معك هو ذا يقطر منه الدهن، فلعله مكسور! قال: فقلب الكوز وتأمل أسفله لينظر فيه شيء أم لا، فانصب الدهن على ثيابه وعلى الأرض وضحك الناس منه.
وحدثني عبد الرحمن بن عمر بن الغزال الواعظ قال: سمعت بعض المشايخ يحكى أن أبا الحسن المغفل كان يوما يمشي على شاطئ دجلة، فرأى شيئا طافيا على وجه الماء، فخلع ثيابه ونزل في الماء وسبح إلى أن لقي ذلك الطافي، إذا هو يقطينة مكسورة فعاد سريعا ولبس ثيابه وقال: ظننته هاونا أنتفع به فوجدته يقطينة مكسورة- فضحك من سمعه من قوله.
وذكر لي جماعة من أهلم العلم: أن أبا الحسن المغفل كان قد قرأ كتاب «إصلاح المنطق» لابن السكيت على البارع ابن الدباس، وكان سماعه من ابن المسلمة عدة مرار، كان كلما قرأني بالكتاب نسخة مليحة أو صحيحة يقول: هذه لم أقرأ منها، فيعود فيقرأه مرة أخرى.
قرأت في كتاب أبي محمد يحيى بن علي بن الطراح بخطه قال: مات الشيخ أبو الحسن علي المغفل من أصحاب الحديث في يوم الأحد سلخ ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، ودفن يوم الأربعاء مستهل المحرم سنة اثنتين وثلاثين، وهكذا رأيت وفاته بخط أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الْأَنْصَارِيّ.
1025- علي بن هذاب العلثي، المعروف بالمهذب:
أديب، روى ببغداد شيئا من الأناشيد، كتب عنه: أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب الأصبهاني في سنة ستين وخمسمائة.
كتب إليّ أبو عبد الله الأصبهاني ونقلته من خطه قال: أنشدني المهذب علي [1] بن هذاب العلثي ببغداد قال: أنشدني أبو الحسين بن منير الطرابلسي يعني لنفسه:
انحلا فصد عن الحميم وما احتلا ... ورأى الحمام نفعه فتوشلا
ما كان واديه بأول مرتفع ... دعوت طلاوته طلاه فأجفلا
وإذا الكريم رأى الخمول نزيله ... في منزل فالحزم أن يترحلا
ساهمت عيسك مر عيشك قاعدا ... أفلا فليت بهن ناصية الفلا
لا ترض من دنياك ما أدناك من ... دنس وكن طيفا جلا ثم انجلى
__________
[1] في الأصل: «المهذب بن علي» .(19/182)
فارق ترق كالسيف سل فبان في ... متنيه ما أخفى القراب وأخملا
وصل الهجير بهجر قوم كلما ... أمطرتهم عسلا جنوا لك حنظلا
وأنشدني علي المهذب ببغداد لأبي الحسن علي بن مسهر الموصلي من قصيدة طويلة:
على الموارد بين السمر والحدق ... فرد فإن المنايا مورد الأبق
وأطيب العيش ما تجنيه من تعب ... وأعذب الشرب ما يصفو من الريق
يا دار درتك أخلاف الغمام على ... مر النسيم بحارى العرب منبعق
وإن عدتك عوادي المزن فانتحفي ... ما روض الأرض من أجفان ذي عرق
1026- علي بن هشام بن عبد الله بن أبي قيراط، أبو الحسين الكاتب:
حدث عن أبي الحسين عبد الواحد بن محمد الخصيبي. وإبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي المعروف بنفطويه، وأبوي عبد الله زنجي الكاتب، والباقطائي، وأبي الحسن المظفر بن يحيى الشرابي، روى عنه: الْقَاضِي أَبُو عَلِيّ المحسن بْن علي التنوخي، وكان كاتبا أديبا شاعرا.
أنبأنا أبو المظفر محمد بن علي الواعظ، أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن علي الكوفي قراءة عليه، أنبأنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصّيرفيّ، أنبأنا أَبُو القاسم عَلِيّ بْن المحسن بْن علي التنوخي قَالَ: حَدَّثَنِي أبي قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الحسين علي بْن هشام بن عبد الله بن أبي قيراط الكاتب البغدادي قال: سمعت أبا عبد الله الباقطائي الكاتب يقول: سمعت أبا القاسم عبيد الله بن سليمان يحدث في وزارته قال: قال لي أبي: أصبحت يوما وأنا في حبس محمد بن عبد الملك الزيات في خلافة الواثق آنس ما كنت من الفرح وأشده محنة وغما حتى وردت على رقعة أخي الحسن بن وهب وفيها:
خطب أبا أيوب جل محله ... فإذا جزعت منا الخطوب فمن لها
إن الذي عقد الذي انعقدت ... عقد المكاره فيك يحسن حلها
فاصبر فإن الله يعقب فرجه ... ولعلها أن تنجلي ولعلها
وعسى تكون قريبة من حيث لا ... ترجو ويمحو عن حدك ذلها
قال: فتفاءلت بذلك وقويت نفسي فكتبت إليه:(19/183)
صبرتني ووعظتني فأنا لها ... وستنجلي بل لا أقول لعلها
ويحلها من كان صاحب عقدها ... ثقة به إذ كان يملك حلها
قال: فلم أصل العتمة من ذلك اليوم حتى أطلقت فصليتها في داري.
أنبأنا عبد الوهاب بن علي عن محمد بن عبد الباقي، أنبأنا أَبُو القاسم علي بْن المحسن بْن علي التنوخي، عن أبيه قال: أنشدني أبو الحسين علي بن هشام لنفسه:
ضنى جسمي أبا حسن ودمعي ... شهيداً لي بما تخفى الضلوع
فشاهد صحة البلوى سقامى ... وشاهد صحة الشكوى الدموع
قال: وأنشدني علي بن هشام أبو الحسين لنفسه:
أيا بديعا بلا شبيه ... ويا حقيقا بكل تيه
يا من جفاني فما أراه ... هب لي رقادا أراك فيه
قرأت في كتاب «التاريخ» لأبي الحسين هلال بن المحسن الكاتب بخطه قال: في يوم الإثنين لأربع بقين من صفر سنة تسع وستين وثلاثمائة توفي أبو الحسين علي بن هشام، وكان مولده ببغداد فِي يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من المحرم سنة إحدى وتسعين ومائتين.
1027- علي بن هشام الرقي:
حدث عن أبي جعفر عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن نفيل النفيلي الحراني، وأبي مروان هشام بن خالد الأزرق القرشي، روى عنه أبو جابر إبراهيم بن عبد العزيز الموصلي، ومات ببغداد.
أنبأنا ذاكر بن كامل قال: كتب إلي أبو محمد بن الأكفاني: أن علي بن الحسين الثعلبي أخبره، أنبأنا تمام بن محمد الرازي، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ [1] بْنِ علان الحافظ الحراني في «تاريخ الجزيرة» [2] من جمعه قال: علي بن هاشم الرقي كان فاضلا زاهدا، مات ببغداد سنة تسعين ومائتين.
1028- علي بن هشام البنوي:
شاعر بغدادي وهو القائل:
__________
[1] في الأصل: «بن الحسن» .
[2] في الأصل: «تاريخ الجروين» .(19/184)
يا موقد النار يذكيها ويخمدها ... قر الشتاء بأرواح وأمطار
قم فاصطل النار من قلبي مضرمة ... بالشوق تغن بها يا موقد النار
1029- علي بن هلال بن خميس الفاخراني، أبو الحسن الضرير:
من أهل الفاخرانية، قرية من أعمال واسط. قدم بغداد واستوطنها، وقرأ القرآن وتفقه على مذهب أحمد بن حنبل، وسمع الحديث من أبي الحسين بن يوسف، وشهدة الكاتبة، وخديجة بنت النهرواني، وأمثالهم، وكان فقيها فاضلا متدينا حسن الطريقة، وقد سمعت منه الحديث ولا أعرفه.
قرأت بخط أبي القاسم عبيد الله بن المبارك بن الشيبي قال: أنشدني أبو الحسن علي بن هلال بن خميس الفاخراني الواسطي:
صبغت دواتك من يوميك فاشتبهت ... على الأنام ببلور ومرجان
فيوم سلمك مبيض بصفو يدي ... ويم [حربك] [1] قان بالدم القاني
توفي الفاخراني يوم الخميس الحادي والعشرين من ذي الحجة من سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، ودفن بباب حرب.
ذكر عبد المنعم بن أبي نصر الباجسرائي الفقيه أنه رأى الفاخراني في المنام بعد موته فَقَالَ له: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: احترمني كما يحترم الفقهاء، وأذن لي أن آكل وأشرب، ولا أبول ولا أتغوط.
1030- علي بن هلال بن البواب، أبو الحسن الكاتب، مولى معاوية بن أبي سفيان [2] :
صحب أبا الحسين بن سمعون الواعظ، وقرأ الأدب على أبي الفتح بن جني، وسمع من أبي عبيد الله المرزباني وغيره، وكانت عنده معرفة بتعبير الرؤيا، وكان يقص على الناس بجامع المنصور، وكان له نظم ونثر حسن، وإليه انتهت الرئاسة في حسن الخط وجودة الكتابة، واتخذ لنفسه [طريقة] [3] اقتدى الناس به فيها وشبهوا بخطه، ونال من رفيع الذكر وسمو المرتبة في الخط ما لم ينله أحد من أبناء جنسه، ورزق من حلاوة الخط وعبرته وعلا قيمته وتهافت الناس عليه ما لم يرزقه من كان قبله من الكتاب.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في معجم الأدباء 15/120. والعبر 3/113.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(19/185)
أنبأنا أبو أحمد الأمين، عن أبي الفضل الفارسي: أن أبا علي الحسن بن أحمد البناء أخبره ونقلته من خط أبي علي قال: حكى لي أبو طاهر بن الغفاري: أن أبا الحسن بن البواب أخبره أن ابن نبهان استدعاه فأبي المضي إليه وتكرر ذلك، قال: فمضيت إلى أبي الحسن القزويني وقلت: ما ينطقه الله به أفعله، قال: فلما دخلت إليه قال لي: يا أبا الحسن ما أخبرك عنا؟ فاعتذرت إليه ثم قال: قد رأيت مناما فقلت مذهبي تفسير المنامات من القرآن فقال: رضيت، ثم قال: كأن الشمس والقمر قد اجتمعا وسقطا في حجري، قال: وعنده فرح بذلك كيف يجتمع له الملك والوزارة وهو لا يدري ما تأويله، فقلت: قال الله تعالى وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ. يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ. كَلَّا لا وَزَرَ
وذكرت هذه ثلاثا، قال: فنهض ودخل حجرة النساء ونهضت ومضيت إلى منزلي، فلما كان بعد ثلاثة أيام انحدر [1] إلى واسط على أقبح حال وكان قتله هناك.
أنبأنا أبو منصور بن أبي القاسم البزار، عن محمد بن أبي طاهر الشاهد قَالَ: كتب إلي أبو غالب مُحَمَّد بن أحمد بن بشران الواسطي قال: حدثني أبو الحسن محمد بن علي ابن نصر الكاتب قال: حدثني أبو الحسن علي بن هلال المعروف بابن البواب قال:
كنت أتصرف في خزانة الكتب لبهاء الدولة بشيراز على اختياري وأراعيها له وأمرها مردود إليّ، قال: فرأيت يوما في جملة أجزاء منبوذة جزءا مجلدا بأسود قدر السكري، ففتحته فإذا هو جزء من ثلاثين جزءا من القرآن بخط أبي علي بن مقلة، فأعجبني وأفردته وجعلت وكدي التفتيش على مثله، فلم أزل أظفر بجزء بعد جزء مختلط في الكتب إلى أن اجتمع تسعة وعشرون جزءا وبقي جزء واحد، واستغرقت تفتيش الخزانة في مدة طويلة فلم أظفر به، فعلمت أن المصحف ناقص فأفردته ودخلت إلى بهاء الدولة وقلت: يا مولانا! هاهنا رجل يسأل حاجة لا كلفة فيها، وهي مخاطبة أبي علي الموفق على معونته في منازعة بينه وبين خصم له، ومعه هدية ظريفة تصلح لمولانا، قال: أي شيء هي؟ قلت: مصحف بخط أبي علي بن مقلة، فقال: هاته وأنا أتقدم بما تريد، فأحضرت الأجزاء فأخذ منها واحدا فقال: أذكر وكان في الخزانة ما يشبه هذا وقد ذهب عني، قلت: هذا مصحفك وقصصت عليه القصة في طلبي له حتى جمعته، وقلت: هكذا يطرح مصحف بخط أبي علي ينقص جزء، فقال لي: فتممه لي، قلت: السمع والطاعة ولكن على شريطة لا تبصر الجزء الناقص منها ولا تعرفه
__________
[1] في الأصل: «أيام أحذر» .(19/186)
وعلى أن تعطيني خلعة ومائة دينار! قال: أفعل، وأخذت المصحف من بين يديه وانصرفت إلى داري ودخلت الخزانة أقلب الكاغذ العتيق وما يشابه كاغذ المصحف، وكان فيها من أنواع الكاغذ السّمرقندي والصيني والعتيق كل ظريف عجيب، فأخذت من الكاغذ ما وافقني وكتبت الجزء وأذهبته وعتقت ذهبه وقلعت جلدا [1] ، من جزء [من] [2] الأجزاء فجلدته به، وجلدت الذي قلعت منه الجلد وعتقته، ونسي بهاء الدولة المصحف ومضي على ذلك نحو سنة، فلما كان ذات يوم جرى ذكر أبي علي بن مقلة فقال لي: ما كتبت ذلك؟ قلت: بلى، قال: فأعطيته! فأحضرته المصحف كاملا، فلم [يزل] [3] يقلبه جزءا جزءا وهو لا يقف على الجزء الذي يخطي، ثم قال لي: أيما هو الجزء الذي بخطك؟ قلت: لما لك تعرفه فيغتر في عينك هذا مصحف كامل بخط أبي علي بن مقلة ونكتم سرنا، قال: أفعل، وتركه في ربعة عند رأسه ولم يعده إلى الخزانة، وأقمت مطالبا بالخلعة والدنانير، وهو يمطلني ويعدني، فلما كان يوما قلت: يا مولانا في الخزانة بياض صيني وعتيق مقطوع وصحيح، فتعطيني المقطوع منه كله دون الصحيح بالخلعة والدنانير، قال: مر [و] خذه! فمضيت وأخذت جميع ما كان فيها من ذلك النوع فكتبت فيه سنين.
قرأت في كتاب بعض الفضلاء قال: ومن شعر علي بن هلال بن البواب الكاتب ما قاله في ضمن رسالة وهو:
فلو أني أهديت ما هو فرض ... للرئيس الأجل من أمثالي
لنظمت النجوم عقدا إذا رصع ... غيري جواهرا بلئالئ
ثم أهديتها إليه وأقرر ... ت بعجزي في القول والأفعال
غير أني رأيت قدرك يعلو ... عن نظير ومشبه ومثال
فتفاءلت في الهدية بالأقلام ... علما مني بصدق الفال
فاعتقدها مفاتح الشرق والغر ... ب سريعا والسهل والأجبال
فهي تستن إن جرين على القر ... طاس بين الأرزاق والآجال
فاختبرها موقعا برسوم ال ... بر والمكرمات والإفضال
واحظ بالمهرجان وابل جديد ... الدهر في نعمة بغير زوال
__________
[1] في الأصل: «جزءا» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(19/187)
وابن المجد صاعد الجد عزا ... والرئيس الأجل نعم المعالي
في سرور وغبطة تدع ال ... حاسد منها مقطع الأوصال
عضدتها السعود واستوطن ال ... إقبال فيها وسالمتها الليالي
أيها الماجد الكرم الذي يب ... دأ بالعارفات قبل السؤال
إن آلاءك الجزيلة عندي ... شرعت لي طريقة في المقال
أمنتني لديك من جنة ال ... رد وفرط الإضجار والإملال
وحقوق العبيد فرض على ال ... سادة في كل موسم للمعالي
وحياة الثناء تبقى على الده ... ر إذا ما أنقضت حياة المال [1]
أنبأنا أبو القاسم المؤدب، عن أَبِي السعود أَحْمَد بْن علي بن المحلي، أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: وعلي بن هلال أبو الحسن بن البواب صاحب الخط المستحسن المذكور رأيته، وكان رجلا دينا، لا أعلمه روى شيئا من الحديث، وقد قال أبو العلاء أحمد بن عبيد الله بن سليمان المعرى في قصيدة له:
ولاح هلال مثل نون أجادها ... بماء النضار الكاتب ابن هلال
قرأت في كتاب أن أبا الحسن البتي الكاتب كان مزاحا وأنه اجتاز على باب الوزير فخر الملك أبي غالب محمد بن خلف، وعلي بن هلال جالس على بابه ينتظر الإذن، فقال له البتي: جلوس الاستئذان على العتب رعاية للنسب، فغضب ابن البواب وقال:
لو أن إلى أمر ما مكنتك من دخول هذه الدار، فقال البتي: لا يترك الأستاذ صنعة الوالد بحال.
قرأت في كتاب المتعنسس الأديب بخطه قال: لمحمد بن الليث الزجاج الموصلي يهجو ابن البواب صاحب الخط، وكان إذ ذاك منقطعا إلى الشريف الرضي وملازما له:
هب لنا الموسوي بابن هلال ... وانع من شئت من ذوي الأحوال
ذاك عين الهدى وأنت عمى ... الأعين والنقص مولع بالكمال
قال وله فيه:
أيهذا الشريف حاشاك حاشاك ... نرى في فنائك ابن هلال
__________
[1] على هامش الأصل ما نصه: «هذه الأبيات لمحمد بن منظور تلميذ ابن البواب ورأيتها بخطه في رسالة، وكان خطه يشبه خط ابن البواب»(19/188)
هو نحس النحوس في سادة العز ... وسعد السعود في الأنذال
انظر اللام من هلال تجدها ... فيه مشكولة بلا إشكال
أَنْبَأَنَا ذَاكِرُ بْنُ كَامِلٍ الْخَفَّافُ، عَنْ أَبِي نصر محمود بن الفضل الأصبهاني، أنبأنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون قراءة عليه قال: سنة ثلاث عشرة وأربعمائة أبو الحسن علي بن هلال [1] بن البواب صاحب الخط يوم السبت ثاني جمادى الأولى- يعني مات، قال: وكان من أهل السنّة.
قرأت في كتاب «التاريخ» لأبي الحسن محمد بن عبد الملك بن الهمداني قال:
ودخلت سنة ثلاث عشرة وأربعمائة في جمادى الأولى توفى أبو الحسن ابن البواب صاحب الخط الحسن، ودفن في جوار أحمد، وكان يقص بجامع المدينة، وجعله فخر الملك أحد ندمائه لما دخل إلى بغداد، ورثاه المرتضى بقوله:
رديت يا ابن هلال والردى عرض ... لم يحم منه على سخط له البشر
ما ضر فقدك والأيام شاهدة ... بأن فضلك فيها الأنجم الزهر
أغنيت في الأرض والأقوام كلهم ... من المحاسن ما لم يغنه المطر
فللقلوب التي أبهجتها حزن ... وللعيون التي أقررتها سهر
وما لعيش وقد ودعته أرج ... ولا لليل وقد فارقته سحر
وما لنا بعد أن أضحت مطالعنا ... مسلوبة منك أوضاح ولا غرر
1031- علي بن الهيثم الكاتب الأنباري، المعروف بجونقا [2] :
كان من جملة الكتاب في ديوان المأمون ومن كان بعده من الخلفاء، وكان أديبا فاضلا كثير التقعير في كلامه مستعملا للعويص من اللغة في مجاوراته.
قرأت في كتاب «معجم الشعراء» لمحمد بن عمران المرزباني قال: علي بن الهيثم الثعلبي كاتب الفضل بن الربيع كان لسنا فصيحا شاعرا، عاتبه الفضل يوما على تأخره عنه وزاد عليه فقال:
وجدني الفضل رخيصا جدا ... فعقني وازور عني صدا
وظن والظنون قد تعدى ... أني لا أصيب منه بدا
أعد منه ألف يد عدا
__________
[1] في الأصل: «بن هليل» .
[2] انظر ترجمته في: معجم الأدباء 15/134.(19/189)
قال: وانصرف فلم يعمل للسلطان عملا.
1032- علي بن ياسر بن علي بن طلحة بن ياسر، أبو الحسن الصوفي الخياط:
روى عنه: أبو بكر بن كامل بن أبي غالب في معجم شيوخه، وفي مجموعاته أناشيد له ولغيره.
أنبأنا أبو القاسم ذاكر بن كامل بن أبي غالب الخفاف قال: أنشدنا أخي أبو بكر المبارك بن كامل قال: أنشدني علي بن ياسر الصوفي لعمرو بن عامر الرقاشي:
تذكرت إخوانا تبدد شملهم ... وكانوا هم إلفى وخالصتي دهرا
فمن نازح شطت به غربة النوى ... ومن هالك أودى وأبقى له ذكرا
قال: وأنشدني علي بن ياسر الصوفي لغيره:
لولا تذكر أيامي بذي سلم ... وعند رامة أوطارى وأوطاني
لما قدحت بنار الشوق في كبدي ... ولا بللت بماء الدمع أجفاني
وأنشدني علي بن ياسر لآخر:
وإني لمجلوب لي الشوق كلما ... تنفس شاك أو تألم ذو وجد
ولولا تداوى القلب من ألم الهوى ... بذكر تلاقينا قضيت من الوجد
قرأت في كتاب «سلوة الأحزان» لأَبِي بَكْرِ بْنِ كَامِلٍ بِخَطِّهِ وَأَنْبَأَنِيهِ عَنْهُ ابنه يوسف قال: أنشدني علي بن ياسر الصوفي لنفسه:
أخذوه مني فعيل اصطباري ... قمر الليل أو كشمس النهار
وجنة الحبيب وردة في يميني ... جعلت وجنتي كلون النهار
1033- علي بن ياقوت بن عبد الله، أبو الحسن، مولى عنبر بن عبد الله الصوري:
ولد بدمشق ونشأ ببغداد، وسمع بها الكثير وكتب بخطه، سمع أبا منصور محمد بن أحمد بن علي الخياط المقرئ، وأبا الحسن علي بن محمد بن علي بن العلاف، وأبا القاسم علي بن أحمد بن بكرون، و [روى عنه] [1] : أبو القاسم أحمد بن ترمش الخياط.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(19/190)
أنبأنا أحمد بن ترمش، أنبأنا علي بن ياقوت أبو الحسن الدقاق قراءة عليه، أنبأنا أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بْنِ عَلِيّ الخياط، وأنبأنا أبو علي الحسن بن المبارك بن الحسن الواعظ، أنبأنا جياش بن عبد الله العفاني، أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد العلاف قالا:
أنبأنا عبد الملك بن بشران، أنبأنا دعلج بن أحمد، حدّثنا ابن خزيمة، حدّثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل، حدّثنا محمد بن جهضم، حدّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عن عاصم بن عمر، عن قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ بن النعمان: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «إن الله إذا أحب عبدا أحماه الدُّنْيَا كَمَا يَظَلُّ أَحَدُكُمْ يَحْمِي سَقِيمَهُ الْمَاءَ» [1] .
1034- علي بن ياقوت بن عبد الله، أبو الحسن التيماري:
كتب عنه الشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي إنشادا سمعه من لفظه.
1035- علي بن يحيى بن أحمد، أبو الحسن الحوى:
قدم بغداد وحدث بها عن أبي مسلم محمد بن أحمد بن الحسين الأصبهاني المقرئ، روى عنه: أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن محمد النهاوندي في فوائده.
كتب إلى أبو جعفر، وأبو بكر محمد ولامع ابنا أحمد بن نصر الصيدلاني: أن يحيى ابن عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن مندة أخبرهما، أنبأنا أبو بكر محمد بن لامع النهاوندي المعروف بمدوس المقرئ قراءة عليه بهمدان في شعبان سنة تسع وخمسين وأربعمائة، أنبأنا أبو الحسن علي بن يحيى بن أحمد الحوى قدم علينا بغداد، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِم مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحسين الأصبهاني المقرئ، حدّثنا عمر بن سليمان أبو حفص، حدّثنا عبد الله بن محمد بن حبان، حدّثنا أبو بكر بن أبي عاصم، حدّثنا عمرو بن عثمان، حدّثنا الوليد بن مسلم، عن عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «الْعَالِمُ وَالْمُتَعَلِّمُ شَرِيكَانِ فِي الأَجْرِ، وَلا خَيْرَ في سائر الناس» [2] .
1036- علي بن يحيى بن أحمد، أبو القاسم الصوفي، المعروف بسبط حامد البناء:
__________
[1] انظر الحديث في: سنن الترمذي 2/24.
[2] انظر الحديث في: الجامع الصغير 2/58.(19/191)
من أهل دار القز، وسكن في آخر عمره بباب المراتب، سمع أبا الفتح عبد الملك بن أبي القاسم بن أبي سهل الكروخي، وأبا الوقت السجزي، وذكر لنا أنه سمع من أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الْأَنْصَارِيّ، وقرأ عليه رفيقنا جعفر بن محمد العباسي شيئا من أمالي الجوهري- وكان علية طبقة على الأنصاري فيها- وأبو القاسم بن حامد بن البناء، وذكر الشيخ أن حامدا جده وأنه كان يعرف به ولا يعرف بأبيه، وكان سماعه في سنة خمس وعشرين وخمسمائة، وتوافقنا عن سماعه منه وكان سماعه صحيحا في شيء من سماع الترمذي من الكروخي، ولم يتفق لي أن أسمع منه شيئا، وقد اجتمعت به مرارا وطلبت منه الإجازة بجميع مروياته فأجاز لي وكتب خطه بذلك، وكان شيخا حسنا يفهم طرفا من العلم وفيه تميز وطريقته حميدة، وأظنه عاش حتى جاوز الثمانين.
أخبرني أبو القاسم علي بن يحيى بن أحمد سبط حامد البناء إجازة، وأبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر بقراءتي عليه قالا: أنبأنا أَبُو الْفَتْحِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الكروخي قراءة عليه في سنة خمس وثلاثين وخمسمائة، أنبأنا الْقَاضِي أَبو عَامِرٍ مَحْمُودُ بْنُ الْقَاسِمِ الأَزْدِيُّ، وأبو نصر عبد العزيز بن محمد بن علي التِّرْيَاقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الغورجي قالوا: أنبأنا عبد الجبار بن محمد الجراحي، حدّثنا محمد ابن أحمد أبو العباس المحبوبي، حدّثنا أبو عيسى الترمذي، حدّثنا محمد بن يحيى، حدّثنا أبو قُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم يعيد الكلمة ثلاثا لتعقل عنه.
أنشدني أبو عبد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سعيد الْحَافِظ قال: أنشدني أبو القاسم علي بن يحيى بن أحمد الصوفي المعروف بسبط حامد البناء من حفظه:
ذهب الناس..... ... ... [2] كل إلا القليل كلاب
إن [من] [1] لم يكن على الناس ذئبا ... أكلته في ذا الزمان الذئاب
غير أن الوجوه في صور الناس ... وأبدانهم عليها ثياب
ليس تلقى إلا كذوبا بخيلا ... بين عينيه للأناس كتاب
توفى أبو القاسم الصوفي سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، ودفن عند عقد ابن عرب
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] بياض في الأصل مكان النقط.(19/192)
في مقبرة هناك قريبا من باب المراتب.
1037- علي بن يحيى بن الحسن بن بركة التاجر، أبو الحسن ابن أخت شيخنا أَبِي الفرج بْن الجوزي:
سَمِعَ بإفادة خاله من أبوي الفضل محمد بن عمر الأرموي ومحمد بن ناصر الحافظ، وكانت له إجازة من أبي محمد بن عبد الباقي الأنصاري، كتبت عنه.
أخبرنا علي بن يحيى التاجر، أنبأنا القاضي أبو الفضل الشريف أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّد بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُهْتَدِي بالله من لفظه، أنبأنا أبو القاسم إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّرْصَرِيُّ قراءة عليه، حدّثنا الحسين بن إسماعيل، حدّثنا يعقوب الدورقي، حدّثنا يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي، عن عبد الله بن وديعة، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «من اغتسل يوم الجمعة فأحسن غسله أو تطهر فأحسن طهره ومس ما كتب الله له من طيب أهله أو من دهن أهله ولبس من أحسن ثيابه ثم أتى المسجد فلم يلغ ولم يفرق بين اثنين غفر الله له ما بينه وبين الجمعة الأخرى» [1] .
قرأت بخط شيخنا أبي الفرج بن الجوزي قال: ولد ابن أختي أبو الحسن في ثاني ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين- يعني وخمسمائة، قلت: وتوفي ليلة الإثنين الثامن عشر من شهر رمضان من سنة تسع وستمائة، ودفن من الغد بباب حرب.
1038- علي بن يحيى بن خالد بن برمك، أخو جعفر بن يحيى البرمكي:
روى عن أبيه، روى عنه ابن ابنه [علي بن] [2] محمد بن علي.
أنبأنا أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب التاجر، عن أبي العلاء صاعد بن سيار الإسحاقي، أنبأنا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَلِيّ العميري، أنبأنا أبو منصور طاهر بن العباس بن منصور بن عمار المروزي بمكة، أنبأنا أبو القاسم إبراهيم بن محمد بن علي المروالروذي الشيخ الفاضل، حدّثنا عبد الله يعني ابن موسى السلامي- وكان من الحفاظ- قال: حدثني أحمد بن علي النديم ببغداد، حدّثنا علي بن محمد بن علي البرمكي قال: سمعت جدي علي بن يحيى بن خالد البرمكي يقول سمعت يحيى بن خالد البرمكي يقول لكاتبه وقد رآه يدرج كتابه في بسم الله الرحمن الرحيم جود
__________
[1] انظر الحديث في: الجامع الكبير للسيوطي 1/752.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(19/193)
جود اسم الله تعالى! فان أبا عبد الله مالك بن أنس الفقيه كتب إلى كتابا قال فيه:
ورد على كتابك فرأيتك قد استخففت باسم ربك وكتبته غير مبين من غيره وقد سمعت نافعا مولى ابن عمر يقول: سمعت ابن عمر يقول: كان عثمان بن عفان يكتب بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرآه يخفف خطه ولا يبين حروفه، فقال له: يا عثمان: إنما عميت أو خففت من الحروف فلا تعم ولا تخفف اسم ربك فإني ضامن لمن بينه وجوده وعظمه قصرا في الجنة.
قال السلامي: وهذا حديث منكر.
1039- علي بن يحيى بن عبد الرحمن بن الصائغ، أبو الحسن:
من أهل باجسرى، وهو أخو عبد الجبار بن يحيى [1] الذي تقدم ذكره، كان شيخا صالحا مجاورا بالمسجد الجامع بباجسرى منعكفا على العبادة، وحدث بالإجازة عن أبي بكر المزرفي، روى لنا عَنْهُ عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بن الغزال حديثا أوردناه في ترجمة أخيه.
1040- علي بن يحيى بن عبد الكريم بن الفقيه، أبو الحسن:
من أهل البندنيجين، سكن بغداد مدة وسمع بها كتاب «الصحيح» للبخاري من أبي الوقت الصوفي، وعلت سنه ولم يرو شيئا فيما أعلم، وكان متزهدا متنسكا متغطا في منزله لا يخرج منه ولا يراه أحد، ويبقى أياما لا يأكل الطعام، اتهم أن بعض الأمراء أودع عنده مالا فقبض عليه وحمل إلى البندنيجين وعوقب وأخذ المال منه، وبقي محبوسا هناك مدة طويلة إلى أن توفي في محبسه في يوم الثلاثاء السادس والعشرين من شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وستمائة، وقد نيف على الستين.
1041- علي بن يحيى بن علي بن عبد الله بن الطراح، أبو الحسن بن أبي محمد بن أبي الحسن المدبر:
من أولاد المحدثين، حدث هو وأبوه وجده، وقد قدمنا ذكره، طلب الحديث بنفسه، وسمع الكثير من والده ومن آباء القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وهبة الله بن أحمد بن عمر الحريري، وهبة الله بن عبد الواحد بن أحمد الواسطي، وإسماعيل ابن أحمد بن السّمرقندي، وأبي غالب أحمد، وأبي عبد الله يحيى ابني الحسن بن أحمد
__________
[1] في الأصل: «عبد الجبار بن عبد الجبار» .(19/194)
ابن البناء، وأبي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الْأَنْصَارِيّ، وأبي البركات يَحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن حبيش الفارقي ومن جماعة من أصحاب أبي الحسين بن النقور، وأبي القاسم بن البسري، وأبي نصر الزينبي، وأبي بكر الخطيب، وبالغ في الطلب حتى سمع من أصحاب عاصم بن الحسن، وطراد الزينبي، وأبي الخطاب بن البطر، وأبي عبد الله ابن طلحة، وحصل الأصول الحسنة، وكتب بخطه كثيرا، وكان صدوقا، ولم يكن يعرف شيئا من علم الحديث، وحدث بالكثير، روى عنه شيخنا أبو الفرج بن الجوزي في كتاب «المسلسلات» من جمعه، روى لنا عنه أبو عبد الله محمد بن سعيد الحافظ، وأبو المعالي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن صالح بْن شافع.
أخبرني أبو عبد الله الحافظ، أنبأنا علي بن يحيى بن الطراح بقراءتي عليه، أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السّمرقندي، وأخبرنا أبو القاسم فرج بن معالى القصباني قراءة عليه، أنبأنا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عبد الباقي الْأَنْصَارِيّ قالا: أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ البندار، أنبأنا عبيد اللَّه بن مُحمد بن أحْمَد بن أبي مسلم، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إسحاق بن البهلول الأزرق الكاتب إملاء، حدّثنا جدي، حدّثنا شبابة، عن إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنِ الْحَكَمِ، عْنِ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي في شهر رمضان عشرين ركعة ويوتر بثلاث.
سمعت أبا عبد الله محمد بن سعيد الحافظ يقول: سألت أبا الحسن ابن الطراح عن مولده فقال: في ثاني صفر سنة إحدى وخمسمائة، وتوفي ليلة الإثنين خامس عشر شهر رمضان من سنة أربع وثمانين وخمسمائة، ودفن بالشونيزية، ورأيت بخط أبي الحسن بن الطراح: مولدي سنة اثنتين وخمسمائة- والله أعلم.
1042- علي بن يحيى بن علي بن علي بن إسماعيل، أبو المكارم الكاتب، المعروف بالزينب:
من أولاد الكتبة وأرباب الولايات، أحدث له إجازة وهو طفل من مشايخ أصبهان أبي سعد محمد بن أبي عبد الله محمد بن محمد المطرز، وأبي منصور محمد بن عبد الله ابن عبد الواحد بن مندويه الشروطي، وأبي سعد محمد بن علي السفرنج، وتفرد بالإجازة عنهم، وعن أبي علي الحداد، وغانم بن محمد البرجي، واقرئ على كثيرا بالإجازة عن هؤلاء، ولم يكن الحديث من شأنه، ذكر لي عنه أنه أول ما ظهرت له الإجازة، وقصده أصحاب الحديث السماع منه أنكر ذلك وقال: ما سمعت شيئا من(19/195)
الحديث قط، فقيل له: هذه إجازة أخذها لك بعض جيرانك، فقال: ما رأيت أحدا أكثر فضولا من أخذها وما دعاه إلى هذا.
أَخْبَرَنِي أَبُو الفتوح نصر بْن مُحَمَّد بْن الحصري الحافظ بقراءتي عليه بمكة قال:
قرأت على أبي المكارم علي بن يحيى بن علي بن إسماعيل الكاتب، أخبرك أبو القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله البرجي إجازة، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ماشاذه، أنبأنا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطبراني، حدّثنا الحضرمي، حدّثنا عبد الحميد بن صالح، أنبأنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أنس قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم بمجذمين. فقال: ما كان هؤلاء يسألون الله العافية.
سألت شيخنا أبو الفتوح عن أبي المكارم فقال: كان جليلا لا بأس به، بلغني أن أبا المكارم بن إسماعيل ولد في سنة خمسمائة، وتوفي يوم السبت لثلاث خلون من ذي الحجة من سنة تسعين وخمسمائة، ودفن بمقابر قريش.
1043- علي بْن يَحيى بْن عِيسَى بْن الْحَسَن بْن إدريس، أبو الحسن:
من أهل الأنبار، سكن بغداد، وكان ينزل بباب البصرة، وهو أخو أبي بكر، وعثمان اللذين تقدم ذكرهما، سمع بالأنبار أبا نصر يحيى بن علي بن محمد الخطيب، وببغداد أبا زرعة طاهر بْن مُحَمَّد بْن طاهر المقدسي، والوزير أبا المظفر يحيى بن محمد ابن هبيرة، وأبا محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب، كتبت عنه، وكان شيخا صالحا حسن الأخلاق مليح السمت صدوقا.
أخبرنا علي بن يحيى بن عيسى الأنباري بقراءتي عليه، أنبأنا أبو نصر يحيى بن علي ابن محمد بن محمد الخطيب قراءة عليه، أنبأنا أبي، أنبأنا أبو عمر عبد الواحد بن عبد الله الفارسي، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ إملاء، حدّثنا حميد بن الربيع، حدّثنا أبو علقمة الفروي، حدّثنا هشام بن عروة، عن عروة، عن بسرة قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من مس فرجه فليتوضأ» [1] .
سألت ابن إدريس عن مولده بالأنبار في رجب سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة، وتوفي في شهر رمضان سنة خمس عشرة وستمائة.
__________
[1] انظر الحديث في: سنن الترمذي 1/12.(19/196)
1044- علي بن يحيى بن محمد بن إبراهيم بن سعيد، أبو الحسن الشقاق المقرئ:
جارنا بالظفرية، سَمِعَ شيئًا من الحديث من أَبِي الفتح عبيد الله بن عبد الله الدباس وهو كبير، كتبت عنه شيئا يسيرا، وكان شيخا صالحا حسن الطريقة متدينا حافظا لكتاب الله عز وجل كثير التلاوة، وكان يشق الخشب ويأكل من كسب يده، وكان والده يعرف بالمهلكان.
أخبرني علي بن يحيى الشقاق بقراءتي عليه على باب منزلنا، أنبأنا عبيد الله بن عبد الله الدباس، أنبأنا الحسين بن علي البندار، أنبأنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السّكّري، أنبأنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدّثنا أحمد بن منصور الهادي، حدّثنا عبد الرزاق بن همام، أنبأنا معمر، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «ويل للعقب من النار» [1] .
توفي علي الشقاق في جمادى الآخرة أو رجب من سنة عشر وستمائة فجأة، وله سبعون سنة.
1045- علي بن يحيى بن مكي بن رجاء، أبو محمد البغدادي المعدل:
ذكره أبو القاسم يحيى بن علي بن الطحان في كتاب «تاريخ الغرباء القادمين مصر» من جمعه، وقال: حدثت عنه بحكايات.
1046- علي بن يحيى بن نجا الإسكاف، أبو الحسن القارئ:
روى عن أبي عَلِيّ الحَسَن بْن غالب بْن المبارك المقرئ حكايات رواها عنه أَبُو نصر هبة اللَّه بْن عَلِيّ بن المجلي.
1047- علي بن يحيى بن نزار بن سعيد المنبجي، أبو القاسم بن أبي الفضل التاجر:
ولد ببغداد ونشأ بها، وسمع الحديث من أبي الوقت الصوفي، وحدث بالإسكندرية، سمع منه الوحيد عبد العزيز بن عيسى اللخمي وابنه عيسى، وكان أديبا يقول الشعر.
__________
[1] انظر الحديث في: صحيح البخاري 1/14، 28.(19/197)
أخبرني عيسى بن عبد العزيز اللخمي بالإسكندرية، أنبأنا أبو القاسم علي بن يحيى ابن نزار المنبجي قدم علينا بالإسكندرية بقراءة أبي عليه وأنا أسمع في سنة أربع وسبعين وخمسمائة، أَنْبَأَنَا أَبُو الْوَقْتِ عَبْدُ الأَوَّلِ بْنُ عِيسَى بن شعيب السجزي ببغداد، وأنبأنا أبو محمد بن الأخضر، ويحيى بن المظفر السلامي والشرفاء عمر بن أحمد الزيدي، والفضل بن أحمد بن مسعود الهاشمي ومحمد بن عبد الله بن أحمد الرشيدي وعبد الله ابن هبة الله بن الخص وسعيد بن المبارك الحمامي، وعلي بن المبارك بن صوفي الصوفي، وأسعد بن علي بن علي بن صعلوك، والأسعد بن أحمد أبو البركات الكاتب، وعمر بن محمد بن ثابت الوراق، وعبد الله وإبراهيم ابنا أبي نزار البزار، ومسمار بن عمر المقرئ، وأسعد بن هبة الله بن وهبان، وأَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن النّرسيّ، ويحيى بن عبد الملك الطبري، ومحمد بن أحمد بن عمر الأزجي، وعلي بن محمد القلانسي ببغداد ومحمد بن عبد الرحمن المؤدب بأصبهان وأبو بكر محمد بن إسماعيل الموسوي، وأبو روح عبد المعز بن محمد الصوفي بهراة قالوا جميعا:
أنبأنا أبو الوقت قراءة، أنبأنا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ المظفر، أنبأنا أبو محمد ابن عبد الله بن أحمد بن حمويه، أنبأنا محمد بن يوسف، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ البخاري، حدّثنا مكي بن إبراهيم، حدّثنا يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ أتى بجنازة فقالوا: صل عليها، فقال: «عليه دين؟» فقالوا: لا، قال: «فهل ترك شيئا؟» قالوا: لا، قال: فصلى عليه، ثم أتى بجنازة أخرى فقالوا: يا رسول الله صل عليها، فقال: «هل عليه دين؟» قيل: نعم، قال: «فهل ترك شيئا؟» قالوا: ثلاثة دنانير، فصلى عليها، ثم أتى بالثالثة فقالوا: صل عليها يا رسول الله! قال: «هل ترك شيئا؟» قالوا: لا، قال: «فهل عليه دين؟» قالوا: ثلاثة دنانير، قال: «صلوا على صاحبكم» ، قال أبو قتادة: صل عليه يا رسول الله وعلي دينه! فصلى عليها [1] .
ذكر شيخنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الكاتب في مجموعه أنبأنا علي [2] ابن يحيى بن نزار ونقلتها من خطه وهي:
سئمت تكاليف الحياة لأنني ... من الدهر في عيش مرير مذاقه
أقاسي ملمات اغتراب ووجده ... وفرقة من يعلو على فراقه
__________
[1] انظر الحديث في: صحيح البخاري 1/305.
[2] في الأصل: «يعلى»(19/198)
وشوقا لنزعات الضنا في مفاصلي ... وأهون ما لاقيت فيه اشتياقه
1048- علي بن يحيى المدائني، ابن أخي شعيب بن حرب، روى عنه أبو العباس بن مسروق في كتاب «الانبساط» من جمعه.
أنبأنا أَبُو القاسم بْن أَبِي عليّ بْن أَبِي سعد السبط، عن أبيه قال: أنبأنا أبي قراءة عليه، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَد عُبَيْد اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أحمد الفرضي، أنبأنا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ الخلدي، حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي قال:
حدثني علي بن يحيى ابن أخي شعيب بن حرب قال: سمعت ابن أخي عمير الكاتب وهو خلف الجنازة يقول: وا عماه صنو أباه، أقول كما قالت العرب: وا ظهراه، وأقول: كما قالت العجم: وا يستاه، وأقول كما قالت النبط: وا هصاه.
1049- علي بن يحيى الفحام، أبو الحسن الشاهد:
ذكر أبو طاهر أَحْمَد بْن الحسن الكرخي في تاريخه ونقلته من خطه أنه مات في المحرم سنة ثلاث وثلاثين وستمائة.
1050- علي بن يحيى، أبو الحسن المثنّى:
ذكر أبو عبد الله الخالع أنه من أهل بغداد من الجانب الغربي، وأنه مدح عضد الدولة بفارس ومدينة السلام منتحلا، وكنا نعمل له الأشعار فيمدح الناس بها ويأخذ الجوائز عليها، وكان ماجنا مزاحا يتطايب ويتبادر، وسافر إلى ابن عباد وهو بأصبهان فأنشده قصيدة كانت معه وعرفه من بعد أنه ينتحل وسأله أن يعمل له ما يلقى به من في تلك البلاد ممن يجوز مديحه، ففعل ابن عباد ذلك ونفق عليه به، وكان يستطيبه ويعجبه خفة روحه، وكان فيه خبث وذكاء وجلادة، ولم يكن له معيشة غير الاجتداء بالشعر.
وذكر الوزير أبو سعد محمد بن الحسين بن عبد الرحيم في كتاب «أخبار شعراء المحدثين» من جمعه فقال: وجدت في مدائح ابن معروف قصيدته منسوبة إليه في غاية البرد والصوف لم يتخلص منها شيء أختاره، أولها:
عاد الزمان بمن أهواه فاتسعا ... قاضي القضاة تهن العز والخلعا
يقول فيها:
عف السريرة مأمون الجريدة مش ... هور البصيرة للإحسان مضطلعا(19/199)
ضاق المديح علينا في سواه كما ... وجدت قولي في علياه متسعاً
قال أبو سعد الوزير: وما رأيت أطرف مما اتفق في البيت من قوله: فاتسعا قاضي القضاة، فإن كان هذا شعره فلقد كان يصيب في الانتحال وإن كان انتحله فلقد أساء إلى نفسه حيث لم يستعمل قول الفرزدق لجرير:
فالا إذا عزمت على ادعاء ... جعلت أباك بليل هاشميا
وحيث أراد أن يدعى وينتحل فليته عول على ما في مثله جمال لمن انتحله.
1051- علي بن يعقوب بن محمد، أبو الحسن الصوفي البغدادي:
غلام ابن العجمية. ذكره أبو سعد إسماعيل بن علي السمان الرازي في معجم شيوخه، روى عنه حديثا سمعه منه بصور عن أبي بكر محمد بن خميس الصوفي.
1052- علي بن يعلى بن عوض بن محمد بن حمزة بن جعفر بن كفل بن جعفر بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِبٍ العلوي العمري، أبو القاسم الواعظ:
من أهل هراة، كان من مشاهير خراسان في الوعظ والتذكير والعبادة حلو الإشارة، جال في بلاد خراسان، وظهر له القبول التام من الناس وأحبته القلوب وقدم بغداد ونزل برباط شيخ الشيوخ وصادف من القبول ما لم يكن في حسابه، وأحبه الخاص والعام، وكان يظهر السنن ويقول: أنا علوي بلخي ما أنا علوي كرخي، وجلس ببغداد عدة مجالس في عدة مواضع، وكان يحضر مجلسه خلق يجوز الإحصاء، سمع الحديث بهراة من أبي عبد الله محمد بن علي العمري، وأبي عطاء عَبْد الأعلى بْن عَبْد الواحد المليحي، والنجيب بن ميمون الواسطي، وبنيسابور من أبي علي نصر الله ابن عثمان الخشنامي، وإسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، وإسماعيل بن عمرو البحيري، وأبي بكر عبد الغفار بن محمد بن الحسين الشيروي، وغيرهم ببغداد، فروى عنه من أهلها أبو الفضل مُحَمَّد بْن ناصر الحافظ وأبو المعمر الأَنْصَارِيّ وشيخنا أبو الفرج ابن الجوزي.
أنبأنا ابن الجوزي ونقلته من خطه، أنبأنا أبو القاسم علي بن يعلى بن عوض العمري العلوي الهروي بقراءة شيخنا ابن ناصر عليه في يوم الأربعاء السابع عشر من شهر ربيع الأول من سنة عشرين وخمسمائة أنه في الرباط الذي عند باب السور في(19/200)
الحلبة، أنبأنا أبو أحمد عبد الحميد بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد المحمودي، أنبأنا أبو الحسن محمد بن عبد الرحمن بن محمد الدباس، أنبأنا علي بن محمد بن عيسى، أنبأنا أبو اليمان، أخبرني شعيب، عن الزهري قال: أخبرني عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ: أعتم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالعشاء حتى ناداه عمر «نام النساء والصبيان» فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: «ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم ولا يصلي يومئذ إلا بالمدينة» .
قرأت في كتاب أبي الفضل بن ناصر بخطه، وأنبأنيه عنه ابن الأخضر قال: حدثني الإمام أبو المعالي محمد بن عبد الواسع بن عبد الرحمن الديلكي- بلد من أعمال هراة- أن السيد أبا القاسم بن يعلى بن عوض الواعظ العلوي الذي قدم علينا بغداد توفى بمرو الروذ في سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، أخبرني شهاب الحاتمي بهراة قال: سمعت أبا سعد بن السمعاني يقول: توفي السيد أبو القاسم علي بن يعلى العلوي بمرو الروذ في سنة سبع وعشرين وخمسمائة.
1053- علي بن يعيش بن سعد بن الحسن بن القواريري، أبو الحسن بن أبي محمد:
من أهل باب البصرة، سمع في صباه بإفادة والده من أبي القاسم بن الحصين وأبي السعود بن المجلي، وأبي الفضل محمد بن الحسين الإسكاف وغيرهم، ثم طلب هو بنفسه وقرأ على المشايخ، وسمع الكثير من أبوي الفضل الأرموي، وابن ناصر، وأبي الفتح الكروخي وسعد الخير بن محمد الأنصاري ومن خلق كثير، وكتب بخطه كثيرا وصحب الشيخ عبد القادر الجيلي- رضي الله عنه، وكان شابا صالحا متدينا أديبا فاضلا حسن الخط، حدث بيسير، ورحل في طلب الحديث إلى خراسان فأدركه أجله.
أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ وهب البزاز، أنبأنا أبو الحسن علي بن يعيش بن القواريري، أنبأنا أبو الفضل محمد بن الحسين بن محمد الإسكاف، أنبأنا أبو بكر محمد ابن علي بن محمد بن موسى الخياط، حدّثنا أبو الحسن بن رزقويه، حدّثنا أبو عمرو ابن السماك، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الجبلي، حدّثنا الحسن بن أخي عيسى بن أخي معروف قال: سمعت عمي معروفا يقول: إذا آوى الرجل إلى فراشه فقال: «اللهم لا تنسنا ذكرك ولا تؤمنّا مكرك ولا تهتك عنا سترك ولا تجعلنا مع الغافلين، ونبهني(19/201)
لأحب الساعات إليك أسألك فتعطيني واستغفرك فتغفر لي وأدعوك فتستجيب لي» أتاه ملك فأيقظه، فإن قام فسبيل ذلك وإلا عرج الملك يصلي، ويكتب ذلك لقائل الكلام.
ذكر أبو محمد ابن سويدة التكريتي: أن علي بن يعيش رحل إلى هراة يسمع من أبي الوقت فأدركه أجله بهمدان في سنة خمسين وخمسمائة.
أنبأنا أبو الفرج بن الجوزي ونقلته من خطه قال: توفى صديقنا أبو الحسن بن القواريري فبلغنا خبر موته في شوال سنة سبع وأربعين.
1054- علي بن يقطين بن موسى، أبو الحسن مولى بني أسد:
ولد بالكوفة في سنة أربع وعشرين ومائة، وكان أبوه من وجوه دعاة الإمامية، فطلبه مروان بن محمد فهرب واستتر وهربت به أمه وبأخيه عبيد بن يقطين- وكان ولد بعد علي بسنتين- إلى المدينة، وكانت له وصلة بعيال جعفر بن محمد الصادق فأتت منزله بابنيها فاستدنى جعفر عليا وأقعده على حجره ومسح على رأسه فلما ظهر بنو العباس ظهر يقطين، وعادت أم علي بعلي وعبيد، فلم يزل يقطين في خدمة أبي العباس وأبي جعفر، ومع ذلك يرى رأى ابن أبي طالب ويقول بإمامتهم وكذلك ولده وكان يحمل الأموال إلى جعفر الصادق والألطاف، ثم [وصل] [1] خبره إلى المنصور والمهدي فلم يكيداه، ولما نقل المهدي إلى الرصافة صبر في حجر يقطين فنشأ المهدي وعلي بن يقطين كأنهما أخوان، فلما أفضت الخلافة إلى المهدي استوزر علي ابن يقطين وقدمه وجعله على ديوان الزمام وديوان البسر والخاتم، فلم يزل في يده حتى توفى المهدي وأفضى الأمر إلى الهادي فأقره على وزارته ولم يشرك معه أحدا من أمره إلى أن توفى الهادي، وصار الأمر إلى الرشيد فأقره شهرا ثم صرفه بيحيى بن خالد البرمكي.
أنبأنا ذاكر بن كامل، ويحيى بن أسعد قالا: أنبأنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصَّيْرَفِيُّ إِذْنًا، عَنْ أبي عبد الله محمد بن علي الصوري، أنبأنا أحمد بن محمد بن أحمد، أنبأنا أبو أحمد عبد الله بن عدي، حدّثنا علي بن سعيد بن بشير، حدّثنا إبراهيم بن الجنيد، حدثني علي بن الحسن بن موسى، عن أبي عدنان بن صالح الناجي، عن علي بن يقطين قال:
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(19/202)
أخبرنا لمع المهدي يوما إذ قال: أصبحت جائعا فأتى بخبز ولحم مبرد فأكل، ثم قال:
إني داخل هذا البهو وأنام فلا تنبهوني حتى أكون أنا الذي أنتبه قال: فدخل فنام ونمنا، قال علي بن يقطين: فو الله ما انتبهنا إلا بندائه، قال: رأيتم ما رأيت؟ قلنا: ما رأينا شيئا، قال: رأيت شيخا قائما على باب البهو لو كان في كذا وكذا لعرفته وهو يقول:
كأني بهذا القصر [قد] [1] باد أهله ... وأوحش منه ركنه ومنازله
وصار عميد القصر من بعد بهجة ... ومال إلى قبر عليه جنادله
ولم يبق إلا ذكره وحديثه ... تنادي بليل معولات حلائله
قال: فما أتت عليه إلا عشرة أيام حتى مات.
حدث محمد بن عبد الغفار أبو عبيد الله عمن أسنده إليه من وجوه الكتاب قال:
قال موسى أمير المؤمنين لعلي بن يقطين وهارون يراه: إن أبي كان يسر إليك أشياء يسترها عمن دونك فحدثني بها! فماطله على بذلك حتى أحفظه موسى، فقال له:
لتخبرني بما أسألك عنه وإلا فما لك ذمة، فقال له علي: أفعل ذاك يا أمير المؤمنين، إنا عبيد نحمل على السر يا أمير المؤمنين ولكن تؤخرني يومي، قال: فإني قد أخرتك، فلما كان من غد غدا علي في ثياب جدد وجد منها رائحة أنكرها موسى فقال: ما هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين إنا عبيد نحمل على السر، فإذا أفشيناه عمن يمضي لم يسكن إلينا من بقي، وقد حملتني على أن أحدثك بما رأيت بذل دمي دونه، فإن أعفيتني من ذلك وإلا فأنا بين يديك، قال له موسى: فإنك لباذل دمك دون أن تخبرني بما سألتك عنه، قال: أجل يا أمير المؤمنين، قال: فإني قد أعفيتك من ذلك.
حدث محمد بن عمر الجرجاني، عن الفضل بن دكين قال: قال علي بن يقطين: ما سقط غبار موكبي على لحية رجل إلا أوجبت حقه. روى أبو محلم قال: كان الرقاشي، وأبو العتاهية متصلين بعلي بن يقطين فتوفى بعض أهل علي فوافاه المعزون وتأخر الرقاشي أياما، ثم أتاه معزيا فقال علي: التعزية بعد ثلاثة تجدد للمصيبة، والتهنئة بعد ثلاث استخفاف بالمودة، فقال أبو العتاهية:
يا رقاشي تعلم واعترف بالحق تسلم ... إن ذكراك التعازي بعد طول العهد مغرم
قرأت في كتاب «التاريخ» لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن مهدي الشاهد بخطه
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(19/203)
قَالَ: سنة اثنتين وثَمانين ومائة فيها مات علي بن يقطين بن موسى الكوفي مولى بني أسد ويكنى أبا الحسن ببغداد، وهو ابن سبع وخمسين سنة، وأبوه يومئذ حي.
قرأت في كتاب محمد بن إسحاق النديم بخطه قال: توفي علي بن يقطين بمدينة السلام سنة اثنتين وثمانين ومائة وسنه سبع وخمسون سنة، وصلى عليه ولي العهد محمد بن الرشيد، وتوفي أبوه بعده في سنة خمس وثمانين ومائة، ولعلي بن يقطين كتاب ما سأل عنه الصادق من أمور الملاحم، وكتاب مناظرته للشاك بحضرة جعفر.
1055- علي بن يلدرك بن أرسلان التركي، أبو الثناء بن أبي منصور الكاتب [1] :
من ساكني دار الخلافة المعظمة، كان شاعرا لطيف الشعر ومترسلا مليح النثر، روى عنه [أبو] [2] الوفاء بن عقيل الفقيه في كتاب «الفنون» من جمعه وأبو الفضل بن ناصر.
وأنبأنا أبو القاسم الأزجي عن أبي الوفاء علي بن عقيل الفقيه قال: حدثني الرئيس أبو الثناء بن يلدرك وهو ممن خبر به بالصدق أنه كان في سوق [نهر] [3] المعلى وبين يديه رجل على رأسه قفص زجاج وذلك الرجل مضطرب المشي فظهر منه عدم المعرفة بالحمل، فما زلت أترقب منه سقطة لما رأيت من اضطراب مشيه، فما لبث أن زلق زلقة طاح منها القفص فتكسر جميع ما كان فيه، فبهت الرجل ثم أخذ عند [4] الإفاقة من البكاء يقول: هذا والله! جميع بضاعتي، والله! لقد أصابني بمكة مصيبة عظيمة توفى على هذه ما دخل قلبي مثل هذه، واجتمع حوله جماعة يرثون له ويبكون عليه، فقالوا: ما الذي أصابك بمكة؟ فقال: دخلت قبة زمزم وتجردت لاغتسال وكان في يدي دملج فيه ثمانون مثقالا فخلفته واغتسلت وأنسيته وخرجت، فقال رجل من الجماعة: هذا دملجك، له معي سنين، فدهش الناس من إسراع جبر مصيبته.
أنشدنا الزنبيل الأديب علي بن أبي منصور ويلدرك الكاتب رفيقنا في سماع الفقه عند أبي الوفاء بن عقيل في مجلسه من لفظه وحفظه قال: أنشدني بعض من أثق إليه للأحنف العكبري:
__________
[1] انظر ترجمته في: مرآة الزمان 8/99. والمستفاد للدمياطي ص 204. والمنتظم.
[2] ما بين المعقوفتين زيادة من المصادر.
[3] ما بين المعقوفتين زيادة من المصادر.
[4] في الأصل: «عنه» .(19/204)
من أراد الملك والراحة من هم طويل ... فليكن فردا من الناس ويرضى بالقليل
ويرى أن قليلا نافعا غير قليل ... ويرى بالحزم أن الحزم في ترك الفضول
ويداوى [ ... ] [1] بالوحدة بالصبر الجميل ... لا يماري أحدا ما عاش في قال وقيل
يلزم الصمت فإن الصمت تهذيب العقول ... يذر الكبر لأهليه ويرضى بالخمول
أيّ عيش لأمرى يصبح في حال ذليل ... بين قصد من عدو ومداراة جهول
واعتلال من صديق ونحن من ملول ... واحتراس من عدو السوء أو عذل عذول
ومماشاة بغيض ومقاساة ثقيل ... إن من معرفة الناس على كل سبيل
وتمام الأمر لا يعرف سمحا من بخيل ... فإذا أكمل هذا كان في ملك جليل
قرأت على أبي الفتوح داود بن معمر القرشي بأصبهان، عن أبي الفضل بن ناصر، وأخبرنا شهاب الحاتمي بهراة، أنشدنا أَبُو سعد بْن السمعاني، أنشدنا أبو الفضل بن ناصر، أنشدنا أبو الثناء بن يلدرك صديقنا لنفسه:
ومدلّه علق الغرام يقلبه ... فمواقد النيران من نيرانه
إن جن ليل جن لاعج حبه ... أو مد سبل كان من أجفانه
عذب العذاب من الهوى بمذاقه ... وحلا مرير الجور من سلطانه
يرتاح ما حدر الرياح لثامه ... أو ناح قمري على أغصانه
ما لج عاذله عليه بعذله ... إلا ولج عليه في عصيانه
بغداد موطنه ولكن الهوى ... نجد وأين هواه من أوطانه
لو كان قيس العامري بعصره ... دعى الخلى من الهوى لعنانه
أنبأنا أبو بكر الجيلي، عن مُحَمَّد بن ناصر قال: أنشدني الرئيس أبو الثناء علي بن يلدرك بن أرسلان الكاتب صديقنا لنفسه من قصيدة:
رقت حواشي الحب بعدك رقة ... غارت لها ببلادنا الصهباء
وحفت علينا بعد ذاك خشونة ... فكأنها التفريق والقرباء
وأنشدنا أبو الثناء بن يلدرك لنفسه:
وبتنا نسقاها بكف مهفهف ... كخديه بل خدي كالورد والورس
فأفواهنا عرت لها وأكفنا ... مشارقها والفجر من بيعة القس
أذاعتها الندمان خلف بروقنا ... بخديه ما يحكى به شقق الشمس
__________
[1] مكان النقط بياض في الأصل(19/205)
قرأت في كتاب أبي الوفاء أَحْمَد بْن محمد بن الحصين بخطه قال: أنشدنا أبو الثناء علي بن يلدرك بن أرسلان لنفسه:
يا ناظرا من سحر بابل ... ومذيب جسمي بالبلابل
صلني فقد هجر الرقاد ... وملني عذل العواذل
لا تأس صل إن الوصال ... كمثل هذا الهجر قاتل
بمضيق معترك الأساور ... والدمالج والخلاخل
وتخال بلبلة الضفائر ... بين ألوان العلائل
ويلطف تنفيذ الرسائل ... أثر ألطاف الوسائل
أنبأنا أبو الفرج بن الجوزي قال: توفي علي بن يلدرك الكاتب في صفر سنة خمس عشرة وخمسمائة ودفن بباب حرب.
1056- علي بن يوسف بن الحسن بن علي المحولي، أبو الحسن:
أخو أبي علي الحسن الذي تقدم ذكره، وعلي هو الأكبر، قرأ الأدب وسمع الكثير من أبي محمد المقرئ سبط الشيخ أبي منصور الخياط، والقاضي أبي الفضل الأرموي، وأبي سعد بن البغدادي، وجماعة من هذه الطبقة، وقرأ بنفسه وكتب بخطه وكان فاضلا، وما أظنه روى شيئا، وكان يتولى سوق الحطب.
توفي سنة ثمانين وخمسمائة، ولعله جاوز الستين.
1057- علي بن يوسف بن سعد بن علي الخطيري الكتبي:
تقدم ذكر جده، اشتغل بتجويد الخط منذ صباه، وكتب على خطوط الكتاب حتى بلغ الغاية في حسن الخط وتجويد الكتابة، وخط كثيرا من جوامع القرآن ودواوين الشعر، وكتب عليه خلق كثير، وصار أكتب أهل زمانه، ورتب خازنا بدار الكتب بالمدرسة الشريفة المستنصرية، وهو حسن الأخلاق، لطيف الطبع، متودد حسن العشرة متواضع، علقت عنه شيئا من شعر جده.
أنشدني علي بن يوسف الكاتب لجده أبي المعالي الكتبي:
لا غرو أن أثرى الجهول على ... نقص وأعدم كل ذي فهم
إن اليد اليسرى وتفضلها ... اليمنى تفوز بمعلم الكم
وأنشدني أيضا لجده:(19/206)
وقالوا لم بكيت دماً ودمعاً ... وقد أولاك بعد العسر يسرا
فقلت بفرحتي برضاه عني ... نثرت عليه ياقوتاً ودرا
1058- علي بن يوسف بن عبد الله بن بندار الدمشقي، أبو الحسن بن أبي المحاسن:
كان والده مدرسا بالمدرسة ببغداد، وسيأتي ذكره إن شاء الله، ولد على هذا ببغداد ونشأ بها وتفقه على والده، وسمع مسند أبي عبد الله الشافعي من أبي زرعة طاهر بن محمد المقدسي، ثم أنه سافر إلى الشام وهو شاب وتوجه إلى ديار مصر واستوطنها إلى حين وفاته، وولى بها قضاء القضاة مرتين ثم عزل، وكان شيخا حسن الأخلاق محبا للعلم وأهله، متواضعا لطلابه، كريم الأخلاق متوددا كيّسا، وكانت بضاعته في العلم مزجاة، لقيته بمصر، وقرأت عليه مسند الشافعي عند قبره بالقرافة، وكان صدوقا جليلا.
أخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن يوسف الدمشقي بقراءتي عليه عند قبر الشافعي بمصر قلت له: أخبرك أبو زرعة طاهر بن محمد المقدسي قراءة عليه وأنت تسمع ببغداد؟ فأقر به أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ مَكِّيُّ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ علان الكرخي، أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي، أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يوسف الأصم، أنبأنا الربيع بن سليمان، أنبأنا الشافعي، أنبأنا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة» [1] .
سألت القاضي علي بن يوسف عن مولده فقال: ولدت ببغداد في درب السلسلة في رجب سنة خمسين وخمسمائة، وخرجت من بغداد في سنة سبع وسبعين.
وتوفي يوم الأحد الثالث عشر من جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين وستمائة في داره بالقاهرة، ودفن من الغد بالقرافة، وكنت هناك فلم يتفق لي الصّلاة عليه.
1059- علي بن يوسف بن علي الصّيرفيّ، أبو الحسن الحنبلي:
ذكر أبو الحسن محمد بن العباس بن الفرات أنه توفى فِي يوم الثلاثاء لليلتين بقيتا من شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة، قال: ومولده سنة ثمانين ومائتين.
سمعت منه مصنفات أبي بَكْرٍ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بْنِ هَارُون الخلال وغير ذلك، ولم يسمع منه إلا نفر يسير.
__________
[1] انظر الحديث في: مسند الإمام أحمد 2/98(19/207)
1060- علي بن يوسف بن أبي الكرم بن أبي الحسن الحمامي، أبو القاسم:
جارنا بالظفرية، سمع بإفادة خاله أبي الكرم بن صبوحا من أبي الوقت عبد الأول ابن عيسى السجزي، والوزير أبي المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة، وأبي بكر أحمد بن المقرب الكرخي، وغيرهم، كتبت عنه وكان حسن الطريقة، طيب الأخلاق، له معرفة ونباهة.
أخبرنا علي بن يوسف أبو القاسم، أنبأنا عبد الأول بن عيسى أبو الوقت، أنبأنا محمد بن عبد العزيز الفارسي أبو عبد الله، أنبأنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أبي شريح الأنصاري، حدّثنا يحيى بن محمد بن صاعد، حدّثنا إسحاق بن شاهين أبو بشر الواسطي، حدّثنا عبد الحكيم بن منصور الخزاعي، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جبل رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «صَلاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمِيعِ تَفْضُلُ عَلَى صَلاتِهِ وحده بخمس وعشرين صلاة» [1] .
سألت أبا القاسم بن الحمامي عن مولده فقال: في يوم الإثنين ثالث شوال سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.
وتوفي في يوم الأربعاء السادس والعشرين من رجب سنة إحدى وعشرين وستمائة، ودفن بالحديدة بباب أبرز.
1061- علي بن يوسف بن محمد بن حبيش الرباحي، أبو القاسم المقرئ:
نزل البصرة، وحدث بها عن: أبي محمد يحيى بن محمد بن صاعد، والقاضي أَبِي عُمَر مُحَمَّد بْن يُوسُف بْن يَعْقُوبَ الأزدي، روى عنه: أبو ذر عبد [2] بن أحمد الهروي في معجم شيوخه.
أنبأنا عبد الوهاب بن عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ قَالَ: كتب إلى هياج ابن عبيد الحطيني الزاهد [أنبأنا] [3] أبو ذر عبد بن أحمد الهروي في معجم شيوخه قراءة عليه، أنبأنا علي بن يوسف بن محمد بن حبيش الرباحي أبو القاسم المقرئ البغدادي نزيل البصرة بها أرجو أن ليس به بأس، قرأت عليه، حدّثنا يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الأزدي، حدّثنا عبد الله بن داود، حدّثنا محمد بن
__________
[1] انظر الحديث في: صحيح البخاري 1/89. ومسند الإمام أحمد 1/376.
[2] في الأصل: «عبد الواحد» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(19/208)
علي السلمي، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَلِيٍّ: «أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى» [1] .
1062- علي بن يوسف بن نصر بن أحمد، أبو الحسن:
سكن تنيس، من ديار مصر، وحدث بها هو وأخوه عبد الله بن يوسف، وقد
ذكره الخطيب في «التاريخ» ، كتب إِلَى أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن محمد الأرباحي: أن أبا الحسن علي بن الحسين بن عمر الفراء أخبره، أنبأنا أبو القاسم خلف بن أحمد بن الفضل الحوفي قراءة عليه، حدّثنا الشيخان أبو محمد عبد الله، وأبو الحسن علي ابنا يوسف بن نصر بن أحمد البغدادي بتنيس قراءة عليهما قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بن الحسن النقاش، حدّثنا أبو العلاء محمد بن أحمد بن جعفر الكوفي، حدّثنا علي ابن الجعد، حدّثنا سعيد، عن قتادة قال: سمعت أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم إن يكتب إلى الروم قال: «إنهم لا يقرءون كتابا إلا أن يكون مختوما»
، قال: فاتخذ خاتما من فضة فكأني أنظر إلى بياضه في يده، ونقش فيه «محمد رسول الله» [2] .
1063- علي بن يوسف بن يعقوب، أبو القاسم الكناني الواسطي:
شهد ببغداد عند أبي محمد بن الأكفاني القاضي في يوم السبت لليلتين بقيتا من شهر ربيع الأول في سنة أربعمائة فقيل شهادته، ذكره هلال بن الصابي، ونقلته من خطه.
1064- علي بن يوسف، أبو الحسن، المعروف بابن البقال [3] :
ذكره الوزير أبو سعد محمد بن الحسين بن عبد الرحيم في كتاب «أخبار الشعراء» من جماعة، وقال: شاعر مجود، قال لي أبو عبد الله الخالع: هذا الرجل من أهل بغداد، وكان ممن نادم المهلبي ونفق عليه، وكانت محاضرة حسنة، وبضاعة في الأدب صالحة، وطبقة في الشعر جيدة، يذهب مذهب الباقي في التطبيق والتجنيس وطلب الصنعة، وكان منظره مستكرها، ومخبره بكثرة نوادره مستطابا مستقبلا، وكان حسن اليسار، جميل الزي، يلبس الدراعة، وخلف لما توفى ما يزيد عن مائة ألف درهم، وكانت
__________
[1] انظر الحديث في: صحيح البخاري 3/180.
[2] انظر الحديث في: صحيح البخاري 2/873. ومسند الإمام أحمد 2/18.
[3] انظر ترجمته في: معجم الأدباء 15/229.(19/209)
وفاته في أيام شرف الدولة، ومنزله في سكة العجم من الزبيدية من الجانب الغربي من مدينة السلام، وكان بخيلا جشعا.
أنشدني الخالع له يعاتب بعض أصدقائه:
وإني في استعطاف رأي محمد ... عليّ ومدي نحو معروفه يدي
لكالمبتغى- من بعد تسعين حجة ... تقمصها- رجع الشباب المجدد
سأشكو اعتداء منك لولاه مادرت ... صروف الليالي في الهوى كيف تعتدى
فلله قلبي حين أدعو إلى الهوى ... وأعلم حقا أنه غير مهتدى
قال: وأنشدني له أيضا:
ولما وقفنا للوداع ودوننا ... عيون ترامي بالظنون ضميرها
أماطت عن الشمس المنيرة برقعا ... فغيبنا عن أعين الناس نورها
قال: وأنشدني له:
يا خائبا متخيبا ... ألزمتني ذنبا بذنبك
شتان بين صنيع قلبي ... في الهوى وصنيع قلبك
قال: وأنشدني له أبو الحسن البتي:
يا طرفها هب لطرفي لذة الوسن ... واستبق ما لا يفل الثوب عن بدني
حاشاك فيّ من الشكوى وإن ذهبت ... عيني من الدمع أو قلبي من الحزن
ولا أقول وإن أتلفتني أسفا ... يا ليت ما كان من حبيك لم يكن
وحدثني أبو طالب الحاتمي قال: كان ابن البقال يترفع من الاختلاط بالشعراء ويتكبر، وكان الرؤساء يكرمونه ويقومون له إذا دخل عليهم، وكان ابن العميد يقدمه على الناس كلهم ويعظمه، وأحضره المهلبي فأنشده، فحضر المتنبي قصيدة، قال:
فحدثني ابن الإمام الهاشمي قال قال لي المتنبي: لما رأيت ببغداد من يجوز أن يقع هذا الاسم إلا ابن البقال. وحدثني الأستاذ أبو الحسن بن محفوظ وقد جرى ذكر ابن البقال فقال: كان أقل ما في أبي الحسن الشعر فغلب عليه وعرف به، فإنه كان يضطلع بعلوم كثيرة من جملتها الكلام وكان قويّا فيه مقدما في المعرفة به وكان يقول:
بتكافؤ الأدلة وهو بئس المذهب.
1065- علي بن يوسف، أبو الحسن ابن الذهبية الزاهد:(19/210)
هكذا سماه، ونسبه أبو الحسين محمد بن أبي يعلى بن الفراء في كتاب «الطبقات» ونقلته من خطه.
أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْمُؤَدِّبُ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ أحمد بن أبي علي بن البناء، أنبأنا والدي قراءة عليه في كتاب «طبقات الفقهاء» من جمعه قال: أبو الحسن ابن الذهبية الزاهد الحنبلي فشاهدته، وكان ورعا يخضب بالحناء.
توفي يوم الجمعة لست بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.
1066- علي بْن يونس بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بن هبة الله بن أبي القاسم:
من أهل باب الأزج، وهو أخو الوزير عبد الله بن يونس الذي تقدم ذكره، وكان الأصغر، سمع مع أخيه من أبي محمد صالح بن المبارك بن الرخلة الكرخي وغيره، كتبت عنه شيئا يسيرا، وكان متدينا كثير العبادة صالحا جميل الطريقة.
أخبرني علي بن يونس بقراءتي عليه في مسجد بانس، أنبأنا صالح بن المبارك الكرخي، أنبأنا الحسين بن أحمد النعالي، أنبأنا عبد الواحد بن محمد الفارسي، حدّثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي، حدّثنا إبراهيم بن هانئ، حدّثنا عبد الله بن صالح، حدّثني الليث [1] ، حدّثني إبراهيم بن نشيط، حدّثني كعب بن علقمة قال: سمعت أبا الهيثم يذكر عن مولى لعقبة بن عامر قال: قلت لعقبة: إن لنا جيرانا يشربون الخمر، قال:
دعهم ثم جاءه الثانية فقال: ألا ندعو عليهم الشرط، فقال له عقبة: ويحك عدهم، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: «من رأى عورة فسترها كان كمن استحيا موءودة من قبرها» [2] .
توفي علي بن يونس يوم الإثنين الرابع والعشرين من ذي الحجة من سنة أربع وعشرين وستمائة، ودفن بباب حرب وقد نيف على الستين.
1067- علي بن يونس بن السكن الصفار:
حدث عن: سليمان بن بويه النهرواني عن سلام بن سليمان المدائني، روى عنه أبو سعد أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ النَّيْسَابُورِيُّ.
أنبأنا أبو بكر الجيلي، عن أبي الفضل الفارسي قال: كتب إلى أبو عبيد علي بن
__________
[1] في الأصل: «الكب» .
[2] انظر الحديث في: مسند أحمد 4/147، 158..(19/211)
مالك البخاري، حدّثنا أبو شعيب صالح بن محمد الحجازي، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أبي عثمان النيسابوري بأنطاكية، حدّثنا علي بن يونس بن السكن الصفار ببغداد، حدّثنا سليمان بن بويه، حدّثنا سلام، حدّثنا عمر بن عبد الرحمن بن يزيد، عن محمد بن واسع، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «اجعلوا أئمتكم خياركم فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم عز وجل» [1] .
1068- علي بن الجرجرائي الزاهد:
أستاذ بشر الحافي، سكن جبل لبنان بالشام، ذكره أَبُو عَبْد الرَّحْمَن السلمي فِي «تاريخ الصوفية» .
أنبأنا أبو المظفر بن السمعاني، أنبأنا أبو نصر محمد بن منصور الحرضي قراءة عليه، أنبأنا أبو بكر محمد بن يحيى المزكي، أنبأنا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن السلمي قال: سمعت عبد الواحد بن عَلِيّ يَقُولُ: سمعت القاسم بن القاسم يقول: بلغني أن بشر الحافي لقي عليّا الجرجرائي بجبل لبنان على عين ماه قال: فلما أبصرني قال: نذهب متى لقيت اليوم إنسيّا، فعدوت خلفه وقلت: أوصني! فالتفت إليّ فقال: أمستوص أنت، عانق الفقر، وعاشر الصبر، وعاد الهوى، وخالف الشهوات، واجعل بيتك أحلى من لحدك يوم تنتقل إليه على هذا طاف المسير إلى الله.
كتب إلي أبو المكارم أحمد بن محمد بن محمد الشاهد الأصبهاني، أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحداد قراءة عليه، أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبيد الله الحافظ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى النيسابوري ببغداد قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حامد أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن حمدان النيسابوري يقول: سمعت إسماعيل الشامي يقول: سمعت سريّا السقطي يقول:
خرجت من بغداد أريد الرباط إلى عبادان لأصوم بها رجبا وشعبان ورمضان، فاتفق لي في طريقي على الجرجرائي وكان من الزهاد الكبار فدنا وقت إفطاري وكان معي ملح مدقوق وأقراص، فقلت: هلم رحمك [الله] [2] ! فقال: ملحك مدقوق ومعك ألوان الطعام لن تفلح ولن تدخل بستان المحبين، فنظرت إلى مزود كان معه فيه سويق الشعير يسف منه، فقلت: ما دعاك إلى هذا؟ فقال: إني حسبت ما بين المضغ إلى الاستفاف سبعين تسبيحة، فما مضغت الخبز منذ أربعين سنة، فلما دخلنا عبادان
__________
[1] انظر الحديث في: الجامع الصغير 1/8.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل وزيد من الحلية 10/110.(19/212)
قلت: موعظة أحفظها عنك! قال: نعم إن شاء الله، احفظ عني خمس خصال إنك إن حفظتها لا تبالي ما أضعت بعدها، قلت: [نعم، قال] [1] عانق الفقر وتوسد الصبر وعاد الشهوات وخالف الهوى وأفزع إلى الله في جميع أمورك، قلت: فإذا كنت كذلك؟ قال: يهب الله لك خمسا: الزهد ومع الزهد القنوع ومع القنوع الرضا ومع الرضا المعرفة ومع المعرفة الشوق، ثم يهب لك خمسا: السباق والبدار والتخفف وحسن البشارة وحسن المنقلب إلى الله، أولئك أحباء الله، قلت: فأين ترى لي أن أسكن؟ قال: ارحل نحو لكام، قلت: فهل شيء أعيش به؟ قال: فمقت في وجهي فقال: تفر إلى الله بذنبك وتستبطئه في رزقك، فلا والله ما أدري دخل البحر أم لا.
1069- علي المسوحي الصوفي:
ذكره أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي فِي كتاب «تاريخ الصوفية» من جمعه، وذكر أنه بغدادي من أستاذي الجنيد، كان الجنيد يثنى عليه.
1070- علي، أبو الحسن النصيبي:
أحد شيوخ الصوفية، صاحب أسفار كثيرة على التجريد وقطع البادية، ذكره أبو العباس النسوي في «تأريخ الصوفية» من جمعه.
كتب إليَّ أبو الفتوح العجلي: أن أبا طاهر الحسن آبادي أخبره، أنبأنا أبو بكر أحمد ابن الفضل الباطرقاني قراءة عليه، أنبأنا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا النسوي بمكة قال: سمعت أبا عثمان مسعود بن صدقة النصيبي يقول: سمعت أبا بكر المصري يقول: قلت لأبي الحسن النصيبي: دخلت بغداد؟ نعم، قلت: كيف رأيت البغداديين؟
فقال: رأيت النساء تنطق بغرائب العلوم، قال: فلما وقعت بيني وبينهم المؤانسة، فقال لي أبو القاسم جنيد: لو جلست الساعة عن السفر فإنك قد ضعفت عنه، فقلت: يا أبا القاسم ما اختلف الفقهاء في الماء الجاري دائما وإنما اختلفوا في الماء الواقف، فقال:
يا أبا الحسن إذا كنت واقفا فكن بحرا لا يغيرك شيء.
1071- علي الهاشمي الواسطي الأعرج:
كان من أعيان الصوفية، مات ببغداد في سنة خمس وسبعين وثلاثمائة، حدث عنه أبو عبد الله بن باكويه.
__________
[1] ما بين المعقوفتين زيد من الحلية 10/111.(19/213)
قرأت على أبي عبد الله الحنبلي بأصبهان عن أبي جعفر محمد بن الحسن الصيدلاني قال: كتب إلى عبد الله بن محمد الأنصاري قال: سمعت أبا عبد الله بن باكويه الصوفي يقول: كنا في دعوة ببغداد فيها علي الأعرج الهاشمي فأخذ القوال يقول:
يا مظهر الشوق باللسان ... ليس لدعواك من بيان
لو كان ما تدعيه حقا ... لم تذق الغمض أو تراني
فقام علي فرقص على رجلين صحيحين ثم جلس أعرج.
أنبأنا عبد الوهاب بن علي قال: كتب إلي أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي، أنبأنا أبو عمرو عثمان بن محمد المحمي، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله ابن باكويه الشيرازي قال: رأيت عليا الأعرج الهاشمي الواسطي ببغداد سنة خمس وسبعين وثلاثمائة في دار مكي القزويني، وكان في المجلس حدود من ستين رجلا والقوال يقول:
يا مدعى الشوق باللسان ... ما لدعواك من بيان
إن كان ما تدعيه حقاً ... لم تطعم الغمض أو تراني
فقام ومشى عرجته وشهق شهقة خر مغشيا عليه، ودفنوه بعد ثلاثة أيام.
1072- علي بن الطستاني الأنباري:
شاعر حسن الشعر، سافر إلى الموصل واستوطنها، ودخل ديار بكر، وروى عنه أبو الفضل محمد بن محمد بن عيشون المنجم شيئا من شعره.
أنبأنا عبد الوهاب بن علي الأمين، عن محمد بن ظفر المغازلي، أنشدنا أبو الفضل ابن عيشون قال: أنشدني علي بن الطستاني لنفسه ونحن نتراءى الهلال ليلة عيد الفطر:
لو تراني في ليلة العيد والنا ... س لأبصرت أعجب الأشياء
كل عين ترنو إلى مغرب الشم ... س وعيني ترنو إلى البطحاء
مقلتي تطلب الهلال على الأر ... ض وهم يطلبونه في السماء
قرأت بخط أَبِي الوفاء أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن الحصين، أنشدنا أبو الفضل محمد بن محمد ابن عيشون قال: أنشدني علي بن الطستاني الأنباري لنفسه:(19/214)
وفاتر الطرف في ألحاظه مرض ... بها من السقم ما عندي من السقم
تدمى بإيماء ألحاظي وما ألمت ... وبين جنبي منها غاية الألم
أسكنته [1] حيث لا يدري الوشاة به ... فما أمنت عليه القذف بالتهم
بححنا [2] في السويداء غير أن له ... محجة بين صدري وإختلاف فمي
وأنشدني علي بن الطستاني لنفسه:
لا رأت عيني إن كانت رأت ... صورة أحسن من صورته
وهو يصطاد الكرى عن جفنه ... قاعدا أذهب من رقدته
شيم الليل فأبدى وجهه ... فأضاء الأفق من بهجته
وانجلى عنه الدجى محتشما ... فارتقى يعرج في وفرته
قرأت بخط أبي الوفاء بن الحصين قال: قال أبو الفضل محمد بن محمد بن عيشون:
توفي علي بن الطستاني الشاعر الأنباري سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة.
1073- علي المدير الزاهد [3] :
كان يسكن بدار بطيخ بالجانب الغربي، له مسجد هناك معروف به اليوم، وكان بيته إلى جانبه، كان من عباد الله الصالحين المنقطعين إلى العبادة والاشتغال بالله عز وجل مشهورا بذلك.
ذكر شيخنا أبو الفرج بن الجوزي أَنَّهُ مات فِي شهر ربيع الآخر من سنة خمس عشرة وخمسمائة، ودفن في بيته إلى جانب، وكان يوما مشهودا.
1074- علي البديهي الضرير، المعروف ببختر:
من ساكني أوانا، ذكره أبو عبد الله الكاتب الأصبهاني.
أنبأني الكاتب أبو عبد الله ونقلته من خطه، قال: أنشدني أبو هاشم عمرو لعلي ابن المأمون قال: كتب إلى علي البديهي:
يا موحشي وخياله عندي ... لا ذقت ما ألقى من البعد
فارقت شخصك والفراق له ... وقع كوقع الصارم الهندي
__________
[1] في الأصل: «أسكه» .
[2] هكذا في الأصل.
[3] انظر ترجمته في: المنتظم 9/230.(19/215)
1075- علي، أبو الحسن الموصلي، الملقب بالنجم:
ذكره العماد أبو عبد الله الكاتب الأصبهاني في «كتاب الخريدة» وقال: كان فقيها معنا بالنظامية ببغداد، مات بها، وله نظم حسن وشعر رائق.
كتب إليّ أبو عبد الله الأصبهاني ونقلته من خطه قال: أنشدني أبو المعالي الكتبي قال: أنشدني النجم الموصلي لنفسه مما يكتب على كمران أمرد:
لما استدرت بحضره ... حزت الكمال بأسره
أضحى أسيري شادن ... كل الورى في أسره
وأنشدني لنفسه:
سموه باسم جند ... وفعله فعل جندي
وقال أبو المعالي الكتبي في كتاب «ملح الملح» من جمعه النجم أبو الحسن الفقيه على الموصلي وأنشدنيه:
سموه باسم جنيد ... وفعله فعل جندي
1076- عمار بن أحمد بن عمار العلوي الحسيني:
من أهل الكوفة، تقدم ذكر والده ونسبه، قدم بغداد في سنة تسع وخمسين وخمسمائة، وروى بها شيئا من شعر أبيه، سمعه منه وكتبه عنه أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني.
كتب إليّ أبو عبد الله الأصبهاني ونقلته من خطه، أنشدنا عمار بن أحمد بن عمار قال: أنشدني أبي لنفسه في التجنيس:
قالوا ترى قوية مصفرة ... وما دروا ما بك على قوته
قد كنت لنا بالأمس درة ... فصرت فينا اليوم ياقوتة
أنت حياة القلب بل قوته ... فكيف يسلو عنك ياقوتة
وأنشدني أبي لنفسه:
لئن بسط الزمان يدي كريم ... فصبرا للذي فعل الزمان
فكم في الأرض من عبد هجين ... يقبل كفه حر هجان
وقد يعلو على الرأس الزباني ... كما يعلو على النار الدخان(19/216)
وأنشدني أبي لنفسه:
لئن غدوت مقيما في ربوعكم ... وقد دعتني ربوع المجد والشرف
فالماء في حجر والتبر في ثوب ... والبدر في سدف والدر في صدف
وأنشدني أبي لنفسه:
ولقد نظرت إلى الزمان بمقلة ... نظري إلى أهل الزمان فذاتها
وعجبت من أكل الحوادث للورى ... وهم بنو الدنيا وهن بناتها
نيشوا جسومهم بلحم أخيهم ... منذ الرمال غداتها أخواتها
1077- عمار بن أحمد بن محمد، أبو مسعر الوراق:
حدث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّد بْن حنبل، روى عنه أبو محمد عبد الله بن جعفر الخياري المقرئ النَّيْسَابُوريّ.
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِيٍّ الأَمِينُ، عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ زَاهِرِ بْنِ طَاهِرٍ الشَّحَّامِيِّ، أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن عبد الله الساوي في كتابه، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن جعفر الخياري قال: سمعت أبا مسعر البغدادي يقول: سمعت عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل يقول: سمعت أبي يقول: الأبدال خير الناس وهم الذين يطلبون الحديث ويتبعون السنّة.
1078- عمار بن محمد بن الحسن بن قطاع الكناني، أبو البقاء التاجر:
من أهل حران، سكن بغداد، وكان من أعيان التجار، صاحب ثروة واسعة موصوفا بالأمانة والعدالة، سمع شيئا من الحديث من أبي الحسن عليّ بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السَّلام، وحدث باليسير، سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي وابنه عبد الله، وشيخنا أبو الفتوح نصر بن محمد الحصري الحافظ، وأبو الحسن علي بن المبارك بن الوارث، وروى لنا عنه.
أخبرني أبو الحسن بن الوراث، أنبأنا عمار بن محمد التاجر قراءة عَلَيْهِ، وَأَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِيٍّ الأَمِينُ بقراءتي عليه قالا: أنبأنا أبو الحسن عليّ بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السَّلام قِرَاءَةً عَلَيْهِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بن النقور، حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شمعون، حدّثنا أبو بكر عبد الله بن أبي داود، حدّثنا يحيى ابن حكيم، والحسن بن محمد الزعفراني قالا: حدّثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد،(19/217)
حدّثنا عبد الوهاب بن مجاهد قال: سمعت مجاهدا يحدث عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «لا تستعجلن إلى شيء ترى أنك إذا استعجلت إليه أنك مدركه، وإن كان الله عز وجل لم يقدر ذلك، ولا تستأخرن عن أمر ترى أنك إن استأخرت عنه أنه مدفوع عنك، وإن كان الله عز وجل قد قدره عليك» [1] .
ذكر القاضي أبو المحاسن القرشي أنه سأل عمارا عن مولده فقال: سنة تسع وخمسمائة.
قرأت في كتاب أبي الحسن علي بن يحيى بن الطراح بخطه قال: مات عمار الحراني ليلة الأحد ثالث عشر محرم سنة أربع وسبعين وخمسمائة.
1079- عمارة بن محمد بن عمارة، أبو الدلف الباجسرائي:
أخو أبي البدر سعد المقدم ذكره، سمع أبا سعد أحمد بن محمد بن شاكر، وحدث باليسير، سمع منه الشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي، وأبو بكر محمد بْن أبي غالب الباقداري، والقاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي وشيخنا أبو الفتوح نصر ابن محمد بن علي الحصري الحافظ.
أنبأنا أبو الفتوح ابن الحصري، أنبأنا أبو الدلف عمارة بن محمد بن عمارة الباجسرائي قراءة عليه، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شاكر قراءة عليه، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ القزويني الزاهد، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن عثمان الصفار، حدّثنا أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن سُلَيْمَان بْن عيسى الفامي، حدّثنا إبراهيم بن هانئ، حدّثنا عبيد الله بن موسى، أنبأنا الأوزاعي، عن قرة، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فِيهِ بحمد الله أقطع» [2] .
قرأت بخط القاضي أبي المحاسن القرشي قال: توفي عمارة بن محمد الباجسرائي في يوم الأحد خامس عشري رجب سنة ثمان وخمسين وخمسمائة.
1080- عمارة بْن هارون بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن إسحاق بْن عمارة بْن حمزة، مولى بني هاشم:
__________
[1] انظر الحديث في: الجامع الكبير 1/898.
[2] انظر الحديث في: سنن ابن ماجة ص 137. والجامع الصغير 1/78.(19/218)
أحد قراء القرآن، قرأ على محمد بن أحمد بن محمد بن واصل، وقرأ ابن واصل على محمد بن سعدان النحوي، قرأ عليه ولده حمزة بن عمارة، وروى القراءات، وقد ذكر الخطيب ولده حمزة في «تاريخ بغداد» .
1081- عمران بن أحمد بن عمران، أبو همام الطبري:
قدم بغداد وحدث بها عن أبيه، روى عنه: حمزة بن يوسف السهمي الجرجاني في معجم شيوخه.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْد اللَّهِ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحيري بأصبهان إملاء، حدّثنا أبو همام عمران بن أحمد بن عمران الطبري قدم بغداد، حدّثنا أبي أحمد بن عمران، حدّثنا إبراهيم بن زهير الحلواني، حدّثنا مكي بن إبراهيم، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم قال: «بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ البيت لمن استطاع إليه سبيلا» [1] .
1082- عمران بن عامر، أبو عيسى الضبي الطبري:
ذكره أَبُو عبد الرحمن السلمي في كتاب «تاريخ الصوفية» من جمعه ونقلته من خطه، وذكر أنه بغدادي، كان يجتمع مع أبي أحمد القلانسي، ورويم في مسجد أبي الفتح الجمال ببغداد.
1083- عمران بن محمد، أبو عاصم الأنصاري، يعرف بالمسجدي والعسكري:
سكن سامراء، سمع أبا عثمان محمد بن بكر البرساني، وأبا العباس وهب بن جرير ابن حازم الأزدي، روى عنه: أبو العباس محمد بن إسحاق السراج، وأبو عبد الله بن المسيب الأرغياني، ذكره الحاكم أبو أحمد النيسابوري في كتاب «الكنى» .
قرأت على الحو بنت عبد الرحمن بنيسابور، عن أبي المظفر عبد المنعم بن أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري، أنبأنا أبي، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَفَّافُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، حدّثنا أبو عاصم عمران بن محمد العسكري، حدّثنا أبو بكر الحنفي، حدّثنا كثير بن زيد، عن مسلم بن أبي مريم،
__________
[1] انظر الحديث في: صحيح البخاري 1/6. ومسند أحمد 2/26.(19/219)
عن نافع قال: كان ابن عمر إذا صلى وضع يديه على ركبتيه وقال: بإصبعه السبابة يمدها يشير بها ولا يحركها وَقَالَ: [قَالَ] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هي مذعرة الشيطان» [1] .
1084- عمران بن منصور بن عمران بن ربيعة الباقلاني، أبو نعيم المقرئ:
من أهل واسط، وهو أخو أبي بكر عبد الله الذي قدمنا ذكره، سمع بإفادة أخيه من أبي الكرم نصر اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مخلد الأزدي، وأبي عبد الله محمد بن علي بن الجلابي، وأبي الجوائز سعد بن عبد الكريم بن الحسن الغندجاني، وأبي منصور عبد الملك بن محمد بن خالويه الطيبي، وأبي الحسن عليّ بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السَّلام الكاتب وغيرهم، وأخذ له أخوه إجازة من أبي القاسم بْن الحصين وأبي غالب ابن البناء، وأبي بكر مُحَمَّد بْن عبد الباقي الأنصاري، وقدم بغداد مرات وروى بها شيئا يسيرا، ولم يتفق لي لقاؤه ولي منه إجازة كتبها إليّ من واسط.
أنشدني عبد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سعيد الْحَافِظ قال: أنشدني أبو نعيم عمران بن منصور الباقلاني ببغداد على شاطئ دجلة قال: أنشدني أبو الفرج العلاء بن علي بن السوادي الواسطي لنفسه:
أدور مع الزمان كما يدور ... وأصبر والشجاع هو الصبور
وألقاه بصدر ذي اتساع ... إذا جرحت بلقياه الصدور
وأبصر ما يحدده بعيني ... وما عندي سوى صدق الأمير
سمعت أبا عبد الله الحافظ يقول: سألت أبا نعيم بن الباقلاني، عن مولده، فقال:
في شعبان سنة عشرين وخمسمائة، ثم سأله غيري فقال: في سنة إحدى وعشرين.
وتوفي بواسط في سنة إحدى وستمائة فيما بلغنا.
1085- عمران بن موسى بن إبراهيم البغدادي:
ذكره أبو إسحاق المستملي البلخي في كتاب «طبقات البلخيين» من جمعه، وروى عنه أن إبراهيم بن الهيثم الكندي نزيل بغداد.
قَرَأْتُ عَلَى سِتِّ الشَّرَفِ بِنْتِ شَعْبَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إسحاق بن مندة بأصبهان، عن أبي نصر محمد بن أبي الرجاء الصائغ، أنبأنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إسحاق بن مندة قراءة عليه، أنبأنا أبو الفضل عبد الصمد بن
__________
[1] انظر الحديث في: كنز العمال 7/339.(19/220)
محمد العاصمي ببلخ، أنبأنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم المستملي، حدّثنا عمران بن موسى بن إبراهيم البغدادي الخير الفاضل، حدّثنا إبراهيم بن الهيثم بن المهلب البلدي سنة ثمان وسبعين ومائتين، حدّثنا موسى بن داود الضبي، حدّثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن عمرو، عن أبي عبد الرحمن الحبلى، عن المستورد بن شداد قَالَ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدلك أصابع رجليه بخنصره إذا توضأ» [1] .
1086- عمران بن موسى بن سعيد، أبو علي المرزباني:
والد أبي عبيد الله محمد بن عمران صاحب التصانيف، كان صاحب أمير خراسان بحضرة المعتضد والمكتفي والمقتدر، ومات في ذي الحجة سنة سبع وثلاثمائة، وخلفه ابنه أبو الحسن وهو الأكبر، وله أيضا أبو محمد الحسن، وأبو إسحاق إبراهيم، ذكر هذا أبو طاهر بن الحسن الكرخي في تاريخه ونقلته من خطه.
1087- عمران بن موسى، أبو حمزة البغدادي:
حدث بالمصيصة عن خلف بن تميم، روى عنه أَبُو عبد اللَّه مُحَمَّد بْن موسى بن أبي موسى النهرتيري.
أنبأنا أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب الحراني عن أبي العلاء صاعد بن سيار الهروي، أنبأنا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَلِيّ العميري: أن أبا عثمان سعيد بن العباس القرشي أخبرهم، أنبأنا أبي أبو الفضل العباس بن محمد سنة تسع وستين وثلاثمائة، أنبأنا أبو الفضل محمد بن أبي جعفر المنذري، حدّثنا أبو عبد الله محمد بن موسى بن أبي موسى النهرتيري قال: حدّثني أبو حمزة عمران بن موسى البغدادي بالمصيصة قال:
سمعت خلف بن تميم يقول: كثيرا ما كنت أسمع سفيان الثوري يقول:
سلمت ولم تسلم ثمانين حجة ... كفى بك سوءا أن تعيش مسلما
1088- عمران بن هارون الصوفي:
حدث عن أبي خالد سليمان بن حبان الأحمر الكوفي، رَوَى عَنْهُ إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن سنين الختلي، وذكره أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا النسوي في «تاريخ الصوفية» من جمعه وذكر أنه بغدادي من شيوخ العراق، وقال:
ذكر محمد بن أحمد أبو الفتح البغدادي، حدّثنا محمد بن إبراهيم السراج، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم
__________
[1] انظر الحديث في: السنن الكبرى للبيهقي 1/76.(19/221)
ابن سنين، حدّثنا عمران بن هارون الصوفي، حدّثنا أبو خالد الأحمر، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «إن الله عز وجل ليعمر بالقوم الديار ويكثر لهم الأموال وما نظر إليهم قال بصلتهم أرحامهم» [1] .
1089- عمران الواسطي الصفار:
كتب إِلَى أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن محمد بن حامد الكاتب الأصبهاني ونقلته من خطه: قال: ذكر صديقنا عمران الواسطي الصفار ببغداد سنة إحدى وستين قال:
دخلت على ابن حيدر الشاعر في أيام المسترشد وأنا صغير وعنده جماعة يعودونه في مرضه الذي مات فيه وهو ينشد فحفظته من بعض الحاضرين:
خليلي هذا آخر العهد منكم ... ومني فهل من موعد نستجده
لأن أخاكم حل في دار غربة ... يطول بها عن هذه الدار عهده
فلا تعجبوا إذ خف للبين رحله ... وقد جد في أثر الأحبة جده
على أن في الدارين تلك وهذه ... له صاحب يهوى وألف يوده
وقد أزمع المسكين عنكم ترحلا ... فهل فيكم من صادق يسترده
آخر الجزء العشرين
__________
[1] انظر الحديث في: الجامع الكبير للسيوطي 1/177(19/222)
الجزء العشرون
(بسم الله الرّحمن الرّحيم)
[تتمة ذيل تاريخ بغداد لابن النجار]
1090- عمر بْن إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد بْن عطية بن زياد بن يزيد، أبو حفص الأسدى، المعروف بابن الحداد:
سكن تنيس وحدث بِها عن أَحْمَد بن موسى البغدادي وأبى جعفر أحمد بن إسماعيل بن عاصم وأبى بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَهْلٍ الْخَرَائِطِيُّ ومحمد بن عبد الرحمن ابن أسد وسليمان بن عبيد الله بن أبى أيوب وعمه العباس بن أحمد بن محمد بن عطية، روى عنه أبو الحسين أحمد وأبو الفضل جعفر ابنا عبد الرحمن بن أحمد بن حمدون وأبو زرعة أحمد بن الحسين الرازي وأبو بكر عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ روزبه الفارسي الهمذاني، وكان سماعه من عمه العباس ببغداد وهو أخو أحمد وإسحاق ابني أحمد بن محمد بن عطية الحداد اللذين ذكرهما الخطيب في التأريخ.
أنبأنا عبد الوهاب بن علي عن أبي القاسم بن السمرقندي قال كتب إلى موسى قال كتب إلى أبو على زيد بن أحمد بن أبى حيوة الحسن بن أحمد بن العباس التميمي التنيس حدّثنا أبو الحسين أحمد وأبو الفضل جعفر ابنا عبد الرحمن بن حمدون بتنيس [1] قالا حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الحداد البغدادي حدّثنا سليمان بن عبيد الله ابن أبى أيوب حدثنا محمد بن سليمان بن داود المنقري حدّثنا محفوظ بن أبى توبة حدّثنا خليد التهامي عن الزبير بن عيسى وهو أبو الحميدي حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة رضى الله عنها قالت قلت: «يا رسول الله، متى لا يؤمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر؟» . قال: «إذا كان البخل في خياركم والعلم في أرذالكم والادهان في كباركم والملك في صغاركم» . [2]
أنبأنا أبو القاسم الأزجى عن أبى سعد بن المعمر بن محمد بن الحسين الأنماط قال:
كتب إلى أبو القاسم نصر بن أبى نصر محمد بن على بن زيرك الهمداني أنبأ أَبُو بكر عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن روزبه الهمذاني أنبأ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بن محمد
__________
[1] في الأصل: «بنسير»
[2] انظر الحديث في: كنز العمال 2/142.(20/3)
ابن عطية البغدادي المعروف بابن الحداد بتنيس قال حدثني أبو جعفر أحمد بن إسماعيل ابن عاصم بمصر حدّثنا محمد بن جعفر قال أنشدنى أبو الفوارس صاحب يعقوب بن السكيت:
قد كنت ابكى على من مات من سلفي ... وأهل ودى جميع غير أشتات
فاليوم إذ فرقت بيني وبينهم ... نومى بكيت على أهل المودات
ما بقوى امرؤ أضحت مدامعه ... مقومة بين أحياء وأموات
1091- عمر بن إبراهيم بن حبيش بن دينار، أبو حفص:
حدث عن وجوده في كتاب أبيه كتب عنه [أبو] الحسين [أحمد] [1] بن عبد الله ابن الخضر السوسنجردى.
قرأت في كتاب أبى الحسين بن السوسنجردى بخطه وقراءته على أبى الحسن الأزجى عن المبارك بن الحسن عن محمد بن على المقرئ عنه قال: دفع إلينا أبو حفص عمر بن إبراهيم بن حبيش بن دينار من أصول أبيه التي سمعها من الشيوخ فكتبنا منها أشياء.
وقال لنا في ذلك وكتب في كتاب أبى بخط يده سمعت سماك الجصاص قال سمعت أبا شعيب صالح الجمال بن أخى معروف الكرخي يقول سألت أَبَا عَبْد اللَّه أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حنبل عن ترك المسكر، فقال: لترك المسكر أفضل من مائة حجة بعد حجة الإسلام، ولترك المسكر خير من رجل يكون له مال من المشرق إلى المغرب يصدّق به.
1092- عمر بن إبراهيم بن الحسن بن إسحاق، أبو القاسم البرازى:
كان من الشهود المعدلين ببغداد، شهد عند القاضي أبي عَبْد الله الْحُسَيْن بْن هارون الضبي من الرابع في جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة.
وتوفى يوم الأربعاء لليلة خلت من ذى الحجة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، ذكر ذلك هلال بن المحسن الكاتب ونقلته من خطه.
1093- عمر بن إبراهيم بن الحسين بن عيسى، أبو القاسم الطيبي.
من ساكني باب الأزج، قرأ الفقه على أبى الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذانى
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(20/4)
وعلق عنه مسائل الخلاف، وسمع الحديث من أبي الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون وأبى الحسن على بن الحسين بن أيوب وأبى عبد الله بن طلحة وأبى الخطاب بن البطر وأبى بكر الطريثيثي وأبى عبد الله بن البسرى وأبى الحسين ابن الطيوري ببغداد، وبالكوفة من أبى منصور ابن مخالد وأبى الغنائم ابن النرس وغيرهما وبنيسابور من أبى القاسم السيبي وغيره، وكتب الكتب الكبار، وحدث باليسير، سمع منه أبو الحسن علي بن أبى سعد الخباز وابن أخيه وكيع بن إبراهيم.
أنبأ أبو القاسم تميم بن أحمد بن البندنيجي ونقلته من خطه قال: مات أبو القاسم عمر بن إبراهيم الطيبي في ليلة السبت حادي عشري ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة، ودفن بباب حرب، وكان مولده في سنة تسع وسبعين وأربعمائة.
1094- عمر بن إبراهيم بن حمزة، أبو حفص المقرئ:
إمام جامع عكبرا، حدث عن أبى عيسى يحيى بن محمد بن سهل بن عبد الله الخطيب، روى عنه أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْن الْحُسَيْن بْن عبد العزيز العكبري.
1095- عمر بن إبراهيم بن رزق الله المحزمى.
حدث عن العباس بْن مُحَمَّد الدوري، روى عنه مُحَمَّد بْن الهيثم وقال: جارنا.
1096- عمر بن إبراهيم بن شريك بن سهل بن حازم، أبو حفص الإسكافى، المعروف بعقعق [1] :
من إسكاف بنى الجنيد [2] بلد عند النهروان، حدث عن أبى جعفر محمد بن الحسن ابن بدينا، روى عنه عبد الملك بن بكران المقرئ.
أنبأنا أبو القاسم الأزجي عن أبي الرجاء أحمد بن محمد بن الكسائي قال كتب إلي أبو نصر عبد الكريم بن محمد بن أحمد الشيرازي أنبأ أبو الفرج عبد الملك بن بكران ابن عبد الله المقيس المقرئ المعروف بالقطان النهرواني بها حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شريك بن سهل ابن حازم الإسكافى بها يعرف بعقعق حدثني أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن الْحَسَن بن هَارُون بن بدينا قال: كنا جلوسا يوما فمر بنا أبو الفيض ذو النون
__________
[1] انظر ترجمته في: مجمع الآداب في معجم الألقاب لابن القوطى 4/1/558 (الهامش) .
[2] في الأصل: «من إسكاف ابن الجنيد» .(20/5)
ابن إبراهيم المصري فقام إليه بعض أصحابنا فقال: يا أبا الفيض ادع الله تعالى لنا فقال: هنأكم الله عطاءه ولا كشف عنا وعنكم غطاءه- والسلام.
1097- عمر بن إبراهيم بن عبد الله، أبو حفص، المعروف بابن المسلم [1] :
من أهل عكبرا، صحب عمر بن بدر المغازلي وعبد العزيز غلام الخلال وإبراهيم بن شاتلا [2] وأبا عبد الله بن بطر، وصنف مصنفات كثيرة يقال: إنها تقارب مصنفات أبى بكر عبد العزيز غلام الخلال، وله أخبار في المذهب، وقد سمع ببغداد والبصرة والكوفة، حدث عن إسحاق بن أحمد الكاذى وأبى على بن الصواف وأبى عمرو بن السماك وأبى بكر النجاد ودعلج بن أحمد السجستاني وأبى بكر بن أبى دارم الكوفي والحسن بن على بن مليح وأحمد بن جعفر بن مالك القطيعي وأبي محمد بن ماسي وعمر بن أحمد بن شهاب وحبيب بن الحسن القزاز وأكثر الرواية عن ابن بطة، روى عنه الحسن بن شهاب العكبري وأبو الحَسَن عَلِيّ بْن بشرى الليثي السجزي في مشيخته.
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّهَاوِيُّ مشافهة وخطا بحران أَنْبَأَ أَبُو عَرُوبَةَ عَبْدُ الْهَادِي بْنُ أَبِي سعيد بْنِ عُمَرَ بْنِ مَأْمُونٍ السِّجْزِيُّ بِهَا أَنْبَأَ جدي أنبأ أبو الحسن على ابن بشرى الليثي قال سمعت أبا حَفْصٍ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ العكبري بها يقول سمعت عبد الخالق بن أبى روبة المعدل يقول سمعت على بن الحسن المقرئ الناقد يَقُولُ سمعت أبا بكر بن أَبِي خيثمة يقول سمعت الزبير بن بكار يقول: كنت أؤدب المعتز وكان في حجري فدخل على يوما فعثر بنعله فدميت إصبعه، فقال لي: لو وطئت على جمرة ما بلغت منى ما بلغت منى هذه العثرة، ثم أنشأ يقول:
يموت الفتى من عثرة بلسانه ... لويس يموت المرء من عثرة الرجل
وعثرته من فيه يرمى برأسه ... وعثرته بالرجل ترمى على مهل
أخبرنا عبد الوهاب بن علي الأمين أنبأ عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الشيباني أنبأ أَحْمَد بن علي بن ثابت الخطيب أنبأ الحسن بن شهاب العكبري إجازة حدثني عمر بن إبراهيم بن المسلم حَدَّثَنَا أبو حفص عمر بن شهاب قَالَ سمعت على ابن الحسن الرستمي يقول: دخل ابن الطباع من سامرا إلى بغداد فنزل في البغويين
__________
[1] انظر ترجمته في: الأعلام للزركلى 5/194.
[2] في الأصل: «بن ساملا» .(20/6)
فاجتمع أصحاب الحديث فسمع محمد بن عبد الله بن طاهر الضوضاء من كلام أصحاب الحديث، فقال لحاجبه: ما هذا؟ فقال: ابن الطباع قد قدم من سر من رأى وهذا كلام أصحاب الحديث، فقال: وقد قدم؟ قَالَ: نعم، فكتب إليه برقعة يسأله أن يصير إليه ليحدث فتيانه، فكتب جواب رقعته:
«بسم الله الرحمن الرحيم، أكرمك الله كرامة تكون لك في الدنيا عزا وفي الآخرة من النار حرزا، قرأت رقعتك ولم أتخلف عنك صيانة، وإنما تخلفت عنك ديانه، والعلم يؤتى ولا يأتي» .
فقال: صدق. فصار إليه محمد بن عبد الله وبنوه، وكان نازلا في غرفة فصعد إليه فحدثه عامة الليل، وَقَالَ محمد بن عبد الله- يعني لحاجبه [1] : سله ما يريد؟ فكلمه الحاجب بالفارسية- وكان ابن الطباع يحسن بالفارسية- فقال له: قل له يبعث لنا شيئا نتغطى به في البرد. فبعث إليه بمطرف [خز] [2] يساوى خمسمائة دينار، فاحتاج ابن الطباع إلى بيعه فباعه بخمسة وخمسين دينارا، وقال: لو صبرت عليه حتى يجيء طالبه لأخذت لك خمسمائة دينار. قلت: ابن الطباع هذا هو محمد بن يوسف بن عيسى بن الطباع وكان من الثقات، وهو ابن أخى إسحاق بن عيسى الطباع.
أنبأنا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد القاهر الحربي قَالَ سمعت أبا الحسين محمد بن محمد الحسين بن الفراء يقول: نقلت من خط على ابن أخى نصر قال: وجدت على ظهر كتاب «محاسبة النفس والجوارح» تصنيف أبى حفص العكبري بخط ابنه الحسين بن عمر يقول: مات والدي أبو حفص عمر بن المسلم يوم الخميس ضحوة لثمان خلون من جمادى الآخر سنة سبع وثمانين وثلاثمائة.
1098- عمر بن إبراهيم بن عثمان التركستانى، أبو حفص الواعظ الصوفي:
من أهل واسط، وبيته بيت وعظ وتصوف، قدم بغداد غير مرة وأقام بها، وسمع الحديث من أبى الثناء محمد بن الزيتوني وأبى الخير أحمد بن إسماعيل القزويني والكاتبة شهدة بنت أحمد الإبرى، وسمع بواسط عبد الرحمن بن الدجاجي المقرئ وأبا طالب محمد بن على بن الكتاني وأبا العباس بن مخلد الأزدى وغيرهم، وعقد مجلس الوعظ الغربي عند تربة الجهة أم الخليفة وحضرة خلق عظيم، ثم رتب شيخا للصوفية برباط
__________
[1] في الأصل: «لحاجته» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل وزيد من تاريخ بغداد.(20/7)
الزوزنى [1] مقابل جامع المنصور، وكان قد سافر الكثير إلى الحجاز والجزيرة وديار بكر، ثم أنه نفذ في رسالة من الديوان إلى خراسان، فتكلم بكلام استوحش بسببه من العود إلى بغداد فبقى يتردد في البلاد هناك ما بين هراة وغزنة وعاد إلى بلاد فارس فأدركه أجله بها، وكان قد حدث ببغداد.
في مجالس وعظة بأحاديث وفي غيرها من البلاد، ولم يكن ثقة ولا مأمونا ولا مرضى الطريقة ولا محمودا بالأفعال، كثير التخليط في جميع أحواله وأفعاله وأقواله- سامحنا الله وإياه، وقد رأيته ببغداد وحضرت مجلس وعظه، وكان شابا ضخما.
بلغنا أنه توفى بشيرازى فِي شهر ربيع الآخر من سنة اثنتين وستمائة، وما أظنه بلغ الخمسين من عمره.
1099- عمر بن إبراهيم عمر بن حبيب، أبو حفص العدوى:
من أهل البصرة، وكان جده قاضيا بها، ذكر عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن أَبِي طاهر أنه كان كثير الشعر جيده، وكان بسامرا يمدح ويهجو، وله في أبى يعلى كاتب عُبَيْد اللَّهِ بْن يَحْيَى بْن خاقان الوزير:
نعمة الله لا تعاب وربما ... ما استقبحت على أقوام
لا يليق الغنى بوجه أبى ... يعلى ولا نور بهجة الإسلام
وسخ الثوب والملابس والبر ... ذون والوجه والقفا والغلام
ومحال مرورة ليحيل ... سفله حجام ينتمي إلى
1100- عمر بن إبراهيم بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيّ بْن الحسين بن علي بن حمزة بن يحيى بن الحسين بن ذى الدمعة بن زيد الشهيد بن على بن الحسين ابن على بن أبى طالب، أبو البركات الحسنى الزيدي النحوي [2] :
من أهل الكوفة، رأيت نسبه بخطه، سمع الكثير من أَبِي الفرج مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بن علان الخازى وأبى الحسن محمد بن الحسن بن المنثور وأبى محمد يحيى بن محمد بن الحسن الأقساسي وأبى عبد الله محمد بن الحسن الأنماطى وأبى على الحسن ابن على بن عبد الله بن مخالد وأبى البقاء المعمر بن محمد البقال، وقدم بغداد وسمع
__________
[1] في الأصل: «الروزنى» .
[2] انظر ترجمته في: لسان الميزان 4/280- 282. والأنساب 2/366.(20/8)
بها أبا الحسين بن النقور وأبا القاسم بن البسرى وأبا بكر الخطيب وأبا الحسين عاصم ابن الحسن وأبا يوسف عبد السلام بن محمد القزويني، وسافر إلى الشام مع والده، وسكن دمشق مدة، أنبأ مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الحسين النيسابوري وقرأ النحو على أبى القاسم زيد بن على الفارسي النحوي، وروى عنه الإيضاح لأبى على الفارسي، وقدم بغداد ثانيا في أواخر ذى القعدة سنة أربع وخمسمائة وحدث بها، سمع منه أبو الفضل عبد الملك بْن عليّ بْن يُوْسٌف ومحمد بْن ناصر وأبو نصر الأصبهانى وهزارسب الهروي، وثم إنه عاد إلى الكوفة وحدث بها، يقرأ النحو ويروى الحديث على أحسن طريقة إلى حين وفاته، روى لنا عنه شيخنا أبو أحمد بن سكينة وكان سمع منه بالكوفة.
أنبأنا ذاكر بن كامل الحذاء عن عبد الملك بْن عليّ بْن يُوْسٌف ومحمد بْن ناصر وأبو نصر الأصبهانى وهزارسب بن عوض قالوا أنبأ الشريف أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمد الزيدي العلوي الكوفي قراءة عليه ببغداد في الرابع والعشرين من ذى القعدة سنة أربع وخمسمائة أَنْبَأَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عبد الله بن مخالد بن بشر البجلي قراءة عليه أنبأ جدي أبو محمد عبد الله بن مخالد حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الحافظ إملاء حدثنا عبد الله بن كادش أحمد بن نوح البلخي حدثنا أبى حدثنا عيسى بن فرقد حدثني حكيم بن جبير عن سعيد عن جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَتَّخِذُوا شيئا فيه الروح غرضا» [1]
قرأت في كتاب معجم شيوخ الحافظ أبي طاهر أحمد بن مُحَمَّد السلفي الأصبهانى بخطه وأخبرنيه عنه أبو الحسن بن المقدس بمصر قال أخبرنى أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمد بن حمرة العلوي الزيدي بالكوفة وذكر حديثا ثم قال: الشريف عمر هذا أديب نحوي، وفي المذهب زيدي، وكان يفتي بالكوفة على مذهبه، وسمع معنا على جماعة من شيوخنا الكوفيين، وكان من عقلاء الرجال، حسن الرأى في الصحابة مثنيا عليهم متبرئا ممن تبرأ منهم.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله الشافعي بدمشق أنبأ عمي أبو القاسم علي بن الحسن الْحَافِظ قال: عمر بن إبراهيم بن محمد أبو البركات الزيدي الكوفي كتبت عنه بالكوفة، وهو أورع علوي لقيته، ولم أسمع منه في مذهبه شيئا، وقرأت عليه حديثا فيه ذكر بعض السلف فترحم عليه.
__________
[1] انظر الحديث في: الجامع الكبير للسيوطي 2/445.(20/9)
وحدثني صاحبي أبو على بن الوزير أنه سأل عن مذهبه في الفتوى وكان مفتى الكوفة، فقال: نفتي بمذهب أبى حنيفة ظاهرا وبمذهب زيد تدينا. أخبرنا شهاب الحاتمي بهراة حدثنا أبو سعد بن السمعاني من لفظه قال: عمر بن إبراهيم بن محمد أبو البركات من أهل الكوفة يسكن بمحلة يقال لها السبيع ويصلى بالناس في مسجد أبى إسحاق السبيعي، شيخ كبير فاضل، له معرفة بالفقه والحديث والتفسير واللغة والنحو والأدب، وله التصانيف الحسنة السائرة في النحو. وهو خشن العيش صابر على الفقر والقلة قانع باليسير، سمعته يقول: أنا زيدي المذهب [و] لكني أفتى على مذهب السلطان- يعنى أبا حنيفة- رحمه الله. كتبت عنه الكثير، وهو شيخ متيقظ حسن الإصغاء سليم الحواس، كان يكتب خطا مليحا سريعا على كبر السن، وكنت ملازمه مدة مقامي بالكوفة في الكرات الخمس، ومع طول صحبتي وملازمتى إياه ما سمعت منه شيئا في الاعتقاد أنكرت عليه، غير أنى يوما [كنت] [1] قاعدا على باب داره وأخرج لي شدة كبيرة من مسموعاته وكنت أفتقد فيها حديث الكوفيين، فرأيت فيها حديث الكوفيين، فرأيت فيها جزءا مترجما بتصحيح الأذان «بحي على خير العمل» فأخذت لأطالعه واعلم من صنفه فأخذه من يدي وقال: لا يصلح لك، له طالب غيرك، ثم قال: ينبغي للعالم أن يكون عنده كل شيء فإن لكل نوع وجنس طالبا.
قرأت على أبى الفتوح القرشي بأصبهان عن أبى الفضل بن ناصر قال سمعت أبا الغنائم بن النرسي يقول عمر الكوفي جارودي المذهب لا يرى الغسل من الجنابة.
أخبرنا الحاتمي بهراة قَالَ سَمِعْتُ أبا سعد السمعاني يقول: سمعت يوسف بن محمد بن مقلد يقول: كنت أقرأ على الشريف عمر جزاء فمر بى حديثا فيه ذكر عائشة فقلت: رضى الله عنها، فقال لي الشريف: تدعو لعدوة على- أو: تترضى على عدوة على؟ فقلت: كلا وحاشا ما كانت عدوة على.
أخبرنا أبو البركات الأمين بدمشق قال أنبأ عمى قال حكى لي أبو طالب ذلك منه وقال: إن الأئمة على غير ذلك، فقال له: إن أهل الحق يعرفون بالحق ولا يعرف الحق بأهله.
وأخبرنى أبو البركات أنبأ عمى قالت سأله: أبا البركات الزيدي عن مولده، فقال:
في سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة بالكوفة. أخبرنا إسماعيل ابن سليمان العسكري
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(20/10)
بدمشق أنبأ عبد الخالق بن أسد بن ثابت الحنفي قال: سألت الشريف أبا البركات عمر بن إبراهيم بالكوفة عن مولده، فقال: في شوال سنة إحدى وأربعين وأربعمائة.
أخبرنا الحاتمي بهراة قال سمعت أبا سعد بن السمعاني يقول: سألت الشريف أبا البركات الكوفي عن مولده، فقال: سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة بالكوفى.
وتوفى يوم الجمعة سابع شعبان سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، ودفن يوم السبت في المسبلة المعروفة بالعلويين، وصلى عليه كل من كان بالكوفة وقدروا ثلاثين ألفا.
1101- عمر بن إبراهيم بن موسى الباقدارى الأكار:
من ساكن الحربية، سمع أبا حفص عمر بن عبد الله بن علي الحربي، وحدث باليسير، سمع منه أحمد بن سلمان الحربي وغيره.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن عمر بن أحمد المقرئ أنبأ عمر بن إبراهيم الباقدارى قراءة عليه أنبأ عمر بن عبد الله قراءة عليه سنة تسع وأربعين أنبأ أبو طاهر الكرخي وَأنبا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ الأمين قراءة عليه أنبأ القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي أنبأ أبو علي الحسن بن أحمد بن البناء قالا أَنْبَأَ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الواعظ أنبأ أبو بكر الآجرى حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ العطشى حدثنا أبو حمزة أنس بن خالد الأنصارىّ حدثنا محمد بن جامع أنبأ عبد العزيز بن عبد الصمد عن أبان عن أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علي ناقته الجدعاء فقال في خطبته: «طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس وأنفق من مال اكتسبه من غير معصية، وطوبى لمن عمل بعلم ورحم أهل الذل والمسكنة وخالط أهل الفقه والحكمة، وطوبى لمن صلحت سريرته وحسنت علانيته» [1] .
أنبأنا أحمد بن سلمان الحربي ونقلته من خطه قال: مات عمر بن إبراهيم الباقدارى ليلة الأحد سابع رجب سنة ست وتسعين وخمسمائة.
1102- عمر بن أحمد بن إبراهيم، أبو حفص الجدا:
حدث عن والده، روى عنه أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْن الْقَاسِم بن إسماعيل المحاملي في معجم شيوخه.
__________
[1] انظر الحديث في: الجامع الكبير 1/567. والجامع الصغير 2/47.(20/11)
1103- عمر بن أحمد بن أبى الأصابع، أبو حفص.
من أهل الحربية، كان بوابا برباط ابن رئيس الرؤساء بدار الخلافة، وكان شيخا صالحا، كثير التهجد، سرد الصوم سنين كثيرة، سمع أبا العباس أحمد بن الحسين بن قريش، وحدث باليسير، سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي وأخرج عنه حديثا في معجم شيوخه.
أنبأنا أبو بكر طاهر بن أحمد بن أبى بكر الأزجى أنبأ عمر بن أحمد بن أبى الأصابع الحربي قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنْبَأَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ أنبأ أحمد بن جعفر القطيعي حدثنا بشر ابن موسى حدثنا هوذة بن خليفة حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم.
قرأت بخط القاضي أبي المحاسن القرشي قال: توفى عمر بن أبى الأصابع في يوم الأحد سلخ ذى الحجة سنة ستين وخمسمائة، ودفن من الغد يوم الإثنين مستهل المحرم سنة إحدى وستين بمقبرة باب حرب، وكان قد جاوز الثمانين.
قال لي شيخنا أبو الرشيد الخفيفى قال: لنا هذا الشيخ قبل مرضه مرض الموت:
أريد أن أعبر إلى زيارة قبر أحمد وأسأل الله أن يغفر لي ويقبضني ففعل ذلك وعاد فبعد أيام مرض ومات- رحمه الله.
1104- عمر بْن أَحْمَدَ بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن عُمَرَ بْنِ الهيثم بن بكرون النهروان:
من بيت قضاة وعدالة ورواية وفضل، كان يسكن بدرب السلسة، وصلى إماما في الصلوات الخمس بالمدرسة النظامية، وتولى الخزن بالديوان، وكان قد شهد عند قاضي القضاة أبي الحسن علي بْن أَحْمَد الدامغاني فِي ولايته الثانية فِي يوم الاثنين الخامس والعشرين من رجب سنة إحدى وسبعين وخمسمائة فقبل شهادته.
قرأ القرآن بالروايات الكثيرة على أبى الكرم المبارك بن الحسن الشهرزوري وأبى الحسن على بن أحمد اليزدي وخلق كثير غيرهم، وكتب بخطه كثيرا، وطلب الحديث بنفسه فسمع الكثير من القاضي محمد بن عمر بن يوسف الأمورى وأبي بكر محمد بن عبيد الله بن نصر بن الزاغوانى وجماعة غيرهما، وكتب بخطه كثيرا وحصل الأصول، وقرأ بنفسه على المشايخ، كتبت عنه، وكان ثقة ثبتا ورعا متنزها عفيفا صالحا متدينا(20/12)
مليح السمت جميل السيرة نبيلا، وكان قد سمع منه قبلنا رفقاؤه الشريف أبو الحسن عليّ بْن أَحْمَد الزيدي وإبراهيم بْن محمود بن الشعار وصبيح النصري وأبو المحاسن بن عبد الملك بن على الهمذاني وكان أسن منه وأقدم إسنادا.
أخبرنا عمر بن أحمد بن الحسن بن بكرون الشاهد بقراءتي عليه أَنْبَأَ أَبُو الْفَضْلُ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأُرْمَوِيُّ حدثنا أَبُو الْغَنَائِمِ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمَأْمُونِ أَنْبَأَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الدارقطنيّ حَدَّثَنَا القاضي أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب الأزدى إملاء حدثنا الحسن بن أبى الربيع حدثنا عبد الرازق بن همام أنبأ معمر بن راشد عن همام ابن منبه قال هذا ما حدثناه أبو هريرة- رضى الله عنه- عن محمد رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ. «إياكم والظن، إياكم والظن، إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تناجشوا ولا تفاسدوا ولا تحاسدوا ولا تَبَاغَضُوا وَلا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا» [1] .
قرأت في كتاب العدل لأبى المعالي أحمد بن عمر بن بكرون قال: شاهدت بخط جدي قال: رزقت ولدي أبا حفص عمر ضحوة نهار يوم الثلاثاء ثالث عشرين شهر رمضان من سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة.
توفى شيخنا عمر بن أحمد بن بكرون في صبيحة يوم الإثنين العاشر من رجب من سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وحضرت الصلاة عليه بالمدرسة النظامية وكان الجمع متوافرا، ودفن بمقابر الشهداء من باب حرب.
1105- عمر بن أحمد بن الحسين، أبو حفص الضرير:
من أهل الحربية، سَمِعَ أبا الْحُسَيْن أَحْمَد بْن عَبْد القادر بن محمد بن يوسف، وحدث باليسير سمع منه عبد المغيث بن زهير الحربي وجماعة من شيوخنا، وروى عنه يعقوب وعبد المحسن ابنا يوسف بن عمر الحربي.
أنبأ عَبْدُ الْمُجِيبِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ زُهَيْرٍ وأبو البركات ناصر بن جامع بن بختيار وعمر بن أبى بكر بن الدردانة قالوا أنبأ الشيخان الصالحان يوسف بن عمر بن الحسين النساج وعمر بن أحمد بن الحسين الضرير المقرئ قراءة عليهما في جامع الحربية في مستهل ربيع الآخر سنة أربعين وخمسمائة قالا: أنبأ أبو الحسين أحمد بن عبد القادر بن
__________
[1] انظر الحدث في: صحيح البخاري 2/896. ومسند أحمد 2/312.(20/13)
محمد بن يوسف قراءة عليه في ثانى ربيع الأول سنة أربع وثمانين وأربعمائة أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إبراهيم بن شاذان أنبأ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ القرشي الكوفي ببغداد أنبأ أبو الحسن علي بن الحسن بن فضال الكوفي بالكوفة
حدثنا الحسين بن نصر بن مزاحم العطار حدثني أبى حَدَّثَنَا تَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «إنى مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن [1] تضلوا كتاب الله عز وجل وأهل بيتي» [2] .
1106- عمر بن أحمد بن الحسين بن أحمد الوراق، أبو حفص المقرئ الصوفي:
من أهل همدان، قدم بغداد في صباه وسمع بها أبا غالب مُحَمَّد بن الحسن بن أَحْمَد الباقلاني وأبا الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي وأبا الحسن بن العلاف، وسمع بأصبهان أبا الفتح أحمد بن محمد الحداد وأبا علي الحسن بن أحمد الحداد وأبا القاسم غانم البرجى وأبا المعالي حماد بن منصور بن المظفر بن أبى الأسود، وبزنجان أبا بكر أحمد بن محمد بن زنجويه، وبدمشق أبا الوحش سبيع بن المسلم بن قيراط، وقرأ عليه القرآن، وقدم بغداد في ذى القعدة سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة وحدث بها، روى عنه شيخنا أبو الفرج بن الجوزي.
أنبأ ابن الجوزي أنبأ أبو الحفص عمر بن أحمد بن الحسين الوراق الهمذاني بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ أَنْبَأَ أَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَاقِلانِيُّ أَنْبَأَ الْقَاضِي أَبُو الْعَلاءِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يعقوب الواسطي أنبأ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ النيازكى أنبأ أبو الخير أحمد ابن محمد الكرماني حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة حدثنا الوليد بن العيزار قال سمعت أبا عمرو الشيباني يقول حدثنا صاحب هذه الدار- وأومى بيده إلى دار عبد الله قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أى العمل أحب إلى الله عز وجل؟ قال: «الصلاة على وقتها» ، قلت ثم أى؟ قال: «بر الوالدين» ، قلت: ثم أى؟
قال: «ثم الجهاد في سبيل الله عز وجل» [3] .
أخبرنا الحسن بن محمد بن الحسن الشافعي بدمشق قال سمعت عمى أبا القاسم على بن القاسم الحافظ يقول: عمر بن أحمد بن الحسين بن أحمد أبو حفص الهمذاني
__________
[1] في الأصل: «تمسكوا بها لم تضلوا» .
[2] انظر الحديث في: الجامع الكبير 1/307.
[3] الحديث في: صحيح البخاري 1/76.(20/14)
الصوافي الوراق كتبت عنه بهمذان. وكان شيخا صالحا. يؤم في بعض المساجد.
ذكر شيخنا ابن الجوزي أنه ولد في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة.
أخبرنى أبو الحسن بن القطيعي قال سمعت أحمد بن الحافظ أبى العلاء الهمذاني يقول: توفى عمر بن أحمد بن الحسين الوراق يوم الأربعاء، ودفن يوم الخميس تاسع جمادى الآخرة سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة وكنت فيمن صلى عليه.
1107- عمر بن أحمد بن شجاع، أبو حفص البغدادي:
حدث عن والده بحديث، تقدم ذكرنا له في ترجمة أبيه في الأحمدين.
1108- عمر بن أحمد بن عبد الملك بن أبى على الدقاق، أبو حفص بن أبى بكر، المعروف بابن صفية:
من أهل باب الأزج، سَمِعَ أبا الفضل مُحَمَّد بْن عُمَر بْن يوسف الأرموى وأبا القاسم سَعِيد بْن أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن البناء وأبا الْحَسَن علي بْن عَبْد العزيز بْن السماك، كتبت عنه، وكان دلالا في الدقيق والحبوب، صحيح السماع لا بأس به.
أخبرنا عمر بن أحمد بن صفة بقراءتي عليه أَنْبَأَ أَبُو الْفَضْلُ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأُرْمَوِيُّ أنبأ أبو الحسن جابر بن ياسين العطار أَنْبَأَ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ الْكَتَّانِيُّ حدثنا عبد الله بن محمد البغوي حدثنا محمد بن جعفر الوركانى حدثنا أيوب بن جابر عن سماك ابن حَرْبٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقُوا النار ولو بشق تمرة» [1] .
بلغنا أن عمر بن صفية توفى بالموصل في سنة اثنتين وستمائة.
1109- عمر بن أحمد بن عبيد الله دحروج، أبو حفص القزاز:
من أهل الحريم الطاهري، وهو أخو أَبِي بكر محمد وعثمان- وقد تقدم ذكرهما، سمع أبا محمد عبد الله بن محمد الصريفيني وأبا الحسين أحمد بن محمد بن النقور وأبا القاسم علي بن أحمد بن محمد وأبا القاسم على بن اليسرى، روى عنه شيخانا عمر ابن محمد بن معمر بن طبرزد المؤدب وَأَبُو حَامِدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ ثابت بْن النحاس البزار.
__________
[1] انظر الحديث في: صحيح البخاري 2/890. ومسند أحمد 1/388.(20/15)
أنبأ أبو حامد بن النحاس أنبأ عمر بن أحمد بن عبيد الله القزاز قراءة عليه في صفر سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة وأنبا أبو علي ضياء بن أحمد بن أبى على وعمر بن محمد المؤدب قِرَاءَةً عَلَيْهِ قَالا أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الباقي البرازى قراءة عليه وأنبأ أبو بكر محمد ابن المبارك بن محمد البيع وزوجه فرحة بنت عبد الجبار قالا أنبأ أحمد بن علي بن عبد الواحد الدلال وأنبأ أَبُو اليمن زَيْد بْن الْحَسَن الكندي بدمشق أنبأ أبو الفتح عبد الله ابن محمد البيضاوي ببغداد وأنبأ أبو المعالي محمد بن وهب الدمشقي قدم علينا بغداد وأبو العباس الخضر بن كامل بقراءتي عليه بدمشق قالا أنبأ ياقوت البخاري قالوا جميعا أَنْبَأَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْن عَبْد اللَّه بن محمد الصريفيني قراءة عليه أَنْبَأَ أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إملاء حدثنا أبو عمر محمد بن يوسف إملاء حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْن هِشَام بْن الْفَضْلِ بْن دلهم حدثنا أبو قطن عمرو بن الهيثم حدثنا عبد العزيز ابن أبى سلمة عن قدامة بن موسى عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمرى، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر» [1]
أخبرنى شهاب الحاتمي بهراة حدثنا أبو سعد بن السمعاني من لفظه قال: عمر بن أحمد بن دحروج شيخ صالح، كتبت عنه، وتوفى في شعبان سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة، ودفن بباب حرب.
1110- عُمَر بْن أَحْمَد بْن علي بْن إِبْرَاهِيم بن عيسى بن جرير بن موسى، أبو حفص البغدادي [2] :
حدث بها عن أَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ بْنِ مُوسَى الْقُرَشِيُّ وأبى محمد الحارث ابن محمد بن أبى أسامة التميمي والقاضي أبى محمد يوسف بن يعقوب بن إسماعيل الأزدى وأبى بكر أحمد بن عبد الله الخلال وأبى جعفر محمد بن جرير الطبري وأبى بكر جعفر بن محمد الفهريانى روى عنه أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ جَعْفَرٍ بن عبد كويه وأَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمن الصيرفي الحسن آبادي وأبو نعيم أحمد بن عبد الله بن إسحاق الحافظ وأخوه عبد الرازق الأصبهانيون، وكان ضعيفا، عامة حديثه مناكير وغرائب.
__________
[1] انظر الحديث في: صحيح مسلم 2/349.
[2] انظر ترجمته في: لسان الميزان 4/283.(20/16)
كتب إلي أبو جعفر محمد وأبو بكر لامع ابنا أحمد بن نصر الصيدلاني أن أبا علي الحسن بن أَحْمَد الحداد أخبرهما عن أَبِي نُعَيْمٍ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ ونقلته من خطه من معجم شيوخه حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ على بن إبراهيم بن عيسى ابن جرير البغدادي بالبصرة وكان ضعيفا.
وأنبأ محمد ولا مع كتابة عن أبى على الحداد بن طلحة بن عبد الرازق بن عبد الله الأصبهانى أخبره أنبأ أبى قراءة عليه في معجم شيوخه حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد ابن على بن إسحاق بن إبراهيم بن عيس بن جبير البغدادي بالبصرة سنة ست وخمسين حدثنا محمد بن يونس الكديمي حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل حدثنا إسرائيل عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هُبَيْرَةَ عَنْ عَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَلِيُّ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَتَّخِذَ أَبَا بَكْرٍ وَالِدًا، وَعُمَرَ مُشِيرًا، وَعُثْمَانَ سيدا، وأنت يا على ظهرا، ثم أخذ الله ميثاقكم فِي أُمِّ الْكِتَابِ: لا يُحِبُّكُمْ إِلا مُؤْمِنٌ تقى ولا يبغضكم إلا فاجر شقى، أنتم خلفاء أمتى وعقد ذمتي وولاة الأمر بعدي، وأنتم حجتي غدا بين يدي الله على أمتى» [1] .
أنبأنا محمد بن عبد الملك الواعظ حدثنا عبد الجليل بن محمد الحافظ إملاء حدثنا أبو مطيع محمد بن عبد الواعظ الأديب أنبأ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمن الصيرافى الحسن آباذي الشيخ الزاهد حدثنا عمر بن أحمد بن إبراهيم البغدادي بالأبلة حدثنا أبو محمد الحارث بن أبى أسامة حدثنا عبد الوهاب بن عطاء أنبأ سعيد ابن أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «استرشدوا العاقل ترشدوا ولا تعصوه فتندموا» [2] .
وهذا الحديث رواته كلهم ثقات والحمل فيه على عمر بن أحمد البغدادي فإنه منكر المتن.
1111- عمر بن أحمد بن على، أبو المفاخر الأنصاري:
قاضى الحويزة من أعمال خوزستان، كان يافعة زمانه وفريد عصره وأوانه، وله الشعر الحسن المليح والمعاني المطبوعة، وله شعر كثير والغالب عليه الهجو والخلاعة والمجون، قدم بغداد ومدح بها الوزير أبا القاسم على بن طراد الزينى.
__________
[1] انظر الحديث في: كنز العمال 6/160.
[2] انظر الحديث في: لسان الميزان 4/283.(20/17)
كتب إِلَى أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن محمد بن حامد الكاتب الأصبهاني ونقلته من خطه قال أنشدنى أبو نصر بن حامد شيخ الركبة قال أنشدنى أبو المفاخر عمر بن أحمد الأنصارىّ لنفسه في الوزير بن طراد الزينى من قصيدة مدحه بها ببغداد:
وذمر من الأنصار ليس بعوق ... إذا نام من إيجاد حرب يضيرها
دعوت قلبي والرماح شواهر ... فحطمها والخيل تدمى نحورها
ثمة فروته من دواته حرب [1] ... حماه إذا وافى النسيل يديرها
أشاد المعالي بالعوالي ومن يرد ... جسام المعالي فالنفوس تهورها
يثيب دمى القوم فيها معزل ... ولا يركب الأخطار إلا خطيرها
أحدك يا أيام ليلى بذي البقا ... عوائد لكن نفسه وغرورها
ويا حجة تأتى على حميدة ... إذا انتظمت فيما يسوء شهورها
سلوا الليلة الليلاء عنى فاننى ... لبست دجاها والمنايا ضميرها
وخاض غمار الموت في متمطر ... ولا ينثل الأرضين إلا خبيرها
كأنى منه في شغاف عماية ... بحيث بنى سفانها ودثورها
فشبعنى قلب على الهم أصمع ... ونفس بناها عن عماها خبيرها
ورواية عتل تعسف بعد ما ... شكى الأين حايها وحار نصيرها
إلى شرف الدين استقلت مطالبي ... ولا منية إلا إليه مصيرها
دعاه أمير المؤمنين إلى التي ... يناط بتأييد السماء أمورها
فقام بها لا ضالعا تحت عبها ... ولا واكلا أعيت عليه شعورها
يكفل بالأرزاق حتى إذا غدا ... تتبعه من كل أرض نشورها
غدون خماصا والطفرى بسحتها ... وعدن بطانا داميات طفورها
ولما أثار الكفر نقعا توهمت ... أهيل الفلا أن قد أحم ظهورها
فقاتلهم بالله والدين فاثبتوا ... عزيز تولى المسلمين ظهورها
لفازت [ ... ] [2] السبق في كل حلبة ... جيوش أمير المؤمنين أميرها
لقد هز عطفيها الخلاف بهجة ... لدن هو وإليها وأنت وزيرها
تنازعتما سمت العلى وفزعتما ... ثنايا إلى ساقى الحجيج جدورها
وأيدتما قرباكما بقرائن ... [من] [3] المجد لا يخشى انتكاثا مريرها
__________
[1] هكذا في الأصل.
[2] بياض في الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(20/18)
وأوليتما أمنية المرء بسطة ... إذا زيد عن ورد الأمانى سميرها
فأصبحت الدنيا تلقص جورها ... وقد سهلت للمدلجين وعورها
فلابن طراد في الخطوب شراعها ... كما لأمير المؤمنين سريرها
وكم مادح زجى إليك قصائدا ... مجادلة أعجازها وصدورها
ترد القوافي لو تكون نواطقا ... فتشكوك ما قد سامها تنحيرها
أجل ترد الطير المياه شوارعا ... وليس سواء بومها وصقورها
كتب إلى أبو عبد الله الأصبهانى ونقلته من خطة قال: هجا عمر بن أحمد بن على الأنصارىّ الأمير بدر بن معقل الأسدى فقبض عليه وعلى ولده وغرقهما بعد سنة خمس وأربعين وخمسمائة.
1112- عمر بن أحمد بن على الكبشى، أبو حفص الملقب بالخرقى:
من أهل الحربية، سمع [أبا] [1] الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ القادر بْن محمد ابن يوسف، وحدث باليسير، سمع منه شيخنا أحمد بن سامان الحربي ورفيقنا مبارك ابن مسعود الرصافي، وروى لنا عنه حديثا واحدا.
سَمِعْت أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن النفيس بن منجب الشاهد يقول: توفى عمر بن أحمد ابن على الكبشى في يوم الخميس سادس عشر جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وخمسمائة، ودفن عشية بباب حرب.
1113- عمر بن أحمد بن عمر بن روشن بن عمر، أبو حفص بن أبى العباس الخطيبى الواعظ [2] :
من أهل زنجان، وكان من أئمة الفقهاء على مذهب الشافعي، قرأ المذهب على القاضي أبى بكر محمد بن إسحاق بن عثمان بن عزيز الزوزنى صابح أبى إسحاق الشيرازي وعلى أبى عبد الله الحسين بن هبة الله بن أحمد الفلاكى، قدم بغداد حاجا في شهر ربيع الأول سنة إحدى وستين وخمسمائة، وحدث بها بكتاب الأسماء والصفات لأبى بكر أحمد بن الحسين بن على البيهقي عن حافده أبى الحسن عبيد الله ابن محمد عن جده، سمعه منه شيخنا حمزة بن محمد بن القيظى [3] الحراني وابن أخيه عبد اللطيف بن محمد وغيرهما.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: طبقات الشافعية للأسنوي 1/489.
[3] في الأصل: «القيطى» .(20/19)
أخبرنى عبد اللطيف بن محمد على الحراني أَنْبَأَ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عمر الخطيبى الزنجاني قدم علينا قراءة عليه وأنبأ القاضي أبو الفتح محمد بن أحمد بن بختيار الواسطي قدم علينا قالا أَنْبَأَ أَبُو الْحَسَنِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أحْمَد بن الحسين البيهقي أنبأ جدي أنبأ أحمد بن عبد الله الحافظ حدثنا على بن عيسى الحيرى حدثنا مسدد بن قطن حدثنا عثمان بن أبى شيبة حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أنهار الجنة وتأكل من ثِمَارَهَا وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ في ظل العرش، لما وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ وَمَقِيلِهِمْ قَالُوا: مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا عَنَّا أَنَّا أَحْيَاءٌ فِي الْجَنَّةِ نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا في الحرب؟ فقال الله عز وجل: أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ
- الآيات [1] .
أنبأنا القاضي أبو زكريا يحيى بن القاسم بن المفرح التكريتي المدرس بالنظامية ببغداد قال: عمر بن أحمد بن روشن الخطيبى [2] الزنجانى الفقيه الواعظ قدم بغداد وحدث بها، وكان فقيها محققا فاضلا في علم المذهب والخلاف والأصول، فصيح اللسان مليح المناظر متأيدا في كلامه يكاد يعده سامعه عدا، نزل بدار الكتب العتيقة بالمدرسة النظامية، ووعظ بالنظامية مرارا، وحضر بحلقة النظامية بجامع القصر واستدل في مسألة تعليق الطلاق بالملك فاعترض عليه الشيخ يوسف الدمشقي المدرس بالنظامية.
قرأت بخط القاضي أبي المحاسن عمر بن على القرشي قال: شاهدت بخطه- يعنى عمر بن أحمد الخطيبى الزنجاني- أنه ولد في ذى الحجة سنة إحدى وتسعين وأربعمائة.
1114- عمر بن أحمد بن عمر بن سالم، أبو حفص بن أبى بكر المقرئ، المعروف بابن الدردانة [3] :
__________
[1] انظر الحديث في: سنن أبى داود 1/348.
[2] في الأصل: «الخطمي» .
[3] انظر ترجمته في: لسان الميزان 4/285.(20/20)
من أهل الحربية، قرأ القرآن بالروايات على جماعة، وسمع الحديث من يوسف بن عمر الحربي وأبي الفتح بن البطي وغيرهما، كتبت عنه، وكان شيخا صالحا حسن الطريقة متدينا، يقرأ الناس عليه القرآن، وقد ختم عليه خلق كثيرا كتاب الله عز وجل.
أخبرنا عمر بن أحمد المقرئ الحربي قراءة عليه أنبأ يوسف بن عمر بن الحسين الزاهد قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنْبَأَ أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عبد العلاء ومحمد بن يوسف أنبأ أبى أَنْبَأَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حدثنا عبد الله بن محمد البغوي حدثنا أبو الربيع الزاهراني حدثنا جعفر بن مالك بن دينار قال سألت عكرمة: ها يذكر الله الرجل في نفسه وهو على حاجته؟ قال: بقلبه أما بلسانه فلا.
توفى عمر بن أحمد [ابن] [1] الدردانة في شهر رمضان سنة إحدى وستمائة ودفن بباب حرب وقد جاوز السبعين.
1115- عمر بن أحمد بن [...... [2] .
.....]
عبد الرحمن المخلص حدثنا عبد الله بن محمد البغوي حدثنا سويد حدثنا فرج بْنُ فَضَالَةَ عَنْ لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجة الوداع فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «ألا لعلكم لا تروني بعد عامي هذا» - ثلاث مرات، فقام إليه رجل طوال أشعت كأنه من أزد شنوءة فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا الَّذِي نَفْعَلُ؟ قَالَ: «اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ وَصُومُوا شَهْرَكُمْ وَحُجُّوا بيت ربكم وأدوا زكاتكم طيبة بها أنفسكم تدخلوا جنة ربكم عز وجل [3] » .
سألت الشريف أبا البركات الزيدي عن مولده فقال: في صفر سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة.
وتوفى يوم الإثنين العشرين من جمادى الأولى سنة عشر وستمائة فجأة بعد أن صلى بالناس إماما صلاة العصر ودخل منزله فلحقه ألم بفؤاده فمات في وقته، وصلى عليه من الغد بالمدرسة النظامية ودفن بمقابر قريش.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] بياض في الأصل.
[3] انظر الحديث في: كنز العمال 3/62.(20/21)
1116- عمر بن أحمد بن منصور بن محمد بن القاسم بن حبيب بن عبدوس الصفار، أبو حفص بن أبى نصر بن أبى سعد بن أبى بكر، الفقيه الشافعي:
من أهل نيسابور، كان ختن أبى نصر بن القشيري، وكان إماما كبيرا فقيها فاضلا مفتيا مناظرا مبرزا، سمع الحديث الكثير بافادة جده لأمه إسماعيل بن عبد الغافر بن يوسف المراغي وأبى بكر الفارسي بن أبى المظفر بن عمر بن الأنصارىّ وأبى بكر أَحْمَد بْن علي بْن خلف الشيرازي وأبي الحسن على بن أحمد المديني وأبى تراب عبد الباقي بن يوسف المراغي وأبى بكر محمد بن سهل السراج وأبى سهل عبد الملك بن عبد الله الدشتى وأبى سَعِيدٍ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ هوازن القشيري وأبى سعيد إسماعيل بن عمرو البحيري وأبى سعد على بن أبى صادق الحيرى وأبى نصر عبد الله بن الحسين بن محمد بن هارون وغيرهم، قدم بغداد حاجًّا فِي سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، وحدث بها بكتاب التيسير في التفسير لأبى نصر القشيري وحكايات الصوفية لابن باكويه وغير ذلك من الأجزاء، وألقى بها الدرس في المذهب والأصول، سمع منه يوسف بن محمد بن مقلد الدمشقي وأبو الفضل أحمد بن صالح ابن شافع الجيلي، وروى لنا عنه من أهل بغداد سليمان وعلي ابنا محمد بن علي الموصلي، وكان ثقة ثبتا صدوقا.
أخبرنا على بن محمد بن على الموصلي- وكان ثقة- أنبأ أبو حفص عمر بن أحمد ابن منصور الصفار قدم علينا بغداد حاجا في شهر ربيع الأول من ستة ثلاث وأربعين وخمسمائة أنبأ أبو سهل عبد الملك بن عبد الله بن محمد الدشتى أنبأ الأستاذ أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي [1] أنبأ أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بن هلال حدثنا يحيى بن الربيع المكي حدثنا سفيان بن عيينة حدثني الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قال عز وجل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدى فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال: فحمدني عبدى، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال: فحمدني عبدى أو أثنى على عبدى، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: فوض إلى عبدى، وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذه بيني وبين عبدى ولعبدي ما سأل، وإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، آمين، قال: هذه لك» [2] .
__________
[1] «بن محمش الزيادي» مكانها مطموس في الأصل.
[2] انظر الحديث في: صحيح مسلم 1/170(20/22)
أخبرنا أبو الحسن بن الموصلي أنبأ عمر بن أحمد بن الصفار أنبأ أبو سهل الدشتى أنبأ أبو عبد الله بن باكويه أنبأ أحمد بن محمد بن حمدون أنبأ أبو بكر بن دريد [أنبأ] أبو حاتم السجزى عن أبى زيد عن هشام بن حسان قال كان الحسن يقول: لا تأت أحدا إلا رجلا ترجو نواله أو تخاف يده أو تستفيد من علمه أو ترجو بركة دعائه.
وأخبرنا على بن محمد أنبأ عمر بن الصفار حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ المديني إملاء قال سمعت الحاكم أبا بكر محمد بن إبراهيم المشاط يقول سمعتُ مُحَمَّد بْن أَبِي إِسْمَاعِيل العلوي يَقُولُ سمعت جعفر بن نصير الخلدى يقول: لطف الجاهل يعقبك الغرور وتوبيخ العالم يعقبك [1] السرر.
وأخبرنا على بن الموصلي أنشدنا عمر بن الصفار [أنشدنا] أبو نصر عبد الله بن الحسين بن محمد بن هارون أنشدنا أبو سعد بن دوست أنشدنا أبو بكر الطرازي أنشدنا محمد بن الحسن بن محمد بن دريد لنفسه:
ودعته حين لا يودعه ... روحي ولكنها تسير معه
ثم افترقنا وفي القلوب له ... ضيق مكان وفي الدموع سعة
وأخبرنا ابن المصلى أنبأ ابن الصفار أنشدنا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ القشيري أنشدنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الكرماني أنشدنا أبو الفتح البستي لنفسه:
إذا لم يكن للمرء نفس كريمة ... تهش إذا أوحت إليه النصائح
فلا مطمع في رشده وصلاحه ... وإن صاح يوما بالنصائح ناصح
أخبرنى شهاب الحاتمي بهراة حدثنا أبو سعد بن السمعاني من لفظه قال: عمر بن أحمد بن منصور الصفار إمام فاضل بارع مبرز، من بيت العلم والحديث يفتي ويناظر، وكان مكثرا من الحديث، وكتبت عنه بنيسابور وسألته عن مولده، فقال: في ذى القعدة سنة سبع وسبعين وأربعمائة، وتوفى بنيسابور يوم عيد الأضحى سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة.
1117- عمر بن أحمد بن هلال بن الحسن بن رزق الله، أبو القاسم الدقاق:
حدث عن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن يعقوب بن ستيتة البزار، روى عنه الحاكم
__________
[1] في الأصل: «لعقبك» .(20/23)
أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن البيع النيسابوري في معجم شيوخه.
قَرَأْتُ على أَبِي عَبْد اللَّهِ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحيرى عن الخضر بن الفضل بن عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بْنِ مَنْدَهْ أَخْبَرَهُ عَنِ الْحَاكِمِ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه النيسابوري قال حدثني أبو القاسم عمر بن أحمد بن هلال بن رزق الله الدقاق ببغداد حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن ستيتة البزار حدثنا جدي حدثنا سعيد بن عامر حدثنا حبيب بن الشهيد عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل بهما جميعا.
1118- عمر بن أحمد بن الهيثم بن سام، أبو بكر القاضي:
روى عن أبى بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي كتابي في «الأسماء والكنى» ، يكتب عنه القاضي أَبُو عَمْرو عُثْمَان بْن عَبْد اللَّه بْن إبراهيم العجلى الكرخي ثم الطرسوسي بطرسوس، وروى عنه بكفر طاب في سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة، وروى أيضا عن القاسم بن موسى بن خاقان، روى عنه أبو عمران الحسين الموصلي [1] .
قرأت على أبى غانم المهذب بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْن بْن زيبة الأصبهانى بفيروزان عن عم والده أبى عاصم أحمد بن الحسين أنبأ حمد بن الفضل الخواص إذنا حدثنا أحمد بن أبى القاسم الهمداني حدثنا أحمد بن أبى عمران حدثني أبو عمران الحسين بن عمران الموصلي أنبأ عمر بن أحمد بن الهيثم البغدادي حدثنا القاسم بن موسى بن خاقان عن محمد بن قاسم الأسدى عن سعيد عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «النظر إلى وجه على بن أبى طالب عبادة» [2] .
1119- عُمَر بْن أَحْمَدَ بْن يَحْيَى بْن عَبْد الصمد، أبو القاسم البقال. المعروف بابن الرويح، والد أبى بكر أحمد الذي ذكره الخطيب في التاريخ:
حدث عن أبى عبد الله الحين بن محمد بن عقير الأنصارىّ وأبى القاسم عبد الله ابن مُحَمَّد البغوي ويحيى بْن مُحَمَّد بْن صاعد وأبي حامد مُحَمَّد بن هارون الحضرمي وأبي أحمد عبد الواحد بن المهتدى بالله وأبى على إسماعيل بن العباس الوراق، روى عنه القاضي أبو الحسن بن إسماعيل بن سبنك وقد ذكره عبد الرزاق بن عبد الله بن
__________
[1] في الأصل: «أبو عمران الحسين أنبأ أحمد بن الفضل الموصلي» .
[2] انظر الحديث في: الجامع الكبير للسيوطي 1/452.(20/24)
أحمد بن إسحاق الأصبهانى أخو أبى نعيم الحافظ فِي معجم شيوخه، وذكر أنه سمع منه ببغداد بباب الطاق ولم يخرج عنه شيئا.
أنبأنا عبد الوهاب الأمين عن أبى الفضل الفارسي أنبأ أبو نصر على بن هبة الله ابن على الجرباذقانى [1] أنبأ القاضي أبو الحسن محمد بن إسماعيل بن سنبك قال قرئ على أبى القاسم عُمَر بْن أَحْمَدَ بْن يَحْيَى بْن عَبْد الصمد بن الرويح البقال وأنا أسمع حدثك أبو عبد الله بن عفير حدثني شعيب بن سلمة بن محمود بن الأشعث حدثنا إبراهيم بن صرمة الأنصارىّ حدثنا يحيى بن سعيد الأنصارىّ حدثنا أبو بكر بن المنكدر عن عطاء بن يسار عن السائب بن خلاد قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم يقول: «من أخاف أهل المدينة أخافه الله وو عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» [2] .
1120- عمر بن أحمد بن يوسف بن محمد بن العقيس، أبو القاسم:
من أهل باب البصرة، هكذا رأيت نسبه بخطه بفتح العين وكسر القاف وأخره سين مهملة، سمع كثيرا من أبى السعود أحمد بن على بن المجلى وكتب بخطة، وكان يكتب خطا حسنا. وأظنه توفى شابا ولم يحدث.
قرأت في كتاب عمر بن المبارك بن سهلان بخطه قال: مات أبو القاسم عمر بن أحمد بن العقيس في ذى الحجة سنة تسع وثلاثين وخمسمائة ودفن بمقبرة الجامع.
1121- عمر بن أحمد، المعروف بالطيار:
حكى بسرّ من رأى عن أبيه، روى عنه أبو الطيب أحمد بن محمد بن إسماعيل البغدادي.
قرأت على أبى على إسماعيل بن عبيد الله المقرئ ببارجان عن أبى القاسم إسماعيل ابن محمد بن الفضل الحافظ أنبأ عبد الصمد بن أحمد بن أبى جابر قدم علينا أنبأ أبو عبد الرحمن البحتري أنبأ أبو أحمد القاسم ابن محمد القنطري حدثنا عمر بن أحمد المعروف بالطيار بسر من رأى حدثني أبى قال: اجتمع أهل بغداد إلى المعتصم واستأذنوا عليه فأذن لخمسة منهم فتقدم شيخ طويل اللحية فقال له الحاجب: تكلم وأوجز! قال: قل لأمير المؤمنين انتقل عنا فإنّا لا نساكنك ولا نرضى بجوارك، فقال
__________
[1] في الأصل: «الجردنانى» .
[2] انظر الحديث في: الجامع الصغير 2/137.(20/25)
المعتصم: وإلا فأيش؟ فقال له الحاجب: وإلا فأيش؟ فقال: نقاتلك، فقال له: قل له:
بم تقاتلون؟ قال: بالسبابات في السحر سهام الليل، فبكى المعتصم وقال لي: لا طاقة بسهام الليل، وارتحل من بغداد، فسار إحدى وعشرين فرسخا وابتنى سر من رأى إلى أن مات بها.
1122- عمر بن أحمد الخزاز السامري:
قرأت على أبى محمد بن مندة بأصبهان عن محمد بن أحمد السكرى بن القاسم بن الفضل الثقفي أخبره أنبأ أبو أحمد عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الكرخي قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بن عمر الطهراني حدثنا الخزار السامري حدثنا أحمد بن الحسن الواسطي حدثنا أحمد بن الحسن الواسطي حدثنا أحمد بن غالب غلام الخليل حدثنا هدبة بن خالد عن حماد بن سلمة في قول الله عز وجل لما قال للسماوات والأرض ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ
. أجابت أرض أصبهان فأصبهان فم الدنيا ولسانها [1] .
1123- عمر بن أحمد، أبو القاسم الحربي:
حدث بنيسابور عن إسحاق بن إبراهيم بن يونس المنجنيقى وأحمد بن الفضل الربعي المعروف بسندانة وأبى أحمد عبد الله بن عدى وأبى بكر أحمد بن إسماعيل الإسماعيلى الجرجانيين، روى عنه أَبُو الحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد الطرازي وأَبُو عَبْد الرَّحْمَن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن السلمي النَّيْسَابُورِيّ.
قرأت على حامد بن محمد الصباغ بأصبهان عن عبد الجليل بن محمد الحافظ أنبأ أبو القاسم لاحق بن محمد التميمي إذنا عن أبي الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَد بْن عثمان الطرازي حدثنا أبو القاسم عمر بن أحمد البغدادي الحربي الحافظ بنيسابور سنة خمس وستين وثلاثمائة حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس المنجنيقى حدثنا عناد بن السرى حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسحاق قال حدثني يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت: كان نعيم رجلا نماما فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن اليهود بعثت إلى إن كان يرضيك أن تأخذ رجالا رهنا من قريش وغطفان من أشرفهم فندفعهم إليك فتقتلهم فخرج من عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتاهم
__________
[1] على الهامش ما نصه: «آخر الجزء، وهو آخر المجلد الثاني والعشرين من الأصل، ونتلوه في الذي بعده إن شاء الله تعالى» .(20/26)
وأخبرهم بذلك فلما ولى نعيم [1] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أن الحرب خدعة» [2] .
كتب إلى أبو جعفر وأبو بكر محمد ولا مع ابنا أحمد بن نصر الصيدلاني أن أبا على الحسن الحداد أخبرهما عن أبى الوفاء مهدى بن طراز الواعظ حدثنا أبو عبد الرحمن السلمى أنبأ أبو القاسم عمر بن أحمد الحربي حدثنا أحمد بن الفضل الربعي حدثنا أحمد بن يحيى ثعلب حدثنا الزبير أن بعض أهل منبج [3] قال: نزل الحكم بين أظهرنا وكنا فقراء فاستغنينا كلنا، قيل: وكيف ذلك؟ قال: علمنا مكارم الأخلاق فجاد غنينا على فقيرنا فاستغنينا.
قرأت على عبد اللطيف بن محمد الجوهري عن طاهر بن محمد بن طاهر قال كتب إلى أبو بكر أحمد بن على بن خلف النيسابوري حدثنا [أبو] [4] عبد الرحمن السلمى إملاء قال سمعت عمر بن أحمد الحربي يقول سمعت أحمد بن الفضل الربعي حدثنا محمد بن يزيد حدثنا عمرو بن بحر البصري قال: استعار منى شيخ من أهل العلم كتابا فيه مآثر غطفان فحبسه مدة ثم رده وقال لي: يا ابن أخى ذهبت المكارم إلا من الكتب.
أنبأنا ذاكر بن كامل ويحيى بن أسعد وجماعة وقالوا: كتب إلينا أبو على الحداد أن أبا الوقت البغدادي أخبره أنشدنا أبو عبد الرحمن السلمى أنشدنا عمر بن أحمد الحربي أنشدنا أحمد بن عبد الله الهاشمي لنفسه:
حربكم [5] في كل حال فكنتم ... لراجى نداكم عاضا غير ماطر
سواء على الغادي إليكم لفاقة ... إذا زاركم [أو] [6] زار أهل المقابر
قرأت على أبي عبد الله الحنبلي بأصبهان عن أبى المحاسن الْجَوْهَرِيِّ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ ظَفْرُ بْنُ الدَّاعِي العلوي أن أبا عبد الرحمن السلمى أخبره قال أنشدنى عمر بن أحمد الحربي قَالَ أنشدني أبو الحسن بن سكرة الهاشمي لنفسه:
في وجه إنسانة كلفت بها ... أربعة ما اجتمعن في أحد
__________
[1] في الأصل: «نعيمان» .
[2] انظر الحديث في: كنز العمال 5/283.
[3] في الأصل: «منبج» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] هكذا في الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(20/27)
الخد ورد والصدغ غالية ... والريق خمر والثغر من برد
في كل جزء لجسمها بدع ... تودع قلبي بدائع الكمد
1124- عمر بن أحمد العطار:
والد محمد بن عمر العنبري الشاعر- وقد ذكره الخطيب في «التاريخ» ، حكى عن جعفر بن محمد بن نصر بن الخلدى حكاية رواها عنه ولده.
قرأت على يوسف بن أَحْمَد بن الحسين الدباس عن أبي علي الحسن بن المظفر بن الحسن بن السبط الهمداني أنبأ والدي قال: وجدي أبو بكر محمد بن عمر بن أحمد العطار المعروف بالعنبرى ببغداد على الشط قال حدثني أبى جعفر الخلدى قال:
حججت سنة من السنين صحبني بعض الصوفية، وكان ممن يشار إليه بالعلم والمعرفة فأضافنا الطريق إلى جبل وكنا جماعة فاستسقيناه ماء ولم يكن بالقرب ماء فأخذ ركوة وأومى بها إلى الجبل فسمعت خرير الماء بأذنى حتى امتلأت الركوة فسقى الجماعة وكانت عيني إلى الموضع فلا أرى للماء أثر ولا سقاء في الجبل، قال المظفر ابن السبط قال لنا الشيخ قال لنا والدي: فسألت جعفر عن هذا فقال: كرامة الله لأوليائه.
1125- عمر بن أحمد، أبو القاسم البلخي الشاهد، يعرف بابن الخرقى:
ذكر هلال بن المحسن الكاتب في تاريخه ونقلته من خطه أنه توفى فِي ليلة السبت السادس من شوال سنة ثمانين وثلاثمائة.
1126- عمر بن أحمد، أبو القاسم الغراد:
قرأت على أبي الحسن بن المقدسي بمصر عن أبى طاهر السلفي أنبأ أبو على أحمد ابن محمد بن أحمد البردانى فيما قرأت عليه قال سمعت أبى أبا الحسن يقول: توفى أبو القاسم عمر بن أحمد الغراد المعروف بابن الأبرار الشيخ الصالح يوم الإثنين ثامن عشر جمادى الأولى سنة خمس وعشرين وأربعمائة، ودفن بباب حرب.
1127- عمر بن أحمد بن الكواز الزاهد:
من ساكني الجعفرية، كان من عباد الله الصالحين، بأمر بالمعروف وبنهي عن المنكر، وله أصحاب وأتباع يوافقونه على ذلك.(20/28)
حدثني أبو الرضا المبارك بن سعد الله الواسطي جارنا غير مرة قال: كان ابن الكواز وأصحابه لا يمكنون أحدا يعبر عليهم معه خمر أو نبيذ إلا أراقوه، وكان ذلك في أراقوه، وكان ذلك في أيام السلطان مسعود والأعجام وأتباعهم والعسكرية وغلمانهم حينئذ كثيرون ببغداد، واشتد إنكار ابن الكواز عليهم وكثر حتى رفعوا ذلك إلى السلطان، فاتفق في بعض الأيام التي كان السلطان في مجلس له مشرف على دجلة وقد عبى له فيه الفواكه والرياحين وقرابات الخمر والمغانى وهو مشغول بشأنه فاجتازت سفينة في الشط فيها ابن الكواز وأصحابه قد رجعوا من زيارة قبر أحمد بن حنبل، فقال بعض من كان في مجلس السلطان: هذا ابن الكواز الذي يؤذينا، فأمر السلطان بإحضاره فجئ به سريعا إلى بين يديه فقال له: يا شيخ ما تظهر قوتك ولإنكارك إلا على غلام عاجز أو خربنده ما معه قيمة شيء تافه حقير إن كنت تريد أن تعمل شيئا له قيمة وقدر فأظهر قوتك علينا وارق ما في مجلسنا ومجالس أكابر من يخدمنا، وإلا ما في فعلك معنى، فقال: يا سلطان أنا أنكر على هؤلاء لأنهم على قدري، وأما الجبال يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً. فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً. لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً
فبكى السلطان وقال: قد أذنت لك في صب ما هاهنا، فأراقه كله في دجلة، وانفصل ذلك المجلس وتفرق من كان فيه، وخرج ابن الكواز إلى أصحابه جدلا.
قرأت في كتاب أبي الفضل أحمد بن صالح بن شافع الجيلي بخطه قال: توفي عمر ابن الكوار المنكر يوم الإثنين سلخ جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة.
وصلى عليه يوم الثلاثاء مستهل رجب، ذكر غيره أنه دفن بباب حرب.
1128- عمر بن أبى الأزهر بن عامر، أبو حفص الحبار:
من أهل باب الأزج، سمع بإفادة مؤدبه خلف بن فضلان عن أبى طالب المبارك بن على ابن محمد بن حضير، كتبت عنه شيئا يسيرا، وكان شيخا حسنا متيقظا لا بأس به، مولده بعد الثلاثين وخمسمائة.
أخبرنا عمر بن أبى الأزهر الحبار بقراءتي عليه أَنْبَأَ أَبُو طَالِبٍ الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ محمد بن حضير الصيرفي من لفظه سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَن علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْنِ الْعَلافِ أَنْبَأَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ المقرئ حَدَّثَنَا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بن زياد القطان حدثنا يحيى بن جعفر بن الزبرقان(20/29)
حدثنا زيد ابن الحباب حدثنا كامل أبو العلاء عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم يقول في سجوده: «اللهم اغفر لي وارحمني وارزقني واجبرني وارفعني» [1] .
توفى عمر بن أبى الأزهر في العشر الآخر من صفر سنة ثمان عشرة وستمائة، ودفن بمقبرة الحلال بباب الأزج.
1129- عمر بن أسعد بن بارستكين التركي البغدادي، الفقيه الشافعي:
صاحب أبى بكر محمد الشاشي، روى عن الشاشي معتقده في التوحيد. سمعه منه أبو بكر المبارك بْن كامل بْن أَبِي غالب الخفاف في ذى القعدة سنة سبع عشرة وخمسمائة.
1130- عمر بن أسعد الصوفي:
ذكره أبو بكر بن كامل في معجم شيوخه وروى عنه إنشادا، ولا أدرى هو الذي قبله أم غيره.
1131- عمر بن إسماعيل، أبو حفص الصفار:
ذكره أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ بن شاذان فِي معجم شيوخه، وذكر أنه سمع منه بِبَغْدَادَ.
1132- عُمَر بْن أعز بن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عموديه السهروردي، أبو حفص ابن أبى الحارث الصوفي:
أخو شيخنا أبى عبد الله محمد بن أعز الذي تقدم ذكره، سمع أبا الوقت عبد الأول ابن عيسى بن شعيب السجزى وغيره. كتبت عنه، وكان شيخا لا بأس به، أحد الصوفية برباط سعادة.
أخبرنا عمر بن أعز بن عمر السهروردي بقراءتي عليه أنبأ عبد الأول بن عيسى أنبأ أبو الحسن الداودي أنبأ عبد الله بن أحمد السرخسي حدثنا محمد بن يوسف الفربري حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري حدثنا آدم حدثنا شعبة قال سمعت أبا عثمان النهدي عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرجال من النساء» [2] .
__________
[1] الحديث في: سنن الترمذي 1/38.
[2] انظر الحديث في: صحيح البخاري 2/763.(20/30)
سألت شيخنا أبا عبد الله محمد بن أعز السهروردي عن مولد أخيه عمر فقال: في رجب سنة اثنتين وأربعين وخمسائة. وتوفى يوم الأربعاء الثالث من شهر ربيع الأول سنة أربع وعشرين وستمائة، ودفن بالسهلية عند جامع السلطان.
1133- عمر بن بدر بن عبد الله أبو حفص المغازلي:
أحد الفقهاء على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل، وله تصانيف في المذهب واختيارات، سمع أَبَا الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن بشار الزاهد وأبا حفص عمر بن بكار العاقلانى وأبا الفضل جعفر بن محمد الصندلي روى عنه إبراهيم بن أحمد بن عمر بن شاقلاء [1] ، وعمر بن أحمد البرمكي وعمر بن إبراهيم بن عبد الله بن المسلم العكبري.
حدثنا أبو حفص عمر بن بدر المغازلي حَدَّثَنَا أَبُو الفضل جعفر بن مُحَمَّد الصندلي أخبرنى أبو عمر خطاب بن بشر الوراق قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه أَحْمَد بْن حنبل يذاكر أبا عثمان أبا أمه فقال: يرحم أبا عبد الله ما أصلي صلاة إلا دعوت فيها لخمسة هو أحدهم وما يتقدمه منهم أحد، قال خطاب: وجعلت أسأل أحمد بن حنبل ويجيبني ويلتفت إلى ابن الشافعي فيقول: هذا مما علمنا أبو عبد الله رحمه الله، يعنى الشافعي.
1134- عمر بن بزيع الكاتب:
كان يخلف الربيع بن يونس في وزارته للهادي، فلما مات الربيع بقي عمر هذا في نيابة الوزارة إلى أن مات الهادي، ذكر هذا الصاحب إسماعيل بن عباد في كتاب «الوزراء» من جمعه.
1135- عمر بن أبى بكر بن عمر، أبو حفص الحكاك الجوهري:
جارنا بالظفرية، كانت له معرفة بالجواهر والخرز والأحجار، وكان سافر بها إلى البلاد في طلب الكسب، اتفق أنه صاحب قاضى القضاة محمد بن جعفر العباسي وقد نفذ رسولا إلى نيسابور، وسمع بقراءته على أبى المعالي عَبْد المنعم بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد ابن الفضل الفراوي، كتبت عنه شيئا يسيرا، وكان شيخا نظيفا ساكنا قليل المخالطة للناس.
أخبرنا عمر بن أبى بكر الحكاك بقراءتي عليه في منزله أنبأ أبو المعالي عَبْد المنعم بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الفضل بن أحمد الفراوي قراءة عليه بنيسابور في ذى القعدة سنة
__________
[1] في الأصل: «ساملا» خطأ(20/31)
خمس وسبعين وخمسمائة أنبأ جدي أبو عبد الله محمد بن الفضل أنبأ محمد بن أحمد ابن أحمد بن مسرور الزاهد حدثنا بشر بن أحمد الإسفرائينى حدثنا داود بن الحسين البيهقي حدثنا عبد العزيز بن منيب المروزي حدثنا إسحاق بن عبد الله بن كيسان أبو بشر حدثني أبى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارتقى المنبر فأمن ثلاثا ثم: «أتدرون ماذا أمن؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «جاءني جبريل فأخبرنى أنه من ذكرت عنده فلم يصل عليك دخل النار، أبعده الله وأسخطه فقلت:
آمين، ومن أدرك والديه أو أحدهما فلم يبرهما فدخل النار، أبعده الله وأسحقه فقلت: آمين، ومن أدرك شهر رمضان فلم يغفر له دخل النار، أبعده الله وأسحقه فقلت: آمين» [1] .
توفى عمر الحكاك بحلب في يوم الخميس التاسع والعشرين من ذي القعدة من سنة ستمائة، ودفن هناك، وقد جاوز السبعين.
1136- عمر بن أبى بكر بن عمر بن الصياد، أبو محمد:
من أهل الحربية، سمع أَبَا جعفر أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ القادر بن يوسف وغيره، كتبت عنه، وكان شيخا صالحا.
أخبرنا عمر بن أبى بكر بن عمر الصياد أنبأ أحمد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ أنبأ المبارك بن عبد الجبار بن أحمد أنبأ عمر بن الحسين الخفاف حدثنا عمر بن محمد ابن على الزيات حدثنا عبد الله بن ناجية حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع حدثني أبى حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ خُيَثْمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حجادة عن الحسن عن جندب رضى الله عنه قال: ألا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «ألا لا يحولن بين أحدكم وبين الجنة وهو يرى بابها ملء كف من دم امرئ مسلم أصابه بغير حله» [2] .
توفى عمر بن الصياد في سلخ سفر سنة تسع وعشرين وستمائة، ودفن بباب حرب، ولعله قارب السبعين.
1137- عمر بن بكر بن محمد بن أبى سهل، أبو حفص بن أبى على بن أبى بكر السبعي [3] :
__________
[1] انظر الحديث في: مسند أحمد 2/354.
[2] انظر الحديث في: صحيح البخاري 2/1059.
[3] انظر ترجمته في: الأنساب للسمعاني 7/63.(20/32)
نيسابورى الأصل- وقد تقدم ذكر والده، سمع أباه وأبا محمد بن يحيى، وحدث باليسير، روى عنه أبو بكر بن كامل. قرأت في كتاب أبي بكر المبارك بن كامل عن أبى غالب الخفاف بخطة وأنبأنيه عنه ابنه يوسف أنبأ أبو حفص عمر بن بكر بن أبى بكر السبعى وأنبأ عبد الوهاب بن على أنبأ أبى قالا أنبأ ابو محمد الصريفيني أنبأ أبو القاسم بن حبانة [1] حدثنا البغوي حدثنا على بن الجعد أنبأ شعبة وقيس بن حبيب عن أبى ثابت عن ميمون بن أبى شبيب عن المغيرة ابن شُعْبَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «من حدث بحديث ويرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين» .
قرأت بخط أبى بكر بن كامل قال: مات عمر السبعى في العشر الأول من رمضان سنة سبع عشرة وخمسمائة.
1138- عمر بن أبى بكر بن الوسطاني، أبو حفص:
من أهل باب الأزج سمع أبا غالب أحمد بن الحسن بن أحمد بن البناء. وحدث باليسير، روى لنا عنه أَبُو بكر عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الحبار في مشيخته.
أخبرنا عبد الله الحبار حدثنا عمر بن أبى [بكر] [2] بن الوسطاني قراءة عليه أنبأ أبو غالب بن البناء أنبأ الحسن بن على الجوهري حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الغفار الفارسي حدثنا أبو الحسن بن الحسين بن معدان حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن راهويه الحنظلي بنيسابور حدثنا عيسى بن يونس حدثنا عبد الله بن عمرو بن علقمة المالكي عن أبى خيثمة عن ابن أبى مليكة عن عائشة رضى الله عنها قالت: جاء بى جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خرقة حرير أحمر فقال: «هذه زوجتك في الدنيا والآخرة» [3] .
1139- عمر بن أبى بكر الصوفي البغدادي:
صحب أبا الخير أحمد بن إسماعيل القزويني وتفقه عليه، ثم صحب [أبا] [4] العلاء على بن محمد النيسابوري صهر العبادي، وسلك طريق الصوفية، وسكن برباط الأرجوانية بدرب راجى مدة، ثم خرج من بغداد مع عبد الحميد بن عبد اللطيف بن
__________
[1] هكذا في الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] انظر الحديث في: كنز العمال 6/225.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(20/33)
أبى النجيب السهروردي إلى الشام فأقام بها مدة، ومات عبد الحميد بحلب ووصل والده إلى الشام، فلما فتح صلاح الدين يوسف بن أيوب مدينة عكا جعل فيها عبد اللطيف بن أبى النجيب قاضيا وخطيبا فاستخلف فيها على ذلك إلى أن عاد الأفرنج فأخذوها من يد المسلمين، وأسر عمر مدة في يد الأفرنج ثم أخذ منه صالح وألحق وعاد إلى بلاد الإسلام فرتب ناظرا في أحوال المسجد الأقصى وعمارته ومصالحه، فلم تحمد سيرته فعزل عن ذلك، وسكن خانقاه الصوفية ببيت المقدس إلى أن أدركه أجله في ذى العقدة من سنة سبع وستمائة، ودفن هناك، وذكر أنه خلف من الورق أربعين ألف درهم.
