حديثٍ ، ولا فخر ... .
__________
(1) في ( س ) :" عروة " . وهو تصحيف .
(2) في ( ت ، ط ) :" يرفع " بالياء . وفي ( س ، ح ، ض ) غير منقوطة . ولم أتبين ما في ( م ) .
(3) في ( س ) :" عادية " بالعين المهملة ، من العدو ، أي لم تسرع ، وأما بالغين المعجمة فقالوا: معناها : راجعة، والأول أولى وأقرب من حيث المعني ، وسيأتي في حديث ابن عباس ما يدل عليه ، وقد جاءت هذه الكلمة في مصادر التخريج على الوجهين، بل اختلفت فيها نسخ الكتاب الواحد كمسند الإمام أحمد ، ومسند الطيالسي. ( انظر تعليق المحققين لهذين الكتابين ) .
(4) في ( ت ، ط ) :" العزي " . وهو تصحيف .
(5) وقع بالرفع في هذا الموضع في جميع النسخ ، والموضع الأول بالنصب ، وهو الصحيح في الموضعين جميعاً . وهو في مسند الطيالسي بالنصب في الموضعين ، كما سيأتي في التخريج .(1/1)
وقد ذكر غير واحد من الأئمة أنه غلط في أحاديث ، ولكنها مغمورة في سعة حفظه ، فقد سئل عنه أحمد فقال : ثقة صدوق ، فقيل : إنه يخطئ ؟ فقال : يحتمل له . وقال ابن سعد : كان ثقة كثير الحديث ، وربما غلط .
قال ابن عدي : كان في أيامه أحفظ من بالبصرة ، مقدماً على أقرانه لحفظه ومعرفته ... وله أحاديث يرفعها ، وليس بعجب من يحدث بأربعين ألف حديث من حفظه أن يخطئ في أحاديث منها ، يرفع أحاديث يوقفها غيره ، ويوصل أحاديث يرسلها غيره ، وإنما أتى ذلك من حفظه ، وما أبو داود عندي وعند غيري إلا متيقظ ثبت .
وقال الخطيب : كان أبو داود يحدث من حفظه ، والحفظ خوان ، فكان يغلط ، مع أن غلطه يسير في جنب ما روى على الصحة والسلامة . وقال الذهبي : وقد أخطأ في عدة أحاديث ، لكونه كان يتكل على حفظه ولا يروي من أصله .
قال في التقريب : [ ثقة حافظ ، غلط في أحاديث ] .
الكامل 3/278 ، تاريخ بغداد 9/24 ، تهذيب الكمال 11/401 ، سير النبلاء 9/383 ، تهذيب التهذيب 2/90 ، التقريب 2550 .
* همام بن يحيى العَوْذي ، سبق في المسألة التاسعة ، وهو ثقة ، ربما وهم .
* قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، سبق في المسألة الخامسة، وهو ثقة ثبت .
* عزرة بن عبد الرحمن الخزاعي ، سبق في المسألة التاسعة ، وهو ثقة .
* الشعبي، عامر بن شراحيل الكوفي ، سبق في المسألة التاسعة، وهو ثقة مشهور فقيه فاضل .
* أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة التاسعة .
* الحسن بن عبد الله العُرَني - بضم المهملة وفتح الراء ، بعدها نون - البجلي الكوفي ، سبق في المسألة الثامنة عشرة ، وهو ثقة ، أرسل عن ابن عباس .
* الفضل بن عباس - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة التاسعة .
التخريج :
حديث الطيالسي في مسنده 2/26 ح670 بهذا اللفظ .
- وأخرجه أحمد 1/213 ح1829 عن بهز بن أسد ،
وأحمد - أيضاً - 5/206 ح21793 عن عبد الصمد ،(1/2)
وابن سعد 4/64، والبيهقي 5/127 من طريق عفان بن مسلم،
والبزار 7/65 ح2613 من طريق معاذ بن هشام ،
والطبراني في الكبير 1/178 ح462 ، وأبو سعيد عبد الله بن محمد الرازي في الجزء الثالث من حديث ابن ضريس ، ويوسف بن عاصم وغيرهما الورقة 12 من طريق هدبة ابن خالد ،
وأبو نعيم في الحلية 4/332 من طريق عاصم بن علي ، والعباس بن الفضل الأزرق ،
والبيهقي 5/127 من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ ،
ثمانيتهم ( بهز ، وعبد الصمد ، وعفان ، ومعاذ ، وهدبة ، وعاصم ، والأزرق ، والمقرئ ) عن همام عن قتادة ، عن عزرة ، عن الشعبي ، عن أسامة أنه حدثه به بنحوه، إلا أنه في رواية بهز، ومعاذ جعله رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - من جَمْعٍ إلى منى . ولم يقع التصريح بسماع الشعبي من أسامة في رواية العباس الأزرق ، وعلي بن عاصم .
وحديث الحسن العرني ، عن الفضل في مسند الطيالسي 2/283 ح1024 ولفظه : " أنه ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم ترفع راحلته يداً غادية حتى رمى الجمرة " . ولم يقل : " إلى المزدلفة " .
- وأخرجه أحمد 1/213 ح1829 عن بهز بن أسد ،
وأبو يعلى 12/88 ح6721 ، والطبراني في الكبير 18/297 ح764 من طريق هدبة ابن خالد ،
والطبراني في الكبير - أيضاً - 18/297 ح764 من طريق عاصم بن علي ،
والبيهقي 5/127 من طريق عفان بن مسلم ، وعبد الله بن يزيد المقرئ ،(1/3)
خمستهم ( بهز، وهدبة ، وعاصم، وعفان ، والمقرئ ) عن همام، عن قتادة، عن عزرة ، عن الشعبي أن الفضل حدثه ، ولفظه : " أنه كان رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جمعٍ حتى رمى جمرة العقبة ، فلم ترفع راحلة رجلها غادية حتى رمى جمرة العقبة " . هذا لفظ رواية الطبراني - عن هدبة ، وعاصم - والبقية بمعناه ، غير أنه وقع في حديث بهز بن أسد قلب بين هذا الحديث ، وحديث أسامة ، حيث جعل الفضل رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - من عرفة ، وأسامة رديفه من مزدلفة ، ووقع في رواية هدبة - عند أبي يعلى - : "... من جمع ... حتى أتى جمعاً " ، ولم يقع التصريح بسماع الشعبي من الفضل في رواية هدبة ، وعاصم .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم أن حديث أبي داود الطيالسي ، عن همام، عن قتادة، عن عزرة، عن الشعبي أخبرني أسامة ، وحديث أبي داود - أيضاً - عن همام ، عن قتادة، عن عزرة، عن الحسن العرني، عن الفضل بن عباس خطأ ، وأن الشعبي لم يسمع من أسامة شيئاً .
وقد سبق في المسألة رقم 9/795 سياق هذا الحديث بلفظ آخر عن الشعبي ، أن الفضل حدثه ، وأن أسامة حدثه ، وذكر فيه أبو حاتم أن الشعبي لا يمكن أن يكون سمع هذا من أسامة ، ولا أدرك الفضل .
وسبق نقل اتفاق الأئمة ابن معين ، وأحمد ، وابن المديني ، والحاكم على أن الشعبي لم يسمع من أسامة ، وأن اتفاقهم يكون حجة . وأنه لم يرو السماع إلا في هذا الحديث ، فلعله مما حدث به همام من حفظه ، فإنه كان يخطئ إذا لم يحدث من كتابه - كما سبق في ترجمته - .
وإنما يبقى في هذا الموطن الكلام على حديث الحسن العرني، عن الفضل بن عباس، وقد تبين من التخريج السابق أنه اختلف فيه على همام ، فروي عنه على وجهين :
الوجه الأول : عن همام ، عن قتادة ، عن عزرة ، عن الحسن العرني ، عن الفضل ابن عباس ، وهذه رواية أبي داود الطيالسي .(1/4)
الوجه الثاني : عن همام ، عن قتادة ، عن عزرة ، عن الشعبي ، عن الفضل بن عباس، وهذه رواية الجماعة ، وهم : بهز بن أسد ، وهدبة بن خالد، وعاصم بن علي، وعفان بن مسلم ، وعبد الله بن يزيد المقرئ .
ولا شك أن رواية الجماعة عن همام أرجح ، لاتفاقهم ، وهم جماعة من الثقات ، فإما أن يكون همام حدث به الطيالسي من حفظه فوهم فيه ، أو يكون أبو داود الطيالسي وهم فيه ، فإنه مع سعة حفظه أخطأ في أشياء حدث بها من حفظه - كما تقدم في ترجمته - .
على أنه لو فرض صحة ذكر الحسن العرني فيه . فإنه يبقى منقطعاً ، فإن الحسن العرني لم يسمع من عبد الله بن عباس ، بل لم يدركه كما قال أبو حاتم - وقد سبق ذلك في ترجمته - فكيف يدرك الفضل بن عباس ؟
وهذان الحديثان قد تفرد بهما همام(1)، عن قتادة ، وهو من الشيوخ من أصحاب قتادة ، وقد وقع في إسنادهما خطأ ، مما يدل على نكارة في أصل روايتهما عن قتادة .
ولكن قد روي هذا اللفظ عن أسامة بن زيد من غير هذا الوجه .
- فأخرج ابن خزيمة 4/265 ح2844 ، والحاكم 1/465 من طريق معاوية بن هشام ، عن سفيان، عن الأعمش ، عن الحكم، عن مقسم ، عن ابن عباس، عن أسامة : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أفاض من عرفة فأفاض بالسكينة ، وقال : أيها الناس عليكم بالسكينة ، فإن البر ليس بإيجاف الخيل والإبل ، قال : فما رأيت ناقته رافعة يدها حتى أتى جمعاً ، ثم أردف الفضل فأمر الناس بالسكينة ، وأفاض وعليه السكينة ، وقال: ليس البر بإيجاف الخيل والإبل ، فما رأيت ناقته رافعة يدها حتى أتى منى " .
إلا أن ذكر أسامة في هذا الحديث غير محفوظ ، فقد :
__________
(1) وقع في الطبعة القديمة لمسند الطيالسي ص88 ح635 في حديث أسامة: حدثنا شعبة ، وهمام ، فصار شعبة متابعاً لهمام في هذا الحديث. ولكن ذكر شعبة في هذا الموطن إقحام ولعله من الناسخ أو تداخل عند الطباعة ، ولذا فإنه غير مذكور في الطبعة الجديدة المحققة. والله أعلم .(1/5)
- أخرجه أبو داود 2/495 ح1915 ، والبيهقي 5/119، من طريق محمد بن كثير،
وأحمد 1/269 ح2427 ، عن مؤمل بن إسماعيل ،
كلاهما ( محمد ، ومؤمل ) عن سفيان الثوري ، عن الأعمش به بنحوه وفيه قوله : " رافعة يدها عادية " ولكن ليس فيه أسامة ، بل هو من مسند ابن عباس .
- وأخرجه البخاري في التاريخ الأوسط 1/439 - معلقاً - عن حفص بن غياث ،
وأبو داود 2/465 ح1915 - ومن طريقه البيهقي 5/126 - من طريق عبيدة بن حميد ،
وأحمد 1/277 ح2507 من طريق جرير بن عبد الحميد ،
ثلاثتهم ( حفص ، وعبيدة ، وجرير ) عن الأعمش ، عن الحكم به بنحوه ، وفيه زيادة ، وقد وقع في بعض ألفاظه قلب ، حيث جعل الفضل رديفه من عرفة، وأسامة بن زيد من المزدلفة ، ولذا قال البخاري بعد سياقه : والمستفيض عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أردف أسامة من عرفة إلى جمع ، وكذلك قال أسامة : أردفني النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت : الصلاة . قال : الصلاة أمامك ، ثم أردف الفضل من جمع إلى منى .
- وأخرجه أحمد 1/235 ح2099 عن وكيع ،
وأحمد - أيضاً - 1/251 ح2264 عن إسماعيل بن عمر ،
وأحمد 1/353 ح3309 عن يزيد بن هارون ،
والطيالسي 4/420 ح2825 ،
أربعتهم (وكيع، وإسماعيل، ويزيد، والطيالسي) عن المسعودي، وهو عبد الرحمن ابن عبد الله بن عتبة ، عن الحكم ، عن مقسم به بنحوه مختصراً ، ولم يذكر فيه إرداف أسامة ، والفضل ، وقال في رواية وكيع : فما رأيت رافعة يدها تعدو .(1/6)
وقد تبين بهذا أن معاوية بن هشام قد تفرد عن الثوري بجعله من مسند أسامة ، وخالفه محمد بن كثير ، ومؤمل بن إسماعيل ، عن الثوري ، فلعل هذا مما أخطأ فيه معاوية بن هشام فإنه كثير الخطأ كما قال الإمام أحمد . وقد قال ابن عدي : أغرب عن الثوري بأشياء . ولذا قال في التقريب : صدوق له أوهام . ( وستأتي ترجمته في المسألة السابعة والخمسين ) ، ويؤكد هذا الطرق الأخرى عن الأعمش ، وعن الحكم بجعله من مسند ابن عباس دون ذكر أسامة .
ولكن حديث ابن عباس هذا غير ثابت - أيضاً - فقد قال البخاري بعد سياقه : وحديث الحكم هذا عن مقسم مضطرب ، لما وصفنا ، ولا يدرى الحكم سمع هذا من مقسم أم لا .
وكان البخاري قد ذكر اختلافاً في متن هذا الحديث وإسناده ، وبعض ما ذكره ليس فيه محل الشاهد لحديث الباب فأعرضت عنه .
وهذا الحديث ليس من الأحاديث التي ذكر شعبة أن الحكم سمعها من مقسم، ( انظر: العلل ومعرفة الرجال 3/35 ، والمعرفة والتاريخ 2/584 ، ومقدمة الجرح والتعديل 1/130 ) .
وبناءً عليه فإنه حديث منقطع، قد دلسه الحكم، فقد وصفه بالتدليس النسائي، والدارقطني ( طبقات المدلسين ص47 ) .
ولم أقف على هذه الجملة ، وهي قوله : " فلم ترفع راحلته ... " في شيء غير هذين الحديثين ، وأما إرداف أسامة من عرفة ، والفضل من المزدلفة فهو أمر مستفيض كما قال البخاري ، وانظر المسألة رقم 103/890 . والله أعلم .(1/7)
37/823- سألت أبي عن حديث رواه عثمان بن عبد الرحمن الطرايفي قال : حدثنا محمد بن عَمْرٍو ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن جابر ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من حج عن أبيه ، أو عن أمه فقد قضى عنه حجه ، وكان له فضل عشر حجج " قال أبي : ليس هذا محمد بن عَمْرو(1)، إنما هذا(2)محمد بن عُمَر ، الذي يعرف بالمحرم ، وكان واهي الحديث ، وهذا عندي حديث باطل .
دراسة الرواة :
* عثمان بن عبد الرحمن بن مسلم الحراني ، أبو عبد الرحمن، وقيل : أبو عبد الله، ويقال : أبو محمد ، ويقال : أبو هاشم المكتِب ، المعروف بالطرائفي ، مات سنة 202 أو نحوها ، روى عن : أيمن بن نابل ، ومالك ، وابن أبي ذئب وغيرهم ، وعنه: عبد الله ابن محمد النفيلي ، وقتيبة بن سعيد ، وأحمد بن سليمان الرهاوي وغيرهم . روى له أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه .
وثقه ابن معين . وقال ابن شاهين : ثقة ، ثقة ، إلا أنه كان يروي عن الضعاف والأقوياء . وقال أبو حاتم : صدوق ، وأنكر على البخاري إدخاله في الضعفاء ، وقال : يحول منه ، وقال : يروي عن الضعفاء ، يشبه ببقية في روايته عن الضعفاء.
وقال أحمد: لا أجيزه . وقال البخاري : يروي عن قوم ضعاف . وقال ابن حبان : يروي عن قوم ضعاف أشياء يدلسها عن الثقات ، حتى إذا سمعها المستمع لم يشك في وضعها، فلما كثر ذلك في أخباره ألزقت به تلك الموضوعات، وحمل عليه الناس في الجرح ، فلا يجوز عندي الاحتجاج بروايته كلها على حالة من الأحوال ، لما غلب عليه من المناكير عن المشاهير، والموضوعات عن الثقات . وقال أبو أحمد الحاكم : يروي عن قوم ضعاف ، حديثه ليس بالقائم . وقال ابن نمير : كذاب .
__________
(1) في ( ت ) لحقت واو عمروٍ بما بعدها حيث كان بداية سطر .
(2) في ( ت ، م ، ط ) :" هذا هو ... " .(1/1)
وقال ابن عدي : سمعت أبا عروبة ينسبه إلى الصدق ، وقال : لا بأس به متعبد ، ويحدث عن قومٍ مجهولين بالمناكير ... ثم قال ابن عدي : وصورة عثمان بن عبد الرحمن أنه لا بأس به كما قال أبو عروبة ، إلا أنه يحدث عن قومٍ مجهولين بعجائب، وتلك العجائب من جهة المجهولين، وهو في الجزيرة كبقية في أهل الشام، وبقية - أيضاً - يحدث عن مجهولين بعجائب ، وهو في نفسه ثقة لا بأس به ، صدوق ، ما يقع فيه حديثه من الإنكار فإنما يقع من جهة من يروي عنه .
قال الذهبي في الكاشف: وثق . وقال في الميزان : أحد علماء الحديث بحران ...، ثم قال : وذكره العقيلي ، وابن عدي ، وهو لا بأس به في نفسه ، وأما ابن حبان فإنه يقعقع كعادته ، ثم ذكر كلامه السابق ، ثم قال : لم يرو ابن حبان في ترجمته شيئاً ، ولو كان عنده له شيء موضوع لأسرع بإحضاره ، وما علمت أن أحداً قال في عثمان بن عبد الرحمن هذا : إنه يدلس عن الهلكى ، إنما قالوا: يأتي عنهم بمناكير ، والكلام في الرجال لا يجوز إلا لتامِّ المعرفة ، تام الورع ، وكذا أسرف فيه محمد بن عبد الله بن نمير ، فقال : كذاب .
ولخص ابن حجر حاله بقوله : [ صدوق ، أكثر الرواية عن الضعفاء والمجاهيل فضعف بسبب ذلك ، حتى نسبه ابن نمير إلى الكذب ، ووثقه ابن معين ] .
التاريخ الكبير 6/238 ، الحرج والتعديل 6/157 ، المجروحين 2/96 ، الكامل 5/173 ، ثقات ابن شاهين ص203 ، تهذيب الكمال 19/428 ، الميزان 3/45 ، الكاشف 2/252 ، التقريب 4494.
* محمد بن عمرو بن علقمة الليثي ، أبو عبد الله ، وقيل : أبو الحسن المدني ، مات سنة 145 أو نحوها ، روى عن : أبيه ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، ومحمد بن إبراهيم التيمي وغيرهم، وعنه: شعبة ، والثوري ، وحماد بن سلمة وغيرهم . روى له البخاري مقروناً ، ومسلم متابعة ، وأخرج له الأربعة .(1/2)
وثقه ابن معين ، والنسائي - في رواية عنهما - وقال النسائي - في رواية - : لا بأس به . وقال يحيى القطان : رجل صالح ، ليس بأحفظ الناس للحديث . وقال أبو حاتم: صالح الحديث ، يكتب حديثه ، وهو شيخ . وذكره ابن حبان في الثقات، وقال : كان يخطئ .
وقال ابن معين - في رواية - : ما زال الناس يتقون حديثه ، قيل له : وما علة ذلك ؟ قال : كان يحدث مرة عن أبي سلمة بالشيء من رأيه ، ثم يحدث به مرة أخرى عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة . وقال أحمد : كان يحدث بأحاديث فيرسلها ، ويسندها لأقوامٍ آخرين ، وهو مضطرب الحديث . وقال ابن سعد : كان كثير الحديث ، يستضعف . وقال الجوزجاني : ليس بقوي الحديث ، ويشتهى حديثه . وفيه كلام غير ذلك .
قال ابن عدي : له حديث صالح ، وقد حدث عنه جماعة من الثقات ، كل واحدٍ منهم ينفرد عنه بنسخة ، ويغرب بعضهم على بعض ، وروى عنه مالك غير حديث في الموطأ وغيره ، وأرجو أنه لا بأس به .
لخص الذهبي حاله بقوله : شيخ مشهور ، حسن الحديث .
وابن حجر بقوله : [ صدوق ، له أوهام ] .
طبقات ابن سعد ( القسم المتمم لتابعي أهل المدينة ص663 ) ، تاريخ ابن محرز 1/107 ، أحوال الرجال ص141 ، الجرح والتعديل 8/30، الكامل 6/224 ، ثقات ابن حبان 7/377 ، تهذيب الكمال 26/212 ، الميزان 3/673 ، شرح العلل 2/403 ، تهذيب التهذيب 3/663 ، التقريب 6188 .
* عطاء بن أبي رباح ، سبق في المسألة السادسة ، وهو ثقة فقيه فاضل ، لكنه كثير الإرسال .
* جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري ، الخزرجي، السَّلَمي، أبو عبد الله، ويقال : أبو عبد الرحمن ، ويقال : أبو محمد المدني ، صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن صاحبه ، استشهد أبوه في أحد ، وبقي هو حتى مات سنة بضع وسبعين ، وهو أحد المكثرين من الرواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
معرفة الصحابة لأبي نعيم 2/529، تهذيب الكمال 4/443، الإصابة 1/213، التقريب 871 .(1/3)
* محمد بن عمر المحرم ، ومنهم لم يذكر اسم أبيه ، روى عن عطاء ، وعنه : شبابة ، وأبو توبة الربيع بن نافع .
قال ابن معين : ليس حديثه بشيء . وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث ، واهي الحديث . وقال البخاري : منكر الحديث . وقال ابن عدي : وهو قليل الحديث ، ومقدار ماله لا يتابع عليه .
وقيل : هو محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي المكي ، وكأنه نسب إلى جده عمير ، ثم تصحف إلى عمر ، وكان يقال له المحرم ، لأنه كان يحرم السنة كلها ناوياً الحج.
وهذا - أيضاً - ضعفه ابن معين ، وقال : ليس بشيء . وقال أبو حاتم : ليس بذاك الثقة ، ضعيف الحديث . وقال أبو زرعة : لين الحديث . وقال - أيضاً - ليس بقوي . وقال البخاري : ليس بذاك الثقة . وقال - أيضاً - : منكر الحديث . وقال النسائي : متروك .
تاريخ الدوري 4/414 ، التاريخ الكبير 1/242 و1/148، الجرح والتعديل 7/300 و8/19 ، الكامل 6/142 و6/220 ، الميزان 3/590 و3/669 ، لسان الميزان 5/216 و5/320 وانظر الإكمال لابن ماكولا 7/171، وتوضيح المشتبه 8/86.
التخريج :
- أخرجه الدارقطني 2/260 ح112 من طريق أبي كريب ، عن عثمان بن عبد الرحمن الطرايفي ، عن محمد بن عمرو البصري به بنحوه .
- وأخرجه الطبراني في الأوسط 8/11 ح7800 ، وابن عدي 4/87 ، والدارقطني 2/260 ح110 ، وقوام السنة في الترغيب والترهيب 1/279 ح441، من طريق محمد ابن حرب النشائي ، عن صلة بن سليمان ، عن ابن جريج ،
والفاكهي في أخبار مكة 1/387 ح821 عن محمد بن أبي عمر ، عن الحكم بن القاسم ، عن عبد الله بن حبيب الدمشقي ،
والطبراني في الكبير 5/200 ح5083 ، من طريق سلام بن مسكين ، عمن حدثه ،
والدارقطني 2/259 ح109 من طريق أبي خالد الأموي ، عن أبي سعد البقال ،(1/4)
أربعتهم ( ابن جريج ، وعبد الله بن حبيب ، وشيخ سلام بن مسكين ، وأبو سعد البقال ) عن عطاء بن أبي رباح ، جعله في رواية ابن جريج عن ابن عباس ، وفي رواية البقية جعله عن زيد بن أرقم ، ولفظه في رواية ابن جريج : " من حج عن أبويه أو قضى عنهما مغرماً بعث يوم القيامة مع الأبرار " . ولفظه في رواية عبد الله بن حبيب : " من حج عن والديه ولم يحجا أجزأ عنه وعنهما ، وبشرت أرواحهما في السماء ، وكانت له عند الله - عز وجل - براً " . ونحوها رواية أبي سعد البقال . واكتفى بأوله في رواية شيخ سلام بن مسكين .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم في حديث عثمان بن عبد الرحمن الطرايفي ، قال : حدثنا محمد بن عمرو ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن جابر ، ذكر أن محمد بن عمرو هذا ، إنما هو محمد ابن عمر المحرم ، وهو واهي الحديث ، وحديثه هذا باطل .
والمراد بمحمد بن عمرو الذي نفى أبو حاتم أن يكون صاحب هذا الحديث ، محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي ، هذا ما تبين لي في ذلك ، وهو مدني ، لا بصري ، وقد وقع في رواية الدارقطني السابقة نسبته إلى البصرة ، فلا أدري ما وجه ذلك ، إلا أن يكون ذلك وهماً ، وإلا فإن محمد بن عمرو ، ومحمد المحرم كلاهما مدني ، لا بصري .
وما ذكره أبو حاتم في هذا الحديث صحيح ، فإن محمد بن عمرو بن علقمة لم يذكر له رواية عن عطاء بن أبي رباح ، وإنما الذي يروي عن عطاء هو محمد بن عمر المحرم - كما سبق في ترجمتيهما - ثم إن الطرايفي قد عرف برواية الغرائب عن الضعفاء والمجاهيل - كما سبق في ترجمته - وهذا الحديث من هذه الغرائب ، فإلصاقه بالمحرم أولى من نسبته إلى محمد بن عمرو المشهور .(1/5)
وقد حكم أبو حاتم على هذا الحديث بأنه باطل ، وهو كما قال على جميع الاحتمالات الواردة في إسناده ، سواء في الاختلاف في تعيين شيخ الطرايفي فيه أو الاختلاف في تعيين محمد المحرم - كما سبق في ترجمته - فإن هذا حديث فرد غريب ، وقد اشتمل على إثبات فضل كبير ، لا يصح أن يثبت بمثل هذا الحديث ، ثم إنه اشتمل على معنى مشكل ، وهو أن العبادة الواحدة وهي الحج تجزئ عن شخصين ، الحاج والمحجوج عنه ، فهو حديث باطل إسناداً ومتناً ، والله أعلم .
هذا ما يتعلق بما ذكره أبو حاتم في هذا الحديث ، وقد بقي أنه قد روي عن عطاء بن أبي رباح على ثلاثة أوجه ، وهي :
الوجه الأول : عن عطاء بن أبي رباح ، عن جابر مرفوعاً ، وهذا هو الوجه الذي ذكره أبو حاتم ، وقد سبق القول فيه .
الوجه الثاني : عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس مرفوعاً، وهذه رواية صلة ابن سليمان ، عن ابن جريج ، عن عطاء، وقد تفرد بهذا صلة، كما ذكر ذلك الطبراني، والدارقطني ( انظر أطراف الأفراد والغرائب 3/282 ح2667 ) ، وصلة هذا ضعفه ابن معين ، وقال: ليس بثقة . وقال - أيضاً - : كان كذاباً . وقال النسائي : متروك الحديث . وقال الدارقطني : يترك حديثه عن ابن جريج وشعبة ، ويعتبر بحديثه عن أشعث الحمراني . ( انظر : تاريخ الدوري 2 /271 ، الكامل 4/87 ، الميزان 2/320 ) وقد ذكر ابن عدي والذهبي هذا الحديث من مناكيره ، فهو حديث ساقط ، لا يلتفت إليه .
الوجه الثالث : عن عطاء ، عن زيد بن أرقم مرفوعاً ، وقد روي هذا الوجه عن عطاء من ثلاثة طرق : أولها : طريق عبد الله بن حبيب الدمشقي ، ولم أعرفه ، إلا أن يكون عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت فهو الذي يروي عن عطاء ، وهو ثقة ( التقريب 3270 ) ولكنه كوفي وليس دمشقياً ، والراوي عنه في هذا الإسناد الحكم بن القاسم ، ولم أقف على ترجمته - أيضاً - فمثل هذا الإسناد لا يعتمد عليه .(1/6)
ثانيها : طريق سلام بن مسكين ، عمن حدثه، عن عطاء، وهذا طريق فيه راوٍ مبهم، لا يدرى من هو ، فلا يعتمد عليه .
والطريق الثالث : طريق أبي سعد البقال ، وهو سعيد بن المرزبان العبسي . قال ابن معين : ليس بشي ، لا يكتب حديثه . وقال عمرو بن علي : ضعيف الحديث، متروك الحديث . وقال أبو زرعة : لين الحديث ، ومدلس ، قيل : هو صدوق ؟ قال : نعم ، كان لا يكذب . وقال أبو حاتم : لا يحتج بحديثه . وقال البخاري : منكر الحديث . وضعفه النسائي وغيره . وفيه كلام غير ذلك . قال ابن حجر : ضعيف مدلس . ( تهذيب التهذيب 2/41 ، التقريب 2389 ) فمثل هذا الطريق - أيضاً - لا يعتمد عليه .
وبهذا يعلم أن هذا الحديث من جميع طرقه ، وألفاظه لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقد روي في فضل الحج عن الوالدين حديثان آخران ، ولا يثبتان - أيضاً - ( انظر : تاريخ أصبهان لأبي نعيم 2/16 ، والترغيب والترهيب لقوام السنة 1/279 ح442 ) .
وأما مشروعية الحج عن الغير من والدٍ وغيره ، فهي مسألة أخرى ، وفيها أحاديث ثابتة في الصحيحين وغيرهما . وانظر المسائل الآتية : 52/838 و 55/841 و 95/881 والله أعلم .(1/7)
38/824- سألت أبي عن حديثٍ رواه بشر بن بكر ، عن الأوزاعي ، عن عبد الله ابن عبيد بن عمير ، عن أبيه قال : قال علي لعمر : لم نهيت عن متعة الحج ؟ فقال عمر : أحببت أن يكثر زُوَّار هذا البيت . فقال علي : من أفرد الحج(1)فقد أحسن ، ومن تمتع بالحج فقد أخذ بكتاب الله - عز وجل(2)- وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - قال أبي : رواه الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن عبد الله بن عبيد قال : قال علي . قال أبي : لم يذكر عبيد بن عمير . قال أبي : يدل رواية الوليد على أن الصحيح كما رواه ، بلا عبيد ابن عمير ، لأن الوليد رفاع. قلت : فإذا(3)لم يوصله الوليد فهو مرسل أشبه ، بلا عبيد ابن عمير ؟ قال : نعم .
دراسة الرواة :
* بشر بن بكر التِّنِّيسي ، أبو عبد الله البجلي ، دمشقي الأصل ، مات سنة 205، وقيل 200 . روى عن : حريز بن عثمان ، والأوزاعي وغيرهما ، وعنه : دحيم ، والشافعي ، وابن عبد الحكم وغيرهم .
ثقة ، وثقه أبو زرعة ، والعجلي ، والعقيلي ، والدارقطني وغيرهم . وقال أبو حاتم : ما به بأس . وقال مسلمة بن قاسم : روى عن الأوزاعي أشياء انفرد بها، وهو لا بأس به - إن شاء الله - .
قال الذهبي وابن حجر : ثقة . وزاد ابن حجر : يغرب .
ثقات العجلي ص80 ، الجرح والتعديل 2/352 ، سؤالات السلمي للدارقطني ص143، تهذيب تاريخ دمشق 3/231 ، تهذيب الكمال 4/95 ، الكاشف 1/154، تهذيب التهذيب 1/224 ، التقريب 677 .
__________
(1) في ( ت ، م ، ط ) :" بالحج ".
(2) قوله :" عز وجل " ليس في ( س ، ح ، م ) .
(3) في ( ت ، م ، ط ) :" ماذا " وهو تصحيف .(1/1)
* عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، الشامي ، الفقيه ، كان يسكن دمشق خارج باب الفراديس ، بمحلة الأوزاع ، ثم تحول إلى بيروت ، حتى مات بها مرابطاً سنة 157، وقيل: قبلها. روى عن : إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وقتادة ، ونافع، والزهري، وعبد الله بن عبيد بن عمير وغيرهم . وعنه : مالك، وشعبة ، والثوري ، وبشر بن بكر، والوليد بن مسلم وغيرهم .
متفق على إمامته وجلالته وعلمه وفقهه ، قال ابن عيينة : كان إمام - يعني : إمام زمانه - . وقال ابن مهدي : ما كان بالشام أعلم بالسنة منه .
قال في التقريب : [ ثقة جليل ] .
الجرح والتعديل 5/266 ، ومقدمته 1/184-219، تهذيب الكمال 17/307، تهذيب التهذيب 2/537 ، التقريب 3967 .
* عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي ، ثم الجندعي ، أبو هشام المكي ، استشهد غازياً سنة 113 . روى عن أبيه - وقيل لم يسمع منه - وعائشة ، وابن عباس ، وابن عمر وغيرهم . وعنه : جرير بن حازم ، وإسماعيل بن أمية ، والأوزاعي وغيرهم .
ثقة ، وثقه أبو زرعة ، وأبو حاتم ، والعجلي وغيرهم . وقال النسائي : ليس به بأس . وذكر البخاري عن ابن جريج قال : لم يسمع من أبيه شيئاً ، ولا يذكره . وذكر ابن محرز عن ابن معين أنه قال : قالوا : إن عبد الله بن عبيد بن عمير لم يسمع من أبيه في بعض حديثه .
قال في التقريب : [ ثقة ] .
تاريخ ابن محرز 1/130، التاريخ الأوسط 1/293 ، ثقات العجلي ص267 ، الجرح والتعديل 5/101 ، تهذيب الكمال 15/259 ، تهذيب التهذيب 2/279 ، التقريب 3455 .
* عبيد بن عمير بن قتادة الليثي ، ثم الجندعي ، أبو عاصم المكي ، قاص أهل مكة ، ولد على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومات سنة 68، قبل ابن عمر ، روى عن : أبيه ، وعمر ، وعلي ، وأبي بن كعب وغيرهم . وعنه : ابنه عبد الله - وقيل لم يسمع منه - وعطاء ، ومجاهد وغيرهم .(1/2)
ثقة متفق عليه ، قال العجلي : تابعي ثقة ، وكان قاص أهل مكة في زمانه، من كبار التابعين، كان ابن عمر يجلس إليه، ويقول: لله در ابن قتادة ماذا يأتي به .
قال في التقريب : [ مجمع على ثقته ] .
ثقات العجلي ص321 ، الجرح والتعديل 5/409 ، تهذيب الكمال 19/223 ، تهذيب التهذيب 3/38 ، التقريب 4385 .
* أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - سبقت ترجمته في المسألة الثالثة عشرة .
* أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي ، العدوي ، أبو حفص ، ولد بعد الفيل بثلاث عشرة سنة ، وقتل في محرابه شهيداً سنة 23 في شهر ذي الحجة ، وقد ولي الخلافة عشر سنين ونصفاً ، مناقبه جمة ، وفضائله مشهورة ، تغني عن الإطناب في ذكره - رضي الله عنه - .
انظر : فضائل الصحابة لأحمد 1/244 ، وفضائل الخلفاء الأربعة لأبي نعيم ، الإصابة 2/518 ، تهذيب التهذيب 3/221 .
* الوليد بن مسلم الدمشقي ، سبق في المسألة الثانية ، وهو ثقة، ولكنه كثير التدليس والتسوية .
التخريج :
- أخرجه البيهقي 5/21 من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، عن بشر بن بكر به بنحوه .
ولم أقف عليه من طريق الوليد بن مسلم .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم الاختلاف في هذا الحديث على الأوزاعي من وجهين :
الوجه الأول : عن الأوزاعي، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن أبيه ، قال: قال علي ... وهذه رواية بشر بن بكر .
الوجه الثاني : عن الأوزاعي ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، قال : قال علي ... وهذا مرسل ، فإن عبد الله بن عبيد لم يدرك عمر ولا علي بن أبي طالب، وهذه رواية الوليد بن مسلم عن الأوزاعي .(1/3)
وقد رجح أبو حاتم الوجه الثاني المرسل ، وحجته أن الوليد بن مسلم رفاع . وهذا يعني أن الخوف أن يرفع الوليد بن مسلم ما ليس مرفوعاً ، فإذا قصر بحديث فأرسله ، أو أوقفه فكأنه قد أتقنه ، وهذه حجة قوية، فإن الوليد في نفسه ثقة، وإنما الخوف من تدليسه، أو رفعه ما ليس مرفوعاً ، وهذا غير وارد في هذا الحديث.
على أنه لو فرض ترجيح الوجه الأول، وهو رواية بشر بن بكر، فإنه يبقى أن في سماع عبد الله بن عبيد بن عمير من أبيه نظراً - كما سبق ذكره عن ابن جريج ، وابن معين - وعلى هذا فالحديث لا يصح على الاحتمالين جميعاً ، والله أعلم .
ولكن جاء عن عمر نهيه عن المتعة من غير هذا الوجه ، فأخرج مسلم 4/38 ح1217 وغيره من حديث أبي نضرة قال: كان ابن عباس يأمر بالمتعة، وكان ابن الزبير ينهى عنها، قال : فذكرت ذلك لجابر بن عبد الله، فقال: على يديَّ دار الحديث، تمتعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلما قام عمر قال : إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء ، وإن القرآن قد نزل منازله ، فأتموا الحج والعمرة لله، كما أمركم الله، وأبتوا نكاح هذه النساء ، فلن أوتى برجل نكح امرأة إلى أجلٍ إلا رجمته بالحجارة . وفي رواية : فافصلوا حجكم من عمرتكم ، فإنه أتم لحجكم ، وأتم لعمرتكم .
وفي هذا عن عمر أحاديث أخرى ، انظر مسند الفاروق للحافظ ابن كثير 1/303-304 .
كما جاء عن علي - أيضاً - إنكاره النهي عن المتعة ، فأخرج البخاري 2/176 ح1569 ، ومسلم 4/46 ح1223 وغيرهما من حديث سعيد بن المسيب قال : اجتمع علي ، وعثمان - رضي الله عنهما - بعسفان ، فكان عثمان ينهى عن المتعة أو العمرة ، فقال علي : ما تريد إلى أمرٍ فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تنهى عنه ؟ فقال عثمان : دعنا منك ، فقال : إني لا أستطيع أن أدعك، فلما أن رأى علي ذلك أهل بهما جميعاً . هذا لفظ مسلم . وللحديث طرق متعددة في الصحيح وغيره ، والله أعلم .(1/4)
39/825- سألت أبي عن حديث رواه الهقل بن زياد ، عن الأوزاعي ، عن يحيى قال: حدثني أبو سلمة قال :" نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعقيق(1)، وقال : أتاني آتٍ من ربي - عز وجل - فقال : صلِّ في هذا الوادي المبارك ، وقل : عمرة في حجة ". قال أبي : رواه(2)الناس عن الأوزاعي ، عن يحيى ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
دراسة الرواة :
* الهقل بن زياد السكسكي ، مولاهم ، أبو عبد الله الدمشقي ، ثم البيروتي، كاتب الأوزاعي ، قيل : هقل لقب ، واسمه : محمد ، وقيل : عبد الله . مات سنة 179 أو بعدها . روى عن : الأوزاعي ، وحريز بن عثمان وغيرهما . وعنه : أبو مسهر ، وبقية ، وهشام بن عمار وغيرهم .
ثقة ، وثقه ابن معين ، وأبو زرعة ، والنسائي ، والعجلي وغيرهم . وقال أحمد : لا يكتب حديث الأوزاعي عن أوثق من هقل . وقال أبو مسهر : ما كان هاهنا أحد أثبت في الأوزاعي من هقل . وقال : هو المقدم . وقال ابن معين : ما كان بالشام أوثق من هقل . وقال ابن عمار : الهقل من أثبت أصحاب الأوزاعي . وقال مروان بن محمد الطاطري : كان أعلم الناس بالأوزاعي ، وبمجلسه وحديثه وفتياه عشرة أنفس ، أولهم هقل بن زياد. وكلام الأئمة في تقديمه في أصحاب الأوزاعي أكثر من هذا .
قال الذهبي : إمام مفت ثبت .
وقال ابن حجر : [ ثقة ] .
__________
(1)
(1) العقيق هو : كل مسيل ماء شقه السيل في الأرض فأنهره ووسعه ، وفي ديار العرب أعقه ، وذكر الفيروزآبادي أنها سبعة أعقة ، والمراد هنا عقيق المدينة ، وفيه عيون ونخل ، وقيل : هما عقيقان ، الأكبر مما يلي الحرة إلى قصر المراجل، والعقيق الأصغر ما سفل عن قصر المراجل إلى منتهى العرصة . (انظر : مراصد الاطلاع 2/952 ، المغانم المطابة 3/948 ).
(2) في ( س ، ح ، ض ) :" ورواه " بزيادة واو .(1/1)
التاريخ الكبير 8/248 ، ثقات العجلي ص460 ، سؤالات الآجري 2/203 ، طبقات الأسماء المفردة للبرديجي ص156 ، الجرح والتعديل 9/122 ، تهذيب الكمال 30/292 ، الكاشف 3/225 ، شرح العلل 2/730 ، تهذيب التهذيب 4/282 ، التقريب 7314 .
* الأوزاعي ، عبد الرحمن بن عمرو ، سبق في المسألة الثامنة والثلاثين ، وهو إمام ثقة جليل .
* يحيى بن أبي كثير الطائي ، مولاهم ، أبو نصر اليمامي ، واسم أبيه : صالح بن المتوكل ، وقيل : يسار ، وقيل : نشيط ، وقيل : دينار . مات سنة 129 وقيل 132 . روى عن : أنس - ولم يسمع منه ، وإنما رآه - وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، وعكرمة وغيرهم. وعنه: أيوب، والأوزاعي ، وهشام بن حسان ، والدستوائي، وعلي بن المبارك وغيرهم .
متفق على إمامته وجلالته وضبطه وإتقانه . قال أيوب : ما بقي على وجه الأرض مثل يحيى بن أبي كثير . وقال القطان : سمعت شعبة يقول : يحيى أحسن حديثاً من الزهري . وقال أحمد بن حنبل : يحيى من أثبت الناس ، إنما يعد مع الزهري ، ويحيى بن سعيد ، وإذا خالفه الزهري فالقول قول يحيى .
قال في التقريب : [ ثقة ثبت ، لكنه يدلس ويرسل ] .
التاريخ الكبير 8/301 ، الجرح والتعديل 9/141 ، تهذيب الكمال 31/504 ، تهذيب التهذيب 4/383 ، التقريب 7632 .
* أبو سلمة بن عبد الرحمن ، سبق في المسألة الرابعة والعشرين ، وهو ثقة مكثر .
* عكرمة مولى ابن عباس ، سبق في المسألة الخامسة ، وهو ثقة ثبت ، عالم بالتفسير.
* عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة العاشرة .
* أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سبقت ترجمته في المسألة الثامنة والثلاثين .
التخريج :
لم أقف عليه من حديث الهقل بن زياد ، ولا من الوجه الذي رواه عليه .(1/2)
- وأخرجه الحميدي 1/11 ح19 - ومن طريقه البخاري 2/167 ح1534، والبيهقي 5/14 ، والبغوي 7/73 ح1883 - وابن ماجه 2/991 ح2976 ، وأحمد 1/24 ح161 ويعقوب بن شيبة في مسند عمر ص81 ، وابن شبة في تاريخ المدينة 1/146 ، وإبراهيم الحربي في الغريب 1/43 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/146 ح3684 ، وابن حبان 9/99 ح3790 ، من طرقٍ عن الوليد بن مسلم ،
والحميدي 1/11 ح19- ومن طريقه البخاري 2/167 ح1534، والبيهقي 5/14، والبغوي 7/73 ح1883 - والبزار 1/312 ح201 ، وابن خزيمة 4/169 ح2617 من طريق بشر بن بكر ،
والبخاري 3/140 ح2337 ، من طريق شعيب بن إسحاق ،
وأبو داود 2/444 ح1796 - ومن طريقه ابن حزم في حجة الوداع ص409 ح470 - من طريق مسكين بن بكير ،
وأبو داود - معلقاً - عن عمر بن عبد الواحد ،
وابن ماجه 2/991 ح2976 ، ويعقوب بن شيبة في مسند عمر ص82 من طريق محمد بن مصعب ،
والدارقطني في العلل 2/89 - معلقاً - عن محمد بن حرب الخولاني ،
سبعتهم ( الوليد ، وبشر، وشعيب ، ومسكين ، وعمر ، ومحمد بن مصعب، ومحمد ابن حرب ) عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن عمر به بنحوه ، مختصراً في بعض الروايات ، وقال في بعضها :" وقال : عمرة في حجة ". بدل قوله :" وقل : عمرة في حجة ". وفي رواية محمد بن حرب - فقط- ذكر أبا سلمة بدل عكرمة ، لا أدري هل هو بذكر عمر أم لا ، فإن سياق كلام الدارقطني يحتمل كل ذلك .
- وأخرجه البخاري 9/130 ح7343 ، وعبد بن حميد (المنتخب ص34 ح16 ) ، ويعقوب بن شيبة في مسند عمر ص81 ، وابن شبَّة في تاريخ المدينة 1/146 ، وإبراهيم الحربي في المناسك - المنسوب له - ص420 ، والبزار 1/313 ح202 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/146 ح3685 ، والبيهقي 5/13 ، من طرقٍ متعددة ، عن علي بن المبارك ، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن عمر به بنحوه، وفي بعض رواياته " وقل: عمرة في حجة" وفي بعضها: " عمرة وحجة " .(1/3)
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم الاختلاف في هذا الحديث على الأوزاعي من وجهين ، وقد ظهر من التخريج السابق زيادة وجه ثالث ، وهذا بيانها :
الوجه الأول : عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة مرسلاً . وهذه رواية الهقل بن زياد .
الوجه الثاني : عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وهذه رواية الناس عن الأوزاعي : الوليد بن مسلم ، وبشر بن بكر ، ومسكين بن بكير ، وعمر بن عبد الواحد ، ومحمد بن مصعب . وتابع الأوزاعي على هذا الوجه علي بن المبارك .
الوجه الثالث : مثل الوجه الثاني ، لكن بذكر أبي سلمة بدل عكرمة ، وهذه رواية محمد بن حرب الخولاني .
وظاهر كلام أبي حاتم ترجيح الوجه الثاني ، وهو رواية الناس عن الأوزاعي ، وهو كذلك ، فإن الوجه الأول تفرد به الهقل بن زياد ، وهو وإن كان ثقة ، وله اختصاص بالأوزاعي - كما سبق في ترجمته - إلا أن ذلك لا ينهض على معارضة رواية الجماعة عن الأوزاعي ، وفيهم من أصحاب الأوزاعي الثقات ، كالوليد بن مسلم ، وبشر بن بكر ، قال مروان بن محمد الطاطري : إذا كتبت حديث الأوزاعي عن الوليد بن مسلم ، فما تبالي من فاتك . ( شرح العلل 2/731 ) .(1/4)
ومما يؤكد ترجيح هذا الوجه متابعة علي بن المبارك للأوزاعي عليه ، وعلي بن المبارك ثقة ، كان له عن يحيى بن أبي كثير كتابان ، أحدهما سماع ، والآخر إرسال ، فحديث الكوفيين عنه فيه شيء ( التقريب 4787 ) ، ولكن هذا الحديث من سماعه -كما قاله يعقوب بن شيبة - وقد ذكر الدارقطني أن هذا الوجه هو المحفوظ، وأخرجه البخاري في صحيحه من حديث الأوزاعي، ومن حديث علي بن المبارك، كما صححه من هذا الوجه ابن خزيمة ، وابن حبان ، وقال ابن كثير : وقد رواه علي بن المديني ، عن الوليد بن مسلم به ، وقال : هذا حديث جيد الإسناد ، وهو صحيح من حديث عمر. (مسند الفاروق 1/301 ) . وقال يعقوب بن شيبة : حديث حسن الإسناد ، وهو صحيح ، رواه علي بن المبارك، والأوزاعي، جميعاً ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعلي والأوزاعي ثقتان ، والأوزاعي أثبتهما ... ورواية علي ابن المبارك ، عن يحيى بن أبي كثير خاصة فيها وَهْيٌ ، وقد سمع من يحيى ، وكان يحدث عنه بما سمع منه، ويحدث عنه بما كتب به إليه ، ويحدث عنه من كتاب كان يحيى تركه عنده ، وهذا الحديث خاصة يروى أنه مما سمعه علي بن المبارك من يحيى ... ( مسند عمر ليعقوب بن شيبة ص66 ) .
أما الوجه الثالث فهو وجه غير محفوظ ، وإنما يروى عن محمد بن حرب الخولاني - كما قال الدارقطني - ومحمد بن حرب وإن كان ثقة ، ( تهذيب التهذيب 3/537 ، والتقريب 5805 ) إلا أن مخالفته للجماعة تقتضي عدم قبول روايته ، هذا إن صحت الرواية عنه ، فإني لم أقف على روايته إلا عند الدارقطني ، بقوله: وروى عن محمد بن حرب ، مما يشعر أن في ثبوت هذا عن محمد بن حرب نظراً ، وعلى كل حالٍ فهو وجه غير محفوظ .(1/5)
وبهذا يعلم أن هذا الحديث ثابت من حديث يحيى بن أبي كثير ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يثبت عن عمر إلا من هذا الوجه ، كما أشار إلى ذلك البزار بقوله : وهذا الحديث لا نعلم يروى عن عمر إلا من حديث يحيى بن أبي كثير ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن عمر اهـ . فهو حديث صحيح غريب ، ومن غرائب صحيح البخاري ، والله أعلم .(1/6)
40/826- سئل أبي عن حديث رواه يحيى بن سليم(1)الطائفي ، عن محمد بن مسلم الطائفي ، عن سعيد بن جبير أن عبد الله بن عباس قال : يا بني اخرجوا من مكة مشاة حتى ترجعوا مشاة حاجين ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن للحاج الراكب بكل خطوة يخطوها سبعين حسنة ، وللماشي سبعمائة حسنة ، من حسنات الحرم ، قيل : يا رسول الله ، ما حسنات الحرم ؟ قال : الحسنة مائة ألف حسنة " . قال أبي: محمد بن مسلم ، عن سعيد بن جبير مرسل، وهذا حديث يروى عن ابن سَيْسَن(2)، رجل مجهول ، وليس هذا حديثاً صحيحاً(3).
دراسة الرواة :
* يحيى بن سليم القرشي الطائفي ، ثم المكي ، أبو زكريا الحذاء ، الخزاز ، مات سنة 193 أو بعدها ، روى عن : عبيد الله بن عمر العمري ، وموسى بن عقبة ، ومحمد بن مسلم الطائفي وغيرهم، وعنه: الشافعي، والحميدي ، وابن أبي شيبة، وإسحاق وغيرهم ، أخرج له الجماعة .
وثقه ابن معين ، وابن سعد ، والعجلي وغيرهم، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يخطئ .
__________
(1) في ( س ، ح ، ض ) :" سليمان " . وهو تصحيف .
(2) ضبطه بالشكل من ( س ، ح ، ض ) .
(3) وقع في جميع النسخ بالرفع :" حديث صحيح " ، والصواب بالنصب ، لأنه خبر ليس .(1/1)
وقال أحمد : كان قد أتقن حديث ابن خثيم ، فقلنا: أعطنا كتابك ، فقال : أعطوني مصحفاً رهناً ... وقال أحمد - أيضاً - : يحيى بن أبي سليم كذا وكذا ، والله إن حديثه - يعني : فيه شيء - وكأنه لم يحمده . ونقل العقيلي بسنده عن أحمد قال : أتيته ، فكتبت عنه شيئاً فرأيته يخلط في الأحاديث فتركته ، وفيه شيء . وذكر عنه - أيضاً- أنه قال : وقعت عليه وهو يحدث عن عبيد الله أحاديث مناكير، فتركته ، فلم أحمل عنه غير حديث واحد . وقال أبو حاتم : شيخ صالح ، محله الصدق ، ولم يكن بالحافظ ، يكتب حديثه ولا يحتج به . وقال النسائي : ليس به بأس، وهو منكر الحديث عن عبيد الله بن عمر. وقال - أيضاً -: ليس بالقوي . وقال يعقوب بن سفيان : سني رجل صالح ، وكتابه لا بأس به ، وإذا حدث من كتابه فحديثه حسن ، وإذا حدث حفظاً فتعرف وتنكر .
وفيه كلام غير ذلك ، لخص الحافظ حاله بقوله : [ صدوق ، سيئ الحفظ ] .
طبقات ابن سعد 5/500 ، تاريخ الدوري 2/648 ، العلل ومعرفة الرجال 2/480 و3/434 ، المعرفة والتاريخ 3/51 ، ضعفاء النسائي ص109 ، ضعفاء العقيلي 4/406، الجرح والتعديل 9/156، ثقات ابن حبان 7/615، الكامل 7/219 ، تهذيب الكمال 31/365 ، الميزان 4/383 ، تهذيب التهذيب 4/362 ، التقريب 7563 .
* محمد بن مسلم الطائفي ، ثم المكي ، واسم جده : سوس ، وقيل : سوسن - بزيادة نون في آخره - وقيل : سُنين - وزن حُنين- وقيل غير ذلك . مات سنة 177 ، وقيل غير ذلك . روى عن : إبراهيم بن ميسرة ، وعمرو بن دينار، وابن جريج وغيرهم. وعنه: ابن المبارك ، وابن مهدي ، ويحيى بن سليم وغيرهم . علق له البخاري ، وروى له مسلم حديثاً واحداً متابعة ، وروى له الأربعة.(1/2)
وثقه ابن معين ، وأبو داود ، والعجلي وغيرهم . وقال أبو داود - أيضاً - : ليس به بأس . وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : يخطئ . وقال ابن مهدي : كتبه صحاح . وقال ابن معين - أيضاً - : كان محمد بن مسلم لا بأس به، وكان ابن عيينة أثبت منه ومن أبيه، كان إذا حدث من حفظه يخطئ، وإذا حدث من كتابه فليس به بأس.
وقال أحمد : ما أضعف حديثه ، وضعفه جداً، بل ضعفه على كل حال، من كتاب، ومن غير كتاب .
وذكر له ابن عدي بعض الغرائب ، وقال : له غير ما ذكرت أحاديث حسان غرائب ، وهو صالح الحديث ، لا بأس به ، ولم أر له حديثاً منكراً .
لخص الذهبي حاله بقوله : فيه لين ، وقد وثق .
وابن حجر بقوله : [ صدوق ، يخطئ من حفظه ] .
تاريخ الدوري 2/537 ، التاريخ الكبير 1/223 ، ثقات العجلي ص414، ضعفاء العقيلي 4/134، الجرح والتعديل 8/77 ، ثقات ابن حبان 7/399 ، الكامل 6/126 ، تهذيب الكمال 26/412 ، الميزان 4/40 ، الكاشف 3/96 ، تهذيب التهذيب 3/695 ، التقريب 6293 .
* سعيد بن جبير الكوفي ، سبق في المسألة العاشرة ، وهو ثقة ثبت فقيه .
* عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة العاشرة .
* ابن سيسن ، لم أقف عليه ، وهو رجل مجهول كما قال أبو حاتم .
التخريج :
- أخرجه الأزرقي في أخبار مكة 2/7 ، عن أحمد بن ميسرة ،
والفاكهي في أخبار مكة 2/392 ح832 ، عن عبد الجبار بن العلاء بن عبد الجبار ، وإبراهيم بن أبي يوسف ،
والبزار ( كشف الأستار 2/26 ح1121 ) عن أحمد بن أبان القرشي ، وأحمد بن القاسم التغري ،
وأبو يعلى ( المطالب العالية 2/10 ح1157 ) عن مجاهد بن موسى ،
والطبراني في الكبير 12/75 - ومن طريقه الضياء في المختارة 10/54 ح47 - من طريق إبراهيم بن زياد سبلان ،
وابن عدي 4/258 ، والديلمي ( 2/98، السلسلة الضعيفة 7/496 ) ، وقوام السنة الأصبهاني في الترغيب والترهيب 2/7 ح7037 ، من طريق عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي ،(1/3)
وأبو نعيم في أخبار أصبهان 2/354، والضياء في المختارة 10/52 ح44 و45، من طريق سهل بن عثمان ،
تسعتهم ( أحمد بن ميسرة ، وعبد الجبار، وإبراهيم بن أبي يوسف، وأحمد بن أبان، وأحمد بن القاسم ، ومجاهد بن موسى، وإبراهيم بن زياد ، وعبد الله بن محمد ، وسهل ابن عثمان ) عن يحيى بن سليم الطائفي به بمعناه ، وربما زاد فيه بعضهم يسيراً أو نقص ، لكنه أدخل إبراهيم بن ميسرة بين محمد بن مسلم ، وسعيد بن جبير، وذلك في رواية : أحمد بن ميسرة ، وعبد الله بن محمد القدامي، وسهل بن عثمان - إلا أنه اقتصر في تاريخ أصبهان على قوله : إبراهيم ، دون ذكر اسم أبيه وسقط يحيى بن سليم في رواية القدامي عند الديلمي فقط - . وفي رواية أحمد بن أبان ، وأحمد بن القاسم ذكر بينهما : إسماعيل بن إبراهيم ، أما في رواية إبراهيم بن زياد فأدخل مكانه : إسماعيل بن أمية . وقال في رواية عبد الجبار، وإبراهيم بن يوسف، ومجاهد بن موسى: عن محمد بن مسلم، عمن حدثه عن سعيد بن جبير ، هكذا أبهمه ، ولم يسم أحداً .
- وأخرجه ابن سعد في الطبقات (الطبقة الخامسة من الصحابة / قسم متمم) 1/134 ح30، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال ص294 ح325، وابن الجوزي في العلل المتناهية 2/76 ح931 و 932 ، من طريق حجاج بن نصير ، عن محمد بن مسلم الطائفي به بنحوه مختصراً ، لكنه ذكر إسماعيل بن أمية بين محمد بن مسلم ، وسعيد بن جبير.(1/4)
- وأخرجه الأزرقي 2/7 و8 ، من طريق ابن أبي عمر ، عن إسماعيل بن إبراهيم الصايغ ، عن هارون بن كعب ، عن زيد الحواري، عن سعيد بن جبير به، ولفظه : عن ابن عباس أنه جمع بنيه عند موته ، فقال : يا بني لست آسى على شيء كما آسى أن لا أكون حججت ماشياً ، فحجوا مشاة ، قالوا : ومن أين ؟ قال : من مكة حتى ترجعوا إليها ، فإن للراكب بكل قدم سبعين حسنة ، وللماشي بكل قدم سبعمائة حسنة من حسنات الحرم ، قالوا : وما حسنات الحرم ؟ قال : الحسنة بمائة حسنة " . وهو موقوف على ابن عباس .
- وأخرجه البخاري في الضعفاء الكبير ( الميزان 3/313) ، والبزار ( كشف الأستار 2/25 ح120 ) ، والدولابي في الكنى والأسماء 1/483 ح1716 ، وابن خزيمة 4/244 ح2791 ، والطبراني في الكبير 12/105 ح12606 ، وفي الأوسط 3/122 ح2675 ، والحاكم 1/460 - وعنه البيهقي في السنن الكبرى 10/78 ، وفي شعب الإيمان 7/538 ح3695 - والبيهقي - أيضاً - في السنن الكبرى 4/331، من طرقٍ عن عيسى بن سوادة أبي الصباح النخعي ،
وأبو علي الهروي ( في الأول من الثاني من الفوائد 9/2 ، كما في السلسلة الضعيفة 1/502 ) عن سليمان بن الفضل بن جبريل ، عن محمد بن سليمان ، عن سفيان بن عيينة ،
كلاهما (عيسى بن سوادة ، وسفيان ) عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن زاذان، قال : مرض ابن عباس مرضة ثقل فيها ، فجمع إليه بنيه وأهله ، فقال لهم : يا بني إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من حج من مكة ماشياً ، كتب الله له بكل خطوة سبعمائة حسنة من حسنات الحرم " فقال بعضهم: وما حسنات الحرم؟ قال:" كل حسنة بمائة ألف حسنة". وفي بعض رواياته :" مائة ألف ألف حسنة " وفي بعضها " بألف حسنة " .
الحكم عليه :(1/5)
ذكر أبو حاتم في حديث يحيى بن سليم ، عن محمد بن مسلم ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ... الحديث، أن محمد بن مسلم، عن سعيد بن جبير مرسل . يعني أن بينهما راوياً آخر، فلم يسمع محمد بن مسلم من سعيد بن جبير، وذكر أن هذا حديث يروى عن ابن سيسن ، وهو رجل مجهول ، وذكر أنه حديث غير صحيح .
فهذه ثلاثة أمور ذكرها أبو حاتم في هذا الحديث ، فأما الأمر الأول ، وهو أن محمد بن مسلم عن سعيد بن جبير مرسل ، فهو أمر ظاهر ، وقد دل عليه التخريج السابق ، إذ جميع الروايات السابقة عن محمد بن مسلم ذكر فيها واسطة بينه ، وبين سعيد بن جبير ، لكنهم اختلفوا في تعيين الواسطة ، وفي بعضها أبهم اسم الواسطة - كما سبق - . ومما يزيد هذا وضوحاً أن محمد بن مسلم لم يدرك سعيد بن جبير ، فإن سعيداً قتل سنة 94 أو 95 ، وقد مات محمد بن مسلم سنة 177 - فيما قيل - فلأجل أن يسمع من سعيد فلا بد أن يكون عاش ما يزيد على تسعين سنة ، وهذا لم يذكر في ترجمته . ثم إنه لم يذكر له رواية عن سعيد بن جبير ، وهذا أمر بيِّن .
أما الأمر الثاني ، وهو أن هذا الحديث يروى عن ابن سيسن ، فيحتمل أن أبا حاتم يريد أن هذا الرجل هو الواسطة بين محمد بن مسلم ، وسعيد بن جبير ، ولكن لم أقف على ذكره في شيء من الروايات عن محمد بن مسلم ، مع الاختلاف في تسمية الواسطة، بل إني لم أقف على أيِّ ذكر لهذا الرجل غير الذي ذكره أبو حاتم.
ويحتمل أن يكون أبو حاتم يريد أن هذا الحديث يعرف عن هذا الرجل ، وقد يكون بغير هذا الإسناد ، وهذا - أيضاً - لم أقف عليه ، فالله أعلم .(1/6)
وقد بقي الأمر الثالث ، وهو أن هذا الحديث غير صحيح ، وهذا يتضح جلياً من خلال النظر في جميع طرقه ، فإن أهم طرق هذا الحديث هو الطريق الذي سئل عنه أبو حاتم ، وهو : عن يحيى بن سليم ، عن محمد بن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس، وقد اتضح من التخريج السابق أنه قد اختلف فيه على يحيى بن سليم في تعيين الواسطة بين محمد بن مسلم ، وسعيد بن جبير ، على خمسة أوجه ، وهي :
الوجه الأول : عن يحيى بن سليم ، عن محمد بن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس . دون ذكر واسطة ، وهذا هو الذي وقع عنه السؤال ، ولم أقف على من أخرجه غير ما ذكره المؤلف هنا .
الوجه الثاني : عن يحيى بن سليم ، عن محمد بن مسلم ، عن إبراهيم بن ميسرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس . وهذه رواية أحمد بن ميسرة ، وعبد الله بن محمد القدامي ، وسهل بن عثمان .
الوجه الثالث : عن يحيى بن سليم ، عن محمد بن مسلم، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس . وهذه رواية أحمد بن أبان ، وأحمد بن القاسم .
الوجه الرابع : عن يحيى بن سليم ، عن محمد بن مسلم ، عن إسماعيل بن أمية ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس . وهذه رواية إبراهيم بن زياد سبلان ، وقد تابع يحيى ابن سليم على هذا الوجه حجاج بن نصير .
الوجه الخامس : عن يحيى بن سليم، عن محمد بن مسلم، عمن حدثه ، عن سعيد ابن جبير ، عن ابن عباس ، وهذه رواية عبد الجبار بن العلاء ، وإبراهيم بن أبي يوسف، ومجاهد بن موسى .(1/7)
فهذه خمسة أوجه في الاختلاف على يحيى بن سليم في هذا الحديث ، تدل على الاضطراب ، سواء كان ذلك من يحيى بن سليم ، أو من شيخه محمد بن مسلم ، ولا يتمسك بمتابعة حجاج بن نصير ليحيى بن سليم على الوجه الرابع ، فإنها لا تغني شيئاً لحال الحجاج ، فإنه ضعيف ، كان يقبل التلقين، ( التقريب 1139) ، فلا تنفع متابعته شيئاً. فإذا أضيف إلى هذا الاضطراب في هذا الإسناد ، ما سبق ذكره من الكلام في يحيى بن سليم ، ومحمد بن مسلم ، خاصة ما ذكره أحمد أنه رأى يحيى بن سليم يخلط في الأحاديث . وكذا تضعيفه لمحمد بن مسلم على كل حال ، وما ذكره غيره من أنه يخطئ من حفظه ، فهذا كله يدل على شدة ضعف هذا الطريق ، وهذا يغني عن نقد أسانيد حديث محمد بن مسلم هذا مفردة ، وإلا فقد نُقد بعضها من غير هذا الوجه، كما فعل ابن عدي، وابن الجوزي ، والهيثمي وغيرهم .
وقد روي هذا الحديث عن سعيد بن جبير من طريق زيد الحواري، وهو أبو الحواري، العمِّي ، البصري ، قاضي هراة ، ضعيف ، ضعفه غير واحد من الأئمة ، ( انظر تهذيب الكمال 10/56 ، التقريب 2131 ) ، وتفرد عن زيد : هارون بن كعب ، ولم أقف على ترجمته ، وعنه : إسماعيل بن إبراهيم الصائغ ، ذكره ابن حبان في الثقات ، وذكره البخاري في الضعفاء الكبير ، وقال : سكتوا عنه . وقال أبو حاتم: شيخ . ( انظر : التاريخ الكبير 1/341، الجرح والتعديل 2/152، ثقات ابن حبان 8/92 ، الميزان 1/215 ، لسان الميزان 1/391 ) فمثل هذا الإسناد لا يعتد به ، ولا يلتفت إليه ، ثم هو موقوف - كما سبق -.
وبهذا يعلم أن هذا الحديث لا يصح عن سعيد بن جبير من الطريقين جميعاً .
وعلى هذا يبقى النظر في طريق زاذان ، عن ابن عباس ، وقد تفرد عنه : إسماعيل بن أبي خالد ، وقد رواه عن إسماعيل : عيسى بن أبي سوادة النخعي ، كما يروى - أيضاً - عن سفيان بن عيينة ، عن إسماعيل ، فهذان طريقان .(1/8)
فأما عيسى بن سوادة ، فقد قال ابن معين : كذاب رأيته . وقال أبو حاتم : هو منكر الحديث ، ضعيف ، روى عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن زاذان ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثاً منكراً - وهو هذا الحديث - . وذكره البخاري في الضعفاء الكبير ، وقال: منكر الحديث ، ثم ذكر حديثه هذا، لكن وقع عنده: عيسى بن سواء - بالهمزة - ولذلك جعله الذهبي في الميزان اثنين ، عيسى بن سوادة ، وعيسى بن سواء . وإنما هو واحد ، وهذا حديثه ، ولم يقع في شيء من طرقه: سواء ، إلا عند البخاري ، وإنما هو سوادة . والله أعلم . ( انظر: الجرح والتعديل 6/277 ، الميزان 3/312 ، 313 ، لسان الميزان 4/396 - 397 ) .
وقد استنكر الأئمة - غير البخاري ، وأبي حاتم - هذا الحديث - أيضاً - على عيسى بن سوادة ، فقال ابن خزيمة عند إخراجه : إن صح الخبر، فإن في القلب من عيسى ابن سوادة شيئاً. وقال البيهقي: تفرد به عيسى بن سوادة هذا ، وهو مجهول . أما الحاكم فقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، فتعقبه الذهبي بقوله : ليس بصحيح ، وأخشى أن يكون كذباً ، عيسى قال أبو حاتم : منكر الحديث . وكذا نص الذهبي على عدم صحته في الميزان . وبهذا يعلم أن هذا الحديث منكر .
أما حديث سفيان بن عيينة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، فلم أقف عليه إلا عند أبي علي الهروي ، وشيخه فيه سليمان بن الفضل بن جبريل ، ولم أقف عليه. إلا أن يكون سليمان بن الفضل الزيدي ، يروي عن ابن المبارك ، ذكره ابن عدي، وقال : ليس بمستقيم الحديث ، ثم ذكر بعض ما أنكر عليه ، وقال : وسليمان بن فضل هذا قد رأيت له غير حديث منكر . ( انظر : الكامل 3/291 ، الميزان 2/219 ، السلسلة الضعيفة 1/502 ) ، وعلى كل حالٍ فلو كان ابن عيينة حدث بهذا لرواه عنه الناس، وإنما هو إسناد فرد ساقط.
وبهذا يعلم أن هذا الحديث لا يصح من جميع طرقه ، ويظهر صحة ما قاله أبو حاتم : بأنه حديث ليس بصحيح , والله أعلم .(1/9)
41/827- سألت أبي عن حديث عبد الحميد بن جعفر ، عن سعيد المقبري ، عن عطاء مولى أبي أحمد ، عن أبي هريرة " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث بعثاً - وهم يسير - فدعاهم ، فقال لكل رجل منهم : ما معك من القرآن ؟ فقال رجل : معي سورة البقرة . قال : اذهب فأنت أميرٌ(1)عليهم ، ... وذكر الحديث " قال أبي : وروى الليث بن سعد ، عن سعيد ، عن عطاء مولى(2)أبي أحمد " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث بعثاً " والصحيح ما رواه الليث .
دراسة الرواة :
* عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله الأنصاري، الأوسي ، أبو الفضل، ويقال: أبو حفص المدني ، مات سنة 153 ، روى عن : أبيه ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وسعيد المقبري وغيرهم . وعنه: ابن المبارك ، وهشيم ، ووكيع وغيرهم . أخرج له البخاري تعليقاً ، وأخرج له مسلم والأربعة .
قال أحمد ، وابن معين : ثقة ، ليس به بأس . وذكر أحمد عن القطان أن سفيان كان يضعفه، من أجل القدر . وعن ابن معين قال: كان يحيى يوثقه ، وكان الثوري يضعفه ، قيل : ما تقول أنت فيه ؟ قال : ليس بحديثه بأس ، وهو صالح . ووثقه ابن سعد وغيره . وقال أبو حاتم : محله الصدق . وقال النسائي : ليس به بأس . وقال مرة : ليس بقوي . وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : ربما أخطأ .
قال ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به ، وهو ممن يكتب حديثه .
وقال الذهبي في الكاشف : ثقة ، غمزه الثوري للقدر . وذكر في الميزان أن ذلك لأجل خروجه مع محمد بن عبد الله .
وقال ابن حجر : [ صدوق ، رمي بالقدر ، وربما وهم ] .
__________
(1) وقع في جميع النسخ الخطية بالنصب :" أميراً " ، والصواب بالرفع ، كما في ( ط ) ، لأنه خبر . وللنصب وجه في الإعراب ، ولكن فيه تكلف .
(2) في ( ت ، م ، ط ) :" مولى ابن أبي أحمد " وكلاهما صحيح ، كما سيأتي في ترجمته .(1/1)
طبقات ابن سعد ( القسم المتمم لتابعي أهل المدينة ص400 ) ، تاريخ الدوري 2/341 ، ضعفاء العقيلي 3/43 ، الجرح والتعديل 6/10 ، ثقات ابن حبان 7/122 ، تهذيب الكمال 16/416 ، الميزان 2/539، الكاشف 2/149، تهذيب التهذيب 2/474 ، التقريب 3756.
* سعيد بن أبي سعيد المقبري ، سبق في المسألة الخامسة والعشرين ، وهو ثقة .
* عطاء مولى أبي أحمد، أو ابن أبي أحمد بن جحش ، روى عن أبي هريرة، وعنه: سعيد المقبري ، هذا الحديث فقط ، وأخرجه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه .
ذكره ابن حبان في الثقات ، وترجم له البخاري ، وابن أبي حاتم، وذكرا حديثه هذا ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً .
قال الذهبي : معدود في التابعين ، لا يعرف .
وقال ابن حجر : [ مقبول ] .
التاريخ الكبير 6/462 ، الجرح والتعديل 6/338 ، ثقات ابن حبان 5/205 ، تهذيب الكمال 20/129 ، الميزان 3/78 ، تهذيب التهذيب 3/111 ، التقريب 4607 .
* أبو هريرة - رضي الله عنه - سبقت ترجمته في المسألة الثانية.
* الليث بن سعد الفهمي ، سبق في المسألة الأولى ، وهو ثقة فقيه إمام مشهور .
التخريج :
- أخرجه الترمذي 5/6 ح2876 ، وابن ماجه 1/78 ح217 ، ومحمد بن نصر المروزي في قيام الليل ( مختصر قيام الليل للمقريزي ص25 ) وأبو بكر الفريابي في فضائل القرآن ص176 ح72 ، وأبو الشيخ في الأمثال ص226 ح334، من طرقٍ عن أبي أسامة حماد ابن أسامة ،
والنسائي في الكبرى 5/227 ح8749 ، والطبراني ( كما رواه من طريقه المزي في تهذيب الكمال 20/130 ) ، من طريق المعافى بن عمران ،
وابن خزيمة 3/5 ح1509 و4/140 ح2540 - وعنه ابن حبان 5/499 ح2126 ، و6/316 ح2578 - من طريق الفضل بن موسى ،
والحاكم 1/443 ، من طريق أبي عاصم النبيل ،(1/2)
أربعتهم ( أبو أسامة ، والمعافى ، والفضل ، وأبو عاصم ) عن عبد الحميد بن جعفر به ، ولفظه بتمامه : " بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثاً ، وهم ذو عدد فاستقرأهم ، فاستقرأ كل رجل منهم ما معه من القرآن ، فأتى على رجل من أحدثهم سناً ، فقال : " ما معك يا فلان "؟ قال : معي كذا وكذا وسورة البقرة ، قال : " أمعك سورة البقرة "؟ فقال: نعم، قال : " اذهب فأنت أميرهم " . فقال رجل من أشرافهم: والله يا رسول الله ما منعني أن أتعلم سورة البقرة إلا خشية ألا أقوم بها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" تعلموا القرآن فاقرؤوه وأقرئوه ، فإن مثل القرآن لمن تعلمه فقرأه وقام به كمثل جرابٍ محشو مسكاً يفوح بريحه كل مكان ، ومثل من تعلمه فيرقد وهو في جوفه كمثل جراب وكىء على مسك(1)" هذا لفظ رواية أبي أسامة عند الترمذي ، والبقية بنحوه إلا أنه مختصر في رواية أبي أسامة عند ابن ماجه وأبي الشيخ ، وفي الموطن الثاني عند ابن خزيمة ، وكذا في رواية أبي عاصم النبيل ، ورواية المعافى عند الطبراني فقط .
- وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 6/462 (بصيغة التعليق) عن عبد الله بن يوسف،
والترمذي 5/7 ح2876 عن قتيبة بن سعيد ،
وأبو عبيد في فضائل القرآن ص234 ، عن حجاج بن محمد المصيصي ،
ثلاثتهم ( عبد الله، وقتيبة، وحجاج ) عن الليث بن سعد به مختصراً في رواية عبد الله، وحجاج ، وأحال الترمذي في رواية قتيبة على لفظه السابق. وهو مرسل مثل ما ذكر أبو حاتم .
- وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 6/462 - معلقاً - والدارقطني في العلل 10/364 - معلقاً أيضاً - عن عمر بن طلحة ،
وابن عدي 5/46 ، والبيهقي في شعب الإيمان 5/615 ح2440 ، من طريق أبي مصعب - وهو الزهري - عن عمر بن طلحة ،
__________
(1) وقع في طبعة بشار عواد هنا سقط يسير ، وهو قوله :" كمثل جراب وكئ على " . والتصحيح من الطبعة التي حقق أولها أحمد شاكر .(1/3)
والبيهقي في شعب الإيمان - أيضاً - 5/616 ح2441 ، من طريق عبد الخالق بن إبراهيم بن طهمان ، عن أبيه إبراهيم بن طهمان ،
وعبد الرحمن بن أحمد الرازي في فضائل القرآن ص97 ، ح61 من طريق موسى بن عبيدة الربذي ،
ثلاثتهم ( عمر بن طلحة ، وإبراهيم بن طهمان ، وموسى بن عبيدة ) عن سعيد المقبري به بنحو الرواية المطولة السابقة، إلا أن البخاري ، والدارقطني، وابن عدي ذكروا طرفاً من الحديث ، لكنه أسقط عطاءً مولى أبي أحمد من الإسناد ، فجعله عن سعيد ، عن أبي هريرة ، إلا في رواية إبراهيم بن طهمان فإنه جعله عن سعيد، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، وكذلك فيما رواه البيهقي من طريق أبي مصعب عن عمر بن طلحة .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم الاختلاف في هذا الحديث على سعيد المقبري ، وقد تبين من التخريج السابق أنه رُوي عنه على أربعة أوجه ، وهذا بيانها :
الوجه الأول : عن سعيد المقبري ، عن عطاء مولى أبي أحمد، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذه رواية عبد الحميد بن جعفر.
الوجه الثاني : عن سعيد المقبري ، عن عطاء مولى أبي أحمد مرسلاً ، وهذه رواية الليث بن سعد .
الوجه الثالث: عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذه رواية موسى ابن عبيدة ، وعمر بن طلحة - إلا في رواية أبي مصعب عنه التي عند البيهقي فقط - .
الوجه الرابع : عن سعيد المقبري ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذه رواية إبراهيم بن طهمان ، وعمر بن طلحة - فيما رواه البيهقي من طريق أبي مصعب عنه - .(1/4)
وقد ذكر أبو حاتم أن الصحيح ما رواه الليث بن سعد ، وهو الوجه الثاني ، من مرسل عطاء مولى أبي أحمد ، وقد وافق أبا حاتم على هذا جماعة من الأئمة ، كالبخاري فإنه ذكر أن رواية الليث أصح . وقال النسائي بعد ذكر رواية عبد الحميد بن جعفر: وقد رواه غير عبد الحميد فأرسله، والمشهور مرسل . وقال الدارقطني: وقول الليث أشبه بالصواب. وقد احتج لذلك الدارقطني بما رواه بسنده عن يحيى ابن معين قال : أثبت الناس في سعيد الليث بن سعد اهـ . وقد روي نحو هذا عن غير ابن معين - أيضاً - : قال عبد الله بن أحمد : قال أبي : أصح الناس حديثاً عن سعيد المقبري ، ليث بن سعد ، وعبيد الله بن عمر يقدم في سعيد . وقال أحمد - أيضاً-: هو ثبت في حديثه جداً . وقال ابن المديني : الليث ، وابن أبي ذئب ثبتان في حديث سعيد المقبري . ( شرح العلل 2/670 ) .
ومما يؤكد صحة ما ذهب إليه هؤلاء الأئمة من ترجيح رواية الليث بن سعد المرسلة على غيرها ، أن هذا الحديث لم يروه أحد من أصحاب سعيد الأثبات معارضاً ، لرواية الليث بن سعد ، وأشهر طرقه طريق عبد الحميد بن جعفر، وقد سبق في ترجمته كلام بعض الأئمة فيه ، وأنه ربما أخطأ ، فلعل هذا من خطئه ، ثم إنه لو فرض ترجيح روايته لم يقتض ذلك ثبوت الحديث لحال عطاء مولى أبي أحمد ، وبهذا يعلم أن تصحيح من صححه - كابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم حيث قال : صحيح على شرط الشيخين- فيه نظر ظاهر ، أما الترمذي فقال : حديث حسن ، ثم أشار إلى علته .(1/5)
وقد بقي طريق عمر بن طلحة ، وإبراهيم بن طهمان ، وموسى بن عبيدة ، فأما عمر ابن طلحة ، فقد ذكر الدارقطني في العلل أنه عمر بن طلحة بن عمرو بن علقمة ، ابن أخي محمد بن عمرو بن علقمة ، وهذا لم أقف عليه ، ولكن لعله عمر بن طلحة بن علقمة، وهو ابن عم محمد بن عمرو بن علقمة الليثي ، ويكون في كلام الدارقطني وهم، وهو يروي عن سعيد المقبري ، وعنه أبو مصعب الزهري ، قال أبو زرعة : ليس بقوي . وقال أبو حاتم : محله الصدق . وذكره ابن حبان في الثقات . وذكره ابن عدي في الكامل ، وساق له هذا الحديث ، ثم قال : وأحاديثه عن سعيد المقبري ، بعضه مما لا يتابعه عليه أحد . قال الذهبي في الميزان : لا يكاد يعرف . وقال في المغني : فيه جهالة ، ثم ذكر قول أبي حاتم . وقال ابن حجر :صدوق . ( الجرح والتعديل 6/116 ، ثقات ابن حبان 8/440 ، الكامل 5/46 ، تهذيب الكمال 21/402 ، الميزان 3/208 ، المغني 2/121 ، التقريب 4924 ) فمثل هذا لا تعارض بروايته رواية الليث بن سعد ، ثم إنه قد لزم جادة معهودة ، وهي سعيد عن أبي هريرة ، أو سعيد ، عن أبيه ، عن أبي هريرة . وكل هذا يؤكد نكارة حديثه هذا .
وأما إبراهيم بن طهمان فقد تفرد عنه ابنه عبد الخالق ، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً . ( الجرح والتعديل 6/37 ، ثقات ابن حبان 8/422 ) ، والظاهر أن إبراهيم لم يدرك سعيداً، فإنه يروى عن رجل عنه، كما روى عن مالك ، عنه ( انظر المشيخة ص137 ح80 ) ، ثم إنه إسناد فرد لم أقف عليه عند غير البيهقي ، ولم يذكره أحد ممن ذكر الاختلاف في هذا الحديث على سعيد المقبري من الأئمة ، كالبخاري ، وأبي حاتم ، والدارقطني ، وقد لزم في روايته جادة معهودة ، وهي سعيد ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، فهذا كله يدل على بطلان هذه الرواية وسقوطها .(1/6)
وأما موسى بن عبيدة فإنه ضعيف ، ضعفه ابن معين ، وقال : لا يحتج بحديثه . وقال أحمد : ما تحل أو ما تنبغي الرواية عنه ، ونهى عن كتابة حديثه . وقال - أيضاً - : منكر الحديث . وقال ابن المديني : ضعيف ، يحدث بأحاديث مناكير . وقال أبو زرعة : ليس بقوي الحديث . وقال أبو حاتم : منكر الحديث . قال ابن حجر: ضعيف، ولا سيما في عبد الله بن دينار ، وكان عابداً . (تهذيب الكمال 29/104، التقريب 6989 )، فروايته لا تصح أيضاً ، ولا يعتمد عليها .
وبهذا يعلم أن أصح طرق هذا الحديث رواية الليث ، عن سعيد المقبري ، عن عطاء مولى أبي أحمد مرسلاً ، وهو حديث ضعيف، لأمرين ، أولهما: الإرسال، وثانيهما : جهالة عطاء مولى أبي أحمد ، والله أعلم .
وقد روي بعض معنى هذا الحديث من وجهين آخرين ، من حديث عثمان ، ومن مرسل محمد بن كعب أو غيره ، وكل هذا لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وانظر الكلام على هذين الحديثين في سنن سعيد بن منصور تحقيق د/سعد بن عبد الله الحميد 2/286 و290، وشعب الإيمان للبيهقي 5/614 ، والله أعلم .(1/7)
42/828- سألت أبي عن حديث رواه مالك ، عن عبد الكريم الجزري(1)، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة القمل . فقال(2): أسقط مالك مجاهداً(3)من الإسناد ، إنما هو : عبد الكريم ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
دراسة الرواة :
* مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي ، الحميري ، أبو عبد الله المدني ، مات سنة 179. روى عن : نافع ، وزيد بن أسلم ، وعامر بن عبد الله بن الزبير ، والزهري ، وعبد الكريم بن مالك الجزري وغيرهم . وعنه : الشافعي ، ويحيى القطان ، وابن مهدي وغيرهم كثير ، حتى روى عنه بعض شيوخه وأقرانه .
متفق على إمامته وجلالته وعلمه وفضله وإتقانه . قال الشافعي : مالك حجة الله - تعالى - على خلقه بعد التابعين . وقال النسائي : ما عندي بعد التابعين أنبل من مالك، ولا أجل منه ، ولا أوثق منه ، ولا آمن على الحديث منه ، ولا أقل رواية عن الضعفاء ، ما علمناه حدث عن متروك ، إلا عبد الكريم - يعني بن أبي المخارق - .
قال في التقريب : [ الفقيه ، إمام دار الهجرة ، رأس المتقنين ، وكبير المتثبتين ، حتى قال البخاري : أصح الأسانيد كلها : مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ] .
مقدمة الجرح والتعديل 1/11، الانتقاء في فضائل الأئمة الفقهاء لابن عبد البر ص9، تهذيب الكمال 27/91 ، مناقب الأئمة الأربعة لابن عبد الهادي ص79 ، تهذيب التهذيب 4/6 ، التقريب 6425 .
* عبد الكريم بن مالك الجزري ، سبق في المسألة التاسعة عشرة ، وهو ثقة متقن .
__________
(1) في ( ت ، م ، ط ) :" الخدري " ، وهو تصحيف .
(2) في ( ت ، ط ) :" يقال " ، وهو تصحيف .
(3) في جميع النسخ الخطية لم ينصب :" مجاهداً "، والصواب النصب كما في ( ط ) .(1/1)
* عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري ، أبو عيسى المدني ، ثم الكوفي ، ولد لست بقين من خلافة عمر ، ومات سنة 83. روى عن: عمر - ولم يسمع منه على الصحيح - وعن عثمان ، وعلي ، وأبي بن كعب ، وكعب بن عجرة وغيرهم . وعنه : ابنه عيسى، والشعبي ، وثابت البناني ، ومجاهد وغيرهم .
ثقة متفق عليه . قال عبد الملك بن عمير : لقد رأيت عبد الرحمن في حلقة ، فيها نفر من الصحابة ، فيهم البراء يسمعون لحديثه ، وينصتون له .
قال في التقريب : [ ثقة ... اختلف في سماعه من عمر ] .
طبقات ابن سعد 6/109 ، الجرح والتعديل 5/301 ، تهذيب الكمال 17/372 ، تهذيب التهذيب 2/548 ، التقريب 3993 .
* كعب بن عجرة الأنصاري ، أبو محمد المدني ، صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، شهد بيعة الرضوان وغيرها من المشاهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومات سنة 51 أو نحوها .
معرفة الصحابة لأبي نعيم 5/2370 ، تهذيب الكمال 3/179 ، الإصابة 3/297 ، التقريب 5643.
* مجاهد بن جبر القرشي ، المخزومي ، مولاهم ، أبو الحجاج المكي ، مات سنة 100 وقيل : بعدها . روى عن علي ، وسعد بن أبي وقاص ، والعبادلة الأربعة ، وعائشة ، وأم سلمة وغيرهم من الصحابة ، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وعطاء بن أبي رباح وغيرهما من التابعين . وعنه : أيوب ، وعمرو بن دينار ، وابن أبي نجيح ، وعبد الكريم بن مالك وغيرهم .
متفق على إمامته وجلالته وعلمه . قال الثوري، عن سلمة بن كهيل: ما رأيت أحداً أراد بهذا العلم وجه الله إلا عطاءً ، وطاووس ، ومجاهداً . وقال الفضل بن ميمون : سمعت مجاهداً يقول : عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة .
قال في التقريب : [ ثقة ، إمام في التفسير ، وفي العلم ] .
الجرح والتعديل 8/319 ، ثقات العجلي ص420 ، تهذيب الكمال 27/228 ، تهذيب التهذيب 4/25 ، التقريب 6481 .
