6679- أَخْبَرَنا مُحَمَّد بْنِ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي إبراهيم بن جعفر ، عَنْ أبيه ، قَالَ : مَرَّ عمرو بن سُعْدَى على الحرس فناداه محمد بن مسلمة ، من هذا ؟ قَالَ : عمرو بن سعدى ، قَالَ : ابن سعدى ، قَالَ محمد : فذعر فقام ، ثم قَالَ محمد : اللهم لا تحرمني إقالة عثرات الكرام (1).
_حاشية__________
(1) آخر الطبقة الثالثة من المهاجرين والأنصار ممن شهد الخندق وما بعدها .. يتلوها الطبقة الرابعة ممن أسلم عند فتح مكة وما بعد ذلك ..(5/397)
- المجلد السادس
- بسم الله الرحمن الرحيم
- الطبقة الرابعة ممن أسلم عند فتح مكة وما بعد ذلك
، من بني عبد شمس بن عبد مناف بن قصي
1027- أبو سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، واسم أبي سفيان صخر.
وأُمُّه صفية بنت حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن قيس عيلان.
فولد أبو سفيان بن حرب حنظلة ، قتل يوم بدر كافرا ولا عقب له ، وأم حبيبة تزوجها عبيد الله بن جحش بن رئاب الأسدي حليف بني عبد شمس ، فولدت له حبيبة ، ثم توفي عبيد الله مرتدا بأرض الحبشة ، فتزوج رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أم حبيبة وهي بأرض الحبشة ، زوجها إياه النجاشي.
وأميمة وهي أم حبيب بنت أبي سفيان ، تزوجها حويطب بن عبد العزى بن أبي قيس من بني عامر بن لؤي ، فولدت له أبا سفيان بن حويطب.
ثم خلف عليها صفوان بن أُمَية ، فولدت له عبد الرحمن بن صفوان . وأمهم جميعا صفية بنت أبي العاص بن أُمَية بن عبد شمس.
ومعاوية ، وعتبة ، وجويرية ، تزوجها السائب بن أبي حبيش بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي ، ثم خلف عليها عبد الرحمن بن الحارث بن أُمَية الأصغر بن عبد شمس بن عبد مناف.(6/5)
وأم الحكم تزوجها عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن الحارث بن حبيب بن الحارث بن مالك بن حطيط بن جشم من ثقيف ، فولدت له عبد الرحمن الذي يدعى ابن أم الحكم ، وأمهم جميعا هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف . ويزيد بن أبي سفيان.
وأُمُّه زينب بنت نوفل بن خلف بن قوالة بن جذيمة بن علقمة بن فراس بن غنم بن مالك بن كنانة.
ومحمدا وعنبسة ، وأمهما عاتكة بنت أبي أزيهر بن أنيس بن الخيسق بن كعب بن الحارث بن عبد الله بن الحارث بن الغطريف من الأزد.
وعمرا ، أسر يوم بدر ، وعمر.
وصخرة تزوجها سعيد بن الأخنس بن شريق الثقفي فولدت له.
وهندًا تزوجها الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، فولدت له عبد الله بن الحارث ، الذي اصطلح عليه أهل البصرة أيام عبد الله بن الزبير . وأمهم جميعا صفية بنت أبي عَمْرو بن أُمَية بن عبد شمس.
وميمونة ، تزوجها عروة بن مسعود بن معتب الثقفي ، فولدت له . ثم خلف عليها المغيرة بن شعبة الثقفي ، وأمها لبابة بنت أبي العاص بن أُمَية بن عبد شمس ورملة تزوجها سعيد بن عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أُمَية ، فولدت له محمدا ، ثم خلف عليها عَمْرو بن سعيد بن العاص بن أُمَية بن عبد شمس ، فقتل عنها ، وأمها أمامة بنت سفيان بن وهب بن الأشيم من بني الحارث بن عبد مناة قال : ويقولون : وزيادا.
وأُمُّه سمية.(6/6)
6680- قال : أخبرنا مالك بن إسماعيل أبو غسان النهدي قال : حدثنا حبان بن علي العنزي ، عن مجالد بن سعيد ، عن عامر الشعبي قال : أول من كتب بالعربية حرب بن أُمَية بن عبد شمس أبو أبي سفيان . قال : قيل له : ممن تعلم ؟ قال : من أهل الحيرة . قيل له : ممن تعلم أهل الحيرة ؟ قال : من أهل الأنبار.
قال : قال محمد بن عُمَر : ولم يزل أبو سفيان بن حرب على الشرك حتى أسلم يوم فتح مكة ، وهو كان في عير قريش التي أقبلت من الشام ، وخرج رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يعترض لها حتى ورد بدرا ، وَسَاحَلَ أبو سفيان بالعير وبعث إلى قريش بمكة يخبرهم أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قد خرج يعترض لعيرهم ويأمرهم أن ينفروا إليه ، فنفروا وخرجوا حتى لقوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ببدر ونجا أبو سفيان بالعير ، ولم يخرج مع قريش أحد من بني زهرة ولا من بني عدي بن كعب . فقال لهم أبو سفيان : لا في العير ولا في النفير. فهو أول من قال هذه الكلمة ، وهو كان على رأس المشركين يوم أحد ، وهو كان رأس الأحزاب يوم الخندق ، وقبل ذلك ما واعد رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يوم أحد أن يلتقوا ببدر الموعد على رأس الحول فوافى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في المسلمين ، ولم يواف أبو سفيان ولا أحد من المشركين ، ولم يزل أبو سفيان بعد انصرافه عن الخندق بمكة لم يلق رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في جمع إلى أن فتح رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مكة فأسلم أبو سفيان ، وقد كان رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بعث إليه قبل أن يسلم بمال يقسمه في قريش لما بلغ رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم من حاجتهم.(6/7)
6681- قال : أخبرنا إسحاق بن يونس الأزرق ، ووكيع بن الجراح ، عن سفيان ، عن يونس بن عبيد ، عن عكرمة ، أن النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بعث إلى أبي سفيان بن حرب وأناس من قريش من المشركين بشيء ، فقبل بعضهم ورد بعض ، فقال أبو سفيان : أنا أقبل ممن رَدَّ . قال : ثم بعث أبو سفيان إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بسلاح وأشياء فقبل منه.(6/7)
6682- قال : أخبرنا حميد بن عبد الرحمن الرواسي ، ووهب بن جرير ، ووكيع بن الجراح ، وسليمان بن حرب ، عن جرير بن حازم ، عن يعلى بن حكيم ، عن عكرمة ، مولى ابن عباس ؛ أن النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أهدى إلى أبي سفيان بن حرب تمر عجوة ، وكتب إليه يستهديه أدما.
قال وهب بن جرير في حديثه ، عن أبيه : مع عَمْرو بن أُمَية الضمري . قال : فقدم عَمْرو بن أُمَية فنزل على إحدى امرأتي أبي سفيان ، فلما أصبحت قريش عدوا عليه فأخذوه ، فقال : يا فلانة ، أؤخذ من بيتك ودارك ؟ أما والله لو كنت نزلت على فلانة لمنعتني ؟ فأحفظها . فقامت دونه وقالت لأبي سفيان : لتمنعن ضيفي ، فمنعه ، وقبل أبو سفيان هدية رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وأهدى إليه أدما.(6/8)
6683- قال : أخبرنا عُمَر بن سعد أبو داود الحفري ، عن يعقوب بن عبد الله ، عن جعفر ، عن سعيد : {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم} قال : نزلت في أبي سفيان.(6/8)
6684- قال : أَخْبَرنا عُمَر بن سعد ، عن يعقوب ، عن جعفر ، عن ابن أبزى : {الذين قال لهم الناس}.
قال أبو سفيان : قال القوم : إن لقيتم أصحاب محمد فأخبروهم أنا قد جمعنا لهم جموعا . فأخبروهم ، فقالوا : {حسبنا الله ونعم الوكيل}.(6/8)
6685- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الله بن جعفر قال : سمعت يعقوب بن عتبة يخبر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما نزل رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مر الظهران قال العباس بن عبد المطلب : واصباح قريش إن دخلها رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عنوة (1)، قال العباس : فأخذت بغلة رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الشهباء فركبتها ، وقلت : ألتمس حطابا أو إنسانا أبعثه إلى قريش . قال : فوالله إني في الأراك إذا أنا بأبي سفيان بن حرب ، فقلت : أبا حنظلة ؟ قال : يا لبيك أبا الفضل!! وعرف صوتي ، فقال : ما لك ، فداك أبي وأمي ، قلت : ويلك ، هذا رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في عشرة آلاف ، فقال : بأبي وأمي ما تأمرني ؟ هل من حيلة ؟ قلت : نعم ، تركب عجز هذه البغلة فأذهب بك إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ؛ فإنه إن ظفر بك دونه قتلت ، قال : وأنا والله أرى ذلك ، ثم ركب خلفي وتوجهت به إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، ورآه عُمَر بن الخطاب فعرفه وأراد قتله ، وقال : يا رسول الله ، أبو سفيان أخذ بلا عهد ولا عقد . قال : فقلت : إني قد أجرته ،(6/8)
وجرى بين العباس بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب في ذلك كلام ، قال : فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : ويحك يا أبا سفيان ، ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله ؟ قال : بأبي أنت وأمي ، ما أحلمك وأكرمك وأعظم عفوك ، قد كاد يقع في نفسي أن لو كان مع الله إله لقد أغنى شيئا بعد.
قال : يا أبا سفيان ، ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ؟ قال : بأبي أنت وأمي ، ما أحلمك وأكرمك وأعظم عفوك ، أما هذه فوالله إن في النفس منها لشيئا بعد ، فقال العباس : ويحك ، اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قبل والله أن تقتل . قال : فشهد شهادة الحق فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . فقال العباس : يا نبي الله ، قد عرفت أبا سفيان وحبه الشرف والفخر ، فاجعل له شيئا . قال : نعم ، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن أغلق داره فهو آمن.(6/9)
6686- قال : أخبرنا عفان بن مسلم ، ويزيد بن هارون ، قالا : أخبرنا حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن عبد الله بن رباح ، عن أبي هريرة ؛ أن النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قال يوم فتح مكة : من أغلق بابه فهو آمن ، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن . قال عفان في حديثه : ومن ألقى السلاح فهو آمن.(6/9)
6687- قال : أخبرنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قال يوم فتح مكة : من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن دخل دار حكيم بن حزام فهو آمن ، ومن دخل دار بديل بن ورقاء فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن.(6/9)
6688- قال : أخبرنا عَمْرو بن عاصم الكلابي قال : حدثنا جعفر بن سليمان قال : حدثنا ثابت البناني قال : إنما قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ؛ لأن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كان إذا أوذي وهو بمكة فدخل دار أبي سفيان أمن ، فقال النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يوم فتح مكة : من دخل دار أبي سفيان فقد أمن.(6/9)
6689- قال : أخبرنا محمد بن عبيد قال : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي إسحاق السبيعي : أن أبا سفيان بن حرب ، بعد فتح مكة كان جالسا ، فقال في نفسه : لو جمعت لمحمد جمعا . قال : إنه ليحدث نفسه إذ ضرب النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بين كتفيه وقال : إذًا أخزاك الله . قال : فرفع رأسه ، فإذا النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قائم على رأسه فقال : ما أيقنت أنك نبي حتى الساعة ، إن كنت لأحدث نفسي بذلك.(6/10)
6690- قال : أخبرنا الفضل بن دكين أبو نعيم ، ومحمد بن عبد الله الأسدي قال : حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبي السفر قال : لما رأى أبو سفيان الناس يطئون عقبي رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حسده ، فقال بينه وبين نفسه : لو عاودت هذا الرجل ، فجاء رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حتى ضرب بيده في صدره ثم قال : إذًا يخزيك الله ، إذًا يخزيك الله . فقال : أتوب إلى الله وأستغفره ، والله ما تفوهت به ، ما هو إلا شيء حدثت به نفسي.(6/10)
6691- قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي المكي قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال ، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم قال : خرج النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ملتحفا بثوب من بعض بيوت نسائه ، وأبو سفيان جالس في المسجد ، فقال أبو سفيان : ما أدري بم يغلبنا محمد ؟ فأتى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حتى ضرب في ظهره وقال : بالله يغلبك . قال أبو سفيان : أشهد أنك رسول الله.
قال : قال محمد بن عُمَر : وشهد أبو سفيان الطائف مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ورمي يومئذ فذهبت إحدى عينيه ، وشهد يوم حنين ، وأعطاه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم من غنائم حنين مائة من الإبل وأربعين أوقية وزنها له بلال ، فلما أعطاه وأعطى ابنيه يزيد ومعاوية قال له أبو سفيان : والله إنك لكريم ، فداك أبي وأمي ، لقد حاربتك فنعم المحارب كنت ، ثم سالمتك فنعم المسالم أنت ، فجزاك الله خيرا.(6/10)
6692- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثنا إبراهيم بن جعفر ، عن أبيه قال : سمعت عُمَر بن عبد العزيز ، في خلافته يقول : توفي رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وأبو سفيان بن حرب عامله على نجران.
قال محمد بن عُمَر : وأصحابنا ينكرون هذا ويقولون : كان أبو سفيان حين توفي رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حاضرا بمكة ، وكان عامل رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم على نجران عَمْرو بن حزم.(6/11)
6693- قال : أخبرنا عفان بن مسلم قال : حدثنا حماد بن سلمة ، قال : أخبرنا عطاء الخراساني ، وحميد ، عن الحسن ؛ أن أبا سفيان قال : يا رسول الله ، إن امرأتي تعطي من مالي بغير إذني . قال : أنتما شريكان في الأجر . قال : فإن أبيت وكرهت ؟ قال : فإن لها ما احتسبت ، ولك ما بخلت به.(6/11)
6694- قال : أخبرنا عفان بن مسلم قال : حدثنا حماد بن سلمة قال : أخبرنا ثابت البناني ، عن معاوية بن قرة ، عن عائذ بن عَمْرو ، أن سلمان ، وصهيبا ، وبلالا ، كانوا قعودا فمر عليهم أبو سفيان فقالوا : ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها بعد ، فقال أبو بكر الصديق : أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدها.(6/11)
6695- قال : أخبرنا سليمان أبو داود الطيالسي قال : أخبرنا إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبيه قال : خمدت الأصوات يوم اليرموك والمسلمون يقاتلون الروم ، إلا صوت رجل يقول : يا نصر الله اقترب ، يا نصر الله اقترب ، فرفعت رأسي أنظر فإذا هو أبو سفيان بن حرب تحت راية ابنه يزيد بن أبي سفيان.(6/11)
6696- قال محمد بن سعد : وزادنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي المدني ، من بني عامر بن لؤي ، عن إبراهيم بن سعد ، بهذا الإسناد ، قال : وكان يزيد بن أبي سفيان على ربع ، وأبو عبيدة بن الجراح على ربع ، وعمرو بن العاص على ربع ، وشرحبيل بن حسنة على ربع ، ولم يكن عليهم أمير يومئذ.(6/11)
6697- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الحميد بن جعفر ، عن أبيه ، عن ابن المسيب ، عن جبير بن الحويرث بن نقيد قال : حضرت يوم اليرموك المعركة فلا أسمع للناس كلمة ولا صوتا إلا نقف الحديد بعضه بعضا ، إلا أني قد سمعت صائحا يقول : يا معشر المسلمين ، يوم من أيام الله أبلوا فيه بلاء حسنا . وإذا هو أبو سفيان بن حرب تحت راية ابنه يزيد بن أبي سفيان(6/12)
6698- قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي قال : حدثنا عبد الرحمن بن حسن ، عن أبيه ، عن علقمة بن نضلة ؛ أن أبا سفيان بن حرب قام على ردم الحذائين ، ثم ضرب برجله وقال : سنام الأرض إن لها سناما ، يزعم ابن فرقد أني لا أعرف حقي من حقه ، لي بياض المروة وله سوادها ، ولي ما بين مقامي هذا إلى تجنى ساحة الطائف . فبلغ ذلك عُمَر بن الخطاب فقال : إن أبا سفيان لقديم الظلم ، ليس لأحد حق من الأرض إلا ما أحاطت عليه جدرانه.
قال محمد بن سعد : وقال غير أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي : وقدم عُمَر بن الخطاب مكة فوقف على الردم ، فقال له أهل مكة : إن أبا سفيان قد سد علينا مجرى السيل بأحجار وضعها هناك . فقال : علي بأبي سفيان . فجاء ، فقال : لا أبرح حتى تنقل هذه الحجارة حجرا حجرا بنفسك . فجعل ينقلها . فلما رأى عُمَر ذلك قال : الحمد لله الذي جعل عُمَر يأمر أبا سفيان ببطن مكة فيطيعه.(6/12)
6699- قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي قال : حدثنا عبد الرحمن بن حسن ، عن أبيه ؛ أن زمعة ، أو ابن زمعة قال لعمر بن الخطاب : يا أمير المؤمنين ، أقطعني خيف الأرين أملؤه عجوة . قال : فبلغ ذلك أبا سفيان فقال : دعوه فليملأه عجوة ثم لينظر أينا يأكل جناه . قال : فلما سمع ذلك تركه حتى كان معاوية فهو الذي ملأه عجوة وجعل له عينا . قال عبد الرحمن : أدركت أنا العجوة فيه.(6/13)
6700- قال : أخبرنا عفان بن مسلم قال : حدثنا حماد بن سلمة قال : أخبرنا هشام بن زيد بن أنس ، عن أنس بن مالك ، أن أبا سفيان بن حرب دخل على عثمان بن عفان بعد ما عمي وغلامه يقوده.
قال محمد بن عُمَر : نزل أبو سفيان المدينة في آخر عمره ومات بها سنة اثنتين وثلاثين في آخر خلافة عثمان بن عفان ، وهو يوم مات ابن ثمان وثمانين سنة.(6/13)
1028- يزيد بن أبي سفيان بن حرب بن أُمَية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي.
وأُمُّه زينب بنت نوفل بن خلف بن قوالة بن جذيمة بن علقمة بن فراس بن غنم بن مالك بن كنانة ، وليس له عقب.
وأسلم يوم فتح مكة ، وشهد مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حنينا وأعطاه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم من غنائم حنين مائة من الإبل وأربعين أوقية وزنها له بلال ، ولم يزل يذكر بخير ، وعقد له أبو بكر مع أمراء الجيوش إلى الشام.(6/13)
6701- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : أخبرني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن عبد المجيد بن سهيل ، عن عوف بن الحارث ، عن ابن عُمَر قال : لما عقد أبو بكر للأمراء على الشام كنت في جيش خالد بن سعيد بن العاص ، فصلى بنا الصبح بذي المروة وهو على الجيوش كلها ، فوالله إنا لعنده إذ أتاه آت فقال : قدم يزيد بن أبي سفيان ، فقال خالد بن سعيد : هذا عمل عُمَر بن الخطاب ، كلم أبا بكر في عزلي وولى يزيد بن أبي سفيان ، فقال ابن عُمَر : فأردت أن أتكلم ثم عزم لي على الصمت . قال : فتحولنا إلى يزيد بن أبي سفيان وصار خالد كرجل منهم.
قال محمد بن عُمَر : هذا أثبت عندنا مما روي في عزل خالد وهو بالمدينة.(6/13)
6702- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الله بن الحارث بن الفضيل ، عن أبيه ، قال : لما عقد أبو بكر ليزيد بن أبي سفيان دعاه فقال له : يا يزيد ، إنك شاب تذكر بخير قد رئي منك ، وذلك شيء خلوت به في نفسك ، وقد أردت أن أبلوك وأستخرجك من أهلك فأنظر كيف أنت وكيف ولايتك وأخبرك ، فإن أحسنت زدتك ، وإن أسأت عزلتك ، وقد وليتك عمل خالد بن سعيد . ثم أوصاه بما أوصاه بما يعمل به في وجهه وقال له : أوصيك بأبي عبيدة بن الجراح خيرا ، فقد عرفت مكانه من الإسلام ، وأن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قال : لكل أمة أمين ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح فاعرف له فضله وسابقته ، وانظر معاذ بن جبل فقد عرفت مشاهده مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وأن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قال : يأتي أمام العلماء يوم القيامة برتوة . فلا تقطع أمرا دونهما ؛ فإنهما لن يألوانك خيرا ، فقال يزيد : يا خليفة رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أوصهما بي كما أوصيتني بهما فأنا إليهما أحوج منهما إلي ، قال أبو بكر : لن أدع أن أوصيهما بك . فقال يزيد : يرحمك الله ، وجزاك عن الإسلام خيرا.(6/14)
6703- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الله بن جعفر ، عن عبد الحكيم بن صهيب ، عن جعفر بن عبد الله بن الحكم قال : لما بعث أبو بكر أمراءه إلى الشام : يزيد بن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص ، وشرحبيل بن حسنة ، ويزيد بن أبي سفيان على الناس ، وكان يصلي بهم في معسكرهم بالجرف . وقال : إن اجتمعتم في كيد فيزيد على الناس ، وإن تفرقتم فمن كانت الوقعة مما يلي معسكره فهو على أصحابه.(6/14)
6704- قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا ابن عيينة ، عن يحيى بن سعد ؛ أن أبا بكر شيع يزيد بن أبي سفيان حين بعثه إلى الشام.
قال محمد بن عُمَر : توفي أبو بكر والشام على أربعة أمراء : عَمْرو بن العاص ، ويزيد بن أبي سفيان ، وخالد بن الوليد ، وشرحبيل بن حسنة ، فلما ولي عُمَر عزل خالد بن الوليد وولَّى أبا عبيدة بن الجراح ، وعزل شرحبيل بن حسنة وتفرق جنده في الأجناد ، وولَّى يزيد بن أبي سفيان دمشق ، فلم يزل واليا حتى مات في طاعون عمواس بالشام سنة ثماني عشرة.(6/15)
1029- معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أُمَية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي وأمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، ويكنى أبا عبد الرحمن.
فولد معاوية : يزيد.
وأُمُّه ميسون بنت بحدل بن أنيف بن دلجة بن قنافة بن عدي بن زهير بن حارثة بن جناب بن ذهل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب ، وعبد الله وهو مبقث درج .
وعبد الرحمن . وهندًا تزوجها عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس ، وأمهم فاختة بنت قرظة بن عبد عَمْرو بن نوفل بن عبد مناف بن قصي ، ورملة تزوجها عَمْرو بن عثمان بن عفان ، فولدت له خالدا وعثمان ، وأمها كنود بنت قرظة بن عبد عَمْرو ، وصفية تزوجها محمد بن زياد بن أبي سفيان ، وأمها أم ولد.(6/15)
6705- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر ، قال : حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن عُمَر بن عبد الله العنسي قال : قال معاوية بن أبي سفيان : لما كان عام الحديبية وصدت قريش رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عن البيت ودافعوه بالراح وكتبوا بينهم القضية ، وقع الإسلام في قلبي ، فذكرت ذلك لأمي هند بنت عتبة فقالت : إياك أن تخالف أباك ، أو أن تقطع أمرا دونه فيقطع عنك القوت ، فكان أبي يومئذ غائبا في سوق حباشة قال : فأسلمت وأخفيت إسلامي ، فوالله لقد رَحَلَ رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم من الحديبية وإني مصدق به ، وأنا على ذلك أكتمه من أبي سفيان ، ودخل رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مكة عام عمرة القضية وأنا مسلم مصدق به ، وعلم أبو سفيان بإسلامي فقال لي يوما : لكن أخوك خير منك ، فهو على ديني ، قلت : لم آل نفسي خيرا . قال : فدخل رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مكة عام الفتح فأظهرت إسلامي ولقيته فرحب بي وكتبت له.
قال محمد بن عُمَر : وشهد معاوية بن أبي سفيان مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حنينا ، وأعطاه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم من غنائم حنين مائة من الإبل وأربعين أوقية ، وزنها له بلال.(6/16)
6706- قال : أخبرنا الوليد بن عطاء بن الأغر المكي قال : حدثنا عَمْرو بن يحيى بن سعيد الأموي ، عن جده ، قال : كانت إداوة يحملها أبو هريرة مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فاشتكى أبو هريرة فحملها معاوية ، فبينما هو يوضئ رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم رفع رأسه فقال : يا معاوية : إن وليت من أمور المؤمنين شيئا فاتق الله واعدل . فما زلت أظن أني مبتلى حتى وليت ، لقول رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.(6/17)
6707- قال : أخبرنا سليمان بن حرب ، والحسن بن موسى ، قالا : حدثنا أبو هلال محمد بن سليم قال : حدثنا جبلة بن عطية ، عن مسلمة بن مخلد . قال الحسن بن موسى الأشيب : قال أبو هلال : أو عن رجل ، عن مسلمة بن مخلد . وقال سليمان بن حرب : أو حدثه مسلمة ، عن رجل ؛ أنه رأى معاوية يأكل ، فقال لعمرو بن العاص : إن ابن عمك هذا لَمِخْضَد ، ثم قال : أما إني أقول هذا ، وقد سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يقول : اللهم علمه الكتاب ، ومكن له في البلاد ، وقه العذاب.(6/17)
6708- قال : أخبرنا المعلى بن أسد قال : حدثنا وهيب ، عن عَمْرو بن يحيى ، عن عيسى بن عُمَر ، عن عبد الله بن علقمة بن وقاص الليثي ، عن أبيه قال : كنت عند معاوية فسمع المؤذن يؤذن فقال مثل قوله ، حتى بلغ حي على الصلاة ، فقال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال : هكذا سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يقول.(6/17)
6709- قال : أخبرنا يحيى بن حماد قال : أخبرني شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن معبد الجهني قال : كان معاوية لا يكاد يحدث عن النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم شيئا . قال : وكان لا يكاد يدع هؤلاء الكلمات أن يقولهن يوم الجمعة على المنبر عن النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : أن الله إذا أراد بعبد خيرا يفقهه في الدين ، وأن هذا المال حلو خضر ، من يأخذه بحقه يبارك له فيه ، وإياكم والتمادح ؛ فإنه الذبح.(6/17)
6710- قال : أخبرنا يحيى بن حماد قال : أخبرنا شعبة ، عن رجل من بني تميم يقال له : جراد ، عن رجاء بن حيوة ، عن معاوية بن أبي سفيان ؛ أن النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قال : من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.(6/18)
6711- قال : أخبرنا خالد بن مخلد البجلي قال : حدثنا سليمان بن بلال قال : حدثني علقمة بن أبي علقمة ، عن أمه ، قالت : قدم معاوية بن أبي سفيان المدينة فأرسل إلى عائشة أن أرسلي إلي بأنبجانية رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وشعره ، فأرسلت به معي أحمله حتى دخلت به عليه ، فأخذ الأنبجانية فلبسها ، وأخذ شعره فدعا بماء فغسله فشربه وأفاض على جلده(6/18)
6712- قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي ، والوليد بن عطاء بن الأغر المكيان ، قالا : حدثنا عَمْرو بن يحيى بن سعيد الأموي ، عن جده ، قال : دخل معاوية على عُمَر بن الخطاب وعليه حلة خضراء ، فنظر إليها أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فلما رأى ذلك عُمَر وثب إليه ومعه الدرة فجعل ضربا لمعاوية ، ومعاوية يقول : الله الله يا أمير المؤمنين ، فيم فيم ؟ قال : فلم يكلمه حتى رجع فجلس في مجلسه ، فقال له القوم : لم ضربت الفتى يا أمير المؤمنين ؟ ما في قومك مثله ، فقال : والله ما رأيت إلا خيرا ، وما بلغني إلا خيرا ، ولكني رأيته ، وأشار بيده ، فأحببت أن أضع منه.(6/18)
6713- قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي ، والوليد بن عطاء بن الأغر ، قالا : حدثنا عَمْرو بن يحيى بن سعيد الأموي ، عن جده : أن أبا سفيان دخل على عُمَر بن الخطاب فعزاه عُمَر بابنه يزيد بن أبي سفيان . قال : آجرك الله في ابنك يا أبا سفيان ، فقال : أي بني ، يا أمير المؤمنين ؟ قال : يزيد بن أبي سفيان . قال : فمن بعثت على عمله ؟ قال : معاوية أخاه . وقال عُمَر : إنه لا يحل لنا أن ننزع مصلحا.(6/18)
6714- قال : أخبرنا عارم بن الفضل قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن معمر ، عن الزهري ؛ أن معاوية عمل سنتين ما يحزم عمل عُمَر ، ثم إنه بعد.(6/19)
6715- قال : أخبرنا وكيع بن الجراح ، وأبو معاوية الضرير ، قالا : حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح قال : كان الحادي يحدو بعثمان وهو يقول :
إن الأمير بعده عَلِّيُّ ... وفي الزبير خلف رضي
قال : فقال كعب : لا ، بل هو صاحب البغلة الشهباء . قال : يعني معاوية . قال : فأتي معاوية فقيل له : إن كعبا يقول كذا وكذا ، فأتى كعبا فقال : يا أبا إسحاق ، وأنى يكون هذا وها هنا أصحاب محمد ، علي والزبير ؟ قال : أنت صاحبها.(6/19)
6716- قال : أخبرنا محمد بن مصعب القرقساني قال : حدثنا أبو بكر بن أبي مريم ، عن ثابت ، مولى سفيان قال : سمعت معاوية ، يقول : إني والله لست بخيركم ، وإن فيكم من هو خير مني ، عبد الله بن عُمَر وعبد الله بن عَمْرو بن العاص وغيرهما من الأفاضل ، ولكني عسيت أن أكون أنكاكم في عدوكم ، وأنعتكم لكم ولاية ، وأحسنكم خلقا.(6/19)
6717- قال : أخبرنا يعلى بن عبيد قال : حدثنا الأعمش ، عن عَمْرو بن مرة ، عن سعيد بن سويد قال : خطبنا معاوية بالنخيلة فقال : يا أهل العراق ، أترون أني إنما قاتلتكم لأنكم لا تصلون ؟ والله إني لأعلم أنكم تصلون ، أو أنكم لا تغتسلون من الجنابة ؟ ولكن إنما قاتلتكم لأتأمر عليكم ، فقد أمرني الله عليكم.(6/19)
6718- قال : أخبرنا عفان بن مسلم قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن زرارة بن أوفى أن معاوية ، خطب الناس فقال : يا أيها الناس ، إنا نحن أحق بهذا الأمر ، نحن شجرة رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وبيضته التي انفلقت عنه ، ونحن ونحن فقال صعصعة : فأين بنو هاشم منكم ؟ قال : نحن أسوس منهم ، وهم خير منا . قال : أمرنا بالطاعة ، الطاعة . وقال فيها : أنا لكم جنة . قال : فقال صعصعة : فإذا احترقت الجنة فكيف نصنع ؟ قال : يا أيها الناس : ها إن هذا ترابي . فقال : إني ترابي ، خلقت من التراب وإلى التراب أصير.(6/19)
6719- قال : أخبرنا سليمان بن حرب قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، قال : قال كعب : لن يملك أحد من هذه الأمة ما ملك معاوية.(6/20)
6720- قال : أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة ، عن مجالد ، عن عامر ، عن الحارث قال : لما رجع علي من صفين علم أنه لا يملك ، فتكلم بأشياء لم يكن يتكلم بها قبل ذاك ، وقال أشياء لم يكن يقولها قبل ذاك ، فقال : أيها الناس ، لا تكرهوا إمارة معاوية ، فوالله لو قد فقدتموه لقد رأيتم الرؤُوس تندر من كواهلها كالحنظل.(6/20)
6721- قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا موسى بن قيس الحضرمي ، عن قيس بن رمانة ، عن أبي بردة قال : قال معاوية بن أبي سفيان : إن كان يقاتل على الأمر إلا من أجل دم عثمان.(6/20)
6722- قال : أخبرنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن معمر ، عن ابن منبه قال : سمعت ابن عباس يقول : ما رأيت رجلا كان أخلق للملك من معاوية ، إن كان الناس ليردون منه على أرجاء واد رحب ، ولم يكن بالضيق الحصر العُصْعُص المُتَغَضِّب يعني ابن الزبير.(6/20)
6723- قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن أبي إسحاق قال : كان معاوية وكان وكان ، وما رأينا بعد مثله . قال أبو بكر : ما ذكر عُمَر بن عبد العزيز.(6/20)
6724- قال : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري ، عن أبيه ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب قال : حدثني عروة بن الزبير ، أن المسور بن مخرمة أخبره ؛ أنه قدم وافدا على معاوية أمير المؤمنين فقضى حاجته ثم دعاه ، فقال : يا مسور ، ما فعل طعنك على الأَئِمَّة ؟ قال المسور : دعنا من هذا وأحسن فيما قدمنا له. قال معاوية : لا أدعك حتى تكلم بذات نفسك والذي تعيب علي ، قال المسور : فلم أدع شيئا أعيبه عليه إلا بينته ، فقال معاوية : لا أبرأ من الذنب ، فهل تعد لنا يا مسور مما نلي من الإصلاح في أمر الناس شيئا ، فإن الحسنة بعشر أمثالها ، أم تعد الذنوب وتترك الإحسان ، قال المسور : لا والله ما نذكر إلا ما نرى من هذه الذنوب . قال معاوية : فإنا نعترف بكل ذنب أذنبناه ، فهل لك يا مسور ذنوب في خاصتك تخشى أن تهلكك إن لم يغفرها الله لك ؟ قال المسور : نعم . قال معاوية : فما يجعلك بأحق برجاء المغفرة مني ؟ فوالله لما ألي من الإصلاح أكثر مما تلي ، ولكني والله لا أخير بين أمرين بين الله وغيره إلا اخترت الله على ما سواه ، وإني لعلى دين يقبل فيه العمل ويجزى فيه بالحسنات ويجزى فيه بالذنوب إلا أن يعفو الله عنها ، وإني لأحتسب كل حسنة عملتها بأضعافها من الأجر ، وإني لألي أمورا عظاما لا أحصيها ، ولا يحصيها من عمل لله بها في الدنيا : إقامة الصلوات للمسلمين ، والجهاد في سبيل الله ، والحكم بما أنزل الله ، والأمور التي لست أحصيها وإن عددتها ، فتفكر في ذلك . قال المسور : فعرفت أن معاوية قد خصمني حين ذكر ما قال. قال عروة : فلم أسمع المسور بعد يذكر معاوية إلا صلى عليه.(6/21)
6725- قال : أخبرنا عَمْرو بن عاصم الكلابي قال : حدثنا نافع بن عُمَر ، عن عبد الله بن أبي مليكة قال : أتي ابن عباس فقيل له : هل لك في أمير المؤمنين معاوية ، أوتر قبل بركعة . فقال : أحسن ، إنه فقيه.(6/21)
6726- قال : أخبرنا عارم بن الفضل قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب قال : قيل لابن عباس : إن معاوية لم يوتر حتى أصبح فأوتر بركعة . فقال : إن أمير المؤمنين عالم.(6/22)
6727- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، عن ابن عيينة ، عن عبد الله بن أبي يزيد ، عن كريب قال : رأيت معاوية صلى العشاء ، ثم صلى بعدها ركعة . فذكرت ذلك لابن عباس فقال : أصاب.(6/22)
6728- قال : أخبرنا سعيد بن منصور قال : حدثنا فرج بن فضالة ، عن خالد بن يزيد ، عن ابن حلبس قال : خطبنا معاوية بدمشق فقال : يا أيها الناس ، اعقلوا عني ، فإنكم لا تجدون بعدي أحدا أعلم بأمر الدنيا والآخرة مني ، أقيموا وجوهكم وصفوفكم في الصلاة قبل أن يخالف الله بين قلوبكم ، وخذوا على أيدي سفهائكم قبل أن يسلطهم الله عليكم فيسومونكم سوء العذاب ، وتصدقوا ، ولا يقولن أحدكم إني مقل ، فإن صدقة المقل أفضل من صدقة الغني ، وإياكم وإياي ورمي المحصنات ، فوالله لو رمى رجل محصنة كانت في زمن نوح لسأله الله عنها ، ولا يقولن أحدكم سمعت وبلغني.(6/22)
6729- قال : أخبرنا سعيد بن منصور ، ومحمد بن معاوية النيسابوري قالا : حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن خارجة بن زيد ، أن زيد بن ثابت ، كتب إلى معاوية فبدأ به ، وكتب لعبد الله معاوية.(6/22)
6730- قال : أخبرنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : سمعت معاوية يقول على المنبر : لا حلم إلا التجربة.(6/22)
6731- قال : أخبرنا أبو أسامة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم قال : مرض معاوية مرضا شديدا فحسر عن ذراعيه كأنهما عسيبا نخل ، فقال : ما الدنيا إلا كما قد ذقنا وجربنا ، والله لوددت أني لا أعبر فيكم فوق ثلاث ليال حتى ألحق بالله تعالى . فقال جلساؤه : برحمة الله يا أمير المؤمنين ، فقال : ما شاء الله أن يقضي لأمير المؤمنين قضاء ، إنه قد علم أني لم آل ، وما كره الله غيره.(6/22)
6732- قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة قال : خطبنا معاوية وعليه برد أخضر.(6/23)
6733- قال : أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف قال : نظر أبو سفيان يوما إلى معاوية وهو غلام ، فقال لهند : إن ابني هذا لعظيم الرأس ، وإنه لخليق أن يسود قومه . فقالت هند : قومه فقط ؟ ثكلته إن لم يسد العرب قاطبة وكانت هند تحمل معاوية وهو صغير وتقول :
إن بني معرق كريم ... محبب في أهله حليم
ليس بفحاش ولا لئيم ... ولا بطحرور ولا شئوم
صخر بني فهر به زعيم ... لا يخلف الظن ولا يخيم
قال : فلما ولى عُمَر بن الخطاب يزيد بن أبي سفيان ما ولاه من الشام خرج إليه معاوية ، فقال أبو سفيان لهند : كيف رأيت ؟ صار ابنك تابعا لابني فقالت : إن اضطرب حبل العرب فستعلم أين يقع ابنك مما يكون فيه ابني.(6/23)
6734- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني معمر ، عن الزهري ، قال : توفي يزيد بن أبي سفيان بدمشق ، فكتب إلى عُمَر بن الخطاب بنعيه ، فجاء عُمَر بن الخطاب إلى أبي سفيان ، فإذا هند بنت عتبة امرأته تهني أهبة لها في المنيئة ، فقال : أين أبو سفيان ؟ فقالت هند : ها هو ذا ، وكان ناحية من البيت ، فقال : احتسبا واصبرا . قالا : من يا أمير المؤمنين ؟ قال : يزيد بن أبي سفيان . فقالا : من استعملت على عمله ؟ قال : معاوية بن أبي سفيان قالا : وصلتك رحم ، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
قال الزهري : إنما ولاه عمل يزيد ولم يفرد له الشام ، حتى كان عثمان فأفرد له الشام. قال محمد بن عُمَر : هذا الأمر المجتمع عليه عندنا ، لا اختلاف فيه.
6735- قال محمد بن عُمَر : وقد روى لنا ابن أبي سبرة ، عن إسماعيل بن أُمَية ؛ أن عُمَر أفرد معاوية بالشام ورزقه ثمانين دينارا في كل شهر. قال محمد بن عُمَر : والأول أثبت.(6/23)
قال ابن أبي سبرة : وقد أخبرني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عَمْرو بن حزم ؛ أن عُمَر استعمل معاوية بن أبي سفيان على عمل أخيه ، وكتب إليه : إني قد وليتك عمل يزيد بن أبي سفيان الذي كان يلي . في كتاب طويل أمره فيه بتقوى الله وما يعمل به في عمله . فكتب إليه معاوية جواب كتابه . فلم يزل معاوية واليا لعمر حتى قتل عُمَر واستخلف عثمان بن عفان ، فأقره على عمله وأفرده بولاية الشام جميعا ، فاستقضى فضالة بن عبيد بن نافذ الأنصاري. وشخص أبو سفيان بن حرب إلى معاوية بالشام ومعه ابناه عتبة وعنبسة ، فكتبت هند إلى معاوية : قد قدم عليك أبوك وأخواك ، فاحمل أباك على فرس وأعطه أربعة آلاف درهم ، واحمل عتبة على بغل وأعطه ألفي درهم ، واحمل عنبسة على حمار وأعطه ألف درهم ، ففعل معاوية ذلك . فقال أبو سفيان : أشهد بالله أن هذا لعن رأي هند.
فلما قتل عثمان كتبت نائلة بنت الفرافصة إلى معاوية كتابا تصف فيه كيف دخل على عثمان وكيف قتل ، وبعثت إليه بقميصه الذي قتل وهو عليه فيه دمه . فقرأ معاوية الكتاب على أهل الشام ، وأمر بقميص عثمان فطيف به في أجناد الشام ، ونعي إليهم عثمان ، وأخبرهم بما أتي إليه واستحل من حرمته ، وحرضهم على الطلب بدم عثمان ، فبايعوه على الطلب بدم عثمان.
وبويع علي بن أبي طالب بالمدينة ، فقال له عبد الله بن العباس والحسن بن علي : اكتب إلى معاوية فأقره على عمله ولا تحركه ، وأطمعه ، فإنه سيطمع ويكفيك نفسه وناحيته ، فإذا بايع الناس لك أقررته ، أو عزلته . قال : فإنه لا يرضى حتى أعطيه عهد الله وميثاقه أن لا أعزله . فقالا : لا نعطه عهدا ولا ميثاقا . فبلغ ذلك معاوية فقال : والله لا ألي له شيئا أبدا ، ولا أبايعه ، ولا أقدم عليه . وأظهر بالشام أن الزبير بن العوام قادم عليهم وأنه يبايع له .(6/24)
فلما بلغه خروج الزبير وطلحة إلى الجمل أمسك عن ذكره ، فلما بلغه قتل الزبير قال : يرحم الله أبا عبد الله ، أما إنه لو قدم علينا لبايعنا له ، وكان أهلا أن نقدمه لها.
فلما انصرف علي من البصرة أرسل جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية ، فكلمه وعظم عليه أمر علي وسابقته في الإسلام ومكانه من رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم واجتماع الناس عليه . وأراده على الدخول في طاعته والبيعة له فأبى ، وجرى بينه وبين جرير كلام كثير ، فانصرف جرير إلى علي بن أبي طالب فأخبره بذلك ، فذلك حين أجمع عَلِىٌّ عَلَى الخروج إلى صفين.
وبعث معاوية أبا مسلم الخولاني إلى علي بأشياء يطلبها منه ، ويسأله أن يدفع إليه قتلة عثمان حتى يقتلهم به ، فإنه إن لم يفعل ذلك أنهج للقوم ، يعني أهل الشام ، بصائرهم لقتاله . فأبى علي أن يفعل ، فرجع أبو مسلم إلى معاوية فأخبره بما رأى من علي وأصحابه ، وجرت بين علي ومعاوية كتب ورسائل كثيرة.
ثم أجمع علي على الخروج من الكوفة يريد معاوية بالشام ، وبلغ ذلك معاوية فخرج في أهل الشام يريد عليا ، فالتقوا بصفين لسبع ليال بقين من المحرم سنة سبع وثلاثين ، فلما كان هلال صفر نشبت الحرب بينهم فاقتتلوا أيام صفين قتالا شديدا حتى هر الناس القتال وكرهوا الحرب ، فرفع أهل الشام المصاحف وقالوا : ندعوكم إلى كتاب الله والحكم بما فيه . وكان ذلك مكيدة من عَمْرو بن العاص ، فاصطلحوا وكتبوا بينهم كتابا على أن يوافوا رأس الحول أَذْرُح ، ويحكموا حكمين ينظران في أمر الناس ، فيرضون بحكمهما ، فحكم علي أبا موسى الأشعري ، وحكم معاوية عَمْرو بن العاص.
وتفرق الناس ، فرجع علي إلى الكوفة بالاختلاف والدغل ، واختلف عليه أصحابه ، فخرج عليه الخوارج من أصحابه ومن كان معه وأنكروا تحكيمه وقالوا : لا حكم إلا لله . ورجع معاوية إلى الشام بالألفة واجتماع الكلمة عليه .(6/25)
ووافى الحكمان بعد الحول بأذرح في شعبان سنة ثمان وثلاثين ، واجتمع الناس إليهما ، فكان بينهما كلام اجتمعا عليه في السر ثم خالفه عَمْرو بن العاص في العلانية ، فقدم أبا موسى فتكلم وخلع عليا ومعاوية ، ثم تكلم عَمْرو بن العاص فخلع عليا وأقر معاوية ، فتفرق الحكمان ومن كان اجتمع إليهما ، وبايع أهل الشام معاوية بالخلافة في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين.
وبعث معاوية على الحج سنة تسع وثلاثين يزيد بن شجرة الرهاوي ، وبعث علي بن أبي طالب في هذه السنة على الموسم عبيد الله بن العباس ، فاجتمعا بمكة وسأل كل واحد منهما صاحبه أن يسلم إليه ، فأبيا جميعا واصطلحا على أن يصلي بالناس ويحج بهم تلك السنة شيبة بن عثمان العبدري ، فحج بالناس تلك السنة.
وكان معاوية يبعث الغارات فيقتلون من كان في طاعة علي ومن أعان على قتل عثمان ، فبعث بسر بن أرطأة العامري إلى المدينة ومكة واليمن يستعرض الناس ، فقتل باليمن عبد الرحمن وقثم ابني عبيد الله بن العباس.
ثم قتل علي بن أبي طالب عليه السلام في شهر رمضان سنة أربعين ، فحج بالناس تلك السنة المغيرة بن شعبة بكتاب افتعله من معاوية بن أبي سفيان ، وصالح الحسن بن علي معاوية بن أبي سفيان ، وسلم له الأمر ، وبايعه الناس جميعا فسمي عام الجماعة.
واستعمل معاوية المغيرة بن شعبة تلك السنة على الكوفة ، على صلاتها وحربها ، واستعمل على الخراج عبد الله بن دَرَّاج مولاه ،(6/26)
واستعمل على البصرة عبد الله بن عامر بن كريز ، واستعمل على المدينة أخاه عتبة بن أبي سفيان ثم عزله ، واستعمل مروان بن الحكم سنة اثنتين وأربعين ، واستعمل عَمْرو بن العاص على مصر ، وأقر فضالة بن عبيد على قضائه بالشام.
وكان يولي الحج كل سنة رجلا من أهل بيته ، ويولي المصائف والمشاتي بأرض الروم كل سنة رجلا . وحج معاوية بالناس سنة خمسين ومر بالمدينة ، وولى يزيد بن معاوية الموسم فحج بالناس سنة إحدى وخمسين.
ثم اعتمر معاوية في رجب سنة ست وخمسين ، وقدم المدينة ، فكان بينه وبين الحسين بن علي وعبد الله بن عُمَر وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن الزبير ما كان من الكلام في البيعة ليزيد بن معاوية ، وقال : إني أتكلم بكلام فلا تردوا علي شيئا فأقتلكم . فخطب الناس ، فأظهر أنهم قد بايعوا ، وسكت القوم فلم يقروا ولم ينكروا خوفا منه ، ورحل معاوية من المدينة على هذا ، وادعى معاوية زياد بن أبي سفيان ، فولاه الكوفة بعد المغيرة بن شعبة ، فكتب إليه في حجر بن عدي الكندي وأصحابه ، وحملهم إليه ، فقتلهم معاوية بالشام بمرج عذراء . ثم ضم معاوية البصرة إلى زياد ، ثم مات زياد ، فولى معاوية الكوفة والبصرة ابنه عبيد الله بن زياد.(6/27)
6736- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن مسلمة بن محارب قال : مرض معاوية ، فأرجف به مصقلة بن هبيرة وساعده قوم على ذلك ، ثم تماثل معاوية وهم يرجفون به ، فحمل زياد مصقلة إلى معاوية وكتب إليه : إن مصقلة كان يجمع مراق أهل العراق فيرجفون بأمير المؤمنين ، وقد حملته إليك ليرى عافية الله إياك . فقدم مصقلة وجلس معاوية للناس ، فلما دخل مصقلة قال له معاوية : ادن . فدنا فأخذ بيده وجبذه فسقط مصقلة ، فقال معاوية :
أبقَى الحوادثُ من خلي- ... ـلك مثل جندلة المراجم
قد رامني الأقوام قب- ... ـلك فامتنعت من المظالم
فقال مصقلة : يا أمير المؤمنين ، قد أبقى الله منك ما هو أعظم من ذلك حلما وكلأ ومرعى لأوليائك ، وسما ناقعا لعدوك ، فمن يرومك ؟ كانت الجاهلية وأبوك سيد المشركين ، وأصبح الناس مسلمين وأنت أمير المؤمنين . وأقام مصقلة فوصله معاوية وأذن له في الانصراف إلى الكوفة ، فقيل له : كيف تركت معاوية ؟ قال : زعمتم أنه لما به , والله لغمز يدي غمزة كاد يَحْطِمُهَا وجبذني جبذة كاد يكسر مني عضوا.(6/27)
6737- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن أبي عبيد الله ، عن عبادة بن نسي قال : خطب معاوية الناس فقال : إني من زرع قد استحصد ، وقد طالت إمرتي عليكم حتى مللتكم ومللتموني ، وتمنيت فراقكم وتمنيتم فراقي ، ولا يأتيكم بعدي خير مني ، كما أن من كان قبلي خير مني ، وقد قيل : من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه . اللهم إني قد أحببت لقاءك فأحبب لقائي.(6/28)
6738- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز الأنصاري ، عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف ، أن معاوية حين حضر ، دعا ابنه يزيد فأوصاه بتقوى الله ، ثم قال : إني قد أحكمت هذا الأمر ، فعليك بالجد في أمرك والرفق بالناس ، فإنك إذا رفقت بهم أخذت ثمرة قلوبهم ما لم يكن رفقك ضعفا تركب فيجترئ عليك.
وقد خلفت بعدي ثلاثة هم أخوف من أخاف عليك أن يسفه عليك ما في يديك : حسين بن علي ابن فاطمة بنت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، أحب الناس إلى الناس ، فصل رحمه ، وارفق به يصلح لك أمره ، وعبد الله بن الزبير ، لا هو رطب فتعصره ولا يابسا فتكسره ، فارفق به وصل رحمه يصلح لك أمره . وعمرو بن سعيد بن العاص ، هو أطوع الناس عند أهل الشام ، فارفق به وأكرمه يصلح لك أمره . الزم عهدي ووصيتي ولا تلق هذا الكلام منك بظهر.(6/28)
6739- أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن مروان بن أبي سعيد بن المعلى قال : قال معاوية ليزيد وهو يوصيه عند الموت : يا يزيد ، اتق الله ، فقد وطّأت لك هذا الأمر ، ووليت من ذلك ما وليت ، فإن يك خيرا فأنا أسعد به ، وإن كان غير ذلك شقيت به ، فارفق بالناس ، وأغض عما بلغك من قول تؤذى به وتنتقص به ، وطأ عليه يهنك عيشك وتصلح لك رعيتك.
وإياك والمناقشة وحمل الغضب ؛ فإنك تهلك نفسك ورعيتك ، وإياك وجبة أهل الشرف واستهانتهم والتكبر عليهم ، لن لهم لينا لا يرون منك ضعفا ولا خورا ، وأوطئهم فرشك وقربهم فإنه يعلم لك حقك ، ولا تهنهم وتستخف بحقهم فيهينونك ويستخفون بحقك ويقولون فيك.
فإذا أردت أمرا فادع أهل السن والتجربة من أهل صنائعي والانقطاع إلي ، فشاورهم ثم لا تخالفهم ، وإياك والاستبداد برأيك ، فإن الرأي ليس في صدر واحد . اصدق من أشار عليك حتى يجيبك على ما يعرف ، ثم أطعه فيما أشار به ، واخزن ذلك عن نسائك وخدمك.
وشمر إزارك ، وتعاهد جندك ، وأصلح نفسك يصلح لك الناس ، لا تدع لهم فيك مقالا ، فإن الناس سراع إلى الشر ، واحضر الصلاة ، فإنك إذا فعلت ما أوصيتك به عرف لك حقك ، وعظمت مع مملكتك.
وشرف أهل المدينة ومكة ، فإنهم أصلك وعشيرتك ونسبك ، وشرف أهل الشام ، فإنهم أنصارك وحماتك وجندك الذين تصول بهم أهل طاعة . واكتب إلى أهل الأمصار بكتاب تعدهم منك المعروف ، فإن ذلك يبسط آمالهم ، ووفد عليك من الكور كلها فأحسن إليهم وأكرمهم فإنهم لمن ورائهم ، ولا تسمعن قول قارف ولا ماحل ، فإني رأيتهم وزراء سوء.(6/29)
6740- قال : أخبرنا يحيى بن معين قال : حدثنا العباس بن الوليد النرسي ، قال : سمعت عبد الله بن ثعلبة ، يقول : جاء يزيد بن معاوية في مرض معاوية فوجد عمه محمد بن أبي سفيان قاعدا على الباب لم يؤذن له ، فأخذ بيده فأدخله قال : فاطلع في وجه معاوية وقد أغمي عليه ، فقال :
لو أن حيا يفوت فات أبو ... حيان لا عاجز ولا وكل
الحول القلب الأريب وهل ... يدفع وقت المنية الحيل
قال : ففتح معاوية عينيه وقال : أي شيء تقول يا يزيد ؟ قال : خيرا يا أمير المؤمنين ، أنا مقبل على عمي أحدثه ، فقال معاوية : نعم.
لو أن حيا يفوت فات أبو ... حيان لا عاجز ولا وكل
الحول القلب الأريب وهل ... يدفع وقت المنية الحيل
إن أخوف ما أخاف علي شيئا عملته في أمرك ، شهدت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يوما قلم أظفاره وأخذ من شعره ، فجمعت ذلك فهو عندي ، فإذا أنا مت فاحشوا به فمي وأنفي ، فإن نفع شيء نفع أو كما قال.(6/30)
6741- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن سليمان بن أيوب ، عن الأوزاعي ، وعلي بن مجاهد ، عن عبد الأعلى بن ميمون بن مهران ، عن أبيه ، أن معاوية قال في مرضه الذي مات فيه : كنت أوضئ رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فقال لي : ألا أكسوك قميصا . قلت : بلى ، بأبي أنت وأمي . فنزع قميصا كان عليه فكسانيه فلبسته لبسة ثم رفعته ، وقلم أظفاره فأخذت القلامة فجعلتها في قارورة ، فإذا مت فاجعلوا قميص رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يلي جلدي ، وقطعوا تلك القلامة واسحقوها واجعلوها في عيني فعسى.(6/30)
6742- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن أبي طَيْبَة الحِمَّانِي ، عن شبة بن عقال قال : أغمي على معاوية في مرضه الذي مات فيه ، فقالت ابنته رملة ، أو امرأة من أهله متمثلة شعرا للأشهب بن رميلة النهشلي يمدح القباع وهو الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي :
إن مات مات الجود وانقطع الندى ... من الناس إلا من قليل مَصَرَّدِ
وَرُدَّتْ أكف السائلين وأمسكوا ... من الدين والدنيا بخلف مُجَدد(6/30)
6743- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن محمد بن الحكم ، عمن حدثه ؛ أن معاوية لما احتضر أوصى بنصف ماله أن يرد إلى بيت المال ، كأنه أراد أن يطيب له ؛ لأن عُمَر بن الخطاب قاسم عماله.(6/31)
6744- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن سليمان بن المغيرة ، عن حميد بن هلال ، عن أبي بردة بن أبي موسى قال : دخلت على معاوية حين أصابته قرحته فقال : هلم ابن أخي ، تحول فانظر فتحولت فنظرت فإذا هي قد سبرت.(6/31)
6745- أخبرنا أبو عبيد ، عن أبي يعقوب الثقفي ، عن عبد الملك بن عمير قال : لما ثقل معاوية وتحدث الناس أنه بالموت قال لأهله : احشوا عيني إثمدا ، وأوسعوا رأسي دهنا . ففعلوا وبرقوا وجهه بالدهن ، ثم مهد له فجلس ، ثم قال : ائذنوا للناس فليسلموا قياما ولا يجلس أحد ، فجعل الرجل يدخل فيسلم قائما فيراه متكحلا مدهنا فيقول : يقول الناس : هو لما به ، وهو أصح الناس . فلما خرجوا من عنده قال معاوية :
وتَجَلُّدِي للشامتين أريهم ... أني لريب الدهر لا أتضعضع
وإذا المنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كل تميمة لا تنفع
قال : وكان به النقابة فمات من يومه ذلك.(6/31)
6746- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن سليمان بن أيوب ، عن عَمْرو بن ميمون ، وعن غيره ، قالوا : لما مات معاوية أخرجت أكفانه فوضعت على المنبر ، ثم قام الضحاك بن قيس الفهري خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن أمير المؤمنين معاوية كان في جد العرب وعَوَذ العرب ، وَحَد العرب قطع الله به الفتنة ، وملكه على العباد ، وسير جنوده في البر والبحر ، وبسط به الدنيا ، وكان عبدا من عبيد الله دعاه الله فأجابه ، فقد قضى نحبه ، رحمة الله عليه ، وهذه أكفانه ، فنحن مدرجوه فيها ، ومدخلوه قبره ، ومخلوه وعمله فيما بينه وبين ربه ، إن شاء الله رحمه ، وإن شاء عذبه ، ثم هو الهرج إلى يوم القيامة ، فمن أراد حضوره بعد الظهر فليحضره ، فإنا رائحون به.
وصلى عليه الضحاك بن قيس الفهري . قال : وكان يزيد غائبا حين مات بِحُوَّارِين ، فلما ثقل معاوية أرسل إليه الضحاك فقدم وقد مات معاوية ودفن ، فلم يأت منزله حتى أتى قبره ، فصلى عليه ودعا له ثم أتى منزله فقال :
جاء البريد بقرطاس يخب به ... فأوجس القلب من قرطاسه فزعا
قلنا لك الويل ماذا في صحيفتكم ؟... قال : الخليفة أمسى مثبتا وجعا(6/32)
فمادت الأرض أو كادت تميد بنا ... كَأَنَّ أَعْيَنَ من أركانها انْقَلَعَا
لما انتهينا وباب الدار منصفق ... لصوت رملة ريع القلب فانصدعا
من لا تزل نفسه توفي على شرف ... توشك مقادير تلك النفس أن تقعا
أودى ابن هند وأودى المجد يتبعه ... كانا يكونا جميعا قاطنين معا
أغر أبلج يستسقى الغمام به ... لو قارع الناس عن أحلامهم قرعا
وما أبالي إذا أدركْن مهجته ... من مات منهن بالبيداء أو ظلعا
ثم خطب يزيد الناس فقال : إن معاوية كان عبدا من عبيد الله ، أنعم الله عليه ، ثم قبضه إليه ، وهو خير ممن بعده ، ودون من فوقه ، ولا أزكيه على الله ، هو أعلم به ، إن عفا عنه فبرحمته ، وإن عاقبه فبذنبه ، وقد وليت الأمر من بعده ، ولست آسى على طلب ، ولا أعتذر من تفريط ، وإذا أراد الله شيئا كان . اذكروا الله واستغفروه . فقال أبو الورد العنبري يرثي معاوية :
ألا أنعي معاوية بن حرب ... نعاه الحل للشهر الحرام
نعاه الناعجات بكل فج ... خواضع في الأزمة كالسهام
هاتيك النجوم وهن خرس ... ينحن على معاوية الشآمي
وقال أيمن بن خريم :
رمى الحدثان نسوة آل حرب ... بمقدار سمدن له سمودا
فرد شعورهن السود بيضا ... ورد وجوههن البيض سودا
فإنك لو شهدت بكاء هند ... ورملة إذ يصفقن الخدودا
بكيت بكاء معولة قريح ... أصاب الدهر واحدها الفقيدا.(6/33)
6747- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني يحيى بن سعيد بن دينار السعدي ، عن أبيه قال : توفي معاوية ليلة الخميس للنصف من رجب سنة ستين وهو يومئذ ابن ثمان وسبعين سنة.(6/34)
6748- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن أبي محمد القرشي قال : دخل علي بن عبد الله بن عباس على عبد الملك بن مروان في يوم بارد وبين يديه وقود قد ألقي عليه عود وقد دخن ، فقال عبد الملك : هاهنا إليَّ يا أبا محمد . فأجلسه معه ، فقال علي : احمد الله يا أمير المؤمنين فيما أنت فيه من الإدفاء ، والناس فيما هم فيه من شدة البرد . فقال : يا أبا محمد : أبعد ابن هند بالشام أربعين سنة أميرا وخليفة أمسى تهتز على قبره ينبوتة . ثم دعا بالغداء فتغديا جميعا . قال : وكانت خلافة معاوية تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر وسبعة وعشرين يوما.(6/34)
1030- عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أُمَية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي.
وأُمُّه زينب بنت أبي عَمْرو بن أُمَية بن عبد شمس بن عبد مناف.
فولد عتاب بن أسيد : عبد الرحمن وعتابا ، وأمهما جويرية بنت أبي جهل بن هشام بن المغيرة ، وأسلم عتاب بن أسيد يوم فتح مكة ، وغدا رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم من مكة إلى حنين يوم السبت لست ليال خلون من شوال سنة ثمان ، واستعمل على مكة عتاب بن أسيد يصلي بهم ، وخلف معاذ بن جبل وأبا موسى الأشعري يعلمان الناس السنن والتفقه في الدين ، وقال لعتاب : أتدري على ما استعملتك ؟ قال : الله ورسوله أعلم . قال : استعملتك على أهل الله . فأقام عتاب للناس الحج تلك السنة ، وهي سنة ثمان ، بغير تأمير من رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إياه على الحج ، ولكنه كان أمير مكة ، وحج ناس من المسلمين والمشركين على مدتهم . وقد سمعت من يذكر أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم استعمله على الحج تلك السنة ، فالله أعلم.(6/34)
6749- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثنا إبراهيم بن جعفر ، عن أبيه قال : سمعت عُمَر بن عبد العزيز في خلافته . قال محمد بن عُمَر : وأخبرنا محمد بن صالح ، عن موسى بن عمران بن مناح ، قالا : قبض رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وعتاب بن أسيد عامله على مكة ، كان ولاه يوم الفتح ، فلم يزل عليها حتى توفي رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.(6/35)
6750- قال : أخبرنا الضحاك بن مخلد الشيباني أبو عاصم النبيل قال : حدثنا خالد بن أبي عثمان بن عبد الله بن خالد بن أسيد ، عن مولى لهم ، أراه ابن كيسان قال : قال عتاب بن أسيد : ما أصبت منذ وليت عملي هذا إلا ثوبين معقدين كسوتهما مولاي كيسان.(6/35)
1031- وأخوه : خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أُمَية بن عبد شمس بن عبد مناف.
وأُمُّه زينب بنت أبي عَمْرو بن أُمَية بن عبد شمس.
فولد خالد بن أسيد : عبد الله وأبا عثمان وأمية وأم القاسم ، وأمهم ريطة بنت عبد الله بن خزاعي بن أسيد بن الحويرث بن الحارث بن حبيب بن الحارث بن مالك بن حطيط بن جشم بن ثقيف.
وأسلم خالد بن أسيد يوم فتح مكة وله بقية وعقب بمكة والبصرة ، وكان في خالد تيه شديد ، فلما أسلم يوم فتح مكة نظر إليه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فقال : اللهم زده تيها قال : فإن ذلك لفي ولده إلى اليوم.(6/35)
1032- الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي.
وأُمُّه رقية بنت الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم ، فولد الحكم عثمان الأكبر والحارث ومروان وعبد الرحمن وصالحا وأم البنين وزينب الكبرى ، وأمهم أم عثمان وهي أمية بنت علقمة بن صفوان بن أُمَية بن محرث بن خمل بن شق بن رقبة بن مخدج بن الحارث بن ثعلبة بن مالك بن كنانة.
وعثمان الأصغر ، وأبان ، ويحيى ، وحبيبا ، وعمرا درج ، وأم يحيى ، وزينب الصغرى ، وأم شيبة ، وأم عثمان ، وأمهم مليكة بنت أوفى بن خارجة بن سنان بن أبي حارثة بن مرة بن نشبة بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذُِبيان.
وعمرو ، وأوس والنعمان درجوا ، وأم أبان وأمامة وأم عَمْرو ، وأمهم أم النعمان بنت الحارث بن أنس بن أبي عَمْرو بن عَمْرو بن وهب بن عَمْرو بن عامر بن يسار بن مالك بن حطيط بن جشم بن قسي.
وعبيد الله ، قتل مع حبيش بن دلجة وكان معه يومئذ.
وداود والحارث الأصغر ، والحكم دَرَجَ ، وعبد الله درج ، وأم الحكم ، وأمهم ابنة منبه بن شبيل بن العجلان بن عتاب بن مالك بن كعب من ثقيف.
ويوسف درج.
وأُمُّه النعيتة بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ، وخالدا ، وأمة الرحمن ، وأم مسلم لأم ولد.
وأسلم الحكم بن أبي العاص يوم فتح مكة ، ومات في خلافة عثمان بن عفان ، ولم يزل بمكة حتى كانت خلافة عثمان بن عفان ، فأذن له فدخل المدينة فمات بها ، وهو أبو مروان بن الحكم ، وعم عثمان بن عفان.(6/36)
1033- الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عَمْرو بن أُمَية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي.
وأُمُّه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف ، واسم أبي معيط أبان.
وأُمُّه آمنة بنت أبان بن كليب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة.
وأم عقبة سالمة بنت أمية بن حارثة بن الأوقص من بني سليم بن منصور . وقتل عقبة بن أبي معيط يوم بدر صبرا.
فولد الوليد بن عقبة : عثمان ، وهو أكبر ولده.
وأُمُّه أم ولد وعمرا وخالدا وأمهما أروى بنت أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب الثقفي.
وعثمان الأصغر.
وأُمُّه بنت عاصم بن خليفة بن معقل بن صباح بن طريف بن زيد بن عَمْرو بن ربيعة بن كعب بن ربيعة بن ثعلبة بن سعد بن ضبة بن أدّ.
وأبان لأم ولد ، وعاصما ، ومحمدا ، وأم عون ، وأم كلثوم ، وأم الوليد وأمهم سبية من عبد القيس . ويعلى ، وعمرا ، وخالدا الأصغر درج ، والحارث الدعي الشاعر ، لأمهات أولاد شتى ، وسالمة وأمها من آل كسرى.(6/37)
وكان الوليد يكنى أبا وهب ، وأسلم يوم فتح مكة ، وبعثه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم على صدقات بني المصطلق من خزاعة ، وكانوا قد أسلموا وبنوا المساجد بساحاتهم ، فلما سمعوا به خرج منهم عشرون راكبا يتلقونه فرحا به ، فلما رآهم رجع إلى المدينة فأخبر النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أنهم لما رأوه لقوه بالسلاح ومنعوا الصدقة ، فهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أن يبعث إليهم بعثا ،
وبلغهم ذلك فقدموا على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فقالوا : سله هل ناطقنا أو كلمنا حتى رجع ؟ ونحن قوم مؤمنون . ونزل على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وهو يكلمهم {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} إلى آخر الآية.
وولاه عُمَر بن الخطاب صدقات بني تغلب ، وولاه عثمان بن عفان الكوفة بعد سعد بن أبي وقاص ، ثم عزله عنها ، فلم يزل بالمدينة حتى بويع علي فخرج إلى الرقة فنزلها ، واعتزل عليا ومعاوية فلم يكن مع واحد منهما حتى مات بالرقة ، وقبره بعين الرومية على خمسة عشر ميلا من الرقة ، وكانت ضيعة له فمات بها ، وولده بالرقة إلى اليوم.(6/38)
6751- قال : أخبرنا مصعب بن عبد الله ، عن أبيه قال : لما أشرف الوليد بن عقبة على الرقة فرأى طيبها فقال : فيك والله المقبر ، ومنك المحشر . فمات بها ، وقبره على البليخ.(6/38)
1034- عمارة بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عَمْرو بن أُمَية.
وأُمُّه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف ، وأمها البيضاء وهي أم حكيم بنت عبد المطلب بن عبد مناف.
فولد عمارة محمدا وبه كان يكنى وهو بكره.
وأُمُّه تملك بنت الحارث بن شقي من حضرموت ، وأخوه لأمه عبد الرحمن بن عبد الله بن عامر بن الحضرمي . وعثمان بن عمارة ، وأم نافع ، وأمهما مُرَيح بنت هانئ بن قبيصة بن هانئ بن مسعود بن عامر بن عَمْرو بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان.
وعبد الله بن عمارة ، وأم أيوب ، وأم الوليد ، وأمهم أسماء بنت وائل بن حجر بن سعيد بن مسروق بن وائل بن ضمعج بن وائل بن ربيعة الحضرمي.
وأبان بن عمارة ، ومعاوية درج ، والوليد الأكبر ، وأمهم أمة بنت أبي عَمْرو بن الحضرمي.
وعبيد الله بن عمارة لأم ولد . ومدرك بن عمارة ، ولاحقا درج ، وأمهما أم جميل بنت القعقاع بن ربيعة بن نجبة بن ربيعة الفزاري . وعمر بن عمارة وعَمْرا ونافعا لأمهات أولاد . وعبد الرحمن بن عمارة.
وأُمُّه تميمة بنت بسر بن رئاب الأسدي . وعيسى بن عمارة والوليد الأصغر وأم كلثوم وأم جميل لأم ولد . وأسلم عمارة يوم فتح مكة ، ونزل الكوفة ، وولده بها . من ولده مدرك بن عمارة روى عنه إسماعيل بن أبي خالد.(6/38)
1035- خالد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عَمْرو بن أُمَية بن عبد شمس.
وأُمُّه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف.
فولد خالد بن عقبة : مصعبا لأم ولد . ومحمدا لأم ولد . وإسماعيل قتل يوم الحرة ، وعمارة وسعيدا وأمهم زينب بنت عباد من بهراء . والفضيل والأحوص ويعقوب ، وأم عثمان وأم كلثوم ، وأمهم حكيمة بنت ضبيس بن أبي وهب بن عَمْرو بن عامر بن يسار بن مالك بن حطيط من ثقيف.
ويحيى بن خالد.
وأُمُّه بنت ذي البردين الهلالي . وعيسى بن خالد.
وأُمُّه بنت حسان بن شريك بن حذيفة بن بدر بن عَمْرو بن جوية الفزاري.
وأحيح بن خالد ومريم ، وأمهما تماضر بنت الأصبغ بن عَمْرو بن ثعلبة بن الحارث بن حصن الكلبي.
وأخوهما لأمهما أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري ، وأم يحيى بنت خالد.
وأسلم خالد بن عقبة يوم فتح مكة . وكان من سرواتهم وخيارهم ، وهو الذي شهد جنازة الحسن بن علي من بني أمية.(6/39)
1036- عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي.
وأُمُّه بنت أبي الفرعة وهو حارثة بن قيس بن أعيا بن مالك بن علقمة بن فراس بن غنم بن مالك بن كنانة.
فولد عبد الرحمن بن سمرة عبد الله وعبيد الله وعثمان ومحمدا وعبد الملك وشعيبا ، وأمهم هند بنت أبي العاص بن نوفل بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي.(6/40)
6752- قال : أخبرنا سعيد بن منصور قال : حدثنا ناصح بن العلاء القرشي قال : حدثني عمار بن أبي عمار ، مولى بني هاشم ؛ أن عبد الرحمن بن سمرة كان يكنى أبا سعيد وقد رآه عمار وسمع منه وأسلم عبد الرحمن بن سمرة يوم فتح مكة ، وقد روى عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.(6/40)
1037- عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي.
وأُمُّه البيضاء وهي أم حكيم بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي.
فولد عامر بن كريز عبد الله ، وأم رافع ، وأمهما دجاجة بنت أسماء بن الصلت بن حبيب بن حارثة بن هلال بن حرام بن سماك بن عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم ، وأبا الصهباء بن عامر لأم ولد.
وأسلم عامر بن كريز يوم فتح مكة ، وبقي إلى خلافة عثمان بن عفان ، وقدم على ابنه عبد الله بن عامر البصرة وهو واليها لعثمان بن عفان ، وعقب عامر بالبصرة وبالشام كثير(6/40)
1038- أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي.
وأُمُّه خناس بنت مالك بن المضرب بن وهب بن عَمْرو بن حجير بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي ، وأخواه لأمه مصعب وأبو عزيز ابنا عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي.
فولد أبو هاشم بن عتبة : عبد الله.
وأُمُّه بنت شيبة بن ربيعة . وسالما لأم ولد.
والنعمان وربيعة ، وأم هاشم ، وهي حبة ، ولدت ليزيد بن معاوية بن أبي سفيان ، وأمهم فاطمة بنت عبد الشارق بن سفيان بن قمير بن رابية من خثعم ، وعاتكة وأختا لها ، وأمهما من بني ذكوان.
وأسلم أبو هاشم يوم فتح مكة ، وخرج إلى الشام فنزلها إلى أن مات بها.(6/41)
6753- قال هشام بن عمار : حدثنا صدقة بن خالد قال : حدثنا خالد بن دهقان قال : أخبرني خالد سبلان ، عن كهيل بن حرملة النمري ، عن أبي هريرة ؛ أنه أقبل حتى نزل بدمشق على أبي كلثوم الدوسي ، فتذاكروا الصلاة الوسطى فقال : اختلفنا كما اختلفتم ونحن بفناء بيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وفينا الرجل الصالح أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس فقال : أنا أعلم لكم ذلك . فأتى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وكان جريئا عليه ، فاستأذن فدخل ، ثم خرج إلينا فأخبرنا أنها صلاة العصر.(6/41)
- ومن بني عبد المطلب بن عبد مناف بن قصي
1039- قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف.
وأُمُّه أسماء بنت عبد الله بن سبع بن مالك بن جنادة بن الحارث بن سعد بن عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار . وكان لقيس بن مخرمة من الولد : عبد الله ، ومحمد ، وعبد الملك ، وجمال ، امرأة ، وأم سلمة ، وحميدة وأمهم درة بنت عقبة بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل ، وأمة الله بنت قيس ، وأمها أم الحكم ، واسمها : وحرة بنت عقبة بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل.
وأطعم رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قيس بن مخرمة بخيبر خمسين وسقا.(6/42)
1040- الصلت بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف بن قصي.
وأُمُّه هبيرة بنت معمر بن أُمَية بن عامر من بني بياضة . وكان للصلت بن مخرمة من الولد : جهيم بن الصلت وهو الذي رأى الرؤيا يوم بدر ، وحكيم ، وعمرو ، وعاتكة ، وأمهم فاطمة بنت قيس بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي ، وكميم بن الصلت وأمه رهيمة لم تنسب لنا . وأطعم رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الصلت بن مخرمة مع ابنيه بخيبر مائة وسق ، للصلت منها أربعون وسقا.
وأسلم الصلت يوم فتح مكة.(6/42)
1041- عبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف بن قصي.
وأُمُّه درة بنت عقبة بن رافع بن امرئ القيس ، أسلم يوم فتح مكة.
6754- قال : أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس المدني ، وإسماعيل بن أبان الكوفي الوراق قالا : حدثنا أبو أويس ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عَمْرو بن حزم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف قال : قلت : لأرمقن صلاة النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم . قال : فصلى ركعتين ركعتين حتى صلى ثلاث عشرة بواحدة أوتر بها . قال : كل ثنتين صلاهما أقصر من اللتين قبلهما ، صنع ذلك حتى فرغ من صلاته ، واضطجع على شقه الأيمن.(6/43)
1042- جهيم بن الصلت بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف بن قصي.
وأُمُّه سكينة بنت عَمْرو بن معرض بن جشم بن ودم بن سالم بن عوف.
1043- مخرمة بن القاسم بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف ، أطعمه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بخيبر أربعين وسقا.(6/43)
1044- ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي.
وأُمُّه العجلة بنت العجلان بن البياع من بني ليث . فولد ركانة يزيد ، ومعبدا ، وشدادا ، ونافعا ، وأم كلثوم ، وزينب ، وأمهم قريبة بنت عبد الله بن العجلان بن البياع . والفضل وعليا وخالدا لأمهات أولاد شتى.
وركانة الذي صارع النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فصرعه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
وأسلم في الفتح ، وقدم المدينة بعد ذلك ، فنزلها إلى أن مات بها في أول خلافة معاوية بن أبي سفيان ، وولده بالمدينة ، ومنازلهم في دار عقيل بن أبي طالب بالبقيع . وأطعم رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ركانة حين أسلم بخيبر خمسين وسقا.(6/44)
1045- عجير بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف.
وأُمُّه العجلة بنت العجلان بن البياع من بني ليث . وكان لعجير من الولد : نافع ، وأزهر ، وعبد الله ، وزينب ، وأم كلثوم ، وأم أسعد ، وأمهم أم أزهر ، واسمها زينب بنت عويمر بن مخلدة بن سعيدة بن سبيع بن جعثمة بن سعد بن مليح من خزاعة . وأطعم رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عجيرا بخيبر ثلاثين وسقا.(6/44)
1046- أبو نبقة
واسمه عبد الله بن علقمة بن الحارث وهو غبشان بن عبد عَمْرو بن بوي بن ملكان بن أفصى من خزاعة.
وكان لأبي نبقة من الولد : العلاء وهذيم قتلا يوم اليمامة شهيدين ولا عقب لهما ، والصعبة وأم عبد الله ، وأمهم حية وهي أم هذيم بنت عبد يزيد بن هاشم بن المطلب ، وأمها العجلة بنت العجلان بن البياع ، واسمه عبد شمس بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث.
وأطعم رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أبا نبقة خمسين وسقا بخيبر.(6/44)
- ومن بني نوفل بن عبد مناف بن قصي
1047- عدي الأكبر بن الخيار بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي.
وأُمُّه أم إياس بنت عبد أمية بن عبد شمس ، أو بنت أمية الأصغر بن عبد شمس ، وأمها عاتكة بنت خالد بن عبد مناف بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ، وعماه مطعم وطعيمة ابنا عدي بن نوفل بن عبد مناف.
فولد عدي بن الخيار عياضا.
وأُمُّه أثاثة واسمها هند بنت سفيان بن أُمَية بن عبد شمس ، وهي خالة سعد بن أبي وقاص . وعبد الله وعبيد الله وعبدة وعبيدة ودرة وأمة وميمونة وأخرى ، وأمهم أم قتال بنت أسيد بن أبي العيص بن أُمَية . وجبيرا.
وأُمُّه طيبة بنت خطيب بن حطم من حمير.(6/45)
1048- عقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف بن قصي.
وأُمُّه خديجة أو أمامة بنت عياض بن رافع بن أوس بن فلجة بن أسامة بن غنم بن مليح من خزاعة ، وأخوه أبو حسين بن الحارث بن عامر.
وأُمُّه أمامة بنت خليفة بن النعمان بن بكر بن وائل من سبي العرب.
فولد عقبة بن الحارث محمدا وعباسا وأم عيسى ، وأمهم أم البنين بنت زر بن عبيد الله بن عثمان بن عَمْرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ، ويقال : أمهم ابنة عبد الله بن عثمان بن عَمْرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة . وعيسى ويعقوب لأمة مولدة اسمها بنانة . وأم حميد وأمها أم سعيد بنت جبير بن مطعم.
وأسلم عقبة بن الحارث يوم فتح مكة.(6/45)
6755- قال : أخبرنا عارم بن الفضل قال : حدثنا حماد بن زيد قال : حدثنا أيوب ، عن عبد الله بن أبي مليكة قال : سمعت عقبة بن الحارث قال : حدثني صاحب لي وأنا لحديث صاحبي أحفظ قال : تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب قال : فدخلت علينا امرأة سوداء ، فزعمت أنها أرضعتنا جميعا . فذكرت ذلك للنبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فأعرض عني ، فذكرت ذلك له فأعرض عني ، فقلت : إنها كاذبة ، فقال : وما يدريك أنها كاذبة وقد قالت ما قالت ، دعها عنك.(6/46)
1049- أبو سروعة بن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف.(6/46)
1050- حجير بن أبي إهاب. بن عزيز بن قيس بن سويد بن ربيعة بن زيد بن عبد الله بن دارم من بني تميم حلفاء بني نوفل بن عبد مناف بن قصي ، وأم حجير بن أبي إهاب أم حجير بنت أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عَمْرو بن مخزوم ،(6/46)
وأمها أسماء بنت مخربة بنت جندل بن أبين بن نهشل بن دارم أم أبي جهل والحارث ابني هشام ، وأم عياش وعبد الله ابني أبي ربيعة بن المغيرة . وأم أبي إهاب بن عزيز : فاختة بنت عامر بن نوفل بن عبد مناف بن قصي . وإخوة أبي إهاب لأمه : عبد الله ، وكان من المهاجرين إلى أرض الحبشة وشهد بدرا ، وأبو جندل ، وعنبة ، وأم كلثوم بنو سهيل بن عَمْرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي.
أسلم حجير بن أبي إهاب يوم فتح مكة ، وصحب النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم . كان المنذر بن المنذر أبو النعمان قد بعث بابن له إلى زرارة بن عدس لينشأ فيهم ويأخذ من ألستنهم وأخلاق باديتهم ، فكان فيهم زمانا ، ثم وثب على ناقة لسويد بن ربيعة فانتحرها وجعل يأكلها ويطعمها ، فجاء سويد فأخبر بخبر ناقته ، فأقبل إلى ابن الملك فرماه فقتله ، فعلم أنه لا مقام له بتلك البلاد فخرج هاربا حتى أتى مكة فأقام بها ، وحالف بني نوفل بن عبد مناف بن قصي ، وولد بمكة أولادا تزوجوا في قريش وزوجوهم.(6/47)
1051- يعلى بن أمية بن أبي عبيدة بن همام بن الحارث بن زيد بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم.
وأُمُّه منية بنت جابر بن وهب بن نُسيب بن زيد بن مالك بن الحارث بن عوف بن مازن بن منصور ، وهي عمة عتبة بن غزوان بن جابر ، وعتبة بن غزوان ويعلى بن أُمَية حلفاء الحارث بن نوفل بن عبد مناف بن قصي ، وبنو زيد بن مالك بن حنظلة من بني العدوية بها يعرفون ، وهي الحرام بنت خزيمة بن تميم بن الدول بن جل بن عدي بن عبد مناة وهي أم زيد بن مالك.
وأسلم يعلى بن أُمَية وأبوه وأخوه (سلمة) وأخته نفيسة بنت منية.
وشهد يعلى الطائف وحنين وتبوك مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وَرَوَى عنه أحاديث.(6/47)
6756- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث قال : كان يَعْلَى بن مُنْيَةَ التميمي حليف بني نوفل بن عبد مناف ، وكان عاملا لعثمان بن عفان على الجَنَد ، فوافى يعلى بن أُمَية التميمي الحج ذلك العام الذي قتل فيه عثمان بن عفان.(6/48)
6757- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الله بن جعفر ، عن أبي عون ، عن أبي عَمْرو ذكوان قال : أول من جاء أهل مكة بقتل عثمان رجل من العرب يقال له الأخضر ، قدم مكة فقال : إن عثمان قتل أربعين رجلا من القراء . وكتمهم قتل عثمان مخافة على مال له كان دينا على الناس . فقالت عائشة : لا أَحَد لهذا الطاغية . فقلت : احفظي لسانك لعل هذا باطل ، فلما اقتضى الأخضر دينه خرج وخرج معه يَعْلَى بن مُنْيَةَ ، حتى إذا كانا بالبطحاء أخبره بقتل عثمان ، فرجع يعلى فأخبر أهل مكة ، وصار الأخضر مثلا بمكة ، أنت أكذب من الأخضر ، فلم يدرك ولم يدر من هو حتى الساعة ، ورأوا أنه شيطان.(6/48)
6758- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني ربيعة بن عثمان ، عن عثمان بن أبي سليمان ، عن ابن أبي مليكة قال : جاء يعلى بن أُمَية إلى عائشة فقال : قد قتل خليفتك الذي كنت تحرضين على قتله . قالت : برئت إلى الله ممن قتله قال : الآن ثم قال : أظهري البراءة ممن قتله ، فخرجت إلى المسجد فجعلت تبرأ ممن قتل عثمان رضي الله عنه.(6/48)
6759- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد ، عن الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث قال : لما بلغ يعلى بن أُمَية قول عبد الله بن أبي ربيعة وما دعا إليه من جهاز من خرج يطلب بدم عثمان ، خرج يعلى من داره فقال : أيها الناس ، من خرج يطلب بدم عثمان فعلي جهازه ، ولما بلغ عليا ما قال يعلى وابن أبي ربيعة عرف أن عندهما مالا من مال الله كثيرا فقال : لئن ظفرت بابن أبي ربيعة وبيَعْلَى بن مُنْيَةَ لأجعلن أموالهما في مال الله.(6/49)
6760- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله قال : قدم يعلى بن أُمَية بأربعمائة ألف فأنفقها في جهازهم إلى البصرة.(6/49)
6761- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الله بن الحارث قال : أناخ يَعْلَى بن مُنْيَةَ بالحجون سبعين بعيرا يحمل عليها في طلب دم عثمان ، وهو حمل عائشة على جمله عسكر.(6/49)
6762- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني مسالم بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جده قال : سمعت يَعْلَى بن مُنْيَةَ ، وهو مشتمل الضبعية يقول : هذه عشرة آلاف دينار ، وهي عين مالي ، أقوي بها من طلب بدم عثمان رحمه الله . قال : فجعل يعطي الناس ، واشترى أربعمائة بعير فأناخها بالبطحاء حمل عليها . فبلغ ذلك عليا فقال : من أين له عشرة آلاف دينار ؟ سرق اليمن ثم جاء بها ، والله لئن قدرت عليه لآخذن ما أقر به ، فلما كان يوم الجمل وانكشف الناس هرب يعلى.(6/49)
6763- قال : أَخْبَرنا يونس بن محمد بن المؤدب قال : حدثنا ليث بن سعد ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عَمْرو بن عبد الرحمن بن أُمَية بن يَعْلَى بن مُنْيَةَ ، أن أباه ، أخبره ؛ أن يعلى قال : جئت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بأبي أمية يوم الفتح فقلت : يا رسول الله ، بايع أبي على الهجرة ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : بل أبايعه على الجهاد ؛ فقد انقطعت الهجرة.(6/50)
- وَمِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى
1052- حَكِيمُ بْنُ حِزِامِ ابْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ.
وَأُمُّهُ أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتِ زُهَيْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ.
6764- قَالَ : أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنِي الْمُنْذِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ حِزَامٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ أَبِي حَبِيبَةَ ، مَوْلَى الزُّبَيْرِ ، قَالَ : سَمِعْتُ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ ، يَقُولُ : وُلِدْتُ قَبْلَ قَدُومِ أَصْحَابِ الْفِيلِ بِثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَأَنَا أَعْقِلُ حِينَ أَرَادَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَنْ يَذْبَحَ ابْنَهُ عَبْدَ اللهِ حِينَ وَقَعَ نَذْرُهُ ، وَذَلِكَ قَبْلَ مَوْلِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ سِنِينَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَشَهِدَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ مَعَ أَبِيهِ الْفِجَارِ ، وَقُتِلَ أَبُوهُ حِزَامُ بْنُ خُوَيْلِدٍ فِي الْفِجَارِ الآخِرِ ، وَكَانَ حَكِيمٌ يُكَنَّى أَبَا خَالِدٍ ، وَكَانَ لَهُ مِنَ الْوَلَدِ : عَبْدُ اللهِ ، وَيَحْيَى ، وَخَالِدٌ ، وَهِشَامٌ ، وَأُمُّ شَيْبَةَ ، وَأُمُّهُمْ زَيْنَبُ بِنْتُ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ ، وَيُقَالُ : بَلْ أُمُّ هِشَامِ بْنِ حَكِيمٍ ، مُلَيْكَةُ بِنْتُ مَالِكِ بْنِ سَعْدِ ، مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ ، وَقَدْ أَدْرَكَ وَلَدُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ كُلُّهُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَسْلَمُوا (1) يَوْمَ الْفَتْحِ ، وَصَحِبُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
_حاشية__________
(1) قوله : "وَأَسْلَمُوا" لم يرد في المطبوع ، وأثبتناه عن "المستدرك" للحاكم 3/482(6043) حيث نقله من نفس طريق المؤلف.(6/50)
6765- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثنا معمر بن راشد ، عن الزهري ، عن عروة قال : كان حكيم بن حزام رجلا تاجرا لا يدع سوقا بمكة ولا تهامة إلا حضرها ، وكان يقول : كان بتهامة أسواق ، أعظمها سوق حباشة ، وهي على ثماني مراحل من مكة طريق الجند ، فكنت أحضرها ، وقد رأيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حضرها ، فاشتريت بها بزا ، فقدمت به مكة ، فذاك حين أرسلت خديجة إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم تدعوه إلى أن يخرج لها إلى سوق حباشة ، وبعثت معه غلامها ميسرة ، فخرجا ، فابتاعا بزا من بز الجند وغيره ومما فيها من التجارة ، فرجعا به إلى مكة فربحا فيها ربحا حسنا ، وكانت سوق تقوم كل سنة في رجب ثمانية أيام.(6/51)
6766- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثنا إبراهيم بن جعفر بن محمود ، عن أبيه ، وغيره ، قالوا : بكى حكيم بن حزام يوما ، فقال له ابنه : ما يبكيك يا أبة ؟ قال : خصال كلها أبكاني ، أما أولها : فبطء إسلامي حتى سبقت في مواطن كلها صالحة ، ونجوت يوم بدر ويوم أحد ، فقلت : لا أخرج أبدا من مكة ، ولا أوضع مع قريش ما بقيت ، فأقمت بمكة ، ويأبى الله أن يشرح قلبي بالإسلام ، وذلك أني أنظر إلى بقايا من قريش لهم أسنان ، متمسكين بما هم عليه من أمر الجاهلية ، فأقتدي بهم ، ويا ليت أني لم أقتد بهم ، فما أهلكنا إلا الاقتداء بآبائنا وكبرائنا ، فلما غزا رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مكة جعلت أفكر ، وأتاني أبو سفيان بن حرب ، فقال : أبا خالد ، والله إني لأخشى أن يأتينا محمد في جموع يثرب ، فهل أنت تابعي إلى سرف نستروح الخبر ؟ قلت : نعم . قال : فخرجنا نتحدث ونحن مشاة حتى إذا كنا بمر الظهران إذا رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في الدهم من الناس ، فلقي العباس بن عبد المطلب أبا سفيان فذهب به إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فرجعت إلى مكة فدخلت بيتي فأغلقته علي ، وطويت ما رأيت ، وقلت : لا أخبر قريشا بذلك ، ودخل رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مكة فأمن الناس ، فجئته صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بعد ذلك بالبطحاء فأسلمت وصدقته وشهدت أن ما جاء به حق ، وخرجت معه إلى حنين فأعطى رجالا من المغانم أموالا ، وسألته يومئذ فألحفت المسألة.(6/51)
6767- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني معمر بن راشد ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، وعروة بن الزبير ، قالا : حدثنا حكيم بن حزام قال : سألت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بحنين مائة من الإبل فأعطانيها ، ثم سألته مائة فأعطانيها ، ثم قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : يا حكيم ، إن هذا المال خضرة حلوة ، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه ، وكان كالذي يأكل ولا يشبع ، واليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول. قال : فكان حكيم يقول : والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا . فكان أبو بكر الصديق يدعو حكيما ليعطيه فيأبى يقبل منه شيئا ، وكان عُمَر يدعو حكيما إلى عطائه فيأبى يأخذه ، فيقول عُمَر : أيها الناس ، أشهدكم على حكيم أني أدعوه إلى عطائه فيأبى يأخذه . فلم يرزأ حكيم أحدا من الناس شيئا بعد رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حتى توفي.(6/52)
6768- قال : أخبرنا يحيى بن خليف بن عقبة قال : حدثنا ابن عون ، عن محمد قال : أتي النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بمال ، فأتى رجل فسأله ، فحثا له ، ثم قال : أزيدك ؟ فقال : نعم . فحثا له ، ثم قال : أزيدك ؟ فقال : نعم . قال : فحثا له . ثم قال : أزيدك ؟ فقال : نعم . قال : فحثا له . ثم قال : أبق لمن بعدك . قال : ثم أتاه حكيم بن حزام فأراد أن يحثي له فقال : يا رسول الله ، أخذه خير أم تركه ؟ قال : لا ، بل تركه . قال : فتركه ، ثم قال : والله لا أقبل عطية أحد بعدك.(6/52)
6769- أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي قال : حدثنا ليث بن سعد قال : أخبرنا بكير بن عبد الله ، عن الضحاك بن عبد الله بن خالد بن حزام ، عن حكيم بن حزام ، أنه أعان بفرسين يوم حنين فأصيبا ، فأتى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فقال : إن فرسي أصيبا ، فعضني ، فأعطاه ، ثم استزاده فزاده ، ثم استزاده ، فقال النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : يا حكيم بن حزام ، إن هذا المال خضرة حلوة ، فمن سأل الناس أعطوه ، والسائل فيها كالآكل ولا يشبع.(6/52)
6770- قال : أخبرنا عبد الله بن نمير ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ؛ أن حكيم بن حزام أعتق في الجاهلية مائة رقبة وحمل على مائة بعير . قال : ثم أعتق في الإسلام مائة رقبة وحمل على مائة بعير ، ثم أتى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فقال : يا رسول الله ، أرأيت شيئا كنت فعلته في الجاهلية أتحنث به ، هل لي فيه من أجر ؟ فقال صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : أسلمت على ما سلف لك من خير.(6/53)
6771- قال : أخبرنا عثمان بن عُمَر قال : أخبرنا يونس ، عن الزهري ، عن عروة ، عن حكيم بن حزام قال : قلت : يا رسول الله ، أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية ، هل لي منها من شيء ؟ قال : أسلمت على ما أسلفت من خير . قال : والتحنث : التعبد.(6/53)
6772- قال : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري ، عن أبيه ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب قال : أخبرني عروة بن الزبير ؛ أن حكيم بن حزام أخبره أنه قال لرسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : أي رسول الله ، أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية من صدقة ، أو عتاقة ، أو صلة رحم ، أفيها أجر ؟ قال : فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : أسلمت على ما قد أسلفت من خير.(6/53)
6773- قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا سفيان ، عن أبي حصين ، عن شيخ ، من أهل المدينة قال : بعث النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حكيم بن حزام بدينار يبتاع له به أضحية ، فمر بها فباعها بدينارين ، فابتاع له أضحية بدينار ، فأتى بها النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فتصدق بدينار ، ودعا له أن يبارك له في تجارته.(6/53)
6774- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثنا الضحاك بن عثمان ، عن أهله ، قالوا : قال حكيم بن حزام : كنت أعالج البز والبر في الجاهلية ، وكنت رجلا تاجرا أخرج إلى اليمن وإلى الشام في الرحلتين ، فكنت أربح أرباحا كثيرة ، فإذا ربحت عدت على فقراء قومي ونحن لا نعبد شيئا ، أريد بذلك ثراء الأموال والمحبة في العشيرة ، وكنت أحضر الأسواق ، وكانت لنا ثلاثة أسواق : سوق بعكاظ يقوم صبح ليلة هلال ذي القعدة عشرين يوما ويحضرها العرب ، وبها ابتعت زيد بن حارثة لعمتي خديجة بنت خويلد ، وهو يومئذ غلام ، فأخذته بستمائة درهم ، فلما تزوج رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم خديجة سألها زيدا فوهبته له ، فأعتقه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وبها ابتعت حلة ذي يزن فكسوتها رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فما رأيت أحدا قط أجمل ولا أحسن من رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في تلك الحُلَّة.
ويقال : إن حكيم بن حزام قدم بالحلة في هدنة الحديبية وهو يريد الشام في عير ، فأرسل بالحلة إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فأبى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أن يقبلها وقال : لا أقبل هدية مشرك .(6/53)
قال حكيم : فجزعت جزعا شديدا حيث رد هديتي ، فخرجت فبعتها بسوق النبط من أول سائم سامني ، ودس رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إليها زيد بن حارثة فاشتراها ، فرأيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يلبسها بعد.
قال : وكان سوق مجنة يقوم عشرة أيام حتى إذا رأينا هلال ذي الحجة انصرفنا إلى سوق ذي المجاز فتقوم ثمانية أيام.
وكل هذه الأسواق ألقى بها رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في المواسم يستعرض القبائل قبيلة قبيلة ، يدعوهم إلى الله ، فلا أرى أحدا يستجيب له ، وأسرته أشد القبائل عليه ، حتى بعث الله له قوما أراد بهم كرامته ، هذا الحي من الأنصار ، فبايعوه وصدقوا به ، وآمنوا به ، وبذلوا أنفسهم وأموالهم له ، فجعل الله له دار هجرة وملجأ ، وسبق من سبق إليه ، فالحمد لله الذي أكرم محمدا بالنبوة ورزقه الله دار هجرة.
فحج معاوية فسامني بداري بمكة ، فبعتها منه بأربعين ألف دينار ، فبلغني أن ابن الزبير يقول : ما يدري هذا الشيخ ما باع ، ليردن عليه بيعه ،(6/54)
فقلت : والله ما ابتعتها إلا بزق من خمر ، ولقد وصلت الرحم ، وحملت الكل ، وأعطيت في السبيل . وكان حكيم بن حزام يشتري الظهر والأداة والزاد ثم لا يجيئه أحد يستحمله في السبيل إلا حمله . قال : فبينا هم يوما في المسجد جلوسا إذ دخل رجل من أهل اليمن يطلب حملانا يريد الجهاد قال : فدل على حكيم بن حزام فجلس إليه فقال : إني رجل بعيد الشقة ، وقد أردت الجهاد فدللت عليك لتحمل رجلتي وتعينني على ضعفي . قال : اجلس ، فلما أمكنته الشمس وارتفعت ركع ركعات ثم انصرف ، وأومأ إلى اليماني . قال : فتبعته فجعل كلما مر بصوفة أو خرقة أو شملة نفضها وأخذها ، فقلت : والله ما زاد الذي دلني على هذا أن لعب بي ، أي شيء عند هذا من الخير بعد ما أرى ؟
قال : فدخل داره فألقى الصوفة مع الصوف ، والخرقة مع الخرق ، والشملة مع الشمال ، ثم قال لغلام له : هات بعيرا ذلولا موقعا . قال : فأتي به ذلولا موقعا سنتين ، ثم دعا بجهاز فشده على البعير ، ثم دعا بخطام فخطم ، ثم قال : هلم جوالقين. قال : فأتي بجوالقين ، فأمر فجعل فيهما دقيق وسويق وعكة من زيت ، وقال انظر ملحا وجرابا من تمر .(6/55)
حتى إذا لم يبق شيء مما يحتاج إليه مسافر إلا هيأه ، أعطانيه وكساني ، ثم دعا بخمسة دنانير فدفعها إلي فقال : هذه للطريق . قال : فخرجت من عنده وكان هذا فعل حكيم بن حزام.
وكان معاوية عام حج مر به ، وهو ابن مائة وعشرين سنة ، فأرسل إليه بلقوح يشرب من لبنها ، وذلك بعد أن سأله أي الطعام تأكل ؟ فقال : أما مضغ فلا مضغ في . فأرسل إليه باللقوح ، وأرسل إليه بصلة فأبى أن يقبلها ، وقال : لم آخذ من أحد قط بعد النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم شيئا ، قد دعاني أبو بكر وعمر إلى حقي فأبيت أن آخذه ، وذلك أني سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يقول : الدنيا خضرة حلوة ، من أخذها بسخاوة نفس بورك له فيها ، ومن أخذها بإشراف نفس لم يبارك له . فقلت يومئذ : لا أرزأ أحدا بعدك شيئا أبدا.
قال : وكنت رجلا مجدودا في التجارة ، ما بعت شيئا قط إلا ربحت فيه ، ولقد كانت قريش تبعث بالأموال وأبعث بمالي ، فربما دعاني بعضهم أن يخالطني بنفقته ، يريد بذلك الجد في مالي ، وذلك أني كلما ربحت تحنثت به أو بعامته ؛ أريد به ثراء المال والمحبة في العشيرة.(6/56)
6775- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه قال : قيل لحكيم بن حزام : ما المال يا أبا خالد ؟ قال : قلة العيال.(6/56)
6776- أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا حفص بن غياث ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : قال حكيم بن حزام : اسقوني ماء . قالوا : قد شربت اليوم مرة قال : فلا.
قال محمد بن عُمَر : وقدم حكيم بن حزام المدينة ونزلها وبنى بها دارا عند بلاط الفاكهة عند زقاق الصواغين ، ومات بالمدينة سنة أربع وخمسين في خلافة معاوية بن أبي سفيان وهو ابن مائة وعشرين سنة.(6/56)
1053- خالد بن حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
وأُمُّه زينب بنت العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
فولد خالد بن حكيم عبد الله وجويرية وحكمة ، وأمهم أم الحسن بنت المغيرة بن عبد الله بن خالد بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى.
وأسلم خالد بن حكيم يوم فتح مكة ، وصحب النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وَرَوَى عنه.(6/56)
6777- قال : أخبرنا عفان بن مسلم قال : حدثنا حماد بن سلمة قال : أخبرنا عَمْرو بن دينار ، عن أبي نجيح ، أن خالد بن حكيم بن حزام مر بأبي عبيدة بن الجراح وهو يعذب ناسا في الجزية في الشمس ، فقال : سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يقول : إن أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يعذبون الناس في الدنيا . فقال : اذهب فخل سبيلهم.(6/57)
1054- هشام بن حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
وأُمُّه زينب بنت العوام بن خويلد بن أسد ، ويقال : بل أمه مليكة بنت مالك بن سعد من بني الحارث بن فهر ، فولد هشام بن حكيم عثمان.
وأُمُّه أم نهشل بنت عبد الله بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصي ، وأسلم هشام بن حكيم يوم فتح مكة ، وصحب النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وَرَوَى عنه ، وكان رجلا صليبا مهيبا.(6/57)
6778- قال : أخبرنا معن بن عيسى قال : حدثنا مالك بن أنس ، عن ابن شهاب قال : كان هشام بن حكيم بن حزام يأمر بالمعروف في رجال معه.
وكان عُمَر بن الخطاب إذا بلغه الشيء يقول : أما ما عشت أنا وهشام ، فلا يكون هذا.(6/57)
1055- عبد الله بن حكيم بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
وأُمُّه زينب بنت العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي ، فولد عبد الله بن حكيم عثمان وآخر لم يسم لنا ، وأم شيبة ، وأمهم سارة بنت الضحاك بن سفيان بن عوف بن كعب بن أبي بكر بن كلاب من قيس عيلان.
وأسلم عبد الله بن حكيم يوم فتح مكة ، وصحب النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.(6/57)
1056- يحيى بن حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
وأُمُّه زينب بنت العوام بن خويلد بن أسد.
أسلم يحيى يوم فتح مكة ، وصحب النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وليس له عقب.(6/58)
1057- الأسود بن أبي البختري
واسمه العاص بن هاشم بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصي. وأمه عاتكة بنت أمية بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
فولد الأسود بن أبي البختري : عبد الرحمن.
وأُمُّه الحلال بنت قيس بن نوفل بن جابر بن شجنة بن حبيب بن أسامة بن مالك بن نصر بن قُعَيْن من بني أسد بن خزيمة ، وسعيدا لأم ولد ، وعبد الله لأم ولد ، وفاختة ، وأمها أم شيبة بنت حكيم بن حزام ، وخالدة ، وأمها امرأة من كلب بن عوف بن عامر بن ليث ، وهند ، وأمها عميرة الخولانية.
وأسلم الأسود بن أبي البختري يوم فتح مكة ، وأما أبو البختري فشهد بدرا مع المشركين ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : من لقي أبا البختري فلا يقتله ، فلقيه من لم يسمع قول النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فقتله ، واختلفوا فيمن قتله.(6/58)
6779- قال محمد بن عُمَر : حدثني سعيد بن محمد بن أبي زيد ، عن عمارة بن غزية ، عن محمد بن يحيى بن حبان قال : قتله المجذر بن زياد ، وقال في ذلك شعرا :
بشر بيتم إن لقيت البختري ... وبشرن بمثلها مني بني
أنا الذي أزعم أصلي من بلي ... أطعن بالحربة حتى تنثني
ألا ترى مجذرا يفري الفري(6/59)
6780- قال محمد بن عُمَر : وحدثني يعقوب بن محمد بن أبي صعصعة ، عن أيوب بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة . قال محمد بن عُمَر : وحدثني سعيد بن محمد بن أبي زيد ، عن عمارة بن غزية ، عن عباد بن تميم بن غزية بن عَمْرو ، قالا : قتله أبو داود المازني.(6/59)
6781- قال محمد بن عُمَر : وحدثني أيوب بن النعمان بن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن أبيه ، قال : قتله أبو اليسر.
قال محمد بن عُمَر : وأم أبي البختري أروى بنت الحارث بن عثمان بن عبد الدار بن قصي(6/59)
1058- يزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
وأُمُّه قريبة الكبرى بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عُمَر بن مخزوم.
وأسلم يوم فتح مكة ، وشهد مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الطائف وقتل يومئذ شهيدا ، جَمَحَ به فرسه ، وكان يقال له الجناح ، إلى حصن الطائف ، فأخذوه فقتلوه.
ويقال : بل قال لهم : أمنوني حتى أكلمكم ، فأمنوه ثم رموه بالنبل حتى قتلوه. وكان أبوه زمعة بن الأسود ، وأخوه الحارث بن زمعة ، وعمه عقيل بن الأسود شهدوا بدرا مع المشركين فقتلوا يومئذ . أما زمعة فقتله أبو دجانة ، ويقال بل قتله ثابت بن الجذع ، وأما الحارث بن زمعة فقتله علي بن أبي طالب ، وأما عقيل بن الأسود فقتله حمزة وعلي شركاء فيه ، وكان أبو معشر يقول : قتله علي وحده.
قال محمد بن عُمَر : وأم زمعة بن الأسود أروى بنت حذيفة بن مهشم بن سعيد بن سهم.(6/59)
1059- هبار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
وأُمُّه فاختة بنت عامر بن قرط بن سلمة بن قشير بن كعب ، وأخواه لأمه هبيرة وحزن ابنا أبي وهب بن عَمْرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم.
فولد هبار بن الأسود هانئًا وعبد الرحمن وسعدًا وسعيدًا وفاختة ، وأمهم أمة الله وهي هند بنت أبي أزيهر بن ثواب بن سلمة بن ضبيس بن عبد عوف بن الحارث بن الضمري الفاكه بن عَمْرو بن الحارث بن مالك بن كنانة ، والأسود بن هبار وإسحاق لامرأة من أهل اليمن ، وعليا وإسماعيل ، وأمهما عائشة بنت عامر بن حزن بن عامر بن هريمة بن مسعود بن النابغة بن عتي بن حبيب بن وائلة بن دهمان بن نصر بن معاوية ، والزبير وفاختة وأمهما من لهب من الأزد ، وأبا بكر لأم ولد ، وأم حكيم وأمها من بني ليث.(6/60)
وكان هبار بن الأسود يقول : لما ظهر رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ودعا إلى الله ، كنت فيمن عاداه ونصب له وآذاه ، ولا تسير قريش مسيرا لعداوة محمد وقتاله إلا كنت معهم ، وكنت مع ذلك قد وترني محمد ، قتل أخوي زمعة وعقيلا ابني الأسود ، وابن أخي الحارث بن زمعة يوم بدر ، فكنت أقول : لو أسلمت قريش كلها لم أسلم . وكان رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بعث إلى زينب ابنته من يقدم بها من مكة ، فعرض لها نفر من قريش فيهم هبار ، فنخس بها وقرع ظهرها بالرمح ، وكانت حاملا فأسقطت ، فردت إلى بيوت بني عبد مناف ، فكان هبار بن الأسود عظيم الجرم في الإسلام ، فأهدر رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم دمه ، فكان كلما بعث سرية أوصاهم بهبار قال : إن ظفرتم به فاجعلوه بين حزمتين من حطب وحرقوه بالنار.
ثم يقول بعد : إنما يعذب بالنار رب النار ، إن ظفرتم به فاقطعوا يديه ورجليه ثم اقتلوه.(6/61)
6782- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني واقد بن أبي ياسر ، عن يزيد بن رومان قال : قال الزبير بن العوام : ما رأيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ذكر هبارا قط إلا تغيظ عليه ، ولا رأيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بعث سرية قط إلا قال : إن ظفرتم بهبار فاقطعوا يديه ورجليه ثم اضربوا عنقه . فوالله لقد كنت أطلبه وأسائل عنه ، والله يعلم لو ظفرت به قبل أن يأتي إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لقتلته ، ثم طلع على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وأنا عنده جالس فجعل يتعذر إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ويقول : سب يا محمد من سبك ، وآذ من آذاك ، فقد كنت موضعا في سبك وأذاك ، وكنت مخذولا ، وقد بصرني الله وهداني للإسلام . قال الزبير : فجعلت أنظر إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وإنه ليطأطئ رأسه استحياء منه مما يتعذر هبار ، وجعل رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يقول : قد عفوت عنك ، والإسلام يجب ما كان قبله . وكان لسنا فكان يسب بعد ذلك حتى يبلغ منه فلا ينتصف من أحد ، فبلغ ذلك رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حلمه وما يحمل عليه من الأذى فقال : يا هبار ، سب من سبك.(6/61)
6783- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني هشام بن عمارة ، عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كنت جالسا مع النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في مسجده منصرفه من الجعرانة ، فطلع هبار بن الأسود من باب رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فلما نظر القوم إليه قالوا : يا رسول الله ، هبار بن الأسود . فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : قد رأيته.
فأراد بعض القوم القيام إليه ، فأشار إليه النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أن اجلس ، فوقف عليه هبار فقال : السلام عليك يا رسول الله ، إني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أنك رسول الله ، ولقد هربت منك في البلاد ، وأردت اللحوق بالأعاجم ، ثم ذكرتك وعائذتك وفضلك وبرك وصفحك عمن جهل عليك ، وكنا يا رسول الله أهل شرك ، فهدانا الله بك وتنقذنا بك من الهلكة ، فاصفح عن جهلي وعما كان يبلغك عني ، فإني مقر بسوأتي ، معترف بذنبي . فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : وقد أحسن الله بك حيث هداك للإسلام ، والإسلام يجب ما كان قبله.
قال محمد بن عُمَر : وخرجت سلمى مولاة رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فقالت : لا أنعم الله بك عينا ، أنت الذي فعلت وفعلت ، فقال النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : إن الإسلام محا ذلك . ونهى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عن سبه والتعرض له.(6/61)
6784- قال : أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، أن هبار بن الأسود ، وكان امرءا كافرا ، تناول زينب بنت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بطعنة فأسقطت ، فبعث رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم سرية فقال : إن أخذتموه فاجعلوه بين حزمتين حطب ، ثم ألقوا فيها النار . ثم قال : سبحان الله ، لا ينبغي لأحد أن يعذب بعذاب الله ، إن أخذتموه فاقطعوا يده ، ثم اقطعوا رجله ، ثم اقطعوا يده ، ثم اقطعوا رجله . فلم تصبه السرية وأصابه الإسلام ، فهاجر إلى المدينة وكان رجلا سبًّا ، فأتي النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فقيل له : هو ذا هبار ، يُسَبُّ ولا يَسُبُّ ، فأتاه النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يمشي حتى قام عليه فقال : سب من سبك ، سب من سبك.(6/62)
1060- السائب بن أبي حبيش بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
وأُمُّه أم جميل بنت الفاكه بن المغيرة بن عبد الله بن عُمَر بن مخزوم ، فولد السائب بن أبي حبيش عبد الله ورقية ، وأمهما عاتكة بنت الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
وأسلم السائب يوم فتح مكة ، وكانت له سن عالية ، وقدم المدينة فبنى بها دارا كبيرة ، وأطعمه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بخيبر ثلاثين وسقا . ولا نعلمه روى عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم شيئا ، وقد روى عن عُمَر بن الخطاب ، ومات بالمدينة في خلافة معاوية بن أبي سفيان رحمه الله.(6/63)
- ومن بني عبد الدار بن قصي
1061- شيبة الحاجب بن عثمان ، وهو الأوقص بن أبي طلحة ، واسمه عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي.
وأُمُّه أم جميل بنت عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي.
فولد شيبة بن عثمان : عبد الله الأكبر وجبيرا وعبد الرحمن الأكبر ، وأم حجير وهي صفية لها بنو عبد الله بن خالد بن أسيد ، وأمهم أم عثمان ، وهي برة بنت سفيان بن سعيد بن قايف بن الأوقص السلمي . وعبد الله الأصغر ، وهو الأعجم ، وهو الذي ضرب في سببه خالد بن عبد الله . وعبد الملك بن شيبة وأمهما لبنى بنت شداد بن قيس بن الأوبر بن أبان بن صفوان بن ذراع من بني الحارث بن كعب. وعثمان وعبد الله ، وهو العنقزي ، وأمهما ابنة السائب بن أبي السائب بن عائذ بن عَمْرو بن مخزوم . وعبد الكريم والوليد لأم ولد ، وعبد ربه وعبد الرحمن الأصغر ، وأمهما ابنة أبي فروة بن الحجن بن المرقع الأزدي من غامد ، ومصعب بن شيبة ولم تسم لنا أمه ، ويقال : بل أم صفية بنت شيبة ، ريطة بنت عرفجة بن عَمْرو بن كرب بن صفوان بن الحارث بن شجنة السعدي.(6/63)
6785- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثنا عُمَر بن عثمان المخزومي ، عن عبد الملك بن عبيد . قال محمد بن عُمَر : وحدثنا خالد بن إلياس ، عن منصور بن عبد الرحمن الحجبي ، عن أمه ، وغيرها ، وعماد الحديث عن عُمَر بن عثمان ، قالوا : كان شيبة بن عثمان رجلا صالحا له فضل ، وكان يحدث عن إسلامه وما أراد الله به من الخير ويقول : ما رأيت أعجب مما كنا فيه من لزوم ما مضى عليه آباؤنا من الضلالات . ثم يقول : لما كان عام الفتح ودخل رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مكة عنوة ، قلت : أسير مع قريش إلى هوازن بحنين ، فعسى إن اختلطوا أن أصيب من محمد غرة فأثأر منه فأكون أنا الذي قمت بثأر قريش كلها . وأقول : لو لم يبق من العرب والعجم أحد إلا اتبع محمدا ما تبعته . فكنت مرصدا لما خرجت له ، لا يزداد الأمر في نفسي إلا قوة ، فلما اختلط الناس اقتحم رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عن بغلته ، وأصلت السيف فدنوت أريد ما أريد منه ، ورفعت سيفي حتى كدت أُسَوِّرُهُ ، فرفع لي شواظ من نار كالبرق كاد يمحشني ، فوضعت يدي على بصري خوفا عليه ،(6/64)
والتفت إلي رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فنادى : يا شيب ، ادن مني . فدنوت فمسح صدري ثم قال : اللهم أعذه من الشيطان . قال : فوالله لهو كان ساعتئذ أحب إلي من سمعي وبصري ونفسي ، وأذهب الله ما كان بي . ثم قال : ادن فقاتل. فتقدمت أمامه أضرب بسيفي ، الله يعلم أني أحب أن أقيه بنفسي كل شيء ، ولو لقيت تلك الساعة أبي لو كان حيا لأوقعت به السيف ، فجعلت ألزمه فيمن لزمه حتى تراجع المسلمون فكروا كرة رجل واحد ، وقربت بغلة رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فاستوى عليها ، فخرج في أثرهم حتى تفرقوا في كل وجه ، ورجع إلى معسكره فدخل خباءه ، فدخلت عليه ، ما دخل عليه غيري ، حبا لرؤية وجهه وسرورا به ، فقال : يا شيب ، الذي أراد بك الله خير مما أردت بنفسك . ثم حدثني بكل ما أضمرت في نفسي مما لم أكن أذكره لأحد قط . قال : فقلت : فإني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، ثم قلت : استغفر لي يا رسول الله ، فقال : غفر الله لك.(6/65)
6786- قال : أخبرنا هوذة بن خليفة قال : حدثنا عوف ، عن رجل ، من أهل المدينة قال : دعا النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عام الفتح شيبة بن عثمان فأعطاه المفتاح وقال له : دونك هذا ، فأنت أمين الله على بيته.
قال محمد بن سعد : فذكرت هذا الحديث لمحمد بن عُمَر فقال : هذا وهلٌ ، إنما أعطى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم المفتاح عثمان بن طلحة يوم الفتح ، وشيبة بن عثمان يومئذ لم يسلم ، وإنما أسلم بعد ذلك بحنين ، ولم يزل عثمان يلي فتح البيت إلى أن توفي ، فدفع ذلك إلى شيبة بن عثمان بن أبي طلحة وهو ابن عمه ، فبقيت الحجابة في ولد شيبة ، وخرج شيبة مع قريش إلى هوازن بحنين فأسلم هناك ، وهو أبو صفية بنت شيبة ، وبقي شيبة حتى أدرك يزيد بن معاوية.(6/65)
1062- النضير بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي ، ويكنى أبا الحارث.
وأُمُّه ابنة الحارث بن عثمان بن عبد الدار بن قصي ، وهو أخو النضر بن الحارث الذي قتله علي بن أبي طالب يوم بدر بالصفراء صبرا بأمر رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
فولد النضير : عطاء ونافعا والمرتفع وأمهم ابنة عبد العزى بن عبد الحارث ، وعاتكة ، وأمها ابنة أبي العداء ، فولد المرتفع بن النضير محمدا وهو الذي روى عنه ابن جريج وسفيان بن عيينة وغيرهما.(6/65)
6787- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن شرحبيل العبدري ، عن أبيه قال : كان النضير بن الحارث من أجمل الناس ، فكان يقول : الحمد لله الذي أكرمنا بالإسلام ومن علينا بمحمد صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، ولم نمت على ما مات عليه الآباء وقتل عليه الإخوة وبنو العم ، لم يكن بطن من قريش أعدى لمحمد منا قصرة ، فكنت أوضع مع قريش في كل وجه حتى كان عام الفتح ، ثم خرج رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إلى حنين فخرجت مع قومي من قريش وهم على دينهم بعد ، ونحن نريد إن كانت دبرة على محمد أن نعين عليه فلم يمكنا ذلك ، فلما صار بالجعرانة فوالله إني لعلى ما أنا عليه إن شعرت إلا برسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم تلقاني كفة كفة فقال : النضير ، قلت : لبيك قال : هذا خير مما أردت يوم حنين مما حال الله بينك وبينه . قال : فأقبلت إليه مسرعا ، فقال : قد أنى لك أن تبصر ما أنت فيه موضع . قلت : قد أرى أنه لو كان مع الله غيره لقد أغنى شيئا ، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : اللهم زده بيانا . قال النضير : فوالذي بعثه بالحق ، لكان قلبي حجرا ثباتا في الدين وبصيرة في الحق ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : الحمد لله الذي هداك.(6/66)
فقال النضير : فوالله ما أنعم الله على أحد نعمة أفضل مما أنعم به علي ، حيث لم أمت على ما مات عليه قومي . قال : ثم انصرف إلى منزله ونحن معه ، فلما رحل رجعت إلى منزلي فما شعرت إلا برجل من بني الدئل يقول : يا أبا الحارث ، قلت : ما تشاء ؟ قال : قد أمر لك رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بمائة بعير ، فأحذني منها ؛ فإني على دين محمد . قال النضير : فأردت أن لا آخذها وقلت : ما هذا من رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إلا تألفا لي ، ما أريد أرتشي على الإسلام . ثم قلت : والله ما طلبتها ولا سألتها ، وهي عطية من رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فقبضتها فأعطيت الدئلي منها عشرا.
ثم خرجت إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فجلست معه في مجلسه ، وسألته عن فرض الصلوات ومواقيتها ، وعن شرائع الإسلام ، ثم قلت : أي رسول الله بأبي أنت وأمي ، والله لأنت أحب إلي من نفسي ، فأرشدني أي الأعمال أحب إلى الله ؟ قال : الجهاد في سبيل الله والنفقة فيه.
وهاجر النضير إلى المدينة فلم يزل بها حتى خرج إلى الشام غازيا فحضر اليرموك وقتل يومئذ شهيدا في رجب سنة خمس عشرة في خلافة عُمَر بن الخطاب.(6/67)
1063- أبو السنابل بن بعكك بن الحارث بن السباق بن عبد الدار بن قصي.
وأُمُّه عمرة بنت أوس بن أبي عَمْرو من بني عذرة.
فولد أبو السنابل بن بعكك : مسلما.
وأُمُّه أم حميد بنت بجير بن أبي يزيد بن عامر بن الحارث بن السباق بن عبد الدار . وأسلم أبو السنابل يوم فتح مكة ، وهو الذي خطب سبيعة بنت الحارث الأسلمية بعد وفاة زوجها سعد بن خولة ، وبقي أبو السنابل بعد رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم زمانا.(6/67)
1064- يزيد بن أوس
حليف لبني عبد الدار بن قصي أسلم يوم فتح مكة ، وقتل يوم اليمامة شهيدا سنة اثنتي عشرة.(6/68)
1065- هند بن أبي هالة
واسم أبي هالة هند بن النباش بن زرارة بن وقدان بن حبيب بن سلامة بن عوي بن جروة بن أسيد بن عَمْرو بن تميم.
قدم أبو هالة هو وأخوه عوف وأنيس فحالفوا بني عبد الدار بن قصي بن كلاب وأقاموا معه بمكة ، وتزوج أبو هالة خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب ، فولدت له هندًا وهالة ، رجلين ، فمات هالة ، وأدرك هند الإسلام فأسلم ، وكان الحسن بن علي بن أبي طالب يحدث عنه ، يقول : حدثني خالي هند بن أبي هالة . وحكى عنه حديثا طويلا في صفة النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، حدثنا به أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي.(6/68)
- ومن بني زهرة بن كلاب
1066- مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب.
وأُمُّه رقيقة بنت أبي صيفي بن هاشم بن عبد مناف بن قصي.
فولد مخرمة : صفوان ، وبه كان يكنى وهو الأكبر ، والصلت والمسور وأم صفوان وأمهم عاتكة بنت عوف بن عبد عوف بن الحارث بن زهرة أخت عبد الرحمن بن عوف ، وكانت من المهاجرات ، وأمها الشفاء بنت عوف بن عبد الحارث بن زهرة وهي من المهاجرات أيضا . والصلت الأصغر والعطاف الأكبر والعطاف الأصغر لأمهات أولاد شتى ، ومحمدا ولم تسم لنا أمه.
وأسلم مخرمة بن نوفل عند فتح مكة ، وكان عالما بنسب قريش وأحاديثها ، وكانت له معرفة بأنصاب الحرم ، فكان عُمَر بن الخطاب يبعثه هو وسعيد بن يربوع أبو هود وحويطب بن عبد العزى ، وأزهر بن عبد عوف فيجددون أنصاب الحرم لعلمهم بها ، وكانوا يبدون في بواديها ، ثم بعثهم عثمان بن عفان حين ولي الخلافة فجددوا أنصاب الحرم إلا سعيد بن يربوع فإن بصره كان قد ذهب فلم يرسله معهم.(6/69)
6788- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثنا خالد بن إلياس ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، عن أبيه قال : ذهب بصر مخرمة بن نوفل في خلافة عثمان بن عفان ، وكان قبل ذلك فيمن يجدد أنصاب الحرم معرفة بها.(6/69)
6789- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثنا عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة قال : كان صفوان بن مخرمة بكر مخرمة وولد له وهو ابن خمس عشرة سنة ، وكان مع أصحاب الجميلة الذين طرقهم الطاعون بعُنازة فنجا صفوان فيمن نجا ، ثم توفي بعد ذلك ، وليس له عقب.
قال محمد بن عُمَر : شهد مخرمة بن نوفل مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يوم حنين وأعطاه من غنائم حنين خمسين بعيرا ، ورأيت عبد الله بن جعفر ينكر أن يكون مخرمة أخذ من ذلك شيئا وقال : ما سمعت أحدا من أهلي يذكر ذلك.(6/69)
6790- قال : أخبرنا محمد بن معاوية النيسابوري قال : حدثنا عبد الله بن جعفر قال : حدثتنا أم بكر بنت المسور ؛ أن النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قسم قسما فأخطأ ذلك مخرمة ، فقال له مخرمة : أي رسول الله ، ما كنت أرى أن تقسم في قريش قسما فيخطئني . قال : فإني فاعل يا خال إذا جاءني شيء . قال : فما لبث أن جاءه قباء من ديباج أو حرير مزرور بالذهب ، فوضعه بين يديه فجعل كلما جاءه إنسان يخشى أن يسأله قال : هذا لخالي مخرمة حتى جاء مخرمة فأعطاه.(6/70)
6791- قال : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي ، عن أيوب ، عن عبد الله بن أبي مليكة أن النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أهديت له أقبية من ديباج مزرورة بالذهب ، فقسمها في أصحابه ، وعزل منها واحدا لمخرمة ، فلما جاءه قال : خبأت لك هذا ، وكان في خلقه شيء.(6/70)
6792- قال : أخبرنا عارم بن الفضل قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن ابن أبي مليكة قال : جيء إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بأقبية من ديباج مزرورة بالذهب ، فقسمها بين أصحابه ، فبلغ ذلك مخرمة بن نوفل فجاء بابنه معه يسوقه ، فقال : ادخل ادعه لي . فسمع النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كلامه فخرج بقباء منها مستقبله بأزراره فقال : يا أبا المسور ، خبأت هذا لك ، خبأت هذا لك.
قال محمد بن عُمَر : ومات مخرمة بالمدينة سنة أربع وخمسين في خلافة معاوية بن أبي سفيان ، وكان يوم مات ابن مائة وخمس عشرة.(6/70)
1067- أزهر بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة.
وأُمُّه عاتكة بنت عبد العزى بن ضبيس بن جابر من بني الحارث بن فهر ، فولد أزهر بن عبد عوف المطلب وطليبا وكانا من مهاجرة الحبشة وبها ماتا جميعا قبل الهجرة إلى المدينة ، وعبد الرحمن بن أزهر وسليمان وخديجة الكبرى ، وأمهم البكيرة بنت عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي ، وعبد الله وخديجة الصغرى ولم تسم لنا أمهما.
وأسلم أزهر بن عبد عوف يوم فتح مكة ، وكان عُمَر بن الخطاب يبعثه فيجدد أنصاب الحرم هو ومخرمة بن نوفل وسعيد بن يربوع وحويطب بن عبد العزى ، ثم بعثهم عثمان حين ولي الخلافة فجدد أنصاب الحرم أيضا إلا سعيد بن يربوع فإن بصره كان قد ذهب.(6/71)
1068- عبد الله بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب.
وأُمُّه ابنة مقيس بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم ، وهو أخو عبد الرحمن بن عوف لأبيه . وأسلم يوم فتح مكة. وله دار بالمدينة وبها مات.
فولد عبد الله : طلحة الجود ، وهو الذي روى عنه الزهري ، وأبا عبيدة وعمر وأم إبراهيم وأم عثمان ، وأمهم فاطمة بنت مطيع بن الأسود من بني عدي بن كعب (1)، وعبد الرحمن.
وأُمُّه ابنة أبي وجرة بن أبي عَمْرو بن أُمَية بن عبد شمس ، وأم الفضل ، وأمها أميمة بنت الأسود بن عَمْرو من بني مالك بن حسل بن عمر بن لؤي ، وأم موسى ، وأمها صفية بنت نقيدة بن مالك بن مؤمل من خزاعة ، وأم العباس بنت عبد الله تزوجها هاشم بن عتبة بن أبي وقاص الأعور.
_حاشية__________
(1) تصحف في المطبوع إلى : "من بني عدي كعب".(6/72)
1069- حَمْنَن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة.
وأُمُّه أم مقيس بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم.
أسلم عام الفتح ، وعاش مائة وعشرين سنة ، ستين سنة في الجاهلية وستين سنة في الإسلام ، ولم يهاجر ولم يدخل المدينة قط حتى مات ، ومات أيام ابن الزبير ، وأوصى إلى عبد الله بن الزبير ، ومات بمكة ، وهو الذي يقول له الشاعر :
فيا عَجَبًا إِذا لم تُفَقِّئ عيونُها ... نساءُ بني عَوْفٍ وقد مات حَمْنَنُ
وكان له إخوة : لأى وقريط وزهير وأبو عَمْرو بنو عوف ، ولم يذكروا لنا في شيء .
فولد حَمْنَن عياضا.
وأُمُّه (أم) (1) جُعَيْل ، أو أم حبيب بنت أبي الأخنس بن حذافة بن قيس بن عدي السهمية ، والمعتمر وعياضا الأصغر وأمهما الدؤلية ، ومن ولد حمنن القاسم بن محمد بن المعتمر بن عياض بن حمنن الذي كان في الصحابة أيام هارون أمير المؤمنين.
_حاشية__________
(1) ما بين المعقوفتين لم يرد في المطبوع.(6/72)
1070- عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب . وأمه أميمة بنت حرب بن أبي همهمة بن عبد العزى بن عامرة بن عميرة بن وديعة بن الحارث بن فهر.
فولد عبد الله بن الأرقم : عمرا.
وأُمُّه خالدة بنت الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة ، وزينب ، وأمها أم ولد من أهل اليمامة سوداء . وأسلم عبد الله بن الأرقم يوم فتح مكة ، وأطعمه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بخيبر خمسين وسقا ، وكان يكتب لرسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ولأبي بكر.(6/72)
6793- قال : أخبرنا مطرف بن عبد الله اليساري قال : حدثنا مالك بن أنس قال : بلغني أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كتب إليه كتاب فقال : من يجيب ؟ فقال ابن الأرقم : أنا . فأجاب عنه ، ثم أتي به إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فأعجبه وأنفذه ، فكان عُمَر بن الخطاب يعجبه ذلك ويقول : أصاب ما أراد رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فلم يزل ذلك في قلبه حتى لما ولي عُمَر استعمله على بيت المال ، وقال عُمَر : ما رأيت أحدا أخشى لله منه.(6/73)
6794- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور ، عن أبيها قال : وَلَّى عُمَر بن الخطاب بيت مال المسلمين عبد الله بن الأرقم الزهري ، وكان عُمَر يستسلف من بيت المال ، فإذا خرج العطاء جاءه عبد الله بن الأرقم فيتقاضاه فيقضيه ، فلما ولِيَ عثمان أقر عبد الله بن الأرقم على بيت مال المسلمين ، فكان يستسلف منه ثم يقضيه كالذي كان يصنع عُمَر بن الخطاب ، ثم اجتمع عند عثمان مال كثير ، وحضر خروج العطاء ، فقال له عبد الله بن الأرقم : أد المال الذي استسلفت ، فقال له عثمان : ما أنت وذاك ، إنما أنت خازني . فخرج عبد الله بن الأرقم حتى وقف على المنبر فصاح : يا ناس ، فاجتمعوا . فأخبرهم بما قال عثمان ، وقال : هذه مفاتيح بيت مالكم.(6/73)
6795- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني شرحبيل بن أبي عون ، عن أبيه ، عن المسور بن مخرمة قال : أخبر عبد الله بن الأرقم عبد الرحمن بن عوف بما قال له عثمان ، فخرج عبد الرحمن فدخل على عثمان فقال : لئن كان المال لك إن في عبيدك لمن كان يخزن لك ، وإن كان المال للمسلمين فإنما عبد الله خازن المسلمين وأمينهم ، ثم خرج مغضبا وقال لعبد الله بن الأرقم : اردد إلى الناس مفاتيحهم ، فلما صلى الناس العصر نادى عبد الله بن الأرقم : أيها الناس ، هذا مفتاح بيت مالكم . وعلقه برمانة المنبر ، وانصرف إلى بيته . فأرسل عثمان إلى عبد الرحمن بن عوف يسأله أن يكلم عبد الله بن الأرقم أن يقبل المفتاح ، وأمر لعبد الله بن الأرقم بمال ، فأبى عبد الرحمن بن عوف أن يكلمه ، وأبى عبد الله بن الأرقم أن يقبل ذلك المال ، فمكث المفتاح معلقا برمانة المنبر حتى صلى عثمان العشاء ، فأمر زيد بن ثابت أن يجلس عند المفتاح ويرقبه ألا يصل إليه أحد ، فلما كان الليل وتفرق الناس إلى بيوتهم انقلب به زيد إلى بيته.(6/73)
6796- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني معمر بن راشد ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عَمْرو بن حزم قال : لما رد عبد الله بن الأرقم المفتاح استخزن عثمان زيد بن ثابت.(6/74)
1071- هاشم بن عتبة بن أبي وقاص بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة.
وأُمُّه ابنة خالد بن عبيد بن سويد بن جابر بن تميم بن عامر بن عوف بن الحارث بن عبد مناة بن كنانة حليفهم.
فولد هاشم بن عتبة : عبد الرحمن وعبد الله وعبد الملك ، وأمهم أميمة بنت عوف بن سخيرة بن خزيمة بن علاثة بن مرة بن جشيم بن الأوس بن عامر بن النمر بن عثمان بن نضر بن زهران من الأزد ، وإسحاق وأم الحكم ، وأمهما أم إسحاق بنت سعد بن أبي وقاص ، وبشيرا وأمه السيدة بنت قيس بن حسان بن عبد عَمْرو بن مرثد بن بشير بن عبد بن مرثد ، وهاشمًا بن هاشم وأمه أم ولد.
وأسلم هاشم بن عتبة يوم فتح مكة ، وهو المِرْقَال ، قال : وكان أعور ، فقئت عينه يوم اليرموك ، وشهد صفين مع علي بن أبي طالب ، وهو الذي يقول :
أعور يبغي أهله محلاّ ... قد عالج الحياة حتى ملاّ
لا بد أن يفل أو يفلاّ
قال : فقتل يوم صفين.(6/74)
1072- نافع بن عتبة بن أبي وقاص بن أهيب بن زهرة.
وأُمُّه ابنة خالد بن عبيد بن سويد بن جابر بن تيم بن عامر بن عوف بن الحارث بن عبد مناة بن كنانة حليفهم.
فولد نافع بن عتبة : هاشما ومالكا وهند ، وأمهم ليلي بنت خالد بن عرفطة من بني عذرة حليفهم ، وعروة وأمه أم البنين بنت أكال البعر ، وهو عَمْرو بن المصاب بن كعب بن عامر من بني عبد بن أبي بكر بن كلاب ، ومحمدا وأمه ابنة معاوية بن عَمْرو بن قيس بن نبيشة بن حبيب من بني عصية بن مالك من بني سليم ، وعمران لأم ولد.
وكان نافع بن عتبة كبيًرا شهد أُحدًا مع أبيه مشركا ثم أسلم بعد ذلك يوم الفتح ، وله يقول أبو سفيان بن حرب (...) (1)، وقد روى نافع عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أحاديث.
_حاشية__________
(1) مما لا شك فيه أن هنا سقطا.(6/75)
1073- عبد الله بن وهب
الزهري ، أسلم يوم الفتح وأطعمه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وابنيه بخيبر تسعين وسقا ، له خمسين وسقا ولابنيه أربعين وسقا.(6/76)
1074- العلاء بن جارية بن عبد الله بن أبي سلمة بن عبد العزى بن غيرة بن ثقيف حليف بني زهرة بن كلاب ، أسلم يوم فتح مكة ، وشهد مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حنينا ، وأعطاه من غنائم حنين خمسين بعيرا.(6/76)
1075- أسيد بن جارية
الثقفي حليف بني زهرة بن كلاب ، أسلم يوم فتح مكة ، وشهد مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حنينا ، وأعطاه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم من غنائم حنين مائة من الإبل.(6/76)
1076- حَيُّ بن جارية
الثقفي حليف بني زهرة بن كلاب ، أسلم يوم فتح مكة ، وقتل يوم اليمامة شهيدا سنة اثنتي عشرة.(6/76)
1077- الأخنس بن شريق
واسمه أبي بن شريق بن عَمْرو بن وهب بن علاج ، واسمه عمير بن أبي سلمة بن عبد العزى بن غيرة بن عوف بن ثقيف حليف بني زهرة بن كلاب ، وكان اسمه أبيا . فلما أشار على بني زهرة بن كلاب بالرجوع إلى مكة حين توجهوا بالنفير إلى بدر ليمنعوا العير فقبلوا منه فرجعوا ، فقيل خنس بهم ، فسمي الأخنس يومئذ.(6/77)
6797- قال : أخبرنا محمد بن عبيد قال : حدثني زكريا بن أبي زائدة قال : سئل عامر عن الزنيم ، قال : هو الرجل يكون له الزنمة من الشر يعرف بها ، وهو رجل من ثقيف يقال له الأخنس بن شريق.
قال محمد بن عُمَر : وأسلم الأخنس بن شريق يوم فتح مكة ، وشهد مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حنينا ، وأعطاه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مع المؤلفة قلوبهم ، وتوفي في أول خلافة عُمَر بن الخطاب ، ولم يحفظ عنه شيء عن النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.(6/77)
1078- وابنه : المغيرة بن الأخنس.
وأُمُّه خالدة بنت أبي العاص بن أُمَية بن عبد شمس عمة عثمان بن عفان ، وكان المغيرة مع عثمان في الدار وكان يشبه بعثمان فخرج على أهل مصر ومن كان يحصر عثمان فظنوا أنه عثمان فحملوا عليه فقتلوه ، وللمغيرة بن الأخنس اليوم بقية وعقب.(6/77)
- ومن بني مرة بن كعب بن لؤي
1079- أبو قحافة
واسمه عثمان بن عامر بن عَمْرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي.
وأُمُّه قيلة بنت أذاة بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي.
فولد أبو قحافة أبا بكر الصديق وعبد الله ، وأمهما أم الخير بنت صخر بن عامر بن كعب ، وأم فروة تزوجها الأشعث بن قيس الكندي فولدت له محمدا وإسحاق وإسماعيل ، وحبانة وقريبة بنت الأشعث ، وأم عامر بنت أبي قحافة تزوجها عامر بن أبي وقاص فولدت له ضعيفة ، وقريبة بنت أبي قحافة ، تزوجها قيس بن سعد بن عبادة فلم تلد ، وأمهم جميعا هند بنت نقيد بن بجير بن عبد بن قصي ، وأمها أم فروة بنت أبي جندب بن رواحة من هذيل.(6/78)
6798- قال : أخبرنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن محمد بن إسحاق قال : حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أسماء بنت أبي بكر قالت : لما دخل رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مكة واطمأن وجلس في المسجد أتاه أبو بكر بأبي قحافة ، فلما رآه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قال : يا أبا بكر ، ألا تركت الشيخ حتى أكون أنا الذي أمشي إليه ؟ قال : يا رسول الله ، هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي إليه . فأجلسه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بين يديه ، ووضع يده على قلبه ، وقال : يا أبا قحافة ، أسلم تسلم . قال : فأسلم وشهد بشهادة الحق . قال : وأدخل عليه ورأسه ولحيته كأنه ثغامة ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : غيروا هذا الشيب ، وجنبوه السواد.(6/78)
6799- قال : أخبرنا كثير بن هشام قال : حدثنا جعفر بن برقان قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن علاثة ، عن هشام بن حسان قال : لما فتحت مكة جاء أبو بكر بأبيه يحمله حتى بايع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : ألا كنت تركت الشيخ في منزله حتى نكون نحن الذي نأتيه ؟ وكأن رأسه ثغامة ، فقال : غير هذا البياض وجنبه السواد.(6/79)
6800- قال : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي ، عن ليث ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : جيء بأبي قحافة يوم الفتح وكأن رأسه ثغامة ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : اذهبوا به إلى بعض نسائه فليغيرنه ، وجنبوه السواد.(6/79)
6801- قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا إسرائيل ، عن عيسى بن أبي عزة ، عن عامر قال : أتي النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بأبي قحافة فقالوا : إنه قد أسلم ، أشعث أبيض الرأس ، فقال النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : غيروا رأسه ولحيته ، وخالفوا اليهود ، قالوا : بم يا رسول الله ؟ قال : بالحناء والكتم.(6/79)
6802- قال : أخبرنا معن بن عيسى قال : حدثنا عبد الله بن المؤمل ، عن عكرمة بن خالد قال : أتي بأبي قحافة إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وكأن رأسه ثغامة ، فبايعه ، ثم قال : غيروا رأس الشيخ بالحناء.(6/79)
6803- قال : أخبرنا معن بن عيسى قال : حدثنا شعيب بن طلحة ، عن أبيه ، أن أبا بكر ، أتى بأبي قحافة إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يوم الفتح فأسلم عنده ، فقال : غيروه بحناء يعني رأسه.
6804- قال : أخبرنا الحسن بن موسى قال : حدثنا زهير ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : أتي بأبي قحافة ، أو جاء عام الفتح ورأسه ولحيته مثل الثغام ، أو الثغامة قال : فأمر به إلى نسائه ، فقال : غيروا هذا الشيب . قلت لأبي الزبير : (أ)قال : جنبوه السواد ؟ قال : لا.(1)
_حاشية__________
(1) مسند أحمد 3/338 وما بين الحاصرتين منه.(6/79)
6805- قال : أخبرنا عَمْرو بن الهيثم أبو قطن قال : حدثني أبو حنيفة ، عن يزيد بن عبد الرحمن ، عن أنس قال : كأنما أنظر إلى لحية أبي قحافة كأنها ضرام عرفج.
قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : مات أبو قحافة في المحرم سنة أربع عشرة من الهجرة في خلافة عُمَر بن الخطاب ، وكان يوم مات ابن سبع وتسعين سنة.(6/80)
1080- المهاجر بن قنفذ بن عمير بن جدعان بن عَمْرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة.
وأُمُّه هند بنت الحارث بن مسروق من بني غنم بن مالك بن كنانة ، واسم المهاجر عَمْرو ، واسم قنفذ خلف.
فولد المهاجر : محمدا ، وزيدا ، ومعاذا ، وعمر لا بقية له ، وحمزة ، وزينب ، وأمهم زبينة بنت بعاج بن الحجاج بن زياد . وأسلم المهاجر يوم فتح مكة.(6/80)
6806- قال : أخبرنا روح بن عبادة قال : حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن الحضين أبي ساسان الرقاشي ، عن المهاجر بن قنفذ قال : أتيت النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وهو يتوضأ فسلمت عليه فلم يرد علي ، فلما توضأ قال : إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كنت على غير وضوء.(6/80)
6807- قال : أخبرنا عفان بن مسلم قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن ، عن المهاجر بن قنفذ ، أن النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كان يبول ، أو قد بال ، فسلمت عليه فلم يرد علي حتى توضأ ، ثم رد علي.
قال محمد بن عُمَر : كان زيد بن المهاجر قد أدرك عُمَر ، وَرَوَى عنه ، وقال : كنا نصلي مع عُمَر الجمعة وإنا لنتمارى في فيِّ الغداة وفرض معاوية بن أبي سفيان لمحمد بن زيد بن المهاجر في المحتلمة ، وقد روى عنه ، ولهم دار بالمدينة على بطحان.(6/80)
6808- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني هشام بن سعد ، عن محمد بن زيد بن المهاجر ، عن جده ، أن عطاءه كان زمن عثمان أربعة آلاف ، وأن عثمان فرض للناس لمثله هكذا.(6/81)
1081- عبد الرحمن بن معاذ بن عثمان بن عَمْرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة.
وأُمُّه هند بنت عروة بن مالك بن ربيعة بن رياح بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر ، وكان يقال لجده عثمان بن عَمْرو بن كعب شارب الذهب ، لكثرة إنفاقه وإطعامه.
فولد عبد الرحمن بن معاذ : معاذا.
وأُمُّه من بني جذيمة.(6/81)
6809- قال : أخبرنا عبد الله بن عَمْرو أبو معمر المنقري قال : حدثنا عبد الوارث بن سعيد ، مولى بني العنبر قال : حدثنا حميد بن قيس المكي ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي قال ، وكان من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قال : خطبنا رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ونحن بمنى قال : ففتحت أسماعنا ، حتى إن كنا لنسمع ما يقول ونحن في منازلنا قال : فطفق يعلمهم مناسكهم حتى بلغ الجمار ، فقال : بحصى الخذف ، ووضع إصبعيه السبابتين إحداهما على الأخرى ، ثم أمر المهاجرين أن ينزلوا في مقدم المسجد ، وأمر الأنصار أن ينزلوا وراء المسجد ، ثم نزل الناس بعد.(6/81)
6810- قال : أخبرنا علي بن عبد الله بن جعفر قال : حدثنا سفيان ، عن حميد الأعرج ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن رجل من قومه من بني تيم يقال له : معاذ ، أو ابن معاذ ، قال : سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بمنى ، ونزل الناس ، فقال : ينزل المهاجرون ها هنا ، وينزل الأنصار ها هنا . قال : وعلمنا مناسكنا ، ففتح الله أسماعنا حتى إنا لنسمع كلامه ونحن في رحالنا ، فكان فيما قال أن قال : ارموا الجمرة بمثل حصا الخذف.(6/82)
1082- عتاب بن سليم بن قيس بن خالد بن مدلج بن أبي الحشر بن خالد بن عبد مناف بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة.
وأُمُّه عمرة بنت رياح من الأزد.
أسلم يوم فتح مكة ، وقتل يوم اليمامة شهيدا سنة اثنتي عشرة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.(6/82)
- ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي
1083- الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عَمْرو بن مخزوم.
وأُمُّه أسماء بنت مخربة بن جندل بن أبير بن نهشل بن دارم من بني تميم.
فولد الحارث بن هشام : عبد الرحمن ، وأم حكيم ، تزوجها عكرمة بن أبي جهل بن هشام بن المغيرة ، ثم خلف عليها عُمَر بن الخطاب رحمة الله عليه ، فولدت له فاطمة ، وأمها فاطمة بنت الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عُمَر بن مخزوم ، وأبا سعيد وفاطمة ، وأمهما ابنة ضمرة بن ضمرة بن جابر بن قطن بن نهشل بن دارم وقريبة بنت الحارث بن هشام ، تزوجها الحارث بن معاذ أخو سعد بن معاذ الأنصاري ، ودرة بنت الحارث ، وأمهما أم عبد الله بنت الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي ، وحنتمة بنت الحارث ، تزوجها عبد الرحمن بن أُمَية التميمي فولدت له فاختة.(6/83)
6811- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني سليط بن مسلم ، عن عبد الله بن عكرمة قال : لما كان يوم الفتح دخل الحارث بن هشام وعبد الله بن أبي ربيعة على أم هانئ بنت أبي طالب فاستجارا بها ، وقالا : نحن في جوارك ، فأجارتهما . فدخل عليها علي بن أبي طالب فنظر إليهما فشهر عليهما السيف ، قالت : فألقيت عليهما (ثوبا) فاعتنقته وقلت : تصنع هذا بي من بين الناس ، لتبدأن بي قبلهما . قال : تجيرين المشركين ؟ فخرج ولم يكد ، فأتيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فقلت : يا رسول الله ، ما لقيت من ابن أمي علي ، ما كدت أفلت منه ، أجرت حموين لي من المشركين ، فتفلت عليهما ليقتلهما . فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : ما كان ذلك له ، قد أجرنا من أجرت ، وأمنا من أمنت.(6/83)
فرجعت إليهما فأخبرتهما ، فانصرفا إلى منازلهما . فقيل لرسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : الحارث بن هشام وعبد الله بن أبي ربيعة جالسان في ناديهما متفضلان في المُلاَء المزعفر ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : لا سبيل إليهما ، قد أمَّنَّاهما.
قال الحارث بن هشام : وجعلت أستحي أن يراني رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وأذكر رؤيته إياي في كل موطن موضعا مع المشركين ، ثم أذكر بره ورحمته وصلته ، فألقاه وهو داخل المسجد ، فتلقاني بالبشر ووقف حتى جئته ، فسلمت عليه وشهدت شهادة الحق ، فقال : الحمد لله الذي هداك ، ما كان مثلك يجهل الإسلام . قال الحارث بن هشام : فوالله ما رأيت مثل الإسلام جهل.
قال محمد بن عُمَر : وشهد الحارث بن هشام مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حنينا ، وأعطاه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم من غنائم حنين مائة من الإبل.(6/84)
6812- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : أخبرني الضحاك بن عثمان قال : أخبرني عبد الله بن عبيد بن عمير قال : سمعت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، يحدث أبي ، عن أبيه ، قال : رأيت رسول الله في حجته وهو واقف على راحلته وهو يقول : والله إنك لخير أرض الله إلي ، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت . قال : فقلت ولم أنثن : يا ليتنا لم نفعل ، فارجع إليها فإنها منبتك ومولدك . فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : إني سألت ربي فقلت : اللهم إنك أخرجتني من أحب أرضك إلي فأنزلني أحب أرضك إليك ، فأنزلني المدينة.
قال محمد بن عُمَر : قال أصحابنا : ولم يزل الحارث بن هشام مقيما بمكة بعد أن أسلم حتى توفي رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وهو غير مغموص عليه في إسلامه ،(6/84)
فلما جاء كتاب أبي بكر الصديق يستنفر المسلمين إلى غزوة الروم ، قدم الحارث بن هشام وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عَمْرو على أبي بكر الصديق المدينة ، فأتاهم في منازلهم ، فرحب بهم وسلم عليهم وسر بمكانهم ، ثم خرجوا مع المسلمين غزاة إلى الشام ، فشهد الحارث بن هشام فحل وأجنادين ومات بالشام في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة ، فتزوج عُمَر بن الخطاب ابنته أم حكيم بنت الحارث ، وهي أخت عبد الرحمن بن الحارث ، فكان عبد الرحمن بن الحارث يقول : ما رأيت ربيبا خيرا من عُمَر بن الخطاب . وكان عبد الرحمن بن الحارث من أشراف قريش والمنظور إليه ، وله دار بالمدينة ربة ، يعني كبيرة كثيرة الأهل.(6/85)
1084- عكرمة بن أبي جهل
واسمه عَمْرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عُمَر بن مخزوم.
وأُمُّه أم مجالد بنت يربوع من بني هلال بن عامر.
6813- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن موسى بن عقبة ، عن أبي حبيبة ، مولى الزبير ، عن عبد الله بن الزبير قال : لما كان يوم فتح مكة هرب عكرمة بن أبي جهل إلى اليمن ، وخاف أن يقتله رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وكانت امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام امرأة لها عقل ، وكانت قد اتبعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فجاءت إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فقالت : إن ابن عمي عكرمة قد هرب منك إلى اليمن وخاف أن تقتله فأمنه قال : قد أمنته بأمان الله ، فمن لقيه فلا يعرض له . فخرجت في طلبه فأدركته في ساحل من سواحل تهامة ، وقد ركب البحر ، فجعلت تلوح إليه وتقول : يا ابن عمي ، جئتك من عند أوصل الناس وأبر الناس وأخير الناس ، فلا تهلك نفسك ، وقد استأمنت لك منه فأمنك ، فقال : أنت فعلت ذلك ؟ قالت : نعم ، أنا كلمته فأمنك . فرجع معها.
فلما دنا من مكة قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لأصحابه : يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنا مهاجرا ، فلا تسبوا أباه فإن سب الميت يؤذي الحي ولا يبلغ الميت.(6/85)
قال : فقدم عكرمة فانتهى إلى باب رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وزوجته معه منتقبة . قال : فاستأذنت على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فدخلت فأخبرت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بقدوم عكرمة فاستبشر ووثب قائما على رجليه ، وما على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم رداء فرحا بعكرمة ، وقال : أدخليه ، فدخل فقال : يا محمد ، إن هذه أخبرتني أنك أمنتني ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : صدقت فأنت آمن . قال عكرمة : فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأنك عبد الله ورسوله ، وقلت : أنت أبر الناس ، وأصدق الناس ، وأوفى الناس ، أقول ذلك وإني لمطأطئ الرأس استحياء منه ، ثم قلت : يا رسول الله ، استغفر لي كل عداوة عاديتكها أو مركب أوضعت فيه أريد به إظهار الشرك ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : اللهم اغفر لعكرمة كل عداوة عادانيها ، أو منطق تكلم به ، أو مركب أوضع فيه يريد أن يصد عن سبيلك.
فقلت : يا رسول الله ، مرني بخير ما تعلم فأعلمه قال : قل : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وجاهد في سبيله ، ثم قال عكرمة : أما والله يا رسول الله لا أدع نفقة كنت أنفقها في صد عن سبيل الله إلا أنفقت ضعفها في سبيل الله ، ولا قتالا كنت أقاتل في صد عن سبيل الله إلا أبليت ضعفه في سبيل الله . ثم اجتهد في القتال حتى قتل شهيدا يوم أجنادين في خلافة أبي بكر الصديق ، وقد كان رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم استعمله عام الحج على هوازن يصدقها ، فتوفي رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وعكرمة يومئذ بتبالة.(6/86)
6814- قال : أخبرنا معن بن عيسى قال : حدثنا مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام ، كانت تحت عكرمة بن أبي جهل ، فأسلمت يوم الفتح بمكة ، وهرب زوجها عكرمة بن أبي جهل من الإسلام حتى قدم اليمن ، فارتحلت أم حكيم حتى قدمت على زوجها باليمن ، ودعته إلى الإسلام ، فأسلم وقدم على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عام الفتح ، فلما رآه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وثب إليه فرحا وما عليه رداء حتى بايعه ، فثبتا على نكاحهما ذلك.(6/86)
6815- قال : أخبرنا عارم بن الفضل قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن ابن أبي مليكة قال : لما كان يوم الفتح ركب عكرمة بن أبي جهل البحر هاربا ، فخب بهم البحر فجعلت الصراري يدعون الله ويوحدونه ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : هذا مكان لا ينفع فيه إلا الله . قال : فهذا إله محمد الذي يدعونا إليه ، فارجعوا بنا ، فرجع فأسلم ، وكانت امرأته أسلمت قبله فكانا على نكاحهما.(6/87)
6816- قال : أخبرنا موسى بن مسعود أبو حذيفة النهدي قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن مصعب بن سعد ، عن عكرمة بن أبي جهل قال : قال النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يوم جئته : مرحبا بالراكب المهاجر ، مرحبا بالراكب المهاجر . قلت : يا رسول الله ، لا أدع نفقة أنفقتها عليك إلا أنفقت مثلها في سبيل الله.(6/87)
6817- قال : أخبرنا أبو سهل قال : حدثنا داود ، عن هشام بن يحيى المخزومي قال : قال شيخ لنا : لما قدم عكرمة بن أبي جهل المخزومي المدينة جعل الناس يتناذرون : هذا ابن أبي جهل ، هذا ابن أبي جهل ، فانطلق موائلا حتى دخل على أم سلمة زوج النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قال : فقالت له أم سلمة : ما لك ؟ وما شأنك ؟ قال : ما شأني ؟ لا أخرج في طريق ولا سوق إلا تَنَادَوا بي : هذا ابن أبي جهل ، هذا ابن أبي جهل . قال : ودخل رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في خلال ذلك ، فذكرت ذلك له أم سلمة ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في مقالته : ما بال أقوام يؤذون الأحياء بشتم الأموات ، ألا لا تؤذوا الأحياء بشتم الأموات.(6/87)
6818- قال : أخبرنا سليمان بن حرب ، وعارم بن الفضل قالا : حدثنا حماد بن زيد : عن أيوب ، عن عبد الله بن أبي مليكة ؛ أن عكرمة بن أبي جهل كان إذا اجتهد في اليمين قال : لا والذي نجاني يوم بدر.(6/88)
6819- قال : أخبرنا سليمان بن حرب قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن ابن أبي مليكة ؛ أن عكرمة بن أبي جهل ، كان يضع المصحف على وجهه ويقول : كتاب ربي ، كتاب ربي.(6/88)
6820- قال : أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال : حدثني أبو يونس القشيري قال : حدثني حبيب بن أبي ثابت ، أن الحارث بن هشام ، وعكرمة بن أبي جهل ، وعياش بن أبي ربيعة ، ارْتُثُّوا يوم اليرموك ، فدعا الحارث بماء يشربه فنظر إليه عكرمة ، فقال الحارث : ادفعوه إلى عكرمة ، فنظر إليه عياش بن أبي ربيعة ، فقال عكرمة : ادفعوه إلى عياش ، فما وصل إلى عياش ولا إلى أحد منهم حتى ماتوا وما ذاقوه.
قال محمد بن سعد : فذكرت هذا الحديث لمحمد بن عُمَر فأنكره وقال : هذا وهم ، روايتنا عن أصحابنا جميعا من أهل العلم والسيرة أن عكرمة بن أبي جهل قتل يوم أجنادين شهيدا في خلافة أبي بكر الصديق ، ولا خلاف بينهم في ذلك ، وأما عياش بن أبي ربيعة فمات بمكة ، وأما الحارث بن هشام فمات بالشام في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة ، وليس لعكرمة بن أبي جهل عقب.(6/88)
1085- عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عُمَر بن مخزوم.
وأُمُّه أسماء بنت مخربة بن جندل بن أبير بن نهشل بن دارم ، وهي أم أبي جهل والحارث بن هشام.
فولد عبد الله بن أبي ربيعة : عبد الرحمن.
وأُمُّه ليلي بنت عطارد بن حاجب بن زرارة بن عدس بن زيد بن عبد الله بن دارم ، وعمر هو الشاعر لأم ولد. والحارث لأم ولد ، وعمرة وأم حكيم ، وأمهما ريحانة بنت أبرهة بن الصباح ، وفاطمة وأم الجلاس لأم لم تسم لنا.
وأسلم عبد الله بن أبي ربيعة يوم فتح مكة ، وكان اسمه بحير ، فلما أسلم سماه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عبد الله.(6/89)
6821- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : أَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَامَ الْفَتْحِ ، فَاسْتَسْلَفَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ أَرْبَعِينَ أَلْفِ دِرْهَمٍ ، فَأَعْطَاهُ ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ هَوَازِنَ ، وَغَنَّمَهُ أَمْوَالَهَا ، رَدّهَا ، وَقَالَ : إِنّمَا جَزَاءُ السّلَفِ الْحَمْدُ وَالأَدَاءُ . وَقَالَ : بَارَكَ اللَّهُ لَك فِي مَالِك وَوَلَدِك.(6/89)
6822- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الله بن جعفر ، عن أبي عون قال : لما كان من أمر عَمْرو بن العاص وعمارة بن الوليد بن المغيرة ما كان بأرض الحبشة ، وصنع النجاشي بعمارة ما صنع ، وأمر السواحر فنفخن في إحليله فخرج بها هاربا مع الوحش ، فلم يزل بأرض الحبشة حتى كانت خلافة عُمَر بن الخطاب ، فخرج إليه عبد الله بن أبي ربيعة ، وكان اسمه قبل أن يسلم بحيرا ، فسماه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حين أسلم عبد الله ، فرصده على ماء بأرض الحبشة كان يرده مع الوحش ، فأقبل في حمر من حمر الوحش ليرد معها ، فلما وجد ريح الإنس هرب ، حتى إذا أجهده العطش ورد فشرب حتى تملأ ، وخرجوا في طلبه قال عبد الله بن أبي ربيعة : فسبقت فالتزمته ، فجعل يقول : يا بحير يا بحير أرسلني ، إني أموت إن أمسكوني . قال عبد الله : وضبطته في يدي فمات مكانه ، فواريته ثم انصرفت ، وكان شعره قد غطى كل شيء منه.(6/89)
6823- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الحميد بن جعفر ، وعبد الله بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر ، عن ربيع بنت معوذ ، قالت : كان عُمَر بن الخطاب قد استعمل عبد الله بن أبي ربيعة على اليمن ، فكان يبعث إلى أمه أسماء بنت مخربة وهي أم أبي جهل بعطر من اليمن ، فكانت تبيعه إلى الأعطية فكنا نشتري منها.(6/90)
6824- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني كثير بن زيد ، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب ، وأبي جعفر قالا : قال عُمَر لأهل الشورى : إن اختلفتم دخل عليكم معاوية بن أبي سفيان من الشام ، وبعده عبد الله بن أبي ربيعة من اليمن ، فلا يريان لكم فضلا إلا بسابقتكم.(6/90)
6825- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني كثير بن زيد ، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال : قال لهم عُمَر : إن هذا الأمر لا يصلح للطلقاء ، ولا لأبناء الطلقاء ، فإن اختلفتم فلا تظنوا أن عبد الله بن أبي ربيعة عنكم غافلا.(6/90)
6826- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة ، عن أبيه قال : قال عبد الله بن أبي ربيعة : أدخلوني معكم في الشورى ؛ فإني لا أنفس على أحد خيرا ساقه الله إليه ، ولا يعدمكم مني رأي . فقالوا : لا تدخل معنا . قال : فاسمعوا مني ، قالوا : قل ما شئت قال : إن بايعتم لعلي سمعنا وعصينا ، وإن بايعتم لعثمان سمعنا وأطعنا ، والله ما يتشابهان ، فاتق الله يا ابن عوف.(6/90)
6827- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني إسماعيل بن إبراهيم ، عن أبيه ، قال : كان عبد الله بن أبي ربيعة عاملا لعثمان على صنعاء ، فلما بلغه حصر عثمان أقبل سريعا لينصره ، فلقيه صفوان بن أُمَية ، وصفوان على فرس عربي وعبد الله بن أبي ربيعة على بغلة ، فدنا منها الفرس فجاءت فطرحت ابن أبي ربيعة فكسر فخذه ، فقدم مكة بعد الصدر ، وعائشة يومئذ بمكة تدعو إلى الخروج تطلب بدم عثمان ، فأمر بسرير فوضع له في المسجد ، ثم حمل فوضع على سريره ، فقال : أيها الناس ، من خرج في طلب دم عثمان فعلي جهازه فجهز ناسا كثيرا وحملهم ولم يستطع الخروج إلى الجمل لما كان برجله.(6/91)
6828- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني محمد بن عبد الله بن عبيد ، عن ابن أبي مليكة ، عن عبد الله بن السائب قال : رأيت عبد الله بن أبي ربيعة على سريره في المسجد الحرام يحض الناس على الخروج في طلب دم عثمان ، يحمل من جاءه.(6/91)
1086- الوليد بن عبد شمس بن المغيرة بن عبد الله بن عُمَر بن مخزوم.
