الكتاب: ذكر من اختلف العلماء ونقاد الحديث فيه
المؤلف: أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان البغدادي، المعروف بابن شاهين
المتوفى: 385 هـ
المحقق: أبو عمر محمد بن علي الأزهري
الناشر: الفاروق الحديثة للطباعة والنشر - القاهرة
الطبعة: الأولى، 1430 هـ - 2009 م
عدد المجلدات: 1
ملاحظات:
1 - الكتاب موافق لطبعة الفاروق.
2 - قام المحقق بمقابلة هذه النسخة على ما يلي:
- مصورة النسخة الخطية المحفوظة بالمكتبة المتوكلية اليمنية بالجامع الكبير بصنعاء.
- مصورة النسخة الخطية المحفوظة بمكتبة محمد بن يوسف بمراكش.
- طبعة المعلمي اليماني الملحقة بتاريخ جرجان، للسهمي، طبع دائرة المعارف العثمانية بحيدر أباد الدكن بالهند، سنة 1950 م، وهي طبعة غير كاملة للكتاب إذ تبدأ ببداية الكتاب، وتنتهي ببداية الترجمة (16)، وهذه الطبعة اعتمدت على نسخة خطية ثالثة للكتاب، محفوظة في مكتبة بودلين بجامعة أكسفورد بإنجلترا.
- طبعة طارق عوض الله، بمكتبة التربية الإسلامية لإحياء التراث الإسلامي بالجيزة، سنة 1992 م، وهي مأخوذة عن طبعة المعلمي اليماني.
- طبعة حماد بن محمد الأنصاري، بمكتبة أضواء السلف بالرياض، سنة 1999 م.
مصدر الكتاب: مكتبة أحمد الخضري.(1/1)
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر برحمتك
قال: وحدث القاضي الشريف أبو الحسين محمد بن علي بن محمد بن المهتدي بالله، إجازة، عن أبي حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين، رحمه الله قال:
ذكر من اختلف العلماء ونقاد الحديث فيه، فمنهم من وثقه، ومنهم من ضعفه، ومن قيل فيه قولان، بينت ذلك بالتراجم، ليعرف إن شاء الله تعالى.
1 - ذكر أبان بن أبي عياش، والخلاف فيه:
روى ابن شاهين بإسناده، عن شعبة، قال: لولا الحياء من الناس، ما صليت على أبان بن أبي عياش.
روى النضر بن شميل، عنه، أيضًا أنه قال: لأن أقطع الطريق أحب إلي من أن أروي عن أبان.(1/21)
وعن علي بن مسهر، قال: سمعت أنا، وحمزة الزيات، من أبان بن أبي عياش نحوًا من ألف حديث، قال: فأخبرني حمزة أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فعرضها عليه، فما عرف منها إلا اليسير، خمسة أو أقل، أو أكثر، قال: فتركت الحديث عنه.(1/22)
وعن أحمد بن حنبل، أنه قرأ عليه ابنه عبد الله حديث عباد بن عباد، فلما انتهى إلى حديث أبان بن أبي عياش، قال: اضرب عليها.
وعن يحيى بن معين، قال: أبان بن أبي عياش، متروك الحديث.
وعن ابن عائشة، قال: قال رجل لحماد بن سلمة: يا أبا سلمة، تروي عن أبان بن أبي عياش؟ قال: وما شأنه؟ قال: إن شعبة لا يرضاه، قال: فأبان خير من شعبة.
قال أبو حفص: وهذا الكلام من حماد بن سلمة، في تفضيل أبان على شعبة فيه إسراف شديد، وليس هذا الكلام بمقبول، شعبة أفضل وأنقل وأعلم.
وقد روى عن أبان نبلاء الرجال، فما نفعه ذلك، ولا يعتمد على شيء من روايته، إلا ما وافقه عليه غيره، وما تفرد به من حديث، فليس عليه عمل.
ممن روى عنه من الثقات:
سفيان الثوري، وحماد بن سلمة، والفضيل بن عياض، وطالب بن حجير، ومهدي بن هلال الراسبي، والماضي بن محمد،(1/23)
والخليل بن مرة، ومطرف بن طريف، وحمزة بن حبيب الزيات، وسابق بن عبد الله البربري، وأبو حنيفة، وأبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي، ومحمد بن جحادة، وموسى بن خلف، وسعيد بن بشير، ونافع بن يزيد، وزياد بن سعد، ومغيرة السراج، وداود بن الزبرقان، وإسماعيل بن عياش، ومصاد بن عقبة، وهشام بن الغاز،(1/24)
وأبو إسحاق الفزاري، وهياج بن بسطام، وزفر بن الهذيل، وجعفر الأحمر، وأبو عبيدة مجاعة بن الزبير.
2 - أسد بن عمرو البجلي، قاضي واسط، والخلاف فيه:
روى ابن شاهين بإسناده عن يزيد بن هارون، أنه قال: لا تحل الرواية عنه.
وعن عثمان بن أبي شيبة، أنه قال: هو والريح سواء، لا شيء في الحديث، إنما كان يبصر الرأي.
وقال محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي: أسد بن عمرو البجلي، صاحب رأي، لا بأس به.(1/25)
قال أبو حفص: وليس كلام محمد بن عبد الله بن عمار، بتزكيته حجة على قول يزيد بن هارون، لأن يزيد بن هارون، وعثمان بن أبي شيبة أعلم بأسد بن عمرو من ابن عمار، لأن ابن عمار موصلي، ويزيد بن هارون واسطي، وعثمان بن أبي شيبة كوفي، فهما أعلم به، ويزيد بن هارون في الطبقة العليا على ابن عمار، وقوله: " لا بأس به "، ليس مثل قول يزيد: " لا تحل الرواية عنه ".
3 - جابر الجعفي، والخلاف فيه:
روى ابن شاهين، أن عبد الرحمن بن مهدي، قال: سمعت سفيان الثوري يقول: ما رأيت أحدًا أورع في الحديث من جابر، ولا منصور.
وعن سلام بن أبي مطيع، أنه قال: قال لي جابر الجعفي: عندي خمسون ألف حديث من العلم، ما حدثت به أحدًا، فذكرت ذلك لأيوب، فقال: أما الآن، فهو كاذب.(1/26)
وعن زائدة، أنه قال: كان جابر الجعفي كذابًا، يؤمن بالرجعة.
وعن أبي حنيفة، أنه قال: ما رأيت أحدًا أكذب من جابر، ولا أفضل من عطاء.(1/27)
وعن يحيى بن معين، أنه قال: جابر الجعفي، لا يكتب حديثه ولا كرامة.
وقال يحيى مرة أخرى: جابر الجعفي، ليس بشيء.
قال أبو حفص: وهذه الروايات في جابر، مختلفة جدًّا:
كذا يقول الثوري: لم أر أورع منه في الحديث.
ويقول أيوب السختياني: هو كذاب.
ويقول زائدة، وأبو حنيفة: هو كذاب.
ويقول يحيى بن معين كذلك.
وأقل ما في أمر هذا الرجل أن يكون حديثه لا يحتج به، إلا أن يروي حديثًا يشاركه فيه الثقات، فإذا انفرد هو بحديث، لم يعمل به، لتفضيل سفيان له.
4 - ذكر جعفر بن سليمان الضبعي:
روى ابن شاهين، أن يحيى قال، في رواية يزيد بن الهيثم عنه: جعفر بن سليمان الضبعي، ثقة، يتشيع، وليس به بأس.
وفي رواية العباس بن محمد عنه، أنه قال: ثقة، وأن يحيى بن سعيد كان لا يكتب حديثه.(1/28)
وقال محمد بن عبد الله بن عمار: هو ضعيف.
قال أبو حفص: وهذا الخلاف في جعفر من ابن عمار في ضعفه، ومن
يحيى بن سعيد في تركه لعلة المذهب، لأنه يروى عنه أنه قيل له: تشتم أبا بكر، وعمر؟ قال شتمًا لا، ولكن بغضًا ما شئت.
وهو أستاذ عبد الرزاق.
وقيل لعبد الرزاق: ممن أخذت التشيع؟ فقال: من جعفر بن سليمان.
وما رأيت من طعن في حديثه، إلا محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي.
5 - أبو الأشهب، جعفر بن الحارث:
روى ابن شاهين، أن أحمد بن حنبل قال: أبو الأشهب، واسمه جعفر، من الثقات.(1/29)
وعن ابن معين، أنه قال: أبو الأشهب جعفر بن الحارث الكوفي، يروي عنه محمد بن يزيد، وغيره، ليس حديثه بشيء.
