فَقَالَ الْعَبَّاسُ: كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلا مُحَمَّدًا خَلَلٌ فَمَا تُرِيدُ؟ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
نَهَى عَنْ قَتَلِكَ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: لَيْسَ بِأَوَّلِ صِلَتِهِ وَبِرِّهِ. قَالَ: وَأَخْبَرَنَا رُؤَيْمُ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ. قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي عِيسَى قَالَ:
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
لَمَّا أَمْسَى الْقَوْمُ يَوْمَ بَدْرٍ وَالأُسَارَى مَحْبُوسُونَ فِي الْوَثَاقِ [فَبَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاهِرًا أَوَّلَ لَيْلِهِ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ لا تَنَامُ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ أَنِينَ الْعَبَّاسِ فِي وَثَاقِهِ. فَقَامُوا إِلَى الْعَبَّاسِ فَأَطْلَقُوهُ فَنَامَ رَسُولُ الله. ص] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ قَالَ: لَمَّا كَانَتْ أُسَارَى بَدْرٍ كَانَ فِيهِمُ الْعَبَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَهِرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَتَهُ [فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: مَا أَسْهَرَكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ فَقَالَ: أَنِينُ الْعَبَّاسِ. فَقَامَ رَجُلٌ فَأَرْخَى مِنْ وَثَاقِهِ فَقَالَ رَسُولُ الله. ص: مَا لِيَ لا أَسْمَعُ أَنِينَ الْعَبَّاسِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: إِنِّي أَرْخَيْتُ مِنْ وَثَاقِهِ شيئا. قال: فافعل ذلك بالأسارى كلهم] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حِينَ قُدِمَ بِهِ فِي الأُسَارَى طُلِبَ لَهُ قَمِيصٌ فَمَا وَجَدُوا لَهُ قَمِيصًا بِيَثْرِبَ يُقْدَرُ عَلَيْهِ أَلا قَمِيصَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ أَلْبَسَهُ إِيَّاهُ فكان عَلَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا أُسِرَ الْعَبَّاسُ لَمْ يُوجَدْ لَهُ قَمِيصٌ يُقْدَرُ عَلَيْهِ إِلا قَمِيصَ ابْنِ أُبَيٍّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رُؤَيْمُ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي عِيسَى. وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حِينَ انْتُهِيَ بِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ: يَا عَبَّاسُ افْدِ نَفْسَكَ وَابْنَ أَخِيكَ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَنَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ وَحَلِيفَكَ عُتْبَةَ بْنَ عَمْرِو بْنِ جَحْدَمٍ أَخَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ فَإِنَّكَ ذُو مَالٍ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ(4/9)
مُسْلِمًا وَلَكِنَّ الْقَوْمَ اسْتَكْرَهُونِي. قَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِسْلامِكَ. إِنْ يَكُ مَا تَذْكُرُ حَقًّا فَاللَّهُ يُجْزِيكَ بِهِ. فَأَمَّا ظَاهِرُ أَمْرِكَ فَقَدْ كَانَ عَلَيْنَا. فَافْدِ نَفْسَكَ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَخَذَ مِنْهُ عِشْرِينَ أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ احْسِبْهَا لِي مِنْ فِدَايَ.
قَالَ: لا. ذَاكُ شَيْءٌ أَعْطَانَاهُ اللَّهُ مِنْكَ. قَالَ: فَإِنَّهُ لَيْسَ لِي مَالٌ. قَالَ: فَأَيْنَ الْمَالُ الَّذِي وَضَعْتَ بِمَكَّةَ حِينَ خَرَجْتَ عِنْدَ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ لَيْسَ مَعَكُمَا أَحَدٌ ثُمَّ قُلْتَ لَهَا إِنْ أُصِبْتُ فِي سَفَرِي هَذَا فَلِلْفَضْلِ كَذَا وَكَذَا وَلِعَبْدِ اللَّهِ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ:
وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عَلِمَ بِهَذَا أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهَا وَإِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. ففدى العباس نفسه وابن أخيه وحليفه] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ ابْنُ أَخِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ من الأنصار لرسول الله. ص: [ائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لابْنِ أَخِينَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِدَاهُ. فَقَالَ: لا وَلا دِرْهَمًا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى النَّوْفَلِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: فَدَى الْعَبَّاسُ نَفْسَهُ وَابْنَ أَخِيهِ عَقِيلا بِثَمَانِينَ أُوقِيَّةَ ذَهَبٍ.
وَيُقَالُ أَلْفُ دِينَارٍ. قَالُوا: وَخَرَجَ الْعَبَّاسُ إِلَى مَكَّةَ فَبَعَثَ بِفِدَائِهِ وَفِدَاءِ ابْنِ أَخِيهِ وَلَمْ يَبْعَثْ بِفِدَاءِ حَلِيفِهِ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ فَأَخْبَرَهُ وَرَجَعَ أَبُو رَافِعٍ فَكَانَ رَسُولَ الْعَبَّاسِ بِفِدَائِهِ فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: مَا قَالَ لَكَ؟ فَقَصَّ عَلَيْهِ الأَمْرَ فَقَالَ: وَأَيُّ قَوْلٍ أَشَدُّ مِنْ هَذَا؟ احْمِلِ الْبَاقِي قَبْلَ أَنْ تَحُطَّ رحلك. فحمله ففداهم العباس.
قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ الله. عز وجل: «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» الأنفال: 70.
نَزَلَتْ فِي الأَسْرَى يَوْمَ بَدْرٍ. مِنْهُمُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَنَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ وَعَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. وَكَانَ الْعَبَّاسُ مَنْ أُسِرَ يَوْمَئِذٍ وَمَعَهُ عِشْرُونَ أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ أَبُو صَالِحٍ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ: فَسَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ فَأُخِذَتْ مِنِّي فَكَلَّمْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يَجْعَلَهَا مِنْ فِدَايَ فَأَبَى عَلَيَّ. فَأَعْقَبَنِي اللَّهُ مَكَانَهَا عِشْرِينَ عَبْدًا كُلُّهُمْ يَضْرِبُ بِمَالٍ مَكَانَ عِشْرِينَ أُوقِيَّةً. وَأَعْطَانِي زَمْزَمَ وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ بِهَا جَمِيعَ أَمْوَالِ أَهْلِ مَكَّةَ. وَأَنَا أَرْجُو الْمَغْفِرَةَ مِنْ رَبِّي. وَكَلَّفَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِدَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقُلْتُ: يَا(4/10)
رَسُولَ اللَّهِ تَرَكْتَنِي أَسْأَلُ النَّاسَ مَا بَقِيَتْ. [فَقَالَ لِيَ: فَأَيْنَ الذَّهَبُ يَا عَبَّاسُ؟ فَقُلْتُ:
أَيُّ ذَهَبٍ؟ قَالَ: الَّذِي دَفَعْتَهُ إِلَى أُمِّ الْفَضْلِ يَوْمَ خَرَجْتَ فَقُلْتَ لَهَا إِنِّي لا أَدْرِي مَا يُصِيبُنِي فِي وَجْهِي هَذَا فَهَذَا لَكِ وَلِلْفَضْلِ وَلِعَبْدِ اللَّهِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ وَقُثَمَ. فقلت له: من أخبرك بهذا؟ فو الله مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ غَيْرِي وغيرها. فقال رسول الله. ص:
اللَّهُ أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ. فَقُلْتُ لَهُ: فَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا وَأَنَّكَ لَصَادِقٌ وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: «إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً- يَقُولُ صِدْقًا- يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» الأنفال] :
70. فَأَعْطَانِي مَكَانَ عِشْرِينَ أُوقِيَّةً عِشْرِينَ عَبْدًا وَأَنَا أَنْتَظِرُ المغفرة من ربي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو النَّضْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ الْعَدَوِيِّ أَنَّ الْعَلاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - من الْبَحْرَيْنِ بِثَمَانِينَ أَلْفًا فَمَا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَالٌ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ لا قَبْلُ وَلا بَعْدُ. فَأَمَرَ بِهَا فنشرت على حصير وَنُودِيَ بِالصَّلاةِ. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَثُلَ عَلَى الْمَالِ قَائِمًا وَجَاءَ النَّاسُ حِينَ رَأَوُا الْمَالَ وَمَا كَانَ يَوْمَئِذٍ عَدَدٌ وَلا وَزْنٌ. مَا كَانَ إِلا قَبْضًا. [فَجَاءَ الْعَبَّاسُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَعْطَيْتُ فِدَايَ وَفِدَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَوْمَ بَدْرٍ وَلَمْ يَكُنْ لِعَقِيلٍ مَالٌ. فَأَعْطِنِي مِنْ هَذَا الْمَالِ. فَقَالَ: خُذْ. قَالَ فَحَثَا الْعَبَّاسُ فِي خَمِيصَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ ذَهَبَ يَنْهَضُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رَسُولَ اللَّهِ ارْفَعْ عَلَيَّ. فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى خَرَجَ ضَاحِكُهُ أَوْ نَابُهُ. قَالَ:
وَلَكِنْ أَعِدْ فِي الْمَالِ طَائِفَةً وَقُمْ بِمَا تُطِيقُ] . فَفَعَلَ فَانْطَلَقَ بِذَلِكَ الْمَالِ وَهُوَ يَقُولُ: أَمَّا إِحْدَى اللَّتَيْنِ وَعَدَنَا اللَّهُ فَقَدْ أَنْجَزَهَا وَلا أَدْرِي مَا يَصْنَعُ فِي الأُخْرَى. يَعْنِي قَوْلَهُ: «قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ» الأنفال: 70. فَهَذَا خَيْرٌ مِمَّا أُخِذَ مِنِّي وَلا أَدْرِي مَا يَصْنَعُ فِي الْمَغْفِرَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَسْلَمُ كُلُّ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ. فَادَى الْعَبَّاسُ نَفْسَهُ وَابْنَ أَخِيهِ عَقِيلا ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا إِلَى مَكَّةَ ثُمَّ أَقْبَلُوا إِلَى الْمَدِينَةِ مُهَاجِرِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى النَّوْفَلِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَشْيَاخِهِ قَالَ:
قَالَ عقيل بن أبي طالب للنبي. ع. مَنْ قَبِلْتَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ. أَنَحْنُ فِيهِمْ؟
[قَالَ فَقَالَ: قُتِلَ أَبُو جَهْلٍ. فَقَالَ الآنَ صُفِّيَ لَكَ الْوَادِي. قَالَ وَقَالَ لَهُ عَقِيلٌ: إِنَّهُ لم(4/11)
يَبْقَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ أَحَدٌ أَلا وَقَدْ أَسْلَمَ. قَالَ: فَقُلْ لَهُمْ فَلْيَلْحَقُوا بِي] . فَلَمَّا أَتَاهُمْ عَقِيلٌ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ خَرَجُوا وَذُكِرَ أَنَّ الْعَبَّاسَ وَنَوْفَلا وَعَقِيلا رَجَعُوا إِلَى مَكَّةَ. أُمِرُوا بِذَلِكَ لِيُقِيمُوا مَا كَانُوا يُقِيمُونَ مِنْ أَمْرِ السِّقَايَةِ وَالرِّفَادَةِ وَالرِّئَاسَةِ. وَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي لَهَبٍ.
وَكَانَتِ السِّقَايَةُ وَالرِّفَادَةُ وَالرِّئَاسَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي بَنِي هَاشِمٍ ثُمَّ هَاجَرُوا بَعْدُ إِلَى المدينة فقدموها بأولادهم وأهاليهم.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَخِيهِ الْعَبَّاسِ بْنِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقُرَشِيُّونَ الْمَكِّيُّونَ الشَّيْبِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ قَدُومَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَنَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مَكَّةَ كَانَ أَيَّامَ الْخَنْدَقِ.
وَشَيَّعَهُمَا رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي مَخْرَجِهِمَا إِلَى الأبواء ثم أراد الرجوع إلى مكة فقال لَهُ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ وَأَخُوهُ نَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ: أين ترجع إلى دار الشرك يقاتلون رسول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُكَذِّبُونَهُ وَقَدْ عَزَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَثُفَ أَصْحَابُهُ. امْضِ مَعَنَا.
فَسَارَ رَبِيعَةُ مَعَهُمَا حَتَّى قَدِمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - مسلمين مهاجرين.
قال: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عن ابن عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ جَدَّهُ عَبَّاسًا قَدِمَ هُوَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ فِي رَكْبٍ يُقَالُ لَهُمْ رَكْبُ أَبِي شِمْرٍ فَنَزَلُوا الْجُحْفَةَ يَوْمَ فَتْحِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْبَرَ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ نَزَلُوا الْجُحْفَةَ وَهُمْ عَامِدُونَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَلِكَ يَوْمَ فَتْحِ خَيْبَرَ. قَالَ فَقَسَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لِلْعَبَّاسِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي خَيْبَرَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ: هَذَا عِنْدَنَا وَهَلٌ لا يَشُكُّ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالرِّوَايَةِ. أَنَّ الْعَبَّاسَ كَانَ بِمَكَّةَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ قَدْ فَتَحَهَا. وَقَدِمَ الْحَجَّاجُ بْنُ عِلاطٍ السُّلَمِيُّ مَكَّةَ فَأَخْبَرَ قُرَيْشًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا أَحَبُّوا أَنَّهُ قَدْ ظُفِرَ بِهِ وَقُتِلَ أَصْحَابُهُ فَسُّرُوا بِذَلِكَ. وَأَقْطَعَ الْعَبَّاسَ خَبَرُهُ وَسَاءَهُ وَفَتَحَ بَابَهُ وَأَخَذَ ابْنَهُ قُثَمَ فَجَعَلَهُ عَلَى صَدْرِهِ وَهُوَ يَقُولُ:
يَا قُثَمُ يَا قُثَمُ ... يَا شِبْهَ ذِي الْكَرْمِ
حَتَّى أَتَاهُ الْحَجَّاجُ فَأَخْبَرَهُ بِسَلامَةِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ قَدْ فَتَحَ خَيْبَرَ وَغَنَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا فِيهَا. فَسُرَّ بِذَلِكَ الْعَبَّاسُ وَلَبِسَ ثِيَابَهُ وَغَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ فَدَخَلَهُ وَطَافَ بِالْبَيْتِ وَأَخْبَرَ قُرَيْشًا بِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ الْحَجَّاجُ مِنْ سَلامَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ فَتَحَ خَيْبَرَ وَمَا غَنَّمَهُ اللَّهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ. فَكُبِتَ الْمُشْرِكُونَ وَسَاءَهُمْ ذَلِكَ وَعَلِمُوا أَنَّ الْحَجَّاجَ قَدْ كَانَ كَذَبَهُمْ فِي خَبَرِهِ الأَوَّلِ. وَسَرَّ ذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ بِمَكَّةَ وأتوا العباس فهنؤوه بسلامة(4/12)
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ خَرَجَ الْعَبَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ فَأَطْعَمَهُ بِخَيْبَرَ مِائَتَيْ وَسْقِ تَمْرٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ. ثُمَّ خَرَجَ مَعَهُ إِلَى مَكَّةَ فَشَهِدَ فَتْحَ مَكَّةَ وَحُنَيْنٍ وَالطَّائِفِ وَتَبُوكَ. وَثَبَتَ مَعَهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ فِي أهل بيته حين انكشف الناس عنه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمِّهِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ حُنَيْنٍ فَلَزِمْتُهُ أَنَا وَأَبُو سُفْيَان بْن الْحَارِثِ بْن عَبْد الْمُطَّلِبِ فَلَمْ نُفَارِقْهُ. وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ بَيْضَاءَ أَهْدَاهَا لَهُ فَرْوَةُ بْنُ نُفَاثَةَ الْجُذَامِيُّ. فَلَمَّا الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ وَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ وَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْكُضُ بَغْلَتَهُ نَحْوَ الْكُفَّارِ. قَالَ عَبَّاسٌ: وَأَنَا آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكُفُّهَا إِرَادَةَ أَنْ لا تُسْرِعَ. وَأَبُو سُفْيَانَ آخِذٌ بِرِكَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -[فقال رسول الله. ص: يَا عَبَّاسُ نَادِ يَا أَصْحَابَ السَّمُرَةِ] . قَالَ عَبَّاسٌ: وَكُنْتُ رَجُلا صَيِّتًا فَقُلْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي أين أصحاب السمرة؟ قال فو الله لَكَأَنَّ عَطْفَتَهُمْ حِينَ سَمِعُوا صَوْتِي عَطْفَةُ الْبَقَرِ على أولادها فَقَالُوا: يَا لَبَّيْكَ يَا لَبَّيْكَ. قَالَ فَاقْتَتَلُوا هُمْ وَالْكُفَّارُ وَالدَّعْوَةُ فِي الأَنْصَارِ يَقُولُونَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ. ثُمَّ قَصُرَتِ الدَّعْوَةُ عَلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ فَقَالُوا: يَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ يَا بَنِي الْحَارِثِ. قَالَ فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ وَهُوَ كَالْمُتَطَاوِلِ عَلَيْهَا إِلَى قِتَالِهِمْ. قَالَ [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: هَذَا حِينَ حَمِيَ الْوَطِيسُ] . قَالَ ثُمَّ أَخَذَ حَصَيَاتٍ فَرَمَى بِهِنَّ وُجُوهَ الْكُفَّارِ ثُمَّ قَالَ: انْهَزَمُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ! قَالَ فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فَإِذَا القتال على هيئته فيما أرى. قال فو الله مَا هُوَ إِلا أَنْ رَمَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَصَيَاتِهِ ثُمَّ رَكِبَ فَإِذَا حَدُّهُمْ كَلَيْلٌ وَأَمْرُهُمْ مُدْبِرٌ حَتَّى هَزَمَهُمُ اللَّهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَوْمَ حنين إذ انْهَزَمَ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -[فقال له النبي. ع: نَادِ النَّاسَ. قَالَ وَكَانَ رَجُلا صَيِّتًا. نَادِ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ. فَجَعَلَ يُنَادِي الأَنْصَارَ فَخْذًا فَخْذًا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ. ص:
ناديا أَصْحَابَ السَّمُرَةِ. يَعْنِي شَجَرَةَ الرِّضْوَانِ الَّتِي بَايَعُوا تَحْتَهَا. يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَمَا زَالَ ينادي حتى أقبل الناس عنقا واحدا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ(4/13)
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَيْلِيِّ قَالَ: جَاءَ أَسْقُفُ غَزَّةَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَبُوكَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَ عندي هاشم وعبد شمس وَهُمَا تَاجِرَانِ وَهَذِهِ أَمْوَالُهُمَا. قَالَ فَدَعَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[عَبَّاسًا فَقَالَ: اقْسِمْ مَالَ هَاشِمٍ عَلَى كُبَرَاءِ بَنِي هَاشِمٍ. وَدَعَا أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ فَقَالَ:
اقْسِمْ مَالَ عبد شمس على كبراء ولد عَبْد شمس] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّوْفَلِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ المطلب ونوفل بن الحارث لما قدما المدينة على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُهَاجِرَيْنِ آخَى بَيْنَهُمَا وَأَقْطَعَهُمْا جَمِيعًا بِالْمَدِينَةِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَفَرَعَ بَيْنَهُمَا بِحَائِطٍ فَكَانَا مُتَجَاوِرَيْنِ فِي مَوْضِعٍ وَكَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مُتَفَاوِضَيْنِ فِي الْمَالِ مُتَحَابَّيْنِ مُتَصَافِيَيْنِ. وَكَانَتْ دَارُ نَوْفَلٍ الَّتِي أَقْطَعَهُ إِيَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَوْضِعٍ رَحَبَةِ الْفَضَاءِ وَمَا يَلِيَهَا إِلَى الْمَسْجِدِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ الْيَوْمُ رَحَبَةُ الْفَضَاءِ وَهِيَ تُقَابِلُ دَارَ الإِمَارَةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الْيَوْمَ دَارُ مَرْوَانَ. وَكَانَتْ دَارَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيدَهَا وَهِيَ الَّتِي فِي دَارِ مَرْوَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ دَارُ الإِمَارَةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الْيَوْمَ دَارُ مَرْوَانَ. وَأَقْطَعَ الْعَبَّاسَ أَيْضًا دَارَهُ الأُخْرَى الَّتِي بِالسُّوقِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُسَمَّى مُحْرَزَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قال: أَخْبَرَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
كَانَ لِلْعَبَّاسِ مِيزَابٌ عَلَى طَرِيقِ عُمَرَ فَلَبِسَ عُمَرُ ثِيَابَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَدْ كَانَ ذَبَحَ لِلْعَبَّاسِ فَرْخَانِ. فَلَمَّا وَافَى الْمِيزَابَ صَبَّ فِيهِ مَاءً فِيهِ مِنْ دَمِ الْفَرْخَيْنِ فَأَصَابَ عُمَرُ فَأَمَرَ عُمَرُ بِقَلْعِهِ. ثُمَّ رَجَعَ عُمَرُ فَطَرَحَ ثِيَابَهُ وَلَبِسَ غَيْرَهَا ثُمَّ جَاءَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ. فَأَتَاهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَلْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُ عُمَرُ لِلْعَبَّاسِ: فَأَنَا أَعْزِمُ عَلَيْكَ لَمَّا أصعدت عَلَى ظَهْرِي حَتَّى تَضَعَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَفَعَلَ ذَلِكَ الْعَبَّاسُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ وَقَطَرَ عَلَيْهِ مِيزَابُ الْعَبَّاسِ. وَكَانَ عَلَى طَرِيقِ عُمَرَ إِلَى الْمَسْجِدِ. فَقَلَعَهُ عُمَرُ فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: قَلَعْتَ مِيزَابِي. وَاللَّهِ مَا وَضَعَهُ حَيْثُ كَانَ إِلا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ. قَالَ عُمَرُ: لا جَرَمَ أَنْ لا يَكُونَ لَكَ سُلَّمٌ غَيْرِي وَلا يَضَعَهُ إِلَّا أَنْتَ بِيَدِكَ. قَالَ فحمل عمر(4/14)
الْعَبَّاسَ عَلَى عُنُقِهِ فَوَضَعَ رِجْلَيْهِ عَلَى مَنْكَبَيْ عُمَرَ ثُمَّ أَعَادَ الْمِيزَابَ حَيْثُ كَانَ فَوَضَعَهُ موضعه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُمَيَّةَ بْنُ يَعْلَى عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ قَالَ: لَمَّا كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ فِي عَهْدِ عُمَرَ ضَاقَ بِهِمُ الْمَسْجِدُ فَاشْتَرَى عُمَرُ مَا حَوْلَ الْمَسْجِدِ مِنَ الدُّورِ إِلا دَارَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَحُجَرَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ عُمَرُ لِلْعَبَّاسِ: يَا أَبَا الْفَضْلِ إِنَّ مَسْجِدَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ ضَاقَ بِهِمْ وَقَدِ ابْتَعْتُ مَا حَوْلَهُ مِنَ الْمَنَازِلِ نَوَسِّعُ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي مَسْجِدِهِمْ إِلا دَارَكَ وَحُجَرَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ. فَأَمَّا حُجَرُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَلا سَبِيلَ إِلَيْهَا وَأَمَّا دَارُكَ فَبِعْنِيهَا بِمَا شِئْتَ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ أَوَسِّعُ بِهَا فِي مَسْجِدِهِمْ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ. قَالَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ:
اخْتَرْ مِنِّي إِحْدَى ثَلاثٍ. إِمَّا أَنْ تَبِيعَنِيهَا بِمَا شِئْتَ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ. وَإِمَّا أَنْ أَخْطُطَكَ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَأَبْنِيَهَا لَكَ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ. وَإِمَّا أَنْ تَصَّدَّقَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَنُوَسِّعَ بِهَا فِي مَسْجِدِهِمْ. فَقَالَ: لا وَلا وَاحِدَةً مِنْهَا. فَقَالَ عُمَرُ:
اجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ مَنْ شِئْتَ. فَقَالَ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ. فَانْطَلَقَا إِلَى أُبَيٍّ فَقَصَّا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ أُبَيٌّ: إِنْ شِئْتُمَا حدثتكما بحديث سمعته من النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالا: حَدِّثْنَا. فَقَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى دَاوُدَ أَنِ ابْنِ لِي بَيْتًا أُذْكَرُ فِيهِ. فَخَطَّ لَهُ هَذِهِ الْخِطَّةَ خِطَّةَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَإِذَا تُرْبِيعُهَا بَيْتُ رَجُلٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. فَسَأَلَهُ دَاوُدُ أَنْ يَبِيعَهُ إِيَّاهُ فَأَبَى. فَحَدَّثَ دَاوُدُ نَفْسَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ يَا دَاوُدُ أَمَرْتُكَ أَنْ تَبْنِيَ لِي بَيْتًا أُذْكَرُ فِيهِ فَأَرَدْتَ أَنْ تُدْخِلَ فِي بَيْتِيَ الْغَصْبَ وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِيَ الْغَصْبُ. وَإِنَّ عُقُوبَتَكَ أَنْ لا تَبْنِيَهُ. قَالَ: يَا رَبِّ فَمِنْ وَلَدِي؟ قَالَ: مِنْ وَلَدِكَ.] قَالَ فَأَخَذَ عُمَرُ بِمَجَامِعِ ثِيَابِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَقَالَ: جِئْتُكَ بِشَيْءٍ فَجِئْتَ بِمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ. لِتَخْرُجَنَّ مِمَّا قُلْتَ.
فَجَاءَ يَقُودُهُ حَتَّى أَدْخَلَهُ الْمَسْجِدَ فَأَوْقَفَهُ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِمْ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ: إِنِّي نَشَدْتُ اللَّهَ رَجُلا سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَذْكُرُ حَدِيثَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ حِينَ أَمَرَ اللَّهُ دَاوُدَ أَنْ يَبْنِيَهُ إِلا ذَكَرَهُ. فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقال آخر:
أنا سمعته. وقال آخَرُ: أَنَا سَمِعْتُهُ. يَعْنِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فَأَرْسَلَ عُمَرُ أُبَيًّا.
قَالَ وَأَقْبَلَ أُبَيٌّ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: يَا عُمَرُ أَتَتَّهِمُنِي عَلَى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ. ص؟ فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ لا وَاللَّهِ مَا أَتَّهَمْتُكَ عَلَيْهِ وَلَكِنِّي كَرِهْتُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ظَاهِرًا. قَالَ وَقَالَ عُمَرُ لِلْعَبَّاسِ: اذْهَبْ فَلا أَعْرِضُ لَكَ فِي دَارِكَ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: أَمَّا إِذْ فَعَلْتَ هَذَا فَإِنِّي قَدْ تَصَدَّقْتُ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ أُوَسِّعُ بِهَا عَلَيْهِمْ فِي(4/15)
مَسْجِدِهِمْ فَأَمَّا وَأَنْتَ تُخَاصِمُنِي فَلا. قَالَ فَخَطَّ عمر لهم دارهم التي هي لهم الْيَوْمُ وَبَنَاهَا مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ دَارٌ إِلَى جُنُبِ الْمَسْجِدِ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ عُمَرُ: هَبْهَا لِي أَوْ بِعْنِيهَا حَتَّى أُدْخِلَهَا فِي الْمَسْجِدِ. فَأَبَى. قَالَ: فَاجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلا أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ بَيْنَهُمَا. قَالَ فَقَضَى أُبَيٌّ عَلَى عُمَرَ. قَالَ فَقَالَ عُمَرُ: مَا فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدٌ أَجْرَأُ عَلَيَّ مِنْ أبي. قال: أوأنصح لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ أَمَا عَلِمْتَ قِصَّةَ الْمَرْأَةِ أَنَّ دَاوُدَ لَمَّا بَنَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ أَدْخَلَ فِيهِ بَيْتَ امْرَأَةٍ بِغَيْرِ إِذْنِهَا. فَلَمَّا بَلَغَ حُجَرَ الرِّجَالِ مُنِعَ بِنَاؤُهُ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ إِذْ مَنَعْتَنِي فَفِي عَقِبِي مِنْ بَعْدِي. فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ قَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: أَلَيْسَ قَدْ قَضَيْتَ لِي؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَهِيَ لك قد جعلتها لله.
قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْمَكِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ الْعَبَّاسَ جَاءَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْطَعَنِي الْبَحْرَيْنِ. قَالَ: مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ؟ قَالَ: الْمُغِيرَةُ بْنُ شعبة. فجاء به فشهد له. قال فلم يُمْضِ لَهُ عُمَرُ ذَلِكَ كَأَنَّهُ لَمْ يَقْبَلْ شَهَادَتَهُ. فَأَغْلَظَ الْعَبَّاسُ لِعُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ خُذْ بِيَدِ أَبِيكَ. وَقَالَ سُفْيَانُ عَنْ غَيْرِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ يَا أَبَا الْفَضْلِ لأَنَا بِإِسْلامِكَ كُنْتُ أَسَرَّ مِنِّي بِإِسْلامِ الْخَطَّابِ لَوْ أَسْلَمَ لِمَرْضَاةِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -
قال: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أويس قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ ثُمَّ التَّيْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَارِثَةَ بْنُ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَارِثَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ قَالَ [لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنْ نَزَلْتَ يَا أَبَا وَهْبٍ؟ قَالَ: نَزَلَتْ عَلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
قَالَ: نَزَلْتَ عَلَى أَشَدِّ قُرَيْشٍ لِقُرَيْشٍ حبا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ هِنْدَ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
دخل عَلَيْهِمْ وَعَبَّاسٌ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَشْتَكِي. فَتَمَنَّى عَبَّاسٌ الْمَوْتَ فَقَالَ له(4/16)
رسول الله. ص: [يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ لا تَتَمَنَّ الْمَوْتَ فَإِنْ تَكُنْ مُحْسِنًا فَإِنْ تُؤَخَّرْ تَزْدَدْ إِحْسَانًا إِلَى إِحْسَانِكَ خَيْرًا لَكَ. وَإِنْ تَكُنْ مُسِيئًا فَإِنْ تُؤَخَّرْ فَتَسْتَعْتِبْ مِنْ إِسَاءَتِكَ فَلا تَتَمَنَّ الموت] .
قال: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا كَامِلٌ عَنْ حَبِيبٍ. يَعْنِي ابْنَ أَبِي ثَابِتٍ. قَالَ: كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَقْرَبَ الناس شحمة أذن إلى السماء.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ بَيْنَ العباس وبين ناس شيء [فقال النبي. ص: إِنَّ الْعَبَّاسَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلا وَقَعَ فِي أَبٍ لِلْعَبَّاسِ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَلَطَمَهُ الْعَبَّاسُ فَاجْتَمَعَ قَوْمُهُ فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَنَلْطِمَنَّهُ كَمَا لَطَمَهُ. وَلَبِسُوا السِّلاحَ. فَبَلَغَ [ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ النَّاسِ تَعْلَمُونَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ؟ قَالُوا: أَنْتَ. قَالَ:
فَإِنَّ الْعَبَّاسَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ. لا تَسُبُّوا أَمْوَاتَنَا فَتُؤْذُوا أَحْيَاءَنَا] . قَالَ فَجَاءَ الْقَوْمُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِكَ. استغفر لنا يا رسول اللَّهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ أَهْلِ الأَرْضِ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ؟ قَالُوا: أَنْتَ. قَالَ: فَإِنَّ الْعَبَّاسَ مِنِّي وَأَنَا [مِنْهُ. لا تُؤْذُوا الْعَبَّاسَ فَتُؤْذُونِي. وَقَالَ: مَنْ سَبِّ الْعَبَّاسَ فقد سبني] .
قال: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَجُلا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَقِيَ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: يَا أَبَا الْفَضْلِ أَرَأَيْتَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ هَاشِمٍ وَالْغَيْطَلَةَ كَاهِنَةَ بَنِي سَهْمٍ جَمَعَهُمَا اللَّهُ جَمِيعًا فِي النَّارِ؟ فَصَفَحَ عَنْهُ. ثُمَّ لَقِيَهُ الثَّانِيَةَ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَصَفَحَ عَنْهُ. ثُمَّ لَقِيَهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَرَفَعَ الْعَبَّاسُ يَدَهُ فَوَجَأَ أَنْفَهُ فَكَسَرَهُ. فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ كَمَا هُوَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: الْعَبَّاسُ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فجاءه فقال: ما أردت إلى رجل مِنَ الْمُهَاجِرِينَ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ فِي النَّارِ وَلَكِنَّهُ لَقِيَنِي فَقَالَ: يَا أَبَا الْفَضْلِ أَرَأَيْتَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ هَاشِمٍ وَالْغَيْطَلَةَ كَاهِنَةَ بَنِي سهم(4/17)
جَمَعَهُمَا اللَّهُ جَمِيعًا فِي النَّارِ؟ فَصَفَحْتُ عَنْهُ مِرَارًا ثُمَّ وَاللَّهِ مَا مَلَكْتُ نَفْسِي وَمَا إِيَّاهُ أَرَادَ وَلَكِنَّهُ أَرَادَنِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يُؤْذِي أَخَاهُ فِي الأَمْرِ وإن كان حقا؟] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَزِينٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قُلْتُ لِلْعَبَّاسِ سَلْ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الحجابة. قال [فسأله فقال. ص: أعطيكم ما هو خير لكم مِنْهَا. السِّقَايَةُ بِرَوَائِكُمْ وَلا تُزْرُوا بِهَا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اسْتَأْذَنَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَبِيتَ لَيَالِيَ مِنًى بمكة من أجل سقايته فأذن له.
قال: أخبرنا محمد بن الفضل عن غَزْوَانٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: طَافَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على نَاقَتِهِ بِالْبَيْتِ مَعَهُ مِحْجَنٌ يَسْتَلِمُ بِهِ الْحَجَرَ كلما مر عليه. ثم أتى السقاية يستسقي. قَالَ [فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا نَأْتِيكَ بِمَاءٍ لَمْ تَمَسَّهُ الأَيْدِي؟
قَالَ: بَلَى فَاسْقُونِي. فَسَقَوْهُ ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ فَقَالَ: اسْتَقُوا لِي مِنْهَا دَلْوًا. فَأَخْرَجُوا مِنْهَا دَلْوًا فَمَضْمَضَ مِنْهُ ثُمَّ مَجَّهُ مِنْ فِيهِ ثُمَّ قَالَ: أَعِيدُوهُ فِيهَا. ثُمَّ قَالَ: إِنَّكُمْ لَعَلَى عَمَلٍ صَالِحٍ. ثُمَّ قَالَ: لَوْلا أَنْ تُغْلَبُوا عَلَيْهِ لنزلت فنزعت معكم] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ تَمَامٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ مَا تَسْقُونَ النَّاسَ مِنْ نَبِيذِ هَذَا الزَّبِيبِ. أَسُنَّةٌ تَتَّبِعُونَهَا أَمْ تَجِدُونَ هَذَا أَهْوَنَ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّبَنِ وَالْعَسَلِ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: [إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى الْعَبَّاسَ وَهُوَ يَسْقِي النَّاسَ فَقَالَ اسْقِنِي. فَدَعَا الْعَبَّاسُ بِعِسَاسٍ مِنْ نَبِيذٍ فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُسًّا مِنْهَا فَشَرِبَ ثُمَّ قَالَ: أَحْسَنْتُمْ. هَكَذَا اصْنَعُوا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَمَا يَسُرُّنِي أَنَّ سِقَايَتَهَا جَرَتْ عَلَيَّ لَبَنًا وَعَسَلا مَكَانَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحسنتم هكذا افعلوا] .
قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ عَنْ غَزْوَانَ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: اشْرَبْ مِنْ سِقَايَةِ آلِ الْعَبَّاسِ فَإِنَّهَا مِنَ السُّنَّةِ.(4/18)
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن زكرياء الأَسَدِيُّ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ حُجَيَّةَ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ [عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَعْجِيلِ صَدَقَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ فَرَخَّصَ له في ذَلِكَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَى الصَّدَقَةِ فَأَتَى الْعَبَّاسَ يَسْأَلُهُ صَدَقَةَ مَالِهِ. قَالَ:
قَدْ عَجَّلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدَقَةَ سَنَتَيْنِ. فَرَافَعَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -[فقال رسول الله. ص: صَدَقَ عَمِّي. قَدْ تَعَجَّلْنَا مِنْهُ صَدَقَةَ سَنَتَيْنِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْرَائِيلَ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرَ عَلَى السِّعَايَةِ فَأَتَى الْعَبَّاسَ يَطْلُبُ مِنْهُ صَدَقَةَ مَالِهِ فَأَغْلَظَ لَهُ. فَأَتَى عَلِيًّا فَاسْتَعَانَ بِهِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فَقَالَ. ص: تَرِبَتْ يَدَاكَ! أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ؟ إِنَّ الْعَبَّاسَ سَلَفَنَا زَكَاةَ الْعَامِ عاما أول] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: [حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلْعَبَّاسِ: هَاهُنَا فَإِنَّكَ صنوي] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ بَيْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَبَيْنَ الْعَبَّاسِ قَوْلٌ فَأَسْرَعَ إِلَيْهِ الْعَبَّاسُ. فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فَقَالَ: أَلَمْ تَرَ عَبَّاسًا فَعَلَ بِي كَذَا وَكَذَا وَفَعَلَ فَأَرَدْتُ أَنْ أُجِيبَهُ فَذَكَرْتُ مَكَانَهُ مِنْكَ فَكَفَفْتُ عَنْهُ؟ فَقَالَ:
يَرْحَمُكَ اللَّهُ! إِنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ] .
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ: [قَالَ رسول الله. ص: إِنَّمَا الْعَبَّاسُ صِنْوُ أَبِي فَمَنْ آذَى الْعَبَّاسَ فَقَدْ آذَانِي] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ عَبْدِ الله الوراق قال:
[قال رسول الله. ص: لا يُغَسِّلْنِي الْعَبَّاسُ فَإِنَّهُ وَالِدِي وَالْوَالِدُ لا يَنْظُرُ إِلَى عَوْرَةِ وَلَدِهِ] .
[أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عقبة قال: أخبرنا سفيان عن موسى عن أَبِي عَائِشَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رزين عن أبي رزين عن علي. ع. قَالَ: قُلْتُ لِلْعَبَّاسِ سَلِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَعْمِلْكَ عَلَى الصَّدَقَةِ. فَسَأَلَهُ فَقَالَ: مَا كُنْتُ لأَسْتَعْمِلُكَ عَلَى غُسَالَةِ ذُنُوبِ النَّاسِ] .(4/19)
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: قَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا تُؤَمِّرُنِي عَلَى إِمَارَةٍ؟ فَقَالَ: نَفْسٌ تُنْجِيهَا خَيْرٌ مِنْ إِمَارَةٍ لا تُحْصِيهَا] .
قال: أَخْبَرَنَا أَبُو سُفْيَانَ الْحِمْيَرِيُّ الْحَذَّاءُ الْوَاسِطِيُّ عَنِ الضحاك بن حمزة قَالَ:
قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَعْمِلْنِي. [فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ. ص: يَا عَبَّاسُ. يَا عَمَّ النَّبِيِّ. نَفْسٌ تُنْجِيهَا خير من إمارة لا تحصيها] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَنَّ الْعَبَّاسَ ابْتَنَى غرفة [فقال له النبي. ص: ألقها. قال العباس: أو أنفق مِثْلَ ثَمَنِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: أَلْقِهَا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو يُونُسَ حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ الْقُشَيْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَأَتَيْنَاهُ فَأَخْبَرَنَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبِي الْعَبَّاسُ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا عَمُّكَ. كَبُرَتْ سِنِّي وَاقْتَرَبَ أَجَلِي. فَعَلِّمْنِي شَيْئًا يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ. [فَقَالَ: يَا عَبَّاسُ أَنْتَ عَمِّي وَلا أُغْنِي عَنْكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ شَيْئًا وَلَكِنْ سل ربك العفو والعافية] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: [قَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِدُعَاءٍ. قَالَ: سَلِ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَخْنَسِيِّ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالا: مَا أَدْرَكْنَا أَحَدًا مِنَ النَّاسِ إِلا وَهُوَ يَقَدِّمُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي الْعَقْلِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالإِسْلامِ.
أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْيَمَانِ بْنِ هَارُونَ الْمَكِّيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ جَدِّهِ قَالَ: [سَمِعْتُ عَلِيًّا بِالْكُوفَةِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ أَطَعْتُ عَبَّاسًا. يَا لَيْتَنِي كُنْتُ أَطَعْتُ عَبَّاسًا. قَالَ قَالَ الْعَبَّاسُ:
اذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ. فَإِنْ كَانَ هَذَا الأَمْرُ فِينَا وَإِلا أَوْصَى بِنَا النَّاسَ.] قَالَ [فَأَتَوُا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَمِعُوهُ يَقُولُ: لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ. قَالَ فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدَهُ وَلَمْ يقولوا له شيئا.](4/20)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قَحَطُوا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ خَرَجَ بِالْعَبَّاسِ فَاسْتَسْقَى بِهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إليك بنبينا. ع. إِذَا قَحَطْنَا فَتَسْقِيَنَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نبينا. ع. فاسقنا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُقْلَةٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَصَابَ النَّاسَ قَحْطٌ فَخَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْتَسْقِي فَأَخَذَ بِيَدِ الْعَبَّاسِ فَاسْتَقْبَلَ به القبلة فقال: هذا عم نبيك. ع. جِئْنَا نَتَوَسَّلُ بِهِ إِلَيْكَ فَاسْقِنَا. قَالَ فَمَا رجعوا حتى سقوا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ آخِذًا بِيَدِ الْعَبَّاسِ فَقَامَ بِهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِعَمِّ رَسُولِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: فَرَضَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي الدِّيوَانَ سَبْعَةَ آلافٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ فَرَضَ لَهُ خَمْسَةَ آلافٍ كَفَرَائِضِ أَهْلِ بَدْرٍ لِقَرَابَتِهِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَلْحَقَهُ بِفَرَائِضِ أَهْلِ بَدْرٍ وَلَمْ يُفَضِّلْ أَحَدًا عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ إِلا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ إِنَّ قريشا رؤوس النَّاسِ لا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي بَابٍ إِلا دَخَلَ مَعَهُ فِيهِ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: نَاسٌ. وَقَالَ عَفَّانُ وَسُلَيْمَانُ. طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ. فَلَمْ أَدْرِ مَا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ فِي ذَا حَتَّى طُعِنَ فَلَمَّا احْتُضِرَ أَمَرَ صُهَيْبًا أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَ لِلنَّاسِ طَعَامًا فَيَطْعَمُوا. وَقَالَ عَفَّانُ وَسُلَيْمَانُ: حَتَّى يَسْتَخْلِفُوا إِنْسَانًا.
فَلَمَّا رَجَعُوا مِنَ الْجَنَازَةِ جِيءَ بِالطَّعَامِ وَوُضِعَتِ الْمَوَائِدُ فَأَمْسَكَ النَّاسُ عَنْهَا. قَالَ يَزِيدُ:
لِلْحُزْنِ الَّذِي هُمْ فِيهِ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -
قد مَاتَ فَأَكَلْنَا بَعْدَهُ وَشَرِبْنَا. وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ فَأَكَلْنَا بَعْدَهُ وَشَرِبْنَا. قَالَ عَفَّانُ وَسُلَيْمَانُ:(4/21)
وَإِنَّهُ لا بُدَّ مِنَ الأَجَلِ فَكُلُوا مِنْ هَذَا الطَّعَامِ. ثُمَّ مَدَّ الْعَبَّاسُ يَدَهُ فَأَكَلَ. وَمَدَّ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ فَأَكَلُوا. فَعَرَفْتُ قَوْلَ عُمَرَ إنهم رؤوس الناس.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وهيب عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ أَنَّ الْعَبَّاسَ تَحَفَّى عُمَرَ فِي بَعْضِ الأَمْرِ فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. أَرَأَيْتَ أَنْ لَوْ جَاءَكَ عَمُّ مُوسَى مُسْلِمًا مَا كُنْتَ صَانِعًا بِهِ؟ قَالَ: كُنْتُ وَاللَّهِ مُحْسِنًا إِلَيْهِ. قَالَ: فَأَنَا عَمُّ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَمَا رَأْيُكَ يَا أَبَا الفضل؟ فو الله لأَبُوكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِي. قَالَ: اللَّهَ اللَّهَ لأَنِّي كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَحَبُّ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أَبِي فَأَنَا أُوثِرُ حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - على حبي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: بَقِيَ فِي بَيْتِ مَالِ عمر شيء بعد ما قَسَمَ بَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ الْعَبَّاسُ لِعُمَرَ وَلِلنَّاسِ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ كَانَ فِيكُمْ عَمُّ مُوسَى أَكُنْتُمْ تُكْرِمُونُهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِهِ. أَنَا عَمُّ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَلَّمَ عُمَرُ النَّاسَ فَأَعْطُوهُ تِلْكَ الْبَقِيَّةَ الَّتِي بقيت.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ لَيْثٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُجَاهِدٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَعْتَقَ الْعَبَّاسُ عِنْدَ مَوْتِهِ سَبْعِينَ مملوكا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْبَيَاضِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي شُعْبَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كَانَ الْعَبَّاسُ مُعْتَدِلَ الْقَنَاةِ وَكَانَ يُخْبِرُنَا عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ أَعْدَلُ قَنَاةً مِنْهُ.
وَتُوُفِّيَ الْعَبَّاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لأَرْبَعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً. وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ فِي مَقْبَرَةِ بَنِي هَاشِمٍ.
قَالَ خَالِدُ بْنُ الْقَاسِمِ: وَرَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ مُعْتَدِلَ الْقَنَاةِ. يَعْنِي طَوِيلا. حَسَنَ الانْتِصَابِ عَلَى كِبَرٍ ليس فيه حناء.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - إِلَى الْمَدِينَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَسْلَمَ الْعَبَّاسُ بِمَكَّةَ قَبْلَ بَدْرٍ وَأَسْلَمَتْ أُمُّ الْفَضْلِ مَعَهُ(4/22)
حِينَئِذٍ. وَكَانَ مُقَامُهُ بِمَكَّةَ. إِنَّهُ كَانَ لا يُغَبِّي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ خَبَرًا يَكُونُ إِلا كَتَبَ بِهِ إِلَيْهِ. وَكَانَ مَنْ هُنَاكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَتَقَوُّونَ بِهِ وَيَصِيرُونَ إِلَيْهِ. وَكَانَ لَهُمْ عَوْنًا عَلَى إِسْلامِهِمْ. وَلَقَدْ كَانَ يَطْلُبُ أَنْ يَقْدَمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَتَبَ إِلَيْهِ رسول الله.
ع: إِنَّ مُقَامَكَ مُجَاهِدٌ حَسَنٌ. فَأَقَامَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا وَهُوَ فِي مَجْلِسٍ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ يَذْكُرُ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ فَقَالَ: أُيِّدْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ بِعَمِّيَ الْعَبَّاسِ وَكَانَ يَأْخُذُ على القوم ويعطيهم] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ: لَمَّا دَوَّنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابَ الدِّيوَانَ كَانَ أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِهِ فِي الْمَدْعَى بَنِي هَاشِمٍ. ثُمَّ كَانَ أَوَّلُ بَنِي هَاشِمٍ يُدْعَى الْعَبَّاسَ بْنَ عبد المطلب في ولاية عمر وعثمان.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِي يَلِي أَمْرَ بَنِي هَاشِمٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ الْعَلاءِ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ نَمْلَةَ بْنِ أَبِي نَمْلَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا مَاتَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بَعَثَتْ بَنُو هَاشِمٍ مُؤَذِّنًا يُؤْذِنُ أَهْلَ الْعَوَالِي: رَحِمَ اللَّهُ مَنْ شَهِدَ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. قَالَ فَحَشَدَ النَّاسُ وَنَزَلُوا مِنَ العوالي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابن أَبِي سَبْرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رُقَيْشٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ حَارِثَةَ قَالَ: جَاءَنَا مُؤَذِّنٌ يُؤْذِنَّا بِمَوْتِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِقُبَاءَ عَلَى حِمَارٍ. ثُمَّ جَاءَنَا آخَرُ عَلَى حِمَارٍ فَقُلْتُ: مَنِ الأَوَّلُ؟ فَقَالَ: مَوْلًى لِبَنِي هَاشِمٍ وَالثَّانِي رَسُولُ عُثْمَانَ. فَاسْتَقْبَلَ قُرَى الأَنْصَارِ قَرْيَةً قَرْيَةً حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَافِلَةِ بَنِي حَارِثَةَ وَمَا وَلاهَا فَحَشَدَ النَّاسُ فَمَا غَادَرْنَا النِّسَاءَ. فَلَمَّا أُتِيَ بِهِ إِلَى مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ تَضَايَقَ فَتَقَدَّمُوا بِهِ إِلَى الْبَقِيعِ. وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ صَلَّيْنَا عَلَيْهِ بِالْبَقِيعِ وَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ ذَلِكَ الْخُرُوجِ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ قَطُّ وَمَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَنْ يَدْنُوَ إِلَى سَرِيرِهِ. وَغُلِبَ عَلَيْهِ بَنُو هَاشِمٍ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى اللَّحْدِ ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ فَأَرَى(4/23)
عُثْمَانَ اعْتَزَلَ وَبَعَثَ الشُّرْطَةَ يَضْرِبُونَ النَّاسُ عَنْ بَنِي هَاشِمٍ حَتَّى خَلُصَ بَنُو هَاشِمٍ.
فَكَانُوا هُمُ الَّذِينَ نَزَلُوا فِي حُفْرَتِهِ وَدَلَّوْهُ فِي اللَّحْدِ. وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَلَى سَرِيرِهِ بُرْدَ حِبَرَةٍ قد تقطع من زحامهم.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدَةُ بِنْتُ نَابِلٍ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ:
جَاءَنَا رَسُولُ عُثْمَانَ. رَحِمَهُ اللَّهُ. وَنَحْنُ بِقَصْرِنَا عَلَى عَشْرَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ أَنَّ الْعَبَّاسَ قَدْ تُوُفِّيَ. فَنَزَلَ أَبِي وَنَزَلَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَنَزَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنَ السَّمُرَةِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجَاءَنَا أَبِي بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ فَقَالَ: مَا قَدَرْنَا عَلَى أَنْ نَدْنُوَ مِنْ سَرِيرِهِ مِنْ كَثْرَةِ النَّاسِ. غُلِبْنَا عَلَيْهِ. وَلَقَدْ كُنْتُ أُحِبُّ حَمْلَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أُمِّ عُمَارَةَ قَالَتْ: حَضَرْنَا نِسَاءُ الأَنْصَارِ طُرًّا جَنَازَةَ الْعَبَّاسِ وَكُنَّا أَوَّلَ مَنْ بَكَى عليه ومعنا المهاجرات الأول المبايعات.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ الْعَبَّاسُ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عُثْمَانُ إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ أَحْضُرَ غُسْلَهُ فَعَلْتُمْ.
فَأَذِنُوا لَهُ. فَحَضَرَ فَكَانَ جَالِسًا نَاحِيَةَ الْبَيْتِ. وَغَسَّلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. ع.
وَعَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَقُثَمُ بَنُو الْعَبَّاسِ. وحدت نساء بني هاشم سَنَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوْصَى الْعَبَّاسُ أَنْ يُكَفَّنَ فِي بُرْدِ حِبَرَةٍ وَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِيهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ يُكَبِّرُ عَلَى الْعَبَّاسِ بِالْبَقِيعِ وَمَا يَقْدِرُ مِنْ لَفْظِ النَّاسِ. وَلَقَدْ بَلَغَ النَّاسُ الْحَشَّانَ وَمَا تَخَلَّفَ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ.
345- جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
واسم أبي طَالِب عبد مناف بن
__________
345 طبقات خليفة (4) ، ونسب قريش (80- 82) ، وفضائل الصحابة لأحمد (20) ، وعلل أحمد (1/ 184) ، والتاريخ الكبير (2/ ت 2139) ، والمعارف (120) ، (137) ، (163) ، (203) ، (205) ، (211) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 260، 536) ، (2/ 535) ، (3/ 167، 2595) ، والكنى للدولابي (2/ 77) ، وأخبار القضاة لوكيع (1/ 255) ، والجرح والتعديل (2/ ت 1960) ، والولاة والقضاة للكندي (23) ، والحلية لأبي نعيم (1/ 114- 118) ، والاستيعاب (242) ، وأسد الغابة (1/ 286- 289) ، والكامل لابن الأثير (2/ 58، 78- 80، 213، 231، 234، 237) ، وتهذيب الأسماء (1/ 148- 149) ، وسير أعلام النبلاء (1/ 206- 217) ، والعبر (1/ 9) ، وتهذيب الكمال (944) ، وتذهيب التهذيب (1/ 108- 109) ، وتجريد أسماء الصحابة (802) ، والعقد الثمين (3/ 424) ، والإصابة (1166) ، وتهذيب التهذيب (2/ 98- 99) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 1041) ، وشذرات الذهب (1/ 48) .(4/24)
عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بْن قصي وأمه فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مناف بن قصي. وكان لجعفر من الولد عبد الله وبه كان يكنى وله العقب من وُلِدَ جَعْفَر. ومحمد وعون لا عقب لهما. ولدوا جميعًا لجعفر بأرض الحبشة فِي المهاجر إليها. وأمهم أسماء بِنْت عميس بْن معبد بْن تيم بْن مالك بْن قحافة بْن عَامِرِ بْن ربيعة بْن عامر بْن مُعَاوِيَة بن زَيْد بْن مالك بن نسر بن وهب الله بن شهران بْن عفرس بْن أفتل. وهو جماع خثعم. ابن أنمار.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَلَدُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَبْدُ اللَّهِ وَعَوْنٌ وَمُحَمَّدٌ بَنُو جَعْفَرٍ وَأَخَوَاهُمْ لأُمِّهِمْ يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَأُمُّهُمُ الْخَثْعَمِيَّةُ أسماء بنت عميس.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أسلم جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الأَرْقَمِ وَيَدْعُوَ فِيهَا.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهَاجَرَ جَعْفَرٌ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ. وَوَلَدَتْ لَهُ هُنَاكَ عَبْدَ اللَّهِ وَعَوْنًا وَمُحَمَّدًا. فَلَمْ يَزَلْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ حَتَّى هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الْمَدِينَةِ. ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِ جَعْفَرٌ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَهُوَ بِخَيْبَرَ سَنَةَ سَبْعٍ. وَكَذَلِكَ قَالَ محمد بن إسحاق.
قال محمد بن عمر: وَقَدْ رُوِيَ لَنَا أَنَّ أَمِيرَهُمُ فِي الْهِجْرَةِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.(4/25)
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ الأَجْلَحِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ خَيْبَرَ تَلَقَّاهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَالْتَزَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَقَالَ: مَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا أَنَا أَفْرَحُ. بِقُدُومِ جَعْفَرٍ أَوْ بِفَتْحِ خَيْبَرَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَجْلَحِ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَقْبَلَ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ حِينَ جَاءَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ فَقَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ. وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ: وَضَمَّهُ إِلَيْهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ:
وَاعْتَنَقَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ أَنَّ جَعْفَرًا وَأَصْحَابَهُ قَدِمُوا مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ فَقَسَمَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَيْبَرَ. قَالَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: وَآخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ. قَالَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: هَذَا وَهَلٌ. وَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَإِنَّمَا كَانَتِ الْمُؤَاخَاةَ بَعْدَ قَدُومِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ وَقَبْلَ بَدْرٍ؟ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ وَانْقَطَعَتِ المؤاخاة وجعفر غائب يومئذ بأرض الحبشة.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: إِنَّ ابْنَةَ حَمْزَةَ لَتَطُوفُ بَيْنَ الرِّجَالِ إِذْ أَخَذَ عَلِيٌّ بِيَدِهَا فَأَلْقَاهَا إِلَى فَاطِمَةَ فِي هَوْدَجِهَا. قَالَ فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيّ وَجَعْفَرٌ وَزَيْدُ بْن حَارِثَةَ حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ فَأَيْقَظُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ نَوْمِهِ. قَالَ: هَلُمُّوا أَقْضِ بَيْنَكُمْ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا. فَقَالَ عَلِيٌّ:
ابْنَةُ عَمِّي وَأَنَا أَخْرَجْتُهَا وَأَنَا أَحَقُّ بِهَا. وَقَالَ جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي وَخَالَتُهَا عِنْدِي. وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي. فَقَالَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ قَوْلا رَضِيَهُ. فَقَضَى بِهَا لِجَعْفَرٍ وَقَالَ: الْخَالَةُ وَالِدَةٌ: فَقَامَ جَعْفَرٌ فَحَجَلَ حَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دار عليه. فقال النبي. ع: مَا هَذَا؟ قَالَ: شَيْءٌ رَأَيْتُ الْحَبَشَةَ يَصْنَعُونَهُ بِمُلُوكِهِمْ. خَالَتُهَا أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ وَأُمُّهَا سَلْمَى بنت عميس] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ السُّكَّرِيُّ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ أُسَامَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لِجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَشْبَهَ خَلْقُكَ خَلْقِي وَأَشْبَهَ خُلُقُكَ خُلُقِي فَأَنْتَ مِنِّي وَمَنْ شجرتي] .(4/26)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: [أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ وَهَانِئٍ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي حَدِيثِ بِنْتِ حَمْزَةَ: أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - مثل ذلك.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ [النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِجَعْفَرٍ حِينَ تَنَازُعَ هُوَ وَعَلِيٌّ وَزَيْدٌ فِي ابْنَةِ حَمْزَةَ: أَشْبَهَ خلقك خلقي وخلقك خلقي] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِجَعْفَرٍ: إِنَّكَ شَبِيهُ خَلْقِي وَخُلُقِي] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ تَخَتَّمَ فِي يَمِينِهِ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي يَعْقُوبَ يُحَدِّثُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَيْشًا وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَقَالَ: إِنْ قُتِلَ زَيْدٌ أَوِ اسْتُشْهِدَ فَأَمِيرُكُمْ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. فَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ أَوِ اسْتُشْهِدَ فَأَمِيرُكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ.] فَلَقَوُا الْعَدُوَّ فَأَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ جَعْفَرٌ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَةَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ بَعْدَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ. فَأَتَى خَبَرُهُمُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ إِخْوَانَكُمْ لَقَوُا الْعَدُوَّ فَأَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ أَوِ اسْتُشْهِدَ. ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ أَوِ اسْتُشْهِدَ. ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَقَاتِلَ حَتَّى قُتِلَ أَوِ اسْتُشْهِدَ. ثُمَّ أَخَذَهَا سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ. ثُمَّ أَمْهَلَ آلَ جَعْفَرٍ ثَلاثًا أَنْ يَأْتِيَهُمْ. ثُمَّ أَتَاهُمْ فَقَالَ: لا تَبْكُوا عَلَى أَخِي بَعْدَ الْيَوْمِ. ثُمَّ قَالَ: ائْتُونِي بِبُنَيِّ أَخِي. فَجِيءَ بِنَا كَأَنَّا أَفْرَاخٌ فَقَالَ: ادْعُوا إِلَيَّ الْحَلاقَ. فَدُعِيَ فَحَلَقَ رُءُوسَنَا فَقَالَ: أَمَّا مُحَمَّدٌ فَشَبِيهُ عَمِّنَا أَبِي طَالِبٍ. وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ. فِي كِتَابِ ابْنِ مَعْرُوفٍ مَوْضِعَ عَبْدِ اللَّهِ عَوْنِ اللَّهِ. فَشَبِيهُ خَلْقِي وَخُلُقِي. قَالَ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ فَأَشَالَهَا وَقَالَ: اللَّهُمَّ اخْلُفْ(4/27)
جَعْفَرًا فِي أَهْلِهِ وَبَارِكْ لِعَبْدِ اللَّهِ فِي صَفْقَةِ يَمِينِهِ. ثَلاثَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ جَاءَتْ أُمُّنَا فذكرت يتمنا وجعلت تفرح له فقال: أالعيلة تَخَافِينَ عَلَيْهِمْ وَأَنَا وَلِيُّهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؟
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي الَّذِي أَرْضَعَنِي مِنْ بَنِي قُرَّةَ قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَوْمَ مُؤْتَةَ. نَزَلَ عَنْ فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ فَعَقَرَهَا ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ محمد بن عمرو بن حزم. زَادَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ. قَالَ: لَمَّا أَخَذَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الرَّايَةَ جَاءَهُ الشَّيْطَانُ فَمَنَّاهُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَكَرَّهَ لَهُ الْمَوْتَ فَقَالَ: الآنَ حِينَ اسْتَحْكَمَ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ تُمَنِّينِي الدُّنْيَا؟ ثُمَّ مَضَى قُدُمًا حَتَّى اسْتُشْهِدَ فصلى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَعَا لَهُ ثُمَّ [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ جَعْفَرٍ فَإِنَّهُ شَهِيدٌ وَقَدْ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَهُوَ يَطِيرُ فِيهَا بِجَنَاحَيْنِ مِنْ يَاقُوتٍ حيث شاء من الْجَنَّةِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله. ص: رَأَيْتُ جَعْفَرًا مَلَكًا يَطِيرُ فِي الْجَنَّةِ تَدْمَى قَادِمَتَاهُ.
وَرَأَيْتُ زَيْدًا دُونَ ذَلِكَ فَقُلْتُ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ زَيْدًا دُونَ جَعْفَرٍ. فَأَتَاهُ جَبْرَائِيلُ فَقَالَ: إِنَّ زَيْدًا لَيْسَ بِدُونِ جَعْفَرٍ وَلَكِنَّا فَضَّلْنَا جَعْفَرًا لِقَرَابَتِهِ مِنْكَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: وَجَدَ أَوْ وَجَدْنَا فِيمَا أَقْبَلَ مِنْ بَدَنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ. قَالَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ: تِسْعِينَ ضَرْبَةً بَيْنَ طَعْنَةٍ بِرُمْحٍ وَضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ. وَقَالَ محمد بن عمر: اثنتين وسبعين ضربة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ بُمُؤْتَةَ فَلَمَّا فَقَدْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ طَلَبْنَاهُ فِي الْقَتْلَى فَوَجَدْنَاهُ وَبِهِ طَعْنَةٌ وَرَمْيَةٌ بِضْعٌ وَتِسْعُونَ فوجدنا ذلك فيما أقبل من جسده.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: وُجِدَ فِي بَدَنِ جَعْفَرٍ أَكْثَرُ مِنْ سِتِّينَ جرحا ووجد به طعنة قد أنفذته.(4/28)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنَ الرُّومِ فَقَطَعَهُ بِنِصْفَيْنِ فَوَقَعَ أَحَدُ نُصَفِّيهِ فِي كَرْمٍ فَوُجِدَ فِي نِصْفَهِ ثَلاثُونَ أَوْ بِضْعَةٌ وثلاثون جرحا.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ رَجُلٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي الْجَنَّةِ يَعْنِي جَعْفَرًا لَهُ جَنَاحَانِ مضرجان بالدماء مصبوغ القوادم] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أويس قال: حدثني حسين عن عبد الله بن حمزة عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب. ع. أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قَالَ: إِنَّ لِجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا فِي الْجَنَّةِ مَعَ الْمَلائِكَةِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخْتَارِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: مر بي جعفر بن أبي طالب في اللَّيْلَةَ فِي مَلإٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ. لَهُ جَنَاحَانِ مُضَرَّجَانِ بِالدِّمَاءِ. أَبْيَضُ الْقَوَادِمِ] .
[أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي حسين بن عبد الله بن ضميرة عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب. ع. أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قَالَ: إِنَّ لِجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا فِي الْجَنَّةِ مَعَ الْمَلائِكَةِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ لِجَعْفَرٍ جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ يَشَاءُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعَى جَعْفَرًا وَزَيْدًا. نَعَاهُمَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَجِيءَ خَبَرُهُمَا. نَعَاهُمَا وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: قُتِلَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِالْبَلْقَاءِ يَوْمَ مُؤْتَةَ [فقال رسول الله. ص: اللَّهُمَّ اخْلُفْ جَعْفَرًا فِي أَهْلِهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ: بِخَيْرٍ مَا خَلَّفْتَ عَبْدًا مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ. وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ: كَأَفْضَلِ مَا خَلَّفْتَ عَبْدًا مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: لَمَّا أُصِيبَ جَعْفَرٌ أَرْسَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى امْرَأَتِهِ أَنِ ابْعَثِي إِلَيَّ بُنَيَّ(4/29)
جعفر. فأتي بهم [فقال النبي. ص: اللَّهُمَّ إِنَّ جَعْفَرًا قَدْ قَدِمَ إِلَيْكَ إِلَى أَحْسَنِ الثَّوَابِ فَاخْلُفْهُ فِي ذُرِّيَّتِهِ بِخَيْرِ مَا خَلَّفْتَ عَبْدًا مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سعد عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرٍ وَزَيْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْحُزْنُ. قَالَتْ عَائِشَةُ: وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ شَقِّ الْبَابِ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ قَدْ لَزِمْنَ بُكَاءَهُنَّ. فَأَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْهَاهُنَّ. قَالَتْ فَذَهَبَ الرَّجُلُ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ نَهَيْتُهُنَّ وَإِنَّهُنَّ لَمْ يطعنه. فَأَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَنْهَاهُنَّ الثَّانِيَةَ.
فَذَهَبَ الرَّجُلُ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ غَلَبْنَنِي. فَأَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَنْهَاهُنَّ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَذَهَبَ ثُمَّ. أَتَاهُ فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ غَلَبْنَنِي فَزَعَمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ احْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ. قَالَتْ: أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ وَلا تَرَكْتُ رَسُولَ اللَّهِ. ص] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا أَتَتْ وَفَاةُ جَعْفَرٍ عَرَفْنَا فِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
الْحُزْنَ. قَالَتْ فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ النِّسَاءَ يَبْكِينَ. [قَالَ: فَارْجِعْ إِلَيْهِنَّ فَأَسْكِتْهُنَّ. قَالَ ثُمَّ جَاءَ الثَّانِيَةَ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ ارْجِعْ إِلَيْهِنَّ فَأَسْكِتْهُنَّ. ثُمَّ جَاءَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ: فَإِنْ أَبَيْنَ فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: قُلْتُ فِي نَفْسِي وَاللَّهِ مَا تَرَكْتَ نَفْسَكَ إِلا وَأَنْتَ مطيع رسول الله. ص] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ عَنْ أَسْمَاءِ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ: لَمَّا أُصِيبَ جَعْفَرٌ قَالَ [لِي رسول الله. ص: تَسَلَّيْ ثَلاثًا ثُمَّ اصْنَعِي مَا شِئْتِ] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَأَطْعَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بِخَيْبَرَ خَمْسِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عبيد قَالا: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: تَزَوَّجَ عَلِيٌّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ فَتَفَاخَرَ ابْنَاهَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا أَكْرَمُ مِنْكَ وَأَبِي خَيْرٌ مِنْ أَبِيكَ. [فَقَالَ لَهَا عَلِيٌّ:
اقْضِي بَيْنَهُمَا. فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ شَابًّا مِنَ الْعَرَبِ كَانَ خَيْرًا مِنْ جَعْفَرٍ وَلا رَأَيْتُ كَهْلا(4/30)
خَيْرًا مِنْ أَبِي بَكْرٍ. فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا تركت لنا شيئا. فقالت: وَاللَّهِ إِنَّ ثَلاثَةً أَنْتَ أَخَسُّهُمْ لَخِيَارٌ. فَقَالَ لها: لو قلت غير هذا لمقتك] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَا احتذى وَلا انْتَعَلَ وَلا رَكِبَ الْمَطَايَا وَلا لَبِسَ الْكَوْرَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أفضل من جعفر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ خَيْرُ النَّاسِ لِلْمَسَاكِينِ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ. كَانَ يَتَقَلَّبُ بِنَا فَيُطْعِمُنَا مَا كَانَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى إِنْ كَانَ لِيُخْرِجَ إِلَيْنَا الْعُكَّةَ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ فَيَبْشُقَهَا فَنَلْعَقُ مَا فِيهَا.
346- عَقِيلُ بْنُ أَبِي طالب
بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن قصي. وأمه فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مناف بْن قصي. وكان أسن بني أبي طالب بعد طَالِب ولا بقية له. وأمه أيضًا فاطمة بِنْت أسد بْن هاشم. وكان أسن من عقيل بعشر سنين وكان عقيل أسن من جَعْفَر بعشر سنين وكان جعفر أسن من عليّ بعشر سنين. فعلي كان أصغرهم سنًا وأولهم إسلامًا. وكان لعقيل بْن أبي طَالِب من الولد يزيد. وبه كان يكنى. وسعيد وأمهما أم سَعِيد بِنْت عَمْرو بْن يزيد بْن مدلج من بني عامر بن صعصعة. وجعفر الأكبر وأبو سَعِيد الأحول وهو اسمه وأمهما أم البنين بِنْت الثغر. وهو عَمْرو بْن الهصار بْن كعب بن عامر بْن عبد مناف بْن أبي بَكْر.