وأُمُّه قيلة بنت جحش بن ربيعة بن وهيب بن ضباب بن حجير بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي.
فولد الوليد بن عبد شمس : عبد الرحمن.
وأُمُّه فاختة بنت عدي بن قيس بن حذافة بن سعد بن سهم . وقيس بن الوليد لأم ولد ، وبقيتهم بالعراق ، فولد عبد الرحمن بن الوليد عبد الله الأزرق ، ولي اليمن لعبد الله بن الزبير ، وأسلم الوليد بن عبد شمس يوم فتح مكة ، وقتل يوم اليمامة شهيدا سنة اثنتي عشرة ، في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.(6/91)
1087- المهاجر بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عُمَر بن مخزوم.
وأُمُّه عاتكة بنت عامر بن ربيعة بن أعيا بن مالك بن علقمة بن فراس بن غنم بن مالك بن كنانة ، وهو أخو أم سلمة بنت أبي أمية زوج النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لأبيها وأمها ، وكان اسم أبي أمية بن المغيرة سهيلا ، وهو زاد الركب ، كان إذا سافر أنفق على أصحابه وأهل رفقته في سفرهم ذلك من عنده ، فسمي بذلك : زاد الركب.
فولد المهاجر بن أبي أمية عبيد الله.
وأُمُّه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس.(6/92)
6829- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن المهاجر بن مسمار قال : كان المهاجر بن أبي أمية قد وجد عليه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فكلم أم سلمة ، فقال : كلمي لي رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فهذا يومه عندك . فأدخلته في بيت . فلما دخل رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، لم يرعه إلا مهاجر آخذ بحقويه من خلفه ، فضحك النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم . وقالت أم سلمة : ارض عنه رضي الله عنك . فرضي عنه وولاه صنعاء ، فانطلق حتى أتى مكة ، فبلغه أن العنسي قد خرج بصنعاء ، فرجع إلى المدينة ، فلم يزل بها حتى توفي النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وولاه أبو بكر صنعاء ، فمضى في ولايته.
قال : فقلت لابن أبي سبرة : فإن روايتنا : أن النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بعثه عاملا ، فتوفي النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وهو بصنعاء ، فقال : هكذا أخبرني مهاجر بن مسمار.(6/92)
6830- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني محمد بن صالح ، عن موسى بن عمران بن مناح قال : توفي رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم والمهاجر بن أبي أمية عامله على صنعاء.(6/93)
1088- خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عُمَر بن مخزوم.
وأُمُّه عاتكة بنت الوليد بن المغيرة.
فولد خالد : عبد الرحمن وعمر وعبد الله والوليد وحفصة ، وأمهم ضباعة بنت الكهف بن عامر بن قرط بن سلمة بن قشير ، والحارث والمغيرة وإسماعيل ومحمدا وصخرا وعاتكة ، وأمهم فاطمة بنت أبي سعيد بن الحارث بن هشام ، وعكرمة.
وأُمُّه ابنة كليب بن حزن بن معاوية بن خفاجة بن عَمْرو بن عقيل.
أسلم خالد بن العاص يوم فتح مكة ، وأقام بمكة ولم يهاجر ، وله عقب.(6/93)
1089- السائب بن أبي السائب
واسمه صيفي بن عائذ بن عبد الله بن عُمَر بن مخزوم.
وأُمُّه زينب بنت عثمان بن عبد الله بن عُمَر بن مخزوم ، وأمها صفية بنت أمية بن عبد شمس بن عبد مناف.
فولد السائب : عبد الله ، صحب النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وَرَوَى عنه ، وعبد الرحمن ، قتل يوم الجمل ، وعوذ الله وأوسا ، وأمهم رملة بنت عروة ذي البردين وهو ربيعة بن رياح بن أبي ربيعة بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة ، وعطاء وأمه أم الحارث بنت الحارث بن هبيرة من بني عامر ، وحميدة وأمها فاطمة بنت الأسود بن خلف بن أسعد بن عامر بن بياضة من خزاعة.(6/93)
6831- قال : أخبرنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا وهيب ، قال : حدثنا عبد الله بن عثمان بن خُثَيم (1)، عن مجاهد ، عن السائب بن أبي السائب ؛ أنه كان يشارك رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في أول الإسلام في التجارة ، فلما كان يوم الفتح جاء ، فقال : مرحبا بأخي وشريكي ، لا يداري ولا يماري ، يا سائب ، قد كنت تعمل أعمالا في الجاهلية لا تقبل منك ، وكان ذا سلف وصلة ، وهي اليوم تقبل منك.
_حاشية__________
(1) تصحف في المطبوع إلى : "عَبْد اللهِ بن عُثْمَان بن جُشَم" وأثبتناه عن "تهذيب الكمال" 15/279(3417).(6/94)
1090- عبد الله بن السائب بن أبي السائب بن عائذ بن عبد الله بن عُمَر بن مخزوم.
وأُمُّه رملة بنت عروة ذي البردين ، وهو ربيعة بن رياح بن أبي ربيعة بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة.
فولد عبد الله بن السائب : عبد الرحمن وأم الحكم ، وأمهما أنيسة بنت أبي بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح ، وموسى وأمه صفية بنت مروان بن قيس من بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة ، وعبد الله بن عبد الله.
وأُمُّه حية بنت المطلب بن أبي وداعة بن صبيرة ، وأم نافع وأم عبد الله ، وأمهما جلذية بنت أبي إهاب بن عزيز بن قيس من بني تميم . وكان عبد الله بن السائب يكنى أبا عبد الرحمن.(6/94)
6832- قال : أخبرنا الضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل الشيباني ، عن السائب بن عُمَر قال : حدثني محمد بن عبد الرحمن بن السائب قال : بينما أنا جالس مع عبد الله بن السائب إذ جاء رسول ابن عباس فقال : أرنا يا أبا عبد الرحمن أين مصلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في وجه الكعبة . قال : فقام وقمنا معه ، فقام عند الشقة الثالثة مما يلي الحجر ، فقال ابن عباس : أنت يا أبا عبد الرحمن رأيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يصلي ها هنا ؟.(6/94)
6833- قال : أخبرنا الضحاك بن مخلد قال : أخبرنا ابن جريج ، عن يحيى بن عبيد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن السائب قال : سمعت النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يقول بين الركنين ، يعني اليماني والأسود : {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}.(6/95)
6834- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، عن ابن عيينة ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، أو محمد بن عباد بن جعفر ، عن عبد الله بن السائب ؛ أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قرأ سورة المؤمنين حتى بلغ ذكر عيسى وأمة فأخذته شرقة ، فركع.(6/95)
6835- قال : أخبرنا أبو بكر بن محمد بن أبي مُره المكي ، قال : حدثنا نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، إن شاء الله ، قال : بلغني أن عمر بن الخطاب أمر عبد الله بن السائب المخزومي حين جمع الناس في رمضان أن يقوم بأهل مكة ، فكان يصلي وراء المقام مستأخرا عن المقام ، ويصلي بصلاته من شاء ، ومن شاء أن يطوف طاف ، ومن شاء أن يصلي في ناحية المسجد صلى ، فكان على ذلك حتى مات في زمن ابن الزبير . قال ابن أبي مليكة : فجئت أسماء فكلمتها في أن تكلم عبد الله بن الزبير أن يأمرني أن أقوم بالناس ، فقالت ذلك له ، فقال : تَرَيْنَهُ تطيق ذلك ؟ قالت : قد طلبه . فأمرني فقمت بالناس حتى قدم عمر بن عبد العزيز ، فقال : لقد هممت أن أجمع الناس على إمام واحد. فقلت سنة قد كانت قبلي. فتركهم ، وكان ابن أبي مليكة يقوم بالناس حتى أصيب في بصره في زمن عمر بن عبد العزيز . قال نافع : بلغني أن قيام عبد الله بن السائب وابن أبي مليكة عشرين ركعة ، عشرين ركعة.(6/95)
6836- قال : أخبرنا عبد الله بن نمير قال : أخبرني عبد الملك بن جريج ، عن عبد الله بن أبي مليكة قال : رأيت عبد الله بن عباس لما فرغ من قبر عبد الله بن السائب وقام الناس عنه قام ابن عباس فوقف عليه ، فدعا له ثم انصرف.(6/96)
1091- قيس بن السائب بن عويمر بن عائذ بن عمران بن مخزوم.
وأُمُّه ريطة بنت وهب بن عمرو بن عمران بن مخزوم.
فولد قيس بن السائب : داود لأم ولد ، وعبد ربه الأكبر.
وأُمُّه دجاجة بنت أسماء بن الصلت السُّلَمِيَة ، وأخوه لأمه عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس ، وعبد الله بن عمير الليثي ، وعيسى بن قيس وأمه فاطمة بنت عامر بن حذيَم بن سلامان بن ربيعة بن عريج بن سعد بن جمح ، وأم أيوب ، وأم عبد الله ، وأمهما فاطمة بنت عامر بن حذيم ، وعبد ربه الأصغر.
وأُمُّه من دوس ، وسعيدا لأم ولد ، وفاطمة وأمها أم حبيب بنت صفوان بن أُمَية بن خلف الجمحي ، وميمونة وأمها رقيقة بنت نوفل بن عبد العزى بن قصي أخت ورقة بن نوفل.
أسلم قيس يوم فتح مكة ، وهو مولى مجاهد.(6/96)
6837- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثنا عبد الحميد بن عمران ، عن موسى بن أبي كثير ، عن مجاهد قال : هذه الآية نزلت في مولاي قيس بن السائب : {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} فأفطر وأطعم كل يوم مسكينا.(6/96)
1092- هبار بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن مخزوم.
وأُمُّه ابنة عبد بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي ، قتل يوم مؤتة شهيدا . قال محمد بن عُمَر : وكانت مؤتة في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة ، فهذا قبل فتح مكة بخمسة أشهر ، وقد أسلم هبار قبل أن يخرج إلى مؤتة.(6/97)
1093- وأخوه : عبد الله بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
وأُمُّه ابنة عبد بن أبي قيس بن عبد وُدّ بن نصر بن مالك بن حِسْل بن عامر بن لؤي ، قتل يوم اليرموك شهيدا في رجب سنة خمس عشرة من الهجرة ، وذلك في خلافة عمر بن الخطاب.(6/97)
1094- سعيد بن يربوع بن عنكثة بن عامر بن مخزوم.
وأُمُّه لُبْنَى بنت سعيد بن رئاب بن سهم .
فولد سعيد بن يربوع : الحكم - وبه كان يكنى - وريطة وهندا وأم حبيب وآمنة وأمهم هند بنت أبي المطاع بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مُرة وعبيدا وعبد الرحمن وعبد الله وعياضا وعطاء وعونا وأمهم أم عبيد وهي أَرْوَى بنت عَركَى بن عمرو بن قيس بن سويد بن عمرو من عَك من بني عمران.
وأسلم سعيد بن يربوع يوم فتح مكة ، وشهد مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حنينا ، وأعطاه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم من غنائم حنين خمسين بعيرا.(6/97)
6838- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثنا خالد بن إلياس ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، عن أبيه قال : كان سعيد بن يربوع ممن يجدد أنصاب الحرم في كل سنة معرفة بها حتى ذهب بصره في آخر خلافة عُمَر بن الخطاب رحمة الله عليه.(6/98)
6839- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : سمعت عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة يقول : جاء عُمَر بن الخطاب سعيد بن يربوع إلى منزله فعزاه بذهاب بصره وقال : لا تدع الجمعة ولا الصلاة في مسجد رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم . قال : ليس لي قائد . قال : فنحن نبعث إليك بقائد ، فبعث إليه بغلام من السبي.
قال محمد بن عُمَر : وتوفي سعيد بن يربوع بالمدينة سنة أربع وخمسين في خلافة معاوية بن أبي سفيان ، وكان يوم توفي ابن مائة وعشرين سنة ، وكان له دار بالمدينة عند طرف بني كعب بن عَمْرو من خزاعة.(6/98)
1095- حَزْنُ بن أبي وهب بن عَمْرو بن عايذ بن عمران بن مخزوم.
وأُمُّه فاختة بنت عامر بن قرط بن سلمة بن قشير بن كعب من قيس عَيلان.
فولد حزن : عبد الرحمن والمسيب أسلم وصحب النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، والسائب وأبا سعيد وأمهما أم الحارث بنت سعيد بن عبد الله بن أبي قيس ، وأمها أم حبيب بنت العاص بن أُمَية أخت أبي أحيحة سعيد بن العاص ، وحكيم بن حزن قتل يوم اليمامة شهيدا.
وأُمُّه فاطمة بنت السائب بن عويمر بن عايذ بن عمران بن مخزوم ، وأسلم يوم فتح مكة.(6/99)
6840- قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي المكي قال : حدثنا عَمْرو بن يحيى قال : حدثني ابن لسعيد بن المسيب ، عن أبيه ، عن جده حزن ، قال : قال لي رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : ما اسمك ؟ قال : قلت : حزن ، قال : بل اسمك سهل . قال : قلت : يا رسول الله ، بعد كبر السن أغير اسمي ؟ قال : فلم تزل فينا حزونة بعد.(6/99)
6841- قال : أخبرنا هشام بن محمد بن السائب بن بشر الكلبي ، عن أبيه قال : حدثني سعيد بن المسيب قال : بعث رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إلى جدي حزن بن أبي وهب فقال : أنت سهل . فقال : إنما السهولة للحمار . قال : وأبى أن يقبل قال : فنحن والله نعرف تلك الحزونة فينا.(6/99)
1096- المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عَمْرو بن عايذ بن عمران بن مخزوم.
وأُمُّه أم الحارث بنت شعبة بن عبد الله بن أبي قيس ، وأمها أم حبيب بنت العاص بن أُمَية بن عبد شمس . فولد المسيب بن حزن سعيدا الفقيه ، وعبد الرحمن درج ، وعمرا وأبا بكر ومحمدا والسائب ، وأمهم أم سعيد بنت عثمان بن حكيم بن أُمَية بن حارثة بن الأوقص ، و أمها : ريطة بنت سعيد بن يربوع بن عنكثة بن عامر بن مخزوم.(6/100)
6842- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثنا قيس بن الربيع ، عن طارق ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبيه قال : كنا في الحديبية مع النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حين صده المشركون فأنشيناها ، يعني قضيناها.
قال محمد بن عُمَر : ولا نعرف هذا عندنا ، وإنما أسلم المسيب بن حزن مع أبيه يوم فتح مكة.(6/100)
1097- حكيم بن حزن بن وهب بن عَمْرو بن عايذ بن عمران بن مخزوم.
وأُمُّه فاطمة بنت السائب بن عويمر بن عايذ بن عمران بن مخزوم ، أسلم مع أبيه وأخيه يوم فتح مكة ، وقتل يوم اليمامة شهيدا سنة اثنتي عشرة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.(6/100)
1098- عثمان بن وهب
من بني مخزوم بن يقظة ، أسلم يوم فتح مكة ، وشهد مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يوم حنين ، وأعطاه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم من غنائم حنين خمسين بعيرا ، ولم نجد نسبه في نسب بني مخزوم.(6/100)
- ومن بني عدي بن كعب
1099- مطيع بن الأسود بن حارثة بن نضلة بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب.
وأُمُّه العجماء وهي أنيسة بنت عامر بن الفضل بن عفيف بن كليب بن حبشية من خزاعة ، وأمها صفية بنت وهب بن الحارث بن زهرة ، وكان اسم مطيع العاص ، وأسلم يوم فتح مكة ، فسماه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مطيعا.(6/101)
6843- قال : أخبرنا محمد بن عبيد الطنافسي قال : حدثنا زكريا بن أبي زائدة ، عن عامر قال : لم يدرك أحد من عصاة قريش غير مطيع ، كان اسمه العاص فسماه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مطيعا فولد مطيع بن الأسود هشاما ، وسليمان ، قتل يوم الجمل ، وعبد الله وعائشة ، وأمهم أم هشام وهي آمنة بنت أبي الخيار واسمه عبد ياليل بن عبد مناف بن غامرة بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث ، وعبد الرحمن ومسلما ومريم ، وأمهم أم كلثوم بنت معاوية بن عروة بن صخر بن يعمر بن نفاثة بن عدي بن الدئل بن بكر ، والزبير وأمه الحلال بنت قيس بن نوفل بن جابر بن شجنة بن حبيب بن أسامة بن مالك بن نصر بن قعين ، وفاطمة وأمها زينب بنت أبي عوف بن صبيرة بن سُعَيْد بن سعد بن سهم ، وحفصة ، وأمها ابنة مطيع بن ذي اللحية ، وهو شريح بن عامر من بني كلاب . قال : ومات مطيع بن الأسود بالمدينة في خلافة عثمان بن عفان ، ومنازل آل مطيع بودان ، ولهم بها أموال.(6/101)
1100- أبو جهم بن حذيفة بن غانم بن عامر بن عبد الله بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب.
وأُمُّه يسيرة بنت عبد الله بن أذاة بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب.
فولد أبو جهم : عبد الله الأكبر قتل يوم أجنادين شهيدا.
وأُمُّه أم كلثوم بنت جرول بن مالك بن المسيب بن ربيعة بن أصرم بن ضبيس بن رياح بن حزام. ومحمدا ومريم ، وأمهما خولة بنت القعقاع بن معبد بن زرارة بن عدس بن زيد بن عبد الله بن دارم من بني تميم وحميدا وسعدى ، وأمهما حبيبة بنت الجنيد بن الجمانة بن قيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة بن ربيعة بن مازن بن الحارث بن قطيعة بن عبس بن بغيض ، وعبد الله الأصغر وسليمان وأم سلمة ،(6/102)
وأمهم أم عبد الله وهي زجاجة بنت الحارث بن حُرّ بن النعمان ، أخيذة من غسان من سبي العرب ، وحبيبة وأمها أم بكرة بنت عبد الله بن جزء بن الحارث بن زهير بن جذيمة ، وأم عبيد وزينب ، وأمهما أم ولد ، وصخرا ، وصخيرة ، وأم سلمة ، وأمهم مريم بنت الأسود ، من سليح من سبي العرب ، وعبد الرحمن وزينب ، وأمهما امرأة من يحصب من سبي العرب . قال : وكان اسم أبي جهم عبيدا.
وأسلم يوم فتح مكة ، وقدم المدينة بعد ذلك فابتنى بها دارا ، وكان شديد العارضة ، فكان عُمَر بن الخطاب قد أشرف عليه وأخافه حتى كف من غرب لسانه عن الناس ، فلما مات عُمَر سر بموته . قال : وجعل يومئذ يخنبش في بيته ، ومات بالمدينة في خلافة معاوية بن أبي سفيان ، ويقال : بقي أبو جهم إلى فتنة ابن الزبير وفيها مات.(6/103)
1101- عبد الله بن أبي جهم بن حذيفة بن غانم بن عامر.
وأُمُّه أم كلثوم بنت جرول بن مالك بن المسيب بن ربيعة ، أسلم يوم فتح مكة مع أبيه ، وخرج إلى الشام غازيا فقتل يوم أجنادين شهيدا.(6/103)
1102- أبو حثمة بن حذيفة بن غانم بن عامر بن عبد الله بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب.
وأُمُّه أم مورق وهي عبلة بنت نقيد بن بجير بن عبد بن قصي بن كلاب.
فولد أبو حثمة : سليمان.
وأُمُّه الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس بن خلف بن صداد بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب ، وحُدير بن أبي حثمة لا بقية له إلا النساء ، وليلى وأمها أم ولد من تنوخ من سبي العرب ، وكانت الشفاء بنت عبد الله أم سليمان بن أبي حثمة من المبايعات ، ولها دار بالمدينة في الحكاكين ، ويقال : إن عُمَر بن الخطاب استعملها على السوق ، وولدها ينكرون ذلك ويغضبون منه . وأسلم أبو حثمة بن حذيفة يوم فتح مكة.(6/104)
1103- عبد الله بن عَمْرو بن بجرة بن خلف بن صدَّاد بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب ، فولد عبد الله بن عَمْرو عمرا ، ولم تسم لنا أمه ولا أم أبيه.
وأسلم عبد الله بن عَمْرو يوم فتح مكة ، وقتل يوم اليمامة شهيدا سنة اثنتي عشرة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.(6/104)
- ومن بني سهم بن عَمْرو بن هصيص بن كعب
1104- أبو وداعة
واسمه الحارث بن صبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم بن عَمْرو.
وأُمُّه خالدة بنت أبي قيس بن عبد مناف بن زهرة.
فولد أبو وداعة : المطلب وأبا سفيان والربعة وأم حكيم وأم حبيب ، وأمهم أروى بنت الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، وكان أبو وداعة فيمن شهد بدرا مع المشركين فأسر فيمن أسر ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : إن له بمكة ابنا كيسا له مال ، وهو مغل فداءه فخرج المطلب بن أبي وداعة من مكة فسار إلى المدينة أربع ليال فافتدى أباه بأربعة آلاف درهم ، وكان أبو وداعة أول من افْتُدِّيَ من الأسرى ، فتأست به قريش في أُسَاراهم . وأسلم أبو وداعة يوم الفتح ، وبقي إلى خلافة عُمَر بن الخطاب.(6/105)
6844- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر ، عن معمر ، عن حميد بن قيس ، عن مجاهد قال : قال عُمَر بن الخطاب : من له علم بموضع المقام حيث كان ؟ فقال أبو وداعة بن صبيرة السهمي : عندي يا أمير المؤمنين ، قدرته إلى الباب وقدرته إلى ركن الحجر ، وقدرته إلى الركن الأسود ، وقدرته إلى زمزم ، فقال عُمَر : هاته ، فأخذه عُمَر فرده على موضعه اليوم للمقدار الذي جاء به أبو وداعة.
قال : وكان أبو وداعة قد عرف وزن الدينار في الجاهلية اثنين وعشرين قيراطا إلا حبة بالشامي ، فكان عند المطلب بن السائب بن أبي وداعة . حكاه عنه إسحاق بن حازم ، وحكاه عن إسحاق محمد بن عُمَر الواقدي.(6/105)
1105- المطلب بن أبي وداعة
واسمه الحارث بن صبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم بن عَمْرو بن هصيص بن كعب بن لؤي.
وأُمُّه أروى بنت الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي.
فولد المطلب بن أبي وداعة : الحارث وهو أبو شيخ ، وأم عَمْرو الكبرى لها عبد الله بن عبد الأسود بن هشام من بني عامر بن لؤي ، وإبراهيم وحوشبا وجعفرا وعبد الله وحمزة والمطلب وعبد الرحمن وكثيرا وأم عَمْرو الصغرى ، ولدت للحارث بن نوفل بن عبد المطلب ولعمر بن عبيد الله بن معمر التيمي ، وأم حكيم ولدت لعمر بن عبد الله بن أبي ربيعة الشاعر ، وأم كثير ولدت لعبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أُمَية ، وحبيبة ولدت للسائب بن أبي السائب ولعبد الرحمن بن الحارث بن نوفل بن الحارث ، وأمهم حبيبة بنت نبيه بن الحجاج ، وعياضا وأمه قبطية.(6/106)
6845- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني إسحاق بن يحيى ، عن نافع بن جبير بن مطعم قال : كان أبو وداعة بن صبيرة فيمن أسر من المشركين يوم بدر ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : إن له بمكة ابنا كيسا له مال ، وهو مغل فداءه . ورأت قريش بمكة ابنه المطلب يتجهز يخرج إلى أبيه يفديه فقالوا : لا تعجل ، فإنا نخاف أن يفسد علينا في أسارانا ، ويرى محمد تهالكنا فيغلي علينا الفدية ، فإن كنت تجد فإن كل قومك لا يجدون من السعة ما تجد . فقال : لا أخرج حتى تخرجوا . فلما غفلوا خرج من الليل منسرقا على رجليه ، فسار أربع ليال إلى المدينة ، فافتدى أباه بأربعة آلاف درهم ، فلامته في ذلك قريش ، فقال : ما كنت لأترك أبي أسيرا في أيدي القوم وأنتم متضجعون . فقال أبو سفيان بن حرب : إن هذا غلام حدث معجب برأيه ، وهو مفسد عليكم ، إني والله غير مفتد عَمْرو بن أبي سفيان ولو مكث سنة أو يرسله محمد ، والله ما أنا بأعوزكم ، ولكني أكره أن (يدخل عليَّ ، أو) أُدْخِل عليكم ما يشق عليكم ، فيكون عَمْرو كأسوتكم.
قال محمد بن عُمَر : ثم أسلم المطلب بن أبي وداعة يوم فتح مكة ، ثم نزل بعد ذلك المدينة وله بها دار ، وقد كان بقي دهرا ثم توفي بالمدينة وله عقب ، وقد روى عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أحاديث.(6/106)
1106- قيس بن عدي بن سعد بن سهم.
وأُمُّه هند بنت عبد الدار بن قصي ، وجدنا اسمه هكذا فيمن أسلم يوم فتح مكة ، وشهد مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حنينا ، وأعطاه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم من غنائم حنين مائة من الإبل . وهذا غلط في اسمه من الرواة ، ولعلهم أرادوا بعض ولد ولده لأن قيس بن عدي قديم في الجاهلية لم يدرك رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وأدركه ابنه الحارث بن قيس وهو ابن الغيطلة بنت مالك من بني كنانة ، وكان الحارث بن قيس من المستهزئين برسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وغزوا معه ، وقد هاجر عامتهم إلى أرض الحبشة ، وقد سميناهم وبينا أمرهم ومشاهدهم في مواضعهم.(6/107)
1107- عبد الله بن الزبعري بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم.
وأُمُّه عاتكة بنت عبد الله بن عمير بن أهيب بن حذافة بن جمح ، وعبد الله بن الزبعري هو الشاعر الذي كان يهجو أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ويحرض المشركين على المسلمين في شعره ويهاجي حسان بن ثابت وغيره من الشعراء المسلمين ، ويسير مع قريش حيث سارت لحرب رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وابن أخته مقيس بن صبابة الليثي الذي قتل يوم فتح مكة مرتدا كافرا.
وأُمُّه ريطة بنت الزبعري.(6/108)
6846- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن أبيه قال : لما دخل رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مكة عام الفتح هرب عبد الله بن الزبعري وهبيرة بن أبي وهب المخزومي ، وهبيرة يومئذ زوج أم هانئ بنت أبي طالب ، حتى انتهيا جميعا إلى نجران ، فلم يأمنا من الخوف حتى دخلا حصن نجران ، فقيل لهما : ما وراءكما ؟ فقالا : أما قريش فقد قتلت ، ودخل محمد مكة ، ونحن نرى أن محمدا سائر إلى حصنكم هذا . فجعلت بلحارث بن كعب يصلحون ما رث من حصنهم وجمعوا فاشيتهم ، فأرسل حسان بن ثابت الأنصاري أبياتا يريد بها عبد الله بن الزبعري . قال محمد بن عُمَر : أنشدنيها عبد الرحمن بن أبي الزناد :
لا تعدمن رجلا أحلك بغضه ... نجران في عيش أحَذَّ لئيم
بليت قناتك في الحروب فألفيت ... خمانة جوفاء ذات وُصُوم
غضب الإله على الزبعري وابنه ... وعذاب سوء في الحياة مقيم
فلما بلغ ابن الزبعري شعر حسان بن ثابت هذا تهيأ للخروج ، فقال له هبيرة بن أبي وهب : أين تريد يا بن عم ؟ قال : أردت محمدا . قال : تريد أن تتبعه ؟ قال : إي والله . قال : يقول هبيرة : يا ليت أني كنت رافقت غيرك ، والله ما ظننت أنك تتبع محمدا أبدا.(6/108)
قال ابن الزبعري : فهو ذاك ، فعلى أي شيء نقيم مع بني الحارث بن كعب وأترك ابن عمي وخير الناس وأبر الناس ، ومع قومي وداري أحب إلي.
فانحدر ابن الزبعري حتى جاء رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وهو جالس في أصحابه ، فلما نظر رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قال : هذا ابن الزبعري ومعه وجه فيه نور الإسلام . فلما وقف عليه قال : السلام عليك أي رسول الله ، شهدت أن لا إله إلا الله ، وأنك عبده ورسوله ، والحمد لله الذي هداني للإسلام ، فقد عاديتك وأجلبت عليك ، وركبت الفرس والبعير ومشيت على قدمي في عداوتك ، ثم هربت منك إلى نجران وأنا أريد أن لا أقرب الإسلام أبدا ، ثم أرادني الله منه بخير فألقاه في قلبي وحببه إلي ، فذكرت ما كنت فيه من الضلالة واتباع ما لا ينفع ذا عقل من حجر يعبد ويذبح له ، لا يدري من عبده ولا من لا يعبده . فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : الحمد لله الذي هداك للإسلام ، أحمد الله أن الإسلام يحت ما كان قبله.
قال : وأقام هبيرة بن أبي وهب بنجران مشركا حتى مات بها ، وأسلمت امرأته أم هانئ بنت أبي طالب يوم الفتح.(6/109)
- ومن بني جمح بن عَمْرو بن هصيص بن كعب
1108- صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح.
وأُمُّه صفية بنت معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح. فولد صفوان بن أُمَية : عمرا ، وعبد الله الأكبر وهو الطويل قتل مع عبد الله بن الزبير بن العوام يوم قتل ، وهشاما الأكبر وآمنة وأم حبيب ولدت لقيس بن السائب بن عويمر بن عايذ بن عمران بن مخزوم ، وأمهم برزة بنت مسعود بن عَمْرو بن عمير الثقفي ، وأمها أمة بنت خلف بن وهب بن حذافة بن جمح ، وعبد الله الأصغر بن صفوان ، وصفوان بن صفوان ، وعمرا الأصغر ، وأمهم البغوم بنت المعذل وهو خالد بن عَمْرو بن سفيان بن الحارث بن زيان بن عبد ياليل من بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة ، وعبد الرحمن الأكبر وخالدا وخالدة ، وأمهم برزة بنت أبي السخيلة من بني فراس بن غنم من كنانة ، وعبد الرحمن الأصغر وأمه بنت أبي سفيان بن حرب بن أُمَية ، وأمها صُفَيًّا بنت أبي العاص بن أُمَية ، وأمها صفية بنت ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، ووهبا وبه كان يكنى ، وحكيما وهشاما الأصغر والحكم وأبا الحكم وأم الحكم ، وأمهم أم وهب بنت أبي أميمة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم.(6/109)
6847- قال : أخبرنا معن بن عيسى قال : حدثنا مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، أنه بلغه ؛ أن نساء كن في عهد النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يسلمن بأرضهن غير مهاجرات وأزواجهن حين أسلمن كفار ، منهن ابنة الوليد بن المغيرة وكانت تحت صفوان بن أُمَية ، فأسلمت يوم الفتح وهرب زوجها صفوان بن أُمَية من الإسلام ، فبعث إليه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ابن عمه وهب بن عمير برداء رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أمانا لصفوان بن أُمَية ، ودعاه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إلى الإسلام وأن يقدم عليه ، فإن رضي أمرا وإلا سيره شهرين ، فلما قدم صفوان على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بردائه ناداه على رؤوس الناس فقال : يا محمد ، إن هذا وهب بن عمير جاءني بردائك ، يزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك ، فإن رضيت أمرا وإلا سيرتني شهرين . فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : انزل أبا وهب . قال : لا والله لا أنزل حتى تبين لي . فقال : بل لك تسير أربعة أشهر . فخرج رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قبل هوازن بحنين فأرسل إلى صفوان يستعيره أداة وسلاحا كان عنده قال صفوان : طوعا أو كرها ؟ قال : بل طوعا . فأعاره السلاح والأداة التي كانت عنده ، وخرج صفوان مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وهو كافر ، فشهد حنينا والطائف وهو كافر وامرأته مسلمة ، فلم يفرق رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بينه وبين امرأته حتى أسلم صفوان ، واستقرت امرأته عنده بذلك النكاح.
قال معن : قال مالك : قال ابن شهاب : وكان بين إسلام صفوان وإسلام امرأته نحوا من شهر.(6/110)
6848- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن موسى بن عقبة ، عن أبي حبيبة ، مولى الزبير ، عن عبد الله بن الزبير قال : لما كان يوم الفتح هرب صفوان بن أُمَية حتى أتى الشعيبة ، فقال عمير بن وهب الجمحي : يا رسول الله ، سيد قومي خرج هاربا ليقذف نفسه في البحر ، وخاف ألا تؤمنه ، فأمنه فداك أبي وأمي . فقال : قد أمنته . فخرج عمير بن وهب في إثره فأدركه فقال : جئتك من عند أبر الناس وأوصل الناس ، وقد أمنك . قال : لا والله حتى تأتيني منه بعلامة أعرفها . فرجع عمير إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فأخبره . فقال : خذ عمامتي . وهو البرد الذي دخل فيه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مكة معتجرا به ، برد حبرة ، فخرج عمير في طلبه ثانية ، فأعطاه البرد معرفة . فرجع معه ، فانتهى إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وهو يصلي بالناس العصر ، فلما سلم رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم صاح صفوان بن أُمَية : يا محمد ، إن عمير بن وهب جاءني ببردك وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك ، فإن رضيت أمرا وإلا سيرتني شهرين .(6/111)
قال : انزل أبا وهب . قال : لا والله حتى تبين لي . قال : لك تسيير أربعة أشهر . فنزل صفوان.
وخرج رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قبل هوازن وخرج معه صفوان واستعاره رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم سلاحا فأعاره مائة درع بأدائها ، وشهد معه حنينا والطائف وهو كافر ، ثم رجع إلى الجعرانة فبينا رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يسير في الغنائم ينظر إليها ومعه صفوان بن أُمَية ، فجعل صفوان ينظر إلى شعب ملئ : نعمًا وشاءً ورعاءً فأدام النظر إليه ، ورسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يرمقه فقال : أبا وهب ، يعجبك هذا الشعب ؟ قال : نعم . قال : هو لك وما فيه . فقال صفوان عند ذلك : ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفس نبي ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأسلم مكانه ، وأعطاه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أيضا مع المؤلفة قلوبهم من غنائم حنين خمسين بعيرا.(6/112)
6849- قال : أخبرنا علي بن عبد الله بن جعفر قال : حدثنا يحيى بن آدم قال : حدثنا ابن المبارك ، عن يونس ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن صفوان بن أُمَية قال : لقد أعطاني رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يوم حنين وإنه لمن أبغض الناس إلي ، فما زال يعطيني حتى إنه لمن أحب الناس إلي.(6/112)
6850- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثنا عبد الله بن يزيد الهذلي ، عن أبي حصين الهذلي قال : استقرض رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم من صفوان بن أُمَية بمكة خمسين ألفا فأقرضه.
قال محمد بن عُمَر : ولم يزل صفوان صحيح الإسلام ، ولم يبلغنا أنه غزا مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم شيئا ولا بعده ، ولم يزل مقيما بمكة إلى أن مات بها في أول خلافة معاوية بن أبي سفيان ، وقد روى عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أحاديث.(6/112)
6851- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه قال : اصطف سبعة ، أربعة في الجاهلية وثلاثة في الإسلام ، يطعمون الطعام وينادون إليه كل يوم ، فأما من كان في الإسلام فعمرو بن عبد الله بن صفوان ، وفي الجاهلية ابن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة.(6/112)
6852- قال : أخبرنا المعلى بن أسد قال : حدثنا وهيب ، عن عبد الله بن طاوُوس ، عن أبيه ، عن صفوان بن أُمَية ، أنه قيل له : إن الجنة لا يدخلها إلا من هاجر قال : قلت : لا أدخل منزلي حتى أتي رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فأسأله ، قال : فأتيته فقلت : يا رسول الله ، إنهم يقولون : إن الجنة لا يدخلها إلا من هاجر . فقال : لا هجرة بعد فتح مكة ، ولكن جهاد ونية ، فإذا استنفرتم فانفروا.(6/113)
1109- أبو محذورة
واسمه أوس بن معير بن لوذان بن ربيعة بن سعد بن جمح.
وأُمُّه من خزاعة وكان له أخ من أمه وأبيه يقال له أنيس قتل يوم بدر كافرا ، وسمعت من ينسب أبا محذورة فيقول : اسمه سمرة بن عمير بن لوذان بن وهب بن سعد بن جمح ، وكان له أخ من أبيه اسمه أوس . فولد أبو محذورة عبد الملك لأم ولد ، وحديرا وأمه يمانية.(6/113)
6853- قال : أخبرنا روح بن عبادة قال : حدثنا ابن جريج قال : أخبرني عثمان بن السائب ، عن أم عبد الملك بن أبي محذورة ، عن أبي محذورة قال : لما رجع النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم من حنين خرجت عاشر عشرة من مكة نطلبهم ، فسمعتهم يؤذنون للصلاة ، فقمنا نؤذن نستهزئ ، فقال النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : لقد سمعت في هؤلاء تأذين إنسان حسن الصوت . فأرسل إلينا فأذنا رجلا رجلا ، فكنت آخرهم . فقال حين أذنت : تعال . فأجلسني بين يديه ، فمسح على ناصيتي ، وبارك علي ثلاث مرات ، ثم قال : اذهب فأذن عند البيت الحرام . قلت : كيف يا رسول الله ؟ فعلمني الأولى كما تؤذنون بها : الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم ، في الأولى من الصبح ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله . قال : وعلمني الإقامة مرتين : الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله.
قال روح : قال ابن جريج : أخبرني عثمان هذا الخبر كله ، عن أم عبد الملك بن أبي محذورة ، أنها سمعت ذلك من أبي محذورة.(6/113)
6854- قال : أخبرنا روح بن عبادة قال : حدثنا ابن جريج قال : أخبرني عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة ، أن عبد الله بن محيريز أخبره ، وكان يتيما في حجر أبي محذورة بن معير حين جهزه إلى الشام ، قال : قلت لأبي محذورة : أي عم ، إني خارج إلى الشام وأخشى أن أسأل عن تأذينك ، فأخبرني أن أبا محذورة قال له : نعم ، خرجت في نفر فكنا ببعض طريق حنين مقفل رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم من حنين ، فلقينا رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ببعض الطريق ، فأذن مؤذن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بالصلاة عند رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فسمعنا صوت المؤذن ونحن متنكبون فصرخنا نحكيه ونستهزئ به ، فسمع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الصوت ، فأرسل إلينا ، إلى أن وقفنا بين يديه ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع ؟ فأشار القوم كلهم إلي ، وصدقوا ، فأرسل كلهم وحبسني ، فقال : قم فأذن بالصلاة . فقمت وما شيء أكره إلي من رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ولا مما يأمرني به ، فقمت بين يدي رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فألقى علي رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم التأذين هو نفسه ،(6/114)
فقال : قل : الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله . ثم قال : ارجع فامدد من صوتك ، ثم قل : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله.
ثم دعاني حين قضيت التأذين ، فأعطاني صرة فيها شيء من فضة ، ثم وضع يده على ناصية أبي محذورة ، ثم أمرها على وجهه ، ثم من بين يديه ، ثم على كبده ، ثم بلغت يد رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إلى سوءة أبي محذورة ، ثم قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : بارك الله فيك وبارك عليك . فقلت : يا رسول الله ، مرني بالتأذين بمكة ، فقال : قد أمرتك به . وذهب كل شيء كان لرسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم من كراهية ، وعاد ذلك كله محبة لرسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فقدمت على عتاب بن أسيد عامل رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بمكة فأذنت معه بالصلاة عن أمر رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
وأخبرني ذلك من أدركت من أهلي ، عمن أدرك أبا محذورة على نحو ما أخبرني عبد الله بن محيريز.(6/115)
6855- قال : أخبرنا سعيد بن عامر ، وعفان بن مسلم ، قالا : حدثنا همام بن يحيى ، قال : حدثنا عامر الأحول ، أن مكحولا حدثه ، أن ابن محيريز حدثه ، أن أبا محذورة حدثه ؛ أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أمر نحوا من عشرين رجلا فأذنوا ، فأعجبه صوت أبي محذورة ، فعلمه الأذان تسع عشرة كلمة ، والإقامة سبع عشرة كلمة : الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله.
قال سعيد بن عامر في حديثه : والإقامة مثنى مثنى . وقال عفان في حديثه : والإقامة الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله.(6/115)
6856- قال : أخبرنا المعلى بن أسد قال : حدثنا الحارث بن عبيد قال : حدثني محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال أبو محذورة : يا رسول الله ، علمني سنة الأذان ، فمسح ناصيته قال : تقول : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، ترفع بها صوتك ، ثم تقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، تخفض بها صوتك ، ثم ترفع صوتك بالشهادة ، بعد حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، إن كانت صلاة الفجر تقول : الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله.(6/116)
6857- قال : أخبرنا يحيى بن محمد الجاري قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي مليكة ، عن ابن أبي محذورة ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أمره أن يؤذن ، فكان يشهد أن لا إله إلا الله ستا ، وأن محمدا رسول الله خمسا.(6/116)
6858- قال : أخبرنا عفان بن مسلم قال : حدثنا حماد بن سلمة قال : أخبرنا ثابت ، عن أبي أيوب الأزدي قال : سمعت أبا محذورة ، يؤذن يقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، مرارا.(6/116)
6859- قال : أخبرنا عفان بن مسلم قال : حدثنا شعبة ، عن عبد الرحمن بن عابس قال : سمعت أبا محذورة يؤذن ، فكان آخر أذانه : الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله.(6/116)
6860- قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن الأسدي قال : حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن محارب بن دثار ، عن الأسود قال : كان آخر أذان أبي محذورة : لا إله إلا الله ، والله أكبر.(6/116)
6861- قال : أخبرنا عبد الله بن الزبير الحميدي قال : حدثنا أبو إسماعيل إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة قال : أخبرني جدي قال : قال أبو محذورة : مسح النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم على ناصيتي حتى بلغ صدري ، وقال : اللهم بارك فيه . قال إبراهيم : فأخبرني جدي قال : ما حلق أبو محذورة ناصيته حتى مات . وقال : لا أحلق شيئا مسه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.(6/116)
6862- قال : أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال : حدثنا محمد بن عيسى العبدي قال : حدثني محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، أن رجلا قال : يا نبي الله ، أي الخلق أول دخولا الجنة . قال : الأنبياء . قال : يا نبي الله ، ثم من ؟ قال : الشهداء . قال : ثم من يا نبي الله ؟ قال : ثم مؤذن الكعبة قال : ثم من يا نبي الله ؟ قال : مؤذن بيت المقدس . قال : ثم من يا رسول الله ؟ قال : ثم مؤذن مسجدي هذا . قال : ثم من ؟ قال : سائر المؤذنين على قدر أعمالهم.(6/117)
6863- قال : أخبرنا عبد الله بن بكر السهمي قال : حدثنا حاتم بن أبي صغيرة ، عن ابن أبي مليكة ، أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أعطى أبا محذورة الأذان ، فقدم عُمَر قدمة مكة فنزل دار الدومة ، فأذن أبو محذورة ، ثم أتاه يسلم عليه ، فقال عُمَر : يا أبا محذورة ، ما أندى صوتك ، أما تخشى أن تنشق مُرَيْطاؤُك من شدة صوتك ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، قدمت فأحببت أن أسمعك صوتي . فقال : يا أبا محذورة ، إنك بأرض شديدة الحر ، فأبرد عن الصلاة ، ثم أبرد عنها ، ثم أبرد عنها ، ثم أذن ، ثم أقم ، تجدني عندك.(6/117)
6864- قال : أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي قال : حدثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة أن عُمَر قال لأبي محذورة : إنك بأرض حارة فأبرد ، ثم أبرد ، ثم أبرد ، ثم صل ركعتين ، وقد بلغتك.(6/117)
6865- قال : أخبرنا عبد الله بن الزبير الحميدي قال : حدثنا إبراهيم بن عبد العزيز قال : حدثني جدي ، عن أبيه ، : أن عُمَر قال له : يا أبا محذورة ، إنك بأرض حارة ، ومسجد ضاحي ، فأبرد ، ثم أبرد ، ثم أذن واركع ركعتين ، وأقم الصلاة ، آتِك لا تأتِني.(6/117)
6866- قال : أخبرنا عبد الله بن الزبير الحميدي قال : حدثنا إبراهيم بن عبد العزيز قال : حدثنا جدي ، عن أبي محذورة ، أن عُمَر قال له حين سمع نداه : أما تخشى على مريطائك ؟ قال : إني تجشمت لأمير المؤمنين . قال جدي : وكان أبو محذورة جهير الصوت . قال إبراهيم : مريطاه : أنثويه.(6/117)
6867- قال : أخبرنا يحيى بن حماد ، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي ، قالا : حدثنا أبو عوانة ، عن إسماعيل بن سالم ، عن أبي سعيد الأزدي قال : رأيت أبا محذورة يطوف بالبيت وسمعته يقول : قال يحيى : يا عباد الله ، وقال يعقوب : يا حجاج بيت الله ، كبروا وهللوا ، فكان الناس إذا سمعوا صوت أبي محذورة كبروا وهللوا.
قال محمد بن عُمَر : فكان أبو محذورة مؤذن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في المسجد الحرام بمكة ، إلى أن توفي سنة تسع وخمسين في آخر خلافة معاوية بن أبي سفيان ، فبقي الأذان في ولده وولد ولده في المسجد الحرام إلى اليوم.(6/118)
1110- كلدة بن الحنبل
قال محمد بن عُمَر : هو أخو صفوان بن أُمَية بن خلف الجمحي لأمه ، وهو أسود من سُودان مكة . وقال هشام بن محمد بن السائب الكلبي : أم صفوان بن أُمَية بن خلف : صفية بنت معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح (1)، وليس كلدة بأخيه ، ولكنه ابن أخته صفية بنت أمية بن خلف ، لها كلدة ، وعبد الرحمن ابنا الحنبل بن المليك ، وهما من العرب من اليمن ممن سقط إلى مكة ، ولم تسم لنا قبيلتهما.
قال محمد بن سعد : قول الواقدي : إنه أخو صفوان بن أُمَية أصوب ، وهو قول أهل المدينة . وكان كلدة متصلا بصفوان بن أُمَية بهذه القرابة ، يخدمه ولا يفارقه في سفر ولا حضر ، ولم يزل على دين قريش حتى كان يوم فتح مكة ، وخرج مع صفوان بن أُمَية حين خرج صفوان مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إلى حنين ، وهما على الشرك بعد . فلما كانت وقعة هوازن وانهزم المسلمون ، تكلم قوم بما في أنفسهم من الكفر والضغن والغش ، فصرخ كلدة بن الحنبل : ألا بطل السحر اليوم . فقال له صفوان بن أُمَية : اسكت ، فض الله فاك ، والله لأن يربني رب من قريش أحب إلي من أن يربني رب من هوازن.
ثم أسلم كلدة بعد ذلك بإسلام صفوان بن أُمَية ، ولم يزل بمكة مقيما ، وقد روى عن رسول الله ، صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
_حاشية__________
(1) تصحف في المطبوع إلى : "جُمَع".(6/118)
6868- قال : أخبرنا روح بن عبادة قال : حدثنا ابن جريج قال : أخبرني عَمْرو بن أبي سفيان ، أن عَمْرو بن عبد الله بن صفوان أخبره ؛ أن صفوان بن أُمَية بعثه في الفتح بِلِبَأٍ وجداية وضغابيس ، والنبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، بأعلى الوادي . قال : فدخلت عليه ولم أسلم ولم أستأذن ، فقال النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : ارجع فقل السلام عليكم ، أأدخل ؟ -بعد ما أسلم صفوان -.قال عَمْرو : وأخبرني هذا الخبر أمية بن صفوان ، ولم يقل سمعته من كلدة.(6/119)
- ومن بني عامر بن لؤي
1111- سهيل بن عَمْرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي ويكنى أبا يزيد.
وأُمُّه حُبَّى بنت قيس بن ضبيس بن ثعلبة بن حيان بن غنم بن مليح بن عَمْرو ، من خزاعة.(6/119)
فولد سهيل بن عَمْرو : عبد الله ، وكان من المهاجرين الأولين ، وقد شهد بدرا ، وأبا جندل ، لا بقية له ، وقد صحب النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وعتبة ، وأم كلثوم ، ولدت لأبي سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى العامري.
وأمهم فاختة بنت عامر بن نوفل بن عبد مناف بن قصي ، وهندًا ، ولدت لحفص بن عبد بن زمعة ، ثم خلف عليها عثمان بن عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أُمَية ، ثم خلف عليها عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة ، فولدت له ، ثم خلف عليها الحسن بن علي بن أبي طالب ، وأمها الحنفاء بنت أبي جهل بن هشام بن المغيرة.
وسهلة بنت سهيل ، لها محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ، ولها سليط بن عبد الله بن الأسود بن عَمْرو من بني مالك بن حسل بن عامر بن لؤي ، ثم خلف عليها شماخ بن سعيد بن قانف بن الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم بن منصور فولدت له ، ولها أيضا سلام بن عبد الرحمن بن عوف ، وأمها فاطمة بنت عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي.(6/120)
قال محمد بن عُمَر : كان سهيل بن عَمْرو من أشراف قريش ورؤسائهم والمنظور إليه منهم ، وشهد مع المشركين بدرا فأسر ، أسره مالك بن الدخشم فقال :
أسرت سهيلا فلم أبتغِ .. به غيره من جميع الأمم
وخندف تعلم أن الفتى ... سهيلا فتاها إذا تصطلم
ضربت بذي الشفر حتى انحنى ... وأكرهت نفسي على الأعلم
ويروى على ذي العلم وهو أجود.
قال : وكان سهيل أعلم الشفة ، وكان سهيل مع مالك بن الدخشم ، فلما كانوا بشنوكة وهي فيما بين السيالة وملل ، قال سهيل لمالك : خل سبيلي للغائط ، فقام معه مالك ، فقال سهيل : إني أحتشم فاستأخر عني ، فاستأخر عنه ، ومضى سهيل على وجهه وانتزع يده من القران ، فلما أبطأ على مالك ؛ أقبل فصاح في الناس ، فخرجوا في طلبه . وخرج رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، في طلبه وقال : من وجده فليقتله . فوجده رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم (قد دَفَنَ) نفسه بين سمُرات ، فأمر به فربطت يداه إلى عنقه ، ثم قرنه إلى راحلته فلم يركب خطوة حتى ورد المدينة.(6/121)
6869- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني إسحاق بن حازم ، عن عبيد الله بن مقسم ، عن جابر بن عبد الله قال : لقي رسول الله ، صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أسامة بن زيد ورسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم على راحلته القصواء ، فأجلسه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بين يديه وسهيل مجنوب (و) يداه إلى عنقه ، فلما نظر إليه أسامة قال : يا رسول الله ، أبو يزيد ؟ فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : نعم ، هذا الذي كان يطعم بمكة الخبز.(6/121)
191 - أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الله بن عثمان بن حنيف ، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة ، قال : قدم رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم المدينة ، وقدم بالأسرى (حين قدم بهم) وسودة بنت زمعة عند آل عفراء في مناحتهم على عوف ومعوذ ، وذلك قبل أن يضرب الحجاب ، فقالت سودة بنت زمعة : فأتينا فقيل لنا : هؤلاء الأسرى قد أتي بهم . فخرجت إلى بيتي ورسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فيه ، وإذا أبو يزيد مجموعة يداه إلى عنقه في ناحية البيت ، فوالله ما ملكت حين رأيته مجموعة يداه إلى عنقه أن قلت : أبا يزيد ، أعطيتم بأيديكم ، ألا متم كراما ؟ فوالله ما راعني إلا قول رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم من البيت : أيا سودة ، أعلى الله ورسوله ؟ قلت : يا نبي الله ، والذي بعثك بالحق ، إن ملكت حين رأيت أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنقه أن قلت ما قلت.(6/121)
6870- قال : أخبرنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا محمد بن إسحاق ، عن محمد بن عَمْرو بن عطاء قال : لما أسر سهيل بن عَمْرو ، قال عُمَر بن الخطاب : يا رسول الله ، انزع ثنيتيه ، يدلع لسانه ؛ فلا يقوم عليك خطيبا أبدا ، وكان سهيل أعلم من شفته السفلى ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : لا أمثل (به) فيمثل الله بي ، وإن كنت نبيا.
قال : وزاد محمد بن عُمَر : ولعله يقوم مقاما لا تكرهه.
وكان يقال له : ذو الأنياب . قال : فقام سهيل بمكة حين جاءته وفاة رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بخطبة أبي بكر كأنه كان سمعها ، فقال عُمَر حين بلغه كلام سهيل : أشهد أنك رسول الله ، يريد حيث قال النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : لعله يقوم يوما مقاما لا تكرهه.(6/122)
قال : وقدم في فداء سهيل بن عَمْرو مكرز بن حفص بن الأخيف ، فانتهى إلى رضاهم فيه أرفع الفداء أربعة آلاف ، فقالوا : هات مالنا ، فقال : نعم ، اجعلوا رجلا مكان رجل ، وخلوا سبيله ، يعني خذوني مكانه رهنا حتى يرسل إليكم بفدائه ، فخلوا سبيل سهيل ، وحبسوا مكرز بن حفص فبعث سهيل بالمال مكانه من مكة.
وسهيل بن عَمْرو هو الذي خرج إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بالحديبية ، فكلمه عن قريش بما كلمه به من إبائهم أن يدخلها رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عليهم عامه ذلك ، واصطلح رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وسهيل على القضية التي كتبوها بينهم ، على أن يرجع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عامه ذلك ، ولا يدخل مكة عامه ذلك ، ولا يدخل مكة ويرجع قابل فيدخلها معتمرا بسلاح المسافر ، السيوف في القرب ، وعلى الهدنة التي كانت بينهم ، فرضيت قريش بما صنع سهيل ، وأقام سهيل على دين قومه حتى كان فتح مكة.(6/123)
6871- أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن أبيه قال : قال سهيل بن عَمْرو : لما دخل رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مكة اقتحمت بيتي ، وغلقت علي بابي ، وأرسلت إلى ابني عبد الله بن سهيل : أن اطلب لي جوارا من محمد ، فإني لا آمن أن أقتل . فذهب عبد الله إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فقال : يا رسول الله ، أبي تؤمنه ؟ قال : نعم ، هو آمن بأمان الله فليظهر . ثم قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لمن حوله : من لقي سهيل بن عَمْرو فلا يشد النظر إليه ، فلعمري ، إن سهيلا له عقل وشرف ، وما مثل سهيل جهل الإسلام . فخرج عبد الله بن سهيل إلى أبيه فخبره بمقالة رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فقال سهيل : كان والله برا صغيرا وكبيرا . فكان سهيل يقبل ويدبر آمنا ، وخرج إلى حنين مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وهو على شركه ، حتى أسلم بالجعرانة ، فأعطاه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يومئذ من غنائم حنين مائة من الإبل.(6/123)
6872- قال : أخبرنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي ، عن عبد الله بن المؤمل ، عن عُمَر بن عبد الرحمن بن محيصن (ح) قال : وأخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا إبراهيم بن نافع ، عن ابن أبي حسين ، قالا : كتب رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إلى سهيل بن عَمْرو : أن أَهْدِ لنا من ماء زمزم ولا تتركنه ، قال : فأرسل إليه بمزادتين مملوئتين من ماء زمزم . قال ابن أبي حسين : وجعل عليها كرا غوطيا.(6/124)
6874- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني ابن قماذين قال : لم يكن أحد من كبراء قريش الذين تأخر إسلامهم فأسلموا يوم فتح مكة أكثر صلاة ولا صوما ولا صدقة ولا أقبل على ما يعنيه من أمر الآخرة من سهيل بن عَمْرو ، حتى إن كان لقد شحب وتغير لونه ، وكان كثير البكاء ، رقيقا عند قراءة القرآن.
لقد رئي يختلف إلى معاذ بن جبل يقرئه القرآن وهو بمكة ، حتى خرج معاذ من مكة ، وحتى قال له ضرار بن الخطاب : يا أبا يزيد : تختلف إلى هذا الخزرجي يقرئك القرآن ؟ ألا يكون اختلافك إلى رجل من قومك من قريش ؟ فقال : يا ضرار هذا الذي صنع بنا ما صنع حتى سبقنا كل السبق ، إني لعمري أختلف إليه ، فقد وضع الإسلام أمر الجاهلية ، ورفع الله أقواما بالإسلام كانوا في الجاهلية لا يذكرون ، فليتنا كنا مع أولئك فتقدمنا ، وإني لأذكر ما قسم الله لي في تقدم إسلام أهل بيتي ، الرجال والنساء ومولاي عمير بن عوف فأسر به وأحمد الله عليه ، وأرجو أن يكون الله نفعني بدعائهم ألا أكون مت على ما مات عليه نظرائي وقتلوا.
وقد شهدت مواطن ، كلها أنا فيها معاند للحق : يوم بدر ، ويوم أحد ، والخندق ، وأنا وليت أمر الكتاب يوم الحديبية ، يا ضرار ، إني لأذكر مراجعتي رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يومئذ وما كنت ألط به من الباطل ؛ فأستحيي من رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وأنا بمكة وهو بالمدينة ، ولكن ما كان فينا من الشرك أعظم من ذلك ، وانظر إلى ابني عبد الله ومولاي عمير بن عوف ، قد فرا مني فصارا في حيز محمد ، وما عمي علي يومئذ من الحق لما أنا فيه من الجهالة ، وما أراد بهما الله من الخير ، ثم قتل ابني عبد الله بن سهيل يوم اليمامة شهيدا . عزاني به أبو بكر ، وقال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : إن الشهيد ليشفع لسبعين من أهل بيته . فأنا أرجو أن أكون أول من يشفع له.(6/125)
6875- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الحميد بن جعفر ، عن أبيه ، عن زياد بن ميناء ، عن أبي سعيد بن أبي فضالة الأنصاري ، وكانت له صحبة ، قال : اصطحبت أنا وسهيل بن عَمْرو إلى الشام ليالي أغزانا أبو بكر الصديق ، فسمعت سهيلا يقول : سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يقول : مقام أحدكم في سبيل الله ساعة خير من عمله عمره في أهله ، فقال سهيل : وأنا أرابط حتى أموت ولا أرجع إلى مكة أبدا ، فلم يزل بالشام حتى مات بها في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة ، في خلافة عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه.(6/126)
6876- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني إبراهيم بن جعفر بن محمود بن محمد بن مسلمة الأشهلي ، عن أبيه ، قال : كان حويطب بن عبد العزى العامري قد بلغ عشرين ومائة سنة : ستين سنة في الجاهلية ، وستين في الإسلام ، فلما ولي مروان بن الحكم المدينة في عمله الأول ، دخل عليه حويطب مع مشيخة جلة : حكيم بن حزام ، ومخرمة بن نوفل ، فتحدثوا عنده ثم تفرقوا ، فدخل عليه حويطب يوما بعد ذلك فتحدث عنده . فقال مروان : ما سنك ؟ فأخبره ، فقال له مروان : تأخر إسلامك أيها الشيخ حتى سبقك الأحداث ، فقال حويطب : الله المستعان ، والله لقد هممت بالإسلام غير مرة كل ذلك يعوقني أبوك عنه وينهاني ، ويقول : تضع شرفك ، وتدع دين آبائك لدين محدث ، وتصير تابعا ؟ قال : فأسكت والله مروان ، وندم على ما كان قال له ، ثم قال حويطب : أما كان أخبرك عثمان ، رحمه الله ، ما كان لقي من أبيك حين أسلم ؟ فازداد مروان غما ،(6/127)
ثم قال حويطب : ما كان في قريش أحد من كبرائها الذين (بَقَوَا) على دين قومهم إلى أن فتحت مكة كان أكره لما هو عليه مني ، ولكن المقادير ، ولقد شهدت بدرا مع المشركين فرأيت عبرا ،
رأيت الملائكة تقتل وتأسر بين السماء والأرض ، فقلت : هذا رجل ممنوع ، ولم أذكر ما رأيت ، فانهزمنا راجعين إلى مكة ، فأقمنا بمكة وقريش تسلم رجلا رجلا ، فلما كان يوم الحديبية حضرت وشهدت الصلح ومشيت فيه حتى تم ، وكل ذلك أريد الإسلام ، ويأبى الله إلا ما يريد ، فلما كتبنا صلح الحديبية ، كنت أنا أحد شهوده ، وقلت : لا ترى قريش من محمد إلا ما يسوءها ، قد رضيت أن دافعته بالراح . ولما قدم رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في عمرة القضية وخرجت قريش عن مكة ، كنت فيمن تخلف بمكة أنا وسهيل بن عَمْرو ، لأن يخرج رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إذا مضى الوقت وهو ثلاث ، فلما انقضت الثلاث أقبلت أنا وسهيل بن عَمْرو فقلت : قد مضى شرطك ، فاخرج من بلدنا ، فصاح : يا بلال ، لا تغيب الشمس وأحد من المسلمين بمكة ممن قدم معنا.(6/128)
ثم انصرف أبو ذر إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فأخبره ، فقال : أوليس قد أمَّنَّا الناس كلهم إلا من أمرت بقتله ؟ قال : فاطمأننت ، ورددت عيالي إلى مواضعهم وعاد إلي أبو ذر فقال : يا أبا محمد ، حتى متى وإلى متى ، قد سبقت في المواطن كلها ، وفاتك خير كثير ، وبقي خير كثير ، فأت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فأسلم تسلم ، ورسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أبر الناس ، وأوصل الناس ، وأحلم الناس ، شرفه شرفك ، وعزه عزك ، قال : قلت : فأنا أخرج معك فآتيه.
قال : فخرجت معه حتى أتيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بالبطحاء ، وعنده أبو بكر وعمر ، فوقفت على رأسه ، وقد سألت أبا ذر : كيف يقال له إذا سلم عليه ؟ قال : قل : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله ، فقلتها ، فقال : وعليك السلام ، أحويطب ؟ قال : قلت : نعم ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : الحمد لله الذي هداك ، قال : وسر رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بإسلامي ، واستقرضني مالا فأقرضته أربعين ألف درهم ، وشهدت معه حنينا والطائف ، وأعطاني من غنائم حنين مائة بعير.
ثم قدم حويطب بن عبد العزى بعد ذلك المدينة ، فنزلها وله بها دار بالبلاط عند أصحاب المصاحف.(6/129)
فافتتن عبد الله بن سعد وقال : ما يدري محمد ما يقول ، إني لأكتب له ما شئت ، هذا الذي كتبت يوحى إلي كما يوحى إلى محمد . وخرج هاربا من المدينة إلى مكة مرتدا ، فأهدر رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم دمه يوم الفتح.
فجاء إلى عثمان بن عفان ، وكان أخاه في الرضاعة ، فقال : يا أخي ، إني والله قد اخترتك على غيرك ، فاحبسني هاهنا ، واذهب إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فكلمه فيّ ، فإن محمدًا إن رآني ضرب الذي فيه عيناي ، إن جرمي أعظم الجرم ، وقد جئتك تائبا . فقال عثمان : بل اذهب معي . فقال عبد الله : والله لئن رآني ليضربن عنقي ولا يناظرني ، قد أهدر دمي ، وأصحابه يطلبونني في كل موضع . فقال عثمان : انطلق معي ، فلا يقتلك إن شاء الله . فلم يرع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إلا بعثمان آخذ بيد عبد الله بن سعد بن أبي سرح واقفين بين يديه.
فأقبل عثمان على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فقال : يا رسول الله ، إن أمه كانت تحملني وتمشيه ، وكانت ترضعني وتفطمه ، وكانت تلطفني وتتركه ، فهبه لي . فأعرض عنه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وجعل عثمان كلما أعرض عنه النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بوجهه استقبله ، فيعيد عليه هذا الكلام ، وإنما أعرض النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إرادة أن يقوم رجل فيضرب عنقه لأنه لم يؤمنه ، فلما رأى أن لا يقوم أحد ، وعثمان قد أكب على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يقبل رأسه ، وهو يقول : يا رسول الله ، تبايعه فداك أبي وأمي . فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : نعم ، ثم التفت إلى أصحابه فقال : ما منعكم أن يقوم رجل منكم إلى هذا الكلب فيقتله ، أو قال : الفاسق ؟(6/130)
فقال عباد بن بشر : ألا أومأت إلي يا رسول الله ؟ فوالذي بعثك بالحق ، إني لأتبع طرفك من كل ناحية ، رجاء أن تشير إلي فأضرب عنقه . ويقال : قال هذا أبو اليسر ، ويقال : عُمَر بن الخطاب ، ولعلهم قالوه جميعا ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : إني لا أقتل بالإشارة ، وقائل يقول : إن النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قال يومئذ : إن النبي لا تكون له خائنة الأعين ، فبايعه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم على الإسلام.
وجعل عبد الله بعد ذلك كلما رأى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يفر منه ، فقال عثمان لرسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : بأبي أنت وأمي ، لو ترى ابن أم عبد الله يفر منك كلما رآك . فتبسم رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ثم قال : أولم أبايعه وأؤمنه فقال : بلى ، أي رسول الله ، ولكنه يتذكر عظيم جرمه في الإسلام . فقال النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : الإسلام يجب ما كان قبله ، فرجع عثمان إلى عبد الله بن سعد فأخبره ، فكان يأتي فيسلم على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مع الناس بعد ذلك.(6/131)
1115- هشام بن عَمْرو بن ربيعة بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي ، وكان يقال لحبيب بن جذيمة شحام ، وأم هشام بن عَمْرو : زينب بنت أبي سرح بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي ، وهي عمة عبد الله بن سعد بن أبي سرح.(6/132)
1116- ربيعة بن أبي خرشة بن عَمْرو بن ربيعة بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي.
وأُمُّه : ابنة ربيعة بن أُمَية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح ، وهو ابن أخي هشام بن عَمْرو ، وأسلم يوم فتح مكة ، وقتل يوم اليمامة شهيدا سنة اثنتي عشرة ، في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.(6/133)
1119- عبد الرحمن بن مشنوء بن عبد بن وقدان بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي.
وأُمُّه أم حاطب بنت عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي ، فولد عبد الرحمن بن مشنوء : مسلما ، وعائشة ، وأم يحيى ، ومريم ، لها بنو أبي الحكم بن حويطب بن عبد العزى بن أبي قيس العامري ، وأمهم أميمة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر ، أخت سودة بنت زمعة.
وشهد عبد الرحمن بن مشنوء مع المشركين بدرا فأسر يومئذ ، أسره النعمان بن مالك ، ثم أسلم عبد الرحمن بن مشنوء بعد ذلك ، وكان اسمه عبد العزى فسماه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عبد الرحمن.(6/134)
- ومن بني فهر بن مالك
1121- ضرار بن الخطاب بن مرداس بن كبير بن عَمْرو بن حبيب بن عَمْرو بن شيبان بن محارب بن فهر.
وأُمُّه أم ضرار بن عَمْرو ، واسمها هند بنت مالك بن جحوان بن عَمْرو بن حبيب بن عَمْرو بن شيبان بن محارب بن فهر. وجده عَمْرو بن حبيب ، وهو آكل السقب ، وذاك أنه أغار على بني بكر ولهم سقب يعبدونه فأخذ السقب فأكله ، وكان عمه حفص بن مرداس شريفا ، وكان ضرار بن الخطاب فارس قريش وشاعرهم ، وحضر معهم المشاهد كلها ، فكان يقاتل أشد القتال ويحرض المشركين بشعره ، وهو قتل عَمْرو بن معاذ أخا سعد بن معاذ يوم أحد ، وقال حين قتله :
لا تعدمن رجلا زوَّجَك من الحور العين(6/135)
وكان يقول : زوجت عشرة من أصحاب محمد . وأدرك عُمَر بن الخطاب ، فضربه بالقناة ثم رفعها عنه ، فقال : يا ابن الخطاب ، إنها نعمة مشكورة ، والله ما كنت لأقتلك.
وهو الذي نظر يوم أحد إلى خلاء الجبل من الرماة فأعلم خالد بن الوليد ، فكرَّا جميعا بمن معهما حتى قتلوا من بقي من الرماة على الجبل ، ثم دخلوا عسكر المسلمين من ورائهم . وكان له ذكر في الخندق وحركة ، يطيف بالجبل ، يريد أن يعبر بمن معه ، فمنعه المسلمون من ذلك . ولقد واقفه عُمَر بن الخطاب ليلة على الخندق ومع ضرار عيينة بن حصن في خيل من خيل غطفان عند جبل بني عبيد ، والمسلمون يرامونهم بالحجارة والنبل ، حتى رجعوا مغلولين قد كثرت فيهم الجراحة . ثم إن الله تبارك وتعالى من عليه بالإسلام يوم فتح مكة فحسن إسلامه ، وكان يذكر ما كان فيه من مشاهدته القتال ومباشرته ذلك ، ويترحم على الأنصار ويذكر بلاءهم ومواقفهم وبذلهم أنفسهم لله في تلك المواطن الصالحة. وكان يقول : الحمد لله الذي أكرمنا بالإسلام ومن علينا بمحمد صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.(6/136)
فولد رباح : حسان ، وبه كان يكنى ، ولد يوم الفتح ، وعاتكة ، وأم حكيم ، وأمهم بنت عَمْرو بن مهان بن عامر بن ضابئ بن المخترش بن حليل بن حبشية من خزاعة ، وعبيد الله ، والحكم ، وسعيدا ، وأمهم : سخيلة بنت عبد الله بن مجالد بن عبد الله بن عَمْرو من بني ضاطر بن حبشية بن سلول ، من خزاعة ، وعبيدة ، وعمرا ، وصخرة ، وأمهم : سلمى بنت عبيدة بن عبد الله بن جويرية ، من بني الوحيد ، وعبد الملك.
وأُمُّه : زينب بنت مقيس بن صبابة بن مسافر ، من بني ليث من كلب ، ومالكا وأم الأسود ، وأمهما : أم حريث ، وهي زينب بنت مالك بن أنيس بن أُمَية بن عبد الله من بني عذرة ، وعاصما والضحاك ومحمدا ، وأمهم : معاذة بنت عاصم بن نعيم بن سفيان بن ثعلبة بن خراش ، وكبيرا ، ونافعا ، وكلثوم ، وزائدة ، وعباسا ، وسليمان ، وكثيرة ، وأم عَمْرو ، وأم سعيد ، وريطة ، وحكيمة ، وأم مسلم ، لأمهات أولاد.
قال : وكان رباح شريكا لعبد الرحمن بن عوف في التجارة ، وأسلم يوم فتح مكة ، ولم نسمع له بِشَهْدَةٍ.(6/137)
1123- نهشل بن عَمْرو بن عبد الله بن وهب بن سعد بن عَمْرو بن حبيب بن عَمْرو بن شيبان بن محارب بن فهر.
وأُمُّه : ريطة بنت عبد الله بن الأعرج بن جليلة ، من هذيل ، فولد نهشل بن عَمْرو : عبد الرحمن ، وعبد الله ، ونضلة ، وقطنا ، وصالحا ، قتلوا يوم الحرة ، وأمهم : بنت كثير بن الهيثم بن قرط ، من بني نصر بن معاوية ، وأبا بكر ، وضرارا ، ومحمدا ، ونهشلا ، وحميدة ، وأمهم : أم جميل بنت مسافع بن أنس بن عبدة بن جابر بن وهب بن ضباب بن حجير بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي.(6/138)
وبلغ عَمْرو بن العاص طرابلس ففتحها ، فكتب إلى عُمَر : إن بينها وبين إفريقية تسعة أيام ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن للمسلمين في دخولها فعل ، فإن المسلمين قد اجترؤُوا عليهم وعلى بلادهم وعرفوا قتالهم ، وليس عدوا كل شوكة منهم ، وإفريقية عين مال المغرب ، فيوسع الله بما فيها على المسلمين.
فكتب إليه عُمَر : ولو فتحت إفريقية ما قامت بوال مقتصد لا جند معه ، ثم لا آمن أن يقتلوه ، فإن شحنتها بالرجال كلفت حمل مال مصر أو عامته إليها ، لا أدخلها جندا للمسلمين أبدا ، وسيرى الوالي بعدي رأيه.
فلما ولي عثمان ، رضي الله عنه ، أغزا الناس إفريقية ، وأمرهم أن يلحقوا بعبد الله بن سعد ، وأمر عبد الله بن سعد أن يسير بمن معه ومن أمده بهم عثمان بن عفان إلى إفريقية ، فخرج بالناس حتى نزل بقربها ، فصالحه بطريقها على صلح يخرجه له ، فقبل ذلك منه.
فلما ولي معاوية بن أبي سفيان وجه عقبة بن نافع بن عبد قيس الفهري إلى إفريقية غازيا في عشرة آلاف من المسلمين ، فافتتحها ، واختط قيروانها ، وقد كان موضعه غيضة لا ترام من السباع والحيات وغير ذلك من الدواب ، فدعا الله عليها ، فلم يبق منها شيء مما كان فيها من السباع وغير ذلك إلا خرج منها هاربا بإذن الله ، حتى إن كانت السباع وغيرها لتحمل أولادها.(6/139)
6885- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني مفضل بن فضالة المعافري ، عن يزيد بن أبي حبيب ، ويكنى أبا رجاء مولى بني عامر بن لؤي ، قال : حدثني رجل من جند مصر قال : قدمنا مع عقبة بن نافع إفريقية ، وهو أول الناس اختطها ، وقطعها للناس مساكن ودورا ، وبنى مسجدها ، وأقمنا معه حتى عزل عنها ، وهو خير وال وخير أمير ، وولى معاوية بن أبي سفيان حين عزل عقبة بن نافع ، مسلمة بن مخلد الأنصاري ، ولاه مصر وأفريقية ، وعزل معاوية بن حُديج الكندي عن مصر ،
فوجه مسلمة بن مخلد إلى إفريقية دينارا أبا المهاجر ، مولى له ، وعزل عقبة بن نافع ، فقيل لمسلمة بن مخلد : لو أقررت عقبة بن نافع عليها ، فإن له جرأة وفضلا ، وهو الذي اختطها وبنى مسجدها ، فقال مسلمة : إن أبا المهاجر كما ترى ، إنما هو كأحدنا ، صبر علينا في غير ولاية ولا كبير نيل ، فنحن نحب أن نكافئه ونصطنعه ، فوجهه إلى أفريقية.(6/140)
فلما قدم دينار أبو المهاجر إفريقية كره أن ينزل في الموضع الذي اختط عقبة بن نافع ، فمضى حتى خلفه بميلين ، ثم نزل موضعا يقال له أيت كروان فابتناه ونزله.
وخرج عقبة بن نافع منصرفا إلى المشرق حنقا على أبي المهاجر ، وكان أساء عزله ، فدعا الله أن يمكنه منه ، وبلغ ذلك أبا المهاجر فلم يزل خائفا منه منذ بلغته دعوته عليه.
فقدم عقبة بن نافع على معاوية ، فقال : الله ، إني فتحت البلاد ودانت لي ، وبنيت المنازل ، وبنيت مسجد الجماعة ، وسكنت الرجال ، ثم أرسلت عبد الأنصار فأساء عزلي . فاعتذر إليه معاوية ، وقال : قد عرفت مكان مسلمة من الإمام المظلوم ، رحمه الله ، وتقديمه إياه على من سواه ، ثم قيامه بعد ذلك بدمه ، وبذل مهجة نفسه محتسبا صابرا مع من أطاعه من قومه ومواليه ، وقد رددتك على عملك واليا.(6/141)
6886- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : فحدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة قال : حدثني عبد الرحمن بن أبي صعصعة قال : لما ولى مسلمة بن مخلد أبا المهاجر إفريقية ، أوصاه بتقوى الله ، وأن يسير بسيرة حسنة ، وأن يعزل صحبه أحسن العزل ، فإن أهل بلده يحسنون القول فيه . فخالفه أبو المهاجر فأساء عزله ، فمر عقبة بن نافع على مسلمة بن مخلد ، فركب إليه مسلمة يقسم له بالله لقد خالفه ما صنع ، ولقد أوصيته بك خاصة . ولم يوله معاوية ، ولكنه أقام حتى مات معاوية فولاه يزيد بعد ذلك.(6/142)
فلما انتهى عقبة بن نافع إلى تهودة ، عرض له كسيلة بن لمزم الأوربي في جميع كثير من البربر والروم ، وكان قد بلغه افتراق الناس عن عقبة بن نافع ، وقلة من معه ، وجمع لذلك جمعا فالتقوا ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، فقتل عقبة بن نافع شهيدا ، رحمه الله ، وقتل من كان معه ، وقتل أبو المهاجر وهو موثق في الحديد ، واشتعلت إفريقية حربا . ثم سار كسيلة ومن معه حتى نزلوا قونية ، الموضع الذي كان عقبة بن نافع اختط ، فأقام بها ومن معه ، وقهر من قرب منه ، بآب قايش وما يليه ، وجعل يبعث أصحابه في كل وجه إلى أن توفي يزيد بن معاوية وكانت خلافته ثلاث سنين وثلاثة أشهر.
انقضت قصة بني فهر.(6/143)
قال : فبينا أنا في الناس ألتمس عليا ، إلى أن طلع علي ، فطلع رجل حذر مرس كثير الالتفات ، قال : فقلت : ما هذا صاحبي الذي ألتمس ، إذ (1) رأيت حمزة يفري الناس فريا ، فكمنت له (إلى) صخرة وهو مكبس له كتيت ، فاعترض له سباع بن (أُمِّ) أنمار ، وكانت أمه ختانة بمكة ، مولاة شريق بن علاج بن عَمْرو بن وهب الثقفي ، وكان سباع يكنى أبا نيار ، فقال : وأنت أيضا يا ابن مقطعة البظور ممن يكثر علينا ، هلم إليَّ ، فاحتمله حتى إذا برقت قدماه ، رمى به ، فبرك عليه فشحطه شحط الشاة.
ثم أقبل إلي مكبسا حين رآني فلما بلغ المسيل وطئ على جرف فزلت قدمه ، فهززت حربتي حتى رضيت منها ، فأضرب بها في خاصرته حتى خرجت من مثانته ، وكرَّ عليه طائفة من أصحابه ، فأسمعهم يقولون : أبا عمارة ، فلا يجيب ، فقلت : قد والله مات الرجل ، وذكرت وجد هند على أبيها وعمها وأخيها ، وتكشف عنه أصحابه حين أيقنوا بموته ، ولا يروني ، فأكر عليه ، فشققت بطنه ، فأخرجت كبده ، فجئت بها إلى هند بنت عتبة ، فقلت : ماذا لي إن قتلت قاتل أبيك ؟ قالت : سلبي ، فقلت : هذه كبد حمزة ، فأخذتها فمضغتها ثم لفظتها ، فلا أدري لم تسغها أو قذرتها ، فنزعت ثيابها وحليها فأعطتنيه ثم قالت : إذا جئت مكة فلك عشرة دنانير.
ثم قالت : أرني مصرعه ، فأريتها مصرعه ، فقطعت مذاكيره ، وجدعت أنفه ، وقطعت أذنيه ، ثم جعلت منه مسكتين ، ومعضدتين ، وخدمتين ، حتى قدمت بذلك مكة وقدمت بكبده معها.
وشهد وحشي أيضا الخندق مع المشركين ، فقتل الطفيل بن النعمان الأنصاري ، ثم أحد بني سلمة ، فكان يقول بعد أن أسلم : أكرم الله بحربتي حمزة وطفيلا ولم يهني بأيديهما . يعني يقتلاني مشركا.
_حاشية__________
(1) في المطبوع "إذا".(6/144)
6888- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : أمر رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يوم فتح مكة بقتل وحشي مع النفر الذي أمر بقتلهم ، ولم يكن المسلمون على أحد أحرص منهم على وحشي ، فهرب وحشي إلى الطائف فلم يزل بها مقيما حتى قدم في وفد الطائف على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فدخل عليه فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله . فقال : وحشي ؟ قال : نعم ، قال : اجلس حدثني كيف قتلت حمزة . فأخبره ، فقال له رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : غيب عني وجهك قال وحشي : فكنت إذا رأيته تواريت عنه ، ثم خرج الناس إلى مسيلمة فخرجت معهم فدفعت إليه ، فزرقته بالحربة ، وضربه رجل من الأنصار ، فربك أعلم أينا قتله ، إلا أني سمعت امرأة من فوق الدير تقول : قتله العبد الحبشي.
قال : وقال غير محمد بن عُمَر : فكان وحشي يقول : قتلت خير الناس ، وقتلت شر الناس . يعني حمزة بن عبد المطلب ، ومسيلمة الكذاب.(6/145)
6891- أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الله بن جعفر ، عن ابن أبي عون ، عن الزهري ، عن عروة قال : حدثنا عبيد الله بن عدي بن الخيار قال : غزونا الشام في زمن عثمان بن عفان فمررنا بحمص بعد العصر ، فقلنا : وحشي ، فقالوا : لا تقدرون عليه ، هو الآن يشرب الخمر حتى يصبح ، فبتنا من أجله وإنا لثمانون رجلا ، فلما صلينا الصبح جئنا إلى منزله ، فإذا شيخ كبير قد طرحت له زربية قدر مجلسه ، فقلنا (له): أخبرنا عن قتل حمزة وقتل مسيلمة ، فكره ذلك وأعرض عنه ، فقلنا (له): ما بتنا هذه الليلة إلا من أجلك.
قال : إني كنت عبدا لمطعم بن عدي ، فورثني جبير بن مطعم ، فلما خرج الناس إلى أحد ، دعاني فقال : قد رأيت مقتل طعيمة بن عدي ، قتله حمزة يوم بدر ، فلم تزل نساؤنا في حزن شديد إلى يومي هذا ، فإن قتلت حمزة فأنت حر . قال : فخرجت مع الناس ولي مزاريق ، وكنت أَمُرُّ بهند بنت عتبة فتقول : إيه أبا دسمة ، أَشف واشتف ، فلما وردنا أُحُدًا نظرت إلى حمزة يقدم الناس يهذُّهم هذَّا ، فرآني وأنا قد كمنت (له) تحت شجرة ، فأقبل نحوي ، ويعترض له سباع الخزاعي ، فأقبل إليه فقال : وأنت أيضا يا ابن مقطعة البظور ممن يكثر علينا ، هلم إلي.(6/146)
قال : ثم أقبل إليه حمزة ، رحمه الله ، فاحتمله ، حتى رأيت برقان رجليه ثم ضرب به الأرض ثم قتله ، وأقبل نحوي سريعا حتى يعترض له جُرُفٌ فيقع فيه ، وأزرقه بمزراقي فيقع في ثُنَّتِه ، والثنة أسفل من السرة ، حتى خرج من بين رجليه فقتلته ، وأمر بهند بنت عتبة فأخبرتها ، فأعطتني حليها وثيابها ، وكان في ساقيها خدمتان من جزع ظفار ، ومسكتان من ورق ، وخواتم ورق ، وكن في أصابع رجليها ، فأعطتني ذلك كله.
وأما مسيلمة فإنا دخلنا حديقة الموت ، فلما رأيته زرقته بالمزراق ، وضربه رجل من الأنصار بالسيف ، فربك أعلم أينا قتله ، إلا أني سمعت امرأة تصيح فوق الدير قتله العبد الحبشي ، قال عبيد الله بن عدي : فقلت : تعرفني ؟ قال : فأكره بصره علي ، يقول : حمله على النظر ، فقال ابن عدي بن الخيار : ولعاتكة بنت أبي العيص ؟ قال : قلت : نعم . قال : أما والله ما لي بك عهد بعد إذ رفعتك أمك في محفتها التي ترضعك فيها ، ونظرت إلى برقان قدميك حتى كأن الآن.(6/147)
- وممن أسلم من سائر قبائل العرب ورجع إلى بلاد قومه منهم : من كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر
1126- سراقة بن مالك بن جعشم بن مالك بن عَمْرو بن مالك بن تيم بن مدلج بن مرة بن عبد مناة بن كنانة
6892- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني معمر ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم ، عن سراقة بن جعشم قال : جاء ناس من قريش يجعلون في رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وأبي بكر دية كل واحد منهما لمن قتلهما أو أسرهما ، يعني حين خرجا إلى الهجرة ، قال سراقة : فبينا أنا جالس في مجلس من مجالس قومي من بني مدلج أقبل رجل منهم حتى قام علينا ، فقال : يا سراق ، إني قد رأيت آنفا أَسْوَدِةً بالساحل ، أراها محمدا وأصحابه ، قال سراقة : فعرفت أنهم هم ، فقلت له : إنهم ليسوا بهم ، ولكن رأيت فلانا ، وفلانا ، وفلانا ، انطلقوا بغيانا.
قال : ثم تَلَبَّثْتُ في المجلس ساعة ، ثم قمت فدخلت بيتي ، وأمرت جاريتي أن تخرج إلى فرسي ، وهي من وراء أكمة تحبسها علي ، وأخذت رمحي ، فخرجت به من ظهر البيت ، فخططت بزُجِّه الأرض ، وخفضت عالية الرمح ، حتى أتيت فرسي فركبتها ، فرفعتها تقرب بي حتى رأيت أسودتهم ، فلما دنوت منهم بحيث يسمعهم الصوت عثرت فرسي فخررت عنها ، فأهويت إلى كنانتي فاستخرجت الأزلام فاستقسمت بها : أضرهم أم لا ، فخرج الذي أكره : أن لا أضرهم.(6/148)
فعصيت الأزلام ، فركبت فرسي تقرب بي ، حتى إذا دنوت من القوم عثرت بي ، فقمت فأهويت بيدي إلى كنانتي فاستخرجت الأزلام فاستقسمت بها ، فخرج الذي أكره : أن لا أضرهم ، فركبت فرسي فرفعتها تقرب بي ، حتى سمعت قراءة رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وهو لا يلتفت وأبو بكر يكثر الالتفات ، فساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين ، فخررت عنها ثم زجرتها فنهضت ، ولم تكد تخرج يديها ، فلما استوت قائمة ، إذا لأثر يديها عُثَانٌ ساطع في السماء مثل الدخان ، فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره : أن لا أضرهما ، فناديتهما بالأمان ، فوقفا لي ، فركبت فرسي حتى جئتهم ، فوقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أنه سيظهر أمر رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
فقلت لهما : إن قومكما قد جعلوا فيكما الدية ، وأخبرتهم من أخبار سفرهم ، وما يريد الناس بهم ، وعرضت عليهم الزاد والمتاع ، فلم يُرْزَآنِي شيئا ، ولم يسألوني ، إلا أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قال : اخف عنا ، فسألته أن يكتب لي كتابا موادعة آمن به ، فأمر عامر بن فهيرة أن يكتب لي في رقعة أديم ، ثم مضى ، فوالله ما ذكرت من أمره حرفا حتى أعزه الله وأظهره.
فلما كان بين الطائف والجعرانة لقيته ، فتخلصت إليه فوقفت في مِقْنَب من خيل الأنصار ، فجعلوا يقرعونني بالرماح ويقولون : إليك إليك ، ما أنت وما تريد ، وأنكروني ، حتى إذا دنوت وعرفت أنه يسمع ، أخذت الكتاب الذي كتبه فجعلته بين أصبعي ، ثم رفعت يدي إليه وناديت : أنا سراقة بن جعشم وهذا كتابي ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : هذا يوم وفاء وبر ، أدنوه ، فأدنيت إليه ، فكأني أنظر إلى ساق رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في غرزه كأنها جمارة ، فلما انتهيت إليه أسلمت ، وسقت إليه الصدقة ، فما ذكرت شيئا أسأله عنه إلا أني قلت : يا رسول الله ، أرأيت الضالة من الإبل تغشى حياضي وقد ملأتها لإبلي ، هل لي من أجر أسقيها ؟ فقال : نعم ، في كل كبد حرى أجرا .
قال محمد بن عُمَر : وفي حديث غير معمر قال : فرجع سراقة فوجد الناس يلتمسون رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فقال : ارجعوا ، فقد استبرأت لكم ، ما هاهنا ، قد عرفتم بصري بالأثر ، فرجعوا عنه.(6/149)
1127- جُلَيْحَة بن عبد الله بن محارب بن الضحيان بن ناشب بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة ، شهد حنينا والطائف مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وقتل يوم الطائف شهيدا.(6/150)
6893- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني زيد بن فراس ، عن عراك بن مالك ، عن الحارث بن البرصاء قال : سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يقول يوم الفتح : لا تغزا قريش بعد هذا إلى يوم القيامة . يعني : على كفر.(6/151)
أَأَنت الذي تُهدَى مَعَد بأمره ... بل الله يهديها وقال لك اشهد
فما حملت من ناقة فوق رحلها ... أبر وأوفى ذمة من محمد
أحث على خير وأوسع نائلا ... إذا راح يهتز اهتزاز المهند
وأكسى لبرد الخال قبل اجتدائه
وأعطى برأس السابق المتجرد
تعلم رسول الله أنك مدركي ... وأن وعيدا منك كالأخذ باليد
تعلم رسول الله أنك قادر ... على كل سَكْنِ من تهام ومنجد
ونبي رسول الله أن قد هجوته ... فلا رفعت سوطي إلي إِذَنْ يدي
سوى أَنَّني قد قلت يا ويح فتية ... أصيبوا بنحس يوم طلق وأسعد
أصابهم من لم يكن لدمائهم ... كفاء فعزت عبرتي وتَبَلدِي
ذُؤَيْبٌ وكلثوم وسلمى تتابعوا ... جميعا فإلا تدمع العين أكمد
على أن سلمى ليس فيهم كمثله ... وإخوته أو هل ملوك كأعبد
فإني لا عرضا خرقت ولا دما ... هرقت ففكر عالم الحق واقصد(6/152)
1131- وأخوه سارية بن زنيم بن عَمْرو بن عبد الله ، كان خليعا في الجاهلية وكان أشد الناس حضرا على رجليه ، ثم أسلم فحسن إسلامه.
6896- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني أسامة بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، وأبو سليمان عن يعقوب بن زيد ، قالا : خرج عُمَر بن الخطاب يوم الجمعة إلى الصلاة ، فصعد المنبر ثم صاح : يا سارية بن زنيم ، الجبل ، يا سارية بن زنيم ، الجبل ، ظلم من استرعى الذئب الغنم ، قال : ثم خطب حتى فرغ . فجاء كتاب سارية بن زنيم إلى عُمَر بن الخطاب : أن الله فتح علينا يوم الجمعة لساعة كذا وكذا ، لتلك الساعة التي خرج فيها عُمَر فتكلم على المنبر ، قال سارية : وسمعت صوتا ، يا سارية بن زنيم ، الجبل ، يا سارية بن زنيم ، الجبل ، ظلم من استرعى الذئب الغنم ، فعلوت بأصحابي الجبل ، ونحن قبل ذلك في بطن واد ، ونحن محاصرو العدو ، ففُتح علينا ، فقيل لعمر بن الخطاب : ما ذلك الكلام ؟ قال : والله ما ألقيت له بالا ، شيء أتى على لساني.(6/153)
1132- أبو عقرب بن خويلد بن خالد بن بجير بن عَمْرو بن حماس بن عريج بن بكر بن عبد مناة بن كنانة ، وهم بيت بني عريج.
أسلم أبو عقرب بن خويلد يوم فتح مكة ، وابنه عَمْرو بن أبي عقرب بن خويلد أدرك النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أيضا ورآه ، وَرَوَى عنه ، وهو أبو أبي نوفل بن عَمْرو بن أبي عقرب ، واسم أبي نوفل : معاوية.
قال : أخبرني بذلك عبد الله بن عثمان بن حمزة بن عبد الله بن عُمَر بن الخطاب ، وهو ابن ابنة أبي نوفل ، وكان آل أبي عقرب قد سكنوا المدينة ثم انتقلوا إلى البصرة فنزلوها بعد ، ولهم بها بقية.(6/154)
1133- أبو النمر الكناني
وهو جد شريك بن عبد الله بن أبي النمر المحدث المديني ، شهد أبو نمر أحدا مع المشركين ، وقال : رميت يومئذ بخمسين مرماة فأصبت منها بأسهم ، وإني لأنظر إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وإن أصحابه لمحدقون به ، وإن النبل لتمر عن يمينه ، وعن شماله وتقصر بين يديه وتخرج من ورائه . ثم هداه الله إلى الإسلام.(6/155)
قالوا : فلما ارتدت العرب ارتد طليحة وأخوه سلمة ببني أسد فيمن ارتد من أهل الضاحية ، وادعى طليحة النبوة ، فلقيهم خالد بن الوليد ببزاخة ، فأوقع بهم ، وهرب طليحة حتى قدم الشام ، فأقام عند آل جفنة الغسانيين حتى توفي أبو بكر ، ثم خرج محرما بالحج ، فقدم مكة ، فلما رآه عُمَر قال : يا طليحة ، لا أحبك بعد قتل الرجلين الصالحين : عكاشة بن محصن ، وثابت بن أقرم . وكانا طليعتين لخالد بن الوليد فلقيهما طليحة وسلمة ابنا خويلد فقتلاهما ، فقال طليحة : يا أمير المؤمنين ، رجلين أكرمهما الله بيدي ، ولم يهني بأيديهما ، وما كل البيوت بنيت على المحبة ، ولكن صفحة جميلة ، فإن الناس يتصافحون على الشنآن . وأسلم طليحة إسلاما صحيحا ولم يغمص عليه في إسلامه ، وشهد القادسية ، ونهاوند مع المسلمين ، وكتب عُمَر : أن شاوروا طليحة في حربكم ، ولا تولوه شيئا.(6/156)
1136- حضرمي بن عامر بن مجمع بن مولة بن همام بن ضب بن كعب بن القين بن مالك بن مالك بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر.
ومالك بن مالك بن ثعلبة : هو الزنية وسمي بذلك لأن أمه سلمى بنت مالك بن غنم بن دودان بن أسد جعلت ترقصه وتقول : ربيبي زنيتي فديت أنا زنيتي ، فسمي الزنية .(6/157)
فوفد حضرمي بن عامر في ناس منهم على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فقال : من أنتم ؟ قالوا : من بني أسد . قال : أي بني أسد ، قالوا : بني الزنية . قال : فأنتم بني الرشدة . قالوا : لا نكون مثل بني محولة رغبوا عن اسم أبيهم.
وبنو محولة هم بنو عبد الله بن غطفان ، وفدوا على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فقال : من أنتم ؟ قالوا : من بني عبد العزى بن غطفان . قال : أنتم بنو عبد الله بن غطفان ، فرضوا بها فسموا بنو محولة.
فقال النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لحضرمي : أتقرأ شيئا من القرآن ؟ قال : فقرأ : {سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى} ، والذي امتن على الحبلى ، فأخرج منها نسمة تسعى ، بين شغاف وحشى . فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : لا تزيدن فيها ؛ فإنها شافية كافية.
أخبرنا بهذا كله هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، عن أبيه قال : كان حضرمي بن عامر شاعرا ، وفيه يقول زيد الخيل الطائي :
فلو كان جاري حضرمي لأصبحت ... قبائل خيل تحمل البيض والأسل(6/158)
1138- ضرار بن الأزور
واسم الأزور : مالك بن أوس بن جذيمة بن ربيعة بن مالك بن ثعلبة بن دودان بن أسد ، وكان ضرار فارسا شاعرا ، وهو الذي يقول حين أسلم :
خلعت القداح وعزف القيا ... ن والخمر تصلية وابتهالا
وكرى المحبر في غمرة ... وجهدي على المشركين القتالا
وقالت جميلة بددتنا ... وطرحت أهلك شتى شلالا
فيارب لا أغبنن صفقتي ... وقد بعت أهلي ومالي بدالا
وهو الذي روى عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حديث اللقوح : دع دواعي اللبن . وكان شهد يوم اليمامة فقاتل أشد القتال حتى قطعت ساقاه جميعا ، فجعل يحبوا ويقاتل وتطأه الخيل حتى غلبه الموت.
وقال محمد بن عُمَر : قال محمد بن جعفر : مكث ضرار باليمامة مجروحا ، فقبل أن يرحل خالد بيوم مات ضرار ، وقد قال قصيدته التي على الميم . قال محمد بن عُمَر : وهذا أثبت عندنا.(6/159)
6900- قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن شمر بن عطية ، عن خريم بن فاتك (ح) قال : وأخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي ، عن يونس بن أبي إسحاق ، عن شمر بن عطية ، عن خريم بن فاتك ، أنه أتى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فقال : يا خريم ، لولا خلتان فيك كنت أنت الرجل قال : ما هما بأبي وأمي ، تكفيني واحدة . قال : توفي شعرك ، وتسبل إزارك . قال : فجز شعره ورفع إزاره.
وأخوه سبرة بن فاتك الأسدي.(6/160)
- ومن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر
1141- حمل بن مالك بن النابغة الهذلي ، أسلم ثم رجع إلى بلاد قومه ثم تحول إلى البصرة فنزلها وابتنى بها دارا في هذيل ، ثم صارت داره لعمر بن مهران الكاتب.
- ومن بني تميم بن أُدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر(6/161)
6903- قال : أخبرنا خلاد بن يحيى قال : حدثنا سفيان يعني الثوري ، قال : حدثني أسلم ، عن رجل ؛ أن النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قال لقيس بن عاصم : هذا سيد أهل الوبر.(6/162)
6905- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني ربيعة بن عثمان ، عن شيخ أخبره ، أن امرأة من بني النجار قالت : أنا أنظر إلى وفد بني تميم يومئذ يأخذون جوائزهم عند بلال ، اثنتي عشرة أوقية ونشا لكل واحد ، قالت : ورأيت غلاما أعطاه يومئذ ، وهو أصغرهم ، خمس أواقي ، تعني عَمْرو بن الأهتم.(6/163)
1146- صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم ، وفد صعصعة على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وأسلم . من ولده : الفرزدق الشاعر ابن غالب بن صعصعة ، ومن ولده أيضا : عقال بن شبة بن عقال بن صعصعة بن ناجية الخطيب.(6/164)
1148- رِيَاح بن الحارث
من بني مجاشع بن دارم ، وكان من وفد بني تميم الذين قدموا على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فأسلموا.(6/165)
وأمر رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فوضع لحسان منبر في المسجد ينشد عليه وقال يومئذ : إن الله تبارك وتعالى ليؤيد حسان بروح القدس ما نافح عن نبيه ، وسر رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يومئذ والمسلمين مقام ثابت بن قيس وخطبته وشعر حسان بن ثابت . وخلا الوفد بعضهم إلى بعض فقال قائلهم : تعلمن والله أن هذا الرجل مؤيد مصنوع له ، لخطيبهم أخطب من خطيبنا ، ولشاعرهم أشعر من شاعرنا ، ولهم أحلم منا.
واستعمل رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الزبرقان بن بدر على صدقة قومه بني سعد بن زيد مناة بن تميم . فقبض رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وهو عليها ، وارتدت العرب ومنعوا الصدقة وثبت الزبرقان بن بدر على الإسلام ، وأخذ الصدقة من قومه ، فأداها إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه.(6/166)
6908- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الله بن جعفر ، عن ابن أبي عون قال : بلغ عُمَر بن الخطاب قتله مالك بن نويرة وتزوجه امرأته ، فقال لأبي بكر : إنه قد زنى ، فارجمه . فقال أبو بكر : ما كنت لأرجمه ، تأول فأخطأ . قال : فإنه قد قتل مسلما ، فاقتله . قال : ما كنت لأقتله به ، تأول فأخطأ . قال : فاعزله ، قال : ما كنت لأشيم سيفا سله الله عليهم أبدا . وكان مالك بن نويرة يسمى الجفول.(6/167)
6910- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الله بن جعفر ، عن ابن أبي عون قال : قال عُمَر يوما لمتمم بن نويرة : خبرنا عن أخيك ، قال : يا أمير المؤمنين ، لقد أسرت مرة في حي من العرب ، فأخبر أخي ، فأقبل إلي ، فما هو إلا أن طلع على الحاضر فما أحد كان قاعدا إلا قام على رجليه ، ولا بقيت امرأة إلا تطلعت من خلال البيوت ، فما نزل عن جمله حتى لقوه بي في رُمَّتي ، فحلني هو ، فقال عُمَر : إن هذا لهو الشرف.(6/168)
6912- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير قال : قال عُمَر بن الخطاب يوما لمتمم بن نويرة : حدثنا عن أخبار أخيك ببعض خصاله . فقال متمم : في أيها يا أمير المؤمنين ؟ فقال عُمَر : هل كانت له شجاعة مع السخاء ؟ قال : يا أمير المؤمنين ، لقد كان يكون في الليلة القَرَّة عليه البردة الفَلتةَ ، على الجمل الثفال ، يحمل المزادة الوافرة ، يقود الفرس الحَرُون ، فيصبح في مغار الخيل . فقال عُمَر : وأبيك إن هذا لجلد وإقدام.
قال محمد بن عُمَر : ورثا متمم بن نويرة أخاه مالكا بشعر كثير ، وهو الذي يقول :
وكنا كندماني جذيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
فلما تفرقنا كأني ومالكا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
في قصيدة طويلة يصفه فيها.(6/169)
6914- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الله بن جعفر ، عن ابن أبي عون قال : (ح) وحدثني عبد العزيز بن يعقوب الماجشون ، قالا : قال عُمَر بن الخطاب : ما أشد ما لقيت على أخيك من الحزن ؟ قال : كانت عيني هذه قد ذهبت ، وأشار إليها ، فبكيت بالصحيحة ، فأكثرت البكاء حتى أسعدتها العين الذاهبة وجرت بالدمع . فقال عُمَر : إن هذا لحزن شديد ، ما يحزن هكذا أحد على هالكه . ثم قال : يرحم الله زيد بن الخطاب ، لو كنت أقدر على أن أقول الشعر لبكيته كما بكيت أخاك . قال متمم : يا أمير المؤمنين لو قتل أخي يوم اليمامة كما قتل أخوك ما بكيته أبدا . فأبصر عُمَر وتعزى عن أخيه ، وقد كان حزن عليه حزنا شديدا ، وكان عُمَر يقول : إن الصبا لتهب فتأتيني بريح زيد بن الخطاب.
قال عبد الله بن جعفر : قلت لابن أبي عون : ما كان عُمَر يقول الشعر ؟ قال : لا ، ولا بيتا واحدا.(6/170)
1153- أسود بن عبس بن أسماء بن وهب بن رياح بن عوذ بن منقذ بن كعب بن ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم وفد على النبي ، صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وقال : أتيتك أتقرب . فسمي المتقرب ، وهذا في رواية هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه.(6/171)
1157- حنظلة بن الربيع
الكاتب أحد بني أسيد بن عَمْرو بن تميم.
قال محمد بن عُمَر : كتب للنبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مرة كتابا ، فسمي بذلك : الكاتب ، وكانت الكتابة في العرب قليلة . وأخوه رباح بن الربيع ، أسلم ، وَرَوَى عن النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أيضا.(6/172)
فكفه النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فقلت : يا رسول الله ، إن الناس قد خاضوا في كذا وكذا ، فرفع النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يديه حتى نظرت إلى بياض إبطيه فقال : اللهم لا أحل لهم أن يكذبوا علي ، اللهم لا أحل لهم أن يكذبوا علي .
قال المنقع : فلم أحدث بحديث عن النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إلا حديثا نطق به كتاب أو جرت به سنة ، يكذب عليه في حياته فكيف بعد موته . قال أبو غسان : المنقع ، رجل من بني تميم ، قد نسبه لي رجل منهم ، قالوا : وشهد المنقع القادسية ثم قدم البصرة واختط بها وكان له فرس يقال له : جناح ، شهد عليه القادسية فقال :
لما رأيت الخيل زَيَّلَ بينها ... طعان ونشاب صَبَرْتُ جناحا
فطاعنت حتى أنزل الله نصره ... وود جناح لو قضى فَأَرَاحَا
كأن سيوف الهند فوق جبينه ... مخاريق برق في تهامة لاحا
- ومن بني ضبة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر(6/173)
- ومن قيس بن عيلان بن مضر
من بني فزارة بن ذُِبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس
1160- عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر بن عَمْرو بن جوية بن لوذان بن ثعلبة بن عدي بن فزارة ، واسم فزارة : عَمْرو ، وكان ضربه أخ له ففزره فسمي فزارة ، وكان اسم عيينة : حذيفة ، فأصابته لقوة فجحظت عيناه ، فسمي : عيينة ، وكان يكنى أبا مالك ، وكان جده حذيفة بن بدر يقال له : رب معد ، وجد جده زيد بن عَمْرو وهو ابن اللقيطة ، وذاك أن بني فزارة انتجعوا مرة وأمه صبية فسقطت ، فالتقطها قوم فردوها عليهم فسميت : اللقيطة ، ونسب ولدها إليها بهذا فقيل : بنو اللقيطة.(6/174)
6918- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد العزيز بن عقبة بن سلمة بن الأكوع ، عن إياس بن سلمة ، عن أبيه قال : أغار عيينة بن حصن في أربعين رجلا من قومه وهي بالغابة وكانت عشرين لقحة ، واستاقها ، وقتل ابنا لأبي ذر كان فيها ، فخرج رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في طلبهم وخرج معه المسلمون ، حتى انتهوا إلى ذي قرد ، فاستنقذوا عشر لقاح ، وأفلت القوم بما بقي وهي عشر ، وقتلوا حبيب بن عيينة ، ومسعدة بن حكمة بن مالك بن حذيفة بن بدر ، وقرفة بن مالك بن حذيفة ، وأوثار ، وعمرو بن أوثار.(6/175)
فما يطمعون بهذا منا أن يأخذوا تمرة إلا بشراء أو قرى ، فحين أتانا الله بك وأكرمنا بك نعطي الدنية لا نعطيهم أبدا إلا السيف . وقال سعد بن معاذ ، وسعد بن عبادة مثل ذلك ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : شق الكتاب ، فتفل فيه سعد ثم شقه . فقال عيينة : أما والله الذي تركتم خير لكم من الخُطَّة التي أخذتم ، وما لكم بالقوم طاقة . فقال عباد بن بشر : يا عيينة ، أبالسيف تخوفنا ؟ ستعلم أينا أجزع ، والله لولا مكان رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ما وصلتم إلى قومكم . فرجع عيينة والحارث ، وهما يقولان : والله ما نرى أن ندرك منهم شيئا . فلما أتيا منزلهما جاءتهما غطفان فقالوا : ما وراءكم ؟ قالوا : لم يتم لنا الأمر ، رأينا قوما على بصيرة وبذل أنفسهم دون صاحبهم.
قال محمد بن عُمَر : فلما انكشف الأحزاب انكشف عيينة في قومه إلى بلاده ، ثم أسلم قبل فتح مكة بيسير ، فذكر بعضهم أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم دخل مكة يوم الفتح وهو بين عيينة والأقرع.(6/176)
6920- قال : أخبرنا علي بن محمد القرشي ، عن علي بن سليم ، عن الزبير بن خبيب قال : أقبل عيينة بن حصن إلى المدينة قبل إسلامه ، فتلقاه ركب خارجين من المدينة ، فقال : أخبروني عن هذا الرجل ، قالوا : الناس فيه ثلاثة ، رجل أسلم فهو معه يقاتل قريشا والعرب ، ورجل لم يسلم فهو يقاتله ، فبينهم التذابح ، ورجل يظهر له الإسلام ويظهر لقريش أنه معهم ، قال : ما يسمى هؤلاء القوم ، قالوا : يسمون المنافقين ، قال : ما في من وصفتم أحزم من هؤلاء ، اشهدوا أني منهم.
قال : وشهد عيينة مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الطائف ، فقال : يا رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، ائذن لي حتى آتي حصن الطائف فأكلمهم . فأذن له ، فجاءهم ، فقال : أدنو منكم وأنا آمن ؟ قالوا : نعم . وعرفه أبو محجن فقال : أدنوه . قال : فدنا فدخل عليهم الحصن ، فقال : فداكم أبي وأمي ، لقد سرني ما رأيت منكم ، والله إن في العرب أحد غيركم ، وما لاقى محمد مثلكم قط ، ولقد مل المقام ، فاثبتوا في حصنكم ، فإن حصنكم حصين وسلاحكم كثير ، ونبلكم حاضرة ، وطعامكم كثير ، وماءكم واتن ، لا تخافون قطعه . فلما خرج قالت ثقيف لأبي محجن : فإنا كرهنا دخوله علينا وخشينا أن يخبر محمدا بخلل إن رآه منا ، أو في حصننا . فقال أبو محجن : أنا كنت أعرف به ، ليس منا أحد أشد على محمد منه وإن كان معه . فلما رجع عيينة إلى النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم قال له : ما قلت لهم ؟ قال : قلت : ادخلوا في الإسلام ، فوالله لا يبرح محمد عقر داركم حتى تنزلوا فخذوا لأنفسكم أمانا ، قد نزل بساحة أهل الحصون قبلكم : قينقاع والنضير وقريظة وخيبر ، أهل الحلقة والعدة والأطام . فخذلتهم ما استطعت ، ورسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ساكت ، حتى إذا فرغ من حديثه قال له رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : كذبت ، قلت لهم كذا وكذا ، الذي قال ، قال : فقال عيينة : أستغفر الله ، فقال عُمَر : يا رسول الله ، دعني أقدمه فأضرب عنقه ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : لا يتحدث الناس أني أقتل أصحابي ، ويقال :(6/177)
إن أبا بكر أغلظ له يومئذ وقال له : ويحك يا عيينة ، إنما أنت أبدا موضع في الباطل ، كم لنا منك من يوم : يوم الخندق ، ويوم بني قريظة ، والنضير ، وخيبر ، تجلب وتقاتلنا بسيفك ، ثم أسلمت كما زعمت ، فتحرض علينا عدونا . فقال : أستغفر الله يا أبا بكر وأتوب إليه ولا أعود أبدا.
فلما أمر رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عُمَر فأذن الناس بالرحيل ، وقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : إنا قافلون إن شاء الله ، فلما استقل الناس لوجههم نادى سعيد بن عبيد بن أسيد بن عَمْرو بن علاج الثقفي ، فقال : ألا إن الحي مقيم ، قال : يقول عيينة بن حصن : أجل والله مَجَدة كِرَامٌ . فقال له عَمْرو بن العاص : قاتلك الله ، تمدح قوما مشركين بالامتناع من رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وقد جئت تنصره ؟ فقال : إني والله ما جئت معكم أقاتل ثقيفا ، ولكني أردت إن افتتح محمد الطائف ، أصبت جارية من ثقيف فأتطئها ، لعلها تلد لي غلاما ، فإن ثقيفا قوم مناكير ، فأخبر عَمْرو بن العاص النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بمقالته ، فتبسم النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وقال : هذا الحمق المطاع.
ولما قدم وفد هوازن على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فرد رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عليهم السبي ، كان عيينة قد أخذ رأسا منهم ، نظر إلى عجوز كبيرة فقال : هذه أم الحي ، لعلهم أن يغلوا بفدائها ، وعسى أن يكون لها في الحي نسب ، فجاء ابنها إلى عيينة فقال : هل لك في مائة من الإبل ؟ قال : لا . فرجع عنه فتركه ساعة ، وجعلت العجوز تقول لابنها : ما أربك في بعد مائة ناقة ؟ اتركه ، فما أسرع ما يتركني بغير فداء .(6/178)
فلما سمعها عيينة قال : ما رأيت كاليوم خدعة ، والله ما أنا من هذه إلا في غرور ، لا جرم والله لأباعدن أثرك مني . قال : ثم مر به ابنها ، فقال عيينة : هل لك فيما دعوتني إليه . فقال : لا أزيدك على خمسين . فقال عيينة : لا أفعل ، ثم لبث ساعة فمر به وهو معرض عنه ، فقال له عيينة : هل لك في الذي بذلت لي ؟ قال له الفتى : لا أزيدك على خمس وعشرين فريضة . قال عيينة : والله لا أفعل ، فلما تخوف عيينة أن يتفرق الناس ويرتحلوا قال : هل لك إلى ما دعوتني إليه ؟ قال الفتى : هل لك في عشر فرائض ؟ قال : لا أفعل . فلما رحل الناس ناداه عيينة : هل لك إلى ما دعوتني إليه إن شئت ؟ قال الفتى : أرسلها وأحمدك . قال : لا والله ما لي حاجة بحمدك . فأقبل عيينة على نفسه لائما لها يقول : ما رأيت كاليوم امرءا أنكد ، قال الفتى : أنت صنعت هذا بنفسك ، عمدت إلى عجوز كبيرة ، والله ما ثديها بناهد ، ولا بطنها بوالد ، ولا فوها ببارد ، ولا صاحبها بواجد ، فأخذتها من بين من ترى ؟ فقال له عيينة : خذها ، لا بارك الله لك فيها . قال : يقول الفتى : يا عيينة ، إن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قد كسا السبي فأخطأها من بينهم الكسوة ، فهل أنت كاسيها ثوبا ؟ قال : لا والله ، ما لها ذاك عندي . قال : لا تفعل . فما فارقه حتى أخذ منه شمل ثوب ، ثم ولى الفتى وهو يقول : إنك لغير بصير بالفرص ،(6/179)
وشكا عيينة إلى الأقرع ما لقي ، فقال له الأقرع : إنك والله ما أخذتها بكرا غريرة ، ولا نصفا وثيرة ، ولا عجوزا ميلة ، عمدت إلى أحوج شيخ في هوازن فسبيت امرأته . قال عيينة : هو ذاك.
قال : وأعطى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عيينة بن حصن من غنائم حنين مائة من الإبل.
وبعثه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم سرية في خمسين رجلا من العرب ليس فيهم مهاجري ولا أنصاري إلى بني تميم ، فوجدهم قد عدلوا من السقيا يؤمون أرض بني سليم في صحراء ، قد حلوا وسرحوا مواشيهم ، والبيوت خلوف ليس فيها أحد إلا الناس ، فلما رأوا الجمع ولوا ، فأغار عليهم فأخذ منهم أحد عشر رجلا وإحدى عشرة امرأة وثلاثين صبيا ، فجلبهم إلى المدينة ، فأمر بهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فحبسوا في دار رملة بنت الحدث ، فقدم فيهم عشرة من رؤسائهم وفدا إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وأنزل الله فيهم القرآن : {إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون} ورد رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الأسرى والسبي ، وأمر رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم للوفد بجوائز.(6/180)
6923- قال : أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن قايد قال : كانت أم البنين بنت عيينة عند عثمان ، فدخل عيينة على عثمان بغير إذن ، فقال له عثمان : تدخل علي بغير إذن ، فقال : ما كنت أرى أني أحجب عن رجل من مضر أو أستأذن عليه ، فقال عثمان : إذا فأصب من العشاء ، قال : أنا صائم ، قال : تصوم الليل قال : إني ميلت بين صوم الليل والنهار ، فوجدت صوم الليل أيسر علي.(6/181)
1162- الحر بن قيس بن حصن بن حذيفة ، وهو أبو خرشة بن الحُرِّ.
6926- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الله بن محمد بن عُمَر الجمحي ، عن أبي وجزة ، قال : لما رجع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم من تبوك ، قدم عليه وفد بني فزارة بضعة عشر رجلا فيهم الحر بن قيس بن حصن ، وكان أصغرهم ، فنزلوا في دار رملة بنت الحدث ، وجاؤُوا على ركاب عجاف وهم مسنتون ، وجاؤُوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مقرين بالإسلام.(6/182)
- ومن بني عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر.
1164- ميسرة بن مسروق العبسي
6927- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثنا عبد الله بن وابصة العبسي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : جاءنا رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بمنى ، فوقف علينا يدعونا إلى الإسلام فلم يستجب له منا أحد ، فقال ميسرة بن مسروق : ما أحسن كلامك وأنوره ، ولكن قومي يخالفوني ، وإنما الرجل بقومه ، فلما حج رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حجة الوداع لقيه ميسرة بن مسروق ، فعرفه ، فقال : يا رسول الله ، ما زلت حريصا على اتباعك منذ أنخت بنا ، حتى كان ما كان ، ويأبى الله إلا ما ترى من تأخر إسلامي ، فأسلم فحسن إسلامه ، وقال : الحمد لله الذي تنقذني من النار . وكان له عند أبي بكر الصديق مكان.(6/183)
1165- قرة بن حصين بن فضالة بن الحارث بن زهير بن جذيمة بن رواحة بن ربيعة بن مازن بن الحارث بن قطيعة بن عبس ، واجتمعت غطفان على زهير بن جذيمة ، والحارث بن زهير قتلته كلب يوم عراعر ، وقرة بن حصين أحد التسعة النفر العبسيين الذين قدموا على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فأسلموا وصحبوه ، وبعث النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم قرة بن حصين إلى بني هلال بن عامر يدعوهم إلى الإسلام ، فقتلوه ، فقال النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : مثله مثل صاحب ياسين ، هذا كله في رواية هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه.(6/184)
6930- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عمار بن عبد الله بن عَبْس الدئلي ، عن عروة بن أذينة الليثي قال : قدم وفد عَبْس ، وهم تسعة فنزلوا دار رملة بنت الحدث ، فأخبر بهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فأرسل إليهم بضيافة وحباهم ، ثم راحوا إلى المسجد فجلسوا مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وراحوا وغدوا ، فبلغ رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أن عيرا لقريش أقبلت من الشام ، فبعثهم في سرية وعقد لهم لواء ، فقالوا : يا رسول الله ، كيف تقتسم غنيمة أن أصبناها ونحن تسعة ؟ فقال : أنا عاشركم ، وجعل شعارهم عشرة ، قال : وجعلت الولاة اللواء الأعظم لواء الجماعة ، والإمام لبني عبس ليست لهم راية.(6/185)
1167- سباع بن يزيد بن ثعلبة بن قنزعة بن عبد الله بن مخزوم بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس ، وهو أحد التسعة الذين وفدوا على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.(6/186)
- ومن بني سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر
1171- مجاشع بن مسعود
من بني يربوع بن سماك بن عوف بن امرئ القيس بن بُهْثَة بن سُلَيْم.
6934- قال : أخبرنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قال : حدثنا محمد بن الفضيل ، عن عاصم ، عن أبي عثمان ، عن مجاشع بن مسعود قال : أتيت النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أنا وأخي لنبايعه على الهجرة ، فقال : إن الهجرة قد مضت ، فقلنا : علام نبايعك ؟ فقال : على الإسلام والجهاد في سبيل الله ، قال : فبايعناه ، قال : ثم لقيت أخاه ، فقال : صدقك مجاشع.(6/187)
1173- عباد بن شيبان بن جابر بن سالم بن مرة بن عبس بن رفاعة بن الحارث بن بهثة بن سليم ، وهو حليف بني الحارث بن عبد المطلب بن هاشم.
1174- معاوية بن الحكم
السلمي ، وأخوه عُمَر بن الحكم السلمي.
6937- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة ، عن هلال بن أسامة ، عن عطاء بن يسار ، عن عُمَر بن الحكم السلمي قال : نذرت أمي بدنة تنحرها عند البيت ، فجللتها بشقتين من شعر ووبر ، فنحرت البدنة ، وسترت الكعبة بالشقتين ، ورسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يومئذ بمكة لم يهاجر ، فأنظر يومئذ إلى البيت وعليه كسا شتى من وصائل وأنطاع وكرار وخز ونمط عراقي ، كل هذا قد رأيته عليها.(6/188)
1176- زيد بن كعب البهزي
وبهز بطن من بني سليم.(6/189)
- ومن بني كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر
1178- علقمة بن عُلاثة بن عوف بن الأحوص ، واسمه ربيعة ، وكان أرمص ، صغير العينين ، فسمي الأحوص ، ابن جعفر بن كلاب ، وهو الذي نافر عامر بن الطفيل في الجاهلية ، ثم وفد على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فكتب رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إلى خزاعة يبشرهم بإسلامه ، فقال : أسلم علقمة بن علاثة وابنا هوذة وبايعا ، وأخذا لمن وراءهما من قومهما . واستعمل عُمَر بن الخطاب علقمة بن علاثة على حوران فمات بها.
وله يقول الحُطَيئة ، وخرج إليه فمات علقمة قبل أن يصل إليه الحطيئة ، وأوصى للحطيئة بسهم كبعض ولده ، فقال الحطيئة :
فما كان بيني لو لقيتك سالما ... وبين الغنى إلا ليال قلائل
لعمري لنعم المرء كان ابن جعفر ... بحوران أمسى أعلقته الحبائل
وأم علقمة بن علاثة : ليلى بنت أبي سفيان بن هلال بن عَمْرو بن جشم بن عوف بن النخع.(6/190)
6939- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني موسى بن شيبة بن عَمْرو بن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن خارجة بن عبد الله بن كعب قال : قدم جبار بن سلمى في وفد بني كلاب سنة تسع ، فنزل معهم دار رملة بنت الحدث ، وكان بينه وبين كعب بن مالك خلة ، فأتاهم كعب فرحب بهم ، وأهدى لجبار وأكرمه ، وقال لهم كعب : انطلقوا إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فخرجوا معه فدخلوا على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فسلموا عليه سلام الإسلام ، وقالوا : يا رسول الله ، إن الضحاك بن سفيان سار فينا بكتاب الله وسنتك التي أمرته ، وإنه دعانا إلى الله فاستجبنا لله ولرسوله ، وإنه أخذ الصدقة من أغنيائنا فردها في فقرائنا.(6/191)
1182- لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب الشاعر.
6940- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني موسى بن شيبة بن عَمْرو بن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن خارجة بن عبد الله بن كعب قال : قدم وفد بني كلاب ، وهم ثلاثة عشر رجلا ، على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في سنة تسع ، وفيهم لبيد بن ربيعة ، فنزلوا في دار رملة بنت الحدث ، ثم جاؤُوا إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فسلموا عليه سلام الإسلام وأسلموا ، ورجعوا إلى بلاد قومهم.(6/192)
6942- قال : أخبرنا هشام بن محمد ، عن أبي بكر بن عياش ، عن عبد الملك بن عمير ، قال : مات لبيد بن ربيعة ليلة نزل معاوية النخيلة لمصالحة الحسن بن علي . قال هشام : وكان للبيد بالكوفة بنون فرجعوا كلهم إلى البادية أعرابا ، وكان لبيد قد هاجر إلى الكوفة فنزلها ومات بها فدفن في صحراء بني جعفر بن كلاب ، وكان الناس يدفنون في صحاريهم.(6/193)
6945- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، ومحمد بن عُمَر قالا : حدثنا أيمن بن نابل قال : سمعت قدامة بن عبد الله الكلابي ، يقول : رأيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يرمي جمرة العقبة على ناقة صهباء ، لا ضرب ، ولا طرد ، ولا إليك إليك.
قال محمد بن عُمَر : أسلم قدامة في بلاد قومه ولم يهاجر ، وكان يسكن نجدا ، ولقي رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في حجة الوداع ، فرآه ، وَرَوَى عنه هذا الحديث.(6/194)
6947- قال : أَخْبَرنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا جرير بن حازم ، قال : حدثنا أبو إسحاق السبيعي قال : قدم على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ذو الجوشن الكلابي ، وأهدى إليه فرسا ، وهو يومئذ مشرك ، فأبى رسول الله ، صلى الله عليه سلم ، أن يقبله منه ، وقال : إن شئت بعتنيه بالمتخيرات من أدراع بدر ، ثم قال له : يا ذا الجوشن ، هل لك أن تكون من أوائل هذا الأمر ؟ قال : لا ، قال : فما يمنعك منه ؟ قال : رأيت قومك كذبوك ، وأخرجوك ، وقاتلوك ، فأنظر ، فإن ظهرت عليهم آمنت بك ، وإن ظهروا عليك لم أتبعك ، فقال له رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : يا ذا الجوشن لعلك إن بقيت قريبا أن ترى ظهوري عليهم . قال : فوالله إني لبضرية إذ قدم علينا راكب من قبل مكة ، فقلنا : ما الخبر ؟ قال : ظهر محمد على أهل مكة قال : فكان ذو الجوشن يتوجع على تركه الإسلام حين دعاه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.(6/195)
1186- عمرو بن مالك بن قيس بن بجيد بن رؤاس ، واسمه الحارث بن كلاب بن ربيعة ، وفد على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فأسلم ، فى رواية هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه.
- ومن بني عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن.(6/196)
6950- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الله بن بديل الكعبي ، عن أبيه ، عن جده (ح) وعن عبد الله بن سلمة ، عن أبيه ، عن بديل بن ورقاء ، مثل ذلك.
قال هشام بن محمد بن السائب : وكان خالد بن هوذة قتل أبا عقيل الثقفي جد الحجاج بن يوسف.(6/197)
1190- ثروان بن فزارة بن عبد يغوث بن زهير الصتم يعني التام بن ربيعة بن عَمْرو بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ، وفد على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وهو الذي يقول :
إليك رسول الله خَبَّتْ مطيتي ... مسافة أرباع تروح وتَغْتَدِي
هذا في رواية هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، عن أبيه.(6/199)
- ومن بني البكاء ، وهو ربيعة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة
1191- معاوية بن ثور بن معاوية بن عِبَادة بن البكاء.
وأُمُّه ضباعة بنت عدي ، من خثعم ثم من بني حام ، وفد على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وهو شيخ كبير ومعه ابنه بشر ، فدعا له النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، ومسح رأسه ، وأعطاه أعنزا عفرا ، فقال محمد بن بشر بن معاوية بن ثور في أبيه حين وفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : وأبي الذي مسح الرسول برأسه ... ودعا له بالخير والبركات(6/199)
1192- الفجيع بن عبد الله بن حُنْدُج بن البكاء ، وفد على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فأسلم وكتب له كتابا وهو عندهم.(6/200)
- ومن بني الحريش بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة
1196- عبد الله بن الشخير بن عوف بن وقدان بن الحريش ، وقد صحب النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وهو أبو مطرف بن عبد الله بن الشخير.(6/201)
6955- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني الضحاك بن عثمان ، عن مخرمة بن سليمان الوالبي ، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة قال : كان عَمْرو بن العاص عاملا لرسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم على عمان ، فلما بلغه وفاة رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أقبل فنزل أرض بني عامر على قرة بن هبيرة القشيري ، فأحسن منزله وضيفه ، ثم إن قرة قال له حين أراد أن يركب : إن لك عندي نصيحة ، وأنا أحب أن تسمعها . قال : ما هي ؟ قال قرة : إن صاحبكم قد توفي ، قال عَمْرو : وصاحبنا هو ، لا أم لك ، دونك ؟
قال : وإنكم يا معشر قريش كنتم في حرمكم تأمنون فيه ، ويأتيكم الناس ، ثم خرج منكم رجل يقول : ما سمعت ، فلما بلغنا ذلك لم نكرهه ، وقلنا : رجل من مضر يسوق الناس ، وقد توفي ، والناس إليكم سراع ، فإنهم غير مطيعينكم شيئا ، فالحقوا بحرمكم تأمنوا ، فإن كنت غير فاعل ؛ فعدني حيث شئت آتك ، فوقع به عَمْرو ، وقال : إني أرد عليك نصيحتك ، فأي العرب توعدنا به ؟ فأقسم بالله ، لأوطئن عليك الخيل ، وموعدك حفش أمك . قال قرة : إني لم أرد هذا ، وندم على مقالته ، وخرج في مائة من قومه خفراء له.(6/202)
6956- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني هاشم بن عاصم ، عن المنذر بن جهم قال : لما قدم عَمْرو بن العاص المدينة أخبر أبا بكر ، بما كان في وجهه ، وبمقالة قرة بن هبيرة ، وأتى عَمْرو خالد بن الوليد حين بعثه أبو بكر إلى أهل الردة فجعل يقول له : يا أبا سليمان ، لا يفلتن منك قرة بن هبيرة.(6/203)
1199- معاوية بن حيدة بن معاوية بن قشير بن كعب ، وفد على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فأسلم ، وصحبه ، وسأله عن أشياء ، وَرَوَى عنه أحاديث ، وهو جد بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة . قال هشام بن محمد الكلبي : أخبرني أبي أنه أدركه بخراسان.(6/204)
- ومن بني نمير بن عامر بن صعصعة
1201- قيس بن عاصم بن أسيد بن جعونة بن الحارث بن نمير ، وفد على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فأسلم ومسح رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم على رأسه ووجهه ، وقال : اللهم بارك عليه وعلى أصحابه ، وله يقول الشاعر :
إليك ابنَ خير الناس قيس بن عاصم ... جشمت من الأمر العظيم المجاشما
هذا في رواية هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، عن أبيه.(6/205)
1203- وابنه جابر بن سمرة بن جنادة ويكنى أبا عبد الله ، وكان له من الولد : خالد ، وطلحة ، وسلم ، ونزل جابر أيضا الكوفة ، وابتنى بها دارا في بني سواءة بن عامر ، وتوفي بالكوفة في خلافة عبد الملك بن مروان في ولاية بشر بن مروان ، وقد روى عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أحاديث.
- ومن بني سلول ، وهم بنو مرة بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن ، وأمهم سلول بنت ذهل بن شيبان بن ثعلبة ، بها يعرفون(6/206)
1206- نهيك بن قصي بن عوف بن جابر بن عبد نهم بن عبد العزى بن تميمة بن عَمْرو بن مرة بن صعصعة ، وفد على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وأسلم ، هذا في رواية هشام بن محمد بن السائب الكلبي.(6/207)
ولا يخرج لثقيف سرح إلا أغار عليه ، ويبعث الخمس إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ،
ولقد أغار على سرح لأهل الطائف فاستاق لهم ألف شاة في غداة واحدة ، فبعث بها إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فقال في ذلك أبو محجن بن حبيب بن عَمْرو بن عمير الثقفي :
هابت الأعداء جانبنا ... ثم تغزونا بنو سلمه
وأتانا مالك بهم ... ناقضا للعهد والحرمه
وأتونا في منازلنا ... ولقد كنا أولي نقمه
وقال مالك بن عوف :
ما إن رأيت ولا سمعت به ... في الناس كلهم بمثل محمد
أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتدى ... ومتى تشأ يخبرك مَايَكُ في غد
وإذا الكتيبة عردت أنيابها ... بالمشرفي وضرب كل مهند
فكأنه ليث على أشباله ... وسط المباءة خادر في مرصد
هذا كله في رواية محمد بن عمر.(6/208)
- ومن بني جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن
1209- مالك بن عوف بن نضلة بن خديج بن حبيب بن حديد بن غنم بن كعب بن عصيمة بن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن ، أسلم وسمع من رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وَرَوَى عنه ، وهو أبو الأحوص الجشمي صاحب عبد الله بن مسعود ، واسم أبي الأحوص عوف.
- ومن بني الحارث بن معاوية بن بكر بن هوازن(6/209)
1212- رزين بن مالك بن سلمة بن ربيعة بن الحارث بن سعد بن عوف بن زيد بن بكر بن عميرة بن علي بن جسر بن محارب بن خصفة ، وفد على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وأسلم.
- ومن بني مرة بن نشبة بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذُِبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر(6/210)
- ومن باهلة ، وهم ولد معن وسعد مناة ابني مالك بن أعصر وهو منبه بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر ، وأمهم : باهلة بنت صعب بن سعد العشيرة من مذحج ، بها يعرفون
1214- أبو أمامة الباهلي
واسمه صدي بن عجلان ، من بني سهم بن عَمْرو بن ثعلبة بن غنم بن قتيبة بن معن بن مالك بن أعصر ، صحب النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وسمع منه ، وَرَوَى عنه ، وتحول إلى الشام فنزلها.(6/211)
- ومن سائر قبائل اليمن ، ثم من طيئ بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، وإلى قحطان جماع اليمن ، وأم طيئ : دلة بنت ذي منجشان بن كلة بن ردمان ، من حمير ، ولدتها أمها على أكمة يقال لها : مذحج ، فسميت : دلة مذحج ، بتلك الأكمة ، فولدها كلهم يقال لهم بنو مذحج ، واسم طيئ جلهمة ، وإنما سمي طيئ لأنه أول من طوى المناهل ، ويقال أول من طوى بئرا.
1216- زيد الخيل بن مهلهل بن يزيد بن منهب بن عبد رضا بن المختلس بن ثوب بن كنانة بن مالك بن نابل بن أسودان ، وهو نبهان بن عَمْرو بن الغوث بن طيئ.(6/212)
1217- عدي بن حاتم الجواد بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي بن أخزم بن أبي أخزم بن ربيعة بن جرول بن ثعل بن عَمْرو بن الغوث بن طيئ.
وأُمُّه : النوار بنت ثرملة بن ثرعل بن جشم بن أبي حارثة بن جدي بن تدول بن بُحْتُر بن عتود بن عنين بن سلامان بن ثعل ، وكان حاتم طيئ من أجود العرب ، ويكنى أبا سفانة بابنته ، وكان عدي يكنى أبا طريف ، وكان لعدي بن حاتم إخوة من أمه أشراف يقال لهم : لام ، وحليس ، وملحان ، وفسقس ، هلك في الجاهلية ، بنو ربار بن غطيف بن حارثة بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي بن أخزم بن أبي أخزم ، وشهد ملحان صفين مع معاوية ، واستخلف علي بن أبي طالب لام بن ربار على المدائن حين سار إلى صفين.(6/214)
6962- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن أبي عمير الطائي قال : كان من خبر عدي بن حاتم وإسلامه أنه كان يقول : ما كان رجل من العرب أشد كراهة مني لرسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وكنت أميرا شريفا قد سدت قومي ، فقلت : إن اتبعته كنت ذنبا ، وكنت نصرانيا أرى أني على دين ، وكنت أسير على قومي بالمرباع ، فكنت ملكا لما يصنع بي قومي ، وما يصنع بي أهل ديني ، فلما سمعت بمحمد كرهته ، وقلت لغلام لي ، وكان عربيا راعيا لإبلي : أعد لي من إبلي أجمالا ذللا سمانا ، احبسها قريبا مني ، لا تَعْزُب بها عني ، فإذا سمعت بجيش محمد قد وطئ هذه البلاد فآذني ؛ فإني أرى خيله قد وطئت بلاد العرب كلها . ويقال : كان له عين بالمدينة فلما سمع بحركة علي بن أبي طالب حذره ، قال : فلبثت ما شاء الله .(6/214)
فلما كان ذات غداة جاءني ، فقال : يا عدي ، ما كنت صانعا إذا غشيتك خيل محمد فاصنعه الآن ؛ فإني رأيت رايات فسألت عنها ، فقالوا : هذه جيوش محمد . قلت : قرب لي أجمالي ، فقربها ، فاحتملت بأهلي وولدي ، ثم قلت : ألحق بأهل ديني من النصارى بالشام ، فسلكت الجوشية من صحراء إهالة ، وخلفت ابنة حاتم في الحاضر.
فلما قدمنا الشام أقمت بها ، وتخالفني خيل رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الذين كانوا مع علي بن أبي طالب حين بعثه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إلى الفلس يهدمه ويشن الغارات ، فخرج في مائتي رجل ، فشنوا الغارة على محلة آل حاتم في الفجر ، فأصابوا نساء وأطفالا وشاء ، ولم يصيبوا من الرجال أحدا ، وأصابوا ابنة حاتم فيمن أصابوا ، فقدم بها على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في سبايا من طيء ، وقد بلغ النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم هربي إلى الشام ، فجعلت ابنة حاتم في حضيرة بباب المسجد كن النساء يحبسن فيها ، فمر بها رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فقامت إليه ، وكانت امرأة جميلة جزلة ، فقالت : يا رسول الله ، هلك الوالد ، وغاب الوافد ، فامنن علي من الله عليك . قال : من وافدك ؟ قالت : عدي بن حاتم . قال : الفار من الله ورسوله قالت : ومضى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وتركني ، حتى إذا كان من الغد مر بي ، فقلت مثل ذلك ، وقال لي مثل ذلك ، حتى إذا كان بعد الغد ، مر بي وقد يئست فلم أقل شيئا ، فأشار إلي رجل خلفه : أن قومي فكلميه ، قالت : فقمت فقلت : يا رسول الله ، هلك الوالد ، وغاب الوافد ، فامنن علي من الله عليك .(6/215)
قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : فإني قد فعلت ، ولا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة ، حتى يبلغك إلى بلادك ، ثم آذنيني قالت : وسألت عن الرجل الذي أشار إلي أن كلميه ، فقيل لي : هو علي بن أبي طالب ، أما تعرفينه ؟ هو الذي سباك . قالت : والله ما هو إلا أن سبيت ألقيت البرقع على وجهي ، فما رأيت أحدا حتى دخلت المدينة ، قالت : وأقمت حتى قدم ركب من قضاعة ، قالت : وإنما أريد أن آتي أخي بالشام ، فجئت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فقلت : قد جاءني من قومي من لي ثقة وبلاغ ، قالت : فكساني رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وحملني وأعطاني نفقة ، وخرجت معهم حتى قدمت الشام.
قال عدي : فوالله إني لقاعد في أهلي ، إذ نظرت إلى ظعينة تصوب إلي ، تؤمنا ، فقلت : ابنة حاتم ، قال : فإذا هي ، قال : فلما قدمت علي انسحلت تقول : القاطع ، الظالم ، احتملت بأهلك وولدك وتركت بقية والدك . قال : قلت : يا أخية ، لا تقولي إلا خيرا ، فوالله مالي من عذر ، قد صنعت ما ذكرت ، قال : ثم نزلت فأقامت عندي ، فقلت لها : ما ترين في أمر هذا الرجل ؟ وكانت امرأة حازمة ، قالت : أرى والله أن تلحق به سريعا ، فإن يكن الرجل نبيا فالسبق إليه أفضل ، وإن يكن ملكا فلن تذل في عز اليمن ، وأنت أنت ، وأبوك أبوك ، مع أني نبئت أن علية أصحابه قومك ، الأوس والخزرج.
قال : فخرجت حتى أقدم على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم المدينة ، فدخلت عليه وهو في مسجده ، فسلمت ، فقال : من الرجل ؟ فقلت : عدي بن حاتم . قال : فانطلق بي إلى بيته ، إذ لقيته امرأة ضعيفة كبيرة فاستوقفته ، فوقف لها طويلا تكلمه في حاجتها ، فقلت في نفسي : والله ما هذا بملك ، إن للملك لحالا غير هذا . ثم مضى حتى إذا دخل بيته تناول وسادة من أدم محشوة ليفا ، فقدمها إلي ، فقال : اجلس على هذه . فقلت : لا ، بل أنت فاجلس عليها . فوقع في قلبي أنه بريء من أن يكون ملكا ،(6/216)
فجلس عليها رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فرأى في عنقي وثنا من ذهب ، فتلا هذه الآية : {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله} ، فقلت : والله ما كانوا يعبدونهم . فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : أليس كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه ، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه ؟ قال : قلت : بلى ، قال : فتلك عبادتهم . ثم قال : إيه يا عدي ، ألم تكن ركوسيا ؟ قال : قلت : بلى . قال : أولم تكن تسير في قومك بالمرباع ؟ قال : قلت : بلى ، قال : فإن ذلك لم يكن يحل لك في دينك قال : قلت : أجل والله ، قال : فعرفت أنه نبي مرسل يعرف ما نجهل.
ثم قال : لعلك يا عدي بن حاتم إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين ما ترى من حاجتهم ، فوالله ليوشكن المال يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه ، ولعله إنما يمنعك ما ترى من كثرة عدوهم وقلة عددهم ، فوالله ليوشكن يسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعير حتى تزور هذا البيت لا تخاف ، ولعلك إنما يمنعك من الدخول فيه أن الملك والسلطان في غيرهم ، وايم الله ، ليوشكن أن يسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم . فقال عدي : فأسلمت ، فكان عدي يقول : قد مضت اثنتان وبقيت واحدة : ليفيضن المال حتى لا يوجد من يأخذه.(6/217)
قال يزيد في حديثه : فقدمت على قيصر فكرهت مكاني الآخر كما كرهت مكاني الأول ، قال : فقلت في نفسي : رجل من العرب يقول إني رسول الله ، فوالله لو أتيته فطالعته فنظرت ، فإن كان ما يقول حقا اتبعته ، وإن كان غير ذلك لم يضرني شيئا.
قال : فرجعت عودي على بدئي ، وردت المدينة ، فلما دخلتها استشرفني الناس وقالوا : جاء عدي بن حاتم ، قال : حتى انتهيت إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وأصحابه ، إما قال : في المسجد ، وإما قال : عند المسجد ، قال : فقال لي رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : يا عدي بن حاتم ، أسلم تسلم ، قال : قلت : إني من دين . وقال بعضهم : إني على دين . قال : فقال : يا عدي بن حاتم ، أسلم تسلم ، قال : قلت : إني من دين ، قال : فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : يا عدي بن حاتم ، أسلم تسلم ، قال : قلت : إني من دين ، قال : فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : أنا أعلم بدينك منك قال : قلت : أنت أعلم بديني مني ؟ مرتين ، أو ثلاثا ، قال : أنا أعلم بدينك منك.
ثم قال : ألست برأس قومك ؟ قال : قلت : بلى . قال : ألست ركوسيا ؟ قال لصنف من النصرانية ؟ قال : قلت : بلى ، قال : ألست تأخذ المرباع ؟ قال : قلت : بلى ، قال : فإن ذلك لا يحل لك في دينك . قال : وصدق والله ، فتضعضعت لذلك ووضعت مني ،(6/218)
قال : ثم قال : يا عدي بن حاتم ، أسلم تسلم ، فإني قد أظن ، أو قد أرى ، أو كما قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : إنما يمنعك أن تسلم خصاصة تراها بمن حولي ، وإنك ترى الناس علينا إِلْبَا واحدا. وقال يزيد في حديثه : وقد رمتهم العرب ، وتقول إنما تبعه ضعفة الناس ومن لا قوة له ، هل رأيت الحيرة ؟ قال : قلت : لم أرها ، وقد علمت مكانها ، قال : لتوشكن الظعينة من ظعائن المسلمين أن ترتحل منها بغير جوار حتى تطوف بالبيت ، ولتفتحن علينا كنوز كسرى بن هرمز ، قال : قلت : كسرى بن هرمز ؟ قال : كسرى بن هرمز ، قال : قلت : كسرى بن هرمز ؟ قال : كسرى بن هرمز ، قال : قلت : كسرى بن هرمز ؟ ثلاثا . وليفيضن المال حتى يهم الرجل أن يجد من يقبل منه ماله صدقة فلا يجده . قال عدي بن حاتم : قد رأيت اثنتين ، أنا سرت بالظعينة من الحيرة إلى البيت العتيق في غير جوار ، يعني أنه حج بأهله ، قال : وكنت في أول خيل أغارت على المدائن ، قال : وأحلف بالله لتجيئن الثالثة كما كانت هاتان ، إنه لحديث رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إياي حدثنيه.(6/219)
6968- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز ، عن الزهري قال : دخل يومئذ على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عدي بن حاتم وتحت النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وسادة من أدم حشوها ليف ، فطرحها النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وقال : اجلس.(6/220)
فقل : أريد الكلأ ، تعذر علينا ما حولنا ، فلما جاء الوقت الذي كان يروح فيه لم يأت الغلام ، فجعل أبوه يتوقعه ويقول لأصحابه : العجب لحبس ابني . فيقول بعضهم : نخرج يا أبا طريف فنتبعه ؟ فيقول : لا والله . فلما أصبح تهيأ ليغدو ، فقال قومه : نغدوا معك . فقال : لا يغدون معي منكم أحد ، إنكم إن رأيتموه حلتم بيني وبين أن أضربه ، وقد عصى أمري كما ترون . أقول له : تروح لسفر فَلَيْلَةً يأتي بها عتمة وليلة يعزب بها.
فخرج على بعير له سريعا حتى لحق ابنه ، ثم حدر النعم إلى المدينة ، فلما كان ببطن قناة لقيته خيل لأبي بكر الصديق ، عليها عبد الله بن مسعود ، ويقال محمد بن مسلمة ، وهو أثبت عندنا ، فلما نظروا إليه ابتدروه فأخذوه وما كان معه ، وقالوا له : أين الفوارس الذين كانوا معك ؟ فقال : ما معي أحد ، فقالوا : بلى ، لقد كان معك فوارس ، فلما رأونا تغيبوا . فقال ابن مسعود ، أو محمد بن مسلمة : خلوا عنه ، فما كذب ولا كذبتم ، أعوان الله كانوا معه ولم يرهم . فكانت أول صدقة قدم بها على أبي بكر الصديق ، قدم عليه بثلاث مِئة بعير.(6/221)
رجع الحديث إلى حديث محمد بن عُمَر ، قال : ولما أسلم عدي بن حاتم أراد أن يرجع إلى بلاده ، فبعث إليه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يتعذر من الزاد ، ويقول : ما أصبح عند آل محمد سُفَّة من طعام ، ولكنك ترجع ويكون خيرا ، فلما قدم على أبي بكر أعطاه ثلاثين فريضة . فقال عدي : يا خليفة رسول الله ، صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، أنت إليها اليوم أحوج ، وأنا عنها غني . فقال أبو بكر : خذها أيها الرجل ، فإني سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يتعذر إليك ويقول : ولكن ترجع ويكون خيرا ، فقد رجعت وجاء الله بالخير ، فأنا منفذ ما وعد رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في حياته ، فأنفذها ، فقال عدي : آخذها الآن ، فهي عطية من رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فقال أبو بكر ، فذاك.
قال : وسار عدي بن حاتم مع خالد بن الوليد إلى أهل الردة ، وقد انضم إلى عدي من طيئ ألف رجل ، وكانت جديلة معترضة عن الإسلام ، وهم بطن من طيئ ، وكان عدي من الغوث ، فلما همت جديلة أن ترتد ونزلت ناحية ، جاءهم مكنف بن زيد الخيل الطائي ، فقال : أتريدون أن تكونوا سُبَّةً على قومكم ، لم يرجع رجل واحد من طيئ ، وهذا أبو طريف معه ألف من طيئ ؟ فكسرهم .(6/222)
فلما نزل بزاخة قال لعدي : يا أبا طريف ، ألا تَسِير إلى جديلة ؟ فقال : يا أبا سليمان ، لا تفعل ، أقاتل معك بيدين أحب إليك أم بيد واحدة ؟ فقال خالد : بل بيدين . فقال عدي : فإن جديلة إحدى يدي . فكف خالد عنهم ، فجاءهم عدي ، فدعاهم إلى الإسلام فأسلموا ، فسار بهم إلى خالد ، فلما رآهم خالد فزع ، وظن أنهم أتوا القتال ، فصاح في أصحابه بالسلاح ، فقيل له : إنما هي جديلة أتت تقاتل معك ، فلما جاؤُوا حلوا ناحية ، وجاءهم خالد فرحب بهم ، واعتذروا إليه من اعتزالهم ، وقالوا : نحن لك بحيث أحببت . فجزاهم خيرا ، فلم يرتد من طيئ رجل واحد.
فسار خالد على بغيته . فقال عدي بن حاتم : اجعل قومي مقدمة أصحابك ، فقال : أبا طريف ، الأمر قد اقترب وَلُحِم ، وأنا أخاف إن تقدم قومك ولحمهم القتال انكشفوا فانكشف من معنا ، ولكن دعني أقدم قوما صبرا لهم سوابق وثبات ، فقال عدي : فالرأي رأيت . فقدم المهاجرين والأنصار.
قال : فلما أبى طليحة أن يقر بما دعا إليه ، انصرف خالد إلى معسكره واستعمل تلك الليلة على حرسه عدي بن حاتم ، ومكنف بن زيد الخيل ، وكان لهما صدق نية ودين ، فباتا يحرسان في جماعة من المسلمين ، فلما كان في السحر نهض خالد فعبى أصحابه ، ووضع ألويته مواضعها ، فدفع لواءه الأعظم إلى زيد بن الخطاب ، فتقدم به ، وتقدم ثابت بن قيس بن شماس بلواء الأنصار ، وطلبت طيئ لواء يعقد لها ، فعقد خالد لواء ودفعه إلى عدي بن حاتم ، وجعل ميمنة وميسرة.(6/223)
6974- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر ، عن عبد الله بن جعفر ، عن عمران بن مناح قال : حضر عدي بن حاتم الدار يوم قتل عثمان ، فلما خرج الناس يقولون : قتل عثمان ، قتل عثمان ، قال عدي : لا تحبق في قتله عناق حولية . فلما كان يوم الجمل فقئت عينه ، وقتل ابنه محمد مع علي ، وقتل ابنه الآخر مع الخوارج ، فقيل له : يا أبا طريف ، هل حبقت في قتل عثمان عناق حولية ؟ فقال : بلى وربك ، والتيس الأعظم.
قال محمد بن عُمَر ، وهشام بن محمد بن السائب الكلبي : وشهد عدي بن حاتم القادسية ، ويوم مهران ، وقس الناطف ، والنخيلة ، ومعه اللواء ، وشهد الجمل مع علي بن أبي طالب ، وفقئت عينه يومئذ ، وقتل ابنه ، وشهد صفين ، والنهروان مع علي . ومات في زمن المختار بالكوفة وهو ابن مائة وعشرين سنة.(6/224)
1218- عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لام ، وإليه البيت ، ابن عَمْرو بن طريف بن ثمامة بن مالك بن جدعان بن ذهل بن رومان بن جندب بن خارجة بن سعد بن فطرة بن طيئ.
6977- قال : أخبرنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، عن عروة بن مضرس الطائي قال : أتيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وهو في الموقف بجمع ، فقلت : يا رسول الله ، جئت من جبلي طيئ ، أكللت راحلتي ، وأتعبت مطيتي ، والله ما بقي من جبل إلا وقد وقفت عليه ، فهل لي من حج ؟ فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : من صلى معنا هذه الصلاة ، وقد كان أتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد أتم حجه ، وقضى تفثه.(6/225)
1219- الهِلْبُ بن يزيد بن عدي بن قنافة بن عدي بن عبد شمس بن عدي بن أخزم بن أبي أخزم بن ربيعة بن جرول بن ثعل بن عَمْرو بن الغوث بن طيئ ، وفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وهو أقرع ، فمسح رأسه فنبت شعره ، فسمي الهلب ، وفيه شعر ، قال عويج بن ضريس النَّبْهَانِي :
أنا عويج ومعي سيف الهلب ... أنا الذي أشجع من معد يكرب
يريد عَمْرو بن معد يكرب . هذا كله في رواية هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه . وهو أبو قبيصة بن الهلب الذي يروى عنه الحديث.(6/226)
1221- قيس بن جحدر بن ثعلبة بن عبد رضي بن مالك بن أمان بن عَمْرو بن ربيعة بن جرول بن ثعل بن طيئ ، وفد على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، ومن ولده الطرماح بن حكيم بن حكم بن نفر بن قيس بن جحدر الشاعر.(6/227)
1224- قُصْلِي بن ظالم بن خزيمة بن جرير بن عَمْرو بن حِرْمِز بن مِحْضَب بن حِرْمِز بن لبيد بن سنبس بن معاوية بن جرول بن ثعل بن الغوث بن طيئ ، وفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.(6/228)
1226- قبيصة بن الأسود بن عامر بن جوين بن عبد رضي بن قمران بن ثعلبة بن عَمْرو بن ثعلبة بن حيان بن ثعلبة ، وهو جرم بن عَمْرو بن الغوث بن طيئ ، وفد على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وأسلم.(6/229)
- ومن كندة وهو كندي واسمه ثور بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان :
1228- الأشعث بن قيس
وهو الأشج بن معد يكرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن كندة وهو ثور بن عفير.
وأُمُّه كبشة بنت يزيد بن شرحبيل بن يزيد بن امرئ القيس بن عَمْرو المقصور بن حجر ، آكل المرار ، ابن عَمْرو بن معاوية بن الحارث الأكبر بن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة ، وإنما سمي : كندة ؛ لأنه كند أباه النعمة : أي كفره ، وكان اسم الأشعث معد يكرب وكان أبدا أشعث الرأس ، فسمي الأشعث.
فولد الأشعث النعمان ، بشر به وهو عند النبي ، صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فقال : والله لجفنة من ثريد أطعمها قومي أحب إلي منه ، فهلك صغيرا.
وأُمُّه : أمية بنت جمد بن معد يكرب بن وليعة بن شرحبيل بن معاوية بن حجر القرد بن الحارث الولادة بن عَمْرو بن معاوية بن الحارث الأكبر ،(6/230)
ثم خلف على أمية بنت جمد بعد الأشعث ، حجر بن عدي الأدبر فقتل عنها ، ومحمد بن الأشعث ، وإسحاق ، وإسماعيل ، وحَبَّانَة ، وقريبة ، وأمهم : أم فروة بنت أبي قحافة أخت أبي بكر الصديق ، وقيس بن الأشعث أخذ قطيفة الحسين بن علي يوم قتل ، فكان يقال له : قيس قطيفة.
وأُمُّه : مليكة بنت زرارة بن قيس بن الحارث بن عداء بن النخع في بيت النخع تزوجها الأشعث على حكمها فالولد لمحمد وإسحاق وإسماعيل بني الأشعث.
فأما محمد بن الأشعث فولد أكثر من ثلاثين ذكرا . ووفد الأشعث بن قيس على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في سبعين رجلا من كندة ، وكل اسم في كندة وفد فوفادته النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مع الأشعث بن قيس ، وقد كتبنا كل من قدرنا عليه منهم.
هذا كله في رواية هشام بن محمد بن السائب الكلبي.(6/231)
6981- قال : أخبرنا محمد بن عبيد الطنافسي قال : حدثنا الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، في حديث رواه ؛ أن الأشعث بن قيس كان يكنى أبا محمد.(6/232)
فتضاحك وقال : أما يرضى زياد أن أجيره ؟ فقال امرؤ القيس : سترى ، ثم قام الأشعث فخرج من المسجد إلى منزله ، وقد أظهر ما أظهر من الكلام القبيح من غير أن ينطق بالردة ووقف يتربص ، وقال : تقف أموالنا بأيدينا ، ولا ندفعها ، ونكون من آخر الناس .
قال : وبايع زياد لأبي بكر بعد الظهر إلى أن قامت صلاة العصر ، فصلى بالناس العصر ، ثم انصرف إلى بيته ، ثم غدا على الصدقة من الغد كما كان يفعل قبل ذلك ، وهو أقوى ما كان نفسا وأشده لسانا ، فمنعه حارثة بن سراقة بن معد يكرب الكندي أن يصدق غلاما منهم ، وقام فحل عقال البكرة التي أخذت في الصدقة ، وجعل يقول :
يمنعها شيخ بخديه الشيب ... ملمع كما يلمع الثوب
ماض على الريب إذا كان الريب
فنهض زياد بن لبيد وصاح بأصحابه المسلمين ، ودعاهم إلى النصرة لله وكتابه ، فانحازت طائفة من المسلمين إلى زياد ، وجعل من ارتد ينحاز إلى حارثة ، فكان زياد يقاتلهم النهار إلى الليل ، فقاتلهم أياما كثيرة. وضوى إلى الأشعث بن قيس بشر كثير ، فتحصن بمن معه ممن هو على مثل رأيه في النجير ، فحاصرهم زياد بن لبيد وقذف الله الرعب في أفئدتهم وجهدهم الحصار ، فقال الأشعث بن قيس : إلى متى نقيم بهذا الحصن ، قد غرثنا فيه وغرث عيالنا ، وهذه البعوث تقدم عليكم ما لا قبل لنا به ، والله للموت بالسيف أحسن من الموت بالجوع ، ويؤخذ برقبة الرجل فما يصنع بالذرية ، قالوا : وهل لنا قوة بالقوم ؟ ارتئي لنا فأنت سيدنا ،(6/233)
قال : أنزل فآخذ لكم أمانا تأمنون به قبل أن تدخل عليكم هذه الأمداد ما لا قبل لنا به ولا يدان.
قال : فجعل أهل الحصن يقولون للأشعث : افعل ، فخذ لنا الأمان ؛ فإنه ليس أحد أحرى أن يقدر على ما قبل زياد منك . فأرسل الأشعث إلى زياد : أنزل فأكلمك وأنا آمن ؟ قال زياد : نعم . فنزل الأشعث من النجير فخلا بزياد ، فقال : يا ابن عم ، قد كان هذا الأمر ولم يبارك لنا فيه ، ولي قرابة ورحم ، وإن وكلتني إلى صاحبك قتلني ، يعني المهاجر بن أبي أمية ، إن أبا بكر يكره قتل مثلي ، وقد جاءك كتاب أبي بكر ينهاك عن قتل الملوك من كندة ، فأنا أحدهم ، وإنما أطلب منك الأمان علي.
فقال زياد : لا أؤمنك أبدا على دمك ، وأنت كنت رأس الردة ، والذي نقض علينا كندة ، فقال : أيها الرجل ، دع عنك ما مضى ، واستقبل الأمور إذا أقبلت عليك ، فتؤمنّي على دمي وأهلي ومالي ، حتى أقدم على أبي بكر فيرى في رأيه ، فقال زياد : وماذا ؟ قال : وأفتح لك النجير ، فأمنه زياد على أهله ودمه وماله ، وعلى أن يقدم به على أبي بكر فيرى فيه رأيه ويفتح له النجير . قال محمد بن عُمَر : وهذا أثبت عند أصحابنا من غيره.(6/234)
6985- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة ، عن داود بن الحصين قال : بعث زياد بن لبيد بالسبي مع نهيك بن أوس بن خزمة الأشهلي إلى أبي بكر ، وبعث معه بثمانين من بني قتيرة ، وبعث بالأشعث معهم في وثاق.(6/235)
ثم قال الأشعث : أيها الرجل ، أطلق أساري ، واستبقني لحربك ، وزوجني أختك أم فروة بنت أبي قحافة ، فإني قد تبت مما صنعت ، ورجعت إلى ما خرجت منه من منعي الصدقة ، فزوجه أبو بكر أم فروة بنت أبي قحافة ، فكان بالمدينة مقيما حتى كانت ولاية عُمَر بن الخطاب ، وندب الناس إلى فتح العراق ، فخرج الأشعث بن قيس مع سعد بن أبي وقاص ، وشهد القادسية ، والمدائن ، وجلولاء ، ونهاوند ، واختط الكوفة حين اختطها المسلمون ، وبنى بها دارا في كندة ونزلها إلى أن مات بها ، وولده بها إلى اليوم.(6/236)
6990- قال : أخبرنا كثير بن هشام قال : حدثنا فرات بن سليمان قال : حدثنا ميمون بن مهران (ح) قال : وأخبرنا عبد الله بن جعفر قال : حدثنا أبو المليح ، عن ميمون بن مهران قال : أول من مشت معه الرجال وهو راكب الأشعث بن قيس ، وكان المهاجرون إذا رأوا الدهقان راكبا قالوا : قاتله الله جبارا.(6/237)
1231- شرحبيل بن معد يكرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين ، وهو عم الأشعث بن قيس بن معد يكرب ، وكان اسم شرحبيل عفيفا ، ووفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فأسلم ، وكان في ألفين وخمسمائة من العطاء.(6/238)
1234- الحارث بن هانئ بن أبي شمر بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين ، وفد إلى النبي ، صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , وأسلم ، وشهد يوم ساباط ، فاستلحم يومئذ ، فنادى حجر بن عدي : يا حكر ، يا حكر ، بلغة أهل اليمن ، فعطف عليه حجر بن عدي فاستنقذه ، وكان في ألفين وخمسمائة من العطاء(6/239)
1237- حجر الشر بن يزيد بن سلمة بن مرة بن حجر بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين ، كان شريفا ، وقد وفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وأسلم ، وإنما سمي حجر الشر ؛ لأن حجر بن الأدبر كان يسمى حجر الخير ، فأرادوا أن يفصلوا بينهما ، وكان أيضا شريرا ، وكان أحد الشهود يوم الحكمين مع علي ، وولاه معاوية بن أبي سفيان بعد إِرْمِينِيَة.(6/240)
1239- يزيد بن كبس بن هانئ وهو المطلع ، جاهلي ، كان يغير ، فيقال : اطلع بني فلان فسمي : المطلع بن حجر بن شرحبيل بن الحارث بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين ، وكان يزيد بن كبس قد وفد على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم. وكان أبوه كبس بن هانئ قتل ، وكان سبب قتله أن الأشعث بن قيس حين قتل أبوه خرج يطلب بثأره ، وقتلته مراد ، وكان خروجهم متساندين على ثلاثة ألوية ، كبس بن هانئ على لواء ، والأشعث بن قيس على لواء ، والقشعم أبو جبر بن يزيد بن الأرقم على لواء ، فلقوا بني المُعَقِّل من بني الحارث بن كعب ، فقتل كبس ، والقشعم ، وبنو فروة بن زرارة بن الأرقم ، وأسر الأشعث بن قيس . وكان الأشعث قال : إذا أخطأت مرادا لم أبال على أَفْنَاء مذحج وقعت ، فوقع على بني الحارث بن كعب ، فأسر الأشعث ، ففدي بثلاثة آلاف بعير ، ولم يفد بها عربي غيره ، فقال فيه عَمْرو بن معد يكرب الزبيدي في قصيدة له :
أتانا ثائرا بأبيه قيس ... فأهلك جيش ذلكم السمغد
وكان فداؤه ألفا قلوص ... وألفا من طريفات وتلد
وقالت النائحة :
بعد كبس بن هانئ وبني فر ... وة والأشعث بن قيس أسيرا
وأبي الجبر قشعم غادروه ... حيث أضحت جيادهم مَنْحُورَا(6/241)
1240- هانئ بن الحارث بن جبلة بن حجر بن شرحبيل بن الحارث بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين ، وفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وأسلم.