قال أبو حفص: وهذا الخلاف في جعفر بن الحارث، من أحمد، ويحيى، وهما إماما هذا الشأن، يوجب الوقوف فيه، حتى تجيء شهادة أخرى لثالث مثلهما، فينسب إلى ما قاله الثالث، والله أعلم.
6 - ذكر حماد بن نجيح، والخلاف فيه:
روى ابن شاهين، أن أحمد بن حنبل قال: حماد بن نجيح، ثقة، مقارب في الحديث، روى عنه وكيع، وأبو عبيدة الحداد.(1/30)
وعن يحيى بن معين، أنه قال: ثقة.
وعن عثمان بن أبي شيبة، أنه قال: حماد بن نجيح، ضعيف، ليس يروي عنه أحد.
قال أبو حفص: وهذا الكلام والخلاف في حماد بن نجيح مقبول من أحمد، ويحيى، لأنهما إذا اجتمعا في الرجل بقول واحد، فالقول قولهما، وهو في عداد الثقات، ولا يرجع إلى قول أحد معهما.
7 - ذكر الحجاج بن أرطاة، والخلاف فيه:
روى ابن شاهين، أن حماد بن زيد، قال: قدم علينا جرير بن حازم من المدينة، فأتيناه، فقال جرير: حدثنا قيس بن سعد، عن حجاج بن أرطاة، قال: فلبثنا ما شاء الله، ثم قدم علينا حجاج ابن ثلاثين، أو إحدى وثلاثين، يعني سنة، فرأيت عليه من الزحام شيئًا لم أره على حماد بن أبي سليمان، ورأيت مطرًا الوراق، وداود بن أبي هند، ويونس بن عبيد جثاة على ركبهم، يقولون: يا أبا أرطاة، ما تقول في كذا، ما تقول في كذا.(1/31)
وعن يحيى بن معين، أنه قال: الحجاج بن أرطاة، كوفي صدوق، وليس بالقوي. (1)
وعنه، أنه سئل مرة أخرى عنه؟ فقال: ضعيف.
وعن زائدة، أنه قال: اطرحوا حديث أربعة [حجاج بن أرطاة، وجابر، وحميد، والكلبي.
قال أبو حفص: وهذا الكلام في حجاج بن أرطاة] (2)، من قبل زائدة بن قدامة عظيم.
وقد وافقه على ذلك يحيى بن معين، في أحد قوليه.
وأما ما ذكره حماد بن زيد، في حجاج، ونبه على ما رأى عليه من العلماء يسألونه، فليس بداخل في الروايات، لأنه حكى أنه سمعهم، يقولون: ما تقول في كذا، يريد الفقه، وأبو حنيفة، فقد كان من الفقه على ما لا يدفع من علمه فيه، ولم يكن في الحديث بالمرضي، لأن للأسانيد نقادًا، فإذا لم يعرف الإنسان ما يكتب وما يحدث به، نسب إلى الضعف، والله أعلم بذلك.
_حاشية_____
(1) تحرف في نسخة مراكش إلى: " كوفي صدوق قوي ".
(2) ما بين حاصرتين سقط من نسخة مراكش، وألحق من النسخة اليمنية، ونسخة المعلمي اليماني.(1/32)
8 - ذكر الحكم بن ظهير، والخلاف فيه:
ذكر أبو حفص بن شاهين، أن يحيى بن معين سئل عن الحكم بن ظهير؟ قال: ليس حديثه بشيء.
وقال يحيى مرة أخرى: يروي عنه مروان، يقول: الحكم بن أبي خالد.
وعن عثمان بن أبي شيبة، أنه قال: الحكم بن ظهير عندي صدوق، وليس ممن يحتج به، وكان فيه اضطراب، وجفا الناس حتى استقصي.
قال أبو حفص: وهذا الكلام في الحكم بن ظهير قد اجتمع عليه قول من مدحه ومن ذمه، وإذا قال من مدحه: إنه لا يحتج به، وإن في حديثه اضطرابًا فقد وافق قول يحيى بن معين، وبالجملة في أمره أنه لا يدخل في الصحيح.(1/33)
9 - ذكر حميد بن زياد أبي صخر، والخلاف فيه:
ذكر ابن شاهين أن، أحمد بن حنبل سئل عنه؟ فقال: ليس به بأس.
وأن يحيى بن معين قال: هو ضعيف.
قال أبو حفص: وهذا الخلاف في حميد من أحمد، ويحيى، يوجب التوقف فيه، وكان حميد بن زياد صاحب علم بالتفسير، وليس له حديث كثير، ولعل يحيى وقف من روايته على شيء أوجب هذا القول فيه، والله أعلم.(1/34)
10 - ذكر خالد بن يزيد بن أبي مالك، والخلاف فيه:
روى ابن شاهين، أن أحمد بن صالح وثقه.
قيل لأحمد: فخالد بن يزيد بن صبيح، كأنه أرفع من هؤلاء وأنبل، فشد أحمد يده، وقال: نعم.
وعن أحمد بن حنبل أنه قال: خالد بن يزيد، ثقة.
قال أبو حفص: ولا أدري أراد أحمد بن حنبل خالد بن يزيد بن أبي مالك، أو خالد بن يزيد بن صبيح.
وعن يحيى بن معين، أنه قال: خالد بن يزيد بن أبي مالك، ليس بشيء، كذا قال في رواية العباس بن محمد عنه.
وقال، في رواية المفضل بن غسان عنه: خالد بن يزيد بن عبد الرحمن ابن أبي مالك، يحدث عن أبيه، عن جده هانئ أبي مالك الهمداني، فضعف يحيى هذا الشيخ.(1/35)
قال أبو حفص: وهذا الكلام في خالد بن أبي مالك يوجب التوقف فيه، لأن أحمد بن حنبل، وأحمد بن صالح إذا اجتمعا على مدح رجل لم يجز أن يذم بضعف، والله أعلم.(1/36)
11 - ذكر الخليل بن مرة، والخلاف فيه:
روى ابن شاهين، أن أحمد بن [صالح] (1) سئل عن الخليل بن مرة؟ فقال: ثقة، ما رأيت أحدًا يتكلم فيه، ورأيت حديثه عن قتادة، ويحيى بن أبي كثير صحاحًا، وإنما استغنى عنه البصريون لأنه كان خاملاً، ولم أر أحدًا تركه.
وعن يحيى بن معين، أنه ذم الخليل بن مرة.
قال أبو حفص: وهذا الخلاف في الخليل بن مرة يوجب التوقف فيه، لأن الخليل بن مرة قد روى أحاديث صحاحًا، وروى أحاديث منكرة، وهو عندي إلى الثقة أقرب.
_حاشية_____
(1) في النسخة الخطية: " أحمد بن حنبل "، وهو تحريف من الناسخ، أو من غيره، ونقله المصنف على الصواب في " الثقات " (342).(1/37)
12 - ذكر الحارث الأعور، والاختلاف فيه:
ذكر ابن شاهين بإسناده، عن مغيرة، وجرير بن حازم، عن الشعبي، أنه قال: الحارث الأعور، أحد الكذابين.
قال أبو حفص: وفي هذا الكلام من الشعبي في الحارث نظر!! لأنه قد روى هو أنه رأى الحسن والحسين يسألان الحارث، عن حديث علي!! وهذا يدل على أن الحارث صحيح الرواية عن علي، ولولا ذلك لما كان الحسن والحسين مع علمهما وفضلهما يسألان الحارث، لأنه كان وقت الحارث من هو أرفع من الحارث من أصحاب علي، فدل سؤالهما للحارث على صحة روايته.
ومع ذلك فقد قال يحيى بن معين: ما زال المحدثون يقبلون حديثه.(1/38)
وهذا من قول يحيى بن معين الإمام في هذا الشأن زيادة لقبول حديث الحارث، وثقته.
وقد وثقه أحمد بن صالح المصري، إمام أهل مصر في الحديث، فقيل لأحمد بن صالح: قول الشعبي: حدثنا الحارث، وكان كذابًا، قال أحمد بن صالح: لم يكن بكذاب، إنما كذبه في رأيه.
13 - زكريا بن منظور، والخلاف فيه:
روى ابن شاهين، أن يحيى بن معين، قال: زكريا بن منظور، ليس بشيء.
وأنه روجع مرارًا، فقال: ليس بشيء، قال: وكان طفيليًّا.(1/39)
وعن أحمد بن صالح، أنه سئل عن زكريا بن منظور، شيخ روى عنه الحزامي، والترجماني؟ فقال: ليس به بأس. قلت لأحمد: هو من ولد ثعلبة بن أبي مالك القرظي؟ فلم يحفظ ذلك.
قال أبو حفص: هو زكريا بن منظور بن عقبة بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي.