وهو عُبَيْد بْنِ كِلابِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صعصعة. وأم الثغر أسماء بِنْت سُفْيَان أخت الضحاك بن سُفْيَان بْن عَوْفِ بْن كَعْبِ بْن أَبِي بكر بن كلاب صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومسلم بْن عقيل. وهو الَّذِي بعثه الْحُسَيْن بن علي بن أبي طالب. ع.
من مكة يبايع له الناس فنزل بالكوفة على هانئ بْن عروة المرادي فقتلهما جميعًا وصلبهما فلذلك قول الشاعر:
فَإِن كنت لا تدرين ما الموت فانظري ... إِلَى هانئ في السوق وابن عقيل
__________
346 الإصابة (2/ 494) ، والاستيعاب (3/ 157) ، وتقريب التهذيب (2/ 29) ، وتهذيب التهذيب (7/ 254) ، والمغازي (138) ، (694) ، (829) ، (830) ، (918) ، والطبري (2/ 156، 313، 426، 465، 475) ، (4/ 209) ، (5/ 377) ، (7/ 571) .(4/31)
تري جسدًا قد غير الموت لونه ... ونضح دم قد سال كل مسيل
وعبد الله بْن عقيل وعبد الرَّحْمَن وعبد الله الأصغر وأمهم خليلة أم وُلِدَ. وعلي لا بقية له وأمه أم وُلِدَ. وجعفر الأصغر وحمزة وعثمان وأم القاسم وزينب وأم النعمان لأمهات أولاد شتى.
قَالُوا: وكان عقيل بْن أبي طَالِب فيمن أخرج من بني هاشم كرهًا مع المشركين إِلَى بدْر فشهدها وأسر يومئذٍ وكان لا مال له ففداه الْعَبَّاس بْن عبد المطلب.
قال: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى النَّوْفَلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ الذَّهَبِيِّ قَالَ: [سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ بَدْرٍ: انْظُرُوا مَنْ هَاهُنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ. قَالَ فَجَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَنَظَرَ إِلَى الْعَبَّاسِ وَنَوْفَلٍ وَعَقِيلٍ ثُمَّ رَجَعَ. فَنَادَاهُ عَقِيلٌ: يَا ابْنَ أُمِّ عَلِيٍّ. أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتَنَا. فَجَاءَ عَلِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول اللَّهِ رَأَيْتُ الْعَبَّاسَ وَنَوْفَلا وَعَقِيلا. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِ عَقِيلٍ فَقَالَ: أَبَا يَزِيدَ قُتِلَ أَبُو جَهْلٍ. قَالَ: إِذًا لا يُنَازِعُوا فِي تِهَامَةَ إِنْ كُنْتَ أَثَخَنْتَ الْقَوْمَ وَإِلا فَارْكَبْ أكتافهم] .
قال: [أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَشْيَاخِهِ قَالَ: وَقَالَ عَقِيلُ بْنُ أبي طالب للنبي. ص: مَنْ قَتَلْتَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ؟ قَالَ: قُتِلَ أَبُو جَهْلٍ. قَالَ:
الآنَ صَفَا لَكَ الْوَادِي.] قَالُوا وَرَجَعَ عَقِيلٌ إِلَى مَكَّةَ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُهَاجِرًا فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ. فَشَهِدَ غَزْوَةَ مُؤْتَةَ ثُمَّ رَجَعَ فَعَرَضَ لَهُ مَرَضٌ فَلَمْ يُسْمَعُ لَهُ بِذِكْرٍ فِي فَتْحِ مَكَّةَ وَلا الطَّائِفِ وَلا خَيْبَرَ وَلا فِي حُنَيْنٍ. وَقَدْ أَطْعَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ وَسْقًا كُلَّ سَنَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ: أَصَابَ عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ خَاتَمًا يَوْمَ مُؤْتَةَ فِيهِ تَمَاثِيلُ فَأَتَى بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَفَّلَهُ إِيَّاهُ فَكَانَ فِي يَدِهِ. قَالَ قَيْسٌ: فَرَأَيْتُهُ أَنَا بَعْدُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: جَاءَ عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِمِخْيَطٍ فَقَالَ لامْرَأَتِهِ: خِيطِي بِهَذَا ثِيَابَكِ. [فَبَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنَادِيًا: أَلا لا يَغُلَّنَّ رَجُلٌ إِبْرَةً فَمَا فَوْقَهَا] . فَقَالَ عَقِيلٌ لامْرَأَتِهِ: مَا أَرَى إِبْرَتَكَ إلا وقد فاتتك.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ عَنْ(4/32)
أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ لِعَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: يَا أَبَا يَزِيدَ إِنِّي أُحِبُّكَ حُبَّيْنِ. حُبًّا لِقَرَابَتِكَ وَحُبَّا لِمَا كُنْتُ أَعْلَمُ مِنْ حُبِّ عمي إياك] .
قال: أخبرنا محمد بن بكر البرساني قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ:
رَأَيْتُ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ شَيْخًا كَبِيرًا بَعْلَ الْعَرَبِ. قَالَ وَكَانَ عَلَيْهَا غَرُوبٌ وَدِلاءٌ.
قَالَ وَرَأَيْتُ رِجَالا مِنْهُمْ بَعْدُ مَا مَعَهُمْ مَوْلًى فِي الأَرْضِ يَلُفُّونَ أَرْدِيَتَهُمْ فَيَنْزِعُونَ فِي الْقَمِيصِ حَتَّى إِنَّ أَسَافِلَ قُمُصِهِمْ لَمُبْتَلَّةٌ بِالْمَاءِ فَيَنْزَعُونَ قَبْلَ الْحَجِّ أَيَّامَ مِنًى وَبَعْدَهُ.
قَالُوا: ومات عقيل بن أبي طالب بعد ما عَمِيَ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَلَهُ عَقِبٌ الْيَوْمَ وَلَهُ دَارٌ بِالْبَقِيعِ رَبَّةٌ. يَعْنِي كَثِيرَةَ الأَهْلِ وَالْجَمَاعَةِ. وَاسِعَةً.
347- نَوْفَلُ بْنُ الحارث
بن عبد المطلب بن هاشم بن عَبْد مناف بْن قصي. وأمه غزية بِنْت قيس بن طريف بْن عَبْد العزى بْن عَامِرَةَ بْنِ عَمِيرَةَ بْنِ وَدِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْن فهر.
وكان لنوفل بْن الْحَارِث من الولد الْحَارِث وبه كان يكنى وكان رجلًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد صحبه وروى عَنْهُ وولد له عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابنه عَبْد الله بْن الْحَارِث.
وعبد الله بْن نوفل وكان يشبه بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو أول من ولي قضاء المدينة. فقال أَبُو هُرَيْرَةَ:
هَذَا أوّل قاضٍ رَأَيْته فِي الْإِسْلَام. وَذَلِكَ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان.
وعبد الرَّحْمَن بْن نوفل لا بقية له. وربيعة لا بقية له. وسعيد وكان فقيها. والمغيرة وأم سعيد وأم المغيرة وأم حكيم وأمهم ظريبة بِنْت سَعِيد بْن القشيب واسمه جندب بْن عَبْد اللَّه بْن رافع بْن نضلة بْن محضب بْن صعب بْن مبشر بْنِ دَهْمَانَ بْنِ نَصْرِ بْنِ زَهْرَانَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ نَصْرِ بْنِ الأَزْدِ. وأم ظريبة أم حكيم بِنْت سُفْيَان بْن أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْن قصي. وهي خالة سعد بْن أبي وقاص. ولنوفل بْن الحارث عقب كثير بالمدينة والبصرة وبغداد.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا أَخْرَجَ الْمُشْرِكُونَ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ إِلَى بَدْرٍ كُرْهًا قَالَ فِيهِمْ نَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ فأنشأ يقول:
حرام علي حرب أحمد إني ... أرى أحمد مني قريبا أواصره
__________
347 حذف من نسب قريش (22) ، المغازي (138) ، ابن هشام (2/ 3) ، الطبري (2/ 426، 465) .(4/33)
وَإِنْ تَكُ فِهْرٌ أَلَّبَتْ وَتَجَمَّعَتْ ... عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ لا شَكَّ نَاصِرُهُ
قَالَ هِشَامٌ: وَأَمَّا مَعْرُوفُ بْنُ الْخَرَّبُوذَ فَأَنْشَدَ لِنَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ:
فَقُلْ لِقُرَيْشٍ ايلِبِي وَتَحَزَّبِي ... عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ لا شَكَّ نَاصِرُهُ
وَقَالَ أَيْضًا نَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ لَمَّا أَسْلَمَ:
إِلَيْكُمْ إِلَيْكُمْ إِنَّنِي لَسْتُ مِنْكُمُ ... تَبَرَّأْتُ مِنْ دِينِ الشِّيُوخِ الأَكَابِرِ
لَعَمْرُكَ مَا دِينِي بِشَيْءٍ أَبِيعُهُ ... وَمَا أَنَا إِذْ أَسْلَمْتُ يَوْمًا بِكَافِرِ
شَهِدْتُ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ مُحَمَّدًا ... أَتَى بِالْهُدَى مِنْ رَبِّهِ وَالْبَصَائِرِ
وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَدْعُو إِلَى التُّقَى ... وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ بِشَاعِرِ
عَلَى ذَاكَ أَحْيَا ثُمَّ أُبْعَثُ مُوقِتًا ... وَأَثْوِي عَلَيْهِ مَيِّتًا فِي الْمَقَابِرِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى النَّوْفَلِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ: لَمَّا أُسِرَ نَوْفَلُ بْنُ الحارث ببدر [قال له رسول الله. ص: افْدِ نَفْسَكَ يَا نَوْفَلُ. قَالَ: مَا لِي شَيْءٌ أَفْدِي بِهِ نَفْسِي يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: افْدِ نَفْسَكَ بِرِمَاحِكَ الَّتِي بِجَدَةَ] . قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. فَفَدَى نَفْسَهُ بِهَا وَكَانَتْ أَلْفَ رُمْحٍ. وَأَسْلَمَ نَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ. وَكَانَ أَسَنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ. أَسَنُّ مِنْ عَمِّهِ حَمْزَةَ وَالْعَبَّاسِ. وَأَسَنُّ مِنْ إِخْوَتِهِ رَبِيعَةَ وَأَبِي سُفْيَانَ وَعَبْدِ شَمْسٍ بَنِيِّ الْحَارِثِ. وَرَجَعَ نَوْفَلٌ إِلَى مَكَّةَ ثُمَّ هَاجَرَ هُوَ وَالْعَبَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيَّامَ الْخَنْدَقِ.
وَآخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَكَانَا قَبْلَ ذَلِكَ شَرِيكَيْنِ في الجاهلية متفاوضين في المال متحابين متصافيين. وَأَقْطَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَبَّاسُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَفَرَعَ بَيْنَهُمَا بِحَائِطٍ. فَكَانَتْ دَارُ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ فِي مَوْضِعِ رَحَبَةِ الْقَضَاءِ وَمَا يَلِيَهَا إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُقَابِلَ دَارِ الإِمَارَةِ الْيَوْمَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا دَارُ مَرْوَانَ. وَأَقْطَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ أَيْضًا دَارَهُ الأُخْرَى الَّتِي بِالْمَدِينَةِ عَلَى طَرِيقِ الثَّنِيَّةِ عِنْدَ السُّوقِ وَكَانَ مِرْبَدًا لإِبِلِهِ. وَقَسَمَهَا نَوْفَلٌ بَيْنَ بَنِيهِ فِي حَيَاتَهُ فَبَقِيَّتُهُمْ فِيهَا إِلَى الْيَوْمِ.
وَشَهِدَ نَوْفَلٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فَتْحَ مَكَّةَ وَحُنَيْنٍ وَالطَّائِفَ. وَثَبَتَ يَوْمَ حُنَيْنٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فَكَانَ عَنْ يَمِينِهِ يَوْمَئِذٍ وَأَعَانَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ حُنَيْنٍ بِثَلاثَةِ آلاف(4/34)
رمح [فقال رسول الله. ص: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رِمَاحِكَ يَا أَبَا الْحَارِثِ تَقْصِفُ فِي أَصْلابِ الْمُشْرِكِينَ] وَتُوُفِّيَ نَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ بَعْدَ أَنِ اسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِسَنَةٍ وَثَلاثَةِ أَشْهُرٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثُمَّ تَبِعَهُ إِلَى الْبَقِيعِ حَتَّى دُفِنَ هُنَاكَ.
348- رَبِيعَةَ بْن الْحَارِث
بْن عَبْد الْمُطَّلِبِ بْنِ هاشم بن عبد مناف ابن قصي. وأمه غزية بنت قيس بن طريف بْن عَبْد العزى بْن عَامِرَةَ بْنِ عَمِيرَةَ بْنِ وَدِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْن فهر. ويكنى أَبَا أروى. وكان له من الولد مُحَمَّد وعبد الله والعباس والحارث. لا بقية له. وأمية وعبد شمس وعبد المطلب وأروى الكبرى. ويقال بل هند الكبرى. وهند الصغرى. وأمهم أم الحكم بِنْت الزُّبَيْر بْن عَبْد المطلب. وأروى الصغرى وأمها أم وُلِدَ. وآدم بْن ربيعة وهو المسترضع له فِي هذيل فقتله بنو ليث بْن بَكْر فِي حرب كَانَتْ بينهم. وكان الصبي يحبو أمام البيوت فرموه بحجر فأصابه فرضخ رأسه. [وهو الَّذِي يقول له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح:
ألا إن كل دم كان فِي الجاهلية فهو تحت قدمي. وأول دم أضعه دم ابن ربيعة بْن الْحَارِث بْن عَبْد المطلب] .
قَالَ هشام بْن مُحَمَّد بْن السائب: كان أبي والهاشميون لا يسمونه في كتابه.
ينتسبونه ويقولون كان غلامًا صغيرًا فلم يعقب ولم يحفظ اسمه. ونرى أن من قَالَ آدم بن ربيعة رأى في الكتاب آدم ابن ربيعة فزاد فيها ألفًا فقال آدم بْن ربيعة. وقد قَالَ بعض من يروى عَنْهُ الحديث: كان اسمه تمام بْن ربيعة. وقال آخر: إياس بْن ربيعة.
والله أعلم.
قَالُوا: وكان ربيعة بْن الْحَارِث أسن من عمه الْعَبَّاس بْن عَبْد المطلب بسنتين.
ولمّا خرج المشركون من مكّة إِلَى بدْر كان ربيعة بن الحارث غائبا بالشام فلم يشهد
__________
348 مغازي الواقدي (506) ، (694) ، (696) ، (900) ، وسيرة ابن هشام (2/ 351، 352، 443، 585) ، وتاريخ خليفة (153) ، (348) ، وطبقات خليفة (5- 6) ، والتاريخ الكبير للبخاري (3/ ت 972) ، وتاريخ الطبري (3/ 74، 139، 150) ، (4/ 404) ، ومشاهير علماء الأمصار (163) ، والاستيعاب (2/ 490) ، وأسد الغابة (2/ 166) ، والكامل في التاريخ (2/ 263، 302) ، (3/ 77) ، وسير أعلام النبلاء (1/ 257) ، وتهذيب الكمال (1874) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (220) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 178) ، والعقد الثمين (4/ 392) ، وتهذيب التهذيب (3/ 253- 254) ، والإصابة (1/ 506) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 2036) ، وشذرات الذهب (1/ 32) .(4/35)
بدْرًا مع المشركين ثُمَّ قدم بعد ذلك. فَلَمَّا خرج الْعَبَّاس بْن عَبْد المطلب ونوفل بْن الْحَارِث إِلَى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مهاجرًا أيّام الخندق شيعهما ربيعة بْن الْحَارِث فِي مخرجهما إِلَى الأبواء ثُمَّ أراد الرجوع إِلَى مكّة فقال له الْعَبَّاس ونوفل: أَيْنَ ترجع إِلَى دار الشرك يقاتلون رسول الله ويكذبونه وقد عز رسول الله وكثف أصحابه. ارجع.
فرجع ربيعة وسار معهما حَتَّى قدموا جميعًا على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة مسلمين مهاجرين. وأطعم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ربيعة بْن الْحَارِث بخيبر مائة وسق كل سنة.
وشهد ربيعة بْن الْحَارِث مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فتح مكّة والطائف وحنين. وثبت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم حنين فيمن ثبت معه من أَهْل بيته وأصحابه. وابتنى بالمدينة دارًا فِي بني حديلة. وقد روى عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وتُوُفِّي ربيعة بْن الْحَارِث فِي خلافة عُمَر بْن الخطاب بالمدينة بعد أخويه نوفل وأبي سُفْيَان بْن الْحَارِث
349- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ
بْنِ عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي. وأمه غزية بنت قيس بن طريف بْن عَبْد العزى بْن عَامِرَةَ بْنِ عَمِيرَةَ بْنِ وَدِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْن فهر. وكان اسم عَبْد الله عَبْد شمس.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى النَّوْفَلِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَشْيَاخِهِ أَنَّ عَبْدَ شَمْسِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ قَبْلَ الْفَتْحِ مُهَاجِرًا إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسلما فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ. وَخَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ فَمَاتَ بِالصَّفْرَاءِ فَدَفَنَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَمِيصِهِ. يعني قميص النبي.
ع. [وقد قال النبي. ص: سَعِيدٌ أَدْرَكَتْهُ السَّعَادَةُ. وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ.]
350- أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ
بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بن هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مناف بن قصي. واسمه المغيرة. وأمه غزية بِنْت قَيْس بن طريف بْن عَبْد العزى بْن عَامِرَةَ بْنِ عَمِيرَةَ بْنِ وَدِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْن فهر. وكان لأبي سفيان بن
__________
349 ابن هشام (1/ 161، 162، 529) ، (2/ 97، 486) .
350 حذف من نسب قريش (22) ، مغازي الواقدي (391) ، (694) ، (697) ، (806) ، (807) ، (808) ، (810) ، (811) ، (898) ، (900) ، (901) ، (902) ، (909) ، وابن هشام (1/ 647) ، والطبري (2/ 462) ، (3/ 50، 74، 75) ، (7/ 622) .(4/36)
الْحَارِث من الولد جَعْفَر وأمه جمانة بِنْت أَبِي طَالِب بْن عَبْد المطلب بن هاشم بْن عَبْد مناف بْن قصي. وأبو الهياج واسمه عَبْد الله. وجمانة وحفصة. ويقال حميدة.
وأمهم فغمة بِنْت همام بْن الأفقم بْن أبي عَمْرو بْن ظويلم بْن جعيل بْن دهمان بْن نصر بْن مُعَاوِيَة. ويقال إنّ أم حفصة جمانة بِنْت أبي طَالِب. وعاتكة وأمها أم عمرو بِنْت المقوم بْن عَبْد المُطَّلِب بْن هاشم. وأمية وأمها أم وُلِدَ. ويقال بل أمها أم أبي الهياج. وأم كلثوم وهي لأم ولد. وقد انقرض وُلِدَ أبي سُفْيَان بْن الْحَارِث فلم يبق منهم أحد. وكان أَبُو سُفْيَان شاعرا فكان يَهْجُو أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان مباعدًا للإسلام شديدًا على من دخل فِيهِ. وكان أخا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الرضاعة.
أرضعته حليمة أيامًا. وكان يألف رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ له تربًا. فَلَمَّا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عاداه وهجاه وهجا أصحابه فمكث عشرين سنة عدوًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلا تخلف عن موضع تسير فِيهِ قريش لقتال رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا ضرب الْإِسْلَام بحرانه وذكر تحرك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى مكّة عام الفتح ألقى الله فِي قلب أبي سُفْيَان بْن الْحَارِث الْإِسْلَام. قَالَ أَبُو سُفْيَان: فجئت إلى زوجتي وولدي فقلت تهيأوا للخروج فقد أظل قدوم مُحَمَّد. فقالوا: فدانا لك أن تبصر أن العرب والعجم قد تبعت محمدًا وأنت موضع فِي عداوته وكنت أولى النّاس بنصرته. قَالَ فقلت لغلامي مذكور: عجل عليّ بأبعرة وفرسي. ثُمَّ خرجنا من مكّة نُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسرنا حَتَّى نزلنا الأبواء وقد نزلت مقدمة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأبواء تريد مكّة. فخفت أن أقبل وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد نذر دمي. فتنكرت وخرجت وأخذت بيد ابني جَعْفَر فمشينا على أقدامنا نحوًا من ميل فِي الغداة الّتي صَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيها الأبواء فتصدينا له تلقاء وجهه. فأعرض عني إِلَى الناحية الأخرى فتحولت إِلَى ناحية وجهه الأخرى فأعرض عني مرارًا فأخذني ما قرب وما بعد وقلت أَنَا مقتول قبل أن أصل إليه وأتذكر بره ورحمه وقرابتي به فتمسك ذلك مني. وكنت أَظُنُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفرح بإسلامي فأسلمت وخرجت معه على هذا من الحال حَتَّى شهدت فتح مكّة وحنين.
فَلَمَّا لقينا العدو بحنين اقتحمت عن فرسي وبيدي السّيف صلتًا ولم يعلم أني أريد الموت دونه وهو ينظر إِلَى فقال الْعَبَّاس: يا رسول الله هذا أخوك وابن عمك أبو سُفْيَان بْن الْحَارِث فارض عَنْهُ. قَالَ: [قد فعلت فغفر الله له كل عداوة عادانيها. ثُمَّ التفت إِلَى فقال: أخي. لعمري قبلت رجله في الركاب.](4/37)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَهْجُو أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَلَمَّا أَسْلَمَ قَالَ:
لَعَمْرُكَ إِنِّي يَوْمَ أَحْمِلُ رَايَةً ... لَتَغْلِبَ خَيْلُ اللاتِ خَيْلُ مُحَمَّدٍ
لَكَالْمُدْلِجِ الْحَيْرَانِ أَظْلَمَ لَيْلُهُ ... فَهَذَا أَوَانِي الْيَوْمَ أُهْدَى وَأَهْتَدِي
هَدَانِيَ هَادٍ غير نفسي ودلني ... على الله من طردت كل مطرد
[فقال رسول الله. ص: بل نحن طردناكم] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ وَسَأَلَهُ: يَا أَبَا عُمَارَةَ أَوَلَّيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ فقال البراء وأنا أسمع: أشهد أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لَمْ يُوَلِّ يَوْمَئِذٍ. كَانَ يَقُودُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بَغْلَةً فَلَمَّا غَشِيَهُ الْمُشْرِكُونَ نَزَلَ فَجَعَلَ يَقُولُ:
أَنَا النَّبِيُّ لا كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ
قَالَ فَمَا رُئِيَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ يَوْمَئِذٍ كَانَ أشد منه. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى النَّوْفَلِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ كَانَ يُشَبَّهُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَأَنَّهُ كَانَ أَتَى الشَّامَ فَكَانَ إِذَا رُئِيَ قِيلَ هَذَا ابْنُ عُمَرَ ذَلِكَ الْمُآبِيُّ. لِشِبْهِهِ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ فِي شعره:
هداني هاد غير نفسي ودلني ... إلى اللَّهِ مَنْ طَرَّدْتُ كُلَّ مُطَّرَدِ
أَفِرُّ وَأَنْأَى جَاهِدًا عَنْ مُحَمَّدٍ ... وَأُدْعَى وَإِنْ لَمْ أَنْتَسِبْ بِمُحَمَّدِ
يَعْنِي شِبْهَهُ بِهِ.
وَقَالَ: وَأَتَى أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَابْنُهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ مُعْتَمَّيْنِ. فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَيْهِ قَالا: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. [فَقَالَ رَسُولُ الله. ص:
أَسْفِرُوا تَعَرَّفُوا. قَالَ فَانْتَسَبُوا لَهُ وَكَشَفُوا عَنْ وُجُوهِهِمْ وَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: أَيُّ مُطَّرِدٍ طَرَدْتَنِي يَا أَبَا سُفْيَانَ. أَوْ مَتَى طَرَدْتَنِي يَا أَبَا سُفْيَانَ؟ قَالَ: لا تَثْرِيبَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: لا تَثْرِيبَ يَا أَبَا سُفْيَانَ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: بَصِّرِ ابْنَ عَمِّكَ الْوُضُوءَ وَالسُّنَّةَ وَرُحْ بِهِ إلي] . قال(4/38)
فَرَاحَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَصَلَّى مَعَهُ. فأمر رسول الله. ع. علي بن أبي طالب فنادى فِي النَّاسِ: أَلا إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَدْ رَضِيَا عَنْ أَبِي سُفْيَانَ فَارْضَوْا عَنْهُ.
قَالَ: وَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتْحَ مَكَّةَ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ وَالطَّائِفَ هُوَ وَابْنُهُ جَعْفَرٌ وَثَبَتَا مَعَهُ حِينَ انْكَشَفَ النَّاسُ يَوْمَ حُنَيْنٍ. وَعَلَى أَبِي سُفْيَانَ يَوْمَئِذٍ مُقَطَّعَةٌ بُرُودٌ وَعِمَامَةٌ بُرُودٌ وَقَدْ شَدَّ وَسَطَهُ بِبُرْدٍ وَهُوَ آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا انْجَلَتِ الْغَبَرَةُ قَالَ [رسول الله. ص: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: أَخُوكُ أَبُو سُفْيَانَ. قَالَ: أَخِي أَيُّهَا اللَّهُ إِذًا. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: أَبُو سُفْيَانَ أَخِي وَخَيْرُ أَهْلِي وَقَدْ أَعْقَبَنِي اللَّهُ مِنْ حَمْزَةَ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ. فَكَانَ يُقَالُ لأَبِي سُفْيَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَسَدُ اللَّهِ وَأَسَدُ الرسول.] وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ فِي يَوْمِ حُنَيْنٍ أَشْعَارًا كَثِيرَةً تَرَكْنَاهَا لَكَثْرَتِهَا. وَكَانَ مِمَّا قَالَ:
لَقَدْ عَلِمَتْ أَفْنَاءُ كَعْبٍ وَعَامِرٍ ... غَدَاةَ حُنَيْنٍ حِينَ عَمَّ التَّضَعْضُعُ
بِأَنِّي أَخُو الْهَيْجَاءِ أَرْكَبُ حَدَّهَا ... أَمَامَ رَسُولِ اللَّهِ لا أَتَتَعْتَعُ
رَجَاءَ ثَوَابِ اللَّهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ ... إِلَيْهِ تَعَالَى كُلُّ أَمْرٍ سَيُرْجَعُ
قَالُوا: وَأَطْعَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ بِخَيْبَرَ مِائَةَ وَسْقٍ كُلَّ سَنَةٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أن أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ كَانَ يُصَلِّي فِي الصَّيْفِ بِنِصْفِ النَّهَارِ حَتَّى تُكْرَهَ الصَّلاةُ. ثُمَّ يُصَلِّي مِنَ الظُّهْرِ إِلَى الْعَصْرِ. [فَلَقِيَهُ عَلِيٌّ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدِ انْصَرَفَ قَبْلَ حِينِهِ فَقَالَ له: ما لك انصرفت اليوم قَبْلَ حِينِكَ الَّذِي كُنْتَ تَنْصَرِفُ فِيهِ؟ فَقَالَ: أَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَخَطَبْتُ إِلَيْهِ ابْنَتَهُ فَلَمْ يُحِرْ إِلَيَّ شَيْئًا فَقَعَدْتُ سَاعَةً فَلَمْ يُحِرْ إِلَيَّ شَيْئًا. فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أُزَوِّجُكَ أَقْرَبَ مِنْهَا. فَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: [قال رسول الله. ص: أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ سَيِّدُ فِتْيَانِ أَهْلِ الْجَنَّةِ] . فَحَجَّ عَامًا فَحَلَقَهُ الْحَلاقُ بِمِنًى وَفِي رَأْسِهِ ثُؤْلُولٌ فَقَطَعَهُ الْحَلاقُ فَمَاتَ.
قَالَ يَزِيدُ فِي حَدِيثِهِ فَيَرَوْنَ أَنَّهُ شَهِيدٌ. وَقَالَ فِي حَدِيثِهِ عَفَّانُ: فَمَاتَ فَكَانُوا يَرْجُونَ أَنَّهُ مِنْ أهل الجنة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ أَبَا سُفْيَانَ الْوَفَاةُ قَالَ لأَهْلِهِ: لا تَبْكُوا عَلَيَّ فَإِنِّي لَمْ أَتَنَطَّفْ بِخَطِيئَةٍ مُنْذُ أَسْلَمْتُ.(4/39)
قَالُوا: وَمَاتَ أَبُو سُفْيَانَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ أَخِيهِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إِلا ثَلاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً. وَيُقَالُ بَلْ مَاتَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَصَلَّى عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَقُبِرَ فِي رُكْنِ دَارِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِالْبَقِيعِ. وَهُوَ الَّذِي وَلِيَ حَفْرَ قَبْرِ نَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِثَلاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: اللَّهُمَّ لا أَبْقَى بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلا بَعْدَ أَخِي وَأَتْبِعْنِي إِيَّاهُمَا. فَلَمْ تَغِبِ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ حَتَّى تُوُفِّيَ. وَكَانَتْ دَارُهُ قَرِيبًا مِنْ دَارِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَهِيَ الدَّارُ الَّتِي تُدْعَى دَارَ الْكَرَاحِيِّ. وَهِيَ حَدِيدَةُ دَارِ علي بن أبي طالب. ع.
351- الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ
بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْن قصي. ويكنى أَبَا مُحَمَّد وأمه أم الفضل وهي لبابة بنت الحارث بن حزن بْنِ بُجَيْرِ بْنِ الْهُزَمِ بْنِ رُؤَيْبَةَ بْنِ عبد الله بن هلال بن عامر بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هوازن بْن مَنْصُور بْن عِكْرِمة بْن حصفة بْن قَيْس بْن عيلان بْن مضر. فولد الفضل بْن الْعَبَّاس أم كلثوم ولم يلد غيرها وأمها صفية بِنْت محمية بْن جزء بْن الْحَارِث بْن عريج بْن عَمْرو الزُّبَيْديّ من سعد العشيرة من مذحج. وكان الفضل بْن العباس أسن ولد العباس بن عبد المطلب. وَغَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - مكة وحنين وثبت يومئذ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين ولي النّاس منهزمين فيمن ثبت معه من أهل بيته وأصحابه.
وشهد معه حجة الوداع. وأردفه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وراءه فيقال ردف رسول اللَّهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سِكِّينُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ عَرَفَةَ. قَالَ فَجَعَلَ الْفَتَى يَلْحَظُ النِّسَاءَ وَيَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ. قَالَ وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يَصْرِفُ وَجْهَهُ بِيَدِهِ مِنْ خَلْفِهِ مِرَارًا. قَالَ وَجَعَلَ الْفَتَى يُلاحِظُ إِلَيْهِنَّ. [قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: ابْنَ أَخِي إِنَّ هَذَا يَوْمٌ مَنْ مَلَكَ فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الفضل بن عباس يوم
__________
351 الإصابة (3/ 208) ، والاستيعاب (3/ 208) ، وتهذيب التهذيب (8/ 280) ، وتقريب التهذيب (2/ 100) ، وحذف من نسب قريش (6) ، (13) ، (32) ، والمغازي (696) ، (697) ، (900) ، وابن هشام (2/ 443) .(4/40)
عَرَفَةَ وَكَانَ رَجُلا حَسَنَ الْجِسْمِ تُخَافُ فِتْنُهُ عَلَى النِّسَاءِ. قَالَ فَحَدَّثَ الْفَضْلُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ.
قال: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بن مخلد قال: حَدَّثَنَا الْفُرَاتُ بْنُ سَلْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ أنه كان ردف النبي - صلى الله عليه وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العقبة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ الشيباني قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ:
أَخْبَرَنِي عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنًى.
قَالَ: فَأَخْبَرَنِي الْفَضْلُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ.
قَالُوا: وَكَانَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ فِيمَنْ غَسَّلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَوَلَّى دَفْنَهُ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الشَّامِ مُجَاهِدًا فَمَاتَ بِنَاحِيَةِ الأُرْدُنِّ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسٍ سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَذَلِكَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
352- جَعْفَر بْن أَبِي سُفْيَان
بْن الحارث بْن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي. وأمه جمانة بِنْت أَبِي طَالِب بْن عَبْد المطلب بْن هاشم وأمها فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مناف. فولد جَعْفَر بْن أبي سُفْيَان أم كلثوم ولدت لسعيد بْن نوفل بْن الْحَارِث بْن عَبْد المطلب. وليس لجعفر بْن أبي سُفْيَان عقب.
وكان جَعْفَر بْن أبي سُفْيَان مع أَبِيهِ حين أتى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأسلما جميعًا. وَغَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكّة وحنين وثبت يومئذٍ حين ولي النّاس منهزمين فيمن ثبت من أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ. ولم يزل مع أَبِيهِ ملازمًا لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى قبضه الله تعالى. وتُوُفِّي جَعْفَر فِي وسط من خلافة مُعَاوِيَة بْن أبي سُفْيَان.
353- الْحَارِثُ بْنُ نوفل
بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن
__________
352 المغازي (807) ، (809) ، (811) ، وابن هشام (2/ 443) .
353 المحبر لابن حبيب (104) ، والتاريخ الكبير للبخاري (2/ ت 2402، 2477) ، والجرح والتعديل (3/ ت 422) ، والاستيعاب (1/ 291) ، وتلقيح فهوم الأثر (178) ، (379) ، والكامل لابن الأثير (3/ 199) ، وأسد الغابة (1/ 350) ، وتهذيب الكمال (1049) ، و (1) ورقة (116) ، وتاريخ الإسلام (2/ 26) ، وتجريد أسماء الصحابة (ت 1039) ، وسير أعلام النبلاء (1/ 199) ، والوافي بالوفيات (11/ 242) ، والعقد الثمين (4/ 29) ، وتهذيب التهذيب (2/ 160- 161) ، والإصابة (ت 1500) ، وخلاصة الخزرجي (1/ 1168) .(4/41)
عَبْد مناف بْن قصي. وأمه ظريبة بِنْت سَعِيد بْن القشيب. واسمه جندب بْن عَبْد اللَّه بْن رافع بْن نضلة بْن محضب بْن صعب بْن مبشر بْن دهمان من الأزد. وكان للحارث بْن نوفل من الولد عَبْد الله بن الْحَارِث ولقبه أَهْل البصرة ببة واصطلحوا عليه أيّام ابن الزُّبَيْر فوليهم. ومحمد الأكبر ابن الْحَارِث. وربيعة وعبد الرَّحْمَن ورملة وأم الزُّبَير. وهي أم المغيرة. وظريبة وأمهم هند بِنْت أبي سُفْيَان بْن حرب بْن أمية بْن عَبْد شمس. وعتبة ومحمد الأصغر والحارث بْن الْحَارِث وريطة وأم الْحَارِث وأمهم أم عَمْرو بِنْت المطلب بْن أبي وداعة بْن ضبيرة السَّهميّ. وسعيد بن الحارث لأم ولد.