التخريج :
هذا الحديث في الموطأ رواية يحيى بن يحيى 1/332 ح237 ،
ورواية أبي مصعب الزهري 1/489 ح1258 ،(1/2)
ورواية محمد بن الحسن ص169 ح504 ، وفي الحجة على أهل المدينة له 2/368 ،
ورواية ابن القاسم ( ص409 ح397 بتلخيص القابسي ) - ومن طريقه النسائي في المجتبى 5/194 ، وفي الكبرى 2/377 ح3834 ، والجوهري في مسند الموطأ ص473 ،
ورواية سويد بن سعيد ص441 ح593 ،
ورواية ابن بكير 1/ الورقة 33 ،- ومن طريقه الطبراني في الكبير 19/109 ح221 ، والبيهقي 5/169-170 -،
وأخرجه أبو داود 2/466 ح26(1)، وابن المنذر في الإقناع 1/212 ، والطبراني في الكبير 19/109 ح221 ، والجوهري في مسند الموطأ ص472 ح597 ، والبيهقي 5/169 من طريق القعنبي ،
وأحمد 4/241 ح18106 ، عن ابن مهدي ،
وابن طهمان في مشيخته ص206 ح168 ،
وابن وهب في موطئه الذي هو من جمعه ص66 ح160 - ومن طريقه ابن الجارود 2/80 ح450 ، وابن جرير في التفسير 2/136 ، والطحاوي في شرح المعاني 3/120 ح4754 ، وفي السنن المأثورة ص358 ح464 ، وابن أبي حاتم في التفسير 1/339 ح1785 ، والبيهقي 5/169 - ،
والشافعي في السنن المأثورة ص357 ح462 - ومن طريقه البيهقي في المعرفة 4/157 ح3115 - ،
والطبراني في الكبير 19/109 ح221 ، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك ص151 ح143 ، وابن أبي شريح في جزء بيبي بنت عبد الصمد عنه عن شيوخه ص54 ح56 من طريق مصعب بن عبد الله الزبيري ،
والطبراني في الكبير 19/109 ح221 ، والبيهقي 5/169-170 من طريق عبد الله ابن يوسف ،
والطبراني في الكبير 19/109 ح221 من طريق مطرف بن عبد الله المدني ،
والبيهقي 5/55 من طريق الحسين بن الوليد ،
وابن عبد البر في التمهيد 20/64 من طريق مكي بن إبراهيم ،
__________
(1) وضعه محقق سنن أبي داود محمد عوامة في الحاشية ، لأنه من رواية ابن داسة ، وابن العبد فقط ، وقد جعل المحقق ترقيماً خاصاً لهذا القسم من الأحاديث ، وعامة الطبعات الأخرى لسنن أبي داود لا يميز المحققون بين الروايات عن أبي داود ، انظر طبعة عزت الدعاس 2/433 ح1861 .(1/3)
وعلقه الجوهري في مسند الموطأ ص473 ، والدارقطني في أحاديث الموطأ ص28 ، وابن عبد البر في التمهيد 20/62 عن معن بن عيسى ،
وعلقه الجوهري ، وابن عبد البر عن : سعيد بن عفير ، ومحمد بن المبارك الصوري ،
وعلقه الدارقطني وحده عن : الوليد بن مسلم، وإسحاق بن سليمان الرازي ، وبشر ابن عمر ، وأشهب ،
جميعهم ( 23 راوياً ، وهم : يحيى الليثي ، وأبو مصعب، ومحمد بن الحسن، وابن القاسم ، وسويد ، وابن بكير ، والقعنبي ، وابن مهدي ، وابن طهمان ، وابن وهب ، والشافعي ، ومصعب الزبيري ، وعبد الله بن يوسف ، ومطرف بن عبد الله ، والحسين ابن الوليد ، ومكي ، ومعن بن عيسى ، وسعيد بن عفير ، والصوري ، والوليد ، وإسحاق الرازي ، وبشر ، وأشهب ) عن مالك بن أنس بهذا الحديث ولفظه : عن كعب ابن عجرة " أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محرماً ، فآذاه القمل في رأسه ، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحلق رأسه ، وقال : صم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، مدين مدين لكل إنسان، أو انسك بشاة ، أي ذلك فعلت أجزأ عنك ". هذا لفظ يحيى بن يحيى ، والبقية بنحوه .
وقد اختلفوا على مالك في ذكر مجاهدٍ في هذا الإسناد فلم يذكره يحيى بن يحيى، وأبو مصعب ، وسويد ، والشافعي ، ومعن بن عيسى ، وسعيد بن عفير ، ومحمد بن المبارك الصوري ، وأشهب . وكذا لم يذكره القعنبي ، ويحيى بن بكير ، وعبد الله بن يوسف إلا في رواية الطبراني ، وكذا لم يذكره مصعب الزبيري في رواية ابن أبي شريح .
وذكر مجاهداً في هذا الإسناد عن مالك: ابن القاسم، وابن وهب، ومحمد بن الحسن، وابن مهدي ، وابن طهمان ، والحسين بن الوليد ، ومكي بن إبراهيم ، ومطرف بن عبد الله ، وكذا ذكره مصعب الزبيري في رواية الطبراني ، وأبي أحمد الحاكم ، وذكره - أيضاً - القعنبي ، وابن بكير ، وعبد الله بن يوسف ، في رواية الطبراني عنهم وهي رواية مجموعة مع رواية مطرف .(1/4)
- وأخرجه مسلم 4/21 ح1201، والترمذي 2/276 ح953، والشافعي في السنن المأثورة ص359 ح470 ، والفاكهي في أخبار مكة 5/71 ح2860 ، والطوسي في المستخرج 4/226 ح875 ، والطبراني في الكبير 19/114 ح236 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/292 ح2766 ، والبيهقي في السنن الكبرى 4/170 و5/55 ، وفي المعرفة 4/158 ح3116 من طرقٍ عن سفيان بن عيينة ،
والطحاوي في شرح المعاني 3/120 ح4748 ، والطبراني في الكبير 19/110 ح222 ، والخطيب في تلخيص المتشابه 2/652 من طريق عبيد الله بن عمروٍ الرقي ،
كلاهما ( ابن عيينة ، وعبيد الله الرقي ) عن عبد الكريم الجزري ، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة به بمعنى رواية مالك السابقة .
ولمالك في هذا الحديث إسناد آخر إلى مجاهد ، وهذا بيانه :
- أخرجه مالك في الموطأ رواية يحيى بن يحيى 1/333 ح238 ،
ورواية أبي مصعب 1/489 ح1259 - ومن طريقه البغوي في شرح السنة 7/276 ح1994 - ،
ورواية سويد بن سعيد ص442 ح539 ،
وأخرجه البخاري 3/12 ح1814، والطبراني في الكبير 19/109 ح220، والبيهقي 5/55 من طريق عبد الله بن يوسف ،
والشافعي في السنن المأثورة ص358 ح465 - ومن طريقه الطحاوي في شرح المعاني 3/120 ح4750 ، والبيهقي في المعرفة 4/18 ح2844 - ،
وابن جرير في التفسير 2/139 من طريق عبد الله بن وهب ،
والطحاوي في السنن المأثورة ص359 ح466 من طريق أشهب ،
والطبراني في الكبير 19/109 ح220 ، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك 1/157 ح147 ، وابن أبي شريح في جزء بيبي عنه عن شيوخه ص54 ح57 من طريق مصعب الزبيري ،
والطبراني في الكبير 19/109 ح220 من طريق القعنبي ، ويحيى بن بكير ، ومطرف ابن عبد الله ،
وعلقه ابن عبد البر في التمهيد 2/233 عن ابن عبد الحكم ، وعتيق بن يعقوب الزبيري ، وابن القاسم ، وسعيد بن عفير ،(1/5)
جميعهم ( 15 راوياً وهم : يحيى بن يحيى ، وأبو مصعب ، وسويد، وعبد الله بن يوسف ، والشافعي ، وابن وهب ، وأشهب ، ومصعب ، والقعنبي ، وابن بكير ، ومطرف ، وابن عبد الحكم ، وعتيق ، وابن القاسم ، وابن عفير ) عن مالك بن أنس ، عن حميد بن قيس ، عن مجاهد ، عن ابن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة به بمعنى رواية مالك عن عبد الكريم السابقة ، ولكن ابن وهب ، وابن القاسم ، وابن عفير في روايتهم لهذا الحديث عن مالك أسقطوا ابن أبي ليلى ، وجعلوه : عن مجاهدٍ ، عن كعب بن عجرة .
- وأخرجه مسلم 4/21 ح1201 ، والترمذي 2/276 ح953 ، والفاكهي في أخبار مكة 5/71 ح2860 ، وأبو عوانة 2/414 ح3646 ، والطبراني في الكبير 19/144 ح236 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/292 ح2766 ، والبيهقي 4/170 و5/55 من طريق سفيان بن عيينة ، عن حميد بن قيس ، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى ، عن كعب ابن عجرة بمعنى رواية مالك عن عبد الكريم السابقة .
ولهذا الحديث عن مجاهدٍ طرق كثيرة ، وهذا بيانها :(1/6)
- أخرجه البخاري 5/164 ح4190 و7/154 ح5665 و7/162 ح5703 و8/179 ح6708 ، ومسلم 4/20و21 ح1201 ، والترمذي 2/276 ح953 و 5/83 ح2974 ، والنسائي في الكبرى 2/447 ح4110 ، وأحمد 4/241 ح18107 و4/244 ح18131، وعبد الرزاق في التفسير 1/75 ، والحميدي 2/310 ح709 ، وسعيد ابن منصور 2/734 ح291، والفاكهي في أخبار مكة 5/71 ح2860 ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 4/92 ح2058 ، وابن جرير في التفسير 2/135 ، والطوسي في المستخرج 4/226 ح875، وأبو عوانة 2/414 ح3644-3646 ، والطحاوي في شرح المعاني 3/120 ح4746و4747 ، والمحاملي في الأمالي ص91 ح44 ، وابن حبان 9/290 ح3978 و9/291 ح3980 ، و9/293 ح3983 ، والطبراني في الكبير 19/ 113-115 ح232-237، والدارقطني 2/298 ح280و282 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/290 ح2763 و3/291 ح2766 ، والبيهقي 4/170 و5/55 و5/242 ، وابن عبد البر في التمهيد 2/237 من طرقٍ عن أيوب السختياني ،
والبخاري 3/13 ح1817و1818 و5/157 ح4159 و7/154 ح5665 ، ومسلم 4/20 ح1201، والترمذي 2/276 ح953، وأحمد 4/242 ح18113و4/243 ح18125، والشافعي في السنن المأثورة ص359 ح467 ، والحميدي 2/310 ح710 ، وسعيد بن منصور 2/734 ح291 ، والفاكهي في أخبار مكة 5/71 ح2860 ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 4/93 ح2059 ، وابن جرير في التفسير 2/135 ، والطوسي في المستخرج 4/226 ح3981 ، وابن خزيمة 4/196 ح2677و2678 ، وأبو عوانة 2/414 ح3645-3647 ، وابن أبي حاتم في التفسير 1/339 ح1784 ، وابن حبان 4/93 ح2059 ، والطبراني في الكبير 19/110-112 ح223-229 ، و19/114 ح236 ، والدارقطني 2/298 ح279و282 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/291 ح2766 ، والبيهقي في السنن الكبرى 4/170 و5/55و187و214 ، وفي المعرفة 4/18 ح2845 من طرقٍ متعددة عن ابن أبي نجيح ،(1/7)
والبخاري 3/13 ح1815 ، ومسلم 4/20-21 ح1201 ، والنسائي في الكبرى 2/448 ح4112، وأحمد 4/243 ح18128، ومحمد بن الحسن في الحجة على أهل المدينة 2/367 ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 4/93 ح2060 ، وابن جرير في التفسير 2/135 ، وأبو عوانة 2/413 ح3643 ، وابن أبي حاتم في التفسير 1/338 ح1783 ، والطبراني في الكبير 19/115 ح239 و240، والدارقطني 2/298 ح282، وأبو نعيم في المستخرج 3/291 ح2765، والبيهقي 4/341 من طريق سيف بن سليمان ،
والبخاري 8/179 ح6708 ، ومسلم 4/20 ح1201 ، والنسائي في الكبرى 2/448 ح4111 و6/299 ح11030 ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 4/94 ح2063 ، وابن جرير 2/135 ، وأبو عوانة 2/414 ح3648 ، والطحاوي في شرح المعاني 3/120 ح4751 ، والمحاملي في الأمالي ص92 ح45و46 ، والطبراني في الكبير 19/112 ح230و231، وأبو نعيم في المستخرج 3/291 ح2764، والبيهقي 5/169، وابن عبد البر في التمهيد 2/237 ، والواحدي في أسباب النزول ص61 ح109 من طريق عبد الله بن عون ،
والبخاري 5/164 ح4191 ، والترمذي 5/83 ح2973 ، وأحمد 4/241 ح18101 ، والطيالسي 2/392 ح1161، وسعيد بن منصور 2/724 ح290 ، وابن جرير في التفسير 2/135 ، وأبو عوانة 2/415 ح3650 ، والطحاوي في شرح المعاني 3/120 ح4745و4749 ، والطبراني في الكبير 19/108 ح218 و219 ، والبيهقي في دلائل النبوة 4/149 ، وابن عبد البر في التمهيد 2/235 من طريق أبي بشر جعفر بن إياس ،
والترمذي 5/83 ح2973 ، وسعيد بن منصور 2/738 ح292 ، وابن جرير في التفسير 2/136 ، والبيهقي في دلائل النبوة 4/149 من طريق مغيرة بن مقسم ،
وسعيد بن أبي عروبة في المناسك ص95 ح90 عن قتادة ،
وابن جرير في التفسير 2/135 ، والطبراني في الكبير 19/115 ح238 من طريق صالح أبي الخليل ، وهو : ابن أبي مريم الضبعي البصري ،(1/8)
والطبراني في الكبير 19/107 ح215 ، والدارقطني في السنن 2/298 ح281، وفي الغرائب والأفراد ( الأطراف 4/274 ح4244 ) من طريق عبد الله بن كثير ،
والطبراني في الكبير 19/108 ح217 ، وفي الأوسط 2/225 ح1812 ، وأبو الشيخ في أحاديث أبي الزبير ص156 ح97 ، وابن عبد البر في التمهيد 2/238 و20/63 من طريق أبي الزبير ،
والطبراني في الكبير 19/115 ح237 من طريق عمرو بن دينار ،
وفي الكبير - أيضاً - 19/108 ح216 من طريق أبان بن صالح ،
وفي الأوسط 7/90 ح6945 من طريق قيس بن سعد ،
وفي الأوسط - أيضاً - 2/150 ح1539 من طريق خصيف ،
والدارقطني في الغرائب والأفراد ( الأطراف 4/273 ح4244 ) من طريق أيوب بن موسى ،
جميعهم ( 15 راوياً ، وهم : أيوب السختياني ، وابن أبي نجيح ، وسيف بن سليمان، وابن عون ، وأبو بشر، ومغيرة ، وقتادة ، وصالح أبو الخليل ، وعبد الله بن كثير ، وأبو الزبير ، وعمرو بن دينار ، وأبان بن صالح ، وقيس بن سعد ، وخصيف ، وأيوب بن موسى ) عن مجاهد ، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة به بمعنى رواية مالك عن عبد الكريم ، وربما زاد فيه بعضهم أو نقص ، وقد سقط من إسناده ابن أبي ليلى في رواية مغيرة ، وقتادة ، وخصيف ، وربما جاء بصيغة الإرسال ، أو سقط منه رجل في بعض المواطن عن غيرهم من الرواة ، إلا أن عامة المواطن على الصواب دون سقط .
وقد روي هذا الحديث عن ابن أبي ليلى من طرقٍ أخرى ، وهذا بيانها :(1/9)
- أخرجه مسلم 4/20 ح1201، وأبو داود 2/465 ح1852 ، وأحمد 4/241 ح18102 و4/242 ح18117 ، والشافعي في السنن المأثورة ص359 ح469 ، وسعيد ابن منصور 2/739 ح293، وابن أبي شيبة في المسند 1/344 ح507، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 4/93 ح2061، وابن خزيمة 4/195 ح2676 ، وأبو عوانة 2/413 ح3642 ، وابن حبان 9/295 ح3984 و9/297 ح3986 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/292 ح2767 ، والبيهقي في السنن الكبرى 5/55 ، والمعرفة 4/19 ح2846 ، والخطيب في تاريخ بغداد 14/85 ، من طريق أبي قلابة ،
وأبو داود 2/465 ح1853و1854 ، وأحمد 4/243 ح18122و18124 ، وابن جرير في التفسير 2/134 ، والطحاوي في شرح المعاني 3/120 ح4744 ، والطبراني في الكبير 19/117-118 ح243-249 ، والدارقطني 2/299 ح283، والبيهقي 5/185 من طرقٍ عن داود بن أبي هند ، والترمذي 5/83 ح2973 ، وأحمد 4/243 ح18123 ، وابن جرير في التفسير 2/134 ، والطبراني في الكبير 19/138 ح303 ، وابن حزم في المحلى 7/210 من طرقٍ عن أشعث بن سوار ، وابن طهمان في مشيخته ص205 ح167 عن مغيرة بن مقسم ، ثلاثتهم ( داود بن أبي هند ، وأشعث ، ومغيرة ) عن الشعبي ،
وأبو داود 2/466 ح1856 ، وأحمد 4/242 ح18108 و4/243 ح18121 ، والطبراني في الكبير 19/121 ح257و258، والبيهقي 5/55 ، وابن عبد البر في التمهيد 2/234 من طريق الحكم بن عتيبة ،
والطبراني في الكبير 19/120 ح255 من طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن ،(1/10)
أربعتهم ( أبو قلابة ، والشعبي ، والحكم ، وربيعة ) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة به بمعنى رواية مالك عن عبد الكريم السابقة ، وربما زاد فيه بعضهم أو نقص ، إلا أنه أسقط ابن أبي ليلى في رواية أبي قلابة عند سعيد بن منصور ، وأحمد في الموطن الأول فقط ، وكذلك أسقطه في رواية مغيرة عن الشعبي ، وأما رواية داود بن أبي هند عن الشعبي ، فمرة أسقط ابن أبي ليلى ، ومرة جعله من مرسل الشعبي ، ومرة لم يُسقط أحداً ، وقال أشعث بن سوار: عن الشعبي ، عن عبد الله بن معقل ، عن كعب بن عجرة .
كما روي هذا الحديث - أيضاً- عن كعب بن عجرة من طرقٍ أخرى ، وهذا بيانها:
- أخرجه البخاري 3/13 ح1816 و6/33 ح4517 ، ومسلم 4/21-22 ح1201 ، والنسائي في الكبرى 2/448 ح4113 و6/300 ح11031 ، وابن ماجه 2/1028 ح3079، وأحمد 4/242 ح18109-18111 و4/243 ح18119و18120، والطيالسي 2/39 ح1158 ، وسعيد بن منصور 2/717 ح289 ، وابن أبي شيبة 3/235 ح13767 ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 4/94 ح2062 ، وابن جرير في التفسير 2/134، وأبو عوانة 2/415 ح3649، وأبو القاسم البغوي في حديث ابن الجعد ص102 ح607 ، والطحاوي في شرح المعاني 3/119 ح4742 و3/120 ح4743 ، وابن أبي حاتم في التفسير 1/338 ح1781 ، وابن حبان 9/295 ح3985 و9/297 ح3987 ، والطبراني في الكبير 19/136-137 ح299-302 ، وأبو بكر القطيعي في جزء الألف دينار ص32-33 ح14-15 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/292 ح2768 و2/293 ح2769 ، وابن حزم في المحلى 7/210 ، والبيهقي 5/55 ، وابن عبد البر في التمهيد 21/5-6 ، والواحدي في أسباب النزول ص60 ح108 وص61 ح110 وص62 ح111 ، وفي التفسير 1/290 ، والبغوي في شرح السنة 7/277 ح1995 من طرقٍ عن عبد الرحمن الأصبهاني ، عن عبد الله بن معقل ،(1/11)
وأبو داود 2/465 ح1855 ، والطبراني في الكبير 19/163 ح364و365 ، وفي الأوسط 2/67 ح1270 ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 5/2371 ح5821 ، والخطيب في تلخيص المتشابه 2/637 من طريق رجلٍ من الأنصار ،
والنسائي في المجتبى 5/195 ، وفي الكبرى 2/378 ح3835 ، وابن جرير في التفسير 2/136، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة 5/102 ح2004، والطبراني في الكبير 19/106 ح213 من طريق أبي وائل ،
وابن ماجه 2/1029 ح3080، والشافعي في السنن المأثورة ص357 ح461، وابن جرير في التفسير 2/136 ، والطحاوي في شرح المعاني 3/120 ح4753 ، والطبراني في الكبير 19/158 ح351-352 ، وابن المقرئ في المعجم ص370 ح1243 ، والبيهقي في المعرفة 4/19 ح2847 من طريق محمد بن كعب ،
وأحمد 4/242 ح18116 ، والطحاوي في شرح المعاني 3/120 ح4752 ، والطبراني في الكبير 19/157 ح347و348 من طريق عمرو بن دينار ، عن يحيى بن جعدة ،
ومالك في الموطأ 1/333 ح239 - ومن طريقه ابن جرير 2/136 ، والطبراني في الكبير 19/120 ح256 ، وأبو أحمد في العوالي 1/160 ح152، والخطيب في الموضح 1/154 - عن عطاء الخراساني قال حدثني شيخ بسوق البرم بالكوفة ،
والطبراني في الكبير 19/154 ح339 من طريق سليمان بن يسار ،
وفي الكبير - أيضاً - 19/157 ح157 ح349 من طريق عطاء بن أبي رباح ،
وفي الكبير - أيضاً - 19/160 ح355 من طريق الحسن بن أبي الحسن ،
تسعتهم ( عبد الله بن معقل ، ورجل من الأنصار ، وأبو وائل ، ومحمد بن كعب ، ويحيى بن جعدة ، والشيخ الكوفي ، وسليمان بن يسار ، وعطاء ، والحسن ) عن كعب ابن عجرة به بمعناه ، وربما زاد فيه بعضهم أو نقص ، إلا أن رواية الرجل من الأنصار عند الخطيب فقط جاءت بصيغة المرسل .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم أن مالكاً أسقط مجاهداً من حديث عبد الكريم الجزري ، وقد تبين من التخريج السابق أنه قد اختلف فيه على مالكٍ فروي عنه على وجهين :(1/12)
الوجه الأول : عن مالك، عن عبد الكريم الجزري، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة - بإسقاط مجاهد - وهذه رواية يحيى بن يحيى الليثي ، وأبي مصعب الزهري ، وسويد بن سعيد ، والشافعي ، ومعن بن عيسى ، وسعيد بن عفير ، ومحمد ابن المبارك الصوري ، وأشهب ، وهي الرواية المحفوظة عن القعنبي، ويحيى بن بكير، وعبد الله بن يوسف، فإن هذا الوجه هو المشهور عنهم، وهو الذي ذكره ابن عبد البر وغيره عنهم، وأما رواية الطبراني عنهم بذكر مجاهد فلعله حمل روايتهم على رواية مطرف التي ذكر فيها مجاهد ، لأنه ساق رواياتهم جميعاً ، بل إن ابن عبد البر ذكر رواية مطرف على هذا الوجه - أيضاً -، وهذا الوجه - أيضاً - هو المشهور عن مصعب الزبيري فهو الذي ذكره الجوهري ، وابن عبد البر ، وهو رواية ابن أبي شريح ، عن أبي القاسم البغوي ، عنه .
وقد اقتصر أبو حاتم على ذكر هذا الوجه عن مالك .
الوجه الثاني : عن مالك ، عن عبد الكريم الجزري، عن مجاهد، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة - بإثبات مجاهد - وهذه رواية ابن القاسم ، وابن وهب ، ومحمد بن الحسن ، وابن مهدي ، وابن طهمان ، والحسين بن الوليد ، ومكي ابن إبراهيم ، وهي الرواية التي ذكرها الدارقطني عن مطرف ، ورواها من طريقه الطبراني ، كما هي روايته - أيضاً - عن مصعب الزبيري ، ورواية أبي أحمد الحاكم ، عن أبي القاسم البغوي ، عن مصعب ، ورواية عن القعنبي ، ويحيى بن بكير ، وعبد الله ابن يوسف ، ولكنها غير محفوظة عنهم - كما سبق - .(1/13)
وقد تبين بهذا أن كلاً من الوجهين قد حدث به عن مالك ثقات من أصحابه ، مما يؤكد أن مالكاً قد حدث به على الوجهين جميعاً ، ولهذا لما قال الشافعي بعدما رواه عن مالك على الوجه الأول : غلط مالك بن أنس في هذا الحديث ، الحفاظ حفظوه : عن عبد الكريم ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة علق الطحاوي على كلام الشافعي بقوله : لم يغلط مالك فيه ... ثم ذكر أن ابن وهب رواه عن مالك على الصواب ، وقال : إلا أن يكون العرضة التي حضرها الشافعي لم يذكر مالك فيها في هذا الحديث مجاهداً .
وقال البيهقي بعد كلام الشافعي : إنما سقط مجاهد في إسناده في العرضة التي حضرها الشافعي ، وكذلك في العرضة التي حضرها القعنبي ، وعبد الله بن يوسف ، ويحيى بن بكير ، وقد ذكره في العرضة التي حضرها عبد الله بن وهب ، وذكره غيره عن عبد الكريم .
وقال البيهقي - أيضاً - بعد أن ذكر رواية عبد الله بن يوسف ، وابن بكير - بإسقاط مجاهد -: وفي بعض هذه العرضات سمعه الشافعي - رحمه الله - في جماعة من أصحاب الموطأ ، دون العرضة التي شهدها ابن وهب ، ثم إن الشافعي تنبه له في رواية المزني ، وابن عبد الحكم، عنه فقال: غلط مالك ... قال البيهقي: وإنما غلط في بعض العرضات، وقد رواه في بعضها على الصحة ...(1/14)
وما ذكره هؤلاء الأئمة ظاهر جداً ، وهو معنى قول أبي حاتم : أسقط مالك مجاهداً من الإسناد ، إلا أن أبا حاتم لم يذكر الاختلاف على مالك فيه ، فلعله أراد بيان الرواية التي وقع فيها السقط . دون التعرض لغيرها، ويحتمل أن لا يكون اطلع على الاختلاف على مالك فيه ، فإن الوجه الأول عن مالك أشهر ، بل ذكر الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك ص132 ح65 : أن مالكاً لم يروه في الموطأ إلا بإسقاط مجاهد ، وإنما ذكره في غير الموطأ ، مع أن الدارقطني نفسه - رحمه الله - ذكر في أحاديث الموطأ ص28 ممن رواه عن مالك من أصحاب الموطأ بذكر مجاهد فيه : ابن وهب ، وابن القاسم ، ثم ذكر جماعة ممن تابعهما . فلعله ذهل عنه .
والحاصل أن الصحيح في هذا الحديث : عن مالك ، عن عبد الكريم الجزري، عن مجاهد ، عن ابن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة ، وقد تابع مالكاً على هذا الوجه سفيان ابن عيينة ، وعبيد الله بن عمروٍ الرقي - كما سبق في التخريج - .
وهو حديث مخرج في الصحيحين وغيرهما من طرقٍ متعددة عن مجاهد - كما سبق في التخريج - وقال ابن عبد البر : والحديث عن مجاهد ، عن ابن أبي ليلى صحيح لا شك فيه عند أهل العلم بالحديث ( التمهيد 2/233 ) وقال - أيضاً - : وعبد الكريم لم يلق ابن أبي ليلى ولا رآه ، والحديث محفوظ لمجاهد عن أبي ليلى من طرق شتى صحاح كلها ، وهذا عند أهل العلم أبين من أن يحتاج فيه إلى استشهاد ( التمهيد 20/63 ) .
وله طرق أخرى في الصحيحين وغيرهما ، وقد سبق تفصيلها كما سبق في التخريج بيان جملة من الاختلافات الواقعة في طرق هذا الحديث المتعددة ، وهي غير مؤثرة بعد ثبوت صحة الحديث ، كما أن بعض الطرق السابقة في ثبوتها نظر ، ومنها مالا يصح ، ولكن لا اعتماد عليها ، والله أعلم .(1/15)
43/829- سألت أبي عن حديث رواه إسحاق الفروي ، عن محمد بن جعفر ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه قال : " كنت مع عبد الله بن عمر بطريق مكة ، فبلغه عن أبيه شدة " فقال : هذا خطأ ، إنما هو : فبلغه عن ابنة أبي عبيد(1)شدة مرض .
دراسة الرواة :
* إسحاق بن محمد بن إسماعيل بن عبد الله بن أبي فروة الفروي ، أبو يعقوب المدني ، القرشي الأموي ، مولاهم ، مات سنة 226 . روى عن : مالك بن أنس ، وإسماعيل بن جعفر ، ومحمد بن جعفر وغيرهم . وعنه : البخاري ، والترمذي ، وأبو حاتم ، وأبو زرعة وغيرهم . أخرج له البخاري ، والترمذي ، وابن ماجه .
قال أبو حاتم : كان صدوقاً ، ولكن ذهب بصره، فربما لقن الحديث ، وكتبه صحيحة. وقال مرة : مضطرب . وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : يغرب ويتفرد .
وقال الآجري : سألت أبا داود عنه فوهاه جداً . وقال النسائي: ليس بثقة . وقال مرةً: متروك . وذكره العقيلي في الضعفاء ، وقال: جاء عن مالك بأحاديث كثيرة لا يتابع عليها. وقال الدارقطني : ضعيف ، وقد روى عنه البخاري، ويوبخونه في هذا . وقال - أيضاً -: لا يترك . وقال الحاكم: عيب على محمدٍ - يعني البخاري- إخراج حديثه ، وقد غمزوه.
قال الذهبي : وهو صدوق في الجملة ، صاحب حديث .
وقال ابن حجر في هدي الساري : والمعتمد فيه ما قاله أبو حاتم ... ثم ذكر قول الدارقطني ، والحاكم ... وقال : روى عنه البخاري في كتاب الجهاد حديثاً ، وفي فرض الخمس آخر ، كلاهما عن مالك ، وأخرج له في الصلح حديثاً آخر مقروناً بالأويسي ، وكأنها مما أخذه عنه من كتابه قبل ذهاب بصره .
__________
(1)
(1) هي : صفية بنت أبي عبيد الثقفية ، امرأة عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - وأخت المختار بن أبي عبيد ، قيل إنها أدركت النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأنكر ذلك الدارقطني . وقال العجلي: مدنية متفقهة ثقة . ( انظر : ثقات العجلي ص520 ، تهذيب الكمال 35/212 ، الإصابة 4/351 ، التقريب 8623 ) .(1/1)
وقال في التقريب : [ صدوق ، كُفَّ فساء حفظه ] .
ضعفاء النسائي ص19 ، ضعفاء العقيلي 1/106 ، الجرح والتعديل 2/233 ، ثقات ابن حبان 8/114 ، سؤالات السهمي ص172 ، سؤالات ابن بكير ص26 ، تهذيب الكمال 2/471 ، الميزان 1/198 ، تهذيب التهذيب 1/127 ، التقريب 381 ، هدي الساري ص409 .
* محمد بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري الزرقي ، مولاهم، المدني ، روى عن : زيد ابن أسلم، وحميد الطويل، وهشام بن عروة وغيرهم . وعنه : عبد الله بن نافع الصائغ، وإسحاق بن محمد الفزاري ، وعبد العزيز الأويسي ، وإسحاق بن محمد الفروي وغيرهم.
ثقة ، وثقه ابن معين ، والعجلي وغيرهما . وقال النسائي : صالح . وقال - أيضاً - : مستقيم الحديث . وقال ابن المديني : معروف . وذكره ابن حبان في الثقات .
قال ابن حجر : [ ثقة ] .
ثقات العجلي ص402 ، الجرح والتعديل 7/220 ، ثقات ابن حبان 7/402 ، التعديل والتجريح للباجي 2/622 ، تهذيب الكمال 24/583 ، تهذيب التهذيب 3/530 ، التقريب 5784 .
* زيد بن أسلم القرشي العدوي ، مولى عمر بن الخطاب، أبو أسامة ، ويقال: أبو عبد الله المدني ، الفقيه ، مات سنة 136 . روى عن : أبيه ، وعبد الله بن عمر ، وأبي هريرة ، وعائشة وغيرهم. وعنه : مالك ، وابن عجلان ، وابن جريج ، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير وغيرهم .
متفق على إمامته وعلمه وجلالته . وقد وثقه الأئمة أحمد ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، وابن سعد ، والنسائي وغيرهم .
قال في التقريب : [ ثقة عالم ، وكان يرسل ] .
طبقات ابن سعد ( القسم المتمم لتابعي أهل المدينة ص314 )، الجرح والتعديل 3/555 ، تهذيب الكمال 10/12 ، تهذيب التهذيب 1/658 ، التقريب 2117 .(1/2)
* أسلم القرشي العدوي، مولى عمر بن الخطاب، أبو خالد، ويقال: أبو زيد المدني، أدرك زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يره ، فهو مخضرم ، مات سنة 80 وقيل بعد سنة 60 ، وهو ابن 114 سنة ، روى عن : أبي بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعثمان ، وابن عمر وغيرهم . وعنه : زيد بن أسلم ، والقاسم بن محمد ، ونافع وغيرهم . أخرج له الجماعة .
متفق على توثيقه ، فقد وثقه أبو زرعة . وقال العجلي : ثقة من كبار التابعين . وقال يعقوب بن شيبة : كان ثقة ، من جلة موالي عمر ، وكان يقدمه .
قال في التقريب : [ ثقة ] .
طبقات ابن سعد 5/10 ، ثقات العجلي ص63، الجرح والتعديل 2/306، تهذيب الكمال 2/529، الإنابة إلى معرفة المختلف فيهم من الصحابة لمغلطاي 1/66، تهذيب التهذيب 1/136 ، التقريب 406.
* عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- سبقت ترجمته في المسألة الرابعة .
التخريج :
لم أقف عليه من حديث إسحاق بن محمد الفروي .
- وأخرجه البخاري 3/10 ح1805 و4/70 ح3000، والبيهقي 3/160 من طريق سعيد بن أبي مريم ، عن محمد بن جعفر ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه قال : " كنت مع عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - بطريق مكة ، فبلغه عن صفية بنت أبي عبيد شدة وجع ، فأسرع السير ،حتى إذا كان بعد غروب الشفق نزل فصلى المغرب والعتمة ، جمع بينهما ، ثم قال : إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جدَّ به السير أخر المغرب وجمع بينهما " .
- وأخرجه أبو داود 2/152 ح1200، وأحمد 2/51 ح5120، وعبد الرزاق 2/547 ح4402 -ومن طريقه ابن حبان 4/306 ح1455- وأبو عوانة 2/78 ح2386، والبيهقي 3/159 من طرقٍ عن أيوب السختياني ،
والترمذي 1/557 ح555 من طريق عبيد الله العمري ،
والنسائي في المجتبى 1/287 ، وفي الكبرى 1/490 ح1569 ، والدارقطني 1/393 ح19 و20 ، والبيهقي 3/160، من طريق ابن جابر ، وهو : عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الدمشقي ،(1/3)
وعبد الرزاق 2/547 ح4401 - وعنه أحمد 2/150 ح6375- عن ابن جريج ،
وعبد الرزاق 2/546 ح4400 عن عبد العزيز بن أبي رواد ،
وعبد الرزاق - أيضاً - 2/547 ح4403 ، من طريق إسماعيل بن أمية ،
والطحاوي في شرح المعاني 1/163 ح983 ، والدارقطني 1/393 ، من طريق العطاف بن خالد المخزومي ،
والطحاوي - أيضاً - 1/161 ح972 ، من طريق الليث بن سعد ،
والدارقطني 1/390 ح8 و1/391 ح9 ، والبيهقي 3/159 من طريق عمر بن محمد ابن زيد ،
والدارقطني 1/393 ح17 من طريق الفضيل بن غزوان ،
عشرتهم ( أيوب ، وعبيد الله ، وابن جابر ، وابن جريج ، وابن أبي رواد ، وإسماعيل، والعطاف ، والليث، وعمر بن محمد، والفضيل ) عن نافع مولى ابن عمر ،
والنسائي في المجتبى 1/285 و288 ، وفي الكبرى 1/488 ح1564 ، من طريق كثير بن قاروندا ،
والذهلي في الزهريات ( تغليق التعليق 2/421 )، والإسماعيلي (تغليق التعليق 2/422، والفتح 2/666 ، وعمدة القاري 7/136 ) من طريق عبد الله بن صالح ، عن الليث بن سعد، عن يونس ، عن الزهري ، وعلقه البخاري 2/55 ح1092 عن الليث بن سعد ، عن يونس ، عن الزهري ،
كلاهما ( كثير بن قاروندا ، والزهري ) عن سالم بن عبد الله ،
كلاهما ( نافع ، وسالم ) عن ابن عمر بهذا الحديث بقصة الجمع في تلك الليلة ، واختلفت سياقاتهم للحديث ، وعند جميعهم أنه في شأن صفية بنت أبي عبيد زوجته ، وربما لم يصرح باسمها في بعض الروايات ، وإنما قال " على بعض أهله " أو نحو ذلك . وليس في شيء من هذه الطرق ذكر لأبيه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم أن حديث إسحاق الفروي ، عن محمد بن جعفر ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، قال : " كنت مع عبد الله بن عمر بطريق ، فبلغه عن أبيه شدة " خطأ ، وأن الصواب إنما هو : فبلغه عن ابنة أبي عبيد شدة مرض . يعني صفية زوجته .(1/4)
وما ذكره أبو حاتم أمر صحيح ، فإن إسحاق الفروي قد وهم في هذا الحديث ، وقد خالفه من هو أثبت منه ، وهو سعيد بن أبي مريم الجمحي ، وهو ثقة ثبت فقيه ، قال أبو داود : ابن أبي مريم عندي حجة . وقال أبو حاتم ، وابن معين : ثقة . ( انظر تهذيب التهذيب 2/12، والتقريب 2286 ) حيث رواه سعيد بن أبي مريم، عن محمد بن جعفر بن أبي كثير به، وذكر أن ذلك في شأن صفية بنت أبي عبيد ، وروايته في صحيح البخاري - كما سبق في التخريج - فهي المحفوظة عن محمد بن جعفر بن أبي كثير ، وإنما وهم في ذلك إسحاق الفروي ، وقد سبق في ترجمته كلام الأئمة فيه ، ومن ذلك قول أبي حاتم : إنه ذهب بصره فربما لُقِّن الحديث . فلعل منشأ الخطأ في هذا الحديث تصحيفٌ قُرِئَ عليه بعد ذهاب بصره فتلقنه وحدث به .
ومما يؤكد الخطأ في هذا الحديث ويوضحه أنه ثابت عن ابن عمر من حديث نافعٍ ، وسالمٍ على الوجه الصحيح في شأن صفية بنت أبي عبيد - كما سبق ذكره في التخريج - وهو حديث صحيح من هذا الوجه ، والله أعلم .(1/5)
44/830- وسألت أبي ، وأبا زرعة عن حديث رواه محمد بن عمروٍ ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب بالحَزْوَرَة(1)، فقال : إنك أحب أرض الله إلي ، ولولا أني أخرجت ما خرجت منه " فقالا : هذ خطأ ، وهم فيه محمد بن عمروٍ ، ورواه الزهري ، عن أبي سلمة ، عن عبد الله بن عدي بن الحمراء ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو الصحيح .
دراسة الرواة :
* محمد بن عمرو بن علقمة الليثي ، سبق في المسألة السابعة والثلاثين ، وفيه كلام كثير ، لخص حاله ابن حجر بقوله : صدوق ، له أوهام .
* أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، سبق في المسألة الرابعة والعشرين ، وهو ثقة مكثر .
* أبو هريرة الدوسي - رضي الله عنه - سبقت ترجمته في المسألة الثانية .
* الزهري ، محمد بن شهاب ، سبق في المسألة الرابعة والعشرين ، وهو فقيه حافظ ، متفق على جلالته وإتقانه .
* عبد الله بن عدي بن الحمراء الزهري ، أبو عمر، وقيل: أبو عمروٍ، وقيل: إنه ثقفي ، حليف لبني زهرة ، له صحبة ، وله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث الواحد ، وعداده في أهل الحجاز .
الجرح والتعديل 5/121، معرفة الصحابة لأبي نعيم 3/1730 ، الاستيعاب 2/362 ، أسد الغابة 3/39 ، تهذيب الكمال 15/289 ، تهذيب التهذيب 2/382 ، الإصابة 2/345 ، التقريب 3472 .
التخريج :
- أخرجه إسماعيل بن جعفر في حديثه ( رواية علي بن حجر عنه ) ص283 ح204 ،
والأزرقي في أخبار مكة 2/156 ، من طريق عثمان بن ساج ،
__________
(1)
(1) في ( م ، ط ) :" بالحذورة " وهو تصحيف ، والصواب : " الحزورة " - بفتح الحاء وسكون الزاي ، وفتح الواو والراء - وهي سوق مكة القديم ، ودخلت في المسجد الحرام لما زيد . وكان باب من أبواب المسجد الحرام يسمى باب الحزورة . ( انظر : أخبار مكة للأزرقي 2/294 ، وللفاكهي 4/206 ، ومراصد الاطلاع 1/ 400 ) .(1/1)
والبزار ( كشف الأستار 2/41 ح1157 ) من طريق عبد الوهاب - ولعله الخفاف -،
وأبو يعلى 10/362 ح5954 من طريق خالد بن عبد الله ،
والطحاوي في شرح المعاني 2/261 ح4661 و3/328 ح5462 ، وفي شرح المشكل 8/171 ح3146 و12/282 ح4796 ، وابن حزم في المحلى(1)7/288 من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي ،
والطحاوي - أيضاً - في شرح المعاني 2/261 ح4162 و3/328 ح5463 ، وفي شرح المشكل 8/171 ح4795 ، وابن حزم في المحلى (1) 7/288 من طريق حماد بن سلمة ،
والدارقطني في العلل 9/255 - معلقاً - عن أبي ضمرة أنس بن عياض ،
سبعتهم ( إسماعيل ، وعثمان ، وعبد الوهاب ، وخالد ، والدراوردي ، وحماد ، وأبو ضمرة ) عن محمد بن عمروٍ به ولفظه " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف عام الفتح بالحَجون، فقال : والله إنك لأخير أرض الله ، وأحب أرض الله إلى الله تعالى ، لولا أني أُخرجت منك ما خرجت ، وإنها لم تحل لأحدٍ بعدي ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار، ثم هي حرام ساعتي هذه ، لا يعضد شجرها ، ولا يحتش كلؤها، ولا يلتقط ضالتها إلا لمنشد ، قال : فقال رجل - وزعم الناس أنه عباس -: يا رسول الله ، إلا الإذخر، فإنه لبيوتنا ولقبورنا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إلا الإذخر ". هذا لفظ البزار ، والبقية بنحوه ، وربما زاد بعضهم أو نقص ، إلا أنه مرسل ، دون ذكر أبي هريرة في رواية إسماعيل بن جعفر ، وعثمان بن ساجٍ فقط .
وسيأتي تخريج رواية الزهري مفصلة في المسألة رقم 50/836 ، حيث ذكر الحديث مرة أخرى ، من طريق الزهري فقط .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم ، وأبو زرعة الاختلاف في هذا الحديث على أبي سلمة بن عبد الرحمن من وجهين :
الوجه الأول : عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة مرفوعاً ، وهذه رواية محمد بن عمرو ابن علقمة .
__________
(1) لم يسق ابن حزم إسناده تاماً، وإنما قال: روينا من طريق حماد بن سلمة... وروينا من طريق سعيد بن منصور، عن عبد العزيز ... .(1/2)
الوجه الثاني : عن أبي سلمة ، عن عبد الله بن عدي بن الحمراء مرفوعاً ، وهذه رواية الزهري . وقد وقع فيه اختلاف على الزهري ، ولكن هذا هو الوجه الصحيح عن الزهري ، كما سيأتي بيان ذلك وتحريره في المسألة الآتية برقم 50/836 .
وقد حكم أبو حاتم ، وأبو زرعة بأن الصواب من هذين الوجهين رواية الزهري بجعله من مسند عبد الله بن عدي بن الحمراء . وحكما بأن رواية محمد بن عمروٍ خطأ ، وأن الوهم فيه من محمد بن عمرو .
وقد توارد على هذا المعنى أئمة آخرون ، فقد أشار الترمذي إلى حديث محمد بن عمروٍ هذا ، موصولاً بذكر أبي هريرة ، ثم قال : وحديث الزهري ، عن أبي سلمة ، عن عبد الله بن عدي بن حمراء عندي أصح . ( الترمذي 6/207 ) ، وذكر البيهقي أن رواية محمد بن عمروٍ هذه وهم ( دلائل النبوة 2/518 ) ، وقال الفاسي : ولعل محمد بن عمروٍ في الرواية التي ذكرها عنه الترمذي سلك فيها جادة إسناده المتكرر في غير ما حديث له عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة . ( شفاء الغرام 1/121 ) .
والأمر كما قال هؤلاء الأئمة ، فإن محمد بن عمروٍ قد تكلم في حفظه، فقد ذكر أحمد أنه مضطرب الحديث . وذكر ابن معين أن الناس ما زالوا يتقون حديثه . وذكر ابن حبان أنه يخطئ . وقد تكلم فيه غيرهم - كما سبق في ترجمته -.
ويظهر لي أن محمد بن عمرو قد اضطرب في هذا الحديث في إسناده ، ومتنه .
فأما في إسناده ، فإنه قد اختلف عليه في هذا الحديث ، فروي عنه على وجهين ، - كما سبق في التخريج - وهذا بيانهما :
الوجه الأول : عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة مرفوعاً ، وهذه رواية عبد الوهاب ، وخالد بن عبد الله ، وعبد العزيز الدراوردي ، وحماد بن سلمة ، وأبي ضمرة .
الوجه الثاني : عن محمد بن عمروٍ ، عن أبي سلمة مرسلاً . وهذه رواية إسماعيل ابن جعفر ، وعثمان بن ساج .(1/3)
ولعل هذا الاختلاف من محمد بن عمروٍ نفسه ، فقد ذكر أحمد أنه كان يحدث بأحاديث فيرسلها ، ويسندها لأقوام آخرين . وذكر ابن معين أن سبب اتقاء الناس لحديثه أنه كان يحدث مرة عن أبي سلمة بالشيء من رأيه ، ثم يحدث به مرة أخرى عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - كما سبق في ترجمته- فلعله كان يشك في هذا الحديث ويضطرب فيه فيرسله مرة ويصله مرة(1).
وأما في متن الحديث ، فقد سبق سياق لفظ محمد بن عمرو ، وهو لفظ مطول ، جمع فيه بين لفظين لحديثين مختلفين ، أحدهما حديث عبد الله بن عدي بن الحمراء ، وهو حديث المسألة ، والثاني حديث أبي هريرة في خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - في عام الفتح ، وذكره تحريم مكة ، وقد وقع له مخالفة في متني الحديثين جميعاً ، فقد ذكر في حديث عبد الله بن عدي: " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف على الحجون " وإنما وقف على الحزورة - كما سبق - وذكر في حديث أبي هريرة - في بعض ألفاظه - أن أبا شاه هو الذي سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - استثناء الإذخر ، وإنما هو العباس ، وقد ذكره محمد بن عمرو - أيضاً - في بعض ألفاظه - كما في رواية البزار السابقة - .
والذي يظهر لي أن هذا كله من تخليط محمد بن عمرو ، وأنه قد اختلط عليه هذان الحديثان ، واشتبه عليه بعض متونهما ، فإن حديث أبي هريرة محفوظ من حديث يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، ولم يذكر فيه شيئاً من حديث عبد الله بن عدي ، وهو مخرج في الصحيحين وغيرهما . ( انظر : صحيح البخاري 1/38 ح112 ، ومسلم 4/110-111 ح1355 ، وانظر المسند الجامع 18/211 ) .
__________
(1) وقع في علل الدارقطني 9/255 أن الدارقطني رجح الموصول ، ولكن ذكر المحقق أن ذلك من خطأ النسخة حيث وقع فيها تداخل بين مسألتين ، وهو كما ذكر فيما ظهر لي ، والله أعلم .(1/4)
وبهذا يعلم أن الصواب في حديث المسألة أنه من حديث عبد الله بن عدي بن الحمراء، وأن ذكر أبي هريرة فيه وهم وخطأ ، كما ذكره أبو حاتم وأبو زرعة والأئمة الآخرون .
ولكن بقي أنه روي عن أبي هريرة من طريقين آخرين ، وهذا بيانهما :
الطريق الأول : من حديث معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، وهو - أيضاً - خطأ ، وسيأتي بيان ذلك وتوضيحه في المسألة الآتية برقم 50/836 .
الطريق الثاني : طريق عبد الله بن رباح ، عن أبي هريرة . وهذا تخريجه :
أخرجه أبو الطاهر المخلص في الثالث من حديثه ، وفي المنتقى ( كما ذكره الفاسي في شفاء الغرام 1/123، ورواه من طريقه -أيضاً- ابن الجوزي في التحقيق 2/142 ح 1293) من طريق مؤمل ابن إسماعيل ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن عبد الله بن رباح به . وهو حديث طويل في قصة الفتح ، وقد اختصره ابن الجوزي في روايته ، وفيه قال :" لما قدمنا مكة أتته الأنصار ، وهو قائم على الصفا ، فجلسوا حوله ، فجعل يقلب بصره في نواحي مكة وينظر إليها ، ويقول : والله لقد عرفت أنك أحب البلاد إلى الله وأكرمها على الله ، ولولا أن قومي أخرجوني ما خرجت ". ثم ساق الفاسي مرة أخرى بالإسناد نفسه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثله . وقال : قال ابن صاعد : هذان الخبران لم يأت بهما في هذا الحديث إلا مؤمل بن إسماعيل . قال الفاسي : وإسناد هذا الحديث فيه نظر ، لأن مؤمل بن إسماعيل الذي تفرد به كثير الخطأ ، على ما قال أبو حاتم ، وفيه نظر - أيضاً - لمكان غيره فيه ، وإنما أوردناه لغرابته ، والله أعلم .
وما ذكره من الطعن في هذا الحديث صحيح .
- فقد أخرجه مسلم 5/172 ح1780 من طريق يحيى بن حسان ،
وأحمد 2/292 ح7922 عن يزيد بن هارون ،
وأبو عوانة 4/290 من طريق موسى بن داود ، ومحمد بن كثير ،
والبيهقي 9/118 من طريق عفان ،(1/5)
خمستهم عن حماد بن سلمة به مطولاً ومختصراً ، وليس في شيء من ألفاظه ما ذكر في هذا الحديث من قوله : " إنك أحب البلاد إلى الله ... " .
- وأخرجه مسلم 5/170 ح1780 ، وأحمد 2/538 ح10948 - وعنه أبو داود 2/471 ح1867 - والنسائي في الكبرى 6/382 ح11298 ، والطيالسي 4/188 ح2564 ، وابن أبي شيبة 7/397 ح36899 ، وابن خزيمة 4/230 ح2758 ، وأبو عوانة 4/289 ح6780 ، والطحاوي في شرح المعاني 3/324 ح5453 ، وابن حبان 11/73 ح4760 ، والبيهقي في السنن الكبرى 9/117 ، وفي الدلائل 5/55-57 ، من طريق سليمان بن المغيرة ،
وأبو داود 2/471 ح1866 و3/480 ح3018 ، والنسائي في الكبرى 6/382 ح11298، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 3/348 ح1738 ، وأبو يعلى 11/524 ح6647 ، والطحاوي في شرح المعاني 3/325 ح5454 ، والحاكم 2/53 ، والبيهقي في الكبرى 9/118 ، وفي الدلائل 5/57-58 من طريق سلام بن مسكين ،
كلاهما ( سليمان ، وسلام ) عن ثابت البناني به مطولاً ومختصراً ، وليس في شيء من ألفاظه ما ذكر في هذا الحديث - أيضاً - .
وبهذا يظهر أن مؤمل بن إسماعيل تفرد بهذا عن حماد بن سلمة ، وخالفه خمسة من أصحاب حماد بن سلمة ، فلم يذكروا في هذا الحديث ما ذكره مؤمل ، وهم أوثق منه وأثبت ، ومؤمل بن إسماعيل وثقه ابن معين وغيره ، ولكنه كثير الخطأ - كما قال أبو حاتم - وقال البخاري : منكر الحديث . وقال ابن سعد والدارقطني : ثقة كثير الخطأ . ولذا قال ابن حجر : صدوق سيئ الحفظ . ( تهذيب التهذيب 4/193 ، التقريب 7029 ) .
ومما يؤكد الوهم في حديث مؤمل بن إسماعيل هذا أن حماد بن سلمة توبع على أصله ، فقد تابعه سليمان بن المغيرة ، وسلام بن مسكين ، ولم يذكرا ما ذكره مؤمل في روايته عن حماد .
وبهذا يتبين أن حديث المسألة لا يصح عن أبي هريرة ، من جميع وجوهه ، وإنما هو من حديث عبد الله بن عدي بن الحمراء .(1/6)
وهو حديث صحيح من حديث عبد الله بن عدي بن الحمراء . قال الترمذي : حسن صحيح . وزاد في بعض النسخ : غريب . وصححه ابن خزيمة ، وابن حبان، والحاكم ، وقال ابن عبد البر : وهذا من أصح الآثار عن النبي عليه السلام . ( التمهيد 6/32 ) وقال - أيضاً - : وهو حديث لا يختلف أهل العلم بالحديث في صحته ( الاستذكار 26/16 ) ، وقال ابن حزم : هذا خبر في غاية الصحة ... ( المحلى 7/289 ) وصححه غيرهم ، والله أعلم .(1/7)
45/831- سمعت أبا زرعة وذكر حديثاً ، حدثنا به ، عن الأويسي ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر " أن عمر ضرب لليهود والنصارى والمجوس إقامة ثلاث ليالٍ بالمدينة ، يتسوقون(1)ويقضون حوائجهم " قال أبو زرعة : في الموطأ : مالك، عن نافع، عن أسلم أن عمر . والصحيح ما في الموطأ .
دراسة الرواة :
* الأويسي ، هو : عبد العزيز بن عبد الله العامري القرشي ، الأويسي ، أبو القاسم المدني ، الفقيه ، روى عن : مالك ، وسليمان بن بلال ، ومحمد بن جعفر بن كثير وغيرهم . وعنه : أبو زرعة ، وأبو حاتم ، والبخاري ، والذهلي وغيرهم .
وثقه يعقوب بن شيبة . وقال الدارقطني : حجة . وقال الخليلي : ثقة ، متفق عليه . وقال أبو حاتم : صدوق . وذكر أنه سمع الكثير من الموطأ من مالك - يعني وسمع بقية الموطأ قراءة عليه - ، وذكره ابن حبان في الثقات .
وذكر المزي عن أبي عبيد الآجري ، عن أبي داود : أنه قال : ثقة . بينما ذكر الذهبي أنه وجد في سؤالات الآجري ، عن أبي داود قال : عبد العزيز الأويسي ضعيف . وقد نقل ابن حجر القولين جميعاً ، ولم أقف على ترجمته في المطبوع من سؤالات الآجري ، فالله أعلم .
قال الذهبي : ثقة جليل .
وقال ابن حجر : [ ثقة ] .
الجرح والتعديل 5/387 ، ثقات ابن حبان 8/396 ، سؤالات الحاكم للدارقطني ص240 ، تهذيب الكمال 18/160 ، الميزان 2/630 ، تهذيب التهذيب 3/588 ، التقريب 4106 .
* مالك بن أنس الإمام ، سبق في المسألة الثانية والأربعين ، وهو إمام دار الهجرة ، رأس المتقنين ، وكبير المتثبتين ، الفقيه المشهور .
* نافع مولى ابن عمر ، سبق في المسألة الحادية عشرة ، وهو ثقة ثبت فقيه مشهور ، متفق على جلالته وإتقانه .
* عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة الرابعة .
* أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سبقت ترجمته في المسألة الثامنة والثلاثين .
__________
(1) في ( س ) :" يتشوفون " ، وهو تصحيف .(1/1)
* أسلم مولى عمر ، سبق في المسألة الثالثة والأربعين ، وهو ثقة .
التخريج :
- هو في الموطأ رواية محمد بن الحسن ص311 ح873 ،
ورواية أبي مصعب الزهري 2/63 ح1864 ،
وأخرجه ابن المنذر في الأوسط 11/26 ح6417 من طريق القعنبي ،
والبيهقي 3/148 و9/209 ، من طريق يحيى بن بكير ،
أربعتهم ( محمد بن الحسن ، وأبو مصعب ، والقعنبي ، ويحيى بن بكير ) عن مالك به بنحوه ، وفيه زيادة " ولم يكن أحد منهم يقيم فوق ثلاث " إلا أنه في رواية محمد بن الحسن ، والقعنبي على الوجه الأول: عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أن عمر . وفي رواية أبي مصعب ، ويحيى بن بكير على الوجه الثاني : عن مالك ، عن نافع ، عن أسلم ، أن عمر .
ومن هذا الوجه علقه في الموطأ، رواية سويد بن سعيد الحدثاني ص469 فقال: عن أسلم ، أن عمر ... الخ .
- وأخرجه الشافعي ( المعرفة للبيهقي 7/131 )(1)عن يحيى بن أبي سليم ،
وابن أبي شيبة 6/468 ح32992 عن عبدة بن سليمان ،
وأبو عبيد في الأموال ص107 ح272 - ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط 11/25 ح6414 - من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، ومحمد بن عبيد ،
أربعتهم ( يحيى بن سليم ، وعبدة ، ويحيى ، ومحمد ) عن عبيد الله بن عمر ،
وعبد الرزاق 6/52 ح9979 و10/358 ح19362 عن ابن جريج ،
والبيهقي 9/208 من طريق سويد بن سعيد ، عن حفص بن ميسرة ،
كلاهما ( ابن جريج ، وحفص ) عن موسى بن عقبة ،
وعبد الرزاق 6/51 ح9977 و10/357 ح19360 عن معمر ، عن أيوب ،
__________
(1) ذكر البيهقي إسناد الحديث إلى عمر بن الخطاب ، ثم قال : فانقطع الحديث من الأصل ، وكأنه تركه لشكٍ عرض له ، ثم ذكر البيهقي الحديث بكماله .(1/2)
ثلاثتهم ( عبيد الله ، وموسى ، وأيوب ) عن نافع به بمعناه ، وفيه زيادة ونقص يسير . وفي رواية حفص بن ميسرة، عن موسى بن عقبة ساق قصة إجلاء اليهود من المدينة(1)، ثم ذكر معنى هذا الحديث . وجعله في رواية عبيد الله ، وموسى بن عقبة : عن نافع ، عن ابن عمر . وأما في رواية أيوب فقد جعله : عن نافع أن عمر ، فأرسله ولم يذكر بينهما أحداً .
الحكم عليه :
ذكر أبو زرعة الاختلاف في هذا الحديث على مالك من وجهين ، وهما :
الوجه الأول : عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن عمر ... وهذه رواية الأويسي ، وقد تابعه محمد بن الحسن ، والقعنبي .
الوجه الثاني : عن مالك ، عن نافع ، عن أسلم ، أن عمر ... وذكر أبو زرعة أن هذا في الموطأ ، وهو كذلك في رواية أبي مصعب ، ويحيى بن بكير .
وبهذا يظهر أن الوجهين - جميعاً - مرويان عن مالك في الموطأ ، من رواية الثقات ، والظاهر أن مالكاً حدث بالوجهين جميعاً ، وظاهر كلام أبي زرعة أن الذي في الموطأ هو الوجه الثاني فقط ، ولهذا جزم بترجيحه ، ولعل ذلك - أيضاً- لظنه أن الأويسي قد تفرد بالوجه الأول . أما وقد تبين أن الوجهين جميعاً في الموطأ، فإن ذلك يستدعي النظر في غير رواية مالك لهذا الحديث .
وقد روى هذا الحديث عن نافع : عبيد الله العمري ، وموسى بن عقبة ، وأيوب السختياني ، فأما عبيد الله ، وموسى فروياه عن نافع ، عن ابن عمر ، وهذا موافق للوجه الثاني عن مالك ، وأما أيوب فرواه عن نافع ، أن عمر مرسلاً، وهذا وجه جديد في الاختلاف في هذا الحديث .
__________
(1) رواية حفص بن ميسرة هذه أخرجها مسلم 5/159 ح1766 من غير الطريق الذي عند البيهقي ، ولكنه لم يسق لفظ الحديث ، وإنما أحال على رواية ابن جريج السابقة في قصة إجلاء اليهود ، وليس فيها ذكر لحديث المسألة . وقد روى عبد الرزاق ، عن ابن جريج قصة الإجلاء ، وحديث المسألة مفرقين ( المصنف 6/55 و10/358 ) .(1/3)
فتحصل من ذلك أن هذا الحديث روى عن نافع على ثلاثة أوجه ، وهي :
الوجه الأول : عن نافع ، عن ابن عمر ، أن عمر ... وهذه رواية مالك - فيما رواه عنه الأويسي ، ومحمد بن الحسن ، والقعنبي - وهي رواية عبيد الله بن عمر، وموسى بن عقبة .
الوجه الثاني : عن نافع ، عن أسلم، أن عمر ... وهذه رواية مالك - فيما رواه عنه أبو مصعب الزهري ، ويحيى بن بكير - .
الوجه الثالث : عن نافع ، أن عمر ... وهذه رواية أيوب السختياني .
فهذا حديث اختلف فيه الأكابر من أصحاب نافع ، فإن مالكاً ، وعبيد الله ، وأيوب هم أثبت أصحاب نافع ، وهم في الطبقة الأولى من أصحابه ، كما ذكر ابن المديني ، والنسائي، والدارقطني وغيرهم من الأئمة ، ( انظر: تسمية فقهاء الأمصار للنسائي ، وهو في آخر الضعفاء ص131 ، وسؤالات ابن بكير ص54 ، شرح العلل لابن رجب 2/615 و2/667 ) وقد اختلف الأئمة في المفاضلة بين هؤلاء الثلاثة إذا اختلفوا ، فمنهم من قدم أيوب كابن المديني ، ورواية عن أحمد ، ومنهم من قدم مالكاً ، كابن معين ، وعن أحمد رواية بتقديم عبيد الله ، وعن ابن معين رواية بعدم المفاضلة بين هؤلاء الكبار ( انظر شرح العلل 2/667 ) .
ولم أقف على كلامٍ لأحد من الأئمة في الموازنة بين أوجه الاختلاف في هذا الحديث على نافع ، إلا كلام أبي زرعة السابق ، وهو محمول على ما سبق ذكره ، والذي يظهر لي أن أرجح هذه الأوجه الثلاثة هو الوجه الأول، لأنه وجه اتفق عليه عبيد الله بن عمر، وموسى بن عقبة . وموسى وإن لم يكن في الطبقة العليا من أصحاب نافع ، فإنه من ثقات أصحابه ، ثم إنه وجه ثابت عن مالك من رواية ثلاثة من أصحابه .
أما أيوب فلعله قصر في هذا الحديث، أو تردد فيه فأرسله، فقد عرف عنه شدته في التحري ، وأنه إذا شك في شيء قصر به .(1/4)
ثم إني لم أقف عليه إلا من حديث معمر ، عن أيوب ، ومعمر قد تكلم في حديثه عن أهل العراق ، قال ابن معين : إذا حدثك معمر عن العراقيين فخفه، إلا عن الزهري، وابن طاووس ، فإن حديثه عنهما مستقيم ، فأما أهل الكوفة والبصرة فلا ... ( شرح العلل 2/774 ) .
والحاصل أن أرجح هذه الأوجه الثلاثة هو الوجه الأول ، وهو إسناد ظاهر الصحة ، ولذا قال ابن المنذر : وقد ثبت أن عمر ضرب ... والله أعلم .(1/5)
46/832- سمعت أبي وذكر حديثاً رواه محمد بن عبد الله الأنصاري ، عن حبيب ابن الشهيد، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس ،" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة(1)وهو محرم " فقال(2)أبي: قال أحمد بن حنبل : يقال : إن غلاماً كان للأنصاري أدخل هذا الحديث على الأنصاري .
دراسة الرواة :
* محمد بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري ، أبو عبد الله البصري ، القاضي ، ( 118-215 ) ، روى عن : أبيه ، وسليمان التيمي، وحميد الطويل ، وابن جريج ، وحبيب بن الشهيد وغيرهم . وعنه : أحمد ، وابن معين ، وابن المديني ، والبخاري ، وأبو حاتم وغيرهم .
وثقه ابن معين ، والترمذي ، وقال أبو حاتم : صدوق ثقة . وقال - أيضاً - : لم أر من الأئمة إلا ثلاثة : أحمد بن حنبل ، وسليمان بن داود الهاشمي ، ومحمد بن عبد الله الأنصاري . وقال ابن سعد : كان صدوقاً . وقال النسائي : ليس به بأس . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال أحمد : ما كان يضع الأنصاري عند أصحاب الحديث إلا النظر في الرأي ، وأما السماع فقد سمع .
وقال أبو داود : تغير تغيراً شديداً .
وقد أنكر عليه الأئمة أحاديث يسيرة، ومنها هذا الحديث - كما سيأتي الكلام عليه -.
قال في التقريب : [ ثقة ] . وهو كما قال .
جامع الترمذي 4/411 ح2678 ، طبقات ابن سعد 7/294 ، سؤالات الآجري 2/158 ، الجرح والتعديل 7/305 ، ثقات ابن حبان 7/443 ، تاريخ بغداد 5/408 ، تهذيب الكمال 25/539 ، الميزان 3/600 ، تهذيب التهذيب 3/614 ، التقريب 6046 .
__________
(1)
(1) ميمونة بنت الحارث الهلالية ، أم المؤمنين ، قيل : كان اسمها برة ، فسماها النبي - صلى الله عليه وسلم - ميمونة ، وقد تزوجها بسرف سنة سبع ، وماتت بسرف سنة 51 على الصحيح . ( طبقات ابن سعد 8/132-140 ، السمط الثمين ص189-193 ، التقريب 8688 ) .
(2) في ( ت ) :" وقال " .(1/1)
* حبيب بن الشهيد الأزدي ، مولاهم ، أبو محمد ، ويقال : أبو شهيد البصري ، مات سنة 145 ، أدرك أبا الطفيل ، وروى عن الحسن البصري ، وبكر المزني، وميمون ابن مهران وغيرهم . وعنه : شعبة ، والثوري ، وحماد بن سلمة، والأنصاري وغيرهم .
متفق على توثيقه . قال أحمد : حبيب بن الشهيد أثبت من حميد الطويل ، حبيب ثقة ثبت .
قال في التقريب : [ ثقة ثبت ] .
العلل ومعرفة الرجال 2/348 ، الجرح والتعديل 3/103 ، تهذيب الكمال 5/378 ، تهذيب التهذيب 1/351 ، التقريب 1097 .
* ميمون بن مهران الجزري ، أبو أيوب الرقي ( 40 - 118 ) روى عن ابن عمر ، وابن عباس ، وأبي هريرة ، وعائشة - رضي الله عنهم - وغيرهم . وعنه : حبيب بن الشهيد ، وحميد الطويل ، والحكم بن عتيبة وغيرهم .
متفق على ثقته ، وفقهه وعلمه . قال أحمد : ثقة ، أوثق من عكرمة . وذكره بخير .
قال في التقريب : [ ثقة فقيه ، ولي الجزيرة لعمر بن عبد العزيز ، وكان يرسل ].
الجرح والتعديل 8/233 ، تهذيب الكمال 29/210 ، تهذيب التهذيب 4/198، التقريب 7049.
* عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة العاشرة .
التخريج :
- أخرجه ابن سعد 8/135 ،
وابن الأعرابي في معجمه 1/349 ح669 عن محمد بن طيفور ،
كلاهما ( ابن سعد ، وابن طيفور ) عن محمد بن عبد الله الأنصاري به بلفظه .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم عن الإمام أحمد بن حنبل أنه قال : يقال : إن غلاماً كان للأنصاري أدخل هذا الحديث على الأنصاري .
ومعنى هذا أن أبا حاتم ، وأحمد بن حنبل يريان أن هذا الحديث منكر وباطل ، وإن كان محمد بن عبد الله الأنصاري قد حدث به ، وذلك أن هذا الغلام أدخله مع حديثه فظن أنه من حديثه فحدث به .
ومما يؤيد نكارة هذا الحديث أن حبيب بن الشهيد قد روى عن ميمون بن مهران بخلافه :(1/2)
- فقد أخرج أبو داود 2/461 ح1839 ، وأحمد 6/332 ح26815 و6/335 ح26841 ، والدارمي 2/58 ح1824 ، وابن الجارود 2/76 ح445 ، وأبو يعلى 13/24 ح7106 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/270 ح4217 ، وفي شرح المشكل 14/515 ح5803 و5804 ، وابن حبان 9/443-444 ح4137 و4138، والطبراني في الكبير 23/437 ح1058، وفي الأوسط 8/372 ح8907 ، والدارقطني 3/262 ح65و66 ، وابن شاهين في الناسخ والمنسوخ ص244 ح503 ، والبيهقي في السنن الصغير 2/410 ح1609 ، وفي الدلائل 4/332 من طرقٍ متعددة عن حماد بن سلمة ،
والنسائي في الكبرى 2/236 ح3232 - ومن طريقه الخطيب في تاريخ بغداد 5/410 - من طريق سفيان بن حبيب ،
كلاهما ( حماد ، وسفيان ) عن حبيب بن الشهيد ، عن ميمون بن مهران ،
عن يزيد بن الأصم ، عن ميمونة قالت : " تزوجني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن حلال بعدما رجعنا من مكة " ولم يذكر سفيان بن حبيب فيه ميمونة ، بل جعله عن يزيد بن الأصم مرسلاً ، ولفظه : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة وهو محلٌّ " .
وله طرق أخرى عن ميمون بن مهران ، وقد وقع عليه فيه اختلاف ( انظر : تعليق محققي مسند الإمام أحمد 44/397 ) .
والمقصود هنا أن هذا هو الإسناد الثابت عن حبيب بن الشهيد، عن ميمون بن مهران، وهو مخالف لما رواه الأنصاري ، عن حبيب بن الشهيد في الإسناد والمتن .
والحاصل أن حديث ابن عباس هذا مما استنكر على الأنصاري ، ولعله حدث به في حال تغيره ، فقد سبق قول أبي داود : تغير تغيراً شديداً . ثم إن الأنصاري قد ذهبت بعض كتبه فكان يحدث من كتب غلامه أبي حكيم ، ذكر ذلك الإمام أحمد -كما سيأتي- فقد يكون هذا مما أدخله غلامه في تلك الكتب فحدث به في حال تغيره ولم يتنبه له .
وقد أُنكر على الأنصاري حديث أخر بهذا الإسناد - أيضاً - :(1/3)
- فقد أخرج الترمذي 2/138 ح776 ، والنسائي في الكبرى 2/235 ح3231 ، وأحمد 1/315 ح2888 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/101 ح3441 ، والطبراني في الأوسط 3/48 ح2438 وغيرهم من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، عن حبيب بن الشهيد ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم صائم " هذا لفظ النسائي ، وهو مختصر في بعض الروايات .
وقد اتفق الأئمة النقاد على استنكار هذا الحديث على الأنصاري ، فقال النسائي بعد سياقه : هذا منكر ، ولا أعلم أحداً رواه عن حبيب غير الأنصاري ، ولعله أراد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة . ثم ساق حديث يزيد بن الأصم السابق .
وقال الإمام أحمد : وقال أبو خيثمة : أنكر معاذ ، ويحيى بن سعيد حديث الأنصاري- يعني محمد بن عبد الله- عن حبيب بن الشهيد، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس : " احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم صائم " ( انظر العلل ومعرفة الرجال 1/ 320 ).
وروى أبو بكر الأثرم ، عن الإمام أحمد أنه ضعف هذا الحديث ، وقال : كانت ذهبت للأنصاري كتب فكان يحدث من كتب غلامه أبي حكيم ، أراه قال : وكان هذا من ذلك . ( انظر : تاريخ بغداد 5/410 ، تهذيب الكمال 25/544 ) .
وقال يعقوب بن سفيان : سئل علي بن المديني عن حديث الأنصاري ، عن حبيب ابن الشهيد ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو صائم"، قال : ليس من ذاك شيء ، إنما أراد حديث حبيب ، عن ميمون ، عن يزيد بن الأصم : " تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - ميمونة محرماً(1)" ( انظر المعرفة والتاريخ 3/7 ) .
وقال الخطيب بعد سياقه : لم يروه عن حبيب هكذا غير الأنصاري ، ويقال إنه وهم فيه ، والصواب ... فذكر كلام النسائي السابق ، ( تاريخ بغداد 5/410 ) .
__________
(1) كذا وقع فيه : " محرماً " وقد سبق الحديث ، والذي فيه أنه تزوجها حلالاً .(1/4)
والمراد من سياق هذا الحديث والكلام فيه بيان أنه قد انتقد على الأنصاري بهذا الإسناد أكثر من حديث ، وأن ذلك من جهة غلامه ، وقد يكون أصل الحديثين جميعاً حديث يزيد بن الأصم في تزويج ميمونة فالله أعلم .
وأما حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة وهو محرم فهو ثابت عن ابن عباس من غير حديث ميمون بن مهران ، فقد أخرجه البخاري 7/16 ح5114 ، ومسلم 4/137 ح1410 وغيرهما من طريق أبي الشعثاء جابر بن زيد ، كما أخرجه البخاري 5/181 ح4258 وغيره من طريق عكرمة ، والبخاري - أيضاً - 3/19 ح1837 وغيره من طريق عطاء بن أبي رباح ، ثلاثتهم ( أبو الشعثاء ، وعكرمة ، وعطاء ) عن ابن عباس به بنحوه . وله عن ابن عباس طرق أخرى . والله أعلم .(1/5)
47/833- سألت أبي عن حديثٍ رواه نافع ، وعبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " خمس تقتل في الحرم " رواه الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، عن حفصة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال أبي : كنا ننكر حديث الزهري ، حتى رأينا ما يقويه .
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن ، قال :(1)حدثنا أبي ، قال : حدثنا مسدد ، عن أبي عوانة ، عن زيد بن جبير ، عن ابن عمر ، قال : حدثتني إحدى نسوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال أبي : يعني أخته حفصة ، فعلمنا أن حديث الزهري صحيح ، وأن ابن عمر لم يسمع هذا الحديث من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، إنما سمعه من أخته حفصة(2).
دراسة الرواة :
* نافع مولى ابن عمر ، سبق في المسألة الحادية عشرة ، وهو ثقة ثبت ، فقيه ، مشهور .
* عبد الله بن دينار العدوي ، مولاهم ، أبو عبد الرحمن المدني ، مولى ابن عمر ، مات سنة 127 ، روى عن : ابن عمر ، وأنس ، ونافع مولى ابن عمر وغيرهم . وعنه : ابنه عبد الرحمن ، ومالك ، وشعبة وغيرهم .
ثقة ، وثقه أحمد ، وابن معين ، وابن سعد ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، والنسائي وغيرهم .
قال في التقريب : [ ثقة ] .
طبقات ابن سعد ( القسم المتمم لتابعي أهل المدينة ص305 ) ، الجرح والتعديل 5/217 ، تهذيب الكمال 14/471 ، تهذيب التهذيب 2/328 ، التقريب 3300 .
* عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة الرابعة .
* الزهري ، محمد بن مسلم ، سبق في المسألة الرابعة والعشرين، وهو الفقيه الحافظ، متفق على جلالته وإتقانه .
__________
(1) في ( س ، ح ، ض ) :" وحدثنا أبي " وليس فيه قوله :" أخبرنا أبو محمد ... " .
(2) سوف يورد ابن أبي حاتم هذه المسألة مرة ثانية برقم 59/845 .(1/1)
* سالم بن عبد الله بن عمر ، سبق في المسألة الرابعة ، وهو أحد الفقهاء السبعة ، وكان ثبتاً ، عابداً ، فاضلاً ، كان يُشَبَّه بأبيه في الهدي والسمت .
* حفصة بنت عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - أم المؤمنين ، تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد خنيس بن حذافة ، سنة ثلاث ، وقيل : سنة اثنتين ، والأول أرجح . وماتت سنة خمس وأربعين ، وقيل غير ذلك .
طبقات ابن سعد 8/81 ، تهذيب الكمال 35/153 ، الإصابة 4/273 ، التقريب 8563 .
* مسدد بن مسرهد الأسدي ، أبو الحسن البصري - ويقال : اسمه عبد الملك بن عبد العزيز ، ومسدد لقب - مات سنة 228 . روى عن فضيل بن عياض ، وإسماعيل ابن علية ، وأبي عوانة وغيرهم . وعنه : البخاري ، وأبو حاتم ، وأبو زرعة ، وأبو داود وغيرهم .
متفق على توثيقه . قال ابن معين ، عن يحيى القطان : لو أتيت مسدداً فحدثته في بيته لكان يستأهل . وقال أبو زرعة : قال لي أحمد : مسدد صدوق ، فما كتبته عنه فلا تعده.
قال في التقريب : [ ثقة حافظ ، يقال : إنه أول من صنف المسند بالبصرة ] .
الجرح والتعديل 8/438 ، تسمية شيوخ أبي داود للجياني ص102 ، تهذيب الكمال 27/443 ، تهذيب التهذيب 4/57 ، التقريب 6598 .
* أبو عوانة ، الوضَّاح - بتشديد المعجمة - بن عبد الله اليشكري ، مولاهم ، الواسطي ، البزاز ، مات سنة 175 أو 176 ، رأى الحسن ، وابن سيرين ، وسمع من معاوية بن قرة حديثاً واحداً، وروى عن : قتادة ، والأعمش، والحكم بن عتيبة ، وزيد ابن جبير ، وغيرهم . وعنه : ابن علية ، وأبو داود ، وأبو الوليد الطيالسيان ، ومسدد ، وابن مهدي وغيرهم .(1/2)
متفق على توثيقه إذا حدث من كتابه . قال يحيى القطان : ما أشبه حديثه بحديثهما - يعني أبا عوانة بسفيان ، وشعبة - . وقال ابن مهدي : كتاب أبي عوانة أثبت من حفظ هشيم . وقال عفان بن مسلم : كان أبو عوانة صحيح الكتاب ، كثير العجم والنقط ، كان ثبتاً ، وأبو عوانة في جميع حاله أصح حديثاً عندنا من شعبة . وسئل أحمد : أبو عوانة أثبت أو شريك ؟ قال : إذا حدث أبو عوانة من كتابه فهو أثبت ، وإذا حدث من غير كتابه ربما وهم . وقال أبو زرعة : ثقة إذا حدث من كتابه . وقال أبو حاتم: كتبه صحيحة، وإذا حدث من حفظه غلط كثيراً، وهو صدوق ثقة ... .
قال في التقريب : [ ثقة ثبت ] . وهو كما قال ، لكن يراعى فيما إذا خالفه من هو أثبت منه حفظاً ، فربما يكون قد حدث من غير كتابه .
الجرح التعديل 9/40 ، تهذيب الكمال 30/441 ، تهذيب التهذيب 4/307 ، التقريب 7407 .
* زيد بن جبير بن حَرْمَل - بفتح المهملة وسكون الراء - الطائي ، الكوفي ، روى عن : ابن عمر ، وخشف بن مالك وغيرهما ، وعنه : الثوري ، وشعبة ، وأبو عوانة وغيرهم . أخرج له الجماعة .
ثقة، وثقه ابن معين ، والعجلي وغيرهما . وقال أبو حاتم: ثقة صدوق . وقال أحمد: صالح الحديث . وقال النسائي : ليس به بأس . وذكره ابن حبان في الثقات .
قال الذهبي ، وابن حجر : [ ثقة ] .
تاريخ الدوري 2/182 ، العلل ومعرفة الرجال 1/396 ، ثقات العجلي ص170 ، الجرح والتعديل 3/558 ، ثقات ابن حبان 4/247 ، تهذيب الكمال 10/32 ، الكاشف 1/337 ، تهذيب التهذيب 1/660 ، التقريب 2121 .
التخريج :(1/3)
أخرجه مالك في الموطأ 1/288 ح88 - ومن طريقه البخاري 3/17 ح1826 ، ومسلم 4/19 ح1199، والنسائي في المجتبى 5/187 ، وفي الكبرى 2/373 ح3811 ، وأحمد 2/138 ح6229و6230 ، والشافعي في المسند ( 1/319 ح735 بترتيب السندي ) ، وأبو عوانة 2/407 ح3613و3614 ، وابن المنذر في الإقناع 1/218 ح76 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/166 ح3775 ، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك 1/195 ح192، وأبو القاسم الجوهري في مسند الموطأ ص412 ح473 وص518 ح664، وابن أبي شريح في جزء بيبي بنت عبد الصمد الهرثمية، عنه، عن شيوخه ص55 ح60، وأبو نعيم في المستخرج 3/289 ح2759 ، والبيهقي في الكبرى 5/209 و9/315 ، وفي السنن الصغير 1/414 ح1629 ، وفي المعرفة 4/232 ح3234 ، وابن عبد البر في التمهيد 15/153، وابن الحاجب في عوالي مالك 1/368 ح14 - ،
ومسلم 4/19 ح1199 ، والنسائي في المجتبى 5/190 ، وفي الكبرى 2/374 ح3815 ، وابن ماجه 2/1031 ح3088 ، وأحمد 2/3 ح4461 و2/54 ح5160 ، وابن أبي شيبة 3/349 ح14821 ، وأبو عوانة 2/407 ح3613 و2/408 ح3618 -3621 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/165 ح3770 ، وابن حبان 9/234 ح3961 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/289 ح2761 من طرقٍ عن عبيد الله بن عمر العمري ،
ومسلم 4/19 ح1199 ، والنسائي في المجتبى 5/190 ، وفي الكبرى 2/374 ح3816 ، وأحمد 2/48 ح5091 و2/65 ح5324 و2/82 ح5541 ، وعبد الرزاق 4/442 ح8375 ، وأبو عوانة 2/408 ح3617 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/165 ح3771 ، و2/166 ح3772 ، والدارقطني في العلل 4/ الورقة 97 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/289 ح3617 ، والبيهقي 5/209 من طريق أيوب السختياني ،(1/4)
ومسلم 4/19 ح1199 ، والنسائي في المجتبى 5/190 ، وفي الكبرى 4/373 ح3887، وأحمد 2/3 ح4461 و2/77 ح5476 ، والدارمي 2/56 ح1816، وأبو أمية الطرسوسي في مسند عبد الله بن عمر ص30 ح33 ، وأبو عوانة 2/408-409 ح3619-3622 ، وابن حبان 9/274 ح3961 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/289 ح2761 ، وفي الحلية 9/230 من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري ،
ومسلم 4/19 ح1199 ، والنسائي في المجتبى 5/189 ، وفي الكبرى 2/373 ح3813 ، وأبو عوانة 2/407 ح3614 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/166 ح3773و3776 ، من طريق الليث بن سعد ،
ومسلم 4/19 ح1199 ، وأحمد 2/37 ح4937 ، والأزرقي في أخبار مكة 2/149 ، وأبو أمية الطرسوسي في مسند عبد الله بن عمر ص45 ح84، وأبو عوانة 2/407 ح3616 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/289 ح2760 من طرقٍ عن عبد الملك بن جريج ،
ومسلم 4/20 ح1199 ، وأحمد 2/32 ح4876 ، وأبو عوانة 2/409 ح3623 من طريق محمد بن إسحاق ،
ومسلم 4/19 ح1199 ، وأبو يعلى 10/183 ح5810 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/166 ح3774 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/289 ح2761 من طريق جرير بن حازم ،
وأحمد 2/3 ح4461 ، وأبو عوانة 2/408 ح3620 و3621 ، وابن حبان 9/274 ح3961 ، وأبو نعيم في الحلية 6/230 من طريق عبد الله بن عون ،
والفاكهي في أخبار مكة 3/394 ح2286 ، والبزار ( كشف الأستار 2/16 ح1097) ، والطبراني في الكبير 11/35 ح10959 من طريق الليث بن أبي سليم ،
والطبراني في الأوسط 7/314 ح7602 من طريق يعقوب بن قيس ،
والدارقطني في الغرائب والأفراد ( الأطراف 3/519 ح3432 ) من طريق يحيى بن أبي كثير ،
والخطيب في تاريخ بغداد 10/293 من طريق شعيب بن أبي حمزة ،(1/5)
جميعهم ( 13 راوياً ، وهم : مالك ، وعبيد الله، وأيوب ، ويحيى الأنصاري ، والليث بن سعد، وابن جريج ، وابن إسحاق ، وجرير بن حازم ، وابن عون ، والليث ابن أبي سليم ، ويعقوب ، ويحيى بن أبي كثير ، وشعيب ) عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث ، ولفظه " خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح ، الغراب ، والحدأة ، والعقرب ، والفأرة ، والكلب العقور " هذا لفظ مالك ، والبقية بنحوه ، وربما اختصره بعضهم أو زاد فيه يسيراً ، وقد قال ابن إسحاق ، وابن جريج - عند غير أبي أمية ، وأبي عوانة - في روايتيهما : عن ابن عمر سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - . ولم يقل ذلك غيرهما من الرواة عن نافع .
- وأخرجه مالك في الموطأ 1/289 ح89 - ومن طريقه البخاري 3/17 ح1826 ، و4/157 ح3315 ، وأحمد 2/138 ح6228، وأبو عوانة 9/315، والطحاوي في شرح المعاني 2/166 ح3775و3777 ، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك 1/200 ح196 وأبو القاسم الجوهري الغافقي في مسند الموطأ ص412 ح473 ، وابن أبي شريح في حديث بيبي بنت عبد الصمد ، عنه، عن شيوخه ص55 ح61، وأبو بكر الأنصاري قاضي المارستان في المشيخة الكبرى 2/542 ح53 ، وأبو اليمن الكندي في عوالي مالك 1/336 ح15 ، وابن الحاجب في عوالي مالك - أيضاً - 1/369 ح15 ،
وإسماعيل بن جعفر في حديثه ( رواية علي بن حجر عنه ) ص132 ح1 - ومن طريق إسماعيل : مسلم 4/20 ح1199 ، وابن حبان 9/275 ح3962، وأبو نعيم في المستخرج 3/290 ح2762 - ،
وأحمد 2/52 ح5132 ، والطيالسي 3/407 ح2001، والطحاوي في شرح المعاني 2/166 ح3778 من طريق شعبة بن الحجاج ،
وأحمد 2/50 ح5107 من طريق سفيان الثوري ،
وأبو القاسم البغوي في حديث علي بن الجعد ص424 ح2899 من طريق عبد العزيز ابن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون ،(1/6)
والدارقطني في الغرائب والأفراد ( الأطراف 3/390 ح3016 ) من طريق سليمان بن فليح(1)،
ستتهم ( مالك ، وإسماعيل ، وشعبة ، والثوري ، والماجشون ، وسليمان بن فليح) عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث ولفظه : " خمس من الدواب من قتلهن وهو محرم فلا جناح عليه ، العقرب ، والفأرة ، والغراب ، والحدأة ، والكلب العقور " . هذا لفظ مالك ، والبقية بنحوه ، وربما اختصره بعضهم ، وذكر في رواية الثوري : " الحية " بدل : " الغراب " وفي رواية شعبة - عند أحمد فقط - ذكر : " الحية " بدل : " العقرب " .
- وأخرجه البخاري 3/17 ح1828 ، ومسلم 4/18 ح1200 ، والنسائي 5/210 ، والفاكهي في أخبار مكة 3/393 ح2285 ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 5/411 ح3056 ، وابن خزيمة 4/189 ح2665 ، وأبو عوانة 2/410 ح3627-3629، والطحاوي في شرح المعاني 2/165 ح 3767 ، و3768، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات الورقة 21 ، والطبراني في الكبير 23/194 ح333 و23/209 ح366 ، والإسماعيلي ( الفتح 4/43 ) ، وأبو نعيم في المستخرج 3/288 ح2756 ، والبيهقي 5/210 من طريق يونس بن يزيد الأيلي ،
__________
(1) كذا وقع في المطبوع ، ويوافق خرماً في المخطوطة التي بيدي ، وقد يكون صوابه : فليح بن سليمان ، فالله أعلم .(1/7)
ومسلم 4/18 ح1199 ، وأحمد 2/8 ح4543 - وعنه أبو داود 2/461 ح1842-، والنسائي في المجتبى 5/190، وفي الكبرى 2/375 ح3818، والشافعي في الأم 2/277 ، وعبد الرزاق 4/442 ح8374 ، والحميدي 2/279 ح619، والفاكهي في أخبار مكة 3/393 ح2283و2284 ، وإبراهيم الحربي في الغريب 3/992 ، وأبو يعلى 9/311 ح5428 و9/372 ح5497 و9/401 ح5544 ، وابن الجارود 2/74 ح440 ، والطوسي في المستخرج 4/58 ح769، وأبو عوانة 2/409 ح3625 ، وأبو نعيم في المستخرج 2/288 ح2755 ، والبيهقي في الكبرى 5/209 و315 ، وفي المعرفة 4/232 ح3232 و 3233 ، وابن عبد البر في التمهيد 15/156 ، من طرقٍ متعددة عن سفيان بن عيينة ،
وإسحاق بن راهويه في مسنده 2/186 ح689 ، والدارمي 2/56 ح1818 ، عن عبد الرزاق قال : قال بعض أصحابنا : إن معمراً كان يذكره ،
وابن عدي 6/135 من طريق محمد بن ثابت العبدي ، عن عمرو بن دينار ،
أربعتهم ( يونس ، وسفيان ، ومعمر ، وعمرو بن دينار ) عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه به . ولفظه : " خمس من الدواب لا حرج على من قتلهن : الغراب ، والحدأة ، والفأرة ، والعقرب ، والكلب العقور ". هذا لفظ يونس عند البخاري، والبقية بنحوه ، وربما زاد فيه بعضهم يسيراً أو نقص . وقد جعله يونس: عن ابن عمر ، عن حفصة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والبقية جعلوه من مسند ابن عمر . وقال في بعض طرقه عن ابن عيينة : عن ابن عمر يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - .
- وأخرجه البخاري 3/17 ح1827 ،
وأبو نعيم في مستخرجه على صحيح البخاري ( فتح الباري 4/43 ) من طريق أبي خليفة ،
كلاهما ( البخاري ، وأبو خليفة ) عن مسدد ، عن أبي عوانة ، عن زيد بن جبير به، ولم يسق البخاري لفظه كاملاً .