قال أبو حفص: وهذا الخلاف في زكريا بن منظور يوجب التوقف فيه، لأن يحيى ذمه، وروجع فيه فذمه، وقال: هو طفيلي، والطفيلي: الذي لا يبالي من حيث كان مطعمه، ومن كانت هذه صورته في المطعم خفت ألا يكون مأمونًا في العلم، وقد مدحه أحمد بن صالح، فيوجب التوقف فيه، إن شاء الله.
14 - ذكر زائدة بن أبي الرقاد، والخلاف فيه:
روى ابن شاهين، عن يحيى بن معين أنه قال: زائدة بن أبي الرقاد، ليس بشيء.(1/40)
وعن عبيد الله بن عمر القواريري، أنه قال: لم يكن بزائدة بن أبي الرقاد بأس، كتبت كل شيء عنده، وأنكر هذا الحديث الذي حدث به محمد بن سلام الجمحي، قال: حدثنا زائدة بن أبي الرقاد، عن ثابت، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم عطية: " يا أم عطية، إذا خفضت فأشمي ولا تنهكي، فإنه أسرى للوجه، وأحظى عند الزوج ".(1/41)
قال أبو حفص: وهذا الكلام في زائدة بن أبي الرقاد يوجب التوقف فيه، لأن يحيى بن معين ذمه، والقواريري- وكان من نبلاء أهل العلم- مدحه، وأنكر أن يكون حدث بحديث ثابت عن أنس، هذا الذي حدث به محمد بن سلام، والله أعلم بذلك.
15 - ذكر داود بن فراهيج، والخلاف فيه:
ذُكر عن يحيى بن سعيد القطان أنه قال: كان شعبة يضعفه.(1/42)
وعن شعبة أنه ذكر داود بن فراهيج، فقصبه ي، عني تكلم فيه.
وعن يحيى بن معين أنه سئل عنه؟ فقال: ضعيف.
وروي عن يحيى بن معين أيضًا، أنه سئل عنه؟ فقال: روى عنه شعبة، ليس به بأس.
قال أبو حفص: ليس هو في جملة من رد حديثه، لا سيما أن ليحيى بن معين فيه قولين، فقوله: لا بأس به، له موضع، غير أنه لا يدخل في الصحيح.
16 - ذكر عمرو بن شعيب، والخلاف فيه:
ذكر ابن شاهين، أن علي بن المديني قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: حديث عمرو بن شعيب عندنا واه.(1/43)
قال ابن عيينة : غيره خير منه ، وقد روى عنه ثقات الناس.
وعن هارون بن معروف ، قال : عمرو بن شعيب ، لم يسمع من أبيه شيئًا ، إنما وجد في كتاب أبيه.
وسئل يحيى بن معين عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ؟ قال : ليس بذاك.
قال ابن أبي خيثمة : قلت ليحيى بن معين : حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، لم ردوه ؟ ما تقول فيه ؟ لم يسمع من أبيه ؟ قال : بلى . قلت : إنهم ينكرون ذلك . فقال : قال أيوب : حدثني عمرو بن شعيب ، فذكر أبا عن أب إلى جده ، وقد سمع من أبيه ، ولكنهم قالوا حين صارت : عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، إنما هذا كتاب.
وعن يحيى بن معين ، أيضًا ، قال : عمرو بن شعيب ، ثقة . قيل : ما روى عن أبيه ؟ قال : كذا يقول أصحاب الحديث . قيل له : كانت صحيفة ؟ قال : نعم.
وعن أحمد بن صالح ، قال : عمرو بن شعيب ، سمع من أبيه ، عن جده ، وكله سماع ، وعمرو بن شعيب ثبت ، وأحاديثه عن أبيه تقوم مقام الثبت.(1/44)
قال أبو حفص : وهذا الخلاف في عمرو بن شعيب يرجع فيه إلى ألفاظ العلماء :
قال يحيى القطان : حديث عمرو عندنا واه.
وقال ابن عيينة : غيره خير منه.
وقال هارون : لم يسمع من أبيه.
وقال يحيى بن معين : ليس بذاك .
وذكر يحيى ، عن أيوب ، أنه ذكره أبا ، عن أب.
وقال يحيى بن معين : سمع من أبيه ، وقال : هو ثقة.
وقال أحمد بن صالح : قد سمع عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، وكله سماع ، وهو ثبت.
ومن قال فيه أيوب السختياني ، ويحيى بن معين ، وأحمد بن صالح هذا القول ، وشهدوا له بالسماع والثقة ، لا يجوز أن يعلل حديثه ، ولا يطرح ، وهو كما قالا فيه ، وشهدا له بالثقة والسماع.(1/45)
17- ذكر عمر بن أبي سلمة ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن يحيى بن معين ، سئل عن عمر بن أبي سلمة ، عن أبيه ، عن جده ؟ فقال : ضعيف الحديث.
وعن شعبة ، أنه كان يضعفه.
وعن أحمد بن حنبل ، أنه سئل عنه ؟ فقال : صالح ، ثقة ، إن شاء الله.(1/46)
وعن يحيى بن معين مرة أخرى ، أنه قال : ليس به بأس.
قال أبو حفص : وهذا الخلاف يرجع فيه إلى قول أحمد بن حنبل ، لأن يحيى بن معين قال فيه قولين ، أحدهما : موافق لقول أحمد ، فالرجوع إلى قول أحمد ، ويحيى في آخر قوليه أولى من الرجوع إلى قول يحيى وحده في قول قد قال غيره ، والله أعلم.
ومع ذلك قد روى عنه رجلان جليلان : أحدهما : هشيم . والآخر : أبو عوانة ، وإن كان شعبة المقدم في كل شيء.
18- ذكر عبد الله بن لهيعة ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن يحيى بن معين قال : عبد الله بن لهيعة ، ليس بشيء . قيل ليحيى : فهذا الذي يحكي الناس أنه احترقت كتبه ؟ قال : ليس لهذا أصل ، سألت عنها بمصر.(1/47)
وقال يحيى بن معين ، في موضع آخر : ابن لهيعة ، ليس بشيء ، تغير أو لم يتغير.
وعن أحمد بن صالح ، أنه سئل عن ابن لهيعة ؟ فقال : ثقة . قيل له : فما روى الثقات عن ابن لهيعة ، ووقع فيها تخليط ، ترى أن يطرح ذلك التخليط ؟ قال : نعم ، ورفَّع بابن لهيعة.
قال أبو حفص : والقول في ابن لهيعة عندي قول أحمد بن صالح ، لأنه من بلده ، ومن أعرف الناس به ، وبأشكاله من المصريين.
وقد حدث شعبة بن الحجاج عن ابن لهيعة.
19- ذكر عبد الله بن سلمة بن الأفطس ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين أن عبيد الله بن عمر القواريري قال : عبد الله بن سلمة الأفطس ، لم يكن يكذب ، ولكن كان في لسانه لباس.
قال القواريري : قال لي يحيى بن سعيد : معي سمع عبد الله بن سلمة ، من هشام بن عروة ، ويحيى بن سعيد ، يعني الأنصاري ، وكتبت له سماعه وأعطيته.(1/48)
وعن أحمد بن حنبل أنه قال : ترك الناس حديثه.
قال أبو حفص : وهذا القول في عبد الله بن سلمة ، مسموع من أحمد بن حنبل ، لصدقه في الشيوخ ، وعلمه بما رووا ، وأما قول القواريري ، عن يحيى القطان ، وهو كما قال غيره : إنه من سمع من الشيوخ ، وخلط فيما سمع ، لم يسو ما سمع شيئًا.
20- ذكر عبد الله بن عمر العمري ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن يحيى بن معين ، سئل عن عبد الله العمري ؟ فقال : ضعيف ، في رواية عبد الله بن أحمد ، عنه.
وعن محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي ، أن عبد الله بن عمر العمري لم يتركه أحد ، إلا يحيى ، يعني القطان ، وزعموا أنه كان أكبر من عبيد الله ، إلا أنه كان ضريرًا وزعموا أنه أخذ كتب عبيد الله ، فرواها.
وقال يحيى بن معين ، في رواية يزيد بن الهيثم عنه : عبد الله العمري ، صالح ، ليس به بأس.(1/49)
قال أبو حفص : وهذا الكلام من يحيى بن معين متوقف فيه ، لأنه ضعفه ، ثم قال : هو صالح ، وقد وثقه أحمد بن صالح المصري ، وحدث عنه وكيع ، وغيره ، والله أعلم.
21- ذكر عبد الله بن زيد بن أسلم ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن أحمد بن حنبل قال : عبد الله بن زيد بن أسلم ، ثقة.
وأنه سئل عن أوثق ولد زيد بن أسلم ؟ فقال : عبد الله بن زيد بن أسلم ، من أوثقهم.(1/50)
وعن يحيى بن معين ، أن حديثه ليس بشيء.