وكان الحارث بن نوفل رجلا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وصحب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وروى عَنْهُ وأسلم عند إسلام أَبِيهِ. وولد له ابنه عَبْد الله بْن الْحَارِث عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأتى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فحنكه ودعا له. واستعمل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَارِث بْن نوفل على بعض أعمال مكّة ثُمَّ ولاه أَبُو بَكْر وعُمَر وعثمان مكة.
[قال: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْبَصْرِيُّ الْحَوْضِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ:
حَدَّثَنَا لَيْثُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
عَلَّمَهُمُ الصَّلاةَ عَلَى الْمَيِّتِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَحْيَائِنَا وَلأَمْوَاتِنَا وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنَنَا وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبَنَا. اللَّهُمَّ عَبْدُكَ فُلانُ ابن فُلانٍ لا نَعْلَمُ إِلا خَيْرًا وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ فَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ.
فَقُلْتُ وَأَنَا أَصْغَرُ الْقَوْمِ: فَإِنْ لَمْ أَعْلَمْ خَيْرًا؟ فَقَالَ: لا تقل إلا ما تعلم] .
قال: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ: انْتَقَلَ الْحَارِثُ بْنُ نَوْفَلٍ إِلَى الْبَصْرَةِ وَاخْتَطَّ بِهَا دَارًا وَنَزَلَهَا فِي وِلايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بن عامر بن كرير وَمَاتَ بِالْبَصْرَةِ فِي آخِرِ خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ.
354- عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ
بْنِ الْحَارِثِ بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بْن قصي. وأمه أم الحكم بِنْت الزُّبَيْر بْن عَبْد المطلب بْن هاشم بْن عَبْد مناف بْن قصي. وكان لعبد المطلب بْن ربيعة من الولد مُحَمَّد وأمه أم
__________
354 حذف من نسب قريش (22) ، والمغازي (696) ، (697) .(4/42)
البنين بِنْت حَمْزَة بْن مالك بْن سعد بن حَمْزَة بن مالك. هُوَ أَبُو شعيرة بْن منبة بْن سَلَمَة بْن مالك بْن عذر بْن سعد بن دافع بْن مالك بْن جشم بْن حاشد بْن جشم بْن الخيوان بْن نوف بْن همدان. وهي أخت قيس بن حمزة. وكان حمزة بْن مالك هَذَا فِي شهود الحكمين مع مُعَاوِيَة بْن أبي سُفْيَان.
قَالَ هشام بْن مُحَمَّد بْن السائب: فأخبرني أبي أن حَمْزَة بْن مالك هاجر من اليمن إِلَى الشّام فِي أربع مائة عَبْد فأعتقهم فانتسبوا جميعًا إِلَى همدان بالشام فلذلك كره أَهْل العراق أن يزوجوا أَهْل الشّام لكثرة دغلهم ومن انتمى إليهم من غيرهم.
وأروى بِنْت عَبْد المطلب بْن ربيعة وأمها بِنْت عمير بْن مازن.
قَالَ هشام: وقد أدرك أبي مُحَمَّد بن السائب مُحَمَّد بْن عَبْد المطلب وروى عَنْهُ. وقد روى عَبْد المطلب بْن رَبِيعَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان رجلا على عهده.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ اجْتَمَعَ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالا: وَاللَّهِ لَوْ بَعَثْنَا هَذَيْنِ الْغُلامَيْنِ. قَالَ لِيَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَّرَهُمَا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ فَأَدَّيَا مَا يُؤَدِّي النَّاسُ وَأَصَابَا مَا يُصِيبُ النَّاسُ مِنَ الْمَنْفَعَةِ. قَالَ فَبَيْنَا هُمَا فِي ذَلِكَ إِذْ جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أبي طالب. ع. فَقَالَ: مَاذَا تُرِيدَانِ؟ فَأَخْبَرَاهُ بِالَّذِي أَرَادَا. فَقَالَ: لا تفعلا فو الله مَا هُوَ بِفَاعِلٍ. فَقَالا: لِمَ يَصْنَعُ هَذَا فما هذا منك إلا نفاسة علينا. فو الله لقد صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنِلْتَ صِهْرَهُ فَمَا نَفِسْنَا ذَلِكَ عَلَيْكَ. قَالَ فَقَالَ: أَنَا أَبُو حَسَنٍ فُأُرْسِلُوهُمَا. ثُمَّ اضْطَجَعَ. فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظُّهْرَ سَبَقْنَاهُ إِلَى الْحُجْرَةِ فَقُمْنَا عِنْدَهَا حَتَّى مَرَّ بِنَا فَأَخَذَ بِآذَانِنَا ثُمَّ قال:
اخرجا ما تصرران. وَدَخَلَ فَدَخَلْنَا مَعَهُ وَهُوَ حِينَئِذٍ فِي بَيْتِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ. قَالَ فَكَلَّمْنَاهُ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْنَاكَ لِتُؤَمِّرَنَا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ فنصيب الناس من المنفعة وَنُؤَدِّيَ مَا يُؤَدِّي النَّاسُ.
قَالَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى سَقْفِ الْبَيْتِ حَتَّى أَرَدْنَا أَنْ نُكَلِّمَهُ. قَالَ فَأَشَارَتْ إِلَيْنَا زَيْنَبُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابِهَا كَأَنَّهَا تَنْهَانَا عَنْ كَلامِهِ. وَأَقْبَلَ فَقَالَ:
[أَلا إِنَّ الصَّدَقَةَ لا تَنْبَغِي لِمُحَمَّدٍ وَلا لآلِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ. ادْعُوا(4/43)
إِلَيَّ مَحْمِيَةَ بْنَ جَزْءَ. وَكَانَ عَلَى الْعُشُورِ. وَأَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ. قَالَ فَأَتَيَاهُ فَقَالَ لِمَحْمِيَةَ: أَنْكِحْ هَذَا الْغُلامَ ابْنَتَكَ لِلْفَضْلِ. فَأَنْكَحَهُ. وَقَالَ لأَبِي سُفْيَانَ: أَنْكِحْ هَذَا الْغُلامَ ابْنَتَكَ. فَأَنْكَحَنِي. ثُمَّ قَالَ لِمَحْمِيَةَ: أَصْدِقْ عَنْهُمَا مِنَ الْخُمُسِ] .
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَعَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّوْفَلِيُّ: وَلَمْ يَزَلْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ رَبِيعَةَ بِالْمَدِينَةِ إِلَى زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى دِمَشْقَ فَنَزَلَهَا وَابْتَنَى بِهَا دَارًا وَهَلَكَ بِدِمَشْقَ فِي خِلافَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. وَأَوْصَى إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَقَبِلَ وَصِيَّتَهُ.
355- عُتْبَةُ بْنُ أَبِي لَهَبٍ.
واسم أبي لهب عَبْد العزى بْن عَبْد المطلب بْن هاشم بن عبد مناف بن قصي. وأمه أم جميل بِنْت حرب بْن أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بن قصي. وكان لعتبة من الولد أَبُو عليّ وأبو الهيثم وأبو غليظ وأمهم عُتْبة بِنْت عوف بْن عَبْد مَنَافِ بْن الْحَارِثِ بْنِ مُنْقِذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَعِيصِ بْن عامر بْن لؤي.
وعمرو ويزيد وأبو خداش وعباس وميمونة وأمهم أم الْعَبَّاس بِنْت شراحيل بْن أوس بْن حبيب بْن الوجيه من حمير. ثُمَّ من ذي الكلاع. سبية فِي الجاهلية. وعبيد الله ومحمد وشيبة. درجوا. وأم عَبْد الله وأمهم أم عِكْرِمة بِنْت خليفة بْن قَيْس من الجدرة من الأزد وهم حلفاء فِي بني الديل بْن بَكْر. وعامر بن عُتْبة وأمه هالة الأحمرية من بني الأحمر بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ. وأبو واثلة بْن عُتْبة وأمه من خولان.
وعبيد بْن عُتْبة لأم وُلِدَ. وإسحاق بْن عُتْبة لأم وُلِدَ سوداء. وأم عَبْد الله بِنْت عُتْبة وأمها خولة أم وُلِدَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّوْفَلِيُّ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ اللَّهْبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَامِرِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ مُعَتِّبٍ وَغَيْرُهُ مِنْ مَشْيَخَتِنَا الْهَاشِمِيِّينَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: [لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ فِي الْفَتْحِ قَالَ لِي: يَا عَبَّاسُ أَيْنَ ابْنَا أَخِيكَ عُتْبَةُ وَمُعَتَّبٌ لا أَرَاهُمَا؟ قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَنَحَّيَا فِيمَنْ تَنَحَّى مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ. فَقَالَ لِيَ: اذْهَبْ إِلَيْهِمَا وَأْتِنِي بِهِمَا. قَالَ الْعَبَّاسُ: فَرَكِبْتُ إِلَيْهِمَا بِعُرَنَةَ فَأَتَيْتُهُمَا فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -
يَدْعُوكُمَا. فَرَكِبَا مَعِي سَرِيعَيْنِ حَتَّى قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَاهُمَا إلى الإسلام
__________
355 ابن هشام (2/ 652) ، والطبري (2/ 467، 468) .(4/44)
فَأَسْلَمَا وَبَايَعَا. ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ بِأَيْدِيهِمَا وَانْطَلَقَ بِهِمَا يَمْشِي بَيْنَهُمَا حَتَّى أَتَى بِهِمَا الْمُلْتَزَمَ وَهُوَ مَا بَيْنَ بَابِ الْكَعْبَةِ وَالْحَجَرِ الأَسْوَدِ فَدَعَا سَاعَةً ثُمَّ انْصَرَفَ وَالسُّرُورُ يُرَى فِي وَجْهِهِ. قَالَ الْعَبَّاسُ فَقُلْتُ لَهُ: سَرَّكَ اللَّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنِّي أَرَى فِي وَجْهِكَ السُّرُورَ. فقال النبي. ص: نَعَمْ إِنِّي اسْتَوْهَبْتُ ابْنَيْ عَمِّي هَذَيْنِ رَبِّي فَوَهَبَهُمَا لِي] .
قَالَ حَمْزَةُ بْنُ عُتْبَةَ: فَخَرَجَا مَعَهُ فِي فَوْرِهِ ذَلِكَ إِلَى حُنَيْنٍ فَشَهِدَا غَزْوَةَ حُنَيْنٍ وَثَبَتَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ فِيمَنْ ثَبَتَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَأَصْحَابِهِ. وَأُصِيبَ عَيْنُ مُعَتِّبٍ يَوْمَئِذٍ. وَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ مِنَ الرِّجَالِ بِمَكَّةَ بَعْدَ أَنْ فُتِحَتْ غَيْرُ عُتْبَةَ وَمُعَتَّبٍ ابْنَيْ أَبِي لَهَبٍ.
356- معتب بْن أبي لهب
بْن عَبْد المطلب بْن هاشم بْن عبد مناف بن قصي. وأمه أم جميل بِنْت حرب بْن أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْن قصي. وكان لمعتب من الولد عَبْد الله ومحمد وأبو سُفْيَان وموسى وعبيد الله وسعيد وخالدة وأمهم عاتكة بِنْت أبي سُفْيَان بْن الْحَارِث بْن عَبْد المطلب وأمها أم عَمْرو بِنْت المقوم بْن عَبْد المُطَّلِب بْن هاشم. وأبو مُسْلِم ومسلم وعباس بنو معتب لأمهات أولاد شتى.
وعبد الرَّحْمَن بْن معتب وأمه من حمير. وقد كتبنا قصة معتب بْن أبي لهب فِي إسلامه مع قصة أَخِيهِ عُتْبة بْن أبي لهب.
357- أسامة الحب ابن زَيْدِ
بْنِ حَارِثَةَ بْنِ شَرَاحِيلَ بْن عَبْد العزى بْن امرئ القيس بْن عامر بْن النُّعمان بن عامر بن عَبْد ود بْن عوف بْن كنانة بن عوف بْن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بْن كلب. وهو حب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويكنى أَبَا مُحَمَّد. وأمه أم أيمن واسمها بركة حاضنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومولاته. وكان زَيْد بْن حارثة فِي رواية بعض أَهْل العلم أوّل النّاس إسلامًا ولم يفارق رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وولد له أسامة بمكّة ونشأ حَتَّى أدرك ولم يعرف إلّا الْإِسْلَام لله تعالى ولم يدن بغيره. وهاجر
__________
356 ابن هشام (2/ 652) .
357 تاريخ يحيى بن معين (2/ 22) ، والثقات (3/ 2) ، وأسد الغابة (1/ 64) ، وتهذيب الكمال (316) ، وتهذيب التهذيب (1/ 208) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (1/ 116) ، (2/ 392، 393) ، وسير أعلام النبلاء (2/ 496، 507) ، وحذف من نسب قريش (28) .(4/45)
مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى المدينة. وكان رسول الله يحبه حبًا شديدًا. وكان عنده كبعض أهله.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهَاشِمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ ذَرِيحٍ. يَعْنِي عَنِ الْبَهِيِّ. عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: عَثَرَ أُسَامَةُ عَلَى عَتَبَةِ الْبَابِ أَوْ أُسْكُفَّةِ الْبَابِ فَشَجَ جَبْهَتَهُ فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ أَمِيطِي عَنْهُ الدَّمَ. فَتَقَذَّرْتُهُ. قَالَتْ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمُصُّ شَجَّتَهُ وَيَمُجُّهُ وَيَقُولُ: [لَوْ كَانَ أُسَامَةُ جَارِيَةً لَكَسَوْتُهُ وَحَلَّيْتُهُ حَتَّى أُنْفِقَهُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو السَّفَرِ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ هُوَ وَعَائِشَةُ وَأُسَامَةُ عِنْدَهُمْ إِذْ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَجْهِ أُسَامَةَ فَضَحِكَ ثُمَّ [قَالَ رسول الله. ص: لَوْ أَنَّ أُسَامَةَ جَارِيَةٌ لَحَلَّيْتُهَا وَزِينَتُهَا حَتَّى أنفقها] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: [كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْخُذُنِي وَالْحَسَنَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إني أحبهما فأحبهما] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْخُذُنِي وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَحِبَّهُمَا فَإِنِّي أُحِبُّهُمَا] .
قال: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا تَمِيمَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ يُحَدِّثُهُ أَبُو عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: [كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْخُذُنِي فَيُقْعِدُنِي عَلَى فَخِذِهِ وَيُقْعِدُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَى فَخِذِهِ الأُخْرَى ثُمَّ يَضُمُّنَا ثُمَّ يقول: اللهم ارحمهما فإني أرحمهما] .
قال: أخبرنا عبد الله بن الزبير الحميري قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ بَلَغَهُ أَنَّ الرَّايَةَ صَارَتْ إِلَى خَالِدِ بن الوليد قال [النبي. ص: فَهَلا إِلَى رَجُلٍ قُتِلَ أَبُوهُ. يَعْنِي أُسَامَةَ بن زيد] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بن(4/46)
أَبِي حَازِمٍ قَالَ: قَامَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ بعد قتل أَبِيهِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ ثُمَّ جَاءَ مِنَ الْغَدِ فَقَامَ مَقَامَهُ بِالأَمْسِ [فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ. ص: أُلاقِي مِنْكَ الْيَوْمَ مَا لاقَيْتُ مِنْكَ أَمْسِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ مُجَزِّزٌ الْمُدْلِجِيُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا عَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ. قَالَتْ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسْرُورًا. قَالَ سُفْيَانُ: وَحَدَّثُونَا عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: تبرق أسارير وجهه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ فَقَالَ: أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا أَبْصَرَ آنِفًا إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَقَالَ إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الأَقْدَامِ لَمِنْ بَعْضٍ؟ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: قَالَ غَيْرُ هِشَامٍ أَبِي الْوَلِيدِ: فَسُرُّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يشبه أسامة زيدا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَّرَ الإِفَاضَةَ مِنْ عَرَفَةَ مِنْ أَجْلِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ يَنْتَظِرُهُ. فَجَاءَ غُلامٌ أَفْطَسُ أَسْوَدُ فَقَالَ أَهْلُ الْيَمَنِ: إِنَّمَا حُبِسْنَا مِنْ أَجْلِ هَذَا. قَالَ فَلِذَلِكَ كَفَرَ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ أَجْلِ ذَا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: قُلْتُ لِيَزِيدَ بْنِ هَارُونَ مَا يَعْنِي بِقَوْلِهِ كَفَرَ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ أَجْلِ هَذَا؟ فَقَالَ: رِدَّتُهُمْ حِينَ ارْتَدُّوا فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ إِنَّمَا كَانَتْ لاسْتِخْفَافِهِمْ بِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ وَهُوَ رَدِيفُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وهو يكبح راحلته حتى إن ذفراها لَيَكَادُ يُصِيبُ قَادِمَةَ الرَّحْلِ. وَرُبَّمَا قَالَ حَمَّادٌ: ليمس قادمة الرحل. و [يقول: يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ وَالْوَقَارَ فَإِنَّ البر ليس في إيضاع الإبل] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: [جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَدِيفُهُ(4/47)
أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَسَقَيْنَاهُ مِنْ هَذَا النَّبِيذِ فَشَرِبَ ثُمَّ قَالَ: أحسنتم فهكذا فاصنعوا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ:
حَدَّثَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَامِرًا الشَّعْبِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ أُسَامَةَ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ رِدْفَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَلَمَّا أَفَاضَ لَمْ تَرْفَعْ رَاحِلَتُهُ رِجْلَهَا عَادِيَةً حَتَّى بَلَغَ جمعا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَرَدِيفُهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَأَنَاخَ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ.
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَسَبَقْتُ النَّاسَ فَدَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِلالٌ وَأُسَامَةُ الْكَعْبَةَ فَقُلْتُ لِبِلالٍ وَهُوَ وَرَاءَ الْبَابِ: أَيْنَ صَلَّى رسول الله. ص؟ قَالَ: بِحَيَالِكَ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الملك بن عمرو وأبو عامر العقدي وموسى بن مسعود أبو حذيفة النهدي قَالُوا: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنِ ابْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: كَسَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُبْطِيَّةً كَثِيفَةً كَانَتْ مِمَّا أَهْدَى دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ فَكَسَوْتُهَا امْرَأَتِي [فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ. ص: مَا لَكَ لَمْ تَلْبَسِ الْقِبْطِيَّةَ؟ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَوْتُهَا امْرَأَتِي. قَالَ فَقَالَ النبي. ص: مُرْهَا فَلْتَجْعَلْ تَحْتَهَا غِلالَةً. إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَصِفَ حَجْمَ عِظَامِهَا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُلَّةً كَانَتْ لِذِي يَزِنٍ. وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ. اشْتَرَاهَا بِخَمْسِينَ دِينَارًا. [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: إِنَّا لا نَقْبَلُ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَكِنْ إِذْ بُعِثْتَ بِهَا فَنَحْنُ نَأْخُذُهَا بِالثَّمَنِ. بِكُمْ أَخَذْتَهَا؟] قَالَ: بِخَمْسِينَ دِينَارًا.
قَالَ فَقَبَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ لَبِسَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ لِلْجُمُعَةِ.
ثُمَّ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَسَا الْحُلَّةَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْثًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ(4/48)
فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إِمَارَتِهِ [فَقَالَ رَسُولُ الله. ص: إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ. وَأَيْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلإِمَارَةِ وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وهيب بن خالد قال: وَأَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ:
حَدَّثَنِي سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَمَّرَ أُسَامَةَ فَبَلَغَهُ أَنَّ النَّاسَ عَابُوا أُسَامَةَ وَطَعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ. [فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّاسِ فَقَالَ كَمَا حَدَّثَنِي سَالِمٌ: أَلا إِنَّكُمْ تَعِيبُونَ أُسَامَةَ وَتَطْعَنُونَ فِي إِمَارَتِهِ وَقَدْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ بِأَبِيهِ مِنْ قَبْلُ وَإِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلإِمَارَةِ وَإِنْ كَانَ لأَحَبُّ النَّاسِ كُلِّهِمْ إِلَيَّ. وَإِنَّ ابْنَهُ هَذَا مِنْ بَعْدِهِ لأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ فَاسْتَوْصُوا بِهِ خَيْرًا فَإِنَّهُ مِنْ خِيَارِكُمْ] . قَالَ سَالِمٌ: مَا سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ قَطُّ إِلا قَالَ: مَا حاشا فاطمة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ أَبِي الأَخْضَرِ قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَّهَهُ وَجْهًا فَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أَنْ يَتَوَجَّهَ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ. قَالَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لأُسَامَةَ: مَا الَّذِي عَهِدَ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: [عَهِدَ إِلَيَّ أَنْ أُغِيرَ على أبنى صباحا ثم أخرق] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ. وَكَانَ النَّاسُ طَعَنُوا فِيهِ. أَيْ فِي صِغَرِهِ. فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ طَعَنُوا فِي إِمَارَةِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَقَدْ كَانُوا طَعَنُوا فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ. وَإِنَّهُمَا لَخَلِيقَانِ لَهَا. أَوْ كَانَا خَلِيقَيْنِ لِذَلِكَ. فَإِنَّهُ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ إِلا فَاطِمَةَ. فَأُوصِيكُمْ بِأُسَامَةَ خيرا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَنَشٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ:
اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وهو ابن ثماني عشرة سنة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يُغِيرَ عَلَى أُبْنَى مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ.(4/49)
قَالَ هِشَامٌ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أَمَّرَ الرَّجُلَ أَعْلَمَهُ وَنَدَبَ النَّاسَ مَعَهُ. قَالَ فَخَرَجَ مَعَهُ سَرَوَاتُ النَّاسِ وَخِيَارُهُمْ وَمَعَهُ عُمَرُ. قَالَ فَطَعَنَ النَّاسُ فِي تأمير أسامة. قال فخطب رسول الله. ع. فَقَالَ: إِنَّ نَاسًا طَعَنُوا فِي تَأْمِيرِي أُسَامَةَ كَمَا طَعَنُوا فِي تَأْمِيرِي أَبَاهُ. وَإِنَّهُ لَخَلِيقٌ لِلإِمَارَةِ وَإِنْ كَانَ لأَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ مِنْ بَعْدِ أَبِيهِ. وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ مِنْ صَالِحِيكُمْ فَاسْتَوْصُوا بِهِ خَيْرًا.
[قَالَ: وَمَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ: أَنْفِذُوا جَيْشَ أُسَامَةَ.
أَنْفِذُوا جَيْشَ أُسَامَةَ] . قَالَ فَسَارَ حَتَّى بَلَغَ الْجُرُفَ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ فَقَالَتْ: لا تَعْجَلْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَقِيلٌ. فَلَمْ يَبْرَحْ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَعَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ بَعَثَنِي وَأَنَا عَلَى غَيْرِ حَالِكُمْ هَذِهِ وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تَكْفُرَ الْعَرَبُ فَإِنْ كَفَرَتْ كَانُوا أَوَّلَ مَنْ يُقَاتِلُ وَإِنْ لَمْ تَكْفُرْ مَضَيْتُ فَإِنَّ مَعِي سَرَوَاتِ النَّاسِ وَخِيَارَهُمْ. قَالَ فَخَطَبَ أَبُو بَكْرٍ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لأَنْ تَخَطَّفَنِي الطَّيْرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَبْدَأَ بِشَيْءٍ قَبْلَ أَمْرِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال فَبَعَثَهُ أَبُو بَكْرٍ إِلَى آبِلٍ وَاسْتَأْذَنَ لِعُمَرَ أَنْ يَتْرُكَهُ عِنْدَهُ. قَالَ فَأَذِنَ أُسَامَةُ لِعُمَرَ. قَالَ فَأَمَرَهُ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَجْزِرَ فِي الْقَوْمِ. قَالَ هِشَامٌ بِقَطْعِ الأَيْدِي وَالأَرْجُلِ وَالأَوْسَاطِ فِي الْقِتَالِ حَتَّى يُفْزِعَ الْقَوْمَ. قَالَ فَمَضَى حَتَّى أَغَارَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يُعْظِمُوا الْجِرَاحَةَ حَتَّى يُرْهِبُوهُمْ. قَالَ ثُمَّ رَجَعُوا وَقَدْ سَلِمُوا وَقَدْ غَنِمُوا. قَالَ وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: مَا كُنْتُ لأَجِيءَ أَحَدًا بِالإِمَارَةِ غَيْرَ أُسَامَةَ لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُبِضَ وَهُوَ أَمِيرٌ.
قَالَ فَسَارُوا فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الشَّامِ أَصَابَتْهُمْ ضَبَابَةٌ شَدِيدَةٌ فَسَتَرَهُمُ اللَّهُ بِهَا حَتَّى أَغَارُوا وَأَصَابُوا حَاجَتَهُمْ. قَالَ فَقُدِمَ بِنَعْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى هِرَقْلَ وَإِغَارَةِ أُسَامَةَ فِي نَاحِيَةِ أَرْضِهِ خبرا واحدا فقالت الروم ما بالي هَؤُلاءِ بِمَوْتِ صَاحِبِهِمْ أَنْ أَغَارُوا عَلَى أَرْضَنَا.
قَالَ عُرْوَةُ: فَمَا رُئِيَ جَيْشٌ كَانَ أَسْلَمَ مِنْ ذَلِكَ الْجَيْشِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ بِنَحْوِ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ وَزَادَ فِي الْجَيْشِ الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ.
قَالَ: وَكَتَبَتْ إِلَيْهِ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ ثَقُلَ وَإِنِّي لا أَدْرِي مَا يَحْدُثُ فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُقِيمَ فَأَقِمْ. فَدَوَّمَ أُسَامَةُ بِالْجُرُفِ حَتَّى مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ وَأَمَرَ أَنْ يعظم فيهم الجراح يجزل الرجل منهم جزلا فكفرت العرب.(4/50)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَلَغَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُ النَّاسِ اسْتَعْمَلَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: [أَيُّهَا النَّاسُ أَنْفِذُوا بَعْثَ أُسَامَةَ فَلَعَمْرِي إِنْ قُلْتُمْ فِي إِمَارَتِهِ لَقَدْ قُلْتُمْ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ. وَإِنَّهُ لَخَلِيقٌ لِلإِمَارَةِ وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ لَخَلِيقًا لَهَا] .
قَالَ فَخَرَجَ جَيْشُ أُسَامَةَ حَتَّى عَسْكَرُوا بِالْجُرْفِ وَتَتَامَّ النَّاسُ إِلَيْهِ فَخَرَجُوا. وَثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقَامَ أُسَامَةُ وَالنَّاسُ لِيَنْظُرُوا مَا اللَّهُ قَاضٍ فِي رَسُولِهِ. قَالَ أُسَامَةُ: فَلَمَّا ثَقُلَ هَبَطْتُ مِنْ عَسْكَرِي وَهَبَطَ النَّاسُ مَعِي وَغُمِيَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَلا يَتَكَلَّمُ.
فَجَعَلَ يَرْفَعُ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ نَصَبَهَا إِلَيَّ فَأَعْرِفُ أَنَّهُ يَدْعُو لِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَضْرَمِيُّ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ. وَكَانَ يُحِبُّهُ وَيُحِبُّ أَبَاهُ قَبْلَهُ. بَعَثَهُ عَلَى جَيْشٍ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ مَا جُرِّبَ أُسَامَةُ فِي قِتَالٍ فَلَقِيَ فَقَاتَلَ فَذُكِرَ مِنْهُ بَأْسٌ. قَالَ أُسَامَةُ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ أَتَاهُ الْبَشِيرُ بالفتح فإذا هو متهلهل وَجْهُهُ فَأَدْنَانِي مِنْهُ ثُمَّ قَالَ: حَدِّثْنِي. فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُ فَقُلْتُ: فَلَمَّا انْهَزَمَ الْقَوْمُ أَدْرَكْتُ رَجُلا وَأَهْوَيْتُ إِلَيْهِ بِالرُّمْحِ فَقَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَطَعَنْتُهُ فَقَتَلْتُهُ. فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: [وَيْحَكَ يَا أُسَامَةُ. فَكَيْفَ لَكَ بِلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ؟ وَيْحَكَ يَا أُسَامَةُ. فَكَيْفَ لَكَ بِلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ؟] فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهَا عَلَيَّ حَتَّى لَوَدِدْتُ أَنِّي انْسَلَخْتُ مِنْ كُلِّ عَمَلٍ عَمِلْتُهُ وَاسْتَقْبَلْتُ الإِسْلامَ يَوْمَئِذٍ جَدِيدًا. فَلا وَاللَّهِ لا أُقَاتِلُ أَحَدًا قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ بعد مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ ذُو الْبَطْنِ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ: لا أُقَاتِلُ رَجُلا يَقُولُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ أَبَدًا. فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ: وَأَنَا وَاللَّهِ لا أُقَاتِلُ رَجُلا يَقُولُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ أَبَدًا.
فَقَالَ لَهُمَا رَجُلٌ: أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ؟ فَقَالا: قَدْ قَاتَلْنَا حَتَّى لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ وكان الدين لله.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أُسَامَةُ يَأْتِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الشَّيْءِ فَيُشَفَّعُهُ فِيهِ فَأَتَاهُ مَرَّةً فِي حَدٍّ فَقَالَ: يَا أسامة لا تشفع في حد] .(4/51)
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الَّتِي سَرَقَتْ فقالوا:
من يكلم فيها رسول الله. ص؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلا أُسَامَةُ بْنُ زيد حب رسول الله. ص؟ فكلمه أسامة [فقال رسول الله. ص: لِمَ تَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟] ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاخْتَطَبَ فَقَالَ: [إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ. وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لقطعت يدها!] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَضَّلَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ وَأَعْطَى أَبْنَاءَهُمْ دُونَ ذَلِكَ. وَفَضَّلَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فَقَالَ لِي رَجُلٌ فَضَّلَ عَلَيْكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ لَيْسَ بِأَقْدَمَ مِنْكِ سِنًّا وَلا أَفْضَلَ مِنْكَ هِجْرَةً وَلا شَهِدَ مِنَ الْمَشَاهِدِ مَا لَمْ تَشْهَدْ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَكَلَّمْتُهُ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَضَّلْتَ عَلَيَّ مَنْ لَيْسَ هُوَ بِأَقْدَمَ مِنِّي سِنًّا وَلا أَفْضَلَ مِنِّي هِجْرَةً وَلا شَهِدَ مِنَ الْمَشَاهِدِ مَا لَمْ أَشْهَدْ. قَالَ: وَمَنْ هُوَ؟
قُلْتُ: أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ. قَالَ: صَدَقْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ! فَعَلْتُ ذَلِكَ لأَنَّ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عُمَرَ. وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مِنْ عَبْدِ الله بن عمر فلذلك فعلت.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: فَرَضَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ كَمَا فَرَضَ لِلْبَدْرِيِّينَ أربعة آلاف. وفرض لي ثلاثة آلاف وخمس مائة فَقُلْتُ: لِمَ فَرَضْتَ لأُسَامَةَ أَكْثَرَ مِمَّا فَرَضْتَ لي ولم يشهد مشهدا وَقَدْ شَهِدْتُهُ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْكَ وَكَانَ أَبُوهُ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - من أبيك.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: بَلَغَتِ النَّخْلَةُ عَلَى عَهْدِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. قَالَ: فَعَمَدَ أُسَامَةُ إِلَى نَخْلَةٍ فَنَقَرَهَا وَأَخْرَجَ جُمَارَهَا فَأَطْعَمَهَا أُمَّهُ. فَقَالُوا لَهُ: مَا يَحْمِلُكُ عَلَى هَذَا وَأَنْتَ تَرَى النَّخْلَةَ قَدْ بَلَغَتْ أَلْفَ دِرْهَمٍ؟ قَالَ: إِنَّ أُمِّي سَأَلَتْنِيهِ وَلا تَسْأَلُنِي شَيْئًا أَقْدِرُ عليه إلا أعطيتها.