من ولده قمام بنت الحارث بن هانئ بن الحارث بن جبلة بن حجر بن شرحبيل التي يقال لدارها بالكوفة دار قمام ، وهي عند دار الأشعث بن قيس ، وكانت بنت قمام عند إسماعيل بن الأشعث فولدت له.(6/242)
1242- عدي بن عميرة بن فروة بن زرارة بن الأرقم بن نعمان بن عَمْرو بن وهب بن ربيعة بن معاوية الأكرمين ، وبنو الأرقم بطن ، لهم مسجد بالكوفة ، ولما قدم علي بن أبي طالب الكوفة جعل أصحابه يتناولون عثمان ، فقال بنو الأرقم : لا نقيم ببلد يشتم فيه عثمان بن عفان ، فخرجوا إلى الجزيرة ، إلى الرها ، وخرج معهم من ولدوا من كندة ، فخرج بنو أحمر بن عَمْرو ، وبعض بني الحارث بن عدي ، وبنو الأخرم من بني حجر بن وهب بن ربيعة ، فقدموا على معاوية بن أبي سفيان ، فحمد الله معاوية وأثنى عليه ، ثم قال : يا أهل الشام ، هذا حي عظيم من كندة ، قدموا علي ناقمين على علي بن أبي طالب ، وكان إذا قدم عليه أهل العراق أنزلهم الجزيرة مخافة أن يفسدوا أهل الشام ، فأنزلهم نصيبين وأقطعهم قطائع ، ثم كتب إليهم إني أتخوف عليكم عقارب نصيبين ، فأنزلهم الرها وأقطعهم بها قطائع ، وشهدوا صفين مع معاوية ، فضرب عدي بن عميرة بن فروة بن زرارة بن الأرقم على يده يومئذ . وكان آخر من خرج إليهم من الكوفة العرس بن قيس بن سعيد بن الأرقم ، فولي ولايات ، وولي الجزيرة ، وعدي بن عميرة وكان ناسكا فقيها وهو صاحب عُمَر بن عبد العزيز ، وولي الجزيرة وأرمينية وأذربيجان لسليمان بن عبد الملك.(6/243)
1245- أبو لينة
وهو عبد الله بن أبي كرب بن الأسود بن شجرة بن معاوية بن ربيعة بن وهب بن ربيعة بن معاوية الأكرمين ، وفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وأسلم.(6/244)
1249- جبلة بن أبي كرب بن قيس بن حجر بن وهب بن ربيعة بن معاوية الأكرمين ، وفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وأسلم ، وكان في ألفين وخمسمائة من العطاء.(6/245)
1252- جبلة بن سعيد بن الأسود بن سلمة بن حجر بن وهب بن ربيعة بن معاوية الأكرمين ، وفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وأسلم.(6/246)
1255- سعيد بن شراحيل بن قيس بن الحارث بن شيبان بن العاتك بن معاوية الأكرمين ، وفد إلى النبي ، صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وكان معه في الوفد ابن أخيه معروف بن قيس بن شراحيل ، فارتد وقتل يوم النجير مرتدا.(6/247)
1257- الحارث بن فروة بن الشيطان بن خديج بن امرئ القيس بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور ، وفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فأسلم.
قال هشام بن محمد بن السائب : وإنما تسمي العرب الشيطان لجماله(6/248)
1261- أبو الأسود بن يزيد بن معد يكرب بن سلمة بن مالك بن الحارث بن معاوية ، وفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وكان شريفا.
وأخوه حجر بن يزيد صاحب مرباع بني هند نيفا وثلاثين سنة ، ويقال لبني مالك بن الحارث بن معاوية : بنو هند.(6/249)
1266- النعمان بن يزيد بن شرحبيل بن يزيد بن امرئ القيس بن عَمْرو المقصور بن حجر ، وهو آكل المرار بن عَمْرو بن معاوية بن الحارث الأكبر ، وفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , وسلَّمَ وأسلم ، وكان يقال له ذو النمرق وهو خال الأشعث بن قيس.(6/250)
1269- يزيد ابن أخت النمر
وهو يزيد بن سعيد بن ثمامة بن الأسود بن عبد الله بن الحارث الولادة ، وهو ابن أخت النمر ، لا يعرفون إلا بذلك ، والنمر حضرمي ، وكان أبوه سعيد بن ثمامة حليف بني عبد شمس ، حليف جاهلي قديم ثبت ، وابنه السائب بن يزيد ، رأى النبي ، صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وأسلم يزيد ابن أخت النمر في الفتح ، وصحب النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وسمع منه ، وأول من حركه عُمَر بن الخطاب حين ولاه السوق.(6/251)
1270- امرؤ القيس بن عابس بن المنذر بن امرئ القيس بن عَمْرو بن معاوية بن الحارث الأكبر ، وفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وكان فيمن ثبت على الإسلام ولم يرتد ، وكان امرؤ القيس بن عابس شاعرا.
وقال للأشعث : أنشدك الله يا أشعث ، ووفادتك على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وإسلامك أن تنقضه اليوم ، والله ليقومن بهذا الأمر من بعده من يقتل من خالفه ، فإياك إياك ، أبق على نفسك ، فإنك إن تقدمت تقدم الناس معك ، وإن تأخرت افترقوا واختلفوا . فأبى الأشعث وقال : قد رجعت العرب إلى ما كانت الآباء تعبد . فقال امرؤ القيس : سترى ، وأخرى : لا يدعك عامل رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ترجع إلى الكفر ، يعني : زياد بن لبيد.
فلما قدم بالأشعث على أبي بكر قال له : ألست الذي تقول : قد رجعت العرب إلى ما كانت الآباء تعبد وتكلمت بما تكلمت به ؟ فرد عليك من هو خير منك ، يعني : امرأ القيس بن عابس ، فقال لك : لا يدعك عامله ترجع إلى الكفر.(6/252)
- ومن جذام : وهو عَمْرو بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان
1272- قيس بن زيد بن حَبّا بن امرئ القيس بن ثعلبة بن حبيب بن ذُِبيان بن عوف بن أنمار بن زنباع بن مازن بن سعد بن مالك بن أَفْصَى بن سعد بن إياس بن حرام بن جذام ، واسم جذام : عَمْرو ، وإنما سمي : جذاما ؛ لأنه جذمت إصبع من أصابعه ، وكان قيس بن زيد سيدا ، ووفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فأسلم ، وعقد له النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم على بني سعد بن مالك بن أفصى ، وابنه ناتل بن قيس كان سيد جذام بالشام.(6/253)
- ومن لخم وهو مالك بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن يشجب بن عريب
1274- تميم بن أوس الداري بن خارجة بن سود بن جذيمة بن ذِرَاع بن عدي بن الدار بن هانئ بن حبيب بن نمارة بن لخم ، وفد على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وأسلم ، ومعه أخوه نعيم بن أوس ، وعده من الداريين.(6/254)
6997- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني العطاف بن خالد ، عن خالد بن سعيد قال : قال تميم الداري : كنت بالشام حين بعث رسول الله ، صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فخرجت إلى بعض حاجتي ، فأدركني الليل ، فقلت : أنام في جوار عَظِيم هذا الوادي الليلة . فلما أخذت مضجعي إذا مناد ينادي لا أراه : عذ بالله ، فإن الجن لا تجير أحدا على الله ، فقلت : أيْمَ تقول ؟ فقال : قد خرج رسول الأميين ، رسول الله ، صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وصلينا خلفه بالحجون ، وأسلمنا واتبعناه ، وذهب كيد الجن ، ورميت بالشهب ، فانطلق إلى محمد فأسلم . فلما أصبحت مضيت إلى دير أيوب ، فسألت راهبا به وأخبرته الخبر فقال : قد صدقوا ، تجده يخرج من الحرم ، ومهاجره الحرم ، وهو خير الأنبياء ، فلا تسبق إليه . قال تميم : فتكلفت الشخوص حتى جئت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فأسلمت.(6/255)
6999- قال : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي ، عن ابن عون ، عن محمد قال : كان المهاجرون والأنصار يلبسون لباسا مرتفعا ، وقد اشترى تميم الداري حلة بألف ، ولكنه كان يصلي فيها.(6/256)
7005- قال : أخبرنا يزيد بن هارون ، وشبابة بن سوار قالا : حدثنا شعبة بن الحجاج ، عن عَمْرو بن مرة ، عن أبي الضحى ، عن مسروق قال : قال لي رجل من أهل مكة : هذا مقام أخيك تميم الداري ، صلى ليلة حتى أصبح أو كرب أن يصبح ، يقرأ آية ويرددها ويبكي : {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون}.(6/257)
7008- قال : أخبرنا الحسن بن موسى ، عن ابن لهيعة قال : أخبرني الحارث بن يزيد عن يزيد بن مسروق قال : كان تميم الداري في البحر غازيا ، فكان يرسل إلى موسى بن نصير أن يرسل إليه بالأسارى من الروم فيتصدق عليهم.(6/258)
1278- أبو هند بن بر
هكذا قال محمد بن عُمَر في روايته ، وقال هشام بن محمد : هو أبو هند بن عبد الله بن رزين بن عميت بن ربيعة بن ذراع بن عدي بن الدار ، وفد على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وأسلم.(6/259)
1280- مروان بن مالك بن سود بن جذيمة بن ذراع بن عدي بن الدار ، وفد على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وأسلم ، وسماه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عبد الرحمن . هكذا قال هشام بن محمد بن السائب الكلبي.(6/260)
- ومن مراد بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان واسم مراد : يحابر ، وإنما سمي مرادا ؛ لأنه أول من تمرد من اليمن.
وأُمُّه : سلمى بنت منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر أخت سليم بن منصور.
1285- فروة بن المسيك بن الحارث بن سلمة بن الحارث بن الذؤيب بن مالك بن منية بن غطيف بن عبد الله بن ناجية بن مراد ، وكان يقال لبني غطيف : قريش مراد.(6/261)
وكان بين مراد وهمدان وقعة ، أصابت همدان من مراد ما أرادوا حتى أثخنوهم في يوم الرزم ، وكان الذي قاد همدان إلى مراد ، الأجدع بن مالك ، ففضحهم يومئذ ، وفي ذلك يقول فروة بن مسيك :
فإن نغلب فغلابون قدما ... وإن نهزم فغير مهزمينا
وما أن طبنا جبنا ولكن ... منايانا وطعمة آخرينا
كذاك الدهر دولته سجال ... تكر صروفه حينا فحينا
قال : فأقام فروة عند النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ما أقام ، ثم استعمله رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم على مراد وزبيد ومذحج كلها ، وكتب معه كتابا إلى الأبناء باليمن يدعوهم إلى خالد بن سعيد بن العاص على الصدقات ، وكتب له كتابا فيه فرائض الصدقة ، فلم يزل خالد على الصدقة مع فروة بن مسيك ، وكان فروة يسير فيهم بولاية رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حتى توفي رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.(6/262)
7010- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الله بن عَمْرو بن زهير ، عن محجن بن وهب الخزاعي ، عن قومه ، قالوا : أجاز رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فروة بن مسيك باثنتي عشرة أوقية ، وحمله على بعير نجيب ، وأعطاه حلة من نسج عمان.
قال محمد بن عُمَر : واستعمل عُمَر بن الخطاب فروة بن مسيك أيضا على صدقات مذحج.(6/263)
وجعل عَمْرو يقول : قد خبرتك يا قيس أنك ستكون ذنبا تابعا لفروة بن مسيك ، وجعل فروة يطلب قيس بن مكشوح كل الطلب ، حتى هرب من بلاده ، وأسلم بعد ذلك.
ولما ظهر العنسي خافه قيس على نفسه ، فجعل يأتيه ويسلم عليه ويرصد له في نفسه ما يريد ، ولا يبوح به إلى أحد ، حتى دخل عليه وقد دق فيروز بن الديلمي عنقه ، وجعل وجهه في قفاه ، وقتله ، فحز قيس رأسه ورمى به إلى أصحابه ، ثم خاف من قوم العنسي ، فعدا على داذويه فقتله ليرضيهم بذلك ، وكان داذويه فيمن حضر قتل العنسي أيضا.
فكتب أبو بكر إلى المهاجر بن أبي أمية : أن ابعث إلي بقيس في وثاق . فبعث به إليه ، فكلمه عُمَر في قتله ، وقال : اقتله بالرجل الصالح ، يعني داذويه ، فإن هذا لص عاد ، فجعل قيس يحلف ما قتله ، فأحلفه أبو بكر خمسين يمينا عند منبر رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ما قتله ولا علم له قاتلا ، ثم عفا عنه.
فكان عُمَر يقول : لولا ما كان من عفو أبي بكر عنك لقتلتك بداذويه ، فيقول قيس : يا أمير المؤمنين ، أشعرتني ، ما يسمع هذا منك أحد إلا اجترأ علي وأنا بريء من قتله . فكان عُمَر يكف بعد عن ذكره ، ويأمر إذا بعثه في الجيوش : أن يشاور ولا يجعل إليه عقد أمر ، ويقول : إن له علما بالحرب ، وهو غير مأمون . فهذا حديثه.(6/264)
1287- صفوان بن عسال
من بني الربض بن زاهر بن عامر بن عوثبان بن زاهر بن مراد ، وعداده في جمل ، أسلم وصحب النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.(6/265)
1289- وسلمة بن يزيد بن مشجعة بن المجمع بن مالك بن كعب بن سعد بن عوف بن حريم بن جعفي ، وأمهما : مليكة بنت الحلو بن مالك من بني حريم بن جعفي.(6/266)
1290- أبو سبرة
واسمه يزيد بن مالك بن عبد الله بن الذؤيب بن سلمة بن عَمْرو بن ذهل بن مران بن جعفي ، وفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ومعه ابناه سبرة ، وعزيز ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لعزيز : ما اسمك ؟ قال : عزيز . قال : لا عزيز إلا الله ، أنت عبد الرحمن ، فأسلموا ، وقال له أبو سبرة : يا رسول الله ، إن بظهر كفي سلعة قد منعتني من خطام راحلتي . فدعا رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بقدح فجعل يضرب به على السلعة ويمسحها فذهبت ، ودعا له رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وابنيه ، وقال له أبو سبرة : يا رسول الله ، أقطعني وادي قومي باليمن . وكان يقال له : جردان ، ففعل ، وكان أبو سبرة في ألفين وخمسمائة من العطاء ، وولى الحجاج بن يوسف عبد الرحمن بن أبي سبرة أصبهان ، وهو أبو خيثمة بن عبد الرحمن الفقيه صاحب الأعمش.(6/267)
- ومن عائذ الله بن سعد العشيرة
1291- عبيدة بن هبار
من بني معاوية بن ماقان ، واسمه أوس بن عائذ الله بن سعد العشيرة ، وفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وأسلم.(6/268)
وأقام عَمْرو مع زبيد قومه ، وعليهم فروة بن مسيك سامعا مطيعا ، إذا أراد أن يغزو أطاعه ، وكان فروة يصيب كل من خالفه ، فلما بلغ قيس بن مكشوح خروج عَمْرو بن معد يكرب ، أوعد عمرا وتحطم عليه : خالفني وترك رأيي ، وقال عَمْرو في ذلك شعرا . قال محمد بن عُمَر سمعتها من مشيختنا :
أمرتك يوم ذي صنعاء ... أمرا باديا رشده
أمرتك باتقاء الله ... والمعروف تأتقده
خرجت من المني مثل ال- ... حُمَيْر عاره وَتِدُه
وجعل عَمْرو بن معد يكرب يقول : قد خبرتك يا قيس بن مكشوح : إنك يا قيس ستكون ذنبا تابعا لفروة بن مسيك ، وجعل فروة يطلب قيس بن مكشوح كل الطلب حتى فر من بلاده.
فلما توفي رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ثبت فروة بن مسيك على الإسلام ، يغير على من خالفه بمن أطاعه ، وارتد عَمْرو بن معد يكرب بعد وفاة النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فقال حين ارتد وهي ثبت :
وجدنا ملك فروة شر ملك ... حمار ساف منخره بعذر
وكنت إذا رأيت أبا عمير ... ترى الحولاء من خبث وغدر
وجعل فروة بن مسيك يطلب من ارتد عن الإسلام ويقاتله.(6/269)
7017- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني ابن أبي سبرة ، عن عبد الملك بن نوفل ، أن عَمْرو بن معد يكرب قال : كانت خيل المسلمين تنفر من الفيلة يوم القادسية وخيل الفرس لا تنفر ، فأمرت رجلا فترس عني ، ثم دنوت من الفيل وضربت خَطمه فقطعته ، فنفر ونفرت الفيلة فحطمت العسكر ، وألح المسلمون عليهم حتى انهزموا.(6/270)
7021- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني ابن أبي سبرة ، عن عيسى الحناط قال : أتي عَمْرو بن معد يكرب يوم القادسية بفرس فهزه ، فقال : هذا ضعيف ، ثم أتي بآخر فأخذ معرفته فهزه فقال : هذا ضعيف ، ثم أتي بآخر ، فأخذ معرفته فهزه فقال : هذا ضعيف ، ثم أتي بآخر ، فأخذ معرفته فهزه فركضه ، فقال لأصحابه : إني حامل فعابر الجسر ، فإن أسرعتم أدركتموني وقد عقر بي القوم ووجدتموني قائما بينهم ، وإن أبطأتم عني وجدتموني قتيلا بينهم قد قتلت وجردت ، فحمل عَمْرو فوجدناه قائما قد عقر به على ما وصف.(6/271)
7026- قال : أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس المدني قال : حدثني أبي ، عن عَمْرو بن شمر ، عن أبي طوق ، عن شرحبيل بن القعقاع ، أنه قال : سمعت عَمْرو بن معد يكرب يقول : لقد رأيتنا من قريب ونحن إذا حججنا في الجاهلية نقول :
لبيك تعظيما إليك عذرا ... هذي زبيد قد أتتك قسرا
تقطع من بين عضاه سمرا ... تغدو بها مضمرات شُزْرَا
يقطعن خبتا وجبالا وعْرَا ... قد تركوا الأوثان خلوا صفرا
فنحن والحمد لله نقول اليوم كما علمنا رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فقلت : يا أبا ثور ، وكيف علمكم رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ؟ قال : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك ، وكنا نمنع الناس أن يقفوا بعرفات في الجاهلية ، فأمرنا رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أن نخلي بينهم وبين بطن عرفة ، وإنما كان موقفهم ببطن محسر عشية عرفة ، فرقا أن نتخطفهم ، وقال لنا رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : إنما هم إذا أسلموا إخوانكم.(6/272)
- ومن بني الحارث بن كعب بن عَمْرو بن علة بن جلد بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سَبَأ
1293- عبد الحَجَر بن عبد المدان ، واسمه عَمْرو بن الديان ، واسمه يزيد بن قطن بن زياد بن الحارث بن مالك بن ربيعة بن كعب بن الحارث بن كعب ، وفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مع وفد بني الحارث بن كعب ، فقال : من أنت ؟ قال : أنا عبد الحجر ، قال : أنت عبد الله ، وأسلم ولم يزل باليمن سيدا شريفا حتى قتله بسر بن أبي أرطأة العامري وقتل ابنه مالكا ليالي أتى اليمن فقتل من أشرف له ، وقتل ابني عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب ، وكانت عائشة بنت عبد الحجر وهو عبد الله بن عبد المدان عند عبيد الله بن العباس ، فولدت له العباس بن عبيد الله.
ومن ولد عبد الحجر أيضا : بنو الربيع ، وزياد ، ويزيد بني عبد الله الذي يقال له عبد الحجر بن عبد المدان ، وريطة بنت عبد الله بن عبد المدان وهي أم أبي العباس عبد الله بن محمد بن علي أمير المؤمنين ، القائم بدعوة بني العباس ، وولي زياد بن عبيد الله المدينة ، ومكة لأبي العباس وأبي جعفر ، وأما يزيد بن عبيد الله فمن ولده : السمرا بن يزيد.(6/273)
1295- قيس بن الحصين
ذي الغصة ، سمي بذلك لغصة كانت في حلقه ، ابن يزيد بن شداد بن قنان بن سلمة بن وهب بن عبد الله بن ربيعة بن الحارث بن كعب ، وفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وكتب له كتابا على قومه.(6/274)
1297- يزيد بن المُحَجَّل
واسمه معاوية بن حزن بن موالة بن معاوية بن الحارث بن مالك بن كعب بن الحارث بن كعب ، وقد رأس أبوه المحجل ، وكان به بياض فسمي : المحجل.
وأُمُّه نسيبة بنت معاوية بن ربيعة بن ظالم بن الحارث بن مالك بن كعب بن الحارث بن كعب.
قال محمد بن عُمَر : وفد يزيد بن المحجل إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم . ولم ينسبه لنا ، ونسبه هذا النسب وهذه القصة : هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه.(6/275)
- ومن النخع بن عَمْرو بن علة بن جلد بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان :
1301- زرارة بن قيس بن الحارث بن عِدْى بن الحارث بن عوف بن جشم بن كعب بن قيس بن سعد بن مالك بن النخع ، وفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في وفد النخع ، وهم مائتا رجل ، وكانوا آخر وفد قدموا من اليمن ، فقدموا للنصف من المحرم سنة إحدى عشرة من الهجرة ، فنزلوا في دار رملة بنت الحارث ، ثم جاؤُوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مقرين بالإسلام قد بايعوا معاذ بن جبل باليمن.
فقال رجل منهم يقال له زُرارة : يا رسول الله ، إني رأيت في سفري هذا عجبا قال له رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : وما رأيت ؟ قال : رأيت أتانا تركتها في اليمن كأنها ولدت جديا أسفع أحوى . فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : هل تركت أمة لك مصرة على حمل قال : نعم يا رسول الله ، تركت أمة لي قد حملت ، قال : فإنها قد ولدت غلاما وهو ابنك . قال : يا رسول الله ، فما باله أسفع أحوى . قال : ادن مني ،(6/276)
فدنا منه فقال : هل بك من برص تكتمه ؟ قال : نعم ، والذي بعثك بالحق ، ما علم به أحد ، ولا اطلع عليه غيرك . قال : فهو ذاك . قال : يا رسول الله ، ورأيت النعمان بن المنذر عليه قرطان ودملجان ومسكتان ، قال : ذلك ملك العرب رجع إلى أحسن زيه وبهجته قال : يا رسول الله ، ورأيت عجوزا شمطاء خرجت من الأرض . قال : تلك بقية الدنيا . قال : ورأيت نارا خرجت من الأرض فحالت بيني وبين ابن لي يقال له عَمْرو ، وهي تقول : لظى لظى ، بصير وأعمى ، أطعموني آكلكم ، أهلكم ومالكم ، قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : تلك فتنة تكون في آخر الزمان قال : يا رسول الله ، وما الفتنة ؟ قال : يقتل الناس إمامهم ، ويشتجرون اشتجار أطباق الرأس ، وخالف رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بين أصابعه ، يحسب المسيء فيها أنه محسن ، ويكون دم المؤمن عند المؤمن أحل من شرب الماء ، إن مات ابنك أدركت الفتنة ، وإن مت أنت أدركها ابنك ، فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن لا أدركها . فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : اللهم لا يدركها . فمات وبقي ابنه عَمْرو بن زرارة ، فكان أول خلق الله خلع عثمان بالكوفة وبايع عليا.(6/277)
- ومن بني رها بن منبه بن حرب بن علة بن جلد بن مالك بن أدد
1304- عمرو بن سبيع
من بني سليم بن رها بن منبه بن حرب وفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في وفد الرهاويين ، وكانوا خمسة عشر رجلا ، وكان قدومهم على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم سنة عشر ، فأسلموا ، وأجازهم كما كان يجيز الوفد ، وتعلموا القرآن والفرائض ورجعوا إلى بلادهم ، ثم قدم منهم نفر فحجوا مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم من المدينة ، وأقاموا حتى توفي رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فأوصى لهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عند موته بجاد مائة وسق بخيبر في الكتيبة جارية عليهم ، وكتب لهم بها كتابا ، ثم خرجوا في جيش أسامة بن زيد إلى الشام.
قال : هذا كله حدثنا به محمد بن عُمَر ، عن أسامة بن زيد الليثي ، عن زيد بن طلحة التيمي.
قال : وقال محمد بن عُمَر : ثم باع الرهاويون ما أوصى لهم به رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم من هذا الجاد بخيبر ، في زمن معاوية بن أبي سفيان.(6/278)
- ومن صُدَاء وهو يزيد بن يزيد بن حرب بن علة بن جلد بن مالك بن أدد
1306- زياد بن الحارث الصدائي
7028- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر ، ومحمد بن كثير العبدي ، قالا : أخبرنا سفيان الثوري ، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، عن زياد بن نعيم الحضرمي ، عن زياد بن الحارث الصدائي قال : أراد رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أن يبعث إلى قومي جيشا ، فقدمت عليه ، فقلت : يا رسول الله ، بلغني أنك تبعث إلى قومي جيشا ، واردد الجيش فأنا لك بقومي وإسلامهم . فردهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
قال : وكتبت إليهم كتابا ، فجاء وفدهم بإسلامهم ، قال : فقال لي رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : يا أخا صداء ، إنك لمطاع في قومك . قال : قلت : بل الله هداهم ومن الله ومن رسوله ، قال : قلت : يا رسول الله ، اكتب لي كتابا ، أمرني على قومي . قال : ففعل ، وكتب لي كتابا . قال : وسألته أن يعطيني من صدقة قومي ويكتب لي بذلك ، ففعل وكتب لي ،(6/279)
فبينا أنا مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إذ جاءه قوم يشكون عاملهم ، ثم قالوا : يا رسول الله ، أخذنا بشيء كان بيننا وبينه في الجاهلية ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : لا خير للمؤمنين في الإمارة . ثم قام رجل فقال : يا رسول الله ، أعطني من الصدقة ، فقال : إن الله لم يكل قسمها إلى ملك مقرب ، ولا نبي مرسل ، حتى جزأها على ثمانية أجزاء ، فإن كنت جزءا منها أعطيتك ، وإن كنت غنيا عنها فإنما هي صداع في الرأس ، وداء في البطن ، فقلت : يا رسول الله ، اقبل مني كتابيك ، فقال : مالك ؟ فقلت : إني سمعتك تقول ما قلت في الإمارة ، وسمعتك تقول ما قلت في الصدقة ، قال : فأنا أقوله الآن ، فإن شئت فاقبل ، وإن شئت فدع.
قال : وزاد محمد بن عُمَر في هذا الحديث بهذا الإسناد : قال : فقبلهما رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، يعني الكتابين ، ثم قال : دلني على رجل من قومك أستعمله فدللته على رجل من قومي استعمله ، قلت : يا رسول الله ، إن لنا بئرا إذا كان الشتاء كفانا ماؤها ، وإذا كان الصيف قل علينا فتفرقنا على المياه ، والإسلام اليوم فينا قليل ، ونحن نخاف ، فادع الله لنا في بئرنا ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : ناولني سبع حصيات ، ففركهن بيده ثم دفعهن إلي ثم قال : إذا انتهيت إليها فألق حصاة حصاة وسم الله قال : ففعلت ، فما أدركنا لها قعرا حتى الساعة.(6/280)
قال : وكان رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في بعض أسفاره ، فاعتشى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم واعتشيت معه ، يعني سارا أول الليل ، وكنت رجلا قويا ، فجعل أصحابه يتفرقون عنه ولزمت غرزه ، فلما كان في السحر قال : أذن يا أخا صداء قال : فأذنت على راحلتي . ثم سرنا حتى نزل فذهب لحاجة ، ثم رجع فقال : يا أخا صداء ، هل معك ماء ؟ قال : قلت : معي شيء في إداوتي ، قال : فقال : هاته ، فجئت به فقال : صب قال : فصببت ما في الإداوة في القعب . قال : وجعل أصحابه يتلاحقون.
قال : ثم وضع كفه على الإناء ، فرأيت بين كل إصبعين من أصابعه عينا تفور ، ثم قال : يا أخا صداء ، لولا أني أستحي من ربي لسقينا واستقينا قال : ثم توضأ رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ثم قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم :
أذن في أصحابي : من كانت له حاجة بالوضوء فليرد قال : فوردوا من آخرهم ، ثم جاء بلال يقيم ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : إن أخا صداء قد أذن ، ومن أذن فهو يقيم قال : فأقمت ، ثم تقدم رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فصلى بنا.(6/281)
- ومن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ثم من خزاعة وهم بنو كعب ومليح وعدي ، بني عَمْرو بن ربيعة بن حارثة بن عَمْرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد
1307- كرز بن علقمة بن هلال بن جُرَيْبَة بن عبد نهم بن حليل بن حبشية بن سلول بن كعب بن عَمْرو ، وهو الذي قفا أثر النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وأبي بكر حين خرجا من مكة يريدان المدينة ، فانتهى إلى باب الغار الذي هما فيه ، فقال : ها هنا انقطع الأثر . فرأوا على باب الغار نسج العنكبوت فانصرفوا ، ونظر كرز إلى قدم النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فقال : هذه القدم من تلك القدم ، التي في المقام ، يعني قدم إبراهيم صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
وأسلم كرز يوم فتح مكة ، وكان كرز قد عُمَر عمرا طويلا ، وكان بعض أعلام الحرم قد عمي على الناس ، فكتب مروان بن الحكم إلى معاوية بن أبي سفيان يخبره بذلك ، فكتب معاوية إليه : إن كان كرز بن علقمة حيا ، فمره فليوقفكم على معالم الحرم . ففعل ، فهو الذي وضع معالم الحرم في زمن معاوية بن أبي سفيان ، فهو على ذلك إلى الساعة.
قال : أخبرنا بهذا كله هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، عن أبيه.(6/282)
1309- حُلْيَة بن جُنَادة بن سويد بن عَمْرو بن عرفطة بن الناقد بن مرة بن تيم بن سعد بن كعب بن عَمْرو ، بايع النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.(6/283)
1312- نافع بن عبد الحارث بن حبالة بن عمير بن الحارث وهو غبشان بن عبد عَمْرو بن عَمْرو بن بوي بن ملكان بن أفصى بن حارثة بن عَمْرو بن عامر ، ولي مكة لعمر بن الخطاب.(6/284)
- ومن بارق ، واسمه سعد بن عدي بن حارثة بن عَمْرو مزيقياء
1316- أبو عزيز
واسمه أبيض بن عبد الرحمن بن النعمان بن الحارث بن عوف بن كنانة بن بارق ، وفد على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.(6/285)
- ومن غامد بن عبد الله بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد ، وإنما سمي غامدا ، لأنه كان بين قومه شيء فأصلح بينهم ، وتغمد كل ما كان من ذلك ، وقال :
إني تحملت التأني من عشيرتي ... فأسماني العيل الحضوري غامدا
1318- مِخْنَف بن سُلَيم بن الحارث بن عوف بن ثعلبة بن عامر بن ذهل بن مازن بن ذُِبيان بن ثعلبة بن الدّول بن سعد مناة بن غامد ، أسلم وصحب النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وهو بيت الأزد بالكوفة ، وكان له إخوة ثلاثة يقال لأحدهم : عبد شمس قتل يوم النخيلة ، والصقعب قتل يوم الجمل ، وعبد الله يوم الجمل ، وكان من ولد مخنف بن سليم : أبو مخنف لوط بن يحيى بن سعد بن مخنف بن سليم الذي يروى عنه أحاديث الناس وأيامهم.(6/286)
1320- الحَجْن بن المرقّع بن سعيد بن عبد الحارث بن مازن بن ذُِبيان بن ثعلبة بن الدول بن سعد مناة بن غامد ، وفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وهم أشراف بالسراة.(6/287)
1323- عبد الله بن اللُّتَبِيِّة
أسلم فبعثه رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إلى بني ذُِبيان يصدقهم.(6/288)
7037- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، ويحيى بن عباد قالا : حدثنا يونس بن أبي إسحاق قال : حدثنا المغيرة بن شبيل بن عوف ، عن جرير بن عبد الله قال : لما دنوت من المدينة أنخت راحلتي ثم حللت عيبتي ولبست حلتي ، فدخلت على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وعلى المسلمين ، ورسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يخطب ، فسلمت عليه ، فرماني الناس بالحدق ، فقلت لجليسي : هل ذكر رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم من أمري شيئا ؟ قال : نعم ، ذكرك فأحسن الذكر ، بينا هو صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يخطب آنفا إذ عرض له في خطبته ، فقال : إنه سيدخل عليكم من هذا الفج ، أو من هذا الباب ، الآن من خير ذي يمن ، ألا وإن على وجهه مسحة ملك . قال جرير : فحمدت الله تعالى على ما أبلاني.(6/289)
7041- قال : أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال : حدثنا زهير قال : حدثنا عبد الملك بن عمير ، عن جرير بن عبد الله قال : بايعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم على الإسلام ، واشترط علي النصح للمسلمين ، فأنا لهم ناصح أجمعين.(6/290)
7048- قال : أخبرنا حماد بن مسعدة ، عن ابن عجلان ، عن عون بن عبد الله (1)، قال : كان جرير إذا أقام سلعة ، بصر عيوبها ، ثم خيره ، ثم قال : إن شئت فخذ وإن شئت فاترك . فقيل له : يرحمك الله ، إنك إذا فعلت هذا لم ينفذ لك بيع . قال : إنا بايعنا رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم على النصيحة لأهل الإسلام.
_حاشية__________
(1) تصحف في المطبوع إلى : عَوْن ، عن عَبْد الله" وأثبتناه عن "تهذيب الكمال" 22/453.(6/291)
قال جرير : فذكرتُ بُعْدَ البلد ، وإن خرجت على الإبل أبطأت ، قلت : ليس يشبه جرائد النخل ، وكنت لا فروسة لي ، قد خبرت نفسي ، ما ركبت فرسا إلا صرعني فأكون منه ضمنا ، فتركت ركوب الخيل حتى كان الحي يمازحوني بذلك ويقولون : اركب الحمار والبعير ، فذكرت ذلك لرسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فضرب في صدري حتى رأيت أثر أصابعه في صدري ، ثم قال : اللهم ثبته ، واجعله هاديا مهديا.
قال جرير : فقمت من عنده ، والذي بعثه بالحق ، ولكأني غير الذي كنت أعرف من نفسي ، عمدت إلى فرس لرجل من أصحابي شموس فركبته ، ثم انطلقت عليه أشوره ، فدل تحتي حتى كأنه شاة ، فحمدت الله ، ونفرت في خمسين ومائة رجل من أحمس ، وكانوا أصحاب خيل في الجاهلية ، إنما يغيرون عليها ويغار عليهم ، فقل ما أصيب لهم نهب إلا تخلصوه لنجابة خيلهم وفروسيتهم ، وقل ما أصابوا نهبا فأدركوا حتى يدخلوا مأمنهم.
قال جرير : فانتهيت إلى ذي الخلصة ، فإذا قوم ممسكون بالشرك ، يقولون : أنتم تقدرون عليها ؟ قال : فقلت : سترون إن شاء الله . فأتناول قبسا من نار ، وصحت بأصحابي يحملون الحشيش اليابس وهو حولنا ركام ، ثم أضرمته عليه حتى صار الصنم مجردا من كل ما كان عليه مثل الجمل الجرب قد هنئ بالقطران.
قال : وبعثت بشيرا إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يقال له : أبو أرطاة ، واسمه حسين بن ربيعة ، فقلت له : أجد السير حتى تقدم على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فتخبره بهدمها ، قال : فركب فأغذ السير حتى قدم على رسول الله ، صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فجعل يخبره ، والنبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يقول : أفهدمتموها ؟ فجعل يقول : نعم ، والذي بعثك بالحق ، ما جئتك حتى تركتها كأنها جمل أجرب.(6/292)
7054- قال : أخبرنا وكيع بن الجراح ، ويزيد بن هارون ، وعبد الله بن نمير ، ويعلى بن عبيد ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن جرير بن عبد الله ؛ أن النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قال له : ألا تريحني من ذي الخلصة ؟ بيت لخثعم كان يُعْبَد في الجاهلية يسمى كعبة اليمانية.
قال وكيع وعبد الله بن نمير في حديثيهما : فخرجت إليه في خمسين ومائة راكب . وقال يزيد بن هارون : فنفرت في تسعين ومائة فارس من أحمس وكانوا أصحاب خيل.
وقالوا جميعا في الحديث : فحرقناه حتى تركناه كالجمل الأجرب ، قال : ثم بعث جرير إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم رجلا يقال له : أبو أرطاة ، فبشره بذلك ، فلما جاءه ، قال : والذي بعثك بالحق يا رسول الله ، ما أتيتك حتى صار كالجمل الأجرب ، قال : فبرك على أحمس على خيلها ورجالها خمس مرات. قال : قلت : يا رسول الله ، إني رجل لا أثبت على الخيل . قال : فوضع يده على صدري حتى وجدت بردها ، وقال : اللهم ثبته ، واجعله هاديا مهديا قال يزيد : مهتديا.(6/293)
7056- قال : أخبرنا عبد الله بن الزبير الحميدي ، وعلي بن عبد الله بن جعفر ، قالا : حدثنا سفيان قال : حدثنا إسماعيل قال : أخبرنا قيس قال : شهدت الأشعث وجريرا حضرا جنازة ، فقدم الأشعث جريرا ، ثم التفت إلى الناس ، فقال : إني ارتددت ، وإنه لم يرتد.(6/294)
7060- قال : أخبرنا عبد الله بن نمير قال : حدثنا إسماعيل ، عن قيس قال : قال جرير فيما يعظ قومه : والله لوددت أني لم أكن بنيت فيها شيئا قط.(6/295)
فسار جرير ، وقد بعث ملكُ الزَّارَة قائده مهران في جمع من فارس لقتال المسلمين ، فأقبل حتى قطع الفرات إلى جرير ، فالتقوا بالنخيلة ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، فبارز مهران جريرا ، فقتله جرير ، وأخذ سلبه وقلنسوة كانت عليه.
وانهزمت الفرس حتى جاؤُوا المدائن ، وفتح جرير بعض السواد ، وسار جرير حتى لقي الحاجب بقس الناطف فقاتله فهزمه ، واجتمعت الأعاجم ، وبعثوا إلى الكور فاجتمعوا إلى المدائن فاستعمل عليهم رستم ، فلما بلغ ذلك جريرا وأنه لا يدان له بهم ، كتب إلى عُمَر يخبره بجمعهم ، فكتب إليه عُمَر : جاءك ما لا يدان لك به ، فالحق بالمثنى بن حارثة ، وكتب عُمَر إلى المثنى بن حارثة : أن انضم إلى جرير ، وأقبل أنس بن مدرك الخثعمي في خمسمائة من حيه فنزلوا مع جرير النُّخَيلة.
وأقبل رستم وكان منجما ، وكان يرى أن العرب قاتلوه ومن معه إن قاتلهم ، وكان يريد أن ينفيهم ولا يقاتلهم ، فلما دنا من جرير شخص إلى القادسية ، وخندق جرير عليه وجعل يطاوله ، حتى بعث عُمَر بن الخطاب سعد بن أبي وقاص ، فقدم فيمن معه من أهل المدينة والشام ، فشخص إليه جرير فلقيه.(6/297)
7069- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثنا قيس بن الربيع ، عن مجالد ، عن الشعبي قال : بعث عُمَر سعدا في أربعة آلاف ، وأمره في عهده أن لا يدنوا من العدو حتى يأتيه أمره ، وكتب عُمَر إلى جرير بن عبد الله والمثنى بن حارثة أن يجتمعا إلى سعد.(6/298)
7070- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني ربيعة بن عثمان ، عن أبان بن صالح قال : بعث عُمَر مع سعد ستة آلاف ، وكتب إلى المثنى وجرير : إني لم أكن لأستعمل أحدا منكما على رجل من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم من أهل بدر ، فاجتمعا إلى سعد بن أبي وقاص ، فهو عاملي عليكما وعلى جندكما ، فسار المثنى وجرير حتى قدما عليه بشراف.(6/298)
7074- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، وعبد الله بن جعفر ، قالا : لما فتح الله على المسلمين يوم القادسية قال جرير بن عبد الله :
أنا جرير كنيتي أبو عَمْرو ... قد فتح الله وسعد في القَصِرْ
هكذا كنيته ، في رواية محمد بن عُمَر وغيره من أهل العلم.(6/299)
7078- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر ، قال : حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن ابن أبي عون ، قال : أرسل علي بن أبي طالب جرير بن عبد الله إلى معاوية يعلمه حاله وما يريد ويكلمه ، فخرج حتى قدم الشام فنزل على معاوية ، ثم قام فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي ، صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، ثم قال : أما بعد ، يا معاوية ، فإنه قد اجتمع لابن عمك الحرمان ، والناس لهما تبع ، مع أن معه أهل البصرة وأهل الكوفة وأهل مصر وأهل اليمن قد بايعوا ، فبايع ابن عمك ولا تخالف ، ولا تعند على الحق ، وما أنت فيمن أنت فيه ، فلا تلفف على أصحابك واصدقهم ، وأجل لهم الأمر ، وناصحهم في الحق والدين ، وهو معطيك الشام ومصر تكون عليهما ما دمت حيا ، على أن تعمل بكتاب الله وسنة نبيه صلوات الله عليه وسلامه.
وكان عند معاوية يومئذ وجوه أهل الشام : ذو الكلاع ، وشرحبيل بن السمط ، وأبو مسلم الخولاني ، ومسروق العكي ، فتكلموا بكلام شديد ، وردوا أشد الرد ، وتهددوا معاوية أشد التهدد إن هو أجاب إلى هذا القول وترك الطلب بدم عثمان ، فقال جرير : الله الله في حقن دماء المسلمين ، ولم شعثهم ، وجمع أمر الأمة ، فإن الأمر قد تقارب وصلح . قالوا : لا نريد هذا الصلح حتى نقاتل قتلة عثمان ، فنحن ولاته والقائمون بدمه . فقال معاوية : على رسلكم ، أنا معكم على ما تريدون وتقولون ما بقيت أرواحنا . فجزاه القوم خيرا وكفوا عنه.
وخرج جرير حتى قدم على علي بن أبي طالب ، فقال : ما وراءك ؟ قال : الشر . أما معاوية فهو يرضى بما يعطى ، ولكنه مع قوم لا أمر له معهم ، كلهم يقوم بدم عثمان وهم مائة ألف ، والقوم مقاتلوك . فقال الأشتر : يا أخا بجيلة ، إن عثمان اشترى دينك ودين قومك بهمذان ، فقال جرير : أما والله لقد ناصحتك يا أمير المؤمنين وجئتك بالصدق . فلم يزل الأشتر يحمل على جرير عند علي حتى خافه ، فهرب جرير وكاتب معاوية ، فسار علي إلى دار جرير ، فشعث منها حتى كلمه أبو مسعود الأنصاري.(6/300)
7079- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني عبد الحميد بن جعفر ، عن جرير بن يزيد بن جرير بن عبد الله البجلي ، عن أبيه ، قال : لم يكن علي بصاحب حرب ولا قتال ولا سياسة ، بعث جريرا إلى معاوية يعطيه مصر والشام على أن يعمل بكتاب الله وسنة نبيه عليه صلوات الله وسلامه ويبايع لعلي ، ففعل ، فأبى أصحابه ذلك وقالوا : لا نفعل أبدا . فرجع جرير إلى علي يخبره . قال : يقول الأشتر : يا أمير المؤمنين ، غشك ، مالأ عدوك وكذب ، فخاف على نفسه فخرج هاربا ، حتى سار علي إلى دارنا يهدمها ، حتى خرجنا إليه ، فناشدناه الله ، وقلنا : دار مشتركة لأيتام ، فتركها.(6/301)
1328- مدرك بن عوف بن الحارث بن هلال بن عبد العزى بن جشم بن نقر بن عَمْرو بن لؤي بن رهم بن معاوية بن أسلم بن أحمس بن الغوث بن أنمار ، وفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وأسلم.(6/302)
1330- أبو طارق
واسمه ربيعة بن خويلد بن سلمة بن هلال بن عائذ بن كلب بن عَمْرو بن لؤي بن رهم بن معاوية بن أسلم بن أحمس بن الغوث بن أنمار ، وكان شريفا(6/303)
1333- شبل بن معبد بن عبد بن الحارث بن عَمْرو بن علي بن أسلم بن أحمس بن الغوث بن أنمار ، وهو فيمن شهد على المغيرة بن شعبة.(6/304)
1337- جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي وهو العلقي ، وبعضهم ينسبه إلى أبيه ، وبعضهم ينسبه إلى جده.(6/305)
- ومن خثعم وهو أفتل بن أنمار بن إِراش بن عَمْرو بن الغوث أخو بجيلة لأبيهم ، وإنما سمي : خثعما ، بجمل له يقال له : خثعم ، كان يقال : احتمل آل خثعم ونزل آل خثعم
1338- أنس بن مدرك بن كعيب بن عَمْرو بن سعد بن عوف بن العتيك بن حارثة بن عامر بن تيم الله بن مبشر بن أكلب بن ربيعة بن عفرس بن جلف بن أفتل ، وهو خثعم بن أنمار ، ويكنى أنس : أبا سفيان ، وكان شاعرا ، وقد رأس.(6/306)
- ومن همدان وهو أوسلة بن مالك بن زيد بن أوسلة بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان
1341- ضمام بن زيد بن ثوابة بن الحكم بن سليمان بن عبد بن عَمْرو بن الخارف واسمه عبد الله بن كثير بن مالك بن جشم بن حاشد بن جشم بن خيران بن نوف بن همدان ، وفد على النبي ، صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، ولهم بقية.(6/307)
1345- قيس بن مالك بن سعد بن مالك بن لأي بن سلمان بن معاوية وهو الهجن بن سفيان بن أرحب بن دعام بن مالك بن معاوية بن الصعب بن دومان بن بكيل بن جشم بن خيران بن نوف بن همدان ، وقيس بن مالك أبو نمط ، ويقال : إن نمط بن قيس هو الوافد على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.(6/308)
قال : فرجعت ، وقد سمعت هذه الكلمة من النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وهذا من النجاشي . وأسلم قومي ونزلوا إلى السهل ، وكتب رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم هذا الكتاب إلى عمير ذي مران .
قال : وبعث رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مالك بن مرارة الرهاوي إلى اليمن جميعا ، فأسلم عك ذو خيوان ، فقيل لعك : انطلق إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فخذ منه الأمان على قريتك ومالك ، وكانت له قرية فيها رقيق ومال ، فقدم على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فقال : يا رسول الله ، إن مالك بن مرارة الرهاوي قدم علينا يدعو إلى الإسلام فأسلمنا ، ولي أرض فيها رقيق ومال ، فاكتب لي كتابا ، فكتب رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله لعك ذي خيوان ، إن كان صادقا في أرضه ، وماله ، ورقيقه ، فله أمان الله وذمة رسوله . وكتب خالد بن سعد.(6/309)
1349- حَمَل بن سُعْدَانَة بن حارثة بن معقل بن كعب بن عليم بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب ، وفد على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , وعقد له لواء.(6/310)
- ومن بلقين ، وهو النعمان ، وحَضَنه عبد يقال له : القَيْن فغلب عليه ، وهو ابن جَسْر بن شيع الله بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة
1352- المستورد بن المنهال بن قنفذ بن عصية بن هصيص بن حُيَيّ بن وائل بن جشم بن مالك بن كعب بن القين ، صحب النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.(6/311)
1354- الأسقع بن شريح بن صريم بن عَمْرو بن رياح بن عوف بن عميرة بن الهون بن أعجب بن قدامة بن جرم ، وفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وأسلم.(6/312)
- ومن مهرة بن حيدان بن عَمْرو بن الحاف بن قضاعة :
1357- زهير بن قرضم بن العجيل بن قَثَاث بن قمومي بن نقلل بن العيدي بن ندغي بن مهرة الوافد على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
- ومن بني عذرة بن سعد بن زيد بن ليث بن سعود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة :(6/313)
7086- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر قال : حدثني إسحاق بن عبد الله بن نسطاس ، عن أبي عَمْرو بن حريث العذري ، قال : وجدت في كتاب عن آبائي ، قالوا : قدم وفدنا على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في صفر سنة تسع ، فقدم اثنا عشر رجلا منهم : جمرة بن النعمان وسليم وسعد ابنا مالك ، ومالك بن أبي رباح ، فنزلوا في دار رملة بنت الحدث النجارية ، ثم جاؤُوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في المسجد فسلموا عليه بسلام أهل الجاهلية ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : من القوم ؟ قال متكلمهم : من لا تنكر ، نحن بنو عذرة إخوة بني عامر ، ونحن الذين عضدوا قصيا ، وأزاحوا من بطن مكة خزاعة وبني بكر ، ولنا قرابات وأرحام ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : مرحبا بكم وأهلا ، ما أعرفني بكم ، فما منعكم من تحية الإسلام ؟ قالوا : يا محمد ، كنا على ما كان عليه آباؤنا ، فقدمنا مرتادين لأنفسنا ولمن خلفنا ، فإلى ما تدعو ؟ فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وأن تشهدوا أني رسول الله إلى الناس كافة ، فقال المتكلم : فما وراء ذلك من الفرائض ؟ فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : الصلوات الخمس ، ثم أخبرهم بشرائع الإسلام ، وسألوه عن أشياء فأخبرهم بها ، وسألوه عن أشياء فنهاهم عنها ، ثم أقاموا أياما ، ثم انصرفوا إلى أهلهم ، وأمر لهم بجوائز كما كان يجاز الوفد ، وكسا أحدهم بردا.(6/314)
- ومن بني سلامان بن سعد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم :
1361- حبيب بن عَمْرو السلاماني
7087- قال : أخبرنا محمد بن عُمَر ، قال : حدثني محمد بن يحيى بن سهل بن أبي حثمة قال : وجدت في كتب أبي ، أن حبيب بن عَمْرو السلاماني كان يحدث ، قال : قدمنا وفد سلامان على رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم في شوال سنة عشر ، ونحن سبعة نفر ، لنبايعه على الإسلام وعلى من وراءنا من قومنا ، فأسلمنا وبايعناه ، وجعل الناس يسألونه ، قلت : يا رسول الله ، ما أفضل الأعمال ؟ قال الصلاة في وقتها ، قلت : أي رسول الله ، هل لي أجر في الحوض ألوطه لإبلي فتروى همل الإبل ؟ فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : نعم ، في كل كبد حرى أجر ، وسألته عن غير ذلك.
قال : فأقمنا ثلاثا وضيافته تجري علينا ، ثم جئنا فودعناه صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فأمر لنا بجوائز ، فأعطانا خمس أواقي كل رجل منا ، وتعذر إلينا بلال وقال : ليس عندنا اليوم مال ، قال : فقلنا : ما أكثر هذا وأطيبه ، ثم رحلنا إلى بلادنا.(6/315)
- وممن وفد إلى النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وَرَوَى عنه ولم يعرف نسبه :
1363- أبيض بن حمال ، من أهل مأرب
قال عبد المنعم بن إدريس : هو من الأزد ممن كان أقام بمأرب من ولد عَمْرو بن عامر . وفد على النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم المدينة ، ويقال : بل لقيه في حجة الوداع بمكة.(6/316)
7091- قال : أخبرنا عبد الله بن الزبير الحميدي قال : حدثنا فرج بن سعيد قال : حدثني عمي ثابت بن سعيد ، عن أبيه ، عن جده أبيض بن حمال ؛ أنه كان بوجهه حزازة ، قال : يعني القُوبَاء ، قد التمعت وجهه ، فدعاه النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فمسح وجهه ، فلم يمس من ذلك اليوم ، ومنها أثر.(6/317)
7092- قال : أخبرنا الضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل ، عن عبد الحميد بن جعفر ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن مرثد بن عبد الله اليزني ، عن الديلم قال : قلت : يا رسول الله ، إنا بأرض باردة ، وإنا نستعين بشراب من القمح . قال : أيسكر ؟ قلت : نعم ، قال : فلا تشربوه ، ثم أعاده ، فقال : أيسكر ؟ قلت : نعم ، قال : فلا تشربوه ، ثم قال : إنهم لا يصبرون عنه ، قال : فإن لم يصبروا عنه فاقتلهم.
7093- قال : وأخبرنا بهذا الحديث أيضا محمد بن عبيد ، عن محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن مرثد بن عبد الله ، عن ديلم الحميري.(6/318)
1366- حُمَمَة بن أبي حمية الدوسي
7096- قال : أخبرنا عفان بن مسلم قال : حدثنا أبو عوانة ، عن داود بن عبد الله الأودي ، عن حميد بن عبد الرحمن ؛ أن رجلا كان يقال له : حممة ، من أصحاب محمد صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، خرج إلى أصبهان غازيا ، قال : وفتحت أصبهان في خلافة عُمَر رحمه الله فقال : اللهم إن حممة يزعم أنه يحب لقاءك ، فإن كان حممة صادقا فاعزم له بصدقه ، وإن كان كاذبا فاعزم له عليه وإن كره ، اللهم لا ترد حممة من سفره هذا . قال : فأخذه الموت فمات بأصبهان . قال : فقام أبو موسى فقال : يا أيها الناس ، ألا إنا والله ما سمعنا فيما سمعنا من نبيكم صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وما بلغ علمنا إلا أن حممة شهيد.
- آخر الطبقة الرابعة ، وهي آخر طبقات الأكابر من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ورضي الله عنهم ، يتلوها الطبقة الخامسة ، وهم الذين توفي النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وهم أحداث الأسنان رضي الله عنهم أجمعين ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم كثيراً.(6/319)
- بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
- الطبقة الخامسة (1)
- فيمن قبض رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وهم أحداث الأسنان ولم يغز منهم أحد مع رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وقد حفظ عامتهم ما حدَّثوا به عنه ومنهم من أدركه ورآه ولم يحدث عنه شيئا.
1367- عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصيّ . ويكنى أبا العباس . وأمه أم الفضل وهي لُبابة الكبرى بنت الحارث بن حزن بن بُجير بن الهُزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر. فَوَلَدَ عبد الله بن العباس : العباس بن عبد الله وبه كان يكنى وهو أكبر ولده ، وليس له عقب . وعلي بن عبد الله وهو أصغر ولده ، وكان أجمل قرشي على الأرض ، وأوسمه ، وأكثر صلاة ، وكان يدعي السّجّاد ، وله عقب ، وفي ولده الخلافة. والفضل بن عبد الله لا بقية له . ومحمد بن عبد الله لا بقية له . وعبيد الله بن عبد الله لا بقية له ، ولبابة بنت عبد الله كانت عند علي بن أبي طالب بن جعفر بن أبي طالب : فولدت له ، ولولدها أعقاب وبقية. وأمهم زرعة بنت مِشرح بن معديكرب بن وليعة بن شرحبيل بن معاوية بن حُجر القرد بن الحارث الولادة (2) بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن مرتع وهو كِندة. وأسماء بنت عبد الله كانت عند عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم ، فولدت له حَسَنًا وحُسينًا الفقيه ، وأمها أم ولد.
_حاشية__________
(1) بداية الموجود من النسخة "ح"
(2) في الأصول "الولاد" والمثبت في نسب قريش ص 29 ، جمهرة أنساب العرب ص 428 ، وفي المقتضب ورقة 77 أنه سمة بذلك لكثرة ولده.(6/320)
7097- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا مالك بن أنس ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس ، قال : مررت في حجة الوداع على حِمار أنا والفضل ، وقد راهقت يومئذ الاحتلام ، والنبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يصلي بالناس فدخلنا في الصف وتركنا الحمار أمام الناس فلم يُنكر علينا.
قال محمد بن عمر : لا اختلاف عند أهل العلم عندنا أن ابن عباس وُِلد في الشعب ، وبنو هاشم محصورون ، فولد ابن عباس قبل خروجهم منه بيسير , وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين فتوفي رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وابن عباس ابن ثلاث عشرة سنة ، ألا تراه يقول في حديث مالك ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، راهقت الإحتلام في حجة الوداع ، وهذا أثبت مما روى هُشيم ، عن أبي بشر عن سعيد بن جبير في سنه.(6/321)
7102- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا سفيان ، عن سلمة ، يعني ابن كهيل ، عن الحسن العُرَني ، عن ابن عباس ، قال : قَدَّمنا رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ليلة المزدلفة أُغَيْلمَة بني عبد المطلب على حُمُرات فجعل يَلطحُ أفخاذنا ويقول : أُبَيْنيَّ لا ترموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس.(6/322)
7109- قال : أخبرنا عفان بن مسلم ، وسليمان بن حرب ، قالا : حدثنا حماد بن سلمة ، قال : أخبرنا عبد الله بن عثمان بن خُثَيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ؛ أن رسول لله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم كان في بيت ميمونة فوضعت له وضوءًا من الليل . قال : فقالت ميمونة : يا رسول الله ، وضع لك هذا عبد الله بن عباس ، فقال صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : اللهم فقهه في الدين وعلّمهُ التأويل.(6/323)
7114- قال : أخبرنا محمد بن عبيد ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن شعيب بن يسار ، عن عكرمة ، قال : أرسل العباس عبد الله إلى النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فانطلق ثم جاء فقال : رأيت عنده رجلاَّ ما أدري كيف هو ! فجاء العباس إلى رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فأخبره بالذي قال عبد الله ، فأرسل النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم إلى عبد الله فدعاه فأجلسه في حجره ثم مسح رأسه ودعا له بالعلم.(6/324)
7118- قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الكريم ، عن عكرمة ؛ أن العباس بن عبد المطلب دخل على رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ومعه ابنه عبد الله ، فلما خرج قال عبد الله لأبيه : من الرجل الذي كان عند النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فقال العباس : ما كان عنده أحد . فسأل العباس النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم عن ذلك فقال : ذاك جبريل.(6/325)
7122- أخبرنا عبد الله بن بكر السهمي ، قال : حدثنا حاتم ، يعني ابن أبي صغيرة ، عن سماك ؛ أن ابن عباس سقط في عينيه الماء فذهب بصره ، فأتاه هؤلاء الذين يثقبون (1) العيون ويسيلون الماء ، فقالوا : خلّ بيننا وبين عينيك نسيل ماءهما ولكنك تمسك خمسة أيام لا تصلي إلا على عمود (2) ! قال : لا والله ولا ركعة واحدة إني حدثت أنه من ترك صلاة واحدةً متعمدًا لقى الله وهو عليه غضبان.
_حاشية__________
(1) قرأها محقق المطبوع "ينقبون" والمثبت من الأصل.
(2) قرأها محقق المطبوع "عود" والمثبت من الأصل.(6/326)
7127- قال : اخبرنا وكيع بن الجراح ، ومحمد بن عبد الله الأسدي ، قالا : حدثنا سفيان ، عن عبد الأعلى ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : كيف أؤمهم وهم يعدلوني إلى القبلة ؟(6/327)
7132- قال : أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق ، قال : حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان ، عن سعيد بن جبير ، قال : كان أُناس من المهاجرين قد وجدوا على عمر في إدنائه ابن عباس دونهم ، قال : وكان يسأله . فقال عمر : أما إني سأُريكم منه اليوم ما تعرفون فضله ، فسألهم عن هذه السورة : {إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا} قال : فقال بعضهم : أمر الله بنبيه صَلى الله عَليهِ وَسلَّم إذا رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجا أن يحمده ويستغفره . قال : فقال عمر : يابن عباس أَلاَ تكلّم ؟ قال : فقال : أعلمه متى يموت.
قال : {إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا} فهي آتيك من الموت {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا}.
قال : ثم سألهم عن ليلة القدر فأكثروا فيها . فقال بعضهم : كنا نرى أنها في العشر الوسط ، ثم بلغنا أنها في العشر الأواخر ، قال : فأكثروا فيها ، فقال بعضهم : ليلة إحدى وعشرين . وقال بعضهم . ثلاث وعشرين . وقال بعضهم : سبع وعشرين . فقال عمر لابن عباس : ألا تكلم ؟ قال والله أعلم . قال : قد نعلم أن الله أعلم ، إنما نسألك عن علمك ، فقال ابن عباس : الله وتر يحب الوتر ، خلق من خلقه سبع سماوات فاستوى عليهن وخلق الأرض سبعا ، وخلق عدة الأيام سبعًا وجعل طوافًا بالبيت سبعًا ، ورمى الجمار سبعًا ، وبين الصفا والمروة سبعًا ، وخلق الإنسان من سبع ، وجعل رزقه من سبع قال فقال عمر : فكيف خلق الإنسان من سبع ؟ وجعل رزقه من سبع ؟ فقد فهمت من هذا أمرًا ما فهمته.
قال ابن عباس : إن الله يقول : {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين} حتى بلغ إلى قوله : { فتبارك الله أحسن الخالقين} قال : ثم قرا : {أَنَّا صببنا الماء صبا ، ثم شققنا الأرض شقا ، فأنبتنا فيها حبا ، وعنبا وقضبا ، وزيتونا ونخلا ، وحدائق غُلبا ، وفاكهة وأبا}. فأما السبعة فلبني آدم ، وأما الأبّ فما أنبت الأرض للأنعام ، وأما ليلة القدر فما نراها ، إن شاء الله ، إلا ليلة ثلاث وعشرين يمضين وسبع يبقين.(6/328)
7133- قال : أخبرنا يحيى بن عباد ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، قال : كان عمر يُدني ابن عباس ، فقال له ابن عوف : لنا أبناء مثله ، فقال : إنه من حيث تَعْلَم ، فسأله عن هذه الآية {إذا جاء نصر الله والفتح}. قال : هذا أَجَل رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أعْلَمَه . فقال عمر : ما أعلم منه إلا مثل ما تعلم.(6/329)
7137- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني محمد بن عبد الله ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس ، قال : جئت عمر حين طُعِن في غَبَش السَحَّر فاحتملته أنا ورهط معي وكنا في المسجد ، حتى إذا أدخلناه بيته وأمر عمر عبد الرحمن بن عوف يصلي بالناس وغشي على عمر من النزف فلم يزل في غشيته حتى أسفر ، ثم أفاق فقال : أَصَّلى الناس ؟ فقلنا : نعم.
فقال : لا إسلام لمن ترك الصلاة ، ثم دعا بوضوء فتوضأ ، ثم صلى ، قال حين سلم : يا عبد الله بن عباس ، اخرج فسل من قتلني ؟ قال : ففتحت الباب فإذا الناس مجتمعون جاهلون بخبر عمر , فقلت : من طعن أمير المؤمنين ؟ قالوا : طعنه عدو الله أبو لؤلؤة ، فرجعت إلى عمر أخبره ، قال : فإذا عمر يُبدُّنِي (1) النظر ، يسألني خبر ما بعثني إليه ، فقلت : أرسلتني يا أمير المؤمنين أسأل : من قتلك ؟ فكلمت الناس ، فزعموا أنه طعنك أبو لؤلؤة ، غلام المغيرة بن شعبة ، وطعن معك رهطا ، وقتل نفسه ، فقال عمر : الله أكبر ، الحمد لله الذي لم يجعل قاتلي يحاجّني عند الله بسجدة سجدها له ، ولقد عرفت ما كانت العرب لتقتلني ، أنا أحب إليها من ذلك.
_حاشية__________
(1) ث "يُبَدِّي" والمثبت رواية "ح".(6/330)
7139- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني إسحاق بن أبي إسحاق ، عن سماك بن الفضل ، عن شهاب بن عبد الله الخولاني ، عن ابن عباس ، قال : دعاني عمر حين طعن ، فقال : احفظ عني ثلاث خصال ، من قال عليَّ فيهن شيئًا فقد كذب ، من قال : إني تركت مملوكا فقد كذب ، ومن قال : إني قضيت في الكلالة بشيء فقد كذب ، ومن قال : إني سميت الخليفة بعدي فقد كذب. قال : ثم بكى عمر فقال له ابن عباس : ما يبكيك يا أمير المؤمنين ؟ قال : يبكيني أمر آخرتي . قال ابن عباس : فإن فيك يا أمير المؤمنين ثلاث خصال لا يعذبك الله معهن أبدًا إن شاء الله . قال عمر : وما هنَّ ؟ قال : إنك إذا قلت صدقت ، وإذا حكمت عدلت ، وإذا استُرحمت رحمت . فقال : أتشهد لي بهنَّ عند ربي يابن عباس ؟ قال : نعم.(6/331)
7143- قال : أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة ، قال الأعمش : حُدِّثنا عن مجاهد ، قال : كان ابن عباس يُُِِسَمى البحرَ من كثرة علمهِ.(6/332)
7151- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن سيف ، قال : قالت عائشة من استعمل على الموسم العام ؟ قالوا : ابن عباس . قالت : هو أعلم الناس بالحج.(6/333)
7157- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا عباد بن العوّام عن حصين ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، قال : كان ابن عباس إذا سئل عن عربيّ القرآن قال : خذ ذلك من الشعر يتبين لك.(6/334)
7164- قال : أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن ميمون بن مهران ، قال : لو أتيت ابن عباس بصحيفة فيها ستون حديثا لرجعت ولم تسأله عنها وسمعتها . قال أبو بكر : يسأله الناس فيكفونك.(6/335)
7172- قال : أخبرنا روح بن عبادة ، قال : حدثنا ابن جريج ، قال : أخبرني الحسن بن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، أن ابن عباس كان ينهى عن كتاب العلم وأنه قال : إنما أضلّ من كان قبلكم الكتب.(6/336)
7179- قال : أخبرنا أبو بكر بن محمد بن أبي مرة المكي ، قال : حدثني نافع بن عمر ، قال : حدثني عمرو بن دينار ؛ أن اهل المدينة كلموا ابن عباس أن يحج بهم وعثمان بن عفان محصور ، فدخل على عثمان فأخبره بذلك فأمره أن يحج بالناس ، فحج بهم ثم انصرف إلى المدينة ، فوجد عثمان قد قتل ، فقال لعلي : إن أنت (1) قمت بهذا الأمر الآن ألزمك الناس دم عثمان إلى يوم القيامة.
_حاشية__________
(1) رواية "ح" : "أرأيت إن أنت" والمثبت رواية "ث".(6/337)
7182- قال : أخبرنا أبو عبيد ، عن مجالد ، عن الشعبي ، وغيره ، قال : أقام عليّ بعد وقعة الجمل بالبصرة خمسين ليلة ، ثم أقبل إلى الكوفة واستخلف عبد الله بن عباس على البصرة ، ووجه الأشتر على مقدمته إلى الكوفة فلحقه رجل فقال : من استخلف أمير المؤمنين على البصرة ؟ قال : عبد الله بن عباس ، قال : ففيم قتلنا الشيخ بالمدينة أمس ؟ قال : فلم يزل ابن عباس على البصرة حتى صار إلى صفين فاستخلف أبا الأسود الدّيلي على الصلاة بالبصرة ، واستخلف زيادًا على الخراج وبيت المال والديوان ، وقد كان استكتبه قبل ذلك ، فلم يزالا على البصرة حتى قدم من صفين ، فرجع ابن عباس إلى البصرة فأقام بها فلم يزل بها حتى قتل عليّ رحمه الله ، فحمل ما حمل من المال ثم مضى إلى الحجاز واستخلف عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب على البصرة.(6/338)
7184- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا عيسى بن علقمة ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، قال : سمعت ابن عباس يقول : قلت لعليّ يوم الحكمين : لا تُحكم الأشعري فإن معه رجلاَّ حَذِرًا ، مَرسًا ، قارحا من الرجال ، فَلُزَّني إلى جنبه ، فإنه لا يحل عقدةً إلا عقدتها ، ولا يعقد عقدةً إلا حللتها.
قال : يابن عباس ! فما أصنع ؟ إنما أوتي من أصحابي ، قد ضعُفت نيتهم (1)، وكَلّوا في الحرب ، هذا الأشعث بن قيس يقول : لا يكون فيها مُضريَّان أبدا حتى يكون أحدهما يمانيّ . قال ابن عباس : فعذرته وعرفت أنه مضطهد ، وأن أصحابه لا نيّةَ لهم.
_حاشية__________
(1) في المطبوع "بينهم" والمثبت من الأصل .(6/339)
7188- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا ربيعة بن عثمان ، وأبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، ومحمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير وغيرهم ، قالوا : جاء نعي معاوية بن أبي سفيان ، وعبد الله بن عباس يومئذ غائب بمكة ، فلما صدر الناس من الحج سنة ستين وتكلم عبد الله بن الزبير وأظهر الدعاء ، خرج ابن عباس إلى الطائف ، فلما كانت وقعة الحَرَّة وجاء الخبرُ ابن الزبير ، كان بمكة يومئذ عبد الله بن عباس وابن الحنفية ، ولما جاء الخبر بنعي يزيد بن معاوية وذلك لهلال شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين ، قام ابن الزبير فدعا إلى نفسه وبايعه الناس ، دعا ابن عباس وابن الحنفية إلى البيعة فأبيا أن يبايعا وقالا : حتى تجتمع لك البلاد ويأتسق لك الناس وما عندنا خلاف.
فأقاما على ذلك ما أقاما فمرة يكاشرهما ، ومرة يلين لهما ، ومرة يباديهما . فكان هذا من أمره حتى إذا كانت سنة ست وستين غلظ عليهما ودعاهما إلى البيعة فأبيا.(6/340)
7190- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني الحسين بن الحسن بن عطية بن سعد بن جنادة العوفي القاضي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : لما وقعت الفتنة بين عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان ، ارتحل عبد الله بن عباس ومحمد بن الحنفية بأولادهما ونسائهما حتى نزلوا مكة ، فبعث عبد الله بن الزبير إليهما تبايعن فأبيا ، وقالا : أنت وشأنك ، لا نعرض لك ولا لغيرك ، فأبَى (1)، وألح عليهما إلحاحا شديدًا . وقال لهما فيما يقول . والله لتبايعن أو لأحرقنكم (2) بالنار ، فبعثا أبا الطفيل عامر بن واثلة إلى شيعتهم بالكوفة وقالا : إنا لا نأمن هذا الرجل ، فمشوا في الناس ، فانتدب أربعة آلاف ، فحملوا السلاح حتى دخلوا مكة ، فكبروا تكبيرة سمعها أهل مكة ، وابن الزبير في المسجد ، فانطلق هاربًا حتى دخل دار الندوة ، ويقال : تعلق بأستار الكعبة وقال : أنا عائذ الله.
قال : ثم ملنا (3)إلى ابن عباس وابن الحنفية وأصحابهما ، وهو في دور قريب من المسجد قد جمع الحطب ، فأحاط بهم حتى بلغ رؤُوس الجدر ، لو أن نارًا تقع فيه ما رُئِي منهم أحدٌ حتى تقوم الساعة ، فأخرناه عن الأبواب ، وقلنا لابن عباس : ذرنا نرح الناس منه ، فقال : لا ، هذا بلدٌ حرامٌ حرمه الله ، ما أحله لأحد إلا للنبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ساعةً ، فامنعونا وأجيرونا ، قال : فتحملوا ، وإن مناديًا ينادي في الجبل : ما غنمت سريةٌ بعد نبيها ما غنمت هذه السرية ، إن السرايا تغنم الذهب والفضة ، وإنما غنمتم دماءنا فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منىً ، فأقاموا ما شاء الله ، ثم خرجوا بهم إلى الطائف ، فمرض عبد الله بن عباس . فبينا نحن عنده إذ قال في مرضه : إني أموت في خير عصابة على وجه الأرض أحبهم إلى الله (4)، وأكرمهم عليه وأقربهم إلى الله زلفى ، فإن متّ فيكم فأنتم هم ، فما لبث إلا ثمان ليال بعد هذا القول حتى توفي رحمه الله ، فصلى عليه محمد بن الحنفية وولينا حمله ودفنه.
_حاشية__________
(1) "ث" : "فأتى" والمثبت من "ح" ومثله لدي ابن عساكر في تاريخ دمشق.
(2) كذا في "ح" ومثله لدي ابن عساكر في تاريخ دمشق ، والذهبي في السير 3/356 ، وفي "ث" : "لأحرقنكما".
(3) ساقط من "ث" ، وهو في "ح".
(4) "ح" : "أحبهم على الله" والمثبت من "ث".(6/341)
7191- قال : أخبرنا عبد الله بن نمير ، عن محمد بن إسحاق ، عن الصلت بن عبد الله بن نوفل ، قال : رأيت ابن العباس وخاتمه في يمينه ولا إخالهُ إلا أنه قد كان يذكر أن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم هنالك يلبسه.(6/342)
7197- قال : أخبرنا سعيد بن محمد الثقفي ، عن رشدين ، عن أبيه ، قال : رأيت عبد الله بن عباس يعتمّ بعمامة سوداء حرقانية ، ويرخيها شبرا أو أقل من شبر.(6/343)
7207- حدثنا عبد الله بن نمير ، عن شريك ، عن أبي إسحاق ، قال : رأيت ابن عباس أيام مِنَّى وله شعر إذا سجد أصاب الأرض.(6/344)
7216- قال : أخبرنا محمد بن ربيعة ، عن مستقيم بن عبد الملك قال : رأيت ابن عباس يستلم الحجر ثم يقبل يده.(6/345)
7226- قال : أخبرنا يَعَلى ومحمد ابنا عبيد الطنافسيان (1)، قالا : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن شعيب بن يسار ، قال : لما مات (2) ابن عباس رضي الله عنه وأدرج في كفنه ، دخل فيه طائر أبيض فما رِئي حتى الساعة.
_حاشية__________
(1) ساقط من "ح" ، وهو في "ث".
(2) ساقط من "ث" ، وهو في "ح" ، ومثله لدي الذهبي في سير أعلام النبلاء.(6/346)
7233- قال : أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي ، وقبيصة بن عقبة ، قالا : حدثنا سفيان ، عن سالم عن أبي حفصة ، عن أبي كلثوم ، قال : رأيت ابن الحنفية يوم دفن ابن عباس ، قال : اليوم مات ربانيّ هذه الأمة.(6/347)
والعالية ، تزوجها علي بن عبد الله بن العباس عبد المطلب . فولدت له محمد بن علي وفي ولده الخلافة من بني العباس.
وميمونة ، وأمهم عائشة بنت عبد الله بن عبد المدان بن الدَّيَّان بن قطن بن زياد بن الحارث بن مالك بن ربيعة بن كعب بن الحارث بن كعب بن عمرو بن عُلة (1) بن جلد (2) من مذحج.
ولبابة وأم محمد ، وأمهما عمرة بنت عريب بن عبد كُلال بن معديكرب بن أبي شراحيل الحمْيَري ثم الرُّعينيّ.
وعبد الرحمن وقُثمَ ، وأمهما أم حكيم بنت قارظ بن خالد بن عبيد بن سويد بن جابر بن تيم بن عامر بن عوف بن الحارث بن عبد مناة بن كنانة حليف بني زهرة بن كلاب ، وهما اللذان قَتَل بُسر بن أبي أرطاة العامري باليمن . وكان معاوية بن أبي سفيان بعثه يقتل من كان في طاعة علي بن أبي طالب فبلغ اليمن . وعبد الله ، وجعفرًا ، وأم كلثوم (3)، وعَمْرَة ، وأم العباس . وأمهم أم ولد.
قال : وكان عبيد الله بن العباس أصغر سنًا من عبد الله بن العباس بسنة.
فكان رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم قبض وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، وقد رأى النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وسمع منه ، وكان سخيًا جواداً.
وقال بعض أهل العلم : كان عبد الله وعبيد الله (ابنا العباس) . إذا قدما مكة أَوسَعهم عبد الله علمًا وأوسعهم عبيد الله طعامًا ، وكان عبيد الله رجلاَّ تاجرًا (4).
_حاشية__________
(1) قرأها محقق "ط" : "غُلَّة" وصواب القراءة من الأصل والمصادر التالية.
(2) هذا الضبط من "ح" ضبط قلم ، وكتب فوق كلمة "خَلْد" ، "صح" ومثله لدي مصعب في نسب قريش ص 30 ، وابن دريد في الاشتقاق ص 397 ، وابن حزم في الجمهرة ص 20 ، وفي "ث" : "علة بن خالد".
(3) كتب أمامها في هامش "ح" : "بخط ابن حيوية : كَلْثَم".
(4) المزي ج 19/61 وما بين حاصرتين منه وهو ينقل عن ابن سعد.(6/348)
7237- قال : أخبرنا معن بن عيسى ، قال : حدثنا مالك ، عن أيوب بن أبي تميمة السختياني ، عمّن أخبره ، عن عبيد الله بن العباس ؛ أن رجلاَّ جاء إلى النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فقال : يا رسول الله ، إن أمي كبيرة لا نستطيع أن نُركبها ، لا تستمسك وإن ربطناها خفت أن تموت ، أفأحج عنها ؟ قال : نعم.
قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : روى أيوب السختياني هذا الحديث ، عن عُبيد الله بن العباس ، ولم يشك ، وهو أقرب إلى الصواب ، لأن الفضل بن العباس توفي في زمان عمر بن الخطاب بالشام في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة ولم يدركه سليمان بن يسار . وعبيد الله بن عباس قد بقى إلى دهر يزيد بن معاوية بن أبي سفيان . وسليمان بن يسار يقول في هذا الحديث : حدثني . فهذا أولى بالصواب إن شاء الله تعالى.
قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : استعمل علي بن أبي طالب عبيد الله بن العباس على اليمن ، وأمره فحج بالناس سنة ست وثلاثين وسنة سبع وثلاثين.
وبعثه أيضا على الحج سنة تسع وثلاثين ، فاصطلح الناس تلك السنة على شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدري فحج بهم . ومات عبيد الله بن العباس بالمدينة.(6/349)
1370- معبدُ بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي . وأمّه أم الفضل لُبابة الكبرى بنت الحارث بن حزن بن بُجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن عامر.
وكان من أصاغر ولد العباس . فَوَلد مَعَبد : عبد الله ، والعباس ، وميمونة . وأمهم أم جميل بنت السائب بن الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر.
وعمر بن معبد لأم ولد . وأبية بنت معبد لأم ولد.
وحفصة لأم ولد . ولمعبد بن العباس عقب وبقية كثيرة.(6/350)
1372- تمام بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي . وأمه أم ولد وهي أم كثير بن العباس . وكان تمام من أشد أهل زمانه بطشًا . قال : فَوَلَدَ تمام : جعفرًا ، وقد روى عنه الحديث ، وأم حبيب . وأمها العالية بنت نهيك بن قيس بن معاوية من بني هلال بن عامر بن صعصعة . والعباس وقُثم والعالية وكثيرة وصفية . وأمهم أم حازم بنت نهيك بن قيس بن معاوية . خَلف عليها بعد أختها العالية بنت نهيك . ونفيسة ، وأًمُها أم كلثوم بنت عبد الله بن عقيل بن أبي طالب.
وكان لتمام بن العباس أولاد وأولاد أولاد فانقرضوا ، فكان آخر من بقي من ولده يحيى بن جعفر بن تمام ، فهلك في خلافة أبي جعفر المنصور، فورثه سليمان وعيسى وصالح وإسماعيل وعبد الصمد بنو علي بن عبد الله بالقُعْددِ.
فوهبوا حقهم لعبد الصمد فصار ميراثه كله إليه (1).
_حاشية__________
(1) بعده في مخطوطة "ث" : آخر الجزء السابع من كتاب الطبقات الكبير لأبي عبد الله محمد بن سعد كاتب الواقدي ،رحمة الله عليه ، يتلوه إن شاء الله في الجزء الثامن الحسن بن علي عليهما السلام . والحمد لله وحده ، وصلواته على سيدنا محمد ونبيه وآله وصحبه وسلامه .(6/351)
1373- الحسن بن علي ، عليهما السلام بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي وأمه فاطمة بنت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وأمها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصيّ.
فولد الحسن بن عليّ : محمدًا الأصغر وجعفرًا وحمزة وفاطمة دَرَجوا وأمهم أم كلثوم بنت الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم.
ومحمدًا الأكبر وبه كان يكنى والحسن وامرأتين هلكتا ولم تبرزا وأمهم خولة بنت منظور بن زَّبان بن سَيَّار بن عمرو بن جابر بن عقيل بن هلال بن سُميّ بن مازن بن فزارة بن ذُبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان.
وزيدًا وأم الحسن وأم الخير وأمهم أم بشير بنت أبي مسعود وهو عُقبة بن عمرو بن ثعلبة بن أسيرة بن عسيرة بن عطية بن جدارة بن عوف بن الحارث بن الخزرج من الأنصار.
وإسماعيل ويعقوب وجاريتين هلكتا وأمهم جعدة بنت الأشعث بن قيس بن معديكرب الكندي.
والقاسم وأبا بكر وعبد الله قتلوا مع الحسين بن عليّ بن أبي طالب ولا بقية لهم ، وأمهم أم ولد تدعى بُقيلة.
وحسينًا الأثرم وعبد الرحمن وأم سلمة وأمهم أم ولد تدعى ظمياء وعمرًا لا بقية له.
وأُمُّه أم ولد . وأم عبد الله وهي أم أبي جعفر محمد بن عليّ بن حسين وأمها (1) أم ولد تدعى صافية.
وطلحة لا بقية له.
وأُمُّه أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي وعبد الله الأصغر وأمه زينب بنت سُبيع بن عبد الله أخي جرير بن عبد الله البَجَلي.
قال محمد بن عمر : ولد الحسن بن علي بن أبي طالب في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة.
_حاشية__________
(1) تحرفت في الأصل إلى : "أمهما".(6/352)
- ذكر الأذان في أذن الحسن
7239- قال : أخبرنا عمر بن سعد أبو داود الحفري ، وقبيصة بن عقبة ، وأبو المنذر إسماعيل بن عمر ، قالوا : حدثنا سفيان الثوري ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن أبيه ؛ أن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أََذَّنَ في أُذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة.
قال قبيصة ، وأبو المنذر في حديثهما : بالصلاة.(6/353)
- ذكر حَلقْ رأس الحسن والحسين
7245- قال : أخبرنا أنس بن عياض أبو ضمرة الليثي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ؛ أن فاطمة حلقت حسنًا وحسينًا يوم سابعهما فوزنت شعرهما فتصدقت بوزنه فضة.(6/354)
7251- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا الثوري ، عن عبد الله (بن محمد) (1) بن عقيل ، عن علي بن حسين قال : عقَّ رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم عن الحسن بكبش وحلق رأسه وأمر أن يتصدق بزنته فضة على الأوفاض.
_حاشية__________
(1) من "ح".(6/355)
- ذكر تسمية رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم الحسن والحسين ، رحمهما الله ورضي عنهما
7258- قال : أخبرنا أنس بن عياض أبو ضمرة الليثي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، أن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم سمى حسنًا وحسنا يوم سابعهما واشتق اسم حسين من حسن.(6/356)
7263- قال : أخبرنا مالك بن إسماعيل ، قال : أخبرنا عمرو بن حريث ، قال : حدثنا بَرْذعة بن عبد الرحمن ، يعني ابن مطعم البناني ، عن أبي الخليل ، عن سلمان ، عن النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أنه قال : سميتهما باسم ابني هارون يعني الحسن والحسين شبرا وشبيرا.(6/357)
7269- قال : أخبرنا الضّحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل الشيباني ، ومحمد بن عبد الله الأسدي ، قالا : حدثنا عُمر (1) بن سعيد ، عن ابن أبي مليكة ، عن عقبة بن الحارث ، قال : خرجت مع أبي بكر من صلاة العصر بعد وفاة النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم بليالٍ وعلي يمشي إلى جنبه ، فمر بحسن بن علي وهو يلعب مع غلمان فاحتمله على رقبته وهو يقول :
وابأبي شِبه النبي ... ليس بشبه بعلي
وعلي يضحك.
_حاشية__________
(1) تحرف في "ث" إلى : "عمرو" وصوابه من "ح" ، وتهذيب الكمال والتقريب.(6/358)
7272- قال : أخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي ، قال : أخبرنا علي بن عابس الكوفي ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن البهي مولى الزبير قال : تذاكرنا من أشبه النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم من أهله (1) ؟ فدخل علينا عبد الله بن الزبير فقال : أن أحدثكم بأشبه أهله به وأحبهم إليه ، الحسن بن علي ، رأيته يجيء وهو ساجد فيركب رقبته ، أو قال : ظهره ، فما ينزله حتى يكون هو الذي ينزل ، ولقد رأيته يجئ وهو راكع فيفرج له بين رجليه حتى يخرج من الجانب الآخر.
_حاشية__________
(1) قرأها محقق "ط" : "من أهل بيته" والمثبت من "ث" و"ح" ، ومختصر تاريخ دمشق 7/8.(6/359)
7276- قال : أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فُدَيك المدني ، عن هشام بن سعد ، عن نُعيم المجمر ، عن أبي هريرة قال : ما رأيت حسنًا قط إلا فاضت عيناي دموعًا وذلك أن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم خرج يومًا فوجدني في المسجد فأخذ بيدي فانطلقت معه فلم يكلمني حتى جئنا سوق بني قينقاع ، فطاف بها ونظر ثم انصرف وأنا معه . حتى جئنا المسجد ، فجلس واحتبى ثم قال : أي لكاع ادع (1) لي لُكعا.
قال : فجاء الحسن يشتد فوقع في حجره ثم أدخل يده في لحيته ثم جعل رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يكفح فمه فيُدخل فاه في فيه ثم يقول : اللهم إني أحبه فأحببه وأحبب من يحبه.
_حاشية__________
(1) رواية "ث" : "ثم قال لي : لكاع ، ادع ..".(6/360)
7278- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، وسعيد بن منصور ، عن ابن عيينة ، عن أبي موسى ، قال : سمعت الحسن ، قال : حدثنا أبو بكرة قال : لقد رأيت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم على المنبر وهو يقبل على الناس مرة وعلى الحسن مرة ويقول : إن ابني هذا سيد وعسى الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين . وزاد سعيد : إسرائيل بن موسى ، وزاد : على يده بين فئتين من المسلمين.(6/361)
7285- قال : أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ؛ أبصر الأقرع النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يقبل حسنا ، فقال : لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم قط ، فقال : إنه من لا يَرحم لا يُرحم . قال سفيان : وقال بعض الناس : ما أصنع بك إن كان الله نزع منك الرحمة.(6/362)
7288- قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا إسرائيل ، قال : سمعت سالم بن أبي حفصة ، قال : سمعت أبا حازم ، قال : سمعت أبا هريرة ، قال : سمعت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يقول : من أحب الحسن والحسين فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني.(6/362)
7289- قال : أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي قال : حدثنا شريك ، عن جابر ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن جابر ، قال : قال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : من سره أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسن بن علي.(6/362)
7290- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، ومحمد بن عبد الله الأسدي ، قالا : حدثنا سفيان ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن ابن أبي نُعْم ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : حسن وحسين سيدا شباب أهل الجنة .(6/362)
7291- قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، والفضل بن دكين ، قالا : حدثنا يزيد بن مردَانبه ، عن عبد الرحمن بن أبي نعم ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم قال : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.(6/363)
7292- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعم ، عن أبيه ، عن أبي سعيد ، عن النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم قال : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة إلا ابني الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا.(6/363)
7293- قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا شريك ، عن عبد الرحمن بن زياد ، عن مسلم بن يسار ، قال : أقبل الحسن والحسين فقال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : هذان سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما.(6/363)
7294- قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا إسرائيل ، عن ابن أبي السفر ، عن الشعبي ، عن حذيفة ، عن النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم قال : أتاني جبريل فبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.(6/363)
7295- قال : أخبرنا عبد الله بن نمير ، عن حجاج بن دينار ، عن جعفر بن إياس ، عن عبد الرحمن بن مسعود ، عن أبي هريرة ، قال : خرج علينا رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ومعه حسن وحسين هذا على عاتقه ، وهذا على عاتقه ، وهو يلثم هذا مرة وهذا مرة ، حتى انتهى إلينا فقال له رجل : يا رسول الله إنك لتحبهما ، قال : من أحبهما فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني.(6/363)
7296- قال : أخبرنا عفان بن مسلم قال : حدثنا حماد بن سلمة , عن علي بن زيد ، أن فتية من قريش خطبوا ابنة سهيل بن عمرو ، وخطبها الحسن فشاورت أبا هريرة ، وكان لها صديقا ، فقال : إني رأيت النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يقبل فاه ، فإن استطعت أن تقبلي حيث قبل فقبلي.(6/363)
7297- قال : أخبرنا خلاد بن يحيى ، قال : حدثنا معروف بن واصل ، قال : حدثتني امرأة من الحي يقال لها : حفصة ابنة طلق ، قالت : حدثنا أبو عميرة رشيد بن مالك ، قال : كنا عند رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم جلوسًا فأتاه رجل بطبق عليه تمر فقال : ما هذا ، أهدية ، أم صدقة ؟ فقال الرجل : صدقة . قال : فقدمها إلى القوم قال : وحسن بين يديه يتعفر . قال : فأخذ الصبي تمرة فجعلها في فيه . قال : ففطن له رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فأدخل إصبعه في فيّ الصبي فانتزع التمرة ثم قذف بها . وقال : إنا آل محمد لا نأكل الصدقة.(6/363)
7298- قال : أخبرنا وكيع بن الجراح ، قال : حدثنا شعبة ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة قال : أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه . فقال له رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : كخ ، كخ ، ثم أخذها من فيه فألقاها وقال : إنا أهل بيت لا نأكل الصدقة.(6/364)
7299- قال : أخبرنا عفان بن مسلم قال : حدثنا حماد بن سلمة قال : أخبرنا محمد بن زياد قال : سمعت أبا هريرة يقول : إن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أتى بتمر من تمر الصدقة فأمر فيه بأمره فجعل الحسن أو الحسين على عاتقه وجعل لُعابه يسيل عليه فنظر إليه فإذا هو يلوك تمرة فحرك خده وقال : ألقها يا بني ألقها ، أما سمعت أن آل محمد لا يأكلون الصدقة.(6/364)
- ذكر ما علم النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم الحسن رحمه الله ، من الدعاء
7300- قال : أخبرنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا شريك بن عبد الله ، عن أبي إسحاق ، عن بُريد بن أبي مريم ، عن أبي الحوراء ، عن الحسن بن علي قال : علمني جدي ، أو علمني النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم كلمات أقولهن في الوتر : اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، فإنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت .(6/364)
7301- قال : أخبرنا يزيد بن هارون ، قال : حدثنا الحسن بن عمارة قال : حدثنا بريد بن أبي مريم ، عن أبي الحوراء قال : قلت للحسن بن علي : مثل من كنت على عهد رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، وماذا سمعت منه (1) ؟ قال : سمعته يقول لرجل : دع ما يريبك إلى مالا يريبك فإن الشر ريبة وإن الخير طمأنينة . وعقلت منه : أني بينما أنا أمشي معه إلى جنب جرين الصدقة تناولت تمرة فألقيتها في فيّ فأدخل إصبعه في فيّ فاستخرجها بلعابها وبزاقها فألقاها فيه ، وقال : إنا آل محمدٍ لا تحل لنا الصدقة . وعقلت عنه الصلوات الخمس فعلمني كلمات أقولهن عند انقضائهن : اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت وقنا شر ما قضيت ، إنك تقضي ولا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت.
قال أبو الحوراء : فذكرت ذلك لمحمد بن علي ، يعني ابن الحنفية ونحن في الشِعب فقال : إنهن لكلمات علمناهن ، وأمرنا أن نقولهن في الوتر.
_حاشية__________
(1) ليس في "ث".(6/365)
7302- قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن بريد بن أبي مريم ، عن أبي الحوراء ، عن الحسن بن علي ، قال : علمني رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم كلمات أقولهن في القنوت : اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، إنك تقضي ولا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت.(6/365)
7303- قال : أخبرنا الحسن بن موسى قال : حدثنا زهير بن أبي إسحاق ، عن بريد بن أبي مريم ، عن أبي الحوراء ، عن الحسن بن علي قال : علمني رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، فإنه لا يذل من واليت ، تباركت وتعاليت هذا يقوله في القنوت في الوتر.(6/365)
7304- قال : أخبرنا عمرو بن الهيثم قال : حدثنا شعبة ، عن بريد بن أبي مريم ، عن أبي الحوراء قال : قلت للحسن : ما تحفظ ، أو تذكر من رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ؟ قال : أخذت تمرة من تمر الصدقة ، أظنه قال : فألقيتها في فيّ ، فأخذها فألقاها بلُعابها ، قال : وكان يقول : دع ما يريبك إلى مالا يريبك ، فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة.(6/365)
7305- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، ومحمد بن عبد الله الأسدي ، قالا : حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، قال : سمعت بريد بن أبي مريم ، قال : حدثني أبو الحوراء قال : علّم رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم الحسن كلمات قال : إذا قمت في القنوت في الوتر فقل : اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، إنك تقضي ولا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت.(6/366)
7306- قال : أخبرنا الضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل ، عن ثابت بن عمارة ، قال : حدثنا ربيعة بن شيبان قال : قلت للحسن بن علي : ما تحفظ من رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم قال : أدخلني غرفة الصدقة فأخذت تمرة فألقيتها في فيّ فقال : ألقها فإنها لا تحل لمحمد ولا لأهل بيته.(6/366)
7307- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني ابن أبي سبرة ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : خرجنا مع علي إلى الجمل ستمائة رجل فسلكنا على الرَّبذة فنزلناها فقام إليه ابنه الحسن بن علي فبكى بين يديه وقال : ائذن لي فأتكلم فقال علي : تكلم ودع عنك أن تخن خنين الجارية فقال الحسن : إني كنت أشرت عليك بالمقام وأنا أشير به عليك الآن ، إن للعرب جولة ولو قد رجعت إليها عوازب أحلامها قد ضربوا إليك أباط الإبل حتى يستخرجوك ، ولو كنت في مثل حجر الضب فقال علي : أتراني لا أبالك كنت منتظرًا كما تنتظر الضبع اللدم .(6/366)
7308- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني معمر بن راشد ، عن سالم بن أبي الجعد ، قال : لما نزل عليٌّ بذي قار بعث عمار بن ياسر والحسن بن علي إلى أهل الكوفة فاستنفرهم إلى البصرة.(6/367)
7309- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق قال : بعث عليّ عمارًا والحسن بن علي إلى الكوفة ، ونزل عليٌّ بذي قار قال : فاستنفراهم فخرج منهم ثمانية آلاف على كل صعب وذلول.(6/367)
7310- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا معمر بن يحيى بن سام ، قال : سمعت جعفرًا ، قال : سمعت أبا جعفر قال : قال علي : قُم فاخطب الناس يا حسن . قال : إني أهابك أن أخطب وأنا أراك ، فتغيب عنه حيث يسمع كلامه ولا يراه ، فقام الحسن فحمد الله وأثنى عليه وتكلم ، ثم نزل فقال عليٌّ : {ذّرية بعضها من بعضٍ والله سميع عليم}.(6/367)
7311- قال : أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة بن يريم قال : قيل لعليّ : هذا الحسن بن علي في المسجد يحدث الناس فقال : طحن إبل لم تعلم طحنًا . قال : وما طحنت إبل قط يومئذ.(6/367)
7312- قال : أخبرنا وهب بن جرير بن حازم قال : أخبرنا شعبة ، عن أبي إسحاق عن معد يكرب : أن عليًا مرَّ على قوم قد اجتمعوا على رجل فقال : من هذا ؟ قالوا : الحسن . قال : طحن إبل لم تعود طحنًا ، إن لكل قوم صُدّادًا ، وإن صُدَّادنا الحسن.(6/367)
7313- قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة ، عن علي ، أنه خطب الناس ثم قال : إن ابن أخيكم الحسن بن علي قد جمع مالاَّ ، وهو يريد أن يقسمه بينكم ، فحضر الناس فقام الحسن فقال : إنما جمعته للفقراء ، فقام نصف الناس ثم كان أول من أخذ منه الأشعث بن قيس.(6/367)
7314- قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا شريك ، عن عاصم ، عن أبي رزين قال : خطبنا الحسن بن علي يوم جمعة ، فقرأ إبراهيم على المنبر حتى ختمها.(6/368)
7315- قال : أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو ، عن أبي جعفر محمد بن علي قال : كان الحسن والحسين لا يريان أمهات المؤمنين ، فقال ابن عباس : إن رؤيتهن لهما لحلال.(6/368)
7316- قال : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي ، عن ابن عون ، عن عُمير بن إسحاق ، قال : ما تكلم عندي أحد كان أحب إليّ إذا تكلم ألاّ يسكت من الحسن بن علي وما سمعت منه كلمة فحش قط إلا مرة ، فإنه كان بين حُسين بن علي وعمرو بن عثمان بن عفان خصومة في أرض ، فعرض حسين أمرًا لم يرضه عمرو ، فقال الحسن : فليس له عندنا إلا ما رغم أنفه . قال : فهذا أشد كلمة فحش سمعتها منه قط.(6/368)
7317- قال : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن ابن عون ، عن ابن سيرين قال : قال الحسن : الطعام أدق من أن يقسم عليه.(6/368)
7318- قال : أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال : حدثنا قرة قال : أكلت في بيت محمد طعامًا ، فلما شبعت أخذت المنديل ورفعت يدي ، فقال لي محمد : كان الحسن بن علي يقول : إن الطعام أهون من أن يقسم عليه.(6/368)
7319- قال : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أشعث بن سوار ، عن رجل قال : جلس رجل إلى الحسن بن علي ، فقال : إنك جلست إلينا على حين قيام منا أفتأذن ؟.(6/368)
7320- قال : أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس المدني ، عن سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ؛ أن الحسن والحسين كانا يقبلان جوائز معاوية.(6/368)
7321- قال : أخبرنا شبابة بن سوار ، قال : أخبرني إسرائيل بن يونس ، عن ثوير بن أبي فاختة ، عن أبيه ، قال : وفدت مع الحسن والحسين إلى معاوية فأجازهما فقبلا.(6/369)
7322- قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا شداد الجعفي ، عن جدته أرجوانة ، قالت : أقبل الحسن بن علي وبنو هاشم خلفه وجليس لبني أمية من أهل الشام فقال : من هؤلاء المقبلون ؟ ما أحسن هيئتهم !! فاستقبل الحسن فقال : أنت الحسن بن علي ؟ قال : نعم قال : أتحب أن يدخلك الله مدخل أبيك . فقال : ويحك ، ومن أين ؟ وقد كانت له من السوابق ما قد سبق . قال الرجل : أدخلك الله مدخله فإنه كافر وأنت . فتناوله محمد بن علي من خلف الحسن فلطمه لطمة لزم بالأرض ، فنشر الحسن عليه رداءه وقال : عزمة مني عليكم يا بني هاشم لتدخلن المسجد ولتصلن ، وأخذ بيد الرجل فانطلق إلى منزله فكساه حلة وخلى عنه.(6/369)
7323- قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن مسلم بن أبي مسلم قال : سمعت الحسن بن علي يزيد في التلبية : لبيك يا ذا النعماء والفضل الحسن.(6/369)
7324- قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : أخبرنا مسافر الجصّاص ، عن رزيق بن سوار قال : كان بين الحسن بن علي وبين مروان كلام فأقبل عليه مروان فجعل يغلظ له وحسن ساكت ، فامتخط مروان بيمينه فقال له الحسن : ويحك أما علمت أن اليمين للوجه والشمال للفرج ، أفٍ لك . فسكت مروان.(6/369)
7325- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن أبيه ؛ أن عمر بن الخطاب لما دون الديوان وفرض العطاء ألحق الحسن والحسين بفريضة أبيهما مع أهل بدر لقرابتهما من رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، ففرض لكل واحد خمسة آلاف درهم .(6/369)
7326- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن حماد بن سلمة ، عن عمار بن أبي عمار ، عن ابن عباس ، قال : اتخذ (1) الحسن والحسين عند رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فجعل يقول : هي يا حسن ، خذ يا حسن . فقالت عائشة رضي الله عنها : تعين الكبير على الصغير ؟ فقال : إن جبريل يقول : خذ يا حسين.
_حاشية__________
(1) في حواشي "ث" : "اتخذا : أي تصارعا.(6/370)
7327- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن عثمان بن عثمان ، عن رجل من آل أبي رافع ، عن أبيه ، قال : قال علي : إن ابني هذا الحسن سيخرج من هذا الأمر وأشبه أهلي بي الحسين.(6/370)
7328- قال : أخبرنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا أبو عوانة ، عن المغيرة ، عن ثابت بن هريمز قال : لما أتى الحسن بن علي قصر المدائن قال المختار لعمه : هل لك في أمر تسود به العرب ؟ قال : وما هو ؟ قال : تدعني أضرب عنق هذا وأذهب برأسه إلى معاوية . قال : ما ذاك بلاؤهم عندنا أهل البيت.(6/370)
7329- قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا شيبان ، عن أبي إسحاق ، عن خالد بن مُضرب قال : سمعت الحسن بن علي يقول : والله لا أبايعكم إلا على ما أقول لكم ، قالوا : ما هو ؟ قال : تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت.(6/370)
7329م- قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا المغيرة بن زيد (1) الجعفي ، قال : حدثتني جدتي ؛ ؛ أن الحسن بن علي دخل على جدتي عائشة بنت خليفة في يوم حار ، فقالت لجاريتها : خوضي له لبنًا ، فأخذه فشربه ، فقالت : تجرعه ، فقال : إنما يتجرع أهل النار.
_حاشية__________
(1) تحرف في "ث" ، "ح" إلى : "يزيد" وصوابه من "الجرح والتعديل" 8/221 ، و"الثقات" لابن حبان 9/168.(6/370)
7330- قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن محمد بن جحادة ، عن قتادة ، عن أبي السوار الضبعي ، عن الحسن بن علي ، قال رفع الكتاب ، وجف القلم ، وأمور تقضى في كتاب قد خلا.(6/371)
7331- قال : أخبرنا مسلم بن إبراهيم ، عن القاسم بن الفضل ، قال : حدثنا أبو هارون ، قال : انطلقنا حجاجًا فدخلنا المدينة فقلنا لو دخلنا على ابن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم الحسن فسلمنا عليه ، فدخلنا عليه فحدثناه بمسيرنا وحالنا ، فلما خرجنا من عنده بعث إلى كل رجل منا بأربعمائة ، أربعمائة . فقلنا إنا أغنياء وليس بنا حاجة . فقال : لا تردوا عليه معروفي ، فرجعنا إليه فأخبرناه بيسارنا وحالنا . فقال لا تردوا عليّ معروفي ، فلو كنت على غير هذه الحال كان هذا لكم يسيرا ، أما إني مزودكم : إن الله تبارك وتعالى يباهي ملائكته بعباده يوم عرفة يقول : عبادي جاؤُوني شعثًا يتعرضون لرحمتي فأشهدكم أني قد غفرت لمحسنهم وشفّعت محسنهم في مسيئهم ، وإذا كان يوم الجمعة فمثل ذلك.(6/371)
7332- قال : أخبرنا عفان بن مسلم قال : حدثنا خالد بن الحارث قال : حدثنا ابن عون ، عن محمد ، قال : خطب الحسن بن علي ، فلما اجتمعوا للملاك ، قال : إني لأزوجك وإني لأعلم أنك عَلِق طلق ملقٌ ولكنك خير العرب نفسا وأرفعها بيتًا فزوجه . قال محمد : وكان الحسن بن علي إذا أراد أن يطلق إحدى نسائه ، قال : وكان مطلاقا ، قال : فيجلس إليها فيقول أيَسرّك أن أهب لك كذا وكذا ؟ هو لك مرارا فيما وصف ثم يخرج فيرسل إليها بطلاقها.(6/371)
7333- قال : أخبرنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا حماد بن سلمة قال : أخبرنا هشام بن عروة ، عن عروة ، أن الحسن بن علي بن أبي طالب كان يقول إذا طلعت الشمس : سمع سامع بحمد الله الأعظم لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير.
سمع سامع بحمد الله الأمجد لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير .(6/371)
7334- قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمرو ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن شعيب بن يسار ، أن الحسن بن علي أتى ابنًا لطلحة بن عبيد الله فقال : قد أتيتك لحاجة وليس لي مردٌّ قال : وما هي ؟ قال تزوجني أختك ، قال : إن معاوية كتب إلي يخطبها على يزيد ، قال : ما لي مردٌّ إْذ أتيتك فزوجها إياه . ثم قال : ادخل بأهلك ، فبعث إليها بحلة ثم دخل بها ، فبلغ ذلك معاوية ، فكتب إلى مروان أن خيرها فخيرها فاختارت حسنا فأقرها ثم خلف عليها بعده حسين.(6/372)
7335- قال : أخبرنا مالك بن إسماعيل ، أبو غسان النهدي قال : حدثنا مسعود بن سعد قال : حدثنا يونس بن عبد الله بن أبي فروة ، عن شرحبيل أبي سعد ، قال : دعا الحسن بن علي بنيه وبني أخيه فقال : يا بنيّ وبني أخي إنكم صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار آخرين فتعلموا العلم فمن لم يستطع منكم أن يرويه أو يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته.(6/372)
7336- قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا عبد الرحمن بن عبد ربه قال : حدثني شرحبيل أبو سعد قال : رأيت الحسن والحسين يصليان المكتوبة خلف مروان.(6/372)
7337- قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا عُبيد أبو الوسيم الجمّال ، عن سلمان أبي شداد قال : كنت ألاعب الحسن والحسين بالمداحي ، فكنت إذا أصبت مدحاته فكان يقول لي : يحل لك أن تركب بضعة من رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ؟ وإذا أصاب مدحاتي قال : أما تحمد ربك أن يركبك بضعة من رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم.(6/372)
7338- قال : أخبرنا أبو معاوية ، وعبد الله بن نمير ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن حكيم بن جابر ، قال : حدثتني مولاة لنا ، أن أبي أرسلها إلى الحسن بن علي فكانت لها رقعة تمسح بها وجهه إذا توضأ ، قالت : فكأني مقته على ذلك ، فرأيت في المنام كأني أقئ كبدي ، فقلت : ما هذا إلاّ مما جعلت في نفسي للحسن بن علي.(6/372)
7339- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن أبي معشر ، عن محمد الضمري ، عن زيد بن أرقم قال : خرج الحسن بن علي وعليه بردة ، ورسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يخطب فعثر الحسن فسقط ، فنزل رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم من المنبر وابتدره الناس فحملوه وتلقاه رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فحمله ووضعه في حجره وقال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : إن للولد لفتنة ولقد نزلت إليه وما أدري أين هو ؟.(6/373)
7340- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن أبي عبد الرحمن العجلاني ، عن سعيد بن عبد الرحمن ، عن أبيه قال : قال : تفاخر قوم من قريش فذكر كل رجل ما فيهم فقال معاوية للحسن : يا أبا محمد ما يمنعك من القول ، فما أنت بكليل اللسان ، قال يا أمير المؤمنين : ما ذكروا مكرمة ولا فضيلة إلا ولي محضها ولُبابها ثم قال :
فِيمَ الكلامُ وقد سبقتُ مُبرِّزًا ... سبق الجياد من المدَى المُتنفِّسِ(6/373)
7341- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن محمد بن عمر العبدي ، عن أبي سعيد ، أن معاوية قال لرجل من أهل المدينة من قريش : أخبرني عن الحسن بن علي قال : يا أمير المؤمنين إذا صلى الغداة جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس ثم يساند ظهره فلا يبقى في مسجد رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم رجل له شرف إلا أتاه فيتحدثون حتى إذا ارتفع النهار صلى ركعتين ثم نهض فيأتي أمهات المؤمنين فيسلم عليهن فربما أتحفنه ، ثم ينصرف إلى منزله ثم يروح فيصنع مثل ذلك .فقال : ما نحن معه في شئ.(6/373)
7342- قال : أخبرنا يحيى بن حماد قال : حدثنا أبو عوانة ، عن سليمان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي إدريس ، عن المسيب بن نجبة قال : سمعت عليًا يقول : ألا أحدثكم عني وعن أهل بيتي ، أما عبد الله بن جعفر فصاحب لهو ، وأما الحسن بن علي فصاحب جَفْنَة وَخِوَان فتى من فتيان قريش لو قد التقت حلقتا البطان لم يغن في الحرب عنكم شيئا ، وأما أنا وحسين فنحن منكم وأنتم منا.(6/373)
7343- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن سليان بن أيوب ، عن الأسود بن قيس العبدي ، قال : لقى الحسن بن علي يومًا حبيب بن مسلمة فقال له : يا حبيب رب مسير لك في غير طاعة الله ، فقال : أما مسيري إلى أبيك فليس من ذلك قال : بلى ولكنك أطعت معاوية على دنيا قليلة زائلة فلئن كان قام بك في دنياك لقد قعد بك في دينك ، ولو كنت إذ فعلت شرًا قلت خيرا كان ذاك كما قال الله تبارك وتعالى : { خَلَطُوا عَمَلاَّ صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا} ولكنك كما قال الله جل ثناؤه : {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.(6/374)
7344- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن خلاد بن عبيدة ، عن علي بن زيد بن جدعان ، قال : حج الحسن بن علي خمسة عشرة حجة ماشيا وإن النجائب لتقاد معه ، وخرج من ماله لله مرتين ، وقاسم الله ماله ثلاث مرات ، حتى إن كان ليعطي نعلا ويمسك نعلاَّ ويعطي خفًا ويمسك خفاً.(6/374)
7345- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن عروة ؛ أن أبا بكر رضي الله عنه خطب يوما فجاء الحسن فصعد إليه المنبر فقال : انزل عن منبر أبي فقال علي : إن هذا لشئ عن غير ملأ منا.(6/374)
7345م- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي المَوَال (1)، قال : سمعت عبد الله بن حسن يقول : كان حسن بن علي قلما يفارقه أربع حرائر ، فكان صاحب ضرائر ، فكانت عنده ابنة منظور بن سيار الفزاريّ ، وعنده امرأة من بني أسد من آل خُريم (2) ، فطلقهما (3)، وبعث إلى كل واحدة منهما بعشرة آلاف درهم ، وزقاق من عسل ، متعة . وقال لرسوله : يسار أبي (4)سعيد بن يسار ، وهو مولاه ، احفظ ما تقولان لك . فقالت الفزارية : بارك الله فيه وجزاه خيرًا . وقالت الأسدية : متاع قليل من حبيب مفارق ، فرجع فأخبره ، فراجع الأسدية ، وترك الفزارية.
_حاشية__________
(1) كذا في "ح" ، ومثله في تهذيب الكمال للمزي 6/237 ، والتقريب ص 351 ، وفي "ث" : "الموالي".
(2) كذا في "ح" بالراء المهملة ثاني الحروف وفوقها علامة الإهمال للتأكيد وفي "ث" والمطبوع : "خزيمة".
(3) "فطلقهما" تحرفت في المطبوع إلى : "فطلقها" ، وصوابه من "ث" ، "ح" ، و"تهذيب الكمال"
6/237.
(4) كذا في "ح" ، ومثله لدي المزي في تهذيبه 6/237 ، وفي "ث" : "يسار بن سعيد" ومثله في المطبوع.(6/374)
7346- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : قال علي : مازال الحسن يتزوج ويطلق حتي خشيت أن يورثنا عداوة في القبائل.(6/375)
7347- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : قال علي : يا أهل الكوفة : لا تزوجوا الحسن بن علي فإنه رجل مطلاق ، فقال رجل من همدان : والله لنزوجه ، فما رضي أمسك وما كره طلق.(6/375)
7348- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني علي بن عمر ، عن أبيه ، عن علي بن حسين قال : كان الحسن بن علي مطلاقا للنساء وكان لا يفارق امرأة إلا وهي تحبه.(6/375)
7349- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، قال : خطب الحسن بن علي امرأة من بني همام بن شيبان ، فقيل له : إنها ترى رأي الخوارج . فقال : إني أكره أن أضم إلى صدري جمرة من جهنم.(6/375)
7350- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن الهذلي ، عن ابن سيرين ، قال : كانت هند بنت سهيل بن عمرو عند عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد ، وكان أبا عُذْرَتِها ، فطلقها فتزوجها عبد الله بن عامر بن كريز ، ثم طلقها ، فكتب معاوية إلى أبي هريرة أن يخطبها على يزيد بن معاوية ، فلقيه الحسن بن علي فقال : أين تريد ؟ قال : اخطب هند بنت سهيل بن عمرو على يزيد بن معاوية ، قال : اذكرني لها ،
فأتاها أبو هريرة فأخبرها الخبر ، فقالت : خِرْ لي ، قال : أختار لك الحسن ، فتزوجها ، فقدم عبد الله بن عامر المدينة ، فقال للحسن : إن لي عندها وديعة فدخل إليها والحسن معه وجلست بين يديه ، فَرَقّ ابن عامر فقال الحسن : ألا أنزل لك عنها فلا أراك تجد مُحللا خيرا لكما مني ، فقال : وديعتي ، فأخرجت سفطين فيهما جواهر ففتحهما ، فأخذ من واحد قبضة وترك الباقي ، فكانت تقول : سيدهم جميعا الحسن ، وأسخاهم ابن عامر ، وأحبهم إليّ عبد الرحمن بن عتاب.(6/375)
7351- أخبرنا علي بن محمد ، عن سحيم بن حفص الأنصاري ، عن عيسى بن أبي هارون المزني ، قال : تزوج الحسن بن علي حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ، وكان المنذر بن الزبير هويها ، فأبلغ الحسن عنها شيئا فطلقها الحسن ، فخطبها المنذر فأبت أن تزوّجه وقالت : شهرني ، فخطبها عاصم بن عمر بن الخطاب فتزوجها فرقى إليه المنذر أيضا شيئا فطلقها ، ثم خطبها المنذر ، فقيل لها : تزوجيه فيعلم الناس أنه كان يعضهك ، فتزوجته فعلم الناس أنه كذب عليها.
فقال الحسن لعاصم بن عمر : انطلق بنا حتى نستأذن المنذر فندخل على حفصة فاستأذناه ، فشاور أخاه عبد الله بن الزبير فقال دعهما يدخلان عليها ، فدخلا فكانت إلى عاصم أكثر نظرا منها إلى الحسن ، وكانت إليه أبسط في الحديث ، فقال الحسن للمنذر : خذ بيدها فأخذ بيدها ، وقام الحسن وعاصم فخرجا ، وكان الحسن يهواها وإنما طلقها لما رقا إليه المنذر ، فقال الحسن يوما لابن أبي عتيق ، وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن وحفصة عمته هل لك في العقيق ؟ قال : نعم ، فخرجا فمرا على منزل حفصة ، فدخل إليها الحسن فتحدثا طويلا ثم خرج ، ثم قال أيضا بعد ذلك بأيام لابن أبي عتيق : هل لك في العقيق ؟ قال : نعم . فخرج فمرا بمنزل حفصة ، فدخل الحسن فتحدثا طويلا ، ثم خرج ثم قال الحسن مرة أخرى لابن أبي عتيق : هل لك في العقيق ؟ فقال : يا ابن أم ألا تقول هل لك في حفصة ؟.(6/376)
7352- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن ابن جُعدُبة ، عن ابن أبي مليكة ، قال : تزوج الحسن بن علي خولة بنت منظور ، فبات ليلة على سطح أجم فشدت خمارها برجله والطرف الآخر بخلخالها فقام من الليل فقال : ما هذا ؟ قالت : خفت أن تقوم من الليل بوسنك فتسقط فأكون أشأم سخلة على العرب . فأحبها . فأقام عندها سبعة أيام ، فقال ابن عمر : لم نر أبا محمد منذ أيام . فانطلقوا بنا إليه ، فأتوه فقالت له خولة : احتبسهم حتى نهيئ لهم غداء قال : نعم ، قال ابن عمر : فابتدأ الحسن حديثا ألهانا بالاستماع إعجابا به حتى جاءنا الطعام.
قال علي بن محمد : وقال قوم : التي شدت خمارها برجله هند بنت سهيل بن عمرو . وكان الحسن أحصن تسعين امرأة.(6/377)
7353- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، وهشام أبو الوليد الطيالسي ، قالا : حدثنا شريك ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، قال : خطبنا الحسن بن علي وعليه ثياب سود وعمامة سوداء.(6/377)
7354- قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن أبي العلاء قال : رأيت الحسن بن علي يصلى وهو مقنع رأسه.(6/377)
7355- قال : أخبرنا حجاج بن محمد قال : أخبرنا ابن جريج قال : أخبرني عمران بن موسى قال : أخبرني سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبيه ، أنه رأى أبا رافع مولى النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم مرّ بحسن بن علي ، وحسن يصلي قائما قد غرز ضفريه في قفاه ، فحلهما أبو رافع فالتفت حسن إليه مغضبًا ، فقال أبو رافع : أقبل على صلاتك ولا تغضب فإني سمعت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يقول : ذلك كِفل الشيطان ، يعني مقعد الشيطان ، يعني مغرز ضفريه .(6/377)
7356- قال : أخبرنا مالك بن إسماعيل ، قال : حدثنا زهير بن معاوية ، قال : حدثنا مخوّل ، عن أبي سعد (1) ؛ أن أبا رافع أتى الحسن بن علي وهو يصلي عاقصا رأسه ، فحلّه فأرسله ، فقال له الحسن : ما حملك على هذا يا أبا رافع قال : سمعت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أو قال : قال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، شك زهير ، : لا يصلي الرجل عاقصا رأسه.
_حاشية__________
(1) تحرف في "ث" ، "ح" ، والمطبوع إلى : "سعيد" وصوابه من "تهذيب الكمال" 27/248.(6/378)
7357- قال : أخبرنا محمد بن ربيعة الكلابي ، عن مستقيم بن عبد الملك ، قال : رأيت الحسن والحسين شابا ولم يخضبا ، ورأيتهما يركبان البراذين ورأيتهما يركبان السروج المنمرة.(6/378)
- ذكر خاتم الحسن والحسين والخضاب
7358- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، أن الحسن والحسين كانا يتختمان في يسارهما.(6/378)
7359- قال : أخبرنا معن بن عيسى ، قال : حدثنا سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، أن الحسن بن علي تختم في اليسار.(6/378)
7360- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : كان في خاتم الحسن والحسين ذكر الله.(6/379)
7361- قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا سفيان ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن قيس مولى خباب ، قال : رأيت الحسن يخضب بالسواد.(6/379)
7362- قال : أخبرنا حجاج بن نصير ، قال : حدثنا اليمان بن المغيرة قال : حدثني مسلم بن أبي مريم قال : رأيت الحسن بن علي يخضب بالسواد.(6/379)
7363- قال : أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء ، قال : أخبرنا شعبة ، عن أبي إسحاق عن العيزار ؛ أن الحسن كان يخضب بالسواد.(6/379)
7364- قال : أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال : أخبرنا أبو الربيع السمان ، عن عبيد الله بن أبي يزيد قال : رأيت الحسن بن علي قد خضب بالسواد ، وعنفقته غراء بيضاء.(6/379)
7365- قال : أخبرنا الحسن بن موسى ، وأحمد بن عبد الله بن يونس ، قالا : حدثنا زهير بن معاوية ، قال : حدثنا أبو إسحاق ، عن عمرو بن الأصم (1)، قال : قلت للحسن بن علي : إن هذه الشيعة تزعم أن عليا مبعوث قبل يوم القيامة قال : كذبوا ، والله ما هؤلاء بالشيعة لو علمنا أنه مبعوث ما زوجنا نساءه ولا اقتسمنا ماله.
_حاشية__________
(1) في "ث" ، "ح" : "عمرو الأصم" والمثبت لدي المزي في تهذيب الكمال 6/242 ، والذهبي في سير أعلام النبلاء 3/263.(6/379)
7366- قال : أخبرنا كثير بن هشام قال : حدثنا جعفر بن برقان قال : سمعت ميمون بن مهران قال : إن الحسن بن علي بن أبي طالب بايع أهل العراق بعد عليّ على بيعتين : بايعهم على الإمرة ، وبايعهم على أن يدخلوا فيما دخل فيه ، ويرضوا بما رضي به.(6/379)
7367- قال : أخبرنا محمد بن عبيد قال : حدثني صدقة بن المثنى ، عن جده رياح بن الحارث ؛ أن الحسن بن علي قام بعد وفاة علي رضي الله عنهما فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن كل ما هو آت قريب ، وإن أمر الله واقع وإن كره الناس ، وإني والله ما أحببت أن ألي من أمر أمة محمد ما يزن مثقال حبة من خردل يُهراق فيه محجمة من دم ، قد علمت ما يضرني مما ينفعني ، فألحقوا بطيَّتِكِم.(6/379)
7368- قال : أخبرنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا العوام بن حوشب ، عن هلال بن يساف قال : سمعت الحسن بن علي وهو يخطب وهو يقول : يا أهل الكوفة ، اتقوا الله فينا ، فإنا أمراؤكم وإنا أضيافكم ، ونحن أهل البيت الذين قال الله : {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}. قال : فما رأيت يوما قط أكثر باكيًا من يومئذ.(6/380)
7369- قال : أخبرنا سليمان أبو داود الطيالسي ، قال : أخبرنا شعبة ، عن يزيد بن خمير قال : سمعت عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي , عن أبيه , قال : قلت للحسن بن علي : إن الناس يزعمون أنك تريد الخلافة ؟ فقال : كانت جماجم العرب بيدي يسالمون من سالمت ، ويحاربون من حاربت ، فتركتها ابتغاء وجه الله ، ثم أثيرها بأتياس أهل الحجاز.(6/380)
7370- قال : أخبرنا أبو عبيد ، عن مجالد ، عن الشعبي (ح) وعن يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه (ح) وعن أبي السفر، وغيرهم ، قالوا : بايع أهل العراق بعد علي بن أبي طالب الحسن بن علي ، ثم قالوا له : سِر إلى هؤلاء القوم الذين عصوا الله ورسوله ، وارتكبوا العظيم وابتزوا الناس أمورهم ، فإنا نرجوا أن يُمكّن الله منهم ، فسار الحسن إلى أهل الشام وجعل على مقدمته قيس بن سعد بن عبادة ، في اثني عشر ألفًا ، وكانوا يسمون شرطة الخميس.
وقال غيره : وجَّه إلى الشام عبيد الله بن العباس ومعه قيس بن سعد ، فسار فيهم قيس حتى نزل مسكن والأنبار وناحيتها . وسار الحسن حتى نزل المدائن ؛ وأقبل معاوية في أهل الشام يريد الحسن حتى نزل جسر منبج فبينا الحسن بالمدائن إذ نادى مناديه في عسكره ألا إن قيس بن سعد قد قتل . قال : فشدّ الناس على حجرة الحسن فانتهبوها حتى انتهبت بُسُطه وجواريه ، وأخذوا رداءه من ظهره ، وطعنه رجل من بني أسد يقال له : ابن أقيصر بخنجر مسموم في ألْيَته ، فتحول من مكانه الذي انتهب فيه متاعه ، ونزل الأبيض قصر كسرى ، وقال عليكم لعنة الله من أهل قرية ، فقد علمت أن لا خير فيكم ، قتلتم أبي بالأمس ، واليوم تفعلون بي هذا ؟!(6/380)
ثم دعا عمرو بن سلمة الأرحبي ، فأرسله وكتب معه إلى معاوية بن أبي سفيان يسأله الصلح ويُسَلِّم له الأمر على أن يسلم له ثلاث خصال : يُسَلم له بيت المال فيقضي منه دينه ومواعيده التي عليه ، ويتحمل منه هو ومن معه من عيال أبيه وولده وأهل بيته ، ولا يُسَبُّ علي وهو يسمع . وأن يُحمل إليه خراج فَسَا ودَرَابِجَرْد من أرض فارس كل عام إلى المدينة ما بقى ، فأجابه معاوية إلى ذلك وأعطاه ما سأل.
ويقال : بل أرسل الحسن بن علي عبد الله بن الحارث بن نوفل إلى معاوية حتى أخذ له ما سأل ، وأرسل معاوية عبد الله بن عامر بن كريز ، وعبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس فقدما المدائن إلى الحسن فأعطياه ما أراد ، ووثقا له ، فكتب إليه الحسن أن أقبل ، فأقبل من جسر منبج إلى مسكن في خمسة أيام وقد دخل يوم السادس . فسلّم إليه الحسن الأمر وبايعه ثم سارا جميعا حتى قدما الكوفة ، فنزل الحسن القصر ، ونزل معاوية النُخَيلة ، فأتاه الحسن في عسكره غير مرة ، ووفَّى معاوية للحسن ببيت المال ، وكان فيه يومئذ ستة آلاف ألف درهم
واحتملها الحسن وتجهز بها هو وأهل بيته إلى المدينة ، وكف معاوية عن سبّ علي والحسن يسمع . ودَسَّ معاوية إلى أهل البصرة فطردوا وكيل الحسن ، وقالوا : لا يحمل فيئنا إلى غيرنا ، يعنون خراج فَسَا ودرابجرد . فأجرى معاوية على الحسن كل سنة ألف ألف درهم ، وعاش الحسن بعد ذلك عشر سنين.(6/381)
7371- قال : أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن حصين ، عن أبي جميلة ، أن الحسن بن علي لما استُخلف حين قتل علي ، فبينما هو يصلي إذ وثب عليه رجل فطعنه بخنجر- وزعم حصين أنه بلغه أن الذي طعنه رجل من بني أسد ، وحسن ساجد ، قال حصين : وعمي أدرك ذاك ، قال : فيزعمون أن الطعنة وقعت في وَرِكِه فمرض منها أشهرًا ثم برئ ، فقعد على المنبر فقال : يا أهل العراق ، اتقوا الله فينا ، فإنا أمراؤكم وضيفانكم أهل البيت الذين قال الله : {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} قال : فما زال يقول ذاك حتى ما رُئيَ أحد من أهل المسجد إلا وهو يخن بكاءًا.(6/382)
7372- قال : أخبرنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا عون بن موسى قال : سمعت هلال بن خبَّاب ، يقول : جمع الحسن بن علي روءس أصحابه في قصر المدائن ، فقال : يا أهل العراق لو لم تذهل نفسي عنكم إلا لثلاث خصال لذهلت : مقتلكم أبي ، ومطعنكم بغلتي ، وانتهابكم ثقلي أو قال : ردائي عن عاتقي ، وإنكم قد بايعتموني أن تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت وإني قد بايعتُ معاوية فاسمعوا له وأطيعوا قال : ثم نزل فدخل القصر.(6/382)
7372م- قال : أخبرنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا حريز (1) بن عثمان ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي عوف الجُرشي ، قال : لما بايع الحسن بن علي معاوية ، قال له عمرو بن العاص ، وأبو الأعور السلمي عمرو (1) بن سفيان : لو أمرت الحسن فصعد المنبر فتكلم عَيِيَ عن المنطق فيزهد فيه الناس ، فقال معاوية : لاتفعلوا فوالله لقد رأيت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يمص لسانه وشفته ، ولن يعيا لسان مصه النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أو شفتين . فأبوا على معاوية ، فصعد معاوية المنبر ، ثم أمر الحسن فصعد ، وأمره أن يخبر الناس أني قد بايعت معاوية ، فصعد الحسن المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس إن الله هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا ،
_حاشية__________
(1) حريز : تحرف في "ث" ، والمطبوع إلى : "جرير" وصوابه من "ح" وتاريخ الإسلام ، وتهذيب الكمال والتقريب.(6/382)
وإني قد أخذت لكم على معاوية أن يعدل فيكم ، وأن يوفر عليكم غنائمكم ، وأن يقسم فيئكم فيكم ، ثم أقبل على معاوية ، فقال : كذاك ؟ قال : نعم . ثم هبط من المنبر وهو يقول ويشير بإصبعه إلى معاوية : {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}. فاشتد ذلك على معاوية ، فقالا : لو دعوته فاستنطقته فقال : مهلا ، فأبوا ، فدعوه ، فأجابهم . فأقبل عليه عمرو بن العاص ، فقال له الحسن : أما أنت فقد اختلف فيك رجلان : رجل من قريش ، وجزار أهل المدينة ، فادّعياك فلا أدري أيهما أبوك . وأقبل عليه أبو الأعور السلمي فقال له الحسن : ألم يلعن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم رعلاَّ وذكوان وعمرو بن سفيان ، ثم أقبل معاوية يعين القوم فقال له الحسن : أما علمت أن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم لعن قائد الأحزاب وسائقهم ، وكان أحدهما أبو سفيان والآخر أبو الأعور السلمي.
_حاشية__________
(1) عمرو بن سفيان : تحرف في الأصلين إلى : "وعمرو .." وصوابه في تاريخ الإسلام للذهبي.(6/383)
7373- قال : أخبرنا هوذة بن خليفة ، قال : حدثنا عوف ، عن محمد ، قال : لما كان زمن وَرَدَ معاوية الكوفة ، واجتمع الناس عليه ، وبايعه الحسن بن علي ، قال : قال أصحاب معاوية لمعاوية : عمرو بن العاص والوليد بن عقبة وأمثالهما من أصحابه : إن الحسن بن علي مرتفع في أنفس الناس لقرابته من رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، وإنه حديث السن عَييٌّ ، فمرهُ فليخطب فإنه سَيعيَى في الخطبة فيسقط من أنفس الناس ، فأبَى عليهم ، فلم يزالوا به حتى أمره ، فقام الحسن بن علي على المنبر دون معاوية ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : والله لو ابتغيتم بين جَابَلْق وجابرس (1) رجلا جده نبيّ غيري وغير أخي لم تجدوه ، وإنا قد أعطينا بيعتنا معاوية ، ورأينا أن ما حقن دماء المسلمين خير مما هراقها ، والله ما أدري {لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} وأشار بيده إلى معاوية . قال : فغضب معاوية فخطب بعده خطبة عييّة فاحشة ثم نزل . وقال له : ما أردت بقولك : {فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}. قال : أردت بها ما أراد الله بها.
قال هوذة : قال عوف : وحدثني غير محمد ، أنه بعدما شهد شهادة الحق قال : أما بعد : فإن عليًا لم يسبقه أحدٌ من هذه الأمة من أولها بعد نبيها ، ولن يلحق به أحد من الآخرين منهم ، ثم وصله بقوله الأول.
_حاشية__________
(1) في الأصلين هنا : "جابَلق وجابَلْص" ولكنها وردت بعد في "ح" : "جَابَلْق وجَابَرْس" وفي "ث" : "جابلق وجابرص" وقد آثرت رواية "ح" الآتية بعد لاتفاقها مع ما ورد في ياقوت فلديه "جابرس" مدينة بأقصى المشرق ، و"جابلق" وفي رواية "جابلص مدينة بأقصى المغرب" ، وأورد هذا الخبر ، كما أورده الذهبي في سير أعلام النبلاء 3/271.(6/383)
7374- قال : أخبرنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا هُشيم قال : أخبرنا مجاهد ، عن الشعبي قال : لما سلَّم الحسن بن علي الأمر لمعاوية ، قال له : اخطب الناس . قال : فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن أكيس الكيس التُّقى ، وإن أحمق الحمق الفجور ، وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية ، إما حقّ كان أحق به مني ، وإما حق كان لي فتركته التماس الصلاح لهذه الأمة : {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}.(6/384)
7375- قال : أخبرنا محمد بن سليم العبدي قال : حدثنا هُشيم ، عن أبي إسحاق الكوفي ، عن هزان ، قال : قيل للحسن بن علي : تركت إمارتك وسلمتها إلى رجل من الطلقاء وقدمت المدينة ؟! فقال : إني اخترت العار على النار.(6/384)
7376- قال : أخبرنا عبد الله بن بكر بن حبيب السهمي ، قال : حدثنا حاتم بن أبي صغيرة ، عن عمرو بن دينار : أن معاوية كان يعلم أن الحسن كان أكره الناس للفتنة ، فلما توفي علي بعث إلى الحسن فأصلح الذي بينه وبينه سرًّا وأعطاه معاوية عهدا ، إن حدث به حدث والحسن حيّ ليسمينه وليجعلن هذا الأمر إليه ، فلما توثق منه الحسن ، قال ابن جعفر : والله إني لجالس عند الحسن إذ أخذت لأقوم فجذب بثوبي وقال : اقعد يا هناه اجلس . فجلست.
قال : إني قد رأيت رأيًا وأحب أن تتابعني عليه قال : قلت : ما هو ؟ قد رأيت أن أعمد إلى المدينة فأنزلها وأخلي بين معاوية وبين هذا الحديث ، فقد طالت الفتنة وسقطت فيها الدماء ، وقطعت فيها الأرحام وقطعت السُّبل وعُطلت الفروج ، يعني الثغور ،(6/384)
فقال ابن جعفر : جزاك الله عن أمة محمد خيرًا فأنا معك على هذا الحديث فقال الحسن : ادع لي الحسين ، فبعث إلى حسين فأتاه فقال : أي أخي إني قد رأيت رأيًا وإني أحب أن تتابعني عليه . قال : ما هو ؟ قال : فقصَّ عليه الذي قال لابن جعفر . قال الحسين : أعيذك بالله أن تُكذبَ عليًا في قبره وتصدق معاوية ، فقال الحسن : والله ما أردتُ أمرًا قط إلا خالفتني إلى غيره ، والله لقد هممت أن أقذفك في بيت فأطيِّنه عليك حتى أقضي أمري قال : فلما رأى الحسين غضبه قال : أنت أكبر ولد علي وأنت خليفته وأمرنا لأمرك تبع فافعل ما بدا لك فقام الحسن فقال : يا أيها الناس ! إني كنت أَكره الناس لأول هذا الحديث وأنا أصلحتُ آخره لذي حقّ أديت إليه حقه أحق به مني ، أو حق جُدتُ به لصلاح أمة محمد وإن الله قد ولاّك يا معاوية هذا الحديث لخير يعلمه عندك ، أو لشر يعلمه فيك : {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}. ثم نزل.(6/385)
7377- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن إبراهيم بن محمد ، عن زيد بن أسلم ، قال : دخل رجل على الحسن بالمدينة وفي يديه صحيفة فقال : ما هذه ؟ قال : من معاوية ، يَعدُ فيها ويتوعد . قال : قد كنت على النَّصف منه . قال : أجل ، ولكني خشيت أن يأتي يوم القيامة سبعون ألفًا أو ثمانون ألفًا أو أكثر من ذلك وأقل كلهم تنضح أوداجهم دمًا كلهم يستعدي الله فيما هريق دمه.(6/385)
7378- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن قيس بن الربيع ، عن بدر بن الخليل ، عن مولى الحسن بن علي قال : قال لي الحسن بن علي : أتعرف معاوية بن حُديج ؟ قال : قلت : نعم . قال : فإذا رأيته فأعلمني . فرآه خارجا من دار عمرو بن حريث فقال : هو هذا . قال : ادعُه . فدعاه . فقال له الحسن : أنت الشاتم عليًا عند ابن آكلة الأكباد ؟ أما والله لئن وردتَ الحوض ، ولن ترده ، لَتَرَنّه مشمرًا عن ساقه حاسرًا عن ذراعيه ، يذود عن المنافقين.(6/385)
7379- قال : أخبرنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا سلام بن مسكين ، عن عمران بن عبد الله بن طلحة ، قال : رأى الحسن بن علي كأن بين عينيه مكتوب : { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ }، فاستبشر به أهل بيته ، فقصوها على سعيد بن المسيب فقال : إن صدقت رؤياه فقلَّ ما بقى من أجله ، فما بقى إلا أياما حتى مات (1).
_حاشية__________
(1) حتى مات : سقطت من المطبوع ، وانظر الخبر لدي ابن عساكر كما في مختصر ابن منظور 7/38.(6/386)
7380- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن عبد الله بن حسن ، كان الحسن بن علي كثير نكاح النساء ، وكُنَّ قلّما يحظين عنده ، وكان قلّ امرأة تزوجها إلا أحبته وصبت به ، فيقال : إنه كان سُقي ، ثم أفلت ثم سُقي فأفلت ، ثم كانت الآخرة توفي فيها ، فلما حضرته الوفاة قال الطبيب وهو يختلف إليه : هذا رجل قد قطع السّم أمعاءه ، فقال الحسين : يا أبا محمد خبِّرني من سقاك ؟ قال : وَلِمَ يا أخي ؟ قال : أقتله ، والله قبل أن أدفنك ، أو لا أقدر عليه ؟ أو يكون بأرض أتكلف الشخوص إليه ؟ فقال : يا أخي إنما هذه الدنيا ليالٍ فانية دعه حتى ألتقي أنا وهو عند الله فأبى أن يُسَمِّيه . وقد سمعت بعض من يقول : كان معاوية قد تلطّف لبعض خدمه أن يسقيه سُماً.(6/386)
7381- قال : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن ابن عون ، عن عُمير بن إسحاق قال : دخلت أنا وصاحب لي على الحسن بن علي نعوده فقال (1) لصاحبي : يا فلان ! سَلني . قال : ما أنا بسائلك شيئا ، ثم قال من عندنا فدخل كنيفا له . ثم خرج فقال : أي فلان سلني قبل أن لا تسألني ، فإني والله لقد لفظتُ طائفة من كبدي قَبلُ ، قلبتها بعود كان معي وإني قد سُقيت السمّ مرارًا فلم أُسق مثل هذا قط , فسلني ، فقال : ما أنا بسائلك شيئا ، يعافيك الله إن شاء الله ، ثم خرجنا فلما كان الغد أتيته وهو يسوق ، فجاء الحسين فقعد عند رأسه فقال : أي أخي أنبئني من سقاك ؟ قال : لِمَ ؟ أَتقتله ؟ قال : نعم ، قال : ما أنا بمحدثك شيئا إن يَك صاحبي الذي أظن ، فالله أشد نقمةً ، وإلا فوالله لا يُقتل بي برئ.
_حاشية__________
(1) "فقال" سقطت من المطبوع.(6/386)
7382- قال : أخبرنا مسلم بن إبراهيم ، قال : حدثنا ديلم بن غزوان ، قال : حدثنا وهب بن أبي دُبَيّ الهنائي ، عن أبي حرب ، وأبي الطفيل قال : قال الحسن بن علي رضوان الله عليهما : ما بين جابلق وجابرس رجل جدّه نبي غيري ، ولقد سُقيت السم مرتين.(6/387)
7383- قال : أخبرنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا أبو هلال ، عن قتادة ، قال : قال الحسن للحسين ، إني قد سُقيت السم غير مرة ، وإني لم أُسق مثل هذه ، إني لأضعُ كبدي قال : فقال : من فعل ذلك بك ؟ قال : لم ؟ لتقتله ؟! ما كنت لأخبرك.(6/387)
7384- قال : أخبرنا يحيى بن حماد قال : أخبرنا أبو عوانة ، عن المغيرة ، عن أم موسى : أن جعدة بنت الأشعث بن قيس سقت الحسن السمّ فاشتكى منه شكاة ، قال : فكان توضع تحته طست وترفع أخرى نحوا من أربعين يوما.(6/387)
7385- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور ، قالت : كان الحسن بن علي سُقي مرارا كل ذلك يفلت منه ، حتى كان المرة الآخرة التي مات فيها ، فإنه كان يختلف كبده ، فلما مات أقام نساء بني هاشم عليه النّوح شهراً.(6/387)
7386- قال : أخبرنا يحيى بن حماد قال : حدثنا أبو عوانة ، عن حصين ، عن أبي حازم ، قال : لما حُضر الحسن ، قال للحسين : ادفنوني عند أبي ، يعني النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، إلا أن تخافوا الدماء ، فإن خِفتم الدماء فلا تهريقوا فيَّ دما ، ادفنوني عند مقابر المسلمين قال : فلما قُبض تسلّح الحسين وجمع (1) مواليه . فقال له أبو هريرة : أَنشُدك الله ووصية أخيك ، فإن القوم لن يدعوك حتى يكون بينكم دما ، قال : فلم يزل به حتى رجع . قال : ثم دفنوه في بقيع الغرقد . فقال أبو هريرة : أرأيتم لو جئ بابن موسى ليدفن مع أبيه فمُنع أكانوا قد ظلموه ؟ قال : فقالوا : نعم ، قال : فهذا ابن نبي الله قد جئ به ليدفن مع أبيه.
_حاشية__________
(1) تحرف في المطبوع إلى : "وجميع" وصوابه من الأصلين وسير أعلام النبلاء 3/275.(6/387)
7387- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا عبيد الله بن مرداس ، عن أبيه ، عن الحسن بن محمد بن الحنفية ، قال : لما مرض حسن بن علي مرض أربعين ليلة ، فلما استعزَّ به ، وقد حضرت بنو هاشم ، فكانوا لا يفارقونه يبيتون عنده بالليل ، وعلى المدينة سعيد بن العاص ، فكان سعيد يعوده فمرة يؤذن له ، ومرة يحجب عنه ، فلما اسْتُعَِز به بعث مروان بن الحكم رسولا إلى معاوية يخبره بثقل الحسن بن علي.
وكان حسن رجلاَّ قد سُقي ، وكان مبطونا ، إنما كان تختلف أمعاؤه ، فلما حُضر وكان عنده إخوته ، عهد أن يدفن مع رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم إن استطيع ذلك ، فإن حيل بينه وبينه ، وخيف أن يُهراق فيه محجم من دم دفن مع أمه بالبقيع.
وجعل الحسن يوعز إلى الحسين يا أخي : إياك أن تسفك الدماء فيَّ ، فإن الناس سِراع إلى الفتنة ، فلما توفي الحسن ارتجت المدينة صياحا فلا يُلقى أحد إلا باكياً.
وأبرد مروان يومئذ إلى معاوية يخبره بموت حسن بن علي ، وأنهم يريدون دفنه مع النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، وأنهم لا يصلون إلى ذلك أبدًا وأنا حي ، فانتهى حسين بن علي إلى قبر النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فقال : احفروا ها هنا ،(6/388)
فنكب عنه سعيد بن العاص وهو الأمير فاعتزل ، ولم يحل بينه وبينه ، وصاح مروان في بني أمية ولفها وتلبسوا السلاح ، وقال مروان : لا كان هذا أبدًا فقال له حسين : يا ابن الزرقاء ! مالك ولهذا أوالٍ أنت ؟ قال : لا كان هذا ولا خُلص إليه وأنا حي . فصاح حسين بحلف الفضول ، فاجتمعت هاشم ، وتيم ، وزهرة ، وأسد ، وبنو جعونة بن شعوب من بني ليث قد تلبسوا السلاح ، وعقد مروان لواءًا وعقد حسين بن علي لواءً.
فقال الهاشميون : يدفن مع النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم حتى كانت بينهم المراماة بالنبل ، وابن جعونة بن شعوب يومئذ شاهر سيفه ، فقام في ذلك رجال من قريش ، عبد الله بن جعفر بن أبي طالب والمسور بن مخرمة بن نوفل وجعل عبد الله بن جعفر يلح على حسين وهو يقول : يا بن عم ألم تسمع إلى عهد أخيك : إن خفت أن يهراق فيّ محجم من دم فادفني بالبقيع مع أمي ؟ أذكرك الله أن تُسْفك الدماء ، وحسين يأبى دفنه إلا مع النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وهو يقول : ويعرض مروان لي : ماله ولهذا ؟ قال : فقال المسور بن مخرمة : يا أبا عبد الله اسمع مني ، قد دعوتنا بحلف الفضول فأجبناك ، تعلم أني سمعت أخاك يقول قبل أن يموت بيوم : يا بن مخرمة إني قد عهدت إلى أخي أن يدفنني مع رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم إن وجد إلى ذلك سبيلا ، فإن خاف أن يهراق في ذلك محجم من دم فليدفني مع أمي بالبقيع . وتعلم أني أذكرك الله في هذه الدماء ، ألا ترى ما هاهنا من السلاح والرجال ؟ والناس سِراع إلى الفتنة.
قال : وجعل الحسين يأبى ، وجعلت بنو هاشم والحلفاء يلغطون ويقولون : لا يدفن أبدا إلا مع رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم .(6/389)
قال الحسن بن محمد : سمعت أبي يقول : لقد رأيتني يومئذ وإني لأريد أن أضرب عنق مروان ، ما حال بيني وبين ذلك إلا أن أكون أراه مستوجبا لذلك ، إلا أني سمعت أخي يقول : إن خفتم أن يهراق فيّ محجم من دم فادفنوني بالبقيع ، فقلت لأخي : يا أبا عبد الله ، وكنت أرفقهم به ، إنا لا ندع قتال هؤلاء القوم جبنا عنهم ولكنا إنما نتبع وصية أبي محمد إنه والله لو قال ادفنوني مع النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم لَمُتْنا من آخرنا أو ندفنه مع النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ولكنه خاف ما قد ترى فقال : إن خفتم أن يهراق فيّ محجم من دم فادفنوني مع أمي فإنما نتبع عهده وننفذ أمره (1).
قال : فأطاع حسين بعد أن ظننت أنه لا يطيع فاحتملناه حتى وضعناه بالبقيع ، وحضر سعيد بن العاص ليصلي عليه فقالت بنو هاشم : لا يصلي عليه أبدًا إلا حسين . قال : فاعتزل سعيد بن العاص فوالله ما نازعنا في الصلاة عليه . وقال : أنتم أحق بميتكم فإن قدمتموني تقدمت ، فقال حسين بن علي : تقدم فلولا أن الأئمة تقدم ما قدمناك.
_حاشية__________
(1) في الأصلين : "أن لا أكون" والمثبت لدي ابن عساكر في المختصر ج 7/44 ، والذهبي في سير أعلام النبلاء ج 3/276(6/390)
7388- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا هاشم بن عاصم ، عن المنذر بن جهم قال : لما اختلفوا في دفن حسن بن علي نزل سعد بن أبي وقاص وأبو هريرة من أرضهما فجعل سعد يكلم حسينا يقول : الله الله فلم يزل بحسين حتى ترك ما كان يريد.(6/390)
7389- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا عبد الله بن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن حسن قال : لما دعا الحسين حلف الفضول جاءه عبد الله بن الزبير فقال : هذه أسد بأسرها قد حضرت ، قال معاوية- بعد ذلك لابن الزبير- : وحضرت مع حسين بن علي ذلك اليوم ؟ فقال : حضرت للحلف الذي تعلم دعيت به فأجبت ، فسكت معاوية.(6/390)
7390- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني عبد الله بن جعفر ، عن ابن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم التيمي قال : قال ابن الزبير ، وذكر حلف الفضول : لقد دعاني الحسين بن علي به فأجبته ثم قال لحسين : تعلم ذلك ؟ فقال حسين : نعم.(6/390)
7391- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن أبيه ، قال : حضرت بنو تيم يومئذ حين دعا الحسين بن علي بحلف الفضول.(6/391)
7392- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا إبراهيم بن الفضل ، عن أبي عتيق ، قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : شهدنا حسن بن علي يوم مات فكادت الفتنة تقع بين حسين بن علي ومروان بن الحكم ، وكان الحسن قد عهد إلى أخيه أن يدفن مع رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فإن خاف أن يكون في ذلك قتال فليدفن بالبقيع ، فأبى مروان أن يدعه ، ومروان يومئذ معزول يريد أن يرضي معاوية بذلك ، فلم يزل مروان عدوًا لبني هاشم حتى مات.
قال جابر : فكلمت يومئذ الحسين بن علي فقلت : يا أبا عبد الله ، اتق الله فإن أخاك كان لا يحب ما ترى فادفنه بالبقيع مع أمه ففعل (1).
_حاشية__________
(1) من "ح".(6/391)
7393- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني عبد الله بن نافع ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : حضرت موت حسن بن علي فقلت للحسين بن علي : اتق الله ولا تُثرْ فتنة ولا تسفك الدماء وادفن أخاك إلى جنب أمه فإن أخاك قد عهد ذلك إليك ، فأخذ بذلك حسين.(6/391)
7394- قال : أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي ، قال : حدثنا سفيان الثوري ، عن أبي الجحّاف ، عن إسماعيل بن رجاء قال : أخبرني من رأى حسين بن علي قدّم على الحسن بن علي سعيد بن العاص وقال : لولا أنها سُنة ما قدمتك.(6/391)
7395- قال : أخبرنا سعيد بن منصور قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن سالم بن أبي حفصة ، عن أبي حازم الأشجعي قال : قال حسين بن علي لسعيد بن العاص : تقدم فلولا أنها سُنة ما قدمتك ، يعني على الحسن بن علي.(6/391)
7396- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا إسرائيل ، عن جابر ، عن أبي الأشعث ، عن الحسين بن علي : أنه قال لسعيد بن العاص - وهو يطعن بإصبعه في منكبه - : تقدم فلولا أنها السنة ما قدمناك.(6/392)
7397- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا الحسن بن عمارة ، عن راشد ، عن حسين بن علي أنه قال يومئذٍ : قال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : الإمام أحق بالصلاة.(6/392)
7398- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا هاشم بن عاصم ، عن جهم بن أبي جهم قال : لما مات الحسن بن علي بعثت بنو هاشم إلى العوالي صائحًا يصيح في كل قرية من قرى الأنصار بموت حسن ، فنزل أهل العوالي ولم يتخلف أحد عنه.(6/392)
7399- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا داود بن سنان قال : سمعت ثعلبة بن أبي مالك قال : شهدنا حسن بن علي يوم مات ودفناه بالبقيع ، فلقد رأيت البقيع ولو طُرِحَتْ إبرةٌ ما وقعت إلا على إنسان.(6/392)
7400- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد الله بن عمير ، عن ابن أبي نجيح ، عن أبيه ، قال : بُكِيَ على حسن بن علي بمكة والمدينة سبعًا ، النساء والرجال والصبيان.(6/392)
7401- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا حفص بن عمر ، عن أبي جعفر ، قال : مكث الناس يبكون على حسن بن علي سبعًا ما تقوم الأسواق.(6/392)
7402- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المِسور قالت : كان الحسن بن علي سُقِيَ مِرَارًا كل ذلك يُفْلِت ، حتى كانت المرة الآخرة التي مات فيها ، فإنه كان يختلف كبده ، فلما مات أقام نساء بني هاشم عليه النوح شهرًا .(6/392)
7403- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثتنا عبيدة بنت نابل ، عن عائشة بنت سعد قالت : حَدّ نساء بني هاشم على حسن بن علي سنة.(6/393)
7404- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن عمرو بن بعجة قال : أول ذُلٍّ دخل على العرب موت الحسن بن علي.(6/393)
7405- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن جويرية بن أسماء قال : لما مات الحسن بن علي رضي الله عنه ، أخرجوا جنازته ، فحمل مروان سريره فقال له الحسين : تحمل سريره ، أما والله لقد كنت تُجرّعه الغيظ ، فقال مروان : أن كنت أفعل ذلك بمن يُوازن حلمه الجبال.(6/393)
7406- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن مسلمة بن محارب ، عن حرب بن خالد قال : مات الحسن بن علي لخمس ليالٍ خلون من شهر ربيع الأول سنة خمسين.(6/393)
7407- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا عبد الله بن نافع ، عن أبيه قال : سمعت أبان بن عثمان يقول : إن هذا لهو العجب ، يدفن ابن قاتل عثمان مع رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وأبو بكر وعمر ، ويدفن أمير المؤمنين المظلوم الشهيد ببقيع الغرقد.(6/393)
7408- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا علي بن محمد العمري ، عن عيسى بن معمر ، عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال : سمعت عائشة تقول يومئذٍ : هذا الأمر لا يكون أبدًا ، يدفن ببقيع الغرقد ولا يكون لهم رابعًا ، والله إنه لبيتي أعطانيه رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم في حياته ، وما دفن فيه عُمر وهو خليفة إلا بأمري وما أَثَرُ عَلِيٍّ رحمه الله عندنا بحسنٍ.(6/393)
7409- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن مروان بن أبي سعيد ، عن نملة بن أبي نملة قال : أعظم الناس يومئذٍ أن يُدفن معهم أحدٌ ، وقالوا لمروان : أصبت يا أبا عبد الملك لا يكون معهم رابع أبداً.(6/393)
7410- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن إبراهيم بن يحيى بن زيد قال : سمعت خارجة بن زيد يقول : صَوَّبَ الناس يومئذٍ مروان ورأوا أنه عمل بحق لا يكون معهما ، يعني أبا بكر وعمر ، ثالث أبداً.(6/394)
7411- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني محرر بن جعفر ، عن أبيه ، قال : سمعت أبا هريرة يقول يوم دُفن الحسن بن علي : قاتل الله مروان ، قال : والله ما كنت لأدع ابن أبي تراب يدفن مع رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وقد دفن عثمان بالبقيع ، فقلت : يا مروان اتق الله ولا تقل لعلي إلا خيرًا فأشهد لسمعت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يقول يوم خيبر : لأعطين الراية رجلاَّ يحبه الله ورسوله ليس بفرَّار ، وأشهد لسمعت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يقول في حسن : اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه ، فقال مروان : والله إنك قد أكثرت على رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم الحديث فلا نسمع منك ما تقول ، فهلم غيرك يعلم ما تقول ، قال : قلت : هذا أبو سعيد الخدري ، فقال مروان : لقد ضاع حديث رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم حين لا يرويه إلا أنت وأبو سعيد الخدري ، والله ما أبو سعيد الخدري يوم مات رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم إلا غلام ، ولقد جئت أنت من جبال دَوْس قبل وفاة رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم بيسير فاتق الله يا أبا هريرة قال : قلت : نِعْمَ ما أوصيتَ به وسَكَتُّ عنه.(6/394)
7412- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني كثير بن زيد ، عن الوليد بن رباح قال : سمعت أبا هريرة يومئذٍ يقول لمروان : والله ما أنت والٍ وإن الوالي لغيرك فدعه ، ولكنك تدخل في ما لا يعنيك ، إنما تريد بهذا إرضاء من هو غائب عنك ، قال : فأقبل عليه مروان مغضبًا فقال له : يا أبا هريرة إن الناس قد قالوا أكثر عن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم الحديث ، وإنما قدم قبل وفاة رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم بيسير ، فقال أبو هريرة : قدمت والله ورسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم بخيبر سنة سبع وأنا يومئذٍ قد زدت على الثلاثين سنة سنوات ، فأقمت معه حتى توفي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أدور معه في بيوت نساءه وأخدمه ، وأنا والله يومئذٍ مقل وأصلّي خلفه وأغزو وأحج معه ، فكنت واللهِ أعلمَ الناسِ بحديثه وقد سبقني قوم بصحبته والهجرة من قريش والأنصار ، فكانوا يعرفون لزومي له فيسألوني عن حديثه ، منهم عمر بن الخطاب ، وهَدْي عمر هَدْي عمر ، ومنهم عثمان وعلي والزبير وطلحة ، ولا والله ما يخفى عَلَيّ كلُّ حدث كان بالمدينة ، وكل من أحب الله ورسوله ، وكل من كانت له عند رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم منزلة ، وكل صاحب لرسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، فكان أبو بكر رضي الله عنه صاحبه في الغار ، وغيره قد أخرجه رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم من المدينة أن يساكنه ، فليسألني أبو عبد الملك عن هذا وأشباهه فإنه يجد عندي منه علمًا كثيرًا جمًا ، قال : فوالله إن زال مروان يقصر عنه عن هذا الوجه بعد ذلك ويتقيه ويخاف جوابه ، ويحب على ذلك أن يُنالَ من أبي هريرة ولا يكون هو منه بسبب ، يَفْرَقُ من أن يبلغ أبا هريرة أن مروان كان من هذا بسبب ، فيعود له بمثل ذلك فكفّ عنه.(6/394)
7413- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن سُحَيم بن حفص ، وعبد الله بن فائد ، عن بشير بن عبد الله قال : أول من نعى الحسن بن علي بالبصرة عبد الله بن سلمة بن المُحَبَّق أخو سنان نعاه لزياد ، فخرج الحكم بن أبي العاص الثقفي فنعاه ، وبكى الناس وأبو بكرة مريض فسمع الضجة فقال : ما هذا؟ فقالت امرأته ميسة بنت سحام ، من بني ربيع : مات الحسن بن علي فاحمد الله الذي أراح الناس منه ، فقال أبو بكرة : اسكتي ويحك فقد أراحه الله من شرٍّ كثير وفقد الناسُ خيرًا كثيراً.(6/395)
7414- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد ، عن عمرو بن ميمون ، عن أبيه قال : لما جاء معاوية نَعْيُ الحسن بن علي، استأذن ابن عباس على معاوية ، وكان ابن عباس قد ذهب بصره - فكان يقول لقائده : إذا دخلت بي على معاوية فلا تَقُدْني فإن معاوية يشمت بي ، فلما جلس ابن عباس قال لمعاوية : لأخبرنَّه بما هو أشد عليه من أن أشمت به ، فلما دخل قال : يا أبا العباس هلك الحسن بن علي ، فقال ابن عباس : إن لله وإنا إليه راجعون ، وعرف ابن عباس أنه شامت به ، فقال : أما والله يا معاوية لا يَسُدُّ حفرتَك ولا تَخْلُدُ بعده ، ولقد أصبنا بأعظم منه فجبرنا الله بعده ، ثم قام ، فقال معاوية : لا والله ما كلمت أحدًا قد أعدّ جوابًا ولا أعقل من ابن عباس.(6/395)
7415- قال : أخبرنا عفان بن مسلم قال : حدثنا سلاّم أبو المنذر قال : قال معاوية لابن عباس : مات الحسن بن علي يبكّته بذلك قال : فقال : لئن كان مات فإنه لا يسد بجسده حفرتك ، ولا يزيد موته في عمرك ، ولقد أُصبنا بمن هو أشد علينا فقدًا منه ، فجبر الله مصيبته.(6/395)
7416- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن مسلمة بن محارب ، عن حرب بن خالد قال : قال معاوية لابن عباس : يا عجبًا من وفاة الحسن شرب عسلة بماء رُومَة فقضى نحبه ، لا يحزنك الله ولا يسؤك في الحسن ، فقال : لا يسوءني ما أبقاك الله ، فأمر له بمائة ألف وكسوة.
قال : ويقال : إن معاوية قال لابن عباس يومًا : أصبحت سيد قومك قال : ما بقي أبو عبد الله فلا.(6/396)
7417- قال : أخبرنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا أبو هلال ، عن قتادة ، قال : قال معاوية : واعجبًا للحسن شرب شربة من عسل يمانية بماء رُومَة فقضى نحبه ، ثم قال لابن عباس : لا يسوءك الله ولا يحزنك في الحسن ، فقال : أما ما أبقى الله لي أمير المؤمنين فلن يسوءني الله ولن يحزنني.