- وأخرجه مسلم 4/19 ح1200 عن شيبان بن فروخ ،
وأحمد 6/285 ح26439 عن سريج بن النعمان ،
وأحمد 6/336 ح26857 و6/380 ح27134 عن عفان ،(1/8)
والطحاوي في شرح المعاني 2/165 ح3769 من طريق حجاج بن منهال ،
وأبو نعيم في المستخرج 3/288 ح2757 من طريق خلف بن هشام ،
خمستهم ( شيبان ، وسريج ، وعفان ، وحجاج ، وخلف ) عن أبي عوانة ، عن زيد بن جبير به ولفظه : عن زيد بن جبير قال : سمعت ابن عمر ، وسأله رجل : ما يقتل المحرم من الدواب ؟ فقال : حدثتني إحدى نسوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " يقتل الحدأة ، والغراب ، والكلب العقور، والفأرة ، والعقرب ". هذا لفظ خلفٍ ، والبقية بنحوه ، وزاد شيبان فيه ذكر الحية .
- وأخرجه مسلم 4/19 ح1200 ، وإسحاق بن راهويه 4/188 ح1985 ، وأبو عوانة 2/409 ح3624 من طريق زهير بن معاوية أبي خيثمة الكوفي ، وقد علقه أبو حاتم كما سيأتي في المسألة رقم 59/845 ، عن زهير وغيره ،
وابن أبي شيبة 3/349 ح14822 و3/435 ح15738 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/288 ح2758 من طريق سلامٍ أبي الأحوص ،
والإسماعيلي ( فتح الباري 4/43 ) من طريق إسرائيل ،
ثلاثتهم ( زهير ، وأبو الأحوص ، وإسرائيل ) عن زيد بن جبير به بنحو روايته السابقة .
- وأخرجه مسلم 4/20 ح1199 ، وأحمد 2/32 ح4876 ، وأبو عوانة 2/409 ح3623 ، وأبو نعيم في المستخرج 2/90 ح2761 من طريق محمد بن إسحاق عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ،
وأحمد 2/22 ح4737 ، و2/30 ح4851 ، والدارقطني 2/232 ح66 و67، وابن عبد البر في التمهيد 15/161 من طريق حجاج بن أرطاة ، عن وبرة بن عبد الرحمن ،
كلاهما ( عبيد الله بن عبد الله ، ووبرة بن عبد الرحمن ) عن عبد الله بن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحو حديث نافع في رواية عبيد الله بن عبد الله . وأما وبرة فلفظه : " أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الفأرة ، والغراب ، والذئب " قال : قيل لابن عمر : الحية والعقرب ؟ قال : قد كان يقال ذلك .
الحكم عليه :(1/9)
ذكر أبو حاتم في هذه المسألة الاختلاف على ابن عمر في هذا الحديث، هل أخذه ابن عمر من النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة ، أو أخذه بواسطة ، وقد تبين من التخريج السابق أن الاختلاف في ذلك على ابن عمر على الأوجه التالية :
الوجه الأول : عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذه رواية نافع ، وعبد الله بن دينار، وعبيد الله بن عبد الله بن عمر ، ووبرة بن عبد الرحمن ، وهي رواية سالم - فيما رواه ابن عيينة ، ومعمر ، وعمرو بن دينار عن الزهري ، عنه - .
الوجه الثاني : عن ابن عمر ، عن حفصة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذه رواية سالم بن عبد الله - فيما رواه يونس بن يزيد ، عن الزهري ، عنه - . وهو الذي ذكره أبو حاتم عن الزهري .
الوجه الثالث : عن ابن عمر قال: حدثتني إحدى نسوة النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذه رواية زيد بن جبير .
وقد ذكر أبو حاتم أنهم كانوا ينكرون حديث الزهري - يعني من الوجه الثاني بجعله من مسند حفصة - حتى رأوا ما يقويه ، فذكر حديث زيد بن جبير - وهو الوجه الثالث - قال أبو حاتم : فعلمنا أن حديث الزهري صحيح ، وأن ابن عمر لم يسمع هذا الحديث من النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما سمعه من أخته حفصة .
وقد أعاد ابن أبي حاتم هذه المسألة مرة ثانية على أبيه ، وأبي زرعة جميعاً ، ولكن تولى الجواب أبوه وحده ، فذكر أن حديث الزهري - بجعله من مسند حفصة - هو الصحيح ، قال أبو حاتم : ومما يبين صحة هذا الحديث أن ابن عمر لم يسمع هذا من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، إنما رواه زهير وغيره ، عن زيد بن جبير ، عن ابن عمر قال : أخبرني بعض نسوة النبي - صلى الله عليه وسلم - . قال أبو حاتم : ولم يسم ابن عمر لزيد بن جبير حفصة إذ كان غريباً منه ، وسماها لسالم أن كانت عمة سالم ، ( انظر المسألة الآتية برقم 59/845 ) .(1/10)
وقد وافق الدارقطني أبا حاتم على هذا الحكم ، فذكر حديث يونس بن يزيد ، عن الزهري ، بجعله من مسند حفصة ، ثم ذكر حديث زيد بن جبير ، وقال : وهذا مما يقوي رواية الزهري ، عن سالم - يعني بجعله من مسند حفصة - ( انظر علل الدارقطني 5/ الورقة 166 ) .
ولكن أبا حاتم والدارقطني لم يتعرضا للاختلاف الواقع على الزهري في هذا الحديث ، وقد تبين من التخريج السابق أنه روي عن الزهري على وجهين :
الوجه الأول : عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، عن حفصة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وهذه رواية يونس بن يزيد ، وظاهر صنيع أبي حاتم ، والدارقطني أن هذا هو المشهور عن الزهري .
الوجه الثاني : عن الزهري ، عن سالمٍ، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وهذه رواية ابن عيينة ، ومعمر ، وعمرو بن دينار .
فأما معمر ، وعمرو بن دينار فلا يثبت عنهما روايته عن الزهري ، فإن عبد الرزاق لم يروه عن معمر ، وإنما قال : وقال بعض أصحابنا إن معمراً كان يذكره عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وهذا إسناد مجهول ، لا يعتمد عليه ، وإنما روى عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري حديث عروة ، عن عائشة ، وهذا حديث آخر .
وكذلك القول في عمرو بن دينار ، فقد تفرد به عنه : محمد بن ثابت العبدي ، وقد قال فيه ابن معين : ليس بشيء . وضعفه . وأنكر أن يكون قال : ليس به بأس. وقال أبو حاتم : ليس بالمتين . وقال البخاري : يخالف في بعض حديثه . وقال في التقريب : صدوق لين الحديث . وقد ذكر ابن عدي هذا الحديث في ترجمته مستنكراً له ، وذكر أنه غير محفوظ عن عمرو بن دينار ثم قال في آخر ترجمته : وعامة أحاديثه لا يتابع عليه . ( انظر : الكامل 6/134-136، وتهذيب الكمال 24/554 ، والتقريب 5771 ) .(1/11)
وبهذا ينحصر الاختلاف على الزهري بين يونس بن يزيد ، وسفيان بن عيينة ، ولم يتعرض أبو حاتم ، وكذا الدارقطني لذكر رواية ابن عيينة، ولعل ذلك لأجل موافقتها لرواية أصحاب ابن عمر : نافع ، وعبد الله بن دينار وغيرهما . واقتصرا على رواية يونس ابن يزيد ، عن الزهري لمخالفتها ، ولذلك كانوا يستنكرونها كما ذكر أبو حاتم ، ثم تبين لهم أنها رواية صحيحة ، استدلالاً برواية زيد بن جبير كما سبق في كلام أبي حاتم .
وهذا يدل على أن رواية يونس بن يزيد ، عن الزهري هي المحفوظة في حديث الزهري ، عن سالم ( انظر فتح الباري 4/43 فقد ذكر الحافظ أنها الصواب ) ، فلعل ابن عيينة أسقط حفصة أو يكون الزهري أسقطها عندما حدث ابن عيينة ، وهذا نقص في الإسناد ، والزائد في مثل هذه الحالة أولى إذا كان ضابطاً متقناً ، كما هي حال يونس بن يزيد ، وقد أخرج البخاري رواية يونس وأعرض عن رواية ابن عيينة ، فكأن ذلك لهذا السبب .
والحاصل أن معنى ذلك أن ابن عمر لم يسمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وإنما سمعه من حفصة، ولكنه حدث عنها به مرة مصرحاً باسمها ، ومرة أبهمها وذكر أنها إحدى زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومرة ثالثة أسقطها فأرسله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا الأخير رواه عنه أَكثر أصحابه .
ولكن قد يشكل على هذا ما جاء في رواية ابن جريج ، وابن إسحاق ، عن نافع من التصريح بسماع ابن عمر لهذا الحديث من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، إلا أن هذا التصريح محل نظر، حيث لم يذكره أحد من أصحاب نافع إلا ابن جريج - في بعض الطرق عنه - ومحمد بن إسحاق ، مع أن ابن إسحاق قد جمع بين رواية نافع وعبيد الله بن عمر في إسناد واحد .
وقد أشار مسلم في صحيحه إلى ذلك بعد أن ساق بعض طرقه عن نافع بقوله : ولم يقل أحد منهم : عن نافع ، عن ابن عمر سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ابن جريج وحده ، وقد تابع ابنَ جريج على ذلك ابن إسحاق .(1/12)
ووافق مسلماً على ذلك أبو عوانة ، وأبو نعيم في مستخرجيهما .
وهذا كله يدل على صحة ما ذهب إليه أبو حاتم في تفصيل هذه المسألة وبيانها ، ويُلْمح من كلام مسلم ، وأبي عوانة ، وأبي نعيم موافقتهم على أن ابن عمر لم يسمع هذا الحديث من النبي - صلى الله عليه وسلم - كما أن البخاري ساق حديث نافع ، ثم أتبعه بحديث زيد بن جبير ، ثم ذكر حديث يونس ، عن الزهري ، فقد يفهم من إخراجه لهذه الطرق جميعاً وترتيبها ما يوافق ما ذكره أبو حاتم ، والله أعلم .
ومما ينبغي ذكره قبل نهاية هذا المسألة أن حديث عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، وحديث وبرة بن عبد الرحمن ، عن ابن عمر في ثبوتهما ، نظر ، فقد تفرد بالأول منهما محمد بن إسحاق ، وهو ممن لا يحتمل تفرده ، كما سيأتي بيان حاله مفصلة في المسألة الثالثة والسبعين . وتفرد بحديث وبرة الحجاج بن أرطاة ، ولا يحتمل تفرده - أيضاً- لكثرة خطئه ، وقد سبق بيان حاله في المسألة الرابعة والثلاثين ، والله أعلم .(1/13)
أ/48/834- سألت أبي عن حديث رواه إبراهيم بن موسى، عن هشام بن يوسف، عن ابن جريج ، عن عبد الحميد بن جبير(1)، عن صفية ابنة شيبة بن عثمان ، عن أم عثمان بنت سفيان ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ليس على النساء حلق ، إنما عليهن التقصير ". قلت لأبي: رواه سعيد القداح ، عن ابن جريج ، عن صفية ابنة شيبة، عن أم عثمان ، عن(2)ابن عباسٍ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل : عبد الحميد . فقال : هشام ابن يوسف ثقة متقن ، وما يدل على صحة حديث هشام بن يوسف ذكر عبد الحميد في آخر حديث سعيد بن سالم . ورواه(3)يعقوب بن عطاء ، عن صفية ، عن أم عثمان ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يقوي ذلك - أيضاً - .
دراسة الرواة :
* إبراهيم بن موسى بن يزيد التميمي ، أبو إسحاق الرازي ، الفراء ، المعروف بالصغير ، وكان أحمد ينكر على من يقول له الصغير ، ويقول : هو كبير في العلم والجلالة . مات بعد سنة 220. روى عن : هشام بن يوسف الصنعاني ، والوليد بن مسلم، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة وغيرهم . وعنه : البخاري ، ومسلم ، وأبو زرعة، وأبو حاتم وغيرهم .
متفق على توثيقه وحفظه وإتقانه، قال أبو زرعة : هو أتقن من أبي بكر بن أبي شيبة، وأصح حديثاً منه ، لا يحدث إلا من كتابه ، لا أعلم أني كتبت خمسين حديثاً من حفظه، وهو أتقن وأحفظ من صفوان بن صالح . وذكر أبو زرعة -أيضاً- أنه كتب عنه مائة ألف حديث .
قال في التقريب : [ ثقة حافظ ] .
الجرح والتعديل 2/137 ، رجال صحيح مسلم لابن منجويه 1/44 ، تهذيب الكمال 2/219 ، تهذيب التهذيب 1/89 ، التقريب 259 .
__________
(1) في ( ت ، م ) كلمة :" جبير " غير منقوطة ولذا فقد أشكلت على المحقق في ( ط ) .
(2) قوله :" عن " ساقطة من ( ح ، ض ) .
(3) في ( ط ) :" وروى " .(1/1)
* هشام بن يوسف الصنعاني ، أبو عبد الرحمن الأبناوي ، قاضي صنعاء ، مات سنة 197. روى عن : معمر بن راشد ، وابن جريج ، والثوري وغيرهم . وعنه : الشافعي ، وإبراهيم بن موسى ، وابن المديني ، وابن معين وغيرهم .
متفق على توثيقه . قال أبو زرعة : كان هشام أصح اليمانيين كتاباً . وقال أبو حاتم : ثقة متقن .
قال في التقريب : [ ثقة ] .
الجرح والتعديل 9/70 ، تهذيب الكمال 30/265 ، تهذيب التهذيب 4/279 ، التقريب 7309 .
* ابن جريج ، عبد الملك بن عبد العزيز ، سبق في المسألة الثامنة ، وهو ثقة فقيه فاضل ، وكان يدلس ويرسل .
* عبد الحميد بن جبير بن شيبة العبدري ، الحجبي ، المكي ، روى عن أخيه شيبة بن جبير ، وعمته صفية بنت شيبة ، وسعيد بن المسيب وغيرهم . وعنه : ابن أخيه زرارة بن مصعب ، وابن جريج ، وابن عيينة وغيرهم .
ثقة ، وثقه ابن سعد ، وابن معين ، والنسائي وغيرهم .
قال في التقريب : [ ثقة ] .
طبقات ابن سعد 5/476 ، الجرح والتعديل 6/9 ، تهذيب الكمال 16/415 ، تهذيب التهذيب 2/473 ، التقريب 3755 .
* صفية بنت شيبة العبدرية، سبقت ترجمتها في المسألة السادسة ، وقد اختلف في صحبتها ، وإدراكها .
* أم عثمان بنت سفيان أو بنت أبي سفيان ، هي أم ولد شيبة بن عثمان، ولها صحبة وحديث .
معرفة الصحابة لأبي نعيم 6/3538، تهذيب الكمال 35/371، الإصابة 4/476 ، التقريب8747.
* عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة العاشرة .
* سعيد بن سالم القداح ، أبو عثمان المكي، أصله خراساني ، وقيل : كوفي، مات قبل المائتين، روى عن: أيمن بن نابل ، وابن جريج ، والثوري وغيرهم . وعنه الشافعي، وابن أبي عمر ، وعبد الوهاب الحوطي وغيرهم .(1/2)
قال ابن معين - في رواية - : ثقة . وفي أخرى : ليس به بأس . وقال - أيضاً -: كانوا يكرهونه . وقال : ليس بشيء . وقال أبو زرعة : هو عندي إلى الصدق ما هو. وقال أبو حاتم : محله الصدق . وقال أبو داود : صدوق يذهب إلى الإرجاء . وقال النسائي : ليس به بأس .
وذكره ابن حبان في المجروحين ، وقال : كان يرى الإرجاء ، وكان يهم في الأخبار، حتى يجيء بها مقلوبة، حتى خرج عن حد الاحتجاج به . وقال العجلي: كان يرى الإرجاء وليس بحجة . وضعفه الساجي .
وقد وصفه بالإرجاء جماعة من الأئمة كالبخاري ، ومحمد بن عبد الله المقري، والعقيلي وغيرهم .
قال ابن عدي : حسن الحديث ، وأحاديثه مستقيمة ، ورأيت الشافعي كثير الرواية عنه ، كتب عنه بمكة عن ابن جريج ، والقاسم بن معن وغيرهما ، وهو عندي صدوق ، لا بأس به ، مقبول الحديث .
وفيه كلام غير ذلك .
لخص الحافظ حاله بقوله : [ صدوق يهم ، ورمي بالإرجاء ، وكان فقيهاً ] .
وهو كما قال .
تاريخ الدوري 2/200 ، التاريخ الكبير 3/482، ضعفاء العقيلي 2/108، الجرح والتعديل 4/31، المجروحين 1/316 ، الكامل 3/397 ، تهذيب الكمال 10/454 ، الميزان 2/139 ، تهذيب التهذيب 2/21 ، التقريب 2315 .
* يعقوب بن عطاء بن أبي رباح المكي ، مات سنة 155 ، روى عن : أبيه ، وعمرو ابن شعيب ، والزهري ، وصفية بنت شيبة ، وغيرهم . وعنه : ابن عيينة ، وشعبة ، وابن جريج ، وغيرهم .
ضعيف ، ضعفه أحمد، وابن معين ، وأبو زرعة، والنسائي ، وقال أحمد -أيضاً-: منكر الحديث . وقال أبو حاتم : ليس بالمتين ، يكتب حديثه .
قال في التقريب : [ ضعبف ] .
السنن الكبرى للنسائي 6/41 ، الجرح والتعديل 9/211 ، الكامل 7/143 ، تهذيب الكمال 32/353 ، تهذيب التهذيب 4/444 ، التقريب 7826 .
التخريج :
- أخرجه البخاري في التاريخ الكبير 6/46 - معلقاً - عن إبراهيم بن موسى به بنحوه ، وقد صرح ابن جريج بالتحديث .(1/3)
- وأخرجه أبو داود 2/516 ح1978 - ومن طريقه الخطيب في الموضح 1/427 -، والدارقطني 2/271 ح165 ، والمخلص في المنتقى من الجزء الرابع من حديثه ( 88/1 كما في السلسلة الصحيحة 2/158 ) من طريق أبي يعقوب البغدادي ، وهو إسحاق بن أبي إسرائيل ،
والدارمي 2/89 ح1905 والبيهقي 5/104 ، من طريق علي بن المديني ،
وأبو زرعة الدمشقي في تاريخه ص253 ح1373 عن يحيى بن معين ،
ثلاثتهم ( أبو يعقوب ، وابن المديني ، وابن معين ) عن هشام بن يوسف به بنحوه ، وقد صرح ابن جريج بتحديث عبد الحميد في بعض هذه الروايات .
- وأخرجه أبو داود 2/515 ح1977 - ومن طريقه البيهقي 5/104 - عن محمد بن الحسن العتكي ، عن محمد بن بكر ،
والبزار ( نصب الراية 3/96 ) عن حجاج بن محمد ،
كلاهما عن ابن جريج به بنحوه ، ولكنه قال في رواية محمد بن بكر : عن ابن جريج بلغني عن صفية . فلم يصرح باسم عبد الحميد .
- وأخرجه الطبراني في الكبير 12/250 ح13018 ، والدارقطني 2/271 ح166 ، وأبو نعيم في جزء في ذكر من اسمه شعبة ص65 ح28، والبيهقي 5/104 ، من طريق أبي بكر بن عياش ، عن يعقوب بن عطاء ، عن صفية به بنحوه .
وأما طريق سعيد بن سالم القداح فلم أقف عليه .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم الاختلاف في هذا الحديث على ابن جريج ، من وجهين ، وهما:
الوجه الأول : عن ابن جريج ، عن عبد الحميد بن جبير ، عن صفية ابنة شيبة ، عن أم عثمان بنت سفيان ، عن ابن عباس مرفوعاً . وهذه رواية هشام بن يوسف، وقد تابعه على هذا ، حجاج بن محمد ، ومحمد بن بكر ، عن ابن جريج، إلا أن محمد بن بكر أبهم عبد الحميد بن جبير .
الوجه الثاني : عن ابن جريج ، عن صفية بنت شيبة ، عن أم عثمان ، عن ابن عباس مرفوعاً ، وهذه رواية سعيد بن سالم القداح التي ذكرها ابن أبي حاتم .
وقد رجح أبو حاتم الوجه الأول ، وأيَّد ذلك بأمور ، وهي :
1- أن هشام بن يوسف الذى روى الوجه الأول ثقة متقن .(1/4)
2- أن رواية سعيد بن سالم - وهي بإسقاط عبد الحميد بن جبير - جاء في آخرها ذكر عبد الحميد بن جبير ، مما يدل على ثبوت ذكره في إسناد هذا الحديث ، ولم أقف على رواية سعيد بن سالم - كما سبق - كي أذكر كيفية ذكر عبد الحميد فيها ، إلا أن كلام أبي حاتم صريح في أن له ذكراً في آخر الحديث .
3- متابعة يعقوب بن عطاء لعبد الحميد بن جبير على هذا الحديث ، وهذا كأنه تقوية لأصل الحديث ، فإن هذه المتابعة خارجة عن محل الاختلاف ، إذ ليست من طريق ابن جريح ، ولكن هذا دليل خارجي يستدل به على تقوية الوجه الذي يصح منه الحديث .
وهي متابعة ضعيفة ، لضعف يعقوب بن عطاء ، وقد تفرد عنه أبو بكر بن عياش كما ذكر ذلك الدارقطني في الغرائب والأفراد ( انظر الأطراف 2/345 ح2854 ) ، ولكن ذلك لا يمنع الاستئناس بها .
ويزاد من المرجحات للوجه الأول ما يلي :
4- أن هشام بن يوسف توبع على روايته ، فتابعه حجاج بن محمد ، ومحمد بن بكر ، إلا أن محمداً لم يصرح باسم عبد الحميد بن جبير . وبهذا يعلم أن قول أبي زرعة الدمشقي لم يسند هذا الحديث إلا هشام بن يوسف ، ولا رواه إلا يحيى بن معين ، فيه نظر من جهتين ، أولهما : أنه قد أسنده غير هشام بن يوسف ، وثانيهما : أنه أسنده عن هشام غير ابن معين - كما سبق - .
5- أن ابن جريج مدلس - كما سبق في ترجمته - وهو قد دلس عندما حدث به عن صفيه على الوجه الثاني . أما على الوجه الأول فلم يدلس . بل قد صرح بأنه أخذه عن عبد الحميد بن جبير - كما سبق في بعض طرقه - ، وهذا أمر ظاهر .
وبهذا يعلم صحة ما ذهب إليه أبو حاتم ، وأن هذا الحديث إنما هو عن ابن جريج ، عن عبد الحميد بن جبير ، عن صفية بنت شيبة ، عن أم عثمان ، عن ابن عباس ، وقد رواه - أيضاً - يعقوب بن عطاء ، عن صفية به . ولكنه لا يروى عن ابن عباس إلا من هذا الوجه كما قال البزار . ( انظر نصب الراية 3/96 ) .(1/5)
وظاهر كلام أبي حاتم تقوية إسناد هذا الحديث ، ولذا قال الحافظ ابن حجر: وإسناده حسن ، وقواه أبو حاتم في العلل ، والبخاري في التاريخ ، وأعله ابن القطان ، وردّ عليه ابن المواق فأصاب . ( التلخيص الحبير 2/280 ) ، وقال ابن كثير : رواه أبو داود بإسناد صحيح . ( ارشاد الفقيه 1/341 ) وصححه غيرهم .
أما ابن القطان الفاسي فقد أعله - كما قال ابن حجر - ولكن بما لا طائل تحته، فإنه لم يستوف طرق الحديث ، وإنما تكلم على طريقي أبي داود في السنن ، غير أنه ذكر أن أم عثمان بنت سفيان ، لا يعرف حالها ، ( انظر الوهم والإيهام 2/545 ) وهذا غريب ، فإن أم عثمان لها صحبة ، وهذا كافٍ في بيان حالها ، والله أعلم .(1/6)
ب/48/834-(1)قلت لأبي روى ابن المبارك عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر " أنه مشى بين الركنين ، ورمل بينهما " وروى زهير ، عن موسى بن عقبة ، عن سالم ، عن ابن عمر هذا الحديث ، فأيهما أصح ؟ قال : جميعاً صحيحين(2)، وقد روى عنهما جميعاً .
دراسة الرواة :
* عبد الله بن المبارك الحنظلي التميمي ، مولاهم، أبو عبد الرحمن المروزي ( 118- 181 ) روى عن سليمان التيمي ، وحميد الطويل ، ويحيى الأنصاري ، وموسى بن عقبة، وشعبة، والثوري ، ومعمر وخلق كثير جداً ، وعنه : جماعة من شيوخه وأقرانه، وابن مهدي ، والقطان ، وابن راهويه ، وابن معين وغيرهم كثير .
متفق على إمامته وجلالته وعبادته وإتقانه ، قال ابن عيينة - لما نعي له ابن المبارك -: رحمه الله، لقد كان فقيهاً ، عابداً ، زاهداً ، سخياً ، شجاعاً ، شاعراً.
وقال أحمد : لم يكن في زمان ابن المبارك أطلب للعلم منه ، رحل إلى اليمن ، وإلى مصر ، وإلى الشام ، والبصرة ، والكوفة ، وكان من رواة العلم وأهل ذاك ، كتب عن الصغار والكبار، وجمع أمراً عظيماً، ما كان أحد أقل سقطاً منه ، كان يحدث من كتاب، كان رجلاً صاحب حديث صالحاً . اهـ. ومناقبه وفضائله كثيرة جداً .
قال في التقريب :[ ثقة ثبت ، فقيه، عالم، جواد، مجاهد، جمعت فيه خصال الخير ].
الجرح والتعديل 5/179 ، تهذيب الكمال 16/5 ، تهذيب التهذيب 2/415 ، التقريب 3570 .
* موسى بن عقبة المدني، سبق في المسألة الأولى، وهو ثقة فقيه، إمام في المغازي.
* نافع مولى ابن عمر ، سبق في المسألة الحادية عشرة ، وهو ثقة ثبت ، فقيه ، مشهور .
__________
(1)
(1) هذه المسألة في جميع النسخ غير مفصولة عن التي قبلها ، ولذا فقد أعطيتهما رقماً واحداً ، ورمزت للأولى (أ) والثانية (ب).
(2) في جميع النسخ بالنصب ، وهو على التقدير ، أي : أراهما جميعاً صحيحين ، وقد حذف الفعل وفاعله للعلم به لأنه جواب سؤال .(1/1)
* عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة الرابعة .
* زهير بن معاوية بن حُدَيج الجعفي ، أبو خيثمة الكوفي ، ثم الجزري ، مات سنة 172 أو بعدها . روى عن : إسماعيل بن أبي خالد ، وأبي إسحاق السبيعي ، وحميد الطويل ، والأعمش ، وموسى بن عقبة ، ويحيى الأنصاري وغيرهم . وعنه : أبو داود الطيالسي ، وابن مهدي ، والقطان ، وأحمد بن يونس وغيرهم .
متفق على توثيقه ، وعلى حفظه وإتقانه . قال ابن عيينة : عليك بزهير بن معاوية ، فما بالكوفة مثله . وقال أحمد : زهير فيما روى عن المشايخ ثبت بخٍ بخٍ، وفي حديثه عن أبي إسحاق لين ، سمع منه بأخرة . وقال أبو زرعة : ثقة ، إلا أنه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط .
قال في التقريب : [ ثقة ثبت . إلا أن سماعه عن أبي إسحاق بأخرة ] .
الجرح والتعديل 3/588 ، تهذيب الكمال 9/420 ، تهذيب التهذيب 1/640 ، التقريب 2051 .
* سالم بن عبد الله بن عمر ، سبق في المسألة الرابعة ، وهو أحد الفقهاء السبعة ، وكان ثبتاً ، عابداً ، فاضلاً .
التخريج :
لم أقف عليه من حديث عبد الله بن المبارك ، ولا من حديث زهير عن موسى بن عقبة ،
- وأخرجه البخاري 2/187 ح1616 ، والشافعي في المسند ( 1/347 ح897 بترتيب السندي ) وفي السنن المأثورة ص363 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/181 ح3837 ، وابن عبد البر في التمهيد 2/75 من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض ،
ومسلم 4/63 ح1261 ، والبيهقي 5/83 من طريق حاتم بن إسماعيل ،
وأبو داود 2/479 ح1888 ، والنسائي في المجتبى 5/229 ، وفي الكبرى 2/404 ح3938 من طريق يعقوب بن عبد الرحمن الزهري ،
وابن خزيمة 4/214 ح2716 من طريق عمرو بن مجمع الكندي ،
والبيهقي 5/83 من طريق شجاع بن الوليد ،(1/2)
خمستهم ( أبو ضمرة ، وحاتم ، ويعقوب ، وعمرو ، وشجاع ) عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر به مرفوعاً ، ولفظه : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا طاف في الحج أو العمرة أول ما يقدم سعى ثلاثة أطواف ومشى أربعاً ، ثم سجد سجدتين ، ثم يطوف بين الصفا والمروة " ، وربما وقع مختصراً ، إلا في رواية عمرو بن مجمع فهي مطولة .
- وأخرجه البخاري 2/187 ح1617 ، و2/194 ح1644 ، ومسلم 4/63 ح1261 ، وأبو داود 2/478 ح1886 ، والنسائي في المجتبى 5/229 ، وفي الكبرى 2/404 ح3938 ، وابن ماجه 2/983 ح2950 ، وأحمد 2/13 ح4618 و2/30 ح4844 و2/75 ح5444 و2/98 ح5737 و2/100 ح5760، والشافعي في المسند ( 1/342 ح884 بترتيب السندي ) ، وابن أبي شيبة 3/356 ح14893 ، والدارمي 2/64 ح1841و1842 ، وأبو عوانة ( إتحاف المهرة 9/188 ح10851 ) ، وابن خزيمة 4/231 ح2762 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/181 ح3837، وتمام في فوائده 2/240 ح1627، والبيهقي في السنن الكبرى 5/ 81 و83 و94 ، وفي المعرفة 4/62 ح2940 من طريق عبيد الله بن عمر العمري ،
والبخاري 2/185 ح1604 ، وأحمد 2/125 ح6081 ، والبيهقي 5/81 من طريق فليح بن سليمان ،
والنسائي في المجتبى 5/230 ، وفي الكبرى 2/404 ح3937 ، والبيهقي 5/81 من طريق كثير بن فرقد ،
وأحمد 2/40 ح4983 و2/59 ح5238 و2/71 ح5401 و2/114 ح5943 و2/123 ح6047(1)و2/155 ح6433 و 2/157 ح6463 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/181 ح3836(2)من طريق عبد الله بن عمر العمري ،
__________
(1) وقع في الطبعة الميمنية جعل هذه الرواية : عن عبيد الله . والتصحيح من الطبعة المحققة .
(2) هذه الرواية عند الطحاوي من طريق أسباط بن محمد ، عن عبد الله العمري ، وقد وقع في المطبوع جعله عن عبيد الله ، وكذا ذكره ابن حجر في إتحاف المهرة 9/188 ، ولكن قد أخرجه الإمام أحمد عن أسباط عن عبد الله ، وهذا أصوب ، فلعل الذي وقع في شرح المعاني تصحيف قديم .(1/3)
وأحمد 2/14 ح4628 من طريق أيوب السختياني ،
ومالك 1/294 ح1080 - ومن طريقه الشافعي في القديم ( المعرفة للبيهقي 4/62) والبيهقي في المعرفة 4/62 ح2939 - ،
والطحاوي في شرح المعاني 2/181 ح3836م ، وابن عبد البر في التمهيد 2/76 من طريق عبد الله بن نافع ،
سبعتهم ( عبيد الله بن عمر ، وفليح ، وكثير، وعبد الله العمري ، وأيوب، ومالك، وعبد الله بن نافع ) عن نافع ، عن ابن عمر به بنحو لفظ موسى بن عقبة السابق ، ومنهم من ساقه بلفظ " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول خبَّ ثلاثاً ، ومشى أربعاً ، وكان يسعى ببطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة " وبعضهم ساقه بلفظ : " رمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحجر إلى الحجر ثلاثاً ، ومشى أربعاً ". إلا في حديث أيوب فإنه مطول .
وقد ذكره عبيد الله ، وعبد الله العمريان ، وكثير بن فرقد مرفوعاً ، وموقوفاً ، يعني أن عبد الله بن عمر بن الخطاب كان يصنع ذلك ، ويخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعله ، وربما وقع في بعض المواطن عنهم مرفوعاً فقط .
واقتصر مالك على ذكره موقوفاً ، والبقية على ذكره مرفوعاً .
- وأخرجه البخاري 2/205 ح1691 ، ومسلم 4/49 ح1227 ، وأبو داود 2/446 ح1801 ، والنسائي في المجتبى 5/151، وفي الكبرى 2/347 ح3712، وأحمد 2/139 ح6247 ، والبيهقي 5/17 من طريق عقيل بن خالد ،
والبخاري 2/185 ح1603 ، ومسلم 4/63 ح1261 ، والنسائي في المجتبى 5/229، وفي الكبرى 2/404 ح3939، وابن خزيمة 4/212 ح2710 ، والبيهقي 5/73 من طريق يونس بن يزيد ،
كلاهما ( عقيل ، ويونس ) عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر مطولاً في لفظ عقيل ، وفيه قوله : " ثم خب ثلاثة أطواف من السبع ومشى أربعة " وهو مرفوع ، ولفظ يونس : " رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف يخب ثلاثة أطوافٍ من السبع ".
الحكم عليه :(1/4)
ذكر أبو حاتم الاختلاف في هذا الحديث على موسى بن عقبة من وجهين :
الوجه الأول : عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، وهذه رواية ابن المبارك .
الوجه الثاني : عن موسى بن عقبة ، عن سالم ، عن ابن عمر ، وهذه رواية زهير .
وقد ذكر أبو حاتم أن الوجهين جميعاً صحيحان عن موسى بن عقبة ، وأن موسى قد روى عن نافع ، وسالم جميعاً .
وسبق في التخريج أني لم أقف على حديث ابن المبارك ، ولا حديث زهير ، ولكن وقفت على حديث موسى بن عقبة ، عن نافع من غير طريق ابن المبارك ، فقد رواه عن موسى على هذا الوجه : أبو ضمرة ، وحاتم بن إسماعيل ، ويعقوب بن عبد الرحمن الزهري ، وعمرو بن مجمع ، وشجاع بن الوليد ، لكنهم رووه مرفوعاً فقط .
كما رواه عن نافع : عبيد الله العمري ، وأخوه عبد الله ، وفليح ، وكثير بن فرقد ، وأيوب ، ومالك ، وعبد الله بن نافع ، فمنهم من ذكره مرفوعاً وموقوفاً ومنهم من اقتصر على أحدهما - كما سبق بيانه في التخريج - .
ووقفت عليه من حديث الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر .
وفي هذا دلالة على أن هذا الحديث محفوظ من حديث نافع عن ابن عمر ، ومن حديث سالم عن ابن عمر ، وهذا يؤيد ما ذهب إليه أبو حاتم حيث صحح الوجهين عن موسى بن عقبة .
هذا معنى كلام أبي حاتم في هذه المسألة ، ولكن يحتمل أن يقال : إن رواية موسى بن عقبة لهذا الحديث عن نافع أصح من روايته له عن سالم ، وذلك لأن ابن المبارك قد تابعه جماعة في روايته لهذا الوجه عن موسى ، ولم يتابع أحدٌ زهيراً على ذلك - فيما وقفت عليه - .(1/5)
وعلى الاحتمالين جميعاً فالحديث صحيح ثابت لا إشكال فيه ، وكونه رُوي مرفوعاً وموقوفاً ليس من باب الاختلاف، بل إن ابن عمر كان يفعل ذلك ، ويذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعله ، فمن الرواة من يذكره مرفوعاً فقط ، ومنهم من يذكره مرفوعاً وموقوفاً جميعاً ، وهذا هو المبين على أن ذلك ليس من باب الاختلاف ، كما هو في رواية عبيد الله ابن عمر وغيره عن نافع ، والله أعلم .(1/6)
49/835- سألت أبي عن حديث رواه ابن عيينة ، وأسامة بن زيد الليثي ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري(1)، عن عمر " أنه طاف بالبيت بعد الصبح ، ثم سار حتى أتى ذا(2)طوى ، ثم انتظر حتى طلعت الشمس " . فقال أبي : أخطأ في هذا الحديث ، روى كل أصحاب الزهري ، عن الزهري ، هذا الحديث ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري (1) ، عن عمر ، وهو الصحيح .
دراسة الرواة :
* سفيان بن عيينة بن أبي عمران - واسمه ميمون - الهلالي ، مولاهم ، أبو محمد الكوفي ، ثم المكي ( 107- 198 ) . روى عن : عبد الملك بن عمير ، وأبي إسحاق السبيعي ، والزهري ، وعمرو بن دينار وغيرهم كثير . وعنه : الشافعي ، والقطان ، وابن مهدي، وأحمد بن حنبل، وابن المديني، وابن معين وغيرهم كثير - أيضاً -.
متفق على جلالته وإمامته وحفظه وإتقانه . قال الشافعي : لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز . وسئل عنه الثوري فقال : ذاك أحد الأحدين ، ما كان أغربه .
قال في التقريب : [ ثقة حافظ ، فقيه، إمام ، حجة ، إلا أنه تغير حفظه بأخرة، وكان ربما دلس ، ولكن عن الثقات ... وكان أثبت الناس في عمرو بن دينار ] .
وأنكر الذهبي أن يكون سفيان قد تغير .
الجرح والتعديل 4/225 ، تاريخ بغداد 9/174، تهذيب الكمال 11/177، سير النبلاء 8/410، تهذيب التهذيب 2/59 ، التقريب 2451 .
__________
(1)
(1) في ( ط ) :" القارئ " بالهمز ، والصواب بدون همزة ، نسبة إلى القارة كما سيأتي في ترجمته .
(2) في جميع النسخ :" ذي طوى " بالجر ، والصواب بالنصب :" أتى ذا طوى " كما هو مثبت ، وقد يمكن أن يكون للجر وجه على باب الحكاية ، ولكن يشكل عليه أن هذه الكلمة لم تأت على الحكاية في المصادر الأخرى ، مما يدل على أن ما وقع هنا خطأ ، والمراد به بطن ذي طوى بمكة ، ما بين مهبط ثنية المقبرة التي بالمعلاة إلى الثنية القصوى . ( انظر أخبار مكة للأزرقي 2/297 ) .(1/1)
* أسامة بن زيد الليثي ، مولاهم ، أبو زيد ، مات سنة 153 . روى عن : نافع وعطاء بن أبي رباح ، والزهري وغيرهم . وعنه : الثوري ، وابن المبارك ، والقطان وغيرهم . أخرج له البخاري تعليقاً ، وأخرج له البقية .
قال ابن معين - في رواية - : ثقة . زاد في أخرى : صالح ، وفي أخرى : حجة . وقال - مرة - : ليس به بأس . وقال - أيضاً - : أنكروا عليه أحاديث . ووثقه العجلي . وقال البخاري : روى عنه الثوري ، وهو ممن يحتمل . وقال أبو داود : صالح ، إلا أن يحيى بن سعيد أمسك عنه بأخرة . وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : يخطئ .
وقال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به . وقال النسائي: ليس بالقوي . وقال أحمد: تركه يحيى القطان . وقال - أيضاً - : ليس بشيء . وقال عبد الله بن أحمد، عن أبيه : روى عن نافع أحاديث مناكير ، قال : قلت له : أراه حسن الحديث ، فقال : إن تدبرت حديثه فستعرف فيه النكرة .
قال ابن عدي : يروي عنه الثوري وجماعة من الثقات ، ويروي عنه ابن وهب نسخة صالحة ، ... وهو حسن الحديث ، وأرجو أنه لا بأس به ... وهو كما قال ابن معين : ليس بحديثه ولا برواياته بأس ، وهو خير من أسامة بن زيد بن أسلم بكثير.
وقال الحاكم : روى له مسلم ، واستدللت بكثرة روايته له أنه عنده صحيح الكتاب ، على أن أكثر تلك الأحاديث مستشهد بها ، أو هو مقرون في الإسناد .
وفيه كلام غير ذلك .
لخص الذهبي حاله - في معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد- بقوله: صدوق، قوي الحديث ، أكثر مسلم إخراج حديث ابن وهب عنه ، ولكن أكثره في الشواهد والمتابعات ، والظاهر أنه ثقة ، وقال النسائي : ليس بالقوي .
وفي ديوان الضعفاء والمتروكين بقوله : صدوق ، فيه لين يسير .
وفي المغني بقوله : صدوق يهم .
وكذا قال ابن حجر في التقريب . وهو كما قالا .(1/2)
تاريخ الدارمي ص66 ، العلل ومعرفة الرجال 1/302 و413 و2/24 ، ثقات العجلي ص60 ، الجرح والتعديل 2/284 ، ثقات ابن حبان 6/74 ، الكامل 1/394 ، تهذيب الكمال 2/347 ، الميزان 1/174 ، ديوان الضعفاء والمتروكين 1/68 ، معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد ص64 ، المغني 1/103 ، تهذيب التهذيب 1/108 ، التقريب 317 .
* الزهري محمد بن مسلم بن شهاب ، سبق في المسألة الرابعة والعشرين ، وهو الفقيه الحافظ ، متفق على جلالته وإتقانه .
* عروة بن الزبير بن العوام ، سبق في المسألة السابعة عشرة ، وهو ثقة فقيه مشهور .
* عبد الرحمن بن عبدٍ - بغير إضافة - القاريّ - بتشديد الياء - من ولد القارة بن الديش . يقال : له صحبة ، وقيل : إنه ولد على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقال أبو داود : أتي به النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو صغير.
وقال العجلي: تابعي ثقة، من كبار التابعين . وكذا ذكره خليفة، وابن سعد ، ومسلم في الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة .
وقد وثقه ابن معين ، وذكره ابن حبان في الثقات .
ويروي عن عمر، وأبي أيوب ، وأبي طلحة وغيرهم . وعنه: حميد بن عبد الرحمن، وعروة بن الزبير وغيرهما . ومات سنة 80 وقيل 88 . فالله أعلم .
طبقات ابن سعد 5/57 ، طبقات خليفة ص236 ، ثقات العجلي ص295 ، الجرح والتعديل 5/261 ، ثقات ابن حبان 5/79 ، تهذيب الكمال 17/263 ، تهذيب التهذيب 2/530 ، الإصابة 3/71، التقريب 3938 .
* أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سبقت ترجمته في المسألة الثامنة والثلاثين .
* حميد بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري ، المدني ، مات سنة 95 وقيل 105 . روى عن جماعة من الصحابة منهم : عمر ، وعثمان ، وأبوه عبد الرحمن ، وابن عمر وغيرهم ، وعن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري . وعنه : عبد الله بن عبيد الله ، وسعد بن إبراهيم ابن أخيه ، والزهري وغيرهم .(1/3)
ثقة ، وثقه أبو زرعة ، والعجلي ، وابن خراش وغيرهم . وذكره ابن حبان في الثقات .
قال في التقريب : [ ثقة ، مات سنة خمس ومائة على الصحيح، وقيل : إن روايته عن عمر مرسله ] .
ثقات العجلي ص134 ، الجرح والتعديل 3/225 ، ثقات ابن حبان 4/146 ، تهذيب الكمال 7/378 ، تهذيب التهذيب 1/497 ، التقريب 1552 .
التخريج :
- أخرجه الفاكهي في أخبار مكة 1/264 ح520 عن محمد بن أبي عمر ،
والأثرم ( فتح الباري 3/572 ) عن أحمد بن حنبل ،
والطحاوي في شرح المعاني 2/187 ح3863 عن يونس بن عبد الأعلى ،
وابن منده في الأمالي ( تغليق التعليق 2/78 ) من طريق الحسن الزعفراني ، وإسحاق بن الفيض ،
خمستهم ( ابن أبي عمر ، وأحمد ، ويونس ، والزعفراني ، وإسحاق ) عن ابن عيينة به بنحوه ، وتتمته : " صلى ركعتين " .
ولم أقف على رواية أسامة بن زيد الليثي ، عن الزهري التي علقها ابن أبي حاتم .
- وأخرجه مالك في الموطأ 1/297 ح117 - ومن طريقه الطحاوي في شرح المعاني 2/187 ح3864 ، والبيهقي 5/91 - ،
وعبد الرزاق 5/63 ح9008 عن معمر بن راشد ،
والأثرم ( الفتح 3/572 ) قال : حدثنا نوح بن يزيد من أصله ، عن إبراهيم بن سعد ، عن صالح بن كيسان ،
ثلاثتهم ( مالك ، ومعمر ، وصالح بن كيسان ) عن الزهري به بنحوه ، وقد جعله في حديث مالك ، ومعمر ، عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، وجعله في حديث صالح بن كيسان : عن الزهري ، عن عروة ، ولفظه في رواية مالك : عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري : أنه طاف بالبيت مع عمر بن الخطاب بعد صلاة الصبح ، فلما قضى عمر طوافه نظر فلم ير الشمس طلعت ، فركب حتى أناخ بذي طوى فصلى ركعتين " .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم الاختلاف في هذا الحديث على الزهري من وجهين ، وهما :
الوجه الأول : عن الزهري ، عن عروة ، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري، عن عمر . وهذه رواية سفيان بن عيينة ، وأسامة بن زيد الليثي ، و- أيضاً - صالح بن كيسان.(1/4)
الوجه الثاني: عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن عبد الرحمن ابن عبدٍ القاري ، عن عمر . وقد نسب أبو حاتم هذا الوجه لكل أصحاب الزهري ، وقفت منهم على : مالك ، ومعمر .
وقد حكم أبو حاتم بأن الوجه الأول خطأ ، مستدلاً بأن الوجه الثاني هو رواية أصحاب الزهري ، فيكون هو المقدم . وكذا حكم بذلك الإمام أحمد ، فقال بعد رواية الوجه الأول عن سفيان بن عيينة : أخطأ فيه سفيان .
ولكن الأثرم بعدما ما ذكر قول أحمد عقبه بقوله: حدثنا نوح بن يزيد من أصله، عن إبراهيم بن سعد ، عن صالح بن كيسان، عن الزهري مثل رواية ابن عيينة .
ونوح بن يزيد هو أبو محمد المؤدب ، وهو ثقة ، وثقه أحمد ، وابن سعد ، والنسائي وغيرهم . وقد قال الأثرم : ذكر لي أبو عبد الله نوح بن يزيد المؤدب ، فقال : هذا شيخ كيِّس، أخرج إليَّ كتاب إبراهيم بن سعد ، فرأيت فيه ألفاظاً . قال أبو عبد الله : نوح لم يكن به بأس ، كان مستثبتاً . وسئل أحمد - أيضاً- عنه، فقال : اكتب عنه ، فإنه ثقة، حج مع إبراهيم بن سعد ، وكان يؤدب ولده. ( انظر: تاريخ بغداد 13/319 ، وتهذيب الكمال 30/63 ، والتقريب 7212 ) .
والأثرم عندما ساق طريق صالح بن كيسان بعد كلام أحمد كأنه يشير إلى أن سفيان بن عيينة لم يتفرد بالوجه الذي رواه عن الزهري ، بل تابعه صالح بن كيسان ، فمن ثمَّ لا يلزم القول بخطأ سفيان بن عيينة ، وقد تابعهما - أيضاً - أسامة بن زيد الليثي - كما سبق - .
وما أشار إليه الأثرم فيه وجاهة ، إلا أن ذلك لا يمنع أن تكون هذه الرواية وقع في شيء - أيضاً - .
وأما أسامة بن زيد الليثي فقد سبق في ترجمته ذكر أقوال الأئمة فيه ، وأن له أوهاماً ، وفي حديثه ما ينكر .(1/5)
ومع ما في هاتين المتابعتين لابن عيينة من الكلام إلا أنهما يعكران على الجزم بخطئه في هذا الإسناد ، ولكن ذلك لا يمنع من القول بأن الوجه الثاني في هذا الحديث هو المحفوظ عن الزهري ، لأنه رواية عامة أصحابه ، وفيهم مالك ، ومعمر ، وهما من أثبت الناس في الزهري ، كما جزم بذلك جماعة من الأئمة ( انظر شرح علل الترمذي 2/671 - 676 ) ومما يزيد هذا قوة أن رواية الزهري، عن عروة، جادة مسلوكة تسبق إليها الألسن ، ثم إنها أشهر من رواية الزهري ، عن حميد ، فلو كان هذا الحديث عند الزهري ، عن عروة لكان أولى أن يرويه عامة أصحابه ، فهذان وجهان يؤيدان ما ذكره أبو حاتم في هذه المسألة.
وإسناد هذا الحديث من وجهه المحفوظ : عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري ، عن عمر إسناد صحيح ، وقد علقه البخاري في صحيحه عن عمر مختصراً ، ( انظر صحيح البخاري 2/189 و190 ) والله أعلم .(1/6)
50/836- سألت أبي عن حديث رواه إبراهيم بن سعد ، عن صالح بن كيسان ، عن الزهري ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عبيد الله(1)بن عدي بن الخيار ، أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لمكة : " والله إنك لخير أرض الله ، وأحب أرض الله إليَّ ، ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت " قال أبي : هذا خطأ ، رواه شعيب بن أبي حمزة وغير واحد ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن عبد الله بن عدي بن الحمراء .
دراسة الرواة :
* إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري ، القرشي ، أبو إسحاق المدني ، ثم البغدادي ( 108-185 ) أو قبلها . روى عن : الزهري ، وصالح بن كيسان ، وشعبة وغيرهم . وعنه : ابنه يعقوب ، وعبد الله بن وهب ، وابن مهدي ، ويزيد بن هارون ، وأحمد بن حنبل وغيرهم .
ثقة ، وثقه أحمد ، وقال : أحاديثه مستقيمة . وقال ابن معين : ثقة ، وفي رواية : ثقة حجة . وقال - مرة - : ليس به بأس . ووثقه أبو حاتم ، والنسائي ، والعجلي ، وابن حبان وغيرهم .
وقال عبد الله بن أحمد : سمعت أبي يذكره ، قال : ذكر عند يحيى بن سعيد عُقَيل ، وإبراهيم بن سعد ، فجعل كأنه يضعفهما ، يقول : عقيل ، وإبراهيم ابن سعد ، عقيل، وإبراهيم بن سعد ، قال أبي : وأيش ينفع ؟ هؤلاء ثقات لم يخبرهما يحيى .
وقد ذكره ابن عدي في الكامل، وذكر بعض ما أنكر عليه، ثم قال : ولإبراهيم بن سعد أحاديث صالحة مستقيمة ، عن الزهري ، وعن غيره ، ولم يتخلف أحد عن الكتابة عنه ، بالكوفه ، والبصرة ، وبغداد ، وهو من ثقات المسلمين .
وقال الذهبي - في الميزان - : إبراهيم بن سعد ثقة بلا ثنيا ، وقد روى عنه شعبة مع تقدمه وجلالته .
__________
(1) في ( س ، ح ، ض ) :" عبد الله " وهو تصحيف ، وإنما هو عبيد الله - بالتصغير - بن عدي بن الخيار ، وإن كان الصواب في هذا الحديث : عبد الله بن عدي بن الحمراء .(1/1)
وقال - في معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد -: ثقة سمع من الزهري والكبار ، ينفرد بأحاديث تحتمل له ، ليس هو في محل الزهري بذاك الثبت ، وأشار يحيى القطان إلى تليينه .
وقال ابن حجر : [ ثقة حجة ، تكلم فيه بلا قادح ] .
التاريخ الكبير 1/288 ، ثقات العجلي ص52 ، الجرح والتعديل 2/101 ، ثقات ابن حبان 6/7 ، الكامل 1/246 ، تهذيب الكمال 2/88 ، الميزان 1/33 ، معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد ص55 ، تهذيب التهذيب 1/66 ، التقريب 177 .
* صالح بن كيسان المدني ، أبو محمد ، ويقال : أبو الحارث ، مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز ، مات بعد سنة 130 ، وقيل بعد سنة 140 ، وكان قد عُمِّر ، فقد رأى ابن عمر ، وابن الزبير ، وقال ابن معين : سمع منهما، وروى عن : سالم ، ونافع ، وعروة وأقرانهم، ثم روى عن الزهري ، وابن أبي الزناد ، وابن عجلان، وهم أصغر منه ، وروى عنه : مالك ، وابن إسحاق ، وابن جريج ، وإبراهيم بن سعد وغيرهم .
متفق على توثيقه ، سئل عنه أحمد ، فقال : بخٍ بخٍ . وقال ابن معين : ليس في أصحاب الزهري أثبت من مالك ، ثم صالح بن كيسان .
قال في التقريب : [ ثقة ثبت فقيه ] .
الجرح والتعديل 4/410 ، تهذيب تاريخ دمشق 6/380 ، تهذيب الكمال 13/79 ، تهذيب التهذيب 2/198 ، التقريب 2884 .
* الزهري ، محمد بن شهاب ، سبق في المسألة الرابعة والعشرين ، وهو الإمام الفقيه الحافظ ، متفق على جلالته وإتقانه .
* أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، سبق في المسألة الرابعة والعشرين ، وهو ثقة مكثر .
* عبيد الله بن عدي بن الخيار - بكسر المعجمة ، وتخفيف التحتانية - القرشي النوفلي ، المدني ، يقال : قتل أبوه ببدر ، وكان هو في الفتح مميزاً ، ولذلك عده بعضهم في الصحابة .(1/2)
وقيل : بل أسلم أبوه بعد الفتح ، والذي قتل ببدر آخر ، فهما عديان ، ولذا عده العجلي في ثقات كبار التابعين . وكذا ذكره في التابعين ابن سعد ، وخليفة بن خياط ، وأبو حاتم ، والبخاري ، ومسلم وغيرهم . وقد ذكره ابن حبان في الصحابة ، ثم أعاده في التابعين . وكان من فقهاء قريش وعلمائهم .
طبقات ابن سعد 5/49 ، طبقات خليفة ص231 ، التاريخ الكبير 5/391، ثقات العجلي ص318، الجرح والتعديل 5/329 ، ثقات ابن حبان 3/248 و5/64 ، الإنابة إلى معرفة المختلف فيهم من الصحابة 2/41 ، تهذيب الكمال 19/112 ، الإصابة 3/74 ، التقريب 4320 .
* شعيب بن أبي حمزة - دينار - الأموي ، مولاهم ، أبو بشر الحمصي ، مات سنة 162 أو بعدها . روى عن : الزهري ، ونافع ، وأبي الزناد وغيرهم ، وعنه : ابنه بشر ، وأبو اليمان ، والوليد بن مسلم وغيرهم .
متفق على توثيقه ، قال أبو زرعة الدمشقي ، عن أحمد : رأيت كتب شعيب ، فرأيتها مضبوطة مقيدة ، ورفع ذكره ، قلت : فأين هو من يونس ؟ قال : فوقه ، قلت : فأين هو من الزبيدي ؟ قال : مثله .
قال في التقريب [ ثقة عابد ، قال ابن معين : من أثبت الناس في الزهري ] .
تاريخ أبي زرعة الدمشقي ص379 ، الجرح والتعديل 4/344 ، تهذيب الكمال 12/516 ، تهذيب التهذيب 2/172 ، التقريب 2798 .
* عبد الله بن عدي بن الحمراء الزهري - رضي الله عنه - سبقت ترجمته في المسألة الرابعة والأربعين .
التخريج :
- أخرجه النسائي في الكبرى 2/479 ح4253(1)، وأحمد 4/305 ح18716 ، وعبد بن حميد ( المنتخب ص177 ح491 ) ، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير ( أخبار المكيين ص221 ) ، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة 4/10 ح1552 من طرقٍ عن يعقوب ابن إبراهيم بن سعد ،
وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 1/447 ح621 ، عن يعقوب بن حميد ،
__________
(1) وقع في المطبوعة من السنن الكبرى للنسائي سقط ، وتصحيحه من تحفة الأشراف 5/316 .(1/3)
وابن قانع 2/97 من طريق سعيد بن سليمان " سعدويه "، وإبراهيم بن حمزة ،
وفي 2/176 من طريق سعدويه فقط ،
أربعتهم ( يعقوب بن إبراهيم ، ويعقوب بن حميد، وسعدويه ، وإبراهيم بن حمزة ) عن إبراهيم بن سعد به بنحوه ، وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك وهو واقف بالحزورة ، وفي بعض هذه الطرق قال فيه : " وأحب أرض الله إلى الله " وقد جعلوه جميعاً من حديث عبد الله بن عدي بن الحمراء . ألا أنه لم يذكر الحمراء في رواية ابن قانع في الموطن الأول ، وقال في الموطن الثاني : عبيد الله بن عدي بن الحمراء - هكذا مصغراً(1)، وبذكر الحمراء - .
- وأخرجه أحمد 4/305 ح18715 ، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 1/244 ، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة 4/11 ح1555 ، والطبراني في مسند الشاميين 4/174 ح3034 ، وابن حزم في المحلى 7/289، وابن الجوزي في التحقيق 2/142 ح1292 من طريق أبي اليمان ،
والطبراني في مسند الشاميين 4/174 ح3034 ، والحاكم 3/431 من طريق بشر بن شعيب ،
كلاهما ( أبو اليمان ، وبشر ) عن شعيب بن أبي حمزة به بنحوه ، وفي متنه من الزيادة مثل ما في رواية صالح بن كيسان .
__________
(1) وهذا تصحيف - كما هو ظاهر - وقد نبه عليه محقق الكتاب ، ولكنه تصحيف قديم استدعى أن يعقد ابن قانع لابن الحمراء ترجمتين ، كما هي عادة بعض من ألف في الصحابة من المتأخرين .(1/4)
- وأخرجه الترمذي 6/207 ح3925 ، والنسائي في الكبرى 2/479 ح4252 ، وابن ماجه 2/1037 ح3108 ، وابن أبي شيبة في مسنده 2/193 ح678 ، والدارمي 2/311 ح2510 ، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير ( أخبار المكيين ص220 ) ، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة 4/10 ح1552 ، وابن حبان 9/22 ح3708 ، والحاكم 3/7 ، وأبو عمرو بن حمدان ( كما رواه من طريقه المزي في تهذيب الكمال 15/292 )، والضياء المقدسي ( كما رواه من طريقه الفاسي في شفاء الغرام 1/119 ) من طرقٍ عن الليث بن سعد ، عن عقيل بن خالدٍ ،
والنسائي في الكبرى 2/480 ح4254 عن سلمة بن شبيب ، وأحمد 4/305 ح18718 ، - ومن طريقه أبو القاسم البغوي في المعجم 4/11 ح1554 - كلاهما ( سلمة ، وأحمد ) عن إبراهيم بن خالد ، قال في رواية أحمد - فقط - عن رباح - وهو ابن زيد - ،
وأحمد 4/305 ح18717 ، والبزار ( كشف الأستار 2/40 ح1156 ) ، والبيهقي في الدلائل 2/518 من طريق أحمد بن منصور ، وأبو القاسم البغوي في معجمه 4/11 ح1553 عن أبي بكر بن زنجويه ، وأبو بكر المقري ( كما رواه من طريقه الفاسي في شفاء الغرام 1/123 ) من طريق محمد بن يحيى بن أبي عمر ، أربعتهم ( أحمد بن حنبل ، وأحمد بن منصور ، وأبو بكر بن زنجويه ، وابن أبي عمر ) عن عبد الرزاق ،
وهو في مصنف عبد الرزاق 5/27 ح8868 ،
والواقدي 2/865 - ومن طريقه الأزرقي في أخبار مكة 2/154 - ،
أربعتهم ( إبراهيم بن خالد ، ورباح بن زيد ، وعبد الرزاق ، والواقدي ) عن معمر ابن راشد ،
والواقدي 2/865 - ومن طريقه الأزرقي في أخبار مكة 2/154 - ،
وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 1/248 ح622 من طريق حماد بن مسعدة ،
كلاهما ( الواقدي ، وحماد ) عن ابن أبي ذئب ،
والفاكهي في أخبار مكة 4/206 ح2514 من طريق حجاج بن منيع ، عن جده ، وهو عبيد الله بن أبي زياد الرصافي ،(1/5)
وابن خزيمة ( إتحاف المهرة 8/255 ح9332 ) ، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة 4/10 ح1552 من طريق ابن وهب ، والدارقطني في العلل 9/254 - معلقاً - عن أبي صفوان الأموي ، كلاهما ( ابن وهب ، وأبو صفوان ) عن يونس بن يزيد ،
وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة 4/12 ح1555 من طريق الليث بن سعد ، عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر ،
والطبراني في الأوسط 1/144 ح454 ، وفي الكبير ( كما في شفاء الغرام 1/121 ) ، والحاكم 3/280 من طريق عبد العزيز الدراوردي ، عن محمد بن عبد الله ، وهو ابن أخي الزهري ،
والدارقطني 9/254 - معلقاً - عن يعقوب بن عطاء ، ومعمر بن أبان بن عمران ، وابن عيينة ،
وأبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة 3/1730 - معلقاً - ، وابن عبد البر(1)- معلقاً أيضاً - عن عثمان بن عمر بن موسى التيمي ،
__________
(1) وذكر المزي في تهذيب الكمال 15/293 رواية عثمان بن عمر بن موسى التيمي من رواية ابنه عمر عنه وغيرها ، ثم قال : ذكره أبو عمر بن عبد البر اهـ. ولم أقف عليه في التمهيد في الموطن الذي ذكر فيه هذا الحديث وهو 2/289 ، ولا في الاستذكار 26/16 فلعل ابن عبد البر ذكر ذلك في مكان آخر .(1/6)
جميعهم ( 11 راوياً، وهم : عقيل ، ومعمر بن راشد ، وابن أبي ذئب ، والرصافي ، ويونس ، وابن مسافر ، وابن أخي الزهري ، ويعقوب بن عطاء ، ومعمر بن أبان ، وابن عيينة ، وعثمان بن عمر بن موسى ) عن الزهري به بنحوه ، وفي بعض طرقه من الزيادة مثل ما سبق في رواية صالح بن كيسان، وقد اختلفوا على الزهري في إسناه ، فقال عقيل، وابن أبي ذئب ، والرصافي ، وابن مسافر ، ومعمر بن أبان ، وعثمان التيمي ، ويونس ابن يزيد - فيما رواه عنه ابن وهب -: عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن عبد الله بن عدي بن الحمراء . إلا أنه في رواية حماد بن مسعدة ، عن ابن أبي ذئب ، قال : عن ابن عدي . دون ذكر اسمه تاماً . وفي رواية الواقدي عن ابن أبي ذئب ، ومعمر -جميعاً - ذكر كنية عبد الله بن عدي فقال : عن أبي عمرو بن عدي بن الحمراء(1)وقال في رواية ابن أخي الزهري : عن الزهري ، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن عبد الله بن عدي بن الحمراء . وقال أبو صفوان الأموي في روايته عن يونس بن يزيد : عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، وأرسله ابن عيينة عن الزهري . واختُلِف على معمر في روايته . فالذي في مصنف عبد الرزاق : عن معمر، عن الزهري ، عن أبي سلمة مرسلاً، وكذا في رواية أبي بكر بن زنجويه ، عن عبد الرزاق ، وفي رواية أحمد بن حنبل ، وأحمد بن منصور ، وابن أبي عمر ، عن عبد الرزاق جعله موصولاً بذكر أبي هريرة . وكذا في رواية إبراهيم بن خالد ، عن معمر . أما رواية إبراهيم بن خالد ، عن رباح بن زيد ، عن معمر فقال فيه : عن أبي سلمة ، عن بعضهم ، ولم يسم أحداً .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم الاختلاف في هذا الحديث على الزهري من وجهين ، وهما :
__________
(1) لكن وقع في أخبار مكة للأزرقي هنا تصحيف حيث وقع فيه : عن أبي سلمة ، عن ابن عمر بن عدي بن أبي الحمراء . وهو قد رواه عن الواقدي فتصحيحه من المغازي .(1/7)
الوجه الأول : عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن عبد الله - أو عبيد الله على اختلاف بين النسخ سبقت الإشارة إليه - بن عدي بن الخيار مرفوعاً ، وهذه رواية صالح ابن كيسان ، روى ذلك عنه إبراهيم بن سعد .
كذا ذكر أبو حاتم هذا الوجه عن إبراهيم بن سعد ، والذي وقفت عليه من رواية إبراهيم بن سعد خلاف ذلك ، فقد رواه يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، ويعقوب بن حميد ، وسعدويه ، وإبراهيم بن حمزة ، عن إبراهيم بن سعد ، عن صالح بن كيسان، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن عبد الله بن عدي بن الحمراء.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر أن من قال فيه : ابن الخيار فهو غلط ، نشأ أولاً عن تصحيف . ( الإصابة 2/345 و3/75 ) وهو الظاهر ، فإن تصحف "الحمراء" إلى "الخيار" أمر واقع ، فقد أخرج ابن عبد البر في الاستذكار 26/16 حديث شعيب بن أبي حمزة من طريق الإمام أحمد ، ووقع فيه هذا التصحيف ، مع أنه في المسند على الصواب ، وفي التمهيد ( 2/288 ) من الطريق نفسه على الصواب ، وما ذلك إلا للتشابه بين الكلمتين فيقع التصحيف فيهما .
وكذلك تَصَحُّفُ " عبد الله " إلى " عبيد الله " أمر ظاهر ، ولذلك اختلفت فيه نسخ كتاب العلل لابن أبي حاتم - كما سبق - أو لعل بعضهم أراد إصلاحه لما رأى أنه ابن الخيار ، فإن اسمه عبيد الله .
وإذا تبين هذا فإن من حدث به عن إبراهيم بن سعد على هذا الوجه فقد تصحف عليه ، فهو خطأ كما نص عليه أبو حاتم ، ولكن ليس الخطأ من إبراهيم بن سعد ، ولا من شيخه صالح بن كيسان ، كما قد يتوهم من كلام أبي حاتم .(1/8)
الوجه الثاني : عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن عدي بن الحمراء ، مرفوعاً ، وهذه رواية شعيب بن أبي حمزة ، وتابع شعيباً على ذلك الجماعة ، وهم : عقيل بن خالد ، وابن أبي ذئب، والرصافي ، وابن مسافر ، ومعمر بن أبان ، وعثمان ابن موسى ، ويونس بن يزيد - فيما رواه عنه ابن وهب وهو المحفوظ عنه - وهو الصحيح عن صالح بن كيسان - أيضاً - كما سبق تقريره .
وقد حكم أبو حاتم بأن هذا الوجه هو الصحيح ، وقد سبق في المسألة رقم 44/830 أن أبا حاتم ، وأبا زرعة حكما بهذا - أيضاً - والأمر كما ذكرا ، فإن هذا هو رواية الجماعة عن الزهري .
الوجه الثالث : عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة مرفوعاً ، وهذه رواية يعقوب بن عطاء، وهو ضعيف. ( التقريب 7826 ) ، وكذا هي رواية يونس - فيما رواه عنه أبو صفوان عبد الله بن سعيد الأموي - ولكن رواية ابن وهب ، عن يونس أثبت لموافقتها لرواية الآخرين عن الزهري ، وهي كذلك رواية عن معمر سيأتي ذكر من رواها عنه .
الوجه الرابع : عن الزهري ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن عبد الله بن عدي ابن الحمراء مرفوعاً ، وهذا وجه تفرد به ابن أخي الزهري ، وهو محمد بن عبد الله ، عن عمه ، وتفرد عنه الدراوردي - كما أشار إليه الطبراني في الأوسط - وقد حكم الحافظ ابن حجر على هذه الرواية بالشذوذ ( انظر شفاء الغرام 1/121 ) والأمر كما ذكر فإنها مخالفة لرواية الجماعة الأثبات من أصحاب الزهري ، فلم يذكر أحد منهم محمد بن جبير في هذا الحديث ، إلا ما جاء في هذه الرواية . وهذا كافٍ في شذوذها .(1/9)
ويؤكد ضعف هذه الرواية وشذوذها، أن في ابن أخي الزهري كلاماً، فقد لَيَّنَه أحمد، وتكلم في حديثه عن الزهري . وضعفه ابن معين . وقال : ليس بذاك القوي . وقال أبو حاتم : ليس بقوي، يكتب حديثه . وذكره ابن حبان في المجروحين، وقال: كان رديء الحفظ ، كثير الوهم ، يخطئ عن عمه في الروايات ويخالف فيما يروي عن الأثبات ، فلا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد . وقد تكلم فيه غيرهم - أيضاً - ومع ذلك فقد وثقه بعض الأئمة ، وأثنى عليه أحمد ، وابن معين - أيضاً - وذكرا أنه صالح وأخرج له الجماعة . ولذا لخص الحافظ ابن حجر حاله بقوله: صدوق له أوهام . ( انظر: الجرح والتعديل 7/304، المجروحين 2/249 ، تهذيب الكمال 25/554 ، شرح علل الترمذي 2/675 ، التقريب 6049 ) .
الوجه الخامس : عن الزهري مرسلاً ، وهذه رواية ابن عيينة كما علقها عنه الدارقطني ، ورواية عن معمر سيأتي ذكر من رواها عنه . وهو وجه فيه تقصير .
وقد تبين بهذا أنه قد اختلف فيه على معمر بن راشد، فروى عنه على ثلاثة أوجه، وهذا بيانها :
الوجه الأول : عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة مرسلاً ، وهذه رواية عبد الرزاق التي في مصنفه ، ورواية أبي بكر بن زنجويه ، عن عبد الرزاق - أيضاً - .
الوجه الثاني : عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة - مرفوعاً - ، وهذه رواية عبد الرزاق - فيما رواه عنه أحمد بن حنبل ، وأحمد بن منصور ، وابن أبي عمر - وكذا هي رواية سلمة بن شبيب ، عن إبراهيم بن خالد ، عن معمر .
الوجه الثالث : عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن بعضهم ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذه رواية أحمد ، عن إبراهيم بن خالد ، عن رباح بن زيد ، عن معمر .(1/10)
وأصح هذه الأوجه الوجه الثالث : وهو رواية أحمد بن حنبل ، عن إبراهيم بن خالد ، عن رباح بن زيد ، عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن بعضهم - دون ذكر اسم الصحابي - ، فإن رواية أحمد بن حنبل ، عن إبراهيم بن خالد ، مقدمة على رواية سلمة بن شبيب ، عن إبراهيم بن خالد ، عن معمر بجعله على الوجه الثاني ، فإن أحمد بن حنبل أثبت من سلمة بن شبيب - كما لا يخفى - وقد زاد في الإسناد رجلاً ثم إن المزي لم يذكر لإبراهيم بن خالد رواية عن معمر إلا هذا الحديث فقط ، وهذا مما يزيد وهن رواية سلمة بن شبيب ( انظر تهذيب الكمال 2/79 ) .
وأما عبد الرزاق فيظهر أنه قد تردد في هذا الحديث فأرسله مرة - كما في روايته في المصنف ، ورواية أبي بكر بن زنجويه عنه - ووصله بذكر أبي هريرة مرة - كما رواه عنه الجماعة - وهذا وهم ، وقد ذكر الحافظ ابن حجر أن رواية معمر - بجعله من مسند أبي هريرة - شاذة ، ثم ذكر أن الظاهر أن الوهم فيه من عبد الرزاق ، لأن معمراً كان لا يحفظ اسم صحابيه ، واستدل برواية رباح بن زيد ، ثم قال : وعبد الرزاق سلك الجادة ، فقال: عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، ثم قال : وإذا تقرر ذلك علم أن لا أصل له من حديث أبي هريرة ( انظر شفاء الغرام للفاسي 1/123)، بينما ذكر البيهقي أن الوهم فيه من معمر ( الدلائل 2/518 ) ، وأي ذلك كان ، فإن رواية معمر لهذا الحديث عن الزهري غير متقنة ، وقد تفرد عن الزهري بذكر أبي هريرة في هذا الحديث ولذا قال البزار - بعد سياقه - : لا نعلم رواه عن الزهري إلا معمر . اهـ. والظاهر أن معمراً لم يكن يحفظ اسم صحابي الحديث - كما قال ابن حجر - ولهذا وقع عليه هذا الاختلاف .
وإذا تبين هذا علم أن من صحح هذا الحديث - من حديث أبي هريرة - معتمداً على رواية معمر فقد جانب الصواب كما فعله ابن عبد البر ( التمهيد 2/288 ) وابن حزم ( المحلى 7/289 ) وغيرهما .(1/11)
ورواية معمر ، من رواية رباح بن زيد ، عنه ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن بعضهم ، لا تخالف رواية الجماعة ، عن الزهري ، إلا أن معمراً لم يحفظ اسم الصحابي.
وبهذا يظهر جلياً ، أن الصحيح في هذا الحديث عن الزهري ، إنما هو رواية الجماعة ، وهم شعيب بن أبي حمزة ، وعقيل بن خالد، وابن أبي ذئب، والرصافي، وعبد الرحمن ابن خالد بن مسافر ، وعثمان بن موسى التيمي ، وكذا صالح بن كيسان ، ويونس بن يزيد - في المحفوظ عنهما - جميعهم عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن عبد الله بن عدي ابن الحمراء الزهري ، وهذا هو الذي رجحه أبو حاتم ، وأبو زرعة - أيضاً - ونص عليه الترمذي . وذكر ابن حجر أنه المحفوظ ( انظر الإصابة 2/345 ) ، وهو من هذا الوجه حديث صحيح ، كما سبق ذكر من صححه من الأئمة في المسألة السابقة برقم 44/830 ، والله أعلم .(1/12)
51/837- سألت أبي عن حديثٍ رواه الدراوردي ، وصفوان بن عيسى ، عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب ، عن مجاهد ، عن أبي(1)سخبرة ، عن عبد الله : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلبي حتى رمى جمرة العقبة ". قال أبي : إنما هو مجاهد ، عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة .
دراسة الرواة :
* الدراوردي : عبد العزيز بن محمد بن عبيد ، أبو محمد الجهني، مولاهم ، المدني ، مات سنة 186 أو 187. روى عن : زيد بن أسلم ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، والحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب وغيرهم . وعنه : الشافعي ، وابن وهب ، وابن مهدي وغيرهم . أخرج له الجماعة غير أن البخاري أخرج له مقروناً .
قال مصعب الزبيري : كان مالك يوثق الدراوردي . وقال ابن المديني: ثقة ثبت. وقال ابن معين : ثقة حجة . وقال - مرة - : صالح، ليس به بأس . وقال -أيضاً-: إذا حدث من كتابه فهو أثبت من حفظه . ووثقه العجلي . وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : يخطئ .
وقال ابن سعد : كان ثقة كثير الحديث يغلط . وقال أحمد : كان معروفاً بالطلب ، وإذا حدث من كتابه فهو صحيح ، وإذا حدث من كتب الناس وهم ، وكان يقرأ من كتبهم فيخطئ ، وربما قلب حديث عبد الله بن عمر يرويها عن عبيد الله بن عمر. وقال - أيضاً -: إذا حدث من حفظه جاء ببواطيل . وقال أبو زرعة: سيئ الحفظ ، فربما حدث من حفظه الشيء فيخطئ . وقال النسائي: ليس به بأس، وحديثه عن عبيد الله بن عمر منكر . وقال - أيضاً-: ليس بالقوي . وقال الساجي: كان من أهل الصدق والأمانة ، إلا أنه كثير الوهم . وفيه كلام غير ذلك .
لخص الذهبي حاله بقوله : صدوق ، من علماء المدينة ، غيره أقوى منه .
وابن حجر بقوله:[ صدوق،كان يحدث من كتب غيره فيخطئ، قال النسائي : حديثه عن عبيد الله العمري منكر ] .
__________
(1) في ( ت ، م ، ط ) :" ابن سخبرة " ، وهو خطأ ، والصواب :" عن أبي سخبرة " كما في بقية النسخ ، وذلك ليكون لكلام ابن أبي حاتم معنى .(1/1)
طبقات ابن سعد 5/424 ، تاريخ ابن طهمان ص93 ، ثقات العجلي ص306 ، الجرح والتعديل 5/395 ، ثقات ابن حبان 7/116 ، ثقات ابن شاهين ص236 ، تهذيب الكمال 18/187 ، الميزان 2/633 ، المغني 1/633 ، تهذيب التهذيب 2/592 ، التقريب 4119 .
* صفوان بن عيسى القرشي الزهري ، أبو محمد البصري ، القسَّام ، مات سنة 200 أو نحوها . روى عن : محمد بن عجلان ، ويزيد بن أبي عبيد ، والحارث بن عبد الرحمن ابن أبي ذباب وغيرهم . وعنه : بندار ، وقتيبة بن سعيد ، وأحمد بن حنبل ، وابن المديني ، وابن أبي شيبة وغيرهم . أخرج له البخاري تعليقاً ، وفي الأدب المفرد ، وأخرج له الباقون .
ثقة ، وثقه ابن سعد ، والعجلي وغيرهما . وقال أبو حاتم : صالح الحديث . وذكره ابن حبان في الثقات .
قال في التقريب : [ ثقة ] .
طبقات ابن سعد 7/294 ، ثقات العجلي ص228 ، الجرح والتعديل 4/425 ، ثقات ابن حبان 8/321 ، تهذيب الكمال 13/208 ، تهذيب التهذيب 2/214 ، التقريب 2940 .
* الحارث بن عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد بن أبي ذباب - بضم المعجمة ، وموحدتين - الدوسي ، المدني ، مات سنة 146. روى عن أبيه ، وسعيد بن المسيب ، ومجاهد وغيرهم. وعنه : ابن جريج ، والدراوردي ، وصفوان بن عيسى وغيرهم . أخرج له البخاري في أفعال العبا د، وأبو داود في المراسيل ، وأخرج له الباقون .
قال أبو زرعة : لا بأس به . وقال ابن معين : مشهور . وذكره ابن حبان في الثقات .
وقال أبو حاتم : روى عنه الدراوردي أحاديث منكرة ، وليس بالقوي ، يكتب حديثه. وقال الساجي : حدث عنه أهل المدينة ، ولم يحدث عنه مالك . وقال ابن حزم : ضعيف.
قال الذهبي: ثقة .
وقال ابن حجر:[ صدوق يهم ] . ولعل هذا أقرب من قول الذهبي، والله أعلم .
الجرح والتعديل 3/79 ، ثقات ابن حبان 6/172 ، رجال صحيح مسلم 1/170 ، تهذيب الكمال 5/253 ، الميزان 1/437 ، المغني 1/224 ، تهذيب التهذيب 1/332 ، التقريب 1030.(1/2)
* مجاهد بن جبر المكي ، سبقت ترجمته في المسألة الثانية والأربعين ، وهو ثقة، إمام في التفسير وفي العلم .
* أبو سخبرة ، هذا خطأ ، وصوابه عبد الله بن سخبرة ، وهو الآتي :
* عبد الله بن سَخْبَرة - بفتح المهملة ، وسكون المعجمة ، وفتح الموحدة - الأزدي ، ويقال : الأسدي - أيضاً - أبو معمر الكوفي . روى عن جماعة من الصحابة ، منهم : عمر ، وعلي ، وابن مسعود ، وخباب . وعنه : مجاهد ، وعمارة بن عمير ، وإبراهيم النخعي وغيرهم . أخرج له الجماعة .
ثقة ، وثقه ابن سعد ، وابن معين ، وقال العجلي: من أصحاب عبد الله ثقة، وكان مجاهد يقول : هو عاشر عشرة من أصحاب عبد الله . وذكره ابن حبان في الثقات .
قال في التقريب : [ ثقة ] .
طبقات ابن سعد 6/103 ، الجرح والتعديل 5/68، ثقات العجلي ص256، ثقات ابن حبان 5/25، تهذيب الكمال 15/6 ، تهذيب التهذيب 2/342 ، التقريب 3341 .
* عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي ، أبو عبد الرحمن ، من السابقين الأولين ، ومن كبار العلماء ، والقراء من الصحابة ، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو صاحب نعله ، ومناقبه كثيرة ، مات سنة 32 أو بعدها .
فضائل الصحابة لأحمد 2/837 ، تهذيب الكمال 16/121 ، الإصابة 2/368 ، التقريب 3613.
التخريج :
- أخرجه الطحاوي في شرح المعاني 2/225 ح4015 من طريق أبي مصعب الزهري ، عن عبد العزيز الدراوردي به، وقد جعله على الصواب: ابن سخبرة، ولفظه: عن ابن سخبرة قال : غدوت مع ابن مسعود غداة جمع ، وهو يلبي ، فقال ابن مسعود - رضي الله عنه - : أضل الناس أم نسوا ؟ أشهد لكنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلبى حتى رمى جمرة العقبة .
- وأخرجه أحمد 1/417 ح3961 ،
وابن أبي شيبة في المصنف 3/258 ح13988، وفي المسند 1/150 ح207 - ومن طريقه ابن حزم في المحلى 7/137 - ،
وابن خزيمة 4/250 ح2806 عن نصر بن علي الجهضمي ،(1/3)
والحاكم 1/461 - وعنه البيهقي 5/138 - من طريق بكار بن قتيبة القاضي ،
أربعتهم ( أحمد، وابن أبي شيبة، ونصر بن علي، وبكار ) عن صفوان بن عيسى به، وهو على الصواب - أيضاً - : ابن سخبرة ، ولفظه : عن ابن سخبرة قال : غدوت مع عبد الله بن مسعود من منى إلى عرفات ، فكان يلبي ، قال : وكان عبد الله رجلاً آدم له ضفران عليه مسحة أهل البادية ، فاجتمع عليه غوغاء من غوغاء الناس قالوا: يا أعرابي إن هذا ليس يوم تلبية ، إنما هو يوم تكبير، قال: فعند ذلك التفت إليَّ فقال : " أجهل الناس أم نسوا ؟ والذي بعث محمداً - صلى الله عليه وسلم - بالحق لقد خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما ترك التلبية حتى رمى جمرة العقبة إلا أن يخلطها بتكبير أو تهليل ".
- وأخرجه الطحاوي في شرح المعاني 2/225 ح4014 ، والهيثم بن كليب 2/276 ح851 ، من طريق عبد الله بن المبارك ،
والحاكم 3/313 من طريق حاتم بن إسماعيل ،
كلاهما ( ابن المبارك ، وحاتم ) عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب به بنحو الرواية السابقة في رواية ابن المبارك إلا أنه مختصر، ولم يذكر صفة عبد الله فيه. واقتصر في رواية حاتم على ذكر صفة عبد الله دون بقية الحديث ، وهو على الصواب - أيضاً - : عبد الله بن سخبرة .
- وأخرجه البخاري 2/203 ح1683 ، والبيهقي 5/121 ، والبغوي في شرح السنة 7/170 ح1939 من طريق إسرائيل ، وابن أبي شيبة 3/375 ح15072 عن أبي بكر بن عياش ، والطحاوي في شرح المعاني 2/227 ح4024 من طريق شعبة ، ثلاثتهم ( اسرائيل ، وأبو بكر ، وشعبة ) عن أبي إسحاق السبيعي ،
وابن أبي شيبة في المسند 1/150 ح208 - ومن طريقه البيهقي 5/129 - وأبو يعلى 6/115 ح5185 من طريق الليث بن أبي سليم ، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد ،
كلاهما ( أبو إسحاق ، ومحمد بن عبد الرحمن بن يزيد ) عن عبد الرحمن بن يزيد ،(1/4)
وأحمد 1/394 ح3739 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/224 ح4012 من طريق شريك ، عن ثوير بن أبي فاختة ، عن أبيه أبي فاختة ،
وابن أبي شيبة 3/258 ح13993 ، وابن خزيمة 4/281 ح2886 ، وأبو يعلى في معجمه ص221 ح174 ، والطبراني في الأوسط 4/321 ح4323 و8/8 ح7790 ، والبيهقي 5/137 من طريق شريك ،
وابن أبي شيبة 3/259 ح14000 من طريق سفيان الثوري ،
والطبراني في الكبير 8/281 ح9205 من طريق مسعر ،
ثلاثتهم ( شريك ، وسفيان ، ومسعر ) عن عامر بن شقيق ، عن أبي وائل ،
وابن أبي شيبة 3/258 ح13998 عن غندر ، عن ابن أبي عروبة ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، والأسود ،
والطبراني في الأوسط 6/377 ح6666 من طريق القاسم بن غصن ، عن الأعمش ، وحصين ، عن إبراهيم ، عن علقمة وحده ،
خمستهم ( عبد الرحمن بن يزيد ، وأبو فاختة ، وأبو وائل ، وعلقمة ، والأسود ) عن عبد الله بن مسعود به ، وقد اختلفت سياقاتهم منها مختصر ، ومنها مطول ، وفيها جميعاً أنه لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة ، إلا أن ذلك مرفوع في رواية أبي فاختة ، ورواية محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه ، ورواية شريك ، عن عامر بن شقيق ، عن أبي وائل إلا عند ابن أبي شيبة ، ورواية علقمة عند الطبراني . وموقوف في بقية الروايات .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم في هذه المسألة أن من جعل هذا الحديث عن مجاهد ، عن أبي سخبرة فقد غلط ، وإنما هو عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة ، فعلم أن سخبرة أبوه ، وأما كنيته فأبو معمر .
وما ذكره أبو حاتم ظاهر جداً ، بل إني وقفت على هذا الحديث عن الدراوردي ، وصفوان بن عيسى على الصواب ، فإما أن يكون الخطأ في ذلك ممن دونهما ، أو يكون اشتبه عليهما مرة ، ثم رجعا إلى الصواب .(1/5)
هذا ما يتعلق بما ذكره أبو حاتم في هذه المسألة ، وقد بقي أن هذا الحديث تفرد به عن مجاهد : الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب ، وقد سبق كلام الأئمة في بيان حاله ، وأنه صدوق يهم . ولقد أعله بذلك ابن حزم ، فقال بعد سياقه : الحارث ضعيف .
ولكن يبقى النظر في الطرق الأخرى لهذا الحديث ، وهي خمسة طرق :
أولاً : طريق عبد الرحمن بن يزيد ، وقد اختلف عليه فَرُوي عنه على وجهين :
الوجه الأول : عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن ابن مسعود موقوفاً ، وهذه رواية أبي إسحاق السبيعي .
الوجه الثاني : عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن ابن مسعود مرفوعاً ، وهذه رواية محمد بن عبد الرحمن بن يزيد ، وهو ثقة ( التقريب 6086 ) ولكن تفرد عنه ليث بن أبي سليم ، وهو ضعيف الحديث فإنه : صدوق اختلط جداً ، ولم يتميز حديثه فترك - كما سبقت ترجمته في المسألة الثلاثين - .
ولذا فإن الوجه الأول الموقوف هو المحفوظ عن عبد الرحمن بن يزيد ، وهو الذي اختاره البخاري فأودعه في صحيحه - كما سبق-.
ثانياً: أبو فاختة سعيد بن علاقة الكوفي ، ولم يختلف عليه في رفعه، ولكن تفرد عنه ابنه ثوير بن أبي فاختة ، وهو ضعيف رمي بالرفض ، ( التقريب 862 ) . كما تفرد عن ثوير شريك القاضي ، وفيه كلام كثير ، ملخصه أنه صدوق يخطئ كثيراً ، وقد تغير حفظه منذ ولي القضاء - وستأتي ترجمته موسعة في المسألة السادسة والخمسين -.
وقد تبين بهذا أن حديث أبي فاختة حديث ساقط .
ثالثاً : أبو وائل شقيق بن سلمة ، وقد تفرد عنه عامر بن شقيق بن جمرة الكوفي ، وقد ضعفه ابن معين ، وقال أبو حاتم : ليس بقوي . وقال النسائي : ليس به بأس . وذكره ابن حبان في الثقات . وقد لخص حاله ابن حجر بقوله: لين الحديث . ( انظر تهذيب الكمال 14/41، التقريب 3093 ) وقد اختلف على عامر بن شقيق في هذا الحديث، فروي عنه على وجهين :(1/6)
الوجه الأول : عن عامر بن شقيق ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود موقوفاً ، وهذه رواية سفيان الثوري ، ومسعر، وكذا شريك - فيما رواه عنه ابن أبي شيبة - .
الوجه الثاني : عن عامر بن شقيق ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود مرفوعاً، وهذه رواية شريك القاضي - في غير رواية ابن أبي شيبة عنه - .
ولا شك أن الوجه الأول الموقوف أصح وأثبت من الوجه الثاني ، مع ما في أصل رواية هذا الحديث من اللين لحال عامر بن شقيق .
رابعاً : علقمة بن قيس ، وقد رواه عنه إبراهيم النخعي ، واختلف على إبراهيم ، فروي عنه على وجهين :
الوجه الأول : عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن مسعود موقوفاً ، وهذه رواية أبي معشر زياد بن كليب الكوفي .
الوجه الثاني : عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن مسعود مرفوعاً ، وهذا وجه تفرد به محمد بن عبد العزيز الرملي ، عن القاسم بن غصن ، عن الأعمش ، وحصين بن عبد الرحمن ، عن إبراهيم .
والوجهان جميعاً غير ثابتين ، فإن الأول من رواية غندر ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن أبي معشر ، وغندر إنما سمع من سعيد بعد الاختلاط فيما ذكر ابن مهدي ، وأنكر ذلك الفلاس ، وذكر عن غندر ما يدل على أنه سمع من سعيد قديماً ، فالله أعلم ( انظر شرح العلل 2/744 ) .