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنِ(4/52)
الأَصَمِّ يَقُولُ: كَانَ لِمَيْمُونَةَ قَرِيبٌ فَرَأَتْهُ وَقَدْ أَرْخَى إِزَارَةَ بَطْنِهِ فَلامَتْهُ فِي ذَلِكَ مَلامَةً شَدِيدَةً فَقَالَ لَهَا: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُرْخِي إِزَارَهُ. قَالَتْ: كَذَبْتَ وَلَكِنْ كَانَ ذَا بَطْنٍ فَلَعَلَّ إِزَارَهُ كَانَ يسترخي إلى أسفل بطنه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ عَنْ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ أَنَّ مَوْلًى لِقُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ حَدَّثَهُ أَنَّ مولى لأسامة بن زيد حدثه قَالَ: كَانَ أُسَامَةُ يَرْكَبُ إِلَى مَالٍ لَهُ بِوَادِي الْقُرَى فَيَصُومُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَقُلْتُ لَهُ: أَتَصُومُ فِي السَّفَرِ وَقَدْ كَبُرْتَ وَرَفُعْتَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ وَقَالَ إِنَّ الأَعْمَالَ تُعْرَضُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ مَوْلَى أُسَامَةَ. قَالَ عُمَرُ وَقَدْ رَأَيْتُ حَرْمَلَةَ قَالَ: أَرْسَلَنِي أسامة إلى علي فقال: اقرأه السَّلامَ وَقُلْ لَهُ إِنَّكَ لَوْ كُنْتَ فِي شِدْقِ الأَسَدِ لأَحْبَبْتُ أَنْ أَدْخُلَ مَعَكَ فِيهِ وَلَكِنْ هَذَا أَمْرٌ لَمْ أَرَهُ. قَالَ فَأَتَيْتُ عَلِيًّا فَلَمْ يُعْطِنِي شَيْئًا. فَأَتَيْتُ الْحَسَنَ وَابْنَ جعفر فأوقروا لي راحلتي] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تَزَوَّجُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ هِنْدَ بِنْتَ الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَخْزُومِ وَدُرَّةَ بِنْتَ عَدِيِّ بْنِ قَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدًا وَهِنْدَ. وَتَزَوَّجَ أَيْضًا فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أُخْتَ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ الْفِهْرِيِّ فَوَلَدَتْ لَهُ جُبَيْرًا وَزَيْدًا وَعَائِشَةَ. وَتَزَوَّجَ أُمَّ الْحَكَمِ بِنْتَ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَبِنْتَ أَبِي حَمْدَانَ السَّهْمِيِّ. وَتَزَوَّجَ بَرْزَةَ بِنْتَ رِبْعِيٍّ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ ثُمَّ مِنْ بَنِي رَزَاحٍ فَوَلَدَتْ لَهُ حَسَنًا وَحُسَيْنًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا يعقوب بن عمر عن نافع العدوي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَلَمَّا بَلَغَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً تَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا زَيْنَبُ بِنْتُ حَنْظَلَةَ بْنِ قَسَامَةَ فَطَلَّقَهَا أُسَامَةُ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[يَقُولُ: مَنْ أَدُلُّهُ عَلَى الْوَضِيئَةِ الْغَنَيْنِ وَأَنَا صِهْرُهُ؟ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْظُرُ إِلَى نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّحَّامِ فَقَالَ نُعَيْمٌ: كَأَنَّكَ تُرِيدُنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: أَجَلْ. فَتَزَوَّجَهَا فَوَلَدَتْ لَهُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ نُعَيْمٍ فَقُتِلَ إِبْرَاهِيمُ يَوْمَ الْحَرَّةِ.](4/53)
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَالْغَنَيْنُ الْقَلِيلَةُ الأَكْلِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: لَمْ يَبْلُغْ أَوْلادُ أُسَامَةَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي كُلَّ دَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ إِنْسَانًا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُسَامَةُ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً. وَكَانَ قَدْ سَكَنَ وَادِيَ الْقُرَى بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَاتَ بِالْجُرُفِ فِي آخِرِ خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ:
حُمِلَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِينَ مَاتَ مِنَ الْجُرُفِ إِلَى الْمَدِينَةِ.
358- أبو رافع مولى رسول الله ص.
واسمه أسلم. وكان عبدًا للعباس بْن عَبْد المطلب فوهبه للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا بِشْر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بإسلام الْعَبَّاس أعتقه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا رُؤَيْمُ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي عِيسَى وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ:
حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ أَبُو رافع مولى رسول الله. ص: كُنْتُ غُلامًا لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَكَانَ الإِسْلامُ قَدْ دَخَلَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَأَسْلَمَ الْعَبَّاسُ وَأَسْلَمَتْ أُمُّ الْفَضْلِ وَأَسْلَمْتُ. وَكَانَ الْعَبَّاسُ يَهَابُ قَوْمَهُ وَيَكْرَهُ خِلافَهُمْ. وَكَانَ يَكْتُمُ إِسْلامَهُ. وَكَانَ ذَا مَالٍ كَثِيرٍ مُتَفَرِّقٍ فِي قَوْمِهِ وَكَانَ أَبُو لَهَبٍ عَدُوًّا لِلَّهِ قَدْ تَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ وَبَعَثَ مَكَانَهُ الْعَاصَ بْنَ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَكَذَلِكَ كَانُوا صَنَعُوا لَمْ يَتَخَلَّفْ رَجُلٌ إِلا بَعَثَ مَكَانَهُ رَجُلا. فَلَمَّا جَاءَ الْخَبَرُ عَنْ مُصَابِ أَصْحَابِ بَدْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ كَبَتَهُ اللَّهُ وَأَخْزَاهُ وَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا قُوَّةً وَعِزًّا. وَكُنْتُ رَجُلا ضَعِيفًا. وَكُنْتُ أَعْمَلُ الأَقْدَاحَ أَنْحِتُهَا في حجرة زمزم فو الله إِنِّي لَجَالِسٌ فِيهَا أَنْحِتُ أَقْدَاحِي وَعِنْدِي أُمُّ الْفَضْلِ جَالِسَةً وَقَدْ سَرَّنَا مَا كَانَ مِنَ الخبر إذا أَقْبَلَ الْفَاسِقُ أَبُو لَهَبٍ يَجُرُّ رِجْلَيْهِ بِشَرٍّ حَتَّى جَلَسَ عَلَى طُنُبِ الْحُجْرَةِ وَكَانَ ظَهْرُهُ إِلَى ظَهْرِي. فَبَيْنَا هُوَ جَالِسٌ إِذْ قَالَ النَّاسُ: هَذَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَدْ قَدِمَ. قَالَ: فَقَالَ أَبُو
__________
358 تهذيب التهذيب الكنى (12/ 92) ، وتقريب التهذيب (2/ 421) ، والإصابة (4/ 67) ، والاستيعاب (4/ 68) ، والمغازي (214) ، (378) ، (740) ، (828) ، (829) ، (882) ، (1079) ، (1080) ، (1081) ، (1113) ، وابن هشام (1/ 245، 422، 642) ، (2/ 66، 301، 437، 440، 351، 353، 606، 622، 623، 641، 642) .(4/54)
لَهَبٍ: هَلُمَّ إِلَيَّ يَا ابْنَ أَخِي فَعِنْدَكَ لَعَمْرِيَ الْخَبَرُ. قَالَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ وَالنَّاسُ قِيَامٌ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي أَخْبِرْنِي كَيْفَ أَمْرُ النَّاسِ؟ قَالَ: لا شَيْءَ وَاللَّهِ إِنْ هُوَ إِلا أَنْ لَقِينَا الْقَوْمَ فَمَنَحْنَاهُمْ أَكْتَافَنَا يَقْتُلُونَنَا كَيْفَ شَاءُوا وَيَأْسِرُونَنَا كَيْفَ شَاءُوا. وَايْمُ اللَّهِ مَعَ ذَلِكَ مَا لُمْتُ النَّاسَ. لَقِينَا رِجَالا بِيضًا عَلَى خَيْلٍ بُلْقٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَاللَّهِ مَا تَلِيقُ شَيْئًا وَلا يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ. قَالَ أَبُو رَافِعٍ: فَرَفَعْتُ طُنُبَ الْحُجْرَةِ بِيَدِي ثُمَّ قُلْتُ: تِلْكَ وَاللَّهِ الْمَلائِكَةُ.
قَالَ فَرَفَعَ أَبُو لَهَبٍ يَدَهُ فَضَرَبَ وَجْهِي ضَرْبَةً شَدِيدَةً فَثَاوَرْتُهُ فَاحْتَمَلَنِي فَضَرَبَ بِيَ الأَرْضَ ثُمَّ بَرَكَ عَلَيَّ يَضْرِبُنِي. وَكُنْتُ رَجُلا ضَعِيفًا. فَقَامَتْ أُمُّ الْفَضْلِ إِلَى عَمُودٍ مِنْ عُمُدِ الْحُجْرَةِ فَأَخَذْتُهُ فَضَرَبْتُهُ بِهِ ضَرْبَةً فَلَقَتْ فِي رَأْسِهِ شَجَّةً مُنْكَرَةً وَقَالَتْ: تَسْتَضْعِفَهُ إِنْ غَابَ عنه سيده؟ فقام موليا ذليلا فو الله مَا عَاشَ إِلا سَبْعَ لَيَالٍ حَتَّى رَمَاهُ اللَّهُ بِالْعَدَسَةِ فَقَتَلَتْهُ فَلَقَدْ تَرَكَهُ ابْنَاهُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا مَا يَدْفِنَانِهِ حَتَّى أَنْتَنَ فِي بَيْتِهِ. وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَتَّقِي الْعَدَسَةَ وَعَدْوَاهَا كَمَا يَتَّقِي النَّاسُ الطَّاعُونَ. حَتَّى قَالَ لَهُمَا رَجُلٌ من قرية: وَيْحَكُمَا أَلا تَسْتَحِيَانِ؟ إِنَّ أَبَاكُمَا قَدْ أَنْتَنَ فِي بَيْتِهِ لا تُغَيِّبَانِهِ. قَالا: إِنَّا نَخْشَى هَذِهِ الْقُرْحَةَ. قَالَ:
انْطَلِقَا فَأَنَا مَعَكُمَا. فَمَا غَسَّلُوهُ إِلا قَذْفًا بِالْمَاءِ عَلَيْهِ مِنْ بَعِيدٍ مَا يَمَسُّونَهُ ثُمَّ احْتَمَلُوهُ فَدَفَنُوهُ بِأَعْلَى مَكَّةَ إِلَى جِدَارٍ وَقَذَفُوا عَلَيْهِ الْحِجَارَةَ حَتَّى وَارَوْهُ. قَالُوا فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ بَدْرٍ هَاجَرَ أَبُو رَافِعٍ إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَقَامَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَهِدَ أُحُدًا وَالْخَنْدَقَ والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَزَوَّجَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - سلمى مولاته. وشهدت معه خيبر وَوَلَدَتْ لأَبِي رَافِعٍ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَافِعٍ وَكَانَ كَاتِبًا لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. ع.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْقَمَ بْنَ أَبِي الأَرْقَمِ سَاعِيًا عَلَى الصَّدَقَةِ فَقَالَ لأَبِي رَافِعٍ: هَلْ لَكَ أَنْ تُعِينَنِي وَأَجْعَلَ لَكَ سَهْمَ الْعَامِلِينَ؟ فَقَالَ: حَتَّى أَذَكُرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فذكره للنبي.
ع. [فَقَالَ: يَا أَبَا رَافِعٍ إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ وَإِنْ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ [رَسُولُ الله. ص: خَلِيفَتُنَا مِنَّا وَمَوْلانَا مِنَّا وَابْنُ أُخْتِنَا مِنَّا] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: مَاتَ أَبُو رَافِعٍ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. وَلَهُ عقب.(4/55)
359- سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ جَرِيرٍ.
يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ. وَالأَعْمَشِ عَنْ أبي سُفْيَانَ عَنْ أَشْيَاخِهِ أَنَّ سَلْمَانَ كَانَ يُكْنَى أبا عَبْدِ الله.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ عَوْفٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: قَالَ لِي سَلْمَانُ أَتَعْلَمُ مَكَانَ رَامَ هُرْمُزَ؟ قُلْتُ: نعم. قال: فإني من أهلها.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدٍ أَبِي الْعَلاءِ عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: أنا من أهل جي.
قال: أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ الْبُهْلُولِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ حَدِيثَهُ مِنْ فِيهِ قَالَ: كُنْتُ رَجُلا مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا جِيُّ. وَكَانَ أَبِي دِهْقَانَ أُرْضِهِ. وَكُنْتُ مِنْ أَحَبِّ عِبَادِ اللَّهِ إِلَيْهِ فَمَا زَالَ فِي حُبِّهِ إِيَّايَ حَتَّى حَبَسَنِي فِي الْبَيْتِ كَمَا تُحْبَسُ الْجَارِيَةُ. قَالَ فَاجْتَهَدْتُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ حَتَّى كُنْتُ قَاطِنَ النَّارِ الَّتِي نُوقِدُهَا لا نَتْرُكُهَا تَخْبُو. وَكَانَتْ لأَبِي ضَيْعَةٌ فِي بَعْضِ عَمَلِهِ وَكَانَ يُعَالِجُ بُنْيَانًا لَهُ فِي دَارِهِ فَدَعَانِي فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ إِنَّهُ قَدْ شَغَلَنِي بُنْيَانِي كَمَا تَرَى فَانْطَلِقْ إِلَى ضَيْعَتِي فَلا تَحَبَّسَ عَلَيَّ فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ شَغَلَتْنِي عَنْ كُلِّ ضَيْعَةٍ وَكُنْتَ أَهَمَّ عِنْدِي مِمَّا أَنَا فِيهُ. فَخَرَجْتُ فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةٍ لِلنَّصَارَى فسمعت صلاتهم فيها فدخلت عليهم انظر
__________
359 طبقات خليفة (140) ، (189) ، وتاريخ خليفة (191) ، وعلل أحمد (1/ 240، 285، 312، 364، 386، 393، 413) ، والتاريخ الكبير للبخاري (4/ ت 2235) ، والمعارف (270) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 320) ، (2/ 552) ، وتاريخ أبي زرعة (122) ، (221) ، (222) ، (403) ، (458) ، (648) ، (649) ، والجرح والتعديل (4/ ت 1289) ، ومشاهير علماء الأمصار (ت 274) ، وحلية الأولياء (1/ 185- 208) ، وأخبار أصبهان (1/ 48) ، وتاريخ بغداد (1/ 163) ، والاستيعاب (2/ 634) ، وتاريخ ابن عساكر تهذيبه (6/ 190) ، وأسد الغابة (2/ 328) ، وتهذيب الأسماء (1/ 226) ، وسير أعلام النبلاء (1/ 505- 558) ، والتجريد (1/ ت 2400) ، والعبر (1/ 119) ، وتهذيب الكمال (2438) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (39) ، وتهذيب التهذيب (4/ 137) ، والإصابة (2/ ت 3357) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 2617) ، وشذرات الذهب (1/ 44) .(4/56)
مَا يَصْنَعُونَ فَلَمْ أَزَلْ عِنْدَهُمْ. وَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنَ صَلاتِهِمْ وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا خَيْرٌ مِنْ دِينِنَا الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ. فَمَا بَرِحْتُهُمْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ وَمَا ذَهَبْتُ إِلَى ضَيْعَةِ أَبِي وَلا رَجَعْتُ إِلَيْهِ حَتَّى بَعَثَ الطَّلَبَ فِي أَثَرِي. وَقَدْ قُلْتُ لِلنَّصَارَى حِينَ أَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنَ أَمْرِهِمْ وَصَلاتِهُمْ: أَيْنَ أَصْلُ هَذَا الدِّينِ؟ قَالُوا: بِالشَّامِ. قَالَ ثُمَّ خَرَجْتُ فَرَجَعْتُ إِلَى أَبِي فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ أَيْنَ كُنْتَ؟ قَدْ كُنْتُ عَهِدْتُ إِلَيْكَ وَتَقَدَّمْتُ أَلا تُحْتَبَسَ.
قَالَ قُلْتُ: إِنِّي مَرَرْتُ عَلَى نَاسٍ يُصَلُّونَ فِي كَنِيسَةٍ لَهُمْ فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنَ أَمْرِهِمْ وَصَلاتِهُمْ وَرَأَيْتُ أَنَّ دِينَهُمْ خَيْرٌ مِنْ دِينِنَا. قَالَ فَقَالَ لِي: أَيْ بُنَيَّ دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكَ خَيْرٌ مِنْ دِينِهُمْ. قَالَ قُلْتُ: كَلا وَاللَّهِ. قَالَ فَخَافَنِي فَجَعَلَ فِي رِجْلِي حَدِيدًا وَحَبَسَنِي.
وَأَرْسَلْتُ إِلَى النَّصَارَى أُخْبِرُهُمْ أَنِّي قَدْ رَضِيتُ أَمَرَهُمْ وَقُلْتُ لَهُمْ: إِذَا قَدِمَ عَلَيْكُمْ رَكْبٌ مِنَ الشَّامِ فَآذِنُونِي. فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ رَكْبٌ مِنْهُمْ مِنَ التُّجَّارِ فَأَرْسَلُوا إِلَيَّ فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِمْ: إِنْ أَرَادُوا الرُّجُوعَ فَآذِنُونِي. فَلَمَّا أَرَادُوا الرُّجُوعَ أَرْسَلُوا إِلَيَّ فَرَمَيْتُ بِالْحَدِيدِ مِنْ رِجْلِي ثُمَّ خَرَجْتُ فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمْ إِلَى الشَّامِ. فَلَمَّا قَدِمْتُ سَأَلْتُ عَنْ عَالِمِهِمْ فَقِيلَ لِي صَاحِبُ الْكَنِيسَةِ أَسْقُفَهُمْ. قَالَ فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي وَقُلْتُ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ أَخْدُمُكَ وَأُصَلِّي مَعَكَ وَأَتَعَلَّمُ مِنْكَ فَإِنِّي قَدْ رَغِبَتْ فِي دِينِكَ. قَالَ: أَقِمْ. فَكُنْتُ مَعَهُ. وَكَانَ رَجُلَ سُوءٍ فِي دِينِهِ. وَكَانَ يَأْمُرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُهُمْ فِيهَا فَإِذَا جَمَعُوا إِلَيْهِ الأَمْوَالَ اكْتَنَزَهَا لِنَفْسِهِ حَتَّى جَمَعَ سَبْعَ قِلالِ دَنَانِيرٍ وَدَرَاهِمَ. ثُمَّ مَاتَ فَاجْتَمَعُوا لِيَدْفِنُوهُ. قَالَ قُلْتُ: تَعْلَمُونَ أَنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا كَانَ رَجُلَ سُوءٍ. فَأَخْبَرْتُهُمْ مَا كَانَ يَصْنَعُ فِي صَدَقَتِهِمْ.
قَالَ فَقَالُوا: فَمَا عَلامَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ قُلْتُ: أَنَا أَدُلُّكُمُ عَلَى ذَلِكَ. فَأَخْرَجْتُهُ فَإِذَا سَبْعُ قِلالٍ مَمْلُوءَةٍ ذَهَبًا وَوَرِقًا. فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا: وَاللَّهِ لا نغيبه أَبَدًا. ثُمَّ صَلَبُوهُ عَلَى خَشَبَةٍ وَرَجَمُوهُ بِالْحِجَارَةِ وجاؤوا بِآخَرَ فَجَعَلُوهُ مَكَانَهُ. قَالَ سَلْمَانُ: فَمَا رَأَيْتُ رَجُلا لا يُصَلِّي الْخُمُسَ كَانَ خَيْرًا مِنْهُ أَعْظَمَ رَغْبَةً فِي الآخِرَةِ وَلا أَزْهَدَ فِي الدُّنْيَا وَلا أَدْأَبَ لَيْلا وَلا نَهَارًا مِنْهُ.
وَأَحْبَبْتُهُ حُبًّا مَا عَلِمْتُ أَنِّي أَحْبَبْتُ شَيْئًا كَانَ قَبْلَهُ. فَلَمَّا حَضَرَهُ قَدَرُهُ قُلْتُ لَهُ: إِنَّهُ قَدْ حَضَرَكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا تَرَى فَمَاذَا تَأْمُرُنِي وَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ مَا أَرَى أَحَدًا مِنَ النَّاسِ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ إِلا رَجُلا بِالْمَوْصِلِ. فَأَمَّا النَّاسُ فَقَدْ بَدَّلُوا وَهَلَكُوا. فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَتَيْتُ صَاحِبَ الْمَوْصِلِ فَأَخْبَرْتُهُ بِعَهْدِهِ إِلَيَّ أَنْ أَلْحَقَ بِهِ وَأَكُونَ مَعَهُ.
قَالَ: أَقِمْ. فَأَقَمْتُ مَعَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أُقِيمَ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ. ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَقُلْتُ: إِنَّهُ قَدْ حَضَرَكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا تَرَى فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ وَاللَّهِ(4/57)
مَا أَعْلَمُ أَحَدًا عَلَى أَمْرِنَا إِلا رَجُلا بِنَصِيبِينَ وَهُوَ فُلانٌ فَالْحَقْ بِهِ. قَالَ فَأَتَيْتُ عَلَى رَجُلٍ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ صَاحِبَاهُ فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي فَأَقَمْتُ مَعَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أُقِيمَ. فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قُلْتُ لَهُ: إِنَّ فُلانًا كَانَ أَوْصَى بِي إِلَى فلان وفلان إلى فلان وفلان إِلَيْكَ.
فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ. وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ عَلَى مَا نَحْنُ عَلَيْهِ إِلا رَجُلا بِعَمُّورِيَّةَ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَلْحَقَ بِهِ فَالْحَقْ. فَلَمَّا تُوُفِّيَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ عَمُّورِيَّةَ فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي وَخَبَرَ مَنْ أَوْصَى بِي حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: أَقِمْ. فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ فَوَجَدْتُهُ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ. فَمَكَثْتُ عِنْدَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَمْكُثَ وَثَّابَ لِي شَيْءٌ حَتَّى اتَّخَذْتُ بَقَرَاتٍ وَغَنِيمَةً. ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَقُلْتُ لَهُ: إِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟
فَقَالَ لِي: أَيْ بُنَيَّ. وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَنَّهُ أَصْبَحَ فِي الأَرْضِ أَحَدٌ عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ. وَلَكِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ يُبْعَثُ بِدَيْنِ إبراهيم الحنيفية يَخْرُجُ مِنْ أَرْضِ مُهَاجَرِهِ وَقَرَارِهِ ذَاتِ نَخْلٍ بَيْنَ حَرَّتَيْنِ. فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَخْلُصَ إِلَيْهِ فَاخْلُصْ وَإِنَّ بِهِ آيَاتٍ لا تَخْفَى. إِنَّهُ لا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَهُوَ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَإِنَّ بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمَ النُّبُوَّةِ إِذَا رَأَيْتَهُ عَرَفْتَهُ. قَالَ: وَمَاتَ فَمَرَّ بِي رَكْبٌ مِنْ كَلْبٍ فَسَأَلْتُهُمْ عَنْ بِلادِهِمْ فَأَخْبَرُونِي عَنْهَا فَقُلْتُ: أُعْطِيكُمْ بَقَرَاتِي هَذِهِ وَغَنَمِي عَلَى أَنْ تَحْمِلُونِي حَتَّى تَقْدُمُوا بِي أَرْضَكُمْ. قَالُوا: نَعَمْ. فَاحْتَمَلُونِي حَتَّى قَدِمُوا بِي وَادِي الْقُرَى فَظَلَمُونِي فَبَاعُونِي عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ مِنْ يَهُودَ فَرَأَيْتُ بِهَا النَّخْلَ. وَطَمِعْتُ أَنْ تَكُونَ الْبَلْدَةَ الَّتِي وُصِفَتْ لِي وَمَا حَقَّتْ لِي وَلَكِنِّي قَدْ طَمِعْتُ حِينَ رَأَيْتُ النَّخْلَ. فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ حَتَّى قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ يَهُودِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَابْتَاعَنِي مِنْهُ ثُمَّ خرج بي حتى قدمت المدينة. فو الله مَا هُوَ إِلا أَنْ رَأَيْتُهَا فَعَرَّفْتُهَا بِصِفَةِ صَاحِبِي وَأَيْقَنْتُ أَنَّهَا هِيَ الْبَلْدَةُ الَّتِي وُصِفَتْ لِي. فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ أَعْمَلُ لَهُ فِي نَخْلِهِ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَفِيَ عَلَيَّ أَمْرُهُ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَنَزَلَ بِقُبَاءَ فِي بَنِي عمرو بن عوف. فو الله إِنِّي لَفِي رَأْسِ نَخْلَةٍ وَصَاحِبِي جَالِسٌ تَحْتِي إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ مِنْ بَنِي عَمِّهِ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَيْ فُلانُ. قَاتَلَ اللَّهُ بَنِي قَيْلَةَ إِنَّهُمْ آنِفًا لَيَتَقَاصَفُونَ على رجل بقباء قدم من مكة فَرَجِفَتِ النَّخْلَةُ حَتَّى ظَنَنْتُ لأَسْقُطَنَّ عَلَى صَاحِبِي. ثُمَّ نَزَلْتُ سَرِيعًا أَقُولُ: مَاذَا تَقُولُ. مَا هَذَا الْخَبَرُ؟ قَالَ فَرَفَعَ سَيِّدِي يَدَهُ فَلَكَمَنِي لَكْمَةً شَدِيدَةً ثُمَّ قَالَ: مَا لَكَ وَلِهَذَا؟ أَقْبِلْ عَلَى عَمَلِكَ. قُلْتُ: لا شَيْءَ إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَثْبِتَهُ هَذَا الْخَبَرَ الَّذِي سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ. قَالَ: أَقْبِلْ عَلَى شَأْنِكَ. قَالَ:
فَأَقْبَلْتُ عَلَى عَمَلِي وَلَهِيتُ مِنْهُ. فَلَمَّا أَمْسَيْتُ جَمَعْتُ مَا كَانَ عِنْدِي ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ إلى(4/58)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ بِقُبَاءَ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقُلْتُ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ لَيْسَ بِيَدِكَ شَيْءٌ وَإِنَّ مَعَكَ أَصْحَابًا لَكَ. وَأَنَّكُمْ أَهْلُ حَاجَةٍ وَغُرْبَةٍ وَقَدْ كَانَ عِنْدِي شَيْءٌ وَضَعْتُهُ لِلصَّدَقَةِ فَلَمَّا ذُكِرَ لِي مَكَانُكُمْ رَأَيْتُكُمْ أَحَقَّ النَّاسِ بِهِ فَجَئْتُكُمْ بِهِ. ثُمَّ وَضَعْتُهُ لَهُ [فقال رسول الله. ص: كُلُوا] . وَأَمْسَكَ هُوَ. قَالَ قُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذِهِ وَاللَّهِ وَاحِدَةٌ. ثُمَّ رَجَعْتُ وَتَحَوَّلَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وجمعت شيئا ثم جئته فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُكَ لا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَقَدْ كَانَ عِنْدِي شَيْءٌ أُحِبُّ أَنْ أُكْرِمَكَ بِهِ مِنْ هَدِيَّةٍ أَهْدَيْتُهَا كَرَامَةً لَكَ لَيْسَتْ بِصَدَقَةٍ. فَأَكَلَ وَأَكَلَ أَصْحَابُهُ. قَالَ قُلْتُ فِي نَفْسِي:
هَذِهِ أُخْرَى. قَالَ ثُمَّ رَجَعْتُ فَمَكَثْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ قَدْ تَبِعَ جَنَازَةً وَحَوْلَهُ أَصْحَابُهُ وَعَلَيْهِ شَمْلَتَانِ مُؤْتَزِرًا بِوَاحِدَةٍ مُرْتَدِيًا بِالأُخْرَى. قَالَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ عَدَلْتُ لأَنْظُرَ فِي ظَهْرِهِ فَعَرَفَ أَنِّي أُرِيدُ ذَلِكَ وَأَسْتَثْبِتُهُ. قَالَ فَقَالَ بِرِدَائِهِ فَأَلْقَاهُ عَنْ ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ كَمَا وَصَفَ لِي صَاحِبِي. قَالَ فَأَكْبَبْتُ عَلَيْهِ أُقَبِّلُ الْخَاتَمَ مِنْ ظَهْرِهِ وَأَبْكِي. قَالَ فَقَالَ: تَحَوَّلْ عَنْكَ. فَتَحَوَّلْتُ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثِي كَمَا حَدَّثْتُكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ. فَأَحَبَّ أَنْ يُسْمِعَهُ أَصْحَابَهُ. ثُمَّ أَسْلَمْتُ وَشَغَلَنِي الرِّقُّ وَمَا كُنْتُ فِيهِ حَتَّى فَاتَنِي بَدْرٌ وَأُحُدٌ. [ثُمَّ قَالَ لِي رسول الله. ص: كَاتِبْ. فَسَأَلْتُ صَاحِبِي ذَلِكَ فَلَمْ أَزَلْ حَتَّى كَاتَبَنِي عَلَى أَنْ أُحْيِيَ لَهُ بِثَلاثِمِائَةِ نَخْلَةٍ وَأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً مِنْ وَرِقٍ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله. ص: أَعِينُوا أَخَاكُمْ بِالنَّخْلِ. فَأَعَانَنِي كُلُّ رَجُلٍ بِقَدْرِهِ بِالثَّلاثِينَ وَالْعِشْرِينَ وَالْخُمُسَ عَشْرَةَ وَالْعَشْرَ. ثُمَّ قَالَ: يَا سَلْمَانُ اذْهَبْ فَفَقِّرْ لَهَا فَإِذَا أَنْتَ أَرَدْتَ أَنْ تَضَعَهَا فَلا تَضَعْهَا حَتَّى تَأْتِيَنِي فَتُؤْذِنَنِي فَأَكُونَ أَنَا الَّذِي أَضَعُهَا بِيَدِي] . فَقُمْتُ فِي تَفْقِيرِي فَأَعَانَنِي أَصْحَابِي حَتَّى فَقَّرْنَا شَرَبًا ثَلاثَمِائَةِ شَرْبَةٍ. وَجَاءَ كُلُّ رَجُلٍ بِمَا أَعَانَنِي بِهِ مِنَ النَّخْلِ.
ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ فَجَعَلَ يَضَعُهَا بِيَدِهِ وَجَعَلَ يُسَوِّي عَلَيْهَا شَرَبَهَا وَيُبَرِّكُ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا رَسُولُ اللَّهِ جَمِيعًا. فلا والذي نفس سلمان بِيَدِهِ مَا مَاتَتْ مِنْهُ وَدِيَّةٌ وَبَقِيَتِ الدَّرَاهِمُ. فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ فِي أَصْحَابِهِ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِمِثْلِ الْبَيْضَةِ مِنْ ذَهَبٍ أَصَابَهَا مِنْ بَعْضِ الْمَعَادِنِ فَتَصَدَّقَ بِهَا إِلَيْهِ. [فَقَالَ رسول الله. ص:
مَا فَعَلَ الْفَارِسِيُّ الْمِسْكِينُ الْمُكَاتَبُ؟ ادْعُوهُ لِي. فَدُعِيتُ لَهُ فَجِئْتُ فَقَالَ: اذْهَبْ بِهَذِهِ فَأَدِّهَا عَنْكَ مِمَّا عَلَيْكَ مِنَ الْمَالِ. قَالَ وَقُلْتُ: وَأَيْنَ يَقَعُ هَذَا مِمَّا عَلَيَّ يَا رَسُولَ الله؟
قال: إن الله سيؤدي عنك] .(4/59)
[قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَأَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّهُ كَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَعَهَا يَوْمَئِذٍ عَلَى لِسَانِهِ ثُمَّ قَلَبَهَا ثُمَّ قَالَ لِي: اذْهَبْ فَأَدِّهَا عَنْكَ] .
ثُمَّ عَادَ حَدِيثُ ابن عباس ويزيد أيضا. قال سلمان: فو الذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَزَنْتُ لَهُ مِنْهَا أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً حَتَّى وَفَّيْتُهُ الَّذِي لَهُ. وَعَتَقَ سَلْمَانُ وَشَهِدَ الْخَنْدَقَ وَبَقِيَّةَ مَشَاهِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُرًّا مُسْلِمًا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ.
قال: أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ الْبُهْلُولِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي مَنْ حَدَّثَهُ سَلْمَانُ أَنَّهُ كَانَ فِي حَدِيثِهِ حِينَ سَاقَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّ صَاحِبَ عَمُّورِيَّةَ قَالَ لَهُ: أَرَأَيْتَ رَجُلا بِكَذَا وَكَذَا مِنْ أَرْضِ الشَّامِ بَيْنَ غَيْضَتَيْنِ يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الْغَيْضَةِ إِلَى هَذِهِ الْغَيْضَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ لَيْلَةً ثُمَّ يَخْرُجُ مِثْلَهَا مِنَ الْعَامِ الْقَابِلِ لَيْلَةً مِنَ السَّنَةِ معلومة فَيَتَعَرَّضُهُ النَّاسُ يُدَاوِي الأَسْقَامَ يَدْعُو لَهُمْ فَيُشْفَوْنَ فَأْتِ فَسَلْهُ عَنْ هَذَا الَّذِي تُلْتَمَسُ. قَالَ فَجِئْتُ حَتَّى أَقَمْتُ مَعَ النَّاسِ بَيْنَ تَيْنِكَ الْغَيْضَتَيْنِ. فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ فِيهَا مِنَ الْغَيْضَةِ إِلَى الْغَيْضَةِ الَّتِي يَدْخُلُ. خَرَجَ وَغَلَبُونِي عَلَيْهِ حَتَّى دَخَلَ الْغَيْضَةِ الأُخْرَى. وَتَوَارَى مِنِّي إِلا مَنْكَبَهُ. فَتَنَاوَلْتُهُ فَأَخَذْتُ بِمَنْكِبِهِ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيَّ وَقَالَ: مَا لَكَ؟ قُلْتُ: أَسْأَلُكَ عَنْ دِينِ إِبْرَاهِيمَ الْحَنِيفِيَّةِ. قَالَ:
إِنَّكَ تَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ مَا يَسْأَلُ عَنْهُ النَّاسُ الْيَوْمَ. قَدْ أَظَلَّكَ نَبِيٌّ يَخْرُجُ مِنْ عِنْدِ هَذَا الْبَيْتِ يَأْتِي بِهَذَا الدِّينِ الَّذِي تَسْأَلُ عَنْهُ فَالْحَقْ بِهِ. ثُمَّ انْصَرَفْتُ. [قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
حِينَ حَدَّثَهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ: لَئِنْ كُنْتَ صَدَقْتَنِي يَا سَلْمَانُ لقد لقيت عيسى ابن مريم] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى أَنْ أَغْرِسَ لَهُمْ خَمْسَمِائَةِ فُسَيْلَةٍ فَإِذَا عَلِقَتْ فَأَنَا حُرٌّ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فَقَالَ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَغْرِسَ فَآذِنِّي] . قَالَ فَآذَنْتُهُ فَغَرَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ إلا واحدة غرستها بيدي فعلقن جمع إلا الواحدة التي غرست.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي قُرَّةَ الْكِنْدِيِّ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: كُنْتُ مِنْ أَبْنَاءِ أَسَاوِرَةَ فَارِسٍ وَكُنْتُ فِي كُتَّابٍ.
وَكَانَ مَعِي غُلامَانِ. فَكَانَا إِذَا رَجَعَا مِنْ عِنْدِ مُعَلِّمِهِمِا أَتَيَا قِسًّا فَدَخَلا عَلَيْهِ فَدَخَلْتُ مَعَهُمَا فَقَالَ لَهُمَا: أَلَمْ أَنْهَكُمَا أَنْ تَأْتِيَانِي بِأَحَدٍ؟ قَالَ فَجَعَلْتُ أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ حَتَّى كُنْتُ(4/60)
أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهُمَا فَقَالَ لِي: إِذَا سَأَلَكَ أهلك ما حبسك؟ فقل معلمي. وإذا سَأَلَكَ مُعَلِّمُكَ مَا حَبَسَكَ؟ فَقُلْ أَهْلِي. ثُمَّ إِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَتَحَوَّلَ فَقُلْتُ: أَنَا أَتَحَوَّلُ مَعَكَ.