قال : فأعطاه ألف ألف من بين عرض وعين ، فقال : أقسم هذه في أهلك.(6/396)
7418- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن أبيه ، لما مات الحسن بن علي ، بعث مروان بن الحكم بريدًا إلى معاوية يخبره أنه قد مات ، قال : وبعث سعيد بن العاص رسولاَّ آخر يخبره بذلك ، وكتب مروان يخبره بما أوصى به حسن بن علي من دفنه مع رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وأن ذلك لا يكون وأنا حي ، ولم يذكر ذلك سعيد ، فلما دُفن حسن بن علي بالبقيع أرسل مروان بريدًا آخر يخبره بما كان من ذلك ومن قيامه ببني أمية وموالهم وإني يا أمير المؤمنين عقدت لوائي وتلبَّسنا السلاح وأحضرت معي ممن اتبعني ألفي رجل ، فلم يزل الله بِمَنِّه وفضله يدرأ ذلك أن يكون مع أبي بكر وعمر ثالثًا أبدًا حيث لم يكن أمير المؤمنين عثمان المظلوم رحمه الله ، وكانوا هم الذين فعلوا بعثمان ما فعلوا .(6/396)
فكتب معاوية إلى مروان يشكر له ما صنع واستعمله على المدينة ، ونزع سعيد بن العاص ، وكتب إلى مروان : إذا جاءك كتابي هذا فلا تدع لسعيد بن العاص قليلاَّ ولا كثيرًا إلا قبضته ، فلما جاء الكتاب إلى مروان بعث به مع ابنه عبد الملك إلى سعيد يخبره بكتاب أمير المؤمنين ، فلما قرأه سعيد بن العاص صاح بجارية له هاتي كتابيْ أمير المؤمنين ، فطلعت عليه بكتابيْ أمير المؤمنين ، فقال لعبد الملك : اقرأهما ، فإذا فيهما كتاب من معاوية إلى سعيد بن العاص يأمره حين عزل مروان بقبض أموال مروان التي بذي المروة والتي بالسويداء والتي بذي خُشُب ولا يدع له عَذْقًَا واحدًا فقال : أخبر أباك ، فجزاه عبد الملك خيرًا ، فقال سعيد : والله لولا أنك جئتني بهذا الكتاب ما ذكرت مما ترى حرفًا واحدًا ، قال : فجاء عبد الملك بالخبر إلى أبيه فقال : هو كان أوصل لنا منا له (1).
_حاشية__________
(1) "ث" : "هو كان أوصل منا إليه" والمثبت رواية "ح" ومثله لدي ابن عساكر في مختصر تاريخ دمشق ج 9/311-312 ، والخبر بطوله لدي ابن عساكر في المختصر .(6/397)
7419- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن صالح بن كيسان قال : كان سعيد بن العاص رجلاَّ حليمًا وقورًا ، ولقد كانت المأمومة التي أصابت رأسه يوم الدار قد كاد أن يَخِفّ منها بعض الخِفّة ، وهو على ذلك من أوقر الرجال وأحلمه ، وكان مروان رجلاَّ حديدًا ، حديد اللسان سريع الجواب ذلق اللسان قَلَّما صبر أن يكون في صدره شيء من حُبّ أحدٍ أو بغضه إلا ذكره ، وكان في سعيد خلاف ذلك ، كان مَنْ أحبّ صَبَرَ عن ذكر ذلك له ، ومن أبغض فمثل ذلك ، ويقول : إن الأمور تغّير والقلوب تغيّر فلا ينبغي للمرء أن يكون مادحًا اليوم عائبًا غداً.(6/397)
7420- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، قال : حج معاوية سنة خمسين وسعيد بن العاص على المدينة وقد وليها قبل ذلك في آخر سنة تسع وأربعين ، وهي السنة التي مات فيها الحسن بن علي ، فلم يزل معاوية يَهِمّ بعزله ، ويكتب إليه مروان يعلمه ما أبلى في شأن حسن بن علي وأن سعيد بن العاص قد لافى بني هاشم ومالأهم على أن يُدفن الحسن مع رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وأبي بكر وعمر ، فوعده معاوية أن يعزله عن المدينة ويوليه ، فأقام عليها سعيد ومعاوية يستحي من سرعة عزله إياه ، وسعيد يعلم بكتب مروان إلى معاوية ، فكان سعيد يلقى مروان ممازحًا له يقول : ما جاءك فيما قِبَلَنَا بعدُ شيء ؟ فيقول مروان : ولِمَ تقول لي هذا ؟ أتظن أني أطلب عملك ؟ فلما أكثر مروان من هذا سكت سعيد بن العاص واستحيا وبلغ مروان أنه كتب إلى سعيد من الشام يُعْلَم بكتبك إلى أمير المؤمنين ، تمحل بسعيد وتزعم أن سعيدًا في ناحية بني هاشم ثم جاءه بعدُ العملُ ، وقد حج سعيد سنة ثلاث وخمسين ودخل في الرابعة ، فجاءه ولاية مروان بن الحكم فكان سعيد إذا لقيه بعد يقول ممازحًا له : قد كان وعدك حيث توفي الحسن بن علي أن يوليك ويعزلني فأقمت كما ترى سنين (1)، والله يعلم لولا كراهة أن يُعَدّ ذلك مني خِفَّة لاعتزلت ولحقت بأمير المؤمنين ، فيقول مروان : أقصر فإنا رأينا منك يوم مات الحسن بن علي أمورًا ظننا أَنَّ صَغْوَك مع القوم ، فقال سعيد : فوالله للقوم أشد لي تهمة وأسوأ في رأيًا منهم فيك ، فأما الذي صنعت من كفي عن حسين بن علي فوالله ما كنت لأعرض دون ذلك بحرف واحد وقد كفيت أنت ذلك.
قال محمد بن عمر : قال عبد الرحمن بن أبي الزناد : قال أبي : فلم يزالا متكاشَرين فيما بينهما فيما يُغَيّب أحدهما عن صاحبه ليس بحسن ، وهم بعد يتلاقيان ويقضي أحدهما الحق لصاحبه إذا لزمه ، وإذا التقيا سلم أحدهما على صاحبه سلامًا لا يعرف أن فيه شيئًا مما يكره ، فكان هذا من أمورهما.
(*قال : أخبرنا محمد بن عمر (1)، أن الحسن بن علي مات سنة تسع وأربعين وصلى عليه سعيد بن العاص ، وكان قد سُقِيَ مرارًا ، وكان مرضه أربعين يوماً.
قال ابن سعد : وولد الحسن بن علي في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة*).
_حاشية__________
(1) "ث" : "سنتين" والمثبت من "ح" وكتب فوقه "صح".
(*-*) ساقط من "ح".(6/398)
1374- الحسين بن علي ، رضي الله عنهما بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، ويكنى أبا عبد الله.
وأُمُّه فاطمة بنت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، وأمها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
علقت فاطمة رضي الله عنها بالحسين لخمس ليال خلون من ذي القعدة سنة ثلاث من الهجرة ، فكان بين ذلك وبين ولاد الحسن خمسون ليلة ، وولد الحسين في ليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة.
فولد الحسين : عليًا الأكبر ، قتل مع أبيه بالطف لا بقية له.
وأُمُّه آمنة بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود بن معتب ، من ثقيف ، وأمها ابنة أبي سفيان بن حرب ، وفيها يقول حسان بن ثابت :
طافت بنا شمس النهار ومن رأى ... من الناس شمسًا بالعشاء تطوفُ
أبو أُمها أوفى قريشٍ بذمةٍ ... وأعمامُها إما سألت ثقيفُ
_حاشية__________
(1) "ث" : "محمد بن محمد" ، وصوابه لدي الذهبي وفيات سنة 49 ه- ، وسير أعلام النبلاء 3/277.(6/399)
وعليًا الأصغر ، له العقب من ولد الحسين.
وأُمُّه أم ولد ، وأخوه لأمه عبد الله بن زبيد مولى الحسين بن علي ، وهم ينزلون بينبع . وجعفرًا لا بقية له ، أمه السلافة امرأة من بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة.
وفاطمة ، وأمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة . وعبد الله ، قتل مع أبيه.
وسكينة ، وأمها الرباب بنت امرئ القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب.
وفي الرباب وسكينة يقول الحسين بن علي رضي الله عنهما :
لَعَمرُكَ أنني لأحب دارًا ... تُضَيِّفُها سُكَينةُ والرَّبابُ
أُحبهما وأبذل بعد مالي ... وليس للائمي فيها عتابُ
ولست لهم وإن عَتِبوا مُطِيعًا ... حياتي أو يُغَيِّبَني الترابُ(6/400)
7421- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا سفيان الثوري ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن أبيه قال : رأيت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أذن في أُذني الحسين جميعا بالصلاة.(6/400)
7422- قال : أخبرنا عبد الله بن بكر بن حبيب السهمي ، قال : حدثنا حاتم بن أبي صغيرة ، عن سِماك : أن أم الفضل امرأة العباس قالت : يا رسول الله رأيت فيما يرى النائم كأن عضوًا من أعضائك في بيتي ؟ فقال : خيرًا رأيت ، تلد فاطمة غلامًا فترضعيه بلبان ابنك قُُثم . قال : فولدت الحسين فكفلته أم الفضل ، قالت : فأتيت به رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فهو يُنزيه ويقبله إذ بال على رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فقال : يا أم الفضل أمسكي ابني فقد بال عليّ . قالت : فأخذته فقرصته قرصة بكي منها. وقلت : آذيت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم بُلت عليه . فلما بكى الصبي قال : يا أم الفضل آذيتيني في بُنيَّ أبكيتيه . قال : ثم دعا بماء فحدره عليه حدرًا وقال : إذا كان غلاما فاحدروه حدرًا ، وإذا كانت جارية فاغسلوه غسلاَّ .(6/400)
7423- قال : أخبرنا مالك بن إسماعيل ، عن شريك ، عن سماك ، عن قابوس ، عن أم الفضل ، قالت : لما ولد الحسين بن علي قلت : يا رسول الله أعطنيه أو ادفعه إليّ فلأكفله وأرضعه بلبن قثم ، ففعل ، فأتيته به ، فوضعه على صدره ، فبال عليه فأصاب إزاره ، فقلت أعطني إزارك أغسله فقال : إنما يصب على بول الغلام ويغسل بول الجارية.(6/401)
7424- قال : أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن محمد بن علي أبي جعفر ، عن أم الفضل ، أنها أتت النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم بالحسين بن علي ، فوضعته في حجره فبال ، قالت : فذهبت لآخذه ، فقال : لا تُزرمي ابني ، فإن بول الغلام ينضح أو يرش ، شك سعيد ، وبول الجارية يغسل.(6/401)
7425- قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن قابوس بن المخارق ، عن لبابة بنت الحارث قالت : كان الحسين بن علي في حجر رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فبال عليه فقلت : البس ثوبًا وأعطني إزارك أغسله فقال : إنما يغسل من بول الأنثى ، وينضح من بول الذكر.(6/401)
7426- قال : أخبرنا هوذة بن خليفة قال : حدثنا عوف ، عن رجل ، أن أم الفضل امرأة العباس جاءت بالحسين وهو صبي يرضع ، فأخذه رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يقبله ووضعه في حجره ، فبينا هو في حجره إذ بال قال : فكأن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم تأذى به ، فدفعه إلى أم الفضل فخفقته خفقة بيدها ، وقالت : أي كذا وكذا ، أبُلت على رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ؟ فقال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : مهلاَّ ، لقد أوجع قلبي ما فعلت به ، ثم دعا بماء فأتبعه بوله وقال : أتبعوه من بول الغلام واغسلوه من بول الجارية.(6/401)
7427- قال : أخبرنا عبد الله بن نمير ، عن ابن أبي ليلى ، عن عيسى بن عبد الرحمن ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه قال : كنا جلوسا عند النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم إذ أتاه الحسن أو الحسين يحبو ، فوضعه رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم على صدره ، فبينما هو يحدثنا إذ بال على صدره ، فقمنا لنأخذه ، فقال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ابني ابني ، ثم دعا بماء فصبه على مباله .(6/401)
7428- قال : أخبرنا وهب بن جرير بن حازم ، قال : حدثنا أبي (ح) قال : وأخبرنا عفان بن مسلم ، وسعيد بن منصور ، قالا : حدثنا مهدي بن ميمون ، جميعا ، عن محمد بن أبي يعقوب ، عن ابن أبي نعم ، قال : سمعت رجلاَّ سأل ابن عمر عن دم البعوض يكون في ثوبه ؟ فقال : ممن أنت ؟ قال : من أهل العراق . قال : انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض ، وقد قتلوا ابن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، وقد سمعت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يقول للحسن والحسين : هما ريحانتي من الدنيا (1).
_حاشية__________
(1) مصنف ابن أبي شيبة 12/100 ، ومسند أحمد 2/85.(6/402)
7429- قال : أخبرنا عبد الله بن نمير ، عن الربيع بن سعد ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن جابر بن عبد الله ، قال : دخل حسين بن علي من باب بني فلان ، فقال جابر : من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا ، فأشهد أني سمعت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يقوله.(6/402)
7430- قال : أخبرنا أبو أسامة ، عن عوف بن أبي جميلة ، عن أبي المعذل عطية الطفاوي ، عن أبيه ، قال : أخبرتني أم سلمة قالت : بينا رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ذات يوم في بيتي إذ جاءت الخادم فقالت : علي وفاطمة بالسدة ، فقال لي : تنحي عن أهل بيتي ، فتنحيت في ناحية البيت فدخل علي وفاطمة ومعهما حسن وحسين وهما صبيان صغيران ، فأخذ حسنًا وحسينًا فأجلسهما في حجره ، وأخذ عليًا فاحتضنه إليه وأخذ فاطمة بيده الأخرى فاحتضنهما وقبلهما وأغدق عليهم خميصة سوداء ، ثم قال : اللهم إليك لا إلى النار أنا وأهل بيتي ، فقالت أم سلمة فقلت : وأنا يا رسول الله . قال : وأنت.(6/402)
7431- قال : أخبرنا خالد بن مخلد ، قال : حدثنا موسى بن يعقوب الزمعي ، قال : حدثني هاشم بن هاشم ، عن عبد الله بن وهب قال : أخبرتني أم سلمة ؛ أن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم جمع فاطمة وحسنا وحسينا ثم أدخلهم تحت ثوبه ، ثم جأر إلى الله فقال : رب هؤلاء أهلي . قالت أم سلمة : فقلت : يا رسول الله : أدخلني معهم . فقال : إنك من أهلي.(6/402)
7432- قال : أخبرنا خالد بن مخلد قال : حدثنا موسى بن يعقوب الزمعي ، عن عبد الله بن أبي بكر بن زيد بن المهاجر قال : أخبرني مسلم بن أبي سهل النبال قال : أخبرني حسن بن أسامة بن زيد بن حارثة قال : أخبرني أبي ، أسامة بن زيد ، قال : طرقت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ذات ليلة لبعض الحاجة فخرج إليّ وهو مشتمل على شئ لا أدري ما هو ، فلما فرغت من حاجتي قلت : ما هذا الذي أنت مشتمل عليه ؟ فكشف فإذا حسن وحسين على وركيه فقال : هذان ابناي وابنا ابنتي ، اللهم إنك تعلم أني أحبهما فأحبهما ، اللهم إنك تعلم أني أحبهما فأحبهما ، اللهم إنك تعلم أني أحبهما فأحبهما.(6/403)
7433- قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، والفضل بن دكين ، قالا : حدثنا كامل أبو العلاء ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : صلى بنا رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم صلاة العشاء ، فكان إذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره ، فإذا أراد أن يرفع رأسه أخذهما بيده فوضعهما وضعًا رفيقًا ، فإذا عاد عادا ، حتى إذا صلى صلاته وضع واحدا على فخذ والآخر على الفخذ الأخرى فقمت إليه فقلت : يا رسول الله ألا أذهب بهما ؟ قال : لا . قال : فبرقت برقة فقال : الحقا بأمكما . فلم يزالا في ضوئها حتى دخلا.(6/403)
7434- قال : أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، عن محمد بن موسى ، عن عون بن محمد ، عن أمه ، عن جدتها ، عن فاطمة : أن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أتاها يوما فقال : أين ابناي ؟ ، يعني حسنا وحسينا ، فقالت : أصبحنا وليس في بيتنا شئ يذوقه ذائق فقال علي : أذهب بهما فإني أتخوف أن يبكيا عليك وليس عندك شئ . فذهب إلى فلان اليهودي ، فتوجه إليه النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فوجدهما يلعبان في شربة بين أيديهما فضل من تمر فقال : يا علي ألا تقلب ابني قبل أن يشتد عليهما الحر . فقال علي : أصبحنا وليس في بيتنا شئ ، فلو جلست حتى أجمع لفاطمة تمرات . فجلس رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وعلي ينزع لليهودي دلوا بتمرة . حتى اجتمع له شئ من تمر ، فجعله في حجزته ، ثم أقبل فحمل رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أحدهما وعليّ الآخر حتى قلبهما.(6/403)
7435- قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا علي بن صالح ، عن عاصم . عن رز ، عن عبد الله بن مسعود قال : كان رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يصلي : فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره ، فإذا أرادوا أن يمنعوهما أشار إليهم أن دعوهما ، فلما قضى الصلاة وضعهما في حجره ثم قال : من أحبني فليحب هذين.(6/404)
7436- قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا سلم الحذاء (1)، عن الحسن بن سالم بن أبي الجعد قال : سمعت أبا حازم يحدث أبي عشر مرار أو أكثر ، عن أبي هريرة ، عن النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم قال : من أحب الحسن والحسين فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني.
_حاشية__________
(1) تحرف في "ث" إلى : "(سالم) الحذاء" ، وصوابه من "ح" ، والثقات لابن حبان 8/279.(6/404)
7437- قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا سفيان ، عن أبي الجحاف ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : من أحبهما فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني ، يعني الحسن والحسين.(6/404)
7438- قال : أخبرنا عفان بن مسلم قال : حدثنا وهيب بن خالد قال : أخبرنا عبد الله بن عثمان بن خُثَيم ، عن سعيد بن أبي راشد ، عن يعلي العامري ؛ أنه خرج مع رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم إلى طعام دُعُوا له ، قال فاستنتل (1) رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أمام القوم ، قال : فإذا حسين مع الغلمان يلاعبهم قال : فأراد رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أن يأخذه ، قال : فطفق الصبي يفر ها هنا مرة وها هنا مرة ، وجعل رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يضاحكه حتى أخذه ، فوضع إحدى يديه تحت قفاه ، والأخرى تحت ذقنه ، ووضع فاه على فيه فقبَّله.
قال : فقال : حسين مني وأنا منه ، أحب الله من أحب حسينًا ، حسين سبط من الأسباط.
_حاشية__________
(1) فاستنتل : تحرفت في "ح" إلى : "فاستنثل" وصوابه في "ث" ، وتهذيب الكمال للمزي 6/401 ، ولدي ابن الأثير في النهاية : "نتل" فيه : "أنه رأى الحسن يلعب ومعه صبية في السِّكَّة ، فاستنتل رسول الله أمام القوم" أي تقدم.
- وذكر محقق "ط" بالمتن : "فاستنشل" ثم قال : "هكذا في الأصول" ، ومن معاني نشل : أسرع ، وجميع ما ذكره بالمتن والهامش خطأ.(6/404)
7439- قال : أخبرنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا وهيب ، قال : حدثنا عبد الله بن عثمان بن خُثَيم ، عن سعيد بن أبي راشد ، عن يعلي العامري ، قال : جاء حسن وحسين يستبقان إلى رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فضمهما إليه وقال : الولد مبخلة مجبنة ، وإن آخر وطأة وطِئها الله بِوَجٌّ.(6/405)
7440- قال : أخبرنا عفان بن مسلم ، وعمرو بن عاصم الكلابي ، قالا : حدثنا مهدي بن ميمون ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب ، عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال : سجد رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم في صلاة ، فجاءه الحسن أو الحسين - قال مهدي : وأكبر ظني أنه حسين - فركب عنقه وهو ساجد ، فأطال السجود بالناس حتى ظنوا أنه قد حدث أمر فلما قضى صلاته قالوا : يا رسول الله لقد أطلت من السجود حتى ظننا أنه قد حدث أمر ، قال : إن ابني هذا ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته.(6/405)
7441- قال : أخبرنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا خالد بن عبد الله ، قال : حدثنا يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نُعْم ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.(6/405)
7442- قال : أخبرنا يزيد بن هارون ، ويعلى بن عبيد ، وأبو عامر العقدي ، قالوا : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن المنهال ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : قال : كان رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يعوذ الحسن والحسين وهما صبيان فقال : هاتوا ابنيّ حتى أعوذهما بما عَوّذ إبراهيم ابنيه إسماعيل وإسحاق فضمهما إلى صدره ، ثم قال : أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ، ويقول : هكذا كان إبراهيم يعوذ ابنيه إسماعيل وإسحاق.(6/405)
7443- قال : أخبرنا حجاج بن نصير قال : حدثنا محمد بن ذكوان الجهضمي أخو الحسن ، عن منصور بن المعتمر ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله بن مسعود ، أن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم كان قاعدًا في ناس من أصحابه ، فمرّ به الحسن والحسين وهما صبيان ، فقال : هاتوا ابني حتى أعوذهما بما عوذ إبراهيم ابنيه إسماعيل وإسحاق ، فضمهما إلى صدره ، ثم قال : أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة , من كل عين لامة.
قال : وكان إبراهيم يقرأ مع هؤلاء الكلمات فاتحة الكتاب ، وقال منصور : عوذ بها فإنها تنفع من العين ومن كل وجع ولدغة ، وقال : اكتبها.(6/406)
7444- قال : أخبرنا هوذة بن خليفة ، قال : حدثنا عوف ، عن الأزرق بن قيس ، قال : قدم على النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أسقف نجران والعاقب ، قال : فعرض عليهما رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم الإسلام فقالا : إنا كنا مُسلمَيْن قبلك ، قال : كذبتما إنه منع منكما الإسلام ثلاث : قولكما اتخذ الله ولدًا ، وأكلكما لحم الخنزير ، وسجودكما للصنم ، فقالا : فمن أبو عيسى ؟ فما درى رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ما يرد عليهما حتى أنزل الله تبارك وتعالى {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} إلى قوله : {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} قال : فدعاهما رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم إلى الملاعنة ، وأخذ بيد فاطمة والحسن والحسين وقال : هؤلاء بنيّ قال : فخلا أحدهما إلى الآخر فقال : لا تلاعنه ، فإنه إن كان نبيًا فلا بقية ، قال : فجاءا فقالا : لا حاجة لنا في الإسلام ولا في ملاعنتك فهل من ثالثة ؟ قال : نعم الجزية ، فأقرَّا بها ورجعا.(6/406)
7445- أخبرنا محمد بن حميد العبدي ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : لما أراد النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أن يباهل أهل نجران ، أخذ بيد (1) حسن وحسين وقال لفاطمة : اتبعينا فلما رأى ذلك أعداء الله رجعوا.
_حاشية__________
(1) "ح" : "بِيَدَي" وفوقها كلمة "صح" والمثبت رواية "ث" ومثلها لدي الذهبي في سير أعلام النبلاء 3/287.(6/407)
7446- قال : أخبرنا خالد بن مخلد قال : حدثنا سليمان بن بلال قال : حدثني جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : جعل عمر بن الخطاب عطاء الحسن والحسين مثل عطاء أبيهما رضي الله عنه.(6/407)
7447- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن أبيه ؛ أن عمر بن الخطاب لما دَوّن الديوان وفرض العطاء ألحق الحسن والحسين بفريضة أبيهما مع أهل بدر لقرابتهما برسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، ففرض لكل واحد منهما خمسة آلاف.(6/407)
7448- قال : حدثنا خالد بن مخلد ، وأبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس ، قالا : حدثنا سليمان بن بلال ، قال : حدثني جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : قدم على عمر حُلل من اليمن فكسا الناس فراحوا في الحُلل وهو بين القبر والمنبر جالس ، والناس يأتونه فيسلمون عليه ويدعون ، فخرج الحسن والحسين ابنا عليّ من بيت أمهما فاطمة بنت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يتخطيان الناس - وكان بيت فاطمة في جوف المسجد - ليس عليهما من تلك الحُلل شيء ، وعمر قاطب صارّ بين عينيه ، ثم قال : والله ما هنّاني ما كسوتكم ، قالوا : لِمَ يا أمير المؤمنين ؟ كسوت رعيتك وأحسنت ، قال : مِنْ أجل الغلامين يتخطيان الناس ليس عليهما منها شيء ، كَبُرَت عنهما وصَغُرا عنها ، ثم كتب إلى صاحب اليمن أن ابعث إليّ بحلتين لحسن وحسين وعجّل ، فبعث إليه بحلتين فكساهما.(6/407)
7449- قال : أخبرنا سليمان بن حرب ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن عبيد بن حُنين ، عن حسين بن علي ، قال : صعدت إلى عمر بن الخطاب المنبر ، فقلت له : انزل عن منبر أبي واصعد منبر أبيك ، قال : فقال لي : إن أبي لم يكن له منبر ، فأقعدني معه ، فلما نزل ذهب بي إلى منزله ، فقال : أي بُنَيّ ، من علمك هذا ؟ قال قلت : ما علمنيه أحد ، قال : أي بُنَيّ ، لو جعلت تأتينا وتغشانا ، قال : فجئت يومًا وهو خالٍ بمعاوية ، وابن عمر بالباب لم يؤْذَن له ، فرجعت فلقيني بعد ، فقال لي : يا بني لم أرك أتيتنا ، قال : قلت : قد جئت وأنت خالٍ بمعاوية فرأيت ابن عمر رجع فرجعت ، قال : أنت أحق بالإذن من عبد الله بن عمر ، إنما أنبت في رؤُوسنا ما ترى الله ثم أنتم ، قال : ووضع يده على رأسه.(6/408)
7450- قال : أخبرنا قبيصة بن عقبة ، قال : حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن العيزار بن حريث ، قال : بينما عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة إذ رأى الحسين بن علي مقبلاَّ ، فقال : هذا أحب أهل الأرض إلى أهل السماء اليوم.
فقال أبو إسحاق : بلغني أن رجلاَّ جاء إلى عمرو بن العاص وهو جالس في ظل الكعبة فقال : عَلَيَّ رقَبَةٌ من ولد إسماعيل ، فقال : ما أعلمهما إلا الحسن والحسين.(6/408)
7451- قال : أخبرنا عثمان بن عمر ، ومحمد بن كثير العبدي ، قالا : حدثنا إبراهيم بن نافع ، عن عمرو بن دينار ، قال : كان الرجل إذا أتى إلى ابن عمر فقال : إنّ عَلَيَّ رقبةٌ من بني إسماعيل قال : عليك بالحسن والحسين.(6/408)
7452- قال : أخبرنا كثير بن هشام ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن أبي المُهَزِّم ، قال : كنا مع جنازة امرأة ومعنا أبو هريرة فجيء بجنازة رجل فجعله بينه وبين المرأة فصلى عليهما ، فلما أقبلنا أعيا الحسين فقعد في الطريق ، فجعل أبو هريرة ينفض التراب عن قدميه بطرف ثوبه ، فقال الحسين : يا أبا هريرة وأنت تفعل هذا ؟ قال أبو هريرة : دعني فوالله لو يعلم الناس منك ما أعلم لحملوك على رقابهم.(6/408)
7453- قال : أخبرنا عارم بن الفضل ، قال : حدثني مهدي بن ميمون ، قال : حدثنا محمد بن أبي يعقوب الضبي ، أن معاوية بن أبي سفيان كان يلقى الحسين فيقول : مرحبًا وأهلاَّ بابن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، ويأمر له بثلاث مِئة ألف.(6/409)
7454- قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا قَطَري الخشّاب مولى طارق ، قال : حدثنا مدرك أبو زياد ، قال : كنا في حيطان ابن عباس فجاء ابن عباس وحسن وحسين ، فطافوا في البستان فنظروا ، ثم جاؤُوا إلى ساقية فجلسوا على شاطئها ، فقال لي حسن : يا مدرك أعندك غداء ؟ قلت : قد خبزنا ، قال : ائت به ، قال : فجئته بخبز وشيء من ملح جريش وطاقتين بقل فأكل ، ثم قال : يا مدرك ما أطيب هذا ، ثم أتى بغدائه وكان كثير الطعام طيبه ، فقال : يا مدرك اجمع لي غلمان البستان ، قال : فقدَّم إليهم فأكلوا ، ولم يأكل ، فقلت : ألا تأكل ؟ قال : ذاك كان أشهى عندي من هذا ، ثم قاموا فتوضئوا ثم قُدِّمت دابة الحسن ، فأمسك له ابن عباس بالركاب وسوى عليه ، ثم جيء بدابة الحسين فأمسك له ابن عباس بالركاب وسوى عليه ، فلما مضيا قلت : أنت أكبر منهما تمسك لهما وتسوي عليهما ، فقال : يا لكع ، أتدري من هذان ؟ هذان ابنا رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أوليس هذا مما أنعم الله علَيّ به أن أمسك لهما وأسوي عليهما ؟(6/409)
7455- قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن رزين بن عبيد ، قال : شهدت ابن عباس وأتاه علي بن حسين فقال : مرحبًا بابن الحبيب.(6/409)
7456- قال : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي ، عن ابن عون ، عن عمير بن إسحاق ، قال : كان مروان أميرًا علينا ست سنين ، فكان يسب عليًا كل جمعة على المنبر ، ثم عزل فاستُعمل سعيد بن العاص سنين فكان لا يسبه ، ثم عزل ، وأعيد مروان ، فكان يسبه ، فقيل يا حسن ألا تسمع ما يقول هذا ؟ فجعل لا يرد شيئًا ، قال : وكان حسن يجيء يوم الجمعة فيدخل في حجرة النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فيقعد فيها ، فإذا قضيت الخطبة خرج فصلى ، ثم رجع إلى أهله ، قال : فلم يرض بذلك حتى أهداه له في بيته ، قال : فإنا لعنده إذ قيل فلان بالباب ، قال : ائذن له فوالله إني لأظنه قد جاء بشرّ ، فأذن له فدخل ، فقال : يا حسن إني قد جئتك من عند سلطان وجئتك بعزمة ، قال : تكلم . قال : أرسل مروان بعلي وبعلي وبعلي ، وبك وبك وبك ،(6/409)
وما وجدت مثلُك إلا مثلُ البغلة يقال لها : من أبوك ؟ فتقول : أبي الفرس . قال : ارجع إليه فقل له : إني والله لا أمحو عنك شيئًا مما قلت بأن أسبك ، ولكن موعدي وموعدك الله ، فإن كنت صادقًا فجزاك الله بصدقك ، وإن كنت كاذبًا فالله أشد نقمة ، وقد كرّم الله جدي أن يكون مَثَله أو قال : مَثَلي مَثَل البغلة ، فخرج الرجل ، فلما كان في الحجرة لقي الحسين فقال له : يا فلان ما جئت به ، قال : جئت برسالة وقد أبلغتها ، فقال : والله لتخبرنَي ما جئت به أو لآمرن بك فلتضربنّ حتى لا تدري متى رفع عنك ، فقال : ارجع فرجع ، فلما رآه الحسن قال : أرسله ، قال : إني لا أستطيع ، قال : لِمَ ، قال : إني قد حَلفت ، قال : قد لجّ فأخبره ، فقال : أكل فلان بظر أمه إن لم يبلغه عني ما أقول ، فقال : يا حسين ، إنه سلطان ، قال : آكُلُه إن لم يبلغه عني ما أقول ، قل له : بك وبك وبأبيك وبقومك وآيةُ بيني وبينك أن تمسك منكبيك من لعنة رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم قال : فقال وزاد.(6/410)
7457- قال : أخبرنا يعلى بن عبيد ، قال : حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصّافي ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : حج الحسين بن علي خمسًا وعشرين حجة ماشيًا ونجائبه تقاد معه.(6/410)
7458- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا حفص بن غياث ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، أن الحسين بن علي حج ماشيًا ، وإن نجائبه تقاد إلى جنبه.(6/410)
7459- قال : أخبرنا روح بن عبادة ، قال : حدثنا ابن جريج ، قال : أخبرني العلاء ، أنه سمع محمد بن علي بن حسين يقول : كان حسين بن علي يمشي إلى الحج ودوابه تقاد وراءه.(6/411)
7460- قال : أخبرنا الوليد بن عقبة الطحان ، قال : أخبرنا سفيان ، قال : كان الحسين بن علي إذا أراد أن يدخل الحمام أتى الحيرة - يعني أنهم ليست لهم حرمة.(6/411)
7461- قال : أخبرنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، قال : أخبرنا عطاء بن السائب ، عن أبي يحيى قال : كنت بين الحسن بن علي ، والحسين ، ومروان بن الحكم ، والحسين يُسابُّ مروان ، فجعل الحسن ينهى الحسين حتى قال مروان : إنكم أهل بيت ملعونون ، قال : فغضب الحسن وقال : ويلك قلت أهل بيت ملعونين ، فوالله لقد لعن الله أباك على لسان نبيه وأنت في صلبه.(6/411)
7462- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا ابن أبي غَنِيّة ، عن يحيى بن سالم الموصلي ، عن مولى الحسين بن علي، قال : كنت مع الحسين بن علي فمرّ بباب فاستسقى ، فخرجت إليه جارية بقدح مُفَضّض ، فجعل ينزع الفضة فيرمي بها إليها ، قال : اذهبي بها إلى أهلك ثم شرب.(6/411)
7463- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا حسن بن صالح ، عن عبد الله بن عطاء ، عن أبي جعفر ، قال : كان الحسن والحسين يُعتقان عن علي.(6/411)
7464- قال : أخبرنا مالك بن إسماعيل النهدي ، قال : أخبرنا سهل بن شعيب ، عن قَنان النَّهمي ، عن جُعَيد همدان ، قال : أتيت الحسين بن علي وعلى صدره سُكَيْنَةُ بنت حسين ، فقال : يا أخت كلب خذي ابنتك عني ، فساءلني ، فقال : أخبرني عن شباب العرب أو عن العرب ، قال : قلت : أصحاب جُلاهقاتٍ ومجالس ، قال : فأخبرني عن الموالي ، قال : قلت : آكل ربا أو حريص على الدنيا ، قال : فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، والله إنهما للصنفان اللذان كنا نتحدث أن الله تبارك وتعالى ينتصر بهما لدينه. يا جعيد همدان : الناس أربعة : منهم من له خلق وليس له خلاق ، ومنهم من له خلاق وليس له خلق ، ومنهم من له خلق وخلاق وذاك أفضل الناس ، ومنهم من ليس له خلق ولا خلاق وذاك شر الناس.(6/411)
7465- قال : أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، قال : حدثنا زهير بن معاوية ، قال : حدثنا عمار بن معاوية الدُهني ، قال : حدثني أبو سعيد ، قال : رأيت الحسن والحسين صليا مع الإمام العصر ثم أتيا الحجر فاستلماه ، ثم طافا أسبوعا وصليا ركعتين ، فقال الناس : هذان ابنا بنت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، فحطمهما الناس حتى لم يستطيعا أن يمضيا ومعهم رجل من الركانات ، فأخذ الحسين بيد الركاني ، ورد الناس عن الحسن ، وكان يجله وما رأيتهما مرّا بالركن الذي يلي الحجَر من جانب الحِجر إلا استلماه . قال : قلت لأبي سعيد : فلعلّهما بقي عليهما بقية من أسبوع قطعته الصلاة ؟ قال : لا . بل طافا أسبوعا تاما.(6/412)
7466- قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي ، قال : حدثنا مسلم بن خالد ، عن عمرو بن دينار ، قال : رأيت حسنا وحسينا يطوفان بعد العصر ويصليان.(6/412)
7467- قال : أخبرنا طلق بن غنام النخعي ، قال : حدثنا شريك وقيس ، عن عمار الدُّهني ، عن مسلم البطين ، عن حسين بن علي ، أنه كان يدّهن عند الإحرام بالزيت ويدهن أصحابه بالدهن المطيب.(6/412)
7468- قال : أخبرنا شبابة بن سوار ، قال : أخبرني بسام ، قال : سألت أبا جعفر عن الصلاة خلف بني أمية ؟ فقال : صلّ خلفهم فإنا نصلي خلفهم.
قال : قلت : يا أبا جعفر ، إنّ ناسا يزعمون أن هذا منكم تقيّة فقال : قد كان الحسن والحسين يصليان خلف مروان يبتدران الصف وإن كان الحسين ليسبه وهو على المنبر حتى ينزل ، أفتقيّة هذه ؟.(6/412)
- ذكر دعاء الحسين ، رضي الله عنه
7469- قال : أخبرنا سعيد بن منصور ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن منصور ، عن محمد بن أبي محمد البصري ، قال : كان الحسين بن علي يقول في وتره ، اللهم إنك ترى ولا تُرى وأنت بالمنظر الأعلى ، وإن لك الآخرة والأولى ، وإنا نعوذ بك من أن نذل ونخزى.(6/413)
7470- قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي ، قال : حدثنا مسلم بن خالد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : جاء رجل من أهل مصر إلى حسن وحسين يوم عرفة ، فسألهما عن صيام يوم عرفة ؟ فوجد حسينا صائما ووجد حسنا مفطرا ، وقالا : كل ذلك حسن.(6/413)
7471- قال : أخبرنا الحسن بن موسى ، قال : حدثنا زهير ، عن جابر ، عن محمد بن علي ، قال : كان الحسن والحسين يصليان خلف مروان ويعتدان بالصلاة معه.(6/413)
7472- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن عثمان بن عثمان ، عن رجل من آل أبي رافع ، عن أبيه ، عن أبي رافع ، قال : كان علي بن أبي طالب يقول : إنا أهل بيت فينا ركنات منها رضاي بالحكمين ، وابني هذا ، يعني الحسن ، سيخرج من هذا الأمر وأشبه أهلي بي الحسين.(6/413)
7473- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن يزيد بن عياض بن جُعدبة ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، قال : مرّ الحسين بمساكين يأكلون في الصفة فقالوا : الغداء فنزل ، وقال : إن الله لا يحب المتكبرين ، فتغدى ، ثم قال لهم : قد أجبتكم فأجيبوني ، قالوا : نعم ، فمضى بهم إلى منزله ، فقال للرباب : أخرجي ما كنت تدخرين .(6/413)
7474- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن محمد بن عمر العبدي ، عن أبي سعيد الكلبي ، قال : قال معاوية لرجل من قريش : إذا دخلت مسجد رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فرأيت حلقة فيها قوم كأن على رؤسهم الطير ، فتلك حلقة أبي عبد الله مؤتزرًا على أنصاف ساقيه ، ليس فيها من الهُزَيْلا شيء.(6/414)
7475- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن جويرية بن أسماء ، قال : خطب معاوية بن أبي سفيان ابنة عبد الله بن جعفر على يزيد بن معاوية ، فشاور عبد الله حسينا فقال : أتُزَوِّجه وسيوفهم تقطر من دمائنا ؟ ضُمها إلى ابن أخيك القاسم بن محمد ، قال : إن عليّ دينًا قال : دونك البُغَيْبَغة فاقض منها دينك ، فقد علمت ما كان يصنع فيها عمك ، فزوجها من القاسم ، ووفد عبد الله إلى معاوية فباعه البغيبغة بألف ألف ، وكتب معاوية إلى مروان حُزها ، فركب مروان ليقبضها فوجد الحسين واقفا على الشِّعب ، قال : من شاء فليدخله ، والله لا يدخله أحد إلا وضعت فيه سهما . فرجع مروان ، وكتب إلى معاوية , فكتب إليه معاوية أعرض عنها وسوغ المال عبد الله بن جعفر فلما هلك معاوية وقُتل الحسين ، أخذ يزيد بن معاوية البغيبغة ، فلما هلك يزيد ، ردّها ابن الزبير على آل أبي طالب ، فلما قُتل ابن الزبير ، ردّها عبد الملك على آل معاوية ، فلما ولي عمر بن عبد العزيز ، ردها على ولد عليّ ، فلما ولي يزيد بن عبد الملك ، قبضها ودفعها إلى آل معاوية حتى ولي الوليد بن يزيد بن عبد الملك فقال : ارتفعوا إلى القاضي.(6/414)
7476- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور بن مخرمة ، وغسان بن عبد الحميد ، عن جعفر بن عبد الرحمن بن مسور ، عن أبيه ، عن المسور ، أن معاوية كتب إلى مروان : زوّج يزيد من ابنة عبد الله بن جعفر ، واقض عنه دينه خمسين ألف دينار وصله بعشرة آلاف دينار ، فقال عبد الله بن جعفر : ما أقطع أمرًا دون الحسين ، فشاوره فقال : اجعل أمرها إليّ ففعل ، واجتمعوا فقال مروان : إن أمير المؤمنين أحب أن يزيد القرابة لطفًا ، والحق عِظَمًا ، وأن يتلافى صلاح هذين الحيين بالصهر ، وقد كان من أبي جعفر في إجابة أمير المؤمنين ما حسّن فيه رأيه ، وولي أمرها خالها ، وليس عند حسين خلاف على أمير المؤمنين ،(6/414)
فتكلم حسين وقال : إن الله رفع بالإسلام الخسيسة وأتم الناقصة ، وأذهب اللوم ، فلا لوم على مسلم ، وإن القرابة التي عظّم الله حقها قرابتنا وقد زوّجتُ هذه الجارية ، من هو أقرب نسبا وألطف سببا القاسم بن محمد بن جعفر ، فقال مروان : أغدرًا يا بني هاشم ؟ وقال لعبد الله بن جعفر : يابن جعفر ما هذه أيادي أمير المؤمنين عندك !! . قال : قد أعلمتك أني لا أقطع أمرا فيها دون خالها . فقال حسين : نشدتكم الله أتعلمون أن الحسن خطب عائشة بنت عثمان فولَّوْكَ أمرها فلما صرنا في مثل هذا المجلس ؟ قلت : قد بدا لي أن أزوجها عبد الله بن الزبير ؟ هل كان هذا يا أبا عبد الرحمن ؟ يعني المسور بن مخرمة ، فقال : اللهم نعم . فقال مروان : إنما ألوم عبد الله ، فأما حسين فَوَغِر الصدر ، فقال مسور : لا تحمل على القوم ، فالذي صنعوا أوصل ، وصلوا رحمًا ووضعوا كريمتهم حيث أحبوا.(6/415)
7477- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن يزيد بن عياض بن جُعدبة ، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم قال : خطب سعيد بن العاص أم كلثوم بنت علي بعد عمر ، وبعث إليها بمائة ألف فدخل عليها الحسين فشاورته ، فقال : لا تزوجيه ، فأرسلت إلى الحسن . فقال : أنا أزوجه فاتّعدوا لذلك ، وحضر الحسن ، وأتاهم سعيد ومن معه ، فقال سعيد : أين أبو عبد الله ؟ قال له الحسن : أكفيك دونه ، قال : فلعل أبا عبد الله كره هذا يا أبا محمد ؟ . قال : قد كان ، وأكفيك . قال : إذًا لا أدخل في شئ يكرهه ، ورجع ولم يعرض في المال ولم يأخذ منه شيئا.(6/415)
7478- قال : أخبرنا معن بن عيسى قال : حدثنا سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، أن الحسين بن علي رحمه الله تختم في اليسار.(6/415)
7479- قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا المطلب بن زياد ، عن السدي ، قال : رأيت حسين بن علي رحمه الله وإن جمته خارجة من تحت عمامته.(6/415)
7480- قال : أخبرنا الفضل بن دكين : ومحمد بن عبد الله الأسدي ، قالا : حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن العيزار بن حريث قال : رأيت على الحسين بن علي مطرفا من خز قد خضب لحيته ورأسه بالحناء والكتم .(6/415)
7481- قال : أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي ، قال : حدثنا سفيان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، وإبراهيم بن مهاجر ، عن الشعبي ، قال : أخبرني من رأى على الحسين بن علي جبة من خزّ.(6/416)
7482- قال : أخبرنا عارم بن الفضل ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أبي بكر الهذلي ، عن عبد الله بن يزيد ، قال : رأيت على الحسين بن علي رضي الله عنهما جبة خز.(6/416)
7483- قال : أخبرنا خالد بن مخلد ، قال : حدثني مُعَتّب مولى جعفر بن محمد ، قال : سمعت جعفر بن محمد يقول : أصيب الحسين وعليه جبة خز.(6/416)
7484- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر ، قال : سمعت أبي ، عن الشعبي ، قال : رأيت على الحسين جبة خز ، ورأسه مخضوب بالوسِمة.(6/416)
7485- قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن عامر ، قال : رأيت الحسين بن على يخضب بالوسِمة ، ويختم في شهر رمضان ، ورأيت عليه جبة خز.(6/416)
7486- قال : أخبرنا وهب بن جرير ، ويحيى بن عباد ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال : سمعت العيزار يقول : كان الحسين بن علي يخضب بالوسمة . قال يحيى بن عباد : رأيتُ.(6/416)
7487- قال : أخبرنا عبد الملك بن عمرو أبو عامر العقدي ، قال : حدثنا شعبة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، أن الحسين بن علي كان يخضب بالوسمة.(6/416)
7488- قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن محمد بن قيس ؛ أنه رأى الحسين بن علي ولحيته مخضوبة بالوسمة.(6/416)
7489- قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن السدي ، عن كثير مولى بني هاشم ؛ أن الحسين بن علي كان يخضب بالوسمة.(6/416)
7490- قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن السدي قال : رأيت الحسين بن علي ولحيته شديدة السواد ومعه ابنه عليّ .(6/416)
7491- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا سفيان ، عن السري بن كعب الأزدي قال : رأيت الحسين بن علي واقفًا على برذون أبيض قد خضب رأسه ولحيته بالوسمة.(6/417)
7492- قال : أخبرنا خالد بن مخلد ، قال : حدثني معتب مولى جعفر بن محمد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : صبغ الحسين بالوسمة.(6/417)
7493- قال : أخبرنا محمد بن عبيد ، عن طلحة ، عن عمر بن عطاء ، وعبيد الله بن أبي يزيد المكيين ، قالا : نظرنا إلى الحسين بن علي وهو يسوّد رأسه ولحيته.(6/417)
7494- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا سفيان ، عن عبد العزيز بن رُفَيع ، عن قيس مولى خَبّاب قال : رأيت الحسين يخضب بالسواد.(6/417)
7495- حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، ومعن بن عيسى قالا : أخبرنا أبو معشر المديني ، عن سعيد بن أبي سعيد قال : رأيت الحسين بن علي يخضب بالسواد.(6/417)
7496- قال : أخبرنا مالك بن إسماعيل ، قال : حدثنا حسن بن صالح ، عن السدي قال : رأيت الحسين بن علي أسود اللحية.(6/417)
7497- قال : أخبرنا خالد بن مخلد ، ومحمد بن عمر ، قالا : حدثنا موسى بن يعقوب الزمعي ، قال : أخبرني هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، عن عبد الله بن وهب بن زمعة ، قال : أخبرتني أم سلمة ؛ أن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم اضطجع ذات يوم للنوم ، فاستيقظ فزعًا وهو خاثر ، ثم اضطجع فرقد واستيقظ وهو خاثر دون المرة الأولى ، ثم اضطجع فنام فاستيقظ ففزع ، وفي يده تربة حمراء يقلبها بيده ، وعيناه تهراقان الدموع فقلت : ما هذه التربة يا رسول الله ؟ فقال : أخبرني جبريل أن ابني الحسين يقتل بأرض العراق ، فقلت لجبريل : أرني تربة الأرض التي يقتل بها فجاء بها ، فهذه تربتها.(6/417)
7498- قال : أخبرنا يعلى ومحمد ابنا عبيد ، قالا : حدثنا موسى الجهني ، عن صالح بن أربد النخعي ، قال : قالت أم سلمة : قال لي نبي الله : اجلسي بالباب فلا يلجُ عَلَيّ أحد ، فجاء الحسين وهو وصيف ، فذهبت تناوله فسبقها فدخل ، قالت : فلما طال علي خفت أن يكون قد وجد علي فتطلعت من الباب ، فإذا في كفّ النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم شيء يقلبه - والصبي نائم على بطنه - ودموعه تسيل ، فلما أمرني أن أدخل ، قلت : يا رسول الله - إن ابنك جاء فذهبت أتناوله فسبقني فلما طال علي خفت أن تكون قد وجدت علي فتطلعت من الباب فرأيتك تُقَلِّب شيئًا في كفك والصبي نائم على بطنك ودموعك تسيل ، فقال : إن جبريل أتاني بالتربة التي يقتل عليها ، وأخبرني أن أمتي يقتلوه.(6/417)
7499- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : أخبرنا موسى بن محمد بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ، قالت : كانت لنا مَشربة فكان النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم إذا أراد لُقْيا جبريل لقيه فيها ، فلقيه رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم مرة من ذلك فيها ، وأمر عائشة أن لا يصعد إليه أحد ، فدخل حسين بن علي ، ولم تعلم حتى غشيها ، فقال جبريل : من هذا ؟ فقال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : ابني فأخذه النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فجعله على فخذه . فقال : أما إنه سيُقْتل ؟ فقال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : ومن يقتله ؟ قال : أمتك ، فقال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : أمتي تقتله ؟ قال : نعم ، وإن شئت أخبرتك بالأرض التي يقتل بها ، فأشار له جبريل إلى الطف بالعراق ، وأخذ تربة حمراء فأراه إياها ، فقال : هذه من تربة مصرعه.(6/418)
7500- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن عثمان بن مقسم ، عن المقبري ، عن عائشة قالت : بينا رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم راقد ، إذ جاء الحسين يحبو إليه فنحّيته عنه ، ثم قمت لبعض أمري فدنا منه ، فاستيقظ يبكي ، فقلت : ما يبكيك ؟ قال : إن جبريل أراني التربة التي يقتل عليها الحسين ، فاشتد غضب الله على من يسفك دمه ، وبسط يده فإذا فيها قبضة من بطحاء ، فقال : يا عائشة والذي نفسي بيده ، إنه ليَحْزنني فمن هذا من أمتي يقتل حسينًا بعدي ؟
:(6/418)
7501- قال : أخبرنا عفان بن مسلم ، ويحيى بن عباد ، وكثير بن هشام ، وموسى بن إسماعيل ، قالوا
حدثنا حماد بن سلمة ، قال : حدثنا عمار بن أبي عمار ، عن ابن عباس قال : رأيت النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فيما يرى النائم بنصف النهار ، وهو قائم أشعث أغبر بيده قارورة فيها دم ، فقلت بأبي وأمي ما هذا ؟ قال : دم الحسين وأصحابه ، أنا منذ اليوم ألتقطه ، قال : فأُحْصِي ذلك اليوم فوجدوه قتل في ذلك اليوم (1).
_حاشية__________
(1) في الأصول الخطية والمطبوع : "فوجدوه قتل ذلك في ذلك اليوم" بزيادة "ذلك" بعد "قتل" ولا معنى له ، والمثبت رواية المزي في تهذيب الكمال 6/439.(6/418)
7502- قال : وأخبرنا علي بن محمد ، عن حماد بن سلمة ، عن أبان ، عن شهر بن حوشب ، عن أم سلمة ، قالت : كان جبريل عند رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم والحسين معي ، فبكى فتركته ، فأتى النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فأخذته فبكى ، فأرسلته ، فقال له جبريل : أتحبه ؟ قال : نعم ، فقال : أما إن أمتك ستقتله.(6/419)
7503- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن يحيى بن زكريا ، عن رجل ، عن عامر الشعبي قال : قال عَلِيٌّ ، وهو على شاطئ الفرات : صبرًا أبا عبد الله ، ثم قال : دخلت على رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وعيناه تفيضان ، فقلت : أحدث حدث ؟ فقال : أخبرني جبريل أن حسينًا يقتل بشاطئ الفرات ، ثم قال : أتحب أن أريك من تربته ؟ قلت : نعم ، فقبض قبضة من تربتها فوضعها في كفي ، فما ملكت عينيّ أن فاضتا.(6/419)
7504- قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لَيُقْتَلَنّ الحسين بن علي قتلاَّ ، وإني لأعرف تربة الأرض التي يقتل بها ، يقتل بقرية قريب من النهرين.(6/419)
7505- قال : أخبرنا يحيى بن حماد ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن عطاء بن السائب ، عن ميمون ، عن شيبان بن مُخَزَّم - قال : وكان عثمانيًا يبغض عليًّا - قال : رجع مع علي من صفين ، قال : فانتهينا إلى موضع ، قال : فقال : ما يسمى هذا الموضع ؟ قال : قلنا : كربلاء ، قال : كربٌ وبلاءٌ ، قال : ثم قعد على رابية وقال : يقتل ها هنا قوم أفضل شهداء على وجه الأرض ، لا يكون شهداء رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم قال : قلت بعض كذباته ورب الكعبة ، قال : فقلت لغلامي وثمَّه حمار ميت ، جئني برِجْلِ هذا الحمار ، فأوتدته في المقعد الذي كان فيه قاعدًا ، فلما قتل الحسين ، قلت لأصحابي : انطلقوا ننظر ، فانتهينا إلى المكان ، وإذا جسد الحسين على رِجْل الحمار وإذا أصحابه ربضة حوله.(6/419)
7506- قال : أخبرنا يحيى بن حماد ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن سليمان ، قال : حدثنا أبو عبيد الضبي ، قال : دخلنا على ابن هَرْثَم (1) الضبي حين أقبل من صفين ، وهو مع علي ، وهو جالس على دُكان وله امرأة يقال لها : حرداء (2) ، هي أشدّ حبًا لعلي وأشدّ لقوله تصديقًا ، فجاءت شاة فبعرت فقال : لقد ذكرني بعر هذه الشاة حديثًا لعليّ ، قالوا : وما عِلْمُ عليّ بهذا ، قال : أقبلنا مرجنا من صفين فنزلنا كربلاء فصلى بنا عليّ صلاة الفجر بين شجرات ودوحات حَرْمَل ، ثم أخذ كفًّا من بعر الغزلان ، فشمه ، ثم قال : أوه ، أوه ، يقتل بهذا الغائط قوم يدخلون الجنة بغير حساب ، قال : قالت حرداء : وما تنكر من هذا ؟ هو أعلم بما قال منك ، نادت بذلك وهي (3)في جوف البيت.
_حاشية__________
(1) في الأصلين والمطبوع : "أبي هرثم" وقد اتبعت ما ورد بالمزي 6/410 ، وهو ينقل عن ابن سعد ، ومثله لدي ابن عساكر كما أورده ابن منظور في المختصر 7/135 ، ولدي نصر بن مزاحم في وقعه صفين ص 140 "هرثمة".
(2) كذا في الأصلين وتحت حاء الكلمة علامة الإهمال للتأكيد ، وفي المطبوع : "جرداء" ولدي المزي وهو ينقل عن ابن سعد "خرداء" ومثله في مختصر ابن منظور 7/135.
(3) في الأصول : "وهو" ، وقد اتبعت ما ورد بالمزي وهو ينقل عن ابن سعد ، ومثله لدي ابن عساكر كما في مختصر ابن منظور 7/135.(6/420)
7507- قال : أخبرنا الفضل بن دكين، قال : حدثنا عبد الجبار بن عباس ، عن عمار الدهني ، قال : مَرّ عَلِيٌّ على كعب فقال : إن من ولد هذا لرجل يقتل في عصابة لا يَجِفّ غَرَقُ خيولهم حتى يردوا على محمد صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، فمَرّ حسن ، فقالوا : هو هذا يا أبا إسحاق ؟ قال : لا ، فمرّ حسين ، فقالوا : هذا هو ؟ فقال : نعم.(6/420)
7508- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن الحسن بن دينار ، عن معاوية بن قرة ، قال : قال الحسين : والله ليعتدُنّ علي كما اعتدت بنو إسرائيل في السبت.(6/421)
7509- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن جعفر بن سليمان الضبعي ، قال : قال الحسين بن علي : والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي ، فإذا فعلوا ، سلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من فَرَمِ الأمة ، فقدم العراق فقتل بنينوي يوم عاشوراء سنة إحدى وستين.(6/421)
7510- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن عامر بن أبي محمد ، عن الهيثم بن موسى قال : قال العريان بن الهيثم : كان أبي يَتَبَدَّى فينزل قريبًا من الموضع الذي كان فيه معركة الحسين ، فكنا لا نبدوا إلا وجدنا رجلاَّ من بني أسد هناك ، فقال له أبي : أراك ملازمًا هذا المكان ، قال : بلغني أن حُسينًا يقتل ها هنا ، فأنا أخرج لعلي أصادفه فأقتل معه ، فلما قتل الحسين قال أبي : انطلقوا ننظر ، هل الأسدي فيمن قتل فأتينا المعركة فطوّفنا فإذا الأسدي مقتول.(6/421)
- مقتل الحسين بن علي صلوات الله عليهما وسلامه
7511- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، قال : حدثني عبد الله بن عمير مولى أم الفضل (ح) قال : وأخبرنا عبد الله بن محمد بن عمر بن علي ، عن أبيه (ح) قال : وأخبرنا يحيى بن سعيد بن دينار السعدي ، عن أبيه (ح) قال : وحدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبي وجزة السعدي ، عن علي بن حسين. قال : وغير هؤلاء أيضًا قد حدثني.
قال مُحمد بن سَعد : وأخبرنا علي بن محمد ، عن يحيى بن إسماعيل بن أبي المهاجر ، عن أبيه (ح) وعن لوط بن يحيى الغامدي ، عن محمد بن نَشْر (1) الهمداني ، وغيره (ح) وعن محمد بن الحجاج ، عن عبد الملك بن عمير (ح) وعن هارون بن عيسى ، عن يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه (ح) وعن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن مجالد ، عن الشعبي. قال ابنُ سَعد :
_حاشية__________
(1) بفتح النون وسكون المعجمة ، قيده ابن حجر في التقريب ص 510 ، ومثله لدي ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 1/530 ، وقد تصحفت "نَشْر" في الأصلين والمطبوع إلى "بشير".(6/421)
وغير هؤلاء أيضًا قد حدثني في هذا الحديث بطائفة ، فكتبت جوامع حديثهم في مقتل الحسين رحمة الله عليه ورضوانه وصلواته وبركاته ، قالوا : لما بايع معاوية بن أبي سفيان الناس ليزيد بن معاوية ، كان حسين بن علي بن أبي طالب ممن لم بايع له ، وكان أهل الكوفة يكتبون إلى حسين يدعونه إلى الخروج إليهم في خلافة معاوية ، كل ذلك يأبى . فقدم منهم قوم إلى محمد بن الحنفية ، فطلبوا إليه أن يخرج معهم فأبى وجاء إلى الحسين فأخبره بما عرضوا عليه وقال : إنّ القوم إنما يريدون أن يأكلوا بنا ويُشيطوا دماءنا ، فأقام حسين على ما هو عليه من الهموم ، مرّة يريد أن يسير إليهم ، ومرة يجمع الإقامة ، فجاءه أبو سعيد الخدري فقال : يا أبا عبد الله إني لكم ناصح وإني عليكم مشفق ، وقد بلغني أنه كَاَتَبك قوم من شيعتكم بالكوفة يدعونك إلى الخروج إليهم ، فلا تخرج فإني سمعت أباك رحمه الله يقول بالكوفة : والله لقد مللتهم وأبغضتهم ، وملوني وأبغضوني وما بلوت منهم وفاء ، ومن فاز بهم فاز بالسهم الأخيب والله ما لهم نِيّات ولا عزم أمر ، ولا صبر على السيف.(6/422)
قال : وقدم المسيب بن نجبة الفزاري وعدة معه إلى الحسين بعد وفاة الحسن فدعوه إلى خلع معاوية وقالوا : قد علمنا رأيك ورأي أخيك فقال : إني أرجو أن يعطي الله أخي على نيته في حبه الكفّ ، وأن يعطيني على نيتي في حبّي جهاد الظالمين.
وكتب مروان بن الحكم إلى معاوية : إني لست آمن أن يكون حسين مُرصدا للفتنة ، وأظن يومكم من حسين طويلا.
فكتب معاوية إلى الحسين : إن من أعطى الله صفقة يمينه وعهده لجدير بالوفاء ، وقد أنبئت أن قوما من أهل الكوفة قد دعوك إلى الشقاق ، وأهل العراق من قد جرّبت ، قد أفسدوا على أبيك ، وأخيك ، فاتق الله ، واذكر الميثاق فإنك متى تكدني أكدك.
فكتب إليه الحسين : أتاني كتابك وأنا بغير الذي بلغك عني جدير ، والحسنات لا يهدي لها إلا الله وما أردت لك محاربة ولا عليك خلافًا ، وما أظن لي عند الله عذرا في ترك جهادك ، وما أعلم فتنة أعظم من ولايتك أمر الأمة.
فقال معاوية : ِإنْ أَثَرْنا بأبي عبد الله إلا أسدا.
وكتب إليه معاوية أيضا في بعض ما بلغه عنه : إني لأظن أن في رأسك نزوة فوددت أني أدركتها فأغفرها لك.(6/423)
7512- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن جويرية بن أسماء ، عن مسافع بن شيبة ، قال : لقي الحسين معاوية بمكة عند الردم ، فأخذ بخطام راحلته فأناخ به ، ثم سارّه حسين طويلا وانصرف ، فزجر معاوية راحلته فقال له يزيد : لا يزال رجل قد عرض لك فأناخ بك ، قال : دعه فلعله يطلبها من غيري فلا يسوغه فيقتله.(6/423)
- رجع الحديث إلى الأول :
قالوا : ولما حُضر معاوية ، دعا يزيد بن معاوية فأوصاه بما أوصاه به ، وقال : انظر حسين بن علي بن فاطمة بنت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، فإنه أحب الناس إلى الناس فصل رحمه ، وارفق به يصلح لك أمره ، فإن يك منه شيء ، فإني أرجو أن يكفيكه الله بمن قتل أباه وخذل أخاه.
وتوفي معاوية ليلة النصف من رجب سنة ستين ، وبايع الناس ليزيد ، فكتب يزيد مع عبد الله بن عمرو بن أويس العامري- عامر بن لؤي- إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وهو على المدينة ، أن ادع الناس فبايعهم ، وابدأ بوجوه قريش ، وليكن أول من تبدأ به الحسين بن علي ، فإن أمير المؤمنين عهد إليّ في أمره الرفق به واستصلاحه ، فبعث الوليد بن عتبة من ساعته - نصف الليل - إلى الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير فأخبرهما بوفاة معاوية ودعاهما إلى البيعة ليزيد ، فقالا : نصبح وننظر ما يصنع الناس ،(6/423)
ووثب الحسين فخرج وخرج معه ابن الزبير وهو يقول : هو يزيد الذي تعرف ، والله ما حدث له حزم ولا مروءة ، وقد كان الوليد أغلظ للحسين فشتمه الحسين ، وأخذ بعمامته فنزعها من رأسه ، فقال الوليد : إن هِجنا (1) بأبي عبد الله إلا أسداً.
فقال له مروان أو بعض جلسائه : اقتله قال : إن ذاك لدم مضنون في بني عبد مناف.
فلما صار الوليد إلى منزله ، قالت له امرأته أسماء ابنة عبد الرحمن بن الحارث بن هشام : أسببت حسينًا ؟ قال : هو بدأ فسبني قالت : وإن سبك حسين تسُبه وإن سب أباك تسب أباه !! قال : لا.
وخرج الحسين وعبد الله بن الزبير من ليلتهما إلى مكة ، فأصبح الناس فغدوا على البيعة ليزيد ، وطُلِبَ الحسين وابن الزبير فلم يُوجدا ، فقال المسور بن مخرمة : عجل أبو عبد الله ، وابن الزبير الآن يلفته ويزجيه إلى العراق ليخلوا بمكة . فقدما مكة ، فنزل الحسين دار العباس بن عبد المطلب ، ولزم ابن الزبير الحجر ولبس المعافري ، وجعل يحرض الناس على بني أمية ، وكان يغدو ويروح إلى الحسين ، ويشير عليه أن يقدم العراق ويقول : هم شيعتك وشيعة أبيك.
وكان عبد الله بن عباس ينهاه عن ذلك ويقول : لا تفعل . وقال له عبد الله بن مطيع : أي فداك أبي وأمي متعنا بنفسك ولا تَسِر إلى العراق فوالله لئن قتلك هؤلاء القوم ليتخذنا خولا وعبيدا.
_حاشية__________
(1) كذا في الأصلين ، ومثله لدي المزي 6/415 وهو ينقل عن ابن سعد وفي المطبوع : "أهجنا".(6/424)
ولقيهما عبد الله بن عمر وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة بالأبواء منصرفين من العمرة ، فقال لهما ابن عمر : الله أُذكِّركما ، إلا رجعتما فدخلتما في صالح ما يدخل فيه الناس ، وتنظرا ، فإن اجتمع الناس عليه لم تشذا ، وإن افترق عليه كان الذي تريدان.
وقال ابن عمر لحسين : لا تخرج فإن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم خيّره الله بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ، وإنك (1) بضعة منه ولا تنالها - يعني الدنيا فاعتنقه وبكى وودّعه . فكان ابن عمر يقول : غلبنا حسين بن علي بالخروج ، ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة ، ورأى من الفتنة وخذلان الناس لهم ما كان ينبغي له أن لا يتحرك ما عاش ، وأن يدخل في صالح ما دخل فيه الناس فإن الجماعة خير.
وقال له ابن عباس (2): أين تريد يا بن فاطمة ؟ قال العراق وشيعتي فقال : إني لكاره لوجهك هذا ، تخرج إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك حتى تركهم سخطة وملة لهم ، أذكرك الله أن تغرر بنفسك.
وقال أبو سعيد الخدري : غلبني الحسين على الخروج ، وقد قلت له : اتق الله في نفسك والزم بيتك فلا تخرج على إمامك.
وقال أبو واقد الليثي : بلغني خروج حسين فأدركته بملل ، فناشدته الله أن لا يخرج ، فإنه يخرج في غير وجه خروج ، إنما يقتل نفسه ، فقال : لا أرجع.
وقال جابر بن عبد الله : كلّمت حسينًا فقلت : اتق الله ولا تضرب الناس بعضهم ببعض ، فوالله ما حُمدتم ما صنعتم فعصاني.
وقال سعيد بن المسيب : لو أن حسينا لم يخرج لكان خيرا له.
وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن : قد كان ينبغي لحسين أن يعرف أهل العراق ولا يخرج إليهم ، ولكن شجعه على ذلك ابن الزبير.
_حاشية__________
(1) كذا في "ح" ومثله لدي المزي 6/416 وهو ينقل عن ابن سعد ، وكذا في مختصر تاريخ دمشق 7/139، ورواية : "ث" : "وأنت".
(2) "عباس" : تحرف في المطبوع إلى "عياش".(6/425)
وكتب إليه المسور بن مخرمة : إياك أن تغتر بكتب أهل العراق ، ويقول لك ابن الزبير : الحق بهم فإنهم ناصروك ، إياك أن تبرح الحرم ، فإنهم إن كانت لهم بك حاجة فسيضربون إليك آباط الإبل حتى يوافوك ، فتخرج في قوة وعُدة ، فجزاه خيرا وقال : أستخير الله في ذلك.
وكتبت إليه عمرة بنت عبد الرحمن : تعظم عليه ما يريد أن يصنع ، وتأمره بالطاعة ولزوم الجماعة ، وتخبره أنه إنما يساق إلى مصرعه وتقول : أشهد لحدّثتني عائشة أنها سمعت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يقول : يقتل حسين بأرض بابل ، فلما قرأ كتابها قال : فلا بد لي إذًا من مصرعي ومضى.
وأتاه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، فقال : يا ابن عم ، إن الرحم تظأرني (1) عليك (2) ، وما أدري كيف أنا عندك في النصيحة لك ؟ قال : يا أبا بكر ما أنت ممن يُستغشِّ ولا يُتهم ، فقل . فقال : قد رأيت ما صنع أهل العراق بأبيك وأخيك وأنت تريد أن تسير إليهم وهم عبيد الدنيا ، فيقاتلك من قد وعدك أن ينصرك ، ويخذلك من أنت أحب إليه ممن ينصره ، فأذكرك الله في نفسك ، فقال : جزاك الله يابن عم خيرا ، فلقد اجتهدت رأيك ، ومهما يقض الله من أمر يكن ، فقال أبو بكر : إنا لله ، عند الله نحتسب أبا عبد الله !.
وكتب عبد الله بن جعفر بن أبي طالب إليه كتابا يحذره أهل الكوفة ، ويناشده الله أن يشخص إليهم ، فكتب إليه الحسين : إني رأيت رؤيا ، ورأيت فيها رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم، وأمرني بأمر أنا ماضٍ له ، ولست بمخبر بها أحدًا حتى أُلاقي عملي.
وكتب إليه عمرو بن سعيد بن العاص : إني أسأل الله أن يلهمك رشدك ، وأن يصرفك عما يُرْديك ، بلغني أنك قد اعتزمت على الشخوص إلى العراق ، فإني أعيذك بالله من الشقاق ، فإن كنت خائفا ، فأقبل إليّ فلك عندي الأمان والبر والصلة ، فكتب إليه الحسين : إن كنت أردت بكتابك إليّ برّي وصلتي فجزيت خيرًا في الدنيا والآخرة ، وإنه لم يشاقق من دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ، وخير الأمان أمان الله ، ولم يؤمن بالله من لم يخفه في الدنيا ، فنسأل الله مخافة في الدنيا توجب لنا أمان الآخرة عنده.
_حاشية__________
(1) كذا في ح ومثله المزي 6/418 وهو ينقل عن ابن سعد ورواية "ث" : "تضارني".
(2) "عليك" ساقط من المطبوع.(6/426)
وكتب يزيد بن معاوية إلى عبد الله بن عباس يخبره بخروج الحسين إلى مكة . ونحسبه جاءه رجال من أهل هذا المشرق فمنّوه الخلافة ، وعندك منهم خِبرة وتجربة . فإن كان فعل فقد قطع واشج القرابة ، وأنت كبير أهل بيتك والمنظور إليه ، فاكففه عن السعي في الفرقة.
وكتب بهذه الأبيات إليه وإلى من بمكة والمدينة من قريش :
يا أيها الراكب الغادي لِطَيَّته ... على عُذافِرة في سيرها قُحَمُ
أبلغ قريشًا على نأيْ المزار بها ... بيني وبين حسين الله والرّحِمُ
وموقف بفناء البيت أنشُدهُ ... عهد الإله وما تُوْفى به الذممُ
عَنّيتُمُ قومكم فخرًا بأُمِّكمُ ... أمٌّ لَعَمْري حَصَانٌ عفةٌ كرمُ
هي التي لا يُدَانِي فضلها أحدُ ... بنتُ الرسولِ وخيرُ الناسِ قد علمُوا
وفضلها لكمُ فضلٌ وغَيرُكمُ ... من قومكمْ لهمُ في فضلها قِسَمُ
إني لأعلمُ أوْ ظنًا كَعَالِمِهِ ... والظنّ يصدقُ أحيانًا فينتظِمُ
أن سوف يتْرُككُم ما تدعونَ بها ... قَتلى تَهادَاكُمُ العِقبانُ والرّخَمُ
يا قومنا لا تُشِبّوا الحربَ إذ سكنت ... وَمَسِّكوا بحال السلمِ واعتصموا
قد غرّتِ الحربُ من قد كان قبلكُم ... من القرون وقد بادتْ بها الأممُ
فأنصفوا قومكم لا تهلكوا بذخًا ... فرُب ذي بذخٍ زلتْ به القدمُ
قال : فكتب إليه عبد الله بن عباس : إني أرجو أن لا يكون خروج الحسين لأمر تكرهه ، ولست أدع النصيحة له فيما يجمع الله به الألفة ويطفئ به النائرة.
ودخل عبد الله بن عباس على الحسين : فكلمه ليلا طويلاَّ (1) وقال :
_حاشية__________
(1) كذا في "ح" ومثله لدي المزي 6/420 وهو ينقل عن ابن سعد ، ورواية "ث" : "فكلمه طويلاً" ومثلها في المطبوع.(6/427)
أنشدك الله أن تهلك غدًا بحال مضيعة ، لا تأت العراق ، وإن كنت لا بد فاعلا فأقم حتى ينقضي الموسم ، وتلقى الناس ، تعلم على ما يصدرون ، ثم ترى رأيك ، وذلك في عشر ذي الحجة سنة ستين.
فأبى الحسين إلا أن يمضي إلى العراق ، فقال له ابن عباس : والله إني لأظنك ستقتل غدًا بين نسائك وبناتك كما قتل عثمان بين نسائه وبناته ، والله إني لأخاف أن تكون الذي يُقاد به عثمان ، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
فقال الحسين : أبا العباس إنك شيخ قد كبرت.
فقال ابن عباس : لولا أن يزري ذلك بي أو بك لنشبت يدي في رأسك ، ولو أعلم أنا إذا تناصينا أقمت ، لفعلت ، ولكن لا أخال ذلك نافعي.
فقال له الحسين : لأن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي أن تستحل بي- يعني مكة -قال : فبكى ابن عباس وقال : أقررت عين ابن الزبير فذلك الذي سلّى بنفسي عنه.
ثم خرج عبد الله بن عباس من عنده وهو مغضب ، وابن الزبير على الباب ، فلما رآه قال : يابن الزبير قد أتى ما أحببت ، قرّت عينك ، هذا أبو عبد الله يخرج ويتركك والحجاز.
يا لك من قُبرةٍ بمعمرِ
خلا لك الجو فبيضي واصْفِرِي
ونَقِّري ما شئتِ أن تُنقري(6/428)
وبعث حسين إلى المدينة ، فقدم عليه من خف معه من بني عبد المطلب ، وهم تسعة عشر رجلا ، ونساء وصبيان من أخواته وبناته ونسائهم ، وتبعهم محمد بن الحنفية فأدرك حسينا بمكة ، وأعلمه أن الخروج ليس له برأي يومه هذا ، فأبى الحسين أن يقبل . فحبس محمد بن علي ولده فلم يبعث معه أحدا منهم ، حتى وجد الحسين في نفسه على محمد ، وقال : ترغب بولدك عن موضع أصاب فيه ؟!
فقال محمد : وما حاجتي أن تصاب ويصابون معك ، وإن كانت مصيبتك أعظم عندنا منهم ! وبعث أهل العراق إلى الحسين الرسل والكتب يدعونه إليهم ،فخرج متوجها إلى العراق في أهل بيته وستين شيخا من أهل الكوفة ، وذلك يوم الاثنين في عشر ذي الحجة سنة ستين.
فكتب مروان إلى عبيد الله بن زياد ، أما بعد : فإن الحسين بن علي قد توجه إليك ، وهو الحسين بن فاطمة ، وفاطمة بنت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، وبالله ما أحد يسلمه الله أحب إلينا من الحسين ، فإياك أن تهيج على نفسك مالا يسده شئ ولا تنساه العامة ولا تدع ذكره ، والسلام.
وكتب إليه عمرو بن سعيد بن العاص . أما بعد : فقد توجه إليك الحسين وفي مثلها تعتق أو تكون عبدا تسترق كما تسترق العبيد.(6/429)
7513- قال : أخبرنا عبد الله بن الزبير الحميدي ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، قال : حدثني لبطة بن الفرزدق- وهو في الطواف وهو مع ابن شبرمة- قال : أخبرني أبي ، قال : خرجنا حجاجا ، فلما كنا بالصفاح إذا نحن بركب عليهم اليلامق ومعهم الدرق ، فلما دنوت منهم إذا أنا بحسين بن علي ، فقلت : أي أبو عبد الله . قال : فرزدق ما وراءك ، قال : أنت أحب الناس والقضاء في السماء ، والسيوف مع بني أمية . قال : ثم دخلنا مكة فلما كنا بمنى قلت له : لو أتينا عبد الله بن عمرو فسألناه عن حسين وعن مخرجه فأتينا منزله بمنى ، فإذا نحن بصبية له سود مولّدين يلعبون قلنا أين أبوكم ؟ قالوا في الفسطاط يتوضأ . فلم نلبث أن خرج علينا من فسطاطه . فسألناه عن حسين فقال : أما إنه لا يحيك فيه السلاح . قال : فقلت له : تقول هذا فيه وأنت الذي قاتلته وأباه ، فسبني فسببته ، ثم خرجنا حتى أتينا ماء لنا يقال له : تعشار ، فجعل لا يمر بنا أحد إلا سألناه عن حسين ، حتى مر بنا ركب فناديناهم : ما فعل حسين بن علي ؟ قالوا : قُتلَ ، فقلت : فعل الله بعبد الله بن عمرو وفعل. قال سفيان : ذهب الفرزدق إلى غير المعنى أو قال الوجه ، إنما قال : لا يحيكُ فيه السلاح ولا يضره القتل مع ما قد سبق له.(6/429)
7514- قال : أخبرنا عبد الله بن الزبير الحميدي قال : حدثنا سفيان قال : حدثنا شيعيّ لنا يقال له : العلاء بن أبي العباس ، عن أبي جعفر ، عن عبد الله بن عمرو ، أنه قال في حسين (حين) خرج : أما إنه لا يحيك فيه السلاح (1).
_حاشية__________
(1) ابن عساكر ج 5 ورقة 67 ، وما بين الحاصرتين منه .(6/430)
7515- قال : أخبرنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا معاوية بن عبد الكريم ، عن مروان الأصفر قال : حدثني الفرزدق بن غالب قال : لما خرج الحسين بن علي رحمه الله ، لقيت عبد الله بن عمرو فقلت له : إن هذا الرجل قد خرج فما ترى ؟ قال : أرى أن تخرج معه فإنك إن أردت دنيا أصبتها وإن أردت آخرة أصبتها قال : فرحلت نحوه ، فلما كنت في بعض الطريق بلغني قتله ، فرجعت إلى عبد الله بن عمرو فقلت : أين ما قلت لي ؟ قال : كان رأيا رأيته.(6/430)
7516- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن الهذلي ، أن الفرزدق قال : لقيت حسينًا فقلت : بأبي أنت ، لو أقمت حتى يصدر الناس لرجوت أن يتقصف أهل الموسم معك فقال : لم آمنهم يا أبا فراس ، قال : فدخلت مكة فإذا فسطاط وهيئة فقلت لمن هذا ؟ قالوا : لعبد الله بن عمرو بن العاص فأتيته ، فإذا شيخ أحمر ، فسلمت فقال : من ؟ قلت الفرزدق . أترى أن أنصر حسينا ؟ قال : إذا تصيب أجرا وذخرا قلت : بلا دنيا ؟ فأطرق ثم قال : يابن غالب لتتمن خلافة يزيد ، فانظرن ، فكرهت ما قال . قال : فسببت يزيد ومعاوية قال : مه قبحك الله ، فغضبت فشتمته وقمت ، ولو حضر حشمه لأوجعوني ، فلما قضيت الحج رجعت فإذا عير فصرخت ألا ما فعل الحسين ؟ فردوا عليّ ألا قتل.(6/430)
7517- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن جويرية بن أسماء ، وعلي بن مدرك ، عن إسماعيل بن يسار قال : لقي الفرزدق حسينا بالصفاح فسلم عليه ، فوصله بأربعمائة دينار فقالوا : يا أبا عبد الله ، تعطي شاعرا مبتهرا قال : إن خير ما أمضيت من مالك ما وقيت به عرضك ، والفرزدق شاعر لا يؤمن.
فقال قوم لإسماعيل : وما عسى أن يقول في الحسين ، ومكانه مكانه ، وأبوه وأمه من قد علمت قال : اسكتوا فإن الشاعر ملعون ، إن لم يقل في أبيه وأمه قال في نفسه.(6/430)
7518- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن حُبَاب (1) بن موسى ، عن الكلبي ، عن بحير بن شداد الأسدي قال : مر بنا الحسين بالثعلبية ، فخرجت إليه مع أخي فإذا عليه جبة صفراء لها جيب في صدرها ، فقال له أخي : إني أخاف عليك ، فضرب بالسود على عيبة قد حقبها ، وقال : هذه كتب وجوه أهل المصر.
_حاشية__________
(1) كذا في الأصلين ، وتحت حاء الكلمة علامة الإهمال للتأكيد ، وفوقها كلمة "صح" في نسخة المحمودية ، وفي المطبوع "جناب".(6/431)
7519- قال : أخبرنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا جعفر بن سليمان ، عن يزيد الرشك قال : حدثني من شافه الحسين قال : رأيت أبينة مضروبة بفلاة من الأرض فقلت : لمن هذه ؟ قالوا : هذه لحسين قال : فأتيته فإذا شيخ يقرأ القرآن ، قال : والدموع تسيل على خديه ولحيته ، قال : قلت : بأبي وأمي يا ابن رسول الله ، ما أنزلك هذه البلاد والفلاة التي ليس بها أحد ؟ قال : هذه كتب أهل الكوفة إليّ ولا أراهم إلا قاتليّ ، فإذا فعلوا ذلك لم يدعوا لله حرمة إلا انتهكوها فيسلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من فَرَمِ الأمة -يعني مقنعتها.(6/431)
- ثم رجع الحديث إلى الأول :
قالوا : وقد كان الحسين قدم مسلم بن عقيل بن أبي طالب إلى الكوفة ، وأمره أن ينزل على هانئ بن عروة المرادي ، وينظر إلى اجتماع الناس عليه ويكتب إليه بخبرهم ، فقدم مسلم بن عقيل الكوفة مستخفيًا ، وأتته الشيعة ، فأخذ بيعتهم ، وكتب إلى حسين بن علي : إني قدمت الكوفة فبايعني منهم إلى أن كتبت إليك ثمانية عشر ألفًا فعجّل القدوم فإنه ليس دونها مانع ، فلما أتاه كتاب مسلم أغذّ السير حتى انتهى إلى زُبَالة ، فجاءت رسل أهل الكوفة إليه بديوان فيه أسماء مائة ألف ، وكان النعمان بن بشير الأنصاري على الكوفة في آخر خلافة معاوية فهلك وهو عليها ، فخاف يزيد أن لا يُقْدِمَ النعمان على الحسين ، فكتب إلى عبيد الله بن زياد بن أبي سفيان وهو على البصرة ، فضم إليه الكوفة ، وكتب إليه بإقبال الحسين إليها ، فإن كان لك جناحان فطر حتى تسبق إليها ، فأقبل عبيد الله بن زياد على الظهر سريعًا حتى قدم الكوفة ، فأقبل متعممًا متنكرًا حتى دخل السوق ، فلما رأته السفلة وأهل السوق خرجوا يشتدون بين يديه وهم يظنون أنه حسين ، وذاك أنهم كانوا يتوقعونه ، فجعلوا يقولون لعبيد الله : يا ابن رسول الله ، الحمد لله الذي أراناك ، وجعلوا يقبِّلون يده ورِجْله ، فقال عبيد الله : لشدّ ما فسد هؤلاء ، ثم مضى حتى دخل المسجد فصلى ركعتين ثم صعد المنبر وكشف عن وجهه فلما رآه الناس مال بعضهم على بعض وأقشعوا عنه.
وبنى عبيد الله بن زياد تلك الليلة بأهله أم نافع بنت عمارة بن عقبة بن أبي معيط ، وأتى تلك الليلة برسول الحسين بن علي قد كان أرسله إلى مسلم بن عقيل يقال له : عبد الله بن بقطر ، فقتله , وكان قَدِمَ مع عبيد الله من البصرة شريك بن الأعور الحارثي وكان شيعة لعليّ ، فنزل أيضًا على هانئ بن عروة ، فاشتكى شريك ، فكان عبيد الله يعوده في منزل هانئ ، ومسلم بن عقيل هناك لا يعلم به.
فهيئوا لعبيد الله ثلاثين رجلاَّ يقتلونه إذا دخل عليهم وأقبل عبيد الله فدخل على شريك يسأل به ، فجعل شريك يقول :
ما تنظرون بسلمى أن تحيُّوها
اسقوني ولو كانت فيها نفسي ، فقال عبيد الله : ما يقول ؟ قالوا : يهجر وتحشحش القوم في البيت ، فأنكر عبيد الله ما رأى منهم ،(6/432)
فوثب فخرج ودعا مولى لهانئ بن عروة كان في الشرطة فسأله فأخبره الخبر ، فقال : أولاَّ (1) ثم مضى حتى دخل القصر وأرسل إلى هانئ بن عروة وهو يومئذ ابن بضع وتسعين سنة فقال : ما حملك على أن تُجير عدوّي وتنطوي عليه ؟ فقال : يا ابن أخي إنه جاء حقٌّ هو أحق من حقك وحق أهل بيتك ، فوثب عبيد الله وفي يده عنزة فضرب بها رأس هانئ حتى خرج الزُجّ واغترز في الحائط ونثر دماغ الشيخ فقتله مكانه.
وبلغ الخبر مسلم بن عقيل ، فخرج في نحو من أربعمائة من الشيعة ، فما بلغ القصر إلا وهو في نحو ستين رجلاَّ ، فغربت الشمس واقتتلوا قريبًا من الرحبة ، ثم دخلوا المسجد وكثرهم أصحاب عبيد الله بن زياد وجاء الليل فهرب مسلم حتى دخل على امرأة من كندة يقال لها : طوعة ، فاستجار بها ، وعلم بذلك محمد بن الأشعث بن قيس فأخبر به عبيد الله بن زياد ، فبعث إلى مسلم فجيء به فأنّبه وبكّته وأمر بقتله ، فقال : دعني أوصي ، قال : نعم ، فنظر إلى عمر بن سعد بن أبي وقاص فقال : إن لي إليك حاجة وبيني وبينك رَحِم ، فقال عبيد الله : انظر في حاجة ابن عمك ، فقام إليه فقال : يا هذا إنه ليس ها هنا رجل من قريش غيرك ، وهذا الحسين بن علي قد أظلك فأرسل إليه رسولاَّ فلينصرف ، فإن القوم غرّوه وخدعوه وكذبوه ، وإنه إن قتل لم يكن لبني هاشم بعده نظام ، وعليّ دَيْن أخذته منذ قدمت الكوفة فاقضه عني ، واطلب جثتي من ابن زياد فوارها ، فقال له ابن زياد : ما قال لك ؟ فأخبره بما قال ، فقال : قل له : أمّا مالك فهو لك لا نمنعك منه وأما حُسين ، فإن تركنا لم نُرِدُه ، وأما جثته فإذا قتلناه لم نبال ما صُنِعَ به.
ثم أمر به فقتل ، فقال عبد الله بن الزبير الأسدي في ذلك.
_حاشية__________
(1) كذا في "ث" ، ورواية "ح" : "أَوْلَى".(6/433)
إن كُنْتِ لا تَدْرِين ما الموتُ فانظري ... إلى هانئ في السوق وابن عقيلِ
ترى جسدًا قد غَيَّرَ الموتُ لونه ... ونَضْحَ دمٍ قد سال كُلَّ مَسِيلِ
أصابهما أمرُ الإمامِ فأصبحا ... أحاديثَ من يَهوى بكل سبيلِ
تَرَى بَطَلاَّ قد هشّم السيفُ رأَسَه ... وآخرَ يَهوي من طَمار قتيلِ
أيركبُ أسماءُ الهماليجَ آمنًا ... وقد طَلَبَتْهُ مّذْحجٌ بقتيلِ
فإنْ أنتمُ لم تثأروا بأخيكمُ ... فكونوا بَغَايَا أُرْضِيَت بقليلِ
يعني أسماء بن خارجة الفزاري ، كان عبيد الله بن زياد بعثه ، وعمرو بن الحجاج الزبيدي إلى هانئ بن عروة ، فأعطياه العهود والمواثيق ، فأقبل معهما حتى دخل على عبيد الله بن زياد فقتله.
قال : وقضى عمر بن سعد دَيْن مُسلم بن عقيل ، وأخذ جثته فكفّنه ودفنه ، وأرسل رجلاَّ إلى الحسين فحمله على ناقة وأعطاه نفقة ، وأمره أن يبلّغه ما قال مسلم بن عقيل ، فلقيه على أربع مراحل فأخبره.
وبعث عبيد الله برأس مسلم بن عقيل ، وهانئ بن عروة إلى يزيد بن معاوية.
وبلغ الحسين قتلُ مسلم وهانئ ، فقال له ابنه علي الأكبر : يا أبه ، ارجع فإنهم أهل (العراق) (1) وغدرهم ، وقلة وفائهم ، ولا يفون لك بشيء ، فقالت بنو عقيل لحسين : ليس هذا بحين رجوع ، وحرَّضُوه على المضي.
فقال حسين لأصحابه : قد ترون ما يأتينا ، وما أرى القوم إلى سيخذلوننا ، فمن أحب أن يرجع فليرجع ، فانصرف عنه (الذين) (2) صاروا إليه في طريقه وبقي في أصحابه الذين خرجوا معه من مكة ونُفَيْرٌ من صَحْبِهِ في الطريق ، فكانت خيلهم اثنين وثلاثين فرساً.
_حاشية__________
(1) أورده الذهبي في تاريخ الإسلام حوادث سنة 61ه- ، نقلاَّ عن ابن سعد ، وما بين حاصرتين منه.
(2) أورده الذهبي في تاريخ الإسلام حوادث سنة 61ه- ، نقلاَّ عن ابن سعد ، وما بين حاصرتين منه . وانظره لدي الذهبي أيضًا في سير أعلام النبلاء 3/300 نقلاَّ عن ابن سعد.(6/434)
قال : وجمع عبيد الله المقاتلة وأمر لهم بالعطاء ، وأعطى الشُرَطَ ، ووجه حصين بن تميم الطُّهْوي إلى القادسية ، وقال له : أقم بها فمن أنْكَرتَه فخذه ، وكان حسين قد وجّه قيس بن مسهر الأسدي إلى مسلم بن عقيل قبل أن يبلغه قتله ، فأخذه حصين فوجه به إلى عبيد الله ، فقال له عبيد الله : قد قتل الله مسلمًا فأقم في الناس الكذاب بن الكذاب ، فصعد قيس المنبر فقال : أيها الناس إني تركت الحسين بن علي بالحاجر ، وأنا رسوله إليكم وهو يستنصركم فأمر به عبيد الله فطرح من فوق القصر فمات.
ووجه الحصين بن تميم : الحر بن يزيد اليربوعي من بني رياح في ألف إلى الحسين وقال : سايره ولا تدعه يرجع حتى يدخل الكوفة وجَعْجِعْ به ، ففعل ذلك الحر بن يزيد.
فأخذ الحسين طريق العُذَيْب حتى نزل الجوف مسقط النجف مما يلي المائتين ، فنزل قصر أبي مقاتل ، فخفق خفقة ثم انتبه يسترجع ، وقال : إني رأيت في المنام آنفًا فارسًا يسايرنا ويقول : القومُ يَسْرُون والمنايا تَسْرِي إليهم ، فعلمتُ أنه نُعي إلينا أنفسنا ، ثم سار حتى نزل بكربلاء فاضطرب فيه.
ثم قال : أي منزلٍ نحن به ؟ قالوا : بكربلاء ، فقال : يوم كربٍ وبلاء ، فوجه إليه عبيد الله بن زياد عمر بن سعد بن أبي وقاص في أربعة آلاف ، وقد كان استعمله قبل ذلك على الرَّي وهمذان ، وقطع ذلك البعث معه ، فلما أمره بالمسير إلى حسين تأبّى ذلك وكرهه واستعفى منه ، فقال له ابن زياد : أُعْطِي الله عهدًا لئن لم تَسر إليه وتُقدِم عليه ، لأعزلنك عن عملك ، وأهدم دارك ، وأضرب عنقك ، فقال : إذًا أفعل ، فجاءته بنو زهرة ، قالوا : ننشدك الله أن تكون أنت الذي تلي هذا من حسين ، فتبقى عداوة بيننا وبين بني هاشم .(6/435)
فرجع إلى عبيد الله فاستعفاه فأبى أن يُعْفِيَه ، فصمّم وسار إليه ، ومع حسين يومئذٍ خمسون رجلاَّ ، وأتاهم من الجيش عشرون رجلاَّ ، وكان معه من أهل بيته تسعة عشر رجلاَّ ، فلما رأى الحسين عمر بن سعد ، قد قصد له فيمن معه قال : يا هؤلاء اسمعوا يرحمكم الله ما لنا ولكم ؟ ما هذا بكم يا أهل الكوفة ؟ قالوا : خِفْنا طرح العطاء قال : ما عند الله من العطاء خير لكم ، يا هؤلاء : دعونا فلنرجع من حيث جئنا.
قالوا : لا سبيل إلى ذلك قال : فدعوني أمضي إلى الري فأجاهد الدّيْلم ، قالوا : لا سبيل إلى ذلك ، قال : فدعوني أذهب إلى يزيد بن معاوية فأضع يدي في يده ، قالوا : لا ، ولكن ضع يدك في يد عبيد الله بن زياد ، قال : أما هذه فلا ، قالوا : ليس لك غيرها ، وبلغ ذلك عبيد الله بن زياد فهَمّ أن يُخلَى عنه ، وقال : والله ما عرض لشيء من عملي وما أراني إلى مخل سبيله يذهب حيث شاء ، فقال (1) شِمْر بن ذي الجوشَن الضبابي إنك والله إن فعلت وفاتك الرجل لا تستَقِيلها أبدًا ، وإنما كان هِمّةُ عبيد الله أن يثبت على العراق ، فكتب إلى عمر بن سعد :
الآن حين تَعلْقَتْه حِبَالُنا ... يرجو النجاة وَلاَتَ حين مناصَ
فناهضه وقال لشمر بن ذي الجوشن : سر أنت إلى عمر بن سعد فإن مضى لما أمرتُه وقاتل حسينًا ، وإلا فاضرب عنقه وأنت على الناس.
قال : وجعل الرجل والرجلان والثلاثة يتسللون إلى حسين من الكوفة ، فبلغ ذلك عبيد الله فخرج فعسكر بالنخيلة ، واستعمل على الكوفة عمرو بن حريث وأخذ الناس بالخروج إلى النخيلة وضبط الجسر ، فلم يترك أحدًا يجوزه ، وعقد عبيد الله للحصين بن تميم الطُّهْوِي على ألفين ، ووجهه إلى عمر بن سعد ، مددًا له ،
_حاشية__________
(1) في الأصل : "قال" والمثبت عن الذهبي في السير وهو ينقل عن ابن سعد .(6/436)
وقدم شِمر بن ذي الجوشن الضبابي على عمر بن سعد بما أمره به عبيد الله عشية الخميس لتسع خلون من المحرم سنة إحدى وستين بعد العصر ، فنودي في العسكر فركبوا ، وحسين جالس أمام بيته محتبيًا ، فنظر إليهم قد أقبلوا ، فقال للعباس بن علي بن أبي طالب : القهم فاسألهم ما بدا لهم ، فسألهم ، فقالوا : أتانا كتاب الأمير يأمرنا أن نعرض عليك أن تنزل على حكمه أو نناجزك ، فقال : انصرفوا عنا العشية حتى ننظر ليلتنا هذه فيما عرضتم ، فانصرف عمر.
وجمع حسين أصحابه في ليلة عاشوراء ليلة الجمعة فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وما أكرمه الله به من النبوة وما أنعم به على أمته ، وقال : إني لا أحسب القوم إلا مقاتلوكم غدًا وقد أذنت لكم جميعًا فأنتم في حِلّ مني ، وهذا الليل قد غشيكم فمن كانت له منكم قوة فليضم رجلاَّ من أهل بيتي إليه ، وتفرقوا في سوادكم حتى يأتي الله {بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}.
فإن القوم : إنما يطلبونني فإذا رأوني لَهَوْا عن طلبكم.
فقال أهل بيته : لا أبقانا الله بعدك ، لا والله لا نفارقك حتى يصيبنا ما أصابك ، وقال ذلك أصحابه جميعًا ، فقال : أثابكم الله على ما تنوون الجنة.(6/437)
7520- قال : أخبرنا الضحاك بن مخلد أبو عاصم الشيباني ، عن سفيان ، عن أبي الجحّاف ، عن أبيه ، أن رجلاَّ من الأنصار أتى الحسين فقال : إن عَلَيَّ ديْنًا فقال : لا يقاتل معي من عليه دين.(6/437)
7521- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن أبي الأسود العبدي ، عن الأسود بن قيس العبدي قال : قيل لمحمد بن بشير الحضرمي : قد أسر ابنك بثغر الري ، قال : عند الله احتسبه ونفسي ما كنت أحب أن يؤسر ولا أن أبقى بعده ، فسمع قوله الحسين فقال له : رحمك الله أنت في حِلّ من بيعتي فاعمل في فكاك ابنك ، قال : أكلتني السباع حيًا إن فارقتك قال : فاعط ابنك هذه الأثواب والبرود يستعين بها في فكاك أخيه ، فأعطاه خمسة أثواب قيمتها ألف دينار.(6/437)
- رجع الحديث إلى الأول :
فلما أصبح يومه الذي قتل فيه رحمة الله عليه قال : اللهم أنت ثقتي في كل كرب ، ورجائي في كل شدة ، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة ، وأنت وليّ كل نعمة وصاحب كل حسنة.
ثم قال حسين لعمر وأصحابه : لا تعجلوا حتى أخبركم خبري ، والله ما أتيتكم حتى أتتني كتب أماثِلكم ، بأن السُّنَّة قد أُميتت ، والنفاق قد نجم ، والحدود قد عُطِّلت ، فاقدم لعل الله تبارك وتعالى يصلح بك أمة محمد صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فأتيتكم ، فإذا كرهتم ذلك فأنا راجع عنكم ، وارجعوا إلى أنفسكم فانظروا هل يصلح لكم قتلي أو يحل لكم دمي ؟ ألست ابن بنت نبيكم وابن ابن عمِّه ؟ وابن أول المؤمنين إيمانًا ؟ أو ليس حمزة والعباس وجعفر عمومتي ؟ أو لم يبلغكم قول رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فيَّ وفي أخي : هذان سيدا شباب أهل الجنة ؟ فإن صدقتموني وإلا فاسألوا جابر بن عبد الله ، وأبا سعيد الخدري ، وأنس بن مالك ، وزيد بن أرقم ، فقال شمر بن ذي الجوشن : هو يعبد الله على حرف إن كان يدري ما تقول.
فأقبل الحر بن يزيد أحد بني رياح بن يربوع على عمر بن سعد فقال : أمقاتل أنت هذا الرجل ؟ قال : نعم ، قال : أما لكم في واحدة من هذا الخصال التي عرض رضًا ؟ قال : لو كان الأمر إليّ فعلت ، فقال : سبحان الله ما أعظم هذا ، إن يعرض ابن بنت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم عليكم ما يعرض فتأبونه ، ثم مال إلى الحسين فقاتل معه حتى قتل.
ففي ذلك يقول الشاعر المتوكل الليثي :
لنِعم الحر حُر بني رياح ... وحُر عند مختلف الرماح
ونعم الحر ناداه حسين ... فجاد بنفسه عند الصباح
وقال الحسين : أما والله يا عمر ليكونن لما ترى يوم يسوءك ، ثم رفع حسين يده مَدًّا إلى السماء فقال : اللهم إن أهل العراق غرّوني وخدعوني ، وصنعوا بحسن بن علي ما صنعوا ، اللهم شتت عليهم أمرهم وأحصهم عددًا .(6/438)
وناهض عمر بن سعد حسينًا ، فكان أول من قاتل مولى لعبيد الله بن زياد يقال له : سالم ، فصل من الصف فخرج إليه عبد الله بن تميم الكلبي فقتله ، والحسين جالس عليه جبة خز دكناء وقد وقعت النبال عن يمينه وعن شماله وابن له ابن ثلاث سنين بين يديه فرماه عقبة بن بشر الأسدي فقتله ، ورمى عبد الله بن عقبة الغنوي أبا بكر بن الحسين بن علي فقتله ، فقال سليمان بن قَتَّة :
وعند غَنِيٍّ قطرة من دمائنا ... وفي أسّدٍ أخرى تُعَدّ وتُذْكَرُ
قال : ولبس حسين لأمته ، وأطاف به أصحابه يقاتلون دونه ، حتى قتلوا جميعًا ، وحسين عليه عمامة سوداء وهو مختضب بسواد يقاتل قتال الفارس الشجاع.
قال : ودعا رجل من أهل الشام ، علي بن حسين الأكبر - وأمُّه ، آمنة بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي ، وأمها بنت أبي سفيان بن حرب فقال : إن لك بأمير المؤمنين قرابة ورحمًا فإن شئت أمناك وامض حيث ما أحببت فقال : أما والله لقرابة رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم كانت أولى أن ترعى من قرابة أبي سفيان ، ثم كَرّ عليه وهو يقول :
أنا عليُّ بن حسين بن علي
نحن وبيت الله أولى بالنبي
من شَمِرٍ وعُمَر وابن الدّعِيْ
قال : وأقبل عليه رجل من عبد القيس يقال له : مُرّة بن منقذ بن النعمان فطعنه ، فحُمِل فَوضِع قريبًا من أبيه ، فقال له : قتلوك يا بني ، على الدنيا بعدك العفاء ، وضَمّه أبوه إليه حتى مات ، فجعل الحسين يقول : اللهم دعونا لينصرونا فخذولنا وقتلونا ، اللهم فاحبس عنهم قَطْر السماء وامنعهم بركات الأرض فإن متعتهم إلى حين ففرِّقْهم شِيَعًا واجعلهم طرائق قِدَدا ، ولا تُرْضِى الولاةَ عنهم أبدًا .(6/439)
وجاء صبي من صبيان الحسين يشتد حتى جلس في حِجْر الحسين ، فرماه رجل بسهم فأصاب ثُغْرَةَ نَحْرِه فقتله ، فقال الحسين : اللهم إن كنت حبست عنا النصر فاجعل ذلك لما هو خير في العاقبة وانتقم لنا من القوم الظالمين.
قال : وخرج القاسم بن حسن بن علي وهو غلام عليه قميص ونعلان ، فانقطع شِسْع نعله اليسرى ، فحمل عليه عمرو بن سعيد الأزدي فضربه ، فسقط ونادى : يا عماه ، فحمل عليه الحسين فضربه فاتقاها بيده فقطعها من المرفق فسقط وجاءت خيل الكوفيين ليحملوه وحمل عليهم الحسين فجالوا ووطئوه حتى مات.
ووقف الحسين على القاسم فقال : عَزَّ علي عَمِّكَ أن تدعوه فلا يجيبك ، أو يجيبك فلا ينفعك ، يَوْمٌ كَثُرَ واتِرُه وقَلّ ناصِرُه ، وبعدًا لقوم قتلوك ، ثم أمر به فحمل ورجلاه تخطَّان في الأرض حتى وضِعَ مع علي بن حسين ، وعَطِشَ الحسين ، فاستسقى وليس معهم ماء فجاءه رجل بماء فتناوله ليشرب ، فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع في فيه ، فجعل يتلقى الدم بيده ويحمد الله ، وتوجه نحو المُسناة يريد الفرات ، فقال رجل من بني أبان بن دارم : حولوا بينه وبين الماء ، فعرضوا له فحالوا بينه وبين الماء ، وهو أمامهُم ، فقال حسين : اللهم أظمه ، ورماه الأباني بسهم فأثبته في حنكه ، فانتزع السهم وتلقى الدم فملأ كفّه وقال : اللهم إني أشكوا إليك ما فعل هؤلاء ، فما لبث الأباني إلا قليلاَّ حتى رئي وإنه ليؤتى بالقُلّة أو العس ، إن كان لَيَرْوِي عِدّة ، فيشربه فإذا نزعه عن فِيْه قال : اسقوني فقد قتلني العطش فما زال بذلك حتى مات.
وجاء شمر بن ذي الجوشن فحال بين الحسين وبين ثَقَله ، فقال الحسين : رحلي لكم عن ساعة مباح ، فامنعوه من جُهّالِكم وطَغَامِكم وكونوا في دنياكم أحرارًا إذا لم يكن لكم دين ، فقال شمر : ذلك لك يا ابن فاطمة ، قال : فلما قتل أصحابه وأهل بيته بقي الحسين عامة النهار لا يُقْدِم عليه أحد إلا انصرف حتى أحاطت به الرجَالة ،(6/440)
فما رأينا مكثورًا قط أربط جأشًا منه ، إن كان ليقاتلهم قتال الفارس الشجاع ، وإن كان ليشدّ عليهم فينكشفون عنه انكشاف المِعْزَى شَدّ فيها الأسَدُ ، فمكث مليًّا من النهار والناس يتدافعونه ويكرهون الإقدام عليه ، فصاح بهم شمر بن ذي الجوشن : ثكلتكم أمهاتكم ماذا تنتظرون به ؟ أقدموا عليه ، فكان أول من انتهى إليه ، زرعة بن شريك التميمي فضرب كتفه اليسرى ، وضربه حسين على عاتقه فصرعه ، وبرز له سِنان بن أنس النخغي فطعنه في تِرقُوتَهِ ، ثم انتزع الرمح فطعنه في بواني صدره فخرّ الحسين صريعًا ، ثم نزل إليه ليحتز رأسه ونزل معه خَوْلِي بن يزيد الأصبحي فاحتز رأسه.
ثم أتى به عبيد الله بن زياد فقال :
أوقِرْ رِكابي فِضّةً وذَهَبَا ... أنا قتلتُ الملك المُحَجَّبَا
قتلتُ خيرُ الناس أمًّا وأبا ... وخيرهم إذ يُنْسَبُون نسباً
قال : فلم يعطه عبيد الله شيئًا ، قال : ووجدوا بالحسين ثلاثًا وثلاثين جراحة ، ووجدوا في ثوبه مائة وبضعة عشر خَرْقًا من السهام وأثر الضرب ، وقتل يوم الجمعة يوم عاشوراء في المحرم سنة إحدى وستين ، وله يومئذٍ ست وخمسون سنة وخمسة أشهر.
وكان جعفر بن محمد يقول : قتل الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة ، وقتل مع الحسين ، اثنان وسبعون رجلاَّ ، وقتل من أصحاب عمر بن سعد ، ثمانية وثمانون رجلاَّ ، وقتل مع الحسين بن علي بن أبي طالب (1) رضي الله عنهما :
الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قتله سنان بن أنس النخعي ، وأجهز عليه وحَزّ رأسه - الملعون - خَوْلي بن يزيد الأصبحي.
_حاشية__________
(1) "ح" : "وقتل مع الحسين مع أهل بيته".(6/441)
والعباس بن علي بن أبي طالب الأكبر ، قتله زيد بن رقاد الجَبَنيّ ، وحكيم السِّبْنسِيّ من طَيِّئ . وجعفر بن علي بن أبي طالب الأكبر ، قتله هانئ بن ثُبَيت الحضرمي . وعبد الله بن علي بن أبي طالب ، قتله هانئ بن ثُبَيت الحضرمي . قال : وقد كان العباس بن علي . قال لجعفر وعبد الله ابني عليّ : تقدما ، فإن قتلتما ورثتكما ، وإن قتلتُ بعدكما ورثني ولدي ، وإن قتلت قبلكما ثم قتلتما ورثكما ، محمد بن الحنفية ، فتقدما فقتلا ولم يكن لهما ولد . ثم قتل العباس بعدهما . وعثمان بن علي بن أبي طالب ، رماه خَوْلِي بن يزيد بسهم فأثبته وأجهز عليه رجل من بني أبان بن دارم . وأبو بكر بن علي بن أبي طالب يقال : إنه قتل في ساقية . ومحمد بن علي بن أبي طالب الأصغر.
وأُمُّه أم ولد ، قتله رجل من بن أبان بن دارم . وعلي بن حسين بن علي الأكبر ، قتله مُرّة بن منقذ بن النعمان العبدي . وعبد الله بن الحسين ، قتله هانئ بن ثُبَيت الحضرمي . وجعفر بن الحسين . وأبو بكر بن الحسين ، قتلهما عبد الله بن عُقْبَةَ الغَنَوِي . وعبد الله بن الحسن ، قتله ابن حرملة الكاهلي من بني أسد . والقاسم بن الحسن ، قتله سعيد بن عمرو الأزدي . وعون بن عبد الله بن جعفر ، قتله عبد الله بن قُطْبة الطائي . ومحمد بن عبد الله بن جعفر ، قتله عامر بن نهشل التميمي . ومسلم بن عقيل بن أبي طالب ، قتله عبيد الله بن زياد بالكوفة صَبرًا . وجعفر بن عقيل ، قتله بشر بن حَوطِ الهمداني ويقال : عروة بن عبد الله الخثعمي . وعبد الله بن عقيل ، قتله عثمان بن خالد بن أسير الجهني ، وبشر بن حوط . وعبد الله بن عقيل.
وأُمُّه أم ولد قتله عمرو بن صُبْح الصدائي . وعبد الله بن عقيل الآخر.
وأُمُّه رقية بنت علي بن أبي طالب ، قتله عمرو بن صُبح الصدائي ، ويقال : قتله أسيد بن مالك الحضرمي . ومحمد بن أبي سعيد بن عقيل ، قتله لقيط الجهني ورجل من آل أبي لهب لم يسم لنا ورجل من آل أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، يقال له : أبو الهياج ، وكان شاعرًا ،
_حاشية__________
(1) "ث" : وعبد الله بن عقيل الأخر.
وأُمُّه أم ولد .... وقد آثرت رواية المحمودية اعتمادًا على ما ورد لدي الطبري 5/469 في الموضع المماثل "وقتل عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب ... وأمه رقية ابنة علي بن أبي طالب وأمها أم ولد - قتله عمرو بن صبيح الصدائي وقيل : قتله أسيد بن مالك الحضرمي".(6/442)
وسليمان مولى الحسين بن علي ، قتله سليمان بن عوف الحضرمي . ومنُجِح مولى الحسين بن علي ، وعبد الله بن بُقْطر ، رضيع للحسين ، قتل بالكوفة ، رُمِيَ به من فوق القصر ، فمات وهو الذي قيل فيه :
وآخر يهوي من طَمَار قتيل
وكان من قُتِلَ معه رضي الله عنه من سائر الناس من قبائل العرب ، من القبيلة الرجل والرجلان والثلاثة ممن صبر معه.
وقد كانا ابنا عبد الله بن جعفر ، لجأا إلى امرأة عبد الله بن قُطبة الطائي ، ثم النبهاني وكانا غلامين لم يبلغا ، وقد كان عمر بن سعد ، أمر مناديًا فنادى : من جاء برأس فله ألف درهم ، فجاء ابن قطبة إلى منزله ، فقالت له امرأته : إن غلامين لجأا إلينا فهل لك أن تشرف بهما فتبعث بهما إلى أهلهما بالمدينة قال : نعم ، أرنيهما ، فلما رآهما ذبحهما وجاء برؤُوسهما إلى عبيد الله بن زياد ، فلم يعطه شيئًا ، فقال عبيد الله : وددتُ أنه كان جاءني بهما حيين فمننت بهما على أبي جعفر - يعني عبد الله بن جعفر - وبلغ ذلك عبد الله بن جعفر فقال : وددت أنه كان جاءني بهما فأعطيته ألفي ألف.
ولم يفلت من أهل بيت الحسين بن علي الذين معه إلا خمسة نفر : علي بن الحسين الأصغر ، وهو أبو بقية ولد الحسين اليوم ، وكان مريضًا فكان مع النساء.
وحسن بن حسن بن علي وله بقية ، وعمرو بن حسن بن علي ولا بقية له . والقاسم بن عبد الله بن جعفر ، ومحمد بن عقيل الأصغر ، فإن هؤلاء استضعفوا فَقُدِمَ بهم ، وبنساء الحسين بن علي ، وهن : زينب ، وفاطمة ابنتا علي بن أبي طالب ، وفاطمة وسُكَينة ابنتا الحسين بن علي ، والرباب بنت أُنَيْفْ الكلبية امرأة الحسين بن علي ، وهي أم سكينة ، وعبد الله المقتول ابني الحسين بن علي ، وأم محمد بنت حسن بن علي ، امرأة علي بن حسين وموالي لهم ،(6/443)
ومماليك عبيد ، وإماء ، فقُدم بهم على عبيد الله بن زياد ، مع رأس الحسين بن علي ، ورؤُوس من قتل معه رضي الله عنه وعنهم.
ولما قتل الحسين رضي الله عنه انتهب ثَقَله فأخَذَ سيفه : القُلانِس النهْشلي ، وأخذ سيفًا آخر : جميع بن الخلق الأودي ، وأخذ سراويله ، بحر - الملعون - بن كعب التميمي فتركه مُجَرَّدًا ، وأخذ قطيفته : قيس بن الأشعث بن قيس الكندي ، فكان يقال له : قيس قطيفة وأخذ نعليه : الأسود بن خالد الأودي ، وأخذ عمامته : جابر بن يزيد ، وأخذ برنسه - وكان من خز - مالك بن بشير الكندي.
وأخذ رجل من أهل العراق : حُلِيَ فاطمة بنت حسين وهو يبكي فقالت : لم تبكي ؟ فقال : أسلب ابنة رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ولا أبكي ؟ فقالت : دعه ، قال : إني أخاف أن يأخذه غيري.
وكان علي بن حسين الأصغر ، مريضًا نائمًا على فراش فقال شمر بن ذي الجوشن - الملعون - : اقتلوا هذا ، فقال له رجلٌ من أصحابه : سبحان الله ، أتقتل فتى حدثًا مريضًا لم يقاتل ، وجاء عمر بن سعد فقال : لا تَعْرِضوا لهؤلاء النسوة ولا لهذا المريض.
قال علي بن حسين : فغيَّبني رجل منهم وأكرم نزلي واحتضنني (1) وجعل يبكي كلما خرج ودخل حتى كنت أقول : إن يكن عند أحدٍ من الناس وفاءً فعند هذا ، إلى أن نادى منادي ابن زياد : ألا من وجد علي بن حسين ، فليأت به فقد جعلنا فيه ثلاث مِئة درهم قال : فدخل - والله - علي وهو يبكي ، وجعل يربط يديّ إلى عنقي وهو يقول : أخاف ، فأخرجني - والله - إليهم مربوطًا حتى دفعني إليهم وأخذ ثلاث مِئة درهم وأنا أنظر إليها.
_حاشية__________
(1) "ح" : "واختصّني".(6/444)
فَأُخِذْتُ فَأُدخِلْتُ على ابن زياد فقال : ما اسمك ؟ فقلت : علي بن حسين ، قال : أولم يقتل الله عليًا ؟ قال : قلت : كان لي أخ يقال له : عليٌّ أكبر مني قتله الناس ، قال : بل الله قتله ، قلت : {اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}.
فأمر بقتله ، فصاحت زينب بنت علي : يا ابن زياد حسبك من دمائنا أسألك بالله إن قتلته إلا قتلتني معه ، فتركه.
قال : ولما أمر عمر بن سعد بثقل الحسين أن يدخل الكوفة إلى عبيد الله بن زياد وبعث إليه برأسه مع خَوْلِي بن يزيد الأصبحي . فلما حُمل النساء والصبيان فمروا بالقتلى صرخت امرأة منهن (1): يا محمداه ، هذا حسين بالعراء مُرَمل بالدماء وأهله ونساؤه سبايا ، فما بقى صديق ولا عدو إلا أكبَّ باكيًا ، ثم قُدِمَ بهم على عبيد الله بن زياد ، فقال عبيد الله : من هذه ؟ فقالوا : زينب بنت علي بن أبي طالب ، فقال : فكيف رأيت الله صنع بأهل بيتك ، قالت : كُتِبَ عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع الله بيننا وبينك وبينهم.
قال : الحمد لله الذي قتلكم وأكذب حديثكم ، قالت : الحمد لله الذي أكرمنا بمحمدٍ وطهرنا تطهيراً. فلما وضعت الرؤُوس بين يدي عبيد الله بن زياد ، جعل يضرب بقضيب معه على فِيّ الحسين وهو يقول :
يُفَلَّقْنَ هامًا من رجال (2) أعزّةٍ
علينا وهم كانوا أعقَّ وأظلما
فقال له زيد بن أرقم : لو نحيت هذا القضيب ، فإن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم كان يضع فاه على موضع هذا القضيب.
_حاشية__________
(1) "ث" : منهم.
(2) كذا في ح ومثله لدي الطبري 5/460 ، وفي "ث" : "أناس".(6/445)
7522- قال : أخبرنا سليمان بن حرب ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أنس بن مالك قال : شهدت عبيد الله بن زياد حيث أتى برأس الحسين رضي الله عنه قال : فجعل ينكت بقضيب معه على أسنانه ويقول : إن كان لحسن الثغر قال : فقلت والله لأسوءنك فقلت : أما أني قد رأيت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يقبل موضع قضيبك من فيه.
- رجع الحديث إلى الأول :
قالوا : وأمر عبيد الله برأس الحسين فنصب.(6/446)
7523- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا عطاء بن مسلم ، عمن أخبره ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ، قال : أول رأس رفع على خشبةٍ رأس الحسين.(6/446)
7524- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عيسى بن عبد الرحمن السلمي ، عن الشعبي ، قال : رأس الحسين أول رأس حمل في الإسلام.(6/446)
7525- قال : أخبرنا محمد بن عمر، قال : حدثنا شيبان ، عن جابر ، عن عامر قال : رأيت رأس الحسين بن علي بعد أن قتل قد نَصَلَ (1) الشيب من صبغ السواد.
_حاشية__________
(1) تحرف في "ط" إلى : "فصل" وصواب القراءة من النص ، ونصل الشغر : زال عنه الخضاب.(6/446)
- رجع الحديث إلى الأول :
قال : وأمر عبيد الله بن زياد بحبس من قدم به عليه من بقية أهل الحسين معه في القصر ، فقال ذكوان أبو خالد : خل بيني وبين هذه الرؤُوس فأدفنها ، ففعل ، فكفنها ودفنها بالجبانة ، وركب إلى أجسادهم فكفنهم ودفنهم ، وكان زهير بن القين قد قتل مع الحسين فقالت امرأته لغلام له يقال له شجرة : انطلق فكفن مولاك ، قال : فجئت فرأيت حسينًا ملقى ، فقلت : أكفن مولاي وأدع حسينًا ، فكفنت حسينا ، ثم رجعت ، فقلت ذلك لها ، فقالت : أحسنت وأعطتني كفنًا آخر وقالت : انطلق فكفن مولاك ، ففعلت.
وأقبل عمر بن سعد فدخل الكوفة فقال : ما رجع رجل إلى أهله بشر مما رجعت به ، أطعت ابن زياد وعصيت الله وقطعت الرحم.
قال : وقدم رسول من قِبل يزيد بن معاوية يأمر عبيد الله أن يرسل إليه بثقل الحسين ومن بقى من ولده ، وأهل بيته ، ونساءه فأسلفهم أبو خالد ذكوان عشرة آلاف درهم فتجهزوا بها.
وقد كان عبيد الله بن زياد لما قُتِلَ الحسين : بعث زَحْر بن قيس الجُعفي إلى يزيد بن معاوية يخبره بذلك ، فقدم عليه فقال : ما وراءك ؟ قال : يا أمير المؤمنين أبشر بفتح الله وبنصره ، ورد علينا الحسين بن علي ، في ثمانية عشر من أهل بيته وفي سبعين من شيعته ،(6/446)
فسرنا إليهم فخيرناهم الاستسلام والنزول على حكم عبيد الله بن زياد ، أو القتال ، فاختاروا القتال على الإستسلام ، فجعلوا يُبَرْقِطُون إلى غير وَزَرٍ ويلوذون منا بالآكام والأمر والحفر لِواذًا كما لاذ الحمائم من صقر ، فنصرنا الله عليهم ، فوالله يا أمير المؤمنين ، ما كان إلا جَزْرَ جَزُورٍ أو نومة قائلٍ حتى كفى الله المؤمنين مؤنتهم ، فأتينا على آخرهم فهاتيك أجسادهم مُطَرّحَة مُجَرّدَة وخدودهم معفرة ومناخرهم مرملة تسفي عليهم الريح ذيولها بقيّ سَبْسَب تنتابهم عُرُج الضباع زُوّاهم العقبان والرخَم.
قال : فدمعت عينا يزيد ، وقال : قد كنت (1) أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين وقال : كذلك عاقبة البغي والعقوق ، ثم تمثل يزيد :
من يذُق الحرب يجد طعمها ... مُرًّا وتتركه بجَعْجَاع
قال : وقدم برأس الحسين محفز بن ثعلبة العائذي - عائذة قريش - على يزيد ، فقال : أتيتك يا أمير المؤمنين برأس أحمق الناس وألأمهم ، فقال يزيد : ما ولدت أم مِحْفَز أحمق وألأم ، لكن الرجل لم يقرأ كتاب الله { تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ } . ثم قال بالخيزرانة بين شفتي الحسين وأنشأ يقول :
يُفَلَّقْنَ هامًا من رجال أعزّةٍ ... علينا وهم كانوا أعقَّ وأظلما
والشعر لحصين بن الحمام المري ، فقال له رجل (2) من الأنصار حضر : ارفع قضيبك هذا فإني رأيت رسول الله يقبل الموضع الذي وضعته عليه.
_حاشية__________
(1) كذا في "ح" ، ومثله لدي الطبري 5/460 ، ورواية "ث" : "وقال : كنت".
(2) "ث" : "فقال رجل".(6/447)
7526- قال : أخبرنا كثير بن هشام ، قال : حدثنا جعفر بن برقان ، قال : حدثنا يزيد بن أبي زياد قال : لما أُتَيَّ يزيد بن معاوية برأس الحسين بن علي جعل ينكت بمخْصَرةٍ معه سِنّه ويقول : ما كنت أظن أبا عبد الله يبلغ هذا السن ، قال : وإذا لحيته ورأسه قد نصل من الخضاب الأسود (1).
_حاشية__________
(1) كذا في "ح" ومثله لدي الطبري 5/464 ، ورواية "ث" : "بنات".(6/448)
- رجع الحديث إلى الأول :
قال : ثم أتى يزيد بن معاوية بثقل الحسين ومن بقى من أهله ونساءه فأدخلوا عليه قد قُرنوا في الحبال ، فوقفوا بين يديه ، فقال له علي بن حسين : أنشدك بالله يا يزيد ما ظنك برسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم لو رآنا مقرّنين في الحبال أما كان يرق لنا ، فأمر يزيد بالحبال فقطعت وعرف الانكسار فيه.
وقالت له سكينة بنت حسين : يا يزيد ، أبنات رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم سبايا ؟ ، فقال : يا بنت أخي هو والله علي أشد منه عليك ، وقال : أقسمت بالله لو أن بين ابن زياد وبين حسين قرابة ما أقدم عليه ولكن فرقت بينه وبينه سمية.
وقال : قد كنت أرضى من طاعة أهل العراق بدون قتل الحسين ، فرحم الله أبا عبد الله عجل عليه ابن زياد ، أما والله لو كنت صاحبه ثم لم أقدر على دفع القتل عنه إلا بنقص بعض عمري لأحببت أن أدفعه عنه ، ولوددت أني أُتيت به سالمًا ، ثم أقبل على علي بن حسين فقال : أبوك قطع رحمي ونازعني سلطاني فجزاه الله جزاء القطيعة والإثم.
فقام رجل من أهل الشام فقال : إن سباياهم لنا حلال ، فقال علي بن حسين : كذبت ولؤمت ما ذاك لك إلا أن تخرج من ملتنا وتأتي بغير ديننا فأطرق يزيد مليًا ثم قال للشامي : اجلس ، ثم أمر بالنساء فأدخلن على نساءه وأمر نساء آل أبي سفيان ، فأقمن المأتم على الحسين ثلاثة أيام ، فما بقيت منهن امرأة إلا تلقتنا تبكي وتنتحب ، ونُحْنَ علي حسين ثلاثاً.(6/448)
وبكت أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر بن كريز على حسين ، وهي يومئذ عند يزيد بن معاوية فقال يزيد : حُق لها أن تُعْوِل على كبير قريش وسيدها.
وقالت فاطمة بنت علي لامرأة يزيد : ما تُرك لنا شئ . فأبلغت يزيد ذلك ، فقال يزيد : ما أتى إليهم أعظم ، ثم ما ادعوا شيئا ذهب لهم إلا أضعفه لهم ، ثم دعا بعلي بن حسين ، وحسن بن حسن ، وعمرو بن حسن ، فقال لعمرو بن حسن وهو يومئذ ابن إحدى عشرة سنة : أتصارع هذا ؟ يعني خالد بن يزيد ، قال : لا ، ولكن أعطني سكينا وأعطه سكينا حتى أقاتله ، فضمه إليه يزيد وقال : شنشنة أعرفها من أخزم ، هل تلد الحية إلا حية ؟!
ثم بعث يزيد إلى المدينة : فقدم عليه بعدة من ذوي السن من موالي بني هاشم ، ثم من موالي عليّ (1)، وضم إليهم أيضًا عِدة من موالي أبي سفيان ، ثم بعث بثقل الحسين ومن بقى من نسائه وأهله وولده معهم ، وجهزهم بكل شئ لم يدع لهم حاجة بالمدينة إلا أمر لهم بها ، وقال لعلي بن حسين : إن أحببت أن تقيم عندنا فنصل رحمك ونعرف لك حقك فعلت . وإن أحببت أن أردك إلى بلادك وأصلك قال : بل تردني إلى بلادي . فرده إلى المدينة ووصله ، وأمر الرسل الذين وجههم معهم أن ينزلوا بهم حيث شاؤُوا ، ومتى شاؤُوا ، وبعث بهم مع محرز بن حُريث الكلبي ، ورجل من بهراء ، وكانا من أفاضل أهل الشام.
_حاشية__________
(1) "ث" : "بني علي".(6/449)
قال: وبعث يزيد برأس الحسين إلى عمرو بن سعيد بن العاص وهو عامل له يومئذ على المدينة فقال عمرو : وددت أنه لم يبعث به إليّ ، فقال مروان : اسكت ، ثم تناول الرأس فوضعه بين يديه ، وأخذ بأرنبته فقال :
يا حَبّذا بَرْدُكَ في اليدينِ ... ولونك الأحمر في الخدّينِ
كأنما باتا بِمُجْسَدينْ
والله لكأني أنظر إلى أيام عثمان ، وسمع عمرو بن سعيد الصّيحة من دور بني هاشم فقال :
عَجّت نساء بني زياد عَجّةً ... كَعَجيج نِسوتنا غداةَ الأرنبِ
والشعر لعمرو بن معديكرب في وقعة كانت بين بني زبيد وبين بني الحارث بن كعب.
ثم خرج عمرو بن سعيد إلى المنبر فخطب الناس ، ثم ذكر حسينا وما كان من أمره وقال : والله لوددت أن رأسه في جسده وروحه في بدنه يَسبنا ونمدحه ، ويقطعنا ونصله كعادتنا وعادته ، فقام ابن أبي حبيش ، أحد بني أسد بن العزى بن قصي فقال : أما لو كانت فاطمة حية لأحزنها ما ترى.
فقال عمرو : اسكت لا سكتّ ، أتنازعني فاطمة وأنا من عفر ظبابها ، والله إنه لابننا وإن أمه لابنتنا ، أجل والله لوكانت حية لأحزنها قتله ، ثم لم تلم من قتله يدفع عن نفسه . فقال ابن أبي حبيش : إنه ابن فاطمة ، وفاطمة بنت خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى.
ثم أمر عمرو بن سعيد : برأس الحسين فكفن ودفن بالبقيع عند قبر أمه بالبقيع عند قبر أمه فاطمة.
وقال عبد الله بن جعفر : لو شهدته لأحببت أن أقتل معه ، ثم قال : عزّ علّي بمصرع حسين.(6/450)
7527- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : حدثني ابن ابي مليكة قال : بينما ابن عباس جالس في المسجد الحرام وهو يتوقع خبر الحسين بن عليّ إلى أن أتاه آت فسارّه بشئ فأظهر الاسترجاع ، فقلنا : ما حدث يا أبا العباس ؟ قال : مصيبة عظيمة عند الله نحتسبها (1)، أخبرني مولاي أنه سمع ابن الزبير يقول : قُتل الحسين بن علي ، فلم يبرح حتى جاءه ابن الزبير فعزّاه ثم انصرف ، فقام ابن عباس فدخل منزله ودخل عليه الناس يعزُّونه ، فقال : إنه ليعدل عندي مصيبة حسين شماتة ابن الزبير ، أترون مشى ابن الزبير إليّ يعزيني إنْ ذلك منه إلا شماتة.
_حاشية__________
(1) كذا في "ح" ومثله لدي المزي 6/440 وهو ينقل عن ابن سعد ، ومختصر تاريخ دمشق 7/153 ، ورواية "ث" : "مصيبة عظيمة نحتسبها".....(6/450)
7528- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : فحدثني ابن جريج ، قال : كان المسور بن مخرمة بمكة حين جاء نعيّ الحسين بن علي ، فلقى ابن الزبير فقال له : قد جاءك ما كنت تمنى ، موت حسين بن علي ، فقال ابن الزبير : يا أبا عبد الرحمن تقول لي هذا ؟ فوالله ليته بقى ما بقى بالجمّاء حجر ، والله ما تمنيت ذلك له ، قال المسور : أنت أشرت عليه بالخروج إلى غير وجه ، قال : نعم أشرت به عليه ولم أدرِ أنه يُقتل ، ولم يكن بيدي أجله ، ولقد جئت ابن عباس فعزيته ، فعرفت أن ذلك يثقل عليه مني ، ولو أني تركت تعزيته قال : مثلي يُترك ؟ لا يعزيني بحسين فما أصنع ؟ أخوالي وَغِرَة الصدور عليّ ، وما أدري على أي شيء ذلك ، فقال له المسور : ما حاجتك إلى ذكر ما مضى وَنَثّه دع الأمور تمضي وبرّ أخوالك ، فأبوك أحمَدُ عندهم منك.(6/451)
7529- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن رجل ، قال : سمعت ابن عباس وعنده محمد بن الحنفية ، وقد جاءهم نعي الحسين بن علي ، وعزاهم الناس ، فقال ابن صفوان : إنا لله وإنا إليه راجعون ، أي مصيبة يرحم الله أبا عبد الله وآجركم الله في مصيبتكم ، فقال ابن عباس : يا أبا القاسم ما هو إلا أن خرج من مكة فكنتُ أتوقع ما أصابه.
قال ابن الحنفية : وأنا والله ، فعند الله نحتسبه ونسأله الأجر وحسن الخلف ، قال ابن عباس : يا أبا صفوان ، أما والله لا يُخَلّد بَعْدُ صاحبك الشامتُ بموته ، فقال ابن صفوان : يا أبا العباس والله ما رأيت ذلك منه ، ولقد رأيته محزونًا بمقتله كثير الترحّم عليه ، قال : يريك ذلك لما يعلم من مودتك لنا فوصل الله رحمك ، لا يحبنا ابن الزبير أبداً.
قال ابن صفوان : فخذ بالفضل فأنت أولى به منه.(6/451)
7530- قال : أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، قال : حدثنا قرة بن خالد ، قال : أخبرني عارم بن عبد الواحد ، عن شهر بن حوشب ، قال : إنا لعند أم سلمة زوج النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم قال : فسمعنا صارخة ، فأقبلت حتى انتهت إلى أم سلمة فقالت : قتل الحسين ، قالت : قد فعلوها ، ملأ الله بيوتهم أو قبورهم عليهما نارًا ، ووقعت مغشيًا عليها ، قال : وقمنا.(6/452)
7531- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا سفيان ، عن نُسَيْر بن ذُعْلُوق ، عن هبيرة بن خزيمة ، قال : قال الربيع بن خُثَيْم حين قُتل الحسين : {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}.(6/452)
7532- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا فِطْر ، عن منذر ، قال : لما قتل الحسين قال أشياخ من أهل الكوفة فيهم أبو بردة : اذهبوا بنا إلى الربيع بن خُثَيم حتى نعلم رأيه ، فأتوه فقالوا : إنه قد قتل الحسين ، قال : أرأيتم لو أن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم دخل الكوفة وفيها أحد من أهل بيته فيمن كان ينزل إلا عليهم ؟ فعلموا رأيه.(6/452)
7533- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا سفيان ، عن شيخ ، قال : لما أصيب الحسين بن علي ، قال الربيع بن خُثَيم : لقد قتلوا صِبْية لو أدركهم رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم لأجلسهم في حجره ، ولوضع فمه على أفمامهم.(6/452)
7534- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا فِطْر ، عن منذر قال : كنا إذا ذكرنا الحسين بن علي ومن قتل معه ، قال محمد بن الحنفية : قد قتلوا سبعة عشر شابًا كلهم قد ارتكضوا في رحم فاطمة.(6/452)
7535- قال : أخبرنا عمرو بن خالد المصري ، قال : حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن ، قال : لقيني رأس الجالوت ، فقال : والله إن بيني وبين داود لسبعين أبًا ، وإن اليهود لتقاني فتعظمني ، وأنتم ليس بينكم وبين بنيكم إلا أب واحد قتلتم ولده.(6/452)
7536- قال : أخبرنا مالك بن إسماعيل أبو غسان النهدي ، قال : حدثني عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي ، قال : مر عمر بن سعد ، يعني ابن أبي وقاص ، بمجلس بني نَهْد حين قتل الحسين فسلم عليهم ، فلم يردوا عليه السلام ، قال مالك : فحدثني أبو عيينة البارقي ، عن عبد الرحمن بن حميد ، في هذا الحديث قال : فلما جاز قال :
أتيت الذي لم يأتِ قبلي ابنُ حُرّة ... فَنَفْسي ما أخزت وقومي أذلت(6/453)
7537- قال : أخبرنا مالك بن إسماعيل ، قال : حدثني الهيثم بن الخطاب النهدي ، قال : سمعت أبا إسحاق السبيعي ، يقول : كان شمر بن ذي الجوشن الضبابي لا يكاد أو لا يحضر الصلاة معنا فيجئ بعد الصلاة فيصلى ، ثم يقول : اللهم اغفر لي فإني كريم لم تلدني اللئام ، قال : فقلت له : إنك لسيء الرأي يوم تسارع إلى قتل ابن بنت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم قال : دعنا منك يا أبا إسحاق ، فلو كنا كما تقول وأصحابك كنا شرًا من الحمير السّقّاوات.(6/453)
7538- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، قال : رأيت قاتل حسين بن علي شِمر بن ذي الجوشن ما رأيت بالكوفة أحدًا عليه طيلسان غيره.(6/453)
7539- قال : أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، قال : حدثنا شريك ، عن مغيرة ، قال : قالت مرجانة لابنها عبيد الله بن زياد : يا خبيث ، قتلت ابن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، لا ترى الجنة أبداً.(6/453)
7540- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن سفيان ، عن عبد الله بن شريك ، قال : رأيت بشر بن غالب يَتَمَرّغ على قبر الحسين ندامة على ما فاته من نصره.(6/453)
7541- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن حُبَاب بن موسى ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن حسين ، قال : حُمِلنا من الكوفة إلى يزيد بن معاوية ، فغصّت طرق الكوفة بالناس يبكون ، فذهب عامة الليل ما يقدِرُون أن يجُوزوا بنا لكثرة الناس ، فقلت : هؤلاء الذين قتلونا وهم الآن يبكون.(6/453)
7542- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن عبد الحميد بن بَهْرام ، عن شَهر بن حوشب ، قال : سمعت أم سلمة حين أتاها قتل الحسين : لَعَنتْ أهل العراق وقالت : قتلوه قتلهم الله ، غَرّوه ودلّوه لعنهم الله.(6/453)
7543- قال : أخبرنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا سليمان بن مسلم ، صاحب السقط ، عن أبيه ، قال : كان أول من طعن في سرادق الحسين عمر بن سعد ، قال : فرأيته هو وابنيه ضُرِبَت أعناقهم ، ثم علقوا على الخشب ، وأْلهِبَ فيهم النيران ، قال : ثم أخبرنا به موسى بن إسماعيل بعد ذلك ، فقال : حدثنا أبو المعلى العجلي ، عن أبيه.
قال محمد بن سعد : فحملناه على أنه سليمان بن مسلم.(6/454)
7544- قال : أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، وعبد الملك بن عمرو أبو عامر العقدي ، قالا : حدثنا قرة بن خالد ، قال : حدثنا أبو رجاء ، قال : لا تسبوا عليًا يا لَهْفتا على أسهم رميتُه بهنّ يوم الجمل مع ذاك قَصُرْن والحمد لله عنه ، قال : إن جارًا لنا من بِلْهُجيم جاءنا من الكوفة ، فقال : ألم تروا إلى الفاسق ابن الفاسق قتله الله ، الحسين بن علي ، قال : فرماه الله بكوكبين في عينيه فذهب بصره.(6/454)
7545- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، ومالك بن إسماعيل ، قالا : حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن عبد الملك بن كُردُوس ، عن حاجب عبيد الله بن زياد ، قال : دخلت معه القصر حين قتل الحسين ، قال : فاضطرم في وجهه نارًا أو كلمة نحوها ، فقال : هكذا بكمّه على وجهه ، وقال : لا تحدثن بهذا أحداً.(6/454)
7546- قال : أخبرنا عفان بن مسلم ، ويحيى بن عباد ، وكثير بن هشام ، ومسلم بن إبراهيم ، وموسى بن إسماعيل ، قالوا : حدثنا حماد بن سلمة ، قال : أخبرنا عمار بن أبي عمار ، عن أم سلمة قالت : سمعت الجنّ تنوح على الحسين.(6/454)
7547- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن علي بن مجاهد ، عن حنش بن الحارث عن شيخ من النخع ، قال : قال الحجاج : من كان له بلاء فليقم ؟ فقام قوم فذكروا ، وقام سنان بن أنس فقال : أنا قاتل حسين ، فقال : بلاء حسن ، ورجع سنان إلى منزله ، فاعتقل لسانه ، وذهب عقله ، فكان يأكل ويحدث في مكانه.(6/454)
7548- قال : أخبرنا مسلم بن إبراهيم ، قال : حدثتنا أم شوق العَبْدِية ، قالت : حدثتني نظرة الأزدية ، قالت : لما قتل الحسين بن علي مطرت السماء دمًا ، فأصبحت خيامنا وكل شيء مِنّا مُلِئ دَم.(6/454)
7549- قال : أخبرنا سليمان بن حرب ، وموسى بن إسماعيل ، قالا : حدثنا حماد بن سلمة ، قال : حدثنا سليم القاص ، قال : مُطِرنا دمًا يوم قتل الحسين.(6/455)
7550- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني نجيح ، عن رجل من آل سعيد يقول : سمعت الزهري ، يقول : سألني عبد الملك بن مروان ، فقال : ما كان علامة مقتل الحسين ؟ قال : لم تكشف يومئذٍ حجرًا إلا وجدت تحته دمًا عبيطًا ، فقال عبد الملك : أنا وأنت في هذا غريبان.(6/455)
7551- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عمر بن محمد بن عمر بن علي ، عن أبيه قال : أرسل عبد الملك إلى ابن رأس الجالوت ، فقال : هل كان في قتل الحسين علامة ؟ فقال ابن رأس الجالوت : ما كُشِفَ يومئذٍ حجر إلا وجد تحته دم عبيط.(6/455)
7552- قال : أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي ، قال : حدثنا خلاد - صاحب السمسم - وكان ينزل بني جحدر قال : حدثتني أمي قالت : كنا زمانًا يوم مقتل الحسين ، وإن الشمس تطلع محْمرّة على الحيطان والجُدُر بالغداة والعشي ، قالت : وكانوا لا يرفعون حجرًا إلا وجدوا تحته دماً.(6/455)
7553- قال : حدثنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين قال : لم تُرَ هذه الحُمْرة في آفاق السماء حتى قتل الحسين بن علي رحمه الله.(6/455)
7554- قال : أخبرنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا يوسف بن عبدة قال : سمعت محمد بن سيرين يقول : لم تكن ترى هذه الحمرة في السماء عند طلوع الشمس وعند غروبها حتى قتل الحسين رضي الله عنه.(6/455)
7555- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن علي بن مُدرك ، عن جده الأسود بن قيس قال : احمرت آفاق السماء بعد قتل الحسين ستة أشهر يُرى ذلك في آفاق السماء كأنها الدم ، قال : فحدثت بذلك شريكًا ، فقال لي : ما أنت من الأسود ؟ قلت هو جدي أبو أمي ، قال : أما والله كان لصدوق الحديث عظيم الأمانة مكرمًا للضيف.(6/455)
7556- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا عقبة بن أبي حفصة السلولي ، عن أبيه ، قال : إن كان الورس من ورس الحسين ليقال به هكذا فيصير رماداً.(6/456)
- رجع الحديث إلى الأول :
قالوا (1): وكان سليمان بن صرد الخزاعي فيمن كتب إلى الحسين بن علي أن يقدم الكوفة (2) ، فلما قدمها أمسك عنه ولم يقاتل معه ، فلما قتل الحسين رحمه الله ورضي عنه ، ندم هو والمسيب بن نَجَبة الفزاري ، وجميع من خذل الحسين ولم يقاتل معه ، فقالوا : ما المخرج والتوبة مما صنعنا ؟ فخرجوا فعسكروا بالنُّخَيْلَة لمستهل شهر ربيع الآخر سنة خمس وستين ، وولوا أمرهم سليمان بن صُرَد وقالوا : نخرج إلى الشام فنطلب بدم الحسين ، فسموا التوابين ، وكانوا أربعة آلاف فخرجوا فأتوا عين الوردة وهي بناحية قَرْقِيسِياء ، فلقيهم جَمْع أهل الشام وهم عشرون ألفًا عليهم الحُصَين بن نُمير فقاتلوهم فترجل سليمان بن صُرد وقاتل ، فرماه يزيد بن الحُصين بن نمير بسهم فقتله فسقط وقال : فُزْتُ ورب الكعبة ، وقُتِل عامّة أصحابه ورجع من بقى منهم إلى الكوفة.
قالوا : وكتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج بن يوسف ، أما بعد يا حجاج فجنبني دماء بني عبد المطلب فإني رأيت آل حرب لما قتلوهم لم يُنَاظَروا.
وقال سليمان بن قَتَّة يرثي الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما :
وإنَّ قتيلَ الطَّفِّ من آل هاشمٍ ... أذلَّ رقابًا من قريشٍ فذلتِ
_حاشية__________
(1) في الأصلين : "قال" والمثبت ما يقتضيه السياق.
(2) من هنا إلى قوله : "فأخرج رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم رأسه ..." في ص 519 من هذا الجزء مخروم في نسخة المحمودية "خ".(6/456)
مرت على أبيات آل محمدٍ ... فألفيتها أمثالُها حين حُلّتِ
وكانوا لنا غُنْمًا فعادوا رَزِيّةً ... لقد عَظُمَتْ تلك الرزايا وجَلّتِ
فلا يُبْعِدِ الله الديار وأهلها ... وإن أصبحت منهم برغمي تخلَّتِ
إذا افتقرت قيسٌ جبرنا فقيرها ... وتقتلنا قيسٌ إذا النّعلُ زَلّتِ
وعند غَنِيٍّ قطرةٌ من دمائنا ... سنجزيهم يومًا بها حيث حلتِ
ألم تر أن الأرض أضحت مريضة ... لفقد حسينٍ والبلادُ اقشعرّتِ
فقال له عبد الله بن حسن بن حسن ويحك ألا قلت :
أذلّ رقاب المسلمين فَدَلّتِ
وقال أبو الأسود الدِّيْلي في قتل الحسين رضي الله عنه :
أقول وذاك من جزعٍ ووجدٍ ... أزال الله مُلك بني زيادِ
وأبعدهم بما غدروا وخانوا ... كما بَعُدَت ثمودُ وقومُ عادِ
هموا خَشَمُوا الأنوف وكن شُمّا ... بقتل ابن القعَاسِ أخي مُرادِ
قتيلُ السّوق يالك من قتيل ... به نَضْحٌ من أحمر كالجِسَادِ
وأهل نبينا من قبل كانوا ... ذوي كرم دعائم للبلادِ
حسين ذو الفضول وذو المعالي ... يَزِيْن الحاضرين وكُلَّ بادٍ
أصاب العِزَّ مَهْلِكُهُ فأضحى ... عميدًا بعد مصرعِهِ فؤادي
وقال أبو الأسود الديلي أيضًا :
أيرجوا معشرٌ قتلوا حسينًا ... شفاعةَ جدّه يوم الحساب
قال : ولقي عبيد الله بن الحر الجعفي ، حسين بن علي فدعاه حسين إلى نصرته والقتال معه فأبَى ، وقال : قد أعييت أباك قبلك ، قال : فإذا أبيت أن تفعل فلا تسمع الصيحة علينا فوالله لا يسمعها أحد ثم لا ينصرنا فيرى بعدها خيرًا أبدًا .(6/457)
قال عبيد الله : فوالله لَهِبْتُ كلمته تلك فخرجت هاربًا من عبيد الله بن زياد ، مخافة أن يوجّهني إليه فلم أزل في الخوف حتى انقضى الأمر ، فندم عبيد الله على تركه نُصرة حسين رضي الله عنه فقال :
يقولُ أميرٌ غادرٌ حقُّ غادرِ ... ألا كنت قاتلتَ الشيهد ابن فاطِمَهُ
ونفسي على خذلانه واعتزاله ... وبيعة هذا النّاكث العهد لائمَهْ
فيا نادمًا ألا أكون نصرته ... ألا كل نفس لا تُسدّدُ نادمَهْ
وإني لأني لم أكن من حُماته ... لذو حسرةٍ ما أن تفارقُ لازمَهْ
سقى الله أرواح الذين تأزّروا ... على نصرة سُقْيًا من الغيث دائمَهْ
وقفت على أجداثهم ومحالهم ... فكاد الحشا ينفض والعين ساجمَهْ
لعمري لقد كانوا مصاليت في الوغى ... سراعًا إلى الهيجا حماة خضارمَهْ
تأسَّوا على نصر ابن بنت نبيهم ... بأسيافهم آسَادَ غيلٍ ضَراغِمَهْ
وقد طاعنوا من دونه برماحهم ... عصائب بورًا نابذتهم مَجَارِمَه
فإن يقتلوا فكل نفسٍ زكيّةٍ ... على الأرض قد أضحت لك اليوم واجمَهْ
وما إن رأى الراؤُون أصبر منهم ... لدى الموت سادات وزهرا قماقمَهْ
أتقتلهم ظلما وترجو ودادنا ... فدع خطة ليست لنا بملائمَهْ
لعمري لقد رغَّمتمونا بقتلهم ... فكم ناقم منا عليكم وناقمَهْ
أهم ّمرارا أن أسير بجحفل ... إلى فئة زاغت عن الحق ظالمَهْ
فكفوا وإلا زرتكم في كتائب ... أشد عليكم من زحوف الديالمَهْ
وقال عبيد الله بن الحر أيضًا :
أيرجو ابن الزبير اليوم نصري ... بعاقبة ولم أنصر حسينا
وكان تخلفي عنه تبابًا ... وتركي نصره غُبنا وحَيْنا
ولو أني أواسيه بنفسي ... أصبت فضيلة وقررت عينا
وقال عبيد الله بن الحر أيضًا :(6/458)
يا لك حسرة ما دمت حيًا ... تردد بين حلقي والتراقي
حُسينًا حين يطلب بذل نصري ... على أهل العداوة والشقاق
ولو أني أواسيه بنفسي ... لنلتُ كرامةً يوم التلاق
مع ابن المصطفى نفسي فداه ... فَولّى ثم ودّع بالفراق
غداة يقول لي بالقصر قولاَّ ... أتَتْرُكُنا وتُزمِعُ بانْطِلاق
فلو فَلَقَ التلَهّفُ قَلبَ حيّ ... لَهمّ اليومَ قلبي بانفِلَاقِ
فقد فاز الأُولَى نصروا حُسينًا ... وخاب الآخرون أولو النفاق
وقال عبيدة بن عمرو الكندي أحد بني بداء بن الحارث ، يرثي الحسين بن علي وولده رضي الله عنهم ويذكر قتلهم وقتلتهم :
صحا القلب بعد الشيب عن أمّ عامر ... وأذهَله عنها صروف الدوائرِ
وَمَقْتل خَيْر الآدميين والدًا ... وجدًّا إذا عُدّتْ مسَاعي المعَاشِر
دعاه الرجال الحائرون لِنَصرِه ... فكلاَّ رأيناه له غَيْرَ ناصرِ
وجدناهُمُ مِنْ بِيْن ناكِثِ بيَعْةَ ... وساعٍ به عند الإمام وغادِرِ
ورامٍ له لما رآه وطاعنٍ ... ومُسْلٍ عليه المُصْلَتين وناحِرِ
فيا عَيْنُ أَذْرِى الدمع منك وأسْبِلِي ... على خير بادٍ في الأنام وحاضرِ
على ابن علي وابن بنت محمدٍ ... نبيّ الهَُدَى وابن الوصيّ المُهَاجرِ
تداعتْ عليه من تميم عصابَةٌ ... وأُسْرَةُ سوءٍ من كلابِ بن عامرِ
ومن حَيّ وَهْبِيل تداعت عصابة ... عليه وأخرى أردفت من يُحَابِر
وخمسون شيخًا من أبَان بن دارم ... تداعَوا عليه . كاللّيوث الخَواطِرِ
ومن كلّ حيّ قد تداعى لقتله ... ذوو النّكثِ و الإفراطِ أهلُ التفاخرِ
شفى اللهُ نفسي من سنان ومالكٍ ... ومن صاحب الفُتْيا لَقِيط بن ياسرِ
ومن مرّة العبدي وابن مساحق ... ومن فارس الشقراء كْعبَ بن جابر
ومن أورق الصيداء وابن موزع ... ومن َبْجِر تَيْمِ اللاّت والمرءِ عامر
ومن نفرٍ من حضرموتٍ وتغلب ... ومن مانعيه الماء في شهر نَاجِرِِ
وخَوْلِيّ لا يقتلك ربي وهانئٍ ... وثعلبة المسَتْوُه وابن تباحرِ(6/459)
ولا سَلّم الله ابن أبجر مادعت ... حَمَامَةُ أَيْكٍ في غُصُون نَوَاضر
ومِنْ ذلك الفَدْمُ الأباني والذي ... رَمَاه بسهم ضَيْعةً والمهاجر
ولا ابن رقاد لا نجَا من حَذَاره ... ولا ابن يزيد من حَذَار المُحَاذر
ومن روس ضُلّال العراق وغيرهم ... تميم ومن ذاك اللَّعين ابن زاجر
ولا الحنظليين الذين تتابعت ... نبِاَلهم في وَجْهه والخَوَاصر
ولا نفر من آل سعد بن مذحجٍ ... ولا الأبرص الجِلْف اللئيم العناصر
ولا عصبة من طَيِّئ أحدقت به ... ولا نفر منا شِرارَ السرائر
ولا الخَثْعَمِيين الذين تنازلوا ... عليه ولا من زَاره بالمناسر
ولا شَبَثٍ لا سلّم الله نَفسه ... ولا قَي ابن سعدٍ حَدّ أبيضَ باتر
قال : والقوم الذين سماهم في شعره : سنان بن أنس النخعي . ومالك : رجل من وهبيل من النخع . ومرة بن كعب رجل من أشراف عبد القيس . ونوفل بن مساحق من بني عامر بن لؤي . وكعب بن جابر الأزدي . وأورق الصيداء : رجل منهم كان أفوه . وابن موزع : رجل من همدان . بحر بن مالك من بني تميم بن ثعلبة . وخولي بن يزيد الأصبحي المحرّق بالنار . وهانئ بن ثُبيت الحضرمي . وثعلبة المستوه : رجل من بني تميم كان مأبونًا ، وابن تباحر : رجل من بني تيم الله يقال له : عمرو بن يبحر بن أبجر حجار بن أبجر . وبجير بن جابر العجلي . والذي رماه الغنوي الذي رمى ابن الحسين فقتله . وابن زاجر : رجل من بني منقر من بني تميم ، والأبرص الجلف : يعني شمر بن ذي الجوشن . وشبث بن ربعي الرياحي.
وقال عبيد الله بن الحُر أيضًا :
تبيت نساء من أمية نوّما ... وبالطّف هام ما ينام جميمها
وما ضَيّع الإسلامَ إلا قبيلةٌ ... تأمر نوَكَاها وطال نعيمها
وأضحت قناة الدِّين في كفّ ظالمٍ ... إذا اعوجّ منها جانب لا يقيمُها
- آخر مقتل الحسين بن علي رحمه الله ورضي الله عنه وعن أبيه وأخيه وذويه ، وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه وسلم(6/460)
1375- عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ويكنى أبا جعفر.
وأمه أسماء بنت عميس بن معد (1) بن تيم بن مالك بن قحافة بن عامر بن معاوية بن زيد بن مالك بن نسر بن وهب الله بن شهران (2) بن عفرس بن أفتل وهو جماع خثعم بن أنمار.
فولد عبد الله بن جعفر : جعفرًا الأكبر وبه كان يكنى.
وأُمُّه الأمية وتكنى أم عمرو بنت خراش بن جحش من بني عبس بن بغيض.
وعليًا وعونًا الأكبر ، ومحمدًا وعباسًا ، وأم كلثوم وأمهم زينب (بنت) علي بن أبي طالب وأمها فاطمة بنت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، وحسينًا درج ، وعونًا الأصغر قُتل مع الحسين بن علي لا بقية له ، وأمهما جُمانة بنت المسيب بن نجبة بن ربيعة بن عوف بن رياح (3)من بني فزارة ، وأبا بكر ، وعبيد الله ، ومحمدًا ، وأمهم الخوصاء بنت خصفة بن ثقف بن عايذ بن عدي بن الحارث بن تيم الله بن ثعلبة بن بكر بن وائل.
وصالحًا لا بقية له . ويحيى وهارون لا بقية لهما ، وموسى لا بقية له . وجعفرًا وأم أبيها وأم محمد ، وأمهم ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي بن سُلميّ بن جندل بن نهشل بن دارم.
_حاشية__________
(1) معد : تحرف في "ث" إلى : "سعد" وصوابه من جمهرة الأنساب لابن حزم ص 390 ، ومن ترجمتها في الجزء الخاص بالنساء من هذه الطبقات
(2) كذا في الأصل ومثله في نسب قريش ص 80 , وتاريخ ابن عساكر ص 20 وقرأها محقق المطبوع : "بن وهب بن شهران" وهوخطأ.
(3) رياح : تحرف في المطبوع إلى "رباح" بالباء الموحدة وهو تحريف ، صوابه من الأصل "ث" ومن ترجمة المسيب بن نجبة في الطبقة الأولى من أهل الكوفة بعد أصحاب رسول الله .(6/461)
وحميدًا والحسن لأم ولد ، وجعفرًا وأبا سعيد ، وأمهما أم الحسن بنت كعب (بن عبد الله) (1) بن أبي بكر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ، معاوية وإسحاق وإسماعيل وقُثَم لا بقية له ، وعباسًا وأم عون لأمهات أولاد شتى.
قالوا : ولما هاجر جعفر بن أبي طالب إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية ، حمل معه امرأته أسماء بنت عُمَيْس الخثعمية ، فولدت له هناك عبد الله ، وعونًا ، ومحمدًا ، ثم وُلِدَ للنجاشي بعدما ولدت أسماء ابنها عبد الله بأيام ابنٌ ، فأرسل إلى جعفر ، ما سميت ابنك ؟ قال : عبد الله ، فسمى النجاشي ابنه عبد الله ، وأخذته أسماء بنت عميس فأرضعته حتى فطمته بلبن عبد الله بن جعفر ، ونزلت أسماء بذلك عندهم منزلة.
فكان من أسلم من الحبشة يأتي أسماء بَعْدُ فيخبرها خبرهم ، فلما ركب جعفر بن أبي طالب مع أصحاب السفينتين منْصَرَفَهم من عند النجاشي ، حمل معه امرأته أسماء بنت عميس ، وولده منها الذين ولدوا هناك ، عبد الله ، وعونًا ، ومحمدًا ، حتى قدم بهم المدينة ، فلم يزالوا بها حتى وجّه رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم جعفرًا إلى مؤتة فقتل بها شهيداً.
_حاشية__________
(1) بنت كعب بن عبد الله بن أبي بكر : وردت في الأصل : "بنت كعب عبد بن أبي بكر" والتصويب من الجمهرة لابن حزم ص 282(6/462)
7557- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني محمد بن مسلم ، عن يحيى بن أبي يعلى ، قال : سمعت عبد الله بن جعفر يقول : أنا أحفظ حين دخل رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم على أُمِّي فنعى لها أبي ، فأنظر إليه ، وهو يمسح على رأسي ورأس أخي وعيناه تُهْرَاقان الدموع حتى تقطر لِحْيَتهُ ، ثم قال : اللهم إن جعفرًا قد قدم إلى أحسن الثواب ، فاخلُفْه في ذريته بأحسن ما خَلَفْتَ أحدًا من عبادك في ذريته ، ثم قال : يا أسماء : ألا أبشرك ؟ قالت : بلى بأبي أنت وأمي ، قال : إن الله جعل لجعفر جناحين يطير بهما في الجنة , قالت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، فأَعْلِم الناس بذلك ، فقام رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وأخذ بيدي يمسح رأسي حتى رَقِيَ على المنبر ، وأجلسني أمامه على الدرجة السفلى ، والحزن يُعرف عليه ، فتكلم فقال : إن المرء كثير بأخيه وابن عمه ألا إن جعفرًا قد استشهد ، وقد جُعِل له جناحان يطير بهما في الجنة ، ثم نزل رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فدخل بيته وأدخلني معه ، وأمر بطعام فَصُنِع لأهلي ، وأرسل إلى أخي ، فتغدينا عنده والله ، غداءً طيبًا مباركًا ، عَمَدَتْ سَلْمَى خادِمُه إلى شعير فطحنته ثم نسفته ثم أنضجته وأَدَمَتْه بزيت وجعلت عليه فُلْفُلاَّ ، فتغديت أنا وأخي معه ، فأقمنا ثلاثة أيام في بيته ندور معه كلما صار ، في بيت إحدى نساءه ثم رجعنا إلى بيتنا ، فأتانا رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وأنا أساوم بشاة أخ لي فقال : اللهم بارك له في صفقته ، قال عبد الله : فما بعتُ شيئًا ولا اشتريت إلا بُورك لي فيه.(6/462)
7558- قال : أخبرنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا مهدي بن ميمون ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب ، قال : حدثني الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي ، قال : أمهل رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم آل جعفر ثلاثًا بعدما جاءه نَعيُّه ، ثم أتاهم النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فقال : لا تبكوا على أخي بعد اليوم ، ادعو لي بَنِي أخي ، قال : فجيء بأُغْيلِمَةٍ ثلاثة كأنهم أفرخ ، محمد ، وعون الله ، وعبد الله ، قال : فقال : ادعوا لي الحلاق ، قال : فجيء بالحلاق (1) فحلق رؤُوسهم ، فقال : أما محمد فشبيهُ عَمِّنا أبي طالب ، وأما عون الله فشبيه خَلْقِي وخُلُقي ، ثم أخذ بيد عبد الله فأشالها ، ثم قال : اللهم اخلف جعفرًا في أهله ، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه ، فجاءت أمهم فجعلت تُفْرَحُ لهم ، فقال النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أتخافين عليهم العيلة وأنا وليهم في الدنيا والآخرة.
_حاشية__________
(1) كذا أورده ابن سعد في الموضع المماثل من ترجمة جعفر بن أبي طالب في الطبقة الثانية من المهاجرين والأنصار ممن لم يشهد بدرًا ، وفي "ث" : "بالحجام".(6/463)
7559- قال : أخبرنا روح بن عبادة ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : أخبرنا أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : إن النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم قال لأسماء بنت عُميس ما شأن أجسام بني أخي ضارعة (1) أتصيبهم حاجة ؟ قالت : لا ، ولكن تسرع إليهم العين ، افأرقيهم ؟ قال : وبماذا ؟ فعرضت عليه ، فقال : ارقيهم.