وأما الوجه الثاني فإن محمد بن عبد العزيز الرملي ضعيف ، قال أبو حاتم : كان عنده غرائب ، ولم يكن عندهم بالمحمود ، هو إلى الضعف ماهو . وقال أبو زرعة: ليس بالقوي . ( انظر الجرح والتعديل 8/8، والميزان 3/628 )، وكذا القاسم بن غصن فإنه ضعيف، قال أحمد : يحدث بأحاديث منكرة . وقال أبو زرعة : ليس بقوي . وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث . ( انظر الجرح والتعديل 7/116، والميزان 3/377 ) .
ومع القول بعدم ثبوت الوجهين عن إبراهيم ، إلا أن الوجه الأول الموقوف أصح وأقوى من الوجه الثاني ، بل يحتمل القول بصحته عند من يصحح سماع غندر من سعيد ابن أبي عروبة قبل الاختلاط - كما سبق - .(1/7)
خامساً : الأسود بن يزيد ، ولم يرو عنه إلا على وجه واحد ، مقروناً مع علقمة في الوجه الأول عنه ، وهو موقوف ، ويقال فيه مثل ما قيل في ذلك الوجه .
وبهذا يتبين أن هذا الحديث " لبى حتى رمى جمرة العقبة " إنما يصح من حديث ابن مسعود موقوفاً ، لا مرفوعاً . وإنما الثابت من المرفوع عن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لبى حين أفاض من جمع . فقد أخرج مسلم 4/71-72 ح1283 والنسائي في المجتبى 5/265 ، وفي الكبرى 2/433 ح4053 وأحمد 1/374 ح3549 و1/419 ح3976 وغيرهم من طرقٍ عن حصين بن عبد الرحمن ، عن كثير بن مدرك الأشجعي ، عن عبد الرحمن بن يزيد قال : قال عبد الله ونحن بجمع : سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يقول في هذا المقام: لبيك اللهم لبيك . وفي لفظ: أن عبد الله لبى حين أفاض من جمع، فقيل: أعرابي هذا ؟! فقال : عبد الله : أنسي الناس أم ضلوا ، سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يقول في هذا المكان : لبيك اللهم لبيك . فالظاهر أن بعض الرواة ممن ليسوا بالحفاظ يجعل الجميع مرفوعاً ، وقد سبق بيان ذلك في دراسة الاختلاف . وانظر المسألة رقم 90/876 .
كما ثبت - أيضاً - حديث " لبى حتى رمى جمرة العقبة " مرفوعاً من غير حديث ابن مسعود ، انظر المسألتين 9/795 و103/890 . والله أعلم .(1/8)
52/838- سألت أبي عن حديثٍ رواه زيد بن الحباب(1)، عن سفيان الثوري ، عن منصور بن المعتمر ، عن مجاهد ، عن يوسف بن ماهك(2)، عن عبد الله بن الزبير قال : قال : قال رجل : يا رسول الله ، إن أبي أدركته فريضة الحج فمات ، ولم يحج ، أفأحج عنه ؟ قال: " إن كنت أكبر ولد أبيك فحج عنه ". قال أبي : ليس في شيء من الحديث : " أكبر ولد أبيك " غير هذا الحديث .
دراسة الرواة :
* زيد بن الحباب التميمي ، أبو الحسين العكلي ، الخراساني ، ثم الكوفي ، مات سنة 203 . روى عن : الثوري ، وشعبة، وإبراهيم بن نافع وغيرهم ، وعنه : أحمد بن حنبل ، وابن المديني ، وابن أبي شيبة وغيرهم .
وثقه ابن معين ، وابن المديني ، والعجلي وغيرهم . وأثنى عليه أحمد ، وقال : ثقة ليس به بأس . وقال - أيضاً -: كان صدوقاً ، وكان يضبط الألفاظ عن معاوية بن صالح، ولكن كان كثير الخطأ . وقال أبو حاتم : صدوق صالح .
وقال ابن معين - أيضاً -: كان يقلب حديث الثوري ، ولم يكن به بأس .
قال ابن عدي : له حديث كثير ، وهو من أثبات مشايخ الكوفة ، ممن لا يشك في صدقه ، والذي قاله ابن معين أن أحاديثه عن الثوري مقلوبة، إنما له عن الثوري أحاديث تشبه بعض تلك الأحاديث يستغرب بذلك الإسناد ، وبعضه يرفعه ولا يرفعه غيره ، والباقي عن الثوري وعن غير الثوري مستقيمة كلها .
وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : وكان ممن يخطئ يعتبر حديثه إذا روى عن المشاهير ، وأما روايته عن المجاهيل ففيها المناكير .
لخص الذهبي حاله بقوله : لم يكن به بأس ، قد يهم .
وابن حجر بقوله : [ صدوق يخطئ في حديث الثوري ] .
__________
(1) في ( ت ، م ، ط ) : " يزيد بن الخباب "، وهو تصحيف .
(2) هكذا وقع في جميع النسخ : يوسف بن ماهك ، وهو وهم ، أو سبق قلم ، وإنما هو يوسف بن الزبير ، كما هو منسوب في مصادر التخريج الأخرى ، وهو الذي يروي عن عبد الله بن الزبير ، وعنه : مجاهد ، وليس كذلك يوسف بن ماهك .(1/1)
تاريخ الدارمي ص113 ، ثقات العجلي ص171 ، الجرح والتعديل 3/561 ، ثقات ابن حبان 8/250 ، تاريخ بغداد 8/442 ، تهذيب الكمال 10/40 ، الميزان 2/100 ، الكاشف 1/337 ، إكمال مغلطاي 5/144، تهذيب التهذيب 1/661، التقريب 2124 .
* سفيان الثوري ، سبقت ترجمته في المسألة الحادية عشرة ، وهو ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة .
* منصور بن المعتمر السلمي ، أبو عتاب الكوفي ، مات سنة 132. روى عن إبراهيم النخعي ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد وغيرهم . وعنه : الثوري ، وشعبة ، وابن عيينة وغيرهم .
متفق على جلالته وضبطه وإتقانه . قال بشر بن المفضل : لقيت الثوري بمكة ، فقال : ما خلفت بعدي بالكوفة آمن على الحديث من منصور بن المعتمر .
وقال ابن مهدي : لم يكن بالكوفة أحفظ من منصور .
قال في التقريب : [ ثقة ثبت ، وكان لا يدلس ] .
الجرح والتعديل 8/177 ، تهذيب الكمال 28/546 ، تهذيب التهذيب 4/159 ، التقريب 6908 .
* مجاهد بن جبر المكي ، سبق في المسألة الثانية والأربعين ، وهو ثقة ، إمام في التفسير وفي العلم .
* يوسف بن الزبير - وقلبه بعضهم فقال : الزبير بن يوسف - القرشي الأسدي ، المكي ، مولى آل الزبير ، وقيل : مولى عبد الله بن الزبير . روى عن : الزبير بن العوام ، وابنه عبد الله بن الزبير وغيرهما . وعنه : مجاهد ، وبكر بن عبد الله المزني .
ترجم له البخاري في التاريخ الكبير ، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً . وذكره ابن حبان في الثقات .
وقال ابن جرير : مجهول ، لا يحتج به .
قال الذهبي في الميزان : صالح الحال . وقال في الكاشف : وُثِّق .
وقال ابن حجر : [ مقبول ] .
التاريخ الكبير 8/32 ، الجرح والتعديل 9/222 ، ثقات ابن حبان 5/550 ، تهذيب الكمال 32/424 ، الميزان 4/465 ، الكاشف 3/298 ، تهذيب التهذيب 4/455 ، التقريب 7863 .(1/2)
* عبد الله بن الزبير بن العوام - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة الرابعة والعشرين .
التخريج :
- أخرجه النسائي في المجتبى 5/120 ، وفي الكبرى 2/326 ، ح3624 ، وأحمد 4/3 ح16102 ، من طريق عبد الرحمن بن مهدي ،
وابن أبي شيبة 3/339 ح14725 و3/380 ح15120 ، عن وكيع بن الجراح ،
والطبراني في الكبير 13/109 ح263 من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي ،
ثلاثتهم ( ابن مهدي ، ووكيع ، وأبو حذيفة ) عن سفيان الثوري ، عن منصور بن المعتمر ، عن مجاهد ، عن يوسف بن الزبير ، عن عبد الله بن الزبير به بمعناه ، مختصراً في رواية ابن مهدي فقط ، غير أنه أسقط اسم سفيان في الموطن الثاني عند ابن أبي شيبة.
وعلقه البيهقي 4/329 عن سفيان ، لكنه أرسله فلم يذكر عبد الله بن الزبير .
- وأخرجه النسائي في المجتبى 5/117 ، وفي الكبرى 2/324 ح3618 ، وأحمد 4/5 ح16125 ، والدارمي 2/62 ح1836 ، وأبو يعلى 12/185 ح6812 ، والطحاوي في شرح المشكل 6/372 ح3545 ، وابن حزم في حجة الوداع ص465 ح531 ، والبيهقي 4/329 ، وابن عبد البر في التمهيد 1/390 و9/132 ، والضياء في المختارة 9/351 ح318 ، من طرقٍ متعددة عن جرير بن عبد الحميد ،
وأحمد 6/429 ح27417 ، والدارمي(1)2/63 ح1837 ، والفاكهي في أخبار مكة 1/388 ح823 ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 5/415 ح3065، وأبو يعلى 12/196 ح6818 ، والطحاوي في شرح المشكل 6/371 ح2543 ، والطبراني في الكبير 24/37 ح101 ، والبيهقي 4/329 من طرقٍ متعددة عن عبد العزيز بن عبد الصمد العمي ،
والطحاوي في شرح المشكل 6/371 ح2544 من طريق عبيدة بن حميد النحوي ،
والدارقطني في العلل 5/ الورقة 191 - معلقاً - عن زائدة ،
والبيهقي 4/329 - معلقاً - عن إسرائيل ،
والضياء في المختارة 9/352 ح319 من طريق أبي يعلى ، عن القواريري ، عن الفضيل بن عياض ،
__________
(1) وقع في المطبوعة من سنن الدارمي هنا سقط ، والتصحيح من إتحاف المهرة 6/607 .(1/3)
ستتهم ( جرير، وعبد العزيز بن عبد الصمد، وعبيدة ، وزائدة، وإسرائيل ، والفضيل ) عن منصور بن المعتمر به بنحوه ، ولم يذكر في رواية عبد العزيز " أنت أكبر ولد أبيك " وقد أحال في رواية عبيدة على رواية عبد العزيز ، ولم يذكر لفظها ، ولم يذكر في شيء من هذه الروايات أن أباه مات ، ولكنه شيخ كبير لا يستطيع الركوب ، ولفظه في رواية جرير : " جاء رجل من خثعم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن أبي شيخ كبير، لا يستطيع الركوب ، وأدركته فريضة الله في الحج، فهل يجزي أن أحج عنه ؟ قال: أنت أكبر ولده ؟ قال: نعم ، قال: أرأيت لو كان عليه دين أكنت تقضيه ؟ قال نعم . قال: فحج عنه " . ولم يذكر لفظه في رواية زائدة ، وإسرائيل .
وقد قال في رواية عبد العزيز بن عبد الصمد : عن يوسف بن الزبير ، أو الزبير بن يوسف - على الشك - وجعله من حديث عبد الله بن الزبير ، عن سودة بن زمعة ، وقد أشار البخاري في تاريخه الكبير 8/372 إلى هذا الشك في رواية عبد العزيز . وقال في رواية إسرائيل : عن مولى لآل الزبير - وفي نسخة : مولى لابن الزبير - عن ابن الزبير أن سودة - رضي الله عنها - قالت : يا رسول الله فذكره . وفي رواية زائدة قال : عن مجاهد ، عن عبد الله بن الزبير ، أو عن مولى لابن الزبير - شك منصور - ولم يذكر سودة . وقد سقط ذكر مجاهد من رواية الفضيل بن عياض .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم هذا الحديث من طريق الثوري ، عن منصور بن المعتمر ، عن مجاهد ، عن يوسف بن الزبير، عن عبد الله بن الزبير، وفيه : " إن كنت أكبر ولد أبيك فحج عنه " وذكر أن هذه اللفظة لم ترد في غير هذا الحديث . وهذا استنكار منه لهذه اللفظة .
وما ذكره أبو حاتم صحيح لا غبار عليه ، فإن معنى هذا الحديث وقصته قد روي من وجوه متعددة - وستأتي الإشارة إليها - وليس في شيء منها ذكر هذه اللفظة .(1/4)
وقد وقع في إسناد هذا الحديث ومتنه اختلاف فينبغي تحريره أولاً ، ثم الكلام على ما خالفه من النصوص .
ومدار هذا الحديث على منصور بن المعتمر ، وقد روي عنه على وجوه ، وهي :
الوجه الأول : عن منصور بن المعتمر ، عن مجاهد ، عن يوسف ابن الزبير ، عن عبد الله بن الزبير ، أن رجلاً قال : يا رسول الله ... ، وهذه رواية سفيان الثوري - فيما رواه عنه الجماعة وهم : زيد بن الحباب ، وابن مهدي ، ووكيع ، وأبو حذيفة -، وكذا هي رواية جرير بن عبد الحميد ، وعبيدة بن حميد ، والفضيل بن عياض - إلا أنه سقط من روايته ذكر مجاهد ، وأظنه سقطاً من الناسخ لا أنه وجه في الرواية - .
الوجه الثاني : عن منصور، عن مجاهد ، عن يوسف بن الزبير مرسلاً ، وهذه رواية علقها البيهقي عن الثوري .
الوجه الثالث : عن منصور ، عن مجاهد ، عن يوسف بن الزبير أو الزبير بن يوسف - على الشك - عن عبد الله بن الزبير ، عن سودة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذه رواية عبد العزيز ابن عبد الصمد .
الوجه الرابع : عن منصور، عن مجاهد ، عن عبد الله بن الزبير، أو عن مولى لابن الزبير - على الشك -. وهذه رواية زائدة .
الوجه الخامس : عن منصور ، عن مجاهد ، عن مولى لآل الزبير - أو لابن الزبير- عن ابن الزبير أن سودة - رضي الله عنها - قالت: يا رسول الله ... وهذه رواية إسرائيل .(1/5)
وأصح هذه الأوجه الوجه الأول ، وهو رواية الجماعة : الثوري - في الصحيح عنه - وجرير بن عبد الحميد ، وعبيدة ، والفضيل ، كما ذكر ذلك البخاري ، فقد قال الترمذي في العلل الكبير ص137 : سألت محمداً عن حديث مجاهد ، عن مولى الزبير في هذا - يعني الحج عن الشيخ الكبير - فقال : الصحيح عن مجاهد ، عن يوسف بن الزبير ، عن ابن الزبير ، ورأى هذا الحديث أصح من حديث عبد العزيز بن عبد الصمد اهـ . ورجح ذلك - أيضاً - الدارقطني ، والبيهقي ، ونقله عن البخاري - أيضاً - وهذا ظاهر فإن الثوري ، وجريراً ومن تابعهما أولى بالتقديم ممن خالفهم ، بل إن الثوري هو أثبت الناس في منصور بن المعتمر ، ( انظر تهذيب الكمال 28/548 ) وقال الدارقطني : أثبت أصحاب منصور : الثوري ، وشعبة ، وجرير الضبي . ( شرح العلل 2/720 ) ، والوجه الأول قد اتفق عليه الثوري ، وجرير .
هذا ما يتعلق بالاختلاف في إسناد هذا الحديث ، وأما الاختلاف في متنه فالمقصود فيه من ذكر لفظة : " إن كنت أكبر ولد أبيك فحج عنه " ومن لم يذكرها، فقد ذكرها : سفيان الثوري ، وجرير ، والفضيل ، عن منصور . ولم يذكرها عبد العزيز بن عبد الصمد ، عن منصور . وأما عبيدة ، وزائدة ، وإسرائيل فلم أقف على ألفاظهم .
وبهذا يتبين أن هذه اللفظة ثابتة في هذا الحديث لاتفاق ثلاثة من الثقات عليها .
وهذه اللفظة المذكورة هي محل إنكار أبي حاتم ، فهي لفظة منكرة ، لم ترد في غير هذا الحديث ، وهو حديث ضعيف تفرد به يوسف بن الزبير ، وقد سبق بيان حاله فلم يوثقه غير ابن حبان ، ومنهم من جهله ، فمثله لا يعتمد عليه فيما ليس فيه ما ينكر ، فكيف بهذا الحديث الذي فيه هذه اللفظة المنكرة .
وإذا تبين هذا فإن معنى هذا الحديث دون قوله " إن كنت أكبر ولد أبيك فحج عنه " ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد رُوي من وجوه متعددة ، منها :(1/6)
أولاً : حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : " كان الفضل بن عباس رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه ، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه ، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر ، قالت : يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه ؟ قال : نعم ، وذلك في حجة الوداع " .
أخرجه البخاري 2/163ح1513 و3/23 ح1854و1855 و5/222ح4399 و8/63 ح6228 ، ومسلم 4/101 ح1334 وح1335 وغيرهما من حديث عبد الله بن عباس، ومن حديثه عن أخيه الفضل، وله طرق متعددة وألفاظ مختلفة، وليس في شيء منها هذه اللفظة المنكرة في حديث ابن الزبير .
ثانياً : حديث بريدة الأسلمي ، قال " بينا أنا جالس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أتته امرأة فقالت : إني تصدقت على أمي بجارية ، وإنها ماتت ، قال : فقال : وجب أجرك وردها عليك الميراث ، قالت : يا رسول الله إنه كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها ؟ قال : صومي عنها . قالت : أنها لم تحج قط أفأحج عنها ؟ قال : حجي عنها " . أخرجه مسلم وغيره ، وسيأتي تخريجه في المسألة رقم 55/841 ، وليس في شيء من ألفاظه تلك اللفظة المنكرة .
ثالثاً : حديث عبيد الله بن عباس : " أن رجلاً جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله إن أمي كبيرة لا نستطيع أن نركبها لم تستمسك ، فإن ربطناها خفت أن تموت، أحج عنه ؟ قال نعم " . وسيأتي تخريجه في المسألة رقم 95/881 ، وليس في شيء من ألفاظه تلك اللفظة المنكرة .
رابعاً : حديث أبي رزين العقيلي " أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن، قال : حج عن أبيك واعتمر " .(1/7)
أخرجه أبو داود 2/448 ح1806، والترمذي 2/258 ح930، والنسائي 5/111 و117 ، وابن ماجه 2/970 ح2906 ، وأحمد 4/10 ح16184 و16185 و4/11 ح16190 و4/12 ح16199 وح16203 ، وابن خزيمة 4/345 ح3040 ، وابن حبان 9/304 ح3991 ، وغيرهم ، وقال الترمذي : حسن صحيح .
وليس في شيء من ألفاظه تلك اللفظة المنكرة .
خامساً : حديث علي - رضي الله عنه - وهو مطول ، وفيه :" واستفتته جارية شابة من خثعم فقالت: إن أبي شيخ كبير قد أفند، وقد أدركته فريضة الله في الحج، فهل يجزي عنه أن أؤدي عنه ؟ قال: نعم ... الحديث .
أخرجه الترمذي 2/221 ح885 ، وأحمد 1/75 ح562 وغيرهما ، وقال الترمذي: حسن صحيح ، لا نعرفه من حديث علي إلا من هذا الوجه .
وليس فيه - أيضاً - تلك اللفظة المنكرة .
وقد ورد في هذا الباب أحاديث أخرى غير ما ذكر ( انظر نصب الراية 3/154-159 )، ولم أقف على تلك اللفظة المنكرة إلا في حديث ابن الزبير ، وهذا يؤكد ما ذكره أبو حاتم - رحمه الله - أن هذه اللفظة ليست في شيء من الحديث غيره ، وهو حديث ضعيف ، وتلك لفظة منكرة سنداً ومتناً ، والله أعلم .(1/8)
53/839- سألت أبي عن حديث رواه محمد بن بشار قال : حدثنا محمد بن خالد ابن عثمة ، قال : حدثنا سعيد بن بشير الدمشقي ، عن قتادة ، عن أبي قلابة ، عن أبي الشعثاء ، عن يونس بن شداد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أيام التشريق إنها أيام أكل وشرب " . قال أبي : هذا إسناد مضطرب ، أبو قلابة ، عن أبي الشعثاء لا يجيء ، وذلك(1)أن الذي يُعرف أبو الشعثاء جابر بن زيد ، وأبو قلابة ، عن جابر بن زيد يستحيل ، ويونس بن شداد لا(2)نعرفه .
دراسة الرواة :
* محمد بن بشار العبدي ، أبو بكر البصري ، بندار ( 167- 252 ) ، روى عن : ابن مهدي ، ويحيى القطان ، ومحمد بن خالد بن عثمة وغيرهم . وعنه : الجماعة ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم وغيرهم .
ثقة ، وثقه العجلي وغيره . وقال أبو حاتم : صدوق . وقال النسائي : صالح لا بأس به .
قال في التقريب : [ ثقة ] .
ثقات العجلي ص401، الجرح والتعديل 7/214، تاريخ بغداد 2/101، تهذيب الكمال 24/511، تهذيب التهذيب 3/519 ، التقريب 5754 .
* محمد بن خالد بن عَثْمَة - بمثلثة ساكنة قبلها فتحة - الحنفي ، مولاهم ، البصري ، وعثمة أمه ، روى عن : مالك ، وسعيد بن بشير ، وسليمان بن بلال وغيرهم . وعنه : بندار ، وأبو موسى محمد بن المثنى ، وابن المديني وغيرهم ، أخرج له الأربعة .
قال أحمد : ما أرى بحديثه بأساً . وقال أبو زرعة : لا بأس به . وقال أبو حاتم : صالح الحديث .
وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : ربما أخطأ .
قال الذهبي ، وابن حجر : [ صدوق ] زاد ابن حجر : [ يخطئ ] .
__________
(1) في ( س ، ح ، ض ) :" وذاك " .
(2) في ( س ، ح ، ض ) :" ويونس بن شداد أولا نعرفه " وهو كلام غير مستقيم ، فلعل قوله " أو " إقحام من الناسخ للأصل المنقولة عند هذه النسخ الثلاث . والصواب ما في ( ت ، م ، ط ) . وهو المثبت .(1/1)
العلل ومعرفة الرجال 3/455 ، الجرح والتعديل 7/243 ، ثقات ابن حبان 9/67 ، تهذيب الكمال 25/143 ، الكاشف 3/38 ، تهذيب التهذيب 3/554 ، التقريب 5847 .
* سعيد بن بشير الأزدي ، ويقال : النصري ، مولاهم ، أبو عبد الرحمن ، ويقال: أبو سلمة الشامي ، مات سنة 168 أو بعدها . روى عن : قتادة ، والزهري ، والأعمش وغيرهم . وعنه: ابن مهدي ، ووكيع ، ومحمد بن خالد بن عثمة وغيرهم .
قال شعبة : سعيد بن بشير صدوق الحديث . وقال ابن عيينة : حدثنا سعيد بن بشير ، وكان حافظاً . وقال دحيم : كان مشيختنا يقولون : هو ثقة لم يكن قدرياً .
وقال أبو حاتم ، وأبو زرعة : محله الصدق عندنا ، قيل : يحتج بحديثه ؟ قالا : يحتج بحديث ابن أبي عروبة ، والدستوائي ، هذا شيخ يكتب حديثه .
وقد ذكره أبو زرعة في " الضعفاء ومن تكلم فيهم من المحدثين " وأنكر أبو حاتم على من أدخله في كتاب الضعفاء وقال : يحول منه .
وقال أبو مسهر : لم يكن في جندنا أحفظ منه ، وهو ضعيف منكر الحديث . وقال أحمد : كان عبد الرحمن يحدث عنه ، ثم تركه . وقال الميموني : رأيت أبا عبد الله يضعف أمره . وقال البخاري : يتكلمون في حفظه ، وهو يحتمل .
وضعفه ابن المديني ، وابن معين ، وأبو داود ، والنسائي وغيرهم . وقال ابن معين - أيضاً - : ليس بشيء . وقال محمد بن عبد الله بن نمير: منكر الحديث ، ليس بشيء ، ليس بقوي الحديث، يروي عن قتادة المنكرات .
وفيه كلام غير ذلك .
لخص الحافظ حاله بقوله : [ ضعيف ] وهو كما قال .
التاريخ الكبير 3/360 ، ضعفاء النسائي ص52 ، تاريخ أبي زرعة الدمشقي ص180 ، الضعفاء لأبي زرعة الرازي 2/619 ، الجرح والتعديل 4/6 ، المعرفة والتاريخ 2/124 ، تاريخ الدارمي ص 50 ، سؤالات الآجري 1/370 ، الكامل 3/396 ، تاريخ دمشق 21/22 ، تهذيب الكمال 10/348 ، الميزان 2/128 ، تهذيب التهذيب 2/8 ، التقريب 2276 .(1/2)
* قتادة بن دعامة البصري ، سبق في المسألة الخامسة ، وهو ثقة ثبت ، ولكنه موصوف بالتدليس .
* أبو قلابة ، عبد الله بن زيد بن عمرو - أو عامر - الجَرْمي ، البصري ، مات سنة 104 أو بعدها . روى عن : أنس بن مالك ، ومالك بن الحويرث ، وثابت بن الضحاك وغيرهم . وعنه: أيوب السختياني ، وخالد الحذاء، ويحيى بن أبي كثير ، وقتادة وغيرهم.
متفق على علمه وثقته . قال حماد بن زيد : سمعت أيوب ذكر أبا قلابة فقال : كان والله من الفقهاء ذوي الألباب . وقال عمر بن عبد العزيز : لن تزالوا بخير يا أهل الشام ما دام فيكم هذا أو مثل هذا .
قال في التقريب : [ ثقة فاضل ، كثير الإرسال ، قال العجلي: فيه نصب يسير ].
طبقات ابن سعد 7/183 ، ثقات العجلي ص257 ، تهذيب الكمال 14/542 ، تهذيب التهذيب 2/339 ، التقريب 3333 .
* جابر بن زيد الأزدي ، اليَحْمَدي ، أبو الشعثاء الجوفي - بفتح الجيم ، وسكون الواو، بعدها فاء - البصري ، مشهور بكنيته . مات سنة 93، ويقال : 103. روى عن: ابن عباس ، وابن عمر ، والحكم بن عمرو الغفاري وغيرهم . وعنه : عمرو بن دينار ، وقتادة ، وأيوب وغيرهم .
متفق على إمامته وعلمه وثقته . قال عكرمة : كان ابن عباس يقول : هو أحد العلماء.
قال في التقريب : [ ثقة فقيه ] .
الجرح والتعديل 2/494 ، تهذيب الكمال 4/434 ، تهذيب التهذيب 1/279، التقريب 865 .
* يونس بن شداد الأزدي، لا يعرف إلا بهذا الحديث ، ولذا قال أبو حاتم : لا نعرفه. وقال ابن منده وأبو نعيم : مجهول . وتابعهما على ذلك ابن الأثير وغيره . وإسناد هذا الحديث لا يكفي لإثبات صحبته ، لعدم صحته ، ولذا حكم بجهالته ، والله أعلم .
الجرح والتعديل 9/240 ، معرفة الصحابة لأبي نعيم 5/2815، أسد الغابة 4/369 ، الإنابة إلى معرفة المختلف فيهم من الصحابة 2/258 ، الإصابة 3/671، تعجيل المنفعة ص459 .
التخريج :(1/3)
- أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة 5/2816 ح6669 قال : حدثت عن محمد بن إسحاق النيسابوري ، عن محمد بن بشار به بنحوه .
- وأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في زوائد المسند 4/77 ح 16706، والبزار ( كشف الأستار(1)1/498 ح1068 ) عن أبي موسى محمد بن المثنى العنزي ، عن محمد بن خالد بن عثمة به ، ولفظه : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صوم أيام التشريق " .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم أن إسناد هذا الحديث مضطرب ؛ ذلك أن رواية أبي قلابة ، عن أبي الشعثاء جابر بن زيد لا تجيء ، فهو مستحيل ، ووجه ذلك أنه لا يعرف لأبي قلابة رواية عن أبي الشعثاء إلا بهذا الإسناد ، فهذا معنى الاضطراب هنا .
ثم إن في هذا الإسناد ضعفاً من وجوه أخرى ، وهي :
1- ضعف سعيد بن بشير ، وأنه يروي عن قتادة منكرات - كما سبق في ترجمته - .
2- تفرد محمد بن خالد بن عثمة بهذا الإسناد .
3- جهالة يونس بن شداد .
ولذا قال البزار بعد سياقه : لا نعلمه أسند يونس بن شداد إلا هذا ، ولم يتابع محمد ابن خالدٍ عليه .
4- أن قتادة لم يصرح بسماعه لهذا الحديث من أبي قلابة ، وهو مدلس ، بل قال الفلاس : لم يسمع قتادة من أبي قلابة ( تهذيب الكمال 14/546 ) .
وبهذا يتبين أن هذا الإسناد ساقط بمرة، وأنه مضطرب ويستحيل أن يكون بهذه الصفة. والله أعلم .
ولكن المعنى الذي دل عليه هذا الحديث ثابت في الصحيحين وغيرهما من غير هذا الوجه .
فقد أخرج البخاري في صحيحه 3/56 ح1997 و1998 من طريق الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، وعن سالم ، عن ابن عمر - رضي الله عنهم - قالا :" لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي " .
وأخرج مسلم 3/153 ح1141 من طريق أبي المليح، عن نبيشة الهذلي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أيام التشريق أيام أكلٍ وشرب " زاد في رواية : " وذكر لله " .
__________
(1) وقع في كشف الأستار : عن أبي الأشعث ، بدل : أبي الشعثاء ، وهو تصحيف .(1/4)
وأخرج مسلم - أيضاً - 3/153 ح1142 من طريق أبي الزبير ، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه، أنه حدثه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه وأوس بن الحدثان أيام التشريق فنادى: " أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن ، وأيام منىً أيام أكلٍ وشرب " ، والله أعلم .(1/5)
54/840- سألت أبي عن حديثٍ رواه عبثر ، عن الأعمش(1)، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : " كان فيما أهدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنم(2)مقلدة(3)" قال أبي : روى جماعة ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أهدى مرة غنماً " وليس في حديثهم : " مقلدة " . قال أبي : اللفظان ليسا بمتفقين ، وأرجو أن يكونا(4)جميعاً صحيحين .
دراسة الرواة :
* عبثر - بفتح أوله ، وسكون الموحدة ، وفتح المثلثة - ابن القاسم الزبيدي - بالضم - أبو زُبيد الكوفي ، مات سنة 179. روى عن : حصين بن عبد الرحمن ، والعلاء بن المسيب ، والأعمش وغيرهم . وعنه : أحمد بن عبد الله بن يونس ، وأبو نعيم ، وقتيبة بن سعيد وغيرهم .
متفق على توثيقه . قال أبو داود : ثقة ثقة .
قال في التقريب : [ ثقة ] .
سؤالات الآجري 1/238 ، الجرح والتعديل 7/43 ، تهذيب الكمال 14/269 ، تهذيب التهذيب 2/297 ، التقريب 3197 .
* الأعمش ، سليمان بن مهران الكوفي ، سبق في المسألة الحادية والعشرين ، وهو ثقة حافظ ، ولكنه يدلس .
* أبو سفيان، طلحة بن نافع القرشي، مولاهم، الواسطي ، ثم المكي ، الإسكاف، روى عن : جابر بن عبد الله ، وابن عمر ، وابن عباس ، وأنس بن مالك وغيرهم . وعنه : الأعمش ، وحصين بن عبد الرحمن ، وشعبة - حديثاً واحداً - وغيرهم ، أخرج له الجماعة ، إلا أن البخاري قرنه بغيره .
__________
(1) قوله :" عن الأعمش " ساقط من ( س ، ض ) ، وقد ألحق في ( ح ) .
(2) في النسخ الخطية :" غنماً " بالنصب ، والرفع هو الصواب ، وهو المثبت في ( ط ) .
(3) التقليد هو أن يجعل في عنقها شعار يعلم به أنه هدي . والقلادة هي ما جعل في العنق . ( انظر لسان العرب 3/366 و367 ) .
(4) في النسخ الخطية : " يكون " والتصحيح من ( ط ) .(1/1)
قال أحمد : ليس به بأس . وكذا قال النسائي . وقال البزار : هو في نفسه ثقة . وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : كان الأعمش يدلس عنه .
وقال ابن عدي : روى عن جابر أحاديث صالحة ، رواها الأعمش عنه ، ورواها عن الأعمش الثقات ، وهو لا بأس به ، وقد روى عنه الأعمش أحاديث مستقيمة(1).
وذكره العجلي في الثقات ، وقال : جائز الحديث وليس بالقوي .
وقدم ابن معين ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم عليه أبا الزبير .
وقال ابن المديني : كان أصحابنا يضعفونه في حديثه . وقال - أيضاً -: يكتب حديثه، وليس بالقوي . وقال ابن معين : لا شيء .
لخص الذهبي حاله بقوله : ثقة .
وابن حجر بقوله : [ صدوق ] . وهذا أقرب من قول الذهبي .
واختلف في حديثه عن جابر ، فروى البخاري من طريق الأعمش ، عنه قال : جاورت جابراً بمكة ستة أشهر . وعنه - أيضاً - قال : كنت أحفظ ، وكان سليمان اليشكري يكتب - يعني : عن جابر - .
وقال شعبة ، وابن عيينة : حديث أبي سفيان عن جابر صحيفة .
وقال شعبة - أيضاً -، وأبو خالد الدالاني ، وابن المديني : لم يسمع من جابر إلا أربعة أحاديث . قال أبو حاتم : يقال : إنه أخذ صحيفة جابر عن سليمان اليشكري .
وقال البخاري - بعد ذكر كلام أبي خالد الدالاني - : وما يدريه ، أولا يرضى أن ينجو رأساً برأس ، حتى يقول مثل هذا .
وقال أبو زرعة الرازي : طلحة بن نافع ، عن عمر مرسل ، وهو عن جابر أصح .
وقد ذكر الحافظ ابن حجر أن البخاري لم يخرج له إلا أربعة أحاديث عن جابر ، قال: وأظنها التي عناها شيخه علي بن المديني .
__________
(1) وقع في المطبوع من الكامل تصحيف وإرباك ، وتصحيحه من مختصره للمقريزي ص401 وغيره من المصادر .(1/2)
تاريخ ابن محرز 1/116 و2/193 ، سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة ص146 ، التاريخ الكبير 4/346 ، ثقات العجلي ص237 ، الضعفاء الكبير للعقيلي 2/224 ، الجرح والتعديل 4/475 ، المراسيل ص89 ، ثقات ابن حبان 4/393 ، الكامل 4/113 ، مختصره للمقريزي ص401 ، التعديل والتجريح للباجي 2/602 ، تهذيب الكمال 13/438 ، جامع التحصيل ص202 ، تحفة التحصيل ص159 ، الميزان 2/342 ، معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد ص120 ، تهذيب التهذيب 2/243 ، التقريب 3035 .
* جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة السابعة والثلاثين .
* إبراهيم بن يزيد النخعي ، أبو عمران الكوفي ، فقيه أهل الكوفة ، مات سنة 96. روى عن : خاليه الأسود ، وعبد الرحمن ابني يزيد ، وعبيدة السلماني ، وعلقمة وغيرهم . وعنه : الحكم بن عتيبة ، والأعمش ، ومنصور بن المعتمر ، وحماد بن أبي سليمان وغيرهم .
متفق على إمامته وجلالته وثقته . قال الشعبي لما مات إبراهيم : أما إنه ما ترك أحداً أعلم منه أو أفقه منه .
وقال الأعمش : كان إبراهيم صيرفي الحديث .
قال في التقريب : [ ثقة ، إلا أنه يرسل كثيراً ] .
طبقات ابن سعد 6/70-284 ، تهذيب الكمال 2/233 ، تهذيب التهذيب 1/92 ، التقريب 270 .
* الأسود بن يزيد النخعي ، سبق في المسألة الثالثة ، وهو ثقة مكثر فقيه .
* عائشة أم المؤمنين سبقت ترجمتها في المسألة الثالثة .
التخريج :
- أخرجه أحمد 3/361 ح14891 عن سليمان بن داود الهاشمي ،
والبزار ( كشف الأستار 2/20 ح1106 ) من طريق الحسن بن الربيع ،
كلاهما ( سليمان ، والحسن ) عن عبثر بن القاسم به بنحوه ، إلا أن سليمان لم يقل في روايته : " مقلدة " .
- وأخرجه البخاري 2/208 ح1701 ،
والنسائي 5/173 عن هناد بن السري ،
والدارمي 2/91 ح1911 ،
ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 2/634 ،
وإبراهيم الحربي في الغريب 2/891 ،(1/3)
وأبو عوانة ( إتحاف المهرة 16/1039 ح21568 ) ، عن الصنعاني ،
وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات 2/184 ح626 ، وأبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة 6/3211 ح7388 من طريق بشر بن موسى الأسدي ،
وتمام في فوائده 1/175 ح409 من طريق أبي زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي ،
وتمام - أيضاً- 1/175 ح410 من طريق أبي عبد الله أحمد بن خليد الكندي ،
والبيهقي في المعرفة 4/267 ح3300 من طريق إبراهيم بن الحسين بن ديزيل ،
والخطيب في تاريخ بغداد 3/443 من طريق محمد بن يونس الكديمي ،
جميعهم ( البخاري ، وهناد، والدارمي ، ويعقوب ، والحربي، والصنعاني، وبشر، وأبو زرعة ، وأحمد بن خليد ، وابن ديزيل ، والكديمي ) عن أبي نعيم الفضل بن دكين، وعلقه الدارقطني في العلل 5/ الورقة 133 عن أبي نعيم، بقوله: وقيل عن أبي نعيم ،
والبخاري 2/108 ح1702 عن أبي النعمان ، عن عبد الواحد بن زياد ،
ومسلم 4/90ح1321، والنسائي في المجتبى 5/171، وفي الكبرى 2/360 ح3759 و2/362 ح3768 ، وابن ماجه 2/1034 ح3095و3096، وأحمد 6/42 ح34155 و6/223 ح25872 ، وابن أبي شيبة 3/145 ح12894 ، وإسحاق بن راهويه 3/843 ح1499، وأبو يعلى 8/297 ح4889، والطحاوي في شرح المعاني 2/265 ح4182 ، وفي شرح المشكل 14/135 ح5516 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/397 ح3056 ، والبيهقي في السنن الكبرى 5/232 ، وفي السنن الصغير 1/458 ح1831 ، وفي المعرفة 4/267 ح3301 ، والبغوي في شرح السنة 7/94 ح1892 من طرقٍ متعددة عن أبي معاوية الضرير ،
وأبو داود 2/419 ح1752 ، والنسائي في المجتبى 5/173 وفي الكبرى 2/362 ح3796 ، وأحمد 6/190 ح25565، و6/191 ح25581 ، و6/208 ح25737 ، وابن أبي شيبة 3/145 ح12895 ، وإسحاق بن راهويه 3/844 ح1500، وابن الجارود 2/64 ح426، وأبو عوانة ( إتحاف المهرة 16/1039 ح21568 ) ، وابن حبان 9/322 ح4011 من طرقٍ متعددة عن سفيان الثوري ،(1/4)
والنسائي في المجتبى 5/173 ، وفي الكبرى 2/362 ح3767 ، والطيالسي 3/10 ح1474، وأبو عوانة ( إتحاف المهرة 16/1039 ح21568 ) من طريق شعبة ،
وأحمد 6/41 ح24136، والشافعي في حديث حرملة ( المعرفة للبيهقي 4/267 ) ، والحميدي 1/ 106 ح217 عن سفيان بن عيينة ،
وأحمد 6/109 ح24787 ، عن أسود بن عامر ، والطبراني في الأوسط 7/294 ح7535 ، من طريق إسماعيل بن عمروٍ البجلي ، والدارقطني في الغرائب والأفراد ( الأطراف 5/444 ح6002 ) وابن المقرئ في المعجم ص139ح409 من طريق أصبغ بن الفرج ، عن حاتم بن إسماعيل ، ثلاثتهم ( أسود ، وإسماعيل ، وحاتم ) عن شريك القاضي ،
وإسحاق بن راهويه 2/866 ح1531 ، والدارمي 2/91 ح1911 ، وأبو عوانة ( إتحاف المهرة 16/1039 ح21568 ) من طريق يعلى بن عبيد ،
والمحاملي في الأمالي ص275 ح276 من طريق حفص بن غياث ،
وابن عدي في الكامل 3/140 من طريق روح بن مسافر ،
والدارقطني في العلل 5/ الورقة 132 - معلقاً - عن محمد بن فضيل ،
وفي العلل - أيضاً - 5/ الورقة 131-132- معلقاً - عن هارون بن أبي بردة، عن أسباط بن محمد ،
جميعهم ( 12 راوياً ، وهم : أبو نعيم ، وعبد الواحد ، وأبو معاوية ، والثوري ، وشعبة ، وابن عيينة ، وشريك ، ويعلى ، وحفص ، وروح ، وابن فضيل ، وأسباط ) عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة به بنحوه ، وذكر بعضهم أنها غنم مقلدة ، وبعضهم ساقه بلفظ : " لقد رأيتني أفتل القلائد لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الغنم فيبعث به ، ثم يقيم فينا حلالاً ". وربما اختصره بعض من ساقه بهذا اللفظ .
إلا أنه في رواية أسباط بن محمد ذكر : عمارة بن عمير ، بدل : إبراهيم النخعي ، واختلف على شريك فيه فقال أسود بن عامر ، وإسماعيل : عن شريك، عن الأعمش، عن مسلم بن صبيح أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عائشة . وقال حاتم : عن شريك ، عن العلاء بن المسيّب ، عن عطاء ، عن عائشة .(1/5)
وذكره الدارقطني في الرواية التي علقها عن أبي نعيم ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله .
- وأخرجه البخاري 2/108 ح1703 ، ومسلم 4/90 ح1321، وأبو داود 2/419 ح1752، والترمذي 2/241 ح909، والنسائي في المجتبى 5/171 و173- 175، وفي الكبرى 2/360 ح2760 و2/362 ح3766 و3770 و2/364 ح3779 ، وأحمد 6/91 ح24603 و6/174 ح25411 و6/190 ح25565 و6/191ح25581 و25582 ، و6/208 ح25737 و6/253 ح26155 و6/262 ح26259 ، وابن وهب في موطئه ص67 ح167 ، والطيالسي 3/10 ح1474 ، والحميدي 1/107 ح218 ، وابن أبي شيبة 3/145 ح12895 ، وإسحاق بن راهويه 3/843 ح1498 و3/844 ح1500، وابن خزيمة 4/166 ح2608 ، والطوسي في مستخرجه 4/163 ح831 و4/164 ح832 ، وأبو عوانة ( إتحاف المهرة 16/1039 ح21568 ) ، وأبو القاسم البغوي في حديث ابن الجعد ص137 ح874 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/266 ح4185و4186 ، وفي شرح المشكل 14/137 ح5519و5520 ، وابن حبان 9/322 ح4011 ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 6/3211 ح7389 ، والبيهقي 5/232 ، والخطيب البغدادي في المتفق والمفترق 3/1702 ح1221 من طرقٍ متعددة عن منصور بن المعتمر ،
ومسلم 4/90 ح1321 ، والنسائي في المجتبى 5/174 ، وفي الكبرى 2/362 ح3771، وأحمد 6/250 ح26124، وأبو يعلى في المعجم ص131 ح91، وأبو عوانة ( إتحاف المهرة 16/1039 ح21568 ) ، والطحاوي في شرح المعاني 2/265 ح4183 ، وفي شرح المشكل 14/136 ح5517 ، والطبراني في الأوسط 4/308 ح4283 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/397 ح3057 من طريق الحكم بن عتيبة ،
وأحمد 6/171 ح25383 ، وأبو يعلى 8/265 ح4852 ، والطبراني في الأوسط 7/252 ح7423 ، من طريق أبي معشر زياد بن كليب الكوفي ،
وأحمد 6/212 ح25776 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/266 ح1484 ، وفي شرح المشكل 14/136 ح5518 من طريق حماد بن أبي سليمان ،(1/6)
أربعتهم ( منصور، والحكم، وأبو معشر، وحماد ) عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة به ، ولفظه في حديث منصور : " لقد رأيتني أفتل القلائد لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الغنم فيبعث به ، ثم يقيم فينا حلالاً " . ولفظ الحكم : " كنا نقلد الشاء فنرسل بها ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلال لم يحرم عليه منه شيء " وأما لفظ أبي معشر ، وحماد فهو بمعنى هذين اللفظين ، إلا أنهما لم يسميا الهدي ، فلم يقولا : غنماً ، ولا شاءً .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم الاختلاف في هذا الحديث على الأعمش على وجهين ، وقد تبين من التخريج السابق أنه على عدة أوجه ، وهي :
الوجه الأول : عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، وهذه رواية عبثر بن القاسم .
الوجه الثاني : عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، وهذه رواية الجماعة ، وهم : عبد الواحد بن زياد ، وأبو معاوية ، والثوري ، وشعبة ، وابن عيينة ، ويعلى بن عبيد ، وروح بن مسافر ، وحفص بن غياث ، ومحمد بن فضيل ، وكذا أبو نعيم إلا فيما علقه عنه الدارقطني .
الوجه الثالث : عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عائشة ، وهذه رواية شريك - فيما رواه عنه الأسود ، وإسماعيل - .
الوجه الرابع : عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن الأسود ، عن عائشة ، وهذه رواية أسباط بن محمد .
الوجه الخامس : عن الأعمش، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ، وهذا وجه علقه الدارقطني في العلل عن أبي نعيم بقوله : وقيل عن أبي نعيم . وقد ساقه الدارقطني مسنداً في الغرائب ، إلا أن ابن طاهر لم يذكر إسناده كاملاً في أطرافه ، فلم أتبين راويه عن أبي نعيم ( انظر أطراف الغرائب 4/118 ح3764 ) .
ومما لا شك فيه أن الوجه الثاني أصح هذه الأوجه جميعاً وأثبتها عن الأعمش، فهو رواية الجماعة وفيهم الثوري ، وشعبة ، وأبو معاوية ، وهم أثبت أصحاب الأعمش .(1/7)
غير أن أبا حاتم لما اقتصر على ذكر الوجهين الأولين قال : اللفظان ليسا بمتفقين ، وأرجو أن يكونا جميعاً صحيحين . فهو لم يجزم جزماً تاماً بصحة الوجهين ، ولكنه مال إلى ذلك ، وحجته الاختلاف الوارد بين اللفظين اللذين ساقهما لهذين الوجهين ، وأهم ما يختلف فيه اللفظان أن الوجه الأول ذكر فيه " تقليد الغنم " ، ولم يذكر ذلك في الوجه الثاني ، إلا أنه تبين من التخريج السابق أن هذا الاختلاف بين اللفظين غير منضبط ، فمن رواة الوجه الأول من لم يذكر التقليد ، ومن رواة الوجه الثاني من ذكر التقليد ، فعلم أن هذا الفرق بين اللفظين غير مؤثر ، بل هو من تصرف الرواة فمنهم من يختصر الحديث ، ومنهم من يزيد فيه .
وإذا كان الأمر كذلك علم أن الحجة التي أبداها أبو حاتم لتقوية الوجهين جميعاً غير متحققة ، وقد ذهب غير أبي حاتم من الأئمة إلى إعلال الوجه الأول ، وهو رواية عبثر ابن القاسم ، فقال البزار بعد سياقه : لا نعلمه عن جابر إلا من هذا الوجه ، إنما يرويه أصحاب الأعمش ، عنه ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، ولم يتابع عبثر على قوله : عن جابر . وقال الدارقطني بعد سياقه أوجه الاختلاف على الأعمش ، ومنها رواية عبثر : والمحفوظ حديث الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة . ( انظر : العلل 5/ الورقة 132 ) .
ومما يؤكد شذوذ رواية عبثر - وهو الوجه الأول بجعله من حديث جابر - أن هذا الحديث لا يعرف له أصل من حديث جابر من غير هذا الوجه - كما ذكر البزار - ولكنه محفوظ عن عائشة من طرق كثيرة - كما سبق في التخريج .(1/8)
وأما الأوجه الأخرى فكلها شاذة ، فقد تفرد بالوجه الثالث شريك القاضي ، وهو يخطئ كثيراً - كما ستأتي ترجمته مطولة في المسألة السادسة والخمسين - وقد اضطرب فيه فمرة رواه هكذا ، ومرة رواه عن العلاء بن المسيب ، عن عطاء ، عن عائشة - كما سبق في التخريج - ورواية شريك على هذين الوجهين جميعاً ساقطة، سواء كان الخطأ في ذلك كله من شريك ، أو كان بعضه ممن دونه ، وهو متفرد بذلك كما نص على تفرده بالأول الطبراني بقوله : لم يرو هذا الحديث عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، إلا شريك ، ورواه الناس عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، ونص الدارقطني على تفرده بالثاني .
كما تفرد بالوجه الرابع من الاختلاف على الأعمش : أسباط بن محمد ، وتفرد عنه هارون بن أبي بردة ، ولم أقف على ترجمته ، وقد ذكر الدارقطني أن أسباط بن محمد لم يتابع على هذا الوجه .
وأما الوجه الخامس فهو رواية ضعيفة عن أبي نعيم الفضل بن دكين ، والمحفوظ عنه بلا شك رواية الجماعة ، ومنهم البخاري ، والدارمي ، وهناد بن السري ، وكفى بهم .
ثم الحديث من وجهه المحفوظ : الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، حديث ثابت لا شك فيه ، أخرجه الشيخان في صحيحيهما - كما سبق - . وقد توبع الأعمش عليه كما سبق .
وقد روي تقليد الهدي عن عائشة من وجوه أخرى ، ولكن ليس فيها ذكر الغنم ، وإنما ذكرت الغنم في حديث الأسود فقط ، ولهذا اقتصرت عليه في التخريج . والله أعلم .(1/9)
55/841- سألت أبي ، وأبا زرعة عن حديثٍ رواه مروان الفزاري ، عن عبد الله ابن حميد ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال :" جاء(1)رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن فريضة الله على أبي في الحج ..." قال أبي وأبو زرعة جميعاً: نخشى أن يكون أخطأ مروان ، إنما أراد : عبد الله بن عطاء .
دراسة الرواة :
* مروان بن معاوية بن الحارث الفزاري ، أبو عبد الله الكوفي ، ثم المكي ، ثم الدمشقي ، مات سنة 193 . روى عن : حميد الطويل ، والأعمش ، وعاصم الأحول وغيرهم ، وعنه: أحمد بن حنبل ، والحميدي، وأبو خيثمة، وابن المديني وغيرهم .
قال أحمد : ثبت حافظ . وقال - أيضاً -: ثقة، ما كان أحفظه، كان يحفظ حديثه . ووثقه ابن معين ، ويعقوب بن شيبة ، والنسائي وغيرهم .
وقال ابن المديني : ثقة فيما روى عن المعروفين ، وضعفه فيما روى عن المجهولين . وقال العجلي : ثقة ثبت ، ما حدث عن المعروفين فصحيح ، وما حدث عن المجهولين ففيه ما فيه ، وليس بشيء . وقال أبو حاتم : صدوق لا يدفع عن صدقٍ ، وتكثر روايته عن الشيوخ المجهولين .
وقال ابن معين : ما رأيت أحيل للتدليس منه . وقال أبو داود : يقلب الأسماء ، يقول : حدثني إبراهيم بن حصن - يعني : أبا إسحاق الفزاري -، وحدثني أبو بكر بن فلان ، عن أبي صالح - يعني : أبا بكر بن عياش ، يعني يسقط من بينهما - . وذكر نحو ذلك ابن معين - أيضاً -. وهو أمر مشهور عن مروان بن معاوية .
قال الذهبي : ثقة عالم، صاحب حديث، لكن يروي عمن دبَّ ودرج ، فيستأني في شيوخه .
وقال ابن حجر : [ ثقة حافظ ، وكان يدلس أسماء الشيوخ ] .
تاريخ الدوري 2/556 ، ثقات العجلي ص424 ، سؤالات الآجري 1/327 ، الجرح والتعديل 8/272 ، تاريخ بغداد 13/149 ، تهذيب الكمال 27/403 ، الميزان 4/93 ، تهذيب التهذيب 4/52 ، التقريب 6575 .
__________
(1) قوله : " جاء " ساقطة من ( ح ) . وفي ( س) :" أتى " .(1/1)
* عبد الله بن حميد ، لم أقف عليه بهذا الاسم ، وصوابه : عبد الله بن عطاء وستأتي ترجمته قريباً .
* عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي ، أبو سهل المروزي ، قاضي مرو، مات سنة 105 وقيل : بل في 115. روى عن : أبيه، وسمرة بن جندب ، وعبد الله بن مغفل وغيرهم . وعنه : حسين المعلم ، والشعبي ، وعبد الله بن عطاء وغيرهم . أخرج له الجماعة .
ثقة ، وثقه ابن معين ، وأبو حاتم ، والعجلي .
وقال أحمد : أما سليمان فليس في نفسي منه شيء ، وأما عبد الله، فسكت، ثم قال: كان وكيع يقول : كانوا لسليمان بن بريدة أحمد منهم لعبد الله ، أو شيئاً هذا معناه . وقال أحمد - أيضاً -: عبد الله بن بريدة الذي روى عنه حسين بن واقد ما أنكرها ، وأبو المنيب يقول أيضاً ، كأنها من قبل هؤلاء .
وسئل أحمد ، سمع عبد الله من أبيه شيئاً ؟ قال : ما أدري ، عامة ما يروى عن بريدة عنه ، وضعف حديثه .
وقال إبراهيم الحربي : عبد الله أتم من سليمان ، ولم يسمعا من أبيهما ، وفيما روى عبد الله عن أبيه أحاديث منكرة ، وسليمان أصح حديثاً .
وذكره الذهبي في الميزان ، وقال : من ثقات التابعين ، وثقه أبو حاتم والناس ، ثم قال : ولم أورده إلا لأن النباتي استدركه على ابن عدي ، وذكره العقيلي ، ثم ذكر كلام أحمد .
وقال ابن حجر في التقريب : [ ثقة ] وهو كما قال ، ولكن يلاحظ ما قيل في سماعه من أبيه ، وخاصة ما أنكر عليه .
العلل ومعرفة الرجال 2/22 ، ثقات العجلي ص250 ، ضعفاء العقيلي 2/238 ، الجرح والتعديل 5/13 ، تهذيب الكمال 14/328 ، الميزان 2/396 ، تهذيب التهذيب 2/307 ، التقريب 3227 ، هدي الساري ص433 .
* بريدة بن الحُصَيب - بمهملتين مصغراً - أبو سهل الأسلمي ، صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أسلم قبل بدرٍ ولم يشهدها ، مات بخراسان سنة 63 أو نحوها . وهو آخر من مات من الصحابة بخراسان .(1/2)
معرفة الصحابة لأبي نعيم 2/430، أسماء الصحابة الرواة لابن حزم ص53، تهذيب الكمال 4/53، الإصابة 1/146 ، التقريب 660 .
* عبد الله بن عطاء الطائفي المكي ، ويقال : المدني ، ويقال : الواسطي ، ويقال : الكوفي ، أبو عطاء . روى عن : سليمان ، وعبد الله ابني بريدة ، وعكرمة بن خالد المخزومي وغيرهم . وعنه : الثوري ، وشعبة ، ومروان بن معاوية ، وزهير بن معاوية وغيرهم . روى له مسلم والأربعة .
وثقه ابن معين ، والبخاري . وقال الترمذي: ثقة عند أهل الحديث . وقال الدارقطني: ليس به بأس ، وذكره ابن حبان في الثقات .
وضعفه النسائي ، وقال : ليس بالقوي .
قال الذهبي : صدوق - إن شاء الله - .
وقال ابن حجر : [ صدوق ، يخطئ ويدلس ] .
جامع الترمذي 2/47 ، العلل الكبير له ص390 ، تاريخ الدوري 2/320 ، ضعفاء النسائي ص61، ثقات ابن حبان 5/33، سؤالات البرقاني ص39 ، تهذيب الكمال 15/311، الميزان 2/461 ، تهذيب التهذيب 2/386 ، التقريب 3479 .
التخريج :
لم أقف عليه من حديث مروان بن معاوية الفزاري ، عن عبد الله بن حميد ، ولكن :
- أخرجه الشافعي في المسند (2/191 ح684 بترتيب السندي ) قال : أخبرنا الثقة ، أو سمعت مروان بن معاوية ،
وأبو نعيم في المستخرج 3/225 ح2607 من طريق محمد بن خلاد ،
والبيهقي في السنن الكبرى 4/151 ، وفي السنن الصغير 1/388 ح1496 من طريق عبد الرحمن بن بشر .(1/3)
ثلاثتهم ( الشافعي أو شيخه الثقة ، ومحمد بن خلاد ، وعبد الرحمن بن بشر ) عن مروان بن معاوية الفزاري ، عن عبد الله بن عطاء ، عن عبد الله بن بريدة عن أبيه به ، ولفظه " كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتته امرأة فقالت : يا رسول الله إني كنت تصدقت بوليدة على أمي فماتت أمي وبقيت الوليدة ، قال : قد وجب أجرك ورجعت إليك في الميراث . قالت : فإنها ماتت وعليها صوم شهر . قال : صومي عن أمك . قالت : وإنها ماتت ولم تحج . قال : فحجي عن أمك ". هذا لفظ عبد الرحمن بن بشر ، وبنحوه لفظ محمد بن خلاد ، واقتصر الشافعي على مسألة الصدقة فقط . ولم يصرح باسم عبد الله بن بريدة إلا في رواية عبد الرحمن ، أما في رواية الآخرين فقال : ابن بريدة .
- وأخرجه عبد الرزاق 4/239 ح7645 و9/120 ح16587(1)- ومن طريقه مسلم 3/156 ح1149 ، والترمذي 2/257 ح929 ، وابن ماجه 1/590 ح1759 ، وأبو عوانة 2/217 ح2905 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/225 ح2607 - ،
ومسلم 3/157 ح1149 ، وأبو عوانة 2/217 ح2906، والحاكم 4/347 ، من طريق عبيد الله بن موسى ،
والنسائي في الكبرى 4/67 ح6315 ، وابن ماجه 2/800 ح2394 ، وأحمد 5/351 ، ح22971 و5/361 ح23054 ، من طريق وكيع بن الجراح ،
والطوسي في مستخرجه في مختصر الأحكام 4/190 ح850 من طريق محمد بن يوسف ،
وأبو عوانة 2/217 ح2904 من طريق القاسم بن يزيد الجرمي ،
وأبو عوانة - أيضاً - معلقاً عن الأشجعي ،
والطبراني في مسند الشاميين 3/349 ح2446 من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ،
__________
(1) وقع في الموطن الثاني من المصنف : عبد الرزاق ، عن عبد الله بن عطاء . ويظهر لي أن فيه سقطاً . وأن الصواب: عبد الرزاق، عن الثوري ، عن عبد الله بن عطاء . كما هو في الموطن الأول . فإني لم أقف على رواية لعبد الرزاق عن عبد الله بن عطاء . وتلاميذ عبد الله بن عطاء أعلى طبقة من عبد الرزاق ، فلعله لم يدركه ، والله أعلم .(1/4)
سبعتهم ( عبد الرزاق، وعبيد الله، ووكيع ، ومحمد بن يوسف، والقاسم ، والأشجعي ، وعبد المجيد ) عن سفيان الثوري ،
ومسلم 3/156 ح1149 ، والترمذي 2/47 ح667 و2/257 ح929 ، والبيهقي 4/256 من طريق علي بن مسهر ،
ومسلم 3/157 ح1149 ، والنسائي في الكبرى(1)4/66 ح6314 ، وأحمد 5/349 ح22956، وأبو نعيم في المستخرج 3/59 ح12087 و3/225 ح2608 من طريق عبد الملك بن أبي سليمان ،
وابن أبي شيبة 3/59 ح12087 و4/356 ح20999 و7/284 ح36121 - ومن طريقه مسلم 3/156 ح1149 - وأحمد 5/359 ح23032 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/224 ح2607 من طريق عبد الله بن نمير ،
وأبو داود 2/370 ح1653 و 3/398 ح2869 و 4/107 ح3313 ، والنسائي في الكبرى 4/67 ح6317 ، والبيهقي 4/335 من طريق زهير بن معاوية ،
والنسائي في الكبرى 4/67 ح6316 ، وابن زنجويه في الأموال 3/1221 ح2318 ، والحاكم 4/347 من طريق ابن أبي ليلى ،
وسعيد بن منصور في سننه 1/109 ح248 عن إسماعيل بن زكريا ،
والطبراني في مسند الشاميين 1/112 ح168 من طريق الحسن بن الحر ،
والحاكم 4/347 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/225 ح2607 من طريق أبي معاوية الضرير ،
وأبو نعيم في المستخرج 3/224 ح2607 من طريق حبان ، ومندل ابني علي ،
جميعهم ( أحد عشر راوياً ، وهم : الثوري ، وعلي بن مسهر ، وعبد الملك ، وابن نمير، وزهير ، وابن أبي ليلى ، وإسماعيل ، والحسن ، وأبو معاوية، وحبان ، وأخوه علي ) عن عبد الله بن عطاء ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه بهذا الحديث بنحو رواية عبد الرحمن بن بشر عن مروان بن معاوية السابقة، ولكن منهم من ساق الحديث بتمامه، ومنهم من اقتصر على بعضه، ووقع في بعض الروايات :" عليها صوم شهر" وفي بعضها: "صوم شهرين ".
__________
(1) وقع في المطبوعة من السنن الكبرى : عبد الله بن أبي سليمان ، وهو تصحيف ، والتصويب من تحفة الأشراف 2/75 ح1937 وغيرها من المصادر .(1/5)
وقد صرح باسم عبد الله بن بريدة في كثير منها، وفي بعضها قال: عن ابن بريدة . إلا في رواية عبد الملك بن أبي سليمان وحده فإنه قال : عن سليمان بن بريدة .
وجعله في رواية عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ، عن الثوري ، عن عطاء الخراساني ، بدل : عبد الله بن عطاء ، ولم يقله أحد سواه .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم ، وأبو زرعة في حديث مروان الفزاري ، عن عبد الله بن حميد ، عن ابن بريدة ... الحديث ، ذكرا أنهما يخشيان أن يكون أخطأ مروان ، إنما أراد عبد الله بن عطاء .
والأمر كما ذكر أبو حاتم، وأبو زرعة - رحمهما الله- فإن هذا الحديث حديث عبد الله ابن عطاء ، وقد رواه عنه أحد عشر راوياً ، فيهم ثقات أثبات ، بل إن مروان بن معاوية قد رواه على الصواب - أيضاً - فقد رواه عنه كذلك : عبد الرحمن بن بشر ، ومحمد ابن خلاد ، والشافعي أو شيخه الثقة .
وإذا كان مروان بن معاوية يرويه كرواية الجماعة على الصواب : عن عبد الله بن عطاء ، فلعله حدث به مرة : عن عبد الله بن حميد فأخطأ فيه ، أو يكون الخطأ في ذلك ممن دونه ، فإني لم أقف على من روى عنه ذلك ، ويحتمل أن يكون مروان أراد تدليسه، فإنه من أحيل الناس للتدليس، ويقلب أسماء الشيوخ ، كما ذكر ابن معين، وأبو داود - انظر ترجمته - .
والحاصل أن رواية هذا الحديث عن عبد الله بن حميد خطأ ، والصواب أنه عن عبد الله بن عطاء ، ولكن وقع فيه اختلاف على عبد الله بن عطاء ، وعلى بعض من دونه ، فاختلف فيه على سفيان الثوري ، فرواه الجماعة من أصحاب الثوري، وهم : عبد الرزاق ، ووكيع ، وعبيد الله بن موسى ، ومحمد بن يوسف ، والقاسم بن يزيد ، والأشجعي ، رووه عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن عطاء، عن ابن بريدة ، عن أبيه .
وخالفهم عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روَّاد - وهو صدوق يخطئ ، ( التقريب 4160 ) - فرواه عن الثوري ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن بريدة ، عن أبيه .(1/6)
ولا شك أن رواية الجماعة عن الثوري هي المحفوظة ، وأن رواية عبد المجيد خطأ منه أو ممن دونه .
وأما الاختلاف على عبد الله بن عطاء فمن وجهين - أيضاً- فقد رواه الجماعة، وهم: سفيان الثوري ، ومروان بن معاوية ، وعلي بن مسهر ، وعبد الله بن نمير، وزهير بن معاوية ، وإسماعيل بن زكريا ، وابن أبي ليلى ، وأبو معاوية الضرير، والحسن بن الحر، وحبان بن علي ، ومندل بن علي ، كلهم رووه عن عبد الله بن عطاء ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، غير أنه في بعض المصادر يقول : عن ابن بريدة .
وخالفهم عبد الملك بن أبي سليمان - وهو صدوق له أوهام ، ( التقريب 4184 ) - فرواه عن عبد الله بن عطاء ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه .
وقد قال النسائي بعد سياقه : هذا خطأ ، والصواب : عبد الله بن بريدة ، وهذا أمر ظاهر ، فإنه قد خالف الجماعة ، وفيهم ثقات أثبات ، أحدهم يقدم على عبد الملك لو كان وحده ، فكيف وقد اجتمعوا ، كالثوري ، وابن نمير ، وزهير ، وعلي بن مسهر الخ . فلعل هذا من أوهام عبد الملك، فإنه وإن كان حافظاً ، وثقه جمهور الأئمة ، إلا أنه قد تكلم فيه بعضهم ، واستنكر عليه شعبة وغيره حديثاً آخر . ( انظر ترجمته في تهذيب التهذيب 2/613 ) .
ولكن أشكل عليَّ إخراج مسلم لرواية عبد الملك ، إلا أن يكون أراد الإشارة إلى إعلالها ، فالله أعلم .
والحديث من وجهه المحفوظ : عن عبد الله بن عطاء ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه أخرجه مسلم في صحيحه - كما سبق - وقال الترمذي : حديث حسن صحيح ، لا يعرف هذا من حديث بريدة إلا من هذا الوجه ، وعبد الله بن عطاء ثقة عند أهل الحديث، وقال الطوسي : حديث صحيح . وقال الحاكم : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه - كذا قال - .
وفي الحج عن الوالدين أحاديث أخرى ، انظر المسألتين 52/838 و95/881 ونصب الراية 3/154-159 ، والله أعلم .(1/7)
56/842- سألت أبي عن حديثٍ رواه شريك ، وزهير ، عن أبي إسحاق ، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه كان يلبي : لبيك اللهم لبيك ..." قال أبي : رواه سفيان ، وأبو الأحوص ، وإسرائيل وغيرهم ولم يرفعوه ، قلت لأبي : أيهما أصح ؟ قال أبي : سفيان وإسرائيل أتقن ، وزهير متقن غير أنه تأخر سماعه من أبي إسحاق .
دراسة الرواة :
* شريك بن عبد الله بن أبي شريك النخعي ، أبو عبد الله الكوفي ، القاضي ( 95-177) أو بعدها بيسير . روى عن : أبي إسحاق السبيعي، وجابر الجعفي، وزياد بن علاقة وغيرهم . وعنه: يزيد بن هارون ، وإسحاق الأزرق ، وابن المبارك ، والقطان ، وابن مهدي وغيرهم . علَّق له البخاري في الصحيح ، وأخرج له في " رفع اليدين في الصلاة " وغيره ، وأخرج له مسلم في المتابعات ، واحتج به الباقون .
وثقه ابن معين وغيره . وقال ابن معين - أيضاً -: شريك صدوق ثقة ، إلا أنه إذا خالف فغيره أحب إلينا منه . وعن أحمد نحو ذلك . وقال ابن معين - أيضاً-: شريك ثقة، إلا أنه لا يتقن ، ويغلط ، ويذهب بنفسه على سفيان ، وشعبة. وقال أحمد : كان عاقلاً صدوقاً ، محدثاً عندي ، وكان شديداً على أهل الريب والبدع، قديم السماع في أبي إسحاق ، قبل زهير ، وقبل إسرائيل ، فقيل : إسرائيل أثبت منه ؟ قال : نعم ، قيل : يحتج به ؟ قال : لا تسألني عن رأيي في هذا ... . وقال - أيضاً -: ليس على شريك قياس ، كان يحدث الحديث بالتوهم .(1/1)
وقال العجلي : كوفي ثقة ، وكان حسن الحديث ... . وقال النسائي : ليس به بأس . وقال - أيضاً -: ليس بالقوي . وقال ابن سعد : كان شريك ثقة مأموناً كثير الحديث ، وكان يغلط كثيراً . وقال أبو داود : ثقة يخطئ ، عن الأعمش ، زهير ، وإسرائيل فوقه . وقال يعقوب بن شيبة : شريك صدوق ثقة سيئ الحفظ جداً . وقال أبو حاتم : شريك صدوق ، وهو أحب إليَّ من أبي الأحوص ، وقد كان له أغاليط . وقال - أيضاً -: ساء حفظه .
وقال صالح بن محمد : شريك صدوق ، ولما ولي القضاء اضطرب حفظه ، وقل ما يحتاج إليه في الحديث الذي يحتج به .
وقال عمرو بن علي : كان يحيى لا يحدث عن شريك ، وكان عبد الرحمن يحدث عنه.
وسئل أبو زرعة : يحتج بحديثه ؟ قال : كان كثير الخطأ ، صاحب وهم ، وهو يغلط أحياناً . وقال الجوزجاني : شريك سيء الحفظ ، مضطرب الحديث مائل .
وقال ابن المديني : سمعت يحيى يقول : قدم شريك مكة فقيل لي ائته، فقلت: لو كان بين يدي ما سألته عن شيء ، وضعف يحيى حديثه جداً . قال يحيى : أتيته بالكوفة فأملى عليّ فإذا هو لا يدري . وسئل القطان - أيضاً -: زعموا أن شريكاً اختلط بأخرة ؟ فقال : ما زال مختلطاً . وقال القطان - أيضاً -: نظرت في أصول شريك ، فإذا الخطأ في أصوله . وقال ابن المبارك : ليس حديث شريك بشيء .
وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : وكان في آخر أمره يخطئ فيما يروي ، تغيَّر عليه حفظه ، فسماع المتقدمين عنه الذين سمعوا منه بواسط ، ليس فيه تخليط . مثل يزيد بن هارون ، وإسحاق الأزرق ، وسماع المتأخرين بالكوفة فيه أوهام .
وفيه كلام كثير غير هذا ، قال ابن عدي : والغالب على حديثه الصحة والاستواء ، والذي يقع في حديثه من النكرة إنما أتي فيه من سوء حفظه ، لا أنه يتعمد شيئاً مما يستحق شريك أن ينسب فيه إلى شيئ من الضعف .(1/2)
ولخص الحافظ حاله بقوله : [ صدوق يخطئ كثيراً ، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة ، وكان عادلاً فاضلاً عابداً شديداً على أهل البدع ] .
وهذا تلخيص حسن ، وهو يفيد التأني الشديد في حديثه سواء ما كان قبل القضاء أو بعده . والله أعلم .
طبقات ابن سعد 6/379 ، تاريخ ابن طهمان ص36 ، أحوال الرجال ص92 ، ثقات العجلي ص217 ، ضعفاء العقيلي 2/193، الجرح والتعديل 4/365 ، ثقات ابن حبان 6/444، الكامل 4/6، تاريخ بغداد 9/284 ، تهذيب الكمال 12/462 ، الميزان 2/270، تهذيب التهذيب 2/164، التقريب 2787 .
* زهير بن معاوية أبو خيثمة الكوفي ، سبق في المسألة رقم ب/48 ، وهو ثقة ثبت ، إلا أن سماعه من أبي إسحاق بأخرة .
* أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي ، سبق في المسألة الثالثة عشرة ، وهو ثقة مكثر من الرواية ، إلا أنه اختلط بآخره ، وكان يدلس - أيضاً - .
* الضحاك بن مزاحم الهلالي ، أبو القاسم ، أو أبو محمد الخراساني ، مات سنة 106 أو نحوها . روى عن : ابن عباس ، وابن عمر ، وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة، ولكن قيل : لم يثبت له سماع من أحدٍ من الصحابة . وروى عن: الأسود بن يزيد ، وسعيد بن جبير ، وطاووس وغيرهم من التابعين . وعنه : أبو إسحاق السبيعي ، وإسماعيل بن أبي خالد ، وأبو سعد البقال وغيرهم . أخرج له الأربعة .
قال أحمد : ثقة مأمون . ووثقه ابن معين ، وأبو زرعة ، والعجلي ، والدارقطني ، وذكره ابن حبان في الثقات .
وضعفه يحيى بن سعيد ، وكان شعبة لا يحدث عنه ، وينكر أن يكون لقي ابن عباس قط .
قال ابن عدي : عرف بالتفسير ، فأما روايته عن ابن عباس ، وأبي هريرة وجميع من روى عنه ففي ذلك كله نظر ، وإنما اشتهر بالتفسير .
قال ابن حجر : [ صدوق كثير الإرسال ] .(1/3)
وهو كما قال ، ومن إرساله رواياته عن ابن عباس ، فقد أنكر جماعة من الأئمة سماعه منه، منهم: شعبة - كما سبق - وأحمد، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، والعجلي ، وابن حبان ، والدارقطني وغيرهم ، وإنما أخذ عن سعيد بن جبير وغيره ، وقد جاء عنه صريحاً أنه لم يلق ابن عباس ، وروي عنه ما يخالف ذلك ، ولكن الأول أصح كما قال العلائي .
ومن الأئمة من ينكر أن يكون شَافَهَ أحداً من الصحابة ، كابن حبان والعجلي وهو ظاهر كلام ابن عدي السابق ، والله أعلم .
العلل ومعرفة الرجال 2/309 ، ضعفاء العقيلي 2/218 ، الجرح والتعديل 4/458 ، المراسيل ص85 ، ثقات ابن حبان 6/480 ، الكامل 4/95 ، سؤالات البرقاني ص38 ، تهذيب الكمال 13/291 ، الميزان 2/325 ، جامع التحصيل ص199 ، تهذيب التهذيب 2/226 ، التقريب 2978 .
* عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة العاشرة .
* سفيان بن سعيد الثوري ، سبق في المسألة الحادية عشرة ، وهو ثقة حافظ ، فقيه عابد إمام حجة .
* أبو الأحوص: سلام بن سليم الحنفي ، مولاهم ، الكوفي ، مات سنة 179. روى عن: أبي إسحاق السبيعي، والأعمش، وعاصم الأحول وغيرهم . وعنه : ابن مهدي، وقتيبة بن سعيد ، وابنا أبي شيبة وغيرهم .
متفق على توثيقه . قال ابن معين : ثقة متقن . وقال أحمد : أبو الأحوص أثبت من عبد الرحمن بن مهدي - يعني : في حديث شعبة - .
قال في التقريب : [ ثقة متقن ، صاحب حديث ] .
العلل ومعرفة الرجال 2/362 ، الجرح والتعديل 4/259 ، تهذيب الكمال 12/282 ، تهذيب التهذيب 2/138 ، التقريب 2703 .
* إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، الهمْداني، أبو يوسف الكوفي (100- 160 ) وقيل بعدها ، روى عن : جده أبي إسحاق ، والأعمش ، ومنصور بن المعتمر وغيرهم . وعنه : ابن مهدي ، وأبو نعيم ، ووكيع وغيرهم .(1/4)
ثقة ، وثقة ابن معين ، وابن نمير ، والعجلي . وقال أبو حاتم : ثقة متقن، من أتقن أصحاب أبي إسحاق . وقال أحمد : كان شيخاً ثقة ، وجعل يعجب من حفظه . ولأحمد كلام آخر في حديثه عن جده .
وقال النسائي : ليس به بأس . وقال العجلي : جائز الحديث . وقال يعقوب بن شيبة : ثقة صدوق ، وليس بالقوي في الحديث ولا بالساقط . وقال - أيضاً - : صالح الحديث ، وفي حديثه لين . وقال ابن سعد : ثقة ، حدث عنه الناس حديثاً كثيراً ، ومنهم من يستضعفه .
وضعفه ابن المديني ، وتكلم فيه غيره - أيضاً - .
قال ابن عدي : وحديثه الغالب عليه الاستقامة ، وهو ممن يكتب حديثه ويحتج به .
وقال الذهبي : اعتمده البخاري ومسلم في الأصول ، وهو في الثبت كالاسطوانة ، فلا يلتفت إلى تضعيف من ضعفه . ثم قال : نعم شعبة أثبت منه إلا في أبي إسحاق .
وقال في التقريب : [ ثقة ، تكلم فيه بلا حجة ] .
طبقات ابن سعد 6/374 ، التاريخ الكبير 2/56 ، ثقات العجلي ص63، الجرح والتعديل 1/330 ، الكامل 1/421 ، تاريخ بغداد 7/20 ، تهذيب الكمال 2/515 ، الميزان 1/209 ، تهذيب التهذيب 1/133 ، التقريب 401 .
التخريج :
- أخرجه أحمد 1/302 ح2754 عن أسود بن عامر ،
وابن سعد 2/177 عن سعيد بن سليمان ،
كلاهما عن شريك به ، ولفظه بتمامه : عن ابن عباس قال : " كانت تلبية النبي - صلى الله عليه وسلم - لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك " .
- وأخرجه أحمد 1/267 ح2404 ، والحارث بن أبي أسامة ( بغية الباحث ص123 ح359 ) عن الحسن بن موسى الأشيب ،
وابن أبي شيبة 3/204 ح13466 عن حميد بن عبد الرحمن ،
كلاهما عن زهير به بنحو اللفظ السابق ، إلا أنه لم يسق لفظه في رواية حميد .
ولم أقف على شيء من طرقه الموقوفة عن أبي إسحاق .(1/5)
- وأخرجه البزار ( كشف الأستار 2/13 ح1089 )، والدارقطني في الغرائب والأفراد ( الأطراف 3/175 ح2352 ) من طريق أبي كدينة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : " كانت تلبية موسى - صلى الله عليه وسلم - : لبيك عبدك وابن عبيدك . وكانت تلبية عيسى - صلى الله عليه وسلم - : لبيك عبدك وابن أمتك . وكانت تلبية النبي - صلى الله عليه وسلم - : لبيك لا شريك لك لبيك " .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم الاختلاف في هذا الحديث على أبي إسحاق السبيعي على وجهين :
الوجه الأول : عن أبي إسحاق ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن ابن عباس مرفوعاً ، وهذه رواية شريك القاضي، وزهير بن معاوية.
الوجه الثاني : عن أبي إسحاق ، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس موقوفاً، وهذه رواية سفيان الثوري ، وأبي الأحوص ، وإسرائيل وغيرهم .
وقد حكم أبو حاتم لسفيان ، وإسرائيل لأنهما أتقن ، وذكر أن زهيراً متقن - يعني في غير حديث أبي إسحاق - غير أنه تأخر سماعه من أبي إسحاق .
وما ذكره أبو حاتم ظاهر جداً ، فإن الثوري من أثبت الناس في أبي إسحاق ، بل إن الثوري ، وشعبة هما أثبت أصحاب أبي إسحاق على الإطلاق ، فيما ذكره ابن معين ، وأحمد ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم وغيرهم من الأئمة ، بل قال ابن معين : لم يكن أحد أعلم بحديث أبي إسحاق من الثوري . وقال أبو حاتم : سفيان أتقن أصحاب أبي إسحاق . وكلام الأئمة في هذا كثير .
كيف وقد تابع الثوري على هذا إسرائيل ، وأبو الأحوص . وقد قال أبو زرعة: أثبت أصحاب أبي إسحاق : الثوري ، وشعبة ، وإسرائيل .
وأما زهير فإن سماعه من أبي إسحاق بعد الاختلاط فيما ذكره ابن نمير ، وابن معين وغيرهما ، ( انظر شرح علل الترمذي 2/709 -712 ) وشريك قد سبق كلام الأئمة فيه وبيان حاله في ترجمته .(1/6)
وإذا تبين أن الصحيح في هذا الحديث وقفه على ابن عباس ، فقد بقي أن في إسناده ضعفاً من جهة أن الضحاك بن مزاحم لم يسمع من ابن عباس - كما سبق بيان ذلك في ترجمته - .
وأما حديث سعيد بن جبير في تلبية موسى ، وعيسى ، والنبي - عليهم الصلاة والسلام - فقد تفرد به عطاء بن السائب ، وعنه أبو كُدَيْنَة يحيى بن المهلب الكوفي، وهو إنما سمع من عطاء بعد الاختلاط ، كما تدل عليه نصوص الأئمة ، فإنهم ذكروا ممن سمع قديماً شعبة ، وسفيان ، واختلفوا في غيرهما . ولم يذكر أحد منهم أبا كدينة فيمن سمع منه قبل الاختلاط . ( انظر: شرح علل الترمذي 2/735 - 738، والكواكب النيرات ص319- 333 ) .
وقد بقي أن التلبية المذكورة في حديث أبي إسحاق السبيعي ثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بتمامها من غير حديث ابن عباس ، فقد أخرج البخاري 2/170 ح1549 ، ومسلم 4/7 ح1184 وغيرهما من حديث مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر :" أن تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك ". وله عن ابن عمر طرقٌ كثيرة جداً .
وانظر المسائل 21/807 و57/843 و90/876 . والله أعلم .(1/7)
57/843- سألت أبي عن حديثٍ رواه مسلم بن إبراهيم ، وأبو زيد الهروي ، عن شعبة ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، عن أبي عطية ، عن عائشة ، قالت : كانت تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لبيك اللهم لبيك " رواه معاوية بن هشام ، عن سفيان الثوري ،عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير، عن أبي عطية ، عن عائشة ، قلت : أيهما أصح ؟ فأجاب أبي : هذا حديث غلط فيه شعبة . وأما أصحاب الأعمش فيقولون كلهم كما روى(1)الثوري : عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن أبي عطية ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الصحيح عندي(2).
دراسة الرواة :
* مسلم بن إبراهيم الأزدي الفراهيدي ، مولاهم ، أبو عمروٍ البصري ، مات سنة 222 ، روى عن : شعبة ، وابن أبي عروبة ، وأبان العطار وغيرهم . وعنه: البخاري ، وأبو داود ، وأبو حاتم ، وأبو زرعة وغيرهم .
متفق على توثيقه . وقال ابن معين : ثقة مأمون .
قال في التقريب : [ ثقة مأمون مكثر، عمي بأخرة ... وهو أكبر شيخ لأبي داود ].
الجرح والتعديل 8/180 ، تهذيب الكمال 27/487 ، تهذيب التهذيب 4/64 ، التقريب 6616.
* أبو زيد الهروي سعيد بن الربيع العامري الحَرَشي - بفتحتين - البصري . مات سنة 211 . روى عن : شعبة ، وسعيد بن أبي عروبة ، وعلي بن المبارك وغيرهم . وعنه : البخاري ، ومحمد بن بشار ، وعبد بن حميد وغيرهم .
ثقة ، وثقه أحمد ، والعجلي وغيرهما . وقال أبو حاتم : صدوق . وذكره ابن حبان في الثقات .
قال في التقريب : [ ثقة ... وهو أقدم شيخ للبخاري وفاةً ] .
ثقات العجلي ص184 ، الجرح والتعديل 4/20 ، ثقات ابن حبان 8/265 ، تهذيب الكمال 10/428 ، تهذيب التهذيب 2/17 ، التقريب 2303 .
* شعبة بن الحجاج ، سبق في المسألة الرابعة عشرة ، وهو ثقة حافظ متقن .
__________
(1) في ( س ، ح ) :" رواه " .
(2) سبقت هذه المسألة برقم 21/807 .(1/1)
* الأعمش ، سليمان بن مهران الكوفي ، سبق في المسألة الرابعة عشرة ، وهو ثقة حافظ لكنه يدلس .
* خيثمة بن عبد الرحمن الكوفي ، سبق في المسألة الحادية والعشرين ، وهو ثقة ، وكان يرسل .
* أبو عطية مالك بن عمر الوادعي ، سبق في المسألة الحادية والعشرين ، وهو ثقة .
* عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - سبقت ترجمتها في المسألة الثالثة .
* معاوية بن هشام القصار الأسدي ، مولاهم، أبو الحسن الكوفي، ويقال له: معاوية ابن أبي العباس ، مات سنة 204 أو 205 . روى عن : الثوري ، وشيبان النحوي ، ومالك وغيرهم . وعنه : أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وابن أبي شيبة وغيرهم .
وثقه أبو داود ، والعجلي ، وذكره ابن حبان في الثقات . وقال : ربما أخطأ . وقال ابن سعد : كان صدوقاً كثير الحديث . وقال أبو حاتم : صدوق . وقال ابن معين : صالح وليس بذاك .
وقال أحمد: كثير الخطأ . وقال ابن عدي : أغرب عن الثوري بأشياء ، وأرجو أنه لا بأس به .
لخص الحافظ حاله بقوله : [ صدوق به أوهام ] . وهو كما قال .
طبقات ابن سعد 6/403 ، تاريخ الدارمي ص61 ، ثقات العجلي ص433 ، الجرح والتعديل 8/385 ، ثقات ابن حبان 9/166 ، الكامل 6/408 ، تهذيب الكمال 28/218 ، تهذيب التهذيب 4/112 ، التقريب 6771 .
* سفيان بن سعيد الثوري ، سبق في المسألة الحادية عشرة ، وهو ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة ، وكان ربما دلس .
* عمارة بن عمير الكوفي ، سبق في المسألة الحادية والعشرين ، وهو ثقة ثبت .
تخريجه والحكم عليه :
سبق تخريج هذا الحديث والحكم عليه في المسألة رقم 21/807 .(1/2)
58/844- سمعت أبي وحدثنا عن حرملة ، عن أبي زيد عبد الرحمن بن أبي الغمر ، قال : حدثني : يعقوب بن عبد الرحمن ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن عائشة قالت :" طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالغالية(1)الجيدة عند إحرامه " قال أبي : هذا حديث منكر(2).
دراسة الرواة :
* حرملة بن يحيى بن عبد الله التجيبي ، أبو حفص المصري ، صاحب الشافعي ( 166-243 ) أو نحوها ، روى عن : الشافعي ، وعبد الله بن وهب وغيرهما ، وعنه : أبو حاتم ، وأبو زرعة ، ومسلم وغيرهم .
قال ابن معين: شيخ بمصر يقال له حرملة كان أعلم الناس بابن وهب ، قال الدوري: فذكر يحيى عنه أشياء سمجة ، كرهت ذكرها . وقال العقيلي : كان أعلم الناس بابن وهب ، وهو ثقة - إن شاء الله تعالى - . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال أبو سعيد بن يونس : كان أملا الناس بما حدث ابن وهب .
وقال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به . وضعفه عبد الله بن محمد الفرهاذاني .
قال ابن عدي : وقد تبحرت حديث حرملة ، وفتشته الكثير ، فلم أجد في حديثه ما يجب أن يضعف من أجله .
وصفه الذهبي بقوله : الإمام الفقيه المحدث الصدوق . وبقوله : أحد الأئمة الثقات . وقال : يكفيه أن ابن معين أثنى عليه ، وهو أصغر من ابن معين ، ثم ذكر كلام ابن معين السابق .
لخص الحافظ حاله بقوله : [ صدوق ] .
تاريخ الدوري 2/105 ، الجرح والتعديل 3/274 ، الكامل 2/458 ، تهذيب الكمال 5/548 ، الميزان 1/472 ، سير النبلاء 11/389 ، تهذيب التهذيب 1/372 ، التقريب 1175 .
__________
(1) الغالية هي : نوع من الطيب مركب من مسك وعنبر وعود ودهن . وسميت بذلك من غلاء السعر لأنها استغليت لكثرة ثمنها حين عملت . ( انظر : المجموع المغيث 2/574 ، والنهاية 3/383 ) .
(2) سبقت هذه المسألة من طريق آخر برقم 3/789 .(1/1)
* عبد الرحمن بن أبي الغمر - واسمه عمر بن عبد العزيز - أبو زيد المصري ، مولى بني سهم مات سنة 234 ، روى عن : معاوية بن يحيى الأطرابلسي ، ويعقوب بن عبد الرحمن القاري ، وعنه : الحارث بن مسكين ، وأبو زرعة وغيرهما .
ترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
وذكره ابن حبان في الثقات .
الجرح والتعديل 5/274 ، ثقات ابن حبان 8/380 ، المقتنى في سرد الكنى 1/255 ، تهذيب التهذيب 2/543 ، مغاني الأخيار 2/612 .
* يعقوب بن عبد الرحمن القاري المدني ، حليف بني زهرة ، سكن الاسكندرية ، مات سنة 181 ، وروى عن زيد بن أسلم ، وأبي حازم سلمة بن دينار ، وموسى بن عقبة وغيرهم ، وعنه : ابن وهب ، وقتيبة بن سعيد ، وأبو زيد عبد الرحمن بن أبي الغمر الفقيه وغيرهم .
وثقه ابن معين وأحمد وابن شاهين ، وذكره ابن حبان في الثقات .
وذكر الباجي أن ابن المديني قال : ليس بشيء. ولم أر هذا النقل لغير الباجي ، ولم أره ترجم في كتب الضعفاء ، فالله أعلم .
ولذا قال ابن حجر : [ ثقة ] .
تاريخ الدوري 2/681 ، ثقات ابن حبان 7/644 ، ثقات ابن شاهين ص360 ، التعديل والتجريح 3/1249 ، تهذيب الكمال 32/348 ، تهذيب التهذيب 4/444 ، التقريب 7824 .
* موسى بن عقبة ، أبو محمد المدني ، سبق في المسألة الأولى ، وهو ثقة فقيه إمام في المغازي .