فَتَحَوَّلْتُ مَعَهُ فَنَزَلَ قَرْيَةً فَكَانَتِ امْرَأَةٌ تَأْتِيَهِ. فَلَمَّا حُضِرَ قَالَ: يَا سَلْمَانُ احْفِرْ عِنْدَ رَأْسِي. فَحَفَرْتُ فَاسْتَخْرَجْتُ جَرَّةً مِنْ دَرَاهِمَ فَقَالَ لِي: صُبَّهَا عَلَى صَدْرِي. فَصَبَبْتَهَا عَلَى صَدْرِهِ. ثُمَّ إِنَّهُ مَاتَ فَهَمَمْتُ بِالدَّرَاهِمَ أَنْ أَحْوِيَهَا أَوْ أُحَوِّلَهَا شَكَّ عُبَيْدُ اللَّهِ. ثُمَّ إِنِّي ذَكَرْتُ ثُمَّ آذَنْتُ الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانَ بِهِ فحضروه فَقُلْتُ: إِنَّهُ قَدْ تَرَكَ مَالا. فَقَامَ شَبَابٌ فِي الْقَرْيَةِ فَقَالُوا: هَذَا مَالُ أَبِينَا كَانَتْ سَرِيَّتُهُ تَأْتِيَهِ. فَأَخَذُوهُ فَقُلْتُ لِلرُّهْبَانِ:
أَخْبِرُونِي بِرَجُلٍ عَالِمٍ أَتْبَعَهُ. فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُ الْيَوْمَ فِي الأَرْضِ رَجُلا أَعْلَمَ مِنْ رَجُلٍ بِحِمْصَ. فَانْطَلَقْتُ إليه فلقيته فقصصت عليه القصة فقال: وَمَا جَاءَ بِكَ إِلا طَلَبُ الْعِلْمِ. قَالَ فَإِنِّي لا أَعْلَمُ الْيَوْمَ فِي الأَرْضِ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْ رَجُلٍ يَأْتِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ كُلَّ سَنَةٍ وَإِنِ انْطَلَقْتَ الآنَ وَافَقْتَ حِمَارَهُ. قَالَ فَانْطَلَقْتُ فَإِذَا بِحِمَارِهِ عَلَى بَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَجَلَسْتُ عِنْدَهُ حَتَّى خَرَجَ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ قَالَ: وَمَا جَاءَ بِكَ إِلا طَلَبُ الْعِلْمِ. قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: اجْلِسْ. فَانْطَلَقَ فَلَمْ أَرَهُ حَتَّى الْحَوْلِ فَجَاءَ فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا صَنَعْتَ بِي؟ قَالَ: وَإِنَّكَ هَاهُنَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ الْيَوْمَ فِي الأَرْضِ رَجُلا أَعْلَمَ مِنْ رَجُلٍ خَرَجَ بِأَرْضِ تَيْمَاءَ. وَإِنْ تَنْطَلِقِ الآنَ تُوَافِقْهُ. فِيهِ ثَلاثُ آيَاتٍ: يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ. وَلا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ. وَعِنْدَ غُضْرُوفِ كَتِفِهِ الْيُمْنَى خَاتَمُ النُّبُوَّةِ مِثْلُ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ لَوْنُهَا لَوْنُ جِلْدِهِ. قَالَ فَانْطَلَقْتُ تَرْفَعُنِي أَرْضٌ وَتَخْفِضُنِي أُخْرَى حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَعْرَابِ فَاسْتَعْبَدُونِي فَبَاعُونِي فَاشْتَرَتْنِي امْرَأَةٌ بِالْمَدِينَةِ.
فَسَمِعْتُهُمْ يَذْكُرُونَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ الْعَيْشُ عَزِيزًا فَقُلْتُ لَهَا: هَبِي لِي يَوْمًا. فَقَالَتْ:
نَعَمْ. فَانْطَلَقْتُ فَاحْتَطَبْتُ حَطَبًا فَبِعْتُهُ [فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ يَسِيرًا. فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقُلْتُ: صَدَقَةٌ. فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: كُلُوا. وَلَمْ يَأْكُلْ. قُلْتُ هَذِهِ مِنْ عَلامَتِهِ. فَمَكَثْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَمْكُثَ ثُمَّ قُلْتُ لمولاتي: هبي لي يوما. قالت:
نَعَمْ. فَانْطَلَقْتُ فَاحْتَطَبْتُ حَطَبًا فَبِعْتُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَصَنَعَتْ طَعَامًا فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ وَهُوَ جَالِسٌ بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: ما هذا؟ قلت: هدية. فوضع يده وقال لأَصْحَابِهِ: خُذُوا بِسْمِ اللَّهِ. فَقُمْتُ خَلْفَهُ فَوَضَعَ رِدَاءَهُ فَإِذَا خَاتَمُ النُّبُوَّةِ فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ فَحَدَّثْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ ثُمَّ قُلْتُ: أَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَنَّكَ نَبِيُّ. قَالَ: لَنْ يدخل الجنة إلا نفس مسلمة] .(4/61)
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: سلمان سابق فارس] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَّ الْخَنْدَقَ مِنْ أُجُمِ الشَّيْخَيْنِ طَرَفَ بَنِي حَارِثَةَ عَامَ ذُكِرَتِ الأَحْزَابُ خُطَّةً مِنَ الْمَذَادِ فَقَطَعَ لِكُلِّ عَشَرَةٍ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا فَاحْتَجَّ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارَ فِي سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ. وَكَانَ رَجُلا قَوِيًّا. فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ:
سلمان منا. وقالت الأنصار: لا بل سلمان منا. [فقال رسول الله. ص: سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ] .
قَالَ عَمْرُو بْنُ عَوْفٍ: فَدَخَلْتُ أَنَا وَسَلْمَانُ وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ وَنُعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيُّ وَسِتَّةٌ مِنَ الأَنْصَارِ تَحْتَ أَصْلِ ذُبَابٍ فَضَرَبْنَا حَتَّى بَلَغَنَا النَّدَى فَأَخْرَجَ اللَّهُ صَخْرَةً بَيْضَاءَ مُرْوَةً مِنْ بَطْنِ الْخَنْدَقِ فَكَسَرَتْ حَدِيدَنَا وَشَقَّتْ عَلَيْنَا فَقُلْتُ لِسَلْمَانَ: ارْقَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ضَارِبٌ عَلَيْهِ قُبَّةً تُرْكِيَّةً. فَرَقَى إِلَيْهِ سَلْمَانُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَخْرَةٌ بَيْضَاءُ خَرَجَتْ مِنْ بَطْنِ الْخَنْدَقِ فَكَسَرَتْ حَدِيدَنَا وَشَقَّتْ عَلَيْنَا فَإِمَّا أَنْ نَعْدِلَ عَنْهَا وَالْمَعْدِلُ قَرِيبٌ أَوْ تَأْمُرَنَا بِهَا بِأَمْرِكَ فَإِنَّا لا نُحِبُّ أَنْ نُجَاوِزَ خَطَّكَ. [فَقَالَ: أَرِنِي مِعْوَلَكَ يَا سَلْمَانُ. فَقَبَضَ مُعْوَلَهُ ثُمَّ هَبَطَ عَلَيْنَا فَكُنَّا عَلَى شُقَّةِ الْخَنْدَقِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتْحًا فَضَرَبَ ضَرْبَةً صَدَعَهَا وَبَرِقَ مِنْهَا بَرْقَةٌ أَضَاءَ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا. فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَكْبِيرَ فَتْحٍ.
فَكَبَّرْنَا. ثُمَّ ضَرَبَ الثَّانِيَةَ فَبَرِقَ مِنْهَا بَرْقَةٌ أَضَاءَ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا حَتَّى كَأَنَّ مِصْبَاحًا فِي جَوْفِ بَيْتٍ مُظْلِمٍ. فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَكْبِيرَ فَتْحٍ فَكَبَّرْنَا. ثُمَّ ضَرَبَ الثَّالِثَةَ فَكَسَرَهَا وبرق منها برقة أضاء ما بين قبتيها فَكَبَّرَ تَكْبِيرَ فَتْحٍ فَكَبَّرْنَا. ثُمَّ رَقِيَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي مَقْعَدِ سَلْمَانَ قَالَ سَلْمَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ شَيْئًا مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ قَطُّ. فَالْتَفَتَ إِلَى الْقَوْمِ فَقَالَ: هَلْ رَأَيْتُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ. بِأَبِينَا أَنْتَ وَأَمِّنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ. رَأَيْنَاكَ تَضْرِبُ فَخَرَجَ بَرَقٌ كَالْمَوْجِ فَتُكَبِّرُ فَنُكَبِّرُ لا نَرَى ضِيَاءً غَيْرَ ذَلِكَ.
قَالَ: صَدَقْتُمْ. ضَرَبْتُ ضَرْبَتِي الأُولَى فَبَرَقَ الَّذِي رَأَيْتُمْ فَأَضَاءَ لِي مِنْهَا قُصُورُ الْحِيرَةِ وَمَدَائِنُ كِسْرَى كَأَنَّهَا أَنْيَابُ الْكِلابِ وَأَخْبَرَنِي جَبْرَائِيلُ أَنَّ أُمَّتِيَ ظَاهِرَةٌ عَلَيْهَا. ثُمَّ ضَرَبْتُ ضَرْبَتِي الثَّانِيَةَ فَبَرَقَ الَّذِي رَأَيْتُمْ أَضَاءَ لِي مَعَهَا قُصُورُ الْحُمُرِ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ كَأَنَّهَا أَنْيَابُ الْكِلابِ. وَأَخْبَرَنِي جَبْرَائِيلُ أَنَّ أُمَّتِيَ ظَاهِرَةٌ عَلَيْهَا. ثم ضربت(4/62)
الثَّالِثَةَ فَبَرَقَ الَّذِي رَأَيْتُمْ أَضَاءَ لِي مَعَهَا قُصُورُ صَنْعَاءَ كَأَنَّهَا أَنْيَابُ الْكِلابِ وَأَخْبَرَنِي جَبْرَائِيلُ أَنَّ أُمَّتِيَ ظَاهِرَةٌ عَلَيْهَا يَبْلُغُهُمُ النَّصْرُ فَأَبْشِرُوا. يُرَدِّدُهَا ثَلاثًا. فَابْتَشَرَ الْمُسْلِمُونَ وَقَالُوا: مَوْعُودٌ صَادِقٌ بَارٌّ وَعَدَنَا النَّصْرَ بَعْدَ الْحَصْرِ وَالْفُتُوحَ. فَتَرَاءَوُا الأحزاب. فقال الله: «وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً. مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا مَا عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ» الأحزاب: 22- 23. إِلَى آخِرِ الآيَةِ.]
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخَى بَيْنَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ. وَكَذَلِكَ قال محمد بن إسحاق.
قال: أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ قال: أوخي بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ فَسَكَنَ أَبُو الدَّرْدَاءِ الشام وسكن سلمان الكوفة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ آخَى بَيْنَ سَلْمَانَ وَحُذَيْفَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُمَا كَانَا يُنْكِرَانِ كُلَّ مُؤَاخَاةٍ كَانَتْ بَعْدَ بَدْرٍ وَيَقُولانِ: قَطَعَتْ بَدْرٌ الْمَوَارِيثَ.
وَسَلْمَانُ يَوْمَئِذٍ فِي رَقٍّ. وَإِنَّمَا عُتِقَ بَعْدَ ذلك. وأول غزاة غزاها الخندق سنة خمس من الهجرة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: نَزَلَ سَلْمَانُ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ. وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ مَنَعَهُ سَلْمَانُ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَصُومَ مَنَعَهُ. فَقَالَ: أَتَمْنَعُنِي أَنْ أَصُومَ لِرَبِّي وَأُصَلِّيَ لِرَبِّي؟ فَقَالَ: إِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ لأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا فَصُمْ وَأَفْطِرْ وَصَلِّ وَنَمْ. [فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَقَدْ أُشْبِعَ سلمان علما] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: دَخَلَ سَلْمَانُ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ فَقِيلَ لَهُ هُوَ نَائِمٌ. قَالَ: فقال(4/63)
مَا لَهُ؟ قَالُوا: إِنَّهُ إِذَا كَانَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَحْيَاهَا وَيَصُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. قَالَ: فَأَمَرَهُمْ فَصَنَعُوا طَعَامًا فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ ثُمَّ أَتَاهُمْ فَقَالَ: كُلْ. قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَكَلَ. ثُمَّ أَتَيَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَا لَهُ ذَلِكَ [فَقَالَ النبي. ص: عُوَيْمِرُ سَلْمَانُ أَعْلَمُ مِنْكَ وَهُوَ يَضْرِبُ عَلَى فَخِذِ أَبِي الدَّرْدَاءِ عُوَيْمِرُ سَلْمَانُ أَعْلَمُ مِنْكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ لا تَخُصَّ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ بَيْنَ اللَّيَالِي وَلا تَخُصَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ بين الأيام] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ سَلْمَانَ أَتَى أَبَا الدَّرْدَاءِ فَشَكَتْ إِلَيْهِ أُمُّ الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ يَقُومُ اللَّيْلَ وَيَصُومُ النَّهَارَ. فَبَاتَ عِنْدَهُ فَلَمَّا أَرَادَ الْقِيَامَ حَبَسَهُ حَتَّى نَامَ. فَلَمَّا أَصْبَحَ صَنَعَ لَهُ طَعَامًا فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَفْطَرَ. فَأَتَى أَبُو الدَّرْدَاءِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فَقَالَ النَّبِيُّ: عُوَيْمِرُ سَلْمَانُ أَعْلَمُ مِنْكَ. لا تُحَقْحِقْ فَتُقْطَعَ وَلا تُحْبَسَ فَتُسْبَقَ. أَقْصِدْ تَبْلُغْ سَيْرَ الرِّكَابَاتِ تَطَأُ فِيهَا الْبَرْدَيْنِ وَالْخَفْقَتَيْنِ مِنَ اللَّيْلِ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: [سُئِلَ عَلِيٌّ عَنْ سَلْمَانَ فَقَالَ: أُوتِيَ الْعِلْمَ الأَوَّلَ وَالْعِلْمَ الآخِرَ. لا يُدْرَكُ مَا عِنْدَهُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ زَاذَانَ قَالَ: [سُئِلَ عَلِيٌّ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ فَقَالَ: ذَاكَ امْرُؤٌ مِنَّا وَإِلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ. مَنْ لَكُمْ بِمِثْلِ لُقْمَانَ الْحَكِيمِ. عَلِمَ الْعِلْمَ الأَوَّلَ وَالْعِلْمَ الآخِرَ وَقَرَأَ الْكِتَابَ الأَوَّلَ وَقَرَأَ الْكِتَابَ الآخَرَ وَكَانَ بَحْرًا لا ينزف] .
قال: أخبرنا حماد بن عمرو النصيبي قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ رُفَيْعٍ عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمِيرَةَ السَّكْسَكِيِّ وَكَانَ تِلْمِيذًا لِمُعَاذٍ أَنَّ مُعَاذًا أَمَرَهُ أَنْ يَطْلُبَ الْعِلْمَ مِنْ أربعة أحدهم سلمان الفارسي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ عَنْ خَالٍ لَهُ أَنَّ سَلْمَانَ لَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ قَالَ لِلنَّاسِ: اخْرُجُوا بنا نتلق سلمان.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ أَنَّ عُمَرَ جَعَلَ عَطَاءَ سَلْمَانَ سِتَّةَ آلافٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: كَانَ عَطَاءُ سَلْمَانَ الفارسي أربعة آلاف.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ عَنْ(4/64)
مُسْلِمٍ الْبَطِينِ قَالَ: كَانَ عَطَاءُ سَلْمَانَ أَرْبَعَةَ آلاف.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ قَالَ: كَانَ عَطَاءُ سَلْمَانَ أربعة آلاف.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونٍ قَالَ: كَانَ عَطَاءُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ أَرْبَعَةَ آلافٍ وَعَطَاءُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ثَلاثَةَ آلافٍ وَخَمْسَمِائَةٍ.
فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ هَذَا الْفَارِسِيِّ فِي أَرْبَعَةِ آلافٍ وَابْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي ثَلاثَةِ آلافِ وَخَمْسِمِائَةٍ؟ قَالُوا: إِنَّ سَلْمَانَ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَشْهَدًا لَمْ يشهده ابن عُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ الْجَرْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ عَطَاءُ سَلْمَانَ خَمْسَةَ آلافٍ وَكَانَ عَلَى ثَلاثِينَ أَلْفًا مِنَ النَّاسِ يَخْطُبُ فِي عَبَاءَةٍ يَفْتَرِشُ نِصْفَهَا وَيَلْبَسُ نِصْفَهَا. وَكَانَ إِذَا خَرَجَ عَطَاؤُهُ أَمْضَاهُ وَيَأْكُلُ مِنْ سَفِيفِ يديه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بن مردانبة عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمُرَادِيِّ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: رَأَيْتُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ بِالْمَدَائِنِ فِي بَعْضِ طُرُقِهَا يَمْشِي فَزَحِمَتْهُ حَمَلَةٌ مِنْ قَصَبٍ فَأَوْجَعَتْهُ فَتَأَخَّرَ إِلَى صَاحِبِهَا الَّذِي يَسُوقُهَا فَأَخَذَ بِعَضُدِهِ فَحَرَّكَهُ ثُمَّ قَالَ: لا مِتَّ حَتَّى تُدْرِكَ إمارة الشباب.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ ثَابِتٍ أَنُّ سَلْمَانَ كَانَ أَمِيرًا عَلَى الْمَدَائِنِ وَكَانَ يَخْرُجُ إِلَى النَّاسِ فِي أَنْدَرْوَرْدَ وَعَبَاءَةٍ فَإِذَا رَأَوْهُ قَالُوا: كُرْكَ آمَذْ كُرْكَ آمَذْ. فَيَقُولُ سَلْمَانُ: مَا يَقُولُونَ؟ قَالُوا: يُشَبِّهُونَكَ بِلُعْبَةٍ لَهُمْ. فَيَقُولُ سَلْمَانُ:
لا عَلَيْهِمُ فَإِنَّمَا الْخَيْرُ فِيمَا بَعْدَ الْيَوْمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي مَرْزُوقٍ عَنْ هُرَيْمٍ قَالَ: رَأَيْتُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ عَلَى حِمَارٍ عُرْيٍ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ سُنْبُلانِيُّ قَصِيرٌ ضَيِّقُ الأَسْفَلِ. وَكَانَ رَجُلا طَوِيلَ السَّاقَيْنِ كَثِيرَ الشَّعْرِ. وَقَدِ ارْتَفَعَ الْقَمِيصُ حَتَّى بَلَغَ قَرِيبًا مِنْ رُكْبَتَيْهِ. قَالَ وَرَأَيْتُ الصِّبْيَانَ يَحْضُرُونَ خَلْفَهُ فَقُلْتُ: أَلا تَنَحَّوْنَ عَنِ الأَمِيرِ؟ فَقَالَ: دَعْهُمْ فَإِنَّمَا الْخَيْرُ وَالشَّرُّ فِيمَا بَعْدَ الْيَوْمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي مَرْزُوقٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ سَلْمَانَ الفارسي(4/65)
وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى سَرِيَّةٍ فَمَرَّ بِفِتْيَانٍ مِنْ فِتْيَانِ الْجُنْدِ فَضَحِكُوا وَقَالُوا: هَذَا أَمِيرُكُمْ؟ فَقُلْتُ:
يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَلا تَرَى هَؤُلاءِ مَا يَقُولُونَ؟ قَالَ: دَعْهُمْ فَإِنَّمَا الْخَيْرُ وَالشَّرُّ فيما بعد الْيَوْمِ.
إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَأْكُلَ مِنَ التُّرَابِ فَكُلْ مِنْهُ وَلا تَكُونَنَّ أَمِيرًا عَلَى اثْنَيْنِ. واتق دعوة المظلوم والمضطر فإنها لا تحجب.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ قَالَ: كَانَ سَلْمَانُ أَمِيرًا عَلَى الْمَدَائِنِ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ مَعَهُ حِمْلُ تِينٍ. وَعَلَى سَلْمَانَ أَنْدَرْوَرْدُ وَعَبَاءَةٌ. فَقَالَ لِسَلْمَانَ: تَعَالَ احْمِلْ. وَهُوَ لا يَعْرِفُ سَلْمَانَ. فَحَمَلَ سَلْمَانُ فَرَآهُ النَّاسُ فَعَرَفُوهُ فَقَالُوا: هَذَا الأَمِيرُ. قَالَ: لَمْ أَعْرِفْكَ. فَقَالَ لَهُ سلمان: لا حتى أبلغ منزلك.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخًا مِنْ بَنِي عَبْسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ السُّوقَ فَاشْتَرَيْتُ عَلَفًا بِدِرْهَمٍ فَرَأَيْتُ سَلْمَانَ وَلا أَعْرِفُهُ فَسَخَّرْتُهُ فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ الْعَلَفَ. فَمَرَّ بِقَوْمٍ فَقَالُوا: نَحْمِلُ عَنْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. فَقُلْتُ:
مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا سَلْمَانُ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: لَمْ أَعْرِفْكَ. ضَعْهُ عَافَاكَ اللَّهُ. فَأَبَى حَتَّى أَتَى بِهِ مَنْزِلِي فَقَالَ: قَدْ نَوَيْتُ فِيهِ نِيَّةً فَلا أَضَعُهُ حَتَّى أَبْلُغَ بَيْتَكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ خَالِدِ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ مَيْسَرَةَ أَنَّ سَلْمَانَ كَانَ إِذَا سَجَدَتْ لَهُ الْعَجَمُ طأطأ رأسه وقال: خشعت لله.
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ قِيلَ لِسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ: مَا يُكْرِهُكَ الإِمَارَةَ؟ قَالَ: حَلاوَةُ رضاعتها ومرارة فطامها.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْغَازِي عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ أَنَّ سَلْمَانَ كَانَ لَهُ حُبًّى مِنْ عَبَاءٍ وَهُوَ أمير الناس.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَنَّ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ كَانَ يستظل بالفيء حيث ما دَارَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَيْتٌ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَلا أَبْنِي لَكَ بَيْتًا تَسْتَظِلُّ بِهِ مِنَ الْحَرِّ وَتَسْكُنُ فِيهِ مِنَ الْبَرْدِ؟ فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: نَعَمْ. فَلَمَّا أَدْبَرَ صَاحَ بِهِ فَسَأَلَهُ سَلْمَانُ: كَيْفَ تَبْنِيهِ؟ فَقَالَ: أَبْنِيهِ إِنْ قمت فيه أصابك رَأْسَكَ وَإِنِ اضْطَجَعْتَ فِيهِ أَصَابَ رِجْلَكَ. فَقَالَ سلمان: نعم.(4/66)
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكٍ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ حُمَيْدٍ يَقُولُ: دَخَلْتُ مَعَ خَالِي عَلَى سَلْمَانَ بِالْمَدَائِنِ وَهُوَ يَعْمَلُ الْخُوصَ. فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَشْتَرِي خُوصًا بدرهم فأعمله فأبيعه دَرَاهِمَ فَأُعِيدُ دِرْهَمًا فِيهِ وَأَنْفِقُ دِرْهَمًا عَلَى عِيَالِي وَأَتَصَدَّقُ بِدِرْهَمٍ. وَلَوْ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخطاب نهاني عنه ما انتهيت.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ: كَانَ سَلْمَانُ إِذَا أَصَابَ الشَّيْءَ اشْتَرَى بِهِ لَحْمًا ثُمَّ دَعَا الْمُحَدِّثِينَ فأكلوه معه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: كَانَ سَلْمَانُ إِذَا وَضَعَ الطَّعَامَ بَيْنَ يديه قال: الحمد لله الذي كفانا المؤونة وأحسن الرزق.
قال: أخبرنا للفضل بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: كَانَ سَلْمَانُ إِذَا أَكَلَ قَالَ: الْحَمْدُ لله الذي كفانا المؤونة وأوسع علينا في الرزق.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ أَنْبَأَنِي قَالُ: سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ مُضَرِّبٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَلْمَانَ يَقُولُ إِنِّي لأَعُدُّ الْعُرَاقَةَ عَلَى الْخَادِمِ خَشْيَةَ الظن.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْفَرَّاءِ عَنْ أَبِي لَيْلَى الْكِنْدِيِّ قَالَ: قَالَ غُلامُ سَلْمَانَ: كَاتِبْنِي. قَالَ: أَلَكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: لا.
قَالَ: فَمِنْ أَيْنَ؟ قَالَ: أَسْأَلُ النَّاسَ. قَالَ: تريد أن تطعمني غسالة الناس.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ:
سَمِعْتُ أبا ليلى قال: قال غلام لسلمان: كَاتِبْنِي. قَالَ: أَلَكَ مَالٌ؟ قَالَ: لا. قَالَ:
أَتَأْمُرُنِي أَنْ آكُلَ غُسَالَةَ أَيْدِي النَّاسِ؟ قَالَ وَسُرِقَ عَلَفُ دَابَّتِهِ فَقَالَ لِجَارِيَتِهِ أَوْ لِغُلامِهِ:
ولولا أني أخاف القصاص لضربتك.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلابَةَ أَنَّ رَجُلا دَخَلَ عَلَى سَلْمَانَ وَهُوَ يَعْجِنُ. قَالَ فَقَالَ: أَيْنَ الْخَادِمُ؟ قَالَ:(4/67)
بَعَثْنَاهَا لِحَاجَةٍ فَكَرِهْنَا أَنْ نَجْمَعَ عَلَيْهَا عَمَلَيْنِ. قَالَ: إِنَّ فُلانًا يُقْرِئُكَ السَّلامَ. فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: مُنْذُ كَمْ قَدِمْتَ؟ قَالَ: مُنْذُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ. قَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ لَمْ تُؤَدِّهَا لكانت أمانة لم تؤدها.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي قُرَّةَ قَالَ: قَالَ سَلْمَانُ لا نَؤُمُّكُمْ فِي مَسَاجِدِكُمْ وَلا نَنْكِحُ نِسَاءَكُمْ. يَعْنِي الْعَرَبَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ قَالُوا: كَانَ سَلْمَانُ يَقُولُ لِنَفْسِهِ: سَلْمَانُ بِمِيرِ. يَقُولُ: مُتْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَشْيَاخِهِ قَالُوا: دَخَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَلَى سَلْمَانَ يَعُودُهُ. قَالَ فَبَكَى سَلْمَانُ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ:
مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ. وَتَلْقَى أَصْحَابَكَ.
وَتَرِدُ عَلَيْهِ الْحَوْضَ. قَالَ سَلْمَانُ: وَاللَّهِ مَا أَبْكِي جَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ وَلا حِرْصًا عَلَى الدُّنْيَا وَلَكِنَّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَهْدٌ إِلَيْنَا عَهْدًا [فَقَالَ: لِتَكُنْ بُلْغَةُ أَحَدِكُمْ مِنَ الدُّنْيَا مِثْلَ زَادِ الرَّاكِبِ وَحَوْلِي هَذِهِ الأَسَاوِدُ] . قَالَ وَإِنَّمَا حَوْلَهُ جَفْنَةٌ أَوْ مَطْهَرَةٌ أَوْ إِجَّانَةٌ. قَالَ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ اعْهَدْ إِلَيْنَا بِعَهْدٍ نَأْخُذُهُ بَعْدَكَ. فَقَالَ: يَا سَعْدُ اذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ هَمِّكَ إِذَا هَمَمْتَ وَعِنْدَ حُكْمِكَ إِذَا حكمت وعند يدك إذا قسمت.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ مَسْعُودٍ وَسَعْدَ بْنَ مَالِكٍ دَخَلا عَلَى سَلْمَانَ يَعُودَانِهِ فَبَكَى فَقَالا لَهُ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لَمْ يَحْفَظْهُ مِنَّا أَحَدٌ. قَالَ: [لِيَكُنْ بَلاغُ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَبَلَةُ بْنُ عَطِيَّةَ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ قَالَ: قَالَ أَصْحَابُ سَلْمَانَ لِسَلْمَانَ: أَوْصِنَا. فَقَالَ: مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَمُوتَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ غَازِيًا أَوْ فِي نَقْلِ الْقِرَاءَةِ فَلْيَمُتْ. وَلا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ فَاجِرًا وَلا خَائِنًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ وَنَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ بَكَى فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: أَمَا(4/68)
وَاللَّهِ مَا أَبْكِي جَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ وَلا حِرْصًا عَلَى الرَّجْعَةِ وَلَكِنْ إِنَّمَا أَبْكِي لأَمْرٍ عَهِدَهُ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْشَى أَنْ لا نَكُونَ حَفِظْنَا وَصِيَّةَ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّهُ قَالَ [لَنَا: لِيَكُنْ بَلاغُ أَحَدِكُمْ مِنَ الدُّنْيَا كَزَادِ الراكب] .
قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: عَادَ الأَمِيرُ سَلْمَانَ فِي مَرَضِهِ فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: أَمَّا أَنْتَ أَيُّهَا الأَمِيرُ فَاذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ هَمِّكَ إِذَا هَمَمْتَ وَعِنْدَ لِسَانِكَ إِذَا حَكَمْتَ وَعِنْدَ يَدِكَ إِذَا قَسَمْتَ. قُمْ عَنِّي. وَالأَمِيرُ يَوْمَئِذٍ سعد بن مالك.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ:
لَمَّا حَضَرَتْ سَلْمَانَ الْوَفَاةُ قَالَ لِصَاحِبَةِ مَنْزِلِهِ: هَلُمِّي خبيك الَّذِي اسْتَخْبَأْتُكِ. قَالَتْ:
فَجِئْتُهُ بِصُرَّةِ مِسْكٍ. قَالَ فَقَالَ: ائْتِينِي بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ. فَنَثَرَ الْمِسْكَ فِيهِ ثُمَّ مَاثَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: انْضَحِيهِ حَوْلِي فَإِنَّهُ يَحْضُرْنِي خَلَقٌ مِنْ خَلَقِ اللَّهِ يَجِدُونَ الرِّيحَ وَلا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ ثُمَّ اجْفَئِي عَلَيَّ الْبَابَ وَانْزِلِي. قَالَتْ فَفَعَلْتُ وَجَلَسْتُ هُنَيْهَةً فَسَمِعْتُ هَسْهَسَةً. قَالَتْ ثُمَّ صَعِدْتُ فَإِذَا هُوَ قد مات.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ الأَجْلَحِ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَصَابَ سَلْمَانُ صُرَّةَ مِسْكٍ يَوْمَ فُتِحَتْ جَلُولاءُ فَاسْتَوْدَعَهَا امْرَأَتَهُ. فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: هَاتِي هَذِهِ الْمِسْكَةَ. فَمَرَسَهَا فِي مَاءٍ ثُمَّ قَالَ: انْضَحِيهَا حَوْلِي فَإِنَّهُ يَأْتِينِي زُوَّارٌ الآنَ. قَالَ فَفَعَلْتُ فَلَمْ يَمْكُثْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلا قَلِيلا حَتَّى قُبِضَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ فِرَاسٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ:
حَدَّثَنِي الْجَزْلُ عَنِ امْرَأَةِ سَلْمَانَ بُقَيْرَةَ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ. يَعْنِي سَلْمَانَ. دَعَانِي وَهُوَ فِي عُلَيَّةٍ لَهُ لَهَا أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ فَقَالَ: افْتَحِي هَذِهِ الأَبْوَابَ يَا بُقَيْرَةُ فَإِنَّ لِيَ الْيَوْمَ زُوَّارًا لا أَدْرِي مِنْ أَيِّ هَذِهِ الأَبْوَابِ يَدْخُلُونَ عَلَيَّ. ثُمَّ دَعَا بِمِسْكٍ لَهُ فَقَالَ: أَدِيفِيهِ فِي تَنُّورٍ.
فَفَعَلْتُ ثُمَّ قَالَ: انْضَحِيهِ حَوْلَ فِرَاشِي ثُمَّ انْزِلِي فَامْكُثِي فَسَوْفَ تَطَّلِعِينَ فَتَرَي عَلَى فِرَاشِي. فَاطَّلَعْتُ فَإِذَا هُوَ قَدْ أُخِذَ رُوحُهُ فَكَأَنَّمَا هُوَ نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِهِ وَنَحْوًا مِنْ هَذَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالا: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ أَنَّ سَلْمَانَ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَعَا بِصُرَّةٍ مِنْ مِسْكٍ كَانَ أَصَابَهَا مِنْ بَلَنْجَرَ فَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُدَافَ وَتُجْعَلَ حَوْلَ(4/69)
فِرَاشِهِ. وَقَالَ: فَإِنَّهُ يَحْضُرُنِي اللَّيْلَةَ مَلائِكَةٌ يَجِدُونَ الريح ولا يأكلون الطعام.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ أَنَّ سَلْمَانَ قَالَ لَهُ: أَيْ أُخَيَّ. أَيُّنَا مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ فَلْيَتَرَاءَ لَهُ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ: أَوَيَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِنَّ نَسَمَةَ الْمُؤْمِنِ مُخَلاةٌ تَذْهَبُ فِي الأَرْضِ حَيْثُ شَاءَتْ وَنَسَمَةُ الْكَافِرِ فِي سِجْنٍ. فَمَاتَ سَلْمَانُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَبَيْنَمَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ قَائِلٌ بِنِصْفِ النَّهَارِ عَلَى سَرِيرٍ لِي فَأَغْفَيْتُ إِغْفَاءَةً إِذْ جَاءَ سَلْمَانُ فقال: السلام عليك وَرَحْمَةُ اللَّهِ. فَقُلْتُ: السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ.
كَيْفَ وَجَدْتَ مَنْزِلَكَ؟ قَالَ: خَيْرًا وَعَلَيْكَ بِالتَّوَكُّلِ فَنِعْمَ الشَّيْءُ التَّوَكُّلُ. وَعَلَيْكَ بِالتَّوَكُّلِ فَنِعْمَ الشَّيْءُ التَّوَكُّلُ. وَعَلَيْكَ بِالتَّوَكُّلِ فَنِعْمَ الشيء التوكل.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ:
حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّ سَلْمَانَ مَاتَ قَبْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ فَرَآهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ أَنْتَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: بِخَيْرٍ.
قَالَ: أَيُّ الأَعْمَالِ وَجَدْتَهَا أَفْضَلَ؟ قَالَ: وَجَدْتُ التَّوَكُّلَ شَيْئًا عجيبا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: تُوُفِّيَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بِالْمَدَائِنِ.