_حاشية__________
(1) "ث" : "ابن أخي" والمثبت في مسند ابن حنبل 3/333 ولدي ابن الأثير في النهاية : "ضرع" فيه : "أنه قال لوَلَدَيْ جعفر : ما لي أراهما ضارعين؟".(6/464)
7560- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : أخبرنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، عن هلال مولى عمر بن عبد العزيز ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن عبد الله بن جعفر قال : علمتني أمي أسماء بنت عُمَيْس شيئًا أمرها رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أن تقوله عند الكرب : الله الله ربي لا أشرك به شيئاً.(6/464)
7561- قال : حدثنا أبو معاوية الضرير ، قال : حدثنا عاصم الأحول ، عن مورّق العِجْلي ، عن عبد الله بن جعفر ، قال : كان النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم إذا قدم من سفر يُلَقَّى بصبيان أهل بيته ، وإنه جاء مرّة من سفر فسُبِقَ بي إليه ، فحملني بين يديه ، ثم جيء باحد ابني فاطمة الحسن أو الحسين فأردفه خلفه ، فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة.(6/464)
7562- قال : أخبرنا يزيد بن هارون ، وعفان بن مسلم ، قالا : أخبرنا مهدي بن ميمون ، عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب ، عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي ، عن عبد الله بن جعفر قال : أردفني رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ذات يوم خلفه ، فأسر إليّ حديثًا لا أحدّث به أحدًا أبدًا ، وكان رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أحبَّ ما استتر به في حاجته هدفًا أو حائش نخل ، زاد يزيد بن هارون في هذا الحديث بهذا الإسناد : فدخل يومًا حائطًا من حيطان الأنصار - يعني النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم - فإذا جملٌ قد أتاه فجرجر وذرفت عيناه ، فمسح رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم سَرَاتَه وذِفْرَاه فسكن ، فقال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : من صاحب هذا الجمل ؟ فجاء فتى من الأنصار فقال : هو لي يا رسول الله ، فقال : أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملّككها الله ، إنه شكا إليّ أنك تُجيعه وتُدْئِبُه.(6/464)
7563- قال : أخبرنا الضحاك بن مخلد ، وروح بن عبادة ، عن ابن جريج ، عن جعفر بن خالد بن سارة ، سمعه يذكر عن أبيه ، أن عبد الله بن جعفر قال له : مر رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم على دابة ، وأنا وعبيد الله بن العباس وقُثَم نلعب ، فقال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : احملوا إليّ هذا ، فوضعني بين يديه ، ثم قال : ارفعوا لي هذا ، فحمل قُثَم خلفه وترك عبيد الله ، ولم يستحي من عمه أن حمل قُثَم وترك عبيد الله ، وكان عبيد الله أحب إلى العباس من قُثم ، فمسح رأسي ثم قال : اللهم اخلف جعفرًا في ولده ، قلت : ما فعل قثم ، قال : استشهد ، قلت : الله ورسوله أعلم بالخيرة ، قال : أجل.(6/465)
7564- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا فطر بن خليفة ، عن أبيه ، زعم أنه سمع عمرو بن حريث ، قال : انطلق بي أبي إلى رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وأنا غلام شاب ، فمر النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم على عبد الله بن جعفر وهو يبيع شيئًا ، فقال : اللهم بارك له في تجارته.(6/465)
7565- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال حدثنا حفص بن غياث ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : أمر أبو بكر بقتل الكلاب ، ولعبد الله بن جعفر كلب تحت سرير أبي بكر فقال : يا أبت كلبي ، فقال لا تقتلوا كلب ابني ، ثم أمر به فأُخِذ قال : وكان أبو بكر قد خلف على أمه أسماء بنت عُمَيس بعد جعفر.(6/465)
7566- قال : أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي ، قال : حدثنا سفيان الثوري ، عن منصور ، عن رِبْعِي بن حراش ، عن عبد الله بن شداد ، أن عليًا قال لعبد الله بن جعفر رحمهم الله : ألا أعلمك كلماتٍ لم أعلمهن حسنًا ولا حسينًا ، إذا سألت الله مسألة فأردت أن تَنْجح ، فقل : لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي العظيم ، لا إله إلا هو وحده لا شريك له الحليم الكريم.(6/465)
7567- قال : أخبرنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : حدثنا هشام ، عن محمد ، قال : مرَّ عثمان بن عفان بِسَبَخة فقال : لمن هذه ؟ قيل : لفلان ، اشتراها عبد الله بن جعفر بستين ألفًا ، قال : ما يسرني أنها لي بنعْليّ ، قال : ثم لقي علي بن أبي طالب فقال : ألا تأخذ على يدي ابن أخيك وتحجر عليه ، اشترى سبخة ما يسرني أنها لي بنعلي ، قال : فجزأها عبد الله على ثمانية أجزاء وألقى فيها العمال فأقبلت ، فركب عثمان رَكُبَة فمرّ بها فقال : لمن هذه ؟ قالوا : هذه الأرض التي اشتراها عبد الله بن جعفر من فلان ، فأرسل إليه أن ولّنِي جزئين منها ، قال : أما والله دون أن ترسل إلى الذين سفّهتني عندهم فيطلبون ذلك إليّ فلا أفعل ، ثم أرسل إليه أني قد فعلت ، قال : والله لا أنقصك جزأين من عشرين ومائة ألف ، قال : قد أخذتها.(6/465)
7568- قال : أخبرنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن مغيرة ، عن أم حميد أم ولد عبد الله بن جعفر ، أنها كانت حاملاَّ ، وهي أول عجمية لعبد الله بن جعفر ، فمرت بعلي بن أبي طالب ، فدعاها فوضع يده على بطنها وقال : اللهم اجعله ذكرًا ميموناً.(6/466)
7569- قال : أخبرنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن الحجاج ، عن علي بن السائب ، أن عبد الله بن جعفر تزوج ليلى امرأة علي بن أبي طالب ، وزينب بنت علي من غيرها.(6/466)
7570- قال : أخبرنا يزيد بن هارون ، عن إسماعيل ، عن عامر ، قال : كان ابن عمر إذا سلم على ابن جعفر قال : سلام عليك يا ابن ذي الجناحين.(6/466)
7571- أخبرنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن ابن أبي رافع مولى رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم قال : كان عبد الله بن جعفر يتختم بيمينه ، وزعم أن النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم كان يتختم بيمينه.(6/466)
7572- قال : أخبرنا أبو أسامة ، عن هشام ، عن محمد ، قال : جلب رجلٌ من أهل البصرة سُكّرًا إلى المدينة فكسد عليه ، فذكر لعبد الله بن جعفر ، فأمر قهرمانه أن يشتريه فيدعو الناس إليه فَيٌنْهِبهُم إياه .(6/466)
7573- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد بن دينار ، قال : بينا عبد الله بن جعفر ذات ليلة عند معاوية بالخضراء بدمشق ، إذ ورد على معاوية كتاب غَمَّه من حسين بن علي ، فضرب به الأرض ، ثم قال : من يعذرني من ابن أبي تراب ، والله لهَمَمْتُ أن أفعل به وأفعل ، قال : فجعل عبد الله بن جعفر يجيبه بنحو مما يشتهي ويُداريه ، حتى قام فانصرف.
قال : وكانت بينهما خوخة ، فلما صار إلى منزله دعا برَوَاحله فقعد عليه وخرج من ساعته متوجهًا إلى المدينة ، قال : ودخل معاوية على امرأته بنت قَرَظة مغتمًا فقال : ماذا صنعتُ الليلة بابن جعفر فحَشْتُ عليه وأسمعته في ابن عمه ما يكره ، وحال ابن جعفر حاله وحبه لنا ومودته إيانا ، فقالت : بئس والله ما صنعت ، ما أقبح ما أتيت إليه ، فبات ليلته مغتمًا يتذكر صنيعه به ، ولا يأخذه النوم حتى أسحر ، فقام فتوضأ وقال : والله لا يُنبهه من فراشه غيري ، فمشى إليه ، فدخل منزله ، فإذا ليس فيه أحد فسأل عنه فقيل له : رحل إلى المدينة ساعة جاء من عندك.
فبعث في أثره ، وقال : أدركوه فَرُدُّوه ولو دخل منزله ، فلحقوه فردوه إليه ، فجعل معاوية يعتذر إليه ويقول : لا والله لا تسمع مني أمرًا تكرهه أبدًا ، وأخبره باغتمامه بما كان منه تلك الليلة ، وقال : قد أقطعتك ووهبت لك كل شيء ممرت به في مسيرك ، قال : وقد كان مرّ بإبل وغنم كثيرة لمعاوية فأمر بها فقبضها وذهب ما كان في نفسه.(6/467)
7574- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : أخبرنا يحيى بن سعيد بن دينار ، قال : حج معاوية فنزل دار مروان بالمدينة ، فطال عليه النهار يومًا ، وفزع من القائلة ، فقال : يا غلام ، انظر من بالباب ، هل ترى الحسن بن علي أو الحسين أو عبد الله بن جعفر أو عبد الله بن أبي أحمد بن جحش فأَدْخِلْهُ عَلَيّ ، فخرج الغلام فلم ير منهم أحدًا ، وسأل عنهم فقيل : هم مجتمعون عند عبد الله بن جعفر يتغدون عنده ، فأتاه فأخبره ، فقال : والله ما أنا إلا كأحدهم ، وقد كنت أجامعهم في مثل هذا ، فقام فأخذ عصًا فتوكأ عليها وقال : مُرَّ يا غلام ، فخرج بين يديه حتى دقّ عليهم الباب ، فقال : هذا أمير المؤمنين ، فدخل فأوسع له عبد الله بن جعفر عن صدر فراشه فجلس ، فقال : غداءك يا ابن جعفر فقال : ما يشتهي أمير المؤمنين من شيء فَلْيَدْعُ به ، فقال : أطعمنا مُخًّا ، فقال : يا غلام ، هات مُخًّا ، قال : فأتى بصحفة فيها مُخّ ، فأقبل معاويه يأكل ، ثم قال عبد الله : زدنا مُخًّا ، فجاء فزاد ، ثم قال : يا غلام ، زدنا مُخًّا ، فزاد ثم قال : يا غلام زدنا مُخًّا ، فقال معاوية : إنما كنا نقول : يا غلام زدنا سخينًا ، فأما قولك يا غلام زدنا مُخًّا فلم أسمع به قبل اليوم ، يا ابن جعفر ما يسعك إلا الكثير ، قال : فقال عبد الله بن جعفر : يُعِينُ الله على ما ترى يا أمير المؤمنين ، قال : فأمر له يومئذ بأربعين ألف دينار ، قال : وكان عبد الله بن جعفر قد ذبح ذلك اليوم كذا وكذا من شاة وأمر بمخّهن فنِكتَ له ، فوافق ذلك معاوية.(6/467)
7575- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : أخبرنا يحيى بن سعيد بن دينار ، قال : لما حضرت معاوية الوفاة قال ليزيد : يا بني إن لي خليلاَّ بالمدينة فاستوص به خيرًا واعرف له مكانه مني ، يعني عبد الله بن جعفر ، قال : فلما مات معاوية رحل عبد الله بن جعفر إلى يزيد فأكرمه وألطفه ، وقال له : يا أبا جعفر ، كم كان أمير المؤمنين يجيزك به كل سنة ؟ قال : كذا وكذا ألف دينار ، قال : قد أضعفتها لك ، قال : بأبي أنت ما قلتها لأحد قبلك ولا أقولها لأحد بعدك.(6/468)
7576- قال : أخبرنا محمد بن عمر، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، قال : خرج عبد الله بن جعفر ، والحسن ، والحسين ابنا علي ، وعبيد الله بن العباس ، وعبد الله بن أبي أحمد بن جحش ، وكان كأحدهم ، إلى ينبع ، فلما كانوا بطاشا أصابتهم السماء فلجأوا إلى خباء رجل فنزلوا به ، فذبح لهم وقراهم ، فلما سكنت السماء ركبوا وقالوا له : الحقنا بالمدينة ، فقال : والله ما أعرفكم وإني لأرى وجوهًا حسانًا ، فقال عبد الله بن جعفر : أنا عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وهذان الحسن والحسين ابنا علي بن أبي طالب ، وهذا عبيد الله بن العباس ، وهذا عبد الله بن أبي أحمد بن جحش ، فقال الرجل : هذا والله الغنى ، فتحين رجوعهم من ينبع ثم لحقهم بالمدينة فبدأ بالحسن بن علي فأعطاه خمسمائة شاة وراع ، ثم مر عليهم فأعطاه كل رجل منهم مثل ذلك.(6/468)
7577- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، قال : قيل : أي هؤلاء الثلاثة أسخى ؟ عبد الله بن جعفر ، أو الحسن بن علي ، أو عبيد الله بن العباس ، فقيل : ما رأينا أحدًا أعطى لجزيل من الحسن بن علي ، وما رأينا أحدًا أعطى لجزيل وغير جزيل من عبد الله بن جعفر ، وما مررنا بباب عبيد الله بن العباس في ساعة قط إلا رأينا عنده فَرْثًا رَطْبًا ، قال : وكان ينخر كل يوم جزورًا في مجزرته فيقسمها ، وبه سميت مجزرة ابن عباس ، قال : فغلتِ الجُزر حتى بلغت خمسة عشر دينارًا وعشرين دينارًا ، فعاتبه عبد الله بن جعفر على ذلك ، وقال : لا يقوم لهذا مال ، فقال : والله لا أدع هذا أبداً.(6/469)
7578- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، قال : رأيت الحجاج بن يوسف ، بين عبد الله بن جعفر وبين محمد بن الحنفية.
قال محمد بن سعد : قال محمد بن عمر : وكان عبد الله بن جعفر قد خَرِبَ فُوْهُ وسقطت أسنانُه ، فكان يُعْمَل له الثريد والشيء اللين فيأكله ، وكان إذا قيل له : إنك ليس تأكل ، شق عليه ذلك.(6/469)
7579- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني محمد بن رفاعة بن ثعلبة بن أبي مالك ، عن أبيه ، عن جده قال : حضرتُ يوم مات عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وعلى المدينة يومئذ أبان بن عثمان ، وكان لابن جعفر صديقًا ، كان كثير الغشيان له ، وكان ممن حضر غسله وكفنه ، ولقد رأيته أخرج به من داره وعلى كفنه لفافة بُرْد مُبَرِّك إني لأراه ثمن مائة دينار ، والولائد خلف سريره قد شققن الجيوب ، والناس يزدحمون على سريره ، وأبان بن عثمان قد حمل السرير بين العمودين فما فارقه حتى وضعه بالبقيع ، وإن دموعه لتسيل على خديه وهو يقول : كنت والله خيرًا لا شرَّ فيك ، وكنت والله شريفًا واصلاَّ بَرًّا ، كنت والله وكنت.
قال محمد بن عمر : مات عبد الله بن جعفر سنة ثمانين ، وهو عام الجُحَاف : سيل كان ببطن مكة جحف الحاج وذهب بالإبل وعليها الحمولة ، وكان الوالي يومئذٍ على المدينة أبان بن عثمان في خلافة عبد الملك بن مروان ، وهو صلى عليه ، وكان عبد الله بن جعفر يوم توفي ابن تسعين سنة .(6/469)
1376- عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي.
وأُمُّه عاتكة بنت أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم.
7580- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني هشام بن عمارة ، عن أبي الحويرث قال : أول قتيل قتل من الروم يوم أجنادين ، برز بطريق مُعلم يدعو إلى البراز ، فبرز إليه عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب ، فاختلفا ضربات ، ثم قتله عبد الله بن الزبير ولم يعرض لسلبه ، ثم برز آخر يدعو إلى البراز ، فبرز إليه عبد الله بن الزبير ، فتشاولا بالرمحين ساعة ، وصارا إلى السيفين ، فحمل عليه عبد الله بن الزبير فضربه ، وهو دارع ، على عاتقه وهو يقول : خذها وأنا ابن عبد المطلب ، فأثبته وقطع سيفه الدرع وأسرع في منكبه ، ثم ولّى الرومي منهزماً. وعزم عليه عمرو بن العاص أن لا يبارز ، فقال عبد الله : إني والله ما أجدني أصبر ، فلما اختلطت السيوف ، وأخذ بعضها بعضًا ، وُجِد في ربضة من الروم عشرة حجرة ، مقتولاَّ ، وهم حوله قتلى وقائم السيف في يده قد غرى ، فبعد نهارٍ ما نُزع من يده ، وإن في وجهه لثلاثين ضربة بالسيف .(6/471)
قال محمد بن سعد : قال محمد بن عمر : فحدثت بهذا الحديث الزبير بن سعيد النوفلي فقال : سمعت شيوخنا يقولون : لما انهزمت الروم بعد أجنادين ، انهزموا عند العصر ، فولوا في كل وجهٍ ، وعسكر المسلمون موضعًا ، فاجتمعوا فيه ونصبوا راياتهم ، وبعثوا في الطلب وأن لا يمنعوا قدر ما يرجع إلى العسكر قبل الليل ، وتفقد الناس حوامهم وقراباتهم ، فقال الفضل بن العباس : عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب ؟! فقال عمرو : انطلق في مائة من أصحابك فاطلبه ، فقال قائل : عهدي به في الميسرة وهو منفرد ، فانطلق الفضل في أصحابه في الميسرة نحوًا من ميل أو أكثر ، فيجده مقتولا في عشرة من الروم قد قتلهم ، ويجد السيف في يده قد غرى قائمه ، فما خلّصوه إلا بعد عناء ، ثم حفروا له وقبروه ولم يصلّ عليه ، ثم رجعوا إلى عمرو فأخبروه فترحم عليه.
قال محمد بن عمر : وكان فتح أجنادين يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادي الأولى سنة ثلاث عشرة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وكان عبد الله بن الزبير يوم قبض النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم له نحو من ثلاثين سنة ولا نعلمه غزا مع رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم شيئا و لا روى عنه حديثًا .(6/472)
1377- عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصيّ ، ويكنى أبا بكر.
وأُمُّه أسماء بنت أبي بكر الصديق ، فولد عبد الله بن الزبير اثنى عشر رجلاَّ وخمس نسوة : خبيبا لا بقية له ، وحمزة ، وعبادا ، وثابتا ، وأمهم : تماضر بنت منظور بن زبان (1) بن سيار بن عمرو بن جابر بن عقيل بن هلال بن سميّ بن مازن بن فزارة.
وهاشما ، وقيسًا ، وعروة ، قتل مع أبيه ، والزبير ، وأمهم : أم هاشم زُجلة بنت منظور بن زبّان بن سيار.
وعامرًا ، وموسى ، وأم حكيم ، وفاطمة ، وفاختة ، وأمهم : حنتمة بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة.
وأبا بكر.
وأُمُّه : ريطة بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة ، وبكرًا ، ورقية ، وأمهما : عائشة بنت عثمان بن عفان.
وعبد الله بن عبد الله ، لأم ولد ، وبكرا آخر.
وأُمُّه : نفيسة وهي أم الحسن بنت الحسن بن علي بن أبي طالب ، مات صغيرا.
_حاشية__________
(1) زبان : تحرف في الأصل إلى : "ذبان" وصوابه من نسب قريش ص 239 ، والإيناس في علم الأنساب ص 160 ، وجمهرة ابن حزم ص 258(6/473)
7581- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني مصعب بن ثابت ، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن قال : لما قدم المهاجرون المدينة ، أقاموا لا يولد مولود من المهاجرين ، فقالوا : سحرتنا يهود . حتى كثرت في ذلك القالة ، وتلاقى الناس بذلك . فكان أول مولود ولد في الإسلام من المهاجرين بعد الهجرة عبد الله بن الزبير ، قال : فكبر المسلمون تكبيرة واحدة حتى ارتجت المدينة تكبيرا ، وفرح المسلمون ، وكان ولادُ ابن الزبير في شوال على رأس عشرين شهرا من الهجرة ، فكان يُهنأ به الزبير ، وأبو بكر الصديق ، وهو جده ثم حملته أمه إلى رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم في خرقة ، فحنكه رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم بتمرة وبارك عليه ، وكان رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أمر أن يؤذن في أذنيه بالصلاة فأذن أبو بكر الصديق في أذنيه.(6/473)
7582- قال : أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة قال : حدثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن أسماء ، أنها حملت بعبد الله بن الزبير بمكة قالت : فخرجت وأنا مُتِمّ فأتيت المدينة فنزلت قباء فولدته بقباء ، ثم أتيت به رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فوضعته في حجره فدعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه فكان أول شئ دخل جوفه ريق رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، قالت : ثم حنكه بالتمرة ، ثم دعا له وبارك عليه ، وكان أول مولود ولد في الإسلام.(6/474)
7583- قال : أخبرنا أبو معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : كان عبد الله بن الزبير أول مولود ولد في الإسلام ، ولدته أسماء بقباء ، فجاءت به النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فسماه عبد الله ، وحنكه بتمرة ، مضغها ثم أدخلها فاه.(6/474)
7584- قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا محمد بن شريك قال : حدثني ابن أبي مليكة ، عن عبد الله بن الزبير قال : سُمّيت باسم جدي أبي بكر وكنيت بكنيته.(6/474)
7585- قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن رجل ، حدثه أن أبا بكر طاف بعبد الله بن الزبير في خرقة ، وهو أول مولود ولد في الإسلام.
قال محمد بن سعد : فذكرت هذا الحديث لمحمد بن عمر فقال : هذا غلط بَيِّن ، عبد الله بن الزبير أول مولود ولد بالمدينة بعد الهجرة ، لا اختلاف بين المسلمين في ذلك ، ومكة يومئذ دار حرب لم يدخلها رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ولا أحد من المسلمين إلى عمرة القضية سنة سبع ، فكيف طاف به في خرقة ؟ ومتى وصل إلى مكة ، وهل فارق رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم منذ هاجر معه إلى أن قُبض رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ؟(6/474)
7586- حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، قال : أخبرنا سعيد ، عن عمرو بن عامر ، عن صاحب له ، عن أم كَلْثَم ، عن عائشة قالت : لما ولد ابن الزبير انطلقتُ به إلى النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فحنكه وسماه عبد الله ، وقال لعائشة : أنت أم عبد الله ، قالت أم كلثم : فما زلنا نكنيها أم عبد الله وما ولدت ولدًا قط.(6/475)
7587- قال : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، عن ابن أبي مليكة قال : كان مع عثمان يوم الدار عصابة مُسْتَنصِرة ، منهم عبد الله بن الزبير.(6/475)
7588- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني شرحبيل بن أبي عون ، عن أبيه قال : سمعت ابن الزبير يقول على منبر مكة : والله لقد استخلفني أمير المؤمنين عثمان على الدار ، فلقد كنت أنا الذي أُقَاتِل بهم (1)، ولقد كنت أخرج في الكتيبة فأباشر القتال بنفسي ، فجرحت بضعة عشر جرحًا ، فإني لأضع اليوم يدي على بعض تلك الجراحة التي جُرحتُ مع عثمان رحمه الله ، فأرجو أن يكون خير أعمالي.
_حاشية__________
(1) أنا الذي أُقاتل بهم : تحرفت في المطبوع إلى : "أنا الذي أقابلهم" وصوابه من الأصل وابن عساكر ص 426 وهو ينقل عن ابن سعد.(6/475)
7589- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، عن محمد بن عبد الله ، عن الزهري ، عن عروة قال : كان عثمان قد أمر عبد الله بن الزبير أن يصلي بأهل داره ما كان محصورًا وكان يصلي بهم في صحن الدار.(6/475)
7590- قال : أخبرنا أبو عبيد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : كان عبد الله بن الزبير قد شهد يوم الجمل مع أبيه وعائشة ، وكان لا يأخذ بخطام الجمل أحد إلا قُتِل ، فجاء عبد الله بن الزبير بخطامه ، فقالت عائشة : من أنت ؟ قال : عبد الله بن الزبير ، قالت : وَاثُكْلَ أسماء ، قال : فأقبل الأشتر فعرفني وعرفته ثم اعتنقني واعتنقته فقلت : اقتلوني ومالكًا ، وقال الأشتر : اقتلوني وعبد الله ، ولو قلت : الأشتر لقتلنا جميعاً.(6/475)
7591- قال : أخبرنا أبو عبيد ، قال : حدثنا أبو بكر الهذلي ، عن محمد بن المرتفع ، قال : حدثنا ابن الزبير قال : خرج إلينا رجل من أصحاب عليّ فقال : يا معشر شباب قريش أكفونا أنفسكم ، فإن لم تفعلوا فإني أحذركم رجلين ، أما أحدهما فجندب بن زهير الأزدي ، وسأصفه لكم هو رجل طويل ، طويل الرمح يحتزم على درعه حتى يقلّص عن ساقيه ، وأما الآخر فالأشتر مالك بن الحارث ، وسأصفه لكم هو رجل طويل ، طويل الرمح يسحب درعه سحبًا يَخُبّ عند النِّزال ، قال ابن الزبير : فبينا أنا أقاتل إذ أقبل جندب بعرفته بصفته فأردت أن أحيد عنه ، فقلت : والله ما حدت عن قِرْن قَط فانتهى إليّ فطعنني في وَجْهِ حَدِيد كان عَليَّ فزلق الرمح ، فقال : أولى لك ، قد عرفتك ، لولا خالتك لقتلتك ثم دُفِع إلى عبد الرحمن بن عَتّاب بن أسيد فطعنه فأذراه كالنّخْلَة السحوق معْتصِبًا بِبُردَة حِبَرَة ، ثم قاتلت ساعة فإذا أنا بمالك قد أقبل فعرفته بصفته فأردت أن أحيد عنه فقلت : والله ما حدت عن قرن قط ، فدفع إلى فتطاعنّا برمحينا حتى كأنهما قضيبان ، ثم اضطربنا بسيفينا حتى كأنهما مِخْراقان ، ثم احتملني فضرب بي الأرض وقال : لولا خالتك ما شربت الماء البارد.(6/476)
7592- قال : أخبرنا يحيى بن عباد ، والحسن بن موسى ، قالا : حدثنا حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، أن عبد الله بن الزبير ارْتُثَّ يوم الجمل ، فلما كان عند غروب الشمس قيل له : الصلاة فقال : أما الصلاة فإني لا أستطيعها ولكن أكبر.(6/476)
7593- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا مسعود بن سعد ، قال : حدثني يزيد بن مالك ، عن زَحْر بن قيس ، قال : دخلت مع ابن الزبير الحمّام ، فإذا في رأسه ضربة لو صب فيها قارورة من دهن لاستقر ، قال : تدري من ضربني هذه ؟ ابن عمك الأشتر .(6/476)
7594- قال : أخبرنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا جرير بن حازم ، قال : حدثنا حبيب بن الشهيد ، عن أبي مِجْلَز قال : دخل معاوية بيتًا وفيه عبد الله بن عامر ، وابن الزبير ، فلما رآه ابن عامر قام ، ولم يقم ابن الزبير ، وكان أرجح الرجلين ، فقال معاوية لابن عامر : اجلس يا ابن عامر ، فإني سمعت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يقول : من أحب أن يَمْثُلَ له العباد قيامًا فليتبوأ بيتًا أو قال مقعدًا من النار.(6/477)
7595- قال : أخبرنا عارم بن الفضل ، قال : حدثنا مهدي بن ميمون ، قال : حدثنا محمد بن أبي يعقوب الضبي ، أن معاوية بن أبي سفيان كان يلقى ابن الزبير فيقول : مرحبا يا ابن عمة رسول الله وابن حواري رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ويأمر له بمائة ألف.(6/477)
7596- قال : أخبرنا مسلم بن إبراهيم ، قال : حدثني الحارث بن عبيد ، قال : حدثنا أبو عمران الجوني ، أن نَوْفًا كان يقول : إني أجد في كتاب الله المنزل أن ابن الزبير فارس الخلفاء (1).
_حاشية__________
(1) أورده ابن عساكر ص 404 نقلاَّ عن ابن سعد ، والذهبي في سير أعلام النبلاء 3/367 وما بين حاصرتين منهما.(6/477)
7597- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عبد الله بن جعفر ، عن عمته أم بكر بنت المسور بن مخرمة (ح) قال (1): وحدثني شرحبيل بن أبي عون ، عن أبيه (ح) قال : وحدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد ، وغيرهم أيضًا قد حدثني بطائفة من هذا الحديث ، قالوا : لم يزل ابن الزبير مقيمًا بالمدينة في خلافة معاوية بن أبي سفيان فتوفي معاوية ، فبعث يزيد بن معاوية إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وهو يومئذٍ والي المدينة ينْعي معاوية ، ويأمره أن يبايع مَنْ قِبَلَه من الناس ، فجاءه الرسول ليلاَّ فأرسل إلى ابن الزبير فدعاه إلى البيعة فقال : حتى نُصبح (2) فتركه ، فخرج ابن الزبير وهو يقول : هو يزيد الذي نعرف ، والله ما أحدث خيرًا ولا مروءة ، وخرج من ليلته إلى مكة ، فلم يزل مقيمًا بها حتى خرج حسين بن علي منها إلى العراق ،
_حاشية__________
(1) منسوخة هكذا بالمطبوع ، وهي تصحيف والصحيح : "قالت".
(2) كذا في الأصل ، والمطبوع : "تصبح" كذا لدي ابن عساكر ، ولعل محقق المطبوع تبعه دون أن يشير على ذلك.(6/477)
ولزم ابن الزبير الحِجْر ولبس المُعَافِري وجعل يُحرِّض الناس على بني أمية ، وبلغ يزيد ذلك ، فوجد عليه ، فقال ابن الزبير : أنا على السمع والطاعة لا أبدل ولا أغير ، ومشى إلى يحيى بن حكيم بن صفوان بن أُمَية الجمحي وهو والي مكة ليزيد بن معاوية ، فبايعه له على الخلافة ، فكتب بذلك يحيى إلى يزيد فقال : لا أقبل هذا منه حتى يؤتى به في جَامِعَة ، فقال له ابنه معاوية بن يزيد : يا أمير المؤمنين ادفع الشر عنك ما اندفع ، فإن ابن الزبير رجل لَحِز لجوج ، ولا يطيع بهذا أبدًا ، وإن تُكَفّر عن يمينك وتلُهى منه حتى تنظر ما يصير إليه أمره أفضل ، فغضب يزيد وقال : إن في أمرك لعجب ، قال : فادع عبد الله بن جعفر فسله عما أقول وتقول ، فدعى عبد الله بن جعفر فذكر له قولهما ، فقال عبد الله : أصاب أبو ليلى ووفِّقَ ، فأبى يزيد أن يقبل ذلك وعزل الوليد بن عتبة عن المدينة ، وولاها عمرو بن سعيد بن العاص وأرسل إليه : إن أمير المؤمنين يقسم بالله لا يقبل من ابن الزبير شيئًا حتى يؤتى به في جامعةٍ ، فعرضوا ذلك على ابن الزبير فأبى ، فبعث يزيد : الحصين بن نمير ، وعبد الله بن عضاه الأشعري بجامعة إلى ابن الزبير يقسم له بالله لا يقبل منه إلا أن يؤتى به فيها ، فمرّا بالمدينة ، فبعث إليه مروان معهما عبد العزيز بن مروان ، يكلمه في ذلك ويهون عليه الأمر.
فقدموا عليه مكة فأبلغوه يمين يزيد بن معاوية ورسالته ، وقال له عبد العزيز بن مروان : إن أبي أرسلني إليك عناية بأمرك وحفظًا لحرمتك ، فأبْرِر يمينَ أمير المؤمنين ،(6/478)
فإنما تجعل عليك جامعة فضة أو ذهب وتلبس عليها بُرْنسا فلا تبدو إلا أن يسمع صوتها . فكتب ابن الزبير إلى مروان يجزيه خيرًا ويقول : قد عرفت عنايتك ورأيك ، فأما هذا فإني لا أفعله أبدا ، فليكفِّر يزيد عن يمينه أو يدع.
وقال ابن الزبير : اللهم إني عائذ ببيتك الحرام ، وقد عرضت عليهم السمع والطاعة فأبوا إلا أن يُخلوا (1) بي ويستحلوا مني ما حرّمت.
فمن يومئذ سمي العائذ ، وأقام بمكة لا يعرض لأحد ، ولا يعرض له أحد ، فكتب يزيد بن معاوية إلى عمرو بن سعيد أن يوجّه إليه جندًا ، فسأل عمرو بن سعيد : من أعدى الناس لعبد الله بن الزبير ؟ فقيل أخوه عمرو بن الزبير ، فولاه شرطه بالمدينة فضرب ناسا كثيرا من قريش والأنصار بالسياط وقال : هؤلاء شيعة عبد الله بن الزبير ، وفرّ منه قوم كثير في نواحي المدينة.
ثم وجه إلى عبد الله بن الزبير في جيش من أهل الشام ألف رجل ، وأمرهُ بقتاله.
فمضى عمرو بن الزبير حتى قدم مكة فنزل بذي طوى ، وأتى الناس عمرو بن الزبير يُسلمون عليه وقال : جئت لأن يعطي عبد الله الطاعة ليزيد ويبرّ قسمه ، فإن أبى قاتلته . فقال له جبير بن شيبة : كان غيرك أولى بهذا منك ، تسير إلى حرم الله وأمنه ، وإلى أخيك في سِنه وفضله ، تجعله في جامعة ؟! ما أرى الناس يدعونك وما تريد . قال : أرى أن أقاتل من حال دون ما خرجت له.
ثم أقبل عمرو ، فنزل داره عند الصفا ، وجعل يرسل إلى أخيه ، ويرسل إليه أخوه ، فما قدم له ، وكان عمرو يخرج فيصلي بالناس ، وعسكره بذي طوى ، وابن الزبير معه يشبك أصابعه في أصابعه ، ويكلمه في الطاعة ، ويلين له الكلام ، فقال عبد الله بن الزبير : ما بعد هذا شيء ، إني لسامع مطيع ، أنت عامل يزيد وأنا أصلى خلفك ، ما عندي خلاف ، فأما أن تجعل في عنقي جامعة ،
_حاشية__________
(1) في الأصل : "يحلوا" والمثبت لدي ابن عساكر في تاريخه ص 450 وهو ينقل عن ابن سعد ، ومثله في مختصر ابن منظور 12/193، وأخل به : لم يف .(6/479)
ثم أقاد إلى الشام ، فإني نظرت في ذلك فرأيته لا يحل لي أن أحل بنفسي ، فراجع صاحبك واكتب إليه ، قال : لا والله ما أقدر على ذلك.
فهيّأ عبد الله بن صفوان قومًا كانوا مُعَدِّين مع ابن الزبير من أهل السَّراة وغيرهم ، فعقد لهم لواءً ، وخرج عبد الله بن صفوان من أسفل مكة من اللِّيْط فلم يشعر أُنَيْس بن عمرو الأسلمي وهو على عسكر عمرو بن الزبير ، إلا بالقوم ، فصاح بأصحابه وهم قريب على عُدّة فتصافوا ، فقتل أنيس بن عمرو في المعرك ، ووجه عبد الله بن الزبير مصعب بن عبد الرحمن بن عوف في جمع إلى عمرو بن الزبير ، فلقوه فتفرق أصحابه عنه وانهزم عسكره من ذي طوى ، وجاء عبيدة بن الزبير إلى عمرو بن الزبير فقال : أنا أُجيرك من عبد الله ، فجاء به إلى عبد الله أسيرًا والدم يقطر على قدميه ، فقال : ما هذا الدم ؟ فقال :
لسنا على الأعقاب تدمي كُلُومنا ... ولكن على أقدامنا يَقْطُرُ الدمُ
فقال : تكلم ، أي عدو الله ، المستحل لحرمة الله ، فقال عبيدة : إني قد أجرته فلا تخفر جواري ، فقال : أنا أجير جوارك لهذا الظالم الذي فعل ما فعل ، فأما حق الناس فإني أقتص لهم منه.
فضربه بكل سوط ضرب به أحدًا من الذين بالمدينة وغيرهم ، إلا محمد بن المنذر بن الزبير فإنه أبى أن يقتص ، وعثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام فإنه أبى أيضاً.
وأمر به فحبس في حبس زيد عارم ، وكان زيد عارم مع عمرو بن الزبير ، فأخذه فحبسه مع عمرو بن الزبير ، فسمي ذلك الحبس سجن عارم ، وبنى لزيد عارم ذراعين في ذراعين ، وأدخله وأطبق عليه بالجص والآجرِّ.
وقال عبد الله بن الزبير : من كان يطلب عمرو بن الزبير بشيء فليأتنا نقصّه منه ، فجعل الرجل يأتي فيقول : نتف أشفاري ، فيقول انتف أشفاره ،(6/480)
وجعل يقول الآخر : نتف حلمتي ، فيقول : انتف حلمته ، وجعل الرجل يأتي فيقول : لهزني ، فيقول : الْهَزْه ، وجعل الرجل يجيء فيقول : نتف لحيتي ، فيقول : انتف لحيته.
وكان يقيمه كل يوم ، ويدعو الناس إلى القصاص منه سنة ، فقام مصعب بن عبد الرحمن بن عوف فقال : جلدني مائة جلدة بالسياط ، وليس بوالٍ ، ولم آت قبيحًا ، ولم أركب منكرًا ، ولم أخلع يدًا من طاعة ، فأمر بعَمْرٍ أن يقام ، ودفع إلى مصعب سوطًا ، وقال له عبد الله بن الزبير : اضرب ، فجلده مصعب مائة جلدة بيده ، فنغل جسد عمرو فمات ، فأمر به عبد الله فصلب.
قالوا : ونحّى عبد الله بن الزبير ، الحارث بن خالد عن الصلاة بمكة ، وكان عاملاَّ ليزيد بن معاوية عليها ، وأمر مصعب بن عبد الرحمن أن يصلي بالناس ، فكان يصلي بهم ، وكان لا يقطع أمرًا دون المِسور بن مخرمة ، ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف ، وجبير بن شيبة ، وعبد الله بن صفوان بن أُمَية ، يشاورهم في أمره كله ، ويريهم أن الأمر شورى بينهم لا يستبدُّ بشيء منه دونهم ، ويصلي بهم الصلوات والجمع ويحج بهم.
وعزل يزيد بن معاوية ، عمرو بن سعيد عن المدينة ، وولاها الوليد بن عتبة ، ثم عزله وولى عثمان بن محمد بن أبي سفيان ، فوثب عليه أهل المدينة فأخرجوه ، وكانت وقعة الحرة.
وكانت الخوارج قد أتته وأهل الأهواء كلهم ، وقالوا : عائذ الله ، وكان شعاره : لا حكم إلا الله ، فلم يزل على ذلك بمكة ، وحج بالناس عشر سنين ولاءً ، أولها سنة اثنتين وستين , وآخرها سنة إحدى وسبعين.(6/481)
7598- قال : أخبرنا عارم بن الفضل ، قال : حدثنا حماد بن زيد (1)، عن هشام بن عروة قال : كان عبد الله بن الزبير بمكة تسع سنين.
_حاشية__________
(1) تصحف بالمطبوع إلى : "حماد بن يزيد".(6/481)
7599- قال : أخبرنا أنس بن عياض ، عن هشام بن عروة ، أن عبد الله بن الزبير أقام بمكة تسع سنين ، يهل بالحج لهلال ذي الحجة.(6/481)
7600- قال : أخبرنا كثير بن هشام ، قال : حدثنا جعفر بن برقان ، قال : حدثنا ميمون بن مهران ، قال : شهدت الموسم مع عبد الله بن الزبير ، قال : فعلم الناس مناسكهم ، ثم قال : إذا انصرفتم ، إن شاء الله ، إلى أهليكم ، فاذكروا الله وكبروه عند هبوط وصعود.(6/482)
7601- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا أبو سعيد (1) بن عوذ البراد ، قال : حدثنا محمد بن المرتفع ، قال : سمعت ابن الزبير يقول : يا معشر الحاج ، سلوني فعلينا كان التنزيل ، ونحن حضرنا التأويل ، فقال له رجل من أهل العراق : دخلت في جرابي فأرة أيحل لي قتلها وأنا محرم ؟ قال : اقتل الفُوَيْسِقَة ، قال : أخبرنا بالشفع والوتر ، والليال العشر ؟ قال : العشر الثمان وعرفة والنحر ، والشفع : من تعجل في يومين فلا إثم عليه ، ومن تأخر فلا إثم عليه ، وهو اليوم.
_حاشية__________
(1) "ث" : "عن" وصوابه لدي ابن عساكر وهو ينقل عن ابن سعد.(6/482)
7602- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا سفيان ، عن محمد بن المنكدر قال : رأيت ابن الزبير يأتي الجمار ماشياً.(6/482)
7603- أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، قال : حدثني من رأى ابن الزبير صائمًا يوم عرفة.(6/482)
7604- قال : أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال : حدثنا زهير ، قال : حدثنا زيد بن جبير الجشمي ، أنه رأى عبد الله بن الزبير يطوف بالبيت وعليه بُرطُلّة.(6/482)
7605- قال : أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال : حدثنا زهير ، قال : حدثنا عروة بن عبد الله بن قُشَير ، قال : ما رأيت إنسانًا أسرع مشيًا حول البيت من ابن الزبير قال : وكان يؤمنا عند المقام ، فإذا فرغ من المكتوبة صلى تحت الميزاب قائمًا ما يحرك منه شيء.(6/482)
7606- قال : أخبرنا عفان بن مسلم ، و عارم بن الفضل ، قالا : حدثنا حماد بن زيد ، قال : حدثنا ثابت البناني ، قال : ذُكِرَ ابن الزبير قال : كنا نمرّ به خلف المقام يصلي كأنه شيء منصوب موضوع.(6/482)
7607- قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا حسن بن صالح ، عن موسى بن أبي عائشة ، قال : كان ابن الزبير يصفُّ قدميه في الصلاة.(6/483)
7608- قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن الزبير ، أنه كان يقوم في الصلاة كأنه عود ، وكان أبو بكر يفعل ذلك ، قال مجاهد : هو الخشوع في الصلاة.(6/483)
7609- قال : أخبرنا مسلم بن إبراهيم ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق أبو إسماعيل الثقفي مولى الحجاج بن يوسف ، قال : حدثنا أبي ، وكان خادمًا لعبد الله بن الزبير ، قال : كان عبد الله بن الزبير إذا سمع أذان المغرب ، قام فصلى ركعتين بين الأذان والإقامة ، فإذا انصرف من الصلاة انصرف عن يمينه.(6/483)
7610- قال : أخبرنا معن بن عيسى ، وعبد الله بن مسلمة بن قعنب ، قالا : حدثنا مالك بن أنس ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، أنه كان إذا سمع الرعد ، ترك الحديث ، وقال : سبحان من سبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ، ويقول : إن هذا لوعيد لأهل الأرض شديد.(6/483)
7611- قال : أخبرنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا يزيد بن إبراهيم ، قال : سمعت عمرو بن دينار قال : كان ابن الزبير إذا صلى يرسل يديه.(6/483)
7612- قال : أخبرنا عارم بن الفضل ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : حدثنا عِسْل بن سفيان ، عن عطاء بن أبي رباح ، قال : صليت مع ابن الزبير المغرب فسلم في ركعتين ، ثم قام إلى الركن ليمسحه فسبح القوم ، فرجع فصلى بهم الركعة ثم سلم ، ثم سجد سجدتين ، فأتيت ابن عباس من فوري فأخبرته ، فقال : لله أبوك ، فكيف صنع فأخبرته ، فقال : ما ماط عن سنة نبيه.(6/483)
7613- قال : أخبرنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، قال : أخبرنا عمرو بن دينار ، قال : صلى بنا ابن الزبير في جمعة ، ويوم فطر ، فخطبنا في ظل الحجر بعدما ارتفع النهار ، وأخر الصلاة بعض التأخير ، فجئت إلى الجمعة فلم يخرج إلينا إلى صلاة العصر.(6/483)
7614- قال : أخبرنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، قال : أخبرنا حبيب بن أبي بقية المعلم ، عن عطاء ، أن ابن عباس أخبر بما صنع ابن الزبير فقال : أصاب.(6/484)
7615- قال : أخبرنا عفان بن مسلم قال : حدثنا حماد بن سلمة ، قال : حدثنا هشام بن عروة ، عن أبيه قال : قال عبد الله بن الزبير : والله ما كنت أُمَكّن من التمر كما أريد ، وما هي إلا قبضة تقبض لي من أول النهار وقبضة من آخر النهار.(6/484)
7616- قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا حفص بن غياث ، عن هشام بن عروة ، عن عروة قال : قال عبد الله بن الزبير : أطعموني تمرا ، قالوا : قد أكلت اليوم مرة ، قال : فلا.(6/484)
7617- قال : أخبرنا روح بن عبادة ومسلم بن إبراهيم ، قالا : حدثنا الأسود بن شيبان ، عن أبي نوفل بن أبي عقرب قال : دخلت على عبد الله بن الزبير صبيحة خامسة من العشر الأواخر من رمضان وهو يواصل.(6/484)
7618- قال : أخبرنا روح بن عبادة ويحيى بن عباد قالا : حدثنا حماد بن سلمة ، عن عمار بن أبي عمار ، أن عبد الله بن الزبير كان يواصل سبعة أيام ، فإذا كانت ليلة السابعة ، دعا بإناء من سمن فشربه ، ثم أتى بثريدة في صحفة عليها عرقان ، ويؤتى الناس بالجفان فتوضع بين أيديهم فيقول : يا أيها الناس هذا من خالص مالي وهذا من بيت مالكم.(6/484)
7619- حدثنا روح بن عبادة قال : حدثنا حبيب بن الشهيد ، عن ابن أبي مليكة قال : كان ابن الزبير يواصل سبعة أيام ، فيصبح اليوم الثامن وهو أليثنا.(6/484)
7620- قال : أخبرنا حفص بن عمر الحوضي قال : حدثنا يزيد بن إبراهيم قال : حدثنا عمرو بن دينار ، أن ابن الزبير كان يواصل بين السبع.(6/484)
7621- قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر الرَّقي ، قال : حدثنا أبو المليح ، عن ميمون ، أن ابن الزبير كان يواصل الصيام من الجمعة إلى الجمعة ، فإذا أفطر ، استغاث بالسمن يحسوه يُلين أمعاءه.(6/484)
7622- قال : أخبرنا (عبد الوهاب) (1) بن عطاء ، عن هشام بن حسان قال : كان عبد الله بن الزبير يصوم عشرة أيام لا يفطر فيها قال : فكان إذا دخل رمضان ، أكل أكلة في نصف الشهر.
_حاشية__________
(1) عبد الوهاب : تحرف في الأصل إلى : "عبد الله" ، وصوابه لدي ابن عساكر وهو ينقل عن ابن سعد.(6/485)
7623- قال : أخبرنا المعلى بن أسد قال : حدثنا سلام بن أبي مطيع ، عن هشام بن عروة ، أن عمه ابن الزبير كان يغتسل كل ليلة مرة وكل يوم مرة.(6/485)
7624- قال : أخبرنا سليمان بن حرب قال : حدثنا جرير بن حازم ، عن (عبد الله ) (1) بن عبيد بن عمير ، قال : كان ابن الزبير إذا كان في أهله جنازة ، كان كأنه قائم على رجل حتى يخرجها.
_حاشية__________
(1) عبد الله بن عبيد بن عمير : تحرف في الأصل إلى : "عبد بن عبيد بن عمير" وصوابه من المزي والتقريب.(6/485)
7625- قال : أخبرنا أزهر بن سعد السمان ، عن ابن عون ، عن محمد ، قال : دخل ابن عمر على امرأة ابن الزبير فقالت : إنما بي أنك ترى أنه يقاتل على الدنيا قال : هو في نفسي ولو شاء الله لم يجعله.(6/485)
7626- قال : أخبرنا أبو أسامة ، عن الأعمش ، عن شمر بن عطية ، عن هلال بن يساف قال : حدثني البريد الذي جاء برأس المختار إلى عبد الله بن الزبير قال : لما وضعته بين يديه قال : ما حدثني كعب بشيء أصبته في سلطاني ، إلا قد رأيته غير هذا ، فإنه حدثني أنه يقتلني رجل من ثقيف فأراني الذي قتلته.
قال محمد بن عمر : وكان مصعب بن الزبير هو الذي قتل المختار وبعث برأسه إلى عبد الله بن الزبير ، وتخلف على العراق ووجه إلى خرسان.(6/485)
رجع الحديث إلى الأول :
(* قال : ولما بلغ يزيد بن معاوية وثوبُ أهل المدينة وإخراجهم عامله وأهل بيته عنها ، وجه إليهم مسلم بن عقبة المري ، وهو يومئذ ابن بضع وتسعين سنة ، كانت به النّوطة ، فوجهه في جيش كثيف ، فكلمه عبد الله بن جعفر في أهل المدينة ، وقال : إنما تقتل بهم نفسك . فقال : أجل أقتل بهم نفسي ، وأشفي نفسي ، ولك عندي واحدة ، آمر مسلم بن عقبة أن يتخذ المدينة طريقا ، فإن هم تركوه ، ولم يعرضوا له ، ولم ينصبوا الحرب ، تركهم ، ومضى إلى ابن الزبير فقاتله ، وإن هم منعوه أن يدخلها ونصبوا له الحرب ، بدأ بهم ، فناجزهم القتال ، فإن ظفر بهم قتل من أشرف له ، وأنهبها ثلاثًا ثم مضى إلى عبد الله بن الزبير.
فرأى عبد الله بن جعفر ، في هذا فرج كبير ، وكتب بذلك إليهم ، وأمرهم أن لا يعرضوا لجيشه إذا مر بهم ، حتى يمضي عنهم إلى حيث أرادوا . وأمر يزيد مسلم بن عقبة بذلك ، وقال : إن حدث بك حدث ، فحصين بن نمير على الناس ، فورد مسلم بن عقبة المدينة ، فمنعوه أن يدخلها ، ونصبوا له الحرب ، ونالوا من يزيد ، فأوقع بهم وأنهبها ثلاثا.
ثم خرج يريد ابن الزبير ، وقال : اللهم إنه لم يكن قوم أحب إليّ أن أقاتلهم من قوم خلعوا أمير المؤمنين ، ونصبوا لنا الحرب ، اللهم فكما أقررت عيني من أهل المدينة ، فأبقني حتى تقر عيني من ابن الزبير ، ومضى فلما كان بالمشلل نزل به الموت ، فدعا حصين بن نمير فقال له : يابرذعة الحمار ، لولا عهد أمير المؤمنين إليّ فيك ما عهدت إليك ، اسمع عهدي ، لا تمكن قريشا من أذنك ، ولا تزدهم على ثلاث ؛ الوقاف ، ثم الثقاف ، ثم الانصراف . وأعلم الناس أن الحصين واليهم ، ومات مكانه ، فدفن على ظهر المشلل لسبع ليال بقين من المحرم سنة أربع وستين.
_حاشية__________
(* من هذه العلامة إلى مثلها في "487" أورده ابن عساكر ص- 451 نقلا عن ابن سعد.(6/486)
ومضى حصين بن نمير في أصحابه حتى قدم مكة فنزل بالحجون إلى بئر ميمون وعسكر هناك . فحاصر ابن الزبير قبل سلخ المحرم بأربع ليال وصفر وشهر ربيع الأول ، فكان الحصر أربعة وستين يوما ، يتقاتلون فيها أشد القتال ، ونصب الحصين المنجنيق على ابن الزبير وأصحابه ورمى الكعبة ، ولقد قتل من الفريقين بشر كثير ، وأصاب المسور فلقة من حجر المنجنيق فمات ليلة جاء نعي يزيد بن معاوية ، وذلك لهلال شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين.
فكلم حصين بن نمير ومن معه من أهل الشام عبد الله بن الزبير أن يدعهم يطوفوا بالبيت وينصرفوا عنه ، فشاور في ذلك أصحابه ثم أذن لهم فطافوا ، وكلم ابن الزبير الحصين بن نمير وقال له : قد مات يزيد وأنا أحق الناس بهذا الأمر ، لأن عثمان عهد إليّ في ذلك عهدا ، صلى به خلفي طلحة والزبير ، وعرفته أم المؤمنين ، فبايعني ، وادخل فيما دخل فيه الناس معي ، يكن لك ما لهم ، وعليك ما عليهم . قال له الحصين بن نمير : إني والله يا أبا بكر لا أتقرب إليك بغير ما في نفسي ، أقدم الشام فإن وجدتهم مجتمعين لك أطعْتُكَ ، وقاتلتُ من عصاك ، وإن وجدتهم مجتمعين على غيرك أطعته وقاتلتك ولكن سر أنت معي إلى الشام أملكك رقاب العرب . فقال ابن الزبير : أو أبعث رسولا . قال : تبًّا لك سائر اليوم ، إن رسولك لا يكون مثلك.
وافترقا وأمن الناس ووضعت الحرب أوزارها ، وأقام أهل الشام أياما يبتاعون حوائجهم ، ويتجهزون ، ثم انصرفوا راجعين إلى الشام . فدعا ابن الزبير من يومئذ إلى نفسه ، فبايع الناس له على الخلافة ، وسُمي أمير المؤمنين ، وترك الشعار الذي كان عليه ، ويدعى به ، عائذ الله ، ولا حكم إلا لله ، قبل أن يموت مصعب بن عبد الرحمن بن عوف والمسور بن مخرمة . وفارقته الخوارج وتركوه ، وولى العمال ، فولّي المدينة : مصعب بن الزبير بن العوام فبايع له الناس ، وبعث الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة إلى البصرة فبايعوه ، وبعث عبد الله بن مطيع إلى الكوفة فبايعوه ، وبعث عبد الرحمن بن عتبة بن جَحدم الفهري إلى مصر أميرا فبايعوه ، وبعث واليه إلى اليمن فبايعوه ، وبعث واليه إلى خرسان فبايعوه ، وبعث الضحاك ابن قيس الفهري إلى الشام واليًا فبايع له عامة أهل الشام ، واستوسقت له البلاد كلها ، ما خلا طائفة من أهل الشام ، كان بها مروان بن الحكم وأهل بيته (*).(6/487)
7627- قال : وأخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا موسى بن يعقوب ، عن عمه أبي الحارث بن عبد الله بن وهب بن زمعة (ح) قال : وأخبرنا شرحبيل بن أبي عون ، وعبد الله بن جعفر ، عن أبي عون (ح) قال : وأخبرنا إبراهيم بن موسى ، عن عكرمة بن خالد (ح) قال : وأخبرنا أبو صفوان العطاف بن خالد ، عن أخيه ، قالوا : لما ارتحل الحصين بن نمير من مكة لخمس ليال خلون من شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين ، أمر عبد الله بن الزبير بتلك الخصاص التي كانت حول الكعبة فهدمت ، فبدت الكعبة ، وأمر بالمسجد فكنس ما فيه من الحجارة والدماء ، فإذا الكعبة تنغض مُتَوَهِنة من أعلاها إلى أسفلها فيها أمثال جيوب النساء من حجارة المنجنيق ، وإذا الركن قد اسودّ واحترق من الحريق الذي كان حول الكعبة ، فشاور ابن الزبير الناس في هدمها وبنائها ، فأشار عليه جابر بن عبد الله بن عمير وغيرهما بأن يهدمها ويبنيها ، وأبى ذلك عليه عبد الله بن عباس وقال : أخشى أن يأتي من بعدك فيهدمها فلا تزال تهدم ، فيتهاون الناس بحرمتها فلا أحب لك.
وكان قد شاور المسور بن مخرمة قبل أن يموت في هدمها ، فأشار عليه بذلك ، فمكث أياما يشاور في هدمها ، ثم انبرى له أن يهدمها.
فغدا عليها بالفعلة يوم السبت للنصف من جمادى الآخرة سنة أربع وستين ، فهدمها حتى وضعها كلها بالأرض ، ثم حفر الأساس فوُجِدَ واصلاَّ بالحجر مُشَبكًا كأصابع يديّ هاتين ، فدعا خمسين رجلا من قريش ، وأشهدهم على ذلك ، وجعل الحجر عنده في تابوت في سرقة من حرير ، ثم بنى البيت وأدخل الحجر فيه ، وجعل للكعبة بابين موضوعين بالأرض ، باب يُدخل منه ، وباب يُخرج منه بإزائه من خلفه ،
_حاشية__________
(1) عمه أبي الحارث بن عبد الله : تحرف في المطبوع إلى : "عمه ابن أبي الحارث عبد الله" وصوابه من التاريخ الكبير للبخاري 8/346 ، وتهذيب الكمال 29/172 وهو "يزيد بن عبد الله بن وهب بن زمعة".(6/488)
وقال : إن عائشة حدثتني أن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم قال لها : إن أراد قومك يبنون البيت على ما كان على عهد إبراهيم فليفعلوا ذلك . فأرتني عائشة الذي أراها رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، فكان عندي مذروعا حتى وليت هذا الأمر ، فلم أعدُ به ما قال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، فرأى الناس يومئذ أنه قد أصاب.
وبنى البيت حتى بلغ موضع الركن الأسود فوضعه ، وكان الذي وضعه حمزة بن عبد الله بن الزبير ، وشده بالفضة لأنه كان انصدع ، ثم رد الكعبة على بنائها ، وزاد في طولها فجعله سبعًا وعشرين ذراعًا ، وخلّق جوفها ، ولطخّ جدرها بالمسك حتى فرغ منها من خارج ، وسترها بالديباج ، وهو أول من كساها الديباج.
فلما فرغ من بناء الكعبة اعتمر من خيمة جُمانه ماشيًا معه رجال من قريش ، ابن صفوان وعبيد بن عمير وغيرهما ، ولبّى حتى نظر إلى البيت ، وخيمة جمانة عند مسجد عائشة.
قال : وبايع أهل الشام مروان بن الحكم ، فسار إلى الضحاك بن قيس الفهري وهو في طاعة ابن الزبير يدعوا له ، فلقيه بمرج راهط ، فقتله وفضّ جمعه . ثم رجع فوجه حبيش بن دلجة القيني في ستة آلاف وأربعمائة إلى ابن الزبير ، فسار حتى نزل بالجرف في عسكره ، ودخل المدينة فنزل في دار مروان ، دار الإمارة ، واستعمل على سوق المدينة رجلاَّ من قومه يدعى مالكًا ، أخاف أهل المدينة خوفا شديدا وآذاهم ، وجعل يخطبهم فيشتمهم ويتوعدهم وينسبهم إلى الشقاق والنفاق والغش لأمير المؤمنين فكتب عبد الله بن الزبير إلى الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة وهو واليه على البصرة ، أن يوجه إلى المدينة جيشًا ، فبعث الحنتف بن السّجف التميمي في ثلاثة آلاف . فخرجوا معهم ألف وخمسمائة فرس وبغال وحمولة ، وبلغ الخبر حبيش بن دلجة فقال : نخرج من المدينة فنلقاهم ، فإنا لا نأمن أهل المدينة أن يعينوهم علينا ، فخرج وخلّف على المدينة ثعلبة الشامي .(6/489)
فالتقوا بالربذة عند الظهر ، فاقتتلوا قتالاَّ شديدا ، فقتل حبيش بن دلجة ، وقتل من أصحابه خمسمائة ، وأسر منهم خمسمائة , وانهزم الباقون أسوأ هزيمة ، ففرح أهل المدينة بذلك ، وقُدم بالأسارى فحبسوا في قصر خلّ ، فوجه إليهم عبد الله بن الزبير مصعب بن الزبير فضرب أعناقهم جميعاً.
قالوا : فلما بويع عبد الملك بن مروان ، بعث عروة بن أنيف في ستة آلاف إلى المدينة ، وأمرهم أن لا ينزلوا على أحد ، ولا يدخلوا المدينة إلا لحاجة لا بدّ منها ، وأن يعسكروا بالعرصة ، فنزل عروة بجيشه العرصة ، وهرب الحارث بن حاطب عامل ابن الزبير على المدينة ، فكان عروة ينزل فيصلي بالناس الجمعة ، ثم يرجع إلى معسكره ، فلم يبعث إليهم ابن الزبير أحدًا ولم يلقوا قتالاَّ ، فكتب إليهم عبد الملك ، أن يقبلوا إلى الشام ففعلوا ، ولم يتخلف منهم أحد ، ورجع الحارث بن حاطب إلى المدينة عاملاَّ لابن الزبير ، ثم بعث عبد الملك بن مروان ، عبد الملك بن الحارث بن الحكم في أربعة آلاف إلى المدينة فما دونها ، يلقون جموع ابن الزبير ومن أشرف لهم من عُمّاله.
وكان سليمان بن خالد بن أبي خالد الزرقي عابدًا له فضل ، فولاه ابن الزبير خيبر وفدك ، فخرج فنزل في عمله ، فبعث عبد الملك بن الحارث ، أبا القمقام في خمسمائة إلى سليمان بن خالد ، فقتله ، وقتل من كان معه ، فلما انتهى خبره إلى عبد الملك بن مروان أغاظه وكره قتله . ووجه عبد الملك بن مروان طارق بن عمرو في ستة آلاف وأمره أن يكون فيما بين أيلة ووادي القرى مددًا لمن يحتاج إليه من عمال عبد الملك بن مروان أو من كان يريد قتاله من أصحاب ابن الزبير ، وكان أبو بكر بن أبي قيس في طاعة ابن الزبير قد ولاه جابر بن الأسود خيبر ، فقصد له طارق فقتله في ستمائة من أصحابه ، وهرب من بقى منهم في كل وجه ،(6/490)
فكتب الحارث بن حاطب إلى عبد الله بن الزبير أن عبد الملك بن مروان بعث طارق بن عمرو في جمع كثير ، فَهُمْ فيما بين أيلة إلى ذي خُشُب ، يجدوا في أموال الناس ويقتطعونها ويظلمونهم ، فلو بعثت إلى المدينة رابطة لا تُدْخَل.
فكتب ابن الزبير إلى الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة ، أن يوجه إلى المدينة ألفين ويستعمل عليهم رجلاَّ فاضلاَّ ، فوجه إليهم ابن روّاس في ألفين ، فقدموا المدينة فمنعوها من جيوش أهل الشام ، وكانوا قومًا لا بأس بهم ، وكانت المدينة مرّة في يد ابن الزبير ، ومرّة في يد عبد الملك بن مروان ، أيهما غلب عليها استولى على أمرها ، وكانت أكثر ذلك تكون في يد ابن الزبير.
فلما بلغ ابن الزبير مقتل أبي بكر بن أبي قيس ، كتب إلى ابن روّاس أن يخرج في أصحابه إلى طارق بن عمرو ، فشق ذلك على أهل المدينة ، وخرج ابن رواس وبلغ ذلك طارقًا فندب أصحابه ، ثم التقوا بشبكة الدوم على تعبية ، فاقتتلوا قتالاَّ شديدًا ، ثم كانت الدولة لطارقٍ وأصحابه ، فقُتل ابن رواس وأصحابه قتلاَّ ذريعًا ، ونجا رجل منهم ، فقدم المدينة فأخبر بمقتل ابن رواس وأصحابه ، فسيء بذلك أهل المدينة ، ثم خرج ذلك الرجل إلى عبد الله بن الزبير ،فأخبره الخبر ، ورجع طارق إلى وادي القرى ، وكتب ابن الزبير إلى واليه بالمدينة أن يفرض لألفين من أهل المدينة يكونوا رِدْءًا للمدينة ممن يدهمها ، ففرض الفرض ولم يأت المال ، فبطل ذلك الفرض وسُمّي فرض الريح.(6/491)
7628- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور ، عن أبيها . ورياح بن مسلم ، عن أبيه . وإسماعيل بن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي ، عن أبيه ، قالوا : قدم أبو عبيد الثقفي من الطائف - وكان رجلاَّ صالحًا - وندب عمر الناس إلى أرض العراق ، فخرج أبو عبيد إليها فقتل وبقى ولده بالمدينة ، وكان المختار يومئذٍ غلامًا يُعرف بالانقطاع إلى بني هاشم ، ثم خرج في آخر خلافة معاوية أو أول خلافة يزيد إلى البصرة ، فأقام بها يُظهر ذكر الحسين بن علي ، فأُخبِر بذلك عبيد الله بن زياد ، فأخذه فجلده مائة جلدة ودرّعه عباءة ، وبعث به إلى الطائف. فلم يزل بها حتى قام عبد الله بن الزبير ودعا إلى ما دعا إليه ، فقدم عليه فأقام معه من أشد الناس قتالاَّ وأحسنه نيّة ومناصحة فيما يرون ، وكان يختلف إلى محمد بن الحنفية ، ويسمعون منه كلامًا ينكرونه ، فلما مات يزيد ، ومات المسور بن مخرمة ، ومصعب بن عبد الرحمن ، استأذن المختار بن الزبير في الخروج إلى العراق ، فأذن له وهو لا يشك في مناصحته وهو مصرٌّ على الغش له ،(6/491)
فكتب ابن الزبير إلى عبد الله بن مطيع وهو عامله على الكوفة يذكر له حاله عنده ويوصيه به ، فكان يختلف إلى ابن مطيع ، ويظهر مناصحة ابن الزبير ويعيبه في السر ، ويذكر محمد بن الحنفية فيمدحه ويصف حاله ويدعو إليه ، وحرّض الناس على ابن مطيع واتخذ شيعة يركبُ في جماعةٍ وخيلٍ ، فعدت خيله على خيل ابن مطيع فأصابوهم ، وخافه ابن مطيع فهرب ، فلم يطلبه المختار ، وقال : أنا على طاعة ابن الزبير ، فلأي شيء خرج ابن مطيع ؟.
وكتب إلى ابن الزبير يقع بابن مطيع ويجبّنه ويقول : رأيته مداهنًا لبني أمية فلم يسعني أن أقره على ذلك ، لما حملت في عنقي من بيعتك ، فخرج من الكوفة وأنا ومَنْ قِبَلِي على طاعتك ، فقبل منه ابن الزبير وصدّقه ، وأقره واليًا على الناس.
فلما اطمأن ورأى أن ابن الزبير قد قبل منه سار إلى منزل عمر بن سعد بن أبي وقاص فقتله في داره ، وقتل ابنه حفصًا أسوأ قِتْلة ، وجعل يتتبع قتلة الحسين من الديوان الذين خرجوا إليه ، فيقتل كل من قدر عليه ، وتغيّب كل من خالفه من أهل الكوفة ، ثم بعث مسالحه إلى السواد والمدائن وعمال الخراج ، فجبيت إليه الأموال. فبعث إليه عبد الملك بن مروان ، عبيد الله بن زياد في ستين ألفًا من أهل الشام ، فأخذ على الموصل ، فبعث المختارُ ، إبراهيم بن الأشتر في عشرين ألفًا من أصحابه ، لقتال عبيد الله بن زياد ،(6/492)
، فلقيه بأرض الموصل ، على نهر يدعى الخازر (1) فتراشقوا بالنبل ساعة ، وتشاولوا بالرماح ، ثم صاروا إلى السيوف ، فاقتتلوا أشد القتال ، إلى أن ذهب ثلث الليل ، وقُتل أهل الشام تحت كل حجر ، وهرب من هرب منهم ، وقتل عبيد الله بن زياد ، والحصين بن نمير في المعرك ، وبعث بالرؤس إلى المختار ، فبعث برأس عبيد الله بن زياد ، وبرأس الحصين بن نمير وستة نفر من رؤسائهم مع خلاد بن السائب الخزرجي ، فقدم بها المدينة يوما إلى الليل ، ثم خرج بها إلى ابن الزبير ، فنصبها على ثنية الحجون.
وجعل ابن الزبير يسأل خلاد بن السائب عن التقائهم وقتالهم ، فيخبره ، فقال : فكيف رأيت مناصحة المختار ؟ فقال : رأيته على ما يحب أمير المؤمنين ، يدعو له على منبره ، ويذكر طاعتك ومفارقة بني مروان.
ورجع المختار ومن معه إلى الكوفة ، وكتب إلى ابن الزبير يخدعه ويخبره أنه إنما يقوم بأمره ، ويسكنه حتى يمكنه ما يريد.
فأبصر ابن الزبير أمره ، وكلمه فيه عروة بن الزبير ، وعبد الله بن صفوان ، وغيرهما وأعلموه غِشه وسوء مذهبه ، وأنه ليس له بصاحب ، قال : فمن أُولى ؟ أحتاج على رجل جلد مجزئ مقدام ، فقال له مصعب بن الزبير : لا تولّ أحدًا أقوم بأمرك مني قال : فقد وليتك العراق ، فسر إلى الكوفة قال : ليس هذا برأي ، أقدم على رجل قد عرفته ، إنما هواه ورأيه في غيرنا ، وإنما يستتر بنا ، وقد اجتمع معه من الشيعة بشر كثير ، ولكني أقدم البصرة وأهلها سامعون مطيعون ، ثم أزحف إليه بالجنود إن شاء الله ، فقال ابن الزبير : هذا الرأي.
فسار مصعب إلى البصرة واليا عليها ، وبلغ المختار ، فعرف أنه الشر والسيف ، فكتب إلى ابن الزبير يشتمه ويعيبه ويقول : إنه لا طاعة لك على أحد ممن قبلي ، فأجلب بخيلك ورَجلك ، وخطب المختار الناس بالكوفة ، وأظهر عيب ابن الزبير ، وخلعه ، ودعا إلى الرضا من آل محمد صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، وذكر محمد بن الحنفية فقرّظه وسماه المهدي ،
_حاشية__________
(1) الخازر : تحرف في الأصل إلى : "الجازر" وصوابه من ياقوت ، والخازر : نهر بين إربل والموصل ، ثم بين الزاب الأعلى والموصل ، يصب في دجلة.(6/493)
وكتب ابن الزبير إلى مصعب يأمره بالمسير إلى المختار في أهل البصرة ، فأمر مصعب بالتهيؤ ثم عسكر ، واستعمل على ميمنته الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة ، وعلى ميسرته عبد الله بن مطيع ، واستخلف على البصرة عبيد الله بن عمر بن عبيد الله بن معمر.
وبلغ المختار مسير مصعب بالجنود ، فبعث إليه أحمر بن شميط البجلي ، وأمره أن يواقعهم بالمذار ، فبيّتهم أصحاب مصعب فقتلوا ذلك الجيش ، فلم يفلت منهم إلا الشريد ، وقتل تلك الليلة عبيد الله بن علي بن أبي طالب ، وكان في عسكر مصعب مع أخواله بني نهشل بن دارم.
وخرج المختار في عشرين ألفًا حتى وقف بإزائهم ، وهم فيما بين الجسر إلى نهر البصريين ، وزحف مصعب ومن معه فوافوهم مع الليل ، ولم يكن بينهم حرب ، فأرسل المختار إلى أصحابه حين أمسى ، أن لا يبرحن أحدٌ منكم موقفه حتى تسمعوا مناديًا ينادي يا محمد ، فإذا سمعتم ، فاحملوا على القوم ، واقتلوا من لم تسمعوه ينادي يا محمد ، ثم أمهل ، حتى إذا حلّق القمر واتسق أمر مناديا فنادى : يا محمد . ثم حملوا على مصعب وأصحابه فهزموهم ، ودخلوا عسكرهم ، فلم يزالوا يقاتلوهم حتى أصبحوا ، وأصبح المختار وليس عنده أحد له ذكر غير عشرة فوارس ، وإذا أصحابه قد وغلوا جميعا في أصحاب مصعب ، فانصرف المختار منهزما فأغذّ السير حتى أتى الكوفة ، فدخل القصر ورجع أصحاب المختار حين أصبحوا حتى وقفوا موقفهم فلم يروا المختار ، وقالوا : قد قتل , فهرب منهم من أطاق الهرب ، واختفى الباقون ، وتوجه منهم ثمانية آلاف إلى الكوفة ، فوجدوا المختار في القصر فدخلوا معه.
وأقبل مصعب حتى خندق على سُدّة القصر والمسجد ، وحصرهم أشد الحصار ، فخرج المختار يومًا على بغلة شهباء ، فقاتلهم في الزّيّاتين فقتلوه ، وطلب أهل القصر الأمان من مصعب فأمنهم وفيهم سبعمائة من العرب وسائرهم من الموالي والعجم ، فأراد قتل هؤلاء ، وترك العرب فقيل له : ما هذا بدين ، ذنبهم واحد ، تقتل العجم وتترك العرب ،(6/494)
فقدمهم جميعًا فضرب أعناقهم صبرًا ، وبعث برأس المختار إلى عبد الله بن الزبير مع رجل من الشرط ، فقدم الرسول فانتهى إلى ابن الزبير وهو في المسجد الحرام قد صلى عشاء الآخرة ، ثم قام يتنفل ، قال : فوالله ما التفت إليه ولا انصرف حتى أسحر فأوتر ، ثم جلس ، فدنا الرسول فدفع إليه الكتاب فقرأه ثم دفعه إلى غلام له ، فقال الرسول : يا أمير المؤمنين هذا الرأس معي ، فقال : ألقه فألقاه على باب المسجد ، ثم أتاه فقال : جائزتي ، قال : خذ الرأس الذي جئت به.
ولما قتل مصعب المختار ، وظفر بالعراق ، واستعمل العمال وجبى الأموال ، وكتب إليه إبراهيم الأشتر يعلمه بأنه على طاعته ، وأسرع الناس إليه مع عداوته لأهل الشام وقتله إياهم ، ويسأله أن يأذن له في الوفادة إليه ، فأجابه مصعب إلى ذلك ، فخلف أبا قارب على الجزيرة وقدم على مصعب ، فأخذ بيعته لعبد الله بن الزبير وأقام عنده آثر الناس عنده وأكرمهم عليه ، إنما كان يجلسه على سريره ، واستعمل مصعب المهلب بن أبي صُفرة على الجزيرة والموصل وأذربيجان وأرمينة.
وفرق العمال في البلدان ، ثم جمع أشراف أهل المصرين ، ووفد إلى عبد الله بن الزبير ، وجعل إبراهيم بن الأشتر على الوفد جميعاً.
فقال له عبد الله : نظرت إلى راية قد خفضها الله فرفعتها.
قال : يا أمير المؤمنين ، هذا سيد من خلفي ، إن رضي رضوا ، وإن سخط سخطوا ، فحل عبد الله بن الزبير إزاره فإذا ضربة على منكبه قد أجافته ، ثم قال لمصعب : أتراني كنت أحب الأشتر بعد هذه الضربة ضربنيها يوم الجمل.
وقال مصعب : يا أمير المؤمنين سمّ للوفد ما بدا لك من الجائزة وأنا أعطيهم إياه من العراق ، قال : لا والله ولا درهما.
ثم خطب عبد الله بن الزبير فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : يا أهل العراق ، أتيتمونا أوباشًا من كل جِمّة ، والله لو كانت تصرف لصرفناكم صرف الذهب ، والله لوددت أن لي بكل رجلين منكم رجلاَّ من أهل الشام.
فقام إليه أبو حاضر الأسدي ، وكان قاصَّ الجماعة بالبصرة ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن لنا ولك مثلاَّ قد مضى هو ما قاله الأعشى :
عُلّقْتُها عَرَضًا وعُلِّقَتْ رجلاَّ غيري ... وعُلِّقَ أخرى غيرها الرّجلُ(6/495)
عُلّقْناك وعُلِّقت أهل الشام ، وعُلّق أهل الشام آل مروان ، فما عسينا أن نصنع ، قال الشعبي : فما سمعت جوابًا أحسن منه.
ثم انصرف مصعب والوفد إلى الكوفة ثم قدم مصعب البصرة ، فجمع مالاَّ ووفد الثانية على عبد الله بن الزبير بمال العراق ، فعزله عن البصرة وولاها ابنه حمزة بن عبد الله وكان شابًا تائهًا ، فأقام مصعب عند عبد الله بن الزبير ، ومضى حمزة إلى البصرة ، فمنع الناس العطاء وأمر بالمال يحمل إلى ابن الزبير فمنعه من ذلك مالك بن مسمع ووجوه أهل البصرة ونخسوا به ، فخرج من البصرة ، فبلغ ذلك ابن الزبير ، فولى مصعب البصرة وأمره أن يتوجه إلى العراق.
قال الشعبي : فما رأينا أمير فُرْقَة كان أشبة بأمراء الجماعة من مصعب بن الزبير.
ولم يزل مصعب أحب أمراء العراق إليهم ، كان يعطيهم عطاءين في السنة ، عطاء للشتاء ، وعطاء للصيف ، وكان يشتد في موضع الشدة ، ويلين في موضع اللين ، وكان محكمًا لأمره قويًا على شأنه.
وكان عبد الملك بن مروان يكتب إلى شيعته بالعراق في اغتيال مصعب , وكتب إلى شيعته بالبصرة يأمرهم أن يخرجوا على مصعب ، وأخبرهم أنه باعث إليهم بألف من أهل الشام ، ولم يَطْمَع في ذلك بالكوفة ومُصْعَبٌ بها ، وكان يخرج كل سنة حتى يأتي بُطْنَان حبيب وهي من قِنَّسرين فيعسكر بها ، وهي أقصى سلطانه ، ويخرج مصعب بن الزبير حتى ينزل باجُمَيْرا من أرض الموصل فيعسكر وهي أقصى سلطانه ، فقال أبو الجهم الكناني :
أبيتَ يا مصعبُ إِلا سَيْرَا ... أكل عام لك باجُمَيْرا(6/496)
وكان إذا اشتد البرد وارتجّ الشتاء ، انصرفوا جميعًا معًا ، هذا إلى دمشق ، وهذا إلى الكوفة ، وكان ابن الزبير يكتب إلى مصعب في عبد الملك : لا تغفله واغزه قبل أن يغزوك ، فإنك في عين المال والرجال.
ففرض مصعب الفروض ، وأخذ في التهيئة للخروج ، وقسم أموالاَّ وأخرج العطاء ، وبلغ ذلك عبد الملك ، فجمع جنوده ، وسار بنفسه يؤم العراق لقتال مصعب ، وقال لروح بن زنباع وهو يتجهز : والله إن في أمر هذه الدنيا لعجب لقد رأيتني ومصعب بن الزبير أفقده الليلة الواحدة من الموضع الذي نجتمع فيه فكأني والِهٌ ، ويفقدني فيفعل مثل ذلك ، ولقد كنت أُوتَي باللّطَف فما أراه يجوز لي أن آكله حتى أبعث به إليه أو ببعضه ، وكان يفعل مثل ذلك ، ثم صرنا إلى السيف ، ولكن هذا الملك عقيم.
فلما أجمع مصعب الخروج من الكوفة يريد عبد الملك ، خرج وقد اصطف له الناس بالكوفة صفين ، وقد اعْتَمَّ عِمَّتَه القَفْدَاء وهو مقبل على مَعْرَفة دابته ، ثم نظر في وجوه القوم يمينا ًوشمالاَّ ، فوقعت عينه على عروة بن المغيرة بن شعبة ، فقال : يا عروة ، فقال : لبيك ، قال : ادنُ ، فدنا فسار معه ، فقال : أخبرني عن حسين بن علي كيف صنع حين نُزِلَ به ؟ قال : فأنشأت أحدثه عن صَبره وإبائه ما عُرض عليه ، وكراهته أن يدخل في طاعة عبيد الله بن زياد حتى قُتل.
قال : فضرب بسوطه على مَعْرَفة برذونه ثم قال :
إنَّ الأُلَى بالطَّف من آل هاشمٍ ... تأسَّوا فسَنّوا للكرام التأَسِّيا
قال : فعرفت والله أنه لن يَفِرّ وأنه سيصبر حتى يقتل.
_حاشية__________
(1) كذا في الأصل الذي رجع إليه محقق المطبوع ولدي الفيروز أبادي في القاموس (ق ف د) القَفَدُ : أن يلف عمامته ولا يسدل عَذَبَتَه ، وكذا القَفْدَاء ، وذكر محقق المطبوع بالهامش بعد أن أثبت بالمتن "العقداء" : هكذا قرأتها ولعل المعنى الملتوية فإن العقداء من الشاء : التي ذنبها كأنه معقود ، والعقد التواء في ذنب الشاة . قلت : وجميع ما ورد بالمطبوع وهامشه خطأ.(6/497)
قال : والشعر لسليمان بن قتّة قال : ثم سار عبد الملك وسار مصعب حتى التقيا بمن معهما بمَسْكِن ، فقال عبد الملك : ويلكم ما أصبهان هذه ؟ قيل سُرّة العراق ، قال : فقد ، والله ، كتب إلي أكثر من ثلاثين رجلاَّ من أشراف أهل العراق ، وكلهم يقولون : إن خِسْتُ بمصعبٍ فلي أصبهان ؟ قال : فكتبت إليهم جميعًا : أن نعم ، فلما التقوا ، قال مصعب لربيعة : تقدموا للقتال ، فقالوا : مخروءة بين أيدينا ، فقال : ما تأتون أنتن من المخروءة - يعني تخلفهم عن القتال - وقد كانت ربيعة قبل ذلك مجمعة على خذلانه ، فأظهرت ذلك ، فخذله الناس ولم يتقدم أحد يقاتل دونه.
فلما رأى مصعب ما صنع الناس وخذلانهم إياه ، قال : المرء ميت على كل حال ، فوالله لئن يموت كريمًا أحسن به من أن يَضْرَع إلى من قَد وتَرَه ، لا أستعين بربيعة أبدًا ولا بأحدٍ من أهل العراق ، ما وجدنا لهم وفاء ، انطلق يا بني ، لابنه عيسى وهو معه ، فاركب إلى عمك بمكة فأخبره بما صنع أهل العراق ، ودعني فإني مقتول ، فقال له ابنه : والله لا أخبر نساء قريش بشرّ عنك أبدًا ، قال : فإن أردت أن تُقَاتِل ، فتقدّم فقاتل حتى أحتسبك.
فدنا ابنه عيسى فقاتل قتالاَّ شديدًا حتى أخذته الرماح من كل ناحية ، وكثرة القوم فقُتل ، ومصعب جالسٌ على سريره ، فأقبل إليه نفر ليقتلوه فقاتلهم أشد القتال حتى قتل ، وجاء عبيد الله بن ظبيان فاحتزّ رأسه فأتى به عبد الملك بن مروان ، فأعطاه ألف دينار فأبى أن يأخذها ، وكان مصعب قُتل على نهر يقال له : دُجَيْل عند دير الجَاثَلِيق ، فأمر به عبد الملك وبابنه عيسى فدفنا ، ثم سار عبد الملك حتى نزل النُّخَيلة ، ودعا أهل العراق إلى البيعة فبايعوه ، واستخلف على الكوفة بشر بن مروان أخاه ، ثم رجع إلى الشام.(6/498)
7629- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عثمان بن محمد العُمَري ، عن عمر بن نافع ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، أنه قيل له : أي ابني الزبير كان أشجع ؟ قال : ما منهما إلا شُجَاع ، كلاهما مشى إلى الموت وهو يراه.(6/499)
7630- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا مصعب بن ثابت ، عن أبي الأسود ، عن عباد بن عبد الله بن الزبير (ح) قال : وحدثنا شرحبيل بن أبي عون ، عن أبيه ، وكان عالمًا بأمر ابن الزبير (ح) قال : وحدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه (ح) قال : وحدثنا عبد الله بن جعفر ، عن أبي عون مولى عبد الرحمن بن مسور (ح) قال : وحدثنا موسى بن يعقوب بن عبد الله بن وهب بن زمعة ، عن عمه أبي الحارث بن عبد الله (ح) قال : وحدثنا عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور ، قال : وغير هؤلاء أيضًا قد حدثني ، وكتبت كل ما حدثوني به في مقتل عبد الله بن الزبير :
- مقتل عبد الله بن الزبير :
قالوا : لما قَتَل عبد الملك بن مروان مصعب بن الزبير ، بعث الحجاج بن يوسف إلى عبد الله بن الزبير بمكة في ألفين من جند أهل الشام ، فأقبل حتى نزل الطائف ، فكان يبعث البعوث إلى عرفة ، ويبعث ابن الزبير بعثًا ، فيلتقون فتُهْزم خيل ابن الزبير ، وترجع خيل الحجاج إلى الطائف ، فكتب الحجاج إلى عبد الملك في دخول الحرم ومحاصرة ابن الزبير ، وأن يمده برجال ، فأجابه عبد الملك إلى ذلك ، وكتب إلى طارق بن عمرو ، يأمره أن يلحق بالحجاج ، فسار طارق في أصحابه وهم خمسة آلاف فلحق بالحجاج ، فنزل الحجاج من الطائف ، فحصر ابن الزبير في المسجد ، وحج بالناس الحجاج سنة اثنتين وسبعين وابن الزبير محصور ،(6/499)
ثم صدر الحجّاج وطارق حين فرغا من الحج ، فنزلا بئر ميمون ولم يَطُوفا بالبيت ، ولم يقربا النساء ولا الطيب إلى أن قتل ابن الزبير فطافا بالبيت ، وذبحا جُزُرًا ، وحصر ابن الزبير ليلة هلال ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين ، ستة أشهر وسبع عشرة ليلة ، وقتل يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين.
وقدم على ابن الزبير حُبْشَان من أرض الحبشة يرمون بالمزاريق ، فقدَّمهم لأهل الشام ، فجعلوا يرمون بمزاريقهم ، فلا يقع لهم مزراق إلا في إنسان ، فقتلوا من أهل الشام قتلى كثيرة ، ثم حمل عليهم أهل الشام حملة واحدة ، فانكشفوا ، وكان ابن الزبير يقدم أصحاب النكاية بالسيوف ، ويتقدم هو ما يستفزه صياحهم ، وكان معه قوم من أهل مصر ، فقاتلوا معه قتالاَّ شديدًا ، وكانوا خوارجًا ، حتى ذكروا عثمان فتبرأوا منه ، فبلغ ابن الزبير فناكرهم ، وقال : ما بيني وبين الناس إلا باب عثمان فانصرفوا عنه.
ونصب الحجاج المنجنيق يرمي بها أحثَّ الرمي ، وألحّ عليهم بالقتال من كل وجه ، وحبس عنهم الميرة ، وحصرهم أشد الحصار ، حتى جُهدَ أصحاب ابن الزبير ، وأصابتهم مجاعة شديدة.
وكان ابن الزبير قد وضع في كل موضع يخاف منه مَسْلحة ، فكانت مسالحه كثيرة يطوف عليها أهل الثبات من أصحابه ، وهم على ذلك مبلوغون من الجوع ما يقدر الرجل يقاتل ولا يحمل السلام كما يريد من الضعف ، وكانوا يستغيثون بزمزم فيشربون منها فتعصمهم ، وجعل الحجارة من المنجنيق يُرْمى بها الكعبة ، حتى يُؤثر فيها كأنها جيوب النساء ، ويُرْمَى بالمنجنيق من أبي قبيس فتمرّ الحجارة وابن الزبير يصلي عند المقام كأنه شجرة قائمة ما ينثني ، تهوي الحجارة مُلَمْلَمَة ملس كأنها خُرِطَت وما يصيبه منها شيء ولا يتنحى عنها ولا يفزع لها(6/500)
وحشر الحجاج أهل الشام يومًا وخطبهم ، وأمرهم بالطاعة وأن يَرَى أثرهم اليوم ، فإن الأمر قد اقترب ، فأقبلوا ولهم زَجَل وفَرَح ، وسمعت بذلك أسماء بنت أبي بكر الصديق أم عبد الله بن الزبير ، فقالت لعبد الله ، مولاها ، : اذهب فانظر ما فعل الناس ، إن هذا اليوم يوم عصيب ، اللهم أَمْضِ ابني على بَيِّنَة ، فذهب عبد الله ثم رجع فقال : رأيت أهل الشام قد أخذوا بأبواب المسجد ، وهم من الأبواب إلى الحجون ، فخرج أمير المؤمنين يَخْطِر بسيفه وهو يقول :
إنِّي إذا أَعْرفُ يومي أصْبِرْ ... إذ بعضهم يعرفُ ثم يُنْكِرْ
فدفعهم دفعة تراكموا منها فوقعوا على وجوههم ، وأكثر فيهم القتل ، ثم رجع إلى موضعه ، قالت : من رأيت معه ؟ قال : معه أهل بيته ، ونُفيَرٌ قليل ، قالت أمه : خذلوه وأحبوا الحياة ، ولم ينظروا لدينهم ولا لأحسابهم ، ثم قامت تصلي وتدعو وتقول : اللهم إن عبد الله بن الزبير كان معظّمًا لحرمتك ، كريهٌ إليه أن تُعصَى ، وقد جاهد فيك أعداءك ، وبذلك مهجة نفسه لرجاء ثوابك ، اللهم فلا تخيبه ، اللهم ارحم ذلك السجود والنحيب والظمأ في تلك الهواجر ، اللهم لا أقوله تزكية ولكن الذي أعلم ، وأنت أعلم به ، اللهم وكان برًا بالوالدين.(6/501)
قال : ثم جاء عبد الله بن الزبير ، فدخل على أمه وعليه الدرع والمِغْفَر ، فوقف عليها فسلم ثم دنا فتناول يدها فقبَّلها وودعها فقالت : هذا وداع فلا تَبْعَدْ إلا من النار. فقال ابن الزبير : نعم جئت مودعًا لك ، إني لأرى هذا آخر يوم من الدنيا يَمُرُّ بي ، واعلمي يا أمّه أني إن قُتلتُ ، فإنما أنا لحم ودم لا يضرني ما صُنع بي. قالت : صدقت ، فامض على بصيرتك ، ولا تمكِّن ابن أبي عقيل منك ، وادْنُ مني أودعك ، فدنا منها فعانقها فمسّت الدرع فقالت : ما هذا صنيع من يريد ما تريد ، فقال : ما لبست الدرع إلا لأشُدّ منك ، قالت : فإنه لا يشدّ مني بل يخالفني فنزعها ، ثم أدرج كُمّه وشد أسفل قميصه , وجُبّةَ خَزّ تحت القميص وأدخل أسفلها في المِنْطَقة ، وأمّه تقول : أليس ثيابك مُشَمرة ؟ قال : بلى هي على عهدك ، قالت : ثبتك الله ، فانصرف من عندها وهو يقول :
إنِّي إذا أَعْرفُ يومي أصْبِرْ ... إذ بعضهم يعرفُ ثم يُنْكِرْ
ففهمت قوله ، فقالت : تَصْبِر والله إن شاء الله ، أليس أبوك الزبير ؟
قال : ثم لاقاهم فحمل عليهم حملة هزمهم ، حتى أوقفهم خارجًا من الباب ، ثم حمل عليه أهل حمص ، فحمل عليهم فمثل ذلك.(6/502)
7631- قال : أخبرنا محمد بن عمر، قال : حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن مخرمة بن سليمان الوالبي ، قال : دخل عبد الله بن الزبير على أمه حين رأى من الناس ما رأى من خذلانهم إياه ، فقال : يا أمه ، خذلني الناس حتى ولدي وأهلي ، فلم يبق معي إلا من ليس عنده من الدفع أكثر من صبر ساعة ، والقوم يعطوني ما أردت من الدنيا ، فما رأيك ؟ فقالت أمه : أنت والله يا بُني أعلم بنفسك ، إن كنت تعلم أنك على حق وإليه تدعو ، فامضِ له ، فقد قُتل عليه أصحابك ، ولا تمكن من رقبتك فتلعب بك غلمان بني أمية ، وإن كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت ، أهلكت نفسك وأهلكت من قُتل معك.
قال : فدنا ابن الزبير فقبل رأسها ، فقال : هذا والله رأيي ، والذي قمت به داعيًا إلى يومي هذا ، ما رَكَنْتُ إلى الدنيا ولا أحببت الحياة فيها ، وما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله ، ولكن أحببت أعلم رأيك ، فزدتني قوة وبصيرة مع بصيرتي ، فانظري يا أمه فإني مقتول من يومي هذا ، لا يشتد جزعكِ عليّ ، سلمي لأمر الله ،(6/502)
فإن ابنك لم يتعمد إتيان منكر ولا عمل بفاحشةٍ ، ولم يَجُرْ في حُكْم ، ولم يغدر في أمان ، ولم يتعمد ظلم مسلم ولا معاهد ، ولم يبلغني عن عمالي (ظلم) فرضيتُه بل أنكرته ، ولم يكن شيء آثر عندي من رضا ربي ، اللهم إني لا أقول هذا تزكية مني لنفسي ، أنت أعلم بي ، ولكني أقوله تعزية لأمي لتسلو به عني (1).
فقالت له أمه : إني لأرجو أن يكون عزائي فيك حسنًا إن تقدمتني ، وإن تقدمتك ، ففي نفسي حَوْجًا حتى أنظر إلى ما يصير إليه أمرك ، قال : جزاك الله يا أمة خيرًا ، فلا تدعي الدعاء لي بعد قتلي ، قالت : لا أدعه ، لست بتاركة ذلك أبدًا ، فمن قتل على باطل فقد قُتلت على حق ، وخرج ، وقالت أمه : اللهم ارحم طول ذلك القيام في الليل الطويل ، وذلك النحيب والظمأ في هواجر المدينة ومكة ، وَبِرّهُ بأبيه وبي ، اللهم إني سلمت فيه لأمرك ، ورضيت فيه بما قضيت ، فأثبني في عبد الله ثواب الصابرين والشاكرين.
_حاشية__________
(1) الطبري ج 6 ص 188-189 وما بين حاصرتين منه وهو ينقل عن ابن سعد ، وابن الأثير في الكامل 3/353 وما بين حاصرتين فيه كذلك .(6/503)
7632- قال : أخبرنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا صالح بن الوليد الرياحي ، قال : أخبرتني جدتي ريطة بنت عبد الله الرياحية قالت : كنت عند أسماء إذ جاء ابنها عبد الله فقال : إن هذا الرجل قد نزل بنا ، وهو رجل من ثقيف يسمى الحجاج في أربعين ألفًا من أهل الشام ، وقد نالنا نبلهم ونُشّابُهم ، وقد أرسل إلي يخيّرني بين ثلاث ، بين أن أهرب من الأرض فأذهب حيث شئت ، وبين أن أضع يدي في يده فيبعث بي إلى الشام مُوْقَرًا حديدًا ، وبين أن أقاتل حتى أقتل ، قالت : أي بني ، عش كريمًا ومت كريمًا ، فإني سمعت النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يقول : إن من ثقيف مبيرًا وكذابًا ، قالت : فذهب فاستند إلى الكعبة حتى قتل.(6/503)
7633- قال : أخبرنا معن بن عيسى ، قال : حدثنا شعيب بن طلحة ، عن أبيه ، أن أسماء بنت أبي بكر قالت لعبد الله بن الزبير حين قاتل الحجاج : يا بني عِشْ كريمًا ومِتْ كريمًا ، لا يأخذك القوم اليوم أسيراً.(6/504)
7634- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا موسى بن يعقوب ، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة ، عن أمه ، عن أسماء بنت أبي بكر ، أنها كانت تقول ، وابن الزبير يقاتل الحجاج ، : لمن كانت الدولة اليوم ؟ فيقال لها : للحجاج ، فتقول : ربما أُمِرَ الباطل ، فإذا قيل لها : هي لعبد الله وأصحابه تقول : اللهم انصر أهل طاعتك ومن غضب لك.(6/504)
7635- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قالت : حدثني ابن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : اشتكت أمي أسماء ، وعبد الله بن الزبير يقاتل الحجاج ، وكانت قد كَبُرت ورقت فنظر إليها ، فقال : ما أحسن الموت ، فسمعت ذلك العجوز فقالت : يا بني ، والله ما أحب أن أموت يومي هذا حتى أعلم ما تصير إليه ، إمّا ظَفِرْتَ ، فذلك الذي نرجو ونُسَرُّ بهِ , وإما الأخرى فأحتسبك وتمضي لسبيلك.(6/504)
7636- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا حفص بن غياث ، عن هشام بن عروة قال : كانوا يُنادون يا ابن الزبير يا ابن ذات النطاقين فقال :
وتلك شكاةٌ ظَاهِرٌ عَنكَ عَارُها(6/504)
7637- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، عن ابن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، قال : نادى رجل من أهل الشام : يا ابن الزبير يا ابن ذات النطاقين يعيره بذلك ، فمشى ابن الزبير وهو يقول :
وعَيّرها الوَاشُونَ أَنّي أُحِبّها ... وتلك شكاةٌ ظَاهِرٌ عَنكَ عَارُها
فإن أعتذر منها فإني مُكَذَّبُ ... وإن تَعْتَذِرْ يُردَدْ عليها اعتذارُها
أنا ابن ذات النطاقين هَلُمّ إليّ(6/504)
7638- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا عبد الله بن مصعب ، عن هشام بن عروة قال : جاء رجل إلى ابن الزبير يوم الثلاثاء فحذره الكمين ، فقال ابن الزبير :
لن يأخذوا سلبي غصبًا وإن كَثُروا ... ما لم أكن نائمًا أو لم يغُرّوني
قال : وجاء عمارة بن عمرو بن حزم فقال : لو ركبت رواحلك فنزلت برَمْل الجَزْل ، فقال ابن الزبير : فما فعلت القتلى بالحرم ، والله لئن كنت أوردتهم ثم فررت عنهم ، لبئس الشيخ أنا في الإسلام.(6/505)
7639- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني مصعب بن ثابت ، عن نافع مولى بني أسد قال : لما كان ليلة الثلاثاء قال الحجاج لأصحابه : والله إني لأخاف أن يهرب ابن الزبير ، فإن هرب فما عُذرنا عند خليفتنا ؟ فبلغ ابن الزبير قوله فتضاحك ، وقال : إنه والله ظن بي ظنه بنفسه ، إنه فرّار في المواطن وأبوه قبله.(6/505)
7640- قال محمد بن عمر ، قال : حدثني عبد الله بن مصعب ، عن هشام بن عروة ، قال : لما أصبحوا يوم الثلاثاء غدا ابن الزبير ومعه نحو من ثلاث مِئة ، فقال : استأخروا عني لا يقولن أحد حمى ظهره ، فتنحى عنه الناس ، ثم حمل على باب من تلك الأبواب فهزمهم ، حتى خرجوا إلى الأبطح وهو يرتجز :
قد سن أصحابك ضرب الأعناق
وقامت الحرب بنا على ساق
صبرًا عقاق (1) إنه شرٌّ باق
صبرًا بُنَيّ إنه العتاق
_حاشية__________
(1) كذا لدي ابن عساكر ص 483 وهو ينقل عن ابن سعد ، وهو من عَقَّ يَعُقّ ضد بَرّ ، وفي الأصل "عفاق" وكذا في المطبوع وما جاء بالمتن والمطبوع وحواشيه أراه مجانبًا للصواب .(6/505)
7641- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا مصعب بن ثابت ، عن نافع مولى بني أسد قال : رأيت الأبواب قد شُحِنت من أهل الشام يوم الثلاثاء ، وأسلم أصحاب ابن الزبير المحارس ، وكثرهم القوم ، وأقاموا على كل باب قائدًا ورجالاَّ وأهل بلد ، فكان لأهل حمص الباب الذي يواجه باب الكعبة ، ولأهل دمشق باب بني شيبة ، ولأهل الأردن باب الصفا ، ولأهل فلسطين باب بني جُمح ، ولأهل قِنَّسرين باب بني سهم (1)، وكان الحجاج وطارق جميعًا في ناحية الأبطح إلى المروة ، فمرّة يحمل ابن الزبير في هذه الناحية ، ومرة في هذه الناحية ، ولكأنه أسدٌ في أجمة ما يقدم عليه الرجال ، يعدو في آثارهم حتى يخرجهم وهو يرتجز :
إني إذا أعرف يومي أصبر ... وإنما يعرف يومَيْهِ (2) الحُرْ
ثم يصيح : أبا صفوان ، ويل أمه فتح لو كان له رجال.
لو كان قِرْني واحدًا كَفَيْتُهْ
قال ابن صفوان : إي والله وألف.
_حاشية__________
(1) في الأصل : "بني سالم" وصوابه من تاريخ الطبري 6/190 ، وتاريخ دمشق 483 وكلاهما ينقل عن ابن سعد.
(2) في الأصل : "يومه" والمثبت لدي الطبري 6/190 ، وهو ينقل عن ابن سعد .(6/506)
7642- قال : أخبرنا سليمان بن حرب ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن ابن أبي مليكة ، قال : حضرت ابن الزبير صلى الصبح بغلس ، وقال : أواقع هؤلاء قبل الصبح.(6/506)
7643- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عبد الله بن مصعب ، عن هشام بن عروة ، قال : سمعت ابن الزبير يومئذٍ في صلاة الصبح يوم الثلاثاء ، يقرأ بنون والقلم ، حرفًا حرفاً.(6/506)
7644- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني فروة بن زبيد (1)، عن عباس بن سهل بن سعد ، قال : سمعت ابن الزبير يوم الثلاثاء يقول : ما أراني اليوم إلا مقتولاَّ ، ولقد رأيت في ليلتي هذه كأن السماء فُرِجَت لي فدخلتها ، فقد والله مللتُ الحياة وما فيها ، ولقد قرأ في الصبح يومئذِ متمكنًا نون والقلم حرفًا حرفًا ، وإن سيفه لمسلول إلى جنبه ، وإنه ليتم الركوع والسجود كهيئته قبل ذلك.
_حاشية__________
(1) في الأصل : "قرة بن زبيد" ومثله في المطبوع ، وأشار إليه محقق المطبوع في الهامش بقوله "قرة بن زبيد ، لم أجد له ترجمة" قلت : ومنشأ ذلك أن الاسم محرف ،وعلي هذا لن توجد له ترجمة ، وهكذا تسرع محقق المطبوع في حكمه دون إعمال فكر أو روية ، وجميع ما ذكر بالأصل والمطبوع وحاشيته خطأ . وصوابه في جمهرة من كتب الرجال والتراجم ، منها على سبيل المثال ما ورد لدي ابن عساكر في تاريخ دمشق ص 469 وهو ينقل عن ابن سعد "....حدثنا محمد بن سعد ، أخبرنا محمد بن عمر ، حدثني فروة بن زبيد - وأصلحه ابن حيويه : قُرّة ، وهو خطأ - عن عباس بن سهل ..." ، وفي ثقات ابن حبان 9/11 "فروة بن زبيد" ومثله لدي ابن حاتم في الجرح والتعديل 7/83 ، وكذا لدي ابن ماكولا 5/245 ، والذهبي في تاريخ الإسلام حوادث سنة 73 ه- ، هذا وقد تحرف "فروة بن زبيد" في كل من ميزان الاعتدال ج 3 ص 387 ، ولسان الميزان 4/472 إلى "قرة بن زبيد" فليحرر .(6/507)
7645- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عبد الملك بن وهب ، عن شيخ من أسلم ، قال : سمعت ابن الزبير يقول يوم قُتل : والله لقد مللت الحياة ، ولقد جاوزتُ سِنّ أبي ، هذه لي ثنتان وسبعون سنة ، اللهم إني قد أحببت لقائك فأحبب لقائي ، وجاهدت فيك عدوك فأثبني ثواب المجاهدين ، قال : فقُتِل ذلك اليوم.(6/507)
7646- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا عبد الله بن مصعب ، عن هشام بن عروة ، قال : جلس ابن الزبير يوم الثلاثاء فخَفَقَ خَفْقَة ، فتغامز به بعض من كان عنده بنعسته تلك ، ففتح عينيه فقال : شيخٌ كبير عَلّ ، قد عاش حتى مَلّ ، اللهم إذا قبضت رجلي فلا أبسطها ، وإذا بسطها فلا أقبضها.(6/507)
7647- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا إسحاق بن عبيد الله ، عن المنذر بن جهم الأسلمي ، قال : رأيت ابن الزبير يوم قُتل ، وقد خذله من معه خُذلانًا شديدًا ، وجعلوا يخرجون إلى الحجاج ، وجعل الحجاج يصيح : أيها الناس علام تقتلون أنفسكم ؟ من خرج إلينا فهو آمن ، لكم عهد الله وميثاقه ، وفي حرم الله وأمنه ، ورب هذه البَنِيّة لا أغدر بكم ، ولا حاجة لنا في دمائكم ، قال : فجعل الناس يتسللون حتى خرج إلى الحجاج من أصحاب ابن الزبير نحو من عشرة آلاف ، فلقد رأيته وما معه أحد.(6/508)
7648- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا شرحبيل بن أبي عون ، عن أبيه ، قال : سمعت ابن الزبير يقول لأصحابه : انظروا كيف تضربون بسيوفكم ، ولْيَصُن الرجل سيفه كما يصون وجهه ، فإنه قبيحٌ بالرجل أن يخطئ مضرب سيفه ، فكنت أرمقه إذا ضرب ، فما يخطئ مضربًا واحدًا شبرًا من ذباب السيف أو نحوه ، ولقد رأيته ضرب رجلاَّ من أهل الشام ضربة أبدى سَحُرَهُ وهو يقول : خذها وأنا ابن الحواري ، فلما كان يوم الثلاثاء ، قام بين الركن والمقام ، فقاتلهم أشد القتال ، وجعل الحجاج يصيح بأصحابه : يا أهل الشام ، يا أهل الشام ، الله الله في طاعة إمامكم ، فَلَيَشُدُّون الشَّدة الواحدة جميعًا حتى يقال : قد اشتملوا عليه ، فيشدَّ عليهم حتى يَفْرُجُهم ويبلغ بهم باب بني شيبة ، ثم يَكِرّ ويكرّون عليه ، ليس معه أعوان ، فعل ذلك مرارًا ، حتى جاء حَجَرٌ عائر من ورائه فأصابه ، فوقع في قفاه فَوَقذه ، فارتعش ساعة ، ثم وقع لوجهه ، ثم انتهض فلم يقدر على القيام ، وابتدره الناس ، وشدّ عليه رجلٌ من أهل الشام ، وقد ارتعش ابن الزبير فهو متكِئ على مرفقه الأيسر ، فضرب الرجل فقطع رجليه بالسيف ، وجعل يضربه ولا يقدر ينهض حتى كَثُروه فَذَفَّفوا عليه ولقد كان يقاتل وإنه لمطروح يَخَذِمُ بالسيف كل من دنا منه ، فصاحت امرأة من الدار واأمير المُؤمنيناه ، فابتدره الناس فكثروه ، فقتلوه رحمة الله ورضوانه عليه.(6/508)
7649- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا خالد بن إلياس ، عن أبي سلمة الحضرمي ، قال : دخلت على أسماء بنت أبي بكر يوم الثلاثاء وبين يديها كفن قد أعدته ونشرته وأجمرته ، وأمرت جواري لها يقمن على أبواب المسجد ، فإذا قتل عبد الله صِحْنَ ، فرأيتهنّ (1) حين قتل عبد الله صَيّحْن ، وأرسلت ليحمل عبد الله.
فأُتِيَ الحجاج به فحز رأسه ، وبعث به إلى عبد الملك بن مروان ، وصلب جُثَته فقالت أسماء : قاتل الله المبير ، يحول بيني وبين جثته أن أُواريها ، ثم ركبت دابتها حتى وقفت عليه وهو مصلوب ، فدعت له طويلاَّ وما تقطر من عينها قطرة ، ثم انصرفت وهي تقول : من قتل على باطل فقد قُتلت على حق ، وعلى أكرم قِتْلة ممتنع بسيفك فلا تبعد.
_حاشية__________
(1) كذا في الأصل ومثله لدي ابن عساكر ص 471 من طريق الواقدي ، وقرأها محقق المطبوع "فرأيته".(6/509)
7650- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني نافع بن ثابت ، عن عبيد مولى أسماء ، قال : لما قتل عبد الله ، خرجت إليه أمه حتى وقفت عليه ، وهي على دابة ، فأقبل الحجاج في أصحابه ، فسأل عنها ، فأُخْبِر بها ، فأقبل حتى وقف عليها ، فقال : كيف رأيت ؟ نصر الله الحق وأظهره ، قالت : ربما أُديل الباطل على الحق ، وإنك بين فَرْثِها والجِيّة ، قال : إن ابنك ألْحَد في هذا البيت ، وقال الله تبارك وتعالى : {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}، وقد أذاقه الله ذلك العذاب : قطع السبيل.
قالت : كذبت ، كان أول مولود في الإسلام بالمدينة ، وَسُرّ به رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، وحنكه بيده ، فكبر المسلمون يومئذٍ حتى ارتجت المدينة فرحًا به ، قود فرحت أنت وأصحابك بمقتله ، فمن كان فَرِح يومئذٍ به خَيْرٌ منك ومن أصحابك ، وكان مع ذلك برًّا بالوالدين ، صوامًا قوامًا بكتاب الله ، معظِّمًا لحرم الله ، يُبْغِضُ أن يُعْصَى الله ، أشهد على رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم لسمعته يقول : سيخرج من ثقيف كذابان الآخر منها شرّ من الأول وهو مبير . وهو أنت . فانكسر الحجاج وانصرف ، وبلغ ذلك عبد الملك ، فكتب إليه يلومه في مخاطبة أسماء ، وقال : ما لَكَ ولابنة الرجل الصالح.(6/509)
7651- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عبد الله بن نافع ، عن أبيه ، قال : سمع ابن عمر التكبير فيما بين المسجد إلى الحجون حين قُتل ابن الزبير ، فقال ابن عمر : لمن كبَّر حين ولد ابن الزبير ، أكثر وخير ممن كبر على قتله.(6/510)
7652- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : سألت عبد الرحمن بن أبي الزناد ، من قتل ابن الزبير ؟ فقال : سمعت هشام بن عروة يقول : رماه رجلٌ من السّكون بآجُرَّة فأثبته ووقع ، وكان الذي قتله رجلٌ من مراد ، وحمل رأسه إلى الحجاج.(6/510)
7653- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عبيد الله بن عروة ، عن حبيب مولى عروة قال : أراني عروة قاتل عبد الله بن الزبير في عسكر الوليد ، قتله واحتز رأسه آخرُ ، فجاءا به إلى الحجاج فوفّدَهما إلى عبد الملك ، فأعطى كل واحد منهما خمسمائة دينار ، وفرض لكل واحد منهما في مائتي دينار.(6/510)
7654- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا عبد الله بن نافع ، عن أبيه ، عن ابن عمر ؛ أنه كان جالسًا معه ، فأتاه آتٍ ، فقال : قُتِلَ ابن الزبير ، فقال : يرحمه الله ، فقيل : يا أبا عبد الرحمن صُلِبَ ، فقال ابن عمر : قاتل الله الحجاج ، ما من خصلة شرّ إلا هي فيه ، ثم مَرّ به ابن عمر وهو مصلوب ، والمسك يفوح منه ، فقال : يرحمك الله فوالله إن قومًا كنت أخسّهم لقومُ صدقٍ.(6/510)
7655- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا إسحاق بن سعيد ، عن سعيد ، قال : قال ابن عمر لعبد الله بن الزبير : رحمك الله ، لقد سَعِدت أُمَّةٌ أنت شرُّها.(6/511)
7656- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا رياح بن مسلم ، عن أبيه ، قال : لقد رأيتهم مرة ربطوا هرة ميتة إلى جنبه ، فكان ريح المسك يغلب على ريحها.(6/511)
7657- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا شرحبيل بن أبي عون ، عن أبيه قال : كان عبد الله بن الزبير قد قَشِمَ جلده على عظمه ، كان يصوم الدهر ، فإذا أفطر ، أفطر على لبن الإبل ، وكان يمكث الخمس والست لا يذهب لحاجته ، وكان يشرب المسك ، وكان بين عينيه سجدة مثل مَبرِك العنز ، فلما قتله الحجاج صلبه على الثنية التي بالحجون يقال له : كَدَاء ، فأرسلت أسماء إليه ، قاتلك الله ، وعلام تصلبه؟ فقال : إني استبقت أنا وابنك إلى هذه الخشبة فكانت اللَّبْجَةُ (1) به ، فأرسلت إليه تستأذنه في أن تكفنه ، فأبَى ، وكتب إلى عبد الملك يخبره بما صنع ، فكتب إليه عبد الملك يلومه فيما صنع ويقول : ألا خليت أمه فوارته ، فأذن لها الحجاج ، فوارته بالمقبرة بالحجون.
_حاشية__________
(1) كذا في الأصل الذي رجع إليه محقق المطبوع ، ولَبَجَ به الأرض : صرعه ورماه ، ولُبجَ به : صُرعَ وسقط من قيام ، ولدي ابن الأثير في النهاية "لبج" في حديث سهل بن حنيف "لما أصابه عامر بن ربيعة بعينه وَلِجَ به .." أي صَرِع به.
وقرأها محقق المطبوع "الليجة" بالياء المنقوطة باثنتين من تحتها ، وعلق عليها في الهامش بقوله : "هكذا غير واضحة ، وفي تاريخ ابن عساكر ص 473 ترك مكان هذه الكلمة بياض ، وذكر محققه أن النساخ قد أهملوا هذه الكلمة في النسخ المخطوطة ، وذكر أنها في تهذيب ابن منظور غير مقروءة مما يدل على أن التصحيف فيها قديمًا ، وفي تهذيب ابن بدران 7/420 جاءت العبارة هكذا : استبقت أنا وابنك إلى هذه الخشبة فسبقني إليها".(6/511)
7658- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الله بن أبي فروة ، عن أبيه قال : صلى عليه عروة بن الزبير ودفنه بالحجون وأمه يومئذٍ حية ، ثم توفيت بعد ذلك بأشهر بالمدينة.
_حاشية__________
(1) ابن : تحرفت في الأصل إلى : "عن" وصوابه من تاريخ دمشق ص 273(6/512)
7659- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عبد الجبار بن عمارة ، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، قال : حدثني من حضر مقتل عبد الله بن الزبير يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين ، وهو يومئذٍ ابن اثنتين وسبعين سنة.(6/512)
7660- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني مصعب بن ثابت ، عن نافع مولى بني أسد بن عبد العزى ، وكان عالمًا بأمر ابن الزبير ، قال : حُصِرَ عبد الله بن الزبير ليلة هلال ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين إلى أن قتل يوم الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين ، فكان حصر الحجاج إياه ستة أشهر وسبعة عشر يوماً.(6/512)
7661- قال : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، عن نافع قال : كان ابن عمر على ناقة له فيها نِفَار ، فلما مرّ بابن الزبير وهو مصلوب ، جعلنا نستره ، فحانت منه نظرة ، فقال : إن كنت عن هذا لغَنيّاً.(6/512)
7662- قال : أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال : حدثنا سلام بن مسكين ، قال : حدثنا عبد العزيز بن أبي جميلة الأنصاري ، أن ابن عمر مر بابن الزبير وهو مصلوب فقال : يرحمك الله إن كنت لصوامًا قوامًا ، لقد أفلحت قريش أن كنت شر أهلها.(6/512)
7663- قال : أخبرنا عارم بن الفضل ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، أن ابن عمر مر بجذع عبد الله بن الزبير ، فحادت به الناقة ، قال : فقال : أهو هو ؟ قال : قلت : نعم ، قال : قد كنت عن هذا غنياً.(6/512)
7664- قال : أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء ، قال : أخبرنا زياد بن الجصاص ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن مجاهد قال : قال عبد الله بن عمر : انظر المكان الذي به ابن الزبير مصلوبٌ فلا تمرر بي عليه ، فسها الغلام ، فإذا ابن عمر ينظر إلى ابن الزبير مصلوبًا ، فقال : يغفر الله لك ، يغفر الله لك ، ثلاثًا ، أما والله ما علمتك إلا كنت صوامًا قوامًا ، وصولاَّ للرحم ، أما والله إني لأرجو مع مساوئ ما أصبت أن لا يعذبك الله بعدها أبدًا ، قال : ثم التفت إليّ فقال : سمعت أبا بكر الصديق يقول : قال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : من يعمل سوءًا يجز به في الدنيا.(6/513)
7665- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا الحسن بن أبي الحسناء ، قال : حدثنا أبو العالية ، أنه رأى ابن عمر واقفًا يستغفر لابن الزبير وهو مصلوب ، فقال : إن كنت والله ما علمت صوامًا قوامًا ، تحب الله ورسوله ، فانطلق رجل إلى الحجاج فقال : هذا ابن عمر واقف يستغفر لابن الزبير ، ويقول : إن كنت والله ما علمت صوامًا قوامًا تحب الله ورسوله ، فقال لرجل من أهل الشام : قم فأتني به ، فقام الشامي طويلاَّ فقال : أصلح الله الأمير ، تأذن لي أن أتكلم ، فقال : تكلم ، قال : إنما أعين الناس كافة إلى هذا الرجل ، فأنت إن قتلته خشيتُ أن تكون فتنة لا تُطفَأ ، فقال : اجلس ، وأرسل إليه مكانه بعشرة آلاف ، فقال : أرسل بهذه الأمير لتستعين بها ، فقبلها ثم سكت عنه ، فأَرْسَلَ إليه : أرْسِلْ إلينا بدراهمنا لكيما ينظر أنفق منها شيئًا أم لا ؟ فأرسل إليه إنا قد أنفقنا منها طائفة وعندنا طائفة نجمعها لك أحد اليومين ثم نبعث بها ، فأرسل إليه انتفع بها فلا حاجة لنا فيها.(6/513)
7666- قال : أخبرنا يزيد بن هارون ، وعفان بن مسلم ، وعبد الملك بن عمرو أبو عامر العقدي ، ومسلم بن إبراهيم ، قالوا : حدثنا الأسود بن شيبان ، قال : حدثنا أبو نوفل بن أبي عقرب العريجي ، أن الحجاج بن يوسف لما قتل عبد الله بن الزبير صلبه على عقبة المدينة ، ليرى ذلك قريش المدينة ، فلما نفروا جعلت قريش تمر به ، والناس لا يقفون عليه ، حتى مر به عبد الله بن عمر ، فوقف عليه فقال : السلام عليك أبا خبيب ، السلام عليك أبا خبيب ، السلام عليك أبا خبيب ، لقد كنت نهيتك عن هذا ، ثلاثًا ، ولقد كنت عن هذا غنيًا ، ثم قال : أما والله ما علمت إن كنت لصوامًا قوامًا وصولاَّ للرحم ، وإن أُمَّة تكون أنت شرهم لأمة صدق ، ثم نفذ فبلغ الحجاج موقف عبد الله بن عمر ، فاستنزله فرمى به في مقابر اليهود ،(6/513)
ثم بعث إلى أمه أسماء بنت أبي بكر وقد ذهب بصرها ، أن تأتيه فأبت أن تأتيه ، فأرسل إليها لتأْتِينِي أو لأبعثن إليك من يسحبك بقرونك حتى يأتيني بك ، فأرسلت إليه إني والله لا آتيك حتى تبعث إلىّ من يسحبني بقروني فيأتيك بي ، فأتاه رسوله فأخبره ، فلما رأى ذلك قال يا غلام : ناولني سِبْتيّتي ، فناوله نعليه ، فأخذ نعليه فانتعل ثم خرج يَتَوَذَّف ، يعني مشية له ، حتى أتاها فدخل عليها ، قال : فقال : كيف رأيتني صنعت بعدو الله ؟ قالت : رأيتك أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك ، وقد بلغني أنك تُعيّره تقول : يا ابن ذات النطاقين ، وقد كنت والله ذات نطاقين ، أما أحدهما فَنِطاق المرأة الذي لا تستغني عنه ، وأما النطاق الآخر فإني كنت أرفع فيه طعام رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وطعام أبي من النَّمل وغيره ، فأي ذلك ، ويل أمك ، عيّرته به ؟ أما إني سمعت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يقول : إنه سيخرج من ثقيف رجلان كذَّابٌ ومُبِير ، فأما الكذاب فقد رأيناه ابن أبي عبيد ، وأما المبير فأنت ذاك ، قال : فوثَبَ فانصرف عنها ولم يراجعها.(6/514)
7667- قال : أخبرنا سليمان بن حرب ، و عارم بن الفضل ، قالا : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن ابن أبي مُليكة قال : دخلت على أسماء بنت أبي بكر بعد ما قتل عبد الله بن الزبير ، فقالت : بلغني أن هذا صلب عبد الله ، ثم قالت : اللهم لا تمتني حتى أكفنه وأحنّطه ، قال : فأتيت بأوصاله فكفنته وحنطته بيدها.(6/514)
7668- قال : أخبرنا معن بن عيسى ، قال : حدثنا شعيب بن طلحة ، عن أبيه ، عن أسماء بنت أبي بكر ، أنه لما قتل عبد الله بن الزبير ، كان عندها شيء أعطاها إياه النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم في سَفَطِ فأمرت طارقًا فطلبه ، فلما جاءها به سجدت.(6/515)
7669- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا عبد الواحد بن أيمن ، قال : رأيت على ابن الزبير رداءً عدنيًا وهو يصلي فيه يوم الجمعة يخرج فيه ، وكانت لحيته صفراء ، وكان إذا خطب صَيّتًا يجاوب الجبلين ، وكانت له جُمّة إلى العنق ، وكان يَفْرُق.(6/515)
7670- قال : أخبرنا عبد الله بن نمير ، قال : حدثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : كان لعائشة كِسَاء خَزّ تلبسه ، فكسته عبد الله بن الزبير.(6/515)
7671- قال : أخبرنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، قال : رأيت على عبد الله بن الزبير كساء خَزّ.(6/515)
7672- قال : أخبرنا عمر بن حفص ، قال : حدثنا عبد الله بن قيس العبدي ، قال : رأيت عبد الله بن الزبير يطوف بالبيت وعليه مُمَصّرتان.(6/515)
7673- قال : أخبرنا سعيد بن محمد الثقفي ، عن رِشْدِين ، قال : رأيت عبد الله بن الزبير يعتم بعمامة سوداء خَرَقانِية (1)، ويرخيها شبرًا أو أقل من شبر.
_حاشية__________
(1) كذا في الأصل بالخاء المعجمة ، وقرأها محقق المطبوع "الحرقانية" بالحاء المهملة ، ولدي ابن الأثير في النهاية "خرق" وفي حديث ابن عباس "عمامة خُرْقانيةط كأنه لَوَاها ثم كَوّرها كما يفعله أهل الرساتيق ، هكذا جاء في رواية ، وقد رُويت بالحاء المهملة والضم والفتح وغير ذلك.
ولديه كذلك في النهاية "حرق" وفي حديث الفتح "دخل مكة وعليه عمامة حَرَقانية" هكذا يُرْوَى ، وجاء تفسيرها في الحديث : أنها السوداء ، وقال الزمخشري : الحَرَقانية هي التي على لون ما أخرقته النار ، كأنها منسوبة بزيادة الألف والنون إلى الحَرَق بفتح الحاء والراء .(6/515)
7674- قال : أخبرنا وكيع بن الجراح ، والفضل بن دكين ، وخلاد بن يحيى ، قالوا : حدثنا عاصم بن محمد العمري ، عن أبيه قال : كان ابن الزبير يَسْدِلُ عمامته خلفه بين كتفيه ذراعًا أو نحو الذراع.(6/516)
7675- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، وأبو بكر بن عبد الله بن مصعب ، عن هشام بن عروة ، قال : قيل لعبيد بن عمير ، مقتل ابن الزبير ، كيف أنت يا أبا عاصم ؟ فقال : بخير من رجل قُتل إمامُه وظهر عليه عدوه.(6/516)
7676- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن ابن أبي مليكة ، قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول لعبيد بن عمير : كيف أنت يا ليثي ؟ قال : بخير على ظهور عدونا علينا ، فقال جابر : اللهم لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.(6/516)
7677- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا عبد الملك بن وهب ، عن أبي حرملة ، عن حنظلة بن قيس الزُّرَقِيّ ، أنه قال حين قتل عبد الله بن الزبير : قد والله ظهر عدونا علينا.(6/516)
7678- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا رياح بن مسلم ، عن أبيه ، قال : سمعت ابن الزبير يوم الثلاثاء ، وهو يحمل على أهل حمص ، وهم كانوا أشَدّ الأجناد ، فأخرجهم من المسجد , ولقد رأيتهم وحضهم رجل منهم فأقبلوا جميعا , قد شرعوا الرماح ، فأقبل إليهم ابن الزبير وهو يرتجز :
لو كان قِرْني واحدًا كَفَيْتُهْ
ثم حملوا عليهم فانْفَضُّوا أوْزَاعاً(6/516)
7679- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عبد الله بن مصعب ، عن هشام بن عروة ، قال : قال عبد الله بن صفوان : إي والله وألف . فقال عبد الله بن الزبير : يا أبا صفوان ، ويلُ أمّه ، فَتْح لو كان له رجال.(6/516)
7680- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد ، وعبد الله بن مصعب ، عن أبي المنذر هشام بن عروة (ح) قال : وحدثنا نافع بن ثابت ، عن نافع مولى بني أسد ، قالا : لما كان يوم الثلاثاء أخذ الحجاج بالأبواب على ابن الزبير ، وبات ابن الزبير يصلى عامّة (الليل) في المسجد الحرام ، ثم احتبى بحمائل سيفه ، فأغفى ثم انتبه بالفجر ، فقال : أذِّنْ يا سعد ، فأذن عند المقام ، وتوضأ ابن الزبير ، وركع ركعتي الفجر ، ثم أقام المؤذن ، وتقدم فصلى بأصحابه فقرأ : {ن وَالْقَلَمِ} حرفًا حرفًا ، ثم سلم ، فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : اكشفوا وجوهكم حتى أنظر ، وعليهم المغافر والعمائم ، فكشفوا وجوههم ، فقال : يا آل الزبير : لو طِبْتم لي نفسًا عن أنفسكم ، كنا أهل بيت من العرب اصْطُلِمْنا لم تُضِبْنَا زَبّاء بتة ، أما بعد : يا آل الزبير ، فلا يَروعَنّكم وقع السيوف ، فإني لم أحضر موطنًا قط إلا ارتِثثْتُ فيه بين القتلى ، ولما أجدُ من دواء جراحها أشدّ مما أجد من أَلَمِ وقْعِها ،(6/516)
صونوا سيوفكم كما تصونوا وجوهكم ، لا أعلمن امرأً كسر سيفه واستبقى نفسه ، فإن الرجل إذا ذهب سلاحه فهو كالمرأة أعزل ، غُضّوا أبصاركم عن البارقة ، وليَشْغَلْ كل امرئ منكم قِرْنَه ، ولا يُلهيّنّكم السؤال عني ، ولا تقولون : أين عبد الله بن الزبير ؟ ألا ومن كان سائلاَّ فإني في الرعيل الأول.
أبى لابن سلمى أنه غير خالدٍ ... مُلاقي المنايا أَيَّ صرفٍ تيمّمَا
فلست بمبتاع الحياة بِسُبَّةٍ ... ولا مُرْتَقٍ (1) من رهبة الموت سُلّمَاً
والشعر لحصين بن الحُمَام المُرّي ، احملوا على بركة الله ، ثم حمل حتى بلغ بهم الحَجُون ، ورُمي بآجُرّة فأصابته في وجهه فأرعِش لها ودَمِى وجهه ، فلما وجد سخونة الدم يسيل على وجهه ولحيته قال :
_حاشية__________
(1) في الأصل : "مبتغ" وأثبت ما في تهذيب ابن منظور 12/203.(6/517)
لسنا على الأعقاب تدمي كُلومنا
ولكن على أقدامنا تقطر الدما
وتغاووا عليه ، وصاحت مولاة لنا مجنونة واأمير المؤمنيناه ، وقد رأته حيث هوى ، فأشارت لهم إليه ، فقتل وإن عليه ثياب خَزّ ، وجاء الخبر الحجاج ، فسجد وسار حتى وقف عليه هو وطارق بن عمرو ، وقال طارق : ما ولدت النساء أذكر من هذا ، فقال الحجاج : تمدح من خالف أمير المؤمنين ؟ قال طارق : نعم هو أعْذَرُ لنا ، ولولا هذا ما كان لنا عذر ، إنّا محاصروه وهو في غير خندق ولا حصن ولا منعة منذ سبعة أشهر ينتصف منا ، بل يفضل علينا في كل ما التقينا نحن وهو ، فبلغ كلامهما عبد الملك بن مروان فصوّب طارقاً.(6/518)
1378- عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قُصَيّ.
وأمه قُرَيْبة الكبرى بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، وأمها عاتكة بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، فولد عبد الله بن زمعة : عبد الرحمن ، ويزيد ، ووهبًا ، وأبا سلمة ، وكبيرًا ، وأبا عبيدة ، وقريبة ، وأم كلثوم ، وأم سلمة ، وأمهم زينب بنت أبي سلمة بن عبد الأسد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، وأمها أم سلمة بنت ابن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم زوج رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم . وخالدًا لأم ولد .
قبض رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وعبد الله بن زمعة ابن خمس عشرة سنة ، وقد حفظ عنه.(6/518)
7681- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني محمد بن عبد الله ، عن الزهري ، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن عبد الله بن زمعة بن الأسود ، قال : عُدت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم في مرضه الذي توفى فيه ، فجاءه بلال يُؤْذِنه بالصلاة ، فقال لي رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : مر الناس ، فليصلوا . قال عبد الله : فخرجت فلقيت ناسًا لا أكلمهم ، فلما لقيت عمر بن الخطاب لم أبغ من وراءه - وكان أبو بكر غائبًا - فقلت له : صلّ بالناس يا عمر ، فقام عمر في المقام ، فلما كبر سمع رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم صوته ، وكان رجلاَّ مجْهرًا ، قال : فأخرج رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم (1) رأسه حتى أطلعه للناس من حجرته ، فقال : لا ، لا ، لا ليصل لهم ابن أبي قحافة ، قال: يقول ذلك رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم مغضبًا ، قال : فانصرف عمر فقال لعبد الله بن زمعة يا ابن أخي : أمرك رسول الله أن تأمرني ؟ قال : قلت : لا ، ولكني لما رأيتك لم أبغ مَن وراءك.
فقال عمر : ما كنت أظن حين أمرتني إلا أن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أمرك بذلك ، ولولا ذلك ما صليت بالناس ، فقال عبد الله : لمّا لَمْ أر أبا بكر رأيتك أحق من حضر بالصلاة.
_حاشية__________
(1) إلى هنا ينتهي الخرم الموجود في نسخة "ح".(6/519)
7682- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : فحدثني محمد بن سلمة مولى آل جعفر ، عن أبي الحويرث ، عن نافع بن جبير ، عن عبد الله بن زمعة ، قال : فانصرف عمر ، فلقى عبد الله بن زمعة فقال : ما حملك على ما صنعت ؟ قال : قال لي رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : مُرِ الناس فليصلّوا ، فلما لَم أر أبا بكر لم أر أحدًا أحق بالصلاة منك ، قال : فأسكَتَ عمر.(6/519)
1379- عبد الرحمن بن أزهر بن عبد عوف بن عبدٍ بن الحارث بن زهرة بن كلاب.
وأمه البكيرة بنت عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي.
فولد عبد الرحمن بن أزهر : جُبَيرًا به كان يكنى ، وطُلَيبًا ، وسليمان ، وعبد الله الأكبر ، وحفصة ، وعائشة ، وأمهم أم سلمة بنت خفاجة بن هرثمة بن مسعود بن ثعلبة بن حبيب بن وائلة بن دهمان بن نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن.
وعَمْرًا ، وعبد الرحمن ، وأبا عبد الله ، وعبد الحميد ، وأمهم سِعْلَى بنت غلاّق بن مروان بن الحكم بن مروان بن زِنْباع بن جَذِيْمة (1) بن رواحة من بني عُبَيْس.
وعبد الله الأصغر ، وموهبًا ، وأم عبد الله ، وأمهم أم ولد . وأزهر ، وإسحاق ، وأمهما أم ولد . وإسحاق الأصغر.
وأُمُّه أم ولد . وأم مسلم ، وأمها قُذّة بنت عرفجة بن عثمان بن عبد الله بن عمر بن مخزوم . وزينب ، وأمها ابنة أبي عُصَيم بن زيد بن عباس بن عامر بن حيّ بن رِعل ، من بني سليم . وزرعة ، وأم جميل ، وأمهما أم ولد.
_حاشية__________
(1) كذا في "ث" : ومثله لدي ابن دريد في الاشتقاق ص 278 ، وفي "ح" : "خَذِيمة".(6/520)
7683- قال : وأخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني أسامة بن زيد الليثي ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن أزهر ، قال : رأيت النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم بحنين يتخلل الركاب يسأل عن منزل خالد بن الوليد وأنا معه ، فَأُتِيَ يومئذٍ بشاربٍ فأمر مَنْ عنده فضربوه بما كان في أيديهم ، وحثى عليه من التراب.(6/520)
1380- عبد الله بن مُكْمَل بن عون بن عبدٍ بن الحارث بن زهرة بن كلاب. وأمه العُقَيْلَة بنت عبد عوف بن عبدٍ بن الحارث بن زهرة. فولد عبد الله بن مكمل : عبد الرحمن ، وأم جميل ، وأمهما أم ولد سبيٌ من أهل اليمن من حمير ثم من يَحْصُب . وأزهر ، ومنظورة ، وأمهما ميمونة بنت العلاء بن الحضرمي حليف بني عبد شمس . وعتبة.
وأُمُّه أم ولد . وامرأتين ، وأمهما سهلة بنت عاصم بن عبد الجد بن العجلان من قضاعة حلفاء الأنصار.
وكان عبد الله بن مكمل ، بِسِنِّ عبد الرحمن بن أزهر ، وقد رأى النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، والدار التي بالمدينة تُنْسَب إلى ابن مُكْمَل عند رَحْبَةِ القضاء بحذاء دار مروان ، وكانت لعبد الرحمن بن عبد الله بن مُكْمَل. وقد روى الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مكمل.(6/520)
1381- المِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَة بن نوفل بن أُهَيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ، ويكنى أبا عبد الرحمن.
وأُمُّه عاتكة بنت عوف بن عبد عوف بن عبدٍ بن الحارث بن زهرة ، وهي أخت عبد الرحمن بن عوف ، وكانت من المهاجرات المبايعات.
فولد المسور بن مخرمة : عبد الرحمن وبه كان يكنى ، وآمنة ، ورملة ، وأم بكر ، وصُفَيًّا ، وأمهم أمة الله بنت شُرَحْبيل بن حسنة.
وعبد الله ، وهشامًا ، ومحمدًا ، والحصين ، وحفصة ، وأمهم ابنة الزبرقان بن بدر بن امرئ القيس بن بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم.
وعمرًا ، وحمزة ، وجعفرًا ، وعونًا ، لا بقية لأحد منهم ، وهم لأمهات أولاد شتى . وبُرَيْهَةَ ، وأمها باديةُ بنت غيلان بن سلمة بن مُعَتِّب من ثقيف.
قُبِض رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم والمسور بن مخرمة ابن ثماني سنين وقد حفظ عنه أحاديث .(6/521)
7684- قال : حدثنا علي بن الجعد ، وهشام أبو الوليد الطيالسي ، قالا : حدثنا ليث بن سعد ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي مليكة ، عن المسور بن مخرمة ، قال : سمعت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم على المنبر يقول : إن بني هشام بن المغيرة استأذنوا أن ينكحوا ابنتهم عليًا على ابنتي ، فلا آذن ، ثم لا آذن ، إلا أن يحب عليٌّ أن يطلِّقَ ابنتي ، وينكح ابنتهم ، فإنما ابنتي بضعةٌ مني ، يَرِيْبُنْي ما رابها ويُؤْذِيْني ما آذاها.(6/522)
7685- قال : أخبرنا هشام أبو الوليد ، قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن أبي مليكة ، عن المسور بن مخرمة ، أن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم قال : فاطمة بضعة مني أو مضغةٌ مني ، فمن آذاها آذاني . قال هشام : حدثنا بهذا سنة ثمان وستين ومائة ، وقدم علينا إلى عَبَّادان.(6/522)
7686- قال : أخبرنا عبد الملك بن عمرو أبو عامر العقدي ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور ، عن المسور قال : مرّ بي يهوديُّ وأنا قائم خلف النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، والنبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يتوضأ ، قال : فقال لي : ارفع ثوبه عن ظهره ، فذهبت أرفعه ، فنضح النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم في وجهي من الماء.(6/522)
7687- قال : أخبرنا عبد الملك بن عمرو أبو عامر ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور ، أن المسور : احتكر طعامًا فرأى سحابًا من سحاب الخريف فكرهه ، فلما أصبح أتى السوق ، فقال : من جاءني وَلَّيْتُه ، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فأتاه بالسوق ، فقال : أجُنِنْتَ يا مسور ؟ قال : لا والله يا أمير المؤمنين ، ولكني رأيت سحابًا من سحاب الخريف فكرهته ، فكرهت ما ينفع الناس ، فكرهت أن أربح فيه ، وأردت أن لا أربح فيه ، فقال : جزاك الله خيراً.(6/522)
7688- قال : أخبرنا عبد الملك بن عمرو ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر ، قال مرَّة إن المسور ، وقال مرّةً عن المسور ، أن المسور خرج تاجرًا إلى سوق ذي المجاز أو عكاظ فإذا رجل من الأنصار يَؤُمُّ الناس أَرَتُّ أو ألْثَغُ ، فأخّره وقدّم رجلاَّ ، فغضب الرجل المُؤَجَّرُ ، فأتى عُمَرَ فقال : يا أمير المؤمنين إن المسور أخرني وقدم رجلاَّ ، فغضب عمر وجعل يقول : واعجبًا لك يا مسور وجعل يُرسل إلى بيته ، فلما قدم المسور أُخبر بذلك ، فأتاه فلما رآه طالعًا قال : واعجبًا لك يا مسور ، فقال : لا تعجل يا أمير المؤمنين فوالله ما أردت إلا الخير قال : وأنّى الخير في هذا ؟ فقال : إن سوق عكاظ أو ذي المجاز اجتمع فيها ناسٌ كثير ، عامتهم لم يسمع القرآن ، وكان الرجلُ أَرَتُّ أو ألْثَغُ فخشيت أن يتفرقوا بالقرآن على لسانه فأخرته وقدمت رجلاَّ عربيًا بينًا فقال عمر : جزاك الله خيراً.(6/522)
7689- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور ، عن أبيها ، قال : لما وَلِيَ عبد الرحمن بن عوف الشورى قلت : إن تَرْكِي خالي وقد تحمل أمر المسلمين خطأٌ ، فلزِمتُه لزومًا لم أكن ألْزمه ، ولم يك شيئًا أحب إليّ من أن يليها عبد الرحمن أو سعد ، فخرجت يومًا فأدركني عمرو بن العاص فناداني : يا مسور ، يا مسور فأقبلت عليه فقال : ما ظنُّ خالك بالله إن وَلَّى أحدًا وهو يعلم أنه خيرٌ ممن يُوِلّي ؟ قال المسور : فقال لي شيئًا اشتهيه ، فجئت عبد الرحمن بن عوف فوجدتُه مضطجعًا في رشّ دار المال واضعًا إحدى رجليه على الأرض ، فقلت له : لو رأيت رجلاَّ قال لي كذا وكذا ، فجلس فقال لي : من هو ؟ فقلت : لا أخبرك ، فحلف لا يكلمني إذًا ، فأخبرته ، فقال : والله لأن توضع سكينٌ في لُبَّتي حتى تخرج من سُرّتي ، أحبُّ إليّ من أن لا أتبع عمر بن الخطاب.
قال : وطرقني عبد الرحمن في صبح اللية التي بُويع فيها عُثمان ، فقال لي : يا ابن أختي اكفني هذه الناحية ، يعني المهاجرين ، وأكفيك هذه الناحية ، يعني الأنصار ، وادعُ علياّ وعثمان ، وكنت أحبُّ عليًا ، فقلت بأيهما أبدأ ؟ قال : بأيهما شئت ، فجئت عليًا فقلت : إن خالي يدعوك يقول : وافني في دار المال ، فقال : أرسلك إلى أحد معي ؟ قلت : عثمان ، قال : بأيهما أمرك أن تبدأ ؟ قلت : قد سألته ، فقال : بأيهما شئت ، قال : ثم ذهبت إلى عثمان ، فقلت : إن خالي يدعوك ، فقال لي عثمان : أرسلك إلى أحد معي ؟ فقلت : عليّ ، فقال :
بأيّهما أمرك أن تبدأ ؟ فقلت : قد قلتُ له ، فقال : بأيهما شئت ، وقلت له : يقول لك وافني في دار المال ، قال : ووعدهم دار المال إلى مَنْ جَمَعَ ، قال : فدخلت معهم ، والله ما في الدار رجل إلا من المهاجرين الأولين غيري ، قال : فذاك حين شاورهم واجتمع على بيعة عثمان فبايعوه جميعاً.(6/523)
7690- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني شرحبيل بن أبي عون ، عن أبيه (ح) قال : وحدثني عبد الحميد بن عمران بن أبي أنس ، عن أبيه ، عن المسور بن مخرمة (ح) قال : وحدثنا موسى بن يعقوب ، عن عمه ، عن ابن الزبير ، (ح) قال : وحدثنا ابن أبي حبيبة ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ؛ قالوا : بعث عثمان بن عفان بالمسور بن مخرمة إلى معاوية يُعْلِمه أنه مَحْصُورٌ ، ويأمره أن يبعث إليه جيشًا سريعًا يمنعونه ، فلما قدم على معاوية وأبلغه ذلك ، ركب معاوية نجائبه ومعه معاوية بن حُدَيْج ، ومسلم بن عقبة ، فسار من دمشق إلى عثمان عشرًا ، فدخل المدينة نصف الليل ، فدق باب عثمان فدخل فأكبّ عليه فقبل رأسه ، فقال عثمان : فأين الجيش ؟ فقال معاوية : لا والله ما جئتك إلا في ثلاثة رهط ، فقال عثمان : لا وصل الله رحمك ، ولا أعز نصرك ولا جزاك عني خيرًا ، فوالله ما أُقتل إلا فيك ولا يُنْقم علي إلا من أجلك ، فقال معاوية : بأبي أنت وأمي إني لو بعثت إليك جيشًا فسمعوا به عاجلوك فقتلوك قبل أن يبلغ الجيش إليك ، ولكن معي نجائب لا تُساير ، ولم يشعْر بي أحدٌ ، فاخرج معي ، فوالله ما هي إلا ثلاث ليالٍ حتى ترى معالم الشام ، فإنها أكثر الإسلام رجالاَّ ، وأحسنه فيك رأيًا ، فقال عثمان : بئس ما أشرت به ، وأبى أن يجيبه إلى ذلك.
فخرج معاوية إلى الشام راجعًا ، وقدم المسور يريد المدينة ، فلقى معاوية بذي المروة راجعًا إلى الشام ، فقدم المسور على عثمان وهو ذامٌّ لمعاوية غيرُ عاذرٍ له . فلما كان في حصره الآخر بعث المسور أيضًا إلى معاوية فأغذّ السير حتى قدم عليه ، فقال : إن عثمان بعثني إليك لتبعث إليه الرجال والخيول ، وتنصره بالحق وتمنعه من الظلم.
فقال : إن عثمان أحسن فأحسن الله به ، ثم غيّر فغيّر الله به ، فشددت عليه ، فقال : يا مسور ، تركتم عثمان حتى إذا كانت نفسه في حنجرته ، قلتم : اذهب فادفع عنه الموت ، وليس ذلك بيدي ، ثم أنزلني في مشربة على رأسه ، فما دخل علي داخل حتى قُتل عثمان رحمة الله عليه ورضوانه.(6/524)
7691- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور ، عن أبيها ، قال : قال لي معاوية : يا مسور ، أنت ممن قتل عثمان ، فقال المسور : أنا والله يا معاوية نصحته واعتزلته ، وأنت غششته وخذلته ، فإن شئت أخبرتُ القوم خبرك وخبري حين قدمت عليك الشام ، فقال معاوية : لا يا أبا عبد الرحمن.(6/525)
7692- قال : أخبرنا عبد الملك بن عمرو أبو عامر ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور أن مروان دعا المسور يُشْهِدُهُ حين تصدق بداره على عبد الملك بن مروان ، فقال المسور : وتَرِثُ فيها العبسيّة ؟ قال : لا ، قال : فلا أشهد ، قال : ولِمَ ؟ قال : إنما أخذت من إحدى يديك فجعلته في الأخرى ، قال : وما أنت وذاك ، أحكم أنت ؟ إنما أنت شاهد ، قال المسور : فكلما فَجَرْتُم فَجْرَةً شُهّدْتُ عليها ، قال عبد الله : وكانت العبسية امرأة مروان.(6/525)
7693- قال : أخبرنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، قال : قال المسور بن مخرمة : لقد وارت الأرض أقوامًا لو رأوني جالسًا معكم لاستحييت منهم.(6/525)
7694- قال : أخبرنا عبد الملك بن عمرو أبو عامر العقدي ، وخالد بن مخلد البجلي ، وعبد العزيز بن عبد الله الأويسي من بني عامر بن لؤي ، قالوا : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور بن مخرمة ، قالت : كان المسور لا يشرب من الماء الذي يوضع في المسجد ، ويكرهه ويرى أنه صدقة.(6/525)
7695- قال : أخبرنا خالد بن مخلد ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور بن مخرمة قالت : سمع المسور بن مخرمة ابنًا له وهو يقول : أشركت بالله أو كفرت بالله ، فضرب صدره ، ثم قال له : قل أستغفر الله ، قل آمنت بالله ثلاثاً.(6/525)
7696- أخبرنا محمد بن معاوية النيسابوري ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، قال : حدثتني عمتي أم بكر بنت المسور ، قالت : كان المسور بن مخرمة إذا قدم مكة طاف لكل يوم غاب سبعًا ، وكان يقرِنُ بين الأسابيع ، ثم يصلي لك أسبوع ركعتين.(6/525)
7697- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور ، أن أباها كان نَقْشُ خاتمه : المسور بن مخرمة.(6/526)
7698- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور قالت : ما ترك أبي المسور بن مخرمة الركعتين بعد العصر حتى مات.(6/526)
7699- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن أبي عون مولى المسور ، قال : رأيت المسور بن مخرمة إذا وضعت الجنازة استأخر عن القبور أن يجلس عليها.(6/526)
7700- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، عن عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور ، عن أبيها ، أنه كان يصوم الدهر.(6/526)
7701- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور قالت : رأيت المسور يَدَّهِنُ في مُدْهُن من عظام الفيل.(6/526)
7702- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور ، عن أبيها قال : لما حضرتُ عُمَرَ حين قرأ علينا كتاب صدقاته وعنده المهاجرون ، فَبَرَكْتُ وأنا أريد أن أقول : يا أمير المؤمنين أنك تحتسب الخير وتنويه ، وإني أخشى أن يأتي رجالٌ لا يحتسبون بمثل حسبتك ولا ينوون نيتك ، يحتجون بك بقطع المواريث ، ثم استحييت أن افتأت على المهاجرين , وإني لأظن لو قلت ذلك ما تصدق بشيء أبداً.(6/526)
7703- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : أخبرني عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور ، عن أبيها ، قال : كنت آخُذُ عطاء أبي من عمر وأبي جالس في بيته لا يُكَلِّفهُ يأتي.(6/526)
7704- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر ، عن زفر بن عقيل ، عن المسور بن مخرمة ، أنه رآه يُدْخِلُ الناس ليالي مٍنى مَنْ كان مِنْ وراء العقبة يقول : ادخلوا مِنى.(6/526)
7705- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور ، قالت : ما حج أبي قط إلا وقف على قُزَح ، وهو المَشْعَرُ الحرامُ.(6/527)
7706- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور ، عن أبيها قال : قدمت عَلَى عَلِيّ الكوفة ، وهو يعطي الناس في بيتٍ له بابان على غير كتاب ، فقال : يا ابن مخرمة :
هذا جَنايَ وخيارُه فيه ... إذ كُلُّ جَانٍ يَدُهُ إلى فِيْهِ
فقلت يا أمير المؤمنين : إن الناس يتراجعون عليك ، قال : أو قد فعلوا ؟ قلت : نعم ، قال : فاكتبوهم ، فَكُتِبُوا.(6/527)
7707- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، عن عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور ، عن أبيها ، أنه وجد يوم القادسية إبريقَ ذهبٍ عليه الياقوت والزَّبَرْجَدُ فلم يدر ما هو ؟ فلقيه فارسيٌّ فقال : آخذه بعشرة آلاف ، فعرف أنه شيء ، فذهب به إلى سعد بن أبي وقاص فأخبره خبره ، فَنَفَّلَهُ إياه ، وقال : لا تبعه بعشرة آلاف ، فباعه له سعدٌ بمائة ألف ، فدفعها إلى المسور ولم يُخَمِّسها.(6/527)
7708- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور ، عن أبيها قال : كنا نَتَعَلّمُ من عمر بن الخطاب الورع.(6/527)
7709- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن أبي عون ، قال : رأيت المسور بن مخرمة حين خرج إلى مكة في وجهه الذي قُتِلَ فيه ، كتب وصيَّتَهُ ، ودفعها مختومةً إلى رجال من بني زهرة ، وأشهدهم أن ما فيها حق ، وأمرهم أن يشهدوا على ما فيها وهي مختومة ، فقبضوها على ذلك ، فلما قُتل المسور دفعوا الكتاب إلى عبد الرحمن بن المسور ، وكانت الوصيّةُ إليه ، فأنفذ ما فيها.(6/527)
7710- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا زكريا بن يحيى السعدي ، عن أبيه ، عن عطاء بن زيد الليثي ، عن سفيان ، أو شقير مولى مروان بن الحكم ، قال : لحق المسور بابن الزبير بمكة ، فأقام معه هناك ، وابن الزبير لا يقطعُ أمرًا دونه.(6/528)
7711- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني شرحبيل بن أبي عون ، عن أبيه ، قال : لما دنا الحصين بن نمير من مكة ، أخرج المسور بن مخرمة سلاحًا قد حمله من المدينة ودروعًا ففرّقها في مواليه ، كُهولٍ فُرسٍ جُلدٍ ، فدعاني ثم قال لي : يا مولى عبد الرحمن بن مسور ، قلت : لبيك ، قال : اختر درعًا من هذه الدروع ، قال : فاخترت (1) درعًا وما يُصْلِحُها ، وأنا يومئذٍ شابٌّ غلامٌ حدثٌ ، قال : فرأيت أولئك الفُرس قد غضبوا ، وقالوا : تخيّر هذا الصبي علينا ، والله لو جاء الجِدُّ لَتَرَكَكَ ، قال المسور : لتجدُنَّ عنده حزمًا ، فلما كانت الوقعة ، لبس المسور سلاحه درعًا وما يُصْلِحُها ، وأَحْدَقَ به مواليه ، ثم انكشفوا عنه ، واختلط الناس ، فالمسور يضرب بسيفه ، وابن الزبير في الرعيل الأول يَرْتَجِزُ قُدُمًا ، ومصعبُ بن عبد الرحمن معه يفعلان الأفاعيل ، إلى أن أحدقت جماعةٌ منهم بالمسور ، فقام دونه مواليه فذبّوا عنه كل الذّبِّ ، وجعل يصيح بهم ، ويكنيهم بكناهم ، فما خُلِصَ إليه ، ولقد قَتَلُوا من أهل الشام يومئذٍ نفراً.
_حاشية__________
(1) كذا في "ح" ، ومثله لدي ابن عساكر في مختصر ابن منظور 24/309 ، ورواية "ث" : "فأخذت".(6/528)
7712- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور ، وأبي عون ، قالا : أصاب المسور بن مخرمة حَجَرٌ من المنجنيق ضَرَب البيت ، فانفلق منه فلقةٌ ، فأصابت خَدَّ المسور وهو قائم يصلي ، فمرض منها أيامًا ، ثم هلك في اليوم الذي جاء فيه نعي يزيد بن معاوية بمكة ، وابن الزبير يومئذٍ لا يتسمّى بالخلافة ، الأمرُ شُوْرَى.
قال محمد بن عمر : فذكرت ذلك لشرحبيل بن أبي عون ، فقال : أخبرني أبي قال : قال لي المسور بن مخرمة : يا مولى عبد الرحمن ، صُبَّ لي وَضُوءًا ، فقلت : أين تذهب ؟ فقال : إلى المسجد ، فصببت له وضوءًا فأسبغ الوضوء ، وخرج وعليه درع له خفيفٌ يَلْبَسُها إذا لم يكن له قتال ، فلما بلغ الحِجْرَ قال : خُذْ دِرْعِي ، قال : فأخذتها فلبستُها ، وجلست قريبًا منه ، والحجارة يُرْمى بها البيت وهو يصلي في الحِجْر فجئت فقمت إلى جنبه ، فقلت : أي مولاي ، إني أرى الحجارة اليوم كثيرة ، فلو لبست درعك ومِغْفَركَ ، أو تحوّلت عن هذا الموضع ، أو رجعت إلى منزلك ، فإني لا آمن عليك ،(6/528)
فوالله ما يُغْني شيئًا إنهم لعالون علينا ، وإنما نحن لهم أغراض ، فقال : ويحك ، وهل بُدٌّ من الموت على كل حال ؟ والله لأن يموت الرجل وهو على بَصِيْرَتِهِ ناكِيًا لعدوّه أو مُبْليًا عُذْرًا حتى يموت ، أحسن وآجَرُ له من أن يدخل مدخلاَّ فيُدْخل عليه فيُساق إلى الموت فتُضْرَبُ عُنُقه على المذلة والصَّغَار ، ثم قال : هات درعي ، فأخذها فلبسها ، وأبى أن يلبس المغفر ، قال : وتقبل ثلاثة أحجار من المنجنيق فيضرب الأول الركن الذي يلي الحجر فخرق الكعبة حتى تغيب ، ثم اتبعه الثاني في موضعه ، ثم اتّبعه الثالث في موضعه ، وقد سدّ الحجرُ الحِجْر ، ثم رمى فنبا الحَجَرُ وتكَسّرُ منه كِسْرَةٌ فتَضْرِب خَدَّ المسور وصدْغَه الأيسر فَهَشَمَهُ هَشْمًا ، قال : فَغُشِيَ عليه ، واحتملته أنا ومولىً له يقال له : سليم ، وجاء الخبرُ ابن الزبير ، فأقبل يعدُو إلينا ، فكان فيمن يحمله ، وأدركنا مصعب بن عبد الرحمن ، وعبيد بن عمير ، فمكث يومه ذلك لا يتكلم حتى كان من الليل فأفاق ، وعهد ببعض ما يريد وجعل عبيد بن عمير ، يقول : يا أبا عبد الرحمن ، كيف ترى في قتال من ترى ؟ فقال : على ذلك قُتِلْنا . فقال عبيد بن عمير : ابسط يدك ، فضرب عليها عبيد بن عمير ، فكان ابن الزبير لا يفارقُه يُمَرِّضُه حتى مات.(6/529)
7713- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور قالت : كنت أرى العظام تنزع من صَفْحَتِهِ ، وما مكث إلا خَمْسَةَ أيام حتى مات.(6/530)
7714- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عبد الله بن جعفر ، عن أبي عون قال : جاء نَعْيُ يزيد بن معاوية ليلاَّ ، وكان أهل الشام يُؤذون ابن الزبير ، وعدةٌ ممن معه ، فقال ابن الزبير : اسكتوا عن الخبر حتى نصبح ، قال أبو عون : فجئت حتى قمت في مشربة لنا في دار مخرمة بن نوفل ، فصحت بأعلى صوتي : يا أهل الشام ، يا أهل النفاق ، يا أهل الشؤم ، قد والله الذي لا إله إلا هو مات يزيد ، فصاح أهل الشام وسبوا وانكسروا ، فلما أصبحنا جاءنا فتى شابٌّ فاستأمن فآمنّاه ، فجاء إلى ابن الزبير وعبد الله بن صفوان في أشياخ من قريش جلوس في الحجر ، والمسور بن مخرمة في البيت يموت ، فخطب فقال : إنكم يا معشر قريش إنما هذا الأمر أمرُكم والسلطان سلطانكم ، وإنما خرجنا في طاعة رجل منكم ، وقد هلَكَ ذلك الرجل ، فإن رأيتم أن تأذنوا لنا فنطوف بالبيت وننصرف إلى بلادنا ، حتى يجتمع رأيكم على رجلٍ منكم فندخل في طاعتكم.
فقال ابن الزبير : لا ، ولا كرامة.
فقال عبد الله بن صفوان : لِمَ ؟ بَلَى نفعل ذلك.
ثم قال ابن الزبير : انطلق بنا يا أبا صفوان إلى المسور ، فإنا لا نقطع أمرًا دونه ، فقاما حتى دخلا على المسور ، فقال ابن الزبير : ما ترى يا أبا عبد الرحمن في أهل الشام فإنهم استأذنوا أن يطوفوا بالبيت وينصرفوا إلى بلادهم ، فقال المسور : أجلسوني ، فأُجلس . فقال . {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ} ، وقد خربوا بيت الله ، وأخافوا عُوَّاذَةُ ، فأخِفهُم كما أخافوا عُوّاذَ الله ، فتراجعوا شيئا من مراجعةٍ ، وغُلِبَ المسور ، فاضطجع ومات ذلك اليوم ، رحمه الله ورضي عنه.(6/530)
7715- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني شرحبيل بن أبي عون ، عن أبيه ، قال : حضرْنا غُسل المسور وبنوه حضور ، قال : فَوَلِيَ ابن الزبير غسله ، فغسله الغَسْلةَ الأولى بالماء القراح ، والثانية بالماء والسدر ، والثالثة بالماء والكافور ، ووضأهُ بعد أن فرغ من غسله ، ومضمضه ، وأنشقه ، ثم كفّناه في ثلاثة أثواب ، أحدها حبَرَة ، قال : فرأيت ابن الزبير حمله بين العمودين فما فارقه حتى صلّى عليه بالحجون ، وإنا لنطأ به القتلى وأهل الشام ، وصلوا عليه معنا ، ونهانا ابن الزبير يومئذ أن نحمل معه مِجمرة ، ثم انتهينا إلى قبره ، فنزل بنوه في قبره ، وابن الزبير يَسُلُّه من قبل رجليْ القبر.(6/531)
7716- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : فحدثني عبد الملك بن شبيب ، عن أبي وهب ، عن عطية بن قيس قال : لما مر بجنازة المسور بن مخرمة يوم جاءهم نعي يزيد بن معاوية ، ترك أهل الشام القتال ، وسلموا الأمر ، وكلموا ابن الزبير أن يطوفوا بالبيت وينصرفوا ، فأبى ابن الزبير.(6/531)
7717- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : أخبرنا شرحبيل بن أبي عون ، عن أبيه ، قال : قال : رأيت عبد الرحمن بن المسور يوم مات المسور طرح ردائه ومشى في قميص.(6/531)
7718- قال : أخبرنا معن بن عيسى ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور ، أن المسور بن مخرمة دُفن بالحجون.(6/531)
7719- قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا عبد الله بن جعفر عن أم بكر بنت المسور بن مخرمة ، قالت : وُلد المسور بمكة بعد الهجرة بسنتين ، وتوفي بمكة يوم جاء نعي يزيد بن معاوية إلى مكة ، لهلال شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين ، والمسور يومئذ ابن اثنتين وستين سنة .
قال محمد بن عمر : قبض رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم والمسور بن مخرمة ابن ثماني سنين ، وقد حفظ عنه صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، وروى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعبد الرحمن بن عوف ، رحمة الله عليهم أجمعين.(6/531)
1382- سلمة بن أبي سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة.
وأُمُّه أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، زوج النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم.
وزوّج رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم سلمة بن أبي سلمة أُمامة بنت حمزة بن عبد المطلب بن هاشم ، وهي التي اختصم فيها علي ، وجعفر ، وزيد بن حارثة حين أخرجت من مكة ، كل واحد منهم يسأل أن تكون عنده ، فقضى بها رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم لجعفر بن أبي طالب ، لأن خالتها أسماء بنت عميس الخثعمية كانت عنده.
وقال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم حين زوجها من سلمة : هل جَزَيْتُ سلمة ؟ يقول رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ذلك ، لأن سلمة بن أبي سلمة هو زوّج رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أم سلمة ، ووليَ ذلك دون غيره من أهل بيتها ، فرأى رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أنه قد جزاه بما صنع حين زوجه ابنة عمه حمزة بن عبد المطلب ، ولا نعلم سلمة حفظ عن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم شيئاً.
وتوفي بالمدينة في خلافة عبد الملك بن مروان ، وولاية أبان بن عثمان على المدينة.(6/532)
1383- عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
وأُمُّه أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، ويكنى أبا حفص ، فولد عمرُ بن أبي سلمة : سلمة ، ومحمدًا ، وزينب ، وأمهم مليكة بنت رفاعة بن عبد المنذر بن زَنْبَر (1) بن زيد بن أُمَية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن الأوس ، وكان عمر أصغر سنًا من أخيه سلمة ، وقد حفظ عن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم.
_حاشية__________
(1) كذا في الأصلين ، وكتب فوقها في "ح" كلمة "صح" ومثله لدي ابن حزم في الجمهرة ص 334 وأشار محقق المطبوع أنها في "ح" : "زنيد" فليحرر.(6/532)
7720- قال : أخبرنا وكيع بن الجراح ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عمر بن أبي سلمة قال : رأيت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يصلى في بيت أم سلمة في ثوب واحد متوشحًا به ، واضعًا طرفيه على عاتقه.(6/533)
7721- قال : أخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي ، قال : حدثنا سليمان بن بلال ، عن أبي وجزة ، عن عمر بن أبي سلمة قال : قال لي رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : ادنُ بُنَيَّ ، سَمِّ الله وكُلْ مما يليك ، وقُبض رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وعُمَرُ ابن تسع سنين.
قالوا : وفرض عمر بن الخطاب لعبد الله بن عمر في ثلاثة آلاف ، ولعمر بن أبي سلمة في أربعة آلاف ، فكلمه عبد الله بن عمر في ذلك ، فقال عمر : هات أمًّا مثل أم سلمة.
وبعث علي بن أبي طالب إلى أم سلمة ، أن اخرجي معي إلى الجمل فأبت ، وقالت : أبعث معك أحب الناس إليّ ، فبعثت معه عمر بن أبي سلمة ، فشهد مع علي الجمل ، واستعمله عليٌّ على فارس ، وتوفي عمر في خلافة عبد الملك بن مروان بالمدينة.(6/533)
1384- عبد الله بن عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
وأُمُّه أم عبد الله بنت طارق بن عامر بن سعد بن ربيعة بن يربوع بن وائلة بن نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن.
فولد عبد الله بن عبد الله : محمدًا ، ومصعبًا ، وقُريْبةَ ، وعاتكة ، وأمهم زينب بنت مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي . وموسى ، وأم حسن ، وأمهما عاتكة بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.(6/533)
7722- قال : أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، عن أبيه ، قال : كان مصعب بن عبد الله من أجْلدِ العرب ، وكان يُنْزل عليه.
قال محمد بن عمر : وقد حفظ عبد الله بن عبد الله عن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أنه رآه يصلي في ثوب واحد.(6/534)
1385- عمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن عُمر بن مخزوم . ويكنى أبا سعيد.
وأُمُّه عمرةُ بنت هشام بن حِذْيَمَ بن سُعَيْد بن رِئاب بن سهم.