1140- عمر بن بندار بن إبراهيم بن علي بن الحسن بن إبراهيم بن أحمد بن هبة الله بن موسى العجلى الدينوري، أبو حفص الوراق:
ذكر أنه سمع من زيد بن رفاعة ومن أبى عبد الله بن فنجويه بالدينور. وله منهما إجازة بجميع حديثهما، وإن مولده في سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، فأول سماعه في سنة إحدى وثمانين بنهر بغداد، وكتب عنه علي بن الحسن بن الصقر الذهلي بخطة قال أنشدنى أبو حفص عمر بن بندار بن إبراهيم الدينوري لبعضهم:
يا ذا الذي سره في الناس إعلان ... أخف الكلام فللحيطان آذان
واحفظ لسانك تأمن شر نهشته ... أن اللسان على الإنسان ثعبان
1141- عُمَر بْن بُنَيْمان بْن عُمَر بْن نصر بن أحمد بن بنيمان الهمداني المستعمل، أبو المعالي:
من أهل الحريم الطاهري، وقد تقدم ذكر أخبه أحمد. أصلهما من همدان، سمع أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بن أَحْمَد بن اليسرى وأبا غالب محمد بن الحسن البقال وأبا بكر أحمد بن على الطريثيثي وأبا المعالي ثابت بن بندار البقال وأبا الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي وأبا على أحمد بن محمد بن البردانى وأبا العز محمد بن المختار بن المعيذ بالله وجماعة غيرهم، وحدث بالكثير وكان صدوقا صالحا متدينا، روى لنا عنه أبو محمد بن الأخضر وفضائل ابن أبى نصر بن أبى العز بن العليق وجماعة غيرهم.
أخبرنا ابن الأخضر وفضائل بن أبى نصر قالا أنبأ أبو المعالي عمر بن بنيمان بن(20/34)
عمر قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنْبَأَ أَبُو عَبْد اللَّه الْحُسَيْنُ بْن عَلِيّ بْن أحمد أنبأ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السكرى أنبأ إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا سعدان بن نصر حدثنا شعبان عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عائشة رضى الله عنها أن امرأة سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ غسلها من الحيض فقال: «خذي قرصة من المسك فتطهري بها» ، قالت: كيف أتطهر بها؟ قال: «تطهرى بها» قالت: كيف أتطهر بها؟ قال: «سبحان الله تطهرى بها» ، قالت عائشة: فاجتذبتها إلى فقلت: تتبعين بها آثار الدم [1] قرأت بخط عمر بن بنيمان قال: مولدي في سنة أربع وثمانين وأربعمائة. قرأت بخط القاضي أبي المحاسن عمر بن على القرشي قال: مات عمر بن بنيمان المستعمل في يوم الجمعة ثامن رجب سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، ذكر غيره أنه دفن بباب حرب يوم السبت.
1142- عمر بن تميم، أبو حفص الدّيرعاقوليّ الصوفي:
ذكره عبد الواحد بن شاه الشيرازي في كتاب «تاريخ الصوفية» ونقلته من خطه:
عمر بن تميم أبو حفص الدير الدّيرعاقوليّ من متأخري مشايخهم.
1143- عمر بن ثابت بن إبراهيم بن عمر بن عبد الله، أبو القاسم الضرير النحوي. المعروف بالثمانينى [2] :
قرأ النحو على أبى الفتح عثمان بن جنى حتى برع وشرح «كتاب اللمع» وكذا «التصريف [3] الملوكي» اللذين لابن جنى، وكان متصدرا لتدريس النحو وأقرا الناس، وروى «اللمع» و «التصريف» عن ابن جنى، روى عنه الشريف يحيى بن طباطبا وإسماعيل بن الموصلي الإسكافى وأبو سعد محمد بن عقيل بن عبد الواحد الكاتب الدسكري.
أخبرنا عَبْد الرَّحِيم بْن يُوسُف الدمشقي بالقاهرة أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي أخبرنى أبو سعد محمد بن عقيل بن عبد الواحد الكاتب الدسكري ببغداد قال أنشدنى أبو القاسم عمر بن ثابت الثمانيني النحوي صاحب الشرح لسيدك الشاعر الواسطي.
__________
[1] انظر الحديث في: صحيح مسلم 1/150.
[2] انظر ترجمته في: هدية العارفين 1/781.
[3] في الأصل: «الشريف» .(20/35)
إذا ما قطعتم ليلكم بمدامكم ... وأفنيتم أيامكم بمنام
فمن ذا الذي يرجوكم لملمة ... ومن ذا الذي يغشاكم السلام
كأنكم لم تسمعوا قول حاتم ... ولم تملكوا نفسا كنفس عصام
ولم تعلموا أن اللسان موكل ... بمدح كرام أو بذم لئام
أنشدنا أبو القاسم الثمانيني اللغوي لابن الرومي [1] :
إذا جئت مشتاقا إليك ورفعت ... جوفك فانظرنى بما أنا خارج
نسيان بيت العنكبوت وجوسق ... على الشط ما لم يقض فيه الحوائج
قرأت في كتاب «التاريخ» لأبي الحسن محمد بن عبد الملك بن الهمداني قال:
ودخلت سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة في ذى القعدة توفى أبو القاسم عمر بن ثابت الثمانيني الضرير النحوي، وهو الذي شرح اللمع، وقال لي: إنى كنت أتردد إلى مسجده بدرب القرشيين بالكرخ وأسمع تدريسه فقال في بعض الأيام وقد عرف حفظي المجمل اللغة: لا تقرأ شيئا من النحو؟ فقلت: لأنك تأخذ من أصحابك الأجرة يدي عن ذلك قاصرة، قال: فما عليك اقرأ على النحو وأقرأ عليك اللغة، ففعل وفعلت، وقرأت عليه «شرح اللمع» وقرأ على «المجمل» لابن فارس.
قرأت في كتاب «التاريخ» لهلال بن المحسن الكاتب بخطة قال: وفي يوم الأحد مستهل ذى العقدة يعنى من سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة توفى أبو القاسم عمر بن ثابت المعروف بالثمانينى الضرير النحوي.
1144- عمر بن ثابت بن على الصياد، أبو القاسم بن أبى منصور، المعروف بابن الشمحل:
من ساكني المأمونية، وكان يتولى بعض الأعمال الديوانية وعلت مرتبته وارتفع شأنه وصار له قرب من الدولة واختصاص، فبنى مدرسة للمتفقهة من أصحاب أحمد ابن حنبل، ودرس بها أبو حكيم النهرواني وبعده ابن الجوزي، وجعلت فيها خزانة كتب نفيسة، ثم إنه قبض عليه وسجن إلى أن هلك، ولم يثبت فقيه تلك البقعة فبيعت وصارت دارا لبعض الأمراء وأخذت الكتب التي كانت فيها، وكان عمر هذا قد سمع كثيرا من الحديث من أبي الحسن علي بن مُحَمَّد بن على بن العلاف وأبي منصور مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ الخياط المقرئ وأبى القاسم على بن محمد بن بيان وأبى على
__________
[1] على هامش الأصل: «قال ابن خلكان: هذان البيتان للبحترى وهما في ديوانه» .(20/36)
محمد بن سعيد بن نبهان وغيرهم، وحدث باليسير، سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر ابن على القرشي وأحمد بن طارق الكركي.
قرأت في كتاب شيخنا أبي الحسن مُحَمَّد بن على بن إبراهيم الكاتب بخطة قال قال لي الرئيس أبو المكارم بن الآمدى يهجو عمر بن ثابت بن إسماعيل:
لست أهجوك يا خبيث بشيء ... غير قولي هذا الفتى ابن الشمحل
اسم سوء حذف ثلاث حروف ... منه أولى فقف على شر أصل
ورفيع من يرتجى منك خيرا ... تبتدئ به وأنت ابن محل
ذكر عمر بن ثابت أن مولده في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين وأربعمائة.
قرأت بخط القاضي أبي المحاسن القرشي قال: توفى عمر بن الشمحل في يوم الأحد ثانى عشر ذى الحجة من سنة إحدى وستين وخمسمائة، وقال أبو الفضل أحمد ابن صالح بن شافع في تاريخه: وفي ليلة الإثنين تاسع عشر ذى الحجة سنة إحدى وستين وخمسمائة.
أخرج أبو القاسم عمر بن ثابت بن على الصياد المعروف والده بالشمحل الثاني المنصوص من محبسه ميتا وحمل إلى مقبرة باب حزب فدفن هناك، وهذا المسكين كان قد سمع الحديث ثم إنه عاض في أعمال السلطان وعاث في عوضه أقبح عوث، وبنى مدرسة بدرب الشوك بشارع المأمونية حسنة وأودعها كتبا حسنة، فلم يزل فساد التدبير ممن سكنها سوء التوفيق المعروفين من حلاله حتى طرق عليه بذلك فساء في تعطيلها وتبطليها وسد بابها ونقل ما فيها من الكتب وأخرج الذي كان فيها على أقبح وجه.
1145- عمر بن ثواب بن محمد بن ثابت بن ثوبان المسروقى:
من أهل الأنباء، حدث عن على بن موسى، روى عنه أحمد بن يعقوب الفرنجلى الأنبارى.
قرأت على أبى محمد بن مندة بأصبهان عن أبى أحمد الوراق أنبا محمد بن عبد الواحد الحافظ إذنا أنبأ أبو نصر عبد الكريم بن محمد الشافعي أخبرنى أبو على الحسن ابن عبيد الله الإصطخرى أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ موسى الأنبارى أنبأ أبو بكر أحمد بن يعقوب الفرنجلى حدثنا المروقى هو أبو بكر عمر بن ثواب بن محمد بن ثابت(20/37)
ابن ثوبان الأنبارى حدثنا على بن موسى حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زياد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ وعدني أن يدخل الجنة من أمتى سبعين ألفا بلا حساب ولا عذاب مع كل ألف سبعين ألفا وثلاث حثيات من حثيات ربى عز وجل» [1] .
1146- عمر بن جميل بن الجلال. أبو حفص العتكي:
من أهل البصرة، قدم بغداد وحدث بها عن العباس بن القرج الرياشي، روى عنه أبو بكر محمد بن سعيد الشاشي الفقيه.
كتب إلى أبو جعفر وأبو بكر محمد ولامع ابنا أحمد بن نصر الصيدلاني أن يحيى بن عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن مندة أخبرهما أنبا أبو الحسين أحمد بن عبد الرحمن الذكوانى حدثنا أبو الربيع محمد بن أحمد الأسترآباذي أنبا أحمد بن محمد أبى طلحة أنبأ أبو بكر محمد بن سعيد الشاشي الفقيه أن أبا حفص عمر بن جميل بن الجلال العتكي البصري ببغداد حدثهم حدثنا العباس بن الفرج الرياشي عن الأصمعى عن أبى عمرو بن العلاء عن الأحنف بن قيس قال سمعت كلام أبى بكر وعمر والخلفاء هلم جرا [2] فما سمعت كلاما أفخر ولا أحكم من كلام عائشة رضى الله عنها.
1147- عمر بن حسان بن الحسين، أبو القاسم الشاهد:
قلده الإمام المطيع لله النظر في المساجد الجامعة مدينة السلام، وكتب له عهد في سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، روى عنه الْقَاضِي أَبُو عَلِيّ المحسن بْن محمد التنوخي حكايات في أصول المحاضرة من جمعه.
أَنْبَأَنَا عَبْد الوهاب بْن عَلِيّ عن مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي أَنْبَأَ عَلِيّ بْن المحسن بْن عَلِيّ التنوخي إذنا عن أبيه أبو القاسم عمر بن حسان بن الحسين الشاهد البغدادي وقد تولى القضاء بغير [3] مصر من قبل قاضى القضاة وهو مشهور المحل، قال: كنت عند سلامة أخى بحج الطولونى وأنا شاب وفي مجلسه جماعة يذمون البخل، وكان سلامة ينسب إلى البخل وما كان بخيلا إنما كان محصلا لحاله، فلما انصرفوا قال: يا أبا
__________
[1] انظر الحديث في: سنن ابن ماجة ص 327.
[2] في الأصل: «جدا» تصحيف.
[3] هكذا في الأصل.(20/38)
القاسم لا تسمع هذا الكلام ولا تعول عليه فتهلك، واعلم أن البخل خير من مسألة البخيل.
قال: وكنت عنده في آخر كونه ببغداد وقبل دخول الديلم إياها وبحضرته قوم يطعنون على الشهود ويعيبونهم فقال له سلامة: ما رأيت أعجب من أمركم، من فيكم يطمئن إلى أن يشترى من ابنه أو أخيه ضيعة بعشرة آلاف دينار ولا يشهد عليه العدول؟ فقالوا: ما فينا أحمد بهذه الصورة، فقال: أفتستظهرون بأنفسكم وأعقابكم في هذا القدر الكبير من المال، وما هو أكبر منه إلا بالشهادة وتعاطون بحظوظهم في جلد يساوى دانق فضة من ذلك المال العظيم حتى تأخذون الصك بدلا من المال فتجعلونه تحت رءوسكم لشدة حفظه، قالوا: نعم، قال: فمن كان هذا حكمه عندكم لم تطعنوا فيه.
قرأت في كتاب «التاريخ» لهلال بن المحسن الكاتب بخطه قال: وفي يوم السبت الرابع عشر من ذى الحجة يعنى من سنة ثمان وستين وثلاثمائة توفى أبو القاسم عمر ابن حسان القاضي الشاهد.
1148- عمر بن الحسن بن أحمد بن الباسيسى، أبو القاسم:
من أهل الغراف، وكان من الشهود المعدلين بها، وكان المظفر بن حماد بن أبى الخير ملك البطيخة يثق إليه ويعتمد في أشغاله عليه، وكان أديبا فاضلا، له النثر والنظم، قدم بغداد في سنة إحدى وستين وخمسمائة، روى بها شيئا من شعره.
كتب إِلَى أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن محمد بن حامد الكاتب ونقلته من خطه قال:
أنشدنى عمر بن الحسن بن الباسيسى لنفسه ببغداد من من قصيدة:
إن داء أتى في أرض بغداد قد ... أشفيت فيها لم ألق من يشفيني
فلو أنى نحو عالج أو يبرين ... وافى معالج أو يبرين
وأنشدنى لنفسه في اللغز بالجلالة:
ما ذات رأسين أنثى ... بغير رأس صغيره
رشيقة قد براها ... الباري فجاءت قصيره
تلازم الخدر ... إلا وفى وجيه للعشيره
فتنثنى بعد أسر ... على الثنايا مغيره(20/39)
ما لامست كف بخل ... إلا وردت كسيره
فاكشف غطاءها فليست ... على الذكي عسيره
قرأت بخط أبى عبد الله الكاتب الأصبهانى قال: نكب عمر بن الحسن بن الباسيسى في آخر أيام المقتفى وبقي مكسور إلى أيام الوزير ابن البلدي فاختلق له جرما حبسه به إلى أن مات في حبسه غما في سنة اثنتين أو ثلاث وستين وخمسمائة.
قرأت بخط أبي الفضل أحمد بن صالح بن شافع الجيلي قال: وفي ربيع الأول سنة ثلاث وستين وخمسمائة أخرج العدل عمر بن الباسيسى من حبسه ميتا فغسل في السقاية ودفن.
1149- عمر بن الحسن بن عبد العزيز، أبو حفص الهاشمي:
كان والده يتولى الصلاة بجامع الرصافة، وحج عمر هذا بالناس نيابة عن أبيه في سنة ست عشرة وسنة سبع عشرة وثلاثمائة. وقد ذكر الخطيب أباه في التاريخ.
قرأت في كتاب «التاريخ» لأبى عبد الله محمد بن أحمد بن مهدى الشاهد بخطه قال: سنة ست وأربعين وثلاثمائة مات أبو حفص عمر بن الحسن بن عبد العزيز الهاشمي.
1150- عُمَر بْن حسن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بن فرح- بسكون الراء وبالحاء المهملة- بن خلف بن قرمين بن ملال بن مزلال بن أحمد بن بدر بن دحية بن خليفة الكلبي، أبو الخطاب:
من أهل ميورقة، من بلاد الأندلس، هكذا أملى علينا نسبه وذكر لنا أنه يسمى عبد الله أيضا، وأن أمه أمة الرحمن بنت أبى عبد الله أبى البسام موسى بن عبد الله ابن الحسين بن جعفر بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بْن مُوسَى بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ ابن الحسين بن على بن أبى طالب- فلهذا كان يكتب بخطه ذو النسبين بين دحية والحسين. قدم علينا بغداد مرات، وأملى علينا من حفظه شيئا، وكتبنا عنه. وذكر أنه سمع ببغداد من أبى الفرج بن الجوزي، وسافر إلى العراق فسمع بأصبهان من أبى جعفر الصيدلاني معجم الطبرانيّ ومن غيره، ودخل خراسان فسمع بنيسابور من أبى سعد بن الصفار ومنصور بن الفراوي وعبد الرحيم الشعرى ومن شيخنا المؤيد الطوسي، وسمع بمرو أيضا، وحصل الكتب والأصول، وسمع بواسط من شيخنا أبى(20/40)
الفتح بن الماندائى، وذكر أنه سمع كتاب الصلة لتاريخ الأندلس من أبى القاسم بن بشكوال وإنه سمع من جماعة من أهل الأندلس غير أنى رأيت الناس مجمعين على كذبه وضعفه وادعائه لقاء من لم يلقه وسماع ما لم يسمعه، وكانت أمارات ذلك لائحة على كلامه وفي حركاته. وكان القلب يأبى سماع كلامه ويشهد ببطلان قوله، وكان يحكى من أحواله ويحرف في كلامه بما يظهر به كذبه. دخل ديار مصر وسكن القاهرة، وصادف قبولا من السلطان الملك الكامل محمد بن الملك العادل أبى بكر بن أيوب وأقبل عليه إقبالا عظيما، وكان يعظمه ويحترمه ويعتقد فيه ويتبرك به، وسمعت من يذكر أنه كان يسوى له المدارس حين يقوم، وكان صديقنا إبراهيم السنهورى المحدث صاحب الرحلة إلى البلاد قد دخل إلى بلاد الأندلس وذكر لمشايخها وعلمائها أن ابن دحية يدعى أنه قرأ على جماعة من شيوخ الأندلس القدماء، فأنكروا ذلك وأبطلوه وقالوا: لم يلق هؤلاء ولا أدركهم، وإنما اشتغل بالطلب أخيرا، وليس نسبه بصحيح فيما يقوله ودحية لم يعقب، فكتب السنهورى محضرا وأخذ خطوطهم فيه بذلك وقدم به ديار مصر، فعلم ابن دحية بذلك فاشتكى إلى السلطان منه. وقال: هذا يأخذ عرضي ويؤذيني، فأمر السلطان بالقبض عليه، وضرب وأشهر على حمار وأخرج من ديار مصر، وأخذ ابن دحية المحضر وخرقه، ولم يزل على قرب من السلطان إلى حين وفاته، وبنى [1] له دارا للحديث كان يحدث بها، ولما أن دخلت إلى ديار مصر في رحلتي إليها فطلبني السلطان فحضرت عنده وكان يسألنى عن أشياء من علم الحديث وأيام الناس، وأمرنى بملازمة القلعة فكنت أحضر فيها كل يوم، وكان ابن دحية يحضر [2] في كل جمعة ويصلى عند السلطان ويقرأ عليه شيئا من مجموعاته في مجلس السلطان وكنت حاضرا ولم يدر بيني وبينه كلمة واحدة ولا اجتمعت به في موضع آخر إلى أن خرجت من ديار مصر. وكان حافظا ماهرا في علم الحديث عارفا بفنونه حسن الكلام فيه فصيح العبارة تام المعرفة بالنحو واللغة، وله كتب نفيسة، وكان ظاهرى المذهب، كثير الوقيعة في أئمة الجمهور وفي السلف من العلماء. خبيث اللسان أحمق، شديد الكبر، قليل النظر في الأمور الدينية، متهاونا في دينه.
حدثني على بن الحسن أبو العلاء الأصبهانى صديقنا بها وناهيك به جلالة ونبلا،
__________
[1] في الأصل: «وبقي» .
[2] في الأصل: «بحضر» بالباء(20/41)
قال: لما قدم ابن دحية علينا أصبهان نزل على والدي في الخانكاه التي له فكان يكرمه ويجله، وكان صبيا يومئذ، فدخل على والدي يوما ومعه سجادة فقبلها ووضعها بين يدبه وقال له: هذه قد صليت عليها كذا وكذا ألف ركعة وختمت عليها القرآن في جوف الكعبة مرات، قال: فأخذها والدي وقبلها ووضعها على رأسه وقبلها منه مبتهجا بها، فلما كان من آخر النهار حضر عندنا رجل من أهل أصبهان، وذكر حالا اقتضت أنه قال: كان اليوم هذا الفقيه المغربي الذي عندكم عندنا في السوق واشترى سجادة حسنة بكذا وكذا، فأمر والدي بإحضار تلك السجادة، فلما رآها الرجل قال: إي والله هذه هي فسكت والدي ولم يقل شيئا، وسقط ابن دحية من عينه.
وحدثني بعض المصريين بمصر قال قال لي الحافظ على بن المفضل المقدس الفقيه المالكي- وكان من أئمة الدين قال: كنا يوما بحضرة السلطان في مجلس علم وهناك ابن دحية، فسألنى السلطان عن [1] حديث فذكرته له، فقال لي: من رواه؟ فلم يحضر لي إسناده في الحال وانفصلنا، فاجتمع بى ابن دحية في الطريق وقال لي: يا فقيه لما سألك السلطان عن إسناد ذاك الحديث لم لم تذكر له أى إسناد شئت فانه ومن حضر مجلسه لا يعلمون هل هو صحيح أم لا كنت قد ربحت قولك لا أعلم، وعظمت في عينيه وأعين الحاضرين، قال: فعلمت أنه متهاون بأمور الدين جرئ على الكذب.
أنشدنى أبو المحاسن محمد بن نصر بن مكارم الأنصارىّ المعروف بابن عنين لنفسه بدمشق يهجو ابن دحية:
دحية لم يعقب فلم يعتزى ... إليه بالبهتان والإفك
صح عند الناس شيء سوى ... ما أنك من كلب بلا شك
أنشدنى أبو الخطاب عمر بن حفص بن على بن أبى البسام الحسيني قال أنشدنى أبى لنفسه:
عاذلى لا تفتدينى ... أن صرت في منزل هجين
فليس قبح المكان ما ... يقدح في منصبي وديني
الشمس علوية ولكن ... تغرب في حماة وطين
بلغنا أن أبا الخطاب دحية توفى بالقاهرة في ليلة الثلاثاء الرابع عشر من شهر ربيع
__________
[1] في الأصل: «من حديث» .(20/42)
الأول من سنة ثلاث وثلاثين وستمائة وقد نيف على الثمانين، وكان يخضب بالسواد.
1151- عمر بن أبى الحسن بن فارس، أبو حفص الطيني [1] :
من أهل الحريم الطاهري، سَمِعَ أبا بَكْر أَحْمَد بْن عليّ بْن عَبْد الواحد الدلال وأبا المظفر هبة الله بن أحمد بن محمد الشبلي وغيرهما، وحدث باليسير، سمع منه أصحابنا ولم يتفق لنا لقاؤه.
حدثني أحمد بن محمد بن طلحة الشاهد أنبأ عمر بن أبى المحاسن بن فارس الطيني وأنبأ محمد بن المبارك البيع وزوجة فرحة بنت عبد الجبار وعمر بن محمد المؤدب قراءة عليهم قَالُوا جَمِيعًا أَنْبَأَ أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن عَبْد الواحد الدلال قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنْبَأَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الصريفيني حدثنا أبو طاهر بن عبد الرحمن المخلص إملاء حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد صاعد حدثنا محمد بن زنبور حدثنا الحارث بن عميرة عن حميد عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «تصدقوا فإن الصدقة فكاككم من النار» [2] .
أنبأنا أحمد بن سليمان الحربي ونقلته من خطه قال: مات عمر بن أبى الحسن الطيني ليلة الأحمد خامس عشري رجب من سنة خمس وتسعين وخمسمائة، ودفن من يومه بمقبرة الإمام أحمد.
1152- عمر بن الحسن بن المبارك بن سعد الله بن البواب، أبو حفص بن أبى على الأمين:
من أهل الحريم الطاهري، وكان أمين القاضي به، سمع النقيب أَبَا عَبْد اللَّه أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْنِ المعمر الحسيني وأبا الحسين [3] عَبْد الحق بْن عَبْد الخالق بْن أَحْمَد بن يوسف، كتبت عنه، وكان حسن الأخلاق كيسا متواضعا متوددا.
أخبرنا عمر بن الحسن الأمين أنبأ النقيب أبو عبد الله الحسيني وأبو الحسين بن يوسف قراءة عليهما قالا أنبأ المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي أنبأ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنُ شَاذَانَ أَنْبَأَ عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ حدثنا عبد الرحمن
__________
[1] انظر: المشتبه للذهبى ص 423.
[2] انظر الحديث في: الجامع الصغير 1/113.
[3] في الأصل: «أبا الحسن» والتصحيح من العبر 4/224.(20/43)
ابن محمد بن منصور حدثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عن أبى المليح أن [1] عبيد الله بن زياد عاد معقل بن يسار في مرضه فقال له معقل: إنى أحدثك بحديث لولا أنى في الموت لم أحدثك به، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة» [2] .
توفى عمر بن البواب يوم الجمعة السابع عشر من شعبان سنة سبع عشرة وستمائة، ودفن من الغد بباب حرب وقد قارب الستين أو لحقها.
1153- عمر بن حسن بن معاوية، أبو حفص الحلاج:
من أهل الحربية، سمع أبا الحسين محمد بن محمد بن الحسين بن الفراء، وحدث باليسير. سمع منه شيخانا أحمد بن سليمان وعبد الملك بن مظفر بن غالب الحربيان.
أنبأ أحمد بن سليمان ونقلته من خطه قال: عمر بن حسن بن. معاوية الحلاج يعنى مات يوم الخميس ثامن رجب سنة ثمانين وخمسمائة.
1154- عمر بن الحسن بن الوليد بن الحسن، أبو القاسم الواسطي الصفار:
ابن أخت سعيد بن مكي النيلي الشاعر، نزيل بغداد، روى عن خاله شيئا من شعره.
كتب إِلَى أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن محمد بنم حامد الأصبهانى الكاتب ونقلته من خطه قال أنشدنى عمر الواسطي الصفار ببغداد أنشدنا خالي سعيد بن النيلي لنفسه من كلمة له:
ما بال معاني اللوى شخصك الهلال ... قد طال وقوفي بها وبثي قد طال.
الدمع دثور ودميتاه قفار ... والدمع عند بعد الأوانس يطال
عقبه دبور وشمال وجنوب ... مع مرملت مرحى الغزالي محلال
1155- عمر بن الحسن، أبو حفص الصيرفي:
حدث بالنعمانية عن أبى على الحسن بن عرفة بن يزيد العبدى، روى عنه أبو بكر ابن المقرئ الأصبهاني في معجم شيوخه.
__________
[1] في الأصل: «أبى المليح بن عبيد الله» .
[2] انظر الحديث في: صحيح مسلم 2/122.(20/44)
كتب إلى أبو مسلم هشام بن عبد الرحيم الاصبهانى أنبأ سَعِيدُ بْنُ أَبِي الرَّجَاءِ الصَّيْرَفِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ أنبأ أحمد بن محمود الثقفي ومنصور بن الحسين قالا أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ بن المقرئ حدثنا أبو حفص عمر بن الحسن الصيرفي بمدينة النعمانية بانتخاب إبراهيم بن مندة حدثنا ابن عرفة حدثنا هشيم بن إسماعيل بن أبى خالد عن أبى إسحاق السبعي عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم ينام وهو جنب لا يمس ماء [1] .
1156- عمر بن الحسن المناطقى:
حدث عن أبي مُحَمَّد جعفر بْن مُحَمَّد بْن نصير الخلدي، روى عنه أبو الحسن محمد ابن على بن محمد بن صخر الأزدى في مشيخته.
أنبأنا ذاكر بن كامل بن أبي غالب عن أبى جعفر محمد بن على الطبري أنبأ أبو خلف عبد الرحيم بن محمد بن أبى خلف الطبري أنبأ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ صخر الأزدى بمكة حدثنا عمر بن الحسن البغدادي المناطقى ببغداد حدثنا جعفر بن محمد الخلدى حدثنا الحارث بن أبى أسامة حدثنا داود حدثنا عباد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عمر رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كم من عاقل عقل عن أمر الله وهو حقير عند الناس دميم المنظر ينجو غدا، وكم من ظريف اللسان جميل المنظر عند الناس يهلك غدا في القيامة» [2] .
حدثناه عاليا أبو محمد بن الأخضر من لفظه حدثنا محمد بن عبد الباقي أنبأ جعفر ابن أحمد السراج أنبأ الحسن بن أحمد البزار حدثنا جعفر الخلدى فذكره.
1157- عمر بن الحسين بن عمر بن الحسين النحوي، أبو حفص بن أبى العز:
من أهل الحربية، هكذا رأيت نسبة بخط أحمد بن سليمان الحربي، وقد تقدم ذكر والده، سألته عن نسبته إلى البحري فقال: كان والدي تاجرا يسافر ويطول فيه أسفاره فلقب بالبحري، سمع أبا الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي وأبا الفتح محمد بن عبد الباقي ابن البطي وأبا العباس أحمد بن على الشيرجي وأبا بكر أحمد بن
__________
[1] انظر الحديث في: سنن الترمذي 1/17. ومسند أحمد 6/146.
[2] انظر الحدث في: الجامع الصغير 2/82.(20/45)
عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد القادر بن يوسف وكمال بنت عبد الله بن أحمد بن عمر السمرقندي وغيرهم، كتبت عنه وكان فهما إلا أنه كان عسرا في الرواية على حمق منه وجهل.
أخبرنا عمر بن الحسين البحري أخبرتنا كمال بنت عبد الله بن أحمد أنبأ الحسين ابن أحمد الفعالى أنبأ عبد الواحد بن محمد الفارسي حدثنا الحسين ابن إسماعيل المحاملي حدثنا القاسم بن محمد المروزي حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ جافى بعضديه عن إبطيه» .
توفى عمر بن البحري [1] في يوم الأحد مستهل ذى القعدة سنة خمس عشرة وستمائة ودفن بباب حرب.
1158- عمر بن أبى الحسين بن أبى الفتح، أبو حفص الأشترى المقرئ:
حدث ببغداد عن أبى مقاتل ماور بن فركونه الأزدى وأبى جعفر محمد بن حامد ابن محمد بن عبد الواحد القومسانى الاعلى الأعلمى.
أخبرنى محمد بن سعيد الواسطي قال قرأت على أبى سعد عبد الغفار ابن محمد بن عبد الواحد القومسانى بالموصل أخبركم ابو حفص عمر بن ابى الحسين بن أبى الفتح الأشترى المقرئ من لفظه أول يوم من ذى الحجة سنة وخمسمائة ببغداد فأقر بذلك أنبأ أبو مقاتل مساور بن فركونه اليزدي [2] أنبأ أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي المعروف بالفراء وأنبأ أبو روح عبد المعز بن محمد الصوفي بهراة أنبأ أبو الفضل محمد ابن إسماعيل الفضيلى قالا أنبأ أحمد بن أبى نصر الكوفانى أنبأ عبد الرحمن بن يحبى القاضي بمكة حدثنا أبو خالد يزيد بن محمد بن عماد العقيلي حدثنا حجاج الأنماطى حدثنا حماد بن سلمة حدثنا سهل بن أبى صالح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «الإيمان بضع وسبعون بابا أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان» [3] .
1159- عمر بن الحسين بن يحيى بن أبى الفضل بن يحيى بن المعوج القزاز:
من أهل الحريم الطاهري. وسكن في آخر عمره بباب البصرة، سمع أبا منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز وأبا البدر إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الكرخي وأبا بكر أحمد بن
__________
[1] في الأصل: «البحيري» .
[2] سبق أنه: «الأزرى» .
[3] انظر الحديث في: سنن أبى داود 2/295. وسنن ابن ماجة 7.(20/46)
على بن عبد الواحد الدلال وأبا العباس أحمد بن أبي غالب بن الطلاية وغيرهم، كتبت عنه وكان شيخا لا بأس به اضطر في آخر عمره، وهو آخر من حدث عن القزاز ببغداد.
أخبرنا عمر بن الحسين بن المعوج بقراءتي عليه أَنْبَأَ أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنْبَأَ أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بن النقور حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ هارون الضبي إملاء حدثنا الحسين بن عباش المتوفى بالبصرة حدثنا الحسن بن محمد هو الزعفراني حدثنا يزيد بن هارون حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْن سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْن زَيْد عن أبى عثمان قال: كنا مع سلمان تحت شجرة فأخذ غصنا [منها [1]] فنقضه [2] فتساقط ورقة فقال: ألا تسألونى عما صنعت؟ فقلنا: أخبرنا [فقال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ظل شجرة فأخذ غصنا منها فنفضه فتساقط ورقة فقال: ألا تسألونى عما صنعت؟ فقلنا. أخبرنا] [3] يا رسول الله قال: إن العبد المسلم إذا قام إلى الصلاة تحاتت عنه خطاياه كما تحات ورق هذه الشجرة [4] .
سألت عمر بن المعوج عن مولده فقال: قبل نهب الحريم بسنة فيكون سنة تسع وعشرين وخمسمائة، وتوفى الإثنين لسبع خلون من ذى الحجة سنة اثنى عشرة وستمائة بالمارستان العضدي، ودفن بمقبرته.
1160- عمب بن الحسين بن مشق:
من ساكني شارع العتابين بالجانب الغربي، سمع أبا الحسن محمد بن أحمد بن رزقوية وأبا الحسين علي بن محمد بن بشران، وحدث باليسر، مات في يوم السبت الرابع والعشرين من الحجة سنة سبعين وأربعمائة، ودفن بباب حرب.
1161- عمر بن الحسين الخطاط [5] :
كان كاتبا جليلا يكتب الناس عليه، وحكى شيخنا أبو اليمن الكندي أنه يبعث آلة الكتابة التي خلفها من الدوى والسكاكين وغير ذلك بتسعمائة دينار أميرية ولابن الفضل الشاعر فيه وقد ظلمه:
__________
[1] ما بين المعقوفتين من المسند.
[2] في الأصل: «فقبضه» .
[3] ما بين المعقوفتين من المسند.
[4] انظر الحديث في: مسند الإمام أحمد 5/438.
[5] انظر ترجمته في: معجم الأدباء 16/59.(20/47)
عميرة الخطاط أعجوبة ... لكل من يدرى ولا يدرى
لا يحسن الخط ولا يحفظ ال ... قرآن وهو الكاتب المقري
أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَد عَبْد الوهاب بْن عَلِيّ الأمين ونقله من خطة قال أنشدنى عمر بن الحسين الخطاط:
إذا شمت نفسي ياسبه [1] هجركم ... أسى عواشى الموت مما أسومها
وكيف يروم الصبر عنها وحبها ... مقيم بالواد الحشا لا يرميها
ذكرتك حيث استأنس الوحش والتفت ... وكان من الآفاق شتى وسومها
أنبأنا أبو البركات الزيدي عن صدقة بن الحسين الحداد الفقيه قال: سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة في حادي عشر جمادى الآخرة، مات عمر الخطاط، ودفن في داره بدرب الدواب:
1162- عمر بن حفص بن عمر البغدادي:
حدث بدمشق عن عُثْمَان بْن أَبِي شَيْبَة، رَوَى عَنْهُ أَبُو على الفراوي.
أنبأنا داود بن سليمان الأصبهانى قَالَ كتب إلي أَبُو مُحَمَّد هبة اللَّه بن أحمد بن الأكفانى أنبأنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْكَتَّانِيُّ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أبى عمرو المنينى قال قرئ على أبي علي محمد بن محمد بن عبد الحميد بن أدم الفراوي
حدثنا عمر بن حفص بن عمر البغدادي حدثنا عثمان بن أبى شيبة حدثنا عبد الله بن إدريس عَنِ الأجلح بْن عَبْدِ اللَّهِ الكندي عَنْ الشعبي عن زر بن حبيش قال قال أبى بن كعب: قد علمت ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين هي الليلة التي أخبرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «تطلع الشمس في صبيحتها بيضاء ترقرق ليس لها شعاع» [2] .
1163- عمر بن حفص، الملقب بالجعد:
حكى عن أبى عاصم الضحاك بن مخلد النبيل.
قرأت عَلَى أبي القاسم علي بن عبد الرحمن عن أبى المعالي العطار أنبأ على بن أحمد بن محمد إذنا عن محمد جعفر النجار الكوفي أنبأ أبو العباس هو الهمذاني حدثنا ابن المضاة حدثنا أبو بكر حدثني الجعد واسمه عمر بن حفص البغدادي قال: كان أبو
__________
[1] هكذا في الأصل.
[2] انظر الحديث في: مسند الإمام أحمد 5/130، 131.(20/48)
عاصم يوما في مجلسه وعنده أصحاب الحديث فمر به مخنث فسلم ثم وقف، فقال له أبو عاصم: مر يا ملعون، فقال: أسألك عن مسألة، قال فقالوا له: يسألك أصلحك الله عن شيء من أمر دينه فلعلها تكون توبته، قال: وكان أنف أبى عاصم كبيرا فقال له: سل فقال له: حين كنت صغيرا كانت أمك تسعطك بالطنجير، فقال: مر لعنك الله؟ وضحك وضحك أصحاب الحديث، فقال: أنتم عملتم بى هذا.
1164- عمر بن حفص، أبو حفص:
بغدادى، قدم مصر وحدث بها. ذكره أبو سعيد بن يونس في تاريخ الغرباء وقال:
سمعت منه بالعسكر سنة ست وتسعين ومائتين؛ قلت: إن لم يكن الأول حدث بدمشق فهو غيره.
1165- عمر بن حماد البغدادي:
حدث محمد بن أبى على الخلادي [1] قال أنشدنى محمد بن أحمد بن إسماعيل المصيصي قال أنشدنى عمر بن حماد [2] البغدادي:
هموم رجال في أمور كثيرة ... وهمى من الدنيا صديق مساعد
يكون روح بين جسمين قسما ... فجسماهما جسمان والروح واحد
1166- عمر بن [حمد بن] [3] خلف بن أبى المنى البندنيجى، أبو حفص:
أخو محمد الذي تقدم ذكره، وهو الأصغر، سمع أبوى القاسم عبد الله بن الحسن ابن محمد الخلال وعلي بن أحمد بن محمد بن البسري وغيرهما، روى لنا عنه عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِيٍّ الأَمِينُ وَيُوسُفُ بْنُ المبارك بن كامل الخفاف وأخته لامعة بنت المبارك، وكان شيخا صالحا كبير السن حلا من الحديث متقطعا في مسجد بالريحانيين عند عقد الجديد.
أخبرنا عبد الوهاب الأمين أنبأ عمر بن حمد [4] البندنيجى قراءة عليه أَنْبَأَ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّد الخلال قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنْبَأَ أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن على الصيدلاني حدثنا محمد بن محمد بن صاعد إملاء حدثنا عمرو بن على
__________
[1] في الأصل: «الحلادى» .
[2] في الأصل: «بغداد» .
[3] ما بين المعقوفتين من الأنساب.
[4] في الأصل: «ابن أحمد» .(20/49)
حدثنا أبو معاوية الضرير حدثنا هلال بن ميمون الفلسطيني عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «من خرج مجاهدا فمات كتب له أجره إلى يوم القيامة، ومن خرج حاجا فمات كتب له أجره إلى يوم القيامة، ومن خرج معتمرا فمات كتب له أجره إلى يوم القيامة» [1] .
أنبأنا أحمد بن طارق قال: توفى عمر بن حمد البندنيجى في شهور سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.
1167- عمر بن حمزة الوزان، أبو عاصم:
إمام الجامع بعكبرا، حدث عن أَبِي عَبْد اللَّه عُبَيْد اللَّه بن محمد بن بطة العكبري، روى عنه القاضي أبو المظفر هناد بن إبراهيم النسفي.
أَنْبَأَنَا ذَاكِرُ بْنُ كَامِلٍ الْخَفَّافُ عَنْ أَبِي ياسر عبد الله بن أحمد البردانى أَنْبَأَ أَبُو المظفر هناد بْن إِبْرَاهِيم النسفي أنبأ أبو حفص عمر بن حمزة الإمام في جامع عكبرا أنبأ عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن حمدان حدثنا عمر بن أحمد بن شهاب الحاتمي حدثنا محمد بن أيوب بن حبيب الرقى بمصر حدثنا موسى بن سعيد بطروس حدثنا أحمد بن عبد الملك حدثنا قتادة بن الفضل عن أبيه عن عم أبيه هشام بن قتادة عن قتادة بن عياش الجرشى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «لا يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يشرب الخمر، فإذا شربها خرق الله عليه ستره، وكان للشيطان قلبه وسمعه وبصره ويده ورجله فيسوقه إلى كل شر ويصرفه عن كل خير» [2] .
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي القَاسِم سَعِيد بْن مُحَمَّد الْمُؤَدِّبُ عَنْ أَبِي غَالِبٍ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بن البنان أنبأ القاضي أبو المظفر هناد بن إبراهيم النسفي قراءة عليه قال أنشدنى أبو حفص عمر بن حمزة الإمام بعكبرا أنشدنى الأحنف بن محمد:
يسر بالبدر رب الدار يعجبه ... والساكن البائس المحروم مكرب
هذا يسر وو هذا عنده كرب ... والمستحق عليه الحق مغلوب
1168- عمر بن خلف بن إسحاق، أبو حفص الباقلاني المؤذن:
__________
[1] انظر الحديث في: الجامع الكبير 2/775. وكنز العمال 2/259.
[2] انظر الحديث في: الجامع الكبير.(20/50)
من أهل جرجرايا من نواحي النهروان، حدث عن أبى محمد القاسم بن عطاء بن حاتم الكسائي القاضي، روى عنه أبو سعد محمد بن عبد الله بن عمر البزاز الجابي.
أخبرنى أبو جعفر محمد وأبو بكر لامع ابنا أحمد بن نصر الصيدلاني في كتابهما إلى أن أبا علي [1] الحسن بن أَحْمَد الحداد أخبرهما عن أبى سَعْدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ السَّمَّانُ الرازي أنبأ أبو فحص عمر بن خلف بن إسحاق الباقلاني الجرجرائى بها بقراءتي عليه حدثنا أبو محمد القاسم بن عطاء بن حاتم الكسائي القاضي الجرجرائى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ بْنِ مُوسَى الْكُدَيْمِيُّ حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا مسعود بن قبان حدثنا أبو عون عن أبى صالح الحنفي عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم ولأبى بكر يوم بدر «عن يمين أحدكم جبريل والآن أخر ميكائيل وإسرافيل ملك عظيم يشهد القتال ويكون في الصف» [2] .
1169- عمر بن داود، أبو محمد الراسبي:
بغدادى، كان يكون بالرملة، كان من جلة الصوفية في عداد أحمد بن عطاء الروذبارى، سمع أبا بكر محمد بن على بن الحسن العطوفى، حكى عنه بكير بن محمد المنذرى الطرسوسي حكايات.
1170- عمر بن رفيل الجرجرائى السائح:
ذكره أَبُو عَبْد الرَّحْمَن السلمي فِي تاريخ الصوفية، وقال له آيات وكرامات كتب إلى محمد ولامع أبن الصيدلاني أن أبا على الحداد أخبرهما عن على بن شجاع المصقلي الصوفي قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بن جعفر الشامي يقول سمعت جهما الرقى الصوفي يقول سمعت عمر بن رفيل الجرجرائى، وكان من السياح، وسكن جبل لكام وأقام به مع الإبدال سنين كثيره، قال: تهت في جبل لبنان أياما فأصابنى عطش عظيم فوقعت إلى كهف فرأيت الزنابير، فقلت: يجب أن يكون هاهنا ماء وكنت طول تياهتى أشتهى رمانه، فدخلت الغار فإذا برجل عليل مطروح مبتلى قد اجتمع عليه الزنابير فيقطعون لحمه ويحملونه، قال: فعظم ذلك على وتحيرت في أمرى، قال: فخطر بقلبي أن لو سأل الله عز وجل العافية رفع عنه هذا، فقال لي: يا عمر اشتغل بشهوة الرمان فليس ذا من عملك، قال: فخرجت من عنده وندمت أنى
__________
[1] في الأصل: «أبا حي» .
[2] انظر الحديث في: كنز العمال 6/141(20/51)
لم أسأله الدعاء فجهدت جهدي فلم أهتد إلى الغار.
كتب إلى أحمد بن محمد أبو المكارم الأصبهانى أنبأ أبو على الحداد أنبأ أبو نعيم قال أخبرت عن عمر بن رفيل وقد لاقيته بجرجرايا قال سمعت أبا القاسم الهاشمي يقول سمعت سمنون يقول: كنت ببيت المقدس في برد [شديد وعلى جبة وكساء وأخذ البرد والثلج يسقط فرأيت شابا عليه خرقتان في صحراء يمشى، فقلت: يا حبيبي لو سترت ببعض هذه [1]] الأروقة فتكنك فقال لي: يا أخى سمنون
ويحسن ظني أننى في فنائه ... وهل أحمد في كنه بحد القرا
كتب إلى محمد بن معمر القرشي أنبأ أبو محمد الطامه أنبأ أحمد بن عبد الغفار بن أشته أنبأ أبو سعيد النقاش قال: عمر بن رفيل الجرجرائى قد رأيته وسمعت كلامه وكان يحكى عنه عجائب مثل ما يحكى عن الأبرار رحمه الله.
كتب إلى أبو المكارم الأصبهانى أنبأ أبو على الحداد أنبأ أبو نعيم قال: حضرت عمر بن رفيل الشيخ الأمين بجرجرايا سمعت منه وحدثني عنه أبو الحسن علي بن عبد الله الهمذاني بمكة.
1171- عمر بن زيد، مولى فزارة:
حدث عن موسى بن أيوب النفيسى، روى عنه أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن هارون بن سليمان الصباحي.
أخبرنا الخصر بن معمر بن عبد الواحد القرشي بأصبهان أنبأ الخضر بن الفضل بن عبد الواحد قراءة عليه قَالَ كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعَدَةَ الإِسْمَاعِيلِيُّ أَنْبَأَ حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ السَّهْمِيُّ أنبأ الحسين بن الحسن الكندي حدثنا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن هارون بن سليمان الأشعريّ الصباحي حدثنا عمر بن زيد مولى فزارة بغدادى حدثنا موسى بن أيوب حدثنا عبد الملك بن مهران عن عبد الوارث عن هشام عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقص الرؤيا على النساء.
1172- عمر بن سعادة المقرئ النعال:
كان من أصحاب أَبِي الْحَسَن علي بْن عُبَيْد اللَّه بْن الزاغونى، وروى عنه كتاب
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(20/52)
الخرقى [1] فِي الفقه عَلَى مذهب أَحْمَد بْن حنبل، رواه عنه عثمان بن مقبل الياسرى الواعظ، وذكر لنا أنه كان شيخا صالحا.
1173- عمر بن سعد الله بن إبراهيم بن دبوس البيع، أبو على:
من أهل القطيعة بباب الأزج. وهو أخو عبد الله وعبد الرحمن المقدم ذكرهما، سمع أبا القاسم يحيى بن ثابت بن بندار البقال، وحدث باليسير ولم ألقه.
حدثني محمد بن عبد الواحد أبو عبد الله بن المقدسي من لفظه بدمشق أنبأ أبو على عمر بن سعد الله بن إبراهيم بن دبوس البيع بقراءتي عليه ببغداد أَنْبَأَ [أَبُو] الْقَاسِمِ يَحْيَى بْنُ ثَابِتِ بْنِ بندار قراءة عليه أنبأ أبى أنبأ أبو منصور محمد بن السواق أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ القطيعي حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ حدثنا مسدد حدثنا بشرين المفضل حدثنا عبد الله بن إسحاق عَنِ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «لا يقولن أحدكم عبدى فكلكم عبيد، وكل نساءكم إماء، وليقل غلامي وجاريتي وفتأتي وفتأتي» [2] .
1174- عمر بن سعد الله بن عبد، أبو حفص الدلال، المعروف بابن الحنبلي:
من ساكني البصيلة بباب الأزج، سمع أبا الفضل عبد الملك بن علي بن عبد الملك ابن محمد بن يوسف، كتبت عنه، وكان شيخا لا بأس به.
أخبرنا عمر بن سعد الله بن الحنبلي قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنْبَأَ أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ الْمَلِكِ بن على ابن يوسف قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنْبَأَ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ إسحاق الباقرحي حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمد الواعظ حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي حدثنا موسى بن خاقان حدثنا إسحاق يعنى الأزرق حدثنا عبيد الله عن نافع عن بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «مثل المنافق مثل الشاة العائرة تعير إلى هذا مرة وإلى هذا مرة ولا تدرى أهذه تتبع أم هذه» . [3]
أخبرنى أبو الحسن بن القطيعي أن عمر بن الحنبلي مات في منتصف رجب سنة إحدى وستمائة ودفن بباب حرب. قلت: وكان مولده بعد العشرين وخمسمائة.
__________
[1] في الأصل: «الحرقى» .
[2] انظر الحديث في: الجامع الكبير 1/937.
[3] انظر الحديث في: صحيح مسلم 2/370.(20/53)
1175- عمر بن سليمان بن داود، أبو حفص العطار:
من أهل جرجرايا، حدث عن خاله على بن زكريا، روى عنه أبو بكر المفيد.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْن المظفر بْن السط الهمذاني بقراءتي عليه قال قرئ على أبى نصر أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن رضوان وأنا اسمع عن أبى الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ الأَزَجِيُّ أَنْبَأَ أبو بكر محمد بن أحمد بن المفيد بجرجرايا حدثنا [1] عمر بن سليمان بن داود العطار الجرجرائى السنى حدثنا خالي على بن زكريا حدثنا العباس ابن الوليد النرسي حدثنا محمد بن بحر حدثنا عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ معاذ بن جبل رضى الله عنه قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم كلمات أقولهن مع آي من القرآن ما على الأرض مسلم يدعو بهن وهو مهموم مكروب أو عليه دين إلا فرج الله همه وكشف عنه وقضى دينه، احتسبت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوما فقال: «ما منعك من الصلاة معى؟» فقلت: يا رسول الله التاجر- وسماه اليهودي، ونسيه محمد بن الحسن ابن الحسن، قال أبو الفضل ثناه غيره قابل: فحبس أو نسيه به- قال: كان على بابي يرصدني وأشفقت إن أنا خرجت أن يحبسني عنك، فقال: «أتحب أن يقضي الله عنك» قال قلت: نعم، قال: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطى منهما وتمنع من تشاء اقض عنى ديني» ، فلو كان عليك ملء الأرض ذهبا لأداه الله عنك» [2] .
1176- عمر بن سليمان، أبو حفص.
أبو حفص. شرابي عبد الله بن المعتز، روى عن بن [3] المعتز شيئا من كلامه، روى عنه القاضي أبو الحسن علي بن الحسين الأنطاكى.
حدث أبو القاسم عبد الكريم بن محمد بن أبى منصور الرماني الدامغاني أنبأ أبو سعد محمد بن الحسين الحرمي بهراة قال سمعت أبا حفص عمر بن أحمد بن عيسى بن كامل يقول سمعت القاضي أبا الحسن على بن الحسين الأنطاكى يقول سمعت عمر بن سليمان الشرابي يقول سمعت أبا العباس عبد اللَّه بْن المعتز يقول نعمة الجاهل كروضة على مزيلة.
__________
[1] في الأصل: «حدثنا الحد بن عمر بن سليمان..» .
[2] انظر الحديث في: الدر المنثور للسيوطي 2/14، 15.
[3] في الأصل: «روى عن أبى المعتز» .(20/54)
1177- عمر بن صالح البغدادي.
ذكره أبو بكر أحمد بن هارون الحلال، في جملة، أصحاب أَبِي عبد اللَّه أَحْمَد بن حنبل، وقال: أخبرنى أن أحمد بن حنبل قال: يأتى على المؤمن زمان إن استطاع أن يكون خلسا فليفعل قلت: ما الحلس؟ قال قطعة مسح في البيت ملقى.
1178- عمر بن ظفر بن أحمد الشيباني المغازلي، أبو حفص المقرئ [1] :
من ساكني دار الخلافة، قرأ القرآن بالروايات الكثيرة على المشايخ، وسمع الحديث الكثير وأكثر عن المتأخرين [2] ، وكتب بخطه كثيرا، وحدث بأكثر مسموعاته، سمع أبا عبد الله مالك بن أحمد بن على البانياسى وأبا الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي وأبا الخطاب نصر بن أحمد بن البطر وأبا عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالى وخلقا كثيرا من أصحاب ابن غيلان والجوهري والتنوخي وأمثالهم وممن دونهم، روى لنا عنه أبو الفرج بن الجوزي أبو أحمد بن سكينة ويوسف بن المبارك بن كامل الخفاف وأبو محمد خلف بن أبى الحسن الأمين ويوسف بن محمد الخيمى وعللا بن محمود القطان وأبو البقاء بن الصفة الخفاف وغيرهم.
أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ على أنبأ عمر بن ظفر المغازلي أنبأ نصر بن أحمد ابن عبد الله أَنْبَأَ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رزقويه أنبأ جعفر بْن مُحَمَّد الخُلْدي حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ الطُّوسِيُّ أنبأ أبو يعقوب إسماعيل بن أبى كثير النسوى القاضي أنبأ عمر بن عبد الرحمن الصنعائى حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن عجلان عن سعيد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «ثلاث كلهن حق: ليس عبد يظلم مظلمة فيغض عنها إلا أعز الله بها نصره، وليس عبد يفتح على نفسه باب مسألة يبتغى بها كثرة إلا زاده الله قلة، وليس أحد يفتح على نفسه باب عطية يبتغى بها وجه الله إلا زاده الله بها كثرة» [3] .
أخبرنا شهاب الحاتمي بهراة حدثنا أبو سعد بن السمعاني قال: عمر بن ظفر بن المغازلي شيخ صالح حسن السيرة صحب الأكابر وخدمهم قيم بكتاب الله ختم عليه خلق كثير القرآن، وهو دائم التلاوة حلس مجلسه، سمع الكثير بنفسه ونسخ بخطه
__________
[1] انظر ترجمته في: طبقات القراء لابن الجزري 1/593.
[2] في الأصل: «المفاخرين» .
[3] انظر الحديث في: الجامع الصغير للسيوطي 1/118.(20/55)
كتبت عنه الكثير، وأظهر أبو بكر المبارك بن كامل الخفاف في الجزء السادس من انتقاء أبى الفوارس على المخلص سماعه على ورقة عتيقة من أبى القاسم بن البسرى فشنع أبو القاسم بن السمرقندي عليه وقال: ما سمع عمر من ابن اليسرى شيئا، وذكر أنه رأى الطبقة التي أثبت اسم عمر معهم وشاهدها في نسخة أخرى وما كان اسم عمر معهم- والله أعلم وكان سن عمر يحتمل السماع من ابن البسرى. وما سمعت منه عنه شيئا، سألته عَن مولده فقال: فِي شعبان سنة إحدى وستين وأربعمائة.
قرأت في كتاب التاريخ لأبي الفضل أحمد بن صالح بن شافع الجيلي بخطه قال:
توفى عمر بن ظفر المغازلي المقرئ يوم الإثنين حادي عشر شعبان من سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، ودفن في مقبرة باب أبرز، وكان رجلا صالحا فاضلا عالما. من أهل القرآن والحديث، قرأ على جماعة من المشايخ وأقرأ القرآن والحديث، وسمع الكثير والكتب الكبار من جماعة من المتأخرين ومن أدركه من المتقدمين إلا أنه سمع شيئا كثيرا مفرطا جاوز الحد من المتأخرين وكانت سنه تحتمل أن يسمع من جماعة من متقدمي المحدثين، غير أنه معظم سماعاته بعد الكبر فلأجل هذا لم يوجد له من السماعات المتقدمة شيء، وكتب بخطه كثيرا، سألته عن مولده فلم يحققه وقال: إنه في سنة إحدى وستين وأربعمائة تقريبا سمعت عليه.
1179- عُمَر بْن عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّهِ بن سبعون القيرواني، أبو حفص بن أبى محمد:
من ساكني قراح ابن أبى الشحم، من أولاد المحدثين، تقدم ذكر والده وجده وجد أبيه، سمع أبا البدر بن إبراهيم بن محمد بن منصور الكرخي وأبا [1] محمد يحيى بن الطراح وأبا بَكْر مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن الزاغونى وغيرهم، وحدث باليسر، وتوفى قبل طلبى للحديث، سمع منه أصحابنا.
أخبرنى عبد الله بن أحمد الخباز المقرئ أنبأ عمر بن أحمد القيرواني قراءة عليه أَنْبَأَ أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ الطراح وأنبأ عبد الوهاب بن على أنبأ عبد الوهاب بن المبارك الأنماط وأنبأ سعيد بن محمد أبو القاسم المؤدب أنبأ أبو القاسم إسماعيل بن السمرقندي وأبو الحسن عليّ بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السَّلام قالوا جميعا أنبأ أبو محمد عبد
__________
[1] في الأصل: «أنبأ محمد» .(20/56)
اللَّهِ بْن مُحَمَّد [بْن] [1] عَبْد اللَّهِ بْن محمد الصريفيني- زاد ابن السمرقندي: وأبو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُّورِ- قَالا أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عبدان الصيرفي حدثنا أبو القاسم البغوي إملاء حدثنا على بن الجعد أنبأ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «إن آخر ما أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذَا لم تستحي فاصنع ما شئت» [2] .
بلغني أن مولد عمر بن أبى محمد بن سبعون في سنة ست وعشرين وخمسمائة.
وتوفى يوم الثلاثاء خلون من شعبان سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة.
1180- عمر بن عبد الله بن حفص بن نزار، أبو حفص الضرير، المقرئ الملقب بالنقش:
من ساكني درب الشوك بالمأمونية، سمع الجانب الصحيح للبخاري من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزى وحدث. ولم ألقه، وكان سماعه صحيحا، ولى منه إجازة.
توفى يوم الجمعة تاسع عشر جمادى الأولى سنة تسع عشرة وستمائة، ودفن بباب حرب، ولعله جاوز التسعين.
1181- عمر بن عبد الله بن أبى السعادات. أبو القاسم بن أبى بكر الدباس:
أخو محمد وعلى اللذين تقدم ذكرهما وكان الأسن، وكان حنبليا ثم انتقل إلى مذهب الشافعي، وقرأ الكلام على مذهب الأشعريّ، وسكن المدرسة النظامية وقرأ النحو واللغة حتى برع فيهما، وسمع الحديث الكثير وقرأ بنفسه على الشيوخ وكتب بخطه، وسمعنا بقراءته كثيرا، سمع من أبي الفتح بن شاتيل وأبي السعادات بن زريق وشيخنا أبى الفرج بن كليب، وكتب كثيرا من كتب اللغة والنحو والأصول والكلام، وانتخب كثيرا وعلق بخطه، وكان ذكيا ألمعيا ذا قريحة حسنة وفكرة صحيحة وإدراك، وكان من أظرف الشباب وأجملهم، وأحسنهم زيا ولباسا، وألطفهم خلقا وعشرة، وكان يتولى الأشراف على دار الكتب النظامية بالمدرسة، أدركه أجله شابا، وكان من أحب الناس إلى، وبيني وبينه صحبة في طلب الحديث ومودة، توفى
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] انظر الحديث في: مسند الإمام أحمد 4/131، 132.(20/57)
ليلة الإثنين لثمان خلون من جمادى الآخرة من سنة إحدى وستمائة، وحضرت الصلاة عليه من الغد بالمدرسة النظامية وشيعته إلى باب حرب فدفن هناك.
وكنت سمعته يقول: مولدي سنة خمس وستين وخمسمائة، ورأيته في المنام بعد موته بخمسة عشر يوما وعليه ثياب جميلة وهو فرحان، فقلتُ لَهُ: ما فعل اللَّه بك.
فَقَالَ: الآن خرجت من الحبس.
1182- عمر بن سهيل، أبو حفص الحنبلي الصيدلاني البغدادي:
ذكره أبو القاسم يحيى بن على بن الطحان الحضرمي في كتاب تاريخ الغرباء القادمين مصر» من جمعة وقال: روى عن الفيريابى وغيره، حدثني عنه أبى.
1183- عمر بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي طاهر، أبو حفص المقرئ [1] :
من أهل الحربية، قرأ القرآن: بحرف الكسائي على ثابت بن بندار البقال، وقرأ على غيره، وسمع الكثير من أبي الخطاب نصر بن أحمد بن البطر وأبي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ بن طلحة والنقيب أبي الفوارس طراد بن مُحَمَّد الزينبي وأبي بكر محمد ابن على الطريثيثي وعبد الواحد بن علوان بن عقيل الشيباني وجماعة غيرهم، وأقرأ الناس القرآن. وحدث بالكثير، وكان صدوقا صالحا محبا لرواية الحديث وإفادة الناس، روى لنا عنه أبو محمد بن الأخضر وأبو على بن الخريف وبركة وعبد الواحد ابنا نزار [ابن عبد الواحد بن] [2] الجمال وعبد اللَّه بن عثمان بن مُحَمَّد بن الحسن البيع وعلى ابن عبد الرزاق ابن على بن الجوزي وغيرهم.
أخبرنا على بن عبد الرزاق بن على بن الجوزي أَنْبَأَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الحربي حدثنا أَبُو الْفَوَارِسِ طِرَادُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الزينبي إملاء أنبأ أبو الحسن محمد ابن أحمد بن رزقويه أنبأ محمد بن يحيى ابن عمر بن على بن حرب حدثنا جدي على ابن حرب حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عروة عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلّم استعمل رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة فلما قدم قال: هذا لكم وهذا لي، فقام النبي صلّى الله عليه وسلّم عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قال: «ما بال من
__________
[1] انظر ترجمته في: طبقات القراء للجزرى 593.
[2] ما بين المعقوفتين زيادة من ذيل التاريخ 1/305.(20/58)
نستعمله على بعض العمل من أعمالنا يجئ فيقول هذا لكم وهذا أهدى لي، ألا جلس [1] في بيت أبيه أو بيت أمه فينتظر أيهدى له شيء أم لا؟ والذي نفسي بيده لا يأتي أحد منكم بشيء إلا جاء به يوم القيامة على عنقه إن كان بعيرا له رغاء وإن كانت بقرة لها خوار أو شاة تيعر، ثم رفع يديه، فقال ثلاثا: اللهم هل بلغت» [2] .
قرأت بخط عمر بن عبد الله الحربي قال: مولدي في سنة سبعين وأربعمائة. قرأت بخط أبي محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب قال: ناولني الشيخ الصالح عمر بن عبد الله الحربي وكان مريضا يومئذ وهو يوم الإثنين رابع عشرين ربيع الأول من سنة اثنين وخمسين وخمسمائة، ثم بلغني أنه توفى بعد ذلك بيومين، ودفن في قبر أحمد.
1184- عمر بن عبد الله بن عمر الحربي، أبو القاسم الشاعر الوراق:
سكن جرجان، وحدث بها وبأصبهان عَن أَبِي الْقَاسِم عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْيَسَعَ الأَنْطَاكِيُّ وأبى جعفر محمد بن عمرو بن البحتري الرزاز. كتبت عنه بأصبهان أحمد ابن محمد بن جعفر البردي، وقال: أملى علينا من حفظه في الجامع في ربيع الأول سنة ثمان وستين وثلاثمائة، وروى عنه أبو على الحسين بن على بن محمد البرذعى الهمداني في «معجم شيوخه» .
كتب إلى أبى الْفُتُوحِ الْعجلِيُّ: أَنَّ أَبَا طَاهِرٍ عَبْدَ الْكَرِيمِ بن عبد الرازق الحسن آباذي أخبره عن أبى الحسين عبد الله بن محمد بن عبد الملك الفارسي أنبأ أبو على الحسين ابن على البرذعى إذنا أنبأ أبو القاسم عمر بن عبد الله الحربي على باب الشيخ أبى بكر الإسماعيلى بجرجان أنبأ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ اليسع الأنطاكى أنبأ أحمد ابن عبد الرحمن بن السدى الحافظ بأنطاكية حدثنا إسحاق بن إبراهيم الغربي حدثنا ابن أبى السرى حدثنا عبد الرازق عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» [3] .
أخبرنا البردي قال عمر بن عبد الله بن عمر الحربي: كتبت عنه في باب الشيخ أبى بكر الإسماعيلى سنة سبعين ولم يكن ممن يعتمد على أصوله ولا روايته، مات في طريق الحج إحدى وسبعين يعنى وثلاثمائة.
__________
[1] في الأصل: «ألا أجلس» .
[2] انظر الحديث في: صحيح البخاري 1/353.
[3] نظر الحديث في: سنن أبى داود 1/19.(20/59)
1185- عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن أَحْمَد بن الحسين، أبو حفص الأهيلمى الطبري:
قدم بغداد بعد الستين وأربعمائة، وسمع بها الكثير من مشايخ ذلك الوقت، وكان قد حج مع أبيه وهو صغير، سمع بمكة من القاضي أبى الحسن محمد بن على بن سجز الأردى وأبى نصر عبيد الله بن سعيد الوائلى السجزى ودخل الشام وديار مصر، فسمع هناك من جماعة، وحدث ببغداد باليسير.
كتب عنه عبد الله بن عبد الملك القابض الأصبهانى ببغداد وقال: كان طلق الوجه حسن الخلق، وكان أبوه قاضى أهليم وعمه خطيبها، توفى ببغداد في رجب سنة ثلاث وستين وأربعمائة.
1186- عمر بن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ علي بن إبراهيم بن طويلة، أبو البركات بن أبى القاسم، المعروف بابن الأخرس:
من أهل دار القز، وهو عم شيخنا عبد الله بن المبارك بن عبد الله، وقد تقدم ذكره، سمع الشريف أبا العز مُحَمَّد بن المختار بن المؤيد بالله وأبا غالب شجاع بن فارس الذهلي وغيرهما، وحدث باليسير، سمع منه أَبُو الرضا أَحْمَد بْن طارق بْن سنان الكرخي والقاضي أبي المحاسن عمر بن علي بن الخضر القرشي، وأخرج عنه حديثا في معجم شيوخه.
أنبأنا أحمد بن طارق ونقلته من خطه أنبأ أبو البركات عمر بن عبد الله بن محمد ابن الحسن بن الطويلة بقراءتي عليه أَنْبَأَ الشَّرِيفُ أَبُو الْعِزِّ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُخْتَارِ بن المؤيد بالله الهاشمي حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَن علي بْن مُحَمَّد بْن الحسن الحربي إملاء حدثنا عمر بن محمد الزيات حدثنا محمد بن صالح بن ذريح حدثنا محمد بن أبى سمينة حدثنا عمر بن الحسن الراسبي حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أنا سيد ولد آدم وعلىّ سيد العرب» . [1]
1187- عمر بْن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مكابر السقلاطونى، أبو حفص ابن أبى السعادات:
كان وكيلا على أبواب القضاء، سمع أبا القاسم عبد الله بن محمد بن الحصين وأبا
__________
[1] انظر الحديث في: الجامع الصغير للسيوطي 1/93(20/60)
غالب أحمد بن الحسن بن البناء وأبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وعبد الوهاب ابن المبارك الأنماطى وغيرهم وحدث باليسير، سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن على القرشي، وعمر حتى أدركناه ولم يقضى لنا منه سماع، سمع منه أصحابنا. وتوفى قبل طلبنا للحديث، بلغني أن مولده كان في سنة ثمان عشرة وخمسمائة تقريبا.
أنبأنا أحمد بن سليمان الحربي ونقلته قال: توفى عمر بن أبى السعادات بن مكابر في يوم الأربعاء حادي عشر شهر رمضان من سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، ذكر غيره أنه دفن بباب حرب.
1188- عمر بْن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إبراهيم الصائغ، أبو حفص بن أبى السعادات بن أبى الحسن بن أبى الحسين، المعروف بابن صرما:
من أولاد المحدثين، تقدم ذكر أبيه وجده، سمع أبا الفضل محمد بن ناصر الحافظ وأبا الحسن سعد الخير بن محمد الأنصارىّ، كتبت عنه، وكان شيخا صالحا، له دكان قريب من باب النوى يعمل فيه المداسات.
أخبرنا عمر بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحمد الإسكاف بقراءتي عليه في دكانه حدثنا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ الْحَافِظُ إِمْلاءً أنبأ أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسرى قراءة عليه أَنْبَأَ أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُخَلِّصُ حدثنا البغوي إملاء حدثنا أبو الربيع الزهراني حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نافع عن بن عمر عن بلال رضى الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بين العمودين ملقى وجهه في جوف الكعبة» .
توفى عمر بن صرما في يوم الإثنين العشرين من ذى القعدة سنة تسع عشرة وستمائة، ودفن من الغد بباب حرب، وقد ناطح الثمانين.
1189- عمر بن عبد الله، أبو حفص الجلا المخرمى:
حكى عن بشر بن الحارث الحافى شيئا من كلامه، روى عنه العباس بن عبد الله الرازي، ويقال البغدادي.
أخبرنا أبو بكر عبد الرازق بن عبد القادر الجيلي أنبأ عبد الأول بن عيسى السجزى أنبأ أبو عطاء عَبْد الأعلى بْن عَبْد الواحد بْن أحمد المليحي أنبأ أبو محمد إسماعيل بْن إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ المقرئ أنبأ أبو منصور محمد بن سمعان(20/61)
المذكر حدثني أبو الفضل العباس بن عبد الله البغدادي حَدَّثَنَا أَبُو حَفص عُمَر بْن عَبْد الله الجلا قال سمعت بشر بن الحارث يقول: ليس الزهد أن تزهد في كل شيء سوى الله عز وجل.
أخبرنا سليمان وعلي ابنا محمد بن علي الموصلي قالا أنبأ عمر بن أحمد الصفار أنبأ على بن أبى صادق الحيري أنبأ أبو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله بن باكويه الشيرازي حدثنا أبو النجم المذكر البردعي حدثنا محبوب بن محمد بن حمدويه البردعي حدثنا العباس بن عبد الله الرازي حدثنا عمر بن عبد الله المخرمى قال سمعت بشر بن الحارث الحافى يقول: بلغني أنه ما اغرورقت عين بمائها إلا حرم الله سائر جسدها على النار، فان فاضت على وجهه «لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة» . وما من عمل إلا وله وزن وثواب إلا الدمعة فإنها تطفئ بحار النيران، ولو أن عينا بكت من خشية الله في أمة من الأمم لرحم الله تلك الأمة ببكائه.
1190- عمر بن عبد الله أبو سعيد القرشي:
ذكره أبو عَبْد الرحمن السلمي النِّيسَابُورِيّ فِي كتاب تاريخ الصوفية من جمعه ونقلته من خطه، فقال: من مشايخ البغداديين له كلام يدق في علوم القوم حتى أنه قال: قيمة كل عالم همه.
1191- عمر بن عبد الله الأجرسى:
من أهل باب الأزج، ذكر لي أبو الحسن بن القطيعي أنه روى شيئا يسيرا، وتوفى في المحرم سنة سبع وثمانين وخمسمائة.
1192- عمر بن عبد الباقي بن على بن المفرج، أبو حفص الواسطي المقرئ المعروف بابن التبان:
أخو مُحَمَّد الذي قدمنا ذكره، سمع أبا الخطاب نصر بن أحمد بن عبد الله، وحدث باليسير، روى عنه أبو المبارك بْن كامل بْن أَبِي غالب الخفاف في معجم شيوخه.
قَرَأْتُ في كتاب أبي الفضل أحمد بن صالح بن شافع الجيلي بخطة قال: توفى عمر ابن عبد الباقي بن التبان أبو حفص المقرئ في شهر ربيع الأول أو الثاني سنة خمسين وخمسمائة في السواد، سمع وحدث ببغداد، وكان من قراء القرآن المجودين والحفاظ المتقنين والدارسين المداومين والآمرين بالمعروف والنامين عن المنكر من أصحاب الوالد.(20/62)
1193- عمر بن عبد الرحمن بن عبد الواحد بن منصور بن جعفر بن علاقة ابن حمد بن مغيث بن محرز بن محمر [1] بن الحارث بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان، أبو القاسم بن أبى طاهر الذهلي الشيباني.
كان أديبا فاضلا، قرأ على أبى الحسن على بن فضال المجاشعي، وروى عن سليمان بن أحمد السرقسطي وغيره شيئا من الأدب والأناشيد، كتب عنه أبو عامر العبدري وأبو طاهر السلفي وأبو الحسن بن الخل الفقيه.
قرأت بخط أبى ظاهر السلفي وأخبرنيه عنه أبو الحسن بن المقدسي بمصر قال أنشدنى أبو القاسم عمر بن عبد الرحمن بن عبد الواحد الشيباني الأديب ببغداد أنشدنى أبو الحسن على بن فضال المجاشعي النحوي لنفسه:
إن تلقك الغربة في بلدة ... تجمعوا فيك على بغضهم
فدارهم ما دمت في دارهم ... وأرضهم ما دمت في أرضهم
قرأت بخط ابى الحسن بن المبارك بن مُحَمَّد بن الخل الفقيه وأخبرنيه عنه أبو الكرم الهاشمي أنشدنا الرئيس أبو القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الواحد الشيباني وكتب بها إلى بعض أصدقائه معتذرا إليه من أمر طرقه:
يا سيدي دعوة مستمسك ... بودك الأقدم والأحدث
بى حرقة فاعلم وكن عاذرا ... لو هي بالأجبال لم تمكث
طاعة شيطان على خبثه ... ومن يطع شيطانه يخبث
يقبح بالشيخ التصابى وقد ... جاء نذير الموت والمبعث
لكن هو المقدور لا نعدل ... عنه ومن يقصده لا يلبث
1194- عمر بن عبد الرحمن بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن الحسن، أَبُو حفص:
من أهل أسدآباذ- قرية من همدان، سمع بأسدآباذ القاضي أبا الحسن على بن الحسن بن بكر المحكمى، وبالري أبا بكر إسماعيل بن على بن أحمد الخطيب النيسابوري والقاضي أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحسين الحنفي النيسابوري، وبهمدان أبا بكر أحمد بن عمر بن أحمد البزاز وعبد الواحد بن على الهمداني وأبا الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني وأبا الفضل أحمد بن عيسى بن عباد
__________
[1] هكذا في الأصل.(20/63)
الدينوري والقاضي أبا على الحسن بن عبد الله بن الحسين بن ياسين وأبا العباس أحمد ابن محمد بن أحمد الموسياباذي وأبا الفتح المظفر بن الحسن بن عثمان بن مموس وأبا الحسن مكي بن منصور بن علان الكرخي، وقدم بغداد وسمع بها أبا القاسم عبد العزيز بن على الأنماطى وأبا طَاهِرٍ مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الصَّقْرِ الأنبارى وأبا طاهر أحمد بن الحسن الكرخي وأبا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَبِي نصر الحميدي وجماعة غيرهم، وعاد إلى بلاده، وقدم بغداد ثانيا وحدث بها في محرم سنة سبع وتسعين وأربعمائة بكتاب «تاريخ أسدآباذ» من جمعة، سمع منه أبو عامر العبدري وخرج له فوائد من شيوخه وقرأها عليه أيضا ببغداد.
أنبأنا القاضي أبو الحسن بن أحمد بن محمد العمرى عن ابى عامر محمد بن سعدون ابن مرجا العبدري أنبأ أبو حفص عمر بن عبد الرحمن الأسدآباذي ببغداد أنبأ أبو المعالي الحسن بن محمد بن شادي أنبأ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ المعتز حدثنا أبو بكر عبد الرحمن بن أَحْمَد بن إبراهيم بن المعتز حدثنا أبو بكر عبد الرحمن بن أحمد ابن سعيد المروزي حدثنا عبد الله محمود حدثنا عبد الوارث بن عبد الله بن مسلم بن خالد الزنجي عَنِ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم: «كرم المرء تقواه ومروءته عقله وحسه خلقه» [1] .
قرأت في كتاب عمر بن عبد الرحمن بن محمد بن عمر الأسدآباذى بخطه قال عمر ابن عبد الرحمن بن محمد في صديق:
هددنى بالهجر معشوق ... أهيف مثل الغصن ممشوق
وقد درى أنى من حبه ... بنار أشواقى محروق
لا شك أنى ميت في الهوى ... إن صح للهجران تصديق
ومن شعره أيضا:
شربنا الكأس في زمن الربيع ... على ساق يسقينا بديع
الكأس في نور المسقى ... ضياء الصبح في نور الشموع
قرأت في كتاب عَبْد الرحيم بْن هبة اللَّه بْن المعراض الحراني بخطه قال: سألت الإمام أبا حفص عمر بن عبد الرحمن بن محمد بن عمر الأسدآباذي عن مولده، فقال:
ولدت سنة ست وخمسين وأربعمائة، وسمعت الحديث سنة أربع وستين، وأملى
__________
[1] انظر الحديث في: الجامع الصغير للسيوطي 2/77.(20/64)
علينا ثلاثة أحاديث عن شيخ له وذلك بأسدآباذ في جمادى الأولى سنة خمس وعشرين وخمسمائة.
كتب إلى أبو الفتوح الخطيب أنبأ أَبُو سَعْدِ بْنُ السَّمْعَانِيِّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالَ: عمر ابن محمد بن عبد الرحمن بن محمد الأسدآباذي، روى عنه ولده أبو الفتح ذو النون، وتوفى فيها بين سنة ثمان وعشرين وخمسمائة إلى صفر سنة إحدى وثلاثين.
1195- عمر بن عبد الرحمن البغدادي:
حدث عن أبي الحسن علي بن عبد الله بن جهنم الهمداني الصوفي، روى عنه أبو الحسن علي بن محمود الزوزنى الصفوفى.
قرأت على أبي الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب الحراني عن أبي الغنائم محمد بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ النَّرْسِيُّ أَنْبَأَ أَبُو الحسن على بن محمود بن إبراهيم الزوزنى الصوفي قراءة عليه حدثنا عمر بن عبد الرحمن البغدادي حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَبْد الله الهمذاني قَالَ كتب الْحُسَيْن بن مَنْصُور إِلَى أَحْمَد بن عطاء: أطال اللَّه لِي حياتك، وأعدمني وفاتك.
على أحسن ما جرى به قدره أو نطق به خبر، معما أن لك في قلبي من بواهم أسرار محبتك وأفانين ذخائر مودتك ما لا يترجمه كتاب ولا يحصيه حساب ولا يفنيه عتاب، وفي ذلك أقوال:
كتبت ولم أكتب إليك وإنما ... كتبت إِلَى روحي بغير كتاب
وذاك لأن الروح لا فرق بينها ... وبين محبيها بفضل خطاب
فكل كتاب صادر منك وارد ... إليك بلا رد الجواب جوابي
1196- عمر بن عبد السلام، أبو حفص الصوفي البغدادي، يعرف بابن أبى مسلم صاحب التميمي:
ذكره أبو علي الحسن بن أحمد بن البناء في «كتاب طبقات الفقهاء» من جمعة- نقله من خطه- وذكر أنه كان مفتيا، وأنه توفى في سنة ست وعشرين وأربعمائة.
1197- عمر بن عبد السميع، أبو حفص:
ذكر طلحة الشاهد أنه توفى سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، وقال: كانت عنده حكايات عن ابن فهم.(20/65)
1198- عمر بن عَبْد العزيز بْن أَحْمَد بْن مَسْعُود بْن سعدان الناقد، أبو الفضل الأمين، المعروف بابن الحصاص:
من أولاد المحدثين، تقدم ذكر والده وجده، أسمعه والده في صباه من تجنى الوهبانية وغيرها، كتبت عنه وهو أمين القاضي ونعم الرجل هو.
أخبرنا عمر بن عبد العزيز الأمين أخبرتنا تجنى الوهبانية أنبأ طراد بن محمد الزينى أنبأ هلال بن محمد الحفار حدثنا الحسين بن يحيى بن عباس حدثنا أبو الأشعث حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن برد عن سليمان بن موسى عن شرحبيل بن السمط أنه كان نازلا على حصن من حصون فارس مرابطا قد أصابهم خصاصة فمر بهم سلمان الفارسي فقال: ألا أحدثكم حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يكون عونا لكم على منزلكم هذا؟ قالوا: يا عبد الله بلى حدثنا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم يقول:
«رباط يوم في سبيل الله عز وجل خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَمَنْ مَاتَ مرابطا في سبيل الله كان له أجر مجاهد إلى يوم القيامة» [1] .
سألت عمر بن عبد العزيز عن مولده فقال: في شهر رمضان سنة سبع وستين وخمسمائة، وتوفى ليلة الخميس لعشر خلون من شوال من سنة أربعين وستمائة، ودفن من الغد بباب حرب.
1199- عمر بن عبد العزيز بن أسناس، أبو القاسم الشاهد:
شهد عند القاضي أبى محمد العماني في شهر ربيع الآخر سنة ست وسبعين وثلاثمائة فقبل شهادته، وتوفى يوم الأحد لثلاث بقين من شهر ربيع الآخر سنة أربعمائة [قال [2]] وكان مولدي في المحرم سنة ست وعشرين وثلاثمائة وذكر هذا هلال بن الصابي ونقلته من خطه.
1200- عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عيسى، أبو حفص الخردلى [3] :
من أهل الحربية، سمع أبا القاسم سَعِيد بْن أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن البناء وغيره. وحدث باليسير، سمع منه أصحابنا ولم يتفق لنا لقاؤه.
__________
[1] انظر الحديث في: الجامع الصغير للسيوطي 2/18.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في الأصل: «الحردلى» .(20/66)
حدثني أحمد بن محمد بن طلحة الشاهد أنبأ عمر بن عبد العزيز الخردلى وأنبأ أبو محمد بن الأخضر قَالا أَنْبَأَ سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَنَّاءِ قراءة عليه أنبأ محمد بن محمد بن علي الزينبي أنبأ محمد بن عبد الرحمن المخلص حدثنا يحيى بن صاعد حدثنا محمد بن هارون حدثنا بكار بن محمد حدثنا عبد الله بن عَوْفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «الولد للفراش وللعاهر الحجر» [1] .
توفى عمر الخردلى بالمارستان العضدي في يوم الخميس خامس عشري شهر رمضان سنة سبع وتسعين وخمسمائة، ودفن بمقبرة المارستان.
1201- عمر بن عبد العزيز، مولى بنى العباس، أبو حفص الشطرنجى [2] :
كان أبوه من موالي المنصور، وكان أعجميا ونشأ عمره في دار ومع أولاد مواليه وكان كأحدهم وتأدب، وكان لاعبا بالشطرنج مشغوفا بها فلقب بالشطرنجى لغلبتها عليه. فلما مات المهدى انقطع إلى عليه وخرج منها لما زوجت وعادت إلى القصر، وكان يقول لها الأشعار فيما زيده من الأمور بينها وبين أخواتها وبنى أخيها من الخلفاء فينتحل بعض ذلك ويترك بعضه.
أنبأنا عبد الله بن الحسن الكندي عن محمد بن أبى طاهر بن على بن المحسن بن على أخبره عن أبيه عن أبى الفرج عَلِيّ بْن الْحُسَيْن الأصبهاني حَدَّثَنِي الحَسَن بن على الخفاف حدثني أحمد بن الطيب السرخسي حدثني الكندي عن محمد بن الجهم البرمكي قال: رأيت أنا حفص الشطرنجى الشاعر فرأيت منه إنسانا يلهيك حضوره عن كل غائب، وتسليك مجالسته عن كل هموم المصائب، قربه عرس، وحديثه أنس، جده لعب ولعبه جد دين ماجن، إن لبسته على ظاهره لبسته موموقا لا تمله، وإن تتبعته أتنظر خبرته، وقعت على مروة لا تطور الفواحش بخناها، وما علمته أقل ما فيه الشعر، وهو الذي يقول:
تحبب فإن الحب داعية الحب ... وكم من بعيد الدار مستوجب القرب
إذا لم يكن في الحب عتب ولا رضى ... فأين حلاوات الرسائل والكتب
تفكر فان حدثت أن أخا هوى ... [غدا] [3] سالما فارج النجاة من الحب
__________
[1] انظر الحديث في:
[2] انظر ترجمته في: الإعلام 5/259.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(20/67)
وأطيب ايام الهوى يومك الذي ... تروع بالتحريش فيه وبالعتب
وبالإسناد عن أبى الفرج الأصبهانى قال أخبرنى جعفر بن قدامة حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه قال: كان أبو حفص الشطرنجى ينادم أبا عيسى بن الرشيدي ويقول له الشعر فينتحله، ويفعل مثل ذلك بأخيه صالح وأخته، وكذلك بعلية عمتهم، وكان بنو الرشيد جميعا يزورونه ويأنسون به، فمرض فعادوه جميعا سوى أبى عيسى، فكتب إليه:
إخاء أبى عيسى إخاء ابن ضده ... وودى له ود ابن ام ووالد
ألم يأته أن التأدب نسبة ... تلاصق أهواه الرجال الأباعد
فما ناله مستعذبا من جفائنا ... موارد لم يعذب لنا من موارد
سلام هي الدنيا قروض وإن ... أخوك مديم الوصل عند الشدائد
وبه عن الأصبهانى قال حدثني جعفر بن الحسين حدثني محمد بن هارون قال حدثت عن أبى حفص الشطرنجى قال قال لي الرشيد يوما: يا حبيبي لقد أحسنت ما شئت في بيتين قلتهما، قلت ما هما يا سيدي؟ فمن شرفهما استحسانك، فقال قولك:
لم ألق ذا شجن ينوح بحبه ... إلا حسبتك ذلك المحبوبا
حذار عليك وإننى بك واثق ... ألا ينال سواي منك نصيبا
فقال: يا أمير المؤمنين ليسا لي، هما للعباس بن الأحنف، فقال: صدقك والله أجب إلى، ولك والله أحسن منهما حيث تقول:
إذا سرها أمر وفيه مساءتى ... قضيت لها فيما تريد على نفسي
وما مر يوم ارتجى فيه راحة ... فأذكره إلا بكيت على أمسى
قرأت على حامد بن محمد الأعرج بأصبهان عن أبي طاهر محمد بن أبي نصر التاجر قال كتب إلى محمد بن أحمد أبو جعفر الشاهد أن أبا عبيد الله المرزباني أخبره قال أنشدنى على بن هارون عن أبيه لأبى جعفر الشطرنجى:
وقد حسدوني قرب دارى منكم ... وكم من قريب الدار وهو بعيد
دخولك من باب الهوى إن أردته ... يسير ولكن الخروج شديد
وبه عن المرزباني قال أخبرنى أحمد بن محمد الجوهري عن أحمد بن عبيد الله قال قال أبو حفص الشطرنجى:(20/68)
مناي لا تحسبي ذل الهوى صفة ... تفديك نفسي بل ذل الهوى شرف
لا خير في الحب إلا فوق عاتبه ... حتى يقول أناس إن ذا شرف
قد مكث الناس حسنا ليس بينهم ... ود فيردعه التسليم واللطف لا
يا نفس إن كساك الحب ذلته ... من حمل الحب لم يحمل به الأنف
تعسا لمعشوقة في الحب منصفه ... وللحب الذي إن ضيم يتنصف
أنبأنا عبد الوهاب بن على عن زاهر بن طاهر النيسابوري قال كتب إلى على بن أحمد أن عبيد الله أخبره عن محمد بن يحيى الصولي قال حدثني الحسين بن يحيى حدثني عبد اللَّه بن العباس بن الفضل بن الربيع قال: دخلت على أبى حفض الشطرنجى شاعر عليّة بنت المهدى أعوده في علته التي مات فيها قال فجلست عنده فأنشدنى لنفسه:
نعى لك ظل الشباب المشيب ... ونادتك باسم سواك الخطوب
فكن مستعدا لداء الفنا ... فان الذي هو آت قريب
ألسنا نرى شهوات النفو ... س تفتى ويبقى عليها الذنوب
وقبلك داوى المريض الطبيب ... فعاش المريض ومات الطبيب
يخاف على نفسه من يتوب ... فكيف ترى حال من لا يتوب
1202- عمر بن عبد الكريم بن أبى غالب. أبو حفص الحمامي:
من أهل الحربية، سَمِعَ أبا الْقَاسِم عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن عبد القادر بن يوسف وحدث باليسير، سمع منه أصحابنا ولم يتفق لي لقاؤه، وقد أجاز لي جميع مسموعاته، وكان قد لحقه صمم في آخر عمره، وتوفى في يوم الأربعاء الخامس والعشرين من شعبان من سنة سبع وتسعين وخمسمائة، ودفن بباب حرب.
1203- عمر بن عبد الملك بن الحسن بنم يوسف بن السقطي:
روى عنه القاضي أبو على التنوخي في «كتاب الفرج بعد الشدة» حكاية، وقد ذكر الخطيب أباه عبد الملك في التاريخ.
أنبأنا أحمد بن يحيى الخازن أَنْبَأَ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ الكوفي أَنْبَأَ المبارك ابن عبد الجبار الصيرفي أنبأ أَبُو القاسم علي بْن المحسن بْن علي التنوخي أنبأ أبى قال حدثني عمر بن عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ يُوسُفَ السَّقَطِيُّ- وكان يخلفني على القضاء بحران ونواح(20/69)
من ديار مصر، ثم خلفنى على قطعة من سقى الفرات، وكان أبوه من قدماء الشهود ببغداد- قال حدثني أبو الخطاب محمد بن أحمد بن زكريا الأنصارىّ الشاهد بالبصرة- وأنا قد رأيته كبيرا وكان لي صديقا وما اتفق أن اسمع هذه الحكاية منه- قال:
غلست يوما أريد مسجد الزياديين بشارع المريد لوعد كان على فيه وكانت الريح قوية بين يدي بأذرع رجل يمشى، فلما بلغنا دار رباح قلعت الريح سترة آجر وجص على رأس الحائط فرمت بها عليه، فلم أشك في هلاكه وارتفعت غبرة عظيمة أفزعتنى فرجعت، فلما سكنت الغبرة عدت اسلك الطريق حتى دست بعض السترة الساقطة ولم أر الرجل ولا أثره، فعجبت ويمت طريقي حتى دخلت مسجد الزياديين فرأيت أهل المسجد مجتمعين فحدثتهم بما رأيت في طريقي متوجعا للرجل وشاكر الله على سلامتي، فقال رجل منهم: أنا يا أبا الخطاب الرجل الذي وقعت على السترة وذاك أنى قصدت هذا المسجد لمثل ما وعدت له، فلما سقطت السترة لم أحس لها بضرب لحقني ووجدت نفسي سالما فحمدت الله وتحيرت فوقفت حتى انجلت الغبرة.
فتأملت الصورة فإذا في السترة موضع باب كبير، وقد اتفق إن وقع على رأسى وسائر جسدي في موضع الباب فخرجت منه وسقط باقى السترة لم أحس لها بضرر لحقني، فتخطيت على المنهدم وسبقتك إلى هاهنا.
1204- عمر بن عبد الملك بن عمر بن خلف بن عبد العزيز الرزاز، أبو القاسم الشاهد:
من ساكني باب الشعير، كان فقيها فاضلا على مذهب الشافعي، وشهد عند قاضي القضاة أَبِي عَبْد اللَّهِ الدامغاني في التاسع من شهر ربيع الأول سنة ثمان وأربعين وأربعمائة فقبل شهادته. سمع الحديث من أبوى الحسن مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْن رزقويه ومحمد بْن محمد بن مخلد وأبنى على الحسن بن أحمد بن شاذان وآباه القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرقى وعبد الملك بن محمد بن بشران وعبيد الله بن أحمد الصيرفي وأبى بكر أحمد بن محمد غالب البرقاني وغيرهم، روى عنه أبو القاسم بن السمرقندي.
أخبرنا أبو القاسم موسى بن سعيد بن هية الله العباسي أنبأ أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي أنبأ أبو القاسم عمر بن عبد الملك بن عمر الرزاز أنبأ ابو(20/70)
الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ رزقويه أنبأ أبو بكر أحمد بن سليمان [1] النجاد حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبيد القرشي حدثني عبد الرحمن بن صالح الأزدى حدثنا عمرو [2] بن هاشم الجنبي عَنْ جُوَيْبِرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عليكم باصطناع المعروف فإنه يمنع مصارع السوء، وعليكم بصدقة السر فإنها تطفئ غضب الله عز وجل» [3] .
أنبأ أبو القاسم الأزجي عن أبي بكر محمد بن علي بن ميمون الدباس أنبأ أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون قال: توفى أبو القاسم عمر بن عبد الملك بن عمر الرزاز العدل في ليلة السبت ودفن يوم السبت الخامس من رجب سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وكان رجلا فاضلا فقيها على مذهب الشافعي، وحدث عن ابن رزقويه وابن مخلد [4] ، والبرقاني. والحرفى وغيرهم، وكان ثقة زاهدا، وابتلى بمرض أقعد منه وبقي سنين مقعدا، مولده سنة ست وأربعمائة.
قرأت بخط أبى على البردانى وفاته كذلك، وذكر أنه دفن في مقابر الشهداء بباب حرب عند أبيه.
1205- عمر بن عبد الملك، أبو النضير الشاعر، مولى بنى جمح:
من أهل البصرة. وذكر أن اسمه الفضل كان شاعرا صالح المذهب انقطع إلى البرامكة، وله مدائح فيهم كثيرة فاعنوه إلى أن مات، ولما هلك البرامكة عاد إلى البصرة فصار يغنى على جوار له.
أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الحذاء عن أَبِي سعد بن الطيوري أنبأ أبو القاسم بن أبى على التنوخي إذنا عن أبيه أن أبا الفرج علي بْن الحسين الأصبهانى أخبره قال أخبرنى محمد ابن مزيد بن أبى الأزهر حدثنا حماد بن إسحاق قال سمعت أبى يقول: لو قيل لي من أظرف من رأيت قط أو عاشرته؟ لقلت: أبو النضير.
وبه عن الأصبهانى قال أخبرنى عيس بن الحسن الوراق حدثنا الفضل بن محمد اليزيدي حدثنا إسحاق قال: ولد للفضل بن يحيى مولود فدخل إليه [أبو] [5] النضير
__________
[1] في الأصل: «سلمان» .
[2] في الأصل: «عمر» .
[3] انظر الحديث في: الجامع الصغير 2/55.
[4] في الأصل زيادة: «وابن رزقويه» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(20/71)
ولم يكن عرف الخبر فيعد له تهنئة، فلما مثل بين يديه رأى الناس يهنئونه نثرا ونظما قال ارتجالا:
ويفرح بالمولود من آل برمك ... بغاة الندى والسيف والرمح ذو النصل
«وتبسط الآمال فيه لفضله» ثم ارتج عليه فلم يدر ما يقول، فقال له الفضل بن يحيى «فيه لفضله» «ولا سيما إن كان من ولد الفضل» فاستحسن الناس بديهة الفضل في هذا، وأمر لأبى النضير بصلة.
وبه عن الأصبهانى قال: أخبرنى حبيب بن نصر حدثنا هرون بن محمد بن عبد الملك حدثني بعض الموالي: حضرت الفضل بن يحيى وقد قال لأبى النضير يا أبا النضير أنت القائل فينا:
إذا كنت من بغداد في رأس فرسخ ... وجدت نسيم الجود من آل برمك
لقد ضيقت علينا جدا، قال: فلأجل ذلك أيها الأمير ضاقت على صلتك وضاقت عنى مكافأتك، وأنا الذي أقول:
تشاغل الناس ببنيانهم ... والفضل في بنى العلى جاهد
كل ذوى الرأى وأهل النهى ... للفضل في تدبيره حامد
وعلى ذلك مما قلت البيت الأول كما بلغ الأمير وإنما قلت:
إذا كنت من بغداد في مقطع الثرى ... وجدت نسيم الجواد من آل برمك
فقال له الفضل: إنما أخرت ذلك لأمازحك، وأمر له بثلاثة آلاف درهم.
وبه عن الأصبهانى قال حدثني عمر حدثنا أبو العيناء قال: حدثت عن أبى النضير قال: دخلت على الفضل بن الربيع فقال: هل أحدثت بعدي شيئا؟ قلت: نعم، قال:
وما هو؟ قلت: أبياتا في امرأة تزوجتها وطلقتها لغير علة ألا تفضى لها وإنها لبيضاء بضة كأنها سبيكة فضة، فقال لي: وما قلت فيها؟ فقلت قلت:
رحلت أنيسة بالطلاق ... فأرحت من غل الوثاق
رحلت فلم تألم لها ... نفس ولم تدمع مآقى
أو لم تبن بطلاقها ... لأبنت نفسي بالإباق(20/72)
وشفاء ما لا تشتهي ... هـ النفس تعجيل الفراق
فقال: يا غلام الدواة والقرطاس فأتى بهما، وأمرنى نكتب له الأبيات، ثم قلت له:
أنت والله تبغض بنت أبى العباس الطوسي، فقال: اسكت أخزاك الله، ثم ما لبث أن طلقها.
1206- عمر بْن عَبْد المنعم بْن عَبْد الوهاب بْن سعد بْن صدقة بْن الخضر بْن كليب الحراني، أبو حفص:
ابن شيخنا أبى الفرج التاجر، وقد تقدم ذكره، حكى عنه والده حكاية كتبها عنه إبراهيم بن على بن بكروس الشاهد، وتوفى شابا قبل والده بزمان.
أنبأنا أبو الفرج بن كليب قال حدثني ولدي أبو حفص عمر قال كنت بأرض أقصره، وكان معنا جماعة في الطريق فقال أحدهم: انزلوا بنا لأفرجكم اليوم فنزلنا وهناك شجرة عليها ورق أخضر وزهر أصفر فأخذ الرجل يصفق بيديه وأنشا يقول:
يا نازلا بالبلد البلقع ... ويا ديار الظاعنين اسمعي
ما هي باطلالى ولكنها ... رسوم أحبابى فنوحى معى
قال: فلم تزل يكررها حتى ترنحت الشجرة ثم ألقت زهرها الأصفر جميعه ثم ألفت ورقها جميعه، ولم يزل على ذلك كلما أنشد الأبيات ترنحت وألقت ما عليها من الأوراق والأزهار إلى أن لم يبق عليها شيء. قال شيخنا أبو الفرج: فحكيت ذلك لصهرى على ابنتي قايماز بن عبد الله المعروف بالمصلح المقتفرى فقال: شاهدت رجلا كرديا لنا بنهر مالك أو دجيل من أعمال العراق- الشك من الشيخ، وأنه نزل ببعض أرضها وهناك شجيرة عليها الأزهار والأوراق وأنه أخذ ينشد هذين البيتين المقدمين وانها ترنحت ثم ألقت أوراقها وأزهارها كالحكاية الأولى.
1207- عُمَر بْن عَبْد الواحد بْن سَعِيد، أَبُو القاسم المقرئ اليعقوبي:
سمع أبا القاسم علي بن أحمد بن محمد بن بيان، وحدث عنه ببلاد كرمان، سمع منه يوسف بن أحمد بن إبراهيم الشيرازي. وروى عنه في كتاب الأربعين من جمعه.
أخبرنى ابو القاسم الصوفي جارنا أنبأ يوسف بن أحمد الشيرازي أنبأ أبو القاسم عمر بن عبد الواحد بن سعيد اليعقوبي المقرئ بنرماسير أنبأ على بن أبى طالب(20/73)
العمرى وَأَنْبَأَ أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ عَبْدِ الوهاب الحراني قراءة عليه غَيْرَ مَرَّةٍ أَنْبَأَ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أبى طالب أحمد بن محمد بن بيان العمرى قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنْبَأَ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ محمد مخلد أنبأ إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا أبو يزيد خالد بن حيان الرقى عَنْ فُرَاتِ بْنِ سَلْمَانَ وَعِيسَى بْنِ كَثِيرٍ كلاهما عن أبى رضاء عن عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سلمة عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «من بلغه عن الله عز وجل شَيْءٌ فِيهِ فَضِيلَةٌ فَأَخَذَ بِهِ إِيمَانًا بِهِ ورجاء ثوابه آتاه الله ذلك وإن لم يكن كذلك [1] .
1208- عمر بن عبد الواحد بن منصور، أبو حفص السعدي:
من ساكني دار القز، سمع أبا العباس أحمد بن الحسين بن قريش وحدت عنه بكتاب العرش لابن أبى شيبة، سمعه منه عمر بن محمد بن أحمد بن عمر التكريتي الصوفي وشيخنا عمر بن محمد بن طبرزد المؤدب في جمادى الآخرة سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة.
أنبأنا ابن طبرزد أنبأ عمر بن عبد الواحد السعدي قراءة عليه أنبأ أحمد بن الحسين ابن قريش قراءة عليه وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الظفر الهمذاني أنبأ أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش أَنْبَأَ أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْعُشَارِيُّ أَنْبَأَ أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الفوارس أَنْبَأَ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الصواف أنبأ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بن أبى شيبة حدثنا الحسن بن على حدثنا الهيثم بن الأشعث السلمى حدثنا أبو حنيفة اليماني الأنصارىّ عن عمير بن عبد الملك قال خطبنا عَلِيّ بْن أَبِي طالب رضي الله عنه على منبر الكوفة فقال: كنت إذا سكت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابتدأنى، وإن سألته عن الخبر أنبأنى، وإن حدثني عن ربه قال قال الرب جل وعز: وارتفاعي فوق عرشي، ما من أهل قرية ولا من أهل بيت كانوا على ما كرهت من معصيتي ثم تحولوا عناه إلى ما أحببت من طاعتي إلا تحولت لهم عما يكرهون من عذابي إلى ما يحبون من رحمتي [2] .
__________
[1] انظر الحديث في: الجامع الكبير للسيوطي 1/760.
[2] انظر الرواية في: سنن الترمذي 2/214.(20/74)
1209- عمر بن عبدون بن القاسم بن محمد بن داود بن عبد الغفار، أبو القاسم التانى:
حكى عن أبى بكر بن مجاهد المقرئ حكاية رواها عنه أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن فهد العلاف وأبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي وأبو الخطاب على ابن عبد الرحمن بن الجراح وأبو الحسن على بن محمد بن العلاف وأبو علي الحسن بن أحمد بن البناء. وكان ينزك في درب الديوان بالرصافة في جوار أبى القاسم بن بشران، وسمعت منه هذه الحكاية في سنة ثمان عشرة وأربعمائة لست خلون من شهر ربيع الأول، وكان له مائة وسنتان من عمره.
1210- عمر بن عبدون الأنبارى:
حدث بحكاية عن الحسن المسوحى رواها عنه أحمد بن محمد الحربي.
أخبرنا أبو الفتح دَاوُدُ بْنُ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الفاخر أنبا أبى عن عمه محمد ابن عبد الواحد الدقاق أنبأ أبو محمد بن أبى بن أبى مطر في كتابه إلى أن جده على ابن عبد الله بن أبى مطر أخبرهم حدثنا عمر بن محمد الفياض حدثنا أحمد بن محمد الحربي حدثنا عمر بن عبدون الأنبارى حدثنا حسن المسوحى سمعت بشرا يقول أتيت منزل المعافا بن عمران فقرعت الباب فقالت ابنته: من هذا؟ قال قلت: أنا بشر، قالت: ومن بشر؟ قال: فجاء على لساني أن قلت «الحافى» فقالت: يا بشر لو اشتريت فعلا بدانقين ذهب ذا الاسم.
1211- عمر بن عبدويه، أبو حفص البغدادي:
حدث عن أبى العباس أحمد بن على بن خلف المؤدب وإِبْرَاهِيم بْن الهيثم البلدي، روى عنه أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إبراهيم البلخي.
أنبأ عبد القادر بن خلف المؤدب أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ نَصْرٍ أنبأ أبو طاهر محمد ابن أحمد أبى الصقر الأنبارى أنبأ القاضي أبو القاسم حسن بن أحمد الأنبارى حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ البلخي بمكة حدثنا أبو حفص عمر بن عبدويه البغدادي(20/75)
حدثنا أبو العباس أحمد بن على بن خلف حدثنا موسى بن إبراهيم الأنصارىّ حدثنا أبو معاوية الضرير عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة رضى الله عنها قالت:
قلت: يا رسول الله ما معنى رمضان؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يا حميراء لا تقولي رمضان فأنه اسم من اسماء الله تعالى، ولكن قولي شهر رمضان، يعنى رمضان أرمض فيه ذنوب عباده فغفرها» ، قالت عائشة فقلنا: يا رسول الله شوال؟ فقالت: «شالت لهم ذنوبهم فذهبت» .
1212- عمر بْن عُبَيْد اللَّه بْن عمر بْن علي بن البقال أبو الفضل المقرئ [1] :
من أهل باب الأزج، قرأ القرآن على أبي الحسن علي بن أحمد بن عمر الحمامي، وسمع الحديث بإفادة والده بعد الأربعمائة من أبى أحمد عبيد الله بن محمد أحمد بن أبى مسلم الفرضي وبكر بن شاذان الواعظ وأبى مُحَمَّد عَبْد اللَّهِ بْن عُبَيْد اللَّهِ بن يحيى البيع وأبي الفتح مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الْفَوَارِسِ الْحَافِظُ وغيرهم، روى عنه أبو بكر الأنصارىّ وأبو القاسم بن السمرقندي وأبو الحسن بن عبد السلام وأبو سعد الزوزنى وأبو بكر محمد بن القاسم بن الشهرزوري وفاطمة بنت أبى حكيم الخبرى وكان عبدا صالحا كثير التلاوة للقرآن يختم كل يوم ختمه، وإن بقي منها شيء ختمه ليلا، وقد ختم خلقا كتاب الله عز وجل.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ ضِيَاءُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أبى على أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بن محمد البزاز أنبأ أبو الفضل عمر بْن عُبَيْد اللَّه بْن عمر بْن البقال المقرئ قراءة عليه حدثنا أبو الفتح بن أبى الفوارس إملاء حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن جعفر حدثنا محمد ابن نصير حدثنا إسماعيل بن عمرو حدثنا ناصح بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن أبو عبد الله التميمي عن سماك عن جابر بن سمرة رضى الله عنه قال: كان شاب يخدم النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سلني حاجة» قال: «ادع الله لي بالجن» فتنفس النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نِعْمَ، ولكن أعنى بالسجود» .
قرأت في كتاب الشريف محمد بن الحسين بن محمد بن برغوث الهاشمي بخطه قال:
__________
[1] انظر ترجمته في: المنتظم لابن الجوزي 8/322.(20/76)
سألت أبا الفضل بن البقال عن مولده، فذكر أنه في صفر سنة خمس وتسعين وثلاثمائة.
قرأت بخط أبي علي أحمد بن محمد البردانى قال: توفى أبو الفضل عمر بن عبيد المقرئ المعروف بابن البقال في ليلة الثلاثاء الخامس عشر من ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، ودفن بباب حرب يوم الثلاثاء عند أبيه وقد سمعت منه. وبلغني أنه سقط من السطح انفلق رأسه فمات. وكان ثقة.
1213- عمر بن عثمان بن الحسين المامى، أبو حفص المقرئ:
من أهل باب الأزج، قرأ القرآن بالروايات على أبى حفص عمر بن ظفر الغازلى، وسمع الحديث بعد علو سنه على أبى طالب عبد القادر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد القادر بْن مُحَمَّد بن يوسف، وحدث باليسير، وعاش حتى ناهز المائة، وكان شيخا صالحا.
1214- عمر بن عثمان بن عمر، أبو حفص الحلاج:
من أهل باب البصرة، سمع أبا القاسم مقبل بن أحمد بن بركة بن الصدر وغيره، وحدث باليسير، سمع سنه رفيقانا ابو المعالي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن صالح بْن شافع وعلى ابن معالى الرصافي، وكان شيخا صالحا كثير العبادة قليل المخالطة للناس دائم الصمت.
أخبرنى على بن معالى أنبأ عمر بن عثمان الحلاج [و] أنبأ مسعود بن عبد الله الدقاق قالا أنبأ مقبل بن أحمد بن بركة قراءة عليه في رجب سنة خمسين وخمسمائة أنبأ محمد بن عبد الكريم بن محمد الكاتب أنبأ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ أَنْبَأَ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدَّقَّاقُ حدثنا حنبل بن إسحاق حدثنا قبيصة بن عقبة حدثنا سفيان عن جرير بن حازم عن أبى نصر العدوى عن أبى الدهماء العدوى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَمِعَ منكم بالدجال فليفر منه يأتيه الرجل يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يرى معه من الشبهات» [1] .
__________
[1] انظر الحديث في: الجامع الكبير للسيوطي 1/786.(20/77)
ذكر لي على بن معالى أن عمر بن عثمان الحلاج توفى في ليلة السبت الثالث عشر من صفر سنة أربع وستمائة، ودفن من الغد بباب حرب. وكان شيخا صالحا.
1215- عُمَر بْن علي بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو حفص، المعروف بابن بعيجه:
من ساكني المأمونية- وهو أخو أبى البركات المبارك بن على، سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وحدث باليسير، سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بْن عَلِيّ القرشي وذكره فِي معجم شيوخه وذكر أنه كان صالحا. وأن مولده في سنة اثنتي عشرة وخمسمائة، وأنه توفى يوم الخميس الحادي والعشرين من شوال سنة خمس وسبعين وخمسمائة دفن بباب حرب.
1216- عمر بن على بن أحمد الزنجاني، أبو حفص، الفقيه الشافعي [1] :
قدم بغداد وقرأ الفقه على القاضي أبي الطيب طاهر بن عبد الله الطبري، وقرأ الكلام على أبى جعفر أحمد بن محمد السمناني، وسمع منهما الحديث وسافر إلى الشام، وسمع بدمشق أبا نصر محمد بن أحمد بن طلاب، وكان فاضلا صنف كتابا سماه «المعتمد» ، وحدث بدمشق وصور وعاد إلى بغداد وحدث بها، واستوطنها إلى حين وفاته.
ذكر أَبُو الفضل بْن خيرون أنه توفى في ليلة الثلاثاء ودفن يوم الثلاثاء من جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وأربعمائة إلى جنب أبى العباس بن سريج باب درب مقبرة قريبا من الشونيزية.
1217- عمر بن على بن أحمد بن الليث، أبو مسلم الليثي:
من أهل بخارى، له الرحلة الواسعة في طلب الحديث، سمع الكثير، وكتب جملة صالحة بخطه وخرّج التخاريج وجمع الجموع، سمع ببخار أبا سهل عبد الكريم بن عبد الرحمن الكلاباذى وأبا الحسن على بن أحمد بن حساج التميمي وأبا بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حاضر الهراس وأبا يعقوب يوسف بن منصور الحافظ السياري
__________
[1] انظر ترجمته في: الأنساب 6/326. والإكمال 4/229. وطبقات الشافعية للأسنوى ص 616.(20/78)
الصفار وأبا القاسم عبد الملك بن على إمام الجامع ببخارى وعمر بن منصور بن على السمسار وعبد الملك بن محمد بن على الكرابيسي والحسين بن على البخاري المعروف بالعافية وأبا الفتح عبد الملك بن عبد الرحمن البخاري، وبسمرقند أبا الطيب المطهر بن محمد الخاقاني البغوي وأبا سعد محمد بن جعفر المطيبى، وبكش أبا محمد عبد العزيز بن أحمد الحلواني، وببلخ أبا الفضل أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الكرابيسي الخطيب وأبا عمر محمد بن أحمد المستملي وأبا الفضل محمد بن محمد بن أحمد البلخي ومحمد بن أبى جعفر الحلمى وعلى بن أحمد بن عبد الرحمن الأمين البلخي، وبغزنة أبا منصور المظفر بن الحسين بن إبراهيم المحدث الغزنوي وأبا الحسن على بن محمد بن نصر بن اللبان الدينوري وأبا عثمان سعيد بن أحمد بن محمد العيار الصوفي وعبد الحميد بن أحمد الهاشمي، وبهراة أبا أحمد القاسم بن أبى عثمان القرشي والحسن بن على بن أبى طالب الأديب وعبد الوهاب بن محمد الخطابي وعطاء بن أحمد الهروي والفضل بن أبى الفضل الجارودي، وببوشنج أبا سعد منصور بن العباس التميمي ومحمد بن عبد الحميد البوشنجي، وبمرو أبا عمرو محمد بن عبد العزيز القنطري وعبد السلام بن عبد الصمد البزاز وأبا غانم أحمد بن على الكراعى، وبنيسابور أبا عثمان إسماعيل بْن عبد الرحمن الصابوني وأبا حفص عمر بن أحمد بن مسرور وأبا الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي وأبا عامر الحسن بن محمد النسوى وأبا بكر محمد بن عبد العزيز الحافظ الحيرى وأبا سعيد عبد الرحمن بن محمد العارض وأبا عثمان سعيد ابن أبى عمرو البحيري وعبد الرحمن بن إسحاق المؤدب وعُبَيْد اللَّهِ بن مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاق بن مندة الأصبهانى وأبا بكر أحمد بن الحسين البيهقي، وبأصبهان أبا القاسم عبد الرحمن وأبا عمرو عبد الوهاب بن محمد.
ابن إسحاق بن مندة وأبا بكر محمد بن أحمد بن أسد المديني وأبا طاهر أحمد بن محمد بن عمر النقاش وأبا الفوارس أحمد بن الفضل بن أحمد العنبري وأبا المظفر محمود ابن جعفر الكوسج وعائشة بنت الحسن الوركانية، وبهمذان أبا بكر أحمد بن محمد.
الهروي وأبا الفضل محمد بن عثمان القومسانى وأبا القاسم يوسف بن محمد بن يوسف الخطيب، وقدم بغداد سنة ستين وأربعمائة، وسمع بها من الشريفين أبى الحسين أبي الحسين محمد بن علي بن المهتدي أبى الغنائم عبد الصمد على بن المأمون وأبى الغنائم محمد بن على الدجاجي وأبى الحسين أحمد بن محمد بن النقور وعبد(20/79)
الوهاب بن عثمان المخبزى وجماعة من هذه الطبقة وحدث ببغداد، فسمح منه أبو الفضل بن خيرون وأبو الحسين بن الطيوري وأبو بكر بن الخاضبة وأبو طاهر أحمد بن الحسن الكرجى وأبو محمد عبد الله بن سمعون القيرواني، وروى عنه من البغداديين أبو نصر هبة الله بن علي بن المجلى وأبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء.
أخبرنا عمر بن محمد بن معمر المؤدب أنبأنا أبو غالب بن البناء أنبأنا أبو مسلم عمر بن على الليثي البخاري قدم علينا طالبا للعلم في شهر ربيع الأول سنة ستين وأربعمائة وأخبرنا أبو الحسين المؤيد بن محمد بن على الطوسي بقراءتي عليه بنيسابور أنبأنا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الفضل بْن أحمد الفراوي قالا أنبأنا عبد الغافر بن محمد الفارسي أنبأنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن عمرويه الجلودي حدثنا أبو إسحاق إبراهيم ابن محمد شعبان حدثنا أبو الحسين مسلم بن الحجاج حدثنا أبو بكر بن إسحاق أنبأنا أبو اليمان أنبأنا شعيب عن الزهري أخبرنى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يدعو في الصلاة: «اللهم إنى أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيخ الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللهم إنى أعوذ بك من المأثم والمغرم» ، قالت: فقال له قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ يا رسول الله قال: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فأخلف» [1] .
قرأت على أبي الحسن بن المقدسي بمصر عن أبى طاهر السلفي قال: سألت أبا نصر المؤتمن بن أحمد الساجي عن أبى مسلم الليثي، قال: حسن المعرفة شديد العناية بالصحيح.
أخبرنا جعفر بن على المقرئ بالإسكندرية أنبأنا أبو طاهر السلفي قال: سألت شجاع بن فارس الذهلي عن أبى مسلم الليثي، فقال: كان يحفظ ويفهم ويعرف شيئا يسيرا، وكان قريب الأمر في الرواية.
أخبرنا عبد الرحمن بن يوسف الدمشقي بالقاهرة أنبأنا أبو طاهر السلفي قال:
سألت أبا الكريم خميس بن على الحوزى عن أبى مسلم الليثي البخاري، فقال: قدم علينا واسطا في سنة تسع وخمسين، وقال: كتبت وكتب لي عشر رواحل، وسألت عنه أبا بكر الدقاق بن الخاضبة ببغداد فأثنى عليه قال: كان له أنس بالصحيح، وانحدر من عندنا إلى البصرة وتوجه منها إلى الأهواز فبلغنا وفاته.
__________
[1] انظر الحديث في: صحيح البخاري 1/322، 2/942.(20/80)
كتب إلى أبو جعفر وأبو بكر محمد ولامع ابنا أحمد بن نصر الصيدلاني أن يحيى ابن عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن مندة أخبرهما قال: عمر بن على الليثي البخاري أبو مسلم أحد من يدعى الحفظ والاتفاق والمعرفة إلا أنه [كان] [1] يدلس وكان متعصبا لأهل البدع، أحول شره وقاح: كلما هاجت ريح قام معها، [و] [2] صنف مسند الصحيحين.
كتب إلى أبو سعد الخليل بن بدر بن ثابت الرارانى قال: سمعت أبا عبد الله محمد ابن عبد الواحد الدقاق الحافظ [يقول: الحفّاظ] [3] الذين شاهدتهم: أبو مسلم بن على البخاري يعرف بالليثى، ورد علينا أصبهان وكان من أحفظ من رأيت للكتابين [4] ، جمع بين الصحيحين في أربعين مشرسة كل واحدة منها قريبة من مجلد.
كتب إلي أبو القاسم عبد السلام بن طاهر بن شعيب الهمداني أنبأنا أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلي أنبأنا أبى قال: عمر بن على الليثي أبو مسلم البخاري قدم علينا في شهر رمضان سنة ستين وأربعمائة، لم يقض لي منه السماع، وكان يحفظ ويدلس، حدثني عنه أبو القاسم بن النضر [5] ، وروى عنه جماعة من أصحابنا، مات بخورستان سنة ست وستين وأربعمائة.
قرأت في كتاب محمد بن عبد الرزاق البازكلى البصري بخطه قال: توفى شيخنا أبو مسلم البخاري بالأهواز بعد خروجه من الرحلة الثانية إلينا، وذلك في المحرم من صفر من سنة ست وستين وأربعمائة.
أنبأنا أبو القاسم الأزجي عن أبي بكر مُحَمَّد بْن علي بْن ميمون الدباس، أنبأنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون أن أبا مسلم الليثي مات بالأهواز، مات في سنة ثمان وستين وأربعمائة، قال: وكان أنيسا بالحديث سمعت منه وسمع منى وكان فيه [6] تمايل عن أهل العلم وعجب بنفسه.
1218- عمر بن على بن إدريس، أبو عبد الله:
__________
[1] ما بين المعقوفتين زيد من تذكرة الحفاظ.
[2] ما بين المعقوفتين زيد من تذكرة الحفاظ.
[3] ما بين المعقوفتين زيد من تذكرة الحفاظ.
[4] في الأصل: «للعباس» .
[5] في الأصل: «البصري» .
[6] في الأصل: «منه» .(20/81)
حدث عن أبى الحسن محمد بن الوليد بن أبان العقيلي المقرئ، روى عنه أبو سعد عبد الرحمن بن محمد الإدريسي. أخبرنى الأعز بن محمد الإسكاف أنبأنا أبو جعفر أحمد ابن عبد الله بْن عَبْد القادر بْن مُحَمَّد بْن يُوْسٌف أنبأنا أبو القاسم على بن الحسين الربعي إذنا عن أبي القاسم عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عثمان الصيرفي أنبأنا أبو سعد عبد الرحمن بن محمد الإدريسي حدثنا أبو عبد الله عمر بن على بن إدريس ببغداد حدثنا محمد بن الوليد العقيلي حَدَّثَنَا نُعَيْم بْن حماد قَالَ سمعتُ ابن المبارك يقول: سخاء النفس عما في أيدي الناس أفضل من سخاء النفس بالبذل، ومروة القناعة بالرضا أفضل من مروّة البذل. قال نعيم: وأنشأ ابن المبارك:
ما ذاق طعم الغنى من لا قنوع له ... وإن ترى قنعا ما عاش مفتقرا
فالعرف ما يأته تحمد عواقبه ... ما ضاع عرف وإن أوليته حجرا
1219- عمر بن على بن بقاء بن النموذج، أبو حفص البقال:
من أهل الحريم الطاهري، سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد الحصين وغيره، وحدث باليسير، سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي وأخرج عنه حديثا في معجم شيوخه، وعمّر حتى أدركناه وكتبنا عنه، وكان شيخنا صالحا فقيرا صبورا ممتعا بإحدى عينيه.
أخبرنا عمر بن على بن النموذج بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ أَنْبَأَ أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بن محمد بن الحصين أنبأ الحسن بن على بن الحصين أنبأ الحسن بن على بن المذهب أنبأ أحمد بن جعفر القطيعي حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنِي أبى حدثنا يحيى بن سعيد عن عبد الملك عن عطاء عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلُّوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا» .
سألت ابن النموذج عن مولده فقال: كان لي في الوفر ثلاث سنين إلا ثلاث سنين إلا ثلاث شهور- فيكون مولده تقديرا في سنة أربع عشرة أو أول سنة خمس عشرة وخمسمائة. وذكر القاضي القرشي أنه سأله عن مولده فذكر ما يدل أنه في سنة اثنتي عشرة- والله أعلم. وتوفى ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من المحرم سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، ودفن من الغد بباب حرب.
1220- عمر بن أبى على بن أبى بكر، أبو حفص:
من أهل الحربية، حدث عن أبى القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري، روى عنه سلمان الحربي.(20/82)
1221- عمر بن على بن جعفر، أبو حفص الرزاز:
جار ابن شاقلاء، روى عن أبى جعفر بن المولى، كتب عنه أبو إسحاق بن شاقلاء.
أنبأنا أبو شجاع المقرئ وأبو اليمن الكندي قَالا أَنْبَأَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ على المقرئ أنبأ جدي أبو منصور الخياط أنبأ القاضي أبو يعلى بن الفراء قال: نقلت من خط أبى إسحاق بن شاقلاء قال أخبرنى أبو حفص عمر بن على بن جعفر الرزاز قال سمعت أبا جعفر محمد بن المولى يقول سمعت عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل يقول: كان في دهليزنا دكان إذا جاء إنسان يريد أن يخلو معه أجلسه على الدكان، وإذا لم يرد أن يخلو معه أخذ بعضادتي الباب وكلمه، فلما كان ذات يوم جاءنا إنسان فقال لي قل له: أبو إبراهيم السائح فجلسنا على الدكان، فقال لي أبى: سلم عليه فإنه من كبار المسلمين- أو من خيار المسلمين، فسلمت عليه، فقال [له] [1] أبى: حدثني يا أبا إبراهيم فقال له أبو إبراهيم: خرجت إلى الموضع الفلاني بقرب الدير الفلاني فأصابتنى علة فمنعتنى من الحركة، فقلت في نفسي: لو كنت بقرب الدير لعل من فيه من الرهبان يداونى، فإذا أنا بسبع عظيم يقصد نحوي حتى جاءني، فاحتملني على ظهره حملا رفيقا حتى ألقانى عند الدير، فنظر الرهبان إلى حالى مع السبع، فأسلموا كلهم وهم أربعمائة راهب.
1222- عُمَر بْن عليّ بْن الخضر بْن عَبْد الله بن على، أبو المحاسن بن أبى الحسن بن أبى البركات بن أبى محمد بن أبى الحسن القرشي [2] :
من أهل دمشق، كان من حفاظ الحديث المكثرين من قراءته وسماعه وكتابته وتحصيله، سمع بالشام وبلاد الجزيرة ثم دخل بغداد وأقام بها يسمع ويقرأ ويكتب ويحصّل الأصول إلى حين وفاته، وشهد عند قاضي القضاة أَبِي طالب روح بن أحمد الحديثى في يوم السبت الثاني والعشرين من شهر ربيع الآخر من سنة ست وستين وخمسمائة فقبل شهادته وولاه القضاء بحريم دار الخلافة، ثم القضاء بربع سوق الثلاثاء وجرت أحكامه على السداد وقانون السلف من التسوية بين [3] الخصوم
__________
[1] ما بين المعقوفتين زيد من صفحة الصفوة 2/232.
[2] انظر الترجمة في: تذكرة الحفاظ 1365. والعبر في خبر من غير 4/224.
[3] في الأصل: «من الخصوم» . أنبأنا أبو القاسم الأزجي عن أبي بكر محمد بن على بن ميمون الدباس.(20/83)
إقامة جاه الشرع والحكم على الخاص والعام من غير محاباة لقوى على ضعيف ولا غنى على فقير، ثم نفذ رسولا من دار الخلافة إلى نور الدين محمود بن زنكي إلى دمشق في سنة سبع وستين وخمسمائة فأقام بدمشق وحدث بها ثم عاد إلى بغداد، وسمع بدمشق أبا مُحَمَّد هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن طاوس وأبا الفتح نصر الله بن مُحَمَّد بن عبد القوى المصيصي وأبا الدر ياقوت بن عبد الله البخاري وأبا القاسم الحسين بن الحسن بن العجمي، وبحرّان أبا الفضل حامد بن محمود بن أبى الحجر الزاهد الأسدى وأبا العشائر محمد بن خليل بن فارس القيسي وأبا القاسم نصر بن أحمد السوسي وأبا الفتوح ناصر بن عبد الرحمن بن محمد بن النجار وأبوى يعلى حمزة ابن على بن الحبوبى وحمزة بن أحمد بن فارس بن كروس، وجماعة غيرهم، وبحلب أبا طالب عبد الرحمن بن الحسن بن العجمي، وبالموصل أبا الفضل عبد الله بن أحمد بن الطوسي، وببغداد الشريف أبا المظفر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد العزيز الهاشمي وأبا الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي وأبا المظفر هبة اللَّه بن أحمد [1] بن الشبلي، وأبا محمد محمد بن أحمد بن عبد الكريم التميمي، وخلقًا كثيرًا من أصحاب طراد الزينبي وعاصم بن الحسن وأبى الخطاب بن البطر، وأبى [بكر] [2] بن نبهان وأبى الغنائم بن النرسي وأبى طالب بن يوسف وابن الطيوري وبالغ في الطلب حتى سمع من أصحاب أبي القاسم بْن الحصين وأبي غالب بْن البناء وأبي العز بْن كادش وأبي بكر بْن عبد الباقي وأمثالهم، ولم يزل يسمع حتى سمع من أصحاب ابن السمرقندي وابن عبد السلام وابن الطراح والأرموى، وكتبت عن أقرانه وأمثاله وعمن هو دونه، ولم ير في المتأخرين أكثر سماعا منه ولا كتابة ولا تحصيلا، ومع هذا فإنه حدث باليسير.
وتوفى قبل أوان الرواية، وكان قد جمع لنفسه معجما لشيوخه الذين كتب عنهم، وأظنهم بلغوا ثمانمائة أو أكثر ولم يحدّث به، وكان ثقة صدوقا متدينا عفيفا نزها، روى عنه شيخه معمر بن عبد الواحد الأصبهانى حديثا في معجم شيوخه، وقد روى لنا عنه عُمَر بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن جابر.
أخبرنا عمر بن محمد أبو نصر أنبأ أبو المحاسن عمر بن على القرشي بانتقاء إبراهيم
__________
[1] في الأصل: «ابن محمد» .
[2] ما بين المعقوفتين زيادة من العبر 4/302.(20/84)
ابن محمود بن الشعار وقراءته عليه وأنا أسمع أنبأ أبو القاسم الحسين بن الحسن الأسدى وأبو العشائر محمد بن خليل القيسي وأخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد ابن محمد الأنصارىّ بقراءتي عليه بدمشق أنبا أَبُو مُحَمَّد هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن عبد الله ابن طاوس قالوا جميعا أنبأ أبو القاسم على بن محمد المصيصي أنبأ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي نَصْرٍ أنبأ خثيمة بن سليمان حدثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي أنبأ وكيع بن الجراح عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «لا تسبّوا أصحابى فو الّذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلا نَصِيفَهُ» [1] .
أنشدنا عمر بن محمد بن أحمد الصوفي قال: أنشدنا القاضي أبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر القرشي لنفسه:
إذا ما نصحت المرء في الأمر مرة ... ولم يرتدع عنه فثن وثلث
فان فاء نحو الحق فاترك عتابه ... وإلا فعج عن نصحه لا تلبث
فما تركه ... [2] صعفا إلا سفاهة ... وماذا الذي يغنيك عن نصح أخوث
حدثني أبو محمد بن الأسعد بن الكواز الدقيقي جارنا قال: كان لي دين على شيخ من أهل العلم والوعظ يعرف بجرادة فطالبته، فماطلنى لعسرته، فأحضرته مجلس القاضي الدمشقي، فلما مثلنا بين يديه سلم عليه الشيخ جرادة- وكان القاضي يعرفه، فقام له قائما وأجلسه إلى جانبه وسأله: ألك حاجة؟ فقال له: إننى قد أحضرت مع خصيم لي، له على دين إلى مجلسك، فقال له: وأين خصمك؟ فأشار إلى وكنت شابا، فالتفت القاضي سريعا وقد تغير وجهه، وأمرنى بالجلوس إلى جانب خصمي، واعتذر إلى طويلا من وقوفي وخصمي جالس حتى استحييت وخجلت، ثم تصالحنا سمعت أبا بكر عبد الله بن عمر على القرشي يقول: ولد والدي بدمشق في ليلة السبت الثالث والعشرين من شعبان سنة ست وعشرين وخمسمائة، وقدم بغداد يوم الأربعاء الثالث عشر من جمادى الأولى سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة.
وتوفى رحمه الله في يوم الأحد سادس ذى الحجة من سنة خمس وسبعين
__________
[1] انظر الحديث في: سنن الترمذي 2/226.
[2] بياض في الأصل مكان النقط.(20/85)
وخمسمائة، ودفن بكرة يوم الإثنين في مقبرة الشونيزية في دكة رويم رحمه الله.
1223- عمر بن على بن خليفة بن طيب، أبو حفص العطار المقرئ:
من أهل الحربية، سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين وأبا الحسين محمد ابن أبى يعلى بن الفراء وأبا بكر محمد بْن عبد الباقي الأنصاري وأبا الحسن علي بن عبيد الله بن الزاغونى وأبوى بكر محمد بن الحسين المزرقى ومحمد بن منصور القصرى وغيرهم، وحدث باليسير، روى لنا عنه.
أخبرنى محمد بن عمر بن على بن خليفة العطار أنبأ والدي أنبا أبو الحسين محمد ابن محمد بن الحسين بن الفراء وأبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصارىّ وأنبأ أبو على ضياء بن أحمد والحسين بن سعيد الأمين قَالا أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الأَنْصَارِيُّ قالا حدثنا القاضي أبو يعلى بن الفراء ابن الفراء إملاء أنبأ على بن عمر الحربي حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أبى شيبة حدثنا محمد بن فضيل عن يحيى بن سعيد عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ من ذنبه» [1]
سمعت محمد بن عمر بن على بن خليفة يقول: ولد والدي في سنة خمسمائة، وتوفى في سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، ودفن بباب حرب. وذكر شيخنا أحمد بن سليمان الحربي ونقله من خطه أن وفاته كانت صفر من السنة المذكورة.
1224- عمر بن على بْن عَبْد السيد بْن عَبْد الكريم، أَبُو حفض بن أبى الحسن وهبة الله بن أحمد بن الحريري وإسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي وأبا بكر محمد عبد الباقي البزاز:
كتبت عنه وكان شيخا صالحا.
أخبرنا عُمَر بْن عليّ بْن عَبْد السيد الصفار بقراءتي عليه أنبأ أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي أنبا أبو إسحاق إبراهيم ابن على الفيروزآبادي حَدَّثَنَا أَبُو الْفَرَجِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الخرجوشى قال: سمعت أبا بكر بن إبراهيم الجرجاني الفقيه يقول:
__________
[1] انظر الحديث في: صحيح البخاري 1/255.(20/86)
سمعت أبا طالب أحمد بن نصر الحافظ يقول: سمعت أبا هاشم المقرئ يقول: سمعت أبا سعيد القطيعي يقول سمعت المزني يقول من استغضب فلم يغضب فهو حمار، ومن استرضى فلم يرض فهو شيطان.
أخبرنى عمر الصفار أنبأ أبو القاسم بن السمرقندي أنبأ أبو إسحاق الشيرازي أنشدنا القاضي أبو الطيب الطبري أنشدنا المعافى بن زكريا القاضي:
أيا مولاي صرت قذى بعيني ... وسترا بين عيني والمنام
وكنت من الحوادث لي عياذا ... فصرت بين عيني في نظام
وكنت من المصائب لي عزاء ... فصرت من المصيبات العظام
توفى عمر الصفار في يوم السبت ثانى جمادى الآخرة من سنة أربع وتسعين وخمسمائة، ودفن بمقبرة جامع المنصورة عند رباط الزوزنى، وكان مولده في سنة خمس عشرة وخمسمائة.
1225- عمر بن على بن على بن بهليقا، أبو حفض الدقاق:
والد أحمد الذي تقدم ذكره، من أهل الجانب الغربي، كان شيخا صالحا متدينا راغبا في فعل الخير ذا نعمة ويسار، وهو الذي بنى المسجد الجامع بالعقبة، وكان مسجدا صغيرا، فاشترى ما حوله ووسعه وأحسن بناءه، ويصلى فيه الجمعة في يومنا هذا.
توفى يوم الاثنين الثامن عشر من ذي القعدة من سنة ستين وخمسمائة، ودفن جوار الجامع الذي بناه.
1226- عمر بن على بن عمر البناء، أبو حفض بن لبى الحسن الواعظ:
من أهل الحربية، تفقه في صباه على أبى الحسن الزاغوانى، وقرأ الأدب على أبى السعادات بن الشجري واشتغل بالوعظ وسمع الحديث من أبي القاسم بْن الحصين وأبي الحسين محمد بن أبى يعلى بن الفراء، كتبت عنه، وكان صدوقا فاضلا حسن الطريقة متدينا حسن الأخلاق، فكان الناس ويقول الشعر.
أخبرنا عمر بن على الواعظ قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنْبَأَ أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بن محمد بن الحصين قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنْبَأَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ على التميمى أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ(20/87)
ابن مالك القطيعي حدثنا عَبْدُ اللَّهِ [بْنُ] [1] أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنِي أبى قال قرأت على يحيى بن سعيد [عن] [2] .
عثمان بن غياث قال حدثني عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن الحميري قالا لقينا عبد الله بن عمر فذكرنا وما يقولون فيه، فقال: إذا رجعتم إليهم فقولوا: إن ابن عمر منكم بريء وأنتم منه براء- ثلاث مرار، ثم قال: أخبرنى عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنهم هم جلوس أو قعود عند النبي صلّى الله عليه وسلّم جاءه رجل يمشى حسن الوجه حسن الشعر، عليه ثياب بياض، فنظر القوم بعضهم إلى بعض ما نعرف هذا وما هذا بصاحب سفر ثم قال: [يا] [3] رسول الله! آتيك! قال: [نعم] [4] فجاء فوضع ركبتيه عند ركبتيه ويديه على فخديه فقال: ما الإسلام؟ فقال: «شَهَادَةَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ شهر رمضان، وتحج البيت» ، قال: فما الإيمان؟ قال: «أن تؤمن بالله وملائكته والجنة والنار والبعث بعد الموت والقدر كله» ؛ قال: فما الإحسان؟ قال: «أن تعمل [لله-] [5] كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» . قال: فمتى الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل» قال: فما أشرطها؟ قال: «إذا العراة الحفاة العالة رعاء الشاء تطاولوا في البنيان وولدت الإماء أربابهن» قال: ثم. قال: على الرجل! فطلبه فلم يروا شيئا، فمكث يومين أو ثلاثة ثم قال: يا ابن الخطاب! أتدري من السائل عن كذا وكذا؟
قال: الله ورسوله أعلم، قال: ذاك جبريل جاءكم يعلمكم دينكم، قال: وسأله رجل جهينة أو مزينة فقال: يا رسول الله! فيما نعمل أفي شيء قد خلا أو في شيء يستأنف؟ قال: «أهل الجنة ييسرون لعمل [أهل] [6] الجنة وأهل النار ييسرون لعمل أهل النار» [7] .
أنشدني محمد بن سعيد الحافظ قال أنشدني عمر بن على الواعظ لنفسه:
إن المنايا لم تبق من أحد ... وليس يبقى حي سوى الصمد
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين زيادة من المصادر.
[4] ما بين المعقوفتين زيادة من المصادر.
[5] ما بين المعقوفتين زيادة من المصادر.
[6] ما بين المعقوفتين زيادة من المصادر.
[7]- انظر الحديث في: مسند أحمد 1/27.(20/88)
فعد جيراننا الذين مضوا ... وعن قريب تصير في العدد
إناء إلى الله راجعون إلى ... أرأف من والد على ولد
توفى عمر الواعظ ليلة الخميس لست عشرة ليلة خلت من شوال من سنة سبع وتسعين وخمسمائة، ودفن من الغد بباب حرب، وكان مولده في صفر سنة أربع عشرة وخمسمائة.
1227- عمر بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بْن الإسكاف، أبو حفص، المعروف بابن كدايا:
من أهل الحربية، سَمِعَ أبا الْقَاسِم عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن عبد القادر بن يوسف، كتبت عنه، وكان شيخا لا بأس به ويعمل اللبن ويأكل من كديده.
أخبرنا عمر بن محمد بن الإسكاف أَنْبَأَ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْن عَبْد القادر أنبأ أحمد بن محمد بن النقور أنبأ محمد بن عبد الرحمن المخلص أنبأ رضوان بن أحمد الصيدلاني أنبأ أحمد بن عبد الجبار العطاردي حدثنا يونس بن بكير عن مطر بن ميمون المحاربي عن أنس بن مالك قال سمعته يقول: آخى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ المسلمين، وقال لعلى: أنت أخى وأنا أخوك، وآخى بين أبى بكر وعمر، وآخى المسلمين جميعا.
توفى عمر ابن الإسكاف في يوم الاثنين لِثَلاثٍ خلونَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الآخِرِ مِنْ سنة ستمائة، ودفن بباب حرب وكان فقيرا شديد الفقر مدقعا جميع عمره، ومات ابن عم له موسر قبل موته بأيام وليس له وارث سواه، فحضر نواب أصحاب التركات وختموا على ماله وقالوا لعمر: اذهب واكتب محضرا بصحة نسبتك إليه لنسلم إليك المال، فأخذ محضرا وكتب له فيه جماعة بصحة النسبة بينهما ابنا عم، فجاءه مرض ومات ولم يقدر له أن يشرب من تركة ابن عمه ماء أو يسلمها أصحاب التركات، ولم يعرض المحضر على التركات.
1228- عُمَر بْن عليّ بْن نصر الصيرفي، أَبُو المعالي أبى الحسن الخفاف:
سمع النقيب أبا الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي وأبا مُحَمَّد رزق اللَّه بْن عبد الوهاب التميمي وأبا عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ بن طلحة النعالى، روى لنا عنه عبد الوهاب بن عبد الله الصوفي وإسماعيل بن على بن فاتكين الجوهري.(20/89)
أخبرنا عبد الوهاب بن عبد الله وإسماعيل بن على بن فاتكين قالا أنبأ أبو المعالي عمر بن على الصوفي أَنْبَأَ أَبُو مُحَمَّدٍ رِزْقُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوهاب التميمي أنبأ أبو الحسين أحمد بن محمد الواعظ حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي أنبأ زياد بن أيوب حدثنا محمد يعنى ابن يزيد أنبأ عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «لا يَزَالُ هَذَا الأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ ما بقي من الناس اثنان» [1] .
قرأت بخط القاضي أبي المحاسن عمر بن على القرشي قال: توفى عمر بن على بن الصيرفي في يوم الإثنين سادس ربيع الأول من سنة تسع وخمسين وخمسمائة.
1229- عمر بن عيسى بن أبى الحسن البزوري، أبو حفص:
من أهل باب البصرة، وهو أخو عبد الرحمن الواعظ الذي تقدم ذكره، سمع أبا المعالي بن محمد بن اللحاس وأبا العباس أحمد بن بنيمان بن عمر البقال وأبا محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب وغيرهم، كتبت عنه، وكان شيخا صالحا حسن السمت.
أخبرنا عمر بن عيسى البزوري أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو الْمَعَالِي الْعَطَّارُ أن على بن أحمد بن البسرى أخبره عن أبى عبد الله بن بطة حدثنا أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي دَارِمٍ الْكُوفِيُّ أخبرنى الحسين بن محمد بن يزيد حدثنا جعفر بن محمد عن شيخ له عن محمد ابن كثير عن معمر الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلّم: «سلموا على اليهود والنصارى ولا تسلموا على شارب خمر، فإن سلم عليكم فلا تردوا عليه» .
توفى عمر بن عيسى البزوري فِي ليلة الأحد لثمان خلون من شعبان سنة ثمان عشرة وستمائة، ودفن من الغد بمقبرة جامع المنصور وقد جاوز السبعين.
1230- عمر بن أبى غالب بن بقبرة، أبو الكرم البقال:
من أهل العتابين، سمع أَبَا المعالي ثابت بْن بندار البقال وحدث باليسير، روى عنه أبو سعد بن السمعاني وذكر أنه كان شيخا صالحا وكان ممتعا بإحدى عينيه ثم أضر في آخر عمره.
وتوفى يوم الجمعة الحادي والعشرين من شوال سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة، ودفن بباب خرب.
__________
[1] انظر الحديث في: صحيح البخاري 2/157.(20/90)
1231- عمر بن غالب، أبو حفص:
من أصحاب الحديث، ذكره عبد الباقي بن قانع توفى سنة ثلاثين وثلاثمائة، وقال:
كتبت عنه أحاديث ولم يحدث الناس، مات في المحرم.
1232- عمر بن غانم بن على بن الحسين بن التبان، أبو حفص بن أبى بكر المقرئ:
من ساكني البستان الصغير بشارع المأمونية، وله مسجد مقابل البستان يؤم الناس فيه، هكذا سمى والده غانما القاضي أبو المحاسن القرشي، ورأيته بخطه في معجم شيوخه والمشهور كنيته، سمع الكثير من أبوى القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين [1] وزاهر بن طاهر الشحامي وأبي غالب أحمد وأبي عبد الله يحيى ابني أبى على بن البناء وأبوي بكر محمد بن الحسين المزرفي ومحمد بن عبد الباقي الأنصارىّ وغيرهم، وكتب بخطه وجمع مشيخة لنفسه، وكان خطه رديا، ولم يكن له معرفة بالحديث، وكان شيخا صالحا مقبلا على شأنه.
روى لنا عنه أبو الفتوح نصر بن أبى الفرج بن على الحصرى الحافظ وسألته عنه فقال: شيخ صالح دين مشتغل بالله.
أخبرنى ابن الحصرى بمكة أنبأ أبو حفص عُمَر بْن أَبِي بَكْر بْن عليّ التبّان بقراءتي عليه أنبأ أبو عبد الله يحيى بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْبَنَّاءِ قِرَاءَةً عليه أنبأ أبو الحسن على ابن أحمد الملطي أنبأ أبو عبد الله أحمد بن محمد بن دوست أنبأ أبو على الحسين بن صفوان وأخبرنا سفيان ومحمود ابنا إبراهيم بن سفيان بن مندة بقراءتي عليهما بأصبهان قالا أنبأ أبو الخير مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَاغَبَانِ أَنْبَأَ أَبُو عمرو [2] عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن مندة أنبأ [أبو] الحسين محمد بن يوسف المديني أَنْبَأَ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عمر اللنبانى قالا حدثنا أبو بكر بن أبى الدنيا حدثنا عبد الله بن خيران أنبأ المسعودي عن محمد بن عبد الرحمن عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا يلج النار من بكى خشية الله [عز وجل] حتى يعود اللبن في الضرع ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في منخري عبد أبدا» [3] .
__________
[1] في الأصل: «ابن الحسين» .
[2] في الأصل: «أبو عمر» .
[3] انظر الحديث في: مسند أحمد 2/255. وسنن الترمذي 2/55.(20/91)
سمعت أبا الحسن بن القطيعي يقول: سألت عمر بن التبان عن مولده فقال: في مستهل رجب سنة سبع وخمسمائة، وتوفى يوم الثلاثاء لعشر خلون من جماد الأولى سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، ودفن بباب حرب.
1233- عمر بن فارس بن أبى نصر بن الاضباعى، أبو حفص:
من أهل البصرة، سمع أبا غالب أحمد بن البناء أبو القاسم هبة الله بن الحصين وإسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي وجماعة غيرهم، صحب شيخنا أبا بكر ابن مشق، وسمع معه شيئا كثيرا من المتأخرين وحدث باليسير، سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر ابن على القرشي وابنه عبد الله وأبو بكر ابن مشق.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر القرشي أنبأ عمر بن فارس بن الأضباعى بقراءة أبى عليه أَنْبَأَ أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ البناء قراءة عليه أنبأ أبو محمد بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ وَأَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحمد ربى ولا حق بن أبى الفضل الصوفي قراءة عليهما قالا أنبأ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الحصين أنبأ أبو على الحسن بن على المذهب قالا حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنِي أبو بكر ابن أبى شيبة حدثنا أبو بكر ابن عياش عن أبى إسحاق عن أبى هبيرة عن على رضى الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم إذا دخل عليه العشر أيقظ أهله ورفع المئزر، قيل لأبى بكر: ما رفع المئزر؟ قال: اعتزال النساء [1] .
أنبأنا أبو بكر ابن مشق قال: توفى رفيقنا عمر بن الأضباعى بباب حرب.
1234- عمر بن أبى الفتح بن أحمد الضرير، والمعروف بالعشرة:
من أهل الحربية، سمع أبا القاسم سعيد بن أحمد بن البناء وغيره، وحدّث باليسير سمع منه شيخنا أحمد بن سليمان الحربي في سنة اثنين وتسعين وخمسمائة.
أخبرنى عبد الرحمن بن أبى الفتح بن بركة بن الدخني بالحربية أنبأ عمر بن أبى الفتح بن أحمد الضرير قراءة عليه أنبأ سعيد بن أحمد بن البناء وأخبرنا أبو على ضياء ابن أحمد بن أبى على قراءة عليه أنبأ محمد بن عبد الباقي الأنصارىّ قالا أنبأ أبو نصر محمد بن على الزينبي أنبأ محمد بن عمر الكاغذى حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد حدثنا محمد ابن يزيد أبو هشام الرفاعي حدثنا حفص بن غياث عن مسعر عن منصور
__________
[1] انظر الحديث في: مسند الإمام أحمد 1/132.(20/92)
عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إذا شك أحدكم في صلاته فليتحرر وليسجد سجدتين» [1] .
1235- عمر بن أبى الفتح بن محمد بن غيلان النعال، أبو حفص:
طلب الحديث بنفسه، وسمع الكثير من أبى الفتح عبيد الله بن شاتيل وأبى نصر الله بن عبد الرحمن ابن زريق، وسمع معنا من أبى الفرج ابن كليب وأبوى القاسم ذاكر بن كامل ويحيى بن بوش ومن جماعة غيرهم، وكانت له همة في طلب الحديث مع عدم فهم ومعرفة، وكان يحفظ القرآن ويسكن في جورانا بالظفرية، وقد حدث بيسير، وسمع منه جماعه وعلقت عنه حديثا أو حديثين.
أخبرنى عمر بن أبى الفتح النعال أنبأ يوسف بن الحسن المقرئ أنبا يلتكين بن أخيار البرمكي أنبأ أبو القاسم حمد بن عبد الواحد الروياني أنبأ أبو الفضل محمد بن على السهلكى أنبأ أحمد بن الحسن الحيرى ومحمد بن موسى قالا حدثنا أبو العباس الأصم محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصفار حدثنا قبيصة سفيان عن أبى حمزة عن الحسن عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء» .
توفى عمر بن أبى الفتح النعال ليلة السبت لثمان مضين من شهر ربيع الأول من سنة تسع وعشرين وستمائة. ودفن من الغد باب حرب، ولعله بلغ الستين.
1236- عمر بن الفتح البغدادي:
حدث عن أبي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُفَيْرِ الأنصارىّ وأبى الحسن بن المغلس البزاز وأحمد بن محمد الأصبهانى، روى عنه عمر بن على العتكي.
كتب إلى أبو طاهر السلفي أن على بن المشرف الأنماطى أخبره في كتابه أنبأ أبو الحسين محمد بن حمود بن عمر الصواف بمصر أنبأ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ الخطيب الواسطي أنبأ أبو حفص عمر بن على بن الحسن العتكي حدثني عمر بن الفتح البغدادي حدثنا أبو عبد الله ابن عفير الأنصارىّ أنشدنى بعض أصحابنا لأبى العتاهية:
لكل صباح موجع وحزين ... وألف من الآلاف سوف يبين
__________
[1] انظر الحديث في: مسند الإمام أحمد 1/379.(20/93)
كفى حزنا إن القرين مباين ... فليس بباق للقرين قرين
1237- عمر بن فضالة الْبَغْدَادِيّ:
حكى عَنْ أَبِي عَبْد اللَّه أَحْمَد بْن حنبل، رَوَى عنه إسحاق بن إبراهيم بن يونس المنجنيقى البغدادي.
أنبأ أَبُو الفرج عَبْد المنعم بْن عَبْد الوهاب الحراني عن أبى العلاء صاعد بن سيار الهروي أنبأ أبو عاصم الفضيل أنبأ أبو على الحسن بن محمد بن الحسن الوراق أنبا أَبُو الفضل يَعْقُوب بْن إِسْحَاق بْن محمود الفقيه الحافظ حدثنا محمد بن المنذر حدثني إسحاق ابن إبراهيم بن يونس البغدادي بمصر حدثنا عمر بن فضالة البغدادي عن أحمد ابن حنبل قال: الجهمية والواقعة واللفظية عندي سواء.
1238- عمر بن أبى القاسم بندار محمد بن عبد الرحيم، أبو حفص:
من أهل تبريز قدم بغداد وتفقه بالمدرسة النظامية مدة، وصحب الصوفية، ثم سافر إلى الحجاز واليمن ومصر وعاد إلى بغداد وقد أثرت حاله فسكن بدرب السلسلة، ورتب حاجبا بالمخزن، ونفذ رسولا إلى كبش وغيرها من البلاد مرات، فحمدت أفعاله، ورتب حاجب الحجاب في سنة إحدى وستمائة، ودفن من الغد عند جامع السلطان، ولعله بلغ السبعين، وكان شيخا ظريفا حسن الأخلاق، مقبول الصورة، بلغني أنه سمع بتبريز كتاب شرح السنة للبغوي من أبى منصور حفدة عنه وكان بيده خط حفدة له بسماعه منه ولم يرو شيئا.
توفى يوم الإثنين مستهل ذى الحجة سنة خمس عشرة وستمائة، ودفن من الغد عند جامع السلطان.
1239- عمر بن القاسم بن سليمان بن عبد الكريم، أبو القاسم الذهلي:
حدث عن أبى حميد سهل بن أحمد بن الفضل المعروف بالمكى، رَوَى عَنْهُ الحاكم أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الله ابن البيع النيسابوري في معجم شيوخه.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْد اللَّهِ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الخنزى بأصبهان عن الخضر بن الفضل ابن عبد الرحمن أنبأ عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بْن منده إذنًا عن الحاكم أبي عبد الله النيسابوري أخبرنى أبو القاسم عمر بن القاسم بن سليمان بن عبد الكريم الذهلي ببغداد حدثنا أبو حميد سهل بن أحمد المكي حدثنا أبو بكر عبد الله بن حبيب(20/94)
حدثنا أبو بشر الصغاني حدثنا على بن الحسن الرازي حَدَّثَنَا الصَّبَّاحُ بْنُ مُحَارِبٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: أَلا تَعْجَبُونَ مَرَرْتُ بمسعر فسمعته يحدث قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ:
«أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا» [1] .
1240- عمر بن قيس أبو الحسن المقرئ:
قرأ القرآن على أبى مزاحم موسى بن عبيد الخاقاني وروى عنه قرأ عليه أبو القاسم على بن محمد بن عمير الكناني المقرئ بالجانب الشرقي من مدينة السلام، وروى عنه.
1241- عمر بن كرم بن أبى الحسن بن عمر الدينوري، أبو حفص بن أبى المجد الحمامي:
سبط عبد الوهاب بن محمد الصابوني المقرئ، من ساكني الجعفرية، سمع أبا القاسم نصر بن نصر بن علي العكبري وأبا الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي وجده لأمه أبا الفتح عبد الوهاب بن محمد بن الحسين الصابون، كتبت عنه، وكان شيخا صالحا ورعا متدينا متعبدا متعففا.
أخبرنا عمر بن كرم الحمامي بقراءتي عليه أنبأ أبو القاسم نصر بن نصر بن علي العكبري قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنْبَأَ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَد بن مُحَمَّد بن البسري أنبأ أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُخَلِّصُ حدثنا يحيى بن صاعد حدثنا الربيع بن سليمان حدثنا أيوب بن سويد الرملي حدثني أمية بن يزيد عن أبى مصبح الحمصي عَنْ ثَوْبَانِ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رأس الدين النصيحة» قلنا يا رسول الله لمن؟
قال «لله عز وجل ولدينه ولكتابه ولأئمة المسلمين وللمسلمين عامة» [2] .
سألت عمر بن كرم عن مولده فقال في ليلة [.....] [3] سبع وعشرين وستمائة، ودفن من الغد بمقبرة باب الجعفرية.
1242- عُمَر بْن المبارك بْن أَحْمَد بْن سهلان، أبو حفص بن أبى بكر:
من أهل شارع دار الرقيق، سمع الكثير وكتب بخطه وطلب بنفسه، سمع الشريف أبا علي محمد بن محمد بن عبد العزيز بن المهدى وأبا القاسم هبة الله بن محمد بن
__________
[1] انظر الحديث في: صحيح البخاري 2/761.
[2] انظر الحديث في: صحيح البخاري 1/13.
[3] بياض في الأصل مكان النقط.(20/95)
الحصين وأبا غالب أحمد بن الحسن بن البناء وأبا العز أحمد بن عبيد الله بن كادش وأبا جعفر محمد بن عبد الباقي البزاز، وخلقا كثيرا غيرهم، وحدث باليسير. روى عنه أبو سعد ابن السمعاني، وروى لنا عنه الأعزين كرم بن محمد بن على الحربي.
أخبرنى الأعزين على أنبأ عمر بن المبارك بن سهلان وأنبأ بقاء بن عمر الأزجى وتمام بنت الحسين الواعظة ببغداد وأبو اليمين زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكِنْدِيُّ بِدِمَشْقَ قَالُوا جَمِيعًا أَنْبَأَ أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْحَرِيرِيُّ أَنْبَأَ أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الحربي حدثنا أبو الحسين بن سمعون الواعظ إملاء حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيُّ إملاء حدثنا الربيع بن سليمان المرادي حدثنا عبد الله بن وهب قال سمعت الليث يقول حدثني سهل بن معاذ الجهني عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اركبوا هذه الدواب سالمة ولا تتخذوها كراسي» [1] .
أخبرني شهاب الحاتمي بهراة قال سمعت أبا سعد بن السمعاني يقول عُمَر بْن المبارك بْن أَحْمَد بْن سهلان النعماني كتبت عنه، وكان صالحا صدوقا خيرا، سألته عن مولده فقال في صفر سنة خمسمائة.
قرأت بخط القاضي أبي المحاسن عمر بن على القرشي قال: عُمَر بْن المبارك بْن أَحْمَد بْن سهلان أبو حفص النعال كتبت عنه، وكان صدوقا. سَمِعْت أَبَا الحَسَن بْن القطيعي يَقُول: مات عمر بن سهلان يوم الأربعاء لأربع خلون من ذى القعدة سنة خمس وسبعين وخمسمائة، ودفن بباب حرب.
1243- عمر بن المبارك بن الحسين بن إسماعيل بن الحصرى، أبو حفص ابن أبى البركات:
من ساكني درب القيار وهو أخو أبى بكر محمد بن المبارك الذي تقدم ذكره، سمع الكثير من أبى بكر محمد بن الحسين بن على بن الحاجي وحدث باليسير، روى لنا عَنْهُ عَبْد الرَّحْمَن بن عمر بن الغزال الواعظ.
أخبرنا ابن الغزال أنبأ عمر بن المبارك ابن الحصرى بقراءتي عليه أنبأ أبو بكر محمد ابن الحسين بن على بن الحاجي قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ الْخَيَّاطُ أَنْبَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ محمد بن يوسف بن دوست العلاف أنبأ الحسين بن صفوان
__________
[1] انظر الحديث في: مسند الإمام أحمد 3/439.(20/96)
وأنبأ عبد الوهاب ابن على الأمين ببغداد ومحمد بن محمد بن بدر بن ثابت الرازانى بأصبهان قالا أنبأ أبو سعد أحمد بن محمد بن البغدادي أنبأ عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن مندة أنبأ [أبو] [1] الحسن محمد بن يوسف المديني أنبأ أبو الحسن أحمد بن محمد اللنبانى [2] قالا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبيد [3] القرشي حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثنا عبد الله بن موسى المدني عن أسامة بن زيد عن حفص بن عبيد الله بن أنس عن جده أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم يقول: «رب أشعث أغير ذى طمرين مصفح عن أبواب الناس لو أقسم على الله لأبره» [4] .
أنبأنا الْقَاضِي أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الفراء ونقلته من خطه قال مات بن الحصرى في منتصف شهر رمضان من سنة اثنين وثمانين ودفن إلى جنب أخيه أبى بكر بمقبرة الزرادين.
1244- عمر بن المبارك بن عمر بن عثمان الحرقى، أبو الفوارس بن أبى الحسن البيع:
ولى الحسبة ببغداد بعد وفاة أخيه ابن المبارك في سنة أربع وتسعين وأربعمائة، وعزل عنها في رجب سنة خمس وتسعين، وسمع الحديث من أبى القاسم عبد الملك ابن محمد بن عبد الله بن بشران، وحدث باليسير. روى عنه عبد الوهاب الأنماطى وعلي بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السَّلام وابنه محمد بن على، وعمر بْن ظفر المغازلي وأبو المعمر الأنصاري وأبو المعالي ابن حنيفة.
أخبرنا أبو محمد بن الأخضر أنبأ أبو المعالي أَحْمَد بْن عَبْد الغني بْن مُحَمَّد بْن حنيفة الباجسرائى أنبأ أبو الفوارس عمر بن المبارك بن عمر الحرقى المحتسب قراءة أَنْبَأَ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن بشران إملاء حدثنا أبو أحمد حمزة بن محمد ابن العباس بن الفضل بن الحارث حدثنا محمد بن عيسى حدثنا على بن عاصم حدثنا أبو على الرضى عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ لا ينبغي لامرئ يشهد مقاما فيه حق إلا تكلم فإنه لن يقدم أجله ولن يحرم رزقا هو له» .
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «اللباني» .
[3] في الأصل: «عبد القرشي» .
[4] انظر الحديث في: كشف الخفا 1/512.(20/97)
أخبرنا شهاب الحاتمي بهراة قال سمعت أبا سعد ابن السمعاني يقول سألت عبد الوهاب بن الأنماطى عن أبى الفوارس بن الحرقى: فأثنى عنه وقال كان كيسا حرّا ولكن ما كان يفهم شيئا، قال: وسألت أبا الفضل بن ناصر عنه فأحسن الثناء عليه، وقال: هو خير من أخيه القاضي أبى جعفر.
كتب إلي علي بن المفضل الحافظ أن على بن عتيق بن موسى أخبره عن القاضي عياض بن موسى اليحصبي [1] .
يا ويح قلبي لا يزال يروعه ... ممن يعز عليه وشك فراق
تتقاذف البلدان في فكأن ... وليت أمر مساحة الآفاق
ذكر بعض العلماء أن أبا الحسن النوقاني [2] حج مع أبيه، فلما نزل بغداد اشتريا بطيخة، فقال أبو الحسن لغلام بقال: أعطنى سكينا أقطع بها هذا البطيخ، فقال الغلام مجيبا: ليس له عندنا آلة القطع، فمكث هناك وصحب هذا.
ذكر إسحاق بن إبراهيم القراب الهروي أن أبا الحسن بن أبى عمر النوقاني السجزى الأديب الشاعر توفى في ذى الحجة سنة إحدى عشرة وأربعمائة بقرية من قرى أسفزار. ذكر العميد عبد الغفار بن فاخر البستي الكاتب أن أبا الحسن عمر بن أبى عمر النوقاني عاد من هراة إلى سجستان، فلما توسط الطريق بلغ إلى موضع يقال له أسفزار وهي بلاد عدة فاجتاز بمقبرة في بعض تلك البلاد، يقال لها «دراوزن» فاستظل الموضع، وقال: من أراد أن يموت فليمت هاهنا، فلم يسر خطوات حتى خرج من بعض أطراف تلك القبور شيء من الوحش، إما أرنب أو ثعلب أو ما جرى مجراهما فنقر الحمار التي كان تحته فقفز. فوقع من فوقه، فاندقت عنقه ودفن في الموضع كما أحب. ولم يمض على قوله ساعتان حتى حصل تحت التراب، وكان شيخا كبيرا، كنت أحضر مجلسه وأسمع منه الأحاديث.
1245- عمر بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إسماعيل بْن محمد بن على بن لقمان النسفي، أبو حفص الفقيه الحنفي [3] :
من أهل سمرقند، كان فقيها فاضلا مفسرا محدثا أديبا متفننا، وقد صنف كتبا في
__________
[1] هنا سقوط في الأصل، راجع النجوم الزاهرة 5/193.
[2] من هنا حتى نهاية الترجمة يخص الترجمة: عمر بن أبى عمر النوقاني.
[3] انظر ترجمته في: المضية 1/394.(20/98)
التفسير والحديث والشروط، ونظم «الجامع الصغير» لمحمد بن الحسن، وكتاب «القند في تاريخ سمرقند» ولعله صنف مائة مصنف، قدم بغداد حاجا في سنة سبع وخمسمائة، وسمع من أبى القاسم ابن بيان وغيره وحدث بكتاب «تطويل الأسفار لتحصيل الأخبار» من جمعه وتأليفه. روى فيه عن عامة مشايخه وهم: أبو محمد إسماعيل بن محمد النوحى وأبو على الحسن [بن عبد الملك] [1] الماتريدي وأبو محمد عبد الله بن أحمد القنطري. روى عنه أبو عبد الله النوربشتى بن عبد الملك القاضي وأبو طاهر المهدى بن محمد المهدى بن إسحاق العلوي وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عيسى النسفي وأبو القاسم محمد بن محمد بن الحسين النسفي وأبو عبد الله الحسين ابن أبى الحسن الكاشغري، وأبو بكر محمد بن الحسن بن منصور النسفي وأبو نصر أحمد بن عبد الرحمن الريغدمونى وأبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي وأَبُو حَفْصٍ عُمَر بْن [أَحْمَد بْن] [2] مُحَمَّد الديزكى، وأبو الحسن على بن الحسن الماتريدي.
قرأت على أبي عبد الله الحنبلي بأصبهان عن أبى مسعود عبد الجليل بن محمد الحافظ أنبأ الفقيه الزاهد أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ محمد النوربشتى بها بقراءتي عليه حدثنا الإمام أَبُو حفص عُمَر بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد النسفي لفظا ببغداد في مدرسة الأمير خمار تكين بن عبد الله قال حدثني السيد أبو طاهر المهدى بن محمد بن المهدى ابن إسحاق بن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِبٍ أنبأ أبو طاهر محمد بن على الإسماعيلى أنبأ جدي الإمام أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ حدثنا أبو مطيع مكحول بن الفضل النسفي حدثنا القاسم بن عباد حدثنا يحيى الحماني عن حماد بن زيد عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم. «إنه سيأتيكم أقوام من أقطار الأرض يسألونكم الحديث فحدثوهم»
قال: فكان أبو سعيد إذا رآنا قَالَ: مَرْحَبًا بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم [3] .
أنشدنا شهاب الحاتمي بهراة أنشدنا عبد الكريم بن محمد أبو سعد أنشدنا أبو الليث أحمد بن عمر بن محمد النسفي أنشدنا والدي لنفسه:
تزور المشاهد مستشفعا ... بحرمة من دفنوهم هناك
فكن أنت آخذا أوصافهم ... تزورك حيا وميتا لذاك
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] انظر الحديث في: سنن ابن ماجة 22(20/99)
أخبرنى الحاتمي بهراة قال سمعت أبا سعد بن السمعاني يقول: توفى عمر النسفي بسمرقند في الثالث عشر من جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وخمسمائة.
وكانت ولادته في سنة إحدى أو اثنين وستين وأربعمائة.
1246- عمر بن محمد بن أحمد بن بقاقا، أبو نصر [1] النجار:
من أهل باب الأزج، وهو أخو عثمان الذي تقدم ذكره وذكر والده، كان هو وأبوه [وأخوه] [2] من أصحاب أبى النجيب السهروردي وربى أبو نصر هذا في الخير والصلاح وقراءة القرآن وسماع الحديث والاشتغال وصحبة الصالحين من صغره إلى شيخوخته، قرأ القرآن على والده، وتفقه على أبى النجيب، وسمع أبا الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وأبا محمد محمد بن أحمد بن عبد الكريم المادح، وأبا المظفر هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الشبلي، وأبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي، وأبا الْقَاسِم هبة اللَّه بن الْحَسَن بن هلال الدقاق، وأَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْنِ مُحَمَّد بْن البيضاوي وخلقا كثيرا غيرهم، كتبت عنه. وكان ثقة صدوقا ورعا متدينا مليح الخلق والخلق، حسن الصمت، جميل الهيئة والسيرة محمود الأفعال.
أخبرنا عمر بن محمد أبو نصر الصوفي أنبأ عبد الأول بن عيسى السجزى أنبأ أبو عاصم الفضيل بن يحيى بن الفضيل أنبأ عبد الرحمن بن أحمد الأنصارىّ حدثنا يحيى ابن محمد حدثنا محمد بن ميمون الخياط حدثنا إسماعيل بن داود [3] المخراقى حدثنا الدراوردي عن الوليد بن مسافع عن أيوب عن عتبة عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت: «لما جاء معى عبد الله بن أبى بكر اجتمع إلى أبى بكر أناس من المهاجرين والأنصار وجعل نسوة يبكين فخرج إليهم أبو بكر فقال: إنى اعتذر إليكم مما يفعلن هؤلاء إن حديث عهد الجاهلية وأَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «إن الميت ينضح عليه الحميم ببكاء أهله عليه» [4] .
سألت أبا نصر الصوفي عن مولده فقال: في يوم الإثنين الثامن عشر من ربيع الأول سنة خمس وأربعين وخمسمائة، وتوفى يوم الخميس التاسع والعشرين من صفر
__________
[1] في الأصل: «أبو حفص» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في الأصل: «دؤاد بن إسماعيل» . خطأ.
[4] انظر الحديث في: الجامع الكبير للسيوطي 1/412.(20/100)
سنة ست عشرة وستمائة، ودفن من الغد بالعطافية.
1247- عمر بن محمد بن برهان بن الحسن، أبو حفص الشافعي:
حدث عن أبي عبد الله محمد بن مخلد الدوري العطار، روى عنه حمزة بن يوسف السهمي الجرجاني في معجم شيوخه.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْد اللَّهِ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الخيري بأصبهان عن أبى سعد أحمد بن البغدادي كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو هَاشِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الخفافى حدثنا أبو القاسم حمزة بن يوسف إملاء حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ برهان الحسن الشافعي بِبَغْدَادَ أَنْبَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ حدثنا على بن حرب الطائي حدثنا القاسم بن يزيد الجرمي [1] حدثنا سفيان الثوري عن حبيب بن الشهيد عن أبى مجلز [2] قال خرج معاوية فقام إليه رجل فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [يقول] : «من سره أن يمثل الرجال له قياما فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» [3] .
1248- عُمَر بْن مُحَمَّد بن برهويه الأجمى:
من أهل الأجمة من نواحي عكبرا، حدث عن محمد بن يحيى بن عيسى، روى عنه ولده أحمد بن عمر.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ ضِيَاءُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أبى على وعمر بن محمد بن عمر المؤدب قَالا أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ [عَبْدِ] [4] الباقي الشاهد أنبأ القاضي أبو المظفر هناد بن إبراهيم النسفي أنبأ أحمد بن عمر بن برهويه حدثنا أبى عمر بن محمد حدثنا محمد بن يحيى بن عيسى حدثنا محمد بن الوليد البغدادي حدثنا الحسن بن خالد المكي حدثنا عبد العزيز ابن أبى رواد عن نافع بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «من نظر إلى صَاحِبِ بِدْعَةٍ بُغْضًا لَهُ فِي اللَّهِ مَلأَ الله قلبه أمنا وإيمانا، ومن أهان صاحب بِدْعَةٍ أَمَّنَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ، وَمَنْ استخف بصاحب بدعة رفع الله له في الجنة مائة درجة، ومن لقيه بالبشرى أو بِمَا يَسُرُّهُ فَقَدِ اسْتَخَفَّ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ على محمد» .
1249- عمر بن محمد بن جعفر بن محمد، أبو حفص الداودي الطيفورى:
__________
[1] في الأصل: «الحرقى» .
[2] في الأصل: «أبى مخلد» .
[3] انظر الحديث في: مسند الإمام أحمد 4/93.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(20/101)
من ساكني المحول، حدث عن أبي الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عقبة الشيباني، روى عنه أبو الخطاب الحسين بن حيدرة الداودي.
أنبأنا أبو القاسم الأزجي عن أبي الرجاء أحمد بن محمد بن الكسائي قال كتب أبو نصر عبد الكريم بن محمد الشيرازي قال أخبرنى القاضي أبو الخطاب الحسين بن حيدرة بن محمد الداودي ببغداد قال حدثني أبو حفص عمر بن محمد بن جعفر بن محمد الداودي الطيفورى ببغداد في داره بالمحول حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَن علي بْن مُحَمَّد بْن محمد بن عقبة الشيباني الكوفي حدثنا الخضر بن أبان القرشي حدثنا إبراهيم بن هدبة أبو هدبه حَدَّثَنَا أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا صَلاةَ في الحمام ولا يسلم على بادى العورة في الحمام» [1] .
1250- عمر بن أبى الجيش أبو محمد الصوفي:
من أهل أسدآباد مدينة قريبة من همذان، قدم بغداد غير مرة حاجا، آخرها في سنة ست وتسعين وخمسمائة، ونزل برباط المأمونية مديدة، وكان يسمع معنا الحديث بالرباط، وحدث ببغداد عن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي وأبى على الموسياباذى وأبى المعالي محمد بن عثمان المؤدب وأبى العلاء الحسن بن أحمد العطار الحافظ وغيرهم، كتبت عنه شيئا يسيرا، وكان شيخا صالحا من ظراف الصوفية ومحاسنهم، وكانت معه كتب حصلها في أسفاره وقرأها على المشايخ.
أخبرنى عمر بن محمد بن أبى الجيش الأسدآبادي بقراءتي عليه برباط المأمونية أنبأ عبد الأول بن عيسى قراءة عليه بهمذان أنبأ أبو الحسن الداودي أنبأ أبو محمد السرخسي أنبأ محمد بن يوسف الفربري حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري حدثني محمد بن عبيد حدثنا عيسى بن يونس عن عمر بن سعيد [2] قال أخبرنى ابن أبى مليكة أن أبا عمرو ذكوان [مولى عائشة] أخبره عن عائشة أنها كانت تقول: [كان] بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ موته ركوة أو علبة فيها ماء فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول. «لا إله إلا الله إن للموت سكرات» ثم نصب يده فجعل يقول «في الرفيق الأعلى» حتى قبض ومالت يده [3] .
__________
[1] انظر الحديث في: مسند الفردوس للديلمي.
[2] في الأصل: «محمد بن سعيد» .
[3] انظر الحديث في: صحيح البخاري 2/964.(20/102)
بلغنا أن عمر الأسدآبادي مات بأسداباد في سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وقد جاوز التسعين.
1251- عمر بن محمد بن الحسن بن أحمد، أبو حفص البيع:
سمع بمصر عبد العزيز بن قيس بن حفص البصري، وبتنيس أبا الْقَاسِم جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ الجروى- وحدث عنهما بتنيس، روى عنه حمزة بن يوسف السهمي في يوم الجمعة.
قرأت على أَبِي عَبْد اللَّهِ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الخيري بأصبهان عن أبي سعد أحمد بن محمد البغدادي قَالَ كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو هَاشِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ الحسين الخفافى حدثنا أَبُو الْقَاسِمِ حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ السَّهْمِيُّ إِمْلاءً أنبأ أبو حفص عمر بن محمد بن الحسن بن أحمد البغدادي بتنيس حدثنا أبو القاسم جَعْفَر بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الجروى.
حدثنا أبو الأشعث حدثنا حزم بن أبى حزم حدثنا مَيْمُونِ بْنِ سِيَاهٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ أن يمد له في عمره ويزاد في رزقه فليبر والديه وليصل رحمه» [1] .
1252- عمر بن محمد الحسن الغزنوي المقرئ:
قرأ القرآن بحرف نافع رواية قالون على أبي محمد رزق اللَّه بن عبد الوهاب التميمي عن أبى الحسن الحمامي عن أبى بكر النقاش، قرأه عليه أبو النقاش [بن] أبى نصر بن عبد السلام بن كرار السقلاطونى بالحريم الطاهري في ذى الحجة سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة.
1253- عمر بْن مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَن بْن عَبْد اللَّهِ القطان، أبو حفص، المعروف بحريرة [2] :
من ساكني قراح ابن أبى الشحم من أولاد التجار والمياسير، افتقر وساءت حاله، وكان يبيع الكندر في الدروب، سمع الحديث في صباه من أَبِي القاسم بْن الحصين وأبي الْحَسَن بْن الزاغونى وأبى غالب الماوردي وغيرهم، كتبت عنه وكان متيقظا لا بأس به.
__________
[1] انظر الحديث في: صحيح البخاري 2/885. وصحيح مسلم 2/315.
[2] انظر ترجمته في: المعبر 4/314.(20/103)
أخبرنى عمر بن محمد بن الحسن القطان بقراءتي عليه في منزلنا حدثنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين إملاء أَنْبَأَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ محمد الواعظ أنبأ أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حنبل حدثني أبى حدثنا أبو معاوية حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يصيب المؤمن شوكة فما فوقها إلا رفعه الله عز وجل بها درجة وحط عنه بها خطيئة» .
سألت عمر بن محمد القطان عن مولده فقال: في سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، وتوفى ليلة الأحد السابع والعشرين من جمادى الأولى من سنة ستمائة، ودفن من الغد بباب المختارة.
1254-[........] [1] أبو بكر النحوي:
حدث عن عبد الله بن أبى يحيى أحمد بن أبى سوه المكي وأبى العباس محمد بن يونس الكديمي وغيرهما، روى عنه أَبُو بكر عَبْد اللَّه بْن محمد بن الحنائى.
أنبأنا داود بن سليمان الطوسي قال كتب إلى هبة اللَّه بْن أَحْمَد أَبُو مُحَمَّد بْن الأكفانى أنبأ أبو الفتح عبد الصمد حدثنا أبو هريرة قال أتينا أنسا بالطف فقال لنا: ما جاء بكم؟ قلنا: بلغنا مرضك فأجبنا، فقال: بخ بخ- ربحتم ربحتم، أما إنى لأحدثنكم حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: «إذا كان يوم القيامة خرج مناد من تحت العرش فنادى يا أهل التوحيد إن الله قد عفا عنكم، فليعف بعضكم عن بعض وعلىّ ثوابكم» .
1255-[عمر بن محمد بن روزبه] [2] ، أبو حفص القلانسي.
من أهل همذان، قدم بغداد حاجا في سنة ثمانين وخمسمائة، وحدث بها عن أبى الفضل محمد بن عثمان بن يوسف المؤدب، روى لنا عنه عبد اللَّه بْن أَحْمَد الخباز في مشيخته.
أخبرنى عبد الله الخباز أنبأ عمر بن محمد بن روزبه الهمذاني قدم عليه حاجا أنبأ أبو الفضل محمد بن بنيمان بن يوسف أنبأ أبو ثابت سحير بن منصور أنبأ أبو محمد
__________
[1] بياض في الأصل بعد ذلك بمقدار نصف سطر.
[2] بياض في الأصل مكان ما بين المعقوفتين.(20/104)
جعفر بن الحسين الأبهرى حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم بن أبى حماد الفقيه المالكي وأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ صالح المقرئ قالا حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الواحد ابن زياد بن عامر السمرقندي حدثنا عصام بن يوسف حدثنا عبد الواحد بن زياد عن أبى مالك الأشجعيّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إن الله تبارك وتعالى جعل لكل شيء آفة تفسده، وأعظم الآفات [آفة] تصيب أمتى حبهم الدنيا، وجمعهم الدينار والدرهم، يا أبا هريرة لا خير في كثير من جمعها إلا من سلطه الله عليها في الحق» [1] .
1256- عمر بن محمد بن شجاع بن ثابت السماك، أبو القاسم الوراق:
من ساكني دار الخلافة، سمع كتاب الجامع الصحيح لأبى عبد الله البخاري من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزى، كتبت عنه وكان شيخا صالحا حسن الطريقة ساكنا يورق للناس بالآخرة ويأكل من كسب يده.
توفى في العشر الأوسط من ذى الحجة سنة ست وستمائة ودفن بباب حرب، ولعله جاوز السبعين.
1257- عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّد بْنِ عبد الله بن نصر- بفتح النون والصاد المهملة، أبو شجاع بن أبى الحسن بن أبى محمد البسطامي:
من أهل بلخ، كان إماما في التفسير والحديث والفقه والنظر والأدب، سمع ببلخ أباه وأبا القاسم الخليلي وأبا إسحاق إبراهيم بن أبى نصر التاجر الأصبهانى وطاهر بن المحتسب القاضي وأستاذه أبا جعفر السمنجانى وعليه تفقه وعبد الله بن طاهر التميمي وأخاه عبد القاهر بن طاهر وإسماعيل بن أحمد البيهقي، وبنيسابور أبا سعد بن أبى صادق وإسماعيل ابن الحسين الفرائضى وأبا بكر الشيروى وإسماعيل بن عبد الغافر وظريف بن محمد الحيرى ومحمد بن عبد الحميد البيوردى، وبمرو أبا بكر محمد بن منصور السمعاني وعبد الرحمن بن عبد الرحيم الفامي ومحمد بن محمد الماهانى ومحمد ابن أبى جعفر الكنبى الأصم والموفق بن عبد الكريم الهروي وعبد الله بن أحمد النيسابوري، وبسمرقند على بن أحمد بن الحسن الفارسي الصوفي وخلقا كثيرا سوى هؤلاء، وقدم بغداد حاجا بعد علو سنه وسمع بها من محمد بن عبد الباقي الأنصارىّ
__________
[1] انظر الحديث في: الجامع الكبير للسيوطي 1/651.(20/105)
وأبى القاسم بن السمرقندي وجماعة غيرهما، وحدث بكتاب «شمائل النبي» صلّى الله عليه وسلّم للترمذي وبكتاب «غريب الحديث» لابن قتيبة، سمع منه شيخ الشيوخ وأبو البركات إسماعيل بن أبى سعد الصوفي وأبو الفضل بن ناصر وعبد الخالق بن أحمد بن يوسف وسعد الخير بن محمد بن سهل الأنصارىّ، وروى لنا عنه جماعة ببغداد وحلب ومرو.
أخبرنا عبد الوهاب بن علي الأمين وعبد الرحمن بن محمد بن هبة الله البصري وابن إبراهيم بن أحمد الحداد قراءة عليهم قالوا أنبأ أبو شجاع عمر بن محمد بن عبد الله البسطامي قدم علينا- قال عبد الرحمن: بغداد في شهر رمضان سنة تسع وعشرين وخمسمائة ومحمد بن عبد الوهاب [1] حاجّا في ربيع الأول سنة ثلاثين أنبأ أَبُو القاسم أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الخليلي أنبأ الشاشي حدثنا أبو عيسى بن عيسى الترمذي حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا أبو داود الطيالسي عن عباد بن منصور عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «اكتحلوا بالإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر»
وزعم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كانت له مكحلة يكتحل منها كل ليلة ثلاثا في هذه. وثلاثا في هذه.