* نافع مولى ابن عمر ، سبق في المسألة الحادية عشرة ، وهو ثقة ثبت فقيه مشهور ، متفق على جلالته وإتقانه .
* عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة الرابعة .
* عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - سبقت ترجمتها في المسألة الثالثة .
التخريج :
- أخرجه الطحاوي في شرح المعاني 2/130 ح3595 ، عن ابن خزيمة ،
والدارقطني 2/232 ح69 ، والبيهقي 5/35 ، من طريق يحيى بن عثمان بن صالح،
والدارقطني 2/232 ح69 ، من طريق محمد بن الحجاج بن رشدين ،(1/2)
وأبو نعيم في معرفة الصحابة 6/3211 ح7387 ، وابن عبد البر في التمهيد 19/301 ، من طريق أبي الزنباع روح بن الفرج ،
أربعتهم ( ابن خزيمة ، ويحيى بن عثمان ، ومحمد بن الحجاج ، وروح ) عن أبي زيد عبد الرحمن بن أبي الغمر به بنحوه .
- وأخرجه البخاري 2/168 ح1539 و2/219 ح1754 و7/210 ح5922، وفي التاريخ الكبير 5/340 ، ومسلم 4/10-12 ح1189و1191، وأبو داود 2/415 ح 1742، والترمذي 2/247 ح917، والنسائي في المجتبى 5/137-138 ، وفي الكبرى 2/337 ح3665و3666 و2/338 ح3671و3672 و4/458-460 ح4157- 4165 ، وابن ماجه 2/976 ح2926 و 2/1011 ح3042 ، وأحمد 6/39 ح24111 و6/98 ح24672 و6/181 ح25476 و6/ 186 ح25523-25526 و6/192 ح25602 و6/207 ح25724 و6/214 ح25789 و6/216 ح25817 و6/238 ح26017 ، وابن طهمان في مشيخته ص71 ح20 وص202 ح 160، ومالك 1/268 ح17، ومحمد بن الحسن في الحجة على أهل المدينة 2/404 ، والشافعي في الأم 2/222و311 ، وفي المسند ص120 ، والطيالسي 3/41 ح1521 و3/49 ح1534 ، والحميدي 1/104 ح210 ، وابن أبي شيبة 3/205 ح13480 ، وإسحاق 2/381 ح929 و2/382 ح930 و2/383 ح931و932و933 ، و2/407 ح962و963 و2/412 ح982 ، والدارمي 2/51 ح 1803 ، وأبو محمد الحسن بن علي بن عفان العامري في الأمالي والقراءة ص31 ح18 ، ومحمد بن أيوب بن ضُرَيس الرازي ، في الجزء الثالث من حديثه الورقة 158 ، وأبو بكر المطرز في فوائده ص202 ج105 ، وأبو يعلى الموصلي 8/164 ح4712 ، وابن الجارود 2/58 ح414 ، والدولابي في الكنى والأسماء 2/322 ح2870 ، وابن خزيمة 4/155 ح2581و2582 و4/156 ح2583 و4/301 ح2933 ، وأبو عوانة 2/415-417 ح3651-3659 ، وأبو بكر ابن أبي داود في مسند عائشة ص59 ح24 ، وأبو القاسم البغوي ، في حديث ابن الجعد ص379 ح2589 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/130 ح3597و3598 و3600 و3601 و3603و3604 ، و2/228 ح4029-4036 ، وابن حبان 9/82 ح3766 و9/85 ح3770 و3771 ، وأبو(1/3)
بكر الشافعي في الغيلانيات 2/96-112 ح479-510 و2/439-441 ح1058-1063 ، والطبراني في الأوسط 2/31 ح1139، وفي مسند الشاميين 1/407 ح707 و2/269 ح317 ، وابن عدي في الكامل 5/28 ، والإسماعيلي في المعجم 2/732 ح347 ، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك 1/206 ح113 ، والجوهري في مسند الموطأ ص466 ح586 ، والدارقطني في السنن 2/274 ح177و178 ، وفي العلل 5/ الورقة 147 ، وفي الغرائب والأفراد ( الأطراف 5/517 ح6258 و5/524 ح6282 ) ، وأبو نعيم في المستخرج 3/275 ح2716و2717 و3/278 ح2727 ، وفي أخبار أصبهان 2/143و327 ، وفي الحلية 7/246و326 ، والبيهقي في السنن الكبرى 5/34 و5/136 ، وفي السنن الصغير 1/397 ح1540 ، وفي المعرفة 3/542 ح2779 و3/543 ح2780، والخطيب في التاريخ 11/185 و13/124، وفي الموضح 2/86 ، وابن عبد البر في التمهيد 19/297-298 ، والبغوي في شرح السنة 7/45 ح1863 ، وفي الأنوار في شمائل النبي المختار 2/493 ح712 من طرقٍ كثيرة عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ،(1/4)
والبخاري 7/211 ح5928 ، ومسلم 4/10-11 ح1189 ، والنسائي في المجتبى 5/137-138 ، وفي الكبرى 2/338 ح3667و3669و3670 و4/459 ح4163 ، وأحمد 6/38 ح24105 و6/130 ح24988 و6/207 ح25285، والشافعي في الأم 2/222 و311 ، وفي المسند ص120 ، والحميدي 1/105 ح211و213 ، وابن أبي شيبة 3/205 ح13478 و3/207 ح13495 ، وإسحاق بن راهويه 2/177 ح679 و2/353 ح886 ، والدارمي 2/50- 51 ح 1801و1802 ، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 2/722، وأبو محمد الفاكهي في الفوائد ص210 ح61وص211 ح62، وأبو يعلى 7/353 ح4391 ، وأبو عوانة 2/417-418 ح3660-3663 ، وابن أبي داود في مسند عائشة ص59 ح24 وص89 ح91 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/130 ح3596و3605 ، وابن حبان 9/86 ح3772 ، والطبراني في الأوسط 8/215 ح8439 ، وابن عدي في الكامل 6/29 ، والدارقطني في السنن 2/274 ح176 ، وفي العلل 5/ الورقة 127 ، وفي الغرائب والأفراد ( الأطراف 5/461 ح6067 ، و5/485 ح6145 و5/497 ح6192 و5/510 ح6233 و5/517 ح6258 ) وتمام في الفوائد 1/18 ح14، وأبو نعيم في المستخرج 3/276 ح2719 وح2720 ، وفي أخبار أصبهان 2/143 ، وابن حزم في المحلى 7/86 ، والبيهقي في السنن الكبرى 5/34 ، وفي المعرفة 3/543 ح2781و2782 ، وابن عبد البر في التمهيد 19/298-300 ، والخطيب في تاريخ بغداد 3/49 ، من طرقٍ متعددة عن عروة بن الزبير ،
والبخاري 7/211 ح 5930، ومسلم 4/10 ح1189، وأحمد 6/200 ح25641 و6/244 ح26078 ، والشافعي في الأم 2/223، وفي المسند ص120، وأبو محمد الفاكهي في الفوائد ص211 ح63 ، وأبو عوانة 2/420 ح3677 ، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات 2/144 ح511 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/275 ح2718 ، والبيهقي 5/34 و5/136، وفي المعرفة 3/544 ح2784 ، وابن عبد البر في التهميد 19/299 ، من طريق عمرو بن عبد الله بن عروة ، عن عروة ، والقاسم جميعاً ،(1/5)
والبخاري 1/75 ح 267 و1/76 ح 270 ، ومسلم 4/12 ح1192 ، والنسائي في المجتبى 1/203و209 و5/141 ، وفي الكبرى 2/340 ح3684 و3685 ، وأحمد 6/175 ح25421 ، والحميدي 1/106 ح216 ، وإسحاق بن راهويه 3/930-931 ح1627و1628، وابن خزيمة 4/157 ح2588 ، وأبو عوانة 2/420 ح3678، و2/421 ح3679و3680، والطحاوي في شرح المعاني 2/132 ح3613 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/279 ح2728 ، وفي الحلية 7/228 ، والبيهقي في السنن الكبرى 5/35 ، وفي المعرفة 3/548 ح2791 ، وابن عبد البر في التمهيد 19/308 ، من طريق محمد بن المنتشر ،
ومسلم 4/11 ح1189 ، وأبو عوانة 2/421 ح3681 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/130 ح3599 و2/228 ح4030 ، والدارقطني في الغرائب والأفراد ( الأطراف 5/517 ح6258 و5/552 ح6377) وأبو نعيم في المستخرج 3/276 ح2721، والبيهقي 5/136 ، وابن عبد البر في التهيد 19/298 ، من طريق عمرة بنت عبد الرحمن ،
والنسائي في المجتبى 5/136 ، وفي الكبرى 2/337 ح3664 و4/460 ح4166 ، وأحمد 6/106 ح24750 و6/107 ح24761، والشافعي في الأم 2/222 ، وفي المسند ص119 ، والطيالسي 3/136 ح1657، والحميدي 1/105ح212 ، وإسحاق بن راهويه 2/539 ح1121 ، وابن خزيمة 4/301 ح2934 و4/303 ح2939 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/229 ح4037 ، وابن حبان 9/194 ح3881 ، والطبراني في مسند الشاميين 1/366 ح632 ، والبيهقي في السنن الكبرى 5/135 ، وفي السنن الصغير 1/444 ح1762 ، وابن عبد البر في التمهيد 19/301 ، من طريقين عن سالم بن عبد الله بن عمر ،
وأحمد 6/186 ح25526، والطيالسي 3/93 ح1596، وإسحاق بن راهويه 3/629 ح1207 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/130 ح3606 و2/131 ح3607 ، والطبراني في الأوسط 1/107 ح332 و5/189 ح5036 ، وأبو نعيم في أخبار أصبهان 2/318 ، من طرقٍ عن عطاء بن أبي رباح ،(1/6)
وأحمد 6/237 ح26006 ، وابن أبي شيبة 3/207 ح13495و13496 ، من طريق محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص ، عن أبيه ، عن جده ،
وأحمد 6/244 ح26079 ، والطيالسي 3/103 ح1609 من طريق ابن أبي مليكة،
وأحمد 6/186 ح25526 من طريق يوسف بن ماهك ،
وأحمد 6/258 ح26220 ، من طريق أم داود ،
والطبراني في الأوسط 8/773 ح8615 ، من طريق ابن لهيعة ، عن الأعرج ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ،
والطبراني في الأوسط - أيضاً- 8/52 ح7942، من طريق أبي الزناد، عن أبيه ،(1/7)
جميعهم ( القاسم ، وعروة ، ومحمد بن المنتشر، وعمرة ، وسالم ، وعطاء ، وعلقمة، وابن أبي مليكة ، ويوسف بن ماهك ، وأم داود ، وأبو سلمة ، وأبو أبي الزناد ) عن عائشة أم المؤمنين به، ولفظه في رواية القاسم " كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت" وفي رواية عروة " طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحرمه ولحله " زاد في رواية :" قلت : أي الطيب ؟ قالت : بأطيب الطيب " وفي رواية عروة ، والقاسم المقرونة " طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي بذريرة في حجة الوداع للحل والإحرام " وفي رواية محمد بن المنتشر " كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يطوف على نسائه ، ثم يصبح محرماً ينضخ طيباً". وذكر في بعض طرقه قصة لابن عمر ، وهي عن محمد بن المنتشر قال : سمعت ابن عمر يقول :" لأن أصبح مطلياً بقطران أحب إليَّ من أن أصبح محرماً أنضخ طيباً " قال : فدخلت على عائشة فأخبرتها بقوله ، فقالت : طيبت ... فذكره ، ولفظه قي رواية سالم " طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند إحرامه حين أحرم ، وعند إحلاله قبل أن يحل بيدي " وذكر بعضهم فيه قصة لعمر، وهي: عن سالم ، عن أبيه، قال : قال عمر بن الخطاب: إذا رميتم الجمرة ، وذبحتم فقد حل لكم كل شيءٍ حرم عليكم إلا النساء والطيب " قال سالم ابن عبد الله : وقالت عائشة : ... فذكره . قال سالم : وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق أن تتبع . اهـ . وربما أرسل بعضهم قصة عمر ، عن سالم ، عن عمر .
وبقية الروايات قريبة من ألفاظ الروايات المذكورة ، وربما زاد بعضهم أو نقص .
الحكم عليه :(1/8)
ذكر أبو حاتم أن حديث حرملة ، عن أبي زيد بن أبي الغمر ، عن يعقوب بن عبد الرحمن ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن عائشة ، حديث منكر ، وقد وافق أبا حاتم على نكارته غيره ، فقال ابن عبد البر - بعد سياقه - وهذا الحديث بهذا اللفظ ، وهذا الإسناد لم يروه إلا أبو زيد بن أبي الغمر ، وقد أنكروه عليه .اهـ .
ويؤيد ما ذهب إليه أبو حاتم وغيره من الحكم بنكارة حديث ابن أبي الغمر ما يلي :
1- أنه تفر د به أبو زيد بن أبي الغمر ، ولم أقف على من وثقه غير ابن حبان - كما سبق - .
2- لم أقف على أي متابعة لمن فوق ابن أبي الغمر ، كيعقوب بن عبد الرحمن ، وموسى ، ونافع .
3- أنه جاء عن موسى بن عقبة ما يخالف ذلك ، فقد ذكر الدارقطني في العلل 5/ الورقة 146 موسى بن عقبة ممن روى هذا الحديث عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، وهذا طريق ثابت ، تابع موسى عليه جماعة من الأئمة ، كمالك ، والليث ، والثوري وغيرهم - وقد سبق تخريجه من طريق القاسم - وهذا يؤكد أن موسى ابن عقبة لم يحدث بالحديث على الوجه المنكر الذي رواه ابن أبي الغمر ، ( انظر لرواية موسى مشيخة ابن طهمان ص71 ح20 ) .
4- وقد جاء أيضاً ما يخالف ذلك عن ابن عمر - كما سبق ذكره في رواية محمد بن المنتشر ، وسالم بن عبد الله - فلم يكن ابن عمر يقول بمقتضى هذا الحديث ، بل كان كأبيه ، ينكر بقاء أثر الطيب على المحرم بعد إحرامه ، ( انظر التمهيد 2/254 و19/304 ) .
وهذا يؤكد أن ابن عمر لم يكن يروي هذا الحديث عن عائشة ، ولو كان يرويه ما أفتى بخلافه ، ولذا لما رواه سالم ابنه خالف ما ذهب إليه أبواه من قبل ، وأفتى بمقتضى هذا الحديث ، وقال : سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق أن تتبع .
وهذا كله يؤكد نكارة حديث ابن أبي الغمر ، ولعل الحمل فيه عليه ، فهو أضعف رجلٍ في الإسناد ، وعبارة ابن عبد البر تدل على ذلك ، والله أعلم .(1/9)
أما الحديث من غير هذا الطريق فهو ثابت عن عائشة من طرقٍ متعددة ، وهو مخرج في الصحيحين وغيرهما ، بل قال ابن عبد البر : هذا حديث صحيح ثابت لا يختلف أهل العلم بالحديث في صحته وثبوته . ( التمهيد 19/296 ) وسبق في التخريج ذكر ألفاظه ومن رواه عن عائشة ، والله أعلم .(1/10)
59/845- سألت أبي وأبا زرعة عن حديثٍ رواه نافع ، وعبد الله بن دينار، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " يقتل المحرم خمساً من الدواب " فقال أبي : رواه الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر ، عن حفصة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا الصحيح . ومما يبين صحة هذا الحديث أن ابن عمر لم يسمع هذا من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، إنما رواه زهير وغيره، عن زيد بن جبير، عن ابن عمر(1)قال : أخبرني بعض نسوة النبي - صلى الله عليه وسلم - . قال أبي : ولم يسمِّ ابن عمر لزيد بن جبير حفصة ، إذ كان زيد غريباً منه ، وسماها لسالم أن كانت عمة سالم(2).
دراسة الرواة :
* نافع مولى ابن عمر ، سبق في المسألة الحادية عشرة ، وهو ثقة ثبت فقيه مشهور .
* عبد الله بن دينار المدني ، سبق في المسألة السابعة والأربعين ، وهو ثقة .
* عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة الرابعة .
* الزهري ، محمد بن مسلم ، سبق في المسألة الرابعة والعشرين، وهو الفقيه الحافظ، متفق على جلالته وإتقانه .
* سالم بن عبد الله بن عمر ، سبق في المسألة الرابعة ، وهو أحد الفقهاء السبعة ، وكان ثبتاً ، عابداً ، فاضلاً .
* حفصة بنت عمر أم المؤمنين ، سبقت ترجمتها في المسألة السابعة والأربعين .
* زهير بن معاوية الكوفي ، سبق في المسألة رقم ب/48 ، وهو ثقة ثبت .
* زيد بن جبير الطائي ، سبق في المسألة السابعة والأربعين ، وهو ثقة .
التخريج والحكم عليه :
سبق تخريج هذا الحديث والحكم عليه في المسألة السابعة والأربعين .
__________
(1) من قوله : " لم يسمع ... " إلى قوله :" عن ابن عمر " ساقط من ( س ، ح ) .
(2) في ( س ، ح ) :" لسالم " .(1/1)
60/846- سألت أبي عن حديث رواه يحيى بن حسان ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن عطاء الخراساني ، عن مجاهدٍ ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " يكتب للحجاج كذا ... " قال أبي : هذا خطأ ، حدثنا به(1)حجاج الأنماطي ، وأبو سلمة ، عن حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن مجاهد ، عن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . قال أبي : أخطأ يحيى بن حسان في موضعين ، وهذا الصحيح(2).
دراسة الرواة :
* يحيى بن حسان بن حيان التنيسي - بكسر المثناة والنون الثقيلة وسكون التحتية ثم سين مهملة - البكري ، أبو زكريا ، أصله بصري ( 144 - 208 ) . روى عن : حماد ابن سلمة ، وحماد بن زيد ، وسليمان بن بلال وغيرهم . وعنه: الشافعي ، وأحمد بن صالح المصري ، وعبد الله الدارمي ، ويونس بن عبد الأعلى وغيرهم .
ثقة ، قال أحمد : ثقة ثقة ، رجل صالح . ووثقه الشافعي ، والنسائي ، والعجلي وغيرهم .
قال في التقريب : [ ثقة ] .
العلل ومعرفة الرجال 3/253 ، ثقات العجلي ص470 ، الجرح والتعديل 9/135 ، تهذيب الكمال 31/266 ، تهذيب التهذيب 4/348 ، التقريب 7529.
* حماد بن سلمة البصري ، سبق في المسألة الثانية والعشرين ، وهو ثقة عابد، أثبت الناس في ثابت ، وقد تغير حفظه بأخرة ، ومنهم من ينكر تغيره ، ولكنه مع ثقته يغلط .
__________
(1) في ( س ، ح ، ض ) :" حدثناه " .
(2) هنا في ( س ) : " آخر الجزء الخامس ". وفي ( ح ، ض ) :" تم الجزء الخامس بحمد الله وعونه ومنه ، ويتلوه في الجزء السادس في حديث يحيى بن حسان ، عن حماد بن سلمة ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً " .(1/1)
* عطاء بن أبي مسلم الخراساني - واسم أبيه : عبد الله ، ويقال : ميسرة - أبو أيوب ، ويقال : أبو عثمان ، ويقال: أبو محمد، ويقال : أبو صالح ، البلخي، ثم الشامي، الأزدي ، مولاهم ( 50 - 135 ) . روى عن الصحابة مرسلاً، كابن عباس ، وأبي هريرة وغيرهما . وروى عن : عطاء بن أبي رباح ، وسعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير وغيرهم من التابعين . وروى عنه : مالك ، وشعبة ، وحماد بن سلمة ، وابن جريج وغيرهم . أخرج له مسلم متابعة ، والأربعة ، واختلف في تخريج البخاري حديثه .
وثقه أحمد ، وابن معين ، والأوزاعي ، وابن سعد ، ويعقوب بن شيبة ، والعجلي، والدارقطني ، وغيرهم . وقال الترمذي : ثقة ، روى عنه الثقات من الأئمة، مثل مالك، ومعمر وغيرهما ، ولم أسمع أحداً من المتقدمين تكلم فيه بشيء . وقال أبو حاتم : لا بأس به صدوق ، قيل يحتج به ؟ قال : نعم . وقال النسائي : ليس به بأس .
وقال شعبة : حدثنا عطاء الخراساني ، وكان نسياً . وقال البخاري : ما أعرف لمالك ابن أنس رجلاً يروي عنه مالك يستحق أن يترك حديثه غير عطاء الخراساني ، قال الترمذي : قلت له : ما شأنه ؟ قال : عامة أحاديثه مقلوبة .
وكأن الترمذي لم يرتض كلام البخاري ، فذكر توثيقه السابق بعد كلام البخاري .
وقد ذكره البخاري ، وأبو زرعة ، والعقيلي، وابن حبان وغيرهم في الضعفاء، وذكر البخاري والعقيلي تكذيب سعيد بن المسيب له . وتعقب ذلك ابن رجب بقوله : وأما الحكاية عن سعيد بن المسيب أنه كذبه فيما روى عنه فلا تثبت، وقد كذب ابن المسيب عكرمة ولم يتركه البخاري بتكذيبه . بل خرج له واعتذر عن تكذيب من كذبه ... ثم قال : وعطاء الخراساني أحق أن يعتذر عما قاله ابن المسيب - إن صح - فإنه أعظم وأجل قدراً من عكرمة ، بل لا نسبة بينهما في الدين والورع .
وأما ابن حبان فذكر أنه رديء الحفظ كثير الوهم ، يخطئ ولا يعلم ، فحمل عنه ، فلما كثر ذلك في روايته بطل الاحتجاج به .(1/2)
ولم يرتض الذهبي كلام ابن حبان هذا .
وفي عطاء كلام غير ذلك ، قال ابن عدي : وأرجو أنه لا بأس به .
وقال الذهبي : صدوق ضعيف ، أكثرهم وثقه .
وقال ابن حجر : [ صدوق يهم كثيراً ، ويرسل ويدلس ] .
طبقات ابن سعد 7/369 ، الضعفاء الصغير للبخاري ص89 ، الضعفاء لأبي زرعة 2/645 ، ثقات العجلي ص334 ، علل الترمذي الكبير ص271-273 ، ضعفاء العقيلي 3/405 ، الجرح والتعديل 6/334 ، المجروحين 2/130 ، الكامل 5/358، تهذيب الكمال 20/106 ، الميزان 3/73 ، معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد ص146 ، شرح علل الترمذي 2/277-278 ، تهذيب التهذيب 3/108، التقريب 4600 .
* مجاهد بن جبر المكي ، سبق في المسألة الثانية والأربعين، وهو ثقة، إمام في التفسير، وفي العلم .
* عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة الرابعة .
* حجاج بن المنهال الأنماطي ، أبو محمد السلمي ، مولاهم ، البصري ، مات سنة 216 أو 217 . روى عن : حماد بن سلمة ، وحماد بن زيد ، وشعبة وغيرهم . وعنه : البخاري ، والدارمي ، وبندار وغيرهم .
ثقة ، وثقه أحمد ، وأبو حاتم ، والنسائي ، والعجلي وغيرهم .
قال في التقريب : [ ثقة فاضل ] .
ثقات العجلي ص109 ، الجرح والتعديل 3/167 ، تهذيب الكمال 5/457 ، تهذيب التهذيب 1/361 ، التقريب 1137 .
* أبو سلمة موسى بن إسماعيل التبوذكي ، سبق في المسألة الثانية والعشرين ، وهو ثقة ثبت .
* عطاء بن السائب الثقفي ، أبو السائب ، ويقال : أبو زيد ، ويقال : أبو يزيد الكوفي ، مات سنة 136 . روى عن : أنس بن مالك ، وعبد الله بن أبي أوفى ، وسعيد ابن جبير ، ومجاهد وغيرهم . وعنه : الأعمش ، وشعبة ، والسفيانان ، والحمادان وغيرهم . أخرج له البخاري حديثاً واحداً متابعة ، وأخرج له الأربعة .(1/3)
قال أحمد : ثقة ثقة ، رجل صالح . وقال - أيضاً - : من سمع منه قديماً كان صحيحاً ، ومن سمع منه حديثاً لم يكن بشيء . وأمر أيوب بالسماع منه ، وقال: هو ثقة. وقال ابن سعد : كان ثقة ، وقد كان تغير حفظه بأخرة ، واختلط في آخر عمره . وقال النسائي : ثقة في حديثه القديم ، إلا أنه تغير ، ورواية حماد بن زيد، وشعبة ، وسفيان عنه جيدة .
وقال أبو حاتم : كان محله الصدق قديماً قبل أن يختلط، صالح مستقيم الحديث، ثم بأخرة تغير حفظه ، في حديثه تخاليط كثيرة ، وقديم السماع من عطاء : سفيان ، وشعبة ... . وقال العجلي : كان شيخاً ثقة قديماً ... ومن سمع منه قديماً فهو صحيح الحديث ، منهم سفيان الثوري ، فأما من سمع منه بأخرة فهو مضطرب الحديث ، منهم هشيم ، وخالد الواسطي ، إلا أن عطاء بأخرة كان يتلقن إذا لقنوه في الحديث ، لأنه كان غير صالح الكتاب . وقال العجلي - أيضاً - : تابعي جائز الحديث . وقال يعقوب بن سفيان : عطاء ثقة ، حديثه حجة ما روى عنه سفيان وشعبة وحماد بن سلمة ، وسماع هؤلاء سماع قديم ، وكان عطاء تغير بأخرة ، فرواية جرير ، وابن فضيل وطبقتهم ضعيفة .
قال يحيى القطان : ما سمعت أحداً من الناس يقول في عطاء بن السائب شيئاً قط في حديثه القديم ، وما حدث سفيان ، وشعبة عن عطاء صحيح ، إلا حديثين كان شعبة يقول سمعتهما بأخرة عن زاذان . وقال ابن معين : اختلط فمن سمع منه قديماً فهو صحيح .
وقد ذكر اختلاطه غيرهم من الأئمة ، وهو أمر مجمع عليه . وقد ذكره ابن حبان في الثقات وقال : وكان اختلط بأخرة ، ولم يفحش حتى يستحق أن يعدل به عن مسلك العدول .
وقال شعبة : حدثنا عطاء بن السائب ، وكان نسياً . وقال ابن معين : ليث بن أبي سليم ضعيف مثل عطاء بن السائب ، وجميع من روى عن عطاء روى عنه في الاختلاط إلا شعبة ، وسفيان . وقال ابن علية : هو أضعف عندي من ليثٍ ، والليث ضعيف .(1/4)
وهذا التضعيف محمول على حديثه بعد الاختلاط . ولذا قال الذهبي : ثقة ساء حفظه.
وقال ابن حجر : [ صدوق اختلط ] . وهو كما قالا ، فقد ساء حفظه واختلط، وكان قبل ذلك ثقة صدوقاً .
طبقات ابن سعد 6/338 ، تاريخ الدوري 2/403 ، ثقات العجلي ص332 ، سؤالات الآجري 1/340 ، المعرفة والتاريخ 3/84 ، ضعفاء العقيلي 3/398 ، الجرح والتعديل 6/232 ، ثقات ابن حبان 7/251 ، الكامل 5/361 ، تهذيب الكمال 20/86 ، الميزان 3/70 ، الكاشف 2/265 ، شرح العلل 2/734 ، تهذيب التهذيب 3/103 ، التقريب 4592 ، الكواكب النيرات ص319 .
* أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سبقت ترجمته في المسألة الثامنة والثلاثين .
التخريج :
لم أقف على هذا الحديث في شيء من المصادر التي بين يدي .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم الاختلاف في هذا الحديث على حماد بن سلمة على وجهين :
الوجه الأول : عن حماد بن سلمة ، عن عطاء الخراساني ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذه رواية يحيى بن حسان .
الوجه الثاني : عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب ، عن مجاهد، عن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذه رواية أبي سلمة التبوذكي .
وقد ذكر أبو حاتم أن الوجه الأول خطأ ، وأن الذي أخطأ فيه يحيى بن حسان ، وقد وقع الخطأ في موضعين ، أحدهما: أنه جعله عن عطاء الخراساني ، والصواب جعله عن عطاء بن السائب ، والثاني : أنه جعله من حديث مجاهد، عن ابن عمر، والصواب أنه من حديث مجاهد عن عمر .
والحديث من وجهه المحفوظ، وهو الوجه الثاني، لا يصح لأمرين ، أولهما: الانقطاع بين مجاهد ، وعمر ، فإن مجاهداً لم يدرك عمر بن الخطاب ، فإنه إنما ولد سنة إحدى وعشرين ، ( انظر : تهذيب الكمال 27/234 ، وجامع التحصيل ص273 ) .(1/5)
والثاني : أن عطاء بن السائب قد اختلط ، وقد اختلف في سماع حماد بن سلمة منه هل كان قبل الاختلاط أو بعده ، وقد سبق بيان ذلك في المسألة الثامنة والعشرين . والله أعلم .(1/6)
61/847-(1)سألت أبي عن حديثٍ رواه يحيى بن حسان ، عن حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " الحاج والمعتمر وفد الله ... " الحديث . قال : هذا خطأ ، كذا حدثنا به الْجَرَوي(2)، عن يحيى بن حسان . إنما هو : مجاهد ، عن عمر .
دراسة الرواة :
* يحيى بن حسان التنيسي ، سبق في المسألة الستين ، وهو ثقة .
* حماد بن سلمة البصري ، سبق في المسألة الثانية والعشرين ، وهو ثقة عابد ، أثبت الناس في ثابت ، وتغير حفظه بأخرة ، وبعض الأئمة ينفي تغيره ، ولكنه كان يغلط .
* عطاء بن السائب الثقفي ، سبق في المسألة الستين ، وهو ثقة ، وصدوق في نفسه ، ولكنه اختلط .
* مجاهد بن جبر المكي ، سبق في المسألة الثانية والأربعين ، وهو ثقة ، إمام في التفسير وفي العلم .
* عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة الرابعة .
* الجَرَوي هو : الحسن بن عبد العزيز الجَرَوي - بفتح الجيم والراء - أبو علي المصري ، ثم البغدادي ، مات سنة 157. روى عن : أحمد بن حنبل ، والحارث بن مسكين ، ويحيى بن حسان وغيرهم . وعنه : البخاري ، وأبو حاتم ، وابنه ، وعبد الله ابن أحمد وغيرهم .
متفق على توثيقه ، قال الدارقطني : الجروي فوق الثقة ، جبل ، لم نر مثله فضلاً وزهداً .
قال في التقريب : [ ثقة ثبت ، عابد فاضل ] .
__________
(1)
(1) هذا بداية الجزء السادس في ( س ، ح ، ض ) ، وقد اقتصر في ( س ) على قوله :" ذكر علل أخبار رويت في المناسك والسير ". وفي ( ح ، ض ) قال : " بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً، الجزء السادس من كتاب العلل يشتمل على ذكر علل أخبار رويت في المناسك والسير ".
(2) لم تنقط جيم " الجروي " في جميع النسخ ، ولكن سقوط النقط في النسخ الخطية أمر معتاد ، ولذا فإن عدم النقط في ( ط ) يعتبر تصحيفاً .(1/1)
الجرح والتعديل 3/24 ، سؤالات الحاكم للدارقطني ص193-194 ، تهذيب الكمال 6/196 ، تهذيب التهذيب 1/401 ، التقريب 1253 .
* أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، سبقت ترجمته في المسألة الثامنة والثلاثين.
التخريج :
- أخرجه الدارقطني في الغرائب والأفراد ( الأطراف 3/425 ح3144 ) ، وفي العلل 4/ الورقة 51 - معلقاً - عن الحسين بن الوليد النيسابوري ، عن حماد بن سلمة به بنحوه .
- وأخرجه ابن ماجه 2/966 ح2893 ، وابن حبان 10/474 ح4613 ، والطبراني في الكبير 12/422 ح13556 من طريق عمران بن عيينة ،
والدارقطني في العلل 4/ الورقة 51 - معلقاً - عن جرير بن عبد الحميد ،
والبيهقي في شعب الإيمان 8/52 ح3813 من طريق أبي الربيع السمان ،
ثلاثتهم ( عمران ، وجرير ، والسمان ) عن عطاء بن السائب به بنحوه ، إلا أنه أوقفه على ابن عمر في رواية أبي الربيع السمان ، وجعله من قول مجاهد في رواية جرير بن عبد الحميد .
- وأخرجه عبد الرزاق 5/5 ح8803 عن معمر ، وسعيد بن منصور 2/169 ح2351 ، عن إسماعيل بن عياش ، كلاهما ( معمر ، وإسماعيل ) عن الليث بن أبي سليم ،
وابن أبي شيبة 3/121 ح12652 عن غندر ، عن شعبة ، عن منصور ،
والفاكهي في أخبار مكة 1/416 ح899 من طريق عثمان بن ساج ، عن محمد بن عبد الله ،
والفاكهي - أيضاً - 1/416 ح900 من طريق المثنى بن الصباح ،
والفاكهي 1/416 ح901 من طريق إبراهيم بن يزيد الخوزي ، عن الوليد بن عبد الله ابن أبي مغيث ،
خمستهم ( ليث ، ومنصور، ومحمد بن عبد الله، والمثنى، والوليد ) عن مجاهد به بنحوه ولكن اختلفوا في إسناده ، فقال محمد بن عبد الله ، والوليد بن عبد الله : عن مجاهد، عن ابن عمر مرفوعاً ، وجعله المثنى بن الصباح موقوفاً على ابن عمر، أما الليث فجعله عن مجاهد ، عن كعب قوله. وكذا جعله منصور إلا أنه قال : عن مجاهد ، عن عبد الله بن ضمرة السلولي ، عن كعب قوله .(1/2)
- وأخرجه الفاكهي 1/417 ح902 من طريق ياسين الزيات ، عن أبان بن أبي عياش ، عن أبيه(1)،
والبيهقي في شعب الإيمان 8/52 ح3814 من طريق صالح بن محمد الترمذي ، عن مسلم بن خالد ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع(2)،
كلاهما ( أبو عياش ، ونافع ) عن ابن عمر به بنحوه موقوفاً على ابن عمر في رواية أبي عياش ، وعن ابن عمر ، عن عمر موقوفاً - أيضاً - في رواية نافع .
وقد روي من طريق أبي بكر بن حفص ، عن ابن عمر، أو عمر - على اختلاف فيه- مرفوعاً ، وسيأتي في المسألة رقم 101/887 .
ولم أقف عليه من طريق مجاهدٍ عن عمر .
الحكم عليه :
تبين مما ذكره أبو حاتم ومن التخريج السابق أن مدار هذا الحديث على مجاهد ، وقد اختلف عليه فيه ، فروي عنه على ستة أوجه ، وهي :
الوجه الأول : عن مجاهد ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذه رواية عطاء بن السائب - فيما رواه عنه حماد بن سلمة ، وعمران بن عيينة - .
الوجه الثاني : عن مجاهد ، عن عمر . وهذا وجه ذكره أبو حاتم ، ولم أقف عليه .
الوجه الثالث : عن مجاهد قوله ، وهذه رواية عطاء بن السائب - فيما رواه عنه جرير بن عبد الحميد - .
الوجه الرابع : عن مجاهد ، عن ابن عمر ، موقوفاً ، وهذه رواية عطاء بن السائب - فيما رواه عنه أبو الربيع السمان - وكذا هي رواية المثنى بن الصباح .
الوجه الخامس : عن مجاهد ، عن كعب قوله ، وهذه رواية ليث بن أبي سليم .
الوجه السادس : عن مجاهد ، عن عبد الله بن ضمرة السلولي ، عن كعب قوله ، وهذه رواية منصور .
__________
(1) وقع فيه : أبان بن أبي عياش ، عن أبيه ، عن أبي عياش . ولعله إقحام من الناسخ .
(2) وقع في مطبوعة الدار السلفية بالهند هنا سقط ، وهو قوله :" عبيد الله بن عمر ، عن نافع " والتصحيح من مطبوعة دار الكتب العلمية 3/477 ح4109 وهذه وقع فيها - أيضاً - تصحيف في قوله :" عن نافع " تصحف إلى :" ابن نافع " ، وهذا تصحيف يكثر وقوعه ، والله أعلم .(1/3)
ولم يذكر أبو حاتم إلا الوجهين الأولين ، وقد حكم بأن الصواب هو الوجه الثاني ، وهو : مجاهد ، عن عمر . ومجاهد لم يدرك عمر فيكون منقطعاً ( انظر : تهذيب الكمال 27/234 ، وجامع التحصيل ص273 ) .
كما أن الدارقطني لم يذكر إلا الوجه الأول ، والوجه الثالث ، وهو : عن مجاهد قوله ، والوجهان - جميعاً - في الاختلاف على عطاء بن السائب ، ثم قال الدارقطني : ولا يصح رفعه عن عطاء .
فاتفق أبو حاتم ، والدارقطني على عدم صحة الوجه الأول ، وإذا لم يصح الوجه الأول فإن بقية الأوجه لا تفيد ثبوت الحديث لو رُجِّحَ أيٌّ منها .
والذي يظهر لي أن أصح هذه الأوجه كلها وأثبتها الوجه السادس، وهو رواية منصور ابن المعتمر، عن مجاهد، عن عبد الله بن ضمرة السلولي، عن كعب الأحبار قوله. وذلك أن منصور بن المعتمر هو أثبت من روى هذا الحديث عن مجاهد ، بل قال ابن المديني : قلت ليحيى - يعني القطان - : منصور عن مجاهد أحب إليك أم ابن أبي نجيح ؟ قال : منصور أثبت . ثم قال : ما أحد أثبت عن مجاهد ، وإبراهيم من منصور . وقال الإمام أحمد في كلامٍ له : وليس أحد أروى عن مجاهد من منصور إلا ابن أبي نجيح ... وقال يعقوب بن سفيان : كان منصور أثبت الناس في مجاهد . ( انظر : والمعرفة والتاريخ 2/638 ، الجرح والتعديل 8/177 ، وتهذيب الكمال 28/546 ) .
ثم إنه لم يخالف منصوراً في هذا الحديث أحد يُعتَمد على روايته ، فإنما روى هذا الحديث عن مجاهد : عطاء بن السائب ، وليث بن أبي سليم ، ومحمد بن عبد الله ، والمثنى بن الصباح ، والوليد بن عبد الله بن أبي مغيث ، وساد سهم منصور بن المعتمر .(1/4)
فأما عطاء بن السائب فقد اختلف عليه في إسناده -كما سبق- وعطاء قد اختلط ولم يرو هذا الحديث عنه أحد ممن سمع منه قبل الاختلاط إلا حماد بن سلمة ، على اختلاف في وقت سماعه من عطاء - كما سبق بيانه في المسألة الثامنة والعشرين - والظاهر أن لحماد بن سلمة من عطاء سماعين - كما مال إليه ابن حجر - أحدهما قبل الاختلاط ، والآخر بعده ، فلعل هذا مما سمع حماد من عطاء بعد الاختلاط ، ذلك أنه قد رواه على الوجه الأول ، الذي اتفق أبو حاتم ، والدارقطني على عدم صحته .
وأما بقية من رواه عن عطاء فإنما سمعوا منه بعد الاختلاط ( انظر الكواكب النيرات ص319 ) ، ولعل الاختلاف الواقع عليه فيه بسبب اختلاطه .
وأما المثنى بن الصباح فهو ضعيف ( التقريب 6471 ) وكذا الليث بن أبي سليم فإنه ضعيف ، وقد قال ابن حجر : صدوق اختلط جداً . ولم يتميز حديثه فترك. ( انظر ترجمته في المسألة الثلاثين ) ، ثم إن الليث وافق منصوراً في جعله من قول كعب ، إلا أنه أسقط الواسطة بين مجاهد ، وكعب ، وهو : عبد الله بن ضمرة السلولي .
وعلى هذا فلم يبق إلا الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث ، ومحمد بن عبد الله ، فأما الوليد فهو ثقة ، ( التقريب 7433 ) ولكن تفرد عنه إبراهيم بن يزيد الخوزي ، وهو متروك الحديث ، ( التقريب 271 ) وأما محمد بن عبد الله فلم أعرفه ، ولكن تفرد برواية هذا الحديث عنه، وعن إبراهيم الخوزي: عثمان بن عمرو بن ساج، وفيه ضعف، فقد قال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به ، وذكره ابن حبان في الثقات . ( انظر : تهذيب الكمال 19/467 ، التقريب 4506 ) .
وقد ذكر المزي في ترجمة عثمان بن عمرو بن ساج أن النسائي ذكر أن أحاديثه تشبه أحاديث محمد بن أبي حميد ، فإن لم يكن سمعه من محمد بن أبي حميد فهو ضعيف . ومحمد بن أبي حميد ليس بشيء في هذا الحديث اهـ. بتصرف . ولم أقف على كلام النسائي في المطبوعة من سننه الكبرى ، فلعله في رواية أخرى .(1/5)
ومحمد بن أبي حميد هذا قد روى هذا الحديث ووقع عليه فيه اختلاف ، وهو حديث منكر - كما سيأتي في المسألة رقم 107/894 - فيقع في القلب أن يكون مرجع هذين الطريقين عن عثمان بن ساج إلى حديث محمد بن أبي حميد ، فالله أعلم .
وبهذا يتحرر أن أصح هذه الأوجه عن مجاهد رواية منصور ، وهو الوجه السادس .
وقد بقي الكلام في بقية الطرق عن غير مجاهدٍ ، وهي ثلاثة طرق :
الطريق الأول : طريق أبي عياش ، عن ابن عمر موقوفاً، وهو طريق تفرد به عثمان ابن ساج ، عن ياسين الزيات ، عن أبان بن أبي عياش ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، وهذا إسناد ساقط بمرة ، أبان متروك ( التقريب 142 ) وياسين الزيات قال البخاري : منكر الحديث ، وقال النسائي وغيره: متروك ( الميزان 4/358 ) وعثمان بن ساجٍ سبق القول فيه، وأبو عياش لم أقف على حاله .
الطريق الثاني : طريق صالح بن محمد الترمذي ، عن مسلم بن خالد ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر موقوفاً ، وهذا إسناد ساقط -أيضاً - صالح بن محمد متهم وساقط ، كما قال الذهبي، بل قال ابن حبان: دجال من الدجاجلة . ( انظر الميزان 2/300 ) ، ومسلم بن خالد الزنجي فيه ضعف، وقد تكلم فيه كثير من الأئمة ولخص الحافظ حاله بقوله : فقيه صدوق كثير الأوهام . ( انظر : تهذيب الكمال 27/508 ، التقريب 6625 ) .
الطريق الثالث : طريق أبي بكر بن حفص ، عن ابن عمر ، أو عن عمر - على اختلاف فيه - ولا يصح عنهما جميعاً ، وسيأتي الكلام عليه مستوفى - بمشيئة الله - في المسألة رقم 101/887 .
وبهذا يتبين أن هذا الحديث لا يصح عن ابن عمر ، ولا عن عمر ، لا مرفوعاً، ولا موقوفاً ، وأصح ما فيه حديث منصور ، عن مجاهدٍ ، عن عبد الله بن ضمرة السلولي ، عن كعب قوله .
ولكن قد روي هذا الحديث عن جماعة من الصحابة من وجوه أخرى ، وهذا بيان ذلك :
أولاً : حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ، مرفوعاً .(1/6)
ثانياً : حديث جابر بن عبد الله ، مرفوعاً ، وموقوفاً .
وهذان حديث واحد اختلف في إسناده عليهما ، واختلف في وقفه ورفعه عن جابر، وهو حديث منكر من جميع وجوهه ، وسيأتي الكلام عليه مفصلاً - بمشيئة الله تعالى - في المسألة رقم 107/894 .
ثالثاً : حديث أبي هريرة ، وله عنه طريقان :
الطريق الأول : طريق سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، وهو أشهر طرق هذا الحديث ، بل هو أشهر طريق روي فيه هذا المعنى وهذا تخريجه :
- أخرجه النسائي 5/113 و6/16 ، وابن خزيمة 4/130 ح2511 ، وأبو عوانة 4/515 ح7548 ، وابن حبان 9/5 ح3692 ، والدارقطني في العلل 10/126 ، وفي الغرائب والأفراد ( الأطراف 5/344 ح5694 ) وابن شاهين في فضائل الأعمال ص292 ح321، والحاكم 1/441، وابن منده في الفوائد ص33 ح15، وأبو نعيم في الحلية 8/327 ، والبيهقي في السنن الكبرى 5/262 ، وفي شعب الإيمان 8/48 ح3808 ، وقوام السنة في الترغيب والترهيب 2/5 ح1034 من طرقٍ متعددة عن عبد الله بن وهب ، وعلقه ابن أبي حاتم في العلل 1/339 ح1007 ، عن عبد الله بن وهب ،
والدارقطني في العلل 10/126 من طريق ميمون بن يحيى ،
كلاهما ( ابن وهب ، وميمون ) عن مخرمة بن بكير ، عن أبيه ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة مرفوعاً ، ولفظه :" وفد الله ثلاثة : الحاج ، والمعتمر ، والغازي " ، وهذا أشهر ما يروى في هذا الباب -كما سبق- وقد صححه ابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم وغيرهم .
ولكنه حديث معلول ، فقد رواه جماعة من الثقات عن سهيل على غير هذا الوجه ، وهذا بيانه :
- أخرجه الفاكهي 1/420 ح912 ، عن محمد بن زنبور ، عن عبد العزيز بن أبي حازم ، وعلقه الدارقطني في العلل 10/125 ، عن عبد العزيز بن أبي حازم ،
والدارقطني في العلل 10/127 ، والبيهقي في السنن الكبرى 5/262 ، وفي شعب الإيمان 8/47 ح3807 من طريق وهيب ،(1/7)
والدارقطني في العلل 10/127 من طريق سليمان بن بلال ، وعلقه أبو حاتم في العلل 1/399 ح1007 ، عن سليمان بن بلال ،
والدارقطني في العلل 10/126 من طريق روح بن القاسم ،
والدارقطني - أيضاً - في العلل 10/125 – معلقاً - عن عبد العزيز بن المختار ، والدراوردي ،
ستتهم ( ابن أبي حازم ، ووهيب ، وسليمان بن بلال ، وروح ، وعبد العزيز بن المختار، والدراوردي ) عن سهيل ، عن أبيه ، عن مرداس الجندعي عن كعب الأحبار قوله ، إلا أنه في رواية عبد العزيز بن أبي حازم عند الفاكهي فقط قال : عن أبي صالح ، عن السلولي ، عن كعب قوله . فذكر السلولي بدل مرداس الجندعي .
وهذا هو الوجه الصحيح في حديث سهيل هذا ، كما نص على ذلك الدارقطني في العلل ، والبيهقي في شعب الإيمان ، ويدل له كلام أبي حاتم الرازي فإنه أعل رواية مخرمة ابن بكير ، عن أبيه ، عن سهيل برواية سليمان بن بلال عن سهيل ، ورواية عاصم ، عن أبي صالح الآتية .
وهذا الترجيح ظاهر جداً ، فإن رواية مخرمة بن بكير عن أبيه رواية غريبة ، وقد نص الدارقطني وأبو نعيم على أنها رواية غريبة تفرد بها مخرمة ، عن أبيه ، وفي رواية مخرمة عن أبيه كلام ، فقد قيل : إنه لم يسمع من أبيه ، وإنما وقع إليه كتاب أبيه ، كما ذكر أحمد ، وابن معين ، وابن حبان وغيرهم . ( انظر تهذيب التهذيب 4/39) .
ولم أقف على رواية موسى بن عقبة هذه التي أشار إليها البيهقي ، ولا أظنها تثبت عن موسى ، فقد مرضها البيهقي بقوله: روي . ثم إن نصوص الأئمة ظاهرة في تفرد مخرمة ، عن أبيه ، عن سهيل بهذا الوجه .
على أنه لو فرض ثبوت متابعة موسى بن عقبة لبكير بن عبد الله فإنه لا يعني صحة هذا الوجه ، بل رواية الجماعة هي المحفوظة على كل حال ، بجعله : عن سهيل ، عن أبيه ، عن مرداس ، عن كعب قوله .(1/8)
وأما ما وقع في رواية الفاكهي حيث ذكر السلولي بدل مرداس ، فلا أدري ما وجهه ، إلا أن شيخ الفاكهي فيها محمد بن زنبور المكي ، وهو صدوق له أوهام ( التقريب 5886 ) فلعل هذا من وهمه ، وإن كان السلولي يروي هذا الحديث عن كعب ، ولكن ليس من هذا الطريق ، وإنما طريق منصور ، عن مجاهد .
وقد تابع سهيلاً على هذا الوجه عاصم - وهو ابن بهدلة - لكنه رواه عن أبي صالح ، عن كعب قوله ، دون ذكر واسطة بينهما ، كذا علقه أبو حاتم الرازي في العلل 1/339 ، ولم أقف على من خرجه من طريق . وسهيل أعلم بأبيه من عاصم فروايته مقدمة في ذكر الواسطة، ثم هو زائد ، وعاصم ناقص ، ولكنه مؤيد لروايته سهيل في جعله من قول كعب ، لا من حديث أبي هريرة مرفوعاً .
فتحصل من هذا أن حديث أبي هريرة من هذا الطريق قد عاد إلى كعب الأحبار ، كما عاد إليه حديث ابن عمر من قبل .
الطريق الثاني : طريق يعقوب بن يحيى ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة :
- أخرجه ابن ماجه 2/966 ح2892 ، والطبراني في الأوسط 6/247 ح6311 ، وابن بشران في الأمالي 1/101 ح204 - وعنه البيهقي في السنن الكبرى 5/262، وفي شعب الإيمان 8/50 ح3811- والخطيب في تلخيص المتشابه 1/172 من طريق صالح بن عبد الله بن صالح مولى بني عامر، عن يعقوب بن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة مرفوعاً ، ولفظه : " الحجاج والعمار وفد الله ، إن دعوه أجابهم ، وإن استغفروه غفر لهم ".
وإسناد هذا الحديث منكر ، فقد تفرد به صالح بن عبد الله ، كما نص على ذلك الطبراني، والبيهقي، وقد قال البخاري والبيهقي: منكر الحديث. وقال البيهقي -أيضاً-: تفرد به صالح بن عبد الله هذا وليس بالقوي. وقال ابن حجر في بيان حاله: مجهول. ( انظر: الكامل 4/67 ، تهذيب التهذيب 2/196 ، التقريب 2872 ) .(1/9)
وقد بقي عن أبي هريرة طريق ذكره الفاكهي في أخبار مكة 1/418 ح907 قال : حدثنا عبد الله بن منصور ، عن عبد الرحيم بن زيد ، عن أبيه ، عن أبي سهيل - قال المحقق : في الأصل : سهل ، وهو خطأ - قال : سمعت أبا هريرة ... فذكر الحديث مرفوعاً بلفظ مطول .
وهذا الإسناد لا أدري كيف جاء على هذه الصورة، ولعل فيه سقطاً أو إرباكاً، ولكن يغني عن العناء وراءه أنه من طريق عبد الرحيم بن زيد ، وهو العميّ ، وهو متروك ، بل قال ابن معين : كذاب خبيث . وقال أبو حاتم : ترك حديثه ، منكر الحديث ، كان يفسد أباه يحدث عنه بالطامات . ( انظر : تهذيب التهذيب 2/569 ، التقريب 4055 ) وأبوه زيد بن الحواري العمي ضعيف . ( التقريب 2131 ) فهذا إسناد ساقط لا يستحق إعمال الذهن في تحريره وتقويمه .
وبهذا ظهر أن هذا الحديث لا يصح عن أبي هريرة من جميع وجوهه ، والله أعلم .
رابعاً : حديث أنس بن مالك :
- أخرجه البيهقي في شعب الإيمان 8/50 ح3810 من طريق محمد بن سلمة الباهلي ، عن ثمامة البصري ، عن ثابت البناني ، عن أنس مرفوعاً ، ولفظه : " الحجاج والعمار وفد الله -عز وجل- يعطيهم ما سألوا، ويستجيب لهم ما دعوا، ويخلف عليهم ما أنفقوا ، الدرهم ألف ألف " .
وثمامة هو : ابن عبيدة ، أبو خليفة العبدي البصري ، وقد ضعفه ابن المديني ونسبه إلى الكذب . وقال أبو حاتم : هو منكر الحديث . ( انظر : الجرح والتعديل 2/467، الميزان 1/372 ) .
فهذا إسناد ساقط بمرة ، لا يعتد به ، ولا يلتفت إليه .
ولم أقف على طرقٍ أخرى لهذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه ، إلا طريقين ذكرهما ابن أبي شيبة ، ولا يصحان ، أحدهما مرسل ، والثاني موقوف ، وهذا بيانهما:(1/10)
قال ابن أبي شيبة 3/122 ح12659 : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا حماد ابن سلمة ، عن أيوب ، عن أبي قلابة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" الحاج وفد الله ، والحاج وفد أهله ". وهذا مرسل ، ولا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقال - أيضاً - : 3/121 ح12653 : حدثنا ابن مهدي ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي يعلى : " أن الحسين بن علي لقي قوماً حجاجاً ، فقالوا : إنا نريد مكة ، فقال: إنكم من وفد الله ، فإذا قدمتم مكة فاجمعوا حاجاتكم فسلوها الله ".
وهذا منقطع بين أبي ليلى وهو المنذر بن يعلى الثوري ، والحسين بن علي .
وبعد هذا فقد اتضح أن هذا الحديث لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من جميع وجوهه ، بل ولا عن أحدٍ من أصحابه ، وأعلى ما يصح فيه عن كعب الأحبار من قوله ، وله عنه طريقان - كما سبق - وهما : طريق منصور ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن ضمرة السلولي ، عن كعب الأحبار .
وعبد الله بن ضمرة السلولي وثقه العجلي ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال البخاري ، عن ابن المديني : هو أخو عاصم بن ضمرة ولم يتبين عندي . ( انظر: تهذيب الكمال 15/129 ، والتقريب 3396 ) .
والطريق الثاني : طريق أبي صالح السمان ، عن مرداس ين عبد الرحمن الجندعي ، عن كعب الأحبار .
ومرداس ذكره ابن حبان في الثقات ، وترجم له البخاري ، وابن أبي حاتم ، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً . ( انظر : التاريخ الكبير 7/435 ، الجرح والتعديل 8/350 ، ثقات ابن حبان 5/449 ) .
فهذان طريقان عن كعب الأحبار يقوي أحدهما الآخر في إثبات هذا الحديث من قوة، ولعل أصله مما أخذه من علم أهل الكتاب ، والله أعلم .(1/11)
62/848- سألت أبي عن حديثٍ رواه ابن وهب ، عن جرير بن حازم ، عن قتادة، أنه سمع أنس بن مالك يقول : " إن صاحب بدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره إذا عطب(1)منها شيء أن ينحرها ، ثم يغمس نعلها(2)في دمها ، ثم يضرب بها(3)صفحتها(4)ثم يدعها فلا يأكل منها هو ولا أصحابه " . قال أبي : هذا خطأ ، إنما هو قتادة ، عن سنان بن سلمة ، عن ابن عباس(5).
دراسة الرواة :
* ابن وهب هو : عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي ، مولاهم ، أبو محمد المصري الفقيه ، ( 125- 197 ) . روى عن : مالك ، وعمرو بن الحارث ، والليث بن سعد ، وجرير بن حازم وغيرهم . وعنه : ابن مهدي ، وأحمد بن صالح ، وابن المديني وغيرهم.
متفق على توثيقه . قال أحمد: صحيح الحديث ، يفصل السماع من العرض ، والحديث من الحديث ، ما أصح حديثه وأثبته ، قيل له : إنه كان يسيء الأخذ ، قال : قد كان ، ولكن إذا نظرت في حديثه وما روى عن مشايخه وجدته صحيحاً .
وقال أبو زرعة : نظرت في نحو ثلاثين ألف حديث من حديث ابن وهب بمصر فلا أعلم أني رأيت حديثاً لا أصل له ، وهو ثقة .
قال في التقريب : [ ثقة حافظ عابد ] .
الجرح والتعديل 5/189 ، تهذيب الكمال 16/277 ، تهذيب التهذيب 2/453، التقريب 3694 .
__________
(1) قال ابن الأثير : عطب الهدي : هلاكه ، وقد يُعَبَّر به عن آفة تعتريه وتمنعه من السير فينحر . ( النهاية 3/ 256 ) .
(2) في ( ت ، م ، ط ) :" نعلهما ". وهو تصحيف .
(3) في ( ض ) :" به " .
(4) الصفح الجنب ، وصفح كل شيء جانبه . ( لسان العرب 2/512 ) .
(5) سوف يورد المؤلف هذه المسألة من طريق آخر بعدها مباشرة برقم 63/848 .(1/1)
* جرير بن حازم البصري ، سبق في المسألة العاشرة ، وهو ثقة، لكن في حديثه عن قتادة ضعف - كما نص على ذلك ابن معين، وأحمد وغيرهما - وله أوهام إذا حدث من حفظه ، وكان قد اختلط ولكن حجبه أولاده ، فلم يحدث في اختلاطه .
* قتادة بن دعامة البصري ، سبق في المسألة الخامسة ، وهو ثقة ثبت .
* أنس بن مالك - رضي الله عنه - سبقت ترجمته في المسألة الخامسة .
* سنان بن سلمة بن المحبق الهذلي ، البصري ، ولد يوم حنين ، ومات في آخر إمارة الحجاج . أرسل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وروى عن : أبيه ، وعمر ، وابن عباس . وعنه : حبيب ابن عبد الله الأزدي ، وقتادة - وقيل لم يسمع منه - وغيرهما . أخرج له مسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه .
سئل أبو زرعة : له صحبة ؟ فقال : لا ، ولكنه ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - . وذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من التابعين من أهل البصرة . وقال - أيضاً - : كان معروفاً قليل الحديث . وعده العجلي في ثقات التابعين .
قال في التقريب : [ ولد يوم حنين ، فله رؤية ، وقد أرسل أحاديث ] .
طبقات ابن سعد 7/124و212 ، ثقات العجلي ص208 ، الجرح والتعديل 4/250 ، المراسيل ص61 ، تهذيب الكمال 12/149 ، الإنابة 1/268 ، الإصابة 2/107 ، تهذيب التهذيب 2/118 ، التقريب 2640 .
* عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة العاشرة .
التخريج :
- أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة 2/1024 ح2598 من طريق أحمد بن عيسى المصري ،
وفي الحلية 8/330 من طريق إبراهيم بن المنذر الحزامي ،
كلاهما ( أحمد ، وإبراهيم ) عن عبد الله بن وهب به بنحوه .(1/2)
- وأخرجه سعيد بن أبي عروبة في المناسك ص98 ح100 - ومن طريقه البخاري في التاريخ الكبير 3/262 ( بصيغة التعليق ) ، ومسلم 4/92 ح1326 ، وابن ماجه 2/1036 ح3105 ، وأحمد 4/225 ح17974 ، وابن أبي شيبة 3/400 ح15343 ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 4/286 ح2307 ، وابن خزيمة 4/154 ح2578 ، وأبو عوانة ( إتحاف المهرة 4/457 ح4517 ) ، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة 2/302 ح651 ، والطبراني في الكبير 4/230 ح4213 و4/231 ح4213 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/401 ح3070 ، والبيهقي 5/243 ، والخطيب في الأسماء المبهمة ص392 ، وابن بشكوال في غوامض الأسماء المبهمة 1/93 - ،
والبخاري في التاريخ الكبير 3/262 ( بصيغة التعليق ) ، وأحمد 4/225 ح17975 ، وأبو عوانة ( إتحاف المهرة 4/457 ح4517 ) ، والطبراني في الكبير 4/229 ح4212، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 2/1023 ح2597 ، والبيهقي في السنن الكبرى 5/243 ، وفي السنن الصغير 1/461 ح1842 ، وابن الجوزي في التحقيق 2/159 ح1361 ، من طرقٍ عن عبد الرزاق ، عن معمر ،
وابن عمار الشهيد في علل الأحاديث التي في كتاب الصحيح لمسلم بن الحجاج ص89 - معلقاً - عن همام ،
وابن عبد البر في التمهيد 22/267 ، والاستذكار 12/279 - معلقاً - عن شعبة ،(1/3)
أربعتهم ( سعيد ، ومعمر ، وهمام ، وشعبة ) عن قتادة ، عن سنان بن سلمة ، عن ابن عباس ، أن ذؤيباً أبا قبيصة حدثه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث معه بالبدن ثم يقول : إن عطب منها شيء فخشيت عليها موتاً فانحرها ، ثم اغمس نعلها في دمها ، ثم اضرب به صفحتها ، ولا تطعمها أنت ولا أحد من أهل رفقتك ". زاد في بعض طرقه : " واقسمها ". وهو من مسند ذؤيب إلا أنه وقع في رواية لابن خزيمة عن ابن أبي عروبة ما يوهم أنه من مسند ابن عباس . وقال عبد الرزاق - في رواية أحمد عنه - : كان يقوله مرسلاً - يعني معمراً - عن قتادة ، ثم كتبت له من كتاب سعيد فأعطيته إياه فنظر فقرأه فقال : نعم ، ولكني أهاب إذا لم أنظر في الكتاب . واكتفى البخاري في روايته عن عبد الرزاق بذكره مرسلاً ، وهو في رواية همام مرسل - أيضاً – ليس فيه ذكر ابن عباس.
وبقي له طريق آخر عن سنان بن سلمة ، وسيأتي تخريجه وسياق الاختلاف فيه في المسألة الآتية برقم 63/849 .(1/4)
- وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 3/262 ( بصيغة التعليق ) ، ومسلم 4/92 ح1325 ، وأبو داود 2/421 ح1760 ، والنسائي في المجتبى 5/116 ، وفي الكبرى 2/454 ح4136 ، وأحمد 1/217 ح1869 و 1/244 ح2189 و1/279 ح2518 ، والشافعي في السنن المأثورة ص350 ح44، وسعيد بن منصور ( كما في المغني لابن قدامة 5/440 ) ، وابن أبي شيبة 3/400 ح15341 و7/307 ح36338، وابن الجارود 2/63 ح425 ، وابن حبان 9/332 ح4024 و9/333 ح4025 ، والطبراني في الكبير 12/203 ح12897 - 12899 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/400 ح3069، والبيهقي في السنن الكبرى 5/242 - 243 ، وفي المعرفة 4/265 ح3296 ، والخطيب في الأسماء المبهمة ص391 ، وابن عبد البر في التمهيد 22/266-267 ، والاستذكار 12/279 ح17636 ، وغيرهم من طرقٍ متعددة عن أبي التياح يزيد بن حميد الضبعي ، عن موسى بن سلمة قال : حججت أنا وسنان بن سلمة ، ومع سنان بدنة فأزحفت عليه فعيي بشأنها فقلت : لئن قدمت مكة لأستبحثن عن هذا ، قال : فلما قدمنا مكة قلت : انطلق بنا إلى ابن عباس فدخلنا عليه وعنده جارية ، وكان لي حاجتان ولصاحبي حاجة، فقال : ألا أخليك ؟ قلت : لا ، فقلت : كانت معي بدنة فأزحفت علينا ، فقلت : لئن قدمت مكة لأستبحثن عن هذا ، فقال ابن عباس :" بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبدن مع فلان، وأمره فيها بأمره ، فلما قفا رجع فقال : يا رسول الله ، ما أصنع بما أزحف عليَّ منها ؟ قال : انحرها واصبغ نعلها في دمها واضربه على صفحتها ولا تأكل منها أنت ولا أحد من رفقتك " .(1/5)
قلت له : أكون في هذه المغازي فأغنم فأعتق عن أمي أفيجزي عنها أن أعتق ؟ فقال ابن عباس : " أمرت امرأة سنان بن عبد الله الجهني أن يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أمها توفيت ولم تحج أيجزئ أن تحج عنها ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أرأيت لو كان على أمها دين فقضته عنها أكان يجزي عن أمها ؟ قال : نعم ، قال : فلتحج عن أمها " .
وسأله عن ماء البحر فقال : " ماء البحر طهور ".
هذا أحد ألفاظ أحمد ، وأكثر طرقه اقتصرت على قصة البدن ، منهم من طولها ، ومنهم من اختصرها .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم الاختلاف في هذا الحديث على قتادة وقد تبين أنه روي عنه على ثلاثة أوجه وهي :
الوجه الأول : عن قتادة ، عن أنس أن صاحب بدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبره ... الخ. وهذا وجه تفرد به جرير بن حازم .
الوجه الثاني : عن قتادة ، عن سنان بن سلمة ، عن ابن عباس . ولم يذكر أبو حاتم من روى هذا عن قتادة ، ولكنه ذكر أن الوجه الأول خطأ، وأن الثاني هو الصواب، وقد وقفت على هذا الوجه ، ولكنه ليس من مسند ابن عباس ، كما يوهمه كلام ابن أبي حاتم ، وإنما هو من مسند ذؤيب أبي قبيصة ، ويرويه عنه ابن عباس - كما سبق في التخريج - والظاهر أن هذا مراد أبي حاتم ، فإنه لم يقل : ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما قال : سنان بن سلمة ، عن ابن عباس . يعني أن ذكر أنس خطأ ، والصواب بدله: ابن عباس ، فيكون : ابن عباس ، عن صاحب بدن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في هذه الرواية ذؤيب أبو قبيصة .(1/6)
وهذا الوجه يرويه عن قتادة : سعيد بن أبي عروبة ، ومعمر ، إلا أن معمراً كان متهيباً وصله ، فكان يرسله ، ثم جزم بوصله لما اطلع عل كتاب سعيد - كما سبق في كلام عبد الرزاق - وقد ذكر فيمن يرويه عن قتادة شعبة ، ولم أقف على روايته إلا في التمهيد والاستذكار- تعليقاً - وأستبعد صحة ذلك عن شعبة ، فإن شعبة لا يروي عن قتادة مالم يسمعه من شيوخه ، وقتادة لم يسمع من سنان - كما سيأتي- وتَصَحُّف سعيدٍ إلى شعبةَ كثير ، فلعل أصل ذلك تصحيف قديم ، فالله أعلم .
والحاصل أن حكم أبي حاتم بخطأ الوجه الأول ، وصواب الثاني عن قتادة ظاهر جداً، وقد جزم به الدارقطني - أيضاً - ( العلل 4/ الورقة 32 ) وذلك أن جرير بن حازم ضعيف الرواية عن قتادة خاصة ، قيل لابن معين : إنه يحدث عن قتادة ، عن أنس أحاديث مناكير ؟ فقال : ليس بشيء . هو عن قتادة ضعيف . وقال أحمد : كأن حديثه عن قتادة غير حديث الناس ... . وقال ابن عدي وهو مستقيم الحديث صالح فيه إلا روايته عن قتادة ، فإنه يروي أشياء عن قتادة لا يرويها غيره ( انظر ترجمته في المسألة العاشرة ) .
ثم إن سعيد بن أبي عروبة أثبت الناس في قتادة ، وقد تابعه معمر ، وشعبة - إن صح - فلا شك بصواب هذا الوجه عن قتادة، ويؤكد ذلك أن هذا الحديث قد عرف عن ابن عباس من غير هذا الطريق كما في حديث موسى بن سلمة عن ابن عباس ، ولم يعرف عن أنس إلا من هذا الطريق ، فظهر بذلك صواب كلام أبي حاتم ، والله أعلم .
الوجه الثالث : عن قتادة مرسلاً دون ذكر ابن عباس ، وهذه رواية همام ، وسبق أن معمراً كان يرسله - أيضاً - وهذا تقصير ، والصواب الوجه الذي قبله كما سبق تقريره ، فلعل هماماً شك فيه أو تهيبه فأرسله ، كما كان يصنع معمر ، أو غير ذلك .
والحديث من وجهه المحفوظ عن قتادة أخرجه مسلم في صحيحه - كما سبق - وصححه أبو عوانة ، وابن خزيمة وغيرهما ، ولكن في تصحيح هذا الإسناد نظر من جهتين :(1/7)
الجهة الأولى : أنه قد خولف فيه قتادة ، فروي عن سنان بن سلمة على غير هذا الوجه ، وسيأتي تفصيل ذلك في المسألة الآتية برقم 63/849 .
الجهة الثانية : أن في سماع قتادة من سنان بن سلمة نظراً ، ولذا فقد تعقبه ابن عمار الشهيد في : علل الأحاديث التي في صحيح مسلم ص89 ، وذكر بعض الاختلاف على قتادة ، وقال : وهذا حديث لم يسمعه قتادة من سنان بن سلمة ، وسمعه من سنان أبو التياح الضبعي ، ثم أسند عن يحيى القطان ، ويحيى بن معين نفي سماع قتادة من سنان ابن سلمة ، وأنه مرسل ، وفي سؤالات ابن الجنيد ص340 : قلت ليحيى بن معين : إن يحيى بن سعيد يزعم أن قتادة لم يسمع من سنان بن سلمة الهذلي حديث ذؤيب الخزاعي في البدن ؟ فقال : ومن شك في هذا ؟! إن قتادة لم يسمع منه ولم يلقه . ( وانظر : تاريخ الدوري 2/485 ، ومعجم الصحابة لأبي القاسم البغوي 2/303 ، وجامع التحصيل ص255 ، وتحفة التحصيل ص264 ) وقال ابن أبي خيثمة في تاريخه بعد أن روى هذا الحديث من طريق قتادة: سمعت يحيى بن معين يقول : قتادة لم يدرك سنان بن سلمة ولم يسمع منه شيئاً . نقله الزيلعي في نصب الراية 3/162 ثم قال : والحديث معنعن في مسلم وابن ماجه ، إلا أن مسلماً ذكر له شواهد .
وهذا اعتذار من الزيلعي لمسلم في إخراجه ، ويقصد بالشواهد حديث أبي التياح الضبعي، عن موسى بن سلمة ، عن ابن عباس، وقد سبق سياقه في التخريج .
وانظر المسألة التالية لتتمة الكلام في هذه المسألة ، والله أعلم .(1/8)
63/849- سألت أبي عن حديث رواه شعيب بن إسحاق ، عن ابن جريج ، عن عبد الكريم بن أبي المخارق ، عن معاذ بن سعوة ، عن سنان بن سلمة ، عن سلمة(1)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه بعث بدنتين مع رجل ، قال : إن عرض لهما شيء فانحرهما ، ثم اغمس النعل في دمائهما ، ثم اضرب بها(2)صفحة كل واحدة(3)منهما ". قال أبي : الناس لا يقولون في هذا الحديث: عن سلمة بن(4)المحبق ، إنما يروون(5)عن سنان مرسل .
دراسة الرواة :
* شعيب بن إسحاق الأموي ، مولاهم ، البصري ، ثم الدمشقي ، مات سنة 189 . روى عن : أبي حنيفة ، وابن جريج ، وابن أبي عروبة وغيرهم . وعنه : إسحاق بن راهويه ، والحكم بن موسى ، وأبو النضر إسحاق بن إبراهيم الفراديسي .
ثقة ، وثقه أحمد ، وابن معين ، وابن سعد ، وأبو داود ، والنسائي وغيرهم .
وقال أبو داود : وهو مرجئ ، وأبو مسهر لم يصل عليه .
وقال أحمد : سمع شعيب من سعيد بن أبي عروبة بآخر رمق .
قال في التقريب : [ ثقة ، رمي بالإرجاء ، وسماعه من ابن أبي عروبة بأخرة ] .
طبقات ابن سعد 7/472 ، سؤالات الآجري 2/189 ، الجرح والتعديل 4/341 ، تهذيب الكمال 12/501 ، تهذيب التهذيب 2/171 ، التقريب 2793 .
* ابن جريج ، عبد الملك بن عبد العزيز ، سبق في المسألة الثامنة ، وهو ثقة فقيه فاضل ، وكان يدلس ويرسل .
__________
(1) في ( ت ، م ، ط ) :" مسلمة " وهو تصحيف .
(2) في ( ت ، س ، ح ، ض ) :" بهما " . والأصح :" بها " أي بالنعل . كما في ( م ، ط ) .
(3) وقع في جميع النسخ :" واحدٍ " بالتذكير ، وإنما هما بدنتان بالتأنيث ، وقد جاءت الكلمة على الصواب في الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم 2/311 ح1073 وقد رواه من الطريق نفسه .
(4) قوله : " بن " ساقطة من ( ت ، م ، ط ) .
(5) في ( ت ، س ، ح ، م ، ط ) :" يرون " بواوٍ واحدة . والصواب بواوين كما في ( ض ) . والظاهر أن إسقاط إحدى الواوين كان معتاداً عند بعض النساخ .(1/1)
* عبد الكريم بن أبي المخارق - واسمه قيس ، وقيل : طارق - أبو أمية المعلم البصري ، ثم المكي ، مات سنة 126 . روى : عن أنس بن مالك ، والحسن البصري ، والشعبي ، ومعاذ بن سعوة وغيرهم . وعنه : ابن جريج ، والثوري ، وابن عيينة وغيرهم .
ضعيف ، متفق على ضعفه، ضعفه أيوب، وابن عيينة، وأحمد ، وابن معين، وأبو داود ، والنسائي ، وأبو حاتم وغيرهم . بل قال النسائي وغيره : متروك الحديث .
وقال ابن عبد البر : مجمع على ضعفه ، من أجلِّ من جرحه أبو العالية ، وأيوب - مع ورعه - غر مالكاً سمته ، ولم يكن من أهل بلده .
وقال ابن عدي : والضعف بيِّن على كل ما يرويه .
قال في التقريب : [ ضعيف ] .
تاريخ الدوري 2/369 ، ضعفاء النسائي ص73 ، الجرح والتعديل 6/59 ، الكامل 5/338 ، تهذيب الكمال 18/259 ، تهذيب التهذيب 2/603 ، التقريب 4156 .
* معاذ بن سعوة الراسبي ، هكذا نسبه ابن أبي حاتم . وقد نسبه البخاري ، وابن حبان : الرقاشي . له هذا الحديث ، ولم يذكر فيه البخاري ولا ابن أبي حاتم جرحاً ولا تعديلاً . وذكره ابن حبان في الثقات .
التاريخ الكبير 7/364 ، الجرح والتعديل 8/348 ، ثقات ابن حبان 7/481 ، الإصابة 3/524 ، تعجيل المنفعة ص406 .
* سنان بن سلمة الهذلي ، سبق في المسألة الثانية والستين، وهو تابعي ولد يوم حنين، فله رؤية ، وقد أرسل أحاديث .
* سلمة بن المُحَبَّق - وقيل : هو ربيعة بن صخر ، وقيل غير ذلك - الهذلي ، أبو سنان ، له صحبة ، وسكن البصرة .
معرفة الصحابة لأبي نعيم 3/1344 ، تهذيب الكمال 11/318 ، الإصابة 2/67 ، التقريب 2509 .
التخريج :
- أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 2/311 ح1073 عن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي ، وهشام بن عمار ، عن شعيب بن إسحاق به بنحوه .
- وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 3/262 - معلقاً - عن عثمان المؤذن ،
وأحمد 5/6 ح20070 عن محمد بن بكر ،(1/2)
ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 1/333 ، وأبو القاسم البغوي في المعجم 3/265 ح1206 من طريق أبي عاصم النبيل ،
والطبراني في الكبير 7/54 ح6345 من طريق هشام بن يوسف ،
أربعتهم ( عثمان ، ومحمد ، وأبو عاصم ، وهشام ) عن ابن جريج به بنحوه ، وزاد في رواية محمد بن بكر : " ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك ، ودعها لمن بعدكم " .
- وأخرجه الفريابي في مصنفه ( كما في غوامض الأسماء المبهمة لابن بشكوال 1/94 ) - ومن طريقه الطبراني ( كما في الإصابة 2/107 ) - عن سفيان الثوري ،
وابن أبي شيبة 7/307 ح36336 عن وكيعٍ(1)، وأبو القاسم البغوي في المعجم 3/265 ح1205 ، وابن قانع 1/319 من طريق عبيد الله بن موسى ، كلاهما ( وكيع ، وعبيد الله ) عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ،
__________
(1) وقع الإسناد في المصنف هكذا : حدثنا وكيع ، عن ابن أبي ليلى ، عن عطاء ، وعن عبد الكريم ، عن معاذ ... الخ . وقد جزم بعض الباحثين أن الصواب : عن عطاء ، عن عبد الكريم ، وأن رواية عبيد الله في معجم ابن قانع سقط منها ذكر عطاء فاستدركوه لذلك . والذي يظهر لي أنهما إسنادان ، فابن أبي ليلى يرويه عن عطاء مرسلاً أو من قوله، ويرويه عن عبد الكريم بإسناده، فإن عبد الكريم ، وعطاءً جميعاً من شيوخه ، وعطاء إنما هو من شيوخ عبد الكريم ، ويؤكد هذا رواية عبيد الله بن موسى، وبناءً على هذا فليس فيها سقط، والله أعلم.(1/3)
كلاهما ( سفيان ، وابن أبي ليلى ) عن عبد الكريم ، عن معاذ بن سعوة(1)، عن سنان بن سلمة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً ، ولفظه في رواية سفيان : قال : " بعث معاويةَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بهديين فقال : إن عطبا أو عطب أحدهما فانحره ، ثم اصبغ نعله في دمه ، ثم اضرب به صفحته ، ثم خلِّ بينه وبين الناس " ولفظه في حديث عبيد الله ، عن ابن أبي ليلى : " عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الهدي إذا عطب قال : ينحره ويغمس نعله في دمه ، ثم يضرب صفحته ، ولا يأكل منه شيئاً، فإن أكل منه شيئاً فعليه الجزاء ". أما لفظ وكيع فهو مختصر: " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له في الهدي التطوع : لا يأكل ، فإن أكل غرم " .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم الاختلاف في هذا الحديث على وجهين ، وهما :
الوجه الأول : عن سنان بن سلمة ، عن أبيه سلمة بن المحبق ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا يرويه ابن جريج ، عن عبد الكريم ، عن معاذ بن سعوة ، عن سنان بن سلمة .
الوجه الثاني : عن سنان بن سلمة مرسلاً ، ولم يسم أبو حاتم أحداً ممن روى هذا الوجه ، وإنما قال : الناس لا يقولون في هذا الحديث : عن سلمة بن المحبق ، إنما يروون عن سنان مرسل . وقد وقفت عليه من حديث الثوري ، وابن أبي ليلى ، عن عبد الكريم ابن أبي المخارق ، عن معاذ بن سعوة ، عن سنان بن سلمة .
وهذا الوجهان إنما هما في الاختلاف على عبد الكريم بن أبي المخارق ، ويظهر أنه وقع عليه فيه اختلاف أكثر من هذا ، فقد ذكر الذهبي في التجريد وعنه ابن حجر في الإصابة 3/524 أنه في المنتقى من حديث المخلص من رواية عبد الكريم ، عن سنان بن سلمة ، عن معاذ بن سعوة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... وهذا فيه قلب.
__________
(1) وقع في ابن أبي شيبة : معاذ بن سعد . وفي رواية الثوري : معاذ بن مسعود ، ووقع في معجم البغوي : معاذ ابن سقرة ، وكله تصحيف .(1/4)
كما ذكر الحافظ في الإصابة 2/107 أنه قد اختلف فيه على سفيان الثوري .
ولم أقف على ذلك كله . ولكن يكفي أن جميع هذه الطرق عن عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف ، وهذا الاختلاف يدل على عدم ضبطه لهذا الحديث .
أما أبو حاتم فظاهر كلامه ترجيح الوجه المرسل ، ويؤيد هذا الترجيح في الاختلاف على عبد الكريم أنه قد اتفق عليه راويان وهما : الثوري ، وابن أبي ليلى .
وقد بقي وجه ثالث عن سنان بن سلمة في هذا الحديث ، وهو :
الوجه الثالث : رواية قتادة ، عن سنان بن سلمة، عن ابن عباس، عن ذؤيب أبي قبيصة - وقد سبق ذكره في المسألة السابقة برقم 62/848 -.
ولم يتعرض أبو حاتم للمقارنة بين هذا الوجه عن سنان بن سلمة والوجهين السابقين ، ولا شك بتقديم قتادة على عبد الكريم بن أبي المخارق ، غير أنه يشكل على ذلك ما سبق ذكره عن ابن معين وغيره أن قتادة لم يسمع من سنان بن سلمة فهو منقطع ، ولكن يعتضد حديث قتادة بحديث أبي التياح الضبعي ، عن موسى بن سلمة ، عن ابن عباس - وقد سبق في المسألة السابقة - وفيه قصة موسى ، وسنان في سؤالهما ابن عباس عن هذا الحديث ، ففي ذلك دلالة على أن سنان بن سلمة إنما أخذه عن ابن عباس ، ولذلك أخرجه مسلم من الطريقين جميعاً -كما سبق- ( والله أعلم ).
تنبيه : وقع في هذا الحديث جملة فيها نكارة ، وهي قوله : " ولا تطعمها أنت ولا أحد من أهل رفقتك " وقد أشار إلى ذلك أبو داود فقال بعد أن ذكر حديث موسى بن سلمة : الذي تفرد به من الحديث : " ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك " .(1/5)
ومما يبين نكارة هذه الجملة أن هذا الحكم - وهو العمل في الهدي إذا عطب - قد رويت فيه أحاديث متعددة ، ولم تذكر هذه الجملة في شيء منها ، ومن أشهر هذه الأحاديث حديث هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن ناجية الخزاعي صاحب بدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :" قلت يا رسول الله ، كيف أصنع بما عطب من البدن ؟ قال : انحرها ، ثم اغمس نعلها في دمها ، ثم خلِّ بينها وبين الناس فيأكلوها " .
أخرجه أبو داود 2/421 ح1759، والترمذي 2/242 ح910، والنسائي في الكبرى 2/454 ح4137 ، وابن ماجه 2/1036 ح3106 ، وأحمد 4/334 ح18934 و18944 ، والدارمي 2/90 ح1909 - 1910 ، وابن خزيمة 4/154 ح2577 ، وابن حبان 9/331 ح4023 ، والحاكم 1/447 وغيرهم من طرقٍ متعددة عن هشام بن عروة به ، وقال الترمذي : حسن صحيح . وقد رواه مالك في الموطأ 1/306 ح148 مرسلاً ، وليس في شيء من طرقه المشهورة هذه الجملة الواردة في حديث ابن عباس ، إلا في طريق ضعيف عند الواقدي في المغازي ( انظر نصب الراية 3/161 ) .
وقد قال ابن عبد البر : قوله :" ولا أحد من أهل رفقتك " لا يوجد إلا في حديث ابن عباس هذا بهذا الإسناد عن موسى بن سلمة ، وسنان بن سلمة ، وليس ذلك في حديث هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن ناجية ، وهذا عندنا أصح من حديث ابن عباس ، عن ذؤيب ، وعليه العمل عند الفقهاء ، ومن جهة النظر أهل رفقته وغيرهم في ذلك سواء ، ويدخل في قوله - عليه السلام -: " وخل بين الناس وبينه يأكلونه " أهل رفقته وغيرهم . ( انظر : التمهيد 22/267 ، والاستذكار 12/280 وزاد فيه : ولا أعلم أحداً قال بهذه الزيادة إلا أبا ثور وداود ... الخ ، والمغني لابن قدامة 5/439 ) والله أعلم .(1/6)
64/850- سألت أبي عن حديثٍ رواه الحسن بن يحيى الخشني، عن عمر(1)بن قيس ، عن طلحة بن موسى ، عن عمه إسحاق بن طلحة ، عن طلحة بن عبيد الله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " الحج جهاد ، والعمرة تطوع " . قال أبي : هذا حديث باطل .
دراسة الرواة :
* الحسن بن يحيى الخُشَني - بمعجمتين مضمومة ثم مفتوحة ثم نون - أبو عبد الملك ، ويقال : أبو خالد الدمشقي ، البلاطي ، مات بعد سنة 190 . روى عن : الأوزاعي ، وابن جريج ، وعمر بن قيس وغيرهم . وعنه : هشام الأزرق ، وهشام بن عمار ، والوليد بن مسلم وغيرهم . روى له أبو داود في المراسيل ، وابن ماجه .
وثقه ابن معين ، في رواية ابن أبي مريم ، وقال في رواية الدوري وابن الجنيد : ليس بشيء ، وقال أحمد ، ودحيم : ليس به بأس .
وقال أبو حاتم : صدوق ، سيء الحفظ .
وقال النسائي : ليس بثقة . وقال الدارقطني : متروك . وقال عبد الغني بن سعيد : ليس بشيء . وذكره ابن حبان في المجروحين ، وقال : منكر الحديث جداً، يروي عن الثقات ما لا أصل له ، وعن المتقنين ما لا يتابع عليه ، وكان رجلاً صالحاً يحدث من حفظه ، كثير الوهم فيما يرويه ، فحشت المناكير في أخباره حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لها، فلذلك استحق الترك ، وقد سمعت ابن جوصى يوثقه .
وساق ابن عدي جملة مما أنكر عليه ، وقال : وهو ممن تحتمل روايته .
قال الذهبي في المغني : واهٍ تركه الدارقطني وغيره . وقال في الديوان : تركوه .
وقال ابن حجر : [ صدوق ، كثير الخطأ ] .
تاريخ الدوري 2/116 ، تاريخ ابن الجنيد ص359 ، الجرح والتعديل 3/44 ، الكامل 2/323 ، ضعفاء الدارقطني ص194 ، تهذيب الكمال 6/339 ، الميزان 1/524 ، المغني 1/259 ، الديوان 1/196 ، تهذيب التهذيب 1/417 ، التقريب 1295 .
__________
(1) في ( ض ) :" عمْرو بن قيس " ، وهو تصحيف .(1/1)
* عمر بن قيس المكي ، أبو حفص المعروف بسَنْدل - بفتح المهملة وسكون النون - روى عن : عطاء بن أبي رباح ، وطلحة بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله ، والزهري وغيرهم . وعنه : ابن عيينة ، وابن وهب ، والحسن الخشني وغيرهم . أخرج له ابن ماجه فقط .
متروك . قال أحمد : متروك الحديث ، ليس يسوى حديثه شيئاً، لم يكن حديثه بصحيح ، حديثه بواطيل . وقال النسائي : متروك الحديث ، وكذا قال أبو داود ، والفلاس وغيرهم . وقال البخاري: منكر الحديث . وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث ، متروك الحديث، منكر الحديث .
وقدح الأئمة فيه كثير، قال ابن عدي: وعمر ضعيف بالإجماع، لم يشك أحد فيه .
قال في التقريب : [ متروك ] .
ضعفاء النسائي ص82 ، الجرح والتعديل 6/129 ، الكامل 5/6 ، تهذيب الكمال 21/487 ، تهذيب التهذيب 3/247 ، التقريب 4959 .
* طلحة بن موسى بن طلحة بن عبيد الله ، لم أقف عليه .
* إسحاق بن طلحة بن عبيد الله التيمي ، مات سنة 56 أو بعدها ، روى عن : أبيه ، وابن عباس ، وعائشة - رضي الله عنهم - . وعنه : ابنا أخيه ، طلحة ، وإسحاق ابنا يحيى بن طلحة ، وابنه معاوية بن إسحاق . أخرج له الترمذي ، وابن ماجه .
ذكره البخاري في التاريخ الكبير ، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً .
وذكره ابن حبان في الثقات .
قال في التقريب : [ مقبول ] .
التاريخ الكبير 1/393 ، الجرح والتعديل 2/226، ثقات ابن حبان 4/22، تهذيب الكمال 2/438، تهذيب التهذيب 1/122 ، التقريب 363 .
* طلحة بن عبيد الله بن عثمان القرشي ، التيمي ، أبو محمد المدني ، صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أحد العشرة المبشرين ، والستة أهل الشورى ، وفضائله مشهورة ، استشهد في الجمل سنة 36 - رضي الله عنه - .
فضائل الصحابة 2/743 ، تهذيب الكمال 13/412 ، الإصابة 2/229 ، التقريب 3027 .
التخريج :
- أخرجه ابن ماجه 2/995 ح2989 ،(1/2)
والطبراني في الأوسط 7/17 ح6723 عن محمد بن أبي زرعة ،
كلاهما ( ابن ماجه ، وابن أبي زرعة ) عن هشام بن عمار ، عن الحسن بن يحيى الخشني به بلفظه ، إلا أنه في رواية ابن ماجه قال : طلحة بن يحيى ، بدل : طلحة بن موسى .
- وأخرجه ابن أبي داود في المصاحف ص113 ، عن يعقوب بن عبد الله بن أبي مخلد ، عن أبي منصور - وهو الحارث بن منصور- عن عمر بن قيس به بلفظه، لكنه جعله : عن عمر بن قيس ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن عمه ، عن ميمونة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وعلقه الدارقطني في العلل 7/71 ح1224 عن الحارث بن منصور - أيضاً - لكنه جعله : عن عمر بن قيس ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن عمه ، عن معاوية، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقال ابن حزم في المحلى 7/37 وهو يسرد الأحاديث التي يرويها في هذا الباب : ومن طريق عبد الباقي بن قانع ، حديثاً فيه: عمر بن قيس، عن طلحة بن موسى، عن عمه إسحاق بن طلحة ، عن أبيه ... فذكره بلفظه .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم أن هذا الحديث من طريق عمر بن قيس، عن طلحة بن موسى ، عن عمه ، عن طلحة بن عبيد الله مرفوعاً حديث باطل ، وهو كما قال أبو حاتم ، بل هو ظاهر البطلان ، فقد تفرد به عمر بن قيس المكي ، وهو متروك ، ومنكر الحديث ، ومجمع على ضعفه - كما سبق في ترجمته - .