فولد عمرو بن حريث : عبد الله ، وجعفرًا ، وأم سلمة ، وأروى ، وأم بكر ، وأمهم أسدة بنت عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي بن أخزم بن أبي أخزم بن ربيعة بن جرول بن ثُعَل بن عمرو بن الغوث بن طيِّئ . ويحيى ، وخالدًا ، وأم عبد الله ، وأم الوليد ، وأمهم هند بنت هانئ بن قَبِيصة بن هانئ بن مسعود بن عامر بن عمرو بن أبي ربيعة بن ذُهل بن شيبان بن ثعلبة . وعَمرًا ، وأم محمدٍ ، وأمهما أيّوبة بنت الجُعيد بن أُمَية بن خلف . وسعيدًا والمغيرة ، وهندًا ، وأمهم عمرة بنت أسماء بن خارجة بن حِصن بن حُذَيفة بن بدر الفِزاري . وعثمان ، وحُرَيْثًا ، وأم عمرو الكبرى ، وأمهم حفصة بنت جرير بن عبد الله بن الشُّلَيْل البجلي . وأم عمرو الصغرى ، وأم بكر ، وأمهما حفصة بنت كُريب بن سلمة بن يزيد بن مشجعة بن المُجَمِّع بن مالك بن كعب بن سعد بن عوف بن حَرِيم (1) بن جُعْفِي من مَذْحِج.
_حاشية__________
(1) كذا في "ح" ، وفوق الراء علامة الإهمال للتأكيد ، وكتب فوقها "صح" ، وانظر الإكمال 3/153 ، ورواية "ث" : "حِزْيم".(6/534)
7723- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا فطر بن خليفة مولى عمرو بن حريث ، عن أبيه ، زعم أنه سمع عمرو بن حريث قال : انطلق بي أبي إلى النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وأنا غلام شاب ، فدعا لي بالبركة ، ومسح رأسي ، وخط
لي دارًا بالمدينة بقوسٍ ، ثم قال : ألا أزيدك.(6/535)
7724- أخبرنا عمرو بن الهيثم ، قال : حدثنا شيخ من ولد طلحة بن عبيد الله ، عن معبد بن خالد ، عن عمرو بن حريث ، قال : أمرني عمر بن الخطاب ، رحمه الله ، أن أؤمَّ النساء في رمضان.
قال محمد بن عمر وغيره من العلماء : ثم تحول عمرو بن حريث إلى الكوفة ، وابتنى بها دارًا كبيرة قريبًا من المسجد والسوق ، وولده بها ، وشَرُفَ بالكوفة وأصاب مالاَّ عظيمًا ، وولى الكوفة لزياد بن أبي سفيان ، وعبيد الله بن زياد.(6/535)
7725- قال : أخبرنا قبيصة بن عقبة ، حدثنا سفيان ، عن موسى بن أبي عائشة ، قال : رأيت عمرو بن حريث جالسًا على المنبر عشية عرفة.
قال محمد بن عمر : قُبض النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وعمرو ابن اثنتي عشرة سنة.
وقال الفضل بن دكين : نزل عمرو بن حريث الكوفة وابتنى بها دارًا إلى جانب المسجد ، وهي كبيرة مشهورة في أصحاب الخزّ اليوم.
ومات بالكوفة سنة خمس وثمانين ، في خلافة عبد الملك بن مروان ، وله بها عقبٌ.
قال ابن سعد : وكان زياد بن أبي سفيان إذا خرج إلى البصرة ، استخلف على الكوفة عمرو بن حريث.(6/535)
1386- سعيد بن حريث بن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، وهو أخو عمرو بن حريث وهو أقدم من أخيه ، يقولون : إنه شهد فتح مكة مع النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وهو ابن خمس عشرة سنة ، ثم تحول فنزل الكوفة مع أخيه عمرو بن حريث.(6/536)
1387- جَعْدَةُ بن هُبَيْرَةَ بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم.
وأُمُّه أم هانئ بنت أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي.
وأم هبيرة بن أبي وهب ، فاختة بنت عامر بن قُرط بن سلمة بن قُشَير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة.
فولد جعدة بن هبيرة : الزبير ، وجعفرًا ، ونافعًا ، ونُفيعًا ، توفي في حياة أبيه ، ومريم ، وأمهم أم الزبير بنت حريث بن أوس بن حارثة بن لام بن عمرو بن طريف بن عمرو بن ثمامة من طيئ.
وحمزة ، وعمرًا ، وعاصمًا ، لا بقية لهم ، وأم حكيم ، وضباعة - تزوجها علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم ، وأمهم أم القاسم بنت الحكم بن حبيب بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة الثقفي.(6/536)
وفِراسًا (1)، وجعدة ، وجُحيفة ، وأم عيسى ، وأم الفضل ، وامهم الجُهْرُمَةُ بنت عقبة بن هلال بن اليسر بن قيس النمري. وحبيبًا ، درج ، وعليًا ، وحسنًا ، وحسينًا ، وأمهم أم الحسن بنت علي بن أبي طالب بن عبد المطلب.
وقدامة ، وزكريا ، لأم ولد . وعليًا الأصغر ، وعقيلاَّ ، وحسنًا الأصغر ، وأم هاشم ، لأم ولد.
ويحيى ، وأبا بكر ، ويعقوب ، وعبد الله ، ومحمدًا ، وعبيد الله ، وداود ، وعمرًا ، وعميرًا ، وبُكيرًا ، وهو أبو بكر ، وحسينًا الأصغر ، وأم هبيرة ، وأم جعفر ، وأم أبان ، وآمنة ، وحكيمة ، وصخرة ، ومجيبة ، وأم جعدة ، وفاختة ، وزينب ، وعبد الملك ، وأم موسى ، وأم داود ، وحفصة ، لأمهات أولاد شتى.
_حاشية__________
(1) كذا في الأصلين وفوق السين في "ث" علامة الإهمال للتأكيد ، ومثله لدي ابن حبيب في الحبر ص 56 ، وقرأها محقق المطبوع : "فراشاً" بالشين المعجمة وهو خطأ.(6/537)
1388- محمد بن حاطب بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جُمح بن عمرو بن هُصَيص بن كعب بن لؤي.
وأُمُّه أم جميل بنت المُجَلَّلِ بن عبد بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حِسل بن عامر بن لؤي.
فولد محمد بن حاطب : لقمان.
وأُمُّه فاطمة بنت قدامة بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح.
والحارث ، وعمرًا ، وعبد الرحمن ، وعليًا ، وسعدًا ، وأمهم مريم بنت مالك بن جنادة بن كابر بن أودع بن برّ بن كبير بن عمران بن زياد بن حمد بن عامر بن غافق بن عك . وإبراهيم ، ويعلى ، والحارث ، ومحمدًا ، وأمهم مريم بنت مالك بن جنادة أيضًا . وإبراهيم الأصغر.
وأُمُّه أم صفوان بنت عمرو بن عطاء بن عباس بن علقمة بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حِسل بن عامر بن لؤي ، وكان محمد بن حاطب يكنى أبا إبراهيم .(6/537)
7726- قال : أخبرنا محمد بن بشر العبدي ، قال : حدثني زكريا بن أبي زائدة ، عن سِماك بن حرب ، عن محمد بن حاطب الجُمحي ، قال : تناولت قِدْرًا كانت لنا ، فاحترقت يدي فانطلقت بي أمي إلى رجل جالس في الجبانة ، فقالت له : يا رسول الله ، فقال : لبيك وسعديك ، قال : فأدنتني منه ، فجعل ينفث ويتكلم بكلام لا أدري ما هو ، فسألت أمي بعد ذلك : ما كان يقول ؟ قالت : كان يقول : أذهب الباس رب الناس ، واشف أنت الشافي ، لا شافي إلا أنت.(6/538)
7727- قال : أخبرنا الفضل بن عنبسة ، قال : أخبرنا شريك ، عن سماك ، عن محمد بن حاطب ، قال : مشيت إلى قِدْر لنا من الليل ، فانكفت على يدي واحترقت ، فلما أصبحت ، تورّكَتْني أمي فأتت بي رجلاَّ بالبطحاء ، فقالت : يا رسول الله هذا محمد احترقت يده ، قال : فجعل يَنْفُثُ ويقول شيئًا لا أدري ما هو . قال : فلما كان زمن عثمان ، قلت : يا أمة من كان ذلك الرجل ؟ قالت : ذاك رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم.(6/538)
7728- قال : أخبرنا سليمان أبو داود الطيالسي ، قال : حدثنا شعبة ، عن سماك ، قال : سمعت محمد بن حاطب يقول : وقعت القِدْرُ على يدي فاحترقت ، فانطلقت بي أمي إلى رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، قال : فجعل يَتْفُلُ عليها ، ويقول : أذهب الباس رب الناس ، قال : وأحسبه قال : واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك.(6/538)
7729- قال : أخبرنا خلاد بن يحيى ، قال : حدثنا مسعر ، قال : حدثنا سماك بن حرب ، قال : حدثني محمد بن حاطب الجمحي ، قال : طبخت أمي مُرَيْقَةً على عهد النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فأهراقت على يدي ، فانطلقت بي أمي إلى النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فقال : أذهب الباس رب الناس ، أَشف وأنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك.
قال : وحدثتني أمي بهذا في إِمْرَةِ عُثْمَانَ ، قال : وكنت يومئذٍ صغيرًا ، قال خلاد بن يحيى : قال مسعر : وسمعت من يزيد في هذا الحديث : شفاءًا لا يُغادِرُ سَقَماً.
قال : وتوفي محمد بن حاطب رحمه الله في خلافة عبد الملك بن مروان ، وولاية بشر بن مروان بالكوفة.(6/538)
1389- بُسْر بن أرطاة (1)
واسمه عُميرُ بن عويمر بن عمران بن الحُلَيْس بن سيّار بن نزار بن معيص بن عامر بن لؤي.
وأمه زينب بنت الأبرص بن الحُليْس بن سيّار بن نزار بن معيص بن عامر بن لؤي.
فولد بسر : الوليد ، لأم ولد.
قال محمد بن عمر : قبض رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وبُسر بن أرطاة صغيرٌ ، ولم يسمع من رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم شيئًا في روايتنا ، وتحول فنزل الشام ، وفي رواية غير محمد بن عمر : أنه سمع من النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وأدركه وروى عنه.
_حاشية__________
(1) في "ح" : "بن أبي أرطاة" ولدي المزي : "بن أرطاة ويقال : بن أبي أرطاة".(6/539)
7730- قال : أخبرنا هشام بن سعيد أبو أحمد البزار ، قال : أخبرنا ابن لهيعة ، عن عيّاش بن عباس ، عن شِيَيْم بن بَيْتَان ، قال : كنا مع جُنادة بن أبي أمية في الغزو ، فأُتي برجل قد سرق من المغنم أو من الغنايم ، فلم يَقْطَعْهُ ، وقال : شهدت بسر بن أرطاة أُتي برجل قد سرق من المغنم فلم يقطعه ، وقال : سمعت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يقول : لا تُقْطع الأيدي في الغزو.(6/539)
7731- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني داود بن جَبيرة ، عن عطاء بن أبي مروان ، قال : بعث معاوية ، بسر بن أرطاة إلى المدينة ومكة واليمن يستعرض الناس ، فيقتل من كان في طاعة علي بن أبي طالب ، فأقام بالمدينة شهرًا ليس يقال له في أحد إن هذا ممن أعلن على عثمان إلا قتله ، وقتل قومًا من بني كعب على ماءٍ لهم فيما بين مكة والمدينة ، وألقاهم في البئر ومضى إلى اليمن ، وكان عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب واليًا عليها لعلي بن أبي طالب ، فقتل بُسر ابنيه : عبد الرحمن ، وقثم بن عبيد الله بن العباس ، وقتل عمرو بن أم أراكة الثقفي ، وقتل من قتل من همدان بالجوف ممن كان مع علي بن أبي طالب بصفين ، قتل أكثر من مائتين ، وقتل من الأبناء قومًا كثيرًا ، وذلك كله بعد قتل علي بن أبي طالب. وبقى إلى خلافة عبد الملك بن مروان.(6/539)
1390- حبيب بن مسلمة بن مالك الأكبر بن وهب بن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر.
وأمة زينب بنت ناقش بن وهب بن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر.
فولد حبيب بن مسلمة : حبيب بن حبيب.
وأُمُّه ماوية بنت يزيد بن جبلة بن لام بن حصن بن كعب بن عُلَيم من كلب . وعبد الرحمن بن حبيب.
وأُمُّه أمامة بنت يزيد بن جبلة بن لام بن حصن بن كعب بن عُلَيم.(6/540)
7732- قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي المكي ، قال : حدثنا داود بن عبد الرحمن ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، عن حبيب بن مسلمة الفهري : أنه أتى النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وهو بالمدينة فأدركه أبوه ، فقال : يا رسول الله يدي ورجلي ، فقال له النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ارجع معه فإنه يوشك أن يَهْلَكَ ، قال : فهلك في تلك السنة .
قال محمد بن عمر : والذي عند أصحابنا في روايتنا : أن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم قُبِضَ وحبيب بن مسلمة ابن اثنتي عشرة سنة ، وأنه لم يغزُ معه شيئًا , وفي رواية غيرنا : أنه قد غزا مع رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وحفظ عنه أحاديث.(6/540)
7733- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا سعيد بن عبد العزيز ، عن مكحول ، عن زياد بن جارية ، عن حبيب بن مسلمة ، قال : شهدت النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يُنَفِّلُ الثٌُّلُثَ.(6/541)
7734- قال : أخبرنا زكريا بن عدي ، قال : حدثنا ابن المبارك ، قال : قال سعيد : فأخبرني سليمان بن موسى ، عن مكحول ، عن زيد بن جارية ، عن حبيب بن مسلمة : أن النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم نَفّلَ في البَدْأة الربع ، وفي القَفْلَة الثلث.
7735- قال : وأخبرنا زكريا بن عدي ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن مكحول ، عن زيد بن جارية ، عن حبيب بن مسلمة ، عن النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، مثله.(6/541)
7736- قال : أخبرنا الوليد بن مسلم ، قال : حدثني سعيد بن عبد العزيز ، قال : استبان فضل حبيب بن مسلمة بالشام ، ولم يكن عمر يُثْبِتُه حتى قدم عليه حاجًا ، فلما رآه سلم عليه ، فقال عمر : إنك لفي قناة رجل ، قال : إي والله ، وفي سنانه ، قال : افتحوا له الخزائن فليأخذ ما شاء ، قال : فأعرض عن الأموال وأخذ السلاح.
قال غير الوليد : ولم يزل معاوية يُغزِيه الروم فيكون له فيهم نكاية وأثر ، قال : وتحول حبيب بن مسلمة فنزل الشام ، ولم يزل مع معاوية بن أبي سفيان في حروبه في صفين وغيرها ، ووجهه إلى أرمينية واليًا عليها ، فمات بها سنة اثنتين وأربعين ولم يبلغ خمسين سنة.(6/542)
7737- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : سمعت عبد الملك بن محمد البَرْسَمي ، يخبر عن ثابت بن عجلان ، قال : لما أتى معاوية موت حبيب بن مسلمة ، سجد ، قال : ولما أتاه موت عمرو بن العاص سجد ، فقال له قائل : يا أمير المؤمنين سجدت لهذين وهما مختلفان ؟ فقال : أما حبيبٌ فكان يأخذني بسُنّة أبي بكر وعمر ولا أَنْبُو في يديه ، وأما عمرو بن العاص فيأخذني الإمرة فلا أدري ما أصنع به.(6/542)
1391- المستورد بن شداد بن عمرو بن الأحب بن حبيب بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر.
وأُمُّه دعد بنت جابر بن حِسْل بن الأحب بن حبيب بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر ، فولد المستورد : عمرًا لأم ولد.
قال محمد بن عمر : كان غلامًا يوم قُبض رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم.
وقال غيره : قد سمع من رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم سماعًا أتقنه وأدّاه.(6/542)
7738- قال : أخبرنا محمد بن عبيد ، وعبد الله بن نمير ، قالا : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، قال : أخبرني المستورد أخو بني فهر ، قال : سمعت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يقول : ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليم ، فلينظر بم ترجع إليه . قال ابن نمير : التي تلي الإبهام.(6/542)
7739- قال : أخبرنا هشام بن سعيد البزار ، قال : أخبرنا ابن لهيعة ، عن الحارث بن يزيد ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن المستورد بن شداد قال : سمعت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يقول : من كان لنا عاملاَّ ، أو قال : من كان لنا على عمل (1)، شك هشام ، فلم تكن له زوجة ، فليكتسب زوجة ، وإن لم يكن له خادم ، فليكتسب خادمًا ، وإن لمن يكن له مسكن فليكتسب مسكنًا ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : أكثرت يا رسول الله ، قال : من زاد على هذا فليمت غالاَّ أو سارقاً.
_حاشية__________
(1) في النسخة المطبوعة : "من كان لنا على علم" وهو تصحيف وأثبتناه.(6/542)
1392- الضحاك بن قيس بن خالد الأكبر بن وهب بن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر.
وأُمُّه أميمة بنت ربيعة بن حِذْيم بن عامر بن مبذول بن الأحمر بن الحارث بن عبد مناة بن كنانة.
فولد الضحاك : عَمرًا.
وأُمُّه من بني عوف بن حرب عبيد بن خزيمة بن لؤي . ومحمدًا ، وعبد الرحمن ، وأمهما ماوية بنت يزيد بن جبلة بن لام بن حصين بن كعب بن عُليم من كلب . وحَبيبًا.
وأُمُّه أم عبد الله بنت عروة بن معاوية بن ربيعة بن الأبرص بن ربيعة بن عامر ، كان على شرطة معاوية ثم ولاه الكوفة.(6/543)
7740- قال : أخبرنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، قال : أخبرنا علي بن زيد ، عن الحسن : أن الضحاك بن قيس كتب إلى قيس بن الهيثم حين مات يزيد بن معاوية : سلامٌ عليك ، أما بعد ، فإني سمعت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يقول : إن بين يدي الساعة فتنًا كقطع الدخان ، يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه ، يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا ، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا ، يبيع أقوامٌ خلاقهم ودينهم بعرض من الدنيا ، وإن يزيد بن معاوية مات ، وأنتم إخوتنا وأشقاؤنا ، لا تسبقونا حتى نختار لأنفسنا.(6/543)
7741- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن خالد بن يزيد بن بشر ، عن أبيه ، وعبد الله بن بجاد الطابخي ، عن العيزار بن أنس الطابخي . ومسلمة بن محارب ، عن حرب بن خالد ، وغيرهم ، قالوا : لما مات معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ، اختلف الناس بالشام ، فكان أول من خالف من أمراء الأجناد ، النعمان بن بشير بحمص ، دعا إلى ابن الزبير ، وبلغ زُفَر بن الحارث وهو بقنَّسرين فدعا إلى ابن الزبير ، ثم دعا الضحاك بن قيس الفهري بدمشق إلى ابن الزبير سرًا ، ولم يظهر ذلك لمكان مَن بها من بني أمية وكلب ، وبلغ حسان بن مالك بن بَحْدَل ذلك وهو بفلسطين ، وكان هواه في خالد بن يزيد فأمسك ، وكتب إلى الضحاك بن قيس كتابًا يُعَظِّم فيه حق بني أمية وبلاءهم عنده ، ويذم ابن الزبير ويذكر خلافه ومفارقته الجماعة ، ويدعو إلى أن يُبايع لرجل من بني حرب ، وبعث بالكتاب إليه من نَاغِضة بن كريب الطابخي ، وأعطاه نسخة الكتاب ، وقال له : إن قرأ الضحاك كتابي على الناس وإلا فاقرأه أنت ،(6/543)
وكتب إلى بني أمية يُعلمهم ما كتب به إلى الضحاك ، وما أمر به ناغضة ، ويأمرهم أن يحضروا ذلك ، فلم يقرأ الضحاك كتاب حسان ، فكان في ذلك اختلاف وكلام ، فسكتهم خالد بن يزيد ، ونزل الضحاك فدخل الدار فمكثوا أيامًا ، ثم خرج الضحاك ذات يوم فصلى بالناس صلاة الصبح ، ثم ذكر يزيد بن معاوية فشتمه ، فقام إليه رجل من كلب فضربه فعصا ، واقتتل الناس بالسيوف ، ودخل الضحاك دار الإمارة فلم يخرج ، وافترق الناس ثلاث فرق : فرقة زبيرية ، وفرقة بحدلية ، وهواهم لبني حرب ، والباقون لا يبالون لمن كان الأمر من بني أمية.
وأرادوا الوليد بن عتبة بن أبي سفيان على البيعة فأبى وهلك تلك الليالي ، فأرسل الضحاك بن قيس إلى بني أمية ، فأتاه مروان بن الحكم ، وعمرو بن سعيد ، وخالد وعبد الله ابنا يزيد بن معاوية ، فاعتذر إليهم ، وذكر حسن بلائهم عنده ، وأنه لم يُرد شيئًا يكرهونه ، وقال : اكتبوا إلى حسان بن مالك بن بحدل حتى ينزل الجابية ، ثم نسير إليه فنستخلف رجلاَّ منكم ، فكتبوا إلى حسان ، فأقبل حتى نزل الجابية ، وخرج الضحاك بن قيس وبنو أمية يريدون الجابية ، فلما استقلت الرايات مُوَجِّهه ، قال معن بن ثور السلمي ومن معه من قيس : دعوتنا إلى بيعة رجل أحزم الناس رأيًا وفضلاَّ وبأسًا ، فلما أجبناك وبايعناك خرجت إلى هذا الأعرابي من كلب تبايع لابن أخته ، قال : فتقولون ماذا ؟ قالوا : نَصرِف الرايات وننزل فَنُظْهِر البيعة لابن الزبير.
ففعل ، وبايعه الناس ، وبلغ ابن الزبير فكتب إلى الضحاك بعهده على الشام , وأخرج من كان بمكة من بني أمية ، وكتب إلى جابر بن الأسود بن عوف ، أو إلى الحارث بن حاطب الجمحي بالمدينة ، أن يخرج من بها من بني أمية إلى الشام ،(6/544)
وكتب الضحاك إلى أمراء الأجناد ممن دعا إلى ابن الزبير فأتوه.
فلما رأى ذلك مروان ، خرج يريد ابن الزبير ليبايع له ويأخذ منه أمانًا لبني أمية ، وخرج معه عمرو بن سعيد ، فلما كانوا بأذرعات ، لقيهم عبيد الله بن زياد مقبلاَّ من العراق ، فأخبروه بما أرادوا ، فقال لمروان : سبحان الله ، أرضيت لنفسك بهذا ؟ تبايع لأبي خبيب وأنت سيد قريش وشيخ بني عبد مناف ، والله لأنت أولى بها منه.
فقال له مروان : فما الرأي ؟ قال : الرأي أن ترجع وتدعو إلى نفسك ، وأنا أكفيك قريشًا ومواليها ، فلا يخالفك منهم أحد ، فرجع مروان وعمرو بن سعيد ، وقدم عبيد الله بن زياد دمشق فنزل باب الفراديس ، فكان يركب إلى الضحاك كل يوم فيسلم عليه ثم يرجع إلى منزله ، فعرض له رجل يومًا في مسيره فطعنه بحربة في ظهره وعليه الدرع ، فانثنت الحربة ، فرجع عبيد الله إلى منزله ، وأقام فلم يركب إلى الضحاك ، فأتاه الضحاك إلى منزله فاعتذر إليه ، وأتاه بالرجل الذي طعنه فعفى عنه عبيد الله ، وقبل من الضحاك.
وعاد عبيد الله يركب إلى الضحاك في كل يوم ، فقال له يومًا : يا أبا أنس العجب لك وأنت شيخ قريش تدعو لابن الزبير وتدع نفسك ، أنت أرضى عند الناس منه ، لأنك لم تزل متمسكًا بالطاعة والجماعة ، وابن الزبير مشاق مفارق مخالف ، فادع إلى نفسك ، فدعا إلى نفسه ثلاثة أيام ، فقالوا له : أخذت بيعتها وعهودنا لرجل ، ثم دعوتنا إلى خلعه من غير حدثٍ أحدثه والبيعة لك ، وامتنعوا عليه.
فلما رأى ذلك الضحاك عاد إلى الدعاء إلى ابن الزبير ، فأفسده ذلك عند الناس وغير قلوبهم عليه ، فقال له عبيد الله بن زياد : من أراد ما تريد لم ينزل المدائن والحصون ، ويبرز ويجمع إليه الخيل ، فاخرج عن دمشق واضمم إليك الأجناد ، وكان ذلك من عبيد الله مكيدة له.
فخرج الضحاك فنزل المرج ، وبقي عبيد الله بدمشق ، ومروان وبنو أمية بتدمر ، وخالد وعبد الله ابنا يزيد بن معاوية بالجابية عند حسان بن مالك بن بحدل ، فكتب عبيد الله إلى مروان : أن ادع الناس إلى بيعتك ، ثم سِر إلى الضحاك فقد أصحر لك ،(6/545)
فدعا مروان بني أمية فبايعوه وتزوج أم خالد بن يزيد بن معاوية ، وهي ابنة أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة ، واجتمع الناس على بيعة مروان فبايعوه.
وخرج عبيد الله حتى نزل المرج ، وكتب إلى مروان فأقبل في خمسة آلاف ، وأقبل عباد بن زياد من حُوّارِيْن في ألفين من مواليه وغيرهم من كلب ، ويزيد بن أبي النمس بدمشق قد أخرج عامل الضحاك منها ، وأمد مروان بسلاح ورجال.
وكتب الضحاك إلى أمراء الأجناد ، فقدم عليه زفر بن الحارث الكلابي من قنسرين ، وأمده النعمان بن بشير الأنصاري بشرحبيل بن ذي الكلاع في أهل حمص ، فتوافوا عند الضحاك بالمرج ، فكان الضحاك في ثلاثين ألفًا ، ومروان في ثلاثة عشر ألفًا ، أكثرهم رَجّالة ، ولم يكن في عسكر مروان غير ثمانين عتيقًا ، أربعون منها لعباد بن زياد ، وأربعون لسائر الناس ، فأقاموا بالمرج عشرين يومًا ، يلتقون في كل يوم فيقتتلون ، وعلى ميمنة مروان عبيد الله بن زياد ، وعلى ميسرته عمرو بن سعيد ، وعلى ميمنة الضحاك ، زياد بن عمرو العقيلي ، وعلى ميسرته ركز بن أبي شمر الهلالي.
فقال عبيد الله بن زياد يومًا لمروان : إنك على حق ، وابن الزبير وأصحابه ومن دعا إليه على باطل ، وهم أكثر منك عددًا وأعدّ ، ومع الضحاك فرسان قيس ، فأنت لا تنال منهم ما تريد إلا بمكيدة ، فكدهم ، فقد أحل الله ذلك لأهل الحق ، والحرب خدعة ، فادعهم إلى الموادعة ، فإذا أمنوا وكفوا عن القتال فكُرّ عليهم.
فأرسل مروان السفراء إلى الضحاك يدعوه إلى الموادعة ووضع الحرب ، حتى ننظُر ، فأصبح الضحاك والقيسية فأمسكوا عن القتال ، وهم يطمعون أن يبايع مروان لابن الزبير ، وقد أعد مروان أصحابه ، فلم يشعر الضحاك وأصحابه إلا بالخيل قد شدت عليهم ، ففزع الناس إلى راياتهم ، وقد غشوهم وهم على غير عُدَّة ، فنادى الناس : يا أبا أنيس أعجزًا بعد كيسٍ ؟ فقال الضحاك : أنا أبو أنيس : عَجْزٌ لَعَمْري بعد كَيس .
فاقتتلوا ، ولزم الناس راياتهم وصبروا وصبر الضحاك ، فترجل مروان ، وقال : قبح الله من يوليهم اليوم ظهره حتى يكون الأمر لإحدى الطائفتين ، فقتل الضحاك بن قيس ، وصبرت قيس على راياتها يقاتلون عندها ، فنظر رجل من بني عقيل إلى ما تلقى قيس عند راياتها من القتل ، فقال : اللهم العنها من رايات ، واعترضها بسيفه فجعل يقطعها ، فإذا سقطت الراية ، تفرق أهلها ، ثم انهزم الناس ، فنادى منادي مروان : لا تتبعوا موليًا فأُمسِك عنهم.(6/546)
7742- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن الشرقي بن القطامي الكلبي ، قال : قتل الضحاك بن قيس رجلٌ من كلب يقال له : زحمة بن عبد الله.(6/547)
7743- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن خالد بن يزيد بن بشر الكلبي ، قال : حدثني من شهد مقتل الضحاك ، قال : مر بنا رجل يقال له : زحمة ، ما يطعن أحدًا إلا صرعه ، ولا يضرب أحدًا إلا قتله ، إذ حمل على رجل فطعنه فصرعه وتركه ومضى ، حتى ضرب رجلاَّ فجدّ له فأثبته ، فإذا هو الضحاك ، فاحتززتُ رأسه فأتيت به مروان ، فقال : أنت قتلته ؟ قلت : لا ، وأخبرته من قتله ، وكيف صنع فأعجبه صِدقي ، كره قتل الضحاك ، وقال : الآن حين كبرت سني واقترب أجلي أقبلت بالكتائب أضرب بعضها ببعض ؟ وأمر لي بجائزة.(6/547)
7744- قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن مسلمة بن محارب ، عن حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية ، أن عبد الملك بن مروان ذكر الضحاك بن قيس يومًا فقال : العجب من الضحاك ومن طلبه الخلافة لابن الزبير ، ثم قاتل عليها له ، وإنما قتل أباه تَيْسٌ حَبَلّقِي نطحه ، فأدركوه وما به حَبَضٌ ولا نبض فقيل له : يا أمير المؤمنين : هذا ابنه عبد الرحمن ، فقال : سوءة .(6/547)
7745- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : قتل الضحاك بن قيس يوم مرج راهط ، على أنه يدعو إلى عبد الله بن الزبير ، وكتب بذلك كتابًا إلى عبد الله ، فنعاه عبد الله لنا ، وذكر من طاعته وحسن رأيه.(6/548)
7746- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، قال : لما ولي عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس المدينة ، كان فتى شابًا ، فقال : إن الضحاك بن قيس كان قد دعا قيسًا وغيرها إلى البيعة لنفسه ، فبايعهم يومئذٍ على الخلافة ، فقال له زفر بن عقيل الفهري : هذا الذي كنا نعرف ونسمع ، وإن بني الزبير يقولون أيضًا : كان بايع لعبد الله بن الزبير وخرج في طاعته حتى قتل عليها.
قال : الباطل والله يقولون ، ولكن كان أول ذلك أن قريشًا دعته إليها وقالت : أنت كبيرنا والقائم بدم الخليفة المظلوم ، وكنت عند معاوية باليمين فأبى فأبت عليه ، حتى دخل فيها كارهًا ، ودعت إليه قيس وغيرها من ذي يمين ، فلقيهم يوم مرج راهط فأصابهم ما قال ابن الأشرف :
لا تبعدوا إن الملوك تُصَرَّعُ
قال محمد بن عمر : وقُتِلت قيسُ بمرج راهط مقتلة لم تُقتَلْه في موطن قط ، وكانت وقعة مرج راهط للنصف من ذي الحجة تمام سنة أربع وستين.
قال محمد بن عمر : في روايتنا : أن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم قبض والضحاك بن قيس غلام لم يبلغ ، وفي رواية غيرنا : أنه أدرك النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وسمع منه.
قال محمد بن عمر : لما بلغ الضحاك أن مروان قد بايع لنفسه على الخلافة ، بايع من معه لابن الزبير ، ثم سار كل واحدٍ منهما إلى صاحبه بمن تبعه ، فالتقوا بمرج راهط للنصف من ذي الحجة تمام سنة أربع وستين ، فاقتتلوا قتالاَّ شديدًا ، فقُتِل الضحاك وأصحابه ، وقتلت قيس بمرج راهط مقتلة لم تُقتلهُ في موطن قط .(6/548)
1393- محمد بن عبد الله بن جحش بن رياب بن يعمر بن صِبْرَة بن مرة بن كبير بن غنم بن دُودان بن أسد بن خزيمة ، ويكنى أبا عبد الله ، حلفاء حرب بن أُمَية بن عبد شمس بن عبد مناف.
وأُمُّه فاطمة بنت أبي حبيش بن المطلب بن أسد بن عبد العزى ، قتل أبوه عبد الله بن جحش يوم أحد شهيدًا ، وأوصى به إلى رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، فخَطّ به رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم خُطّة بسوق المدينة عند سوق الرقيق ، واشترى له مالاَّ بخيبر ، وقد روى عن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم.
ويقولون : قُبض رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ومحمد بن عبد الله بن جحش ابن خمس عشرة سنة.(6/549)
7747- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا عمر بن صالح ، عن صالح مولى التوأمة قال : سمعت محمد بن عبد الله بن جحش يقول : صليت القبلتين مع رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، فصُرِفَت القبلة إلى البيت ، ونحن في صلاة الظهر ، فاستدار رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، فاستدرنا معه.
قال محمد بن عمر : وكان محمد بن عبد الله بن جحش قد عُمِّرَ وبقى إلى آخر الزمان.(6/549)
1394- عبادة بن شيبان بن جابر بن سالم بن مرة بن عبس بن رفاعة بن الحارث بن بُهْثَة بن سُليم ، حليف العباس بن عبد المطلب بن هاشم.
روى عن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم أنه زوجه ولم يتشهد ، يعني لم يخطب .(6/549)
1395- أبو جحيفة
واسمه وهب بن عبد الله ، من بني سُواءة بن عامر بن صعصعة .
قُبض رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ولم يبلغ الحلم ، وقد رآه وروى عنه.
7748- قال ابن سعد : أُخبرت عن زهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق ، عن أبي جحيفة ، قال : رأيت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم هذه منه ، وأشار إلى عَنْفَقَتِه ، بيضاء ، فقيل لأبي جحيفة : ومثل من أنت يومئذٍ ؟ قال : أبري النّبل وأرِيْشُها.
وتوفي أبو جحيفة في خلافة عبد الملك بن مروان وولاية بشر بن مروان بالكوفة ، وكان قد نزلها وابتنى بها دارًا في بني سواءة بن عامر.(6/550)
1396- أبو الطفيل عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمير بن جابر بن حُمَيس بن جُدَي بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة.
وكان من أصحاب محمد بن الحنفية ، وابنه الطفيل بن عامر ، قتل مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي يوم دير الجماجم ، فقال أبوه :
خَلَّى طُفَيْلٌ عَلَيَّ الهمَّ فانْشَعَبَا ... فَهَدَّ ذلك رُكِني هَدّةً عَجَباً(6/550)
7749- قال محمد بن سعد : أُخبرت عن ثابت بن الوليد بن عبد الله بن جُميع ، قال : أخبرني أبي ، قال : قال لي أبو الطفيل : أدركت ثماني سنين من حياة رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، وولدت عام أحد .(6/550)
7750- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا شيبان ، عن جابر ، عن عامر ، أنه سمع أبا الطفيل يقول : رأيت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم من الرجال من هو أطول منه ، ومنهم من هو أقصر منه ، وشعر له أسود ، وهو أبيض ، قال : قلنا : ما ثيابه ؟ قال : لا أدري ، وهو يمشي وهم حوله ، يعني الناس.(6/551)
7751- قال : أخبرنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرني الجريري ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال : ما بقي أحد رأى رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم غيري ، قال : قلت ورأيته ؟ قال : نعم ، قلت : فكيف كانت صِفَتُه ؟ قال : كان أبيض مليحًا مُقَصّداً.(6/551)
7752- قال : أخبرنا الضحاك بن مخلد ، عن جعفر بن يحيى بن ثوبان ، عن عمه عمارة بن ثوبان ، قال : حدثنا أبو الطفيل ، قال : رأيت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم بالجعرانة يقسم لحمًا ، وكنت غلامًا أحمل عُضْوَ الجزور ، قال : فأقبلت امرأة بدوية ، حتى إذا دنت من النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم بسط لها رداءه فجلست عليه ، فقلت : من هذه ؟ فقال : هذه أمه التي أرضعته.(6/551)
7753- قال : أخبرنا عمرو بن عاصم ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أبي الطفيل ، قال : كنت أطلب النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فيمن يطلبه ليلة الغار ، قال : فقمت على باب الغار ، فَبُلْتُ وما أدري فيه أحد أم لا.
قال : وهذا الحديث غلط ، أبو الطفيل لم يولد تلك الليلة ، وينبغي أن يكون حدث بالحديث عن غيره ، فأوهم الذي حمله عنه.(6/551)
7754- قال : أخبرنا عمرو بن خالد المصري ، قال : حدثنا النضر بن عربي ، قال : كنت بمكة ، فرأيت الناس مجتمعين على رجل فقلت من هذا ؟ فقالوا : هذا صاحب رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، هذا عامر بن واثلة ، وعليه إزارٌ ورداء ، فمسست جلده ، فكان ألين شيء.(6/551)
7755- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا فِطْر ، قال : رأيت أبا الطفيل يصبغ بالحناء.
وكان أبو الطفيل ثقة في الحديث ، وكان مُتَشيّعًا .(6/551)
1397- نافع بن عبد الحارث الخزاعي
وهو عامل عمر بن الخطاب على مكة.
7756- قال : وأخبرنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن نافع بن الحارث ، في حديث رواه عن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، أنه كانت له صحبة ورواية عن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم.
قال : فذكرتُ ذلك الحديث لمحمد بن عمر فعرفه وقال : هذا الحديث في قُف البئر ، عن نافع بن عبد الحارث ، عن أبي موسى الأشعري ، وقد غلط من رواه عن نافع عن النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، وأظنه أنكر أن يكون لنافع سماع من رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم.(6/552)
1398- السائب بن يزيد بن سعيد بن ثمامة بن الأسود بن عبد الله بن الحارث الوَلاَّّدَة بن عمرو بن معاوية بن الحارث الأكبر بن معاوية بن ثورة بن مَرْتَع بن كندة ، وهو يزيد بن أخت النّمِر لا يُعْرَفون إلا بذلك ، والنّمِر حضرمي ، وكان جده سعيد بن ثمامة حليف بني عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، حِلْفٌ جاهلي قديم ثَبْتٌ.
وقد رأى السائب بن يزيد رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وحفظ عنه ، وولد السائب في أول السنة الثالثة من الهجرة.(6/552)
7757- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، قال : سمعت السائب بن يزيد قال : أعقل مقدم رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم من تبوك ، فخرجت مع الغلمان إلى ثنية الوداع نستقبله.(6/552)
7758- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله ابن أخي الزهري ، عن الزهري ، عن السائب بن يزيد ، قال : استقبلت رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم في غلمان ، وهو قادم من غزوة تبوك.(6/553)
7759- قال : أخبرنا موسى بن مسعود النهدي ، قال : حدثنا عكرمة بن عمار ، عن عطاء مولى السائب بن يزيد ، قال : كان رأس السائب بن يزيد من هامَتِه إلى مُقَدَّم رأسه أسود ، وسائر رأسه ولحيته وعارضيه أبيض ، فقلت : يا مولاي ، ما رأيت أحدًا أعجب شعرًا منك.
قال : ولا تدري لم ذاك يا بني ؟ مر بي رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وأنا ألعب مع الصبيان ، فقال : من أنت ؟ فقلت : السائب بن يزيد أخو النمر ، فمسح يده على رأسي ، وقال : بارك الله فيك ، فهو لا يشيب أبداً.(6/553)
7760- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : أخبرنا حاتم بن إسماعيل ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن محمد بن يوسف الأعرج من آل السائب بن يزيد ، قال : سمعت السائب بن يزيد يقول : حَجّتْ بي أمي في حجة رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وأنا ابن سبع سنين.(6/553)
7761- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : أخبرنا ابن أبي ذئب ، قال : حدثني من سمع السائب بن يزيد ، قال : دخلت على النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، بأبي هو وأمي ، وبين يديه طبق من خوص ، ليس من مُزَيَّنتكم هذه ، فيه تمر وأقراص وعنده قديد يأكل منه ، وعنده فَخّارة من ماء فانحرف إليها فتوضأ.(6/553)
7762- قال : أخبرنا معن بن عيسى ، قال : حدثنا مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، عن السائب بن يزيد ، أنه قال : كنت عاملاَّ مع عبد الله بن عتبة بن مسعود على سوق المدينة في زمن عمر بن الخطاب ، فكنا نأخذ من النَّبَط العُشْر.(6/553)
7763- قال : أخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، قال : حدثنا البهلول بن راشد ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، عن السائب بن يزيد ؛ أنه كان يعمل مع عبد الله بن عتبة بن مسعود على عشور السوق في عهد عمر بن الخطاب ، فكنا نأخذ من النبط نصف العُشْر مما تجَرُوا به من الحِنْطَة ، فقال ابن شهاب : فحدثت بهذا سالم بن عبد الله بن عمر ، فقال : لقد كان عمر يأخد من القُطْنِيَّة العشور ، ولكن إنما وضع نصف العشر من الحنطة يسترضي النبط للحَمْلِ إلى المدينة.(6/553)
7764- قال : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري ، عن أبيه ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب ، أن السائب بن يزيد أخبره ، أنه كان يعمل مع عتبة بن مسعود على عشور السوق ، قال : وكنا نأخذ من النبط نصف العُشْر.(6/554)
7765- قال : أخبرنا عثمان بن عمر ، قال : أخبرنا يونس ، عن الزهري ، قال : ما اتخذ رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم قاضيًا ، ولا أبو بكر ، ولا عمر ، حتى قال عمر للسائب بن أخت نَمِر : لو رَوّحْت عني بعض الأمر ، حتى كان عثمان.(6/554)
7766- قال : أخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، قال : حدثنا أبو مودود ، قال : رأيت السائب بن يزيد أبيض الرأس اللحية.(6/554)
7767- قال : أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس ، عن سليمان بن بلال ، عن عبد الأعلى الفروي : أنه رأى على السائب بن يزيد مَطْرَف خَزّ وجُبَّة خَزّ وعِمامة خَزّ قال : ورأيته يلبس ثوبين سابريين معلمين ، الرِّداء مُعْلَم ، والإزار مُعْلَم.(6/554)
7768- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن الجعد بن عبد الرحمن ، قال : رأيت على السائب بن يزيد وجُبَّة خَزّ وكِسَاء خَزّ وعِمامة خَزّ .(6/554)
7769- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : أخبرنا ابن أبي ذئب ، قال : حدثنا ربيعة.
قال محمد بن عمر : وأخبرني أبو مودود ، قالا : رأينا السائب بن يزيد لا يغير.
قال محمد بن عمر : توفي السائب بن يزيد بالمدينة سنة إحدى وتسعين ، وهو ابن ثمان وثمانين سنة.(6/555)
1399- عبد الرحمن بن أبزي مولى خزاعة
7770- قال : أخبرنا عفان أو غيره ، قال : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا الحكم بن عتيبة ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه ، وكان من أصحاب النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، أو قد رأى النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم.(6/555)
7771- قال : أخبرنا الضحاك بن مخلد أبو عاصم الشيباني النبيل ، قال : أخبرنا شعبة ، عن الحسن بن عمران ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزي ، عن أبيه : أنه صلى مع النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فكان إذا خفض لا يكبر ، قال : يعني إذا سجد.
قال أبو عاصم : وكان ذلك قول محمد بن سيرين ، والقاسم.
قال محمد بن سعد : وأخبرني بعض مَن حضرنا ، أن أبا عاصم يذكر ذلك عن ابن عون ، عنهما ، وقد رَوَى عبد الرحمن عن أبي بكر وعمر.(6/555)
1400- عبد الله بن ثعلبة بن صُعَيْر بن عَمرو بن زيد بن سِنان بن المُهْتَجن بن سَلامان بن عَدي بن صُعَير بن حَزّاز بن كاهل بن عُذْرَة بن سعد بن زيد بن ليث بن سُود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة.
وكان أبوه ثعلبة بن صعير شاعرًا ، وكان حليفًا لبني زهرة بن كلاب ، ويكنى عبد الله أبا محمد ، وقد رأى النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم.(6/555)
7772- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبد الله بن ثعلبة صُعَير ، قال : أنا أعقلُ مسحة مسحها رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم على رأسي.(6/556)
7773- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا ابن جريج ، عن الزهري ، عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير ، قال : خطبنا رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فقال : أخرجوا زكاة الفطر صاعًا من بُرٍّ بين اثنين ، أو صاعًا من شعير ، أو صاعًا من تَمرٍ ، عن كل صغير أو كبير ، حُرٍّ أو عَبْدٍ.
قال محمد بن عمر : وقد روى عبد الله بن ثعلبة عن عمر.
ومات عبد الله بن ثعلبة سنة سبع وثمانين بالمدينة ، وهو ابن ثلاث وثمانين سنة.(6/556)
1401- عبد الله الأصغر بن عامر بن ربيعة بن مالك بن عامر بن ربيعة بن حُجْر بن سَلاَمان بن مالك بن ربيعة بن رُفَيْدَة بن عَنْز بن وائل بن قاسط بن هِنْب بن أفْصَى بن دُعْمِي بن جَدِيلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان ، وكان أبوه عامرُ حليفًا للخطاب بن نفيل العدوي أبي عمر بن الخطاب ، وكان لعامر بن ربيعة ابنٌ أكبر من هذا يسمى عبد الله الأكبر بن عامر ، شهد مع رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم الطائف وقُتِلَ يومئذٍ شهيداً.
وهذا عبد الله بن عامر الأصغر ، الذي بقى ورُوِيَ عنه .(6/556)
7774- قال : أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي ، قال : حدثنا ليث بن سعد ، عن محمد بن عجلان ، عن مولى لعبد الله بن عامر بن ربيعة بن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال : جاء رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم إلى بيتنا وأنا صبي صغير ، فخرجت ألعب ، فقالت أمي : يا عبد الله تعال أُعطيك ، فقال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : وما أردت أن تعطينه ؟ فقالت : أردت أن أعطيه تمرًا ، فقال : أما إن لو لم تفعلي ، كُتِبَتْ عليك كَذِبَة.
قال محمد بن عمر : وأما نحن فنقول : ولد عبد الله بن عامر بن ربيعة هذا ، على عهد رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، وتوفي رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وهو ابن خمس سنين وما رأى هذا الحديث محفوظاً.
وقد روى عن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعن أبيه ، ومات سنة خمس وثمانين ، وكان يكنى أبا محمد.(6/557)
7775- قال : أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن أبي الزناد ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، أنه أدرك الخليفتين ، يعني أبا بكر وعمر ، يَجْلِدَان العبد في الفِرْيَة أربعين.(6/557)
7776- قال : أخبرنا وكيع بن الجراح ، عن سفيان ، يعني الثوري ، عن عبد الله بن ذكوان أبي الزناد ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، قال : أدركت أبا بكر وعمر ومن بعدهما من الخلفاء يضربون في قذف المملوك أربعين.(6/557)
1402- ثابت بن الضحاك بن خليفة بن ثعلبة بن عدي بن كعب بن عبد الأشهل ، ويكنى أبا زيد.
وأُمُّه أسماء بنت مَرْشِدة بن جبر بن مالك بن حُويرثة بن حارثة من الأوس.
فولد ثابت : عَمرًا الأكبر ، ومحمدًا ، وحميدة ، وعميرة ، وأم محمود ، وأمهم أم عمرو بنت قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر بن سواد الظَّفَرِي . وزيدًا.
وأُمُّه صفية بنت مالك بن نُقَيد بن عمرو بن مُؤَمِّل من خزاعة . وعونًا وعمرًا الأصغر ويزيد والخوصاء ، وأمهم أم ولد .
قال محمد بن عمر : قبض رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وثابت بن الضحاك ابن ثمان سنين أو نحوها . وقد روى عن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وسمع من عمر بن الخطاب وروى عنه أبو قلابة الجرمي ، ومات ثابت بن الضحاك أيام عبد الله بن الزبير.(6/557)
1403- سَهْلُ بن أبي حثمة
واسم أبي حثمة عبد الله بن ساعدة بن عامر بن عدي بن جُشَم بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو ، وهو النَّبِيْت بن مالك بن الأوس.
وأمه أم الربيع بنت أسلم بن حَرِيس بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث.
فولد سهل بن أبي حثمة : محمدًا ، وهو أبو عُفَير.
وأُمُّه تَحْيَا بنت البراء بن عازب بن الحارث بن عدي بن جُشَم بن مجدعة بن حارثة بن الحارث . وسليمان.
وأُمُّه أمة الله بنت تميم بن معبد بن عبد سعد بن عامر بن عدي بن جُشَم بن مجدعة بن حارثة بن الحارث . ويحيى.
وأُمُّه أمامة بنت عبد الرحمن بن سهل بن زيد بن كعب بن عامر بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث . وإسحاق ، لا عقب له . وعيسى ، لا عقب له ، وأمهما أم ولد.
قال محمد بن عمر : كان سهل بن أبي حثمة يكنى أبا يحيى ، ويقال : أبا محمد.
وقُبض رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وهو ابن ثماني سنين ، وقد حفظ عنه.(6/558)
7777- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا محمد بن يحيى بن سهل بن أبي حثمة ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كنت أرى رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يزورنا وأنا غلام ألعب مع الصبيان ، فرآنا يومًا ونحن نحفر عند آطامِنا فنهانا.(6/558)
7778- قال : أخبرنا معن بن عيسى ، ومحمد بن عمر ، قالا : حدثنا مالك بن أنس ، عن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن سهل بن أبي حثمة (1)، أنه أخبره رجال من كبراء قومه أن عبد الله بن سهل ومُحَيِّصَة خرجا إلى خيبر مِن جَهدٍ أصابهما ، فأتى محيصة فأخبر أن عبد الله بن سهل قد قُتِلَ وطرح في فقير أو عين ، فأتى يهود فقال : أنتم والله قتلتموه ، قالوا : والله ما قتلناه ،
_حاشية__________
(1) حدثنا مالك بن أنس ، عن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن سهل بن أبي حثمة : تحرف في الأصلين إلى : "حدثنا مالك بن أنس ، عن أبي ليلى عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل بن أبي حثمة" وصوابه لدى المزي 34/234.(6/558)
فأقبل حتى قدم على قومه ، فذكر ذلك لهم ، ثم أقبل هو وأخوه حُوَيِّصَة ، وهو أكبر منه ، وعبد الرحمن بن سهل أخو المقتول ، إلى جنب رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، فذهب محيصة ليتكلم ، وهو الذي كان بخيبر ، فقال له رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : الكُبْر الكُبْر ، يريد السن ، فتكلم حُويصة ، ثم تكلم محيصة فقال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم : إما أن يَدُوا صاحبكم ، وإما أن يُؤْذَنُوا بحرب ، فكتب إليهم رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم في ذلك ، فكتبوا : إنا والله ما قتلناه ، فقال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم في ذلك ، فكتبوا : إنا والله ما قتلناه ، فقال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم لمحيصة وحويصة وعبد الرحمن : تحلفون وتستحقون دم صاحبكم ؟ قالوا : لا ، قال : فتحلف لكم يهود ، قالوا : ليسوا بمسلمين ، فوداه رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم من عنده ، فبعث إليهم بمائة ناقة حتى أُدخلت عليهم الدار ، قال سهل : لقد ركضتني منها ناقةٌ حمراء.(6/559)
1404- عبد الله بن أبي حبيبة بن الأزعر بن زيد بن العطَّاف بن ضُبيعة بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس. وأمه أم سهل بنت رافع بن قيس بن معاوية بن أُمَية بن زيد من الجَعَادِرَة ، وهم ولد مُرة بن مالك بن الأوس.
فولد عبد الله بن أبي حبيبة : عبد الرحمن ، وسالمة ، وأمهما كبشة بنت أبي أمامة أسعد بن زُرارة نقيب بني النجار ، وهي من المبايعات ، وأمها عميرة بنت سهل بن ثعلبة من المبايعات . وعمرًا ، والنعمان ، وأمهما عائشة بنت النعمان بن العجلان بن النعمان بن عامر بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق من الخزرج.(6/559)
7779- قال : أخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، وإسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس ، قالا : حدثنا مُجَمِّع بن يعقوب ، عن محمد بن إسماعيل (1) بن مجمع ، عن بعض كبراء أهله ، أنه قال لعبد الله بن أبي حبيبة الأنصاري : ماذا أدركت من رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ؟ قال : جاءنا رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم في مسجدنا يومًا وأنا غلامٌ حَدَثٌ ، فجئت حتى جلست إلى جنبه عن يمينه ، قال : وكان أبو بكر عن يساره ، فأتى بشراب فشرب ، ثم ناولنيه عن يمينه ، ثم قام فصلّى ، قال : فرأيته يصلي في نعليه.
_حاشية__________
(1) محمد بن إسماعيل : تحرف في الأصلين إلى : "محمد بن أبي إسماعيل" وصوابه من تهذيب الكمال ج 27 ص 250(6/560)
1405- عبد الله بن يزيد بن زيد بن حُصين بن عمرو بن الحارث بن خَطْمَة ، واسمه عبد الله بن جُشم بن مالك بن الأوس.
وأمه ليلى بنت مروان بن قيس ، وهو أوفى بن الخطاب بن حصين بن عمرو بن الحارث بن خَطْمَة.
فولد عبد الله بن يزيد : موسى ، وأم الحكم ، والسرِيّةَ ، وأُبَيّةَ ، وأمهم أم بكر بنت حُذيفة بن اليمان من بني عَبْس ، حُلفاء بني عبد الأشهل من الأوس. وفاطمة ، وأم عدي ، وأم أيوب ، وحفصة ، وسُلَيْمَة ، وأمهم أم هارون بنت مسعود بن قيس بن الخطاب بن حصين ، ويقال : بل أمهم أيضًا أم بكر بنت حذيفة بن اليمان.
ذكر أهل بيته ؛ أنه شهد الحديبية مع رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وهو مُدْرِكُ ابن سبع عشرة سنة.
قال محمد بن عمر : ولا نعلمه شهد مع رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم مشهدًا لحداثته ، وقد شهد أبوه أُحدًا مع رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم.(6/560)
7780- قال : أخبرنا الحسن بن موسى ، قال : حدثنا زهير ، قال : حدثنا أبو إسحاق ، أن عبد الله بن يزيد الأنصاري قد رأى النبي صَلى الله عَليهِ وَسلَّم.(6/561)
7781- قال : أخبرنا قَبِيْصَةُ بن عقبة ، قال : أخبرنا سفيان ، عن أبيه سعيد بن مسروق ، عن موسى بن عبد الله بن يزيد ، قال : كان عبد الله بن يزيد إذا أتاه أصحابه ، صعد بهم في عُلِّيَّة له ، لا يَأْمَنُ على حَدِيْثِه أهله.(6/561)
7782- قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، ومحمد بن عبد الله الأسدي ، قالا : حدثنا مسعر بن كدام ، عن ثابت بن عبيد ، قال : رأيت على عبد الله بن يزيد (1) خاتمًا من ذهب وطيلسانًا مُدَبّجاً.
قال الفضل بن دكين في حديثه : مُدَبّجًَا : مدحرج الديباج.
_حاشية__________
(1) بالنسخة المطبوعة : "عبد الله بن زيد" وهو تصحيف .(6/561)
7783- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا جَحّاف بن عبد الرحمن ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لَبِيْد ، وجحاف ، عن أبي طُوَالة ، وغيره ، قالوا : لما برك الفيل على أبي عبيد يوم الجسر فقتله ، هرب الناس فسبقهم عبد الله بن يزيد الخَطْمِي فقطع الجسر ، وقال : قاتلوا عن أميركم ، وكان عمر يتوقع خبر أصحاب الجسر ، وكان قد رأى رؤيا كرهها ، فكان يكثر الخروج ويطلب الخبر ، حتى قدم عليه عبد الله بن يزيد الخطمي ، قد أسرع السير فأخبره الخبر.(6/561)
7784- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز ، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، عن عمرة ، عن عائشة ، قالت : كان أول من قدم بالخبر على عمر ، عبد الله بن يزيد الخطمي ، جاء وعمر على المنبر ، فلما تَفَوّه في المسجد داخلاَّ ، قال له عمر : يا عبد الله بن يزيد ، مَهْ ؟ فقال عبد الله : أتاك الخبر يا أمير المؤمنين ، ثم أتاه فأخبره.
قالت عائشة : فقمت إلى صِيْر الباب أنظر منه فما رأيت أحدًا كان أثبت لذلك الخبر منه.
قالوا : وَوَلّىَ عبد الله بن الزبير عبد الله بن يزيد الخطمي الكوفة ، فخرج سليمان بن صُرَد والتوابون من قتل الحسين إلى النُّخَيلة ، وعسكروا بها فلم يمنعهم ، وقال : أنا عونكم على قتلة الحسين فجزوه خيراً.(6/562)
1406- مسلمة بن مُخَلَّد بن الصامت بن نِيَار بن لَوْذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج ، ويكنى أبا مَعْن.
وأُمُّه مَنْدُوس بنت عمرو بن خُنَيْس بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة.
فولد مسلمة بن مخلد : مَندُوس ، تزوجها عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أُمَية . وحمادة بنت مسلمة ، تزوجها يحيى بن سعيد بن سعد بن عبادة بن دُليم . وأم سهل بنت مسلمة ، تزوجها سليمان بن خالد بن أبي دجانة (1) سماك بن خرشة ، ثم خلف عليها أبو بكر عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أُمَية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي . وأم جميل بنت مسلمة ، تزوجها عبد الله بن خالد بن أبي دجانة سماك بن خرشة .
وأم حسن ، وأمهم أم كلثوم بنت سهل بن عمرو بن سهل ، وقد انقرض ولد نِيَار بن لوذان ، وزعم بعض الناس أن لهم بقية بالمغرب.
_حاشية__________
(1) بالنسخة المطبوعة : "أبو دجاجة" وهو تصحيف.(6/562)
7785- أخبرنا معن بن عيسى ، قال : حدثنا موسى بن عُلَيّ بن رباح ، عن أبيه ، عن مسلمة بن مخلد قال : أسلمت وأنا ابن أربع سنين وتوفي رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وانا ابن أربع عشرة سنة.
قال محمد بن عمر : وقد روى مسلمة عن رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وتحول إلى مصر فنزلها ، وكان مع أهل خَرِبْتَا ، وكانوا أشد أهل المغرب وأعدّه ، وكان له بها ذكر ونباهة ، ثم صار إلى المدينة فمات بها في خلافة معاوية بن أبي سفيان.(6/563)
1407- أبو سعيد بن أوس بن المُعَلّى بن لوذان بن حارثة بن عدي بن زيد بن ثعلبة بن مالك بن زيد مناة بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج ، واسم أبي سعيد : الحارث.
وأُمُّه أُمَيّةَ بنت قُرْط بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي من بني سلمة. فولد أبو سعيد بن أوس بن المعلى : سعيدًا.
وأُمُّه خالدة بنت عتبة بن عبيد بن المعلى بن لوذان بن حارثة ، من ولد غضب بن جشم بن الخزرج . وعمرًا ، وأم عبد الرحمن ، وأمهما لبابة بنت أبي لبابة بن عبد المنذر بن رفاعة بن زَنْبَر بن زيد بن أُمَية بن زيد بن مالك من بني عمرو بن عوف بن الأوس . وسُهيلاَّ ، وأم حسين ، وأمهما أم ولد . ومحمدًا ، وطلحة ، ويوسف ، وأيوب ، وأمهم عائشة بنت هلال بن المعلى بن لوذان بن حارثة بن عدي بن زيد . وعبد الله ، وغيلان ، وأم البنين ، وأمهم أم ولد . وأم الحارث ، وأمها (1) نُسيبة بنت رافع بن المعلى بن لوذان بن حارثة.
قال محمد بن عمر : أبو سعيد بن المعلى أسن من محمود بن الربيع ، ومحمود بن لبيد ، وتوفي أبو سعيد سنة أربع وتسعين.
_حاشية__________
(1) بالنسخة المطبوعة : "وأمهما" وهو تصحيف.(6/563)
1408- محمود بن الربيع بن سراقة بن عمرو بن زيد بن عبدة بن عامرة بن عدي بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج ، ويكنى أبا نعيم.
وأمه جميلة بنت أبي صعصعة بن زيد بن عوف بن مبذول ، من بني مازن بن النجار.
فولد محمود بن الربيع : إبراهيم ، ومحمدًا ، ولم تسم لنا أمهما.(6/564)
7786- قال : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري ، عن أبيه ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني محمود بن الربيع قال : هو الذي مجّ رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم في وجهه وهو غلام من بئرهم.(6/564)
7787- قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : أخبرنا معمر بن راشد ، عن الزهري ، عن محمود بن الربيع : أنه يعقل مجّةً مجّها رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم في بئرهم.
قال : وقال غير محمد بن عمر في هذا الحديث ، عن محمود بن الربيع قال : أعقل رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم مَجّ في وجهي وأنا غلام.
قال محمد بن عمر : مات محمود بن الربيع سنة تسع وتسعين ، وهو ابن ثلاث وتسعين سنة ، ويكنى أبا نعيم .(6/564)
1409- يوسف بن عبد الله بن سلام . وهو رجل من بني إسرائيل ، من ولد يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن صلوات الله عليه وسلامه.
7788- أخبرنا وكيع بن الجراح ، والفضل بن دكين ، ومحمد بن كُناسة الأسدي ، قالوا : حدثنا يحيى بن أبي الهيثم العطار ، قال : سمعت يوسف بن عبد الله بن سلام يقول : سماني رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يوسف وأقعدني في حجره ومسح على رأسي.
وكان يروي عن جدته أم مَعْقِل وكان يوسف ثقة وله أحاديث صالحة.(6/565)
1410- عطية القرظي
7789- قال : أخبرنا جرير بن عبد الحميد ، عن عبد الملك بن عمير ، عن عطية القرظي قال : كنت فيمن حكم فيه سعد بن معاذ يوم قريظة ، فَشَكّوا فِيّ ، أَمِنَ الذُّرِّيَّةِ أنا ، أَمْ مِن المقاتلة ؟ فنظروا إلى عانتي ، فلم يجدوها نبتت ، فَأُلْقِيْتُ في الذُّرِّيَّةِ ولم أقتل.(6/565)
1411- كثير بن السائب
قال : عرضنا على رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم يوم بني قريظة.(6/565)
1412- عبد الله بن صيّاد
وهو ابن صائد ، وكان أبوه من اليهود ، لا يُدْرَى ممن هو ، وعبد الله الذي ولد على عهد رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم وهو أعور مختون.
فذكر ذلك لرسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم فأتاه وهو صبي ، فسأله عما خَبَّى له ، فأجابه. فقيل : هو الدجال ، فيه أحاديث كثيةه ، وقد أسلم ، وولد له ، وغزا مع المسلمين ، وكان يقول : يقولون إنّي الدجال ، والدجال كافر ، وأنا مؤمن بالله ورسوله ، والدجال لا يولد له وقد ولد لي.
وكان من ولده عُمارة بن عبد الله بن صياد ، من خيار المسلمين ، وكان من أصحاب سعيد بن المسيب ، ولقيه مالك بن أنس وروى عنه ، وكانوا يقولون : نحن من بني شيهب بن النجار ، فدَفَعَتْهُم بنو النجار عن ذلك ، وحلف منهم تسعة وتسعون رجلاَّ ورجل من بني ساعدة على منبر رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ما هم منهم ، فطرحوا منهم ، فقالوا : نحن حلفاء (1) بني مالك بن النجار ، فَهُمْ فيهم اليوم على هذا.
_حاشية__________
(1) كذا في الأصول ، وتحت الحاء في نسخة "ث" علامة الإهمال للتأكيد ، وفي المطبوع : "خلفاء".(6/565)
7790- قال : أخبرنا هَوْذة بنت خليفة ، قال : حدثنا عوف ، عن محمد بن سيرين ، قال : ما علمت أنه أسلم من يهود غير عبد الله بن سلام ، وعبد الله بن صياد ، وغير غلام . لم يعرف محمد بن عمر اسمه. قال عوف : بلغني أنه البراء أو ابن البراء
7791- قال : أخبرنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن محمد بن كعب القرظي قال : كنا بالأهواز فقيل : مات ابن صائد ، فأخرج بنوه بنعش لا يُدْرَى ما فيه.
- آخر الطبقة الخامسة
وهي آخر طبقات أصحاب رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسلَّم ، تتلوها طبقات التابعين (2) .
_حاشية__________
(1) إلى هنا ينتهي الموجود من النسخة "ح".(6/566)
- المجلد السابع
بسم الله الرحمن الرحيم
- الطَّبَقَةُ الأُولَى
مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنَ التَّابِعِينَ بعد أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، ممن ولد على عهد رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وروى عامتهم عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما. وغيرهما.
1413- جويبر بن الحويرث بن نقيد بن بجير بن عبد بن قصي بن كلاب . وأمه من هذيل . فَوَلَدَ جبير بن الحويرث : عبدالله وعبد الرحمن ، وهندًا لأم ولد.
وَوُلِدَ جبير بن الحويرث على عهد النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، ويذكرون أنه رأى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وقُتِلَ أبوه الحويرث بن نقيد يوم فتح مكة كافراً.
وروى جبير بن الحويرث عن أبي بكر وعمر.(7/5)
6681- أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن ابن المنكدر ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع ، عن جبير بن الحويرث ؛ رأيت أبا بكر على قزح وهو يقول : أيها النَّاسُ أَصْبَحُوا ثُمَّ دَفَعَ , فَإِنِّي لأَنْظُرُ إِلَى فَخِذِهِ قَدِ انْكَشَفَ فِيمَا يَخْرِشُ بَعِيرَهُ بِمِحْجَنِهِ . هَكَذَا قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ : سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَرْبُوعٍ , وَهَذَا وَهْلٌ وَغَلَطٌ فِي نَسَبِهِ , إِنَّمَا هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ الْمَخْزُومِيُّ.(7/5)
1414- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ ابْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ بْنِ مُرَّةَ.
وَأُمُّهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ , وَيُكَنَّى عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَبَا مُحَمَّدٍ ، وَكَانَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ حِينَ قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , وَمَاتَ أَبُوهُ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ بِالشَّامِ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ , فَخَلَفَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ , وَهِيَ أُمُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ , فَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي حِجْرِ عُمَرَ ، وَكَانَ يَقُولُ : مَا رَأَيْتُ رَبِيبًا خَيْرًا مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
وَرَوَى عَنْ عُمَرَ , وَلَهُ دَارٌ بِالْمَدِينَةِ رَبَّةٌ كَبِيرَةٌ , وَتُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بِالْمَدِينَةِ ، وَكَانَ رَجُلاَّ شَرِيفًا سَخِيًّا مَرِيًّا ، وَكَانَ قَدْ شَهِدَ الْجَمَلَ مَعَ عَائِشَةَ , وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ : لأَنْ أَكُونَ قَعَدْتُ فِي مَنْزِلِي عَنْ مَسِيرِي إِلَى الْبَصْرَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي مِنْ رَسُولِ اللهِ عَشَرَةٌ مِنَ الْوَلَدِ كُلُّهُمْ مِثْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ.(7/6)
6682- أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُثْمَانَ الْمَخْزُومِيِّ مِنْ آلِ يَرْبُوعٍ , أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ كَانَ اسْمُهُ إِبْرَاهِيمَ , فَدَخَلَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي وِلاَيَتِهِ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُغَيِّرَ اسْمَ مَنْ يُسَمَّى بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ , فَغَيَّرَ اسْمَهُ فَسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ , فَثَبَتَ اسْمُهُ إِلَى الْيَوْمِ , فَوَلَدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ , مُحَمَّدًا الأَكْبَرَ , لاَ بَقِيَّةَ لَهُ وَبِهِ كَانَ يُكْنَى , وَأَبَا بَكْرٍ ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ : رَاهِبُ قُرَيْشٍ , وَعُمَرَ , وَعُثْمَانَ , وَعِكْرِمَةَ , وَخَالِدًا , وَمُحَمَّدًا الأَصْغَرَ , وَحَنْتَمَةَ وَلَدَتْ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ , وَأُمَّ حُجَيْنٍ , وَأُمَّ حَكِيمٍ , وَسَوْدَةَ , وَرَمْلَةَ.
وَأُمُّهُمْ فَاخِتَةُ بِنْتُ عِنَبَةَ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ .(7/6)
وَعَيَّاشَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَعَبْدَ اللهِ لاَ بَقِيَّةَ لَهُ , وَأَبَا سَلَمَةَ هَلَكَ صَغِيرًا لاَ بَقِيَّةَ لَهُ , وَالْحَارِثَ هَلَكَ لاَ بَقِيَّةَ لَهُ , وَأَسْمَاءَ وَعَائِشَةَ تَزَوَّجَهَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ.
وَأُمَّ سَعِيدٍ , وَأُمَّ كُلْثُومٍ , وَأُمَّ الزُّبَيْرِ وَأُمُّهُمْ أُمُّ الْحَسَنِ بِنْتُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ وَأُمُّهَا أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ.
وَالْمُغِيرَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَعَوْفًا , وَزَيْنَبَ , وَرَيْطَةَ وَلَدَتْ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ خَلَفَ عَلَيْهَا بَعْدَ أُخْتِهَا.
وَفَاطِمَةَ , وَحَفْصَةَ وَأُمُّهُمْ سُعْدَى بِنْتُ عَوْفِ بْنِ خَارِجَةَ بْنِ سِنَانِ بْنِ أَبِي حَارِثَةَ بْنِ مُرَّةَ بْنِ نُشْبَةَ بْنِ غَيْظِ بْنِ مُرَّةَ.
وَالْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَأَبَا سَعِيدٍ , وَأُمَّ سَلَمَةَ تَزَوَّجَهَا سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ.
وَقُرَيْبَةَ , وَأُمُّهُمْ أُمُّ رَسَنٍ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحُصَيْنِ ذِي الْغُصَّةِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ شَدَّادِ بْنِ قَنَانِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ.
وَسَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَعُبَيْدَ اللهِ , وَهِشَامًا لأُمَّهَاتِ أَوْلاَدٍ , وَزَيْنَبَ ابْنَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَيُقَالُ : بَلِ اسْمُهَا مَرْيَمُ وَأُمُّهَا مَرْيَمُ ابْنَةُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ.(7/7)
1415- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ ابْنِ عَبْدِ يَغُوثَ بْنِ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ.
وَأُمُّهُ أُمَيَّةُ ابْنَةُ نَوْفَلِ بْنِ أُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلاَبٍ فَوَلَدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ مُحَمَّدًا , وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ وَأُمُّهُمَا أَمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ , وَعَبْدَ اللهِ.
وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ , وَعُمَرَ.
وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ , وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , وَلَهُ دَارٌ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ أَصْحَابِ الْغَرَابِيلِ وَالْقِبَابِ.(7/7)
1416- صَبِيحَةُ بْنُ الْحَارِثِ ابْنِ جُبَيْلَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ.
وَأُمُّهُ زَيْنَبُ ابْنَةُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَاعِدَةَ بْنِ مَشْنُوءِ بْنِ عَبْدِ بْنِ حَبْتَرٍ مِنْ خُزَاعَةَ فَوَلَدَ صَبِيحَةَ بْنُ الْحَارِثِ الأَجَشَّ , وَمَعْبَدًا , وَعَبْدَ اللهِ الأَكْبَرَ , وَزَبِينَةَ امْرَأَةً , وَأُمَّ عَمْرٍو الْكُبْرَى وَأُمُّهُمْ عَاتِكَةُ بِنْتُ يَعْمَرَ بْنِ خَالِدِ بْنِ مَعْرُوفِ بْنِ صَخْرِ بْنِ الْمِقْيَاسِ بْنِ حَبْتَرٍ , وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ , وَعَبْدَ اللهِ الأَصْغَرَ ، وَهُوَ أَبُو الْفَضْلِ , وَأُمَّ عَمْرٍو الصُّغْرَى ، وَأُمُّهُمْ أَمَةُ بِنْتُ عَمْرٍو ، وَهُوَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ ضَبِينِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَامِرَةَ بْنِ عَمِيرَةَ بْنِ وَدِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ , وَعُبَيْدِ اللهِ , وَأُمَّ صَالِحٍ , وَأُمَّ جَمِيلٍ , وَأُمَّ عُبَيْدٍ وَأُمُّهُمْ زَيْنَبُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ أَبِي التَّوَائِمِ مِنْ هُذَيْلٍ , وَحَبِيبَةَ بِنْتَ صَبِيحَةَ تَزَوَّجَهَا مَعْبَدُ بْنُ عُرْوَةَ مِنْ بَنِي كَلْبِ بْنِ عَوْفٍ , فَوَلَدَتْ لَهُ ، وَكَانَ أَشْرَفُ وَلَدِ صَبِيحَةَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنِ صَبِيحَةَ وَلَهُ دَارٌ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ أَصْحَابِ الأَقْفَاصِ , فَوَلَدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَبِيحَةَ مُحَمَّدًا وَمُوسَى وَأُمُّهُمَا ابْنَةُ رَاشِدٍ مِنْ هُذَيْلٍ مِنْ آلِ أَبِي التَّوَائِمِ وَيُقَالُ : هِيَ أُمُّ عَلِيٍّ بِنْتُ هِلاَلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنْ هُذَيْلٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي حُطَيْطٍ , وصَخْرَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَأُمُّهُ أُمُّ يَحْيَى بِنْتُ جُبَيْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَبِي فَائِدٍ مِنْ خُزَاعَةَ.(7/8)
6683- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَبِيحَةَ التَّيْمِيِّ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ : يَا صَبِيحَةُ , هَلْ لَكَ فِي الْعُمْرَةِ ؟ قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : قَرِّبْ رَاحِلَتَكَ ، فَقَرَّبْتُهَا . قَالَ : فَخَرَجْنَا إِلَى الْعُمْرَةِ , ثُمَّ حَكَى عَنْهُ صَبِيحَةُ أَشْيَاءَ مِنْ فِعْلِهِ فِي تِلْكَ السَّفْرَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَيُقَالُ : إِنَّ الَّذِي سَافَرَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَسَمِعَ مِنْهُ وَحَفِظَ عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَبِيحَةَ , وَلَعَلَّهُ خَرَجَ هُوَ وَأَبُوهُ صَبِيحَةُ جَمِيعًا مَعَ أَبِي بَكْرٍ فَحَكَيَا عَنْهُ ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.(7/8)
1417- نِيَارُ بْنُ مُكْرَمٍ الأَسْلَمِيُّ
وَهُوَ أَحَدُ الأَرْبَعَةِ الَّذِينَ قَبَرُوا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ , وَصَلُّوا عَلَيْهِ , وَنَزَلُوا فِي حُفْرَتِهِ , وَقَدْ سَمِعَ نِيَارٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.(7/9)
1418- عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حُجْرِ بْنِ سَلاَمَانَ بْنِ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ رُفَيْدَةَ بْنِ عَنْزِ بْنِ وَائِلِ بْنِ قَاسِطِ بْنِ هِنْبِ بْنِ أَفْصَى بْنِ دُعْمَى بْنِ جَدِيلَةَ بْنِ أَسَدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نِزَارٍ حَلِيفُ الْخَطَّابِ بْنِ نُفَيْلٍ أَبِي عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَيُكْنَى عَبْدُ اللهِ أَبَا مُحَمَّدٍ , وَوُلِدَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وَكَانَ ابْنَ خَمْسِ سِنِينَ أَوْ سِتِّ سِنِينَ يَوْمَ قُبِضَ رَسُولِ اللَّهِ.(7/9)
6684- أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ , عَنْ مَوْلًى لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ , قَالَ : جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى بَيْتِنَا وَأَنَا صَبِيٌّ صَغِيرٌ , فَخَرَجْتُ أَلْعَبُ , فَقَالَتْ أُمِّي : يَا عَبْدَ اللهِ , تَعَالَ أُعْطِكَ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيَهُ ؟ قَالَتْ : أَرَدْتُ أَنْ أُعْطِيَهُ تَمْرًا , فَقَالَ : أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلِي كُتِبَتْ عَلَيْكِ كَذِبَةً.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : فَلاَ أَحْسَبُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَامِرٍ حَفِظَ هَذَا الْكَلاَمَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لِصِغَرِهِ , وَقَدْ حَفِظَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ , وَرَوَى عَنْهُمْ , وَعَنْ أَبِيهِ.(7/9)
6685- أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ , أَنَّهُ أَدْرَكَ الْخَلِيفَتَيْنِ ، يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَجْلِدَانِ الْعَبْدَ فِي الْفِرْيَةِ أَرْبَعِينَ.(7/10)
6686- أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ , عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ذَكْوَانَ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ , قَالَ : أَدْرَكْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَمَنْ بَعْدَهُمَا مِنَ الْخُلَفَاءِ يَضْرِبُونَ فِي قَذْفِ الْمَمْلُوكِ أَرْبَعِينَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَمَاتَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ فِي خِلاَفَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.(7/10)
1419- أَبُو جَعْفَرٍ الأَنْصَارِيُّ
وَلَمْ يُسَمَّ لَنَا
6687- قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ , عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ , عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ : رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَأَنَّهُمَا جَمْرُ الْغَضَا.(7/10)
1420- أَبُو سَهْلٍ السَّاعِدِيُّ
وَلَمْ يُسَمَّ لَنَا.
6688- أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ , قَالَ : سَمِعْتُ رَجُلاَّ , مِنَ الأَنْصَارِ يُحَدِّثُ مَكْحُولاَّ ، عَنْ أَبِي سَهْلٍ السَّاعِدِيِّ , أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَوَصَفَ قِرَاءَتَهُ.(7/10)
1421- أَسْلَمُ
مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَيُكَنَّى أَبَا زَيْدٍ.
6689- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : اشْتَرَانِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي قُدِمَ بِالأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ فِيهَا أَسِيرًا , فَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ فِي الْحَدِيدِ يُكَلِّمُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ ، وَأَبُو بَكْرٍ يَقُولُ لَهُ : فَعَلْتَ وَفَعَلْتَ حَتَّى كَانَ آخِرُ ذَلِكَ أَسْمَعُ الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ يَقُولُ : يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ , اسْتَبْقِنِي لِحَرْبِكَ وَزَوِّجْنِي أُخْتَكَ , فَفَعَلَ أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ , فَمَنَّ عَلَيْهِ وَزَوَّجَهُ أُخْتَهُ أُمَّ فَرْوَةَ بِنْتَ أَبِي قُحَافَةَ , فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدَ بْنَ الأَشْعَثِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَرَوَى أَسْلَمُ أَيْضًا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ رَآهُ آخِذًا بِطَرَفِ لِسَانِهِ ، وَهُوَ يَقُولُ : إِنَّ هَذَا أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ , وَقَدْ رَوَى أَسْلَمُ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَغَيْرِهِمَا.(7/11)
6690- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ , يَقُولُ : نَحْنُ قَوْمٌ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ , وَلَكِنَّا لاَ نُنْكِرُ مِنَّةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.(7/11)
6691- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ , عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ , قَالَ : قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : أَخْبِرْنِي عَنْ أَسْلَمَ , مَوْلَى عُمَرَ , مِمَّنْ هُوَ ؟ قَالَ : حَبَشِيٌّ بِجَاوِيٌّ مِنْ بِجَاوَةَ. قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ : وَكَذَلِكَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : أَسْلَمُ حَبَشِيٌّ بِجَاوِيٌّ.(7/11)
6692- أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ , فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ ؛ أَنَّ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ كَانَ يُكْنَى أَبَا زَيْدٍ , وَتُوُفِّيَ أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلاَفَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ.(7/11)
1422- هُنَيٌّ
مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
6693- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عُمَيْرِ بْنِ هُنَيٍّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ , أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لَمْ يَحْمِ شَيْئًا مِنَ الأَرْضِ إِلاَّ النَّقِيعَ , وَقَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَمَاهُ ، فَكَانَ يَحْمِيهِ لِلْخَيْلِ الَّتِي يُغْزَى عَلَيْهَا , وَكَانَتْ إِبِلُ الصَّدَقَةِ إِذَا أُخِذَتْ عِجَافًا أَرْسَلَ بِهَا إِلَى الرَّبَذَةِ , وَمَا وَالاَهَا تَرْعَى هُنَاكَ , وَلاَ يَحْمِي لَهَا شَيْئًا , وَيَأْمُرُ أَهْلَ الْمِيَاهِ لاَ يَمْنَعُونَ مَنْ وَرَدَ عَلَيْهِمْ يَشْرَبُ مَعَهُمْ وَيَرْعَى عَلَيْهِمْ , فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَكَثُرَ النَّاسُ , وَبَعَثَ الْبُعُوثَ إِلَى الشَّامِ وَإِلَى مِصْرَ وَإِلَى الْعِرَاقِ حَمَى الرَّبَذَةَ ، وَاسْتَعْمَلَنِي عَلَى حِمَى الرَّبَذَةِ.(7/12)
1423- مَالِكٌ الدَّارُ
مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَقَدِ انْتَمَوْا إِلَى جُبْلاَنَ مِنْ حِمْيَرَ , وَرَوَى مَالِكٌ الدَّارُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ . رَوَى عَنْهُ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ ، وَكَانَ مَعْرُوفًا.(7/12)
1424- أَبُو قُرَّةَ
مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.
6694- أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ , قَالاَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ , عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِي قُرَّةَ , مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ : إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَسَمَ قَسْمًا فَقَسَمَ لِي كَمَا قَسَمَ لِسَيِّدِي.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ : قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ : وَكَانَ سَيِّدُهُ رَجُلاَّ مِنْ بَنِي مُخَرَّبَةَ غَيْرَ الَّذِي أَعْتَقَهُ.(7/12)
1425- زُيَيْدُ بْنُ الصَّلْتِ ابْنِ مَعْدِي كَرِبَ بْنِ وَلِيعَةَ بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُجْرٍ الْقَرِدُ بْنُ الْحَارِثِ الْوَلاَّدَةِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَارِثِ الأَكْبَرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ ثَوْرِ بْنِ مُرَتِّعِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ كِنْدَةَ ، وَهُوَ كِنْدِيُّ بْنُ عُفَيْرِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ أُدَدَ بْنِ زَيْدِ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ عُرَيْبِ بْنِ زَيْدِ بْنِ كَهْلاَنَ بْنِ سَبَأِ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْحَارِثُ الْوَلاَّدَةَ لِكَثْرَةِ وَلَدِهِ , وَسُمِّيَ حُجْرٌ الْقَرِدُ , وَالْقَرِدُ : فِي لُغَتِهِمُ النَّدِيُّ الْجَوَّادُ , وَالْحَارِثُ الْوَلاَّدَةُ هُوَ أَخُو حُجْرِ بْنِ عَمْرٍو آكِلِ الْمُرَارِ , وَالْمُلُوكُ الأَرْبَعَةُ مِخْوَسٌ وَمِشْرَحٌ وَجَمْدٌ وَأَبْضَعَةُ بَنُو مَعْدِي كَرِبَ بْنِ وَلِيعَةَ بْنِ شُرَحْبِيلَ , وَهُمْ عُمُومَةُ زُبَيْدٍ وَكَثِيرٍ ابْنَيِ الصَّلْتِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ بْنِ وَلِيعَةَ.
وَكَانُوا وَفَدُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَعَ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ , فَأَسْلَمُوا , وَرَجَعُوا إِلَى بِلاَدِهِمْ , ثُمَّ ارْتَدُّوا , فَقُتِلُوا يَوْمَ النَّجِيرِ , وَإِنَّمَا سُمُّوا مُلُوكًا ؛ لأَنَّهُ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَادٍ يَمْلِكُهُ بِمَا فِيهِ.
وَهَاجَرَ كَثِيرٌ وَزُبَيْدٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بَنُو الصَّلْتِ إِلَى الْمَدِينَةِ , فَسَكَنُوهَا وَحَالَفُوا بَنِي جُمَحَ بْنِ عَمْرِو بْنِ قُرَيْشٍ , فَلَمْ يَزَلْ دِيوَانُهُمْ وَدَعْوَتُهُمْ مَعَهُمْ حَتَّى كَانَ زَمَنُ الْمَهْدِيِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , فَأَخْرَجَهُمْ مِنْ بَنِي جُمَحَ , وَأَدْخَلَهُمْ فِي حُلَفَاءِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ , فَدَعَوْتُهُمُ الْيَوْمَ مَعَهُمْ , وَعِيَالُهُمْ هُمْ بَعْدُ فِي بَنِي جُمَحَ.(7/13)
6695- أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ , عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ , أَنَّهُ سَمِعَ زُيَيْدَ بْنَ الصَّلْتِ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ يَقُولُ : لَوْ أَخَذْتُ سَارِقًا لأَحْبَبْتُ أَنْ يَسْتُرَهُ اللَّهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَقَدْ رَوَى زُيَيْدُ بْنُ الصَّلْتِ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ ، وَكَانَ قَلِيلَ الْحَدِيثِ.(7/14)
1426- وَأَخُوهُ : كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ ابْنِ مَعْدِي كَرِبَ بْنِ وَلِيعَةَ بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُجْرٍ الْقَرِدُ بْنُ الْحَارِثِ الْوَلاَّدَةِ.
6696- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ , عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ , عَنْ نَافِعٍ , أَنَّ كَثِيرَ بْنَ الصَّلْتِ كَانَ اسْمُهُ قَلِيلاَّ , فَسَمَّاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ كَثِيرًا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَوُلِدَ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وَكَانَ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللهِ , وَقَدْ رَوَى عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَكَانَ لَهُ شَرَفٌ وَحَالٌ جَمِيلَةٌ فِي نَفْسِهِ , وَلَهُ دَارٌ بِالْمَدِينَةِ كَبِيرَةٌ فِي الْمُصَلَّى وَقِبْلَةِ الْمُصَلَّى فِي الْعِيدَيْنِ إِلَيْهَا , وَهِيَ تُشْرِعُ عَلَى بَطْحَانِ الْوَادِي الَّذِي فِي وَسَطِ الْمَدِينَةِ.
وَكَانَ مِنْ وَلَدِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَثِيرٍ ، وَكَانَ سَرِيًّا مَرِيًّا فَقِيهًا , وَلِيَ قَضَاءَ الْمَدِينَةِ لِلْحَسَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حِينَ وَلاَّهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَدِينَةَ , فَلَمَّا وَلِيَ الْمَهْدِيُّ الْخِلاَفَةَ عَزَلَ عَبْدَ الصَّمَدِ بْنَ عَلِيٍّ عَنِ الْمَدِينَةِ , وَوَلاَّهَا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ.(7/14)
1427- وَأَخُوهُمَا : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الصَّلْتِ
6697- أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَشَجِّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الصَّلْتِ أَخِي كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ شَيْئًا مِنْ فِعْلِهِ قَالَ : وَلاَ نَعْلَمُهُ رَوَى حَدِيثًا عَنْ غَيْرِهِ.(7/15)
1428- عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ابْنِ نُفَيْلِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَاحِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ.
وَأُمُّهُ جَمِيلَةُ أُخْتُ عَاصِمِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ ، وَهُوَ أَبُو الأَقْلَحِ بْنُ عِصْمَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَمَةَ بْنِ ضُبَيْعَةَ بْنِ زَيْدٍ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مِنَ الأَنْصَارِ.
6698- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ , عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ , عَنْ نَافِعٍ قَالَ : غَيَّرَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اسْمَ أُمِّ عَاصِمٍ ، وَكَانَ اسْمُهَا عَاصِيَةً , فَقَالَ : لاَ ، بَلْ أَنْتَ جَمِيلَةٌ.(7/15)
6699- أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ , قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ أَيُّوبَ ، عن نافع ؛ أن عمر بن الخطاب طلق امرأته أم عاصم فخاصمته إلى أبي بكر في ولد له فقضى به لأمه.(7/15)
6700- قال : أَخْبَرَنَا حفص بن عمر الحوضي ، قال : حَدَّثَنَا حماد بن سلمة ، قال : حَدَّثَنَا قتادة ، وعبيد الله بن عمر ، عن القاسم بن محمد ؛ أن عمر بن الخطاب طلق جميلة أم عاصم فجاءت جدته الشموس فذهبت بالصبي ، فجاء عمر على فرس ، فقال : ابني ابني ، فقالوا : ذهبت به الشموس ، فرفع حتى لحقها فضمته بين فخذيها ، فخاصمته إلى أبي بكر الصديق فقضى به أبو بكر لها.(7/15)
فولد عاصم بن عمر بن الخطاب : عمر بن عاصم وبه كان يكنى ، وأم سفيان بنت عاصم ، وأمها بنت سفيان بن عويف بن عبد الله بن عامر بن جذيمة بن هلال بن تيم بن عامر بن عوف بن الحارث بن عبد مناة بن كنانة ، وعبيد الله وسليمان وأم سلمة وأمهم عائشة بنت مطيع بن الأسود بن حارثة من بني عدي ابن كعب ، وحفص بن عاصم ، وأمة سدرة بنت يزيد بن سمير بن خراش بن خلف بن حبيب بن كعب بن وائل من الصادرة , ابن ذهل بن طريف بن خلف بن محارب بن خصفة بن قيس عيلان من مضر.
وحفصة ابنة عاصم ، وأم عاصم بنت عاصم ، وهي أم عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم.
وأمهم أم عمار بنت سفيان بن عبد الله بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة بن الحارث بن حبيب بن الحارث بن مالك بن حطيط بن جشم بن ثقيف.(7/16)
6701- أَخْبَرَنَا سليمان بن حرب ، قال : حَدَّثَنَا السري بن يحيى ، قال : حَدَّثَنَا محمد بن سيرين ، قال : قال فلان ، رجل سماه : ما رأيت من الناس أحدًا إلا وهو يقول بعض مالا يريد غير عاصم بن عمر بن الخطاب فإنه كلمه رجل يوما فقال :
قضى ما قضى فيما مضى ثم لا ترى ... له صبوة فيما بقى آخر الدهر(7/16)
6702- أخبرنا أنس بن عياض أبو ضمرة الليثي ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ؛ أن عبد الله بن عمر قدم مكة فوجد عاصم بن عمر قد توفى فذهب إلى قبره فاستغفر له ودعا له.(7/16)
6703- أخبرنا وكيع بن الجراح ، عن عبد الله بن نافع ، عن أبيه ، قال : هلك عاصم بن عمر وكان عبد الله بن عمر غائبا ، فلما قدم قال لبعض ولد عاصم : انطلق فأرني قبر أبيك ، فانطلق معه فأراه فقام عليه فدعا له ثم انصرف.(7/16)
6704- أخبرنا هشام بن إبراهيم ، قال : أخبرنا جويرية بن أسماء ، عن نافع ؛ أن عبد الله بن عمر قدم من سفر فوجد عاصم بن عمر قد توفى ، فذهب إلى قبره فوقف عليه فاستغفر له ودعا له.(7/16)
6705- أخبرنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا وهيب بن خالد قال : حدثنا أيوب ، عن نافع ، أن ابن عمر قدم بعد وفاة عاصم بثلاثة أيام ، فقال : أروني قبر أخي فأروه فأتاه فصلى عليه.(7/17)
6706- قال : أخبرنا عارم بن الفضل ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : أنبأنا أيوب ، عن نافع ، أن عبد الله بن عمر قدم بعد وفاة عاصم بثلاثة أيام ، فأتى قبره فصلى عليه.(7/17)
6707- أخبرنا مطرف بن عبد الله اليساري ، قال : حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم ، عن أسامة بن زيد قال : توفى عاصم بن عمر ، وعبد الله بن عمر غائب فلما قدم قال : دلوني على قبره فأتاه فوقف على قبره ساعة يدعو له.(7/17)
6708- أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمرو ، عن معمر ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ؛ أنه قدم من سفر وقد توفى أخوه عاصم ودفن فأتى قبره فصلى عليه.(7/17)
6709- حدثنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا العمري ، قال : سمعت مشيختنا يذكرون أن عاصم بن عمر كان يأتي معتمرا فيرجع قبل أن يحل رحله.(7/17)
6710- أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا العمري ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن جدته عائشة بنت مطيع ، أنها حدثته ؛ أن عاصم بن عمر لما حضرته الوفاه هيئوه فقال : إنه لم يأن لذلك بعد فمكثوا هنيئة فقال : إن كنتم فاعلين فالآن قال: ففعلوا فوجهوه إلى القبلة فقبض رحمه الله.
قال محمد بن عمر : وسمع عاصم بن عمر من أبيه وتوفى سنة سبعين قبل قتل عبد الله بن الزبير.(7/17)
1429- عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب.
وأُمُّه أم كلثوم بنت جرول بن مالك بن المسيب بن ربيعة بن أصرم بن ضبيس بن حرام بن حبشية من خزاعة.
فولد عبيد الله بن عمر : أبا بكر وعثمان ومحمدا وعمر وأم عثمان وأمهم أسماء بنت عطارد بن حاجب بن زرارة بن عدس بن زيد بن عبد الله بن دارم من بني تميم.
والحر بن عبيد الله وأمه أم ولد ، وأم عبس بنت عبيد الله وأمها تهلل بنت يزيد بن عمرو بن عدس بن معاوية بن عبادة بن البكاء.
وحفصة بنت عبيد الله وأمها أسماء بنت زيد بن الخطاب بن نفيل أخي عمر بن الخطاب.
وأم سلمة بنت عبيد الله وأمها تهلل بنت يزيد ، ويقال : بل أمها أسماء بنت عطارد بن حاجب ، وأم حكيم بنت عبيد الله وأمها أم ولد . وابنة لعبيد الله تزوجها المختار بن أبي عبيد فولدت له رجلين وأمها أم ولد.(7/17)
6711- أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني معمر ، ومحمد بن عبيد الله ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ؛ أن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق حين قتل عمر قال : مررت على أبي لؤلؤة وجفينة والهرمزان وهم يتناجون بالبقيع فلما بغتهم ثاروا فسقط منهم خنجر له رأسان ونصابه وسطه قال : فنظروا إلى الخنجر الذي قتل به عمر فوجدوه الخنجر الذي نعت عبد الرحمن بن أبي بكر.
فانطلق عبيد الله بن عمر حين سمع ذلك من عبد الرحمن ومعه السيف حتى دعا الهرمزان فقال : انطلق معي إلى فرس لي مَغِلٍ تنظر إليه ، فخرج معه فاستأخر عنه عبيد الله حتى إذا مضى بين يديه علاه بالسيف . قال عبيد الله : فلما وجد حس السيف قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، قال عبيد : ودعوت جفينة وكان نصرانيا من نصارى الْحِيرَةُ ، وَكَانَ ظِئْرًا لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، وَكَانَ يُعَلِّمُ الْكِتَابَ بِالْمَدِينَةِ ،(7/18)
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ : فَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ , فَلَمَّا وَجَدَ حَسَّ السَّيْفِ صُلِّبَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ , وَانْطَلَقَ عُبَيْدُ اللهِ , فَقَتَلَ ابْنَةَ أَبِي لُؤْلُؤَةَ , وَكَانَتْ تَدَّعِي الإِسْلاَمَ , وَأَرَادَ عُبَيْدُ اللهِ أَلاَّ يَتْرُكَ سَبْيًا بِالْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ إِلاَّ قَتَلَهُ ، فَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ الأَوَّلُونَ , فَأَعْظَمُوا مَا صَنَعَ عُبَيْدُ اللهِ مِنْ قَتْلِ هَؤُلاَءِ , وَاشْتَدُّوا عَلَيْهِ , وَزَجَرُوهُ عَنِ السَّبْيِ , فَقَالَ : وَاللَّهِ , لأَقْتُلَنَّهُمْ وَغَيْرَهُمْ يُعَرِّضُ بِبَعْضِ الْمُهَاجِرِينَ , فَلَمْ يَزَلْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَرْفُقُ بِهِ حَتَّى دَفَعَ إِلَيْهِ سَيْفَهُ , فَأَتَاهُ سَعْدٌ , فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِرَأْسِ صَاحِبِهِ يَتَنَاصَيَانِ حَتَّى حَجَزَ بَيْنَهُمَا النَّاسُ , فَأَقْبَلَ عُثْمَانُ وَذَلِكَ فِي الثَّلاَثَةِ الأَيَّامِ الشُّورَى قَبْلَ أَنْ يُبَايَعَ لَهُ حَتَّى أَخَذَ بِرَأْسِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ , وَأَخَذَ عُبَيْدُ اللهِ بِرَأْسِهِ ثُمَّ حُجِزَ بَيْنَهُمَا , وَأَظْلَمَتِ الأَرْضُ يَوْمَئِذٍ عَلَى النَّاسِ , فَعَظُمَ ذَلِكَ فِي صُدُورِ النَّاسِ , وَأَشْفَقُوا أَنْ تَكُونَ عُقُوبَةً حِينَ قَتْلِ عُبَيْدِ اللهِ جُفَيْنَةَ وَالْهُرْمُزَانَ وَابْنَةَ أَبِي لُؤْلُؤَةَ.(7/19)
6712- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ , عَنْ أَبِي وَجْزَةَ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : رَأَيْتُ عُبَيْدَ اللهِ يَوْمَئِذٍ وَإِنَّهُ لَيُنَاصِي عُثْمَانَ , وَإِنَّ عُثْمَانَ لَيَقُولُ : قَاتَلَكَ اللَّهُ ، قَتَلْتَ رَجُلاَّ يُصَلِّي , وَصَبِيَّةً صَغِيرَةً , وَآخَرَ مِنْ ذِمَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، مَا فِي الْحَقِّ تَرْكُكَ قَالَ : فَعَجِبْتُ لِعُثْمَانَ حِينَ وَلِيَ كَيْفَ تَرَكَهُ , وَلَكِنْ عَرَفْتُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ كَانَ دَخَلَ فِي ذَلِكَ فَلَفَتَهُ عَنْ رَأْيِهِ.(7/19)
6713- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ , عَنِ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ , عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مَنَّاحٍ , قَالَ : جَعَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ يُنَاصِي عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ حِينَ قَتَلَ الْهُرْمُزَانَ وَابْنَةَ أَبِي لُؤْلُؤَةَ , وَجَعَلَ سَعْدٌ يَقُولُ ، وَهُوَ يُنَاصِيهُ :
لاَ أُسْدَ إِلاَّ أَنْتَ تَنْهِتُ وَاحِدًا ... وَغَالَتْ أَسْوَدَ الأَرْضِ عَنْكَ الْغَوَائِلُ
وَالشِّعْرُ لِكِلاَبِ بْنِ عِلاَطٍ أَخِي الْحَجَّاجِ بْنِ عِلاَطٍ فَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ :
تَعْلَمْ أَنِّي لَحْمُ مَا لاَ تُسِيغُهُ ... فَكُلْ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ مَا كُنْتَ آكِلاَ
فَجَاءَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ , فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُ عُبَيْدَ اللهِ , وَيَرْفُقُ بِهِ حَتَّى أَخَذَ سَيْفَهُ مِنْهُ , وَحُبِسَ فِي السِّجْنِ حَتَّى أَطْلَقَهُ عُثْمَانُ حِينَ وَلِيَ.(7/19)
6714- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنَا عُتْبَةُ بْنُ جَبِيرَةَ , عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ , عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ , قَالَ : مَا كَانَ عُبَيْدُ اللهِ يَوْمَئِذٍ إِلاَّ كَهَيْئَةِ السَّبْعِ الْحَرِبِ يَعْتَرِضُ الْعَجَمَ بِالسَّيْفِ ، حَتَّى حُبِسَ فِي السِّجْنِ , فَكُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ عُثْمَانَ إِنْ وَلِيَ سَيَقْتُلُهُ لِمَا كُنْتُ أَرَاهُ صَنَعَ بِهِ ، كَانَ هُوَ وَسَعْدٌ أَشَدَّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَيْهِ.(7/19)
6715- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ , عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْطَبٍ , قَالَ : قَالَ عَلِيٌّ لِعُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ : مَا ذَنْبُ بِنْتِ أَبِي لُؤْلُؤَةَ حِينَ قَتَلْتَهَا ؟ قَالَ : فَكَانَ رَأْيُ عَلِيٍّ حِينَ اسْتَشَارَهُ عُثْمَانُ وَرَأْيُ الأَكَابِرِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ عَلَى قَتْلِهِ , لَكِنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ كَلَّمَ عُثْمَانَ حَتَّى تَرَكَهُ , فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ : لَوْ قَدَرْتُ عَلَى عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ وَلِي سُلْطَانٌ لاَقْتَصَصْتُ مِنْهُ.(7/20)
6716- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عِكْرِمَةَ , مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ رَأْيُ عَلِيٍّ أَنْ يَقْتُلَ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ لَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ.(7/20)
6717- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , قَالَ : لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ دَعَا الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ , فَقَالَ : أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي قَتْلِ هَذَا الَّذِي فَتَقَ فِي الدِّينِ مَا فَتَقَ , فَأَجْمَعَ رَأْيُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يُشَجِّعُونَ عُثْمَانَ عَلَى قَتْلِهِ , وَقَالَ جُلَّ النَّاسِ : أَبْعَدَ اللَّهُ الْهُرْمُزَانَ وَجُفَيْنَةَ يُرِيدُونَ يُتْبِعُونَ عُبَيْدَ اللهِ أَبَاهُ , فَكَثُرَ ذَلِكَ الْقَوْلُ , فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّ هَذَا الأَمْرَ قَدْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ لَكَ سُلْطَانٌ عَلَى النَّاسِ , فَأَعْرِضْ عَنْهُ . فَتَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ كَلاَمِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ.(7/20)
6718- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : فَحَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ ؛ أَنَّ عُثْمَانَ اسْتَشَارَ الْمُسْلِمِينَ , فَأَجْمَعُوا عَلَى دِيَتِهِمَا , وَلاَ يَقْتُلُ بِهِمَا عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ , وَكَانَا قَدْ أَسْلَمَا , وَفَرَضَ لَهُمَا عُمَرُ ، وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لَمَّا بُويِعَ لَهُ أَرَادَ قَتْلَ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ , فَهَرَبَ مِنْهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ , فَلَمْ يَزَلْ مَعَهُ فَقُتِلَ بِصِفِّينَ.(7/20)
6719- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ , قَالَ : سَمِعْتُ رَجُلاَّ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يُحَدِّثُ فِي مَجْلِسِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ , فَسَأَلْتُ عَنْهُ بَعْدُ , فَقِيلَ : هُوَ يَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ يَقُولُ : إِنَّ مُعَاوِيَةَ دَعَا عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ , فَقَالَ : إِنَّ عَلِيًّا كَمَا تَرَى فِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ قَدْ حَامَتْ عَلَيْهِ , فَهَلْ لَكَ أَنْ تَسِيرَ فِي الشَّهْبَاءِ ؟ قَالَ : نَعَمْ , فَرَجَعَ عُبَيْدُ اللهِ إِلَى خِبَائِهِ , فَلَبِسَ سِلاَحَهُ , ثُمَّ إِنَّهُ فَكَّرَ وَخَافَ أَنْ يُقْتَلَ مَعَ مُعَاوِيَةَ عَلَى حَالِهِ , فَقَالَ لَهُ مَوْلَى لَهُ : فِدَاكَ أَبِي , إِنَّ مُعَاوِيَةَ إِنَّمَا يُقَدِّمُكَ لِلْمَوْتِ إِنْ كَانَ لَكَ الظَّفَرُ فَهُوَ يَلِي , وَإِنْ قُتِلْتَ اسْتَرَاحَ مِنْكَ وَمِنْ ذِكْرِكَ , فَأَطِعْنِي , وَاعْتَلَّ , قَالَ : وَيْحَكَ , قَدْ عَرَفْتُ مَا قُلْتَ , فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ بَحْرِيَّةُ بِنْتُ هَانِئٍ : مَا لِي أَرَاكَ مُشَمِّرًا ؟ قَالَ : أَمَرَنِي أَمِيرِي أَنْ أَسِيرَ فِي الشَّهْبَاءِ . قَالَتْ : هُوَ وَاللَّهِ مِثْلُ التَّابُوتِ لَمْ يَحْمِلْهُ أَحَدٌ قَطُّ إِلاَّ قُتِلَ , أَنْتَ تُقْتَلُ ، وَهُوَ الَّذِي يُرِيدُ مُعَاوِيَةُ . قَالَ : اسْكُتِي , وَاللَّهِ لأُكْثِرَنَّ الْقَتْلَ فِي قَوْمِكِ الْيَوْمَ , فَقَالَتْ : لاَ يُقْتَلُ هَذَا , خَدَعَكَ مُعَاوِيَةُ , وَغَرَّكَ مِنْ نَفْسِكِ , وَثَقُلَ عَلَيْهِ مَكَانُكَ , قَدْ أَبْرَمَ هَذَا الأَمْرَ هُوَ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَبْلَ الْيَوْمِ فِيكَ , لَوْ كُنْتَ مَعَ عَلِيٍّ أَوْ جَلَسْتَ فِي بَيْتِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ أَخُوكَ ، وَهُوَ خَيْرٌ مِنْكَ . قَالَ : اسْكُتِي ، وَهُوَ يَتَبَسَّمُ ضَاحِكًا لَتَرَيِنَّ الأُسَارَى مِنْ قَوْمِكِ حَوْلَ خِبَائِكَ هَذَا.
قَالَتْ : وَاللَّهِ , لَكَأَنِّي رَاكِبَةٌ دَابَّتِي إِلَى قَوْمِي أَطْلُبُ جَسَدَكَ أُوَارِيهُ , إِنَّكَ مَخْدُوعٌ , إِنَّمَا تُمَارِسُ قَوْمًا غُلْبَ الرِّقَابِ فِيهِمُ الْحَرُونُ يَنْظُرُونَهُ نَظَرَ الْقَوْمِ إِلَى الْهِلاَلِ لَوْ أَمَرَهُمْ بِتَرْكِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مَا ذَاقُوهُ . قَالَ : أَقْصِرِي مِنَ الْعَذْلِ ؛ فَلَيْسَ لَكَ عِنْدَنَا طَاعَةٌ ،(7/21)
فَرَجَعَ عُبَيْدُ اللهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَضَمَّ إِلَيْهِ الشَّهْبَاءَ وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا , وَضَمَّ إِلَيْهِ ثَمَانِيَةَ آلاَفٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ , فِيهِمْ : ذُو الْكَلاَعِ فِي حِمْيَرَ , فَقَصَدُوا يَؤُمُّونَ عَلِيًّا , فَلَمَّا رَأَتْهُمْ رَبِيعَةُ جَثَوْا عَلَى الرُّكَبِ وَشَرَعُوا الرِّمَاحَ حَتَّى إِذَا غَشُوهُمْ ثَارُوا إِلَيْهِمْ وَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ الْقِتَالِ لَيْسَ فِيهِمْ إِلاَّ الأَسَلُ وَالسُّيُوفُ , قُتِلَ عُبَيْدُ اللهِ وَقُتِلَ ذُو الْكَلاَعِ وَالَّذِي قَتَلَ عُبَيْدَ اللهِ زِيَادُ بْنُ خَصَفَةَ التَّيْمِيُّ , وَقَالَ مُعَاوِيَةُ لاِمْرَأَةِ عُبَيْدِ اللهِ : لَوْ أَتَيْتِ قَوْمَكِ فَكَلَّمْتِهِمْ فِي جَسَدِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فَرَكِبَتْ إِلَيْهِمْ وَمَعَهَا مَنْ يُجِيرُهَا , فَأَتَتْهُمْ , فَانْتَسَبَتْ , فَقَالُوا : قَدْ عَرَفْنَاكِ مَرْحَبًا بِكِ , فَمَا حَاجَتُكِ ؟ قَالَتْ : هَذَا الْجَسَدُ الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ , فَأْذَنُوا لِي فِي حَمْلِهِ.
فَوَثَبَ شَبَابٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ , فَوَضَعُوهُ عَلَى بَغْلٍ , وَشَدُّوهُ , وَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى عَسْكَرِ مُعَاوِيَةَ , فَتَلَقَّاهَا مُعَاوِيَةُ بِسَرِيرٍ , فَحَمَلَهُ عَلَيْهِ , وَحَفَرَ لَهُ , وَصَلَّى عَلَيْهِ , وَدَفَنَهُ , ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي وَيَقُولُ قُتِلَ ابْنُ الْفَارُوقِ فِي طَاعَةِ خَلِيفَتِكُمْ حَيًّا وَمَيِّتًا , فَتَرَحَّمُوا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ رَحِمَهُ , وَوَفَّقَهُ لِلْخَيْرِ.
قَالَ : تَقُولُ بَحْرِيَّةُ وَهِيَ تَبْكِي عَلَيْهِ وَبَلَغَهَا مَا يَقُولُ مُعَاوِيَةُ , فَقَالَتْ : أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ عَجَّلْتَ لَهُ يُتْمَ وَلَدِهِ , وَذَهَابَ نَفْسِهِ , ثُمَّ الْخَوْفُ عَلَيْهِ لِمَا بَعْدُ أَعْظَمُ الأَمْرِ , فَبَلَغَ مُعَاوِيَةَ كَلاَمُهَا , فَقَالَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ : أَلاَ تَرَى مَا تَقُولُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ ؟ فَأَخْبَرَهُ , فَقَالَ : وَاللَّهِ , لَعَجَبٌ لَكَ مَا تُرِيدُ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ شَيْئًا ؟ فَوَاللَّهِ لَقَدْ قَالُوا فِي خَيْرٍ مِنْكَ وَمِنَّا , فَلاَ يَقُولُونَ فِيكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ , إِنْ لَمْ تُغْضِ عَمَّا تَرَى كُنْتَ مِنْ نَفْسِكِ فِي غَمٍّ . قَالَ مُعَاوِيَةُ : هَذَا وَاللَّهِ رَأْيِي الَّذِي وَرِثْتُ مِنْ أَبِي.(7/22)
6720- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نَافِعٍ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : اخْتُلِفَ عَلَيْنَا فِي قَتْلِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ , فَقَائِلٌ يَقُولُ : قَتَلَتْهُ رَبِيعَةُ , وَقَائِلٌ يَقُولُ : قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ , وَقَائِلٌ يَقُولُ : قَتَلَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ , وَقَائِلٌ يَقُولُ : قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ.(7/22)
6721- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ , عَنْ سَعْدٍ أَبِي الْحَسَنِ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ لَيْلَةً بِصِفِّينَ فِي خَمْسِينَ رَجُلاَّ مِنْ هَمْدَانَ يُرِيدُ أَنْ يَأْتِيَ عَلِيًّا ، وَكَانَ يَوْمُنَا يَوْمًا قَدْ عَظُمَ فِيهِ الشَّرُّ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ , فَمَرَرْنَا بِرَجُلٍ أَعْوَرَ مِنْ هَمْدَانَ يُدْعَى مَذْكُورًا ، قَدْ شَدَّ مِقْوَدَ فَرَسِهِ بِرِجْلِ رَجُلٍ مَقْتُولٍ , فَوَقَفَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى الرَّجُلِ , فَسَلَّمَ , ثُمَّ قَالَ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَقَالَ : رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ , فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ : مَا تَصْنَعُ هَاهُنَا ؟ فَقَالَ : أَضْلَلْتُ أَصْحَابِي فِي هَذَا الْمَكَانِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ ؛ فَأَنَا أَنْتَظِرُ رَجْعَتَهُمْ ، قَالَ : مَا هَذَا الْقَتِيلُ ؟ قَالَ : لاَ أَدْرِي غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ شَدِيدًا عَلَيْنَا يَكْشِفْنَا كَشْفًا شَدِيدًا , وَبَيْنَ ذَلِكَ يَقُولُ أَنَا الطَّيِّبُ ابْنُ الطَّيِّبِ , وَإِذَا ضَرَبَ قَالَ : أَنَا ابْنُ الْفَارُوقِ , فَقَتَلَهُ اللَّهُ بِيَدِي , فَنَزَلَ الْحَسَنُ إِلَيْهِ , فَإِذَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ , وَإِذَا سِلاَحُهُ بَيْنَ يَدَيِ الرَّجُلِ , فَأَتَى بِهِ عَلِيًّا , فَنَفَّلَهُ عَلِيٌّ سَلَبَهُ وَقَوَّمَهُ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ.(7/22)
6722- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي رَزِينٍ , قَالَ : كُنْتُ مَعَ مَوْلاَيَ لِصِفِّينَ , فَرَأَيْتُ عَلِيًّا بَعْدَ مَا مَضَى رُبُعُ اللَّيْلِ يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ يَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ , فَأَصْبَحُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ , فَالْتَقَوْا , وَتَقَاتَلُوا أَشَدَّ الْقِتَالِ , وَالْتَقَى عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ , فَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ : أَنَا الطَّيِّبُ ابْنُ الطَّيِّبِ , فَقَالَ لَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ : أَنْتَ الْخَبِيثُ ابْنُ الطَّيِّبُ , فَقَتَلَهُ عَمَّارٌ , وَيُقَالُ : قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْحَضَارِمَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَحَدَّثَنِي غَيْرُ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ بِغَيْرِ هَذَا الإِسْنَادِ ؛ أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ قَطَعَ أُذُنَ عَمَّارٍ يَوْمَئِذٍ ، وَالثَّبِتُ عِنْدَنَا أَنَّ أُذُنَ عَمَّارٍ قُطِعَتْ يَوْمَ الْيَمَامَةِ.(7/23)
1430- مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ ابْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ وَيُكْنَى أَبَا حَمْزَةَ.
وَأُمُّهُ جُمَانَةُ بِنْتُ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ , فَوَلَدَ مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ حَمْزَةَ وَبِهِ كَانَ يُكْنَى , وَالْقَاسِمَ , وَحُمَيْدًا , وَعَبْدَ اللهِ الأَكْبَرَ ، وَهُوَ عَائِذُ اللهِ.
وَأُمُّهُ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ أَبِي عَزَّةَ الشَّاعِرِ الَّذِي قَتَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ أُحُدٍ صَبْرًا وَاسْمُ أَبِي عَزَّةَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ أُهَيْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحَ , وَعَبْدَ اللهِ وَجَعْفَرًا لاَ بَقِيَّةَ لَهُ , وَالْحَارِثَ , وَعُثْمَانَ , وَأُمَّ كُلْثُومٍ , وَأُمَّ عَبْدِ اللهِ وَأُمُّهُمْ أَمَةُ اللهِ بِنْتُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ , وَعَلِيًّا , وَمُحَمَّدًا لأُمِّ وَلَدٍ , وَأُمَّ عَبْدِ اللهِ , وَابْنَةً أُخْرَى لأُمِّ وَلَدِ . قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَمُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ ابْنُ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ , وَلاَ نَعْلَمُهُ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم شَيْئًا , وَقَدْ لَقِيَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَرَوَى عَنْهُ.(7/23)
6723- أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ , عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ , أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَآهُ ، وَهُوَ طَوِيلُ الشَّعْرِ , وَذَلِكَ فِي ذِي الْحُلَيْفَةِ . قَالَ مُحَمَّدٌ : وَأَنَا عَلَى نَاقَتِي , وَأَنَا فِي ذِي الْحَجَّةِ أُرِيدُ الْحَجَّ , فَأَمَرَنِي أَنْ أُقَصِّرَ مِنْ رَأْسِي , فَفَعَلْتُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجُ هُوَ مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ عَتَاقَةُ.(7/24)
1431- عَبْدُ اللهِ بْنُ نَوْفَلِ ابْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ.
وَأُمُّهُ ضُرَيْبَة بِنْتُ سَعِيدِ القَشِب ، وَاسْمُهُ جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَافِعِ بْنِ نَضْلَةَ بْنِ مِحْضَبِ بْنِ صَعْبِ بْنِ مُبَشِّرِ بْنِ دُهْمَانَ . مِنَ الأَزْدِ ، وَأُمُّهَا أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ سُفْيَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ خَالَةُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، وَأُمُّ سَعْدِ حَمْنَةُ بِنْتُ سُفْيَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ وُلِدَ عَبْدُ اللهِ بْنُ نَوْفَلٍ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.(7/24)
6724- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ , وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ , عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ , عَنْ أَبِي الْغَيْثِ , قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ , لَمَّا وَلِيَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ الْمَدِينَةَ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ فِي الإِمْرَةِ الأُولَى اسْتَقْضَى عَبْدَ اللهِ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِالْمَدِينَةِ , فَسَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : هَذَا أَوَّلُ قَاضٍ رَأَيْتُهُ فِي الإِسْلاَمِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَأَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ أَوَّلُ مَنْ قَضَى بِالْمَدِينَةِ لِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ يُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ وَلِيَ الْقَضَاءَ بِالْمَدِينَةِ هُوَ وَلاَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ , وَقَالَ أَهْلُ بَيْتِهِ : تُوُفِّيَ فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَنَحْنُ نَقُولُ : إِنَّهُ بَقِيَ بَعْدَ مُعَاوِيَةَ دَهْرًا , وَتُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ فِي خِلاَفَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ.(7/25)
1432- عُبَيْدُ اللهِ بْنُ نَوْفَلِ ابْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ.
6725- أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ , أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ نَوْفَلٍ ، وَسَعِيدَ بْنَ نَوْفَلٍ , وَالْمُغِيرَةَ بْنَ نَوْفَلٍ , كَانُوا مِنْ قُرَّاءِ قُرَيْشٍ , وَكَانُوا يُبَكِّرُونَ إِلَى الْجُمُعَةِ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ السَّاعَةَ الَّتِي تُرْجَى , فَنَامَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ نَوْفَلٍ , فَدُحَّ دَحَّةً , فَقِيلَ : هَذِهِ السَّاعَةُ الَّتِي تُرِيدُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ , فَإِذَا مِثْلُ غَمَامَةٍ تَصْعَدُ فِي السَّمَاءِ وَذَلِكَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ ، وَقَدْ قَالَ حَمَّادٌ : فَدُحَّ فِي ظَهْرِهِ دَحَّةً.(7/26)
1433- الْمُغِيرَةُ بْنُ نَوْفَلِ ابْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ.
وَأُمُّهُ ضَرِيبَةُ بِنْتُ سَعِيدِ بْنِ الْقِشْبِ وَاسْمُهُ جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَافِعِ بْنِ نَضْلَةَ بْنِ مِحْضَبِ بْنِ صَعْبِ بْنِ مُبَشِّرِ بْنِ دُهْمَانَ مِنَ الأَزْدِ , فَوَلَدَ الْمُغِيرَةُ أَبَا سُفْيَانَ لاَ بَقِيَّةَ لَهُ.
وَأُمُّهُ آمِنَةُ ابْنَةُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ , وَعَبْدَ الْمَلِكِ , وَعَبْدَ الْوَاحِدِ وَأُمُّهُمَا أُمُّ وَلَدٍ , وَسِعِيدًا , وَلُوطًا , وَإِسْحَاقَ , وَصَالِحًا , وَرَبِيعَةَ , وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ لأُمَّهَاتِ أَوْلاَدٍ شَتَّى , وَعَبْدَ اللهِ , وَعَوْنًا لأُمِّ وَلَدٍ , وَأُمَامَةَ , وَأُمَّ الْمُغِيرَةِ وَأُمُّهُمَا بِنْتُ هَمَّامِ بْنِ مُطَرِّفٍ مِنْ بَنِي عَقِيلٍ.(7/26)
6726- أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ , أَنَّ كَعْبًا أَخَذَ بِيَدِ الْمُغِيرَةِ بْنِ نَوْفَلٍ , فَقَالَ : اشْفَعْ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، قَالَ : فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ , وَقَالَ : وَمَا أَنَا , إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ . قَالَ : فَأَخَذَ بِيَدِهِ , فَغَمَزَهَا غَمْزًا شَدِيدًا , وَقَالَ : مَا مِنْ مُؤْمِنٍ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ إِلاَّ وَلَهُ شَفَاعَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , ثُمَّ قَالَ : اذْكُرْ هَذَا بِهَذَا.(7/27)
6727- أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ الصَّلْتِ الْمُؤَذِّنُ , قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ نَوْفَلٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : أَخَذَ بِيَدِي كَعْبُ الأَحْبَارِ فَعَصَرَهَا , ثُمَّ قَالَ : أَخْتَبِئُ هَذِهِ عِنْدَكَ لِتَذْكُرَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ . قَالَ : وَمَا أَذْكُرُ مَنْهَا ؟ قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَبْدَأَنَّ مُحَمَّدٌ بِالشَّفَاعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالأَقْرَبِ فَالأَقْرَبِ.(7/27)
1434- سَعِيدُ بْنُ نَوْفَلِ ابْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ.
وَأُمُّهُ ضَرِيبَةُ بِنْتُ سَعِيدِ بْنِ الْقِشْبِ وَاسْمُهُ جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَافِعِ بْنِ نَضْلَةَ بْنِ مِحْضَبِ بْنِ صَعْبِ بْنِ مُبَشِّرِ بْنِ دُهْمَانَ مِنَ الأَزْدِ , فَوَلَدَ سَعِيدُ بْنُ نَوْفَلٍ إِسْحَاقَ الأَكْبَرَ , وَحَنْظَلَةَ , وَالْوَلِيدَ , وَسُلَيْمَانَ , وَالأَشْعَثَ , وَأُمَّ سَعِيدٍ وَاسْمُهَا أَمَةُ , وَأُمُّهُمْ أُمُّ الْوَلِيدِ بِنْتُ أَبِي خَرَشَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِنْ بَنِي حَبَشِيَّةَ مِنْ خُزَاعَةَ , وَإِسْحَاقَ الأَصْغَرَ , وَيَعْقُوبَ , وَأُمَّ عَبْدِ اللهِ , وَأُمَّ إِسْحَاقَ وَهُمْ لأُمَّهَاتِ أَوْلاَدٍ , وَرُقَيَّةَ وَأُمُّهَا أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ . قَالَ : وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ نَوْفَلٍ فَقِيهًا عَابِدًا.(7/27)
1435- عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ ابْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ.
وَأُمُّهُ هِنْدُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ , وُلِدَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , فَأَتَتْ بِهِ أُمُّهُ هِنْدُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ أُخْتَهَا أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ زَوْجَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ , فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ , فَقَالَ : مَا هَذَا يَا أُمَّ حَبِيبَةَ ؟ قَالَتْ : هَذَا ابْنُ عَمِّكِ وَابْنُ أُخْتِي هَذَا ابْنُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ , وَابْنُ هِنْدَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ . قَالَ : فَتَفَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي فِيهِ , وَدَعَا لَهُ.
فَوَلَدَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ : عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ , وَمُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ وَأُمُّهُمَا خَالِدَةُ بِنْتُ مُعَتِّبِ بْنِ أَبِي لَهَبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأُمُّهَا عَاتِكَةُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأُمُّهَا أُمُّ عَمْرٍو بِنْتُ الْمُقَوِّمِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ , وَإِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللهِ , وَعُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ ، وَهُوَ الأُرْجُوَانُ , وَالْفَضْلَ بْنَ عَبْدِ اللهِ , وَأُمَّ الْحَكَمِ بِنْتَ عَبْدِ اللهِ وَلَدَتْ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَحْيَى , وَمُحَمَّدًا دَرَجًا وَالْعَالِيَةَ بَنِي مُحَمَّدٍ , وَأُمَّ أَبِيهَا بِنْتَ عَبْدِ اللهِ , وَزَيْنَبَ بِنْتَ عَبْدِ اللهِ , وَأُمَّ سَعِيدٍ بِنْتَ عَبْدِ اللهِ , وَأُمَّ جَعْفَرٍ وَأُمُّهُمْ أُمُّ عَبْدِ اللهِ بِنْتُ الْعَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ , وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللهِ.
وَأُمُّهُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ أَبِي رِفَاعَةَ بْنِ عَابِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ , وَعَوْنَ بْنَ عَبْدِ اللهِ.
وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ , وَضَرِيبَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ لأُمِّ وَلَدٍ , وَخَالِدَةَ بِنْتَ عَبْدِ اللهِ لأُمِّ وَلَدٍ , وَأُمَّ عَمْرٍو وَهِنْدًا بِنْتَيْ عَبْدِ اللهِ لأُمِّ وَلَدٍ.(7/28)
6728- أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ ؛ أَنَّهُ كَانَ عَلَى مَكَّةَ زَمَنَ عُثْمَانَ.(7/29)
6729- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ , عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ , عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ , قَالَ : زَوَّجَنِي أَبِي فِي إِمَارَةِ عُثْمَانَ , فَدَعَا نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , فَجَاءَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ شَيْخٌ كَبِيرٌ , فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ : انْهَسُوا اللَّحْمَ نَهْسًا ؛ فَإِنَّهُ أَهْنَأُ وَأَمْرَأُ ، أَوْ أَشْهَى وَأَمْرَأُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ , وَسَمِعَ مِنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ خُطْبَتَهُ بِالْجَابِيَةِ , وَسَمِعَ مِنَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ , وَمِنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ , وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ , وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ , وَمِنْ أَبِيهِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ ، وَكَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ قَدْ تَحَوَّلَ إِلَى الْبَصْرَةِ مَعَ أَبِيهِ , وَابْتَنَى بِهَا دَارًا ، وَكَانَ يُلَقَّبُ بَبَّةَ , فَلَمَّا كَانَ أَيَّامُ مَسْعُودِ بْنِ عَمْرٍو وَخَرَجَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْبَصْرَةِ , وَاخْتَلَفَ النَّاسُ بَيْنَهُمْ , وَتَدَاعَتِ الْقَبَائِلُ وَالْعَشَائِرُ أَجْمَعُوا أَمَرَهُمْ , فَوَلُّوا عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ صَلاَتَهُمْ وَفَيْأَهُمْ , وَكَتَبُوا بِذَلِكَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ إِنَّا قَدْ رَضِينَا بِهِ , فَأَقَرَّهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الْبَصْرَةِ , وَصَعِدَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ الْمِنْبَرَ , فَلَمْ يَزَلْ يُبَايِعُ النَّاسُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ حَتَّى نَعَسَ , فَجَعَلَ يُبَايِعُهُمْ ، وَهُوَ نَائِمٌ مَادٌّ يَدَهُ , فَقَالَ سُحَيْمُ بْنُ وَثِيلٍ الْيَرْبُوعِيُّ :
بَايَعْتُ أَيْقَاظًا وَأَوْفَيْتُ بَيْعَتِي ... وَبَبَّةُ قَدْ بَايَعْتُهُ ، وَهُوَ نَائِمٌ
فَلَمْ يَزَلْ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ عَامِلاَّ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى الْبَصْرَةِ سَنَةً , ثُمَّ عَزَلَهُ , وَاسْتَعْمَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيَّ , وَخَرَجَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ إِلَى عُمَانَ , فَمَاتَ بِهَا.(7/29)
1436- سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ ابْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ غَانِمِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَوِيجِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ.
وَأُمُّهُ الشِّفَاءُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ خَلَفِ بْنِ صُدَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَاحِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ
فَوَلَدَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ : أَبَا بَكْرٍ , وَعِكْرِمَةَ , وَمُحَمَّدًا وَأُمُّهُمْ أَمَةُ اللهِ بِنْتُ الْمُسَيَّبِ بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ عَابِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ , وَعُثْمَانَ بْنَ سُلَيْمَانَ.
وَأُمُّهُ مَيْمُونَةُ بِنْتُ قَيْسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ رِبْعَانَ بْنِ حُرْثَانَ بْنِ نَصْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَيْنِ بْنِ فَهْمٍ . وُلِدَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، وَكَانَ رَجُلاَّ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يَؤُمَّ النِّسَاءَ , وَقَدْ سَمِعَ مِنَ عُمَرَ.(7/30)
6730- أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ كَانَ يَؤُمُّ النِّسَاءَ فِي عَهْدِ عُمَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ.(7/30)
6731- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : (ح) وَحَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَمَرَ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ أَنْ يَقُومَ لِلنِّسَاءِ.(7/30)
6732- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ , عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْعَنْسِيِّ , أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ كَانَا يَقُومَانِ فِي مَقَامِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يُصَلِّيَانِ بِالرِّجَالِ , وَأَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ كَانَ يَقُومُ بِالنِّسَاءِ فِي رَحَبَةِ الْمَسْجِدِ , فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ جَمَعَ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ ، وَكَانَ يَأْمُرُ النِّسَاءَ , فَيُحْبَسْنَ حَتَّى يَمْضِيَ الرِّجَالُ , ثُمَّ يُرْسَلْنَ.(7/30)
1437- رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الْهُدَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَامِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ.
وَأُمُّهُ سُمَيَّةُ بِنْتُ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَضْلَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَوِيجِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ فَوَلَدَ رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَبْدَ اللهِ , وَأُمَّ جَمِيلٍ لأُمِّ وَلَدٍ , وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ , وَعُثْمَانَ , وَهَارُونَ , وَعِيسَى , وَمُوسَى , وَيَحْيَى , وَصَالِحًا لأُمَّهَاتِ أَوْلاَدٍ شَتَّى , وُلِدَ رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْهُدَيْرِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ , وَرَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ , وَعُمَرَ ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.(7/31)
6733- أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ , سَمِعَ رَبِيعَةَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْهُدَيْرِ , يَقُولُ : رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقْدُمُ النَّاسَ أَمَامَ جِنَازَةِ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ.(7/31)
1438- وَأَخُوهُ : الْمُنْكَدِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الْهُدَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَامِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ.
وَأُمُّهُ سُمَيَّةُ بِنْتُ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَضْلَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَوِيجِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ , فَوَلَدَ الْمُنْكَدِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عُبَيْدَ اللهِ , وَأُمَّ عُبَيْدِ اللهِ وَأُمُّهُمَا سَعْدَةُ ابْنَةُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ شِهَابٍ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ وَمُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ الْفَقِيهَ , وَعُمَرَ , وَأَبَا بَكْرٍ , وَأُمَّ يَحْيَى لأُمَّهَاتِ أَوْلاَدٍ.
قَالَ : وَرَوَى حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ قَالَ : دَخَلَ الْمُنْكَدِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَلَى عَائِشَةَ , فَقَالَتْ : لَكَ وَلَدٌ ؟ قَالَ : لاَ , فَقَالَتْ : لَوْ كَانَ عِنْدِي عَشَرَةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ لَوَهَبْتُهَا لَكَ قَالَ : فَمَا أَمْسَتْ حَتَّى بَعَثَ إِلَيْهَا مُعَاوِيَةُ بِمَالٍ , فَقَالَتْ : مَا أَسْرَعَ مَا ابْتُلِيتُ وَبَعَثَتْ إِلَى الْمُنْكَدِرِ بِعَشَرَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ , فَاشْتَرَى مِنْهَا جَارِيَةً فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ مُحَمَّدٍ وَعُمَرَ وَأَبِي بَكْرٍ.(7/31)
1439- عَبْدُ اللهِ بْنُ عَيَّاشِ ابْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ.
وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ ابْنَةُ سَلاَمَةَ بْنِ مُخَرِّبَةَ بْنِ جَنْدَلِ بْنِ أُبَيْرِ بْنِ نَهْشَلِ بْنِ دَارِمٍ , فَوَلَدَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَيَّاشٍ الْحَارِثَ , وَأَمَةَ اللهِ وَأُمُّهُمَا هِنْدُ بِنْتُ مُطَرِّفِ بْنِ سَلاَمَةَ بْنِ مُخَرِّبَةَ بْنِ جَنْدَلِ بْنِ أُبَيْرِ بْنِ نَهْشَلِ بْنِ دَارِمٍ . وُلِدَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَيَّاشٍ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ , وَلاَ نَعْلَمُهُ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم شَيْئًا , وَقَدْ رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَلَهُ دَارٌ بِالْمَدِينَةِ.(7/32)
1440- الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ.
وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ , فَوَلَدَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَبْدَ اللهِ.
وَأُمُّهُ أُمُّ عَبْدِ الْغَفَّارِ ابْنَةُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ , وَعَبْدَ الْمَلِكِ , وَعَبْدَ الْعَزِيزِ , وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ , وَأُمَّ حَكِيمٍ , وَحَنْتَمَةَ وَأُمُّهُمْ حَنْتَمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ , وَمُحَمَّدًا , وَعُمَرَ , وَسَعْدًا , وَأَبَا بَكْرٍ , وَأُمَّ فَرْوَةَ , وَقَرِيبَةَ , وَأُبَيَّةَ , وَأَسْمَاءَ وَأُمُّهُمْ عَائِشَةُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَبَلَةَ مِنْ كِنْدَةَ , وَعَيَّاشَ بْنَ الْحَارِثِ لأُمِّ وَلَدٍ , وَعُمَرَ لأُمِّ وَلَدٍ , وَأُمَّ دَاوُدَ , وَأُمَّ الْحَارِثِ وَأُمُّهُمَا أُمُّ أَبَانَ بِنْتُ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحُصَيْنِ ذِي الْغُصَّةِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ شَدَّادِ بْنِ قَنَانٍ الْحَارِثِيِّ , وَأُمَّ مُحَمَّدٍ , وَأَمَةَ الرَّحْمَنِ وَأُمُّهُمَا أُمُّ أَيُّوبَ ابْنَةُ عَبْدِ اللهِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ , وَفَاطِمَةَ وَأُمُّهَا أُمُّ وَلَدٍ , وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ , وَعَبْدَ اللهِ الأَكْبَرَ وَأُمُّهُمَا عَاتِكَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيِّ .(7/32)
اسْتَعْمَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَلَى الْبَصْرَةِ ، وَكَانَ رَجُلاَّ سَهَّاكًا , فَمَرَّ بِمِكْيَالٍ بِالْبَصْرَةِ , فَقَالَ : إِنَّ هَذَا لَقُبَاعٌ صَالِحٌ , فَلَقَّبُوهُ الْقُبَاعَ ، وَكَانَ خَطِيبًا عَفِيفًا ، وَكَانَ فِيهِ سَوَادٌ ؛ لأَنَّ أُمَّهُ كَانَتْ حَبَشِيَّةً نَصْرَانِيَّةً , فَمَاتَتْ , فَشَهِدَهَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ , وَشَهِدَهَا مَعَهُ النَّاسُ , فَكَانُوا نَاحِيَةً , وَجَاءَ أَهْلُ دِينِهِمْ , فَوَلُّوهَا , وَشَهِدَهَا مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ , وَكَانُوا عَلَى حِدَةٍ , وَفِيهِ يَقُولُ أَبُو الأَسْوَدِ الدَّيلِيُّ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ :
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَبَا بُكَيْرٍ ... أَرِحْنَا مِنْ قُبَاعِ بَنِي الْمُغِيرَةْ
حَمِدْنَاهُ وَلُمْنَاهُ , فَأَعْيَا ... عَلَيْنَا مَا يُمِرُّ لَنَا مَرِيرُهْ
سِوَى أَنَّ الْفَتَى نُكَحٌ أَكُولٌ ... وَسَهَّاكٌ مَخَاطِبَهُ كَثِيرُهْ
كَأَنَّا حِينَ جِئْنَاهُ أَطَفْنَا ... بِضِبْعَانَ تَوَرَّطَ فِي حَظِيرَةْ
قَالَ : فَعَزَلَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ الْبَصْرَةِ , وَكَانَتْ وِلاَيَتُهُ عَلَيْهَا سَنَةً , وَاسْتَعْمَلَ مَكَانَهُ مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ , فَقَدِمَ الْبَصْرَةَ , ثُمَّ تَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ إِلَى الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ.(7/33)
1441- سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ ابْنِ سَعِيدِ أَبِي أُحَيْحَةَ سَعِيد بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ.
وَأُمُّهُ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَيْسِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَأُمُّهَا أُمُّ حَبِيبِ ابْنَةُ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ , فَوَلَدَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ : عُثْمَانَ الأَكْبَرَ ، دَرَجَ , وَمُحَمَّدًا , وَعَمْرًا , وَعَبْدَ اللهِ الأَكْبَرَ ، دَرَجَ , وَالْحَكَمَ ، دَرَجَ ، وَأُمُّهُمْ أُمُّ الْبَنِينَ ابْنَةُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ , وَعَبْدَ اللهِ بْنَ سَعِيدٍ.
وَأُمُّهُ أُمُّ حَبِيبٍ بِنْتُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلٍ , وَيَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ , وَأَيُّوبَ دَرَجَ وَأُمُّهُمَا الْعَالِيَةُ ابْنَةُ سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مَشْجَعَةَ بْنِ الْمَجْمَعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ حَرِيمِ بْنِ جُعْفِيِّ بْنِ سَعْدِ الْعَشِيرَةِ مِنْ مَذْحِجٍ ، وَأَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ , وَخَالِدًا , وَالزُّبَيْرَ دَرَجَا وَأُمُّهُمْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ سُفْيَانَ بْنِ عُوَيْفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ هِلاَلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ ،(7/33)
وَعُثْمَانَ الأَصْغَرَ بْنَ سَعِيدٍ , وَدَاوُدَ , وَسُلَيْمَانَ , وَمُعَاوِيَةَ , وَآمِنَةَ وَأُمُّهُمْ أُمُّ عَمْرِو ابْنَةُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَأُمُّهَا رَمْلَةُ بِنْتُ شَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ ، وَسُلَيْمَانَ الأَصْغَرَ بْنَ سَعِيدٍ.
وَأُمُّهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِنْتُ حَبِيبِ بْنِ بُجَيْرِ بْنِ عَامِرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلاَبِ ، وَسَعِيدَ بْنَ سَعِيدٍ.
وَأُمُّهُ مَرْيَمُ بِنْتُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَأُمُّهَا نَائِلَةُ بِنْتُ الْفُرَافِصَةِ بْنِ الأَحْوَصِ مِنْ كَلْبٍ , وَعَنْبَسَةَ بْنَ سَعِيدٍ لأُمِّ وَلَدٍ , وَعُتْبَةَ بْنَ سَعِيدٍ لأُمِّ وَلَدٍ , وَعُتْبَةَ بْنَ سَعِيدٍ وَمَرْيَمَ وَأُمُّهُمَا أُمُّ وَلَدٍ.
وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعِيدٍ.
وَأُمُّهُ بِنْتُ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عُلاَثَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ الأَحْوَصِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلاَبِ , وَجَرِيرَ بْنَ سَعِيدٍ , وَأُمَّ سَعِيدٍ ابْنَةَ سَعِيدٍ وَأُمُّهُمَا عَائِشَةُ بِنْتُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ , وَرَمْلَةَ بِنْتَ سَعِيدٍ , وَأُمَّ عُثْمَانَ بِنْتَ سَعِيدٍ , وَأُمَيْمَةَ بِنْتَ سَعِيدٍ وَأُمُّهُنَّ أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَامِرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ ذُبْيَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ يَشْكُرَ مِنْ بَجِيلَةَ وَهِيَ أُخْتُ أَبِي أَرَاكَةَ وَأمهَا الرُّوَاعُ ابْنَةُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ ,(7/34)
وَحَفْصَةَ بِنْتَ سَعِيدٍ , وَعَائِشَةَ الْكُبْرَى , وَأُمَّ عَمْرٍو , وَأُمَّ يَحْيَى , وَفَاخِتَةَ , وَأُمَّ حَبِيبٍ الْكُبْرَى , وَأُمَّ حَبِيبٍ الصُّغْرَى , وَأُمَّ كُلْثُومٍ , وَسَارَةَ , وَأُمَّ دَاوُدَ , وَأُمَّ سُلَيْمَانَ , وَأُمَّ إِبْرَاهِيمَ , وَحَمِيدَةَ وَهُنَّ لأُمَّهَاتِ أَوْلاَدٍ شَتَّى , وَعَائِشَةَ الصُّغْرَى ابْنَةَ سَعِيدٍ وَأُمُّهَا أُمُّ حَبِيبِ ابْنَةُ بُجَيْرِ بْنِ عَامِرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلاَبٍ.
قَالوا : وَقُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ أَوْ نَحْوِهَا , وَذَلِكَ أَنَّ أَبَاهُ الْعَاصَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا.
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ : مَا لِي أَرَاكَ مُعْرِضًا كَأَنَّكَ تَرَى أَنِّي قَتَلْتُ أَبَاكَ , مَا أَنَا قَتَلْتُهُ ، وَلَكِنَّهُ قَتَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ , وَلَوْ قَتَلْتُهُ مَا اعْتَذَرْتُ مِنْ قَتْلِ مُشْرِكٍ , وَلَكِنِّي قَتَلْتُ خَالِي بِيَدِي الْعَاصَ بْنَ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ , فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , لَوْ قَتَلْتَهُ كُنْتَ عَلَى حَقٍّ ، وَكَانَ عَلَى بَاطِلٍ . فَسَرَّ ذَلِكَ عُمَرَ مِنْهُ.(7/35)
6734- قَالَ : أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ الأَغَرِّ , وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ , قَالاَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ , عَنْ جَدِّهِ ؛ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ أَتَى عُمَرَ يَسْتَزِيدُهُ فِي دَارِهِ الَّتِي بِالْبَلاَطِ , وَخَطَّطَ أَعْمَامَهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , فَقَالَ عُمَرُ صَلِّ مَعِي الْغَدَاةَ وَغَبِّشْ , ثُمَّ أَذْكِرْنِي حَاجَتَكَ . قَالَ فَفَعَلْتُ حَتَّى إِذَا هُوَ انْصَرَفَ قُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , حَاجَتِي الَّتِي أَمَرْتَنِي أَنْ أَذْكُرَهَا لَكَ . قَالَ : فَوَثَبَ مَعِي , ثُمَّ قَالَ : امْضِ نَحْوَ دَارِكَ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَيْهَا فَزَادَنِي , وَخَطَّ لِي بِرِجْلِهِ , فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , زِدْنِي ، فَإِنَّهُ نَبَتَتْ لِي نَابِتَةٌ مِنْ وَلَدٍ وَأَهْلٍ , فَقَالَ : حَسْبُكَ , وَاخْتَبِئْ عِنْدَكَ أَنْ سَيَلِيَ الأَمْرَ بَعْدِي مَنْ يَصِلُ رَحِمَكَ وَيَقْضِي حَاجَتَكَ . قَالَ : فَمَكَثْتُ خِلاَفَةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ وَأَخَذَهَا عَنْ شُورَى وَرِضًى , فَوَصَلَنِي , وَأَحْسَنَ , وَقَضَى حَاجَتِي , وَأَشْرَكَنِي فِي أَمَانَتِهِ.
قَالُوا : وَلَمْ يَزَلْ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ فِي نَاحِيَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ لِلْقَرَابَةِ فَلَمَّا عَزَلَ عُثْمَانُ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ عَنِ الْكُوفَةِ دَعَا سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ , وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهَا , فَلَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ قَدِمَهَا شَابًّا مُتْرَفًا لَيْسَتْ لَهُ سَابِقَةٌ , فَقَالَ : لاَ أَصْعَدُ الْمِنْبَرَ حَتَّى يُطَهَّرَ , فَأَمَرَ بِهِ فَغُسِلَ , ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ , فَخَطَبَ أَهْلَ الْكُوفَةِ , وَتَكَلَّمَ بِكَلاَمٍ قَصَّرَ بِهِمْ فِيهِ , وَنَسَبَهُمْ إِلَى الشِّقَاقِ وَالْخِلاَفِ , فَقَالَ : إِنَّمَا هَذَا السَّوَادُ بُسْتَانٌ لأُغَيْلِمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ , فَشَكَوْهُ إِلَى عُثْمَانَ , فَقَالَ : كُلَّمَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَمِيرِهِ جَفْوَةً أَرَادَنَا أَنْ نَعْزِلَهُ .(7/35)
وَقَدِمَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ الْمَدِينَةَ وَافِدًا عَلَى عُثْمَانَ , فَبَعَثَ إِلَى وُجُوهِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ بِصِلاَتٍ وَكُسًى , وَبَعَثَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَيْضًا , فَقَبِلَ مَا بَعَثَ إِلَيْهِ , وَقَالَ عَلِيٌّ : إِنَّ بَنِي أُمَيَّةَ لَيُفَوِّقُونِي تُرَاثَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم تَفَوُّقًا , وَاللَّهِ لَئِنْ بَقِيتُ لَهُمْ لأَنْفُضَنَّهُمْ مِنْ ذَلِكَ نَفْضَ الْقَصَّابِ التُّرَابَ الْوَذِمَةَ , ثُمَّ انْصَرَفَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ إِلَى الْكُوفَةِ , فَأَضَرَّ بِأَهْلِهَا إِضْرَارًا شَدِيدًا , وَعَمِلَ عَلَيْهَا خَمْسَ سِنِينَ إِلاَّ أَشْهُرًا.
وَقَالَ مَرَّةً بِالْكُوفَةِ : مَنْ رَأَى الْهِلاَلَ مِنْكُمْ , وَذَلِكَ فِي فِطْرِ رَمَضَانَ ؟ فَقَالَ الْقَوْمُ : مَا رَأَيْنَاهُ , فَقَالَ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ : أَنَا رَأَيْتُهُ , فَقَالَ لَهُ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ : بِعَيْنِكَ هَذِهِ الْعَوْرَاءِ رَأَيْتَهُ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ ؟ فَقَالَ هَاشِمٌ : تُعَيِّرُنِي بِعَيْنِي , وَإِنَّمَا فُقِئَتْ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَكَانَتْ عَيْنُهُ أُصِيبَتْ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ , ثُمَّ أَصْبَحَ هَاشِمٌ فِي دَارِهِ مُفْطِرًا وَغَدَّى النَّاسَ عِنْدَهُ , فَبَلَغَ ذَلِكَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ , فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَضَرَبَهُ , وَحَرَّقَ دَارَهُ , فَخَرَجَتْ أُمُّ الْحَكَمِ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ , وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ , وَنَافِعُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ مِنَ الْكُوفَةِ حَتَّى قَدِمَا الْمَدِينَةَ , فَذَكَرَا لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مَا صَنَعَ سَعِيدٌ بِهَاشِمٍ , فَأَتَى سَعْدٌ عُثْمَانَ , فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ عُثْمَانُ : سَعِيدٌ لَكُمْ بِهَاشِمٍ اضْرِبُوهُ بِضَرْبِهِ , وَدَارُ سَعِيدٍ لَكُمْ بِدَارِ هَاشِمٍ فَأَحْرِقُوهَا كَمَا حَرَّقَ دَارَهَ , فَخَرَجَ عُمَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلاَمٌ يَسْعَى حَتَّى أَشْعَلَ النَّارَ فِي دَارِ سَعِيدٍ بِالْمَدِينَةِ.
فَبَلَغَ الْخَبَرُ عَائِشَةَ , فَأَرْسَلَتْ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ تَطْلُبُ إِلَيْهِ وَتَسْأَلُهُ أَنْ يَكُفَّ , فَفَعَلَ وَرَحَلَ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى عُثْمَانَ الأَشْتَرُ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ ,(7/36)
وَيَزِيدُ بْنُ مُكَفَّفٍ , وَثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ , وَكُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ النَّخَعِيُّ , وَزَيْدٌ وَصَعْصَعَةُ ابْنَا صُوحَانَ العَبْدِيَّانِ , وَالْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَعْوَرُ , وَجُنْدُبُ بْنُ زُهَيْرٍ وَأَبُو زَيْنَبَ الأَزْدِيَّانِ وَأَصْغَرُ بْنُ قَيْسٍ الْحَارِثِيُّ يَسْأَلُونَهُ عَزْلَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَنْهُمْ.
وَرَحَلَ سَعِيدٌ وَافِدًا عَلَى عُثْمَانَ , فَوَافَقَهُمْ عِنْدَهُ , فَأَبَى عُثْمَانُ أَنْ يَعْزِلَهُ عَنْهُمْ وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى عَمَلِهِ , فَخَرَجَ الأَشْتَرُ مِنْ لَيْلَتِهِ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ , فَسَارَ عَشْرَ لَيَالٍ إِلَى الْكُوفَةِ , فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ , فَقَالَ : هَذَا سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ قَدْ أَتَاكُمْ يَزْعُمُ أَنَّ هَذَا السَّوَادَ بُسْتَانٌ لأُغَيْلِمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ . وَالسَّوَادُ مَسَاقِطُ رُؤُسِكُمْ , وَمَرَاكِزُ رِمَاحِكُمْ , وَفَيْؤُكُمْ وَفَيْءُ آبَائِكُمْ , فَمَنْ كَانَ يَرَى لِلَّهِ عَلَيْهِ حَقًّا فَلْيَنْهَضْ إِلَى الْجَرَعَةِ. فَخَرَجَ النَّاسُ فَعَسْكَرُوا بِالْجَرَعَةِ وَهِيَ بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالْحِيرَةِ , وَأَقْبَلَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ حَتَّى نَزَلَ الْعُذَيْبَ , فَدَعَا الأَشْتَرُ يَزِيدَ بْنَ قَيْسٍ الأَرْحَبِيَّ , وَعَبْدَ اللهِ بْنَ كِنَانَةَ الْعَبْدِيَّ وَكَانَا مِحْرَبَيْنِ , فَعَقَدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى خَمْسِمِئَةِ فَارِسٍ , وَقَالَ لَهُمَا : سِيرَا إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ , فَأَزْعِجَاهُ وَأَلْحِقَاهُ بِصَاحِبِهِ , فَإِنْ أَبَى فَاضْرِبَا عُنُقَهُ , وَأْتِيَانِي بِرَأْسِهِ , فَأَتَيَاهُ , فَقَالاَ لَهُ : ارْحَلْ إِلَى صَاحِبِكَ , فَقَالَ : إِبِلِي أَنْضَاءُ أَعْلِفُهَا أَيَّامًا , وَنَقْدَمُ الْمِصْرَ , فَنَشْتَرِي حَوَائِجَنَا , وَنَتَزَوَّدُ , ثُمَّ أَرْتَحِلُ , فَقَالاَ : لاَ وَاللَّهِ وَلاَ سَاعَةَ , لَتَرْتَحِلَنَّ أَوْ لَنَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ.(7/37)
فَلَمَّا رَأَى الْجِدَّ مِنْهُمَا ارْتَحَلَ لاَحِقًا بِعُثْمَانَ , وَأَتَيَا الأَشْتَرَ , فَأَخْبَرَاهُ , وَانْصَرَفَ الأَشْتَرُ مِنْ مُعَسْكَرِهِ إِلَى الْكُوفَةِ , فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ , فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ : وَاللَّهِ : يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ , مَا غَضِبْتُ إِلاَّ لِلَّهِ وَلَكُمْ , وَقَدْ أَلْحَقْنَا هَذَا الرَّجُلَ بِصَاحِبِهِ , وَقَدْ وَلَّيْتُ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ صَلاَتَكُمْ وَثَغْرَكُمْ وَحُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ عَلَى فَيْئِكُمْ , ثُمَّ نَزَلَ , وَقَالَ : يَا أَبَا مُوسَى , اصْعَدْ , فَقَالَ أَبُو مُوسَى : مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ , وَلَكِنْ هَلُمُّوا فَبَايِعُوا لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ , وَجَدِّدُوا لَهُ الْبَيْعَةَ فِي أَعْنَاقِكُمْ , فَأَجَابَهُ النَّاسُ إِلَى ذَلِكَ , فَقَبِلَ وِلاَيَتَهُمْ , وَجَدَّدَ الْبَيْعَةَ لِعُثْمَانَ فِي رِقَابِهِمْ , وَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ بِمَا صَنَعَ , فَأَعْجَبَ ذَلِكَ عُثْمَانَ وَسَرَّهُ , فَقَالَ عُتْبَةُ بْنُ الْوَغْلِ التَّغْلِبِيُّ شَاعِرُ أَهْلِ الْكُوفَةِ :
تَصَدَّقْ عَلَيْنَا ابْنَ عَفَّانَ وَاحْتَسِبْ ... وَأَمِّرْ عَلَيْنَا الأَشْعَرِيَّ لَيَالِيَا
فَقَالَ عُثْمَانُ : نَعَمْ وَشُهُورًا وَسِنِينَ إِنْ بَقِيتُ.
وَكَانَ الَّذِي صَنَعَ أَهْلُ الْكُوفَةِ بِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَوَّلَ وَهْنٍ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ حِينَ اجْتُرِئَ عَلَيْهِ , وَلَمْ يَزَلْ أَبُو مُوسَى وَالِيًا لِعُثْمَانَ عَلَى الْكُوفَةِ حَتَّى قُتِلَ عُثْمَانُ , وَلَمْ يَزَلْ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ حِينَ رَجَعَ عَنِ الْكُوفَةِ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى وَثَبَ النَّاسُ بِعُثْمَانَ , فَحَصَرُوهُ , فَلَمْ يَزَلْ سَعِيدٌ مَعَهُ فِي الدَّارِ يَلْزَمُهُ فِيمَنْ يَلْزَمُهُ لَمْ يُفَارِقْهُ وَيُقَاتِلُ دُونَهُ.(7/38)
6735- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَاعِدَةَ , قَالَ : جَاءَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ إِلَى عُثْمَانَ , فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , إِلَى مَتَى تُمْسِكَ بِأَيْدِينَا ؟ قَدْ أَكَلَنَا أَكْلاَّ هَؤُلاَءِ الْقَوْمُ ، مِنْهُمْ مَنْ قَدْ رَمَانَا بِالنَّبْلِ , وَمِنْهُمْ مَنْ قَدْ رَمَانَا بِالْحِجَارَةِ , وَمِنْهُمْ شَاهِرٌ سَيْفَهُ , فَمُرْنَا بِأَمْرِكَ , فَقَالَ عُثْمَانُ : إِنِّي وَاللَّهِ , مَا أُرِيدُ قِتَالَهُمْ , وَلَوْ أَرَدْتُ قِتَالَهُمْ لَرَجَوْتُ أَنْ أَمْتَنِعَ مِنْهُمْ وَلَكِنِّي أَكِلُهُمْ إِلَى اللهِ , وَأَكِلُ مِنَ أَلَّبَهُمْ عَلَيَّ إِلَى اللهِ ، فَإِنَّا سَنَجْتَمِعُ عِنْدَ رَبِّنَا , فَأَمَّا قِتَالٌ فَوَاللَّهِ مَا آمُرُكَ بِقِتَالٍ , فَقَالَ سَعِيدٌ : وَاللَّهِ لاَ أَسْأَلُ عَنْكَ أَحَدًا أَبَدًا فَخَرَجَ , فَقَاتَلَ حَتَّى أُمَّ.(7/38)
6736- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ الْقَاسِمِ , عَنْ مُصْعَبِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ , قَالَ : حَدَّثَنِي مَنْ رَأَى سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ يَوْمَئِذٍ يُقَاتِلُ , فَضَرَبَهُ رَجُلٌ يَوْمَئِذٍ ضَرْبَةً مَأْمُومَةً , فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ الرَّعْدَ , فَيُغْشَى عَلَيْهِ.
قَالُوا : فَلَمَّا خَرَجَ طَلْحَةُ , وَالزُّبَيْرُ , وَعَائِشَةُ مِنْ مَكَّةَ يُرِيدُونَ الْبَصْرَةَ خَرَجَ مَعَهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ , وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَتَّابِ بْنِ أُسَيْدٍ , وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ , فَلَمَّا نَزَلُوا مَرَّ الظَّهْرَانِ ، وَيُقَالُ : ذَاتُ عِرْقٍ ، قَامَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ , فَإِنَّ عُثْمَانَ عَاشَ فِي الدُّنْيَا حَمِيدًا , وَخَرَجَ مِنْهَا فَقِيدًا , وَتُوُفِّيَ سَعِيدًا شَهِيدًا , فَضَاعَفَ اللَّهُ حَسَنَاتِهِ , وَحَطَّ سَيِّئَاتِهِ , وَرَفَعَ دَرَجَاتِهِ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا , وَقَدْ زَعَمْتُمْ أَيُّهَا النَّاسُ أَنَّكُمْ إِنَّمَا تَخْرُجُونَ تَطْلُبُونَ بِدَمِ عُثْمَانَ , فَإِنْ كُنْتُمْ ذَلِكَ تُرِيدُونَ فَإِنَّ قَتَلَةَ عُثْمَانَ عَلَى صُدُورِ هَذِهِ الْمَطِيِّ وَأَعْجَازِهَا , فَمِيلُوا عَلَيْهِمْ بِأَسْيَافِكُمْ وَإِلاَّ فَانْصَرِفُوا إِلَى مَنَازِلِكُمْ ,(7/38)
وَلاَ تَقْتُلُوا فِي رَضَى الْمَخْلُوقِينَ أَنْفُسَكُمْ , وَلاَ يُغْنِي النَّاسُ عَنْكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَيْئًا , فَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ : لاَ ، بَلْ نَضْرِبُ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ , فَمَنْ قُتِلَ كَانَ الظَّفْرُ فِيهِ وَيَبْقَى الْبَاقِي فَنَطْلُبُهُ ، وَهُوَ وَاهِنٌ ضَعِيفٌ.
وَقَامَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ , فَحَمِدَ اللَّهَ , وَأَثْنَى عَلَيْهِ , وَقَالَ : إِنَّ الرَّأْيَ مَا رَأَى سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ , مَنْ كَانَ مِنْ هَوَازِنَ فَأَحَبَّ أَنْ يَتَّبِعَنِي فَلْيَفْعَلْ , فَتَبِعَهُ مِنْهُمْ أُنَاسٌ , وَخَرَجَ حَتَّى نَزَلَ الطَّائِفَ , فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى مَضَى الْجَمَلُ وَصِفِّينُ.
وَرَجَعَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ بِمَنِ اتَّبَعَهُ حَتَّى نَزَلَ مَكَّةَ , فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى مَضَى الْجَمَلُ وَصِفِّينُ , وَمَضَى طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ وَمَعَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَتَّابِ بْنِ أُسَيْدٍ , وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ إِلَى الْبَصْرَةِ فَشَهِدُوا وَقْعَةَ الْجَمَلِ. فَلَمَّا وَلِيَ مُعَاوِيَةُ الْخِلاَفَةَ وَلَّى مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ الْمَدِينَةَ , ثُمَّ عَزَلَهُ , وَوَلاَّهَا سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ , ثُمَّ عَزَلَهُ , وَوَلاَّهَا مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ , ثُمَّ عَزَلَهُ عَنْهَا , وَوَلاَّهَا سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ , فَمَاتَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي وِلاَيَتِهِ تِلْكَ سَنَةَ خَمْسِينَ بِالْمَدِينَةِ , فَصَلَّى عَلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ.(7/39)
1442- مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ ابْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ.
وَأُمُّهُ أُمُّ عُثْمَانَ , وَهِيَ آمِنَةُ بِنْتُ عَلْقَمَةَ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ مُحَرِّثِ بْنِ خُمْلِ بْنِ شِقِّ بْنِ رَقَبَةَ بْنِ مُخْدَجِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ كِنَانَةَ , وَأُمُّهَا الصَّعْبَةُ بِنْتُ أَبِي طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ .
فَوَلَدَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاَّ وَنِسْوَةً ، عَبْدَ الْمَلِكِ وَبِهِ كَانَ يُكْنَى , وَمُعَاوِيَةَ , وَأُمَّ عَمْرٍو وَأُمُّهُمْ عَائِشَةُ بِنْتُ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ , وَعَبْدَ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ , وَأُمَّ عُثْمَانَ وَأُمُّهُمَا لَيْلَى بِنْتُ زَبَّانَ بْنِ الأَصْبَغِ بْنِ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حِصْنِ بْنِ ضَمْضَمَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ جَنَابٍ مِنْ كَلْبٍ , وَبِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ , وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ دَرَجَ وَأُمُّهُمَا قُطَيَّةُ بِنْتُ بِشْرِ بْنِ عَامِرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلاَبٍ , وَأَبَانَ بْنَ مَرْوَانَ , وَعُبَيْدَ اللهِ , وَعَبْدَ اللهِ دَرَجَ , وَأَيُّوبَ , وَعُثْمَانَ , وَدَاوُدَ , وَرَمْلَةَ ،(7/39)
وَأُمُّهُمْ أُمُّ أَبَانَ بِنْتِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ وَأُمُّهَا رَمْلَةُ بِنْتُ شَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ , وَعَمْرَو بْنَ مَرْوَانَ , وَأُمَّ عَمْرٍو وَأُمُّهُمَا زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الأَسَدِ بْنِ هِلاَلِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ , وَمُحَمَّدَ بْنَ مَرْوَانَ.
وَأُمُّهُ زَيْنَبُ أُمُّ وَلَدٍ.