قال أبو حفص : وهذا القول يوجب التوقف فيه ، لأن أحمد بن حنبل وثقه ، وكرر كلامه فيه مرة أخرى ، والقول فيه عندي ما قاله يحيى بن معين .
22- ذكر عمر بن قيس المكي ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، عن يحيى بن معين ، من رواية العباس بن محمد عنه أنه قال : عمر بن قيس المكي ، لقبه سندل ، وهو ضعيف.
وكذا قال المفضل ، عن يحيى.
وعن عثمان بن أبي شيبة ، أنه قال : عمر بن قيس الماصر ، ضعيف الحديث.(1/51)
وعن أحمد بن صالح ، قال : عمر بن قيس ، ثقة ، ليس فيه شك ، وإنما طعن فيه من قبل الغلط ، وهو لا بأس به.
قال أبو حفص : وهذا القول يوجب التوقف فيه ، وهو إلى الثقة عندي أقرب ، لأنه من غلط ورجع عن غلطه ، لا يطرح حديثه ، وهو مع من وثقه.
وقد وافق قول يحيى ، قول عثمان بن أبي شيبة ، والله أعلم بذلك.
23- ذكر عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن يحيى بن معين قال ، في رواية إسحاق الكوسج : إنه صالح.
وفي رواية المفضل بن غسان عنه : إنه ضعيف.
قال أبو حفص : وهذا الكلام من يحيى بن معين فيه يوجب السكوت عنه ، لأنه لم يوثقه ، فقال : صالح ، والألفاظ في الشيوخ منتبذة المعاني ، والله أعلم.(1/52)
24- ذكر عبد الرحمن بن إبراهيم القاص ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن يحيى بن معين ، في رواية العباس بن محمد ، عنه قال : عبد الرحمن بن إبراهيم القاص ، كان ينزل كرمان ، ثقة.
وعن حبان بن هلال ، أنه قال : هو ثقة.
وفي رواية المفضل بن غسان ، عن يحيى ، أنه سئل عن شيخ حدثهم عنه عفان ، يقال له : عبد الرحمن بن إبراهيم ، فقال : أبو زكريا ، كان قاصًّا مدينيًّا ، روى عن ابن المنكدر ، والعلاء ، ضعفه أبو زكريا.(1/53)
قال أبو حفص : وهذا الكلام في عبد الرحمن بن إبراهيم ، يوجب الثقة له ، وتوثيق يحيى له مع غيره ، أولى بالعمل به من قوله الثاني ، والله أعلم.
25- ذكر عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن يحيى بن معين قال : ابن ثوبان ، أصله خراساني ، نزل الشام ، وما ذكره إلا بخير.(1/54)
وفي رواية المفضل بن غسان ، عنه ، أنه قال : ليس بشيء.
قال أبو حفص : وهذا القول من يحيى بن معين ، يوجب التوقف في ابن ثوبان ، لأن سكوته عن اطرائه وتوثيقه لا يقضي على تضعيفه ، إنه إذا كان كذلك لم يذكر في الصحيح.
26- ذكر عبد الرحمن بن إسحاق المديني ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن أحمد بن حنبل قال : ليس به بأس.
وعن يحيى أنه قال : ثقة ثقة.
وعن يحيى بن سعيد القطان ، أنه قال : سألت عن عبد الرحمن بن إسحاق بالمدينة ، فلم أرهم يحمدونه .(1/55)
قال أبو حفص : هذا الكلام من يحيى القطان ، لا يلزم الذم لعبد الرحمن ، ولا سيما مع توثيق يحيى بن معين له ، وهو إلى الثقة أقرب ، والله أعلم.
27- ذكر عثمان بن عمير أبي اليقظان :
روى ابن شاهين ، أن يحيى بن معين قال ، في رواية العباس بن محمد عنه : عثمان بن عمير أبو اليقظان الكوفي ، ليس حديثه بشيء.
وقال ، في رواية إسحاق عنه : إنه صالح.
قال أبو حفص : وهذا الخلاف ، في عثمان ، من يحيى وحده ، يوجب التوقف فيه ، حتى يعينه عليه آخر ، فيكون أحد كلامي يحيى معه ، والعمل فيه على ذلك.(1/56)
28- ذكر عقبة الأصم ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن يحيى بن معين ، قال : عقبة الأصم ، ليس بثقة.
قال أبو سلمة التبوذكي : أخبرني الحسين بن عربي ، قال : نظرنا في كتاب عقبة الأصم ، فإذا أحاديثه هذه التي يحدث بها عن عطاء ، إنما هي في كتابه عن قيس بن سعد ، عن عطاء.
وعن أحمد بن صالح ، أنه سئل عن عقبة الأصم ، الذي يروي عنه يحيى بن حسان ؟ فقال : ثقة . قيل لأحمد : هو من أهل البصرة ؟ فقال : نعم.
قال أبو حفص : وهذا الخلاف ، في أمر عقبة ، يحتمل أن يكون يحيى بن معين أعلم بعقبة ، من أحمد بن صالح ، لأنه أخبر عن كتابه أن بينه وبين عطاء ، قيس بن سعد . وأحمد بن صالح قد عدله ، ولم يرد خبر يحيى بن معين ، والله أعلم.(1/57)
29- ذكر عطاف بن خالد ، والخلاف فيه :
ذكر ابن شاهين ، أن يحيى بن معين روى عنه يزيد بن الهيثم ، أنه قال : ليس به بأس.
وعن أحمد بن حنبل ، أنه سئل عن يحيى بن حمزة ، وعطاف قال : ما أقربهما عطاف ، ليس به بأس.
وقال : إنه من أهل المدينة ، وحكى عن عبد الرحمن بن مهدي ، أنه لم يرضه . قال أحمد : وما به بأس.(1/58)
وقال يحيى بن معين ، في رواية جعفر بن أبي عثمان ، عنه : ضعيف.
قال أبو حفص : وهذا الخلاف في عطاف يوجب التوقف ، وليحيى فيه قولان ، وهو عندي إلى قوله : إنه ليس به بأس ، أقرب . وقد وافقه على ذلك أحمد بن حنبل ، وله أحاديث عن نافع لا أعلم أتى بها غيره ،(1/59)
منها : نافع ، عن ابن عمر : " أن النبي صلى الله عليه وسلم أقاد من خدش
" .
ومنها : عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لو تجر أهل الجنة ... " الحديث ، في أحاديث منكرة ، والله أعلم.(1/60)
30 - ذكر عيينة (1) بن عبد الرحمن، والخلاف فيه:
روى ابن شاهين، أن يحيى بن معين، قال في رواية يزيد بن الهيثم، عنه، إنه ثقة، وأبوه ثقة.
وعن أحمد بن حنبل، أنه قال: ليس به بأس، صالح الحديث. قيل له: أبوه؟ قال: ليس بالمشهور.
وعن يحيى بن معين، من رواية عباس: أنه ثقة.
وروى العباس بن محمد، عنه أنه قال: ليس بشيء.
قال أبو حفص: ويحتمل أن يكون القول فيه، قول أحمد بن حنبل، وأحد قولي يحيى بن معين، لأن يحيى قد وثقه، في رواية، وضعفه في أخرى.
_ حاشية_____
(1) تحرف في نسخة مراكش إلى: " عبيدة ".(1/61)
31- ذكر العوام بن حمزة ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن يحيى بن معين قال : العوام بن حمزة ، يعني المازني ، يروي عنه يحيى القطان ، وغندر ، وليس حديثه بشيء.
وعن علي بن المديني ، أنه سأل يحيى القطان ، عن العوام بن حمزة ؟ فقال : ما أقربه من مسعود بن علي ، أي لم يكن به بأس.
قال أبو حفص : وهذا الخلاف في العوام يحتمل التوقف فيه ، ولا يدخل في الصحيح ، لأن يحيى بن معين ضعفه ، ويحيى القطان لم يطلق له الثقة ، ذكره بكلام معلق.(1/62)
32- ذكر فائد أبي الورقاء ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن علي بن المديني قال : أبو الورقاء ، ثقة ، كان يحدث عنه أحاديث ، واسمه فائد.
وعن يحيى بن معين ، من رواية يزيد بن الهيثم ، عنه ، أنه قال : فائد أبو الورقاء ، روى عنه الكوفيون ، ليس بثقة.
وعنه أيضًا ، من رواية العباس بن محمد ، أنه قال : فائد أبو الورقاء ، ضعيف.
قال أبو حفص : وهذا الخلاف في فائد يوجب التوقف ، حتى يضاف إلى أحد الرجلين آخر ، فيحكم بشهادتين على شهادة ، والله أعلم.(1/63)
33- ذكر الفضل بن العلاء ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن علي بن المديني قال : الفضل بن العلاء ، كان من أهل الكوفة ، وكان عندنا بالبصرة ، وكان ثقة.