أخبرنى محمد بن محمود العدل بهراة قال أنشدنا عمر بن محمد بن عبد الله البسطامي لنفسه:
أودعكم سادتي من هراة ... وأودعكم قلب مولاكم
فإن سرت مرتحلا عنكم ... فقلبي مقيم بمغناكم
فللعين نور من أبشاركم ... وللروح روح بمعناكم
وليس لروحي مستروح ... على البعد إلا برؤياكم
وما في طريقي من راحة ... توقعتها غير ذكراكم
رعيتم حقوق نزولي بكم ... وودى فالله يرعاكم
فلا تنسوا العهد يا سادتي ... فما أنا والله أنساكم
أنبأنا عمر بن أحمد بن بكرون المشاهد أنبأ أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسين بن محمويه اليزدي الفقيه حدثنا الإمام أبو شجاع عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نصر البسطامي ثم البلخي- وأقل ما رأيت في مشايخ أصحابنا مثله عقلا وعلما ولطفا رأيته ببغداد- أخبرنا شهاب الحاتمي بهراة حدثنا أبو سعد بن السمعاني من لفظه قال: عمر بن محمد بن عبد الله البسطامي أبو شجاع إمام مسجد راعوم مجموع
__________
[1] هكذا في الأصل، والسند به سقط كما هو واضح.(20/106)
حسن وجملة مليحة مفت مناظر محدث مفسر واعظ أديب حاسب شاعر، وكان مع هذه الفضائل حسن السيرة جميل الأمر مليح الأخلاق مأمون الصحبة نظيف الظاهر والباطن لطيف العشرة، أقام ببغداد مدة يسمع الحديث ويحصل الأصول والنسخ شراء ونسخا، وحدث ببغداد ووعظ فأحسن، وكان فصيحا مجيدا، ومجلس وعظه كثير النكت والفوائد، وقدم علينا مرو في محرم سنة أربعين وخمسمائة لتجديد العهد وخرجنا صحبة واحدة إلى هراة، ورأيت منه في حفظ دقائق الصحبة وحسن المعاشرة ورعاية الجوانب وقلة المخالفة ما تحيرت منه، وحدث بهراة واملى سنة مجالس، وكان على كبر السن حريصا على طلب الحديث والعلم ومقتبسا من كل احد، ومتثبتا لكل ما سمعه من الطرق بخطه، كتبت عنه الكثير وكتب عنى الكثير، سألته عَن مولده فَقَالَ: فِي ذي الحجة سنة خمس وسبعين وأربعمائة ببلخ.
بلغنا أن ابن شجاع البسطامي توفى ببلخ في شهر ربيع الآخر من سنة اثنين وسبعين وخمسمائة.
1258- عمر بن عبد الله بن الخضر بن مسافر بن رسلان بن معمر، أبو الخطاب العليمي، ويعرف بابن حوائج كاش [1] :
من أهل دمشق، كان أحد التجار، سافر ما بين الشام وديار مصر وبلاد الجزيرة والعراقين وخراسان وما وراء النهر وخوارزم، وكان يطلب الحديث ويسمع من المشايخ في كل بلد يدخله، ويكتب الأجزاء بخطه حتى حصل من ذلك شيئا كثيرا، سمع بدمشق الفقيه أبا القاسم نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي وأبا القاسم نصر الله بن أحمد بن مقاتل السوسي وأبا الفتوح ناصر بن عبد الرحمن النجار وأبا القاسم الحسين بن الحسن بن البن الأسدى وأبا أحمد عبد السلام بن الحسن بن على ابن زرعة الصوري وأبا العشائر محمد بن الخليل بن فارس القيسي وأبا محمد عبد الرحمن بن على بن إبراهيم الداراني وجماعة غيرهم، وبمصر الشريف أبا الفتوح ناصر ابن الحسن بن إسماعيل الحسيني وأبا مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ غَدِيرٍ السعدي، وبالإسكندرية أبا طاهر أحمد بن محمد السلفي، وبحلب أبا الحسن علي بن عبد الله بن أبى جرادة العقيلي، وبالموصل أبا عبد الله الحسين بن نصر بن خميس الجهني وأبا القاسم عبد الرحمن وأبا الفضل عبد الله ابني أحمد بن محمد بن الطوسي، وبزنجان أبا
__________
[1] انظر ترجمته في: هامش التكملة ص 178.(20/107)
منصور عبد الكريم بن محمد بن حامد الطوسي، وبهمذان أبا المحاسن نصر بن المظفر البرمكي. وبالري أبا سعيد [1] عبد الرحمن بن عبد الله الحصيري وأبا حفص عمر بن على بن الحسن البلخي وأبا الفتح نصر بن مهدى بن نصر بن مهدى [بن] الحسين المزكى [2] ، وبالدامغان أبا القاسم عبد الكريم بن محمد بن [أبى] [3] منصور الرماني.
وبنيسابور أبا الأسعد هبة الرحمن [4] بن عبد الواحد بن عبد الكريم القشيري وأبا الْبَرَكَاتِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الفراوي وأبا عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن العصائدي وأبا عامر سعد بن على بن أبى سعد الصوفي وأبا الرضا العلاء بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني وأبا نصر محمد بن منصور الحرضى وأبا حفص عمر بن أحمد بن منصور الصفار وأبا بكر سعيد بن على بن مسعود الشجاعي وأبا الفتوح عبد الله بن على بن سهل بن العباس الخركوشي [5] وأبا عبد الرحمن أحمد ابن الحسن بن أحمد الكاتب وأبا العباس أحمد بن أبى الفضل العباس بن محمد الشقاني وأبا منصور عَبْد الخالق بْن زاهر بْن طاهر الشحامي وأخته سعيدة، وبهراة أبا الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي وأبا القاسم الجنيد بن محمد بن على المدائني وأبا الفتح عبد السلام بن أحمد بن إسماعيل المقرئ والسيد أبا الحسن محمد بن إسماعيل الحسنى العلوي وأبا الفتح سالم بن عبد الله بن عمر العمرى وأبا النضر عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الجبار الفامي، وببغشور عبد الله بن عمر المتولى، وبسرخس أبا على الحسنين محمود السرمرد وأبا الفتوح محمد بن شهر زار بن محمد الفقيهى، وبمرو أبا طاهر محمد ابن محمد بن عبد الله السنجى وأبا سهل النعمان بن محمد بن النعمان الباجخوستى وأبا طاهر سعيد بن محمد بن طاهر بن سعد الميهنى وأبا سعيد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني، وببخارا [.....] وبسمرقند [......] [6] وبخوارزم أبا عمرو عُثْمَان بْن مُحَمَّد بْن علي بْن أَحْمَد الفراتي من ولد محمد بن فرات بن غالب الخوارزمي وأبا المظفر سعيد بن سهل بن محمد الفلكي ومحمود بن محمد بن عباس العباسي وخلقا كثيرا غير هؤلاء، ثم قدم بغداد في سنة تسع وخمسين وخمسمائة وسمع بها أبا الفتح
__________
[1] في الأصل: «أبا سعد» .
[2] في الأصل: «بن مهدى الحسين» .
[3] في الأصل: «محمد بن منصور» .
[4] في الأصل: «أبا الأسعد عبد الرحمن» .
[5] في الأصل: «الحرفوشي» .
[6] بياض في الأصل مكان النقط(20/108)
محمد بن عبد الباقي بن البطي وأبا الْقَاسِم هبة اللَّه بن الْحَسَن بن هلال الدقاق وأَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْنِ الحراني الشاهد وأبا بكر أحمد بن المقرب الكرخي وأبا القاسم يحيى بن ثابت بن بندار وخلقا كثيرا من هذه الطبقة، ثم قدمها ثانيا في سنة ثمان وستين وسمع بها من النقيب أبي عبد الله أَحْمَد بن علي بن المعمر الحسيني [وأبى الحسين] [1] عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف وشهدة بنت الإبرى وجماعة من أصحاب أَبِي القاسم بْن بيان وأبي عليّ بن نبهان وأبى الغنائم بن النرسي وأبى طالب ابن يوسف، وكتب بخطه الكثير، وبالغ في الطلب حتى سمع من أقرانه وأمثاله ممن دونه، وكان يكتب حسنا، وله فهم ومعرفة، وكان صدوقا محمود السيرة مرضى الطريقة، حدث باليسير ببغداد ودمشق.
سمع منه ببغداد الشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي وصبيح النصري وشيخنا أبو محمد بن الأخضر وروى لنا عنه، وسألته عنه فأثنى عليه، وقد سمع منه أبو سعد بن السمعاني بمرو، وأخرج عنه في معجم شيوخه وأثنى عليه.
أخبرنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي نَصْرِ بْنِ الأَخْضَرِ حدثنا رفيقنا الحافظ أبو الخطاب عمر ابن محمد بن عبد الله العليمي من لفظه وكتبه لي بخطه أنبأ عبد الله بن محمد البغوي ببغشور وأخبرنا عبد الوهاب بن على الأمين حدثنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني من لفظه وأخبرنا أبو الوفاء عبد العزيز بن محمد عبد الكريم العدل بنيسابور أنبأ جدي عبد الكريم بن محمد بن الشريك وأنبا أبو الفتوح نصر بن عبد الجامع بن عبد الرحمن الفامي بهراة حدثنا جدي عبد الرحمن بن عبد الجبار وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الجويني بها والرئيس أبو سعيد عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم بن الوزان بالري قالا أنبأ أبو المعالي عَبْد المنعم بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الفضل الفراوي قالوا جميعا أنبأ أبو بكر عبد الغفار بن محمد بن الحسين الجنابذي بنيسابور حدثنا أبو سعيد محمد بن موسى الفضل حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا محمد ابن هشام مروان بن معاوية حدثنا حميد قال قال أنس: لما نزلت هذه الآية لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ
قال أبو طلحة: يا رسول الله حائطي بكذا وكذا هو لله عز وجل ولو استطعت أن أسره لم أعلنه فقال: «اجعله في فقراء أهلك وقرابتك» [2] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] انظر الحديث في: صحيح البخاري 2/654.(20/109)
أنبأنا أبو العشائر محمد بن على الشاهد أنشدنا أبو الخطاب عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الخضر العليمي من لفظه ببغداد قال أنشدنى القاضي أبو تمام عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز بن إلياس التميمي البالسي إملاء من حفظه ببالس قال أنشدنى الفقيه معدان بن كثير بن الحسن الكلابي لنفسه:
لعمرك ما أرى بالناس داء ... أضر من الإضاعة للحقوق
وقد ذهب الورى قرنا فقرنا ... على نهج القطيعة والعقوق
وقالوا ما لميّت من صديق ... فقلت وهل لحىّ من صديق
وأنبأنا أبو العشائر أنشدنا أبو الخطاب أنشدنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ ثابت بن الفرج الكيرانى المصري بها لنفسه:
ومجلول منى خضاب مشيبة ... فعساه في أهل الشيبة يحصل
قلت اكسه بسواد حظى مرة ... ولك الضمان بأنه لا ينصل
سألت أبا البركات الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله الشافعي بدمشق عن وفاة عمر بن محمد العليمي فقال: توفى بدمشق في شوال سنة أربع وسبعين وخمسمائة، ودفن بجبل قاسيون، قال: وسمعته يقول: مولدي في سنة عشرين وخمسمائة بدمشق، وكان فاضلا صدوقا حسن الأخلاق طيب المعاشرة، سمعت عبد العزيز بن عبد الملك الدمشقي ببغداد يقول سمعت أبا الفضل عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه العليمي يقول: لما كان أخى ببغداد يسمع الحديث عاهد الشريف أبا الحسن الزيدي وصبيحا النصري أنه يوقف كتبه وأجزاءه ويرسلهما إليهما لتكون في خزانتيهما ببغداد، فلما مرض مرض الموت أوصى إلى بذلك، فلما توفى أنفذتها إلى بغداد إلى مسجد الشريف الزيدي.
قلت: وصلت إلى بغداد بعد وفاة الزيدي فتسلمها صبيح وهي الآن في خزانة الزيدي- رحمه الله عليهم جميعا.
1259- عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ علي بن حولوا، أبو حفص بن أبى منصور بن أبى القاسم الخياط:
من ساكني قراح بن رزين، من أولاد المحدثين- تقدم ذكر والده سمع الكثير من أبي الفتح بن شاتيل وأبي السعادات بن زريق وطلب بنفسه وكتب بخطه، وسمع معنا(20/110)
كثيرا من شيوخنا المتقدمين، وكان حسن الطريقة ساكنا طيب الأخلاق متوددا، كتبت عنه شيئا يسيرا ولا بأس به.
أخبرنى عمر بن أبى منصور بن حولوا أنبأ عبيد الله بن عبد الله أبو الفتح أنبأ على ابن الحسين الربعي أنبأ أبو الحسن بن مخلد حدثنا عمر بن على بن الحسن القاضي أنبأ محمد بن عبدك القزاز حدثنا عباد بن صهيب حدثنا شعبة قال سمعت مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «من لا يشكر الله عز وجل لا يشكر الناس» [1] .
أنشدنى عمر بن محمد بن عبد الله الخياط من لفظه لبعضهم:
أحسنت ظني بأهل ودى ... فحسن ظني بهم دهاني
لا تأمن الناس بعد هذه ... ما الخوف إلا من الأمان
سألت يَحيى بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حولوا عن مولده فقال: سنة الغرق، وأخى عمر أصغر منى بسنة فيكون مولده سنة ست وخمسين وخمسمائة، وتوفى يوم السبت لست خلون من شهر ربيع الأول من سنة خمس عشرة وستمائة.
1260- عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ [مُحَمَّد بْنِ عبد الله بن] [2] عمويه السهروردي، أبو عبد الله الصوفي ابن أخى الشيخ أبى النجيب:
تقدم ذكر والده، كان شيخ وقته في علم الحقيقة وطريق التصوف، وإليه انتهت الرئاسة في تربية المريدين، ودعاء الخلق إلى الله عز وجل وسلوك طريق العبادة والزهد في الدنيا، ولد بسهرورد وقدم بغداد في صباه، وسمع وصحب عمه وغيره من المشايخ، وسلك طريق الرياضات والمجاهدات، وقرأ الفقه والخلاف والعربية، وسمع الحديث من المشايخ، وحصّل من العلم ما لا بد منه، ثم انقطع عن الناس، ولازم الخلوة، واشتغل بإدامة الصيام والقيام والذكر وتلاوة القرآن إلى أن خطر له عند علو سنه أن يظهر للناس ويتكلم عليهم، فعقد مجلس الوعظ بمدرسة عمه على شاطئ دجلة وكان يتكلم على الناس بكلام مفيد من غير تزويق ولا تنميق، وحضر عنده خلق
__________
[1] انظر الحديث في: سنن أبى داود 2/314. ومسند أحمد 2/258، 295، 303، 388، 461، 492. وسنن الترمذي 2/17.
[2] انظر ترجمته في: الإعلام 2/314. وطبقات الشافعية للسبكى 5/143. ووفيات الأعيان 3/119. والتقييد لابن نقطة 2/182.(20/111)
كثير وظهر له قبول عظيم من الخاص والعام واشتهر اسمه، وقصده المريدون من سائر الأقطار، وظهرت بركة أنفاسه على خلق كثير من العصاة فتابوا وأنابوا إلى الله عز وجل وحسنت طرائقه، ووصل به خلق عظيم إلى الله عز وجل، وصار له أصحاب واتباع كالنجوم يعرفون أينما كانوا، ثم أنه نفذ رسولا إلى الشام من الديوان العزيز مرات، وإلى العراق إلى خوارزم شاه، ورأى من الجاه والحرمة عند ملوك الأطراف ما لم يره أحد من أبناء جنسه، ثم أنه رتّب شيخا بالرباط الناصري بالمرزبانية ورباط الزوزنى ورباط البسطامي ورباط المأمونية، وجلس للوعظ مدة بباب بدر، ثم أنه أضر في آخر عمره وأقعد، فكان لا يقدر على القيام، ومع ذلك فما أخل بالأوراد من النوافل وتلاوة القرآن ودوام الذكر وحضور المسجد الجامع يوم الجمعة في محفة والمضي إلى الحج في المحفة إلى أن دخل في عشر المائة وعجز وضعف فانقطع في منزله إلى حين وفاته، وكان تام المروة كبير النفس، ليس للمال عنده قدر ولو حصل له ألوف كثيرة من المال فأنفقها ولم يدخر منها شيئا، ومات ولم يخلف كفنا ولا أشياء من أسباب الدنيا، وكان مليح الخلق، متواضعا، كامل الأوصاف الجميلة والأخلاق الشريفة، سمع الحديث من عمه أبى النجيب ومن أبى المظفر هبة اللَّه [بْن] أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الشبلي وأبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي وأبى زرعة طاهر بن محمد ابن طاهر المقدسي وأبى بكر سلامة بن أحمد بن الصدر وغيرهم، كتبت عنه وقرأت عليه كثيرا وصحبته مدة، وكان صدوقا نبيلا، صنف كتابا في التصوف سماه «معاني المعاني» شرح فيه أحوال القوم وآدابهم مليحا في معناه حدث به مرارا، وأملى في آخر عمره كتابا في «الفلاسفة» .
أخبرنا عمر بن محمد السهروردي بقراءتي عليه أَنْبَأَ أَبُو الْمُظَفَّرِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد بْن الشبلي قراءة عليه أَنْبَأَ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الزَّيْنَبِيُّ أَنْبَأَ أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُخَلِّصُ حدثنا يحيى بن صاعد حدثنا الربيع بن سليمان المرادي بمصر حدثنا بشر بن بكر التنيسى [1] عن الأوزاعى عن عطاء بن أبى رباح عن عبيد ابن عمير عن بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [...........] [2] .
1261-[............... .....] [3]
قال: توفى عمر بن محمد بن عمر بن
__________
[1] في الأصل: «أبى بكر النفيسى» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] إلى هنا ساقط من الأصول، وتداخلت الترجمة في الترجمة التالية: عمر بن محمد بن عمر.(20/112)
درهم في ليلة الجمعة ودفن يوم الجمعة التاسع والعشرين من ربيع الآخر سنة خمس وستين وأربعمائة، ذكر أن مولده سنة ثمانين وثلاثمائة.
قرأت بخط أبى الفضل ابن خيرون وفاته كذلك، ثم قال: حدث عن أبى الحسين ابن بشران وكان ثقة.
قرأت بخط أبي علي أحمد بن محمد بن البردانى كما ذكر بن خيرون وقال: وصلى عليه في جامع المنصور ودفن بمقبرة باب حرب، وقد سمعنا منه كتاب «ذم الدنيا لابن أبى الدنيا» عن أبى الحسين بن بشران، وكان شيخا سريا.
1262- عمر بن محمد بن عمر، أبو حفص المطرز:
من أهل أصبهان، قدم بغداد في سنة أربع عشرة وخمسمائة، وحدث بها عن أبى القاسم عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن مندة، روى عنه أبو بكر المبارك بن كامل ابن أبى غالب الخفاف في معجم شيوخه.
أنبأنا أبو الفتوح داود بن عبد الواحد الأصبهانى عن أبيه قال: عمر بن أحمد المطرز توفى سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة، وحج حجات، ودخل بغداد غير مرة، وسمع أبا عمرو بن مندة وغيره.
1263- عمر بن محمد بن عمر، أبو القاسم العبسي، الخطيب الدسكري:
من أهل دسكرة بنهر الملك، شاعر أديب، كتب عنه عمر بن محمد العليمي الدمشقي شيئا من شعره وذكره في معجم شيوخه.
1264- عمر بن محمد عمر بن محمد بن أحمد الأنصارىّ، أبو محمد العقيلي الحنفي:
من أهل بخارى، كان فقيها عالما زاهدا، قدم بغداد حاجّا في سنة ثمان وستين وخمسمائة فحج وعاد، وحدث ببغداد بكتاب تنبيه الغافلين لأبى الليث السمرقندي، رواه عن أبى بكر بن محمد الحدادي وأبى حفص عمر بن محمد العوفى، سمعه منه شيخنا أبو الكرم المظفر بن المبارك بن البغدادي المدرس الحنفي وغيره، وعاد إلى بخارى ثم قدم بغداد حاجا مرة ثانية فِي شهر ربيع الأول من سنة تسع وثمانين وخمسمائة، وحدث بها عن أبي نصر أحمد بن محمد النسفي وأبى حفص عمر بن محمد بن عبد(20/113)
الحميد العوفى، وأبى القاسم محمود بن الحسن الطبري المعدل وأبى بكر محمد بن إبراهيم الفضلى وأبى المفاخر عمر بن عبد العزيز بن مازة وأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْد الله الجيراجى وأبى نصر أحمد بن الحسن الدروازجكى وأبى بكر محمد ابن أحمد بن الحسين الرزماناخى وأبى بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بن سعيد المطهري وأبي بكر مُحمد بن أحمد بن أبي أحمد السمرقندي وأبى حفص عمر بن محمد بن عمر الخوشنامى [1] وخلق كثير غيرهم. روى لنا عَنْهُ عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بن الغزال الواعظ.
أخبرنا ابن الغزال أنبأ أبو حفص عمر بن محمد بن عمر الأنصارىّ العقيلي [2] قدم علينا بغداد حاجا أنبأ المعدل أبو القاسم محمود بن الحسن الطبري أنبأ أبو الخطاب محمد ابن إبراهيم بن على الطبري أنبأ أبو سهل أحمد بن محمد بن على الأبيوردى أَنْبَأَ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ حدثنا أَبُو مُحَمَّدٍ دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَعْلَجٍ حدثنا أبو عمرو أحمد بن نصر الخفاف حدثنا عمرو بن على حدثنا يحيى بن سعيد عن أبيه عن عبد الله بن وديعة عن أبى ذر: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «من اغتسل يوم الجمعة فأحسن الغسل أو توضأ فأحسن الوضوء ولبس أحسن ثيابه ومس ما كتب الله له من كسب أهله ثم أتى المسجد فلم يلغ ولم يفرق بين اثنين غفر الله له ما بينه وبين الجمعة [الأخرى] » [3]
ذكر صديقنا أبو المحامد محمود بن أحمد بن الصابوني البخاري أن العقيلي مات ببخارى في شهر ربيع الأول سنة ست وتسعين وستمائة ودفن بمقبرة كلاباذ.
1265- عمر بن محمد بن عمر بن يوسف المزارع، أبو حفص بن أبى المجد:
من أهل باب البصرة- تقدم ذكر والده، سمع أبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي وغيره، كتبت عنه، وكان محضرا على باب القاضي بالجانب الغربي.
أخبرنى عمر بن المزارع أنبأ محمد بن عبد الباقي أنبأ على بن محمد الخطيب أنبأ عبد الواحد بن محمد حدثنا محمد بن مخلد حدثنا طاهر بن خالد بن نزار حدثني أبى عن إبراهيم ابن طهمان قال حدثني الحجاج عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خِلاسِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أبى
__________
[1] في الأصل: «الخوشاى» .
[2] في الأصل: «العاقلى» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(20/114)
رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [1] .
توفى عمر ليلة الإثنين رابع عشري رجب سنة ثلاث عشرة وستمائة، ودفن من الغد بمقبرة باب البصرة.
1266- عمر بن محمد بن عمر بن بركة بن سلامة بن أحمد بن أبي القاسم عبد الله بن أبى الريان، أبو حفص بن أبى بكر الكاغذى:
من أهل دار القز، تقدم ذكر والده، سمع أبا الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي وأبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي وغيرها، وكتبت عنه، وكان شيخا صالحا متيقظا [2] حسن الأخلاق لا بأس به.
أخبرنا عمر بن محمد [3] الكاغذى بقراءتي عليه أنبأ عبد الأول بن عيسى أنبأ محمد ابن عبد العزيز الفارسي أنبأ عبد الرحمن بن أحمد الأنصارىّ حدثنا أبو الجهم العلاء بن موسى حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو مستقبل المشرق يقول: «ألا إن الفتنة هاهنا- مرتين- من حيث يطلع قرن الشيطان» [4] .
سألت عمر بن محمد الكاغذى عَنْ مولده فَقَالَ: فِي شهر ربيع الآخر من سنة سبع وأربعين وخمسمائة. وتوفى ليلة الخميس العشرين من ذى الحجة سنة إحدى وعشرين وستمائة، ودفن من الغد بباب حرب.
1267- عمر بن محمد بن عمر، أبو حفص الفقيه الحنفي [5] :
من أهل فرغانة، تفقه ببلاده ودخل بغداد، وهو شاب وصحب شيخنا عمر بن السهروردي مدة ثم أنه سافر إلى بلاد البطيحة وصاهر ابن الرافعي، وأقام هناك مدة، ثم عاد إلى بغداد، وسافر إلى بلاد الشام والجزيرة، وسكن سنجار مدة ثم أنه عاد إلى بغداد وأقام بها، وعرض عليه التدريس بالمدرسة التنشبية فلم يجب، ثم ولى التدريس
__________
[1] انظر الحديث في: سنن النسائي ص 354.
[2] في الأصل: «متنقظا» .
[3] في الأصل: «محمد بن عمر» .
[4] انظر الحديث في: صحيح البخاري 2/1050.
[5] انظر ترجمته في: الجواهر المضية 1/396. وإنباه الرواة 2/331. وبغية الوعاة 364.(20/115)
بالمدرسة الشريفة المستنصرية لما فتحت في رجب سنة إحدى وثلاثين وستمائة، وكان إماما في الفقه والأصول والخلاف وعلم الكلام وأقاويل الفلاسفة وعلم العربية، ويكتب خطا مليحا، وله نظم ونثر بليغ، وقدمه في الزهد والرياضات والمجاهدات والحقيقة والطريقة ثابتة متمكنة، وكان كثير العبادة دائم الخلوة مجردا من أسباب الدنيا مع ما خصه الله به من حسن الخلق والتواضع وشرف النفس ولطف الطبع، وسمع بقراءتي معظم صحيح البخاري على ابن القطيعي، ولم يتفق لي أن أكتب عنه شيئا من نظمه، ولم يكن له رواية في الحديث.
أنشدنى بن محمد [1] الفرغاني ببغداد لنفسه:
يا من أضاء له شموس مناقبه ... ينهون من آدابه وفضائله
لا تكسفن ضياءها بمعاتب ... من زور قول تفتريه وباطله
والصدق أحلى حلية يحلى بها ... كم بين خالي الجيد فيه وعاطله
واعلم بأن القول عند أولى ... بيان قيمته وقيمة قائله
النهى والنصح فرض قوله وقبوله ... طوبى لقائله المحق وقابله
توفى الفرغاني ليلة الأحد لعشر خلون من رجب من سنة اثنتين وثلاثين وستمائة.
وحضرت الصلاة عليه من الغد بجامع القصر، وحضر الأعيان وخلق كثير، ودفن بمقبرة الخيزران، وأظنه قارب السبعين من عمره- رحمة الله عليه.
1268- عمر بن محمد بن عمويه، أبو حفص السهروردي الصوفي [2] :
عم الشيخ أبى النجيب السهروردي، قدم بغداد واستوطنها، وتفقه على أبى القاسم الدبوسي وعلى أبى حامد الغزالي. وسمع الحديث من الشريف أبي الفوارس طراد بن محمد بن على الزينبي وأبى الحسين عاصم بن الحسن العاصمي وأبي محمد رزق اللَّه بن عبد الوهاب التميمي وأبى بكر أحمد بن على الطريثيثي وغيرهم روى لنا عنه حافده محمد بن أعز بن عمر، وكان شيخا برباط سعادة على شاطئ دجلة، صنف تاريخا على السنين سماه «المجاهدى» خدم به مجاهد الدين [ ... ] [3] ببغداد، ذكر فيه ابتداء الدنيا إلى سنة أربع وعشرين وخمسمائة.
__________
[1] في الأصل: «على بن محمد» .
[2] انظر ترجمته في: المنتظم لابن الجوزي 10/75.
[3] بياض في الأصل مكان النقط.(20/116)
أخبرنا محمد بن أعز بن عمر بن يحيى بن عمويه السهروردي أنبأ جدي قراءة عليه أنبأ طراد بن محمد الزينبي أنبأ على بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ أَنْبَأَ إِسْمَاعِيلُ بن محمد الصفار حدثنا أحمد بن منصور الرمادي حدثنا عبد الرزاق أنبأ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يتعوذ من المأثم والمغرم، فقالت عائشة:
يا رسول الله ما أكثر ما تتعوذ من المغرم؟ قال: «إنه من غرم وعد فأخلف وحدث فكذب» [1] .
أخبرنا شهاب الحاتمي بهراة قال سمعت أبا سعيد بن السمعاني يقول ولد عمر بن محمد بن عمويه السهروردي سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وتوفى في] [2] ليلة الأربعاء ثامن ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة، وصلى عليه برباطه على دجلة رباط سعادة ودفن صف رويم.
1269- عمر بن محمد بن عيسى بن أحمد بن العويس النيار:
والد شيخنا مسمار، من أهل باب الأزج، سمع الكثير من أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن ناصر الحافظ وحدث باليسير، سمع يونس سبط ابن مداح، ودلني عليه شيخنا عبد الرزاق بن عبد القادر الجيلي لأسمع منه في سنة خمس وتسعين وخمسمائة، فلم يتفق لي لقاؤه، وتوفى في هذه السنة.
1270- عمر بن محمد بن محمد الدبرانى، أبو الحسن البندار:
من أهل عكبرا، حدث عن أبي بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ المعدل، روى عنه أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْن الْحُسَيْن بْن عبد العزيز العكبري، وذكر أنه سمع منه في ذي الحجة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.
1271- عمر بن محمد بن محمد بن على الزينبي، أبو على بن أبى تمام:
تقدم ذكر والده، ولى النقابة على الهاشميين والصلاة والخطبة في المساجد الجامعة، ولقب بالرضا ذى الفخرين، وسلم إليه العهد بذلك، وخلع عليه في يوم الخميس الثاني من جمادى الآخرة سنة ست وأربعين وأربعمائة ببيت النوبة، وزين له جميع البلد، وركب في الأسواق ونثر عليه الدنانير والدراهم، وتملك في ذى القعدة سنة
__________
[1] انظر الحديث في: سنن النسائي 805.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل(20/117)
خمسين وخمسمائة، وكان قد ركب مع رئيس الرؤساء والهاشميين والخدم ومن انضم إليهم من الأعاجم، وخرجوا إلى باب الحلبة لقتال البساسيرى فاسترحمهم ثم انعطف عليهم فانهزموا وهلك منهم خلق كثير- ذكر ذلك أبو الحسن الهمداني صاحب التاريخ.
1272- عمر بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن القاضي، أبو حفص:
سمع النقيب أبا الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي وأبا عبد الله مالك بن أحمد ابن على البانياسى وأبا الْقَاسِم عَبْد الواحد بْن عَلِيّ بْن فهد العلاف وغيرهم، وحدث باليسير، سَمِعَ مِنْهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الخشاب النحوي بالمدرسة النظامية في رجب سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة.
وقرأت بخطه وأخبرنيه عنه على بن عبد الرحمن بن على قال: عمر بن محمد بن محمد بن القاضي يكنى أبا حفص لا بأس به.
سمعت منه بقراءتي وسألته عَنْ مولده، فَقَالَ: فِي سنة تسع وستين وأربعمائة.
1273- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن معمر بْن أَحْمَد بن يحيى بن حسان أبو حفص ابن أبى بكر المؤدب، المعروف بابن طبرزد [1] :
من أهل دار القز، سمع الكثير بإفادة أخيه أبى البقاء محمد بن محمد [و] من آباء القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين وهبة الله بن أحمد بن عمر الحريري وهبة الله بن أحمد الواسطي وأبى غالب أحمد بن الحسن بن البناء وأبي المواهب أحمد بن أحمد بن محمد بن ملوك الوراق وأبى بكر محمد بن عبد الباقي البزاز وأبي على بن عبيد الله بن الزاغونى وأبى بكر محمد بن عمر بن أحمد بن دحروج وأبى الحسن على وأبى الفضل عبد الملك ابني عبد الواحد بن محمد بن الحسن القزاز وأبى منصور عبد الرحمن بن محمد ابن عبد الواحد القزاز وأبي القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي وأبى محمد يحيى بن على بن الصولي وأبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي وأبي الحسن عليّ بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السَّلام وأبى القاسم على بن طراد الزينبي وخلق كثير غير هؤلاء، وانفرد بالرواية عن جماعة من شيوخه وبقطعة من مروياته، وحدث بالكثير وانتشرت عنه الرواية، وقصده الناس لعلو إسناده، وهو آخر من حدث في الدنيا عن
__________
[1] انظر ترجمته في: المستفاد ص 210.(20/118)
أبى الحصين وابن البناء وابن ملوك والواسطي وابن الزاغونى وابن دحروج وعلى ابن طراد وغيرهم. وطلب من الشام للسماع عليه فتوجه إلى هناك، وحدث بإربل والموصل وحلب وحران، وأقام بدمشق مدة طويلة، وروى أكثر مسموعاته، وحصل مالا حسنا، وعاد إلى بغداد وأقام بها مدة يحدث إلى أن أدركه أجله، سمعت منه الكثير، وكان يعرف شيوخه ويذكر مسموعاته. وكانت أصول سماعاته بيده، وأكثرها بخط أخيه. وكان يكتب حسنا، ويؤدب الصبيان ولم يكن يفهم شيئا من العلم، وكان متهاونا بأمور الدين، رأيته غير مرة يبول من قيام، فإذا فرغ من إراقة بوله أرسل ثوبه وقعد من غير استنجاء بماء ولا حجر، وكنا نسمع منه يوما أجمع، فنصلي ولا يصلى معنا، ولا يقوم لصلاة، وكان يطلب الأجر على رواية الحديث إلى غير ذلك من سوء طريقته، وحلف ما جمع من الحطام لم يخرج عنه حقا لله عز وجل.
أخبرنا عمر بن المؤدب بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ أَنْبَأَ أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بن محمد بن الحصين قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنْبَأَ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ المحسن التنوخي أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن شاذان أنبأ أَبُو الْقَاسِم عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد الْبَغَوِيُّ حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن حنبل حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» [1] .
أخبرنا عمر بن طبرزد بقراءتي عليه أَنْبَأَ أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ البناء قراءة عليه أنبا أبو محمد بن على الْجَوْهَرِيُّ أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ القطيعي حدثنا بشر ابن موسى الأسدى حدثنا هوذة بن خليفة حدثنا عوف عن زرارة بن أوفى عن عبد الله بن سلام قال: لما ورد رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ قال فجئت في الناس انظر فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول شيء سمعته يتكلم به أن قال: «يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» [2] .
أخبرنا عمر بن محمد بن معمر أنبأ أبو غالب ابن البناء [أنبأ] [3] أبو محمد الجوهري أنبأ أبو عمر محمد ابن العباس بن حيويه حدثنا محمد بن القاسم حدثنا عبد الله بن أبى سعد حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم المؤدب حدثني محمد بن عثمان ابن
__________
[1] انظر الحديث في: مسند أحمد 2/179.
[2] انظر الحديث في: مسند أحمد 5/451.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(20/119)
ماله [1] حدثنا عبد الوهاب بن عطاء حدثني أبان بن تغلب قال: كان عابد من عباد البصرة قال لنا: أتيت البادية فإذا أنا بأعرابية وهي توصي ابنا لها وهي تقول: يا بنى أوصيك بالله يوفقك، وإياك والنمائم فإنها تزرع الضغائن في صدور الرجال وتفرق بين المحبين، وإياك والعيوب فخليق أن تتخذ غرضا فإن الغرض إذا اعتورته السهام ثلمته وهي ما اشتد منه، وإياك أن تجود بدينك وتبخل بمالك، فحرى أن تجود بمالك وتبخل بدينك، وإذا هززت فهز كريما فإنه يلين بمهرتك، ولا تهز اللئيم فإنه صخرة لن يتفجر ماؤها، يا بنى مثل لنفسك مثالا، فما استحسنته لغيرك فاعمل به وما استقبحته لغيرك فاجتنبه، فإن المرء لا يرى عيب نفسه، وإياك من كانت مودته بسره، وخالف ذلك فعله، فإن صديقه منه في مثل حال الريح في تصرفها، قال: ثم أمسكت عنه ساعة، قال فقلت: يا أعرابية زيديه قالت: وأعجبك كلام العرب؟ قال قلت:
نعم، قالت: يا بنى اتق البخل فإنه أقبح ما تعامل به الإخوان، فإن ترك مكافأة الإخوان من التطفيف، ومن جمع الحلم والسخاء فقد استجاد الخلة، ثم قالت: ألا أنشدك أبياتا قالها المقنع الكندي؟ قال قلت: بلى، قالت: قال:
زمان خلا ود المقنع أنه ... يؤدب ولم يعط المقنع ما ودا
فإن الذي بيني وبين بنى أبى ... وبين بنى عمى لمختلف جدا
إذا أكلوا لحمى وفرت لحومهم ... وإن هدموا ركني بنيت لهم مجدا
لهم جل مالي إن روانى ذا أغنى ... وإن قل مالي لم أكلفهم رفدا
يلومونني في الدين قومي وإنما ... تدانيت في أشياء تكسبهم حمدا
أخاف عليهم خشية أن يعيروا ... ببخل إذا شدوا على الصرر العقدا
قال عبد الوهاب: وبيت آخر لم أحفظ أوله وحفظت آخره:
وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا قال أبو محمد الجوهري: وأنا أحفظ أوله وهو:
ولا أحمل [الحقد] [2] . القديم عليهم ... وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا
سألت عمر بن طبرزد عن مولده، فقال: في سنة ست عشرة وخمسمائة، توفى في يوم الثلاثاء لتسع خلون من رجب من سنة سبع وستمائة، ودفن من الغد بباب حرب.
__________
[1] هكذا في الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(20/120)
سمعت القاضي الفقيه أبا القاسم عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبى جرادة بحلب يقول سمعت عبد العزيز بن الحسين بن هلالة الأندلسى يقول: وغالب ظني أننى سمعته من بن هلالة بخراسان قال: رأيت عمر بن طبرزد فيما يرى النائم بعد موته وعليه ثوب أزرق، فقلت له: سألتك بالله ما لقيت بعد موتك؟ فقال لي: إنه في بيت من نار داخل بيت من نار داخل بيت من نار، فقلت له: ولم؟ قال: لأخذ الذهب على حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
1274- عمر بن محمد بن نظيف، أبو القاسم القاضي، المعروف بالحرقى:
من أهل شيراز، كان فقيها على مذهب داود، ويروى عن أبى إسحاق إبراهيم بن على الهجيمي البصري وأبى عبد الله محمد بن يوسف العتائدي الشيرازي الحافظ، روى عنه أَبُو عبد اللَّه مُحَمَّد بْن عبد العزيز القصار الشيرازي وذكره في كتاب طبقات الشيرازيين من جمعه، وقال: كان قاضيا ببغداد سنين، يناظر على مذهب داود، وفيه أنه مات بشيراز في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وأربعمائة.
1275- عمر بن محمد بن هارون، أبو حفص المقرئ:
من أهل واسط، صحب الشيخ الصالح الزاهد صدقة بن الحسين بن وزير الواسطي، وقدم في صحبته إلى بغداد واستوطنها إلى حين وفاته، وسمع بها الحديث من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزى وأبى الحسن على بن المبارك ابن الحسين بن نغوبا الواسطي وغيرهما، كتبت عنه، وكان شيخا صالحا حسن الأخلاق مرضى السيرة، مقرئا مجودا ختم عليه خلق كتاب الله، وكان يصلى بالناس إماما بمسجد ابن الشاشي الكبير بالطيوريين ويقرئ فيه القرآن.
أخبرنا عمر بن محمد بن هارون المقرئ أنبأ عبد الأول بن عيسى السجزى أنبأ محمد بن عبد العزيز الفارسي أنبأ عبد الرحمن بن أحمد الأنصارىّ، حدثنا عبد الله بن محمد البغوي حدثنا العلاء بن موسى حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْخَيْلُ [مَعْقُودٌ] فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القيامة» [1] .
توفى عمر بن محمد بن هارون في يوم الجمعة لأربع خلون من شهر رمضان سنة عشر وستمائة، وصلى عليه من الغد بالمدرسة النظامية، وكان الجمع متوافر، ودفن بالشونيزية، ولعله بلغ الثمانين أو قاربها.
__________
[1] انظر الحديث في: صحيح البخاري 1/399.(20/121)
1276- عمر بْن مُحَمَّد بْن يَحيى بْن عليّ بْن مسلم الزبيدي، أبو حفص بن أبى عبد الله:
تقدم ذكر والده، سافر عن بغداد إلى بلاد الجزيرة، وسكن برأس العين، وكان يذكر أنه سمع من أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الْأَنْصَارِيّ وعبد الوهاب بن المبارك الأنماطى وأبى الوقت الصوفي وأبى العباس أحمد بن محمد العباسي، وإن مولده في يوم الجمعة غرة صفر سنة إحدى وعشرين وخمسمائة، وحدث هناك بشيء، سمع منه الرجالة والمجتازون، وأخذت لنا منه إجازة، وبلغنا أنه توفى برأس العين في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستمائة.
1277- عمر بن محمد بن الوكيل، أبو حفص الفقيه:
عن أبى بكر أحمد بن عبيد الله بن إدريس النرسي، روى عَنْهُ أَبُو أَحْمَد عَبْد اللَّه بْن عدى الجرجاني في معجم شيوخه.
أنبأ عبد الوهاب بن علي الأمين عن أبي القاسم بن السمرقندي أنبأ أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلى قدم علينا أنبأ أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي أنبأ أَبُو أَحْمَد عَبْد اللَّه بْن عَدِيٍّ الْحَافِظُ قَالَ سَمِعْتُ أبا حفص عمر بن محمد [بن] [1] الوكيل الفقيه ببغداد يقول حدثنا أحمد بن عبيد الله النرسي حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنْ يَحْيَى بن أبى كثير عن ضمضم بن جوس عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بقتل الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب [2] .
1278- عمر بن محمد، أبو على العلوي الكوفي، المعروف بالنهرسابسى:
ولد ببغداد وأصله من الكوفة، أو هو كوفى، سكن بغداد، وكان شاعرا كاتبا بليغا، ذكره أبو الحسن محمد بن عبد الملك بن إبراهيم الهمذاني صاحب التأريخ، وأورد له هذه الأبيات ونقلتها من خطه:
إن لم تكن لدواعى الحب عاطفة ... ترد فضلك عن ظلم وعدوان
فابغ الثواب الذي تحظى بأجله ... عند المعاد وتجزاه بإحسان
لا تغمس اليد في ظلم معه ... فصاحب الوتر عنه غير وسنان
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] انظر الحديث في: مسند أحمد 2/233.(20/122)
وعد إلى رأفة أنت الحقيق بها ... ينسى الأوائل منك الحاضر الداني
وذكر أنه توفى في سنة تسع وأربعين وأربعمائة.
1279- عمر بن محمد، أبو القاسم النعماني الأديب:
روى عن أبى طاهر أحمد بن محمد الشيرازي عن عبد السلام بن الحسين البصري، روى عنه أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن عبدان الحلواني، وقد مدح الشيخ أبا إسحاق الشيرازي الفقيه بقصيدة سمعها منه، وكتبها عنه أبو نصر المعمر بن محمد بن الحسين البيع.
قرأت بخط المعمر بن محمد وأنبأنيه عنه أبو القاسم الأزجى قال أنشدنى الأديب أبو القاسم عمر بن محمد النعماني لنفسه يمدح أبا إسحاق الشيرازي:
رعى الله جيرانا نأت دراهم عنا ... وما حفظوا عهدا وخانوا وما خنا
تجنوا بلا ذنب فصدوا تجرما ... فقد علموا ان الفؤاد بهم يضنا
وضننوا علينا بالوصال ملالة ... ونحن بحبات القلوب لهم جدنا
فيا ليتهم قبل القطيعة أجملوا ... ولم يأخذوا القلب المعنى بهم رهنا
أرى كل ذى وجد يحول الذي به ... ووجدي مقيم لا يحول ولا يفنا
نأوا فنائى عنى السرور ببينهم ... فما القلب مذ بانوا إلى غيرهم حنا
وذكر القصيدة بطولها.
1280- عمر بن محمود بن الصباح، أبو القاسم البزاز:
حدث عن أبي الحسن علي بن الحسن بن سليمان القافلاني القطيعي، روى عنه أبو عبد الله ابن بطة العكبري.
أخبرنا أبو سعد الأزجى قال قرئ على أبى المعالي العطار وأنا أسمع عن أبي القاسم البندار قال كتب إلي أبو عبد الله عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حمدان العكبري حدثنا أبو القاسم عمر بن محمود بن الصباح البزاز حدثنا على بن الحسن بن سليمان حدثنا محمد ابن معاوية الزيادي حدثنا شعيب بن بيان حدثنا عمران [1] القطان عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «من آذى المسلمين في طرقاتهم وجبت عليه لعنتهم» [2] .
__________
[1] في الأصل: «عمر بن القطان» .
[2] انظر الحديث في: الجامع الكبير 1/764.(20/123)
1281- عمر بن محمود بن أبى على بن موسى الفارقي، أبو حفص الهمداني:
حدث هو وأبوه ببغداد عن أبى المحاسن عبد الرزاق بن محمد بن أبى نصر الطبسي وهو حي بخراسان، روى عنهما المبارك بْن كامل بْن أَبِي غالب الخفاف، وتاريخ سماعه منهما في سنة ست وثلاثين وخمسمائة.
1282- عمر بن محمود بن محمد القاضي:
روى عن أبى سعيد مسعود بن ناصر السجزى حكاية رواها عنه أبو منصور المقرب بن الحسين بن الحسن النساج.
1283- عمر بن محمود أبو حفص العكبري:
حدث عن أبى بكر الآجرى، روى عنه أبو الحسين نصر بن عبد العزيز الشيرازي المقرئ نزيل مصر، ذكر أنه سمع منه بعكبرا.
1284- عُمَر بْن مَسْعُود بْن أَبِي العز الفراش، أبو القاسم البزاز:
كان من أعيان أصحاب الشيخ عبد القادر الجيلي، صحبه مدة طويلة وتفقه عليه، وسمع منه الحديث من جماعة وتخلق بأخلاقه وتأدب بآدابه وسلك طريقته، وكان له كان بخان الصفة بسوق العليا يبيع فيه البز ويطلب الكسب الحلال، ثم أنه ترك ذلك وانقطع إلى زاوية له إلى جانب مسجد بالجانب الغربي قريبا من جامع العقبة، وانضاف إليه جماعة من الأصحاب والأتباع، فاشتهر اسمه وشاع ذكره وقصده الناس لزيارته والتبرك به، وكثر الفقراء حوله، وصار الناس يقصدونه بالنذور والصدقات والهبات والفتوحات، وينفق ذلك على من عنده، وتاب عليه خلق كثير من مماليك الخليفة الترك الخواص، ولبسوا منه الخرقة وصلحت طرائقهم وانتفعوا بصحبته. منهم جماعة إلى مقامات الزهاد والعباد، وكان- رحمه [الله]- كثير العبادة والمجاهدة سليم الباطن والظاهر، وله كلام حسن على طريقة القوم وعلى وجهه أنوار الطاعة، وكان نظيفا طيب الريح، إذا تكلم في المحبة خرج النور من بين ثناياه واشتدت حمرة وجنتيه، وإذا تكلم في الخوف طار لبه وتغير لونه وخنقته العبرة. سمع الحديث من أبي القاسم سعيد بن أحمد بن البناء وأبي الفضل محمد بن ناصر الحافظ وأبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزى وغيرهم. كتبت عنه وحضرت عنده غير مرة وسمعت كلامه، وكان حسن السمت مليح الخلق والخلق.(20/124)
أخبرنا عمر بن مسعود البزاز الزاهد بقراءتي عليه أنبأ عبد الأول بن عيسى أنبأ محمد بن عبد العزيز الفارسي أنبأ عبد الرحمن بن أحمد الأنصارىّ أنبأ عبد الله بن محمد البغوي حدثنا العلاء بن موسى حدثنا الليث بن سعد عن نافع بن عمر أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم يقول: «أيما مملوك بين شركاء فأعتق أحدهم نصيبه فإنه يقوم في مال الذي أعتق قيمة عدل معتق إن بلغ ذلك ماله» [1] .
أنشدنا عمر بن مسعود البزاز الزاهد من لفظه وحفظه في مسجده بالجانب الغربي:
إلهى لك الحمد الذي أنت أهله ... على نعم ما كنت قط لها أهلا
إذا زدت تقصيرا تزدنى تفضلا ... كأنى بالتقصير استوجب الفضلا
توفى شيخنا عمر البزاز في يوم السبت الرابع عشر من شهر رمضان سنة ثمان وستمائة بزاوية بالجانب الغربي، وكان مولده في سنة اثنتين أو ثلاث وثلاثين وخمسمائة.
1285- عمر بن مسعود أبى الفضل بن العجمي، أبو حفص:
من أهل البصرة، سمع أَبَا المعالي ثابت بْن بندار البقال، وحدث باليسير. روى عنه أبو القاسم الدمشقي في معجم شيوخه.
أخبرنا عمر بن عبد الرحمن الأنصارىّ بدمشق أنبأنا على بن الحسن بن هبة الله أبو القاسم الحافظ أنبأنا عمر بن مسعود أبى الفضل أبو حفص بقراءتي عليه ببغداد أنبأ أَبُو الْمَعَالِي ثَابِتُ بْنُ بُنْدَارِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ البقال أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّد بْنُ الْحُسَيْن بْنِ أَحْمَدَ بن عبد الله بن بكير وأبو على الحسن بن الحسين بن دوما قالا أنبأ عبد الله بن إبراهيم ابن أيوب البزاز حدثنا أبو محمد بن يعقوب الأزدى حدثنا محمد بن أبى بكر حدثنا جعفر بن سليمان عن أبى طارق عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «من يأخذ هؤلاء الكلمات فيعمل بهن أو يعلمهن من يعمل بهن» . قال أبو هريرة:
قلت: أنا [يا رسول الله قال:] [2] فأخذ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فعقد فيهما خمسا: «اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله تبارك وتعالى [لك] [3] تكن أغنى الناس،
__________
[1] انظر الحديث في: صحيح البخاري 1/339، 340. ومسند أحمد 1/56.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل وزدناه من المصادر.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل وزدناه من المصادر.(20/125)
وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما، ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب» [1] .
1286- عمر بن مطرف، أبو الوزير الكاتب:
من أهل مرو، كان من عبد القيس، كتب للمنصور والمهدى، وتقلد ديوان المشرق للمهدي والهادي والرشيد، وحدث عن المهدي، روى عنه مسلمة بن الصلت الشيباني، وقد ذكره الخطيب في التاريخ في الكنى ولم يسمه، فأعدنا ذكره لما وقع علينا اسمه.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ سَعِيدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْكَرْخِيُّ أنبأنا أبو محمد المبارك بن أحمد بركة الكندي أنبأنا أبو نصر محمد بن محمد بن على الهاشمي أنبأ على بن أحمد بن عمر المقرئ أنبأ أبو محمد الحسن بن بدر اللآلى حدثنا محمد بن القاسم حدثنا محمد بن هارون الهاشمي حدثنا محمد بن واصل المقرئ أبو عبد الله أحمد بن صالح حدثنا مسلمة ابن الصلت الشيباني حدثنا أبو الوزير الكاتب حدثني المهدى عن أبيه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «من أعان أخاه المضطر ثبت الله عز وجل قدميه يوم تزول الجبال» [2]
قرأت في كتاب الفهرست لمحمد بن إسحاق النديم بخطه قال: أبو الوزير الكاتب عمر بن مطرف توفى أيام الرشيد فخزن عليه ولما صلى عليه قال: رحمك الله [فو الله] ما عرض لك أمران: أحدهما لله، والآخر لك إلا اخترت الذي هو لله على ما هو لك. وكان ثقة مقدما في صناعته بليغا، رواية من الكتب: «الكتاب منازل العرب وحدودها» ، وله رسائل مدونة.
1287- عمر بن أبى المعالي الكيمائى الزاهد:
من ساكني القطيعة بباب الأزج، قرأ شيئا من الفقه على مذهب أبى عبد الله بن حنبل على أبى حكيم النهرواني، وصحب الشيخ عبد القادر الجيلي، وكان شيخا صالحا منقطعا عن الناس مشتغلا بما يعنيه، وكانت له حلقة بجامع القصر بعد الصلاة يجتمع حوله الناس، ويتكلم عليهم بكلام مفيد، وكان له قبول من الناس، وله أصحاب واتباع وقد رأيته بالجامع مرات.
__________
[1] انظر الحديث في: مسند الإمام أحمد 2/310.
[2] انظر الحديث في: الجامع الكبير للسيوطي 1/749(20/126)
توفى يوم الجمعة التاسع عشر من صفر سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، ودفن بمقبرة التل بالقطيعة من باب الأزج في قبة هناك- أمرت ببنائها أم الخليفة الإمام الناصر لدين الله رحمة الله عليها- وقد جاوز السبعين من عمره.
1288- عمر بن مكي الخوزي [1] الفقيه الشافعي:
سكن المدرسة النظامية ببغداد. ودرس بها المذهب والأصول والخلاف والجدل وعلم الكلام حتى برع في ذلك وصار من الأئمة الكبار، وكان يتأله ويتعبد، ويسلك طريق الزهد والرياضة والمجاهدة والخلوة ودوام الصيام والصلاة، وكان زاهدا في المناصب والتقدم مع اشتهار اسمه وعلمه وعلو مكانته عند الناس محبا للخمول متواضعا في ملبسه وهيئته، ثم أنه مضى إلى مكة وحج وأقام بها مجاورا على أحسن طريقة وأجمل سيرة إلى أن توفى بها في صفر سنة سبع وعشرين وستمائة، وأظنه جاوز الستين- رحمه الله
1289- عمر بن منصور بن محمد الجواربى البغدادي، أبو القاسم الدلال:
ذكره أبو القاسم يحيى بن على بن الطحان الحضرمي في تاريخ الغرباء القادمين من جمعه، قال سمعنا منه عن البغوي وغيره.
1290- عمر بن منصور البغدادي:
حدث عن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن القاسم بن بشار الأنباري وأبى الحسن على بن سليمان الأخفش، روى عنه أبو جعفر الجرجاني المعروف بمحك.
كتب إلي عَبْد الرَّحْمَن بْن مكي الأَنْصَارِيّ أن أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرازي أخبره عن أَبِي الْحَسَن علي بْن عُبَيْد اللَّه بْن محمد الكسائي أنشدنا أبو جعفر الجرجاني أنشدنا عمر بن منصور البغدادي أنشدنا الأخفش للعطوى:
لا تبك أثر مول عنك منحرف ... تحت السماء وفوق الأرض أبدال
الناس أكثر ممن لا ترى خلفا ... ممن زوى وجهه عن وجهك المال
ما أقبح الود يدنيه ويبعده ... بين الخليلين إكثار وإقلال
1291- عمر بن موسى، أبو حفص الكاراتى:
__________
[1] بياض في الأصل مكان «الخوزي» .(20/127)
عن أبي جعفر مُحَمَّد بن الْحَسَن بن هارون بن بدينا، روى عنه أبو سعيد النقاش الأصبهانى.
كتب إِلَى أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن معمر بن عبد الواحد القرشي أَنْبَأَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ الطامذي قراءة عليه أنبأ أحمد بن عبد الغفار بن أشته أنبأ أبو سعيد بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَمْرٍو النَّقَّاشُ أَنْبَأَ أَبُو حفص عمر بن موسى بن عيسى الكاراتى البغدادي حدثنا محمد بن [الحسن بن] [1] هارون بن بدينا حدثنا محمد بن زنبور حدثنا فضيل بن عياض عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم: «انظروا إلى من [هو] [2] أسفل منكم ولا تنظروا إلى من [هو] فوقكم» [3] .
1292- عمر بن ناصر بن منصور الأنبارى:
أنشد أبو الحسن على بن أبى الحارث بركة بن على بن السنى الأمين قال أنشدنى شيخنا عمر بن ناصر بن منصور الأنبارى لنفسه:
تقتضينى بقربك النفس شوقا ... كلما هزت الصبا والجنوب
لست أنفك من غرام يعانى ... أو يعاد وذاك شيء يذيب
فتعطف على بالوصل يوما ... تحظ بالعيش وهو غض رطيب
أو فأرسل إلى منك كتابا ... ترجمانا عن الضمير ينوب
1293- عمر بن نجم التمار- أبو البزاز، أبو حفص:
روى عنه أبو بكر بن كامل الخفاف في معجمه حديثا عن أبى الخطاب بن البطر.
1294- عمر بن نصر الكاتب:
روى عن عَلِيّ بن الْحُسَيْن بن عبد الأعلى الإسكافي روى عن أبى الفرج على بن الحسين الأصبهانى عن عمه عنه وقال: كان عمر شيخا من شيوخ الكتاب بسرّ من رأى، وكان جارنا في درب نوفل وقد رأيته عند عمى مرارا إلا أنى لم أكن أطلب شيئا من هذا الجنس فلم اكتب عنه شيئا، وكان عمى يحدثني عنه بالظريف [............] [4] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] «هو» ساقطة من الأصل في الموضعين.
[3] انظر الحديث في: سنن الترمذي 2/74، ومسند أحمد 2/254.
[4] بياض في الأصل مكان النقط.(20/128)
1295- عمر بن وفاء بن يوسف بن غنيمة بن جندل، أبو الوفاء:
من أهل الحربية، سمع الحديث من أبى عبد الله الحلاوى وأمثاله، وأهله كلهم محدثون، علقت عنه شيئا يسيرا، وهو شيخ لا بأس به.
أخبرنا أبو الوفاء عمر بن وفاء بن يوسف الحربي أنبأ أبو عبد الله مُحَمَّد بن المبارك ابن الحسين بن طالب الحلاوى قراءة عليه عن أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن عَبْد السَّلام الْأَنْصَارِيّ أنبأ الحسن بن أحمد بن إبراهيم البزاز أنبأ ابن كامل القاضي حدثنا يحيى بن منصور الهروي أبو سعد حدثنا عبد الله بن جعفر البرمكي حدثنا معن عن مالك عن ربيعة ابن أبى الحباب.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم قال: «ما يزال البلاء بالمؤمن في ولده وحامته حتى يلقى الله تبارك وتعالى وما عليه خطيئة» [1] .
توفى يوم الأربعاء سابع عشري المحرم سنة تسع وثلاثين وستمائة، ودفن بباب حرب.
1296- عمر بن وهب، أبو حفص المقرئ:
من ساكني نهر طابق، ذكر هلال بن المحسن الكاتب- ونقلته من خطه- أنه توفى يوم الخميس لتسع بقين من ربيع الآخر سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، وذكر أنه كان شيخا صالحا، وقال أبو الفتح محمد بن أحمد أبى الفوارس الحافظ: أبو حفص عمر بن وهب المقرئ الشيخ الصالح بنهر طابق توفى يوم الخميس لسبع [بقين] [2] من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وتسعين ولم أسمع منه، وأظنه قد حدث.
1297- عمر بن هارون بن الأشرس المقرئ:
حدث عَن أَبِي الحسن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن موسى بن القاسم بن الصلت الداري، روى عَنْهُ أَبُو عَبْد اللَّه الْحُسَيْن بْن غالب بن على الأنصارىّ.
قرأت بخط عبد اللَّه بْن عَبْد الملك بْن أَحْمَد بْن الفائض الأصبهانى أنبأ أبو عبد الله الحسين بن غالب بن على بن غالب الأنصارىّ قدم علينا أنبأ عمر بن هارون بن
__________
[1] انظر الحديث في: سنن الترمذي 2/63.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(20/129)
الأشرس المقرئ ببغداد أَنْبَأَ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ [بْنِ موسى] [1] بن القاسم الداري حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا حميد بن الربيع حدثنا حفص بن غياث عن الحجاج بن ارطاة عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ساجدا على جبهته وأنفه» .
1298- عمر بن هارون بْن جَعْفَر المقتدر باللَّه بْن أَحْمَدَ المعتضد بالله بن محمد الموفق بالله بْن جَعْفَر المتوكل عَلَى اللَّه بن المعتصم بالله بْن هارون الرشيد بْن مُحَمَّد المهدي بن عبد الله المنصور بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بْن عَبْدِ اللَّه بن العباس بن عبد المطلب:
ذكر هلال بن المحسن الكاتب- ونقلته من خطه- أنه مات في سنة أربع وتسعين وثلاثمائة في ذى الحجة، قال: وصلى عليه أبو مُحَمَّد الْحَسَن بْن عِيسَى بْن المقتدر بالله.
1299- عمر بْن هبة اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن بقاقا، أبو حفص النجار:
من أهل باب الأزج، سَمِعَ أبا القاسم هبة الله بن الحصين وحدث باليسير، روى عنه أبو الفتح محمد بن محمود بن إسحاق بن الحراني الشاهد في معجم شيوخه.
أخبرنى يوسف بن خليل الدمشقي بحلب أنبأ أبو حفص عمر بن هبة الله بن أبى نصر النجار المعروف بابن بقاقا البغدادي الأزجى قراءة عليه وأنا أسمع بباب الأزج قيل له أخبركم أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأخبرنا أبو طاهر لا حق بن أبى الفضل بن على الصوفي قراءة عليه أنبأ أبو القاسم بن الحصين قراءة عليه أنبأ أبو على ابن المذهب أنبأ أبو بكر القطيعي حدثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبى حدثنا جرير عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس قال: آخر شدة يقلها المؤمن الموت، وقوله: تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ
قال: «كدوي الزيت» ، وفي قوله: آناءَ اللَّيْلِ*
قال: جوف الليل، وقال: «هل تدرون ما ذهاب العلم؟ قال: هو ذهاب العلماء من الأرض» [2] .
بلغني أن عمر بن هبة الله بن بقاقا النجار مات في المحرم أو صفر سنة تسعين وخمسمائة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] انظر الحديث في: صحيح البخاري 1/25.(20/130)
1300- عمر بن هدية بن سلامة بن جعفر بن مرهج بن جعفر الصواف المقرئ، أبو حفص:
من أهل باب الأزج، وسكن بآخره بالمأمونية، وكان ينسج أكسية الصوف، ثم صار سمسارا بين يدي البزازين بخان الخليفة ينادى على السلع، وصحب أبا الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذانى وتفقه عليه وعلق عنه مسائل الخلاف في صباه ثم ترك ذلك، ولم يكن يفهم شيئا. سمع أبا القاسم علي بن أحمد بن بيان وأبا علي محمد بن سعيد بن نبهان وأبا الخطاب الكلوذانى وأبا بكر محمد بن الحسين المزرفى وغيرهم.
روى لنا ابن الأخضر وأحمد بن البندنيجى الشاهد.
أخبرنا أبو محمد بن الأخضر أنبأ أبو حفص عمر بن هدية بن سلامة بن جعفر الصواف أَنْبَأَ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ إبراهيم الكاتب أنبأ أبو على الحسن بن أحمد ابن إبراهيم بْنُ شَاذَانَ أَنْبَأَ عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ حدثنا عبد الملك بن محمد حدثني أبى حدثني سعيد بن سماك بن حرب حدثني أبى قال لا أعلمه إلا عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي صَلاةِ المغرب ليلة الجمعة قُلْ يَا أَيُّهَا الْكافِرُونَ
وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
وكان يقرأ في عشاء الآخرة ليلة الجمعة [سورة الجمعة] والمنافقين [1] .
قرأت بخط القاضي أبي المحاسن عمر بن على القرشي قال: سألته- يعنى عمر بن هدية- عن مولده، فَقَالَ: فِي ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة.
قرأت بخط صديقنا أبي عبد الله محمد بن عثمان بن العكبري الواعظ قال: توفى شيخنا عمر بن هدية في ليلة الخميس تاسع عشري ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين وخمسمائة.
1301- عمر بن يحيى بن سعيد بن المدحم، أبو حفص:
شهد عند والده أقضى القضاة يحيى بن سعيد في السابع عشر من شعبان سنة إحدى وخمسمائة فقبل شهادته، وكان شابا سريا يكتب خطا مليحا.
1302- عمر بْن يَحيى بْن عِيسَى بْن الْحَسَن [2] بْن إدريس، أبو حفص:
__________
[1] انظر الحديث في: الدرر المنثور 6/215.
[2] في الأصل: «الحسين» .(20/131)
من أهل الأنبار، وهو أخو محمد وعثمان وعلى الذين [1] تقدم ذكرهم، ذكره شيخنا أبو بكر محمد بن المبارك بْن مشق البيع فِي معجم شيوخه، وذكر أنه أجاز له ولم يخرج عنه شيئا، وذكر لي ولده عبد الله بن عمر أن أباه توفى بالأنبار في يوم الإثنين ثامن عشر جمادى الآخرة سنة اثنتين وستمائة، وكان مولده تقديرا في سنة خمس وعشرين وخمسمائة.
1303- عمر بن يوسف بن الحسن، أبو حفص السلماسي [2] :
حدث ببغداد عن أحمد بن محمد بن عمر، روى عنه أبو البركات بن السقطي في معجم شيوخه.
قَرَأْتُ عَلَى عَائِشَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَاعِظَةِ عَنْ أَبِي الْعَلاءِ وَجِيهِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ السقطي حدثنا أبى عمر بن يوسف بن الحسن السلماسي ببغداد [أنبأ] [3] أحمد ابن محمد بن عمر أنبأ أبو مسعود أحمد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد العزيز البجلي حدثنا بكر بن أحمد الهروي حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا أحمد حدثنا الدَّبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم قال: «بنى الإسلام على خمس: التواضع عند الدولة، والمغفرة عند القدرة، والسخاء مع القلة، والعطية بغير منة، والنصيحة للعامة» [4] .
هذا حديث منكر مركب على إسناد حديث صحيح، وقد طلبته في نسخة همام التي رواها الطبرانيّ عن الدبرى فلم أجده، وفي إسناد هذا الحديث غير واحد من المجهولين.
1304- عمر بن يوسف بن عبد الله بن بندار الدمشقي، أبو حفص بن أبى المحاسن، الفقيه الشافعي:
أخو شيخنا على بن يوسف الذي تقدم ذكره وكان الأكبر، ولد ببغداد ونشأ بها، وتفقه على والده ودرس بالمدرسة الأساندية بين الدربين في سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، ثم أنه سافر إلى ديار مصر واستوطنها إلى حين وفاته، سمع ببغداد مسند
__________
[1] في الأصل «الذي» .
[2] انظر ترجمته في: الأنساب للسمعاني 7/173.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] انظر الحديث في: لسان الميزان 4/341.(20/132)
الشافعي من أبى زرعة المقدسي وحدث به بمصر.
أخبرنا عبد الوهاب بن عتيق الأنصارىّ بالقاهرة أنبأ أبو حفص عمر بن يوسف بن عبد الله بن بندار الدمشقي قراءة عليه بالقرافة، وأخبرنا القاضي أبو الحسن على بن يوسف بن عبد الله الدمشقي بقراءتي عليه بالقرافة عند قبر الشافعي أنبأ أَبُو زُرْعَةَ طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ المقدسي قراءة عليه ببغداد أَنْبَأَ أَبُو الْحَسَنِ مَكِّيُّ بْنُ مَنْصُورِ بْن علان الكرخي أنبأ أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا الربيع بن سليمان بن سالم القداح عن ابن أبى ذئب عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم طاف بالبيت على راحلته يستلم الركن بمحجنه [1] .
سألت شيخنا القاضي أبا الحسن على بن يوسف الدمشقي عن مولد أخيه فقال:
ولد ببغداد في جمادى سنة سبع وأربعين وخمسمائة، وتوفى بمصر في سنة ستمائة.
1305- عمر بن يوسف بن محمد بن بيروز بن عبد الجبار، أبو حفص المقرئ [2] :
من ساكني خزانة عزير، كان ختن محمود بن نصر بن الشعار الحراني على ابنته، قرأ القرآن بالروايات الكثيرة على أبي الحسن علي بن عساكر البطائحي وعلى غيره.
وسمع الحديث الكثير من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي ابن البطي و [أبى] [3] القاسم يحيى بن ثابت بن بندار وأبى بكر أحمد بن المقرب الكرخي ومن خلق كثير. ورتب إماما في المسجد الذي بنته أم الخليفة الإمام الناصر لدين الله بالجطانوتين [4] على شاطئ دجلة، كان يحج في كل سنة عن الإمام المستضىء بأمر الله، كتبت عنه، وكان مقرئا مجودا فاضلا دينا صالحا صدوقا سليم الباطن والظاهر مشتغلا بنفسه حسن الأخلاق متواضعا متوددا.
أخبرنا عمر بن يوسف بن محمد المقرئ بقراءتي أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ أَحْمَدَ أنبأ مالك بن أحمد بن على أنبأ أحمد بن محمد أبو الحسن حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد
__________
[1] انظر الحديث في: مسند الإمام أحمد 1/237.
[2] انظر ترجمته في: طبقات القراء لابن الجزري ص 599.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] هكذا في الأصل.(20/133)
الهاشمي حدثنا عبيد بن أسباط حدثنا أبى حدثنا عبد الملك بن عمير عن وارد عن المغيرة بن شعبة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول في دبر الصَّلاةَ: «لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» [1] .
سألت عمر بن يوسف عن مولده فقال: في سنة إحدى [وأربعين وخمسمائة، [وتوفي] فِي جمادى الأولى سنة إحدى] [2] عشرة وستمائة، وصلى عليه من الغد بالمدرسة النظامية، ودفن بمقبرة باب الدير.
1306- عمر بن يونس بن عيسى بن أحمد بن الوزان، أبو حفص الخباز، المعروف بابن الحارس:
جازنا بالظفرية، أخذ له الشريف أبو الحسن الزيدي إجازة من أبى الفتح بن البطي وأمثاله. قرأت عليه شيئا يسيرا.
أخبرنى عمر بن يونس الخباز بقراءتي عليه في منزلنا عن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد أنبأ أبو الفضل أحمد بن الحسن الشاهد أنبأ الحسن بن أحمد البزاز أنبأ الْقَاضِي أَبُو نصر أَحْمَد بن نصر بن محمد بن أشكاب البخاري حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد القمي الأنصارىّ من ولد معاذ بن جبل حدثنا عبد الرحيم بن حبيب حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التيمي حدثنا سفيان الثوري عن مجالد عن الشعبي عن الأسود عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «من انتقل ليتعلم علما غفر له قبل أن يخطو» [3] .
توفى بن الوزان بواسط بعد سنة عشرين وستمائة، وقيل: سنة ست وعشرين، وقد ناهز السبعين.
1307- عمر الملقب كسرى:
ذكر القاضي أبو الوليد عبد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن الفرضي الأزردى في كتاب الألقاب من جمعه وقال: ذكره أبو العقيلي وقال: هو مدائنى، روى عنه ابن علية.
__________
[1] انظر الحديث في: سنن الترمذي 1/39.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] انظر الحديث في: الجامع الكبير للسيوطي 1/757.(20/134)
أنبأنا الخليل بن بدر أنبأ أبو على الحداد أخبرنى أبو نعيم أحمد بن عبد الله أنبأ أبو القاسم الطبرانيّ حدثنا جعفر الفريابي حدثنا إبراهيم بن عبد الله حدثنا إسماعيل بن علية حَدَّثَنَا عُمَرُ كِسْرَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: نزل من السماء أمانان: أما أحدهما فقد مضى «وهو رسول الله» صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأما الآخر فهو الاستغفار [1] .
قال الطبرانيّ: لم يسند عمر كسرى حديثا غير هذا، ولا رواه إلا ابن علية.
أنبأنا ذاكر بن كامل قال كتب إلي أبو القاسم على بن إبراهيم النسيب [حدثنا] [2] عبد العزيز بن أحمد الكتاني حدثنا تمام بن محمد الرازي حدثني أبى حدثنا عدنان بن أحمد بن طولون حدثنا محمد بن موسى النوري حدثنا سليمان بن أبى شيخ حدثني الحكم عن عوانة قال: كان بالكوفة رجل من أهل البصرة يقال له «عمر كسرى» وكان مولى لبنى سليم، وكان يتعاطى أمر الفرس وأمر كسرى فسمى لذلك «عمر كسرى» ، قال سليمان بن أبى شيخ وحدثني صلة بن سليمان قال: كان عمر كسرى هذا بالأهواز عند عامل عليها يقال له سعيد بن عبد الله الكوفي، فجعل عمر يحدث عن كسرى وعن نسائه فقال العامل: فكم أمهات المؤمنين اللاتي قبض النبي صلّى الله عليه وسلّم عنهن؟ قال: لا أدرى، قال: أنت رجل من من المسلمين تعرف نساء كسرى ولا تعرف نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم، لا والله لا تخرج من الحبس حتى تأتى بسماتهن وأنسابهن ومعرفتهن، قال: فحبسه حتى نظم ذلك.
1308- عمر النجار الزاهد:
حكى عن أبى العباس أحمد بن عطاء الصوفي، وله كلام حسن على طريقة القوم، روى عنه الحسن بن جهضم الكوفي وعبد الملك بن حبان.
أخبرنى إبراهيم بن عثمان أنبأ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ أَنْبَأَ المبارك بن عبد الجبار أنبأ عبد العزيز بن على حدثنا على بن جهضم قال سمعت عمر النجار يقول: سئل ابن عطاء عن الدنيا، فقال: حرص المال وراحة النفس وفقر القلب، فمن رفع الحرص عن المال، والراحة عن النفس، وخوف الفقر عن القلب وسلم نفسه لله عز وجل فقد ترك الدنيا.
__________
[1] انظر الحديث في: مسند أحمد 4/393.، 403.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(20/135)
أنبأنا محفوظ بن مسعود البيع أنبأ أبو المعالي الوثابى أنبأ مسعود الحافظ حدثنا أبو سعد المالينى قال سمعت أبا إسحاق عبد الملك بن حبان يقول سمعت أبا حفص عمر النجار البغدادي يقول وقد سألته عن معنى قوله عز وجل وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ
قال معناه: أنه رفعناك أن تذكر غيرنا.
1309- عمر البناء المزوق:
بغدادى سكن مكة، روى عن أبى بكر الشبلي شيئا من كلامه، روى أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني.
كتب إلي أبو المكارم أحمد بن محمد بن محمد الشاهد أنبأ الحسن بن أحمد أبو على الحداد قراءة عليه أنبأ أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْن عَبْد اللَّهِ الْحَافِظُ قال سمعت عمر البناء المزوق البغدادي بمكة يقول سمعت أبا بكر الشبلي يقول: ليس من احتجب بالخلق عن الحق كمن احتجب بالحق عن الخلق، وليس من جذبته أنوار قدسه إلى أنسه كمن جذبته أنوار رحمته إلى مغفرته.
أخبرنا عبد الوهاب بْنِ عَلِيٍّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ ثابت قالا أنبأ عبد الرحمن بن محمد الشيباني أنبأ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب أنبأ أبو نعيم الحافظ قَالَ: سمعت عُمَر البناء البغدادي بمكة يحكي قال: لما كانت غلام الخليل ونسبت الصوفِية إِلَى الزندقة أمر الخليفة بالقبض عليهم، فأخذ فِي جملة من أخذا النوري فِي جماعة، فأدخلوا عَلِيّ الخليفة فأمر بضرب أعناقهم، فتقدم النوري مبتدرا إِلَى السياف ليضرب عنقه، فَقَالَ له السياف: ما دعاك إِلَى الابتدار إِلَى القتل من بين أصحابك؟
فَقَالَ: آثرت حياتهم عَلَى حياتي هذه اللحظة، فتوقف السياف عن قتله، ورفع أمرهم إِلَى الخليفة، فرد أمرهم إِلَى قاضي القضاة- وكَانَ يلي القضاء يومئذ إسماعيل بْن إِسْحَاق، فتقدم إليه النوري فسأله عَن مسائل فِي العبادات من الطهارة وَالصلاة فأجابه ثم قَالَ له: وبعد هذا لِلَّهِ عباد يسمعون بالله وينطقون بالله ويصدرون بالله ويوردون بالله ويأكلون بالله ويلبسون بالله، فلما سمع إسماعيل كلامه بكى بكاء طويلا، دخل عَلَى الخليفة فَقَالَ: إن كَانَ هؤلاء القوم زنادقة فليس فِي الأرض موحد، فأمر بتخليتهم، وسأله السلطان يومئذ: من أين تأكلون؟ فَقَالَ: لسنا نعرف الأسباب التي يستجلب بِهَا الرزق نحن مدبرون.(20/136)
1310- عمر الحمال، أبو حفص الصوفي البغدادي:
ذكره أبو عبد الرحمن [محمد] [1] بن السلمى النيسابوري في كتاب «تاريخ الصوفية» من جمعه- ونقلته من خطه- وقال كان يقال له «نشو الوقت» أى لم يكن له أستاذ، سئل عن التصوف، فقال: مؤانسة القلوب بمحبوبهم.
1311- عمرو بن أحمد بن محمد بن عمرويه البغدادي:
حدث عن أبي عبد الله أحمد بن الحسن البغدادي، روى عنه يحيى بن القاسم بن يحيى.
كتب إلىّ محمد بن معمر الأصبهانى أن الحسين بن عبد الملك الحلال أخبره
أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ العطار حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن الْحُسَيْنِ بْنِ عبد الله المعدل بإيذج أنبأ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ عبد الله بن جيكان قدم إيذج من تستر أنبأ يحيى بن القاسم بن يحيى حدثني عمرو بن أحمد بن محمد ابن عمرويه البغدادي حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ البغدادي حدثني أبو يعقوب يوسف بن الحسن حدثني أبو يعقوب البلدي قال: قدم إبراهيم بن أدهم: الكوفة فقال لعبد الله ابن بكر: ادخل الكوفة وادخل إلى سفيان الثوري وقل له: إن أخاك إبراهيم يقرئك السلام ويقول: تعال إلىّ فحدثني بحديث عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فمضيت إلى سفيان فقلت له: إن أخاك إبراهيم يقرئك السلام ويقول لك «حدثني بحديث عَنْ رَسُولِ اللَّهِ» صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لي: حبا وكرامة، فاستدعى بطيلسان مرقع وخفين مرقق وجاء إليه وسلم عليه وجلس فحدثه بحديث عن ابن عيينة عن الزهري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كان يوم القيامة وجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد فيقول للعلماء: أنتم بغيتي من خلقي، ما أودعتكم علمي إلا لخير أردته بكم انطلقوا إلى الجنة»
قال: ثم إن سفيان ابتدأ يحدث حديثا آخر فقال له إبراهيم: حسب ما أظن أن إبراهيم عمل بهذا الحديث حتى مات، فقال سفيان: إن الملوك طلبوا الراحة إلا هم في تعب سقطوا، وما راحة إلا ما نحن فيه.
1312- عمرو بن إسماعيل الفارسي:
حدث عن إبراهيم بن حبيب الفقيه، روى عنه عبد الله بن حامد الأصبهانى.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(20/137)
أنبأنا أبو القاسم الأزجى أبو القاسم الأزجي عن أبي الرجاء أحمد بن محمد بن الكسائي قال: كتب إلى أبو نصر عَبْد الكريم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن هارون الشيرازي أنبأ أحمد بن محمد بن أحمد البسطامي حدثنا عبد الله بن حامد الأصبهانى حدثنا عمرو بن إسماعيل الفارسي ببغداد حدثنا إبراهيم بن حبيب الفقيه حدثنا موسى بن أبى حبيب الطائفي عن الحكم بن عمير وكان بدريا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجهر في الصلاة «بسم الله الرحمن الرحيم» في صلاة الليل وصلاة الغداة وصلاة الجمعة [1] .
1313- عمرو بن سعيد النجار الصوفي:
ذكره أَبُو عَبْد الرَّحْمَن السلمي فِي تاريخ الصوفية، وذكر أنه بغدادى، صحب الشبلي وحكى عنه الكثير.
1314- عمرو بْن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يعقوب، أبو الفضل النسوى:
قدم بَغْدَاد حاجا، وحدث بِهَا عَن أَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّد بْنُ يَعْقُوب بْنِ يُوسُفَ الأَصَمُّ ومحمد بن الحسين الجرجاني وأحمد بن محمد بن محمود النسوى، روى عنه أَبُو سعد إسماعيل بْن عَلِيّ السمان الرازي.
أنبأنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْمَرٍ الْمُؤَدِّبُ أَنْبَأَ أبو غالب بن الحسن بن البناء قراءة عليه أنبأ أبو الفتح نصر بن أحمد بن نصر الخطيب السمنجانى أَبُو سَعْدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ السمان الرازي أنبأ أبو الفضل عمرو بن عبد الله بن أحمد النسوى قدم علينا بغداد بقراءتي عليه حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ الأَصَمُّ حدثنا أحمد بن يونس الضبي البغدادي بأصبهان حدثنا معاوية بن يحيى حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقُوا [الْحَجَرَ] الْحَرَامَ فِي الْبُنْيَانِ فَإِنَّهُ أَسَاسُ الخراب» [2] .
1315- عمرو بن عبد الله البغدادي [.......] [3] :
1316-[..........] [4]
فارتد الأمر فأضرب بيدي فأصيب أدناهما منى. قال:
__________
[1] انظر الحديث في: لسان الميزاب 6/115.
[2] انظر الحديث في: مسند الفردوسى للديلمي.
[3] سقط من الأصل مكان النقط.
[4] استمر السقط حتى الصفحة التالية فدخلت في ترجمة أخرى.(20/138)
فضحك سعد وقال للمرأة: قد قال ما سمعت فلا تبيتن جاريتك معكما في البيت.
ذكر لنا أبو القاسم بن معالى أنه ولد بعد ذهاب العلاء فيكون في سنة ست أو سبع عشرة وخمسمائة، ووجد ميتا في يوم السبت العشرين من شهر ربيع الآخر في منزله ولم يعلم متى مات، وقيل: إن له أياما ميتا فدفن بمقبرة باب الشام وذلك في سنة ستمائة.
1317- فرسان بن لبيد بن هوال العائشى، أبو على [1] :
من أهل الحلة السيفية، كانت له معرفة تامة بالأدب، ويقول الشعر الحسن، قدم بغداد غير مرة وكتب الناس عنه من شعره.
1318- الفصيح بن على بن عبد السلام بن عطاء بن إبراهيم بن محمد العجلى:
من أهل سوار من أعمال الحلة، كان يذكر أنه من أولاد أبى دلف العجلى أمير الكرج، كان أديبا فاضلا يقول الشعر، سكن بغداد بالجانب الغربي وروى شيئا، ولم يتفق لي لقاؤه.
أنشدنى أبو الحسن بن القطيعي قال أنشدنى الفصيح بن على بن عبد السلام لنفسه ببغداد:
هذى الديار وهذا الضال والسلم ... وحيث كانت قباب الحي والخيم
يا صاحبي قفانى في منازلهم ... نبكي الديار التي كنا بهم وهم
وأى عذر لقلب لا يحركه ... طيب الأسى ولديغ ليس ينسجم
ليت الأحبة إن حد النياق بهم ... بما المحبون فيهم بعدهم علموا
بانوا فكم دمعة في أثر عيسهم ... سحت وكم لوعة في الدار تضطرم
نلوم صرف النوى فيما بنا صنعت ... واللوم أولى به الوخاذة السلم
لم تخل لولا المطايا وهي آهلة ... دار ولا شت شمل وهو ملتئم
أخبرنى ابن القطيعي قال: سألت الفصيح عن مولده فقال: ولدت في سنة خمس وخمسين وخمسمائة، وذكر لغيره: أنه ولد في شوال من السنة، وتوفى ببغداد في الثامن والعشرين من ذى القعدة سنة تسع عشرة وستمائة.
__________
[1] انظر ترجمته في: إنباه الرواة 3/9.(20/139)
1319- فضالة بن توبة بن العلاء أبو محمد الحوراني الدمشقي:
قدم بغداد وأقام بها متفقها، وسمع بها الحديث من أبى القاسم نصر بن نصر بن ابن على العكبري وأبي الفرج عَبْد الخالق بْن أَحْمَد بْن عَبْد القادر بن [محمد بن] [1] يوسف وأبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي وأبي زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي وغيرهم، وحدث باليسير، روى عنه إلياس بن جامع الإربلى حديثا في كتاب الأربعين له، ذكر أنه سمعه منه ببغداد.
1320- فضائل بن جوهر بن على بن ملاحظ الدلال، أبو المعالي الحرار.
من أهل الحريم الطاهري- هكذا أورده أبو طاهر السلفي في معجمه، وقال شجاع الذهلي: أبو الفضائل محمد بن جوهر، وقال الحسين بن خسرو البلخي:
فضائل ابن جوهر بن بقية الشبال أبو محمد، وكذا قال عمر بن محمد النسفي، وقال أبو الفضل بن عطاف: أبو الفضائل محمد بن عبد الله بن تركان الشبال الدلال، سمع أبا إسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي وأبا الحسن علي بْن عمر القزويني وأبا غالب محمد على العشاري وأبا محمد الحسن بن على الجوهري، روى عنه أبو المعمر الأنصاري وأبو طاهر السلفي وعمر بن ظفر المغازلي، وسمع منه أبو عبد الله البلخي وأبو الفضل ابن عطاف الموصلي.
قرأت على أبى عبد الله البلخي قال قرأت على أبى محمد فضائل بن جوهر بن بقية الشبال فأقر به حدثكم أبو محمد الحسن بن على الجوهري إملاء، وأخبرنا أبو علي ضياء بن أحمد بن أبي على وعبد الله بن دهبل بن على بن كارة قراءة عليهما، قَالا أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الباقي بن محمد البزاز حدثنا الجوهري إملاء أنبأ أبو حفص عمر بن على الناقد حدثنا عاصم بن زكريا حدثنا أبو كريب حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي [2] صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ: «إِذَا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، ثم فتحت أبواب الجنان فلم يغلق منها باب، وينادى: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة» [3] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «عن ابن صالح» .
[3] انظر الحديث في: سنن الترمذي 1/86، وسنن ابن ماجة 119.(20/140)
قرأت في كتاب أبى المعمر الأنصارىّ بخطه قال: مات فضائل بن جوهر الدلال وهو حرار في يوم الثلاثاء ببلخ صفر سنة إحدى عشرة وخمسمائة.
1321- فضائل بن أبى عبد الله الحسين بن أبى الحسن على المستعمل:
من أهل باب البصرة، سمع أبا السعود أحمد بن على بن المحلى، وحدث باليسير، سمع منه شيخنا أبو بكر محمد بن المبارك بن مشق البيع وغيره. أنبأنا ابن مشق وأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ المؤدب قالا أنبأ الشيخ الصالح فضائل بن أبى عبد الله ابن أبى الحسن المستعمل قراءة عليه بجامع المنصور أنبأ أبو السعود أحمد بن على بن المحلى قراءة عليه في سلخ صفر سنة سبع عشرة وخمسمائة، وأخبرنا عبد الرحمن بن أبى البركات بن على بن المشرف بقراءتي عليه أنبأ أبو بكر مُحَمَّد بن عبد الباقي بن محمد البزاز قِرَاءَةً عَلَيْهِ قَالا أَنْبَأَ أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بن على بن الدجاجي أنبأ أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ [سَعِيدِ بْنِ] [1] سُوَيْدٍ أنبأ أَبُو علي الْحُسَيْن بْن القاسم بْن جَعْفَر الكوكبي حدثنا على بن ذكوان حدثنا الثوري عن محمد بن المستورد الجمحي عن أبيه قال: أتى الحجاج بن يوسف بسارق فقال له: فيم أخذت؟ قال: في سرقة، قال: يجب عليك في مثلها القطع؟ قال: نعم قال: لقد كنت غبيا أن يأتيك الحكم فيبطل عليك عضوا من أعضائك قال: إذا قل ذات اليد سخت النفس بالمتالف، قال الحجاج: صدقت، والله لو كان حسن اعتذار حدا كنت له موضعا له، يا غلام سيف صارم ورجل فاقطع! فقطع يده.
أنبأنا ابْنُ مشق ونقلته من خطه قَالَ: مات فضائل بن أبى عبد الله المستعمل في أول شهر ربيع الآخر سنة تسع وستين وخمسمائة.
1322- فضائل بن أبى الفضائل بن بطيطة، أبو محمد الصوفي:
من ساكني التونة، كان شيخا صالحا زاهدا فقيرا صابرا، روى عنه أبو بكر المبارك ابن كامل بن أبي غالب الخفاف في معجم شيوخه إنشادا.
قرأت بخط ابن كامل وأنبأنيه عنه ابنه يوسف أنشدنا فضائل بن أبى الفضائل الصوفي:
شكونا إلى أحبابنا طول ليلنا ... فقالوا لنا ما أقصر الليل عندنا
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(20/141)
وذاك لأن النوم يغشى عيونهم ... سراعا ولا يغشى لنا النوم أعينا
1323- فضائل بن أبى نصر بن أبى العز بن العليق، أبو محمد:
من أهل باب البصرة، سمع أبا المعالي عمر بن بنيمان المستعمل، كتبنا عنه، وكان شيخا صالحا وهو والد شيخنا أعز الذي تقدم ذكره.
أخبرنا فضائل بن أبى نصر بقراءتي عليه أنبأ أبو المعالي عمر بن بنيمان بن عمر قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنْبَأَ أَبُو عَبْد اللَّه الْحُسَيْنُ بْن عَلِيّ بْن أحمد بن البندار أنبأ أبو محمد عبد الله ابن يحيى بن عبد الجبار السكرى أنبأ إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا سعدان بن نصر حدثنا عمر ابن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي ليلى حدثنا عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ قَزَعَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِلَى مَسْجِدِي وَإِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ولا صيام في يومين: يوم الأضحى ويوم الفطر، ولا صلاة في ساعتين: بعد صلاة الْغَدَاةَ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَبَعْدَ صَلاةِ الْعَصْرِ إلى غروب الشمس، ولا تسافر امرأة [مسيرة] يومين إلا مع زوج أو ذى محرم [1] .
توفى فضائل بن أبى نصر يوم عيد الأضحى من سنة ثلاث عشرة وستمائة، ودفن من الغد بباب حرب وقد جاوز الثمانين.
1324- الفضل بن أحمد المعتمد على الله بْن جعفر المتوكل على اللَّه بْن مُحَمَّد المعتصم بالله بْن هارون الرشيد بْن مُحَمَّد المهدي بن عبد الله المنصور بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بْن عَبْدِ اللَّه بن العباس بن عبد المطلب:
ذكر عبد الله بن أحمد بن أبى طاهر أنه مات في سنة ثمان وخمسين ومائتين يوم الخميس النصف من شعبان.
1325- الفضل بن أحمد بن الحسن بن خيرون، أبو محمد بن أبى الفضل:
تقدم ذكر والده، أسمعه والده الكثير فِي صباه من أبي محمد عبد الله بن محمد الصريفيني وأبي الحسين أحمد بن محمد بن النقور وأبى نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي وأبي القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسرى وأبى عبد الله أحمد بن سلمان الواسطي وجماعة غيرهم، ثم سمع هو بنفسه من جماعة دون هؤلاء، وكتب بخطه
__________
[1] انظر الحديث في: سنن الترمذي 1/44، ومسند الإمام أحمد 3/34، 51.(20/142)
الكثير، وشهد عند قاضي القضاة أبي الحسن علي بن محمد الدامغاني في رجب سنة خمس وتسعين وأربعمائة فقبل شهادته، وترك الاشتغال بالحديث وانقطع إلى خدمة زبحان التحمى [1] خادم الإمام المستظهر بالله، وصار كاتبا له، حدث باليسير، سمع منه أبو منصور محمد بن ناصر البردي، وأبو المناقب محمد بن حمزة الحسنى وأبو بكر محمد ابن أحمد بن الحسن الجوهري البروجردي وروى عنه في معجم شيوخه.
أنبأنا أبو القاسم المؤدب عن أبى المناقب الحسنى أنبأ أبو محمد الفضل بن أحمد بن الحسن بن خيرون بقراءتي عليه ببغداد أنبأ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُّورِ أَنْبَأَ أَبُو طاهر المخلص حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زياد النيسابوري حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا الحسين بن محمد حدثنا شَرِيكٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْحَاجِّ وَلِمَنِ استغفر للحاج» [2] .
قرأت في كتاب أبى الفضل ابن خيرون بخطه وأنبأنى نصر الله الهيتي أنبأ مُحَمَّد بن ناصر قراءة عليه عن ابن خيرون: سنة اثنتين وستين وأربعمائة ولد ابني أبو محمد الفضل ضحى نهار يوم الأربعاء رابع عشر ذى الحجة. قرأت في كتاب أبي بكر المبارك بْن كامل بْن أَبِي غالب الخفاف بخطه قال: مات أبو [محمد] [3] الفضل بن أحمد بن خيرون ليلة السبت سابع شهر رمضان سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، ذكر غيره: أنه دفن بباب البصرة.
1326- الفضل أبو منصور الإمام المسترشد بالله أمير المؤمنين بن أحمد المستظهر بالله بن [عَبْد اللَّه] المقتدي بأمر اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه القائم بأمر الله ابن أَحْمَد القادر باللَّه بْن إِسْحَاق بْن جَعْفَر المقتدر باللَّه بْن أَحْمَد المعتضد باللَّه بن محمد الموفق بالله بْن جَعْفَر المتوكل عَلَى اللَّه
بْن مُحَمَّد المعتصم بالله بْن هارون الرشيد بْن مُحَمَّد المهدي بن عبد الله المنصور بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بْن عَبْدِ اللَّه بن العباس بن عبد المطلب [4] :
بويع بالخلافة فِي ليلة الخميس الرابع والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة اثنتي
__________
[1] هكذا في الأصل.
[2] انظر الحديث في: المستدرك 1/441.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] انظر ترجمته في: سير النبلاء 19/561، 568. وطبقات الشافعية للسبكى 4/291. ومرآة الزمان 8/156. وفوات الوفيات 2/248.(20/143)
عشرة وخمسمائة، فأول من بايعه إخوته: أبو عبد الله محمد وأبو طالب العباس وأبو إسحاق وأبو نصر محمد وأبو القاسم إسماعيل وأبو الفضل عيسى، ثم تلاهم عمومته:
أبو جعفر موسى وأبو إسحاق وأبو أحمد وأبو على أولاد المقتدى، وهذا أعجب مما أورده أبو بكر الصولي في كتاب الأوراق على سبيل العجب منه أن المتوكل بايعه سبعة من أولاد الخلفاء- وهم: محمد بن الواثق وأحمد بن المعتصم وموسى بن المأمون وعبد الله الأمين وأبو أحمد بن الرشيد والعباس بن الهادي والمنصور بن المهدى ثم أن المسترشد جلس بكرة الخميس جلوسا عاما ودخل الناس لمبايعته، وكان المتولى لأخذ البيعة قاضى القضاة أبا الحسن على بن محمد الدامغاني، فأول من بايع [أبو] [1] القاسم على بن الحسين الزينبي، ثم أرباب الدولة، ثم أسعد الميهنى مدرس النظامية، ثم القاضي أبو العباس أحمد بن سلامة الكرخي، ثم سائر الناس إلى وقت الظهر، ثم أخرجت جنازة المستظهر فصلى عليها المسترشد إماما وكبر أربعا، ودفن في حجرة من الدار المستظهرية، وجلس للعزاء له أياما، وكان الإمام المسترشد وقعت المبايعة له من سبع وعشرين سنة لأن مولده فِي يوم الأربعاء ثامن عشر شعبان سنة ست وثمانين وأربعمائة على ما ذكر أبو الحسن بن الهمذاني وأبو الفضل بن ناصر، وخطب له أبوه ولاية العهد، ونقش اسمه على السكة في شهر ربيع الأول سنة ثمان وثمانين، وذكر قثم بن طلحة الزينبي وجماعة- ونقلته من خطخ- أن المسترشد [2] كان يتنسك في أول زمنه، ويلبس الصوف وينفرد في بيت للعبادة وختم القرآن وتفقه، وكان مليح الحظ لم يكن في الخلفاء قبله من كتب أحسن منه، وكان يستدرك على كتابه، ويصلح أغاليط في كتبهم، وكان ابن الأنبارى يقول: أنا وراق الإنشاء ومالك الأمر، يتولى ذلك بنفسه الشريفة.
قلت: وكان الإمام المسترشد ذا شهامة وهيبة، وشجاعة وإقدام في الأمور، ولم تزل أيامه مكدرة بكثرة التشويش من المخالفين، وكان يخرج بنفسه لدفع ذلك ومباشرته إلى أن خرج الخرجة الأخيرة إلى العراق فكسر وأسر، ورزقه الله الشهادة على يد الملاحدة، وكان قد سمع الحديث مع إخوته من أبي القاسم علي بن أحمد بن بيان الرزاز ومن مؤدبه أبى البركات أحمد بن عبد الوهاب بن هبة الله بن السيبي وحدث، روى عنه وزيره على بن طراد الزينبي وأبو الفتوح حمزة بن على بن طلحة
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «المرشد» .(20/144)
الرازي وأبو على إسماعيل بن طاهر بن الملقب وغيرهم، وكان له نثر ونظم مليح مع ما خصه الله به من نيل الرأى وحسن التدبير.
أخبرنا عبد الوهاب بن علي بن عبد الله قراءة عليه حدثنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ابن عمر السمرقندي قراءة عليه قال: قرأت على السيد الأجل الرضاء نقيب النقباء سيف الدين خالصة الخلافة أمير المؤمنين أدام الله أيامه وأعانه على ما استرعاه وأيده بنصره وجنده وبلغه نهاية أمله في ولى عهده وجميع ولده بمنه وكرمه وأنت تسمع في يوم الأحد عاشر المحرم سنة سبع عشرة وخمسمائة في عوده من قتال المارقين مظفرا منصورا، قيل له أخبركم على بن أحمد بن محمد الرزاز [1]
أنبأ محمد بن محمد البزاز حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا عبيس بن مرحوم بن عبد العزيز العطار حدثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [قال] : «أحبوا قريشا فإنه من أحبهم أحبه الله عز وجل» [2] .
أخبرناه عاليا أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب الحراني قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنْبَأَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ محمد الرزاز قراءة عليه في سنة ست وخمسمائة فذكره أنشدنا أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ المظفر بْن السبط الهمذاني من حفظه وذكر أنها للإمام المسترشد بالله قالها لما كسر وأشير عليه بالهزيمة:
قالوا تقيم وقد أحا ... ط ربك العدو ولا تفر
فأجبتهم: المرء ما ... لم يتعظ بالوعظ غر
لا نلت خيرا ما حيي ... ت ولا عداني الدهر شر
إن كنت أعلم أن غي ... ر الله ينفع أو يضر
قرأت في كتاب «وشاح دمية القصر» لأبى الحسن على بن أبى الهيثم زيد بن محمد البيهقي: قال الإمام المسترشد بالله أبو منصور الفضل بن المستظهر أنشدنى أبو المعالي ابن صاعد خطيب نيسابور له:
أقول لشرخ الشباب اصطبر ... فولى ورد قضاء الوطر
فقلت: قنعت بهذا المشيب ... وإن زال غيم فهذا مطر
__________
[1] في الأصل: «البزاز» .
[2] انظر الحديث في: في الجامع الصغير للسيوطي 9.(20/145)
فقال المشيب: أيبقى الغبار ... على جتمرة ذاب منها الحجر
قرأت في كتاب الخريدة لأبى عبد الله الأصبهانى الكاتب بخطه للإمام المسترشد بالله:
أنا الأشقر الموعود بى في الملاحم ... ومن يملك الدنيا بغير مزاحم
ستبلغ أرض الروم خيلى وتنتضى ... بأقصى بلاد الصين بيض صوارمى
قرأت بخط قثم بن طلحة الزينبي قيل: إنه لما استؤسر المسترشد أنشد:
ولا عجبا للأسد إن ظفرت بها ... كلاب الأعادى من فصيح وأعجم
فحربة وحشي سقت حمزة الردى ... وموت على من حسام ابن ملجم
قرأت على محمد بن أحمد بن عمر عن أبى صالح سعد الله بن نجا بن الوادي- ونقلته من خطه- قال حكى لي صديقي منصور بن إبراهيم بن صاحب القاضي أبى سعد المحرمي: أنه لما عاد الشاعر المعروف بالحيص بيص إلى بغداد وكان قد هجا الخليفة المسترشد بالله طالبا لذمامه وأنشده من شعره فيه:
ثنيت ركابي عن دبيس ابن مزيد ... مناسمها مما تغذ دوامي
فرارا من اللوم المظاهر بالخنا ... وسواء ارتحال بعد سوء مقام
ليخضب ربعي بعد طول محيله ... بأبيض وضاح الجبين إمام
فان يشتمل طول العميم برأفة ... بلفظ أمان أو بعقد ذمام
فان القوافي بالثناء فصيحة ... تناضل عن أنسابكم وتحامى
قال: فخرج لفظ الخليفة نثرا لا نظما: سرعة العفو عن كبائر الجرم استحقار بالمعفو عنه.
أنبأ أبو الفرج بن الجوزي- ونقلته من خطه- قال: أنشدنى بعضهم قال: أنشد المسترشد بالله لما خرج إلى قتال الأعاجم:
لأكلفن العيس دامية الأ ... خفاف من بلد إلى بلد
إما يقال مضى فأحرزها ... أو لا يقال مضى ولم يعد
قرأت في كتاب أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الْأَنْصَارِيّ بخطه وأنبأنيه عنه أبو محمد الكندي قال: حكى أن الوزير على بن طراد أشار على أمير المؤمنين أن ينزل في منزل اختاره، وقال: أن ذلك أصون للحريم الشريف، فقال أمير المؤمنين: كف يا(20/146)
على، والله لأضربن بسيفي حتى يكل ساعدي، ولألقين الشمس بوجهي حتى يشحب لوني وأنشد:
وإذا لم يكن من الموت بد ... فمن العجز أن تكون جبانا
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْبَرَكَاتِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بن الحسن الأمين بدمشق عن أبى المظفر محمد بن محمد بن قزمى الإسكافى على أيام الوزير على بن طراد الزينبي قال: لما كنا مع الإمام المسترشد يعنى بالعسكر بباب همذان، كان معنا إنسان يعرف بفارس الإسلام، وكان يقرب من خدمة الخليفة قال: فجاء ليلة من الليالي قبل طلوع الفجر، فدخل على الوزير فسلم عليه قال: ما جاء بك في هذا الوقت؟ قال: منام أريته الساعة، وهو كأن خمسة نفر قد توجهوا للصلاة وواحد يؤمهم فجئت وصليت معهم ثم قلت لواحد منهم: من هذا الذي يصلى بنا؟ فقال: هذا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: ومن أنت؟ فقال: أنا على بن أبى طالب وهؤلاء أصحابه، فقمت وقبلت يده المباركة وقلت: يا رسول الله ما تقول في هذا الجيش- وعنيت عسكر الخليفة؟
فقال: هذا جيش مكسور مقهور، وأريد أن تطالع الخليفة بهذا المنام، فقال الوزير:
يا فارس الإسلام أنا أشرت على الخليفة أن لا يخرج من بغداد، فقال لي: يا على أنت عاجز، ارجع إلى بيتك، أقول له هذه الرؤيا فربما تطير بها، ثم يقول: قد جاءني بترهات قال: أفلا أنهى ذلك إليه؟ قال: بلى تقول لابن طلحة صاحب المخزن فذاك منبسط وينهى مثل هذا، قال: فخرج من عند الوزير ثم دخل إلى صاحب المخزن فأورد عليه الرؤيا فقال له: ما اشتهى [أن] أنهى إليه ما يتطير به، قال: فيجوز أننى اذكر هذا، قال: اكتب إليه وأعرضها وأخل موضع مقهور، قال: فكتبتها وجئت إلى باب السرادق فوجدت الخادم مرتجا في الدهليز، ورأيت الخليفة وقد صلى الفجر والمصحف على فخذه وهو يقرأ، ومقابله ابن سكينة إمامه والشمعة بنيهما، فدخل فسلم الرقعة إليه وأنا انظره، فقرأها ثم رفع رأسه إلى الخادم، ثم عاد فقرأها، ثم نظر إليه ثم قرأها ثالثا، ثم قال: من كتب هذه الرقعة؟ فقال: فارس الإسلام، قال: وأين هو؟ قال: بباب السرادق، فقال: أحضره، فجاء فقبض على يدي فبقيت أرعد خيفة من تطيره، فدخلت وقبلت الأرض، فقال: وعليكم السلام، ثم قرأ الرقعة ثلاث مرات أخرى وهو ينظر إلى، ثم قال: من كتب هذه؟ فقلت: أنا يا أمير المؤمنين، فقال:(20/147)
ويلك لم أخليت [1] موضع الكلمة الأخرى؟ فقلت: هو ما رأيت يا أمير المؤمنين، فقال: ويلك هذا المنام أريته أنا في هذه الساعة فقلت: يا مولانا لا يكون أصدق من رؤياك، نرجع من حيث شئنا، فقال: ويلك ونكذب رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ لا والله ما يبقى لنا رجعة ويقضى الله ما يشاء فلما كان اليوم الثاني أو الثالث وقع المصاف وتم ما تم، [و] كسر وأسر وقتل- رضى الله عنه.
قرأت على محمد بن محمود المعدل بهراة عن عبد الكريم بن مُحَمَّد بن منصور المروزي قال سمعت أبا الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عبد العزيز الشهابى بمرو يقول مسعود بن عبد الله البداري بهمذان يقول: اتفق أن المسترشد بالله رأى فيما يرى النائم في الأسبوع الذي استشهد فيه: كأن على يديه حمامة مطوقة، فأتاه آت وقال له: خلاصك في هذا [الطير] [2] ، فلما أصبح حكى لابن سكينة الإمام ما رأى في منامه، فقال: ما أولته يا أمير المؤمنين؟ قال: أولته بيت أبى تمام حيث يقول:
هن الحمام فان كسرت عيافة ... جاء الحمام فإنهن حمام
وخلاصى حمامي، وليت من يأتينى فيخلصنى مما أنا فيه من الذل والحبس فقتل بعد المنام بأيام.
أنبأنا نصر الله بن سلامة الهيتى قال: سمعت أبا الفضل محمد بن ناصر الحافظ يقول: خرج المسترشد في سنة تسع وعشرين وخمسمائة إلى همذان للإصلاح بين السلاطين السلجوقية واختلاف الأجناد، وكان معه جمع كثير من الأتراك [3] ، فغدر به أكثرهم ولحقوا بالسلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه، ثم التقى الجمعان فلم يلبثوا إلا قليلا وانهزموا عن المسترشد بالله مع السلطان مسعود إلى النصف من ذى القعدة من السنة، وحمل معهم إلى مراغة من بلاد آذربيجان ثم إن الباطنية ألفوا عليه جماعة من الملاحدة، وقد أنزل ناحية من العسكر، فدخلوا عليه في يوم الخميس السادس عشر من ذى القعدة وفتكوا به، وجماعة معه كانوا على باب خركاهه وقتلوا [جميعا] [4] وحمل [هو] [5] إلى مراغة فدفن هناك، ووصل الخبر إلينا في يوم الجمعة
__________
[1] في الأصل: «أخللت» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في الأصل: «الأندال» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(20/148)
الرابع والعشرين من ذى القعدة، وأظهر يوم السبت الخبر وشاع بين الناس وقعدوا للعزاء، وكثر النوح والبكاء ببغداد عليه وعلى الذين قتلوا معه من أصحابه رحمه الله.
قرأت في كتاب «التاريخ» لصدقة بن الحسين بن الحداد الفقيه بخطه قال: كان الإمام- يعنى المسترشد- قد صلى الظهر وهو يقرأ في المصحف، وهو صائم يوم الخميس سادس عشري ذى القعدة، دخل عليه من شرج الخيمة جماعة من الباطنية بأيدهم السكاكين، فتعلقوا به وقتلوه ضربا بالسكاكين، فوقعت الصيحة، فقتل عليه جماعة من أصحابه؛ منهم: أبو عبد الله ابن سكينة وابن الخزري، وخرجوا منهزمين.
فأخذوا عن آخرهم فقتلوا، ثم أضرموا فيهم النار، فبقيت يد أحدهم لم تحترق وهي خارجة من النار مضمومة، كلما ألقوا النار عليها وهي لا تحترق، ففتحوا [يده] [1] فإذا فيها شعرات من كريمته صلوات الله عليه، فأخذها السلطان مسعود وجعلها في تعويذ ذهب، ثم إن السلطان جلس في العزاء، وخرج الخادم ومعه المصحف، وعليه الدم إلى السلطان، وخراج أهل المراغة وعلى وجوههم المسوح، وعلى وجوههم الرماد الصغار والكبار وهم يستغيثون، ودفنوه عندهم في مدرسة أحمد، وبقي العزاء في مراغة فرضي الله عنه حيا وميتا، فإنه عاش سعيدا ومات شهيدا، وكانت مدة خلافته ثمان عشرة سنة وستة أشهر.
أنبأنا النقيب قثم بن طلحة أبو القاسم الزينبي- ونقلته من خطه- قال: كان المسترشد أشقر أعطر أشهل خفيف العارضين، وكان له من الذكور: أبو جعفر منصور الراشد [بالله] وأبو العباس أحمد وأبو القاسم عبد الله وإسحاق توفى حياته، وابنتان، ووزراء: ربيب الدولة محمد بن الحسين نيابة عن أبيه وأبو على ابن صدقة وعلى بن طراد وأنو شروان بن خالد، وقضاته: أبو الحسن على بن محمد الدامغاني وعلى بن الحسين الزينبي، وحجابه: ابن المعوج وابن السقلام وابن الصاحبى.
1327- الفضل بن أحمد بن محمد بن عيسى الجرجاني، أبو القاسم بن أبى حرب الزجاجي التاجر [2] .
من أهل نيسابور، سمع الكثير من أبي عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي وأبى بكر أحمد بن الحسن الحيرى وأبى سعيد محمد بن موسى الصيرفي والحاكم أبى الحسن
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: التقييد 2/219.(20/149)
على بن محمد بن على بن السقاء المهرجانى وأبي الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّرَّازِيُّ وأبى يعلى حمزة بن عبد العزيز المهلبي وأبى زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد المزكى وأبى الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بن السراج وأبى إسحاق إبراهيم بن محمد الإسفراييني وأبي إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم النصراباذي وأبي عثمان سعيد بن العباس القرشي وأبى سعيد [1] عبد الرحمن بن حمدان النصروى وأبى سعد عبد الرحيم بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله الإسماعيلى وأبوي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَلَمَةَ الميافارقيني والحسين بن محمد بن الحسين بن [عبد الله بن] فنجويه الثقفي وغيرهم، وحدث بالكثير بخراسان والعراق ومكة، وكتب عنه الحافظ، وكان صدوقا أمينا صالحا عفيفا مشغولا بالتجارة والكسب، قدم بغداد حاجا في شوال سنة ثمان وأربعمائة، وحدث بالكثير بها، سمع منه أبو بكر ابن الخاضبة، وروى عنه أبو القاسم بن السمرقندي وعبد الوهاب الأنماطي وعبد الصمد الحربي وصدقة بن محمد ابن السياف ونصر بن نصر بن العكبري وغيرهم.
أخبرنا أبو الفتوح مَسْعُود بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الكريم الدقاق أنبأ أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي أنبأ أبو القاسم الفضل بن أحمد بن محمد بن عيسى الجرجاني قدم علينا أنبأ أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن موسى السلمى حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم حدثنا يحيى بن أبى طالب حدثنا زيد بن الحباب أنبأ موسى ابن عبدة عن زيد بن أسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [قَالَ:] «بيننا وبينكم خلال، من كن فيه فليس فيه شيء من الكبر: اعتقال الشاة، وركوب الحمار، ولبس الصوف، ومجالسة فقراء المؤمنين، وأكل أحدكم مع عياله» .
كتب إلىّ عبد السلام بن طاهر الهمذاني أنبأ شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي أنبأ أبى قال: الفضل بن أحمد الجرجاني أبو القاسم النيسابوري يعرف بالزجاجى، قدم علينا من الحج، سمعت وكان سهلا طلقا صدوقا.
كتب إلي أبو الفتوح العجلي أن أبا نعيم عبد الله بن حرب [قال] سمعت بعض جيرانه بنيسابور يقول: ما ترك أحدا في جواره منذ ثلاثين سنة أن ينام من قراءته وبكائه.
كتب إلىّ محمد ولامع ابنا أحمد بن نصر الصيدلاني أن يحيى بن عبد الوهاب بن
__________
[1] في الأصل: «أبى السعود» .(20/150)
مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن منده أخبرهما قال: الفضل بن أبى حرب الجرجاني قدم أصبهان للتجارة وكان والله بخير الرجال.
قرأت في كتاب أبى جعفر محمد بن أبى على الحافظ الهمذاني وأنبأنيه عنه القاضي أبو الفتح الواسطي قال في مشيخته: ومنهم الشيخ الجليل العالم أبو القاسم الفضل بن أحمد بن محمد الجرجاني التاجر الصدوق روى عن جماعة من الأئمة والشيوخ والسادة من أهل نيسابور والواردين في عصره، صاحب سماع كثير ومسانيد جياد، وكان أجود الناس كفا في مواساة الفقراء وكان والده يضرب به المثل بنيسابور ويقال: أبو حرب الجرجاني حاتم وقته في السخاوة- قال لي أبو صالح المؤذن ذلك: وهو جرجانى الأصل نيسابورى المولد والمنشأ والدار.
قرأت بخط أبى القاسم بن السمرقندي وأنبأنيه عنه زاهر الأصبهانى قال: سألت أبا القاسم الفضل بن أبى حرب الجرجاني عن مولده، فقال: في العاشر من شهر رمضان سنة خمس وأربعمائة بنيسابور. كتب إلي أبو سعد عبد الله بن عمر بن الصفار أَنْبَأَ أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ الفارسي أن الفضل بن أبى حرب الجرجاني توفى في ثالث عشر رمضان سنة ثمان وثمانين وأربعمائة ودفن بمقبرة الحسين.
1328- الفضل بن أحمد بن الوزير، أبو العباس المقرئ [1] :
قرأ على أبى عبد الله محمد بن إسحاق المسيبى المديني، قرأ عليه بكار بن أحمد بن بكار المقرئ ببغداد، ذكره أبو بكر أَحْمَد بن الفضل الباطرقاني في طبقات القراء من جمعه، وقال: شيخ كان يقرئ ببغداد.
1329- الفضل بن بنان البغدادي:
حدث عن أبى العتاهية الشاعر، روى عنه أحمد بن السكن الرازي.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ ضِيَاءُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أبى على أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي أنبأ القاضي أبو المظفر هناد بن إبراهيم النسفي قال سمعت أبا عبد الله بن أحمد بن سليمان الحافظ ببخارى يقول سمعت أبا الحسن عبد الله بن موسى بن الحسين الجوهري يقول سمعت بركة بن المبارك يقول سمعت أحمد بن السكن الرازي يقول سمعت الفضل بن
__________
[1] انظر ترجمته في: غاية النهاية لابن الجزري 2/58.(20/151)
بنان البغدادي يقول سمعت أبا العتاهية الشاعر يقول سمعت الأعمش يقول سمعت أبا وائل يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: «الرزق يأتى العبد على أى سيرة سار، لا تقوى متق يزايده ولا فجور فاجر يناقصه» .
1330- الفضل بن ثابت بن محمد الكرجى النحوي، المعروف بابن المنجم:
رأيت له كتابا سماه «السامي في شرح اللمع» في النحو لابن جنى بخط يده وتصنيفه.
1331- الفضل بن جعفر بن يونس النخعي، أبو على الشاعر، المعروف بالبصير [1] :
من أهل الكوفة، سكن بغداد، وكان قدم «سر من أى» في أول خلافة المعتصم ومدحه ومدح جماعة من أصحابه وقواده، ومدح المتوكل والفتح بن خاقان.
ذكر المرزباني: أنه كان أديبا ظريفا بليغا مترسلا، وكان يتشيع تشيعا، فيه بعض الغلو، وله في ذلك أشعار، وكان أعمى، وإنما لقب بالبصير لأنه كان يجتمع مع إخوانه على النبيذ، فيقوم من صدر المجلس يريد البول فيتخطى الزجاج وكل ما في المجلس من آلة ويعود إلى مكانه ولم يؤخذ بيده، وهو القائل:
لئن كان يهديني الغلام لوجهتي ... ويقتاد بى في السير إذ أنا راكب
فقد يستضيء القوم بى في أمورهم ... ويخبو ضياء العين والرأى ثاقب
أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَرَجِ الْحَرَّانِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عثمان الفقيه أنبأ أبو جعفر بن المسلمة قراءة عليه عَنْ أَبِي عُبَيْد اللَّهِ الْمَرْزُبَانِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي على بن هارون بن على عن أبيه عن أحمد ابن أبى طاهر قال: أبو على البصير اسمه الفضل بن جعفر بن يونس [2] ، من أهل الكوفة، وكان ضريرا.
أخبرنا أبو حامد عبد الله بن مسلم بن ثابت البزاز أنبأ إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي أنبأ أحمد بن محمد بن النقود حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ هارون الضبي إملاء قال وجدت في كتاب والدي هارون بن محمد بن هارون بخطه
__________
[1] انظر ترجمته في: الأعلام 5/351. وسمط اللآلئ 276. ومعجم الشعراء 314. ولسان الميزان 4/438.
[2] في الأصل: «بن يوسف» .(20/152)
حدثني أبو بكر محمد بن خلف وكيع قال أنشدنى محمد بن الحسن الزرقي قال أنشدنى أبو على الفضل بن جعفر المعروف بالبصير وكان ضريرا:
قلت لأهلى وراموا أن أميرهم ... بماء وجهى فلم أفعل ولم أكد
لا يستوي أن تهينونى وأكرمكم ... ولا يقوم على تقويمكم أودى
فطيبوا عن رقيق العيش أنفسكم ... ولا تمدوا إلى أيدى اللئام يدي
تبلغوا وادفعوا الحاجات ما اندفعت ... ولا يكن همكم في يومكم لغد
لرب مدخر ما ليس آكله ... ومستعد ليوم ليس في العدد
ورب مجتهد ما ليس بالغه ... وبالغ ما تمنى غير مجتهد
أنبأنا أبو الفرج الحرائى عن يحيى بن عثمان الفقيه أنبأ أبو جعفر بن المسلمة عَنْ مُحَمَّد بْن عمران بْن موسى المرزباني أَخْبَرَنِي علي بْن أَبِي عَبْد اللَّهِ الفارسي عن أبى الفضل أحمد بن أبى طاهر قال: كتب الفضل بن جعفر إلى الفتح بن خاقان في يوم مهرجان:
بكر الناس بالهدايا على أقدارهم ... في صبيحة المهرجان
بين طرف يفوت في حربة الطرف ... يخل بالخيل يوم الرهان
ورقيق من أعبد وإماء ... بين بكر عزيزة وعوان
من ربات وما عليهن لوم ... بصحيح العقول والأديان
يتبسمن عن أقاح وين ... ظرن بأمثال أعين الغزلان
ومن الجوهر المغالى به المبتاع ... منه بأوقع الأثمان
ونفيس الثياب والغطر يتلوها ... صحاف اللجين والعقيان
وتحيرت للأمير الذي يبقى ... على النائبات والحدثان
جوهرا نافقا بكل مكان ... وعلى كل حالة وزمان
لا تحط الأيام منه ولا ... يترهب فيه خيالة الحران
وله عن المرزباني أخبرنى على بن هارون عن أحمد بن يحيى قال: من مختار شعر البصير قوله يمدح إسحاق بن سعد:
ما عليها أحد أقصده ... كل من أبلوه استبعده
خول المال أناس كلهم ... ما لعبد له يعبده
والذي تسمو به همته ... للعلى فالدهر لا يسعده(20/153)
غبر إسحاق بن سعد إنه ... علقت عنه لساني يده
إن إسحاق بن سعد رجل ... يحسن اليوم ويرجى غده
فلو بلوناه على علائه ... فخبرنا منه ما يخمده
فاعتقدناه أخا ننهضه ... في الملمات فما نعقده
واعترفنا بالذى أودعنا ... وعدو العرف من يجحده
وحَدَّثَنِي علي بن هارون قَالَ أَخْبَرَنِي أبي قَالَ: من بارع شعر أبى على البصير قوله:
فلا تعتذر بالشغل عنا فإنما ... تناط بك الحاجات ما اتصل الشغل
وقوله في كتاب له إلى ابن المدبر: لا امتحن الله بك كريما فتسيء به، ولا امتحنك بلئيم فيسيء بك.
وقال أخبرنى على بن هارون أخبرنى أحمد بن يحيى قال: من مختار شعر البصير قوله:
أخذت عن الأيام ما ليس مخطئا ... به الحزم إن أخطأت إلا على عمد
وجريت حتى ما تلم ملمة ... وإن عظمت إلا لها عدة عندي
تأملت من قبلي بنفسي وعنت ... إلى الحال منى بعدهم حال من بعدي
فلم أر كالمعروف أبقى ذخيرة ... تسر ولا ادعى إلى الأجر والحمد
دعينى أكن للمال ربا فاننى ... رأيت بخيل المال للقوم كالعبد
يقيه بعرض معرض وبصفحة ... مسلمة ملساء كالحجر الصلد
قرأت على أبى بكر عبد القادر بن أبى القاسم المقرئ عن يحيى بن ثابت بن بندار أنبأ أبى قراءة عليه أنبأ محمد بن عبد الواحد أبو الحسين البزاز أنبأ أَبُو الْقَاسِمِ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَيْفٍ أنشدنا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن العباس اليزيدي لأبى على البصير:
في كل يوم لي ببابك وقفة ... أطوى إليه سائر الأبواب
فإذا حضرت وغبت عنك فانه ... ذنب عقوبته على البواب
قرأت في كتاب المقعنس [1] الأديب بخطه قال أنشدنى أبو الخطاب الجيلي لأبى على البصير:
__________
[1] هكذا في الأصل.(20/154)
إن أرم شامخا من العز أدركه ... بذرع رحب وباع طويل
وإذا نابني من الأمر مكروه ... تلقيته بصير جميل
ما ذممت المقام في بلد يوما ... فعاتيته بغير الرحيل
قرأت في كتاب لأبى على البصير في أحمد بن أبى دؤاد:
يا أحمد بن أبى دؤاد دعوة ... يقوى بها المتهضم المستضعف
كم من يدلك قد نسيت مكانها ... وعوارف لك عند من لا يعرف
نفسي فداؤك للزمان وربيه ... وصروف دهر لم تزل بك تصرف
أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَرَجِ الْحَرَّانِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عثمان الحنبلي أنبأ أبو جعفر بن المسلمة قراءة عليه عن أبى عبيد الله المرزباني حدثني على بن هارون أخبرنى أبى وعمى أبو أحمد يحيى بن على: أن أبا على البصير تغير عقله قبل موته بمديدة يسيرة من سوداء عرضت له، ولم تزل به إلى أن مات، وكان ربما ثاب إليه عقله في بعض الأوقات، وفي ذلك يقول أحمد بن أبى طاهر:
خبا مصباح عقل أبى على ... وكانت تستضئ به العقول
إذا الإنسان مات الفهم منه ... فان الموت بالباقي كفيل
وبه أخبرنى على بن هارون عن أحمد بن يحيى قال وجدت بخط ابن أبى طاهر: أن أبا على توفى بسر من رأى في سنة الفتنة. قال أحمد بن يحيى: وهذا عندي غلط، وقد زعم جماعة: أنه توفى بعد الصلح، وله مدح في المعتز يدل على ذلك وهو قوله:
آب أمر الإسلام خير مآبه ... وغدا الملك ثابتا في نصابه
وقد تقدم له خبر مع عبيد الله بن يحيى في أيام تقلده وزارة المعتمد على بقائه إلى أول أيامه.
1332- الفضل بن جعفر بن مُحَمَّد بن موسى بن الحسن بن الفرات، أبو الفتح الكاتب، المعروف بابن خنزابه [1] :
وهي أمه وكانت جارية رومية، كان كاتبا مجودا، ودينا متألها، مؤثرا للخير، محبا لأهله، قلده الإمام المقتدر بالله الوزارة في يوم الإثنين لليلتين بقيتا من شهر ربيع الآخر من سنة عشرين وثلاثمائة إلى أن قتل المقتدر، وولى القاهر بالله الخلافة فولاه
__________
[1] انظر ترجمته في: الأعلام 5/351. وسير النبلاء 14/479. 125 والكامل 8/. والعبر 2/208.(20/155)
الدواوين، فلما خلع القاهر وولى الراضي بالله الخلافة ولاه الشام فتوجه إليها، ثم إن الراضي بالله قلده الوزارة في سنة خمس وعشرين وثلاثمائة وهو مقيم بحلب، وعقد له الأمر فيها يوم الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من شعبان وكوتب بالمصير إلى الحضرة، فوصل إلى بغداد يوم الخميس لست خلون من شوال، فأقام ببغداد مدة فرأى اضطراب الأمور بالحضرة واستيلاء الأمير أبى بكر محمد بن رائق عليها فأطمع ابن رائق في أنى يحمل إليه الأموال من مصر والشام، وشخص إلى هناك في الثالث عشر من شهر ربيع الأول سنة ست وعشرين، واستخلف أبا بكر عبد الله بن على النفرى بالحضرة [وسار] [1] فأدركه أجله بغزة- ويقال: بالرملة- في يوم الأحد لثمان خَلَون من جُمادى الأولى سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، وسنه سبع وأربعون سنة، لأن مولده على ما ذكره أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مهدى في تاريخه في ليلة السبت لست ليال بقين من شعبان سنة تسع وسبعين ومائتين، فكانت مدة وقوع اسم الوزارة عليه سنة واحدة وثمانية أشهر وخمسة وعشرين يوما.
1333- الفضل بن جعفر الحربي:
روى عنه أبو الحسن عبد الله بن موسى السلامي.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ حَامِدٍ الضَّرِيرِ الْمُقْرِئِ بِأَصْبَهَانَ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ زَاهِرِ ابن طاهر الشحامي قال: كتب إلى أبو عمر عبد الواحد بن أحمد المليجى أنبأ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن السلمي أنبأ عبد الله بن موسى البغدادي بمرو قال سمعت الفضل بن جعفر المروي بها قال سمعت أبا المنذر هشام بن منذر الموصلي يقول كتب أبو دلف إلى عبد الله بن طاهر في يوم نيروز مع هدية أنفذها إليه كتابا يعتذر من الهدية ويقللها ويقول فيه:
جعلت هديتي لك حفظ ودى ... لحب الازدياد من الصديق
فلا شيء يساوى كل شيء ... من الدنيا سوى حفظ الحقوق
فأجابه عبد الله بن طاهر:
بعثت إليك من قبلي رسولا ... يناجى ود قلبك من بعيد
ولا والله ما فيه لحفظ ... سوى حفظي لودك من مزيد
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل(20/156)
1334- الفضل بن الحسن بن إسماعيل الطبري، أبو منصور الصوفي:
من ساكني رباط شيخ الشيوخ، حدث عن أبي بكر محمد بن علي بن ياسر الأنصارىّ الجيانى، روى لنا عنه عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي في مشيخته، وذكر لنا أَنَّهُ سمع منه فِي سنة خمس وسبعين وخمسمائة وأثنى عليه.
أخبرنى عبد الرحمن بن إبراهيم بدمشق أنبأ أبو منصور الفضل بن الحسن بن إسماعيل الطبري الصوفي ببغداد أنبأ أبو بكر محمد بن على بن ياسر الأنصارىّ أنبأ أبو سعد هبة الله بن القاسم [1] بن عطاء المهرانى أنبأ أبو بكر أحمد بن الحسين [2] البيهقي أنبأ أبو سعد أحمد بن محمد بن الخليل الصوفي أنبأ أَبُو أَحْمَد عَبْد اللَّه بْن عَدِيٍّ الْحَافِظُ حدثنا قسطنطين بن عبد الله الرومي حدثنا الحسن بن عرفة حدثني الحسن بن قتيبة المدائني حدثنا مستلم بن سعيد الثقفي عن الحجاج بن الأسود عن ثابت البناني عَنْ أَنَسِ ابْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون»
قال البيهقي- هذا حديث صحيح.
1335- الفضل بن الحسن بن بركة أبو المكارم:
من أهل الحلة، ذكره أبو الفتوح عبد السلام بن يوسف الدمشقي في كتاب «أنموذج الأعيان» .
قرأت على أبى البركات القرشي عن أبى الفتوح الدمشقي قال: أبو المكارم الفضل ابن الحسن بن بركة الحلي لقيته بالحلة السيفية وكان موسوما عندهم بالمروءة ولكن الزمان أخنى عليك، ووصلت حرفة الأدب إليه، فاستنشدته فأنشدنى أبياتا كتبها على ظهر مجلد استعاره من أبى طالب يحيى بن زيادة وكان كلاهما متغفلين في شهر رمضان سنة خمس وستين وخمسمائة:
هذا الكتاب لسيد الكتاب ... والمستقل لسائر الآداب
والمعتلى ذروات كل فضيلة ... غراء تخبر عن كريم نصاب
عزل العلى لما تقمص بردها ... بوكى الرحال وناقص الأحساب
لا تيئسن جمال دين محمد ... من فرحة تأتى بغير حساب
__________
[1] في الأصل: «أبى القاسم» .
[2] في الأصل: «الحسن» .(20/157)
واصبر على البأساء صبر أخى حجى ... تسمو عن الأشكال والأضراب
إن كان حجتك الإسار بكلمة ... خفيت على الأبصار والألباب
فالصون للعضب المهند كافل ... لمضائه في مأزق وضراب
1336- الفضل بن أبى الحسن بن أبى القاسم بن أبى على بن أبى زيد المأمون، أبو زيد التاجر:
من أهل آمل طبرستان، قدم بغداد مرات وحدث بها، سمع منه أَبُو بكر المبارك بْن كامل بْن أَبِي غالب الخفاف، وأخرج عنه حديثا في معجم ابْنِ كَامِلٍ بِخَطِّهِ، وَأَنْبَأَنِيهِ ابْنُهُ يُوسُفُ عَنْهُ أنبأ أبو زيد الفضل بن أبى الحسن بن أبى القاسم الطبرانيّ قدم علينا حاجا أنبأ محمد بن الحسن المروزي أبو بكر أنبأ أبو بكر محمد بن منصور بن [محمد ابن] عبد الجبار السمعاني أنبأ أبو القاسم إسماعيل بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ وَأَبُو عبد الرحمن بن أحمد بن الشاه وأبو سهل زيد بن محمد بن بريدة الأسلمى قالوا أنبأ أبو إبراهيم إسماعيل بن ينال المروزي أنبأ أَبُو العباس مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محبوب التاجر حدثنا أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي حدثنا أحمد بن منيع حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ يوسف قال: قيل لابن سيرين: أى الرؤيا أحب إليك؟ قال: أن يرى الرجل ربه في المنام [1] .
كتب إلىّ أبو الفتح الخطيب أنبأ أَبُو سَعْدِ بْنُ السَّمْعَانِيِّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالَ: الفضل ابن أبى الحسن بن أبى القاسم المأمونى كان أحد التجار المعروفين، وكان مكرما لأهل العلم منفقا عليهم متقربا إليهم، وكان حريصا على طلب الحديث مكثرا منه، حصل الأصول واستنسخها وأنفق المال في جمعها، ورد بغداد غير مرة، وحج سبعا وعشرين حجة، وخرج في الثامنة والعشرين فمات فيها في الطريق بجلولاء، سمع بآمل أبا المحاسن الروياني، وبمرو أبا منصور محمد بن على بن محمود الكراعى، وبنيسابور أبا بكر الشيروى، وبأصبهان أبا على الحداد، وببغداد أبا سعد الطيوري، وبالكوفة أبا البركات عمر بن إبراهيم العلوي، وبمكة أحمد بن أبى الحسن بن خويشاوند الطوسي، حدثني عنه أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر الكاتب، وتوفى في شوال سنة ثلاثين وخمسمائة بجلولاء.
1337- الفضل بن رافع الثعلبي:
__________
[1] انظر الخبر في: حلية الأولياء 2/276.(20/158)
حدث عن أبى عثمان سعيد بن أحمد بن محمد النيسابوري المعروف بالعيار. سمع منه أبو بكر محمد بن علي بن ميمون الدباس ومموس بن الحين الدربندي في جامع القصر في شهر ربيع الأول سنة ثمانين وأربعمائة.
1338- الفضل بن زكريا الجرجرائى:
حدث بأنطاكية عن أحمد بن جبير بن محمد الأنطاكى، روى عنه أبو بكر محمد بن الحسن المقرئ النقاش.
1339- الفضل بن سهل بن بشر بن [أحمد بن [1]] سعيد الإسفرائينى، أبو المعالي بن أبى الفرج، الواعظ، كان يعرف بالأثير الحلبي:
ولد بديار مصر، ونشأ ببيت المقدس، وقدم دمشق مع والده، [وكان] [2] محدثا مشهورا، فأسمعه والده بدمشق من أبى القاسم على بن محمد بن على المصيصي وأبى سعيد الطريثيثي وأبى الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي وغيرهم، وسمع من والده كثيرا، وأخذ له أبوه إجازة من أبى بكر الخطيب البغدادي بجميع مروياته ومصنفاته، وسافر إلى حلب وأقام يعقد مجلس الوعظ مدة، ثم أرسله صاحبها إلى بغداد رسولا، فأقام بها واستوطنها إلى حين وفاته، وحدث بها بكثير من مسموعاته وبكتب أبى بكر الخطيب، روى لنا عنه عبد المنعم بن هبة الكريم بن خلف بن الحنبلي وعبد الرحيم بن المبارك الباماوردى.
أخبرنا أبو الفضل عبد المنعم بن هبة الكريم بن خلف بن الحنبلي بقراءتي عليه أنبأ أبو المعالي الفضل بن سهل الإسفرائينى قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنْبَأَ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ المصيصي أنبأ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ القاسم بن أبى نصر أَنْبَأَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أبى ثابت حدثنا إسحاق بن خالد حدثنا عبد العزيز بن عبد الرحيم حدثنا خصيف عَنْ سالم عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كبر للصلاة حاذى بإبهاميه قريبا من شحمة أذنيه [3] .
أنبأنا يوسف بن المبارك بن كامل الخفاف أنشدنا الأثير أبو المعالي الفضل بن سهل ابن بشر الإسفرائينى لنفسه:
__________
[1] انظر ترجمته في: معجم المؤلفين 8/86. وميزان الاعتدال 2/297. ولسان الميزان 4/442.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] انظر الحديث في: سنن أبى داود 1/112. وسنن النسائي 147(20/159)
يا صاحب المرآة يا من قاده ... إلى لقائي قدر نافذ
أريتنى وجهى بمن وما ... يسوى الذي انظر ما تأخذ
قرأت على أبي العلاء أحمد بن شاكر التنوخي بالمعرة عَن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن العباسي بن عبد الحميد الحراني الشاهد قال أنشدنى الأثير الفضل بن سهل الحلبي لنفسه في رجل هاشمي يدعى نظم الشعر وليس من أهله:
وقالوا دعى قلت لا بل مهذب ... شريف فقالوا إن أقمت دليله
فقلت لهم أقوى دليلي أقيمه ... على ذاك أن الشعر لا ينبغي له
قرأت على عبد اللطيف بن عبد الوهاب المقرئ عن الشريف أبى على الحسن بن جعفر المتوكل حدثني الفضل بن سهل: قال حضرت في مجلس فيه الأستاذ أبو الحسن ابن المقلد لمعرفة صاحب المجلس فأحضر الطعام فأكلنا. وحضر مجلس الشرب فنهضت أمضى، فقال لي صاحب الدار والجماعة: اجلس واسمع الأستاذ أبا الحسن بن مقلد فجلست، فأخذوا في المفاكهة والمذاكرة، ثم غنى ابن مقلد فسارت الدار بالجماعة، ثم عرض على الشرب فاعتذرت بأنه شيء ما استعملته قط، فأعفيت من ذلك، ثم إنى سكرت من ريح المجلس وطيبه فقلت:
سكرت من ريح ما شربتم ... والراح محمودة الفعال
فيا لها سكرة حلالا ... كأنها دورة الخيال
أخبرنا شهاب الحاتمي بهراة حدثنا أبو سعد بن السمعاني من لفظه قال: الفضل بن سهل الإسفرائينى سافر بنفسه إلى العراق وخراسان وكان يتجر ويقول الشعر. كتبت عنه ببغداد، وسمعت جماعة يتهمونه بالكذب في الأحاديث التي يذكرها والمحاورات، سمعت شيخ الشيوخ إسماعيل بن أبى سعد يقول: كان عندي أبو محمد ابن بنت أبى منصور الخياط فدخل الأثير الحلبي فأثنى على الشيخ أبى محمد ثناء حسنا، وقال لي أحد فضائله إن بعض التجار المعروفين حمل إليه مبلغا من المال والثياب لحكم الهدية على يدي فما قبل منه ورده علىّ، فبعد أن قام قال لي أبو محمد: والله ما أهدى أحد إلىّ شيئا وهذا الذي تقوله ما لي عنه خبر وأشكر الله تعالى كيفما قال إن لفلان عندي وديعة.
قرأت بخط القاضي أبي المحاسن عمر بن على القرشي قال: رأيت قطعة [كبيرة] [1]
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(20/160)
من سماعاته- يعنى الفضل بن سهل- كالشمس في الوضوح بخطوط المعروفين الثقات من أهل دمشق كابني صابر وغيرهما كثير، ورأيت «خصائص على عليه السلام» جمع أبى عبد الرحمن، وكان ملكا للأثير، وفيه طبقة فيها اسمه واسم ابنه أبى المجد عبد القاهر، وهي مفسودة تشهد على نفسها بالتزوير، وقد حدث به للأثير عن أبيه وقد قرأه عليه ابن شافع فأريته لابن شافع وسألته عن الطبقة، فقال: سماع مزور، فقلت له: وكيف قرأته عليه؟ فقال: لعله من طبقة أخرى في الجزء، وأخذه وفتشه فلم ير فيه شيئا، وقد حدث به ابنه أبو المجد عن جده بذلك التسميع المفسود، ثم رأيت له بعد ذلك أجزاء وسماعه فيها مفسود، وقد حدث بها، وفي بعضها قد سمع لنفسه مع أبيه وسمع لجماعة منهم: الفقيه نصر المقدسي وذكر تاريخا، قد مات قبله الفقيه نصر بمدة.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن الشافعي بدمشق أنبأ عمي أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: الفضل بن سهل أبو المعالي الإسفرائينى ولد بتنيس، ونشأ بدمشق، وسمع بها الحديث وبصور، وكان له خط حسن، واستجاز له أبوه من أبى بكر الخطيب، سمعت منه حديثا واحدا، ذكر أبوه أنه ولد بتنيس ليلة الثلاثاء السادس عشر من شعبان سنة إحدى وستين وأربعمائة.
قرأت في كتاب أبي الفضل أحمد بن صالح الجيلي بخطه قال: توفى شيخنا الفضل ابن سهل الإسفرائينى سحرة يوم الأربعاء ثانى رجب سنة ثمان وأربعين وخمسمائة فجأة من غير مرض [ببغداد] [1] ، وصلى عليه يوم الأربعاء بالناحية، ودفن بباب أبرز، قرأت عليه وكان شيخا فاضلا، قرأ شيئا من الفقه، وسمع الحديث واشتغل بشيء من الأدب وقال الشعر ووعظ ثم انخرط في سلك الكتاب وأرباب الدول، وبقي معهم برهة من عمره، وكان عسرا في الحديث-[قاله ابن شافع] [2] .
1340- الفضل بن العباس بْن عَبْد اللَّه المأمون بْن هارون الرشيد بْن مُحَمَّد المهدي بْن عبد الله المنصور بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بْن عَبْدِ اللَّه بن العباس بن عبد المطلب:
حكى عن المعتز والمنتصر ابني المتوكل، روى عنه أحمد بن محمد بن إسحاق وأبو العباس بن الفرات.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(20/161)
أنبأنا أحمد بن صالح الهروي أنبأ محمد بن يوسف أبو الفضل الأديب قراءة عليه أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْبَيِّعُ أَنْبَأَ حُمَيْدُ بن مأمون الأديب أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّيرَازِيُّ أَنْبَأَ أَبُو الحسن محمد بن محمد بن إسحاق الحربي حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن يحيى الصولي حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق حدثنا الفضل بن العباس بن المأمون قال: كنت مع المعتز في الصيد فانقطعنا عن الموكب هو وأنا ويونس بن بغا ونظرنا إلى دير فيه ديراني يعرفني وأعرفه، ظريف مليح، فشكى المعتز العطش، فقلت: هاهنا ديراني ظريف مليح، فقال: مر بنا، فجئنا فخرج إلينا وأخرج لنا ماء باردا، وسألنى عن المعتز ويونس، فقلت: فتيان من أبناء الجند، فقال لي: تأكلون شيئا؟ قلنا: نعم، فأخرج لنا ألطف شيء في الدنيا. وأكلنا أطيب أكل، وجاءنا بأطيب أشنان وأحسن آلة، فاستظرفه المعتز وقال لي: قل له بينك وبينه: من تحب أن يكون معك من هذين لا يفارقك؟ فقلت له، فقال: كلاهما وتمرا، فضحك المعتز حتى مال على الحائط، فقلت للديراني: لا بد من أن تختار، فقال: الاختيار والله في هذا دمار، ما خلق الله عقلا يميز بين هذين، ولحقنا الموكب، فارتاع الديراني، فقال له المعتز: بحياتي لا ننقطع عما كنا فيه، وفرحنا ساعة، ثم أمر له بخمسمائة ألف درهم. فقال: لا والله لا قبلتها إلا على شريطة، قال: ما هي؟ قال: يجيب أمير المؤمنين دعوتي مع من أراد، قال: ذلك لك، فوعدنا ليوم فجئناه، فأنفق علينا المال كله فوصله المعتز بمثله وانصرفنا.
أنبأنا ذاكر بن كامل عن أبي غالب الذهلي أن أبا يعلى محمد بن الحسين بن الفراء أخبره أَنْبَأَ أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الْفَوَارِسِ الْحَافِظُ أنبأ أبو على مخلد بن جعفر الدقاق حدثنا أبو بكر محمد بن خلف وكيع القاضي حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد ابن موسى بن الفرات الكاتب قال حدثني الفضل بن العباس بن المأمون قال: قال لي المنتصر: أبشرك رأيت البارحة في منامي، كأنى صعدت إلى درجة فبلغت نصفها وإذا قائل يقول: استكمل خمسا وعشرين سنة، فأنا أملك خمسا وعشرين، قال: فمات بعد ثالثة، فنظرت فإذا سنه خمس وعشرون سنة.
ذكر الصولي: أن ابن العباس بن المأمون مات في سنة ثلاث وسبعين ومائتين في جمادى الأولى.
1341- الفضل بن العباس بن عبد الحميد الطوسي، أبو نصر:
روى عن أبيه عن جده وعن وجوده في كتاب جده عبد الحميد الطوسي حدثني(20/162)
عبد الله بن محمد القداحى الأنصارىّ. رَوَى عَنْهُ أَبُو مُحَمَّد عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الزهري.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر المقرئ أَنْبَأَ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ الكوفي أَنْبَأَ المبارك بن عبد الجبار الصيرفي أنبأ أبو الحسن محمد بن عبد الواحد الحريري أنبأ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الزهري حدثني أبو نصر الفضل بن العباس بن عبد الحميد الطوسي قال: وجدت في كتاب جدي حدثنا أبو يحيى محمد ابن كناسة حدثنا جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ في قوله عز وجل. فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ
قال: فالرد إلى الله إلى كتابه، والرد إلى الرسول إذا قبض إلى سنته.
حدثني أبو نصر الطوسي أخبرنى أبى عن أبيه قال: الذي اجتمع لنا عليه أن عمر ابن الخطاب رضى الله عنه حيث افتتح السواد وأراد أن يضع عليه الخراج سأل أى شيء كانت الفرس تعاملهم في أرضيهم؟ فقيل له: على الجريب قفيز ودرهم. فأمر به عمر، فعمل به، ومما يصدق هذا أن زهير بن أبى سلمى قال في الجاهلية:
فتغلل لكم ما لم تغل لأهلها ... قرى بالعراق من قفيز ودرهم
1342- الفضل بن عبد الله بن الربيع، صاحب السبقولى:
حدث عن أبي حفص عمر بن أحمد بن شاهين، روى عنه أبو علي بن البناء في مشيخته حديثا وقال: جارنا بدرب الغابات.
أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَرَجِ الْحَرَّانِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ الشَّوَّاءِ، أَنْبَأَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بن أحمد بن البناء أنبأ الفضل بن عبد الله بن الربيع. وأنبأ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ التَّاجِرُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ بن بدران الحلواني قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنْبَأَ أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْن الْحَسَن بْن المظفر بْن السبط بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ أَنْبَأَ أَبُو الْعِزِّ أَحْمَدُ بْنُ عبيد الله بن كادش قراءة عليه قالا أَنْبَأَ أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَتْحِ العشاري، قالا أنبأ عمر بن أحمد بن شاهين حدثنا البغوي حدثنا أبو عمران موسى بن إبراهيم حدثنا ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي قَبِيلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَخَلَ رجلان الجنة صلاتهما واحدة وجهادهما واصطناعهما للخير واحد، وفضل أحدهما(20/163)
على صاحبه بحسن خلقه بدرجة كما بين المشرق والمغرب» [1] .
1343- الفضل بن عبد الرحمن بن جعفر الشيرازي، أبو أحمد الكاتب:
من أهل شيراز، قدم بغداد، وكان يكتب بين يدي الوزير أبى على بن مقلة وله به اختصاص، وتنقلت به الأحوال حتى استكتبه المستكفى بالله مدة قبل خلافته وبعدها، ثم كتب للمطيع مدة، ثم عزله عن الكتابة، فلحق عضد الدولة بشيراز فأقام عنده إلى حين وفاته، وكان كاتبا شديدا يكتب خطا مليحا شبيها بخط أبى على بن مقلة، وله ترسل وشعر مليح، وقد روى عنه أبو محمد يحيى بن محمد بن سليمان بن فهد الأزدى حكايات.
أنبأ أبو القاسم الأزجى عن أبى سعد بن الطيوري أنبأنا أبو القاسم التنوخي إذنا عن أبيه أبى على قال: أخرج إلى أَبُو الفتح أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن هارون بن المنجم رقعة بخط أبى أحمد الفضل بن عبد الرحمن بن جعفر الشيرازي الذي أعرفه وأخبرنى أنه كتب بها إلى أبى الحسن بن طرخان فقرأها فإذا فيها كلام لم يستحق مثله أن يصنع في شعرين له أثبتهما بخطه في آخر الرقعة صنيعين: الأول:
يا سفرة أسفرت عن كل محبوب ... ففرجت كربة عن قلب مكروب
أديت إلى حنينا كنت أكتمه ... وجدي فصاحبت منه خير مصحوب
وظللت في ظل عيش مونق رغد ... علىّ بالراح والكأسات والكوب
ناهيك من ثوب نسك قد لبست ومن ... ذيل إلى اللهو واللذات مسحوب
ومن حبيب أطعت الحب فيه ... أصح لعذل ولم أحفل لتأنيب
ولمؤمن منى فيه قد بلغت غايتها ... عفوا وظن جميل غير مكذوب
ومن زمان بقربى منه قد عمرت ... أيامه بتمام الحسن والطيب
والثاني:
أهلا وسهلا بالحبيب الذي ... يصفينى الوداد وأصفيه
محاسن الناس التي فرقت ... فيهم غدت مجموعة فيه
قد فضح البدر باشراقه ... والغصن غصنا بتنبيه
وجل في سائر أوصافه ... عن كل ممتثل وتشبيه
__________
[1] انظر الحديث في: كنز العمال 2/5.(20/164)
أفديه أحميه وقلت له ... من عنده أفديه أحميه
قرأت في كتاب الوزراء لهلال بن المحسن الكاتب قال: الفضل بن عبد الرحمن الشيرازي كان ظريفا نظيفا أديبا ظاهر المروءة كبير التحمل، له ترسل وشعر مطبوع، فمن شعره:
أروع حين يأتينى رسول ... وأكمد حين لا يأتى الرسول
أؤملكم وقد أيقنت أنى ... إلى تكذيب آمالى أؤول
قال: وكان قد أنفذ إلى أبى الحسن على بن هارون يدعوه فتوارى عن رسله وكتب أبو أحمد إليه:
تأخرت عمن أنت غاية همه ... وأقوى دواعي أنسه وسروره
أخفيت عن رسلي مكانك جاهدا ... وكيف يطيق البدر إخفاء نوره
ذكر ثابت بن سنان في تأريخه: أن الفضل بن عبد الرحمن الشيرازي مات فِي يوم الخميس لسبع بقين من المحرم سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة بشيراز.
1344- الفضل بن عبد الرحمن، أبو العباس البغدادي:
حدث بالرملة عن عفان بن مسلم الصفار، روى عنه أبو بشر الدولابي.
أنبأنا أبو بكر الجيلي عن الفضل الفارسي أن محمد بن أحمد الأنبارى أخبره أَنْبَأَ أَبُو الْقَاسِمِ هبة اللَّه بْن إِبْرَاهِيم الصواف أنبأ أبو بكر أحمد بن محمد المهندس حدثنا أبو بشر الدولابي حدثني أبو العباس الفضل بن عبد الرحمن البغدادي بالرملة حدثنا عفان حدثنا حماد ابن سلمة عن يعلى بن عطاء عن بجير أبى عبيد [بن سالم [1]] عن سرح اليرموكى قال: أجد في الكتاب أو في هذه الأمة اثنى عشر ربيا بينهم أحدهم، فإذا وفت العدة طغوا وبغوا وكان بأسهم بينهم.
1345- الفضل بن عبد العزيز بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْنِ بْن [مُحَمَّد بْن] الْفَضْلِ بن يعقوب بن يوسف بن سالم المتوثى القطان، أبو عَبْد اللَّه بْن أَبِي القاسم بْن أَبِي الحسين.
من ساكني دار القطن. من أولاد المحدثين، سمع أَبَا عَبْد اللَّه أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن علي ابن كردى وأبا طالب محمد بن محمد بن غيلان البزاز، روى عنه ولده أبو القاسم هبة
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل(20/165)
الله الشاعر وأبو القاسم بن السمرقندي وعبد الوهاب الأنماطي ومحمد بن ناصر.
أنبأنا أبو المعالي نصر الله بن سلامة الهيتي أنبأ محمد بن ناصر الحافظ قراءة عليه أنبأ أبو عبد الله الفضل بن عبد العزيز بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْنِ بْن [مُحَمَّد بْن [1]] الْفَضْلِ القطان قراءة عَلَيْهِ، وَأَنْبَأَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِيٍّ الأَمِينُ أنبأ هبة أنبأ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ، قَالا أَنْبَأَ أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ غَيْلانَ حدثنا أبو بكر الشافعي حدثنا إبراهيم بن عبد الله البصري حدثنا الأنصارىّ حدثني سليمان التَّيْمِيَّ أَنَّ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ حَدَّثَهُمْ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَإِذَا عَامَّةُ من دخلها المساكين، [وأصحاب الجد محبوسون غير أن أصحاب النار قد أمر بهم إلى النار] ، وَقُمْتُ عَلَى بَابِ النَّارِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ يدخلها النساء [2] » .
قرأت بخط أبى طاهر السلفي وأخبرنيه عنه أبو الحسن بن المقدسي بمصر قال:
الفضل بن عبد العزيز القطان سألته عن مولده فقال: سنة ثمان عشرة وأربعمائة ليلة الجمعة الرابع عشر من رجب.
قرأت في كتاب أبي غالب شجاع بن فارس الذهلي بخطه قال: مات أبو عبد الله الفضل بن عبد العزيز بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْنِ [بْن مُحَمَّد] بْن الْفَضْلِ القطان في يوم الأربعاء، ودفن من الغد وهو يوم الخميس لست بقين من ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين وأربعمائة في مقبرة معروف الكرخي.
1346- الفضل بن عبد الواحد بن عبد المحسن بن أبى الوقار الأنصارىّ، أبو طالب النحوي:
من أهل دمشق، سكن بغداد، وسمع بها أبا الوفاء على بن عقيل بن على الجيلي وأبا القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين [3] سمع منه أبو الفضل بن صالح بن شافع والقاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي وشيخنا أبو بكر محمد بن المبارك بن مشق البيع في ذى الحجة سنة إحدى. ستين وخمسمائة.
أنبأنا أبو طالب الفضل بن عبد الواحد بن عبد المحسن بن أبى الوقار الأنصارىّ الدمشقي قراءة عليه قيل له أخبركم ابو القاسم بن الحصين، وأنبأ عبد الوهاب على أنبأ
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] انظر الحديث في: صحيح البخاري 2/969. ومسند الإمام أحمد 5/205.
[3] في الأصل: «بن الحسين» .(20/166)
ابن الحصين أنبا أبو طالب بن غيلان حدثنا أبو بكر الشافعي حدثنا محمد بن يونس بن موسى حدثنا عاصم بن على حدثنا أيوب عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم لعلى: أنت منى كمنزلة هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلا أَنَّهُ لا نَبِيَّ بعدي.
ذكر أبو المحاسن القرشي: أن مولد ابن أبى الوقار في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة.
1347-[الفضل بن عبيد الله بن محمد بن الفضل، أبو القاسم الحلاوى] [1] .
قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي نَصْرٍ الأَصْبَهَانِيِّ وَأَنْبَأَنِيهِ عَنْهُ ذاكر الحذاء أنبأ أبو القاسم الفضل بن عبيد الله بن محمد بن الفضل الحلاوى ببغداد أنبأ جدي الحافظ أبو الفضل محمد بن عبيد الله بن أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن يوسف بن زياد بن ناجية بن كثير بن قعنب بن غياث بن فهر بن مالك بن حنظلة الأكرمين أنبأ أبو عبد الله البيع إجازة قَالَ سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ الوراق يقول سمعت أبا حامد أحمد بن حمدون يقول سمعت مسلم بن الحجاج وجاء إلى محمد بن إسماعيل البخاري فقيل بين عينيه وقال:
دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين ويا طيب المحدثين في علله حدثك محمد بن سلام أنبأ مخلد بن يزيد الحراني أنبأ ابن جريح حدثني موسى بن عقبة عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم في كفارة المجلس أن يقول إذا قام من مجلسه: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك» ؟
فقال محمد بن إسماعيل: هذا حديث مليح ولا أعلم بهذا الإسناد في الدنيا حديثا غير هذا إلا أنه معلول.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حَدَّثَنَا سهيل عن عون بن عبد الله [ابن عتبة] قوله، قَالَ محمد بن إسماعيل: هذا أولى، ولا يذكر لموسى بن عقبة مسندا عن سهيل، وهو سهيل بن ذكوان، وهم إخوة سهيل وعباد وصالح بنو أبى صالح، وهم من أهل المدينة.
1348- الفضل بن عكرمة بن طارق، أبو العباس السرخسي:
ذكره أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ المستملي البلخي في كتاب «تأريخ بلخ» من جمعه وقال: نشأ ببغداد وقدم بلخ، وحدث بها عن أبيه عكرمة وعن إسحاق
__________
[1] ما بين المعقوفتين أضيف من الأسانيد داخل الترجمة.(20/167)
ابن إبراهيم بن راهويه، روى عنه محمد بن محمد بن الصديق وجعفر بن محمد المحوفى ومحمد بن عقيل وغيرهم، قلت: وكان أبوه عكرمة بن طارق قاضيا ببغداد في زمن المأمون، وأظن الفضل ولد ببغداد- والله اعلم.
أخبرنا مسرف بن على الضرير أنبأ عبد الأول بن عيسى الهروي أنبأ أبو صاعد يعلى بن هبة الله الفضيلى أنبأ عبد الرحمن بن أحمد بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ أَنْبَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ محمد بن عقيل بن الأزهرى بن عقيل الفقيه البلخي حدثنا الفضل بن عكرمة حدثنا الحكم بن موسى عن الوليد بن مسلم عن صفوان بن عمرو قال سمعت أيفع بن عبد الكلاعى على منبر حمص يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [وآله] وسلم: «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ [وَأهْلُ النَّارِ النار] [1] قال الله عز وجل: يا أهل الجنة كم لبثتم في الأرض عدد سنين؟ قالوا: لبثنا يوما أو بعض يوم، قال: نعم ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم [رحمتي و] [2] رضواني وجنتي امكثوا فيها خالدين مخلدين» [3] .
قرأت على ست الشرف بنت شعبان العبدى بأصبهان عن أبى نصر الصائغ أنبأ عبد الرحمن بن أبى عبد الله بن مندة أنبأ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَاصِمِيُّ بِبَلْخَ أَنْبَأَ أبو إسحاق المستملي قال سمعت محمد بن عقيل يقول سمعت الفضل بن عكرمة يقول:
القرآن كلام الله غير مخلوق فَمَنْ قَالَ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ.
قرأت في كتاب «تأريخ بلخ» لأبى عبد الله محمد بن عقيل الوراق البلخي قال:
الفضل بن عكرمة بن طارق السرخسي نشأ ببغداد وقدم بلخ وحدث بها. نزل سكة عمارة بناحية عسقلان في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين ومائتين.
1349- الفضل بن علي المكتفي بالله بْن أَحْمَدَ المعتضد بالله بْن أَبِي أحمد طلحة الموفق بالله بْن جَعْفَر المتوكل عَلَى اللَّه بْن مُحَمَّد المعتصم بالله بْن هارون الرشيد بْن مُحَمَّد المهدي بن عبد الله المنصور بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بْن عَبْدِ اللَّه بن العباس بن عبد المطلب:
ذكره عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر فيمن خلفه من الذكور.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] انظر الحديث في: الدر المنثور 5/17.(20/168)
1350- الفضل بن على بن غالب بن طاهر، أبو منصور التاجر [1] :
سافر وتغرب في طلب الكسب، ودخل العراق وخراسان وبلاد ما وراء النهر، وسمع بأصبهان من أبى عبد الله الرستمي، وحدث بسمرقند، روى لنا عنه أبو بكر عبد الله بن على الفرغاني خطيب سمرقند:
أخبرنا أبو بكر الفرغاني قدم علينا حاجا أنبأ الشيخ الزكي العالم أبو منصور الفضل بن على بن غالب البغدادي التاجر أنبأ أبو عبد الله الحسن بن العباس بن على الرستمي بأصبهان أنبأ أبو الحسن المكي بن منصور، وأخبرنا عبد الوهاب بن على ببغداد حدثنا عبد الكريم بن مُحَمَّد بن منصور المروزي قدم علينا، وأخبرنا أبو العباس أحمد ابن عبد الواحد الفقيه بحمص أنبأ عبد المنعم بن عبد الله النيسابوري، وأخبرنا أبو الوفاء عبد العزيز بْن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمن بن محمد العدل بنيسابور أنبأ جدي عبد الكريم وأنبأ أبو الفتوح نصر بن عبد الجامع بن عبد الرحمن ابن عبد الجبار الفامي بهراة أنبأ جدي عبد الرحمن قالوا جميعا أنبأ عبد الغفار بن محمد ابن الحسين قالا أنبأ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ حدثنا أبو العباس محمد ابن يعقوب الأصم حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ ببغداد حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قال رجل لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: «وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ فَلَمْ يَذْكُرْ كَثِيرًا إِلا أَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قَالَ:
فَأَنْتَ مَعَ مَنْ أحببت» [2] .
أنشدنا أبو بكر الفرغاني من لفظه وكتابه قال: أنشدنا الفضل [بن على] بن غالب بن طاهر، أبو منصور البغدادي:
رويت وما رويت الرواية ... وكيف وما انتهيت إلى النهية
وللاعمار غايات تناهت ... وإن طالت وما للعلم غاية
1351- الفضل بن عمار بن فياض الشيباني، أبو الكرم الضرير:
ذكره أبو سعد بن السمعاني وقال: شاب، له معرفة باللغة والأدب، أظنه من بعض سواد بغداد، رأيته بالمسجد الذي على باب دار شيخنا أبى الفتح بن البطي بالصاغة من دار الخليفة، وكتبت عنه من دار الخليفة، وكتبت عنه من شعره.
__________
[1] في الأصل: «أبو الفضل بن غالب بن أبو منصور» .
[2] انظر الحديث في: صحيح البخاري 2/911. ومسند الإمام أحمد 3/111.(20/169)
أخبرنا شهاب الحاتمي بهراة قال أنشدنا أبو سعد بن السمعاني [قال] أنشدنا الفضل بن عمار لنفسه:
أمن شجن عيناك جادت شئونها ... نجيعا وما ضنت بذاك جفونها
نأت بنت عوف بن الحطيم غدية ... إلى الحرة الرجلاء تحدى ظعونها
فان تك هند حلت الدمث فالغضا ... فلسنا وإن شط المزار نخونها
1352- الفضل بن عمر بن أبى منصور الحلواني، أبو المعالي المقرئ:
من أهل باب الأزج، قرأ القرآن بالروايات الكثيرة على أبي محمد عبد الله بن علي سبط أبى منصور الخياط، وسمع الحديث الكثير من أبى الفضل محمد بن يوسف الأرموى ومحمد بن ناصر وسعد الخير الأنصارىّ وجماعة من أصحاب أبى نصر وطراد ابني الزينبي وابن بطر وابن طلحة، وكتب بخطه، وأقرأ الناس القرآن، وما أظنه روى شيئا من الحديث.
قرأت في كتاب أبي الفضل أحمد بن صالح بن شافع الجيلي بخطه قال: توفي أبو المعالي الفضل بن عمر بن أبى منصور الحلواني المقرئ صاحب شيخنا أبى محمد المقرئ يوم الخميس حادي عشر شعبان سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، وصلى عليه بالجامع القصر الشريف وبمدرسة عبد القادر بباب الأزج، ودفن بمقبرة باب حرب، كان رفيقنا في سماع الحديث وقراءة القرآن، كان مقرئا حافظا موجودا، قد قرأ القرآن وأقرأه وختم خلقا كثيرا، وسمع الحديث الكثير، وكان متعففا متقللا.
1353- الفضل بن عمر بن منصور بن على بن الرائض، أبو منصور الكاتب [1] :
من ساكني الشمعية، قرأ القرآن بالروايات على أبي الحسن علي بن عساكر البطائحي، وسمع الحديث من أبى الأسعد بن يلدرك الجبريلى وخديجة بنت أَحْمَد بْن الحسن النهرواني ومن جماعة، وكان يكتب خطًا مليحًا عَلَى طريقة ابن البواب، وكان كهلا حسنا متدينا ساكنا طيب الأخلاق مرضى السيرة محمود الأفعال كيسا متواضعا، سمع معنا الحديث من جماعة وكان صديقنا، وحدث بشيء يسير، ولم يتفق لي أن أكتب عنه شيئا، سمع منه رفيقنا علي بن معالي الرصافي.
__________
[1] انظر ترجمته في: طبقات القراء 2/10.(20/170)
أخبرنا على بن معالى أنبأ الفضل بن عمر بن الرائض أخبرنا خديجة بنت أحمد بن عبد الرحمن بن عبيد حدثنا أحمد بن سلمان النجاد حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا نعيم حدثنا ابن المبارك أنبأ عبيد الله بن موهب عن مالك ابن محمد بن حارثة الأنصارىّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «من أنعش حقا بلسانه جرى له أجره حتى يأتى يوم القيامة فيوفيه ثوابه» [1] .
بلغني أن مولد ابن الرائض في سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة، وتوفى ليلة الأحد الثامن والعشرين من جمادى الآخرة من سنة تسع وستمائة، وحضرت الصلاة عليه من الغد برباط المأمونية، ودفن بباب حرب.
1354- الفضل بْن عيسى بْن داود بْن الجراح، أَبُو العباس، أخو الوزير على ابن عيسى.
ذكر ثابت بن سنان أنه توفى في يوم الأحد لإحدى عشرة بقيت من جمادى الأولى سنة خمس عشرة وثلاثمائة.
1355- الفضل بن الفرج بن أبي روح، أبو العباس:
دخل شيراز وحدث بها وبالبصرة عن أبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أبان الجعفي المعروف بمشكدانه وعن محمد بن حميد والربيع بن ثعلب وغيرهم، روى عنه أبو جعفر محمد بن محمد البزاز المقرئ وبندار بن يعقوب المالكي وعبد الواحد بن خلف الطويل، ذكره أبو عبد الله القصار في «تأريخ بغداد» من جمعه.
كتب إلىّ أبو الفتوح العجلى أن حامد بن محمد بن حامد الحداد أخبره أنبأ عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن مندة قراءة عليه أنبأ محمد بن عبد العزيز القصار أنبأ أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عُمَر بْن فارس التاجر حدثنا أبو العباس عبد اللَّه بن مُحَمَّد بن سليمان عن أبى أيوب الإفريقى عن صفوان بن سعيد عن سليم عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ستأتى أقوام يصلون بكم الصلاة فإن تموا فلكم [و] لهم، وإن نقصوا فعليهم ولكم» .
1356- الفضل بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن إسماعيل. أبو محمد الزيادي [2] :
__________
[1] انظر الحديث في: مسند الإمام أحمد 3/266.
[2] انظر ترجمته في: الأنساب 6/361. وطبقات السبكى 4/294(20/171)
من أهل سرخس، قدم بغداد حاجا مرتين: الأولى في سنة خمس وخمسمائة وحدث بها عن والده. سمع منه وكتب عنه أبو أحمد معمر بن عبد الواحد بن الفاخر الأصبهانى.
قرأت على أبى القاسم محمود بن محمد الحداد بأصبهان عن معمر بن عبد الواحد أنبأ أبو محمد الفضل بن محمد بن إبراهيم الزيادي من لفظه ببغداد في مدرسة سعادة قال حدثني والدي أبو الفضل محمد بن إبراهيم قال حدثني الشيخ الزكي محمد بن جابارة المزكى بهمذان حدثنا السالار أبو المظفر المعروف بسالار الحاج حدثنا الشيخ المعمر الأشج قال حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «من قرأ سورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
مرة فكأنما قرأ ثلث القرآن، ومن قرأها مرتين فكأنما قرأ ثلثي القرآن، ومن قرأها ثلاثا فكأنما قرأ القرآن كله» [1] .
أخبرنا شهاب الحاتمي بهراة أنبا أبو سعد بن السمعاني من لفظه قال: الفضل بن محمد بن إبراهيم الزيادي من أهل سرخس، ولى القضاء بها [مدة] ثم صرف عنها، وكان فقيها فاضلا حسن السيرة كثير العبادة متزاهدا، يظهر التقشف وترك التكلف، حسن الأخلاق متوددا، حضرت مجلس إملائه بسرخس وكتبت عنه، سمع أبا منصور [محمد] بن عبد الملك المظفري وأبا ذر عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الأديب.
سألته عن مولده فقال: في رابع رجب سنة خمس وخمسمائة، ودفن بمدرسته.
1357- الفضل بن محمد بن أحمد بن سعيد الحداد، أبو سعد البيع:
من أهل أصبهان، وهو أخو أبى الفتح أحمد الذي قدمنا ذكره، سمع أبا عبد الله الحسين بن إبراهيم الجمال، وأَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صالح الصوفي وعبد الواحد ابن محمد بن أحمد الباطرقانى وأبا الفضل هارون بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن هارون وأبا الحسن على بن الحسن بن جعفر بن عبد الكريم إمام جامع أصبهان وأبا بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المزكى وجماعة غيرهم، وسمع بالري أبا محمد عبد الملك بن محمد بن أحمد بن يوسف الفقاعى، وقدم بغداد حاجا في سنة تسع وسبعين وأربعمائة وحدث بها، روى عنه من أهلها عبد الوهاب بن المبارك الأنماطى.
أخبرنا محمد بن محمود العدل بهراة حدثنا عبد الكريم بن محمد المروزي من لفظه
__________
[1] انظر الحديث في: الجامع الكبير 1/8212. وكنز العمال 1/148.(20/172)
أنبأ عبد الوهاب الحافظ أنبأ الفضل بن محمد الحداد قدم علينا بغداد حاجا أنبأ أبو عبد الله الجمال حدثنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فارس حدثنا أبو جعفر محمد بن صخر الطهراني حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ حدثنا شعبة عن عقيل عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم إذا أراد النوم جمع يديه فينفث فيهما، ثم يقرأ: قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق. وقل أعوذ برب الناس. ثم يمسح بهما وجهه ورأسه وسائر جسده [1] » .
قَرَأْتُ بخط أَبِي بكر مُحَمَّد بْن أَبِي نصر اللفتواني قال: - توفى- يعنى الفضل بن محمد بن أحمد الحداد- يوم السبت السابع والعشرين في ذى القعدة سنة تسعين- يعنى وأربعمائة، وصلى عليه ابنه محمد.
آخر المجلد الثالث والعشرين من الأصل من التاريخ المجدد لمدينة السلام. وهو آخر المجلد الحادي عشر من هذه النسخة، نتلوه في أول المجلد الرابع والعشرين من الأصل أول الجزء «الفضل بن محمد بن عبد العطار» ووافق الفراغ منه في سلخ جمادى الآخر من سنة ثمان وأربعين وسبعمائة. وأحسن الله عاقبتها على يد العبد الفقير إلى الله تعالى على بن عبد الله بن مسعود السعودى المؤدب- عفا الله عنهم بمنه وكرمه، غفر الله لمن طالع فيه ودعا بالرحمة والمغفرة ولجميع المسلمين- والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، وهو حسبي ونعم الوكيل.
آخر الجزء الواحد والعشرين
__________
[1] انظر الحديث في: مسند أحمد 6/154(20/173)
الجزء الحادي والعشرون
(بسم الله الرّحمن الرّحيم)
مقدمة التحقيق
الحمد لله رب العالمين الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. وأَشْهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
فإن كتاب «المستفاد من تاريخ بغداد» أحد ذيول «تاريخ بغداد» للخطيب وهو عدد من التراجم التي اختارها ابن الدمياطي من الأصل الذي لم يصل إلينا منه إلا القليل، وعلى الرغم من أن عمل ابن الدمياطي يعتبر سطحي إلا أن هذا العمل يعد أكثر منفعة وأهمية لطلاب الحديث والأدب.
ولقد بلغت تراجم هذا المختصر مائتين وأحد عشر شخصا، ستة منهم نساء، وقد بدأ ابن الدمياطي كتابه بترجمة لابن النجار نقلا عن ابن الدبيثي، ثم دون التراجم بعد ذلك حسب الاسم ابتداء بمحمد بن أحمد الحسين، ثم إبراهيم، وانتهاء بيوسف. وبعد ذلك الكنى، ثم النساء.
وقد اهتم ابن الدمياطي في اختياره بالذين اشتهر عنهم السماع والتحديث.
صاحب المستفاد:
هو أبو الحسين أحمد بن أيبك بن عبد الله الحسامي، يعرف بابن الدمياطي. ولد بمصر سنة 700 هـ بدمياط ونشأ بها ثم رحل إلى الشام سنة 740 هـ ثم عاد إلى مصر إلى أن مات بالطاعون سنة 749 هـ.
وترك من المؤلفات ما لا بأس به منها:
1- ذيل على كتاب صلة التكملة لوفيات النقلة.
2- تخريج حديث الرافعي.
3- تخريج معاجم الدبوس والسبكي وغيرهما.(21/3)
4- المستفاد من تاريخ بغداد [1] .
الكتاب ومنهج التحقيق:
الكتاب مخطوط بدار الكتب المصرية تحت رقم 1955 يقع في 168 صفحة المتوسط.
وقد قمنا بمراجعة المطبوعة على المخطوط وأثبتنا بعض ما ورد به من أغلاط مع تصحيحها وأغفلنا بعضها.
قمنا بتخريج ما ورد به من تراجم كلما أمكن، وعلقنا على بعض المواضع وقدمنا الكتاب بمقدمة مبسطة.
وندعو الله أن يجعله في صالح أعمالنا إنه قريب مجيب.
__________
[1] انظر ترجمته في: الدرر الكامنة 1/108. وكشف الظنون 2020. والأعلام 1/102.(21/4)
[الجزء الأول من المستفاد من ذيل تاريخ بغداد]
(بسم الله الرّحمن الرّحيم)
[المدخل]
رب يسر وأعن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأكملان الأتمان على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد! فإن علم الحديث من أشرف العلوم قدرا، وأكملها شرفا وذخرا، لا سيما معرفة تراجم العلماء وأحوال الفضلاء. وهذه تراجم وقع الاختيار عليها من «ذيل تاريخ بغداد» للحافظ محب الدين أبي عبد الله محمد بن أبي الفضل محمود بن أبي محمد الْحَسَن بْن هبة اللَّه بْن محاسن بْن هبة الله البغدادي المعروف بابن النجار.
كان مولده في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة في ليلة الثالث والعشرين من ذي القعدة ببغداد، وتوفي بها في بكرة الخامس من شعبان سنة ثلاث وأربعين وستمائة، ودفن بمقابر الشهداء بباب حرب. وكان قد سمع ببغداد من أبي الفرج بن كليب وأبي حفص ابن طبرزد وأبي علي حنبل الرصافي وذاكر بن كامل والمبارك بن المبارك بن المعطوش [1] والحافظ أبي الفرج بن الجوزي في جماعة من أصحاب ابن الحصين [2] والقاضي أبي بكر الأنصاري. وحج وسمع بمكة والمدينة. ورحل إلى الشام، فسمع بدمشق من أبي اليمن الكندي وابن الحرستاني [3] ، وبحلب من الهاشمي. ودخل بغداد.
ورحل منها إلى أصبهان وخراسان. سمع بأصبهان من جماعة من أصحاب إسماعيل بن الفضل بن الإخشيد وزاهر الشحامي؛ وبنيسابور من المؤيد وزينب السعدية في آخرين؛ وبمرو من أبي المظفر بن السمعاني. وسمع ببسطام ودامغان وساوه وهمذان.
ثم رحل إلى ديار مصر، وسمع بمصر والإسكندرية من جماعة من أصحاب الحافظ أحمد بن محمد السلفي، وكتب بخطه الكثير، وجمع وألف. وكان حافظا متقنا، عمدة، حسن التصنيف، عالي الهمة في طلب الحديث. ومن نظر في هذا التاريخ علم محله
__________
[1] في شذرات الذهب 4/343: «وأبو المعطوس» .
[2] في كل المصادر: «ابن الحصن» .
[3] في الأصل: «ابن الخزستاني» . والتصحيح من طبقات الأسنوي 1/445.(21/5)
وإتقانه وكثرة اطلاعه وسعة رحلته- رحمه الله.
وقد أنبأني بجميع هذا التاريخ [1] الشيخ أبو محمد القاسم بن مظفر بن محمود بن عساكر الدمشقي وجماعة، وكان مولده في سنة تسع وعشرين [وستمائة] [2] وتوفي بدمشق في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة- رحمه الله. قال: كتب إلي الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود بن الحسن بن النجار البغدادي منها، رحمه الله تعالى. يتلوه محمد بن أحمد الشاشي.
[حرف الميم]
1- محمد بن أحمد بن الحسين بن عمر الشاشي، أبو بكر [3] :
ولد بميافارقين، وتفقه بها على أبي عبد الله محمد بن بيان الكازروني وعلى القاضي أبي منصور الطوسي صاحب أبي محمد الجويني، ودخل بغداد ولازم أبا إسحاق الشيرازي وقرأ على أبي نصر بن الصباغ «كتاب الشامل» . وسمع الحديث من أبي جعفر مُحَمَّد بن أَحْمَد بن المسلمة وأبي الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون والقاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن الفراء وغيرهم، وسمع بميافارقين من شيخه الكازروني وحدث، سمع منه جماعة من الحفاظ.
وكان من الأئمة الأعلام وفقهاء الإسلام، مرجوعا إليه في الفتاوى والأحكام ومعرفة الحلال والحرام. وقد صنف في المذهب عدة مصنفات مشهورة.
قال أبو بكر الشاشي: رأيت كأني أنشد هذه الأبيات في النوم من غير أن تكون على ذكرى:
قد نادت الدنيا على نفسها ... لو كَانَ فِي العالم من يسمع
كم واثق بالعمر أفنيته ... وجامع بدّدت ما يجمع
وحدث محمد بن عبد الله القرطبي الفقيه قال: حضرت عند الإمام أبي بكر الشاشي وقد أغمى عليه في مرضه. فلما أفاق أحضروا له ماء ليشربه، قال: لا أحتاج مذ سقاني الآني ملك شربة أغنتني عن الطعام والشراب ثم مات.
مولده في يوم الأحد سابع المحرم سنة سبع وعشرين وأربعمائة، وتوفي ليلة السبت خامس عشري شوال سنة سبع وخمسمائة، ودفن يوم السبت في تربة الشيخ أبي
__________
[1] في الأصل: «هذه التاريخ» .
[2] ما بين المعقوفتين زيادة ليست في الأصول.
[3] انظر: وفيات الأعيان 3/356. والوافي بالوفيات 2/73. ومعجم البلدان 5/212.(21/6)
إسحاق الشيرازي، وصلى عليه ولده الأكبر بجامع القصر- رحمه الله.
2- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الباقي بْن منصور بن إبراهيم الدقاق أبو بكر المعروف بابن الخاضبة [1] :
طلب الحديث وسمع الكثير من القاضي أَبِي الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن علي بْن المهتدي وأبي الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون وأبي جعفر محمد بن المسلمة وأبي الحسين بن أحمد ومحمد بن النقور وأبي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سُكَيْنَةَ، والحافظ أبي بكر أحمد ابن علي الخطيب، وببيت المقدس أبا الحسين محمد بن بكر بن عثمان الأزدي وأبا زكريا عبد الرحيم بن أحمد البخاري.
وكتب بخطه كثيرا من الحديث والسير والأدب لنفسه وتوريقا للناس، وكان يكتب خطا حسنا وله معرفة بهذا الشأن. ويوصف بالحفظ والصدقة والثقة، وكان ورعا زاهدا محبوبا إلى الناس.
قال محمد بن طاهر المقدسي: ما كان في الدنيا أحسن قراءة للحديث من أبي بكر ابن الخاضبة في وقته؛ لو سمع بقراءته إنسان يومين لما ملّ قراءته.
قال أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي: سمعت أبا بكر بن الخاضبة يقول: لما كانت سنة الغرق وقعت داري على قماشي وكتبي، ولم يكن لي شيء، وكان لي عائلة: الوالدة والزوجة والبنات [2] ، فكنت أورق الناس وأنفق على الأهل. فأعرف أني كتبت «صحيح مسلم» في تلك السنة بالوراقة سبع مرات، فلما كان ليلة من الليالي رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت. ومناد ينادي: أين ابن الخاضبة؟
فأحضرت، فقيل لي: ادخل الجنة، فلما دخلت الباب وصرت من داخل استلقيت على قفاي ووضعت إحدى رجلي على الأخرى وقلت: آه، استرحت والله من النسخ.
توفي أبو بكر بن الخاضبة في ليلة الجمعة ثاني عشر ربيع الأول من سنة تسع وثمانين وأربعمائة، وصلي عليه بكرة يوم الجمعة في جامع القصر، وكان له يوم مشهود.
3- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد بن زيد المنقري التكريتي، أبو البركات بن أبي الفرج بن أبي نصر [3] :
__________
[1] انظر: العبر 3/325. ومعجم الأدباء 17/226- 230. والمنتظم 17/35، 36.
[2] في معجم الأدباء 17/228: «الزوجة والبنت» .
[3] انظر: الوافي بالوفيات 2/115. والمحمدون من الشعراء 1/43.(21/7)
أصله من تكريت، وولد ببغداد في سنة أربعين وخمسمائة ونشأ بها، وكان يسكن بدرب الخبازين، وكان يبيع البربحان الصفة [1] بسوق الثلاثاء؛ وكان كثير المخالطة لأهل الأدب والفضل.