قَالُوا : قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ ابْنُ ثَمَانِي سِنِينَ , فَلَمْ يَزَلْ مَعَ أَبِيهِ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى مَاتَ أَبُوهُ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ , فَلَمْ يَزَلْ مَرْوَانُ مَعَ ابْنِ عَمِّهِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، وَكَانَ كَاتِبًا لَهُ , وَأَمَرَ لَهُ عُثْمَانُ بِأَمْوَالٍ ، وَكَانَ يَتَأَوَّلُ فِي ذَلِكَ صِلَةَ قَرَابَتِهِ ، وَكَانَ النَّاسُ يَنْقِمُونَ عَلَى عُثْمَانَ تَقْرِيبَهُ مَرْوَانَ , وَطَاعَتَهُ لَهُ , وَيَرَوْنَ أَنَّ كَثِيرًا مِمَّا يُنْسَبُ إِلَى عُثْمَانَ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ عَنْ رَأْيِ مَرْوَانَ دُونَ عُثْمَانَ.
فَكَانَ النَّاسُ قَدْ شَنِفُوا لِعُثْمَانَ لَمَّا كَانَ يَصْنَعُ بِمَرْوَانَ وَيُقَرِّبُهُ ، وَكَانَ مَرْوَانُ يَحْمِلُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ وَعَلَى النَّاسِ , وَيُبَلِّغُهُ مَا يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ , وَيُهَدِّدُونَهُ بِهِ , وَيُرِيهُ أَنَّهُ يَتَقَرَّبُ بِذَلِكَ إِلَيْهِ.(7/40)
وَكَانَ عُثْمَانُ رَجُلاَّ كَرِيمًا حَيِيًّا سَلِيمًا , فَكَانَ يُصَدِّقُهُ فِي بَعْضِ ذَلِكَ , وَيَرُدُّ عَلَيْهِ بَعْضًا , وَيُنَازِعُ مَرْوَانُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَيْنَ يَدَيْهِ , فَيَرُدُّهُ عَنْ ذَلِكَ , وَيَزْبُرُهُ , فَلَمَّا حُصِرَ عُثْمَانُ كَانَ مَرْوَانُ يُقَاتِلُ دُونَهُ أَشَدَّ الْقِتَالِ , وَأَرَادَتْ عَائِشَةُ الْحَجَّ وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ , فَأَتَاهَا مَرْوَانُ , وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَتَّابِ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي الْعَيْصِ , فَقَالُوا : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ , لَوْ أَقَمْتِ ، فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا تَرَيْنَ مَحْصُورٌ وَمُقَامُكِ مِمَّا يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْهُ , فَقَالَتْ : قَدْ حَلَبْتُ ظَهْرِي , وَعَرَّيْتُ غَرَائِرِي , وَلَسْتُ أَقْدِرُ عَلَى الْمُقَامِ فَأَعَادُوا عَلَيْهَا الْكَلاَمَ , فَأَعَادَتْ عَلَيْهِمْ مِثْلَ مَا قَالَتْ لَهُمْ , فَقَامَ مَرْوَانُ ، وَهُوَ يَقُولُ :
وَحَرَّقَ قَيْسٌ عَلَيَّ الْبِلاَدَ ... حَتَّى إِذَا اسْتَعَرَتْ أَجْذَمَا
فَقَالَتْ عَائِشَةُ : أَيُّهَا الْمُتَمَثِّلُ عَلَيَّ بِالأَشْعَارِ , وَدِدْتُ وَاللَّهِ أَنَّكَ وَصَاحِبُكَ هَذَا الَّذِي يَعْنِيكَ أَمَرُهُ فِي رِجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا رَحَا , وَأَنَّكُمَا فِي الْبَحْرِ , وَخَرَجَتْ إِلَى مَكَّةَ.(7/41)
6737- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى , عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ , قَالَ : كَانَ مَرْوَانُ يُقَاتِلُ يَوْمَ الدَّارِ أَشَدَّ الْقِتَالِ , وَلَقَدْ ضُرِبَ يَوْمَئِذٍ كَعْبُهُ مَا يُظَنُّ إِلاَّ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ مِمَّا بِهِ مِنَ الْجَرَّاحِ.(7/41)
6738- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ الْهَيْثَمِ , عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ , عَنْ أَبِي حَفْصَةَ , مَوْلَى مَرْوَانَ قَالَ : خَرَجَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ يَوْمَئِذٍ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ : مَنْ يُبَارِزُ ؟ فَبَرَزَ إِلَيْهِ عُرْوَةُ بْنُ شِيَيْمِ بْنِ الْبَيَّاعِ اللَّيْثِيُّ , فَضَرَبَهُ عَلَى قَفَاهُ بِالسَّيْفِ فَخَرَّ لِوَجْهِهِ , فَقَامَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيُّ بِسِكِّينٍ مَعَهُ لِيَقْطَعَ رَأْسَهُ , فَقَامَتْ إِلَيْهِ أُمُّهُ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ وَهِيَ فَاطِمَةُ الثَّقَفِيَّةُ وَهِيَ جَدَّةُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَرَبِيِّ صَاحِبِ الْيَمَامَةِ , فَقَالَتْ : إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ قَتْلَهُ فَقَدْ قَتَلْتَهُ فَمَا تَصْنَعُ بِلَحْمِهِ أَنْ تُبَضِّعَهُ ، فَاسْتَحْيَا عُبَيْدُ بْنُ رِفَاعَةَ مِنْهَا فَتَرَكَهُ.(7/41)
6739- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ , عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي مَنْ حَضَرَ ابْنَ الْبَيَّاعِ يَوْمَئِذٍ يُبَارِزُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى قِبَائِهِ قَدْ أَدْخَلَ طَرَفَيْهِ فِي مِنْطَقَتِهِ , وَتَحْتَ الْقَبَاءِ الدِّرْعُ , فَضَرَبَ مَرْوَانَ عَلَى قَفَاهُ ضَرْبَةً فَقَطَعَ عَلاَبِيَّ رَقَبَتِهِ , وَوَقَعَ لِوَجْهِهِ , فَأَرَادُوا أَنْ يُذَفِّفُوا عَلَيْهِ , فَقِيلَ : تُبَضِّعُونَ اللَّحْمَ . فَتُرِكَ.(7/41)
6740- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ , قَالَ : قَالَ لِي أَبِي بَعْدَ الدَّارِ ، وَهُوَ يَذْكُرُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ : عِبَادَ اللهِ , وَاللَّهِ لَقَدْ ضَرَبْتُ كَعْبَهُ فَمَا أَحْسَبُهُ إِلاَّ قَدْ مَاتَ , وَلَكِنَّ الْمَرْأَةَ أَحْفَظَتْنِي قَالَتْ : مَا تَصْنَعْ بِلَحْمِهِ أَنْ تُبَضِّعَهُ , فَأَخَذَنِي الْحِفَاظُ فَتَرَكْتُهُ.(7/42)
6741- أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ , قَالَ : حَدَّثَنِي جُوَيْرِيَةُ ابْنُ أَسْمَاءٍ , عَنْ نَافِعٍ , قَالَ : ضُرِبَ مَرْوَانُ يَوْمَ الدَّارِ ضَرْبَةً جَدَّتْ أُذُنَيْهِ , فَجَاءَ رَجُلٌ ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَجْهَزَ عَلَيْهِ . قَالَ : فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ : سُبْحَانَ اللهِ , تُمَثِّلُ بِجَسِدِ مَيِّتٍ , فَتَرَكَهُ . قَالُوا : فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ وَسَارَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ إِلَى الْبَصْرَةِ يَطْلُبُونَ بِدَمِ عُثْمَانَ خَرَجَ مَعَهُمْ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ , فَقَاتَلَ يَوْمَئِذٍ أَيْضًا قِتَالاَّ شَدِيدًا , فَلَمَّا رَأَى انْكِشَافَ النَّاسِ نَظَرَ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ وَاقِفًا , فَقَالَ : وَاللَّهِ , إِنْ دَمُ عُثْمَانَ إِلاَّ عِنْدَ هَذَا ؛ هُوَ كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَيْهِ , وَمَا أَطْلُبُ أَثَرًا بَعْدَ عَيْنٍ , فَفَوَّقَ لَهُ بِسَهْمٍ , فَرَمَاهُ بِهِ فَقَتَلَهُ , وَقَاتَلَ مَرْوَانُ أَيْضًا حَتَّى ارْتُثَّ , فَحُمِلَ إِلَى بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ عَنَزَةَ , فَدَاوَوْهُ , وَقَامُوا عَلَيْهِ , فَمَا زَالَ آلُ مَرْوَانَ يَشْكُرُونَ ذَلِكَ لَهُمْ.
وَانْهَزَمَ أَصْحَابُ الْجَمَلِ , وَتَوَارَى مَرْوَانُ حَتَّى أُخِذَ لَهُ الأَمَانُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , فَأَمَّنَهُ , فَقَالَ مَرْوَانُ : مَا تُقِرَّنِي نَفْسِي حَتَّى آتِيَهُ , فَأُبَايِعَهُ , فَأَتَاهُ , فَبَايَعَهُ , ثُمَّ انْصَرَفَ مَرْوَانُ إِلَى الْمَدِينَةِ , فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى وَلِيَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْخِلاَفَةَ , فَوَلَّى مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ الْمَدِينَةَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ , ثُمَّ عَزَلَهُ , وَوَلَّى سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ , ثُمَّ عَزَلَهُ , وَأَعَادَ مَرْوَانَ , ثُمَّ عَزَلَهُ , وَأَعَادَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ , فَعَزَلَهُ وَوَلَّى الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ , فَلَمْ يَزَلْ عَلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى مَاتَ مُعَاوِيَةُ وَمَرْوَانُ يَوْمَئِذٍ مَعْزُولٌ عَنِ الْمَدِينَةِ , ثُمَّ وَلَّى يَزِيدُ بَعْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ الْمَدِينَةَ عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ,(7/42)
فَلَمَّا وَثَبَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَيَّامَ الْحَرَّةِ أَخْرِجُوا عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ , وَبَنِي أُمَيَّةَ مِنَ الْمَدِينَةِ , فَأَجْلَوْهُمْ عَنْهَا إِلَى الشَّامِ , وَفِيهِمْ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ , وَأَخَذُوا عَلَيْهِمُ الأَيْمَانَ أَلاَّ يَرْجِعُوا إِلَيْهِمْ ,
وَإِنْ قَدَرُوا أَنْ يَرُدُّوا هَذَا الْجَيْشَ الَّذِي قَدْ وُجِّهَ إِلَيْهِمْ مَعَ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ الْمُرِّيِّ أَنْ يَفْعَلُوا.
فَلَمَّا اسْتَقْبَلُوا مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ سَلَّمُوا عَلَيْهِ , وَجَعَلَ يُسَائِلُهُمْ عَنِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِهَا , فَجَعَلَ مَرْوَانُ يُخْبِرُهُ وَيُحَرِّضُهُ عَلَيْهِمْ , فَقَالَ لَهُ مُسْلِمٌ : مَا تَرَوْنَ ؟ تَمْضُونَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ تَرْجِعُونَ مَعِي ؟ فَقَالُوا : بَلْ نَمْضِيَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , وَقَالَ مَرْوَانُ مِنْ بَيْنَهُمْ : أَمَّا أَنَا فَأَرْجِعُ مَعَكَ , فَرَجَعَ مَعَهُ مُؤَازِرًا لَهُ , مُعِينًا لَهُ عَلَى أَمَرِهِ حَتَّى ظُفِرَ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ , وَقُتِلُوا , وَانْتُهِبَتِ الْمَدِينَةُ ثَلاَثًا.
وَكَتَبَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ بِذَلِكَ إِلَى يَزِيدَ , وَكَتَبَ يَشْكُرُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ , وَيُذْكَرُ مَعُونَتَهُ إِيَّاهُ , وَمُنَاصَحَتَهُ , وَقِيَامَهُ مَعَهُ , وَقَدِمَ مَرْوَانُ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الشَّامَ , فَشَكَرَ ذَلِكَ لَهُ يَزِيدُ , وَقَرَّبَهُ , وَأَدْنَاهُ , فَلَمْ يَزَلْ مَرْوَانُ بِالشَّامِ حَتَّى مَاتَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ , وَقَدْ كَانَ عَقَدَ لاِبْنِهِ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ بِالْعَهْدِ بَعْدَهُ , فَبَايَعَ لَهُ النَّاسُ , وَأَتَتْهُ بَيْعَةُ الآفَاقِ إِلاَّ مَا كَانَ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَهْلِ مَكَّةَ فَوَلِيَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ , وَيُقَالُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً , وَلَمْ يَزَلْ فِي الْبَيْتِ لَمْ يَخْرُجْ إِلَى النَّاسِ كَانَ مَرِيضًا , فَكَانَ يَأْمُرُ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ الْفِهْرِيَّ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِدِمَشْقَ , فَلَمَّا ثَقُلَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ قِيلَ لَهُ : لَوْ عَهِدْتَ إِلَى رَجُلٍ عَهْدًا , وَاسْتَخْلَفْتَ خَلِيفَةً , فَقَالَ : وَاللَّهِ , مَا نَفَعَتْنِي حَيًّا فَأَتَقَلَّدُهَا مَيِّتًا , وَإِنْ كَانَ خَيْرًا فَقَدِ اسْتَكْثَرَ مِنْهُ آلُ أَبِي سُفْيَانَ , لاَ تَذْهَبُ بَنُو أُمَيَّةَ بِحَلاَوَتِهَا , وَأَتَقَلَّدُ مَرَارَتَهَا , وَاللَّهِ لاَ يَسْأَلُنِي اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ أَبَدًا وَلَكِنْ إِذَا مُتُّ فَلْيُصَلِّ عَلَيَّ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ , وَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ حَتَّى يَخْتَارُ النَّاسُ لأَنْفُسِهِمْ , وَيَقُومُ بِالْخِلاَفَةِ قَائِمٌ.
فَلَمَّا مَاتَ صَلَّى عَلَيْهِ الْوَلِيدُ , وَقَامَ بِأَمْرِ النَّاسِ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ , فَلَمَّا دُفِنَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ قَامَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ عَلَى قَبْرِهِ , فَقَالَ : أَتَدْرُونَ مَنْ دَفَنْتُمْ ؟ قَالُوا : مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ , فَقَالَ : هَذَا أَبُو لَيْلَى , فَقَالَ : أَزْنَمُ الْفَزَارِيُّ :
إِنِّي أَرَى فِتَنًا تَغْلِي مَرَاجِلُهَا ... فَالْمُلْكُ بَعْدَ أَبِي لَيْلَى لِمَنْ غَلَبَا
وَاخْتَلَفَ النَّاسُ بِالشَّامِ , فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ خَالَفَ مِنْ أُمَرَاءَ الأَجْنَادِ , وَدَعَا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ بِحِمْصَ ,(7/43)
وَزُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ بِقِنَّسْرِينَ , ثُمَّ دَعَا الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ بِدِمَشْقَ النَّاسَ سِرًّا , ثُمَّ دَعَا النَّاسُ إِلَى بَيْعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَلاَنِيَةً , فَأَجَابَهُ النَّاسُ إِلَى ذَلِكَ , وَبَايَعُوهُ لَهُ , وَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الزُّبَيْرِ , فَكَتَبَ إِلَى الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ بِعَهْدِهِ عَلَى الشَّامِ , فَكَتَبَ الضَّحَّاكُ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ مِمَّنْ دَعَا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ , فَأَتَوْهُ , فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مَرْوَانُ خَرَجَ يُرِيدُ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ لِيُبَايِعَ لَهُ , وَيَأْخُذَ مِنْهُ أَمَانًا لِبَنِي أُمَيَّةَ , وَخَرَجَ مَعَهُ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ , فَلَمَّا كَانُوا بِأَذْرِعَاتٍ وَهِيَ مَدِينَةُ الْبَثَنِيَّةِ لَقِيَهُمْ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ مُقْبِلاَّ مِنَ الْعِرَاقِ , فَقَالَ لِمَرْوَانَ : أَيْنَ تُرِيدُ ؟ فَأَخْبَرَهُ , فَقَالَ : سُبْحَانَ اللهِ , أَرَضِيتَ لِنَفْسِكَ بِهَذَا ؟ تُبَايِعُ لأَبِي خُبَيْبٍ وَأَنْتَ سَيِّدُ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَاللَّهِ , لأَنْتَ أَوْلَى بِهَا مِنْهُ , فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ : فَمَا الرَّأْيُ ؟ قَالَ : أَنْ تَرْجِعَ , وَتَدْعُو إِلَى نَفْسِكَ , وَأَنَا أَكْفِيكَ قُرَيْشًا وَمَوَالِيَهَا , وَلاَ يُخَالِفُكَ مِنْهُمْ أَحَدٌ , فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ : صَدَقَ عُبَيْدُ اللهِ ؛ إِنَّكَ لَجَذْمُ قُرَيْشٍ وَشَيْخُهَا وَسَيِّدُهَا , وَمَا يَنْظُرُ النَّاسُ إِلاَّ إِلَى هَذَا الْغُلاَمِ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ , فَتَزَوَّجْ أُمَّهُ , فَيَكُونَ فِي حِجْرِكَ , وَادْعُ إِلَى نَفْسِكَ ؛ فَأَنَا أَكْفِيكَ الْيَمَانِيَةَ , فَإِنَّهُمْ لاَ يُخَالِفُونَنِي ، وَكَانَ مُطَاعًا عِنْدَهُمْ ، عَلَى أَنْ تُبَايِعَ لِي مِنْ بَعْدِكَ . قَالَ : نَعَمْ.
فَرَجَعَ مَرْوَانُ وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ وَمَنْ مَعَهُمَا , وَقَدِمَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ دِمَشْقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ , فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ , فَصَلَّى , ثُمَّ خَرَجَ , فَنَزَلَ بَابَ الْفَرَادِيسِ , فَكَانَ يَرْكَبُ إِلَى الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ كُلَّ يَوْمٍ ؛ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ , ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَنْزِلِهِ , فَقَالَ لَهُ يَوْمًا : يَا أَبَا أُنَيْسٍ , الْعَجَبُ لَكَ وَأَنْتَ شَيْخُ قُرَيْشٍ تَدْعُو لاِبْنِ الزُّبَيْرِ وَتَدَعْ نَفْسَكَ وَأَنْتَ أَرْضَى عِنْدَ النَّاسِ مِنْهُ , فَادْعُ إِلَى نَفْسِكَ , فَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ , فَقَالَ لَهُ النَّاسُ : أَخَذْتَ بَيْعَتَنَا وَعُهُودَنَا لِرَجُلٍ , ثُمَّ تَدْعُو إِلَى خَلْعِهِ عَنْ غَيْرِ حَدَثٍ أَحْدَثَهُ.
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَادَ إِلَى الدُّعَاءِ لاِبْنِ الزُّبَيْرِ , فَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ وَغَيَّرَ قُلُوبَهُمْ عَلَيْهِ , فَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ ، وَمَكَرَ بِهِ : مَنْ أَرَادَ مَا تُرِيدُ لَمْ يَنْزِلِ الْمَدَائِنَ وَالْحُصُونَ , يُبَرَّزُ وَيُجْمَعُ إِلَيْهِ الْخَيْلُ , فَاخْرُجْ عَنْ دِمَشْقَ , وَاضْمُمْ إِلَيْكَ الأَجْنَادَ. فَخَرَجَ الضَّحَّاكُ , فَنَزَلَ الْمَرْجَ , وَبَقِيَ عُبَيْدُ اللهِ بِدِمَشْقَ , وَمَرْوَانُ , وَبَنُو أُمَيَّةَ بِتَدْمُرَ , وَخَالِدٌ , وَعَبْدُ اللهِ ابْنَا يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بِالْجَابِيَةِ عِنْدَ خَالِهِمَا حَسَّانَ بْنِ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ , فَكَتَبَ عُبَيْدُ اللهِ إِلَى مَرْوَانَ أَنِ ادْعُ النَّاسَ إِلَى بَيْعَتِكَ , وَاكْتُبْ إِلَى حَسَّانَ بْنِ مَالِكٍ فَلْيَأْتِكَ ؛ فِإِنَّهُ لَنْ يَرُدَّكَ عَنْ بَيْعَتِكَ , ثُمَّ سِرْ إِلَى الضَّحَّاكِ , فَقَدْ أَصْحَرَ لَكَ.(7/44)
فَدَعَا مَرْوَانُ بَنِي أُمَيَّةَ وَمَوَالِيَهُمْ , فَبَايَعُوهُ , وَتَزَوَّجَ أُمَّ خَالِدٍ بِنْتَ أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ , وَكَتَبَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ يَدْعُوهُ أَنْ يُبَايِعَ لَهُ وَيَقْدَمَ عَلَيْهِ , فَأَبَى , فَأُسْقِطَ فِي يَدَيْ مَرْوَانَ , فَأَرْسَلَ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ اللهِ أَنِ اخْرُجْ إِلَيْهِ فِيمَنْ مَعَكَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ.
فَخَرَجَ إِلَيْهِ مَرْوَانُ وَبَنُو أُمَيَّةَ جَمِيعًا مَعَهُ ، وَهُوَ بِالْجَابِيَةِ وَالنَّاسُ بِهَا مُخْتَلِفُونَ , فَدَعَاهُ إِلَى الْبَيْعَةِ , فَقَالَ حَسَّانُ : وَاللَّهِ , لَئِنْ بَايَعْتُمْ مَرْوَانَ لَيَحْسِدَنَّكُمْ عَلاَقَةُ سَوْطٍ , وَشِرَاكُ نَعْلٍ , وَظِلُّ شَجَرَةٍ ؛ إِنَّ مَرْوَانَ وَآلَ مَرْوَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ قَيْسٍ يُرِيدُ أَنَّ مَرْوَانَ أَبُو عَشَرَةٍ وَأَخُو عَشَرَةٍ , فَإِنْ بَايَعْتُمْ لَهُ كُنْتُمْ عَبِيدًا لَهُمْ ؛ فَأَطِيعُونِي , وَبَايِعُوا خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ , فَقَالَ رَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ : بَايَعُوا الْكَبِيرَ , وَاسْتَشِبُّوا الصَّغِيرَ , فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ مَالِكٍ لِخَالِدٍ : يَا ابْنَ أُخْتِي , هَوَايَ فِيكَ وَقَدْ أَبَاكَ النَّاسُ لِلْحَدَاثَةِ , وَمَرْوَانُ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْكَ , وَمِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ . قَالَ : بَلْ عَجَزْتَ . قَالَ : كَلاَّ.
فَبَايَعَ حَسَّانُ وَأَهْلُ الأَرْدُنِّ لِمَرْوَانَ عَلَى أَنْ لاَ يُبَايِعَ مَرْوَانُ لأَحَدٍ إِلاَّ لِخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ , وَلِخَالدٍ إِمْرَةُ حِمْصَ , وَلِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ إِمْرَةُ دِمَشْقَ , فَكَانَتْ بَيْعَةُ مَرْوَانَ بِالْجَابِيَةِ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ لِلنِّصْفِ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ , وَبَايَعَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ لِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ أَهْلَ دِمَشْقَ , وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى مَرْوَانَ , فَقَالَ مَرْوَانُ : إِنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُتَمَّمَ لِي خِلاَفَةً لاَ يَمْنَعَنِيهَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ , فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ مَالِكٍ : صَدَقْتَ.
وَسَارَ مَرْوَانُ مِنَ الْجَابِيَةِ فِي سِتَّةِ آلاَفٍ حَتَّى نَزَلَ مَرْجَ رَاهِطٍ , ثُمَّ لَحِقَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الأَجْنَادِ سَبْعَةُ آلاَفٍ , فَكَانَ فِي ثَلاَثَةَ عَشَرَ أَلْفًا أَكْثَرُهُمْ رَجَّالَةٌ , وَلَمْ يَكُنْ فِي عَسْكَرِ مَرْوَانَ غَيْرُ ثَمَانِينَ عَتِيقًا , أَرْبَعُونَ مِنْهُمْ لَعَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ , وَأَرْبَعُونَ لِسَائِرِ النَّاسِ.
وَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ مَرْوَانَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ , وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ , وَكَتَبَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ , فَتَوَافَوا عِنْدَهُ بِالْمَرْجِ , فَكَانَ فِي ثَلاَثِينَ أَلْفًا , وَأَقَامُوا عِشْرِينَ يَوْمًا يَلْتَقُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ , فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى قُتِلَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ , وَقُتِلَ مَعَهُ مِنْ قَيْسٍ بَشَرٌ كَثِيرٌ.
فَلَمَّا قُتِلَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ وَانْهَزَمَ النَّاسُ رَجَعَ مَرْوَانُ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى دِمَشْقَ , وَبَعَثَ عُمَّالَهُ عَلَى الأَجْنَادِ , وَبَايَعَ لَهُ أَهْلُ الشَّامِ جَمِيعًا ، وَكَانَ مَرْوَانُ قَدْ أَطْمَعَ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فِي بَعْضِ الأَمْرِ , ثُمَّ بَدَا لَهُ فَعَقَدَ لاِبْنَيْهِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ ابْنَيْ مَرْوَانَ بِالْخِلاَفَةِ بَعْدَهُ.(7/45)
فَأَرَادَ أَنْ يَضَعَ مِنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ وَيُقَصِّرَ بِهِ وَيُزَهِّدَ النَّاسَ فِيهِ ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ أَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ , فَدَخَلَ عَلَيْهِ يَوْمًا , فَذَهَبَ لِيَجْلِسَ مَجْلِسَهُ الَّذِي كَانَ يُجْلِسُهُ , فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ ، وزبرة : تَنَحَّ يَا ابْنَ رَطْبَةَ الأَسْتَ , وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ لَكَ عَقْلاَّ , فَانْصَرَفَ خَالِدٌ وَقْتَئِذٍ مُغْضَبًا حَتَّى دَخَلَ عَلَى أُمِّهِ , فَقَالَ : فَضَحْتِنِي , وَقَصَّرْتِ بِي , وَنَكَسْتِ بِرَأْسِي , وَوضَعْتِ أَمْرِي . قَالَتْ : وَمَا ذَاكَ . قَالَ : تَزَوَّجْتِ هَذَا الرَّجُلَ فَصَنَعَ بِي كَذَا وَكَذَا , ثُمَّ أَخْبَرَهَا بِمَا قَالَ , فَقَالَتْ لَهُ : لاَ يَسْمَعُ هَذَا مِنْكَ أَحَدٌ , وَلاَ يَعْلَمُ مَرْوَانُ أَنَّكَ أَعْلَمْتَنِي بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , وَادْخُلْ عَلَيَّ كَمَا كُنْتَ تَدْخُلُ وَاطْوِ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى تَرَى عَاقِبَتَهُ ، فَإِنِّي سَأَكْفِيكَهُ , وَأَنْتَصِرُ لَكَ مِنْهُ.
فَسَكَتَ خَالِدٌ , وَخَرَجَ إِلَى مَنْزِلِهِ , وَأَقْبَلَ مَرْوَانُ , فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَهِيَ امْرَأَتُهُ , فَقَالَ لَهَا : مَا قَالَ لَكَ خَالِدٌ ، مَا قُلْتُ لَهُ الْيَوْمَ , وَمَا حَدَّثَكَ بِهِ عَنِّي ؟ فَقَالَتْ : مَا حَدَّثَنِي بِشَيْءٍ , وَلاَ قَالَ لِي , فَقَالَ : أَلَمْ يَشْكُنِي إِلَيْكِ , وَيَذْكُرْ تَقْصِيرِي بِهِ , وَمَا كَلَّمْتُهُ بِهِ , فَقَالَتْ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , أَنْتَ أَجَلُّ فِي عَيْنِ خَالِدٍ ، وَهُوَ أَشَدُّ لَكَ تَعْظِيمًا مِنْ أَنْ يَحْكِيَ عَنْكَ شَيْئًا أَوْ يَجِدَ مِنْ شَيْءٍ تَقُولُهُ , وَإِنَّمَا أَنْتَ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ لَهُ , فَانْكَسَرَ مَرْوَانُ , وَظَنَّ أَنَّ الأَمْرَ عَلَى مَا حَكَتْ لَهُ , وَأَنَّهَا قَدْ صَدَقَتْ.
وَمَكَثَ حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَانَتِ الْقَائِلَةُ , فَنَامَ عِنْدَهَا , فَوَثَبَتْ هِيَ وَجَوَارِيهَا , فَغَلَّقْنَ الأَبْوَابَ عَلَى مَرْوَانَ , ثُمَّ عَمَدَتْ إِلَى وِسَادَةٍ , فَوَضَعَتْهَا عَلَى وَجْهِهِ , فَلَمْ تَزَلْ هِيَ وَجَوَارِيهَا يُغَمِّمْنَهُ حَتَّى مَاتَ , ثُمَّ قَامَتْ , فَشَقَّتْ عَلَيْهِ جَيْبَهَا , وَأَمَرَتْ جَوَارِيَهَا وَخَدَمَهَا , فَشَقَقْنَ , وَصِحْنَ عَلَيْهِ , وَقُلْنَ : مَاتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَجْأَةً , وَذَلِكَ فِي هِلاَلِ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ ، وَكَانَ مَرْوَانُ يَوْمَئِذِ ابْنَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً , وَكَانَتْ وِلاَيَتُهُ عَلَى الشَّامِ وَمِصْرَ , لَمْ يَعْدُ ذَلِكَ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ , وَيُقَالُ : سِتَّةَ أَشْهُرٍ.
وَقَدْ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لَهُ يَوْمًا ، وَنَظَرَ إِلَيْهِ : لَيَحْمِلَنَّ رَايَةَ ضَلاَلَةٍ بَعْدَ مَا يَشِيبُ صُدْغَاهُ , وَلَهُ إِمْرَةٌ كَلَحْسَةِ الْكَلْبِ أَنْفَهُ.(7/46)
وَبَايَعَ أَهْلُ الشَّامِ بَعْدَهُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ , فَكَانَتِ الشَّامُ وَمِصْرُ فِي يَدِ عَبْدِ الْمَلِكِ كَمَا كَانَتَا فِي يَدِ أَبِيهِ ، وَكَانَ الْعِرَاقُ وَالْحِجَازُ فِي يَدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ , وَكَانَتِ الْفِتْنَةُ بَيْنَهُمَا سَبْعَ سِنِينَ , ثُمَّ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ ، وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً , وَاسْتَقَامَ الأَمْرُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بَعْدَهُ.
وَكَانَ مَرْوَانُ قَدْ رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِصِلَةِ رَحِمٍ فَإِنَّهُ لاَ يَرْجِعُ فِيهَا.
وَرَوَى أَيْضًا عَنْ عُثْمَانَ , وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ , وَبُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ , وَرَوَى مَرْوَانُ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ.
وَكَانَ مَرْوَانُ فِي وِلاَيَتِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ يَجْمَعُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ يَسْتَشِيرُهُمْ وَيَعْمَلُ بِمَا يُجْمِعُونَ لَهُ عَلَيْهِ , وَجَمَعَ الصِّيعَانَ , فَعَايَرَ بَيْنَهَا حَتَّى أَخَذَ أَعْدَلَهَا , فَأَمَرَ أَنْ يُكَالَ بِهِ فَقِيلَ : صَاعُ مَرْوَانَ , وَلَيْسَتْ بِصَاعِ مَرْوَانَ , إِنَّمَا هِيَ صَاعُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَلَكِنْ مَرْوَانَ عَايَرَ بَيْنَهَا حَتَّى قَامَ الْكَيْلُ عَلَى أَعْدَلِهَا.(7/47)
1443- عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ ابْنِ كُرَيْزِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ وَيُكَنَّى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَأُمُّهُ دَجَاجَةُ بِنْتُ أَسْمَاءِ بْنِ الصَّلْتِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ هِلاَلِ بْنِ حَرَامِ بْنِ سَمَّالِ بْنِ عَوْفِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ بُهْثَةَ بْنِ سُلَيْمِ بْنِ مَنْصُورِ , فَوَلَدَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرٍ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاَّ وَسِتَّ نِسْوَةٍ ، عَبْدَ الرَّحْمَنِ لأُمِّ وَلَدٍ ، دَرَجَ ، قُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ , وَعَبْدَ اللهِ مَاتَ قَبْلَ أَبِيهِ , وَعَبْدَ الْمَلِكِ , وَزَيْنَبَ ، وَأُمُّهُمْ كَيِّسَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ كُرَيْزِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ وَأُمُّهَا بِنْتُ أَرْطَاةَ بْنِ عَبْدِ شُرَحْبِيلَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ وَأُمُّهَا أَرْوَى بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ , وَعَبْدَ الْحَكِيمِ , وَعَبْدَ الْحَمِيدِ وَأُمُّهُمَا أُمُّ حَبِيبٍ بِنْتُ سُفْيَانَ بْنِ عُوَيْفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ هِلاَلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ , وَعَبْدَ الْمَجِيدِ لأُمِّ وَلَدٍ , وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ الأَصْغَرَ ، وَهُوَ أَبُو السَّنَابِلِ , وَعَبْدَ السَّلاَمِ دَرَجَ وَأُمُّهُمَا أُمُّ وَلَدٍ , وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ ، وَهُوَ أَبُو النَّضْرِ لأُمِّ وَلَدٍ , وَعَبْدَ الْكَرِيمِ , وَعَبْدَ الْجَبَّارِ , وَأَمَةَ الْحَمِيدِ ،(7/47)
وَأُمُّهُمْ هِنْدُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَأُمُّهَا الْحَنْفَاءُ بِنْتُ أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَأُمُّهَا أَرْوَى بِنْتُ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ , وَأُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَبْدِ اللهِ وَأُمُّهَا أَمَةُ اللهِ بِنْتُ الْوَارِثِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ نُفَيْلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كِلاَبٍ , وَأَمَةَ الْغَفَّارِ بِنْتَ عَبْدِ اللهِ وَأُمُّهَا أُمُّ أَبَانَ بِنْتُ مَكْلَبَةَ بْنِ جَابِرِ بْنِ السَّمِينِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سِنَانِ بْنِ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ يَرْبُوعِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الدُّوَلِ بْنِ حَنِيفَةَ مِنْ رَبِيعَةَ , وَعَبْدَ الأَعْلَى بْنَ عَبْدِ اللهِ , وَأَمَةَ الْوَاحِدِ لأُمِّ وَلَدٍ , وَأُمَّ عَبْدِ الْمَلِكِ وَأُمُّهَا مِنْ بَنِي عَقِيلٍ.
قَالُوا : وُلِدَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرٍ بِمَكَّةَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ , فَلَمَّا كَانَ عَامُ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ سَنَةَ سَبْعٍ وَقَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَكَّةَ مُعْتَمِرًا حَمَلَ إِلَيْهِ ابْنُ عَامِرٍ ، وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثِ سِنِينَ فَحَنَّكَهُ فَتَلَمَّظَ وَتَثَاءَبَ , فَتَفَلَ رَسُولُ اللهِ فِي فِيهِ , وَقَالَ : هَذَا ابْنُ السُّلَمِيَّةِ ؟ قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ : هَذَا ابْنُنَا ، وَهُوَ أَشْبَهُكُمْ بِنَا ، وَهُوَ مُسْقًى , فَلَمْ يَزَلْ عَبْدُ اللهِ شَرِيفًا ، وَكَانَ سَخِيًّا كَرِيمًا كَثِيرَ الْمَالِ وَالْوَلَدِ . وُلِدَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالُوا : لَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ الْخِلاَفَةَ أَقَرَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ عَلَى الْبَصْرَةِ أَرْبَعَ سِنِينَ كَمَا أَوْصَى بِهِ عُمَرُ فِي الأَشْعَرِيِّ أَنْ يُقِرَّ أَرْبَعَ سِنِينَ ,(7/48)
ثُمَّ عَزَلَهُ عُثْمَانُ وَوَلَّى الْبَصْرَةَ ابْنَ خَالِهِ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً , وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى : إِنِّي لَمْ أَعْزِلْكَ عَنْ عَجْزٍ وَلاَ خِيَانَةٍ , وَإِنِّي لأَحْفَظُ فِيكَ اسْتِعْمَالِ رَسُولِ اللهِ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ إِيَّاكَ , وَإِنِّي لأَعْرِفُ فَضْلَكَ , وَإِنَّكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ , وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَصِلَ قَرَابَةَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرٍ , وَقَدْ أَمَرْتُهُ أَنْ يُعْطِيَكَ ثَلاَثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ , فَقَالَ أَبُو مُوسَى : وَاللَّهِ , لَقَدْ عَزَلَنِي عُثْمَانُ عَنِ الْبَصْرَةِ , وَمَا عِنْدِي دِينَارٌ , وَلاَ دِرْهَمٌ حَتَّى قَدِمَتْ عَلَيَّ أُعْطِيَةُ عِيَالِي مِنَ الْمَدِينَةِ , وَمَا كُنْتُ لأُفَارِقُ الْبَصْرَةَ وَعِنْدِي مِنْ مَالِهِمْ دِينَارٌ , وَلاَ دِرْهَمٌ , وَلَمْ يَأْخُذْ مِنِ ابْنِ عَامِرٍ شَيْئًا , فَأَتَاهُ ابْنُ عَامِرٍ , فَقَالَ : يَا أَبَا مُوسَى , مَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي أَخِيكَ أَعْرَفُ بِفَضْلِكَ مِنِّي . أَنْتَ أَمِيرُ الْبَلَدِ إِنْ أَقَمْتَ , وَالْمَوْصُولُ إِنْ رَحَلْتَ . قَالَ : جَزَاكَ اللَّهُ يَا ابْنَ أَخِي خَيْرًا , ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى الْكُوفَةِ. وَكَانَ ابْنُ عَامِرٍ رَجُلاَّ سَخِيًّا , شُجَاعًا , وَصُولاَّ لِقَوْمِهِ وَلِقَرَابَتِهِ , مُحَبَّبًا فِيهِمْ , رَحِيمًا , رُبَّمَا غَزَا فَيَقَعُ الْحِمْلُ فِي الْعَسْكَرِ فَيَنْزِلُ فَيُصْلِحُهُ , فَوَجَّهَ ابْنُ عَامِرٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ إِلَى سِجِسْتَانَ , فَافْتَتَحَهَا صُلْحًا عَلَى أَنْ لاَ يَقْتُلَ بِهَا ابْنَ عِرْسٍ , وَلاَ قُنْفُذَ , وَذَلِكَ لِمَكَانِ الأَفْعَى بِهَا ؛ إِنَّهُمَا يَأْكُلاَنِهَا , ثُمَّ مَضَى إِلَى أَرْضِ الدَّوَّارِ فَافْتَتَحَهَا , ثُمَّ كَانَ ابْنُ عَامِرٍ يَغْزُو أَرْضَ الْبَارِزِ وَقِلاَعِ فَارِسٍ , وَقَدْ كَانَ أَهْلُ الْبَيْضَاءِ مِنْ إِصْطَخْرَ غَلَبُوا عَلَيْهَا , فَسَارَ إِلَيْهَا ابْنُ عَامِرٍ فَافْتَتَحَهَا ثَانِيَةً , وَافْتَتَحَ جُورَ , وَالْكَارِيَانَ , وَالْفِنْسِجَانَ وَهُمَا مِنْ دَارَابْجِرْدَ , ثُمَّ تَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَى خُرَاسَانَ , فَقِيلَ لَهُ بِهَا يَزْدَجِرْدُ بْنُ فيروزبن شَهْرَيَارَ بْنِ كِسْرَى وَمَعَهُ أَسَاوِرَةُ فَارِسٍ , وَقَدْ كَانُوا تَحَمَّلُوا بِخَزَائِنَ إِلَى كِسْرَى حَيْثُ هُزِمَ أَهْلُ نَهَاوَنْدَ.(7/49)
فَكُتِبَ فِي ذَلِكَ إِلَى عُثْمَانَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ أَنْ سِرْ إِلَيْهَا إِنْ أَرَدْتَ . قَالَ : فَتَجَهَّزَ , وَقَطَعَ الْبُعُوثَ , ثُمَّ سَارَ , وَاسْتَخْلَفَ أَبَا الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيَّ عَلَى الْبَصْرَةِ عَلَى صَلاَتِهَا , وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْخَرَاجِ رَاشِدًا الْجَدِيدِيَّ مِنَ الأَزْدِ , ثُمَّ سَارَ عَلَى طَرِيقِ إِصْطَخْرَ , ثُمَّ أَخَذَ فِيمَا بَيْنَ خُرَاسَانَ وَكَرْمَانَ حَتَّى خَرَجَ عَلَى الطَّبَسَيْنِ , فَفَتَحَهُمَا وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ قَيْسُ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ أَسْمَاءِ بْنِ الصَّلْتِ السُّلَمِيُّ وَمَعَهُ فِتْيَانُ مِنْ فِتْيَانِ الْعَرَبِ , ثُمَّ تَوَجَّهَ نَحْوَ مَرْوٍ فَوَجَّهَ إِلَيْهَا حَاتِمَ بْنَ النُّعْمَانِ الْبَاهِلِيَّ , وَنَافِعَ بْنَ خَالِدٍ الطَّاحِيَّ فَافْتَتَحَاهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى نِصْفِ الْمَدِينَةِ , وَافْتَتَحَا رُسْتَاقَهَا عَنْوَةً , وَفَتَحَا الْمَدِينَةَ صُلْحًا , وَقَدْ كَانَ يَزْدَجِرْدُ قُتِلَ قَبْلَ ذَلِكَ . خَرَجَ يَتَصَيَّدُ , فَمَرَّ بِنَقَّارِ رَحَا فَضَرَبَهُ . قَالَ : فَلَمْ يَزَلْ يَضْرِبُهُ النَّقَّارُ بِفَأْسٍ , فَنَثَرَ دِمَاغَهُ.
ثُمَّ سَارَ ابْنُ عَامِرٍ نَحْوَ مَرْوِ الرُّوذِ فُوجَّهَ إِلَيْهَا عَبْدَ اللهِ بْنَ سَوَّارِ بْنِ هَمَّامٍ الْعَبْدِيَّ فَافْتَتَحَهَا , وَوَجَّهَ يَزِيدَ الْحَرَشَى إِلَى زَامَ وَبَاخَرْزَ وَجُوَيْنَ فَافْتَتَحَهَا جَمِيعًا عَنْوَةً , وَوَجَّهَ عَبْدَ اللهِ بْنَ خَازِمٍ إِلَى سَرَخْسَ فَصَالَحَهُ مَرْزُبَانُهُمْ , وَفَتَحَ ابْنُ عَامِرٍ أَبْرَشَهْرَ عَنْوَةً , وَطُوسَ , وَطَخَارِسْتَانَ , ونَيْسَابُورَ , وَبُوشَنْجَ , وَبَاذَغِيسَ , وَأَبْيُورْدَ , وَبَلْخَ , وَالطَّالقَانَ , وَالْفَارِيَابَ , ثُمَّ بَعَثَ صَبِرَةَ بْنَ شِيمَانَ الأَزْدِيَّ إِلَى هَرَاةَ , فَافْتَتَحَ رَسَاتِيقَهَا , وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَدِينَةِ , ثُمَّ بَعَثَ عِمْرَانَ بْنَ الْفَيْصَلِ الْبُرْجُمِيَّ إِلَى آمُلَ فَافْتَتَحَهَا.(7/50)
قَالَ : ثُمَّ خَلَفَ ابْنُ عَامِرٍ الأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ عَلَى خُرَاسَانَ , فَنَزَلَ مَرْوَ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفٍ , ثُمَّ أَحْرَمَ ابْنُ عَامِرٍ بِالْحَجِّ مِنْ خُرَاسَانَ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ يَتَوَعَّدُهُ وَيُضَعِّفُهُ , وَيَقُولُ : تَعَرَّضْتَ لِلْبَلاَءِ حَتَّى قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ , فَقَالَ لَهُ : صِلْ قَوْمَكَ مِنْ قُرَيْشٍ , فَفَعَلَ , وَأَرْسَلَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِثَلاَثَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ وَكِسْوَةٍ , فَلَمَّا جَاءَتْهُ قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ , إِنَّا نَرَى تُرَاثَ مُحَمَّدٍ يَأْكُلُهُ غَيْرُنَا , فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ , فَقَالَ لاِبْنِ عَامِرٍ : قَبَّحَ اللَّهُ رَأْيَكَ , أَتُرْسِلُ إِلَى عَلِيٍّ بِثَلاَثَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ ؟ قَالَ : كَرِهْتُ أَنْ أُغْرِقَ , وَلَمْ أَدْرِ مَا رَأْيُكَ . قَالَ : فَأَغْرِقْ . قَالَ : فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ , وَمَا يَتْبَعُهَا . قَالَ : فَرَاحَ عَلِيٌّ إِلَى الْمَسْجِدِ , فَانْتَهَى إِلَى حَلْقَتِهِ , وَهُمْ يَتَذَاكَرُونَ صِلاَتَ ابْنِ عَامِرٍ هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ , فَقَالَ عَلِيٌّ : هُوَ سَيِّدُ فَتَيَانِ قُرَيْشٍ غَيْرُ مُدَافَعٍ . قَالَ : وَتَكَلَّمَتِ الأَنْصَارُ , فَقَالَت : أَبَتِ الطُّلَقَاءُ إِلاَّ عَدَاوَةً , فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ , فَدَعَا ابْنَ عَامِرٍ , فَقَالَ : أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قِِ عِرْضَكَ , وَدَارِ الأَنْصَارَ ؛ فَأَلْسِنَتُهُمْ مَا قَدْ عَلِمْتَ.
قَالَ : فَأَفْشَى فِيهِمُ الصِّلاَتِ وَالْكُسْى , فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ , فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ : انْصَرِفْ إِلَى عَمَلِكَ . قَالَ : فَانْصَرَفَ وَالنَّاسُ يَقُولُونَ : قَالَ ابْنُ عَامِرٍ , وَفَعَلَ ابْنُ عَامِرٍ , فَقَالَ ابْنُ عُمَر : إِذَا طَابَتِ المَكْسِبَة زَكَتِ النَّفَقَةُ , فَلَمْ تَحْتَمِلْهُ الْبَصْرَةُ , فَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْغَزْوِ , فَأَذِنَ لَهُ , فَكَتَبَ إِلَى ابْنِ سَمُرَةَ أَنْ تَقَدَّمْ , فَتَقَدَّمَ , فَافْتَتَحَ بُسْتَ , وَمَا يَلِيهَا , ثُمَّ مَضَى إِلَى كَابُلَ وَزَابُلِسْتَانَ , فَافْتَتَحَهُمَا جَمِيعًا , وَبَعَثَ بِالْغَنَائِمِ إِلَى ابْنِ عَامِرٍ.(7/51)
قَالُوا : وَلَمْ يَزَلِ ابْنُ عَامِرٍ يَنْتَقِصُ شَيْئًا شَيْئًا مِنْ خُرَاسَانَ حَتَّى افْتَتَحَ هَرَاةَ , وَبُوشَنْجَ , وَسَرَخْسَ , وَأَبْرَشَهْرَ , وَالطَّالَقَانَ , وَالْفَارِيَابَ , وَبَلْخَ , فَهَذِهِ خُرَاسَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَنِ ابْنِ عَامِرٍ , وَزَمَنِ عُثْمَانَ , وَلَمْ يَزَلِ ابْنُ عَامِرٍ عَلَى الْبَصْرَةِ ، وَهُوَ سَيَّرَ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسِ الْعَنْبَرِيَّ مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَى الشَّامِ بِأَمْرِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، وَهُوَ اتَّخَذَ السُّوقَ لِلنَّاسِ بِالْبَصْرَةِ اشْتَرَى دُورًا , فَهَدَمَهَا , وَجَعَلَهَا سُوقًا ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ لَبِسَ الْخَزَّ بِالْبَصْرَةِ , لَبِسَ جُبَّةً دَكْنَاءَ , فَقَالَ النَّاسُ : لَبِسَ الأَمِيرُ جِلْدَ دُبٍّ , ثُمَّ لَبِسَ جُبَّةً حَمْرَاءَ , فَقَالُوا : لَبِسَ الأَمِيرُ قَمِيصًا أَحْمَرَ ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنِ اتَّخَذَ الْحِيَاضَ بِعَرَفَةِ , وَأَجْرَى إِلَيْهَا الْعَيْنَ , وَسَقَى النَّاسَ الْمَاءَ , فَذَلِكَ جَارٍ إِلَى الْيَوْمِ.
فَلَمَّا اسْتَعْتَبَ عُثْمَانُ مِنْ عُمَّالِهِ كَانَ فِيمَا شَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ يُقِرَّ ابْنَ عَامِرٍ بِالْبَصْرَةِ لِتَحَبُّبِهِ إِلَيْهِمْ وَصَلْتِهِ هَذَا الْحَيَّ مِنْ قُرَيْشٍ , فَلَمَّا نَشَبَ النَّاسُ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ دَعَا ابْنُ عَامِرٍ مُجَاشِعَ بْنَ مَسْعُودٍ , فَعَقَدَ لَهُ على جَيْش إِلَى عُثْمَانَ , فَسَارُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِأَدْانِي بِلاَدِ الْحِجَازِ خَرَجَتْ خَارِجَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ , فَلَقُوا رَجُلاَّ , فَقَالُوا : مَا الْخَبَرُ ؟ قَالَ : قُتِلَ عَدُوُّ اللهِ نَعْثَلُ , وَهَذِهِ خُصْلَةٌ مِنْ شَعْرِهِ , فَحَمَلَ عَلَيْهِ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلاَمٌ مَعَ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ , فَقَتَلَهُ , فَكَانَ أَوَّلَ مَقْتُولٍ قُتِلَ فِي دَمِ عُثْمَانَ , ثُمَّ رَجَعَ مُجَاشِعٌ إِلَى الْبَصْرَةِ.
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ ابْنُ عَامِرٍ حَمَلَ مَا فِي بَيْتِ الْمَالِ , وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْبَصْرَةِ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَامِرٍ الْحَضْرَمِيَّ , ثُمَّ شَخَصَ إِلَى مَكَّةَ , فَوَافَى بِهَا طَلْحَةَ , وَالزُّبَيْرَ وَعَائِشَةَ وَهُمْ يُرِيدُونَ الشَّامَ , فَقَالَ : لاَ بَلِ ائْتُوا الْبَصْرَةَ ؛ فَإِنَّ لِي بِهَا صَنَائِعَ وَهِيَ أَرْضُ الأَمْوَالِ , وَبِهَا عَدَدُ الرِّجَالِ , وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُ مَا خَرَجْتُ مِنْهَا حَتَّى أَضْرِبَ بَعْضَ النَّاسِ بِبَعْضٍ ,(7/52)
فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ : هَلاَّ فَعَلْتَ , أَشْفَقْتَ عَلَى مَنَاكِبِ تَمِيمٍ , ثُمَّ أَجْمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى الْبَصْرَةِ , ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِمْ , فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْجَمَلِ مَا كَانَ , وَهُزِمَ النَّاسُ جَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرٍ إِلَى الزُّبَيْرِ , فَأَخَذَ بِيَدِهِ , فَقَالَ : أَبَا عَبْدِ اللهِ , أَنْشُدُكَ اللَّهَ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ , فَلاَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ بَعْدَ الْيَوْمِ أَبَدًا . فَقَالَ الزُّبَيْرُ : خَلِّ بَيْنَ الْغَارَيْنِ يَضْطَرِبَانِ ؛ فَإِنَّ مَعَ الْخَوْفِ الشَّدِيدِ الْمَطَامِعَ , فَلَحِقَ ابْنُ عَامِرٍ بِالشَّامِ حَتَّى نَزَلَ دِمَشْقَ , وَقَدْ قُتِلَ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَوْمَ الْجَمَلِ , وَبِهِ كَانَ يُكْنَى , فَقَالَ حَارِثَةُ بْنُ بَدْرٍ أَبُو الْعَنْبَسِ الْغُدَانِيُّ فِي خُرُوجِ ابْنِ عَامِرٍ إِلَى دِمَشْقَ :
أَتَانِي مِنَ الأَنْبَاءِ أَنَّ ابْنَ عَامِرٍ ... أَنَاخَ وَأَلْقَى فِي دِمَشْقَ الْمَرَاسِيَا
يُطِيفُ بِحَمَّامَيْ دِمَشْقَ وَقَصْرِهِ ... بِعَيْشِكَ إِنْ لَمْ يَأْتِكِ الْقَوْمُ رَاضِيَا
رَأَى يَوْمَ إِنْقَاءِ الْفَرَاضِ وَقِيعَةً ... وَكَانَ إِلَيْهَا قَبْلَ ذَلِكَ دَاعِيَا
كَأَنَّ الشَّرِيجِيَّاتَ فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ ... بَوَارِقُ غَيْثٍ رَاحَ أَوْ طَفَّ دَانِيَا
فَنَدَّ نَدِيدًا لَمْ يَرَ النَّاسُ مِثْلَهُ ... وَكَانَ عِرَاقِيًّا فَأَصْبَحَ شَامِيَا
وَلَمَّا خَرَجَ ابْنُ عَامِرٍ عَنِ الْبَصْرَةِ بَعَثَ عَلِيٌّ إِلَيْهَا عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ الأَنْصَارِيَّ , فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ , وَلَمْ يَزَلْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرٍ مَعَ مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ , وَلَمْ يُسْمَعْ لَهُ بِذِكْرٍ فِي صِفِّينَ , وَلَكِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا بَايَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَلَّى بُسْرَ بْنَ أَبِي أَرْطَاَةَ الْبَصْرَةَ , ثُمَّ عَزَلَهُ , فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَامِرٍ : إِنَّ لِي بِهَا وَدَائِعَ عِنْدَ قَوْمٍ , فَإِنْ لَمْ تُوَلِّنِي الْبَصْرَةَ ذَهَبَتْ , فَوَلاَّهُ الْبَصْرَةَ ثَلاَثَ سِنِينَ , وَمَاتَ ابْنُ عَامِرٍ قَبْلَ مُعَاوِيَةَ بِسَنَةٍ , فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ , بِمَنْ نُفَاخِرُ وَبِمَنْ نُبَاهِي.(7/53)
1444- عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَدِيٍّ الأَكْبَرُ ابْنِ الْخِيَارِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ.
وَأُمُّهُ أُمُّ قِتَالٍ بِنْتُ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ .
فَوَلَدَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَدِيٍّ : الْمُخْتَارَ.
وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ , وَحَمِيدَةَ بِنْتَ عُبَيْدِ اللهِ وَأُمُّهَا مَيْمُونَةُ بِنْتُ سُفْيَانَ بْنِ فَهْمٍ , وَابْنَةً لِعُبَيْدِ اللهِ أُخْرَى أُمُّهَا مِنْ فَهْمٍ , وَقَدْ رَوَى عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَدِيٍّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ , وَلَهُ دَارٌ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ دَارِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , وَمَاتَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَدِيٍّ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلاَفَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.(7/53)
1445- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ ابْنِ الْخَطَّابِ بْنِ نُفَيْلِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَاحِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ.
وَأُمُّهُ لُبَابَةُ بِنْتُ أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ زَنْبَرَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مِنَ الأَنْصَارِ.
فَوَلَدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ : عُمَرَ.
وَأُمُّهُ أُمُّ عَمَّارٍ بِنْتُ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حُطَيْطِ بْنِ جُشَمَ بْنِ قَسِّيٍّ , وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَرَجُلاَّ آخَرَ وَأُمُّهُمَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأُمُّهَا أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ , وَعَبْدَ الْعَزِيزِ , وَعَبْدَ الْحَمِيدِ وَلِيَ الْكُوفَةَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ , وَأُمَّ جَمِيلٍ , وَأُمَّ عَبْدِ اللهِ وَأُمُّهُمْ مَيْمُونَةُ بِنْتُ بِشْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ ثَوْرِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الْبَكَّاءِ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ , وَأُسَيْدًا , وَأَبَا بَكْرٍ , وَمُحَمَّدًا , وَإِبْرَاهِيمَ وَأُمُّهُمْ سَوْدَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَعَبْدَ الْمَلِكِ , وَأُمَّ عَمْرٍو , وَأُمَّ حُمَيْدٍ , وَحَفْصَةَ , وَأُمَّ زَيْدٍ وَهُمْ لأُمَّهَاتِ أَوْلاَدٍ شَتَّى . قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ ابْنُ سِتِّ سِنِينَ , وَسَمِعَ مِنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.(7/54)
6742- أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ ، أَوْ نَافِعٍ ، شَكَّ عُبَيْدُ اللهِ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ : كُنْتُ أَنَا وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْبَحْرِ ، وَنَحْنُ حُرُمٌ يُغَيِّبُ رَأْسِي وَأُغَيِّبُ رَأْسَهُ , وَعُمَرُ يَنْظُرُ بِالسَّاحِلِ.(7/54)
6743- أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ , عَنْ هِلاَلِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ نَظَرَ إِلَى أَبِي عَبْدِ الْحَمِيدِ وَاسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَرَجُلٌ يَقُولُ لَهُ : فَعَلَ اللَّهُ بِكَ يَا مُحَمَّدُ , وَفَعَلَ وَفَعَلَ سَمِعَهُ يَسُبُّهُ , فَقَالَ : ادْنُ يَا ابْنَ زَيْدٍ , أَلاَ أَرَى رَسُولَ اللهِ ، أَوْ قَالَ : مُحَمَّدًا ، يُسَبُّ بِكَ وَاللَّهِ لاَ تُدْعَى مُحَمَّدًا مَا دُمْتُ حَيًّا , فَسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ.(7/55)
6744- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ , عَنْ نَافِعٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ , أَنَّهُ حَنَّطَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ , وَكَفَّنَهُ , وَحَمَلَهُ , ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ , فَصَلَّى , وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : هَلَكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ أَيَّامَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ.(7/55)
6745- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ وَالِيًا لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَلَى مَكَّةَ فَوَفَدَ إِلَيْهِ . قَالَ : فَمَكَثَ سَبْعًا , ثُمَّ خَرَجَ عَلَى فَرَسٍ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ مُشَمِّرًا , عَلَى يَدِهِ بَازِيٌّ , فَقُلْتُ : مَا عِنْدَ هَذَا خَيْرٌ , فَدَنَوْتُ مِنْهُ , فَكَلَّمْتُهُ , فَأَنْكَرْتُ عَقْلَهُ , ثُمَّ رَدَّهُ إِلَى مَكَّةَ , فَكَانَ آثَرَ النَّاسِ عِنْدَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ , فَبَلَغَ ذَلِكَ يَزِيدَ , فَعَزَلَهُ عَنْ مَكَّةَ وَوَلاَّهَا الْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ.(7/55)
1446- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ ابْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَاحِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ.
وَأُمُّهُ أُمَامَةُ بِنْتُ الدُّجِيجِ مِنْ غَسَّانَ.
فَوَلَدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدٍ زَيْدًا ، وَسَعِيدًا لاَ بَقِيَّةَ لَهُ , وَفَاطِمَةَ وَأُمُّهُمْ أُمُّ وَلَدٍ , وَعَمْرَو بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَأُمُّهُ مِنْ بَنِي خَطْمَةَ , وَيُقَالُ بَلْ أُمُّهُ أُمُّ ثَابِتٍ , وَيُقَالُ أُمُّ أُنَاسٍ بِنْتُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ.(7/55)
6746- أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُثْمَانَ مِنْ آلِ يَرْبُوعٍ قَالَ : دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو الْعَدَوِيُّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَكَانَ اسْمُهُ مُوسَى , فَسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ , فَثَبَتَ اسْمُهُ إِلَى الْيَوْمِ , وَذَلِكَ حِينَ أَرَادَ عُمَرُ أَنْ يُغَيِّرَ اسْمَ مَنْ تَسَمَّى بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ.(7/56)
6747- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ , عَنْ نَافِعٍ قَالَ : دُعِيَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ ، وَهُوَ يَسْتَجْمِرُ لِلْجُمُعَةِ , فَذَهَبَ إِلَيْهِ , وَذَهَبْنَا مَعَهُ , فَأَمَرَنِي , فَغَسَلْتُهُ وَابْنُ عُمَرَ يَصُبُّ الْمَاءَ وَغَسَلَ رَجُلٌ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَوَجْهَهُ , وَجَعَلَ الْمَاءَ فِي مَنْخِرَيْهِ وَفِي فِيهِ , ثُمَّ غَسَلَ عُنُقَهُ وَصَدْرَهُ وَفَرْجَهُ , وَقَدْ جَعَلَ عَلَى فَرْجِهِ خِرْقَةً أَوَّلَ ذَلِكَ حِينَ جَرَّدَهُ , فَغَسَلَهُ حَتَّى بَلَغَ قَدَمَيْهِ , ثُمَّ قَلَبَهُ , فَغَسَّلْنَا خَلْفَهُ كَمَا غَسَّلْنَا مُقَدَّمَهُ , ثُمَّ أَقْعَدَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَأَمْسَكَ رَجُلٌ بِمَنْكِبَيْهِ فَعَصَرَ بَطْنَهُ , وَرَجُلٌ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ , ثُمَّ نَفَضَ رَأْسَهُ هَذِهِ غَسْلَةٌ بِالْمَاءِ , ثُمَّ غَسَّلَهُ الثَّانِيَةَ بِالسِّدْرِ وَالْمَاءِ , ثُمَّ غَسَّلَهُ الثَّالِثَةَ بِالْمَاءِ وَالْكَافُورِ يُصِبْهُ عَلَيْهِ فَهَذِهِ ثَلاَثُ غَسَلاَتٍ , ثُمَّ جَفَّفَهُ فِي شَيْءٍ , ثُمَّ حَشَوْهُ قُطْنًا فِي مَنْخِرَيْهِ وَفِيهِ وَأُذُنَيْهِ وَدُبُرِهِ , ثُمَّ أُتِيَ بِهِ إِلَى أَكْفَانِهِ وَهِيَ خَمْسَةٌ , فَأُلْبِسَ الْقَمِيصَ غَيْرَ مُزَرَّرٍ , ثُمَّ حُنِّطَ فِي مُقَدَّمَهِ , وَعِنْدَ رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ حَتَّى بَلَغَ رِجْلَيْهِ , فَمَا فَضَّلَهُ جَعَلَهُ عَلَى رِجْلَيْهِ , ثُمَّ لَفَّ رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ بِعِمَامَةٍ , ثُمَّ أُدْرِجَ بِالأَثْوَابِ الثَّلاَثَةِ , فَأَدْخَلَهَا هَكَذَا وَهَكَذَا , وَلَمْ تُعْقَدْ , ثُمَّ قَالَ نَافِعٌ : هَكَذَا غُسِّلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ , وَوَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.(7/56)
1447- مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ ابْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ.
وَأُمُّهُ حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ وَأُمُّهَا أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ .
فَوَلَدَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ : إِبْرَاهِيمَ الأَعْرَجَ ، وَكَانَ شَرِيفًا صَارِمًا وَلاَّهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ خَرَاجَ الْعِرَاقِ , وَسُلَيْمَانَ بْنَ مُحَمَّدِ وَبِهِ كَانَ يُكْنَى , وَدَاوُدَ , وَأُمَّ الْقَاسِمِ وَأُمُّهُمْ خَوْلَةُ بِنْتُ مَنْظُورِ بْنِ زَبَّانَ بْنِ سَيَّارِ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَابِرِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ هِلاَلِ بْنِ سُمَيِّ بْنِ مَازِنِ بْنِ فَزَارَةَ , وَأَخُوهُمْ لأُمِّهِمْ حَسَنُ بْنُ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، أُمُّهُ أَيْضًا خَوْلَةُ بِنْتُ مَنْظُورِ بْنِ زَبَّانَ.(7/56)
6748- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُهَاجِرٍ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ : لَمَّا وَلَدَتْ حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ مُحَمَّدَ بْنَ طَلْحَةَ جَاءَتْ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ , فَقَالَتْ : سَمِّهِ يَا رَسُولَ اللهِ , فَقَالَ : اسْمُهُ مُحَمَّدٌ , وَكُنْيَتُهُ أَبُو سُلَيْمَانَ . لاَ أَجْمَعُ لَهُ بَيْنَ اسْمِي وَكُنْيَتِي.(7/57)
6749- أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ , عَنْ أَحَدِ ابْنَيْ طَلْحَةَ مُوسَى ، أَوْ عِيسَى ، شَكَّ يَزِيدُ ، حَدَّثَتْنِي ظِئْرُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ ، قَالَتْ : لَمَّا وُلِدَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ أَتَيْنَا بِهِ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ , فَقَالَ : مَا سَمَّيْتُمُوهُ ؟ قُلْنَا : مُحَمَّدًا . قَالَ : هَذَا سَمِيَّتِي , وَكُنْيَتُهُ أَبُو الْقَاسِمِ.(7/57)
6750- أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ ؛ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ طَلْحَةَ وَمُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ كَانَا يُكَنَّيَانِ بِأَبِي الْقَاسِمِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ وَمِنْ بَيْنِ أَهْلِ بَيْتِهِ يَقُولُ : كَانَتْ كُنْيَةُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ أَبَا الْقَاسِمِ , وَكَنَّى ابْنَهُ بِهَا وَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا ، وَكَانَ أَبُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ يَأْخُذُ بِالْكُنْيَةِ الأُولَى , فَكَانَتْ كُنْيَتُهُ أَبُو سُلَيْمَانَ كُنْيَةَ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ الَّتِي رُوِيَتْ لَنَا أَوَّلاَّ ، وَكَانَ أَهْلُ بَيْتِهِ يَعْرِفُونَ ذَلِكَ وَيَرْوُونَهُ.(7/57)
6751- أَخْبَرَنَا أَبُو هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ الْبَصْرِيُّ ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالاَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ , عَنْ هِلاَلِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ : نَظَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي عَبْدِ الْحَمِيدِ ، وَكَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا وَرَجُلٌ يَقُولُ لَهُ : فَعَلَ اللَّهُ بِكَ , وَفَعَلَ , وَجَعَلَ يَسُبُّهُ , فَقَالَ عُمَرُ عِنْدَ ذَلِكَ : يَا ابْنَ زَيْدٍ , ادْنُ مِنِّي أَلاَ أَرَى مُحَمَّدًا يُسَبُّ بِكَ وَاللَّهِ لاَ تُدْعَى مُحَمَّدًا مَا دُمْتُ حَيًّا , فَسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ . قَالَ : ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى بَنِي طَلْحَةَ وَهُمْ يَوْمَئِذٍ سَبْعَةٌ وَأَكْبَرُهُمْ وَسَيِّدُهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ , فَأَرَادَ أَنْ يُغَيِّرَ اسْمَهُ , فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , أَنْشُدُكَ اللَّهَ , فَوَاللَّهِ إِنْ سَمَّانِي مُحَمَّدًا لَمُحَمَّدٌ , فَقَالَ عُمَرُ : قُومُوا فَلاَ سَبِيلَ إِلَى شَيْءٍ سَمَّاهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.(7/57)
6752- أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْيَسَارِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُمَرِيُّ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : مَا ضَرَّ أَحَدَكُمْ لَوْ كَانَ فِي بَيْتِهِ مُحَمَّدٌ وَمُحَمَّدَانِ وَثَلاَثَةٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ يُسَمَّى السَّجَّادَ لِعِبَادَتِهِ وَفَضْلِهِ فِي نَفْسِهِ , وَقَدْ سَمِعَ مِنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يَنْزِلَ فِي قَبْرِ خَالَتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ زَوْجِ رَسُولِ اللهِ , وَشَهِدَ مَعَ أَبِيهِ الْجَمَلَ , فَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ , وَلَمَّا قَدِمُوا الْبَصْرَةَ , فَأَخَذُوا بَيْتَ الْمَالِ خَتَمَاهُ جَمِيعًا طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَتَدَافَعَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ حَتَّى كَادَتِ الصَّلاَةُ تَفُوتُ , ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُصَلِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ صَلاَةً وَمُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ صَلاَةً , فَذَهَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَتَقَدَّمُ فَأَخَّرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ , وَذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ يَتَقَدَّمُ فَأَخَّرَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ أَوَّلِ صَلاَةٍ , فَاقْتَرَعَا , فَقَرَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ , فَتَقَدَّمَ , فَقَرَأَ : {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ}.
قَالُوا : وَقَاتَلَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ يَوْمَ الْجَمَلِ قِتَالاَّ شَدِيدًا , فَلَمَّا لُحِمَ الأَمْرُ وَعُقِرَ الْجَمَلُ وَقُتِلَ كُلُّ مَنْ أَخَذَ بِخِطَامِهِ , فَتَقَدَّمَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ , فَأَخَذَ بِخِطَامِ الْجَمَلِ وَعَائِشَةُ عَلَيْهِ , فَقَالَ لَهَا : مَا تَرَيْنَ يَا أُمَّهْ ؟ قَالَتْ : أَرَى أَنْ تَكُونَ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ , فَلَمْ يَزَلْ كَافًّا , فَأَقْبَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُكَعْبِرٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللهِ بْنِ غَطَفَانَ حَلِيفٌ لِبَنِي أَسَدٍ , فَحَمَلَ عَلَيْهِ بِالرُّمْحِ , فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ : أُذَكِّرُكَ {حم} , فَطَعَنَهُ , فَقَتَلَهُ , وَيُقَالُ : الَّذِي قَتَلَهُ ابْنُ مُكَيْسٍ الأَزْدِيُّ ,(7/58)
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : مُعَاوِيَةُ بْنُ شَدَّادٍ الْعَبْسِيُّ , وَقَالَ بَعْضُهُمْ : عِصَامُ بْنُ الْمُقْشَعِرِّ النَّصْرِيُّ ، وَكَانَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ يُقَالُ لَهُ السَّجَّادُ ، وَكَانَ مِنْ أَطْوَلِ النَّاسِ صَلاَةً , وَقَالَ الَّذِي قَتَلَهُ :
وَأَشْعَثَ قَوَّامٍ بِآيَاتِ رَبِّهِ ... قَلِيلِ الأَذَى فِيمَا تَرَى الْعَيْنُ مُسْلِمِ
هَتَكْتُ لَهُ بِالرُّمْحِ جَيْبَ قَمِيصِهِ ... فَخَرَّ صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ
يُذَكِّرُنِي حَمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ... فَهَلاَّ تَلاَ حَمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ
عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ غَيْرَ أَنْ لَيْسَ تَابِعًا ... عَلِيًّا وَمَنْ لاَ يَتْبِعِ الْحَقَّ يَنْدَمِ
قَالُوا : وَأَفْرَجَ النَّاسُ يَوْمَ الْجَمَلِ عَنْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ أَلْفَ قَتِيلٍ , فَسَارَ عَلِيٌّ مِنْ لَيْلَتِهِ فِي الْقَتْلَى مَعَهُ النِّيرَانُ فَمَرَّ بِمُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ قَتِيلاَّ , فَرَدَّ رَأْسَهُ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ , فَقَالَ : يَا حَسَنُ , السَّجَّادُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ قَتِيلٌ كَمَا تَرَى , ثُمَّ قَالَ : أَبُوهُ صَرَعَهُ هَذَا الْمَصْرَعَ , وَقَالَ : لَوْلاَ أَبُوهُ وَبِرُّهُ بِهِ مَا خَرَجَ ذَلِكَ الْمَخْرَجَ ؛ لِوَرَعِهِ وَفَضْلِهِ , فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ : مَا كَانَ أَغْنَاكَ عَنْ هَذَا , فَقَالَ عَلِيٌّ : مَا لِي وَلَكَ يَا حَسَنُ . وَقَدْ كَانَ قَالَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ : يَا حَسَنُ , وَدَّ أَبُوكَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ مَاتَ قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ بِعِشْرِينَ سَنَةً.(7/59)
1448- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلاَبٍ.
وَأُمُّهُ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ وَأُمُّهَا أَرْوَى بِنْتُ كُرَيْزِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ وَأُمُّهَا أُمُّ حَكِيمٍ وَهِيَ الْبَيْضَاءُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ.
فَوَلَدَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ : قُرَيْرًا , وَأُمَّ الْقَاسِمِ , وَشُفَيَّةَ وَهِيَ الشِّفَاءُ وَأُمُّهُمْ أُمُّ الْقَاسِمِ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصِ بْنِ أُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ , وَعُمَرَ , وَالْمِسْوَرَ , وَسَعْدًا , وَصَالِحًا , وَزَكَرِيَّاءَ , وَأُمَّ عَمْرٍو وَأُمُّهُمْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصِ بْنُ أُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ , وَعَتِيقًا , وَحَفْصَةَ وَأُمُّهُمَا بِنْتُ مُطِيعِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ نَضْلَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَوِيجِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ , وَإِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ.
وَأُمُّهُ أُمُّ مُوسَى بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ , وَعُثْمَانَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ.
وَأُمُّهُ عَلْيَاءُ بِنْتُ مَعْرُوفِ بْنِ عَامِرِ بْنِ خِرْنِقٍ , وَهُودَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ , وَشُفَيَّةَ الصُّغْرَى وَأُمُّهُمَا أُمُّ وَلَدٍ , وَالزُّبَيْرَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ , وَأُمَّ عَبَّادٍ وَأُمُّهُمَا أُمُّ وَلَدٍ , وَأُمَّ عَمْرٍو الصُّغْرَى لأُمِّ وَلَدٍ , وَالْوَلِيدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ لأُمِّ وَلَدٍ ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ يُكْنَى أَبَا إِسْحَاقَ.(7/59)
6753- أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى , وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ ، قَالُوا : أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ , عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَرَّقَ بَيْتَ رُوَيْشِدٍ الثَّقَفِيِّ ، وَكَانَ حَانُوتًا لِلشَّرَابِ ، وَكَانَ عُمَرُ قَدْ نَهَاهُ , فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَلْتَهِبُ كَأَنَّهُ جَمْرَةٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَلاَ نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ وَلَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفِ رَوَى عَنْ عُمَرَ سَمَاعًا وَرُؤْيَةً غَيْرَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفِ , وَقَدْ رَوَى أَيْضًا عَنْ أَبِيهِ , وَعَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ , وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ , وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ , وَأَبِي بَكْرَةَ . وَتُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً.(7/60)
1449- مَالِكُ بْنُ أَوْسِ ابْنِ الْحَدَثَانِ أَحَدُ بَنِي نَصْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلاَنَ بْنِ مُضَرَ . يَقُولُونَ : إِنَّهُ رَكِبَ الْخَيْلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَكَانَ قَدِيمًا ، وَلَكِنَّهُ تَأَخَّرَ إِسْلاَمُهُ , وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ , وَلاَ رَوَى عَنْهُ شَيْئًا , وَقَدْ رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ , وَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ.(7/60)
1450- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدٍ
الْقَارِيُّ ، وَهُوَ مِنَ الْقَارَةِ , وَالْقَارَةُ وَلَدُ مُحَلَّمِ بْنِ غَالِبِ بْنِ عَائِذَةَ بْنِ يَيْثَعَ بْنِ مَلِيحِ بْنِ الْهُونِ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ , وَإِنَّمَا سُمُّوا الْقَارَةَ لأَنَّ يَعْمَرَ الشَّدَّاخَ بْنَ عَوْفٍ اللَّيْثِيَّ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَهُمْ فِي بُطُونِ كِنَانَةَ , فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ :
دَعُونَا قَارَةً لاَ تُنْفِرُونَا ... فَنُجْفِلَ مِثْلَ إِجْفَالِ الظَّلِيمِ
فَسُمُّوا بِذَلِكَ الْقَارَةَ , وَفِيهِمْ يَقُولُ الْقَائِلُ : قَدْ أَنْصَفَ الْقَارَةَ مَنْ رَامَاهَا , وَكَانُوا رُمَاةً , وَالْقَارَةُ مِنَ الأَحَابِيشِ , وَالأَحَابِيشُ : الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ , وَالْمُصْطَلِقُ وَاسْمُهُ جَذِيمَةُ , وَالْحَيَا وَاسْمُهُ عَامِرٌ ابْنَا سَعْدٍ مِنْ خُزَاعَةَ وَعَضَلَ , وَالْقَارَةُ مِنْ وَلَدِ الْهُونِ بْنِ خُزَيْمَةَ , وَعَضَلُ هُوَ ابْنُ الدِّيشِ بْنِ مُحَلَّمٍ , وَسُمُّوا أَحَابِيشَ ؛ لأَنَّهُمْ تَحَبَّشُوا أَيْ : تَجَمَّعُوا وَهُمْ جَمِيعًا حُلَفَاءُ لِقُرَيْشٍ عَلَى بَنِي بَكْرٍ , وَيُقَالُ : تَحَالَفُوا عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ حُبْشِيٌّ عَلَى عَشَرَةِ أَمْيَالٍ مِنْ مَكَّةَ فَسُمُّوا بِهِ الأَحَابِيشَ وَحَالَفَتِ الْقَارَةُ خَاصَّةَ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلاَبٍ حِلْفًا صَحِيحًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ , وَتَزَوَّجُوا فِي بَنِي زُهْرَةَ حَيْثُ شَاؤُوا , وَعَامَّةُ أُمَّهَاتِهِمْ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ.
وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدٍ الْقَارِيُّ عَنْ عُمَرَ , وَرَوَى عَنْهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ , وَتُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ ثَمَانِينَ فِي خِلاَفَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَلَى الْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ ، وَكَانَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ يَوْمَ تُوُفِّيَ ثَمَانٍ وَسَبْعُونَ سَنَةً.(7/61)
1451- إِبْرَاهِيمُ بْنُ قَارِظِ ابْنِ أَبِي قَارِظٍ ، وَاسْمُهُ خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَبْذُولِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ .
دَخَلَ أَبُو قَارِظٍ مَكَّةَ ، وَكَانَ جَمِيلاَّ شَاعِرًا , فَقَالَتْ قُرَيْشٌ : حَلِيفُنَا وَعَقِيدُنَا وَأَخُونَا وَنَاصِرُنَا وَمُلْتَقَى أَكُفِّنَا . تَعْنِي بِمُلْتَقَى أَكُفِّنَا أَيْ : كُلُّنَا يَدٌ مَعَهُ , فَكُلُّهُمْ دَعَاهُ عَلَى أَنْ يُنْزِلَهُ وَيُزَوِّجَهُ , فَقَالَ : امْهِلُونِي ثَلاَثًا , فَخَرَجَ إِلَى حِرَاءٍ , فتعَبَّدَ فِي رَأْسِهِ ثَلاَثًا , ثُمَّ نَزَلَ وَقَدْ أَجْمَعَ أَنْ يُحَالِفَ أَوَّلَ رَجُلٍ يَلْقَاهُ مِنْ قُرَيْشٍ , فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ لَقِيَ عَبْدَ عَوْفِ بْنَ عَبْدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ جَدَّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ , فَأَخَذَ بِيَدِهِ , وَخَرَجا حَتَّى دَخَلاَ الْمَسْجِدَ , فَوَقَفَا عِنْدَ الْبَيْتِ , وَتَحَالَفَا وَشَدَّ لَهُ عَبْدُ عَوْفٍ الْحِلْفَ . وَقَدْ سَمِعَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ قَارِظٍ مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ : عَضَلَ بِي أَهْلُ الْكُوفَةِ مَا يَرْضَوْنَ بِأَمِيرٍ , وَلاَ يَرْضَى عَنْهُمْ أَمِيرٌ.(7/61)
1452- عَبْدُ اللهِ بْنُ عُتْبَةَ ابْنِ مَسْعُودِ بْنِ غَافِلِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ شَمْخِ بْنِ فَارِ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ صَاهِلَةَ بْنِ كَاهِلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ هُذَيْلٍ , حُلَفَاءُ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلاَبٍ , وَيُكَنَّى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ.(7/62)
6754- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُتْبَةَ عَلَى السُّوقِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْقِطْنِيَّةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللهِ بْنُ عُتْبَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى الْكُوفَةِ , فَنَزَلَهَا وَتُوُفِّيَ بِهَا فِي خِلاَفَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فِي وِلاَيَةِ بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ عَلَى الْعِرَاقِ ، وَكَانَ ثِقَةً رُفَيْعًا كَثِيرَ الْحَدِيثِ وَالْفُتْيَا فَقِيهًا.(7/62)
1453- نَوْفَلُ بْنُ إِيَاسٍ الْهُذَلِيُّ
6755- أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ , عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ , عَنْ نَوْفَلِ بْنِ إِيَاسٍ الْهُذَلِيِّ قَالَ : كُنَّا نَقُومُ فِي عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِرَقًا فِي الْمَسْجِدِ فِي رَمَضَانَ هَاهُنَا وَهَاهُنَا , فَكَانَ النَّاسُ يَمِيلُونَ إِلَى أَحْسَنِهِمْ صَوْتًا , فَقَالَ عُمَرُ : أَلاَ أُرَاهُمْ قَدِ اتَّخَذُوا الْقُرْآنَ أَغَانِيَ , أَمَا وَاللَّهِ لَئِنِ اسْتَطَعْتُ لأُغَيِّرَنَّ هَذَا . قَالَ : فَلَمْ يَمْكُثْ إِلاَّ ثَلاَثَ لَيَالٍ حَتَّى أَمَرَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَصَلَّى بِهِمْ , ثُمَّ قَامَ فِي آخِرِ الصُّفُوفِ , فَقَالَ : لَئِنْ كَانَتْ هَذِهِ بِدْعَةً لَنِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هِيَ.(7/62)
1454- الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو
الْهُذَلِيُّ ، وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , وَرَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَحَادِيثَ مِنْهَا كِتَابُهُ إِلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ فِي الصَّلاَةِ , وَقَدْ رَوَى أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ , وَمَاتَ الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو سَنَةَ سَبْعِينَ.(7/63)
1455- عَبْدُ اللهِ بْنُ سَاعِدَةَ
الْهُذَلِيُّ ، وَيُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ ، رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
6756- أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ , عَنْ عُثْمَانَ الأَخْنَسِيِّ , عَنِ ابْنِ سَاعِدَةَ الْهُذَلِيِّ قَالَ : رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَضْرِبُ التُّجَّارَ بِدِرَّتِهِ إِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى الطَّعَامِ بِالسُّوقِ حَتَّى يَدْخُلُوا سِكَكَ أَسْلَمَ , وَيَقُولُ : لاَ تَقْطَعُوا عَلَيْنَا سَابِلَتَنَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ.(7/63)
1456- النَّضْرُ بْنُ سُفْيَانَ
الْهُذَلِيُّ ، رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ.(7/64)
1457- عَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصِ ابْنِ مِحْصَنِ بْنِ كَلَدَةَ بْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ طَرِيفِ بْنِ عُتْوَارَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ , وَقَدْ رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ , وَلَهُ دَارٌ بِالْمَدِينَةِ فِي بَنِي لَيْثٍ , وَلَهُ بِهَا عَقِبٌ . مِنْ وَلَدِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ الَّذِي رَوَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , وَتُوُفِّيَ عَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلاَفَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ.(7/64)
1458- عَبْدُ اللهِ بْنُ شَدَّادِ ابْنِ أُسَامَةَ بْنِ عَمْرٍو وَعَمْرٌو هُوَ الْهَادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ بِشْرِ بْنِ عَتُوَارَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ لَيْثٍ.
وَأُمُّهُ سَلْمَى بِنْتُ عُمَيْسٍ أُخْتُ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ الْخَثْعَمِيَّةِ , وَإِنَّمَا سُمِّيَ عَمْرٌو الْهَادِيَ ؛ لأَنَّهُ كَانَ تُوقَدُ نَارُهُ لَيْلاَّ لِلأَضْيَافِ , وَلِمَنْ سَلَكَ الطَّرِيقَ , وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللهِ بْنُ شَدَّادٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ ، وَكَانَ شِيعِيًّا.
6757- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ : عَبْدُ اللهِ بْنُ شَدَّادٍ أَخُو ابْنَةِ حَمْزَةَ لأُمِّهَا.(7/64)
6758- أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ قَالَ : أَتَدْرُونَ مَا كَانَتِ ابْنَةُ حَمْزَةَ مِنِّي ؟ كَانَتْ أُخْتِي لأُمِّي.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ شَدَّادٍ يَأْتِي الْكُوفَةَ كَثِيرًا فَيَنْزِلُهَا , وَخَرَجَ فِيمَنْ خَرَجَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ , فَقُتِلَ يَوْمَ دُجَيْلٍ.(7/65)
1459- جَعْوَنَةُ بْنُ شَعُوبَ
وَهُوَ مِنْ وَلَدِ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَعْوَنَةَ بْنِ عَوِيرَةَ بْنِ شِجْعِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لَيْثٍ . وَشَعُوبُ امْرَأَةٌ مِنْ خُزَاعَةَ , وَهِيَ أُمُّ الأَسْوَدِ ، وَكَانَ الأَسْوَدُ حَلِيفًا لأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ وَشَهِدَ مَعَهُ أُحُدًا ، وَهُوَ الَّذِي أَنْقَذَهُ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ قَتَلَ حَنْظَلَةَ الْغَسِيلَ , وَسَمِعَ جَعْوَنَةُ بْنُ شَعُوبَ مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.(7/65)
1460- حِمَاسٌ اللَّيْثِيُّ
مِنْ بَنِي كِنَانَةَ ، وَهُوَ أَبُو أَبِي عَمْرِو بْنِ حِمَاسٍ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَهُ دَارٌ بِالْمَدِينَةِ , وَقَدْ رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَكَانَ شَيْخًا قَلِيلَ الْحَدِيثِ.(7/65)
1461- عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ ابْنِ جَحْشِ بْنِ رِئَابِ بْنِ يَعْمَرَ بْنِ صَبِرَةَ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَبِيرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ دُودَانَ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ حُلَفَاءُ بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ.(7/65)
1462- مَلِيحُ بْنُ عَوْفٍ السُّلَمِيُّ(7/65)
6759- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْفُضَيْلِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنْ مَلِيحِ بْنِ عَوْفٍ السُّلَمِيِّ قَالَ : بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ صَنَعَ بَابًا مُبَوَّبًا مِنْ خَشَبِ عَلَى بَابِ دَارِهِ , وَخَصَّ عَلَى قَصْرِهِ خُصًّا مِنْ قَصَبٍ , فَبَعَثَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ وَأَمَرَنِي بِالْمَسِيرِ مَعَهُ . وَكُنْتُ دَلِيلاَّ بِالْبِلاَدِ , فَخَرَجْنَا , وَقَدْ أَمَرَهُ أَنْ يُحْرِقَ ذَلِكَ الْبَابَ وَذَلِكَ الْخُصَّ , وَأَمَرَهُ أَنْ يُقِيمَ سَعْدًا لأَهْلِ الْكُوفَةِ فِي مَسَاجِدِهِمْ ؛ وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ بَلَغَهُ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنَّ سَعْدًا حَابَى فِي بَيْعِ خُمْسٍ بَاعَهُ . فَانْتَهَيْنَا إِلَى دَارِ سَعْدٍ فَأَحْرَقَ الْبَابَ وَالْخُصَّ , وَأَقَامَ مُحَمَّدٌ سَعْدًا فِي مَسَاجِدِهَا , فَجَعَلَ يَسْأَلُهُمْ عَنْ سَعْدٍ وَيُخْبِرُهُمْ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَهُ بِهَذَا فَلاَ يَجِدُ أَحَدًا يُخْبِرُهُ إِلاَّ خَيْرًا.(7/66)
1463- سُنَيْنٌ أَبُو جَمِيلَةَ
رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ مِنْ أَنْفُسِهِمْ . لَهُ أَحَادِيثُ . سَمِعَ مِنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَفِي حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سُنَيْنٍ أَبِي جَمِيلَةَ السَّلِيطِيِّ ، وَكَانَ مَنْزِلُهُ بِالْعُمْقِ.
6760- أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ سَمِعَ سُنَيْنًا أَبَا جَمِيلَةَ يَقُولُ : وَجَدْتُ مَنْبُوذًا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ , فَذَكَرَهُ عَرِيفِي لَهُ , فَأَرْسَلَ إِلَيَّ , فَدَعَانِي , فَقَالَ لِي : هُوَ حُرٌّ , وَوَلاَؤُهُ لَكَ , وَعَلَيْنَا رَضَاعَهُ.(7/66)
1464- مَالِكُ بْنُ أَبِي عَامِرِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ غَيْمَانَ بْنِ خُثَيْلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ، وَهُوَ ذُو أَصْبَحَ بْنِ عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نَبْتِ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ كَهْلاَنَ بْنِ سَبَأِ بْنِ مُعْرِبِ ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ مُعْرِبًا لِفَصَاحَتِهِ ؛ لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أَقَامَ اللِّسَانَ الْعَرَبِيَّ ، بْنِ مُهَرِّمٍ ، وَهُوَ قَحْطَانُ بْنُ الْهَمَيْسَعِ بْنِ تَيْمِنَ بْنِ قَيْسِ بْنِ نَبْتِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ . هَكَذَا نَسَبَهُ لِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ ابْنِ عَمِّ مَالِكِ بْنِ أَنَسِ ، وَهُوَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَقِيهُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ وَلَدِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ.(7/66)
6761- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمُّ جَدِّي ، الرَّبِيعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ ، وَهُوَ عَمُّ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الْمُفْتِي عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ بِطَرِيقِ مَكَّةَ فِي حَجٍّ أَوْ عَمْرَةٍ تَحْتَ قَفْلَةٍ يَعْنِي شَجَرَةً إِذْ قَالَ لِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ : يَا مَالِكُ . قَالَ : قُلْتُ : مَا تَشَاءُ ؟ قَالَ : هَلْ لَكَ إِلَى مَا دَعَانَا إِلَيْهِ غَيْرُكَ ؟ فَأَبَيْنَاهُ عَلَيْهِ . قَالَ : قُلْتُ : إِلَى مَاذَا ؟ قَالَ : إِلَى أَنْ يَكُونَ دَمُّنَا دَمَّكَ , وَهَدْمُنَا هَدْمَكَ , وَبِاللَّهِ الْقَائِلِ مَا بَلَّ بَحْرٌ صُوفَةً قَالَ : مَالَكَ , فَأَجَبْتُهُ إِلَى ذَلِكَ , فَعِدَادُهُمُ الْيَوْمَ فِي بَنِي تَيْمٍ لِهَذَا السَّبَبِ.(7/67)
6762- أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ , عَنْ عَمِّهِ جَرِيرِ بْنِ زَيْدِ , عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ قَالَ : شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ وَأَصَابَهُ حَجَرٌ فَدَمَّاهُ , وَنَادَى رَجُلٌ رَجُلاَّ : يَا خَلِيفَةُ ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمَ : ذَهَبَ وَاللَّهِ خَلِيفَتُكُمْ أُسْعِرَ دَمًا , وَنَادَى رَجُلٌ يَا خَلِيفَةُ , فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ أُصِيبَ عُمَرُ وَقَدْ رَوَى مَالِكُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ عَنْ عُمَرَ , وَعُثْمَانَ , وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ , وَأَبِي هُرَيْرَةَ . ، وَكَانَ ثِقَةً وَلَهُ أَحَادِيثُ صَالِحَةٌ.(7/67)
1465- عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ مِنْ حُلَفَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ . سَمِعَ مِنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَرَوَى عَنْهُ.
6763- أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْحَضْرَمِيِّ ؛ جَاءَ بِغُلاَمٍ لَهُ قَدْ سَرَقَ إِلَى عُمَرَ.
قَالَ : وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.(7/67)
1466- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبِ ابْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ ، وَهُوَ مِنْ لَخْمٍ . أَحَدُ بَنِي رَاشِدَةَ بْنِ أَذَبَّ بْنِ جَزِيلَةَ بْنِ لَخْمٍ , حُلَفَاءُ بَنِي عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ، وَكَانَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُكْنَى أَبَا يَحْيَى , وَوُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , وَرَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.(7/68)
1467- مُحَمَّدُ بْنُ الأَشْعَثِ ابْنِ قَيْسِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَبَلَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الأَكْرَمِينَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَارِثِ الأَكْبَرُ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ ثَوْرِ بْنِ مُرَتِّعِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ كِنْدَيِّ بْنِ عُفَيْرٍ.
وَأُمُّهُ أُمُّ فَرْوَةَ بِنْتُ أَبِي قُحَافَةَ عُثْمَانَ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمٍ.
6764- أَخْبَرَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الأَشْعَثِ كَانَ يُكْنَى أَبَا الْقَاسِمِ ، وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَى عَائِشَةَ , فَيَكْنُونَهُ بِأَبِي الْقَاسِمِ وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الأَشْعَثِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ ؛ أَنَّهُ سَأَلَهُمَا عَنْ عَمَّةٍ لَهُ يَهُودِيَّةٍ مَاتَتْ.(7/68)
1468- عَبْدُ اللهِ بْنُ حَنْظَلَةَ
الْغَسِيلِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ الرَّاهِبُ , وَاسْمُهُ عَبْدُ عَمْرِو بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَمَةَ بْنِ ضُبَيْعَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الأَوْسِ.
وَأُمُّهُ جَمِيلَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولَ مِنْ بَلْحُبْلَى.
فَوَلَدَ عَبْدُ اللهِ بْنُ حَنْظَلَةَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ , وَحَنْظَلَةَ وَأُمُّهُمَا أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي صَيْفِيِّ بْنِ أَبِي عَامِرِ بْنِ صَيْفِيٍّ , وَعَاصِمًا , وَالْحَكَمَ وَأُمُّهُمَا فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحَكَمِ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ , وَأَنَسًا , وَفَاطِمَةَ وَأُمُّهُمَا سَلْمَى بِنْتُ أَنَسِ بْنِ مُدْرِكٍ مِنْ خَثْعَمَ ,(7/68)
وَسُلَيْمَانَ , وَعُمَرَ , وَأَمَةَ اللهِ وَأُمُّهُمْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ وَحْوَحِ بْنِ الأَسَلْتِ بْنِ جُشَمَ بْنِ وَائِلِ بْنِ زَيْدٍ مِنَ الْجَعَادِرَةِ مِنَ الأَوْسِ , وَسُوَيْدًا , وَمَعْمَرًا , وَعَبْدَ اللهِ , وَالْحُرَّ , وَمُحَمَّدًا , وَأُمَّ سَلَمَةَ , وَأُمَّ حَبِيبٍ , وَأُمَّ الْقَاسِمِ , وَقَرِيبَةَ , وَأُمَّ عَبْدِ اللهِ وَأُمُّهُمْ أُمُّ سُوَيْدٍ بِنْتُ خَلِيفَةَ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ عَمْرٍو مِنْ خُزَاعَةَ.
وَكَانَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ لَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى أُحُدٍ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ جَمِيلَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولَ , فَعَلِقَتْ بِعَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْظَلَةَ فِي شَوَّالٍ عَلَى رَأْسِ اثْنَيْنِ وَثَلاَثِينَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ , وَقُتِلَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ يَوْمَئِذٍ شَهِيدًا , فَغَسَّلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ , فَيُقَالُ لِوَلَدِهِ بَنُو غَسِيلِ الْمَلاَئِكَةِ . وَوَلَدَتْ جَمِيلَةُ عَبْدَ اللهِ بْنَ حَنْظَلَةَ بَعْدَ ذَلِكَ بِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ , فَقُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ , وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ قَدْ رَأَى رَسُولَ اللهِ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ , وَقَدْ رَوَى عَنْ عُمَرَ.(7/69)
6765- أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ , عَنْ ضَمْضَمَ بْنِ جَوْسٍ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ الرَّاهِبِ قَالَ : صَلَّى بِنَا عُمَرُ صَلاَةَ الْمَغْرِبِ , فَلَمْ يَقْرَأْ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى شَيْئًا , فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّانِيَةِ قَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ , ثُمَّ عَادَ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ , ثُمَّ صَلَّى حَتَّى فَرَغَ , ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ , ثُمَّ سَلَّمَ.(7/69)
6766- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ , عَنْ أَبِيهِ (ح) قَالَ : وَأَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ , عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَسَّانَ (ح) قَالَ : وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى , عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيم , عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ , وَعَنْ غَيْرِهِمْ أَيْضًا كُلٌّ قَدْ حَدَّثَنِي ، قَالُوا : لَمَّا وَثَبَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَيَالِيَ الْحَرَّةِ , فَأَخْرَجُوا بَنِي أُمَيَّةَ عَنِ الْمَدِينَةِ , وَأَظْهَرُوا عَيْبَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَخِلاَفَهُ ، أَجْمَعُوا عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْظَلَةَ , فَأَسْنَدُوا أَمْرَهُمْ إِلَيْهِ , فَبَايَعَهُمْ عَلَى الْمَوْتِ , وَقَالَ : يَا قَوْمُ , اتَّقُوا اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ , فَوَاللَّهِ مَا خَرَجْنَا عَلَى يَزِيدَ حَتَّى خِفْنَا أَنْ نُرْمَى بِالْحِجَارَةِ مِنَ السَّمَاءِ . إِنَّ رَجُلاَّ يَنْكِحُ الأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتَ وَالأَخَوَاتِ , وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ , وَيَدَعُ الصَّلاَةَ , وَاللَّهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعِي أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ لأَبْلَيْتُ لِلَّهِ فِيهِ بَلاَءً حَسَنًا , فَتَوَاثَبَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يُبَايِعُونَ مِنْ كُلِّ النَّوَاحِي ، وَمَا كَانَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْظَلَةَ تِلْكَ اللَّيَالِي مَبِيتٌ إِلاَّ الْمَسْجِدُ ، وَمَا كَانَ يَزِيدُ عَلَى شَرْبَةٍ مِنْ سَوِيقٍ يُفْطِرُ عَلَيْهَا إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْغَدِ يُؤْتَى بِهَا فِي الْمَسْجِدِ يَصُومُ الدَّهْرُ , وَمَا رُئِيَ رَافِعًا إِلَى السَّمَاءِ إِخْبَاتا ,(7/69)
فَلَمَّا دَنَا أَهْلُ الشَّامِ مِنْ وَادِي الْقُرَى صَلَّى عَبْدُ اللهِ بْنُ حَنْظَلَةَ بِالنَّاسِ الظُّهْرَ , ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا خَرَجْتُمْ غَضَبًا لِدِينِكُمْ , فَأَبْلُوا لِلَّهِ بَلاَءً حَسَنًا لِيوجِبْ لَكُمْ بِهِ مَغْفِرَتَهُ وَيُحِلَّ بِهِ عَلَيْكُمْ رِضْوَانَهُ.
قَدْ خَبَّرَنِي مَنْ نَزَلَ مَعَ الْقَوْمِ السُّوَيْدَاءَ , وَقَدْ نَزَلَ الْقَوْمُ الْيَوْمَ ذَا خَشَبٍ وَمَعَهُمْ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ , وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مُحَيِّنُهُ بِنَقْضِهِ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , فَتَصَايَحَ النَّاسُ , وَجَعَلُوا يَنَالُونَ مِنْ مَرْوَانَ وَيَقُولُونَ : الْوَزَغُ ابْنُ الْوَزَغ , وَجَعَلَ ابْنُ حَنْظَلَةَ يُهَدِّئَهُمْ وَيَقُولُ : إِنَّ الشَّتْمَ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَكِنِ اصْدِقُوهُمُ اللِّقَاءَ , وَاللَّهِ مَا صَدَقَ قَوْمٌ قَطُّ إِلاَّ حَازُوا النَّصْرَ بِقُدْرَةِ اللهِ , ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّا بِكَ وَاثِقُونَ , وَبِكَ آمَنَّا , وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا , وَإِلَيْكَ أَلْجَأْنَا ظُهُورَنَا , ثُمَّ نَزَلَ.
وَصَبَّحَ الْقَوْمُ الْمَدِينَةَ , فَقَاتَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ قِتَالاَّ شَدِيدًا حَتَّى كَثَرَهُمْ أَهْلُ الشَّامِ , وَدَخَلَتِ الْمَدِينَةُ مِنَ النَّوَاحِي كُلِّهَا , فَلَبِسَ عَبْدُ اللهِ بْنُ حَنْظَلَةَ يَوْمَئِذٍ دِرْعَيْنِ , وَجَعَلَ يَحُضُّ أَصْحَابَهُ عَلَى الْقِتَالِ , فَجَعَلُوا يُقَاتِلُونَ , وَقُتِلَ النَّاسُ , فَمَا تُرَى إِلاَّ رَايَةُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْظَلَةَ مُمْسِكًا بِهَا مَعَ عِصَابَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ , وَحَانَتِ الظُّهْرُ , فَقَالَ لِمَوْلًى لَهُ : احْمِ لِي ظَهْرِي حَتَّى أُصَلِّي الظُّهْرَ أَرْبَعًا مُتَمَكِّنًا , فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ قَالَ لَهُ مَوْلاَهُ : وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا بَقِيَ أَحَدٌ , فَعَلاَمَ نُقِيمُ ، وَلِوَاؤُهُ قَائِمٌ مَا حَوْلَهُ خَمْسَةٌ ؟ فَقَالَ : وَيْحَكَ إِنَّمَا خَرَجْنَا عَلَى أَنْ نَمُوتَ .(7/70)
ثُمَّ انْصَرَفَ مِنَ الصَّلاَةِ وَبِهِ جِرَاحَاتٌ كَثِيرَةٌ , فَتَقَلَّدَ السَّيْفَ وَنَزَعَ الدِّرْعَ , وَلَبِسَ سَاعِدَيْنِ مِنْ دِيبَاجٍ , ثُمَّ حَثَّ النَّاسَ عَلَى الْقِتَالِ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ كَالأَنْعَامِ الشُّرَّدِ , وَأَهْلُ الشَّامِ يَقْتُلُونَهُمْ فِي كُلِّ وَجْهٍ , فَلَمَّا هُزِمَ النَّاسُ , طَرَحَ الدِّرْعَ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ سِلاَحٍ , وَجَعَلَ يُقَاتِلُهُمْ ، وَهُوَ حَاسِرٌ حَتَّى قَتَلُوهُ . ضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ فَقَطَعَ مَنْكِبَيْهِ حَتَّى بَدَا سَحْرُهُ وَوَقَعَ مَيِّتًا , فَجَعَلَ مُسْرِفٌ يَطُوفُ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فِي الْقَتْلَى وَمَعَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَمَرَّ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْظَلَةَ ، وَهُوَ مَادٌّ إِصْبَعَهُ السَّبَّابَةَ ، فَقَالَ مَرْوَانُ : أَمَا وَاللَّهِ , لَئِنْ نَصَبْتَهَا مَيِّتًا لَطَالَ مَا نَصَبْتَهَا حَيًّا.
وَلَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ حَنْظَلَةَ لَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ مَقَامٌ , فَانْكَشَفُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ ، وَكَانَ الَّذِي وَلِيَ قَتْلَ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْظَلَةَ رَجُلاَنِ شُرَّعًا فِيهِ جَمِيعًا وَحَزَّا رَأْسَهُ , وَانْطَلَقَ بِهِ أَحَدُهُمَا إِلَى مُسْرِفٍ ، وَهُوَ يَقُولُ : رَأْسُ أَمِيرِ الْقَوْمِ , فَأَوْمَأَ مُسْرِفٌ بِالسُّجُودِ ، وَهُوَ عَلَى دَابَّتِهِ , وَقَالَ : مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ . قَالَ : مَا اسْمُكَ ؟ قَالَ : مَالِكٌ . قَالَ : فَأَنْتَ وَلَّيْتَ قَتْلَهُ وَحَزَّ رَأْسِهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ . وَجَاءَ الآخَرُ رَجُلٌ مِنَ السُّكُونِ , مِنْ أَهْلِ حِمْصَ , يُقَالُ لَهُ : سَعْدُ بْنُ الْجَوْنِ , فَقَالَ : أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ نَحْنُ شَرَعْنَا فِيهِ رُمْحَيْنَا , فَأَنْفَذْنَاهُ بِهِمَا , ثُمَّ ضَرَبْنَاهُ بِسَيْفِينَا حَتَّى تَثَلَّمَا مِمَّا يَلْتَقِيَانِ. قَالَ الْفَزَارِيُّ : بَاطِلٌ . قَالَ السَّكُونِيُّ : فَأَحْلَفَهُ بِالطَّلاَقِ وَالْحُرِّيَةِ , فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَحَلَفَ السَّكُونِيُّ عَلَى مَا قَالَ , فَقَالَ مُسْرِفٌ : أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَحْكُمُ فِي أَمْرِكُمَا , فَأَبْرَدَهُمَا , فَقَدِمَا عَلَى يَزِيدَ بِقَتْلِ أَهْلِ الْحَرَّةِ , وَبِقَتْلِ ابْنِ حَنْظَلَةَ , فَأَجَازَهُمَا بِجَوَائِزَ عَظِيمَةٍ , وَجَعَلَهُمَا فِي شَرَفٍ مِنَ الدِّيوَانِ , ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ , فَقُتِلاَ فِي حِصَارِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : وَكَانَتِ الْحَرَّةُ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ.(7/71)
6767- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ كِنَانَةَ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ حَنْظَلَةَ بَعْدَ مَقْتَلِهِ فِي النَّوْمِ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ , مَعَهُ لِوَاؤُهُ , فَقُلْتُ : أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ , أَمَا قُتِلْتَ ؟ قَالَ : بَلَى . وَلَقِيتُ رَبِّي فَأَدْخَلَنِي الْجَنَّةَ , فَأَنَا أَسْرَحُ فِي ثِمَارِهَا حَيْثُ شِئْتُ , فَقُلْتُ : أَصْحَابُكَ مَا صُنِعَ بِهِمْ ؟ قَالَ : هُمْ مَعِي حَوْلَ لِوَائِي هَذَا الَّذِي تَرَى . لَمْ يُحَلَّ عَقْدَهُ حَتَّى السَّاعَةِ قَالَ : فَفَزِعْتُ مِنَ النَّوْمِ , فَرَأَيْتُ أَنَّهَ خَيْرٌ رَأَيْتُهُ لَهُ.(7/71)
1469- مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو ابْنِ حَزْمِ بْنِ زَيْدِ بْنِ لَوْذَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ وَيُكَنَّى أَبَا عَبْدِ الْمَلِكِ.
وَأُمُّهُ عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَمَّازٍ مِنْ بَنِي حِبَالَةَ بْنِ غَنْمٍ مِنْ غَسَّانَ حَلِيفِ بَنِي سَاعِدَةَ مِنَ الخَزْرَجِ.
فَوَلَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عُثْمَانَ وَأَبَا بَكْرٍ الْفَقِيهَ , وَأُمَّ كُلْثُومٍ وَأُمُّهُمْ كَبْشَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ بْنِ عُدُسٍ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ , وَعَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مُحَمَّدٍ , وَعَبْدَ اللهِ , وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ , وَأُمَّ عَمْرٍو وَأُمُّهُمْ ثُبَيْتَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ عَمْرِو بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ خَلْدَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ بَيَاضَةَ.
كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَدِ اسْتَعْمَلَ عَمْرَو بْنَ حَزْمٍ عَلَى نَجْرَانَ الْيَمَنِ , فَوُلِدَ لَهُ هُنَالِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم سَنَةَ عَشْرٍ مِنَ الْهِجْرَةِ غُلاَمٌ , فَأَسْمَاهُ مُحَمَّدًا , وَكَنَّاهُ أَبَا سُلَيْمَانَ , وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ أَنْ سَمِّهِ مُحَمَّدًا , وَاكْنِهِ أَبَا عَبْدِ الْمَلِكِ , فَفَعَلَ.(7/72)
6768- أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ , وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، قَالاَ : أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَمَعَ كُلَّ غُلاَمٍ اسْمُهُ اسْمُ نَبِيٍّ فَأَدْخَلَهُمُ الدَّارَ لِيُغَيِّرَ أَسْمَاءَهُمْ , فَجَاءَ آبَاؤُهُمْ , فَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ سَمَّى عَامَّتُهُمْ , فَخَلَّى عَنْهُمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَكَانَ أَبِي فِيهِمْ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عُمَرَ ، وَسَمِعَ مِنْهُ ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.(7/72)
6769- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , عَنْ مَالِكٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ؛ أَنَّهُ اشْتَرَى مِطْرَفَ خَزٍّ بِسَبْعِمِئَةٍ , فَكَانَ يَلْبَسْهُ.(7/73)
6770- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ : كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَدْ أَكْثَرَ أَيَّامَ الْحَرَّةِ فِي أَهْلِ الشَّامِ الْقَتْلَ ، وَكَانَ يَحْمِلُ عَلَى الْكُرْدُوسِ مِنْهُمْ فَيَفُضَّ جَمَاعَتَهُمْ ، وَكَانَ فَارِسًا . قَالَ : فَقَالَ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ : قَدْ أَحْرَقْنَا هَذَا وَنَحْنُ نَخْشَى أَنْ يَنْجُوَ عَلَى فَرَسِهِ , فَاحْمِلُوا عَلَيْهِ حَمْلَةً وَاحِدَةً ؛ فَإِنَّهُ لاَ يُفْلِتْ مِنْ بَعْضِكُمْ فَإِنَّا نَرَى رَجُلاَّ ذَا بَصِيرَةٍ وَشَجَاعَةٍ . قَالَ : فَحَمَلُوا عَلَيْهِ حَتَّى نَظَمُوهُ فِي الرَّمَّاحِ , فَلَقَدْ مَالَ مَيِّتًا وَرَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ كَانَ اعْتَنَقَهُ حَتَّى وَقَعَا جَمِيعًا , فَلَمَّا قُتِلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو انْهَزَمَ النَّاسُ فِي كُلِّ وَجْهٍ حَتَّى دَخَلُوا الْمَدِينَةَ , فَجَالَتْ خَيْلُهُمْ فِيهَا يَنْتَهِبُونَ وَيَقْتُلُونَ.(7/73)
6771- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ : صَلَّى مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ يَوْمَ الْحَرَّةِ وَإِنَّ جِرَاحَهُ لَتَثْعَبُ دَمًا , وَمَا قُتِلَ إِلاَّ نَظْمًا بِالرِّمَاحِ.(7/73)
6772- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ الْقَاسِمِ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ , فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ وَضَعَهُ إِلَى جَنْبِهِ وَصَلَّى حَاسِرًا.(7/73)
6773- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ : يَقُولُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو يَوْمَئِذٍ رَافِعًا صَوْتَهُ : يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ , اصْدِقُوهُمُ الضَّرْبَ ؛ فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ يُقَاتِلُونَ عَلَى طَمَعِ الدُّنْيَا , وَأَنْتُمْ قَوْمٌ تُقَاتِلُونَ عَلَى الآخِرَةِ . قَالَ : ثُمَّ جَعَلَ يَحْمِلُ عَلَى الْكَتِيبَةِ مِنْهُمْ فَيَفُضَّهَا حَتَّى قُتِلَ.(7/73)
6774- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ جَبِيرَةَ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ جَحْشٍ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : جَعَلَ الْفَاسِقُ مُسْرِفُ بْنُ عُقْبَةَ يَطُوفُ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فِي الْقَتْلَى وَمَعَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَمَرَّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، وَهُوَ عَلَى وَجْهِهِ وَاضِعًا جَبْهَتَهُ بِالأَرْضِ , فَقَالَ : وَاللَّهِ , لَئِنْ كُنْتَ عَلَى جَبْهَتِكَ بَعْدَ الْمَمَاتِ لَطَالَمَا افْتَرَشْتَهَا حَيًّا , فَقَالَ مُسْرِفٌ : وَاللَّهِ , مَا أُرَى هَؤُلاَءِ إِلاَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ , لاَ يَسْمَعُ هَذَا مِنْكَ أَهْلُ الشَّامِ فَتُكَرْكِرْهُمْ عَنِ الطَّاعَةِ . قَالَ مَرْوَانُ : إِنَّهُمْ بَدَّلُوا وَغَيَّرُوا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : كَانَتْ وَقْعَةُ الْحَرَّةِ بِالْمَدِينَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ فِي خِلاَفَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ , وَلِمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَقِبٌ بِالْمَدِينَةِ وَبَغْدَادَ.(7/73)
1470- عُمَارَةُ بْنُ خُزَيْمَةَ ابْنِ ثَابِتِ بْنِ الْفَاكِهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَاعِدَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ غَيَّانَ بْنِ عَامِرِ بْنِ خَطْمَةَ , وَاسْمُهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ جُشَمَ بْنِ مَالِكِ بْنِ الأَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ مِنَ الأَنْصَارِ.
وَأُمُّهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَامِرِ بْنِ طُعْمَةَ بْنِ زَيْدِ الْخَطْمِيِّ.
فَوَلَدَ عُمَارَةُ بْنُ خُزَيْمَةَ إِسْحَاقَ دَرَجَ.
وَأُمُّهُ عُبَيْدَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ الْفَاكِهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَاعِدَةَ , وَمُحَمَّدًا , وَصَفِيَّةَ وَأُمُّهُمَا وَدِيعَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو الْخَطْمِيِّ , وَمَنِيعَةَ بِنْتَ عُمَارَةَ , وَحَمَادَةَ وَأُمُّهُمَا أُمُّ وَلَدٍ , وَقَدْ سَمِعَ عُمَارَةُ بْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَهُوَ يَقُولُ لأَبِيهِ : مَا لَكَ لاَ تُعْرِضُ أَرْضَكَ ؟ وَسَمِعَ مِنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَمِنْ أَبِيهِ , وَأَبُوهُ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ ذُو الشَّهَادَتَيْنِ ، وَكَانَ عُمَارَةُ يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ , وَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ فِي أَوَّلِ خِلاَفَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.(7/74)
1471- يَحْيَى بْنُ خَلاَّدِ ابْنِ رَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْعَجْلاَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ زُرَيْقٍ مِنَ الْخَزْرَجِ.
فَوَلَدَ يَحْيَى بْنُ خَلاَّدٍ مَالِكًا , وَعَلِيًّا , وَعَائِشَةَ , وَعُثَيْمَةَ وَأُمُّهُمْ أُمُّ ثَابِتٍ بِنْتُ قَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ رِئَابِ بْنِ بَكْرِ , وَأُمَّ كُلْثُومٍ , وَحَمِيدَةَ وَأُمُّهُمَا أُمُّ يَحْيَى بِنْتُ عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ خَالِدِة بْنِ مَخْلَدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ زُرَيْقٍ , وَرَمْلَةَ , وَلَمْ تُسَمَّ لَنَا أُمُّهَا.(7/75)
6775- أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلاَبِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى , عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ : حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ يَحْيَى بْنِ خَلاَّدٍ قَالَ : لَمَّا وُلِدَ يَحْيَى بْنُ خَلاَّدٍ أُتِيَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَالَ : فَحَنَّكَهُ , وَقَالَ : لأُسَمِّيَنَّهُ اسْمًا لَمْ يُسَمَّ بِهِ بَعْدُ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ قَالَ : فَسَمَّاهُ يَحْيَى.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ خَلاَّدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.(7/75)
1472- عَمْرُو بْنُ سُلَيْمِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ خَلْدَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ مَخْلَدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ زُرَيْقٍ مِنَ الْخَزْرَجِ.
وَأُمُّهُ النَّوَّارُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَمَّازٍ حَلِيفُ بَنِي سَاعِدَةَ ، وَهُوَ مِنْ حُبَالَةَ بْنِ غَنْمٍ مِنْ غَسَّانَ.
فَوَلَدَ عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ : عُثْمَانَ وَالنُّعْمَانَ ، وَأُمُّهُمَا حَبِيبَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ عَجْلاَنَ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَجْلاَنَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ زُرَيْقٍ مِنَ الأَنْصَارِ , وَسَعْدًا , وَأَيُّوبَ وَأُمُّهُمَا أُمُّ الْبَنِينَ بِنْتُ أَبِي عُبَادَةَ سَعْدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خَلْدَةَ بْنِ مَخْلَدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ زُرَيْقٍ.
رَوَى عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَقَدْ رَاهَقَ الاِحْتِلاَمَ , وَقَدْ رَوَى أَيْضًا عَنْ أَبِي قَتَادَةَ وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ الأَنْصَارِيَّيْنِ ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.(7/75)
1473- حَنْظَلَةُ بْنُ قَيْسِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ حِصْنِ بْنِ خَلْدَةَ بْنِ مَخْلَدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ زُرَيْقٍ.
وَأُمُّهُ أُمُّ سَعْدٍ بِنْتُ قَيْسِ بْنِ حِصْنِ بْنِ خَلْدَةَ بْنِ مَخْلَدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ زُرَيْقٍ.
فَوَلَدَ حَنْظَلَةُ بْنُ قَيْسٍ : مُحَمَّدًا , وَأُمَّ جَمِيلٍ وَأُمُّهُمَا أُمُّ عِيسَى بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بْنِ هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ , وَعَمْرَو بْنَ حَنْظَلَةَ.
وَأُمُّهُ أُمُّ عُثْمَانَ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حِصْنِ بْنِ خَلْدَةَ بْنِ مَخْلَدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ زُرَيْقٍ , وَعَمْرًا الأَصْغَرَ.
وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ , وَعَبْدَ اللهِ.
وَأُمُّهُ أُمُّ مُوسَى بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ الْمُعَلَّى بْنِ لَوْذَانَ بْنِ حَارِثَةَ مِنْ وَلَدِ غَضِبِ بْنِ جُشَمَ بْنِ الْخَزْرَجِ , وَعُبَيْدَ اللهِ وَسَعْدًا ابْنَيْ حَنْظَلَةَ , وَلَمْ تُسَمَّ لَنَا أُمُّهُمَا.(7/76)
6776- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ : سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ : مَا رَأَيْتُ رَجُلاَّ مِنَ الأَنْصَارِ أَحْزَمَ وَلاَ أَجْوَدَ رَأَيًا مِنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الزُّرَقِيِّ كَأَنَّهُ رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَقَدْ رَوَى حَنْظَلَةُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ عُمَرَ , وَعُثْمَانَ , وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ , وَرَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيُّ ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.(7/76)
1474- مَسْعُودُ بْنُ الْحَكَمِ ابْنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَامِرِ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ زُرَيْقٍ.
وَأُمُّهُ حَبِيبَةُ بِنْتُ شَرِيقِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ ، مِنْ هُذَيْلٍ.
فَوَلَدَ مَسْعُودُ بْنُ الْحَكَمِ : إِبْرَاهِيمَ , وَعِيسَى , وَأَبَا بَكْرٍ , وَسُلَيْمَانَ , وَمُوسَى , وَإِسْمَاعِيلَ , وَدَاوُدَ , وَيَعْقُوبَ , وَعِمْرَانَ , وَأَيُّوبَ الأَكْبَرَ , وَأُمَّ إِبْرَاهِيمَ وَأُمُّهُمْ مَيْمُونَةُ بِنْتُ أَبِي عُبَادَةَ سَعْدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خَلْدَةَ بْنِ مَخْلَدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ زُرَيْقٍ , وَأَيُّوبَ الأَصْغَرَ , وَسَارَةَ ، وَأُمُّهُمَا أُمُّ عَمْرٍو بِنْتُ الْمُثَنَّى بْنِ حَكِيمِ بْنِ نَجَبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَوْفِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ هِلاَلِ بْنِ شَمْخِ بْنِ فَزَارَةَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وُلِدَ مَسْعُودُ بْنُ الْحَكَمِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وَكَانَ يُكْنَى أَبَا هَارُونَ ، وَكَانَ سَرِيًّا مَرِيًّا ثِقَةً , وَقَدْ رَوَى عَنْ عُمَرَ , وَعُثْمَانَ , وَعَلِيٍّ , وَرَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ , وَأَبُو الزِّنَادِ.(7/76)
1475- خَلْدَة
أَبُو الْحَارِثِ بْنُ مُخَلَّد الزُّرَقِيُّ ، لَمْ نَقَعْ عَلَى نَسَبِهِ فِي كِتَابِ نَسَبِ الأَنْصَارِ كَمَا نُرِيدُ مِنَ الإِحْكَامِ , وَقَدْ سَمِعَ خَلْدَة مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.(7/77)
1476- عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ
وَاسْمُهُ زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ عَمْرو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ.
وَأُمُّهُ أُمُّ سُلَيْمٍ بِنْتُ مِلْحَانَ بْنِ خَالِدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ وَهِيَ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
فَوَلَدَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ : الْقَاسِمَ لأُمِّ وَلَدٍ , وَعُمَيْرًا , وَزَيْدًا , وَإِسْمَاعِيلَ , وَيَعْقُوبَ , وَإِسْحَاقَ , وَعَبْدَةَ , وَأُمَّ أَبَانَ وَأُمُّهُمْ ثُبَيْتَةُ بِنْتُ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْعَجْلاَنِ الزُّرَقِيِّ , وَمُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ.
وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ , وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ , وَكَلْثُمَ لأُمِّ وَلَدٍ , وَإِبْرَاهِيمَ , وَرُقَيَّةَ , وَأُمَّ عَمْرٍو وَأُمُّهُمْ عَائِشَةُ بِنْتُ جَابِرِ بْنِ صَخْرِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَنْسَاءَ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ , وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ , وَمَعْمَرًا , وَعُمَارَةَ وَأُمُّهُمْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ حَزْمِ بْنِ زَيْدٍ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ . كَانَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ حَامِلاَّ بِعَبْدِ اللهِ يَوْمَ حُنَيْنٍ , وَقَدْ شَهِدَتْ حُنَيْنًا , وَلَمْ يَزَلْ عَبْدُ اللهِ بِالْمَدِينَةِ فِي دَارِ أَبِي طَلْحَةَ.(7/77)
6777- أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْنٍ , عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : كَانَ ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ يَشْتَكِي , فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ فَقُبِضَ الصَّبِيُّ , فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ : مَا فَعَلَ ابْنِي ؟ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ : هُوَ أَسْكَنُ مَا كَانَ , فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ الْعَشَاءَ , فَتَعَشَّى , ثُمَّ أَصَابَ مِنْهَا , فَلَمَّا فَرَغَ قَالَتْ : وَارُوا الصَّبِيَّ , فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , فَأَخْبَرَهُ , فَقَالَ : أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ . قَالَ : نَعَمْ . فَقَالَ : اللَّهُمَّ , بَارِكْ لَهُمَا , فَوَلَدَتْ غُلاَمًا , فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ : احْفَظْهُ حَتَّى نَأْتِيَ بِهِ رَسُولَ اللهِ , فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , وَبَعَثَ مَعَهُ بِتَمَرَاتٍ , فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , وَقَالَ : أَمَعَهُ شَيْءٌ ؟ قَالُوا : نَعَمْ . تَمَرَاتٌ , فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ فَمَضَغَهَا , ثُمَّ أَخَذَ مِنْ فِيهِ , فَجَعَلَهُ فِي فِي الصَّبِيِّ , وَحَنَّكَهُ , وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ.(7/78)
6778- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ , وَعَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ قَالاَ : حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ قَالَ : قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ : ثَقُلَ ابْنٌ لأُمِّ سُلَيْمٍ مِنْ أَبِي طَلْحَةَ , وَمَضَى أَبُو طَلْحَةَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَتُوُفِّيَ الْغُلاَمُ , فَهَيَّأَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ أَمْرَهُ , وَقَالَتْ : لاَ تُخْبِرُوا أَبَا طَلْحَةَ بِمَوْتِ ابْنِهِ , فَرَجَعَ مِنَ الْمَسْجِدِ , وَقَدْ يَسَّرَتْ لَهُ عَشَاءَهُ كَمَا كَانَتْ تَفْعَلُ . قَالَ : مَا فَعَلَ الْغُلاَمُ ، أَوِ الصَّبِيُّ ؟ قَالَتْ : خَيْرُ مَا كَانَ , وَقَرَّبَتْ لَهُ عَشَاءَهُ , فَتَعَشَّى هُوَ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ مَعَهُ , ثُمَّ قَامَتْ إِلَى مَا تَقُومُ إِلَيْهِ الْمَرْأَةُ , فَأَصَابَ مِنْ أَهْلِهِ , فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَتْ : يَا أَبَا طَلْحَةَ , أَلَمْ تَرَ إِلَى آلِ فُلاَنٍ اسْتَعَارُوا عَارِيَةً , فَتَمَتَّعُوا بِهَا , فَلَمَّا طُلِبَتْ مِنْهُمْ شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ . قَالَ : مَا أَنْصَفُوا . قَالَتْ : فَإِنَّ ابْنَكَ فُلاَنًا كَانَ عَارِيَةً مِنَ اللهِ فَقَبَضَهُ إِلَيْهِ , فَاسْتَرْجَعَ , وَحَمِدَ اللَّهَ , فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , فَلَمَّا رَآهُ قَالَ : بَارَكَ اللَّهُ لَكُمَا فِي لَيْلَتِكُمَا , فَحَمَلَتْ بِعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , فَوَلَدَتْ لَيْلاَّ , فَكَرِهَتْ أَنْ تُحَنِّكَهُ حَتَّى يُحَنِّكَهُ رَسُولُ اللهِ , فَأَرْسَلَتْ بِهِ مَعَ أَنَسٍ , فَأَخَذْتُ تَمَرَاتِ عَجْوَةٍ , فَانْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وَهُوَ يُهَنِّئُ أَبَاعِرَ لَهُ أَوْ يُسَمِّهَا , فَقُلْتُ : وَلَدَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ اللَّيْلَةَ , فَكَرِهَتْ أَنْ تُحَنِّكَهُ حَتَّى تُحَنِّكَهُ أَنْتَ . قَالَ : أَمَعَكَ شَيْءٌ ؟ قَالَ : قُلْتُ : تَمَرَاتُ عَجْوَةٍ , فَأَخَذَ بَعْضَهُ , فَمَضَغَهُ , ثُمَّ جَمَعَهُ بَرِيقِهِ , فَأَوْجَرَهُ إِيَّاهُ , فَتَلَمَّظَ الصَّبِيُّ , فَقَالَ : حُبُّ الأَنْصَارِ التَّمْرَ.
قَالَ : فَقُلْتُ : سَمِّهِ يَا رَسُولَ اللهِ . قَالَ : هُوَ عَبْدُ اللهِ ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.(7/78)
1477- مُحَمَّدُ بْنُ أُبَيِّ ابْنِ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ.
وَأُمُّهُ أُمُّ الطُّفَيْلِ بِنْتُ الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ سُبَيْعِ بْنِ عَبْدِ نُهْمٍ مِنْ دَوْسٍ.
فَوَلَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أُبَيٍّ : الْقَاسِمَ , وَأُبَيًّا , وَمُعَاذًا , وَعَمْرًا , وَمُحَمَّدًا , وَزِيَادَةَ وَأُمُّهُمْ عَائِشَةُ بِنْتُ مُعَاذِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ سَوَّادٍ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ , وَيُكَنَّى مُحَمَّدُ بْنُ أُبَيٍّ أَبَا مُعَاذٍ , وَوُلِدَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , وَرَوَى عَنْ عُمَرَ , وَرَوَى عَنْهُ بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ , وَقُتِلَ مُحَمَّدٌ يَوْمَ الْحَرَّةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ فِي خِلاَفَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ.(7/79)
1478- الطُّفَيْلُ بْنُ أُبَيِّ ابْنِ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ.
وَأُمُّهُ أُمُّ الطُّفَيْلِ بِنْتُ الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ سُبَيْعِ بْنِ عَبْدِ نُهْمٍ مِنْ دَوْسٍ.
فَوَلَدَ الطُّفَيْلُ بْنُ أُبِيٍّ : أُبَيًّا , وَمُحَمَّدًا , وَعَبْدَ الْعَزِيزِ , وَعُثْمَانَ , وَأُمَّ عَمْرٍو وَأُمُّهُمْ أُمُّ الْقَاسِمِ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي ذَرَّةَ بْنِ مُعَاذِ بْنِ زُرَارَةَ مِنْ بَنِي ظُفُرَ مِنَ الأَوْسِ ، وَكَانَ الطُّفَيْلُ بْنُ أُبَيٍّ يُلَقَّبُ أَبَا بَطْنٍ ، وَكَانَ صَدِيقًا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ , وَرَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَعَنْ أَبِيهِ , وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ ، وَكَانَ ثِقَةً صَالِحَ الْحَدِيثِ.(7/79)
1479- وَأَخُوهُمَا : الرَّبِيعُ بْنُ أُبَيِّ ابْنِ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ , وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا , وَرَوَى عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَالَ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ : تَزَوَّجْتَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ عَنْ مُوسَى بْنِ دِهْقَانَ.(7/79)
1480- مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدِ ابْنِ عُقْبَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الأَشْهَلِ.
وَأُمُّهُ أُمُّ مَنْظُورٍ بِنْتُ مَحْمُودِ بْنِ مَسْلَمَةَ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَدِيٍّ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ مِنَ الأَوْسِ.
فَوَلَدَ مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ : حُضَيْرًا , وَأُمَّ مَنْظُورٍ وَأُمُّهُمَا أُمُّ وَلَدٍ , وَعُمَارَةَ , وَأُمَّ كُلْثُومٍ وَأُمُّهُمَا أُمُّ وَلَدٍ , وَشَيْبَةَ.
وَأُمُّهُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ ضَمْرَةَ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ مِنْ قَيْسِ عَيْلاَنَ , وَأُمَّ لَبِيدٍ وَأُمُّهَا أُمُّ وَلَدٍ , وَوُلِدَ مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , وَفِي أَبِيهِ لَبِيدِ بْنِ عُقْبَةَ جَاءَتْ رُخْصَةُ الإِطْعَامِ لِمَنْ لاَ يَقْدِرُ عَلَى الصَّوْمِ , وَسَمِعَ مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ مِنْ عُمَرَ ، وَكَانَ لَهُ عَقِبٌ , فَانَقَرَضُوا فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ , وَتُوُفِّيَ مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ بِالْمَدِينَةِ ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.(7/80)
1481- السَّائِبُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ ابْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ زَنْبَرَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الأَوْسِ.
فَوَلَدَ السَّائِبُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ : حُسَيْنًا , وَمَلِيكَةَ وَأُمُّهُمَا أُمُّ الْحَسَنِ ابْنَةُ رِفَاعَةَ بْنِ شَهْرَانَ بْنِ خَالِدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْعَجْلاَنِ مِنْ قُضَاعَةَ حَلِيفُ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ , وَمُعَاوِيَةَ بْنَ السَّائِبِ , وَبَشِيرًا , وَأُمَّ الْحَسَنِ وَأُمُّهُمْ أُمُّ وَلَدٍ ؟ وَزَيْنَبَ بِنْتَ السَّائِبِ وَأُمُّهَا أُمُّ وَلَدٍ ، وَكَانَ السَّائِبُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَوُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , وَرَوَى عَنْ عُمَرَ ، وَكَانَ قَلِيلَ الْحَدِيثِ ثِقَةً , وَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلاَفَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ.(7/80)
1482- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُوَيْمِ ابْنِ سَاعِدَةَ بْنِ عَائِشِ بْنِ قَيْسِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أُمَيَّةَ , وَلَمْ تُسَمَّ لَنَا أُمُّهُ .
وَوُلِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ , وَرَوَى عَنْ عُمَرَ وَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ فِي آخِرِ خِلاَفَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.(7/80)
1483- وَأَخُوهُ : سُوَيْدُ بْنُ عُوَيْمِ ابْنِ سَاعِدَةَ.
وَأُمُّهُ أُمَامَةُ بِنْتُ بُكَيْرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ مِنْ بَنِي غَضْبِ بْنِ جُشَمَ بْنِ الْخَزْرَجِ . قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ.(7/81)
1484- أَيُّوبُ بْنُ بَشِيرِ ابْنِ سَعْدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَكَّالِ بْنِ لَوْذَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ مِنَ الأَنْصَارِ , ثُمَّ مِنَ الأَوْسِ , وَيُكَنَّى أَبَا سُلَيْمَانَ . وُلِدَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ , وَرَوَى عَنْ عُمَرَ , وَرَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيُّ ، وَكَانَ ثِقَةً لَيْسَ بِكَثِيرِ الْحَدِيثِ , وَشَهِدَ الْحَرَّةَ , وَجُرِحَ بِهَا جِرَاحَاتٍ كَثِيرَةٍ , ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَتَيْنِ ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، وَكَانَ لَهُ مِنَ الْوَلَدِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَيُّوبَ دَرَجَ لاَ عَقِبَ لَهُ.(7/81)
1485- ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ
الْقُرَظَيُّ ، وَاسْمُ أَبِي مَالِكٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَامَ , وَيُكَنَّى ثَعْلَبَةُ أَبَا يَحْيَى , وَقَدِمَ أَبُو مَالِكٍ مِنَ الْيَمَنِ , فَقَالَ : نَحْنُ مِنْ كِنْدَةَ عَلَى دِينِ يَهُودَ , فَتَزَوَّجَ إِلَى ابْنِ سَعْيَةَ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ , وَحَالَفَهُمْ فَقِيلَ : الْقُرَظِيُّ , وَقَدْ رَوَى ثَعْلَبَةُ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ ، وَكَانَ يُكْنَى أَبَا جَعْفَرٍ , وَقَالَ : حَدَّثَنِي بِكُنْيَتِهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ , عَنْ حَمَّادِ بْنِ خَالِدٍ الْخَيَّاطِ , عَنْ دَاوُدَ بْنِ سِنَانٍ.(7/81)
6779- قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ : حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : رَأَيْتُ ثَعْلَبَةَ بْنَ أَبِي مَالِكٍ يُصَفِّرُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَكَانَ ثَعْلَبَةُ إِمَامَ بَنِي قُرَيْظَةَ حَتَّى مَاتَ وَكَانَ كَبِيرًا ، وَكَانَ قَلِيلَ الْحَدِيثِ.(7/81)
1486- الْوَلِيدُ بْنُ عُبَادَةَ ابْنِ الصَّامِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ أَصْرَمَ بْنِ فِهْرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ.
وَأُمُّهُ جَمِيلَةُ بِنْتُ أَبِي صَعْصَعَةَ ، وَهُوَ عَمْرُو بْنُ زَيْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ مَبْذُولِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَنْمِ بْنِ مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ.
فَوَلَدَ الْوَلِيدُ بْنُ عُبَادَةَ : خَالِدًا.
وَأُمُّهُ مِنْ طَيِّئٍ , وَمُحَمَّدًا.
وَأُمُّهُ حَبَّةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَصْرَمَ بْنِ فِهْرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ , وَعُبَادَةَ , وَالْحَارِثَ , وَمُصْعَبًا , وَعَبْدَ اللهِ , وَمَسْلَمَةَ وَأُمُّهُمْ بَزِيعَةُ ابْنَةُ أَبِي حَارِثَةَ بْنِ أَوْسِ بْنِ سَكَنِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ فِهْرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ , وَصَالِحًا.
وَأُمُّهُ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ , وَهِشَامًا.
وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ , وَيَحْيَى.
وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ , وَأُمَّ عِيسَى , وَحَكِيمَةَ وَأُمُّهُمَا أُمُّ وَلَدٍ , وَوُلِدَ الْوَلِيدُ بْنُ عُبَادَةَ فِي آخِرِ عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَتُوُفِّيَ فِي خِلاَفَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِالشَّامِ ، وَكَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ.(7/82)
1487- سَعِيدُ بْنُ سَعْدِ ابْنِ عُبَادَةَ بْنِ دُلَيْمِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ أَبِي حَزِيمَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ طَرِيفِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ سَاعِدَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ وَأُمُّه غُزَيَّةُ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ خَلِيفَةَ بْنِ الأَشْرَفِ بْنِ أَبِي حَزِيمَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ طَرِيفِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ سَاعِدَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ.
فَوَلَدَ سَعِيدُ بْنُ سَعْدٍ : شُرَحْبِيلَ , وَخَالِدًا , وَإِسْمَاعِيلَ , وَزَكَرِيَّاءَ , وَمُحَمَّدًا , وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ , وَحَفْصَةَ , وَعَائِشَةَ وَأُمُّهُمْ بُثَيْنَةُ بِنْتُ أَبِي الدَّرْدَاءِ عُوَيْمِرِ بْنِ زَيْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَائِشَةَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ , وَيُوسُفَ.
وَأُمُّهُ أُمُّ يُوسُفَ بِنْتُ هَمَّامٍ مِنْ بَنِي نَصْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ مِنْ هَوَازِنَ , وَيَحْيَى , وَعُثْمَانَ , وَغَزِيَّةَ , وَعَبْدَ الْعَزِيزِ , وَأُمَّ أَبَانَ , وَأُمَّ الْبَنِينَ لأُمَّهَاتِ أَوْلاَدٍ شَتَّى ، وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ سَعْدٍ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ مِنْهُ ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.(7/82)
1488- عَبَّادُ بْنُ تَمِيمِ ابْنِ غَزِيَّةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطِيَّةَ بْنِ خَنْسَاءَ بْنِ مَبْذُولِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَنْمِ بْنِ مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ.
وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ ، وَكَانَ لَهُ أَخَوَانِ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ : مَعْمَرٌ وَثَابِتٌ ابْنَا تَمِيمٍ , قُتِلاَ يَوْمَ الْحَرَّةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ.(7/83)
6780- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ , عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ : قَالَ عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ الْمَازِنِيُّ : أَنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ , فَأَذْكُرُ أَشْيَاءَ وَأَعِيهَا , وَكُنَّا مَعَ النِّسَاءِ فِي الآطَامِ ، وَمَا كَانَ أَهْلُ الآطَامِ يَنَامُونَ إِلاَّ عُقَبَ خَوْفًا مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ أَنْ يَغِيرُوا عَلَيْهِمْ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَقَدْ رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ.(7/83)
1489- مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتِ ابْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسِ بْنِ مَالِكِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ مَالِكِ الأَغَرِّ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ.
وَأُمُّهُ جَمِيلَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ بْنِ سَلُولَ , مِنْ بَلْحُبْلَى , وَأَخُوهُ لأُمِّهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ الرَّاهِبِ , وَحَنْظَلَةُ هُوَ غَسِيلِ الْمَلاَئِكَةِ.
فَوَلَدَ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ : عَبْدَ اللهِ قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ , وَسُلَيْمَانَ قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ , وَيَحْيَى قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ وَأُمُّهُمْ أُمُّ عَبْدِ اللهِ بِنْتُ حَفْصِ بْنِ صَامِتِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ قَيْسِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ , وَإِسْمَاعِيلَ وَعَائِشَةَ وَأُمُّهُمَا أُمُّ كَثِيرٍ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ الْعَجْلاَنِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ عَامِرِ بْنِ الْعَجْلاَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ زُرَيْقٍ , وَإِسْحَاقَ , وَإِبْرَاهِيمَ , وَيُوسُفَ , وَقَرِيبَةَ وَأُمُّهُمْ أَمَةُ اللهِ بِنْتُ السَّائِبِ بْنِ خَلاَّدِ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَارِثَةَ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ , وَعِيسَى وَحَمِيدَةَ وَأُمُّهُمَا أُمُّ عَوْنٍ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولَ مِنْ بَلْحُبْلَى.(7/83)
1490- سَعْدُ بْنُ الْحَارِثِ ابْنِ الصِّمَّةِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَتِيكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ ، وَهُوَ عَامِرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ.
وَأُمُّهُ أُمُّ الْحَكَمِ وَهِيَ خَوْلَةُ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الأَشْهَلِ مِنَ الأَوْسِ , فَوَلَدَ سَعْدُ بْنُ الْحَارِثِ الصَّلْتَ وَأُمَّ الْفَضْلِ وَأُمَّهُمَا جَمَالُ بِنْتُ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ مِنْ قُرَيْشٍ , وَعَمْرًا.
وَأُمُّهُ أُمُّ سَعِيدٍ بِنْتُ سَهْلِ بْنِ عَتِيكِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ , وَقُتِلَ سَعْدُ بْنُ الْحَارِثِ بِصِفِّينَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.(7/84)
1491- أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ ابْنِ حُنَيْفِ بْنِ وَاهِبِ بْنِ الْعُكَيْمِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَجْدَعَةَ بْنِ عَمْرٍو ، وَهُوَ بَحْزَجِ بْنِ حَنَشِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مِنَ الأَوْسِ.
وَأُمُّهُ حَبِيبَةُ بِنْتُ أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ بْنِ عُدُسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ , وَكَانَتْ حَبِيبَةُ مِنَ الْمُبَايِعَاتِ , وَسُمِّيَ أَبُو أُمَامَةَ أَسْعَدَ بِاسْمِ جَدِّهِ أَبِي أُمِّهِ , وَكُنِّيَ بِكُنْيَتِهِ , وَكَانَ جَدُّهُ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ نَقِيبَ بَنِي النَّجَّارِ.
فَوَلَدَ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ : مُحَمَّدًا , وَسَهْلاَّ , وَعُثْمَانَ , وَإِبْرَاهِيمَ , وَيُوسُفَ , وَيَحْيَى , وَأَيُّوبَ , وَدَاوُدَ , وَحَبِيبَةَ , وَأُمَامَةَ وَأُمُّهُمْ أُمُّ عَبْدِ اللهِ بِنْتُ عَتِيكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَتِيكِ بْنِ قَيْسِ بْنِ هَيْشَةَ بْنِ الْحَارِثِ مِنْ بَنِي مُعَاوِيَةَ مِنَ الأَوْسِ , وَصَالِحَ بْنَ أَبِي أُمَامَةَ.
وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم هُوَ الَّذِي سَمَّاهُ أَسْعَدَ , وَكَنَّاهُ أَبَا أُمَامَةَ بِاسْمِ جَدِّهِ أَبِي أُمِّهِ وَكُنْيَتِهِ . قَالَ : وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ رَوَى عَنْ عُمَرَ شَيْئًا , وَقَدْ رَوَى عَنْ عُثْمَانَ , وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ , وَعَنْ مُعَاوِيَةَ , وَعَنْ أَبِيهِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ ، وَكَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ.(7/84)
1492- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ
وَاسْمُ أَبِي عَمْرَةَ يُسَيْر بْنُ عَمْرِو بْنِ مِحْصَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَتِيكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ ، وَهُوَ عَامِرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ.
وَأُمُّهُ هِنْدُ بِنْتُ الْمُقَوِّمِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلاَبٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَأُمُّهَا قِلاَبَةُ ابْنَةُ عَمْرِو بْنِ جَعْوَنَةَ بْنِ حِذْيَمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمِ مِنْ قُرَيْشٍ وَأُمُّهَا بَرَّةُ بِنْتُ عَدِيِّ بْنِ رِئَابِ بْنِ سَهْمِ مِنْ قُرَيْشٍ.
فَوَلَدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ : عَبْدَ اللهِ , وَحَمْزَةَ , وَعَلْقَمَةَ , وَحَبَّانَةَ وَأُمُّهُمْ أُمُّ سَعْدٍ بِنْتُ شَيْبَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ ثَقْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ مَبْذُولٍ ، وَهُوَ عَامِرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ وَكَانَتْ لأَبِي عَمْرَةَ صُحْبَةٌ ، وَكَانَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , فَقُتِلَ يَوْمَ صِفِّينَ , وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ عُثْمَانَ , وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ , وَأَبِي هُرَيْرَةَ ، وَكَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ.(7/85)
1493- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ ابْنِ جَارِيَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ مُجَمِّعِ بْنِ الْعَطَّافِ بْنِ ضُبَيْعَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ مِنَ الأَوْسِ.
وَأُمُّهُ جَمِيلَةُ بِنْتُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأَقْلَحِ بْنِ عِصْمَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَمَةَ بْنِ ضُبَيْعَةَ بْنِ زَيْدٍ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ , وَأَخُوهُ لأُمِّهِ عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
فَوَلَدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ : عِيسَى قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ , وَإِسْحَاقَ , وَجَمِيلَةَ , وَأُمَّ عَبْدِ اللهِ , وَأُمَّ أَيُّوبَ , وَأُمَّ عَاصِمٍ وَأُمُّهُمْ حَسَنَةُ بِنْتُ بُكَيْرِ بْنِ جَارِيَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ مُجَمِّعٍ , وَجَمِيلاَّ.
وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ , وَعَبْدَ الْكَرِيمِ , وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ وَأُمُّهُمَا أُمَامَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ.
وُلِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وَكَانَ قَدِيمًا , وَقَدْ رَوَى عَنْ عُمَرَ , وَوَلِيَ قَضَاءَ الْمَدِينَةِ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ , وَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِينَ فِي خِلاَفَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.(7/86)
1494- مُجَمِّعُ بْنُ يَزِيدَ ابْنِ جَارِيَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ مُجَمِّعِ بْنِ الْعَطَّافِ بْنِ ضُبَيْعَةَ بْنِ زَيْدٍ.
وَأُمُّهُ حَبِيبَةُ بِنْتُ الْجُنَيْدِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ جَذِيمَةَ بْنِ رَوَاحَةَ مِنْ بَنِي عَبْسٍ.
فَوَلَدَ مُجَمِّعُ بْنُ يَزِيدَ إِسْمَاعِيلَ , وَإِسْحَاقَ , وَيَعْقُوبَ , وَسُعْدَى , وَأُمَّ إِسْحَاقَ , وَأُمَّ النُّعْمَانِ وَأُمُّهُمْ سَالِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ بْنِ الأَزْعَرِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْعَطَّافِ بْنِ ضُبَيْعَةَ بْنِ زَيْدٍ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ.(7/86)
1495- أَبُو سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ
وَاسْمُهُ كَيْسَانُ ، وَهُوَ مَوْلًى لِبَنِي جُنْدَعٍ مِنْ بَنِي لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ ، وَكَانَ مَنْزِلُهُ عِنْدَ الْمَقَابِرِ , فَقَالُوا : الْمَقْبُرِيُّ.
6781- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : أَخْبَرَنِي الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ , وَيُونُسُ بْنُ حُمْرَانَ , وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الْجَوْسَقُ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كُنْتُ مَمْلُوكًا لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي جُنْدَعٍ , فَكَاتَبَنِي عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفًا وَشَاةٍ لِكُلِّ أَضْحًى . قَالَ : فَتَهَيَّأَ الْمَالُ فَجِئْتُ بِهِ إِلَيْهِ , فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَهُ إِلاَّ عَلَى النُّجُومِ , فَجِئْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ , فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ : يَا يَرْفَا , خُذِ الْمَالَ , فَضَعْهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ , ثُمَّ ائْتِنَا الْعَشِيَّةَ نَكْتُبْ عِتْقَكَ , ثُمَّ إِنْ شَاءَ مَوْلاَكَ أَخَذَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ . قَالَ : فَحَمَلْتُ الْمَالَ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ , فَلَمَّا بَلَغَ مَوْلاَيَ جَاءَ فَأَخَذَ الْمَالَ . قَالَ : ثُمَّ أَتَيْتُ عُمَرَ بِزَكَاةِ مَالِي بَعْدَ ذَلِكَ , فَقَالَ : أَخَذْتَ مِنَ الْمَالِ شَيْئًا مُنْذُ عُتِقْتَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لاَ . قَالَ : فَارْجِعْ بِهِ حَتَّى تَأْخُذَ مِنَّا شَيْئًا , ثُمَّ ائْتِنَا بَعْدُ.(7/87)
6782- قَالَ : أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ : كُنْتُ مُكَاتَبًا , فَكَلَّمْتُ مَوْلاَيَ أَنْ يَقْبِضَ كِتَابِي , فَأَبَى , فَأَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ , فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ : يَا يَرْفَا , اقْبِضِ الْمَالَ مِنْهُ , وَاجْعَلْهُ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ , وَقَالَ : اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ . قَالَ : فَجِئْتُهُ مِنْ عَامِ الْقَابِلِ بِصَدَقَةِ مَالِي , فَقَالَ : أَخَذْتَ مِنَّا شَيْئًا فَرَضْنَا لَكَ ؟ قُلْتُ : لاَ . فَرَدَّهَا عَلَيَّ.(7/87)
6783- أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ أَبِي صَخْرَةَ , وَقَالَ غَيْرُ يَزِيدَ , عَنْ أَبِي صَخْرَةَ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ : أَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِمِئَتَيْ دِرْهَمٍ , فَقُلْتُ : خُذْ هَذِهِ زَكَاةَ مَالِي , فَقَالَ : أُعْتِقْتَ يَا كَيْسَانُ ؟ قَالَ : فَقُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : اذْهَبْ فَتَصَدَّقْ بِهَا.(7/87)
6784- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ , عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ , عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ : سَمِعْتُ سَعِيدًا الْمَقْبُرِيَّ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : أَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِزَكَاةِ مَالِي , فَقَالَ : أَخَذْتَ فِي دِيوَانِنَا شَيْئًا ؟ قَالَ : قُلْتُ : لاَ . قَالَ : فَاذْهَبْ بِهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَقَدْ رَوَى أَبُو سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ ، وَكَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ , وَتُوُفِّيَ سَنَةَ مِئَةٍ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ , وَقَالَ غَيْرُهُ : تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلاَفَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ.(7/88)
1496- أَبُو عُبَيْدٍ
قَالَ الزُّهْرِيُّ مَرَّةً : مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ , وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى فِي مَكَانٍ آخَرَ : مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ , وَكَذَلِكَ قَالَ غَيْرُهُ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ : وَكَانَ مِنَ الْقُدَمَاءِ وَأَهْلِ الْفِقْهِ . قَالَ : شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ , وَقَدْ رَوَى عَنْ عُثْمَانَ , وَعَلِيٍّ , وَأَبِي هُرَيْرَةَ ، وَكَانَ اسْمُهُ سَعْدًا , وَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ ، وَكَانَ ثِقَةً , وَلَهُ أَحَادِيثُ.(7/88)
1497- أَفْلَح
مولى أبي أيوب الأنصاري ويكنى أبا كثير.
6785- أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ كَاتَبَ أَفْلَحَ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفًا , فَجَعَلَ النَّاسُ يُهَنِّئُونَهُ , وَيَقُولُونَ : لِيَهْنِئْكَ الْعِتْقُ أَبَا كَثِيرٍ , فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو أَيُّوبَ إِلَى أَهْلِهِ نَدِمَ عَلَى مُكَاتَبَتِهِ , فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ , فَقَالَ : إِنِّي أَحَبُّ أَنْ تُرَدَّ إِلَيَّ الْكِتَابَ , وَأَنْ تَرْجِعَ كَمَا كُنْتَ , فَقَالَ لَهُ وَلَدُهُ وَأَهْلُهُ : أَتَرْجِعُ رَقِيقًا , وَقَدْ أَعْتَقَكَ اللَّهُ ؟ فَقَالَ أَفْلَحُ : وَاللَّهِ , لاَ يَسْأَلُنِي شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَيْتُهُ إِيَّاهُ , فَجَاءَهُ بِمُكَاتَبَتِهِ , فَكَسَرَهَا , ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ , ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ أَبُو أَيُّوبَ , فَقَالَ : أَنْتَ حُرٌّ ، وَمَا كَانَ لَكَ مِنْ مَالٍ فَهُوَ لَكَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَكَانَ أَفْلَحُ مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ الَّذِينَ سَبَى خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ , وَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى الْمَدِينَةِ , وَقَدْ سَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ أَنَّ أَفْلَحَ كَانَ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَسَمِعَ مِنْ عُمَرَ , وَلَهُ دَارٌ بِالْمَدِينَةِ , وَقُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ فِي خِلاَفَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.(7/88)
1498- عُبَيْدٌ
مَوْلَى عُبَيْدِ بْنِ الْمُعَلَّى أَخِي أَبِي سَعِيدِ بْنِ مُعَلَّى الزُّرَقِيِّ , وَيُكَنَّى عُبَيْدٌ أَبَا عَبْدِ اللهِ ، وَهُوَ مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ الَّذِينَ سَبَى خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ , وَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى الْمَدِينَةِ . يَقُولُونَ : عُبَيْدُ بْنُ مُرَّةَ ، وَهُوَ جَدُّ نَفِيسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عُبَيْدٍ التَّاجِرُ صَاحِبُ قَصْرِ نَفِيسٍ الَّذِي بِنَاحِيَةِ حَرَّةِ وَاقِمٍ . وَمَاتَ عُبَيْدٌ مَوْلَى عُبَيْدِ بْنِ الْمُعَلَّى لَيَالِيَ الْحَرَّةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.(7/89)
1499- شَمَّاسٌ
مَوْلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ . حَفِظَ سُورَةَ يُوسُفَ مِنْ فِي عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَهُوَ يَتْلُوهَا فِي الصَّلاَةِ , وَرَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عُثْمَانُ بْنُ شَمَّاسٍ.(7/89)
1500- السائب بن خباب
مولى فاطمة بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ويكنى أبا عبد الرحمن ، وقال سمعت من يذكر أنه يكنى أبا مسلم. وكان ثقة قليل الحديث وقد روى عن عُمَر وزيد بن ثابت.
قال محمد بن عُمَر : وتوفي بالمدينة سنة سبع وتسعين وهو بن اثنتين وسبعين سنة.(7/89)
6786- أخبرنا معن بن عيسى ، عن مالك بن أنس ؛ أن السائب بن خباب توفي قبل ابن عمر.(7/90)
1501- عُبَيْدُ بْنُ أُمِّ كِلاَبٍ
سَمِعَ مِنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَهُوَ عُبَيْدُ بْنُ سَلَمَةَ اللَّيْثِيُّ ، وَهُوَ الَّذِي خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ بِقَتْلِ عُثْمَانَ , فَاسْتَقْبَلَ عَائِشَةَ بِسَرِفٍ , فَأَخْبَرَهَا بِقَتْلِهِ وَبَيْعَةِ النَّاسِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَرَجَعَتْ إِلَى مَكَّةَ ، وَكَانَ عُبَيْدٌ عَلَوِيًّا.(7/90)
1502- ابن مَرْسا
مولى قريش ، رَوى عن عُمَر بن الخطاب ، وكان قليل الحديث.(7/90)
1503- أَبُو سَعِيدٍ
مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.(7/90)
1504- الْهُرْمُزَانُ
وَكَانَ مِنْ أَهْلِ فَارِسٍ , فَلَمَّا انْقَضَى أَمْرُ جَلُولاَءَ خَرَجَ يَزْدَجِرْدُ مِنْ حُلْوَانَ إِلَى أَصْبَهَانَ , ثُمَّ أَتَى إِصْطَخْرَ وَوَجَّهَ الْهُرْمُزَانَ إِلَى تُسْتَرَ فَضَبَطَهَا وَتَحَصَّنَ فِي الْقَلْعَةِ وَمَعَهُ الأَسَاوِرَةُ , وَجَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ تُسْتَرَ وَهِيَ فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ مِمَّا يَلِي الْجَبَلَ , وَالْمَاءُ مُحِيطٌ بِهَا , وَمَادَّةٌ تَأْتِيهِمْ مِنْ أَصْبَهَانَ , فَمَكَثُوا كَذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ , وَحَاصَرَهُمْ أَبُو مُوسَى سَنَتَيْنِ , وَيُقَالُ : ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا.
ثُمَّ نَزَلَ أَهْلُ الْقَلْعَةِ عَلَى حُكْمِ عُمَرَ , فَبَعَثَ أَبُو مُوسَى بِالْهُرْمُزَانِ إِلَيْهِ وَمَعَهُ اثْنَا عَشَرَ أَسِيرًا مِنَ الْعَجَمِ عَلَيْهِمُ الدِّيبَاجُ وَمَنَاطِقُ الذَّهَبِ , وَأَسْوِرَةُ الذَّهَبِ , فَقَدِمُوا بِهِمُ الْمَدِينَةَ فِي زِيِّهِمْ ذَلِكَ , فَجَعَلَ النَّاسُ يَعْجَبُونَ , فَأَتَوْا بِهِمْ مَنْزِلَ عُمَرَ , فَلَمْ يُصَادِفُوهُ , وَجَعَلُوا يَطْلُبُونَهُ , فَقَالَ الْهُرْمُزَانُ بِالْفَارِسِيَّةِ : قَدْ ضَلَّ مَلِكُكُمْ , فَقِيلَ لَهُمْ : هُوَ فِي الْمَسْجِدِ , فَدَخَلُوا , فَوَجَدُوهُ نَائِمًا مُتَوَسِّدًا رِدَاءَهُ , فَقَالَ الْهُرْمُزَانُ : هَذَا مَلِكُكُمْ ؟ قَالُوا : هَذَا الْخَلِيفَةُ . قَالَ : أَمَا لَهُ حَاجِبٌ , وَلاَ حَارِسٌ ؟ قَالُوا : اللَّهُ حَارِسُهُ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهِ أَجَلُهُ , فَقَالَ الْهُرْمُزَانُ : هَذَا الْمُلْكُ الْهَنِيءُ.(7/90)
وَنَظَرَ عُمَرُ إِلَى الْهُرْمُزَانِ , فَقَالَ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ , ثُمَّ قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذَلَّ هَذَا وَشِيعَتَهُ بِالإِسْلاَمِ , وَقَالَ عُمَرُ : لِلْوَفْدِ تَكَلَّمُوا وَإِيَّايَ وَتَشْقِيقَ الْكَلاَمِ وَالإِكْثَارَ , فَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْجَزَ وَعْدَهُ , وَأَعَزَّ دِينَهُ , وَخَذَلَ مَنْ حَادَّهُ , وَأَوْرَثْنَا أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ , وَأَفَاءَ عَلَيْنَا أَمْوَالِهِمْ , وَأَبْنَائِهِمْ , وَسَلَّطْنَا عَلَيْهِمْ نَقْتُلُ مَنْ شِئْنَا , وَنَسْتَحْيِي مَنْ شِئْنَا فَبَكَى عُمَرُ , ثُمَّ قَالَ لِلْهُرْمُزَانِ : مَا مَالُكَ ؟ قَالَ : أَمَّا مِيرَاثِي عَنْ آبَائِي فَعِنْدِي , وَأَمَّا مَا كَانَ فِي يَدَيَّ مِنْ مَالِ الْمُلْكِ , وَبُيُوتِ الأَمْوَالِ فَأَخَذَهُ عَامِلُكَ.
قَالَ : يَا هُرْمُزَانُ , كَيْفَ رَأَيْتَ الَّذِيَ صَنَعَ اللَّهُ بِكُمْ ؟ فَلَمْ يُجِبْهُ ؟ قَالَ : مَا لَكَ لاَ تَكَلَّمُ ؟ قَالَ : كَلاَمَ حَيٍّ أُكَلِّمُكَ أَمْ كَلاَمُ مَيِّتٍ ؟ قَالَ : أَوَ لَسْتَ حَيًّا ؟ فَاسْتَسْقَى الْهُرْمُزَانُ مَاءً , فَقَالَ عُمَرُ : لاَ نَجْمَعُ عَلَيْكَ الْقَتْلَ وَالْعَطَشَ فَدَعَا لَهُ بِمَاءٍ , فَأَتَوْهُ بِمَاءٍ فِي قَدَحِ خَشَبٍ , فَأَمْسَكَهُ بِيَدِهِ , فَقَالَ عُمَرُ : اشْرَبْ , لاَ بَأْسَ عَلَيْكَ إِنِّي غَيْرُ قَاتِلِكَ حَتَّى تَشْرَبَهُ.
فَرَمَى بالإِنَاءَ مِنْ يَدِهِ , وَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ , كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ عَلَى غَيْرِ دِينٍ نَتَعَبَّدُكُمْ وَنَقْضِيكُمْ وَنَقْتُلُكُمْ , وَكُنْتُمْ أَسْوَأَ الأُمَمِ عِنْدَنَا حَالاَّ وَأَخَسَّهَا مَنْزِلَةً , فَلَمَّا كَانَ اللَّهُ مَعَكُمْ لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ بِاللَّهِ طَاقَةٌ , فَأَمَرَ عُمَرُ بِقَتْلِهِ , فَقَالَ أَوَ لَمْ تُؤَمِّنِّي ؟ قَالَ : وَكَيْفَ ؟ قَالَ : قُلْتَ لِي : تَكَلَّمْ ؛ لاَ بَأْسَ عَلَيْكَ , وَقُلْتَ : اشْرَبْ ؛ لاَ بَأْسَ عَلَيْكَ , لاَ أَقْتُلُكَ حَتَّى تَشْرَبَهُ ,(7/91)
فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ , وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ , وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ صَدَقَ , فَقَالَ عُمَرُ : قَاتَلَهُ اللَّهُ , أَخَذَ أَمَانًا وَلاَ أَشْعُرُ , وَأَمَرَ فَنُزِعَ مَا كَانَ عَلَى الْهُرْمُزَانِ مِنْ حُلِيِّهِ وَدِيبَاجِهِ , وَقَالَ لِسُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ ، وَكَانَ نَحِيفًا أَسْوَدَ دَقِيقَ الذِّرَاعَيْنِ كَأَنَّهُمَا مُحْتَرِقَانِ : الْبَسْ سَوَارِيِ الْهُرْمُزَانِ , فَلَبِسَهُمَا , وَلَبِسَ كِسْوَتَهُ , فَقَالَ عُمَرُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَلَبَ كِسْرَى وَقَوْمَهُ حُلِيَّهُمْ وَكِسَوَتَهُمْ , وَأَلْبَسَهَا سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ.