وعن يحيى بن معين ، من رواية العباس ، عنه قال : الفضل بن العلاء ، يكون بالبصرة ، لا بأس به.
ومن رواية المفضل بن غسان ، عن يحيى بن معين ، أنه قال : الفضل بن العلاء ، كان يكون بالبصرة ، حدث عن أشعث بن سوار ، ضعفه أبو زكريا.
قال أبو حفص : وهذا الخلاف في الفضل يرجع فيه إلى أحد قولي يحيى الذي وافقه فيه علي ووثقه ، لأن معه فيه علي بن المديني ، وأحاديثه مستقيمة ، لا أعرف له حديثًا منكرًا .(1/64)
34- ذكر الفضيل بن مرزوق ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن سفيان الثوري سئل عن الفضيل بن مرزوق ؟ فقال : الأغر ، ثقة.
وعن أحمد بن صالح ، من رواية أحمد بن رشدين ، أنه سئل عن الحديث الذي يروى عن فضيل ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : {الله الذي خلقكم من ضعف} .(1/65)
فقال : هذا الحديث ليس له عندي أصل ، ولا هو بصحيح في نفسي من هذا الحديث شيء ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يرخص في هذه الحروف ، ويقول : " أنزل القرآن على سبعة أحرف " ، وضعف من كلام العرب ، لا ينبغي أن يروى عنه.(1/66)
قال ابن رشدين : لا أدري من أراد أحمد بن صالح بالضعيف ، عطية ، أو فضيل بن مرزوق ؟.
وعن يحيى بن معين ، من رواية إسحاق الكوسج ، عن يحيى ، أنه قال : فضيل بن مرزوق ، ضعيف.
ومن رواية ابن أبي خيثمة ، أنه قال : ثقة.
وسئل عنه مرة أخرى ؟ فقال : ضعيف.
ومن رواية العباس بن محمد ، عن يحيى ، أنه قال : ثقة.
قال أبو حفص : وهذا الخلاف في فضيل ، يوجب التوقف في أمره ، لأن ليحيى بن معين فيه قولين ، والثوري قد حاد عن ذكره ، وأحمد بن صالح تكلم في حديثه ، فليس له أن يدخل في الصحيح ، والله أعلم.(1/67)
35- ذكر فليح بن سليمان ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن يحيى بن معين قال ، في رواية محمد بن أحمد بن الجنيد ، عنه : ضعيف الحديث.(1/68)
وروى العباس بن محمد ، عن يحيى أنه قال : قال أبو كامل : فليح بن سليمان ، ليس بشيء ، وقد أدركه أبو كامل.
وقال ابن معين : فليح ، ثقة.
قال أبو حفص : وهذا الخلاف يوجب التوقف فيه ، وهو إلى الثقة أقرب ، وحديثه جيد ، قليل المنكر ، والقول فيه ؛ قول يحيى عن نفسه بتوثيقه ، والله أعلم.(1/69)
36- ذكر فرقد السبخي ، والخلاف فيه :
ذكر ابن شاهين ، أن يحيى بن معين قال : ليس به بأس.
وعن أحمد بن حنبل : أنه ليس بثقة.
وعن أحمد أيضًا ، أنه سئل عنه ؟ فحول يده ، كأنه لم يرضه.
قال أبو حفص : وفرقد السبخي ، له كلام في الزهد والرقائق ، وهو رجل صالح إن شاء الله ، وأما في الحديث ، ونقل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهو شيء آخر ، وليس ممن يدخل حديثه في الصحيح ، والقول فيه عندي قول أحمد بن حنبل ، رحمة الله عليه.(1/70)
37- ذكر قيس بن ربيع :
روى ابن شاهين ، أن شعبة قال : سمعت أبا حصين ، يثني على قيس.
وقال شعبة : أدركوا قيسًا قبل أن يموت.
وأن يحيى بن سعيد ، ذكر قيس بن الربيع عند شعبة ، فقال : يا أحول ، تذكر قيسًا الأسدي ، وزجره عن ذلك.
وعن عثمان بن أبي شيبة ، أنه قال : قيس بن الربيع ، كان صدوقًا ، ولكن اضطرب عليه بعض حديثه.
وعن أبي نعيم ، أنه قال : ذكر قيس عند سفيان ، فقال : قيس قد سمع
، قيس قد سمع.
وعن يحيى بن معين ، من رواية العباس بن محمد ، ويزيد بن الهيثم ، وابن أبي خيثمة ، أنه قال : ليس بشيء ، ولا يساوي شيئًا.
وقال مرة أخرى : ضعيف الحديث.(1/71)
وكذلك روى عن يحيى ، أنه ليس بشيء.
قال أبو حفص : وهذا الخلاف في قيس بن الربيع ، يوجب التوقف فيه ، وقيس بن الربيع ، حسن الحديث ، وصحيحه ، وهو عندي في عداد الثقات ، وقد حدث عنه من هو أجل منه وأنبل ، وهذا لا يكون من ضعفه ، لأنه إذا اجتمع على الرجل الثوري وشعبة في الكتابة عنه ، فهو غاية من الغايات ، ولا سيما ثناء أبي حصين عليه.
وقد حدث عنه الثوري ، ومات الثوري قبله بسبع سنين ، وقيل ست.
وحدث عنه شعبة بن الحجاج ، ومات شعبة قبله بسبع سنين.
وحدث عنه ابن جريج ، ومات ابن جريج قبله بسبع عشرة سنة.
وحدث عنه أبان بن تغلب ، ومات قبله بست وعشرين سنة.
وحدث عنه جابر الجعفي ، ومات قبله بأربع وثلاثين سنة.
وحديثه عندي صحيح جائز ، إن شاء الله.(1/72)
38- ذكر قابوس بن أبي ظبيان :
روى ابن شاهين ، أن أحمد بن حنبل قال : ليس بذاك.
وقال : سئل جرير ، يعني ابن عبد الحميد ، عن شيء من أحاديث قابوس ؟ فقال : نفق قابوس ، نفق.
وعن يحيى بن معين ، من رواية ابن أبي خيثمة ، وعباس عنه ، أنه قال : قابوس بن أبي ظبيان ، ثقة.
ومن رواية يزيد بن الهيثم ، عن يحيى ، أنه قال : ليس به بأس.(1/73)
قال أبو حفص: وهذا الخلاف في قابوس، يوجب إمضاء حديثه، لأن أحدًا لم يطعن عليه، ولم يبن.
وقول جرير: نفق قابوس ليس يوجب الذم، لعله قال ذلك: لسرعة موته، وسؤال الناس حديثه، فيحتمل أن يكون هذا يدل على فضله، ويحيى فقد وثقه، وحديثه قريب.
39/ 40 - ذكر سهيل بن أبي صالح، وأخيه العلاء (1)، والخلاف فيهما:
روى ابن شاهين، أن أحمد بن صالح قال: سهيل بن أبي صالح، من المتقنين، وإنما يؤتى في غلط حديثه ممن يأخذ عنه.
_حاشية_____
(1) العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي.(1/74)
وقال أحمد بن صالح : العلاء ، وسهيل بن أبي صالح ، يعني أنهما نظيران ، وسهيل أروى عن الرجال.
وقال ابن معين : العلاء ، وسهيل ، ضعيفان.
قال أبو حفص : وهذا الكلام في العلاء ، وسهيل ، يوجب النظر ، وهما عندي على حكم الثقة والأمانة ، وقد حدث عن العلاء ، وسهيل أجلاء العلماء ، ولا أعرف لهما كثير حديث منكر ، إلا حديثًا يرويه
عنهما ضعيف ، فأما الثقات عنهما فهو عجب من عجب ، ولهما فضل في العلم كبير.
41- ذكر سعد بن سعيد ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن أحمد بن حنبل قال : سعد بن سعيد ، أخو يحيى بن سعيد الأنصاري ، ضعيف الحديث.(1/75)
وقال ابن عمار : هو ثقة.
قال أبو حفص : وهذا الخلاف من أحمد ، وابن عمار ، يوجب التوقف فيه ، وهو قليل الحديث ، ولست أعلم من أي جهة ضعف.
42- ذكر سعيد بن بشير ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن يحيى بن معين قال : ليس بشيء ، في رواية العباس عنه.
وقال ، في رواية أحمد بن أبي خيثمة : ليس حديثه بشيء.
وعن بقية ، أنه سمع شعبة يذكر سعيد بن بشير ، فقال : إنه مأمون ، فخذوا عنه.(1/76)
وأنه قال فيه : ذاك صدوق اللسان.