ومن شعره:
تصدت لقتلي بعد طول صدودها ... بنفسي أفدي من تصدّت وصدت
أماتت بذات الهجر مني مهجة ... فلو أنها بالطيف حيث لأحيت
أطاعت هوى الواشين في قتل وامق ... وما استيقنت لكن تظنت وظنت
أعالج فيها شقة ومشقة ... فأهوى عذابي شقتي ومشقتي
طويت الهوى في القلب والبعد ... فوا كبدي من طيتي وطويتي
نحوها وله:
في ذلتي في حبكم وخضوعي ... عار ولا شغفي بكم ببديع
دين الهوى ذل وجسم ناحل ... وسهاد أجفان وفيض دموع
كم قد لحاني في هواكم لائم ... فثنيت عطفي عنه غير سميع
ما يحدث للقلب عندي سلوة ... لكم ولو جئتم بكل قطيع
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد ... جاءت محاسنه بألف شفيع
توفي أبو البركات بن زيد فِي شهر ربيع الأول من سنة تسع وتسعين وخمسمائة بالموصل ودفن بها.
4- محمد بن الحسين بن الحسن بن الخليل بن الحسين أبو الفرح، الأديب [2] :
من أهل [هيت] [3] نزل بغداد، وكان يسكن باب البصرة، و [قرأ] الأدب على الشريف [4] أبي السعادات بن الشجري، وأنشأ الخطب والمقامات.
ومن شعره:
__________
[1] هكذا في الأصول.
[2] انظر: المحمدون من الشعراء 1/261.
[3] ما بين المعقوفتين ليست في الأصول.
[4] في الأصل: «وعلى الأدب على الشريف» .(21/8)
أمغرى بالدلال دع الملالا ... فمن يدم السري يجد الكلالا [1]
ولا تنس الإخا واذكر عهودا ... عهدنا للسرور بها انقبالا [2]
ولو حملت ما حملت من ضنبا؟ ... من الهجران لم تطق احتمالا
ولست وإن حملت رسيس وجد ... بهجرك مزمعا عنك احتمالا
فهب لمتيم يهواك قلبا ... يحاذر من تقلبك اغتيالا
وإن تك غير منّان بوصل ... فزر بخيالك الدنف الخيالا
مولده سنة سبع وتسعين بهيت- وقيل: سنة خمس وتسعين وأربعمائة تقريبا، وتوفي يوم الأربعاء لسبع بقين من ربيع الأول سنة خمس وسبعين وخمسمائة، ودفن من الغد [عند قبر] [3] الإمام أحمد.
وذكر أبو بكر بن مشّق: أنه توفي ليلة الخميس رابع عشر ربيع الآخر.
5- مُحَمَّد بن الحسين بن عبد الله بن يوسف بن الشّبل بن أسامة، أبو علي الشاعر [4] :
من أهل الحريم الطاهري صاحب الديوان المشهور، وحدث عن أبي الحسن أحمد ابن علي بن الباذي والأمير أبي مُحَمَّد الْحَسَن بْن عِيسَى بْن المقتدر بالله، وكان أبو علي هذا إماما في النحو واللغة وعلم الأدب، وعلق عنه الحافظ أبو بكر الخطيب شيئا من رسائله.
ومن شعره:
يا قلب مالك لا تفيق وقد ... رأت عيناك ذلّ مصارع العشاق
فبكت بك الحدق الحسان ولم تزل ... تشكي [إليك] [5] جناية الأحداق
لو مس وجدي عين [6] عذبه ... والنار أذهلها عن الإحراق
صروا على أبياتكم بلديغكم ... يشفي ولا سعة هلاك الراقي
واستوهبوا لي نظرة تحيي بها ... ما مات مني أن يموت الباقي
فوقى العقارب في السوالف رشفها ... والسم ممتزج مع الترياق [7]
__________
[1] في المصدر السابق: «يجد الملالا» .
[2] في الأصل: «أقفهالا» .
[3] ما بين المعقوفتين زيادة ليست في الأصل.
[4] انظر: الوافي بالوفيات 3/11- 16. وفوات الوفيات 2/244.
[5] ما بين المعقوفتين زيادة ليست في الأصل.
[6] هكذا في الأصل.
[7] في الأصل: «التياقي» .(21/9)
مولده في سنة إحدى وأربعمائة، وتوفي في الحادي والعشرين من المحرم سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة، ودفن بباب حرب.
وكان سماعه من الباذي غريب الحديث. وهو أحد المجودين [1] من الشعراء- رحمه الله تعالى.
6- محمد بن حماد بن المبارك بن محمد بن حيان الشيباني المحرزي أبو نزار [2] [3] :
من أهل باب الأزج، ذكره أبو عبد الله محمد بن محمد الأصبهاني في كتاب «الخريدة» الذي جمعه في شعراء العصر، وأجازني روايته عنه، قال: محمد بن حماد ابن المحرزي أديب فاضل من أهل [العلم] [4] ، متطرف من كل فن، وكان مشغوفا بالجمع والتصنيف، توفي ستين وخمسمائة.
فمن شعره قوله:
فتنتني فتانة الألحاظ ... صعبة الطوع سهلة الألفاظ
خدلة عبلة [5] كعوب لعوب ... بعقول النّسّاك والوعاظ
ريقها يبرد الغليل ويشفي [6] ... سقم القلب من لهيب الشواظ [7]
لست آسي عليك وصلا ولكن ... لذة الحب بعد لوك المظاظ
7- محمد بن محمد بن خلف بن الحسين بن المنى، أبو بكر البندنيجي المعروف بحنفش [8] :
أسمعه والده الحديث في صباه من أبي محمد الصريفيني وأبي الحسين بن النقور وأبي القاسم عبد الله بن الحسن الخلال وعلي بن أحمد بن محمد بن البسري.
أخبرنا شهاب بن محمود المزكي بهراة قال: سمعت أبا سعد بن السمعاني يقول:
محمد بن أحمد بن خلف البندنيجي أبو بكر نزل بغداد، وسكن النظامية، وتفقه على
__________
[1] في الأصل: «الموحدين» .
[2] انظر: المحمدون من الشعراء 1/302.
[3] في الأصل: «أبو مراد» . والتصحيح من المصدر السابق.
[4] ما بين المعقوفتين زيادة من المصدر السابق.
[5] في الأصل: «جدلة عبدلة» .
[6] في الأصل: «العليل ولسعي» .
[7] في الأصل: «الشظا» .
[8]- انظر: الأنساب للسمعاني 2/339. والطبقات للسبكي 4/68.(21/10)
أبي سعد المتولي، فكان يتكلم في المسائل، وكان عسرا في الرواية، سيئ الأخلاق، ضجورا، أدار إلى أصحاب الحديث يتبرم بهم، وسمعت غير واحد ممن أثق بهم إنه كلّ بالصلوات، وليست له طريقة محمودة.
وسمعت أبا نصر الفتح بن أحمد بن عبد الباقي اليعقوبي بنيسابور يقول: قيل لحنفش إن ابن السمعاني ذكرك في «المذيل» وجرحك، فقال: ترى أخرج عني الدم؟.
سألته عن مولده، فقال: بعد قتل البساسيرى، وكان قتله في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة.
كتب إليّ أبو المعالي بن الصناع أن حنفش توفي يوم الخميس من شهر رمضان سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة، ودفن بالوردية وقيل: إنما لقب «حنفشا» لأنه كان حنبليّا ثم صار حنفيّا ثم صار شافعيّا.
8- محمد بن سعيد بن إبراهيم بن سعيد بن نبهان، أبو علي بن أبي الغنائم الكاتب [1] :
من أهل الكرخ أسمعه جده لأمه أبو الحسين هلال بن المحسن الصابئ من أبي علي الحسن بن أحمد بن أدهم بن شاذان وابن الحسن بشرى بن عبد الله الفاتني وأبي علي الحسن بن الحسين بن دوما النعالي، ولم يبق على وجه الأرض من يروي عن هؤلاء الأربع غيره و [قرأت] [2] عنه بخط أبي بكر الخطيب.
أخبرنا أبو محمد بن الأخضر، قال: أنشدنا محمد بن ناصر من لفظه، قال: أنشدنا أبو علي بن نبهان لنفسه:
أسعدنا من وفّقه الله ... لكل فعل منه يرضاه
ومن رضى من رزقه بالذي ... قدّره الله وأعطاه
واطرح الحرص وأطماعه ... في نيل ما لم يعطه مولاه
طوبى لمن فكر في بعثه ... من قبل أن يدعو به الله
واستدرك الفارط فيما مضى ... وما نسى والله أحصاه
فالموت حتم في جميع الورى ... طوبى لمن تحمد عقباه
__________
[1] انظر: الوافي بالوفيات للصفدي. 3/104. والمحمدون من الشعراء 2/485.
[2] ما بين المعقوفتين كلمة مطموسة في الأصل.(21/11)
وكل من عاش إلى غاية ... في العمر فالموت قصاراه
يعلمه [1] حقا يقينا بلا ... شك ولكن يتناساه [2]
كأنما خص به غيرنا ... أو هو خطب نتوقاه [3]
قال أبو العلاء محمد بن جعفر بن عقيل البصري: كان شيخنا أبو علي بن نبهان إذا مكثوا أصحاب الحديث عنده زمانا فقال: قوموا واخرجوا فإن عندي مريضا. بقي على هذا سنين، فكان الناس يقولون «مريض ابن نبهان قط لا يبرئ» .
مولده سنة إحدى عشرة وأربعمائة، وتوفي في ليلة الأحد السابع عشر من شوال سنة إحدى عشرة وخمسمائة، ودفن يوم الأحد في داره بالكرخ، وبلغ من العمر ستا وتسعين سنة.
قال الحافظ أبو الفضل محمد بن ناصر: ولم يكن من أهل الحديث، وكان رافضيا.
9- محمد بن سَعِيد بْن يَحيى بْن عليّ بْن الحجاج بن محمد بن الحجاج بن مهلهل بن مقلد، أَبُو عَبْد اللَّه بْن أَبِي المعالي بْن أبي طالب الدّبيثي [4] :
من أهل واسط، ذكر أنه ولد بواسط في يوم الأحد بعد صلاة الظهر السادس والعشرين من رجب سنة ثمان وخمسين وخمسمائة.
وقرأ القرآن بالروايات السبع والعشر على أبي الحسن علي بن المظفر خطيب شافياء [5] وعلى أبي بكر الباقلاني، وهما من أصحاب القلانسي، وتفقه على المجير محمود بن المبارك البغدادي لما قدم عليهم واسط. قال: وعلقت عنه الأصلين والخلاف. وقرأ الأدب على شيخنا مصدق؛ وسمع الحديث بواسط من القاضي أبي طالب محمد بن علي بن الكتاني، ورحل إلى بغداد مرارا، وسمع بها من أبي العز محمد ابن محمد بن الخراساني وأبي الفتح بن شاتيل وأبي السعادات القزاز [6] وأبي العلاء بن عقيل وعبد الجبار بن الأعرابي، وظاعن [7] بن محمود الخياط وأبي منصور البغدادي
__________
[1] في الأصل: «تعلمه» .
[2] في الأصل: «تناساه» .
[3] في الأصل: «نتناساه» .
[4] انظر: طبقات الشافعية للسبكي 5/26. وتذكرة الحفاظ 4/199. والوافي بالوفيات 3/102.
ووفيات الأعيان 4/28، 29.
[5] في الأصل: «سافياء» .
[6] في الأصل: «القرار» .
[7] هكذا في الأصل.(21/12)
في آخرين، وكان حسن الصحبة وجميل الأخلاق والتودد والديانة وحسن الطريقة.
أنشدني أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ يحيى الحافظ لنفسه:
مدارك أعلام الشريعة أصلها ... حديث رسول الله إذ كان يشرع
فكن جامعا منه لما صح نقله ... فقد فاز من أمسى لما قال يجمع
ولا تستمع من كان فيه مفندا ... فلتدين [1] الحكماء عن الخير تدفع
توفي أبو عبد الله بن الدبيثي في يوم الإثنين ثمان خلون من شهر ربيع الآخر سنة سبع وثلاثين وستمائة، ودفن من الغد بالوردية. وكان قد أضر في آخر عمره.
10- محمد بن سليمان بن قترمش [2] بن تركانشاه السمرقندي أبو منصور [3] :
من أولاد الأمراء، وكان أديبا فاضلا، له النثر والنظم الجيد، يحفظ كثيرا من الحكايات والأشعار والنوادر ويكتب خطا مليحا، وكان عارفا بالنحو واللغة والحساب والفلسفة، وكان قليل الدين لا يعتقد شيئا.
أنشدنا أبو منصور محمد بن سليمان لنفسه بالمدرسة النظامية:
يبكي عليك وحقه يبكيكا ... صب بمهجة نفسه يفديكا
ظمآن من شوق إليك وربه ... لو كنت تنقعه مراشف فيكا
يا مسلمي لصدوده وبعاده ... رفقا سلمت فبعض ذا يكفيكا
زعموا بأنك في الجمال كيوسف ... صدقوا فرفقا يوسف يأتيكا
مولده في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة، وتوفي عشية الإثنين السادس والعشرين من ربيع الآخر سنة عشرين وستمائة، وصلى عليه بالمدرسة النظامية، ودفن بالشونيزية.
__________
[1] هكذا في الأصل.
[2] هكذا في الأصل، وفي معجم الأدباء: «قطرمش» .
[3] انظر: معجم الأدباء 18/205. والمحمدون من الشعراء 2/487.(21/13)
11- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الصَّمَدِ بْن المهتدي بالله أبو الفضل [1] :
من أهل باب البصرة، كان خطيبا بجامع المنصور مدّة ثم تولى الخطابة بجامع القصر، وكان من أهل الديانة مديما للصيام، قرأ القرآن على أبي الخطاب أحمد بن علي بن عبد الله الصوفي، وسمع أباه وأبا القاسم عبد الله بن الحسن الخلال وأبا الحسين أحمد بن محمد بن النقور وأبا القاسم على بن أحمد بن البسري.
مولده في العشر الأول من ذي الحجة سنة تسع وأربعين وأربعمائة، وتوفي في يوم الجمعة العشرين من جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وخمسمائة، ودفن يوم السبت في باب حرب على أبي الوفا بن القواس.
12- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ محمد بن الحسين بن علي الظريف [2] بن محمد بن أبي بكر أحمد بن الحسن بن سهل بن عبد الله الفارسي، أبو الحياة بن أبي القاسم بن أبي الفتح بن أبي بكر الشاه بوري الواعظ [3] :
من أهل بلخ، سافر أبو الحياة في طلب العلم وجال في خراسان وما وراء النهر؛ سمع ببلخ أباه وأبا حفص عمر بن علي المحمودي وأبا بكر محمد بن محمد الخلمي وأبا الشجاع عمر بن أبي الحسن بن عبد الله البسطامي؛ وبخوارزم محمود بن محمد بن عباس بن أرسلان وأبا حامد محمد بن إبراهيم بن أبي زكريا الفارابي، وبمصر أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ غدير، وبالإسكندرية أبا طاهر السلفي وأقام عنده زمانا، وروى السلفي عنه، وكان يعظمه ويبجله ويعجب بكلامه؛ ثم قدم بغداد مرات، ثم استوطنها إلى حين وفاته.
وكان يعقد مجلس الوعظ بالنظامية، وكان فاضلا عالما مليح الوعظ، حسن الإيراد، حلو الاستشهاد، رشيق المعاني، لطيف الألفاظ، فصيح اللهجة؛ له يد باسطة في تنميق الكلام وتزويقه، وكان يرمي بأشياء منها شرب الخمر وشرى الجواري المغنيات وسماع الملاهي المحرمة، وأخرج عن بغداد مرارا لأجل ذلك.
سمعت عبد العظيم بن عبد القوي المنذري الحافظ بالقاهرة يقول: سمعت شيخنا
__________
[1] انظر: النجوم الزاهرة 5/273. وطبقات القراء 2/176.
[2] في الأصل: «الطريف» .
[3] انظر: الوافي بالوفيات 3/343.(21/14)
الحافظ أبا الحسن علي بن المفضل المقدسي يقول: كتب البلخي مرة رقعة إلى شيخنا الحافظ السلفي وكتب على رأسها «فراش لمعة وفراش سمعة» قال: فأعجب بها شيخنا كثيرا وكان يكررها.
ويقال إنه كان يسب الصحابة [1] كثيرا. مولده في أوائل سنة ثلاثين وخمسمائة في ربيع الأول منها، وتوفي في يوم الجمعة التاسع عشر من صفر سنة ست وسبعين وخمسمائة- رحمه اللَّهِ.
13- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ [بْنِ] [2] أبي الفضل السّلميّ، أبو عبد الله [3] :
من أهل مرسية من بلاد الأندلس- قدم علينا بغداد شابا طالبا للعلم قافلا من مكة سنة خمس وستمائة، وأقام يسمع من شيوخنا الحديث ويقرأ الفقه والخلاف والأصلين بالمدرسة النظامية، ثم إنه سافر إلى خراسان وسمع بنيسابور وهراة؛ وحدّث ببغداد بكتاب «السنن» لأبي بكر البيهقي [4] عن منصور بن عبد المنعم الفراوي.
وكان من الأئمة الفضلاء في جميع فنون علم [5] الحديث وعلوم القرآن والفقه والخلاف والأصلين والنحو واللغة، وله قريحة حسنة، وفهم ثاقب، وتدقيق في المعاني، وله مصنفات في جميع ما ذكرناه من العلوم، وهو مشتغل بذلك في جميع أوقاته، وله النظم والنثر المليح، ومع ذلك فهو زاهد متورع، حسن الطريقة، متدين، كثير العبادة، متعفف، نزه النفس، قليل المخالطة للناس، ما رأيت في فنه مثله.
أنشدنا الإمام أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي الفضل السلمي لنفسه:
من كان يرغب في النجاة فما له ... غير اتباع المصطفى فيما أتى
ذاك السبيل المستقيم وغيره ... سبل الضلالة والغواية والردى
فاتبع كتاب الله والسنن التي ... صحت فذاك إذا اتبعت هو الهدى
ودع السؤال بكم وكيف فإنه ... باب يجر ذوي البصيرة للعمى
__________
[1] في الوافي: «يدس سب الصحابة» .
[2] ما بين المعقوفتين زيادة من الوافي.
[3] انظر: الوافي بالوفيات 3/354. وشذرات الذهب 5/269. ومعجم الأدباء 18/209- 213.
[4] في الوافي: «حدث بالسنن الكبير للبيهقي وبغريب الحديث للخطابي» .
[5] في الأصل: «في جميع فنون العلم»(21/15)
الدين ما قال الرسول وصحبه ... والتابعون ومن مناهجهم قفى
وله أيضا: قالوا فلان قد أزال بهاءه [1] ... ذاك العذار وكان بدر تمام
فأجبتهم: بل زاد نور بهائه ... ولذا تزايد فيه فرط [2] عرامي
استقصرت ألحاظه فنكأتها ... فأتى العذار يمدها بسهام
مولده بمرسية في سنة سبعين وخمسمائة. قلت وتوفي بين الزعقة والعريش من منازل الرمل وهو متوجه من مصر إلى دمشق في النصف من شهر ربيع الأول من سنة خمس وخمسين وستمائة، ودفن في بقعة بتل الزعقة- رحمه الله.
14- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سلمان، أبو الفتح بن أبي القاسم الحاجب المعروف بابن البطي [3] :
من ساكني الصاغة من دار الخلافة، محدّث بغداد في وقته، [به] [4] ختم الإسناد، وكان أبواه صالحين، فعاد عليه بركتهما، سمع بإفادة أبي بكر بن الخاضبة، وأخذ له الإجازات من الشيوخ، وكان شيخا صالحا، حسن الطريقة، مليح الأخلاق، محبّا للتحديث، صدوقا، أمينا، سمع أبا عبد الله مالك بن أحمد بن علي البانياسي وأبا الخطاب نصر بن أحمد بن البطر وأبا عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ النعالي والنقيب طراد [بن محمد] [5] الزينبي وأبا محمد عبد الله بن علي بن ذكري الدقاق وأبا محمد رزق الله التميمي وأبا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَبِي نصر الحميدي وأبا بكر أحمد بن عمر السّمرقندي. وروي عنه جماعة من الحفاظ الأكابر.
مولده في يوم السبت رابع عشري جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وأربعمائة، وتوفي في ليلة الجمعة، ودفن يوم الجمعة ثامن عشري جمادى الأولى سنة أربع وستين وخمسمائة بباب أبرز [6] .
__________
[1] في الأصل: «بهاده» .
[2] في الأصل: «فرظ» .
[3] انظر: شذرات الذهب 4/213. والوافي بالوفيات 3/209. والعبر 4/188.
[4] ما بين المعقوفتين زيادة من الوافي.
[5] ما بين المعقوفتين زيادة من العبر.
[6] في الأصل: «ببابيرز» .(21/16)
15- مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمن بن الربيع بن ثابت بن وهب بن مشجعة بن الحارث [1] بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري، أبو بكر بن أبي طاهر البزاز [2] :
من أهل النصرية، بكر به أبوه فأسمعه من أبي إسحاق إبراهيم البرمكي والقاضي أبي الطيب طاهر بن عبد الله الطبري وأبي الحسن محمد بن أحمد بن الآبنوسي، وأبي الحسن علي بن أبي طالب المكي وأبي الفضل هبة الله بن أحمد بن المأموني، فهؤلاء تفرد بالرواية عنهم. وسمع أيضا بنفسه القاضي أبا يعلى الفراء وعبد العزيز الأنماطي وعبد الله بن الحسن الخلال والقاضي أبا المظفر صاحب إبراهيم النسفي.
وقرأ بنفسه وكتب بخطه، وتفقه في صباه على القاضي أبي يعلى بن الفراء. وقرأ الفرائض والحساب والهندسة حتى برع في جميع ذلك، وله فيه مصنفات.
قرأت بخط أبي الفضل بن سامع: سمعت أبا محمد بن الخشاب يقول: سمعت قاضي المرستان- يعني محمد بن عبد الباقي- يقول: نظرت في كل علم وحصلت منه بعضه [3] أو كله إلا هذا النحو، فإني قليل البضاعة فيه.
أخبرني شهاب بن محمود المزكي بهراة قال: أنبأني أبو سعد بن السمعاني قال:
محمد بن عبد الباقي الأنصاري أسند شيخ بقي على وجه الأرض، وكانت إليه الرحلة من أقطار الأرض، عارف بالقوم، متدين، حسن الكلام، حلو المنطق، مليح المحاورة، ما رأيت أجمع للفنون منه، وكان سريع النسخ، حسن القراءة للحديث. سمعته يقول:
ما أعرف أني ضيعت ساعة من عمري في لهو أو لعب.
مولده في صفر سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، وتوفي في رجب سنة خمس وثلاثين وخمسمائة، ودفن بباب حرب قريبا من بشر الحافي؛ وأوصى أن يكتب على لوح قبره: قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ.
16- مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أبي الحسن مسعود بن أحمد بن الحسين ابن محمد المسعودي، أبو عبد الله البنجديهي الصّوفي [4] :
__________
[1] في الأصل: «بن الحرب» .
[2] انظر: شذرات الذهب 4/108. والعبر في خبر من غبر 4/96.
[3] في الشذرات: «كله أو بعضه» .
[4] انظر: الأنساب، للسمعاني 2/333. ومعجم الأدباء 18/215، 216.(21/17)
هكذا رأيت نسبه بخطه- رحل في طلب الحديث وطاف الأقطار: خراسان والعراق وآذربيجان والجزيرة وديار مصر والشام، وكان من الفضلاء في كل فن في الفقه والحديث والأدب، وله مصنفات: منها «شرح المقامات» .
سمع ببلده أباه أبا السعادات عبد الرحمن وأبا الفضل عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بن شراف، وبسجستان أبا محمد عبد الله بن عمر بن أبي بكر السجزي، وببلخ أبا شجاع عمر بن محمد بن عبد الله البسطامي وأبا الفتح حمزة بن محمد بن الحسون، وبنيسابور أبا بكر محمد بن علي الزاهد الطوسي وأبا المظفر محمد بن الحسن بن الحسين الزاهد، وبكرمان أبا المعالي إسماعيل بن الحسين المقرئ اللغوي، وبأصبهان أبا بكر محمد بن إبراهيم بن محمد الصالحاني، وبهمذان أبا الفرح ظهير بن زهير بن علي الرفاد، بتبريز أبا الصنوف إبراهيم بن الحسن بن إبراهيم الحريري، وببغداد أبا المظفر محمد بن أحمد بن التريكي وأبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان وأبا محمد عبد الواحد بن الحسين البارزي، وبالموصل أبا محمد عبد الرحمن بن أحمد الطوسي، وبديار بكر أبا عبد الله مروان بن علي بن سلامة الوزير، وبمصر أبا محمد عبد الله بن رفاعة ابن غالب وأبا محمد عبد الله بن برى [1] ، وبالإسكندرية أبوي طاهر أحمد بن محمد السلفي وإسماعيل بن مكي بن عوف.
كتب إلى عبد الخالق بن صالح بن زيدان المكي وأنشدني عنه ياقوت الحموي بحلب، قال: أنشدني محمد بن عبد الرحمن بن محمد المسعودي لنفسه:
قالت عهدتك تبكي ... دما حذار التنائي
فلم تعوضت عنها ... بعد الدماء بماء؟
فقلت: ما ذاك مني ... لسلوة أو عزاء [2]
لكن دموعي شابت ... من طول عمر بكائي
توفي المسعودي في ليلة السبت التاسع وَالعشرين من شهر ربيع الأول، سنة أربع وثمانين وخمسمائة بدمشق، ودفن بسفح قاسيون. وذكر أن مولده في سنة إحدى وعشرين وخمسمائة.
__________
[1] في الأصل: «بن نرى» .
[2] في الأصل: «لسلوة وعزاء» .(21/18)
17- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّهِ بْن عَبْد اللَّه، أَبُو الفتح الكاتب [1] :
سبط المبارك بن المبارك، المعروف بابن التعاويذي، من ساكني دار الخلافة، وكان شاعرا مجودا رشيق الألفاظ مليح المعاني رقيق الغزل حلو العبارة، أكثر القول في الغزل وحدّث بشعره.
أخبرنا أبو الحسين بن الوارث قال: أنشدنا ابن التعاويذي لنفسه:
أمط اللثام عن العذار السائل [2] ... ليقوم عذري فيك عند عواذلي
واغمد لحاظك قد فللت تجلدي ... واكفف سهامك قد أصبت مقاتلي
لا تجمع الشوق المبرح والقلى ... والبين لي أحد [3] الثلاثة قاتلي
يكفيك ما تذكيه بين جوانحي ... لهواك نار لواعجي وبلابلي
وهناك أني لا أدين صبابة ... لهوى سواك ولا ألين لعاذلي
بت لاهيا جذلا بحسنك إنني ... مذّ بتّ في شغل بحزني شاغل
واعطف على جلد كعهدك في الهوى ... واه وجسم مثل خصرك ناحل
ويلاه من هيف بقدك ضامن ... تلفي ومن كفل بوجدي كافل
وبنفسي الغضبان لا يرضيه غي ... ر دمي وما في سفكه من طائل [4]
تصمي نبال جفونه قلبي فلا ... شلت وإن أصمت يمين النابل
ويهز قدا كالقناة لحاظه ... لمحبه منها مكان العامل
عانقته أبكي ويبسم ثغره ... كالبرق أو مض في غمام هاطل
فألين في الشكوى لفاس قلبه ... وأجد في وصف الغرام الهازل
أخبرنا علي بن المبارك بن علي الحلاوي [5] ، قال: أنشدنا ابن التعاويذي لنفسه:
تعشقته واهي المواثيق مذاقا ... نرى كل يوم في الهوى منه أخلاقا
أشد نفارا من جفوني عن الكرى ... وأضعف من عزمي على الصبر [6] سباقا
كثير التجني كما قل عطفه ... على عاشقيه زاده الله عشاقا
__________
[1] انظر: العبر في خبر من غبر 4/253. ووفيات الأعيان 4/90. والوافي بالوفيات 4/11.
ومعجم الأدباء 18/235- 249.
[2] في الأصل: «السائلى» .
[3] في الأصل: «والبين في أحد» .
[4] في الأصل: «من كايل» .
[5] هكذا في الأصل.
[6] في الأصل: «عيزى على الصب» .(21/19)
يجول [1] على متنيه سود غدائر ... كما نفض الغصن المرنح أوراقا
وقالوا نجا من عقرب الصدغ خده ... فقلت اعترفتم أن [في] [2] فيه درياقا
شكوت إليه ما أجن فقال لي ... هل الوجد إلا أن تجن وتشتاقا
إذا ما تعشقت الحسان ولم تكن ... صبورا على البلوى فلا تك عشاقا
مولده في يوم الجمعة عاشر رجب سنة تسع عشرة وخمسمائة، وتوفي يوم السبت ثامن عشر شوال سنة أربع وثمانين وخمسمائة، وكان قد أضر في آخر عمره.
18- محمد بن علي بن الحسن المؤذّن، أبو عبد الله الترمذي المعروف بالحكيم [3] :
كان إماما من أئمة المسلمين، له المصنفات الكبار في أصول الدين ومعاني الأحاديث، وله كتاب «نوادر الأصول» . حدث عن والده وعن قتيبة بن سعيد وإبراهيم بن يوسف الحضرمي وعلي بن حجر وقبيصة بن عقبة السوائي وصالح بن محمد ومحمد بن علي الشقيقي ومحمد بن مؤيد الواسطي وعمر بن أبي عمر العبدي ومحمد بن موسى الحرشي ومحمد بن بشار وسفيان بن وكيع.
19- محمد بن علي بن الحسن بن صدقة الحراني البزّاز، أبو عبد الله التاجر، يعرف بابن الوحشي:
من أهل حران؛ سمع بنيسابور صحيح مسلم وغيره من أبي عبد الله الفراوي، وعاد إلى الشام، واستوطن بدمشق، وبنا بها مدرسة لأصحاب أحمد بن حنبل.
مولده سنة سبع وثمانين وأربعمائة، وتوفي ليلة الثلاثاء سادس عشر ربيع الآخر سنة أربع وثمانين وخمسمائة.
20- مُحَمَّد بن عَلِيّ بن عُبَيْد اللَّهِ بن أحمد بن صالح بن سليمان بن ودعان، أبو نصر [4] :
من أهل الموصل؛ وكان يتولى القضاء بها. قدم بغداد مرارا. قال السلفي: ليس بثقة.
__________
[1] في الأصل: «يجيل» .
[2] ما بين المعقوفتين زيادة من الديوان.
[3] انظر: «طبقات الشافعية» للسبكي 2/20. والأعلام للزركلي 7/156.
[4] انظر: لسان الميزان 5/305. واللبان 3/264. والأعلام 6/277.(21/20)
قَرَأْتُ بخط أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن ناصر قال: رأيت القاضي بن ودعان [1] لما دخل بغداد وحدث بها ولم أسمع منه شيئا لأنه كان متهما بالكذب. وكتابه في الأربعين سرقه من زيد بن رفاعة، وحذف منه الخطبة، وركب على كل حديث منه رجلا أو رجلين إلى شيخ زيد بن رفاعة؛ وزيد بن رفاعة وضعه أيضا وكان كذّابا، وألّف بين كلمات قد قالها النبي صلّى الله عليه وسلّم وبين كلمات من كلام لقمان والحكماء وغيرهم، وطول الأحاديث.
مولده سنة اثنتين وأربعمائة في شعبان بالموصل، وتوفي في محرم سنة أربع وتسعين وأربعمائة.
21- مُحَمَّد بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن العربي، أبو عبد الله الطائي [2] :
من أهل الأندلس؛ ولد بمرسية ونشأ بها ودخل بلاد الشرق وبلاد الشام ودخل بلاد الروم، وصنف كتبا في علم التصوف [3] وفي أخبار المشايخ، وكان ورعا زاهدا.
أنشدني أبو عبد الله محمد بن العربي لنفسه بدمشق:
أيا حائرا ما بين علم وشهوة ... ليتصلا ما بين ضدين من وصل
ومن لم يكن يستنشق الريح لم يكن ... يرى الفضل للمسك الفتيق على الزبل
مولده في الإثنين سابع عشر رمضان سنة ستين وخمسمائة بمرسية، وتوفي ليلة الجمعة الثاني والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وستمائة بدمشق، ودفن بقاسيون.
22- محمد بن علي بن ميمون بن محمد، أبو الغنائم النّرسيّ، المعروف بأبي [4] :
من أهل الكوفة. كان من حفاظ الحديث، سمع بالكوفة أبا عبد الله محمد بن علي ابن الحسن العلوي وأبا الحسن محمد بن إسحاق بن فلوية وأبا المثنّى دارم، ثم قدم بغداد وسمع بها أبا الحسن أحمد بن محمد بن كامل وأبا نصر أحمد بن عبد الله الثابتي
__________
[1] في الأصل: «بن ردعان» .
[2] انظر: فوات الوفيات 2/300. والوافي بالوفيات 4/73- 178. ونفح الطيب 1/567.
[3] في الأصل: «علم القوم» .
[4] انظر: النجوم الزاهرة 5/212. والعبر في خبر من غبر 3/22. وتذكرة الحفاظ 4/1260.
والوافي بالوفيات 4/143، 144.(21/21)
وأبا الفتح أحمد بن علي بن محمد الأيادي وأبا الحسين أحمد بن محمد بن قفرجل وأبا محمد الحسن بن عبد الواحد بن سهل الدياج وأبا عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْن بن مُحَمَّدِ بْنِ طاهر وأبا إسحاق إبراهيم بْن عمر بْن أَحْمَد البرمكي وأبا محمد الجوهري والقاضي أبا الطيب طاهر الطبري وآخرين، وكتب بخطه كثيرا لنفسه وتوريقا للناس، وجمع مجموعات حسان في فنون ورواها.
قَرَأْتُ بخط أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن ناصر الحافظ السلامي وأنبأنيه عنه أبو محمد بن الأخضر قال: وفي هذا الشهر يعني شعبان من سنة عشر وخمسمائة مات الشيخ العدل أبو الغنائم محمد بن علي بن النّرسيّ الكوفي المقرئ المحدّث بحلة بني مزيد، وكان قد خرج من بغداد مريضا ليذهب إلى الكوفة، فمات يوم السبت السادس عشر من شعبان، وحمل إلى الكوفة ودفن هناك، وكان شيخا ثقة مأمونا فهما للحديث، عارفا بالحديث كثير تلاوة القرآن بالليل، وكان مولده على ما أخبرنا بذلك في شوال سنة أربع وعشرين وأربعمائة، فرحمه [الله] فما رأينا مثله في وقته.
23- مُحَمَّد بْن عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْن أَبِي عِيسَى المديني، أَبُو موسى بن أبي بكر الحافظ [1] :
من مدينة أصبهان، أحد الأئمة الحفاظ المشهورين، انتشر علمه في الآفاق. سمع منه أقرانه، وكثر عنه الحفاظ، واجتمع له ما لم يجتمع لغيره. قرأ القرآن في صباه بالروايات؛ وتفقه على مذهب الشافعي على أبي عبد الله الحسن بن العباس الرستمي، وقرأ النحو واللغة حتى مهر فيهما. وأسمعه والده في صباه من أبي سعد محمد بن علي ابن محمد الكاتب وأبي علي بن أحمد الحداد وأبي القاسم غانم بن محمد البرجي وأبي مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْدَوَيْهِ [2] .
وطلب هو بنفسه وقرأ على المشايخ، وكتب الكثير، ورحل إلى بغداد ودخلها في شوال سنة أربع وعشرين وخمسمائة، وحج وعاد، فأقام بها. فسمع من أبي القاسم ابن الحصين وأبي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الْأَنْصَارِيّ وأبي العز بن كادش، ومن جملة مصنفاته كتاب «تتمة معرفة الصحابة» وكتاب «تتمة الغريبين» وكتاب «الأخبار
__________
[1] انظر: تذكرة الحفاظ 4/1334. والوافي بالوفيات 4/241- 247. ووفيات الأعيان 2/414.
[2] في الأصل: «بن منلو» .(21/22)
الطوالات» وكتاب «اللطائف في المعارف» وغير ذلك.
سمعت أبا عبيد الله محمد بن محمد بن غانم الحافظ بأصبهان يقول: سمعت محمد ابن الحسين بن علي يقول: مر الشيخ أحمد الخواص على باب الشيخ أبي بكر بن أبي موسى يوم ولد أبو موسى فقيل له: «ولد اليوم للشيخ أبي بكر ابن، فقال: هذا المولود يكون ركنا من أركان الدين» .
مولده تاسع عشر ذي القعدة سنة إحدى وخمسمائة، وتوفي يوم الأربعاء منتصف النهار التاسع من جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. ودفن بالمصلى خلف المحراب؛ وصنف الأئمة في مناقبه.
24- محمد بن طاهر بن أحمد بن علي الشيباني، أبو الفضل بن أبي بكر [1] :
من أهل بيت المقدس، يعرف بابن القيسراني، رحل في طلب الحديث إلى الأقطار، وصنف كثيرا، وكان حافظا متقنا متفننا حسن التصنيف. سمع ببيت المقدس أبا الفتح نصر [بن] إبراهيم النابلسي، وبمصر أبا إسحاق إبراهيم بن سعيد الحبال [2] ، وبدمشق أبا القاسم علي بن محمد المصيصي، وبمكة أبا القاسم سعيد بن علي الزنجاني. ودخل بغداد، وسمع بها أبا الحسين أَحْمَد [بْن] [3] النقور وأبا مُحَمَّد عَبْد اللَّه الصريفيني، وسمع بأصبهان أبا عمرو عبد الوهاب بن مندة وأبا مسعود سليمان الحافظ، وبجرجان أبا القاسم إسماعيل بن مسعدة، وبهراة أبا إسماعيل عبد الله الأنصاري وخلقا كثيرا، وحدث باليسير لأنه لم يعمر؛ وروى عنه الحفاظ.
قرأت على أبي طالب بن أبي الفرج التاجر عن أبي زرعة طاهر بن حمد المقدسي قال: أنشدني والدي محمد بن طاهر لنفسه:
أضحى العذول يلومني في حبهم ... فأجبته والنار حشو فؤادي
يا عاذلي لو بت محترق الحشا ... لعرفت كيف تفتت الأكباد
صد الحبيب وغاب عن عيني الكرى ... وكأنما كانا على ميعاد
أخبرني لامع بن أحمد في كتابه أن يحيى بن عبد الوهاب بن مندة أخبره قال: محمد
__________
[1] انظر: وفيات الأعيان 1/486. والجمع 629. وميزان الاعتدال 3/75. ولسان الميزان 5/207. وآداب اللغة 3/67. والوافي بالوفيات 3/166. والأعلام 6/171، 172.
[2] في الأصل: «الجمال» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقطة من الأصل.(21/23)
ابن طاهر المقدسي أحد الحفاظ، حسن الاعتقاد، وجميل الطريقة، كان صدوقا، عالما بالصحيح والسقيم، كثير التصانيف، لازما للأثر.
قرأت على المرتضى بن حاتم بمصر عن أبي طاهر السلفي قال: سمعت الحافظ أبا الفضل محمد بن طاهر المقدسي يقول: كتبت صحيح البخاري ومسلم وأبي داود سبع مرات بالوراقة، وكتبت سنن ابن ماجة عشر مرات بالوراقة سوى التفاريق بالري.
قال الحافظ أبو الفضل بن ناصر: محمد بن طاهر ممن لا يحتج به، صنف كتابا في «جواز النظر إلى المرد» وأورد فيه حكاية عن ابن معين: رأيت جارية مليحة، صلى الله عليها، فقيل له: تصلي عليها؟ فقال: صلى الله عليها وعلى كل مليح؛ ثم قال: كان يذهب مذهب الإباحة.
مولده في شوال من سنة ثمان وأربعين وأربعمائة ببيت المقدس. قرأت في كتاب أبي الفضائل عبد الله بن أبي بكر بن الخاضبة بخطه: توفي الحافظ محمد بن طاهر المقدسي ببغداد في الجانب الغربي برباط البسطامي ضحى يوم الخميس عشرين [من] [1] شهر ربيع الأول سنة سبع وخمسمائة، ودفن في المقبرة وراء الرباط؛ وله حجات كثيرة على قدمه ذاهبا وجائيا، وراحلا وقافلا. وكان له معرفة بعلم التصوف وأنواعه متفننا فيه، ظريفا مطبوعا، وله تصانيف حسنة مفيدة في علم الحديث.
25- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن يُوْسٌف بْن مُحَمَّد الأرموي، أبو الفضل الفقيه الشافعي [2] :
بكر بن أبوه وأسمعه من القاضي أبي الخير مُحَمَّد بن علي بن المهتدي بالله وأبي الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون وأبي جعفر محمد بن المسلمة وأبي بكر أحمد ابن علي بن ثابت.
أخبرنا شهاب الحاتمي بهراة قال: أخبرنا أبو سعيد بن السمعاني قال: محمد بن عمر ابن يوسف الأرموي أبو الفضل من أهل أرمية كان قاضي دير العاقول، وهو إمام متدين ثقة صدوق صالح، حسن الكلام في المسائل، كثير التلاوة للقرآن، سألته عن مولده، فقال: في سنة تسع وخمسين وأربعمائة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين زيادة من وفيات الأعيان.
[2] انظر: الوافي بالوفيات 4/345. وطبقات الشافعية للسبكي 4/92.(21/24)
وذكر عن ابن السمعاني أن مولد الأرموي في صفر سنة تسع وخمسين، وتوفي رابع رجب سنة سبع وأربعين وخمسمائة ودفن بباب أبرز [1] مقابل التاجية.
26- محمد بن فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد بن يصل، أبو عبد الله بن أبي نصر الحميدي [2] :
سمع بالأندلس أبا القاسم أصبغ بن راشد بن أصبغ اللخمي وأبا محمد عبد الله بن عثمان القرشي وأبا العباس أحمد بن عمر بن أنس العذري وأبا عمر يوسف النمري وأبا محمد علي بن حزم الظاهري، ولازمه حتى قرأ عليه مصنفاته وأكثر عنه، وكان على مذهبه، إلا أنه لم يكن يتظاهر بذلك. ثم رحل إلى بلاد الشرق، فسمع بمصر أبا القاسم عبد العزيز بن الحسن الضراب وأبا زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري؛ وبدمياط أبا القاسم عبد البر بن عبد الوهاب بن برد الدمياطي؛ وبدمشق أبا مُحَمَّد عَبْد العزيز بن أَحْمَد الكتاني وأبا بَكْر أَحْمَد بْن علي بْن ثابت الخطيب، وكتب أكثر مصنفاته عنه؛ وبمكة أبا القاسم سعد بن علي الزنجاني. ودخل بغداد فسمع بها القاضي أبا الْحُسَيْنِ مُحَمَّد بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُهْتَدِي بِاللَّهِ وأبا جَعْفَر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن المسلمة. وانحدر إلى واسط وأقام بها مدة، وسمع بها من القاضي أبي تمام علي بن محمد بن الحسن. ثم إنه عاد إلى بغداد واستوطنها، وكتب بها الكثير عن أصحاب أبي علي بن شاذان وغيره، وصنف كثيرا في الحديث وغيره. روي عنه أبو بكر الخطيب وابن ماكولا.
ومن مصنفاته «تجريد الصحيحين للبخاري ومسلم والجمع بينهما» ، و «تاريخ الأندلس» ، وكتاب «تسهيل السبيل إلى علم الترسيل» ، ومولده قبل العشرين وأربعمائة.
وتوفي في ليلة الثلاثاء السابع عشر من ذي الحجة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، ودفن من الغد بمقبرة باب أبرز [3] بالقرب من قبر الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وصلى عليه الفقيه أبو بكر الشاشي في جامع القصر، ثم نقل بعد ذلك في صفر سنة إحدى وتسعين وأربعمائة إلى مقبرة باب حرب، ودفن عند قبر بشر الحافي.
__________
[1] في الأصل: «بباب برز» .
[2] انظر: الوافي بالوفيات 4/317، 318. ومعجم الأدباء 18/282- 286. ووفيات الأعيان 3/410.
[3] في الأصل: «باب برز» .(21/25)
27- محمد بن المبارك بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الخل، أبو الحسن بن أبي البقاء، الفقيه الشافعي [1] :
أحد الأئمة من أصحاب الشافعي درس المذهب والخلاف والأصول على أبي بكر الشاشي، وكان إماما كبيرا في معرفة المذهب، ونقل نصوص الشافعي. وكان من الورع والزهد والتقشف في غاية. وكان يصلي إماما بالإمام المقتفي لأمر الله، وصنف كتاب «التوجيه في شرح التنبيه» في مجلدين. وسمع الحديث من أبي الخطاب نصر بن أحمد بن البطر وأبي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ بن طلحة النعالي وأبي عبد الله الحسين بن علي بن البسري.
مولده يوم الأربعاء عاشر ربيع الآخر سنة خمس وسبعين وأربعمائة.
وتوفي في يوم الأربعاء خامس عشر المحرم سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة ودفن بالوردية. وله شعر لا بأس به، رحمه الله تعالى وإيانا.
28- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن القاسم بن المظفّر بن الشهرزوري، أبو حامد بن أبي الفضل [2] :
وقد تقدم ذكر والده، ورد بغداد في صباه؛ كان عالما فاضلا متضلعا من علم الأدب، وله النظم المليح، وكان موصوفا بالبذل والعطاء والجود والسخاء والتواضع.
ومن شعره «في ساق أسود» :
وأسود معسول الشمائل ناعم ال ... مفاصل مثل المسك في اللون والبشر
فبات يريني الشمس تطلع من دجى ... إذا ضم يحسدها وتغرب في فجر
وله أيضا:
لا تحسبوا أني امتنعت من البكا ... عند الوداع تجلدا وتصبرا
لكنني زودت عيني نظرة ... والدمع يمنع لحظها أن تنظرا
إن كان ما فاضت فقد ألزمتها ... صلة السهاد وسمتها هجر الكرا
مولده في سنة سبع عشرة وخمسمائة، وتوفي بالموصل في ثامن عشر جمادى الأولى سنة ست وثمانين وخمسمائة- رحمه الله تعالى.
__________
[1] انظر: وفيات الأعيان 1/467. وطبقات الشافعية 4/69. والأعلام 7/17.
[2] انظر: شذرات الذهب 4/287. والعبر في خبر من غبر 4/259. والوافي بالوفيات 1/210(21/26)
29- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن محمد الغزالي، أبو حامد بن أبي عبد الله [1] :
من أهل طوس، إمام الفقهاء على الإطلاق، ورباني الأمة بالاتفاق، ومجتهد زمانه وعين وقته وأوانه، ومن شاع ذكره في البلاد واشتهر فضله بين العباد؛ قرأ في صباه طرفا من الفقه ببلده على أحمد الرادكاني [2] ، ثم سافر إلى جرجان إلى أبي نصر الإسماعيلي، وعلق عنه التعليق، وعاد إلى نيسابور فلازم الإمام أبا المعالي الجويني، وجد واجتهد حتى برع في المذهب والأصول والخلاف والمنطق، وقرأ الحكمة والفلسفة، وفهم كلام أرباب هذا العلم، وتصدى للرد عليهم وإبطال ما ادعوه، وصنف في كل فن من هذه العلوم كتبا أحسن تأليفها وأجاد ترتيبها وترصيفها.
توفي في يوم الإثنين رابع عشر جمادى الآخرة سنة خمس وخمسمائة، وقبره بظاهر الطابران قصبة طوس.
30- محمد بن ناصر بن محمد بن علي بن عمر، أبو الفضل السلامي [3] :
كان والده من أولاد الترك، وقد رأيت بخطه في كتاب أشهد عليه فيه المعدلين محمود بن أبي منصور الناصر استوري [4]- ويعرف بمحمد- بن تكسين- ويعرف بعلي- المضافري التركي الحر، ولم يكتب لهم هذا النسب في سماع قط، توفي والده وهو صغير فكفله جده لأمه أبو حكيم الخبري الفرضي، وأسمعه في صباه شيئا من الحديث يسيرا، وأشغله بحفظ القرآن والتفقه على مذهب الشافعي؛ ثم إنه صحب أبا زكريا التبريزي وقرأ عليه الأدب، وجدّ في طلب الحديث، وصحب أبا منصور بن الجواليقي في قراءة الأدب وسماع الحديث، ثم إنه خالط الحنابلة ومال إليهم، وانتقل [5] عن مذهب الشافعي إلى مذهب ابن حنبل، وكان إماما حافظا صحيح النقل والضبط؛ سمع أبا القاسم علي بن أحمد بن البسري وأبا طاهر محمد بن أبي الصقر الأنباري وأبا عبد الله مالك البانياسي وأبا محمد رزق الله التميمي وأبا الفوارس طراد الزينبي وأبا الخطاب نصر بن البطر وأبا محمد جعفر بن أحمد السراج. وكانت له إجازات قيمة
__________
[1] انظر: وفيات الأعيان 1/463. وطبقات الشافعية 4/101. وشذرات الذهب 4/10. ومفتاح السعادة 2/191- 210. وآداب اللغة 3/79. واللباب 2/170. والأعلام 7/22.
[2] في الأصل: «الداركاني» .
[3] انظر: وفيات الأعيان 3/420.
[4] هكذا في الأصل.
[5] في الأصل: «فكفلته» .(21/27)
كابن النقور والصريفيني وابن ماكولا وغيرهم من الغرباء أخذها له ابن ماكولا في رحلته إلى البلاد.
أخبرنا شهاب بن محمود المزكي بهراة قال: حدثنا أبو سعد السمعاني قال: محمد ابن ناصر السلامي أبو الفضل سكن درب الشاكرية، حافظ ثقة ديّن خيّر متقن متثبت، له حظ كامل من اللغة ومعرفة تامة بالمتون والأسانيد، كثير الصّلاة، دائم التلاوة للقرآن، مواظب على صلاة الضحى، غير أنه يحب أن يقع في أعراض [الناس] [1] ويتكلم في حقهم. كان يطالع هذا الكتاب ويلحق على حواشيه بخطه ما يقع له من مثالبهم. سمعت جماعة من شيوخي يذكرون أن ابن ناصر وابن الجواليقي كانا يقرءان الأدب على التبريزي ويسمعان الحديث على المشايخ، فكان الناس يقولون: يخرج ابن ناصر لغوي بغداد وابن الجواليقي محدثها، فانعكس الأمر، فصار ابن ناصر محدث بغداد وابن الجواليقي لغويها.
مولده في ليلة الخميس الخامس عشر من شعبان سنة سبع وستين وأربعمائة.
وتوفي ليلة الثلاثاء الثامن عشر من شعبان سنة خمسين وخمسمائة. ودفن من الغد بباب حرب- رحمه الله تعالى.
آخر الجزء الأول من المستفاد
__________
[1] على هامش الأصل: «بئس ما فعل ... والله ما يستحقه» .(21/28)
الجزء الثاني من المستفاد من ذيل تاريخ بغداد
انتقاه كاتبه أحمد بن أيبك بن عبد الله الحسامي عرف بابن الدمياطي لنفسه ثم لمن شاء الله من بعده عفا الله عنه.
للحافظ أبى عبد الله محمد بن النجار البغدادي(21/29)
(سم الله الرّحمن الرّحيم) رب يسر وأعن
[حرف الألف]
31- إبراهيم بن أدهم بن منصور بن يزيد بن جابر بن ثعلبة بن سعد بن حلام ابن غزية بن أسامة بن ربيعة بن ضبيعة بن عجل بن نجم، أبو إسحاق الزاهد [1] :
من أهل بلخ، دخل بغداد مجتازا، وسكن الشام إلى حين وفاته، وقد طلب العلم والحديث ثم استقل بالزهد، وحدث عن أبيه أدهم وعن محمد بن زياد صاحب أبي هريرة والأعمش ومحمد بن عجلان ومنصور بن المعتمر ويحيى بن سعيد وسفيان الثوري وهشام بن حسان والأوزاعي، روي عنه بقية بن الوليد وسفيان الثوري وشقيق البلخي وسهل بن هاشم.
قال النسائي: أبو إسحاق إبراهيم بن أدهم ثقة مأمون أحد الزهاد.
وروى المؤلف بسنده إلى عطاء بن مسلم قال: ضاعت نفقة إبراهيم بن أدهم بمكة [فبقي] [2] خمسة عشر يوما يستف الرمل.
وروى أيضا إلى عبد الله بن الفرج القنطري العابد قال: اطلعت على إبراهيم بن أدهم في بستان بالشام وهو مستلق وإذا حية في فهما طاقة نرجس فما زالت تذب عنه حتى انتبه.
وروى أيضا إلى المتوكل بن الحسين قال: قال إبراهيم بن أدهم: الزهد ثلاثة أصناف: فزهد فرض، وزهد فضل، وزهد سلامة؛ فالفرض الزهد في الحرام، والفضل الزهد في الحلال، والسلامة الزهد في الشبهات.
قال محمد بن إسماعيل البخاري: مات إبراهيم بن أدهم سنة إحدى وستين ومائة، ودفن بسوقين حصن ببلاد الروم.
__________
[1] انظر: تهذيب التهذيب 1/102. الوافي بالوفيات 5/318. وتهذيب ابن عساكر 2/167- 196.
[2] ما بين المعقوفتين أثبت على الهامش الأصل.(21/31)
قَالَ أَبُو داود سُلَيْمَان بْن الأشعث: سمعت أبا توبة الربيع بن نافع يقول: مات إبراهيم بن أدهم سنة اثنتين وستين ومائة، ودفن على ساحل البحر.
32- إبراهيم بن علي بن يوسف بن عبد الله الفيروزآبادي الشيرازي [1] ، أبو إسحاق [2] :
إمام أصحاب الشافعي ومن انتشر فضله في البلاد، وفاق أهل زمانه بالعلم والزهد والسداد، وأقر بعلمه وورعه الموافق والمخالف والمعادي والمحالف، وحاز قصب السبق في جميع الفضائل وتعزى بالدين والنزاهة على كل الرذائل، وكان سخي النفس، شديد التواضع، طلق الوجه، لطيفا ظريفا، كريم العشرة، سهل الأخلاق، كثير المحفوظ للحكايات والأشعار.
ولد بفيروزآباد بليدة بفارس، ونشأ بها، ودخل شيراز، وقرأ الفقه على أبي عبد الله الأنصاري، وقرأ على أبي القاسم الداركي، وقرأ الداركي على المروزي، وقرأ المروزي علي ابن سريج، وقرأ ابن سريج على ابن الأنماطي، وقرأ ابن الأنماطي على المزني والربيع بن سليمان، وقرء على الشافعي، ثم دخل بغداد سنة خمس عشرة وأربعمائة وقرأ على القاضي أبي الطيب الطبري، ولازمه حتى برع في العلم وصار من أنظر أصحابه، وامتدت إليه الأعين وتقدم على أقرانه.
وكان يدرس بمسجده بباب المراتب إلى أن بنى له الوزير نظام الملك أبو علي المدرسة على شاطئ دجلة فانتقل إليها، ودّرس بها بعد امتناع شديد، ولم يزل يدّرس بها إلى حين وفاته.
سمع ببغداد من أبي بكر أحمد بن مُحَمَّد بن غالب البرقاني وأبي علي الحسن بن شاذان وأبي الطيب الطبري، روي عنه الخطيب الحافظ في بعض مصنفاته شيئا من شعره؛ وكان عارفا بالأدب.
ومن شعره:
__________
[1] بهامش الأصل: «الإمام الشيخ أبو إسحاق رضي الله عنه» .
[2] انظر: طبقات الشافعية للسبكي 3/88- 111. ووفيات الأعيان 1/9- 12. والعبر في خبر من غير 3/283. وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة، ترجمة 200. الجدير بالذكر أن هذه الترجمة مكانها بالمخطوط بعد ترجمة: «أحمد بن إسماعيل بن يوسف ... » . واستبدل مكانها نظرا للترتيب الهجائي.(21/32)
لبست ثوب الرجا والناس قد رقدوا ... وقمت أشكو إلى مولاي ما أجد
وقلت يا عدتي [1] في كل نائبة ... ومن عليه لكشف الضر أعتمد
وقد مددت يدي والضر مشتمل ... إليك يا خير من مدت إليه يد
فلا تردنها يا رب خائبة ... فبحر جودك يروي كل من يرد
أنشدني شهاب الحاتمي بهراة قال: أنشدنا أبو سعد بن السمعاني قال: أنشدنا أبو المظفر شبيب بن الحسين القاضي، أنشدني أبو إسحاق- يعني الشيرازي- لنفسه:
جاء الربيع وحسن ورده ... ومضى الشتاء وقبح برده
فاشرب على وجه الحبيب ... ووجنتيه وحسن خده
قال ابن السمعاني: قال لي شبيب: ثم جاء بعد [أن] [2] أنشدني هذين البيتين بمدة: كنت جالسا عند الشيخ، فذكر بين يديه أن هذين البيتين أنشدا عند القاضي يمين الدولة حاكم صور، بلدة على ساحل بحر الروم، فقال لغلامه: احضر ذاك الشأن- يعني الشراب- فقد أفتانا به الإمام أبو إسحاق، فبكى الإمام ودعا على نفسه، وقال: ليتني لم أقل هذين البيتين قط. ثم قال لي: كيف نردها من أفواه الناس؟ فقلت:
يا سيدي هيهات! قد سارت به الركبان. كان أبو إسحاق إذا بقي مدة لا يأكل شيئا صعد إلى النصرية في أعلى بغداد وكان له فيها صديق باقلاني، فكان يثرد له رغيفا ويشربه بماء الباقلاء فربما صعد إليه وكان قد فرغ من بيع الباقلاء ويغلق الباب، فيقف أبو إسحاق ويقرأ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ
ويرجّع.
كان القاضي أبو الطيب يسمى الشيخ أبا إسحاق «حمامة المسجد» للزومه واشتغاله بالعلم طول ليله ونهاره. كان الشيخ أبو إسحاق يمشي في الطريق ومعه بعض أصحابه فعرض لهما كلب، فقال ذلك الفقيه للكلب: اخسأ! وزجره، فنهاه الشيخ أبو إسحاق عن ذلك وقال: لم طردته عن الطريق؟ أما عرفت أن الطريق بيني وبينه مشترك.
قال ابن الخاضبة: سمعت الشيخ أبا إسحاق يقول: لو عرض هذا الكتاب الذي صنفته- وهو المهذب- على النبي صلّى الله عليه وسلّم [لقال] هذا هو شريعتي [التي] [3] أمرت بها أمتي.
__________
[1] في الأصل: «يا عزتي» .
[2] ما بين المعقوفتين زيادة من طبقات الشافعية.
[3] ما بين المعقوفتين زيادة من طبقات الشافعية.(21/33)
قال الحافظ السلفي: سألت أبا غالب شجاع بن فارس الذهلي عن أبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي، فقال: إمام أصحاب الشافعي والمقدم عليهم في وقته ببغداد، كان ثقة ورعا صالحا عالما بمعرفة الخلاف علما لا يشاركه فيه أحد، سمعت منه شيئا من حديثه ومصنفاته.
مولده سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، وتوفي ليلة الأحد. ودفن يوم الأحد الحادي والعشرين من جمادى الآخرة سنة ست وسبعين وأربعمائة، وقيل: إن مولده سنة خمس وتسعين.
33- أحمد [1] بن إسماعيل بن يوسف بن محمد بن العباس، أبو الخير القزويني الزاهد الرباني [2] :
رئيس أصحاب الشَّافعيّ. كَانَ إمامًا فِي المذهب والخلاف والتفسير والحديث.
ورحل من بلدة قزوين إلى نيسابور، فأقام بها عند الفقيه محمد بن يحيى، وقرأ عليه ولازمه حتى برع في العلم. دخل بغداد وعقد بها مجلس الوعظ وسارت وجوه الدولة إليه ملتفة، وكثر التعصب له، وكان يجلس بالنظامية وبجامع القصر ويحضر مجلسه الخلق الكثير والجم الغفير، ثم ولّى التدريس بالمدرسة النظامية في رجب سنة تسع وستين وخمسمائة، ودرّس بها، وعقد مجلس الوعظ إلى أوائل سنة ثمانين وخمسمائة، ثم إنه طلب العود إلى بلاده فأذن له في ذلك، فعاد إلى قزوين وأقام بها إلى حين وفاته.
سمع بقزوين أبا سعد إسماعيل، وبنيسابور أبا عبد الله الفراوي وأبا القاسم زاهرا، وأبا بكر وجيه بن طاهر الشحامي، وببغداد أبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد ابن سليمان.
وأملى بجامع القصر وبالنظامية عدة أمالي، وكان كثير العبادة، دائم الذكر، كثير الصّلاة والصيام والتهجد والتقلل من الطعام، حتى ظهر ذلك على وجهه وغيّر لونه، وكان لا يفتر لسانه من التسبيح في جميع حركاته وسائر أحواله.
مولده سنة اثنتي عشرة وخمسمائة في رمضان.
__________
[1] في الأصل: «محمد» ، والتصحيح من المصادر السابقة.
[2] انظر: العبر في خبر من غبر 4/271. وشذرات الذهب 4/300. وطبقات القراء 1/39.(21/34)
سمعت أبا المناقب محمد بن أحمد بن القزويني يقول: ولد والدي في السابع والعشرين من رمضان سنة إحدى عشرة وخمسمائة بقزوين، وتوفي بها في يوم الجمعة الحادي والعشرين من المحرم سنة تسع وثمانين وخمسمائة، رحمه الله تعالى.
34- أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر، أبو عبد الرحمن النّسائي الحافظ [1] :
أحد الأئمة الأعلام. صنف «السنن» وغيرها من الأدب، وله الرحلة الواسعة. قدم بغداد، وكتب بها عن جماعة من الشيوخ، ودخل الشام ومصر وأقام هناك إلى حين وفاته، وحدث عَنْ قتيبة بْن سَعِيد وإسحاق بْن راهويه وإسحاق بن شاهين وإبراهيم ابن سعيد الجوهري وأحمد بن بكار بن أبي ميمونة وأحمد بن جعفر بن عبد الله وأحمد ابن عبد الله بن الحكم وهناد بن السري وعيسى بن حماد زغبة وأحمد بن عيسى التستري وأحمد بن عبد الواحد بن عبود، روي عنه ابنه عبد الكريم وأبو بشر الدولابي.
قال الحاكم أبو عبد الله بن البيع الحافظ: حدثني علي بن عمر الحافظ أنه لما امتحن بدمشق- أعني النسائي- قال: احملوني إلى مكة! فحمل إلى مكة وتوفي بها. وهو مدفون بين الصفا والمروة، وكانت وفاته في شعبان سنة ثلاث وثلاثمائة.
قال أَبُو سَعِيد عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن يونس الصدفي: أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر النسائي يكنى أبا عبد الرحمن قدم مصر قديما، وكتب بها وكتب عنه، وكان إماما في الحديث، ثقة ثبتا حافظا، وكان خروجه من مصر في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثمائة، وتوفي بفلسطين يوم الإثنين لثلاث عشرة خلت من صفر سنة ثلاث وثلاثمائة.
ذكر الحافظ أبو القاسم علي بن عساكر أن أبا عبد الرحمن النسائي سئل عن مولده، فقال: يشبه أن يكون سنة خمس عشرة ومائتين.
35- أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إسحاق بْنُ موسى بن مهران، أبو نعيم الحافظ [2] :
__________
[1] انظر: وفيات الأعيان 1/21. والبداية والنهاية 11/123. وطبقات الشافعية 2/83. وتذكرة الحفاظ 2/241. وخلاصة تهذيب الكمال 1/6. وشذرات الذهب 2/239. والأعلام 1/171.
[2] انظر: وفيات الأعيان 1/26. وميزان الاعتدال 1/52. ولسان الميزان 1/201. وطبقات الشافعية 3/7 والأعلام 1/157.(21/35)
سبط محمد بن يوسف البناء. الزاهد من أهل أصبهان، تاج المحدثين وأحد أعلام الدين ومن جمع الله له في الرواية والحفظ والفهم والدراية، فكانت تشد إليه الرحال وعاجز إلى بابه الرجال.
سمع بأصبهان أباه وأبا مُحَمَّد عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فارس، وأبا القاسم سليمان بن أحمد الطبراني وأبا بكر محمد بن إسحاق بن أيوب وأبا بكر محمد بن جعفر المغازلي وأبا عمر محمد بن أحمد بن إبراهيم العسال وأبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة الحافظ وأبا إسحاق إبراهيم بن إسحاق الخشاب وأبا أَحْمَدَ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ العسكري، وبمكة أبا بكر محمد بن الحسين الآجري وأبا العباس أحمد بن إبراهيم بن علي الكندي وأبا الفضل العباس بن أحمد الجرجاني، وبواسط أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بن شعبان وأبا بكر محمد بن حبيش بن خلف الخطيب، وبالبصرة أبا بكر محمد بن علي بن مسلم، وبالأهواز القاضي أبا بكر محمد ابن إسحاق الأهوازي وأبا الحسين محمد بن أحمد بن إسحاق الدقيقي وأبا عَلِيّ الْحُسَيْن بن مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يزيد الشافعي، وبالكوفة أبا الحسين محمد بن الطاهر بن الحسين بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وأبا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن علي بن خلف ابن مطر، وبجرجان أبا أحمد محمد بن أحمد بن الغطريف، وبنيسابور أبا عمرو محمد ابن أحمد بن حمدان والحاكم أبا أحمد محمد بن محمد بن أحمد الحافظ، وخلقا كثيرا.
وجمع معجما لشيوخه، وحدث بالكثير من مسموعاته ومصنفاته. وصنف كثيرا، منها: «حلية الأولياء» و «المستخرج على الصحيحين» ذكر فيها أحاديث ساوى فيها البخاري ومسلما، وأحاديث علا عليهما فيها [1] كأنهما سمعاها منه، أو ذكر فيها حديثا كأن البخاري ومسلما سمعاه ممن سمعه منه، أو بلغ في رئاسة علم الحديث ما لم يبلغه غيره.
قرأت على محمود بن الحداد عن أبي طاهر الحافظ، قال: سمعت السيد حمزة- يعني ابن العباس العلوي الأصبهاني بهمذان- يقول: كان أصحاب الحديث في مجلس أحمد ابن الفضل الباطرقاني يقولون وأنا أسمع.
بقي أبو نعيم أربع عشرة سنة بلا نظير، لا يوجد شرقا وغربا أعلى إسنادا ولا أحفظ منه. وكانوا يقولون: لما صنف كتاب «حلية الأولياء» حمل إلى نيسابور حالة حياته، فاشترى هناك بأربعمائة دينار.
__________
[1] في الأصل: «فيهما» .(21/36)
قال الحافظ أبو بكر الخطيب: وقد رأيت لأبي نعيم أشياء يتساهل فيها، منها أن يقول في الإجازة: أنا من غير أن يبين! والله أعلم.
قال عبد العزيز النخشبي: لم يسمع أبو نعيم مسند الحارث بتمامه من أبي بكر بن خلاد، فحدث به كله!.
مولده في رجب سنة ست وثلاثين وثلاثمائة.
وتوفي بكرة يوم الإثنين العشرين من المحرم سنة ثلاثين وأربعمائة، ودفن وقت الظهر بمردنان تحت قبر أبي القاسم السوذرجاني، وصلى عليه محمد بن عبد الواحد الفقيه.
وحكى بعضهم أنه رأى في المنام قائلا يقول له: من أحب أن يستجاب دعوته فليدع عن قبر أبي نعيم سبط محمد بن يوسف- رحمه الله تعالى.
36- أحمد بن عثمان بن عَبْد الرَّحْمَن بن عبد الله بن الحسن بن أَحْمَد بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عثمان بْن أَبِي الحديد، أبو الحسن السلمي [1] :
من أهل دمشق من بيت مشهور بالحديث والرواية. سمع الحديث بدمشق من أبي طاهر الخشوعي [2] ، وسافر إلى مصر فسمع بها من أبي القاسم هبة الله التوحيدي وإسماعيل بن صالح بن ياسين.
وقدم علينا ببغداد طالبا للحديث وهو شاب في سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وسمع معنا من جماعة من أصحاب ابن الحصين وأبي بكر بن عبد الباقي وعاد إلى دمشق، ثم إنه سافر إلى أصبهان وأقام بها مدة في سنة ثمان وستمائة، وحصل من الكتب والأجزاء [3] عدة أحمال. وعاد بها إلى بلاده، ثم إنه أقام بحران وسكن بعض قراها إلى حين وفاته، وحدث هناك وكتب عنه.
أنشدني أبو الحسن أحمد بن أبي الحديد السلمي من حفظه ببغداد قال: أنشدني أبو العباس أحمد بن ناصر قال: أنشدنا محمد بن الحراني [4] لنفسه في غلام اسمه سهم وقد التحى:
__________
[1] انظر: مرآة الزمان، لبسط ابن الجوزي، ص 211.
[2] في الأصل بدون نقط.
[3] في الأصل: «الأجرا» .
[4] في الأصل: «البحراني» .(21/37)
قالوا التحى السهم قلت حصّن ... حشاك فالآن لا تطيش
فالسهم لا ينفذ الرمايا ... إلا إذا كان فيه ريش
مولده بدمشق في جمادى الآخرة سنة سبعين وخمسمائة.
وتوفي في أحد الربيعين من سنة خمس وعشرين وستمائة بالذهبانية من قرى حران، ودفن بها.
37- أحمد بن علي بن بختيار بن عبد الله، أبو القاسم الصوفي [1] :
كان والده أستاذ دار الخلافة. ونشأ أبو القاسم هذا متأدبا فاضلا، حسن الطريقة متدينا صالحا، له معرفة بالأدب، وهو مقيم برباط والده بباب الجعفرية.
أنشدني أحمد بن علي بن بختيار لنفسه:
أعاذلتي في الحب هل غير ذلك ... فإني لأسباب الهوى غير تارك
دعيني وأوصافي فلست بعاشق ... إذا رمت ميلا عن طريق المهالك
أرى الحب أن ألقي المنية مسفرا ... إذا شئت أن ألقي عذاب المضاحك
أيا ظبية الوعساء إن حال بيننا ... سباسب تنضى ناجيات الرواتك
فلست بناس وقفة لم تزل بها ... دماء المآقي سافحات المسافك
تربعت من دون الأراكة معهدا ... وغادرت عهدي بين تلك الأرائك
فقلت [2] إلى الواشي وكنت غرية ... إذا ما سعى الواشي بما غير ذلك
ألم تعلمي أني ألم بعالج ... وأشتاق آثارا حلت من جمالك
سألت أبا القاسم بن بختيار عن مولده، فقال: في أحد الربيعين سنة خمس وستين وخمسمائة.
وتوفي ليلة الخميس الثامن والعشرين من جمادى الآخرة من سنة اثنتين وأربعين وستمائة، ودفن من الغد برباط والده رحمه الله.
38- أَحْمَد بْن علي بْن ثابت بْن أَحْمَد بْن مهدي الخطيب، أبو بكر الحافظ [3] :
__________
[1] انظر: مرأة الزمان، لبسط ابن الجوازي 8/250.
[2] هكذا في الأصل.
[3] انظر: مقدمة تاريخ بغداد الجزء الأول. ومعجم الأدباء 1/248. وطبقات الشافعية 3/12.
والنجوم الزاهرة 5/87. وتاريخ ابن عساكر 1/398. ووفيات الأعيان 1/27. والأعلام 1/172.(21/38)
إمام هذه الصنعة [1] ومن انتهت إليه الرئاسة في الحفظ والإتقان والقيام بعلوم الحديث. نشأ ببغداد وقرأ القرآن بالروايات، وقرأ الفقه على القاضي أبي الطيب الطبري، وعلق عنه شيئا من الخلاف، ثم إنه اشتغل بسماع الحديث من الشيوخ ببغداد، ثم رحل إلى البصرة.
سمع سنن أبي داود من القاضي أبي عمر الهاشمي، وتوجه إلى خراسان فسمع بها من أصحاب الأصم، ثم إنه خرج إلى الشام حاجّا في سنة خمس وأربعين وأربعمائة، وسمع بدمشق وصور، وحج تلك السنة، وقرأ صحيح البخاري في خمسة أيام بمكة على كريمة المروزية.
ورجع إلى بغداد وصار له قرب من الوزير أبي القاسم بن المسلمة، فلما وقعت فتنة البساسيري ببغداد في سنة خمسين وأربعمائة وقبض على الوزير، استتر الخطيب وخرج إلى الشام، وكان يتردد ما بين صور ودمشق، ثم عاد إلى بغداد في آخر عمره.
سمع ببغداد أبا الحسن محمد بن أحمد بن رزقوية وأبا الْحَسَن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الصلت وأبا عمر عبد الواحد بن عبد الله بن مهدي، وبالبصرة القاضي أبا عُمَرَ الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الهاشمي، وبنيسابور القاضي أبا بكر أحمد الحرشي، وبأصبهان أبا نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، وبالري أبا محمد عبد الرحمن بن محمد بن فضالة، وبهمذان أبا منصور محمد بن عيسى بن عبد العزيز البزاز، وبدمشق أبا الحسين محمد بن عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن أَبِي نصر، وبصور أبا الفرج عبد الوهاب بن الحسين ابن الغزال، وبحلب أبا الفتح أحمد بن علي بن محمد النحاس.
ومن شعره:
الشمس تشبهه والبدر يحكيه ... والدر يضحك والمرجان من فيه
ومن سرى وظلام الليل معتكر [2] ... فوجهه عن ضياء البدر يغنيه [3]
زوى له الحسن حتى حاز أحسنه ... لنفسه وبقي للناس باقيه
فالعقل يعجز عن تحديد غايته ... والوهم يقصر عن فحوى معانيه
يدعو القلوب فتأتيه مسارعة ... مطيعة الأمر منه ليس تعصيه
__________
[1] أى كتابة التاريخ.
[2] في الأصل: «معتدل» .
[3] في الأصل: «تفنيه»(21/39)
سألته زروة يوما أفوز بها ... فأظهر الغضب المقرون بالتّيه
وقال لي دون ما تبغي وتطلبه ... تناول الفلك الأعلى وما فيه
رضيت يا معشر العشاق منه ... بأن أضحيت يعلم أني من محبيه
وأن يكون فؤادي في يديه لكي ... يميته بالهوى منه ويحييه
وله:
لو قيل لي ما تمنى قلت في ... عجل أخا صدوقا أمينا غير خوان
إذا فعلت جميلا ظل يشكرني ... وإن أسأت تلقاني بغفران
ويستر العيب في سخط وحال رضى ... ويحفظ الغيب في سر وإعلان
وأين في هذا الخلق عز مطلبه ... فليس يوجد ما كر الجديدان
مولده فِي يوم الخميس لست بقين من جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة.
قال: فأول ما سمعت الحديث، وقد بلغت إحدى عشرة سنة في المحرم سنة ثلاث وأربعمائة.
قال الأمير أبو نصر عليّ بْن هبة اللَّه بْن عليّ بْن ماكولا الحافظ: وبعد فإن أبا بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي كان أحد الأعيان ممن شاهدناه معرفة وإتقانا وحفظا وضبطا لحديث رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتفهما في علله وأسانيده وخبرة [1] برواته وناقليه، وعلما بصحيحه وغريبه وفرده ومنكره وسقيمه ومطروحة، ولم يكن للبغداديين بعد أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني من يجرى مجراه، ولا قام بعده مهتما بهذا الشأن سواه، فقد استفدنا كثيرا من هذا اليسير الذي نحسنه به وعنه، وتعلمنا شطرا من هذا القليل الذي نعرفه بتنبيهه ومنه، فجزاه الله تعالى عنا الخير ولقّاه الحسنى، ولجميع مشايخنا وأئمتنا ولجميع المسلمين.
حضر أبو بكر الخطيب درس الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، فروى الشيخ حديثا من رواية بحر بن كثير [2] السقائي، ثم قال للخطيب: ما تقول فيه؟ فقال الخطيب:
إن أذنت لي ذكرت حاله. فأسند الشيخ أبو إسحاق ظهره من الحائط قعد مثل ما يقعد التلميذ بين يدي الأستاذ يستمع كلام الخطيب، وشرع الخطيب في شرح أحواله ويقول: قال فيه فلان كذا، وقال فلان كذا وشرح أحواله شرحا حسنا وما ذكر فيه
__________
[1] في الأصل: «خبرية» ، والتصحيح من ابن عساكر.
[2] في الأصل: «كنيز» .(21/40)
الأئمة من الجرح والتعديل إلى أن فرغ منه، فأثنى الشيخ أبو إسحاق عليه ثناء حسنا وقال: هو دارقطني عهدنا.
لما رجع أبو بكر الخطيب من الشام كانت له ثروة من الثياب والعين، وما كان له عقب. فكتب إلى القائم بأمر الله: إني إذا مت يكون ما لي لبيت المال فأذن لي حتى أفرق مالي على من شئت! فأذن له الخليفة في ذلك، ففرقها على أصحاب الحديث.
ذكر بعض مصنفاته: «تاريخ بغداد» ، مائة وستة أجزاء، «المؤتلف والمختلف» أربعة وعشرون جزءا، «المتفق والمفترق» ثمانية عشر جزء، «تلخيص المتشابه» ، «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» ، «الكفاية» ، «رافع الارتياب في المقلوب من الأسماء والأنساب» ، «كتاب الفقيه والمتفقه» ، «السابق واللاحق» ، «المكمل في بيان المهمل» ، «تمييز المزيد [1] في متصل الأسانيد» ، «التبيين لأسماء المدلسين» ، «سهو أصحاب الحديث» ، «من وافقت كنيته اسم أبيه» ، «تقييد العلم» ، «كتاب البخلاء» ، «كتاب الطفيليين» ، «كتاب القنوت» ، «قبض العلم» ، «الغسل للجمعة» ، «الجهر بالتسمية» ، «منهج سبيل [2] الصواب في أن التسمية آية في فاتحة الكتاب» ، «من حدث ونسى» ، «صلاة التسبيح» ، «اقتضاء العلم العمل» [3] .
أنشدني جعفر بن علي الهمذاني في الإسكندرية قال: أنشدني أبو طاهر السلفي الحافظ لنفسه من مصنفات الخطيب:
تصانيف ابن ثابت الخطيب ... ألذ من الصبا الغض [4] الرطيب
تراها إذا رواها من حواها ... رياضا للفتى اليقظ اللبيب
ويأخذ حسن ما قد ضاع منها ... بقلب الحافظ الفطن الأريب
فأية راحة ونعيم عيش ... يوازي كتبها بل أي طيب
قال الحافظ أبو بكر الخطيب: من صنف فقد جعل عقله على طبق يعرضه على الناس. تقدم رئيس الرؤساء إلى الخطباء والوعاظ أن لا يرووا حديثا حتى يعرضوه على الخطيب، فما ذكر صحته أو ردوه، وما رده لم يذكروه. وأظهر بعض اليهود كتابا وادعى أنه كتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بإسقاط الجزية عن أهل خيبر وفيه شهادات الصحابة
__________
[1] في الأصل: «تخير المريد» .
[2] في الأصل: «منهج سبيل الصواب» .
[3] في الأصل: «اقتضاء للعلم العمل» .
[4] في الأصل: «الغد» .(21/41)
وذكروا أن خط علي بن أبي طالب فيه، وحمل الكتاب إلى رئيس الرؤساء، فعرضه على الخطيب، فتأمله ثم قال: هذا مزور! قيل له: ومن أين قلت ذلك؟ فقال: في الكتاب شهادة معاوية بن أبي سفيان، ومعاوية أسلم عام الفتح سنة ثمان، وخيبر فتحت سنة سبع ولم يكن مسلما في ذلك الوقت ولا حضر ما جرى، وفيه شهادة سعد بن معاذ الأنصاري ومات يوم بني قريظة بسهم أصابه في أكحله [1] يوم الخندق، وذلك قبل فتح خيبر بسنتين، فاستحسن ذلك منه ولم يجزهم على ما في الكتاب.
قال أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون: توفي الخطيب ضحوة نهار يوم الإثنين، ودفن يوم الثلاثاء ثامن ذي الحجة سنة ثلاث وستين وأربعمائة، ودفن بباب حرب إلى جنب بشر بن الحارث، وصلي عليه في جامع المنصور، وتقدم عليه الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّد بْنُ عَلِيّ بْنِ الْمُهْتَدِي بالله وتصدق بجميع ماله وهو مائتا دينار، فرق ذلك على أصحاب الحديث والفقهاء والفقراء في مرضه، ووقف جميع كتبه على المسلمين وأخرجت من حجرة تلي النظامية في نهر مقلى، وتبعه الفقهاء والخلق العظيم، وكان بين يدي الجنازة جماعة ينادون: هذا الذي كان يذب عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هذا الذي كان يحفظ حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مولده سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة.
أخبرنا أبو البركات الأمين بدمشق، أنبأنا عمي أبو القاسم الحافظ قال: قرأت بخط غيث بن علي قال أبو القاسم مكي بن عبد السلام المقدسي: كنت جالسا في منزل الشيخ أبي الحسن الزعفراني ببغداد ليلة الأحد الثاني عشر من ربيع الأول سنة ثلاث وستين وأربعمائة فرأيت في المنام عند السحر كأنا اجتمعنا عند الشيخ أبي بكر الخطيب في منزله بباب المراتب لقراءة التاريخ على العادة، فكان الشيخ الإمام جالسا والشيخ الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي عن يمينه وعن يمين الفقيه نصر رجل جالس لا أعرفه فسألت عنه، فقلت: من هذا الرجل الذي لم تجر عادته بالحضور معنا؟ فقيل لي: هذا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَاءَ ليسمع التاريخ. فقلت في نفسي: هذه جلالة للشيخ أبي بكر إذ يحضر النبي صلّى الله عليه وسلّم مجلسه، فقلت في نفسي: وهذا أيضا رد لقول من يعيب التاريخ ويذكر أن فيه تحاملا على أقوام- رحمه الله.
__________
[1] في الأصل: «كحله» .(21/42)
39- أحمد بن علي بن محمد بن برهان الوكيل، أبو الفتح الفقيه الشافعي [1] :
تفقه في صباه على مذهب أحمد بن حنبل على أبي الوفاء بن عقيل، ثم انتقل إلى مذهب الشافعي، وقرأ على أبي بكر الشاشي وأبي حامد الغزالي، وكان ذكيا، خارق الذهن، ولم يزل يبالغ في الطلب والاشتغال والحفظ والتحقيق وحل المشكلات واستخراج المعاني حتى صار يضرب به المثل. ولى التدريس بالنظامية، ثم عزل عنها.
سمع الحديث بنفسه من أبي طاهر أحمد بن الحسن الكرخي وأبي الخطاب نصر بن أحمد بن البطر وأبي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ بن طلحة النعال.
توفي يوم الأربعاء ثامن عشر جمادى [الأولى] [2] من سنة ثمان عشرة وخمسمائة، وصلّى عليه بجامع القصر ودفن بباب أبرز.
40- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن المعمر بْن مُحَمَّد بْن المعمر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عبيد الله العلوي الحسيني [3] :
نقيب الطالبيين ببغداد. ولى النقابة على الطالبيين بعد أبيه في سنة ثلاثين وخمسمائة، ولم يزل على ولايته إلى حين وفاته، وكان يسكن بالحريم الظاهري في دار له مشرفة على دجلة.
سمع أبا الحسن علي بن محمد بن علي بن العلاف وأبا الحسين المبارك بن عبد الجبار الصّيرفيّ، وكان مجدا في الرواية، وكان يشعر شعرا حسنا، وينثر نثرا فائقا، فمن شعره:
دمع يخد وجنة تتخدد ... وجوى يزيد وزفرة تتجدد
وصبابة ترمي وصبر نافر ... وضنى يجول وجور وجد يلبد
وهوى يشعب فكرتي ويذيبني ... شوقا يقسمه كواعب خرد
وحنين قلب واشتجار وساوس ... ودوام تهيام وجفني يسهد
وأنين خلب محدق وغرام ووج ... د معلق وجوارح تتلبد
ونحول جسم واضح وسقام ح ... ب فاضح وحياد عقل يشرد
__________
[1] انظر: طبقات الشافعية 4/24. والأعلام 1/167.
[2] ما بين المعقوفتين زيادة من طبقات الشافعية.
[2] انظر: معجم الأدباء 4/70- 72.(21/43)
وغريم تذكار مقيم ساخط ... أبدا على رسوله يتمرد
وتلفت نحو الديار وإنه ... يحيى بها دمعي الذي لا يجمد
وتطلع نحو الغوير ولوعة ... لسيارها شغفا يخب ويزيد
وتنسم الأنباء في رأد الضحى ... وتنفس الصعداء إذ لا موعد
قرأت بخط النقيب أبي عبد الله: المولد في شوال سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة.
وتوفي يوم الأربعاء ثامن عشر جمادى الأولى سنة تسع وستين وخمسمائة، ودفن من الغد.
41- أحمد بن عمر بن الأشعث- ويقال ابن أبي الأشعث، أبو بكر المقرئ [1] :
من أهل سمرقند. سافر إلى الشام وسكن دمشق مدة، وقرأ بها القرآن على أبي علي الحسن بن علي الأهوازي، وسمع منه الحديث ومن أَبِي عَبْد اللَّه الحسين بن محمد الحلبي، وأبي عمر إسماعيل الصابوني، ثم إنه قدم بغداد واستوطنها إلى حين وفاته، وأقرأ بها القرآن، وحدث، وكان مجوّدا متقنا عارفا بالروايات واختلافها متحريا.
ويحكى أن أبا بكر السّمرقندي خرج [2] مع جماعة إلى ظاهر البلد في فرجة، فقدموه [3] يصلي بهم، وكان مزاحا، فلما سجد بهم تركهم في الصّلاة وصعد في شجرة، فلما طال عليهم انتظاره رفعوا رءوسهم فلم يجدوه في مصلاه، وإذا به في الشجرة يصيح صياح السنانير، فسقط من أعينهم، فخرج إلى بغداد وترك أولاده بدمشق.
مولده سنة ثمان وأربعمائة، وتوفي في سادس عشر رمضان سنة تسع وثمانين وأربعمائة، وقيل مولده سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة، ودفن بمقابر الشهداء.
42- أحمد بن أبي غالب بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الوراق، أبو العباس الزاهد المعروف بابن الطلاية [4] :
يقال إن والدته كانت تطلي الكاغذ عند عمله بالدقيق المعجون بالماء رقيقا قبل
__________
[1] انظر: طبقات القراء 1/92. وتهذيب ابن عساكر 1/415.
[2] في الأصل: «خارج» .
[3] في الأصل: «فقلدوه» .
[4] انظر: العبر في خبر من غبر 4/129.(21/44)
صقله، فاشتهرت بذلك. كان أحمد هذا من عباد الله الصالحين، كثير العبادة مشهورا بالزهد.
كان يذكر أنه سمع في صباه من أبي القاسم عبد العزيز بن علي الأنماطي بن بنت السّكّري شيئا من الحديث، ولم يظهر له عنه شيء.
توفي يوم الأحد ثاني عشر رمضان سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، ودفن بمقبرة باب حرب، وكان من عباد الله الصالحين.
43- أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب، أبو الحسين اللغوي [1] :
من أهل قزوين، سكن الري، فنسب إليها. سمع بقزوين أباه- وكان شافعيا لغويا، وأبا الحسن علي بن محمد بن مهرويه وأبا الحسين أحمد بن علان، وبأصبهان أبا القاسم سليمان الطبراني؛ وببغداد محمد بن عبد الله الدوري. وقرأ عليه البديع أحمد ابن الحسين الهمذاني صاحب المقامات.
وكان مقيما بهمذان إلى أن حمل إلى الري ليقرأ عليه أبو طالب بن فخر الدولة علي بن ركن الدولة حسن بن بويه الديلمي، فسكنها. وكان فقيها شافعيا حاذقا، فانتقل إلى مذهب مالك في آخر عمره، وسئل عن ذلك فقال: داخلتني الحمية [2] لهذا الإمام المقبول [3] على جميع الألسنة أن يخلو مثل هذا البلد عن مذهبه. فإن الري أجمع البلاد للمقالات والاختلاف. وقد حدث أبو الحسين ببغداد.
قال أبو الحسين بن فارس: دخلت بغداد طالبا للحديث، فحضرت مجلس بعض أصحاب الحديث، فرأيت شابا وعليه سمة جمال وليست معي قارورة، فاستأذنته في كتب الحديث من قارورته، فقال: من انبسط إلى الإخوان بالاستئذان فقد استحق الحرمان.
ومن شعره:
وقالوا كيف حالك قلت خير ... تقضي حاجة وتفوت حاج
إذا ازدحمت هموم الصدر قلنا ... عسى يوما يكون لها انفراج
__________
[1] انظر: وفيات الأعيان 1/100. ومعجم الأدباء 4/80.
[2] على الهامش الأصل: «أعوذ بالله من الحمية حمية الجاهلية» .
[3] في الأصل: «المعقول» .(21/45)
نديمي هرّتي وشفاء قلبي ... دفاتر لي ومعشوقي السراج
قال: كان الصاحب بن عباد يقول: شيخنا أبو الحسين بن فارس رزق التصنيف وأمن من التصحيف.
وله من التصانيف: المجمل في اللغة- وكتاب متخير الألفاظ- وكتاب فقه اللغة- وكتاب غريب إعراب القرآن. يقال إن أبا الحسين بن فارس كان بقزوين يصنف في كل ليلة جمعة كتابا ويبيعه يوم الجمعة قبل الصّلاة ويتصدق بثمنه! فكان هذا دأبه.
توفي بالري في صفر سنة خمس وتسعين وثلاثمائة، رحمه الله تعالى.
44- أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحسن بن الحسين بن علي بن هارون البرداني، أبو علي بن أبي الحسن الحافظ [1] :
من ساكني الشذا من شارع دار الرقيق، سمع أباه وأبا طالب محمد بن محمد بن غيلان وإبراهيم وعلي ابني عمر البرمكي وأبا محمد الجوهري وأبا القاسم عبد العزيز ابن علي الأزجي وأبا الحسن علي بن إبراهيم بن عيسى الباقلاني وأبا بكر محمد بن عبد الملك بن بشران وأبا طالب محمد بن علي العشاري وأبا القاسم منصور بن عمر ابن علي الكرخي.
ولم يزل يسمع ويكتب إلى حين وفاته. وكتب بخطه كثيرا، وجمع وخرّج وصنّف في عدة فنون، وحدّث بأكثرها، وكان موصوفا بالحفظ والمعرفة والصدق والثقة والديانة.
مولده سنة ست وعشرين وأربعمائة في النصف من جمادى الأولى، وتوفي في الليلة التي صبيحتها يوم الخميس الحادي والعشرين من شوال سنة ثمان وتسعين وأربعمائة، ودفن في هذا اليوم في مقبرة باب حرب. وكان عارفا بعلم الحديث.
45- أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم بن سلفة، أبو طاهر السلفي [2] :
من أهل أصبهان، محدّث وقته وشيخ زمانه. سمع بأصبهان الرئيس أبا عبد الله القاسم بن الفضل الثقفي وأبا الحسن مكي بن منصور الكرجي وأبا نصر عبد الرحمن
__________
[1] انظر: العبر 3/350. وتذكرة الحفاظ 4/1232.
[2] انظر: وفيات الأعيان 1/87- 90.(21/46)
ابن محمد بن يوسف النضري وأبا العباس أحمد بن أشتة. وسافر إلى بغداد في شبابه وسمع بها أبا الخطاب نصر بن البطر القاري وأبا عبد الله الحسين بن علي بن البسري وأبا المعالي ثابت بن بندار، سافر إلى الحجاز [1] ، وسمع بمكة والمدينة والكوفة وواسط والبصرة وهمذان وزنجان، ومضى إلى الشام، ودخل دمشق وسمع بها كثيرا، ثم إنه دخل ديار مصر وأحيا بها الحديث، وكان حافظا ثقة حجة نبيلا، ختم هذا العلم، وكانت الرحلة إليه من الأقطار، وعمّر حتى ألحق الصغار بالكبار.
وحدّث ببغداد وهو شاب، وسمع منه الحفاظ والأكابر.
أنشدني عبد الرحيم بن يوسف الدمشقي بالقاهرة من ديار مصر، قال: أنشدنا أبو طاهر أَحْمَد بن مُحَمَّد السلفي لنفسه:
إذا بنى فرط تجافيه ... وعذل عذالي معا فيه
دعوا ملامي وانظروا ظرفه ... في طرفه والدر في فيه
ولاحظوا الحسن بألبابكم ... كي تعذروا قلب مصافيه
ثم اعذلوني بعد أن كان ... ما أصابني العقل ينافيه
أنشدني أبو القاسم الصوفي بديار مصر، قال: أنشدنا السلفي لنفسه:
لم تذق عيني مذ أبصرته ... من شقائي طول ليل وسنا
ولها في ذاك عذر واضح ... فهو كالبدر سناء وسنا
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّهَاوِيُّ الحافظ، فيما سألني به وأذن لي في روايته عنه بحرّان قال: شيخنا الحافظ الإمام أبو طاهر السلفي الأصبهاني سمع الحديث بأصبهان من سنة ثمان وثمانين وأربعمائة إلى سنة ثلاث وتسعين، وحج ورجع إلى بغداد فأقام بها إلى سنة خمسمائة، فقرأ الحديث والفقه والنحو واللغة، سمع بقراءته الأئمة كالحافظ يحيى بن مندة والمؤتمن الساجي ومحمد بن منصور السمعاني وأبي نصر الأصبهاني وغيرهم.
سمعته يقول: كنت بالكوفة مريضا، فكان يجعل لي مخادا أستند إليها وأكتب الحديث؛ ثم خرج من بغداد سنة خمسمائة إلى واسط والبصرة ودخل نهاوند ومضى إلى همذان وقزوين وزنجان وساوة، ومضى إلى الري، ثم مضى إلى الدربند، وهو آخر
__________
[1] في الأصل: «سمع في الحجاز» .(21/47)
بلاد الإسلام، ثم صعد إلى دمشق ودخل ديار [1] مصر- كل هذه البلاد يكتب بها الحديث في إحدى عشرة سنة- فلما وصل إلى الإسكندرية رآه كبراؤها وفضلاؤها، فاستحسنوا علمه وأخلاقه وآدابه، فأكرموه، ثم بعث إلى أصبهان فجاء يكتبه إليه.
وسمعته يقول: كنت أسمع الحديث بالحريم، فسمعت ليلة ثم جئت إلى مسجد، فوضعت الكيس الذي فيه الأجزاء تحت رأسي، فوقع عليّ شيء ثقيل يشبه الكابوس، فجعل يكبسني حتى ضاق نفسي، وقال: أتدري أيش صنعت؟ تضع أحاديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تحت رأسك؟ قال: فقمت فنحيت الكيس، ووضعت تحت رأسي آجرة، وجعلت الكيس في حضني ونمت، وبلغني أنه في هذه المدة التي كان بالإسكندرية- وهي ستون سنة- ما خرج إلى بستان ولا فرجة غير مرة واحدة، بل كان عامة دهره لازما بيته ومدرسته، وما كان ندخل عليه إلا نراه مطالعا في شيء، وكان حليما متحملا لجفاء الغرباء.
سمعت أبا علي الأوقي بالقدس يقول: سمعت شيخنا أبا طاهر السلفي يقول: لي ستون سنة بالإسكندرية: ما رأيت منارتها إلا من هذه الطاقة- وأشار إلى طاقة في غرفة، وكان يجلس فيها.
قال الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي: مولده- شيخنا السلفي الحافظ- بعد السبعين والأربعمائة، ووفاته في ليلة الجمعة الخامس من شهر ربيع الآخر سنة ست وسبعين وخمسمائة. وحدّث قبل بلوغ العشرين، وكان قدومه الإسكندرية في سنة إحدى عشرة وخمسمائة، ولم يزل مقصودا للسماع منه والرواية عنه أكثر من ستين سنة، وكتب بخطه شيئا كثيرا، وكان أكثر أصوله بخطه.
سمعته يقول: متى لم يكن أصلي بخطي، لم أفرح به. وكان جيد الضبط، حسن الخط، كثير البحث عما يشكل عليه إلى أن يجرده على ما يصح لديه، رحمة الله عليه.
46- أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس، أبو جعفر النحوي [2] :
من أهل مصر، سمع بمصر جماعة منهم أَبُو جعفر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سَلامَة الطحاوي وأَبُو عَبْد الرَّحْمَن أَحْمَد بن شعيب النسائي وبكر بن سهل الدمياطي، وسمع
__________
[1] في الأصل: «دريا» .
[2] انظر: وفيات الأعيان 1/29. ومعجم الأدباء 4/224- 230.(21/48)
بالرملة من عبيد الله بن إبراهيم البغدادي؛ ورحل إلى بغداد، سمع بها أبا بكر جعفر ابن محمد الفريابي وعمر بن إسماعيل بن أبي غيلان، وإبراهيم بْن مُحَمَّد بْن عرفة نفطويه وأبا العباس محمد بن يزيد المبرد وغيرهم، وسمع بالكوفة محمد بن الحسن بن سماعة وقرأ كتاب سيبويه على الزجاج ببغداد.
ثم إنه عاد إلى مصر، واشتغل بالتصنيف. فصنّف أكثر من خمسين مصنفا، منها:
«إعراب القرآن» و «الكافي في علم العربية» ، و «معاني القرآن» ، و «شرح المعلقات» .
ذكر أبو عبد الله الزبيدي المغربي في كتابه «أخبار أهل الأدب» أن أبا جعفر النحاس لم يكن له مشاهدة، فإذا خلا بقلمه جوّد وأحسن، وكان لا ينكر أن يسأل أهل النظر والفقه، ويناقشهم [1] عما أشكل عليه في تصانيفه.
قال: وكان لئيم النفس، شديد التقتير على نفسه. وحدث بمصنفاته توفي فِي ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، رحمه الله تعالى.
47- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحسين بْن علي الشيرازي الحاجي، أبو بكر بن أبي عبد الله الأرجاني [2] :
قاضي تستر. كان أحد أفاضل الزمان، لطيف العبارة، مليح النثر، رشيق النظم، دقيق المعاني، كامل الأوصاف. ورد بغداد مرات ومدح بها المستنجد بالله، وروى بها شيئا من الحديث ومن شعره. سمع بأصبهان أبا بكر محمد بن أحمد بن ماجة، وبكرمان من الشريف أبي يعلى بن الهبارية، وروي عن والده بالإجازة، سمع منه ابن الخشاب.
ومن شعره:
ومقسومة العينين من دهش النوى ... وَقَدْ راعها بالعيس [3] رجعُ حُداء
تجيب بإحدى مُقلتيها تحيتي ... وأخرى تُراعي أعين الرُقباء
رأت حولها الواشين طافوا فغيضت ... لهم دمعها واستقصمت بحياء
فلما بكت عيني غداة وداعهم ... وَقَدْ روُعتني فرقة القرناء
__________
[1] في الأصل: «مفاتشتهم» .
[2] انظر: طبقات الشافعية للأسنوي 1/110. وطبقات الشافعية للسبكي 4/51. ومرآة الجنان 3/281. والمنتظم 18/72- 74.
[3] في الأصل: «المعيش» .(21/49)
بدت فِي مُحياها خيالات أدمعي ... فغاروا وظنوا أن بكت لبكائي
وله:
ولما [1] بلوت الناس أطلب منهم ... أخا ثقة عند اعتراض الشدائد
تطمعت في حالي رخاء وشدة ... وناديت في الأحياء هل من مساعد
فلم أر فيما ساءني غير شامت ... ولم أر فيما سرني غير حاسد
وله:
حيث انتهيت من الهجران [لي] [2] فقف ... ومن وراء [3] دمي بيض الطبى فخف
يا عابثا [4] بعدات الوصل يخلفها ... حتى إذا جاء ميعاد الفراق يفي
اعدل كفاتن قدّ منك معتدل ... واعطف كمائل غصن منك منعطف
ويا عذولي ومن يصغى إلى عذلي ... إذا رنا أحور العينين ذو هيف
تلوم قلبي أن أصماه ناظره ... فيم اعتراضك بين السهم والهدف
سلوا عقائل هذا الحي أي دم ... للاعين النجل عند الأعين الذرف
يستوصفون لساني عن محبتهم ... وأنت تصدق يا دمعي لهم فصف
ليست دموعي لنار الشوق مطفئة ... وكيف والماء بارد والحريف خفي
لم أنس يوم رحيل الحي موقفنا ... والعيس تطلع [5] أولاها على شرف
والعين من لفتة الغيران ما حظيت [6] ... والدمع من رقبة الواشين لم يكف
وفي الحدوج الغوادي كل آنسة ... إن ينكشف سجفها للشمس تنكسف
تبين عن معصم [7] بالوهم ملتزم ... منها وعن مبسم باللحظ مرتشف
في ذمة الله ذاك الركب أنهم ... ساروا وفيهم حياة المغرم الدنف
فإن أعش بعدهم فردا فيا عجبي ... وإن أمت هكذا وجدا فيا أسفي
قل للذين رمت بي عن ديارهم ... أيدي الخطوب إلى هذا الهوى انقذف
__________
[1] في الأصل: «ولو بلوت» .
[2] ما بين المعقوفتين زيادة من الديوان.
[3] في الأصل: «ولاء» .
[4] في الأصل: «غانيا» .
[5] في الأصل: «مطلع» .
[6] في الأصل: «ما خطبت» .
[7] في الأصل: «مفصهم» .(21/50)
إن أبق أرجع إلى العهد القديم وإن ... ألق الوزير من الأيام أنتصف
وله:
أهواكم وخيالكم يهواني ... فلقد شجاه فراقكم وشجاني
أضحى أخا سفر فما ألقاكم ... وأبيت ذا سهر فما يلقاني
توفي بتستر سنة أربع وأربعين وخمسمائة، ومولده في حدود سنة ستين وأربعمائة.
آخر الجزء الثاني من المستفاد من ذيل تاريخ بغداد(21/51)
الجزء الثالث من المستفاد من ذيل تاريخ بغداد
انتقاء كاتبه أحمد بن أيبك بن عبد الله الحسامي الدمياطي(21/53)
(بسم الله الرّحمن الرّحيم) رب أعن
[تتمة حرف الألف]
48- أحمد بن محمد بن عمر بن هبة الله بن خداداد، الغزنوي الأصل البادرائي المولد، أبو العباس الفقيه الشافعي [1] :
من ساكني المدرسة النظامية كان شابا فاضلا أديبا فقيها، وكان أحد تلامذة يوسف الدمشقي، وكان يتولى بعض الأمور بين يدي ابن هبيرة.
كتب إِلَى أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن محمد الأصبهاني الكاتب، قال: أنشدنا أحمد بن محمد البادرائي للوزير ابن هبيرة قصيدة يمدحه بها وأنا حاضر به:
ولما بدا ربع الأحبة باللّوى ... وقد جدّ جد الركب قلت لهم: قفوا
قفوا نزح الأنضاء أبدى تعطفا ... عليها، وما منى عليها تعطف
وإن بودي لو تعرفت شرقها ... لنمكث حينا باللوى ونجدّف
أحاول كتمان الهوى ومدامعي ... تفيض فتبدى ما أجن وتكشف
وما بي بذاك الربع ظبى كأنما ... تسنم حقفا منه غصن مهفهف
غزال على صيد الضواغم قادر ... ويعجز عن حمل الوشاح ويضعف
تصدى لقتلي بالقلى عامدا فما ... أصادفه إلا يصد ويصدف
ومنها:
كأني فعول في الطويل ومهجتي ... بكف الأسى كالنوّن بالكف ترجف
وها أنا معتل الثلاثي والضنا ... من النحو تصريف يتصرف
ومنها:
إذا قال واش قد سلا فتيقنوا ... هنالك أني مغرم القلب مدّنف
أذل لكم في الحب ذلا مكانه ... على عزكم والله يدري تعجرف
ويؤنسني هجرانكم ثم أنني ... أعلل قلبي بالمنى وأسوّف
وأعسر من صبري فأثرى [2] تجلدا ... كما يستر الأخلاق مني التعفف
__________
[1] انظر: شذرات الذهب 4/191. المنتظم، لابن الجوازي 10/214.
[2] هكذا في الأصل.(21/55)
49- أحمد بن محمد بن عمر بن عبيد الله الأزجي، أبو بكر المؤدّب:
تفقه بالمدرسة الكمالية على أبي القاسم الفراتي الضرير، غلام ابن الخل وسمع الحديث من شيوخنا أبي الفرج بن الجوزي، وذاكر بن كامل ويحيى بن بوش وأمثالهم، ثم إنه سافر إلى الموصل، وسكن بدار الحديث المظفرية، وصحب شيخها عبد القادر الرهاوي، وكتب بخطه كثيرا وقرأ بنفسه. وكان شابا أديبا فاضلا، يكتب خطا حسنا، متوددا [1] ، طيب الأخلاق.
أنشدني رفيقنا أحمد بن محمد الأزجي لنفسه:
أحبة قلبي طال شوقي إليكم ... وعز دوائي [2] ثم لم يبق لي صبر
أحن إليكم والحنين يذيبني ... وأشتاقكم عمري وينصرم العمر
فو الله ما اخترت البعاد ملالة ... ولا عن قلى [يا] سادتي فلي العذر
ولكن قضى ربي بتشتيت ... له الحمد فيما قد قضى وله الشكر
شملنا فصبرا لعل الله يجمع بيننا ... نعود كما كنا ويصفو لنا الدهر
وجد أبو بكر الأزجي مقتولا على باب دراه في سحرة يوم الأربعاء السادس عشر من شهر ربيع الآخر سنة عشر وستمائة، ودفن بمقبرة معروف الكرخي. وما أظنه بلغ الأربعين.
50- أحمد بن محمد بن الفضل بن عبد الخالق، بن الخازن، الكاتب [3] :
أديب، غزير الفضل، وشاعر مليح الشعر، فمنه:
إنّ التواضع رفعة ... خلق الكريم لها خلق
كالبدر أحسن ما ترا ... هـ العين في ذيل الأفق
وله:
فرشت خدي للعشاق [4] قاطبة ... فصحن خدي لهم أرض إذا عتقوا
لولا اخضراري من سقيا مدامعهم ... لكنت من زفرات الوجد أحترق
__________
[1] في الأصل: «مقودد» .
[2] في الأصل: «دواوى» .
[3] انظر: شذرات الذهب 4/57. ووفيات الأعيان 1/121- 124.
[4] في الأصل: «العشاق» .(21/56)
مات في صفر سنة ثمان عشرة وخمسمائة، هكذا ذكره ولده نصر الله.
51- أحمد بن محمد بن محمد، الغزالي الطوسي، أبو الفتوح الواعظ [1] :
أخو الإمام أبي حامد. من أحسن الناس كلاما في الوعظ، وأرشقهم عبارة، مليح التصرف فيما يورده، حلو الاستشهاد، أظرف أهل زمانه وألطفهم طبعا. دخل بغداد ونزل برباط شيخ الشيوخ، وعقد مجلس الوعظ بجامع القصر وبالمدرسة التاجية وغيره.
قرأ المقرئ بين يديه بالمدرسة التاجية: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ
- الآية شرفهم بياء الإضافة إلى نفسه بقوله: يا عبادي، ثم أنشد:
وهان على اللوم في جنب حبها ... وقول الأعادي إنه لخليع
أصم إذا نوديت باسمي وإنني ... إذا قيل لي يا عبدها لسميع
ومن شعره:
أتاني الحبيب بلا موعد ... فأخلق خلق الورى بالكرم
أعاد الوصال وعاد الفراق ... فحق التلاقي وزال التهم
فما زلت أرتع روض المنى ... كما كنت أقرع سن الندم
وله:
أنا صب مستهام وهموم لي عظام ... طال ليلي دون صحبي سهرت عيني وناموا
أرقب عيني لترق فشربناها وصاموا ... بي غليل وعليل وغريم وغرام
ففؤادي لحبيبي ودمي ليس حرام ... ثم عدولي لعذولي آفة العشق كرام
توفي بقزوين في حدود سنة عشرين وخمسمائة- رحمه الله تعالى.
52- أحمد بن يحيى بن إسحاق بن الرّاوندي، أبو الخير [2] المتكلّم [3] :
من أهل مرو الروذ سكن بغداد، وكان من متكلمي المعتزلة، ثم فارقهم وصار ملحدا.
قال القاضي أبو علي التنوخي: كان ابن الراوندي ملازم أهل الإلحاد، فإذا عوتب
__________
[1] انظر: ميزان الاعتدال 1/61. ولسان الميزان 1/293. والمنتظم 17/581.
[2] في وفيات الأعيان: «أبو الحسين» .
[3] انظر: وفيات الأعيان 1/78، 79. والأعلام 1/225. والعبر 2/116.(21/57)
في ذلك قال: إنما أردت أن أعرف مذاهبهم، ثم إنه كاشف وناظر، ويقال إن أباه كان يهوديا، فأسلم هو.
وقال بعض اليهود: يقول للمسلمين لا يفسدن عليكم هذا كتابكم كما أفسد أبوه علينا التوراة.
ومن شعره:
محن الزمان كثيرة ما تنقضي ... وسرورها يأتيك كالأعياد
ملك الأكارم فاسترق رقابهم ... وتراه رقا في الأعاد
هلك ابن الراوندي وله ست وثلاثون سنة مع ما انتهى إليه من [1] التوغل في المخازي، وذلك في سنة ثمان وتسعين ومائتين.
53- أخمشاد بن عبد السلام بن محمود الغزنوي، أبو المكارم، الفقيه الحنفي [2] :
ذكره العماد الكاتب في «الخريدة» ، فقال: كان من فحول العلماء وقروم الفضلاء، بحرا متموجا وفجرا متبلّجا وهماما فاتكا وحساما باتكا؛ إذا جادل جدل الأقران، وإذا ناظر بذّ النظراء والأعيان. شاهدته بأصبهان في سني ثلاث وأربع وخمس وأربعين وخمسمائة وجاورته، فوجدته بحسن المنظر والمخبر، ذا رواء وروية، ولمعان وألمعية، فصيح العبارة، وكان عارفا بتفسير كتاب الله تعالى.
توفي في سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة وقد بلغ سن الاكتهال واختلس عند الكمال.
ومن شعره ما أنشده لنفسه بأصبهان من قصيدة:
أما لك رقى [3] مالك اليوم رقة ... على صبوتي والخير من تبعاتها
سألت حياتي إذ سألتك قبلة ... لي الربح فيها خذ [4] حياتي وهاتها
وله:
__________
[1] في الأصل: «في التوغل» .
[2] انظر: الجواهر المضية 1/135.
[3] في الأصل: «بقي» .
[4] في الأصل: «فيها عند حياتي» .(21/58)
يا عاذلي أقصر وكن عاذري ... في حب ظبيي أكحل الناظر
ما كحل الناظر ذاك الذي ... قد قصد الأكحل من ناظري
حلا مذاقا وهو مستملح ... والحلو [1] في الملح في النادر
54- أسبهدوست بن محمد بن الحسن بن أسفار بن شيرويه الديلمي أبو منصور [2] :
شاعر مليح الشعر، مطبوع المعاني، رشيق الألفاظ. حدث عن أبي أَحْمَد عبد السلام بن الحسين البصري وأبي نصر عبد العزيز بن نباتة السعدي، روى عنه ديوانه.
ومن شعره:
نفسي الفدا لمن غدا ... قلبي أسيرا في يديه
قمر كأن بخده ... زهر الربيع وعارضيه
لما رأيت بدائعا [3] ... من حسنه تدعو إليه
أبصرت أعوانا عليّ ... ولم أجد عونا عليه
وله:
ما ليلة بتّ فيها ... ضجيع غصن وبدر
ألذ منه بطيب ... ومن جناه بخمر
جمعت بالوصل شملي ... من بعد بين وهجر
لو لم يردعني [4] فؤادي ... بضوء صبح وفجر
لكنت ليلة قدر ... أجلّ من ألف شهر
وله في أبي الفتوح الواعظ، ولم يشاهد في زمانه أحسن صورة منه ولا أعذب لفظا:
وواعظ تيّمنا وعظه ... فعرفه شيب بإنكار
ينهى عن الذنب وألحاظه ... تأمر في الذنب بإصرار
__________
[1] في الأصل: «والحلق» .
[2] انظر: النجوم الزاهرة 5/104. وقوات الوفيات 1/15، 16. والمنتظم 16/184.
[3] في الأصل بلا نقط.
[4] في الأصل: «يردعي» .(21/59)
وما رأينا قبله واعظا ... مكسب آثام وأوزار
لسانه يدعو إلى جنة ... ووجهه يدعو إلى نار
مولده في سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة، وتوفي في يوم الجمعة لأربع بقين من شهر ربيع الأول من سنة تسع وتسعين وأربعمائة، ودفن بالخيزرانية.
55- إسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث السّمرقندي، أبو القاسم بن أبي بكر المقرئ [1] :
ولد بدمشق ونشأ بها، وأسمعه والده في صباه من أبي الحسن أحمد بن عبد الواحد ابن محمد بن أبي الحديد وأبي محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني وأبي الحسين عبد الدائم بن الحسن الهلالي، ثم قدم بغداد في سنة تسع وستين وأربعمائة واستوطنها إلى حين وفاته.
وسمع بها الكثير من أبي الحسين أحمد بن النقور وأبي محمد عبد الله بن محمد الصريفيني وأبوي القاسم عَبْد العزيز بْن علي الأنماطي وعبد الله بن الحسن الخلال، وأبي منصور عبد الباقي بن محمد بن غالب العطار، وقرأ الكثير بنفسه، وكتب بخطه، وحصل الأصول الحسان، وحدث بالكثير، وكان ثقة صدوقا فاضلا، روى عنه ابن ناصر وابن الجوزي وجماعة من الأئمة.
أخبرني محمد بن محمود العدل بهراة قال: سمعت أبا سعد بن السمعاني يقول:
سمعت أبا القاسم بن السّمرقندي يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في النوم كأنه مريض، وقد مد رجليه، فدخلت وكنت أقبل أخمص رجليه وأمرّ وجهي عليهما، فحكيت هذا المنام لأبي بكر بن الخاضبة، فقال لي: أبشر يا أبا القاسم بطول البقاء وبانتشار الرواية عنك لأحاديث النبي صلّى الله عليه وسلّم، فإن تقبيل رجله اتباع أثره، وأما مرض النبي صلّى الله عليه وسلّم، فيحدث وهن في الإسلام، فما أتى على هذا الحديث إلا قليل [2] حتى وصل الخبر أن الأفرنج استولت على بيت المقدس.
قال الحافظ أبو طاهر السلفي: أبو القاسم ثقة، وله أنس بمعرفة الرجال دون معرفة أخيه الحافظ أبي محمد.
__________
[1] انظر: طبقات الشافعية للسبكي 4/402. وطبقات القراء 1/161. وتهذيب تاريخ ابن عساكر 3/1.
[2] في الأصل: «وليل» .(21/60)
مولده يوم الجمعة رابع رمضان سنة أربع وخمسين وأربعمائة، وتوفي ليلة الثلاثاء ودفن يوم الأربعاء ثامن عشر من ذي القعدة سنة ست وثلاثين وخمسمائة بباب حرب في مقابر الشهداء، وصلى عليه بجامع القصر وبالنظامية.
56- إسماعيل بن عبّاد بن العباس بن عباد بن أحمد بن إدريس الطالقاني، أبو القاسم بن أبي الحسن الوزير الملقب بالصاحب [1] :
كان والده يلي الوزارة لركن الدولة الحسن بن بويه، وهو من طالقان، وولى ولده إسماعيل الكتابة لمؤيد الدولة أبي منصور بويه بن ركن الدولة أبي علي في أول أمره.
ورد معه إلى بغداد في أيام معز الدولة وجالس بها العلماء. وسمع الحديث من شيوخ ذاك الوقت.
قال أبو بكر محمد بن منصور بن إسماعيل: كنت في مجلس الصاحب بن عباد بالري لوقعة وقعت لي مع الباعة فرفعتها إليه وقد حضر جماعة من الفضلاء والأدباء، وتجاروا في طلب التجانس في أشعار المحدثين، فقال صاحبه الخاص أبو القاسم الكاتب: كان مولانا الصاحب ببغداد في مجلس عضد الدولة، فتجاروا بمثل ذلك؛ فأنشدنا كاتب الأمير بالحضرة، وعضد الدولة حاضر، فقال: ومن أطرف التجانس قول مولانا:
طربت من الصبوح إلى الصباح ... ونثرت الراح بالعدد الملاح
وكان الثلج والكافور تبرا ... ونارا بين نارنج وراح
فمشمومي ومشروبي وزادي ... وصبحي والصبوح مع الصباح
حريق في حريق في حريق ... صباح في صباح في صباح
قال أبو القاسم الكاتب: فقلت مسرعا: ولمولانا الصاحب على هذا الوزن والقافية، وأنشدت بحضرتهما:
تبسم إذ تبسم عن أقاح ... وأسفر حين أسفر عن صباح
وأتحفني بكأس من رضاب ... وكأس من حنى ورد وراح
له وجه يدل به وطرف ... يمرضه فيسكر كل صاحي
حبيبك والمجلد والثنايا ... صباح في صباح في صباح
__________
[1] انظر: وفيات الأعيان 1/206- 210. وأنباء الرواة 1/201- 202. ومعجم البلدان 4/9.
ومعجم الأدباء 6/168. والمنتظم، لابن الجوزي 14/375- 377.(21/61)
وللصاحب بن عباد في السمعة:
وباكيات على الدجى أسفا ... يقطع منهن أدمع صفر
تحيى إذا ما رءوسها قطعت ... وهن بالليل أنجم زهر
وله:
ومهفهف أبهى من القمر ... سلب الفؤاد بفاتر النظر
جالسه تفاح وجنته ... من غير ما خوف ولا حذر
فأخافني قومي فقلت لهم ... لا قطع في ثمر ولا كثر
وله في الثلج:
أقبل الثلج في علالة نور ... يتهادى كلؤلؤ منثور
فكأن السماء زفّت على الأر ... ض فصار النثار من كافور
وله:
الحب سكر خماره التلف ... يحسن فيه الذبول والدنف
عابوه إذ لج في تصلفه ... والحسن ثوب طرازه الصلف
رأى الصاحب ابن عباد بعض غلمانه الأتراك الحسان الوجوه ينكر على رجل شيئا من المنكر، فأنشأ يقول في الحال:
يا حاجّا سيف مقلتيه ... يمنع عن درعه الدلاص
جميل الليل ما لسار ... فيها إلى الصبح من خلاص
ووجهك البدر ليس يخشى ... تمامه عهدة انتقاص
وجهك عذر لكل عاص ... وأنت تنهى عن المعاصي
توفي الصاحب ابن عباد في يوم الجمعة لست بقين منه- أعني من صفر، سنة خمس وثمانين وثلاثمائة بالري، ودفن من غد في داره. ونظر في الأمور بعده أبو العباس أحمد ابن إبراهيم الضبي، ثم نقل إلى مدينة أصبهان. ومولده سنة ست وعشرين وثلاثمائة.
57- إسماعيل بن علي بن محمد بن مواهب، أبو محمد [1] :
__________
[1] انظر: معجم الأدباء 7/23، 24. ومعجم المؤلفين 2/282. وبغية الوعاة ص 197 والأعلام 1/316.(21/62)
من أهل الحظيرة من أعمال دجيل من نهر تاب. قدم بغداد في صباه وقرأ بها الأدب عَلَى أبي مُحَمَّد بن الخشاب وغيره، وقرأ اللغة على أبي محمد بن الجواليقي، وبرع في ذلك، وأنشأ الخطب والرسائل، وصنف كتابا سماه «تحرير الجواب وتقرير الصواب» ، وكان زاهدا، حسن الطريقة، سكن الموصل.
ومن شعره:
مغرم يدعوك شوقا فأجيبي ... وأثيبي بالهوى أو لا تثيبي
كم أنادي معرضا عن سقمي ... ومعي من دعا غير مجيب
يا أصحابي ومن حسن الوفا ... أن تجيبوا من دعا عند الخطوب
ليت شعري من رعى روض الحمى ... بعدنا أم من سقى رد القلوب
مولده سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، وتوفي بالموصل لعشر مضت من صفر سنة ثلاث وستمائة.
58- إسماعيل بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جعفر بن محمد بن أحمد بن موسى ابن زياد بن كرسيد المحتسب، أبو عثمان بن أبي سعد الواعظ، المعروف بابن ملة [1] :
من أهل أصبهان. سمع أباه وأبا بكر محمد بن ريذة وأبا بكر محمد بن أحمد بن محمد الكاتب، وعبد الرزاق بن أحمد الخطيب. قدم بغداد حاجّا في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، وحدّث بها، ثم دخلها ثانيا بعد الخمسمائة وأقام مدة بها. وأملى عدة مجالس في جامع القصر. قال ابن ناصر: وضع ابن ملة حديثا وأملاه، وكان يخلط. قلت: وقد سرد به الحافظ بالصدق، وكذلك ابن ناصر اليزدي، ولم أعلم لأحد فيه طعنا إلا ما حكاه ابن السمعاني عن ابن ناصر! فالله أعلم.
مولده يوم الثلاثاء حادي عشر من رجب سنة ست وثلاثين وأربعمائة.
وتوفي في الثالث من ربيع الأول، سنة تسع وخمسمائة، يوم الثلاثاء، وصلي عليه في الجامع العتيق ودفن بالمصلى يوم الأربعاء.
59- إسماعيل بن مسعدة بن إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن مرداس أبو العباس- وليس بالسلمي- أبو القاسم بن أبي الفضل الإسماعيلي [2] :
__________
[1] انظر: المنتظم 17/143.
[2] انظر: المنتظم 16/234. والعبر 3/286.(21/63)
من أهل جرجان، حفيد الإمام أبي بكر صاحب الصحيح. كان من الأئمة الكبار في الفقه والحديث والوعظ والتقدم عند الملوك. وكان يعظ ويملي، سمع أباه وعمه أبا المعمر المفضل بن إسماعيل وأبا القاسم حمزة بن يوسف السهمي وأبا بكر محمد بن يوسف بن الفضل الخطيب وأبا عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْن بن مُحَمَّدِ بْنِ الحسين بن موسى البكرآباذي، وحدث بجرجان وأصبهان والري، وقدم بغداد حاجّا في سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة.
مولده سنة سبع وأربعمائة، توفي بجرجان سنة سبع وسبعين وأربعمائة وكان إماما عالما ثقة.(21/64)
حرف الباء
60- بهلول بن عمرو الصّيرفيّ، أبو وهيب المجنون [1] :
من أهل الكوفة. حدّث عن أيمن بن نائل وعمرو بن دينار وعاصم بن أبي النجود، وكان من عقلاء المجانين.
روى المصنف مسنده إلى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ: رأيت بهلولا في بعض المقابر وقد دلى رجليه في قبر وهو يلعب بالتراب، فقلت له: ما تصنع هاهنا؟
فقال: أجالس أقواما لا يؤذونني، وإن غبت عنهم لا يغتابونني، فقلت: قد غلا السعر بمرة فهل تدعو الله فيكشف؟ فقال: والله ما أبالي، ولو حبة بدينار، إن لله علينا أن نعبده كما أمرنا، وإن عليه أن يرزقنا كما وعدنا! ثم صفق يده وأنشأ يقول:
يا من تمتع بالدنيا وزينتها ... ولا تنام عن اللذات عيناه
شغلت نفسك فيما لست تدركه ... تقول لله ماذا حين تلقاه
وله:
دع الحرص على الدنيا ... وفي العيش فلا تطمع
ولا تجمع من المال ... ولا تدري لمن تجمع
فإن الرزق مقسوم ... وسوء الظن لا ينفع
فقير كل ذي حرص ... غني كل من يقنع
قال علي بن عبد الصمد بن الكوفي: خدمت بهلولا عشر سنين أطوف معه حيث طاف، أتسقّط من نوادره، وأتلقّف من أشعاره، وأذبّ عنه من يؤذيه، فافتقدته ذات مرة أياما، فلم أره على شدة طلبي له، وافتقادي أثره إلى أن صادفته يوما في بعض أزقة الكوفة والصبيان حوله يرمونه بالحصى. فلما رأيته قصدت نحوه، فسلمت عليه، فلم يرد عليّ إلا أن قال: نحّ عنّي أولاد الطوامث، ففعلت، وجعلت أسأله عن أمره وحاله إلى أن قلت له: ما تشتهي؟ قال: أريد الباقي بدهن شيرج أو دهن الجوز، فهيأته له وأدخلته مسجدا، ووضعت القصعة بين يديه، فأقبل يأكل أكلا دلّني على أنه جائع.
فأمهلته إلى أن أتى على بعض ما في القصعة، فقلت له: أيها الأستاذ! هل أحدثت في زقة البشرة شيئا؟ فضرب يده إلى القصعة وهم أن يضرب بها رأسي، فتغافلت عنه إلى
__________
[1] انظر: فوات الوفيات 1/153- 155. والطبقات الكبرى للشعرانى، 79.(21/65)
أن سكن وشبع وطابت نفسه، فقلت: حاجتي أيها الأستاذ، فقال: اكتب:
أضمر أن أضمر حبي له ... فيشتكي إضمار إضماري
رق فلو مرت به ذرة ... لخضبته بدم جاري
فقلت: أريد أرق من هذا! فقال: اكتب:
أضمر أن يأخذ المرآة لكي ... ينظر تمثاله فأدناها
فجاز وهم الضمير منه إلى ... وجنته في الهوى فأدماها
فقلت: أرق من هذا أيها الأستاذ! قال: نعم وما أظنه، اكتب:
شبهته قمرا إذ مر مبتسما ... فكاد يجرحه التشبيه أو كلما
ومر في خاطري تقبيل وجنته ... فسيلت فكرتي من عارضيه دما
فقلت: أرق من هذا! فقال: يا ابن الفاعلة! أرق من هذا كيف يكون؟ رويدك لأنظر، فعسى طبخ في المنزل حريرة أرق من هذا- رحمه الله تعالى.(21/66)
حرف الجيم
61- جعفر بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن جعفر، أبو محمد القارئ، المعروف بالسراج [1] :
سمع الكثير من أبي عَلِيّ الحَسَن بْن أَحْمَد بْن شاذان وأبي القاسم عبيد الله بن عمر ابن أحمد بن شاهين وأبي محمد الخلال وأبي إسحاق البرمكي. وسافر إلى مكة وسمع بها أبا بكر محمد بن إبراهيم الأردستاني وأبا الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد الرحيم، ودخل الشام، فسمع بدمشق أبا محمد عبد العزيز الكتاني، وتوجه إلى ديار مصر فسمع بها أبا محمد الحسن بن عبد العزيز الضراب، وجمع مجموعات حسانا، منها: كتاب «مصارع العشاق» وكتاب «حكم الصبيان» وكتاب «مناقب السودان» ، ونظم كثيرا من الكتب شعرا في الفقه واللغة والتواريخ. وله شعر مليح، وكانت له معرفة بالحديث والأدب، وحدث بالكثير. وكان متدينا، حسن الطريقة مع ظرفه ولطف أخلاقه.
ومن شعره:
إذا كنتم تكتبون الحديث ... ليلا وفي صبحكم تسمعونا
وأفنيتم فيه أعماركم ... فأي زمان به تعملونا
وله:
بان الخليط فأدمعي ... وجدا عليهم تستهل
وحدا بهم حادي الفرا ... ق عن المنازل فاستقلوا
قل للذين ترحلوا ... عن ناظري والقلب حلّوا
ودمي [2] بلا جرم أتيت ... غداة بينهم استحلوا
ما ضرّهم لو أنهلوا ... من ماء وصلهم وعلوا
سأله السلفي عن مولده، فقال: إما في أواخر سنة سبع عشرة أو أوائل سنة ثمان عشرة وأربعمائة ببغداد.
وتوفي في الليلة التي صبيحتها يوم الأحد الحادي والعشرين من صفر سنة خمسمائة،
__________
[1] انظر: وفيات الأعيان 1/309، 310. ومعجم الأدباء 7/153- 162.
[2] في الأصل: «دمعي» .(21/67)
ودفن في هذا اليوم في مقبرة باب أبرز.
62- جَعْفَر بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ محمد بن عبد العزيز العباسي المكي، أبو محمد بن القاضي أبي الحسن:
نشأ أبو محمد هذا في طلب الحديث وسماعه، أسمعه والده في صباه من أبي الفتح عبيد الله بن شاتيل وأبي السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزاز وأبي المعالي الفراوي، وكتب عن أقرانه، وبالغ في الطلب بهمة عالية، وحرص وعناية شديدة.
وقرأ بنفسه الكثير، وكتب بخطه، واستكتب بخط غيره. سمعت معه وبقراءته، وكان عنده حفظ ومعرفة بالحديث وأسماء الرجال والتواريخ، ويكتب خطا مليحا، وينقل نقلا صحيحا. وكان حسن الأخلاق، وطيب المجالسة، حلو المعاشرة، ظريفا كيّسا متوددا متواضعا، إلا أنه كان ضجورا ملولا، محبا للعب والمزاح، مخالطا لغير أبناء جنسه، وضيّع أصوله بيعا وهبة، ولم يزل يسمع معنا إلى أن سافر في أوائل سنة ست وتسعين وخمسمائة إلى الشام، فسمع بالموصل وبلاد الجزيرة ودخل الشام، فسمع بحلب ودمشق.
أنشدني يوسف بن خليل الدمشقي بحلب قال: أنشدني أبو محمد جعفر بن محمد ابن أحمد العباسي لنفسه:
إن ضاقت الشام بي أو ملّ ساكنها ... بها مقامي ففي أرض العراق سعة
ما لي وللمكث في أرض أذل بها ... وهمتي في طلاب العز مرتفعة
والمرء يضطر أحيانا فيصنع ما ... لو لم يكن منه مضطرا لما صنعه
الله ربي معي حيث اتجهت ولن ... يضيع من هو في كل البلاد معه
مولده في ليلة الأربعاء رابع عشرين صفر سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة وتوفي يوم الاثنين العشرين من ذي الحجة سنة ثمان وتسعين وخمسمائة بحماة، ودفن بها.
أوصى جعفر بن محمد العباسي عند موته أن يكتب على قبره «حوائج لم تقض، وآمال لم تنل، وأنفس ماتت بحسراتها» - رحمه الله تعالى عنه وكرمه، آمين.
[حرف الحاء]
[من اسمه الحسن]
63- الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بن محمد العطار، أبو العلاء الحافظ المقرئ [1] :
__________
[1] انظر: طبقات القراء للجزرى 1/204. وشذرات الذهب 4/231. والمنتظم، لابن الجوزي 18/208، 209.(21/68)
من أهل همذان. إمام في علوم القراءات والحديث والأدب والزهد وحسن الطريقة. قرأ القرآن بالقراءات بأصبهان على أبي الحداد وغيره، وصنف في القراءات والحديث. سمع بأصبهان من أبي عليّ الحداد، وببغداد من أَبِي القاسم بْن بيان وأبي علي بن نبهان وأبي علي بن المهدي، وسافر إلى خراسان وسمع بها من أبي عبد الله الفراوي. قدم بغداد بعد الخمسمائة.
أخبرنا شهاب الحاتمي بهراة أنا أبو سعد بن السمعاني قال: الحسن بن أحمد بن الحسن العطار الحافظ أبو العلاء من أهل همذان، حافظ متقن ومقرئ فاضل، حسن السيرة، جميل الأمر، مرضي الطريقة، غزير الفضل، سخي بما يملكه، مكرم للغرباء بما تمتد إليه يده، يعرف الحديث والأدب والقراءات معرفة حسنة، سافر في طلب العلم والحديث إلى أصبهان وخراسان وبغداد، وسمع الكثير ونقل بخطه وفصل الكتب الكبار، سمعته منه بهمذان.
مولده في يوم السبت الرابع عشر من ذي الحجة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة.
وتوفي في ليلة الخميس الرابع عشر من جمادى الأولى سنة تسع وستين وخمسمائة- رحمه الله تعالى.
64- الحسن بن أَحْمَد بن مُحَمَّد بن حكينا، أبو محمد بن أبي عبد الله، الشاعر [1] :
من أهل الحريم الطاهري. كان من ظراف الشعراء الخلفاء، سهل القول رشيقه، غواصا على المعاني، كثير الثلب والهجاء، وأكثر شعره مقطّعات، فمنه:
إن التي لفتورها ... في قتل عاشقها نشاط
عين مخيطة لها ... في القلب جرح ما يخاط
وله:
تزايد القول فيه إن له ... وردا جنيا في صفحة الخد
فتكرشت عارضاه تشعر أن ... الشوك لا بد منه للورد
وله:
__________
[1] انظر: فوات الوفيات 1/288. وشذرات الذهب 4/88. مرآة الزمان 8/542.(21/69)
قيل لي ما تقول في شعرات ... رحلت حسن ذلك الخد عنه
ونحولي على تزايد وجدي ... قلت غطى سنا بأحسن منه
فتلافيت قلبه حين خانت ... عارضاه بأنني لم أخنه
وله:
لما بدا خط العذا ... ر يزين خديه بمشق
وظننت أن سواده ... فوق البياض كتاب عتقي
فإذا به من سوء حظي ... عهدة كتبت برقي
[وله] :
لافتضاحي في عوارضه ... سبب والناس لوام
كيف يخفي ما أكتمه ... والذي أهواه نمام
توفي بشارع دار الرقيق في يوم الإثنين سابع عشر ربيع الأول سنة ثمان وعشرين وخمسمائة- رحمه الله تعالى-.
65- الحسن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سليمان العباسي، أبو علي بن أبي العباس بن أبي عبد الله، المعروف بابن الحويزي [1] :
ولد ببغداد ونشأ بها، وقرأ القرآن بالروايات على أبي الكرم بن الشهرزوري، وسمع منه ومن أبي القاسم إسماعيل بن السّمرقندي وأبي الفرج عَبْد الخالق بْن أَحْمَد بْن يوسف، وقرأ الأدب عَلَى أَبِي مُحَمَّد بْن الخشاب. ثم إنه سكن واسطا إلى حين وفاته.
وكان يقرئ بها القرآن والأدب ويعلم الصبيان الغناء بالألحان، وكانت له معرفة بالموسيقى. وكان مشتهرا بالسماع وحضور مجالس الغناء. وكان أديبا فاضلا، ويشعر حسنا، فمنه:
غرام كل يوم مستجد ... وشوق ما له أمد وحد
وحب كلما يزداد [2] قلبي ... به شغفا تزايد منه صد
فيا أملي إذا أملت شيئا ... ويا ذخري ويا أثري المعد
__________
[1] انظر: المشتبه 194.
[2] في الأصل: «يزاد» .(21/70)
أرى موتي إذا أعرضت عني ... وإن واصلتني روحي ترد
وله:
الصبر على الغرام أجمل ... والعاشق للولاء أحمل
يا عاذل كف [1] عن ملامي ... كم يسمح [2] والحبيب يبخل
كم أحرك خلاص قلبي ... من ذلقته وقد توحل
وله:
من حيث أرجو صحتي جاء السقم ... من لامني في حالتي فقد ظلم
أنحلني فراقه فها أنا من دقتي ... أدخل في شق القلم
توفي بواسط في يوم الخميس الثاني عشر من ذي الحجة من سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، ودفن بتربة مسجد زنبور.
66- الْحَسَن بْن سَعِيد بْن عَبْد اللَّه بْن بندار، أبو علي الديار بكري الشاتاني [3] :
وشاتان قلعة من ديار بكر. كان مقيما بالموصل، قدم بغداد وتفقه على أبي علي الحسن بن سلمان، وقرأ الأدب على أبي السعادات [بْن] الشجري، وسمع الحديث من أَبِي القاسم هبة الله بن الحصين. وكان يشعر حسنا ويعقد مجلس الوعظ.
فمن شعره يمدح الوزير ابن هبيرة:
أهدى إلى جسدي الضنا فأعلّه ... وعسى يرق لعبده ولعلّه
ما كنت أحسب أن عقد تجلدي ... ينحلّ بالهجران حتى حلّه
يا ويح قلبي أين أطله وقد ... نادى به داعي الهوى فأضله
إن لم تجد بالعفو منه على الذي ... قد ذاب من برح الغرام فمن له
وأشد ما يلقاه من ألم الهوى ... قول العواذل أنه قد مله
إن لم تجد بالعطف منه على الذي ... أضناه من فرط الغرام فمن له
مولده في سنة عشر وخمسمائة بشاتان، وتوفي في شعبان سنة تسع وسبعين
__________
[1] في الأصل: «كيف» .
[2] في الأصل: «يسمع» .
[3] انظر: وفيات الأعيان 1/386. ومعجم البلدان 5/206.(21/71)
وخمسمائة. هكذا ذكره أبو المواهب الحسن بن هبة الله الثعلبي.
67- الحسن بن علي بن الحسن بن عبد الله بن مقلة، أبو عبد الله الكاتب [1] :
صاحب الخط المليح. سمع أبا عبد الله محمد بن العباس الزيدي. مولده يوم الأربعاء سلخ رمضان سنة ثمان وسبعين ومائتين.
وتوفي فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الآخِرِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وثلاثمائة. وقيل مات بالشام وحمل إلى بغداد.
68- الحسن بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جعفر، أَبُو علي الوخشي [2] :
من أهل وخش- من نواحي طخارستان بلخ. أحد حفاظ الحديث الأثبات، سمع ببلخ أبا الفضل مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن القاسم بْن روزبه، وبنيسابور أبا زكريا يحيى بن إبراهيم المزكي، وبهمذان أبا مَنْصُور مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مزدين، وبأصبهان أبا نعيم أحمد الحافظ، وببغداد أبا عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وبدمشق أبا القاسم عامر بن محمد بن عبد الله الرازي، وبعسقلان أبا بكر محمد بن داود بن أحمد ابن المصحح، وبمصر أبا محمد عبد الرحمن بن عمر بن النحاس، وببيت المقدس أبا طالب محمد بن عبد الرحمن البلدي، وبحلب أبا القاسم الحسن بن علي بن عبيد الله ابن محمد بن أبي أسامة الحلبي.
أخبرنا ذاكر بن كامل بن أبي غالب الخفاف عن أبي غالب شجاع بن فارس الذهلي قال: أنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قرأت عليه في كتاب «المؤتلف والمختلف» من جمعه، قال: وأما الثاني، بالخاء المعجمة، فهو الحسن بن علي الوخشي من أهل وخش، وهي ناحية من نواحي بلخ. سافر في طلب الحديث إلى الشام ومصر وسمع بخراسان من أصحاب الأصم ونحوه. وعاد إلى بلده فأقام به.
حدث أبو علي الوخشي قال: كنت بعسقلان أسمع الحديث من أبي بكر بن مصحح وغيره، فضاقت عليّ النفقة، وبقيت أياما مع لياليها ما وجدت شيئا من الطعام، فأخذت جزءا من الحديث لأكتبه، فعجزت عن الكتابة للضعف الذي لحقني، فمضيت
__________
[1] انظر: الوافي بالوفيات 1/168. ومعجم الأدباء 9/28- 34.
[2] انظر: العبر 3/275. وشذرات الذهب 3/339. ومعجم المؤلفين 3/260. ولسان الميزان 2/241.(21/72)
إلى دكان خباز وقعدت قريبا منه، وكنت أشم رائحة الخبز وأتقوى بها إلى أن كتبت الجزء، ثم فتح الله بعد ذلك.
قال أبو سعد بن السمعاني: مولد الوخشي سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.
سألت إسماعيل بن الفضل عنه فقال: حافظ كبير. ذكر عمر بن محمد السرخسي أنه مات في ليلة الثلاثاء لخمس ليال خلون من ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين وأربعمائة ببلخ- رحمه الله تعالى.
69- الحسن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن هارون، أبو محمد المهلبي [1] :
كاتب معز الدولة أبي الحسين أحمد بن بويه. كان من ولد المهلب بن أبي صفرة، وكان ينوب أبا جعفر الصيمري وزير معز الدولة ببغداد. فلما مات الصيمري قلده معز الدولة الوزارة مكانه وخلع عليه، وقدمه وأدناه، وتخصص به، وتمكنت منزلته عنده.
حدّث أبو عبد الله الصوفي قال: كنت أنا وأبو محمد المهلبي بسيراف في أيام حداثته وصعلكته، فأنشدني لنفسه وقد مسته إضاقة:
ألا موت يباع فأشتريه ... فهذا العيش ما لا خير فيه
ألا رحم المهيمن روح ميت ... تفضل بالوفاة على أخيه
قال: ثم وردت بعد سنين كثيرة فألفيته بها وزيرا مالكا للأمور، فكتبت إليه:
قصدت إلى الوزير بغير احتشام ... أذكره زمانا قد نسيه
زمانا كان ينشدني وقيدا ... ألا موت يباع فأشتريه
قال: فوقع على ظهر رقعتي المتضمنة هذه الأبيات:
رق الزمان لفاقتي ... ورثى لطول تحرقي
فأنالني ما أشتهي ... وأدال مما أتقي [2]
فلأغفرن له الكبير ... من الذنوب السبق
حتى جنايته ما ... فعل المشيب بمفرقي
__________
[1] انظر: وفيات الأعيان 1/392- 395. ومعجم الأدباء 7/1180152.
[2] في الأصل: «بريقي» .(21/73)
قال: ووصلني وأحسن إليّ وأغناني. ومن شعر الوزير المهلبي:
قال لي من أحب والبين قد جد ... وفي مهجتي لهيب الحريق
ما الذي في الطريق [تصنع] [1] خلفي ... قلت أبكي عليك طول الحريق
وله:
أعطيتني للهو بي خاتما ... اسمك مكتوب على فصه
ما روعتني زفرات الهوى ... إلا تروحت إلى مصه
وله:
يا هلالا يبدو فتهتاج نفسي ... وهزارا يشدو فيزداد عشقي
زعم الناس أن رقك ملكي ... كذب الناس أنت مالك رقي
مولده بالبصرة في يوم الثلاثاء، لأربع ليال بقين من المحرم سنة إحدى وتسعين ومائتين.
وذكر أبو القاسم التنوخي أنه توفي في شعبان سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة- رحمه الله تعالى- بزاوطا [2] ، وحمل تابوته إلى بغداد، فدفن بمقابر قريش. وكانت مدة وزارته ثلاث عشرة سنة وثلاثة أشهر.
70- الحسن بن محمد بن عبدوس، أبو علي الشاعر:
من أهل واسط. سكن بغداد، ومدح الإمام الناصر لدين الله. وكان فاضلا قيما بالأدب، جيد الشعر، حسن المعاني، مليح الإيراد، جميل الهيئة، كيّسا متواضعا.
قرأت بخط أبي علي بن عبدوس، قال: سألت إجازة بيتين هما:
حياكم الله وأحياكم ... ولا عدا الوابل مغناكم
نحن عدمنا الصبر من بعدكم ... فكيف أنتم لا عدمناكم
قال: فقلت:
قد كان لي كثيرا فأنفقته ... أفقرني الوجد وأغناكم
__________
[1] ما بين المعقوفتين زيادة من وفيات الأعيان.
[2] في الأصل: «براوطا» .(21/74)
تشتاقكم عيني وقلبي فما ... أطيب رؤياكم ورياكم
أكاد من فرط ولوعي بكم ... أغرق في الذكرى فأنساكم
سكنتم القلب فلا توحشوا ... ربعا حللتم فيه حاشاكم
إني على البعد لراج بأن ... يجمعني الله وإياكم
وله:
لو شاء من باح بالهوى كتمه ... وكيف يخفى عواده سقمه
قالوا مريض الفؤاد قلت لهم ... والجسم أنفى بذلك التهمه
فارسفوني عذالا عدمتهم [1] ... ما هكذا عاد سالم سلمه
نعم وإن ساءهم عشقت وما ... في العشق عار عندي ولا نقمه
أهيف من شكله القضيب ومن ... شبه بالغصن فلا ظلمه
أحسن من ضمة القباء فلو ... يستطيع من حبه له التزمه
قد استوى سهمه وناظره ... عذب فنفس أشقيتها نعمه
توفي أبو علي بن عبدوس في ليلة الجمعة لخمس خلون من صفر سنة إحدى وستمائة. ودفن من الغد بمقابر قريش. وأظنه جاوز الأربعين بقليل- رحمه الله تعالى-.
آخر الجزء الثالث من المستفاد من ذيل تاريخ بغداد.
والحمد لله على كل حال.
__________
[1] هكذا في الأصل.(21/75)
الجزء الرابع من المستفاد من ذيل تاريخ بغداد
للحافظ محب الدين أبي عبد الله بن النجار البغدادي انتخاب كاتبه الواثق بالله أحمد بن أيبك بن عبد الله(21/77)
بسم الله الرّحمن الرّحيم استعنت بالله
[تتمة حرف الحاء]
من اسمه الحسين
71- الحسين بن عبد الله بن الحسين بن الجصّاص، أبو عبد الله الجوهري [1] :
كان من أعيان التجار. ولما بويع لعبد الله بن المعتز بالخلافة وانحلّ أمره وتفرق جمعه وطلبه المتقدر فاختفى عند ابن الجصاص هذا، فعلم به، فقبض عليه وعلى ابن الجصاص وصادره المقتدر على أموال جليلة. ويحكى عنه حكايات عجيبة في الغفلة والحماقة، منها:
أنه حج في بعض السنين، فلما بات بالمزدلفة في ليلة عيد الأضحى نظر إلى القمر وقال: لا إله إلا الله! حججت قبل هذه الحجة وبت هاهنا، وكان القمر أيضا في هذا الموضع نفسه، وهذا اتفاق عجيب. ونظر يوما في المرآة وقال: اللهم بيّض وجوهنا يوم تبيض وجوه، وسودها يوم تسود وجوه. ونظر يوما آخر في المرآة فقال لإنسان عنده: ترى لحيتي قد طالت؟ فقال له الحاضر: المرآة في يدك، فقال: صدقت، ولكن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب.
وكسر يوما بين يديه لوز، فطفرت لوزة، فقال: لا إله إلا الله! كل شيء يهرب من الموت حتى البهائم. ونظر يوما في المصحف وجعل يقول: رخيص! والله هذا من فضل الله! أكل وتمتع بدرهم، وإذا في المصحف ب ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا
فصحّف ذرهم وظن أنه درهم؟ توفي في شوال سنة خمس عشرة وثلاثمائة ببغداد- رحمه الله تعالى.
72- الْحُسَيْن بن عَلِيّ بن أَحْمَدَ بْنِ عَبْد الواحد بن بكر بن شبيب الطيبي، أبو عبد الله الكاتب، الملقب بسعيد الدين [2] :
__________
[1] انظر: فوات الوفيات 1/271- 275. والعبر 2/12. والمنتظم 13/267- 270.
[2] انظر: معجم الأدباء 10/126- 130 وفوات الوفيات 2/276- 278.(21/79)
كان موصوفا بجزالة الشعر، وعذوبة الألفاظ، ورشاقة النظم والنثر، وكمال الطرف، ونهاية اللطف. وكان مختصا بخدمة الإمام المستنجد بالله.
ومن شعره:
وأغيد لم تسمح لنا بوصاله ... يد الدهر حتى دب في عاجه النمل
تمنيت لما اختط فقدان ناظري ... ولم ار إنسانا تمنى للعمى قبل
ليبقى على مر الزمان خياله ... خيالي وفي عيني لمنظره شكل [1]
وذكره أبو عبد الله الأصبهاني في «الخريدة» فقال: الحسين بن شبيب حلو التشبيب، رقيق نسيم النسيب. وله أشعار تخجل الدر منظوما، والوشي مرقوما، والروض ناظر، والبدر زاهر، فمن مستحسن شعره قوله في المستنجد:
أنت الإمام الذي يحكي بسيرته ... من ناب بعد رسول الله أو خلفا
أصبحت لب بني العباس كلهم ... إن عددت بحروف الجمل الخلفا
والمستنجد هو الثاني والثلاثون من خلفاء بني العباس، ولب اثنان وثلاثون في حساب الجمل. مولده في سنة خمسمائة.
وتوفي يوم الجمعة لتسع عشرة خلت من ربيع الآخر سنة ثمانين وخمسمائة ببغداد، ودفن بمقبرة معروف الكرخي.
73- الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بن محمد بن يوسف، أبو القاسم بن أبي الحسن الوزير المغربي [2] :
مولده بمصر في ذي الحجة سنة سبعين وثلاثمائة. وكان أبو الحسن أبو يصحب سيف الدولة بن حمدان، وانتقل بعد ذلك إلى مصر وتولى الأعمال فيها.
نشأ أبو القاسم في أيام الحاكم بالله صاحب مصر وتقلد له ديوان الشام. فلما قبض الحاكم على أبيه علي وعمه محمد وقتلهما وقتل أخويه أيضا، طلب أبا القاسم فاستتر، وهرب إلى العراق، وقصد فخر الملك، وبلغ القادر بالله أمره، فاتهمه بالورود في إفساد على الدولة العباسية. ولي الوزارة للملك مشرف الدولة أبي علي بن بهاء الدولة أبي نصر بن عضد الدولة أبي شجاع ببغداد في سنة أربع عشرة وأربعمائة، وعزل في سنة خمس عشرة.
__________
[1] في الأصل: «شك» .
[2] انظر: وفيات الأعيان 1/428- 432. والمنتظم، لابن الجوزي 15/185- 187.(21/80)
وكان عارفا فاضلا وبليغا مترسلا ومتفننا في كثير من العلوم الدينية والأدبية والنجومية. وكان خبيث الباطن، كثير الحيل، شديد الحسد على الفضل وإن أظهر الميل إلى أهله.
ومن شعره:
تأمل من أهواه صفرة خاتمي ... فقال حبيبي لم نحيت أحمره
فقلت له من أحمر كان فصه ... ولكن سقامي حل فيه فغيّره
توفي في رمضان سنة ثمان عشرة وأربعمائة بميافارقين عن ست وأربعين سنة، وحمل تابوته إلى الكوفة فدفن هناك. وكان كثير الفضائل، جيد الترسل، شديد الذكاء- رحمه الله.
74- الحسين بن علي بن عبد الصمد الديلمي، أبو العباس المنشئ، المعروف بالطغرائي [1] :
من أهل أصبهان. كان يتولى الطغرا للسلطان محمد بن ملك شاه، وهي علامة تكتب على التوقيعات. وكان من أفراد الدهر وأعيان العصر، غزير الفضل، كامل العقل، وشعره ألطف من النسيم، وأرق من حواشي النعيم. قدم بغداد وأقام بها مدة، وروى بها.
ومن شعره:
تمنيت أن ألقاك في الدهر مرة ... فلم أك من ذاك التمني بمرزوق
سوى ساعة التوديع دامت فكم منى ... أنالت وما قامت بها أملا سوقي
فيا ليت أن الدهر كل زمانه ... وداع ولكن لا يكون بتفريق
ومن شعره:
ذكرتكم عند الزلال على الظما ... فلم أنتفع من ورده ببلال
وحدثت نفسي بالأماني فيكم ... وليس حديث النفس غير ضلال
أواعدها قرب اللقاء ودونه ... مواعيد دهر مولع بمطال
يقر بعيني الركب من نحو أرضكم ... يرجون عيشا قيدت بكلال
__________
[1] انظر: وفيات الأعيان 1/438- 442. ومعجم الأدباء 10/56- 79(21/81)
أطارحهم جد الحديث وهزله ... لأحبسهم عن سيرهم بمقالي
أسايل عمن لا أريد وإنما ... أريدكم من بينهم بسؤالي
ويعثر ما بين الكلام ورجعه ... لساني لكم حتى ينم بحالي
وأطوي على ما تعلمون جوانحي ... وأظهر للعذّال أني سالي
بلى [1] والذي عافاكم وابتلى بكم ... فؤادي ما اختار السلو ببالي
وقد كنت دهرا لا أبالي من النوى ... فعلمني الأيام كيف أبالي
كانت الوقعة بين السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه وأخيه مسعود بباب همذان في ربيع الأول من سنة أربع عشرة وخمسمائة، فانهزم مسعود وعسكره، وأخذ من جملتهم الوزير الطغرائي مأسورا إلى حضرة السلطان محمود، فأمر بقتله، فقتل وقد جاوز الستين من عمره. وهو صاحب القصيدة الغراء التي أولها:
أصالة الرأي صابتني عن الخطل ... وحلية العلم زانتني عن الحلل
75- الحسين بن المبارك بن الحسين بن علي بن شقشق، أبو عبد الله بن أبي حرب بن أبي عبد الله:
ذكره أبو عبد الله الأصبهاني في «الخريدة» فقال: الحسين بن المبارك بن شقيق البغدادي، كانت لابن شقيق شقشقة في الشعر هادرة، وبديعة من الأدب نادرة، أدركته في أول العهد القديم، في زمان السلطان مسعود.
وأنشدني الفقيه شهاب الغزنوي مما نظمه مما مدح به برهان الدين الواعظ الغزنوي ببغداد من قصيدة أولها:
إن جرت بالرمل وكثبانه ... فاقرأ تحياتي على بانه
وسائل الربع الذي قد عفا ... ما صنع البين لسكانه
قوم هم كانوا جيرة ... فانصدع الشمل بجيرانه
فالربع مفجوع بقطانه ... والقلب موجوع بأشجانه
وإن كتمت الحب يوم النوى ... أظهره دمعي بهتانه
أعاذلي في الهوى فارحما [2] ... وخليا قلبي بوجدانه
__________
[1] في الأصل: «بلا» .
[2] في الأصل: «قدحما» .(21/82)
حرف الذال
من اسمه ذو القرنين
76- ذو القرنين بن الحسن بن عبد الله بن حمدان، أبو المطاع بن ناصر الدولة أبي محمد، كان يلقب بوجيه الدولة [1] :
ولي الإمارة بدمشق للخلفاء المصريين. وكان شاعرا حسنا مفلقا.
فمن شعره:
ومفارق ودعت عند فراقه ... ودعت صبري عنه في توديعه
ورأيت منه فعل لؤلؤ عقده ... من ثغره وحديثه ودموعه
وله:
لو كنت أملك أعتده من بعدكم نظرا ... لأنه نظر من ناظر رمد
قال:
فكتبت طرفي ما نظرت به ... من بعد فرقتكم يوما إلى أحد
ولست إليه ارتجالا صبرا أنت تملكه ... عني تجازيت منك التيه بالصلف
أويت نظمي وجدا بت أضمره ... جزيتني كلفا عن شدة الكلف
تعمد الرفق بي يا حب محتسبا ... فليس يبعد ما تهواه من تلفي
قال أبو المطاع بن حمدان المذكور: كتب إليّ أخي أبو عبد الله من سفرة كان فيها:
قد كان في نزهة طرفي برؤيتكم ... يتوب شاهدها عن كل معتقد
فالآن أشغله من بعد فقدكم ... حفظا لعهدكم بالدمع والسهد
وقال أبو المطاع بن حمدان:
ترى الثياب من الكتان يلمحها ... ضو من البدر أحيانا فيبليها
فكيف تعجب أن تبلى غلائلها ... والبدر في كل وقت لائح فيها
__________
[1] انظر: النجوم الزاهرة 5/27. ووفيات الأعيان 2/44، 45. والعبر 3/165. ومعجم الأدباء 11/119- 121.(21/83)
وقال:
إني لأحسد «لا» في أسطر الصحف ... إذا رأيت عناق اللام والألف [1]
وما أظنهما طال اجتماعهما ... إلا لما لقيا من شدة الشغف
وقال:
أفدي الذي زرته بالسيف مشتملا ... ولحظ عينيه أمضى من مضاربه
فما خلعت نجادي في العناق له ... حتى لبست نجادا من ذوائبه
وقال:
قالت لطيف خيال زارها ومضى ... بالله صفه ولا تنقص ولا تزد
فقال خلفته لو مات من ظمأ ... وقلت قف عن ورود الماء لم يرد
قالت صدقت الوفا والحب عادته ... يا برد طيب الذي قالت على كبدي
توفي أبو المطاع بمصر في صفر سنة ثمان وعشرين وأربعمائة- قاله ابن الأكفاني.
__________
[1] هكذا في الأصل، وفي وفيات الأعيان «اعتناق الأم للألف» .(21/84)
حرف الراء
77- رزق الله بن عَبْد الوهاب بْن عَبْد العزيز بْن الحارث بن أسد بن الليث ابن سليمان بن الأسود بن سفيان بن يزيد بن أكينة بن الهيثم بن عبد الله التميمي، أبو محمد بن أبي الفرج بن أبي الحسن [1] :
من ساكني باب المراتب، شيخ الحنابلة. قرأ القرآن بالروايات على أبي الحسن علي ابن عمر الحمامي. وتفقه على أبيه وعلى عمه أبي الفضل عبد الواحد. وسمع منهما ومن أبي عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْدِيٍّ وأبي الحسين أحمد بن محمد بن المتيم وأبي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ وأبي الحسين علي وأبي القاسم عبد الملك ابني مُحَمَّد بن عبد اللَّه بن بشران، وأبي الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بِن مُحَمَّدِ بْنِ مخلد وأبي القاسم عبد الرحمن الحرفي، وأبي علي الحسن بن شاذان، وأبي الفرج محمد بن عمر بن محمد الجصاص في آخرين، روى عنه جماعة من الحفاظ كأبي مسعود سليمان ابن إبراهيم الأصبهاني، وأبي علي أحمد بن محمد بن البرداني [2] ، وعبد الوهاب بن المبارك الأنماطي.
وكان إماما في المذهب والخلاف والأصول، وله في ذلك مصنفات حسنة. وكان واعظا، مليح العبارة، لطيف الإشارة، فصيح اللسان، ظريف المعاني، معظما عند الخاص والعام.
ومن شعره قوله:
لا تسألاني [3] عن الحي الذي بانا ... فإنني كنت يوم البين سكرانا
يا صاحبي على وجدي بنعمانا ... هل راجع وصل ليلي كالذي كانا
ما ضرّهم لو أقاموا يوم بينهم ... بقدر ما يلبس المحزون أكفانا
أم ذاك آخر عهد للقاء [4] بها ... فنجعل الدهر ما عشناه أحزانا
ليت الجمال التي [5] للبين ما خلقت ... وليت حاد حدي في الدهر حيرانا
__________
[1] انظر: معجم الأدباء 11/136- 138 والمنهج الأحمد 2/164. وذيل طبقات الحنابلة 1/77.
وطبقات المفسرين، ص 82. والعبر 3/104، 320. والشذرات 3/384. وهدية العارفين 1/367.
[2] في الأصل: «البراني» .
[3] في الأصل: «لا تسألونى» .
[4] في الأصل: «اللقا» .
[5] في الأصل: «الذي للبين» .(21/85)
وله:
أفق يا فؤادي من غرامك واستمع ... مقالة محزون عليك شفيق
علقت فتاة قلبها متعلق ... بغيرك فاستوثقت غير وثيق
فأصبحت موثوقا وراحت طليقة ... فكم بين موثوق وبين طليق
قرأت على أبي الحسن بن المقدسي بمصر عن أبي طاهر السلفي، قال:
سألت أبا نصر المؤتمن بن أحمد الساجي عن أبي محمد التميمي فقال: هو الإمام علما ونفسا وأبوّة. وما يذكر عنه فتحامل من أعدائه.
قال الحافظ أبو الفضل محمد بن ناصر السلامي أنا أبو محمد رزق الله التميمي:
وما رأيت شيخا ابن سبع وثمانين سنة أحسن سمتا وهديا واستقامة [1] منه، ولا أحسن كلاما وأظرف وعظا وأسرع جوابا منه.
مولده سنة أربعمائة، وتوفي ببغداد في منتصف جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، ودفن بداره بباب المراتب، ثم نقل في سنة إحدى وتسعين إلى مقبرة باب حرب، ودفن إلى جنب قبر الإمام أحمد بن حنبل. وفي هذه السنة توفي ولده عبد الوهاب.
__________
[1] في الأصل: «واستقامة فاقة منه» تحريف.(21/86)
حرف الزاي
78- زاهر بن طاهر بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّد بْن يوسف بن محمد ابن المرزبان بن علي بن عبد الله بن المرزبان الشحامي، أبو القاسم بن أبي عبد الرحمن بن أبي بكر المستملي [1] :
من أهل نيسابور- شيخ وقته في علو الإسناد، بكر به أبوه فأسمعه من أبي سعد محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي [2] وأبي عثمان سعيد بن محمد النجيرمي [3] وأبي سعد أحمد بن إبراهيم المقرئ وأبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري وأبي عثمان سعيد بن أحمد العيار وأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي في آخرين. وسمع بنفسه وجمع لنفسه مشيخة. وكان يستملى على الشيوخ، وحدث بالكثير، وكتب عنه الحفاظ. قدم بغداد في سنة خمس وعشرين وخمسمائة، وحدّث بها، سمع منه ابن ناصر في آخرين.
أخبرنا شهاب الحاتمي بهراة، قال: حدثنا أبو سعد بن السمعاني قال: زاهر بن طاهر الشحامي أبو القاسم شيخ متيقظ مكثر، جمع ونسخ بخطه، وكان صاحب أصول، وعمّر حتى حمل عنه الكثير، ورحل في رواية الحديث ونشره مثل ما يرحل الطلاب في جمعه، ورد علينا مرو قاصدا للرواية بها وحجّ، وسمع منه الكثير ببغداد وهمذان والري والحجاز، ورجع إلى نيسابور؛ وكان صبورا لا يضجر من القراءة عليه حتى قرأت عليه «تاريخ نيسابور» للحاكم أبي عبد الله في أيام قلائل، كنت أمضي قبل طلوع الشمس فأقرأ إلى وقت غروبها، وكان يقعد ويستمع، ولكنه كان يخل بالصلوات إخلالا ظاهرا، ووقت خروجه إلى أصبهان قال لي أخوه وجيه: أجهدت في قعوده ولا تخرج، فإن أمر صلاته مختل، ونفتضح من أهل أصبهان! فظهر الأمر كما قال أخوه، وعرف [4] أهل أصبهان ذلك، وشنعوا عليه حتى ترك أبو الْعَلاءِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْحَافِظَ الرواية عنه. وقيل لزاهر في ذلك، فقال: لي عذر، وأنا أجمع بين الصلوات كلها. ولعله تاب ورجع عن ذلك في آخر عمره. وكان صحيح السماع كثيره.
__________
[1] انظر: العبر 4/91. والمنتظم 17/336.
[2] في الأصل: «الجنزروذى» .
[3] في الأصل: «النجيرى» .
[4] في الأصل: «وعرد» .(21/87)
مولده رابع عشر ذي القعدة سنة ست وأربعين وأربعمائة.
وتوفي ليلة الرابع عشر من ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة بنيسابور.
ودفن بمقبرة يحيى بن يحيى- رحمه الله تعالى وإيانا.
79- زَيْد بْن يَحيى بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن هبة الله البيع، أبو بكر [1] :
من أهل باب الأزج، وهو أخو أبي المعالي أحمد، وكان الأصغر. سمع بإفادة أخيه من أبي الوقت عبد الأول وأبي بكر محمد بن عبيد الله بن نصر الزاغوني في آخرين.
كتبت عنه من سماعه الصحيح لأنه كان يكشط اسم أخيه عبد المنعم من طباق السماع ويكتب اسمه موضعه بقلم غليظ ودواة ردية. فعل ذلك على عدة أجزاء من أصول أخيه أحمد.
مولده سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، وتوفي ببغداد في منتصف رمضان سنة إحدى وعشرين وستمائة.
__________
[1] انظر: شذرات الذهب 4/128. والعبر 4/112.(21/88)
حرف السين
80- سعد الخير بن محمد بن سهل بن سعد الخير، أبو الحسن بن أبي عبد الله الأنصاري [1] :
من أهل بلنسية من شرقي الأندلس. قدم بغداد وسمع بها من أبي الخطاب نصر بن أحمد بن البطر وأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي وأبي الفوارس طراد الزينبي في آخرين، وقرأ الأدب على أبي زكريا يحيى بن علي التبريزي. وسافر إلى العراق، فسمع بدونة من نواحي همذان من أبي محمد عبد الرحمن بن محمد الدوني، وبأصبهان من أبي علي الحسن بن أحمد الحداد. وحصّل الكتب والأصول، وركب البحار، وقاسى الشدائد، ودخل بلاد الصين. ثم إنه عاد إلى بغداد بعد علو سنه واستوطنها إلى حين وفاته. وكان ثقة صدوقا متدينا.
توفي في يوم عاشوراء سنة إحدى وأربعين وخمسمائة ببغداد.
81- سعيد بن أحمد بن محمد بن نعيم بن أشكاب، أبو عثمان بن أبي سعيد الصوفي، يعرف بالعيّار [2] :
من أهل نيسابور. بكر به أبوه فأسمعه من أبي بكر محمد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ هَانِئٍ الْبَزَّازُ وأبي محمد عبد الله بن أحمد الصّيرفيّ وأَبِي الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْخَفَّافُ وأبي طاهر مُحَمَّد بْن الفضل بْن مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاق بن خزيمة وأبي محمد عبد الله بن حامد الأصبهاني. وأسمعه بسرخس من أبي علي زاهر بن أحمد الفقيه وبأستراباد من أبي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ، وبالري من أبي العباس عقيل بن الحسين العلوي، وبمكة من أبي الحسين [3] علي بن جعفر السيرواني. وعمّر حتى جاوز المائة. وخرج له الحافظ أحمد بن الحسين البيهقي فوائد في عشرين جزءا. حدث بدمشق وأصبهان ونيسابور، وهرات وغزنة. ودخل بغداد في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.
أنبأنا ذاكر بن كامل الحذاء عن أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي، قال: سعيد ابن أبي سعيد العيار يتكلمون فيه لروايته «كتاب اللمع» عن أبي نصر السراج وغيره.
__________
[1] انظر: تهذيب ابن عساكر 6/116. والعبر في خبر من غبر 3/241.
[2] انظر: الأغانى 17/2. والأعلام للزركلي 3/146.
[3] في الأصل: «أبى الحسن» .(21/89)
وكان يزعم أنه سمع من زاهر بْن أَحْمَدَ السرخسي «كتاب الأربعين» لمحمد بن أسلم، ورواه عنه. فذكر بعض أهل العلم أنه لم يسمع من زاهر شيئا. وخرج له البيهقي عدة أجزاء «فوائد لطاف» ولم يخرج له فيها عن زاهر شيئا.
قلت: هكذا ذكر ابن طاهر هذا الكلام في كتابه «تكملة الكامل في ضعفاء المحدثين» من جمعه، وقد وهم في قوله: «لم يخرج له البيهقي في فوائده عن زاهر شيئا» لأن البيهقي خرج له في هذه الفوائد عدة أحاديث عن زاهر. وذكر أن عدة أجزائها عشرة، وأنها لطاف؛ وقد كتبت هذه الفوائد بأصبهان، وسمعتها من جماعة وهي أحد وعشرون جزءا، ولم يزل المقدسي كثير الوهم فيما يجمعه لتهوره وعجلته وإعجابه بنفسه. وإنما الشيخ الذي لم يخرج له البيهقي عنه في فوائده هو بشر بن أحمد الإسفراييني، فإن العيار قد روى عنه هذا من حديث قتيبة بن سعيد.
ورأيت بخط الحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد الدقاق الأصبهاني أحاديث قد كتبها عن العيار عن بشر بن أحمد الإسفراييني ثم إنه عاد وضرب عليها بقلمه وكتب عندها: «كذب العيار في روايته عن بشر» والله أعلم! فإن كان ابن طاهر قد سمع ممن حكى عنه أنه بشر واشتبه عليه ابن أحمد فهو صحيح، وإلا فليس بشيء- والله أعلم.
مولده- العيار سنة خمس وأربعين وثلاثمائة. وقال بعضهم: سبب تسميته بالعيار أنه كان في ابتدائه يسلك مسلك الشطار، ثم رجع إلى هذه الطريقة.
توفي بغزنة في ربيع الأول سنة سبع وخمسين وأربعمائة.
وذكر أبو الفضل بن خيرون وفاته في سنة اثنتين وخمسين- حكاه الحميدي عن ابن خيرون.
82- سعيد بن حميد بن سعيد بن يحيى، أبو عثمان الكاتب [1] :
من أولاد الدهاقين، وأصله من النهروان الأوسط. ولد ببغداد ونشأ بها. وكان يذكر أنه مولى بني سامة بن لؤي. ويقال إنه ادعى أنه من أولاد ملوك الفرس. وكان شاعرا كاتبا مترسلا فصيحا مقدما في صناعته، إلا أنه كثير السرقات والإغارة. فهو كما قال بعضهم: لو قيل لكلام سعيد: ارجع إلى أهلك لما بقي عليه إلا التأليف.
__________
[1] انظر: الأغانى 17/2. والأعلام للزركلي 3/146.(21/90)
كتب سعيد بن حميد إلى فضل الشاعرة يعتذر إليها من تغير ظنته بها [1] ، وفي آخرها:
يظنون أني قد تبدلت بعدكم ... بديلا وبعض الظن إثم ومنكر
إذا كان قلبي في يديك رهينة ... فكيف بلا قلب أصافي وأهجر
83- سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير، أبو القاسم اللخمي [2] :
من أهل طبرية. سمع بالشام ومصر والحجاز واليمن والعراق فأكثر وسكن أصبهان إلى حين وفاته. سمع بدمشق أبا زرعة عبد الرحمن بن عمرو وأحمد بن المعلّى وأحمد بن أنس بن مالك، وببيت المقدس أحمد بن مسعود الخياط، وبمصر يحيى بن أيوب العلاف وأحمد بن رشدين وأحمد بن إسحاق بن نبيط بن شريط الأشجعي، وببرقة أَحْمَد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْن عَبْد الرحيم البرقي؛ وباليمن، إسحاق بن إبراهيم الدبري والحسن بن عبد الأعلى البوسي، وبالعراق أبا مسلم الكجي وأبا خليفة الجمحي والحسن بن سهل المحوز، وببغداد بشر بن موسى الأسدي في آخرين؛ وحدث كثيرا. سمع منه من شيوخه أبو مسلم الكجي وأبو خليفة الجمحي في آخرين. روى عنه أبو نعيم الحافظ وأَبُو الْحَسَن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن فادشاه وأبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة وهو آخر من حدث عنه.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرحمن: سليمان بن أحمد الطبراني أشهر من يدل على فضله وعلمه، حدّث بأصبهان ستين سنة. فسمع منه الآباء ثم الأبناء ثم الأسباط حتى لحقوا بالأجداد؛ وكان واسع العلم، كثير التصانيف. وقيل: ذهبت عيناه في آخر أيامه. فكان يقول: الزنادقة سحروني.
قال يحيى بن عبد الوهاب بن مندة: رأيت بخط أبي بكر محمد بن ريذة مكتوبا قال الصاحب إسماعيل بن عباد:
قد وجدنا في معجم الطبراني ... ما فقدنا في سائر البلدان
بأسانيد ليس فيها سناد ... ومتون إذا وردن متان
قال الحافظ أبو نعيم: مولد الطبراني سنة ستين ومائتين.
__________
[1] في الأصل: «ظنته به» .
[2] انظر: تهذيب ابن عساكر 6/240. ومعجم البلدان 6/25. ووفيات الأعيان 2/141.(21/91)
وتوفي في ذي القعدة لليلتين بقيتا منه سنة ستين وثلاثمائة، ودفن إلى جنب حممة بباب مدينة جي، وحضرت الصّلاة عليه.
84- سليمان بن أحمد بن محمد، أبو الربيع بن أبي عمر السرقسطي:
من أهل الأندلس. سمع بنصر من أبي الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الْحَوْفِيُّ [1] ، وبواسط من أَبِي الْحَسَن علي بْن عُبَيْد اللَّه بْن علي القصاب، وقدم بغداد واستوطنها.
قرأ القرآن بالقراءات عَلَى القاضي أبي العلاء مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن يعقوب الواسطي، فأنبأ وحدّث.
أخبرني شهاب الحاتمي بهراة، قال: سمعت أبا سعد بن السمعاني يقول: سمعت أبا الفضل بن ناصر يقول: إن السرقسطي كان كذّابا، وكان يلحق سماعاته.
مولده سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.
وتوفي في ربيع الآخر سنة تسع وسبعين وأربعمائة. وحدث بيسير، وكان فيه تساهل في دينه- قاله أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون الشاهد.
85- سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث، أبو الوليد التجيبي الباجي [2] :
من أهل قرطبة- مدينة بالأندلس-. سمع بالأندلس أبا بكر مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَبْد الوارث والقاضي أبا الوليد يونس بن عبد الله بن مغيث الصفار والقاضي أبا الأصبغ عيسى بن أبي درهم، وبمصر أبا مُحَمَّد عبد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الوليد الأندلسي وأبا القاسم هبة الله بن إبراهيم بن عمر الصواف، وبدمشق أبا الحسن علي السمسار [3] ، وبمكة أبا الحسن مُحَمَّد بن علي بن صخر الأزدي، وبالكوفة الشريف أبا عبد الله محمد ابن علي العلوي. وقدم بغداد وأقام بها مدة يدرس الفقه والخلاف على القاضي أبي الطيب الطبري وأبي إسحاق الشيرازي حتى برع في ذلك. وسمع الحديث من أبي القاسم عبيد الله بن أحمد الصّيرفيّ وأبي طالب عمر بن إبراهيم الزهري ومحمد بن محمد بن عبد البر، وحدّث ببغداد بيسير. روي عنه أبو بكر الخطيب الحافظ. وعاد إلى
__________
[1] في الأصل: «الحذمى» .
[2] انظر: وفيات الأعيان 2/142. وفوات الوفيات 1/356. وتهذيب ابن عساكر 6/248.
والعبر 3/280. ومعجم الأدباء 11/246- 251.
[3] في الأصل: «السمار» .(21/92)
بلده، وولي القضاء ببعض ثغورها، ودرس وصنف في الفقه والحديث والخلاف.
ومن شعره:
إذا كنت تعلم أن لا تجيد ... لذي الذنب عن هول يوم الحساب
فاعص الإله بمقدار ما ... تحب لنفسك سوء العذاب
مولده في ذي القعدة سنة ثلاث وأربعمائة [1] ، وتوفي لخمس خلون من رجب سنة أربع وسبعين وأربعمائة بمدينة المرية.
86- سليم بن أيوب بن سليم، أبو الفتح، الفقيه [2] :
من أهل الري، فقيه الشافعية في زمانه. قدم بغداد في صباه، ولازم أبا حامد الإسفراييني وقرأ عليه المذهب والخلاف. سمع بالري أبا علي أحمد بن عبد الله الأصبهاني وأبا العباس أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحسين البصير، وبالكوفة أبا عبد الله محمد ابن [عبد الله بن] [3] الحسين الجعفي، وببغداد أبا الحسن أحمد بن محمد بن موسى ابن الصلت وأبا أَحْمَدَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الفرضي في آخرين. روي عنه الخطيب والفقيه نصر المقدسي في آخرين.
أنبأنا ذاكر بن كامل بن أبي غالب الخفاف عن أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي، قال: سمعت إبراهيم بن نصر الصوفي بالري يقول: كان سليم بن أيوب الرازي الإمام من أهل قسطانة- وهي التي يقال لها بالفارسية: كستانة- على سبعة فراسخ من الري مما يلي طريق بغداد، وكان قد تفقه بالري، وقد خرج من بلده إلى بغداد، فتفقه على أبي حامد الإسفراييني، فلما مات أبو حامد جلس في موضعه للتدريس، فبلغ أباه بكستانة أن رئاسة أصحاب الشافعي قد انتهت إلى ابنك ببغداد، فخرج من قريته وقصد بغداد ودخل القطيعة، وكان يدرّس في مسجد أبي حامد، وقد فرغ من الدرس الكبير وهو يذكر درس الصبيان الصغار، فوقف على الحلقة، وقال: سليم! إذا كنت تعلّم الصبيان ببغداد فارجع إلى القرية فإني أجمع لك صبيانها وتعلمهم وأنت عندنا! فقام سليم من الدرس وأخذ بيد أبيه ودخل به إلى بيته، وقدم
__________
[1] على هامش الأصل: «قال ابن نقطة: مولده في آخر ذي الحجة من سنة ثلاث وأربعمائة» .
[2] انظر: وفيات الأعيان 2/133 والعبر 3/213. وطبقات الشافعية للسبكي 3/168. ومرآة الجنان 3/64 وشذرات الذهب 2/275.
[3] ما بين المعقوفتين زيادة من العبر 3/81.(21/93)
إليه شيئا من المأكول، وخرج ودفع المفتاح إلى بعض أصحابه وقال: إذا فرغ أبي من الأكل فادفع إليه المفتاح، وقل: كل ما في البيت بحكمك! وخرج سليم من فوره إلى الشام وأقام بها، وصنّف ودرّس، فيها انتشر علمه.
غرق سليم بن أيوب في بحر القلزم عند ساحل جدة بعد عوده من الحج في صفر سنة سبع وأربعين وأربعمائة، وكان قد نيف على الثمانين؛ وقيل: في سلخ صفر.
ودفن في جزيرة بقرب الجار عند المخاضة.(21/94)
حرف الشين
87- شجاع بن فارس بن الحسين بن فارس بن الحسين بن غريب بن زنجويه، أبو غالب بن أبي شجاع الذهلي [1] :
طلب الحديث بنفسه، وكان مفيد أهل بغداد، والمرجوع إليه في معرفة الشيوخ وأحوالهم بعد الخطيب. وذيل على تاريخ الخطيب ثم غسله قبل موته. وكان ثقة ثبتا صدوقا فاضلا أديبا جميل السيرة، مرضي الطريقة، أفنى عمره في هذه الصناعة. سمع أبا طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ غَيْلانَ وأبوي القاسم عبد العزيز بن علي الأزجي وعلي بن المحسن التنوخي وأبا الفتح عبد الواحد بن الحسن بن علي المقرئ وأبا إسحاق إبراهيم بْن عمر بْن أَحْمَد البرمكي وأبا الحسين أحمد بن محمد بن الآبنوسي ومحمد بن أحمد بن حسنون النّرسيّ وأبا بكر أحمد بن علي الحافظ الخطيب. وكتب عنه أكثر مصنفاته مرات ولغيره، وبالغ في الطلب.
وله شعر، فمنه:
وقائلة إني رقدت وقد بدا ... لليل الصبى في العارضين قتير
فقلت لها إن المزيد من الكرى ... يكون إذا كان الظلام ينير
قرأت بخط شجاع الذهلي قال: قلت فيما يكتب على مضراب العود وقد سألته:
أنا في كف مهاة ذات دل وجمال ... أبدا أسلب بالتحريك ألباب الرجال
قرأت في كتاب أبي طاهر السلفي بخطه، وقرأته عَلَى أَبِي الْحَسَن بْن المقدسي بمصر عنه، قال: أبو غالب شجاع الذهلي كان من حفاظ بغداد المذكورين، وكنت أسمع أبا علي البرداني [2] الحافظ يثني عليه إذا جرى ذكره، وكان له أدب وشعر، وقد علقت عنه كثيرا من الفوائد الأدبية.
قال عبد الوهاب الأنماطي: دخلت على شجاع بن فارس وهو مريض، فقال لي:
توّبني، قد كتبت شعر ابن الحجاج سبع مرات. فقلت لشيخنا: لم كتبته؟ فقال لي:
كان فقيرا. وقيل: إنه بعد ذلك كتب بخطه ثلاثمائة مصحف تكفيرا لما فعل.
قال ابن ناصر: كان شجاع الذهلي عسرا في الرواية، فلهذا حدّث بالقليل، لضيق
__________
[1] انظر: تذكرة الحفاظ 4/13. ومعجم المؤلفين 4/296. والمنتظم 17/134، 135.
[2] في الأصل: «البردنى» .(21/95)
وقته بالنساخة والتعليم لأولاد الرؤساء والأماثل.
مولده في منتصف رمضان سنة ثلاثين وأربعمائة. وتوفي في ثالث جمادى الأولى سنة سبع وخمسمائة.
88- شقيق بن إبراهيم الأزدي، أبو علي الزاهد [1] :
من أهل بلخ. صحب إبراهيم بن أدهم وعباد بن كثير وأبا حنيفة. روي عنه ابنه محمد. قدم بغداد حاجّا ودخل إلى الرشيد ووعظه.
قال حاتم الأصم: سمعت شقيقا البلخي يقول: عملت في القرآن عشرين سنة حتى ميزت الدنيا من الآخرة، فأصبته في حرفين وهو قوله تعالى: فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى.
وقال حاتم أيضا: سمعت شقيقا البلخي يقول: ميز بين ما تعطى وتعطي [2] ، إن كان ما يعطيك أحب إليك فأنت محب الدنيا، وإن كان ما [3] تعطيه أحب إليك فأنت محب الآخرة.
قال أبو سعد عبد الرحمن بن محمد الحافظ الإدريسي: شقيق بن إبراهيم الزاهد روى أحاديث مناكير في الزهديات وغيرها. لم يكن من أهل الصناعة في الحديث، وقلما حدث عنه أيضا من يوثق بروايته، فلذلك لا يعتمد على روايته.