ومع ذلك فقد اختلف عليه في إسناده ، فروي عنه على أوجه وهي :(1/3)
الوجه الأول : عن عمر بن قيس ، عن طلحة بن موسى ، عن عمه إسحاق بن طلحة ، عن طلحة بن عبيد الله مرفوعاً . وهذه رواية الحسن بن يحيى الخشني ، وهي التي ذكرها ابن حزم عن عبد الباقي بن قانع ، فلعلها من طريق الحسن بن يحيى - أيضاً - . إلا أنه في رواية ابن ماجه ذكر طلحة بن يحيى ، بدل : طلحة بن موسى ، ولا أدري من أين هذا الاختلاف ، فإن ابن ماجه رواه عن هشام بن عمار - كما سبق - وقد رواه الطبراني عن محمد بن أبي زرعة، عن هشامٍ وقال : طلحة بن موسى، وقد يكون هذا الاختلاف من هشام بن عمار، فإنه قد كان تغير لما كبر، فكل ما دفع إليه قرأه ، وكلما لقن تلقن - كما قال أبو حاتم - ولذا قال ابن حجر : صدوق مقرئ ، كبر فصار يتلقن ، فحديثه القديم أصح . ( انظر: الجرح والتعديل 9/66، تهذيب الكمال 30/242 ، التقريب 7303 ، وستأتي ترجمة موسى في المسألة الخامسة والسبعين ) .
الوجه الثاني : عن عمر بن قيس ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن عمه ، عن ميمونة مرفوعاً ، وهذه رواية أبي منصور الحارث بن منصور - فيما رواه عنه يعقوب بن عبد الله بن أبي مخلد - .
الوجه الثالث : عن عمر بن قيس ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن عمه ، عن معاوية مرفوعاً، وهذه رواية الحارث بن منصور - فيما علقه عنه الدارقطني -.
وهذا الحديث من جميع وجوهه باطل ، كما قال أبو حاتم ، وذلك أن هذه الوجوه كلها ترجع إلى عمر بن قيس ، وهذا الاختلاف يزيد في بطلانه ، ومع ذلك ففي بعض رواته - أيضاً - كلام ، ولكن يكفي أن فيه عمر بن قيس .
وقد توارد الأئمة على بطلان هذا الحديث - أيضاً - فقال الدارقطني ، بعد ذكره في العلل : يرويه الحارث بن منصور، عن عمر(1)
__________
(1) وقع في علل الدارقطني : عمرو بن قيس ، وهو تصحيف .(1/4)
بن قيس، عن إسحاق ، ووقع فيه وهم، ولعله أراد : إسحاق بن يحيى بن طلحة ، عن عمه عيسى بن طلحة ، لأن هذا الحديث ليس من حديث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، ولا يثبت عن معاوية ، وإنما يعرف من رواية معاوية بن إسحاق بن طلحة ، عن عمته عائشة بنت طلحة، عن عائشة ، ومن حديث حبيب بن أبي عمرة، عن عائشة بنت طلحة عن عائشة .
وحديث عائشة هذا الذي أشار إليه الدارقطني ، سيأتي ذكره بعد قليل - إن شاء الله - وهو حديث آخر .
أما ابن حزم فأعل حديث طلحة بابن قانع ، وعمر بن قيس - جميعاً - فقال : وأما حديث طلحة فمن طريق عبد الباقي بن قانع ، وقد أصفق أصحاب الحديث على تركه ، وهو راوي كل بلية وكذبة ، ثم فيه عمر بن قيس سندل ، وهو ضعيف .
وليس الأمر كما ذكر ابن حزم ، فإن عبد الباقي لم يتفرد به - كما سبق - ولذا تعقبه الغماري ( الهداية 5/290 ) وغيره ، ثم هو ليس بمتروك كما زعم ابن حزم . ( انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 15/526 ) .
كما ضعف جماعة من الأئمة كل ما ورد في هذا الباب ، وسيأتي ذكر ذلك بعد قليل .
هذا ما يتعلق بحديث عمر بن قيس هذا ، وقد تبين أنه باطل ، إلا أنه قد روي هذا الحديث من طريقين آخرين ، وهما :
أولاً : حديث أبي صالح الحنفي :
- أخرجه عبد الرزاق ( الوهم والإيهام 2/518 ) ، والشافعي في الأم 2/187 ، وفي المسند (1/281 ح737 بترتيب السندي ) - ومن طريقه البيهقي 4/348 - وابن أبي داود في المصاحف ص113 ، من طريق سفيان الثوري ،
وابن أبي شيبة 3/223 ح13647، وابن جرير في التفسير 2/123، وابن أبي داود في المصاحف ص113 ، من طريق جرير ،
وابن جرير في التفسير 2/123 من طريق شريك ،
وابن أبي داود في المصاحف ص113 من طريق أبي عوانة ، والأعمش ،(1/5)
وابن أبي داود في المصاحف ص113 من طريق ابن مهدي ، والدارقطني في العلل 11/227 ح2247 - معلقاً - عن الجدِّي - وهو عبد الملك بن إبراهيم - وأصحاب شعبة ، ومنهم : غندر ، ومحمد بن كثير ، وعفان ، جميعهم ( ابن مهدي ، والجدي ، وأصحاب شعبة : غندر ، ومحمد بن كثير ، وعفان ) عن شعبة ،
وابن قانع ( كما في الأحكام لأبي بكر الرازي - انظر : الهداية للغماري 5/289 ، والمحلى 7/37 ) عن بشر بن موسى ، عن ابن الأصبهاني ، عن أبي الأحوص ، وجرير ، وزاد في الأحكام : وشريك ،
سبعتهم ( الثوري ، وجرير ، وشريك ، وأبو عوانة ، والأعمش ، وشعبة ، وأبو الأحوص ) عن معاوية بن إسحاق ، عن أبي صالح ماهان الحنفي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " الحج جهاد ، والعمرة تطوع " وفي بعض ألفاظه " الحج مكتوب " إلا أنه جعله في رواية الجدي ، عن شعبة : عن معاوية بن إسحاق، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً ، وكذا ذكر ابن حزم رواية ابن قانع على هذا الوجه .
وهذا الحديث الصواب فيه أنه مرسل ، عن أبي صالح الحنفي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال ذلك الدارقطني ، والبيهقي ، وابن حزم وغيرهم من الأئمة ، بل لم يكن يعرف هذا الحديث إلا على الإرسال ، ولذا فقد اتفق الشافعي ومناظره في هذه المسألة أن هذا الحديث منقطع .
وأما جعله عن أبي صالح ، عن أبي هريرة فغلط من وجهين ، أحدهما: ذكر أبي هريرة ، والثاني: إيهام أن أبا صالح هو السمان، وليس كذلك . وإنما غلط في هذا لحديث عبد الملك الجدي على شعبة ، وخالفه أصحاب شعبة . ومنهم غندر ، ومحمد بن كثير ، وعفان كما ذكر الدارقطني ، ويضاف إليهم ابن مهدي ، ولا شك أن رواية الجماعة عن شعبة هي الصواب ، وقد نص على ذلك الدارقطني . وقال البيهقي بعد ذكر الموصول عن شعبة : والطريق فيه إلى شعبة طريق ضعيف .(1/6)
وكذا وقع الغلط في هذا الحديث فيما ذكره ابن حزم عن عبد الباقي بن قانع ، عن بشر ابن موسى، عن ابن الأصبهاني ، عن أبي الأحوص ، وجرير ، عن معاوية بن إسحاق، حيث جعله : عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، وقد قال ابن حزم بعد ذكره : كذب بحت من بلايا عبد الباقي التي انفرد بها ، والناس رووه مرسلاً من طريق أبي صالح ماهان ، فزاد فيه أبا هريرة ، وأوهم أنه أبو صالح السمان .
وما ذكره ابن حزم من اتهام ابن قانع بهذا الخطأ ، وافقه عليه الغماري ، ولكنه ذكر أن أبا بكر الرازي رواه في الأحكام عن ابن قانع ، فزاد في إسناده شريكاً ، وجعله عن أبي صالح - ولم يصفه بالحنفي- مرسلاً ، قال الغماري : وهذا يؤيد ما يتهمه به ابن حزم من التلاعب بالأسانيد والأحاديث ... بينما اعترض ابن دقيق على ابن حزم في هذا ( انظر نصب الراية 3/150 ) .
والمقطوع به أن ذكر أبي هريرة في هذا الإسناد غلط ، سواء كان من ابن قانع أو من غيره ، ثم إن هذا الحديث مع إرساله قد تفرد به معاوية بن إسحاق ، وهو صدوق ربما وهم ، ( التقريب 6748 ) .
وقد ضعف هذا الحديث غير واحد من الأئمة . قال البيهقي : وأما حديث أبي صالح الحنفي ... فإنه حديث منقطع ، لا تقوم به حجة ، وروي من أوجه أخر ضعيفة موصولاً، ( السنن الصغير 1/395 ).
ثانياً : حديث ابن عباس :
- أخرجه الطبراني في الكبير 11/442 ح12252 ، وابن قانع ( كما في المحلى لابن حزم 7/37 ) من طريق محمد بن بكار ، عن محمد بن الفضل بن عطية ، عن سالمٍ الأفطس ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ حديث طلحة .(1/7)
وإسناد هذا الحديث إسناد باطل فقد تفرد به محمد بن الفضل بن عطية الكوفي ، وقد كذبه ابن معين ، والجوزجاني ، والنسائي وغيرهم . وقال أحمد : ليس بشيء حديثه حديث أهل الكذب ، ولذا قال ابن حجر: كذبوه ( تهذيب الكمال 26/280 ، التقريب 6225 ) ، وقد علقه عنه البيهقي ، وقال : ومحمد هذا متروك ( السنن الكبرى 4/348 ) وقال الهيثمي : فيه محمد بن الفضل بن عطية وهو كذاب . ( مجمع الزوائد 3/205 ) ، وهذا يكفي في بطلان هذا الإسناد ويغني عن تتبع كل ما فيه .
فهذا كل ما وقفت عليه مما روي في قوله " الحج جهاد ، والعمرة تطوع " وقد تبين أنه لا يصح من جميع طرقه، ولذا قال ابن عبد البر: وروي عنه - عليه السلام - أنه قال: " العمرة تطوع " بأسانيد لا تصح ولا تقوم بمثلها حجة . (التمهيد 20/14) وقال ابن حجر بعد الإشارة إلى الطرق السابقة : ولا يصح من ذلك شيء. ( التلخيص الحبير 2/241 ) وقال ابن كثير بعد ذكر حديث طلحة ، وبيان ضعفه : وقد روي نحو هذا الحديث من طرقٍ كلها ضعيفة . ( إرشاد الفقيه 1/302 ) .
وقد روي في عدم وجوب العمرة حديث آخر، وهو حديث جابر " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن العمرة أواجبة هي ؟ قال : لا ، وأن تعتمر هو أفضل " وفي بعض ألفاظه: " وأن تعتمر خير لك " وله عن جابر ثلاثة طرقٍ ، وهي :
الطريق الأول : طريق الحجاج بن أرطاة ، عن محمد بن المنكدر، عن جابر مرفوعاً ، وهذا أشهر طرقه ، بل هو أشهر حديث روي في عدم وجوب العمرة ، وهذا تخريجه :
- أخرجه الترمذي 2/258 ح931 ، وابن خزيمة 4/356 ح3068 من طريق عمر ابن علي ،
وأحمد 3/316 ح14397، وابن أبي شيبة 3/223 ح13646، وأبو يعلى 3/ 443 ح1938 ، وابن أبي داود في المصاحف ص114، والدارقطني 2/286 ح224 من طريق أبي معاوية الضرير ،
وأحمد 3/357 ح14845 ، وابن أبي داود في المصاحف ص114 من طريق معمَّر بن سليمان الرقي ،
وابن جرير في التفسير 2/123 من طريق عبد الله بن المبارك ،(1/8)
وابن أبي داود في المصاحف ص114 ، والدارقطني 2/286 ح224 من طريق سعد ابن الصلت ،
وابن أبي حاتم في التفسير 1/335 من طريق أبي خالد الأحمر ،
والطبراني في الصغير 2/194 ح1015 ، والبيهقي 4/349 من طريق عبد الواحد بن زياد ،
والدارقطني 2/285 ح223 من طريق عبد الرحمن بن سليمان ،
والدارقطني - أيضاً - 2/286 ح225 من طريق عبد الله بن نمير ،
والبيهقي 4/349 من طريق يحيى بن أيوب ،
عشرتهم ( عمر بن علي ، وأبو معاوية، ومُعَمَّر، وابن المبارك، وابن الصلت، وأبو خالد ، وعبد الواحد ، وعبد الرحمن ، وابن نمير ، ويحيى بن أيوب ) عن الحجاج بن أرطاة ، عن محمد بن المنكدر عن جابر به مرفوعاً في رواية الجماعة ، وموقوفاً في رواية يحيى بن أيوب فقط، وقد قرن يحيى بن أيوب مع الحجاج بن أرطاة : ابن جريج ، كما سقط جابر من رواية أبي خالد الأحمر .
وهذا الحديث قال فيه الترمذي : حسن صحيح ، هكذا هو في النسخ المطبوعة التي وقفت عليها ، وهكذا نقله عنه جماعة من الأئمة ، ولكن ذكر ابن دقيق العيد في الإمام أن هذا في نسخة الكروخي فقط ، أما غيره ففيه : حديث حسن لا غير . ( انظر نصب الراية 3/150 ) .
وقد استنكر جماعة من الأئمة تصحيح الترمذي لهذا الحديث ، ولم يقبلوه منه، بل حذر بعضهم من الاغترار به ، ولذا قال ابن عبد الهادي : وقد أنكروا عليه تصحيح هذا الحديث ، وقد ضعفه الإمام أحمد في رواية ابن هانئ عنه ، ( تنقيح التحقيق 2/407 ) .
ولعل الصواب من قول الترمذي تحسين هذا الحديث فقط ، لا تصحيحه ، فإنه قد تنطبق عليه شروط الحديث الحسن عند الترمذي ، وقد ذكرها في آخر الجامع ، وهي لا تعني الصحة بحال ، بل يدخل فيها الضعيف ونحوه ، ولو فرض تصحيح الترمذي لهذا الحديث فإنه مردود بتضعيف غيره .(1/9)
وسبب ضعف هذا الحديث تفرد الحجاج بن أرطاة به ، وهو مختلف في حاله ، وقد قال ابن حجر: صدوق كثير الخطأ والتدليس . ( انظر ترجمته في المسألة الرابعة والثلاثين ) ، ولذا قال ابن عبد البر : تفرد به الحجاج بن أرطاة ... وما انفرد به الحجاج بن أرطاة فلا حجة فيه . ( التمهيد 20/14) كما ضعفه لذلك ابن حزم ، وابن الجوزي وغيرهما .
أما ابن خزيمة فأعله من وجه آخر ، حيث أخرج في صحيحه حديث ابن جريج، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : ليس من خلق الله أحد إلا وعليه عمرة واجبة . ثم قال ابن خزيمة : هذا الخبر يدل على توهين خبر الحجاج بن أرطاة ... فذكره ... فلو كان جابر سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في العمرة إنها ليست بواجبة لما خالف قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ... الخ .
وقد أشار إلى نحو ذلك البيهقي ، لكنه ذكر الاختلاف في رفع حديث جابر ووقفه ، وذكر أن المحفوظ عن جابر موقوف غير مرفوع ، قال : وروى ابن لهيعة عن عطاء عن جابر مرفوعاً بخلافه قال : " الحج والعمرة فريضتان " وهذا - أيضاً - لا يصح . ( انظر السنن الكبرى ، والمعرفة 3/506 ) وفي السنن قال : وكلاهما ضعيف . فضعف البيهقي المرفوع عن جابر في وجوب العمرة ، وفي عدم وجوبها ، لكنه لم يتعرض للموقوف عن جابر في عدم وجوبها وهو الذي أشار إليه ابن خزيمة . وقد سبق الدارقطني إلى إعلال حديث الحجاج بالوقف ، ولكنه لم يصرح بترجيح الموقوف كما فعل البيهقي ، وقد صرح ابن العربي وغيره بترجيح الموقوف . ( عارضة الأحوذي 4/162 ) .(1/10)
وترجيح الوجه الموقوف على المرفوع في حديث الحجاج بن أرطاة مشكل من حيث إن المرفوع هو رواية الجماعة ، والموقوف تفرد به يحيى بن أيوب الغافقي ، وهو صدوق ربما أخطأ ( التقريب 7511 ) ولم يذكر ابنَ جريج في الإسناد مع الحجاج غيرُه ، فالظاهر أن هذا الطريق لا يصح لا مرفوعاً ولا موقوفاً، وقد يفهم تضعيف الوجهين -جميعاً- من كلام البيهقي ، فإنه بعد أن رجح الموقوف أشار إلى حديث جابر المرفوع في إيجاب العمرة وقال: وكلاهما ضعيف .
الطريق الثاني : طريق أبي عصمة ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر :
- أخرجه ابن عدي 7/43 من طريق أبي عصمة نوح بن أبي مريم الجامع ، عن محمد ابن المنكدر ، عن جابر مرفوعاً بنحو لفظ الحجاج السابق .
وأبو عصمة هذا كذبوه ، وقال ابن المبارك : كان يضع . ( التقريب 7210 ) ولذا قال ابن عدي بعد ذكره : وهذا يعرف بالحجاج بن أرطاة ، عن محمد بن المنكدر ، وأبو عصمة قد رواه - أيضاً - عن ابن المنكدر ، ولعله سرقه منه .
فهذا إسناد باطل مكذوب لا ينظر فيه ، ولا يلتفت إليه .
الطريق الثالث : طريق أبي الزبير عن جابر :
- أخرجه ابن أبي داود في المصاحف ص114- وعنه الدارقطني 2/286 ح226 - عن جعفر بن مسافر ، ومحمد بن عبد الرحيم البرقي - وهو ابن عبد الله بن عبد الرحيم نسب إلى جده - ويعقوب بن سفيان ،
والطبراني في الأوسط 6/341 ح6572 ، وفي الصغير 2/193 ح1015 عن محمد بن عبد الرحيم بن ثُمَيْرٍ المصري ،
والبيهقي 4/348 من طريق عبد الله بن حماد الآملي ،
وعلقه البيهقي 4/349 عن الباغندي ، عن جعفر بن مسافر ،(1/11)
خمستهم ( جعفر ، والبرقي ، ويعقوب ، وابن ثمير ، والآملي ) عن سعيد بن عفير ، عن يحيى بن أيوب ، عن عبيد الله بن المغيرة ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال قلت : يا رسول الله ، العمرة واجبة وفريضتها كفريضة الحج ؟ قال : " لا، وأن تعتمر خير لك " . ولكنه لم ينسب عبيد الله في رواية محمد بن عبد الرحيم بن ثمير ولا في رواية الآملي ، وسماه الباغندي في روايته عن جعفر بن مسافر : عبيد الله بن عمر .
وقد ذكره ابن حزم في المحلى 7/36 من طريق يحيى بن أيوب عن عبد الله بن عمر ، عن أبي الزبير ... كذا وقع فيه : عبد الله بن عمر، ولم يذكر ابن حزم من دون يحيى بن أيوب ، فلعله وقعت له رواية الباغندي السابقة وتصحفت من عبيد الله إلى عبد الله ( انظر الهداية للغماري 5/288 ) ، وقد أعله ابن حزم بعبد الله بن عمر ، ويحيى ابن أيوب وضعفهما .
أما الطبراني فقد جزم بأنه عبيد الله بن أبي جعفر المصري ، وذكر تفرده بهذا عن أبي الزبير ، وتفرد يحيى بن أيوب عنه ، ثم ذكر أن المشهور حديث حجاج بن أرطاة ، عن ابن المنكدر ، كما سبق .
فهذه أربعة أقوال في تعيين عبد الله ، والصحيح أنه عبيد الله بن المغيرة ، كما وقع مصرحاً به في رواية يعقوب بن سفيان، ومحمد بن عبد الرحيم البرقي، وجعفر بن مسافر، في رواية ابن أبي داود عنه. أما رواية الباغندي ، عن جعفر بن مسافر فهي وهم ، كما نص على ذلك البيهقي ، ونسب الوهم للباغندي ، وقال: وقد رواه ابن أبي داود ، عن جعفر كما رواه الناس . وقد نص البيهقي على تصويب أنه عبيد الله بن المغيرة .
وسبب وهم من وهم في تعيينه هو أنه وقع غير منسوب، فاحتمل أن يكون أحد المذكورين ، فإذا ثبتت نسبته تبين أن من نسبه على غير هذا فقد أخطأ فيه .(1/12)
وعبيد الله بن المغيرة هو أبو المغيرة المصري ، وهو صدوق ، كما قال أبو حاتم ، وتبعه ابن حجر . ( انظر تهذيب الكمال 19/161 ، والتقريب 4343 ) ، وقد تفرد عنه يحيى بن أيوب الغافقي ، وهو صدوق ربما وهم - كما سبق - وتفرد عنه : سعيد بن كثير بن عفير المصري ، وهو صدوق - أيضاً - ، وقد تكلم فيه السعدي ، ولكن وثقه ابن معين وغيره. ( انظر : تهذيب الكمال 11/36 ، التقريب 2382 ) .
وقد توارد الأئمة على استنكار هذا الحديث ، وأن المشهور حديث الحجاج بن أرطاة ، عن ابن المنكدر، كما ذكر ذلك البيهقي، وسبقت إشارة الطبراني إلى ذلك، فمن الأئمة من حمل فيه على يحيى بن أيوب ، كما صنع الذهبي فإنه ساقه بإسناده في ترجمة يحيى بن أيوب مستنكراً له ، وقال : هذا غريب عجيب ، تفرد به سعيد هكذا ، عن يحيى بن أيوب ، ( انظر الميزان 4/363 ) وسبقت إشارة ابن حزم إلى ضعف يحيى بن أيوب ، وكذا ذكر الزيلعي - أيضاً - ( انظر نصب الراية 3/150 ) ، ومن الأئمة من يشير إلى التفرد بهذا الإسناد ، وإيراد ما يعارضه ( انظر التلخيص الحبير 2/240 ، وفتح الباري 3/698 ) ، وفيه قال ابن حجر : ولا يثبت في هذا الباب عن جابر شيئ .
والحاصل أن حديث جابرٍ لا يصح من جميع طرقه ، والله أعلم .
وهذا هو كل ما وقفت عليه من النصوص المرفوعة الصريحة في عدم إيجاب العمرة ، وقد تبين أنه لا يصح منه شيء . وقد نص على ذلك غير واحدٍ كابن حزم وغيره .
أما ما ذكر في حديث طلحة بن عبيد الله أن الحج جهاد فقد ثبت فيه حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا بيانه :
- أخرجه البخاري 2/164 ح1520 و3/24 ح1861 و4/18 ح2784 و4/39 ح2876، والنسائي 5/114، وابن ماجه 2/968 ح2901 ، وأحمد 6/71 ح24422 و6/79 ح24497 و6/165 ح25322 ، وابن خزيمة 4/359 ح3074 وغيرهم من طرقٍ عن حبيب بن أبي عمرة ،(1/13)
والبخاري 4/39 ح2875و2876 ، وأحمد 6/67 ح24383 و6/68 ح24393 و6/120 ح24888 و6/165 ح25325 و6/166ح25328 وغيرهما من طرقٍ عن معاوية بن إسحاق ،
كلاهما ( حبيب بن أبي عمرة ، ومعاوية بن إسحاق ) عن عائشة بنت طلحة ، عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد ؟ قال: " لا، لكن أفضل الجهاد حج مبرور". وهذا حديث صحيح فقد أخرجه البخاري في صحيحه .
وهذا هو الذي أشار إليه الدارقطني عند كلامه على حديث طلحة بن عبيد الله، كما سبق نقله .
وقد تلخص مما سبق كله أنه لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث في أن العمرة تطوع وأنها غير فريضة . وقد صح عنه أن الحج جهاد ، وبالله التوفيق .(1/14)
65/851- سألت أبي عن حديثٍ رواه الوليد ، عن صدقة بن يزيد ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" من أصححت له جسمه ووسعت عليه في رزقه ، لم يفد إلَيَّ في كل خمسة أعوامٍ عاماً لمحروم " قال أبي : هذا عندي وهم ، إنما هو كما رواه خلف بن خليفة ، عن العلاء بن المسيب ، عن أبيه ، عن أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنهم من يقفه(1).
دراسة الرواة :
* الوليد بن مسلم الدمشقي ، سبق في المسألة الثانية ، وهو ثقة ، ولكنه كثير التدليس والتسوية .
* صدقة بن يزيد الخراساني ، ثم الشامي ، سبق في المسألة الثانية ، وهو إلى الضعف أقرب .
* العلاء بن عبد الرحمن الحرقي المدني، سبق في المسألة الثانية، وهو صدوق، ولكن ربما وهم .
* عبد الرحمن بن يعقوب المدني ، سبق في المسألة الثانية ، وهو ثقة .
* أبو هريرة - رضي الله عنه - سبقت ترجمته في المسألة الثانية .
* خلف بن خليفة بن صاعد الأشجعي ، مولاهم ، أبو أحمد الواسطي ، مات سنة 180 ، أو نحوها ، روى عن : أبيه وإسماعيل بن أبي خالد ، والعلاء بن المسيب وغيرهم ، وعنه : سعيد بن منصور ، وقتيبة بن سعيد ، وأبو بكر بن أبي شيبة وغيرهم .
قال ابن سعد : وكان ثقة ، ثم أصابه الفالج قبل أن يموت حتى ضعف وتغير لونه واختلط . وذكره العجلي، وابن حبان وغيرهما في الثقات . وقال أبو حاتم : صدوق ، وقال ابن معين والنسائي : ليس به بأس ، وقال ابن عمار الموصلي : لا بأس به ، ولم يكن صاحب حديث .
وقد ذكر اختلاطه غير واحدٍ ، فذكر أحمد أنه أتاه في كبره ، وهو لا يفهم ، قال : فمن كتب عنه قديماً فسماعه صحيح . وقال عثمان بن أبي شيبة : صدوق ثقة ، لكنه كان خرف فاضطرب عليه حديثه .
لخص الحافظ حاله بقوله : [ صدوق اختلط في الآخر ] .
__________
(1) سبقت هذه المسألة برقم 2/788 ، وستأتي مرة أخرى برقم 83/869 .(1/1)
طبقات ابن سعد 7/313 ، ثقات العجلي ص144 ، الجرح والتعديل 3/369، ثقات ابن حبان 6/269 ، ثقات ابن شاهين ص118 ، تاريخ بغداد 8/319 ، تهذيب الكمال 8/284 ، التقريب 1731 ، الكواكب النيرات ص155 .
* العلاء بن المسيب الأسدي الكاهلي ، الكوفي ، سبق في المسألة الثانية ، وهو ثقة ربما وهم .
* المسيب بن رافع الأسدي الكاهلي، أبو العلاء الكوفي، الأعمى ، مات سنة 105، روى عن البراء بن عازب ، وأبي سعيد ، وابن مسعود وغيرهم ، وقال ابن معين : لم يسمع من أحدٍ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من البراء بن عازب ، وأبي إياس عامر بن عبدة، وعنه : ابنه العلاء ، وأبو إسحاق السبيعي ، والأعمش وغيرهم .
وثقه ابن معين ، والعجلي ، وغيرهما ، وذكره ابن حبان في الثقات .
قال الذهبي : حجة ، صوام ، قوام .
وقال ابن حجر : [ ثقة ] .
تاريخ الدوري 2/566 ، ثقات العجلي ص429 ، ثقات ابن حبان 5/437، تهذيب الكمال 27/586 ، الكاشف 3/146 ، التقريب 6675 .
* أبو سعيد سعد بن مالك الخدري - رضي الله عنه - سبقت ترجمته في المسألة الثانية .
التخريج والحكم على الحديث :
سبق تخريج هذا الحديث والحكم عليه مستوفىً في المسألة رقم 2/788 .(1/2)
66/852- سألت أبي عن حديث رواه محمد بن شعيب بن شابور ، عن معاوية بن يحيى الصدفي ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أيام التشريق كلها ذبح ". قال أبي: هذا حديث كذب بهذا الإسناد(1).
دراسة الرواة :
* محمد شعيب بن شابور - بالمعجمة والموحدة - الأموي ، مولاهم ، أبو عبد الله الدمشقي ، ثم البيروتي ، مات سنة 200 أو نحوها . روى عن : الأوزاعي ، وسعيد بن عبد العزيز التنوخي وغيرهما . وعنه : هشام بن عمار، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، ومحمد بن عبد الله بن عمار وغيرهم . أخرج له الأربعة .
وثقه ابن المبارك ، وابن عمار ، والعجلي ، ودحيم ، وقال: والوليد كان أحفظ منه، وكان محمد إذا حدث الشيء من كتبه حدثه صحيحاً . وقال أبو داود : في الأوزاعي ثبت . وعده ابن عدي في ثقات الشاميين ، مثل الوليد بن مسلم . وذكره ابن حبان في الثقات .
وقال أحمد: ما أرى بأساً، ما علمت إلا خيراً . وقال ابن معين: كان مرجئاً وليس به في الحديث بأس .
وقال الذهبي : مشهور ، وما أعلم والله به بأساً .
وقال ابن حجر : [ صدوق ، صحيح الكتاب ] .
تاريخ أبي سعيد الطبراني عن ابن معين ص51 ، ثقات العجلي ص405 ، الجرح والتعديل 7/286 ، تهذيب الكمال 25/370 ، الميزان 3/580 ، تهذيب التهذيب 3/589 ، التقريب 5958 .
* معاوية بن يحيى الصدفي ، أبو روح الدمشقي ، روى عن : مكحول، والزهري، وسليمان بن موسى وغيرهم . وعنه : بقية بن الوليد ، والوليد بن مسلم ، ومحمد بن شعيب وغيرهم . أخرج له الترمذي ، وابن ماجه .
ضعيف ، قال ابن معين : هالك ليس بشيء . وقال الجوزجاني: واهي الحديث . وضعفه ابن المديني ، وأبو داود، والنسائي وغيرهم.
__________
(1) ذكر المؤلف هذه المسألة مرة ثانية في الأضاحي والذبائح 2/38 ح1592 .(1/1)
وقال أبو زرعة : ليس بقوي ، أحاديثه كلها مقلوبة ما حدث بالري ، والذي حدث بالشام أحسن حالاً . وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث، في حديثه إنكار، روى عنه هقل ابن زياد أحاديث مستقيمة كأنها من كتاب ، وروى عنه عيسى بن يونس ، وإسحاق بن سليمان أحاديث مناكير كأنها من حفظه . وقال البخاري نحو ذلك - أيضاً -.
قال ابن عدي : عامة رواياته فيها نظر .
وقال ابن حجر : [ ضعيف ، وما حدث بالشام أحسن مما حدث بالري ] .
التاريخ الكبير 7/336 ، الضعفاء للبخاري ص108 ، أحوال الرجال ص168، سؤالات الآجري 2/219، ضعفاء النسائي ص97، الجرح والتعديل 8/383 ، الكامل 6/399 ، تهذيب الكمال 28/218، الميزان 4/138 ، تهذيب التهذيب 4/113 ، التقريب 6772 .
* الزهري ، محمد بن مسلم ، سبق في المسألة الرابعة والعشرين ، وهو الحافظ الفقيه، متفق على جلالته وإتقانه .
* سعيد بن المسيب المدني ، سبق في المسألة الرابعة والعشرين ، وهو أحد العلماء الأثبات والفقهاء الكبار ، قال ابن المديني : لا أعلم في التابعين أوسع علماً منه .
* أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - سبقت ترجمته في المسألة الثانية .
التخريج :
- أخرجه ابن أبي حاتم في العلل 2/38 ح1594 عن أبيه ،
وابن عدي 6/400 - ومن طريقه البيهقي 9/296 - عن عبد الله بن محمد بن مسلم،
وابن عدي 6/400(1)- ومن طريقه البيهقي 9/296 - عن جعفر بن أحمد بن عاصم ،
ثلاثتهم ( أبو حاتم ، وعبد الله وجعفر ) عن دحيم ، عن محمد بن شعيب بن شابور به بلفظه للأولين، وبنحوه الثالث، وذكر فيه جعفر أبا هريرة بدل أبي سعيد.
الحكم عليه :
__________
(1) وقع سقط في نسخة الكامل المطبوعة ، حيث جعل رواية جعفر : عن الزهري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً ، والتصحيح من البيهقي حيث رواه من طريق ابن عدي ، ويدل له كلام ابن عدي الآتي . وانظر الميزان 4/139.(1/2)
ذكر أبو حاتم أن هذا الحديث بهذا الإسناد كذب ، وقال في الموطن الثاني 2/38 ح1592 : هذا حديث موضوع عندي ، ولم يقرأه على الناس .
والأمر كما ذكر أبو حاتم ، فقد تفرد بهذا الحديث معاوية بن يحيى الصدفي ، عن الزهري ، فأين أصحاب الزهري على كثرتهم عنه ، ومعاوية قد سبق ضعفه ، وكلام الأئمة فيه ، ولذا ساقه ابن عدي في منكراته وقال : وهذا سواء قال عن الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ، وسواء قال : عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن أبي سعيد ، جميعاً غير محفوظين ، لا يرويهما غير الصدفي . ثم قال في نهاية ترجمته : وهذه الأحاديث التي أمليت غير محفوظة، ولمعاوية غير ما ذكرت عن الزهري وغيره ، وعامة رواياته فيها نظر.
وقد نقل البيهقي بعض كلام ابن عدي هذا مقرراً له .
هذا ما يتعلق بحديث أبي سعيد الخدري ، وقد روي متنه من حديث جبير بن مطعم ، ووقع فيه اختلاف ، وهذا بيانه :
- أخرجه أحمد 4/82 ح16751 ، والبيهقي 5/239 و 9/295 من طريق أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولاني ،
وأحمد 4/82 ح16752 ، والبيهقي 9/295 من طريق أبي اليمان الحكم بن نافع الحمصي ،
والبزار 8/363 ح3444 ، وابن حبان 9/166 ح3854 ، وابن عدي 3/269 ، - ومن طريقه البيهقي 9/296 - ، وابن حزم في المحلى 7/188 من طريق أبي نصر عبد الملك بن عبد العزيز التمار ،
والبزار 8/363 ح3443 ، والطبراني في الكبير 2/138 ح1583، والدارقطني 4/284 ح47 و48 ، والبيهقي 5/239 و269 من طريق سويد بن عبد العزيز ،
وابن عبد البر في التمهيد 23/167 - معلقاً - عن إسماعيل بن عياش ،(1/3)
خمستهم ( أبو المغيرة ، وأبو اليمان ، وأبو نصر ، وسويد ، وإسماعيل ) عن سعيد ابن عبد العزيز التنوخي ، عن سليمان بن موسى الأموي ، عن جبير بن مطعم مرفوعاً ، ولفظه : " كل عرفات موقف ، وارفعوا عن بطن عرنة ، وكل مزدلفة موقف ، وارفعوا عن محسر ، وكل فجاج منى منحر ، وكل أيام التشريق ذبح ". واقتصر في بعض الروايات على الجملة الأخيرة وهي محل الشاهد ، ولكنه جعله في رواية سويد بن عبد العزيز ، وإسماعيل ابن عياش : عن سليمان بن موسى ، عن نافع بن جبير ، عن أبيه جبير بن مطعم . أما في رواية أبي نصر التمار فجعله: عن سليمان بن موسى ، عن عبد الرحمن بن أبي حسين ، عن جبير بن مطعم .
وأخرجه الدارقطني 4/284 ح49 - ومن طريقه البيهقي 9/296- من طريق أحمد ابن عيسى الخشاب ، عن عمرو بن أبي سلمة ، عن أبي مُعيد حفص بن غيلان ، عن سليمان بن موسى أن عمرو بن دينار حدثه عن جبير بن مطعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" كل أيام التشريق ذبح " .
وهذا الحديث مداره على سليمان بن موسى الأموي الأشدق ، وهو فقيه أهل الشام بعد مكحول ، وقد وثقه ابن معين ، ودحيم وغيرهما ، ولكنه تكلم في حديثه ، قال أبو حاتم : محله الصدق ، وفي حديثه بعض الاضطراب ، ولا أعلم أحداً من أصحاب مكحول أفقه منه ولا أثبت منه . وقال البخاري : عنده مناكير . وقال النسائي: أحد الفقهاء وليس بقوي في الحديث وقال - أيضاً-: في حديثه شيء . وفيه كلام غير ذلك . وقد قال ابن حجر : صدوق فقيه ، في حديثه بعض لين ، وخولط قبل موته بقليل . ( انظر تهذيب الكمال 12/92 ، والتقريب 2616 ) .
وقد اختلف على سليمان بن موسى في هذا الحديث، وله عنه طريقان، أحدهما طريق سعيد بن عبد العزيز ، والآخر طريق أبي معيد .(1/4)
فأما طريق أبي معيد فغير صحيح ، فقد تفرد به أحمد بن عيسى الخشاب التنيسي المصري ، قال ابن عدي : له مناكير . وقال الدارقطني : ليس بالقوي . وقال ابن طاهر : كذاب يضع الحديث . وذكره ابن حبان في المجروحين . قال ابن حجر : ليس بالقوي . ( الميزان 1/126 ، تهذيب التهذيب 1/39 ، التقريب 87 ) ، ومع ضعف هذا الإسناد فقد خولف شيخ أحمد بن عيسى فيه ، فأخرجه الطبراني في مسند الشاميين 2/389 ح1556 من طريق الوليد بن مسلم ، عن أبي معيد وذكر فيه محمد بن المنكدر بدل : عمرو بن دينار . وساق حديث جبير السابق دون أن يذكر فيه قوله " وكل أيام التشريق ذبح " .
ثم إن حديث ابن المنكدر قد روي عنه من طريق آخر مرسلاً ، وليس فيه محل الشاهد، ( انظر البيهقي 5/115 ) .
والحاصل أن قوله " وكل أيام التشريق ذبح " لا يصح من حديث أبي معيد ، عن سليمان بن موسى ، وإنما هو من حديث سعيد بن عبد العزيز التنوخي ، عن سليمان بن موسى ، وقد وقع فيه اختلاف على الأوجه التالية :
الوجه الأول : عن سعيد بن عبد العزيز ، عن سليمان بن موسى، عن جبير بن مطعم ، وهذه رواية أبي المغيرة ، وأبي اليمان.
الوجه الثاني : عن سعيد بن عبد العزيز ، عن سليمان بن موسى ، عن نافع بن جبير ، عن أبيه ، وهذه رواية سويد بن عبد العزيز ، وإسماعيل بن عياش .
الوجه الثالث : عن سعيد بن عبد العزيز، عن سليمان بن موسى ، عن عبد الرحمن ابن أبي حسين ، عن جبير بن مطعم ، وهذه رواية أبي نصر التمار .
فهذه ثلاثة أوجه في الاختلاف على سعيد بن عبد العزيز ، وهذا نوع اضطراب، كما أشار إلى ذلك ابن عبد البر في الاستذكار 15/204 .(1/5)
وسعيد بن عبد العزيز التنوخي إمام مشهور ، وهو ثقة ، لكنه اختلط في آخر أمره ، ( انظر : التقريب 2358 ، والكواكب النيرات ص213 )، فيحتمل أن تكون بعض هذه الأوجه مما سمع منه بعد اختلاطه فمن هنا جاء الاختلاف ، ( انظر السلسلة الصحيحة 5/6 ) ، ولم أقف على شيء يميز من سمع منه قبل الاختلاط ومن سمع بعده ، ولعل هذا لأن اختلاطه غير مشهور .
وقد اختلف الأئمة في الترجيح بين هذه الأوجه ، فقال ابن عبد البر بعد أن ذكر رواية إسماعيل بن عياش: وأما أهل الحديث فإنهم يقولون إنه مما انفرد بوصله إسماعيل بن عياش ، ولم يتابع على ذلك ، وإنما هو مرسل ، وقال أحمد : الصحيح مرسل اهـ . ومعنى كونه مرسلاً أي منقطعاً بين سليمان بن موسى وجبير بن مطعم . وقال البيهقي لما ذكر هذا الوجه: هذا هو الصحيح وهو مرسل . فهؤلاء ثلاثة من الأئمة ( وهم أحمد بن حنبل ، وابن عبد البر ، والبيهقي ) رجحوا الوجه الأول .
أما البزار فقال : وهذا الحديث لا نعلم أحداً قال فيه : عن نافع بن جبير ، عن أبيه ، إلا سويد بن عبد العزيز ، وهو رجل ليس بالحافظ ، ولا يحتج به إذا انفرد بحديث ، وحديث ابن أبي حسين هذا هو الصواب ، وابن أبي حسين لم يلق جبير بن مطعم ، وإنما ذكرنا هذا الحديث لأنا لم نحفظ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " في كل أيام التشريق ذبح " إلا في هذا الحديث ، فمن أجل ذلك ذكرناه وبينا العلة فيه .(1/6)
فاتفقت كلمة هؤلاء الأئمة جميعاً على أن الوجه الثاني ، وهو جعله : عن سليمان ابن موسى ، عن نافع بن جبير ، عن أبيه ، غير محفوظ ، وذلك لأنه من رواية سويد بن عبد العزيز، وهو ضعيف. ( التقريب 2692 ) ولذا قال البيهقي : ورواه سويد بن عبد العزيز وهو ضعيف عن بعض أهل النقل ... ثم ذكره . ولكن قد تابعه إسماعيل بن عياش ، والمشكل في هذا أن ابن عبد البر قد ذكر أن إسماعيل بن عياش قد تفرد بها الوجه ، بينما ذكر البزار تفرد سويد بن عبد العزيز به ، وكذا هو ظاهر كلام البيهقي .
فإما أن يكون اطلع بعضهم على ما لم يطلع عليه الآخر فهذا احتمال ، ويحتمل أن تكون الرواية عن إسماعيل بن عياش غير ثابتة ، فإني لم أقف عليها إلا في التمهيد ، ومعلقة - أيضاً - غير مسندة ، فقد يكون ذكر إسماعيل وهماً ، أو سبق قلم ، فإن مثل هذا الحديث لو كان عند إسماعيل بن عياش على هذا الوجه لاشتهر ، ثم إن ابن عبد البر ذكر أن أصحاب الشافعي يحتجون بحديث إسماعيل هذا . وهم إنما يذكرونه من حديث سويد بن عبد العزيز ، كما ذكره البيهقي وغيره. وهذا كله يقوي الاحتمال الثاني.
والحاصل أن هذا الوجه ، وهو الوجه الثاني أضعف الأوجه ، وإنما الاختلاف في الترجيح بين الوجهين الآخرين ، وكلاهما منقطع ، فإن ابن أبي حسين لم يلق جبير بن مطعم كما ذكر البزار قبل قليل . ولعل أرجحهما الوجه الأول لاتفاق ثقتين عليه ، وهما أبو المغيرة ، وأبو اليمان .
ثم إن هذا الحديث من جميع وجوهه تفرد به سليمان بن موسى ، وقد سبق بيان حاله ، ولذا قال ابن عبد البر : وسليمان بن موسى وإن كان أحد أئمة أهل الشام فهو عندهم سيئ الحفظ . ( الاستذكار 15/204 ) والله أعلم .
وقد تبين بهذا أن قوله " أيام التشريق كلها ذبح " لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من جميع وجوهه . والله أعلم .(1/7)
67/753- سألت أبي عن حديث رواه عباد بن العوام ، عن الحجاج ، عن أبي الزبير ، عن جابر " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع الحج والعمرة ، فطاف لهما طوافاً واحداً(1)" قال أبي : هذا حديث منكر بهذا الإسناد .
دراسة الرواة :
* عباد بن العوام الكلابي ، سبق في المسألة الخامسة ، وهو ثقة ، إلا في سعيد بن أبي عروبة .
* الحجاج بن أرطاة النخعي الكوفي، سبق في المسألة الرابعة والثلاثين، وهو صدوق، كثير الخطأ والتدليس .
* أبو الزبير : محمد بن تدرس المكي - بفتح المثناة وسكون الدال المهملة وضم الراء - الأسدي ، مولاهم المكي ، مات سنة 126. روى عن : جابر بن عبد الله، وابن الزبير ، وابن عمر وغيرهم . وعنه : أيوب ، ومالك ، والليث بن سعد ، وابن جريج ، وحجاج ابن أرطاة وغيرهم . أخرج له الجماعة ، إلا أن البخاري أخرج له متابعة .
قال ابن المديني : ثقة ثبت . ووثقه ابن معين - في رواية - وابن سعد ، والنسائي ، والعجلي وغيرهم .
وقال أحمد : قد احتمله الناس ، وهو أحب إليَّ من أبي سفيان ، وأبو الزبير لا بأس به .
وقال يعقوب بن شيبة : ثقة صدوق ، وإلى الضعف ما هو . وقال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به ، وهو أحب إليَّ من أبي سفيان . وقال أبو زرعة : روى عنه الناس ، قيل : يحتج به ؟ قال : إنما يحتج بحديث الثقات . وقال الشافعي : أبو الزبير يحتاج إلى دعامة .
وقد تكلم فيه شعبة ، فعن ورقاء قال : قلت لشعبة : مالك تركت حديث أبي الزبير؟ قال : رأيته يزن ويسترجح في الميزان . ولذا قال ابن سعد : كان ثقة كثير الحديث ، إلا أن شعبة تركه لشيء زعم أنه رآه فعله في معاملة ، وقد روى عنه الناس .
__________
(1)
(1) المقصود بالطواف هنا أي : بين الصفا والمروة ، كما تدل له ألفاظ هذا الحديث ، إلا أن بعض الرواة عممه فجعله في الطواف بين الصفا والمروة ، والطواف بالكعبة ، كما سيأتي ذكر ألفاظهم بالتفصيل .(1/1)
وقال عبد الله بن أحمد ، عن أبيه : كان أيوب السختياني يقول : حدثنا أبو الزبير ، وأبو الزبير أبو الزبير . قلت لأبي : كأنه يضعفه ؟ قال : نعم . وقال نعيم بن حماد : سمعت ابن عيينة يقول : حدثنا أبو الزبير ، وهو أبو الزبير ، كأنه يضعفه .
وفيه كلام غير ذلك . وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: وكان من الحفاظ ، وكان عطاء يقدمه إلى جابر ليحفظ له ، روى عنه مالك ، والثوري ، وعبيد الله بن عمر ، والناس ... ولم ينصف من قدح فيه ، لأن من استرجح في الوزن لنفسه لم يستحق الترك من أجله .
وقال ابن عدي بعد أن ذكر أنه قد روى عنه شعبة ، والثوري ، وزهير ، ومالك، وحماد بن سلمة، وابن عيينة ، وابن جريج : وكل قد انفرد عنه بشيء ، وكفى بأبي الزبير صدقاً أن حدث عنه مالك ، فإن مالكاً لا يروي إلا عن ثقة ، ولا أعلم أحداً من الثقات تخلف عن أبي الزبير، إلا وقد كتب عنه ، وهو في نفسه ثقة، إلا أنه يروي عنه بعض الضعفاء فيكون ذلك من جهة الضعيف ، ولا يكون من قبله ، وأبو الزبير يروي أحاديث صالحة ، ولم يتخلف عنه أحد ، وهو صدوق وثقة لا بأس به .
وقال الذهبي: وهو من أئمة العلم، اعتمده مسلم، وروى له البخاري متابعة،
وقد تكلم فيه شعبة ، لكونه استرجح في الميزان ، وجاء عن شعبة أنه تركه لكونه يسيء صلاته ، وقيل : لأنه رآه مرة يخاصم ففجر ... .
وقال - أيضاً - : ثقة تكلم فيه شعبة ، وقيل : يدلس .
ولخص ابن حجر حاله بقوله : [ صدوق ، إلا أنه يدلس ]. وقد ذكره ابن حجر في المرتبة الثالثة من المدلسين ، وقال : وصفه النسائي وغيره بالتدليس .
طبقات ابن سعد 5/481 ، سؤالات ابن أبي شيبة لابن المديني ص87 ، ثقات العجلي ص413 ، ضعفاء العقيلي 4/130 ، الجرح والتعديل 8/74 ، ثقات ابن حبان 5/351 ، الكامل 6/121 ، تهذيب الكمال 26/402 ، الميزان 4/37 ، معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد ص171 ، تهذيب التهذيب 3/694 ، التقريب 6291 ، طبقات المدلسين ص70 .(1/2)
* جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة السابعة والثلاثين .
التخريج :
لم أقف عليه من حديث عباد بن العوام .
- وأخرجه الترمذي 2/272 ح947 ، وابن أبي شيبة 3/292 ح14319 - ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد 15/222 - والطحاوي في شرح المعاني 2/204 ح3930 من طريق أبي معاوية الضرير ، عن الحجاج بن أرطاة به بنحوه ، إلا عند ابن أبي شيبة في المصنف فهو بلفظ :" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف لهما طوافاً واحداً ".
- وأخرجه مسلم 4/36 ح1215 و4/70 ح1279 ، وأحمد 3/317 - وعنه أبو داود 2/480 ح1890 - ، والنسائي في المجتبى 5/244 ، وفي الكبرى 2/416 ح3980 و2/462 ح4176 ، وأبو يعلى 4/12 ح2012، وابن الجارود 2/86 ح459، وأبو عوانة 2/327 ح3315و3316، والطحاوي في شرح المعاني 2/204 ح3932 ، وفي شرح المشكل 10/94 ح3942 و10/95 ح3943 ، وابن حبان 9/223 ح3914 و9/127 ح3819، وأبو نعيم في المستخرج 3/313 ح2819 ، وابن حزم في حجة الوداع ص156 ح66 ، والبيهقي في السنن الكبرى 5/106 ، وفي السنن الصغير 1/431 ح1706 من طرقٍ متعددة عن عبد الملك بن جريج ،
ومسلم 4/36 ح1213 ، وأحمد 3/292 ح14116 ، وأبو عوانة 2/291 ح3174 ، وأبو القاسم البغوي في حديث ابن الجعد ص384 ح2627 ، والطحاوي في شرح المشكل 10/95 ح3945 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/312 ح2817 ، والخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل 1/561-562، من طريق أبي خيثمة زهير بن معاوية،
وابن ماجه 2/990 ح2973 من طريق أشعث بن سوار ،
وأحمد 3/387 ح15155 عن الحسن بن موسى الأشيب ، عن عبد الله بن لهيعة ،
والدارقطني 2/161 ح115 من طريق القاسم بن مروان ، عن سليمان بن أبي داود،(1/3)
خمستهم ( ابن جريج ، وزهير ، وأشعث ، وابن لهيعة ، وسليمان ) عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله به ، ولفظه في رواية ابن جريج : " لم يطف النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً ، طوافه الأول " ولفظ أشعث :" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف للحج والعمرة طوافاً واحداً "، ولفظ ابن لهيعة :" عن أبي الزبير قال: سألت جابراً كم طاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الصفا والمروة ؟ فقال : مرة واحدة ". وأما زهير فحديثه مطول في قصة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحل لمن لم يكن معه هدي ، وفيه قال جابر : وكفانا الطواف الأول بين الصفا والمروة . وأما سليمان بن أبي داود فقد أحال الراوي على حديث لابن عمر سبقه ، وهو بلفظ " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما طاف لحجه وعمرته حين قرن في حجة الوداع طوافاً واحداً ، وسعى بين الصفا والمروة سعياً واحداً " .
- وأخرجه أبو داود 2/438 ح1785 ، وأحمد 3/362 ح14900 ، والنسائي في الكبرى 2/461 ح4171 ، والطحاوي في شرح المشكل 6/225 ح2436 ، والطبراني في الأوسط 8/374 ح8915 من طريق حماد بن سلمة عن قيس بن سعد ،
وأحمد 3/373 ح15009 ، والدارقطني 2/259 ح105 من طريق سهل بن يوسف ، وأحمد 3/389 ح15181 من طريق حماد بن زيد ، والدارقطني 2/259 ح106 من طريق حفص بن غياث ، وشريك القاضي ، أربعتهم ( سهل ، وحماد ، وحفص ، وشريك ) عن الحجاج بن أرطاة ،
وأحمد 3/366 ح14943 ، والطيالسي 3/256 ح1781 ، والدارقطني 2/258 ح102 ، والطبراني في الكبير 7/145 ح6570 من طريق الربيع بن صبيح ،
وأحمد 3/381 ح15086، والدارقطني 2/259 ح108 من طريق يحيى بن اليمان، عن المثنى بن الصباح ،
والطحاوي في شرح المعاني 2/204 ح3931 ، وفي شرح المشكل 10/95 ح3944 ، والدارقطني 2/259 ح103 من طريق أبي عامر العقدي ، عن رباح بن أبي معروف ،(1/4)
وابن عدي 6/377 من طريق مطرف بن مازن ، والدارقطني 2/259 ح204 من طريق سهل بن عثمان ، عن المحاربي ، كلاهما ( مطرف ، والمحاربي ) عن ابن جريج ،
ستتهم ( قيس بن سعد ، والحجاج بن أرطاة ، والربيع بن صبيح ، والمثنى ، ورباح ، وابن جريج ) عن عطاء بن أبي رباح ،
والنسائي في المجتبى 5/226 ، وفي الكبرى 2/398 ح3910 ، والدارقطني 2/258 ح101 ، وأبو نعيم في الحلية 9/60 ، من طريق هانئ بن أيوب ، عن طاووس ،
وابن ماجه 2/990 ح2972، وابن أبي شيبة في المسند ( المطالب العالية 2/23 ح1198)، و أبو يعلى 4/276 ح2498 و10/35 ح5663 ، وابن الأعرابي في معجمه 3/890 ح1856 ، و3/898 ح1879 ، والطبراني في الكبير 11/55 ح11026، والدارقطني 2/258 ح100 من طرقٍ عن يحيى بن يعلى ، عن أبيه ، عن غيلان بن جامع ، عن ليث ابن أبي سليم ، عن عطاء ، وطاووس ، ومجاهد ،
وابن الأعرابي في معجمه 2/748 ح1514 ، وابن عدي 6/377 ، وابن المقري في المعجم ص242 ح1812 من طريق مطرف بن مازن الصنعاني ، عن عمر بن حبيب ، عن عطاء ، وعمرو بن دينار ،
وابن عدي 6/129 ، والدارقطني 2/261 ح117 ، وابن المقرئ في المعجم ص360 ح1201، من طريق محمد بن أبان ، عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ،
والدارقطني 2/361 ح116 من طريق هارون بن عمران ، عن سليمان بن أبي داود، عن عطاء ، ونافع(1)،
__________
(1) وقع في المطبوع من سنن الدارقطني :"عن عطاء بن نافع " وهو تصحيف ، وقد ذكره الذهبي في الميزان 2/207 على الصواب: عطاء ونافع .(1/5)
ستتهم ( عطاء بن أبي رباح ، وطاووس ، ومجاهد ، وعمرو بن دينار ، ومحمد بن علي، ونافع ) عن جابر بن عبد الله بهذا الحديث بلفظه في رواية محمد بن علي، ورواية المحاربي ، عن ابن جريج ، عن عطاء فقط ، وأما البقية فألفاظهم كالتالي : فلفظ رواية قيس بن سعد عن عطاء : " قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأربع خلون من ذي الحجة فلما طافوا بالبيت وبالصفا والمروة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اجعلوها عمرة إلا من كان معه الهدي ، فلما كان يوم التروية أهلوا بالحج ، فلما كان يوم النحر قدموا فطافوا بالبيت ولم يطوفوا بين الصفا والمروة " . ولفظ حماد بن زيد ، عن الحجاج ، عن عطاء : " قدمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطفنا بالبيت وبين الصفا والمروة ، فلما كان يوم النحر لم نقرب الصفا والمروة " . ولفظ سهل بن يوسف ، عن الحجاج ، عن عطاء : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حين قدموا لم يزيدوا على طوافٍ واحدٍ " ولفظ حفص بن غياث ، وشريك عن الحجاج ، عن عطاء : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرن فطاف طوافاً واحداً هو وأصحابه " وقال شريك : " وسعى سعياً واحداً " . ولفظ رواية الربيع بن صبيح ، عن عطاء : " ما طاف لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا طوافاً واحداً وسعياً واحداً لحجته وعمرته " . هذا لفظه عند الدارقطني ، وأما عند غيره فقد ذكر فيه قصة إحلال الصحابة مطولة ، وقال في آخره : " وكان طوافهم بالبيت وسعيهم بين الصفا والمروة لحجهم وعمرتهم طوافاً واحداً وسعياً واحداً " . ولفظ رواية المثنى بن الصباح ، عن عطاء ، عند أحمد : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف طوافاً واحداً " ، ولفظه عند الدارقطني : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرن من بين أصحابه ، وطاف طوافاً واحداً ، وأحل أصحابه بعمرة ".(1/6)
ولفظ رواية رباح بن أبي معروف ، عن عطاء :" أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزيدوا على طوافٍ واحدٍ ". ولفظ رواية هانئ بن أيوب، عن طاووس، عند النسائي: " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف طوافاً واحداً " وعند الدارقطني بلفظ:" قدمنا حجاجاً فأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأحللنا لما طفنا ، وما طفنا لعمرتنا وحجتنا إلا طوافاً واحداً ". ولفظه في رواية ليث بن أبي سليم ، عن عطاءٍ وطاووس ، ومجاهد : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يطف هو وأصحابه لعمرتهم وحجتهم حين قدموا إلا طوافاً واحداً ". ولفظ رواية مطرف بن مازن ، عن عمر ابن حبيب ، عن عطاء ، وعمرو بن دينار : " طفنا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طوافاً واحداً وسعياً واحداً لعمرتنا وحجتنا " . وقد أحال عليه في رواية مطرف بن مازن ، عن ابن جريج ، عن عطاء وحده . وأما لفظ رواية سليمان بن أبي داود عن عطاء ، ونافع فهو : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما طاف لحجته وعمرته طوافاً واحداً ، وسعياً واحداً ، ثم قدم مكة فلم يسع بينهما بعد الصدر " .
وقد قرن ليث بن أبي سليم في روايته عن عطاء ، وطاووس ، ومجاهد مع جابر : عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس . كما قرن سليمان بن أبي داود في روايته عن عطاء، ونافع مع جابر : ابن عمر وحده .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم أن حديث عباد بن العوام ، عن الحجاج ، عن أبي الزبير ، عن جابر : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع الحج والعمرة فطاف لهما طوافاً واحداً " حديث منكر بهذا الإسناد .(1/7)
ووجه النكارة في هذا هو ذكره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع الحج والعمرة ، وهذا لم يأت به عن أبي الزبير غير الحجاج بن أرطاة ، وسليمان بن أبي داود ، وأشعث بن سوَّار، فأما الحجاج فقد سبق بيان حاله ، وأنه كثير الخطأ ، وكذا القول في أشعث بن سوار ، فإنه دون الحجاج كما قال يحيى القطان . وقد ضعفه أحمد ، وابن معين ، والنسائي وغيرهم . ولذا قال في التقريب : ضعيف . ( انظر : تهذيب الكمال 3/264 ، التقريب 524 ) ، وأما سليمان بن أبي داود فقد ذكره الذهبي في الميزان ، وقال: لعله بومه ، ثم ذكر حديثه السابق عن عطاء ، ونافع ، وقال : قال ابن القطان : لا يعرف . وكان الذهبي قد ذكر بومه وهو سليمان بن أبي داود الحراني ، وقال: ضعفه أبو حاتم . وقال البخاري : منكر الحديث . وقال ابن حبان : لا يحتج به ( انظر الميزان 2/206-207 ) .
وإنما المحفوظ عن أبي الزبير ، عن جابر حديث ابن جريج ، وزهير بن معاوية ، وقد أخرجه مسلم من حديثهما ، فهو حديث ثابت ، وليس فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع الحج والعمرة ، وإنما في رواية ابن جريج أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لم يطوفوا بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً . وفي رواية زهير لما ذكر القصة ذكر أن الصحابة اكتفوا بطوافهم الأول بين الصفا والمروة ، ورواية ابن لهيعة مثل روايتهما مع ضعفه فهذا هو الصواب عن أبي الزبير في هذا الحديث ، وكل ما خالفه فهو منكر ، ومن ذلك رواية الحجاج ، وسليمان ، وأشعث فكلها منكرة .
وبناءً على هذا فجميع الروايات السابقة عن جابر ، التي ذكر فيها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الحج والعمرة منكرة ، ولا تصح عن جابر .(1/8)
ومن الممكن تتبع الطرق التي ذكر فيها ذلك وبيان ما فيها من ضعف ، فمنها حديث ليث بن أبي سليم ، عن عطاء ، وطاووس ، ومجاهد ، عن جابر ، وابن عمر ، وابن عباس ، وذكر فيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يطف هو وأصحابه لعمرتهم وحجهم حين قدموا إلا طوافاً واحداً ، فهذا ضعيف من أجل ليث بن أبي سليم ، فإنه ضعيف ، وقد سبق بيان حاله مفصلاً في المسألة الثلاثين . ثم إنه قد جمع ثلاثة من التابعين ، عن ثلاثة من الصحابة ، وهذا مما ضعف ليث بسببه .
ومنها حديث الربيع بن صبيح، عن عطاء، والربيع صدوق سيئ الحفظ ، ( التقريب 1895) وقد ضعف الزيعلي هذا الطريق والذي قبله لضعف ليث ، والربيع . ( انظر نصب الراية 3/109 ) .
ومنها حديث حفص بن غياث ، وشريك، عن الحجاج بن أرطاة، عن عطاء، وفيه: " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرن ... " فهذا آفته الحجاج بن أرطاة وقد سبق ما فيه .
وكذلك حديث المثنى بن الصباح عن عطاء - عند الدارقطني-، وفيه:" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرن ... " فالمثنى ضعيف اختلط بأخرة . ( التقريب 6471 ) .
ومنها حديث سهل بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن ابن جريج، عن عطاء ، وهو بلفظ حديث الحجاج ، عن أبي الزبير . وهذا الإسناد لا بأس برجاله ، ولكن المحاربي كان يدلس ويروي عن المجهولين - كما سيأتي في ترجمته في المسألة الثالثة والتسعين - ولم أرَ من ذكر في شيوخه ابن جريج ، فقد يكون بينهما بعض المجاهيل ، هذا إن كان المحاربي حدث به ، فإن سهل بن عثمان مع أنه حافظ إلا أن له غرائب ، وقد وقع في حديثه ما يستنكر عليه ، ( انظر ترجمته في تهذيب الكمال 12/197 ، والتقريب 2664 ) ، والحاصل أن هذا الإسناد لا يثبت عن ابن جريج .(1/9)
وكذلك القول في حديث محمد بن أبان ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، وهو بلفظ حديث الحجاج ، عن أبي الزبير ، فهذا الإسناد تفرد به محمد بن أبان بن صالح الكوفي ، وقد ساقه ابن عدي في ترجمته مستنكراً له ، وقد ضعفه ابن معين ، وقال : ليس بشيء . كما ضعفه أبو داود والنسائي . وقال البخاري : يتكلمون في حفظه ليس بالقوي . ( انظر: الكامل 6/128، والميزان 3/453 ) . ثم إن حديث جعفر بن محمد محفوظ عنه من طرقٍ كثيرة ، وليس فيها ما ذكره محمد بن أبان . ( انظر المسند الجامع 4/27-44 ) .
ومما يؤكد نكارة جميع هذه الطرق عن جابر بن عبد الله التي فيها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرن ، أو جمع بين الحج والعمرة ونحو ذلك ، أن المعروف عن جابر أنه يرى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج مفرداً .
فقد أخرج البخاري 2/195 ح1651 و3/4 ح1785 ، وأبو داود 2/438 ح1786، وأحمد 3/305 ح14279 ، والبيهقي 5/3 وغيرهم من طريق حبيب المعلم، عن عطاء ، عن جابر بن عبد الله قال : " أهل النبي - صلى الله عليه وسلم - هو وأصحابه بالحج ، وليس مع أحد منهم هدي غير النبي - صلى الله عليه وسلم - وطلحة ... " فذكر حديثاً طويلاً .
وأخرج ابن ماجه 2/988 ح2966 عن هشام بن عمار قال: حدثنا عبد العزيز الدراوردي ، وحاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج " .
وليس معنى هذا أن جميع الطرق عن جابر التي لم يذكر فيها " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الحج والعمرة " صحيحة ، بل فيها ما هو ظاهر الضعف ، ولكن الاعتماد على ما ثبت منها كحديث ابن جريج ، عن أبي الزبير، عن جابر في اكتفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بطواف واحد بين الصفا والمروة .
وبهذا يظهر مراد أبي حاتم في حكمه على حديث الحجاج بن أرطاة ، عن أبي الزبير بأنه منكر ، والله أعلم .(1/10)
68/854- سألت أبي عن حديثٍ رواه يوسف بن الفيض ، عن الأوزاعي ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن لله في كل يومٍ وليلة عشرين(1)ومائة رحمة ينزل(2)على هذا البيت، فستون للطائفين ، وأربعون للمصلين ، وعشرون للناظرين " . قال أبي : هذا حديث منكر ، ويوسف ضعيف الحديث ، شبه المتروك .
دراسة الرواة :
* يوسف بن الفيض ، وقال البخاري : يوسف بن أبي السفر ، وقال غيره : ابن السفر، - وهو نفسه كما قال الخطيب - أبو الفيض الشامي ، روى عن : الأوزاعي ، ومالك . وعنه: بقية ، وعبد الله بن عمران العابدي ، وسعيد بن يعقوب الطالقاني .
متروك . قال أبو زرعة والنسائي : متروك الحديث . وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث ، هو شبه المتروك . وقال البخاري : كاتب الأوزاعي ، منكر الحديث . وقال - أيضاً - : كان يكذب. وقال ابن حبان : شيخ يروي عن الأوزاعي المناكير الكثيرة والأوهام الفاحشة ، كأنه كان يعملها تعمداً ، لا يجوز الاحتجاج به بحال .
التاريخ الكبير 8/387 ، الجرح والتعديل 9/228 ، المجروحين 3/136 ، الكامل 7/162 ، الموضح 2/472 ، الميزان 4/466 .
* الأوزاعي، عبد الرحمن بن عمروٍ الشامي، سبق في المسألة الثامنة والثلاثين، وهو ثقة جليل .
* عطاء بن أبي رباح المكي ، سبق في المسألة السادسة ، وهو ثقة فقيه فاضل ، لكنه كثير الإرسال .
* عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة العاشرة .
التخريج :
__________
(1)
(1) في النسخ الخطية " عشرون " والصواب " عشرين " كما في ( ط ) ، وقد أقحم الناسخ في ( س ) قبلها واواً ، وليس لها محل .
(2) في ( ط ) :" تنزل " بالتاء . وفي ( س ، ح ) غير منقوطة ، ولم يتبين لي ما في ( م ) .(1/1)
- أخرجه الفاكهي في أخبار مكة 1/198 ح324، وابن حبان في المجروحين 3/137، وابن الأعرابي في معجمه 3/900 ح1887، وابن عدي 7/163 ، وابن أبي شريح في جزء بيبي بنت عبد الصمد الهروية عنه عن شيوخه ص56 ح64 ، وأبو نعيم في أخبار أصبهان 1/115 و307 ، والخطيب في الموضح 2/472 ، وابن الجوزي في العلل المتناهية 2/81 ح940 من طريق عبد الله بن عمران ،
والطبراني في الأوسط 6/248 ح6314 ، وابن عساكر في تاريخ دمشق 40/248 من طريق سعيد بن يعقوب الطالقاني ،
والطبراني في الكبير 11/195 ح11475 من طريق عبد الله بن عمر بن أبان ،
ثلاثتهم ( عبد الله بن عمران ، وسعيد ، وابن أبان ) عن يوسف بن الفيض به بنحوه، إلا أنه سماه في رواية الطالقاني عند الطبراني : عبد الرحمن بن السفر ، كما سماه بعضهم : يوسف بن السفر ، وهو نفسه كما سبق في ترجمته .
- وأخرجه الأزرقي في أخبار مكة 2/8 من طريق داود بن عبد الرحمن ، عن أبي بكر المقدمي البصري ، عن إسماعيل بن مجاهد، عن الأوزاعي ، عن حسان بن عطية : أن الله - عز وجل - خلق لهذا البيت عشرين ومائة رحمة ينزلها في كل يوم ، فستون منها للطايفين ، وأربعون للمصلين ، وعشرون للناظرين . قال حسان : فنظرنا فإذا هي كلها للطايفين ، هو يطوف ويصلي وينظر . فهذا من قول حسان بن عطية .
- وأخرجه الأزرقي في أخبار مكة 2/8 ، وابن حبان في المجروحين 1/317 - ومن طريقه ابن الجوزي في العلل المتناهية 2/82 - من طريق سعيد بن سالم القداح ، وسليم ابن مسلم ،
والحارث بن أبي أسامة في مسنده (بغية الباحث ص130 ح389 ) من طريق سعيد وحده ،
والفاكهي في أخبار مكة 1/199 ح325 ، وابن عدي 6/278، والبيهقي في شعب الإيمان 7/598 ح3760 ، والخطيب في تاريخ بغداد 6/27 ، من طريق محمد بن معاوية النيسابوري ، عن محمد بن صفوان ،
والفاكهي 1/199 ح326 عن إبراهيم بن أبي يوسف ، عن يحيى بن سليم ، عن محمد بن مسلم وغيره ،(1/2)
وقوام السنة في الترغيب والترهيب 2/32 ح1073 من طريق إبراهيم بن يزيد ،
خمستهم ( سعيد بن سالم، وسليم بن مسلم ، ومحمد بن صفوان، ومحمد بن مسلم، وإبراهيم بن يزيد ) عن ابن جريج ، عن عطاء به بنحوه في رواية إبراهيم بن يزيد ، ولفظه في بقية الروايات : عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" ينزل الله - عز وجل - في كل يومٍ مائة رحمة ، ستين على الطائفين بالبيت ، وعشرين على أهل مكة ، وعشرين على سائر الناس " . لكنه قال في رواية محمد بن مسلم : عن ابن جريج موقوفاً .
- وأخرجه الطبراني في الكبير 11/124 ح11248 من طريق خالد بن يزيد العمري ، عن محمد بن عبد الله الليثي ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس به بنحوه .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم أن حديث يوسف بن الفيض ، عن الأوزاعي ، عن عطاء ، عن ابن عباس مرفوعاً : إن لله في كل يوم وليلة ... حديث منكر ، ويوسف ضعيف الحديث شبه المتروك . وهو كما قال ، فقد تفرد بهذا الحديث عن الأوزاعي يوسف بن الفيض ، كما نص على تفرده بذلك الطبراني في الأوسط ، والدارقطني ، ( انظر : أطراف الغرائب والأفراد 3/300 ح2718 ) ونقله عنه الخطيب ، وابن الجوزي ، ويوسف متروك الحديث كما نص عليه غير واحد من الأئمة - وقد سبق ذكر ذلك في ترجمته - .
ولذا فقد توارد الأئمة على استنكار هذا الحديث ، فقد ذكره ابن عدي في جملة أحاديث ثم قال : وهذه الأحاديث التي رواها يوسف ، عن الأوزاعي بواطيل كلها . كما ذكره ابن حبان في منكراته عن الأوزاعي ، وذكر أنه كان يروي عن الأوزاعي المناكير الكثيرة والأوهام الفاحشة كأنه كان يعملها تعمداً ، لا يجوز الاحتجاج به بحال . ومثَّل ابن حبان بهذا الحديث وحديث آخر . وأشار إليه البيهقي في شعب الإيمان 7/599 ونص على ضعفه . وقال ابن الجوزي : هذا حديث لا يصح ، ثم نقل عن الدارقطني قوله في تفرد يوسف بن الفيض به ، ونقل بعض كلام الأئمة فيه .(1/3)
ثم إن يوسف بن الفيض قد خولف فيه ، حيث رواه أبو بكر المقدمي ، عن إسماعيل ابن مجاهد ، عن الأوزاعي : عن حسان بن عطية قوله - كما سبق في التخريج - وهذا إسناد ليس بالقائم - أيضاً - ، فإن أبا بكر المقدمي لم أقف فيه على توثيق ، ولذا قال ابن حجر : مقبول. ( انظر : تهذيب الكمال 33/124، والتقريب 7982 ) ، وإسماعيل بن مجاهدٍ لم أعرفه، ويحتمل أن يكون تصحَّف من : إسماعيل بن مجالد، وهو صدوق يخطئ. ( التقريب 476 ) .
وعلى كل احتمال فإن هذا الإسناد ليس بالقوي إلا أنه أصح من حديث يوسف بن الفيض وأولى بالتقديم .
هذا ما يتعلق بحديث الأوزاعي ، عن عطاء ، وقد بقي الكلام في حديث ابن جريج ، عن عطاء ، وقد وقع عليه في إسناده اختلاف فروي عنه على وجهين :
الوجه الأول : عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس مرفوعاً ، وهذه رواية سعيد بن سالم القداح ، وسليم بن مسلم ، ومحمد بن صفوان ، وإبراهيم بن يزيد الخوزي .
الوجه الثاني : عن ابن جريج موقوفاً ، وهذه رواية محمد بن مسلم وغيره ، وهي عند الفاكهي - كما سبق - ولم يصرح باسم من تابع محمد بن مسلم ، ولست أدري هل هو موقوف على ابن جريج ، أو بالإسناد نفسه لكنه غير مرفوع ، وإن كان الاحتمال الأول أظهر ، والله أعلم .(1/4)
فأما الوجه الأول فجميع طرقه مقدوح فيها ، فإن رواته عن ابن جريج أربعة ، وهم : إبراهيم بن يزيد الخوزي ، وهو متروك الحديث ، ( التقريب 272 ) وكذا سليم بن مسلم وهو الخشاب المكي متروك الحديث - أيضاً -: قال أحمد : قد رأيته بمكة ليس يسوي حديثه شيئاً . وقال ابن معين : ليس بثقة . وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث منكر الحديث . وقال أبو زرعة : ليس بقوي . ( انظر الجرح والتعديل 4/314 ، والميزان 2/232 ) وأما محمد بن صفوان فالظاهر أنه الجمحي المدني ، وقد وثقه ابن حبان وحده ، وقال ابن حجر : مقبول . ( تهذيب الكمال 25/395 التقريب 5969 ) وقد تفرد عنه بهذا الحديث محمد بن معاوية النيسابوري ، وهو متروك الحديث كما قال مسلم ، والنسائي وغيرهما ، بل كذبه ابن معين ، ( انظر : الكامل 6/277، تهذيب الكمال 26/478 ، التقريب 6310 ) وقد ذكر ابن عدي هذا الحديث في منكراته .
وأحسن طرق هذا الوجه عن ابن جريج طريق سعيد بن سالم القداح ، ومع ذلك فقد استنكره ابن حبان عليه ، حيث ساقه في ترجمته -كما سبق في التخريج - وقال فيه ابن حبان : كان يرى الإرجاء ، وكان يهم في الأخبار حتى يجيء بها مقلوبة حتى خرج بها عن حد الاحتجاج . ونقل عن ابن معين قوله : ليس بشيء . وتابع ابنََ حبان على ذلك ابن الجوزي في العلل المتناهية - كما سبق - ، وقد سبقت ترجمة سعيد في المسألة رقم أ/48 ، وفيها أنه اختلف فيه قول ابن معين ، فقد وثقه في رواية . وقال أبو حاتم : محله الصدق . وقال النسائي : ليس به بأس . وفيه كلام آخر ، وقد قال ابن حجر: صدوق يهم ، ورمي بالإرجاء ، وكان فقيهاً .
والظاهر أن سعيداً قد وهم على ابن جريج في هذا الحديث ، فإنه لا يروى عن ابن جريج بهذا الوجه إلا من تلك الطرق الساقطة .(1/5)
وإذا تبين أن الوجه الأول عن ابن جريج منكر ، ولا يصح من جميع طرقه فإن الوجه الثاني الموقوف أصلح حالاً منه ، فإن محمد بن مسلم الطائفي ، وراويه عنه ، وهو: يحيى ابن سليم الطائفي قد اختلف في كل منهما ، وقد سبقت ترجمتهما في المسألة الأربعين، وفيها بيان أقوال الأئمة فيهما ، وقد لخص ابن حجر حال محمد بن مسلم بقوله : صدوق يخطئ من حفظه . كما لخص حال يحيى بن سليم بقوله: صدوق سيئ الحفظ . كما أن شيخ الفاكهي في هذا الإسناد: إبراهيم بن أبي يوسف المكي ، ولم أعرفه .
وعلى كل حالٍ فهذا الإسناد على ما فيه أصلح حالاً من طرق الوجه الأول ، فإن كان للحديث عن ابن جريج أصل فهو على هذا الوجه الموقوف ، ولعله من قوله، والله أعلم.
وبهذا يتبين أن هذا الحديث لا يصح عن عطاء ، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من جميع طرقه ، ولكن بقي طريق ابن أبي مليكة عن ابن عباس ، وقد تفرد به خالد بن يزيد العمري ، وهو كذاب كما قال ابن معين ، وأبو حاتم . وقال : أتيته بمكة فلم أكتب عنه ، وكان ذاهب الحديث . وكتب عنه أبو زرعة وترك الرواية عنه. وقال ابن حبان : منكر الحديث جداً ، أكثر من كتب عنه أصحاب الرأي ، لا يشتغل بذكره لأنه يروي الموضوعات عن الأثبات . ( الجرح والتعديل 3/360 ، المجروحين 1/280 ، الميزان 1/646 ) ، وشيخه في هذا محمد بن عبد الله الليثي ، وهو متروك ، فقد قال ابن معين : ليس حديثه بشيء . وقال أبو حاتم : ليس بذاك الثقة ، ضعيف الحديث . وقال أبو زرعة : لين الحديث . وقال - أيضاً -: ليس بقوي . ( انظر الجرح والتعديل 7/300، وقد مر ذكره في المسألة السابعة والثلاثين في ترجمة محمد بن عمر المحرم فقد قيل إنهما واحد ) . وقد ظهر بهذا أن إسناد حديث ابن أبي مليكة باطل لا يصح ، وأن هذا الحديث لا يصح عن ابن عباس من جميع وجوهه .(1/6)
وإتماماً للبحث فقد أخرج الفاكهي 1/199 ح327 ، وابن الأعرابي 3/901 ح1888 من طريق جعفر بن محمد الأنطاكي ، عن عبيد الله بن عمروٍ الرقي ، عن أيوب السختياني ، عن ابن سيرين ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : " يُنْزَل على أهل مكة في كل يومٍ عشرين ومائة رحمة ، سبعون منها للطوافين ، وثلاثون لأصحاب الصلاة ، وعشرون للنظارة إلى البيت " .
وهذا إسناد ساقط ؛ حيث إنه تفرد به جعفر بن محمد الأنطاكي ، وقد قال فيه ابن حبان : شيخ يروي عن زهير بن معاوية الموضوعات ، وعن غيره من الأثبات المقلوبات ، لا يحل الاحتجاج بخبره . ثم ذكر له حديثاً موضوعاً. وقال الذهبي : ليس بثقة . ( المجروحين 1/213 ، الميزان 1/416 ) .
وبهذا يعلم أن هذا الحديث لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من جميع وجوهه ، ولا عن أحدٍ من أصحابه ، وقصاراه أن يكون من قول بعض السلف كحسان بن عطية ، وابن جريج ، ولعله مما أُخِذ عن أهل الكتاب ، فإن مثل هذا يكثر في أخبار بني إسرائيل ، وقد جانب الصواب من حسن هذا الحديث من المتأخرين ، كالمنذري ، والعراقي ، والسخاوي ، والزبيدي وغيرهم ، ( انظر : الأجوبة المرضية للسخاوي 1/26 ، إتحاف السادة المتقين 4/460 ) والله أعلم .(1/7)
69/855- سألت أبي عن حديثٍ رواه خالد بن عمروٍ القرشي، عن الثوري، عن حماد ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أن رجلاً وقصته(1)ناقة فمات وهو محرم ، فقال : كفنوه ، ولا تغطوا رأسه ، ولا تمسوه طيباً ، فإنه يبعث يوم القيامة وهو يلبي " . قال أبي : هذا خطأ ، إنما يرويه الثوري ، عن عمرو بن دينار ، عن سعيد ابن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وخالد بن عمروٍ ضعيف الحديث .
دراسة الرواة :
* خالد بن عمرو القرشي الأموي ، السعيدي ، أبو سعيد الكوفي ، روى عن : الثوري ، وشعبة وغيرهما . وعنه : الحسن بن علي الخلال ، وأبو عبيد القاسم بن سلام وغيرهما . أخرج له أبو داود مقروناً ، وابن ماجه .
متروك ، متفق على ضعفه ، قال أحمد ، وأبو زرعة ، والبخاري وغيرهم : منكر الحديث . وقال أحمد - أيضاً - : ليس بثقة ، يروي أحاديث بواطيل . وقال ابن معين : ليس حديثه بشيء . وقال - أيضاً - : كان كذاباً ، يكذب ، حدث عن شعبة أحاديث موضوعة . وقال أبو حاتم : متروك الحديث . وقال صالح جزرة : كان يضع الحديث .
قال في التقريب : [ رماه ابن معين بالكذب ، ونسبه صالح جزرة وغيره إلى الوضع ] .
تاريخ الدوري 2/144 ، التاريخ الكبير 3/164 ، الجرح والتعديل 3/343 ، الكامل 3/29 ، تاريخ بغداد 8/299 ، تهذيب الكمال 8/138 ، الميزان 1/635 ، تهذيب التهذيب 1/527 ، التقريب 1660 .
* سفيان الثوري ، سبق في المسألة الحادية عشرة ، وهو ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة .
__________
(1) قال ابن الأثير : الوقص : كسر العنق . ( النهاية 5/214 ) ، والمراد أنه سقط عن ناقته فانكسر عنقه .(1/1)
* حماد بن أبي سليمان - واسمه مسلم - الأشعري، مولاهم ، أبو إسماعيل الكوفي الفقيه ، مات سنة 120 أو قبلها . روى عن : أنس بن مالك ، وأبي وائل ، وسعيد بن جبير ، وإبراهيم النخعي وغيرهم . وعنه : شعبة ، والثوري ، وحماد بن سلمة ، وأبو حنيفة وغيرهم . أخرج له مسلم مقروناً ، وأخرج له الأربعة .
وثقه ابن معين ، والعجلي ، وقال النسائي : ثقة ، إلا أنه مرجئ .
وقال شعبة : كان صدوق اللسان . وقال - أيضاً -: كان لا يحفظ - يعني أن الغالب عليه الفقه ، وأنه لم يرزق حفظ الآثار - .
وقال أحمد : مقارب الحديث ما روى عنه سفيان ، وشعبة ، والقدماء . وذكر أحمد أنه كان يرمى بالإرجاء . وذكره ابن حبان في الثقات وقال : كان يخطئ ، وكان مرجئاً .
وقال أبو حاتم : صدوق ، لا يحتج بحديثه ، وهو مستقيم في الفقه ، فإذا جاء الآثار شوش . وقال ابن سعد : كان ضعيفاً في الحديث ، واختلط في آخر أمره ، وكان مرجئاً ، وكان كثير الحديث . وقال الذهلي : كان كثير الخطأ والوهم . وذكر الأعمش أنه غير ثقة . وكان الأعمش سيئ الرأي فيه .
وقال ابن عدي - بعد أن ذكر أنه يحدث عن إبراهيم ، وأبي وائل وغيرهما بحديث صالح - : ويقع في حديثه إفرادات وغرائب ، وهو متماسك في الحديث ، لا بأس به .
قال الذهبي في الميزان : أحد أئمة الفقهاء ... تكلم فيه للإرجاء ، ولولا ذكر ابن عدي له في كامله لما أوردته .
وقال في الكاشف : ثقة إمام مجتهد ، وكريم جواد .
ولخص ابن حجر حاله بقوله : [ فقيه صدوق ، له أوهام ... ورُمي بالإرجاء ] . وهو كما قال ابن حجر - رحمه الله - .
طبقات ابن سعد 6/332 ، ثقات العجلي ص131 ، الجرح والتعديل 3/146، ثقات ابن حبان 4/159 ، الكامل 2/235 ، تهذيب الكمال 7/269 ، الميزان 1/595 ، الكاشف 1/252 ، تهذيب التهذيب 1/483 ، التقريب 1500 .
* سعيد بن جبير ، سبق في المسألة العاشرة ، وهو ثقة ثبت فقيه .(1/2)
* عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة العاشرة .
* عمرو بن دينار المكي ، أبو محمد الأثرم الجمحي ، مولاهم ، مات سنة 126 ، وقيل غير ذلك ، روى عن : ابن عباس ، وابن عمر، وابن الزبير وغيرهم من الصحابة، وعن سعيد بن جبير ، وأبي الشعثاء ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن وغيرهم من التابعين . وعنه : مالك ، وشعبة والسفيانان وغيرهم .
متفق على إمامته وضبطه وإتقانه . قال علي بن المديني ، عن عبد الرحمن بن مهدي: قال لي شعبة : لم أرَ مثل عمرو بن دينار ، لا الحكم ولا قتادة - يعني في التثبت - .
قال في التقريب : [ ثقة ثبت ] .
الجرح والتعديل 6/231 ، تهذيب الكمال 22/5 ، تهذيب التهذيب 3/268 ، التقريب 5024 .
التخريج :
- أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد 2/136 من طريق أبي يحيى محمد بن عبد الرحيم " صاعقة " ،
وفي تاريخ بغداد - أيضاً - ولكن معلقاً ، عن جعفر بن محمد بن الحسن الكوفي ،
كلاهما ( أبو يحيى ، وجعفر ) عن خالد بن عمروٍ به بنحوه إلا أنه في رواية جعفر ذكر حبيب بن أبي ثابت بدل حماد بن أبي سليمان .
- وأخرجه مسلم 4/23 ح1206 ، وابن ماجه 2/1030 ح3084 ، وابن خزيمة ( إتحاف المهرة 7/108 ) ، وأبو نعيم في المستخرج 3/298 ح2780 ، والبيهقي 3/391 و5/93 من طريق وكيع ،
وأبو داود 4/70 ح3233 ، والطبراني في الكبير 12/76 ح12523 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/298 ح2780 ، والبيهقي 3/391 من طريق محمد بن كثير ،
والنسائي 5/145 ، والخطيب في تاريخ بغداد 6/160 من طريق أبي داود عمر بن سعد الحفري ،
وأبو عوانة 2/271 ح3103-3105 ، من طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، ومحمد بن يوسف الفريابي ، والفضيل بن عياض ،
ستتهم ( وكيع ، ومحمد بن كثير ، وأبو داود الحفري ، والمحاربي ، والفريابي ، والفضيل ) عن سفيان الثوري ، عن عمرو بن دينار ، عن سعيد بن جبير به بنحوه وربما زاد فيه بعضهم يسيراً أو نقص .(1/3)
- وأخرجه البخاري 2/96 ح1268 و3/22 ح1849 ومسلم 4/23 ح1206 ، وأبو داود 4/71 ح3234 ، وأبو عوانة 2/270 ح3096-3098 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/297 ح2778 ، والخليلي في الإرشاد 1/328 ح59 ، والبيهقي 3/391-392 و404 و5/53 و70 ، من طرقٍ عن حماد بن زيد ،
ومسلم 4/23 ح1206 ، والترمذي 2/275 ح951 ، وأحمد 1/220 ح1914 ، والشافعي في الأم 2/311 ، وفي المسند ( 1/205 ح568 بترتيب السندي ) ، والحميدي 1/221 ح466 ، وابن أبي شيبة 3/303 ح14430 و7/298 ح36253، وابن الجارود 2/116 ح506، وأبو عوانة 2/269 ح3093 و3094 و2/270 ح3099 ، والطحاوي في شرح المشكل 1/233-234 ح256و257 ، والدارقطني 2/296 ح270، وأبو نعيم في المستخرج 3/297 ح2777، والبيهقي في السنن الكبرى 3/390 و393 و5/70 وفي السنن الصغير 1/406 ح1585 ، وفي المعرفة 4/44 ح2900 و2901 من طرقٍ عن سفيان بن عيينة ،
ومسلم 4/24 ح1206 ، والنسائي 5/197 ، وأحمد 1/346 ح3230 ، وأبو عوانة 2/271 ح3102 ، والدارقطني 2/297 ح274و276 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/297 ح2779 ، والبيهقي 3/391 ، وأبو بكر الأنصاري قاضي المارستان في أحاديث الشيوخ الثقات وهي المشيخة الكبرى 2/484 ح58 من طرقٍ عن ابن جريج ،
والنسائي 4/39 ، وأبو نعيم في الحلية 4/299 من طريق يونس بن نافع ،
وابن طهمان في مشيخته ص79 ح27 عن مطر الوراق ،
وابن عرفة في جزئه ص50 ح16 ، والطبراني في الكبير 12/78 ح12529 ، وفي الأوسط 4/306 ح4277 - وعنه أبو نعيم في الحلية 6/223 - وابن المقرئ في المعجم ص42 ح39 ، والخطيب في تاريخ بغداد 4/359 من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ،
وابن خزيمة ( إتحاف المهرة 7/108 ) ، والطبراني في الكبير 12/77 ح12527 من طريق أبان بن صالح ،(1/4)
وأبو عوانة 2/272 ح3112(1)، وابن الأعرابي في معجمه 3/958 ح2038 ، والطبراني في الكبير 12/77 ح12528 ، والدارقطني 2/295 ح268 من طريق عمر بن عامر السلمي ،
وأبو عوانة 2/274 ح3118 من طريق أيوب السختياني ،
وابن حبان 9/271 ح3958 ، والطبراني في الكبير 12/78 ح12530 من طريق عمرو بن الحارث ،
والطبراني في الكبير 12/78 ح12532 ، والدارقطني في السنن 2/296 ح269 ، وفي الغرائب والأفراد ( الأطراف 3/177 ح2355 ) والخطيب في تاريخ بغداد 14/214-215 ، وفي تلخيص المتشابه 1/60 من طريق قيس بن سعد ،
والطبراني في الكبير 12/77 ح12525، وأبو الحسن بن المظفر البزاز في غرائب حديث شعبة ص453 ح173 من طريق أبان العطار ،
والطبراني في الكبير 12/77 ح12526 ، وابن بشران في الأمالي 1/228 ح765 من طريق أشعث بن سوار ،
والطبراني في الكبير 12/76 ح12524 من طريق عبد الله بن علي الأزرق ،
وفي الكبير - أيضاً - 12/78 ح12531 من طريق حجاج ،
وفي الكبير - أيضاً - 12/79 ح12533 من طريق أبي مريم وهو عبد الغفار بن القاسم الكوفي ،
وفي الأوسط 7/53 ح6827 من طريق المثنى بن الصباح ،
وفي الصغير 2/188 ح1004 من طريق سليم بن حيان ،
وابن المظفر في غرائب حديث شعبة ص453 ح173 من طريق شعبة ،
والحاكم في علوم الحديث ص148 من طريق نصر بن طريف ،
والخطيب في تاريخ بغداد 6/160 من طريق مسعر ،
وأبو نعيم في الحلية 4/300 - معلقاً - عن أبي أيوب الإفريقي ، وابن أبي مريم ، ومحمد بن مسلم الطائفي ، ومعقل بن عبيد الله ، وشبل بن عباد ، وعبد الوهاب بن مجاهد ، ومقاتل بن سليمان ،
جميعهم ( ثمانية وعشرون راوياً ) عن عمرو بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس به بنحوه ، وربما زاد فيه بعضهم أو نقص .