قال أبو حفص : وهذا الخلاف في سعيد ، من يحيى ، وشعبة ، متباعد جدًّا ، والقول عندي فيه ، قول شعبة ، وذلك لأنهما متقاربان في الوقت ، ولو كانت حاله توجب الذم ، لكان شعبة بذلك أولى وأعلم ، لأنه كان فارس العلم ، ويجوز أن يكون بلغه عنه شيء أنكره ، وإلا فحديثه من جهة الثقات عنه جيد من كتاب أصحابه.(1/77)
43- ذكر سليمان بن داود الشامي ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن يحيى بن معين قال ، في رواية يزيد بن الهيثم عنه : سليمان بن داود الشامي ، روى عن الزهري حديث عمرو بن حزم ، ليس بشي ، ولم يتابعه في حديث عمرو بن حزم أحد.(1/78)
وفي رواية ابن أبي خيثمة عنه ، أنه سئل عن سليمان بن داود ، الذي يحدث عن الزهري ، ويروي عنه يحيى بن حمزة ؟ قال : ليس بشيء.(1/79)
وعن أحمد بن حنبل ، من رواية البغوي عنه ، أنه سئل عن حديث عمرو بن حزم ، في الصدقات ، صحيح هو ؟ قال : أرجو أن يكون صحيحًا.
قال أبو حفص : وليس الخلاف بين أحمد ، ويحيى ، في سليمان بن داود ، وإنما الخلاف في الحديث.
قال يحيى بن معين : لم يتابع سليمان بن داود في هذا الحديث أحد.
وقال أحمد : أرجو أن يكون صحيحًا.(1/80)
قال أبو حفص : وليس الخلاف بين أحمد ، ويحيى ، في سليمان بن داود ، وإنما الخلاف في الحديث .
قال يحيى بن معين : لم يتابع سليمان بن داود في الحديث أحد .
وسليمان بن داود على حاله ، مع يحيى بن معين ، والله أعلم.
44- ذكر سالم بن نوح العطار ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن أحمد بن حنبل قال : ما أرى به بأسًا ، وقد كتبت عنه ، عن عمر بن عامر ، وكان عطارًا.
وعن يحيى بن معين ، في رواية العباس بن محمد ، أنه قال : ليس بحديثه بأس.
وروى عن عباس أيضًا أنه قال : ليس بشيء.
قال أبو حفص : وهذا الخلاف في سالم ، عن أحمد ويحيى ، يوجب تعديله ، لأن أحمد ويحيى في أحد قوليه قد قوياه ، وهو إلى الثقة أقرب ، وحديثه مستقيم ، إن شاء الله تعالى.(1/81)
45- ذكر سلم العلوي ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين بإسناده ، عن مخلد بن حسين ، قال : قيل لسلم العلوي : ترى الجوزاء نصف النهار ؟ قال : نعم ، أمثال القلال.
فإن شعبة قال : كان سلم العلوي يرى الهلال قبل الناس بيومين.
وعن يحيى بن معين ، أنه سئل عن سلم العلوي ؟ فقال : لا بأس به ، فقيل : أليس الذي يقول فيه شعبة : ذاك الذي يرى الهلال ؟! فقال : ليس به بأس ، كان يرى الهلال قبل الناس ، كان حديد البصر.
قال أبو حفص : وهذا الكلام نظرٌ فيه ، لأن شعبة ، ومخلد بن حسين جميعًا قد تكلما فيه على وجه الذم ، والذي مدحه به يحيى ، فقد أخرج لقول شعبة معاذير ، وأرى أن قوله من جهة حدة البصر كلام فيه بعد ، ويحيى أستاذ في العلم ، والله أعلم.(1/82)
46- ذكر شريك بن عبد الله النخعي :
روى ابن شاهين ، أن علي بن المديني قال : سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول : قدم شريك مكة ، فقيل لي : ائته ، فقلت : لو كان بين يدي، ما سألته ، وضعف حديثه جدًّا.
وعن يحيى بن معين أنه قال : شريك ، ثقة ثقة.
وهذا الكلام من يحيى بن سعيد القطان ، في شريك ، يحتمل حالة توجب تركه ، لأن يحيى بن سعيد كان شديد الأخذ.
وأما قول يحيى بن معين في ثقته ، فهو كما قال.(1/83)
وشريك بن عبد الله ، قد حدث عنه الناس ، حدث عنه أبان بن تغلب ، ومات أبان قبل شريك بسبع وثلاثين سنة ، وحدث سفيان الثوري عن شريك ، ومات الثوري قبله بست عشرة سنة.
47- ذكر مسلمة بن علقمة ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، عن أحمد بن حنبل أنه قال : مسلمة بن علقمة ، شيخ ضعيف الحديث ، حدث عن داود بن أبي هند أحاديث مناكير ، وأسند عنه.(1/84)
وعن يحيى بن معين أنه قال : مسلمة بن علقمة ، ثقة.
قال أبو حفص : وقول أحمد بن حنبل ، رحمه الله ، في مسلمة إنه ضعيف لعلة رفع الأحاديث ، لا أنه كذاب ، وهو إلى الثقة بقول يحيى بن معين أقرب في العلم ، والله أعلم.
48- ذكر المجالد بن سعيد ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن جرير بن حازم قال : المجالد ، وكان كذابًا.
وقال يحيى بن معين : كان يحيى بن سعيد يقول : لو أردت أن يرفع لي
مجالد بن سعيد حديثه كله رفعه ، قلت له : لم يرفع حديثه ؟ قال : لضعفه.(1/85)
قال يحيى بن معين : المجالد بن سعيد ، ضعيف ، واهي الحديث.
وعن أحمد بن أبي خيثمة ، قال : سمعت يحيى بن معين مرة أخرى يقول : مجالد بن سعيد ، ثقة.
وعن يحيى بن سعيد القطان ، أنه قال : مجالد ، أحب إلي من ليث ، وحجاج.
قال أبو حفص : وهذا الخلاف في أمر مجالد يوجب التوقف فيه ، وهو إلى التعديل أقرب ، لأن الذي ضعفه ، اختاره ، والذي ذمه مدحه ، لأن يحيى بن سعيد ضعفه في رفع الحديث ، ثم اختاره على حجاج ، وليث ، ووثقه يحيى بن معين بعد ما ضعفه ، والله أعلم.(1/86)
49- ذكر ليث بن أبي سليم ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، عن أحمد بن حنبل قال : ليث بن أبي سليم ، مضطرب الحديث ، ولكن حدث عنه الناس.(1/87)
وعن يحيى بن معين أنه قال : ليس حديثه بذاك.
قال أبو حفص : وكلام أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، في ليث متقارب ، لم يطلقا عليه الكذب ، بل مدحه أحمد بن حنبل ، ووثقه بقوله : حدث عنه الناس.
وقد وثقه عثمان بن أبي شيبة ، وهو به أعلم من غيره ، لأنه من بلده ، ولكن الكل أطلق عليه الاضطراب.(1/88)
50- ذكر المغيرة بن زياد الموصلي ، والخلاف فيه :
ذكر ابن شاهين بإسناده ، أن يحيى بن معين سئل عن مغيرة بن زياد الموصلي ؟ فقال : ليس به بأس ، وقال له : حديث واحد منكر.
وقال أحمد بن حنبل فيه : إنه ضعيف الحديث ، أحاديثه أحاديث مناكير.
وقال أيضًا فيه : مضطرب الحديث.
وقال أيضًا : كل حديث رفعه مغيرة بن زياد ، فهو منكر.
وقال أبو حفص : وهذا الخلاف في أمره يرجع فيه إلى قول أحمد بن حنبل ، لأن يحيى قد وافقه على أن له حديثًا منكرًا ، فيجوز أن يكون وقع إلى أحمد أحاديث أخر مناكير ، لو وقعت إلى يحيى بن معين لأنكرها ، والله أعلم.(1/89)
51- ذكر أبي حنيفة النعمان بن ثابت :
روى ابن شاهين ، عن البغوي ، عن محمود بن غيلان ، عن المؤمل بن إسماعيل قال : ذكر أبو حنيفة عند الثوري ، في الحِجْر ، فقال : غير ثقة ولا مأمون ، غير ثقة ولا مأمون ، فلم يزل يقول ، حتى جاوز الطواف.
وعن الحسن بن ربيع ، قال : ضرب ابن المبارك على حديثه قبل أن يموت بأيام يسيرة.
قال : وذكر أبو بكر بن عياش حديث عاصم ، فقال : والله ما سمعه أبو حنيفة قط.(1/90)
وعن أحمد بن حنبل قال : أبو حنيفة يكذب.
وعن يحيى بن معين أنه سئل عن أبي يوسف ، وأبي حنيفة ؟ فقال : أبو يوسف أوثق منه في الحديث ، قلت : فكان أبو حنيفة يكذب ، قال : كان أنبل في نفسه من أن يكذب.