ومن بني عبد شمس بن عبد مناف
360- خالد بن سعيد بن العاص
بن أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بن قصي. وأمه أم خَالِد بِنْت خَبَّاب بْن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بْنِ لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْن كنانة. وكان لخالد بْن سَعِيد من الولد سَعِيد. وُلِدَ بأرض الحبشة. درج وأمه بِنْت خَالِد ولدت بأرض الحبشة تزوجها الزُّبَيْر بْن الْعَوَّام فولدت له عمرًا وخالدًا ثُمَّ خلف عليها سَعِيد بْن العاص. وأمهما همينة بِنْت خَلَفِ بْن أَسْعَدَ بْن عَامِرِ بْن بَيَاضَةَ بْن سُبَيْعِ بْن جعثمة بْنِ سَعْدِ بْنِ مَلِيحِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ خزاعة.
وليس لخالد بن سعيد اليوم عقب.
__________
360 حذف من نسب قريش (35) ، المغازي (873) ، (927) ، (932) ، (967) ، (968) ، (973) ، (1085) ، ابن هشام (1/ 166، 224، 259، 322) ، (2/ 359، 360، 542، 583، 645) .(4/70)
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بن عُثْمَانَ قَالَ: كَانَ إِسْلامُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ قديما وكان أول إخوته. أسلم وَكَانَ بَدْءُ إِسْلامِهِ أَنَّهُ رَأَى فِي النَّوْمِ أَنَّهُ وَاقِفٌ عَلَى شَفِيرِ النَّارِ فَذِكْرُ مِنْ سَعَتِهَا مَا اللَّهُ بِهِ أَعْلَمُ. وَيَرَى فِي النَّوْمِ كَأَنَّ أَبَاهُ يَدْفَعُهُ فِيهَا وَيَرَى رَسُولَ اللَّهِ آخِذًا بِحَقْوَيْهِ لِئَلا يَقَعَ. فَفَزِعَ مِنْ نَوْمِهِ فَقَالَ: أَحْلِفُ بِاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَرُؤْيَا حَقٌّ. فَلَقِيَ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي قُحَافَةَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أُرِيدَ بك خير. هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاتبعه فإنك ستتبعه وتدخل معه في الإِسْلامَ الَّذِي يَحْجِزُكَ مِنْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا. وَأَبُوكَ وَاقِعٌ فِيهَا. فَلَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِأَجْيَادَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِلَى مَا تَدْعُو؟ قَالَ: أَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَخَلْعَ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ حَجَرٍ لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يَضُرُّ وَلا يَنْفَعُ وَلا يَدْرِي مَنْ عَبَدَهُ مِمَّنْ لَمْ يَعْبُدْهُ. قَالَ خَالِدٌ:
فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. فَسُّرَ رَسُولُ اللَّهِ بِإِسْلامِهِ. وَتَغَيَّبَ خَالِدٌ. وَعَلِمَ أَبُوهُ بِإِسْلامِهِ فَأَرْسَلَ فِي طَلَبِهِ مَنْ بَقِيَ مِنْ وَلَدِهِ مِمَّنْ لَمْ يُسْلِمْ وَرَافِعًا مَوْلاهُ. فَوَجَدُوهُ فَأَتَوْا بِهِ إِلَى أَبِيهِ أَبِي أُحَيْحَةَ فَأَنَّبَهُ وَبَكَّتَهُ وَضَرَبَهُ بِمِقْرَعَةٍ فِي يَدِهِ حَتَّى كَسَرَهَا عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ: أَتْبَعْتَ مُحَمَّدًا وَأَنْتَ تَرَى خِلافَهُ قَوْمَهُ وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عَيْبِ آلِهَتِهِمْ وَعَيْبِ مَنْ مَضَى مِنْ آبَائِهِمْ؟ فَقَالَ خَالِدٌ: قَدْ صَدَقَ وَاللَّهِ وَاتَّبَعْتُهُ. فَغَضِبَ أَبُو أُحَيْحَةَ وَنَالَ مِنَ ابْنِهِ وَشَتَمَهُ. ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ يَا لُكَعُ حيث شئت فو الله لأَمْنَعَنَّكَ الْقُوتَ.
فَقَالَ خَالِدٌ: إِنْ مَنَعْتَنِي وَإِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُنِي مَا أَعِيشُ بِهِ. فَأَخْرَجَهُ وَقَالَ لِبَنِيهِ: لا يُكَلِّمْهُ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلا صَنَعْتُ بِهِ مَا صَنَعْتُ بِهِ. فَانْصَرَفَ خَالِدٌ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان يلزمه ويكون معه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَكِيمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ يُحَدِّثُ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ قَالَ: كَانَ إِسْلامُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ثَالِثًا أَوْ رَابِعًا. وَكَانَ ذَلِكَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُو سِرًّا. وَكَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُصَلِّي فِي نَوَاحِي مَكَّةَ خَالِيًا فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا أُحَيْحَةَ فَدَعَاهُ فَكَلَّمَهُ أَنْ يَدَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ فَقَالَ خَالِدٌ: لا أَدَعُ دِينَ مُحَمَّدٍ حَتَّى أَمُوتَ عَلَيْهِ.
فَضَرَبَهُ أَبُو أُحَيْحَةَ بِقَرَّاعَةٍ فِي يَدِهِ حَتَّى كَسَرَهَا عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ إِلَى الْحَبْسِ وَضَيَّقَ عَلَيْهِ وَأَجَاعَهُ وَأَعْطَشَهُ حَتَّى لَقَدْ مَكَثَ فِي حَرِّ مَكَّةَ ثَلاثًا مَا يَذُوقَ مَاءً. فَرَأَى خَالِدٌ فُرْجَةً فَخَرَجَ فَتَغَيَّبَ عَنْ أَبِيهِ فِي نَوَاحِي مَكَّةَ حَتَّى حَضَرَ خُرُوجَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -(4/71)
إِلَى الْحَبَشَةِ فِي الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ. فَلَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَرَجَ إِلَيْهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ الأَعَزِّ الْمَكِّيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ الأُمَوِيُّ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَمِّهِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ مَرِضَ فَقَالَ: لَئِنْ رَفَعَنِي اللَّهُ مِنْ مَرَضِي هَذَا لا يُعْبَدُ إِلَهُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ بِبَطْنِ مَكَّةَ. فَقَالَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ عِنْدَ ذَلِكَ: اللَّهُمَّ لا تَرْفَعُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ خَالِدٍ بِنْتَ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ تَقُولُ: كَانَ أَبِي خَامِسًا فِي الإِسْلامِ. قُلْتُ: فَمَنْ تَقَدَّمَهُ؟ قَالَتْ: ابْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ أَبِي قُحَافَةَ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ. وَأَسْلَمَ أَبِي قَبْلَ الْهِجْرَةِ الأُولَى إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ. وَهَاجَرَ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَأَقَامَ بِهَا بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. وولدت أَنَا بِهَا.
وَقَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ سَنَةَ سَبْعٍ فَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُسْلِمِينَ فَأَسْهَمُوا لَنَا. ثُمَّ رَجَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَقَمْنَا. وَخَرَجَ أَبِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ وَغَزَا مَعَهُ إِلَى الْفَتْحِ هُوَ وَعَمِّي. يَعْنِي عَمْرًا. وَخَرَجَا مَعَهُ إِلَى تَبُوكَ.
وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبِي عَامِلا عَلَى صَدَقَاتِ الْيَمَنِ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي باليمن.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بن عثمان بْنِ عَفَّانَ قَالَ: أَقَامَ خَالِدٌ بَعْدَ أَنْ قَدِمَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ. وَكَانَ يَكْتُبُ لَهُ. وَهُوَ الَّذِي كَتَبَ كِتَابَ أَهْلِ الطَّائِفِ لِوَفْدِ ثَقِيفٍ. وَهُوَ الَّذِي مَشَى فِي الصُّلْحِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي خِلافَتِهِ يَقُولُ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ عَامِلُهُ عَلَى الْيَمَنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ:
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ بْنِ مَنَّاحٍ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ عامله على صدقات مَذْحِجٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ عَنْ إِبْرَاهِيم بْن عُقْبَةَ عَنْ أُمَّ خَالِدِ بِنْتَ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ قَالَتْ: خَرَجَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ هُمَيْنَةُ بِنْتُ خَلَفِ بْنِ أَسْعَدَ الْخُزَاعِيَّةُ(4/72)
فَوَلَدَتْ لَهُ هُنَاكَ سَعِيدًا وَأُمَّ خَالِدٍ وَهِيَ أَمَةُ امْرَأَةِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ. وَهَكَذَا كَانَ أَبُو مَعْشَرٍ يَقُولُ: هُمَيْنَةُ بِنْتُ خَلَفٍ. وَأَمَّا في رواية موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق فقالا: أمينة بنت خلف.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ خَالِدٍ بِنْتَ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ تَقُولُ: قَدِمَ أَبِي مِنَ الْيَمَنِ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْدَ أَنْ بُويِعَ لأَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لِعَلِيٍّ وَعُثْمَانَ:
أَرَضِيتُمْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَنْ يَلِيَ هَذَا الأَمْرَ عَلَيْكُمْ غَيْرُكُمْ؟ فَنَقَلَهَا عُمَرُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَحْمِلْهَا أَبُو بَكْرٍ عَلَى خَالِدٍ وَحَمَلَهَا عُمَرُ عَلَيْهِ. وَأَقَامَ خَالِدٌ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ لَمْ يُبَايِعْ أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ مَرَّ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ مظهرا وهو في داره فسلم فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ: أَتُحِبُّ أَنْ أُبَايِعَكَ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَحَبُّ أَنْ تَدْخُلَ فِي صُلْحٍ مَا دَخَلَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ. قَالَ:
مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّةَ أُبَايِعُكَ. فَجَاءَ وَأَبُو بَكْرٍ عَلَى الْمِنْبَرِ فَبَايَعَهُ. وكان رأي أبي بكر فيه حَسَنًا. وَكَانَ مُعَظِّمًا لَهُ. فَلَمَّا بَعَثَ أَبُو بكر الجنود على الشام عقد له على الْمُسْلِمِينَ وَجَاءَ بِاللِّوَاءِ إِلَى بَيْتِهِ. فَكَلَّمَ عُمَرُ أَبَا بَكْرِ وَقَالَ: تُوَلِّي خَالِدًا وَهُوَ الْقَائِلَ مَا قَالَ؟ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَرْسَلَ أَبَا أَرْوَى الدَّوْسِيَّ فَقَالَ: إِنَّ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لَكَ ارْدُدْ إِلَيْنَا لِوَاءَنَا. فَأَخْرَجَهُ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا سَرَّتْنَا وِلايَتُكُمْ وَلا سَاءَنَا عَزْلُكُمْ وإن المليم لغيرك. فَمَا شَعَرْتُ إِلا بِأَبِي بَكْرٍ دَاخِلٌ عَلَى أَبِي يَعْتَذِرُ إِلَيْهِ وَيَعْزِمُ عَلَيْهِ أَلا يَذْكُرَ عمر بحرف. فو الله مَا زَالَ أَبِي يَتَرَحَّمُ عَلَى عُمَرَ حَتَّى مات.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: لَمَّا عَزَلَ أَبُو بَكْرٍ خَالِدًا وَلَّى يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ جُنْدَهُ وَدَفَعَ لِوَاءَهُ إلى يزيد.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا عَزَلَ أَبُو بَكْرٍ خالد بن سعيد أوصى به شرحبيل بن حَسَنَةَ.
وَكَانَ أَحَدَ الأُمَرَاءِ. فَقَالَ: انْظُرْ خَالِدَ بْنَ سَعِيدٍ فَاعْرِفْ لَهُ مِنَ الْحَقِّ عَلَيْكَ مِثْلَ مَا كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ يَعْرِفَهُ لَكَ مِنَ الْحَقِّ عَلَيْهِ لَوْ خَرَجَ وَالِيًا عَلَيْكَ. وَقَدْ عَرَفْتَ مَكَانَهُ مِنَ الإِسْلامِ. وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُوُفِّيَ وَهُوَ لَهُ وَالٍ. وَقَدْ كُنْتُ وَلَّيْتُهُ ثُمَّ رَأَيْتُ عَزَلَهُ.
وَعَسَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُ فِي دِينِهِ. مَا أُغْبِطَ أَحَدًا بِالإِمَارَةِ. وَقَدْ خَيَّرْتُهُ فِي أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ فَاخْتَارَكَ عَلَى غَيْرِكَ عَلَى ابْنِ عَمِّهِ. فَإِذَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تحتاج فيه إلى رأي التقى(4/73)
الناصح فليكن أَوَّلَ مَنْ تُبَدَّأُ بِهِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ. وَلْيَكُ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ ثَالِثًا. فَإِنَّكَ وَاجِدٌ عِنْدَهُمْ نُصْحًا وَخَيْرًا. وَإِيَّاكَ وَاسْتِبْدَادَ الرَّأْيِ عَنْهُمْ أَوْ تَطْوِي عَنْهُمْ بَعْضَ الْخَبَرِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَقُلْتُ لِمُوسَى بْنِ مُحَمَّدٍ أَرَأَيْتَ قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ قَدِ اخْتَارَكَ عَلَى غَيْرِكَ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّ خَالِدَ بْنَ سَعِيدٍ لَمَّا عَزَلَهُ أَبُو بَكْرٍ كَتَبَ إِلَيْهِ: أَيُّ الأُمَرَاءِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ فَقَالَ: ابْنُ عَمِّي أَحَبُّ إِلَيَّ فِي قَرَابَتِهِ وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ فِي دِينِي فَإِنَّ هَذَا أَخِي فِي دِينِي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَاصِرِي عَلَى ابْنِ عمي. فاستحب أن يكون مع شرحبيل بن حسنة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
شَهِدَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ فَتْحَ أَجْنَادِينَ وَفِحْلٍ وَمَرْجِ الصُّفَّرِ. وَكَانَتْ أُمُّ الْحَكِيمِ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ تَحْتَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ فَقُتِلَ عَنْهَا بِأَجْنَادِينَ فَأَعْدَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. وَكَانَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ يَخْطُبُهَا. وَكَانَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ يُرْسِلُ إِلَيْهَا فِي عِدَّتِهَا يَتَعَرَّضُ لِلْخِطْبَةِ. فَحَطَّتْ إِلَى خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ فَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ. فَلَمَّا نَزَلَ الْمُسْلِمُونَ مَرْجَ الصُّفَّرِ أَرَادَ خَالِدٌ أَنْ يُعَرِّسَ بِأُمِّ حَكِيمٍ فَجَعَلَتْ تَقُولُ: لَوْ أَخَّرْتَ الدُّخُولَ حَتَّى يَفُضَّ اللَّهُ هَذِهِ الْجُمُوعَ. فَقَالَ خَالِدٌ: إِنَّ نَفْسِي تُحَدِّثُنِي أَنِّي أُصَابُ فِي جُمُوعِهِمْ. قَالَتْ: فَدُونَكَ. فَأَعْرَسَ بِهَا عِنْدَ الْقَنْطَرَةِ الَّتِي بِالصُّفَّرِ فَبِهَا سُمِّيَتْ قَنْطَرَةَ أُمِّ حَكِيمٍ. وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا فِي صُبْحِ مُدْخَلِهِ فَدَعَا أَصْحَابَهُ عَلَى طَعَامٍ فَمَا فَرَغُوا مِنَ الطَّعَامِ حَتَّى صَفَّتِ الرُّومُ صُفُوفُهَا صُفُوفًا خَلْفَ صُفُوفٍ وَبَرَزَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مُعَلَّمٌ يَدْعُو إِلَى الْبَرَازِ فَبَرَزَ إِلَيْهِ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الْعَامِرِيُّ فَنَهَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ. فَبَرَزَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَتَلَهُ حَبِيبٌ وَرَجَعَ إِلَى مَوْضِعِهِ. وَبَرَزَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ فَقَاتَلَ فَقُتِلَ.
وَشَدَّتْ أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ الْحَارِثِ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا وَعَدَتْ وَإِنَّ عَلَيْهَا لَدِرْعَ الْحَلُوقِ فِي وَجْهِهَا. فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ الْقِتَالِ عَلَى النَّهَرِ وَصَبَرَ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا وَأَخَذْتِ السُّيُوفُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَلا يُرْمَى بِسَهْمٍ وَلا يُطْعَنُ بِرُمْحٍ وَلا يُرْمَى بِحَجَرٍ وَلا يُسْمَعُ إِلا وَقَعُ السُّيُوفِ عَلَى الْحَدِيدِ وَهَامَ الرِّجَالُ وَأَبْدَانُهُمْ. وَقَتَلَتْ أُمُّ حَكِيمٍ يَوْمَئِذٍ سَبْعَةً بِعَمُودِ الْفُسْطَاطِ الَّذِي بَاتَ فِيهِ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ مُعَرِّسًا بِهَا. وَكَانَتْ وَقْعَةُ مَرْجِ الصُّفَّرِ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا(4/74)
أَشْيَاخُنَا أَنَّ خَالِدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ قَتَلَ رَجُلا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَبِسَ سَلَبَهُ دِيبَاجًا أَوْ حَرِيرًا فَنَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَهُوَ مَعَ عُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ: مَا تَنْظُرُونَ؟ مَنْ شَاءَ فَلْيَعْمَلْ مِثْلَ عَمَلِ خالد ثم يتلبس لباس خالد.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَمِّهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَهُ فِي رَهْطٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى مَلِكِ الْحَبَشَةِ فَقَدِمُوا عَلَيْهِ. وَمَعَ خَالِدٍ امْرَأَةٌ لَهُ. قَالَ فَوَلَدَتْ لَهُ جَارِيَةً.
وَتَحَرَّكَتْ وَتَكَلَّمَتْ هُنَاكَ. ثُمَّ إِنَّ خَالِدًا أَقْبَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَقَدْ فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ. فَأَقْبَلَ يَمْشِي وَمَعَهُ ابْنَتُهُ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ نَشْهَدْ مَعَكَ بَدْرًا.
[فَقَالَ: أَوَمَا تَرْضَى يَا خَالِدُ أَنْ يَكُونَ لِلنَّاسِ هِجْرَةٌ وَلَكُمْ هِجْرَتَانِ ثِنْتَانِ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَذَاكَ لَكُمْ] . ثُمَّ إِنَّ خَالِدًا قَالَ لابْنَتِهِ: اذْهَبِي إِلَى عَمِّكِ. اذْهَبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَلِّمِي عَلَيْهِ. فَذَهَبَتِ الْجُوَيْرِيَّةُ حَتَّى أَتَتْهُ مِنْ خَلْفِهِ فَأَكَبَّتْ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهَا قَمِيصٌ أَصْفَرُ. فَأَشَارَتْ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُرِيهِ فَقَالَ: سِنَهْ سِنَهْ سِنَهْ. يَعْنِي حَسَنٌ يَعْنِي بِالْحَبَشِيَّةِ أَبْلِي وَأَخْلِقِي ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِقِي.
361- عَمْرُو بْنُ سعيد
بن العاص بن أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بن قصي. وأمه صفية بِنْت المغيرة بْن عَبْد الله بْن عُمَر بْن مخزوم. ولم يكن له عقب.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَكِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ وَصَنَعَ بِهِ أَبُوهُ أُحَيْحَةُ مَا صَنَعَ فَلَمْ يَرْجِعْ خَالِدٌ عَنْ دِينِهِ وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى خَرَجَ إِلَى الْحَبَشَةِ فِي الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ غَاظَ ذَلِكَ أَبَا أُحَيْحَةَ وَغَمَّهُ وَقَالَ: لأَعْتَزِلَنَّ فِي مَالِي لا أَسْمَعُ شَتْمَ آبَائِي وَلا عَيْبَ آلهتي هو أحب إلي من المقام ما هَؤُلاءِ الصُّبَاةِ. فَاعْتَزَلَ فِي مَالِهِ بِالظُّرَيْبَةِ نَحْوَ الطَّائِفِ. وَكَانَ ابْنُهُ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ عَلَى دِينِهِ. وَكَانَ يُحِبُّهُ وَيُعْجِبُهُ. فَقَالَ أَبُو أُحَيْحَةَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ فِيمَا أَنْشِدْنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيُّ:
أَلا لَيْتَ شَعْرِي عَنْكَ يَا عَمْرُو سَائِلا ... إِذَا شَبَّ وَاشْتَدَّتْ يداه وسلحا
أتترك أمر القوم فِيهِ بَلابِلٌ ... وَتَكْشِفُ غَيْظًا كَانَ فِي الصَّدْرِ موجحا؟
__________
361 حذف من نسب قريش (35) ، المغازي (845) ، (925) ، (932) ، وابن هشام (1/ 166، 259، 323) ، (2/ 360، 415) ، والطبري (3/ 170، 402، 572) .(4/75)
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ عَبْدِ الْحَكِيمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ أَبُو أُحَيْحَةَ إِلَى مَالِهِ بِالظُّرَيْبَةِ أَسْلَمَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ وَلَحِقَ بِأَخِيهِ خَالِدِ بن سعيد بأرض الحبشة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بن عُثْمَانَ قَالَ: أسلم عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ بَعْدَ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ بِيَسِيرٍ.
وَكَانَ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ فِي الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ مَعَهُ امْرَأَتُهُ فَاطِمَةُ بنت صفوان بن أمية بن محرث بن شَقِّ بْنِ رَقَبَةَ بْنِ مُخْدَجٍ الْكِنَانِيَةُ. وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَيْضًا يُسَمِّيهَا وَيَنْسُبُهَا هَكَذَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بن عقبة عن أم خالد بنت خالد قَالَتْ: قَدِمَ عَلَيْنَا عَمِّي عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ أرض الْحَبَشَةِ بَعْدَ مَقْدَمِ أَبِي بِسَنَتَيْنِ فَلَمْ يَزَلْ هُنَاكَ حَتَّى حُمِلَ فِي السَّفِينَتَيْنِ مَعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بخير سَنَةَ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ. فَشَهِدَ عَمْرٌو مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْفَتْحَ وحنين وَالطَّائِفَ وَتَبُوكَ. فَلَمَّا خَرَجَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى الشَّامِ فَكَانَ فِيمَنْ خَرَجَ فَقُتِلَ يَوْمَ أَجْنَادِينَ شَهِيدًا فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ. وَكَانَ عَلَى النَّاسِ يَوْمَئِذٍ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ.
وَمَنْ حُلَفَاءِ بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ
362- أَبُو أَحْمَدَ بْنُ جَحْشِ
بْنِ رِئَابِ بْنِ يَعْمَرَ بْنِ صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بْن دودان بْن أسد بْن خُزَيْمَة واسمه عبد الله. وأمه أميمة بِنْت عَبْد المُطَّلِب بْن هاشم بْن عَبْد مناف بْن قصي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن صالح عن يزيد بن رومان قال: أسلم أَبُو أَحْمَدَ بْنُ جَحْشٍ مَعَ أَخَوَيْهِ عَبْدِ اللَّهِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الأَرْقَمِ يَدْعُوَ فِيهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الْجَحْشِيُّ عَنْ أبيه
__________
362 المغازي (2) ، (13) ، (16) ، (17) ، (19) ، (140) ، (154) ، (253) ، (274) ، 291) ، (300) ، (839) ، (840) ، (841) ، ابن هشام (1/ 470، 472، 500) .(4/76)
قَالَ: هَاجَرَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ جَحْشٍ مَعَ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ وَقَوْمِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَزَلُوا عَلَى مُبَشِّرِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ. فَعَمَدَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ إِلَى دَارِ أَبِي أَحْمَدَ فَبَاعَهَا مِنَ ابْنِ عَلْقَمَةَ الْعَامِرِيِّ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ. فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَفَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ قَامَ أَبُو أَحْمَدَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ عَلَى جَمَلٍ لَهُ فَجَعَلَ يَصِيحُ: أَنْشُدُ بِاللَّهِ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ حِلْفِي. وَأَنْشُدُ بِاللَّهِ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ دَارِي. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَسَارَّهُ بِشَيْءٍ فَذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَى أَبِي أَحْمَدَ فَسَارَّهُ. فَنَزَلَ أَبُو أَحْمَدَ عَنْ بَعِيرِهِ وَجَلَسَ مَعَ الْقَوْمِ فَمَا سَمِعَ ذَاكِرَهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ. وَقَالَ آلُ أَبِي أَحْمَدَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ لَهُ: لَكَ بِهَا دَارٌ فِي الْجَنَّةِ] . قَالَ أَبُو أَحْمَدَ فِي بَيْعِ دَارِهِ لأَبِي سُفْيَانَ:
أَقْطَعْتَ عَقْدَكَ بَيْنَنَا ... وَالْجَارِيَاتِ إِلَى نَدَامَهْ
أَلا ذَكَرْتَ لَيَالِيَ الْعَشْرِ ... الَّتِي فِيهَا الْقَسَامَهْ
عَقْدِي وَعَقْدُكَ قَائِمٌ ... أَنْ لا عُقُوقَ وَلا أَثَامَهْ
دَارُ ابْنِ عَمِّكَ بِعْتَهَا ... تَشْرِي بِهَا عَنْكَ الْغَرَامَهْ
اذْهَبْ بِهَا اذْهَبْ بِهَا ... طُوِّقْتَهَا طَوْقَ الْحَمَامَهْ
وَجَرَيْتَ فِيهِ إِلَى الْعُقُوقِ ... وَأَسْوَأُ الْخُلُقِ الزَّعَامَهْ
قَدْ كُنْتُ آوِي إِلَى ذُرًى ... فِيهِ الْمُقَامَةُ وَالسَّلامَهْ
مَا كَانَ عَقْدُكَ مِثْلَ مَا ... عَقَدَ ابْنُ عَمْرٍو لابْنِ مَامَهْ
وَقَالَ أَيْضًا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ جَحْشٍ فِي ذَلِكَ:
أَبَنِي أُمَامَةَ كَيْفَ أُخْذَلُ فِيكُمُ ... وَأَنَا ابْنُكُمْ وَحَلِيفُكُمْ فِي الْعَشْرِ
وَلَقَدْ دَعَانِي غَيْرُكُمْ فَأَتَيْتُهُ ... وَخَبْأَتْكُمُ لِنَوَائِبِ الدَّهْرِ
قَالَ: وَكَانَ الأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ قَدْ دَعَا أَبَا أَحْمَدَ إِلَى أَنْ يُحَالِفَهُ وَقَالَ: دَمِي دُونَ دَمِكَ وَمَالِي دُونَ مَالِكَ. فَأَبَى وَحَالَفَ حَرْبَ بْنَ أُمَيَّةَ. وَكَانُوا يَتَحَالَفُونَ فِي الْعَشْرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ قِيَامًا يَتَمَاسَحُونَ كَمَا يَتَمَاسَحُ الْبَيِّعَانِ. وَكَانُوا يَتَوَاعَدُونَ لِذَلِكَ قَبْلَ الْعَشْرِ.
363- عَبْد الرَّحْمَن بْن رقيش
بْن رئاب بْن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خُزَيْمَة. شهِدَ أحدًا. وهو أخو يزيد بْن رقيش الَّذِي شهِدَ بدْرًا.
364- عَمْرو بن مِحْصَنِ
بْنِ حَرْثَانَ بْنِ قَيْسِ بْنِ مُرَّةَ بن كبير بن غنم بن
__________
364 ابن هشام (1/ 472) .(4/77)
دودان بْن أسد بْن خُزَيْمَة. شهِدَ أحدًا. وهو أخو عكاشة بْن محصن الَّذِي شهِدَ بدْرًا.
365- قَيْس بْن عَبْد الله
من بني أسد بْن خُزَيْمَة. وهو قديم الْإِسْلَام بمكّة وهاجر إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية ومعه امرأته بركة بِنْت يسار الْأَزْدِيّ وهي أخت أبي تجراه. وكان قَيْس بْن عَبْد الله ظئرا لعبيد الله بْن جحش فهاجر معه إِلَى أرض الحبشة. فتنصر عُبَيْد الله بْن جحش ومات هناك بأرض الحبشة. وثبت قَيْس بْن عَبْد الله على الإسلّام.
366- صفوان بْن عَمْرو
وهو من بني سليم بْن مَنْصُور من قَيْس عيلان حلفاء بني كبير بْن غنم بْن دودان بْن أسد بْن خُزَيْمَة حلفاء بني عَبْد شمس. شهِدَ أحدًا. وهو أخو مالك ومدلاج وثقف بني عَمْرو الّذين شهدوا بدْرًا.
367- أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ
واسمه عَبْد الله بْن قَيْس بْن سليم بْن حضار بْن حرب بْن عامر بْن عنز بْن بَكْر بْن عامر بْن عذر بْن وائل بْن ناجية بْن الجماهر بْن الأشعر. وهو نبت بْن أدد بْن زَيْد بْن يشجب بْن عريب بْن زَيْد بْن كهلان بن سبأ بْن يشجب بْن يعرب بْن قحطان. وأم أبي موسى ظبية بنت وهب من عك وقد كَانَتْ أسلمت وماتت بالمدينة.
__________
365 ابن هشام (1/ 324) .
366 ابن هشام (1/ 472) .
367 تاريخ الدوري (2/ 326) ، وطبقات خليفة (68) ، (132) ، (182) ، (318) ، وعلل ابن المديني (40) ، (41) ، (54) ، (64) ، (66) ، وعلل أحمد (1/ 197، 201، 335) ، والتاريخ الكبير للبخاري (5/ ت 35) ، والمعارف (266) ، وتاريخ أبي زرعة (183) ، (231) ، (650) ، (670) ، والقضاة لوكيع (1/ 283) ، والجرح والتعديل (5/ ت 642) ، والثقات لابن حبان (3/ 221) ، وحلية الأولياء (1/ 256- 264) ، والاستيعاب (3/ 979) ، (4/ 1762) ، وأنساب السمعاني (1/ 273) ، (8/ 381) ، وأسد الغابة (3/ 245) ، وسير أعلام النبلاء (2/ 380) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 3487) ، والعبر (1/ 21، 24، 28، 29، 30، 35) ، وتذكرة الحفاظ (1/ 23) ، وتهذيب الكمال (3491) ، وتذهيب الكمال (2) ورقة (174) ، وغاية النهاية (443) ، وتهذيب التهذيب (5/ 362، 363) ، والإصابة (1/ ت 4898) ، وتقريب التهذيب (1/ 441) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3739) ، وشذرات الذهب (1/ 29، 30، 35، 36، 40، 46، 47، 53، 62، 63) .(4/78)
قال: أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ قَدِمَ مَكَّةَ فَحَالَفَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ أَبَا أُحَيْحَةَ. وَأَسْلَمَ بِمَكَّةَ وَهَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ. ثُمَّ قَدِمَ مَعَ أَهْلِ السَّفِينَتَيْنِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بردة بن أبي موسى عن أبيه قال: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَنْطَلِقَ مَعَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى أَرْضِ النَّجَاشِيِّ فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا فَبَعَثُوا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَعُمَارَةَ بْنَ الْوَلِيدِ.
وَجَمَعُوا للنجاشي هدية. فقدمنا وقدموا على النجاشي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ قَالَ: لَيْسَ أَبُو مُوسَى مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ وَلَيْسَ لَهُ حِلْفٌ فِي قُرَيْشٍ. وَقَدْ كَانَ أسلم بِمَكَّةَ قَدِيمًا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بِلادِ قَوْمِهِ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى قَدِمَ هُوَ وَنَاسٌ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَافَقَ قُدُومُهُمْ قَدُومَ أَهْلِ السَّفِينَتَيْنِ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ. وَوَافَقُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ فَقَالُوا: قَدِمَ أَبُو مُوسَى مَعَ أَهْلِ السَّفِينَتَيْنِ. وَكَانَ الأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ وَافَقَ قُدُومُهُ قُدُومَهُمْ. ولم يذكره موسى بن عقبة ومحمد بن إِسْحَاقَ وَأَبُو مَعْشَرٍ فِيمَنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرِ بْنِ حَبِيبٍ السَّهْمِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ أَقْوَامٌ هُمْ أَرَقُّ مِنْكُمْ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: قُلُوبًا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ: أَفْئِدَةً] .
فَقَدِمَ الأَشْعَرِيُّونَ فِيهِمْ أَبُو مُوسَى. فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ جَعَلُوا يَرْتَجِزُونَ:
غَدًا نَلْقَى الأَحِبَّهْ ... مُحَمَّدًا وَحِزْبَهْ
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أُخْبِرْتُ عن أبي أسامة قال: حدثني يزيد بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: هَاجَرْنَا مِنَ الْيَمَنِ فِي بِضْعَةٍ وَخَمْسِينَ رَجُلا مِنْ قَوْمِي وَنَحْنُ ثَلاثَةُ إِخْوَةٍ: أَبُو مُوسَى وَأَبُو رُهْمٍ وَأَبُو بُرْدَةَ. فَأَخْرَجَتْهُمْ سَفِينَتُهُمْ إِلَى النَّجَاشِيِّ وَعِنْدَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابُهُ. فَأَقْبَلُوا جَمِيعًا فِي سَفِينَةٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ. قَالَ فَمَا قَسَمَ لأَحَدٍ غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيْبَرَ مِنْهَا شَيْئًا إِلا لِمَنْ شَهِدَ مَعَهُ. إِلا أَصْحَابُ السَّفِينَةِ جَعْفَرُ وَأَصْحَابُهُ قَسَمَ لَهُمْ مَعَهُمْ وَقَالَ: لَكُمُ الْهِجْرَةُ مَرَّتَيْنِ. هَاجَرْتُمْ إِلَى النَّجَاشِيِّ وَهَاجَرْتُمْ إِلَيَّ.(4/79)
قَالَ أَبُو مُوسَى: كُنْتُ وَأَصْحَابِي مِنْ أَهْلِ السَّفِينَةِ إِذْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ وَهُمْ نَازِلُونَ فِي بَقِيعِ بُطْحَانَ. فَكَانَ يَتَنَاوَبُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ كُلِّ صَلاةِ الْعِشَاءِ كُلَّ لَيْلَةٍ نَفَرٌ مِنْهُمْ. قَالَ أَبُو مُوسَى: فَوَافَقْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَا وَأَصْحَابِي وَلَهُ بَعْضُ الشُّغْلِ فِي بَعْضِ أَمْرِهِ حَتَّى أَعْتَمَ بِالصَّلاةِ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ. ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَصَلَّى بِهِمْ. [فَلَمَّا قَضَى صَلاتُهُ قَالَ لِمَنْ حَضَرَهُ: على رسلكم أكلمكم وأبشروا أَنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ يُصَلِّي هَذِهِ السَّاعَةَ غَيْرُكُمْ. أَوْ قَالَ: مَا صَلَّى هَذِهِ الصَّلاةَ أَحَدٌ غَيْرُكُمْ. فَرَجَعْنَا فَرِحِينَ بِمَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ الله. ص] .