قتل شهيدا بجيلان سنة أربع وسبعين ومائة.
__________
[1] انظر: فوات الوفيات 1/187. ووفيات الأعيان 2/171. والأعلام 3/249. وتهذيب ابن عساكر 6/327.
[2] في الأصل: «ويعطى» .
[3] في الأصل: «من تعطيه» .(21/96)
حرف الطاء
89- طاهر بْن مُحَمَّد بْن طاهر بْن علي، أبو زرعة بن أبي الفضل المقدسي [1] :
تقدم ذكر والده في هذا المختصر. ولد بالري، وبكر به أبوه فأسمعه من أبي الفتح عبدوس بن عبد الله الهمذاني وأبي منصور محمد بن الحسين المقدمي وأبي الحسن محمد بن منصور بن علان وأبي محمد عبد الرحمن بن محمد الدوني، وسمع ببغداد أبا الحسين علي بن محمد بن العلاف وأبا القاسم علي بن أحمد بن محمد بن بيان. وسكن همذان إلى حين وفاته. وكان تاجرا لا يفهم شيئا من العلم، وحدث بالكثير، وعمّر، وانفرد ببعض مروياته، وكان شيخا صالحا. حمل جميع كتب والده- وكانت كلها بخطه- إلى الحافظ أبي العلاء بهمذان، ورفعها على جميع أهل العلم وسلّمها إليه، وسمعت من يذكر أنها كانت في ثلاثين غرارة.
قدم بغداد بعد الخمسين وخمسمائة، وحدث بها بالكثير. سمع منه الأئمة: ابن الخشاب وابن شافع وابن الجوزي في آخرين. وذكر من سمعه يقول: حججت عشرين حجة.
مولده في الرابع والعشرين من رمضان سنة إحدى وثمانين وأربعمائة بالري. وتوفي بهمذان في سابع ربيع الآخر سنة ست وستين وخمسمائة.
90- طراد بن محمد بْن عليّ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عبد الوهاب بن سليمان ابن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الإمام بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي، أبو الفوارس الزينبي [2] :
من ولد زينب بنت سليمان بن علي. كان يسكن بباب البصرة. ولى النقابة على العباسيين ببغداد في رجب سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة. سمع من أبي الفتح هلال ابن محمد الحفار وأبي نَصْرٍ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حَسْنُونَ النَّرْسِيُّ وأبي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ وأبي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ بُرْهَانَ الغزّال في آخرين.
وانفرد بالرواية عن أكثر شيوخه وحدث بالكثير؛ وأملى خمسة وعشرين مجلسا بجامع المنصور، وأملى بمكة والمدينة مجالس، روى عنه الحفاظ: محمد بن ناصر السلامي ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري وسعد الخير وشهدة بنت الإبري وهي آخر من حدث عنه.
__________
[1] انظر: شذرات الذهب 4/217. والعبر 4/192.
[2] انظر: النجوم الزاهرة 5/162. وشذرات الذهب 3/396. والمنتظم 17/43- 44. والعبر 3/331.(21/97)
قال السلفي: سألت شجاع الذهلي عن طراد، فقال: حدّث ببغداد وبغيرها من البلاد وأملى عدة سنين في جامع المنصور، وكان صدوقا، وقد سمعت منه.
قال محمد بن عبد الباقي الأنصاري: سمعت أبا الفوارس طراد يقول: إن مولده في منتصف شوال سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة.
وتوفي في سلخ شوال سنة إحدى وتسعين وأربعمائة ببغداد. ودفن بباب النصر في مستهل ذي القعدة في داره. وهو آخر من حدّث عن أبي نصر بن النّرسيّ وهلال الحفار والحسين بن عمر بن برهان الغزال في آخرين. ثم نقل بعد ذلك إلى مقابر الشهداء.(21/98)
حرف العين
91- عاصم بن الحسين بن محمد بن علي بن عاصم بن مهران بن أبي المضاء، أبو الحسين بن أبي علي العاصمي العطار [1] :
من أهل الكرخ، كان يعرف بابن عاصم الرصاص. سمع الكثير من أبي عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بن مهدي الفارسي وأبي الفتح هلال الحفار، وأبوي الحسين علي بن محمد بْن بشران وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ وأبوي بكر محمد بن أحمد بن وصيف وأحمد بن محمد بن غالب البرقاني في آخرين. وحدث، وكتب بخطه الكثير. سمع منه أبو بكر الخطيب الحافظ، وروي عنه في كتاب «المؤتلف والمختلف» من جمعه. وكان صدوقا عفيفا متدينا مع ظرف كان فيه ولطف.
وله شعر، فمنه:
وا تلفي من ساخط معرض ... مذ علق القلب به ما رضى
أمرض قلبي طول هجرانه ... فديته لو شاء لم يمرض
فدمع عيني مارقا مذ جفا ... وجفنها الساهر لم يغمض
وليس لي من حبه مهرب ... فما احتيالي وبهذا [قد] قضى؟
قال السلفي: سألت الذهلي عن عاصم بن الحسن العاصمي فقال: حدّث عن جماعة، وله شعر مطبوع، وكان صدوقا، من أهل السنّة، وقد سمعت منه.
مولده سنة سبع وتسعين وثلاثمائة. وتوفي في ثاني عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة ببغداد، ودفن بمقبرة جامع المدينة.
92- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن أَحْمَد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّهِ بْن نصر بْن الخشاب، أبو محمد بن أبي الكرم [2] :
كان يسكن بباب المراتب. وكان أعلم أهل زمانه بالنحو حتى يقال: إنه كان في درجة أبي علي الفارسي. وكانت له معرفة بالحديث واللغة والمنطق والفلسفة والحساب والهندسة.
__________
[1] انظر: الأنساب، للسمعاني 9/147. والمنتظم 16/286، 287، 288.
[2] انظر: وفيات الأعيان 2/288. والعبر 4/196. وأنباء الرواة 2/99. ومعجم الأدباء 12/47. والمنتظم 18/198. والأعلام 4/191.(21/99)
قرأ الحساب والهندسة على أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الْأَنْصَارِيّ. وسمع الحديث منه ومن أَبِي القاسم عليّ بْن الْحُسَيْن الربعي وأبي الغنائم محمد بن علي النّرسيّ، وقرأ الحديث بنفسه على أبي القاسم بن الحصين وأبي العز أحمد بن عبيد الله بن كادش وأبي القَاسِم هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن عمر الحريري في آخرين؛ وقرأ العالي والنازل، وكتب بخطه الكثير.
وكان يكتب خطا مليحا، ويضبط صحيحا، وحصّل من الكتب والأصول وغيرها ما لا يدخل تحت حصر؛ وكان ثقة في الحديث والنقل، صدوقا نبيلا حجة إلا أنه كان بخيلا، ولم يكن في دينه بذاك. وكان متبهدلا في مطعمه وملبسه ومعيشته [1] ، متهتكا في حركاته، قليل المبالاة بحفظ ناموس العلم. وكان يلعب بالشطرنج على قارعة الطريق مع العوام، ويقف في الشوارع على أصحاب اللهو، وكان كثير المزاح واللعب، طيب الأخلاق.
وله شعر، فمنه:
أسلمته العيون درا فلما ... جال فوق الخدود عاد عقيقا
وشموس ودّعن عند التلاقي ... فكأن الغروب عاد شروقا
كتب إليّ محمود بن هبة الله بن الحلي، قال: أنشدنا أبو محمد بن الخشاب لنفسه ملغزا في الكتاب:
وذي أوجه لكنه غير بائح ... بسر وذو الوجهين للسر يظهر
تناجيك بالأسرار أسرار وجهه ... فتسمعها [2] ما دمت بالعين تنظر
قال أبو سعد بن السمعاني: سمعت شجاع البسطامي يقول: لما دخلت بغداد قرأ عليّ ابن الخشاب غريب الحديث لابن قتيبة قراءة ما رأيت قبلها مثلها في الصحة والسرعة، وحضر جماعة من الفضلاء سماعها، وكانوا يريدون أن يأخذوا عليه فلتة لسانه فما قدروا على ذلك.
أخبرنا شهاب الحاتمي قال: حدثنا أبو سعد بن السمعاني قال: عبد الله بن الخشاب شاب كامل فاضل، له معرفة تامة بالأدب واللغة والحديث، ويقرأ الحديث قراءة حسنة صحيحة مفهومة، سمع الكثير بنفسه، وجمع الأصول الحسان، كتبت عنه.
__________
[1] في الأصل: «تعيشه» .
[2] على الهامش: «فتفهمها» .(21/100)
وسألته عن مولده، فَقَال: أظن في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة.
توفي في عشية الجمعة ثالث رمضان سنة سبع وستين وخمسمائة، ودفن بمقبرة أحمد.
93- عبد الله بن أحمد بن صاعد بن صائم الإسكاف، أبو محمد بن أبي العباس بن أبي المجد [1] :
من أهل الحربية، سَمِعَ أبا القاسم بْن الحصين وأبا غالب أحمد بن الحسن بن البناء وإسماعيل بن أحمد بن عمر السّمرقندي في آخرين. وكان شيخا صالحا حسن الأخلاق، حدّث عنه الإمام أحمد غير مرة، ودفع إليه قوم من أهل الشام شيئا من المال وذهبوا به متوجهين إلى دمشق ليسمعوا منه هناك، فلما وصلوا إلى الموصل تسامع به أصحاب الحديث، فأمسكوه عندهم مدة وسمعوا منه المسند، وبعد فراغهم من السماع بقي الشيخ أياما ثم مرض ومات، ولم يقدّر له أن يدخل الشام.
توفي بالموصل في الثاني عشر من محرم سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، وقد نيف على الثمانين- رحمه الله.
94- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عُمَر بْن أبي الأشعث السّمرقندي، أبو محمد بن أبي بكر الحافظ [2] :
تقدم ذكر أبيه وأخيه إسماعيل. ولد بدمشق وسمع بها الكثير من أبي الحسن أحمد ابن عبد الواحد بن محمد بن أبي الحديد السلمي وأبي نصر الحسين بن محمد بن طلاب وأبي محمد عبد العزيز الكتاني، وببيت المقدس من أبي عثمان محمد بن أحمد ابن ورقاء الأصبهاني، وأكثر عن الحافظ أبي بكر الخطيب بدمشق من مصنفاته.
وقدم بغداد واستوطنها، وسمع بها الكثير من أبي محمد عبد اللَّه بْن محمد الصريفيني وأبي الحسين أحمد بن النقور وأبي منصور عبد الباقي بن محمد بن غالب العطار وأبوي القاسم عبد العزيز بن علي الأنماطي وعلي بن أحمد البسري. ورحل إلى خراسان فسمع بنيسابور أبا القاسم الفضل بن عبد الله بن المحب، وبهراة أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، وببلخ أبا القاسم أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عبيد الله
__________
[1] انظر: شذرات الذهب 4/335. والنجوم الزاهرة 6/181. والعبر 4/302.
[2] انظر: معجم المؤلفين 6/29. والعبر 4/37. وتذكرة الحفاظ 4/1263. وشذرات الذهب 4/49. والمنتظم 17/211.(21/101)
الخليلي في جماعة آخرين يطول ذكرهم.
وكتب بخطه الكثير، وحصّل الأصول وجمع وخرّج. وكان يكتب خطا مليحا، ويضبط صحيحا، وكان موصوفا بالحفظ والإتقان. روي عنه أخوه إسماعيل وابنته كمال ومحمد بن ناصر في آخرين.
قال السلفي: عبد الله بن أحمد السّمرقندي كان من حفاظ الحديث، ثقة، صاحب رحلة إلى خراسان وغيرها، وكان قد رزق حظّا من الأدب، وإذا قرأ الحديث أعرب وأغرب.
مولده بدمشق في سادس صفر سنة أربع وأربعين وأربعمائة. وأول سماعه في سنة خمسين.
وتوفي ببغداد في ثاني عشر ربيع الآخر سنة ست عشرة وخمسمائة، ودفن بباب أبرز.
95- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عبد القاهر بن هشام الطوسي، أبو الفضل ابن أبي نصر الخطيب [1] :
ولد ببغداد في دار الخلافة ونشأ بها، وسمع بها الحديث من أبي الخطاب نصر بن أحمد بن البطر وأبي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ بن طلحة وأبي الفضل محمد ابن عبد السلام الأنصاري وأبي الخطاب عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الجراح وأبي منصور محمد بن أحمد الخياط المقرئ وأبي الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي وأبي محمد جعفر بن أحمد السراج في آخرين.
وقرأ الفقه والخلاف على الكيا أبي الحسن علي بن محمد الهراسي وأبي بكر الشاشي، والفرائض والحساب على الحسين بن أحمد الشقاق، والأدب على أبي زكريا التبريزي وأبي محمد الحريري. ثم إنه سافر إلى العراق وخراسان، وسافر إلى بلاد ما وراء النهر في سنة إحدى عشرة وخمسمائة، وعاد إلى بغداد في سنة أربع عشرة. فسمع بأصبهان أبا علي الحسن بن أحمد الحداد، وبنيسابور أبا نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم القشيري. ثم إنه سكن الموصل وسمع بها أباه وعمه أبا البركات محمد بن محمد وأبا البركات محمد بن محمد بن خميس. وتولى الخطابة بالجامع العتيق، وتفرد بأكثر مسموعاته.
__________
[1] انظر: شذرات الذهب 4/262. والعبر 4/234. والمعجم المؤلفين 6/30.(21/102)
وكان فاضلا أديبا، له شعر حسن. وكان مُحَمَّد بْن عَبْد الخالق بْن أَحْمَد بْن يوسف البغدادي قد قدم عليه الموصل ونقل له سماعاته من ابن البطر وطراد وابن طلحة وغيرهم على فروع كتبها له بخطه، فقبلها الشيخ وحدّث بها، وكانت باطلة لا أصل لها، مما اختلقت يداه، وعلم بذلك فأبطلها أصحاب الحديث، فلا يقبل من رواية هذا الخطيب إلا ما شوهد أصله، وكان بخط من يوثق به من الطلبة، وما سوى ذلك فلا يجوز روايته.
مولده في منتصف سنة سبع وثمانين وأربعمائة، وتوفي بالموصل في ليلة الثلاثاء لأربع عشرة خلت من شهر رمضان سنة ثمان وسبعين وخمسمائة.
ومن شعره:
سقى الله أياما لنا ولياليا ... نعمنا بها والعيش إذ ذاك ناضر
ليالي لا أصغى إلى لوم عاذل ... وطرفي إلى أنوار وجهك ناظر
96- عبد الله بن الحسين بن رواحة بن إبراهيم بن عبد الله بن رواحة بن عبيد بن محمد بن عبد الله بن رواحة، أبو محمد الأنصاري الخزرجي [1] :
من أهل حماة، وكان يتولى الخطابة بها. كان من ذوي الفضل والنبل والديانة والصيانة. قدم بغداد حاجّا، ومدح الإمام المقتفي لأمر الله فأكرمه.
ومن شعره في المقتفي:
أتعرف رسما دارس الآي بالحمى ... عفا وتهاداه السحاب فأطسما
سلوت الهوى أيام شرخ شبيبتي ... فهل رغبة فيه إذا الشيب عمما؟
وقالوا مشيبا كالنجوم طوالعا ... وما حسن ليل لا ترى منه أنجما
ومنه:
وما الشمس في وسط السماء ودونها ... حجاب عن الغيم الرقيق مفرق
بأحسن منها حين تستر وجهها ... حياء وتبديه لعلى أرصق
ومنه:
أعلاق وجد القلب من أعلاقه ... وتصاعد الزفرات من إحراقه
__________
[1] انظر: تاريخ ابن عساكر 7/367.(21/103)
مولده سنة ست وثمانين وأربعمائة، وتوفي في يوم عاشوراء سنة إحدى وستين وخمسمائة بحماة.
قال ابن عساكر: وكان شاعرا، له يد بيضاء في القراءات، وتهجد في الخلوات.
مدح المقتفي مرارا، وخلع عليه ثياب الخطابة، وقلده أمرها بحماة.
97- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن الحسين العكبري، أبو البقاء بن أبي عبد الله الضرير النحوي [1] :
قرأ القرآن بالروايات على أبي الحسن البطائحي، وتفقه على القاضي أبي يعلى محمد بن أبي خازم بن الفراء، وقرأ العربية على أبي البركات يحيى بن نجاح وابن الخشاب. سمع الحديث عن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي وأبي زرعة طاهر ابن محمد بن طاهر وأَبِي بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ النقور في آخرين وحدث.
وكان ثقة صدوقا، غزير الفضل، كامل الأوصاف، كثير المحفوظ، متدينا، حسن الأخلاق. ذكر لي أنه أضر في صباه.
وله مصنفات كثيرة، منها: تفسير القرآن وإعرابه، وإعراب الشواذ [2] من القراءات، إعراب الحديث، المرام في نهاية الأحكام في مذهب الإمام أحمد، تعليق في الخلاف، شرح الهداية لأبي الخطاب، شرح الحماسة، شرح المقامات، شرح الخطب النباتية، والمصباح في شرح الإيضاح والتكملة، إعراب الحماسة، التوصيف في التصريف- في غير ذلك.
أنشدني علي بن عدلان بن حماد الموصلي النحوي قال: أنشدني شيخنا أبو البقاء عبد الله لنفسه مادحا لابن مهدي الوزير:
بك أضحى جيد الزمان محلى ... بعد أن كان من حلاه مخلى
لا يجاريك في تجاريك خلق ... أنت أعلا قدرا وأعلا محلا
دمت تحيى ما قد أميت من الفضل ... وتنفى فقرا وتطرد محلا
سمعت من ذكر أنه سمع أبا البقاء يقول: ما عملت من الشعر سوى هذه الأبيات.
مولده ببغداد في أوائل سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة، وتوفي في ليلة يسفر صباحها عن تاسع شهر ربيع الآخر سنة ست عشرة وستمائة، ودفن بباب حرب- رحمه الله.
__________
[1] انظر: وفيات الأعيان 2/286. وبغية الوعاة، ص 281. والأعلام 4/208.
[2] في الأصل: «إعراب السراد» .(21/104)
98- عبد الله بن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن علوان بن عبد الله بن علوان بن رافع، الأسدي، أبو محمد [1] :
من أهل حلب. أسمعه والده في صباه من أبي الفرج يحيى الثقفي ومن جماعة أخرى، ثم إنه هو سمع بنفسه كثيرا، وكتب بخطه، وحصل بهمة وافرة، وتفقه على مذهب الإمام الشافعي على أبي المحاسن يوسف بن رافع قاضي حلب، وصحبه، وعنى به عناية شديدة بما رأى من نجابته وفهمه وذكائه، واتخذه ولدا وصاهره، وصار معيدا لمدرسته وله نيف وعشرون سنة. ثم ولى التدريس بعدة مدارس، ونبل مقداره؛ وتقدم عند الملوك والسلاطين، وعلا به جاهه وارتفع شأنه، وروسل به إلى ملوك الشام ومصر، ثم إنه ناب في القضاء بحلب مدة حياة القاضي، فلما توفي ولي القضاء، وأرسل رسولا إلى دار الخلافة، فقدم علينا في شهر رمضان سنة أربع وثلاثين وستمائة، وأكرم مورده وجمع له فقهاء مدينة السلام بدار [2] الوزارة، وأحضر وتكلم مع الفقهاء. وكانت له معرفة حسنة بالحديث ويد باسطة فِي الأدب.
وكان محبا لأهل الدين والصلاح، وكان حسن الخلق والخلق، لطيفا مزّاحا، طيب المعاشرة، حلو المحاضرة، مقبول الصورة. اجتمعت به عند شيخنا أبي اليمن الكندي ثم بحلب مرات كثيرة. وله على أياد يعجز عن حصرها قلمي، ويقصر عن شرحها كلمي.
سمعت منه بحلب وسمع مني، وحدث ببغداد، وكان ثقة نبيلا، ما رأت عيناي أكمل منه.
أنشدني القاضي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأسدي لنفسه ببغداد، وذكر أنه اجتمع ببعض أصدقائه وأخصائه من أهل حلب بحمص متوجها إلى دمشق، فكتب إليه من حلب:
إلى الله أشكو ما وجدت من الأسى ... بحمص وقد أمسى الحبيب مودعا
وأودع في العين السهاد وفي الحشا ال ... لهيب وفي القلب الجوى والتصدعا
ولله أيام تقضت بقرية ... فيا طيبها لو دمت فيها ممتعا
ولكنها عما قليل تصرمت ... فأصبحت منبت السرور مفجعا
وقد كان ظني أن عند قفولنا ... إلى حلب ألقى من الهم مفزعا
__________
[1] انظر: النجوم الزاهرة 6/301. وشذرات الذهب 5/170.
[2] في الأصل: «بداره الوزارة» .(21/105)
فأنشدت بيتي شاعر ذاق طعم ما ... شربت بكأسات الفراق تجرعا
فلا مرحبا بالربع لستم حلوله ... ولو كان مخضرّ الجوانب ممرعا
ولا خير في الدنيا ولا في نعيمها ... إذا لم يكن شملي وشملكم معا
سألت القاضي عن مولده، فَقَالَ: فِي جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين وخمسمائة.
وبلغني أنه توفي في شعبان من سنة خمس وثلاثين وستمائة في ليلة السادس عشر منه.
99- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ زيد اللتي، أبو المحاسن [1] :
من أهل شارع دار الرقيق. سمع بإفادة عمه أبي بكر محمد بن علي من أبي القاسم سَعِيد بْن أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن البناء وأبي الوقت عبد الأول السجزي وأبي الفتح بن البطي وأبي علي الحسن بن جعفر بن عبد الصمد بن المتوكل على الله وأبي المعالي محمد بن محمد بن محمد بن اللحاس في آخرين وحدث. وتفرد بجماعة من شيوخه ومسموعاته، وقد حقق به حديث التقوى، فهو آخر من رواه عاليا، كتبنا عنه، وكان سماعه صحيحا. وسافر إلى الشام، وحدّث هناك وعاد.
مولده في العشرين من ذي القعدة سنة خمس وأربعين وخمسمائة.
وتوفي في رابع عشر جمادى الأولى سنة خمس وثلاثين وستمائة، ودفن بباب حرب، عن تسعين سنة إلا أشهرا [2] .
100- عبد الله بن القاسم بن علي بن محمد بن عثمان الحريري، أبو القاسم ابن أبي محمد [3] :
صاحب المقامات، من أهل البصرة. نزل بغداد وسكنها، وروى بها عن والده «المقامات» و «درة الغواص» و «ملحة الإعراب» .
روى عنه شيخانا عبد الوهاب بن الأمين وأبو اليمن الكندي، وسألته عنه، فقال: كان ابن الحريري فقط- يشير إلى قلة علمه.
أخبرنا شهاب الحاتمي بهراة قال: حدثنا أبو سعد بن السمعاني قال: عبد الله بن
__________
[1] انظر: شذرات الذهب 5/171.
[2] في الأصل: «أشهر» ، وفوقها: «كذا» .
[3] انظر الأعلام 4/114.(21/106)
القاسم بن علي الحريري أبو القاسم من أهل البصرة سكن بغداد، وهو ابن أبي محمد صاحب المقامات، شاب فاضل متميز، له حظ من الأدب واللغة، مليح الخط.
مولده سنة تسعين وأربعمائة. ولم يذكر وفاته.
101- عبد الله بن محمد بن الحسين بن ناقيا بن داود بن محمد بن يعقوب، أبو القاسم بن أبي الفتح، الحنفي الشاعر، المعروف بأبي البندار [1] :
كان شاعرا مجوّدا، عذب الألفاظ، مليح المعاني، ظريفا، من محاسن الناس، إلا أنه كان مطعونا عليه في دينه وعقيدته. سمع الحديث من أبي القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي وأبي طالب محمد بن علي العشاري والأمير أبي محمد الحسن بن عيسى بن المقتدر في آخرين. روي عنه شجاع الذهلي وهبة الله بن علي بن المحلى ومحمد بن ناصر السلامي في آخرين- رحمه الله.
ومن شعره في الشمعة:
أبيت وشوقي مؤنسي وجليسة ... يذوب أسى قلبي وجثمانها معا
مساعدة لي ما تملّ وقد حكت ... بأحوالها في الليل حالي أجمعا
سهادا ووجدا واصطبارا وحرقة ... ولونا وسقما وانتصابا وأدمعا
أكاد أناجيها بشكواي حيرة ... ويا راحتي لو كنت صادفت مسمعا
أخبرنا عبد الوهاب بن ظافر بن رواح بقراءتي عليه بالإسكندرية قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ السلفي، أنشدنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بن الدهان المرتب في المارستان قَالَ: أنشدنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ناقيا بنفسه:
معتدل القد ليس بالعدل ... ألحاظه في القلوب كالنبل
قنعت بالذل في محبته ... لأن عزى في ذلك الذل
يوعدني منه بالوصال ولا ... يصح من وعده سوى المطل
من لي بنوم أراك فيه وقد ... أقررت عيني بزورة من لي
قد طال شوقي إليك يا سكني ... فارت دموعي إن كنت ذا خل
أخبرنا شهاب الحاتمي قال: سمعت ابن السمعاني يقول: سألت عبد الوهاب
__________
[1] انظر: بغية الوعاة، ص 292. ووفيات الأعيان 2/284، 285. ومعجم المؤلفين 6/116.
وإنباه الرواة 21/133(21/107)
الأنماطي عن ابن ناقيا فأساء إلينا عليه وقال: ما كان يصلي، وكان يقول: في السماء نهر من خمر ونهر من لبن ونهر من عسل لا ينقط منه شيء، ينقط هذا الذي يخرب البيوت ويهدم السقوف.
مولده في نصف ذي القعدة سنة عشر وأربعمائة، وتوفي في رابع محرم سنة خمس وثمانين وأربعمائة، ودفن في مقابر باب الشام- رحمه الله تعالى.
102- عبد الله بن محمد بن طاهر بن الحسين، أبو بكر العمروي [1] :
من أهل طريثيث. قدم بغداد وسمع بها أبا طالب بن غيلان وأبا محمد الحسن بن عيسى ابن المقتدر وأبا القاسم عبد الله بن شاهين في آخرين. وكان أديبا فاضلا بليغا، له مصنفات. قدم بغداد في آخر عمره واستوطنها، وحدث بها. سمع منه السلفي وجماعة.
أخبرني عبد الرحمن بن مكي بن عبد الرحمن بن الحاسب بالإسكندرية قال: أخبرنا جدي لأبي أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أنشدني القاضي أبو بكر عبد الله ابن محمد بن طاهر النيسابوري ببغداد قال: أنشدني أبو طاهر علي بن عبيد الله الشيرازي قال: أنشدني الكافي أبو علي أبزون بن مهبرد العماني لنفسه بعمان:
وقالوا أفق عن سكرة اللهو والصبى ... وقد لاح شيب في رجال عجيب
فقلت أخلاي دعوني ولذّتي ... فإن الكرى عند الصباح يطيب
مولد الطريثيثي سنة إحدى عشرة وأربعمائة، وتوفي في جمادى الأولى سنة ثلاث وخمسمائة.
103- عَبْد اللَّه بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ موسى بن الآبنوسي، أبو محمد الوكيل [2] :
سمع أَبَا القَاسِم عَلِيّ بْن المحسن التنوخي وأبا محمد الحسن بن علي الجوهري وأبا طالب محمد بن علي العشاري وأبا الطيب طاهر بْن عَبْد اللَّه الطبري في آخرين؛ وسمع تاريخ بغداد من مصنفه أبي بكر الخطيب ورواه. روى عنه ابن ناصر ومحمد بن عبد الباقي بن البطي في آخرين. جمع له أبو علي بن البرداني فوائد عن شيوخه.
ومن شعره- وليس له غيرهما:
__________
[1] انظر: بغية الوعاة، ص 288.
[2] انظر: العبر 4/9. وشذرات الذهب 4/10.(21/108)
أصبح الناس حثاله ... كلهم يطلب ماله
لو بقي في الناس [1] حر ... ما تعاطيت الوكالة
قال السلفي: أبو محمد الآبنوسي كان من أهل المعرفة بالحديث وقوانينه التي لا يعرفها إلا من طال اشتغاله بها [2] ، وفي شيوخه وسماعاته كثرة، وكان ثقة، كتبنا عنه بانتقاء أبي علي البرداني الحافظ، وكان شافعي المذهب. سئل عَنْ مولده فَقَالَ:
فِي شوال سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، وقيل: سنة سبع وعشرين.
قال شجاع الذهلي: توفي أبو محمد بن الآبنوسي الوكيل في الليلة التي صبيحتها يوم الثلاثاء السادس عشر من جمادى الأولى سنة خمس وخمسمائة، ودفن من الغد في مقبرة الشونيزي- رحمه الله تعالى.
آخر الجزء الرابع من المستفاد من ذيل تاريخ بغداد لابن النجار، انتقاه أحمد بن أيبك بن عبد الله الحسامي، عرف بابن الدمياطي، سامحه الله لنفسه ثم لمن سأله الله من بعده، الحمد لله على كل حال.
__________
[1] في الهامش: «في الأصل: النار، وصوابه: الناس» .
[2] في الأصل: «اشتغاله به» .(21/109)
الجزء الخامس من المستفاد من ذيل تاريخ بغداد
للحافظ أبي عبد الله محمد بن النجار البغدادي انتخاب كاتبه الواثق بالله أحمد بن أيبك بن عبد الله.(21/111)
(بسم الله الرّحمن الرّحيم) استعنت بالله وحده
[تتمة حرف العين]
104- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن علي بن المطهر بْن أَبِي عصرون، أَبُو سعد بْن أَبِي السري، الفقيه الشافعي [1] :
من أهل الموصل، أحد الأئمة الأعيان. قدم بغداد في صباه، وأقام بها مدة، وقرأ القرآن بالروايات على البارع أبي عبد الله الحسين بن محمد الدباس، وقرأ المذهب والخلاف على أسعد بن أبي نصر الميهني، والأصول على أبي الفتح بن برهان، وسمع الحديث من أبي القاسم هبة الله بن الحصين وأبي عبد الله البارع [2] وأبي علي الحسين بن الخليل النسفي، وسمع بالموصل من جده لأمه أبي الحسن علي بن أحمد بن عبد الباقي الثعلبي. ثم انتقل إلى دمشق ودرّس بها في الزاوية الغربية، ثم قلد قضاء الشام بعد كمال الدين محمد بن عبد الله بن الشهرزوري في سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وصنف مصنفات مفيدة في المذهب والأصول والخلاف.
مولده في ثاني عشر ربيع الأول سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة.
وتوفي في شهر رمضان سنة خمس وثمانين وخمسمائة بمدينة دمشق وقد بلغ من العمر ثلاثا وتسعين سنة.
105- عبد الأول بن عيسى بن شعيب بن إبراهيم بن إسحاق السجزي، أبو الوقت بن أبي عبد الله الصوفي [3] :
ولد بهراة ونشأ بها، وحمله والده إلى بوشنج، فأسمعه من أبي الحسن عبد الرحمن ابن محمد بن المظفر الداودي جميع صحيح البخاري ومسند الدارمي ومنتخب المسند لعبد بن حميد، وسمع أيضا من أبي القاسم أحمد بن محمد بن محمد العاصمي؛ وسمع
__________
[1] انظر: طبقات القراء 1/455. وطبقات الشافعية للسبكي 4/237. والنجوم الزاهرة 6/109 ووفيات الأعيان 2/256. والعبر 4/256.
[2] في الأصل: «البا» .
[3] انظر: وفيات الأعيان 2/392- 393. والعبر 4/151. وشذرات الذهب 4/166.(21/113)
بهراة من أبي عبد الله مُحَمَّد بن عبد العزيز الفارسي وأبي صاعد يعلى بن هبة الله الفضيلي وأبي عاصم الفضيل بن يحيى [1] الفضيلي في آخرين. وحدث بالكثير، وسافر إلى العراق، فحدث بأصبهان وهمذان ونهاوند، وقدم بغداد في شوال سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة ومعه أصوله، فحدث بها بجميع مروياته.
وكان الوزير أبو المظفر بن هبيرة قد استدعاه، وسمع عليه صحيح البخاري قرأه عليه أبو محمد بن الخشاب، وآخر من قرأه عليه ببغداد أبو محمد بن الأخضر. وكان شيخا صدوقا أمينا، من مشايخ المتصوفين ومحاسنهم، ذا ورع وعبادة مع علو سنه.
وله أصول حسنة وسماعات صحيحة.
أَخْبَرَنِي شِهَابُ بْنُ مَحْمُودٍ الْحَاتِمِيُّ بِهَرَاةَ قَالَ: حدثنا أبو سعد بن السمعاني من لفظه قال: عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي أبو الوقت سجزي الأصل، هروي المولد والمنشأ، شيخ صالح، حسن الأخلاق والأخلاق [2] ، استسعد بصحبة الإمام عبد الله الأنصاري، وكان صبورا على القراءة عليه، محبا للرواية. سمعت أن والده عيسى حمله على رقبته من هراة إلى بوشنج، وسمّعه صحيح البخاري ومسند الدارمي والمنتخب من حديث عبد بن حميد، فلحقته بركة والده.
وسمعت أن والده سماه «محمدا» فسماه الإمام عبد الله الأنصاري «عبد الأول» وكناه «بأبي الوقت» .
وقال ابن الصوفي بن وقتة: سألته عن مولده، فقال: في ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وأربعمائة بهراة.
قال أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع: توفي أبو الوقت في ليلة الأحد سادس ذي القعدة سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، ودفن بالشونيزية. وتقدم بالصلاة عليه الشيخ عبد القادر الجيلي. وكان سماعه للحديث بعد الستين وأربعمائة- رحمه الله.
106- عبد الحليم بن محمد بن الخضر بن محمد بن تيمية، أبو محمد، الفقيه الحنبلي [3] :
من أهل حران. قدم بغداد وتفقه بها حتى برع في الفقه وغيره، وسمع من أبي
__________
[1] في الأصل: «بن محمد» .
[2] هكذا في الأصل.
[3] انظر: شذرات الذهب 5/10.(21/114)
الفرج بن كليب وأبي طاهر بن المعطوش وابن الجوزي وابن سكينة في آخرين وحدّث.
قرأ عليه «جزء أبي عوانة» الحافظ أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد المقدسي، وسأله عن مولده فقال: في سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
وتوفي بحران في السادس والعشرين من شوال سنة ثلاث وستمائة.
107- عبد الحميد بن يحيى بن سعد، أبو يحيى الكاتب، مولى العلاء بن وهب العامري [1] :
من أهل الأنبار. كان معلما للصبيان، وينقل في البلدان، وكان الرقة؛ وكان من الكتاب البلغاء، وبه يضرب المثل في الكتابة؛ وعنه أخذ المترسلون.
قرأت في كتاب الوزراء لأبي عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري قال: أهدى عامل لمروان إلى مروان غلاما أسود، فقال لعبد الحميد: اكتب إليه واذمم فعله في هديته. فكتب إليه: «لو وجدت لونا شرا من أسود وعددا أقل من واحد لأهديته» ! وهذا مأخوذ من قول أعرابي قيل له: ما لك من الولد؟ فقال: قليل خبيث، فقيل له:
ما معناك في هذا؟ فقال: لا أقل من واحد، ولا أخبث من بنت. قال: وساير عبد الحميد يوما مروان على دابة، فقال له: كيف سيرها؟ فقال: همها أمامها وسوطها عنانها وما ضربت قط إلا ظلما.
قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: بلغني أن عبد الحميد استخفى بعد قتل مروان، فوجد بالشام أو بالجزيرة، فدفعه السفاح إلى عبد الجبار بن عبد الرحمن، وكان على شرطته، فكان يحمي طشتا بالنار ويضعها على رأسه حتى مات.
108- عبد الخالق بن فيروز بن عبد الله بن عبد الملك بن داود الجوهري، أبو المظفر بن أبي جعفر الواعظ [2] :
أصله من همذان، ونشأ ببغداد وسكنها، وسمع به الحديث وبخراسان وأصبهان، ودخل الشام، وسكن مصر وحدّث هناك ووعظ.
ذكر أنه سمع من أبي عبد الله محمد بن الفضل الفراوي وإسماعيل بن أبي القاسم
__________
[1] انظر: وفيات الأعيان 2/394- 397.
[2] انظر: شذرات الذهب 4/301. والعبر 4/272.(21/115)
القارئ وزاهر بن طاهر الشحامي وأخيه أبي بكر وجيه في آخرين. وحدث بجزء خرّجه [1] بنفسه عن هؤلاء الشيوخ وغيرهم، سمعه منه الحافظ أبو الحسن علي المقدسي. سمعت أنه لم يكن سماعه من الفراوي صحيحا، وأنه لم يكن موثوقا به، وقد رأيت سماع أخويه بنيسابور أبي جعفر عبد الواحد وأبي عبد الله عبد الكريم ابني فيروز من الفراوي بخط محمد بن علي الطوسي، فلعله وثب على سماع أخويه فادّعاه.
مولده في سابع عشري رجب سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة. وتوفي رحمه الله.
قال ابن الدبيثي: وبلغنا أنه اختلط- يعني عبد الخالق بن فيروز- فِي شيء من مسموعاته، وادعى سماع ما لم يسمعه، وتكلم الناس فيه ولم يحدّث ببغداد بشيء.
109- عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي، أبو القاسم النحوي [2] :
تلميذ أبي إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج، قرأ عليه ونسب إليه، وقرأ أيضا على أبي جعفر بن رستم الطبري كلام أبي عثمان المازني وأبي الحسن علي بن سليمان الأخفش. وسافر إلى الشام، وأملى بدمشق أمالي، روى عنه أحمد بن علي الحبال الحلي وعبد الرحمن بن عمر بن نصر. ويقال: إنه كان متشيعا، فكان إذا قام من مجلسه بجامع دمشق غسلوا موضعه لأجل تشيعه. وله مصنفات، منها الجمل والإيضاح وشرح خطبة أدب الكاتب. ويقال: إنه لما صنف كتاب الجمل لم يضع من مسألة إلا وهو على طهارة.
توفي بطبرية في رمضان من سنة أربعين وثلاثمائة- قاله عبد العزيز بن أحمد الكتاني.
110- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بن الجوزي، أبو الفرج الواعظ [3] :
كان والده يعمل الصفر بنهر القلائين، توفي وهو صغير. فلما ترعرع، حمله عمه
__________
[1] في الأصل: «يحرحرحه» .
[2] انظر: وفيات الأعيان 2/317- 318. وشذرات الذهب 2/357. والعبر 2/254. ونزهة الألباب ص 379.
[3] انظر: وفيات الأعيان 1/279 والبداية والنهاية 13/28. ومفتاح 1/207. وآداب اللغة 3/91. ومرآة الزمان 8/481. والأعلام 3/316- 317. ومقدمة كتاب المنتظم، لابن الجوزي، الجزء الأول ط. دار الكتب العلمية.(21/116)
أبو البركات إلى الحافظ أبي الفضل بن ناصر وسأله فسمّعه الحديث. فأسمعه من أبي الحسن عليّ بْن عَبْد الواحد الدينوري وهبة اللَّه بن الحصين وأحمد بن الحسن بن البنا وأبي السعادات أحمد بن أحمد المتوكلي وجماعة آخرين، تجمعهم مشيخته [1] التي خرّجها لنفسه ولازم ابن ناصر وانقطع إليه، وتخرج به، وقرأ الفقه والخلاف والجدل على ابن الزاغوني ثم عَلَى أَبِي بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد الدينوري وعلى القاضي أبي يعلى، وقرأ الأدب على ابن الجواليقي واشتغل بعلم الوعظ حتى صار أوحد أهل زمانه في ترصيع الكلام. وصنف مصنفات كثيرة لا تحصى في سائر الفنون، وهو آخر من حدث عن الدينوري والمتوكلي. وله الشعر الفائق، والنثر الرائق.
أنشدني أبو الحسن بْن القطيعي قَالَ: أنشدنا أبو الفرج بن الجوزي لنفسه:
ولما رأيت ديار الصفا ... أقوت من إخوان أهل الصفا
سعيت إلى سد باب الوداد ... وأحزن قلبي دناة الوفا
فلما اصطحبنا وعاشرتكم ... علمتم بكم أن رأى ورأى
نقلته من خط ابن الجوزي، قال: لا أحقق مولدي، غير أنه مات [والدي] [2] في سنة أربع عشرة وقالت الوالدة: كان لك من العمر نحو ثلاث سنين.
توفي في ليلة الجمعة المسفر صباحها عن الثاني عشر من رمضان سنة سبع وتسعين وخمسمائة، ودفن بباب حرب.
111- عبد الرحمن بن محمد بن مرشد بن منقذ:
من أهل شيزر [3] . من بيت الإمارة والأدب، قدم بغداد رسولا من الملك الناصر صلاح بن يوسف، روى بها شيئا من شعره.
أنشدني ابن القطيعي قال: أنشدني أبو الحارث عبد الرحمن بن محمد بن مرشد بن منقذ لنفسه ببغداد:
لام العذول على هواه ... فقلت عذل لا يفيد
زادت ملامته فقلّوا ... من ملامي أو فزيدوا
__________
[1] في الأصل: «مسحه» .
[2] ما بين المعقوفتين زيادة ليست في الأصل.
[3] في الأصل: «سيرر» .(21/117)
قد جدد الوجد القديم ... لدىّ عارضه الجديد
وأنشدني ابن القطيعي قال: أنشدني أبو الحارث بن منقذ لنفسه:
وأغيد مسب للعقول بوجهه ... وثغر تبدى دره من عقيقة
إذا لدغت خدي عقارب صدغه ... فليس شفائي غير درياق ريقه
مولده سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. قلت: وتوفي [1] .
112- عَبْد الرَّحِيم بْن عَبْد الكريم بْن مُحَمَّد بن منصور السمعاني، أبو المظفر ابن أبي سعد [2] :
من أهل مرو. بكر به والده فأسمعه من أبي الفتح محمد بن عبد الرحمن الكشميهني وأبي طاهر محمد بن محمد بن عبد الله الخطيب وأبي علي الحسن بن علي بن الحسين الشحامي وأبي الأَسْعَدِ هِبَةُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْقُشَيْرِيُّ وأبي سعد محمد بن إسماعيل المقرئ وأبي البركات عبد الله بن محمد الفراوي وأبي منصور عبد الخالق بن زاهر الشحامي وأبي سعد عبد الوهاب بن الحسن بن عبد الله الكرماني وأبي بكر محمد بن أحمد بن الجنيد الخطيب، وأبي عبد الرحمن محمد بن عبد الخالق الميهني في جماعة آخرين.
وقدم بغداد طالبا للحج في آخر سنة خمس وسبعين وخمسمائة، فحدّث بها. سمع منه الحافظ أبو بكر الحازمي وأبو الحسن بن القطيعي في آخرين. وقد لقيته بمرو في رحلتي الأولى إلى خراسان، وسمعت منه كثيرا.
وكان فاضلا جليلا نبيلا متدينا محبا لرواية العلم، ذا أخلاق حسنة وسيرة جميلة، وكانت سماعاته التي بخط والده وخطوط المعروفين من المحدثين صحيحة، فأما ما كان بخطه فلا يعتمد عليه، فإنه كان يلحق اسمه في طباق لم يكن اسمه فيها إلحاقا ظاهرا، ويدعى سماع أشياء لم يوجد سماعه منها. وكان متسامحا.
سألته عن مولده، فقال: في ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة سبع وثلاثين وخمسمائة بنيسابور.
وتوفي بمرو ما بين سنة أربع عشرة أو ست عشرة وستمائة.
__________
[1] بياض بعد ذلك بمقدار ثلاثة أسطر.
[2] انظر: شذرات الذهب 5/75. ولسان الميزان 4/6. ومعجم المؤلفين 5/206.(21/118)
113- عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة القشيري، أبو نصر بن الأستاذ أبي القاسم [1] :
من أهل نيسابور. كان من أئمة المسلمين وأعلام الدين. ولازم أبا المعالي الجويني ودرس عليه المذهب والخلاف حتى برع من ذلك، وقرأ الأدب حتى صار ينظم وينثر من عقود المعاني سمط حسن المباني. وسمع الحديث من أبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني وأبي الحسين عبد الغافر الفارسي وأبي حفص عمر بن مسرور وأبي عثمان سعيد بن أحمد النجيرمي [2] والحافظ أبي بكر البيهقي في آخرين.
وقدم بغداد وسمع بها أبا الحسين أحمد بن محمد بن النقور وعبد العزيز الأنماطي ويوسف بن محمد بن أحمد المهرواني وعقد مجلس الوعظ ببغداد، وظهر له القبول العظيم. وأظهر مذهب الأشعري، وقامت سوق الفتنة بينه وبين الحنابلة.
ومن شعره:
ليالي وصال قد مضين كأنها ... لآلي عقود في نحور الكواعب [3]
وأيام هجر أعقبتها [كأنها] [4] ... بياض مشيب في سواد الذوائب
وله:
تقبيل خدك أشتهي ... أمل إليه أنتهي
لو نلت ذلك لم أبل ... بالروح مني أن تهي
دنياي لذة ساعة ... وعلى الحقيقة أنت هي
قال ابن السمعاني: توفي في ثمان عشرين جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وخمسمائة بنيسابور.
114- عَبْد الرَّحِيم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حمدان بْن موسى، أبو الخير بن أبي الفضل، الحافظ [5] :
__________
[1] انظر: العبر 4/33. والأعلام 4/120. وشذرات الذهب 4/45. ومعجم المؤلفين 5/207.
ومرآة الجنان 3/210. وطبقات السبكى 4/249.
[2] في الأصل: «البيجرى» .
[3] ما بين المعقوفتين زيادة من طبقات السبكى.
[4] في الأصل: «الكواكب» .
[5] انظر: تذكرة الحفاظ 4/1321. وشذرات الذهب 4/228.(21/119)
من أهل أصبهان. كان من حفاظ الحديث، سمع الكثير، وقرأ بنفسه، وكتب بخطه. قدم بغداد في شبابه، وسمع بها أبا القاسم بْن الحصين وأبا العز بْن كادش وأبا بكر الأنصاري. ثم قدمها ثانيا وحدث بها عن أبي علي [1] الحسن الحداد وأبي الفضل جعفر بن عبد الواحد الثقفي، وأملى بجامع القصر بعد صلاة الجمعة، واستملى عليه ابن الأخضر.
سمعت جماعة من أهل أصبهان يقولون: إنه كان يحفظ الصحيحين، وكانوا يفضلونه على الحافظ أبي موسى بالحفظ.
أخرج إليّ شيخنا أبو عبد الله الحنبلي بأصبهان محضرا قد كتب في حق أبي الخير ابن موسى وطلب من مشايخ الوقت أن يكتبوا فيه ما يعرفونه من حاله من مدح أو قدح، فشاهدت فيه خط إسماعيل بن محمد بن الفضل وعبد الجليل بن محمد المعروف بكوتاه وجماعة من الأئمة، وكلهم شهدوا أن أبا الخير بن موسى لا يحتج بنقله، ولا يقبل قوله، ولا يعتمد عليه، ولا يوثق به في ديانته وسوء سيرته.
مولد أبي الخير في ثامن صفر سنة خمسمائة.
وتوفي في عشية سابع عشرين شوال سنة ثمان وستين وخمسمائة.
115- عَبْد الرَّحِيم بْن النفيس بْن هبة اللَّه بن وهبان بن رومي السلمي الحديثي، أبو نصر بن أبي جعفر [2] :
من ساكني الشمعية. قرأ القرآن وتفقه على مذهب الإمام أحمد، وتكلم في مسائل الخلاف، وحصّل من الأدب طرفا صالحا، وسمع الكثير في صباه من أبي الفتح بن شاتيل وأبي السعادات بن زريق وأبي العلاء محمد بن جعفر بن عقيل، وبالغ في الطلب بهمة عالية وجد واجتهاد.
وسافر في طلب الحديث إلى الشام والجزيرة وديار مصر والعراق وما وراء النهر، وكتب بخطه الكثير. وكان مليح الخط، صحيح النقل والضبط، متقنا فاضلا. وبعد خروجي من مرو توجه إلى بخارى وسمرقند، ثم إلى خوارزم وسكنها إلى أن استولى عليها التتر الترك وأهلكوا أهلها. فلا أدري أهلك مع من هلك أو خرج منها هاربا مع من هرب! والله أعلم.
__________
[1] في الأصل: «يعلى» .
[2] انظر: شذرات الذهب 5/80. ومعجم المؤلفين 5/214.(21/120)
أنشدني أبو نصر عَبْد الرَّحِيم بْن النفيس بْن هبة اللَّه الحديثي لنفسه ببغداد:
سلوا فؤادي هل صفا شربه ... مذ نأيتم عنه أورقا
وهل يسليه إذا غبتم ... أن أودع التسليم أوراقا
مولده ببغداد في عاشر ربيع الأول سنة سبعين وخمسمائة [1] .
116- عبد السلام بن الحسين بن علي بن عون، أبو الخطّاب، الحريري:
شاعر ظريف، مليح المعاني. روى عنه الشريف أَبُو عَبْد اللَّهِ الحسين بْن مُحَمَّد بْن طباطبا العلوي ومهيار بن مرزويه الشاعر وغيرهما.
ومن شعره:
يا غائبا من سواد عيني ... حللت من قلبي السوادا
ما غبت عن ناظري ولكن ... غيبت عن ناظري الرقادا
قد قلت لما سعى وشاة ... يبدون ما بيننا فسادا
حاشى لقلب وأنت فيه ... يبلغ منه العدى مرادا
وله:
ليل المحبين مطوي جوانبه ... مشمر الذيل منسوب إلى القصر
إذا الحبيبان باتا تحت جانبه ... غابت أوائله في آخر السحر
ما ذاك إلا لأن الصبح نمّ بنا ... فاطلع الشمس في غيض [2] على القمر
توفي في يوم الخميس، لشعر بقين من رجب سنة تسع وأربعمائة. وله أشعار ملاح.
117- عبد السلام بن الحسين، أبو طالب المأموني [3] :
شاعر، طاف العراق وخراسان وما وراء النهر، ومدح الملوك والوزراء.
ذكره أبو منصور الثعالبي في كتاب «يتيمة الدهر» ، فقال: أبو طالب المأموني عبد السلام بن الحسين من أولاد المأمون. كان أحد بل أوحد أفراد الزمان، شريف نفس
__________
[1] وكانت وفاته في 816 هـ (شذرات الذهب) .
[2] هكذا في الأصل.
[3] انظر: فوات الوفيات 1/273. ويتيمة الدهر 4/84- 112. والأعلام 4/5.(21/121)
ونسب، وبراعة وفضل وأدب، فيّاض الخاطر بشعر بديع الصنعة، مليح الصيغة، مفرغ في قالب الحسن والجودة.
ومن شعره:
يا ربع لو كنت دمعا فيك منسكبا ... قضيت نحبي ولم أقض الذي وجبا
لا ينكرن [1] ربعك البالي بلى جسدي ... فقد شربت بكأس الحب ما شربا
ولو أفضت دموعي حسب واجبها ... أفضت من كل عضو مدمعا سربا
عهدي بربعك للذات مرتبعا ... فقد غدا لغوادي السحب منتحبا
فيا سقاك أخو جفن السحاب حبا ... يحبو ربى الأرض من نور الرياض حبا
وقال في الحمام:
وحمام له حر الجحيم ... ولكن شابه برد النسيم
فذقت به ثوابا في عقاب ... وزرت به نعيما في جحيم
118- عبد السيد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بن جعفر بن الصباغ، أبو نصر، الفقيه الشافعي [2] :
كان إماما فاضلا نبيلا، انتهت إليه رئاسة أصحاب الشافعي ببغداد. وقال إنه أعرف بالمذهب من أبي إسحاق الشيرازي. وله مصنفات منها «الشامل» و «الكامل» و «تذكرة العالم والطريق السالم» و «كفاية السائل» . وهو أول من درس بالنظامية في سنة تسع وخمسين وأربعمائة. سمع مشيخة الحسن بن عرفة من أبي الحسين بن الفضل، وحدّث بها ببغداد وبأصبهان لما قدمها رسولا من دار الخلافة. روى عنه الحافظ أبو بكر الخطيب في التاريخ وهو أسن منه.
مولده في سنة أربعمائة، وتوفي في جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وأربعمائة، ودفن بداره، ثم نقل إلى باب حرب.
119- عبد العزيز بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن سلمان بن إبراهيم بن عبد العزيز، التميمي الكتّاني، أبو محمد بن أبي طاهر الصوفي [3] :
__________
[1] في الأصل: «لا تنكرن» .
[2] انظر العبر 3/244. وشذرات الذهب 3/355. وطبقات الشافعية للسبكي 3/230. ومرآة الجنان 3/121. والنجوم الزاهرة 5/119. الأعلام 4/132.
[3] انظر: تذكرة الحفاظ 3/1170 والعبر 3/161. وشذرات الذهب 3/325. ومعجم المؤلفين 5/242. والأعلام 4/137(21/122)
سمع الكثير من أبوي القاسم صدقة بن محمد القرشي وتمام بن محمد الرازي وأبي محمد عبد الرحمن بن عثمان التميمي، ثم دخل بغداد فسمع بها أبا الحسن بن مخلد وأبا علي بن شاذان وأبا الحسن الحمامي وأحمد بن علي بن البادا. وكتب بخطه الكثير، وحدث ببغداد بيسير. روى عنه الحافظ أبو بكر الخطيب وأبو عبد الله الحميدي وأبو القاسم بن السّمرقندي- وهو آخر من روى عنه.
مولده في رجب سنة تسع وثمانين وثلاثمائة.
وتوفي بدمشق في سنة ست وستين وأربعمائة في ليلة العشرين من جمادى الآخرة.
120- عبد العزيز بن الحسين بن عبد العزيز بن هلالة، أبو محمد بن أبي علي اللخمي الأندلسي [1] :
قدم بغداد في سنة خمس وستمائة فسمع بها من أصحاب ابن الحصين وابن البنا ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري. وانحدر إلى واسط فسمع بها من شيخنا القاضي أبي الفتح بن الماندائي، وتوجه إلى أصبهان فسمع بها معجم الطبراني من عفيفة الفارقانية، ومسند أبي يعلى الموصلي من أبي المجد زاهر بن أبي طاهر الثقفي. وسافر إلى خوارزم ومرو وبخارى وسمرقند وسمع بها. ثم إنه سافر إلى إربل والموصل وحلب ودمشق وسمع هناك كثيرا. وعاد إلى بغداد وأنا بأصبهان في رحلتي الثانية إليها، وتوجه إلى البصرة فأدركه أجله بها. وكان قد حدث ببغداد، سمع منه عبد الغني بن مشرف، وكان قد سمع كثيرا، وقرأ بنفسه وكتب بخطه، وحصل الأصول والكتب الكثيرة [2] . وكان فاضلا صدوقا لطيفا.
سألته عن مولده، فقال: ولدت بطبيرة من غربي الأندلس في شوال سنة سبع وسبعين وخمسمائة.
وتوفي بالبصرة في رمضان سنة سبع عشرة وستمائة، ودفن من الغد بمقابر الشهداء، رحمه الله.
121- عبد العزيز بن عبد الملك بن تميم بن مالك الشيباني، أبو محمد المقرئ [3] :
__________
[1] انظر: شذرات الذهب 5/78.
[2] في الأصل: «الكثير» .
[3] انظر: شذرات الذهب 5/81.(21/123)
من أهل دمشق. قرأ القرآن بالروايات على أبي اليمن الكندي، وسمع الحديث من أبي طاهر الخشوعي والقاضي أبي القاسم بن عبد الصمد في آخرين، وكتب بخطه الكثير وحصّل، وتصدر بجامع دمشق للإقراء، ثم إنه قدم بغداد في سنة إحدى وستمائة، فسمع من أصحاب ابن الحصين ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري، وقرأ القرآن على أبي أحمد بن سكينة، ثم عاد إلى دمشق، ثم قدمها مرة ثانية في سنة خمس وستمائة فأقام بها مدة، ثم انحدر إلى واسط فسمع ابن الماندائي، وسافر إلى العراق، فسمع بهمذان والري وأصبهان.
وكان حافظا لطرق القراءات بوجوهها، له يد في معرفة النحو وتحفظ الحديث وله به وبعلومه معرفة، إلا أنه كان متسمحا في الحديث.
لم يكن من أهل الإتقان ولا التحري؛ ونقل سماعات على مسند السراج بجماعة من شيوخنا، وسمعها الحافظ بنقله، ثم طولب بالأصل، فأحال على مواضع طلبت فلم توجد، واختلف كلامه واختلط، فتركنا رواية هذا المسند عمن نقل سماعهم، ولم نعتمد على ذلك.
وكان مطعونا عليه في دينه وأمانته، شوهد مرات يصلي بالناس إماما وهو على غير وضوء، وسرق كتب ابن السمعاني من مرو وأنفذها إلى هراة، وفعل أشياء لا تليق بأهل الدين.
مولده في رمضان سنة ثمان وسبعين وخمسمائة بدمشق.
وبلغنا أن الترك التتار أسروه لما استولوا على نيسابور، وكان في صفر سنة ثمان عشرة وستمائة، وأظنهم أهلكوه بعد ذلك- والله أعلم.
122- عبد الغافر السروستاني [1] ، الفقيه الشافعي [2] :
من أهل فارس، ويعرف بالركن. قدم بغداد طالبا للعالم، ونزل النظامية.
قال أبو عبد الله الكاتب في «الخريدة» : عبد الغافر السروستاني كان معنا في النظامية ببغداد، وهو عارف باللغة، كثير الفضل، وغلب عليه العشق حتى حمل إلى البيمارستان وقيّد، وكان عفيفا مستورا فاضلا، وبلي بهذا البلاء، فلما برأ من المرض لم يقم ببغداد خجلا.
__________
[1] في الأصل: «الشروستانى» .
[2] انظر: طبقات الشافعية، للسبكي 4/255.(21/124)
ورأيته بعد ذلك بأصبهان في سنة ست أو سبع وأربعين وخمسمائة، وقال: أنشدنا عبد الغافر لنفسه وهو مقيد في البيمارستان في حال استهتاره واستهاره [1] قصيدة أولها:
بأبى الوادي وصنوبره ... وغزال الشعب وجوذره
ومكان فيه يطلع لي ... ظبى [2] بحلى مستهتره
قبح الدينا بمحاسنه ... فتعالى الله مصوره
وهي قصيدة طويلة.
قال: وأنشدنا عبد الغافر لنفسه من قطعة:
ناحت ورقاء على فنن ... نوح المشتاق على الدمن
ناحت وتغنت هاتفة ... بالشجو تبوح وبالشجن
إن كان رضاكم في سهري ... فسلام الله على الوسن
123- عَبْد الغفار بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن علي بن شيرويه بن علي، أبو الحسين بن أبي بكر بن أبي الحسن، الشيروي الجنابذي، التاجر [3] :
من أهل نيسابور. وكان عفيفا متدينا صدوقا، وإليه انتهت الرحلة من البلدان، وختم به إسناد الأصم. سمع أباه وأبا بكر أحمد بن الحسن الحيري وأبا سعيد محمد بن موسى الصّيرفيّ وأبا سعيد فضل الله بن أبي الخير الميهني، وسمع بأصبهان أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ريذة وأبا طاهر أحمد بن محمود الثقفي، وحدث بالكثير؛ سمع منه الأئمة، وآخر من روى عنه على وجه الأرض أبو المعالي عبد المنعم بن عبد الله الفراوي.
وروى عنه الحسن بن محمد اليونارتي في معجم شيوخه، وقال فيه: ما رأيت أظرف منه ولا أحسن خلقا من الأكارم الأفاضل، وقد روى عنه أيضا أبو نصر المؤتمن بن أحمد الساجي.
مولده في شعبان سنة أربع عشرة وأربعمائة.
__________
[1] هكذا في الأصل.
[2] في الأصل: «خبى» .
[3] انظر: هدية العارفين 1/587. وشذرات الذهب 4/27. ومعجم المؤلفين 5/268.(21/125)
وتوفي يوم الأحد ثامن عشر ذي حجة سنة عشر وخمسمائة قاله أبو نصر اليونارتي.
124- عَبْد الغني بْن عَبْد الواحد بْن عليّ بن سرور بن رافع بن حسن بن جعفر المقدسي، أبو محمد الحافظ [1] :
من أهل دمشق. سمع الكثير ببلده من أبي المكارم عبد الواحد بن محمد بن المسلم ابن هلال وأبي المعالي عبد الله بن صابر، ورحل إلى الإسكندرية وسمع من الحافظ السلفي، وصحبه وكتب عنه الكثير.
ثم قدم بغداد في سنة ستين وخمسمائة، وسمع بها أبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي وأبا طالب المبارك بن علي بن خضير الصّيرفيّ في آخرين، وسمع بهمذان الحافظ أبا العلاء الحسن بن أحمد العطار، وبأصبهان أصحاب أبي قطيع، وأقام بها مدة، وحصّل الأصول، وكتب الكثير بخطه، ثم عاد إلى بغداد، وحدّث بها في سنة ثمان وستين [وخمسمائة] [2] ، سمع منه أبو المكارم يعيش بن ريحان الفقيه، وكان حافظا من أهل الإتقان [3] والتجويد، قيما بجميع فنون الحديث، عارفا بقوانينه وأصوله وعلله، وصحيحه وسقيمه، وناسخه ومنسوخه، وغريبه ومشكله؛ وكان كثير العبادة، متمسكا بالسنة، ولم يزل بدمشق إلى أن تكلم في الصفات والقرآن بشيء أنكره عليه أهل التأويل، وشنعوا به عليه، وأباحوا إراقة دمه، فشفع فيه جماعة إلى السلطان على أن يخرج من دمشق إلى ديار مصر، فأخرج إلى مصر، وأقام بها خاملا [4] إلى حين وفاته.
سئل عن مولده فقال: أظن في سنة أربع وأربعين وخمسمائة بجماعيل من قرى بيت المقدس.
وتوفي بمصر في رابع عشرين ربيع الأول سنة ستمائة.
قال يوسف بن خليل بعد كلامه: وكان ثقة ثبتا دينا مأمونا، حسن التصنيف،
__________
[1] انظر: تذكرة الحفاظ 4/1372. والأعلام 4/160. وشذرات الذهب 4/345. والعبر 4/313.
[2] ما بين المعقوفتين زيادة ليست في الأصل.
[3] في الأصل: «أهل الأمان» .
[4] في الأصل: «حاملا» .(21/126)
دائم الصيام، كان يصلي كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة. دعي إلى أن يقول «لفظي بالقرآن مخلوق» فأبى، فمنع من التحدث بدمشق، فسافر إِلَى مصر فأقام بها إِلَى أن مات.
قال تاج الدين الكندي: رأيت ابن ناصر والحافظ أبا العلاء الهمذاني وغيرهما من الحفاظ، فما رأيت أحفظ من عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي. وله مصنفات مشهورة.
125- عبد القادر بن أبي صالح بن جنكي دوست [1] :
من أهل جيلان. أحد الأئمة الأعلام، صاحب الكرامات الظاهرة. قدم بغداد في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وله ثماني عشرة سنة، فقرأ الفقه على أبي الوفاء بن عقيل وأبي الخطاب الكلوذاني، وسمع الحديث من أبي غالب محمد بن الحسن الباقلاني وأبي سعد مُحَمَّد بْن عبد الكريم بْن خشيش وأبي عثمان إسماعيل بن محمد بن مسلمة [2] الأصبهاني في آخرين، وقرأ الأدب على أبي زكريا التبريزي، ثم لازم الانقطاع والخلوة والرياضة والمجاهدة، وصحب الشيخ حماد الدباس وأخذ عنه علم الطريقة؛ ثم إن الله تعالى أظهره للخلق وأظهر الله الحكمة في قلبه على لسانه، وظهرت علامات من الله تعالى وأمارات ولايته. وحدث وصنف، وله الكلام المليح في الحقيقة، فمنه قوله: «الخلق حجابك عن نفسك، ونفسك حجابك عن ربك، ما دمت ترى الخلق لا ترى نفسك، وما دمت ترى نفسك لا ترى ربك» . وقال:
«الأولياء عرائس الله تعالى، لا يطلع عليهم إلا ذا محرم» .
سمعت عبد العزيز بن عبد الملك الشيباني يقول: سمعت عبد الغني بن عبد الواحد يقول: سمعت أبا محمد بن الخشاب النحوي يقول: كنت- وأنا شاب أقرأ النحو- أسمع الناس يصفون الشيخ عبد القادر ويذكرون حسن كلامه في مجالس وعظه، فكنت أريد أن أسمعه ولا يتسع وقتي لذلك؛ واتفق يوما أن حضرت مجلسه مع الناس، فلما تكلم لم أستحسن كلامه ولم أفهمه، وقلت في نفسي: ضاع النحو مني! قال:
فالتفت الشيخ إلى الجهة التي كنت فيها وقال: ويلك! تفضل الاشتغال بالنحو على مجالس الذكر وتختار ذلك؟ أصحبتنا تصيرك سيبويه؟.
__________
[1] انظر فوات الوفيات 2/4- 6. وشذرات الذهب 4/198. والعبر 4/175. ومرآة الجنان 3/347. والمنتظم 18/173.
[2] في الأصل: «بن ملة» .(21/127)
مولده في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، وتوفي ببغداد في ليلة السبت عاشر ربيع الآخر سنة إحدى وستين وخمسمائة، ودفن بمدرسته.
سمعت عبد الرزاق بن عبد القادر يقول: ولد والدي تسعا وأربعين ولدا، سبع وعشرين ذكورا والباقي إناثا! رحمه الله.
126- عَبْد القادر بْن عَبْد اللَّه، أَبُو مُحَمَّد، الفهمي الرهاوي [1] :
كان من سبى الرهاء، فاشتروه بنو فهم الحرانيون وأعتقوه. وطلب الحديث في صباه في سنة تسع وخمسين وخمسمائة. ورحل من الجزيرة إلى الشام وديار مصر، فسمع بها وبالإسكندرية من الحافظ السلفي؛ ودخل العراق فسمع ببغداد من أبي محمد عَبْد اللَّه بْن مَنْصُور بْن هبة اللَّه الموصلي وأبي الحسين عبد الحق بن عبد الخالق ابن يوسف وأبي محمد بن الخشاب وشهدة الكاتبة؛ وسمع بهمذان الحافظ أبا العلاء العطار، وبأصبهان من أبي عبد الله الحسن بن العباس الرستمي، وسمع بنيسابور أبا بكر محمد بن علي الطوسي في آخرين، وكتب الكثير بخطه. ثم أقام بالموصل شيخا بدار الحديث المظفرية مدة طويلة، وحدث بالكثير، ثم انتقل عنها إلى حران، وكان حافظا متقنا عالما ورعا متدينا زاهدا عابدا ثقة نبيلا.
مولده في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين وخمسمائة.
وتوفي بحران في يوم السبت ثاني جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وستمائة.
127- عَبْد الكريم بْن مُحَمَّد بْن مَنْصُور بْن محمد بن عبد الجبار، أبو سعد بن أبي بكر السمعاني [2] :
من أهل مرو. وهو الإمام ابن الأئمة، غذي بالعلم، ونشأ في حجر الفضل، وحمل على أكتاف الأئمة. أسمعه والده في صغره من أبي منصور محمد بن علي الكراعي، ورحل به وله ثلاث سنين إلى نيسابور، فأحضره على أبي بكر عبد الغفار ابن محمد الشيروي؛ ثم إنه اشتغل بالأدب حتى حصل منه طرفا، صالحا. وقرأ المذهب والخلاف، وتكلم في المناظرة، ثم اشتغل بالحديث، فسمع الكثير ببلده
__________
[1] انظر: تذكرة الحفاظ 4/1387. وشذرات الذهب 5/50. ومرآة الجنان 4/23. والأعلام 4/165.
[2] انظر: طبقات الشافعية، للسبكي 4/259. والنجوم الزاهرة 5/160. ووفيات الأعيان 2/278. والأعلام 4/179. والعبر 4/1316.(21/128)
وجال في خراسان، فسمع بنيسابور وطوس وميهنة من أبي عبد الله الفراوي وأبي القاسم الشحامي. ودخل بغداد سنة اثنتين وثلاثين فسمع بها الكثير من محمد بن عبد الباقي الأنصاري وأبي القاسم بن السّمرقندي. وحج وانحدر إلى واسط والبصرة، وعاد إلى بغداد، وتوجه إلى الشام فسمع بدمشق وحلب وحماة وحمص، وزار بيت المقدس، وجمع ذيلا على تاريخ الخطيب أبي بكر ثم عاد إلى نيسابور وقد ولد له شيخنا أبو المظفر عبد الرحيم. فلما بلغ حد السماع طاف به خراسان، وأسمعه بها الكثير، ثم عاد إلى مرو فألقى بها عصاه، وأقام بها مشتغلا بالتصنيف. وكان وافر الهمة في طلب الحديث، شديد الحرص على لقاء الشيوخ، مليح الخط، وجمع معجما لشيوخه في عشر مجلدات كبار، سمعت من يذكر أن عددهم سبعة آلاف شيخ.
وذكره الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِمِ بْن عساكر في تاريخ دمشق من جمعه، وأثنى عليه ثناء كبيرا.
وله من المصنفات: «المذيل» أربعمائة طاقة، «تاريخ المراوزة» ، «طراز الذهب في أدب الطلب» ، «الإسفار عن الأسفار» ، «الإملاء والاستملاء» ، «سلوة الأحباب ورحمة الأصحاب» ، «الأمالي» ، «الصدق في الصداقة والرفق في الرفاقة» وغير ذلك.
مولده في خامس عشر شعبان سنة ست وخمسمائة بمرو.
وتوفي في ليلة غرة ربيع الأول سنة اثنتين وستين وخمسمائة بمرو.
128- عَبْد اللطيف بْن يُوْسٌف بْن مُحَمَّد بْن علي، الموصلي الأصل، البغدادي المولد والدار، أبو محمد بن أبي العز [1] :
أسمعه والده من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي وأبي زرعة طاهر بن محمد المقدسي ويحيى بن ثابت بن بندار وأَبِي بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بن النقور في آخرين. وتفقه في صباه على مذهب الإمام الشافعي، وقرأ العربية على عبد الرحمن الأنباري، وصحب شيخنا الوجيه أبا بكر الضرير النحوي مدة حتى برع في النحو، وتميزّ على أقرانه، وقرأ علم الطب حتى أحكمه، وصنّف مصنفات في الأدب وغيره.
__________
[1] انظر: بغية الوعاة، ص 311 وإنباه الرواة 2/193. وفوات الوفيات 2/16. والأعلام 4/183. ومرآة الجنان 4/68. والأعلام 4/183. وشذرات الذهب 5/132.(21/129)
وكان يكتب خطا مليحا. وسافر إلى الشام، ودخل ديار مصر، ورأى هناك قبولا كبيرا. وكان غزير الفضل، كامل العقل؛ ثم إنه دخل إلى بلاد الروم وأقام بها مدة، وكان يطبب [1] ملكها، وصادف قبولا عظيما، فلما توفي الملك عاد إلى حلب وحدث بها.
ثم توجه إلى بغداد فأقام بها إلى أن توفي في ثاني عشر محرم سنة تسع وعشرين وستمائة، ودفن في مقبرة الوردية.
وكان مولده في أحد الربيعين من سنة سبع وخمسين [2] .
129- عبد الملك بن عبد اللَّه بن يوسف بن عبد اللَّه بن يوسف بن محمد بن حيويه الجويني، أبو المعالي بن أبي محمد، الفقيه الشافعي، الإمام، الملقب بإمام الحرمين [3] :
من أهل نيسابور. إمام الفقهاء شرقا وغربا، ومقدمهم عجما وعربا، من لم تر العيون مثله فضلا، ولم تسمع الآذان كسيرته نقلا؛ تفقه على والده، وتوفي والده وله دون العشرين سنة، فدرس مكانه. وقرأ الأصول على أبي القاسم الإسكاف الإسفرائيني. وكان يقعد كل يوم بين يديه ثلاثمائة فقيه. وسمع الحديث من والده وأبي حسان محمد بن أحمد بن جعفر المزكي وأبي سعيد عبد الرحمن بن حمدان النضروي وأبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن يحيى المزكي ومنصور بن رامش. وسمع ببغداد أبا محمد الحسن بن علي الجوهري وحدث، روى عنه أبو عبد الله الفراوي وزاهر الشحامي في آخرين.
ومن شعره:
أضح لن تنال العلم إلا بستة ... سأنبئك عن مجموعها ببيان
ذكاء وحرص وافتقار وغربة ... وتلقين أستاذ وطول زمان
مولده في ثامن عشر محرم سنة تسع عشرة وأربعمائة.
وتوفي ليلة الخامس والعشرين من ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، وله مصنفات مشهورة منها «النهاية» .
__________
[1] في الأصل: «وكان يطب» .
[2] في الأصل: «سبع وسبعين» ، وكذلك بقية المراجع.
[3] انظر: الأعلام 4/306. وهدية العارفين 1/626. والعبر 3/291. وطبقات الشافعية للسبكي 3/249. ووفيات الأعيان 2/341.(21/130)
130- عَبْد المنعم بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الفضل بْن أَحْمَد الصاعدي الفُراوي، أَبُو المعالي بن أبي البركات بن أبي عبد اللَّه [1] :
من أهل نيسابور، من بيت مشهور بالعدالة والرواية. سمع جده وأبا بكر عبد الغفار بن محمد الشيروي- وهو آخر من حدث عنه، وأبا نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم القشيري في آخرين. وقدم بغداد في سنة ثمانين وخمسمائة وحدث بها، سمع منه الحافظ أبو بكر الحازمي.
مولده في ربيع الأول سنة سبع وتسعين وأربعمائة.
وتوفي في شعبان سنة سبع وثمانين وخمسمائة.
131- عبد المنعم بن عبد العزيز بن أبي بكر بن عبد المؤمن، أبو الفضل القرشي العبدري، المعروف بابن النطروني [2] :
من أهل الإسكندرية. قدم بغداد واستوطنها، ومدح بها الإمام الناصر لدين الله.
وكان شاعرا مجيدا، مليح الشعر، فاضلا، أديبا، فقيها مالكيا، مليح الشيبة، حسن السمت؛ رتب شيخا برباط العميد بالجانب الغربي، وناظرا في أوقافه.
أنشدني عبد العزيز بن عبد المنعم العبدري بالإسكندرية، قال: أنشدني والدي لنفسه ببغداد مادحا أمير المؤمنين الناصر لدين اللَّه، ويهنئه:
يا ساحر الطرف ليلى ما له سحر ... وقد أضر بجفني بعدك السهر
يكفيك مني إشارات بعين ضنى ... لم يبق مني لا عين ولا أثر
أعاذك اللَّه من شر الهوى فلقد ... أذكى على كبدي نارا لها شرر
غررت فيه بروحي بعد ما علمت ... أن السلامة من أسبابه غرر
وكان عذبا عذابي في بدايته ... فصار في الصبر طعما [3] دونه الصبر
ولست أدري وقد مثلت شخصك في ... قلبي المشوق أشمس أنت أم قمر؟
ما صور اللَّه هذا الحسن في بشر ... وكان يمكن أن لا تعبد الصور
من لي برد غديات بذي سلم ... حيث النسيم عليل والثرى عطر
__________
[1] انظر: معجم المؤلفين 6/194. وشذرات الذهب 4/289. والعبر 4/262.
[2] انظر: فوات الوفيات 2/33. والأعلام 4/316.
[3] في الأصل: «طعم» .(21/131)
ومنها:
وللغصون مناجاة إذا سمعت ... من النسيم أحاديثا [1] لها خطر
وهي قصيدة طويلة.
توفي ببغداد في جمادى الآخرة لأربع خلون منه من سنة ثلاث وستمائة، ودفن بالشونيزية، وقد قارب السبعين- رحمه الله.
132- عبيد الله بْن مُحمد بْن أحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن موسى، أَبُو الحَسَن ابن أَبِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي بكر البيهقي [2] :
كان جده أحد الحفاظ المشهورين، وأبو الحسن هذا كان خاليا من العلم. سمع من جده كثيرا من مصنفاته، وسمع أيضًا من أَبِي سعد أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم المقرئ وأبي يعلى إسحاق بْن عبد الرحمن الصابوني في آخرين. وقدم بغداد وحدث بها، روي عنه ابن ناصر.
أخبرني شهاب الحاتمي بهراة قال: سمعت أبا سعد بن السمعاني يقول: ورد سبط البيهقي بغداد وحدث بها، سمع منه جماعة، وكره آخرون السماع منه لقلة معرفته بالحديث. روى لنا عنه أَبُو الْقَاسِمِ الدمشقي وسألته عنه، فَقَالَ: ما كان يعرف شيئا، وكان يتغالى بكتب الإجازة؛ وكان يَقُول: ما أجيز إلا بطسوج. قَالَ: وسمع لنفسه في جزء عن جده تسميعا طريا، وكان سماعه في غير ذلك صحيحا.
سأله ابن الخشاب عن مولده [فقال] [3] : في سنة تسع وأربعين وأربعمائة.
وتوفي ببغداد في ليلة الثالث من جمادى الأولى في سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة، ودفن بالوردية.
133- عتيق بْن عَليّ بْن الحَسَن الصنهاجي، أَبُو بكر الحميدي [4] :
من أهل الأندلس. قدم بغداد بعد الثمانين وخمسمائة، وأقام بها مدة للتفقه على أَبِي القَاسِم بْن فضلان، وسمع الحديث من أَبِي السعادات بن رزيق في آخرين، وجمع مقامة وصف بغداد، وحدث بها، وعاد إلى بلاده.
__________
[1] في الأصل: «أحاديا» .
[2] انظر: لسان الميزان 4/116. والعبر 4/54. وشذرات الذهب 4/67.
[3] ما بين المعقوفتين زيادة ليست في الأصل.
[4] انظر: الأعلام 4/362.(21/132)
ذكر لي بركات بْن ظافر الصبان بمصر أن عتيق بن علي الحميدي- بفتح الحاء- نسبة إلى بعض أجداده وأنه أندلسي، قدم عليهم مصر مرتين، وكان أديبا فاضلا، له ديوان شعر، وصنف كتابا فِي الحلي والشيات وما يليق بالملوك من الآلات؛ وتولى القضاء بالمغرب، وتوفي هناك.
134- علي بن أحمد بن سعيد بن الدباس، أَبُو الْحَسَن المقرئ [1] :
من أهل واسط. قَرَأَ القرآن بالروايات على أبي محمد عبد الرحمن بن الحسن بن الزجاجي، وسافر إلى همذان، فقرأ عَلَى الحافظ أَبِي العلاء الْحَسَن بْن أَحْمَد العطار، ودخل بغداد وذكر أَنَّهُ قَرَأَ بها على أبي الكرم المبارك بن الشهرزوري؛ وسمع الحديث بواسط من أبي المفضل محمد بن محمد بن ربيعة وأبي محمد الزجاجي في آخرين؛ ثم قدم بغداد وأقام بِهَا إِلَى حين وفاته. وكَانَ عالما بالقراءات [و] [2] وجوهها وعللها، عارفا بالنحو، حسن الأخلاق، متواضعا.
ذكر لي أَبُو عَبْد اللَّه بْن سَعِيد الحافظ أن أبا الْحَسَن بْن الدباس حدث بكتاب الحجة لأبي علي الفارسي عن القاضي أَبِي طالب بن الكتاني سماعًا عن أَبِي الفضل بْن خيرون إجازة، وما علمنا لابن الكتّاني إجازة من ابْنُ خيرون، ولا روى عَنْهُ شيئًا، ولم يشاهد ابْنُ الدباس عند ابْنُ الكتاني قط.
وذكر لنا من شاهد معه خطا يشبه خط ابن الشهرزوري بالقراءة عَلَيْهِ وليس بخطه، وأنَّه لم يصح أَنَّهُ قرأ عليه.
مولده سنة سبع وعشرين وخمسمائة بواسط.
وتوفي ببغداد في ليلة السابع والعشرين من رجب سنة سبع وستمائة. وله شعر، وشهد عند القضاة فقبلوه.
135- علي بْن أَحْمَد بْن عَبْد العزيز بْن علي [3] ، أَبُو الْحَسَن الأَنْصَارِيّ، يعرف بابن ظنير- بضم الظاء المعجمة وبعدها نون مشددة مفتوحة وياء معجمة باثنتين من تحتها ساكنة وراء- هكذا رأيته بخط ناصر بن محمد.
من أهل ميروقة، من بلاد الأندلس. سَمِعَ أبا عُمَر يُوسُف بن عبد الله النمري وأبا
__________
[1] انظر: لسان الميزان 4/197 وطبقات القراءة 1/519.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] انظر: المشتبه، ص 418. والإكمال 5/258(21/133)
محمد غانم بن وليد المخزومي، وقدم دمشق وسمع بها من أبي محمد عبد العزيز الكتاني وأبي نصر الحسين بن طلاب، وبصور أبا بكر الخطيب، وقدم بغداد سنة أربع وستين وأربعمائة، فأقام بها يسمع، وحدث، سمع منه أبو عبد الله الحميدي الحافظ؛ وكان عالما بالحديث والأدب.
قال الحافظ أبو طاهر السلفي: سألت أبا الكرم خميس الحافظ عن أبي الحسن علي النحوي الأندلسي، فَقَالَ: قدم علينا، وكان فاضلًا فِي النحو، متقدما في العربية.
ومن شعره:
وسائلة لتعلم كيف حالي ... فقلت لها بحال لا يسر
دفعت إلى زمان ليس فِيهِ ... إِذَا فتشت عن أهليه حر
توفي منصرفه من الحج بطريق البصرة عَلَى مسيرة ثلاثة أيام عنها بكاضمية [1] أَوْ غيرها، فِي صفر سنة خمس وسبعين وأربعمائة.
وذكر أَبُو الْقَاسِمِ بْن عساكر في «تاريخ دمشق» ، فقال: حَدَّثَنِي أَبُو غالب الماوردي قَالَ: قدم علينا أبو الحسن علي بن أحمد الأنصاري البصرة، فسمع من أَبِي عَليّ التستري [2] كتاب «السنن» ، فأقام عنده نحوا من سنتين.
136- علي بْن أَحْمَد بْن علي بْن يَحيى، أَبُو الْحَسَن بْن أَبِي بَكْر البيع، المعروف بابن حني- بكسر الحاء والنون- هكذا قيده الحميدي [3] :
سمع أبا الحسن محمد بن أحمد بن رزقويه وحدّث. مولده في ذي الحجة سنة ست وثمانين وثلاثمائة.
وتوفي ببغداد في رمضان سنة ثمان وستين وأربعمائة، ودفن بباب حرب.
137- علي بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن بيان، أبو القاسم بن أبي طالب العمري الكاتب، المعروف بابن الرزاز:
ذكر أبو القاسم بن السّمرقندي أنه من أولاد عمر بن الخطاب، أسمعه والده من
__________
[1] هكذا في الأصل، وفي معجم البلدان 7/802. «كالظلمة» .
[2] في الأصل: «النسترى» .
[3] انظر: شذرات الذهب 4/27. وتذكرة الحفاظ 4/261. والمنتظم 17/147، 148 والعبر 4/21. والأنساب 6/107.(21/134)
أبي الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بِن مُحَمَّدِ بْنِ مخلد وأبي علي الحسن بن أحمد بن شاذان وأبي القاسم عبد الملك بن مُحَمَّد بن بشران وعبد الرحمن بن عبيد الله بن الحرفي والحسين بن علي الطناجيري ومحمد بن محمد بن غيلان، وتفرد بجماعة من شيوخه، وصارت الرحلة إليه، وكتب عنه الحفاظ. سمع منه أبو غالب الذهلي والمؤتمن الساجي وأبو القاسم بن السّمرقندي وأبو الفرج بن كليب، وهو آخر من روى عنه.
سمعت الحاتمي يقول: سمعت ابن السمعاني يقول: سمعت مُحَمَّد بن عبد الباقي البزاز يقول: إن بعض الطلبة حمل إلي [ابن] [1] بيان دينارًا ليسمع منه نسخة الحسن بن عرفة، فمضى ومعه بعض الفقراء فقال له: الدخول على الشيخ وحضور القراءة ما إليه سبيل، ولكن تقعد على الباب بحيث لا يعرف الشيخ، وأنا أرفع صوتي وقت القراءة ويحصل مقصودك، ففعل، فلما قعد بين يدي الشيخ وشرع في القراءة وأحس الشيخ بما فعل، قال لجارية له: قومي واقعدي خلف الباب ودقي الشيح [2] الفلاني في الهاون؛ ومقصوده أن لا يسمع الذي على الباب، ثم قال: أنا بغدادي ما يخفى علي مثل هذا.
قال الحافظ المؤلف ابن النجار: كان من عادة أبي القاسم [أنه] [3] لا يسمع جزء ابن عرفة إلا بدينار لكل واحد من السامعين، وكان شيخنا ابن كليب لا يسمعه أيضا إلا بدينار ولكن لجماعة أو لواحد.
قال السلفي الحافظ: سألت شجاع الذهبي عن ابن بيان، فقال: حدث عن جماعة وهو صحيح السماع.
مولده في سادس صفر سنة اثنتي عشرة وأربعمائة، وقيل: سنة ثلاث عشرة- قال الأول: أبو القاسم بن السّمرقندي، وقال الثاني: الحافظ السلفي.
وتوفي في سادس شعبان سنة عشر وخمسمائة، ودفن بباب حرب. وكان قد بلغ من العمر تسعًا وتسعين سنة.
138- علي بن أَحْمَد بن يوسف بن جعفر بن عرفة بن المأمون بن المؤمل بن الوليد بن القاسم بن الوليد بن عتبة بْن أَبِي سفيان صخر بْن حرب بْن أمية
بن عبد
__________
[1] ما بين المعقوفتين ليست في الأصل.
[2] في الأصل: «الشيخ» ، تصحيف. والشيخ: النبات المعروف.
[3] ما بين المعقوفتين زيادة ليست في الأصل.(21/135)
شمس بن عبد مناف، أبو الحسن بن أبي نصر القرشي الهكاري- هكذا رأيت نسبه بخط أبي علي بن البرداني [1] :
كان يعرف بشيخ الإسلام. سمع الكثير، وسافر في طلبه، وجمع كتبا في السنة.
ذكر أنه سمع بالموصل أبا جعفر مُحَمَّد بن المحتاج المروزي الفقيه، وبحلب أبا القاسم علي بن أحمد بن المظفر المقرئ، وبمصر أبا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الفضل بْن نظيف، وبمكة أبا الحسن مُحَمَّد بن علي بن صخر، وحدث بالكثير؛ وانتقى [2] عليه محمد ابن طاهر المقدسي، وكان الغالب على حديثه الغرائب والمنكرات، ولم يكن حديثه يشبه حديث أهل الصدق، وفي حديثه متون موضوعه، مركبة على أسانيد صحيحة، وقيل: إنه كان يضع الحديث بأصبهان، قدم بغداد، وحدث بها. روى عنه أبو القاسم بن السمرقندي.
كَتَبَ إليّ محمد بن معمر القرشي أن أبا نصر اليونارتي أخبره قال: علي بن أحمد الهكاري قدم علينا أصبهان، روى عن ابن نظيف، ولم يرضه أبو بكر بن الخاضبة فيما بلغني.
قال أبو القاسم بن عساكر: علي بن أحمد الهكاري لم يكن موثقا، بلغني أن ابن الخاضبة قصده لما قدم بغداد، فذكر له أنه سمع من شيخ استنكر سماعه منه، فسأله عن تاريخ سماعه منه، فذكر تاريخا متأخرا عن وفاة ذلك الشيخ، فقال ابن الخاضبة:
هذا الشيخ يزعم أنه سمع منه بعد موته بمدة، وتركه وقام.
مولده في شوال سنة تسع وأربعمائة، وتوفي في أول محرم سنة ست وثمانين وأربعمائة- كذا بخط شجاع بن فارس الذهلي أبي غالب- رحمه الله.
139- عَليّ بن أفلح بن مُحَمَّد، أبو القاسم العبسي [3] :
كاتب أديب فاضل، شاعر مترسل بليغ. له ديوان شعر ورسائل، ويكتب خطّا حسنا.
__________
[1] انظر: الكامل لابن الأثير 1/93. ولسان الميزان 4/195. ووفيات الأعيان 3/31. وتذكرة 3/1199. والعبر 3/312. والمرآة الجنان 3/142.
[2] في الأصل: «وانتفا» .
[3] انظر: وفيات الأعلام 3/68. ومرآة الزمان 8/169. والأعلام 5/71. والمنتظم 17/338- 341.(21/136)
ومن شعره:
أيها المالك رقى قد تجافيت طويلا ... بالذي يبقيك إلا ما تعطفت قليلا
إن أكن أذنبت ذنبا فاصفح الصفح الجميلا ... أنا عبد ذل فارحم سيدي عبدا ذليلا!
مولده سنة ثلاث وستين وأربعمائة، وتوفي في ثاني شعبان سنة خمس وثلاثين وخمسمائة.
آخر الجزء الخامس من المستفاد من ذيل تاريخ بغداد.(21/137)
الجزء السادس من المستفاد من ذيل تاريخ بغداد
للحافظ محب الدين أبي عبد الله محمد بن محمود بن الحسن ابن النجار انتقاء كاتبه الواثق بالله أحمد بن أيبك بن عبد الله(21/139)
(بسم الله الرّحمن الرّحيم) حسبي الله
[تتمة حرف العين]
140- علي بن الحسن بن علي بن أبي الطيب، أبو الحسن الباخرزي الكاتب [1] :
من أهل باخرز، ناحية من نواحي نيسابور، كان من أفراد عصره في الأدب والبلاغة وحسن النظم والنثر. سدا [2] في صباه طرفا من الفقه عَلَى أبي محمد الجويني، وسمع منه ومن أبي عثمان الصابوني وأبي الفضل عبيد الله بن أحمد المكيالي. ثم اشتغل بالكتابة، وخدم في ديوان الرسائل. وقدم بغداد في أيام القائم بالله ومدحه، وصنف كتابا سماه «دمية القصر» ذكر فيه شعراء عصره، وله ديوان شعر مشهور.
روى عنه أبو شجاع الذهلي.
وله قصيدة أولها:
هبت نسيم صبا تكاد تقول ... إني إليك من الحبيب رسول
سكرى تجشمت الربى لتزورني ... من علتي وهبوبها معلول
قال أبو سعد بن السمعاني: قتل الباخرزي في ذي القعدة سنة سبع وسبعين وأربعمائة بباخرز، ودفن بها وهو في أيام الكهولة. قتل في مجلس أنس على يدي بعض المخاذيل في الدولة النظامية وظل دمه هدرا- رحمه الله تعالى.
141- عليّ بْن الْحَسَن بْن هبة اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن، أَبُو القاسم بْن أبي محمد بن أبي الحسين الشافعي، عرف بابن عساكر [3] :
من أهل دمشق، إمام المحدثين في وقته، ومن انتهت إليه الرئاسة في الحفظ والإتقان، وبه ختم هذا الشأن، سمع بإفادة أخيه الأكبر في سنة خمس وخمسمائة من
__________
[1] انظر شذرات الذهب 3/327. والعبر 3/265. والأعلام 5/81. ومعجم الأدباء 13/32- 48. ووفيات الأعيان 3/66- 68.
[2] أى طلب.
[3] انظر: تذكرة الحفاظ 4/1328. والعبر 4/212. ووفيات الأعيان 2/471- 472. ومعجم الأدباء 13/87.(21/141)
أبي الحسن بن الموازيني وأبي القاسم النسيب [1] وأبي الوحش سبيع بن قيراط [2] المقرئ وأبي طاهر الحنائي، وسمع هو بنفسه من والده وأبي محمد بن الأكفاني وأبي الحسن بن قبيس وطاهر بن سهل الإسفرائيني. وحجّ في سنة إحدى وعشرين، وسمع بمكة أبا مُحَمَّد عبد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إسماعيل المقرئ، ورحل إلى العراق في سنة عشرين. وسمع الكثير ببغداد من ابن الحصين وأبي الحسن الدينوري وأبي العز بن كادش وأبي القاسم الحريري ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري في آخرين، وسمع بالكوفة الشريف أبا البركات عمر بن إبراهيم الزيدي وعاد إلى بغداد، فأقام بها يسمع الحديث ويقرأ الفقه والخلاف بالمدرسة النظامية ويكتب ويحصّل خمس سنين، ثم عاد إلى دمشق، ورحل إلى خراسان على طريق آذربيجان، ودخل نيسابور في سنة تسع وعشرين وسمع أبا عبد الله الفراوي وأبا محمد السيدي وزاهر الشحامي وأخاه وجيها، وبمرو من يوسف بن أيوب الهمذاني، وسمع ببسطام ودامغان والري وزنجان وسمنان، وعاد إلى دمشق يملي ويحدث ويصنف، وسمع منه جماعة من شيوخه. وكان إماما حجة ثقة نبيلا، حدّث ببغداد، وروى عنه من أهلها أبو بكر بن كامل- وكان أسن منه.
قال سعد الخير: ما رأينا في سن الحافظ أبي القاسم مثله. وله من المصنفات:
«التاريخ» ، «الإشراف على معرفة الأطراف» ، «المعجم لأسماء شيوخه» ، «الموافقات عن شيوخ الأئمة الثقات» اثنان وسبعون جزءا.
قلت: وأملى أربعمائة مجلس في جامع دمشق، وكان يختمها بأبيات من شعره.
ولقد سمعت شيخنا عبد الوهاب بن علي الأمين يقول: كنت يوما مع الحافظ أبي القاسم بن عساكر وأبي سعد بن السمعاني نمشي في طلب الحديث ولقاء الشيوخ، فلقينا شيخا فاستوقفه ابن السمعاني ليقرأ عليه شيئا، وطاف على الجزء الذي هو سماعه في خريطته، فلم يجده وضاق صدره، فقال له ابن عساكر: ما الجزء الذي هو سماعه؟» قال: كتاب «البحث والنشور» لابن أبي داود سمعه من أبي النصر ابن الزينبي، فقال له: لا تحزن! وقرأ عليه من حفظه أو بعضه- الشك من شيخنا.
أخبرني شهاب الحاتمي، حدثنا ابن السمعاني قال: علي بن الحسن بن عساكر أبو
__________
[1] في الأصل بدون نقط.
[2] في الأصل: «فراطا» .(21/142)
القاسم من أهل دمشق كثير العلم، حافظ متقن ديّن خيرّ، جمع من معرفة المتون والأسانيد، صحيح القراءة متثبت محتاط، رحل في طلب الحديث، وتعب في جمعه، وبالغ في الطلب. ورد بغداد، وسمع بها من أصحاب البرمكي والتنوخي والجوهري، ثم رجع إلى دمشق، ورحل إلى خراسان ودخل نيسابور قبلي بشهر أو أكثر، ثم رأيت نيسابور وصادفته بها، وجمع ونسخ، وأقام مديدة ببغداد، وحدثني بأحاديث، ثم اجتمعت به في رحلتي إلى الشام ببلدة دمشق في سنة خمس وثلاثين [وخمسمائة] [1] ، وأفادني عن شيوخها، وسعى في تحصيل الشيخ لي، كتبت عنه وكتب عني، وكان قد شرع في «التاريخ الكبير» لدمشق على نسق تاريخ الخطيب؛ وصنّف التصانيف، وخرّج التخاريج.
قال الحافظ أبو محمد القاسم: ولد أبي في محرم سنة تسع وتسعين وأربعمائة؛ وتوفي ليلة الاثنين ثاني عشر رجب سنة إحدى وسبعين وخمسمائة بدمشق، ودفن بمقابر باب الصغير- رضي الله عنه ورحمه.
142- علي بن الحسين بن محمد بن مهدي، أبو الحسن بن أبي الفوارس الصوفي:
من أهل البصرة، كان جوّالا، سافر إلى الشام، ودخل ديار مصر وصحب المشايخ، وكانت أحواله ومقاماته حسنة، وصار من مشاهير الزهّاد والعلماء الورعين، له كرامات، سكن بغداد إلى حين وفاته، سمع بمصر من أبي الحسن علي بن الحسن الخلعي، وحدّث؛ روى عنه الحافظ بن عساكر.
اجتمع الإمام أبو حامد الغزالي وإسماعيل الحاتمي وأبو الحسن البصري وإبراهيم الشباك في آخرين بالمسجد الأقصى، فأنشد منشد هذين البيتين:
فديتك لولا الحب كنت فديتني ... ولكن بسحر المقلتين سبيتني
أتيتك لما ضاق صدري من الهوى ... و [لو] [2] كنت تدري كيف شوقي أتيني
قال: فتواجد أبو الحسن البصري وجدا أثر في الحاضرين، وتوفي محمد الكازروني من بين الجماعة في ذلك المجلس ورفع ميتا.
توفي أبو الحسن البصري في جمادى الأولى سنة ست وعشرين وخمسمائة- رحمه الله.
__________
[1] ما بين المعقوفتين زيادة ليست في الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(21/143)
143- علي بن زريق، الكاتب البغدادي:
صاحب القصيدة المشهورة التي رواها عنه أبو الهيجاء محمد بن عمران بن شاهين:
وما سر قلبي مذ شطت بك النوى ... أنيس لا كأس ولا متصرف
وما ذقت طعم الماء إلا وجدته ... كأن ليس بالماء الذي كنت أعرف
ولم أشهد اللذات إلا تكلفا ... وأي سرور يقتضيه التكلف؟
قال أبو عبد الله الحميدي: قال لي أبو محمد علي بن أحمد بن حزم، فقال: من تختم بالعقيق وقرأ لأبي عمرو وتفقه للشافعي وحفظ قصيدة من ابن زريق فقد استكمل الظرف.
144- علي بْن سَعِيد بْن عَبْد اللَّه، أَبُو الْحَسَن العسكري [1] :
من أهل عسكر سامراء. كان من الحفّاظ، سمع علي بن مسلم الطوسي وعبد الرحيم بن سلام بن المبارك الواسطي وعبد السلام بن عبيد وعمرو بن علي الفلاس والقاسم بن محمد الزبيدي ومحمد بن المثنّى الزمن في آخرين؛ روى عنه من أهل أصبهان القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد العسال.
ذكر أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ علي بن سعيد العسكري في تاريخ أصبهان وقال: كان من الثقات، يحفظ ويصنف.
توفي بالري سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة. قال الحافظ أبو نعيم: كان من الحفاظ.
145- علي بن العباس النوبختي [2] :
كان وكيلا للمقتدر، وكان أديبا، راوية للأخبار والأشعار. كان علي بن العباس النوبختي مع جماعة من أهله على سطح أبي سهل النوبختي في ليلة من ليالي النصف يشربون ومعهم إبراهيم بن القاسم بن زرزر المغني، وكان إذ ذاك أمرد حسن الوجه، وكان في السماء غيم ينجاب مرة ويتصل أخرى، فانجاب الغيم عن القمر فانبسط، فقال علي بن العباس وأقبل على إبراهيم:
لم يطلع البدر إلا من تشوقه ... إليك حتى يوافى وجهك النظرا
ولم يتمم البيت حتى استتر القمر فقال:
__________
[1] انظر: شذرات الذهب 2/233. والأعلام 5/102. والعبر 2/114.
[2] انظر: الأعلام 4/297.(21/144)
ولا تغيب إلا عند خجلته ... لما رآك فولى عنك واستترا
توفي النوبختي في ربيع الأول سنة أربع وعشرين وثلاثمائة وقد قارب الثمانين.
146- علي بْن عَبْد العزيز بْن الحسن بْن علي بن إسماعيل، أبو الحسن [1] :
من أهل جرجان، ولى القضاء بها ثم انتقل إلى الري وولى القضاء بها، وصنّف تاريخا، وله في الأدب اليد الطولى، روى ببغداد شيئا من شعره.
وذكره أبو منصور الثعالبي في يتيمة الدهر، قال: ومن ملح شعره قوله في الغزل:
أفدى الذي قال وفي كفه ... مثل الذي أشرب من فيه
الورد قد أينع في وجنتي ... قلت: فمن باللثم يجنيه [2]
وقوله:
بالله فض العقيق عن برد ... تروي أقاحيه من مدام فمه
وامسح عوالي العذار عن قمر ... يقصر بالورد خد ملتثمه
قل للسقام الذي يناظره ... دعه وأشرك حشاي في سقمه
كل غرام يخاف فتنته ... فبين ألحاظه ومبتسمه
وقوله:
قد برح الحب بمشتاقك ... فأوله حسن أخلاقك
لا تجفه وارع له حقه ... فإنه خاتم عشاقك
توفي لست بقين من ذي الحجة اثنتين وتسعين وثلاثمائة بالري، وحمل تابوته إلى جرجان فدفن بها.
147- علي بْن عقيل بْن محمد بْن عقيل بن محمد بن عبد الله، أبو الوفاء الفقيه الحنبلي [3] :
قرأ القرآن بالقراءات على أبي الفتح عبد الواحد بن الحسين بن علي بن شيطا، وتفقه على القاضي أبي يعلى، وقرأ الأصول والخلاف على القاضي أبي الطيب
__________
[1] انظر الأعلام 5/114. وشذرات الذهب 3/56. ووفيات الأعيان 2/440. ومعجم المؤمنين 7/123. وطبقات الشافعية للسبكي 3/3 ز 8- 310. ويتيمة الدهر 3/238.
[2] في الأصل: «بحسه» .
[3] انظر: الأعلام 5/129. وشذرات الذهب 4/35. ولسان الميزان 4/243. والزيل على طبقات الحنابلة، وص 171. والعبر 4/29.(21/145)
الطبري، وقرأ الأدب على أبي القاسم بن برهان، وسمع الحديث من أبي بكر محمد بن بشران وأبي الفتح بن شيطا وأبي محمد الحسن بن علي الجوهري وأبي طالب محمد بن علي العشاري في آخرين. روى عنه ابن ناصر في آخرين. وكان فقيها مبرزا، مناظرا، جدلا، كثير المحفوظ، دقيق المعاني. وصنف كتبا كثيرة في الأصول والمذهب والخلاف، وجمع كتابا سماه «الفنون» يشتمل على ثلاثمائة مجلدة أو أكثر.
قرأت بخط أبي الوفاء بن عقيل من كلامه في صفة الأرض أيام الربيع، قال: إن الأرض أهدت إلى السماء غبرتها بترقية الغيوم، فكستها السماء زهرتها من الكواكب والنجوم، وقال: كأن الأرض أيام زهرتها مرآة السماء في انطباع صورتها.
ومن شعره قوله من قصيد:
يقولون لي ما بال جسمك ناحل ... ودمعك من آماق عينيك هاطل
وما بال لون الجسم بدل صفرة ... وقد كان محمرا فلونك حائل
فقلت سقاما حل في باطن الحشا ... ولوعة قلب بلبلته البلابل
وأنيّ لمثلي أن يبين لناظر ... فلي باطن قد قطعته النوازل
وما أنا إلا كالزناد تضمنت ... لهيبا ولكن اللهيب مداخل
مولده في جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.
وقال السلفي: في جمادى الآخرة، وتوفي في ثاني عشر جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، ودفن بباب حرب.
148- علي بن علي بن سالم بن الشيخ [1] ، أبو الحسن بن أبي البركات، الشاعر المعروف بالمفيد:
من أهل الكرخ. كان حسن الشعر فاضلا حسن الأخلاق.
أنشدني علي بن علي بن سالم المفيد لنفسه:
كم ذا التجني والجفا ... ما هكذا أهل الوفا
طيفك لما زارني ... شرد نومي ونفى
يا رشأ ألحاظه ... غادرك قلبي هدفا
رميتني بأسهم ... فيهن سقمي والشفا
__________
[1] في الأصل بدون نقط، وكتب فوقه: «كذا» .(21/146)
رفقا بصبّ مدنف ... كابد فيك التلفا
مذ غبت عنه سيدي ... طيب الكرى ما عرفا
فقال إذ عاتبته ... أطلت عذلي سرفا
لست ترى من بعدها ... ما بيننا تآلفا
نأيت عنه نادما ... أقرع سنى أسفا
أطلب صبري بعده ... وكنز صبري قد عفا
مولده تقديرا سنة سبع وخمسين وخمسمائة، وتوفي في رجب سنة سبع عشرة وستمائة، ودفن بمشهد الحسين بن علي.
149- علي بن علي بن نما بن حمدون، أبو الحسن بن أبي القاسم الكاتب:
من أهل الحلة السيفية. كان أديبًا فاضلًا، مليح الشعر، غاليا في التشيع، مبالغا في الرفض، خبيث العقيدة.
ومن شعره قوله:
ومهفهف جمع النحول بأسره ... لشقاوتي في مقلتيه وخصره
قمر يبيح ثغور صبري ما حمى ... وأسه عمدا من سلافة ثغره
وله:
إني لأغبط فيك عود أراكة ... أوردتها من عذب ريقك منهلا
ويروقني حسد الزجاجة كلما ... رشفت تجاه الخمر منك مقبلا
وأغار من ملق الوشاح إذا جرى ... بنحيف خصرك ذاهبا أو مقبلا
مولده سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة، وتوفي في سنة تسع وسبعين وخمسمائة ببغداد.
150- علي بن المبارك بْن أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن بكرى، أبو الحسن:
من أهل الحرم الطاهري. كان أديبا فاضلا بليغا. ذكره العماد الأصفهاني في «الخريدة» ووصفه بالفضل والعلم. سمع الحديث من أبي علي محمد بن محمد بن المهدي وهبة الله بن الحصين في آخرين وحدث، سمع منه أبو المحاسن عمر القرشي.
ومن شعره قوله:(21/147)
نظرت إلى جوار سامرات ... حللن بروضة مثل البدور
فقابلن الشقائق والأقاحي ... بتوريد الخدود وبالثغور
وله في سوداء:
يا من فؤادي فيها متيما ما يزال ... إن كان لليل بدر فأنت للصبح خال
وقال: وقد أهديت له تفاحة:
حيا بتفاحة فأحياني ... بوصل بعد طول هجران
كأنما ريحها تنفّسه ... ولونها ورد خده القاني
مولده سنة تسع وخمسمائة، وتوفي سنة إحدى وسبعين وخمسمائة ببغداد، ودفن بباب حرب.
151- علي بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن العباس، أَبُو حيان التوحيدي [1] :
أصله من نيسابور وهو بغدادي، سكن شيراز. وكان أديبا نحويا لغويا؛ له المصنفات الحسنة المشهورة كالبصائر وغيرها. سمع أبا بكر مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ الشافعي وأبا محمد جعفر بن محمد بن نصير والمعافى بن زكريا النهرواني وأبا عبيد الله المرزباني، روى عنه أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فارس في آخرين.
ومن شعره قوله:
قل لبدر الدجى وبحر السماحة ... والذي راحتاه للناس راحة
ما تركت الحضور سهوا ولكن ... أنت بحر ولست أدري السباحة
152- علي بن محمد بن علي الهراسي، أبو الحسن الشافعي؛ المعروف بالكيا [2] :
من أهل طبرستان. هاجر إلى نيسابور وله عشرون سنة، وصحب إمام الحرمين أبا المعالي الجويني مدة، وتفقه عليه حتى برع في الأصول والفروع والخلاف؛ ثم خرج إلى بيهق فأقام بها مدة يدرس ويفيد الناس، ثم قدم بغداد وتولى التدريس بالنظامية في
__________
[1] انظر: طبقات الشافعية للسبكي 4/2. ومعجم المؤلفين 7/205. وبغية الوعاة، ص 348.
ومعجم الأدباء 15/5.
[2] انظر: شذرات الذهب 4/8. ووفيات الأعيان 2/448. ومعجم المؤلفين 7/220. والأعلام 5/149. وطبقات الشافعية للسبكي 4/281.(21/148)
سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، ولم يزل على التدريس إلى حين وفاته. وكان كامل الفضل، فصيح العبارة، جهوري الصوت، له التعليق والمصنفات الحسنة. سمع كثيرا من شيخه الجويني وأبي علي الحسن بن محمد الصفار وأبي الفضل زيد بن صالح الطبري، وحدث ببغداد؛ روى عنه سعد الخير الأنصاري والسلفي.
قال السلفي: سمعت الفقهاء يقولون: كان أبو المعالي الجويني يقول في تلامذته إذا ناظروا التحقيق للخوافي والجريان للغزالي والبيان لإلكيا.
مولده في خامس ذي قعدة سنة خمسين وأربعمائة.
وتوفي ببغداد في مستهل محرم سنة أربع وخمسمائة، ودفن بمقبرة باب أبرز.
ورثاه أبو القاسم إبراهيم بن عثمان الغزي من قصيدة أولها:
هي الحوادث لا تبقى ولا تذر ... ما للبرية من محتومها وزر
لو كان ينجى علو من بوائقها ... لم تكسف الشمس بل لم يخسف [1] القمر
153- علي بن محمد بن علي التميمي العنبري، أبو الحسن، المعروف والده بدوّاس القنا:
من أهل البصرة. قدم واسطا وسكنها إلى حين وفاته، وكان تام المعرفة بالأدب.
قدم بغداد ومدح بها صدقة بن منصور.
ومن شعره من قصيدة:
ساقوا الجمال وخلّفوني أثرهم ... متململا أدعوهم وأنادي
يا راحلين عن العقيق وخاطري ... لمطيهم هاد وقلبي حادي
إن كان قد حكم الهوى أن ترقدوا ... عما أجن وتذهبوا برقادي
فترفقوا علّى أفوز بنظرة ... تطفي غليلا دائم الإيقاد
أسكنتم جسمي الضنا وسلبتم ... جفني الكرى وذهبتم بفؤادي
إن تتهموا فتهامة أكرم بها ... لبني الهوى من منزل ومراد
أو تنجدوا فالقلب منذ بلى بكم ... وقف على الاتهام والإنجاد
توفي في رجب سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة ليلة سادسه.
__________
[1] في الأصل: «لم يكسف» .(21/149)
154- علي بن محمد بن غالب، أبو فراس العامري، المعروف بمجد العرب [1] :
شاعر مجيد، ذكره أبو عبد الله الكاتب في الخريدة وأثنى عليه، ومن شعره:
أمتعب ما رق من جسمه ... بحمل السيوف ونقل [2] الرماح
علام تكلفت حملانها ... وبين جفونك أمضى السلاح
وله:
لا تنكرين عليّ يا شمس الهدى ... أني مررت عليك غير مسلم
فالشمس لا تخفي ولكن ضوءها ... مخفف لها عن ناظر المتوسم
توفي بالموصل في سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
155- علي بن محمد بن فهد، أبو الحسن التهامي، الشاعر [3] :
مولده ومنشؤه باليمن، وطرا إلى الشام، وسافر منها إلى العراق، ولقي الصاحب ابن عباد، وقرأ عليه وانتحل مذهب الاعتزال، وأقام ببغداد ودوّن بها شيئا من شعره، ثم عاد إلى الشام. وكان أديبا فاضلا متورعا.
وبلغ من تورعه أنه كان نسخ شعر البحتري، فلما بلغ إلى أبيات فيها هجو امتنع من كتبها وقال: لا أسطر بخطي مثالب الناس ومساوئهم تحرجا من ذلك؛ ومن شعره قوله:
لها ريقة أستغفر الله إنها ... ألذ وأشهى في المذاق من الخمر
وصارم طرف ما يفارق غمده ... ولم أر شيئا قط في غمده يفرى
وقال:
هل الوجد إلا أن تلوح خيامها ... فتقضي يا هذا السلام ذمامها
وقفت بها أبكي وتردم أينقي ... وتصهل أفراسي وتدعو حمامها
ولو بكت الورق الحما [ثم] [4] شجوها ... بعين نجى أطواقهن انسجامها
__________
[1] انظر: الأعلام للزركلي 5/158.
[2] في فوات الوفيات: «وثقل» .
[3] انظر: النجوم الزاهرة 4/263. ووفيات الأعيان 3/60. وكشف الظنون، ص 771. ومرآة الجنان 3/92. وشذرات الذهب 3/204.
[4] ما بين المعقوفتين زيادة ليست في الأصل.(21/150)
وفي كبدي أستغفر الله غلة ... إلى برد يثنى عليه لثامها
وبرد رضاب سلس غير أنه ... إذا شربته النفس زاد هيامها
فوا عجبا من غلة كلما ارتوت ... من السلسبيل العذب زاد اضطرامها
كأن بعيد النوم في رشفاتها ... سلاف رحيق رق منها مدامها
وتعبق ريّاها وأنفاسها معا ... كنافجة قد فض عنها ختامها
ولم أنس يوم التقى در دمعها ... ودر الثنايا فذها وتوامها
وقد بسمت عن ثغرها فكأنه ... قلائد در في العقيق انتظامها
وقد نثرت در الكلام بعتبها ... ولذ بسمعي عتبها وملامها
فلم أدر أي الدر أنفس قيمة ... أدمعها أم ثغرها أم كلامها؟
وقد سفرت عن وجهها فكأنما ... تحسر عن شمس النهار جهامها
ومن حيثما دارت بطلعتها يرى ... لإشراقها في الحسن نورا تمامها
وألقت عصاها في رياض كأنما ... يفض عن المسك العتيق ختامها
وضاحكها نور الأقاحي فراقني ... تبسمه رأد الضحى وابتسامها
نظرت ولي عينان عين ترقرقت ... ففاضت وأخرى حار فيها جمامها
فلم أر عيبا غير سقم جفونها ... وصحة أجفان الحسان سقامها
خليليّ هل يأتي مع الطّيف نحوها ... سلامي كما يأتي إليّ سلامها؟
ألمت بنا في ليلة مكفهرة ... فما سفرت حتى تجلى ظلامها
أتت موهنا والليل أسود فاحم ... طويل حكاه فرعها وقوامها
فأبصر مني الطيف نفسا أبية ... تيقظها عن عفة ومنامها
إذا كان حظي أين حلت خيالها ... فسّيان عندي نأيها ومقامها
وهل نافعي أن تجمع الدار بيننا ... بكل مقام وهي صعب مرامها
أسيدتي رفقا بمهجة وامق ... أيعذبها بالبعد منك غرامها
لك الخير جودي بالجمال فإنه ... سحابة صيف ليس يرجى دوامها
وما الحسن إلا دولة فاصنعي بها ... يدا قبل أن يمضي ويعبر رامها
أرى النفس تستحلى الهوى وهو حتفها ... بعيشك هل يحلو لنفس حمامها
ذكر أبو الخطاب أن التهامي أظهر الانتساب في ولد الحسين بن علي، وحصل في أحياء طي، ودعا إلى نفسه، فأنفذ الطاهر بن الحاكم صاحب مصر إلى ابن عليان أمير طي، فقبض عليه وأنفذه إلى مصر فحبس بها، وقيل: إنه قتل.(21/151)
156- عليّ بْن هبة اللَّه بْن عَلِيّ بْن جَعْفَر بن علكان بن محمد بن دلف بن أبي دلف القاسم، أبو نصر بن أبي القاسم، المعروف بابن ماكولا [1] :
أصله من جرباذقان، وكان والده من وزراء القائم بأمر الله، وعمه قاضي القضاة.
وأحب العلم منذ صباه، وطلب الحديث، ورحل إلى الشام والثغور وديار مصر والجزيرة والعراق، وحصّل طرفا صالحا في هذا العلم، وقرأ الأدب حتى برع فيه، وله النثر والنظم الحسن والمصنفات الملاح. سمع ببغداد أبا طالب بن غيلان وأبا القاسم عُبَيْد اللَّهِ بْن عُمَر بْن أَحْمَدَ بْن محمد العتيقي وأبا محمد الجوهري والقاضي أبا الطيب طاهر بْن عَبْد اللَّه الطبري، وسمع بدمشق من أبي الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد وأبي محمد الكتاني، وبمصر من الشريف أبي إبراهيم أحمد بن القاسم الحسيني والقاضي أبي عبد الله القضاعي وآخرين. سمع منه الحافظان أبو بكر الخطيب وعبد العزيز الكتاني والفقيه أبو الفتح نصر المقدسي في آخرين.
ومن شعره قوله:
أقول لقلبي [2] قد سلا كل واجد ... ونفض أثواب الهوى عن مناكبه
وحبك ما يزداد إلا تجددا ... فيا ليت شعري ذا الهوى في مناك به [3]
قال أبو عبد الله الحميدي: كان ابن ماكولا إذا سألناه عن شيء كأنه على طرف لسانه، ولو عاش لجاء منه شيء، وما سألنا الخطيب عن شيء قط فأجابنا عنه من حفظه، إنما يحيل على كتبه.
قال السلفي: سألت شجاع الذهلي عن ابن ماكولا فقال: كان حافظا فهما ثقة، صنف كتبا في علم الحديث وغيره.
وقال السلفي أيضا: سألت المؤتمن بن أحمد الساجي عن ابن ماكولا، فقال: كان له فهم وحسن معرفة بالحديث مع وساطة البيت. لم يلزم طريق أهل العلم فلم ينتفع بنفسه.
__________
[1] انظر: تذكرة الحفاظ 4/1201. ووفيات الأعيان 2/466- 467. والنجوم الزاهرة 5/15.
شذرات الذهب 3/381. وفوات الوفيات 2/185. والعبر 3/317. والمنتظم 16/226، 17/8. ومعجم الأدباء 15/102- 111.
[2] في الأصل فوقها: «لنفس» .
[3] على الهامش الأصل: «أنشد في هذين البيتين يونس بن إبراهيم العسقلاني عن أبي الحسن علي ابن أبي عبد الله البغدادي عن الحافظ أبي الفضل بن ناصر عن ابن ماكولا» .(21/152)
مولده بعكبرا في منتصف شعبان سنة إحدى وعشرين وأربعمائة.
قرأت على أبي محمد بن الأخضر عن أبي الفضل بن ناصر قال: كان أبو نصر بن ماكولا قد سافر نحو كرمان وكان معه مماليكه الأتراك، فغدروا به وقتلوه وأخذوا الموجود من ماله، وذلك في سنة خمس وسبعين وأربعمائة وله من المصنفات كتابه المشهور في «المؤتلف والمختلف» .
157- علي بن هلال بن البواب، أبو الحسن الكاتب، مولى معاوية بن أبي سفيان [1] :
قرأ الأدب على أبي الفتح بن جني، وسمع من أبي عبيد الله المرزباني، وكانت له معرفة بتعبير الرؤيا؛ وكان يعظ الناس بجامع المنصور، وله النظم والنثر المليح؛ وإليه انتهت الرئاسة في حسن الخط وجودته.
قال الحافظ أبو بكر الخطيب: علي بن هلال أبو الحسن بن البواب، صاحب الخط المستحسن المذكور، رأيته وكان رجلا دينا، لا أعلمه روى شيئا من الحديث.
وقد قال أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعرى في قصيدة له:
ولاح هلال مثل نون أجادها ... بماء النضار الكاتب ابن هلال
قال محمد بن الليث الزجاج يهجو ابن البواب، وكان إذ ذاك منقطعا إلى الشريف الرضى وملازما له.
[أيهذا الشريف] [2] حاشاك حاشاك ... ترى في فنائك ابن هلال
هو نحس النحوس في السادة العز ... وسعد السعود في الأندال
انظر اللازم من هلال تجدها ... فيه مشكولة بلا أشكال
توفي في ثاني جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وأربعمائة ببغداد، ودفن بجوار أحمد.
158- علي بن يلدرك بن أرسلان التركي، أبو الثناء بن أبي منصور الكاتب [3] :
كان شاعرا، لطيف الشعر، ومترسلا مليح النثر. روي عنه أبو الوفاء بن عقيل في
__________
[1] انظر: وفيات الأعيان 3/28- 30. والأعلام 5/183. ومعجم الأدباء 15/120- 134.
وتذكرة الحفاظ 3/56.
[2] ما بين المعقوفتين زيادة ليست في الأصل.
[3] انظر: مرآة الزمان 8/99.(21/153)
كتابه «الفنون» وابن ناصر.
ومن شعره:
ومد له علق الغرام بقلبه ... فمواقد النيران من نيرانه
إن جن ليل جن لاعج حبه ... أو مد سيل كان من أجفانه
عذب العذاب من أهوى عذابه ... وحلا مرير الجور من سلطانه
يرتاح ما حدر الصباح لثامه ... وارتاح قمري على أغصانه
ما لج عاذله عليه بعذله ... إلا ولج عليه في عصيانه
بغداد موطنه ولكن الهوى ... نجد وأين هواه من أوطانه؟
أو كان قيس العامري بعصره ... دعي الخليّ من الهوى لعنانه
وله من قصيدة:
رقّت حواشي الحب بعدك رقة ... غارت لها ببلادنا الصهباء
وحفت علينا بعد ذاك خشونة ... فكأنها التفريق والقرباء
توفي في صفر سنة خمس عشرة وخمسمائة ببغداد، ودفن بباب حرب- قاله أبو الفرج بن الجوزي.
159- علي بن الطستاني الأنباري:
شاعر حسن الشعر، سافر إلى الموصل واستوطنها.
توفي في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة. ومن شعره قوله:
لو تراني في ليلة العيد واليأ ... س لأبصرت أعجب الأشياء
كل عين ترنو إلى مغرب الشم ... س وعيني ترنو إلى البطحاء
مقلتي تطلب الهلال على الأر ... ض وهم يطلبونه في السماء
يتلوه عمر بن حسن بن دحية الكلبي رحمه الله تعالى [1] .
160- عُمَر بْن حسن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بن فرح- بسكون الراء وبالحاء المهملة- بن خلف بن قومس بن يزلال بن ملال بن أحمد بن دحية بن خليفة الكلبي، أبو الخطاب [2] :
__________
[1] هذه الترجمة أضيفت على الأصل في المخطوط.
[2] انظر: شذرات الذهب 5/160 ووفيات الأعيان 3/212. ومرآة الزمان 8/698. والأعلام 5/201.(21/154)
من أهل منورقة من بلاد الأندلس [1] ؛ وذكر أنه يسمى عبد الله، وأن أمه أمة الرحمن بنت أبي عبد الله محمد بن أبي البسام موسى بْنُ عَبْدِ اللَّه بْنِ الْحُسَيْن بْنِ عَلِيِّ ابن أبي جعفر مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بن مُوسَى بْنُ جَعْفَر بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بْنِ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ ابن أبي طالب. فلهذا كان يكتب بخطه: ذو النسبين: بن دحية والحسين. قدم علينا بغداد، وأملى من حفظه، وكتبنا عنه، وذكر أنه سمع من أبي الفرج ابن الجوزي؛ وسافر إلى العراق فسمع بأصبهان من أبي جعفر الصيدلاني معجم الطبراني، ودخل خراسان فسمع بنيسابور من أبي سعد بن الصفار ومنصور الفراوي والمؤيد الطوسي في آخرين وحصل الأصول، وسمع بواسط من أبي الفتح بن الماندائي.
وذكر أنه سمع كتاب «الصلة» من أبي القاسم بن بشكوال، وأنه سمع بالأندلس من جماعة، غير أني رأيت الناس مجمعين على كذبه وضعفه وادعائه لقاء من لم يلقه، وسماع ما لم يسمعه، وكانت أمارات ذلك لائحة على كلامه، وكان القلب يأبى سماع كلامه، ويشهد ببطلان قوله. دخل ديار مصر، وسكن بالقاهرة، وصادف قبولا من السلطان الملك الكامل، وسمعت من يذكر أنه كان يسوى له الملابس حين يقوم.
وكان صديقنا إبراهيم السنهوري المحدث صاحب الرحلة إلى البلاد قد دخل بلاد الأندلس، وذكر لمشايخها وعلمائها أن ابن دحية يدّعى أنه قرأ على جماعة من الشيوخ القدماء، فأنكروا ذلك وأبطلوه وقالوا: لم يلق هؤلاء ولا أدركهم، وإنما اشتغل بالطلب أخيرا وليس نسبه بصحيح [2] ، ودحية لم يعقب. فكتب السنهوري محضرا،
__________
[1] على الهامش الأصل: «ذكر ابن نقطة في» «تكملة الإكمال ونقله من خطه ابن دحية هذا، وإلا أنه قال في نسبه: أحمد بن بدر بن دحية، ثم قال بعد كلام له: وكان موصوفا بالمعرفة والفضل إلا أنه يدعي أشياء لا حقيقة لها، ذكر أبو القاسم بن عبد السلام قال: نزل عندنا بالحريم الظاهري أبو الخطاب بن دحية، فكان يقول: أحفظ صحيح مسلم والترمذي وغير ذلك، فأخذت جمة أحاديث من الترمذي وجمة أحاديث من مسند أحمد وجمة أحاديث من الموضوعات فجعلتها في جزء، ثم عرضت عليه حديثا من الترمذي فقال: ليس بصحيح، وآخر فقال:
لا أعرفه، ولم يعرف منها شيئا، وذكر ابن نقطة أنه يعرف بابن الجميل- بضم الجيم وفتح الميم وتشديد الياء المكسورة المعجمة من تحتها باثنتين» .
وعلى الهامش أيضا إضافة من المحرر: «ثم شاهدت هذا النسب بخط الحافظ أبي الخطاب بن دحية في إجازة كتب بها لجماعة فيهم اسم بعض شيوخ شيوخنا، ومنهم يحيى بن علي القوسي وعلي بن شجاع بن سالم الغرير وجعفر الهمذاني وعبد الغني بن سليمان وزينب وعاصم بن الأسود» .
[2] على هامش الأصل: «ذكر ابن دحية بن الزبير قال: روى سننه عن أبي محمد عبيد الله وغيره، ودخل الأندلس، وأخذ بها عن جماعة منهم الحافظ أبو بكر بن الجد أبو عبد الله بن رزقون وأبو العباس بن خليل، وكان معتنيا بالعلم، ومشاركا في فنون عدة، ومجتهدا معتنيا بالأخذ عن(21/155)
وأخذ خطوطهم فيه بذلك، وقدم به ديار مصر، فعلم ابن دحية بذلك، فاشتكى إلى السلطان منه وقال: هذا يأخذ عرضي ويؤذيني! فأمر السلطان بالقبض عليه، وضرب، وأشهر على حمار وأخرج من ديار مصر، وأخذ ابن دحية المحضر وخرقه.
وبنى له السلطان الملك الكامل دارا للحديث.
وكان حافظا ماهرا عالما بقيود الحديث، فصيح العبارة، تام المعرفة بالنحو واللغة، وكان ظاهري المذهب، كثير الوقيعة في السلف، خبيث اللسان، أحمق، شديد الكبر، قليل النظر في الأمور الدينية، متهاونا في دينه.
قال الحافظ أبو الحسن بن علي بن المفضل المقدسي: كنا يوما بحضرة السلطان في مجلس عام وهناك ابن دحية، فسألني السلطان عن حديث فذكرته له، فقال لي: من رواه؟ فلم يحضرني إسناده وانفصلنا، فاجتمع بي ابن دحية وقال لي: يا فقيه! لما سألك السلطان عن إسناد ذاك الحديث، لم لم تذكر له أي إسناد شئت؟ فإنه ومن حضر مجلسه لا يعلمون هل هو صحيح أم لا! وكنت قد ربحت قولك «لا أعلم» ، وعظمت في عينه، قال: فعلمت أنه جرئ على الكذب.
أنشدني أبو المحاسن محمد بن نصر عرف بابن عنين لنفسه بدمشق يهجو ابن دحية:
دحية لم يعقب فلم تعتزي ... إليه بالبهتان والإفك
ما صح عند الناس شيء سوى ... أنك من كلب بلا شك
توفي ابن دحية بالقاهرة في ليلة رابع عشر ربيع الأول من سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، وقد نيف على الثمانين. وكان يخضب بالسواد- قدس الله [روحه] [1] .
161- عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمويه، السهروردي، أبو عبد الله الصوفي [2] :
ابن أخي الشيخ أبي النجيب. كان شيخ وقته في علم الحقيقة وطريقة التصوف، وإليه انتهت الرئاسة في تربية المريدين وتسليك طريق العبادة والزهد في الدنيا.
__________
- الشيوخ، وأقر العبارة والأسانيد ورجال الحديث والجرح والتعديل، وكان موصوفا بالثقة والعدالة والصداقة والاعتناء التام» .
[1] ما بين المعقوفتين ليست في الأصل.
[2] انظر: وفيات الأعيان 3/119. وشذرات الذهب 5/153. وطبقات الشافعية للسبكي 5/143. والأعلام 5/223. ومرآة الجنان 4/79. وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/103.(21/156)
ولد بسهرورد وقدم بغداد في صباه، وصحب عمه وغيره، وسلك طريق الرياضيات، وقرأ الفقه والخلاف والعربية، وسمع الحديث. ثم انقطع عن الناس ولازم الخلوة، واشتغل بإدامة الصيام والقيام والذكر إلى أن خطر له عند علو سنه أن يظهر للناس ويتكلم عليهم؛ فعقد مجلس الوعظ بمدرسة عمه على شاطئ دجلة، وكان يتكلم على الناس بكلام مفيد، وظهر له قبول عظيم من الخاص والعام، واشتهر اسمه، وقصده المريدون. سمع الحديث من عمه ومن أبي المظفر هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الشبلي وأبي الفتح بن البطي وأبي زرعة المقدسي في آخرين. وحدّث وصنّف مصنفات مفيدة، منها مغاني المعاني، وأضر في آخر عمره.
أنشدني عمر بن محمد السهروردي لنفسه:
ربع الحمى مذ حللتم معشب نضر ... تروق أكنافه يزهو بها النظر
لا كان وادي الفضا لا ينزلون به ... ولا من [1] الحمى سحّ في أرجائه مطر
ولا الرياح وإن رقت نسائهما ... إن لم تفد [2] نشركم لا ضمها سحر
ولا خلت مهجتي تشكو دسيس جوى ... وحر قلبي بريّا حبكم عطر
ولا رقت عبرتي حتى يكون لمن ... ذاق الهوى وصبا في عبرتي عبر
أنبأنا عبد ... [3] من شيوخنا، قالوا: أنبأنا أبو عبد الله السهروردي مولده في رجب سنة تسع وثلاثين وخمسمائة.
وتوفي ببغداد في ليلة الأربعاء مستهل محرم سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، ودفن بالوردية في تربة له مستجدة- رحمه الله.
162- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن معمر بْن أَحْمَد بْن يَحيى بْن حسان، أَبُو حَفْص بْن أبي بكر المؤدب، المعروف بابن طبرزد [4] :
من أهل دار القز. سمع الكثير بإفادة أخيه ومن آباء القاسم هبة الله بن الحصين وهبة الله بن أحمد الحريري وهبة الله بن عبد الله الواسطي وأبي غالب أحمد بن الحسن بن البناء وأبي المواهب أحمد بن ملوك وأبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري
__________
[1] «من» إضافة من الهامش.
[2] هكذا في الأصل.
[3] مكان النقط كلمات ممسوحة.
[4] انظر: النجوم الزاهرة 6/201- 202. ووفيات الأعيان 3/124. والزيل على طبقات الحنابلة، ولسان الميزان 4/329.(21/157)
وأبي القاسم علي بن طراد الزينبي في آخرين وهو آخر من حدث في الدنيا عن ابن الحصين وابن البناء وابن ملوك. وطلب من الشام للسماع عليه فتوجه إلى هناك؛ وحدث بإربل والموصل وحران وحلب، وأقام بدمشق مدة طويلة؛ وروى أكثر مسموعاته، وحصّل مالا حسنا، وعاد إلى بغداد وأقام بها يحدث على حين وفاته، وكان يعرف شيوخه ويذكر مسموعاته.
وكانت أصول سماعاته بيده، وأكثرها بخط أخيه، وكان يكتب خطا حسنا، وكان متهاونا بأمور الدين. رأيته غير مرة يبول من قيام، فإذا فرغ من إراقة بوله أرسل ثوبه وقعد من غير استنجاء. وكنا نسمع منه أجمع، فنصلي ولا يصلي معنا، ولا يقوم لصلاة، وكان يطلب الأجر على الرواية، إلى غير ذلك من سوء طريقته.
مولده سنة ست عشرة وخمسمائة، وتوفي في رجب لتسع خلون منه من سنة سبع وستمائة. ودفن بباب حرب.
قال عبد العزيز بن هلاله: رأيت ابن طبرزد في النوم وعليه ثوب أزرق، فقلت له:
سألتك بالله ما لقيت بعد موتك؟ فقال لي: أنا في بيت من نار داخل بيت من نار داخل بيت من نار، فقلت: ولم؟ قال: لأخذ الذهب على الرواية.
163- العلاء بن الحسن بن وهب بن الموصلاي [1] ، أبو سعد بن أبي علي الكاتب [2] :
من أهل الكرخ. كاتب جليل مترسل كامل الأدب. روى عنه موهوب بن الجواليقي اللغوي.
قال: أنشدنا العلاء بن الحسن الكاتب لنفسه:
أحنّ إلى روض التصابي وأرتاح ... وأمتح من حوض التصافي وأمتاح
وأشتاق رئما كلما رمت صيده ... تصدّ يدي عنه سيوف وأرماح
غزال إذا ما لاح أو فاح نشره ... تعذب أرواح وتعذب أرواح
بنفسي وإن عزت وأهلي أهله ... لها غرر في الحسن تبدو وأوضاح
نجوم أغاروا النور للبدر عند ما ... أغاروا على سرب الملاحة واجتاحوا
__________
[1] في المراجع السابقة: «المواصلايا» .
[2] انظر: النجوم الزاهرة 5/189. ووفيات الأعيان 3/149. ومرآة الزمان 8/11. ومعجم الأدباء 12/196. والمنتظم 17/89(21/158)
فتتضح الأعذار فيهم إذا بدوا ... ويفتضح اللاحون فيهم إذا لاحوا
وكرخية عذراء يعذر حبها ... ومن زندها في الدهر تقدح أقداح
إذا جليت في الكأس والليل ما انجلى ... يقابل إصباح لديك ومصباح
يطوف بها ساق لسوقه جماله ... نفاق لإفساد الهوى فيه إصلاح
به عجمة في اللفظ تغزى بوصله ... وإن كان منه بالقطيعة إفصاح
وغرته صبح وطرته دجى ... ومبسمه در وريقته راح
أباح دمي مذ بحت في الحب باسمه ... وبالشجو من قبلي المحبون قد باحوا
وأوعدني بالسوء ظلما ولم يكن ... لإشكال ما يفضي إلى الضيم إيضاح
وكيف أخاف الضيم أو أحذر الرديح ... وعوني على الأيام أبلج وضاح
وظل نظام الملك للكسر جابر ... وللضر منّاع وللنفع مناح
مولده ببغداد في ليلة سادس شوال سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
وتوفي يوم الإثنين الثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وأربعمائة، وبلغ من العمر خمسا وثمانين سنة، ودفن في تربة الطائع لله بالرصافة- رحمه الله تعالى.
164- عيسى بن أبي عيسى بن بزاز [1] بن محير، أبو موسى، الفقيه المالكي:
من أهل قابس من بلاد المغرب. سمع بالمغرب أبا عبد الله الحسين بن عبد الرحمن الأجدالي، وبمكة أبا ذر الهروي، ودخل بغداد وسمع بها من أبي طالب بن غيلان والعشاري وابن المذهب وابن شاهين وأحمد بن محمد العتيقي والحسن بن علي الجوهري في آخرين؛ وحدث عنه الحافظ أبو بكر الخطيب وذكره في كتابه «المؤتلف والمختلف» من تأليفه، قال: وأما الثاني بالقاف والباء المعجمة بواحدة والسين المهملة فهو عيسى بن أبي عيسى بن بزاز القابسي. قدم علينا بغداد بعد الثلاثين [والأربعمائة] [2] فسمع من شيوخ ذلك الوقت، وأقام عندنا مدة، ثم رجع إلى بلده.
توفي بمصر في سنة سبع وأربعين وأربعمائة- قاله أبو محمد الأكفاني.
__________
[1] في الأصل: «نزار» ، والتصحيح من الأكمل 1/259.
[2] ما بين المعقوفتين زيادة ليست في الأصل.(21/159)
حرف الفاء
165- الفتح بن خاقان بن أحمد، أبو محمد التركي [1] :
تربى في دار المعتصم، واختص بولده المتوكل. فلما ولى الخلافة حوله على خاتمه، ولما سافر المتوكل إلى دمشق كان عديله. وولاه دمشق فاستخلف بها كلباتكين التركي، وعاد مع المتوكل إلى بغداد. وكان أديبا شاعرا، غاية في السماحة والجود، روى عنه أبو العباس محمد بن يزيد المبرد وغيره.
ومن شعره قوله:
بني الحب على الجور فلو ... أنصف المعشوق فيه لسمج
ليس يستملح في وصف الهوى ... عاشق يحسن تأليف الحجج [2]
لا تعيبن من حبيب دله ... دله للحب مفتاح الفرج
وقليل الحب صرف خالص ... خير من حب كثير قد مزج
دخل المعتصم يوما إلى خاقان يعوده، فرأى الفتح ابنه وهو صبي، فقال له: أيما أحسن داري أم داركم؟ فقال الفتح: «يا سيدي، دارنا إذا كنت فيها أحسن» ، فقال المعتصم: لا أبرح والله أو تنثر عليه مائة ألف درهم، ففعل ذلك. ومن شعر الفتح قوله:
أيها العاشق المعذب صبرا ... فخطايا أخي الهوى مغفورة
زفرة في الهوى أحط لذنب ... من غزاة وحجة مبرورة
قتل الفتح ليلة الأربعاء، وقيل: ليلة الخميس بعد العتمة لأربع ليال خلون من شوال سنة سبع وأربعين ومائتين- رحمه الله تعالى.
166- الفضل بن سهل بن بشر بن أحمد بن سعيد الإسفرائيني، أبو المعالي بن أبي الفرج، الواعظ، كان يعرف بالأمير الحلبي [3] :
ولد بديار مصر، ونشأ ببيت المقدس، وقدم دمشق مع والده، وكان والده محدّثا
__________
[1] انظر: فوات الوفيات 2/246- 248. ومعجم الأدباء 16/174- 186. وفهرست ابن النديم ص 169.
[2] في الأصل: «الحج» .
[3] انظر: تذكرة الحفاظ 4/1313. وهدية العارفين 1/819. ومعجم المؤلفين 8/68 وكشف الظنون 186.(21/160)
مشهورا، فأسمعه بدمشق من أبي القاسم علي بن محمد المصيصي ونصر المقدسي، وسمع من والده وأجازه الخطيب، وسافر إلى حلب وأقام بها، فعقد مجلس الوعظ مدة، ثم أرسله صاحبها إلى بغداد رسولا، فأقام بها إلى حين وفاته.
ومن شعره قوله:
يا صاحب المرآة يا من قاده ... إلى لقائي قدر نافذ
أريتني وجهي عز وما ... يسوى الذي أنظر ما تأخذ
قال الفضل بن سهل: حضرت في مجلس فيه الأستاذ أبو الحسين بن مقلد لمعرفة خبر صاحب المخزن، فأحضر الطعام فأكلنا، وحضر مجلس الشرب، فنهضت أمضي؛ فقال لي صاحب المخزن والجماعة: اجلس واسمع الأستاذ أبا الحسن! فجلست فأخذوا في المفاكهة والمذاكرة، ثم عرض عليّ الشرب فامتنعت، فأعفيت من ذلك، ثم إنني سكرت من ريح المجلس وطيبه، فقلت:
سكرت من ريح ما شربتم ... والراح محمودة الفعال
فيا لها سكرة حلالا ... كأنها زورة الخيال
قال ابن السمعاني: الفضل بن سهل سافر بنفسه إلى العراق وخراسان، وكان يتجر ويقول الشعر؛ كتبت عنه ببغداد، وسمعت جماعة يتهمونه بالكذب في الأحاديث التي يذكرها والمحاورات.
قال عمر بن علي القرشي: رأيت قطعة كبيرة من سماعاته- يعني الفضل بن سهل- كالشمس في الوضوح بخط المعروفين الثقات غير أن خصائص على جمع النسائي، وكان ملكا للابن، وفيه طبقة فيها اسمه واسم ابنه أبي المجد عبد العامر وهي مفسودة تشهد على نفسها بالتزوير؛ وقد حدث به للابن عن أبيه، وقد قرأه عليه ابن شافع، فسألته عن الطبقة، فقال: سماع مزور، فقلت له: وكيف قرأته عليه؟ فقال: لعله من طبقة أخرى في الجزء؛ وأخذه وفتشه فلم ير فيه شيئا. وقد حدث به ابنه أبو المجد عن جده بذلك التسميع المفسود، ثم رأيت له بعد ذلك أجزاء وسماعه فيها مفسودة، وقد حدّث بها وفي بعضها. قد سمع لنفسه من أبيه، وسمع لجماعة منهم الفقيه نصر المقدسي، وذكر تاريخا. قد مات قبله نصر بمدة.(21/161)
مولده في شعبان في ليلة سادس عشرة سنة إحدى وستين وأربعمائة.
وتوفي في ثاني رجب سنة ثمان وأربعين وخمسمائة فجأة ببغداد، ودفن بباب أبرز، وكان عسرا في التحديث- قاله ابن شافع.
آخر الجزء السادس من المستفاد من ذيل تاريخ بغداد لأبي عبد الله ابن النجار البغدادي الحافظ- رحمه الله تعالى.(21/162)
الجزء السابع من المستفاد من ذيل تاريخ بغداد
للحافظ محب الدين أبي عبد الله محمد بن محمود بن الحسن ابن النجار انتقاء كاتبه الواثق بالله أحمد بن أيبك بن عبد الله(21/163)
(بسم الله الرّحمن الرّحيم) حسبي الله وكفى
[حرف القاف]
167- القاسم بن الحسين بن الطوابيقي، أبو شجاع البغدادي [1] :
شاعر، حسن القول، لطيف الطبع. روي عنه عثمان بن عيسى البلطي النحوي.
قال أبو عبد الله الكاتب في «الخريدة» : أبو شجاع بن الطوابيقي، له نظم رائق وشعر فائق، وهو مقيم بالموصل.
ومن شعره قوله:
قامت تهز قوامها يوم النقا ... فتساقطت خجلا غصون البان
وبكت فجاذبها البكا من مقلتي ... فتمثل الإنسان في إنساني
ومنها:
فأحبكم وأحب حبى فيكم ... وأجل قدركم على إنساني
وإذا نظرتكم بعين خيانة ... قام الغرام بشافع عريان
إن لم يخلصني الغرام بجاهته ... سافرت تحت عقوبة الهجران
ومنها:
أصبحت تخرجني بغير جناية ... من دار إعزاز لدار هوان
كدم الفصاد يراق أرذل موضع ... أبدا ويخرج من أعز مكان
توفي في سنة تسع وستين وخمسمائة- رحمه الله تعالى.
168- القاسم بن علي بن محمد بن عثمان الحريري، أبو محمد [2] :
من أهل البصرة. قرأ الأدب على أبي الفضل بن محمد القصباني بالبصرة، ثم قدم بغداد، وقرأ على أبي الحسن علي بن فضال المجاشعي، وتفقه على أبي نصر بن الصباغ وأبي إسحاق الشيرازي، وقرأ الفرائض والحساب على أبي حكيم الخبري، وسمع
__________
[1] انظر: فوات الوفيات 2/258. والأعلام 6/8.
[2] انظر: طبقات الشافعية لابن قاضى شهبة 1/321. ووفيات الأعيان 3/227- 231. والعبر 4/38. ومعجم الأدباء 16/261- 292. والأنساب للسمعاني 4/106، 138. والأعلام 6/12.(21/165)
الحديث بالبصرة من أبي تمام محمد بن الحسن المقرئ وأبي القاسم الفضل بن محمد بن علي النحوي وأبي القاسم الحسين بن أحمد بن الحسين الباقلاني وغيرهم.
وقدم بغداد بعد الخمسمائة وحدث بها، يحرف حديثه عن شيوخه، وبالمقامات.
روى عنه الشريف أبو علي الحسن بن جعفر بن عبد الصمد بن المتوكل على الله وأبو الفضل بن ناصر الحافظ. وكان من الفصاحة والبلاغة وحسن العبارة ورشاقة الألفاظ وملاحة النثر وحلاوة النظم على طريقة لم يسبقه من كان قبله، ولم يدركه من جاء بعده. وجمع المقامات الخمسين التي سارت في الدنيا سير الشمس، وتلقاها الناس بالقبول، وعقد على بلاغتها الخناصر.
قال أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أحمد بن النقور البزاز: سمعت أبا محمد الحريري صاحب «المقامات» يقول: أبو زيد السروجي كان سجّاعا بليغا، ورد علينا البصرة، فوقف يوما في مسجد يتكلم، ويسأل الناس شيئا، وكان بعض الولاة حاضرا والمسجد غاص بالفضلاء، فأعجبهم بفصاحته؛ وذكر أسر الروم ابنته كما ذكرنا في المقامة الحرامية، وهي الثامنة والأربعون، قال: فاجتمع عندي عشية ذلك اليوم جماعة من الفضلاء، فحكيت لهم ما شاهدت من ذلك السائل من لطافة عبارته في تحصيل مراده، فحكى كل واحد من جلسائي أنه شاهد من هذا السائل مثل ما شاهدت، وأنه سمع منه في معنى آخر فصلا أحسن مما سمعت، وكان يغير في مسجد زيه وشكله، ويظهر في فنون احتياله فضله؛ فتعجبوا من جرأته في ميدانه وإمعانه في إحسانه.
قال الحريري: فابتدأت في إنشاء المقامة الحرامية تلك الليلة حاذيا حذوه؛ فلما فرغت منها أقرأنيها جماعة من الأعيان، فاستحسنوها في غاية الاستحسان، وأنهوا ذلك إلى وزير السلطان، واقترحوا عليّ أخواتها، والله المستعان؛ حكى لما قدم ابن الحريري بغداد وكان الناس يهتفون بفضائله ويسارعون [1] إلى إلقائه وسماع كلامه، فحضر إليه فيمن حضر ابن حكينا [2] الحريمي المنبوز بالبرغوث، فلم يجده على ما كان يظنه من الفصاحة واللسن، فنظم أبياتا، منها:
شيخ لنا من ربيعة الفرس ... ينتف عثنونه من الهوس
أنطقه الله بالمشان وقد ... ألجمه في العراق بالخرس
__________
[1] في الأصل: «ويسارلون» .
[2] في الأصل: «ابن حكينا» .(21/166)
قال ابن السمعاني: مولد ابن الحريري في سنة ست وأربعين وأربعمائة.
وتوفي في ثامن رجب سنة ست عشرة وخمسمائة بالبصرة وعمره سبعون سنة.(21/167)
حرف الميم
169- مالك بن أحمد بن علي بن إبراهيم البانياسي، أبو عبد الله بن أبي بكر المالكي الفراء [1] :
سمع أبا الحسن أحمد بن محمد بن الصلت وأبوي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ وعلي بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن بِشْرَانَ وأبا الفتح مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الْفَوَارِسِ الْحَافِظُ، وهو آخر من حدث عن ابن الصلت.
قال السلفي: سألت المؤتمن الساجي عن مالك البانياسي، فقال: كنت أراه قبل دخولي خراسان جالسا في السوق، فلم تطب نفسي بالسماع منه، كان ثقة فيما حدث به، تلّاء للقرآن. وقال السلفي أيضا: سألت شجاع الذهلي عن البانياسي، فقال: هو أبو عبد الله المالكي، سمعت منه شيئا عن ابن الصلت، وكان صدوقا.
قال شجاع الذهلي: وقع حريق في تاسع عشر جمادى الآخرة سنة خمس وثمانين وأربعمائة بنهر المعلّى فاحترق فيه أبو عبد الله مالك المالكي، ودفن من الغد بالجانب الغربي.
وقد رثاه أبو القاسم عبد الغني بن محمد بن حنيفة الباجرائي:
لن يجمع الله بين مالك ... بعد احتراق وبين مالك
وهلكه هاهنا شهيدا ... أشر من هلكه هنالك
170- المبارك بن الحسن بن أحمد بن علي بن فتحان بن منصور الشهرزوري، أبو الكرم المقرئ [2] :
من ساكني دار الخلافة. أحد الشيوخ القراء المجوّدين بحفظ القراءات وطرقها ومعرفة وجوهها. وصنف في ذلك كتابا سماه «المصباح في القراءات الصحاح» . وكان عالما فاضلا أديبا، حسن الطريقة، قرأ القرآن بالقراءات على الشريف أبي الفضل عبد القاهر بن عبد السلام العباسي وأبي محمد رزق اللَّه بن عبد الوهاب التميمي وأبي المعالي ثابت بن بندار البقال في آخرين. وسمع الحديث الكثير بنفسه، وكتب بخطه، وحصّل الأصول، سمع رزق الله التميمي وطراد الزينبي وإسماعيل بن مسعدة
__________
[1] انظر: الأنساب للسمعاني 2/67. وشذرات الذهب 3/376. والعبر 3/308.
[2] انظر: تذكرة الحافظ 1292. والعبر 4/141. ومعجم الأدباء 17/52. وكشف الظنون، ص 1706. والأعلام 6/149.(21/168)
الإسماعيلي ونصر بن البطر القارئ. وأجازه أبو الحسين بن النقور في آخرين.
قال ابن السمعاني: ابن الشهرزوري شيخ صالح، حسن السيرة، قيم بكتاب الله، عارف باختلاف القراءات، جيد الأخذ على الطلاب، كتبت عنه؛ وذكر أن مولده سابع عشر ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وأربعمائة.
وتوفي في ليلة ثاني عشر ذي الحجة سنة خمسين وخمسمائة.
171- المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بن الْقَاسِم بن أَحْمَدَ بْنِ عَبْد اللَّهِ بن الصّيرفيّ، أبو الحسين بن أبي القاسم، المعروف بابن الطيوري [1] :
من أهل الكرخ. محدّث بغداد ومسندها، سمع العالي والنازل. وكان أكثر مشايخ وقته سماعا، وأعلاهم إسنادا، وكتب بخطه ما لا يدخل تحت حصر. سمع أبا علي بن شاذان وأبا القاسم عبد الرحمن بن عبيد اللَّه الحرفي وأبا عبد الله الحسين بن علي الصّيرفيّ وأبا الفرج الحسين بن علي الطناجيري وأبا طالب بن غيلان وأبا طاهر محمد ابن علي بن العلاف وأبا إسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي والحسن بن علي الجوهري في آخرين. وسافر إلى البصرة فسمع بها أبا علي الحسن بن علي الشاموخي، وبواسط القاضي أبا جعفر محمد بن إسماعيل العلوي في آخرين.
وحدث بجميع مروياته. وروى عنه الأئمة والحفّاظ شرقا وغربا. روى عنه الحافظان أبو عامر العبدري وأبو عبد الله الحميدي وأبو منصور الجواليقي وعبد الوهاب الأنماطي والحافظ أبو طاهر السلفي في آخرين من الحفاظ والأئمة.
قال أبو نصر اليونارتي في معجم شيوخه وقد ذكر ابن الطيوري فقال: ثقة، ثبت، كثير الأصول، يحب العلم وأهله.
وقال أبو بكر بن الخاضبة: ابن الطيوري ممن يستسقى بحديثه.
أخبرنا شهاب الحاتمي قال: سمعت ابن السمعاني يقول: كان المؤتمن الساجي سيئ الرأي في ابن الطيوري، وكان يرميه بالكذب ويصرح بذلك مع أنه سمع منه الحديث
__________
[1] انظر: لسان الميزان 5/9. والعبر 3/356. والأعلام 6/151. وشذرات الذهب 3/412.
ومعجم المؤلفين 8/172. والمنتظم.
على هامش الأصل: «ذكره الأمير أبو نصر بن ماكولا في باب «الحمامي» بالتخفيف، فقال بعد كلام له: وصديقنا أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد ابن القاسم الصيرفي يعرف بالحمامي، سمع أبا علي بن شاذان وخلقا كثيرا بعده، وهو من أهل الخير والعفاف والصلاح، وأظن والده حدّث عن ابن شاذان» .(21/169)
وكتب عنه، وما رأيت أحدا من مشايخنا الثقات يوافق المؤتمن على ذلك، فإني سألت جماعة من مشايخنا عنه مثل عبد الوهاب بن الأنماطي وابن ناصر فأثنوا عليه ثناء حسنا، وشهدوا له بطلب الحديث والصدق والأمانة وكثرة السماع.
وقال محمد بن علي بن فولاذ الطبري: سألت أبا غالب الذهلي عن ابن الطيوري، فقال: لا أقول إلا خيرا، اعفني عن هذا! فألححت عليه وقلت له: رأينا سماعه- أنا والسمعاني [1]- بكتاب «الناسخ والمنسوخ» لابن عبيد ملحقا على رقعة ملصقا بالكتاب وكتاب «الفصل» لداود بن المجير كان سماعه إلى البلاغ بخط ابن خيرون، فأتم هو السماع للجميع بخطه؟ فقال: نعم! وغير ذا؟. وذكر المجلس عن الحرفي، فقال:
قط لم يسمع منه، وأخرجه في جزازة له بخطه، قالوا له: فأين كان إلى الساعة؟ قال:
كان قد ضاع، وجدته الآن. وقال الأسدي أيضا قريب منه.
وذكره السلفي وأثنى عليه، ثم قال بعد كلام له: كتبت عنه فأكثرت، وأخرج لي في جملة ما أخرج في سنة أربع وتسعين جزءا من حديث ما روى الخطابي كان يرويه عن أبي بكر بن النمط المقرر عنه فكتبته، وكان سماعا ملحقا بخطه، فحضرنا المجلس للقراءة على العادة، فأعطيته المؤتمن الساجي، فنظر فيه فرأى الإلحاق، فقال لي: رأيت هذا التسميع؟ قلت: نعم، والشيخ ثقة، جليل القدر، ربما نقله من نسخة أخرى وما ذكره ولا أحال عليه؛ فقال: نعم، يحتمل منه لأنه ثقة كبير. ثم رأيت بعد ذلك من هذا الخط غير جزء ابن النمط، أراني المؤتمن ومحمد بن منصور السمعاني، وكان أبو نصر محمود الأصبهاني حاضرا، فذكر أنه وقف على مثل هذا، قال: والعلة فيه أنه صاحب كتب كثيرة تنقل من نسخة إلى نسخة أخرى ولا يذكر الطبقة، وكذا التسميع اتكالا على ثقته. وحلف أبو نصر بالله أنه رأى مثل ذلك في أجزائه؛ ثم وجد في كتبه الأصول التي نقل منها. وأنا بعد وقفت على مثل ما ذكره أبو نصر، فالله أعلم.
مولده في ربيع الأول- وقيل: في ربيع الآخر- سنة إحدى عشرة وأربعمائة.
وتوفي في ليلة منتصف ذي القعدة سنة خمسمائة، ودفن بباب حرب. وكان صالحا.
172- محفوظ بن أحمد بن الحسن بن أحمد الكلوذاني، أبو الخطاب، الفقيه الحنبلي [2] :
__________
[1] في الأصل: «وأبا والسمعاني» .
[2] انظر: النجوم الزاهرة 5/212. وشذرات الذهب 4/27. والبداية والنهاية 12/174. والمنتظم 17/152- 155 وتذكرة الحفاظ 4/1261. والأعلام 6/178. وطبقات الحنابلة، ص 143.
والذيل لابن رجب 1/177.(21/170)
درس الفقه على أبي يعلى بن الفراء، وصار إمام وقته وشيخ عصره، يدرّس ويفتي، وصنّف في المذهب والأصول؛ وكانت له يد حسنة في الأدب، ويقول الشعر اللطيف.
سمع الحديث من أبي محمد الحسن بن علي الجوهري وأبي طالب محمد بن علي العشاري والحسن بن غالب بن المبارك وأبي جعفر محمد بن المسلمة في آخرين، وكتب بخطه كثيرا من مسموعاته. روى عنه ابن ناصر والمبارك بن مسعود الغسال.
ومن شعره:
إن كنت يا صاح بوجدي عالما ... فلا تكن لي في هواهم لائما
وإن جهلت ما ألاقي بهم ... فانظر ترى دموعي السواجما
هم قتلوني بالصدود والقلى ... وما رعوا في قتلي المحارما
يا من يخاف الإثم في قتلي ما ... تخاف في سفك دمي المآثما؟
هبني رضيت أن تكون قاتلي ... فهل رضيت أن تكون ظالما؟
سلوا النجوم بعدكم عن مضجعي ... قل قرّ جنبي أو رأتني نائما؟
واستقبلوا الشمال كيما تنظروا ... من حرّ أنفاسي بها شمائما
وهذه الأيك سلوا الأيك ألم ... أعلّم النوح بها الحمائما
لقد أقمت بعد أن فارقتكم ... على فؤادي بينهن قائما
وله:
وقرّبتني حتى تملكت مهجتي ... وصرت حجابا بين قلبي والعذل
وأضرمت نيران الجوى في جوانحي ... وأجريت دمعي [بين] [1] سكب ومنهل
تجافيت إما قاتلي أو معذبي ... فهل لك نفع في عذابي وفي قتلي؟
خف الله في سفك الدماء فربما ... ندمت على التفريط في موقف العدل
وقالوا ألا ينهاك عقلك عنهم ... فقلت وهل أحببتهم ومعي عقلي
لقد بعتهم حلمي بحلو وصالهم ... فخانوا فلا بالحلم فزت ولا الوصل
مولّد محفوظ الكلوذاني في ثاني شوال سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة.
وتوفي ببغداد في ثالث عشر جمادى الآخرة سنة عشر وخمسمائة، وقيل: في رابع
__________
[1] ما بين المعقوفتين ليست في الأصل.(21/171)
عشر منه، ودفن إلى جانب الإمام أحمد.
173- محمود بن عمر بن محمد بن عمر الزمخشري، أبو القاسم النحوي [1] :
من أهل خوارزم، وزمخشر إحدى قراها. كان إماما في النحو واللغة، تشدّ إليه الرحال، وله في ذلك مصنفات. وكان فصيحا بليغا علّامة، قدم بغداد قبل الخمسمائة، وسمع بها من أبي الخطاب بن البطر، وتوجه إلى الحجاز فحجّ وأقام هناك مدة مجاورا، وعاد إلى خوارزم وأقام بها؛ ثم قدم بغداد بعد الثلاثين وخمسمائة.
لما قدم الزمخشري بغداد للحج جاءه الشريف أبو السعادات بن الشجري مهنّئا له بقدومه، فلما جالسه أنشده الشريف:
كانت مساءلة الركبان تخبرني ... عن أحمد بن علي أطيب الخبر
حتى التقينا فلا والله ما سمعت ... أذني بأحسن مما قد رأى بصري
وأنشده:
وأستكبر الأخبار قبل لقائه ... فلما التقينا صغر الخبرَ الخبر
وأثنى عليه، ولم ينطق الزمخشري حتى فرغ الشريف من كلامه، فلما فرغ شكر الشريف وعظمه وتصاغر له وقال: إن زيد الخيل دخل على رسول الله عليه السلام، فحين بصر بالنبي صلّى الله عليه وسلّم رفع صوته بالشهادتين، فقال له الرسول: يا زيد الخيل! كل رجل وصف لي وجدته دون الصفة إلا أنت، فإنك فوق ما وصفت، ودعا له وأثنى عليه. قال: فتعجب الحاضرون من كلامهما لأن الخبر كان أليق بالشريف والشعر كان أليق بالزمخشري.
ومن شعره يرثي شيخه أبا مضر، يعني الزمخشري:
وقائلة ما هذه الدرر التي ... تساقطها عيناك [2] سمطين سمطين
فقلت هو الدر الذي قد حشا به ... أبو مضر أذني تساقط من عيني
مولده في سابع عشرين رجب سنة سبع وستين وأربعمائة.
وتوفي في ليلة عرفة من سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة بكركانج، وهي قصبة خوارزم
__________
[1] انظر: شذرات الذهب 4/118. وفيات الأعيان 4/254- 260. والأعلام 8/55. والعبر 4/106. ومعجم الأدباء 19/126- 135. وتذكرة الحفاظ 4/1283. ولسان الميزان 6/4.
وبغية الوعاة ص 388. والنجوم الزاهرة 5/274. والمنتظم 18/37- 38.
[2] في الهامش: «تساقط من عيناك» .(21/172)
- قاله ابن السمعاني.
174- مسعود بن المحسن بن الحسن بن عبد الرزاق بن عبد الوهاب بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد اللَّه بْن عُبَيْد اللَّه بْن الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد بْن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، أبو جعفر الهاشمي، المعروف بابن البياضي [1] :
شاعر مجود، رقيق الشعر، عذب الألفاظ، مليح المعاني. روى عنه أبو غالب الذهلي وأبو القاسم بن السّمرقندي.
ومن شعره قوله:
يقولون لي إن كان سمعك عاشقا ... فما بال دمع العين في الخد جاريا
فقلت لهم قد لمت طرفي، فقال لي: ... أتمنعني من أن أساعد جاريا
وقال:
يا من لبست بهجره ثوب الضنا ... حتى خفيت به عن العواد
وأنست بالسهر الطويل فأنسيت ... أجفان عيني كيف كان رقادي
إن كان يوسف بالجمال مقطّع ال ... أيدي فأنت مقطّع الأكباد
توفي ابن البياضي في سادس عشر ذي القعدة سنة ثمان وستين وأربعمائة ببغداد.
ولابن البياضي أيضا:
ليس لي صاحب معين سوى اللي ... ل إذ طال بالصدود عليّا
أنا أشكو بعد الحبيب إليه ... وهو يشكو بعد الصباح إليّا
وله:
ألفت الضنا من بعدكم فلو انه ... يزول إذا عدتم حننت إليه
وصار البكا لي مؤنسا فلو أنه ... تغيّب عن عيني بكيت عليه
175- المظفر بن الفضل بن يحيى، العلوي الحسيني، أبو علي بن أبي القاسم [2] :
قرأ الأدب وحفظ أشعار العرب، وقال الشعر في صباه فأجاد، ولم يزل في ارتفاع
__________
[1] انظر: شذرات الذهب 3/331- 332. ومرآة الجنان 3/97. ووفيات الأعيان 4/285.
والأعلام 8/113. والمنتظم 16/175- 176.
[2] انظر: كشف الظنون، ص 1959. والأعلام 8/165(21/173)
من فضله وتحصيله وجودة نظمه ونثره وحسن عبارته وعذوبة ألفاظه ورشاقة معانيه وملاحة خطه، وسمع الحديث.
أنشدني أبو علي المظفر الحسيني لنفسه:
كيف يشتاقك قلب ... أنت في السوداء منه
إنما يشتاقتك التطر ... ف الذي قد غبت عنه
وأنشدنا لنفسه:
ومفعمة الحجلين تشكو وشاحها ... إلى القلب ما أشكوه من قلق الوجد
أتتني وقد نام السمير ولم أكن ... على طمع في الوصل منها ولا الوعد
فبتنا جميعا والعفاف رقيبنا ... وكفّ على كف وخد على خد
مولده بالموصل في الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة أربع وثمانين وخمسمائة.
176- معمر بْن عَبْد الواحد بْن رجاء بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن الفاخر بْن أحمد بن القاسم بن الفاخر بن محمد بن النعمان بن المنذر بن إسماعيل بن لقيط بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن كثير بن ربيعة بن عبد الرَّحْمَن بْن سمرة بْن حبيب بْن عَبْد شمس بن عبد مناف، أبو أحمد القرشي [1] :
من أهل أصبهان. كان من وجوه عدولها. طلب الحديث من صباه، وسمع ببلده من أبي الفتح أحمد بن محمد الحداد وأبي القاسم غانم بن محمد البرجي وأبي علي الحسن ابن أحمد الحداد في آخرين من أصحاب أبي نعيم الحافظ. وقدم بغداد بعد العشرين وخمسمائة وسمع بها أبا القاسم بن الحصين وأبا نصر بن رضوان وأبا غالب بن البناء، وعاد إلى أصبهان مشغولا بالسماع والقراءة على المشايخ؛ وقدم بغداد بعد ذلك تسع مرات ليسمع ويسمع أولاده ويحدّث. كتب الكثير، وكان موصوفا بالحفظ والمعرفة والثقة والصلاح والورع. وأملى عدة سنين، وصنّف وخرّج.
قال ابن السمعاني: معمر بن الفاخر أبو أحمد شاب كيّس، حسن الصحبة، جميل المعاشرة، سخي النفس، متوددا، يراعي حقوق الأصدقاء ويقضي حوائجهم، اصطحبنا بأصبهان مدة مقامي بها، وأكثر ما سمعت بإفادته، وكان يدور معي من
__________
[1] انظر: تذكرة الحفاظ 4/1319. ومرآة الجنان 3/377. وشذرات الذهب 4/214. والعبر 4/189. والأعلام 8/190.(21/174)
الصباح إلى الليل على الشيوخ، كتب لي جزءا عن شيوخه، وحدثني به.
مولده لخمس بقين من جمادى الآخرة سنة أربع وتسعين وأربعمائة.
وتوفي في ثالث عشر ذي قعدة سنة أربع وستين وخمسمائة بطريق الحجاز بين مغيثة والواقصة عند المسجد المعروف بمسجد سعد، ودفن هناك. سمع منه الأئمة والحفاظ- رحمه الله.
177- مكرم بْن مُحَمَّد بْن حمزة بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن سلامة بن أبي الصقر، أبو المفضل القرشي [1] :
من أهل دمشق. سمع أبا يعلى حمزة بن علي بن الحبوبي الثعلبي وحمزة بن أسد بن القلانسي وأبا محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني في آخرين، وكان صحيح السماع. قدم بغداد وحدّث بها؛ وكان عسرا في الرواية.
مولده في رجب سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.
وتوفي بدمشق في ثاني رجب سنة خمس وثلاثين وستمائة.
178- مَنْصُور بْن عَبْد المنعم بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الفضل بن أحمد، أبو القاسم بن أبي المعالي، الصاعدي الفراوي [2] :
من أهل نيسابور، من أولاد المحدثين. سمع أباه وجده وجد أبيه وأبا القاسم زاهر ابن طاهر الشحامي وأبا محمد عبد الجبار بن محمد الخواري في آخرين. وقدم بغداد وحدّث بها. وكان شيخا نبيلا ثقة صدوقا، حسن الأخلاق متوددا.
مولده في رمضان سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة.
وتوفي في ليلة السبت لسبع خلون من شعبان سنة ثمان وستمائة. وحدّث بالكثير.
179- منوجهر بن محمد بن تركانشاه بن محمد بن الفرج، أبو الفضل بن أبي الوفاء الكاتب [3] :
كان أديبا فاضلا صادقا، حسن الطريقة صدوقا. سمع أباه وأبا عبد الله هبة الله بن أحمد الموصلي وأبا القاسم علي بْن أحمد بْن بيان في آخرين، وسمع المقامات للحريري
__________
[1] انظر: شذرات الذهب 5/174.
[2] انظر: مرآة الزمان 8/758. وشذرات الذهب 5/34.
[3] انظر: العبر 4/226. وبغية الوعاة 399. ومعجم الأدباء 19/196.(21/175)
منه ورواها عنه مرارا، وهو آخر من روي عنه المقامات. روى عنه ابن السمعاني- ومات قبله، وروى عنه أيضا ابن الأخضر وابن الحصري وأحمد بن البندينجي.
مولده في ثاني عشر شوال سنة تسع وثمانين وأربعمائة.
وتوفي ببغداد في منتصف جمادى الآخرة سنة خمس وسبعين وخمسمائة، ودفن بباب حرب بوصيّة منه.
180- المؤتمن بن أحمد بن علي بن الحسين بن عبيد الله، الربعي الساجي الديرعاقولي، أبو نصر بن أبي منصور بن أبي الحسن، الحافظ، يعرف بالمقدسي [1] :
حافظ، كامل، ثقة، نبيل، مجيد، واسع الرحلة، كثير الكتابة، صحيح النقل، جيد الضبط، حجّة. سمع أبا الحسين بن النقور وأبا القاسم عبد العزيز الأنماطي وعلي بن أحمد بن البسري. ورحل إلى الشام فسمع ببيت المقدس أبا عثمان محمد بن أحمد بن ورقاء الأصبهاني، وبصور الحافظ أبا بكر الخطيب، وبحلب أبا محمد الحسن بن مكي الشيزري، وعاد إلى العراق وسمع بأصبهان أبا عمرو عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة، وسمع بنيسابور أبا بكر أحمد بن خلف الشيرازي، وبهراة عبد الله بن محمد الأنصاري في آخرين؛ وعاد إلى بغداد، وانقطع إلى حين وفاته. حدّث باليسير. روى عنه سعد الخير الأنصاري وأبو الفضل بن ناصر الحافظ في آخرين.
قال أبو الوقت عبد الأول بن عيسى: كان الإمام عبد الله الأنصاري إذا رأى مؤتمنا [قال] : لا يمكن أحدا أن يكذب عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما دام هذا حيا.
قال أبو سعد بن السمعاني: سمعت عبد الرحمن بن عبد الجبار الفامي يقول: أقام المؤتمن عندنا بهراة قريبا من عشر سنين وقرأ ونسخ بخطه الكثير، كتب جامع الترمذي ست مرات، وكان فيه قناعة وعفة واشتغال بما يعنيه.
قال الحافظ أبو طاهر السلفي: لم يكن ببغداد أحسن قراءة للحديث من المؤتمن الساجي، كان لا يملي قراءته وإن طالت.
أنبأنا ذاكر بن كامل عن أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي. قال: ورأيت أنا من تساهله- يعني أبا نصر الساجي- أنّا كنا بنيسابور سنة ثمان وسبعين وكنا نحضر مجلس أبي بكر أحمد بن علي بن خلف الأديب، وكان لكل واحد منا نوبة يقرأ فيها، فظهر
__________
[1] انظر: شذرات الذهب 4/20. وتذكرة الحفاظ 4/1246. ومرآة الجنان 3/197. والعبر 4/15.(21/176)
سماع الشيخ في الجزء الثاني من تفسير سفيان بن عيينة فقرأنا عليه، فلما كان يوم نوبتي، أخذ في قراءة الأول [1] من التفسير، فقلت له: وجدت السماع في الأول؟
قال: لا، قلت: فلم تقرأه؟ قال: تراه سمع الثاني ولم يسمع الأول؟ فذكرت ذلك للشيخ فمنعه من القراءة.
مولد الساجي في صفر سنة خمس وأربعين وأربعمائة.
وتوفي في سابع عشر صفر سنة سبع وخمسمائة ببغداد، ودفن بمقبرة الإمام أحمد بن حنبل.
181- المؤتمن بن نصر بن أبي القاسم بن أبي الحسن، أبو القاسم بن أبي السعود التاجر [2] ، عرف بابن قميرة [3] :
من أهل باب الأزج. سمع شهدة بنت الأبري، كتبت عنه، وهو شيخ حسن لا بأس به. سألته عن مولده فقال: سنة خمس وستين وخمسمائة- هذا آخر كلام ابن النجار المؤلف.
قلت: وتوفي ببغداد في ليلة السابع والعشرين من جمادى الأولى سنة خمسين وستمائة ببغداد، وكان يسمى يحيى. وسمع أيضا من الحسن بن محمد بن شيرويه وأبي الرضا محمد بن بدر الشيحي وتجني بنت عبد الله الوهبانية، وحدث ببغداد ومصر.
سمع منه شيخنا محمد بن محمد بن عيسى الصوفي كتاب «الفرج بعد الشدة» . سمعت عليه أحاديث منتقاة منه.
182- موهوب بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الخضر بن الحسن بن محمد بن الجواليقي، أبو منصور بن أبي طاهر اللغوي [4] :
إمام أهل عصره في معرفة اللغة وكلام العرب، والمرجوع إليه في ذلك. قرأ الأدب على التبريزي ولازمه حتى نقل عنه كثيرا؛ وسمع الحديث من أَبِي القاسم عليّ بْن أحمد ابن البسري وأبي طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصفر وطراد الزينبي ونصر بن أحمد بن البطر القارئ في آخرين. وكتب بخطه الكثير من كتب الأدب والحديث، وكان خطه مليحا، وضبطه صحيحا، وعلى خطه الاعتماد. روى عنه الأئمة ابن الجوزي وأبو
__________
[1] في الأصل: «للأحوال» .
[2] انظر: شذرات الذهب 5/253.
[3] في الأصل: «مميرة» .
[4] انظر: شذرات الذهب 4/127. ووفيات الأعيان 4/424. وتذكرة الحفاظ 4/1286.
والأعلام 8/292. ومعجم الأدباء 19/205- 207.(21/177)
اليمن الكندي. وكان ثقة صدوقا حجّة نبيلا.
قال أبو سعد بن السمعاني: موهوب بن الجواليقي إمام في اللغة والأدب؛ وهو من مفاخر بغداد؛ وهو متدين ورع، غزير الفضل، وافر العقل، مليح الخط، كثير الضبط، صنّف التصانيف وانتشرت عنه، وشاع ذكره؛ ونقل بخطه الكثير، كتبت عنه.
وسألته عَنْ مولده فَقَالَ: فِي سنة ست وستين وأربعمائة- وقيل: مولده في سنة خمس وستين في ذي القعدة، وتوفي في منتصف محرم سنة أربعين وخمسمائة ببغداد، وصلى عليه بجامع القصر، ودفن بباب حرب.(21/178)
حرف النون
183- ناصر بن عبد السيد بن علي المطرزي، أبو الفتح بن أبي المكارم، الأديب [1] :
من أهل خوارزم. كان في أعيان مشايخها، قرأ الأدب على [أبي] [2] المؤيد الموفق ابن أحمد بن علي المكي خطيب خوارزم وعلى والده أبي المكارم حتى برع في معرفة النحو واللغة، وصنّف كتبا حسانا، وشرح المقامات لابن الحريري وكان قد قرأ طرفا من الفقه على مذهب أهل العراق، وشيئا من الكلام على مذهب المعتزلة. وكان شديد التعصب، داعية إلى الاعتزال. قدم علينا في آخر سنة إحدى وستمائة، فحج وعاد. سمع الحديث من أبي عبد الله محمد بن علي بن أبي سعيد التاجر.
أنشدنا ناصر المطرزي لنفسه:
وزند ندى فواضله ورى ... ورند ربى فصائله نضير
ودر جلاله أبدا ثمين ... ودر نواله أبدا غزير
مولده في رجب سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.
وتوفي بخوارزم في الحادي والعشرين من جمادى الأولى سنة عشر وستمائة. وكان مولده بخوارزم.
184- نصر اللَّه بْن مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عبد الواحد الشيباني، أبو الفتح الكاتب، المعروف بابن الأثير [3] :
من أهل جزيرة ابن عمر، ولد بها في آخر شعبان سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، وقرأ الأدب وعانى البلاغة والإنشاء حتى حاز قصب السبق في ذلك. وصنّف مصنفات في الأدب، وولى الوزارة للملك الأفضل على بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب. ثم سكن الموصل، وكان ذا لسان وعارضة وفصاحة وبيان. قدم بغداد مرارا رسولا من الموصل. وحدّث ببغداد و «بكتابه المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر» .
__________
[1] انظر: الأعلام 8/311. ووفيات الأعيان 5/6. ومرآة الجنان 4/20- 21. ومعجم الأدباء 19/212. وبغية الوعاة، ص 402، وكشف الظنون، ص 139.
[2] ما بين المعقوفتين زيادة ليست في الأصل.
[3] انظر: شذرات الذهب 5/187، 189. ووفيات الأعيان 5/25- 32. وبغية الوعاة، ص 404. ومرآة الجنان 4/97- 100.(21/179)
ومن شعره قوله:
رضيت بما يرضى به لي بحبه ... وقدت إليك النفس قود المسلم
ومثلك من كان الفؤاد شفيعه ... يكلمه عني ولم أتكلم
قدم رسولا في منتصف ربيع الآخر سنة سبع وثلاثين وستمائة. فبقى أياما ومرض، وتوفي في تاسع عشري الشهر المذكور، ودفن بمقابر قريش- رحمه الله.
[قال الشيخ ذكي الدين في وفياته: توفي ابن الأثير في أحد الجمادين من السنة.
وقال: مولده في العشرين من شعبان سنة ثمان وخمسين وخمسمائة بجزيرة ابن عمر.
وكان يلقب ضياء الدين- رحمه الله] [1] .
185- نصر الله بن هبة الله بن عبد الباقي بن هبة الله بن الحسين بن يحيى بن بزاقة الغفاري الكناني، أبو الفتح الكاتب [2] :
من أهل مصر. سكن دمشق، وكان خصيصا بالملك المعظم عيسى بن أبي بكر بن أيوب، ثم بابنه داود من بعده، وقدم معه بغداد في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، وأقام بها مدة، وكتبنا عنه. وهو أديب فاضل، مليح النظم والنثر، ظريف، حسن المجالسة، طيب المحاضرة.
أنشدني أبو الفتح نصر الله بن هبة الله المصري لنفسه:
ولما أبيتم سادتي عن زيارتي ... وعوضتموني بالعباد عن القرب
ولم تسمحوا بالوصل في حال يقظتي ... ولم يصطبر عنكم لرقته قلبي
نصبت لصيد الطيف نومي حباله ... فأدركت خفض العيش في النوم بالنصب
وأنشدني أبو الفتح نصر الله بن هبة الله لنفسه:
ما لك في الخلق عاشق مثلي ... فكيف تختار في الهوى قتلي
إن أنكرت مقلتاك سفك دمي ... خلى بخديك شاهدا عدل
لكنني غير طالب قودا منك ... ولا راغبا إلى عقل
ولا ليوم المعاد أدخره ... بل أنت منه في أوسع الحل
يا فارغ القلب جد على دنف ... فؤاده من هواك في شغل
وعدتني إن تزورني فعسى ... تقصر عما أطلت من مطل
__________
[1] ما بين المعقوفتين كتب على الهامش الأصل.
[2] انظر: شذرات الذهب 5/252. والأعلام 8/354. والجواهر المضيئة 2/199.(21/180)
مرارة الهجر ذقتها فمتى ... تذيقني من حلاوة الوصل؟
يا عاذلي فيه عد على عذل ... فلست أصغى فيه إلى العذل
أمرت بالصبر عن تذكره ... من لي إن أسطعته من لي؟
لكن هواه غطاء على بصري ... وسمعي فالفؤاد في خبل
فكيف أصغى لما يقول بلا سمع ... ولا ناظر ولا عقل؟
سألت أبا الفتح بن البزاقة عن مولده، فقال: ولدت في رجب سنة تسع وسبعين وخمسمائة.
186- نصر بن أحمد بن عبد الله بن البطر، البزاز، أبو الخطاب بن أبي بكر القارئ [1] :
من ساكني باب الغرمة. سمع بإفادة أخيه من أبي مُحَمَّد عَبْد اللَّهِ بْن عُبَيْد اللَّهِ بن يحيى البيع وأبي حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الْبَزَّازُ العكبري وأبي الحسن محمد بن أحمد بن رزقوية وأبي بكر أحمد بن طلحة بن هارون المنقى وأبي طالب مكي بن علي ابن عبد الرزاق الحريري في آخرين. وعمر حتى تفرد بالرواية عن جماعة من شيوخه.
روى عنه الحفاظ كعبد الوهاب الأنماطي وأبي القاسم بن السّمرقندي ومحمد بن ناصر وسعد الخير الأنصاري وأبي طاهر السلفي في آخرين.
قال الحافظ أبو طاهر السلفي: سألت شجاع الذهلي عن نصر بن أحمد بن البطر، فقال: حدث عن جماعة، وكان مريب الأمر، ليّنا في الرواية.
قال السلفي: راجعته في ذلك وقلت: ما عرفنا مما ذكرت شيئا، وما قرئ عليه شيء يشك فيه، وسماعاته كالشمس وضوحا، فقال: لعمري هو كما ذكرت، غير أني وجدت في بعض ما كان له به نسخة سماعا يشهد القلب ببطلانه، ولم يحمل عنه شيء من ذلك.
كتب إليّ علي بن المفضل الحافظ بن علي بن عتيق الأنصاري أخبره عن القاضي عياض بن موسى التجيبي قال: سألت القاضي أبا علي الحسين بن محمد الصوفي المعروف بابن سكرة عن نصر بن البطر، فقال: شيخ مستور ثقة.
سأله السلفي عن مولده فقال: سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة.
__________
[1] انظر: شذرات الذهب 3/402. والعبر 3/340.(21/181)
وتوفي في سادس عشر ربيع الأول سنة أربع وتسعين وأربعمائة، ودفن بباب حرب.