وعن حرملة بن يحيى ، قال : سمعت الشافعي يقول : كان أبو حنيفة ممن وفق له الفقه.
قال أبو حفص بن شاهين : وهذا الكلام في أبي حنيفة ، طريق ثقة ، طريق الروايات واضطرابها وما فيها من الخطأ ، لا أنه كان يضع حديثًا ، ولا يركب إسنادًا على متن ، ولا متنًا على إسناد ، ولا يدعي لقاء من لم يلقه ، كان أرفع من ذلك وأنبل.
وقد فضله العلماء في الفقه ، منهم : القاسم ، وابن معين ، والشافعي ، والمقرئ ، وابن مطيع ، والأوزاعي ، وابن المبارك ، ومن يكثر عدده.
ولكن حديثه فيه اضطراب ، وكان قليل الرواية ، وكان بالرأي أبصر من الحديث ، وإنما طعن عليه من طعن من الأئمة في الرأي ، وإذا قل بصيرة العالم بالسنن ، وفتح الرأي ، تكلم فيه العلماء بالسنن.
وكفاك بسفيان الثوري ، وابن المبارك ، وأحمد بن حنبل سادات من نقل السنن ، وعرف الحق من الباطل ، والله أعلم.(1/91)
52- ذكر النعمان بن راشد :
روى ابن شاهين أن يحيى بن معين قال ، في رواية العباس ، وابن أبي خيثمة ، عنه : النعمان بن راشد ، ثقة.(1/92)
وروى العباس ، عنه رواية أخرى ، أنه قال : ليس بشيء.
قال أبو حفص : وهذا الكلام من يحيى بن معين ، في النعمان بن راشد مختلف ، فإن وافقه على أحد قوليه واحد ، كان القول قوله في أحدهما ، وإلا فهو موقوف على الصحيح ، لأن الجرح أولى من التعديل ، والله أعلم.(1/93)
53- نصر بن باب ، والاختلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن يحيى بن معين قال : نصر بن باب ، ليس بشيء.
وعن أحمد بن حنبل ، أنه سئل عنه ؟ فقال : إنما أنكر الناس عليه حديثًا عن إبراهيم الصائغ ، وما كان به بأس. قلت له : إن أبا خيثمة قال : نصر بن باب كذاب ، قال : ما اجترىء على هذا أن أقوله ، أستغفر الله.
قال أبو حفص : وهذا الكلام مقبول في التوقف فيه ، ولا يدخل في الصحيح.(1/94)
54- ذكر النهاس بن قهم ، والاختلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن يحيى بن معين قال ، في رواية العباس بن محمد عنه
: كان قاصًا ، وليس هو بشيء.
وقال يحيى بن معين : كان ابن أبي عدي يقول : لا يساوي النهاس بن قهم شيئًا.
وقال ابن معين ، في رواية جعفر بن أبي عثمان عنه : النهاس بن قهم ، ليس به بأس.
قال أبو حفص : وهذا الكلام من يحيى ، في النهاس قد أعانه في أحد قوليه محمد بن أبي عدي ، وهو أقدم من يحيى بن معين ، فإذا كان معه في أحد قوليه غيره ، كان القول قوله في الذي أعانه عليه ، والله أعلم.(1/95)
55- ذكر نهشل الضبي ، والاختلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن يحيى بن معين قال ، في رواية العباس عنه ، وقد سأله عن حديث سفيان ، عن نهشل ، عن أبي غالب ، من نهشل هذا ؟ فقال له : هو نهشل الضبي . فقال له : هو ثقة ؟ قال : نعم . قال له : من أبو غالب ؟ قال : لا أدري.
عن سفيان ، أنه قال : أخبرني نهشل بن مجمع ، وكان مرضيًّا.
وعن يحيى بن معين ، من رواية العباس أيضًا عنه ، أنه قال : يروي ابن نمير ، عن نهشل ، وليس نهشل بشيء.(1/96)
قال أبو حفص : هذا الكلام من يحيى بن معين ، في نهشل ، على وجهين ، والقول عندي قوله ، فيما وافقه عليه سفيان الثوري ، والله أعلم.
56- ذكر صالح ، مولى التوأمة ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن مالك بن أنس سئل عن صالح مولى التوأمة ؟ فقال : ليس بشيء.
وعن الأصمعي أنه قال : كان شعبة لا يروي عن صالح مولى التوأمة ، وينهى عنه.
وعن أحمد بن حنبل ، أنه قيل له : إن بشر بن عمر ، زعم أنه سأل مالكًا عن صالح مولى التوأمة ؟ فقال : ليس بثقة ، فقال أحمد : مالك ، كان قد أدرك صالحًا ، وقد اختلط وهو كبير ، ما أعلم به بأسًا ممن سمع منه قديمًا ، وقد روى عنه أكابر أهل المدينة.(1/97)
قال أبو حفص : وهذا الكلام في صالح يدل على أنه كان ثقة ، وإنما وقع النهي عنه من مثل مالك ، وشعبة للاختلاط الذي نزل به ، ولم يبين في النهي عنه لأي علة ، فبينها أحمد بن حنبل ، فمن سمع منه في أيام صحته فهو على ما قال أحمد بن حنبل ، إن شاء الله.
والدليل على ذلك ما حدثنا محمد بن مجالد ، قال : حدثنا صالح بن أحمد ، حدثنا علي بن المديني ، قال : سمعت سفيان ، يعني ابن عيينة يقول : جلست إلى صالح مولى التوأمة ، فسألته كيف سمعت أبا هريرة ؟ كيف سمعت ابن عباس ؟ فقالوا : إنه قد اختلط ، فتركه.
قال : وحدثنا الحسن بن صدقة ، حدثنا ابن أبي خيثمة ، حدثنا إبراهيم بن عرعرة ، قال سفيان بن عيينة : لقينا صالحًا مولى التوأمة ، وهو مختلط.(1/98)
57- ذكر أبي عامر الخزاز ، واسمه صالح بن رستم :
روى ابن شاهين ، أن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : قال أبي : أبو عامر الخزاز ، اسمه صالح بن رستم ، صالح الحديث.
وعن يحيى قال : صالح بن رستم ، لا شيء.
قال أبو حفص : وهذا الكلام في صالح بن رستم يوجب التوقف ، لاختلاف أحمد ويحيى فيه ، فالله أعلم.(1/99)
58- ذكر صالح المري ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن عفان قال : حدثت حماد بن سلمة ، عن صالح المري بحديث ، فقال : كذب.
وعن يحيى بن معين ، في رواية جعفر بن أبي عثمان عنه ، قال : صالح المري ، كان قاصًّا ، وكان كل حديث يحدث به عن ثابت باطلاً.
وقال أيضًا يحيى ، في رواية محمد بن إسحاق عنه : ليس بشيء.
وفي رواية ابن أبي خيثمة ، عنه : صالح المري ، ليس به بأس.
قال أبو حفص : هذا الكلام من يحيى بن معين ، في صالح المري محتمل أن يكون وصف صلاحه وديانته ووعظه ، وذلك أنه كان قاصًّا ، ولم يكن يعرف صحيح الحديث من سقيمه ، وما رأيت أحدًا مدحه بالثقة ، وليحيى فيه قولان ، والله أعلم بالحق فيما هو.(1/100)
59- ذكر من اسمه ناصح ، ويعرف بالمحلمي ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، عن يحيى بن معين أنه قال : ناصح الكوفي ، صاحب
سماك ، ليس يسوى فلسًا.
وعن أبي نعيم ، أنه قال : قال لي الحسن بن صالح : اسمع من ناصح ، قلت لأبي نعيم : ناصح الذي روى عن سماك بن حرب ؟ قال : نعم.
قال أبو حفص : وهذا الكلام من يحيى بن معين ، في ناصح مسموع ، غير أن قول الحسن بن صالح ، لأبي نعيم : اسمع منه ، يدل على ثقته في الحديث ، لأن الحسن بن صالح من أهل الورع والصدق ، فلا يأمر أبا نعيم بالسماع منه ، وهو عنده متهم في الحديث ، والله أعلم.(1/101)
60- ذكر علي بن عاصم ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن عثمان بن أبي شيبة ، قال : سألت يزيد بن هارون عن علي بن عاصم ؟ فقال : ما زلنا نعرفه بالكذب.(1/102)
وعن يحيى بن معين ، أنه قال : كأن أحاديثه الطوال أخذها من الصيادلة.
قال ابن أبي خيثمة : ولم يحدث أبي عنه بشيء ، ولا أخرج عنه في تصنيفه شيئًا قط علمته.
ويزيد بن زريع ، وإسماعيل بن علية ، جميعًا قد طعنا عليه.