__________
(1) وقع في المطبوع من مسند أبي عوانة سقط في الإسناد ، وتصحيحه من إتحاف المهرة 7/109 .(1/5)
- وأخرجه البخاري 2/96 ح1265 و 1266 و 1268 و3/22 ح 1850، ومسلم 4/23 ح1206، وأبو داود 4/71 ح3234 و3235، والنسائي في المجتبى 5/196 ، وفي الكبرى 2/379 ح3838 ، وأحمد 1/333 ح3076 ، والدارمي 2/71 ح1852، وابن خزيمة ( إتحاف المهرة 7/108 ) ، وأبو عوانة 2/270-274 ح3096-3118، وأبو نعيم في المستخرج 3/297 ح2778، والخليلي في الإرشاد 1/328 ح59، والبيهقي 3/391-392 و404 و5/53، والجوزقاني في الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير 2/111ح504 من طرقٍ عن أيوب السختياني ،
والبخاري 2/96 ح1267 و3/22 ح1851 ، ومسلم 4/24-25 ح1206 ، والنسائي في المجتبى 5/144و195-197 ، وفي الكبرى 2/378 ح3836و3837 و2/379 ح3840 ، وفي كتاب الإغراب الجزء الرابع من حديث شعبة والثوري مما أغرب بعضهم على بعض ص74 ح15 ، وابن ماجة 2/1030 ح1084 ، وأحمد 1/215 ح1850 و1/286 ح2600 و1/328 ح3031، وابن طهمان في مشيخته ص80ح28، والطيالسي 4/349 ح2745، وابن أبي شيبة 3/303 ح14429 و7/298 ح36252، وأبو يعلى 4/225 ح2337 و4/357 ح2473 ، وأبو عوانة 2/271-272 ح3106-3111 و2/273 ح3115 و2/274 ح3118 ، والطوسي في مستخرجه 4/224 ح873 ، وابن حبان 9/272 ح3959 و9/273 ح3960 ، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات 1/438 ح242 ، والطبراني في الكبير 12/81 ح12542 و12543 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/298 ح2781و2782 و2/299 ح2783 ، والبيهقي 3/392 و5/54 ، والخطيب في تاريخ بغداد 9/446 ، والبغوي في شرح السنة 5/321 ح1480 من طرقٍ متعددة عن أبي بشر جعفر بن إياس ،(1/6)
والبخاري 3/20 ح1839 ، وأبو داود 4/71 ح3236 ، والنسائي في المجتبى 5/196 وفي الكبرى 2/379 ح3839 ، وأحمد 1/266 ح2394 و2395 ، وابن الجارود 2/117 ح507 ، وابن خزيمة ( إتحاف المهرة 7/108) ، وأبو عوانة 2/273 ح3117 ، وابن حبان 9/270 ح3957 ، والطبراني في الكبير 12/80 ح12540 ، والدارقطني 2/295 ح264، والبيهقي 3/393 ، والخطيب في تاريخ بغداد 13/272 ، والجوزقاني في الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير 2/112 ح505 من طريق الحكم بن عتيبة ،
ومسلم 4/25 ح1206، وأبو عوانة 2/273 ح3116، والطبراني في الأوسط 7/291 ح7527 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/299 ح2784 ، والبيهقي 3/393 ، من طريق منصور بن المعتمر ،
ومسلم 4/25 ح1206 ، والدارقطني 2/297 ح275و277 من طريق أبي الزبير ،
وأحمد 1/221 ح1915 ، والشافعي في الأم 2/311 ، وفي المسند ( 1/205 ح568 بترتيب السندي ) ، والحميدي 1/221 ح467 ، وأبو عوانة 2/269 ح3093 و3095 و2/270 ح3099 ، والطحاوي في شرح المشكل 1/232 ح254 ، والبيهقي في الكبرى 3/393 و5/70 وفي المعرفة 4/45 ح2902 ، والخطيب في تاريخ بغداد 9/373 من طريق إبراهيم بن أبي حرة ،
وأحمد 1/286 ح2591 ، وابن طهمان في مشيخته ص78 ح26 ، والخطيب في تاريخ بغداد 8/287 من طريق قتادة ،
وأحمد 1/333 ح3077 ، والطبراني في الكبير 12/80 ح12538و12539 ، من طريق عبد الكريم الجزري ،
وأبو عوانة 2/272 ح3113 و2/273 ح3114 ، والطبراني في الكبير 12/81 ح12541 من طريق مطر الوراق ،
والطبراني في الكبير 11/436 ح12239 ، وفي الأوسط 4/328 ح4341 ، وفي الصغير 1/142 ح215 - ومن طريقه الخطيب في تاريخ بغداد 6/154- من طريق سالم الأفطس ،
والطبراني في الكبير 12/79 ح12534 ، وابن المقرئ في المعجم ص190 ح607 من طريق فضيل بن عمرو ،(1/7)
والطبراني في الكبير 12/24 ح12361 ، وفي جزء مما انتقاه عليه ابن مردويه من حديثه لأهل البصرة ص71 ح23 ، وأبو نعيم في الحلية 4/300 من طريق الحسن بن عمارة ، عن حبيب بن أبي ثابت ،
والطبراني في الكبير 12/79 ح12535-12537 من طريق عطاء بن السائب ،
والدارقطني في الغرائب والأفراد ( الأطراف 3/169 ح2338 ) - ومن طريقه الخطيب في تاريخ بغداد 7/282- من طريق سلمة بن كهيل ،
وأبو نعيم في الحلية 4/300 - معلقاً - عن معن الكندي ، وحسام بن مصك ، والقاسم بن أبي بزة ،
جميعهم ( سبعة عشر راوياً ) عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به بنحوه(1)، وربما زاد فيه بعضهم يسيراً أو نقص .
- وأخرجه أبو نعيم في الحلية 4/300 - معلقاً - عن عطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، وأبي الشعشاع عن ابن عباس به ولم يسق لفظه .
الحكم عليه :
تبين مما ذكره أبو حاتم ومن التخريج السابق أنه قد اختلف في هذا الحديث على سفيان الثوري فروي عنه على ثلاثة أوجه :
الوجه الأول : عن الثوري ، عن حماد بن أبي سليمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس مرفوعاً . وهذه رواية خالد بن عمرو القرشي - فيما رواه عنه محمد بن عبد الرحيم " صاعقة " - .
الوجه الثاني : عن الثوري ، عن عمرو بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس مرفوعاً ، وهذه رواية الجماعة ، وهم : وكيع ، ومحمد بن كثير ، وأبو داود الحفري ، والمحاربي ، والفريابي ، وفضيل بن عياض .
الوجه الثالث : عن الثوري ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس مرفوعاً ، وهذه رواية خالد بن عمروٍ - فيما رواه عنه جعفر بن محمد بن الحسن الكوفي - .
__________
(1) وقد وقع في بعض طرقه اختلاف على من دون سعيد بن جبير ، وينظر في ذلك : التتبع للدارقطني ص505 ، ومسند أبي عوانة ، وسنن البيهقي الكبرى ، وتاريخ بغداد ، كلها في المواطن السابقة في التخريج ، وبين الإمامين مسلم والدارقطني ص225 وغيرها من المصادر .(1/8)
وقد اقتصر أبو حاتم على الموازنة بين الوجهين الأولين وبيَّن أن الوجه الأول خطأ ، وأن الثاني هو الصواب .
وهذا أمر في غاية الوضوح ، فإن الوجه الثاني هو رواية الجماعة الثقات الأثبات من أصحاب الثوري ، أما الأول فقد تفرد به خالد بن عمرو ، وهو ضعيف - كما قال أبو حاتم - بل متفق على ضعفه واتهم بالكذب - كما سبق في ترجمته - ثم إن خالد بن عمرو قد اضطرب فيه ، فرواه مرة على هذا الوجه ، ومرة أخرى على الوجه الثالث . وكلاهما باطل عن الثوري .
والصواب الذي لا شك فيه الوجه الثاني ، بجعله عن الثوري ، عن عمرو بن دينار ، وليس عن حماد بن أبي سليمان ، ولا عن حبيب بن أبي ثابت .
ثم إن هذا الحديث محفوظ عن عمرو بن دينار من طرق كثيرة ، وكثير منها من رواية الحفاظ الثقات من أصحابه - كما سبق في التخريج - ولا يعرف عن حماد بن أبي سليمان إلا من هذا الوجه الساقط .
وكذلك لا يعرف عن حبيب بن أبي ثابت إلا من وجهين ساقطين ، أحدهما هذا الوجه ، والثاني رواية الحسن بن عمارة - وهو متروك ، ( التقريب 1224) - عن حبيب ، وقد سبق في التخريج .
وبعد هذا فإن هذا الحديث ثابت عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، وهو مخرج في الصحيحين وغيرهما - كما سبق في التخريج - وقد توارد الأئمة على تصحيحه من حديث سعيد بن جبير ، ولا يثبت إلا من طريقه .
وأما روايته عن عطاء بن أبي رباح ، وطاوس ، ومجاهد ، وأبي الشعشاع فكلها غير ثابتة ، فأما رواية عطاء فسيأتي القول فيها مفصلاً في المسألة الأتية برقم 79/865 ، وأما طاوس ، ومجاهد ، وأبو الشعشاع فلم أقف على رواياتهم إلا فيما علقه أبو نعيم ، والله أعلم .(1/9)
70/856- سألت أبي عن حديثٍ رواه أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن أبي بزة المكي ، عن محمد بن يزيد بن خُنَيْس(1)قال(2): حدثنا ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : " غدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منى فلما انبعثت به راحلته وعليها قطيفة قد اشتريت بأربعة ، قال : اللهم اجعلها حجة مبرورة ، لا رياء فيها ولا سمعة " قال أبي : هذا حديث باطل ، ليس هو من حديث ابن جريج .
دراسة الرواة :
* أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن أبي بزة البزي ، أبو الحسن المكي ، المقرئ مؤذن المسجد الحرام ( 170 - 250 ) روى عن : مؤمل بن إسماعيل ، ومحمد بن يزيد ابن خنيس وغيرهما . وعنه : البخاري في تاريخه ، ويحيى بن محمد بن صاعد وغيرهما .
ضعيف ، ضعفه أبو حاتم ، وقال: ولست أحدث عنه ، وذكر أنه روى حديثاً منكراً، وقال العقيلي : منكر الحديث ، ويوصل الأحاديث ، ومثَّل بهذا الحديث .
وذكر الذهبي أنه إمام في القراءة ثبت فيها ، وأنه لين الحديث .
الجرح والتعديل 2/71 ، ضعفاء العقيلي 1/127 ، الميزان 1/144 ، معرفة القراء الكبار 1/173، اللسان 1/283 .
* محمد بن يزيد بن خُنَيْسٍ المخزومي ، مولاهم ، أبو عبد الله المكي ، مات بعد سنة 220. روى عن: ابن جريج ، والثوري ، وسعيد بن حسان وغيرهم ، وعنه: أبو حاتم، وأبو خيثمة ، وقتيبة ابن سعيد ، وأحمد بن محمد البزي وغيرهم . أخرج له الترمذي ، وابن ماجه .
قال أبو حاتم : كان شيخاً صالحاً ، كتبنا عنه بمكة ، وكان ممتنعاً من التحديث ، أدخلني عليه ابنه ، فقيل : فما قولك فيه ؟ فقال : ثقة .
__________
(1)
(1) هذه الكلمة غير متقنة في جميع النسخ ، ففي ( ت ، ط ) :" خنس " وفي ( س ) :" حبس " ومثلها في ( ض ) لكن بدون نقطة تحت الباء . وفي ( ح ) :" حش " ، ولم أستطع قراءتها في ( م ) ، والصواب : " خُنَيْس " كما في ترجمته .
(2) في ( ض ) :" فقال " ، وهو خطأ .(1/1)
وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : كان من خيار الناس ، ربما أخطأ ، يجب أن يعتبر بحديثه إذا بين السماع في خبره ، ولم يرو عنه إلا ثقة ، فأما عبد الله بن مسيب فعنده عنه عجائب كثيرة لا اعتبار بها .
قال الذهبي : هو وسط .
وقال ابن حجر:[ مقبول ، وكان من العباد ] ولعل حاله أرفع مما ذكر ابن حجر، فهو وسط كما قال الذهبي ، والله أعلم .
التاريخ الكبير 1/261 ، الجرح والتعديل 8/127، ثقات ابن حبان 9/61، تهذيب الكمال 27/15، الميزان 4/68 ، تهذيب التهذيب 3/733 ، التقريب 6396 .
* ابن جريج ، عبد الملك بن عبد العزيز ، سبق في المسألة الثامنة ، وهو ثقة فقيه فاضل ، وكان يدلس ويرسل .
* عطاء بن أبي رباح المكي ، سبق في المسألة السادسة ، وهو ثقة فقيه فاضل ، لكنه كثير الإرسال .
* عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة العاشرة .
التخريج :
- أخرجه الفاكهي في أخبار مكة 1/400 ح855 ،
والطبراني في الأوسط 2/99 ح1378 عن أحمد بن محمد بن صدقة ،
كلاهما ( الفاكهي ، وأحمد بن محمد ) عن أحمد بن محمد بن أبي بزة به بنحوه .
- وأخرجه الفاكهي - أيضاً - 1/400 ح855 عن أبي عمروٍ الزيات ،
والعقيلي(1)1/127 عن أبي يحيى بن أبي مسرة ،
كلاهما ( أبو عمروٍ ، وأبو يحيى ) عن محمد بن يزيد بن خنيس به بنحوه ، لكنه مرسل دون ذكر ابن عباس . وقال أبو يحيى في روايته : سمعت ابن أبي بزة يحدث به عن ابن خنيس فقال فيه : عن ابن عباس ، فقلت له : إنما حدثناه عن عطاء ، فلم يقبل ، وكان يحدث به عن ابن عباس .
الحكم عليه :
__________
(1) رواية العقيلي في المطبوعة بتحقيق عبد المعطي القلعجي قد وضعها في الحاشية لأنها زيادة من نسخة ، وقد وقع فيها سقط في الإسناد وتصحيف ، والتصحيح من اللسان لابن حجر 1/284 وغيره .(1/2)
ذكر أبو حاتم أن هذا الحديث من رواية أحمد بن أبي بزة ، عن محمد بن يزيد بن خنيس ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس مرفوعاً باطل ، وأنه ليس من حديث ابن جريج .
وقد تبين من التخريج السابق أنه قد اختلف فيه على محمد بن يزيد بن خنيس فروي عنه على وجهين :
الوجه الأول : عن محمد بن يزيد بن خنيس ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس مرفوعاً ، وهذا وجه تفرد به أحمد بن محمد بن أبي بزة .
الوجه الثاني : عن محمد بن يزيد بن خنيس ، عن ابن جريج ، عن عطاء مرسلاً ، وهذه رواية أبي عمروٍ الزيات، وأبي يحيى عبد الله بن أحمد بن أبي مسرة المكي .
والوجه الثاني هو الصواب عن محمد بن يزيد بن خنيس ، فإن ابن أبي بزة ضعيف - كما سبق في ترجمته - وقد تفرد بالوجه الأول ، كما نص على ذلك الطبراني، وأنكره عليه أبو يحيى بن أبي مسرة وهو محدث مكة ، ذكره ابن حبان في الثقات . وقال ابن أبي حاتم : كتبت عنه بمكة ومحله الصدق ( انظر : الجرح والتعديل 5/6، وثقات ابن حبان 8/369 ، والعبر للذهبي 1/402 ، وشذرات الذهب 1/174 ) .
أما أبو حاتم فيحتمل أنه أراد أن هذا الحديث باطل من وجهه الأول الموصول بذكر ابن عباس ، وأنه ليس من حديث ابن جريج على هذا الوجه ، ولا شك أن هذا صحيح ، فإن حديث ابن أبي بزة الموصول بذكر ابن عباس باطل ، ولم يحدث به ابن جريج على هذا الوجه .
ويحتمل أن يكون أبو حاتم أراد بطلان هذا الحديث من وجهيه جميعاً ، وأنه ليس من حديث ابن جريج ، وهذا الاحتمال أظهر في كلامه من الاحتمال الأول ، فإنه لم يعرج على ذكر الاختلاف في إسناده .
فإن كان أبو حاتم أراد هذا الاحتمال الثاني فإن مما يؤيد هذا الحكم أن هذا الحديث تفرد به محمد بن يزيد بن خنيس ، عن ابن جريج ، وقد سبق بيان حال محمد بن يزيد ، ومثله لا يحتمل أن يتفرد عن ابن جريج ، مع كثرة أصحابه وانتشار حديثه .(1/3)
وعلى كل حال واحتمال فإن هذا الحديث لا يصح من حديث ابن عباس ، والله أعلم.
وقد جاء في معنى هذا الحديث عن أنس ، وعن بشر بن قدامة الضبابي ، وهذا بيانه :
أولاً : حديث أنس بن مالك :
- أخرجه الترمذي في الشمائل ص264 ح317 - ومن طريقه البغوي في الأنوار في شمائل النبي المختار 1/308 ح402- من طريق أبي داود الحفري ، والعقيلي 2/8 ، وابن عدي 3/133 ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - ص140 ، من طريق قبيصة بن عقبة، والعقيلي - أيضاً -، وابن عدي 3/38 من طريق خالد بن عبد الرحمن الخزاعي، وأبو نعيم في الحلية 6/308 من طريق محمد ابن كثير ، أربعتهم ( أبو داود الحفري ، وقبيصة ، وخالد بن عبد الرحمن ، ومحمد بن كثير ) عن سفيان الثوري ،
والترمذي في الشمائل ص296 ح323 من طريق أبي داود الطيالسي ،
وابن ماجه 2/965 ح2890 ، وابن سعد 2/177 ، وابن أبي شيبة 3/442 ح15805 من طريق وكيع بن الجراح ،
وابن سعد 2/177 عن هاشم بن القاسم الكناني ،
وأبو عمرو مسلم بن إبراهيم الأزدي في أحاديثه عن شيوخه الورقة 6 - ومن طريقه أبو نعيم في الحلية 3/54 -،
وابن عدي في الكامل 3/133 ، والبيهقي في الدلائل 5/444 من طريق علي بن الجعد ،
ستتهم ( الثوري ، والطيالسي ، ووكيع ، وهاشم ، ومسلم ، وابن الجعد ) عن الربيع بن صبيح ، عن يزيد بن أبان الرقاشي ، عن أنس بن مالك قال : " حج النبي - صلى الله عليه وسلم - على رحلٍ رث وقطيفة تساوي أربعة دراهم ، أولا تساوي ، ثم قال : اللهم اجعلها حجة لا رياء فيها ولا سمعة " . إلا أن خالد بن عبد الرحمن في روايته عن الثوري خالف أصحاب الثوري ، فجعله : عن الثوري ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن أنس، وقد استنكر العقيلي ، وابن عدي هذا على خالد بن عبد الرحمن ، فذكر العقيلي أن حديث قبيصة عن الثوري أولى . وقال ابن عدي : هذا حديث معضل الإسناد ، ولا أعرف للثوري عن الأعمش ، عن أبي الضحى، عن أنس غير هذا .(1/4)
وظاهر جداًّ أن خالد بن عبد الرحمن قد غلط في هذا الإسناد ، فإن خالداً متروك . ( التقريب 1652 ) ، وإنما الحديث للربيع بن صبيح ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس ، وهو إسناد ضعيف - أيضاً - لضعف يزيد بن أبان الرقاشي ، فقد تكلم فيه شعبة ، وقال : لأن أقطع الطريق أحب إليَّ من أن أروي عن يزيد الرقاشي . وقال أحمد:لا يكتب حديثه ، وذكر أنه منكر الحديث . وضعفه ابن سعد ، وابن معين ، والنسائي وغيرهم ( انظر : تهذيب الكمال 32/64 ، والتقريب 7683 ) ، وقد تفرد عنه الربيع بن صبيح ، وهو صدوق سيء الحفظ ( التقريب 1895 ) ، فهو إسناد ظاهر الضعف ، وقد ضعفه العراقي وغيره ( انظر إتحاف السادة 4/739 ) .
وقد روي حديث أنس من غير هذا الطريق ، فأخرجه قوام السنة الأصبهاني في الترغيب والترهيب 2/16 ح1056 - ومن طريقه الضياء في المختارة 5/79 ح1705 - من طريق عليل بن أحمد العنزي، عن أبيه أحمد بن يزيد بن عليل، عن أسد بن موسى، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن أنس به بنحوه .
وهذا إسناد ساقط ، تفرد به أحمد بن يزيد ، ولم أقف له على ترجمة ، ولو كان مثل هذا الإسناد محفوظاً لاشتهر ، وانظر السلسلة الصحيحة للألباني 6/228.
ثانياً : حديث بشر بن قدامة الضبابي :(1/5)
- أخرجه ابن خزيمة ( كما في الإصابة 1/154 ) ، وابن قانع في معجم الصحابة 1/82 ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 1/396 ح1186 ، والبيهقي 4/332 ، والخطيب في تلخيص المتشابه 1/28 ، والباوردي ( كما في الإصابة 1/154 ) من طرقٍ عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، عن سعيد بن بشير القرشي ، عن عبد الله بن حُكَيم الكناني - رجل من أهل اليمن من مواليهم - عن بشر بن قدامة الضبابي قال : أبصرت عيناي حبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقفاً بعرفات مع الناس على ناقة له قصواء حمراء ، تحته قطيفة بولانية ، وهو يقول : " اللهم اجعلها حجة غير رياء ولا هباء ولا سمعة " . والناس يقولون هذا رسول الله . قال سعيد بن بشير : فسألت عبد الله بن حكيم ، فقلت : يا أبا حكيم وما القصواء ؟ قال : أحسبها المبترة الآذان فإن النوق يبتر آذانها لتسمع .
وإسناد هذا الحديث ضعيف لجهالة سعيد بن بشير القرشي وشيخه ، فقد ذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 4/8 إسناد هذا الحديث ، وسأل أباه عن سعيد بن بشير فقال : شيخ مجهول ، وعبد الله بن حُكيم مجهول لا نعرف واحداً منهما . وكذا ذكر الذهبي في الميزان 2/130 بعد أن روى هذا الحديث بإسناده .
وقد تبين بهذا أن هذا المتن لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من جميع طرقه ، والله أعلم .(1/6)
71/857- سألت أبي عن حديثٍ رواه عُبَيْس(1)بن مرحوم ، عن حاتم ، عن عبد الله بن مُجَبَّر(2)قال : " رأيت سالماً(3)وهو محرم ضرب حية بسوط حتى قتلها " . قال أبي : إنما هو عبد الرحمن بن مجبر.
دراسة الرواة :
* عُبَيْس بن مرحوم العطار البصري ، مات سنة 219 ، روى عن : أبيه ، وحاتم بن إسماعيل وغيرهما . وعنه : ابنه بشر ، وأبو حاتم .
وثقه ابن معين ، وقال أبو حاتم : ثقة وفي حديثه شيء .
وذكره ابن حبان في الثقات .
التاريخ الكبير 7/78 ، الجرح والتعديل 7/34 ، ثقات ابن حبان 8/524 .
* حاتم بن إسماعيل المدني ، أبو إسماعيل الحارثي ، مولاهم ، مات سنة 187 أو نحوها . روى عن : محمد بن عجلان ، وهشام بن عروة ، وموسى بن عقبة وغيرهم . وعنه : ابن مهدي ، وإسحاق بن راهويه ، وابن معين ، وعبيس بن مرحوم وغيرهم . أخرج له الجماعة .
وثقه ابن معين ، وابن سعد ، والعجلي وغيرهم . وقال النسائي: ليس به بأس . وذكره ابن حبان في الثقات .
وقال أحمد : هو أحب إليَّ من الدراوردي ، زعموا أن حاتماً كان فيه غفلة ، إلا أن كتابه صالح . وقال أبو حاتم : هو أحب إليَّ من سعيد بن سالم .
وقال النسائي - مرة - : ليس بالقوي . وقال ابن المديني : روى عن جعفر ، عن أبيه أحاديث مراسيل أسندها .
قال الذهبي في الميزان : ثقة مشهور صدوق . وقال في الكاشف : ثقة .
وقال ابن حجر : [ صحيح الكتاب ، صدوق يهم ] .
طبقات ابن سعد 5/425 ، ثقات العجلي ص101 ، الجرح والتعديل 3/258 ، ثقات ابن حبان 8/210 ، تهذيب الكمال 5/187 ، الميزان 1/428 ، الكاشف 1/191 ، تهذيب التهذيب 1/324 ، التقريب 994 .
__________
(1) في ( س ) :" عيسى " وهو تصحيف .
(2) في ( ط ) :" محبر " بالحاء المهملة وهو تصحيف .
(3) في النسخ الخطية :"سالم" بدون ألف ، والصواب :"سالماً " بالألف والتنوين كما في ( ط ) ، لأنه مفعول رأيت.(1/1)
* عبد الرحمن بن المجبر - بجيم وموحدة ثقيلة مفتوحة - بن عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي ، والمجبر اسمه : عبد الرحمن ، فهم ثلاثة على نسقٍ واحد ، قال ابن ماكولا : لا يعرف في الرواة : عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن عبد الرحمن ، ثلاثة في نسقٍ إلا هذا . كان يتيماً في حجر سالم بن عبد الله، وقد روى عنه ، وروى عنه: مالك ، وابنه محمد بن عبد الرحمن وغيرهما .
وثقه أبو حفص عمرو بن علي الفلاس وغيره ، وذكره ابن حبان في ثقاته .
الجرح والتعديل 5/287 ، ثقات ابن حبان 7/76 ، الإكمال لابن ماكولا 7/161 ، تعجيل المنفعة ص256 .
* سالم بن عبد الله بن عمر، سبق في المسألة الرابعة، وهو أحد الفقهاء السبعة، وكان ثبتاً عابداً فاضلاً ، كان يشبه بأبيه في الهدي والسمت .
التخريج :
لم أقف على تخريجه من هذا الطريق ، ولكن له طريق آخر :
- أخرجه ابن أبي شيبة 3/350 ح14831 عن وكيع ، عن أسامة ، عن نافع قال : كنا مع ابن عمر ونحن محرمون فرأينا حية فبدرنا سالم فقتلها .
وعلقه ابن عبد البر في التمهيد 15/172 عن عبد الرحمن بن حرملة : رأيت سالم بن عبد الله وهو محرم ضرب حية بسوط حتى قتلها .
الحكم عليه :
أشار أبو حاتم في هذه المسألة إلى خطأ من قال في إسناد هذا الأثر :عبد الله بن مجبر ، وأن الصواب : عبد الرحمن بن مجبر . وهو كما قال أبو حاتم - رحمه الله - وقد سبقت ترجمته ، ولعلَّ الوهم في ذلك من عبيس بن مرحوم ، فالله أعلم .
وإسناد هذا الأثر لا بأس به ، ويزيده قوة طريق نافع ، وقد سبق ذكره في التخريج ، وفيه أسامة بن زيد الليثي ، وهو صدوق يهم كما قال الذهبي ، وابن حجر، ( انظر ترجمته مطولة في المسألة التاسعة والأربعين ) والله أعلم .(1/2)
72/858- سألت أبي عن حديثٍ رواه أبو الأحوص ، وزهير ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن المنهال ، قال: قال عمار : " إذا أردت الحج(1)فاشترط "، ورواه إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن المنهال ، قال : قال عباد بن عبد الله الأسدي ، قلت لأبي : أيهما أصح ؟ قال : على ما يرويه إسرائيل أصح .
دراسة الرواة :
* أبو الأحوص ، سلام بن سليم الكوفي ، سبق في المسألة السادسة والخمسين، وهو ثقة متقن صاحب حديث .
* زهير بن معاوية ، أبو خيثمة الكوفي ، سبق في المسألة رقم ب/48، وهو ثقة ثبت ، إلا أن سماعه من أبي إسحاق بأخرة .
* أبو إسحاق ، عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، سبق في المسألة الثالثة عشرة ، وهو ثقة مكثر عابد ، ولكنه اختلط بأخرة .
* المنهال . الظاهر أن المراد به : المنهال بن عمرو ، فقد ذكر أبو حاتم ترجمة المنهال بن عمرو الأسدي ، ثم قال : منهال ، روى عن ابن مسعود ، روى عنه : أبو إسحاق ، قال أبو حاتم : لا أعرفه ، إن لم يكن منهال بن عمرو .
قال ابن حجر : إنما يمكن أن يكون الأسدي إن كان أرسل عن ابن مسعود ، فإن الأسدي لم يدركه ، وتكون رواية أبي إسحاق عنه من رواية الأكابر عن الأصاغر .
والذي ظهر لي أنه هو ، فإني لم أقف على أحدٍ اسمه المنهال في هذه الطبقة يمكن أن يكون هو المراد ، ثم إن رواية المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله الأسدي معروفة ، وهذا الحديث منها ، والله أعلم .
وهو المنهال بن عمرو الأسدي ، مولاهم ، الكوفي ، روى عن : أنس - إن كان محفوظاً - وزر بن حبيش ، وعباد بن عبد الله الأسدي . وعنه : الحجاج بن أرطاة ، والأعمش ، ومنصور ، وشعبة وغيرهم . أخرج له الجماعة سوى مسلم .
وثقه ابن معين ، والنسائي ، والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات - فيما نقله المزي، ولم أقف عليه في المطبوع - .
__________
(1) في ( ض ) :" الحاج " وهو تحريف .(1/1)
وقال أحمد : ترك شعبة المنهال بن عمروٍ على عمدٍ . قال ابن أبي حاتم : لأنه سمع من داره صوت قراءة بالتطريب . وروى وهب بن جرير عن شعبة أنه سمع من منزله صوت الطنبور .
وغمزه يحيى القطان ، وعن ابن معين - رواية -: أنه كان يضع من شأنه . وقال الجوزجاني : سيئ المذهب ، وقد جرى حديثه .
قال الذهبي : لا يحفظ له سماع من الصحابة ، وإنما روايته عن التابعين الكبار .
ولخص ابن حجر حاله بقوله : [ صدوق ، ربما وهم ] .
تاريخ الدوري 2/590، التاريخ الكبير 8/12 ، ثقات العجلي ص442 ، ضعفاء العقيلي 4/236 ، الجرح والتعديل 8/356 ، الكامل 6/330 ، تهذيب الكمال 28/568 ، الميزان 4/192 ، تهذيب التهذيب 4/163 ، التقريب 6918 .
* عمار بن ياسر بن عامر العنسي ، أبو اليقظان ، مولى بني مخزوم ، صحابي جليل مشهور . من السابقين الأولين ، أوذي في الله وعذب ، وكذا أمه وأبوه ، وشهد بدراً والمشاهد ، وهاجر الهجرتين ، وقتل مع علي بصفين سنة سبع وثلاثين - رضي الله عنه - .
فضائل الصحابة 2/857 ، تهذيب الكمال 21/215 ، الإصابة 2/512 ، التقريب 4836 .
* إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق ، سبق في المسألة السادسة والخمسين ، وهو ثقة.
* عباد بن عبد الله الأسدي ، الكوفي ، روى عن علي بن أبي طالب ، وعنه : المنهال بن عمرو، أخرج له النسائي في الخصائص .
ذكره ابن حبان في الثقات .
وضعفه ابن المديني وغيره ، وقال البخاري : فيه نظر .
قال ابن حجر : [ ضعيف ] وهو كما قال .
التاريخ الكبير 6/32 ، الجرح والتعديل 6/82 ، ثقات ابن حبان 5/141 ، الكامل 4/343 ، ضعفاء ابن الجوزي 2/75 ، تهذيب الكمال 14/138 ، الميزان 2/368 ، تهذيب التهذيب 2/279 ، التقريب 3136 .
التخريج :
أما جَعْلُه عن عمار بن ياسر فقد ذكر ابن حزم في المحلى 7/114 أنه يرويه من طريق أبي إسحاق ، عن المنهال ، عن عمار بن ياسر ، ولم يذكر ابن حزم من يروي ذلك عن أبي إسحاق .(1/2)
وأما جَعْلُه عن عباد بن عبد الله الأسدي فلم أقف عليه عند غير ابن أبي حاتم .
ولكن وقفت عليه من غير هذين الوجهين ، وهذا بيانه :
- أخرجه البخاري في التاريخ الكبير 7/69 - معلقاً - عن محمد بن يوسف ، عن سفيان ،
والبخاري - أيضاً - عن محمد بن حوشب ، عن أبي بكر بن عياش ،
وابن عدي في الكامل 7/45 من طريق نوح بن دراج ، عن أبان بن تغلب ،
ثلاثتهم ( سفيان ، وأبو بكر، وأبان ) عن أبي إسحاق السبيعي، وقد جعله في رواية سفيان ، وأبان : عن أبي إسحاق ، عن عميرة بن زياد ، عن ابن مسعود ، ولفظه في حديث سفيان : " قال لي ابن مسعود : إذا أتيت الحج فاشترط " أما في حديث أبان بن تغلب فلفظه : عن أبي إسحاق ، عن عميرة(1)بن زياد قال : حججنا معه فلما أردنا أن نحرم من الربذة أمرنا أن نشترط لأنفسنا قال : كان ابن مسعود يأمرنا به ، وزعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأمرهم به . وأما في حديث أبي بكر فجعله : عن أبي إسحاق ، عن عمارة الأسدي ، عن ابن زياد ، عن ابن مسعود، ولفظه : قال :" خرجنا مع عبد الله، وكان دليلنا وإمامنا إلى مكة، فقال : ... فذكر نحو حديث سفيان".
- وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 7/69 - معلقاً - عن أبي نعيم ، عن عبد السلام ، عن أبي خالد ، عن المنهال ، عن عمارة بن مالك قال : مرَّ بي ابن مسعود وأنا أرتحل للعمرة فقال لي : يا أبا محمد ... فذكر نحو حديث سفيان .
الحكم عليه :
تلخص مما ذكره ابن أبي حاتم ومن التخريج السابق أن هذا الأثر اختلف فيه على أبي إسحاق السبيعي ، وعلى المنهال بن عمرو ، فأما الاختلاف على أبي إسحاق فهو على خمسة أوجه ، وهذا بيانها :
الوجه الأول : عن أبي إسحاق ، عن المنهال بن عمرو ، عن عمار بن ياسر ، وهذه رواية زهير ، وأبي الأحوص .
__________
(1) وقع في المطبوع من الكامل : عمير ، وهو تصحيف ، والصواب : عميرة .(1/3)
الوجه الثاني : عن أبي إسحاق ، عن المنهال، عن عباد بن عبد الله الأسدي، وهذه رواية إسرائيل .
الوجه الثالث : عن أبي إسحاق ، عن عميرة بن زياد ، عن ابن مسعود ، وهذه رواية سفيان الثوري .
الوجه الرابع : مثل الذي قبله ، إلا أنه زاد في آخره رفع ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذه رواية أبان بن تغلب ، يرويه عنه نوح بن دراج .
الوجه الخامس : عن أبي إسحاق ، عن عمارة الأسدي ، عن ابن زياد ، عن ابن مسعود ، وهذه رواية أبي بكر بن عياش .
وأما الاختلاف على المنهال بن عمرو فهو على ثلاثة أوجه : الأول ، والثاني هما الوجهان الأولان عن أبي إسحاق .
والوجه الثالث هو : عن المنهال بن عمرو ، عن عمارة ، بن مالك ، عن ابن مسعود ، وهذه رواية أبي خالد الدالاني ، عن المنهال .
فأما أبو حاتم فإنما وازن بين الوجهين الأولين فقط ، وهما في الاختلاف على أبي إسحاق في روايته عن المنهال بن عمرو ، وقد رجح أبو حاتم الوجه الثاني ، وهو رواية إسرائيل ، ووجه ذلك أن إسرائيل أثبت في أبي إسحاق من زهير ، ومن أبي الأحوص ، عند بعض الأئمة النقاد، بل من الأئمة من يقدمه على شعبة، والثوري، كما يقول ذلك ابن مهدي وغيره ، ثم إن زهيراً إنما سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط ، كما ذكر ذلك أحمد ، وأبو زرعة وغيرهما ( انظر شرح علل الترمذي 2/707-712 ، والكواكب النيرات ص341-356 ) .
ولكن لابد من الموازنة بين أوجه الاختلاف المذكورة جميعاً ، سواء على أبي إسحاق، أو على المنهال بن عمرو .(1/4)
فأما الاختلاف على أبي إسحاق السبيعي فهو اختلاف شديد ، وقد يؤدي إلى القول باضطراب أبي إسحاق في هذا الحديث ، فإن كان لابد من الترجيح فإن أثبت من روى هذا الحديث عن أبي إسحاق سفيان الثوري ، وقد رواه عن أبي إسحاق، عن عميرة بن زياد ، عن ابن مسعود ، وقد تابع الثوري على هذا أبان بن تغلب ، لكنه رفع الحديث ، إلا أن الرواية عن أبان غير ثابتة ، حيث تفرد بذلك عنه نوح بن دراج ، وهو متروك الحديث ، وقد كذبه ابن معين ( الكامل 7/45 ، التقريب 7205) فسقطت بذلك رواية أبان بن تغلب .
وكذلك تابع الثوري أبو بكر بن عياش ، إلا أنه أدخل بين أبي إسحاق ، وعميرة بن زياد : عمارة الأسدي ، وعمارة هذا لم أقف على ترجمته ، ويحتمل أن يكون عمارة بن مالك - وسيأتي ذكره - وقد يقال : إن رواية أبي بكر بن عياش تدل على أن أبا إسحاق قد دلس عندما رواه عن عميرة بن زياد .
فإن كان عمارة الأسدي هو عمارة بن مالك فقد يكون أبو إسحاق أسقط من الإسناد رجلين ، وهما : عمارة ، والمنهال ، وذلك أن المنهال بن عمرو يروي هذا الحديث عن عمارة ، كما في رواية أبي خالد الدالاني ، وأبو إسحاق يروي هذا الحديث عن المنهال ، كما في الوجهين الأولين عنه .(1/5)
وبناءً على هذا يكون حديث أبي إسحاق إنما هو عن المنهال ، عن عمارة ، وبهذا يعود حديث أبي إسحاق إلى المنهال بن عمرو ، ولعل أبا إسحاق كان يدلس المنهال أحياناً لأنه كان أصغر منه - كما سبق في ترجمته - وأما عمارة بن مالك فقد ترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ، وسماه : عمار بن مالك أبا محمد ، وقال : روى عنه المنهال ابن عمرو ، سمعت أبي يقول ذلك ، وسمعته يقول : هو مجهول . وذكره ابن حبان في الثقات ، لكنه ذكر أنه يروي عن المنهال بن عمرو ، وروى عنه أبو خالد الدالاني ، فلعله انقلب عليه أمره ، ولذا قال ابن حجر : فما أدري هو ذا أو غيره . ( انظر الجرح والتعديل 6/391 ، الثقات 8/517 ، الميزان 3/167 ، اللسان 4/274 ) .
وإذا رجع حديث أبي إسحاق إلى المنهال بن عمرو - كما هو الظاهر - فإنه يبقى النظر في الاختلاف على المنهال بن عمرو .
فأما الوجه الأول بجعله عن المنهال ، عن عمار بن ياسر فهو وهم ، ولذا لم يصححه أبو حاتم ، ولعل سبب الوهم في ذلك أنه قد ذكر في الإسناد عمار ، فلعلَّ بعضهم ظنه عمار بن ياسر ، وليس كذلك .
وإنما تبقى الموازنة بين رواية إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن المنهال ، عن عباد بن عبد الله الأسدي، ورواية من رواه عن المنهال، عن عمارة أو عمار بن مالك، عن ابن مسعود كما هي رواية أبي خالد الدالاني ، أو يدخل بين عمارة بن مالك ، وابن مسعود: عميرة بن زياد كما يمكن أن يؤخذ ذلك من رواية الثوري ، وأبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق .(1/6)
والذي يظهر لي أن حديث أبي إسحاق في هذا مضطرب ، على أنه لو رُجِّح أيٌّ من هذه الأوجه فلن تفيد صحة الحديث عن ابن مسعود ، فإن رواية أبي بكر بن عياش فيها عمارة الأسدي ، ولم أقف عليه - كما سبق - فإن كان هو عمار بن مالك فهو مجهول ، وأما رواية الثوري فالظاهر أن أبا إسحاق لم يسمعه من عميرة بن زياد ، ثم إن عميرة قد ترجم له البخاري وابن أبي حاتم ، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وذكره ابن حبان في الثقات ، ( التاريخ الكبير 7/69 ، الجرح والتعديل 7/24 ، الثقات 5/280 ) .
وأما أبو خالد الدالاني فإنه صدوق يخطئ كثيراً ، وكان يدلس ( التقريب 8072 ) ، فلا يمكن الاعتماد على روايته ، ثم في روايته عمار بن مالك ، وهو مجهول .
وبهذا يظهر أن هذا الحديث لا يثبت عن عمار بن ياسر ، ولا عن ابن مسعود ولكن يمكن أن يكون من قول عباد بن عبد الله الأسدي ، كما رجحه أبو حاتم ، وعليه فإن جزم الحافظ ابن حجر بصحة هذا الأثر عن عمار ، وعبد الله بن مسعود ( الفتح 4/12 ) فيه نظر ظاهر لما سبق ، والله أعلم .(1/7)
73/759- سألت أبي عن حديثٍ رواه محمد بن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور، عن صفية ابنة شيبة قالت : " إني لأنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغداة ، وهو قائم على باب الكعبة ، بيده حمامة من عيدان(1)وجدها في البيت فكرهها " قال أبي : ما بعد هذا الكلام فهو من كلام ابن إسحاق ، قوله : فلما قام على الباب رمى بها ، ثم جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد حتى فرغ من مقالته ، فقام إليه علي بن أبي طالب ، ومفتاح الكعبة في يده ، قال(2): يا نبي الله ، اجمع لنا الحجابة مع(3)السقاية ، فليكنّ إلينا جميعاً ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أين عثمان بن طلحة(4)؟ فدُعي له، فقال: هاك مفتاحك ، فلما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة هرب(5)عكرمة بن أبي(6)جهلٍ(7)فلحق باليمن ، فقد زعم بعض العلماء أنه كان من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقتله .
__________
(1)
(1) العيدان جمع عُوْد ، ويجمع على أعواد - أيضاً - ، والعود كل خشبة دقت ، وقيل غير ذلك . والمراد هنا ما ينسج به الحصير من طاقاته . ( انظر : النهاية 3/318 ، ولسان العرب 3/319 ) . أي أن هذه الحمامة قد خصفت من عيدان الحصير . والله أعلم .
(2) في ( ح ، ض ) :" فقال " .
(3) في ( س ، ح ) : ذكر واواً بدل " مع " .
(4) عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عثمان العبدي الحجبي ، صحابي ، أسلم وهاجر قبل الفتح ، مات سنة 42 وقيل غير ذلك . أسد الغابة 3/211 ، الإصابة 2/460 ، التقريب 4482 .
(5) " هرب " ساقطة من ( ض ) .
(6) " أبي " ساقطة من ( ض ) .
(7) عكرمة بن أبي جهل بن هشام المخزومي ، صحابي ، أسلم يوم الفتح وحسن إسلامه ، واستشهد بالشام في خلافة أبي بكر الصديق على الصحيح . معرفة الصحابة لأبي نعيم 4/2171 ، الإصابة 2/496 ، التقريب 4667 .(1/1)
قال أبي : هذا كله من كلام ابن إسحاق إلا ما وصفنا في أول الحديث .
دراسة الرواة :
* محمد بن إسحاق بن يسار المدني، أبو بكر، ويقال: أبو عبد الله القرشي ، المطلبي، مولاهم ،(80-151) أو نحوها . روى عن: عطاء بن أبي رباح ، ونافع، وعبد الرحمن ابن القاسم ، ومحمد بن جعفر بن الزبير وغيرهم . وعنه : شعبة ، والسفيانان ، ويونس ابن بكير وغيرهم . علق له البخاري في الصحيح، وأخرج له في " القراءة خلف الإمام " وأخرج له مسلم خمسة أحاديث متابعة، وأخرج له الأربعة .
اختلف فيه اختلافاً واسعاً ، فأثنى عليه جماعة من الأئمة ، منهم الزهري ، وشعبة ، وابن المديني وغيرهم . حتى قال شعبة : هو أمير المحدثين بحفظه . وقال : هو أمير المؤمنين في الحديث . وكذا قال سفيان - فيما ذكره ابن حبان - .
ووثقه ابن سعد ، وابن المديني ، وابن معين - في رواية - والعجلي ، وابن حبان وغيرهم .
وقال ابن معين - في رواية-: ليس به بأس . وقال أحمد: حسن الحديث . وقال شعبة، وأبو زرعة ، ويعقوب بن شيبة وغيرهم : صدوق . وقال ابن المديني - في رواية -: صالح وسط .
وتكلم فيه آخرون ، فضعفه ابن معين - في رواية - وقال - في رواية أخرى -: ضعيف في الزهري . وقال النسائي : ليس بالقوي . وكذا قال ابن معين في رواية . وقال أحمد - في رواية -: ليس بحجة. وقال حماد بن سلمة : لولا الاضطرار ما حدثنا عنه . وقال أبو حاتم : ليس عندي في الحديث بالقوي ، ضعيف الحديث ، وهو أحبُّ إليَّ من أفلح بن سعيد ، يكتب حديثه . وقال الدارقطني : لا يحتج به ، وإنما يعتبر به .
واتهمه هشام بن عروة بالكذب في دعواه السماع من زوجته فاطمة بنت المنذر ، وقال مالك : دجال من الدجاجلة . وكذا كذبه سليمان التيمي ، ويحيى القطان ، ووهيب بن خالدٍ وغيرهم .(1/2)
وفيه كلام كثير جداً غير هذا ، وقد اعتذر جماعة من الأئمة عن اتهامه بالكذب ، فقال ابن عيينة لمن قال ذلك : لا تقل ذلك . وقال ابن المديني : عن ابن عيينة : جالست ابن إسحاق منذ بضع وسبعين سنة وما يتهمه أحد من أهل المدينة ، ولا يقول فيه شيئاً ، قلت لسفيان : كان ابن إسحاق جالس فاطمة بنت المنذر ؟ فقال : أخبرني أنها حدثته ، وأنه دخل عليها . وقال يعقوب بن شيبة : وسألت ابن المديني : كيف حديث ابن إسحاق عندك ؟ قال : صحيح ، قلت له : فكلام مالك فيه ؟ قال : مالك لم يجالسه ولم يعرفه . ثم قال علي : أي شيء حدث بالمدينة ؟! قلت له : وهشام بن عروة قد تكلم فيه ؟ قال : الذي قال هشام ليس بحجة ، لعله دخل على امرأته وهو غلام فسمع منها . وقال أحمد بن حنبل في قصة هشام : وما ينكر هشام ؟ لعله جاء فاستأذن عليها فأذنت له - يعني ولم يعلم -. وذكر أحمد - أيضاً - أنه يمكن أن يكون سمع منها في خروجها إلى المسجد . وقال البخاري: قال لي بعض أهل المدينة : إن الذي يذكر هشام بن عروة قال: كيف يدخل ابن إسحاق على امرأتي - لو صح عن هشام - جائز أن تكتب إليه ، فإن أهل المدينة يرون الكتاب جائزاً، وجائز أن يكون سمع منها وبينهما حجاب . وقال أبو زرعة الدمشقي : وذاكرت دحيماً قول مالكٍ فيه ، فرأى أن ذلك ليس للحديث ، إنما هو لأنه اتهمه بالقدر.(1/3)
وقال ابن حبان : وهذا الذي قاله هشام بن عروة ليس مما يجرح به الإنسان في الحديث، ثم ذكر ابن حبان أن جماعة من التابعين سمعوا من عائشة دون أن يروها ، وهو سماع صحيح . ثم قال : وأما مالك فإنه كان ذلك منه مرة واحدة ، ثم عاد إلى ما يجب ، وذلك أنه لم يكن بالحجاز أعلم بأنساب الناس وأيامهم من محمد بن إسحاق ، وكان يزعم أن مالكاً من موالي ذي أصبح ، وكان مالك يزعم أنه من أنفسهم ، فوقع بينهما لهذا مفاوضة ، فلما صنف مالك الموطأ قال ابن إسحاق : ائتوني به فإني بيطاره ، فنقل ذلك إلى مالك ، فقال : هذا دجال من الدجاجلة ، يروي عن اليهود ، وكان بينهم ما يكون بين الناس ، حتى عزم محمد بن إسحاق على الخروج إلى العراق فتصالحا حينئذٍ ، فأعطاه مالك عند الوداع خمسين ديناراً ، نصف ثمرته تلك السنة ، ولم يكن يقدح فيه مالك من أجل الحديث ، إنما كان ينكر عليه تتبعه غزوات النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أولاد اليهود الذين أسلموا... وكان ابن إسحاق يتبع هذا عنهم ليعلم من غير أن يحتج بهم ... الخ .
وقال الذهبي في قصة هشام : وما يدري هشام بن عروة، فلعله سمع منها في المسجد، أو سمع منها وهو صبي ، أو دخل عليها فحدثته من وراء حجاب ؟ فأي شيء في هذا ؟ وقد كانت امرأة قد كبرت وأسنت .
وقال ابن حجر - بعدما ذكر تكذيب سليمان التيمي ، ويحيى القطان ، ووهيب بن خالد لمحمد بن إسحاق -: فأما وهيب ، والقطان فقلدا فيه هشام بن عروة ، ومالكاً ، وأما سليمان التيمي فلم يتبين لي لأي شيء تكلم فيه ، والظاهر أنه لأمرٍ غير الحديث ، لأن سليمان ليس من أهل الجرح والتعديل .
هذا ما يتعلق بتكذيب من كذبه ، ولكن تكلم فيه لأمور أخرى ، فقد اتهم ببعض البدع ، كما سبق اتهامه بالقدر ، وقد جاء هذا عن جماعة من الأئمة ، وقال ابن نمير : كان يتهم بالقدر ، وكان أبعد الناس منه . فالله أعلم .(1/4)
كما اتهم بغير القدر - أيضاً - فقد قال الجوزجاني : وكان يرمى بغير نوع من البدع .
وقد كان ابن إسحاق مدلساً شديد التدليس ، قال أحمد : هو كثير التدليس جداً ، فكان أحسن حديثه عندي ما قال : أخبرني ، وسمعت . وقال ابن حبان : وإنما أتى ما أتى لأنه كان يدلس على الضعفاء ، فوقع المناكير في روايته من قبل أولئك ، فأما إذا بيَّن السماع فيما يرويه فهو ثبت يحتج بروايته .
والاختلاف في حال ابن إسحاق واسع - كما سبق - وقد نقل البخاري عن ابن المديني قوله : نظرت في كتب ابن إسحاق فما وجدت عليه إلا في حديثين ، ويمكن أن يكونا صحيحين . وقال أبو زرعة الدمشقي : وابن إسحاق رجل قد أجمع الكبراء من أهل العلم على الأخذ عنه ، وقد اختبره أهل الحديث فرأوا صدقاً وخيراً ، مع مدح ابن شهاب له .
أما أحمد بن حنبل فقد حرر رأيه فيه بقوله : أما في المغازي وأشباهه فيكتب ، وأما في الحلال والحرام فيحتاج إلى مثل هذا - ومد يده وضم أصابعه - .
وقال ابن نمير : إذا حدث عن من سمع منه من المعروفين فهو حسن الحديث، وإنما أُتي من أنه يحدث عن المجهولين أحاديث باطلة .
وقال ابن عدي : وقد فتشت أحاديثه الكثيرة فلم أجد في أحاديثه ما يتهيأ أن يقطع عليه بالضعف ، وربما أخطأ أو وهم في الشيء بعد الشيء ، كما يخطئ غيره، ولم يتخلف عنه في الرواية عنه الثقات والأئمة ، وهو لا بأس به .
ولخص الذهبي رأيه في عدد من كتبه ، فقال في الميزان : وثقه غير واحد ، ووهّاه آخرون كالدارقطني ، وهو صالح الحديث ، ماله عندي ذنب إلا ما قد حشا في السيرة من الأشياء المنكرة المنقطعة والأشعار المكذوبة ، ثم قال : فالذي يظهر لي أن ابن إسحاق حسن الحديث صالح الحال صدوق ، وما انفرد به ففيه نكارة فإن في حفظه شيئاً ، وقد احتج به أئمة فالله أعلم .(1/5)
وقال في تذكرة الحفاظ : والذي تقرر عليه العمل أن ابن إسحاق إليه المرجع في المغازي والأيام النبوية ، مع أنه يشذ بأشياء ، وأنه ليس بحجة في الحلال والحرام ، نعم، ولا بالواهي ، بل يستشهد به.
وقال في سير النبلاء : وأما في أحاديث الأحكام فينحط حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن ، إلا فيما شذ فيها فإنه يعد منكراً .
ولخص الحافظ ابن حجر حاله بقوله : [ إمام المغازي ، صدوق يدلس ، رمي بالتشيع والقدر ] ، وهو كما قال مع ملاحظة ما سبق من نكارة ما تفرد به ، وكثرة تدليسه ، والتفريق بين حديثه فحديثه في الحلال والحرام أضعف من غيره . والله أعلم .
طبقات ابن سعد 7/321 ، التاريخ الكبير 1/40 ، ثقات العجلي ص400 ، تاريخ أبي زرعة الدمشقي ص265 ، ضعفاء النسائي ص91 ، ضعفاء العقيلي 4/23 ، الجرح والتعديل 7/191 ، ثقات ابن حبان 7/380 ، الكامل 6/102 ، تاريخ بغداد 1/214 ، تهذيب الكمال 24/405 ، الميزان 3/468 ، تذكرة الحفاظ 1/172 ، سير النبلاء 7/33 ، تهذيب التهذيب 3/504 ، التقريب 5725 ، التعليق على النفح الشذي 2/708-792 .
* محمد بن جعفر بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي ، المدني، مات سنة بضع عشرة ومائة ، روى عن : عروة بن الزبير ، وعباد بن عبد الله بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله ابن أبي ثورٍ وغيرهم . وعنه : عبد الرحمن بن القاسم ، وابن جريج ، وابن إسحاق وغيرهم .
ثقة ، وثقه النسائي ، والدارقطني ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال : كان من فقهاء أهل المدينة وقرائهم . وقال ابن سعد : كان عالماً وله أحاديث . وقال الدارقطني - أيضاً - : مدني يعتبر به .
قال ابن حجر : [ ثقة ] .
طبقات ابن سعد ( القسم المتمم لتابعي أهل المدينة ص112 ) ، الجرح والتعديل 7/221 ، ثقات ابن حبان 7/394 ، سؤالات البرقاني ص58 ، التعديل والتجريح للباجي 2/622 ، تهذيب الكمال 24/579 ، تهذيب التهذيب 3/530 ، التقريب 5782 .(1/6)
* عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور القرشي ، مولاهم ، المدني ، روى عن : ابن عباس ، وصفية بنت شيبة . وعنه : محمد بن جعفر بن الزبير ، والزهري . أخرج له الجماعة .
ذكره البخاري ، وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً .
وذكره ابن حبان في الثقات .
قال الذهبي : وثق .
وقال ابن حجر : [ ثقة ] . وعادة ابن حجر في مثله أن يقول فيه : مقبول . ولكن لعله وثقه لأن البخاري ، ومسلماً قد اعتمداه ، ولتقدُّم طبقته ، فقد ذكره مسلم في الطبقة الثالثة من أهل المدينة ، ولأنه من شيوخ الزهري ، والزهري إذا سمَّى شيخه فهو ثقة . وليس له إلا حديثان : هذا أحدهما، والثاني في الطلاق عن ابن عباس، أخرجاه من طريقه في الصحيحين وغيرهما .
التاريخ الكبير 5/386 ، الجرح والتعديل 5/320 ، ثقات ابن حبان 5/65 ، رجال صحيح البخاري 1/465 ، رجال صحيح مسلم 2/14 ، تهذيب الكمال 19/68 ، الكاشف 2/228 ، إكمال تهذيب الكمال 9/31 ، تهذيب التهذيب 3/14 ، التقريب 4307 .
* صفية بنت شيبة العبدرية ، سبقت ترجمتها في المسألة السادسة ، وقد اختلف في صحبتها ، وسبق بيان ذلك مطولاً .
التخريج :
- الحديث في مغازي ابن إسحاق ( كما ذكره ابن هشام في سيرته 3-4/348 ) وقد ساقه مطولاً أكثر مما هنا ، وميَّز المسند من غيره ، فأسند قصة العيدان وزاد فيها طواف النبي - صلى الله عليه وسلم - على راحلته ، أما بقية الحديث فقال ابن إسحاق : حدثني بعض أهل العلم ، ثم ساقه مرسلاً ، وزاد فيه خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يذكر قصة عكرمة .
- وأخرجه أبو داود 2/473 ح1873 عن مصرف بن عمروٍ اليامي ،
وابن ماجه 2/982 ح2947 ، والطبراني في الكبير 24/322 ح810 من طريق محمد ابن عبد الله بن نمير ،
والبيهقي في السنن الكبرى 5/101 ، وفي دلائل النبوة 5/74 من طريق أحمد بن عبد الجبار ،(1/7)
ثلاثتهم ( مصرف ، ومحمد بن نمير ، وأحمد بن عبد الجبار ) عن يونس بن بكير به بنحو المسند منه فقط ، ولفظه : عن صفية بنت شيبة قالت : " لما اطمأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح طاف على بعيره يستلم الركن بمحجن بيده ، ثم دخل الكعبة فوجد فيها حمامة عيدانٍ فكسرها ، ثم قام على باب الكعبة فرمى بها، وأنا أنظره". واقتصر في رواية مصرف على ذكر الطواف .
- وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 6/16 ح3192 ، والطبراني في الكبير 24/323 ح812 ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 6/378 ح7721 ، من طرقٍ عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، عن أبيه(1)،
وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 6/15 ح3191 - ومن طريقه أبو نعيم في معرفة الصحابة 6/3379 ح7722 - ، والطبراني في الكبير 24/322 ح810 من طريق عبد الرحمن بن بشير ،
وعلقه أبو نعيم في معرفة الصحابة عن ابن نمير ، وابن أبي زائدة ،
أربعتهم ( إبراهيم بن سعد ، وعبد الرحمن بن بشير ، وعبد الله ابن نمير ، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة ) عن محمد بن إسحاق به بنحو السياق السابق في رواية يونس ، واقتصر على ذكر الطواف في رواية إبراهيم بن سعد عند أبي عاصم، والطبراني فقط ، ولم يسق أبو نعيم لفظ ابن نمير ، وابن أبي زائدة ، وذكر أن الناس رووه عن ابن إسحاق .
- وأخرجه الواقدي 2/835 قال : حدثني علي بن محمد ، عن منصور الحجبي ، عن أمه صفية بنت شيبة ، عن برة بنت أبي تجراة قالت : " أنا أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين خرج من البيت ، فوقف على الباب ، وأخذ بعضادتي الباب ، فأشرف على الناس وبيده المفتاح ، ثم جعله في كمه " .
الحكم عليه :
__________
(1) سقط من معجم الطبراني المطبوع قوله :" حدثنا أبي " فصار من رواية يعقوب بن إبراهيم ، عن محمد بن إسحاق ، ولعله سقط من الناسخ أو من الطباعة .(1/8)
ذكر أبو حاتم الرازي أن هذا الحديث ليس كله مما يرويه ابن إسحاق عن محمد بن جعفر ابن الزبير، عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور ، عن صفية بنت شيبة ، وإنما الذي يروى بهذا الإسناد أول الحديث فقط ، وأما بقية الحديث فإنما هو من قول ابن إسحاق ، وقد تبين من التخريج السابق صحة ما ذكره أبو حاتم ، فإن جميع الروايات السابقة إنما تسند أول الحديث فقط ، بل إن ابن إسحاق في المغازي قد بيَّن ذلك وفصَّله، فميَّز ما يرويه بالإسناد المذكور مما يأثره عن بعض أهل العلم، فالظاهر أن بعض الرواة وهم في هذا ، فلم يميز أول هذا الحديث من آخره فلذا نبه عليه أبو حاتم الرازي ، أو يكون أبو حاتم نبه عليه ابتداءً خشية الوهم فيه . والله أعلم .
هذا ما يتعلق بما ذكره أبو حاتم ، وقد بقي الكلام في صحة ما أسند من هذا الحديث ، وقد سبق ذكر الاختلاف في صحبة صفية بنت شيبة ، ولو صح إسناد هذا الحديث لكان دالاًّ على صحبتها ، وقد حسنه المزي ، واستدل به على ذلك -كما سبق في ترجمتها - كما حسنه الحافظ ابن حجر ( الفتح 7/612 ) ، ولو صحت رواية منصور الحجبي لكانت دالَّة على نقيض ذلك ، لأنه جعله عن صفية ، عن برة بنت أبي تجراة ، ولكنها رواية غير ثابتة ، لأنها من رواية الواقدي .
وقد سبق في ترجمة صفية أن ظاهر صنيع البخاري إثبات صحبتها ، وقد أيَّد ذلك المزي ، وابن حجر وغيرهما ، في حين ذهب النسائي ، والعجلي ، والدارقطني ، وابن حبان ، والبرقاني وغيرهم إلى عدم ثبوت صحبتها ، وإلى ذلك مال الذهبي وغيره ، فالله أعلم .
أما بقية الحديث ، وذكر طلب علي لمفتاح الكعبة فقد روي فيه مراسيل وأخبار من غير هذا الوجه ( انظر : مصنف عبد الرزاق 5/83-85 ، ومغازي الواقدي 2/833 ، والمعجم الكبير للطبراني 9/54 ، وفتح الباري 7/612 وغيرها ) والله أعلم .(1/9)
74/860- سمعت أبي وذكر حديث الزهري ، عن علي بن حسين ، عن عمرو بن عثمان ، عن أسامة بن زيد قال : " قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم - : أين تنزل بالخيف(1)؟ قال : وهل ترك لنا عقيل(2)منزلاً "؟ فقال أبي : قد تفرد الزهري برواية هذا الحديث .
دراسة الرواة :
* الزهري ، محمد بن مسلم ، سبق في المسألة الرابعة والعشرين، وهو الفقيه الحافظ، متفق على جلالته وإتقانه .
* علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي ، زين العابدين ، المدني مات سنة 93 وقيل غير ذلك . روى عن : أبيه الحسين بن علي ، وعمه الحسن بن علي ، وابن عباس ، وعمرو بن عثمان وغيرهم . وعنه : الزهري ، والحكم بن عتيبة ، ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم .
متفق على إمامته وجلالته وفضله وعلمه ، قال يحيى بن سعيد الأنصاري : حدثنا علي بن الحسين أفضل هاشمي رأيته في المدينة . وقال مالك : لم يكن في أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل علي بن الحسين .
قال في التقريب :[ ثقة ثبت، عابد فقيه فاضل مشهور، قال ابن عيينة ، عن الزهري: ما رأيت قرشياً أفضل منه ] .
طبقات ابن سعد 5/211 ، الجرح والتعديل 6/178 ، تهذيب الكمال 20/382 ، تهذيب التهذيب 3/154 ، التقريب 4715 .
__________
(1) الخيف - بالفتح ، ثم السكون - هو المنحدر من غلظ الجبل ، قد ارتفع عن مسيل الماء فليس شرفاً ولا حضيضاً ، والمراد هنا خيف بني كنانة ، وقد قيل هو المحصب ، وهو بطحاء مكة . ( انظر مراصد الاطلاع 1/495 ) .
(2) في ( س ، ح ، ض ) :" عقيل لنا " ، وهو عقيل بن أبي طالب الهاشمي ، ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأخو علي ، وجعفر ، وهو أسن منهما ، صحابي ، وكان عالماً بالنسب ، وقد شهد بدراً مع المشركين مكرهاً ، مات سنة 60 وقيل بعدها . ( تهذيب الكمال 20/235 ، التقريب 4661 ) .(1/1)
* عمرو بن عثمان بن عفان القرشي الأموي ، أبو عثمان المدني ، روى عن : أبيه ، وأسامة بن زيد ، وعنه : علي بن الحسين ، وسعيد بن المسيَّب ، وأبو الزناد وغيرهم ، أخرج له الجماعة .
ثقة . وثقه ابن سعد ، والعجلي وغيرهما . وذكره ابن حبان في الثقات .
قال في التقريب : [ ثقة ] .
طبقات ابن سعد 5/150 ، ثقات العجلي ص367 ، الجرح والتعديل 6/248 ، ثقات ابن حبان 5/168 ، تهذيب الكمال 22/153 ، تهذيب التهذيب 3/292 ، التقريب 5077 .
* أسامة بن زيد بن حارثة - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة التاسعة .
التخريج :
- أخرجه البخاري 4/86 ح3058 ، ومسلم 4/108 ح1351 ، وأبو داود 2/525 ح2003 و3/415 ح2902 ، والنسائي في الكبرى 2/480 ح4256 و4/82 ح6379 ، وابن ماجه 2/981 ح2942 ، وأحمد 5/202 ح21766 و5/208 ح21808 و5/209 ح21820 ، وعبد الله بن المبارك في مسنده ص76 ح173 ، وعبد الرزاق 6/14 ح9851 و10/341 ح19304، والأزرقي في أخبار مكة 2/162، والدارمي 2/466 ح2998 ، والفاكهي في أخبار مكة 3/253 ح2074 ، وإبراهيم الحربي في الغريب 2/831 ، والبزار 7/38 ح2584 ، والمروزي في السنة ص260 ح423 ، وابن خزيمة 4/322 ح2985 ، وأبو عوانة 3/436 ح5596 و5597 ، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات 1/266 ح40، والطبراني في الكبير 1/167 ح412 ، والدارقطني 3/62 ح240 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/30 ح3145 ، والبيهقي 5/160 و6/218 ، والخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل 2/689 من طريق معمر ابن راشد ،(1/2)
والبخاري 2/181 ح1588، ومسلم 4/108 ح1351، والنسائي في الكبرى 2/480 ح4255 ، و4/82 ح6380 ، وابن ماجه 2/912 ح2730 ، وأبو عبيد في الأموال ص227 ح528 ، وابن زنجويه في الأموال 2/482 ح765 ، والمروزي في السنة ص258 ح419 وص260 ح421، وأبو عوانة 3/436 ح5595 ، والطحاوي في شرح المعاني 3/265 ح5295 و4/49-50 ح5669 و5667 ، وفي شرح المشكل 6/310 ح2504 ، وابن حبان 11/552 ح5149 ، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات 1/270 ح47 ، والطبراني في الكبير 1/168 ح412 ، والدارقطني 3/62 ح239 و4/69 ح7 ، والحاكم 2/602 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/29 ح3144 ، والبيهقي 6/34 و218 و9/122 ، والخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل 2/697 ، والجوزقاني في الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير 2/159 ح553 من طريق يونس بن يزيد الأيلي ،
والبخاري 5/187 ح4282و4283 ، ومسلم 4/108 ح1351 ، وأحمد 5/201 ح21752 ، والفاكهي في أخبار مكة 2/261 ح2090 ، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات 1/269 ح46 ، والطبراني في الكبير 1/168 ح412 ، والدارقطني 3/62 ح238 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/30 ح3146 ، والبيهقي في الدلائل 5/91 ، والخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل 2/691-692 ، وفي تالي تلخيص المتشابه 2/533 ح325 ، وابن النقور في مشيخته ص41 ح10 من طريق محمد بن أبي حفصة ،
والبخاري 8/194 ح6764 ، وأحمد 5/208 ح21808 ، وعبد الرزاق 6/15 ح9852 ، و10/341 ح19304 ، والبزار 7/38 ح2585 ، وأبو عوانة 3/436 ح5595 ، والبيهقي 6/217 من طريق ابن جريج ،(1/3)
ومسلم 5/59 ح1614 ، وأبو داود 3/415 ح2901 ، والترمذي 3/609 ح2107، والنسائي في الكبرى 4/81 ح6376 ، وابن ماجه 2/911 ح2729، وأحمد 5/200 ح21747 ، والشافعي في الأم 4/91 ، وفي الرسالة ص168 -169 ، وفي المسند ( 2/190 ح676 بترتيب السندي ) وأبو الجهم العلاء بن موسى الباهلي في جزئه ص60 ح107 ، والحميدي 1/248 ح541 ، وسعيد بن منصور في سننه 1/82 ح135، وابن أبي شيبة في المصنف 6/283 ح31437، وفي المسند 1/113 ح144 ، وسعدان بن نصر في جزئه ص10 ح3 ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 1/328 ح454 ، والبزار 7/33 ح2581 ، والمروزي في السنة ص258 ح418 ، وابن الجارود 3/219 ح954 ، وأبو عوانة 3/435 ح5593 ، والطحاوي في شرح المعاني 3/265 ح5294، وعلي بن محمد الحميري في جزئه ص104 ح42، وابن حبان 11/394 ح6033، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات 1/265 ح38، والطبراني في الكبير 1/167 ح412 ، وفي الأوسط 1/161 ح506 ، وأبو نعيم في الحلية 3/144 ، والبيهقي 6/218 ، والخطيب في الكفاية ص13 ، والبغوي في شرح السنة 8/263 ح2231 ، والجوزقاني في الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير 2/159 ح552 من طريق سفيان بن عيينة(1)،
ومسلم 4/108 ح1351 ، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات 1/269 ح45 ، والطبراني في الكبير 1/168 ح412 ، والدارقطني 3/62 ح237 ، والبيهقي في الدلائل 5/91 ، والخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل 2/692 من طريق زمعة بن صالح،
والترمذي 3/609 ح2107 ، والنسائي في الكبرى 4/82 ح6381و6382 ، وسعيد بن منصور في سننه 1/3/84 ح136 ، والطحاوي في شرح المعاني 3/266 ح5297 ، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات 1/265 ح39 ، والطبراني في الكبير 1/163 ح391 ، وابن عبد البر في التمهيد 9/171 من طريق هشيم بن بشير ،
__________
(1) وقع في سنن النسائي الكبرى المطبوعة جعله : عن سفيان بن سعيد . وهو خطأ، والصواب: سفيان بن عيينة، كما في تحفة الأشراف 1/56 .(1/4)
ومالك في الموطأ 2/411 ح10 - ومن طريقه النسائي في الكبرى 4/81 ح6372-6375، وأحمد 5/208 ح21813 ، وابن المبارك في مسنده ص36 ح174، والشافعي في الأم 4/91، والطحاوي في شرح المعاني 3/265 ح5296، وأبو القاسم الجوهري الغافقي في مسند الموطأ ص199 ح210 ، وابن عبد البر في التمهيد 9/162و171 - ،
والنسائي في الكبرى 2/480 ح4256 ، وعبد الرزاق 6/14 ح9851 ، والبزار 7/36 ح2582 من طريق الأوزاعي ،
والنسائي في الكبرى 4/81 ح6378 ، وأبو عوانة 3/435 ح5594 ، والطبراني في الكبير 1/168 ح412 من طريق عقيل بن خالد ،
والنسائي في الكبرى 4/80 ح6370 ، وابن الأعرابي في معجمه 2/687 ح1383 ، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات 1/266 ح41 و1/267 ح42و43 ، والطبراني في الأوسط 5/182 ح5013 من طريق عبد الله بن عيسى ،
والنسائي في الكبرى 4/81 ح6377 ، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات 1/268 ح44 ، والطبراني في الكبير 1/168 ح412 من طريق يزيد بن عبد الله بن الهاد ،
والطيالسي 2/22 ح665 ، والطبراني في الكبير 1/168 ح412 من طريق عبد الله ابن بديل بن ورقاء الخزاعي ،
وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات 1/270 ح48 ، والطبراني في الكبير 1/168 ح412، وفي الأوسط 3/142 ح2738 ، والحاكم 2/240(1)من طريق سفيان بن حسين ،
والطبراني في الكبير 1/168 ح412 ، وأبو نعيم في الحلية 3/144 من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري ،
والطبراني في الكبير 1/168 ح412 من طريق صالح بن كيسان ،
والدارقطني 3/62 ح238 من طريق معاوية بن صالح ،
وابن عبد البر في التمهيد 9/162 - معلقاً - عن شعيب بن أبي حمزة ،
__________
(1) وقع في المطبوع من المستدرك سقط في الإسناد ، وتصحيحه من إتحاف المهرة 1/306 .(1/5)
جميعهم ( 18 راوياً ) عن الزهري بهذا الحديث مطولاً ومختصراً ، وزاد فيه بعضهم : " لا يرث المسلم الكافر ، ولا الكافر المسلم " فمنهم من ذكر قصة عقيل وحدها ، ومنهم من ذكر قصة الميراث وحدها ، ومنهم من جمع بينهما ، وقد زاد فيه بعضهم كلاماً آخر ، وذكر هشيم في بعض المواطن عنه قصة الميراث بلفظ " لا يتوارث أهل ملتين " ، وربما ذُكر ذلك عن غير هشيم - أيضاً - .
وقد قال مالك في روايته: عُمَرَ بن عثمان، وذكر في بعض المواطن السابقة عن مالك: عمرو بن عثمان ، مثل رواية غيره ، وأسقط عبد الله بن عيسى عمرو بن عثمان من الإسناد .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم أن هذا الحديث تفرد الزهري بروايته ، وهو كما قال . وقد تبين ذلك جلياً من خلال التخريج السابق، فإن هذا الحديث لا يعرف عن غير الزهري، وقد رواه الناس عنه .
والمحفوظ فيه رواية الجماعة عن الزهري ، عن علي بن الحسين ، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد، وما خالف ذلك فليس بمحفوظ ، كرواية مالك بقوله: عمر ابن عثمان ، وكرواية عبد الله بن عيسى بإسقاط عمرو بن عثمان ، كما نص على ذلك جماعة كثيرة من الأئمة ، منهم : أبو زرعة الرازي ، والترمذي ، والبزار ، وابن أبي عاصم ، والدارقطني ، والعلائي وغيرهم(1).
__________
(1) ومن أراد التوسع في هذا الحديث فلينظر : العلل ومعرفة الرجال 2/265 رقم 2202 ، ومسائل ابن هانئ 2/209 رقم 2140 ، وعلل الحديث لابن أبي حاتم 2/50 رقم 1635 ، وسنن الترمذي 3/610 ح2107 ، وسنن النسائي الكبرى 4/81 ، والآحاد والمثاني لابن أبي عاصم 1/329 ، ومسند البزار 7/33-36 ، وصحيح ابن خزيمة 4/322 ، والغيلانيات 1/265 ، ومسند الموطأ ص200 ، والتمهيد 9/160-172 ، والفصل للوصل المدرج في النقل للخطيب 2/689-698 ، وبغية الملتمس للعلائي ص181-187 وغيرها .(1/6)
وهو حديث صحيح ثابت ، وقد صححه البخاري ومسلم وغيرهما ، بل قال ابن عبد البر : إنه صحيح ثابت لا مدفع فيه عند أحدٍ من أهل العلم بالنقل ( التمهيد 9/171 )، والله أعلم .(1/7)
75/861- سألت أبي عن حديث رواه الشافعي . حدثنا أبي قال : حدثنا أبو ثور ، قال : حدثنا الشافعي ، عن سفيان بن عيينة . وحدثنا هشام بن عمار ، عن سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء ، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها : " إن طوافك بالبيت وسعيك بين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك ". قال أبي : حدثنا أبو نعيم ، عن ابن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - . قال أبي : الناس يقولون : ابن أبي نجيح ، عن عطاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - . مرسل(1).
دراسة الرواة :
* أبو ثور ، إبراهيم بن خالد بن أُبَي اليماني ، الكلبي ، الفقيه البغدادي ، صاحب الشافعي ، مات سنة 240. روى عن : الشافعي ، وابن عيينة ، وابن علية وغيرهم . وعنه : أبو داود ، وابن ماجه ، وأبو حاتم وغيرهم .
ثقة ، قال النسائي : ثقة مأمون ، أحد الفقهاء . وقال أحمد : أعرفه بالسنة منذ خمسين سنة ، وهو عندي في مسلاخ سفيان الثوري .
قال في التقريب : [ ثقة ] .
الجرح والتعديل 2/97 ، تاريخ بغداد 6/65 ، تهذيب الكمال 2/80 ، الميزان 1/29 ، تهذيب التهذيب 1/64 ، التقريب 172.
* الشافعي، محمد بن إدريس ، سبق في المسألة السادسة ، وهو الإمام المشهور، والمجدد لأمر الدين على رأس المائتين .
* سفيان بن عيينة، سبق في المسألة التاسعة والأربعين، وهو ثقة فقيه إمام حجة.
* هشام بن عمار السُّلمي ، أبو الوليد الدمشقي ، الخطيب ( 153-245 ) أو نحوها . روى عن : معروف الخياط ، ومالك ، وصدقة بن خالد ، وابن عيينة وغيرهم ، وعنه : البخاري ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، وأبو حاتم ، وأبو زرعة وغيرهم . أخرج له البخاري والأربعة .
__________
(1) سوف ترد هذه المسألة من نفس الطريق برقم 94/880 ومن طريق آخر في المسألة الآتية 76/862 .(1/1)
وثقه ابن معين وقال : كيس كيس ، وذكره العجلي في الثقات ، وقال : صدوق . وكذا قال أبو حاتم ، وذكره ابن حبان في الثقات . وقال أبو زرعة : من فاته هشام بن عمار يحتاج أن ينزل في عشرة آلاف حديث . وقال الدارقطني : صدوق كبير المحل .
وقال أبو حاتم : هشام بن عمار لما كبر تغير ، فكل ما دفع إليه قرأه ، وكلما ما لقن تلقن، وكان قديماً أصح ، وكان يقرأ من كتابه. وقال أبو داود : حدث هشام بأرجح من أربعمائة حديث ليس لها أصل ، مسندة كلها ، كان فضلك يدور على أحاديث أبي مسهر وغيره يلقنها هشام بن عمار . قال أبو داود : وكنت أخشى أن يفتق في الإسلام فتقاً .
وذكره أحمد بن حنبل فقال : طياش خفيف .
وقد كان هشام يأخذ الأجرة على التحديث، حتى قال ابن واره : عزمت زماناً أن أمسك عن حديث هشام بن عمار ، لأنه كان يبيع الحديث .
لخص الذهبي حاله بقوله : صدوق مكثر ، وله ما ينكر .
وابن حجر بقوله : [ صدوق مقرئ كبر فصار يتلقن ، فحديثه القديم أصح ] .
سؤالات ابن الجنيد ص397 ، سؤالات الآجري 1/190 ، ثقات العجلي ص459 ، الجرح والتعديل 9/66 ، ثقات ابن حبان 9/233 ، تهذيب الكمال 30/242 ، معرفة القراء الكبار 1/195 ، الميزان 4/302 ، تهذيب التهذيب 4/276 ، التقريب 7303 .
* ابن أبي نجيح هو : عبد الله بن يسار الثقفي ، مولاهم ، أبو يسارٍ المكي ، مات سنة 131 أو بعدها . روى عن : أبيه ، وعطاء بن أبي رباح ، ومجاهد وغيرهم . وعنه : ابن عيينة ، وإبراهيم بن نافع ، والثوري ، وشعبة وغيرهم .
ثقة ، وثقه أحمد ، وابن معين ، وأبو زرعة ، والنسائي ، وابن سعد ، والعجلي وغيرهم .
وقال أحمد : ابن أبي نجيح كان يرمى بالقدر ، أفسدوه بأخرة ، وكان جالس عمرو ابن عبيد فأفسدوه ، وكان قدرياً . وكذا ذكر رميه بالقدر ابن معين ، وأبو حاتم، وابن سعد ، والعجلي وغيرهم. وذكر النسائي أنه كان يدلس .
قال في التقريب : [ ثقة ، رمي بالقدر ، وربما دلس ] .(1/2)
تاريخ الدروي 2/334 ، ثقات العجلي ص281 ، ضعفاء العقيلي 2/317 ، الجرح والتعديل 5/203 ، تهذيب الكمال 16/215 ، الميزان 2/515 ، تهذيب التهذيب 2/444 ، التقريب 3662 .
* عطاء بن أبي رباح ، سبق في المسألة السادسة ، وهو ثقة فقيه فاضل ، لكنه كثير الإرسال .
* عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - سبقت ترجمتها في المسألة الثالثة .
* أبو نعيم ، الفضل بن دكين ، سبق في المسألة الثالثة ، وهو ثقة ثبت .
التخريج :
حديث الشافعي في الأم 2/193، وفي المسند ص113. وفيه: وربما قال سفيان عن عطاء عن عائشة ، وربما قال : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة .
- وأخرجه أبو نعيم في الحلية 9/157 من طريق الحسن بن سفيان ، عن أبي ثور به بنحوه .
- وأخرجه أبو داود 2/480 ح1892 - ومن طريقه ابن حزم في المحلى 7/169 ، وابن عبد البر في التمهيد 15/223 - والبيهقي في المعرفة 4/97 ح3005 من طريق الربيع بن سليمان المؤذن عن الشافعي به بنحوه ، وقد ذكر فيه تردد سفيان في وصله وإرساله .
- وأخرجه الطحاوي في شرح المعاني 2/200 ح3919 ، وفي شرح المشكل 9/453 ح3838 من طريق أسد بن موسى ،
والطحاوي - أيضاً - في شرح المعاني 2/200 ح3920 من طريق يعقوب بن حميد ،
وابن أبي حاتم في العلل - كما سيأتي في المسألة رقم 94/880 - عن أبيه ، عن علي ابن هاشم بن مرزوق ،
والبيهقي 5/173 من طريق ابن أبي عمر ،
أربعتهم ( أسد ، ويعقوب ، وعلي ، وابن أبي عمر ) عن ابن عيينة به بنحوه إلا أنه مختصر في رواية الأولين ، وهو مرسل في رواية علي بن هاشم ، وموصول في رواية البقية.
- وأخرجه الشافعي في الأم 2/193 ، وفي المسند ص113 ، - ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى 5/106 ، وفي المعرفة 4/97 ح3004 - عن مسلم بن خالد الزنجي ، والداراقطني 2/262 ح126 من طريق داود بن مهران ، عن مسلم بن خالد ،
وإسحاق بن راهويه في مسنده 3/637 ح675 عن محمد بن بكر البرساني ،(1/3)
وأبو بكر النيسابوري في الزيادات الورقة 20، والطبراني ( كما في موافقة الْخُبْر الْخَبَر 2/144 ) والدارقطني 2/262 ح124 و125 ، والبيهقي 5/173 من طرقٍ عن قبيصة بن عقبة ، والدارقطني في العلل 5/ الورقة 144 - معلقاً - عن معاوية بن هشام القصار ، كلاهما ( قبيصة ، ومعاوية ) عن سفيان الثوري ،
والدارقطني في العلل 5/ الورقة 144 - معلقاً - عن سفيان بن عيينة ،
أربعتهم ( مسلم ، والبرساني ، والثوري ، وابن عيينة ) عن ابن جريج ، عن عطاء به بنحوه ، إلا في رواية البرساني ففيه زيادة ولم يذكر فيه الطواف بالبيت ، ولا أنه يجزئ عن العمرة ، وأطلق الطواف في رواية قبيصة عن الثوري . وهو موصول في رواية داود بن مهران عن مسلم بن خالد، ورواية قبيصة، عن الثوري، ومرسل في بقية الروايات .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم الاختلاف في هذا الحديث على ابن عيينة على وجهين :
الوجه الأول : عن ابن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء ، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد ذكر أبو حاتم هذا الوجه عن الشافعي ، وهشام بن عمار ، وحديث الشافعي رواه أبو حاتم عن أبي ثور ، عن الشافعي . ولكن لما أعاد ابن أبي حاتم المسألة - كما سيأتي برقم 94/880 - ذكر فيه أبو حاتم حديث أبي ثور عن ابن عيينة ، وسقط منه الشافعي ، ولعله سقط في أصل النسخة ، وإلا فهو رواية أبي ثورٍ - أيضاً - عن ابن عيينة .
كما روى هذا الوجه - أيضاً - عن ابن عيينة : أسد بن موسى ، ويعقوب بن حميد ، ومحمد بن أبي عمر العدني .
الوجه الثاني : عن ابن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء مرسلاً ، وقد ذكر أبو حاتم هذا الوجه عن أبي نعيم ، كما ذكره في الموضع الثاني عن علي بن هاشم بن مرزوق.(1/4)
كما أن هذا الوجه - أيضاً - رواية للشافعي، فقد قال الشافعي بعد أن روى الموصول: كان سفيان ربما قال : عن عائشة ، وربما قال : عن عطاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة . يعني أن سفيان كان ربما وصله ، وربما أرسله .
وكلمة الشافعي هذه بيَّنت سبب الاختلاف في هذا الحديث على ابن عيينة بالخصوص، وأن ذلك من ابن عيينة نفسه ، ولعل أبا حاتم لم يستحضر أو لم يطلع على كلمة الشافعي هذه ، وإلا لكان يوردها ، كما أوردها أبو داود .
والحاصل أن أبا حاتم ذكر أن الناس يروون هذا الحديث مرسلاً ، وهذا إشارة إلى ترجيح المرسل ، بل إنه صرح في الموضع الثاني بذلك فقال : ومرسل أصح .
ويؤيد ترجيح المرسل عن ابن عيينة أنه هو المتيقن لحصول التردد في الوصل ، كما أنه المحفوظ من غير هذا الطريق - كما سيأتي - .
وكذلك اختلف على ابن جريج في وصل هذا الحديث وإرساله على وجهين - أيضاً-:
الوجه الأول : عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن عائشة موصولاً، وهذه رواية مسلم ابن خالد - فيما رواه عنه داود بن مهران - ، ورواية الثوري - فيما رواه عنه قبيصة بن عقبة -.
الوجه الثاني : عن ابن جريج ، عن عطاء مرسلاً ، وهذه رواية محمد بن بكر البرساني ، وابن عيينة ، ومسلم بن خالد - فيما رواه عنه الشافعي - وكذا رواية الثوري - فيما رواه عنه معاوية بن هشام - .
فهذا اختلاف على ابن جريج في هذا الحديث ، ولم يتعرض له أبو حاتم ، وإنما ذكره الدارقطني ، وساق الاختلاف فيه على الثوري ، ثم ذكر رواية ابن عيينة مرسلاً ، وقال: وهو الصحيح .(1/5)
وترجيح المرسل في حديث ابن جريج أظهر منه في حديث ابن أبي نجيح ، فإن الأكثر والأثبت رووه عن ابن جريج مرسلاً ، فقد رواه ابن عيينة ، ومحمد بن بكر، عن ابن جريج مرسلاً، ولم يختلف عليهما فيه، واختلف فيه على مسلم بن خالدٍ، والثوري ، فرواه الشافعي ، عن مسلم بن خالد مرسلاً ، وخالفه داود بن مهران ، فرواه عن مسلم ابن خالد فوصله، والشافعي أثبت وأحفظ وأجلُّ من داود فروايته هي المحفوظة وقد يكون هذا الاختلاف من مسلم بن خالد نفسه ، فإنه صدوق كثير الأوهام ( التقريب 6625 ) .
أما الثوري فالاختلاف عليه بين قبيصة بن عقبة ، ومعاوية بن هشام ، وهما متقاربان في الثوري ، كما قال ابن المديني ( الجرح والتعديل 8/385 )، وقد جزم الدارقطني بترجيح رواية معاوية المرسلة .