187- نصر بن محمد بن علي بن أبي الفرج، أبو الفتوح بن أبي الفرج بن الحصري الوقاياتي الحافظ [1] :
من أهل همذان. قَرَأَ القرآن بالقراءات عَلَى أَبِي بَكْر مُحَمَّد بن عبيد الله بن الزاغوني والمبارك بن الحسن بن الشهرزوري في آخرين. ثم إنه قرأ الأدب وحصّل منه طرفا صالحا وطلب الحديث، وصحب الحافظ أبا بكر الباقداري وأخذ عنه علم الحديث، سمع أبا الوقت عبد الأول وأبا المظفر هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الشبلي وأبا محمد محمد بن أحمد بن عبد الكريم المادح وأبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي وأبا الْقَاسِم هبة اللَّه بن الْحَسَن بن هلال وأبا بكر أحمد بن المقرب الكرخي وأبا القاسم هبة الله بن الفضل المتوثي في آخرين. ولم يزل يسمع ويقرأ إلى أواخر عمره.
سمعنا منه وبقراءته، وكان يقرأ قراءة صحيحة إلا أنه يدغمها بحيث لا يفهم، ويكتب خطّا رديئا جدا؛ وكان من حفاظ الحديث العارفين بفنونه، متقنا ضابطا، غزير الفضل، كثير المحفوظ، ثقة صدوقا حجة نبيلا، من أعلام الدين وأئمة المسلمين. وكان يصوم الدهر ويكثر التلاوة. وخرج عن بغداد إلى مكة، وجاور بها نيفا وعشرين سنة، مديما للصيام والقيام، ويكثر الطواف والعمرة حتى أنه يكون يطوف في كل يوم وليلة سبعين أسبوعا. ثم إنه خرج من مكة في آخر عمره لما اشتد القحط، سافر إلى اليمن، فأدركه أجله بها.
سألت ابن الحصري عن مولده، فقال: أخبرني والده أنه في رمضان سنة ست وثلاثين وخمسمائة.
وبلغنا أنه توفي باليمن في بلدة تعرف بالمهجم في المحرم، وقيل في شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة وستمائة- والله أعلم.
__________
[1] انظر: تذكرة الحفاظ 4/1382. والنجوم الزاهرة 6/253. وشذرات الذهب 5/83.
وطبقات القراءة 2/338.(21/182)
حرف الهاء
188- هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ الحسن بن السّبط الهمذاني أبو القاسم [1] :
من أولاد المحدثين. أسمعه والده الكثير في صباه، وعمّر حتى حدّث بالكثير، وانفرد بأكثر مسموعاته؛ وكان شيخنا قيّما ذكيا متأدّبا، لطيف المحاضرة، وفيّا، حلو الاستشهاد؛ وكان يعمل من الطرف والملح أشياء غريبة، من ذلك أنه عمل شطرنجا كاملا من آبنوس وعاج وزنه حبتان وأرزة، وأنه كان ينقله بالسفت الذي يكون للصائغ لأن الأنامل تعجز عن ضبطه لصغره وخفائه وكان على قدر حبة الخردل. ثم إن أبا القاسم هذا كبر وعجز وافتقر واحتاج إلى الناس، فساءت أخلاقه، وصار وسخا قذرا في جميع أحواله، لا يتنزه عن النجاسات، ولم يكن في دينه بذاك، فكان عسرا في التحديث، وكان يبغض هذا الشأن ويسبّ أباه كيف أسمعه الحديث. سمع أباه وأبا نصر أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن رضوان وأبا العز أحمد بن كادش وهبة الله بن الحصين وأبا الحسين محمد بن محمد بن الحسين بن الفراء ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري في آخرين. وكان صدوقا، صحيح السماع.
سألته عن مولده فقال: في سنة عشر وخمسمائة، وقرأت بخط والده: قال ولد ولدي هبة الله في ليلة الحادي والعشرين من رجب سنة ثلاث عشرة وخمسمائة.
وتوفي في عشري محرم سنة ثمان وتسعين وخمسمائة ببغداد، ودفن من الغد بالقصرية.
آخر الجزء السابع من «المستفاد من ذيل تاريخ بغداد» .
__________
[1] انظر: طبقات الشافعية للسبكي 4/320 والعبر 4/184. والدارس في تاريخ المدارس 1/416. ومرآة الجنان 8/273.(21/183)
الجزء الثامن من المستفاد من ذيل تاريخ بغداد
للحافظ محب الدين أبي عبد الله محمد بن محمود بن الحسن ابن النجار انتقاء كاتبه الواثق بالله أحمد بن أيبك بن عبد الله(21/185)
(بسم الله الرّحمن الرّحيم)
[تتمة حرف الهاء]
189- هبة اللَّه بْن الْحَسَن بْن هبة اللَّه بن عبد الله بن الحسين، أبو الحسين بن أبي محمد بن أبي الحسين، الفقيه الشافعي، المعروف بالصائن ابن عساكر:
أخو الحافظ أبي القاسم علي، وكان الأكبر. قرأ القرآن بالقراءات على أبي الوحش سبيع بن قيراط المقرئ، وسمع الحديث من الشريف أَبِي القاسم عليّ بْن إِبْرَاهِيم بن العباس العلوي وأبي طاهر بن الحنائي وأبي الحسن وأبي الفضل ابني الموازيني وأبي القاسم بن هلال، وقرأ الفقه على أبي الحسن علي بن المسلم ونصر الله ابن محمد المصيصي، ثم قدم بغداد في سنة عشر وخمسمائة وعلق درس الخلاف على أسعد الميهني، وقرأ أصول الفقه على أبي الفتح بن برهان، وأصول الكلام على أبي عبد الله بن القيرواني، وسمع الحديث من أبي علي محمد بن سعيد بن نبهان وأبي علي محمد بن محمد بن عبد العزيز بن المهدي.
قال ابن السمعاني: هبة الله بن عساكر من أهل دمشق، أحد من عني بجمع الحديث، وسمع الكثير، وكان طريفا فاضلا مطبوعا كيّسا معاشرا حريصا على طلب العلم.
وسألته عَنْ مولده فَقَالَ: فِي رجب سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وتوفي في الثالث والعشرين من شعبان سنة ثلاث وستين وخمسمائة، ودفن بباب الصغير.
190- هبة الله بن الحسين بن يوسف، أبو القاسم الأصطرلابي، المعروف ببديع الزمان [1] :
كان وحيد عصره وفريد دهره في علم الهندسة والهيئة، وكانت له معرفة حسنة بالأدب، وشعر مليح، وقد دوّن شعره، وروى منه شيئا. سمع منه أبو محمد الخشاب وأبو الوفاء بن الحصين.
ومن شعره قوله:
قيل لي قد عشقته أمرد الخد ... وقد قيل: إنه نكريش
__________
[1] انظر: وفيات الأعيان 5/101- 103. ومعجم الأدباء 19/273- 275. ومرآة الزمان 8/184. ومرآة الجنان 3/261. والأعلام 9/58. وفوات الوفيات 2/614- 616(21/187)
قلت: فرخ الطاووس أحسن ما كا ... ن إذا ما علا عليه الريش
وقال أيضا:
جدر لم التحى حبيبي ... فماج في عشقه خصومي
وأرجفوا بالسلو عني ... وشنعوا عنده لشومي
وكيف أسلو وقد رماني ... خداه بالمقعد المقيم؟
وفروز الورد بالغتوا لي ... ونقط البدر بالنجوم
وقال:
ولما بدا خط بخد معذبي ... كظلمة ليل في ضياء نهار
تهتك ستري في هواه ولم أزل ... خليع عذار في جديد عذار
وقال:
إن ... [1] هوى ذوي العذر ... عذرا كلما أعتم الملام تبلج
كان قتلي ورد الخدود وقد ... صار بلاي ورد عليه بنفسج
وله:
صبهّا صرفا فلما ... قابلت ضوء السراج
ظنها في الكأس نارا ... وطفاها بالمزاج
توفي البديع في رابع عشرين جمادى الأولى سنة أربع وثلاثين وخمسمائة، ودفن بالوردية.
191- هبة اللَّه بْن عبد الوارث بْن عَلِيّ بْن أَحْمَدَ بْن عَلِيّ بْن أحمد بن إبراهيم ابن جعفر بن بوزي، أبو القاسم الحافظ [2] :
من أهل شيراز. كان واسع الرحلة، جوّالا في الآفاق، مبالغا في الطلب والاجتهاد.
سمع بفارس والعراق وقومس وديار مصر والشام والثغور والسواحل، وجمع وخرّج وصنّف تاريخ شيراز، وكان من الحفاظ الثقات. سمع بشيراز أبا منصور عبد الجبار بن عبد العزيز المصري وأبا الفوارس عبد الوارث بن أحمد بن عبد الرحمن الواعظ،
__________
[1] كلمة ممسوحة.
[2] انظر: شذرات الذهب 3/279. وتذكرة الحفاظ 4/1215. والأعلام 8/61. والعبر 3/314. والمنتظم 16/314.(21/188)
وبأصبهان أبا الطيب عبد الرزاق بن عمر بن يوسف بن سمه التاجر وأبا بكر أحمد بن الفضل بن محمد الباطرقاني، وبهمذان أبا طالب ذا المحاسن بن الحسن بن علي الحسني، وبالكرخ أبا الصفا ناصر بن علي بن محمد الواعظ، وبعمان أبا الحسن علي بن أحمد ابن عبد العزيز الأنصاري، وبالبصرة أبا تمام محمد بن الحسن بن موسى المقرئ، وبواسط أبا تمام محمد بن الحسن العبدي، وبالكوفة أبا أحمد عبد الكريم بن المطلب بن محمد الهاشمي، وبالمدينة أَبَا علي الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن عَبْد الله العثماني، وبصنعاء القاضي أَبَا الْحَسَن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن الأنباري، وبمصر أبا الحسين محمد بن مكي الأزدي وأبا مُحَمَّد عَبْد اللَّهِ بْن عُبَيْد اللَّهِ بن محمد بن الحسن المحاملي وأبا إسحاق إبراهيم بن سعيد بن عبد الله الحبال في آخرين، وقدم بغداد وسمع بها الشريفين أبا الحسين محمد بن علي بن المهتدي وأبا الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون والقاضي أبا يعلى بن الفراء في آخرين، وحدث.
قال يحيى بن عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن مندة: هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي قدم أصبهان مرات وكتب عن أصحاب ابن المقرئ، سافر كثيرا، وتغرّب في طلب الحديث. كثير الكتب، حسن الخلق، جميل الطريقة، كان يختلف إلى سماع الحديث إلى أن مات.
قال ابن السمعاني: توفي هبة الله الشيرازي في رمضان سنة خمس وثمانين وأربعمائة بمرو، ودفن بجنب يعقوب بن على باب رباطه. وكان به علة البطن، وكان في الليلة التي مات في صبيحتها احتاج إلى القيام سبعين مرة؛ ففي كل نوبة كل يغتسل في النهر إلى أن توفي على الطهارة.
192- هبة الله بن علي بن محمد بن حمزة بن علي بن عبيد الله بن حمزة بن مُحَمَّد بن عبيد الله بن علي الملقب بأغر بن الأمير عبيد الله المعروف بالطبيب بن عبد الله بن الحسن بن جعفر بْن الْحَسَن بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي طالب، أَبُو السعادات بن أبي الحسن العلوي الحسني، المعروف بابن الشجري [1] .
من أهل الكرخ. كان شيخ وقته في معرفة النحو. قرأ الأدب على الشريف أبي المعمر يحيى بن محمد بن طباطبا. قرأ عليه الأدب أبو محمد بن الخشاب وأبو اليمن
__________
[1] انظر: وفيات الأعيان 5/96- 100. وتذكرة الحفاظ 4/1294. والنجوم الزاهرة 5/281.
والأعلام 8/62. ومرآة الجنان 275: 3. والعبرة 4/116. وشذرات الذهب 4/132. ومعجم الأدباء 19/282- 284. وفوات الوفيات 2/610.(21/189)
الكندي. وسمع كتاب المغازي لسعيد بن يحيى بن سعيد الأموي من أَبِي الْحُسَيْن المبارك بْن عَبْد الجبار الصيرفي ورواه عنه.
كان ابن الشجري قد أنشد شيئا من نظمه في مجلس علي بن طراد الوزير فلم يجد فيه، وكان ابن حكينا حاضرا، فعمل هذين البيتين ارتجالا:
يا سيدي والذي يعيذك من زلة ... لفظ يصدى به الفكر
ما فيك من جدك النبي سوى ... أنك لا ينبغي لك الشعر
قال ابن السمعاني: هبة الله بن الشجري النحوي نقيب الطالبيين، أحد أئمة النحاة، له معرفة تامة باللغة والنحو. صنّف في النحو تصانيف، وكان فصيحا، حلو الكلام، حسن البيان والإفهام.
قرأ الحديث بنفسه على جماعة من المتأخرين مثل أبي الحسين بن الطيوري وأبي علي بن نبهان، كتبت عنه.
مولده في رمضان سنة خمسين وأربعمائة.
وتوفي في السادس والعشرين من رمضان سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة ببغداد، ودفن في داره بالكرخ، وحدث.
193- هبة الله بن المبارك بن موسى بن علي بن غنم بن خالد السقطي، أبو البركات [1] :
طلب الحديث بنفسه، وسمع الكثير، وقرأ على المشايخ، وكتب بخطه، وحصل بجدّ واجتهاد، وسافر إلى واسط والبصرة والكوفة والموصل وأصبهان والجبال وسمع هناك، وبالغ في الطلب، وكتب عن المتقدمين والمتأخرين، حتى كتب عن أقرانه وعن جماعة حدثوه عن شيوخه. وكان حافظا، وله أنس بالأدب، ومعرفة بالسير والتواريخ وأيام الناس، وحدث باليسير؛ ولم يكن موثوقا به. كان متهافتا، قليل الإتقان، ضعيفا. سمع القاضي أبا يعلى محمد بن الحسين بن الفراء وأبا الحسين محمد بن علي بن المهتدي ومحمد بن أحمد بن النّرسيّ وأحمد بن محمد بن النقور وأبا جَعْفَر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن المسلمة وأبا الغنائم محمد بن علي بن الدجاجي وأبا الحسن جابر بن ياسين الحنائي في آخرين. روى عنه الحافظ أبو طاهر السلفي وعبد القادر بن أبي صالح الجيلي في آخرين. وخرّج لنفسه معجما في نيف وعشرين جزءا، وحدث به.
__________
[1] انظر: الأنساب 7/153. والذيل على طبقات الحنابلة. والعبر 4/19. ولسان الميزان 6/189.
ومعجم المؤلفين 13/144. وشذرات الذهب 4/26. والأعلام 9/94.(21/190)
سأله السلفي عن مولده، فقال: في سنة ثمان وأربعين- يعني وأربعمائة.
قال ابن السمعاني: هبة الله بن السقطي، قرأت في معجم شيوخه: أنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري قراءة عليه وأنا أسمع، وهذا محال!.
قرأت بخط أبي بكر بن فولاذ: ذاكرت شجاعا الذهلي برواية السقطي عن الجوهري، قال: ما سمعنا بهذا قط، وضعفه فيه جدا.
قال ابن السمعاني: سألت الحافظ أبا الفضل بن ناصر عن السقطي: أكان ثقة؟
فقال: لا والله، حدّث بواسط عن شيوخ لم يرهم، وظهر كذبه عندهم؛ وسمعت ابن ناصر غير مرة يقول: السقطي لا شيء، هو مثل نسبه من سقط المتاع.
توفي في يوم الإثنين رابع عشر ربيع الأول سنة تسع وخمسمائة ببغداد، ودفن بباب حرب عند منصور بن عمار. وكان يتسامح فيما يرويه- قاله المبارك بن كامل الخفاف.
194- هبة الله بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بن العباس بن إبراهيم بن الحصين بن شيبان الشيباني، أبو القاسم بن أبي عبد الله الكاتب [1] :
أسمعه والده في صباه من أبي علي بن المذهب مسند الإمام أحمد بن حنبل، وفوائد أبي بكر الشافعي من ابن غيلان، وأخبار اليشكري من الأمير أبي مُحَمَّد الْحَسَن بْن عِيسَى بْن المقتدر بالله، وتفرد برواية ذلك عنهم وسمع أيضا أَبَا القَاسِم عَلِيّ بْن المحسن التنوخي وأبا محمد الجوهري وأبا الطيب الطبري الفقيه وعمر، وقصده الطلاب من الأقطار، وصارت الرحلة إليه، وألحق الأبناء بالآباء، وسمع منه الحفاظ، كالحافظ أبي موسى وأبي القاسم بن السّمرقندي وابن الخشاب وابن طبرزد- وهو آخر من روى عنه. وكان قد خرّج له ابن ناصر أربعين مجلسا من أصول سماعاته، وأملاها بجامع القصر في كل جمعة بعد الصّلاة، فاستملاها عليه ابن ناصر، وكتبها الناس ورووها عنه. وكان شيخا حسنا متيقظا صدوقا صحيح السماع.
مولده في صفر سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، وقيل في رابع ربيع الأول.
وتوفي في رابع عشر شوال سنة خمس وعشرين وخمسمائة ببغداد، ودفن بباب حرب- رحمه الله.
__________
[1] انظر: شذرات الذهب 4/77. ومرآة الجنان 3/245. والمنتظم 17/268.(21/191)
195- هبة الرحمن بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد الكريم بْن هوازن بن محمد بن عبد الملك بن طلحة القشيري، أبو الأسعد بن أبي سعيد بن أبي القاسم [1] :
من أهل نيسابور، من بيت العلم والتصوف والإمامة. حضر على جده وسمع أباه وعميه أبا سعد عبد الله وأبا منصور عبد الرحمن وأبا صالح أحمد بن عبد الملك بن علي المؤذن وأبا نصر عبد الرحمن بن علي بن موسى التاجر وأبا بكر محمد بن إبراهيم ابن يحيى المزكي وأبا عمرو عبد الوهاب بن عبد الرحمن السلمي وأبا سعيد محمد بن عبد العزيز الصفار وجدّته فاطمة بنت أبي علي الدقاق في آخرين. وقدم بغداد وحدّث بها، وسمع بها من أبي القاسم بن بيان وغيره، وتفرد بالرواية عن جده.
أخبرنا الحاتمي أنّ ابن السمعاني قال: هبة الرحمن بن عبد الواحد القشيري خطيب نيسابور، وهو مقدم القشيرية بها، ويرجع إلى فضل ويمن ومعرفة بعلوم القوم، طريف، حسن الأخلاق؛ وحضرت مجلس إملائه، وسمعت جماعة من أصحابنا أنه ادّعى سماع الرسالة عن جده وغيرها من تصانيفه، وما ظهر له أصلا فيه سماعه عنه غير أجزاء من حديث أبي العباس السراج ومجالس من إملائه وكتاب عيون الأجوبة في فنون الأسئلة.
مولده في العشرين من جمادى الأولى سنة ستين وأربعمائة.
وتوفي يوم الأربعاء ودفن يوم الخميس رابع عشر شوال سنة ست وأربعين وخمسمائة، ودفن عند أجداده بنيسابور.
196- ياقوت بن عبد الله الرومي، أبو عبد الله الكاتب، مولى عسكر، الحموي التاجر [2] :
قرأ الأدب وكتب الخط المليح، وجالس العلماء، وسمع الحديث، وكتب من الأدب كثيرا، وصنف كتبا حسنة مفيدة، منها كتاب «أخبار الأدباء» ، وكتاب «أخبار الشعراء» ، وكتاب «أسماء البلدان والجبال والمياه والأماكن» ، وتاريخا على السنين وغير ذلك. وكان غزير الفضل، صحيح النقل، متحرّيا، صدوقا، له النظم الحسن والنثر الجيد.
__________
[1] انظر: طبقات الشافعية للسبكي 4/322. وتذكرة الحفاظ 4/1309. وشذرات الذهب 4/140. والعبر 4/125. والأعلام 9/57. ومرآة الجنان 3/284.
[2] انظر: النجوم الزاهرة 6/152. وشذرات الذهب 5/121. ومرآة الجنان 4/95. ومعجم المؤلفين 13/178. ومعجم الأدباء 8/157.(21/192)
أنشدني ياقوت الحموي لنفسه:
أقول لقلبي وهو في الغيّ جامح ... أما آن للجهل القديم يزول
أطعت مهاة في الجدار خريدة ... وكنت على أسد الفلاة تصول
ولما رأيت الوصل قد حيل دونه ... وأن لقاكم ما إليه سبيل
لبست رداء الصبر لا عن ملالة ... ولكنني للضيم فيك حمول
توفي بحلب في العشرين من رمضان سنة ست وعشرين وستمائة، ولم يبلغ الستين، ووقف كتبه ببغداد.
قلت: كتب عنه الحافظ أبو محمد المنذري في معجم شيوخه، وقال: سمعته يقول:
مولدي سنة أربع أو خمس وسبعين وخمسمائة.
أنشدنا أبو عمر يوسف بن عمر الفقيه الحنفي العدل قراءة عليه وأنا أسمع، قال:
أنشدنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال: أنشدنا الأديب الفاضل أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي لنفسه، قال: واستيقظت من النوم، فجرى على لساني هذه الأبيات من غير قصد ولا رويّة، فأنشدتها كأني أحفظها:
لعمرك ما أبكي على رسم منزل ... ودار خلت من زينب ورباب
ولكنني أبكي على زمن مضى ... تسود فيه بالذنوب كتابي
وأعجب شيء أنه لا يصدني ... عن اللهو شيب حال دون شبابي
وقد جلى بازي للمشيب بعارضي ... وما طار عن وكر الذنوب غرابي
فيا رب جد بالعفو منك فإنني ... مريض حريض لما بي
ولا لي أهل في بلاد ومعشر ... يعدون أيامي لوقت إيابي
وإن سرت عن دار فما من مشيع ... ولا ملتق إن جئتها بركابي [1]
ولا سكن أعتده لملمة ... ولا أحد يرجى لدفع [مصابي] [2]
__________
[1] في الأصل: «بالركابي» .
[2] ما بين المعقوفتين من هامش الأصل.(21/193)
حرف الياء
197- يحيى بن الحسين بن أحمد بن جميلة، أبو زكريا الضرير المقرئ [1] :
من أهل أوانا. قدم بغداد فِي صباه وتلقن بها القرآن وأتقنه، وقرأ بالقراءات الكثيرة على المشايخ، ولازم مجالس العلم، وحصل النسخ والأصول؛ ولم يزل في التحقيق والتجويد وضبط القراءات والإتقان حتى صار أحد القرّاء المشار إليهم. قرأ القرآن بالقراءات على عمر بن ظفر المغازلي وأبي الكرم بن الشهرزوري؛ وانحدر إلى واسط وقرأ بها على أبي الكرم محفوظ بن الحسين بن عبد الباقي بن التاريخ، وسمع الحديث من أبي عبد الله محمد بن علي بن الجلابي وأبي العباس بن الطلاية وأبي الفضل بن ناصر وابن الشهرزوري في آخرين؛ وحدّث كثيرا، سمعت منه، ولم يكن ثقة، ولا مرضيا في دينه ولا في روايته، فإنه كان مرتكبا للفواحش والمنكرات في المساجد. رأيته مرارا يبول في بالوعة المسجد ويخلّ بالصلوات. وكان يدّعى أنه قرأ على أبي محمد بن بنت الشيخ بجميع ما عنده ويروي عنه، ولم يكن بيده خطه؛ ولم يذكر أحد من تلامذة أبي محمد أنه رآه عنده قط.
مولده في ليلة رابع عشري ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وخمسمائة.
وتوفي في ليلة ثالث عشري صفر سنة ست وستمائة، ودفن بباب حرب.
198- يحيى بن سلامة بن الحسين بن محمد، أبو الفضل الطبري الخطيب، المعروف بالحصكفي [2] :
كان فقيها فاضلا أديبا بليغا، مليح الشعر، لطيف المعاني، رقيق الغزل، وكان يتشيع. قدم بغداد، وجالس أبا زكريا التبريزي، فقرأ عليه شيئا من شعره.
ومن شعر الحصكفي من أول قصيدة:
أقوت مغانيهم فأقوى الجسد ... ربعان كل بعد سكن فدفد
أسأل عن قلبي وعن أحبابه ... ومنهم كل فقير يجحد
وهل يجيب أعظم باليد ... أو رأيتم دارسه من ينشد
توفي بميافارقين في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، وكان مولده بعد الستين.
__________
[1] انظر: طبقات القراء 2/368. وشذرات الذهب 5/23.
[2] انظر: النجوم الزاهرة 5/328. ووفيات الأعيان 15/651. والأعلام 9/183. ومعجم الأدباء 20/18- 19. والمنتظم 18/1280133.(21/194)
199- يحيى بن عبد الوهاب بن مُحَمَّد بن إسحاق بن يَحْيَى بن منده، أبو زكريا بن أبي عمرو بن أبي عبد الله، الإمام العبدي [1] :
من أهل أصبهان. سمع الحديث من أبي بكر مُحَمَّد بن عبد الله بن ريذة وأبي الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ النعمان وأبي عبد الله محمد بن علي الجصاص وأبي طاهر أحمد بن محمود الثقفي وأبيه أبي عمرو وعمّيه أبي الحسن عبيد الله وأبي القاسم عبد الرحمن، ورحل إلى خراسان، فسمع بنيسابور من أبي بكر أحمد بن منصور بن خلف المغربي وأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي. وصنّف وأملى. ودخل بغداد، وحدّث بها، وأملى بجامع المنصور. سمع منه ابن الخشاب وعبد الوهاب الأنماطي.
قال شيرويه بن شهردار الديلمي قال: يحيى بن عبد الوهاب بن مندة كان حافظا فاضلا مكثرا، صدوقا، ثقة، يحسن هذا الشأن جيدا جدا، كثير التصانيف، شيخ الحنابلة ومقدمهم، حسن السيرة، بعيدا من التكلف، متمسكا بالمآثر.
قال الحافظ أبو موسى في معجم شيوخه: أنا الحافظ الأصيل أبو زكريا بن مندة، وكان مولده في تاسع عشر شوال سنة أربع وثلاثين- يعني وأربعمائة.
وتوفي في حادي عشر ذي حجة سنة إحدى عشرة- يعني وخمسمائة- رحمه الله.
200- يحيى بْن عليّ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن موسى بن بسطام، الشيباني الخطيب، أبو زكريا [2] :
من أهل تبريز. سافر في طلب علم الأدب إلى الأقطار، فقرأ على عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني وأبي سعيد الحسين بن الحسين البيضاوي، وقرأ بالبصرة على أبي القاسم الفضل بن محمد بن علي القصباني، وببغداد على أبي مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عليّ بن الدهان في آخرين؛ وسمع بها الحديث وكتب الأدب على أبوي الحسين هلال بن المحسن الصابئ ومحمد بن محمد بن السراج وأبي الطيب الطبري وأبي محمد الجوهري في آخرين، وسافر المعرة، ولازم أبا العلاء أحمد بن عبد الله التنوخي وقرأ عليه كثيرا من مصنفاته، ودخل الشام وقرأ بصيدا على عالي بن عثمان بن جني، وسمع الحديث من الفقيه سليم بن أيوب الرازي والحافظ أبي بكر الخطيب، وصنّف
__________
[1] انظر: وفيات الأعيان 5/217. وتذكرة الحفاظ 4/1250. والعبر 4/25. والأعلام 8/194.
[2] انظر: شذرات الذهب 4/5، 6. ووفيات الأعيان 5/238. والنجوم الزاهرة 197. والأعلام 8/197. والأنساب 3/16. ومعجم الأدباء 20/25. ومعجم المؤلفين 13/214. والمنتظم 17/114- 116.(21/195)
مصنفات حسنة، منها تفسيرا للغريب وإعرابا، وشرح اللمع لابن جني، وشرح الحماسة ثلاثة شروح، وشرح ديوان المتنبي وديوان أبي تمام الطائي وسقط الزند للمعرّي. وسكن بغداد إلى حين وفاته، وتولى تدريس الأدب بالمدرسة النظامية. وكان إماما في اللغة، حجة في النقل، له معرفة تامة بالنحو، وكان صدوقا ثبتا نبيلا، انتهت إليه الرئاسة في فنّه، واتفقت الألسن على تفرده في وقته. روى عنه أبو بكر الخطيب في مصنفاته- وهو من شيوخه- وابن الجواليقي وابن ناصر والسلفي وسعد الخير الأنصاري في آخرين.
ومن شعر الخطيب قوله يرثي غلاما له مات بالموصل:
دفنت بدر التم بالموصل ... فلا سقاه الغيث من منزل
يا صبر لا خل به مؤنسي ... وارتحل الركب ولم ترحل
ما كنت إلا مقطعا جنب ال ... وصل فلم سميت بالموصل؟
قال السلفي في معجم شيوخه: أبو زكريا يحيى التبريزي إمام في اللغة والنحو، ثقة، قرأ على أبي العلاء المعري وعلى عالي بن عثمان بن جني، وسمع أبا الطيب الطبري والجوهري؛ وله مؤلفات كثيرة، منها تفسير القرآن وغيره.
سَأَلْتُهُ عَن مولده، فقال: فِي سنة إحدى عشرة وأربعمائة.
قال ابن السمعاني: سمعت أبا منصور بن خيرون يقول: أبو زكريا التبريزي ما كان مرضي الطريقة، وذاكرت أبا الفضل بن ناصر بما ذكره ابن خيرون فسكت، وكأنه ما أنكر ما قال، ثم قال: ولكن كان ثقة في اللغة وما كان ينقله.
توفي مساء يوم الثلاثاء تاسع عشر جمادى الآخرة سنة اثنتين وخمسمائة بعد أن كان عبر يوم الإثنين- وهو صحيح- إلى النقيب الطاهر أبي الحسن علي بن معمر العلوي يهنئه [1] بالنقابة، فهنأه وعاد من عنده، فاشتهى أن تعمل له دجاجة، فعملت وأكل منها ثم نام، فانتبه في بعض الليل، فاستسقى غلامه، فأتاه بالماء، فوجده قد مات، ودفن بباب أبرز وهو في عشر التسعين- قاله أبو عمر العبدري.
201- يحيى بن عيسى بن جزلة، أبو علي الطبيب [2] :
__________
[1] في الأصل: «تهنيته» .
[2] انظر: النجوم الزاهرة 5/166. ووفيات الأعيان 5/310، 311. ومعجم المؤلفين 13/218.
والأعلام 9/202.(21/196)
كان نصرانيا، وكان يقرأ المنطق على أبي علي بن الوليد شيخ المعتزلة ويلازمه، فلم يزل يدعوه إلى الإسلام ويشرح له الدلالات حتى أسلم. وكان عالما بالحكمة والطب.
وله مصنفات حسنة مفيدة في الطب، منها كتاب منهاج البيان فيما يستعمله الإنسان.
ومن شعره قوله يمدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
وشاهر السيف قبل السيف الذرهم ... والناس قد عكفوا جهلا على هبل
إمام معجزة قولا ونممه ... فعلا فأحكمه بالقول والعمل
توفي في آخر شعبان سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، وكان وقف كتبه في مشهد أبي حنيفة.
202- يَحيى بْن مُحَمَّد بْن هبيرة بْن سَعِيد بن حسين بن أحمد بن الحسن بن جهم بن عمر بن هبيرة بن علوان، أبو المظفر الوزير [1] :
قلده الإمام المقتفي لأمر الله الوزارة وخلع عليه. وكانت أيام وزارته منيرة بالعدل، مزهرة بالجود والفضل، وكان محبا لأهل العلم، يحضر مجلسه الفقهاء والأدباء والقرّاء وأصحاب الحديث، ويبحث مع كل منهم في فنه، فيسفر فكره عن فائدة لطيفة ونكتة ظريفة، ويشهد له الجماعة بوفور فضله وجلالة قدره. وكانت له مصنفات حسنة في عدة فنون من العلم والقراءات والحديث والأدب، وأجلّها كتاب الإفصاح عن معاني الأحاديث الصحاح، شرح فيه أحاديث صحيحي البخاري ومسلم، وبيّن فقهها ولغتها ومعانيها بألفاظ تعرب عن نبله وجلاله، وتفصح عن بعد مرماه في الفضل وكماله، وتبين عن غزارة علمه وحسن تصوره وفهمه.
وقرئ عليه في مجلس عام جامع لأئمة أهل الإسلام ثم إنه رتب لحفظ هذا الكتاب من المتعلمين ألفا وثمانمائة طالب، وجعل لهم مائة وأربعين معيدا لتحفيظهم وتفقيههم بحيث لم يبق مسجد ولا مدرسة إلا ويلقي فيهما درس منه. وبعد حفظ الطلبة لدروسهم يحضرون مع مفيدهم في حضرة الوزير فيقرءونه من حفظهم، فيوصل إليهم من المبارّ والأنعام ما يدهش سائر الأنام. ويقال: إنه أنفق على هذا الكتاب حتى جمعه مائة ألف دينار وثلاثة عشر ألف دينار. سمع الحديث من أبي عثمان إسماعيل بن قيلة وأبي القاسم هبة الله بن الحسين وأبي غالب بن البنا وأبي الحسين محمد بن محمد بن
__________
[1] انظر: النجوم الزاهرة 5/300. ووفيات الأعيان 5/274- 287. وشذرات الذهب 4/191.
والأعلام 9/222. والدارسي 1/409. والعبر 4/212. والمنتظم 18/55 ومرآة 8/255.(21/197)
الفراء وأبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وعبد الوهاب الأنماطي، وحدّث وأملى عدة مجالس بالديوان الزمامي.
ومن شعره قوله:
ربما فاتك ما تهواه والخيرة فيه ... وكثيرا يعطب الإنسان فيما يشتهيه
وينال المرء ما يرجوه فيما يتقيه
توفي ليلة الأحد لاثنتي عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ستين وخمسمائة ببغداد.
وكان مولده في صفر سنة تسع وستين وأربعمائة- قاله ابن شافع.
أنشد القاسم بن عمر الخليع لنفسه يوم مات الوزير:
مات يحيى ولم نجد بعد يحيى ... ملكا ماجدا به يستعان
وإذا مات من زمان كريم ... مثل يحيى به يموت الزمان
203- يحيى بن نزار بن سعيد، أبو الفضل التاجر [1] :
من أهل منبج. قدم بغداد واستوطنها، وكان من ذوي الثروة الواسعة والحرفة الكاملة. وله شعر حسن لطيف.
أخبرنا شهاب الحاتمي أن ابن السمعاني [قال] أنشدنا يحيى بن نزار المنبجي لنفسه:
لو صدّ عنّي دلالا أو معاتبة ... لكنت أرجو تلاقيه وأعتذر
لكن ملالا فلا أرجو تعطفه ... جبر الزجاج عزيز حين ينكسر
قال: وأنشدني لنفسه:
وأغيد غض زاد خط عذاره ... لعاشقه في همه والبلابل
تموج بحار الحسن في وجناته ... فتقذف منها عنبرا في السواحل
وتجرى بخديه الشبيبة ماءها ... فتنبت ريحانا جنوب الجداول
مولده بمنبج في محرم سنة ست وثمانين وأربعمائة.
وتوفي ببغداد في ليلة سادس ذي حجة سنة أربع وخمسين وخمسمائة، ودفن بالوردية، وكان سبب موته أنه وجد في أذنه ثقلا، فاستدعى إنسانا في الطرقية فامتص أذنه، فخرج شيء من مخه، فكان سبب موته- قاله صدقة بن الحسين بن الحداد.
__________
[1] انظر: النجوم الزاهرة 5/300. ووفيات الأعيان 5/274- 287. وشذرات الذهب 4/191.
والأعلام 9/222. والدارسي 1/409. والعبر 4/212. والمنتظم 18/55 ومرآة الجنان 8/255.(21/198)
204- يعقوب بن صابر بن أبي البركات بن عمّار بن علي بن الحسين بن علي بن حوثرة القرشي، أبو يوسف المنجنيقي [1] :
حراني الأصل. كان أديبا فاضلا، مليح الشعر لطيفه، ذا معان مطبوعة، وألفاظ سهلة. سمع أبا المظفر هبة اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن السَّمَرْقَنْدِيّ، وحدّث، وكان حسن الأخلاق.
أنشدنا يعقوب بن صابر الحراني لنفسه:
كيف يسخو العاشق بوصال با ... خل في الكرى بطيف الخيال
علق القرط حين بلبل صدغيه ... بداج من فرعه كالليالي
فرأينا الدجى وقد سحب البدر إل ... يه من قرطه بهلال
وأنشدنا أيضا لنفسه:
شكوت منه إليه جوره فبكى ... واحمرّ من خجل واصفرّ من وحل
بالورد والياسمين الغض منغمس ... في الطل بين البكاء والعذر والعذل
مولده في رابع محرم سنة أربع وخمسين وخمسمائة ببغداد، وتوفي بها في ليلة ثامن عشري صفر سنة ست وعشرين وستمائة، ودفن بمقابر قريش.
205- يوسف بن خليل بن عبد الله الآدمي، أبو الحجاج الدمشقي [2] :
سمع الكثير ببلده، وقدم بغداد في سنة سبع وثمانين وخمسمائة، وسمع بها من أصحاب أَبِي القاسم بْن بيان وأبي عليّ بن نبهان وأبي طالب بن يوسف في آخرين.
ثم سافر إلى أصبهان، وسمع بها من أصحاب أبي علي الحداد وغانم البرجي وأبي منصور الصّيرفيّ في آخرين. وعاد فسمع بالموصل ودخل ديار مصر وسمع بها البوصيري والشفيقي في آخرين. وكتب بخطه الكثير، وكان يكتب خطّا حسنا، ويفهم هذا الشأن فهما جيدا. ثم إنه قدم بغداد بعد العشرين وستمائة حاجّا وحدّث بها، كتب عنه أبو عبد الله الواسطي، ثم إنه عاد إلى حلب واستوطنها، وحدّث بها بالكثير على استقامة وحسن طريقة ومعرفة، كتبت عنه بحلب ونعم الشيخ هو.
مولده في سنة خمس وخمس وخمسمائة بدمشق.
__________
[1] انظر: وفيات الأعيان 6/35- 45. وشذرات الذهب 5/120. ومعجم المؤلفين 13/250.
والأعلام 8/161.
[2] انظر: تذكرة الحفاظ 4/1410. ومعجم المؤلفين 13/279. وشذرات الذهب 5/243.
وذيل طبقات الحنابلة، وص 235. والأعلام 8/304. والدارس في تاريخ المدارس 1/514.(21/199)
قلت: وتوفي بحلب في ليلة عاشر جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وستمائة، ودفن من الغد ظاهر باب أربعين- سمعت من أصحابه رحمهم الله تعالى. ومعجم شيوخه يزيدون على أربعمائة شيخ- نقلته من خط الشريف عز الدين الحسيني.(21/200)
الكنى
206- أبو عبد الله بن خليفة الدوري:
ذكره أبو عبد الله الكاتب في كتاب «الخريدة» ، وقال: أنشدت له بيتين يهجو بهما ابن كامل العواد أحلى من نغمة العود، وألطف من نعمة الرود، وأطيب من وجدان الحظ المنشود، وأحسن من الروض المعهود، وهما:
إن وفت لابن كامل صنعة العود ... فقد خانه غناء وحلق
هو للضرب مستحق ولكن ... هو بالضرب للغناء أحق
قال: وله رباعيات في حسن الربيع بالمعنى البديع واللفظ الرصيع، فمنها:
يا من هربي منه وفيه أربي ... ضدان هما عذاب قلبي التعب
أحيي وأموت وهو لا يشعر بي ... كم وا حزني منه وكم وا طربي
قال ومنها:
يا من أدعو فيستجيب الدعوى ... لا يحسن بي إلى سواك الشكوى
أنت المبلى فكن مزيل البلوى ... لا مسعد للضعيف إلا الأقوى
207- أبو الفوارس الصوفي، الملقب «قتيل الحب» :
روى عنه أبو علي أحمد بن البرداني أناشيد، منها ما أنشده لغيره.
قلت: وهما للشريف الرضى من جملة أربعة أبيات:
سهمك مدلول على مقتلي ... فمن يرى سهمك يا نابل
قد رضى المقتول كل الرضى ... وا عجبا لم يخط القاتل
وأنشد لبعضهم، أعنى قتيل الحب:
يا غائبا عن سواد عيني ... حللت من قلبي السوادا
ما غبت عن ناظري ولكن ... نفيت عن مقلتي الرقادا
208- أبو المعالي بن محمد بن أحمد بن محمد الشروطي:
من أهل باب البصرة، كان شاعرا رقيق الشعر، لطيف الطبع.
ذكره أبو عبد الله الكاتب في «الخريدة» ، وقال: أذكره في أوان الصبى، ودكانه بباب النوبي، فجمع الظرفاء والأدباء، وهو يعمل شعرا ويلقبه صناع الغناء؛ فمن(21/201)
نظمه قوله:
نادى منادي البين بالترحال ... فلذلك المعنى تغير حالي
رصت ركابهم فلما ودعوا ... رفعوا على الأجمال كل جمال
فجرت دموع في خدود خلتها ... الياقوت قد نثرت عليه لآلي
وتفرق الشمل المصون وقبل ذا ... لم يخطر البين المشت ببالي
توفي في ربيع الأول سنة خمس وأربعين وخمسمائة ببغداد، ولم يبلغ الأربعين.(21/202)
ومن النساء
209- بدر التمام بنت الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الدَّبَّاسُ [1] :
كان والدها يعرف بالبارع. وكانت شاعرة رقيقة الشعر، ومن شعرها قولها:
جمالك بين الورى عاذري ... وذكرك في ليلتي سامري
ولا صح ودك لي إن سلوت ... ولا جال حبك في خاطري
أما لان قلبك يا هاجري ... ولا رقّ للمدنف الساهر؟
210- بنان، جارية المتوكل:
كانت شاعرة- ذكرها أبو الفرج الأصبهاني. خرج المتوكل يوما يمشي في صحن القصر وهو متكئ على يد بنان ويد فضل الشاعرة فمشى شيئا، ثم أنشد قول الشاعر:
تعلمت أسباب الرضا خوف هجرها ... وعلّمها حبي لها كيف تغضب
ثم قال: أجيزي هذا البيت! فقالت فضل:
يصد وأدنو بالمودة جاهدا ... ويبعد عني بالوصال وأقرب
فقلت:
وعندي له العتبى على كل حالة ... فما منه لي بد ولا عنه مذهب
211- بوران بنت الحسن بن سهل وزير المأمون:
يقال [2] : إن اسمها خديجة.
ذكر الطبري أن المأمون تزوجها في سنة اثنتين ومائتين وبنى لها في رمضان سنة عشر بفم الصلح، فلما دخل عليها نثرت عليهما جدتها ألف درة كانت في صينية ذهب، فأمر المأمون أن تجمع فجمعت كما كانت في الطبق ووضعها في حجر بوران وقال: هذه نحلتك، وسلي حوائجك، [فأمسكت] [3] فقالت لها جدتها: كلمي سيدك واسأليه حوائجك فقد أمرك، فسألته الرضا عن إبراهيم بن المهدي، فقال: فقد فعلت؛
__________
[1] انظر: وفيات الأعيان 1/258. وتاريخ الطبري 10/271. والأعلام 2/56. والدر المنثور في طبقات ربات الخدور، ص 102.
[2] انظر: تاريخ الطبري 10/251
[3] ما بين المعقوفتين من الطبري وليست في الأصل.(21/203)
وسألته الإذن لأم جعفر في الحج، فأذن لها، وألبستها أم جعفر البدنة الأموية. وابتنى بها في ليلته وأوقد في تلك الليلة شمعة عنبر فيها أربعون منا في تور ذهب، وأقام المأمون عند الحسن بن سهل سبعة عشر يوما، وكان مبلغ ما أنفق ابن سهل على المأمون وعسكره خمسين ألف ألف درهم، وأمر المأمون بعد انصرافه أن يدفع إلى الحسن عشرة آلاف ألف من مال فارس. وأقطعه الصلح؛ فحملت إليه على المكان.
وكانت [ ... ] [1] فجلس الحسن ففرقها في قوّاده وحشمه وأصحابه. ويقال: إن الحسن كتب رقاعا فيها اسماء ضياعه ونثرها على القواد وعلى بني هاشم، فمن وقعت في يده رقعة منها فيها اسم ضيعة بعث فتسلمها. لما بنى المأمون على بوران، فرش له حصير من ذهب مسقوف، ونثر عليه جواهر، فجعل بياض الدر يشرق عَلَى صفرة الذهب وما مسه أحد. فوجه الْحَسَن إِلَى المأمون: هذا نثار يجب أن يلقط، فَقَالَ المأمون لمن حوله من بنات الخلفاء: شرفن أبا مُحَمَّد، فمدت كل واحدة منهن يدها، فأخذت درة وبقي باقي الدّر يلوح على الذهب حصير. فقال المأمون: قاتل الله أبا نواس حيث يقول:
كأن صغرى وكبرى من فواقعها ... حصباء در عَلَى أرض من الذهب
فكيف لو رأى هذا معاينة! وكان أبو نواس في هذا الوقت قد مات لما دخل المأمون على بوران أراد أن يقبضها، فلما كاد مشت فقالت: أتى أمر الله فلا تستعجلوه! ففهم المأمون قولها فوثب عنها. ومن شعر بوران بنت الحسن بن سهل ترثي المأمون:
أسعداني على البكا مقلتيا ... صرت بعد الإمام للهم فيّا
كنت أسطو على الزمان فلما ... مات صار الزمان يسطو عليّا
مولدها في صفر سنة اثنتين وتسعين ومائة، وتوفيت في ربيع الأول سنة إحدى وسبعين ومائتين ببغداد، وقد بلغت من السن ثمانين سنة.
212- تجني بنت عبد الله الوهبانية، أم عتب عتيقة محمد بن وهبان [2] :
سمعت طراد الزينبي والحسين بن أحمد بن أحمد بن محمد النعالي، وهي آخر من
__________
[1] مكان النقط ممسوح في الأصل، وفي تاريخ الطبري 10/272. «وكانت معدة عند غسان بن وعياد» .
[2] انظر: شذرات الذهب 4/250. والعبر 4/223.(21/204)
روت عنهما، روى عنها ابن السمعاني ومات قبلها. وكانت صالحة، صحيحة السماع.
مولدها سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة، وتوفيت في شوال سنة خمس وسبعين وخمسمائة.
213- فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حَكِيمٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إبراهيم الخبري [1] :
سمعت أبا جَعْفَر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن المسلمة وأبا محمد عبد الله بن محمد الصريفيني وأبا الحسين بن النقور وأبا القاسم يوسف بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد المهرواني وأبا منصور مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز العكبري في آخرين، وحدثت، وكانت امرأة صالحة.
وسمع منها ابن أختها الحافظ أبو الفضل ناصر وأبو أحمد بن سكينة.
مولدها في جمادى الأولى سنة إحدى وخمسين وأربعمائة. وتوفيت ليلة خامس رجب سنة أربع وثلاثين وخمسمائة، ودفنت بباب أبرز.
214- نعمة بنت عليّ بْن يَحيى بْن عليّ بْن مُحَمَّد بن الطراح، المدعوة بستّ الكتبة [2] :
سمعت جدها. وكانت إمرأة حسنة صادقة.
مولدها في سابع ذي حجة سنة أربع وعشرين وخمسمائة، وتوفيت في ليلة ثامن عشري ربيع الأول سنة أربع وستمائة بدمشق، ودفنت خارج باب الفراديس، وحدثت بالكثير.
آخر الجزء الثامن من المستفاد من ذيل تاريخ بغداد وهو آخر ما وقع عليه الاختيار من الذيل المذكور والله الموفق.
وكتب بتنقية أحمد بن أيبك بن عبد الله الحسامي عرف بابن الدمياطي وهو يستغفر الله تعالى ويسأله الإنابة والتوفيق والهداية.
آخر الجزء التاسع عشر
__________
[1] انظر: مرآة الزمان 8/175. والمنتظم 18/7.
[2] انظر: مرآة الزمان 8/539. وشذرات الذهب 5/12. والأعلام للزركلي 8/11(21/205)
الجزء الثاني والعشرون
كتاب الرّد على أبي بكر الخطيب البغدادي
تأليف الإمام الحافظ محبّ الدّين أبي عبد الله محمّد بن محمود ابن الحسن بن هبة الله بن محاسن المعروف بابن النجّار البغدادي المتوفى سنة 643 هـ دراسة وتحقيق مصطفى عبد القادر عطا الجزء الثاني والعشرون دار الكتب العلمية بيروت- لبنان(22/3)
(بسم الله الرّحمن الرّحيم)
[المدخل]
قال الخطيب أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي، صاحب التاريخ في تاريخه: أخبرنا العتيقى أنبأنا محمد بن العباس أنبأنا أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ بْنُ إِسْحَاقَ الْجَلابُ قَالَ: سمعت إبراهيم الحربي يقول: كان أَبُو حنيفة طلب النحو في أول أمره فذهب يقيس فلم يجيء، وأراد أن يكون فيه أستاذا قال: قلب وقلوب. وكلب وكلوب. فقيل له كلب وكلاب ووقع في الفقه، فكان يقيس ولم يكن له علم بالنحو؟ فسأله رجل بمكة. فقال له: رجل شج رجلا بحجر. فقال: هذا خطأ ليس عليه شيء لو أنه حتى يرميه بأبا قبيس لم يكن عليه شيء.
فأقول وبالله التوفيق.
هذا من يكون عالما بالعربية. لأن الشرع مردود إلى ما ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم. والعربية مردودة إلى العرب. فما جاء عنهم أخذنا به. فإن كان كثيرا جوزناه وإن كان قليلا جدا. قال سيبويه في مثل هذا: سمعنا من العرب من يقول ذاك، فإن كان قد سمعه من فصيح أو موثوق به نبه عليه. فقال سمعناه ممن يوثق بعربيته، وقوله: بأبا قبيس. قد جاء مثله للعرب وهو قولهم:
إن أباها وأبا أباها ... قد بلغا في المجد غايتاها
فهذا منقول عن العرب. وقد قرئ في قوله تعالى: إِنْ هذانِ لَساحِرانِ
[طه 63] ولم يقرأ إن هذين غير أبى عمرو. فكان بعض العرب يجعل التثنية مبنية على هذا الوجه. ألا ترى إلى اسم إن لم يتغير بدخول إنّ عليه معما أنهم لم يدخلوا في كلامهم إن إلا للتأكيد. والحروف الستة عند بعض العرب مبنية إذا كانت مضافة تقول: رأيت أباك، ومررت بأباك. وقد جاء في قول الشاعر:
إذا ابن أبى موسى بلالا بلغته ... وقام بفأس بين وصلاك جازر
وأكثر الرواية فيها على الوجه الأصلى وهو: بين وصليك. قال سيبويه: واعلم(22/5)
أنهم لا يغيرون كلامهم إلا وهم يحاولون بذلك وجها لعلمه بأن إن مؤكدة لما كانت داخلة على مبتدإ وخبر وفيه معنى لا يحتاج إلى دخولها ألا ترى إلى قولهم زيد منطق أنه كلام تام مبتدأ وخبره. وإنما أدخلوا إن لتؤكد هذا المعنى الذي في المبتدأ والخبر من غير إخلال. ولما كانت إن جامدة جمود الاسم كان عملها فيه- أعنى النصب- بخلاف كان. لأنها منصرفة تقول: كأن يكون كونا فلما دخلت على الماضي والمستقبل والحال أشبهت الأفعال. فكان عملها فيها تقول: كان زيد منطلقا. ترفع الاسم وتنصب الخبر بخلاف إن. فإذا كانت إن مزادة للتأكيد لم تغير إن عن عملها في التثنية. كيف تغيرها الباء الزائدة مع أنها تحذف ولا تعمل. وكونها زائدة يكفى فيما ذكرت.
وأما كلام أبى حنيفة رضى الله عنه في العربية غير مخفي وهو ما حكى عنه محمد ابن الحسن رضى الله عنه وسأذكر بعض ذلك لتقف عليه إن شاء الله تعالى.
[باب ما جاء من المسائل الفقهية]
مسألة
رجل قال لامرأته: أنت طالق إن دخلت الدار. لا تطلق حتى تدخل الدار ولو فتح «أن» طلقت للوقت. والفرق بينهما أنه إذا كسر إن كانت للشرط وإذا فتحها كانت بتقدير اللام. فكأنه قال لدخولك الدار. فلم يصر هذا الكلام من صفة الطلاق ولا من الشرط. فصار كأنه قال مبتدأ: أنت طالق. فطلقت في الوقت. قال سيبويه في باب من أبواب أن التي تكون والفعل بمنزلة مصدر تقول: أن تأتنى خير لك كأنك قلت الإتيان خير لك. ومثل ذلك قوله تعالى: وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ
[البقرة 184] يعنى الصوم خير لكم. قال عبد الرحمن بن حسان:
إني رأيت من المكارم حسبكم ... أن تلبسوا خز الثياب وتشبعوا
كأنه قال: رأيت حسبكم لبث الثياب.
واعلم أن اللام ونحوها من حروف الجر قد تحذف من أن، كما حذفت من إن، جعلوها بمنزلة المصدر حين قلت فعلت ذاك حذر الشر، أى لحذر الشر.
ويكون مجرورا على التفسير الآخر. يعنى حين قدرها باللام التي تجر. ومثل ذلك قولك: إنما انقطع إليك أن تكرمه أى لأن تكرمه قال الله تعالى:(22/6)
أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ
[البقرة 282] أى لأن تضل: وقال: أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ
[القلم 14] أى لأن كان ذا مال. قال الأعشى:
أأن رأت رجلا أعشى أضربه ... ريب المنون ودهر تابل خبل
فإن المخففة هنا حالها في حذف حرف الجر كحال إنّ المثقلة. وتفسيرها كتفسيرها وهي وتفسيرها بمنزلة المصدر. ألا ترى أنك لو قلت: لم يك ولم أبل. لم يتغير عملها بالحذف لأن أصل أك أكن حذفت النون لكثرة الاستعمال. وكذلك أبل أصلها أبالى فلما حذف منها ما حذف لم يتغير عملها كذلك أن لما خففت نفى عملها إلا ان الفرق بين المكسورة والمفتوحة ما ذكرت.
مسألة
رجل قال لامرأته: - وهي غير مدخول بها- إن كلمتك فأنت طالق إن كلمتك فأنت طالق. إن كلمتك فأنت طالق. طلقت واحدة لأنه في المرة الأولى حلف بطلاقها أن لا يكلمها فإذا قال لها في المرة الثانية: إن كلمتك فأنت طالق وجد شرط انحلال اليمين الأولى، ووقعت تطليقة يعنى أنه إذا قال إن كلمتك فقد جاء بالشرط والجزاء والشرط والجزاء كلام تام. لأنه مثل المبتدإ والخبر. ففيه فائدة تامة. فإذا كان كذلك صار كلام تاما فوقع به الطلاق وإن كان قد أوجب شرطا آخر فلما قال في المرة الثالثة وجد منه الكلام ولم يصادف الشرط ما يمكن أن يكون جزاء فلغا ألا ترى إلى قوله: إن كلمتك فأنت طالق يقتضى كلام تاما مفهما للمعنى وإنما يتم بقوله فأنت طالق فوجب أن لا يحنث في الأولى إلا بعد الفراغ من الثانية ولما فرغ من الثانية كانت في ملكه، فصح إدخالها في الجزاء فانعقدت اليمين الثانية فإذا قال في المرة الثالثة حنث في اليمين الثانية لكن لم تصادف الملك فلغا فلا تنعقد اليمين الثالثة لأنها كانت خارجة عن ملكه فإن تزوجها بعد ذلك وكلها لا يحنث، لأن اليمين الثالثة لم تنعقد ولو كانت المرأة مدخولا بها تقع تطبيقات لأن الأولى انحلت بالثانية والثالثة وبقيت الثالثة منعقدة فإذا كلمها وهي في العدة تقع أخرى لوجود الشرط في علقة الملك. ولو قال لامرأته- ولم يدخل بها-: أن حلفت بطلاقك فأنت طالق، قالها ثلاث مرات وقعت تطبيقه واحدة، لأنه في المرة الأولى حلف بطلاقها أن لا يحلف بطلاقها فإذا قال لها في المرة الثانية: أن حلفت بطلاقك فأنت طالق فقد(22/7)
حلف بطلاقها ووجد الشرط، فانحلت اليمين الأولى وطلقت واحدة، واليمين الثانية منعقدة لأنه إنما حنث في اليمين الأولى بعد الفراغ من اليمين الثانية لأن اليمين إنما تصح بالجزاء وحينما تكلم بالجزاء كانت في ملكه فلما كررها في المرة الثالثة لم تنحل اليمين الثانية، لأن المرأة بانت بلا عدة، فلم يصح في المرة الثالثة إدخالها تحت الجزاء فوجد شرط حنثه وهو الحلف بطلاقها، بخلاف المسألة الأولى ففرق بين قوله:
إن كلمتك وإن حلفت بطلاقك، لأن شرط الحنث هناك هو الكلام، والكلام يصح إن كانت المرأة في ملكه أو لم تكن واليمين بالطلاق لا يصح إلا في ملك، أو في علقة من علائق الملك، أو في مضاف إلى الملك.
الأصل في مسائل الأيمان
إن اليمين على ضربين: يمين يراد بها تعظيم المقسم به وهو الحلف بالله تعالى ويمين هي شرط وجزاء. قال سيبويه: اليمين جملة يؤكد بها الكلام.
قوله جملة، يعنى من فعل وفاعل، أو من مبتدأ وخبر، أو شرط وجزاء: أما المبتدأ والخبر قولك: والله لا كلمت زيدا، والجملة التي من فعل وفاعل: والله خالق السموات لا كلمت زيدا، والشرط والجزاء كقولك: إن دخلت الدار فو الله لا كلمتك وهنا لا يصح إلا في الملك أو مضافا إلى الملك أو في علقة من علائق الملك، وأما الشرط فيصح في الملك وغيره. والمحلوف عليه من دخل تحت الجزاء لا من دخل تحت الشرط لأن الجزاء قوله أنت كذا وكان هو الداخل تحت اليمين وإنما لا يحتاج الشرط أن يكون في الملك لأن ذكر الشرط ليس بتصرف في الملك والجزاء إنما يجازى بما في ملكه فلذلك سمى جزاء لأن المجازاة هي أن يكون منك فعل قبالة فعل غيرك أو فعل غيرك قبالة فعلك إن خيرا فخير وإن شرا فشر قال الله تعالى: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها
وقال الشاعر:
جزى الله عنا ذات بعل تصدقت ... على عزب حتى يكون له أهل
فإنا سنجزيها كما فعلت بنا ... إذا ما تزوجنا وليس لها بعل
ألا ترى إلى قوله: نجزيها كما فعلت وجزى الله والمعلق بالشرط لا ينزل إلا عند وجوده والنكرة في النفي تعم. تقول: ما رأيت اليوم رجلا تقديره ما رأيت اليوم(22/8)
أحدا من الرجال، وفي الإثبات تخص، لأنك لو قلت رأيت اليوم رجلا اقتضى كلامك رؤية رجل واحد.
مسألة
وقال: رجل قال لامرأته- ولم يدخل بها- إن حلفت بطلاقك فأنت طالق قالها ثلاث مرات وقعت تطليقة واحدة. لأن في المرة الأولى حلف بطلاقها أن لا يحلف بطلاقها فإذا قال لها في المرة الثانية: إن حلفت بطلاقك فأنت طالق فقد حلف بطلاقها ووجد الشرط فانحلت اليمين الأولى وطلقت واحدة، واليمين الثانية منعقدة لأنه إنما حنث في اليمين الأولى بعد الفراغ من الثانية، لأن اليمين إنما تصح بالجزاء، وحينما تكلم بالجزاء كانت في ملكه، فلما كررها في المرة الثالثة لم تنحل اليمين الثانية: لأن المرأة بانت بلا عدة، فلم يصح في المرة الثالثة إدخالها تحت الجزاء، فوجد شرط حنثه. وهو الحلف بطلاقها، بخلاف المسألة الأولى، لأنه لم تنحل اليمين الثانية، لأن شرط الحنث هناك هو الكلام. والكلام يصح وإن لم تكن امرأته وهاهنا شرط الحنث الحلف بطلاقها وذلك لا يصح إلا في الملك. ثم إذا تزوجها وقال لها إن دخلت الدار فأنت طالق طلقت باليمين الثانية لوجود الشرط، وهو الحلف بطلاقها وإن لم يتزوجها ولكن قال لها إن تزوجتك ودخلت الدار فأنت طالق، حنث في اليمين الثالثة أيضا لأنه أضافها إلى الملك فصحت اليمين وانحلت اليمين الثانية ووقع الطلاق، إلا أنه لم يصادف الملك فلغا. واليمين التي أضافها إلى الملك صحيحة، فلو تزوجها ودخلت الدار وطلقت باليمين الثالثة ولو كانت مدخولا بها يقع تطليقان لأن اليمين الأولى انحلت بالثانية والثانية انحلت بالثالثة لأنها وجدت في علقة من علائق الملك وهي العدة وبقيت الثالثة منعقدة. فإذا قال لها وهي في العدة: إذا دخلت الدار فأنت طالقا انحلت الثالثة أيضا ووقع عليها أخرى.
مسألة
وقال رجل: قال امرأته طالق إن تزوج النساء أو اشترى العبيد، أو كلم الناس.
فتزوج امرأة واحدة، أو اشترى عبدا واحدا، أو كلم رجلا واحدا حنث لأن الألف واللام إنما يدخلان على السابق المعهود. كقوله تعالى: كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ(22/9)
رَسُولًا فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ
ألا ترى أنه ذلك الرسول الأول. وإنما لما كان تقدم أمره وجرى ذكره ثانيا وقعت الدلالة أن الألف واللام تكون للسابق المعهود، أو للجنس والجنس يقتضى الواحد فصاعدا. قال الله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما
وذلك أنه لم يرد سارقا بعينه فكأنه قال: اقطعوا هذا الجنس والأصل فيما ذكرت أن اسم الجنس لا يقتضى عددا محصورا بل الواحد فصاعدا واسم الجمع يقتضى عددا محصورا. كما قال في رجل قال: امرأته طالق أن تزوج نساء أو اشترى عبيدا. فإن لم يتزوج ثلاثا أو يشترى ثلاثا لا تطلق لأنه أخرج الكلام مخرج الجمع. أو قل الجمع الصحيح ثلاثة. وذلك أن العرب فرقت بين الواحد والاثنتين والثلاثة. فالواحد جاء عددا وصفة. أما الواحد العدد كما تقول واحد اثنان.
وأما الصفة فكما تقول جاء زيد وحده. وأما الاثنان فعدد له صيغة يتميز بها عن الآحاد والمجموع. فإذا أرادوا أن يصفوهما قالوا جاء الرجلان كلاهما قال الشاعر:
يا رب حىّ الزائرين كليهما ... وحىّ دليلا بالفلاة هداهما
ألا ترى أنه لما وصف الزائرين وهما مفعولان قال كليهما فنصب كما نصب الزائرين، وأما فجعلوهم صيغة واحدة لأن أكثر العدد لا يتناهى. فلو جاءوا يعلمون لكل عدد صيغة لطال عليهم، فوحدوا وثنوا وجمعوا. أما التوحيد فكما علمت للفرد. وأما التثنية فلأنه أضاف واحدا إلى واحد وكذلك الجمع. فإنه أضاف واحدا إلى واحد وأما من قال أن التثنية جمع فهو على ما ذكرت من أنه جمع واحد. فهو على الحقيقة جمع بالنسبة إلى الفرد. وعلى هذا جاء قوله تعالى: فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ
وإجماع الناس على أنه إذا كان له أخوان كان لأمه السدس. وقد جاءت التثنية بلفظ الجمع وليس ذلك إلا نظرا للجمع على الحقيقة إذ كان ذلك جمع واحد إلى واحد فعلى هذا ساغ أن تكون التثنية جمعا. قال الله تعالى: هَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ
قال الله تعالى تسوروا ودخلوا، وهذا لا يكون إلا على الجمع لأنه بين بعد ذلك وقال خصمان قال الخليل: فهذا على إن الاثنين عندهم جمع أيضا وصار بمنزلة قول الاثنين نحن فعلنا. قال الشاعر:
ظهراها مثل ظهور الترسين(22/10)
وإلا فصيغة كل جزء مما ذكرت مختصة على حدة. وأكثر الجمع عندهم تسعة وأقلهم ثلاثة، لأنه بعد التسعة يكرر لفظ الآحاد والجموع. فلو قال قائل إنكم إنما تجعلون الربع يقوم مقام الكل فلم جعلتم هنا الثلاث أعنى صيغة لفظ الجمع قلنا: إن ربع التسعة اثنان وربع ولما كانت الأعداد من شأنها الصحة لا الكسور وكان الرابع داخلا في الجزء والثلث غير منفصل عنه وليس فصله ممكن، ساغ أن يكون صيغة لفظ الجمع منطلقة على الثلاث إذا لا يمكن أقل من ذلك قال الله تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ
وهي شهران وعشرة أيام فلما دخل بعض الثالث في الكلام اقتضى النطق به بلفظ الجمع.
مسألة
رجل قال: والله لا أشرب من الفرات. إن شرب كرعا حنث، وإن شرب بآناء لم يحنث وذلك أنه إذا قال من فمن هنا لابتداء الغاية ولا يكون للتبعيض فلو أنها للتبعيض كان لا يحنث أبدا لأن الفرات اسم للأرض وليست باسم للماء فلو كان الفرات اسم الماء لكان المسمى ذهب وما أتى لم يسم وأنت إذا قلت أتيت الفرات لم ترد أنك أتيت الماء ولكنك تريد أنك أتيت البلاد التي على النهر فالنهر اسمه الفرات لا الماء فكأنك قلت والله لا أشرب من هذا الكوز ولو قلت هكذا لكانت يمينك على الشرب من الكوز لا على ما في الكوز فلو صب ما في الكوز في كوز آخر وشرب منه لم يحنث والنهر كما علمت اسم للحفرة المستطيلة كما قيل سيف منهر لم يرد أن الماء يجرى فيه ولكنه أراد المفقر ومنه سمى سيف النبي صلّى الله عليه وسلّم ذا الفقار ولو كان قال لا أشرب من ماء الفرات فإن شرب منه أو من إناء نقل من الفرات أو شرب بكفه حنث لأنه أضاف الماء إلى نهر مخصص لأنه لو كان اسما للماء لم يجز إضافته إليه كما تقول ماء الفرات فلو كان الماء اسمه الفرات لما قلت هذا ماء الفرات وإنما كنت تقول الفرات لأن الشيء عندهم لا يضاف إلى نفسه كما لا تقول هذا غلام غلام ولكنك تقول هذا غلام زيد فيضيف الغلام إلى زيد كأنه قال لا أشرب من هذه الماء الذي في هذا الكوز فسواء شرب منه أو من إناء آخر نقل إليه منه حنث ولو قال لا أشرب من هذا البئر يحنث إذا شرب بإناء. الفرق بينهما أن البئر غير مقدور على الشرب منها على الحقيقة فصار كأنه حلف مجازا كما لو قال: والله لا آكل من هذه الشاة فاليمين على لحمها لأنه يقدر على أكلها حقيقة ولو قال لا آكل(22/11)
من هذه النخلة، فاليمين على ثمرتها لأنه لم يقدر على أكل عينها حقيقة، فحمل على المجاز فكذلك الفرق بين الفرات والبئر.
واعلم أن العرب إذا وجدت الحقيقة في كلامهما لا يعدلون عنه وإذا لم يجدوا الحقيقة حملوا كلامهم على المجاز المتعارف فإذا لم يجدوا حملوا على المجاز فأما الحقيقة إذا قال رجل هذا أسد لا يشكون أنه رأى عرباضا ولو قال زيد الأسد حمل على المجاز إذ كان الحمل على الحقيقة متعذرا قال الله تعالى: وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ
فلم يرد أنهن أمهاتنا لكنه حمله على المجاز فلما جاء إلى الحقيقة قال: إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً
وأما المجاز المتعارف فقوله تعالى: أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ*
فإن أحدنا لو جاء الغائط ألف مرة لا ينتقض وضوءه وإنما جعل الغائط كناية عن الحدث وإن كان الحدث أيضا مجازا إلا أننى استقبحت أن أذكر الحقيقة إذ لم أجد له في العربية اسما حقيقيا إلا اسما واحدا وأما المجاز غير المتعارف فقولهم الوطء يكون على الوطء بالقدم على الحقيقة وكناية عن الجماع قال الله تعالى: وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها
والمراد منه الجماع لأنه لما قال أرضهم وديارهم كفى في البلاد وأرضا لم تطؤها يعنى النساء.
مسألة
رجل قال: أن خرج فلان من هذه الدار حتى آذن له فعبدي حر. فأذن له مرة ثم خرج بغير أمره لا يحنث لأن حتى تكون للغاية فإذا قال حتى آذن له فكأنه قال غاية ذاك إذني له قال الله تعالى: فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي
فلو كان أبوه أذن له مرة لم يحتج إلى إذن ثان. ولو كان قال إلا بإذنى احتاج إلى الإذن في كل مرة. ألا ترى إلى قوله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ
فيحتاج إلى الاستئذان في كل مرة.
والفرق بينهما أن المسألة الأولى جعل لها غاية بقوله حتى. فإذا انتهت غايتها سقطت كأنه قال لا أكلمك حتى يدخل رمضان فإذا دخل رمضان جاز له الكلام من غير حنث لأنه جعل رمضان غاية ليمينه. وأما الإذن فقال تعالى: آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ*
أى قبل إذنى لكم. فهذا محتاج إلى الإذن كل مرة، كأنه قال: إلا(22/12)
وقد بين أبو حنيفة رضى الله عنه حكم الحرف الوعائى ما لم يبينه أحد. وذلك في قوله رجل قال لآخر: إن شتمتك في المسجد فعبدي حر وقال إن ضربتك في المسجد فعبدي حر. فأما الشتيمة ونحوها مما يجرى من أحدهما فجعله كون الفاعل في المسجد. وأما ما لم يعم الفاعل بنفسه جعل الفعل أن يقع على المفعول فقال إن شتمتك في المسجد. وأما ما لم يعم الفاعل بنفسه جعل الفعل أن يقع على المفعول فقال إن شتمتك في المسجد يحتاج إلى أن يكون الشاتم في المسجد إلا ترى أن الرائي لو رأى رجلا يشتم رجلا أو يكفر، ويقول: لا تشتم في المسجد أو لا تكفر في المسجد وأما الذي لم يقم بالفعل وحده فلا يحنث ما لم يكن المفعول في المسجد. ألا ترى أن رجلا لو رأى رجلا يذبح شاة والذابح بالمسجد والشاة خارج المسجد يقول لا تذبح عند باب المسجد ولو كانت الشاة بالمسجد والذابح خارج المسجد يقول لا تذبح في المسجد وكذلك لو قال إن قتلتك يوم الجمعة فضربه في غير يوم الجمعة لكنه مات يوم الجمعة حنث، ولو ضربه يوم الجمعة فمات في غير يوم الجمعة لا يحنث، لأن القتل لا يكون إلا بزهوق الروح. وقيل زهوق الروح لا يكون قاتلا. وإنما يكون ضاربا.
مسألة
رجل قال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق، إن كلمت فلانا. فتزوج امرأة قبل الكلام وامرأة بعد الكلام. فالتي تزوجها قبل الكلام طلقت ولا تطلق التي تزوجها بعد الكلام. لأنه أوجب الكلام من ساعته وجعل كلام فلان غاية ليمينه واليمين إذا انتهت غايتها سقطت فيكون كلام فلان غاية ليمينه وصار شرطا لانحلال اليمين ولم يكن شرطا لانعقاده لأنه أخر الشرط فصار شرطا لانحلال اليمين فدخلت المزوجة قبل الشرط تحت اليمين، وأما إذا قدم الشرط فقال إن كلمت فلانا فكل امرأة أتزوجها فهي طالق فتزوج امرأة بعد الكلام وامرأة قبل الكلام فالتي تزوجها قبل الكلام لا تطلق، لأنه تزوجها قبل اليمين، والتي تزوجها بعد الكلام تطلق لأنه تزوجها بعد انعقاد اليمين. وهذا لأنه جعل كلام فلان شرط لانعقاد اليمين فصار كأنه قال عند كلام فلان كل امرأة أتزوجها فهي طالق، لأنه إذا علق الطلاق بالشرط يكون شرطا لانعقاد اليمين والداخلة تحت اليمين المزوجة بعد الشرط وإن أخر الشرط يكون شرطا لانحلال اليمين والداخلة تحت اليمين المزوجة قبل الشرط،(22/13)
أما إذا وسط الشرط فقال: كل امرأة أتزوجها أن كلمت فلانا فهي طالق صار كما إذا قدم الشرط لأن كلمة هي لا تستبد بنفسها، فصار كما إذا قال كل امرأة أتزوجها إن كلمت فلانا فالمرأة التي أتزوجها إن كلمت فلانا فالمرأة التي أتزوجها طالق ولو قال إن كلمت فلانا كل امرأة أتزوجها طالق صار الشرط مقدما كذلك هاهنا. وأما إذا وقت وأخر الشرط فقال كل امرأة أتزوجها فهي طالق إلى ثلاثين سنة إن كلمت فلانا. فتزوج امرأة بعد الكلام وامرأة قبل الكلام طلقتا لأنا إنما جعلنا كلام فلان غاية ليمينه من طريق الدلالة. فإذا وقت صريحا خرجت الدلالة من أن تكون للغاية لأن الصريح أقوى منها. ولو قدم الشرط فقال: إن كلمت فلانا فكل امرأة أتزوجها إلى ثلاثين سنة فهي طالق. فالتي تزوج قبل الكلام لا تطلق، لأن الكلام صار شرطا، لانعقاد اليمين على ما ذكت ومن تزوجها بعد الكلام تطلق. ولو وسط فهو كما لو قدم ثم إذا أخر الشرط يعتبر من وقت اليمين، لأنه أوجب اليمين من ساعته. ولو أخر الشرط يعتبر من وقت الكرم لأن اليمين انعقدت عند الكلام، وكذلك الجواب في الفصول كلها إذا جعل غاية ليمينه وشرطا لحنثه.
وحروف الشرط إن المكسورة الهمزة المخففة تقول إن تأتنى آتك «ومن» يقول من يمرر أمرر به فقولك إن تذهب وما أشبهه من الفعل الذي يلي إن شرط والجزاء قولك اذهب. وجزاء الشرط ثلاثة أشياء: الفعل وقد ذكرته، والآخر الفاء. في نحو إن تأتنى فأنت مكرم قال الله تعالى: فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً
وإذا، تقول: إذا احمر البسر أعطيتك قال الله تعالى: وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ
فموضع الفاء وما بعده جزم وكذلك موضع إذا وما بعدها بدلالة أنه لو وقع موضع ذلك فعل لظهر الجزم. وعلى هذا قرأ بعض القراء مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ
فجزم يذرهم لحمله إياه على موضع فلا هادى له.
وقد تقع أسماء موضع إن وتلك الأسماء منها ما هو غير ظرف ومنها ما هي ظرف. فما كان غير ظرف فنحونا ومن، وأيهم، تقول من يكرم أكرم. وأيهم تعط أعط. وما تركب أركب قال الله تعالى: ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها
وقال تعالى: أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى
فعلامة الجزم في الفعل بعد أى حذف النون التي تثبت علامة للرفع في تفعلون قال الله تعالى: مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ(22/14)
آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ
والظروف التي تجازى بها متى، وأنى وأين. وأى حين، وحيثما وإذ ما، ولا يجازى بحيث، ولا بإذ. حتى يلزم كل واحدة منهما ما يقول متى، يأتنى آته، ومتى ما تأتنى آتك. قال:
متى تأته تعشو إلى ضوئ ناره ... تجد خير نار عندها خير موقد
وأنى يقم أقم. وأين تذهب أذهب. وأى حين تركب أركب وهذه الأسماء التي جوزي بها إذا نصبت انتصبت بالفعل الذي هو شرط ولا يجوز: زيدا إن تضرب أضرب، لا يجوز أن تنصبه في قول البصريين بالشرط، ولا بالجزاء. فإن قلت: إن يضرب زيدا أضرب، كان زيد منتصبا بالفعل الذي هو شرط. فإن شغلت الشرط بالضمير قلت: إن زيدا تضربه اضرب عمرا كان زيد منتصبا بفعل مضمر، يفسره هذا الظاهر. كما أن قولك زيدا ضربته، كذلك وقد يحذف الشرط في مواضع، فلا يؤتى به لدلالة ما ذكر عليه وتلك المواضع: الأمر، والنهى، والاستفهام، والتمني، والعرض. تقول: أكرمنى أكرمك، والتأويل أكرمنى فإنك إن تكرمني أكرمك. والنهى لا تفعل يكن خيرا لك. والاستفهام ألا تأتنى أحدثك؟ وأين بيتك أزرك؟ والتمني ألا ماء باردا أشربه؟ والعرض إلا تنزل تصب خيرا؟ فمعنى ذلك كله إن تفعل أفعل فهو جميعه معنى الشرط ومعنى الجزاء أفعل قال محمد في «الجامع الكبير» : ألا ترى أنه إذا قال إذا جاء غد فكل امرأة أتزوجها فهي طالق فلا تطلق إلا التي تزوجها في الغد، وانما أراد ما أشكل بالأفعال فاعتبره بالأوقات لأنك إذا قدمت الشرط أو وسطته أو أخرته في الأوقات تبين لك في الأفعال. اجعل مجيء الغد بمنزلة كلام فلان. وقد تبين لك ما ذكرت.
مسألة
إذا قال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق كلما كلمت فلانا وتزوج امرأة ودخل بها ثم كلم فلانا، ثم تزوج أخرى فالتي تزوجها قبل الكلام تطلق ولا تطلق التي تزوجها بعد الكلام، لأنه جعل كلام فلان غاية ليمينه وشرطا لحنثه، فصار كأنه قال كل امرأة أتزوجها غدا فهي طالق كلما كلمت فلانا ولو قال هكذا لا يشكل لأنه لا يقع الطلاق إلا على التي تزوجها غدا، فذكر المسألة بكلما، وكلما كلمة تكرار بيانها(22/15)
يجيء بعد إن شاء الله. فصار حكم هذه المسألة وحكم المسائل المتقدمة على السواء، إلا أن هنا ذكرت شرط الحنث مكررا فإن كلم فلانا مرة أخرى طلقت أخرى إذا كانت في العدة، ولا تطلق الثانية لأنه جعل كلام فلان غاية ليمينه والغاية لا تحتمل التكرار، والشرط يحتمل التكرار. فإذا تزوج المرأة الأولى وكلم فلانا فقد انتهت اليمين غايتها وسقطت، لأن في حق الأولى صار الكلام شرطا للحنث وشرط الحنث يحتمل التكرار، ولو قدم الشرط فقال كلما كلمت فلانا فكل امرأة أتزوجها طالق، فتزوج امرأة قبل الكلام وامرأة بعد الكرم فالتي تزوجها قبل الكلام لا تطلق وتطلق التي تزوجها بعد الكلام، لأنه جعل كلام فلان شرطا لانعقاد اليمين فالتي تزوجها قبل الكلام تزوجها قبل انعقاد اليمين فلا يقع الطلاق عليها، فإن تزوج أخرى طلقت أيضا لأن كلمة كل تجمع الأسماء على الانفراد فكل امرأة يتزوجها بعد الكلام تطلق ولو لم يتزوج امرأة أخرى حتى كلم فلانا مرة أخرى لا يقطع الطلاق على المرأة الأولى لأنها بانت بالطلقة الأولى. وكذلك لو كانت في ملكه لا يقع الطلاق أيضا إذا كان التزوج قبل الكلام. ولو كلم فلانا ثم تزوج امرأة تقع تطليقتان، تطليقة بالكلام الأول وتطليقة بالكلام الثاني لأن يمينه انعقدت بحرف متكرر فانعقد في حقه يمينان.
وكذلك لو كلم فلانا ثلاث مرات ثم تزوج امرأة طلقت ثلاثا لأنه انعقدت عند كلام فلان أيمان ثلاثة، كأنه قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق، وكذلك في الثانية والثالثة، فإذا تزوجها حنث في الأيمان كلها.
قال في الكتاب: ألا ترى أنه لو قال كلما ضربت فلانا ففلانة طالق إن تزوجتها، فضرب فلانا ثلاث مرات ثم تزوجها طلقت ثلاثا لأنه إذا تكرر الضرب تكرر الانعقاد. فإذا وجد الشرط نزلت كلها وانحلت الأيمان معا. وقال ألا ترى أنه إذا قال لامرأته كلما دخلت الدار اليوم فأنت طالق غدا فدخلت الدار اليوم ثلاث مرات تطلق غدا ثلاثا. وقال ألا ترى أنه لو قال كلما ضربت فلانا فامرأتى طالق إن دخلت الدار، فضرب فلانا ثلاث مرات ثم دخل الدار تطلق ثلاثا، ولو وسط الشرط صار كأنه قدم وقد ذكرت ذلك. ولو قال كل امرأة أتزوجها إن دخلت الدار فهي طالق فالجواب في دخول الدار بمنزلة الجواب في كلام فلان إن كان شرط الدخول متقدما يقع الطلاق على المزوجة بعد الدخول ولا يقع على المزوجة قبل الدخول لكنه لا يدخله التكرار، والفرق بين كل وكلما أن كلا اسم مفرد يقع على الأفراد أبدا فإذا أضيف إلى الجمع أو قرن به اقتضى الجمع أيضا لكن على سبيل الإفراد لأنه مخصص(22/16)
به قال الله تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ
فهذا يقتضى الجمع لكن على سبيل الإفراد لأن من بمعنى الذي لكن لما كان اللفظ يقتضى العموم اقتضت ذلك لكن على أصلها وهي الإفراد، ألا ترى إلى من أنها لا تكون للجمع، وأما ما وصف به الجمع قوله تعالى: وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ
فجميع ومحضرون جموع، فلما قرنت بها كل اقتضتها لما فيها من الإبهام. قال سيبويه: هذا مال كل مال عندك فأضافه إلى النكرة، إلا ترى أنك تصف بها النكرة وذلك أنك تصف ما بها بما تصف به النكرة ولا تصف بما تصف به المعرفة.
قال سيبويه: حدثنا الخليل عمن يوثق بعربيته من العرب ينشد هذا البيت:
وكل خليل غيرها ضم نفسه ... لوصل خليل صارم أو معارز
فجعله صفة لكل والبيت للشماخ. فهذا يدل على الإفراد بقوله نفسه فأضاف كلا إلى الإفراد.
قال سيبويه: هذا كل مالك، وقال مررت برجلين مثلك أى كل رجل منهما مثلك، وأما كلما فهي من حروف الشرط وتدخل على الأفعال لأنك تقول كلما قام زيد قمت، فقولك قمت هو جواب لكلما وكل اسم لأنه يضاف ويضاف إليه تقوله كل رجل وصنعته، فتضيف كلا إلى رجل. قال الله تعالى: كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ.
مسألة
ولو قال كل امرأة أتزوجها إن دخلت الدار فهي طالق فالجواب في دخول الدار بمنزلة الجواب في كلام فلان إن كان الشرط متقدما يقع على المزوجة بعد الدخول ولا يقع على المزوجة قبل الدخول. ولو قال كل امرأة أملكها فهي طالق إن دخلت الدار فالطلاق يقع على المرأة التي في ملكه لا يكون غير ذلك، سواء قدم الشرط أو وسطه أو آخره لأن لفظ أملك يكون للحال ويصلح للاستقبال فلو أراد أن يخلص اللفظ للاستقبال قال سوف أملك أو سأملك للحال أى وضح أن يكون كذا. وإنما صلح للاستقبال لأن الحال أشبه بالاستقبال من الماضي لأن فعل خلاف سوف يفعل وإنما يفعل إذا نسبناه إلى أحدهما كنسبة المستقبل والملك الذي يكون للحال يكون(22/17)
للاستقبال لأن أملك اليوم والساعة وغدا سواء، وأملك صالح لكل ما ذكرت فلما كان ملك الحال يكون للاستقبال صلح اللفظ كما كان الفعل في أحواله. فلذلك قلت إن فعل الحال يصلح للاستقبال. فلما صلح اللفظ للأمرين حملناه على الأصل إذا لم يكن له قرين فإن كان له قرين حملنا على ما يصلح له فإذا قال أملك غدا حملناه على الملك المتجدد غدا ولئن قال: أملك حملناه على ملك الحال فصار كأنه قال كل امرأته إذا ملكها، فإنه يقع على من كانت في ملكه كذلك هنا يقع الطلاق على المزوجة في الحال ولا يصدق في صرف الطلاق عن من يملكها في الحال لأنه أراد صرف الكلام عن الظاهر إلى غيره فتجوز نيته على التي عنى ولا تصدق في إبطاله عن التي يملكها في الحال.
ووجه آخر: إنك إذا قلت زيد يضرب عمرا فإن بعض الضرب ماضى وبقيته مستقبل فكأنه وقع حالا وفيه المستقبل لكونه الضرب ما انقضى، فلو انقضى عبر عنه بالماضي ولذلك أشبه الحال الاستقبال في الكلام العرب. ولو قال كل جارية أملكها فهي حرة إذا جاء غد، أو قال كل جارية أملكها إذا جاء غد فهي حرة فإن هذا كله يقع على الموجود دون الحارث، لأنه علق العتق بمجيء الغد وذكر الملك مرسلا والملك المرسل يقع على الموجود دون الحارث، فصار كأنه قال كل جارية أملكها في الحال فهي حرة، ولو قال كذا لا يعتق إلا من كان في ملكه وقت اليمين بشرط حدوث الغد، ولو قال كل جارية أملكها غدا فهي حرة يعتق ما يملك في الغد من أول النهار إلى خره ولا يعتق الموجود والتي يملكها قبل مجيء الغد ولا يعتق التي يملكها بعد الغد، لأنه وصف الملك بمجيء الغد وفي الأخرى جعل شرط حنثه مجيء الغد فلذلك افترقا.
مسألة
إذا قال الرجل لامرأته أنت طالق اليوم وغدا طلقت اليوم ولا تطلق غدا وإذا قال أنت طالق اليوم وإذا جاء غد، طلقت اليوم طلقة وغدا طلقة، والفرق بينهما أن الواو للجمع وما اتصف مرة فلا يتصف ثانيا وهي فقد اتصفت بالطلاق فكل يوم هي موصوفة بالطلاق. قوله أنت طالقة اليوم وقع الطلاق واتصفت به وقوله وغدا فقد عطف اليوم على اليوم فحمل على الصفة. وأما قوله أنت طالق اليوم وإذا جاء غد(22/18)
فقد عطف المجيء على اليوم فأريد به الحدوث فحمل على الحدوث ولم يحمل على الصفة. فصار كأنه قال أنت طالق، وإذا جاء الغد طالق أيضا، فحمل كلامه على الإضمار إذ لم يكن له بد من ذلك فصار كأنه قال كما قال تعالى: لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى.
وقال الفرزدق:
وعض زمان يا ابن مروان لم يدع ... من المال إلا مستحا أو مجلف
أى مجلف كذلك.
مسألة
رجل قال لامرأته إن دخلت هذه الدار وهذه الدار فأنت طالق ثلاثا، فطلقها واحدة وهي غير مدخول بها فدخلت إحدى الدارين فتزوجها ثانيا ودخلت الدار الأخرى وهي في ملكه لا يمنع وقوع الطلاق، لأن الحنث يظهر بدخول الدار الثانية فيعتبر وقت اليمين ووقت الحنث ألا ترى أنه لو قال لامرأته أنت طالق رأس الشهر، فبانت منه فيما بين ذلك ثم عادت إلى ملكه قبل رأس الشهر وقع عليها الطلاق رأس الشهر، لأنها في ملكه وقت وجود اليمين والشرط جميعا. ولا يعتبر فراقهما خلال ذلك، ولأنه أضاف الطلاق إلى فعل مخصص ووجد الفعل وهي في ملكه، والأصل أن المعلق بالشرطين لا ينزل إلا عند وجود الآخر منهما لأن الكلام بآخره والواو للجمع ولا يمكن الجمع من دخول الدارين حقيقة فحمل على المعنى وهو الجمع في الفعل وهو دخول الدارين ولا يوجد ذلك إلا بدخول الدار الآخرة منهما. ولو قال إذا دخلت هذه الدار فأنت طالق إذا دخلت هذه الدار الأخرى فبانت منه ثم دخلت إحدى الدارين ثم تزوجها ثم دخلت الدار الأخرى لا يقع عليها شيء لأنه جعل دخول الدار الأولى شرطا لانعقاد اليمين فصار كأنه قال عند دخول الدار الأولى أنت طالق إن دخلت هذه الدار الأخرى ولو قال ذلك لا تطلق لأنها وقت اليمين لم تكن في ملكه لأن اليمين بالطلاق لا يصح إلا بالملك أو مضافا إلى الملك أو في علقة من علائق الملك وهنا لم يوجد شيء من ذلك فصار كأنه قال لأجنبية أنت طالق ثم تزوجها لا تطلق كذا هاهنا. والفرق بينهما أن المسألة الأولى كان الشرط دخول(22/19)
الدارين وقد وجد واليمين انعقدت لساعته ودخول الدارين جميعا كان شرطا لانحلال اليمين وهنا جعل دخول الدار الأولى شرطا لصحة اليمين ولما دخلت الدار الأولى لم تكن في ملكه فلذلك افترقا.
مسألة
إذا قال الرجل لامرأته أنت طالق غدا أو بعد غد، فجاء غد لم تطلق حتى يجيء بعد غد لأنه أوقع الطلاق في أحد الوقتين فلو قلنا إنها تطلق غدا احتجنا إلى أن نوقع الطلاق بعد غد وذا خلاف ما قال الحالف ولأن أو لأحد ما دخلت عليه فإذا جاء بعد الغد وقع الطلاق يقينا واليوم الأول كان شكا. ولو قال أنت طالق إذا جاء غد يقع الطلاق إذا جاء غد لأنه جعل مجيء الغد شرطا لوقوع الطلاق ثم أدخل كلمة الشك فقال أو بعد غد، وبعد وقوع الطلاق لا يمكن استدراكه فصار كأنه قال أنت طالق إذا جاء فلان أو فلان فأيهما جاء وقع الطلاق. وكذلك هاهنا إلا أن في الشخصين لا نعلم أيهما يجيء أولا وغد مقدم على بعد غد ضرورة فلذلك افترقا.
مسألة
إذا قال الرجل لامرأته إن دخلت هذه الدار وإن دخلت هذه الدار فأنت طالق، فهذه المسألة على ثلاثة أوجه؛ أما إن عطف الشرط على الشرط؛ وأما إن عطف الفعل على الشرط، أو عطف المفعول على الشرط. وكل وجه على ثلاثة أوجه أما إن قدم الطلاق، أو وسط الطلاق، أو أخر الطلاق. أما إذا عطف الشرط على الشرط إن أخر الطلاق كما إذا قال إن دخلت هذه الدار وإن دخلت هذه الدار فأنت طالق فإنها لا تطلق حتى يوجد الدخول لأن جميعا لأنه جمع بين الشرطين قبل إكمال الأول بالجزاء فصار كأنه قال إن دخلت هاتين الدارين فأنت طالق لأنه لو اقتصر على قوله إن دخلت هذه الدار وإن دخلت هذه الدار لم يكن كلاما تاما وإنما يتم بقوله أنت طالق، ولو قدر الطلاق فقال أنت طالق إن دخلت هذه الدار وإن دخلت هذه الدار فأى الدارين دخلت حنث لأنه أكمل الشرط الأول بالجزاء وعطف دخول الدار الأخرى عليها، فصار كأنه ابتداء، ولو وسط فقال إن دخلت هذه الدار فأنت طالق، وان دخلت هذه الدار. فأيهما وجد حنث في يمينه لأن اليمين(22/20)
تمت بالشرط الأول، فقوله الثاني ان دخلت ابتداء يمين منه على ما ذكرنا هذا عطف الشرط على الشرط، نحو قوله إن دخلت هذه الدار ودخلت هذه الدار فأنت طالق أو قدم الطلاق أو وسط الطلاق فالجواب واحد لا يقع الطلاق ما لم يوجد الطلاق جميعا لأن الواو للجمع ما لم يقم دليل الاستئناف. أما إذا أخر الطلاق فقال إن دخلت هذه الدار ودخلت هذه الدار فأنت طالق لا يقع الطلاق ما لم يوجد الدخولان لأنه جمع بين الفعلين وأجاب بجزاء فصار كأنه قال إن دخلت هاتين الدارين فأنت طالق ولو قدم الطلاق فقال أنت طالق إن دخلت هذه الدار ودخلت هذه الدار فكذلك الجواب أيضا. وإن كانت اليمين تتم بالشرط لأنه لا يجوز حمله على الاستئناف هنا لأن الطلاق لا يكون يمينا إلا بشرط وجزاء ولا يستقيم أن يكون بغير شرط وجزاء فحمل على معنى الجمع بخلاف ما إذا عطف الشرط على الشرط لأن هناك حمله على الاستئناف ممكن، وكذلك لو وسط الطلاق فالجواب هكذا كما إذا قال إن دخلت هذه الدار فأنت طالق ودخلت هذه الدار. ولو عطف المفعول على الشرط قدم الطلاق أو وسط أو أخر فالجواب واحد لأنه لا يقع الطلاق ما لم يوجد الدخولان جميعا كما إذا قال إن دخلت هذه الدار وهذه الدار فأنت طالق أو قال أنت طالق إن دخلت هذه الدار وهذه الدار أو وسط الطلاق فقال إن دخلت هذه الدار فأنت طالق، وهذه الدار. لأن الواو للجمع ما لم يقم دليل الاستئناف ولأنه يمكن أن تستأنف يمين أخرى بقوله هذه الدار من غير شرط ولا جزاء فحمل على الجمع فصار كأنه قال إن دخلت هاتين الدارين فالجواب في الفصول الخمسة واحد وفي فصلين خلاف الخمسة وهو أنه إذا عطف الشرط على الشرط وقدم الطلاق أو وسط لأنه قام هناك دليل الاستئناف وكذلك في هذه الفصول كلها إذا كان الشرط إذا، أو متى ما، أو إذا ما.
مسألة
رجل قال لامرأتيه إن دخلتما هذه الدار فأنتما طالقان فدخلت إحداهما دون الأخرى لا يقع الطلاق، ولو كان قال لهما إن دخلتما هاتين الدارين فدخلت كل واحدة منهما دارا على حدة يقع الطلاق، وذلك لأنه أضاف جماعة الأفعال إلى جماعة(22/21)
الأشخاص فالمراد فعل كل واحد على حدة قال الله تعالى: يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ
فما أراد أن كل واحد يدخل من جميع الأبواب. ومثل ذلك قوله تعالى: يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ*
فكل يخرج من جدثه ألا ترى إلى
ما روى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أتاه رجل فقال: يا رسول الله إنى جعلت لقومي مالا ليسلموا وقد أسلموا وقد شحت نفسي فيما جعلت لهم؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم: «إن أسلموا وإلا سيرنا لهم الخيل- أى الخيالة- كلا على فرسه»
فأضاف جماعة الأفعال إلى جماعة الأشخاص وقوله تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ
دليل على ما ذكرت من المعنى أى أهل القرية. فالنبي عليه السلام ما أراد إرسال الخيل هدية ولا أراد إلا حربهم. ولو قال إن دخلتما هذه الدار وإن دخلتما هذه الدار فأنتما طالقان، فدخلت كل واحدة منهما دارا يقع حتى يدخلا جميعا الدارين، لأنه جعل لكل يمين شرطا وجزاء على حدة ولم يضف جماعة الأفعال إلى جماعة الأشخاص، ألا ترى أن كل يمين منهما جملة من شرط وجزاء، فما لم يوجد لكل شرط جزاؤه لا يقع فصار كما إذا قال إن كلمت زيدا فعبدي حر وإن كلمت عمرا فامرأتى طالق. ألا ترى أنه لو اقتصر على إحدى الجملتين كانت يمينا تامة، وأ لا ترى أنه فو قال إن دخلتما هذه الدار فأنتما طالقان اليوم، وإن دخلتما هذه الدار أنتما طالقان غدا. وإن دخلتا الدار الأولى طلقتا اليوم، وإن دخلتا الدار الأخرى طلقتا غدا.
[ورود كتاب النقيب جمال الدين بن عبيد الله على القاضي شرف الدين بن عنين]
(بسم الله الرّحمن الرّحيم) لما كان بتاريخ المحرم سنة خمس عشرة وستمائة ورد كتاب من الموصل من الشريف النقيب جمال الدين بن عبيد الله على القاضي شرف الدين بن عنين ونسخته-:
كنت منذ زمن طويل تأملت كتاب «الجامع الكبير» : لمحمد بن الحسن رحمه الله وارتقم على خاطري منه شيء والكتاب في فنه عجيب غريب لم يصنف مثله، وفي هذه الأيام عاودت نظري فيه وتأملته وأحضرت الشرح الذي شرحه الاسبيجابى رحمه الله وهو على كل حال عجمي اللسان لا سيما إذا تكلم في المسائل المتعلقة بالعربية من نحو وغيره فإنه يقصر في بعض المواضع ويخطئ في بعض وأوثر منك- أبقاك الله- إن تسأل عن شبهة أذكرها لك وتحقق القول فيها مع الشيخ جمال الدين(22/22)
فمن جملة ما ذكره محمد بن الحسن رحمه الله أنه قال في باب العتق: إذا قال الرجل لآخر أى عبيدي ضربك فهو حر، فضربوه جميعا عتقوا. ثم قال في باب آخر: إذا قال الرجل لعبيده أيكم حمل هذه الخشبة فهو حر، وكانت مما يقدر على حملها رجل واحد فحملوها جميعا لم يعتق واحد منهم. هذا قول محمد رحمه الله، ولا فرق عندي بين المسألتين فإن الضاربين في المسألة الأولى بمنزلة الحاملين الخشبة، والمضروب بمنزلة الخشبة المحمولة، فإن قيل الخشبة يحملونها جملة واحدة قلت كذلك الضاربون والمضروب فإنهم يأخذون عصا واحدة في أيديهم ويضربون بها ضربة واحدة، وكذلك قال محمد رحمه الله في باب من أبواب الكتاب: إذا حلف الرجل أنه لا يصلى صلاة وصلى بغير وضوء لا يحنث، وإذا حلف أنه ما صلى وكان قد صلى بغير وضوء يحنث. ولا فرق عندي أيضا بين الصلاة الماضية والمستقبلة، فلم كان في إحداهما يحنث وفي الأخرى لا يحنث، وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا صَلاةَ إِلا بوضوء» وعلى هذا فينبغي أن لا يحنث في الصلاة الماضية والمستقبلة لأنهما بغير وضوء، وأنت يا مولاي حفظك الله إذا تكلمت مع الرجل فينبغي أن تحققه تحقيقا لا يبقى عليه غبار ولا تقنع بالكلام إلا قناعي فعرضت المسألتان على الشيخ جمال الدين الحصرى فأجاب بما صورته.
قال في المسألة الأولى:
لفظة أى تتناول واحدا من الجملة، قال الله تعالى: أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي
ولم يقل تأتونى بعرشها، ويقال أى الرجال أتاك ولا يقال أتوك إلا أنها تقبل الوصف بالعموم كما في قوله صلّى الله عليه وسلّم: «أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها» فقبل العموم بالوصف فقد وصفهم بكونهم ضاربين فعمهم والضرب بعموم الوصف فوجد الشرط من كل واحد منهم فعتقوا ولا فرق بين كونهم ضربوا جملة أو متفرقين وأما في مسألة الحمل فإنه أيضا وصفهم بوصف عام وهو الحمل إلا أن الشرط لم يوجد وهو حمل كل واحد منهم لجميع الخشبة بل وجد من كل واحد منهم حمل البعض.
المسألة الثانية:
وهي رجل قال: إن كنت صليت صلاة فعبدي حر، وقد كان صلى بغير وضوء حنث، ولو قال إن صليت فعبدي حر لا يحنث إذا صلى بغير وضوء.(22/23)
والفرق بينهما من وجهين:
أحدهما: أن الماضي موجود والموجود معرف وصفة المعرف لغو لأنه مستغن عن الصفة. اما المستقبل فهو معدوم ولا يعرف إلا بالصفة فاعتبرت الصفة في المستقبل ولم تعتبر في الماضي.
الوجه الثاني: أن الكلام في الماضي وقع خبرا وليس المطلوب من الأخبار الصحة والنفاذ والقبح والحسن، إنما المراد منه إعلام السامع لشيء ما وليس لذلك في المستقبل المطلوب منه وجود الغرض المتعلق بالفعل والإمتاع منه والغرض يتعلق في المستقبل فإن المستقبل بالصحيح لا بالفاسد، والله أعلم.
وقلت أنا: سألت رحمك الله عن قول محمد في «الجامع الكبير» في باب العتق إذا قال الرجل لآخر: أى عبيدي ضربك فهو حر فضربوه جميعا عتقوا، ولو قال لعبيده أيكم حمل هذه الخشبة فهو حر، وكانت مما يقدر على حملها واحد فحملها كلهم جملة واحدة لا يعتق أحد منهم ما الفرق بين المسألتين؟ وسألت وفقك الله عن قوله إذا حلف الرجل أنه لا يصلى صلاة فصلى بغير وضوء لا يحنث، وإذا حلف أنه ما صلى وقد كان صلى بغير وضوء حنث، ما الفرق بين المسألتين أيضا وأنا أذكر إن شاء الله ما وقع من الفرق بين هذه المسائل، فإن رأيت خطأ فاعذر وسامح كما قال الحريري:
وإن تجد عيبا فسد الخللا ... فجل من لا عيب فيه وعلا
أو كما قال أبو على الفارسي: إن الخطأ بعد التحري موضوع عن المخطئ ومثلي من يعذر ولا سيما في مثل هذا الوقت واشتغالي فيه بما تعلم مع قلة المطالعة بل مع عدمها وذلك أن هذا الكتاب وصل إلى وأنا بنابلس في شهر المحرم سنة خمس عشرة وستمائة والفرنج على عثليث وقيسارية يبنونهما فلذلك لم يكن عندي كتاب.
أما الفرق بين ضرب العبيد وحمل الخشبة وذلك لأن أيا اسم معرب يستفهم به، ويجازى فيمن يعقل وفيما لا يعقل. قال أبو على: أيهم في الدار فمكرم محمول، وأيكم يأتينى فله درهم.
وقال الجوهري: تقول أيهم أخواك وأيهم يكرمني أكرمه. وهو معرفة بالإضافة وقد تترك الإضافة لفظا وفيه معناها، وقد تكون بمنزلة الذي فتحتاج إلى صلة، وتقول(22/24)
أيهم في الدار أخوك وقد يكون نعتا للنكرة تقول مررت برجل أى رجل، وأيما رجل، ومرت بامرأة أى امرأة، وأية امرأة، وأيتما امرأة، وأيما امرأة، فتكون ما زائدة وتنتصب على الحال والتعجب وإذا كان هذا الاسم الذي هو أى لهذه الأقسام فإن وصفت به الجمع كان للعموم وإن وصفت به المفرد كان للخصوص فتكون أى هاهنا بمعنى الذي كما تقول أيهم في الدار أخوك أى الذي في الدار أخوك، فكأنه قال الذي يضربه من عبيدي فهو حر، وإذا كان نعتا للنكرة فالمراد منه بيان الصفة وهو حمل الخشبة التي لا يقدر على حملها الواحد فكأنه أراد بيان صفة الخشبة بالثقل والخفة وإذا كان كذلك اعتبر مراده قال الله تعالى: أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً
فهذا للعموم. وقال تعالى: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا*
فهذا للخصوص، والعامل في أى ما بعده وقوله أيكم يحمل هذه الخشبة لفظ للعموم والإفراد، فإن كانت الخشبة يطيق حملها الواحد كان كلامه لاختبار القوة، فكأنه قال أيكم أطلق حملها كما يقال في المسابقة أيكم سبق فله الجعل، فيستحق الجزاء السابق. ألا ترى أن عادة الأمراء أن يسابقوا الحلبة فيقولون من سبق فله كذا فلا يأخذ قصب السبق إلا من جاء أول الخيل كلها وإن كان الثاني سبق خيلا كثيرة أيضا لا يستحق أن يذكر، وكذلك الثالث وقوله تعالى: أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها
إنما تقديره أيكم يأتينى به أولا وإلا فالكل منهم كان قادرا على الإتيان به، وإنما أراد السابق وقد فهم هذا آصف فكان جوابه أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ
ولا فرق بين أن تقول من سبق وأيكم سبق وإن كانت الخشبة لا يطيق حملها الواحد كان المراد من اللفظ إزالتها عن مكانها حملا فيستوى فيها الاثنان والجماعة، كما يقال أيكم شرب الماء الذي في هذا الكوز ويقدر على شربه واحد، فإذا شربه أكثر من واحد لا يستحق الجعل. وإن قال أيكم شرب ماء الفرات كان المراد به بيان الصفة وهو الكرع لا استيعاب شربه لاستحالة ذلك، فمن كرع منه استحق الجعل فيختص الصفة ولا يختص لأن العامل في أى ما بعده لصلاحيته للمعنيين، فتبين بالإضافة وليس الضرب كذلك لأن الضرب راجع إلى إيقاع الفعل من غير اختبار القوة والضعف فأيهم وجد منه الضرب كان داخلا تحت الجزاء كالشارب من الفرات والقائل إنما يحمل كلامه على الصحة لا الفساد. ولذلك فرق محمد رحمه الله في قوله أى عبيدي ضربك، وأى عبيدي ضربته. فإذا ضرب أحدهم عتق في قوله ضربته لأن العائد ضمير واحد ولو ضرب الجميع واحدا بعد واحد عتق الأول ولو ضربهم جملة عتق أحدهم والبيان إلى المولى.(22/25)
لأنه أبهم العتق وأعاد الضمير على واحد كما لو قال أحد عبيدي حر واستشهد بمسألة الطلاق فقال: أى نسائي شاءت الطلاق فهي طالق فشئن جميعا، لأنه أعاد الضمير على الجماعة. ولو قال أى نسائي شاءت طلاقها فهي طالق لا يقع إلا على واحدة فصار الفرق بينهما من حيث اختبار القوة واتحاد الفعل، فإذا لا فرق بين الخشبة التي يقدر على حملها الواحد إذا حملت الخشبة على التفريق بحملها واحدا بعد واحد، هذا إذا لم يكن له نية لأنا نحمله على العرف في مثل هذا لاختبار القوة يكون غالبا وبين مسألة الضرب فاستويا. وأما الخشبة التي لا يقدر على حملها الواحد فتفارقهما من حيث أن المراد إزالتها عن مكانها بالحمل لأن القائل عالم أن الواحد لا يزيلها فكأنه قال إن أزلتموها عن مكانها حملا فأنتم أحرار، وأما مسألة الصلاة وهي قوله إنه إذا حلف الرجل أنه لا يصلى صلاة فصلى بغير وضوء لا يحنث، وإذا حلف أنه ما صلى وكان قد صلى بغير وضوء حنث. فالفرق بينهما من وجهين؛ أما قوله لا يصلى صلاة فصلاة مصدر والمصدر لا يكون إلا بعد تمام الكلام ويكون مؤكدا للجملة والتأكيد إنما يكون للحقيقة وإذا تناول الكلام الحقيقة انتفى المجاز فكأنه قال إن صليت صلاة صحيحة أو مقبولة وعلى هذا التأويل الخبر الوارد «لا صلاة إلا بوضوء» تقديره لا صلاة صحيحة أو مقبولة.
والوجه الثاني: أنه حلف على المستقبل واليمين في المستقبل يكون لبيان الأمر وبيانه بالصحة يكون فإذا حلف أنه ما صلى وقد كان صلى بغير وضوء كان إخبارا عنه يحتمل الصدق والكذب لفظا وعرفا كما إذا قال إن أخبرتنى أن فلانا قدم فلك كذا فأخبره أنه قدم استحق الجعل، وإن كذب. وكذلك لو قال إن أخبرتنى أن هذا الشهر رمضان وهو شوال فأخبره أنه رمضان استحق وإن كذبا حقيقة. ولو قال إن أخبرتنى بقدوم فلان فله كذا لا يستحق الجعل إلا إذا أخبره بقدومه، وقد قدم لدخول حرف التحقيق وهو الباء كما إذا قال إن أخبرتنى بدخول شهر رمضان لا يكون إلا على التحقيق فلذلك افترقا.
مسألة
رجل قال لامراته: أنت طالق إلا أن يقدم فلان، لا تطلق ما دام يرجى قدوم فلان، فإن مات فلان قبل أن يقدم طلقت لأنه أدخل كلمة إلا أن، فيما لا يتوقف وهو(22/26)
الطلاق. فكان هنا في معنى الشرط كأنه قال إن لم يقدم فلان، ولو قال هكذا لا يقع الطلاق ما دام يرجى قدومه، فإذا وقع الناس من قدومه بموته وقع الطلاق وهذا لأن كلمة إلا أن حقيقة للغاية فإذا تعذر حملها على الغاية حملت على الشرط ولو قال لها أنت طالق إن كلمت زيدا إلا أن يقدم عمرو، إن كلم زيدا قبل أن يقدم عمرو وطلقت سواء قدم عمرو أو لم يقدم، وإن لم يكلم زيدا حتى قدم عمرو سقطت اليمين لأنه أدخل كلمة إلا أن فيما يتوقف وهو الكلام كأنه يقول كلم فلانا شهرا فكان معناها معنى الغاية، فإن كلم فلانا قبل القدوم حنث لأنه لم توجد غايته، وإن قدم عمرو سقطت اليمين لوجود غايتها فلا يحنث، لأنك إن أدخلت إلا أن فيما يتوقف أردت بها الغاية، وإن أدخلتها فيما لا يتوقف أردت بها الشرط فإن أشكل عليك بالأفعال فاعتبره بالأوقات. ولو قال أنت طالق إلا أن يجيء الليل صار كأنه قال أنت طالق إن لم يجيء الليل، ولو قال هكذا لا تطلق لأن وجود الليل يرجى.
ولو قال أنت طالق إن كلمت فلانا إلا أن يجيء الليل صار الليل غاية ليمينه إن كلمه قبل مجيء الليل حنث وبعده لا يحنث.
الأصل في بيان ما يأتى من المسألة
إن كلمة لا، رجوع. وكلمة بل، تدارك. فإن أدخل كلمة لا قبل إكمال الشرط بالجزاء يصح رجوعه، وإن أدخل بعد إكمال الشرط بالجزاء لا يصح رجوعه. وإنما قلت ذلك لأن الشرط إذا لم يكمل بالجزاء لم يتم اليمين، فصح رجوعه. أما إذا كمل الشرط بالجزاء تمت اليمين، واليمين بعد تمامها لا يصح الرجوع عنها.
وأصل آخر: إنه متى ذكر بعد كلمة لا بل، من هو محل لوقوع الطلاق كان العطف على الطلاق، ويقتضى مشاركة في الطلاق. وإن ذكر بعد كلمة لا بل، من ليس بمحل لوقوع الطلاق كان عطفا على الشرط، ويقتضى مشاركة في الشرط.
أصل آخر: إن كل كلمة تستقيم بنفسها لا تتعلق بما قبلها، وكل كلمة لا تستقل بنفسها تتعلق بما قلبها لأن التعلق بما قبلها للضرورة يكون، فإن كانت تستقيم بنفسها فلا ضرورة بنا إلى التعلق. بيان ذلك.(22/27)
مسألة
رجل له امرأتان، فقال لإحداهما أنت طالق إن دخلت هذه الدار، لا بل هذه لامرأته الأخرى. فإن دخلت. الأولى الدار طلقتا، وإن دخلت الأخرى لا تطلق واحدة منهما فكلمة الاستدراك دخلت على الطلاق خاصة لأنه لما قال أنت طالق إن دخلت الدار فقد علق الطلاق بالدخول، فإذا قال لا بل هذه فقد رجع عن الأولى وأقام الثانية مقام الأولى، فرجوعه عن الأولى باطل لأن الشرط قد كمل بالجزاء ولا يصح الرجوع عنه وإقامة الثانية مقام الأولى جائز بالعطف فيقع الطلاق عليها أيضا بذلك الفعل. ولو قال أنت طالق إن دخلت الدار، لا بل فلان تكون هذه مشاركة له في الدخول. لأنه ليس بمحل لوقوع الطلاق عليه، فأيهما دخل يقع الطلاق. هذا كما قالوا في رجل قال لامرأته إن نكحتك فعبدي حر، يقع على الوطء، وإن كانت أجنبية يقع على العقد بدلالة الحال. وكذلك لو قال أنت طالق إن شئت لا بل هذه، فإن شاءت الأولى طلاقهما جميعا أو طلاق نفسها أو طلاق صاحبتها طلقتا جميعا. وإن شاءت الثانية لا تطلق واحدة منهما لأن الثانية دخلت في الطلاق لا في المشيئة كما قلنا في دخول الدار.
فإن قيل: إن شاءت الأولى طلاق إحداهما لم يقع الطلاق، ولم لا يكون بمنزلة من قال لامراته أنت طالق إن دخلت الدار، وعبدى حر إن كلمت فلانا إن شاء فلان.
فشاء فلان أحدهما دون الآخر لا تطلق امرأته ما لم يشأ فلان كليهما؟ قيل له:
الفرق بينهما أن في تلك المسألة عطف الثاني على الأول وعلقهما جميعا بمشيئة فلان فصارت مشيئته لهما جميعا شرطا، فما لم يوجد الشرط كله لا يقع الطلاق، أما هاهنا لم يعطف الثاني على الأول لكنه رجع عن الأول وأبدل الثاني مكانه، فرجوعه لم يصح فتعلق كل يمين بمشيئتها على حدة فأيهما وجد يقع الطلاق، ولو قال أنت طالق إن دخلت الدار لا بل فلانة طالق طلقت الأخرى من ساعته، وطلاق الأولى معلق بالدخول. وذلك لأنه أخرج الكلام مخرج الابتداء في طلاق الثانية لأن الكلام الثاني مستغن عن غيره فتطلق الثانية من ساعته، كما لو قال أنت طالق ثلاثا لا بل هذه، تطلق كل واحدة منهما ثلاثا لأن قوله لا بل هذه لا تتم بنفسها فكانت معلقة بما قبلها فكأنه طلق الأولى ثلاثا ثم رجع وأنزل الثانية مكانها فإنزاله صحيح، ورجوعه لا يصح.(22/28)
مسألة
رجل قال لرجل: إن فلان قدم فعبدي حر، فقال له قد قدم ولم يكن قد قدم عتق عبده، لأنه جعل شرط حنثه الإخبار والإخبار قد يكون كذبا لأن الإخبار موضوع لنفس الإنباء ويحتمل الصدق والكذب معا، قال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ
ألا ترى أنه قال: فَتَبَيَّنُوا
وقال: بِجَهالَةٍ
فلو كان للصدق لم يقل ذاك. ولو قال إن أخبرتنى بقدوم فلان لا يعتق ما لم يقدم فلان لأن الباء للإلصاق وإذا تلتصق لا تدخله الباء الزائدة. لأنك تقول ضربته بالحجر فما لم يقع الحجر في المضروب لا يسمى ضربا، بل حذفا أو رميا. لأنك تقول رماه فضربه، ورماه فأخطأه قال امرؤ القيس:
وتعدو كعدو نجاة الظبا ... ء أخطأها الحاذف المقتدر
سماه حاذفا مع الخطأ، فأما إلحاق الباء فلا يكون إلا للتحقيق قال الله تعالى:
فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ
ألا ترى أنه لما أدخل الباء أراد التحقيق والخبر متى كان موصولا بحرف التحقيق يقع على الصدق دون الكذب، ومتى لم يدخله حرف التحقيق يقع على الصدق والكذب جميعا. ولو قال إن أعلمتنى لا يقع العتق إلا أن يكون قد قدم لأن العلم لرفع الجهل. والكذب لا يرفع الجهل. فصار ضد العلم والعلم مشتق من العلم وهو الجبل قالت الخنساء:
وإن صخرا لتأتم الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار
فوصفته بالعلمية، ثم قالت: في رأسه نار لزيادة التأكيد. ومن هنا قال النحاة اسم علم جعلوه بحيث توضع اليد عليه لمعرفته.
وقيل إنه عبر على النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ: «فيكم من يعرفه؟» فقال رجل أنا فقال: «ما اسمه» فقال لا أعرفه. فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:
«فإنك لا تعرفه»
وذلك لأن الاسم العلم عندهم يعرف به الشخص مع الغيبة ويلحق الغائب بالحاضر فلذلك سمى علما. ومنه العلم أيضا وهي الرواية وسميت راية لرؤية الناس لها عن بعد، وسميت علما لعلم الناس بها أنها لبنى فلان دون بنى فلان وإن لم يرو الأشخاص ولو قدم فلان وعلم به الحالف ثم أعلمه المحلوف له لا يعتق عبده لأنه أراد الإعلام من جهته، وكذلك البشارة ولأن البشارة مشتقة من البشر والبشر مشتق من البشرة وهو ما على الجلد لأن المبشر أولا إذا بشر الرجل بما بشره ظهر من وجهه دم يعرف منه الفرح، وذلك لأن القلب إذا صادفه ما يسره تنتصب منه عروق(22/29)
لانبساطه وتلقيه ذلك الأمر بسرور فيظهر على الوجه منه ما يعرف الرائي به قد فرح وذلك ضد الحزن، لأن الحزن يقبض القلب فإذا انقبض تجمعت تلك العروق فيمتقع لون الحزين. قال الله عز وجل: يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ
وذلك لأنهم لم يكونوا متحققيها فسماها بشارة: ولو كان له نية حمل على نيته في ذلك لأن هذه الأسماء منها ما هو حقيقة ومنها ما هو مشتق ومنها ما هو مجاز فإذا عضدت النية شيئا من ذلك تحقق بالنية.
مسألة
رجل قال لامرأته: أنت طالق في دخولك الدار. لا تطلق حتى تدخل الدار لأن الطلاق إذا علق بالموجود نزل من ساعته ومتى علق بالمعدوم ينتظر وجوده والأصل في أن تكون وعائية وهي حرف، وحروف الجر يقوم بعضها مقام بعض قال الله تعالى: فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي
أى مع عبادي. وقال تعالى:
لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ
أى على جذوع النخل. فإذا جاءت في اللفظ على غير معناها الأصلى قامت مقام الحرف الذي يكون بمعناها، وهاهنا هي بمعنى مع فعلمت عملها فإذا قال: أنت طالق في دخولك الدار صار كأنه قال مع دخولك الدار. ومع فهي كلمة صحبة وقران ومن شرط القران أن لا يكون فرقة. قال الله تعالى: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ
أى مقارن وأصل القرآن أن يقرن بين البعيرين لجر الغرب إذا كانت المنساة بعيدة. فلا يقع الطلاق إلا بعد استكمال الدخول حتى تكون لكلمة القران أثرا حقيقا. ولو قال:
أنت طالق في الدار يقع من ساعته لأنه أوقع الطلاق وخصه بالمكان والطلاق لا يختص بالمكان وإنما يختص بالعقد ولما وصف الطلاق بما لا يوصف به صار ذلك لغوا ووقع الطلاق من ساعته، ولا يتصف بظروف الأمكنة ولا الأزمنة. مثال الأمكنة أنت طالق في الدار، وأما الأزمنة أنت طالق في غد لأن الطلاق لا يوصف بالظروف وإنما يوصف بما يلائمه ويضاف إلى الأفعال ومتى أضيف إلى الأفعال ينزل منزلة الجزاء.
مسألة
رجل قال لامرأتين له: إن ولدتما ولدا فأنتما طالقان، فولدت إحداهما يقع(22/30)
الطلاق عليهما لأنه علق الطلاق بفعل واحد وأضافه على اثنين وذلك الفعل يستحيل وجوده منهما فوجب وقوع الطلاق بوجوده من واحدة منهما. ولو أنه كان لا يستحيل وجوده منهما لكان يقع فكيف مع الاستحالة وذلك أن الله تعالى قال: امَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا
فلئن قال قائل في ذا نظر قلنا فقد قال تعالى: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ
ولم يخرج ذلك إلا من المالح وقال أيضا في قصة موسى وفتاه نَسِيا حُوتَهُما
ولم ينس إلا يوشع ثبت أن الكلام يضاف إلى اثنين ويراد به أحدهما هذا مع عدم الاستحالة فكيف مع وجودها. والوجه في ذلك أنه لما قال إذا ولدتما ولدا.
لو صرفناه إليهما كان باطلا وإن صرفناه إلى إحداهما يصح، وإنما يحمل الكلام على الصحة دون الفساد فصرفناه إلى ما يصح.
فإن قال قائل: لم أضربت عن الكلام في قوله تعالى: لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ*.
قلت: لأني كتبت هذا الكتاب للاختصار والإيجاز ولئلا يمل الناظر منه لطوله فتركت كثيرا مما جاء عن أبى حنيفة في الفن الذي ذكره الخطيب ونفى علمه عن أبى حنيفة، فلأن اقتصر عن ما لم يكن الغرض أولى لأن القائل كان يقول ليس يمكن الرسالة من الجن لأنه ليس بمحل لهذا الأمر ولأنه لا فائدة في إرساله لإحدى الفئتين فإن الإنس يعتقدون أن الجن يقدرون على الإتيان بما لم يأت به الإنس فلا فائدة في إرساله والجن يعلمون أن الإنس لا يقدرون على الإتيان بمثل هذا. قلنا: محال فإن الجن قد رأوا من معجزات داود وغيره من الأنبياء صلوات الله عليهم ما أعجزهم.
والسبب الموجب للرسالة من الغانس هو مصلحة للفئتين ما لم يكن من الجن وإنما أردت أن أعرف أن الإضافة تجوز فيما يستقيم وفيما يستحيل. ولو قال: إن ولدتما أو قال إن ولدتما ولدين لا يطلقان حتى يوجد من كل واحدة منهما مثل ما يوجد من الأخرى، لأنه أضاف إلى كل منهما فعلا كما قلنا في قصة يوسف يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ.
مسألة
رجل قال لأربع نسوة له: إذا حضتن حيضة فأنتن طوالق فقالت واحدة منهن حضت. إن صدقها يقع على كل واحدة منهن طلقة لما ذكرت وهو أنه علق الطلاق(22/31)
بما يستحيل وجوده منهن فتعلق وجوده من إحداهن. وإن كذبها يقع عليها خاصة لأنها مصدقة في حق نفسها غير مصدقة في حق الباقين وهي أمينة في هذا فقادتنا الضرورة إلى تصديقها، وكذلك لو قالت كل واحدة منهن حضت فكذبهن أو صدقهن يقع على كل واحدة تطليقة. ولو قال: إذا حضتن فأنتن طوالق لا يطلقن حتى تحيض كل واحدة منهن حيضة هذا إن صدقهن. وإن قالت واحدة منهن حضت لا يقع عليها الطلاق سواء صدقها أو كذبها لأن الحيض لا يستحيل وجوده منهن. وكذلك إن صدق اثنتين ولو صدق ثلاثا وكذب واحدة يقع عليها خاصة لأنه ظهر حيض الثلاث بالتصديق وهي مصدقة في حق نفسها ولا يقع على المصدقات لأنه لم يظهر حيض المكذبة في حقهن لأنه لا يمكن الحيضة الواحدة منهن جميعا. ولو قال لأربع نسوة له: كلما حضتن حيضة فأنتن طوالق فقلن جميعا حضنا حيضة، أن كذبهن يقع على كل واحدة منهن طلقة لأن كل واحدة منهن مصدقة في حق نفسها والطلاق معلق بوجود حيضة واحدة منهن جميعا وقد ظهرت بأمانتهن. وإن صدقهن يقع على كل واحدة منهن أربع طلقات إلا أنه لا مزيد على الثلاث وتلغ الواحدة. لأن الزوج علق الطلاق بوجود حيضة واحدة منهن بكلمة متكررة فإذا صدقهن فقد ظهر أربع حيض، وإن صدق الواحدة وكذب الثلاث طلقن الثلاث المكذبات كل واحدة تطليقتين والمصدقة تطليقة واحدة لأنه لم يظهر في حق المصدقة إلا حيضة واحدة وهي حيضها وفي حق المكذبات ظهر قولها في حقها وقول المصدقة لما تقدم، ولو صدق اثنتين وكذب اثنتين يقع على كل واحدة من المصدقتين اثنتان وعلى كل واحدة من المكذبتين ثلاث واحدة بقولها واثنتان بقول المصدقتين، ولو صدق الثلاث وكذب الواحدة طلقت المكذبة أربع إلا أنه لا مزيد على ثلاث وطلقت كل واحدة من المصدقات ثلاثا.
مسألة
رجل قال لرجل: إن بعت لك ثوبا فعبدي حر، فدفع المحلوف عليه ثوبه إلى رجل وأمره أن يدفعه إلى الحالف ليبيعه فدفع الرجل الثوب إلى الحالف فباعه فإن قال الرسول للحالف بع هذا الثوب لفلان المحلوف عليه فباعه حنث، وذلك لأنه حلف على فعله وأضافه إلى فلان فمتى عمل عملا مضافا إلى المحلوف عليه حنث لأن يمينه(22/32)
لمنع نفسه عن التزام الحقوق بينه وبين المحلوف عليه لأن الحقوق هي من الأفعال فما لم يجب الفعل لا يجب الحق بدليل أنه يدفع الثمن إليه لو استحق فله أن يرجع عليه.
وإن قال للرسول: بع هذا الثوب فباعه لا يحنث لأن هذا التفعل للرسول لا للمرسل لأنه نفى الحق للمحلوف عليه وهنا إنما التزم الحق للرسول، ألا ترى أنه لو استحق إنما يرجع على الرسول، ولو باع ثوب غيره بأمر المحلوف عليه حنث لأنه إنما التزم منع الفعل عنه ولم يلتزم الملك ألا ترى أنه لو قال إن خطت لك ثوبا، إنما اليمين على الخياطة وهي الفعل لا على الملك والعمل إذا كان لا يجرى فيه النيابة يقع على الملك، وليس كذلك إن قال إن ضربت عبدا لك فهنا لا يكون العمل للمحلوف عليه فيقع على الملك قال الله تعالى: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ
. فأضاف فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم إليهم لأن استغفاره لأجلهم وذلك لأنه متى حلف على عمل في المعمول وأضافه إلى إنسان إن أضاف المعمول إليه يقع يمينه على الملك دون الأمر، وإن أضاف العمل إليه فإن كان العمل مما يجرى فيه النيابة يقع على الملك.
مسألة
رجل قال لعبديه: إن ضربتكما إلا يوما فامرأتى طالق، فله أن يضربهما أى يوم شاء لأنه نفى ضربهما في جميع الأوقات إلا يوم الاستثناء. لأن قوله إن ضربتكما إلا يوما نكرة في سياق الإتيان فيخص إلا إذا كانت موصوفة وإنما يقع في يوم واحد فإذا جمع ضربهما في يوم واحد تعين الاستثناء فعند ذلك إذا ضربهما مجتمعا أو متفرقا حنث، فإن ضرب أحدهما يوم الجمعة والآخر يوم السبت لم يحنث ما لم تغرب الشمس وما ضرب الآخر لجواز أنه يعيد الضرب عليه فإن غربت الشمس ولم يضربه حنث لأن الضرب وجد منه إلا أنه في غير يوم واحد حتى يصح الاستثناء.
ولو ضرب أحدهما دفعات في أيام متعددة لم يحنث لأنه إنما حلف على ضربهما جميعا واستثنى يوما واحدا ولم يحلف على ضرب أحدهما فصار كأنه قال إلا يوما واحدا أضربكما فيه: ولو قال: والله لأضربكما إلا يوم أضربكما فيه، أو إلا يوما أضربكما فيه، أو إلا في يوم أضربكما فيه، فأى يوم جمع ضربهما فيه فهو مستثنى.
والفرق بينهما أنه في المسألة الأولى قال: إن ضربتكما إلا يوما ما فخص بالاستثناء يوما واحدا لإيقاع الفعل بهما جميعا. والمسألة الأخرى قال: والله لا أضربكما إلا(22/33)
يوما أضربكما بقدره لأضربكما إلا يوم أجمع فعلى بكما. كأنه حلف على جميع فعله بهما في يوم مستثنى من غيره من الأيام وهذا اليوم المستثنى نكرة فأى يوم أوقع فيه الفعل اختص فإن جمعه بر، وإن فرقه حنث. لأن تفريقه خلاف يمينه وذلك لأن شرط الحنث وجود المسمى دون المستثنى والنكرة في النفي تعم وفي الإثبات تخص، إلا إذا كانت موصوفة فحينئذ تعم، إلا إذا قرنها بحرف الفرد فحينئذ تخص.
مسألة
إذا كان لرجل ثلاثة أعبد سالم وبزيع ومبارك. فقال: سالم حر، أو سالم وبزيع حران، أو سالم وبزيع ومبارك أحرار. يؤمر بالبيان، لأنه أوقع العتق بأحد الأقوال لأن أو حرف شك وهو أدخلها بين الأقوال الثلاثة لأنه ردد الشك بين أقواله لأنه لما قال سالم حر كان الواجب العتق فلما أدخل حرف الشك بين المرة الأولى والثانية وعطف عليه بزيعا فقال أو سالم وحده، وبين سالم وبزيع معا ثم قال أو سالم وبزيع ومبارك أحرار فجرى مثل الأول فوقع الشك في أقواله فلما وقع الشك كان البيان إليه ما دام حيا فإن أردت القول الأول عتق سالم وحده، وإن قال أردت الكلام الثاني عتق سالم وبزيع، وإن قال أردت الكلام الثالث عتق الكل. وذلك لأن أو لأحد ما دخلت عليه.
قال أبو على: ومنها أو وهي لأحد الشيئين أو الأشياء في الخبر وغيره. تقول كل السمك أو اشرب اللبن، أى افعل أحدهما ولا تجمع بينهما ومن ثم قلت: زيد أو عمرو قام كما تقول أحدهما قام ولا تقول قاما. فأما إذا قلت كل خبزا أو لحما أو تمرا فأردت الإباحة فكأنك قلت كل هذا الضرب فيما ذكرته لأحد الأشياء قائم فيه لأنه لو أكل أحد هذه الأشياء كان مؤتمرا ولو كانت كالوا ولم يكن قد ائتمر حتى يجمع بينها كلها وأما منزلتها في أنها تكون لأحد الأمرين أو الأمور إلا أنها تؤذن أن الكلام على الشك. قال سيبويه: و «أو» قد يجوز فيها أن يكون المبنى وقع على اليقين ثم أدرك الشك كما قلنا سالم حر أو سالم وبزيع فإنه أوقع على اليقين ثم أدركه الشك قال:
فقلنا لهم ثنتان لا بد منهما ... صدور رماح أشرعت أو سلاسل
كأنه قال أحدهما صدور رماح أو سلاسل. فإن مات المولى قبل البيان عتق سالم كله لأنه لا شك في عتقه لأنه دخل في الثلاث مرات أما بزيع عتق نصفه لأنه يعتق(22/34)
بالكلام الثاني والثالث لأنه دخل في لفظين ولا يعتق بالكلام الأول فإذا كان يعتق في حالين ولا يعتق في حال فبقى الشك في العتق أولا وحالة العتق حالة واحدة والشك إنما هو هل عتق أم لا فعتق نصفه ويسعى في النصف فكأنه عتق في حال ورق في حال وأما مبارك فيعتق ثلثه لأنه لا يعتق بالكلام الأول والثاني إنما يعتق بالكلام الثالث فيعتق في حال ويرق في حالين ويسعى في ثلثي قيمته لأن أحوال الرق أحوال أحوال العتق واحدة لأن الرق يكون مملوكا ومدبرا ومكاتبا والعتق حالة واحدة هذا إذا كان القول منه في حال الصحة أما إذا كان في حال المرض ولا مال له غير هؤلاء العبيد ولم تجز الورثة فالثلث يقسم بينهم على قدر عتقهم فيصيب سالم جميع رقبته ويصيب بزيع نصف رقبته ويصيب مبارك ثلث الرقبة فهذه وصية كل واحد منهم فيحتاج إلى حساب ليتبين نصيب كل واحد منهم على الحقيقة والحساب يحتاج أن يكون له نصف صحيح وثلث صحيح وأقله ستة فسالم يضرب لجميع الرقبة وهي ستة وبزيع يضرب بنصف الرقبة وهي ثلاثة ومبارك يضرب بثلث الرقبة وهي اثنان فذلك أحد عشر فغالب المسألة بخمسة فاجعل ثلث المال على أحد عشر سهما فإذا صار ثلث المال أحد عشر سهما صار الجميع ثلاثة وثلاثين وماله هؤلاء العبيد كما تقدم تعين أن كل عبد صار أحد عشر سهما فأما سالم فعتق منه ستة ويسعى في خمسة وبزيع عتق منه ثلاثة ويسعى في ثمانية ومبارك عتق منه سهمان ويسعى في تسعة فصارت جملة السعاية اثنين وعشرين وهي ثلاثة وثلاثين بالعول وصارت وصاياهم أحد عشر فاستقام على الثلاثة والثلاثين هذا إذا لم يخرجوا من الثلث ولو خرجوا من الثلث أو لم يخرجوا وأجازت الورثة فالجواب كما خرج. ولو لم يكن له إلا عبدان فقال سالم وبزيع حران يؤمر بالبيان فإن قال عنيت الكلام الأول عتق سالم كله وإن قال عنيت الكلام الثاني عتقا جميعا لما ذكرت ولو مات من غير بيان عتق سالم كله ونصف بزيع لأنه سالما لا شك في عتقه لأنه ذكر عتقه في المرتين وأما بزيع فيعتق بالكلام الثاني ولا يعتق بالكلام الأول فإذا كان يعتق في حال ولا يعتق في حال عتق نصفه ويسعى في نصف قيمته ولو كان القول منه في حال المرض إن خرج من الثلث فكذلك وإن لم يخرج وأجازت الورثة فكذلك، وإن لم تجز الورثة فيقسم الثلث بينهما فيعتق سالم كله ونصف بزيع فالنصف مخرجه من سهمين فسالم يضرب بسهمين وبزيع بسهم صار ثلاثة أجعل هذا ثلث المال كما تقدم وثلثاه مثلا ذلك وذلك ستة فالجميع تسعة وماله لرقبتان وتسعة ليس لها نصف صحيح فضعف(22/35)
فيصير ثمانية عشر فيعتق من سالم خمسة ويسعى في أربعة ويعتق من بزيع سهمان ويسعى في سبعة فاستقام على الثلاث والثلاثين. ولو قال سالم حر أو سالم وبزيع عتقا لأنه. وضع كلمة الشك في غير الأفعال فلم يفد لأن الشك لا يكون في الإعلام إنما يكون في خبرهم فلما قال سالم حر أو سالم فلم يفد فوقع عليه العتق إذ لم يكن للشك هنا مدخل فعتق وعطف بزيعا فأشركه في الفعل فعتق أيضا فصار كأنه قال سالم حر وبزيع فعتقا.
مسألة
رجل قال لامرأته: إن دخلت الدار فأنت طالق يصير الطلاق معلقا بدخول الدار لأن هذا شرط وجزاء فيكون الطلاق معلقا بدخول الدار ولأن الفاء تكون جوابا للشرط كقوله تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ
فإن قال إن دخلت الدار أنت طالق طلقت في ساعته لأنه لم يأت بجواب الشرط وهي الفاء فصار كلامه مبتدأ وخبرا كأنه قال أنت طالق ولو قال إنما عنيت الشرط والجزاء وحذفت الفاء جواب الشرط كما قال تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ
أى فيشرح صدره وكما قيل: «من يفعل الحسنات الله يشكرها» .
قلنا: ندينك فيما بينك وبين الله ولا ندينك في القضاء لأن جواب الشرط بالفاء وقد يجوز حذفها لكن على سبيل الجواز. قال سيبويه: يجوز في الشعر ويقبح في الكلام إلا أنه لما جاز صار فيه شبهة لمن أراد التعلق به فلذلك دين فندينك فيما بينك وبين الله تعالى. وأما الظاهر لنا فهذا طلاق منجز كما تقول أنت طالق لأنا لا نعرف ما في ضميرك ولأن الطلاق مرسل ومضاف وشرط وجزاء فما كان شرطا وجزاء فهو كما ذكرت وما كان مرسلا يقع من ساعته كقوله أنت طالق والمضاف يؤخر إلى وقت ينزل عند وجود وقته.
مسألة
رجل قال لامرأته: أنت طالق يا زانية إن دخلت الدار. لا يقع الطلاق ما لم تدخل الدار لأن قوله يا زانية نداء والنداء لا يفصل بين كلامين كما لو قال أنت(22/36)
طالق يا عمرة إن دخلت الدار لا يكون هذا النداء فاصلا بين الشرط والجزاء ولا يلزمه حكم القذف من اللعان والحد لأن هذا قذف معلق بالحظر فلا يوجب اللعان ولا الحد، كما إذا قال لرجل إن دخلت الدار فأنت زان لا يحد وإنما قلنا إنه معلق بالشرط لأنه إذا تعلق الأبعد وهو قوله أنت طالق فتعلق الأقرب أولى به وإنما لا يجب الحد بالقذف المعلق لأنه لا يورث تهمة بالمقذوف لأنه لم يعلقه بالشرط قصدا لكنه تعلق به حكما لأن كلامه أوحد فإذا لحق الشرط في آخره انصرف إلى جميع الكلام فإنه لو جعله كلامين يصير فاصلا بين الشرط والجزاء والنداء لا يفصل بينهما ولو قال لامرأته يا زانية أنت طالق إن دخلت الدار يكون قاذفا لها لأن قوله يا زانية قذف منه وليس القذف إلا هذه الصيغة وقوله أنت طالق إن دخلت الدار شرط وجزاء، والشرط والجزاء لا تعلق له بالنداء وإذا لم يتعلق بالنداء حظر صار ذلك صريحا بالقذف ولأنه ليس من ضرورة تعلق الأقرب بالشرط تعلق الأبعد، والفرق بينهما أنه متى خلل النداء لا يصير فاصلا بين الشرط والجزاء ولا يظهر له حكم وليس كذلك إذا قدم لأنه لا تعلق به في الحظر فإن القذف ليس إلا هذه الصيغة أو أن تأتى باسم الإشارة وهو قوله هذا زان، وأما قوله أنت طالق يا زانية إن دخلت الدار فصار قوله يا زانية متعلقا بدخول الدار وإذا كان معلقا بالحظر لا يوجب له حكما لأن المعلقات لا توجب حكما إلا عند وجود المعلق به والقذف ما لم يكن صريحا لا يوجب حكما.
مسألة
رجل قال: إن كان في يدي دراهم إلا ثلاثة دراهم فجميع ما في يدي من الدراهم على المساكين صدقة، فإذا في يده خمسة دراهم لا يجب عليه أن يتصدق بشيء لأن ثلاثة دراهم مستثناة من يمينه وشرط حنثه دراهم سوى ثلاثة دراهم في يده وليس في يده سوى ثلاثة دراهم مستثناة من يمينه وشرط حنثه دراهم سوى ثلاثة دراهم في يده وليس في يده سوى ثلاثة دراهم حاشا درهمين، ودرهمان لا يستحقان اسم الدراهم لأن العرب قالوا درهم ودرهمان وثلاثة دراهم فأفردوا لكل عدد صيغة والاستثناء يعرف جنس المستثنى منه. ولو كان في يده ستة دراهم أو أكثر يجب عليه أن يتصدق بالكل ولو قال إن كان في يدي من الدراهم سوى ثلاثة(22/37)
دراهم فجميع ما في يدي صدقة فكان في يده خمسة فعليه أن يتصدق بها لأنه نطق بحرف يكون لا بأنه الجنس وهو من لأنه لما قال إن كان في يدي من الدراهم سوى ثلاثة دراهم فقد بين الجنس والجنس يقتضى الواحد فصاعدا ثم ذكر لفظا يقتضى العدد فعرف بصيغته والألف واللام إنما يدخلان للسابق المعهود أولا بأنه الجنس وهنا هي لا بأنه الجنس قال الله تعالى: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ
ولم يرد به بعضهم وإنما أراد به الاجتناب من الجنس من الجنس وقال تعالى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ
ولم يرد به البعض فإذا ثبت أن كلمة من تستعمل لإبانة الجنس وتستعمل للتبعيض وفي هذه أدخل اللام وهي للتعريف فصارت كلمة من للتجزئة والتبعيض وهناك لم تدخلها اللام فصارت كلمة من لإبانة الجنس دون التجزئة فصار كأنه قال إن كان في يدي أكثر من ثلاثة دراهم فجميع ما في يدي صدقة ولو قال كذا لوجب عليه أن يتصدق بالكل.
مسألة
رجل قال لامرأته: أنت طالق ثلاثا قبل أن أقربك لا يكون مؤليا وتطلق من ساعته لأنه أتى بمبتدإ وخبر ولم يضفه إلى شيء إلا إلى قبل القربان وهذا الوقت قبل القربان فوقع الطلاق وسقطت اليمين وقد يجوز أن يوصف الشيء قبل وجود ذلك الشيء قال الله تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها
فوصفها بالطمس ولم يوجد ولو قال أنت طالق ثلاثا قبيل أن أقربك صار مؤليا ولا يقع الطلاق ما لم يقربها لأن قبيل تصغير التقريب لأن التصغير على وجوه تصغير التحقير كما تقول لقيت الرجيل وفعل الصبى وتصغير التعظيم كما قال أنا جديلها المرجب وعذيقها المحكك ألا ترى أنه وصف روحه بالمرجب، ورجب أيضا من التعظيم سمى وهو الشهر فلما وصف روحه بالعظمة ما بقي يمكن أن يحمل على التصغير ولا سيما أن هذا القول كان يوم سقيفة بنى ساعدة وإنما كان يريد الفخار ويطلب الأمر فكيف يكون هذا مع التصغير وتصغير الحنة والشفقة كقوله تعالى: يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ
ما أراد تصغير ابنه. وتصغير التقريب هذا الذي ذكره أبو حنيفة كما تقول وضعته فويق الحائط فهذا لا يمكن أن يكون للتصغير وإنما أراد التقريب كما تقول: (اقعد إلى جنيبى) إنما تريد القرب قال الشاعر:(22/38)
وقد علوت قتود الرحل يسفعنى ... يوم قد يديمه الخوراء مسموم
فلما كان كذلك صار اسما لوقت قريب ليس بينه وبين القربان وقت فلا يطلق، ولو قال كذلك كان إيلاء بلا شك.
قال سيبويه في هذا: باب ما يحقر لدنوه من الشيء وليس مثله وذلك هو أصغر منك إنما أردت أن تقلل الذي بينهما ومن ذلك قولك هو دوين ذاك وهو فويق ذلك ومن ذلك أن يقول أسيد أى قد قارب السواد ومن هنا قولهم كميت لأنه لم يخلص إلى الحمرة ولا إلى السواد فلما قارب اللونين سمى مصغرا.
مسألة
أصل هذه المسألة: تدور على حرف «أو» ، و «أو» تكون على وجهين: أحدهما للشك، وهي لأحد ما تدخل عليه. والآخر أن تكون بمعنى الإباحة، كما تقول:
(جالس الحسن أو ابن سيرين) لا تريد مجالسة أحدهما. قال الشاعر:
إذا ما مات ميت من تميم ... مسرك أن يعيش فجيء بزاد
بخبز أو بلحم أو بتمر ... أو الشيء الملفف في البجاد
وقال في الوجه الآخر:
وكنت إذا غمزت قناة قوم ... كسرت كعوبها أو تستقيما
والطبيب إذا كان يعالج مريضا يقول له: (كل فروجا أو دراجا) - يعنى: كل أحدهما. والمسألة تنقسم على أربعة أوجه: إما أن يضع حرف (أو) بين منع ومنع، أو بين إثبات وإثبات، أو بين منع وإثبات، أو بين إثبات ومنع. رجل قال: (والله لا أدخل هذه الدار أو لا أدخل هذه الدار) فأى الدارين دخل حنث لأنه عطف منعا على منع بحرف التخيير فكان ممنوعا عن دخول كل دار على حدة، فإذا دخل إحداهما فقد وجد شرط الحنث. وأما إذا وضع بين إثبات وإثبات كما لو قال:
والله لأدخلن هذه الدار أو لأدخلن هذه الدار الأخرى. فأيهما دخل بر في يمينه فأو هاهنا للتخيير كما تقول خذ هذا أو هذا كأنك قلت خذ أحدهما، وأما إذا وضع بين منع وإثبات كما إذا قال والله لا أدخل هذه الدار أو أدخل هذه الدار اليوم فإن دخل الدار الأولى حنث وإن دخل الثانية بر لوجود الشرط لأنه جعل حرف أو بين(22/39)
المنع والإثبات ووقت فقال اليوم. دخل الدار الأولى بعد ذلك أو لم يدخل لأنه كان مخيرا فيه وإن مضى اليوم قبل أن يدخل حنث في اليمين الثانية لأنه أوجب على نفسه الدخول ولم يوجد وأما إذا وضعها بين إثبات ومنع كما إذا قال والله لأدخلن هذه الدار أولا أدخل هذه الدار أبدا إن دخل الدار الأولى بر وسقطت اليمين لأنه كان مخيرا فيه وإن مضى اليوم ولم يدخل حنث في يمينه لأنه أوجب على نفسه الدخول في الدار الأولى في اليوم ولم يوجد وما إذا أدخل كلمة الشك بين منع وإثبات ولم يوقت كما إذا قال: والله لا أدخل هذه الدار أو لأدخلن هذه الدار فإن دخل الدار الأولى حنث لأنه وجد الدخول بعد المنع وإن دخل الثانية بر لأنه عقد على الإثبات وقد وجد. وإن مات ولم يدخل إحداهما بر لأن قوله أو أدخل للغاية وتقديره حتى أدخل. قال الله تعالى: تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ
كأنه قال حتى يسلموا كما
ورد عن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ الناس كافة حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلا بِحَقِّهَا»
فقد جاء في الكتاب بأو، وفي الأثر بحتى لأن المعنى واحد كما لو قال: والله لا أدخل هذه الدار وهذه الدار وهذه الدار. ولو قال والله لا أدخل هذه الدار أو أدخل هذه الدار وهذه الدار صارت هاتين الدارين الآخرتين غاية ليمينه فأيهما دخل بر ولو دخل الأولى أولا حنث لأن اليمين لم ينته غايتها ولو مات قبل أن يدخل الأولى بر لأنه الغاية وحقيقة هذا أنه متى ذكر كلمة أو بعد كلمة النفي وبعده مثبت تكون للغاية.
باب ما جاء من المسائل اللغوية
مسألة
رجل قال لامرأته: أنت طالق إن لم أهدم هذا الحائط اليوم فهدم بعضه ولم يهدم الباقي حتى خرج اليوم طلقت امرأته. وكذلك لو قال إن لم انقض هذا الحائط لأن الهدم عبارة عن إفاتة تأليف أجزاء جميع الحائط. وكذلك النقض لأنه ضد التأليف فما دام التأليف باقيا لا يكون نقضا والهدم ضد البناء فما دام شيء من البناء باقيا لا يكون هدما ولو نوى هدم بعضه فهو على ما نوى قال الله تعالى: لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ
معناه أنها هدمت إلى أن لا يبقى صوامع وكذلك النقض قال الله تعالى:
وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً
في قصة ريطة وكانت امرأة(22/40)
مجنونة تغزل جميع ليلها وتنقض جميع نهارها حتى لم تبق غزلا.
ولو قال أكسر كان على البعض لأن الكسر ضد الجبر وهو افتراق الاتصال ليس إلا في الصلاب وما كان في اللحم يكون جرحا أو قطعا والقطع يقع على الاثنين لأن القطع من التقاطع وهو أن ينقطع حكم كل واحد منهما عن الآخر جملة كافية فأما فيما يتصل فمجاز ثم اعلم أن الأسماء على نوعين اسم جنس واسم نوع واسم الجنس يقع على الخاص والعام واسم النوع يقع على الخاص دون العام، والهاء على ضربين هاء إفراد واسم الجنس كما تقول حيوان فإنه يقع على جميع الحيوانات فإن خصصت نوعا منه قلت إنسان فإنسان حيوان أيضا ولكن يختص بقولنا إنسان من دون سائر الحيوانات وكذلك إن وصفناه بناطق أيضا وهاء الإفراد أكثر من أن أصف لك مثل عمامة وقلنسوة وشعيرة وقمحة وهاء التأنيث امرأة ويتيمة وغلامة فإن مذكر ذلك يتيم وامرؤ وغلام.
مسألة
رجل. قال: عبده حر إن أكل لحم دجاج أبدا فأكل لحم دجاجة أو ديك حنث لأن الدجاج اسم جنس يقع على الذكر والأنثى قال جرير:
لما تذكرت بالديرين أرقنى ... صوت الدجاج وضرب بالنواقيس
والأنثى منهن لا تصيح وإنما يصيح الذكر فدل على أن الهاء للأفراد لا للتأنيث.
وذكر الجوهري في الصحاح أن الهاء في الدجاجة للأفراد، ولو حلف لا يأكل لحم دجاجة فهو على الأنثى لأن الهاء للتأنيث إذ لم يكن لها من جنس لفظها ذكر فحملت على الحقيقة كما أن اسم الديك يقع على الذكر خاصة ولو حلف لا يأكل لحم جمل أو بعير أو إبل أو جزور هذا كله يقع على الذكر والأنثى وعلى العربي والبختي لأنه اسم جنس يتناول الكل لأن العرب نسبت الصنعة إلى صانعها كما نسبت سائر الصناعات فقالت جمال كما قالت حداد وبغال وما كان على وزن فعال ولم يفرقوا بينهم. ولو حلف لا يأكل لحم بقر فأكل لحم ثور أو بقرة حنث لأن البقر اسم جنس والبقرة أيضا كذلك. ولو أن رجلا وكل رجلا في أن يشترى له بقرة فاشترى له ثورا جاز ألا ترى أن رجلا لو حلف أن لا يملك عشرين بقرة فملك(22/41)
عشرين بقرة إناثا وذكورا يحنث واسم الثور يقع على الذكر خاصة لأنه اسم نوع واسم الشاة يقع على الذكر والأنثى جميعا. قال أبو ذؤيب الشاعر:
فلما رآه قال لله من رأى ... من العصم شاة مثل ذا في العواقب
وما قال مثل هذه لأنه لم يرد التأنيث. وقال آخر:
أو أسفع الخدين شاة إران
لأنه اسم جنس والكبش اسم نوع يقع على الذكر خاصة والنعجة اسم نوع يقع على الأنثى خاصة. قال جران العود:
أو نعجة من نعاج الرمل أخذلها ... عن إلفها واضح الخدين مكحول
ولو حلف لا يأكل لحم البقر فأكل لحم الجواميس لا يحنث لأن أوهام الناس لا تنصرف إليه عند ذكر البقر والأيمان محمولة على معاني كلام الناس وجمعه في باب الزكاة لا يدل على أنه من نوعه في باب اليمين فصار في الزكاة كالعنز يضم إلى الضأن والكبش إلى النعاج، ومع ذلك لو حلف لا يأكل لحم شاة فأكل عنزا لا يحنث والفرس اسم للعربي ويقع على الذكر والأنثى، والبرذون اسم للبخاتى والتركي غير العربي ويقع على الذكر والأنثى، والخليل يقع على الجميع لأن الخليل اسم جنس والفرس اسم نوع والفرس والبرذون اسم نوع قد روى عن سعيد بن المسيب رضى الله عنه أنه سئل عن صدقة البراذين فقال: أو في الخيل صدقة؟ فسماها خيلا. ولو حلف لا يركب حمارا يقع على الذكر والأنثى، لأنه اسم جنس لأنهم يرون أن ابن عباس رضى الله عنه قدم على حمار ذكر وما أرادوا ذلك إلا ليبينوا النوع والأتان للأنثى والعير للذكر. وقد قيل حمار للذكر وحمارة للأنثى ولو حلف لا يركب حمارة يقع على الأنثى خاصة.
قال الخطيب:
أخبرنا البرقاني حدثنا محمد بن العباس الخزاز حدثنا عمر بن سعد حدثنا عبد الله ابن محمد حَدَّثَنِي أَبُو مالك بن أبي بهز البجلي عن عبد الله بن صالح عن أبي يوسف. قال: قال لي أَبُو حنيفة: إنهم يقرءون حرفا في يوسف فيلحنون فيه. قلت ما هو؟ قال قوله: لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ
قلت: فكيف هو؟ قال ترزقانه(22/42)
هذه القراءة لم يخرج بها أبو حنيفة عن الأصل لأن الأصل في ضمير الذكور هو الرفع لأنك تقول هو، وضمير المؤنث هي، وهذه المسالة التي جرت بين سيبويه والكسائي لأن الكسائي جعل ضمير المؤنث منصوبا فقال: إياها وسيبويه كان معه الحق فمن عرف هذا عرف ما قلت، لأن الهاء عائدة إلى الرزق وهو مذكر وعلى هذا قرأ من قرأ فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ
ألا ترى أنه لما جاء إلى ضمير المذكر أجراه على الأصل وإنما كسر من كسر الهاء من ضمير المذكر في المجرورات اتباعا للكسرة كما أمال من أمال للاتباع، وأن الهاء حرف خفى أخفى من الألف فلما ساغ لهم الإمالة في الألف مع أنها أشد من الهاء فلأن تمال الهاء أجدر.
وأما قوله يلحنون فاللحن ليس هو الخطأ على لغة العرب وإنما يحتمل معنى غير المفهوم الأصل وذلك أن الحديث إذا احتمل معنى ظاهرا واحتمل معنى آخر قيل له لحن، ومن هاهنا سمى ابن دريد كتابه المعروف بملاحن بن دريد وذلك أنه قال: إذا قال له شخص رأيت فلانا فقال والله ما رأيته ولا كلمته فظاهر اللفظ يدل على رؤية العين والكلام باللسان. وإنما الحالف يعنى ما ضرت رئته ولا جرحته وهو مأخوذ من الكلم وهي الجراح. قَالَ اللَّه تعالى: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ
لأنه يكون كلاما يدل على معنيين مثل ذلك قوله: فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ
ألا تراه جعل له أحسن وغير أحسن قال الشاعر:
حلوا عن الناقة الحمراء أرحلكم ... والبازل الأصهب المعقول فاصطنعوا
إن الذئاب قد اخضرت براثنها ... والناس كلهم بكر إذا شبعوا
فلو حملنا هذين البيتين على ظاهر لفظهما لما دلا على معنى لأن قوله الذئاب قد اخضرت براثنها، والناس كلهم بكر، كل جملة من هاتين الجملتين غير مناسبة للجملة الأخرى. وهذا محمول على أن رجلا كان من تغلب وكان أسيرا في بنى وائل فرأى الناس يتمتعون للنهيض إلى قومه وكان قومه في أرض يقال لها الدهناء فقال لأصحابه إنى أريد أن أفادى نفسي فهل لكم في الفداء. قالوا نعم- قال ائتوني برجل أرسله فلما جاءه قال أبلغ قومي التحية وقل لهم قد أطلتم الركوب على ناقتي الحمراء فخلوا عنها وارتحلوا الجمل الأصهب فقد شكت الإماء ودبى العرفج بآية ما أكلت معكم حيسا واسألوا أبا الحسين عن خبري. فلما جاء إلى أهل الأسير قال لهم الرسالة قالوا والله إنه لمجنون لا ناقة حمراء له ولا جمل أصهب. فقال: أحدهم إنه قال لكم(22/43)
اسألوا أبا الحسين فلما سألوه قال هو يقول لكم قد أطلتم المقام على الدهناء فارتحلوا عنها واطلعوا الصمان فقد شكت الإماء أى ملأن الشكايا وأدبى العرفج، والعرفج شجر له شوك فشبه العدو به وأدبى أى دبا نحوكم بآية ما أكلت معكم حيسا والحيس يعمل من تمر وسمن وخبز أى تجمع لكم من أعدائكم وغيرهم. فهذا ومثله اللحن. ومن هذا قيل لمعاوية إن عبد الله يلحن قال أو ليس بظريف بنى أخى يعرف بالفارسية فجعل الفارسية لحنا فإذا قال أبو حنيفة إنهم يلحنون إنما عنى أنهم غيروه عن أصله على ما ذكرنا.
قال الخطيب:
قد سقنا عن أيوب السختياني، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وأبي بكر بن عياش، وغيرهم من الأئمة أخبارا كثيرة تتضمن تقريظ أَبِي حنيفة والمدح لَهُ والثناء عَلَيْهِ، والمحفوظ عند نقلة الحديث عن الأئمة المتقدمين وَهَؤُلاءِ المذكورين منهم في أبى حنيفة خلاف ذَلِكَ وكلامهم فيه كثير لأمور شنيعة حفظت عليه يتعلق بعضها بأصول الديانات، وبعضها بالفروع. نَحْنُ ذاكروها بمشيئة الله ومعتذرون إلى من وقف عليهما وكره سماعها، بأن أَبَا حنيفة عندنا مَعَ جلالة قدره أسوة غيره من العُلَمَاء الَّذِين دونا ذكرهم في هذا الكتاب وأوردنا أخبارهم وحكينا أقوال الناس فيهم على تباينها.
أما قول الخطيب هذا فأنا إن شاء الله نبين أن قصده خلاف ما ذكر من المعذرة وإنما قصد الشناعة جرأة منه وافتراء.
أما قوله: والمحفوظ عند نقلة الحديث خلاف ذلك.
فأقول: إن نقلة الحديث ينظرون إلى طريق الحديث فمتى ما وجدوا فيه رجلا ضعيفا ضعفوا الحديث خاصة في جرح الرجال، فإنه لا يسمع إلا من عدل ثقة معروف بالعدالة والثقة، فحيث نقل الخطيب أحاديث في الجرح عن جماعة ضعفاء شهد بضعفهم أئمة الحديث تبين أن قصده خلاف ما اعتذر عنه.
قال الخطيب: ما حكي عن أَبِي حنيفة في الإيمان:
أخبرنا الحسين بن محمد الحسن أخو الخلال بإسناده إلى وكيع. قَالَ سَمِعْتُ الثوري يَقُولُ: نَحْنُ المؤمنون وأهل القبلة عندنا مؤمنون في الأنكحة والمواريث والصلاة(22/44)
والإقرار، ولنا ذنوب ولا ندري ما حالنا عند الله. ثم قال وَقَالَ أَبُو حنيفة من قَالَ بقول سُفْيَان هَذَا فَهُوَ عندنا شاك، نَحْنُ المؤمنون هنا وعند الله حقا. قَالَ وكيع:
وَنَحْنُ نقول بقول سُفْيَان وقول أَبِي حنيفة عندنا جرأة.
اعلم وفقك الله أن الإيمان هو التصديق، واعلم أنه لا يكون تصديقا بدون المعرفة والمعرفة لا تكون مع الشك إنما تكون مع اليقين وإذا ثبت هذا فنحن المؤمنون هنا وعند الله لأن المعرفة والمعرفة لا تختلف لأن من عرف هنا كان عارفا عند الله لأن المعرفة الجهل، وأما قول أبى حنيفة عن سفيان في قوله نحن المؤمنون وأهل القبلة عندنا مؤمنون محمول على قوله تعالى: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ
ألا تراه نفى الإيمان عن من أسلم إلا من عرف بقلبه فثبت ما قلت إنه لا يكون إيمانا إلا بمعرفة.
وقَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المعدل بإسناده إلى حمزة بن الحارث بن عُمَيْر عن أَبِيهِ. قال سمعت رجلا سأل أَبَا حنيفة في المسجد الحرام عن رجل قَالَ أشهد أن الكعبة حق ولكن لا أدري هِيَ هذه التي بمَكَّة أم لا؟ فَقَالَ مؤمن حقا وسأله عن رجل قَالَ أشهد أن مُحَمَّد بن عَبْد الله نبي ولكن لا أدري هُوَ الَّذِي قبره بالمدينة أم لا؟ فَقَالَ مؤمن حقا. قَالَ الحُمَيْدِيّ: من قال بهذا فقد كفر. قَالَ وَكَانَ سُفْيَان يحدث بِهِ عن حمزة بن الحارث.
وقال أخبرنا الحسن محمد الخلال بإسناده إلى محمد الباغنديّ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ:
كُنْت عند عَبْد الله بن الزُّبَيْر فأتاه كتاب أَحْمَد بن حَنْبَل اكتب إلى بأشبع مسألة عن أَبِي حنيفة فكتب إِلَيْهِ: حَدَّثَنِي الحارث بن عُمَيْر قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حنيفة يقول: لو أن رجلا قال أعرف أن لله بيتا ولا أدرى هو الَّذِي بمَكَّة أَوْ غيره أمؤمن هُوَ؟ قَالَ: نعم ولو أن رجلا قَالَ أعلم أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مات ولا أدرى دفن بالمدينة أَوْ غيرها أمؤمن هُوَ؟ قَالَ نعم فهذا القول لم ينقله أحد من أصحاب أبى حنيفة ولا رووا عنه مثل هذا فلو كان صحيحا لنقل كما نقلت جميع مسائله. ولكني أقول ما تقول في اليهود أصحاب موسى لما جهلوا قبر موسى أضرهم ذلك؟ لا لأنهم عرفوا أن موسى نبى حق فأما جهالة القبر لا تضر بدليل أن من لم يزر المدينة ولم يحج لا يعرف القبر ولا البيت ومع ذلك لم يقدح في إيمانه ثم ومن زار المدينة فالحجرة الشريفة حائلة بينه وبين مكان القبر حقيقة من جهة التربيع فمن ذهب إلى قول الحميدي(22/45)
وسفيان احتاج أن يعرف بيوت مكة والمدينة وبنيانهما وصقاعهما وحدائقهما على ما كانا عليه في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى اليوم، واعلم أن معرفة الأراضى غير مشروعة في شريعة من شرائع الإسلام، واعلم أنا نقول إن الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين مبعوثون حقا ولو قال رجل لا أعرف أن موسى نبى حق أو غيره فقد كفر ومع ذلك لا يضرنا جهالة قبورهم ولا مواطنهم. فأما إذا ثبت عنده مبعث النبي صلّى الله عليه وسلّم بلا شك بشرائط الإسلام فهو مؤمن حقا ولا يضره جهالته بموضع قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم فيه فإن القبر ليس من شرائط الإيمان ولا الإسلام، واعلم أنه لو كان الأمر كما ذكر عنه لكان المسلمون الذين في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم الناءون عنه لا يصح إسلامهم فإنهم ما كانوا يعرفون كل وقت حقيقة موضعه لأنهم كانوا يفارقونه في موضع وينتقل إلى آخر، أفكانوا بجهالة المواضع يكفرون؟ فإذا ثبت أن الموضع لا يحتاج إليه في حال الحياة فلأن لا يضر مع الوفاة أجدر.
وقال: في سياق الحديث قَالَ الحارث بن عُمَيْر: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لو أن شاهدين شهدا عند قاضى أن فلانا طلق امرأته وعلما جميعا أنهما شهدا بالزور ففرق بينهما، ثُمَّ لقيها أحد الشاهدين فله أن يتزوج بها؟ قال نعم.
الجواب: إن القاضي ما سمى قاضيا إلا مشتقا من القضاء والقضاء القطع كأنه مأخوذ من قطع الخصومات أو مأخوذ من القطع بالشيء عن أحدهما للآخر وهذا أولى لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «قضيت له شيئا» أى من قطعت له شيئا فثبت ما ذكرت فإذا فسخ القاضي بينهما أيحل لأجنبى أن يتزوج بهذه المرأة أم لا فإن قال لا فقد افترى، وإن قال نعم فكذلك يحل لأحد الشاهدين لأن فعل القاضي حجة من حجج الشرع لا تندفع في حق بعض دون بعض وإن كانت لا تحل لأحد الشاهدين فهي على نكاحها الأول فلا تحل لغيره أيضا وليس في سياق الخبر ما يضر ما قلت لأن
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم «فإنما أقطع له قطعة من النار»
فنحن نقول كذا أيضا لأن هذا فعل حرام إنما اتصل بقضاء القاضي غير مدفوع كقضاء النبي صلّى الله عليه وسلّم وإن كان النبي صلّى الله عليه وسلّم بين تحريمه، وما قلت فهو جواب لما أسنده إلى حمزة بن الحارث بن عمير وعن عباد بن كثير.
وأما ما نقله عن محمد بن الحسين بن الفضل القطان إلى يحيى بن حمزة أَنَّ أَبَا حنيفة قَالَ: لو أَنَّ رجلا عبده هذه النعل يتقرب بها إلى الله لم أر بذلك بأسا. فَقَالَ سَعِيد: هَذَا الكفر صراحا.(22/46)
فهذا لم ينقله أحد من أصحاب أبى حنيفة واعلم أن أصحاب الإنسان أعرف به من الأجنبى، ثم اعلم أن مذهب أبى حنيفة له أصول وقواعد وشروط لا يخرج عنها، فأما أصول مذهبه رضى الله عنه فإنه يرى الأخذ بالقرآن والآثار ما وجد وقواعده أن لا يفرق بين الخبرين أو الآي والخبر مهما أمكن الجمع بينهما إلا إن ثبت ناسخا أو منسوخا وشروطه أن لا يعدل عنهما إلا أن لا يجد فيهما شيئا فيعدل إلى أقوال الصحابة الملائمة للقرآن والسنة وإن اختلفوا تخير ما كان أقرب إلى الكتاب والسنة. فهذا عليه إجماع أصحاب أبى حنيفة وهو إذا عددت المدرسين منهم في عصر واحد وجدتهم أكثر من إسناد الخطيب منه إلى أبى حنيفة رحمه الله.
واعلم أن أخبار الآحاد المروية عن النبي صلّى الله عليه وسلّم توجب العمل لأجل الاحتياط في الدين ولا توجب العلم. وأخبار التواتر توجب العلم والعمل معا فكيف بك عن أخبار الخطيب هذه التي لا تكاد تنفك عن قائل يقول فيها، فإذا نازلنا الأمر وساوينا قلنا أخباره أخبار آحاد وأخبار أصحاب أبى حنيفة متواترة والعمل بالمتواترة أولى؛ وقد ثبت مذهب أبى حنيفة وأصوله وقواعده فإذا ثبت أن هذه أصول أبى حنيفة فكيف يسوغ له أن يقول هذا مع علمه بقوله تعالى: ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى
فهذا لا يصح عن أبى حنيفة.
قال: أخبرنا أبو سعيد بإسناده إلى إسماعيل بن عيسى بن عَليّ قَالَ قَالَ لي شريك:
كفر أَبُو حنيفة بآيتين من كتاب الله تعالى قَالَ الله تعالى: وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ
وَقَالَ تعالى: لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ
وزعم أَبُو حنيفة أَنَّ الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وزعم أَنَّ الصَّلاة ليست من دين الله. قد قلت فيما مضى: إن الإيمان هو المعرفة والمعرفة لا يدخلها جهل وإذا لم يدخلها جهل فمن أين تكون الزيادة والنقصان إنما الزيادة بأن يرتفع الجهل والنقص بأن تذهب المعرفة، وأما قوله عنه إن الصلاة ليست من دين الله تعالى فلم يرو هذا عن أبى حنيفة لكن نقول إذ لو روى هذا إن الصلاة لا يكون تاركها كافرا إنما الكافر جاحدها، فإذا لم يفرق القائل والناقل بين هذين كيف يعرف كلام أبى حنيفة ومن أين يأخذ عليه. إنما الصلاة دين إلى الله لا دين الله؟ وأصل الديانة الذلة والتعبد فإن قلنا إنها من عبدنا الله صح وإن قلنا إنها من ذلتنا إلى الله وطاعتنا له فهي دين لنا. قالوا دنته فدان وفي الحديث «الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الموت» .(22/47)
قال الأعشى:
هو دان الرباب أذكر هو الدين ... دراكا بغزوة وارتحال
ثم دانت بعد الرباب وكانت ... كعذاب عقوبة الأقوال
قال: هو دان الرباب يعنى أذلها. ثم دانت بعد الرباب أى ذلت له وأطاعت، والدين الجزاء والمكافأة يقال دانه دينا أى جازاه كما قالوا كما تدين تدان قال:
ولم يبق سوى العدوا ... ن دناهم كما دانوا
ومنه الدين قال تعالى: إِنَّا لَمَدِينُونَ
أى لمجزيون محاسبون، ومنه الديان في صفة الله عز وجل. والمدين العبد والمدينة الأمة كأنهما من أذلهما العمل قال الأخطل:
ربت وربا في كرمها ابن مدينة ... يظل على مسحاته يتركل
فلو كانت الصلاة من جزاء الله لكانت دين الله، وانما هي من ديننا دينا الله بها أى عبدنا فهي ديننا لا دين الله. وأجمع أهل السنة أن الصلاة ليست داخلة في الإيمان لأنها من الأعمال وإنما يرد على أبى حنيفة من عرف وجه الكلام واشتقاقه.
قال: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله السراج بإسناده إلى أبى إِسْحَاق الفزاري يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا حنيفة يَقُولُ: إيمان أبى بكر مثل ايمان إبليس. فهذا أيضا لم ينقل عن أبى حنيفة لكن لو نقل كان على ما ذكرت لك من الأصل أن معرفة أبى بكر الصديق بالله كمعرفة إبليس وهذا لا ينكره عالم لأنا قد أصلنا أن الإيمان هو المعرفة ولا يشك أن إبليس رأى صنع الله تعالى عيانا وأبو بكر انما ثبت هذا عنده بقول النبي صلّى الله تعالى وسلم والنقل، ولا شك أن ثبوت العلم في القلب بالرؤية أكثر من ثبوته بالنقل، ويدل على هذا أنه من وصف له طريق حتى حفظ صفاتها كالماء الجاري ثم أراد أن يسلكها فإنه لا يقدر على ذلك، ومن سلكها دفعة بعد أخرى قدر على سلوكها وإن لم يصفها. ويدلك على ما ذكرت أن أكابر الفقهاء إذا حجوا احتاجوا من يعرفهم. فإذا عرفت هذا كان القياس أن يقول إن إيمان إبليس أقوى من إيمان أبى بكر، إلا أن العلم لما استوى قلنا إنه مثله. ثم قال: قَالَ أَبُو إِسْحَاق: ومن كَانَ من المرجئة ثُمَّ لم يقل هَذَا أنكر عليه قوله. أما قوله إنه من المرجئة فيجيء الجواب إن شاء الله في موضعه. وقوله حدثنا الفضل بإسناده عن إيمان إبليس وآدم فهو يخرج على ما ذكرت.(22/48)
وقال حدثنا أبو طالب بإسناده إلى الْقَاسِم بن عُثْمَان يَقُولُ مر أَبُو حنيفة بسكران يبول قائما قال لو بلت جالسا: قَالَ فنظر في وجهه فقال ألا تمر يا مرجئ قَالَ لَهُ أَبُو حنيفة: هَذَا جزائي منك صيرت إيمانك كإيمان جبريل. فإن كان أراد الإيمان وحديثه فقد مر، وإن كان يحتج بقول السكران فهذا مما تثبت به الروايات عند المحدثين؟
أتراه ما عرف شروط أهل الحديث أم تعامى.
أخبرنا ابن رزق بإسناده إلى الْقَاسِم بن حبيب. قَالَ وضعت نعلي في الحصا ثُمَّ قُلْتُ لأبي حنيفة أرأيت رجلا صلى لهذه النعل حَتَّى مات إِلا أنه كان يعرف الله بقلبه فقال مؤمن قال لا أكملك أبدا. فهذا قد ذهب الجواب عنه عند أصول أبى حنيفة.
قال الخلال بإسناده إلى وكيع. قَالَ اجتمع سُفْيَان الثوري وشريك وَالحَسَن بن صالح وابن أَبِي ليلى فبعثوا إلى أبى حنيفة فأتاهم فقالوا لَهُ: ما تَقُولُ في رجل قتل أباه ونكح أمه وشرب الخمر في رأس أبيه؟ قال مؤمن فَقَالَ لَهُ ابن أَبِي ليلى لا قبلت لك شهادة أبدا، وَقَالَ لَهُ سُفْيَان لا كلمتك أبدا، وَقَالَ لَهُ شريك لو كَانَ لي من الأمر شيء لضربت عنقك، قال لَهُ الحَسَن بن صالح وجهي من وجهك حرام أن أنظر إليه أبدا. فأبصر إلى هذا الراوي إنه لا يفرق بين رجل وبين مؤمن. فأما رجل فإنه نكرة من الرجال فلو كان كافرا وعبد الله مائة سنة لم يكن مؤمنا، وأما المؤمن لو فعل هذا لم تذهب معرفته.
وقال بروايته عن جماعة عن أبى يوسف وغيره إن أبا حنيفة كان مرجئا جهميا أفنظرت لكثرة كلامه في ذلك؟ أما الجواب فإن أبا حنيفة لا يرى الصلاة خلف المرجئ والجهمى ولا صاحب بدعة ولا هوى فكيف يكون منهم؟ وهذا القول في جميع كتب أصحاب أبى حنيفة ورواياتهم حفظا كما يحفظ الكتاب العزيز أفيكون هذا متروكا ويكون المحفوظ ما جاء به آحاد الناس. وأما روايته عن أبى يوسف فالمروى عن أبى يوسف أنه قال لما حج: اللهم إنك تعلم أنى ما قلت قولا إلا ما ثبت عندي من كتابك وسنة نبيك، وما لا أعرفه منهما جعلت أبا حنيفة فيه بيني وبينك.
وقد روى عنه هذا القول عند الموت أيضا، فكيف يصح عن من يقول هذا عند الموت أن يقول بمثل ذلك؟ ثم إن جميع كتب أبى حنيفة مشحونة برواية أبى يوسف عنه ولم يكن فيها شيء من ذلك.(22/49)
وقال بإسناده إلى ابن المقرئ عن أبيه أن رجلا سأل أبا حنيفة- أحمر كأنه من رجال الشام- فَقَالَ: رجل لزم غريما لَهُ فحلف لَهُ بالطلاق أن يعطيه حقه غدا إِلا أن يحول بينه وبينه قضاء الله، فَلَمَّا كَانَ من الغد جلس عَلَى الزنا وشرب الخمر؟ قَالَ:
لم يحنث ولم تطلق امرأته. وهذا لم يرو عن أبى حنيفة كما ذكر، ولكن الرواية عنه قريب من هذا، إذا قال الرجل امرأته طالق إن شاء الله لم تطلق، وهذا أظنه إجماعا.
وكذلك لو قال إن شاء الإنس أو الجن أو الملائكة فهذا المروي وهذا استثناء والاستثناء لا يوجب إيقاع اليمين. وأما قوله قعد على شرب الخمر والزنا فهذا مما لا يدخل في اليمين ولا في شيء منه بإجماع الفقهاء، لكن قصده الشناعة.
وقال: أما القول بخلق القرآن فقد قِيلَ إِنَّ أَبَا حنيفة لم يكن يذهب إليه، والمشهور عَنْهُ أنه كان يقوله واستتيب منه وهذا دليل على كذب الخطيب لأن المشهور ما نفى الجهل عن عامة الناس وهو إنما روى ما ذكر عن أبى حنيفة عن واحد واحد من كل عصر وأصحاب أبى حنيفة تفردوا بأكثر بلاد المسلمين وفقهاؤهم في كل عصر أكثر من أن يحصوا وكلهم يروى عن أبى حنيفة أنه لا يصلى خلف من يقول بخلق القرآن فترى أى شهرة أوجبت له ما ذكر لأنه روى عن أناس أَنَّ أَبَا حنيفة كَانَ يَقُولُ القُرْآن مخلوق، وروى عن أناس أنه لم يكن يقول القرآن مخلوق، وجميع أصحاب أبى حنيفة على أن أبا حنيفة لم يكن يقول بخلق القرآن إلا بعضهم وهم أناس من أصحاب أبى حنيفة والشافعي وهو المعتزلة مخالفون أبا حنيفة وهم معترفون بأن هذا القول لم يكن أبو حنيفة قاله، ولا شك أن أبا حنيفة ناظر المعتزلي في خلق أفعال العباد فقال له: إن كان فعلك بأمرك فأخرج البول من موضع الغائط والغائط من موضع البول. فانقطع فضحك أبو حنيفة، فقال له المعتزلي: أتناظرني في العلم وتضحك والله لا كلمتك بعد اليوم فلم ير أبو حنيفة بعد ذلك اليوم ضاحكا. وهذا المسألة أخذها أبو حنيفة من قول الله عز وجل: فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ
والمعتزلي إنما اعتزل حلقة الحسن البصري فكيف لقائل أن يقول إن أبا حنيفة أول من تكلم بهذا؟ وهذه الروايات التي تخالف أصحاب أبى حنيفة ومن قد روى عنه لا تصح لان أصحاب أبى حنيفة مجمعون على خلاف ما نقله عنه الخطيب. وهما كتب أصحاب أبى حنيفة بخلاف ما ذكر فكيف له أن يقول والمشهور خلاف ذلك، إنما المشهور مأخوذ من الشهرة وهي ما يلبسه الرجل عند القتال، والشهرة مشتقة من الشهر وهو الهلال سمى بذلك لشهرة الناس(22/50)
له، ومنه سمى الشهر للأيام. وقال الخطيب: بإسناده إلى أبى بكر بن أبى داود السجستاني يقول لأصحابه ما تقولون في مسألة اتفق عليها مالك وأصحابه، والشافعي وأصحابه، والأوزاعي وأصحابه، والحسن بن صالح وأصحابه، وسفيان الثوري وأصحابه، وأحمد بن حنبل وأصحابه؟ فقال أصحابه: يا أبا بكر لا تكون مسألة أصح من هذه. فقال: هؤلاء كلهم اتفقوا على تضليل أبى حنيفة.
الجواب: اعلم وفقك الله أن الصحابة جميعهم اختلفوا في عدة مسائل ولكن ليس كل من خولف فقد ضل، فإن هؤلاء المسلمين جميعهم خالف بعضهم بعضا كما خالفوا أبا حنيفة فهذا لا يعد من التضليل أما المنقول عن الشافعي في كتاب الأم أنه قال من أراد خمسا فعليه بخمس، من أراد الفقه فعليه بأبى حنيفة، ومن أراد النحو فعليه بالكسائى. وما ذكرت مسطور عن الشافعي. ومن يقول عنه هذا مثل الشافعي كيف يقول مثل ذلك وانظر بين الروايتين ما قلت في كتاب الأم لأصحاب الشافعي ينقله فقهاء أهل عصر إلى فقهاء أهل عصر إلى ما روى الخطيب عن آحاد الناس.
وأما غير الشافعي فسيأتى الجواب عنه إن شاء الله.
وقال الخطيب:
ذكر ما حكى عن أبى حنيفة في الخروج على السلطان بأسانيده إلى جماعة ينقلون عن أبى جماعة ينقلون عن أبى حنيفة منه ما أسنده إلى الأوزاعى أنه قال جاءوني فقالوا قد أخذنا عن أبي حنيفة شيئا فانظر فيه فلم يبرح بي وبهم حتى أريتهم. فما جاءوني به عنه أنه قد أحل لهم الخروج على الأئمة. وهذه الرواية لا تصح عن أبى حنيفة لأنه يقول: ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا علينا وندعوا لهم. ثم إجماع أصحاب أبى حنيفة على ما قلت، ثم أبو حنيفة جعل قتال على رضى الله عنه مع البغاة والخوارج حجة، كما جعل قتال النبي صلّى الله عليه وسلّم مع الكفار. قال وإذا سمع الإمام أن قوما يدعون إلى الخروج فعليه أن ينبذ إليهم ويمسكهم حتى يظهروا توبة، فإذا صار فئة يرجعون إليها يقتل مقاتلهم ويجهز على جريحهم، ويقتل أسراهم كما يقتل الكفار. فمن يكون هذا رأيه كيف يرى الخروج على الأئمة؟ قال الله تعالى: وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ
وقال: لا يمض قضاء قاضى أهل البغي ولا تقبل شهادتهم.