وَدَعَا عُمَرُ الْهُرْمُزَانَ وَأَصْحَابَهُ إِلَى الإِسْلاَمِ , فَأَبَوْا , فَقَالَ عَلِيٌّ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , فَرِّقْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِهِمْ , فَحَمَلَ عُمَرُ الْهُرْمُزَانَ وَجُفَيْنَةَ وَغَيْرَهُمَا فِي الْبَحْرِ , وَقَالَ : اللَّهُمَّ , اكْسِرْ بِهِمْ , وَأَرَادَ أَنْ يُسَيِّرَهُمْ إِلَى الشَّامِ فَكُسِرَ بِهِمْ , وَلَمْ يَغْرَقُوا , فَرَجَعُوا , فَأَسْلَمُوا , وَفَرَضَ لَهُمْ عُمَرُ فِي أَلْفَيْنِ , وَسُمِّيَ الْهُرْمُزَانُ عُرْفُطَةَ.
قَالَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ : رَأَيْتُ الْهُرْمُزَانَ بِالرَّوْحَاءِ مُهِلًّا بِالْحَجِّ مَعَ عُمَرَ عَلَيْهِ حُلَّةٌ حِبَرَةٌ.(7/92)
6787- أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ الأَغَرِّ الْمَكِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ , عَنْ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : رَأَيْتُ الْهُرْمُزَانَ مُهِلًّا بِالْحَجِّ بِالرَّوْحَاءِ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حِبَرَةٌ.(7/92)
6788- أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ : قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ : مَا رَأَيْتُ رَجُلاَّ أَخْمَصَ بَطْنًا , وَلاَ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ مِنَ الْهُرْمُزَانِ.(7/92)
- وَمِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ مِمَّنْ رَوَى عَنْ عُثْمَانَ , وَعَلِيٍّ , وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ , وَطَلْحَةَ , وَالزُّبَيْرِ , وَسَعْدٍ , وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ , وَسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ , وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ , وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَغَيْرِهِمْ رَحِمَهُمُ اللَّهُ
1505- مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ
وَهُوَ مُحَمَّدٌ الأَكْبَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ.
وَأُمُّهُ الْحَنَفِيَّةُ خَوْلَةُ بِنْتُ جَعْفَرِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَسْلَمَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ يَرْبُوعِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الدُّوَلِ بْنِ حَنِيفَةَ بْنِ لُجَيْمِ بْنِ صَعْبِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ , وَيُقَالُ بَلْ كَانَتْ أُمُّهُ مِنْ سَبْيِ الْيَمَامَةِ , فَصَارَتْ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ.(7/93)
6789- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَسَنِ يَذْكُرُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْطَى عَلِيًّا أُمَّ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ.(7/93)
6790- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ , عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ : رَأَيْتُ أُمَّ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ سِنْدِيَّةً سَوْدَاءَ , وَكَانَتْ أَمَةً لِبَنِي حَنِيفَةَ , وَلَمْ تَكُنْ مِنْهُمْ , وَإِنَّمَا صَالَحَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى الرَّقِيقِ , وَلَمْ يُصَالِحْهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ.(7/93)
6791- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ , وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ قَالاَ : حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ , عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ : كَانَتْ رُخْصَةٌ لِعَلِيٍّ . قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ , إِنْ وُلِدَ لِي وَلَدٌ أُسَمِّيهُ بِاسْمِكَ وَأُكَنِّيهِ بِكُنْيَتِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ.(7/93)
6792- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ , وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالاَ : حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ الثَّوْرِيُّ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : وَقَعَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَطَلْحَةَ كَلاَمٌ , فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ : لاَ كَجُرْأَتِكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ سَمَّيْتَ بِاسْمِهِ وَكَنَّيْتَ بِكُنْيَتِهِ , وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللهِ أَنْ يَجْمَعَهُمَا أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ بَعْدَهُ , فَقَالَ عَلِيٌّ : إِنَّ الْجَرِيءَ مَنِ اجْتَرَأَ عَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ , اذْهَبْ يَا فُلاَنُ , فَادْعُ لِي فُلاَنًا وَفُلاَنًا لِنَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ . قَالَ : فَجَاؤُوا , فَقَالَ : بِمَ تَشْهَدُونَ , قَالُوا : نَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَالَ : إِنَّهُ سَيُولَدُ لَكَ بَعْدِي غُلاَمٌ فَقَدْ نَحَلْتُهُ اسْمِي وَكُنْيَتِي , وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ مِنْ أُمَّتِي بَعْدَهُ.(7/93)
6793- أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ كَانَ يُكْنَى أَبَا الْقَاسِمِ.(7/94)
6794- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : كَانَ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ يُكْنَى أَبَا الْقَاسِمِ.(7/94)
6795- أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ , عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى ؛ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ كَانَ يُكْنَى أَبَا الْقَاسِمِ ، وَكَانَ كَثِيرُ الْعِلْمِ وَرِعًا.
فَوَلَدَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ عَبْدَ اللهِ ، وَهُوَ أَبُو هَاشِمٍ , وَحَمْزَةَ , وَعَلِيًّا , وَجَعْفَرًا الأَكْبَرَ وَأُمُّهُمْ أُمُّ وَلَدٍ , وَالْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، وَكَانَ مِنْ ظُرَفَاءِ بَنِي هَاشِمٍ وَأَهْلِ الْعَقْلِ مِنْهُمْ ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الإِرْجَاءِ , وَلاَ عَقِبَ لَهُ.
وَأُمُّهُ جَمَالُ ابْنَةُ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ , وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ.
وَأُمُّهُ مُسْرِعَةُ ابْنَةُ عَبَّادِ بْنِ شَيْبَانَ بْنِ جَابِرِ بْنِ أُهَيْبِ بْنِ نَسِيبِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَازِنِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلاَنَ بْنِ مُضَرَ حَلِيفُ بَنِي هَاشِمٍ , وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ , وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ لاَ بَقِيَّةَ لَهُ , وَأُمَّ أَبِيهَا وَأُمُّهُمْ أُمُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَاسْمُهَا بَرَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ , وَجَعْفَرًا الأَصْغَرَ , وَعَوْنًا , وَعَبْدَ اللهِ الأَصْغَرَ وَأُمُّهُمْ أُمُّ جَعْفَرٍ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ , وَعَبْدَ اللهِ بْنَ مُحَمَّدٍ , وَرُقَيَّةَ وَأُمُّهُمَا أُمُّ وَلَدٍ.(7/94)
6796- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ : حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ , عَنِ مُنْذِرِ الثَّوْرِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ ، وَذَكَرَ يَوْمَ الْجَمَلِ قَالَ : لَمَّا تَصَافَفْنَا أَعْطَانِي عَلِيٌّ الرَّايَةَ فَرَأَى مِنِّي نُكُوصًا لَمَّا دَنَا النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ , فَأَخَذَهَا مِنِّي , فَقَاتَلَ بِهَا . قَالَ : فَحَمَلْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ , فَلَمَّا غَشَيْتُهُ قَالَ : أَنَا عَلَى دِينِ أَبِي طَالِبٍ , فَلَمَّا عَرَفْتُ الَّذِي أَرَادَ كَفَفْتُ عَنْهُ , فَلَمَّا هُزِمُوا قَالَ عَلِيٌّ : لاَ تُجْهِزُوا عَلَى جَرِيحٍ , وَلاَ تَتَّبِعُوا مُدْبِرًا , وَقُسِمَ فَيْؤُهُمْ بَيْنَهُمْ مَا قُوتِلَ بِهِ مِنْ سِلاَحٍ أَوْ كُرَاعٍ , وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مَا أَجْلَبُوا بِهِ عَلَيْنَا مِنْ كُرَاعٍ ، أَوْ سِلاَحٍ.(7/94)
6797- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ : كَانَ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَغْزُوَ مُعَاوِيَةَ وَأَهْلَ الشَّامِ فَجَعَلَ يَعْقِدُ لِوَاءَهُ , ثُمَّ يَحْلِفُ لاَ يَحِلُّهُ حَتَّى يَسِيرَ , فَيَأْبَى عَلَيْهِ النَّاسُ وَيَنْتَشِرُ رَأْيُهُمْ وَيَجْبُنُونَ فَيُحِلُّهُ وَيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ , وَكُنْتُ أَرَى حَالَهُ فَأَرَى مَا لاَ يَسُرُّنِي , فَكَلَّمْتُ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ يَوْمَئِذٍ , وَقُلْتُ لَهُ : أَلاَ تُكَلِّمُهُ أَيْنَ يَسِيرُ بِقَوْمٍ لاَ وَاللَّهِ مَا أَرَى عِنْدَهُمْ طَائِلاَّ , فَقَالَ الْمِسْوَرُ : يَا أَبَا الْقَاسِمِ , يَسِيرُ لأَمْرٍ قَدْ حُمَّ , قَدْ كَلَّمْتُهُ فَرَأَيْتُهُ يَأْبَى إِلاَّ الْمَسِيرَ.
قَالَ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ : فَلَمَّا رَأَى مِنْهُمْ مَا أَرَى قَالَ : اللَّهُمَّ , إِنِّي قَدْ مَلَلْتُهُمْ وَمَلُّونِي , وَأَبْغَضْتُهُمْ وَأَبْغَضُونِي فَأَبْدِلْنِي بِهِمْ خَيْرًا مِنْهُمْ وَأَبْدِلْهُمْ بِي شَرًّا مِنِّي.(7/95)
6798- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْفُضَيْلِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ , قَالَ : كَانَ عَلَى رَجَّالَةٍ عَلِيٌّ يَوْمَ صِفِّينَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ ، وَكَانَ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ يَحْمِلُ رَايَتَهُ.(7/95)
6799- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ خَازِمٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ شَرَاحِيلَ , عَنْ حَنَشِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الصَّنْعَانِيِّ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ , وَقَدْ كَانَ شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ , قَالَ : لَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمًا وَالْتَقَيْنَا نَحْنُ وَأَهْلُ الشَّامِ , فَاقْتَتَلْنَا حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ لاَ يَبْقَى أَحَدٌ , فَأَسْمَعُ صَائِحًا يَصِيحُ : يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ , اللَّهُ اللَّهُ مَنْ لِلنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ مِنَ لِلرُّومِ , مَنْ لِلتُّرْكِ , مَنْ لِلدَّيْلَمِ . اللَّهُ اللَّهُ وَالْبُقْيَا , فَأَسْمَعُ حَرَكَةً مِنْ خَلْفِي , فَالْتَفَتُ , فَإِذَا عَلِيٌّ يَعْدُو بِالرَّايَةِ يُهَرْوِلُ بِهَا حَتَّى أَقَامَهَا , وَلَحِقَهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ , فَأَسْمَعُهُ يَقُولُ : يَا بُنَيَّ , الْزَمْ رَايتَكَ ؛ فَإِنِّي مُتَقَدِّمٌ فِي الْقَوْمِ , فَأَنْظُرْ إِلَيْهِ يَضْرِبُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُفْرَجَ لَهُ , ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهِمْ.(7/95)
6800- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ , عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ , فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : مَا أَشْهَدُ عَلَى أَحَدٍ بِالنَّجَاةِ , وَلاَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , وَلاَ عَلَى أَبِي الَّذِي وَلَدَنِي . قَالَ : فَنَظَرَ الْقَوْمُ إِلَيْهِ . قَالَ : مَنْ كَانَ فِي النَّاسِ مِثْلَ عَلِيٍّ سَبَقَ لَهُ كَذَا سَبَقَ لَهُ كَذَا.(7/95)
6801- أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي يَعْلَى , عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ قَالَ ، وَهُوَ فِي الشِّعْبِ : لَوْ أَنَّ أَبِي عَلِيًّا أَدْرَكَ هَذَا الأَمْرَ لَكَانَ هَذَا مَوْضِعُ رَحْلِهِ.(7/96)
6802- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ , عَنْ لَيْثٍ , عَنْ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيِّ , عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ : أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنَ الْعَرَبِ يَتَّخِذُهُمَا النَّاسُ أَنْدَادًا مِنْ دُونِ اللهِ : نَحْنُ , وَبَنُو عَمِّنَا هَؤُلاَءِ يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ.(7/96)
6803- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْثَرٌ أَبُو زُبَيْدٍ , عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَة , عَنْ مُنْذِرٍ أَبِي يَعْلَى , عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ : نَحْنُ أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ نَتَّخَذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا : نَحْنُ وَبَنُو أُمَيَّةَ.(7/96)
6804- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ , عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ : كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ : سَلاَمٌ عَلَيْكَ يَا مَهْدِيٌّ , فَقَالَ : أَجَلْ , أَنَا مَهْدِيُّ ؛ أُهْدِي إِلَى الرُّشْدِ وَالْخَيْرِ . اسْمِي اسْمُ نَبِيِّ اللهِ , وَكُنْيَتِي كُنْيَةُ نَبِيِّ اللهِ , فَإِذَا سَلَّمَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ : سَلاَمٌ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ , السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ.(7/96)
6805- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَلاَءِ الْخَفَّافُ , عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ , فَسَلَّمَ عَلَيْهِ , فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ , فَقَالَ : كَيْفَ أَنْتَ ؟ فَحَرَّكَ يَدَهُ , فَقَالَ : كَيْفَ أَنْتُمْ ؟ أَمَا آنَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا كَيْفَ نَحْنُ , إِنَّمَا مَثَلُنَا فِي هَذِهِ الأُمَّةِ مَثَلُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي آلِ فِرْعَوْنَ كَانَ يَذْبَحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ , وَإِنَّ هَؤُلاَءِ يَذْبَحُونَ أَبْنَاءَنَا وَيَنْكِحُونَ نِسَاءَنَا بِغَيْرِ أَمْرِنَا , فَزَعَمَتِ الْعَرَبُ أَنَّ لَهَا فَضْلاَّ عَلَى الْعَجَمِ , فَقَالَتِ الْعَجَمُ : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالُوا : كَانَ مُحَمَّدٌ عَرَبِيًّا ؟ قَالُوا : صَدَقْتُمْ . قَالُوا : وَزَعَمَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ لَهَا فَضْلاَّ عَلَى الْعَرَبِ , فَقَالَتِ الْعَرَبُ : وَبِمَ ذَا ؟ قَالُوا : قَدْ كَانَ مُحَمَّدٌ قُرَشِيًّا , فَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ صَدَّقُوا فَلَنَا فَضْلٌ عَلَى النَّاسِ.(7/96)
6806- قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ زِيَادٍ الْهُذَلِيُّ , عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ حَدَّثَهُ قَالَ : لَقِيتُ بِخُرَاسَانَ رَجُلاَّ مِنْ عَنَزَة . قَالَ : قُلْتُ لِلأَسْوَدِ : مَا اسْمُهُ ؟ قَالَ : لاَ أَدْرِي . قَالَ : أَلاَ أَعْرِضُ عَلَيْكَ خُطْبَةَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ ؟ قَالَ : قُلْتُ : بَلَى . قَالَ : انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ ، وَهُوَ فِي رَهْطٍ يُحَدِّثُهُمْ , فَقُلْتُ : السَّلاَمُ عَلَيْكَ , يَا مَهْدِيُّ . قَالَ : وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ . قَالَ : قُلْتُ : إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً . قَالَ : أَسِرٌّ هِيَ أَمْ عَلاَنِيَةٌ ؟ قَالَ : قُلْتُ : بَلْ , سِرٌّ . قَالَ : اجْلِسْ , فَجَلَسْتُ , وَحَدَّثَ الْقَوْمَ سَاعَةً , ثُمَّ قَامَ , فَقُمْتُ مَعَهُ , فَلَمَّا أَنْ دَخَلَ دَخَلْتُ مَعَهُ بَيْتَهُ . قَالَ : قُلْ بِحَاجَتِكَ . قَالَ : فَحَمِدْتُ اللَّهَ , وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ , وَشَهِدْتُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَشَهِدْتُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ , ثُمَّ قُلْتُ : أَمَّا بَعْدُ , فَوَاللَّهِ مَا كُنْتُمْ أَقْرَبَ قُرَيْشٍ إِلَيْنَا قَرَابَةً فَنُحِبُّكُمْ عَلَى قَرَابَتِكُمْ , وَلَكِنْ كُنْتُمْ أَقْرَبَ قُرَيْشٍ إِلَى نَبِيِّنَا قَرَابَةً فَلِذَلِكَ أَحْبَبْنَاكُمْ عَلَى قَرَابَتِكُمْ مِنْ نَبِيِّنَا , فَمَا زَالَ بِنَا السَّنَنُ فِي حُبِّكُمْ حَتَّى ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الأَعْنَاقُ , وَأُبْطِلَتِ الشَّهَادَاتُ , وَشَرَدْنَا فِي الْبِلاَدِ , وَأُوذِينَا حَتَّى لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَذْهَبَ فِي الأَرْضِ قَفْرًا فَأَعْبُدَ اللَّهَ حَتَّى أَلْقَاهُ لَوْلاَ أَنْ يَخْفَى عَلَيَّ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ , وَحَتَّى هَمَمْتُ أَنْ أَخْرُجَ مَعَ أَقْوَامٍ شَهَادَتُنَا وَشَهَادَتُهُمْ وَاحِدَةٌ عَلَى أُمَرَائِنَا , فَيَخْرُجُونَ , فَيُقَاتِلُونَ , وَنُقِيمُ , فَقَالَ عُمَرُ يَعْنِي الْخَوَارِجَ ، وَقَدْ كَانَتْ تَبْلُغُنَا عَنْكَ أَحَادِيثُ مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ , فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُشَافِهُكَ لِلْكَلاَمِ , فَلاَ أَسْأَلُ عَنْكَ أَحَدًا , وَكُنْتَ أَوْثَقَ النَّاسِ فِي نَفْسِي وَأَحَبَّهُ إِلَى أَنْ أَقْتَدِيَ بِهِ فَأَرَى بِرَأْيِكَ , وَكَيْفَ تَرَى الْمَخْرَجَ ؟ أَقُولُ هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ ،(7/97)
قَالَ : فَحَمِدَ اللَّهَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ , وَأَثْنَى عَلَيْهِ , وَشَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَشَهِدَ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ , فَإِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الأَحَادِيثَ ؛ فَإِنَّهَا عَيْبٌ عَلَيْكُمْ , وَعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ؛ فَإِنَّهُ بِهِ هَدْيُ أَوَّلِكُمْ , وَبِهِ يُهْدَى آخِرُكُمْ , وَلَعَمْرِي لَئِنْ أُوذِيتُمْ لَقَدْ أُوذِيَ مَنْ كَانَ خَيْرًا مِنْكُمْ , أَمَّا قِيلُكَ : لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَذْهَبَ فِي الأَرْضِ قَفْرًا فَأَعْبُدَ اللَّهَ حَتَّى أَلْقَاهُ , وَأَجْتَنِبَ أُمُورَ النَّاسِ لَوْلاَ أَنْ يَخْفَى عَلَيَّ أُمُورُ آلِ مُحَمَّدٍ فَلاَ تَفْعَلْ ؛ فَإِنَّ تِلْكَ الْبِدْعَةُ الرَّهْبَانِيَّةُ , وَلَعَمْرِي لأَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ أَبْيَنُ مِنْ طُلُوعِ هَذِهِ الشَّمْسِ , وَأَمَّا قِيلُكَ : لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَخْرُجَ مَعَ أَقْوَامٍ شَهَادَتُنَا وَشَهَادَتُهُمْ وَاحِدَةٌ عَلَى أُمَرَائِنَا , فَيَخْرُجُونَ , فَيُقَاتِلُونَ , وَنُقِيمُ , فَلاَ تَفْعَلْ , لاَ تُفَارِقِ الأُمَّةَ , اتَّقِ هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ بِتَقِيَّتِهِمْ . قَالَ عُمَرُ يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ : وَلاَ تُقَاتِلْ مَعَهُمْ.
قَالَ : قُلْتُ وَمَا تَقِيَّتُهُمْ ؟ قَالَ : تُحْضِرُهُمْ وَجْهَكَ عِنْدَ دَعْوَتِهِمْ , فَيَدْفَعُ اللَّهُ بِذَلِكَ عَنْكَ عَنْ دَمِكَ وَدِينِكَ , وَتُصِيبُ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمْ . قَالَ : قُلْتُ : أَرَأَيْتَ إِنْ أَطَافَ بِي قِتَالٌ لَيْسَ لِي مِنْهُ بُدٌّ ؟ قَالَ : تُبَايِعُ بِإِحْدَى يَدَيْكَ الأُخْرَى لِلَّهِ , وَتُقَاتِلُ لِلَّهِ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سَيُدْخِلُ أَقْوَامًا بِسَرَائِرِهِمُ الْجَنَّةَ , وَسَيُدْخِلُ أَقْوَامًا بِسَرَائِرِهِمُ النَّارَ , وَإِنِّي أُذَكِّرُكَ اللَّهَ أَنْ تُبَلِّغَ عَنِّي مَا لَمْ تَسْمَعْ مِنِّي , أَوْ أَنْ تَقُولَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ . أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ.(7/98)
6807- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ : حَدَّثَنِي سُفْيَانُ يَعْنِي ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ , عَنْ رَجُلٍ , عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ : بَايِعْ بِإِحْدَى يَدَيْكَ عَلَى الأُخْرَى , وَقَاتِلْ عَلَى نِيَّتِكَ.(7/98)
6808- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ : حَدَّثَنَا قَيْسٌ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ , عَنْ مُنْذِرٍ قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ : إِنَّ هَذِهِ لَصَاعِقَةٌ , لاَ يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ.(7/98)
6809- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ , عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ , عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ : الْزَمْ هَذَا الْمَكَانَ , وَكُنْ حَمَامَةً مِنْ حَمَامِ الْحَرَمِ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُنَا , فَإِنَّ أَمَرَنَا إِذَا جَاءَ فَلَيْسَ بِهِ خِفَاءٌ كَمَا لَيْسَ بِالشَّمْسِ إِذَا طَلَعَتْ خَفَاءٌ , وَمَا يُدْرِيكَ إِنْ قَالَ لَكَ النَّاسُ تَأْتِي مِنَ الْمَشْرِقِ وَيَأْتِي اللَّهُ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ , وَمَا يُدْرِيكَ إِنْ قَالَ لَكَ النَّاسُ تَأْتِي مِنَ الْمَغْرِبِ وَيَأْتِي اللَّهُ بِهَا مِنَ الْمَشْرِقِ , وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّنَا سَنُؤْتَى بِهَا كَمَا يُؤْتَى بِالْعَرُوسِ.(7/98)
6810- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ قَالَ : حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ الثَّوْرِيُّ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ : مَنْ أَحَبَّنَا نَفَعَهُ اللَّهُ , وَإِنْ كَانَ فِي الدَّيْلَمِ.(7/99)
6811- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ : وَدِدْتُ لَوْ فَدَّيْتُ شِيعَتَنَا هَؤُلاَءِ وَلَوْ بِبَعْضِ دَمِي . قَالَ : ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى عَلَى الْمِفْصَلِ وَالْعُرُوقِ , ثُمَّ قَالَ : لَحَدِيثُهُمُ الْكَذِبُ , وَإِذَاعَتُهُمُ الشَّرُّ حَتَّى إِنَّهَا لَوْ كَانَتْ أُمَّ أَحَدِهِمُ الَّتِي وَلَدَتْهُ أَغْرَى بِهَا حَتَّى تُقْتَلَ.(7/99)
6812- أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ , عَنِ الْحَارِثِ الأَزْدِيِّ قَالَ : قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ : رَحِمَ اللَّهُ امْرَءًا أَغْنَى نَفْسَهُ , وَكُفَّ يَدَهُ , وَأَمْسَكَ لِسَانَهُ , وَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ , لَهُ مَا احْتَسَبَ ، وَهُوَ مَعَ مَنْ أَحَبَّ . أَلاَ إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي أُمَيَّةَ أَسْرَعُ فِيهِمْ مِنْ سُيُوفِ الْمُسْلِمِينَ . أَلاَ إِنَّ لأَهْلِ الْحَقِّ دَوْلَةً يَأْتِي بِهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ وَمِنَّا كَانَ عِنْدَنَا فِي السَّنَامِ الأَعْلَى , وَمَنْ يَمُتْ فَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى.(7/99)
6813- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو شِهَابٍ , عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو , عَنْ أَبِي يَعْلَى , عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ : مَنْ أَحَبَّ رَجُلاَّ لِلَّهِ لِعَدْلٍ ظَهَرَ مِنْهُ ، وَهُوَ فِي عِلْمِ اللهِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ آجَرَهُ اللَّهُ عَلَى حُبِّهُ إِيَّاهُ كَمَا لَوْ كَانَ أَحَبَّ رَجُلاَّ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ , وَمَنْ أَبْغَضَ رَجُلاَّ لِلَّهِ لِجَوْرٍ ظَهَرَ مِنْهُ وَهُوَ فِي عِلْمِ اللهِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ آجَرَهُ اللَّهُ عَلَى بُغْضِهِ إِيَّاهُ كَمَا لَوْ كَانَ أَبْغَضَ رَجُلاَّ مِنْ أَهْلِ النَّارِ.(7/99)
6814- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ , عَنْ أُمِّ بَكْرٍ بِنْتِ الْمِسْوَرِ قَالَتْ : كَانَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي حَصْرِهِ الأَوَّلِ أَشَدَّ النَّاسِ مَعَهُ , وَيُرِيهِ أَنَّهُ شِيعَةٌ لَهُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ مُعْجَبٌ بِهِ وَيَحْمِلُ عَلَيْهِ فَلاَ يَسْمَعُ عَلَيْهِ كَلاَمًا ، وَكَانَ الْمُخْتَارُ يَخْتَلِفُ إِلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ ، وَكَانَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ فِيهِ بِحُسْنِ الرَّأْيِ , وَلاَ يَقْبَلُ كَثِيرًا مِمَّا يَأْتِي بِهِ , فَقَالَ الْمُخْتَارُ : أَنَا خَارِجٌ إِلَى الْعِرَاقِ , فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ : فَاخْرُجْ , وَهَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ كَامِلٍ الْهَمْدَانِيُّ يَخْرُجُ مَعَكَ , وَقَالَ لِعَبْدِ اللهِ : تَحَرَّزْ مِنْهُ , وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ أَمَانَةٍ , وَجَاءَ الْمُخْتَارُ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ , فَقَالَ : اعْلَمْ أَنَّ مَكَانِي مِنَ الْعِرَاقِ أَنْفَعُ لَكَ مِنْ مَقَامِي هَاهُنَا , فَأَذِنَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ , فَخَرَجَ هُوَ وَابْنُ كَامِلٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ لاَ يَشُكُّ فِي مُنَاصَحَتِهِ ، وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى الْغِشِّ لاِبْنِ الزُّبَيْرِ , فَخَرَجَا حَتَّى لَقِيَا لاَقِيًا بِالْعُذَيْبِ , فَقَالَ الْمُخْتَارُ : أَخْبِرْنَا عَنِ النَّاسِ , فَقَالَ : تَرَكْتُ النَّاسَ كَالسَّفِينَةِ تَجُولُ لاَ مَلاَّحَ لَهَا , فَقَالَ الْمُخْتَارُ : فَأَنَا مَلاَّحُهَا الَّذِي يُقِيمُهَا.(7/99)
6815- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : لَمَّا قَدِمَ الْمُخْتَارُ الْعِرَاقَ اخْتَلَفَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مُطِيعٍ ، وَهُوَ وَالِي الْكُوفَةِ يَوْمَئِذٍ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ , وَأَظْهَرَ مُنَاصَحَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ , وَعَابَهُ فِي السِّرِّ , وَدَعَا إِلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ , وَحَرَّضَ النَّاسَ عَلَى ابْنِ مُطِيعٍ , وَاتَّخَذَ شِيعَةً . يَرْكَبُ فِي خَيْلٍ عَظِيمَةٍ , فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ ابْنُ مُطِيعٍ خَافَهُ , فَهَرَبَ مِنْهُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ.(7/100)
6816- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ , عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ (ح) قَالَ : وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ وَغَيْرُهُمَا قَالُوا : كَانَ الْمُخْتَارُ لَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَعْيَبَهُ لَهُ , وَجَعَلَ يُلْقِي إِلَى النَّاسِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَطْلُبُ هَذَا الأَمْرَ لأَبِي الْقَاسِمِ يَعْنِي ابْنَ الْحَنِفِيَّةِ ثُمَّ ظَلَمَهُ إِيَّاهُ , وَجَعَلَ يَذْكُرُ ابْنَ الْحَنِفِيَّةِ وَحَالَهُ وَوَرَعَهُ , وَأَنَّهُ بَعَثَهُ إِلَى الْكُوفَةِ يَدْعُو لَهُ , وَأَنَّهُ كَتَبَ لَهُ كِتَابًا فَهُوَ لاَ يَعْدُوهُ إِلَى غَيْرِهِ , وَيَقْرَأُ ذَلِكَ الْكِتَابَ عَلَى مَنْ يَثِقُ بِهِ , وَجَعَلَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ لِمُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنِيفِيَّةِ فَيُبَايِعُونَهُ لَهُ سِرًّا , فَشَكَّ قَوْمٌ مِمَّنْ بَايَعَهُ فِي أَمْرِهِ , وَقَالُوا : أَعْطَيْنَا هَذَا الرَّجُلَ عُهُودَنَا أَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَسُولُ ابْنِ الْحَنِفِيَّةِ , وَابْنُ الْحَنِفِيَّةِ بِمَكَّةَ لَيْسَ مِنَّا بِبَعِيدٍ وَلاَ مُسْتَتِرٍ , فَلَوْ شَخَصَ مِنَّا قَوْمٌ إِلَيْهِ فَسَأَلُوهُ عَمَّا جَاءَ بِهِ هَذَا الرَّجُلُ عَنْهُ , فَإِنْ كَانَ صَادِقًا نَصَرْنَاهُ وَأَعَنَّاهُ عَلَى أَمْرِهِ , فَشَخَصَ مِنْهُمْ قَوْمٌ , فَلَقُوا ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ بِمَكَّةَ , فَأَعْلَمُوهُ أَمْرَ الْمُخْتَارِ وَمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ , فَقَالَ : نَحْنُ حَيْثُ تَرَوْنَ مُحْتَسِبُونَ , وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي سُلْطَانَ الدُّنْيَا بِقَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَوَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ انْتَصَرَ لَنَا بِمَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ , فَاحْذَرُوا الْكَذَّابِينَ , وَانْظُرُوا لأَنْفُسِكُمْ وَدِينِكُمْ . فَانْصَرَفُوا عَلَى هَذَا.
وَكَتَبَ الْمُخْتَارُ كِتَابًا عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ الأَشْتَرِ وَجَاءَ , فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ ,(7/100)
وَقِيلَ : الْمُخْتَارُ أَمِينُ آلِ مُحَمَّدٍ وَرَسُولُهُ , فَأَذِنَ لَهُ وَحَيَّاهُ , وَرَحَّبَ بِهِ وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى فِرَاشِهِ , فَتَكَلَّمَ الْمُخْتَارُ ، وَكَانَ مُفَوَّهًا ، فَحَمِدَ اللَّهَ , وَأَثْنَى عَلَيْهِ , وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , ثُمَّ قَالَ : إِنَّكُمْ أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ أَكْرَمَكُمُ اللَّهَ بِنُصْرَةِ آلِ مُحَمَّدٍ , وَقَدْ رَكِبَ مِنْهُمْ مَا قَدْ عَلِمْتَ وَحُرِمُوا وَمُنِعُوا حَقَّهُمْ , وَصَارُوا إِلَى مَا رَأَيْتَ وَقَدْ كَتَبَ إِلَيْكَ الْمَهْدِيُّ كِتَابًا وَهَؤُلاَءِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ , فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ أَنَسٍ الأَسَدِيُّ , وَأَحْمَرُ بْنُ شُمَيْطٍ الْبَجَلِيُّ , وَعَبْدُ اللهِ بْنُ كَامِلٍ الشَّاكِرِيُّ , وَأَبُو عَمْرَةَ كَيْسَانُ مَوْلَى بَجِيلَةَ : نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا كِتَابَهُ قَدْ شَهِدْنَاهُ حِينَ دَفَعَهُ إِلَيْهِ , فَقَبَضَهُ إِبْرَاهِيمُ , وَقَرَأَهُ , ثُمَّ قَالَ : أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُجِيبُ , وَقَدْ أَمَرَنَا بِطَاعَتِكَ وَمُؤَازَرَتِكَ , فَقُلْ مَا بَدَا لَكَ , وَادْعُ إِلَى مَا شِئْتَ.
ثُمَّ كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَرْكَبُ إِلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ , فَزَرَعَ ذَلِكَ فِي صُدُورِ النَّاسِ , وَوَرَدَ الْخَبَرُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ , فَتَنَكَّرَ لِمُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ , وَجَعَلَ أَمْرُ الْمُخْتَارِ يَغْلُظُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَيَكْثُرُ تَبَعُهُ , وَجَعَلَ يَتَتَبَّعُ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ وَمَنْ أَعَانَ عَلَيْهِ فَيَقْتُلُهُمْ , ثُمَّ بَعَثَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الأَشْتَرِ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ فَقَتَلَهُ , وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَى الْمُخْتَارِ , فَعَمَدَ إِلَيْهِ الْمُخْتَارُ فَجَعَلَهُ فِي جُونَةٍ , ثُمَّ بَعَثَ بِهِ إِلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ , وَسَائِرِ بَنِي هَاشِمٍ.
فَلَمَّا رَأَى عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ رَأْسَ عُبَيْدِ اللهِ تَرَحَّمَ عَلَى الْحُسَيْنِ , وَقَالَ : أُتِيَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ ، وَهُوَ يَتَغَدَّى , وَأُتِينَا بِرَأْسِ عُبَيْدِ اللهِ وَنَحْنُ نَتَغَدَّى , وَلَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ أَحَدٌ إِلاَّ قَامَ بِخُطْبَةٍ فِي الثَّنَاءِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَالدُّعَاءِ لَهُ وَجَمِيلِ الْقَوْلِ فِيهِ.
وَكَانَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ يَكْرَهُ أَمْرَ الْمُخْتَارِ وَمَا يَبْلُغُهُ عَنْهُ , وَلاَ يُحِبُّ كَثِيرًا مِمَّا يَأْتِي بِهِ ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ : أَصَابَ بِثَأْرِنَا , وَأَدْرَكَ وَغْمَنَا , وَآثَرَنَا , وَوَصَلَنَا , فَكَانَ يُظْهِرُ الْجَمِيلَ فِيهِ لِلْعَامَّةِ , فَلَمَّا اتَّسَقَ الأَمْرُ لِلْمُخْتَارِ كَتَبَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَهْدِيِّ : مِنَ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الطَّالِبِ بِثَأْرِ آلِ مُحَمَّدٍ أَمَّا بَعْدُ , فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يَنْتَقِمْ مِنْ قَوْمٍ حَتَّى يُعَذِّرَ إِلَيْهِمْ , وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ الْفَسَقَةَ وَأَشْيَاعَ الْفَسَقَةِ , وَقَدْ بَقِيَتْ بَقَايَا أَرْجُو أَنْ يُلْحِقَ اللَّهُ آخِرَهُمْ بِأَوَّلِهِمْ.(7/101)
6817- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ , وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ , وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ , وَهِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ , وَالْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ ، وَغَيْرِهِمْ أَيْضًا قَدْ حَدَّثَنِي ، قَالُوا : لَمَّا جَاءَ نَعْيُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى الْمَدِينَةِ كَانَ بِهَا يَوْمَئِذٍ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ , وَمُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ , وَابْنُ الزُّبَيْرِ ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ فَخَرَجَ الْحُسَيْنُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى مَكَّةَ ، وَأَقَامَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى سَمِعَ بِدُنُوِّ جَيْشٍ مُسْرِفٍ أَيَّامِ الْحَرَّةِ (1) , فَرَحَلَ إِلَى مَكَّةَ , فَأَقَامَ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ , فَلَمَّا جَاءَ نَعْيُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَبَايَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لِنَفْسِهِ , وَدَعَا النَّاسَ إِلَيْهِ دَعَا ابْنَ عَبَّاسٍ وَمُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى الْبَيْعَةَ لَهُ فَأَبَيَا يُبَايِعَانِ لَهُ , وَقَالاَ : حَتَّى يَجْتَمِعَ لَكَ الْبِلاَدُ , وَيَتَّسِقَ لَكَ النَّاسُ , فَأَقَامَا عَلَى ذَلِكَ مَا أَقَامَا . فَمَرَّةً يُكَاشِرُهُمَا وَمَرَّةً يَلِينُ لَهُمَا , وَمَرَّةً يُبَادِيهُمَا , ثُمَّ غَلُظَ عَلَيْهِمَا , فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ كَلاَمٌ وَشَرٌّ , فَلَمْ يَزَلِ الأَمْرُ يَغْلُظُ حَتَّى خَافَا مِنْهُ خَوْفًا شَدِيدًا وَمَعَهُمَا النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ , فَأَسَاءَ جِوَارَهُمْ , وَحَصَرَهُمْ وَآذَاهُمْ , وَقَصَدَ لِمُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَأَظْهَرَ شَتْمُهُ وَعَيْبَهُ , وَأَمَرَهُ وَبَنِي هَاشِمٍ أَنْ يَلْزَمُوا شِعْبَهُمْ بِمَكَّةَ , وَجَعَلَ عَلَيْهِمُ الرُّقَبَاءَ , وَقَالَ لَهُمْ فِيمَا يَقُولُ : وَاللَّهِ , لَتُبَايِعَنَّ أَوْ لأَحْرِقَنَّكُمْ بِالنَّارِ , فَخَافُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ.
قَالَ سُلَيْمٌ أَبُو عَامِرٍ : فَرَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ مَحْبُوسًا فِي زَمْزَمَ , وَالنَّاسُ يُمْنَعُونَ مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهِ , فَقُلْتُ : وَاللَّهِ , لأَدْخُلَنَّ عَلَيْهِ , فَدَخَلْتُ , فَقُلْتُ : مَا بَالُكَ ؟ وَهَذَا الرَّجُلُ ؟ فَقَالَ : دَعَانِي إِلَى الْبَيْعَةِ , فَقُلْتُ : إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ , فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَيْكَ فَأَنَا كَأَحَدِهِمْ , فَلَمْ يَرْضَ بِهَذَا مِنِّي , فَاذْهَبْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ , فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلاَمَ , وَقُلْ : يَقُولُ لَكَ ابْنُ عَمِّكَ : مَا تَرَى.
قَالَ سُلَيْمٌ : فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَهُوَ ذَاهِبُ الْبَصَرِ , فَقَالَ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَقُلْتُ : أَنْصَارِيٌّ ,
_حاشية__________
(1) في المطبوع إلى : "وَأَيَّامِ الْحَرَّةِ" وانظر "سير أعلام النبلاء" 4/118.(7/102)
فَقَالَ : رُبَّ أَنْصَارِيٍّ هُوَ أَشَدُّ عَلَيْنَا مِنْ عَدُوِّنَا , فَقُلْتُ : لاَ تَخَفْ ؛ أَنَا مِمَّنْ لَكَ كُلُّهُ . قَالَ : هَاتِ , فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ , فَقَالَ : قُلْ لَهُ : لاَ تُطِعْهُ , وَلاَ نَعْمَةَ عَيْنٍ إِلاَّ مَا قُلْتَ , لاَ تَزِدْهُ عَلَيْهِ (1)، فَرَجَعْتُ إِلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ , فَأَبْلَغْتُهُ مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ , فَهَمَّ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَقْدَمَ إِلَى الْكُوفَةِ , وَبَلَغَ ذَلِكَ الْمُخْتَارَ , فَثَقُلَ عَلَيْهِ قُدُومُهُ , فَقَالَ : إِنَّ فِي الْمَهْدِيِّ عَلاَمَةً يَقْدَمُ بَلَدَكُمْ هَذَا فَيَضْرِبُهُ رَجُلٌ فِي السُّوقِ بِالسَّيْفِ لاَ تَضُرُّهُ وَلاَ تَحِيكُ فِيهِ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ , فَأَقَامَ , فَقِيلَ لَهُ لَوْ بَعَثْتَ إِلَى شِيعَتِكَ بِالْكُوفَةِ , فَأَعْلَمْتَهُمْ مَا أَنْتُمْ فِيهِ , فَبَعَثَ أَبَا طُفَيْلٍ عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ إِلَى شِيعَتِهِمْ بِالْكُوفَةِ , فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ , فَقَالَ : إِنَّا لاَ نَأْمَنُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ , وَأَخْبَرَهُمْ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْخَوْفِ فَقَطَعَ الْمُخْتَارُ بَعْثًا إِلَى مَكَّةَ , فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ , فَعَقَدَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيِّ عَلَيْهِمْ , وَقَالَ لَهُ : سِرْ , فَإِنْ وَجَدْتَ بَنِي هَاشِمٍ فِي الْحَيَاةِ , فَكُنْ لَهُمْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَضُدًا , وَانْفِذْ لِمَا أَمَرُوكَ بِهِ , وَإِنْ وَجَدْتَ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ قَتَلَهُمْ فَاعْتَرِضْ أَهْلَ مَكَّةَ حَتَّى تَصِلْ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ , ثُمَّ لاَ تَدَعْ مِنْ آلِ الزُّبَيْرِ شُفْرًا وَلاَ ظُفْرًا , وَقَالَ : يَا شُرْطَةَ اللهِ , لَقَدْ أَكْرَمَكُمُ اللَّهُ بِهَذَا الْمَسِيرِ , وَلَكُمْ بِهَذَا الْوَجْهِ عَشْرُ حِجَجٍ وَعَشْرُ عُمَرَ , وَسَارَ الْقَوْمُ وَمَعَهُمُ السِّلاَحُ حَتَّى أَشْرَفُوا عَلَى مَكَّةَ فَجَاءَ الْمُسْتَغِيثُ : أَعْجِلُوا فَمَا أُرَاكُمْ تُدْرِكُونَهُمْ , فَقَالَ النَّاسُ : لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُوَّةِ عَجَّلُوا , فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ ثَمَانُمِئَةٍ رَأْسُهُمْ عَطِيَّةُ بْنُ سَعْدِ بْنِ جُنَادَةَ الْعَوْفِيُّ حَتَّى دَخَلُوا مَكَّةَ , فَكَبَّرُوا تَكْبِيرَةً سَمِعَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ , فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى دَخَلَ دَارَ النَّدْوَةِ , وَيُقَالُ : بَلْ تَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ , وَقَالَ : أَنَا عَائِذُ اللَّهِ.
_حاشية__________
(1) كذا في المطبوع ، وفي "سير أعلام النبلاء" 4/118 : "ولا تزده عليه" من نفس الطريق عينه.(7/103)
قَالَ عَطِيَّةُ : ثُمَّ مِلْنَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَأَصْحَابُهُمَا فِي دُورٍ قَدْ جُمِعَ لَهُمُ الْحَطَبُ , فَأُحِيطَ بِهِمْ حَتَّى بَلَغَ رُؤُوسَ الْجُدُرِ لَوْ أَنَّ نَارًا تَقَعُ فِيهِ مَا رُئِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ , فَأَخَّرْنَاهُ عَنِ الأَبْوَابِ , وَعَجَّلَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ , فَأَسْرَعَ فِي الْحَطَبِ يُرِيدُ الْخُرُوجَ , فَأَدْمَى سَاقَيْهِ , وَأَقْبَلَ أَصْحَابُ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَكُنَّا صَفَّيْنِ نَحْنُ وَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ نَهَارُنَا وَنَهَارُهُ لاَ نَنْصَرِفُ إِلاَّ إِلَى صَلاَةٍ حَتَّى أَصْبَحْنَا , وَقَدِمَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيُّ فِي النَّاسِ , فَقُلْنَا لاِبْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ ذَرُونَا نُرِيحُ النَّاسَ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ , فَقَالاَ : هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَهُ اللَّهُ , مَا أَحَلَّهُ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلنَّبِيِّ عَلَيه السَّلام سَاعَةً , مَا أَحَلَّهُ لأَحَدٍ قَبْلَهُ , وَلاَ يُحِلُّهُ لأَحَدٍ بَعْدَهُ , فَامْنَعُونَا وَأَجِيرُونَا.
قَالَ : فَتَحَمَّلُوا , وَإِنَّ مُنَادِيًا لَيُنَادِي فِي الْجَبَلِ : مَا غَنِمَتْ سَرِيَّةٌ بَعْدَ نَبِيِّهَا مَا غَنِمَتْ هَذِهِ السَّرِيَّةُ إِنَّ السَّرَايَا تَغْنَمُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ , وَإِنَّمَا غَنِمْتُمْ دِمَاءَنَا , فَخَرَجُوا بِهِمْ حَتَّى أَنْزَلُوهُمْ مِنًى , فَأَقَامُوا بِهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُقِيمُوا , ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى الطَّائِفِ , فَأَقَامُوا مَا أَقَامُوا . وَتُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَصَلَّى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ , وَبَقِينَا مَعَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ , فَلَمَّا كَانَ الْحَجُّ وَحَجَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ مَكَّةَ فَوَافَى عَرَفَةَ فِي أَصْحَابِهِ , وَوَافَى مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ مِنَ الطَّائِفِ فِي أَصْحَابِهِ , فَوَقَفَ بِعَرَفَةَ وَوَافَى نَجْدَةَ بْنَ عَامِرٍ الْحَنَفِيَّ تِلْكَ السَّنَةَ فِي أَصْحَابِهِ مِنَ الْخَوَارِجِ فَوَقَفَ نَاحِيَةً , وَحَجَّتْ بَنُو أُمَيَّةَ عَلَى لِوَاءٍ , فَوَقَفُوا بِعَرَفَةَ فِيمَنْ مَعَهُمْ.(7/104)
6818- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : وَقَفَتْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَرْبَعَةُ أَلْوِيَةٍ بِعَرَفَةَ : مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ فِي أَصْحَابِهِ عَلَى لِوَاءٍ . قَامَ عِنْدَ حَبْلِ الْمُشَاةِ , وَحَجَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي أَصْحَابِهِ مَعَهُ لِوَاءٌ , فَقَامَ مَقَامَ الإِمَامِ الْيَوْمَ , ثُمَّ تَقَدَّمَ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ بِأَصْحَابِهِ حَتَّى وَقَفَ حِذَاءَ ابْنِ الزُّبَيْرِ , وَوَافَى نَجْدَةَ الْحَرُورِيَّ فِي أَصْحَابِهِ وَمَعَهُ لِوَاءٌ , فَوَقَفَ خَلْفَهُمَا , وَوَافَتْ بَنُو أُمَيَّةَ وَمَعَهُمْ لِوَاءٌ , فَوَقَفُوا عَنْ يَسَارِهِمَا , فَكَانَ أَوَّلُ لِوَاءٍ أَنْغَضَ لِوَاءُ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ ثُمَّ تَبِعَهُ نَجْدَةُ , ثُمَّ لِوَاءُ بَنِي أُمَيَّةَ , ثُمَّ لِوَاءُ ابْنِ الزُّبَيْرِ , وَاتَّبَعَهُ النَّاسُ.(7/104)
6819- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ نَافِعٍ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : لَمْ يَدْفَعِ ابْنُ الزُّبَيْرِ تِلْكَ الْعَشِيَّةَ إِلاَّ بِدَفْعِةِ ابْنِ عُمَرَ , فَلَمَّا أَبْطَأَ ابْنُ الزُّبَيْرِ , وَقَدْ مَضَى ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَنَجْدَةُ وَبَنُو أُمَيَّةَ . قَالَ ابْنُ عُمَرَ : أَيَنْتَظِرُ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ , ثُمَّ دَفَعَ , فَدَفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى أَثَرِه.(7/104)
6820- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ , عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ : دَفَعْتُ مِنْ عَرَفَةَ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ وَتِلْكَ السُّنَّةُ , فَبَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ : عَجِّلْ مُحَمَّدُ عَجِّلْ مُحَمَّدُ , فَعَنْ مَنْ أَخَذَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الإِغْسَاقَ ؟.(7/105)
6821- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : أَقَامَ الْحَجَّ تِلْكَ السَّنَةَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَحَجَّ عَامَئِذٍ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْخَشَبِيَّةِ مَعَهُ وَهُمْ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ نَزَلُوا فِي الشِّعْبِ الأَيْسَرِ مِنْ مِنًى.(7/105)
6822- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي إِسْرَائِيلُ , عَنْ ثُوَيْرٍ قَالَ : رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ فِي الشِّعْبِ الأَيْسَرِ مِنْ مِنًى فِي أَصْحَابِهِ.(7/105)
6823- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : خِفْتُ الْفِتْنَةَ , فَمَشَيْتُ إِلَيْهِمْ جَمِيعًا , فَجِئْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ فِي الشِّعْبِ , فَقُلْتُ : يَا أَبَا الْقَاسِمِ , اتَّقِ اللَّهَ ؛ فَإِنَّا فِي مِشْعَرٍ حَرَامٍ وَبَلَدٍ حَرَامٍ , وَالنَّاسُ وَفْدُ اللهِ إِلَى هَذَا الْبَيْتِ , فَلاَ تُفْسِدْ عَلَيْهِمْ حَجَّهُمْ , فَقَالَ : وَاللَّهِ , مَا أُرِيدُ ذَلِكَ , وَمَا أَحُولُ بَيْنَ أَحَدٍ وَبَيْنَ هَذَا الْبَيْتِ , وَلاَ يُؤْتَى أَحَدٌ مِنَ الْحَاجِّ مِنْ قِبَلِي , وَلَكِنِّي رَجُلٌ أَدْفَعُ عَنْ نَفْسِي مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَمَا يُرِيدُ مِنِّي , وَمَا أَطْلُبُ هَذَا الأَمْرَ إِلاَّ أَنْ لاَ يَخْتَلِفَ عَلَيَّ فِيهِ اثْنَانِ , وَلَكِنِ ائْتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَكَلِّمْهُ , وَعَلَيْكَ بِنَجْدَةَ فَكَلِّمْهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ : فَجِئْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَكَلَّمْتُهُ بِنَحْوٍ مِمَّا كَلَّمْتُ بِهِ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ , فَقَالَ : أَنَا رَجُلٌ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيَّ وَبَايَعَنِي النَّاسُ , وَهَؤُلاَءِ أَهْلُ خِلاَفٍ , فَقُلْتُ : إِنَّ خَيْرًا لَكَ الْكَفٌّ , فَقَالَ : أَفْعَلُ , ثُمَّ جِئْتُ نَجْدَةَ الْحَرُورِيَّ , فَأَجِدُهُ فِي أَصْحَابِهِ وَأَجِدُ عِكْرِمَةَ غُلاَمَ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَهُ , فَقُلْتُ : اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى صَاحِبِكَ . قَالَ : فَدَخَلَ , فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ أَذِنَ لِي , فَدَخَلْتُ , فَعَظَّمْتُ عَلَيْهِ , وَكَلَّمْتُهُ بِمَا كَلَّمْتُ بِهِ الرَّجُلَيْنِ , فَقَالَ : أَمَّا أَنْ أَبْتَدِئَ أَحَدًا بِقِتَالٍ فَلاَ , وَلَكِنْ مَنْ بَدَأْنَا بِقِتَالٍ قَاتَلْنَاهُ . قُلْتُ : فَإِنِّي رَأَيْتُ الرَّجُلَيْنِ لاَ يُرِيدَانِ قِتَالَكَ , ثُمَّ جِئْتُ شِيعَةَ بَنِي أُمَيَّةَ , فَكَلَّمْتُهُمْ بِنَحْوٍ مِمَّا كَلَّمْتُ بِهِ الْقَوْمَ , فَقَالُوا : نَحْنُ عَلَى لِوَائِنَا لاَ نُقَاتِلُ أَحَدًا إِلاَّ أَنْ يُقَاتِلَنَا , فَلَمْ أَرَ فِي تِلْكَ الأَلْوِيَةِ أَسْكَنَ وَلاَ أَسْلَمَ دَفْعَةً مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ : وَقَفْتُ تِلْكَ الْعَشِيَّةَ إِلَى جَنْبِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ , فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ الْتَفَتَ إِلَيَّ , فَقَالَ : يَا أَبَا سَعِيدٍ , ادْفَعْ فَدَفَعَ , وَدَفَعْتُ مَعَهُ , فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَفَعَ.(7/105)
6824- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : رَأَيْتُ أَصْحَابَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ يُلَبُّونَ بِعَرَفَةَ , وَرَمَقْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَأَصْحَابَهُ فَإِذَا هُمْ يُلَبُّونَ حَتَّى زَاغَتِ الشَّمْسُ , ثُمَّ قُطِعَ , وَكَذَلِكَ فَعَلَتْ بَنُو أُمَيَّةَ , وَأَمَّا نَجْدَةُ , فَلَبَّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ.(7/106)
6825- أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدٌ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو الْعُرْيَانِ الْمُجَاشِعِيُّ قَالَ : بَعَثَنَا الْمُخْتَارُ فِي أَلْفَيْ فَارِسٍ إِلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ . قَالَ : فَكُنَّا عِنْدَهُ . قَالَ : فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَذْكُرُ الْمُخْتَارَ , فَيَقُولُ : أَدْرَكَ ثَأْرَنَا , وَقَضَى دُيُونَنَا , وَأَنْفَقَ عَلَيْنَا . قَالَ : وَكَانَ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ لاَ يَقُولُ فِيهِ خَيْرًا وَلاَ شَرًّا . قَالَ فَبَلَغَ مُحَمَّدًا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : إِنَّ عِنْدَهُمْ شَيْئًا . أَيْ مِنَ الْعِلْمِ . قَالَ : فَقَامَ فِينَا , فَقَالَ : إِنَّا وَاللَّهِ , مَا وَرَثْنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ إِلاَّ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ اللَّوْحَيْنِ , ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ , حِلًّا . وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ فِي ذُؤَابَةِ سَيْفِي . قَالَ : فَسَأَلْتُ : وَمَا كَانَ فِي الصَّحِيفَةِ ؟ قَالَ : مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا , أَوْ آوَى مُحْدِثًا.(7/106)
6826- أخبرنا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ : حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ الرَّمَّاحُ قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ أُخْرِجَ مِنْ مَكَّةَ , فَنَزَلَ شِعْبَ عَلِيٍّ , فَخَرَجْنَا مِنَ الْكُوفَةِ لِنَأْتِيَهُ , فَلَقِينَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَعَهُ فِي الشِّعْبِ , فَقَالَ لَنَا : أَحْصُوا سِلاَحَكُمْ , وَلَبُّوا بِعُمْرَةٍ , ثُمَّ ادْخُلُوا الْبَيْتَ , وَطَوِّفُوا بِهِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.(7/106)
6827- أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَوْفٌ , عَنْ مَيْمُونٍ , عَنْ وَرْدَانَ قَالَ : كُنْتُ فِي الْعِصَابَةِ الَّذِينَ انْتَدَبُوا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ . قَالَ : وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ مَنَعَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ حَتَّى يُبَايِعَهُ , فَأَبَى أَنْ يُبَايِعَهُ . قَالَ : فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ فَأَرَادَ أَهْلَ الشَّامِ , فَمَنَعَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ أَنْ يَدْخُلَهَا حَتَّى يُبَايِعَهُ فَأَبَى عَلَيْهِ . قَالَ : فَسِرْنَا مَعَهُ مَا سِرْنَا وَلَوْ أَمَرَنَا بِالْقِتَالِ لَقَاتَلْنَا مَعَهُ , فَجَمَعْنَا يَوْمًا , فَقَسَمَ فِينَا شَيْئًا ، وَهُوَ يَسِيرُ , ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ , وَأَثْنَى عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ : أَلْحِقُوا بِرِحَالِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ . وَعَلَيْكُمْ بِمَا تَعْرِفُونَ , وَدَعُوا مَا تُنْكِرُونَ . وَعَلَيْكُمْ بِخَاصَّةِ أَنْفُسِكُمْ , وَدَعُوا أَمْرَ الْعَامَّةِ , وَاسْتَقِرُّوا عَنْ أَمْرَنَا كَمَا اسْتَقَرَّتِ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ ؛ فَإِنَّ أَمْرَنَا إِذَا جَاءَ كَانَ كَالشَّمْسِ الضَّاحِيَةِ.
قَالُوا : وَقُتِلَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ فِي سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ , فَلَمَّا دَخَلْتُ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ أَرْسَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ إِلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ : إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ لَكَ : إِنِّي غَيْرُ تَارِكُكَ أَبَدًا حَتَّى تُبَايِعَنِي أَوْ أُعِيدَكَ فِي الْحَبْسِ , وَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ الْكَذَّابَ الَّذِي كُنْتَ تَدَّعِي نُصْرَتَهُ , وَأَجْمَعَ عَلَيَّ أَهْلُ الْعِرَاقَيْنِ , فَبَايِعْ لِي , وَإِلاَّ فَهِيَ الْحَرْبُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ إِنِ امْتَنَعْتَ ,(7/106)
فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ لِعُرْوَةَ : مَا أَسْرَعَ أَخَاكَ إِلَى قَطْعِ الرَّحِمِ وَالإِسْتِخْفَافِ بِالْحَقِّ , وَأَغْفَلَهُ عَنْ تَعْجِيلِ عُقُوبَةِ اللهِ مَا يَشُكُّ أَخُوكَ فِي الْخُلُودِ وَإِلاَّ فَقَدْ كَانَ أَحْمَدَ لِلْمُخْتَارِ وَلِهَدْيِهِ مِنِّي , وَاللَّهِ مَا بَعَثْتُ الْمُخْتَارَ دَاعِيًا وَلاَ نَاصِرًا , وَلَلْمُخْتَارُ كَانَ إِلَيْهِ أَشَدَّ انْقِطَاعًا مِنْهُ إِلَيْنَا , فَإِنْ كَانَ كَذَّابًا فَطَالَ مَا قَرَّبَهُ عَلَى كَذِبِهِ , وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ , وَمَا عِنْدِي خِلاَفٌ , وَلَوْ كَانَ خِلاَفَ مَا أَقَمْتُ فِي جِوَارِهِ , وَلَخَرَجْتُ إِلَى مَنْ يَدْعُونِي , فَأَبَيْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ , وَلَكِنْ هَاهُنَا وَاللَّهِ لأَخِيكَ قَرِينًا يَطْلُبُ مِثْلَ مَا يَطْلُبُ أَخُوكَ كِلاَهُمَا يُقَاتِلاَنِ عَلَى الدُّنْيَا : عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ , وَاللَّهِ لَكَأَنَّكَ بِجُيُوشِهِ قَدْ أَحَاطَتْ بِرَقَبَةِ أَخِيكَ , وَإِنِّي لأَحْسَبُ أَنَّ جِوَارَ عَبْدِ الْمَلِكِ خَيْرٌ لِي مِنْ جِوَارِ أَخِيكَ , وَلَقَدْ كَتَبَ إِلَيَّ يَعْرِضُ عَلَيَّ مَا قَبِلَهُ , وَيَدْعُونِي إِلَيْهِ.
قَالَ عُرْوَةُ : فَمَا يَمْنَعُكَ مِنْ ذَلِكَ ؟ قَالَ : أَسْتَخِيرُ اللَّهَ وَذَلِكَ أَحَبُّ إِلَى صَاحِبِكَ . قَالَ : أَذْكُرُ ذَلِكَ لَهُ . فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ : وَاللَّهِ , لَوْ أَطَعْتَنَا لَضَرَبْنَا عُنُقَهُ , فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ : وَعَلاَمَ أَضْرِبُ عُنُقَهُ جَاءَنَا بِرِسَالَةٍ مِنْ أَخِيهِ , وَجَاوَرَنَا فَجَرَى بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ كَلاَمٌ , فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أَخِيهِ , وَالَّذِي قُلْتُمْ غَدْرٌ وَلَيْسَ فِي الْغَدْرِ خَيْرٌ , لَوْ فَعَلْتُ الَّذِي تَقُولُونَ لَكَانَ الْقِتَالُ بِمَكَّةَ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَأْيِي لَوِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيَّ كُلُّهُمْ إِلاَّ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ لَمَا قَاتَلْتُهُ , فَانْصَرَفَ عُرْوَةُ فَأَخْبَرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِمَا قَالَ لَهُ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ . قَالَ : وَاللَّهِ , مَا أَرَى أَنْ تُعْرِضَ لَهُ . دَعْهُ , فَلْيَخْرُجْ عَنْكَ وَيُغَيِّبُ وَجْهَهُ , فَعَبْدُ الْمَلِكِ أَمَامَهُ لاَ يَتْرُكُهُ يَحِلُّ بِالشَّامِ حَتَّى يُبَايِعَهُ وَابْنُ الْحَنَفِيَّةِ لاَ يُبَايِعُهُ أَبَدًا حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ , فَإِنْ صَارَ إِلَيْهِ كَفَاكَهُ إِمَّا حَبَسَهُ , وَإِمَّا قَتَلَهُ , فَتَكُونَ أَنْتَ قَدْ بَرِئَتْ مِنْ ذَلِكَ . فَأَفْثَأَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَنْهُ.(7/107)
فَقَالَ أَبُو الطُّفَيْلٍ : وَجَاءَ كِتَابٌ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَرَسُولٌ حَتَّى دَخَلَ الشِّعْبَ , فَقَرَأَ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ الْكِتَابَ , فَقَرَأَ كِتَابًا لَوْ كَتَبَ بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى بَعْضِ إِخْوَتِهِ أَوْ وَلَدِهِ مَا زَادَ عَلَى أَلْطَافِهِ ، وَكَانَ فِيهِ إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ ضَيِّقَ عَلَيْكَ , وَقَطَعَ رَحِمَكَ , وَاسْتَخَفَّ بِحَقِّكَ حَتَّى تُبَايِعَهُ فَقَدْ نَظَرْتَ لِنَفْسِكَ وَدِينِكَ وَأَنْتَ أَعْرَفُ بِهِ حَيْثُ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ , وَهَذَا الشَّامُ , فَانْزِلْ مِنْهُ حَيْثُ شِئْتَ , فَنَحْنُ مُكْرِمُوكَ وَوَاصِلُوا رَحِمَكَ , وَعَارِفُوا حَقَّكَ , فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ لأَصْحَابِهِ : هَذَا وَجْهٌ نَخْرُجُ إِلَيْهِ . قَالَ : فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ وَمَعَهُ كُثَيِّرُ عَزَّةَ يَنْشُدُ شَعَرًا :
أَنْتَ إِمَامُ الْحَقِّ لَسْنَا نَمْتَرِي ... أَنْتَ الَّذِي نَرْضَى بِهِ وَنَرْتَجِي
أَنْتَ ابْنُ خَيْرِ النَّاسِ مِنْ بَعْدِ النَّبِي ... يَا ابْنَ عَلِيٍّ سِرْ وَمَنْ مِثْلُ عَلِي
حَتَّى تَحِلَّ أَرْضَ كَلْبٍ وَبَلِي
قَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ : فَسِرْنَا حَتَّى نَزَلْنَا أَيْلَةَ , فَجَاوَرُونَا بِأَحْسَنِ جِوَارٍ , وَجَاوَرْنَاهُمْ بِأَحْسَنِ ذَلِكَ , وَأَحَبُّوا أَبَا الْقَاسِمِ حُبًّا شَدِيدًا , وَعَظَّمُوهُ وَأَصْحَابَهُ , وَأُمِرْنَا بِالْمَعْرُوفِ , وَنُهِينَا عَنِ الْمُنْكَرِ , وَلاَ يُظْلَمُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قُرْبَنَا وَلاَ بِحَضْرَتِنَا , فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمَلِكِ , فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ , وَذَكَرَهُ لِقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ وَرَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ , وَكَانَا خَاصَّتَهُ , فَقَالاَ : مَا نَرَى أَنْ نَدَعَهُ يُقِيمُ فِي قُرْبَةٍ مِنْكَ وَسِيرَتُهُ سِيرَتُهُ حَتَّى يُبَايِعَ لَكَ أَوْ تَصْرِفَهُ إِلَى الْحِجَازِ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنَّكَ قَدِمْتَ بِلاَدِي , فَنَزَلْتَ فِي طَرَفٍ مِنْهَا وَهَذِهِ الْحَرْبُ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ كَمَا تَعْلَمُ , وَأَنْتَ لَكَ ذِكْرٌ وَمَكَانٌ ,(7/108)
وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ لاَ تُقِيمَ فِي سُلْطَانِي إِلاَّ أَنْ تَبَايَعَ لِي فَإِنْ بَايَعْتَنِي فَخُذِ السُّفُنَ الَّتِي قَدِمَتْ عَلَيْنَا مِنَ الْقُلْزُمِ وَهِيَ مِئَةُ مَرْكَبٍ فَهِيَ لَكَ وَمَا فِيهَا , وَلَكَ أَلْفَا أَلْفِ دِرْهَمٍ أُعَجِّلُ لَكَ مِنْهَا خَمْسَمِئَةِ أَلْفٍ , وَأَلْفَ أَلْفٍ , وَخَمْسَمِئَةِ أَلْفٍ آتَيْتُكَ مَعَ مَا أَرَدْتَ مِنْ فَرِيضَةٍ لَكَ وَلِوَلَدِكَ , وَلِقَرَابَتِكَ , وَمَوَالِيكَ , وَمَنْ مَعَكَ وَإِنْ أَبَيْتَ فَتَحَوَّلْ عَنْ بَلَدِي إِلَى مَوْضِعٍ لاَ يَكُونُ لِي فِيهِ سُلْطَانٌ .
قَالَ : فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ . سَلاَّمٌ عَلَيْكَ , فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ , أَمَّا بَعْدُ , فَقَدْ عَرَفْتَ رَأْيِي فِي هَذَا الأَمْرِ قَدِيمًا , وَإِنِّي لَسْتُ أُسَفِّهُهُ عَلَى أَحَدٍ , وَاللَّهِ لَوِ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ عَلَيَّ إِلاَّ أَهْلُ الزَّرْقَاءِ مَا قَاتَلْتُهُمْ أَبَدًا وَلاَ اعْتَزَلْتُهُمْ حَتَّى يَجْتَمِعُوا نَزَلْتُ مَكَّةَ فِرَارًا مِمَّا كَانَ بِالْمَدِينَةِ , فَجَاوَرْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ , فَأَسَاءَ جِوَارِي , وَأَرَادَ مِنِّي أَنْ أُبَايِعَهُ فَأَبَيْتُ ذَلِكَ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْكَ أَوْ عَلَيْهِ , ثُمَّ أَدْخُلَ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ , فَأَكُونُ كَرَجُلٍ مِنْهُمْ , ثُمَّ كَتَبْتَ إِلَيَّ تَدْعُونِي إِلَى مَا قِبَلِكَ , فَأَقْبَلْتُ سَائِرًا , فَنَزَلْتُ فِي طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِكَ , وَاللَّهِ مَا عِنْدِي خِلاَفٌ وَمَعِي أَصْحَابِي , فَقُلْنَا بِلاَدٌ رَخِيصَةُ الأَسْعَارِ وَنَدْنُو مِنْ جِوَارِكَ وَنَتَعَرَّضُ صِلَتَكَ , فَكَتَبْتَ بِمَا كَتَبْتَ بِهِ وَنَحْنُ مُنْصَرِفُونَ عَنْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.(7/109)
6828- أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ , عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ : كُنْتُ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ , فَسِرْنَا مِنَ الطَّائِفِ إِلَى أَيْلَةَ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِزِيَادَةٍ عَلَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً . قَالَ : وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَدْ كَتَبَ لِمُحَمَّدٍ عَهْدًا عَلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي أَرْضِهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى يَصْطَلِحَ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ , فَإِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى رَجُلٍ بِعَهْدٍ مِنَ اللهِ وَمِيثَاقٍ كَتَبَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ , فَلَمَّا قَدِمَ مُحَمَّدٌ الشَّامَ بَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ : إِمَّا أَنْ تُبَايِعَنِي , وَإِمَّا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَرْضِي , وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ مَعَهُ سَبْعَةُ آلاَفٍ , فَبَعَثَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى أَنْ تُؤَمِّنَ أَصْحَابِي , فَفَعَلَ , فَقَامَ مُحَمَّدٌ فَحَمِدَ اللَّهَ , وَأَثْنَى عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ : اللَّهُ وَلِيُّ الأُمُورِ كُلُّهَا وَحَاكِمُهَا . مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَم يَشَاءُ لَمْ يَكُنْ . كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ . عَجَّلْتُمْ بِالأَمْرِ قَبْلَ نُزُولِهِ , وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ فِي أَصْلاَبِكُمْ لَمَنْ يُقَاتِلُ مَعَ آلِ مُحَمَّدٍ مَا يَخْفَى عَلَى أَهْلِ الشِّرْكِ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ , وَأَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ مُسْتَأْخَرٌ , وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَيَعُودَنَّ فِيكُمْ كَمَا بَدَأَ . الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَقَنَ دِمَاءَكُمْ , وَأَحْرَزَ دِينَكُمْ . مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَأْتِيَ مَأْمَنَهُ إِلَى بَلَدِهِ آمِنًا مَحْفُوظًا فَلْيَفْعَلْ , فَبَقِيَ مَعَهُ تِسْعُمِئَةِ رَجُلٍ , فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ , وَقَلَّدَ هَدْيًا , فَعَمَدْنَا إِلَى الْبَيْتِ , فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ نَدْخُلَ الْحَرَمَ تَلَقَّتْنَا خَيْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ , فَمَنَعَتْنَا أَنْ نَدْخُلَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ , لَقَدْ خَرَجْتُ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُقَاتِلَكَ , وَرَجَعْتُ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُقَاتِلَكَ.
دَعْنَا , فَلْنَدْخُلْ , وَلْنَقْضِ نُسُكَنَا , ثُمَّ لَنَخْرُجُ عَنْكَ , فَأَبَى , وَمَعَنَا الْبُدْنُ قَدْ قَلَّدْنَاهَا , فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ , فَكُنَّا بِهَا حَتَّى قَدِمَ الْحَجَّاجُ , فَقَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ , ثُمَّ سَارَ إِلَى الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ , فَلَمَّا سَارَ مَضَيْنَا , فَقَضَيْنَا نُسُكَنَا , وَقَدْ رَأَيْتُ الْقَمْلَ يَتَنَاثَرُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ , فَلَمَّا قَضَيْنَا نُسُكَنَا رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ , فَمَكَثَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ.(7/109)
6829- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِيُّ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ : مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى عُنْوَانِ الصَّحِيفَةِ قَالَ : إِنَّا لِلَّهِ , وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ , الطُّلَقَاءُ وَلُعَنَاءُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى مَنَابِرِ النَّاسِ , وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لأُمُورٌ لَمْ يَقِرَّ قَرَارُهَا.
قَالَ أَبُو الطُّفَيْلٍ : فَانْصَرَفْنَا رَاجِعِينَ , فَأَذِنَ لِلْمَوَالِي وَلِمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ , فَرَجَعُوا مِنْ مَدْيَنَ , وَمَضَيْنَا إِلَى مَكَّةَ حَتَّى نَزَلْنَا مَعَهُ الشِّعْبَ بِمِنًى , فَمَا مَكَثْنَا إِلاَّ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيْهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنْ أَشْخِصْ مِنْ هَذَا الْمَنْزِلِ , وَلاَ تُجَاوِرْنَا فِيهِ . قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ : اصْبِرْ , وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ , وَمَا هُوَ بِعَظِيمٍ مَنْ لاَ يَصْبِرُ عَلَى مَا لاَ يَجِدُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَيْهِ بُدًّا حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْهُ مَخْرَجًا , وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ السَّيْفَ وَلَوْ كُنْتُ أُرِيدُهُ مَا تَعَبَّثَ بِي ابْنُ الزُّبَيْرِ , وَلَوْ كُنْتُ أَنَا وَحْدِي وَمَعَهُ جُمُوعُهُ الَّتِي مَعَهُ , وَلَكِنْ وَاللَّهِ , مَا أَرَدْتُ هَذَا , وَأَرَى ابْنَ الزُّبَيْرِ غَيْرَ مَقْصَرٍ عَنْ سُوءِ جِوَارِي فَسَأَتَحَوَّلُ عَنْهُ , ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الطَّائِفِ , فَلَمْ يَزَلْ بِهَا مُقِيمًا حَتَّى قَدِمَ الْحَجَّاجُ لِقِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ لِهِلاَلِ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ , فحاصرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَتَّى قَتَلَهُ يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ , وَحَجَّ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ تِلْكَ السَّنَةَ مِنَ الطَّائِفِ , ثُمَّ رَجَعَ إِلَى شِعْبِهِ فَنَزَلَهُ.(7/110)
6830- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْمَوَالِ , عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : لَمَّا صَارَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى الشِّعْبِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ لَمْ يُقْتَلْ , وَالْحَجَّاجُ مُحَاصِرُهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنْ يُبَايِعَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ , فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ : قَدْ عَرَفْتُ مَقَامِي بِمَكَّةَ , وَشُخُوصِي إِلَى الطَّائِفِ وَإِلَى الشَّامِ كُلُّ هَذَا إِبَاءٌ مِنِّي أَنْ أُبَايِعَ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَوْ عَبْدَ الْمَلِكِ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَى أَحَدِهِمَا ، وَأَنَا رَجُلٌ لَيْسَ عِنْدِي خِلاَفٌ لَمَّا رَأَيْتُ النَّاسَ اخْتَلَفُوا اعْتَزَلْتُهُمْ حَتَّى يَجْتَمِعُوا فَأَوَيْتُ إِلَى أَعْظَمِ بِلاَدِ اللهِ حُرْمَةً يَأْمَنُ فِيهِ الطَّيْرُ فَأَسَاءَ ابْنُ الزُّبَيْرِ جِوَارِي , فَتَحَوَّلْتُ إِلَى الشَّامِ فَكَرِهَ عَبْدُ الْمَلِكِ قُرْبِي , فَتَحَوَّلْتُ إِلَى الْحَرَمِ فَإِنْ يُقْتَلِ ابْنُ الزُّبَيْرِ , وَيَجْتَمِعِ النَّاسُ عَلى عَبْدِ الْمَلِكِ أُبَايِعْكَ , فَأَبَى الْحَجَّاجُ أَنْ يَرْضَى بِذَلِكَ مِنْهُ حَتَّى يُبَايِعَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ , فَأَبَى ذَلِكَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ , وَأَبَى الْحَجَّاجُ أَنْ يُقِرَّهُ عَلَى ذَلِكَ , فَلَمْ يَزَلْ مُحَمَّدٌ يُدَافِعُهُ حَتَّى قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ.(7/110)
6831- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ , وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عَمْرٍو الْحَارِثِيُّ قَالَ : لَمَّا بَعَثَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْحَجَّاجَ إِلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ لَهُ : إِنَّهُ لَيْسَ لَكَ عَلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ سُلْطَانٌ . قَالَ : فَلَمَّا قَدِمَ الْحَجَّاجُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ يَتَوَعَّدُهُ , ثُمَّ قَالَ : إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يُمَكِّنَ اللَّهُ مِنْكَ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ , وَيَجْعَلَ لِي عَلَيْكَ سُلْطَانًا , فَأَفْعَلُ وَأَفْعَلُ , قَالَ : كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ نَفْسِهِ , هَلْ شَعَرْتَ أَنَّ لِلَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ سِتُّونَ وَثَلاَثَمِئَةِ لَحْظَةٍ أَوْ نَفْحَةٍ ؟ فَأَرْجُو أَنْ يَرْزُقَنِي اللَّهُ بَعْضَ لَحَظَاتِهِ أَوْ نَفَحَاتِهِ , فَلاَ يَجْعَلُ لَكَ عَلَيَّ سُلْطَانًا . قَالَ : فَكَتَبَ بِهَا الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ , فَكَتَبَ بِهَا عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ صَاحِبُ الرُّومِ : إِنَّ هَذِهِ وَاللَّهِ مَا هِيَ مِنْ كَنْزِكَ وَلاَ كَنْزِ أَهْلِ بَيْتِكَ , وَلَكِنَّهَا مِنْ كَنْزِ أَهْلِ بَيْتِ نُبُوَّةٍ.(7/111)
6832- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ , عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ , عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ : لَمْ يُبَايِعْ أَبِي الْحَجَّاجَ , لَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بَعَثَ الْحَجَّاجُ إِلَيْهِ فَجَاءَ , فَقَالَ : قَدْ قَتَلَ اللَّهُ عَدُوَّ اللهِ , فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ : إِذَا بَايَعَ النَّاسُ بَايَعْتُ . قَالَ : وَاللَّهِ , لأَقْتُلَنَّكَ . قَالَ : أَوَ لاَ تَدْرِي أَنَّ لِلَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلاَثَمِئَةٍ وَسِتُّونَ لَحْظَةً , فِي كُلِّ لَحْظَةٍ ثَلاَثُمِئَةٍ وَسِتُّونَ قَضِيَّةً , فَلَعَلَّهُ يَكْفِينَاكَ فِي قَضِيَّةٍ مِنْ قَضَايَاهُ.
قَالَ : فَكَتَبَ بِذَلِكَ الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ , فَأَتَاهُ كِتَابُهُ , فَأَعْجَبَهُ , وَكَتَبَ بِهِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ , وَذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ الرُّومِ كَتَبَ إِلَيْهِ يُهَدِّدُهُ أَنَّهُ قَدْ جَمَعَ لَهُ جُمُوعًا كَثِيرَةً , فَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِذَلِكَ الْكَلاَمِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ , وَكَتَبَ قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ مُحَمَّدًا لَيْسَ عِنْدَهُ خِلاَفٌ ، وَهُوَ يَأْتِيكَ وَيُبَايِعُكَ , فَارْفُقْ بِهِ .(7/111)
فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَبَايَعَ ابْنُ عُمَرَ ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ لاِبْنِ الْحَنَفِيَّةِ : مَا بَقِيَ شَيْءٌ , فَبَايِعْ , فَكَتَبَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . لِعَبْدِ اللهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَمَّا بَعْدُ , فَإِنِّي لَمَّا رَأَيْتُ الأُمَّةَ قَدِ اخْتَلَفَتِ اعْتَزَلْتُهُمْ , فَلَمَّا أَفْضَى هَذَا الأَمْرُ إِلَيْكَ , وَبَايَعَكَ النَّاسُ كُنْتُ كَرَجُلٍ مِنْهُمْ أَدْخُلُ فِي صَالِحِ مَا دَخَلُوا فِيهِ , فَقَدْ بَايَعْتُكَ وَبَايَعْتُ الْحَجَّاجَ لَكَ , وَبَعَثْتُ إِلَيْكَ بِبَيْعَتِي , وَرَأَيْتُ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَيْكَ وَنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تُؤَمِّنَنَا وَتُعْطِينَا مِيثَاقًا عَلَى الْوَفَاءِ ، فَإِنَّ الْغَدْرَ لاَ خَيْرَ فِيهِ , فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِنَّ أَرْضَ اللهِ وَاسِعَةٌ.
فَلَمَّا قَرَأَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْكِتَابَ قَالَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ وَرَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ : مَا لَكَ عَلَيْهِ سَبِيلٌ وَلَوْ أَرَادَ فَتْقًا لَقَدِرَ عَلَيْهِ وَلَقَدْ سَلَّمَ وَبَايَعَ فَنَرَى أَنْ تَكْتُبَ إِلَيْهِ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ بِالأَمَانِ لَهُ وَالْعَهْدِ لأَصْحَابِهِ , فَفَعَلَ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ : إِنَّكَ عِنْدَنَا مَحْمُودٌ , أَنْتَ أَحَبُّ وَأَقْرَبُ بِنَا رَحِمًا مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ , فَلَكَ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ , وَذِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ , أَنْ لاَ تُهَاجَ وَلاَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ بِشَيْءٍ تَكْرَهُهُ . ارْجِعْ إِلَى بَلَدِكَ , وَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ , وَلَسْتَ أَدْعُ صِلَتَكَ وَعَوْنَكَ مَا حَيِيتُ . وَكَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ يَأْمُرُهُ بِحُسْنِ جِوَارِهِ وَإِكْرَامِهِ ، فَرَجَعَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى الْمَدِينَةِ.(7/112)
6833- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : لَمَّا صَارَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى الْمَدِينَةِ , وَبَنَى دَارَهُ بِالْبَقِيعِ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْوفُودِ عَلَيْهِ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ يَأْذَنُ لَهُ فِي أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ , فَوَفَدَ عَلَيْهِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ , فَقَدِمَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بِدِمَشْقَ , فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ , فَأَذِنَ لَهُ وَأَمَرَ لَهُ بِمَنْزِلٍ قَرِيبٍ مِنْهُ , وَأَمَرَ أَنْ يُجْرَى عَلَيْهِ نُزْلٌ يَكْفِيهِ وَيَكْفِي مَنْ مَعَهُ ، وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فِي إِذْنِ الْعَامَّةِ إِذَا أَذِنَ عَبْدُ الْمَلِكِ بَدَأَ بِأَهْلِ بَيْتِهِ , ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَسَلَّمَ فَمَرَّةً يَجْلِسُ وَمَرَّةً يَنْصَرِفُ , فَلَمَّا مَضَى مِنْ ذَلِكَ شَهْرٌ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ كَلَّمَ عَبْدُ الْمَلِكِ خَالِيًا فَذَكَرَ قَرَابَتَهُ وَرَحِمَهُ وَذَكَرَ دَيْنًا عَلَيْهِ فَوَعَدَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ وَأَنْ يَصِلَ رَحِمَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْفَعَ حَوَائِجَهُ ، فَرَفَعَ مُحَمَّدٌ دَيْنَهُ , وَحَوَائِجَهُ , وَفَرَائِضَ لِوَلَدِهِ وَلِغَيْرِهِمْ مِنْ حَامَّتِهِ وَمَوَالِيهِ , فَأَجَابَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ , وَتَعَسَّرَ عَلَيْهِ فِي الْمَوَالِي أَنْ يَفْرِضَ لَهُمْ وَأَلَحَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ , فَفَرَضَ لَهُمْ فَقَصَّرَ بِهِمْ فَكَلَّمَهُ فَرَفَعَ فِي فَرَائِضِهِمْ , فَلَمْ يَبْقَ لَهُ حَاجَةٌ إِلاَّ قَضَاهَا , وَاسْتَأْذَنَهُ فِي الاِنْصِرَافِ فَأَذِنَ لَهُ.(7/112)
6834- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ , عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ : قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ : وَفَدْتُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ , فَقَضَى حَوَائِجِي وَوَدَّعْتُهُ , فَلَمَّا كِدْتُ أَنْ أَتَوَارَى مِنْ عَيْنَيْهِ نَادَانِي : أَبَا الْقَاسِمِ , أَبَا الْقَاسِمِ , فَكَرَرْتُ , فَقَالَ لِي : أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّكَ يَوْمَ تَصْنَعُ بِالشَّيْخِ مَا تَصْنَعُ ظَالِمٌ لَهُ ، يَعْنِي حِينَ أَخَذَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ يَوْمَ الدَّارِ فَدَعَثَهُ بِرِدَائِهِ . قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَلِي يَوْمَئِذٍ ذُؤَابَةٌ.(7/113)
6835- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ , عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : وَفَدْتُ مَعَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَعِنْدَهُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ , فَدَعَا عَبْدُ الْمَلِكِ بِسَيْفِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , فَأُتِيَ بِهِ , وَدَعَا بِصَيْقَلٍ , فَنَظَرَ إِلَيْهِ , فَقَالَ : مَا رَأَيْتُ حَدِيدَةً قَطُّ أَجْوَدَ مِنْهَا . قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : وَلاَ وَاللَّهِ مَا أَرَى النَّاسُ مِثْلَ صَاحِبِهَا , يَا مُحَمَّدُ , هَبْ لِي هَذَا السَّيْفَ , فَقَالَ مُحَمَّدٌ : أَيُّنَا رَأَيْتَ أَحَقَّ بِهِ فَلْيَأْخُذْهُ . قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : إِنْ كَانَ لَكَ قَرَابَةٌ ، فَلِكُلٍّ قَرَابَةٌ وَحَقٌّ . قَالَ : فَأَعْطَاهُ مُحَمَّدٌ عَبْدَ الْمَلِكِ , وَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّ هَذَا ، يَعْنِي الْحَجَّاجَ ، وَهُوَ عِنْدَهُ قَدْ آذَانِي وَاسْتَخَفَّ بِحَقِّي , وَلَوْ كَانَتْ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ أَرْسِلْ إِلَيَّ فِيهَا , فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : لاَ إِمْرَةَ لَكَ عَلَيْهِ , فَلَمَّا وَلَّى مُحَمَّدٌ . قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِلْحَجَّاجِ : أَدْرِكْهُ , فَسُلَّ سَخِيمَتَهُ , فَأَدْرَكَهُ , فَقَالَ : إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ لأَسُلَّ سَخِيمَتَكَ وَلاَ مَرْحَبًا بِشَيْءٍ سَاءَكَ , فَقَالَ مُحَمَّدٌ : وَيْحَكَ يَا حَجَّاجُ , اتَّقِ اللَّهَ , وَاحْذَرِ اللَّهَ مَا مِنْ صَبَاحٍ يُصْبِحُهُ الْعِبَادُ إِلاَّ لِلَّهِ فِي كُلِّ عَبْدٍ مِنِ عِبَادِهِ ثَلاَثُمِئَةٍ وَسِتُّونَ لَحْظَةً إِنْ أَخَذَ أَخَذَ بِمَقْدِرَةِ وَإِنْ عَفَا عَفَا بِحِلْمٍ , فَاحْذَرِ اللَّهَ , فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ : لاَ تَسْأَلْنِي شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَيْتُكَهُ , فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ : وَتَفْعَلُ ؟ قَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ : نَعَمْ . قَالَ : فَإِنِّي أَسْأَلُكَ صَرْمَ الدَّهْرِ . قَالَ : فَذَكَرَ الْحَجَّاجُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ , فَأَرْسَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى رَأْسِ الْجَالُوتَ , فَذَكَرَ لَهُ الَّذِي قَالَ مُحَمَّدٌ , وَقَالَ : إِنَّ رَجُلاَّ مِنَّا ذَكَرَ حَدِيثًا مَا سَمِعْنَاهُ إِلاَّ مِنْهُ , وَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ , فَقَالَ رَأْسُ الْجَالُوتَ : مَا خَرَجَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ إِلاَّ مِنْ بَيْتِ نُبُوَّةٍ.(7/113)
6836- أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ , عَنْ مُغِيرَةَ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ الْحَجَّاجَ أَرَادَ أَنْ يَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى الْمَقَامِ , فَزَجَرَهُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ , وَنَهَاهُ.(7/114)
6837- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ , وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ قَالاَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ , عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ : رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ دَخَلَ الْكَعْبَةَ , فَصَلَّى فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ رَكْعَتَيْنِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ.(7/114)
6838- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ : قَالَ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ : لاَ تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى تَكُونَ خُصُومَاتُ النَّاسِ فِي رَبِّهِمْ.(7/114)
6839- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ , عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ : رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَرْمِي الْجِمَارَ عَلَى بِرْذَوْنٍ أَشْهَبَ.(7/114)
6840- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي سُفْيَانُ التَّمَّارُ قَالَ : رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ مُوَسِّعًا رَأْسَهُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ ، وَهُوَ مُحْرِمٌ.(7/114)
6841- قَالَ : أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ قَالَ : حَدَّثَنِي ثُوَيْرٌ قَالَ : رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ يُخَضِّبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.(7/114)
6842- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ , عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ قَالَ : رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ أَشْعَرَ بُدْنَهُ فِي الشِّقِّ الأَيْمَنِ.(7/114)
6843- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ , وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ قَالاَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ : رَأَيْتُ عَلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ مِطْرَفَ خَزٍّ أَصْفَرَ بِعَرَفَةَ.(7/114)
6844- أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ : رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ مِطْرَفٍ خَزٍّ بِعَرَفَاتٍ.(7/115)
6845- أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ , عَنْ رِشْدِينَ قَالَ : رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ حَرْقَانِيَّةٍ وَيُرْخِيهَا شِبْرًا أَوْ أَقَلَّ مِنْ شِبْرٍ.(7/115)
6846- قَالَ : أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ : رَأَيْتُ عَلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ عِمَامَةً سَوْدَاءَ.(7/115)
6847- أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ , عَنْ نَصْرِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ : رَأَيْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ مِلْحَفَةً صَفْرَاءَ وَسِخَةً.(7/115)
6848- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ , عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَكِيمٍ , عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ قَالَ : قَالَ لِي مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ : مَا مَنَعَكَ أَنْ تَلْبِسَ الْخَزَّ ؛ فَإِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ ؟ قُلْتُ : إِنَّهُ يُجْعَلُ فِيهِ الْحَرِيرُ.(7/115)
6849- أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى , وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالاَ : حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ , عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَكِيمٍ , عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ قَالَ : رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يُخَضِّبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ , فَقُلْتُ لَهُ : أَكَانَ عَلِيٌّ يُخَضِّبُ ؟ قَالَ : لاَ . قُلْتُ : فَمَا لَكَ ؟ قَالَ : أَتَشَبَّبُ بِهِ لِلنِّسَاءِ.(7/115)
6850- قَالَ : أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْخَزَّازُ قَالَ : سَمِعْتُ صَالِحَ بْنَ مِيسَمٍ قَالَ : رَأَيْتُ فِي يَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَثَرَ الْحِنَّاءِ , فَقُلْتُ لَهُ : مَا هَذَا ؟ فَقَالَ : كُنْتُ أُخَضِّبُ أُمِّي.(7/115)
6851- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ , وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالاَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ , عَنْ أَبِي يَعْلَى , عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ يُذَوِّبُ أُمَّهُ وَيُمَشِّطُهَا.(7/115)
6852- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ : رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ مَخْضُوبًا بِالْحِنَّاءِ وَرَأَيْتُهُ مَكْحُولَ الْعَيْنَيْنِ , وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ عِمَامَةً سَوْدَاءَ.(7/115)
6853- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ : أَرْسَلَنِي أَبِي إِلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ , فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ ، وَهُوَ مُكَحَّلُ الْعَيْنَيْنِ , مَصْبُوغُ اللِّحْيَةِ بِحُمْرَةٍ , فَرَجَعْتُ إِلَى أَبِي , فَقُلْتُ : أَرْسَلَتْنِي إِلَى شَيْخٍ مُخَنَّثٍ فَقَالَ : يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ , ذَاكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ.(7/116)
6854- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ : حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ , عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ , عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ نَبِيذَ الدَّنِّ.(7/116)
6855- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ قَالَ : حَدَّثَنَا رَبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ , فَأَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَعَلَيْهِ خُفَّانِ , فَنَزَعَ خُفَّيْهِ , وَمَسَحَ عَلَى قَدَمَيْهِ.(7/116)
6856- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلاَبِيُّ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ الأَزْرَقِ , عَنْ أَبِي عُمَرَ أَنَّ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ كَانَ يَغْتَسِلُ فِي الْعِيدَيْنِ , وَفِي الْجُمُعَةِ , وَفِي الشِّعْبِ . قَالَ : وَكَانَ يَغْسِلُ أَثَرَ الْمَحَاجِمِ.(7/116)
6857- أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا رِشْدِينُ بْنُ كُرَيْبٍ قَالَ : رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَتَخَتَّمُ فِي يَسَارِهِ.(7/116)
6858- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ يَقُولُ : هَذِهِ لِي خَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَةً قَدْ جَاوَزْتُ سِنَّ أَبِي , تُوُفِّيَ ، وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً , وَمَاتَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ.(7/116)
6859- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا هَاشِمٍ عَبْدَ اللهِ بْنَ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ : أَيْنَ دُفِنَ أَبُوكَ ؟ فَقَالَ : بِالْبَقِيعِ . قُلْتُ : أَيُّ سَنَةٍ ؟ قَالَ : سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ فِي أَوَّلِهَا ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً لاَ يَسْتَكْمِلُهَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ : وَلاَ نَعْلَمُهُ رَوَى عَنْ عُمَرَ شَيْئًا.(7/116)
6860- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هَاشِمٍ عَبْدَ اللهِ بْنَ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ ، وَأَشَارَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَقِيعِ فَقَالَ : هَذَا قَبْرُ أَبِي الْقَاسِمِ ، يَعْنِي أَبَاهُ ، مَاتَ فِي الْمُحَرَّمِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ , وَهِيَ سَنَةُ الْجُحَافِ , سَيْلٌ أَصَابَ أَهْلَ مَكَّةَ جَحَفَ الْحَاجَّ . قَالَ : فَلَمَّا وَضَعْنَاهُ فِي الْبَقِيعِ جَاءَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، وَهُوَ الْوَالِي يَوْمَئِذٍ عَلَى الْمَدِينَةِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ , فَقَالَ أَخِي : مَا تَرَى ؟ فَقُلْتُ : لاَ يُصَلِّي عَلَيْهِ أَبَانُ إِلاَّ أَنْ يَطْلُبَ ذَلِكَ إِلَيْنَا , فَقَالَ أَبَانُ : أَنْتُمْ أَوْلَى بِجِنَازَتِكُمْ مَنْ شِئْتُمْ , فَقَدِّمُوا مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ , فَقُلْنَا تَقَدَّمْ , فَصَلِّ , فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : فَحَدَّثْتُ زَيْدَ بْنَ السَّائِبِ , فَقُلْتُ : إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ , عَنْ عُوَيْمِرٍ الأَسْلَمِيِّ أَنَّ أَبَا هَاشِمٍ قَالَ يَوْمَئِذٍ : نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ الإِمَامَ أَوْلَى بِالصَّلاَةِ , وَلَوْلاَ ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاكَ. فَقَالَ زَيْدُ بْنُ السَّائِبِ : هَكَذَا سَمِعْتُ أَبَا هَاشِمٍ يَقُولُ : فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهِ.(7/116)
1506- عُمَرُ الأَكْبَرُ بْنُ عَلِيِّ ابْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ.
وَأُمُّهُ الصَّهْبَاءُ وَهِيَ أُمُّ حَبِيبٍ بِنْتُ رَبِيعَةَ بْنِ بُجَيْرِ بْنِ الْعَبْدِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ جُشَمَ بْنِ بَكْرِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَنْمِ بْنِ تَغْلِبَ بْنِ وَائِلٍ , وَكَانَتْ سَبِيَّةً أَصَابَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ حَيْثُ أَغَارَ عَلَى بَنِي تَغْلِبَ بِنَاحِيَةِ عَيْنِ التَّمْرِ , فَوَلَدَ عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ مُحَمَّدًا , وَأُمَّ مُوسَى , وَأُمَّ حَبِيبٍ , وَأُمُّهُمْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , وَقَدْ رَوَى عُمَرُ الْحَدِيثَ ، وَكَانَ فِي وَلَدِهِ عِدَّةٌ يُحَدِّثُ عَنْهُمْ , فَذَكَرْنَاهُمْ فِي مَوَاضِعِهِمْ وَطَبَقَتِهِمْ.(7/117)
1507- عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَلِيِّ ابْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ.
وَأُمُّهُ لَيْلَى بِنْتُ مَسْعُودِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ رِبْعِيِّ بْنِ سَلْمَى بْنِ جَنْدَلِ بْنِ نَهْشَلِ بْنِ دَارِمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ ، وَكَانَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَلِيٍّ قَدِمَ مِنَ الْحِجَازِ عَلَى الْمُخْتَارِ بِالْكُوفَةِ , وَسَأَلَهُ , فَلَمْ يُعْطِهِ , وَقَالَ : أَقَدِمْتَ بِكِتَابٍ مِنَ الْمَهْدِيِّ ؟ قَالَ : لاَ , فَحَبَسَهُ أَيَّامًا , ثُمَّ خَلَّى سَبِيلَهُ , وَقَالَ : اخْرُجْ عَنَّا , فَخَرَجَ إِلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِالْبَصْرَةِ هَارِبًا مِنَ الْمُخْتَارِ , فَنَزَلَ عَلَى خَالِهِ نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ التَّمِيمِيِّ , ثُمَّ النَّهْشَلِيِّ , وَأَمَرَ لَهُ مُصْعَبٌ بِمِئَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ , ثُمَّ أَمَرَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ النَّاسَ بِالتَّهَيُّؤِ لِعَدُوِّهِمْ , وَوَقَّتَ لِلْمَسِيرِ وَقْتًا , ثُمَّ عَسْكَرَ , ثُمَّ انْقَلَعَ مِنْ مُعَسْكَرِهِ ذَلِكَ , وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْبَصْرَةِ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مَعْمَرٍ , فَلَمَّا سَارَ مُصْعَبٌ تَخَلَّفَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي أَخْوَالِهِ , وَسَارَ خَالُهُ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ مَعَ مُصْعَبٍ.
فَلَمَّا فَصَلَ مُصْعَبٌ مِنَ الْبَصْرَةِ جَاءَتْ بَنُو سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَلِيٍّ , فَقَالُوا : نَحْنُ أَيْضًا أَخْوَالُكَ , وَلَنَا فِيكَ نَصِيبٌ , فَتَحَوَّلْ إِلَيْنَا ؛ فَإِنَّا نُحِبُّ كَرَامَتَكَ . قَالَ : نَعَمْ , فَتَحَوَّلَ إِلَيْهِمْ , فَأَنْزَلُوهُ وَسْطَهُمْ , وَبَايَعُوا لَهُ بِالْخِلاَفَةِ ، وَهُوَ كَارِهٌ يَقُولُ : يَا قَوْمُ , لاَ تَعْجَلُوا , وَلاَ تَفْعَلُوا هَذَا الأَمْرَ , فَأَبَوْا , فَبَلَغَ ذَلِكَ مُصْعَبًا , فَكَتَبَ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مَعْمَرٍ يُعَجِّزُهُ ,(7/118)
وَيُخَبِّرُهُ غَفْلَتَهُ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَلِيٍّ وَعَمَّا أَحْدَثُوا مِنَ الْبَيْعَةِ لَهُ , ثُمَّ دَعَا مُصْعَبٌ خَالَهُ نُعَيْمَ بْنَ مَسْعُودٍ , فَقَالَ : لَقَدْ كُنْتُ مُكْرِمًا لَكَ , مُحْسِنًا فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ , فَمَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ فِي ابْنِ أُخْتِكَ , وَتَخَلُّفِهِ بِالْبَصْرَةِ يُؤَلِّبُ النَّاسَ وَيَخْدَعُهُمْ ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ : مَا فَعَلَ , وَمَا عَلِمَ مِنْ قِصَّتِهِ هَذِهِ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ , فَقَبِلَ مِنْهُ مُصْعَبٌ وَصَدَّقَهُ , وَقَالَ مُصْعَبٌ : قَدْ كَتَبْتُ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ أَلُومُهُ فِي غَفْلَتِهِ عَنْ هَذَا , فَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ : فَلاَ يُهَيِّجُهُ أَحَدٌ ؛ أَنَا أَكْفِيكَ أَمْرَهُ وَأُقْدِمُ بِهِ عَلَيْكَ.
فَسَارَ نُعَيْمٌ حَتَّى أَتَى الْبَصْرَةَ , فَاجْتَمَعَتْ بَنُو حَنْظَلَةَ وَبَنُو عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ , فَسَارَ بِهِمْ حَتَّى أَتَى بَنِي سَعْدٍ , فَقَالَ : وَاللَّهِ , مَا كَانَ لَكُمْ فِي هَذَا الأَمْرِ الَّذِي صَنَعْتُمْ خَيْرٌ , وَمَا أَرَدْتُمْ إِلاَّ هَلاَكَ تَمِيمٍ كُلَّهَا , فَادْفَعُوا إِلَيَّ ابْنَ أُخْتِي , فَتَلاَوَمُوا سَاعَةً , ثُمَّ دَفَعُوهُ إِلَيْهِ , فَخَرَجَ حَتَّى قَدِمَ بِهِ عَلَى مُصْعَبٍ , فَقَالَ : يَا أَخِي , مَا حَمَلَكَ عَلَى الَّذِي صَنَعْتَ , فَحَلَفَ عُبَيْدُ اللهِ بِاللَّهِ , مَا أَرَادَ ذَلِكَ , وَلاَ كَانَ لَهُ بِهِ عَلِمٌ حَتَّى فَعَلُوهُ , وَلَقَدْ كَرِهْتُ ذَلِكَ وَأَبَيْتُهُ , فَصَدَّقَهُ مُصْعَبٌ وَقَبِلَ مِنْهُ , وَأَمَرَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ صَاحِبَ مُقَدِّمَتِهِ عِبَادًا الْحَبَطِيَّ أَنْ يَسِيرَ إِلَى جَمْعِ الْمُخْتَارِ , فَسَارَ فَتَقَدَّمَ , وَتَقَدَّمَ مَعَهُ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , فَنَزَلُوا الْمَذَارَ , وَتَقَدَّمَ جَيْشُ الْمُخْتَارِ , فَنَزَلُوا بِإِزَائِهِمْ فَبَيَّتَهُمْ أَصْحَابُ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ , فَقَتَلُوا ذَلِكَ الْجَيْشَ , فَلَمْ يَفْلِتُ مِنْهُمْ إِلاَّ الشَّرِيدُ , وَقُتِلَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ تِلْكَ اللَّيْلَةَ.(7/119)
1508- سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ابْنِ حَزْنِ بْنِ أَبِي وَهْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ.
وَأُمُّهُ أُمُّ سَعِيدٍ بِنْتُ حَكِيمِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ الأَوْقَصِ السُّلَمِيِّ.
فَوَلَدَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ : مُحَمَّدًا ، وَسَعِيدًا , وَإِلْيَاسَ , وَأُمَّ عُثْمَانَ , وَأُمَّ عَمْرٍو , وَفَاخِتَةَ , وَأُمُّهُمْ أُمُّ حَبِيبٍ بِنْتُ أَبِي كَرِيمِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَبْدٍ ذِي الشَّرِيِّ بْنِ عَتَّابِ بْنِ أَبِي صَعْبِ بْنِ فَهْمِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سُلَيْمِ بْنِ غَانِمِ بْنِ دَوْسٍ , وَمَرْيَمَ , وَأُمُّهَا أُمُّ وَلَدٍ.(7/119)
6861- قَالَ : أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ بْنِ حَزْنٍ , أَنَّ جَدَّهُ حَزْنًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , فَقَالَ : مَا اسْمُكَ ؟ قَالَ : أَنَا حَزْنٌ , قَالَ : بَلْ أَنْتَ سَهْلٌ , قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ , اسْمٌ سَمَّانِي بِهِ أَبَوَايَ , فَعُرِفْتُ بِهِ فِي النَّاسِ , قَالَ : فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ , قَالَ : فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ : مَا زِلْنَا نَعْرِفُ الْحُزُونَةَ فِينَا أَهْلَ الْبَيْتِ.(7/119)
6862- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ : وُلِدَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ بَعْدَ أَنِ اسْتُخْلِفَ عُمَرُ بِأَرْبَعِ سِنِينَ , وَمَاتَ ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً.(7/120)
6863- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : وُلِدَ سَعِيدٌ قَبْلَ مَوْتِ عُمَرَ بِسَنَتَيْنِ , وَمَاتَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَالَّذِي رَأَيْتُ عَلَيْهِ النَّاسَ فِي مَوْلِدِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ وُلِدَ لِسَنَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ , وَيُرْوَى أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ عُمَرَ , وَلَمْ أَرَ أَهْلَ الْعِلْمِ يُصَحِّحُونَ ذَلِكَ , وَإِنْ كَانُوا قَدْ رَوَوْهُ.(7/120)
6864- قَالَ : أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ : وُلِدْتُ لِسَنَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَكَانَتْ خِلاَفَتُهُ عَشْرَ سِنِينَ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.(7/120)
6865- قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَرِيفٍ , عَنْ حُمَيْدِ بْنِ يَعْقُوبَ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ : سَمِعْتُ مِنَ عُمَرَ كَلِمَةً مَا بَقِيَ أَحَدٌ حَيٌّ سَمِعَهَا غَيْرِي . كَانَ عُمَرُ حِينَ رَأَى الْكَعْبَةَ قَالَ : اللَّهُمَّ , أَنْتَ السَّلاَمُ , وَمِنْكَ السَّلاَمُ.(7/120)
6866- قَالَ : أَخْبَرَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ , عَنْ بُكَيْرِ بْنِ أَخْنَسَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ : سَمِعْتُ عُمَرَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، وَهُوَ يَقُولُ : لاَ أَجِدُ أَحَدًا جَامَعَ فَلَمْ يَغْتَسِلْ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ إِلاَّ عَاقَبْتُهُ.(7/120)
6867- قَالَ : وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى , عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا بُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ قَالَ : سُئِلَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ : هَلْ أَدْرَكْتَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ؟ فَقَالَ : لاَ.(7/120)
6868- قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ : إِنْ كُنْتُ لأَسِيرُ اللَّيَالِيَ وَالأَيَّامَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ.(7/120)
6869- قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ , وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ قَالُوا : حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ , عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ : مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِكُلِّ قَضَاءٍ قَضَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَلاَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مِنِّي.
قَالَ يَزِيدُ : قَالَ مِسْعَرٌ : وَأَحْسَبُهُ قَالَ : وَعُثْمَانُ وَمُعَاوِيَةُ.(7/121)
6870- قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأُوَيْسِيُّ , مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ قَالَ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ : مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِكُلِّ قَضَاءٍ قَضَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , وَكُلِّ قَضَاءٍ قَضَاهُ أَبُو بَكْرٍ , وَكُلِّ قَضَاءٍ قَضَاهُ عُمَرُ . قَالَ أَبِي : وَأَحْسَبُ أَنَّهُ قَالَ : وَكُلِّ قَضَاءٍ قَضَاهُ عُثْمَانُ مِنِّي.(7/121)
6871- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ : وَسَأَلَهُ سَائِلٌ عَمَّنْ أَخَذَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عِلْمَهُ ؟ فَقَالَ : عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَجَالِسَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ , وَدَخَلَ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ : عَائِشَةَ , وَأُمِّ سَلَمَةَ ، وَكَانَ قَدْ سَمِعَ مِنَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ , وَعَلِيٍّ , وَصُهَيْبٍ , وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ , وَجُلُّ رِوَايَتِهِ الْمُسْنَدَةُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَكَانَ زَوْجُ ابْنَتِهِ , وَسَمِعَ مِنَ أَصْحَابِ عُمَرَ , وَعُثْمَانَ ، وَكَانَ يُقَالُ : لَيْسَ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِكُلِّ مَا قَضَى بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ مِنْهُ.(7/121)
6872- قَالَ : وَأُخْبِرْتُ عَنْ لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ , وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ : كَانَ يُقَالُ : ابْنُ الْمُسَيَّبِ رَاوِيَةُ عُمَرَ . قَالَ لَيْثٌ ؛ لأَنَّهُ كَانَ أَحْفَظَ النَّاسِ لأَحْكَامِهِ وَأَقْضِيَتِهِ.(7/121)
6873- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا قُدَامَةُ بْنُ مُوسَى الْجُمَحِيُّ قَالَ : كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يُفْتِي وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَحْيَاءٌ.(7/121)
6874- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا جَارِيَةُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ يَقُولُ : كَانَ رَأْسُ مَنْ بِالْمَدِينَةِ فِي دَهْرِهِ الْمُقَدَّمِ عَلَيْهِمْ فِي الْفَتْوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ , وَيُقَالُ : فَقِيهُ الْفُقَهَاءِ.(7/121)
6875- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ , عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ : سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَالِمُ الْعُلَمَاءِ.(7/122)
6876- قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ : قَالَ مَكْحُولٌ : مَا حَدَّثْتُكُمْ بِهِ فَهُوَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ , وَالشَّعْبِيِّ.(7/122)
6877- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ , عَنِ ابْنِ أَبِي الْحُوَيْرِثِ أَنَّهُ شَهِدَ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يَسْتَفْتِي سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ.(7/122)
6878- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو مَرْوَانَ , عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ يَقُولُ : سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمَا تَقَدَّمَهُ مِنَ الآثَارِ , وَأَفْقَهُهُمْ فِي رَأْيِهِ.(7/122)
6879- قَالَ : أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ : أَخْبَرَنِي مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ : أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ , فَسَأَلْتُ عَنْ أَفْقَهِ أَهْلِهَا , فَدُفِعْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ , فَسَأَلْتُهُ.(7/122)
6880- قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ الْوَلِيدِ الشَّنِّيُّ , عَنْ شِهَابِ بْنِ عَبَّادٍ الْعَصَرِيِّ قَالَ : حَجَجْتُ , فَأَتَيْنَا الْمَدِينَةَ , فَسَأَلْنَا عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ , فَقَالُوا : سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ.(7/122)
6881- قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى , عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ : كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لاَ يَقْضِي بِقَضَاءٍ حَتَّى يَسْأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ , فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ إِنْسَانًا يَسْأَلُهُ , فَدَعَاهُ , فَجَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ , فَقَالَ عُمَرُ : أَخْطَأَ الرَّسُولُ ؛ إِنَّمَا أَرْسَلْنَاهُ يَسْأَلُكَ فِي مَجْلِسِكَ.(7/122)
6882- قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى , عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ : كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ : مَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ عَالِمٌ إِلاَّ يَأْتِينِي بِعِلْمِهِ , وَأُوتَى بِمَا عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ.(7/122)
6883- قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلاَبِيُّ , عَنْ سَلاَّمِ بْنِ مِسْكِينٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْخُزَاعِيُّ قَالَ : سَأَلَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ , فَانْتَسَبْتُ لَهُ , فَقَالَ : لَقَدْ جَلَسَ أَبُوكَ إِلَيَّ فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ , فَسَأَلَنِي عَنْ كَذَا وَكَذَا , فَقُلْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا.
قَالَ سَلاَمٌ : يَقُولُ عِمْرَانُ : وَاللَّهِ مَا أُرَاهُ مَرَّ عَلَى أُذُنِهِ شَيْءٌ قَطُّ إِلاَّ وَعَاهُ قَلْبُهُ يَعْنِي سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ.(7/122)
6884- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ , وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالُوا : اسْتَعْمَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ جَابِرَ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيَّ عَلَى الْمَدِينَةِ , فَدَعَا النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ لاِبْنِ الزُّبَيْرِ , فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ : لاَ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ فَضَرَبَهُ سِتِّينَ سَوْطًا , فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الزُّبَيْرِ , فَكَتَبَ إِلَى جَابِرٍ يَلُومُهُ , وَيَقُولُ : مَا لَنَا وَلِسَعِيدٍ , دَعْهُ.(7/123)
6885- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَر , عَنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ : كَانَ جَابِرٌ الأَسْوَدُ ، وَهُوَ عَامَلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى الْمَدِينَةِ قَدْ تَزَوَّجَ الْخَامِسَةَ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الرَّابِعَةِ , فَلَمَّا ضُرِبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ صَاحَ بِهِ سَعِيدٌ وَالسِّيَاطُ تَأْخُذُهُ وَاللَّهِ مَا رَبَعَتْ عَلَى كِتَابِ اللهِ . يَقُولُ اللَّهُ {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} وَإِنَّكَ تَزَوَّجْتَ الْخَامِسَةَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّابِعَةِ , وَمَا هِيَ إِلاَّ لَيَالٍ , فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ , فَسَوْفَ يَأْتِيكَ مَا تَكْرَهُ , فَمَا مَكَثَ إِلاَّ يَسِيرًا حَتَّى قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ.(7/123)
6886- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ , عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُسَافِعٍ الْعَامِرِيِّ , عَنْ عُمَرَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ قليعٍ قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ يَوْمًا , وَقَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ الأَشْيَاءُ وَأَرْهَقَنِي دَيْنٌ , فَجَلَسْتُ إِلَى ابْنِ الْمُسَيَّبِ , مَا أَدْرِي أَيْنَ أَذْهَبُ , فَجَاءَهُ رَجُلٌ , فَقَالَ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ , إِنِّي رَأَيْتُ رُؤْيَا . قَالَ : مَا هِيَ ؟ قَالَ : رَأَيْتُ كَأَنِّي أَخَذْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ , فَأَضْجَعْتُهُ إِلَى الأَرْضِ , ثُمَّ بَطَحْتُهُ , فَأَوْتَدْتُ فِي ظَهْرِهِ أَرْبَعَةَ أَوْتَادٍ . قَالَ : مَا أَنْتَ رَأَيْتَهَا ؟ قَالَ : بَلَى , أَنَا رَأَيْتُهَا.
قَالَ : لاَ أُخْبِرُكُ أَوْ تُخْبِرَنِي ؟ قَالَ : ابْنُ الزُّبَيْرِ رَآهَا ، وَهُوَ بَعَثَنِي إِلَيْكَ . قَالَ : لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاهُ قَتَلَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ , وَخَرَجَ مِنْ صُلْبِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ يَكُونُ خَلِيفَةً . قَالَ : فَدَخَلْتُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِالشَّامِ , فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ , فَسَّرَهُ , وَسَأَلَنِي عَنْ سَعِيدٍ , وَعَنْ حَالِهِ , فَأَخْبَرْتُهُ , وَأَمَرَ لِي بِقَضَاءِ دَيْنِي وَأَصَبْتُ مِنْهُ خَيْرًا.(7/123)
6887- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ الْقَاسِمِ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : رَأَيْتُ كَأَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ يَبُولُ فِي قِبْلَةِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ أَرْبَعَ مِرَارٍ , فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ , فَقَالَ : إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ قَامَ فِيهِ مِنْ صُلْبِهِ أَرْبَعَةُ خُلَفَاءَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ مِنْ أَعْبَرِ النَّاسِ لِلرُّؤْيَا ، وَكَانَ أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ , وَأَخَذَتْهُ أَسْمَاءُ عَنْ أَبِيهَا أَبِي بَكْرٍ.(7/124)
6888- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ بْنُ حَفْصٍ , عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ قَالَ : قُلْتُ لاِبْنِ الْمُسَيَّبِ : رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ أَسْنَانِي سَقَطَتْ فِي يَدَيَّ , ثُمَّ دَفَنْتُهَا , فَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ : إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ دَفَنْتَ أَسْنَانَكَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ.(7/124)
6889- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ , عَنْ مُسْلِمٍ الْخَيَّاطِ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ الْمُسَيَّبِ : إِنِّي أُرَانِي أَبُولُ فِي يَدَيَّ , فَقَالَ : اتَّقِ اللَّهَ ؛ فَإِنَّ تَحْتَكَ ذَاتَ مَحْرَمٍ , فَنَظَرَ فَإِذَا امْرَأَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ رَضَاعٌ , وَجَاءَهُ آخَرٌ , فَقَالَ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ , إِنِّي أَرَى كَأَنِّي أَبُولُ فِي أَصْلِ زَيْتُونَةٍ . قَالَ : انْظُرْ مَنْ تَحْتَكَ تَحْتَكَ ذَاتُ مَحْرَمٍ , فَنَظَرَ , فَإِذَا امْرَأَةٌ لاَ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحِهَا.(7/124)
6890- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ , عَنْ مُسْلِمٍ الْخَيَّاطِ , عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ : قَالَ لَهُ رَجُلٌ : إِنِّي رَأَيْتُ حَمَامَةً وَقَعَتْ عَلَى الْمَنَارَةِ مَنَارَةِ الْمَسْجِدِ , فَقَالَ : يَتَزَوَّجُ الْحَجَّاجُ ابْنَةَ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.(7/124)
6891- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مُسْلِمٍ الْخَيَّاطِ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ الْمُسَيَّبِ , فَقَالَ : إِنِّي أَرَى أَنَّ تَيْسًا أَقْبَلَ يَشْتَدُّ مِنَ الثَّنِيَّةِ , فَقَالَ : اذْبَحْ , اذْبَحْ . قَالَ : ذَبَحْتُ . قَالَ : مَاتَ ابْنُ أُمِّ صِلاَءٍ , فَمَا بَرِحَ حَتَّى جَاءَهُ الْخَبَرُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَكَانَ ابْنُ أُمِّ صِلاَءٍ رَجُلاَّ مِنْ مَوَالِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَسْعَى بِالنَّاسِ.(7/125)
6892- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ , عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ رَجُلٌ مِنَ الْقَارَةِ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ مَنْ فَهْمٍ لاِبْنِ الْمُسَيَّبِ : إِنَّهُ يَرَى فِي النَّوْمِ كَأَنَّهُ يَخُوضُ النَّارَ , فَقَالَ : إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ , لاَ تَمُوتُ حَتَّى تَرْكَبَ الْبَحْرَ , وَتَمُوتَ قَتْلاَّ . قَالَ : فَرَكِبَ الْبَحْرَ , فَأَشْفَى عَلَى الْهَلَكَةِ , وَقُتِلَ يَوْمَ قُدَيْدٍ بِالسَّيْفِ.(7/125)
6893- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ , عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ نَوْفَلٍ مِنْ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى قَالَ : طَلَبْتُ الْوَلَدَ , فَلَمْ يُولَدْ لِي , فَقُلْتُ لاِبْنِ الْمُسَيَّبِ : إِنِّي أَرَى أَنَّهُ طُرِحَ فِي حِجْرِي بَيْضٌ , فَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ : الدَّجَاجُ عَجَمِيٌّ , فَاطْلُبْ سَبَبًا إِلَى الْعَجَمِ . قَالَ : فَتَسَرَّيْتُ , فَوُلِدَ لِي ، وَكَانَ لاَ يُولَدُ لِي.(7/125)
6894- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عُثَيْمُ بْنُ نِسْطَاسٍ قَالَ : سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ : يَقُولُ لِلرَّجُلِ : إِذَا رَأَى الرُّؤْيَا وَقَصَّهَا عَلَيْهِ يَقُولُ : خَيْرًا رَأَيْتَ.(7/125)
6895- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ بْنُ حَفْصٍ , عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ , عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ : التَّمْرُ فِي النَّوْمِ رِزْقٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ , وَالرُّطَبُ فِي زَمَانِهِ رِزْقٌ.(7/125)
6896- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ خَوَّاتٍ , عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ : آخِرُ الرُّؤْيَا أَرْبَعُونَ سَنَةً يَعْنِي فِي تَأْوِيلِهَا.(7/125)
6897- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ , عَنْ مُسْلِمٍ الْخَيَّاطِ , عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ : الْكَبْلُ فِي النَّوْمِ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ . قَالَ : وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ , إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنِّي جَالِسٌ فِي الظِّلِّ , فَقُمْتُ إِلَى الشَّمْسِ , فَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ : وَاللَّهِ , لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ لَتُخْرَجَنَّ مِنَ الإِسْلاَمِ . قَالَ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ , إِنِّي أُرَانِي أُخْرِجْتُ حَتَّى أُدْخِلْتُ فِي الشَّمْسِ , فَجَلَسْتُ . قَالَ : تُكْرَهُ عَلَى الْكُفْرِ . قَالَ : فَخَرَجَ فِي زَمَانِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ , فَأُسِرَ , فَأُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ , فَرَجَعَ , ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ ، وَكَانَ يُخْبِرُ بِهَذَا.(7/126)
6898- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ تُوُفِّيَ بِمِصْرَ فِي جُمَادَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ , فَعَقَدَ عَبْدُ الْمَلِكِ لاِبْنَيْهِ الْوَلِيدِ وَسُلَيْمَانَ بِالْعَهْدِ , وَكَتَبَ بِالْبَيْعَةِ لَهُمَا إِلَى الْبُلْدَانِ , وَعَامِلُهُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْمَدِينَةِ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيُّ , فَدَعَا النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ لَهُمَا فَبَايَعَ النَّاسَ وَدَعَا سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ أَنْ يُبَايِعَ لَهُمَا , فَأَبَى , وَقَالَ حَتَّى أَنْظُرَ , فَضَرَبَهُ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ سِتِّينَ سَوْطًا , وَطَافَ بِهِ فِي تُبَّانٍ مِنْ شَعْرٍ حَتَّى بَلَغَ بِهِ رَأْسَ الثَّنِيَّةِ , فَلَمَّا كَرُّوا بِهِ قَالَ : أَيْنَ تَكِرُّونَ بِي ؟ قَالُوا : إِلَى السِّجْنِ . قَالَ : وَاللَّهِ , لَوْلاَ أَنِّي ظَنَنْتُ أَنَّهُ الصَّلْبُ مَا لَبِسْتُ هَذَا التُّبَّانَ أَبَدًا , فَرَدُّوهُ إِلَى السِّجْنِ وَحَبَسَهُ , وَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ يُخْبِرُهُ بِخِلاَفِهِ ، وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ يَلُومُهُ فِيمَا صَنَعَ بِهِ , وَيَقُولُ : سَعِيدٌ كَانَ وَاللَّهِ , أَحْوَجَ إِلَى أَنْ تَصِلَ رَحِمَهُ مِنْ أَنْ تَضْرِبَهُ ؛ وَإِنَّا لَنَعْلَمُ مَا عِنْدَ سَعِيدٍ شِقَاقٌ وَلاَ خِلاَفٌ.(7/126)
6899- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ , عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ قَالَ : دَخَلَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِكِتَابِ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ يَذْكُرُ أَنَّهُ ضَرَبَ سَعِيدًا , وَطَافَ بِهِ . قَالَ قَبِيصَةُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , يُفْتَاتُ عَلَيْكَ هِشَامٌ بِمِثْلِ هَذَا , يَضْرِبُ ابْنَ الْمُسَيَّبِ وَيَطُوفُ بِهِ , وَاللَّهِ لاَ يَكُونُ سَعِيدٌ أَبَدًا أَمْحَلَ وَلاَ أَلَجَّ مِنْهُ حِينَ يُضْرَبُ , سَعِيدٌ لَوْ لَمْ يُبَايِعْ مَا كَانَ يَكُونُ مِنْهُ , مَا سَعِيدٌ مِمَّنْ يُخَافُ فَتْقُهُ وَلاَ غَوَائِلُهُ عَلَى الإِسْلاَمِ وَأَهْلِهِ , وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ الْجَمَاعَةِ وَالسُّنَّةِ . وَقَالَ قَبِيصَةُ : اكْتُبْ إِلَيْهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي ذَلِكَ , فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : اكْتُبْ أَنْتَ إِلَيْهِ عَنْكَ تُخْبِرْهُ بِرَأْيِي فِيهِ , وَمَا خَالَفَنِي مِنْ ضَرْبِ هِشَامٍ إِيَّاهُ , فَكَتَبَ قَبِيصَةُ إِلَى سَعِيدٍ بِذَلِكَ , فَقَالَ سَعِيدٌ حِينَ قَرَأَ الْكِتَابَ : اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ ظَلَمَنِي.(7/126)
6900- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ السِّجْنَ فَإِذَا هُوَ قَدْ ذُبِحَتْ لَهُ شَاةٌ , فَجَعَلَ الإِهَابَ عَلَى ظَهْرِهِ , ثُمَّ جَعَلُوا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَضْبًا رَطْبًا ، وَكَانَ كُلَّمَا نَظَرَ إِلَى عَضُدَيْهِ قَالَ : اللَّهُمَّ , انْصُرْنِي مِنْ هِشَامٍ.(7/127)
6901- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : دَخَلَ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ السِّجْنَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ , فَجَعَلَ يُكَلِّمُ سَعِيدًا , وَيَقُولُ لَهُ : إِنَّكَ خُرِقْتَ بِهِ , فَقَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ , اتَّقِ اللَّهَ , وَآثِرْهُ عَلَى مَا سِوَاهُ . قَالَ : فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يُرَدِّدُ عَلَيْهِ : إِنَّكَ خُرِقْتَ بِهِ , وَلَمْ تَرْفُقْ , فَجَعَلَ سَعِيدٌ يَقُولُ : إِنَّكَ وَاللَّهِ , أَعْمَى الْبَصَرِ أَعْمَى الْقَلْبِ . قَالَ : فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ عِنْدِهِ , وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , فَقَالَ : هَلْ لاَنَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ مُنْذُ ضَرَبْنَاهُ ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَاللَّهِ , مَا كَانَ أَشَدَّ لِسَانًا مِنْهُ مُنْذُ فَعَلْتَ بِهِ مَا فَعَلْتَ , فَاكْفُفْ عَنِ الرَّجُلِ , وَجَاءَ هِشَامَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ كِتَابٌ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يَلُومُهُ فِي ضَرْبِهِ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ , وَيَقُولُ : مَا ضَرَّكَ لَوْ تَرَكْتَ سَعِيدًا , وَوَطِئْتَ مَا قَالَ ؟ وَنَدِمَ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَلَى مَا صَنَعَ بِسَعِيدٍ , فَخَلَّى سَبِيلَهُ.(7/127)
6902- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَسْلَمُ أَبُو أُمَيَّةَ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ ، وَكَانَ ثِقَةً قَالَ : صَنَعَتِ ابْنَةُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ طَعَامًا كَثِيرًا حِينَ حُبِسَ , فَبَعَثَتْ بِهِ إِلَيْهِ , فَلَمَّا جَاءَ الطَّعَامُ دَعَانِي سَعِيدٌ , فَقَالَ : اذْهَبْ إِلَى ابْنَتِي فَقُلْ لَهَا لاَ تَعُودِي لِمِثْلِ هَذَا أَبَدًا ؛ فَهَذِهِ حَاجَةُ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ مَالِي فَأَحْتَاجُ إِلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ , وَأَنَا لاَ أَدْرِي مَا أُحْبَسُ , فَانْظُرِي إِلَى الْقُوتِ الَّذِي كُنْتُ آكُلُ فِي بَيْتِي , فَابْعَثِي إِلَيَّ بِهِ , فَكَانَتْ تَبْعَثُ إِلَيْهِ بِذَلِكَ ، وَكَانَ يَصُومُ الدَّهْرَ.(7/127)
6903- قَالَ : أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلاَبِيُّ قَالاَ : حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْخُزَاعِيُّ قَالَ : إِنِّي أَرَى أَنَّ نَفْسَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ كَانَتْ أَهْوَنَ عَلَيْهِ فِي ذَاتِ اللهِ مِنْ نَفْسِ ذُبَابٍ.(7/128)
6904- قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَلِيحِ قَالَ : حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ ضَرَبَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ خَمْسِينَ سَوْطًا , وَأَقَامَهُ بِالْحَرَّةِ , وَأَلْبَسَهُ تُبَّانَ شَعْرٍ . قَالَ : فَقَالَ سَعِيدٌ : أَمَا وَاللَّهِ , لَوْ عَلِمْتُ أَنَّهُمْ لاَ يَزِيدُونَنِي عَلَى الضَّرْبِ مَا لَبِسْتُ لَهُمُ التُّبَّانَ ؛ إِنَّمَا تَخَوَّفْتُ أَنْ يَقْتُلُونِي , فَقُلْتُ : تُبَّانٌ أَسْتَرُ مِنْ غَيْرِهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ ضَرَبَ فِي خِلاَفَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ.(7/128)
6905- قَالَ : أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ عُمَرَ قَالَ : قِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : ادْعُ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ , فَقَالَ : اللَّهُمَّ , أَعِزَّ دِينَكَ , وَأَظْهِرْ أَوْلِيَاءَكَ , وَأَخْزِ أَعْدَاءَكَ فِي عَافِيَةٍ لأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.(7/128)
6906- قَالَ : أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ قَالَ : قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّ مَا مَنَعَكَ مِنَ الْحَجِّ أَنَّكَ جَعَلْتَ لِلَّهِ عَلَيْكَ إِذَا رَأَيْتَ الْكَعْبَةَ أَنْ تَدْعُوَ اللَّهَ عَلَى ابْنِ مَرْوَانَ . قَالَ : مَا فَعَلْتُ , وَمَا أُصَلِّي صَلاَةً إِلاَّ دَعَوْتُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ , وَإِنِّي قَدْ حَجَجْتُ وَاعْتَمَرْتُ بِضْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً , وَإِنَّمَا كُتِبَتْ عَلَيَّ حَجَّةً وَاحِدَةً وَعُمْرَةً , وَإِنِّي أَرَى نَاسًا مِنْ قَوْمِكَ يَسْتَدِينُونَ , فَيَحُجُّونَ وَيَعْتَمِرُونَ , ثُمَّ يَمُوتُونَ , وَلاَ يُقْضَى عَنْهُمْ , وَلَجُمْعَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَجٍّ أَوْ عَمْرَةٍ تَطَوُّعًا. قَالَ عَلِيٌّ : فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ الْحَسَنَ , فَقَالَ : مَا قَالَ شَيْئًا . لَوْ كَانَ كَمَا قَالَ مَا حَجَّ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , وَلاَ اعْتَمَرُوا.(7/128)
6907- قَالَ : أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ , عَنْ أَبِي يُونُسَ الْقَزِّيِّ قَالَ : دَخَلْتُ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ , فَإِذَا سَعِيدٌ جَالِسٌ وَحْدَهُ , فَقُلْتُ : مَا شَأْنُهُ ؟ قَالَ : نُهِيَ أَنْ يُجَالِسَهُ أَحَدٌ.(7/129)
6908- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عِمْرَانٌ قَالَ : كَانَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي بَيْتِ الْمَالِ بِضْعَةٌ وَثَلاَثُونَ أَلْفًا عَطَاءَهُ , فَكَانَ يُدْعَى إِلَيْهَا فَيَأْبَى , وَيَقُولُ لاَ حَاجَةَ لِي فِيهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي مَرْوَانَ.(7/129)
6909- قَالَ : أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ أَنَّهُ قِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : مَا شَأْنُ الْحَجَّاجِ لاَ يَبْعَثُ إِلَيْكَ وَلاَ يُحَرِّكُكَ وَلاَ يُؤْذِيكَ ؟ قَالَ : وَاللَّهِ , لاَ أَدْرِي إِلاَّ أَنَّهُ دَخَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مَعَ أَبِيهِ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى صَلاَةً , فَجَعَلَ لاَ يُتِمَّ رُكُوعَهَا وَلاَ سُجُودَهَا , فَأَخَذْتُ كَفًّا مِنْ حَصَى فَحَصَبْتُهُ بِهَا , زَعَمَ أَنَّ الْحَجَّاجَ قَالَ : مَا زِلْتُ بَعْدَ ذَلِكَ أُحْسِنُ الصَّلاَةَ.(7/129)
6910- قَالَ : أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ , وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلاَبِيُّ قَالاَ : حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بْنُ مِسْكِينٍ , عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ خَلَفٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ : حَجَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ , فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ , فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ أَرْسَلَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ رَجُلاَّ يَدْعُوهُ وَلاَ يُحَرِّكُهُ . قَالَ : فَأَتَاهُ الرَّسُولُ , وَقَالَ : أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَاقِفٌ بِالْبَابِ يُرِيدُ أَنْ يُكَلِّمَكَ , فَقَالَ : مَا لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَيَّ حَاجَةٌ , وَمَا لِي إِلَيْهِ حَاجَةٌ , وَإِنَّ حَاجَتَهُ إِلَيَّ لِغَيْرُ مَقْضِيَّةٍ . قَالَ : فَرَجَعَ الرَّسُولُ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ , فَقَالَ : ارْجِعْ إِلَيْهِ , فَقُلْ : إِنَّمَا أُرِيدُ أَنْ أُكَلِّمَكَ وَلاَ تُحَرِّكْهُ . قَالَ : فَرَجَعَ إِلَيْهِ , فَقَالَ لَهُ : أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ مَا قَالَ لَهُ أَوَّلاَّ . قَالَ : فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ : لَوْلاَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ إِلَيَّ فِيكَ مَا ذَهَبْتُ إِلَيْهِ إِلاَّ بِرَأْسِكَ . يُرْسِلُ إِلَيْكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يُكَلِّمُكَ تَقُولُ مِثْلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ ؟ فَقَالَ : إِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَصْنَعَ بِي خَيْرًا فَهُوَ لَكَ , وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ أَحِلُّ حُبْوَتِي حَتَّى يَقْضِيَ مَا هُوَ قَاضٍ , فَأَتَاهُ , فَأَخْبَرَهُ , فَقَالَ : رَحِمَ اللَّهُ أَبَا مُحَمَّدٍ أَبَى إِلاَّ صَلاَبَةً.(7/129)
قَالَ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ فِي حَدِيثِهِ بِهَذَا الإِسْنَادَ قَالَ : فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَدِمَ الْمَدِينَةَ , فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ , فَرَأَى شَيْخًا قَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ , فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقَالُوا : سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ . فَلَمَّا جَلَسَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ , فَأَتَاهُ الرَّسُولُ , فَقَالَ : أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . فَقَالَ : لَعَلَّكَ أَخْطَأْتَ بِاسْمِي أَوْ لَعَلَّهُ أَرْسَلَكَ إِلَى غَيْرِي . قَالَ : فَأَتَاهُ الرَّسُولُ , فَأَخْبَرَهُ , فَغَضِبَ وَهَمَّ بِهِ . قَالَ وَفِي النَّاسِ يَوْمَئِذٍ بَقِيَّةٌ , فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ جُلَسَاؤُهُ , فَقَالُوا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , فَقِيهُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ , وَشَيْخُ قُرَيْشٍ , وَصِدِّيقُ أَبِيكَ لَمْ يَطْمَعْ مَلِكٌ قَبْلَكَ أَنْ يَأْتِيَهُ . قَالَ : فَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى أَضْرَبَ عَنْهُ.(7/130)
6911- قَالَ : أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَلِيحِ , عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ : قَدِمَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الْمَدِينَةَ , فَامْتَنَعَتْ مِنْهُ الْقَائِلَةُ , وَاسْتَيْقَظَ , فَقَالَ لِحَاجِبِهِ : انْظُرْ , هَلْ فِي الْمَسْجِدِ أَحَدٌ مِنْ حُدَّاثِنَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ؟ قَالَ : فَخَرَجَ , فَإِذَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فِي حَلْقَةٍ لَهُ , فَقَامَ حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ , ثُمَّ غَمْزَهُ , وَأَشَارَ إِلَيْهِ بِإِصْبَعِهِ , ثُمَّ وَلَّى , فَلَمْ يَتَحَرَّكْ سَعِيدٌ , وَلَمْ يَتْبَعْهُ , فَقَالَ : أُرَاهُ فَطِنَ , فَجَاءَ , فَدَنَا مِنْهُ , ثُمَّ غَمْزَهُ وَأَشَارَ إِلَيْهِ , وَقَالَ : أَلَمْ تَرَنِي أُشِيرُ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : وَمَا حَاجَتُكَ ؟ قَالَ : اسْتَيْقَظَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ , فَقَالَ انْظُرْ فِي الْمَسْجِدِ أَحَدًا مِنْ حُدَّاثِي , فَأَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , فَقَالَ : أَرْسَلَكَ إِلَيَّ ؟ قَالَ : لاَ , وَلَكِنْ قَالَ : اذْهَبْ , فَانْظُرْ بَعْضَ حُدَّاثِنَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ , فَلَمْ أَرَ أَحَدًا أَهْيَأَ مِنْكَ , فَقَالَ سَعِيدٌ : اذْهَبْ , فَأَعْلِمْهُ أَنِّي لَسْتُ مِنْ حُدَّاثِهِ , فَخَرَجَ الْحَاجِبُ ، وَهُوَ يَقُولُ : مَا أَرَى هَذَا الشَّيْخَ إِلاَّ مَجْنُونًا , فَأَتَى عَبْدَ الْمَلِكِ , فَقَالَ لَهُ مَا وَجَدْتُ فِي الْمَسْجِدِ إِلاَّ شَيْخًا , أَشَرْتُ إِلَيْهِ , فَلَمْ يَقُمْ , فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ : انْظُرْ هَلْ تَرَى فِي الْمَسْجِدِ أَحَدًا مِنْ حُدَّاثِي ؟ فَقَالَ : إِنِّي لَسْتُ مِنْ حُدَّاثِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , وَقَالَ لِي : أَعْلَمْهُ , فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : ذَاكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ , فَدَعْهُ.(7/130)
6912- قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ : كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ إِذَا سُئِلَ عَنْ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ قَالَ : أَقُولُ فِيهِمْ مَا قَوَّلَنِي رَبِّي : {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا} حَتَّى يُتِمَّ الآيَةَ.(7/130)
6913- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ قَالَ : سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ : مَا سَمِعْتُ تَأْذِينًا فِي أَهْلِي مُنْذُ ثَلاَثِينَ سَنَةً.(7/131)
6914- قَالَ : أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ : مَا لَقِيتُ النَّاسَ مُنْصَرِفِينَ مِنْ صَلاَةٍ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً.(7/131)
6915- قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلاَبِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بْنُ مِسْكِينٍ , عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ : مَا فَاتَتْهُ صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً , وَلاَ نَظَرَ فِي أَقْفَائِهِمْ.
قَالَ عِمْرَانُ : وَكَانَ سَعِيدٌ يُكْثِرُ الاِخْتِلاَفَ إِلَى السُّوقِ.(7/131)
6916- قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى الْقَزَّازُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ : قُلْتُ لَهُ : لَوْ تَبَدَّيْتَ , وَذَكَرْتُ لَهُ الْبَادِيَةَ وَعَيْشَهَا وَالْعَتَمَ , فَقَالَ سَعِيدٌ : كَيْفَ بِشُهُودِ الْعَتَمَةِ ؟.(7/131)
6917- قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلاَبِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بْنُ مِسْكِينٍ , عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ : قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ : مَا أَظَلَّنِي بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ مَنْزِلِي إِلاَّ أَنِّي آتِي ابْنَةً لِي فَأُسَلِّمُ عَلَيْهَا أَحْيَانًا.(7/131)
6918- قَالَ : أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ : حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عُمِّرَ أَرْبَعِينَ سَنَةً , لَمْ يَأْتِ الْمَسْجِدَ فَيَجِدْ أَهْلَهُ قَدِ اسْتَقْبَلُوهُ خَارِجَيْنِ مِنْهُ , قَدْ قَضَوْا صَلاَتَهُمْ.(7/131)
6919- قَالَ : أَخْبَرَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ : قُلْتُ لِسَعِيدٍ : يَا عَمِّي , أَلاَ تَخْرُجُ فَتَأْكُلَ الثُّومَ مَعَ قَوْمِكَ ؟ فَقَالَ : مُعَاذَ اللهِ يَا ابْنَ أَخِي ؛ أَنْ أَدَعَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ صَلاَةً خَمْسَ صَلَوَاتٍ , وَقَدْ سَمِعْتُ كَعْبًا يَقُولُ : وَدِدْتُ أَنَّ هَذَا اللَّبَنَ عَادَ قَطِرَانًا يُتَّبِعُ ، أَوِ اتَّبَعَتْ قُرَيْشٌ ، شَكَّ شِهَابٌ أَذْنَابَ الإِبِلِ فِي هَذِهِ الشِّعَابِ . إِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الشَّاذِّ ، وَهُوَ مِنَ الإِثْنَيْنِ أَبْعَدُ.(7/131)
6920- قَالَ : أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ , عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ اشْتَكَى عَيْنَهُ , فَقَالُوا لَهُ : لَوْ خَرَجْتَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِلَى الْعَقِيقِ , فَنَظَرْتَ إِلَى الْخُضْرَةِ لَوَجَدْتَ لِذَلِكَ خِفَّةً قَالَ : فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِشُهُودِ الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ ؟.(7/131)
6921- قَالَ : أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ الأَغَرِّ الْمَكِّيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سُلَيْمَانَ , عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ : سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ : لَقَدْ رَأَيْتُنِي لَيَالِي الْحَرَّةِ , وَمَا فِي الْمَسْجِدِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ غَيْرِي , وَإِنَّ أَهْلَ الشَّامِ لَيَدْخُلُونَ زُمَرًا زُمَرًا يَقُولُونَ : انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ الْمَجْنُونِ , وَمَا يَأْتِي وَقْتَ صَلاَةٍ إِلاَّ سَمِعْتُ أَذَانًا فِي الْقَبْرِ , ثُمَّ تَقَدَّمْتُ , فَأَقَمْتُ , فَصَلَّيْتُ وَمَا فِي الْمَسْجِدِ أَحَدٌ غَيْرِي.(7/132)
6922- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَيَّامَ الْحَرَّةِ فِي الْمَسْجِدِ لَمْ يُبَايِعْ , وَلَمْ يَبْرَحْ ، وَكَانَ يُصَلِّي مَعَهُمُ الْجُمُعَةَ , وَيَخْرُجُ إِلَى الْعِيدِ ، وَكَانَ النَّاسُ يَقْتَتِلُونَ وَيَنْتَهِبُونَ ، وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ لاَ يَبْرَحُ إِلاَّ لَيْلاَّ إِلَى اللَّيْلِ . قَالَ : فَكُنْتُ إِذَا حَانَتِ الصَّلاَةُ أَسْمَعُ أَذَانًا يَخْرُجُ مِنْ قِبَلِ الْقَبْرِ حَتَّى أَمِنَ النَّاسُ , وَمَا رَأَيْتُ خَبَرًا مِنَ الْجَمَاعَةِ.(7/132)
6923- قَالَ : أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ بنُ الوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ , عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ : قُلْتُ لِبُرْدٍ مَوْلَى ابْنِ الْمُسَيَّبِ : مَا صَلاَةُ ابْنِ الْمُسَيَّبِ فِي بَيْتِهِ , فَأَمَّا صَلاَتُهُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَدْ عَرَفْنَاهَا ؟ فَقَالَ : وَاللَّهِ , مَا أَدْرِي إِنَّهُ لِيُصَلِّيَ صَلاَةً كَثِيرَةً إِلاَّ أَنَّهُ يَقْرَأُ بِ- : {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ}.(7/132)
6924- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ حُصَيْنٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ , عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَمْ يَتَكَلَّمْ كَلاَمًا حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ , وَيَنْصَرِفُ الإِمَامُ , ثُمَّ يُصَلِّي رَكَعَاتٍ , ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى جُلَسَائِهِ وَيُسْأَلُ.(7/132)
6925- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ قَالَ : كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يَسْرُدُ الصَّوْمَ , فَكَانَ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ أُتِيَ بِشَرَابٍ لَهُ مِنْ مَنْزِلِهِ إِلى الْمَسْجِدَ فَشَرِبَهُ.(7/132)
6926- قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ الْعَبَّاسِ الأَسَدِيُّ قَالَ : كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يُذَكِّرُ وَيُخَوِّفُ.(7/133)
6927- قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ الْمُسَيَّبِ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِاللَّيْلِ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَيُكْثِرُ.(7/133)
6928- قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ : سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَجْهَرُ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.(7/133)
6929- قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ قَالَ : كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يُحِبُّ أَنْ يَسْمَعَ الشَّعْرَ , وَلاَ يُنْشِدُهُ.(7/133)
6930- قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ قَالَ : رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَحْتَفِي يَمْشِي بِالنَّهَارِ حَافِيًا , وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ بَتًّا.(7/133)
6931- قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ : رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ لاَ يَدَعُ ظُفْرَهُ يَطُولُ , وَرَأَيْتُ سَعِيدًا يُحْفِي شَارِبَهُ شَبِيهًا بِالْحَلْقِ , وَرَأَيْتُهُ يُصَافِحُ كُلَّ مَنْ لَقِيَهُ , وَرَأَيْتُ سَعِيدًا يَكْرَهُ كَثْرَةَ الضَّحِكِ , وَرَأَيْتُ سَعِيدًا يَتَوَضَّأُ كُلَّمَا بَالَ , وَإِذَا تَوَضَّأَ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ.(7/133)
6932- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ , وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالاَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُسَمِّيَ وَلَدَهُ بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ.(7/133)
6933- قَالَ : أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ : كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ فِي رَحْلِهِ.(7/133)
6934- قَالَ : أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَال : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ : كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يَلْبَسُ مُلاَءً شَرْقِيَّةً.(7/133)
6935- قَالَ : أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنِي سَلاَّمُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عِمْرَانُ قَالَ : مَا أُحْصِي مَا رَأَيْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِنْ عِدَّةَ قُمُصِ الْهَرَوِيِّ . قَالَ ، وَكَانَ يَلْبَسُ هَذِهِ الْبُرُودَ الْغَالِيَةَ الْبِيضَ . قَالَ : وَكَانَ يَجْتَلِطُ فِي الْعِيدَيْنِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ.(7/133)
6936- قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سَلاَّمُ بْنُ مِسْكِينٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْخُزَاعِيُّ , قَالَ : كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ لاَ يُخَاصِمُ أَحَدًا وَلَوْ أَرَادَ إِنْسَانٌ رِدَاءَهُ رَمَى بِهِ إِلَيْهِ.(7/134)
6937- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبَانُ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ قَالَ : سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنِ الصَّلاَةِ عَلَى الطِّنْفِسَةِ , فَقَالَ : مُحْدَثٌ.(7/134)
6938- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ : حَدَّثَتْنِي غَنِيمَةُ جَارِيَةُ سَعِيدٍ قَالَتْ : كَانَ سَعِيدٌ لاَ يَأْذَنُ لاِبْنَتِهِ فِي اللَّعِبِ بِبَنَات الْعَاجِ ، وَكَانَ يُرَخِّصُ لَهَا فِي الْكَبَرِ يَعْنِي الطَّبْلَ.(7/134)
6939- قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَامٌ , عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : دُعِيَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ , فَأَجَابَ , ثُمَّ دُعِيَ فَأَجَابَ , ثُمَّ دُعِيَ الثَّالِثَةَ فَحَصَبَ الرَّسُولَ.(7/134)
6940- قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلاَلٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ مَا مِنْ تِجَارَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْبَزِّ . مَا لَمْ تَقَعْ فِيهِ الأَيْمَانِ.(7/134)
6941- قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبِي , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ : وَجَدْتُ رَجُلاَّ سَكْرَانَ , أَفَتُرَاهُ يَسَعُنِي أَلاَّ أَرْفَعَهُ إِلَى السُّلْطَانِ ؟ فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ : إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَسْتُرَهُ بِثَوْبِكَ فَاسْتُرْهُ.(7/134)
6942- قَالَ : أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سَلاَّمُ بْنُ مِسْكِينٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ طَلْحَةَ الْخُزَاعِيُّ قَالَ : كَانَ فِي رَمَضَانَ يُؤْتَى بِالأَشْرِبَةِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ , فَلَيْسَ أَحَدٌ يَطْمَعُ أَنْ يَأْتِيَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ بِشَرَابٍ فَيَشْرَبُهُ , فَإِنْ أُتِيَ مِنْ مَنْزِلِهِ بِشَرَابٍ شَرِبَهُ , وَإِنْ لَمْ يُؤْتَ مِنْ مَنْزِلِهِ بِشَيْءٍ لَمْ يَشْرَبْ شَيْئًا حَتَّى يَنْصَرِفَ.(7/134)
6943- قَالَ : أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ , عَنْ بَعْضِ الْمَدينِيِّينَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَطْعِ الدَّرَاهِمِ , فَقَالَ : هُوَ مِنَ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ.(7/135)
6944- قَالَ : أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مُحْتَبِيًا , فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ حَلَّ حُبْوَتَهُ , فَسَجَدَ , ثُمَّ عَادَ (1) , فَاحْتَبَى.
_حاشية__________
(1) في المطبوع : "حَلَّ حُبْوَتَهُ , ثُمَّ عَادَ" انظر "قيام الليل" لابن نَصْر 1/186 ففيه : "حَلَّ حَبْوَتَهُ ، وَسَجَدَ ، ثُمَّ عَادَ".(7/135)
6945- قَالَ : أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْيَسَارِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ بُرْدٌ مَوْلَى ابْنِ الْمُسَيَّبِ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مَا يَصْنَعُ هَؤُلاَءِ ؟ قَالَ سَعِيدٌ : وَمَا يَصْنَعُونَ ؟ قَالَ : يُصَلِّي أَحَدُهُمُ الظُّهْرَ , ثُمَّ لاَ يَزَالُ صَافًّا رِجْلَيْهِ يُصَلِّي حَتَّى الْعَصْرِ , فَقَالَ سَعِيدٌ : وَيْحَكَ يَا بُرْدُ , أَمَا وَاللَّهِ مَا هِيَ الْعِبَادَةُ . تَدْرِي مَا الْعِبَادَةُ ؟ إِنَّمَا الْعِبَادَةُ التَّفَكُّرُ فِي أَمْرِ اللهِ , وَالْكَفُّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ.(7/135)
6946- قَالَ : أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ , وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالاَ : حَدَّثَنَا أَبُو هِلاَلٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ , فَقَالَ لِمَوْلَى لَهُ : اتَّقِ اللَّهَ , لاَ تَكْذِبْ عَلَيَّ كَمَا كَذَبَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ , فَقُلْتُ لِمَوْلاَهُ : ذَاكَ أَنِّي لاَ أَدْرِي : ابْنُ الزُّبَيْرِ أَحَبُّ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ أَوْ أَهْلُ الشَّامِ . قَالَ : فَسَمِعَهَا سَعِيدٌ , فَقَالَ : يَا عِرَاقِيُّ , أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قُلْتُ : ابْنُ الزُّبَيْرِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ . قَالَ : أَفَلاَ أَضْبِثُ بِكَ الآنَ , فَأَقُولُ : هَذَا زُبَيْرِيٌّ , فَقُلْتُ : سَأَلْتَنِي فَأَخْبَرْتُكَ , فَأَخْبِرْنِي أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : كُلاًّ , لاَ أُحِبُّ.(7/135)
6947- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ , وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالاَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ : كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ : اللَّهُمَّ , سَلِّمْ سَلِّمْ.(7/135)
6948- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالاَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ : قَدْ بَلَغْتُ ثَمَانِينَ سَنَةً وَمَا شَيْءٌ أَخْوَفُ عِنْدِي مِنَ النِّسَاءِ , وَقَدْ كَادَ بَصَرُهُ يَذْهَبُ.(7/135)
6949- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ : قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ : مَا خِفْتُ عَلَى نَفْسِي شَيْئًا مَخَافَةَ النِّسَاءِ . قَالَ : فَقَالُوا : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ , إِنَّ مِثْلَكَ لاَ يُرِيدُ النِّسَاءَ , وَلاَ تُرِيدُهُ النِّسَاءَ . قَالَ : هُوَ مَا أَقُولُ لَكُمْ . قَالَ : وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا أَعْمَشَ.(7/135)
6950- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ الدَّهْرَ , وَيُفْطِرُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ بِالْمَدِينَةِ.(7/136)
6951- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ : قِلَّةُ الْعِيَالِ أَحَدُ الْيَسَارَيْنِ.(7/136)
6952- قَالَ : أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ قَالَ : قَالَ لِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ : قُلْ لِقَائِدِكَ يَقُومُ فَيَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ هَذَا الرَّجُلِ وَإِلَى جَسَدِهِ . قَالَ : فَانْطَلَقَ , فَنَظَرَ فَإِذَا رَجُلٌ أَسْوَدُ الْوَجْهِ , فَجَاءَ , فَقَالَ : رَأَيْتُ وَجْهَ زِنْجِيٍّ , وَجَسَدَهُ أَبْيَضَ , فَقَالَ : إِنَّ هَذَا سَبَّ هَؤُلاَءِ الرَّهْطَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَلِيًّا , فَنَهَيْتُهُ , فَأَبَى , فَدَعَوْتُ عَلَيْهِ , قَالَ : قُلْتُ : إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَسَوَّدَ اللَّهُ وَجْهَكَ , فَخَرَجَتْ بِوَجْهِهِ قُرْحَةٌ فَاسْوَدَّ وَجْهُهُ.(7/136)
6953- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ , قَالَ : أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ , عَنْ بَعْضِ الْمَدِينِيِّينَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَطْعِ الدَّرَاهِمِ , فَقَالَ : هُوَ مِنَ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ.(7/136)
6954- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ : سُئِلَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ , فَقَالَ سَعِيدٌ : لاَ أَقُولُ فِي الْقُرْآنِ شَيْئًا.
قَالَ : قَالَ مَالِكٌ : وَبَلَغَنِي عَنِ الْقَاسِمِ مِثْلَ ذَلِكَ.(7/136)
6955- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ , عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ : أَدْرَكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ رَجُلاَّ مِنْ قُرَيْشٍ وَمَعَهُ مِصْبَاحٌ فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ , فَسَلَّمَ عَلَيْهِ , وَقَالَ كَيْفَ أَمْسَيْتَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ؟ قَالَ : أَحْمَدُ اللَّهَ , فَلَمَّا بَلَغَ الرَّجُلُ مَنْزِلَهُ , دَخَلَ , وَقَالَ : نَبْعَثُ مَعَكَ بِالْمِصْبَاحِ ؟ قَالَ : لاَ حَاجَةَ لِي بِنُورِكَ , نُورُ اللهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نُورِكَ.(7/137)
6956- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ , عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ , قَالَ : لاَ تَقُولَنَّ : مُصَيْحِفٌ , وَلاَ مُسَيْجِدٌ , وَلَكِنْ عَظِّمُوا مَا عَظَّمَ اللَّهُ , كُلُّ مَا عَظَّمَ اللَّهَ فَهُوَ عَظِيمٌ حَسَنٌ.(7/137)
6957- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْد ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ , عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ : خَرَجْتُ إِلَى الصُّبْحِ , فَوَجَدْتُ سَكْرَانَ , فَلَمْ أَزَلْ أَجُرُّهُ حَتَّى أَدْخَلْتُهُ مَنْزِلِي . قَالَ : فَلَقِيتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ , فَقُلْتُ : لَوْ أَنَّ رَجُلاَّ وَجَدَ سَكْرَانَ أَيَدْفَعُهُ إِلَى السُّلْطَانِ , فَيُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ ؟ قَالَ : فَقَالَ لِي : إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَسْتُرَهُ بِثَوْبِكَ , فَافْعَلْ . قَالَ : فَرَجَعْتُ إِلَى الْبَيْتِ , فَإِذَا الرَّجُلُ قَدْ أَفَاقَ , فَلَمَّا رَآنِي عَرَفْتُ فِيهِ الْحَيَاءَ , فَقُلْتُ : أَمَا تَسْتَحْيِي لَوْ أُخِذْتَ الْبَارِحَةَ لَحُدِدْتَ , فَكُنْتَ فِي النَّاسِ مِثْلَ الْمَيِّتِ . لاَ تَجُوزُ لَكَ شَهَادَةٌ , فَقَالَ : وَاللَّهِ , لاَ أَعُودُ لَهُ أَبَدًا.
قَالَ ابْنُ حَرْمَلَةَ : فَرَأَيْتُهُ قَدْ حَسُنَتْ حَالُهُ بَعْدُ.(7/137)
6958- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ , عَنْ يَسَارِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ زَوَّجَ ابْنَةً لَهُ عَلَى دِرْهَمَيْنِ مِنِ ابْنِ أَخِيهِ.(7/137)
6959- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سَلاَّمُ بْنُ مِسْكِينٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْخُزَاعِيُّ قَالَ : زَوَّجَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ بِنْتًا لَهُ مِنْ شَابٍّ مِنْ قُرَيْشٍ , فَلَمَّا أَمْسَتْ قَالَ لَهَا : شُدِّي عَلَيْكَ ثِيَابَكِ , وَاتَّبِعِينِي . قَالَ : فَشَدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا , ثُمَّ قَالَ لَهَا : صَلَّى رَكْعَتَيْنِ , فَصَلَّتْ رَكْعَتَيْنِ , وَصَلَّى هُوَ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى زَوْجِهَا , فَوَضَعَ يَدَهَا فِي يَدِهِ , وَقَالَ : انْطَلِقْ بِهَا , فَذَهَبَ بِهَا إِلَى مَنْزِلِهِ , فَلَمَّا رَأَتْهَا أُمُّهُ قَالَتْ : مَنْ هَذِهِ ؟ قَالَ : امْرَأَتِي ابْنَةُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ دَفَعَهَا إِلَيَّ . قَالَتْ : فَإِنَّ وَجْهِي مِنْ وَجْهِكِ حَرَامٌ . إِنْ أَفْضَيْتَ إِلَيْهَا حَتَّى أَصْنَعَ بِهَا صَالِحَ مَا يُصْنَعُ بِنِسَاءِ قُرَيْشٍ . قَالَ : فَدَفَعَهَا إِلَى أُمِّهِ , فَأَصْلَحَتْ إِلَيْهَا , ثُمَّ بَنَى بِهَا.(7/137)
6960- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نِسْطَاسٍ قَالَ : رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ , ثُمَّ يُرْسِلُهَا خَلْفَهُ وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ إِزَارًا وَطَيْلَسَانًا وَخُفَّيْنِ.(7/138)
6961- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلاَلٍ أَنَّهُ رَأَى سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَعْتَمُّ وَعَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ لَطِيفَةٌ بِعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ لَهَا عَلَمٌ أَحْمَرُ يُرْخِيهَا وَرَاءَهُ شِبْرًا.(7/138)
6962- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عُثَيْمُ بْنُ نِسْطَاسٍ قَالَ : رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ.(7/138)
6963- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عُثَيْمٌ قَالَ : رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَلْبَسُ فِي الْفِطْرِ وَالأَضْحَى عِمَامَةً سَوْدَاءَ , وَيَلْبَسُ عَلَيْهَا بُرْنُسًا أَحْمَرَ أُرْجُوانًا.(7/138)
6964- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ , وَعُثْمَانَ بْنِ عُثْمَانَ الْمَخْزُومِيِّ قَالاَ : رَأَيْنَا عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ بُرْنُسٌ أُرْجُوَانٌ.(7/138)
6965- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ قَالَ : رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ رُبَّمَا حَلَّ إِزَارَهُ فِي الصَّلاَةِ , وَرُبَّمَا رَبَطَهَا.(7/138)
6966- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ قَالَ : رَأَيْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَمِيصًا إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ وَكُمَّيْهِ , طَالِعَةً أَطْرَافُ أَصَابِعِهِ , وَرِدَاءً فَوْقَ الْقَمِيصَيْنِ خَمْسَ أَذْرُعٍ وَشِبْرًا.(7/138)
6967- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ , قَالَ : أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عِمْرَانَ قَالَ : كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يَلْبَسُ طَيْلَسَانًا أَزْرَارَهُ دِيبَاجٌ.(7/139)
6968- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بنُ دُكَيْنٍ , وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلاَبِيُّ قَالاَ : حَدَّثَنَا هَمَّامٌ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ أَنَّهُ رَأَى عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ طَيْلَسَانًا عَلَيْهِ أَزْرَارٌ دِيبَاجٌ , فَقُلْتُ : أَزْرَارُ طَيْلَسَانِكَ دِيبَاجٌ ؟ قَالَ : وَجَدْنَاهُ أَبْقَى.(7/139)
6969- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلاَلٍ قَالَ : لَمْ أَرَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ لَبَسَ ثَوْبًا غَيْرَ الْبَيَاضِ.(7/139)
6970- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : رَأَيْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ رِدَاءً مُمَشَّقًا وَقَمِيصًا.(7/139)
6971- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : كُنْتُ أَرَى سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَلْبَسُ السَّرَاوِيلَ , وَرَأَيْتُ سَعِيدًا لَهُ جُمَيْمَةٌ لَيْسَتْ بِالْكَثِيرَةِ قَدْ فَرَّقَهَا.(7/139)
6972- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ , عَنْ عُثَيْمِ بْنِ نِسْطَاسٍ قَالَ : رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ شَهِدَ الْعَتَمَةَ فِي سَرَاوِيلَ وَرِدَاءٍ.(7/139)
6973- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ : حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى قَالَ : رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعَلَيْهِ إِبْرَيْسَمَانِ مُمَشَّقَانِ (1) , وَقَمِيصٌ شَقَائِقُ . تَخْرُجُ يَدَاهُ مِنْ كُمَّيْهِ.
_حاشية__________
(1) في المطبوع : "مُمَشَّق".(7/139)
6974- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ قَالَ : رَأَيْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ الْخَزَّ.(7/139)