وقد تحصَّل من هذا أن المحفوظ في حديث ابن جريجٍ عن عطاء مرسلاً . وهذا أمر ظاهر ، ولكن الحافظ ابن حجر ذكر حديث الشافعي، عن مسلم بن خالد المرسل، وحديث قبيصة، عن الثوري الموصول، ثم قال: وإذا اختلف مسلم بن خالد، والثوري، قدم الثوري ، ولاسيما ومعه الوصل ، فالحديث صحيح ( انظر موافقة الْخُبْر الْخَبَر 2/144) .
ولا يخفى أن الحافظ - رحمه الله - لم يستوف طرق هذا الحديث، ولو استوفى جميع الطرق السابقة لما كان يحكم على الحديث بهذا ، والله أعلم .
هذا ما يتعلق بحديث عطاء بن أبي رباح ، وقد تبين أنه مرسل من الطريقين جميعاً ، طريق ابن أبي نجيح ، وطريق ابن جريج ، ولكن الحديث قد روي عن عائشة - رضي الله عنها - من غير طريق عطاء ، وله طريقان ، وهما :
الطريق الأول : طريق طاووس ، عن عائشة :(1/6)
- أخرجه مسلم 4/34 ح1211 ، وأحمد 6/124 ح24932 ، وأبو عوانة 2/287 ح3163 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/310 ح2813 ، والبهقي في السنن الكبرى 5/106 و173 ، وفي المعرفة 4/100 ح3009 وغيرهم من طرقٍ عن وهيب بن خالد ، عن عبد الله بن طاووس ، عن أبيه ، عن عائشة - رضي الله عنها - " أنها أهلت بعمرة ، فقدمت ولم تطف بالبيت حتى حاضت فنسكت المناسك كلها ، وقد أهلت بالحج ، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النفر : يسعك طوافك لحجك وعمرتك . فأبت ، فبعث بها مع عبد الرحمن إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج " .
الطريق الثاني : طريق مجاهد ، عن عائشة :
- أخرجه مسلم 4/34 ح1211 من طريق زيد بن الحباب ،
وأبو عوانة 2/286 ح3162 ، وأبو محمد الفاكهي في الفوائد ص341 ح145 - ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى 5/106، وفي السنن الصغير 1/441 ح1751 ، وفي المعرفة 4/98 ح3006 - من طريق خلاد بن يحيى الكوفي ،
والدارقطني 2/263 ح127 من طريق عثمان بن عمر ، وأبي نعيم الفضل بن دكين ،
أربعتهم ( زيد، وخلاد، وعثمان ، وأبو نعيم ) عن إبراهيم بن نافع المخزومي، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن عائشة - رضي الله عنها - " أنها حاضت بسرف فتطهرت بعرفة ، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يجزي عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك " ولكنه مرسل في رواية عثمان ، وأبي نعيم . والله أعلم .
وانظر المسألتين الآتيتين 76/862 و94/880 ، وحديث جابر في المسألة السابقة برقم 67/853 .(1/7)
76/862- سألت أبي عن حديث رواه هشام بن سليمان المخزومي ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، وعمرو بن دينار ، عن طاووس ، عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة : " يكفيك طوافك الأول بين الصفا والمروة للحج والعمرة " . قال أبي : هذا حديث منكر(1).
دراسة الرواة :
* هشام بن سليمان المخزومي ، المكي، روى عن : ابن جريج، والثوري ، وهشام بن عروة وغيرهم . وعنه : محمد بن أبي عمر العدني ، وسويد بن سعيد وغيرهما . أخرج له مسلم ، وابن ماجه، وأخرج له البخاري فيما استظهره الذهبي وجزم به ابن حجر .
قال أبو حاتم : مضطرب الحديث ، ومحله الصدق ، ما أرى به بأساً . وذكره العقيلي في الضعفاء . وقال : في حديثه عن غير ابن جريج وهم .
قال الذهبي في الكاشف : صدوق .
وقال في التقريب : [ مقبول ] . ولعله كما قال الذهبي خاصة في روايته عن ابن جريج . والله أعلم .
ضعفاء العقيلي 4/338 ، الجرح والتعديل 9/62 ، تهذيب الكمال 30/211 ، الميزان 4/299 ، الكاشف 3/222 ، تهذيب التهذيب 4/271 ، التقريب 7296 .
* ابن جريج ، عبد الملك بن عبد العزيز ، سبق في المسألة الثامنة ، وهو ثقة فقيه فاضل ، وكان يدلس ويرسل .
* عطاء بن أبي رباح المكي ، سبق في المسألة السادسة ، وهو ثقة فقيه فاضل ، لكنه كثير الإرسال .
* عمرو بن دينار المكي ، سبق في المسألة التاسعة والستين ، وهو ثقة ثبت .
* طاووس بن كيسان اليماني ، أبو عبد الرحمن الحميري ، مولاهم ، الفارسي ، يقال : اسمه : ذكوان ، وطاووس لقب . مات سنة 106 وقيل بعدها . روى عن : ابن عباس ، وابن عمر ، وأبي هريرة وغيرهم . وعنه : ابنه عبد الله ، وعمرو بن دينار ، ومجاهد وغيرهم .
متفق على ثقته وإمامته وجلالته . قال عمرو بن دينار : ما رأيت أحداً قط مثل طاووس .
قال في التقريب : [ ثقة فقيه فاضل ] .
__________
(1) سبقت هذه المسألة قبلها من حديث عائشة برقم 75/862 .(1/1)
الجرح والتعديل 4/500 ، تهذيب الكمال 13/357 ، تهذيب التهذيب 2/235، التقريب 3009 .
* عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة العاشرة .
التخريج :
- أخرجه الدارقطني 2/263 ح128 من طريقين عن محمد بن أبي عمر المعدل ، عن هشام بن سليمان به بلفظه في الطريق الأول ، وبنحوه في الآخر . ولم يذكر عطاء في الإسناد ، وإنما هو عن عمرو بن دينار وحده .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم أن هذا حديث منكر ، وهو كما ذكر ، فإن هذا الحديث لا يعرف عن ابن عباس إلا من هذا الوجه ، كما أنه لا يعرف - أيضاً - عن عمرو بن دينار إلا من هذا الوجه، أما طاووس فالمحفوظ عنه عن عائشة - كما سبق في المسألة السابقة برقم 75/ 861 -، ثم إنه محفوظ عن ابن جريج، عن عطاء مرسلاً، أو موصولاً بذكر عائشة -على اختلاف سبق ذكره في المسألة السابقة - هكذا رواه الثقات من أصحاب ابن جريج ، مع أن ذكر عطاء في هذا الإسناد محل نظر ، حيث إنه لم يذكر في رواية الدارقطني .
ويمكن أن يكون حديث ابن جريج في هذا الإسناد عن عطاء مرسلاً ، فيكون موافقاً لرواية الثقات عن ابن جريج - كما سبق - ويكون الموصول في هذا الإسناد إنما هو حديث ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، وتكون النكارة في هذا الإسناد فقط - أي حديث عمرو بن دينار - ويقوي هذا أن رواية الدارقطني لم يذكر فيها عطاء ، فلعله لأن طريقه مرسل .
والحاصل أن هذا الإسناد منكر فقد تفرد به هشام بن سليمان المخزومي ، وقد سبق سياق كلام الأئمة فيه ، فمثله لا يقوى على هذا التفرد الشديد والمخالفة للثقات من أصحاب ابن جريج فمن هنا جاءت النكارة ، والله أعلم .(1/2)
77/863- سألت أبي عن حديثٍ رواه إبراهيم بن موسى بن الحصين(1)بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ ، عن معن بن عيسى ، عن موسى بن يعقوب ، عن عمير أو عمته ، عن أم سلمة: " أنها كانت تأمر يوم عرفة بالشمس ترعى لها رعية إذا زالت قطعت التلبية " . قال أبي : كذا قال الشيخ ، وإنما هو موسى بن يعقوب ، عن عمته ، عن أم سلمة .
دراسة الرواة :
* إبراهيم بن موسى بن الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ الأنصاري ، روى عن : معن بن عيسى ، وعنه : أبو حاتم الرازي ، سمع منه في المدينة النبوية .
هكذا ذكره في الجرح والتعديل ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.
الجرح والتعديل 2/136 .
* معن بن عيسى بن يحيى الأشجعي ، مولاهم، أبو يحيى المدني القزاز ، مات سنة 198 ، روى عن : مالك ، وابن أبي ذئب ، وموسى بن يعقوب وغيرهم . وعنه : ابن المديني ، وابن معين ، وقتيبة بن سعيد وغيرهم .
ثقة . قال أبو حاتم : أثبت أصحاب مالك وأوثقهم معن بن عيسى ، وهو أحب إليَّ من عبد الله بن نافع الصائغ ، ومن ابن وهب .
وقال ابن سعد : وكان ثقة كثير الحديث ثبتاً مأموناً .
قال في التقريب : [ ثقة ثبت ، قال أبو حاتم : هو أثبت أصحاب مالك ] .
طبقات ابن سعد 5/437 ، الجرح والتعديل 8/288 ، تهذيب الكمال 28/ 336، تهذيب التهذيب 4/129 ، التقريب 6820 .
* موسى بن يعقوب بن عبد الله بن وهب المطلبي ، الزمعي ، أبو محمد المدني ، روى عن : عمته قريبة ، وعَمَّيْه مرثد ، ويزيد ، وأبي حازم سلمة بن دينار وغيرهم . وعنه : محمد بن خالد بن عثمة ، ومعن بن عيسى ، وابن مهدي وغيرهم . أخرج له البخاري في الأدب ، والأربعة .
وثقه ابن معين ، وذكره ابن حبان في الثقات . وقال أبو داود : صالح ، قد روى عنه ابن مهدي ، وله مشايخ مجهولون .
__________
(1)
(1) كأن هذه الكلمة في ( س ، ح ) :" الحضير " وقد كتبها في ( ض ) :" الحضرمي " ثم ضرب عليها وكتبها على الصواب :" الحصين " .(1/1)
وقال الأثرم : سألت أحمد فكأنه لم يعجبه حديثه . وقال الساجي : اختلف أحمد، ويحيى فيه ، قال أحمد : لا يعجبني حديثه .
وقال النسائي : ليس بالقوي . وقال ابن المديني : ضعيف الحديث ، منكر الحديث .
قال ابن عدي : وهو عندي لا بأس به .
وقال في التقريب : [ صدوق سيئ الحفظ ] وهو كما قال .
تاريخ الدوري 2/597 ، ضعفاء النسائي ص96 ، الجرح والتعديل 8/168 ، ثقات ابن حبان 7/458 ، الكامل 6/342 ، تهذيب الكمال 29/171 ، الميزان 4/227 ، تهذيب التهذيب 4/192 ، التقريب 7026 .
* عمير ، صوابه : عمته ، وهي :
* عمة موسى بن يعقوب هي : قُرَيْبَة - بالتصغير - بنت عبد الله بن وهب المطلبية الزمعية، الأسدية القرشية . روت عن : أبيها ، وأمها كريمة بنت المقداد بن الأسود، وزينب بنت أبي سلمة . وعنها : ابن أخيها موسى بن يعقوب الزمعي . أخرج لها أبو داود ، وابن ماجه .
ذكرها الذهبي في الميزان في فصل النسوة المجهولات ، وقد قال : وما علمت في النساء من اتهمت ولا من تركوها . ولما ترجم لها قال: تابعية تفرد عنها ابن أخيها موسى بن يعقوب .
وقال ابن حجر : [ مقبولة ] .
تهذيب الكمال 35/273 ، الميزان 4/609 ، تهذيب التهذيب 4/686 ، التقريب 8664 .
* أم سلمة ، أم المؤمنين ، وزوج سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - هند بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية ، أسلمت قديماً مع زوجها أبي سلمة بن عبد الأسد ، وهاجرت الهجرتين ، فلما توفي زوجها تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة أربع ، وقيل : ثلاث . وعاشت بعد ذلك إلى سنة 62 وقيل غير ذلك .
طبقات ابن سعد 8/86 ، تهذيب الكمال 35/317 ، الإصابة 4/423 ، التقريب 8694 .
التخريج :
- لم أقف على هذا الحديث في شيء من المصادر التي اطلعت عليها .
الحكم عليه :(1/2)
ذكر أبو حاتم أن الشك الواقع في إسناد هذا الحديث، وهو قوله: عن عمير، أو عمته، من إبراهيم بن موسى ، وأنه كذا حدث به . وأن الصواب : موسى بن يعقوب ، عن عمته ، عن أم سلمة ، يعني : بدون شك .
وما ذكره أبو حاتم صحيح ، فإن قوله : عن عمير . في هذا الإسناد لا معنى له ، فلم أقف على من يسمى بذلك ويمكن أن يكون مراداً بذلك ، فلعل إبراهيم بن موسى حدث بذلك من كتابٍ له واشتبهت عليه الكلمة هل هي : عمير ، أو : عمته، ولم يكن له معرفة بالأسانيد ، فلذلك عبَّر بالشك . والصواب : عن عمته، بلا جدل .
وإبراهيم بن موسى هذا لم أقف على من وثقه أو ذكر عنه معرفة بهذا العلم فليس بغريب أن يشتبه عليه هذا الحرف في الإسناد ، والله أعلم .
هذا ما يتعلق بما ذكره أبو حاتم ، أما الحكم على الإسناد فإني لم أقف على من تابع إبراهيم بن موسى على أصل هذا الحديث ، وإن كان كلام أبي حاتم يفيد أن هذا الحديث يروى على الصواب من غير طريق إبراهيم بن موسى ، ولكن لم أقف على شيء من ذلك ، ثم أن الظاهر أن عمة موسى بن يعقوب لم تدرك أم سلمة ، فإنها إنما تروي عن زينب بنت أم سلمة ، وقد بقيت زينب بعد أمها بضعة عشر عاماً ، ( انظر ترجمتيهما في تهذيب الكمال ) فهاتان علتان تقضيان بضعف هذا الإسناد ، مع ما في قُرَيْبَة عمة موسى بن يعقوب من الجهالة ، والله أعلم .(1/3)
78/864- سألت أبي عن حديثٍ رواه أبو غزية ، عن إبراهيم بن سعد ، عن عمر ابن محمد العمري ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : " رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في ظل الكعبة محتبياً بيديه " . قال أبي : هذا حديث منكر .
دراسة الرواة :
* أبو غزية ، محمد بن موسى بن مسكين الأنصاري ، قاضي المدينة، مات سنة 207. روى عن : مالك ، وابن أبي الزناد ، وعنه : عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة الحزامي ، وإسحاق بن موسى الخطمي .
ضعيف . قال أبو حاتم : ضعيف الحديث . وقال البخاري : عنده مناكير . وقال ابن حبان : كان ممن يسرق الحديث ويحدث به ، ويروي عن الثقات أشياء موضوعات حتى إذا سمعها المبتدئ في الصناعة سبق إلى قلبه أنه كان المتعمد لها .
التاريخ الكبير 1/238 ، الجرح والتعديل 8/83 ، المجروحين 2/289 ، الميزان 4/49 ، المقتنى للذهبي 2/5 .
* إبراهيم بن سعد الزهري ، سبق في المسألة الخمسين ، وهو ثقة .
* عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي ، العمري ، المدني ، ثم العسقلاني ، مات سنة 150 . روى عن : جده زيد بن عبد الله ، وعم أبيه سالم بن عبد الله ، ومولى جده نافع . وعنه : الثوري ، وشعبة ، وابن عيينة وغيرهم .
ثقة ، وثقه أحمد ، وابن معين ، وابن سعد ، وأبو داود ، والعجلي وغيرهم .
قال في التقريب : [ ثقة ] .
طبقات ابن سعد ( القسم المتمم لتابعي أهل المدينة ص369 ) ، العلل ومعرفة الرجال 1/254 ، الجرح والتعديل 6/131، ثقات العجلي ص360، تهذيب الكمال 21/499، تهذيب التهذيب 3/250، التقريب 4965 .
* نافع مولى ابن عمر ، سبق في المسألة الحادية عشرة ، وهو ثقة ثبت فقيه مشهور .
* عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة الرابعة .
التخريج :(1/1)
- أخرجه أبو زرعة الرازي في سؤالات البرذعي له 2/387 ، والطبراني في الأوسط 9/159 ح9417 ، والإسماعيلي ( كما في فتح الباري لابن حجر 11/68 ) من طريق أبي موسى الأنصاري(1)وهو : إسحاق بن موسى الخطمي المدني ، ثم الكوفي ،
وأبو زرعة - أيضاً - 2/386 عن أبي بكر بن شيبة الحزامي ،
والفاكهي في أخبار مكة 1/334 ح683 عن الزبير بن أبي بكر ،
وأبو محمد بن صاعد في الجزء السادس من فوائده ( كما في الفتح 11/68 ) عن محمود بن خالد ،
أربعتهم ( أبو موسى ، وأبو بكر ، والزبير ، ومحمود ) عن أبي غزية به بنحوه وقد جعله في رواية أبي موسى وحده كما ذكره أبو حاتم هنا : عن أبي غزية ، عن إبراهيم بن سعد ، عن عمر بن محمد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، إلا أنه سقط ذكر نافع من رواية أبي زرعة، عن أبي موسى . وجعله في رواية البقية: عن أبي غزية، عن فليح، عن نافع، عن ابن عمر .
- وأخرجه البخاري 8/76 ح6272 - ومن طريقه البغوي في الأنوار 1/354 ح467 - من طريق محمد بن فليح ، عن أبيه فليح بن سليمان ، عن نافع ، عن ابن عمر به بنحوه .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم أن حديث أبي غزية هذا عن إبراهيم بن سعد ، عن عمر بن محمد العمري ، عن نافع ، عن ابن عمر حديث منكر .
وقد تبين من التخريج السابق أنه قد اختلف فيه على أبي غزية ، فروي عنه على وجهين :
الوجه الأول : عن أبي غزية ، عن إبراهيم بن سعد ، عن عمر بن محمد العمري ، عن نافع ، عن ابن عمر ، وهذه رواية أبي موسى الأنصاري .
__________
(1)
(1) رواية الإسماعيلي ذكر الحافظ أنها عن أبي موسى محمد بن المثنى - يعني به الزمن - ولعل تسميته اجتهاد من الحافظ حيث لم يقع له منسوباً ، والظاهر أن هذه الرواية إنما هي عن أبي موسى الأنصاري وهو إسحاق بن موسى الخطمي ، فإنه هو المعروف بالأنصاري ، وبالرواية عن أبي غزية ، وقد روى عنه أبو زرعة ، والهيثم ابن خلف شيخ الطبراني في هذا الحديث . والله أعلم .(1/2)
الوجه الثاني : عن أبي غزية ، عن فليح بن سليمان ، عن نافع ، عن ابن عمر، وهذه رواية أبي بكر الحزامي ، والزبير بن أبي بكر ، ومحمود بن خالد ، وقد تابع أبا غزية على هذا الوجه محمد بن فليح .
وقد حكم أبو حاتم بأن الوجه الأول منكر ، وهو كما قال ، فقد تفرد به أبو غزية - كما نص على ذلك الطبراني - وهو ضعيف وعنده مناكير - كما سبق في ترجمته - فهذا من مناكيره .
ولم يتعرض أبو حاتم للوجه الثاني ، ولكن أبا زرعة تكلم في الوجهين جميعاً عن أبي غزية ، فقال : يريبني أمر أبي غزية ، ثم ساقها ، وقال : أخاف أن لا يكون لواحدٍ منهما أصل .
وهذا رد للحديث من الوجهين جميعاً ، والظاهر أن أبا زرعة لم يطلع على رواية محمد بن فليح ، وقد وقع مثل ذلك للدارقطني ، فإنه ذكر هذا الحديث في الغرائب والأفراد ، وقال : تفرد به أبو غزية ، عن فليح . ( كما في الأطراف 3/493 ح3366 ) .
أما البخاري فلم يعرج على حديث أبي غزية ، وإنما أخرجه من طريق محمد بن فليح ابن سليمان، عن أبيه، عن نافع - كما سبق - وهذه الرواية تدل على رجحان الوجه الثاني عن أبي غزية .
والحاصل أن حديث أبي غزية ليس عليه الاعتماد من الوجهين جميعاً، والوجه الثاني عنه أصح من الوجه الأول ، فإن الأول منكر ، وبهذا يعلم ما في قول الحافظ ابن حجر من الخلل ، حيث قال : والذي يظهر أن لأبي غزية فيه شيخين . ( الفتح 11/68 ) فإن هذا لا يستقيم ، وإنما وقع الاختلاف من أبي غزية نفسه لضعفه .
والحديث من وجهه الثاني في صحيح البخاري - كما سبق - والله أعلم .(1/3)
79/765- سألت أبي عن حديث عمرو بن عثمان ، عن الحارث بن عَبيدَة ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أيما محرم مات أن لا يُغَشَّى وجهه ، وقال : إن الله - عز وجل - باعثه يوم القيامة ملبياً أو مكبراً(1)" . قال أبي : هذا حديث منكر .
دراسة الرواة :
* عمرو بن عثمان بن سعيد القرشي ، مولاهم ، أبو حفص الحمصي ، مات سنة 250. روى عن : مروان بن معاوية ، والوليد بن مسلم ، وابن عيينة ، والحارث بن عبيدة وغيرهم . وعنه : أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم وغيرهم . وأخرج له أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه .
وثقه أبو داود ، والنسائي ، وأبو علي الجياني وغيرهم . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال أبو حاتم : صدوق . وقال أبو زرعة : كان أحفظ من ابن مصفى ، وأحب إليَّ منه .
قال الذهبي في التذكرة : الحافظ الثقة ، محدث حمص ، وقال في الكاشف : صدوق حافظ .
وقال ابن حجر : [ صدوق ] .
الجرح والتعديل 6/249 ، ثقات ابن حبان 8/488 ، شيوخ أبي داود للجياني ص121 ، المعجم المشتمل ص205 ، تهذيب الكمال 22/144 ، تذكرة الحفاظ 2/509 ، الكاشف 2/336 ، تهذيب التهذيب 3/291 ، التقريب 5073 .
* الحارث بن عَبِيْدَة الحمصي، أبو وهب الكلاعي ، قاضي حمص ، مات سنة 186 . روى عن : الزبيدي ، وسعيد بن غزوان وغيرهما . وعنه : عمرو بن عثمان الحمصي ، ويزيد بن عبد ربه الزبيدي وغيرهما .
ضعيف ، ضعفه الدارقطني ، وقال أبو حاتم : هو شيخ ليس بالقوي . وقال ابن عدي : في بعض أحاديثه ما لا يتابعه أحد عليه .
__________
(1) في ( ت ، س ، ح ، ض ): كأنها :" ملبدا " ولم أستطع قراءة ( م )، والمعنى يؤيد ما في ( ط ) وهو :" مكبراً". والله أعلم .(1/1)
واضطرب فيه ابن حبان فذكره في الثقات ، ونسبه إلى مصر ، وقال : يروي عن هشام بن عروة وأهل بلده ، وروى عنه : عمرو بن عثمان الحمصي وأهل مصر . ثم ذكر وفاته وقال : وهو الذي يقال له : الحارث بن عميرة الكلاعي ، عداده في أهل الشام ، وسكن مصر .
ثم ذكره في المجروحين، وقال : من أهل الشام يروي عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، روى عنه أهل بلده ، يأتي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم، لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد .
فلعل ابن حبان ظنهما اثنين ، وقد سبقه إلى هذا الظن البخاري ، فقد قال ابن أبي حاتم : قلت لأبي - رحمه الله -: البخاري جعلهما اثنين ؟ فقال : هما واحد.
ولكن البخاري رجع عن ذلك - فيما يظهر- فليس في التاريخ الكبير إلا ترجمة واحدة ، ولذا قال ابن حجر : ولم أر في تاريخ البخاري إلا واحداً .
التاريخ الكبير 2/274 ، الجرح والتعديل 3/81 ، ثقات ابن حبان 6/176 ، المجروحين 1/224 ، الكامل 2/192 ، الميزان 1/338 ، اللسان 2/154 ، تعجيل المنفعة ص78 .
* ابن جريج ، عبد الملك بن عبد العزيز ، سبق في المسألة الثامنة ، وهو ثقة فقيه فاضل ، وكان يدلس ويرسل .
* عطاء بن أبي رباح المكي ، سبق في المسألة السادسة ، وهو ثقة فقيه فاضل .
* عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة العاشرة .
التخريج :
- أخرجه ابن عدي 2/192 عن ابن أبي الصفيراء، عن عمرو بن عثمان به ولفظه: " عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بمحرم هلك ألاَّ يغشى وجهه ، فقال : إن الله - عز وجل - باعثه يوم القيامة ملبياً أو ملبداً ".
- وأخرجه ابن عدي - أيضاً - 6/227 من طريق أبي سعد محمد بن ميسر الصاغاني ، عن ابن جريج به ولفظه " أن رجلاً وقصت به راحلته وهو يلبي فمات، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : اغسلوه بماءٍ وسدر ولا تقربوه طيباً ، فإن صاحبكم يبعث يوم القيامة ملبياً " .(1/2)
- وأخرجه مسلم 4/24 ح1206 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/297 ح2779 ، والبيهقي 3/391 ، وقاضي المارستان في المشيخة الكبرى 2/484 ح58 من طريق عيسى ابن يونس ،
ومسلم 4/24 ح1206 من طريق محمد بن بكر البرساني ،
والنسائي 5/197 من طريق شعيب بن إسحاق ،
وأحمد 1/346 ح3230 عن يحيى بن سعيد القطان ،
وأبو عوانة 2/271 ح3102 من طريق مكي بن إبراهيم ، وعثمان بن الهيثم ،
والدارقطني 2/297 ح276 ، وأبو نعيم في المستخرج 3/297 ح2779 من طريق أبي عاصم النبيل ،
والدارقطني 2/297 ح274 من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روَّاد ،
ثمانيتهم ( عيسى ، والبرساني ، وشعيب ، والقطان ، ومكي ، وعثمان ، وأبو عاصم ، وابن أبي رواد ) عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن سعيد ابن جبير ، عن ابن عباس بهذا الحديث ، ولفظه : عن ابن عباس قال : " أقبل رجل حراماً مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فخرَّ من بعيره ، فوُقِص وقصاً ، فمات ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اغسلوه بماء وسدر ، وألبسوه ثوبيه ، ولا تخمروا رأسه ، فإنه يأتي يوم القيامة يلبي ".
- وأخرجه أبو نعيم في الحلية 4/300 - معلقاً - عن عطاء ، عن ابن عباس ولم يسق لفظه .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم أن هذا الحديث من حديث عمرو بن عثمان ، عن الحارث بن عبيدة ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس حديث منكر .
والأمر كما قال أبو حاتم - رحمه الله - فإن هذا الوجه لا يرويه عن ابن جريج إلا الحارث بن عبيدة ، وأبو سعد الصاغاني وهما ضعيفان ، فأما الحارث فقد سبق نقل كلام الأئمة فيه وبيان ضعفه ، وأما أبو سعد الصاغاني فقد ضعفه ابن معين ، وقال : ليس بشيء . وقال البخاري : مضطرب الحديث . وقال النسائي : متروك الحديث . وقال ابن عدي : والضعف بيِّن على رواياته . وفيه كلام آخر ، وقد قال ابن حجر : ضعيف ، ورمي بالإرجاء ( انظر : الكامل 6/226 ، تهذيب الكمال 26/535، التقريب 6344 ) .(1/3)
وقد خالفهما الثقات من أصحاب ابن جريج، وهم: عيسى بن يونس ، ومحمد بن بكر البرساني ، وشعيب بن إسحاق ، ويحيى القطان ، ومكي بن إبراهيم ، وعثمان بن الهيثم ، وأبو عاصم النبيل ، وعبد المجيد بن أبي رواد ، فهؤلاء كلهم رووا هذا الحديث عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس .
وهذا هو المحفوظ عن ابن جريج ، وهو حديث ثابت من هذا الوجه ، وقد رواه الناس عن سعيد بن جبير ، كما رووه - أيضاً - عن عمرو بن دينار ، وهو من هذا الوجه مخرج في الصحيحين وغيرهما ، كما سبق بيان ذلك مفصلاً في المسألة رقم 69/855 .
ومما يدل على ضعف هذا الحديث بهذا الإسناد عن عطاء أن عطاء قد جاء عنه خلافه :
- فقد أخرج الدارقطني 2/297 ح273 ، والبيهقي 3/394 من طريق عبد الرحمن ابن صالح الأزدي ، عن حفص بن غياث ،
والدارقطني في السنن 2/296 ح271و272 ، وفي الغرائب والأفراد ( الأطراف 3/287 ح2682 ) - ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق 2/4 ح857 - من طريق علي بن عاصم ،
والبيهقي 3/394 من طريق عبد الله بن أحمد ، عن أبيه ، عن حجاج بن محمد ،
والبيهقي - معلقاً - عن الثوري ،
وابن الجوزي في التحقيق 2/5 ح858 من طريق سعيد بن منصور ، عن إسماعيل بن إبراهيم ،
خمستهم ( حفص ، وعلي ، وحجاج ، والثوري ، وإسماعيل ) عن ابن جريج ، عن عطاء موصولاً بذكر ابن عباس في رواية حفص ، وعلي ، ومرسلاً في رواية البقية ، ولفظه في رواية حفص :" خمروا وجوه موتاكم ولا تشبهوا باليهود". وفي رواية علي بن عاصم : " عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المحرم يموت قال : خمروهم ، ولا تشبهوا باليهود ". ولفظ إسماعيل : عن عطاء قال : إذا مات المحرم خمر وجهه فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : خمروهم ولا تشبهوا بأهل الكتاب ". ولم يذكر البيهقي لفظ حجاج ، والثوري ، والظاهر أنهما مثل لفظ حفص بن غياث .(1/4)
وهذا حديث وقع فيه اختلاف في إسناده وشيء من الاختلاف في متنه ، فأما متنه فقد تبين من سياقه السابق أنه حديث عام ، وكان عطاء يحمله على المحرم وغيره ، وقد غلط علي بن عاصم في لفظه فجعله في المحرم .
وأما إسناده فالمحفوظ فيه أنه عن عطاء مرسلاً ، وقد أنكر أحمد بن حنبل رواية حفص الموصولة ، وقال : هذا أخطأ فيه حفص فرفعه، وحدثني حجاج بن محمد، عن ابن جريج ، عن عطاء مرسلاً .
ثم قال البيهقي : وكذلك رواه الثوري وغيره ، عن ابن جريج مرسلاً ، وروي عن علي بن عاصم ، عن ابن جريج كما رواه حفص وهو وهم .
وقد استغربه الدارقطني من حديث علي بن عاصم ، وقال ابن الجوزي : هذا حديث لا يصح ، ثم نقل كلام الأئمة في علي بن عاصم وقال : بل روي هذا مرسلاً .
والحاصل أن هذا الحديث محفوظ عن ابن جريج ، عن عطاء مرسلاً ، بلفظه العام ، وكان عطاء يحمله على المحرم وغيره ، وهذا يدل على أن عطاء لم يكن يروي حديث ابن عباس في الذي وقصته ناقته ، ولو كان يرويه لم يكن ليتمسك بهذا الحديث العام ويترك النص الخاص .
وبهذا يتبين جلياًّ أن رواية حديث ابن عباس في الذي وقصته ناقته عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس رواية منكرة جداً ، ولكن لعل الحديثين اختلطا على بعض الضعفاء كالحارث بن عبيدة ، وأبي سعد الصاغاني والله أعلم .(1/5)
80/866- سألت أبي عن حديث رواه عبد الرحمن بن بشر بن الحكم النيسابوري، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عمر(1)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال(2): " من لم يكن(3)له نعلان(4)فليلبس خفين ، ويقطعهما أسفل من الكعبين " قال أبي : هذا خطأ ، إنما هو عن(5)عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس لعمرو معنى .
دراسة الرواة :
* عبد الرحمن بن بشر بن الحكم العبدي ، أبو محمد النيسابوري ، سبق في المسألة الرابعة عشرة ، وهو ثقة .
* سفيان بن عيينة ، سبق في المسألة التاسعة والأربعين ، وهو ثقة حافظ ، فقيه إمام حجة .
* عمرو بن دينار المكي ، سبق في المسألة التاسعة والأربعين ، وهو ثقة ثبت .
* عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة الرابعة .
* عبد الله بن دينار العدوي ، المدني ، سبق في المسألة السابعة والأربعين، وهو ثقة.
التخريج :
- أخرجه أبو بكر النيسابوري في الزيادات الورقة 20 ، - وعنه الدارقطني 2/229 ح59 - عن عبد الرحمن بن بشر به بنحوه .
- وأخرجه الدارقطني 2/229 ح59 - ومن طريقه البيهقي 5/51 - من طريق العباس بن يزيد ،
والدارقطني 2/229 ح59 من طريق عبد الجبار بن العلاء ،
والبيهقي 5/50 من طريق إبراهيم بن بشار ،
__________
(1) قوله :" ابن عمر " ساقطة من ( س ، ح ) .
(2) من هنا إلى قوله : - صلى الله عليه وسلم - الثانية ساقط من ( ت ، م ، ط ) .
(3) قوله :" لم " ساقطة من ( س ، ح ) والمقطع كله ليس في ( ت ، م ، ط ) .
(4) وقع في ( س ، ح ، ض ) :" نعلين " بالنصب ، وهي النسخ التي ذكرت فيها هذه الجملة ، وهو خطأ ، والصواب بالرفع ، كما أثبت .
(5) قوله :" عن " ساقطة من ( س ) ، والمقطع كله ساقط من ( ت ، م ، ط ) كما سبق .(1/1)
ثلاثتهم ( العباس ، وعبد الجبار ، وإبراهيم ) عن سفيان بن عيينة به بنحوه ، إلا في رواية إبراهيم بن بشار ، فإنه لم يذكر الحديث ابتداءً ، ولكن ذكر حديث ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي الشعثاء ، عن ابن عباس قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب ، وهو يقول " إذا لم يجد المحرم نعلين لبس خفين ، وإذا لم يحد إزاراً لبس سراويل " وزاد : قال عمرو : لم يذكر ابن عباس القطع ، وقال ابن عمر : وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين ، فلا أدري أي الحديثين نسخ الآخر . وكذا زاد في رواية العباس بن يزيد قال : وقال عمرو : انظروا أيهما كان قبل حديث ابن عمر أو حديث ابن عباس .
- وأخرجه مالك في الموطأ 1/266 ح9 - ومن طريقه البخاري 7/198 ح5852 ، ومسلم 2/835 ح1177، والنسائي في المجتبى 5/129، وفي الكبرى 2/332 ح3646، وابن ماجه 2/977 ح2930 و2/978 ح2932 ، وأحمد 2/66 ح5336 ، والشافعي في الأم 2/215 ، وفي المسند ( 1/301 ح784 بترتيب السندي ) ، والطحاوي في شرح المعاني 2/135 ح3629 ، وفي شرح المشكل 14/51 ح5442 ، وابن حبان 9/97 ح3787 و9/270 ح3956، والجوهري في مسند الموطأ ص412 ح471، وأبو نعيم في المستخرج 3/263 ح2687، والبيهقي في الكبرى 5/50، وفي المعرفة 4/11، وأبو الطاهر السلفي الأصبهاني في الأربعين البلدانية ص61 ح23 - ،
والبخاري 7/197 ح5847 ، وأحمد 2/50 ح5106 و2/56 ح5193 و2/59 ح5244 و2/111 ح5906، وإبراهيم بن إسحاق الزهري فيما رواه عنه أبو الحسن علي ابن محمد القرشي في الأمالي والقراءة عن الإمامين ابني عفان وغيرهما ص39 ح30 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/136 ح3632 ، وابن حبان 9/98 ح3788 ، والبيهقي 5/53 من طريق سفيان الثوري ،
وأحمد 2/47 ح5075و5076 -وجادة- و2/52 ح5131 و2/74 ح5431 و2/81 ح5528 و2/139 ح6244 ، والطيالسي 3/401 ح1991 و3/403 ح1995، والطحاوي في شرح المعاني 2/135 ح3630 ، من طريق شعبة ،(1/2)
وأحمد 2/73 ح5427 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/135 ح3628 ، وفي شرح المشكل 14/51 ح5443 من طريق عبد العزيز بن مسلم ،
أربعتهم ( مالك ، والثوري ، وشعبة ، وعبد العزيز ) عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر به ، ولفظه " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يلبس المحرم ثوباً مصبوغاً بزعفران أو ورس ، وقال: من لم يجد نعلين فليلبس خفين ، وليقطعهما أسفل من الكعبين" وربما اختصره بعضهم أو زاد فيه .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم أن حديث عبد الرحمن بن بشر بن الحكم النيسابوري ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" من لم يكن له نعلان فليلبس خفين ، ويقطعهما أسفل من الكعبين " خطأ ، وإنما هو عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وليس لعمروٍ معنى . يعني أن الصواب عن عبد الله بن دينار ، لا عمرو بن دينار .
وقد تبين من التخريج السابق أن الحديث مشهور عن عبد الله بن دينار ، وهو ثابت عنه من رواية الثقات الأثبات من أصحابه ، وهم : مالك ، والثوري ، وشعبة ، وعبد العزيز بن مسلم ، وهو مخرج في الصحيحين وغيرهما من حديثه - كما سبق - .(1/3)
أما عمرو بن دينار فلم يرو عنه إلا من حديث ابن عيينة ، ولم يروه عن ابن عيينة الأثبات من أصحابه ، وإنما رواه عنه من هو دونهم ، وهم : عبد الرحمن بن بشر ، وهو ثقة - كما سبق - ، والعباس بن يزيد البحراني ، أبو الفضل البصري، لقبه " عباسويه "، قال الدارقطني والسمعاني : ثقة مأمون ، وقال الدارقطي - أيضاً - : تكلموا فيه . وذكره ابن حبان في الثقات ، وضعفه مسلمة بن قاسم ، وفيه كلام غير ذلك ، قال ابن حجر : صدوق يخطئ . ( تهذيب التهذيب 2/296 ، التقريب 3194 ) ، وعبد الجبار بن العلاء البصري ، أبو بكر العطار ، قال أحمد : رأيته عند ابن عيينة حسن الأخذ ، وقال أبو حاتم : صالح الحديث ، وقال مرة : شيخ . وقال النسائي : ثقة ، وقال مرة : لا بأس . وكذا قال ابن حجر في التقريب ( تهذيب التهذيب 2/469 ، التقريب 3743 ) ، وإبراهيم بن بشار الرمادي ، أبو إسحاق البصري ، وكان مكثراً عن ابن عيينة وملازماً له ، ولكن أنكر عليه بعض حديثه عنه ، قال أحمد : كأن سفيان الذي يروي عنه إبراهيم بن بشار ليس هو سفيان بن عيينة - يعني مما يغرب عنه ، وكان مكثراً -. وقال ابن معين : ليس بشيء ، لم يكن يكتب عند سفيان ، وكان يملي على الناس ما لم يقله سفيان . وقال البخاري : يهم في الشيء بعد الشيء ، وهو صدوق . وقال النسائي : ليس بالقوي . وأثنى عليه غيرهم . قال ابن حبان : كان متقناً ضابطاً ، صحب ابن عيينة سنين كثيرة ، وسمع أحاديثه مراراً ، ومن زعم أنه كان ينام في مجلس ابن عيينة فقد صدق ، وليس هذا مما يجرح مثله في الحديث ، وذاك أنه سمع حديثه مراراً... الخ . وقال أبو عوانة : كان إبراهيم بن بشار ثقة من كبار أصحاب ابن عيينة ، وممن سمع منه قديماً . وقال الحاكم : ثقة مأمون ، من الطبقة الأولى من أصحاب ابن عيينة . قال في التقريب : حافظ له أوهام .(1/4)
وقد ناقش المعلمي اليماني ما قيل فيه ، وبيَّن وجه ذلك ، وانتهى إلى أنه : ثقة ، ربما وهم ، ( تهذيب التهذيب 1/60 ، التقريب 155 ، التنكيل 1/89 ) .
ولكن إبراهيم بن بشار لم يرو حديث سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عمر ابتداءً ، وإنما روى حديث سفيان عن عمرو بن دينار ، عن أبي الشعثاء ، عن ابن عباس -وهو حديث مشهور عن ابن عيينة وغيره (انظر تحفة الأشراف 4/370، والمسند الجامع 9/32)- ثم أعقبه بذكر عمرو بن دينار لحديث ابن عمر ، ولعل هذا هو سبب الوهم ، فإن عمرو ابن دينار لم يكن يحدث بحديث ابن عمر عنه ، وإنما يحدث بحديث أبي الشعثاء عن ابن عباس ، وقد علم أن ذلك يخالف ما يروى عن ابن عمر ، فكان يطلب الجمع بين الحديثين ، ولا يلزم من هذا أن يكون سمع حديث ابن عمر منه ، ولا أن يحدث به عنه ، ولكن قد يكون سمعه من غير ابن عمر كعبد الله بن دينار أو غيره ، فذكره لا على سبيل التحديث به عن ابن عمر .
هذا ما تبين لي من خلال النظر في طرق هذا الحديث وألفاظه ، ولولا رواية إبراهيم ابن بشار ، والعباس بن يزيد - فإنه ذكر تطلب عمرو بن دينار للجمع بين الحديثين - لكنت أقول : لعله انقلب عليهم فقالوا : عمرو بن دينار ، بدل عبد الله بن دينار ، فإن ابن عيينة كثير الرواية عن عمرو بن دينار ، أو يكون سبق لسان ابن عيينة إلى ذلك . ولكن ما سبق يمنع هذا الاحتمال ، يوضح ذلك أنه لم يرد عن ابن عيينة - فيما وقفت عليه - عن عبد الله بن دينار ، مما يدل على أن ابن عيينة لم يكن يروي هذا الحديث عن عبد الله ابن دينار ، وإنما وجه ذلك ما سبق ذكره ، والله أعلم .
وبهذا يتبين أن الحديث ثابت عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر - كما سبق - أما عمرو بن دينار فلا يروي هذا الحديث عن ابن عمر ، وهذا معنى قول أبي حاتم : ليس لعمروٍ معنى ، والله أعلم .(1/5)
81/867- سألت أبي عن حديث رواه روَّاد بن الجراح ، عن عبد العزيز بن أبي روَّاد ، عن نافعٍ ، عن ابن عمر ، أن عمر قال : " وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل نجدٍ " ، فلما فتحت العراق قال : قيسوا من نحو العراق كنحو(1)قرن(2)، فاختلفوا في القياس ، فقال بعضهم : ذات عرق ، وقال بعضهم : بطن العقيق(3). قال أبي : هذا خطأ ، إنما هو ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس فيه عمر .
دراسة الرواة :
* روَّاد - بفتح الراء وتشديد الواو - بن الجراح ، أبو عصام العسقلاني ، روى عن: الثوري ، والأوزاعي ، وعبد العزيز بن أبي حازم وغيرهم . وعنه : ابن أبي شيبة ، وإسحاق بن راهويه ، وابن معين وغيرهم . أخرج له ابن ماجه وحده .
__________
(1) في ( س ، ح ، ض ) :" لنحو " باللام ، ويحتمل أن يكون الناسخ ترك رأس الكاف فأشبهت اللام ، وهو شيء معروف عند النساخ ، ويقع أحياناً في نسخ هذا الكتاب ، إلا أنه أحياناً لا يكون في موطن اشتباه ، فلا يستدعي التنبيه عليه .
(2) المراد به قرن المنازل ، وهو ميقات أهل نجد تلقاء مكة ، على يوم وليلة . ( مراصد الاطلاع 3/1082 ) . أي قيسوا على طريق العراق مكاناً محاذياً لقرن المنازل ، ليكون ميقاتاً لأهل العراق .
(3) البطن هو الموطن الغامض من الوادي ، والبطون كثيرة ، والعقيق هو كل مسيل ماءٍ شقه السيل في الأرض فأنهره ووسعه ، وفي ديار العرب أعقة ، والمراد هنا الذي يدفع سيله في غور تهامة فهو الذي استحب قوم الإهلال منه قبل ذات عرق . ( انظر : مراصد الاطلاع 1/204 و2/952 ، المغانم المطابة 3/950 ) .(1/1)
وثقه ابن معين - في رواية - وقال في رواية أخرى : لا بأس به ، إنما غلط في حديث سفيان . وقال أحمد : لا بأس به ، صاحب سنة ، إلا أنه حدث عن سفيان أحاديث مناكير . وقال البخاري : كان قد اختلط لا يكاد يقوم حديثه ، ليس له كبير حديث قائم . وقال أبو حاتم : هو مضطرب الحديث ، تغير حفظه في آخر عمره ، وكان محله الصدق . وقال النسائي: ليس بالقوي، روى غير حديثٍ منكر، وكان قد اختلط . وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : يخطئ ويخالف .
قال ابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابعه الناس عليه ، وكان شيخاً صالحاً ، وفي حديث الصالحين بعض النكرة ، إلا أنه يكتب حديثه .
وفيه كلام غير ذلك ، لخص الحافظ حاله بقوله :[ صدوق اختلط بأخرة فترك، وفي حديثه عن الثوري ضعف شديد ] . وهو كما قال - رحمه الله - .
تاريخ الدوري 2/167 ، العلل ومعرفة الرجال 2/31 ، التاريخ الكبير 3/336 ، ضعفاء النسائي ص40 ، الجرح والتعديل 3/524 ، ثقات ابن حبان 8/246 ، الكامل 3/176 ، تهذيب الكمال 9/227 ، الميزان 2/55 ، تهذيب التهذيب 1/612 ، التقريب 1958 .
* عبد العزيز بن أبي روَّاد - بفتح الراء وتشديد الواو - الأزدي ، مولاهم ، المكي ، مات سنة 159 . روى عن : نافع ، وسالم ، وإسماعيل بن أمية وغيرهم. وعنه : ابنه عبد المجيد ، والثوري ، وابن مهدي وغيرهم .
وثقه يحيى القطان ، وابن معين ، والعجلي وغيرهم . وقال أبو حاتم : صدوق ثقة في الحديث متعبد . وقال أحمد : رجل صالح الحديث ، وكان مرجئاً وليس هو في التثبت مثل غيره . وقال يحيى القطان : ثقة في الحديث ، ليس ينبغي أن يترك حديثه لرأي أخطأ فيه . وقال النسائي : ليس به بأس .(1/2)
وذكره العقيلي في الضعفاء ، وابن حبان في المجروحين ، وقال : لم يصل عليه الثوري، لأنه كان يرى الإرجاء ، وكان ممن غلب عليه التقشف حتى كان لا يدري ما يحدث به ، فروى عن نافع أشياء لا يشك من الحديث صناعته إذا سمعها أنها موضوعة ، كان يحدث بها توهماً لا تعمداً ، ومن حدث على الحسبان وروى على التوهم حتى كثر ذلك منه سقط الاحتجاج به ، وإن كان فاضلاً في نفسه ، وكيف يكون التقي في نفسه من كان شديد الصلابة في الإرجاء ، كثير البغض لمن انتحل السنن . ثم ذكر أنه روى عن نافع عن ابن عمر نسخة موضوعة لا يحل ذكرها إلا على سبيل الاعتبار .
وقد تعقب الذهبي كلام ابن حبان ، فقال : أما ابن حبان فبالغ في تنقص عبد العزيز .
وقال الدارقطني : هو متوسط في الحديث ، وربما وهم . وقال - أيضاً -: لين، وابنه أثبت منه . وقال علي بن الجنيد : كان ضعيفاً وأحاديثه منكرات .
وقال ابن عدي : وفي بعض رواياته مالا يتابع عليه .
وفيه كلام آخر، ولخص الحافظ حاله بقوله :[ صدوق عابد، ربما وهم ، ورمي بالإرجاء ] .
سؤالات ابن الجنيد ص425 ، ضعفاء العقيلي 3/6 ، ثقات العجلي ص304 ، الجرح والتعديل 5/394 ، المجروحين 2/136 ، سؤالات البرقاني ص47 ، الكامل 5/290 ، تهذيب الكمال 18/136 ، الميزان 2/628 ، تهذيب التهذيب 2/585 ، التقريب 4096 .
* نافع مولى ابن عمر ، سبق في المسألة الحادية عشرة ، وهو ثقة ثبت فقيه مشهور .
* عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة الرابعة .
* أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سبقت ترجمته في المسألة الثامنة والثلاثين .
التخريج :
لم أقف عليه من حديث روَّاد بن الجراح .
ويندرج تحت هذا الحديث حديثان ، أحدهما في تعداد المواقيت ، والآخر في قياس ميقات أهل العراق على ميقات أهل نجد .
فأما الأول فهذا تخريجه :(1/3)
- أخرجه الدارقطني في العلل ( نصب الراية 3/13 ) - معلقاً - عن عبد العزيز بن أبي روَّاد، عن نافع ، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يذكر الدارقطني لفظه كاملاً ، وإنما ذكر أنه لم يذكر فيه ميقات أهل العراق ، فهو مثل لفظه الآتي في رواية الجماعة عن نافع .
- وأخرجه البخاري 2/165 ح1525 عن عبد الله بن يوسف ،
ومسلم في الصحيح 4/6 ح1181 ، وفي التمييز ص212 ح95 ، والبيهقي 5/26 من طريق يحيى بن يحيى النيسابوري ،
وإسحاق بن راهويه في مسنده ( نصب الراية 3/13 ) - ومن طريقه مسلم في التمييز ص212 ح94 ، وابن عدي 5/314 ، وأبو نعيم في الحلية 9/237 - وابن عدي - أيضاً - من طريق محمد بن سهل بن عسكر ، كلاهما ( إسحاق بن راهويه ، ومحمد بن سهل ) عن عبد الرزاق ،
وأبو داود 2/411 ح1734 ، والدارمي 2/47 ح1790 عن أحمد بن عبد الله بن يونس ،
وأبو داود 2/411 ح1734 ، والبيهقي في السنن الكبرى 5/26 ، وفي المعرفة 3/529 ح2747 من طريق القعنبي ،
والنسائي في المجتبى 5/122 ، وفي الكبرى 2/328 ح3631 عن قتيبة بن سعيد ،
وابن ماجه 2/972 ح2914 عن أبي مصعب الزهري ،
والشافعي في القديم ( كما في المعرفة للبيهقي 3/529 ) ،
والطحاوي في شرح المعاني 2/118 ح3520 ، والبيهقي 5/26 من طريق ابن وهب ،
تسعتهم ( عبد الله ، ويحيى ، وعبد الرزاق ، وأحمد ، والقعنبي ، وقتيبة ، وأبو مصعب ، والشافعي، وابن وهب ) عن مالك ،
وهو في الموطأ رواية يحيى الأندلسي 1/270 ح22 ، ورواية أبي مصعب 1/418 ح1060 ، ورواية القعنبي ص370 ح582 ، ورواية سويد بن سعيد ص386 ح496 ، ورواية محمد بن الحسن ص133 ح380 ،
والبخاري 1/45 ح133 ، والنسائي في الكبرى 2/328 ح3632 ، والبيهقي 5/ 26 ، وابن عبد البر في التمهيد 15/138 ، وأبو موسى المديني في اللطائف ص215 ح398 من طريق الليث بن سعد ،(1/4)
والترمذي 2/181 ح831 ، وأحمد في المسند 2/48 ح5087 و2/65 ح5323 و2/82 ح5542، وفي مسائل أبي داود عنه ص139 ح675 ، وسعيد بن أبي عروبة في المناسك ص103 ح123 ، وابن أبي شيبة 3/265 ح14066 ، والطوسي في المستخرج 4/50 ح763 ، والبيهقي 5/26 من طريق أيوب السختياني ،
وأحمد 2/3 ح4455 و2/55 ح5172، وأبو عوانة ( إتحاف المهرة 9/183 ح10842 )، وابن حبان 9/76 ح3761، والطبراني في الكبير 12/374ح13388 من طريق عبيد الله ابن عمر ،
وأحمد 2/47 ح5070 ، والشافعي في الأم 2/198 ، وفي المسند ( 2/289 ، ح755 بترتيب السندي ) ، والبيهقي في المعرفة 3/529 ح2748 من طريق ابن جريج ،
وأحمد 2/3 ح4455 من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري ، وعبد الله بن عون ،
والبيهقي 5/26 من طريق أسامة بن زيد ،
وعلقه مسلم في التمييز ص213 عن : حجاج ، والضحاك ،
عشرتهم ( مالك ، والليث ، وأيوب ، وعبيد الله ، وابن جريج ، والأنصاري، وابن عون ، وأسامة ، وحجاج ، والضحاك ) عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به ، ولفظه: " يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ، وأهل الشام من الجحفة ، وأهل نجدٍ من قرن " قال عبد الله : وبلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ويهل أهل اليمن من يلملم ". إلا أنه في بعض طرقه لم يبين أن ابن عمر لم يسمع هذه الجملة الأخيرة من النبي - صلى الله عليه وسلم - . وزاد في بعض طرقه : قال ابن عمر : وقاس الناس ذات عرق بقرنٍ .
إلا في حديث عبد الرزاق عن مالك فلفظه : " وقَّت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل العراق ذات عرق " . ووقع في التمييز ، والحلية ، والفتح : " قرناً " .(1/5)
- وأخرجه البخاري 2/165 ح1527، ومسلم 4/6 ح1182 ، والنسائي في المجتبى 5/125 ، وفي الكبرى 2/329 ح3635، وأحمد 2/9 ح4555، و2/130 ح6140، و2/151 ح6390 ، والشافعي في الأم 2/198 ، وفي المسند ( 1/288 ح753 بترتيب السندي ) ، والحميدي 2/280 ح623 ، وأبو يعلى 9/300 ح5423 و9/364 ح5475 ، وابن الجارود 2/56 ح412 ، وابن خزيمة 4/158 ح2589 ، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات الورقة 20 ، وأبو عمروٍ السمرقندي في فوائده ص50 ح10، والبيهقي في السنن الكبرى 5/26 ، وفي المعرفة 3/528 ح2745 ، وابن عبد البر في التمهيد 15/138 من طريق سالم بن عبد الله بن عمر ،
والبخاري 9/130 ح7344 ، ومسلم 4/6 ح1182 ، وأحمد 2/46 ح5059 و2/50 ح5111 و2/81 ح5532 و2/107 ح5853 و2/135 ح6192 ، ومالك 1/270 ح23 ، والشافعي في الأم 2/198 ، وفي المسند ( 1/289 ح754 بترتيب السندي ) ، والدارمي 2/47 ح1791، وابن خزيمة 4/160 ح2593، والطحاوي في شرح المعاني 2/117 ح3516 و2/118 ح3521-3524 ، وابن حبان 9/74 ح3759 و9/75 ح3760 ، وأبو القاسم الجوهري في مسند الموطأ ص412 ح472 وص517 ح662 ، والبيهقي في السنن الكبرى 5/26 ، وفي المعرفة 3/528 ح2746 من طريق عبد الله بن دينار ،
والبخاري 2/164 ح1522 ، وأبو يعلى 9/463 ح5610 و10/82 ح5718 ، وابن الأعرابي في معجمه 3/1020 ح2185 ، والبيهقي 5/27 من طريق زيد بن جبير ،
وأحمد 2/140 ح6257 ، وابن أبي شيبة 3/265 ح14065 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/117 ح3517 ، والطبراني في الكبير 12/429 ح13575 من طريق جرير بن عبد الحميد ، وأحمد 2/78 ح5492 ، والطيالسي 3/430 ح2033 من طريق شعبة ، وأحمد 2/11 ح4584 من طريق ابن عيينة ، ثلاثتهم ( جرير ، وشعبة ، وابن عيينة ) عن صدقة بن يسار ،
والطحاوي في شرح المعاني 2/119 ح3529 ، والطبراني في الأوسط 5/165 ح4958 ، وأبو نعيم في الحلية 4/94 من طريق جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران ،(1/6)
وأبو نعيم في الحلية 7/267 من طريق وبرة بن عبد الرحمن ،
ستتهم ( سالم ، وعبد الله بن دينار ، وزيد بن جبير ، وصدقة ، وميمون ، ووبرة ) عن عبد الله بن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به بنحو رواية نافع السابقة ، وفي بعض طرقه مثل الذي في بعض طرق نافع ، من كون ابن عمر لم يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - ميقات أهل اليمن . وكذا قوله : لم يكن عراق يومئذ . إلا في رواية شعبة عن صدقة بن يسار - عند أحمد فقط - فإنه قال :" ولأهل العراق ذات عرق " .
وقال في رواية ميمون بن مهران : " ولأهل الطائف قرن " قال ابن عمر: وقال الناس: لأهل المشرق ذات عرق . إلا في رواية أبي نعيم في الحلية من هذا الطريق ففيه : قال ابن عمر : " وحدثني أصحابنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقت لأهل العراق ذات عرق ".
وربما وقع هذا الحديث في بعض طرقه مختصراً .
وذكر أبو نعيم في الحلية الاختلاف في رفع حديث وبرة ووقفه على ابن عمر .
وأما الحديث الثاني ، وهو قياس عمر ذات عرق على قرن فهذا تخريجه :
- أخرجه البخاري 2/166 ح1531 ، والبيهقي 5/27 ، والبغوي 7/40 ح1861 من طريق عبد الله بن نمير ،
وأحمد في مسائل أبي داود عنه ص140ح679، وابن أبي شيبة 3/266 ح14072، والإسماعيلي ( الفتح 3/455 ) من طريق يحيى القطان ،
كلاهما ( ابن نمير ، ويحيى القطان ) عن عبيد الله بن عمر ،
وابن أبي شيبة 3/266 ح14073 من طريق الليث بن سعد ،(1/7)
كلاهما ( عبيد الله ، والليث ) عن نافع ، عن ابن عمر ، ولفظه في رواية ابن نمير عن عبيد الله : " لما فتح هذان المصران(1)أتوا عمر فقالوا : يا أمير المؤمنين إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حد لأهل نجدٍ قرناً ، وهو جور عن طريقنا ، وإنا إذا أردنا قرناً شق علينا . قال : انظروا حذوها من طريقكم ، فحد لهم ذات عرق " . ولفظ رواية القطان ، عن عبيد الله : عن ابن عمر " أن عمر حَدَّ لأهل العراق ذات عرق ". وقال في رواية الإسماعيلي : عن ابن عمر ، عن عمر أنه حد ... . ولفظ رواية الليث :" قال عمر لأهل العراق: انظروا حذاء قرن ، فوجدوا حذاءها ذات عرق، وقرن أقرب إلى مكة من ذات عرق ، قال : فجعله لأهل العراق ".
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم أن جعل هذا الحديث عن نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطأ ، وأن الصواب هو : ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - دون ذكر عمر فيه .
والمراد بهذا الحكم إنما هو الحديث الأول ، وهو حديث تعداد المواقيت ، ولا شك أن هذا حكم صحيح ، فإن هذا الحديث محفوظ من رواية الثقات الأثبات ، وهم مالك ، والليث بن سعد ، وأيوب السختياني ، وعبيد الله بن عمر ، وابن جريج ، ويحيى الأنصاري ، وابن عون ، وأسامة بن زيد ، والضحاك ، وحجاج ، كل هؤلاء رووه عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - دون ذكر عمر فيه . بل إن عبد العزيز بن أبي روَّاد قد ذكر الدارقطني روايته معلقة مثل رواية الجماعة ليس فيها عمر .
__________
(1) يعني البصرة والكوفة .(1/8)
وإنما دخل الغلط في هذا الحديث على روَّاد بن الجراح - وقد سبق بيان حاله - حيث ذكر طرفاً من هذا الحديث مع قصة عمر في ذات عرق وجعل الحديثين جميعاً عن عمر . والصواب أن هذا الحديث لا يرويه ابن عمر ، عن أبيه ، وإنما يرويه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن ابن عمر حكى عن أهل العراق أنهم ذكروا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - توقيته لأهل نجد وبينوا لعمر أنه جور عن طريقهم - كما هو في رواية ابن نمير، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع في الحديث الثاني - .
وهذا الأخير لا إشكال فيه ، فليس فيه أن ابن عمر يروي التوقيت لأهل نجدٍ عن هؤلاء القوم ، ولا عن أبيه ، وإنما حكى خطاب هؤلاء القوم لعمر .
فلعله من هنا دخل الغلط على روَّاد بن الجراح فرواه بهذا السياق الذي فيه أن ابن عمر يروي حديث ميقات أهل نجدٍ عن أبيه ، والصواب - كما سبق - أنه ليس فيه عمر ، كما هو رواية الجماعة عن نافع . ورواية أصحاب ابن عمر - أيضاً - كسالم ابنه ، وعبد الله بن دينار ، وزيد بن جبير ، وصدقة بن يسار وغيرهم ممن سبق ذكره في التخريج.
وهو حديث صحيح ثابت من هذا الوجه ، وقد صححه البخاري ، ومسلم وغيرهما.
وأما الحديث الثاني في قصة ميقات أهل العراق ، فإنما يرويه ابن عمر ، عن أبيه أنه وقته لأهل العراق وهو حديث صحيح - أيضاً - وقد أخرجه البخاري في صحيحه - كما سبق - ولا اختلاف في إسناده .(1/9)
فهذا هو الثابت عن ابن عمر في هذين الحديثين جميعاً ، وكل ما خالف هذا عن ابن عمر فهو منكر مثل حديث عبد الرزاق ، عن مالك في ذكره ميقات أهل العراق عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه حديث باطل ، وقد قال عبد الرزاق نفسه : قال لي بعض أهل المدينة : إن مالكاً محا هذا الحديث من كتابه . وقد أطال مسلم في كتاب التمييز الكلام في خطأ هذه الرواية ونقل فيه قول عبد الرزاق السابق ، وعَدَّدَ الطرق المخالفة له - وقد سبقت - وزاد ذكر طرق الحديث عن غير ابن عمر، مما ليس فيه هذه اللفظة ، وكان مما جاء في كتاب التمييز: وذكر كلاماً كثيراً يدل على أن عبد الرزاق لم يحفظ ، وإن كان حفظ ، فلعل مالكاً سبق لسانه مع كلامٍ كثير . ثم ذكر مسلم أن الأحاديث في توقيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات عرق لأهل العراق ليس منها شيء يثبت . وكذا ذكر الدارقطني أن عبد الرزاق لم يتابع على هذا الحديث ، وخالفه أصحاب مالك ، فرووه عنه ولم يذكروا فيه ميقات أهل العراق ، ثم ذكر أصحاب نافع الذين رووه عنه ولم يذكروا ذلك - أيضاً - ( انظر : نصب الراية 3/13 ، والكامل 5/314 ، وفتح الباري 3/456 ) .
فالظاهر أن هذا الحديث غلط فيه عبد الرزاق ، ولم يحدث به مالك ، فقد روى عنه هذا الحديث أكثر من عشرة من أصحابه الثقات - كما سبق في التخريج - ولم يذكر أحد منهم ميقات أهل العراق مرفوعاً غير عبد الرزاق . وفي هذا دلالة كافية على وهمه فيه .
ومثله في النكارة - أيضاً - ما جاء في رواية شعبة ، عن صدقة بن يسار ، عن ابن عمر في جعله ميقات أهل العراق عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد روى ذلك عن شعبة محمد بن جعفر غندر ، فهو شيخ الإمام أحمد فيه ، وخالفه الطيالسي فرواه عن شعبة ولم يذكر فيه هذه الجملة ، وهو الصواب .(1/10)
وقد رواه ابن عيينة ، وجرير عن صدقة بن يسار فذكرا أن ابن عمر قيل له: فالعراق؟ قال : لا عراق يومئذٍ . وهذا هو الصواب الموافق لرواية الناس عن ابن عمر .
ومثله - أيضاً - ما جاء في حديث ميمون بن مهران في رفع هذه الجملة ، وهي عند أبي نعيم ، فالصواب كما جاء في رواية الطحاوي : قال ابن عمر : وقال الناس : لأهل المشرق ذات عرق ، وقد أشار مسلم في التمييز إلى نكارة رواية ميمون بقوله : وفي رواية ميمون :" جعل لأهل المشرق ذات عرق " وسالم ، ونافع ، وابن دينار ، كل واحد منهم أولى بالصحيح عن ابن عمر من ميمون الذي لم يسمعه من ابن عمر . والله أعلم .(1/11)
82/868- سألت أبي عن حديث رواه روَّاد بن الجراح ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أنس بن مالك قال : " رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يُهادى بين ابنيه ، فقال : ما شأن هذا ؟ قالوا : نذر أن يحج ماشياً . قال : مروه أن يركب ، إن الله - عز وجل - لن يعبأ بعناء هذا شيئاً " . قال أبي : إنما هو حميد الطويل ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يروِ إبراهيم بن طهمان ، عن حبيب شيئاً .
دراسة الرواة :
* رواد بن الجراح ، سبق في المسألة الحادية والثمانين ، وهو صدوق اختلط بأخرة فترك ، وفي حديثه عن الثوري ضعف شديد .
* إبراهيم بن طهمان الخراساني ، أبو سعيد الهروي ، ثم النيسابوري ، ثم المكي ، مات سنة 168. روى عن : أبي إسحاق السبيعي ، وحميد الطويل ، والأعمش ، وشعبة وغيرهم . وعنه : ابن المبارك ، وابن مهدي ، ووكيع وغيرهم .
وثقه أحمد ، وإسحاق ، وأبو داود ، وأبو حاتم ، وعثمان الدارمي وغيرهم . وقال أحمد - أيضاً - : صدوق اللهجة . وقال أبو حاتم : صدوق حسن الحديث . وقال ابن المبارك : صحيح الحديث . وقال ابن معين ، والعجلي : لا بأس به . وقال إسحاق : كان صحيح الحديث ، حسن الرواية ، كثير السماع ، ما كان بخراسان أكثر حديثاً منه ، وهو ثقة . وقال صالح جزرة : ثقة حسن الحديث ، يميل إلى شيء من الإرجاء في الإيمان ، حبب الله حديثه إلى الناس ، جيد الرواية . وقال أحمد : كان يرى الإرجاء ، وكان شديداً على الجهمية .
وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : أمره مشتبه ، له مدخل في الثقات ، ومدخل في الضعفاء ، قد روى أحاديث مستقيمة تشبه أحاديث الأثبات ، وقد تفرد عن الثقات بأشياء معضلات .
وقال الحافظ ابن عمار الموصلي : ضعيف مضطرب الحديث . وقد أنكر الحافظ صالح جزرة على ابن عمار قوله ورده .(1/1)
قال الذهبي في معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد : صدوق مشهور ، وثقه جماعة ، وضعفه محمد بن عمار الموصلي وحده .
وقال في الميزان : ثقة من علماء خراسان ... ثم قال : فلا عبرة بقول مضعفه .
وقال ابن حجر في التهذيب : والحق فيه أن ثقة صحيح الحديث إذا روى عنه ثقة ، ولم يثبت غلوه في الإرجاء ، ولا كان داعية إليه ، بل ذكر الحاكم أنه رجع عنه .
وقال في التقريب : [ ثقة يغرب ، وتُكُلِّم فيه للإرجاء ، ويقال : رجع عنه ] .
التاريخ الكبير 1/294 ، الجرح والتعديل 2/107 ، ثقات العجلي ص52 ، ثقات ابن حبان 6/27 ، تاريخ بغداد 6/105 ، تهذيب الكمال 2/108 ، الميزان 1/38 ، معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد ص50 ، إكمال تهذيب الكمال لمغلطاي 1/220 ، تهذيب التهذيب 1/69، التقريب 189.
* حبيب بن أبي ثابت الكوفي ، سبق في المسألة الخامسة عشرة ، وهو ثقة فقيه جليل، وكان كثير الإرسال والتدليس .
* أنس بن مالك - رضي الله عنه - سبقت ترجمته في المسألة الخامسة .
* حميد بن أبي حميد الطويل ، سبق في المسألة الثلاثين ، وهو ثقة يدلس .
التخريج :
- أخرجه ابن أبي حاتم في العلل 2/445 ح2840 ، وابن عدي 3/178 من طريق أحمد بن الفضل العسقلاني ، عن رواد بن الجراح به بنحوه .
- وأخرجه النسائي 7/30 عن أحمد بن حفصٍ ، عن أبيه ،
والطبراني في الأوسط 9/27 ح9031 من طريق خالد بن نزار ،
كلاهما ( حفص ، وخالد ) عن إبراهيم بن طهمان به بنحوه ، قال في رواية
خالدٍ: عن إبراهيم ، عن حميد ، عن أنس . وقال في رواية حفص : عن إبراهيم، عن يحيى بن سعيد - وهو الأنصاري - عن حميد ، عن أنس .
- وأخرجه البخاري 3/25 ح1865 ، ومسلم 5/79 ح1642 من طريق مروان بن معاوية الفزاري ،
والبخاري 8/177 ح6701 ، وأبو داود 4/97 ح3296 ، وأحمد 3/114 ح12127 ، و3/183 ح12889، والطحاوي في شرح المعاني 3/129 ح4805، من طريق يحيى بن سعيد القطان ،(1/2)
ومسلم 5/79 ح1642 ، وأبو يعلى 6/146 ح3424 - وعنه ابن حبان 10/228 ح4383 - من طريق يزيد بن زريع ،
والترمذي 3/197 ح1537 ، والنسائي 7/30 من طريق خالد بن الحارث ،
والترمذي 3/197 ح1537 ، وأحمد 3/106 ح12038و12039 من طريق ابن أبي عدي ،
والترمذي 3/196 ح1536 من طريق عمران القطان ،
والنسائي 7/30 ، والبيهقي 10/78 من طريق حماد بن مسعدة ،
وأحمد 3/235 ح13468 ، والبيهقي في الكبرى 10/78 ، وفي المعرفة 7/342 ح5839 ، من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري ،
وأحمد 3/271 ح13866 من طريق حماد بن سلمة ،
وأحمد(1)( كما ذكر ذلك ابن حجر في أطراف المسند 1/371 ح496 ، وفي إتحاف المهرة 1/635 ح949 ، وفي فتح الباري 4/94 ) وابن أبي شيبة 3/215 ح13576 ، وأبو يعلى 6/453 ح3842 ، وابن الجارود 3/211 ح939 ، وأبو عوانة 4/13 ح5845 ، وأبو نعيم في الحلية 2/329 ، والبغوي في شرح السنة 10/26 ح2444 من طريق يزيد بن هارون ،
وابن أبي شيبة 3/215 ح13576 عن أبي خالد الأحمر ،
والفاكهي في أخبار مكة 1/349 ح720 ، وابن خزيمة 4/347 ح3044 من طريق محمد بن يحيى بن فياض الزماني ، عن عبد الأعلى(2)، وهو ابن عبد الأعلى ،
وأبو يعلى 6/238 ح3532 و6/472 ح3881 ، وأبو عوانة 4/14 ح5855 من طريق عبد الله بن بكر ،
__________
(1)
(1) لم أقف على هذا الحديث في المسند بطبعتيه القديمة والجديدة ، وكذا لم يقف عليه محقق الأطراف ، وقد ذكر أبو نعيم في الحلية 2/330 أن أحمد حدث به عن يزيد بن هارون ، فالله أعلم .
(2) وقع في المطبوع من صحيح ابن خزيمة : عبد الصمد ، وهو خطأ ، والتصحيح من إتحاف المهرة 1/517 ح610 ، ومن الفاكهي - أيضاً - فإن طريقهما واحد ، وعبد الصمد ليس من شيوخ محمد بن يحيى ولا من الآخذين عن حميد .(1/3)
وابن خزيمة 4/347 ح3044 من طريق بشر بن المفضل(1)،
والطحاوي في شرح المعاني 3/128 ح4803، وابن حبان 10/227 ح4382، من طريق الهقل بن زياد ، عن الأوزاعي ، عن عبد الرحمن بن اليمان ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ،
وعلقه أبو نعيم في الحلية 2/330 عن : هشيم(2)، وشعبة ، ومعاذ بن معاذ ، والمعتمر بن سليمان ، وخالد بن عبد الله ، وزهير بن معاوية ، والدراوردي ،
جميعهم ( مروان بن معاوية ، ويحيى القطان ، ويزيد بن زريع ، وخالد بن الحارث ، وابن أبي عدي ، وعمران ، وحماد بن مسعدة ، والأنصاري ، وحماد بن سلمة ، ويزيد ابن هارون ، وأبو خالد ، وعبد الأعلى ، وعبد الله بن بكر ، وبشر، ويحيى الأنصاري ، وهشيم ، وشعبة ، ومعاذ ، والمعتمر ، وخالد بن عبد الله ، وزهير ، والدراوردي ) عن حميد الطويل به بنحوه ، ولفظه: عن أنسٍ - رضي الله عنه - " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى شيخاً يهادى بين ابنيه، قال : ما بال هذا ؟ قالوا : نذر أن يمشي ، قال : إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني . وأمره أن يركب ". هذا لفظ مروان الفزاري عند البخاري ، وبقية الروايات بنحو هذه الرواية ، إلا رواية عمران القطان فهي مختلفة ، ولفظها : " نذرت امرأة أن تمشي إلى بيت الله ، فسئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ، فقال : إن الله لغني عن مشيها ، مروها فلتركب " .
__________
(1) وقع في إتحاف المهرة : بشر ، عن عبد الأعلى ، عن حميد ، ولعله وهم أو سبق قلم ، فإن الذي في المطبوع من صحيح ابن خزيمة صواب ، وبشر بن المفضل قد أخذ عن حميد ، وهو أقدم موتاً من عبد الأعلى .
(2) ذكر أبو نعيم أن أحمد حدث به عن هشيم ، وأن مسلماً أخرجه من حديث هشيم ، ولم أقف على شيء من هذا فالله أعلم .(1/4)
وقد اختلفوا على حميد الطويل في إسناده ، ففي رواية أبي خالد الأحمر ، وعمران القطان ، وحماد بن سلمة ، ويحيى الأنصاري جعلوه : عن حميد ، عن أنس دون واسطة ، وكذا في رواية ابن أبي عدي عند الترمذي ، وأحمد في الموطن الأول فقط ، ورواية يزيد بن هارون عند أحمد فقط(1). وقد وقع التصريح بسماع حميد من أنس لهذا الحديث في رواية يحيى الأنصاري فقط .
وفي رواية مروان بن معاوية ، ويحيى القطان ، ويزيد بن زريع ، وخالد بن الحارث ، وحماد بن مسعدة ، ومحمد بن عبد الله الأنصاري ، وعبد الأعلى ، وعبد الله بن بكر جعلوه : عن حميد، عن ثابت، عن أنس، فأدخلوا الواسطة بين حميد وأنس ، وكذا في رواية يزيد بن هارون - عند غير أحمد - ، ورواية ابن أبي عدي في الموطن الثاني عند أحمد .
وقال في رواية بشر بن المفضل وحده : عن حميد إما سمعت أنساً ، وإما عن ثابت ، عن أنس .
وأما بقية الرواة عن حميد - وهم : هشيم ، وشعبة ، ومعاذ ، والمعتمر ، وخالد بن عبد الله ، وزهير ، والدراوردي - فإنما علق رواياتهم أبو نعيم بعد أن ذكر رواية يزيد بن هارون ، عن حميد ، عن ثابت ، عن أنس ، فالظاهر أن رواياتهم مثل هذه الرواية بإدخال ثابت البناني بين حميد وأنس .
وقد قرن حماد بن سلمة في روايته ثابتاً مع حميد .
الحكم عليه :
ذكر أبو حاتم الاختلاف في هذا الحديث على إبراهيم بن طهمان ، وقد تحصل من التخريج السابق أنه روي عنه على ثلاثة أوجه وهي :
الوجه الأول : عن إبراهيم بن طهمان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أنس ، وهذه رواية روَّاد بن الجراح .
الوجه الثاني : عن إبراهيم بن طهمان، عن حميد الطويل، عن أنس، وهذه رواية خالد بن نزار ، وقد نص أبو حاتم على هذه الرواية عن إبراهيم بوضوح في الموطن الثاني 2/445 ح2840 .
__________
(1) إلا ما ذكره أبو نعيم في الحلية أن أحمد حدث به عن يزيد بن هارون - كما سبق - فإن ظاهر كلامه أنه عن حميد ، عن ثابت، عن أنس .(1/5)
الوجه الثالث : عن إبراهيم بن طهمان، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن حميدٍ، عن أنس ، وهذه رواية حفص بن عبد الله السلمي .
وقد اقتصر أبو حاتم على الوجهين الأولين ، وحكم للوجه الثاني ، واستدل لذلك بأن إبراهيم بن طهمان لم يرو عن حبيب شيئاً . وما ذكره أبو حاتم ظاهر جداً ، ويؤيده أن هذا الحديث معروف عن حميد من طرق كثيرة جداً - كما سبق في التخريج - ولم يرو عن حبيب إلا من هذا الطريق ، وقد تفرد به روَّاد بن الجراح ، وقد سبق في ترجمته كلام الأئمة فيه ، ومن ذلك قول البخاري : كان قد اختلط ، لا يكاد يقوم حديثه ، ليس له كبير حديث قائم . فلعل هذا الحديث مما حدث به في اختلاطه ، وقد ساقه ابن عدي في ترجمته مستنكراً له ، وقال : عامة ما يرويه عن مشايخه لا يتابعه الناس عليه ، وكان شيخاً صالحاً ، وفي حديث الصاحين بعض النكرة ، إلا أنه ممن يكتب حديثه . وقال ابن طاهر : وهذا مما أنكروا على روَّادٍ روايته . ( ذخيرة الحفاظ 3/1360 ح2941 ) .
هذا ما يتعلق بما ذكره أبو حاتم ، ولكن تبقى الموازنة بين الوجهين الأخيرين ، فهل سمع إبراهيم بن طهمان هذا الحديث من حميد ، أو بينهما يحيى بن سعيد الأنصاري ؟ كل ذلك محتمل ، فإني لم أقف على من وصف إبراهيم بالتدليس ، ولكن قد يكون ذلك ممن دونه ، إلا أن أبا حاتم قد جزم برواية إبراهيم عن حميد لهذا الحديث .
وعلى كلا الاحتمالين فإن الحديث حديث حميد ، وليس لحبيب بن أبي ثابت فيه مدخل - كما سبق - غير أنه قد اختلف على حميدٍ فيه ، فروي عنه على وجهين :
الوجه الأول : عن حميد ، عن أنس ، وهذه رواية إبراهيم بن طهمان -إن صحت- ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وعمران القطان ، وأبي خالد الأحمر ، وحماد بن سلمة ، ورواية عن ابن أبي عدي ، ويزيد بن هارون - كما سبق بيانه-.
الوجه الثاني: عن حميدٍ، عن ثابت، عن أنس، وهذه رواية جمهور الرواة، وقد سبق سردهم في التخريج .(1/6)
ولم يتعرض أبو حاتم لهذا الاختلاف على حميد ، والظاهر أن حميداً دلسه عندما حدث به عن أنس ، وذلك لأن حميداً كثير التدليس عن أنس حتى قيل إن معظم حديثه عن أنس بواسطة ثابت ، وقتادة ، وقد وصفه بالتدليس النسائي وغيره ( انظر طبقات المدلسين لابن حجر ص60 )، ولذلك لم يخرجه الشيخان من حديث حميد ، عن أنس، وإنما أخرجاه من حديثه ، عن ثابت ، عن أنس .
وأما التصريح بسماع حميد لهذا الحديث من أنس ، الواقع في حديث عبد الرحمن بن اليمان، عن يحيى بن سعيد الأنصاري فهو خطأ ، ولعل ذلك من عبد الرحمن بن اليمان، فإني لم أقف له على ترجمة بَيِّنة ، وقد وصفه ابن حبان في روايته : بالمدني ، وترجم ابن أبي حاتم لعبد الرحمن بن اليمان أبي معاوية الحضرمي ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فقد يكون هو المراد هنا ، كما هو ظاهر صنيع بدر الدين العيني في مغاني الأخيار ( انظر : الجرح والتعديل 5/303 ، ومغاني الأخيار 2/625)، وعلى كل حالٍ فإن هذا التصريح لا يُعتمد عليه بعد ثبوت ما يعارضه .
والحاصل أن الصواب في هذا الحديث أنه: عن حميد الطويل، عن ثابت ، عن أنس، وهو صحيح من هذا الوجه ، مخرج في الصحيحين وغيرهما . وقد رواه - أيضاً - حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس - كما سبق - .
وقبل نهاية هذا البحث أحب أن أشير إلى أن لفظ رواية عمران القطان - وقد سبق سياقه في التخريج ، وفيه أن الناذر امرأة ، نذرت أن تمشي إلى بيت الله - لفظ منكر ، تفرد به عمران ، وهو صدوق يهم ، ( التقريب 5154 ) والمحفوظ في ذلك لفظ رواية الجماعة ، وهو الذي ساقه أبو حاتم ، وسبق سياق لفظ البخاري - أيضاً -.
وأما قول الترمذي بعد ذكر رواية عمران القطان : حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، فمعناه أن هذا اللفظ من هذا الوجه، أي : حديث أنس ، غريب، أي : ضعيف ، ولكن قد جاء من غير هذا الوجه ، وقد أشار إليه الترمذي بقوله : وفي الباب عن أبي هريرة ، وعقبة بن عامر ، وابن عباس .(1/7)
ولفظ حديث عمران القطان هو لفظ حديث عقبة بن عامر ، وابن عباس ، فلعله من هنا حصل الوهم في حديث عمران القطان ، وحديث عقبة بن عامر متفق عليه ( انظر صحيح البخاري 3/25 ح1866 وصحيح مسلم 5/79 ح1644) ، وحديث ابن عباس أخرجه أبو داود 4/95 ح3288 وغيره، وقد وقع في إسناده اختلاف ، ( انظر: الأحاديث التي أشار أبو داود في سننه إلى تعارض الوصل والإرسال فيها ، رقم 46 ) .
وأما حديث أبي هريرة الذي أشار إليه الترمذي فهو بنحو حديث أنس ، وقد أخرجه مسلم 5/79 ح1643 وغيره والله أعلم .(1/8)
83/869- سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه صدقة بن يزيد الخراساني ، نزيل الرملة ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : قال الله - عز وجل - :" إن من أصححته وأوسعت له لم يزرني في كل خمسة أعوام لمحروم " قالا : هذا عندنا منكر من حديث العلاء بن عبد الرحمن ، وهو من حديث العلاء بن المسيَّب أشبه ، قال أبي : والناس يضطربون في حديث العلاء بن المسيب ، فأما خلف بن خليفة فقال : عن العلاء بن المسيب ، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ورواه بعضهم(1): عن العلاء بن المسيَّب ، عن أبيه، عن أبي هريرة ، موقوف ، ورواه بعضهم فقال : عن العلاء بن المسيَّب ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . قلت لأبي : فأيها(2)الصحيح منها(3)؟ قال: هو مضطرب ، فأعدت عليه ، فلم يزدني على قوله : هو مضطرب ، ثم قال : العلاء بن المسيب ، عن يونس بن خباب ، عن أبي سعيد ، موقوف مرسل أشبه ، قلت لأبي: لم يسمع يونس من أبي سعيد ؟ قال : لا، قال أبو زرعة : قال بعضهم: العلاء بن المسيب ، عن يونس بن خباب ، عن أبي سعيد ، موقوف ، قال وقال أبو زرعة: والصحيح عن العلاء بن المسيب ، عن أبيه ، عن أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (4).
دراسة الرواة :
__________
(1) قوله : " عن العلاء بن المسيب ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ورواه بعضهم " ساقط من ( ت ، م ، ط ) .
(2) وقعت هذه الكلمة في جميع النسخ بالتثنية " فأيهما ". وهو قد ذكر ثلاثة أوجه فالصواب أن يقول :" فأيها " ثم هو الموافق لقوله بعد ذلك : منها . وأما في ( ت ، م ، ط ) فلا إشكال في التثنية لأنه لم يذكر إلا وجهين ، وسقط الوجه الثالث .
(3) في ( ت ، م ، ط ) :" منهما " .
(4) سبقت هذه المسألة برقم 2/788 و65/851 .(1/1)
* صدقة بن يزيد الخراساني ، ثم الشامي ، سبق في المسألة الثانية ، وهو إلى الضعف أقرب .
* العلاء بن عبد الرحمن الحرقي المدني، سبق في المسألة الثانية، وهو صدوق، ربما وهم .
* عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي المدني ، سبق في المسألة الثانية ، وهو ثقة .
* أبو هريرة - رضي الله عنه - ، سبقت ترجمته في المسألة الثانية .
* العلاء بن المسيب الأسدي الكاهلي ، سبق في المسألة الثانية ، وهو ثقة ، ربما وهم.
* خلف بن خليفة بن الأشجعي الواسطي ، سبق في المسألة الخامسة والستين ، وهو صدوق ، ولكنه اختلط وتغير في الآخر .
* المسيب بن رافع الأسدي الكاهلي ، سبق في المسألة الخامسة والستين ، وهو ثقة .
* أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - ، سبقت ترجمته في المسألة الثانية .
* يونس بن خباب الكوفي ، سبق في المسألة الثانية ، وهو صدوق يخطئ ، ورمي بالرفض .
التخريج والحكم عليه :
سبق تخريج هذا الحديث والحكم عليه في المسألة رقم 2/788 ، وانظر المسألة رقم 65/851 .(1/2)
84/870- سألت أبي عن حديث رواه معقل بن عبيد الله ، عن عطاء ، عن أم سليم ، قال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - " مالها لم تحج معنا العام(1)... " الحديث . قال أبي : ورواه حجاج ، وابن جريج وغير واحدٍ ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . قال أبي : أما حديث معقل فيدل أنه مرسل ، وقد قصر به ، ومن خالف ابن جريج في عطاء فقد وقع في شغلٍ .
دراسة الرواة :
* معقل بن عبيد الله الجزري ، أبو عبد الله العبسي ، مولاهم ، الحراني ، المديبري ، مات سنة 166 . روى عن : عطاء بن أبي رباح ، وعمرو بن دينار ، وابن أبي مليكة وغيرهم . وعنه : أحمد بن يونس ، والنفيلي ، ووكيع وغيرهم . أخرج له مسلم ، وأبو داود ، والنسائي .
وثقه أحمد ، وابن معين - في رواية عنهما - وقال أحمد - مرة - صالح الحديث . وقال ابن معين -مرة - والنسائي: ليس به بأس . وقال النسائي - أيضاً-: ليس بذاك القوي ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : كان يخطئ ، ولم يفحش خطؤه فيستحق الترك .
وعن ابن معين - في رواية ثالثة - : ضعيف . وكان أحمد يضعف حديثه عن أبي الزبير خاصة ، ويقول : يشبه حديثه حديث ابن لهيعة . قال ابن رجب : ومن أراد حقيقة الوقوف على ذلك فلينظر إلى أحاديثه عن أبي الزبير ، فإنه يجدها عند ابن لهيعة يرويها عن أبي الزبير كما يرويها معقل سواء .
أما ابن عدي فقال : هو حسن الحديث ، ولم أجد في أحاديثه حديثاً منكراً فأذكره إلا حسب ما وجدت في حديث غيره ممن يصدق في غلط حديثٍ أو حديثين .
لخص الحافظ ابن حجر حاله بقوله : [ صدوق يخطئ ] .
__________
(1) في ( ت ، م ، ط ) :" العامة " وهو خطأ .(1/1)
سنن النسائي 2/154 ، تاريخ الدارمي ص202 ، سؤالات ابن الجنيد ص364 ، العلل ومعرفة الرجال 2/485 و3/25 ، الجرح والتعديل 8/286 ، ثقات ابن حبان 7/491 ، الكامل 6/452 ، تهذيب الكمال 28/274، الميزان 4/146، شرح العلل لابن رجب 2/793، تهذيب التهذيب 4/120، التقريب 6797 .
* عطاء بن أبي رباحٍ المكي ، سبق في المسألة السادسة وهو ثقة فقيه فاضل ، لكنه كثير الإرسال .
* أم سليم بنت ملحان الأنصارية ، والدة أنس بن مالك ، وزوج أبي طلحة ، اختلف في اسمها ، وقد اشتهرت بكنيتها ، وهي صحابيه مشهورة ، لها فضل ومناقب كثيرة ، وكانت تشهد بعض المغازي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ماتت في خلافة عثمان - رضي الله عنهما - .
معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني 6/3504 ، تهذيب الكمال 35/365 ، الإصابة 4/461 ، التقريب 8737 .
* الحجاج بن أرطاة النخعي ، سبق في المسألة الرابعة والثلاثين ، وهو صدوق كثير الخطأ والتدليس .
* ابن جريج ، عبد الملك بن عبد العزيز المكي ، سبق في المسألة الثامنة ، وهو ثقة فقيه فاضل ، وكان يدلس .
* عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - سبقت ترجمته في المسألة العاشرة .
التخريج :
- أخرجه ابن سعد 8/430 عن الفضل بن دكين ، عن معقل بن عبيد الله ، عن عطاء ، عن أم سليم الأنصارية ، ولفظه :" قال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما لأم سليم لم تحج معنا العام ؟ قالت : يا نبي الله ، كان لزوجي ناضحان ، فأما أحدهما فحج عليه، وأما الآخر فتركه يسقي عليه نخله، قال : فإذا كان رمضان ، أو شهر الصوم فاعتمري فيه ، فإن عمرة فيه مثل حجة ، أو تقضي مكان حجة " .
- وأخرجه ابن ماجه 2/996 ح2994 ، وابن أبي شيبة 3/158 ح13028 ، والطبراني في الكبير 11/142 ح11299 من طريق أبي معاوية الضرير ،
وأحمد 1/308 ح2809 عن عبد الله بن نمير ،
والطبراني في الكبير 11/142 ح11299 من طريق علي بن مسهر ،(1/2)