ثم روى بإسناده إلى ابن المبارك قال ذكرت أبا حنيفة يوما عند الأوزاعي فأعرض(22/51)
عنى فعاتبته في ذلك فقال: تجيء إلى رجل يرى السيف في أمة مُحَمَّد فتذكره عندنا ألا ترى إلى الخطيب لم يعرف الفرق بين الخروج على الأئمة وبين من يرى السيف في الأمة! اعلم وفقك الله أن القتل ليس مشروعا بمجرد الكفر إذ لو كان لكان يحل لنا قتالهم من غير نبذ، ولما كان يجوز لنا أخذ الجزية منهم وتركهم وما يعبدون ويكونون كالمسلمين في أموالهم ودمائهم، وإنما القتل مشروع للفساد في الأرض والتعدي على الدين. ولذلك قال تعالى: وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ
وقال تعالى: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا
وقال تعالى: وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ
فأمر بقتال البغاة كما أمر بقتال أهل الحرب. وقال عز وجل في قصة أهل الحرب حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ
فأراد إعلاء كلمة الإسلام وأمر بالقتال للفريقين جميعا لاكتفاء شرهم وقمع المفسدين وإصلاح الرعية وأمن الطرق فاستويا، فمن لا يعرف وجوه القرآن كيف يجوز له الرد على من يعرف؟
ثم ذكر عن الأبار لإسناده إلى أبى إسحاق الفزاري.
قال: جاءني نعي أخي من العراق- وخرج مع إبراهيم بن عبد الله الطالبي- فقدمت الكوفة فأخبروني أنه قتل وأنه قد استشار سفيان الثوري وأبا حنيفة. فأتيت سفيان فَقُلْتُ أنبئت بمصيبتي بأخي وأخبرت أنه استفتاك؟ قال نعم قد جاءني فاستفتاني. فقلت ما أفتيته قال قلت لا آمرك بالخروج ولا أنهاك. قال فأتيت أبا حنيفة فقلت له بلغني أن أخي أتاك فاستفتاك؟ قال قد أتانى واستفتانى، قال قلت وما أفتيته بالخروج، قال فأقبلت عليه فقلت لا جزاك الله خيرا.
قال: هذا رأيي قال فحدثته بحديث عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرد لهذا قال هذه خرافة. قال الخطيب: يَعْنِي حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الخطيب ذكر هذا الخبر عن هذا الرجل أعنى أبا إسحاق ثم اختلف فيه فتارة قال ما ذكرت. ثم روى عنه أنه قال قتل أخى مع إبراهيم بالبصرة فركبت لنظر في تركته فلقيت أبا حنيفة فقال لي من أين أقبلت وأين أردت؟ فأخبرته الحديث فقال لي لو أنك قتلت مع أخيك لكان خيرا لك. فهذا حديث قد تقدم الجواب عنه. إلا أنى(22/52)
أردت أن أذكر شيئا يعرفه الناس كما يعرفون أن أبا إسحاق الفزاري روى لأبى حنيفة حديثا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، والناس يعرفون أن أبا إسحاق لم يكن فقيها ولا محدثا يؤخذ بقوله، ثم يرجح قول مثل هذا يكون أراد به الحق، ثم قول الخطيب أنه عنى قول النبي صلّى الله عليه وسلّم. أترى ما علم أنه لو ثبت مثل هذا القول عند أبى حنيفة إنه يحمل على أن هذا حديث مشكوك فيه أو مطعون في ناقله، وأن أبا إسحاق لم يهتد إلى نقله على الوجه، وأنه لم يعرف الوجه في الحديث. ثم إن الخطيب قال عنى بقوله حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم. فما أدرى الخطيب أنه عنى حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم دون حديث الفزاري؟ ثم إن الخطيب جعل رأى سفيان في هذا الأمر حجة حيث قال لم آمر أخاك ولم أنهه. فإن المتفقهة إذا سئلوا عن مثل هذا لا بد أن يقولوا حلال أو حرام أو واجب أو محظور فإن كان واجبا لزم العمل به وإن كان محظورا وجب التجنب عنه.
فنقول: سفيان في هذه الفتيا لا يخلو إما إن كان الطالبي على الحق أو على الباطل ولا يخلو المستفتى إما إن كان ذا قدرة على الخروج أو عاجز وإن كان طالب فضيلة أولا. إن كان قادرا على الخروج طالبا للفضيلة ووجد إمام حق فالأولى له اتباعه، وان كان إمام باطل وجب عليه قتاله مع إمام الحق إذا دعى. أما السوقة وآحاد الناس فيقدرون على أن يفتوا بما أفتى به سفيان بأن لا يأمروا ولا ينهوا، فمن لا يفرق بين هذا وهذا ليت شعري كيف يجوز له الطعن على الأئمة، وفي قوله حدثته بحديث عن رسول الله صلّى الله وسلّم في الرد لهذا. كان الواجب أن يبين الحديث الذي في الرد. وأما إسناده إلى محمد بن على عن سعيد بن سالم أنه قال قلت لقاضي القضاة أبي يوسف سمعت أهل خراسان يقولون: إن أبا حنيفة جهمي مرجئ؟ فقال لي صدقوا ويرى السيف أيضا. قال له فأين أنت منه؟ قال إنما كنا نأتيه يدرسنا الفقه ولم نكن نقلده ديننا.
اعلم أن المشهور عن أبى يوسف خلاف ما ذكره عنه لأنه ذكر هذا الحديث عن محمد وحده وجميع أصحاب أبى حنيفة يقولون عن أبى يوسف عن- أبى حنيفة خلاف ما ذكر. وأما قول أبى يوسف كان يدرسنا الفقه وما كنا نقلده ديننا فالمشهور عن أبى يوسف أنه لما حج. قال اللهم إنك تعلم أننى لم أعمل إلا بما عرفته من كتابك وسنة نبيك، وما لم أعرفه منهما جعلت بيني وبينك فيه أبا حنيفة لعلمي به. وروى عنه أيضا هذا القول عند الموت، فمن يكون هذا قوله أما يكون قد قلده في دينه؟(22/53)
قال الخطيب: ذكر ما حكي عنه من مستشنعات الألفاظ والأفعال، روى بإسناده عن الحسن بن على الجوهري إلى أبى مطيع أن أبا حنيفة رضى الله عنه قال: إن كانت الجنة والنار مخلوقتين فإنهما يفنيان وبإسناده عن محمد بن الحسين عن أبى مطيع أنه سمع أبا حنيفة يقول إن كانت الجنة والنار خلقتا فإنهما يفنيان والرواية المشهورة عن أبى حنيفة التي عليها جملة أصحابه أنه قال: إن الجنة والنار مخلوقتان لا تبيدان أبدا. وكذلك روى عنه أبو جعفر الطحاوي في عقيدته.
وبإسناده عن ابن رزق عن أسباط أن أبا حنيفة. قال: لو أدركني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم وأدركته لأخذ بكثير من قولي.
وبإسناده عن على بن أحمد الرزاز عن يوسف بن أسباط. قال قال أبو حنيفة: لو أدركني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم وأدركته لأخذ بكثير من قولي. المروي عن أبى حنيفة رضى الله عنه وعليه فتاوى كل أصحابه أنه قال في
المروي عن العباس رضى الله عنه لما خطب النبي صلّى عليه وسلّم وقال: «ألا إن مكة حرام من حرمات الله» الخبر بطوله. فقال العباس إلا الأذخر يَا رَسُولَ اللَّهِ فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إلا الأذخر»
قال أبو حنيفة في هذا أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أراد أن يستثنى هذا فسبقه العباس إليه، فأبو حنيفة لم يجعل النبي صلّى الله عليه وسلّم آخذا برأى العباس، فكيف يجعله أخذا برأى نفسه.
وقد روى عن عمر رضى الله عنه مثل هذا أنه قال وافقنى ربى في ثلاث ولم يرد بالموافقة أنه كان على الخلاف ثم وافق، إنما كانت شهوته تقتضي هذا، وأنزل الله ذلك على وفاق ما أراده فسماه موافقة، ومذهب أبى حنيفة خلاف ما نقل الناقل لأنه يرى الأخذ بالكتاب والسنة ما وجد، فإن لم يجد أخذ بقول الصحابي فإن اختلفوا أخذ بقول أقربهم إلى الكتاب والسنة لا يعدل عن ذلك.
وروى بإسناده عن عبد الله بن محمد بن الحارث عن أبى إسحاق الفزاري.
قال: كنت آتي أبا حنيفة أسأله عن الشيء من أمر الغزو فسألته عن مسألة فأجاب، فقلت له إنه يروى فِيهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كذا وكذا. فقال دعنا من هذا. قَالَ وسألته يوما آخر عن مسألة فأجاب فيها، فقلت له إن هذا يروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه كذا وكذا. فقال حك هذا بذنب خنزير. هذا النقل يخالف مذهب أبى حنيفة وقد تقدم الجواب عنه.(22/54)
ثم إن الخطيب لم يعن المسألة التي ذكر الراوي أنه سأل أبا حنيفة عنها ولا الخبر الذي أورده الفزاري، وإذا لم يعين لم يثبت ما اشترطه الخطيب من أن التثبت عند أهل الحديث غير هذا لأن المعلوم لا ينقض بالمجهول وهذا قد روى عن آحاد الناس لا شيء. لأنه قال حدثنا فلان عن الفزاري أنه قال سالت أبا حنيفة عن مسألة فأجاب. فقلت: روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كذا وكذا في هذا. فقال له أبو حنيفة: حك هذا بذنب خنزير. وهذا كما حكى
الخطيب في كتابه في ترجمة أشعب عن أشعب أنه قال لما سئل هل تروى شيئا من الحديث النبوي؟ فقال نعم سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: «خلتان لا يجتمعان في مؤمن» .
ثم سكت فقالوا له وما الخلتان؟ قَالَ: نَسِيَ عِكْرِمَةُ وَاحِدَةً وَنَسِيتُ أَنَا الأُخْرَى.
قال أخبرنا ابن دوما ثم أسنده إلى الفزاري قال حدثت أبا حنيفة حديثا في رد السيف فقال: هذا حديث خرافة أترى أى شيء هو رد السيف؟ وإنما اشتراط الخطيب أن هذا ثبت هو العجب، لأنه قال والثبت عند أصحاب الحديث غير هذا، أترى الثبت ما يعلم وما لا يعلم؟ فإن كان الثبت ما يعلم كان [ينبغي] نقل ما قال وما قيل عنه ليكون الجواب. وأما قوله حدثت أبا حنيفة في رد السيف حديثا فهذا لا يثبت مثله، لأنه إنما يثبت الشيء، أما غير شيء لا يثبت أصلا وهذا كقول المتنبي:
إذا رأى غير شيء ظنه رجلا
وهذا غير شيء، أترى غير شيء أى شيء يكون: وروى عن الأبار إلى أن قال سمعت علي بن عاصم يقول: حَدَّثَنَا أبا حنيفة بحديث عن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: لا آخذ به، ثم قُلْتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لا آخذ به. إنما يجاب عن هذا لو ذكر الحديث، فمن المعلوم أن كلما روى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يؤخذ به لأن فيه منسوخا والمنسوخ فبالإجماع لا يؤخذ به.
اعلم وفقك الله أن أخبار النبي صلّى الله عليه وسلّم فيها ناسخ ومنسوخ، ومحكم ومتشابه، وإفراد وتركيب، وحقيقة ومجاز. ثم بعد ذلك صنفت على النبي صلّى الله عليه وسلّم أحاديث، [و] نقل عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ثقات وغير ثقات، وبعض هذا مما يرد به الحديث بإجماع الأمة.
قال أخبرنا محمد بن أبى نصر الزينبي إلى بِشْرِ بْنِ مُفَضَّلٍ.
قَالَ قُلْتُ لأَبِي حَنِيفَةَ:
روى نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ(22/55)
ما لم يفترقا»
قال هذا رجز. أترى الناقل عن أبى حنيفة مثل هذا ما استحيا أن ينقل ما لا يسمع، فإن أراد به الرجز الذي هو الشعر فليس كذلك ومثل أبى حنيفة يعرف هذا المقدار، ولو أنه عرض على أدنى عامي لعرف هذا فكيف ينقل عن أبى حنيفة رحمه الله ما لو قيل لعامى لعرف أنه خلاف ذلك ويدعى أنه الثبت؟ وأما أبو حنيفة فإنه لا يأخذ بهذا الحديث على هذا الوجه الذي ذهب إليه غيره أن قول النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اختلف لفظا الواجب أن يوفق بينهما معنى. وهذا مذهب أبى حنيفة والبيع عقد من عقود الشرع، وجميع عقود الشرع بعد صحتها لا تحتمل النقض، مثل أن تقول بعت ويقول اشتريت، ومثل أن تقول أنكحتك على صداق مبلغه كذا وكذا، فيقول قبلت. فكما أنه ليس خيار في النكاح فكذلك ليس له خيار في البيع. وكذلك إلا جارة وغيرها من عقود الشرع، وإنما كلام النبي صلّى الله عليه وسلّم مثل القرآن والقرآن جاء على العرب، تقول بئست الرمية الأرنب وإن كانت لم ترم إلا أنها من شأنها أن ترمى فسميت رمية بذلك. كما قال تعالى أَعْصِرُ خَمْراً
والمائع لا ينعصر وإنما كان يعصر عنبا ليجعله خمرا. فلما كان من شأنه أن يكون خمرا نطلق اسم الخمر على العنب، لأنه اسم ما يؤول إليه.
وقد روى أنه عليه السلام. قال لأبى سفيان يوم الفتح: «كل الصيد في جوف الفرا»
سماه صيدا وان لم يصد. فكذلك سماهما بيعين وإن يبيعا بعد، وتقديره البيعان بالخيار إذا شاءا تبايعا، وإن شاءا لا.
كما قال صلّى الله عليه وسلّم: «المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر» فلما عرض عليه الحكم وهو أن النبي صلّى الله عليه وسلّم حضر عند رجل من الأنصار وكان معه رجل صائم فقال: «أجب أخاك وأفطر واقض يوما مكانه»
فلما أثبت الوجوب أوجب العوض، فهذا ومثله كثير عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ قلت: روى قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَخَ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَرَضَخَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم رأسه. قال. هذيان. فأبو حنيفة رحمه الله لا يقول عن كلام النبي صلّى الله عليه وسلّم هذا، ولو كان كما قال عنه الخطيب لما ترك، فضلا عن أن يتبعه الناس ويقتادون إليه وقد تقدم أن رواية جماعة خير من رواية آحاد الناس. ثم هذا الخبر مجمع على ترك العمل به بقول النبي صلّى الله عليه وسلّم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أمر أميرا على جيش أو سرية. قال: «اغزوا بسم الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تمثلوا» . ألا تراه صلّى الله عليه وسلّم نهى عن المثلة. ونهى في الخبر عن قتل النساء والصبيان فهذا ناسخ لما تقدم.(22/56)
ثم قال
أخبرنا أبو بكر البرقاني إلى عَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ذُكِرَ لأَبِي حَنِيفَةَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ»
فقال هذا سجع.
وهذا مثل قول الله عز وجل: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ
والثاني لا يكون متعديا بل مستوفيا. ثم هذا الحديث منسوخ
بقول النبي صلّى الله عليه وسلّم «الفطر مما دخل، والوضوء مما خرج»
والحاجم والمحجوم لم يدخل إلى بطنيهما شيء فيفطرهما. قال: وذكر له قول من قول عمر- أو قضاء من قضاء عمر- فقال: هذا قول شيطان. فهذا مثل ما ذكرت من خبر أشعب، الواحد أنسيه هو، والآخر أنسيه الخطيب.
وكذلك ما رواه عن ابن رزق إلى عبد الوارث، وقال أخبرنا محمد بن عبد الملك القرشي إلى إسحاق قال سمعت يَحْيَى بْنُ آدَمَ ذُكِرَ لأَبِي حَنِيفَةَ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الوضوء نصف الإيمان» قال لتتوضأ مرتين حتى تستكمل الإِيمَانُ. قَالَ إِسْحَاقُ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ الْوُضُوءُ نِصْفُ الإِيمَانِ- يَعْنِي نِصْفَ الصَّلاةِ- لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى الصَّلاةَ إِيمَانًا فَقَالَ: وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ
أى صلاتكم.
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لا تُقْبَلُ صَلاةٌ إِلا بِطُهُورٍ»
فَالطُّهُورُ نِصْفُ الإِيمَانِ عَلَى هذا المعنى إذا كانت الصلاة لا تتم إلا به. ومثل هذا لم ينقل عن أحد من الأئمة المعروفين وكيف ينبغي أن يقال في قوله تعالى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ
ويعنى بها الصلاة لأنه يقول في أثناء الآية أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ
وليس الهداية الصلاة وحدها وإنما الهداية إلى جميع الدين والصلاة فرع من فروعه. فقد
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يكمل إيمان المؤمن حتى يريد لأخيه المؤمن ما يريد لنفسه» .
أفكان يعنى بهذا الصلاة وحدها؟ وقد قال الله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ
فيحمل هذا الخطاب على من هو في الصلاة لا من هو خارج عنها، ومثل هذا كثير.
وإنما [لا] يتبين المختلف فيه إلا على العلماء، أما مثل هذا فلا.
وقد نقل عن يحيى أيضا أنه ذكر لأَبِي حَنِيفَةَ قَوْلُ مَنْ قَالَ لا أَدْرِي نِصْفَ الْعِلْمِ.
قَالَ: فَلْيَقُلْ مَرَّتَيْنِ لا أَدْرِي حَتَّى يَسْتَكْمِلَ الْعِلْمَ. قَالَ يَحْيَى وَتَفْسِيرُ قَوْلِهِ لا أَدْرِي نِصْفَ الْعِلْمِ، لأَنَّ الْعِلْمَ إِنَّمَا هُوَ أَدْرِي وَلا أَدْرِي، فَأَحَدُهُمَا نِصْفُ الآخَرِ. فانظر ما أحسن هذا الكلام أترى أيش يقال فيمن لا يعرف هذا الكلام؟ حتى أنه يجعل قول من قال حجة حتى يرد به على أبى حنيفة. والعلم إنما هو إثبات حكم أو نسخ حكم.(22/57)
قال أخبرنا أبو القاسم إلى سفيان بن عيينة ثم أعاد حديث «البيعان بالخيار ما لم يفترقا» ، وهذا تقدم الجواب عنه. وروى عن ابن دوما إلى الفضل بن موسى قال سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ: مِنْ أَصْحَابِي مَنْ يَبُولُ قُلَّتَيْنِ، يَرُدُّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم. أترى أين الرد على النبي صلّى الله عليه وسلّم وإنما القلتان العامتان، والقلتان الجرتان، والقلتان الكوزان، والقلتان قلتا الجبلين فهذا كله ينطلق عليه اسم القلتين، وقول أبى حنيفة هذا إن ثبت أنه قاله أين الرد فيه على النبي صلّى الله عليه وسلّم؟ وانما أردت أن أبين بهذا ومثله قول الخطيب. والمحفوظ غير ذلك فانظر إلى هذا المحفوظ ما أحسنه، إلا أنه يشبه ذاك الحافظ الذي جعله ثبتا فأخبر عن الخلال إلى وكيع يقول سأل ابن المبارك أبا حنيفة عن رفع اليدين في الركوع فقال أَبُو حنيفة: يريد أن يطير. أترى أى شيء في هذا من الفقه أو العلم حتى يجعله ثبتا وروى عن ابن رزق إلى سفيان يَقُولُ: كنت في جنازة أم خصيب بالكوفة فسأل رجل أبا حنيفة عن مسألة في الصرف فأفتاه، فقلت: يا أبا حنيفة إن أصحاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد اختلفوا في هذه، فغضب وقال للذي استفتاه: اذهب فاعمل بها فما كان فيها من إثم فهو على. افتراه لم لا عرف المسألة كما عرف أم خصيب؟
أفهذا ومثله الثبت.
وحدث عن أبى القاسم عبد الواحد إلى يوسف بن أسباط يقول: رد أَبُو حنيفة عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعمائة حديث- أو أكثر- قلت له يا أبا مُحَمَّد تعرفها؟ قال نعم قلت أَخْبَرَنِي بشيء منها فَقَالَ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «للفرس سهمان وللراجل سهم»
فقال أبو حنيفة إنا لا نجعل سهم بهيمة أكثر من سهم المؤمن. فهذا اللفظ لم يثبت عن أبى حنيفة وإنما مذهبه أن يكون للفارس سهمان وللراجل سهم. وأما لفظ النبي صلّى الله عليه وسلّم للفرس سهمان فمحمول على أمثاله مما ورد عنه صلّى الله عليه وسلّم وعن أصحابه. فأما ما روى عنه صلّى الله عليه وسلّم فإنه لما جاء الرجل إليه وقال إنى جعلت لأصحابى إبلا ليسلموا فلما أسلموا رجعت نفسي في الإبل؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم «لا تعطهم شيئا إن أقاموا وإلا سيرنا إليهم الخيل» فلم يرد النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يسير إليهم الخيل وإنما أراد أن يسير الخيالة. وقد تقدم مثل هذا القول. وأما روى عن أصحابه رضى الله عنهم فإنه كان ينادى فيهم بحضرة النبي صلّى الله عليه وسلّم وبعده إذا استفزعوا يا خيل الله اركبي، فما كانت الخيل تركب الناس عادة، وإنما تقديره يا خيالة الله اركبي، فكنى عن الخيالة بالبعض كما ورد العرب كثير من هذا، ومثله قوله تعالى: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً
وإنما كان يعصر العنب ليكون خمرا، فمن لا يفهم هذا أيش يكون جوابه؟ وقال قال أبو حنيفة: الأشعار مثله.(22/58)
صدق إلا أن يكون في الحج. وقال قال البيعان بالخيار، وقد تقدم الجواب. وقال كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرع بين نسائه إذا أراد أن يخرج في السفر. وأقرع أصحابه. وقال أَبُو حنيفة: القرعة قمار. فأقول إن القمار ما كان فيه أخذ وعطاء، وأما مذهب أبى حنيفة رحمه الله في السفر بالنساء إن شاء أخرج إحداهن، وإن شاء أقرع بينهن تطيبا لأنفسهن كان حسنا. وقال لو أدركنى رسول الله صلّى الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأدركته لأخذ بكثير من قولي. قد تقدم الجواب عنه.
وحدث عن ابن رزق إلى إسماعيل البطلانى. وأَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيّ قَالَ قرأت على أَبِي حفص إلى أبى السائب يقول سمعت وكيعا يقول: وجدنا أبا حنيفة خالف مائتي حديث. هذه كانت أربعمائة صارت مائتين ولم يذكر من الأربعمائة والمائتين إلا حديثا واحدا، ولو أراد الخطيب صحة الثبت كما زعم لذكر الأحاديث. وحدث عن على بن أحمد الزاذ إلى حماد بن سلمة قال وسمعته يقول: أبو حنيفة استقبل الآثار واستدبرها. فهذا قول قاله حماد. والجواب عنه فيما مضى وعن غيره من أمثاله الذين قالوا مثل هذه الأقوال في أبى حنيفة وقد روى عنه أن أبا حنيفة يستقبل السنة يردها برأيه. وأخبرنى عن محمد بن الحسين بن محمد المتوثى إلى بِشْرَ بْنَ السَّرِيِّ قَالَ أَتَيْتُ أَبَا عَوَانَةَ فقلت بَلَغَنِي أَنَّ عِنْدَكَ كِتَابًا لأَبِي حَنِيفَةَ أَخْرِجْهُ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ ذَكَّرْتَنِي فَقَامَ إِلَى صُنْدُوقٍ فاستخرج كتابا فقطعه قطعة [قطعة] ثم رمى بِهِ، فَقُلْتُ لَهُ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ جَالِسًا فَأَتَاهُ رَسُولٌ بِعَجَلَةٍ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ كَأَنَّمَا قَدْ حَمُوا الْحَدِيدَ وَأَرَادُوا أَنْ يُقَلِّدُوهُ الأَمْرَ. فَقَالَ: يَقُولُ الأَمِيرُ رَجُلٌ سَرَقَ وَدْيًا فَمَا تَرَى؟ فَقَالَ- غَيْرُ مُتَعْتِعٍ- إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَاقْطَعُوهُ: فَذَهَبَ الرَّجُلُ فَقُلْتُ يَا أَبَا حَنِيفَةَ أَلا تَتَّقِي اللَّهَ،
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن سَعِيد عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنِ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلا كَثَرٍ»
أَدْرِكِ الرَّجُلَ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ. فَقَالَ- غَيْرُ مُتَعْتِعٍ- ذَاكَ حُكْمٌ قَدْ مَضَى فَانْتَهَى وَقَدْ قُطِعَ الرَّجُلُ فَهَذَا مَا يَكُونُ لَهُ عِنْدِي كتاب.
هذا مذهب أبى حنيفة رضى الله عنه. وذلك لما
روى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا قطع في ثمر ولا كثر» وقال: «فإذا جمعها الجرين فاقطعوا فيما بلغ قيمة المجن»
فأبو حنيفة رحمه الله اعتبر الأصل، وذلك أن اللص إذا سرق قمحا أو تمرا أو شيئا إلا أنه أصل في نفسه مقصود بالمالية قطع، وإن سرق طعاما أو شرابا ليس بمقصود بالمالية مثل(22/59)
طعام مطبوخ أو شراب لم يقطع لأنه ليس بمقصود بالمالية في نفسه، وإنما المقصود منه دفع ضرر الجوع حتى أنه لو سرقه في إناء فضة أو ذهب لا قطع عليه لأن مقصوده دفع الضر وسد الجوع وذلك مباح بالمحرم فصار فيه شبهة والحدود عنده تدرأ بالشبهات لما روى عن الصحابة رضى الله عنهم أنهم كانوا يقولون. ادرءوا الحدود بالشبهات. والنبي صلّى الله عليه وسلّم تارة أمر بالقطع وتارة منع منه. وقد ذكرت فيما مضى مذهب أبى حنيفة في أنه لا يخالف بين الخبرين ما وجد وجه التوفيق. فلما بين النبي صلّى الله عليه وسلّم الكثير بقوله «جمعه الجرين» تبين أنه المقصود بنفسه للمالية. ولما أبهم كان لسد الجوعة.
وكذلك ما حدث عن ابن دوما إلى أبى عوانة. قال وقال الحلواني إلى حماد.
قال سمعت أبا حنيفة سئل عَنْ مُحْرِمٍ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا فَلَبِسَ سَرَاوِيلَ، قال عليه فدية.
قلت: سبحان الله
سمعت عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: «السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لم يجد الإزار» .
هذا الخبر لم يعمل به أحد من الأئمة فيحتج بصحته، فإن من لم يجد الإزار يلبس السراويل، كذلك من لم يجد الرداء يلبس القميص ومحال أن يجد السراويل ولم يجد إزارا، فإن السراويل يصير منه إزار، فهذا ومثله لا يدفع قول الخصم، فإن
أعرابيا سأل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رسول الله ما تقول فيمن أحرم في جبته هذه بعد ما ضمخها بالطيب؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَا الجبة فانزعها وأما الطيب فاغسله وافعل في عمرتك ما تفعل في حجك»
وإجماع الناس ان المحرم يلزم المخيط فإن المخيط لا يراد به ما دخلته الإبرة مطلقا إنما المراد به ما يتلف على الإنسان مثل الثوب المخيط على البدن وعلى اليدين حتى يصير كهيئة الإنسان. فكذلك أيضا السراويل والخف. وحديثه عن بن دوما إلى حماد يدخل فيما ذكرت.
ثم قال: أخبرنا ابن دوما إلى سفيان بن عيينة قال قدمت الكوفة فحدثتهم عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زيد- يعني حديث ابن عباس- فقالوا: إن أبا حنيفة يذكر هذا عن جابر بن عبد الله. قال قلت لا إنما هو جابر بن زيد. فذكروا ذلك لأبى حنيفة فقال: لا تبالوا إن شئتم صيروه عن جابر بن عبد الله، وإن شئتم صيروه عن جابر بن زيد. إنما قال أبو حنيفة ذلك- إن صح عنه- لأن هذا الخبر لم يعمل به أحد من الفقهاء فتقديره صيروه عمن شئتم فإنه غير معمول به. فقد أجمع القوم على أنه من لبس المخيط كان عليه الفدية سواء كان سراويل أو غيره.(22/60)
ثم قال أخبرنا القاضي أبو عبد الله الصيمري إلى أبى عبد الله قال أنشدني أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن زيد الوسطى لمحمد بن المعدل:
إن كنت كاذبة التي حدثتني ... فعليك إثم أبي حنيفة أو زفر
المائلين إلى القياس تعمدا ... والراغبين عن التمسك بالأثر
أما من هجا فقد هجا مثله خيرا من أبى حنيفة ولم يصر ذلك حجة. وهذا قال عن أبى حنيفة رحمه الله ما ليس من مذهبه، وقد تقدم القول في مذهب أبى حنيفة وأخذه بالأحاديث ما وجد حتى أنه إذا جاءه الحديث الواحد خلاف القياس يعمل به في الواقعة وحدها ولا يترك أحد الحديثين. مثاله: إن الله تعالى فرض الصلاة في أوقات مخصوصة ففرض لكل وقت صلاة، ثم أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظهر مع العصر بعرفة في وقت الظهر، والمغرب مع العشاء بالمزدلفة في وقت العشاء. فعمل بذلك أبو حنيفة في يوم عرفة خاصة، ولم يقسه على باقى الصلوات، ولا قاس باقى الصلوات عليه. وهذا إذا كان المصلى مع الإمام، وأما إذا صلى وحده صلاها كسائر الصلوات في أوقاتها لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم إنما فعل ذلك بالجماعة ولم يثبت أنه صلاها وحده على ما ذكرت فمن يكون نظره في الجمع بين الأحاديث كذا كيف يقدح فيه بقول من لا يعرف الفقه ولا العربية ولا يفرق بين الأحاديث.
ثم قال أَخْبَرَنَا عَبْد الله بن يحيى السُّكَّري وَالحَسَن بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ النَّرْسِيُّ إلى أبى عوانة. قال سمعت أبا حنيفة وسئل عن الأشربة، قال: فما سئل عن شيء منها إلا قال هو حلال، حتى سئل عن السكر- أو السكر شك أَبُو جعفر- فقال: حلال. قال قلت يا هؤلاء إنها زلة عالم لا تأخذوا عنه. أما مذهب أبى حنيفة رحمه الله في الأشربة فمعروف، ولو لم يشك أبو جعفر لرددت الجواب. وإنما الشاك لا يصدق لأن كذبه من نفسه إذا قال شككت فقد عرف أن قوله ليس بحجة فهو شك فيما نقله عن أبى حنيفة، ولم يشك في علم أبى حنيفة فكيف استحل الخطيب أن يجعل ما شك فيه ثبتا ينفى به ما جعله يقينا.
فأما السّكر فحرام على مذهب أبى حنيفة، والسكر حلال إذا طبخ أدنى طبخ لقول الله تعالى: تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً
وليس قول من قال خلاف أبى حنيفة بحجة لأنه قد نقل عن بعض الناس أنه قال الكلام محمول على أنك تقول تتخذون منه سكرا وتتخذون رزقا حسنا. وليس هذا حجة لأن الصحابة رضى الله(22/61)
عنهم اتخذوا من السكر ومن التمر ومن الزبيب ومن العسل الأنبذة، والنبي صلّى الله عليه وسلّم شرب من السقاية بعد ما قال له العباس يا رسول الله إنه منذ أيام، وقد مرسته أيدى الناس، ألا تصبر حتى نأتيك بشراب من البيت؟ يقول ذلك له ثلاثا والنبي صلّى الله عليه وسلّم يرد قوله.
حتى أتاه بشيء منه فشربه وقطب وجهه ثم بماء من زمزم فصبه فيه وشربه. ثم قال:
«إذا اغتلمت عليكم هذه الأشربة فاكسروا متونها بالماء» وأضاف على عليه السلام قوما فأطعمهم وسقاهم، فسكر بعضهم فحده. فقال: تسقينا، ثم تحدنا؟ فقال: إنما أحدكم للسكر لا للشرب. وروى أن رجلا من المسلمين شرب من سطيحة عمر فسكر، فأراد أن يحده فقال إنما شربت من سطيحتك. فقال: إنى أحدك للسكر لا للشرب فمثل هذه الأحاديث قد روى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن أصحابه فلأن يحمل أحد وجهى الآية على ما يوافق هذه الآثار مع أن هذا الوجه في القرآن أو لا خير من أن يحمل على أبعد الوجهين مع مضاد هذه الآثار وأولى.
ثم قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن حسنون الترسى إلى أبى حمزة السكري يقول: سمعت أبا حنيفة يقول لو أن ميتا مات فدفن ثم احتاج أهله إلى الكفن فلهم أن ينبشوه ويبيعوه. هذا لم ينقل عن أبى حنيفة ولو فعل ذلك أحد لما كان به بأس.
فإن حيا يحتاج إلى كفن الميت مع أنه لم يزل عن ملكه بدفنه إياه لأحق من ميت لا يحتاج إلى شيء من أمور الدنيا.
ثم قال أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عِيسَى بْن عَبْد العزيز والبزاز بهمذان إلى سفيان بن عيينة يقول: ما رأيت أحدا أجرأ على الله من أبي حنيفة، ولقد أتاه يوما رجل من أهل خراسان فقال يا أبا حنيفة قد أتيتك بمائة ألف مسألة أريد أن أسألك عنها. فقال هاتها، فهل سمعتم أحدا أجرا على الله تعالى من هذا؟
وأخبرنا عطاء بن السائب عن ابن أبي ليلى.
قال: لقد أدركت عشرين ومائة مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الأنصار إن كان أحدهم ليسأل عن المسألة فيردها إلى غيره فيرد هذا إلى هذا وهذا إلى هذا حتى ترجع إلى الأول، وإن كان أحدهم ليقول في شيء وإنه ليرتعد، وهذا يقول هات مائة ألف مسألة.
وأنا أقول: هل رأيتم أو سمعتم بأحد أكذب من هذا، من يحفظ مائة ألف مسألة(22/62)
يكون رجلا لا يعرف له اسم؟ فهل رأيتم كذا بل أقول إن جميع المجتهدين من كان فيهم من يحفظ مائة ألف مسألة على قلبه، ولو كان الأمر كما زعم فليس بأكثر من كتب الفقه فلو أخذ رجل كتابا من كتب الفقه وجاء إلى رجل من أوساط الفقهاء وقال له: أريد أن أسألك عن جميع ما في هذا الكتاب لقال له نعم وما كان يعجز عنه إذا كان من مذهبه فكيف يعجز أبو حنيفة عن ما يسأل عنه، وقد نقل عن أبى حنيفة ما شاء الله من المسائل. وأما قوله عن الصحابة: فمن المعلوم أن جميع الصحابة لم يكونوا فقهاء وما كان الفقهاء منهم إلا قليل، بل لو كان هذا السائل سأل أحد فقهاء الصحابة لقال كما قال أبو حنيفة. وقد روى عن ابن عباس أنه كان قاعدا بحرم مكة والناس حوله يسألون عن القرآن وهو يجيب، فقال له نافع بن الأزرق: يا ابن عباس ما أجرأك على كتاب الله أتفسره من عندك؟ فقال: لا إنه لكلام عربي وأنا أفسره على ما تعرفه العرب. فقال له أكل هذا تعرفه العرب؟ فقال نعم ثم جعل يقص عليه شيئا فشيئا من القرآن وينشده عليه بيتا [بيتا] من أشعار العرب، وهذا الكتاب جمعه ابن السائب وهو يعرف اليوم بغريب القرآن لابن السائب؟ قال:
ذكر ما قاله العلماء في ذم رأيه والتحذير عنه إلى ما يتصل بذلك من أخباره
قَالَ أخبرنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إبراهيم البزاز إلى هشام بن عروة عن أبيه.
قال: كان الأمر في بني إسرائيل مستقيما حتى نشأ فيهم أبناء سبايا الأمم.
فقالوا بالرأي فهلكوا وأهلكوا، وأكثر هذا الباب مثل هذا الخبر.
والجواب: أن الخطيب جعل هذا ثبتا وصححه وجعل قول عروة أولى مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمُعَاذِ: «يا معاذ بم تحكم؟» قال أحكم بكتاب الله. قال «فإن لم تجد؟» قال بسنة رسول الله.
«قال فإن لم تجد» ؟: قال أجتهد رأيى ولا آلو. فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم حينئذ: «الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله» .
وهذا الخطيب شرع يرد قول النبي صلّى الله عليه وسلّم بطريق الرد على أبى حنيفة كما فعلت الفلاسفة وذلك أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهِدَ للعشرة بالجنة فلما أرادت الفلاسفة رد قول النبي صلّى الله عليه وسلّم جاءوا إلى العشرة يطعنون فيهم فلم يجدوا إلى ذلك سبيلا إلى ان جرى ما جرى(22/63)
بين المسلمين من قتل عثمان ونوبة الجمل وصفين ثم قتل الحسين، وقامت التوابون وكثرت شيعة على واختلف الناس وذلك في زمن فترة معاوية بن يزيد بن معاوية لما خلع نفسه، فقالت الفلاسفة: إن عليّا رضى الله عنه ابن عم النبي صلّى الله عليه وسلّم وأحق بالخلافة من غيره، وأبو بكر اغتصبه حقه وأعانه عمر ثم ولى عثمان أمرا لم يكن له بحق وذلك لأن عبد الرحمن بن عوف تغرض عليا فأزاله عن مستحقه، وأما طلحة والزبير فإنهما قاتلا عليا في نوبة الجمل وهما له ظالمان. فهؤلاء غيروا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يبقوا على ما كانوا في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم فإذا صار أمرهم على هذا فقد فسقوا فلم يبقوا من أهل الجنة. ثم أرادوا الطعن في على فقالوا: إن عليا ترك حقه لأبى بكر وعمرو عثمان وكان أحق بذلك منهم وكان يلزمه القيام بالخلافة لأنه كان أعلم منهم وأحق بالخلافة، ومن تعين للإمامة ثم تركها لغير ذى حق فقد فسق ومن فسق استحق النار. فهؤلاء كلهم غيروا فلم تبق شهادة النبي صلّى الله عليه وسلّم نافعة لهم وأشاروا إلى أن النبي صلّى الله عليه وسلّم إنما شهد لهم لما رآه منهم ولم ينزل عليه في ذلك وحى، وما قصدوا بذلك إلا أنه لم يكن ينزل عليه الوحى، لأن النبوات عندهم باطلة لأنهم يقولون إما أن تكون الحاجة بالرسالة أو للناس، فيقال لهم للناس لأن الله غير محتاج إلى شيء، فيقولون هل يمكن أن يؤمن من لا يريد الله إيمانه؟ فنقول لا فيقولون: فإذا لا حاجة إلى النبي فإن الله يهدى من يريد، وهذا هو الكفر بعينه. وإنما أرسل الله الرسل مبشرين ومنذرين واختصهم برسالته فإن الله تعالى اجتبى الأنبياء صلوات الله عليهم ليميزهم على الناس، وأرسلهم ليعلموا الناس الحلال والحرام، وجعل العلماء ورثتهم ليهدوا الناس بهداية النبي صلّى الله عليه وسلّم فمن طعن في العلماء فإنما طعن في الأنبياء
لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «العلماء ورثة الأنبياء» .
ثم أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهِدَ للسبطين الشهيدين بالجنة فما قدروا أن يطعنوا إلا في الحسن رضى الله عنه. فقالوا: ترك حقه وبايع للرغبة في الدنيا فجعلوا ذلك ذريعة إلى الرد على النبي عليه السلام. وهكذا الخطيب جعل الرأى الذي قرنه النبي عليه السلام بالكتاب والسنة وحمد الله كيف وفق معاذا رسوله وكيف هداه الله اليه خطأ واعلم أنه إذا خطأ أحد الثلاثة المجتمعة فقد خطأ الآخرين ضرورة، وإذ خطأ الثلاثة فإنما التخطئة لقابلهم فكان ظاهر قوله الرد على أبى حنيفة والمقصود من قال بالرأى.
فانظر أيدك الله إلى رجل جعل أبا حنيفة ذريعة إلى الرد على الرسول صلّى الله عليه وسلّم وسائر أئمة الأمصار موافقون لأبى حنيفة في الرأى فكان الرد على النبي صلّى الله عليه وسلّم وعلى أئمة أمته جميعا.(22/64)
وقال:
أخبرنا البرقاني إلى حَمْدَوَيْهِ. قَالَ قُلْتُ لمحَمَّد بْن َمسلَمَةَ: مَا لِرَأْيِ النُّعْمَانِ دَخَلَ الْبُلْدَانَ كُلَّهَا إِلا الْمَدِينَةَ. قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ. «لا يَدْخُلُهَا الدَّجَّالُ وَلا الطَّاعُونُ»
وهو دجال من الدجاجلة. أما هذا الخبر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم فصحيح، وأبو حنيفة قد دخل المدينة ودخلها مذهبه، فلو كان الأمر كذلك لما دخلها. وأما قوله إن مذهبه ما دخلها فباطل، لأن في المدينة من أهل مذهب أبى حنيفة جماعة لا يحصون وقد دخلها من زوار الحجاج ممن يقول بمذهب أبى حنيفة من لا يعد ولا يحصى كثرة في كل سنة من الأعوام.
وبإسناده عن ابن الفضل إلى مالك أنه قال: ما ولد فِي الإسلام مولود أضر على أهل الإسلام من أبي حنيفة. وكان يعيب الرأى ويقول قبض النبي صلّى الله عليه وسلّم وقد تم الأمر واستكمل، فإنما ينبغي أن تتبع آثار النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه ولا يتبع الرأي، وإنه متى اتبع الرأي جاء رجل آخر أقوى منك في الرأي فاتبعته، فأنت كلما جاء رجل أقوى منك اتبعته أرى هذا الأمر لا يتم.
هذا لا يكاد يصح عن مالك فإن ظاهر مذهبه أنه يعمل بإجماع أهل المدينة ويترك الحديث الذي رواه في موطئه وهذا عمل بالرأى وهو خلاف عمل أبى حنيفة رضى الله عنه. لأن رأى أبى حنيفة أن يأخذ بخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم. ما جاء فإن اختلف خبران أو كان لأحدهما وجه في التأويل يوافق به الخبر الآخر الذي ليس له إلا وجه واحد في الظاهر وفق بينهما. فإن لم يجد خبرا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم عمل من أقوال الصحابة رضى الله عنهم لما كان أقرب إلى كتاب الله وسنة نبيه ويسمى ذلك اجتهادا. ومالك فقد عمل بإجماع أهل المدينة وترك الحديث الذي رواه في موطئه وهو
قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لم يتفرقا»
وقد رواه عن أنبل شيوخه عن نافع عن ابن عمر ثم ترك العمل به وأفتى بغير قياس لأنه أهل المدينة فصار مقلدا لهم. فإذا كان هذا مذهبه فكيف يمكن أن يصح عنه مثل هذا القول الناقض لمذهبه.
وبإسناده عن ابن رزق إلى حبيب عن مالك بن أنس أنه قال كانت فتنة أبى حنيفة على هذه الأمة أضر من فتنة إبليس في الوجهين جميعا في الأرجاء وما وضع من نقض السنن.
أما السنن فقد ذكرنا مذهب أبى حنيفة رضى الله عنه فيها، وأما الأرجاء فأصحاب أبى حنيفة كلهم على خلاف رأى أصحاب الأرجاء فلو كان أبو حنيفة(22/65)
مرجئا لكان أصحابه على رأيه وهم الآن موجودون على خلاف ذلك وهذا يبطل ما ادعاه الخطيب من الثبت فإنه جاء إلى أصحاب أبى حنيفة مع كثرتهم أهمل ما نقلوه وما هم عليه وتمسك بقول رجل واحد وجعله ثبتا وسيأتي فيما بعد ذكر ما في إسناد هذه الحكاية وغيرها من الخلل.
وبإسناده عن الأزهرى إلى اسماعيل بن بشر عن عَبْد الرَّحْمَن بن مهدي يقول: ما أعلم في الإسلام فتنة بعد فتنة الدجال أعظم من رأى أبى حنيفة. كان ينبغي لعبد الرحمن أن يبين ما استخطأ فيه أبا حنيفة حتى نجيب عنه. فإن رأى أبى حنيفة يستحيل أن يكون أخطأ في جميعه وخالف آراء الناس، فأما حين أجمل القول فهذا دليل على أن الكلام محمول على الغرض والقصد. ثم إنه قال بعد فتنة الدجال والدجال لم يفتن بعد ولا خرج فكيف يجعل شيئا ظهر وأجمعت عليه الأمة مثل شيء لم يظهر. ويقول بعد فلو كان غير هذا لكان أخفى لقصده من التشنيع ولا شك أن جمعا من المسلمين وافقوا رأى أبى حنيفة، وأيضا أبو حنيفة عمل بقول النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه فترى أى الأمور التي قصدها عبد الرحمن؛ ما نقله أبو حنيفة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أو عن أصحابه أو ما استخرجه من القرآن العظيم.
وبإسناده عن ابن الفضل إلى نعيم عن سفيان قال: ما وضع في الإسلام من الشر ما وضع أَبُو حنيفة إلا فلان- لرجل صلب-.
الجواب عن هذا كالجواب عن ما تقدمه، ومن هو فلان الذي صلب حتى إن كان له مذهب يوافق مذهب أبى حنيفة نتكلم عليه. وإلا فلان لا يعرف، وإن كان كل من صلب يلزم أن يكون مخطئا منسوبا إلى الخطإ فيلزم من هذا أن يكون زيد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي طالب، وابن الزبير، وخبيب صاحب النبي صلّى الله عليه وسلّم على هذه الصورة.
وبإسناده عن الطناجيرى إلى ابن صالح الأسدى قال سمعت شريكا يقول لأن يكون في كل حي من الاحياء خمار خيرا من أن يكون فيه رجل من أصحاب أبى حنيفة. وبإسناده أيضا عن علي بن محمد بن عبد الله المعدل إلى منصور بن أبى مزاحم. قال سمعت شريكا يقول: لو أن في كل ربع من أرباع الكوفة خمارا يبيع الخمر لكان خيرا من أن يكون فيه من يقول بقول أبى حنيفة. أنا لا أشك أن شريكا إن صح عنه هذا القول كان يختار أن يكون الخمارون في الكوفة ولا يكون فيها(22/66)
مذهب أبى حنيفة وذلك لأن الكوفة حينئذ لم تخل من النصارى واليهود والمجوس ولم يذكرهم ولا أنف منهم، وأظن أنه كان يحب الخمر ويختارها على ما سواها، فأراد أن تكون في رباع الكوفة ليسهل مطلبها ولا يكون فيها مثل أبى حنيفة يبين خطأه ويفقه الناس، وهذا معروف عند الناس أنه من استقضى في بلدة وكان فيها من هو أفقه منه لا يريد مجاورته لأنه كلما أخطأ بين خطأه للناس.
وبإسناده عن ابن الفضل إلى حماد بن زيد يقول. سمعت أيوب- وذكر أبا حنيفة- فقال: يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ
هذا يدل على قلة فهم الخطيب لأن إتمام نور الله إنما هو بقاء العلم وقد رأينا مذاهب جماعة من أهل الرأى قد ذهبت واضمحلت ومذهب أبى حنيفة باق وكلما قدم يزيد، والناس الآن مطبقون على أن أصحاب السنة والجماعة هو أهل المذاهب الأربعة مثل أبى حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل.
والخطيب لم يكن قريبا من عصر أبى حنيفة ولا معاصرا له بل كان بينهما ثلاثمائة وعشر سنين وقد رأى أن مذهب أيوب تلاشى ومذهب أبى حنيفة باق ومع هذا لم يرجع عنه، بل هو كما
قال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حُبُّكَ الشَّيْءَ يعمى ويصم»
فمن لم يفهم إلى أن وضع المدح موضع الذم ما كان ينبغي أن يتحدث في مثل هذا. ونحن نقول إن أيوب ما أراد بتلاوة هذه الآية عند ذكر الإمام أبى حنيفة إلا مدح أبى حنيفة والدليل عليه أن كل من تحدث في مذهب أبى حنيفة درس مذهبه حتى لا يعرف، ومذهب أبى حنيفة باق قد ملأ الأرض وأكثر الناس عليه.
وبإسناده عن الحيرى إلى سلام بن أبي مطيع قال كان أيوب قاعدا في المسجد الحرام فرآه أَبُو حنيفة فأقبل نحوه فلما رآه أيوب قد أقبل نحوه قال لأصحابه: قوموا لا يعرنا بجربه. قوموا فقاموا فتفرقوا. وأى شيء في هذا مما ينقص به أبو حنيفة، فكونهم قاموا وتفرقوا لا يدل على معيبة في كلام أبى حنيفة ولا في رأيه. ولقائل أن يقول ربما أراد بقيامه أن لا يناظره فيقطعه قدام تلامذته، ثم إنه لم يبين الجرب الذي يعرهم به أى شيء هو؟ حتى يجاب عنه. ثم أيضا إن الله تعالى بين إتمام نوره بأن مذهب أيوب قد اضمحل وبقي مذهب أبى حنيفة بحيث لا يعرف اليوم أن أيوب كان صاحب مذهب إلا القليل من الناس.
وبإسناده عن ابن الفضل إلى الأسود بن عامر عن شريك أنه قال: إنما كان أبو(22/67)
حنيفة جربا. وهذ مما يؤيد ما ذكرنا من أن الخطيب إنما أراد الرد على
النبي صلّى الله عليه وسلّم لأنه عليه السلام. قال: - «فمن أعدى الأول» . وقال عليه السلام «لا عدوى ولا هامة ولا صفر» .
وبسنده عن ابن رزق إلى سليمان الحلبي أنه قال سمعت الأوزاعى- ما لا أحصره- يقول: عمد أَبُو حنيفة إلى عرى الإسلام فنقضها عروة عروة.
وروى عن ابن الفضل إلى إبراهيم الفزارى قال كنت عند سفيان الثوري إذ جاءه نعي أبي حنيفة فقال: الحمد لله الذي أراح المسلمين منه، لقد كان ينقض عرى الإسلام عروة عروة، وما ولد في الإسلام مولود أشأم على الإسلام منه.
وروى عن ابن حسنويه إلى ثعلبة قال سمعت سفيان الثوري يقول: ما ولد في الإسلام مولود أشأم على أهل الإسلام منه.
وروى عن أبى نصر إلى مُحَمَّد بن كثير قال سمعت الأوزاعي يقول: ما ولد مولود في الإسلام أضر على الإسلام من أبى حنيفة.
وروى عن أبى العلاء محمد بن الحسن الوراق إلى الفزاري قال سمعت الأوزاعي وسفيان يقولان: ما ولد في الإسلام مولود أشام عليهم.
وقال الشافعي هذا هو محمد بن عبد الله صاحب الفوائد- شر عليهم من أبى حنيفة.
وروى عن ابن رزق إلى يحيى بن السكن البصري قال سمعت حمادا يقول: ما ولد في الإسلام مولود أضر عليهم من أبى حنيفة.
وروى عن ابن رزق إلى الحميدي قال سمعت سفيان يقول: ما ولد فِي الإسلام مولود أضر على الإسلام من أبى حنيفة.
وروى عن الحسين بن أبى بكر إلى عُمَر بن إسحاق قال سمعت ابن عون يقول:
ما ولد في الإسلام مولود أشأم من أبي حنيفة إن كان لينقض عرى الإسلام عروة عروة.
وبروايته عن محمد بن عمر بن بكير المقري إلى شريك قال سمعت ابن عون يقول:
ما ولد في الإسلام مولود أشأم من أبي حنيفة.(22/68)
قد سبق الجواب عن هذه الروايات مع أن أبا حنيفة رضى الله عنه كان آدميّا ولم يكن جربا فإن أراد بذلك الاستعارة والتشبيه بأفعاله فكان ينبغي أن يبين الفعل الذي صدر منه فشبهه بالجرب حتى نجيب عنه، ومثل هذه الحكايات لا تكاد تصدر عن الأوزاعى لأنه كان فقيها فلو أراد أن يرد على أبى حنيفة لرد عليه مفصلا لا مجملا كما يرد الفقهاء وبين الخطأ الذي نسبه إليه والعرى التي حلها حتى يكون الجواب عنه على كل فصل، وأما من أجمل أمرا والناس على خلافة فلا اعتداد بقوله. وقد روى عن الأوزاعى في مدح أبى حنيفة ما يدل على رجوعه عن هذا القول في حقه- إن صح هذا عنه- وهو يأتى فيما بعد.
وروى عن ابن الفضل إلى ابن عون أنه قال نبئت أن فيكم صدادين يصدون عن سبيل الله. قال سليمان بن حرب: وأبو حنيفة وأصحابه ممن يصدون عن سبيل الله.
وهذا ليس كما ذكر ابن عون فإن أبا حنيفة رضى الله عنه أملى محمدا رحمه الله كتابي السير. وذكر فيهما من أمور الجهاد ووصايا الأمراء وما ينبغي أن يفعله أهل الثغور وقسمة الغنائم ما لم يسبقه إلى جمعه أحد، ولم يجمع مثله بعده أحد.
فهذا الذي نعرفه فأما إن عنى بسبيل الله الجهاد وأحواله فكان يلزمه البيان ليكون الجواب بحسبه ثم كان ينبغي له أن يبين من نبأه، فإن كان النبي صلّى الله عليه وسلّم كان محمولا على الرأس والعين، وإن كان عن غير النبي صلّى الله عليه وسلّم عرف بالقائل لنجيب عنه. وإن كان ابن عون نبى من النبوة بزعمه فقد كفر، وإن كان قال هذا القول من عنده وعزاه إلى من لا يعرف، فبهذا القدر يعرف كذبه، وأنه ليس بأهل لهذا القول وكان يلزم سليمان ابن حرب أن يبين من أين عرف أن أبا حنيفة وأصحابه من الصدادين.
وروى عن الخلال إلى حماد بن زيد قال ذكر أَبُو حنيفة عند البتي فقال: ذاك رجل أخطأ عظم دينه كيف يكون حاله؟.
وروى عن إبراهيم بن محمد إلى الفريابي قال سمعت سفيان يقول: قيل لسوار لو نظرت في شيء من كلام أبي حنيفة وقضاياه فقال: كيف أنظر في كلام رجل لم يؤت الرفق في دينه. قد أخذ بمذهب أبى حنيفة من هو خير من البتى وأجمعت الأمة على أن أبا حنيفة أحد فقهاء الأمصار والبتى لم يعرفه إلا آحاد الناس ولم يكن ممن يصلح لهذا القول.(22/69)
وروى عن إبراهيم بن مخلد إلى أبى مُصْعَبٍ الأَصَمُّ قَالَ سُئِلَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ قَوْلِ عُمَرَ فِي الْعِرَاقَ بِهَا الدَّاءُ الْعُضَالُ؟ قَالَ: الْهَلَكَةُ فِي الدِّينِ وَمِنْهُمْ أَبُو حنيفة. لم يرد عمر رضي الله عنه بالداء العضال الهلكة في الدين كما ذكر مالك، إنما أراد الوباء بدليل قوله لا تسكنوا العراق فإن العرب لا تصلح إلا حيث يصلح البعير.
فاختطوا بأرض العرب. فاختط الناس الكوفة والبصرة فكتبوا إليه وإنا قد اختطينا بأرض كوفة، فسميت الكوفة. وبأرض بصرة فسميت البصرة.
وروى عن جعفر إلى مطرف أنه قال سمعت مالكا يقول الداء العضال الهلاك في الدين وأبو حنيفة من الداء العضال.
وروى عن ابن رزق إلى الوليد بن مسلم قال قال لي مالك بن أنس: أيتكلم برأي أبي حنيفة عندكم؟ قلت: نعم. قال: ما ينبغي لبلدكم أن يسكن.
وروى عن على بن المعدل إلى الوليد بن مسلم قال قال لي مالك بن أنس: أيذكر أَبُو حنيفة ببلدكم؟ قلت نعم. وقال ما ينبغي لبلدكم أن تسكن.
وروى عن على بن معدل إلى منصور بن مزاحم قال سمعت مالك بن أنس يقول- وذكر أبا حنيفة- فقال: كاد الدين، كاد الدين.
وروى عن ابن رزق إلى منصور بن مزاحم قال سمعت مالك يقول: إن أبا حنيفة كاد الدين ومن كاد الدين فليس له دين.
وروى عن أحمد العتيقى إلى أبى مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي حاتم الرَّازِيّ عن أبيه عن بن أبي سريج قال سمعت الشافعي يقول سمعت مالك بن أنس- وقيل له أتعرف أبا حنيفة؟ فقال نعم ما ظنكم برجل لو قال هذه السارية من ذهب لقام دونها حتى يجعلها من ذهب وهي من خشب أو حجارة. قال أَبُو مُحَمَّد: يعني أنه كان يثبت على الخطأ ويحتج دونه ولا يرجع إلى الصواب إذا بان له.
هذا لا يصلح أن يصدر عن مالك، لأن مالكا رضى الله عنه كان يثنى على أبى حنيفة وهو ما رواه الخطيب. قال: أنبأنا البرقاني أنبأنا أبو العباس بن حمدان لفظا حدثنا محمد بن أيوب حدثنا أَحْمَد بن الصباح قال سمعت الشافعي مُحَمَّد بن إدريس قال قيل لمالك بن أنس: هل رأيت أبا حنيفة؟ قال نعم رأيت رجلا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبا لقام بحجته. وأما قول أبى محمد إن مالكا عنى أنه كان(22/70)
يثبت على الخطأ ويحتج دونه ولا يرجع إلى الصواب إذا بان له فمن أين لأبى محمد هذا؟ وهذا القول من مالك في حق أبى حنيفة أقرب إلى المدح منه إلى الذم وأظهر.
ثم إن القائلين بمذهب مالك من عهد مالك إلى وقتنا هذا- وهي سنة إحدى وعشرين وستمائة- لا يقدرون على إثبات خطإ لأبى حنيفة، فكيف يسوغ لفقيه أن يتكلم في أمر فقيه ولا يقوم بما قال ومسائل الخلاف أشهر من أن أبينها لك وليس المراد من كتابنا هذا الإكثار وإنما مرادنا الاختصار.
وروى عن حمزة إلى أبى بلال الأشعري قال سمعت أبا يوسف الْقَاضِي يقول: كنا عند هارون أنا وشريك وإبراهيم بن أبي يحيى وحفص بن غياث، قال فسأل هارون عن مسألة فقال إبراهيم بن أبي يحيى حَدَّثَنَا صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال شريك حَدَّثَنَا أَبُو إسحاق عن عمرو بن ميمون قال: قال عُمَر بن الخطاب.
وقال حفص حَدَّثَنَا الأعمش عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله قال: وقال لي أنا: ما تقول أنت قال: قلت قال أَبُو حنيفة. قال فقال خاك يس.
قلت: تفسيره تراب على رأسك. هذا القول إنما أراد به الخطيب التشنيع على أحسن وجهيه أما الوجه الآخر فهو الصحيح لأن الخطيب إنما أراد التشنيع وما علم ما ينقل، لأن الأمة قد أجمعت أن أئمة الأمصار هم اليوم الأربعة فمتى جاء عن أحدهم كلام لا يشك أحد أنه منقول من الكتاب والسنة، أو مقيس عليهما أو على أحدهما، ولا شك أن الخبر الوارد عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يكمل العمل به اليوم، لأنا لا نعلم أحوال الرواة. ثم إن المحدثين يأخذون الآثار عمن سمع وهو طفل صغير لم يقف على ما يرويه ولا يعلم كيف سمعه. أو يكون رجلا سمع الحديث ثم لم يقرأه ولم يدر ما هو حتى يرويه. وقد أجمعت الأمة على أنه لا يجوز أخذ الأحكام إلا ممن سمعها ووعاها وأداها كما سمعها، كما قال عليه الصلاة والسلام: «رحم الله امرأ سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها» وإذا سمع أحد الخبر على هذا الوجه لا يحل له العمل به حتى يعلم أنا سخا هو أو منسوخا، أم ثم حديث آخر يجب على الفقيه أن يجمع بينهما مثل قوله صلّى الله عليه وسلّم- لما سئل عن مس الفرج- فقال: «من مس فرجه فليتوضأ» . ثم روى عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه سئل فقال: «هل هو إلا بضعة منك» فورد عنه صلّى الله عليه وسلّم هذان الوجهان، فإذا أردنا الجمع بينهما قلنا إن أصل الوضوء من الوضاءة وهي(22/71)
النظافة، والوضوء الشرعي هو غسل أعضاء معينة، فلما ورد الأمران احتجنا إلى أن نعرف تأويل الخبر فقلنا لما أمر بالوضوء تارة وبتركه أخرى قلنا إن أمره بالوضوء محمول على قوله صلّى الله عليه وسلّم: «فتوضئوا مما مسته النار فتوضئوا ولو من تور أقط» وهذا للنظافة. وقد أجمعنا على أنه لا يجب من هذا إلا النظافة وحملنا قوله هل هو إلا بضعة منك على الوجوب فلم يوجب وضوءا.
واعلم أيدك الله أن الخلاف نشأ بين الأئمة من ثمانية أوجه؛ وهي الناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، والحقيقة والمجاز، والأفراد والتركيب، والاجتهاد فيما لا نص فيه إلى ما فيه نص، واشتراك الألفاظ مع اختلاف المعنى واختلاف الألفاظ مع اشتراك المعنى، والتأويل، والنقلة والرواة.
فأما النقلة والرواة فقد انقطع أمرهم عنا لأنا لا نعرفهم إلا بالنقل، ولعل الناقل لا يعرف حاله على الوجه أيضا. فمن لا يعرف هذا كله لا يحل له الكلام إلا فيما ينقله عن الأئمة لأن الله تعالى يقول فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ
فبين أن بعضنا إذا قام بالعلم جاز لنا أن نأخذ عنه أمر ديننا. وأجمع أهل عصر أبى حنيفة على أنه لم يكن مثله في علم التأويل، والفقهاء إلى يومنا هذا مسلمون أن القياس مع أبى حنيفة وقد أجمعنا أن الأئمة لم يأخذوا إلا من كتاب الله وسنة رسوله، فإذا قد سلموا الفقه لأبى حنيفة وسلموا أنه مشاركهم في الكتاب والسنة فوجب على العامة الأخذ بقول أبى حنيفة دون غيره.
هذا إذ لو كان الخطيب لما ذكر الإسناد بين الخبر الذي أسنده وما المسألة التي سألها هارون وطعن الخطيب هذا ليس على أبى حنيفة وحده لأن الأئمة الأربعة على مذهب واحد في أنهم إذا سألوا عن مسألة لم يرووها عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ولكنهم يذكرون المسألة ويعلم السامع أنهم لم يأخذوها إلا من الكتاب والسنة. وكأن الخطيب أراد التشنيع في الظاهر على أبى حنيفة ومراده الجميع.
وروى عن القاضي أبى بكر الحرشي إلى عفان قال سمعت أبا عوانة يقول:
اختلفت إلى أبي حنيفة حتى مهرت في كلامه ثم خرجت حاجا فلما قدمت أتيت مجلسه فجعل أصحابه يسألونى عن مسائل كنت عرفتها وخالفوني فيها، فقلت سمعت من أبي حنيفة على ما قلت، فلما خرج سألته عنها فإذا هو قد رجع عنها(22/72)
فقال: رأيت هذا أحسن منه. فقلت كل دين يتحول عنه فلا حاجة لي فيه ونقضت ثيابي ثم لم أعد إليه.
هذا أبو عوانة لم يعرف من الفقهاء فقد ثبت أن قوله مهرت في كلامه ليس بصحيح وإنما مهر في كلام أبى حنيفة أبو يوسف ومحمد بن الحسن وبشر بن غياث وابن أبى ليلى وابن شبرمة وزفر وغيرهم ممن هو في طبقاتهم. ثم قوله فلا حاجة لي فيه. خلاف إجماع الأمة، لأنا نعلم يقينا أن القرآن العزيز فيه الناسخ والمنسوخ، كذلك السنة فإذا قال الفقيه قولا ثم علم أنه منسوخ كيف يحل له الوقوف عنده؟
وهذا لم يفعله أبو حنيفة وحده، وقد فعله جميع الفقهاء من الصحابة والتابعين وغيرهم. ومذهب على رضى الله عنه أنه. قال: كنت لا أرى بيع أم الولد في زمن عمر، واليوم فقد رأيت ذلك. فهذا أيضا رجوع عن مذهب وتمسك بآخر. وابن عباس قد نقل عنه كذلك أيضا في مسألة العول، أنه. قال: ما كان المال إن يكون له نصف ونصف وثلث. فقالوا له: إنك كنت تراها في زمن عمر. فقال هبته وكان رجلا مهيبا.
فانظر إلى الخطيب كيف يروى الشيء وضده ويجعله عيبا والشيء وضده لا يكونان عيبا، لأنه قال في الحكاية التي ذكر فيها أبا حنيفة: وإن مالكا قال ما ظنكم برجل لو قال هذه السارية من ذهب لقام بحجته، أى لجعلها من ذهب وهي من خشب أو حجارة. ثم قال قال أَبُو مُحَمَّد- يعني أنه كان يثبت على الخطأ ويحتج دونه ولا يرجع إلى الصواب إذا بان له- ففي هذه الحكاية أخبر أنه لا يرجع وجعله عيبا، وفي هذه أخبر إنه يرجع وجعله عيبا، فهذا أيدك الله يعلم منه أنه انما أراد التشنيع ولم يرد التثبيت ولم يكن له من المعرفة ما يفرق به بين الجيد والرديء، ولا من العلم ما يعرف به الخطأ من الصواب.
وروى عن أحمد بن الحسن بن إلى النضر بن مُحَمَّد قال: كنا نختلف إلى أبي حنيفة وشامي معنا فلما أراد الخروج جاء ليودعه فقال: يا شامي تحمل هذا الكلام معك إلى الشام. قال نعم قال تحمل شرا كثيرا.
هذا الخطيب لا يستحى فيما يذكر كيف يقول الرجل مذمة نفسه، وإن كان قاله فإنما قاله على وجه التواضع، لأن الرجل قد يقول للآخر أنت خير الناس فيقول أنا أقل الناس، وهذا الذي عليه الناس فما يقول أنا خير الناس، ولو قال ذلك لعاب(22/73)
الناس عقله. ثم قوله تحمل شرّا كثيرا إن كان أراد ما قلت فهو كذلك وإن أراد أنه فقه كلام كثير وجدل كثير فهذا عليه جميع الفقهاء. وكل فقه لا يكون كذلك فليس بشيء. والخطيب فلكونه لم يكن من الفقهاء ولا عرف الفقه ظن أنه يعيب أبا حنيفة بهذا.
وروى عن ابن الفضل إلى مزاحم بن زفر قال قلت لأبي حنيفة: يا أبا حنيفة هذا الذي تفنى والذي وضعت في كتابك هو الحق الذي لا شك فيه؟ فقال: والله ما أدري لعله الباطل الذي لا شك فيه. فهذا كما ذكر والمجتهد لا يعلم يقينا أنه على الحق ولو علم ذلك يقينا لتنزل منزلة النبي صلّى الله عليه وسلّم وهذا عليه إجماع الأمة أن المجتهد يخطئ ويصيب وإلى هذا
أشار النبي صلّى الله عليه وسلّم بقوله: «إذا اجتهد الحاكم فأصاب كان له أجران، وإذا اجتهد وأخطأ كان له أجر»
فإذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم بين هذا وإجماع الأمة عليه فمن جعله خطأ وعيبا، أتراه يكون مخطئا للفرع أو للأصل؟ وقد بينت لك من قبل أنه لم يكن غرض الخطيب إلا التشنيع والطعن على النبي صلّى الله عليه وسلّم وإنما جعل أبا حنيفة ذريعة إلى ذلك. ولو كان أبو حنيفة قال هو الحق الذي لا شك فيه لكان مخطئا لا محالة فانظر إلى من لا يعرف الصواب من الخطأ ويعيب الأئمة.
وروى عن على بن القاسم عن أبى نعيم قال سمعت زفر يقول: كنا نختلف إلى أبي حنيفة ومعنا أَبُو يوسف وَمُحَمَّد بن الحسن فكنا نكتب عنه، قال زفر فقال يوما أَبُو حنيفة لأبي يوسف: ويحك يا يَعْقُوب لا تكتب كل ما تسمعه مني فإني قد أرى الرأي اليوم فأتركه غدا، وأرى الرأي غدا وأتركه بعد غد. هذا قد تقدم الجواب عنه. وسيأتي في الخبر الذي بعده جواب أيضا.
وقد روى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال «لا تكتبوا عنى شيئا سوى القرآن: من كتب عنى شيئا فليمحه» .
وروى عن الخلال إلى حماد بن أبى عمر قال قال أبو نعيم سمعت أبا حنيفة يقول لأبي يوسف: لا ترو عني شيئا فإني والله ما أدري أمخطئ أنا أم مصيب. هذا لم ينقل عن أبى حنيفة لكن نقل عنه ما هو قريب من هذا، وذلك أنه كان إذا بلغ أحد أصحابه رتبة الاجتهاد قال له: لا يحل لك بعد أن تأخذ عنى. فهذا يدل على دينه ووفور عقله وهذا لم يفعله أحد من العلماء قبل أبى حنيفة ولا بعده، والعلة في هذا أن المجتهد كما بيننا يخطئ ويصيب، والواجب على كل مسلم أن يجتهد فإن قدر على الاجتهاد مثل الفقهاء كان، وإن لم يقدر اجتهد فيمن يأخذ عنه. وهذا عليه إجماع(22/74)
الأمة فكان أبو حنيفة يقرئ الناس الفقه فإذا بلغ أحدهم رتبة الاجتهاد قال له هذا القول. أفترى ذلك عيبا على من فعله؟ أو على من اعتقد أن هذا ذم؟ وما قلت عن الخطيب فهو أحسن الوجهين له، لأنه إن كان يعرف هذا وقال هذا، إنما كان قصده الطعن على الأئمة جميعهم، لأن هذه مسألة إجماع. ألا تراه قال لأبى يوسف ولم يقل لغيره، وذلك لعلمه بأبى يوسف وهذا دال على ما قلت ولو كان كما قال الخطيب لقال لهم جميعا ولم يقرئ أحدا مذهبه.
وروى عن ابن رزق إلى عُمَر بن حفص بن غياث عن أبيه قال كنت أجلس إلى أبي حنيفة فأسمعه يسأل عن مسألة في اليوم الواحد فيفتي فيها بخمسة أقاويل، فلما رأيت ذلك تركته وأقبلت على الحديث. هذا هو الفقه لأنه يوجه جميع الوجوه حتى يترجح عنده الحق فيتبعه. وقد روى عن أبى حنيفة أنه كان يتحدث في المسائل إلى أن سأله محمد بن الحسن فقال: ما تقول يا شيخ في رجل قال لامرأته إن كلمتك فأنت طالق إن كلمتك فأنت طالق إن كلمتك فأنت طالق. فقال ثم ماذا؟ فقال محمد أنظر حينا. فأطرق أبو حنيفة رأسه ثم رفعه. فقال: طلقت ثنتان. فقال أحسنت.
فقال ما أدرى أى قوليه أوجع. أنظر حينا أو أحسنت. قال فما كان أبو حنيفة بعد ذلك إذا سئل مسألة يرفع رأسه حتى يأتى بالجواب. وفقهه معروف لا أحتاج أن أذكره فمن أراد أن يعرفه فليقف عليه وليتصفحه، فقد روى أن عالما يهوديا كان بالبصرة فطلب الجامع الكبير، فلما وقف عليه. قال: من بحث عن دينه مثل هذا ودقق مثل هذه المسائل ثم لم يدعها لنفسه وإنما نسبها إلى نبى أشهد أنه على الحق.
فأسلم وهذا يعد من بركات محمد بن الحسن رحمه الله لما صنفه، ومسائله معروفة فإن من أراد أن يقرأه ويفهمه يحتاج أن يكون عالما بارعا بستة علوم؛ أولها الكتاب العزيز، والآثار، والفقه، والنحو، واللغة، والحساب. ومن لم يكن مجيدا بهذه العلوم لم يعرفه إلا تقليدا.
وروى عن الحسن بن أبى طالب إلى ابن المقري عن أبيه قال سمعت أبا حنيفة يقول: ما رأيت أفضل من عطاء، وعامة ما أحدثكم به خطأ هذا لا يثبت مثله عن أحد أن يقول أكثر ما أقوله خطأ، فإن قال أحد من العلماء مثل هذا إنما يريد به التواضع وهذا الأحسن بالعالم لا سيما في الاجتهاديات فإن العلماء لمجمعون على أن المجتهد ليس على الخطإ بيقين، ولا على الصواب بيقين ولهذا سميت الاجتهاديات وقد(22/75)
تقدم الجواب أيضا.
وروى عن ابن رزق إلى وكيع عن أبى حنيفة أنه سمع عطاء- إن كان سمعه. هذا كلام لا يجاب عنه، لأننى لم أفهم قوله سمع عطاء إن كان سمعه. وإن قصد ثلب أبى حنيفة في أنه يدعى أنه سمع من تابعي ولم يكن سمع منه، فأبو حنيفة أدرك جماعة من الصحابة وعاصرهم، ومولده يقتضى ذلك فإنه ولد سنة ثمانين وعاش إلى سنة خمسين ومائة، فقد أمكن اللقاء لوجود جماعة من الصحابة في ذلك العصر.
وقد جمع روايته في جزء أَبُو مَعْشَرٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الطبري المقرئ وهذا الجزء سمعناه وروينا الأحاديث التي فيه عن سبعة، أخبرنا به الشيخ الفقيه ضياء الدين أبو الخطاب عمر بن أيلمك بن الأردغانسى الحنفي قراءة عليه بظاهر البيت المقدس بقراءة الخطيب بالمسجد الأقصى يومئذ في يوم الأحد الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستمائة. قال أنبأنا القاضي نجم الدين أبو البركات محمد بن علي بن محمد الأنصارىّ البخاري- قراءة عليه بمدينة أسيوط من أصل سماعه فِي جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين وخمس مائة-. قال أنبأنا القاضي الإمام أبو الحسن مسعود ابن الحسن اليزدي. قال أنبأنا الشيخ الإمام أَبُو مَعْشَرٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ المقرئ الطبري قال: هذا ما روى الإمام أَبُو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطى بن يحيى ابن زيد بن ثابت الأنصارىّ التيمي- تيم الله- بن ثعلبة رحمه الله تعالى. وتوفى ببغداد سنة خمسين ومائة عن الصحابة رضى الله عنهم- أعنى أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فذكر أنس بن مالك وعبد الله بن جزء وواثلة بن الأسقع وجابر ابن عبد الله وعبد الله بن أنيس وعبد الله بن أبى أوفى وعائشة بنت عجرد وروى عن كل واحد منهم حديثا مسندا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم. وأما لقيه للتابعين وسماعه منهم فقد قال ابن حاتم في كتابه في حرف النون. النعمان بن ثابت أبو حنيفة روى عن عطاء ونافع وأبى جعفر محمد بن على وقتادة وسماك بن حرب وحماد بن أبى سليمان. روى عنه هشيم وعباد بن العوام، وابن المبارك، ووكيع وعبد الرزاق وأبو نعيم. فقد اندفع بهذا إنكار الخطيب. وقوله عن أبى حنيفة أنه سمع عطاء إن كان سمعه، فقد أثبت ابن حاتم روايته عن عطاء وجماعة من التابعين.
وروى عن البرقاني إلى أبى محمد عبد الله بن أبى القاضي قال سمعت مُحَمَّد بن حماد يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المنام فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي النظر في كلام(22/76)
أبى حنيفة وأصحابه أنظر فيها وأعمل عليها؟ قال لا. لا. لا ثلاث مرات، قلت فما تقول في النظر في حديثك وحديث أصحابك أنظر فيها وأعمل عليها؟ قال نعم نعم نعم ثلاث مرات. ثم قلت يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ، فعلمني دعاء وقال لي ثلاث مرات فلما استيقظت أنسيته. فمن رأى النبي عليه السلام وسأله عن أى شيء يعمل بواسطة؟ وأما حديث النبي عليه السلام وأصحابه فلا يرده أحد من علمائنا، إنما الاختلاف في تفسيره وبيانه وصحة روايته، ثم كيف أنسى الدعاء وحفظ شيئا يتهم في الصدق فيه.
وروى عن محمد بن عبد الله الخنائى إلى عبيد الله بن المبارك قال: من نظر في كتاب الحيل لأبي حنيفة أحل ما حرم الله وحرم ما أحل الله.
وروى عن محمد بن على المقري إلى النضر بن شميل يقول في كتاب الحيل كذا وكذا مسألة كلها كفر.
وحدث عن الأزهرى إلى عبد الله بن المبارك يقول من كان عنده كتاب حيل أبى حنيفة يستعمله أو يفي به فقد بطل حجه وبانت منه امرأته. فقال مولى ابن المبارك: يا أبا عَبْد الرَّحْمَن ما أرى وضع كتاب الحيل إلا شيطان. فقال ابن المبارك الذي وضع كتاب الحيل أشر من الشيطان.
وروى عن إبراهيم بن عمر البرمكي إلى أبى إسحاق قال سمعت ابن المبارك يقول: من كان كتاب الحيل في بيته يفتي به أو يعمل بما فيه فهو كافر بانت امرأته وبطل حجه. فقيل له: إن في هذا الكتاب إذا أرادت المرأة أن تختلع من زوجها ارتدت عن الإسلام حتى تبين ثم تراجع الإسلام! فقال عبد الله: من وضع هذا فهو كافر بانت منه امرأته وبطل حجه. فقال له خاقان المؤذن: ما وضعه إلا إبليس. فقال الذي وضعه عندي أبلس من إبليس.
نحن لا نحيل الجواب عن هذا على معدوم، الكتاب حاضر فمن أراد أن يستبين فليفعل؟ وأما قوله عن المرأة فقد أجمع المسلمون على أن الردة تفسخ النكاح وأما عند أبى حنيفة فإنها إذا ارتدت عن الإسلام إلى دين أهل الكتاب إن لحقت بدار الحرب انفسخ نكاحها عند حلولها بدار الحرب، وإن أقامت بدار الإسلام لم ينفسخ نكاحها إلا بعد انقضاء العدة وهي على الردة، وإن ارتدت إلى الشرك انفسخ نكاحها في(22/77)
الحال. وهذه ليست بمسألة اجتهاد بل هي مأخوذة عن النص بقوله تعالى. وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ
ولا فرق بين بقاء النكاح وبين إنشائه. وقال تعالى وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا
ولهذا قلنا إنها لا تبين حتى تعتد أو تلحق بدار الحرب، فإنها إذا لحقت بدار الحرب زال عنها حكم الإسلام وجرى عليها حكم الكفر وحصلت بالبينونة فليس طعنه على أبى حنيفة وحده.
وروى عن زكريا إلى الحسين بن عبد المبارك النيسابوري قال: أشهد على عبد الله يعني ابن المبارك شهادة يسألنى عنها أنه قال لي: يا حسين قد تركت كل شيء رويته عن أبي حنيفة فاستغفر الله وأتوب إليه. هذا التارك لكل ما رواه عن أبى حنيفة مع أن أبا حنيفة أحد المجتهدين على وجهين، ان أراد بالترك ترك الرواية فمنه إلى ربه، وإن أراد بالترك ترك المروي، فلا يخلو هل تركه باجتهاد أظهر له أن الصحيح في خلافة فله حكم بقية المجتهدين، وإن تركه عن غير اجتهاد فقد ترك الإسلام. والمنقول عن ابن المبارك أنه لم يزل على مذهب أبى حنيفة إلى أن قبضة الله. وهذا يدل على خلاف ما نقل عنه الخطيب.
وقال زكريا: سمعت عبدان وعلي بن شقيق كليهما يقولان.
وقال ابن المبارك كنت إذا أتيت مجلس سفيان فشئت أن تسمع كتاب الله سمعته وإن شئت أن تسمع آثار رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمعتها وإن شئت أن تسمع كلاما في الزهد سمعته. وأما مجلس لا أذكر أني سمعت فيه قط صُلِّيَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمجلس أبى حنيفة.
وروى عن الخلال إلى أبى داود سليمان بن الأشعث السجستاني قال ابن المبارك: ما مجلس ما رأيت ذكر فيه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قط ولا يصلى إلا مجلس أبي حنيفة. وما كنا نأتيه إلا خفية من سفيان الثوري.
وروى عن أبى نصر أحمد بن الحسين القاضي بالدينور إلى هارون بن إسحاق.
قَالَ سمعت مُحَمَّد بن عبد الوهاب القناد يقول: حضرت مجلس أبي حنيفة فرأيت مجلس لغو لا وقار فيه وحضرت مجلس سفيان الثوري فكان الوقار والعلم والسكينة فيه فلزمته.(22/78)
وروى عَنْ أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه أبان التغلبي الهيتى إلى يوسف الفريابي يقول: كان سفيان ينهى عن النظر في رأي أبي حنيفة. قال: وسمعت مُحَمَّد بن يوسف وسئل هل روى سفيان الثوري عن أبي حنيفة شيئا؟ فقال: معاذ الله سمعت سفيان الثوري يقول: ربما استقبلني أَبُو حنيفة يسألني عن مسألة فأجيبه وأنا كاره وما سألته عن شيء قط.
وروى عَنِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الداودي إلى مُحَمَّد بن عبيد الطنافسي يقول سمعت سفيان- وذكر عنده أَبُو حنيفة- فقال: يتعسف الأمور بغير علم ولا سنة.
وحدث عن ابن رزق إلى ابن الجراح قال سمعت أبي يقول: ذكروا أبا حنيفة في مجلس سفيان فكان يقول عوذا بالله من شر النبطي إذا استعرب. أبو حنيفة رحمه الله لم يكن نبطيا وإنما اختلف الناس في أنه هل كان مولى لبنى زياد أو فارسيا؟ وقد
قَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لو أن العلم مناط بالثريا لنالته رجال من أبناء فارس» .
ولا شك في أن قول النبي صلّى الله عليه وسلّم أرجح من قول ابن الجراح.
وروى عن ابن رزق إلى الفريابي قال سمعت الثوري ينهى عن مجالسة أبي حنيفة وأصحاب الرأى. هذا سفيان رحمه الله قد روى الخطيب عن جماعة عنه ذم أبى حنيفة والتحذير عنه، وهذا الخبر الأخير يتضمن أنه نهى عن مجالسة أصحاب الرأى جملة، فهذا يدخل فيه مالك أيضا والشافعي وأحمد بن حنبل. ولما قرّض ابن المبارك سفيان قال إذا أتيت مجلس سفيان، إن شئت أن تسمع كتاب الله سمعته، وإن شئت أن تسمع آثار رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمعتها، وإن تسمع كلاما في الزهد سمعته، ولم يذكر له فقها.
فهذا يدل على أنه لم يكن فقيها وإذا لم يكن فقيها لم يدخل في قوله تعالى إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ
ومن لم يخش الله قال ما شاء. وقوله ليس بحجة لأنه ليس من الفقهاء وإنما يطعن في كل صنف من كان منه. فإنّ شاعرا إذا طعن في محدث لا يلتفت إلى قوله، وكذلك إن طعن محدث في فقيه وإنما يكون قوله حجة إذا كان يعرف ذلك العلم، هذا إذا عرف أن سفيان لم يكن له غرض أو حيث عرف غرضه بأن طعن على جميع أصحاب الرأى فقوله متروك بالإجماع وسيأتي ما ذكر عن سفيان وغيره بعد أن شاء الله تعالى.(22/79)
وروى عن الأبار إلى عبد الله بن عبد الرحمن سئل قيس بن عن أبي حنيفة فقال.
من أجهل الناس بما كان، وأعلمهم بما لم يكن.
وروى عن البرمكي إلى حجاج قال سألت قيس بن الربيع عن أبي حنيفة فقال:
أنا من أعلم الناس به كان أعلم الناس بما لم يكن وأجهلهم بما كان. هذا قد روى عن قيس بن الربيع من وجهين أن أبا حنيفة كان من أجهل الناس بما وأعلمهم بما لم يكن، هذا قد رد قول الله تعالى قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ
قال فقد جعل أبا حنيفة يعلم ما لم يأت وجهله بما أتى وهذا رجل من الجاهلية يقول:
وأعلم ما في اليوم والأمس قبله ... ولكني عن علم ما في غد عم
وسمع النبي صلّى الله عليه وسلّم قوله فاستحسنه ولم يخطئه. فانظر رحمك الله لي رجل يريد أن يثلب أبا حنيفة فيدعى له علم الغيب ولا علم له بما قال. ثم إن الخطيب إما أن نقل مثل هذا ولم يعلم ما نقل أو لم يستح أن ينقل مثل هذا.
وروى عن البرقاني قال: قال ابن إدريس: إني لأشتهي من الدنيا أن يخرج من الكوفة. قول أبي حنيفة، وشرب المسكر، وقراءة حمزة هذا قد بلغه الله أمنيته، فقد خرج من الكوفة قول أبى حنيفة وقراءة حمزة ولكنهما انتشرا في الأرض واستحسنهما الناس واشتغلوا بهما، وما ضره قوله. واعلم أن جميع أصحاب أبى حنيفة ومن قرأ بقراءة حمزة إلى يومك هذا منهم من هو أعلم وأورع من هذا المتمنى وأتقى لله.
وروى عن زكريا قال سمعت مُحَمَّد بن الوليد البسري قال: كنت قد تحفظت قول أبى حنيفة، فبينما أنا يوما عند أبي عاصم فدرست عليه شيئا من مسائل أبي حنيفة فقال ما أحسن حفظك ولكن ما دعاك إلى أن تحفظ شيئا تحتاج أن تتوب إلى الله منه؟ أتراه يريد من العلم بكتاب الله وسنة رسوله وأتباع الصحابة، وإذا تاب عن هذا فبأى شيء كان يريده يتعلق أم تراه لم يقف على الجامع الكبير وحده حتى يعلمه ما يتوب عنه. وأنا ذاكرا لك مسألة من مسائله لتعلم ما يطرد عليه.
قال أبو حنيفة: إذا قال الرجل لامرأته إن دخلت الدار فأنت طالق وطالق وطالق إن كلمت زيدا. فدخلت الدار، وقع عليها تطليقتان، وإن كلمت زيدا وقع عليها(22/80)
تطليقة. قال الله عز وجل: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ
فقد جمع الناس على أن الختم للقلوب، والأسماع، والغشاوة للبصر. فأبو حنيفة استخرج من هذه الآية هذه المسألة فجعل قوله إن دخلت الدار فأنت طالق وطالق، ثم ابتدأ وطالق إن كلمت زيدا. فجاء بها على نسق الآية. فانظر كم وقف على هذه الآية من إنسان ولم يستخرج منها شيئا. وقد بينت في أول كتابي من جنس هذه المسألة ما يستدل به على أن من تاب عن مثل هذا كفر.
وروى عن ابن رزق إلى مصعب بن خارج بن مصعب قَالَ سمعت حمادا يقول- في مسجد الجامع- وما علم أبي حنيفة؟ علمه أحدث من خضاب لحيتي هذه.
وروى عن أبى بَكْر أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّهِ الزجاجي إلى سفيان بن سعيد وشريك والحسن بن صالح قالوا: أدركنا أبا حنيفة وما يعرف بشيء من الفقه، ما نعرفه إلا بالخصومات. لا يشك أحد أن كل إنسان محدث وفي حال صغره لا يوصف بالعلم، ومعرفته بالعلم محدثة ولا يكون العلم قديما إلا لله تعالى وحده. وأنه لم يؤت العلم وهو صبي سوى يحيى. ومع هذا أفعلمه كان محدثا، ومن ادعى العلم القديم فقد كفر. فهذا شكر أبا حنيفة وهو يظن أنه يثلبه.
وروى عن الحسن بن أبى طالب إلى المزني قال: سمعت الشافعي يقول: ناظر أَبُو حنيفة رجلا فكان يرفع صوته في مناظرته إياه، فوقف عليه رجل فقال الرجل لأبي حنيفة: أخطأت. فقال أَبُو حنيفة للرجل تعرف المسألة ما هي؟ قال لا، قال فكيف تعرف أني أخطأت؟ قال أعرفك إذا كان لك الحجة ترفق بصاحبك، وإذا كانت عليك تشغب وتجلب.
إذا كان الغائب لا يعرف المسألة فقوله وتركه سواء لأنه معترف بالجهل، وأجهل منه من يعتقد أن هذا مما يطعن به على الأئمة.
وروى عن البرقاني إلى أبى العباس السراج قال سمعت أبا قدامة يقول سمعت سلمة ابن سليمان قال: قال رجل لابن المبارك: كان أَبُو حنيفة مجتهدا؟ قال: ما كان بخليق لذاك، كان يصبح نشيطا في الخوض إلى الظهر، ومن الظهر إلى العصر، ومن العصر إلى المغرب، ومن المغرب إلى العشاء فمتى كان مجتهدا؟ قال وسمعت أبا قدامة يقول سمعت سلمة بن سليمان يقول قال رجل لابن المبارك: أكان أَبُو حنيفة عالما؟(22/81)
قال لا، ما كان بخليق لذاك، ترك عطاء وأقبل على أبى العطوف.
هذا لا يجاب عن مثله، لأنه قال من عنده شيئا خالفه الناس كلهم. لأن الناس رجلان، إما صاحب لأبى حنيفة وإما مخالف له، فأما أصحابه فلا يشك أحد أنهم يكذبون من قال هذا، وأما مخالفوه فهم أصحاب مالك والشافعي. فأما مالك فقد.
قال: رأيت رجلا لو أراد أن يقيم الدليل على أن هذه السارية من ذهب لأقامه.
والشافعي يقول: الناس عيال في الفقه على أبى حنيفة. وقد ذكرت عن الخطيب أنه قال في تاريخه: إن ابن المبارك لم يزل على مذهب أبى حنيفة إلى أن مات. فكيف يقول إنسان مثل هذا ويعمل بقوله؟.
وروى عن الأزهرى إلى إبراهيم بن راشد الأدمي قال سمعت أبا ربيعة محمد بن عوف يقول سمعت حماد بن سلمة يكني أبا حنيفة أبا جيفة.
وروى عن ابن رزق إلى حنبل بن إسحاق قال سمعت الحميدي يقول لأبي حنيفة- إذا كناه- أَبُو جيفة، لا يكنى عن ذاك، ويطهره في المسجد الحرام في حلقته والناس حوله.
أما هذا القول فيريد مثله أن يجيبه، لأن مثل هذا لا يذكره إلا من لا خلاق له.
قال الله تعالى وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ
فمن خالف القرآن فقد كفر، وهذا قد خالف القرآن أفترى قوله يصير حجة؟ فلو أن الخطيب يريد الإنصاف لكان يجعل الذم لحماد بن سلمة والحميدي لأنهما خالفا الكتاب العزيز وعملا بضد ما جاء فيه.
وروى عن العتيقى إلى زكريا بن يحيى الحلواني قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن بشار العبدي بندارا يقول: قلما كان عَبْد الرَّحْمَن بن مهدي يذكر أبا حنيفة إلا قال: كان بينه وبين الحق حجاب.
وروى عن ابن الفضل إلى يعقوب عن مُحَمَّد بن بشار قَالَ سمعت عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي يقول: بين أبي حنيفة وبين الحق حجاب.
وروى عن البرقائى إلى مُحَمَّد بن علي الحافظ قال قيل لبندار- وأنا أسمع- أسمعت عَبْد الرَّحْمَن بن مهدي يقول كان بين أبي حنيفة وبين الحق حجاب؟ فقال:
نعم قد قاله لي. قال الله تعالى: وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لتختصمون إلى ولعل بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ(22/82)
فأقضي له بنحو ما أسمع، فمن قضيت له بشيء من ذلك فإنما أقطع له قطعة من النار»
فقد ثبت أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يعلم الغيب، فكيف عرف عبد الرحمن بن مهدى أن بين أبى حنيفة وبين الحق حجابا؟.
وروى عن ابن رزق إلى الوليد بن عتبة قال سمعت مؤمل بن إِسْمَاعِيل. قال: قال عُمَر بن قيس: من أراد الحق فليأت الكوفة فلينظر ما قال أبو حنيفة وأصحابه فليخالفهم.
وروى عن بشرى بن عبد الله الرومي إلى أبى الجواب قال: قال لي عمار بن زريق: خالف أبا حنيفة فإنك تصيب. وقال بشرى: فإنك إذا خالفته أصبت. وروى عن ابن الفضل إلى عمار بن زريق قال إذا سألت عن شيء فلم يكن عندك شيء فانظر ما قال ألى حنيفة فخالفه فإنك تصيب.
وروى عن البرقاني إلى الحسين بن إدريس قَالَ: قَالَ ابن عمار: إذا شككت في شيء نظرت إلى ما قال أَبُو حنيفة فخالفته كان هو الحق- أو قال البركة- في خلافه.
قال حنيفة مخالفته كان هو الحق- أو قال البركة- في خلافه.
قال أبو حنيفة وأصحابه: إن الله تعالى واحد أحد لا شريك له ولا شيء يشبهه قديم بلا ابتداء، دائم بلا انتهاء، لا يفنى ولا يبيد، ولا يكون إلا ما يريد. وإن النبي صلّى الله عليه وسلّم حق، والساعة حق، وإن القرآن كلام الله منه بدأ وإليه يعود بلا كيفية شبها، وإن الجنة والنار مخلوقتان لا يفنيان أبدا، وإن الله يبعث من في القبور. أفترى من خالفهم في هذا يكون حاله؟.
وروى عن عبد الله بن يحيى السكرى إلى سفيان بن عيينة قال: قال مساور الوراق:
إذا ما أهل رأي حاورونا ... بآبدة من الفتوى طريفه
أتيناهم بمقياس صحيح ... صليب من طراز أبي حنيفة
إذا سمع الفقيه بها وعاها ... وأثبتها بحبر في صحيفه
فأجابه بعضهم يقول:(22/83)
إذا ذو الرأي خاصم عن قياس ... وجاء ببدعة هنة سخيفة
أتيناه بقول الله فيها ... وآيات محبرة شريفه
فكم من فرج محصنة عفيف ... أحل حرامها بأبي حنيفة
فكان أَبُو حنيفة إذا رأى مساور الوراق أوسع له وقال هاهنا، هاهنا.
وروى عن ابن رزق إلى أبى صالح هدبة بن عبد الوهاب المروزي قال: قدم علينا شقيق البلخي فجعل يصرى أبا حنيفة، فقيل له لا تطر أبا حنيفة بمرو فإنهم لا يحتملونك. قال شقيق أليس قد قال مساور الوراق:
إذا ما الناس يوما قايسونا ... بآبدة من الفتوى طريفه
أتيناهم بمقياس تليد ... طريف من طراز أبي حنيفة
فقالوا له أما سمعت ما أجابوه؟ قال أجل.
إذا ذو الرأي خاصم في قياس ... وجاء ببدعة هنة سخيفة
أتيناهم بقول الله فيها ... وآثار مبرزة شريفة
فكم من فرج محصنة عفيف ... أحل حرامها بأبي حنيفه
وروى عن ابن رزق إلى عبد الكريم قال سمعت يحيى بن أيوب قَالَ حَدَّثَنَا صاحب لنا ثقة. قال: كنت جالسا عند أبي بكر بن عياش فجاء إِسْمَاعِيل بن حماد بن أبي حنيفة فسلم وجلس، فقال أبو بكر من هذا؟ قال أنا إِسْمَاعِيل يا أبا بكر. قال فضرب أبو بكر على ركبة إِسْمَاعِيل ثم قال: كم من فرج حرام أباحه جدك.
لا شك في أنه كان حراما فأحله بما أحله به الله ورسوله، وهذه كتب أبى حنيفة غير مدحوضة ولا مستورة. وقد ذكرت غير مرة أصول مذهب أبى حنيفة وأنها من كتاب الله، فإن لم يجد فمن سنة رسول الله، فإن اختلفت الأحاديث رجح ما رجحته الصحابة، فإن لم يجد اجتهد في التوفيق بينهما ما أمكن. فإن لم يمكن واجتهد برأيه ولم يخرج عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه وهذا مذكور في عدة مواضع، أفترى الخطيب يعتقد أن الفرج يكون حلالا من أول ما يخلق؟ ومن لا يعرف مثل هذا كيف يجوز له الحديث. وإنما الفرج يكون حراما فيحل، ويكون حلالا فيحرم.
وهذا ما جاء في الكتاب والسنة.
وحدث عَن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد إلى أبى معمر قال: قال أَبُو بكر بن(22/84)
عياش: يقولون إن أبا حنيفة ضرب على القضاء، إنما ضرب على أن يكون عريفا على طرز حاكة الخزازين.
هذا إن صح عن ابن عياش فإنما ذكره ابن عياش وحده والناس على خلافه ولكني أجيبه، وإن كان ضرب أيضا على أن يكون عريفا فلم يفعل فهو كذلك أيضا لأنه تجنب الولاية، فسواء القضاء وغيره لأن
النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول «العرفاء في النار»
والدليل على خلاف قوله، أنهم استعملوا أبا يوسف على القضاء وهو تلميذ أبى حنيفة، فلو فعل أبو حنيفة [ورضى أن] يلي لما ولوا غلامه.
وروى عن ابن رزق إلى أسود بن سالم يقول قال أَبُو بكر بن عياش سود الله وجه أبي حنيفة. هذا من الجميع خطأ، رجل دعا على أبى حنيفة أى شيء كان في هذا حتى ينقله، فإن مثل هذا لا ينبغي أن يذكره أحد لأنه ما أتى عن أبى حنيفة بشيء ينكره عالم، وإنما سفه فنقل الخطيب سفهه فلو أن كل من دعى عليه كان منكوتا لما سلم أحد من الناس كافة.
وروى عن الحسن بن علي بن عبد الله المقرئ إلى محمد بن حفص الدوري قال سمعت أبا عبيد يقول: كنت جالسا مع الأسود بن سالم في مسجد الجامع بالرصافة، فتذكروا مسألة فقلت إن أبا حنيفة يقول فيها كيت وكيت، فقال لي الأسود: تذكر أبا حنيفة في المسجد؟ فلم يكلمني حتى مات. الجواب عن هذا كما تقدم، وأيضا فإن ذكر الكفار في القرآن، وهو كلام الله الذي لا تصح الصلاة إلا به، وأى شيء كان في هذا مما ينقل ويجعل قدحا في أبى حنيفة؟ وأيضا قد فعل محرما لأن
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لا يحل لمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام»
فهذا الخبر لم يفت الخطيب، وإنما قصد رده والطعن فيه لا في أبى حنيفة.
وروى عن محمد بن أحمد بن يعقوب إلى مُحَمَّد بن عبد الوهاب يقول قلت لعلي ابن عثام: أَبُو حنيفة حجة؟ فقال: لا للدين ولا للدنيا.
قد أجمع الناس على خلاف قول هذا القائل، وليس ابن عثام بأعلم من جميع أصحاب أبى حنيفة ولا مثل واحد منهم، فكيف ينقل عنه مثل هذا؟ وقد تقدم الجواب عنه مع غيره.(22/85)
وروى عن أبى حازم إلى مُحَمَّد بن جعفر الأسامي قال: كان أَبُو حنيفة يتهم شيطان الطاق بالرجعة، وكان شيطان الطاق يتهم أبا حنيفة بالتناسخ فخرج أَبُو حنيفة يوما إلى السوق فاستقبله شيطان الطاق ومعه ثوب يريد بيعه، فقال له أَبُو حنيفة أتبيع هذا الثوب إلى رجوع علي؟ فقال: إن أعطيتنى كفيلا أنك لا تمسخ قردا بعتك. فبهت أَبُو حنيفة.
وقال: لما مات جعفر بن مُحَمَّد التقى هو وأبو حنيفة فقال له أَبُو حنيفة أما إمامك فقد مات: فقال له شيطان الطاق: أما إمامك فمن المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم.
قد تقدم القول فيما مضى أن أبا حنيفة وأصحابه على غير هذا المذهب فكيف كان يليق بالخطيب أن يقول هذا المحفوظ ويحيل على رجل يخالفه أصحاب أبى حنيفة كلهم، ثم إن شيطان الطاق كان رافضيا وقد كان يسب كبار الصحابة، فلأبى حنيفة رضى الله عنه أسوة بأبى بكر وعمر رضى الله عنهما، والحمد لله الذي بين لك صحة ما ذكرت من أن الخطيب لم يكن غرضه الرد على أبى حنيفة، وإنما أراد الرد على النبي عليه الصلاة وأفضل السلام وأصحابه، فلذلك رجح قول من يبغض الصحابة ويسبهم.
وحدث عن أبى نعيم الحافظ إلى جبر- وهو محمد بن عصام بن يزيد الأصبهاني- يقول سمعت سفيان الثوري يقول: أبو حنيفة ضال مضل. قد تقدم الجواب عن مثل هذا في أمر الحميدي وعبد الرحمن، وكذلك سفيان إن كان يدعى علم الغيب، وإلا فمن أين له هذا؟ فإن كان من قول أبى حنيفة كان بينه، فإن أقوال أبى حنيفة أظهر من الشمس.
وروى عن إبراهيم بن محمد بن سليمان المؤدب إلى رجاء السندي قال: قال عبد الله بن إدريس: أما أَبُو حنيفة فضال مضل، وأما أبو يوسف ففاسق من الفساق.
قد تقدم الجواب عن هذا في الخبر الذي قبله.
وروى عن أيوب إلى يزيد بن هارون يقول ما رأيت قوما أشبه بالنصارى من أصحاب أبى حنيفة. أترى النصارى على غير شكل بنى آدم وإلا فأى شيء شبههم بالنصارى. ومثل هذا لا يذكر فإن الله تعالى خالق كل شيء ومع هذا فلا يقال خالقك خالق الكلب. ولا شك أن الجميع خلقة الله، ومن ينكر هذا لا يكون مسلما.(22/86)
وروى عن أحمد بن محمد العتيقى والحسن بن جعفر السلماسي والحسن بن علي الجوهري إلى محمد بن عبد الله بن الحكم قَالَ: قَالَ لي مُحَمَّد بن إدريس الشافعي:
نظرت في كتب لأصحاب أبي حنيفة فإذا فيها مائة وثلاثون ورقة، فعددت منها ثمانين ورقة خلاف الكتاب والسنة. قال أَبُو مُحَمَّد: لأن الأصل كان خطأ فصارت الفروع ماضية على الخطأ.
وقال ابن أبي حاتم حدثني الربيع بن سليمان المرادي قال: سمعت الشافعي يقول:
أَبُو حنيفة يضع أول المسألة خطأ ثم يقيس الكتاب كله عليها. وقال أيضا حَدَّثَنَا هارون بن سعيد الأيلي قال: سمعت الشافعي يقول: ما أعلم أحدا وضع الكتب أدل على عوار قوله من أبي حنيفة.
أما أصول أبى حنيفة رضى الله عنه فمعروفة لا يقدر أحد أن يطعن فيها، فإنه إذا بنى أصلا على باب من الأبواب لم يخالفه أبدا. مثال ذلك أن الشك لا يزيل اليقين عند أبى حنيفة رحمه الله، مثاله إذا أكل الرجل في شهر رمضان وهو يرى أنه لم يصبح وكان قد أصبح فعليه القضاء ولا كفارة عليه، ولو أكل وهو يرى أنه قد دخل الليل ثم تبين أنه نهار فعليه القضاء والكفارة، لأنه ممسك بالأصل. ومثاله إن العصير لا يصير خمرا يغلى ويقذف بالزبد ويشتد ويسكر فإذا حمض الخمر أدنى الحمض لا يصير خلا حتى يشتد حمضه فيتخلل بيقين ومثاله رجل توضأ ثم شك في الحدث فهو على وضوئه، ورجل شك في الوضوء يجب عليه الوضوء لأنه على الأصل، هذا في الأصول التي بنى عليها. أما على القول فالشافعي وأصحابه منذ كانوا وإلى هذه السنة التي تكلمنا فيها- وهي سنة إحدى وعشرين وستمائة لهجرة النبي صلّى الله عليه وسلّم- لا يقدرون على بيان ما نقل عنه الخطيب. وجوابي للخطيب، وإنما عندي أن الشافعي نقل عنه من حمد أبى حنيفة ما لا ينقل إلا عمن يعرف الفضل ويعرف به.
وروى عن ابن رزق إلى أَحْمَد بن سنان بن أسد القطان قال سمعت الشافعي يقول: ما شبهت رأي أبي حنيفة إلا بخيط السحارة يمد كذا فيجيء أخضر، ويمد كذا فيجيء أصفر. هذا القول لا يحسن أن ينقل عن الشافعي لأنه لا ينقله عنه إلا من يريد الطعن والتشنيع عليه، لأن مثل هذا المثل لا يتمثل به إلا الصبيان.
وحدث عن البرقاني إلى المروذي أَبُو بكر أَحْمَد بن الحجاج قَالَ سألت أبا عبد الله- وهو أَحْمَد بن حنبل- عن أبي حنيفة وعمرو بن عبيد. قال: أبو حنيفة أشد على(22/87)
المسلمين من عمرو بن عبيد لأن له أصحابا. إن صح هذا الخبر وكان الأمر على ما ذكر فكلهم له الأصحاب، فأما أصحاب أبى حنيفة فليس فيهم من يقول: إن الله شبح جالس على العرش والعرش لا يسعه. أترى من يقول هذا القول لا يعرف أن من خلق السموات والأرض قادر على أن يخلق له ما يسعه؟.
وروى عن طلحة بن على الكتاني إلى الأثرم قال رأيت أبا عبد الله مرارا يعيب أبا حنيفة ومذهبه، ويحكي الشيء من قوله على الإنكار والتعجب. أنا أصدق هذا لأن أصحاب أحمد إلى يومنا هذا لم يفهم أحد منهم «الجامع الكبير» ، ولا عرف ما فيه، ومتى وقف عليه فلا شك أنه ينكره فخل عنك باقى كتب أصحاب أبى حنيفة.
وروى عن بشرى بن عبد الله الرومي إلى أبى بكر الأثرم قال أخبرنا أَبُو عبد الله بباب في العقيقة فيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث مسندة، وعن أصحابه، وعن التابعين، ثم قال: وقال أَبُو حنيفة: هو من عمل الجاهلية. ويتبسم كالمتعجب.
أما هذا القول فلا ينكره على أبى حنيفة إلا من لا يعرف أمور الشرع، فإن العقيقة والطهور وغيرهما كان من شريعة إبراهيم ثم استمر ذلك في الجاهلية حتى جاء النبي صلّى الله عليه وسلّم وأمر به، وبهذا جاء الكتاب العزيز وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ
يعنى التوراة. ونحن نعمل بذلك. وقد جاء شيء من عمل الجاهلية لم يكن مذهبا لإبراهيم عليه السلام وعمل بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ البدنة.
وروى عن محمد بن عبد الملك القرشي إلى مُحَمَّد بن يوسف البيكندي يقول: قيل لأحمد بن حنبل قول أبي حنيفة الطلاق قبل النكاح؟ فقال مسكين أَبُو حنيفة كأنه لم يكن من العراق، كأنه لم يكن من العلم بشيء، قد جاء فيه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعن الصحابة، وعن نيف وعشرين من التابعين، مثل سعيد بن جبير وسعيد بن المسيب وعطاء وطاوس وعكرمة. كيف يجترئ أن يقول تطلق؟.
هذا خلاف مذهب أبى حنيفة، لأن مذهبه أنه يقول لا طلاق إلا في ملك أو مضافا إلى ملك، أو في علقة من علائق الملك. وجميع أصحاب أبى حنيفة على ما ذكرت. وأما من نقل عن رجل فقها لم يكن من مذهبه ويقول إنه مذهبه، ما نعلم كل أحد أنه يتقول عليه ومن علم أنه كاذب كيف يصدق قوله في الأخبار عنه أو عن غيره؟.(22/88)
وروى عن ابن رزق إلى مهنئ بن يحيى قال: سمعت أَحْمَد بن حنبل يقول: ما قول أبي حنيفة والبعر عندي إلا سواء.
لا يشك أحد أن أحمد بن حنبل بعد مذهب أبى حنيفة، والمسائل التي هي [من] قول أبى حنيفة وعمل بها أحمد كيف حكمه فيها؟ هل هي داخلة في الجملة أو خارجة عنها؟ فإن قال داخلة فيها فقد خالف قوله بلا شك وصار بهذا كافرا لأنه يرى الخطأ ويتبعه، وإن قال لا فقد خالف قوله وناقض الحكم، ومثل هذا لا يصح عن أحمد بن حنبل لأن أدنى درجات أحمد أن يعرف ما ذكرت، فإن أحمد ولد بعد [وفاة] أبى حنيفة بأربع عشرة سنة.
وروى عن البرقاني إلى مُحَمَّد بن روح قال سمعت أَحْمَد بن حنبل يقول: لو أن رجلا ولي القضاء ثم حكم برأى أبى حنيفة، ثم سألت عنه لرأيت أن أرد أحكامه.
إن كان أحمد يرى رد أحكام الحكام فربما، وإن كان غير ذلك فلا يجوز له. لأن الصحابة كلهم على خلاف هذا، فإن عليا رضى الله عنه ولى شريحا وكان يرى خلاف رأى شريح، وكذلك أكثر الخلفاء الراشدين ولوا قضاة يرون خلاف رأيهم وإن كان أحمد يحالف جميع الصحابة فهذا عجيب.
وروى عن الحسن بن أبى طالب إلى خالد بن يزيد بن أبى مالك أنه قال: أحل أَبُو حنيفة الزنا، وأحل الربا، وأهدر الدماء. فسأله رجل ما تفسير هذا؟ فقال: أما تحليل الربا فقال درهم وجوزة بدرهمين نسيئة لا بأس به، وأما الدماء فقال لو أن رجلا ضرب رجلا بحجر عظيم فقتله كان على العاقلة ديته ثم تكلم في شيء من النحو فلم يحسنه، ثم قال لو ضربه بأبا قبيس كان على العاقلة وأما تحليل الزنا فقال لو أن رجلا وامرأة أصيبا في بيت وهما معروفا الأبوين فقالت المرأة هو زوجي، وقال هو هي امرأتي، لم أعرض لهما. قال أَبُو الحسن النجاد: في هذا إبطال الشرائع والأحكام.
أما جوزة ودرهم بدرهمين نسيئة فإن هذا لم يرو عن أبى حنيفة ولا يصح في مذهبه النسيئة خاصة، بل الذي روى عن أبى حنيفة إذا اشترى سيفا وعليه حلية فضة لا يخلص إلا تضرب بدراهم نقدا، فإن كان الثمن بقدر الحليلة أو أقل لم يصح البيع، وإن كان الثمن أكثر من الحلية صح. لأن الحلية بوزنها والفضل في مقابلة السيف، وهذا إذا كان يدا بيد. قال ولو باع إبريق فضة وزنه عشرة ذراهم بعشرين درهما(22/89)
لصح يدا بيد. فإن أعطاه غيره دراهم وافترقا صح في النصف وبطل في النصف، وهذا خلاف ما حكاه الخطيب. وأما الدماء فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يرو عنه القصاص في الحجر،
وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» وقال «ألا إن قتيل شبه العمد قتيل السوط والعصا مائة من الإبل»
ولم يفرق النبي صلّى الله عليه وسلّم بين العصا الكبيرة والصغيرة، ولا يستحق كل واحدة اسما غير العصا. ولم يوجب إلا الدية بهذا. وأما أبا قبيس فقد تقدم الجواب عنه. وأما الزنا فإذا جاء واحد إلى كل واحد من امرأة ورجل فقالا نحن زوجان بأى طريق يفرق بينهما أو يعترض عليهما، لأن كل واحد منهما يدعى أمرا حلالا. ولو فتح هذا الباب لكان الإنسان كل يوم، بل في كل ساعة يشهد على نفسه وعلى زوجه أنهما زوجان، وهذا لم يقل به أحد من الأئمة وفيه من الحرج ما لا يخفى على أحد.
وروى عن إبراهيم بن عمر البرمكي إلى مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ الْمُعَافَى الْبَزَّازُ قَالَ:
سَمِعْتُ إِبْرَاهِيم الحَرْبِيّ يَقُولُ: وضع أَبُو حنيفة أشياء في العلم مضغ الماء أحسن منها، وعرضت يوما شيئا من مسائله عَلَى أَحْمَد بن حَنْبَل فجعل يتعجب منها، ثُمَّ قَالَ كَأَنَّهُ هو يبتدئ الإسلام.
أما جواب أحمد بن حنبل عن مثل هذا فقد تقدم، ولو كان الأمر كما ذكر لبين المسائل حتى يعرف السامع أن الحق مع من وضعها أو مع من عابها.
وروى عن البرقاني إلى عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سيار الفرهياني قال سمعت القاسم ابن عبد الملك أبا عثمان يقول سمعت أبا مسهر يقول: كانت الأئمة تلعن أبا فلان على هذا المنبر، وأشار إلى منبر دمشق. قال الفرهياني: وهو أبو حنيفة. أترى بأى شيء استدل الفرهياني على أن المراد بأبى فلان أبو حنيفة، حتى كأن الكنى والكنايات اختصت به دون غيره. ومع هذا فإن أبا حنيفة لم يلعن على منبر دمشق، وأما الذي ذكرة فلم يتعرض إليه إلا من وجب قتاله، وإذا كان لأبى حنيفة أسوة بمن ذكره فما نريد شرفا أكثر من ذلك.
وروى عن الخلال إلى العباس بن عبد الله الترقفي قال سمعت الفريابي يقول: كنا في مجلس سعيد بن عبد العزيز بدمشق، فقال رجل رأيت فيما يرى النائم كأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد دخل من باب الشرقي يعني باب المسجد، ومعه أَبُو بكر وعمر- وذكر غير واحد من الصحابة- وفي القوم رجل وسخ الثياب، رث الهيئة فقال تدري من ذا؟(22/90)
قلت لا، قال هذا أَبُو حنيفة، هذا ممن أعين بعقله على الفجور. فقال له سعيد: أنا أشهد أنك صادق لولا أنك رأيت هذا، لم تكن تحسن تقول هذا.
ليت شعري أى شيء في هذا القول مما يصعب على أبله الناس إذا أراد الاختلاف أن يقوله، ثم ومن لا يحسن أن يقول مثل هذا في اليقظة كيف يحتج بقوله في المنام؟
وليت شعري من كان هذا الرجل الرائي للمنام الذي قيست رؤياه برؤيا يوسف لم يتحمل على ظاهرها لأنها أولت لأنه لم يسجد له الشمس والقمر والكواكب الأحد عشر في اليقظة كما رآها ساجدة له في المنام، ومه هذا فيكفى أبا حنيفة شرفا دخوله المسجد مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه مقارنا لأبى بكر وعمر، ولو كان الأمر كما ذكرنا لما صحب النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى المسجد، هذا إن صدق افتراؤهما لوجدنا به بهتا وهما مستيقظان أكان أحد يصدقهما فكيف يصدقهما في المنام؟ وقد أجمع الناس على أن الرؤيا لا تفسر على ظاهرها، ولو كان الأمر كذلك لما احتيج إلى المفسرين لأن نص القرآن العزيز حكاية عن يوسف لما قال له الرائي إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ
إنه يصلب فتأكل الطير من رأسه، وأين الحمل من الصلب، وأين الخبز من رأسه؟ وفي قول الملك إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ
، قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ
ثم قال ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ
وأين البقرة من السنة، فقد أول المعبرون البكاء بالفرح، والموت بطول العمر، وأشياء كثيرة بما يضادها. فعلى هذا يكون وسخ أثواب أبى حنيفة ورثاثة هيئته نظافة وطهارة.
وحدث عن أبى الفتح مُحَمَّد بن المظفر بن إبراهيم الخياط إلى علي بن حرب قال سمعت مُحَمَّد بن عامر الطائي- وكان خيرا- يقول: رأيت في المنام كان الناس مجتمعون على درج مسجد دمشق، إذ خرج شيخ ملبب بشيخ، فقال: أيها الناس إن هذا قد بدل دين مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقلت لرجل إلى جانبي من هذان الشيخان؟ فقال: هذا أَبُو بكر الصديق ملبب بأبى حنيفة.
أما حديثهم عن أبى حنيفة في المنام فلا حجة فيه، لا سيما ممن لو طعن فيه في اليقظة لم يقدح ذلك فيه، لأنهم ليسوا من أهل العلم. والطعن في مثله وليس في مثل هذا فائدة إلا ما ذكرناه عن الخطيب من قصد التشنيع والنكير والتعصب وقد تقدم الكلام عن ذلك.(22/91)
وروى عن القاضي أبي العلاء مُحَمَّد بْن علي الواسطي إلى طريف بن عبد الله قال: سمعت ابن أبي شيبة- وذكر أبا حنيفة- فقال: أراه كان يهوديا. قد أجمع الناس على أنه من كفر مسلما فهو كافر، ولا شبهة عند أئمة الأمصار أن أبا حنيفة مسلم، ومن كفر مسلما فقد كفر. لا يعد بقوله، ولقد كان هذا القول بالقدح في ابن أبى شيبة أولى منه في أبى حنيفة لولا حيف الخطيب.
وحدث عن ابن رزق إلى محمد بن المهلب السرخسي عن عَليّ بن جرير. قَالَ:
كُنْت في الكوفة فقدمت البصرة وبها ابن المبارك، فَقَالَ لي كيف تركت النَّاس؟ قال قلت تركت قوما بالكوفة يزعمون أن أَبَا حنيفة أعلم مِنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ قُلْتُ اتخذوك في الكفر إماما؟ قَالَ فبكى حتى ابتلت لحيته. هذا كلام غير مفهوم فيجاب عنه، ولو أراد قائله أن يقول ما يسمع الجواب عنه لتكلم بما يفهم، ومع هذا قد تقدم القول عن ابن المبارك وأنه ما زال على مذهب أبى حنيفة إلى أن مات برواية الخطيب عنه.
وروى عن محمد بن على المقرئ إلى عَليّ بن جرير الأبيوردي قَالَ قدمت عَلَى ابن المبارك فَقَالَ لَهُ رجل: إن رجلين تماريا عندنا في مسألة فَقَالَ أحدهما قَالَ أَبُو حنيفة.
وَقَالَ الآخر قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: كَانَ أَبُو حنيفة أعلم بالقضاء. فَقَالَ ابن المبارك: أعد عَليّ، فأعاد عَلَيْهِ فَقَالَ: كفر كفر. قُلْتُ بك كفروا. وبك اتخذوا الكفر إماما. قَالَ ولم؟ قُلْتُ بروايتك عن أَبِي حنيفة. قَالَ أستغفر الله من رواياتي عن أَبِي حنيفة.
أول ما نقول إن هذا القول من ذلك الرجل لا يتعلق بأبى حنيفة، فيكون قدحا فيه، ثم نقول كيف يتصور أن يستغفر الله من رواياته عن أبى حنيفة رجل لم يزل على مذهب أبى حنيفة إلى أن مات.
وحدث عن الحسن بن أبى طالب إلى الحُمَيْدِيّ قَالَ سَمِعْتُ ابن المبارك يَقُولُ:
صليت وراء أَبِي حنيفة صلاة وفي نفسي منها شيء. وقال وَسَمِعْتُ ابن المبارك يَقُولُ:
كتبت عن أَبِي حنيفة أربعمائة حديث إذا رجعت إلى العراق إن شاء الله محوتها.
أما قوله إن في نفسه شيئا من تلك الصلاة فلا يعلم الغيب إلا الله، ما يدرى أى شيء هو الذي كان في نفسه، وأما الأحاديث التي رواها عن أبى كانت من أقوال(22/92)
أبى حنيفة فينبغي أن يبينها لنجيب عما أنكره، وإن لم تكن من أقوال أبى حنيفة فليس الطعن في ذلك على أبى حنيفة.
وحدث عن إبراهيم بن محمد بن سليمان المؤدب إلى إِبْرَاهِيم بن شَمَّاس يَقُولُ:
كُنْت مَعَ ابن المبارك بالثغر فقال: إن رجعت من هذه لأخرجن أَبَا حنيفة من كتبي.
وروى عن العتيقى إلى إبراهيم بن شماس قال: سمعت ابن المبارك يَقُولُ: اضربوا عَلَى حديث أَبِي حنيفة.
وروى عن عبيد الله بن عمر الواعظ إلى الحَسَن بن الربيع قَالَ: ضرب ابن المبارك عَلَى حديث أَبِي حنيفة قبل أن يموت بأيام يسيرة. قال الخطيب كذا رواه لنا وأظنه عن عَبْد الله بن أَحْمَد عن أَبِي بَكْر الأعين نفسه والله أعلم.
الجواب عن هذه الحكايات الثلاث: إن قول ابن المبارك لا يعتد به في مثل أبى حنيفة لأن أبا حنيفة كان مجتهدا وابن المبارك من كوادن المتفقه، ثم قد تقدم القول أن ابن المبارك مات وهو على مذهب أبى حنيفة.
ثم إن الخطيب بحمد الله قد شك في رواة الحكاية الثالثة الذين جعلهم ثبتا.
وروى عن محمد بن أحمد بن يعقوب إلى محمد بن على بن حسن بن شقيق يَقُولُ سَمِعْتُ أَبِي يَقُول سَمِعْتُ عَبْد اللَّهِ بْن المبارك يَقُولُ: لحديث واحد من حديث الزُّهْرِيّ أحب إليَّ من جميع كلام أَبِي حنيفة. إن كان الحديث الذي يحدثه الزُّهْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكل المسلمين يقولون هذا ويعتقدونه، بل يعتقدون أن لفظة واحدة من كلام النبي صلّى الله عليه وسلّم خير من كل مل تكلم به الخلق، إلا أن يظن أن في المسلمين من لا يعتقد هذا فمكافأته عمن يظن به ذلك على الله، وإن كان الحديث من كلام الزهري فما اعتد أحد بكلام الزهري ولا عمل به، ولا نعرف مذهبا يقال له مذهب الزهري.
وروى عن ابن دوما إلى عَليّ بن إِسْحَاق التِّرْمِذِي قَالَ: قَالَ ابن المبارك: كَانَ أَبُو حنيفة يتيما في الحديث. هذا بالمدح أشبه منه بالذم فإن الناس قد قالوا درة يتيمة إذا كانت معدومة المثل، وهذا اللفظ متداول للمدح لا نعلم أحدا قال بخلاف، وقيل يتيم دهره، وفريد عصره وإنما فهم الخطيب قصر عن إدراك ما لا يجهله عوام الناس.
وحدث عن البرقاني إلى عَبْد الله بن أَحْمَد بن شَبُّويَه قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَهْب يَقُول سَمِعْتُ عَبْد اللَّهِ بْن المبارك يَقُول: كَانَ أَبُو حنيفة يتيما في الحديث. الجواب عن هذا كالجواب عما تقدمه.(22/93)
وحدث عن علي بن محمد بن عبد الله المعدل إلى أبى قطن قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حنيفة- وَكَانَ زمنا في الحديث- الزمانة لا نعرفها إلا في الأعضاء وأما العلم فلا يوصف من يتعاناه إلا بالجهل أو المعرفة، ولا يشك أحد في فقه أبى حنيفة. وأما أبو قطن فلا يعرف له قول يرجع إليه.
وروى عن محمد بن الحسين الأزرق إلى أبى غسان قَالَ ذكرت للحسن بن صالح رجلا قد كان جالس أَبَا حنيفة من النخع. فقال لا: لو كَانَ أخذ من فقه النخع كَانَ خيرا له. انظروا عمن تأخذون النخع إنما هي قبيلة من اليمن وليست بفقيه، فانظروا إلى رجل لا يعرف النخع هل هي قبيلة أو فقيه، ثم يأخذ بالأخذ عنها، ثم يحتج بقوله ويجعل ثبتا يقدح به في الأئمة. مع إن هذا الحسن بن صالح لم يكن من الفقهاء فيعرف الفقه، إنما كان يحمل كتب الحديث.
وروى عن عبد الله بن يحيى السكري والحسن بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ النَّرْسِيُّ إلى مؤمل بن إسماعيل قال سألت سفيان بن عينية قُلْتُ يا أَبَا مُحَمَّد تحفظ عن أَبِي حنيفة شيئا؟ قَالَ لا، ولا نعمة عين. ليس يضر أبا حنيفة لا يقدح فيه كون سفيان لا يحفظ عنه، فقد حفظ عنه من هو خير من سفيان مع أن الخطيب ذكر في تاريخه أن سفيان روى عنه، فلا ندري على أى قولي الخطيب نعتمد. على أن الذين حفظوا عن أبى حنيفة اعتد بأقوالهم الناس واعتمدوا على مذاهبهم، وسفيان بحمد الله لم يعتمد أحد على مذهبه.
وروى عن البرمكي إلى ابن نمير قَالَ: أدركت النَّاس وما يكتبون الحديث عن أبى حنيفة فكيف الرأى؟ هذا ابن نمير لم يعرف أنه من الفقهاء أصلا ولا من المحدثين المعتبرين المعتد بأقوالهم، ومه هذا فلو لم يكتب الرأى عن أبى حنيفة ويحفظ ويتداول كيف كان يبقى مذهبه إلى زماننا بعد موته إلى تأليف هذا الكتاب أربعمائة وإحدى وسبعون سنة. ويكفى هذا في الدلالة على بطلان قول ابن نمير.
وروى عن العتيقى إلى حماد بن زيد قال سَمِعْتُ الحجاج بن أرطأة يَقُولُ: ومن أَبُو حنيفة؟ ومن يأخذ عن أَبِي حنيفة؟ وما أبو حنيفة: أما قوله من أبو حنيفة فهو النعمان بن ثابت وأما قوله من يأخذ عنه فمن وفقه الله للتفقه في دينه، وقد أخذ عنه أهل اليمن أجمع، وأهل الهند والسند، وأهل غزنة، وجبال الغور، وأهل ما وراء النهر كلهم، وأهل خراسان- إلا بعض أهل نيسابور وما حولها فإنهم شافعية-(22/94)
وعامة أهل العراق، وبلد الروم بأسرهم، وأكثر أهل الشام، وفلسطين، ومصر، وما برح أصحاب أبى حنيفة قضاة الإسلام في دار السلام التي هي قبة الإسلام إلى هلم.
وأما ما هو فإنسان شرفه الله بالعلم والعمل، فكان علمه وعمله لا يرجح أحدهما على الآخر، ولم يماثله أحد فيهما ولا قارنه. وأما علمه فباق إلى الآن لا يحتاج من عنده أدنى معرفة إلى طلب الدليل على عظمه، وأما علمه فمن جملته أنه أقام- على ما اشتهر عنه من الجم الغفير الموثوق برواياتهم- أربعين سنة يصوم النهار ويقوم الليل. لم يرو عنه أنه رؤى بالليل نائما. وكان يصلى الصبح في المسجد جماعة ثم يعطى ظهره المحراب ويقعد يطارح الناس الفقه ويتكلم في العلم إلى أن يؤذن للظهر، ثم يقوم فيتركع ويصلى الظهر، فإذا فرغ من صلاته أعطى ظهره القبلة وفعل كذلك إلى العصر، ثم يصلى العصر، ويفعل كذلك إلى أن يؤذن المغرب، ثم يصلى المغرب ثم يفعل كذلك إلى أن يؤذن العشاء فيصليها ثم يقوم إلى بيته فيفطر ثم يجدد وضوءه، ثم يعود إلى المسجد فيختم القرآن في ركعتين من العشاء إلى الفجر فكان هذا دأبه أربعين سنة. وكان في القرن الذين أثنى النبي عليه الصلاة والسلام عليه بلا خلاف لأنه من القرن الثاني. ثم لم يكن من عامة الناس بل كان من خواصهم في أحكام القرآن والسنة والدين، وكان من خيار أهل عصره ومعلوم أن من كان في الدرجة الثانية وقد فاق أهلها فليس له منزلة إلا الدرجة الأولى. قال الله تعالى وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً
فقد بين الله تعالى أن من أطاع الله ورسوله فقد لحق بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين فحقيق أن يلحقه لكونه من صالحي أهل قرنه بالقرن الأول.
وروى عن البرقاني إلى يَحْيَى هُوَ ابن سَعِيد القَطَّان- وذكر عنده أَبُو حنيفة- قَالُوا كيف كَانَ حديثه؟ قَالَ: لم يكن بصاحب حديث. هذا لا يصح فإن الناس قد رووا عنه، ولولا الإطالة لذكرت كل من روى عنه لأن ذلك موجود في الكتب وقد ذكر الخطيب في التاريخ أنه روى عن جماعة، وروى عنه جماعة.
وحدث عن الخلال إلى مُحَمَّد بن حَمَّاد المُقْرِئ قَالَ: وسألت يَحْيَى بْن معين عَنْ أَبِي حنيفة. فَقَالَ: وأيش كَانَ عند أَبِي حنيفة من الحديث حَتَّى تسأل عنه؟ كتب الحديث التي رويت عنه مشهورة لا يحتاج إلى ذكرها لاشتهارها.(22/95)
وروى عن الحَسَن بْن الحَسَن بْن المنذر الْقَاضِي وَالحَسَن بن أبى بكر البزاز إلى إبراهيم بن إسحاق الحربي قَالَ سمعتُ أَحْمَد بْن حَنْبَل- وَسئل عَنْ مالك- فَقَالَ:
حديث صحيح ورأي ضعيف وسئل عن الأوزاعي فَقَالَ: حديث ضعيف ورأي ضعيف. وسأل عن أَبِي حنيفة فَقَالَ: لا رأي ولا حديث. وسأل عن الشَّافِعِيّ فَقَالَ.
حديث صحيح ورأي صحيح. هذا لا يكاد يصح عن أحمد بن حنبل، وإن صح فلا اعتداد به لأنه إذا جعل رأى الشافعي صحيحا وخالفه كفر. ولا شك أن أحمد يخالف الشافعي في كثير من الأقوال.
وحدث عن أحمد بن على البادا إلى أبى بكر بن شاذان قال: قال لي أَبُو بَكْر بن أَبِي دَاوُد: جميع ما رَوَى أبو حنيفة من الحديث مائة وخمسين حديثا أخطأ- أَوْ قَالَ غلط- في نصفها. هذا القائل كان ينبغي له أن يذكر الأحاديث ويبين ما أخطأ فيه بزعمه حتى نجيبه عن ذلك إن قدرنا.
وروى عن ابن دوما إلى إِبْرَاهِيم بن سَعِيد قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُسَامَة يَقُولُ: مر رجل عَلَى رقبة فَقَالَ من أَيْنَ أقبلت؟ قَالَ من عند أَبِي حنيفة قَالَ يمكنك من رأي ما مضغت، وترجع إلى أهلك بغير ثقة.
وروى عن ابن رزق إلى الحُمَيْدِيّ قَالَ: قَالَ سُفْيَان: كُنْت جالسا عند رقبة ابن مصقلة فرأى جماعة منجفلين، فَقَالَ من أَيْنَ؟ قَالُوا من عند أَبِي حنيفة، فَقَالَ رقبة يمكنهم من رأي ما مضغوا وينقلبون إلى أهليهم بغير ثقة. هذان القولان لم نفهم معناهما، ولو فهمنا ذلك لأجبناه. وأما قوله بغير ثقة فليس كذلك بإجماع من يعتد بقوله، ويرجع إلى مذهبه من الناس.
وروى عن العتيقى إلى يحيى بن سعيد قال سَمِعْتُ شُعْبَة يَقُولُ: كف من تراب خير من أبى حنيفة. هذا القول مخالف لقول الله تعالى، وقول نبيه صلّى الله عليه وسلّم، فإن الله تعالى يقول وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا
فممن؛ سؤال عمن يعقل، وليس من خلق الله من يعقل سوى الملائكة والجن والأنس، وأقل درجات أبى حنيفة أن يكون من بنى آدم لا ينازع في ذلك من له لب، بل كان من أكابر العلماء. والإجماع على أن العلماء أفضل من خواص الملائكة، وبهذه الآية استدل على ذلك لأنهم لو فضلوا على الجن لم يكن تفضيلا على الكثير، لأن تفضيل جنس من ثلاثة أجناس على جنس(22/96)
منها لا يكون تفضيلا على الكثير إن لم يفضل على الجنسين الآخرين. فلزم أن يفضلوا على الملائكة والجن عملا بالنص.
والنبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «حرمة المؤمن عند الله خير مما طلعت عليه الشمس»
وهذا قد جعل كفا من تراب خيرا من أبى حنيفة.
فهذا الرد ليس لأبى حنيفة فيه حديث.
وحدث عن البرمكي إلى عَبْد الرَّحْمَن بن مهدي قَالَ سألت سُفْيَان عن حديث عاصم في المرتدة فَقَالَ: أَمَّا من ثقة فلا، كَانَ يرويه أَبُو حنيفة. قَالَ أَبُو عَبْد الله:
والحديث كَانَ يرويه أَبُو حنيفة عن عاصم عن أَبِي رزين عن ابن عَبَّاس في المرأة إِذَا ارتدت، قال تحبس ولا تقتل.
وحدث عن عبيد الله بن عمر الواعظ إلى منصور بن سلمة الخُزَاعِي قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْر بن عَيَّاش- وذكر حديث عاصم- فَقَالَ: والله ما سمعه أبو حنيفة قط. هذا الحديث لم يذكره أبو حنيفة فيكون الجواب عنه، وإنما هكذا مذهبه أنها تحبس، والتعلق
بنهي النبي صلّى الله عليه وسلّم عن قتل النساء مطلقا بقوله «نهيت عن قتل النساء» وبقوله «ما بالها قتلت ولم تقاتل»
والنهى إذا ورد مطلقا عمل به إلا أن يأتى أمر آخر يقيده فإنه يعمل به. فإنها إذا قتلت قتلت. ولكن بنص آخر وهو أنه القصاص.
وحدث عن على بن أحمد الرزاز إلى مُؤَمِّل قَالَ ذكروا أَبَا حنيفة عند سُفْيَان الثوري فَقَالَ: غير ثقة ولا مأمون غير ثقة ولا مأمون. الجواب عن هذا يأتى عند ذكر الرواة.
وحدث عن محمد بن عمر بن بكير المقرئ إلى المؤمل مثله.
وحدث عن أبى سعيد بن حسنويه إلى الأشجعيّ مثله. هذه الأخبار إن صحت عن سفيان فقد رد عليه أكثر أهل الإسلام وعدوه مخطئا في ذلك.
وحدث عن البرقاني إلى مُحَمَّد بن كثير العبدي يَقُولُ: كُنْت عند سُفْيَان الثوري فذكر حديثا، فَقَالَ رجل حَدَّثَنِي فلان بغير هَذَا فَقَالَ من هُوَ؟ فَقَالَ أَبُو حنيفة. قَالَ أحلتني عَلَى غير مليء.
وحدث عن محمد بن الحسين بن محمد المتوثى إلى محمد بن كثير العبدى إلى سُفْيَان الثوري قَالَ رأيته، وسأله رجل عن مسألة فأفتاه فيها، فَقَالَ لَهُ الرجل إِنَّ فيها أثرا، فقال عمن؟ فقال عن أَبِي حنيفة. قَالَ أحلتني عَلَى غير مليء. أما قوله غير(22/97)
مليء فليس بصحيح فلا شك أن أبا حنيفة أول من وضع المسائل، وأقرأ الفقه.
والنبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «حسن السؤال نصف العلم»
فقد حصل له نصف العلم بالسؤال، ثم أجاب عن المسائل فحصل له نصف العلم بالإجابة، ثم وافقه أناس وخالفه آخرون فخولف في ربع الأمر فحصل له ثلاثة أرباع العلم بغير منازعة، ومثل هذا لا يكون غير مليء. ثم وإن عنى بقوله غير مليء أن أبا حنيفة لا يكون مليئا بحديث واحد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم فهذا أيضا يقطع كل أحد ببطلانه، فإن الصبيان لا يقصرون عن مثل هذا فكيف أبو حنيفة؟
وحدث عن رضوان إلى أبى سلمة الفقيه يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْد الرَّزَّاق يَقُولُ ما كتبت عن أَبِي حنيفة إِلا لأكثر بِهِ رجالي: وكان يروي عنه نَيِّفًا وعشرين حديثا. هذا قال لأكثر به رجالي. وهذا أكبر غرض المحدثين فإنهم لا يحفظون الأحاديث كما يحفظ الفقهاء المسائل والمقرءون القرآن،. ولا غرضهم إلا ما ذكر من جميع من يروون عنه، فأى شيء في هذا مما يقدح في أبى حنيفة؟ وإن كان هذا القدر قادحا فهو في جميع من يروى عنه من المشايخ.
وحدث عن على بن أحمد بن عمر المقرئ إلى عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ:
سألت أَبِي عن الرجل يريد أن يسأل عن الشيء من أمر دينه مما يبتلى بِهِ من الأيمان في الطلاق وغيره، وفي مصره من أصحاب الرأي، ومن أصحاب الحديث لا يحفظون ولا يعرفون الحديث الضعيف ولا الإسناد القوى. فلمن يسأل؟ لأصحاب الرأى أو لهؤلاء؟ - أعني أصحاب الحديث- عَلَى ما كَانَ من قلة معرفتهم. قَالَ:
يسأل أصحاب الحديث، ولا يسأل أصحاب الرأي، ضعيف الحديث خير من رأى أبى حنيفة. هذا لا يكاد يصح عن أحمد بن حنبل رضى الله عنه لأنه من أصحاب الرأى، فكيف يفضل أصحاب الحديث مع وصفه لهم بقلة المعرفة والحفظ على أصحاب الرأى- وهو منهم- فإن ثبت عنه ذلك فهو إما مخالف لرأيه، أو لحديث معاذ: ومن رأى الحق في جهة واتبع غيرها كان مخطئا.
وحدث عن العتيقى إلى عبد اللَّه بْن أَحْمَد قَالَ سمعت أبي يَقُولُ: حديث أَبِي حنيفة ضعيف، ورأيه ضعيف.
وحدث عن العتيقى أيضا إلى أحمد بن الحسن الترمذي قَالَ سمعت أَحْمَد بْن حَنْبَل يَقُولُ: كَانَ أَبُو حنيفة يكذب لم يقل العتيقى- كان- أبو حنيفة رحمه الله ما كان(22/98)
يروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثا في الأحكام والدين ويخالفه، بل إن كان الحديث صحيحا عمل به، وإن كان ضعيفا وثم حديث آخر صحيح يشبهه عمل بهما، ومن صح عنده عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَ ولم يعمل به كان مخطئا، وهذا لم ينقل عن أبى حنيفة كما نقل عن أحمد ومالك فإنهما رويا أحاديث وخالفاها. وحدث عن القاضي أبى الطيب طاهر بن عبد الله المطيري إلى عباس بن محمد الدوري قَالَ سمعت يحيى بن معين يَقُولُ: - وَقَالَ لَهُ رجل- أَبُو حنيفة كذاب. قال: أَبُو حنيفة أنبل من أن يكذب، كَانَ صدوقا إِلا أن في حديثه ما في حديث الشيوخ أنظر إلى الخطيب اعتقد أن هذا مما يذم به أبو حنيفة، فهل للمحدثين ولجميع العلماء إلا الشيوخ؟
وحدث عن عبيد الله بن عمر الواعظ إلى جعفر بن أبي عثمان قال سمعت يحيى- وسألته عن أبى يوسف وأبى حنيفة- فقال كان أبو يوسف أوثق منه في الحديث.
قُلْتُ فَكَانَ أَبُو حنيفة يكذب؟ قَالَ كَانَ أنبل في نفسه من أن يكذب. من لا يكذب كيف يكون غيره أوثق منه؟ مع أن أبا يوسف رحمه الله لم يكن له شيء إلا من أبى حنيفة، وقد تقدم قول أبى يوسف بقول أبى حنيفة في حكاية خاك يسر.
وروى عن البرقاني عن محمد بن العباس الخزاز إلى أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز قَالَ سمعت يحيى بن معين يقول: كان أَبُو حنيفة لا بأس بِهِ وَكَانَ لا يكذب.
وسمعت يحيى يقول مرة أخرى: أَبُو حنيفة عندنا من أهل الصدق ولم يتهم بالكذب.
ولقد ضربه ابن هُبَيْرَة عَلَى القضاء فأبَى أن يكون قاضيا. هذا يحيى بن معين قد رددت أقواله في أبى حنيفة رضى الله عنه وتناقضت فإن ثبتت عنه هذه الطرق المروية كلها فلا اعتبار بقوله، لأنه قد ثبت عنه قول الشيء وضده، ولا بد أن يكون في أحدهما مبطلا. وإذا بطل في أحد القولين لم يصدق في الآخر.
وحدث عن العتيقى إلى نصر بن مُحَمَّد البَغْدَادِيّ يَقُولُ سَمِعْتُ يَحْيَى بْن معين يَقُولُ:
كَانَ مُحَمَّد بن الحَسَن كذابا وَكَانَ جهميا، وَكَانَ أَبُو حنيفة جهميا ولم يكن كذابا.
أصحاب أبى حنيفة أكثر من أن يحصوا في عصر من الأعصار، وما ثبت عن أحد منهم مذهب الجهمية بل هم مجمعون على أن الصلاة خلف الجهمى لا تجوز، وهؤلاء ثبتت بعشرة منهم خبر التواتر. والذي نقل عن يحيى بن معين إنما نقله الواحد عن الواحد، وإذا قيس بمثل هذين في الأخبار النبوية رجح التواتر على الآحاد.
وحدث عن ابن رزق إلى مُحَمَّد بن سعد العوفي يَقُولُ سمعت يَحْيَى بْن معين يَقُولُ:(22/99)
كَانَ أَبُو حنيفة ثقة لا يحدث بالحديث إلا بما يحفظ، ولا يحدث بما لا يحفظ. هذا هو مذهب أبى حنيفة وأصحابه أنه لا يجوز أن يروى حديثا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم إلا ما سمعه وحفظه من حين سمعه إلى حين أداه.
وحدث عن التنوخي إلى أَحْمَد بن الصلت الحماني قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بن معين- وَهُوَ يُسْأَلُ عن أَبِي حنيفة أثقة هُوَ في الحديث؟ - قَالَ: نعم ثقة ثقة، كَانَ والله أورع من أن يكذب، وهو أجل قدرا من ذلك. وهذا الخبر عن أبى حنيفة إنما أوردناه في هذا الموضع لأنه جاء في هذا الباب وليس منه وإنما أوردناه لسياق الكلام. وسيأتي الجواب عن هذا وعما تقدم من صفات أبى حنيفة ومدحه فيما بعد.
وحدث عن الصيمري إلى أَحْمَد بن عطية قَالَ سئل يَحْيَى بن معين هَلْ حدث سُفْيَان عن أَبِي حنيفة؟ قَالَ نعم كَانَ أَبُو حنيفة ثقة صدوقا في الحديث والفقه، مأمونًا عَلَى دين الله عز وجل.
قلت: (يعنى الخطيب) أَحْمَد بن الصلت هُوَ أَحْمَد بن عطية وكان غير ثقة، وسيأتي حديث أحمد مع بقية الرواة فيما بعد إن شاء الله.
وحدث عن ابن رزق إلى محمد بن عثمان بن أبي شيبة قَالَ سمعت يحيى بن معين- وسئل عن أَبِي حنيفة- فَقَالَ: كَانَ يضعف في الحديث.
وحدث عن أحمد بن عبد الله الأنماطى إلى أحمد بن سعد بن أبي مريم قَالَ:
وسألته- يعني يَحْيَى بن معين- عَنْ أَبِي حنيفة فقال: لا تكتب حديثه.
هذا القول لا يلتفت الناس إليه، قد كتب حديثه ورأيه وسار في الآفاق واجمع الناس على أئمة أربعة أبو حنيفة منهم. وما أخذ أحد بقول يحيى ولا بروايته.
وأخبر عن على بن محمد المالكي إلى عَبْد اللَّه بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه المديني قال:
وسألته- يعني أباه- عن أَبِي حنيفة صاحب الرأي فضعفه جدا وقال لو كان بين يدي ما سألته عن شيء. وروى خمسين حديثا أخطأ فيها.
كان الواجب أن يذكر الأحاديث ويبين خطأ أبى حنيفة فيها هل هو من الطرق أو من الرأى الذي رآه فيها، وأما أن يقول خمسين حديثا من غير ذكرها وتبيين الخطإ فيها فهذا من دلائل التحامل والافتراء، والعجب من اقتصاره على خمسين حديثا.(22/100)
وحدث عن عبد الله بن يحيى السكرى إلى ابن الغلابي قال: أبو حنيفة ضعيف.
هذه دعوى مجهولة، هل أراد ضعيف الجسم، أو ضعيف القلب، أو ضعيف الفقه أو ضعيف الحديث. كان يريد أن يبين في أى شيء هو ضعيف، وإن كان يعنى الحديث- وهو الأقرب- فكان يلزمه أن يبين الأحاديث التي ضعفه فيها ويبين وجه ضعفه وإلا ربما يكون الضعف من فهم القادح، وإلا فقد روى عن أبى حنيفة جماعة كثيرة كل واحد منهم أجل قدرا منه.
وحدث عن ابن الفضل إلى أبى حفص عَمْرو بن عَليّ قَالَ: وَأَبُو حنيفة النعمان ابن ثابت صاحب الرأي لَيْسَ بالحافظ مضطرب الحديث: واهي الحديث، وصاحب هوى.
هذا كان يحتاج إلى تبيين ما ادعاه وإثبات طرقه وذكر الأحاديث التي كان فيها مضطربا واهيا متهاويا فإن مثل هذا لا يثبت إلا بمثل هذه الشرائط.
وحدث عن عبد العزيز بن أحمد الكتاني إلى إبراهيم بن يعقوب الجوزجائى قَالَ:
أَبُو حنيفة لا يقنع بحديثه ولا برأيه. أما الحديث فقد ذكرته وذكرت أنه كان يجب ذكر الأحاديث التي لم يقنع به فيها ولم كان؟ وأما الرأى فقد أجمع أهل العصر على أربعة منهم أبو حنيفة، وهذا إبراهيم لا يكاد يعرفه إلا آحاد المحدثين فمن أجمعت الأمة على أنه أحد الأئمة الأربعة المجمع عليهم لا يقدح فيه قول من لا يعرفه إلا بعض المحدثين. ورأى أبى حنيفة أكثر من أن نحصيه في كتاب.
وحدث عن أبى عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بن مهدى أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يعقوب بن شيبة حَدَّثَنَا جدي قَالَ: أَبُو حنيفة النُّعْمَان بن ثابت صدوق ضعيف الحديث. وهذا أيضا كما قدمنا من الأمر أنه قال شيئا وضده، والذي يكون صدوق كيف يكون ضعيف الحديث، ومن يكون ضعيف الحديث كيف يكون صدوقا.
وحدث عن أبى حازم العبدوي قَالَ سمعت محمد بن عبد الله الجوزقي يقول قرئ على مكي بن عبدان وأنا أسمع قيل لَهُ سمعت مسلم بن الحجاج يَقُولُ: أَبُو حنيفة النُّعْمَان بن ثابت صاحب الرأي مضطرب الحديث، لَيْسَ لَهُ كبير حديث صحيح؟
هذه أيضا دعوى مجهولة إلا أن يشرح الأحاديث ويبين وجه الاضطراب كما بينا القول.(22/101)
وحدث عن البرقاني إلى عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النسائي عن أبيه قال: أبو حنيفة النعمان بن ثابت كوفي ليس بالقوى في الحديث. والجواب عن هذا كما تقدم.
وحدث عن القاضي أبي العلاء مُحَمَّد بْن علي الواسطي إلى الهَيْثَم بن عَدِيّ قَالَ:
وَأَبُو حنيفة النُّعْمَان بن ثابت التَّيْمِيّ- تيم بن ثعلبة- مولى لهم توفي ببَغْدَاد سنة خمسين ومائة.
هذا إن كان أراد أن يبين النسب فالنسب قد اختلف فيه وهو معروف، وإن كان أراد أن يبين كونه مولى فنحن نجيب على تقدير صحة قوله فنقول قال الله عز وجل إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ
وقال تعالى فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ.
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة» وقال:
«الناس كأسنان المشط»
وكونه مولى إن صح ذلك لا يقدح في دينه ولا في علمه.
وحدث عن القاضي أبى بكر أحمد بن الحسن الخرشى إلى أبى عاصم قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَان الثوري- بمَكَّة- وَقِيلَ لَهُ مات أَبُو حنيفة فَقَالَ: الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به كثيرا من الناس.
وحدث عن أبى سعيد محمد بن موسى الصيرفي إلى مسدد قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عاصم يَقُولُ ذكر عند سُفْيَان موت أَبِي حنيفة فما سَمِعْتُهُ يَقُولُ رحمه الله ولا شيئا. قَالَ:
الحمد لله الَّذِي عافانا مما ابتلاه به.
هذا قد بين أن سفيان كان له غرض مع أبى حنيفة حتى أنه لما مات لم يترحم عليه مع كونه من أهل القبلة بلا شك. وقال: الحمد الله الذي عافانا مما ابتلاه به فإن كان حمد الله على كونه عافاه من الموت الذي ابتلاه به فقد أخطأ فإن الله لا يعافى أحدا منه ولو كان ذلك لكان في حق النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ قَالَ له إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ
وإن كان حمد الله على أنه عافاه بلاء ابتلا به أبا حنيفة دونه فكان ينبغي أن يبينه.
وحدث عن محمد بن عمر بن بكير المقرئ إلى عَبْد الله بن مِسْمَعٍ الهَرَويّ قَالَ:
سَمِعْتُ عَبْد الصَّمَد بن حسان يَقُولُ: لَمَّا مات أَبُو حنيفة قَالَ لي سُفْيَان الثوري اذهب إلى إِبْرَاهِيم بن طهمان فبشره أن فتان هذه الأمة قد مات، فذهبت إِلَيْهِ فوجدته قائلا(22/102)
فرجعت إلى سفيان. فقلت له إِنَّهُ قائل، قَالَ اذهب فصح بِهِ إِنَّ فتان هذه الأمة قد مات.
قلت: (يعنى الخطيب) أراد الثوري أن يغم إِبْرَاهِيم بوفاة أَبِي حنيفة لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى مذهبه في الإرجاء.
هذا غير صحيح لأن أصحاب أبى حنيفة كلهم على غير ذلك وإذا جمع الناس على أمر وخالفهم واحد لم يلتفت إلى قوله ولم يصدق في دعواه، حتى أن الصلاة عند أصحاب أبى حنيفة خلف المرجئة لا تجوز.
وحدث عن ابن الفضل إلى على بن المَدينِي قَالَ: قَالَ لي بِشْر بن أَبِي الأزهر النَّيْسَابُوري رأيت في المنام جنازة عليها ثوب أسود وحولها قسيسين، فَقُلْتُ جنازة من هذه؟ فقالوا: جنازة أبى حنيفة، حدثت بِهِ أَبَا يُوسُف فَقَالَ لا تحدث بِهِ أحدا.
قد علمت وفقك الله بما تقدم من هذه الأقوال تعصب الخطيب وما ذكرت فيه في نفسه وإن مثله لا يقبل قوله إذا روى عمن يقول في اليقظة فكيف بالرواية عمن يقول إنه رأى في المنام، ولكني أجيب عن ذلك أيضا لأن لكل كلام جوابا وقد يكون الكلام خطأ ويسمى كلاما، وأنا أذكر الجواب من الكتاب والسنة وإن كنت قد ذكرته فيما تقدم. أما الكتاب العزيز فقوله تعالى: إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ
فلم يكن ذلك في اليقظة وإنما كان أخوته النجوم وأباه وخالته القمران، هذا مع كونه نبى ابن نبى وقوله: إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ
فأولت البقر بالسنين وأين هذا من هذا، وقوله عز وجل: وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ
وأجمع المفسرون على أن هذه الرؤيا ما كانت وأنهما افتعلاها كذبا ولما أولها يوسف الصديق لم يؤولها على ظاهر لفظها بل أول العاصر على أنه يسقى ربه خمرا ولم يكن للسقي ولا لرب الرائي ذكر في الرؤيا، وأول لحامل الخبز أنه يصلب فتأكل الطير من رأسه وأين هذا من هذا لولا التأويل، فإن كان راوي هذه الرؤيا صادقا فيما زعم فالتأويل على ضد ما روى، وأما السنة فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم رويت عنه تأويلات كثيرة على خلاف ظاهر لفظ الرؤيا، وكان إذا أصبح يقول «من رأى منكم الليلة رؤيا» ثم يؤوله أو يقول لأبى بكر الصديق رضى الله عنه ما ترى فيه ولا يتوقف على أن يحمله على ظاهره وكان(22/103)
المفسر مثل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فكيف يصدق بشر بن أبى الأزهر ويحمل منامه على ظاهره من غير تأويل.
هذا آخر ما ذكره الخطيب في ترجمة أبى حنيفة رحمه الله وقد أجبناه بما تيسر لنا من الأجوبة.
ونحن الآن ذاكرون إن شاء الله أحوال الرجال الذين روى عنهم هذه الحكايات التي أوردها في تاريخه وكاشفون أسماءهم من كتابه التاريخ وناقلون ما ذكره عنهم وما ذكره غيره من أئمة الحديث في حالهم.
فأول من روى عنه هذه الحكايات وكيع بن الجراح. قال: الخطيب في تاريخه في ترجمة وكيع أجاز لنا إبراهيم بن مخلد حدثنا مكرم بن أحمد القاضي. ثم أنبأنا الصيمري قراءة أنبأنا عمر بن إبراهيم المقرئ أنبأ مكرم حدثنا علي بن الحسين بن حبان عن أبيه قال سمعت يحيى بن معين قال: ما رأيت أفضل من وكيع بن الجراح، قيل له ولا ابن المبارك؟ قال قد كان لابن المبارك فضل ولكن ما رأيت أفضل من وكيع، كان يستقبل القبلة ويحفظ حديثه ويقوم الليل ويسرد الصوم ويفتي أبي حنيفة، وكان قد سمع منه شيئا كثيرا قال يحيى بن معين: وكان يحيى بن سعيد القطان يقول بقوله أيضا. وإذا أثبت الخطيب أن وكيعا من أصحاب أبى حنيفة وكان يفتي بقوله فقد اندفع ما نقل عنه من خلاف ذلك، وعلم أنه لا يقدح فيه. والذي يدل على كونه من اتباع أبى حنيفة أنه كان يرى شرب النبيذ مباحا.
وقد ذكر الخطيب في ترجمة وكيع؛ حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي الْحَسَن الدارقطني قَالَ:
حَدَّثَنِي الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ على بن أم شيبان الهاشمي. قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عبد الرحمن سفيان بن وكيع بن الجراح قال حَدَّثَنِي أبي. قال:
كان أبي وكيع يصوم الدهر فكان يبكر فيجلس لأصحاب الحديث إلى ارتفاع النهار ثم ينصرف فيقيل إلى وقت صلاة الظهر ثم يخرج فيصلي الظهر ويقصد طريق المشرعة التي كان يصعد منها أصحاب الروايا فيريحون نواضحهم فيعلمهم من القرآن ما يؤدون به الفرض إلى حدود العصر ثم يرجع إلى مسجده فيصلي العصر ثم يجلس فيدرس القرآن ويذكر الله إلى آخر النهار، ثم يدخل إلى منزله فيقدم إليه إفطاره وكان يفطر على نحو عشرة أرطال من الطعام ثم يقدم له قرابة فيها نحو من عشرة(22/104)
أرطال نبيذ فيشرب منها ما طاب له على طعامه ثم يجعلها بين يديه. ويقوم فيصلي ورده من الليل وكلما صلى ركعتين- أو أكثر من شفع أو وتر- شرب منها حتى ينفذها ثم ينام.
وقال الخطيب: قرأت على التنوخي عن أبي الحسن أَحْمَد بن يوسف بن يعقوب ابن إسحاق بن البهلول الأنباري. قال حَدَّثَنِي أبي قال حَدَّثَنِي جدي إسحاق بن البهلول. قال: قدم علينا وكيع بن الجراح فنزل في المسجد على الفرات فكنت أصير إليه لاستماع الحديث منه فطلب مني نبيذا فجئته بمخيسة ليلا فأقبلت أقرأ عليه الحديث وهو يشرب فلما نفذ ما كنت جئته به أطفأ السراج فقلت له ما هذا فقال لو زدتنا لزدناك.
وقال أَنْبَأَنَا هِلالُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَفَّارُ أنبا إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا جعفر ابن مُحَمَّد- يعني الطيالسي- قَالَ سمعت يَحْيَى بن معين يَقُول سمعت رجلا سأل وكيعا فقال: يا أبا سفيان شربت البارحة نبيذا فرأيت فيما يرى النائم كأن رجلا يقول إنك شربت خمرا؟ فقال وكيع ذاك الشيطان.
وقال أخبرنا ابن الفضل أنبأنا دعلج حدثنا أحمد بن على الأبار حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يحيى قال: قال نعيم بن حماد: تعشينا عند وكيع أو قال تغذينا فقال أي شيء تريدون أجيئكم به؟ نبيذ الشيوخ أو بنبيذ الفتيان؟ قال قلت أتتكلم بهذا. قال هو عندي أحل من ماء الفرات. قال قلت له ماء الفرات لم يختلف فيه أحد، وقد اختلف في هذا.
وذكر الخطيب في ترجمة الفضل بن دكين أبى نعيم من تاريخه بإسناده ساقه عن البرقاني إلى أن قَالَ سَمِعْتُ عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَدَ بْنِ حنبل. قَالَ سمعت أبي يقول: أخطأ وكيع بن الجراح في خمسمائة حديث.
ثم ذكر بعده سفيان الثوري وهو ممن قال في أبى حنيفة المدح وخلافه، وقد روى عنه الأمران جميعا فأما أن يكون الطرق إليه كلها سواء فإحدى الروايتين كذب لا محالة، وإن كانت إحدى الطريقين ليست بصحيحة فالأخرى صحيحة فأما طرق مدح أبى حنيفة وتعظيمه فلم نذكرها إذ لا حاجة لنا في ذكره فإن الطرق في هذا كثيرة وقد أفردت له كتب من غير تصانيف الخطيب، فلو كنا نقتصر على البعض(22/105)
يكون الكتاب غير مفيد، ولو استوعبنا الجميع لطال الكتاب وليس هذا من الغرض.
فنقتصر على المتكلمين في أبى حنيفة والنقلة عنهم ونبين طرق ذلك. فأول من تكلم سفيان الثوري وروى عنه وكيع ورجح قول سفيان.
فنحن ذاكرون حاله إن شاء الله تعالى ونبدأ بما نقل عنه الخطيب ثم بما بلغنا عن غيره.
قال الخطيب في ترجمة سفيان الثوري: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن القطان أخبرنا دَعْلَجِ بْنِ أَحْمَدَ أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الأبار حدثنا أحمد بن هاشم حَدَّثَنَا ضمرة قال سمعت مالك بن أنس يقول إنما كانت العراق تجيش علينا بالدراهم والثياب، ثم صارت تجيش علينا بسفيان الثوري. وكان سفيان يقول: ما لك ليس له حفظ. فهذا القول من سفيان في حق مالك باطل، لأنه إن عنى به الحفظ للحديث فمالك له الموطأ الذي هو أشهر من الشمس وإن كان يريد الفقه فهو أحد الأئمة الأربعة الذين أجمعت عليهم الأمة، فثبت أن قول سفيان هذا ليس بشيء لأنه نقل خلاف إجماع الناس فتبين أنه صاحب هوى، ومن كان شأنه هكذا رفض المحدثون أقواله. ونظرنا طرق هذا النقل إلى سفيان رجلا رجلا فلم نجد فيهم من تحدث فيه، ثم نظرنا الحديث الذي تكلم فيه سفيان عن أبى حنيفة فرأينا راوية عنه وكيعا، وقد ذكرنا عن وكيع ما تقدم.
ثم ذكر حكاية حدث بها عن علي بن محمد بن عبد الله المعدل إلى حمزة بن الحارث بن عُمَيْر عن أَبِيهِ. والحارث بن عمير هذا هو أبو عمر البصري. قال ابن حبان البستي في كتاب الجرح: يروى عن الإثبات الموضوعات.
ثم ذكر حكاية رواها عن واحد عن محمد بن العباس الخزاز- وهو ابن حيوية- ذكر عنه الخطيب في ترجمته أنه كان مكثرا وكان فيه تسامح، وربما أراد أن يقرأ شيئا ولا يقرب أصله منه. فيقرأه من كتاب أبي الحسن بن الرزاز لثقته بذلك الكتاب، وإن لم يكن فيه سماعه، ثم ساق السند إلى محمد بن محمد الباغنديّ وقال في ترجمته قال حمزة سألت الدارقطني عن محمد الباغندي. قَالَ: كان كثير التدليس يحدث بما لم يسمع، وربما سرق. وقال ابن عدى في كتاب الجرح: كان مدلسا. وقال إبراهيم الأصفهانى كذاب. وهذا ظاهر. وهذه الحكاية قال في آخرها: إن أحمد بن حنبل كتب إلى ابن الزبير أن اكتب إليَّ بأشنع مسألة عن أَبِي حنيفة، فكتب إليه: حدثني(22/106)
الحارث بن عمير، والحارث بن عمير قد نقلنا ما ذكر الناس عنه. وأما أحمد بن حنبل فإنه طلب أشنع مسألة من أبى حنيفة، فتبين بهذا أنه كان صاحب هوى. ثم نقل ما نقل عن الحارث بن عمير وهو عارف بما قيل فيه فتبين أنه نقل عن ضعيف غير خاف عنه ضعفه وحاله، وساق فيها عن الحارث بن عمير أشياء أخر، وقد بينا حال الحارث هنا. ثم ذكر حكاية فيها الحارث بن عمير [أيضا] وقد تبين حاله.
وذكر أيضا حكاية فيها مؤمل بن إسماعيل عن سفيان، ومؤمل هذا هو بصرى، قال أبو حاتم: صدوق شديد في السنة كثير الخطأ.
وذكر حكاية عن سفيان في سندها شيخ شيخه وهو عبد الله بن جعفر بن درستويه، ثم ذكر في ترجمة عبد الله هذا قَالَ سمعت هبة اللَّه بن الْحَسَن الطبري ذكر ابن درستويه فضعفه وقَالَ: بلغني أنه قيل له حَدِّثْ عن عباس الدوري حديثًا ونحن نعطيك درهما، ففعل- ولم يكن سمع من عباس- وقال سألت البرقاني عن ابن درستويه فقَالَ ضعفوه، لأنه لما روى كتاب التاريخ عن يعقوب بن سفيان أنكروا عليه ذلك، وقَالُوا له إنما حدث يعقوب بهذا الكتاب قديمًا فمتى سمعته منه؟
وذكر في حكاية ساقها إلى شريك القاضي، وقد ذكر الخطيب في ترجمة شريك عن أحمد بن حنبل. قال: قال أبو بكر المروذى قلت- يعني لأحمد بن حنبل- يحيى القطان أى شيء كان يقول في شريك؟ قال: كان لا يرضاه، وما ذكر عنه إلا شيئا على المذاكرة حديثين وذكر قال: قال على بن المديني: شريك أعلم من إسرائيل.
وإسرائيل أقل خطأ منه. وذكر عن شريك فقال: كان عسرا في الحديث، وإنما كان حديث شريك وقع بواسط قدم عليهم في حفر نهر فحمل عنه إسحاق الأزرق وغيره.
وقال أيضا في روايته إلى عمرو بن على أبى حفص. قال: كان يحيى لا يحدث عن إسرائيل ولا عن شريك. وروى أيضا بإسناد له إلى على بن المديني. قال: قال يحيى بن سعيد: قدم شريك مكة فقيل لي لو أتيته؟ فقلت لو كان بين يدي ما سألته عن شيء، وضعف حديثه جدا. قال يحيى أتيته بالكوفة فإذا هو لا يدرى.
وقال أيضا بإسناد رفعه إلى أبى صالح الهمداني قال سمعت أبا حاتم الرازي. قال:
شريك لا يحتج بحديثه.(22/107)
وقال أبو حاتم في كتاب «الجرح والتعديل» : شريك بن عبد الله النخعي صدوق وله أغاليط. وقال أبو زرعة: كان صاحب وهم يغلط أحيانا. وقال يحيى بن سعيد:
ما زال مخلطا. وقال الدارقطني في كتابه: ليس بالقوى فيما ينفرد به- يعنى شريكا.
ومن جملة رجال هذه الحكاية عبد السلام بن عبد الرحمن الوابصى القاضي ذكر في ترجمته قال: كان عبد السلام بن عبد الرحمن الأسدي الوابصي على قضاء بغداد، وكان عفيفا. فصرفه يحيى بن أكثم في أيام المتوكل فأَخْبَرَنِي أبو عبد الله المباركي أن المتوكل قال ليحيى: لم صرفت الوابصي؟ فذكر له شيئا أراه ضعفه في الفقه وقول ابن المبارك أراه ضعفه في الفقه ظن منه. والظاهر أن يحيى لم يعزله إلا لأمر أوجب عزله، ولأنه بين ذلك بين يدي الخليفة.
وذكر حكاية فيها شيخ شيخه عبد الله بن درستويه وقد ذكرنا ما قيل عنه.
وذكر حكاية ساقها إلى القاسم بن حبيب، وهذا القاسم المذكور ذكره أبو حاتم في كتاب «الجرح والتعديل» قال: قال عنه ابن معين: لا شيء.
وذكر حكاية ساق سندها إلى طاهر بن محمد بن وكيع، وقد تقدم القول في وكيع.
وذكر حكاية فيها شيخ شيخه ابن درستويه وقد تقدم القول فيه وفي ضعفه وذكرهما من طريق آخر فيه محمد بن موسى البربري وقد ذكر الخطيب في ترجمته قال: كان لا يحفظ إلا حديثين، حديث الطير، وحديث تقتل عمارا الفئة الباغية.
ومعلوم أن حديث الطير موضوع.
وروى عن القاضي أحمد بن كامل أنه دخل عليه يوما وهو مغموم فقال له مالك؟ فقال فلانة- يعنى امرأته- حملتني على أن عتقت هذه الجارية، وقد بقيت بلا أمة تخدمني ولا أحد يغيثنى. فقلت وأى شيء ثمن هذه الجارية؟ قَالَ إن امرأتي دفعت إلى دنانير اشترى لها بها جارية، فاشتريت هذه الجارية. فقلت وتعتق ما لا تملك؟ قَالَ كأنه لا يجوز؟ قلت لا، الجارية لها على ملكها. فقال لي: فعل الله وفعل، يدعو لي. ومن لا يعرف هذا المقدار كيف يؤخذ عنه.
وذكر في حكاية أخرى عن أبى الْقَاسِم إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان المؤدب بأصفهان أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُقْرِئِ قَالَ حَدَّثَنَا سلام بن محمود القيسي- بعسقلان-(22/108)
حَدَّثَنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن عَمْرو قال سمعت أبا مسهر.
وذكر حكاية أخرى رواها عن الحسن بن الحسين بن العباس النعالى- وهو شيخ الخطيب يعرف بابن دوما- ذكر الخطيب في ترجمته قال: كتبنا عنه وكان كثير السماع، إلا أَنَّهُ أفسده أمره بأن ألحق لنفسه السماع فِي أشياء لم تكن سماعه.
وقال الخطيب: ذكرت لمحمد بن عَلِيّ الصوري جزءا من حديث الشافعي كان حَدَّثَنَا به ابن دوما، فَقَالَ الصوري: لما دخلت بغداد رأيت هذا الجزء وفيه سماع ابن دوما الأكبر وليس فيه سماع أَبِي عَلِيّ، ثم سمع فيه أَبُو عَلِيّ لنفسه وألحق اسمه مع اسم أخيه. وقد قال الخطيب عنه هذا وروى عنه.
وروى في حكاية أخرى عن ابن رزق عن جعفر الخُلْدي حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه ابن سليمان الحضرمي حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ:
دعاني أَبُو حنيفة إلى الأرجاء.
وروى في حكاية أخرى عن ابن الفضل عن ابن درستويه- وقد تقدم ما ذكر فيه- رفعها إلى ابن المبارك وقد تقدم القول فيه. والحكاية التي بعدها فيها ابن درستويه وقد علم حاله.
ثم ذكر حكاية أخري عن أبى يوسف رضى الله عنه، وقد ذكرنا أن هذا لا يصح عن أبى يوسف، لأن الفقهاء ينقلون عنه خلاف ذلك.
وذكر حكاية عن الحسن بن الحسين بن دوما وقد تقدم القول عنه وهو شيخه.
وذكر حكاية عن البرقاني عن محمد بن العباس الخزاز وقد تقدم ما ذكر عنه.
وذكر حكاية أخرى عن العتيقى رفعها إلى أبى القاسم البغوي، وأبو القاسم هذا هو عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، ذكره ابن عدى في كتاب «الضعفاء» .
وقال: وافيت العراق سنة سبع وتسعين ومائتين والناس أهل العلم والمشايخ مجمعون على ضعفه.
وذكر حكاية عن محمد بن على المقرئ ساقها إلى مسدد بن قطن عن قطن، وقطن هذا هو ابن بشير أبو عباد الغبرى. قال الرازي قال أبو زرعة: روى أحاديث عن جعفر بن سليمان عن ثابت أنكرت عليه. وقال ابن عدى: كان يسرق الحديث(22/109)
ويوصله. وتمام الحكاية قال سمعت عشرة كلهم ثقات. كان الواجب عليه أن يبين من هم ليعلم حالهم.
ثم ذكر حكاية رواها عن أبى عبد الله الحسين بن شجاع الصوفي ساقها إلى حسين بن عبد الأول، والحسين هذا هو الذي ذكره ابن أبى حاتم في كتابه وقال تكلم الناس فيه. وقال أبو زرعة: روى أحاديث لا أدرى ما هي، ولست أحدث عنه.
وروى حكاية عن الخلال إلى عمر بن الحسن القاضي، والقاضي هذا هو الأشنانى، ذكره الخطيب في تاريخه وقال في ترجمته ذكر أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي أنه سأل الدارقطني عَن عُمَر بْن الأشناني فقال: ضعيف. ثم قال الخطيب سألت الحسن ابن مُحَمَّد الخلال عَن ابن الأشناني فقال: ضعيف تكلموا فيه.
وذكر الحكاية التي بعدها. أخبرنا ابن رزق عن مُحَمَّد بن العباس قَالَ حَدَّثَنَا أبو محمد- شيخ له- وهذا مجهول كان ينبغي بيانه.
وذكر حكاية رواها عن ابن الفضل إلى سفيان بن وكيع، وسفيان بن وكيع هذا هو ابن الجراح أبو محمد. قال البخاري يتكلمون فيه لاشياء لقنوه إياها. قال أبو زرعة: لا نشتغل به، قيل له أكان يتهم بالكذب؟ قال نعم. وقال ابن عدى: كان إذا لقن تلقن. وقال النسائي: ليس بشيء. وقال ابن حبان: قيل له في أشياء لقتها فلم يرجع عنها فاستحق الترك لإصراره.
وذكر حكاية عن إبراهيم بن عمر البرمكي إلى ابن أبى غنية قال أخبرنا جار لي أن أبا حنيفة دعاه إلى ما استتيب منه بعد ما استتيب. وهذا جميعه مجهول الراوي والذي استتيب منه.
وذكر حكاية عن محمد بن عبد الله الحنائى إلى ضرار بن صرد، وضرار هذا هو نعيم الكوفي الطحان. روى عن المعتمر والدراوردي، وكان متعبدا. ذكره ابن أبى حاتم في كتابه وقال: كان يحيى بن معين يكذبه. وقال النسائي: متروك الحديث.
وقال الدارقطني: ضعيف: ضعيف. وشيخ ضرار المذكور سليم أبو سلمة القارئ الكوفي وهو مولى الشعبي يروى عنه. قال يحيى بن معين: ضعيف ليس بشيء وقال أبو حفص الفلاس: ضعيف الحديث. وقال النسائي ليس بثقة.
وذكر حكاية بعدها فيها ضرار بن صرد وقد تقدم ما ذكرته العلماء عنه. وذكر(22/110)
حكاية بعدها عن عبد الباقي بن عبد الكريم إلى عبد الرحمن بن الحكم بن بشر بن سلمان عن أبيه ثم قال- أو غيره- وأكبر ظني أنه عن غيره.
لما ساق الخطيب الإسناد جيدا عدل به ثم قال أو غيره، فأدخل الشك فنفى صحة الإسناد. ألا ترى أن غيرا موضوعة للإبهام، وهي مع الإضافة لا تختص بقول مررت برجل غيرك، فيكون كل من مر به غيرك الاسم واقع عليه ألا ترى أن قولك مررت بغلامك يختص هاهنا ويعرف بالإضافة إلى الكاف فهي تجرى في الإبهام مجرى مثلك وشبهك.
ثم ذكر حكاية عن ابن رزق ساقها إلى شريك القاضي وقد تقدم ما قيل فيه.
ثم ذكر حكاية عن ابن الفضل عن ابن درستويه وقد ذكر حاله، وما ذكر. عنه.
ثم ساقها إلى محمد بن فليح المدني ذكره ابن أبى حاتم في كتابه وقال: قال يحيى ابن معين: ليس بثقة. وقال أبو حاتم: ليس بذلك القوى. وهذا محمد بن فليمح يروى الحكاية عن أخيه سليمان. قال أبو زرعة: لا أعرفه ولا أعرف لفليح ولدا غير محمد ويحيى.
وقال الخطيب عن سليمان في هذا السند: وكان علّامة بالناس. وأدنى أحوال العلامة أن يعرفه أكثر الناس، فكيف بك من ينكر وجوده أئمة المحدثين ويقولون لا نعرف لفليح ولدا غير محمد ويحيى.
وذكر حكاية عن عَلِيُّ بْنُ طَلْحَةَ الْمُقْرِئُ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الجوهري ساقها إلى على بن إسحاق بن زاطيا ذكره الخطيب في تاريخه فقال في ترجمته بحكاية ساقها:
كان بجانبنا أسفل خان أَبِي زياد، كتب عنه ولم يكن بالمحمود.
ثم ساقها إلى حجاج الأعور ذكره الخطيب في تاريخه في ترجمة حجاج وقَالَ:
قَالَ إِبْرَاهِيم الحربي: أَخْبَرَنِي صديق لي قَالَ: لما قدم حجاج الأعور آخر قدمة إِلَى بَغْدَاد خلط، فرأيت يَحْيَى بْن معين عنده، فرآه يحيى يخلط فقال لابنه: لا تدخل عليه أحدا. وروى الحجاج هذا عن قيس بن الربيع، وقيس هذا هو أبو محمد الكوفي الأسدى ذكره ابن أبى حاتم في كتابه فقال: تركه عبد الرحمن بن مهدى، وضعفه أحمد. وقال روى أحاديث منكرة وقال ابن معين: ليس حديثه بشيء.
وذكره ابن الجوزي في كتاب «الضعفاء» فقال قال يحيى ليس بشيء. وقال مرة(22/111)
ضعيف. وقال مرة لا يكتب حديثه. وقال قيل لأحمد لم ترك الناس حديثه؟ قال كان يتشيع، وكان كثير الخطأ في الحديث وروى أحاديث منكرة. وكان ابن المديني ووكيع بضعفانه. وقال الدارقطني: ضعيف الحديث. وقال السعدي: ساقط. وقال النسائي: متروك الحديث. وَقَالَ أَبُو داود: إنما أتي قيس من قبل ابنه، كان يأخذ أحاديث الناس فيدخلها في كتاب قيس ولا يعرف الشيخ ذلك. وقال ابن الجوزي:
إنما قال أبو الفتح الأزدى في ابن منيع. أخبرنا محمود بن غيلان. قال لي محمد بن عبيدة: كان قيس بن الربيع استعمله أبو جعفر على المدائن، فكان يعلق النساء بأبدانهن ليرسل عليهن الزنابير.
ثم ذكر حكاية عن الحسن بن محمد أخى الخلال ساقها إلى شريك القاضي وقد تقدم شرح حاله.
ثم ذكر حكاية أخرى حدث فيها عن ابن الفضل عن ابن درستويه وقد شرحنا ما قاله فيه الناس. ثم ساقها إلى شريك القاضي وقد ذكر ما قيل فيه.
ثم ذكر حكاية أخرى عن محمد بن عبد الله المعدل رفعها إلى شريك وقد ذكر فيما تقدم حاله.
ثم ذكر حكاية عن ابن رزق إلى علي بْن إِسْحَاق بْن عيسى بْن زاطيا وقد شرح ما قاله الخطيب في ترجمته.
وساق الحكاية من طريق أخرى عن ابن الفضل إلى أن أوصل الطريقين إلى سفيان الثوري. ذكر ابن عدى صاحب كتاب «الجرح والتعديل» في كتاب مسند أبى حنيفة رضى الله عنه في صدر الكتاب في مناقب أبى حنيفة بإسناد له إلى أن قال: كان بين أبى حنيفة وبين سفيان الثوري شيء، وكان أبو حنيفة أكفهما لسانا. فهذا ابن عدى قد نقل أنهما كان بينهما شيء، وإذا صار خصما فلا اعتداد بقوله في حقه، وقد بين ابن عدى بقوله وكان أبو حنيفة أكفهما لسانا، أنه قد جرت بينهما منافرة توجب ترك كلام كل واحد منهما في صاحبه ثم إن الخطيب نقل عن سفيان الثوري مدح أبى حنيفة وتعظيمه، ونقل خلاف ذلك عنه أيضا. وقد ذكرنا ما كان بينهما، وهذا إذا لم يقابل بين قولي سفيان فقد بينا غرضه. أما إذا تقابل القولان فهما متضادان، فلا بد أن يكون أحدهما باطلا. فأما من وافق سفيان على مدح أبى حنيفة وتعظيمه(22/112)
فأكثر من أن يحصوا كثرة في كل عصر من أعصر الإسلام من لدن أبى حنيفة إلى هلم. وأما من وافق سفيان في القول الآخر فقليل لم نعرفه إلا في كتاب الخطيب، وقد بينا ما كان بينهما، وبينا فساد الطريق. فأما ما حكى الخطيب عن سفيان بإسناد له في كتابه إلى أن قال سمعت يزيد بن أبى الزرقا يقول: رأيت سفيان الثوري ببغداد وقد نظر إلى شيخ جلاد يتصدق- وقد ذهب بصره- فحمل قطعة فأعطاه ثم قال له: ليس هذه صدقة عليك. هذه شماتة بك.
وذكر أيضا في ترجمته عن محمد بن الحسين القطان أخبرنا دَعْلَجِ بْنِ أَحْمَدَ أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الأبار حدثنا أحمد بن هاشم حَدَّثَنَا ضمرة قال سمعت مالك بن أنس يقول إنما: كانت العراق تجيش علينا بالدراهم والثياب، ثم صارت تجيش علينا بسفيان الثوري. وكان سفيان الثوري يقول: ما لك ليس له حفظ. فهذا يدلك- أيدك الله- أنه لما قال للأعمى ذلك القول إنما أراد المجون- أو الاستهتار- ومن نقل عنه مثل هذا عن رجل ليس بينه وبينه شيء فلأن ينقل عنه في رجل بينه وبينه شيء بطريق الأولى. ثم قوله عن مالك ليس له حفظ يعلم يقينا أنه كذب، لأنه إن أراد الحديث فليس لسفيان مثل موطإ مالك، وإن أراد الفقه فهو أحد الأئمة الأربعة المجمع عليهم وسفيان من المتروكى المذهب. ومن ثبت مثل هذا عنه فلا اعتداد بقوله.
وحدث أيضا مثلها عن ابن الفضل عن ابن درستويه إلى سفيان، وابن درستويه قد تقدم ما قاله فيه، وهذا قولنا في سفيان.
وحدث في حكاية عن أبى نعيم الحافظ، وأبو نعيم هذا هو صاحب الحلية وقد تكلم فيه بسبب جزء محمد بن عاصم الذي أخرجه إلى أبى بكر الخطيب ولم يكن سماعه عليه، ولحق الخطيب الضعف أيضا بسبب قراءته عليه، وسيأتي ذكره.
وقد ذكر الحافظ محمد بن طاهر المقدسي في كتابه المعروف بمنثور الحكايات قال: سمعت إسماعيل بن أبى الفضل القومسانى- بهمذان- وكان من أهل المعرفة بالحديث يقول: ثلاثة من الحفاظ لا أحبهم لشدة تعصبهم وقلة إنصافهم؛ الحاكم أبو عبد الله، وأبو نعيم، وأبو بكر الخطيب.
ثم ساق الخبر إلى مؤمل وسيأتي ذكر مؤمل هذا في الحكاية التي تلى هذه الحكاية.(22/113)
ثم ذكر حكاية عن أبى سعيد محمد بن عبد الله بن حسنويه إلى مؤمل بن إسماعيل إلى سفيان الثوري، أما سفيان فقد ذكرنا حاله، وأما مؤمل فقد ذكر مؤملا الأول ولم يذكر ابن من هو، وذكر في الحكاية الثانية مؤمل بن إسماعيل ولم يكن في هذه الطبقة إلا مؤمل بن إسماعيل ومؤمل بن أهاب، فلا يخلو إما أن يكون مؤمل الذي في الحكاية الاولى هذا ابن إسماعيل فقد قال فيه ابن أبى حاتم في كتابه هو ثقة. وقال أبو حاتم صدوق شديد في السنة، كثير الخطأ. وإن كان مؤمل الأول هو ابن أهاب قال الخطيب في ترجمته ذكر عن ابن معين أنه سئل عنه فضعفه.