وعن بشر بن الحارث ، أنه قال : دخلت واسط ، فبدأت بعلي بن عاصم ، فدخلت عليه ، وهو خلف حصن ، وبيده سبحة طويلة ، قال : فسألته أشياء منه ، ثم أتيت خالدًا ، قال : ثم بلغني أنه قدم إلى هاهنا ، فأسقطوه ، لأنه غلط ، إني لأرجو أن يسقطهم الله يوم القيامة ، والله ما أراد بغلطه تعمدًا ، وما عليه شيء ، فيما بينه وبين الله.
قال ابن أبي خيثمة : قيل ليحيى بن معين : إن أحمد بن حنبل ، قال : إن علي بن عاصم ثقة ، وليس بكذاب . قال : لا والله ، ما كان عنده قط ثقة ، ولا حدث عنه بحرف قط ، وكيف صار عنده اليوم ثقة.
وعن يحيى بن معين ، قال : قلت لعلي بن عاصم ، في حديث مطرف ، عن الشعبي ، فقال : نعم ، والله لقد سمعته.(1/103)
قال محمد بن مخلد : قال لنا العباس بن محمد : صدق علي بن عاصم.
قال أبو حفص : وهذا الكلام من يزيد بن هارون ، في علي بن عاصم ، وهو بلديه ، ويحيى بن معين ، ويزيد بن زريع ، وابن علية ، يوجب التوقف في أمره ، والله أعلم.
61- ذكر الهذيل بن بلال ، والخلاف فيه :
روى ابن شاهين ، أن يحيى بن معين قال : الهذيل بن بلال ، ليس بشيء ، وكان ينزل المدائن.(1/104)
وعن أحمد بن حنبل ، أنه قال الهذيل بن بلال الفزاري : ثقة.
قال أبو حفص : وهذا الخلاف من قول أحمد ، ويحيى ، في الهذيل ، يوجب التوقف فيه ، ولأن الذي روى قول أحمد فيه : ليس بالمشهور.
ومع ذلك ، فالهذيل قليل الرواية ، لا تعرف له رواية كثيرة يتبع فيها ، والله أعلم.
62- ذكر صدقة بن عبد الله ، السمين ، الدمشقي ، والخلاف فيه :
ذكر ابن شاهين ، عن أحمد بن حنبل ، أنه قال : أبو معاوية صدقة بن عبد الله السمين ، وهو شامي ، روى عنه الوليد بن مسلم ، ليس بشيء ، ضعيف الحديث ، أحاديثه مناكير ، ليس يسوى حديثه شيئًا.(1/105)
وأن يحيى بن معين، قال: صدقة السمين، ضعيف.
وعن أحمد بن محمد بن رشدين، قال: سألت أحمد بن صالح عن صدقة بن عبد الله السمين، الذي روى عنه عمرو بن أبي سلمة؟ فقال لي: ما به بأس عندي، ورأيته عنده صحيحًا مقبولاً.
وعن سعيد بن عبد العزيز، قال: جاءني الأوزاعي في منزلي، فقال لي: من حدثك بذلك الحديث، قال: قلت: الثقة عندي وعندك، صدقة بن عبد الله أبو معاوية السمين.
قال أبو حفص: وهذا الاختلاف في صدقة بن عبد الله أبي معاوية السمين، يوجب الوقوف، لأن أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين أطلقا عليه الضعف، وأحمد بن صالح مدحه.
وسعيد بن عبد العزيز، والأوزاعي إماما الشام، وهما بصاحبهما أعرف، وهما عند أحمد، ويحيى إمامان صادقان، فهو إلى الثقة أقرب، والله أعلم.(1/106)
63 - ذكر أبي فروة يزيد بن سنان الرهاوي الجزري، والخلاف فيه:
ذكر ابن شاهين، عن يحيى بن معين أنه قال، في أبي فروة: جزري، روى عنه الكوفيون، يروي عن الزهري، ليس حديثه بشيء.
وقال محمد بن عمار: يزيد بن سنان الرهاوي، منكر الحديث.
وعن يحيى بن أيوب، قال: كان مروان بن معاوية يثبت يزيد بن سنان الجزري.
قال أبو حفص: وهذا الكلام من مروان بن معاوية، في أبي فروة، ليس بقاض على كلام يحيى بن معين، وابن عمار، وله أحاديث تفرد بها، وليس يدخل في الصحيح حديثه.(1/107)
64 - ذكر وقاء بن إياس، والخلاف فيه:
روى ابن شاهين، أن علي بن المديني قال: سمعت يحيى بن سعيد القطان، قال: ما كان وقاء بن إياس، بالذي يعتمد عليه، ولم يكن بالقوي.
وعن يحيى بن معين، أنه سئل عن وقاء بن إياس؟ فقال: كوفي، ثقة.
قال أبو حفص: وهذا القول في وقاء بن إياس، يوجب التوقف عنه، فلا يدخل في الصحيح لقول يحيى بن سعيد فيه: لم يكن بالقوي، ولا يعتمد عليه.
وقد وثقه يحيى بن معين، والله أعلم بذلك.
65 - ذكر أبي بحر البكراوي، والخلاف فيه:
روى ابن شاهين، أن علي بن المديني قال: أبو بحر البكراوي، كان يحيى حسن الرأي فيه.
وقال: أنا لم أحدث عنه بشيء، وكان يحيى ربما كلمني فيه، ويقول: أنتم تكتبون عمن هو دونه.(1/108)
وعن أحمد بن حنبل أنه سئل عن عبد الرحمن بن عثمان البكراوي؟ فقال: طرح الناس حديثه.
قال أبو حفص: وهذا الكلام من أحمد بن حنبل، في أبي بحر شديد، وإذا طرح حديث الإنسان، كان أشد من الضعيف والمضطرب، ولا يطرح إلا حديث المركب والوضاع للحديث ونحو ذلك، ولا يخرج في الصحيح.
66 - ذكر أبي قتادة الحراني، والخلاف فيه:
روى ابن شاهين أن يحيى بن معين قال: أبو قتادة الحراني، ثقة. في رواية عباس عنه.(1/109)
وفي رواية المفضل بن غسان عنه: أنه يضعف.
قال أبو حفص: وهذا القول في أبي قتادة يوجب فيه، حتى تقع شهادة أخرى على أحد القولين، فيعمل بحسب ذلك.
67 - ذكر يحيى بن الحارث الجابر، والخلاف فيه:
روى ابن شاهين، أن يحيى بن معين قال، في رواية عبد الله بن أحمد بن حنبل، عنه: يحيى بن الحارث، ضعيف الحديث.(1/110)
وقال في رواية إسحاق الكوسج عنه: يحيى بن عبد الله الجابر، ضعيف.
عن أحمد بن حنبل، أنه قال: يحيى الجابر، يحيى بن عبد الله، ليس به بأس، ولكن الذي يحدث عنه يحيى الجابر أبو ماجد، لا يعرف.
قال أبو حفص: وهذا الكلام من أحمد بن حنبل، في يحيى الجابر مسموع مقبول، والتعليل بقوله، ولكن الذي حدث عنه، ويحتمل أن يكون يحيى أراد ذلك أيضًا.
68 - ذكر يحيى بن أيوب البجلي، والخلاف فيه:
روى ابن شاهين، أن يحيى بن معين قال، في رواية العباس بن محمد، عنه: يحيى بن أيوب، سمع منه عبد الله بن المبارك، وليس به بأس.(1/111)
وقال في رواية يزيد بن الهيثم، عنه: يحيى بن أيوب البجلي، صالح الحديث.
وقال، في رواية المفضل بن غسان، عنه: ويحيى بن أيوب الكوفي، ضعيف.
وكذلك قال، في رواية الكوسج، عنه.
قال أبو حفص: وهذا الكلام من يحيى بن معين، في يحيى بن أيوب البجلي، يوجب التوقف فيه، لأن له فيه قولين.
وقوله إن ابن المبارك سمع منه، لعله أراد به قد رضيه، والله أعلم بذلك.
69 - ذكر يونس بن خباب، والخلاف فيه:
روى ابن شاهين، أن عثمان بن أبي شيبة قال: يونس بن خباب، ثقة، صدوق.(1/112)
وقال ابن معين: يونس بن خباب، لا شيء.
قال أبو حفص: وهذا الكلام من يحيى، في يونس أقرب عندي، لأنه ممن اشتهرت بدعته في السب للسلف، ولا أحب توثيقه في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر عن يونس بن خباب أنه كان يتناول عثمان، رضي الله عنه.(1/113)
آخر ما أورده أبو حفص عمر بن شاهين من المختلف فيهم
والحمد لله وحده وصلى الله صلى الله عليه وسلم(1/114)