وذكر حكاية عن ابن رزق إلى سفيان بن عيينة، وقد ذكر الخطيب في كتابه في ترجمة سفيان عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْن شهريار إلى أن قال سمعت حامد بن يحيى البلخي يقول سمعت سفيان بن عينية يقول: رأيت كأن أسناني كلها سقطت، فذكرت ذلك للزهري فقال: تموت أسنانك وتبقى أنت. فمات أسناني وبقيت، فجعل الله كل عدو لي محدثا يحتمل الوجهين أن يكون يعاديهم أو يعادونه. وفي كلا الوجهين قوله غير مقبول فيهم.
ثم ذكر حكاية عنه أيضا عن الحسن بن أبى بكر إلى أن قال سمعت أبا مسلم- يعني المستملي- قال سمعت سفيان يقول سمعت من عمرو- ما لبث نوح في قومه- ويؤيد هذا الكلام ما ذكره الخطيب في ترجمته عن البرقاني إلى أن قال سمعت ابن عمار قال سمعت يحيى بن سعيد يقول: اشهدوا أن سفيان بن عينية قد اختلط سنة سبع وتسعين، فمن سمع منه في هذه السنة- أو بعدها- فسماعه لا شيء، وقد تقدم القول في أن كل من مدح أبا حنيفة وعظمه ثم ذكر عنه ضد ذلك يقابل القول فيه، ولا بد أن يكون أحدهما ساقطا. ثم تأيد قوله في أبى حنيفة مما نقل عنه من الاختلاط، مع غير ذلك مما لا يفيد قوله في مثل أبى حنيفة هذا لو تفرد بهذا القول، أما إذا وجد منه المدح وغيره فلا اعتداد بقوله، لأنه قال الشيء وضده.
ثم ذكر حكاية عن ابن رزق إلى أن ساقها إلى نعيم بن حماد، ونعيم هذا هو الخزاعي الأعور الفارض.
ذكر الخطيب في ترجمته في تاريخه عن محمد بن جعفر بن علان إلى أن قال سمعت صالح بن مسمار يقول سمعت نعيم بن حماد يقول: أنا كنت جهميا فلذلك عرفت كلامهم، فلما طلبت الحديث عرفت أن أمرهم يرجع إلى التعطيل.
وذكر عنه رواية(22/114)
حديث عوف بن مالك «تفترق أمتى على بضع وسبعين فرقة»
ثم قال: قَالَ أَبُو زُرْعَةَ قُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ فِي حَدِيثِ نُعَيْمٍ هَذَا- وَسَأَلْتُهُ عَنْ صِحَّتِهِ- فَأَنْكَرَهُ. قُلْتُ مِنْ أَيْنَ يُؤْتَى؟ قَالَ شُبِّهَ له. ثم ذكر طرق هذا الحديث عن جماعة ثم قال: وَبِهَذَا الْحَدِيثِ سَقَطَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ عِنْدَ كَثِيرٍ من أهل العلم بالحديث. وإِلا أَنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ لَمْ يَكُنْ يَنْسِبُهُ إِلَى الْكَذِبِ، بَلْ كَانَ يَنْسِبُهُ إِلَى الْوَهْمِ. وذكر أيضا في سياق حديث.
قال: وكان نعيم يحدث من حفظه وعنده مناكير كثيرة لا يتابع عليها. وسمعت يحيى ابن معين سئل عنه فقال: ليس في الحديث بشيء، ولكنه كان صاحب سنة وذكره ابن الجوزي أيضا في كتاب «الضعفاء» ونقل ما ذكرناه أولا ثم قال: وقال الدارقطني كثير الوهم. وقال أبو الفتح الأزدي: كان يضع الحديث في تقوية السنة، وحكايات مزورة في ثلب أبى حنيفة كلها كذب. وكذلك ذكر ابن عدى في كتاب «الضعفاء» .
وذكر حكاية عن الحسن بن أبى بكر عن البغوي، والبغوي هذا هو عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبَغَوِيُّ الخراساني ذكر عنه الخطيب في ترجمته حكاية قال فيها سئل أبو الْحَسَن علي بن عمر عن عبد اللَّه بن إسحاق الخراساني فقَالَ: فيه لين.
ثم ذكر حكاية عن أبى بكر البرقاني وابن رزق عن محمد بن جعفر بن الهيثم وقد ذكره الخطيب في تاريخه فقال فيه بعض الشيء.
ثم ذكر حكاية رواها عن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبَانٍ الْهِيتِيُّ. وذكر الخطيب في كتابه في ترجمة شيخه هذا قال: كان شيخا مستورا صالحا فقيرا مقلا معروفا بالخير، وكان مغفلا مع خلوه من علم الحديث إنما حَدَّثَنَا عن شيخ شيخه وهو لا يعلم ولقد حَدَّثَنَا في مجلس الإملاء فقال: حَدَّثَنَا أبو الحسن علي بن العباس المقانعي، وذكر عنه حديثا طويلا هو في كتابي إلى الآن على الخطإ لأني لا أعلم من حدثه به عن المقانعي، وكنت إذ ذاك مبتدئا في كتب الحديث فلم أقف على أنه وهم فأسأله عنه.
وحدثنا يوما آخر قال: حَدَّثَنَا محمد بن علي بن حبيب الرقي المري الطرائفي، وأظن الحديثين عنده عن ابن الدقم.
ثم ذكر حكاية عن محمد بن على بن مخلد الوراق وساقها إلى أبى بكر بن أبى داود، وأبو بكر هذا هو عبد الله بن سليمان بن أبى الأشعث السجستاني ذكره الأئمة في كتبهم. وقال ابن صاعد: إن أباه كفانا أمره وقال إن ابني هذا كذاب قلا(22/115)
تأخذوا عنه. وكذلك قال إبراهيم الأصفهانى. وقال ابن عدي سمعت محمد بن الضحاك بن عمرو بن أبي عاصم النبيل يقول: أشهد على محمد بن يحيى بن مندة بين يدي الله عز وجل أنه قال: أشهد على أبى بكر بن أبى داود السجستاني بين يدي الله عز وجل أنه قال. روى الزهري عن عروة. قال: كانت قد حفيت أظفار على من كثرة ما كان يتسلق على أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم.
ذكر ما حكى عن أبى حنيفة رحمه الله من الخروج على السلطان
ذكر فيه حكاية عن ابن الفضل عن عبد اللَّه بن جعفر بن درستويه، وقد تقدم ما قيل فيه.
ثم ذكر حكاية عن طلحة بن على بن الصقر، ورواها من طريق آخر عن عبد الله ابن عمر البرمكي ساقها من الطريقين إلى ابن المبارك وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن محمد بن أحمد بن يعقوب ساقها أيضا إلى ابن المبارك وقد تقدم ذكره.
وذكر حكاية عن الحَسَن بن الحُسَيْن بن العَبَّاس بن دوما النعالي وقد تقدم ما ذكره الخطيب عنه، ثم ساقها إلى الحسن بن على الحلواني.
قال الخطيب في ترجمته في التاريخ: أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق أخبرنا أبو على ابن الصواف حدثنا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ سألت أبى عن الحسن بن الخلال الذي يقال لَهُ الحلواني؟ قَالَ: ما أعرفه بطلب الحديث، وما رأيته يطلب الحديث قُلْتُ إِنَّهُ يذكر أَنَّهُ كَانَ ملازما ليزيد بن هارون. قال ما أعرفه إلا أَنَّهُ جاءني إِلَى هنا يسلم عَلِيّ، ولم يحمده أَبِي. ثم قَالَ: يبلغني عنه أشياء أكرهها، ولم أراه يستخفه وَقَالَ أَبِي مرة أخرى- وذكره- أهل الثقة عنه غير راضين- أو كلاما هذا معناه.
وذكر أيضا حكاية عن البرقاني إلى أن قال: قَالَ لكم أَبُو سُلَيْمَان داود بن الْحُسَيْن البيهقي: بلغني أن الحلواني الْحَسَن بن عَلِيّ. قَالَ: إني لا أكفر من وقف فِي القرآن فتركوا علمه. قَالَ أَبُو سُلَيْمَان سألت أبا سَلَمَة بن شبيب عَنْ علم الحلواني قَالَ:
يرمى فِي الحش. قَالَ أَبُو سَلَمَة: من لم يشهد بكفر الكافر فهو كافر.
ثم ساقها إلى ابن المبارك وقد تقدم حاله فيها.(22/116)
ثم قال: وقال الأبار حَدَّثَنَا منصور بن أبي مزاحم حدثني يزيد بن يوسف، ويزيد هذا هو يزيد بن يوسف أبو يوسف شامي ذكره الخطيب في تاريخه فقال في ترجمته أخبرنا العتيقى إلى أن قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال سمعت أبى يقول: رأيت يزيد ابن يوسف أَبَا يوسف الشامي وكان قد رأى حسَّان بْن عطية. قَالَ أبي: رأيتُ عَلَيْهِ إزارا أصفر ولم أكتب عنه شيئا.
ثم روى حكاية قال فيها قَالَ أَبُو زكريا: يزيد بْن يوسف شامي ليس بثقة. وروى حكاية إلى أن قال فيها سمعت يحيى يقول: يزيد بن يوسف، قال في آخرها وليس بشيء. وروى حكاية قال فيها سألت أبا علي صالح بن محمد عن يزيد بن يوسف.
قال: تركوا حديثه. وروى حكاية إلى أن قال فيها وذكر [حديثا فَقَالَ] خَطَأٌ لا أَصْلَ لَهُ، إِنَّمَا هُوَ عَنْ يَحْيَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم. وروى حكاية عن البرقاني قَالَ سألتُ أَبَا الْحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ عَن يزيد بن يوسف الدمشقي فقال: متروك الحديث حميري يروي عَن الأوزاعي. وقال لنا مرة أخرى: اختلفوا فيه فيجى بن معين يغمز عليه.
ثم ذكر حكاية عن ابن الفضل عن ابن درستويه وقد تقدم شرح حاله.
ثم ذكر حكاية عن الحسن بن أبى بكر عَنْ إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى المزكي، وهذا إبراهيم المذكور هو أبو إسحاق النيسابوري من جملة شيوخ أبى بكر البرقاني.
حكى الخطيب في ترجمته من تاريخه أن البرقاني كان عنده عن المزكى سفط أو سفطان، ولم يخرج عنه في صحيحه شيئا. قال الخطيب فسألته عن ذلك فقال حديثه كثير الغرائب وفي نفسي منه شيء فلذلك لم أرو عنه في الصحيح.
ثم ساقها إلى أبى عوانة الوضاح، قال أبو محمد بن أبى حاتم في كتابه: إذا حدث عن حفظه غلط كثيرا.
وقال الخطيب في ترجمته إنه كان يقرأ من كتب الناس فيقرأ الخطأ وقال أيضا بإسناد ذكره إلى أن قَالَ سَمِعْتُ عَليّ بن عَبْد الله المَدينِي قَالَ: كَانَ أَبُو عَوَانَة في قَتَادَة. ضعيفا، لأنه كان ذهب كتابه وكان يحفظ في سعيد وقد أغرب فيها أحاديث. وقال أيضا بإسناد ذكره. قَالَ شُعْبَة لأبي عَوَانَة: كتابك صالح وحفظك لا يسوى شيئا، مَعَ من طلبت الحديث؟ قَالَ مَعَ منذر الصَّيْرَفِيّ. قَالَ: منذر صنع بك هذا.(22/117)
ثم روى حكاية عن على بن أحمد الرزاز ساقها إلى سفيان والأوزاعى، وقد تقدم ذكرهما.
ثم روى حكاية عن ابن الفضل عَنْ مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن زياد النقاش، والنقاش هذا هو المفسر.
ذكره الخطيب في تاريخه وقال: كان في حديثه مناكير بأسانيد مشهورة. ثم قال
حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ الْحَافِظِ. قَالَ حَدَّثَ أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ بِحَدِيثِ أَبِي غَالِبٍ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ أَخِي أَبِي بَكْرِ ابْنِ بنت معاوية ابن عمر ولأبيه، فقال: حدثنا أبو غالب حدثنا جَدِّي مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ زَائِدَةَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ لا يَسْتَجِيبَ دُعَاءَ حَبِيبٍ عَلَى حَبِيبِهِ»
فَأَنْكَرْتُ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثَ وَقُلْتُ لها إِنَّ أَبَا غَالِبٍ لَيْسَ هُوَ ابْنَ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ، وَإِنَّمَا أَخُوهُ لأَبِيهِ ابْنِ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ثِقَةٌ، وَزَائِدَةُ مِنَ الأَثْبَاتِ الأَئِمَّةِ، وَهَذَا حَدِيثٌ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ مُرَكَّبٌ؟ فَرَجَعَ عَنْهُ وَقَالَ:
هُوَ فِي كِتَابِي وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي غَالِبٍ، وَأَرَانِي كِتَابًا لَهُ فِيهِ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى ظَهْرِهِ أَبُو غَالِبٍ. قَالَ حدثنا جَدِّي. قَالَ أَبُو الحسن: وأحسبه أنه نقله من كتاب عنده صَحِيحٌ، وَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مُرَكَّبًا فِي الْكِتَابِ عَلَى أَبِي غَالِبٍ فَتَوَهَّمَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ مِنْ حَدِيثٍ أبى غالب فاستغفر به وكتبه، فلما وقفناه عليه رجع عنه.
ثم ذكر الخطيب حديثا عن النقاش وقال عقيبه: دلس النقاش بن صاعد فقال:
حدثنا يحيى بن محمد بن عبد الملك الخياط، وأقل مما شرح في هذين الحديثين يسقط به عدالة المحدث، ويترك الاحتجاج به. ثم قال حَدَّثَنِي عبد اللَّه بن أَبِي الفتح عن طلحة بن محمد بن جعفر أنه ذكر النقاش فقال: كان يكذب في الحديث، والغالب عليه القصص.
ثم قال سألت أبا بكر البرقاني عن النقاش فقال: كل حديثه منكر. وقال أيضا وَحَدَّثَنِي من سمع أبا بكر ذكر تفسير النقاش فقال: ليس فيه حديث صحيح.
وقَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن يَحْيَى الكرماني قَالَ سمعت هبة اللَّه بن الْحَسَن الطبري ذكر تفسير النقاش فقال: ذاك إشفاء الصدور وليس بشفاء الصدور.
ثم ذكر حكاية عن الْحَسَن بْن عَلِيّ الجوهري عَنْ مُحَمَّد بْن العباس الخزاز، وهذا هو ابن حيويه، وقد مضى ما قيل فيه.(22/118)
ثم ذكر حكاية عن ابن رزق إلى أن ساقها إلى يوسف بن أسباط وهو أبو محمد ابن واصل ذكره ابن أبى حاتم في كتابه، فقال أبو حاتم: كان رجلا عابدا يغلط كثيرا، دفن كتبه لا يحتج بحديثه.
وذكر حكاية عن على بن أحمد الرزاز ساقها إلى المسيب بن واضح، والمسيب هذا كثير الوهم. قال الدارقطني: المسيب ضعيف، حكى ذلك ابن الجوزي في كتاب «الضعفاء» . وهذا المسيب رواها عن يوسف بن أسباط وقد ذكرناه في الحكاية الأولى.
وحدث عن أبى سَعِيد الحَسَن بن مُحَمَّد بن حسنويه الكاتب بأصبهان إلى أن ساقها إلى عبد السلام بن عبد الرحمن القاضي، وقد ذكرنا حاله فيما تقدم.
ثم ذكر حكاية عن ابن دوما الحسن بن الحسين النعالى وقد ذكرنا ما قاله فيه ثم ساقها إلى الحسن بن على الحلواني وقد تقدم ما ذكره عنه.
ثم ذكر حكاية عن الأبار إلى على بن عاصم ذكره الخطيب في تاريخه فقال في ترجمته أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَر بْن مهدي- إجازة- وَحَدَّثَنِيه الحسن بن علي بن عبد الله المقرئ عَنْهُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْن يَعْقُوب بن شيبة حَدَّثَنَا جدي قَالَ سمعت علي بْن عاصم على اختلاف أصحابنا فيه منهم من أنكر عليه كثرة الخطأ والغلط، ومنهم من أنكر عليه تماديه فِي ذلك وتركه الرجوع عما يخالفه الناس فيه ولجاجته فيه، ونشأته على الخطأ، ومنهم من تكلم فِي سوء حفظه واشتباه الأمر عليه فِي بعض ما حدث به من ضبطه، وتوانيه عن تصحيح ما كتبه الوراقون له، ومنهم من قصته عنده أغلظ من هذه القصص. وقد كان رحمة اللَّه علينا وعليه من أهل الدين والصلاح والخير البارع شديد التوقي وللحديث آفات تفسده.
وقال أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَر بْن مهدي- إجازة- وَحَدَّثَنِيه الحسن بن على المقرئ عنه أخبرنا محمد بن أحمد حَدَّثَنَا جدي قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيم بْن هاشم حَدَّثَنَا عتاب بْن زياد عَن ابن المبارك قال قلت لعبادي بْن العوام: يا أبا سهل ما بال صاحبكم؟ - يعني علي بْن عاصم- قَالَ: ليس ننكر عليه أنه لم يسمع، ولكنه كان رجلا موسرا، وكان الوراقون يكتبون له فنراه أتى من كتبه التي كتبوها له. وذكر عنه حكايات من هذا الجنس.
ثم ذكر حكاية عن محمد بن أبى نصر النرسي عن محمد بن عمر بن محمد بهته(22/119)
البزاز ذكره في تاريخه فقال: قال البرقاني: كان يذكر أن في مذهبه شيئا ويقولون هو باب طاقي. قلت للبرقانى يعنى بذلك أنه شيعى؟ قال نعم.
ثم ساقها إلى أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي وأحمد بن محمد بن سعيد هذا هو أبو العباس بن عقدة الحافظ من كبار الشيعة، وممن روى المنكرات والمنقطعات عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فضائل أهل البيت.
وقد ذكره ابن عدى في كتاب «الضعفاء» وقال: رأيت مشايخ بغداد يسيئون الثناء عليه ويقولون إنه كان لا يتدين بالحديث ويحمل شيوخنا بالكوفة على الكذب، ويسوى لهم نسخا ويأمرهم بروايتها، واشتهر ذلك عنه. وقال ابن عدى أيضا في كتابه محارفات في الرواية وقال سمعت ابن مكرم يقول: كان ابن عقدة معنا عند ابن نعيما بن سعيد المروي بالكوفة في بيت فوضع بين أيدينا كتبا كثيرة، فنزع ابن عقدة سراويله وملأه من كتب الشيخ سرا منه ومنا، فلما خرجنا قلنا له ما هذا الذي معك لم حملته؟ قال دعونا من ورعكم هذا. وقد ذكره الدارقطني وقال: ابن عقدة رجل سوء.
وقد ذكره الخطيب في تاريخه وذكر هذه الحكايات جميعها بأسانيده. وقال أيضا حدثني على بن محمد بن نصر إلى أن قَالَ سمعت أبا عُمَر بْن حيويه يَقُول: كان أحمد ابن مُحَمَّد بْن سعيد بْن عقدة فِي جامع براثا يملي مثالب أصحاب رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو قال الشيخين أبى بكر وعمر رضى الله عنهما- وتركت حديثه لا أحدث عنه بشيء وما سمعت بعد ذلك عنه شيئا. وهذا ممن جعله الخطيب حجة. وقد حكى عنه مثل هذا وحكى عنه بإسناد ذكره. قال: وجه إِلَى أَبِي العباس بْن عقدة من خراسان بمال وأمر أن يعطيه بعض الضعفاء، وكَانَ عَلَى باب داره صخرة عظيمة. فقال لابنه ارفع هذه الصخرة فلم يستطع رفعها لعظمها وثقلها، فقال له أراك ضعيفا فخذ هذا المال ودفعه إليه.
ثم ذكر حكاية عن البرقاني إلى أن ساقها إلى عَبْدُ اللَّه بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ أبو معمر المنقري ذكره الخطيب في تاريخه وقال: إنه كان يرى القدر. وذكر مثل ذلك عن جماعات بطرق شتى.
وذكر حكاية عن أبى القاسم إبراهيم بن سليمان المؤدب ساقها إلى إبراهيم بن(22/120)
بشار الرمادي عن سفيان بن عينية، وإبراهيم بن بشار هذا ذكر عنه أحمد بن حنبل تخليطا حكاه أبو حاتم في كتابه. وقال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال النسائي:
ليس بالقوى. هذا عن إبراهيم بن بشار، وسفيان بن عينية قد سبق عنه ما ذكرناه.
وحدث عن ابن دوما حكاية أخرى وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية أخرى عن الخلال ساقها إلى وكيع وابن المبارك وقد تقدم ذكرهما ثم ذكر حكاية عن ابن رزق ساقها إلى الحميدي عن سفيان- هو ابن عينية وقد ذكرنا حاله، وإن كان الثوري فقد ذكرناه أيضا.
ثم ذكر حكاية عن القاضي أبى القاسم البجلي إلى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْوَسَاوِسِيُّ وقد ذكره الخطيب في تاريخه فقال حدَّثَنِي عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن نَصْر. قَالَ سمعت حمزة بن يوسف قال سألت الدارقطني عَن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عبد الكريم الوساوسي فقال: تكلموا فيه. ثم ساقها إلى يوسف بن إسحاق بن أسباط وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن ابن رزق والبرقاني من طريقين ساقها إلى وكيع بن الجراح وقد تقدم ذكره.
وذكر حكاية عن على بن أحمد بن الطيب الرزاز وقد ذكره الخطيب فقال عنه إن ابنه ألحق في سماعاته ما ليس بسماعه بخط طرى وشيخ على الرزاز هذا في هذه الحكاية على بن محمد بن سعيد [الموصلي] ذكره الخطيب في ترجمة عيسى بن فيروز من كتابه وقال ليس بثقة.
ثم ذكر حكاية عن أبى سعيد محمد بن موسى الصيرفي ساقها إلى مؤمل عن حماد ابن سلمة، ومؤمل هذا هو ابن اسماعيل وقد ذكرنا ما قاله ابن أبى حاتم فيه.
ثم ذكر حكاية عن ابن دوما النعالى وقد تقدم حاله، ثم ساقها إلى مؤمل وقد تقدم أيضا.
ثم ذكر حكاية عن محمد بن الحسن بن محمد المتوثى إلى أبى عوانة وهو الوضاح وقد تقدم ذكره، وحدث حكاية أخرى عن ابن دوما وقد تقدم ما ذكره عن ابن(22/121)
دوما، ثم ساقها إلى الحسن بن على الحلواني وقد تقدم إلى أبى عوانة وقد تقدم.
وحدث حكاية أخرى عن ابن دوما أيضا وقد علم حاله، ثم ساقها إلى عارم وهو محمد بن الفضل أبو النعمان. قال أبو حاتم: اختلط وزال عقله فمن سمع منه قبل الاختلاط سنة عشرين ومائتين فسماعه صحيح، وسمعت منه قبل الاختلاط سنة أربع عشرة.
ثم ذكر حكاية عن البرقاني رفعها إلى حماد بن زيد في لبس الخفين والسراويل وهذا ليس بتشنيع على أبى حنيفة، إنما هو تشنيع على كثير من الأئمة فإنهم خالفوا هذا الحديث.
ثم حدث حكاية عن ابن دوما وقد ذكرنا حاله، ثم ساقها إلى الحسن بن على الحلواني وقد تقدم ما ذكره الخطيب عنه، رواها الحلواني عن نعيم بن حماد وقد ذكرنا ما قبل فيه، ثم ساقها إلى سفيان بن عينية وقد تقدم خبره.
ثم ذكر حكاية عن الصيمري إلى أن أورد بيتين لابن المعدل هجوا لم يكن بنا حاجة إلى الكلام في رجالها إذ قد تقدم الجواب عنها.
ثم ذكر حكاية عن عبد الله بن يحيى السكرى رفعها إلى أبى عوانة الوضاح وقد ذكرنا ما ذكر فيه، ثم شك بعض الرواة في هذا الخبر هل قال السكر بفتح السين والكاف أم السكر بجزم الكاف، فسقط الاحتجاج به.
ثم ذكر حكاية عن أحمد بن محمد بن حسنون النرسي ساقها إلى محمد بن محمد الباغنديّ وقد مر ذكره.
ثم ذكر حكاية عن محمد بن عيسى بن عبد العزيز البزاز عن صالح بن أحمد وصالح هذا هو ابن أبى مقاتل يعرف بالقيراطى هروي الأصل ذكره الخطيب في تاريخه فقال بإسناد له عن ابن حبان إنه كان يسرق الحديث يقلبه ولعله قد قلب أكثر من عشرة آلاف حديث فيما خرج من الشيوخ والأبواب، لا يجوز الاحتجاج به بحال. وقال ذكر أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي أنه سأل الدارقطني عن صالح هذا فقال:
كذاب دجال يحدث بما لم يسمعه. وقال قال لي البرقاني: لم نكن نكتب حديث صالح بن أبى مقاتل. قلت ولم ذلك لضعفه؟ قال نعم هو ذاهب الحديث، وطريقه المحدثين قد علمتموها. فمن روى عن مثل هذا، وقد قال عنه مثل هذا الكلام كيف(22/122)
يكون حاله؟ وقال ابن عدى أيضا في كتابه: إنه كان يسرق الأحاديث ويلزق حديث قوم على قوم ويرفع الموقوف، ويصل المرسل، وأمره بيّن.
وقال في الترجمة: ذكر ما قاله العلماء في ذم رأيه والتحذير منه إلى ما يتصل بذلك من أخباره
قَالَ أخبرنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إبراهيم البزاز بالبصرة قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَن بْن مُحَمَّد بن عثمان الفسوي أنبأنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عوف حدثنا إسماعيل بن عباس الحمصي حَدَّثَنَا هشام بن عروة عن أبيه. قال: كان الأمر في بني إسرائيل مستقيما حتى نشأ فيهم أبناء سبايا الأمم، فقالوا بالرأي فهلكوا وأهلكوا فإنا قد تركت الجواب عن هذه الحكاية في الموضع لأنها لم تتعلق بأبى حنيفة وحده، فتركها ليعلم من وقف عليها أنه لم يرد الطعن على أبى حنيفة وحده وإنما أراد الطعن على أئمة المسلمين من الصحابة والتابعين، وتركته ليعلم من وقف عليها ما ذكرت من أول الأمر من أنه جعل الطعن على أبى حنيفة سببا للطعن على سائر المسلمين كما فعلت الفلاسفة بمذهب الروافض، وقد ذكر بعدها مثلها وذكر فيها أبا حنيفة وأنا مجاوبه إن شاء الله تعالى.
وأما الحكاية التي بعدها ذكرها ونسبها إلى سفيان ورواها عن أبى نعيم الأصبهانى وقد تقدم خبره. وكذلك سفيان وما ذكره عن أبى حنيفة من أنه من أبناء سبايا الأمم فقد أجمع النسابون على أنه لم يكن من أبناء سبايا الأمم وهو أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن النعمان بن المرزبان، والنعمان بن المرزبان، أبو ثابت الذي أهدى لعلى بن أبى طالب رضى الله عنه الفالوذج في يوم النيروز- أو المهرجان- فقال:
نيروزنا كل يوم- أو مهرجونا كل يوم- وساق هذه الحكايات عن سفيان وهذا عندي نقص في حق سفيان إن صحت هذه الأسانيد عن سفيان لأنه إذا عاب الرأى لم يعد من العلماء ومن لم يعد من العلماء فلا اعتداد بقوله.
وذكر حكاية عن ابن الفضل إلى أن ساقها إلى البخاري ثم قال حدثنا صاحب لنا فنكر وأجهل الإسناد وقد تقدم الجواب عن مثل هذا.
ثم ذكر حكاية عن محمد بن الحسن الأزرق إلى النقاش المقرئ وقد تقدم ما قيل فيه.(22/123)
ثم ذكر حكاية عن ابن درستويه أيضا وقد تقدم أيضا ساقها إلى إسحاق بن إبراهيم الحنينى، وهذا إسحاق من أصحاب مالك كان أحمد بن صالح المصري لا يرضاه، حكاه ابن أبى حاتم في كتابه، وذكره ابن الجوزي في كتاب الضعفاء، وقال: قال النسائي: ليس بثقة. وقال ابن عدى: ضعيف. وقال الأزدى ضعيف.
ثم ذكر حكاية عن ابن رزق وساقها إلى حبيب كاتب مالك بن أنس، وحبيب هذا هو ابن رزق ذكره ابن أبى حاتم في كتابه. وقال أحمد: ليس بثقة. وقال أبو حاتم: كان يحيل الحديث ويكذب.
ثم ذكر حكاية عن ابن درستويه إلى نعيم عن سفيان وقد تقدم ذكر الثلاثة.
وذكر حكاية عن أبى الفضل الطناجيرى إلى شريك القاضي وقد تقدم ذكر حاله.
وذكر حكاية من طريقين إحداهما عن ابن دوما وقد تقدم حاله، والطريق الثانية عن علي بن محمد بن عبد الله المعدل ساقها إلى منصور إلى شريك القاضي وقد ذكرناه.
ثم ذكر حكاية عن ابن الفضل عن ابن درستويه عن يعقوب عن أبى بكر بن خلاد. قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي قَالَ سَمِعْتُ حَمَّاد بْن زَيْد يَقُولُ سَمِعْتُ أيوب- وذكر أَبُو حنيفة- فقال يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ
فهذه الحكاية ذكرها الخطيب في ذم أبى حنيفة والتحذير منه، والله أعمى الخطيب ليظهر كرامة أبى حنيفة فإنه قال يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ
وقد علم الناس أن الله عز وجل نشر مذهب الأربعة الأئمة وأتم نور دينه بهم حتى ملأ الآفاق وهو من المتأخرين ولم يعلم ذلك، فكأن الله أنطق حماد بن زيد بكرامة أبى حنيفة رضى الله عنه، ومع هذا فإن مذهب أبى حنيفة رضى الله عنه اشتهر في الآفاق ولم يعرف لحماد بن زيد مذهب إلا ما نقل في آحاد الكتب.
ثم ذكر حكاية عن أحمد بن الحسن الحيرى إلى أن ساقها إلى سعيد بن عامر وسعيد بن عامر هذا هو الضبعي أبو محمد ذكره ابن أبى حاتم في كتابه فقال: هو صدوق صالح وفي حديثه بعض الغلط، ورواها سعيد بن عامر عن سلام بن أبى مطيع وكنيته أبو سعيد. قال ابن حبان البستي: كثير الوهم لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد.(22/124)
ثم ذكر حكاية أخرى عن ابن الفضل عن ابن درستويه وقد تقدم ذكر حاله، وساقها إلى شريك القاضي وقد مضى ذكره.
ثم ذكر حكاية عن ابن رزق والبرقاني جميعا، ثم سرقها إلى محمد بن جعفر بن الهيثم الأنبارى وقد ذكر حاله، ثم ساقها إلى سليمان بن حسان الحلبي الشامي ذكره الخطيب في تاريخه وقال ذكره عبد الرحمن بن أبي حاتم وَقَالَ سألت عنه أبى فقال سألت ابن أبي غالب عنه فقال: لا أعرفه ولا أرى البغداديين يروون عنه.
ثم ذكر حكاية عن ابن رزق ساقها إلى الحسن بن على الحلواني وقد تقدم ذكره.
ثم روى حكاية عن ابن الفضل عن ابن درستويه وقد تقدم ذكره، ثم ساقها إلى نعيم بن حماد الخزاعي وقد تقدم ذكره. ثم ساقها إلى سفيان الثوري وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن ابن حسنويه ساقها إلى ثعلبة بن سهيل وهو القاضي ذكره ابن الجوزي في كتاب «الضعفاء» وقال يحيى بن معين: ليس بشيء. ثم ساقها إلى سفيان وقد ذكرناه، وفي جملة سند هذا الحديث جرير بن عبد الحميد ذكره الخطيب في تاريخه وقال في ترجمته بإسناد ساقه قَالَ سمعت سُلَيْمَان بن داود الشاذكوني يقول:
قدمت على جرير فأعجب بحفظي وكان لو مكرما، وقدم يَحْيَى بن معين والبغداديون الذين معه وأنا، ثم قَالَ فرأوا موضعي منه فَقَالَ لَهُ بعضهم: إنما بعثه يَحْيَى وعَبْد الرَّحْمَنِ ليفسد حديثك عليك ويتتبع عليك الأحاديث، قَالَ وكان جرير حَدَّثَنَا عَنْ مغيرة عَنْ إِبْرَاهِيم فِي طلاق الأخرس، قال ثم حدث به بعد عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مغيرة عَنْ إبراهيم، قال فبينما أنا يوما عند ابن أخيه إذ رأيت عَلَى ظهر كتاب لابن أخيه عَنِ ابن المبارك عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مغيرة عَنْ إِبْرَاهِيم، قَالَ فقلت لابن أخيه: عمك هذا يحدث بهذا عَنْ مغيرة، ومرة عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مغيرة، ومرة عَنِ ابن المبارك عَنْ سفيان، فينبغي أن نسأله ممن سمعه؟ قَالَ سُلَيْمَان وكان هذا الحديث موضوعا. قَالَ فوقفت جريرا عليه فقلت لَهُ حديث طلاق الأخرس ممن سمعته؟ فَقَالَ حدثنيه رجل من أهل خراسان عَنِ ابن المبارك. قال فقلت له قد حدثت به مرة عَنْ مغيرة، ومرة عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مغيرة، ومرة عَنْ رجل عَنِ ابن المبارك عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مغيرة، ولست أراك تقف عَلَى شيء فمن الرجل؟ قَالَ: رجل جاءنا من أصحاب الحديث. قَالَ فوثبوا بي وقالوا ألم نقل لك إنما جاء ليفسد عليك حديثك؟ قَالَ فوثب بي البغداديون، قَالَ وتعصب لي قوم من أهل الري حتى كان بينهم شر شديد. وذكر في ترجمته أيضا(22/125)
حكاية عن أبى الوليد الطيالسي قال قدمت الري ومعى أبو داود الطيالسي وحملت معي أصل كتابي عَنْ شُعْبَة، قَالَ وكان جرير يجالسنا عند رجل من التجار، قَالَ فسمعنا نذكر الحديث، فيعجب بالحديث إعجاب رجل سمع العلم وليس لَهُ حفظ، قَالَ فسمعني أتحدث بحديث شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ الله بن مسلمة حديث صفوان بن عسال- أو حديث عَلِيّ- «إنكما علجان فعالجا عن دينكما» فَقَالَ اكتبه لي. قَالَ فكتبته لَهُ وحدثته به، قَالَ وتحدثت بحديث فضالة بن عبيد في القلادة فاستحسنه وقال اكتبه لي فكتبته له، وحدثته به عن الليث بن سعد. قَالَ فَقَالَ لي قد كتبت عَنْ مَنْصُور ومغيرة وجعل يذكر الشيوخ، فقلت لَهُ حَدَّثَنَا، فَقَالَ لست أحفظ كتبي غائبة عني، وأنا أرجو أن أوتي بها، قد كتبت فِي ذاك: فبينما نحن كذلك إذ ذكر يوما شيئا من الحديث، فقلت له أحسب أن كتبك جاءت؟ قال أجل. قلت لأبى داود: جليسا جاءته كتبه من الكوفة اذهب بنا ننظر فيها قال فأتيناه فنظرت في كتبه أنا وأبو داود. وحكى بإسناد له قَالَ سمعت سُلَيْمَان بن حرب يقول: كان جرير عبد الحميد وأبو عوانة يتشابهان فِي رأي العين، ما كانا يصلحان إلا أن يكونا راعيى غنم.
ثم روى حكاية عن أبى نصر أحمد بن إبراهيم المقدمي إلى على بن زيد وهذا هو الفرائض ذكره في تاريخه وقال: هو شيخ شيخ شيخي ثم قال في الترجمة وقد تكلموا فيه، ثم قالها إلى محمد بن كثير عن الأوزاعى، ومحمد هذا هو المصيصي صناعى الأصل أبو يوسف ذكره ابن أبى حاتم في كتابه وقال: ضعفه أحمد جدا وضعف حديثه. وقال أبو حاتم: لم يكن عندي ثقة.
وذكر حكاية عن محمد بن الحسن الوراق عن أحمد بن كامل القاضي ذكره في تاريخه وقال في ترجمته سأل أبو سعيد الإسماعيلي أَبَا الْحَسَن الدارقطني عَنْ أَبِي بَكْر أَحْمَد بْن كامل فَقَالَ: كَانَ متساهلا وربما حدث من حفظه بما ليس عنده فِي كتابه وأهلكه العجب، فإنه كَانَ يختار ولا يضع لأحد من العلماء الأئمة أصلا. ثم إلى الأوزاعى وسفيان وقد مضى ذكرهما، ثم حدث عن ابن رزق إلى يحيى بن السكن البصري عن أيوب بن محمد ذكره ابن أبى حاتم في كتابه وقال: قال أبو حاتم: ليس بالقوى.
ثم ذكر حكاية عن ابن رزق، ثم ساقها من طريق أخرى عن أبى نعيم الحافظ(22/126)
وهو الأصفهانى وقد تقدم ذكرنا له، ثم ساقها إلى سفيان وقد تقدم ذكر حاله.
ثم ذكر حكاية عن الحسن بن إبراهيم وهو ابن شاذان ذكره الخطيب في تاريخه فقال في ترجمته كان أشعريا مشتهرا بشرب النبيذ، ثم ساقها إلى مؤمل بن إسماعيل وقد سبق ذكرنا له.
وحدث حكاية عن محمد بن عمر بن بكر إلى المؤمل وقد ذكرنا حاله.
وحدث حكاية أخرى عن ابن الفضل عن ابن درستويه وقد تقدم شرح ما قاله فيه.
وحدث حكاية أخرى عن الخلال ساقها إلى أبان بن سفيان الحرزى قال أبو حاتم محمد بن حبان البستي: روى عن الثقات أشياء موضوعة. وقال الدارقطني متروك.
ثم ذكر حكاية عن إبراهيم بن محمد بن سليمان ساقها إلى سفيان وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن إبراهيم بن مخلد عن محمد بن أحمد الحكيمي، وهذا ذكره الخطيب في تاريخه فقال: سألت أبا بكر البرقاني عن الحكيمي فقال: ثقة إلا أنه يروى مناكير، ثم ساقها إلى مطرف أبى مصعب الأصم قال أبو أحمد بن عدى: يحدث مطرف عن ابن أبى ذئب ومالك وغيرهما بالمناكير.
ثم ذكر حكاية عن ابن رزق إلى الوليد بن مسلم والوليد هذا هو أبو العباس الدمشقي. قال ابن عدى: يروى عن الأوزاعى عن شيوخ ضعفاء عن شيوخ قد أدركهم الأوزاعى مثل نافع والزهري فيسقط أسماء الضعفاء ويجعلها عن الأوزاعى عنهم. وقال الدارقطني مثل هذا أيضا.
ثم ذكر حكاية أخرى عن على بن محمد المعدل إلى الوليد بن مسلم هذا المقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية أخرى عن ابن رزق إلى مطرف وقد تقدم ذكرنا له.
ثم ذكر حكاية عن أبى الفرج الطناجيرى إلى على بن زيد الفرائضى ذكره الخطيب في تاريخه فقال: وقد تكلموا فيه.(22/127)
ثم ذكر حكاية عن القاضي أبى بكر أحمد بن الحسن الحرشي إلى أبى عوانة وقد تقدم.
ثم ذكر حكاية عن ابن الفضل عن ابن درستويه وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن الحسن بن أبى طالب إلى عبد الله بن محمد البغوي وهو أبو القاسم وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن الخلال إلى أبى نعيم وحدث عن على بن القاسم بن الحسن البصري إلى أبى نعيم وقد ذكر الخطيب في ترجمة أبى نعيم من تاريخه قَالَ حدثت عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُطَّلِبِ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا علي بْن محمد حدثنا أَحْمَد بْن ميثم بْن أبي نعيم. قَالَ: قدم جدي أَبُو نعيم الفضل بْن دكين بغداد ونحن معه، فنزل الرميلة ونصب له كرسي عظيم فجلس عليه ليحدث فقام إليه رجل ظننته من أهل خراسان فَقَالَ: يا أبا نعيم أتتشيع؟ فكره الشيخ مقالته وصرف وجهه وتمثل بقول مطيع بْن إياس:
وما زال بي حبيك حتى كأنني ... برجع جواب السائلي عنك أعجم
لأسلم من قول الوشاة وتسلمي ... سلمت وهل حي من الناس يسلم
فلم يفقه الرجل مراده فعاد سائلا فقال: يا أبا نعيم أتتشيع؟ فقال الشيخ: يا هذا كيف بليت بك، وأي ريح هبت إليَّ بك. سَمِعْتُ الحسن بْن صالح يقول سمعت جعفر ابن مُحَمَّد يَقُولُ: حب عَلَى عبادة، وأفضل العبادة ما كتم. ثم ذكر حكاية أخرى عن أبى الفتح بن أبى الفوارس إلى أن قال: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ فجاء ابنه يبكى، فقال له مالك؟ فقال الناس يقولون إنك تتشيع فأنشأ يقول:
وما زال كتمانيك حتى كأنني ... برجع جواب السائلي عنك أعجم
لأسلم من قول الوشاة وتسلمي ... على وهل حي على الناس يسلم
ثم ذكر حكاية عن ابن رزق إلى وكيع وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن محمد بن عبد الله الحنائى ساقها إلى عبد الله بن المبارك وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الْمُقْرِئ عَنْ مُحَمَّد بْن عبد الله الحاكم(22/128)
النيسابوري وهذا محمد بن الحاكم هو صاحب التاريخ ذكره الخطيب في تاريخه وحكى أنه كان يميل إلى التشيع. وقَالَ: جمع الحاكم أبو عبد الله أحاديث زعم أنها صحاح على شرط البخاري ومسلم لم يلزمهما إخراجها في صحيحيهما، منها حديث «الطائر، ومن كنت مولاه فعلى مولاه» . فأنكر عليه أصحاب الحديث ذلك ولم يلتفتوا إلى قوله، ولا صوبوه في فعله. وقد حكى أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي عن سعد بن على الريحاني أنه قال: ثلاثة من الحفاظ لا أحبهم لشدة تعصبهم؛ منهم أبو عبد الله الحاكم.
ثم ذكر حكاية عن الأزهرى عن محمد بن العباس الخزاز وهذا هو ابن حيويه وقد تقدم حاله.
ثم ذكر حكاية عن الأزهرى إلى أبى إسحاق الطالقاني وهو إبراهيم بن إسحاق ابن عيسى الطالقاني ذكره الخطيب في تاريخه وقال عنه كان ثقة ثبتا يقول بالإرجاء.
وساقها إلى عبد الله بن المبارك وقد تقدم ذكره.
وذكر حكاية عن إبراهيم بن عمر البرمكي عن عمر بن محمد الجوهري ذكره في تاريخه فقال: وفي بعض حديثه نكرة.
ثم ذكر حكاية أخرى ساقها إلى الطالقاني إلى ابن المبارك وقد تقدم ذكرهما.
ثم ذكر حكاية عن الخلال إلى أبى داود عن ابن المبارك وهذا سند منقطع لان أبا داود لم يدرك ابن المبارك. وثم قد تقدم ذكر ابن المبارك، ثم إن الحكاية هي أن قال ابن المبارك: ما كنا نأتى مجلس أبى حنيفة إلا خفية من سفيان الثوري، وهذا دليل على ما ذكرناه من أنه كان بين أبى حنيفة وبين سفيان الثوري شيء، وكان أبو حنيفة أكفهما لسانا.
ثم ذكر حكاية عن أبى نصر أحمد بن الحسين عن أبى بكر السنى عن عبد الله ابن محمد بن جعفر، وعبد الله هذا هو أبو القاسم القزويني القاضي فقيها على مذهب الشافعي وكان يظهر العبادة ويحفظ، ثم خلط ووضع أحاديث فافتضح وسقط جاهه. ذكر ذلك أبو سعيد بن يوسف في تاريخ مصر. وقال الدارقطني: هو كذاب يضع الحديث. وإن كان غيره فهو أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر الأصفهانى بن حبان المعروف بأبى الشيخ، ضعفه أبو أحمد العسال الأصفهانى.(22/129)
ثم ذكر حكاية عن ابن رزق إلى سفيان الثوري وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبَانَ الهيتي ذكره الخطيب في تاريخه وقد سبق ما ذكره، وعن أحمد بن سلمان النجاد ذكره الخطيب في تاريخه فقال سأل أبو سعيد الإسماعيلى أبا الحسن الدارقطني فقال قد حدث أحمد بن سلمان النجاد من كتاب غيره بما لم يكن فِي أصوله. ثم رفعها إلى سفيان وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عَنِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الداودي إلى محمد بن الحسين ابن حميد بن الربيع وذكره الخطيب في تاريخه فروى عن أَحْمَد بن مُحَمَّد بن سعيد قَالَ: كنت عند الحضرمي فمر عليه ابن للحسين بن حميد الخزاز فقال: هذا كذاب ابن كذاب. ثم بعده إلى محمد بن عمر بن الوليد ذكره ابن أبى حاتم في كتابه وقال:
قال أبو حاتم: أرى أمره مضطربا وذكره أبن الجوزي في كتاب الضعفاء. وقال:
قال ابن حبان: يروى عن مالك ما ليس من حديثه لا يجوز الاحتجاج به. ثم بعده إلى محمد بن عبيد الطنافسي ذكره ابن أبى حاتم وقال: قال أحمد: كان يخطئ ولا يرجع عن خطئه. ثم سرقها إلى سفيان الثوري وقد تقدم ذكره، أو ابن عينية.
ثم ذكر حكاية عن ابن رزق إلى سفيان بن وكيع بن الجراح عن أبيه وقد تقدم ذكرهما ثم ساقها إلى سفيان وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن الأبار إلى قيس بن الربيع وقد تقدم حاله.
ثم ذكر حكاية عن البرمكي إلى عمر بن محمد الجوهري ذكره الخطيب في تاريخه فقال: وفي بعض حديثه نكرة. ثم إلى حجاج وهو أبو محمد الأعور وقد ذكرناه، إلى قيس بن الربيع وقد تقدم ذكرناه.
ثم ذكر حكاية عن البرقاني عن محمد بن أحمد بن محمد الآدمي ذكره الخطيب في تاريخه قال: قال لي أبو طاهر حمزة بن محمد الدقاق: لم يكن الأمى هذا صدوقا في الحديث كان يسمع لنفسه في كتب لم يسمعها، ثم ساقها إلى أن قال حدثني بعض أصحابنا وهذا مجهول.
وذكر حكاية أخرى عن ابن رزق ساقها إلى مصعب بن خارجة وذكره ابن أبى حاتم في كتابه وقال: مجهول.(22/130)
ثم ذكر حكاية عن أبى بَكْر أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّهِ الرخاخى الطبري وذكره في تاريخه وقال: إنه ثقة، ثم ساق الحكاية إلى سفيان الثوري وشريك والحسن بن صالح، فأما شريك وابن صالح فقد سبق ما قيل عنهما.
ثم ذكر حكاية عن الحسن بن أبى طالب ولم يذكره في التاريخ.
ثم ذكر حكاية عن البرقاني إلى أن ساقها إلى سلمة بن سليمان قال: قال رجل لابن المبارك، ورجل غير مسمى مجهول الأمر.
ثم ذكر حكاية عن الأزهرى عن محمد بن العباس ومحمد بن العباس هذا هو ابن حيوية الخزاز ذكره الخطيب في تاريخه وقال كان فيه تسامح وربما أراد أن يقرأ شيئا ولا يقرب أصله منه، فيقرأه من كتاب أبي الحسن بن الرزاز لثقته بذلك الكتاب، وإن لم يكن فيه سماعه. وكان مع ذلك ثقة، ثم ساقها إلى فهد بن عوف وفهد بن عوف هذا قال على بن المديني: هو كذاب، وكان على يقول: ذهب الفهدان، فهد ابن عوف وفهد بن حيان. حكى ذلك ابن الجوزي في كتاب «الضعفاء» .
ثم ذكر حكاية عن العتيقى ساقها إلى محمد بن بشار بندار وقد ذكره الخطيب في تاريخه فقال في ترجمته بإسناد ساقه إلى أن قال الفرهياني قال سمعت أبا موسى وكان قد صنف حديث داود بن أبي هند، ولم يكن بندار صنفه. سمعت أبا موسى يقول:
منا قوم لو قدروا أن يسرقوا حديث داود لسرقوه- يعني به بندارا- ثم قال الخطيب أخبرنا أبو القاسم الأزهرى وساق سندا إلى أن قال حدثنا عبد الله بن علي ابن عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي وَسَأَلْتُهُ عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ بُنْدَارٌ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً» فَقَالَ هَذَا كَذِبٌ. قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ مَوْقُوفًا وَأَنْكَرَهُ أَشَدَّ الإِنْكَارِ.
ثم قال أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن عَلَّان الشروطي- مما أذن لي أن أرويه عنه- أَخْبَرَنَا أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي الحافظ حدثنا محمد بن جعفر المطيري حدثنا عبد الله بن الدورقي. قَالَ: كنا عند يحيى بن معين وجرى ذكر بندار فرأيت يحيى لا يعبأ به ويستضعفه، قَالَ ابن الدورقي ورأيت القواريري لا يرضاه، وكان صاحب حمام.(22/131)
ثم ذكر حكاية عن البرقاني ثم ساقها إلى بندار هذا وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن ابن الفضل عن ابن درستويه وقد تقدم ذكره أيضا.
ثم ذكر حكاية عن ابن رزق إلى الوليد بن عتبة وهو مجهول، ثم إلى مؤمل بن إسماعيل وقد ذكرناه فيما تقدم.
ثم ذكر حكاية عن بشرى وعن محمد بن حسنويه ساق السندين إلى البغوي عن أبى الجواب، وهو الأحوص بن جواب قال يحيى بن معين: ليس بذاك القوى، وذكر البغوي قد تقدم.
ثم ذكر حكاية عن ابن الفضل عن ابن درستويه وقد تقدم ذكرهما، ثم ساقها إلى ابن نمير عن بعض أصحابنا وهذا مجهول.
ثم ذكر حكاية عن عبد الله بن يحيى السكرى ساقها إلى سفيان بن عينية وقد تقدم ذكره، روى ابن عينية شعرا عن مساور الوراق. وقال أجابه بعضهم وهذا المجيب مجهول وقد تقدم الجواب عن الشعر.
ثم ذكر حكاية عن ابن رزق ساقها إلى يحيى بن أيوب قَالَ حَدَّثَنَا صاحب لنا ثقة وأبهم، وهذا مجهول عن أبى بكر بن عياش ذكره ابن الجوزي في كتاب «الضعفاء» فقال: كان يحيى بن سعيد لا يعبأ به، وإذا ذكر عنده كلح وجهه. وكان محمد بن عبد الله بن نمير يضعفه.
ثم ذكر حكاية عن ابن رزق إلى أسود بن سالم إلى أبى بكر بن عياش وقد ذكرناه.
ثم ذكر حكاية عَن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد عن محمد بن العياش وقد تقدم ساقها إلى أبى معمر، وأبو معمر هذا هو إسماعيل بن إبراهيم الهذلي الهروي ذكره الخطيب في «التاريخ» فروى بإسناده إلى يحيى بن معين وذكر أبا معمر- يعنى يحيى- فقال: لا صلى الله عليه ذهب إلى الرقة فحدث بخمسة آلاف حديث أخطأ في ثلاثة آلاف حديث، وذكر أيضا بإسناده إلى أبى زرعة أنه قال: كان أحمد لا يرى الكتابة عن أبى نصر النمار ولا عن أبي معمر ولا يحيى بن معين ولا أحد ممن امتحن فأجاب، وذكر أيضا بإسناده إلى أبى معمر أنه أخذ في المحنة فأجاب فلما خرج قال: كفرنا وخرجنا.(22/132)
وقد ذكر حكاية عن أبى بكر بن عياش وقد سبق ذكره.
ثم ذكر حكاية عن أبى حازم العبدون عُمَر بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عبدوية السدوسي.
ثم ذكر حكاية عن أبى نعيم الحافظ أحمد بن عبد الله الأصفهانى صاحب الحلية وقد تقدم ذكره، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بن حيان- وهو أبو الشيخ وقد ضعفه أبو أحمد العسال وهو من أهل بلده- عن سالم بن عصام وقد ذكره أبو نعيم في تاريخ أصفهان فقال: كان كثير الحديث والغرائب، ثم ساقها إلى سفيان الثوري وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن البرقاني عن محمد بن العباس بن حييه وقد تقدم ذكر حاله.
ثم ذكر حكاية عن بشرى الرومي عن أحمد بن جعفر بن حمدان- وهو القطيعي- ذكره الخطيب في تاريخه وحدث عَن أَبِي الحسن بْن الفرات قَالَ: كان ابْن مالك القطيعي مستورا صاحب سنة كثير السماع [سمع] من عَبْد اللَّه بْن أَحْمَدَ وغيره إلا أنه خلط فِي آخر عمره وكف بصره وخرف حتى لا يعرف شيئا مما يسمع عليه، ثم قال: قَالَ مُحَمَّد بْن أَبِي الفوارس: أَبُو بَكْر بْن مالك كَانَ مستورا صاحب سنة، ولم يكن في الحديث بذاك. وقال أيضا سَمِعْتُ أَبَا بَكْر الْبَرْقَانِيّ- وسئل عَنِ ابْن مالك- فَقَالَ: كَانَ شيخا صالحا، وَكَانَ لأبيه اتصال ببعض السلاطين، فقرئ لابن ذلك السلطان عَلِيّ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَدَ المسند وحضر ابْن مالك سماعه ثم غرقت قطعه من كتبه بعد ذلك فنسخها من كتاب ذكروا أنه لم يكن سماعه فيه فغمزوه لأجل ذلك.
ثم ذكر حكاية عن ابن رزق عن أحمد بن سلمان الفقيه المعروف بالنجاد وقد تقدم ذكره. ساقها إلى مهنى بن يحيى ذكره الخطيب في تاريخه فقال في ترجمته حدثني أحمد بن محمد الرزاز أخبرنا محمد بن جعفر الشروطي أنبأنا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الأَزْدِيُّ. قَالَ: مهنى بن يحيى الشامي نزل بغداد منكر الحديث.
ثم ذكر حكاية عن البرقاني عن أحمد بن محمد الأدمى وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن الحسن بن أبى طالب عن مُحَمَّد بن نصر بن أَحْمَد بن نصر بن مالك القطيعي ذكره الخطيب في تاريخه وقال حَدَّثَنِي الأزهري قَالَ حضرت عند محمد بن نصر بن مالك فوجدته على حالة عظيمة من الفقر والفاقه، وعرض على(22/133)
شيئا من كتبه لأشتريه، ثم انصرفت من عنده وحضرت بعد عند أبي الحسن بن رزقويه فقال لي: ألا ترى إلى ابن مالك، أنه جاءني بقطعه من كتب ابن أبى الدنيا وقال لي اشتراها مني فإن فيها سماعك معي من البرذعي؟ فقلت له يا هذا والله ما سمعت من البرذعي شيئا. قَالَ الأزهري فنظرت في تلك الكتب وقد سمع فيها ابن مالك بخطه لابن رزقويه تسميعا طريا- أو كما قال- ثم ذكر حكاية عن محمد بن المسيب- وقد تقدم ذكره- عَنْ خَالِد بْن يزيد بْن أَبِي مَالِك الشاعر ذكره بن أبى حاتم في كتابه فقال: كان يروى مناكير. ثم ذكر حكاية عن البرقاني عن بشر بن أحمد الإسفراييني عن عبد الله بن محمد.
ابن سيار قال سمعت القاسم بن عبد الملك أبا عثمان يقول سمعت أبا مسهر يقول: كانت الأئمة تلعن أبا فلان على هذا المنبر- وأشار إلى منبر دمشق- قال الفرهياني: هو أبو حنيفة.
لم يكن غرض الخطيب أن يذكر هذا عن أبى حنيفة، إنما جعل أبا حنيفة ذريعة، وأراد أن يذكر الناس بما نقل مما كان على منبر دمشق، ولم أتتبع رجال هذا السند بالكشف لعلم الناس بمن أراد بالحكاية وشهرة الخبر أغنت عن ذكره ولأن أحدا لا يلعن على منبر إلا بإذن الإمام، وأبو حنيفة كان في دولة بنى العباس في زمن المنصور. فلو لعن على منبر دمشق لكان لعن على منابر العراق إذ هي دار الخلافة ولم ينقل هذا الخطيب ولا غيره.
ثم ذكر حكاية عن الخلال عن أَبِي الفضل عُبَيْدُ اللَّهِ بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن مُحَمَّدٍ الزهري عن عبيد الله بن عَبْد الرَّحْمَن أَبُو مُحَمَّد السكرى عَنِ العباس بْن عَبْد الله الترقفي قَالَ سمعت الفريابي يقول: كنا في مجلس سعيد بن عبد العزيز بدمشق فقال رجل: رأيت فيما يرى النائم كأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد دخل من الباب الشرقي- يعني باب المسجد- ومعه أَبُو بكر وعمر، وذكر غير واحد من الصحابة وفي القوم رجل وسخ الثياب رث الهيئة، فقال تدري من ذا؟ قلت لا، قال [هذا] أَبُو حنيفة، هذا ممن أعين بعقله على الفجور، فقال له سعيد بن عبد العزيز: أنا أشهد أنك صادق ولولا أنك رأيت هذا لم تحسن تقول هذا.
أما أنا فقد رضيت بصحبة أبى حنيفة للنبي صلّى الله عليه وسلّم، ولم أر بالثياب بأسا بعد صحبة(22/134)
النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومن صحب النبي صلّى الله عليه وسلّم في مثل ما ذكر فلا يكون فاجرا ولا يعان بعقله على الفجور، فإن كان الخطيب أراد بهذا أن كل من صحب النبي صلّى الله عليه وسلّم يوصف بما وصف به أبا حنيفة فيكون تأكيدا لما ذكرت أنا آنفا، وأما هذا السند فلو أردت أن أقول فيه شيئا لقلت فإنه قال: قال رجل، أخبر عن رجل، لا يعرف، ثم إنه منام، ثم إن سعيد بن عبد العزيز شهد للرائى أنه لا يعرف شيئا.
ثم ذكر حكاية عن أبى الفتح مُحَمَّد بن المظفر بن إبراهيم الخياط قال الخطيب في تاريخه كتبت عنه وهو شيخ صدوق، كان يسكن دار إسحاق، ولا أعلم كتب عنه أحد غيرى عن محمد بن على بن عطية المكي ذكره في تاريخه فقال في ترجمته صنف كتابا سماه قوت القلوب على لسان الصوفية، وذكر فيه أشياء منكرة مستشنعة في الصفات. قال الخطيب وَقَالَ لي أبو طاهر محمد بن علي بن العلاف: كان أبو طالب المكي من أهل الجبل، ونشأ بمكة ودخل البصرة بعد وفاة أبي الحسن بن سالم فانتمى إلى مقالته، وقدم بغداد. فاجتمع الناس عليه في مجلس الوعظ، فخلط في كلامه وحفظ عنه أنه قَالَ: ليس على المخلوقين أضر من الخالق. فبدعه الناس وهجروه، وامتنع من الكلام على الناس بعد ذلك.
ثم ذكر حكاية عن القاضي محمد بن على الواسطي أبى العلاء ذكره الخطيب في تاريخه فقال في ترجمته ورأيت لأبي العلاء أصولا عُتُقًا سماعه فيها صحيح، وأصولا مضربة وكان من أهل العلم بالقراءات ممن أدركنا يقدحون فيه وسمعته يذكر أن عنده تاريخ شباب العصفري فسألته إخراج أصله لأقرأ عليه فوعدني بذلك، ثم اجتمعت مع أبي عبد الله الصوري فتجارينا ذكره فقال لي: لا ترد أصله بتاريخ شباب فإنه لا يصلح لك، فقلت وكيف ذاك؟ فذكر أن أبا العلا اخرج إليه الكتاب فراه قد سمَّع فيه لنفسه تسميعا طريا مشاهدته تدل على فساده.
ورأيت في كتاب أبى العلا عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ الْمَعْرُوفِينَ حَدِيثًا اسْتَنْكَرْتُهُ وَكَانَ مَتْنُهُ طَوِيلا مَوْضُوعًا مُرَكَّبًا عَلَى إِسْنَادٍ وَاضِحٍ صَحِيحٍ عَنْ رِجَالٍ ثِقَاتٍ أَئِمَّةٍ فِي الْحَدِيثِ، فَذَاكَرْتُ بِهِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الصُّورِيَّ فَقَالَ لِي: قَدْ رَأَيْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ أبى العلاء فاستنكرته، فعرضته على حمزة بن محمد فَقَالَ لِي اطْلُبْ مِنَ الْقَاضِي أَصْلا بِهِ فإنه لا يقدر على ذلك. قال الخطيب: ورأيت له أشياء سماعه فيها مفسود، إما مكشوط بِالسِّكِّينِ أَوْ مُصْلَحٌ بِالْقَلَمِ. ثُمّ قرأت عَلَيْهِ حديثا من المسلسلات فقال(22/135)
لي: هذا الحديث عندي بعلو، فسألته إخراجه فأخرجه إلى في رقعة من خطه فقرأه على من لفظه، فلما قرأه استنكرته، فقلت لَهُ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ غَرِيبٌ جِدًّا وَأَرَاهُ بَاطِلا. فَذَكَرَ أَنَّ لَهُ بِهِ أَصْلا نَقَلَهُ مِنْهُ إِلَى الرُّقْعَةِ وَأَنَّ الأَصْلَ قَرِيبٌ إِلَيْهِ لا يَتَعَذَّرُ إِخْرَاجُهُ عَلَيْهِ، وَاعْتَلَّ بِأَنَّ لَهُ شُغُلا يَمْنَعُهُ عَنْ إِخْرَاجِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يُخْرِجَهُ بَعْدَ فَرَاغِهِ من شغله فأجابنى إلى أن يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَانْصَرَفْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَالْتَقَيْتُ بِبَعْضِ مَنْ كَانَ يَخْتَصُّ بِهِ فَذَكَرْتُ لَهُ الْقِصَّةَ وقلت له هذا مَوْضُوعٌ عَلَى أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ وَكُنْتُ قَدْ سمعته من عير أَبِي الْعَلاءِ بِنُزُولٍ، وَقُلْتُ مَا أَظُنُّ الْقَاضِي إِلا قَدْ وَقَعَ إِلَيْهِ نَازِلا مِنَ الطَّرِيقِ الموضوع فَحَدَّثَ بِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بن عثمان.
فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أُسْبُوعٍ اجْتَمَعْتُ مَعَهُ فَقَالَ لِي: قَدْ طَلَبْتُ أَصْلَ كِتَابِي بِالْحَدِيثِ وَتَعِبْتُ فِي طَلَبِهِ فَلَمْ أَجِدْهُ، وَهُوَ مُخْتَلِطٌ بَيْنَ كُتُبِي. فَسَأَلْتُهُ أَنْ يُعِيدَ طَلَبَهُ إِيَّاهُ فَقَالَ أَنَا أَفْعَلُ وَمَكَثْتُ مُدَّةً أَقْتَضِيهِ بِهِ وَهُوَ يَحْتَجُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ يَجِدُهُ، ثُمَّ قَالَ لِي أيش قدر هذا الحديث فكم عِنْدِي مِثْلَهُ، يُرْوَى عَنِّي فَمَا سَمَّعَنِي غَيْرَهُ. وسأل أبو العلاء بعد إنكارى عَلَيْهِ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ فَامْتَنَعَ وَلَمْ يَرْوِهِ لأحد بعدي. ثم ساقها إلى طريف بن عبيد الله قال:
الدارقطني: هو ضعيف.
ثم ذكر حكاية عن إبراهيم بن عمر البرمكي عن عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن حمدان العكبري هو أبو عبد الله بن بطة ذكره الخطيب في تاريخه ثم قال: كتب إلي أَبُو ذر عَبْد بْن أَحْمَد الهروي يذكر أنه سمع نصرا الأندلسي قال- وكان يحفظ ويفهم ورحل إلى خراسان- قال: خرجت إلى عكبرا فكتبت على شيخ بها عن أبي خليفة وعن ابن بطة، فرجعت إلى بغداد فقال الدارقطني أين كنت؟ فقلت بعكبرا، فقال وعمن كتبت؟ فقلت عن ابن بطة، فقال وإيش كتبت عن ابن بطة؟ فقلت: كتاب السنن لرجاء بن مرجي حَدَّثَنِي به ابن بطة، عن حفص بن عمر الأردبيلي عن رجاء ابن مرجي فقال: هذا محال، دخل رجاء بن مرجى بغداد سنة أربعين، ودخل حفص ابن عمر الأردبيلى سنة سبعين ومائتين؛ فكيف سمع منه قال الخطيب قال لي أبو القاسم الأزهرى بن بطة ضعيف ضعيف ليس بحجة، وعندي عنه معجم البغوي ولا أخرج عنه في الصحيح شيئا. فقلت له فكيف كان كتابه بالمعجم؟ فقال: لم نر له أصلا وإنما دفع إلينا نسخة طرية بخط ابن شهاب فنسخنا منها وقرأنا عليه، وكذلك ادعى سماع كتب أبي محمد بن قتيبة ورواها عن شيخ سماء بن أبي مريم، وزعم أنه دينوري حدثه عن ابن قتيبة، وابن أبي مريم هذا لا يعرفه أحد من أهل العلم سوى ابن بطة.(22/136)
ثم ذكر حكاية عن محمد بن على المقري عن محمد بن عبد الله النيسابوري وقد تقدم ذكره ثم ساقها إلى محمد بن أبى عتاب الأعين أبى بكر ذكره الخطيب في تاريخه فقال في ترجمته محمد بن الحسن. وقال في أثناء إسناد ساقه: سأل يحيى بن معين عن أبي بكر الأعين فقال: ليس هو من أصحاب الحديث.
ثم ذكر حكاية عن الحسن بن أبى طالب عن أحمد بن محمد بن يوسف- وهو ابن دوست- ذكره الخطيب في تاريخه فقال تكلم مُحَمَّد بْن أَبِي الفوارس فِي روايته عن المطيري وطعن عليه. وقال الخطيب سمعت أبا الْقَاسِم الأزهري يقول: ابْن دوست ضعيف رأيت كتبه كلها طرية، وكَانَ يذكر أن أصوله العتق غرقت فاستدرك نسخها. قال الخطيب: سألت الْبَرْقَانِيّ عَن ابْن دوست فَقَالَ: كَانَ يسرد الحَدِيث من حفظه وتكلموا فِيهِ، وقيل إنه كان يكتب الأجزاء ويتربها حتى يظن أنها عتق. قال الخطيب: حدثني عيسى بن أحمد قال سمعت حمزة بن محمد يقول: مكث ابْن دوست سبع عشرة سنة يملي الحَدِيث، وكَانَ إذا سئل عَن شيء أملى من حفظه فِي معنى ما سئل عنه، وكَانَ يذاكر بحضرة أَبِي الْحَسَن الدارقطني ويتكلم في علم الحديث، فتكلم الدارقطني فيه بهذا السبب. ثم ساقها إلى ابن المبارك وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن إبراهيم بن محمد بن سليمان المؤدب إلى ابن المبارك وقد سبق.
ثم ذكر حكاية عن العتيقى ساقها إلى أبى بكر الأعين وقد تقدم ذكره ثم ساقها إلى ابن المبارك وقد تقدم أيضا. ثم ذكر حكاية عن عُبَيْدُ اللَّه بْن عُمَرَ بْن شَاهِينَ عَن أبيه عن عبد الله بن سليمان وقد سبق ذكر عبد الله بن سليمان، ثم ساقها إلى أبى بكر الأعين وقد سبق ذكره عن الحسن بن الربيع ذكره الخطيب في تاريخه فقال: قال عبد الخالق بن نصور سئل يحيى بن معين- وأنا أَسْمَعُ- عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الرَّبِيعِ فَقَالَ:
لَوْ كَانَ يَتَّقِي الله لم يحدث بالمغازى، ما كان يحسن يقرؤها. وقال ابْنُ بِنْتٍ لأَبِي أُسَامَةَ إِنَّهُ يُحَدِّثُ عَنِ ابن المبارك عن حميد عن أنس في القراءة. فقال يحيى: كل من يحدث به عن حميد فقد كذب.
ثم ذكر حكاية عن ابن المبارك وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن محمد بن أحمد بن يعقوب ثم ساقها إلى مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحَسَن بن شقيق عن أبيه، وأبوه على هذا ذكره الخطيب في تاريخه وقال: إنهم(22/137)
تكلموا فيه في الأرجاء ثم رجع عنه.
ثم ذكر حكاية عن ابن المبارك وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن ابن دوما النعالى وقد تقدم ذكره، ثم ساقها إلى ابن المبارك وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن البرقاني إلى أن ساقها إلى أبى وهب عن ابن المبارك وأبو وهب إن كان زمعة بن صالح فهو ضعيف في حديثه، وأما عبد الله بن المبارك فقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن عبد الله بن يحيى السكرى وغيره من شيوخه، ثم ساقها إلى محمد بن يونس الكديمي ذكره الخطيب في تاريخه ونقل عن جماعة أنه كذاب.
ثم ذكر حكاية عن مؤمل بن إسماعيل عن سفيان بن عينية وقد تقدم ذكرهما.
ثم ذكر حكاية عن البرمكي إلى محمد بن محمد الجوهري؟ عن الأثرم وقد تقدم ذكر الجوهري.
ثم ذكر حكاية عن العتيقى ساقها إلى الحجاج بن أرطاة، قال أبو الحسن الدارقطني: حجاج بن أرطاة لا يحتج به. وكان الخطيب يقول: كان مدلسا يروى عمن لم يلقه. وقال محمد بن سعد: كان ضعيفا وقال يحيى بن معين: الحجاج بن أرطاة ضعيف. وقال زائدة: اطرحوا حديث الحجاج بن أرطاة. وذكره ابن الجوزي في كتاب الضعفاء. فقال: قال ابن حبان: تركه ابن المبارك ويحيى القطان، وابن مهدى، ويحيى بن معين، وأحمد بن حنبل. وقال ابن المبارك: رأيته في مسجد الكوفة يحدثهم بأحاديث العرزمي يدلسها على شيوخ العرزمي، والعرزمي قائم يصلى لا يقربه أحد والناس على حجاج. وقال أحمد بن حنبل: يزيد في الأحاديث، ويروى عمن لم يلقه لا يحتج بحديثه.
وحدث عن البرقاني عن محمد بن العباس بن حيويه وقد تقدم ذكره، ساقها إلى على بن المديني ذكره الخطيب في تاريخه فقال في ترجمته بإسناد ذكره. قال. دخلت على على بن المديني يوما فرأيته واجما مغموما فقلت ما شأنك؟ فقال: رؤيا رأيتها، فقلت وما هي؟ فقال رأيت كأني أخطب على منبر داود النَّبِيّ عليه السلام، قال:
فقلت خيرا رأيت أنك تخطب على منبر نبي، فقال: لو رأيت كأني أخطب على منبر(22/138)
أيوب كان خيرا لي لأن، أيوب بلي فِي بدنه، وداود فتن فِي دينه، وأخشى أن أفتن فِي ديني. فكان منه ما كان.
قال الخطيب يعني أنه أجاب لما امتحن إِلَى القول بخلق القرآن. ثم قال أخبرنى الحسين بن على الصيمري حدثنا محمد بن عمران المرزباني أخبرنى محمد بن يحيى حدثني الحسين بن فهم حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ لِلْمُعْتَصِمِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا يَزْعُمُ- يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ- أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُرَى فِي الآخِرَةِ، وَالْعَيْنُ لا تَقَعُ إِلا عَلَى محدود، والله لا يجد. فَقَالَ لَهُ الْمُعْتَصِمُ مَا عِنْدَكَ فِي هَذَا؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدِي مَا قَالَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ وما قال صلّى الله عليه وسلّم؟ قال:
حدثني محمد بن جعفر غندر حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ. قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنَ الشَّهْرِ، فَنَظَرَ إِلَى الْبَدْرِ فَقَالَ:
«أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْبَدْرَ لا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ»
فقال لأحمد بْن أَبِي داود: ما عندك فِي هذا؟ فقال أنظر فِي إسناد هذا الحديث وكان هذا فِي أول يوم ثم انصرف، فوجه ابن أبى داود إلى على بن المديني وهو بِبَغْدَادَ مملق ما يقدر على درهم، فأحضره فما كلمه بشيء حتى وصله بعشرة آلاف درهم، فقال هذه وصلك بها أمير المؤمنين وأمر أن يدفع إليه جميع ما استحق من أرزاقه، وكان به رزق سنتين ثم قال: يا أبا الحسن حديث عبد الله بن جرير فِي الرؤية ما هو؟ قَالَ صحيح، قَالَ: فهل عندك فيه شيء؟ قَالَ يعفيني القاضي من هذا، فقال يا أبا الحسن هذه حاجة الدهر، ثم أمر له بثياب وطيب ومركب بسرجه ولجامه، ولم يزل حتى قَالَ له: فِي هذا الإسناد من لا يعمل عليه ولا على ما يرويه، وهو قيس بْن أَبِي حازم، إنما كان أعرابيا بوَّالا على عقبيه. فقبل ابن أبى داود بن المديني واعتنقه، فلما كان الغد وحضروا قَالَ: ابن أبى داود: يا أمير المؤمنين يحتج فِي الرؤية بحديث جرير، وإنما رواه عنه قيس بْن أَبِي حازم وهو أعرابي بوَّال على عقبيه. قَالَ: فقال أَحْمَد بعد ذلك: فحين أطلع لي هذا علمت أنه من عمل على بن المديني، فكان هذا وأشباهه من أوكد الأمور في ضربه.
ثم ذكر حكاية عن أحمد بن على بن البادا ثم ساقها إلى أبى بكر بن أبى داود وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن ابن دوما النعالى وقد تقدم ذكره.(22/139)
ثم ذكر حكاية عن ابن رزق ساقها إلى سفيان بن عينية وقد تقدم ذكره، ثم ساقها من طريق أخرى عن أبى نعيم الأصفهانى وهو صاحب الحلية وقد تقدم ذكره. وساقها إلى سفيان بن عينية.
ثم ذكرها حكاية عن العتيقى ساقها إلى محمد بن يونس الجمال، قال محمد بن الجهم: هو عندي متهم. وقال ابن عدى: هو يسرق الحديث. حكى ذلك ابن الجوزي في كتاب «الضعفاء» ، ثم ساقها إلى شعبة بن الحجاج العتكي ذكره الخطيب في تاريخه فقال في ترجمته أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان حدثنا محمد بن جعفر الراشدي حدثنا أَبُو بكر الأثرم قَالَ سَمِعْت أَبَا عَبْد الله يقول: كان شعبة يحفظ لم يكتب إلا شيئا قليلا وربما وهم في الشيء، ثم ذكر حكاية أخرى قال أخبرنا ابن الفضل حدثنا أحمد بن دَعْلَجِ بْنِ أَحْمَدَ أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الأبار حدثنا محمد بن المنهال حَدَّثَنَا يزيد بن زريع. قال: قدم علينا شعبة البصرة ورأيه رأي سوء خبيث- يعني الترفض- فما زلنا به حتى ترك قوله ورجع وصار معنا.
ثم ذكر حكاية أخرى عن البرمكي ثم ساقها إلى عمر بن محمد الجوهري وقد تقدم ذكره، ثم ساقها إلى سفيان بن عينية وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن عبيد الله بن عمر الواعظ ساقها إلى أبى بكر بن عياش وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن على بن أحمد الرزاز إلى مؤمل بن إسماعيل وتقدم ذكر على ومؤمل، ثم ساقها إلى سفيان الثوري وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن محمد بن عمر بن بكر المقري ساقها إلى المؤمل بن إسماعيل إلى سفيان وقد تقدم ذكرهما.
ثم ذكر حكاية عن أبى حسنويه ساقها إلى إبراهيم بن أبى الليث. ذكره الخطيب في تاريخه فقال: قرأت على البرقاني عن محمد بن العباس قال حدثنا أحمد بن محمد ابن مسعدة قَالَ حَدَّثَنَا جعفر بن درستويه قَالَ حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز قال سمعت يحيى بن معين- وذكر إبراهيم بن أبى الليث- فقيل له إن أحمد يكتب عنه فقال: لو اختلف إليه ثمانون كلهم مثل منصور بن المعتمر. ما كان إلا كذابا. قال الخطيب: أخبرنى الأزهرى حدثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الخلال حَدَّثَنَا مُحَمَّد(22/140)
ابن أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوب بن شيبة قَالَ حدثنا جدي قال: إبراهيم بن أبي الليث كان أصحابنا كتبوا عنه ثم تركوه، وكانت عنده كتب الأشجعي، وكان معروفا بها، ولم يقتصر على الذي عنده حتى تخطى إلى أحاديث موضوعة. وقال جدي: حدثني أحمد ابن الْعَبَّاس قَالَ سمعت يَحْيَى بْن معين يقول: ابْن أبي الليث يكذب في الحديث. ولو حدث بما سمع لكان خيرا له. وقَالَ أَبُو حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: وَإبراهيم بن نصر صاحب الأشجعي متروك الحديث كان يكذب. وقَالَ أبو علي صالح بن محمد الأسدي: كان إبراهيم بن أبى الليث يكذب عشرين سنة.
وذكر حكاية ساقها إلى سفيان الثوري وقد تقدم ذكره. ثم ذكر حكاية عن محمد ابن الحسين بن محمد المتوثى إلى الحسن بن الفضل البوصرائى ذكره الخطيب في تاريخه فقال: أكثر الناس عنه ثم انكشف ستره فتركوه.
وذكر حكاية عن محمد بن كثير العبدى وقد تقدم.
وذكر حكاية عن سفيان الثوري وقد تقدم.
ثم ذكر حكاية عن رضوان بن محمد بن الحسن الدينوري ساقها إلى عبد الرزاق، وعبد الرزاق هذا هو ابن همام الصنعائى. قال النسائي: فيه نظر لمن كتب عنه بأخرة، كتبت عنه أحاديث مناكير. وقال عباس بن عبد العظيم لما قدم من صنعاء والله لقد تجشمت إلى عبد الرزاق وإنه لكذاب، والواقدي أصدق منه. وقال ابن عدى: حدث عبد الرزاق بأحاديث في الفضائل لم يوافقه أحد عليها، ومثالب لغيرهم مناكير، ونسبوه إلى التشيع. حكى ذلك ابن الجوزي في كتاب الضعفاء.
ثم ذكر حكاية عن ابن رزق ساقها إلى محمد بن عثمان بن أبى شيبة ذكره الخطيب في تاريخه فقال في ترجمته أخبرنا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الدَّقَّاق. قَالَ قرأنا على الحسين بن هارون عن أبي العباس بن سعيد قَالَ: سمعت عبد الله بن أسامة الكلبي يقول: محمد بن عثمان كذاب أخذ كتب ابن عبدوس الرازي ما زلنا نعرفه بالكذب، وَقَالَ ابن سعيد: سمعت إبراهيم بن إسحاق الصواف يقول: محمد بن عثمان كذاب يسرق حديث الناس، ويحيل على أقوام أشياء ليست من حديثهم.
وقال سمعت داود ابن يحيى يقول: محمد بن عثمان كذاب قد وضع أشياء كثيرة يحيل على قوم أشياء ما حدثوا بها قط. قَالَ وسمعت عَبْد الرحمن بْن يُوسُف بْن خراش(22/141)
يقول: محمد بن عثمان كذاب بين الأمر يزيد في الأسانيد فيوصل ويضع الحديث.
وقَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ على الحضرمي يقول: محمد بن عثمان كذاب ما زلنا نعرفه بالكذب وهو صبي. وقَالَ سَمِعْتُ عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَدَ بْنِ حنبل يقول:
محمد بن عثمان كذاب بين الأمر يقلب هذا على هذا، وأعجب من يكتب عنه.
وَقَالَ سمعت جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أبِي عُثْمَانَ الطَّيَالِسِيُّ يقول: ابن عثمان هذا كذاب يجيء عن قوم بأحاديث ما حدثوا بها قط، متى سمع؟ أنا عارف به جدا. وَقَالَ حَدَّثَنِي محمد بن عبيد بن حماد قَالَ: سمعت جعفر بن هذيل يقول: محمد ابن عثمان كذاب. قال الخطيب إلى هاهنا عن ابن سعيد. قال وحدثني على بن محمد ابن نصر قَالَ سمعت حمزة بن يوسف السهمي يقول وسألت الدارقطني عَنْ مُحَمَّد بن عُثْمَان بن أَبِي شيبة فقال: كان يقال أخذ كتب أبي أنس وكتب غير محدث. قال الخطيب:
سألت البرقاني عن ابن أبى شيبة قال: لم أزل أسمع الشيوخ يذكرون أنه مقدوح فيه.
ثم ذكر حكاية عن محمد بن على المالكي ساقها إلى محمد بن عبد الله المديني قال الخطيب حدَّثَنِي عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن نَصْر قَالَ سمعت حمزة بْن يُوسُف يَقُول سألت الدارقطني عن عبد الله بن على المديني روى عن أبيه كتاب الفلك؟ فقَالَ: إِنَّما أخذ كتبه وروى إجازة ومناولة، وما سمع كثيرًا من أبيه، قلت لم؟ قَالَ لأنه ما كان يمكنه من كتبه.
وذكر حكاية عن أبيه على بن المديني وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن أبى عمر عبد الواحد ساقها إلى يعقوب بن شيبة ذكره الخطيب في تاريخه ونقل عن أحمد بن حنبل أنه سأل يعقوب فقال: مبتدع صاحب هوى.
وذكر حكاية عن أحمد بن الحسن الحرشي الحربي ساقها إلى أبى قلابة الرقاشي وهو عبد الملك بن محمد ذكره الخطيب في تاريخه وقال: قال الدارقطني: هو صدوق كثير الخطإ في الأسانيد والمتون، كان يحدث من حفظه فكثرت الأوهام منه. وقال في حكاية أخرى بسند ساقه قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ أبو قلابة بالبصرة قبل أن يختلط ويخرج إلى بغداد، ثم ساق الحكاية إلى سفيان الثوري وقد تقدم ذكره.
ثم ذكر حكاية عن أبى سعيد محمد بن موسى الصيرفي عن أبي العباس مُحَمَّد بن(22/142)
يعقوب الأصم عن محمد بن على الوراق عن مسدد قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عاصم يَقُولُ ذكر عند سُفْيَان موت أَبِي حنيفة فما سَمِعْتُهُ يقول رحمة الله عليه ولا شيئا، وقَالَ الحمد لله الَّذِي عافانا مما ابتلاه. وهذا يؤيد قول عبد الله بن على في قوله: وكان بينهما شيئا.
وهذا آخر ما ذكره الخطيب وقد بينا الجواب عن كل فصل، وهذا على ما شرطته أولا في صدر الكتاب.
ثم ذكرت روايته وما في سند كل واحد من الضعف أو الكلام الشبيه بالضعف وكل ذلك بينت موضعه من الكتب وقائله لم أرد بذلك إلا جوابا للخطيب في قوله المحفوظ عند أئمة الحديث غير هذا، وربما كان بعض من ذكرنا مشهورا بالثقة والأمانة إلا أن الخطيب لما أن ذكر في كتابه ما حكيناه عن واحد واحد منهم أردنا نقل ذلك عنه إلزاما له بقوله وهو لا بد أن يكون في أحد النقلين كاذبا، وهذا حديثنا في الرجال والنقلة على تقدير أن يكون الخطيب يصلح للنقل أو النقل عنه كما في الفصل إذا وقع الاختلاف في المقضى به فعلى القاضي الثاني أن يجيزه، أما إذا كان الاختلاف في القاضي فليس للثاني أن يجيزه على وجه من الوجوه. مثال ذلك أن يكون محدودا في القذف أو يكون امرأة استقضت فحكمت في الحدود فهذا لا ينفذ، وليس للثاني أن يجبره أصلا. وجوابنا للخطيب على هذا التقدير.
أما ما قد نقل عنه في نفسه فما أنبأنا به أبو محمد بن اسماعيل الطرسوسي في كتابه إلى من أصبهان قال أنبأنا محمد بن طاهر المقدسي الحافظ- ونقلته من خطه- قال سألت الإمام أبا القاسم سعد بن على عن أبى بكر الخطيب- ورأيت على بعض أجزائه علامة له- فقلت له كيف رأيته؟ فقال: كان هاهنا يفيد الناس من سليم الرازي، ويقرأ لهم عليه. وكأنه لم يرفع به رأسا. وبالإسناد قال المقدسي- ونقلته من خطه- وسألت أبا القاسم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي هل كان أبو بكر الخطيب كتصانيفه في الحفظ؟ فقال: لا كنا إذا سألناه عن شيء أجابنا بعد أيام، وإن ألححنا عليه غضب. وكانت له بادرة وحشة. وأما تصانيفه فمصنوعة مهذبة، ولم يكن حفظه على قدرها.
قلت: وقد كان مصحفا. أنبأنا شيخنا الأمام العلامة حجة العرب أبو اليمن زيد ابن الحسن الكندي- مشافهة- قال أجاز لنا الإمام العلامة الحافظ أبو الفضل محمد(22/143)
ابن ناصر السلامي. قال: قال لنا الشيخ الحافظ أبو الغنائم بن النرسي سمعت الشيخ الحافظ أبو بكر الخطيب وهو يقرأ لنا كتاب «المغازي» عن الواقدي على أبى محمد الجوهري، فبلغ إلى غزاة أحد وذكر
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «يا ليتني غودرت يوم أحد مع أصحابى نحض الجبل» .
بالضاد معجمة، فاستنكرته إذ لم يعرف ذلك فلقيت الشيخ أبا القاسم بن برهان النحوي فسألته عن ذلك وقلت له قد
قرأ أبو بكر الخطيب اليوم على الجوهري في «المغازي» قول النبي صلّى الله عليه وسلّم «يا ليتني غودرت مع أصحابى نحض الجبل»
بالضاد فاستنكرته فما تقول في ذلك؟ فقال لي: صحف أبو بكر الخطيب هذه الكلمة، وإنما هو نحص بالصاد غير معجمة- النص- أصل الجبل.
وبالإسناد قال المقدسي- ونقلته من خطه أيضا- سمعت أبا القاسم مكي بن عبد السلام الرميلى رحمه الله يقول كان سبب خروج أبى بكر الخطيب من دمشق إلى صور أنه كان يختلف إليه صبي صبيح الوجه وقد سماه مكي أنا نكبت عن ذكره فتكلم الناس في ذلك وكان أمير البلدة رافضيّا يتعصب، فبلغته القصة فجعل ذلك سببا للفتك به، فأمر صاحب شرطته أن يأخذه بالليل ويقتله، وكان صاحب الشرطة من أهل السنة. فقصده صاحب الشرطة في تلك الليلة مع جماعة من أصحابه ولم يمكنه أن يخالف الأمير وأخذه وقال: قد أمرت بكذا وكذا، ولا أجد لك حيلة إلا أنى أعبر بك على دار الشريف بن أبى الحسن العلوي، فإذا حاذيت الباب اقفز وادخل الدار فإنى لا أطلبك، وأرجع إلى الأمير وأخبره بالقصة. ففعل ذلك ودخل دار الشريف وذهب صاحب الشرطة إلى الأمير وأخبره بالخبر فبعث الأمير إلى الشريف أن يبعث به. فقال الشريف: أيها الأمير أنت تعرف اعتقادي فيه وفي أمثاله، ولكن ليس في قتله مصلحة، هذا رجل مشهور بالعراق وإن قتلته قتل به جماعة من الشيعة بالعراق وخربت المشاهد. قال فما ترى؟ قال: أرى أن يخرج من بلدك. فأمر بإخراجه فخرج إلى صور وبقي بها مدة إلى أن رجع إلى بغداد وأقام بها إلى أن مات رحمه الله.
ويدلك على هذه الحكاية ما ذكره أبو الفرج بن الجوزي في كتابه المسمى ب «السهم المصيب في الرد على الخطيب» الذي أخبرنا به الشيخ الإمام الأوحد أبو طاهر أحمد بن عمر بن محمد بن قدامة المقدسي بقراءتي عليه بالبيت المقدس في شهر صفر من سنة اثنتين وعشرين وستمائة قال أخبرنا الشيخ الإمام العالم أبو الفرج(22/144)
ابن الجوزي بجميع كتابه المسمى ب «السهم المصيب في الرد على الخطيب» قال في أثناء كتابه: (فصل) وجمع الخطيب كتابا في الجهر بالبسملة فساق فيه الأحاديث التي يعلم أنها ليست صحيحة مثل حديث عبد الله بن زياد بن سمعان وقد أجمعوا على ترك حديثه. فقال مالك: كان كذابا ومثل حديث عبد الرحمن بن عبد الله العمري، قال أحمد: كان كذابا. ومثل حديث حفص بن سليمان، قال أحمد: هو متروك الحديث. وكل أحاديثه قد تكلمت عليها في التعليقة وبينت وهاءها، فلا أعيد.
والعجب منه كيف يعارض بمثل هذه الأحاديث الصحاح وصنف كتاب «القنوت» فذكر فيه من هذا الجنس، ولولا أن مسائل الخلاف أولى بذكر ذلك من ها هنا لذكرت من ذلك هاهنا الكثير وإنما المقصود بيان عصبيته الخارجية على الحنابلة، ومدحه المبتدعة وأصحاب الكلام، وما للمحدث ومدح المتكلمين. وقد قال الشافعي: حكمى في أهل الكلام أن يحملوا على البغال ويطاف بهم في القبائل، ويقال هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأخذ في الكلام.
قال ابن الجوزي: أَنْبَأَنَا أَبُو زُرْعَةَ طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طاهر المقدسي عن أبيه. قال سمعت إسماعيل بن الفضل القوسى- وكان من أهل المعرفة بالحديث- يقول: ثلاثة من الحفاظ لا أحبهم لشدة تعصبهم وقلة إنصافهم الحاكم أبو عبد الله، وأبو نعيم الأصفهانى، وأبو بكر الخطيب.
قلت: كان إسماعيل هذا حافظا ثقة صدوقا له معرفة بالرجال والمتون، غزير الديانة سمع أبا الحسين بن المهتدى وابن النقور وغيرهما. وقال الحق.
فأما أبو عبد الله الحاكم فأخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن على بن ثابت قال: كان ابن البيع الحاكم يميل إلى التشيع، وأنبأنا أبو الفتح بن عبد الباقي عن أبى محمد التميمي عن أبى عبد الرحمن السلمى. قال: دخلت على الحاكم أبى عبد الله وهو في داره لا يمكنه الخروج إلى المسجد من جهة أصحاب أبى عبد الله بن كرام وذلك أنهم كسروا منبره ومنعوه من الخروج. فقلت له لو خرجت وأمليت في فضائل هذا الرجل يعنى معاوية حديثا لاسترحت من هذه المحنة؟ فقال:
لا يجيء من قلبي، لا يجيء من قلبي لا يجيء من قلبي.
وأما أبو نعيم الأصفهانى فكانت له العصبية في مذاهب الأشاعرة، ورأيت له(22/145)
كتابا قد سماه «مذهب الحروفية» فذكر مذهب الأشعريّ مختلطا بضده وهو لا يدرى مثل قوله: من قرأ حرفا من القرآن فله عشر حسنات، ومن دليل تخليطه أنه قال:
القراءة غير المقروء. ثم حكى عن أحمد بن حنبل أنه سئل ما تقول في رجل قال التلاوة مخلوقة وألفاظنا بالقرآن مخلوقة؛ والقرآن كلام الله ليس بمخلوق؟ فقال: هذا يجانب، وهو قول المبتدعة. فقلت: فمن أحتج على ما نصره بهذا لا يصلح أن يكلم لأنه يريد أن يحتج لنفسه فيحتج على نفسه وليس هذا موضع الرد عليه وإنما المقصود أنه متصعب وما للمحدث والخوض في الكلام وهو يروى نهى السلف عنه، وأما الخطيب فإنه زاد عليهما في التعصب وسوء القصد، ولهذا لم يبارك في كتبه ولا يكاد يلتفت إليها وهي كتب حسان، ولو ذهبنا نذكر أغلاطه وما تعصب به لطال ومن تبلغ به العصبية إلى ما قد ذكرنا من تغطية الحق والتلبيس على الخلق لا ينبغي أن نقبل جرحه وتعديله لأن فعله وقوله ينبئ عن قلة دين، ولقد نقلت من خطه أشعارا قالها منها:
تغيب الناس عن عيني سوى قمر ... حسبي من الخلق طرا ذلك القمر
محله من فؤادي قد تملكه ... وحاز روحي فما لي عنه مصطبر
أردت تقبيله يوما مخالسة ... فصار من خاطري في خده أثر
وكم حكيم رآه ظنه ملكا ... وراجع الفكر فيه أنه بشر
ومنها:
بات الحبيب وكم له من ليلة ... فيها أقام إلى الصباح معانقي
ثم الصباح أتى ففرّق بيننا ... ولقلما يصفو سرور العاشق
ومنها:
للخمر والورد حق لست أجحده ... إذ ناسبا ما بدت منه بلاياى
فالخمر من طيب ريق الحب قد سرقت ... والورد أضحى يحاكى خد مولاي
ومنها:
بالله أقسم أيمانا مغلظة ... ما مثل حبى مشى في سائر الناس
إذا بدا يتثنى خلته قمرا ... من فوق غصن مديد الفرع مياس
شربت من لحظه خمرا سكرت بها ... زادت على نعت خمر الكاس والطاس(22/146)
فأورثت مهجتي من حبه دنفا ... وعظمت حال أفكارى ووسواسى
ومنها:
يا عاذلى كف عن عذلى فلو نظرت ... عيناك حبى لعاينت الذي أجد
وقلت من فرط وجد حين تنظره ... هل يملك الصبر عن هذا ترى أحد
جعلت في الحب فردا لا نظير له ... كما حبيبي بحسن الوصف منفرد
ومنها:
ما كان أغفلنى عما ابتليت به ... من حب ذى هيف أبهى من القمر
قد أبدع الله فيه حين صوره ... كأنه ملك في صورة البشر
سقام أجفانه قد زاد في سقمي ... فصرت من ذا وذا في أعظم الخطر
مترف ناعم لو ظلت لاحظه ... لذاب من رقة في ساعة [النظر]
يؤثر الوهم في توريد وجنته ... لكنما قلبه أقسى من الحجر
فهذه الأشعار تدل على صحة ما تقدم من الحكاية التي ذكرها المقدسي في سبب خروج الخطيب من دمشق، ومن هذا حاله لا يصلح أن يكون بمنزلة الأئمة الذين تقبل أقوالهم في الجرح والتعديل، ورواياتهم.
نسأل الله أن يعصمنا من الزلل ويوقفنا لصالح العمل بفضله وكرمه، وما ذكرته من الحكايات والأسانيد أخبرنى بها وبجميع تاريخه الخطيب شيخي الأمام العلامة حجة العرب أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي- إجازة- قال أخبرنا أبو منصور القزاز- سماعا- قال أخبرنا أبو بكر الخطيب.
آخر الكتاب والحمد لله والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد النبي وآله أجمعين.(22/147)
ملحق في آخر الأصل ما يأتى
ومن جملة لطائف الإمام الأعظم أبى حنيفة رضوان الله عليه في النحو يقول:
أشرت إلى بكم بكم بكم ما بكم ... بكم عوضا ترضون عما بكم بكم
أعرب تفهم الجواب
فقالوا جميعا بالإشارة إنه ... كفى عوضا أنّ السلّامة في البكم
فرغ من كتابته العبد الفقير إلى رحمة ربه الراجي عفوه أحمد بن عبد الدائم ابن نعمة المقدسي سامحه الله وذلك في يوم الإثنين العشرين من شهر رمضان المبارك من سنة ثلاث وعشرين وستمائة هجرية.
وفي آخر ما نصه قوبل بالأصل المنقول عنه المقروء على مولانا السلطان أعز الله نصره.
ثم كتاب الرد للملك المعظم. ويتلوه إن شاء الله [كتاب مفتاح الترتيب لأحاديث تاريخ الخطيب] الذي تفضل بوضعه العلامة ألا ترى السيد أحمد الصديق الطنجى نزيل القاهرة حالا، والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
آخر الجزء الثاني والعشرين(22/148)
الجزء الثالث والعشرون
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
[الفهارس]
فهرس الأحاديث النبوية الشريفة
باب حرف الألف
آبت الشمس بذنوبه 2/77
آخِرُ أَرْبَعَاءَ مِنَ الشَّهْرِ يَوْمَ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ 14/406
آخِرَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ كلام النبوة إذا لم تستح فافعل ما شئت 12/134
آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الوكيل 9/119
آخرها ضلالة 3/336
آلله؟ 8/465
آلَى عَلَى نَفْسِهِ أَنْ لا يَسْلُبَهُ حَسَنَةً، ولا يسأله عن سيئة 14/35
آوتني حين طردني الناس 12/135
آية المنافق ثلاث 14/71
أَبْرِدُوا بِالصَّلاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرَّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ 14/176
أبردوا بالصلاة في شدة الحر 7/55
أبردوا بالصلاة؟ 14/177
أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جهنم 14/178
أُبَشِّرَ خَدِيجَةَ بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ 12/229
أَبْشِرُوا يَا أَصْحَابَ الصُّفَّةِ، فَمَنْ بَقِيَ مِنْ أمتي على البعث الذي أنتم عليه اليوم راضيا 13/276
أبشرى يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، فَإِنَّكِ إِنْ تَخْلُصِي مِنْ وجعك هذا تخلصين من الذنوب 4/181
أَبْصَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسْوَةً مَعَ جِنَازَةٍ، فَقَالَ لَهُنَّ: أَتَحْمِلْنَ؟ أَتَدْفِنَّ؟ أَتَحْثِينَ؟ ارجعن مأزورات غير مأجورات 9/104
أبعد اللقاء الموت 13/121
الأبعد فالأبعد إلى المسجد، أعظم أجرا 11/33
أبعدكم مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الثَّرْثَارُونَ الْمُتَشَدِّقُونَ الْمُتَفَيْهِقُونَ 4/283
أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم 2/342
أبغض بَغِيضَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يوما ما 11/425(23/3)
أبغضكم إِلَيَّ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ، الْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الأَحِبَّةِ، الْمُلْتَمِسُونَ للبرآء العنت 2/320
أَبْلِغْ أُمَّتَكَ عَنِّي السَّلامَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي جَعَلْتُهُمْ آخِرَ الأُمَمِ لأَفْضَحَ الأُمَمِ عِنْدَهُمْ، وَلا أَفْضَحُهُمْ عند الأمم 5/337
أَبِمُحَمَّدٍ تَفْعَلُ هَذَا؟ وَاللَّهِ مَا رَكِبَكَ نَبِيٌّ أَكْرَمُ مِنْهُ عَلَى اللَّهِ، قَالَ فَارْفَضَّ الْبُرَاقُ عرقا 11/257
أبو أُسَامَةَ إِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وخرجوا من هذا الباب 8/212
أبو بَكْرٍ إِنَّ اللَّهَ أَعْطَانِي ثَوَابَ مَنْ آمَنَ بِي مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ إِلَى أَنْ تقوم الساعة 5/256
أبو بَكْرٍ سَمِعْتُكَ الْبَارِحَةَ وَأَنْتَ تُصَلِّي، وَأَنْتَ تُخَافِتُ بقراءتك 13/287
أبو بكر في الجنة 4/318
أبو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ مِثْلُ الثُّرَيَّا فِي السَّمَاءِ 2/377
أبو بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما 11/432
أبو بكر وعمر 4/66
أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ خَيْرُ أَهْلِ السَّمَوَاتِ، وَخَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ، وَخَيْرُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ إِلا النَّبِيِّينَ والمرسلين 2/333
أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ 14/219
أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مِنْ هَذَا الدِّينِ؛ كَمَنْزِلَةِ السمع والبصر من الرأس 8/461
أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مِنْ هَذَا الدِّينِ؛ كَمَنْزِلَةِ السمع والبصر من الرأس 8/461
أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ موسى 11/383
أبو بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ 3/300
أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي 14/334
أبو ذر إذا طبخت فأكثر المرق وتعاهد حيرانك، أو قال اقسم في جيرانك 2/143
أبو طَلْحَةَ وَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ لا أَكُونَ كَذَلِكَ وإنما فارقني جبريل آنفا، فقال: يا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ بَعَثَنِي إِلَيْكَ وَهُوَ يقول إنه ليس أحد من أمتك 8/41
أبو عبد الله هذا قمار 7/64
أبو عبيدة بن الجرّاح في الجنة 4/318
أبو مُوسَى مَرَرْتُ أَنَا وَعَائِشَةُ الْبَارِحَةَ وَأَنْتَ تَقْرَأُ؟ 8/295
أبو مويهبة أسرج لي دابتي، حتى انتهي إليهم 8/217
أبو هُرَيْرَةَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ يَدِي وَيَدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي الْعَدْلِ سَوَاءٌ 8/76
أبو هُرَيْرَةَ تَعَلَّمِ الْفَرَائِضَ فَإِنَّهُ نِصْفُ الْعِلْمِ، وَإِنَّهُ ينسى، وإنه أول ما يتنزع من أمتي 12/89(23/4)
أبو هُرَيْرَةَ عَلِّمِ النَّاسَ الْقُرْآنَ وَتَعَلَّمْهُ، فَإِنَّكَ إِنْ مُتَّ وَأَنْتَ كَذَلِكَ زَارَتِ الْمَلائِكَةُ قَبْرَكَ كَمَا يُزَارُ الْبَيْتُ 5/144
أبو هُرَيْرَةَ لا تَخْرُجُ رُوحُهُ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى يَرَانِي أُرِيهِ مَوْضِعَهُ مِنَ الْجَنَّةِ أَوْ يَرَى منزله من الجنة 5/217
أبوها 11/423
أَبَى اللَّهُ أَنْ يَقْبَلَ عَمَلَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ حتى يدع بدعته 13/187
أَبِي مَاتَ وَتَرَكَ مَالا وَلَمْ يُوصِ فَهَلْ يُكَفِّرُ عَنْهُ إِذَا تَصَدَّقْتُ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ 3/140
أبيض مشربا 11/31
أتاكم أهل اليمن أَرَقُّ أَفْئِدَةً، الإِيمَانُ يَمَانٌ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ، وَالْفِقْهُ يمان 11/376
أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِالسُّوقِ، وَنَحْنُ نُسَمَّى السَّمَاسِرَةُ، فَسَمَّانَا بِأَحْسَنَ من أسمائنا 7/297
أَتَانِي جِبْرِيلُ ذَاتَ يَوْمٍ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ أَسْوَدُ وعمامة سوداء وخف أسود ومنطقة وسيف مجلى 4/455
أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: يا مُحَمَّدُ بَشِّرِ النَّاسَ مَنْ مَاتَ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ 5/327
أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، رَبُّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ وَيَقُولُ: إِنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ لا يَصْلُحُ إِيمَانُهُ 6/14
أتاه جِبْرِيلُ بِخِرْقَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ طُولُهَا ذِرَاعَانِ فِي عَرْضِ شِبْرٍ فِيهَا صُورَةٌ لَمْ يَرَ الرَّاءُونَ أحسن منها 2/190
أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ بِغُلامٍ يَوْمَ وُلِدَ وَقَدْ لَفَّهُ فِي خِرْقَةٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا غلام من أنا؟ 4/215
أتت امرأة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي يدها مناجد 6/34
أَتَتْنِي امْرَأَةٌ، وَزَوْجُهَا بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْثٍ فَقَالَتْ: بِعْنِي بِدِرْهَمٍ تمرا 4/296
أتجزي عني هذه إن أعتقتها؟ 9/344
أَتُحِبُّ هَذَيْنِ الشَّيْخَيْنِ؟ قَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال أحبهما تدخل الجنة 1/262
أتحبني؟ 14/370
أَتَحْمِلْنَ؟ أَتَدْفِنَّ؟ أَتَحْثِينَ؟ ارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ 9/104
أَتَدْرُونَ أَيُّ الْقُرْآنِ أَعْظَمُ؟ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ
إلى آخر الآية 1/362
أتدرون من المفلس؟ 4/242(23/5)
أَتَذْكُرِينَهَا؟ وَاللَّهِ لَقَدْ آمَنَتْ بِي حِينَ كَفَرَ الناس، وآوتني حين طردني الناس 12/135
أترضين بأبي بكر؟ 11/239
أترضين بأبي عبيدة بن الجرّاح 11/239
أترضين بعمر بن الخطّاب؟ 11/239
أترعون عن ذكر الفاجر 7/271
أَتَرْعَوْنَ عَنْ ذِكْرِ الْفَاجِرِ؟ اذْكُرُوهُ بِمَا فِيهِ يَحْذَرْهُ الناس 1/399
أَتَرْعَوْنَ عَنْ ذِكْرِ الْفَاجِرِ؟ اذْكُرُوهُ بِمَا فِيهِ يَحْذَرْهُ الناس 7/270
أترعون عن ذكر الفاجر؟ متى تعرفه الناس؟ اذكروه بما فيه يعرفه الناس 7/270
أَتَرِعُونَ عَنْ ذِكْرِ الْفَاجِرِ؟ مَتَّى يَعْرِفُهُ النَّاسُ، اذْكُرُوهُ بما فيه يعرفه الناس 7/278
أترعون عن ذكر الفاجر؟ اذكروه حتى يعرفه الناس 3/438
أتزكي هذا؟ 6/189
أَتَضْحَكُونَ مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ؟ لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ من أحد 7/201
أَتَضْحَكُونَ مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ 1/159
أتعجبون منها وإقبالها على فرخيها؟ فالله أَشَدُّ فَرَحًا وَأَشَدُّ إِقْبَالا عَلَى عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ حِينَ تَوْبَتِهِ مِنْ هذه بفرخيها 3/387
أَتَفْعَلُ هَذَا وقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا 14/104
أَتُقَبِّلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ لَقَدْ وُلِدَ لِي عَشْرَةٌ مَا قَبَّلْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لا يرحم لا يرحم 10/175
أتقرءون خلف الإمام؟ والإمام يقرأ؟ 13/177
اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور ربه ثُمَّ قَرَأَ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ
[الحجر 75] 7/250
أتَمْشِي أَمَامَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؟ مَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَلا غَرَبَتْ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الصديق 12/433
أَتِمُّوهَا سَبْعِينَ مَرَّةً قَالَ: فَأَتْمَمْنَاهَا سَبْعِينَ مَرَّةً 6/389
أَتَى أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم بقدح نبيذ ينش 12/33(23/6)
أَتَى الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَلَّبِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنَعْرِفُ الضَّغَائِنَ فِي أُنَاسٍ مِنْ قَوْمِنَا مِنْ وَقَائِعَ أَوْقَعْنَاهَا 2/413
أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيٌّ وَهُوَ شَادٌّ عَلَيْهِ رُدْنُهُ أَوْ قَالَ عَبَاءَهُ فَقَالَ: أيكم محمّد؟ فقالوا: صاحب الوجه الأزهر 3/387
أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم أهل قاه 6/34
أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَائِرٍ فَقَالَ: اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ معي من هذا الطائر 9/376
أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِدْرٍ فيها لبء قَدْ أُنْضِجَتْ فَأَكَلَ مِنْهَا ثُمَّ قَامَ إِلَى الصّلاة ولم يمس ماء 12/289
أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَصْعَةٍ مِنْ ثَرِيدٍ فَقَالَ: كُلُوا مِنْ حَوَالَيْهَا وَلا تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهَا، فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وسطها 6/44
أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِطْعَةٍ مِنْ ذَهَبٍ كَانَتْ أَوَّلَ صَدَقَةٍ جَاءَتْهُ مِنْ معدن 8/241
أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمَاءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلاثًا، ثُمَّ مَضْمَضَ ثَلاثًا، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا، وَيَدَيْهِ ثَلاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وأذنيه، وغسل رجليه 4/35
أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَبِيذِ جَرٍّ يَنِشُّ فَقَالَ: اضْرِبْ بِهَذَا الْحَائِطَ 10/109
أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَهُودِيٍّ ويهودية قد أحدثا جَمِيعًا فَقَالَ لَهُمْ: مَا تَجِدُونَ فِي كِتَابِكُمْ؟ فذكر الرجم 5/12
أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ عَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ عَظِيمٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتُزَكِّي هَذَا؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا زَكَاةُ هَذَا 6/189
أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي ذَرِبُ اللسان، وأكثر ذلك على أهلي 12/479
أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم نعلين مخصوفتين 4/61
أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ فِيهَا صُورَةُ عَائِشَةَ فَقَالَ هذه زوجتك في الدنيا والآخرة 11/221
أَتَى رَجُلٌ أَعْرَابِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْبَدْوِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الْمَاشِيَةُ 2/41
أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأله عن الساعة فقال متى الساعة يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ 5/13
أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجِنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ؟ قَالُوا: لا نعلم إلّا خيرا 14/25
أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ تُرْعَدُ فَرَائِصُهُ فَقَالَ: لا بَأْسَ عَلَيْكَ إنما أنا ابن أمة تأكل القديد 6/275(23/7)
أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَوِيقِ لَوْزٍ فَرَدَّهُ، وَقَالَ: هَذَا شَرَابُ الْجَبَابِرَةِ والمترفين بعدي 9/388
أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَصْعَةٍ فِيهَا بَصَلٌ فَقَالَ: كُلُوا وَأَبَى أَنْ يأكل وقال: إني لست مثلكم 11/416
أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلا عَمِلَ الذُّنُوبَ كُلَّهَا فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهَا شَيْئًا، وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَمْ يَتْرُكْ حَاجَّةً وَلا دَاجَّةً إِلا اقْتَطَعَهَا بِيَمِينِهِ 4/121
أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَصَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ 10/360
أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ عَلَيْهَا قَائِمًا، ثُمَّ دعا بماء فتوضأ ومسح على الخفين 6/162
أتى سباطة قوم فبال قائما 7/382
أَتَى سَبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ على خفيه 8/176
أَتَى فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ ذوو الأموال بالدرجات، 3/277
أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَائِرٍ فَقَالَ: اللَّهُمَّ آتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ معي فجاء علي، فحجبته أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَأَمَرَ فِيهِ بِأَمْرٍ، ثم قام فحمل 1/435
أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْغَزْوِ قَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ: الْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رجليها 4/94
أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَبِيذِ جَرٍّ يَنِشُّ فَقَالَ: اضْرِبْ بِهَذَا الْحَائِطَ 10/109
أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَبِيذِ جر ينش وقلت يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي شُرْبِهِ؟ فقال: أضرب به الحائط هذا شراب 10/109
أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ إلا م تَدْعُو؟ قَالَ: إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلَى صِلَةِ الرحم 7/249
أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ وُلِدَ لِي غُلامٌ فَمَا أُسَمِّيهِ؟ قَالَ سَمِّهِ بِأَحَبِّ الناس إليّ حمزة 2/71
أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبَرُّ؟ قَالَ: أُمَّكَ قال: قلت ثم من؟ قال أُمَّكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ: ثم أباك 4/63
أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأُبَايِعَهُ، فقلت علام تُبَايِعُنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَمَدَّ يَدَهُ ثُمَّ قَالَ تَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له 1/209
أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَايَعْتُهُ، ونظرت إلى الخاتم الذي بين كتفيه 9/255
أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الشَّيْخَ قَدْ مَاتَ قال: ادفنه ثم اغتسل 10/450
أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمسح يده على رأسي 13/73(23/8)
أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فِدَاءِ أَهْلِ بَدْرٍ، فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ، فَكَأَنَّمَا تَصَدَّعَ قَلْبِي حِينَ سَمِعْتُ القرآن 3/265
أُتِيتُ فِي الْمَنَامِ بِعُسٍّ مَمْلُوءٍ لَبَنًا فَشَرِبْتُ مِنْهُ حَتَّى امْتَلأْتُ، فَرَأَيْتُهُ يَجْرِي فِي عُرُوقِي 10/231
أَثْقَلَ مَا يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حسن الخلق 3/97
أثن البساط لا يطأ عليه بقدمه 10/294
أجازى العباد على قدر عقولهم 4/266
الأجدع شيطان 13/233
أَجْرَأُ النَّاسِ صَدْرًا، وَأَصْدَقُ النَّاسِ لَهْجَةً، وَأَوْفَاهُمْ بذمة 11/31
أجرني من خزي الدنيا وعذاب الآخرة 14/240
أجزى العباد على قدر عقولهم 4/232
أجعلتني لِلَّهِ نِدًّا؟ قُلْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ 8/105
أجل وأنت هو يا أبا بكر 5/318
أجيبوا صاحب الوليمة فإنه ملهوف 7/410
أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافًا، الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ، وإن أبغضكم 1/399
أُحِبُّ أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ وَأَنَا سَلِيمُ الصَّدْرِ 11/11
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَطَأَ عَلَى قَبْرٍ 11/250
أَحَبُّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَبْدُ اللَّهِ وعبد الرّحمن 10/322
أحب الأعمال إلى الله الصلاة لوقتها 3/455
أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دَامَ مِنْهَا وإن قل 4/7
أَحَبُّ الْكَلامِ إِلَى اللَّهِ أَنْ يُقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلا الله، والله أكبر 5/208
أَحَبَّ مَا يَقُولُ الْعَبْدُ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ، سُبْحَانَ الَّذِي يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كل شيء قدير 11/278
أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا، عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا مَا، وَابْغَضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يوما ما 11/425
أحبك الله كما أحبهما 6/69
أَحَبُّكُمْ إِلَى اللَّهِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافًا، الذين يألفون ويؤلف 1/399(23/9)
أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي 4/282
أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنُكُمْ أَخْلاقًا الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافًا الَّذِينَ يألفون ويؤلفون 2/320
أحبهما تدخل الجنة 1/262
أحبهما فبحبهما تدخل الجنة 3/59
أَحْسَابَ أَهْلِ الدُّنْيَا الَّذِي يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ لَهَذَا المال 1/334
أَحْسَبُ أَنَّ صَاحِبَكُمْ مَاتَ جَائِعًا، إِنِّي رَأَيْتُ زَوْجَتَيْهِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ وَهُمَا يَدُسَّانِ فِي فيه من ثمار الجنة 3/143
أَحْسَنَ مَا غَيَّرْتُمْ بِهِ الشَّيْبَ، الْحِنَّاءُ وَالْكَتَمُ 8/34
أحسنت 14/321
أَحْسَنُكُمْ أَخْلاقًا الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافًا الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ 2/320
أحسنهما عقلا 8/356
أَحْسِنُوا إِلَى الْمَاعِزِ وَامْسَحُوا عَنْهَا الرغام، فَإِنَّهَا مِنْ دَوَابِّ الْجَنَّةِ، مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلا وَقَدْ رَعَى قَالُوا:
وَأَنْتَ؟ ... قَالَ: وَأَنَا قَدْ رعيت الغنم 9/146
أحسنوا فان غلبتم فكتاب الله وقدره، 12/250
أُحِلَّ لَنَا مِنَ الْمَيْتَةِ مَيْتَتَانِ، وَمِنَ الدَّمِ دمان: الحيتان والجراد والطحال والكبد 13/245
أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ قَالَ نَعَمْ! قَالَ: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ 5/3
أَحَيَّةٌ وَالِدَتُكَ؟ فَبِرَّهَا فَتَكُونُ قَرِيبًا مِنَ الْجَنَّةِ 4/275
أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ، وَإِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لا تَدْخُلُهُ الْمَلائِكَةُ 2/292
أخاف عليكم الربا 13/117
أَخَافُ عَلَيْكُمْ ثَلاثًا وَهُنَّ كَائِنَاتٌ زَلَّةُ عَالِمٍ، وجدال منافق، ودنيا تفتح عليكم 2/127
أخال الرجل يريدكم 3/143
أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ أَنَّ اللَّهَ نَاظِرٌ إِلَى عَبْدٍ يمشى حافيا في طلب الخير 4/413
أخبرني عما افترض الله عليّ من الزكاة؟ 2/435
أَخْبِرْنِي عَمَّا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ؟ 2/435
أخبرني عن الإسلام بأمر لا نسأل عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ؟ قَالَ: قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ ثم استقم 3/174(23/10)
أَخْبَرَنِي عَنْ صَلاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّهَارِ، قَالَ: وَمَنْ يُطِيقُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطِيقُ؟ كَانَ يُصَلِّي إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ مِمَّا يَلِي المشرق بمنزلتها صلاة الظهر 4/158
أخبره رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرَائِعِ الإسلام 2/435
أخبرهم أَنِّي جَعَلْتُهُمْ آخِرَ الأُمَمِ لأَفْضَحَ الأُمَمِ عِنْدَهُمْ، ولا أفضحهم عند الأمم 5/337
اخْتَبَأْتُ شَفَاعَتِي لأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ القيامة 1/413
أخذ الجزية من مجوس هجر 8/335
أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِ جسدي وقال: يَا عَبْدَ اللَّهِ كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ، وَاعْدُدْ نَفْسَكَ مِنْ أهل القبور 4/317
أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَانْطَلَقَ إِلَى النَّخْلِ 11/436
أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، ثم وضع كفه على فمه 14/132
أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَعَلَّمَنِي التَّشَهُّدَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ 4/4
أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَنَضَحَ بِهِ فَرْجَهُ 10/362
أَخَذَ مِنْهُمْ يَوْمِئِذٍ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ صَاحِبُهُ أَوْ أَحْسَنَ افْتَخَرَ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قالت 4/352
أخذه النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَهُ فِي حجره فدمعت عينه 11/436
أَخَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ صَلاةَ الْعِشَاءِ الآخِرَةَ هُنَيْهَةً، فَخَرَجَ عَلَيْنَا فقال: ما تنتظرون؟ قالوا:
الصلاة 3/281
أَخْلَفْتَ رَجُلا غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي أهله بهذا؟ 4/296
أَخْنَعُ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ يسمى بملك الأملاك 6/328
أداء الحقوق، وحفظ الأمانات، ديني ودين النبيين من قبلي 12/419
أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِهَا الثَّمَانِيَةِ شاء 7/95
أدخلوه الجنة فإنه كان يرحم عياله 3/132
أدخلوه جنة عالية، قطوفها دانية 12/68
أدخلوه جنة عالية، قطوفها دانية 5/208
أدركت ثمانين مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 9/213
أدركوا صاحبكم 3/143
أدعج العينين أهدب الأشفار 11/31(23/11)
ادْنُ بُنَيَّ وَسَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ 9/116
أدنوا إلى الوضوء 14/132
أَدُّوا الْعَزَائِمَ، وَاقْبَلُوا الرُّخَصَ، وَدَعُوا النَّاسَ فَقَدْ كفيتموهم 5/412
أَذِنَ فِي نَبِيذِ الْجَرِّ بَعْدَ أَنْ نَهَى عنه 10/106
أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلائِكَةِ اللَّهِ، مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ إِلَى عاتقه مسيرة خمسمائة عام، أو سبعمائة عام 10/192
الأذنان من الرأس 14/166
الأذنان من الرأس 3/486
الأذنان من الرأس 6/380
الأذنان من الرأس 7/418
أَرَأَيْتَ إِنْ ذَهَبَتِ الأَرْضُ وَذَهَبَتِ السَّمَاءُ أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ؟ قَالَ: عَلَى الصِّرَاطِ 10/121
أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ رَجُلا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَقَاتَلَنِي فقطع يدي بالسيف، 4/465
أَرَأَيْتَ رَجُلا عَمِلَ الذُّنُوبَ كُلَّهَا فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهَا شَيْئًا، وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَمْ يَتْرُكْ حَاجَّةً وَلا دَاجَّةً إِلا اقْتَطَعَهَا بِيَمِينِهِ، فَهَلْ لِذَلِكَ مِنْ توبة؟ 4/121
أَرَأَيْتُمْ مَا أُعْطِيَ سُلَيْمَانُ مِنْ مُلْكِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَزِدْهُ إِلا تَخَشُّعًا وَمَا كَانَ يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَى السَّمَاءِ تَخَشُّعًا مِنْ رَبِّهِ 6/98
أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ بَعْدَ الزَّوَالِ يَعْدِلْنَ بِمِثْلِهِنَّ من صلاة الليل 1/268
أَرْبَعٌ لَمْ يَدَعْهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صِيَامُ عَاشُورَاءَ وَالْعَشْرِ، وَثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وركعتي الغداة 12/360
أَرْبَعٌ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْرُكُهَا، صَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَالْعَشْرِ، وَثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، والركعتين قبل الغداة 9/107
أَرْبَعٌ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُهُنَّ؛ صَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَالْعَشْرِ، وَثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، والركعتين قبل الغداة 9/247
أَرْبَعٌ مِنَ الشَّقَاءِ: الْجَارُ السُّوءُ، وَالْمَرْكَبُ السُّوءُ، والمرأة السوء، والمسكن الضيق 12/98
أربعة مِنَ السَّعَادَةِ: الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ، وَالْجَارُ الصالح، والمركب الهنيء 12/98
أَرْبَعَةٌ مِنْ كَنْزِ الْجَنَّةِ: إِخْفَاءُ الصَّدَقَةِ، وَكِتْمَانُ الْمُصِيبَةِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ، وَقَوْلُ لا حَوْلَ وَلا قوة إلا بالله 3/404(23/12)
أَرْبَعَةٌ يُبْغِضُهُمُ اللَّهُ، الْحَلافُ، وَالْفَقِيرُ الْمُخْتَالُ، وَالشَّيْخُ الزاني، والإمام الجائر 9/363
أَرْبَى الرِّبَا الاسْتِطَالَةُ فِي عِرْضِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حق 6/360
أرجو أَنْ لا يَمُوتَ أَحَدٌ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ فَيُعَذِّبُهُ الله عز وجل 2/309
أرحنا بها يا بلال 10/444، 443
أرحنا يا بلال 10/442
أَرَدْتُ أَنْ أَعْلَمَ إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا فَسَيُطْلِعَكَ اللَّهُ عَلَيَّ، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا أُرِيحُ النَّاسَ منك 7/384
أرفع درجة من المطعم له 4/241
أَرِنَا وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَتَوَضَّأَ، قَالَ: فَلَمْ أَرَ شَيْئًا أُنْكِرُهُ، إِلا أَنَّهُ لَمَّا بَلَغَ الْمِرْفَقَيْنِ أَدَارَ بِيَدِهِ عليهما 3/322
أَرِنِي الْمَوْضِعَ الَّذِي قَبَّلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَفَعَ الْحَسَنُ ثَوْبَهُ فَقَبَّلَ سرته 9/97
الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وما تناكر منها اختلف 8/203
الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وما تناكر منها اختلف 4/99
الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وما تناكر منها اختلف 5/114
أُرِيتُ بَنِي أُمَيَّهَ فِي صُورَةِ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، يصعدون منبري، فشق على ذلك، فأنزلت: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
[القدر 1] 9/45
أُرِيتُ بَنِي أُمَيَّةَ يَصْعَدُونَ مِنْبَرِي فَشُقَّ عَلِيَّ، فأنزلت: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
9/45
أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ حَتَّى تَلاحَى فُلانٌ وَفُلانٌ، فَرُفِعَتْ فَالْتَمِسُوهَا فِي الْوِتْرِ، الخامسة، والسابعة، والتاسعة 11/353
أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ، كُنْتُ أُوتَى بِكِ في سرقة من حرير 3/46
الأزد جرثومة العرب 2/56
الأزد كاهلها وجمجمتها، ومذحج هامتها وغلصمتها 13/293
أُزُرُهُمْ إِلَى أَنْصَافِ سَوْقِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يتجاوز تراقيهم، يقتلهم أحبّهم إليّ وأحبهم 1/172
أَزُورُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، قَالَ هل له عليك من نعمة تربها 12/372
أُسَبِّحُكَ وَأَحْمَدُكَ وَأُهَلِّلُكَ مَعَهُمْ، وَأُكَبِّرُكَ مَعَهُمْ، وَأَحْمِلُهُمْ في بطني وبين أضلاعي 10/233
أسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار 6/4
أَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلا مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ فَأَوْثَقُوهُ وَتَرَكُوهُ في الحرة 2/78
أَسْرِجْ لِي دَابَّتِي، حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِمْ فَنَزَلَ عن دابته، وأمسكت الدابة 8/217(23/13)
أسرع الذنوب عقوبة كفران النعم 10/341
أسكنت الرحمة قلوبهم 1/52
أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ وَغِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا 11/117
أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ، وَغِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا وعصية عصت الله ورسوله 6/194
أَسْلَمْتُ لِلَّهِ أَوْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ أَأَقْتُلُهُ؟ قَالَ: لا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ قطع 4/465
أَسْلَمْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا ابن خمسين سنة، ومات الحلاج وهو ابن عشرين ومائة سنة 1/264
أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك 11/245
الأسود لبطنه وفرجه 14/113
أسير المسلمين يفادي 12/93
أشبهت خلقي وخلقي 4/364
أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي، وَأَنْتَ مِنْ شَجَرَتِي الَّتِي أنا منها 11/171
أشد أمتي حبا لي أناس يَكُونُونَ بَعْدِي يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعْطِي أَهْلَهُ وماله بأن يراني 2/434
أَشَدُّ الْحُزْنِ النِّسَاءُ، وَأَبْعَدُ اللِّقَاءِ الْمَوْتُ، وَأَشَدُّ منهما الحاجة إلى الناس 13/121
أشد الناس عذابا إمام غير عادل 2/212
أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا الَّذِينَ يُضَاهُونَ خَلْقَ اللَّهِ عز وجل 4/235
أشد الناس على الرجال في آخر الزمان 9/193
أشراف أمتى حفظة القرآن، وأصحاب الليل 4/347
أشراف أمتي حملة القرآن، وأصحاب الليل 8/79
أَشْعَرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَتْ بِهَا الْعَرَبُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ: أَلا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلا اللَّهَ بَاطِلٌ 12/492
أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وشركه 11/167
أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أن محمّدا رسول الله ثم مات 4/362
أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أن محمّدا رسول الله، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ 2/335
أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تَدْعُو بِمَا أحببت 4/28
أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أن محمّدا عبده ورسوله 4/4(23/14)
أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، مَنْ لَقِيَ اللَّهَ بِهِمَا غَيْرُ شَاكٍّ دَخَلَ الجنة 8/469
أَشِيرُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ فِي أُنَاسٍ أَبَنُوا أهلي 9/84
أَصَابَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُبَيْحَ الْعُرْسِ رَعْدَةٌ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا فَاطِمَةُ إِنِّي زَوَّجْتُكِ سَيِّدًا فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ في الآخرة لمن الصالحين 4/352
أَصَابَتْكُمْ فِتْنَةُ الضَّرَّاءِ فَصَبَرْتُمْ، وَإِنَّ أَخْوَفَ مَا أخاف عليكم فتنة السراء 3/441
أصبتم 10/231
أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يوم فصلى الغداة ثم جلس 2/408
أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَصَلَّى الْغَدَاةَ ثُمَّ جَلَسَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الضُّحَى ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ 2/408
أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَدَعَا بِلالا فَقَالَ: يَا بِلالُ بِمَ سبقتني إلى الجنة؟ 11/370
أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة 2/292
أصدق الرؤيا بالأسحار 8/26
أصدق الرؤيا بالأسحار 11/341
أصدق بَيْتٍ تَكَلَّمَتْ بِهِ الْعَرَبُ: أَلا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلا اللَّهَ بَاطِلٌ 14/49
أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلا تَكِلْنِي إِلَى نفسي 14/29
أصلي فأتوضأ 8/201
أضرب به الحائط هذا شراب 10/109
أَطْعِمْنِي هَرِيسَةً أَشُدُّ بِهَا ظَهْرِي لِقِيَامِ اللَّيْلِ 2/278
أَطْعِمُوا نِسَاءَكُمْ فِي نِفَاسِهِنَّ التَّمْرَ، فَإِنَّهُ مَنْ كان طعامها في نفاسها التمر 8/362
اطْلُبُوا الْعِلْمَ وَلَوْ بِالصِّينِ، فَإِنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مسلم 9/369
أطولكنّ يدا 3/327
أطيط كأطيط الرحل 1/311
أظهروا النكاح واضربوا عليه بالغربال 4/361
أَعَاذَكَ اللَّهُ مِنْ أُمَرَاءٍ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِي مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فَصَدَّقَهُمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى جَوْرِهِمْ فليس مني ولا يرد على الحوض 12/109
أَعْتَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ، وَجَعَلَ مَهْرَهَا عِتْقَهَا، وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا بِحَيْسٍ 6/294(23/15)
أعتق صفية وتزوجها، وجعل عتقها صداقها 5/3
أعتق صفية وجعل عتقها صداقها 5/343
أعتق صفية، وجعل عتقها صداقها 9/122
أعتق صفية، وجعل عتقها صداقها، وتزوجها 8/266
أعتقيها فإنها تجزي عنك 9/344
أَعَجَزْتَ أَنْ تَكُونَ مِثْلَ عَجُوزِ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ 9/367
أعدوا للبلاء الدعاء 13/23
أعذه من عذاب القبر 11/373
أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه 8/77
أعروا النساء يلزمن الحجال 12/315
أعروا النساء يلزمن الحجال 13/496
أعروا النساء يلزمن الحجال 9/374
أعطتني مالها فأنفقته في سبيل الله 12/135
أَعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ 5/236
أعطى الولد الخالة 12/153
أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، واللَّهِ إِنِّي لأُبْصِرُ قُصُورَهَا الحمر الساعة 1/142
أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُبْصِرُ قَصْرَ المدائن الأبيض 1/142
أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ، وأقلهم من يجوز ذلك 6/394
أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ، وأقلهم من يجوز ذلك 12/41
الأعمال بالنيات 9/348
الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى 4/468
أعوذ بالله من الخبث والخبائث 5/16
أعوذ بالله من الخبث والخبائث 5/264
أعوذ بالله من غضب رسول الله، فسكن غضبه، فقلت: كان كفارة ما أتيته يا رسول الله؟ 4/355
أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ قَالَ لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الحقي بأهلك 2/80
أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشِّقَاقِ، وَالنِّفَاقِ، وَسُوءِ الأَخْلاقِ 9/390(23/16)
أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ كُلِّهَا مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّكَ شَيْءٌ حَتَّى تُصْبِحَ 1/397
أغبوا في العيادة 11/333
أغد عالما 12/291
أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من منى ليلا 13/320
أفرد الحج 1/392
أفشوا السلام بينكم 4/278
أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ، أو أمير جائر 7/246
أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، ثُمَّ رَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فقتل 6/374
أفضل الصدقة نصر بن صدقة في رمضان 13/315
أَفْضَلَ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا الَّذِي إِذَا سئلَ أعطى، وإذا لم يعط استغنى 1/327
أفضل صلاتكم في بيوتكم، إلّا المكتوبة 5/348
أَفْضَلُ صَلاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ، إِلا صَلاةَ الْجَمَاعَةِ 5/348
أَفْضَلَ عُرَى الإِيمَانِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ في الله 11/354
أَفْضَلُ مَا يُوضَعُ فِي مِيزَانِ الْعَبْدِ يَوْمَ القيامة، حسن الخلق 8/208
أفضل من عبادة ستين سنة 10/294
أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِ أُمَّتِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ 13/19
أفضلكم من تعلّم القرآن وعلمه 2/439
أفضلكم من تعلّم القرآن وعلمه 5/336
أفضلكم من تعلّم القرآن وعلمه 5/59
أفضلكم من علّم القرآن وتعلمه 9/243
أفطر الحاجم والمحجوم 12/204
أفطر الحاجم والمحجوم 12/84
أفطر الحاجم والمحجوم 13/388
أفطر الحاجم والمحجوم 9/386
أفطر الحاجم والمحجوم 5/320
أفطر الحاجم والمحجوم؟ 13/388
أَفْطِرْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السفر 2/403(23/17)
أفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين 8/111
أفطروا لرؤيته، فان غم عليكم فعدوا ثلاثين 10/101
أفعمياوان أنتما؟ ألستما تريانه 8/334
أفعمياوان أنتما 3/226
أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه؟ 3/228
أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه 3/226
أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه؟ 3/227
أفلا أدلك على غرس هو خير منه؟ 5/166
أفلا أكون عبدا شكورا 14/104
أفلا أكون عبدا شكورا 7/207
أفلا أكون عبدا شكورا 7/273
أفلا أكون عبدا شكورا؟ 14/308
أَفَلا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ لا، مَا أَقَامُوا الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ أَلا وَمَنْ وَلِيَهُ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ الله 7/329
أفلح الوجه 13/100
أَفْلَحَ الْوَجْهُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ ثَلاثًا وَنَفَلَنِي سلب مسعدة 14/440
أَقَامَ بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً يصلي ركعتين 10/268
أَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَرِغَ مِنْ بَدْرٍ، قَالَ: عَلَيْكَ الْعِيرُ لَيْسَ دونها شيء 12/431
أقَبْلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَاسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الأنصارىّ، فصافحة النبي 7/353
أَقْبَلَ شَابٌّ جَمِيلٌ حَسَنُ اللُّغَةِ طَيِّبُ الرِّيحِ عليه ثياب بيض 2/267
أَقْبَلْنَا مِنْ بَدْرٍ فَفَقَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَادَتِ الرِّفَاقُ بَعْضُهَا بَعْضًا أفيكم رسول الله؟ 2/43
أَقْبَلْنَا نُرِيدُكَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا أَخْطَأْنَا الْمَاءَ، فَمَكَثْنَا لا نَقْدِرُ عَلَيْهِ 3/177
أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ فيزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف 5/63
أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُورَةُ الأحقاف 9/99
أقربكم منى مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا 4/282
أقرع النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثنين وأرقّ أربعة 5/313
أقض بيني وبين هذه 11/239(23/18)
أقطف القوم دابة أميرهم 9/275
أقعده فِي مَكَانِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفعك الله يا عم 2/51
أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلاثٌ وَأَكْثَرُهُ عَشْرٌ وَأَقَلُّ مَا بين الحيضتين خمسة عشر يوما 9/21
أقل من الكلام 14/60
أقم الصّلاة أرحنا بها 10/444
أقيلوا ذوى الهيئة زلاتهم 10/85
أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءَ ظَهْرِي 8/87
أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَتْ: لا، إِلا أَنْ يَقْدِمَ مِنْ مغيبه 5/60
أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَتْ: نَعَمْ أَرْبَعًا وَيَزِيدُ مَا شاء الله 5/26
أَكْثَرُ جُنُودِ اللَّهِ لا آكُلُهُ وَلا أُحَرِّمُهُ 14/73
أَكْثِرْ مِنَ الدُّعَاءِ، فَإِنَّ الدُّعَاءَ يَرُدُّ الْقَضَاءَ المبرم 13/37
أكثر منافقي أمتي قراؤها 1/374
أكثروا ذكر هادم اللذات 9/476
أكثروا ذكر هاذم اللذات 1/401
أكثروا ذكر هازم اللذات 12/72
أَكْثِرُوا مِنْ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، قَبْلَ أَنْ يُحَالُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا، وَلَقِّنُوهَا موتاكم 3/248
أَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ 7/189
الأكثرون هم الأسفلون 7/273
أكذب الناس الصّبّاغون والصواغون 4/208
أكذب الناس الصّبّاغون، والصواغون 14/219
أكرمكم عند الله أتقاكم 11/337
أَكْرِمُوا أَصْحَابِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يلونهم 5/78
أَكْرِمُوا أَصْحَابِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ حَتَّى يَشْهَدَ الرَّجُلُ ولم يستشهد 6/55
أَكْرِمُوا أَصْحَابِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ حَتَّى يَشْهَدَ الرَّجُلُ 2/183
أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم 8/282
أَكْرِمُوا الْخُبْزَ فَإِنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ بِهِ بركات السموات والأرض 12/320(23/19)
أَكْرِمُوا الشُّهُودَ فَإِنَّ اللَّهَ يَسْتَخْرِجُ بِهِمُ الْحُقُوقَ، ويدفع بهم الظلم 6/136
أَكْرِمُوا الشُّهُودَ فَإِنَّ اللَّهَ يَسْتَخْرِجُ بِهِمُ الْحُقُوقَ، ويرفع بهم الظلم 10/299
أكرموا الشهود فبهم تستخرج الحقوق 5/299
أَكْرِمُوا الْعُلَمَاءَ فَإِنَّهُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، فَمَنْ أَكْرَمَهُمْ فقد أكرم الله ورسوله 5/204
أكرمي جوار نعم الله، فإنها قلما يكشف عن أهل بيت فكادت تعود فيهم 11/229
الأكل في السوق دناءة 10/124
الأكل في السوق دناءة 3/382
الأكل في السوق دناءة 7/293
أَكَلَ مِنْ كَتِفٍ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ 2/376
أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ كَمَا نَحَلْتَ هَذَا؟ قَالَ لا، قَالَ: فَإِنِّي لا أَشْهَدُ عَلَى أَثَرَةٍ 12/28
أَكْمَلُ النَّاسِ عَقْلا أَطْوَعُهُمْ لِلَّهِ، وَأَعْمَلُهُمْ بِطَاعَتِهِ، وأنقص الناس عقلا أطوعهم للشيطان. 13/41
ألا 9/268
أَلا أُبَشِّرُكَ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قال: إن الله يتجلى للخلائق عامة ولك خاصة 11/253
أَلا أُبَشِّرُكَ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قال: إن الله يتجلى للخلائق عامة ولك خاصة 11/253
ألا أخبرك بتفسيرها؟ 12/357
أَلا أُخْبِرُكُمْ مَا الْجُمُعَةُ؟ إِذَا تَوَضَّأَ الرَّجُلُ ثُمَّ لَبِسَ ثِيَابَهُ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَأَنْصَتَ حتى تقضي صلاته 11/429
أَلا أَدُلُّكَ عَلَى أَمْرٍ قَلِيلِ الْمَرْزِئَةِ، عَظِيمِ الأجر؟ قال: بلى! قال: اسق الماء 11/184
أَلا أَدُلُّكَ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ؟ 12/423
أَلا أَدُلُّكَ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ 6/75
ألا أَدُلَّكِ عَلَى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ؛ تَجْعَلِيهِ من ورق وتخلتيه فيصير كأنه ذهب 8/460
أَلا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزِ الْجَنَّةِ؟ 7/439
أَلا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ، قَالَ: قُلْ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بالله 11/34
أَلا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟ 10/273
أَلا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟ 7/445
ألا أدلك على ما هو خير لك مِمَّا سَأَلْتَ، تَقُولِينَ حِينَ تَأْوِينَ إِلَى فِرَاشِكِ، اللهم أنت الله الدائم 10/169(23/20)
أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَمْرٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يَلْحَقْكُمْ مَنْ خَلَفَكُمْ 3/277
أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَمْرٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أفْشُوا السلام بينكم 4/278
ألا أرقيك رقية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: بَلَى! فَقَالَ: اللَّهُمَّ رَبِّ النَّاسِ مُذْهِبَ الْبَاسَ أَنْتَ الشَّافِي لا شَافِيَ إِلا أَنْتَ، اشْفِ شفاء يغادر سقما 5/11
أَلا أُرِيكُمْ صَلاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 11/319
أَلا أُرِيكُمْ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ؛ فَتَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً 7/39
أَلا أُعَلِّمُكَ دُعَاءً إِذَا أَنْتَ دَعَوْتَ بِهِ غفر لك مع انه مغفور لك- 12/459
ألا أعلمك شيئا من كنز الجنة؟ 12/142
أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ إِنْ أَنْتَ قُلْتَهُنَّ وَعَلَيْكَ مِثْلُ عَدَدِ الذَّرِّ خَطَايَا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ؟ 9/361
ألا أعلمك كلمات؟ 14/130
إِلا أَنَّ مِمَّنْ يُحِبُّكَ قَوْمًا يُضْفَزُونَ الإِسْلامَ بألسنتهم يقرؤن الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزْ تَرَاقِيَهُمْ، لَهُمْ نَبَزٌ يُسَمَّوْنَ الرافضة 12/353
أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَخَفِّ النَّاسِ- يَعْنِي حِسَابًا، يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ- الْمُسَارِعُ إِلَى الْخَيْرَاتِ ماشيا على قدميه حافيا 4/413
أَلا إِنَّهُ خَلِيفَتِي فِي أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي 11/172
ألّا أنه لا نبي بعدي 8/52
إِلا أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي، وَلَوْ كَانَ لكنته 4/56
ألا أنه لا نبي بعدي 4/291
ألا أنه لا نبي بعدي؟ 4/425
أَلا إِنَّ أَرْفَعَ النَّاسِ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ إِمَامٌ عَادِلٌ، وَأَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا إِمَامٌ غَيْرُ عادل 2/212
أَلا إِنَّ الإِيمَانَ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةَ يَمَانِيَةٌ، وَالْقَسْوَةَ وغلظ القلوب هاهنا 12/190
أَلا إِنَّ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنِي أَنَّ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ يَقُولُونَ الْحَقَّ بِأَفْوَاهِهِمْ لا يجاوز تراقيهم 12/478
أَلا إِنَّ بَنِي آدَمَ خُلِقُوا عَلَى طَبَقَاتٍ شَتَّى، فَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا وَيَحْيَى مُؤْمِنًا 10/237
ألا إن خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بكر، ثم عمر، ولو شئت أن أخبركم بثالث لأخبرتكم 7/72
ألا إن عيسى بن مَرْيَمَ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ وَلا رَسُولٌ 11/172(23/21)
أَلا إِنَّهُ يَقْتُلُ الدَّجَّالَ، وَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَضَعُ الجزية، وتضع الحرب أوزارها 11/172
ألا ابني الخالة: عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا 4/429
أَلا انْتَفَعْتُمْ بِإِهَابِهَا، فَإِنَّهَا يُحِلُّهَا دِبَاغُهَا كَمَا يحل خل الخمر 14/62
إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ بشيء 4/449
ألا سائل يعطى، ألا داع يجاب 5/9
أَلا فَاتَّقُوا الدُّنْيَا، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، أَلا إِنَّ بَنِي آدَمَ خُلِقُوا عَلَى طَبَقَاتٍ شَتَّى، فَمِنْهُمْ من يولد مؤمنا ويحيى مؤمنا 10/237
أَلا فَاقْتُلُوا كُلَّ أَسْوَدَ بَهِيمٍ، وَمَنِ اتَّخَذَ كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ زَرْعٍ، أَوْ ضَرْعٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ، نَقَّصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ 4/73
ألا فلا تناكحوهم 13/448
ألا فمن أدركه منكم ليقرأ عليه السلام 11/172
أَلا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلا اللَّهَ بَاطِلٌ 5/246
أَلا لا تَقْتُلُنَّ ذُرِّيَّةً، أَلا لا تَقْتُلُنَّ ذرية 8/481
أَلا لا يَبِيتَنَّ رَجُلٌ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثَيِّبٍ؛ إِلا أَنْ يَكُونَ نَاكِحًا أَوْ ذَا مَحْرَمٍ 8/109
أَلا لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثالثهما 2/183
أَلا لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ ثَالِثُهُمَا الشَّيْطَانُ، أَلا وَمَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فهو مؤمن 6/55
أَلا لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ ثَالِثُهُمَا الشَّيْطَانُ، وَمَنْ سَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ، وَسَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ، فَذَاكُمُ مؤمن 4/274
أَلا لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ ثَالِثُهُمَا الشيطان، 5/78
أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى مُبْغِضِي أَبِي بَكْرٍ وعمر وعثمان وعلي 13/271
ألا ليغل كذا وكذا إلا ليرخص كذا وكذا 12/92
ألا لَيَقُومَنَّ الْعَافُونَ مِنَ الْخُلَفَاءِ إِلَى أَكْرَمِ الجزاء، فلا يقوم إلّا من عفا 6/143
أَلا مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ، وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ 2/183
ألا ندعو لك طبيبا؟ 14/349
أَلا نَعْمَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: اعْمَلُوا فكل امرئ ميسر لما خلق له 11/111
ألا وإن الجبار لا غرم فيه 11/183(23/22)
أَلا وَإِنَّ الْعَالِمَ الرَّحِيمَ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإنَّ نُورَهُ قَدْ أَضَاءَ يَمْشِي فِيهِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ كَمَا يَسْرِي الْكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ 1/253
أَلا وَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لِلْجَاهِلِ أَرْبَعِينَ ذَنْبًا قَبْلَ أَنْ يَغْفِرَ لِلْعَالِمِ ذَنْبًا وَاحِدًا 1/253
أَلا وإن علامتهم ذو الخداجة 12/478
ألا وإني أنها كم عن كل مسكر 11/277
أَلا وَلا تُصَلُّوا عَلَيْهِمْ، عَلَيْهِمْ حَلَّتِ اللَّعْنَةُ 13/448
ألا ولا تصلوا معهم 13/448
ألا ولا تنكحوا إليهم 13/448
أَلا وَمَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مؤمن 5/78
أَلا يُحِبَّنِي إِلا مُؤْمِنٌ وَلا يُبْغِضَنِي إِلا منافق 2/251
ألجم يوم القيامة بلجام من نار 8/151
ألجمه الله تعالى بلجام من نار 5/242
أَلَسْتُ أَكْرَمَ أَزْوَاجِكَ عَلَيْكَ؟ قَالَ: بَلَى يَا عَائِشَةُ 14/35
ألست ولى المؤمنين؟ 8/284
أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ: من أطاعني فقد أطاع الله؟ 12/259
ألق الله فقيرا ولا تلقه غنيا 14/392
أَلْقِهَا أَيْ بُنَيَّ أَلْقِهَا أَيْ بُنَيَّ، أَمَا شَعُرْتَ أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ لا يَأْكُلُونَ الصَّدَقَةَ 1/435
أَلَمْ أُزَيِّنَكِ بِالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ؟ قَالَ فَمَاسَتِ الْجَنَّةُ مَيْسًا كَمَا تَمِيسُ الْعَرُوسُ 2/235
أَلَمْ أُصِحَّ جِسْمَكَ، أَلَمْ أَرْوِكَ مِنَ الْمَاءِ البارد؟ 11/93
أَلَمْ أَنْهَكَ أَنْ تَدَّخِرَ شَيْئًا لِغَدٍ، إِنَّ الله تعالى يأتي برزق كل غد 14/317
أَلَمْ نَصِحَّ جِسْمَكَ وَنَرْوِكَ مِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ؟ 12/336
أَلَمْ يُبَيِّضْ وُجُوهَنَا، وَيُثَقِّلْ مَوَازِينَنَا، وَيُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، ويخرجنا من النار 1/418
أَلَيْسَ إِذَا أَحْيَيْتَ نَفْسًا فَثَوَابُكَ الْجَنَّةُ؟ وَكَذَا من أحيا الناس جميعا فثوابه الجنة 9/311
أَلَيْسَ قَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قال: أفلا أكون عبدا شكورا 7/207
ألينهم عريكة، من رآه بديهة هابه 11/31
أَمَّا أَنَا فَعَلَى الْبُرَاقِ، وَجْهُهَا كَوَجْهِ الإِنْسَانِ، وخدها كخد الفرس 11/113
أَمَّا أَنَا فَعَلَى دَابَّةِ اللَّهِ الْبُرَاقِ، وَأَمَّا أَخِي صَالِحٌ فَعَلَى نَاقَةِ اللَّهِ الَّتِي عُقِرَتْ 13/123(23/23)
أما أنا فلا آكل متكئا 11/347
أما أنا فلا آكل متكئا 7/426
أما أنت وَأَصْحَابُكَ الْمُؤْمِنُونَ فَتُجْزَوْنَ بِهِ فِي الدُّنْيَا حَتَّى تَقْدُمُوا على الله وليس عليكم ذنوب 13/105
أَمَّا أَنْتَ يَا جَعْفَرُ فَيُشْبِهُ خَلْقُكَ خَلْقِي، 9/63
أَمَا إِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا فِيهَا مَا انْتَظَرْتُمُوهَا 3/281
أَمَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ وَصَلَكَ بِجَنَاحَيْنِ تَطِيرُ بِهِمَا فِي الْجَنَّةِ كَمَا وَصَلْتَ جَنَاحَ ابْنِ عمك 2/272
أَمَا إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ وَلِقَوْلِهَا: كُنْتُ أَفْرُقُ رَأْسَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بالماء وأنا حائض 6/65
أَمَا إِنَّكَ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُهُ مِنْ أُمَّتِي 3/53
أَمَا إِنَّكَ لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ أَعُوذُ بكلمات الله التامات كلها من شر 1/397
أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا البدر، لا تضامون في رؤيته 11/463
أما إنه لا ينتطح فيها عنزان 13/100
أَمَا إِنَّهُ مَا رَآهُ أَحَدٌ إِلا ذَهَبَ بَصَرُهُ، إِلا أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا، وَأَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ فِي آخِرِ عُمْرِكَ 14/435
أَمَا إِنَّهُ يَلِي هَذِهِ الأُمَّةَ بِعَدَدِهَا مِنْ ولدك اثنين في فتنة 11/98
أَمَا إِنِّي لا أَقُولُ الم حَرْفٌ؛ وَلَكِنْ أَلِفٌ عَشْرٌ، وَلامٌ عَشْرٌ، وَمِيمٌ عَشْرٌ، فَتِلْكَ ثلاثون 1/301
أما الآخرون فيؤخرهم حتى يجزوا يوم القيامة 13/105
أما الْقَائِمُ فَتَأْتِيهِ الْخِلافَةُ لَمْ يُهْرَقْ فِيهَا مِحْجَمَةٌ من دم، 9/407
أما المؤمن فإن الله يؤخر له حسناته 2/3
أما الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِالْمَسْجِدِ الأَقْصَى فَيُنَادِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مَنْ كَانَ طُعْمَتُهُ حَرَامًا كَانَ عَمَلُهُ مضروبا به وجهه 4/379
أما المنصور فلا ترد له راية 9/407
أما المهديّ فيملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما 9/407
أَمَّا بَعْدُ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ فَإِنَّكُمْ وُلاةُ هذا الأمر 10/174
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ ابْنَكَ فُلانًا قَدْ تُوُفِّيَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا، فَأَعْظَمَ اللَّهُ لَكَ الأجر 2/87
أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلا أَنَّهُ لا نبي بعدي؟ 4/425
أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلا أَنَّهُ لا نبي بعدي، ولو كان لكنته 4/56(23/24)
أما ترضى بأن تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلا أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي؟ 11/430
أما ترضى بأن تكون مني بمنزلة هارون مِنْ مُوسَى غَيْرَ أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي؟ 11/430
أما ترضين أن الله اختار من أهل الأرض رجلين، أحدهما أبوك، والآخر بعلك 4/418
أما ترضين أن الله اختار من أهل الأرض رجلين، أحدهما أبوك، والآخر زوجك 4/418
أما تكون الزكاة إِلا مِنَ اللَّبَّةِ أَوِ الْحَلْقِ؟ فَقَالَ: وَأَبِيكَ لو طعنت في فخذها لأجزت 12/373
أَمَا شَعُرْتَ أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ لا يَأْكُلُونَ الصّدقة؟ 1/435
أَمَا عَلِمْتِ أَنَّ أَجْسَادَنَا نَبَتَتْ عَلَى أَرْوَاحِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَمَا خَرَجَ مِنَّا مِنْ شَيْءٍ ابتلعته الأرض؟ 8/62
أَمَا عَلِمْتِ أَنَّ الثَّوْبَ يُسَبِّحُ، فَإِذَا اتَّسَخَ انقطع تسبيحه 9/245
أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ يَدِي وَيَدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي الْعَدْلِ سَوَاءٌ 8/76
أما قال الكلمات؟ 4/315
أَمَا وَاللَّهِ إِنَّهُمْ لا يَبْلُغُونَ خَيْرًا حَتَّى يُحِبُّوكُمْ لِقَرَابَتِي 2/413
أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ أَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ 6/169
أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَالإِمَامُ سَاجِدٌ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ 3/373
أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رأسه رأس حمار 14/61
أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رأسه رأس حمار 9/55
أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ، وَيَضَعُهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يُبَدِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حمار؟ 11/438
أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَالإِمَامُ سَاجِدٌ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ، أَوْ صورته صورة حمار 5/164
أمة مسخت 4/357
أَمَرَ الْمَلائِكَةَ أَنْ تَتَخَلَّلَ فِي السَّمَاءِ كَتَخَلُّلِ أبي بكر في الأرض 3/60
أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ أَنْ يَصُفُّوا صَفَّيْنِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ وَبِيَدِ الْعَبَّاسِ، ثُمَّ مَشَى بَيْنَهُمْ، ثُمَّ ضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ 4/98
أمر النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا، وَإِذَا أَصْبَحُوا أَنْ يَغْدُوا إِلَى مُصَلاهُمْ 4/292
أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ كِلابِ الْمَدِينَةِ، فَجَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَنْزِلِي شَاسِعٌ وَلِي كَلْبٌ، فَرَخَّصَ لَهُ أَيَّامًا، ثُمَّ أَمَرَ بِقَتْلِهِ 12/53
أمر النساء إلى آبائهن، ورضاؤهن السكوت 4/438
أمر بإحفاء الشوارب، وإعفاء اللحى 9/215(23/25)
أَمَرَ بِالشِّفَارِ أَنْ تُحَدَّ، وَأَنْ تُوَارَى عَنِ البهائم، وإذا ذبح أحدكم فليجهز 8/49
أمر بصوم عاشوراء 2/182
أمر بقطع المراجيح 12/200
أَمَرَ بِلالا أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ، وَيُوتِرَ الإِقَامَةَ 13/18
أُمِرَ جِبْرِيلُ أَنْ يَنْزِلَ بِيَاقُوتَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ، فَهَبَطَ بِهَا فَمَسَحَ بِهَا رَأْسَ آدَمَ فَتَنَاثَرَ الشَّعْرُ مِنْهُ، فَحَيْثُ بَلَغَ نُورُهَا صَارَ حَرَمًا 12/56
أمر رجلا إذا أخذ مضجعه 11/245
أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فِي مَرَضِهِ، فَكَانَ يُصَلِّي بِهِمْ قَالَ عُرْوَةُ: فَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِفَّةً مِنْ نفسه فخرج 3/476
أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُخْرَصَ أَعْنَابُ ثَقِيفٍ كَمَا تُخْرَصُ النَّخْلُ ثم يؤدى زكاته 1/416
أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّي عَلَى أَهْلِ الْبَقِيعِ، فَصَلَّى عَلَيْهِمْ في ليلة ثلاث مرات 8/217
أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاتِّخَاذِ وَقَالَ الْمُبَارَكِيُّ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ، وأن تطهر وأن تطيب 12/228
أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْغَنَائِمِ فَقُسِّمَتْ، فَجَعَلَ مَكَانَ كُلِّ بَعِيرٍ عَشْرَ شياه 4/245
أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ، وَأَنْ تُطَيَّبَ وَتُطَهَّرَ 6/150
أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصيام يوم عاشوراء 11/327
أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بفكاك العاني، وإطعام المسكين، وعيادة المريض 12/93
أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بفكاك العاني، واطعام المسكين، وعيادة المريض 12/93
أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْيَهُودِيِّ، فَرُضَّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ وَنَحْنُ قُعُودٌ 7/386
أمر ضعفة بني هاشم 11/244
أمر مناديا ينادي يوم خيبر بتحريم لحوم الحمر الأهليه 8/13
أُمِرَ هَذَا بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بالسجود فعصيت فلي النار 7/335
أُمِرْتُ أَنْ أُبَشِّرَ خَدِيجَةَ بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ من قصب 12/229
أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ، وَلا أكف شعرا، ولا ثوبا 8/382
أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ، وَلا أكف ثوبا ولا شعرا 5/20
أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ، وَنُهِيتُ أن أكف شعرا أو ثوبا 4/301
أمرت أن أصلي على سبع، ولا أكف ثوبا، ولا شعرا 2/385(23/26)
أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا بِهَا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ فِيمَا عِشْتُ إِلا بِحَقِّهَا وحسابهم على الله تعالى 9/316
أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ قيل له طعنت على أبيك؟ 12/197
أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ويستقبلوا قبلتنا، ويأكلوا ذبيحتنا، ويصلوا صلاتنا 10/463
أمرت بالخاتم والنعلين 13/486
أمرت بالنعلين والخاتم 8/449
أَمَرْتُكُمْ فَضَيَّعْتُمْ أَمْرِي، وَرَفَعْتُمْ أَنْسَابَكُمْ فَتَفَاخَرْتُمْ بِهَا، اليوم أضع أنسابكم 11/337
أمرنا أَنْ نَسِيرَ اللَّيْلَ وَنَكْمُنَ النَّهَارَ، وَأَنْ نَشُنَّ عليهم الغارات 10/25
أمرنا أن نعلم صبياننا الرمي والقرآن 9/389
أَمَرَنَا أَنْ لا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وليالهن 11/246
أمرنا بأكله 2/96
أَمَرَنَا بِقِتَالِ ثَلاثَةٍ مَعَ عَلِيٍّ، بِقِتَالِ النَّاكِثِينَ، والقاسطين، والمارقين 13/188
أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لا نَتَكَلَّفَ لِلضَّيْفِ مَا لَيْسَ عِنْدَنَا 8/45
أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَخْتَارَ السَّلِيمَ مِنَ الضَّحَايَا وَأَنْ نَلْبَسَ أَجْوَدَ مَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْعِيدِ 11/418
أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَقْتُلَ ذَا الطُّفْيَتَيْنِ فَإِنَّهُنَّ يَلْتَمِسْنَ الأَبْصَارَ، ويصبن الحبالى 3/110
أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعٍ، وَنَهَانَا عَنْ خَمْسٍ قَالَ: إِذَا رَقَدْتَ فَأَغْلِقْ بَابَكَ واطفئ مصباحك، وخمّر إناك 11/164
أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَكْلِ الثَّوْمِ، وَقَالَ: لَوْلا أَنَّ الْمَلَكَ يَنْزِلُ علي لأكلته 5/111
أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ نَجْعَلَهَا عُمْرَةً وَقَالَ: لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، وَلَكِنِّي سُقْتُ 5/21
أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَطْرَافِ الْمَدِينَةِ أَنْ نَقْتُلَ الْكِلابَ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا نقتل الكلاب بالمدينة في أعلا المدينة 12/80
أمرنا فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ فَلَمْ نَحْفِرْ ولم نوثقه، فرميناه بخزف وجندل فسعى 3/139
أَمَرَنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يسلم بعضنا على بعض 2/375(23/27)
أَمَرَنِي جِبْرِيلُ بِأَكْلِ الْهَرِيسَةِ أَشُدُّ ظَهْرِي، وَأَتَقَوَّى بها على الصلاة 2/278
أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي فِي يَوْمِي هَذَا، إِنَّ كُلَّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عبدي فهو له أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُدْخِلَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا لَمْ تَقْبِضْ من مهرها شيئا 5/421
أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بركعتي الفجر 1/297
أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتال الناكثين، والمارقين، والقاسطين 8/336
أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ، وَصِيَامِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كل شهر، وركعتي الفجر 3/268
أَمَرَهُ بِصِيَامِ ثَلاثِينَ يَوْمًا بِلَيَالِيهِنَّ، فَافْتَرَضَ عَلَيَّ وعلى أمتي الصوم بالنهار 13/36
أمرهن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُهَرْوِلُوا ليروهم أنهم ليسوا كذلك 14/311
أَمَرَهُنَّ أَنْ يُرَاعِينَ التَّسْبِيحَ، وَالتَّهْلِيلَ، وَالتَّقْدِيسَ، وَأَنْ يعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات 10/142
أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعَكْ بَيْتَكَ وَابْكِ عَلَى خطيئتك 8/265
أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ لا تُعْمِرُوهَا، فَمَنْ أَعْمَرَ شيئا فهو للمجعول له حياته ولورثته 1/327
أمك 10/374
أمك قال: قلت ثم من؟ قال أُمَّكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ: ثم أباك 4/63
أُمَّكَ، ثُمَّ أُمَّكَ، ثُمَّ أُمَّكَ، ثُمَّ أَبَاكَ، ثم الأقرب فالأقرب 4/30
الأَمَلُ رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ لأُمَّتِي، لَوْلا الأَمَلُ مَا أَرْضَعَتْ أُمٌّ وَلَدًا، وَلا غَرَسَ غارس شجرا 2/50
أَمَلٌ لا يُبْلَغُ مُنْتَهَاهُ وَفَقْرٌ لا يُدْرَكُ غناه، وشغل لا ينفك عناه 4/106
أمن الذُّلِّ الذَّلِيلِ، وَالْقَتْلِ الذَّرِيعِ، وَالْجُوعِ الشَّدِيدِ وَذَكَرَ حديثا في 4/227
أَمِنَ الْعِرَاقِ أَنْتَ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ إِنَّ أَبِي إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ هَمَّ أَنْ يَدْعُوَ عَلَيْهِمْ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ لا تَفْعَلْ 1/52
الأُمَنَاءُ عِنْدَ اللَّهِ ثَلاثَةٌ، جِبْرِيلُ، وَأَنَا، وَمُعَاوِيَةُ 12/8
الأمناء عند الله: جبريل وأنا ومعاوية 4/169
أمهل حتى تستحدّ المغيبة، وتمتشط الشعثة 1/322
أَمِينَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ 8/90(23/28)
أن آدَمَ لَمَّا أَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ بَقَى فِي جوفه مقدار ثلاثين يوما 13/36
أن آدَمَ لَمَّا أَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ بَقَى فِي جوفه مقدار ثلاثين يوما، 13/36
أن أبا بكر وعمر منهم وأنعما 11/59
أَنَّ أَبَا طَيْبَةَ حَجَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم وهو صائم فأعطاه أجره 12/232
أَنَّ أَجْسَادَنَا نَبَتَتْ عَلَى أَرْوَاحِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَمَا خَرَجَ مِنَّا مِنْ شَيْءٍ ابْتَلَعَتْهُ الأَرْضُ؟ 8/62
إِنَّ أَحَبَّ عِبَادِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ لَرُعَاةُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرُ يَعْنِي الْمُؤَذِّنِينَ وَأَنَّهُمْ لَيُعْرَفُونَ يَوْمَ القيامة بطول أعناقهم 3/314
أَنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً، وَأَنَّ عُقْبَةَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك 5/89
أَنَّ أَرْبَعَةَ أَعْبُدٍ وَثَبُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الطَّائِفِ مِنْ سور الطائف، فأعتقهم صلّى الله عليه وسلّم 7/131
أَنْ أَسْتَكْثِرَ مِنْ قَوْلِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بالله 2/429
أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تدارءوا في الكمأة 1/341
أن أصل رحمي وإن أدبرت 2/429
أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي ماذا افترض الله علي من الصلاة 2/435
أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ 2/16
أن أَقُولَ- وَفِي حَدِيثِ ابْنِ شَاذَانَ أَنْ أَقُولَ الحق- وإن كان مرا 2/429
أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ اسْتَأْذَنَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحِجَامَةِ، فَأَمَرَ أَبَا طَيْبَةَ فَحَجَمَهَا قَالَ: أَحْسَبُ أَنَّهُ كَانَ أَخَاهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَوْ غلاما لم يحتلم 5/377
أَنَّ أُمَّهَاتِ الأَوْلادِ لا يُبَعْنَ وَلا يُوهَبْنَ وَلا يُورَثْنَ، فَإِذَا مَاتَ صَاحِبُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ 1/283
أن أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنِّي وَلا أنظر إلى من هو فوقي 12/434
أَنْ أَنْظُرُ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي وَلا أنظر إلى من هو فوقي 2/429
أَنْ أُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زوجها 8/338
أن أول من عانق إبراهيم 9/42
أَنَّ إِجَابَةَ أُمِّهِ، أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ 13/5
أَنَّ ابَّن عَبَّاسٍ كَانَ يُعَلِّمُنَا الرُّكُوعَ كَمَا عَلَّمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَرْكَعُ لَنَا فَيَسْتَوِي رَاكِعًا، لَوْ قَطَرْتَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ قَطْرَةً مَا تَقَدَّمَتْ وَلا تأخرت 4/46
أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَجْنِي لَهُمْ نَخْلَةً، فَهَبَّتِ الرِّيحُ فَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهِ، قَالَ فَضَحِكُوا من دقة ساقيه 1/159(23/29)
أن احفر لي سِيبَيْنِ نهرين بالعراق قَالَ دانيال إلهي بأي مكاتل؟ وبأي مساحي؟ وبأي رجال؟
وبأي قوة 1/78
أَنِ اخْدِمِي مَنْ خَدَمَنِي، وَأَتْعِبِي مَنْ خَدَمَكِ 8/44
أن اكفئوا القدور 12/72
أن الأمة ستغدر بك من بعدي 11/216
أَنَّ الثَّوْبَ يُسَبِّحُ، فَإِذَا اتَّسَخَ انْقَطَعَ تَسْبِيحُهُ 9/245
أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ، عَذْبَةُ الْمَاءِ وَأَنَّهَا قيعان 2/291
أَنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ مِنْ أَرْضٍ بِالْمَشْرِقِ يُقَالُ لَهَا خُرَاسَانَ، يَتْبَعُهُ أَقْوَامٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمِجَانُّ المطرّقة 10/84
أَنَّ الصَّنِيعَةَ لا تَنْفَعُ إِلا عِنْدَ ذِي حسب 14/411
أَنَّ الْغُلامَ الَّذِي قَتَلَهُ الْخِضْرُ طُبِعَ كَافِرًا، ولو أدرك لأرهق أبويه طغيانا وكفرا 6/146
أَنَّ الْقَصْوَاءَ نَاقَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَتْ لا تُدْفَعُ فِي السِّبَاقِ 9/444
أن اللَّهَ تَعَالَى آلَى عَلَى نَفْسِهِ أَنْ لا يسلبه حسنة، ولا يسأله عن سيئة 14/35
أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ الأَرْوَاحَ، اخْتَارَ رُوحَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ مِنْ بَيْنِ الأَرْوَاحِ، وجعل ترابها من الجنة 14/35
إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ 14/31
أَنَّ اللَّهَ لا يَسْتَجِيبُ الدُّعَاءَ مِنْ قَلْبٍ لاه 5/118
أَنَّ اللَّهَ لا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبِ ساه غافل 14/118
أَنَّ اللَّهَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ عَلِيًّا فَاطِمَةَ أَمَرَ مَلِكًا أَنْ يَهُزَّ شَجَرَةَ طُوبَى، فَهَزَّهَا فَنَثَرَتْ رِقَاقًا- يَعْنِي صِكَاكًا- وَأَنْشَأَ اللَّهُ ملائكة التقطوها، فإذا كانت القيامة 4/432
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّى المدينة طابه 4/246
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى العيد ثم خطب 4/137
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أن يفرد يوم الجمعة بصوم 4/229
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَى جملا لأبي جهل 4/305، 304
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَى جملا لأبي جهل 4/305
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَطَيَّبَ قبل أن يحرم 7/138
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ غُرْفَةً غُرْفَةً وَقَالَ: لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةً إلا به 4/126(23/30)
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنَ، وَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ، وَمَا بَقِيَ لِلأَخِ للأب والأم 4/412
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَبَسَ في تهمة 7/53
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى قَالَ: هو مسجدى 4/300
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِبَ في بيتهم من منزلهم ماء بعسل 4/315
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظهر فسجد سجدتي السهو 4/458
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى على قبر بعد ما دفن 1/434
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاضَتَا عَيْنَاهُ ثُمَّ قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سُوَيْقَتِي الحبشي يهتك البيت 4/105
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلَ مَعَهُ قَوْمٌ مِنَ الْيَهُودِ فِي بَعْضِ حُرُوبِهِ، فأسهم لهم مع المسلمين 4/381
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَلِيٍّ: أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلا أَنَّهُ لا نبى بعدي 4/176
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: فنادته الملايكة بالياء 4/355
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: ملك يوم الدين 4/192
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ في مجن قيمته ثلاثة دراهم 1/392
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَتَى بِالْبَاكُورَةِ مِنَ الثَّمَرَةِ قَبَّلَهَا وجعلها عَلَى عَيْنَيْهِ ثُمَّ أَعْطَاهَا أَصْغَرَ مَنْ يَحْضُرُهُ من الولدان 4/159
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى قَرَأَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ زَادَ أخو خطاب: ونفث أو تفل 4/335
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لا يدخر شيئا لغد 7/100
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يقبل وهو محرم 4/392
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يقرأ في المغرب بقل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أحد 4/269
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ في ثلاثة أثواب 1/417
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَوَاهُ 4/300
أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كوى أبيا 4/299
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّى حَتَّى رَمَى جمرة العقبة 7/42
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَّ صنما فتوضأ 4/433
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ جمل أبي جهل 4/395
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ جملا لأبى جهل 4/304
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ مر الظهران فاهدى له عضد حمار وحشي 4/308(23/31)
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ إِلَى قَوْمٍ مِنْ بَنِي فُلانٍ يَتَبَخْتَرُونَ في مشيهم فَعُرِفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَرَأَ:
وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ
[الإسراء 60] 4/113
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ 4/380
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَهَا إِلَى امْرَأَةٍ فَقَالَتْ مَا رَأَيْتُ طَائِلا فَقَالَ لَقَدْ رَأَيْتِ خَالا بِخَدِّهَا اقْشَعَرَّتْ مِنْهُ ذُؤَابَتُكَ فقالت ما دونك سر 1/317
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ فِي رَأْسِهِ مِنْ صُدَاعٍ كَانَ بِهِ وَهُوَ محرم 4/76
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وهو صائم 3/28
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وهو صائم؟ قلت: نعم! فعجب 4/38
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا وَأَبَا مُوسَى إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ: بَشِّرَا ويسرا ولا تنفرا 3/179
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ فَقِيلَ لَهُ هَذَا ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ اقْتُلُوهُ 1/289
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ يَهُودِيًّا وَيَهُودِيَّةً 3/328
أن النبي صلّى الله عليه وسلّم عَلَى زَانِيَةٍ وَابْنَتِهَا؟ قَالَ: نَعَمْ! قُلْتُ: يُتْرَكُ؟ قال: نعم! 4/31
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى على قبر 3/460
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عليهم ودفنهم 7/359
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَاهَرَ يوم أحد بين درعين 7/316
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أقرئك القرآن وأقرأ عليك القرآن قال أبي:
وسماني لك؟ 3/130
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ
[القيامة 22، 23] قال:
والله ما نسخها منذ أنزلها 3/451
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ
[الهمزة 3] 4/84
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ فِي الْفَجْرِ يَدْعُو عَلَى حَيٍّ مِنْ بَنِي سليم 7/312
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخَى بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَبَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ 9/57
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ بِمَاءٍ، فَشَرِبَ وَنَاوَلَ الأَعْرَابِيُّ وقال: الأيمن فالأيمن 7/347
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ عَلَيْهَا قَائِمًا، ثُمَّ دَعَا بماء فتوضأ ومسح على الخفين 6/162
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ فبال قائما 7/382(23/32)
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى يَوْمَ أُحُدٍ، فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَقَالَ: حسبنا الله ونعم الوكيل 11/87
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلَى رَهْطٍ مِنَ الأَنْصَارِ قَدْ أَسَّسُوا مَسْجِدًا لهم ليبنوه فقال أوسعوه تملؤه. 2/333
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الجزية من مجوس هجر 8/335
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ فِي نَبِيذِ الْجَرِّ بَعْدَ أَنْ نَهَى عَنْهُ 10/106
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ صفية، وجعل عتقها صداقها 6/297
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ صفية، وجعل عتقها صداقها 9/122
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ صفية، وجعل عتقها صداقها، وتزوجها 8/266
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى مُعَاوِيَةَ سَهْمًا فَقَالَ: هَاكَ هَذَا يَا مُعَاوِيَةُ، حتى توافيني به في الجنة 13/470
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الحج 6/168
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ من كتف ثم صلّى ولم يتوضأ 2/376
إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بلالا أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة 13/18
إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ مناديا ينادي يوم خيبر بتحريم لحوم الحمر الأهليه 8/13
أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرها أن تقول اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني 12/38
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْلَى الْكُتَّابَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ هَذَا مَا فَادَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَسُولُ الله فدى سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ 1/181
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ حين استوت به راحلته 6/220
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْتَرَ بسبح اسم ربك الأعلى 9/296
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى رَجُلا إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ أَنْ يَقُولُ: أَسْلَمْتُ نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك 11/245
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ خاتما فاتخذ الناس خواتيم 6/80
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ خاتما فصه حبشي 6/79
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ خاتما ونقش فيه محمّد رسول اللَّهِ 7/240
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم وهو صائم محرم 10/88
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادَّخَرَ لأهله قوت سنة 11/401
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْقَى وقلب رداءه، فجعل أعلاه أسفله 14/362
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَاعَ مدبرا في دين 2/436(23/33)
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بال في سباطة قوم قائما 11/31
أن النبي صلّى الله عليه وسلّم تبع جَنَازَةً فَإِذَا هُوَ بِنِسْوَةٍ خَلْفَ الْجَنَازَةِ، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِنَّ وَهُوَ يَقُولُ: ارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ، مُفْتِنَاتِ الأَحْيَاءِ، مؤذيات الأموات 6/198
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ عَائِشَةَ وَهِيَ ابْنَةُ سِتِّ سِنِينَ، وَبَنَى بِهَا وهي ابنة تسع سنين 11/274
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ حلال 5/95
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثَلاثًا ثلاثا 10/85
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثَلاثًا ثلاثا 2/166
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثَلاثًا ثلاثا 3/35
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثَلاثًا، ثلاثا 10/195
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَدَ في الخمر 9/296
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فِي غَزْوَةِ، تَبُوكٍ، فَكَانَ يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ حَتَّى يدخل وقت العصر فيجمع بينهما 12/461
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَتَوَضَّأَ بِقَدْرِ الْمُدِّ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ مقدمه ومؤخره، وعن يمينه وعن شماله 6/133
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مكة زمن الفتح وعلى رأسه المغفر 7/213
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مكة وعلى رأسه المغفر 7/467
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مكة وعلي رأسه المغفر 1/277
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الفتح وعليه عمامة سوداء 9/87
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا وَصِيفَةً لَهُ فَأَبْطَأَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ لَوْلا مَخَافَةُ القصاص لأوجعتك بهذا السواك 2/138
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى إِبْلِيسَ حَسَنَ السَّحَنَةِ ثُمَّ رَآهُ بَعْدَ ذَلِكَ ناحل الجسم متغير اللون 11/221
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى الحسن ابن عَلِيٍّ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ، وَأُحِبُّ مَنْ يحبه 12/9
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلا يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ فَقَالَ: كُلْ بِيَمِينِكَ 6/40
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي يَدِ رَجُلٍ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، فَضَرَبَ إصبعه بقضيب كان معه 10/447
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ يَهُودِيًّا وَيَهُودِيَّةً 12/116
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ يَهُودِيًّا وَيَهُودِيَّةً 2/116
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لرعاة الإبل أن يرموا بالليل 2/129
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ للمهاجر أن يقيم بعد العصر ثلاثا 6/264(23/34)
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رد الغامدية نحو أربع مرارا نَحْوًا مِنْ ثَلاثِ سِنِينَ، كُلُّ ذَلِكَ تُقِرُّ بالزنا ثم رجمها بعد سنين 2/226
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْبَحْرِ فَقَالَ: الْحِلُّ مَيْتَتُهُ، الطَّهُورُ مَاؤُهُ 14/399
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ في: إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ
عشر مرات 10/284
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَدَلَ ناصيته ثم فرق بعد 8/145
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرَّبَ نساءه ليلة جمع قبل الزحام 10/256
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهِدَ عيدا للمشركين 11/283
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بأصحابه، فلما قضى الصّلاة 13/177
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ، فَسَجَدَ ثُمَّ قَامَ، فَأَتَمَّ بَقِيَّةَ السُّورَةِ، فَنَرَى أَنَّهُ قَرَأَ بِهِمْ تَنْزِيلَ السَّجْدَةَ 12/307
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ جَالِسًا فِي مَرَضِهِ الَّذِي مات فيه 2/36
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يَقْرَأْ فِيهِمَا إِلا بِأُمِّ الْكِتَابِ 11/422
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا 14/99
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى على المنفوس 11/373
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى على النجاشي 13/118
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا قَالَ: مَا خَلَقَ الله من هذا شيئا 9/119
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى على النجاشي فكبر عليه أربعا 13/118
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى على النجاشي فكبر عليه أربعا 9/119
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى على النجاشي فكبر عليه أربعا 9/119
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى على طنفسة 12/209
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى على قبر 7/183
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى على قبر 8/303
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى قَبْرِ امْرَأَةٍ بَعْدَ مَا دُفِنَتْ 2/347
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى قَبْرِ امْرَأَةٍ بَعْدَ مَا دُفِنَتْ 10/278
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى على قبر وصلينا معه 6/187
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى في ثوب واحد متوشحا به 8/172
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى في كسوف الشمس 2/160(23/35)
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحَّى بِكَبْشٍ فَحِيلٍ، كَانَ يَأْكُلُ فِي سَوَادٍ، وينظر في سواد، ويمشي في سواد؟ 9/44
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ وغرب في حد الزنا 14/196
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَ أَحَدَ ابْنَيْ عَلِيٍّ فِي الْقُنُوتِ اللَّهُمَّ اهْدِنِي فيمن هديت، وتولني فيمن 10/284
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدَ كَعْبًا فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا: مَرِيضٌ، فَخَرَجَ يَمْشِي حَتَّى أَتَاهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ:
أَبْشِرْ يا كَعْبٍ 5/28
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ: يَا غُلَيِّمُ أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ؟ 14/130
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فخطب الناس فنهى عن الدباء والمزفت 12/44
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى
[الليل 1] والذَّكَرَ وَالْأُنْثى
[الليل 3] 2/137
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ
[الروم 54] بالضم 13/194
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ
[التكوير 24] 5/113
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ في مجنّ ثمنه ثلاثة دراهم 8/83
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ حتى مات 12/176
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ في صلاة الصبح والمغرب 2/251
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ قَالَ: بِاسْمِكَ أَحْيَا وَأَمُوتُ 12/438
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ يعني وهو جنب 6/152
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى اقْتَمَحَ كَفًّا مِنْ شُونِيزٍ، وَشَرِبَ عليه ماء وعسلا 1/359
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذا اشتكى قرأ على نفسه بقل هو الله أحد 5/116
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى يَمْضِي فِي طَرِيقٍ ويرجع في أخرى 12/485
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذا دخل الخلاء 9/7
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْغَائِطَ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الخبث والخبائث 5/16
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا ذَكَرَ أَحَدًا مِنَ الأَنْبِيَاءِ بَدَأَ بِنَفْسِهِ فَقَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى، لَوْ لَبِثَ مَعَ صَاحِبِهِ لأَبْصَرَ الْعَجَبَ العاجب 6/397
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى الْهِلالَ قَالَ: اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بالأمن والإيمان، والسّلام والإسلام، ربي وربك اللَّهِ 14/326
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى مَا يَفْرَحُ بِهِ، أَوْ بُشِّرَ بِمَا يَسُرُّهُ، سَجَدَ شُكْرًا لِلَّهِ عَزَّ وجل 2/123
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ 10/91(23/36)