قَالَ أَبُو مُوسَى: وَوُلِدَ لِي غُلامٌ فَأَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسماه إبراهيم وحنكه بتمرة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكٍ قال: سمعت عياضا الأشعري في قوله تعالى: «فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ» المائدة: 54. قال: قال النبي. ص: هم قوم هذا. يعني أبا موسى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ قال: [قال رسول الله. ص: سيد الفوارس أبو موسى] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: [إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ أَوِ الأَشْعَرِيَّ أُعْطِيَ مِزْمَارًا مِنْ مزامير آل داود] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: [دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَسْجِدَ فَسَمِعَ قِرَاءَةَ رَجُلٍ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ. فَقَالَ: لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ داود] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَوْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ: سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِرَاءَةَ أَبِي مُوسَى. قَالَ: [لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاودَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - سَمِعَ أَبَا مُوسَى يَقْرَأُ [فَقَالَ:(4/80)
لَقَدْ أُوتِيَ أَخُوكُمْ مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ قَالَ إِسْمَاعِيلُ أَوْ نُبِّئْتُ عَنْهُ. قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ قَالَ: كَانَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ يُصَلِّي بِنَا فَلَوْ قُلْتُ إِنِّي لَمْ أَسْمَعْ صَوْتَ صَنْجٍ قَطُّ وَلا بَرْبَطٍ قَطُّ كَانَ أَحْسَنَ مِنْهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عن أنس بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ قَامَ لَيْلَةً يُصَلِّي فَسَمِعَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَوْتَهُ. وَكَانَ حُلْوَ الصَّوْتِ. فَقُمْنَ يَسْتَمِعْنَ. فَلَمَّا أَصْبَحَ قِيلَ لَهُ إِنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَسْتَمِعْنَ. فَقَالَ: لَوْ عَلِمْتُ لَحَبَّرْتُكُنَّ تَحْبِيرًا وَلَشَوَّقْتُكُنَّ تشويقا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَهُ وَمُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ لِي أَبِي. يَعْنِي أَبَا مُوسَى: يَا بُنَيَّ لَوْ رَأَيْتَنَا وَنَحْنُ مَعَ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
إِذَا أَصَابَتْنَا السَّمَاءُ وَجَدَّتَ مِنَّا رِيحَ الضَّأْنِ مِنْ لِبَاسِنَا الصُّوفِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالا: حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: بَعَثَنِي الأَشْعَرِيُّ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ: كَيْفَ تَرَكْتَ الأَشْعَرِيَّ؟ فَقُلْتُ لَهُ: تَرَكْتُهُ يُعَلِّمُ النَّاسَ الْقُرْآنَ. فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ كَبِيرٌ وَلا تُسْمِعْهَا إِيَّاهُ. ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ تَرَكْتَ الأَعْرَابَ؟ قُلْتُ: الأَشْعَرِيِّينَ؟ قَالَ: لا بَلْ أَهْلَ الْبَصْرَةِ. قُلْتُ: أَمَا إِنَّهُمْ لَوْ سَمِعُوا هَذَا لِشِقَّ عَلَيْهِمْ. قَالَ: فَلا تُبْلِغْهُمْ فَإِنَّهُمْ أَعْرَابٌ إِلا أَنْ يَرْزُقَ اللَّهُ رَجُلا جِهَادًا. قَالَ وَهْبٌ فِي حَدِيثِهِ: في سبيل الله.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ عُمَرَ كَانَ إِذَا رَأَى أَبَا مُوسَى قَالَ: ذَكِّرْنَا يا أبا موسى. فيقرأ عِنْدِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: بِالشَّامِ أَرْبَعُونَ رَجُلا مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ كَانَ يَلِي أَمْرَ الأُمَّةِ إِلا أَجْزَاهُ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَجَاءَ رَهْطٌ مِنْهُمْ فِيهِمْ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ فَقَالَ: إِنِّي أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمْ لأُرْسِلَكَ إِلَى قَوْمٍ عَسْكَرَ الشَّيْطَانُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ. قَالَ: فَلا تُرْسِلْنِي. فَقَالَ: إِنَّ بِهَا جِهَادًا أَوْ إِنَّ بِهَا رِبَاطًا. قَالَ فأرسله إلى البصرة.(4/81)
قال: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عُمَرَ أَوْصَى أَنْ يُتْرَكَ أَبُو مُوسَى بَعْدَهُ سَنَةً. يعني على عمله.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ لأَبِي مُوسَى: شَوِّقْنَا إِلَى رَبِّنَا. فَقَرَأَ. فَقَالُوا: الصَّلاةَ. فَقَالَ عمر:
أولسنا في صلاة؟
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي مَرْزُوقٍ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رُبَّمَا قَالَ لأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ: ذَكِّرْنَا رَبَّنَا. فَقَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو مُوسَى وَكَانَ حَسَنَ الصوت بالقرآن.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى عَلَى مِنْبَرِهِ وَهُوَ يَقُولُ: مَنْ عَلَّمَهُ اللَّهُ عِلْمًا فَلْيُعَلِّمْهُ وَلا يَقُولَنَّ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عَلْمٌ فَيَكُونَ مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ وَيَمْرُقُ مِنَ الدِّينِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ بِلالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّهِ عَنْ سُرَّيَّةٍ لأَبِي مُوسَى قَالَتْ: قَالَ أَبُو مُوسَى: مَا يَسُرُّنِي أَنْ أَشْرَبَ نَبِيذَ الْجَرِّ وَلِي خراج السواد سنتين.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى خَطَبَ النَّاسَ بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ ابْكُوا فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا فَإِنَّ أَهْلَ النَّارِ يَبْكُونَ الدُّمُوعَ حَتَّى تَنْقَطِعَ ثُمَّ يَبْكُونَ الدِّمَاءَ حَتَّى لَوْ أُجْرِيَ فِيهَا السُّفُنُ لسارت.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ: أَنَّ الْعَرَبَ هَلَكَتْ فَابْعَثْ إِلَيَّ بِطَعَامٍ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِطَعَامٍ وَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنِّي قَدْ بُعِثْتُ إِلَيْكَ بِكَذَا وَكَذَا مِنَ الطَّعَامِ فَإِنْ رَأَيْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تُكْتُبَ إِلَى أهل الأمصار فيجتمعون في يوم فَيَخْرُجُونَ فِيهِ فَيَسْتَسْقُونَ. فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَهْلِ الأَمْصَارِ. فَخَرَجَ أَبُو مُوسَى فَاسْتَسْقَى وَلَمْ يُصَلِّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ الْيَشْكُرِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنِي خَالِي بَشِيرُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الأَشْعَرِيَّ نَزَلَ بِأَصْبَهَانَ فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الإِسْلامَ فَأَبَوْا. فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ فَصَالَحُوهُ عَلَى ذَلِكَ فَبَاتُوا عَلَى صُلْحٍ حَتَّى إِذَا(4/82)
أَصْبَحُوا أَصْبَحُوا عَلَى غَدْرٍ. فَبَارَزَهُمُ الْقِتَالَ فَلَمْ يَكُنْ أَسْرَعَ مِنْ أَنْ أَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ الْيَشْكُرِيُّ قَالَ:
حَدَّثَتْنِي وَالِدَتِي أُمُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِنْتُ صَالِحٍ عَنْ جَدِّهَا وَكَانَ قَدْ نَازَلَ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ بِأَصْبَهَانَ وَكَانَ صَدِيقًا لَهُ. قَالَ: كَانَ أَبُو مُوسَى إِذَا مَطَرَتِ السَّمَاءُ قَامَ فِيهَا حَتَّى تُصِيبَهُ السَّمَاءُ. قَالَ كَأَنَّهُ يُعْجِبُهُ ذَلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالُوا: حدثنا أبو هلال عن حميد بن هلال عَنْ أَبِي غَلابٍ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ الأَشْعَرِيُّ وَهُوَ عَلَى الْبَصْرَةِ: جَهِّزْنِي فَإِنِّي خَارِجٌ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا. فَجَعَلْتُ أُجَهِّزُهُ فَجَاءَ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ جِهَازِهِ شَيْءٌ لَمْ أَفْرَغَ مِنْهُ فَقَالَ: يَا أَنَسُ إِنِّي خَارِجٌ. فَقُلْتُ: لَوْ أَقَمْتَ حَتَّى أَفْرَغَ مِنْ بَقِيَّةِ جِهَازِكَ. فَقَالَ: إِنِّي قَدْ قُلْتُ لأَهْلِي إِنِّي خَارِجٌ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا وَإِنِّي إِنْ كَذَبْتُ أَهْلِي كَذَبُونِي وَإِنْ خُنْتُهُمْ خَانُونِي وَإِنْ أَخْلَفْتُهُمْ أَخْلَفُونِي. فَخَرَجَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ حَوَائِجِهِ بَعْضُ شَيْءٍ لَمْ يفرغ مِنْهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمِّي قَالَتْ: خَرَجَ أَبُو مُوسَى حِينَ نَزَعَ عَنِ الْبَصْرَةِ وَمَا مَعَهُ إِلا سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ عَطَاءُ عِيَالِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ إِذَا نَامَ لَبِسَ ثِيَابًا عِنْدَ النَّوْمِ مَخَافَةَ أَنْ تَنْكَشِفَ عَوْرَتُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالُوا:
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ عَنْ أَبِي لَبِيدٍ قَالَ: مَا كُنَّا نُشَبِّهُ كَلامُ أَبِي مُوسَى إِلا بِالْجَزَّارِ الَّذِي لا يُخْطِئُ الْمَفْصِلَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَأَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْكِلابِيُّ الأَحْوَلُ عَنْ كُرَيْبِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ فِي طَاعُونٍ وَقَعَ: اخْرُجْ بِنَا إِلَى وَابِقَ نَبْدُو بِهَا. فَقَالَ أَبُو مُوسَى: إِلَى اللَّهِ آبِقُ لا إِلَى وَابِقَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ وَيَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ(4/83)
الْحَضْرَمِيُّ قَالُوا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ عن أبي بردة قال: قَالَ أَبُو مُوسَى: كَتَبَ إِلَيَّ مُعَاوِيَةُ: سَلامٌ عَلَيْكَ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَدْ بَايَعَنِي عَلَى الَّذِي قَدْ بَايَعَنِي عَلَيْهِ وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَئِنْ بَايَعْتَنِي عَلَى مَا بَايَعَنِي عَلَيْهِ لأَبْعَثَنَّ ابْنَيْكَ أَحَدَهُمَا عَلَى الْبَصْرَةِ وَالآخَرُ عَلَى الْكُوفَةِ. وَلا يُغْلَقُ دُونَكَ بَابٌ. وَلا تقضي دونك حاجة. وإني كتبت بِخَطِّ يَدِي فَاكْتُبْ إِلَيَّ بِخَطِّ يَدِكَ. فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّمَا تَعَلَّمْتُ الْمُعْجَمَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال وَكَتَبَ إِلَيْهِ مِثْلَ الْعَقَارِبِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَيَّ فِي جَسِيمِ أَمْرِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا حَاجَةَ لِي فِيمَا عَرَضَّتَ عَلَيَّ. قَالَ فَلَمَّا وَلِيَ أَتَيْتُهُ فَلَمْ يُغْلَقْ دُونِي بَابٌ وَلَمْ تَكُنْ لِي حَاجَةٌ أَلا قُضِيَتْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ حِينَ أَصَابَتْهُ قَرْحَتُهُ فَقَالَ: هَلُمَّ يَا ابْنَ أَخِي تَحَوَّلْ فَانْظُرْ. قَالَ: فَتَحَوَّلْتُ فَنَظَرْتُ فَإِذَا هِيَ قَدْ سَبَرَتْ. يَعْنِي قَرْحَتَهُ. فَقُلْتُ: لَيْسَ عَلَيْكَ بَأْسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ إِذْ دَخَلَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: إِنْ وُلِّيتَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا فَاسْتَوْصِ بِهَذَا فَإِنَّ أَبَاهُ كَانَ أَخًا لِي. أَوْ خَلِيلا أَوْ نَحْوَ هَذَا مِنَ الْقَوْلِ. غَيْرَ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ فِيَ القتال ما لم ير.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: كَانَ لأَبِي مُوسَى تَابِعٌ فَقَذَفَهُ فِي الإِسْلامِ فَقَالُ لِي:
يُوشِكُ أَبُو مُوسَى أَنْ يَذْهَبَ وَلا يُحْفَظَ حَدِيثُهُ. فَاكْتُبْ عَنْهُ. قَالَ قُلْتُ: نِعْمَ مَا رَأَيْتَ.
قَالَ فَجَعَلْتُ أَكْتُبُ حَدِيثَهُ. قَالَ فَحَدَّثَ حَدِيثًا فَذَهَبْتُ أَكْتُبُهُ كَمَا كُنْتُ أَكْتُبُ فَارْتَابَ بِي وَقَالَ: لَعَلَّكَ تَكْتُبُ حَدِيثِي. قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَأْتِنِي بِكُلِّ شَيْءٍ كَتَبْتَهُ. قَالَ فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَمَحَاهُ ثُمَّ قَالَ: احْفَظْ كَمَا حَفِظْتُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ: بَلَغَ أَبَا مُوسَى أَنَّ قَوْمًا يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْجُمُعَةِ أَنْ لَيْسَ لَهُمْ ثِيَابٌ. قال فخرج على الناس في عباءه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجَرْمِيِّ عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْهُمْ قَالَ: أَتَى أَبُو مُوسَى مُعَاوِيَةَ وَهُوَ بِالنَّخِيلَةِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سوداء وجبة سوداء ومعه عصا سوداء.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوْنٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ الْحَكَمَانِ(4/84)
أَبُو مُوسَى وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ. وَكَانَ أَحَدُهُمَا يبتغي الدنيا والآخر يبتغي الآخرة.
قال: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى الْقَصِيرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الأَجْدَعِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي مُوسَى أَيَّامَ الْحَكَمَيْنِ وَفُسْطَاطِي إِلَى جَانِبِ فُسْطَاطِهِ. فَأَصْبَحَ النَّاسُ ذَاتَ يَوْمٍ قَدْ لَحِقُوا بِمُعَاوِيَةَ مِنَ اللَّيْلِ. فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو مُوسَى رَفَعَ رَفْرَفَ فُسْطَاطِهِ فَقَالَ: يَا مَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ. قُلْتُ: لَبَّيْكَ أَبَا مُوسَى. قَالَ: إِنَّ الإِمْرَةَ مَا اؤْتُمِرَ فِيهَا وَإِنَّ الْمُلْكَ مَا غُلِبَ عَلَيْهِ بالسيف.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا مُوسَى قَالَ: لا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ كَمَا يَتَبَيَّنُ اللَّيْلُ مِنَ النَّهَارِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فقال: صدق أبو موسى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ عَنِ السُّمَيْطِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّدُوسِيُّ قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى وَهُوَ يَخْطُبُ: إِنَّ بَاهِلَةَ كَانَتْ كُرَاعًا فَجَعَلْنَاهَا ذِرَاعًا. قَالَ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: أَلا أُنَبِّئُكَ بِأَلأَمِ مِنْهُمْ؟ قَالَ: مَنْ؟ قَالَ: عَكٌّ وَالأَشْعَرِيُّونَ. قَالَ: أُولَئِكَ وَأَبِيكَ آبَائِي. يَا سَابُّ أَمِيرَهُ تَعَالَ. قَالَ فَضَرَبَ عَلَيْهِ فُسْطَاطًا فَرَاحَتْ عَلَيْهِ قَصْعَةٌ وَغَدَتْ أُخْرَى فَكَانَ ذَاكَ سِجْنَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى قَالَ: إِنِّي لأَغْتَسِلُ فِي الْبَيْتِ الْمُظْلِمِ فَأَحْنِي ظَهْرِي حَيَاءً مِنْ رَبِّي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ أَبُو مُوسَى إِذَا اغْتَسَلَ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ تَجَاذَبَ وَحَنَى ظَهْرَهُ حَتَّى يَأْخُذَ ثَوْبَهُ. ولا ينتصب قائما.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ:
قَالَ أَبُو مُوسَى: إِنِّي لأَغْتَسِلُ فِي الْبَيْتِ الْخَالِي فَيَمْنَعُنِي الْحَيَاءُ مِنْ رَبِّي أَنْ أُقِيمَ صُلْبِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ قَالَ: رَأَى أَبُو مُوسَى قَوْمًا يَقِفُونَ فِي الْمَاءِ بِغَيْرِ أُزُرٍ فَقَالَ: لأَنْ أَمُوتَ ثُمَّ أَنْشُرَ ثُمَّ أَمُوتَ ثُمَّ أَنْشُرَ ثُمَّ أَمُوتَ ثُمَّ أَنْشُرَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أن أفعل مثل هذا.(4/85)
قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى: لأَنْ يَمْتَلِئَ مَنْخَرَيْ مِنْ رِيحِ جِيفَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ مِنْ ريح امرأة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ قَزَعَةَ مَوْلَى زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى ابْنِ بُرْثُنٍ قَالَ: قَدِمَ أَبُو مُوسَى وَزِيَادٌ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَرَأَى فِي يَدِ زِيَادٍ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ: اتَّخَذْتُمْ حَلَقَ الذَّهَبِ. فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَمَّا أَنَا فَخَاتَمِي حَدِيدٌ. فَقَالَ عُمَرُ: ذَاكَ أَنْتَنُ أَوْ أَخْبَثُ. شَكَّ سَعِيدٌ. مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُتَخَتِّمًا فَلْيَتْخَتِمْ بِخَاتَمٍ مِنْ فِضَّةٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالا: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى دَاخِلا مِنْ هَذَا الْبَابِ وَعَلَيْهِ مُقَطَّعَةٌ وَمِطْرَفٌ حِيرِيُّ.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ. قَالَ زُهَيْرٌ وَأَشَارَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى بَابِ كِنْدَةَ. قُلْتُ لِزُهَيْرٍ أبو موسى الأشعري. قال فأيش.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّهُ وَصَفَ الأَشْعَرِيَّ فَقَالَ: رَجُلٌ خَفِيفُ الْجِسْمِ قصير أثط.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ عُبَيْدًا أَبَا عَامِرٍ فَوْقَ أَكْثَرِ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ] . فَقُتِلَ يَوْمَ أَوْطَاسٍ. فَقَتَلَ أَبُو مُوسَى قَاتِلَهُ. قَالَ أَبُو وَائِلٍ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ لا يَجْتَمِعَ أَبُو مُوسَى وَقَاتِلُ عُبَيْدٍ فِي النَّارِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ بُرْزِينَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ سَلامَةَ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ الْمَوْتُ دَعَا بَنِيهِ فَقَالَ: انْظُرُوا إِذَا أَنَا مت فلا تؤذنن بِي أَحُدًا وَلا يَتْبَعَنِّي صَوْتٌ وَلا نَارٌ. وَلْيَكُنْ مُمْسَى أَحَدِكُمْ بِحِذَاءِ رُكْبَتِي مِنَ السَّرِيرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُمَيْرٍ قَالَ:
سَمِعْتُ رِبْعِيَّ بْنَ حِرَاشٍ يَقُولُ: إِنَّ أَبَا مُوسَى لَمَّا أُغْمِيَ عَلَيْهِ بَكَتْ عَلَيْهِ ابْنَةُ الدَّوْمِيِّ أُمُّ أَبِي بُرْدَةَ فَقَالَ: أَبْرَأُ إِلَيْكُمْ مِمَّنْ حَلَقَ وَسَلَقَ وَخَرَقَ.(4/86)
حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى أَبِي مُوسَى فَبَكَوْا عَلَيْهِ [فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتُمْ مَا قَالَ رَسُولُ الله. ص؟ قَالَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لامْرَأَتِهِ فَسَأَلَتْهُ فَقَالَ: مَنْ حلق وخرق وسلق] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَوْفٍ عَنْ خَالِدٍ الأَحْدَبِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى أَبِي مُوسَى فَبَكَوْا عَلَيْهِ فَأَفَاقَ وَقَالَ: إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكُمْ مِمَّا بَرِئَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ حَلَقَ وَخَرَقَ وَسَلَقَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ فَصَاحَتْ عليه أم بردة فأفاق فقال: إني بريء مِمَّنْ حَلَقَ وَسَلَقَ وَشَقَّ. يَقُولُ لِلْخَامِشَةِ وَجْهَهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ قَالَ: حَدَّثَنَا الجريري عن أبي العلاء بن الشجير قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ حَفَرَةِ الأَشْعَرِيِّ أَنَّ الأَشْعَرِيَّ قَالَ: إِذَا حَفَرْتُمْ لِي فَأَعْمِقُوا لِي قَعْرَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري أنه قال: أعمقوا لي قبري.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي جهم قَالَ: مَاتَ أَبُو مُوسَى سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: إِنَّهِ مَاتَ قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ بعشر سنين سنة ثنتين وأربعين.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: مَاتَ أَبُو مُوسَى سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ.
368- مُعَيْقِيبُ بْنُ أَبِي فَاطِمَةَ الدَّوْسِيُّ.
من الأزد حليف فِي بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ حليف سَعِيد بْن العاص أو عُتْبة بْن ربيعة. وأسلم بمكّة قديما وهو من مهاجرة الحبشة فِي الهجرة الثانية في رواية موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبي معشر ومحمد بن عمر.
__________
368 المغازي (721) ، ابن هشام (1/ 324) ، (2/ 360) .(4/87)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ أَنَّهُ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ لِمُعَيْقِيبٍ حِلْفٌ فِي آلِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَخَرَجَ مُعَيْقِيبٌ مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ أَنْ أسلم. فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ رَجَعَ إِلَى بِلادِ قَوْمِهِ. ثُمَّ قَدِمَ مَعَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ حِينَ قَدِمَ الأَشْعَرِيُّونَ وَرَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ. فَشَهِدَ خَيْبَرَ وَبَقِيَ إِلَى خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ.
قال: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: أَمَّرَنِي يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ عَلَى جُرَشٍ فَقَدِمْتُهَا فحدثوني أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ حَدَّثَهُمْ [أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: لِصَاحِبِ هَذَا الْوَجَعِ الْجُذَامِ اتَّقُوهُ كَمَا يُتَّقَى السَّبْعُ. إِذَا هَبَطَ وَادِيًا فَاهْبِطُوا غَيْرَهُ] . فَقُلْتُ لَهُمْ: وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ ابْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَكُمْ هَذَا مَا كَذَبَكُمْ. فَلَمَّا عَزَلَنِي عَنْ جُرَشٍ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ مَا حَدِيثٌ حَدَّثَنِي بِهِ عَنْكَ أَهْلُ جُرَشٍ؟ قَالَ فَقَالَ: كَذَبُوا وَاللَّهِ مَا حَدَّثَتْهُمْ هَذَا وَلَقَدْ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يُؤْتَى بِالإِنَاءِ فِيهِ الْمَاءُ فَيُعْطِيهِ مُعَيْقِيبًا وَكَانَ رَجُلا قَدْ أَسْرَعَ فِيهِ ذَلِكَ الْوَجَعُ فَيَشْرَبُ مِنْهُ ثُمَّ يَتَنَاوَلُهُ عُمَرُ مِنْ يَدِهِ فَيَضَعُ فَمَهُ مَوْضِعَ فَمِهِ حَتَّى يَشْرَبَ مِنْهُ. فَعَرَفْتُ أَنَّمَا يَصْنَعُ عُمَرُ ذَلِكَ فِرَارًا مِنْ أَنْ يَدْخُلَهُ شَيْءٌ مِنَ الْعَدَوَى.
قَالَ: وَكَانَ يَطْلُبُ لَهُ الطِّبَّ مِنْ كُلِّ مَنْ سَمِعَ لَهُ بِطِبٍ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ رَجُلانِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكُمَا مِنْ طِبٍّ لِهَذَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ؟ فَإِنَّ هَذَا الْوَجَعَ قَدْ أَسْرَعَ فِيهِ. فَقَالا: أَمَّا شَيْءٌ يُذْهِبُهُ فَإِنَّا لا نَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَكِنَّا سَنُدَاوِيهِ دَوَاءً يَقِفُهُ فَلا يَزِيدُ. قَالَ عُمَرُ: عَاقِبَةٌ عَظِيمَةٌ أَنْ يَقِفَ فَلا يَزِيدُ. فَقَالا لَهُ: هَلْ تُنْبِتُ أَرْضُكَ الْحَنْظَلَ؟ قَالَ:
نَعَمْ. قَالا: فَاجْمَعْ لَنَا مِنْهُ. فَأَمَرَ مَنْ جَمَعَ لَهُمَا مِنْهُ مِكْتَلَيْنِ عَظِيمَيْنِ فَعَمَدَا إِلَى كُلِّ حَنْظَلَةٍ فَشَقَاهَا بِثِنْتَيْنِ ثُمَّ أَضْجَعَا مُعَيْقِيبًا ثُمَّ أَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمَا بِإِحْدَى قَدَمَيْهِ ثُمَّ جُعْلا يُدَلِّكَانِ بُطُونَ قَدَمَيْهِ بِالْحَنْظَلَةِ حَتَّى إِذَا امَّحَقَتَ أَخْذًا أُخْرَى حَتَّى رَأَيْنَا مَعَيْقِيبًا يَتَنَخَّمُ أَخْضَرَ مُرَّاءً ثُمَّ أَرْسَلاهُ فَقَالا لِعُمَرَ: لا يَزِيدُ وَجَعُهُ بعد هذا أبدا.
قال فو الله مَا زَالَ مُعَيْقِيبٌ مُتَمَاسِكًا لا يَزِيدُ وَجَعُهُ حتى مات.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: قَالَ أَبُو زِيَادٍ حَدَّثَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ دَعَاهُمْ لِغَدَائِهِ فهابوا(4/88)
وكان فيهم معيقيب وكان به جُذَامٌ. فَأَكَلَ مُعَيْقِيبٌ مَعَهُمْ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: خُذْ مِمَّا يَلِيكَ وَمِنْ شِقِّكَ فَلَوْ كَانَ غَيْرُكَ مَا آكَلَنِي فِي صَحْفَةٍ وَلَكَانَ بَيْنِي وبينه قيد رمح.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ عُمَرَ وُضِعَ لَهُ الْعَشَاءُ مَعَ النَّاسِ يَتَعَشَّوْنَ فَخَرَجَ فَقَالَ لِمُعَيْقِيبِ بْنِ أَبِي فَاطِمَةَ الدَّوْسِيِّ. وَكَانَ لَهُ صُحْبَةٌ وَكَانَ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ: ادْنُ فَاجْلِسْ. وَايْمُ اللَّهِ لَوْ كَانَ غَيْرُكَ بِهِ الَّذِي بِكَ لَمَا أُجْلِسَ مِنِّي أَدْنَى مِنْ قِيدِ رُمْحٍ.
369- صُبَيْحٌ مَوْلَى أَبِي أُحَيْحَةَ
سَعِيد بْن العاص بن أمية بن عبد شمس.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ صُبَيْحًا مَوْلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ تَجَهَّزَ يُرِيدُ الْخُرُوجَ إِلَى بَدْرٍ فَاشْتَكَى فَتَخَلَّفَ وَحَمَلَ عَلَى بَعِيرِهِ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الأَسَدِ الْمَخْزُومِيَّ. ثُمَّ شَهِدَ صُبَيْحٌ بَعْدَ ذَلِكَ أُحُدًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بن إسحاق وأبو معشر وعبد الله بن مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ الأَنْصَارِيُّ.
ومن بني أسد بْن عَبْد العزى بْن قصي
370- السائب بْن الْعَوَّامِ
بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصي. وأمه صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عبد مناف بن قصي. وهو أخو الزُّبَيْر بْن الْعَوَّام.
وشهد أحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقتل يوم اليمامة شهيدًا سنة ثنتي عشرة فِي خلافة أبي بَكْر الصَّدَّيق. وليس للسائب عقب.
371- خَالِد بْن حزام
بْن خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصي. وأمه أم حكيم واسمها فاختة بِنْت زُهَير بْن الْحَارِث بْن أَسَدِ بْن عَبْد الْعُزَّى بْن قُصَيٍّ. كان قديم الإسلام بمكة وهاجر إلى أرض الحبشة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: خَرَجَ خَالِدُ بْنُ حِزَامٍ مُهَاجِرًا إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ فَنَهَشَ بِالطَّرِيقِ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ أَرْضَ الْحَبَشَةِ فَنَزَلَتْ فِيهِ: «وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ
__________
369 المغازي (154) ، ابن هشام (1/ 679) .(4/89)
مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ» النساء:. 106/ 4
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَلَمْ أَرَ أَصْحَابَنَا يُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ خَالِدَ بْنَ حِزَامٍ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ. وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَيْضًا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَأَبُو مَعْشَرٍ فِيمَنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنْ وَلَدِهِ الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيُّ وَكِلاهُمَا قَدْ حَمَلَ الْعِلْمَ وَرَوَاهُ.
372- الأسود بْن نوفل
بْن خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصي. وأمه أم ليث بِنْت أبي ليث وهو مسافر بْن أبي عَمْرو بْن أمية بْن عَبْد شمس. كان قديم الإسلام بمكة وهاجر إلى أرض الحبشة فِي المرة الثانية. ذكره مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إِسْحَاق ومحمد بْن عُمَر ولم يذكره أبو معشر. إلا أن مُوسَى بْن عُقْبَة أخطأ فِي اسمه جعله نوفل بْن خويلد وإنما هُوَ الأسود بْن نوفل بْن خويلد الَّذِي أسلم وهاجر إِلَى أرض الحبشة. من ولده مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن نوفل بْن الأسود بْن نوفل بْن خويلد ويكنى أَبَا الأسود. وهو الَّذِي يُقَالُ له يتيم عروة بْن الزُّبَيْر. وكانت له رواية وعلم. ولم يبق للأسود بْن نوفل عقب.
373- عَمْرو بْن أمية
بْن الْحَارِث بْن أَسَدِ بْن عَبْد الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ. وأمه عاتكة بِنْت خَالِد بْن عَبْد مناف بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّة. كان قديم الْإِسْلَام بمكّة وهاجر إِلَى أرض الحبشة فِي المرة الثانية فمات هناك فِي روايتهم جميعًا وليس له عقب.
374- يزيد بْن زمعة
بْن الأسود بْن المطلب بْن أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ.
وأمه قريبة الكبرى بِنْت أبي أمية بْن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وكان قديم الإسلام بمكة وهاجر إلى أرض الحبشة فِي المرة الثانية فِي روايتهم جميعًا. وقتل يوم الطائف شهيدًا. ليس له عقب. جمح به فرسه يومئذٍ. وكان يُقَالُ له الجناح. إِلَى حصن الطائف فقتلوه. ويقال بل قَالَ لهم آمنوني حَتَّى أكلمكم. فامنوه ثُمَّ رموه بالنبل حتى قتلوه.
__________
372 بن هشام (1/ 324) ، (2/ 361) .
373 حذف من نسب قريش (53) ، وابن هشام (2/ 363، 367) .
374 حذف من نسب قريش (53) ، المغازي (926) ، (927) ، (938) ، وابن هشام (1/ 324) ، (2/ 363، 459) .(4/90)
ومن بني عَبْد الدار بْن قصي
375- أَبُو الروم بن عمير
بن هاشم بن قصي. وأمه رومية. وهو أخو مُصْعَب بْن عمير لأبيه.
قَالَ مُحَمَّد بن عُمَر: وكان قديم الإسلام بمكة وهاجر إلى أرض الحبشة فِي الهجرة الثانية. وقد ذكره أيضًا مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إِسْحَاق فِي روايتهما فيمن هاجر إِلَى أرض الحبشة فِي المرة الثانية. وشهد أحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَيْسَ أَبُو الرُّومِ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ وَلَوْ كَانَ مِنْهُمْ لَشَهِدَ بَدْرًا مَعَ مَنْ شَهِدَهَا مِمَّنْ قَدِمَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ قَبْلَ بَدْرٍ. وَلَكِنَّهُ قَدْ شَهِدَ أُحُدًا.
376- فراس بْن النَّضْر
بْن الْحَارِث بن علقمة بْن كلدة بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قصي. وأمه زينب بِنْت النباش بْن زرارة من بني أسد بْن عَمْرو بْن تميم.
وكان قديم الْإِسْلَام بمكّة وهاجر إِلَى أرض الحبشة فِي المرة الثانية فِي روايتهم جميعًا. إلّا أن مُوسَى بْن عُقْبَة وأبا معشر كانا يغلطان فِي أمره فيقولان: النَّضْر بْن الْحَارِث بْن علقمة. والنضر بْن الْحَارِث قُتِلَ كافرًا يوم بدْر صبرًا. وَالَّذِي أسلم وهاجر إِلَى أرض الحبشة فِي رواية محمد بْن إِسْحَاق ومحمد بْن عُمَر ابنه فراس بْن النَّضْر بْن الْحَارِث. وقتل يوم اليرموك شهيدًا وليس له عقب.
377- جهم بْن قَيْس
بْن عَبْد بْن شُرَحْبيل بْن هاشم بْن عَبْد مناف بْن عَبْد الدار بْن قصي. وأمه رهيمة. وأخوه لأمه جهيم بْن الصَّلْت بْن مَخْرَمَةُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قصي. وكان جهم بْن قَيْس قديم الْإِسْلَام بمكّة وهاجر إِلَى أرض الحبشة فِي المرة الثانية فِي روايتهم جميعًا ومعه امرأته حريملة بِنْت عَبْد الأسود بْن خُزَيْمَة بْن قَيْس بْن عامر بْن بياضة الخزاعية. ومعه ابناه منها عُمَر وخزيمة ابنا جهم. وتوفيت حريملة بِنْت عبد الأسود بأرض الحبشة.
__________
375 حذف من نسب قريش (27) ، والمغازي (239) ، (311) ، (603) ، وابن هشام (1/ 325) ، (2/ 363.
376 حذف من نسب قريش (49) ، ابن هشام (1/ 325) ، (2/ 363) .
377 حذف من نسب قريش (48) ، ابن هشام (1/ 325) ، (2/ 361) .(4/91)
ومن حلفاء بني عَبْد الدار
378- أَبُو فكيهة
يُقَالُ: إنّه من الأزد. وقال بعضهم كان مَوْلَى لبني عَبْد الدار.
فأسلم بمكّة فكان يعذب ليرجع عن دينه فيأبى. وكان قوم من بني عَبْد الدار يخرجونه نصف النهار فِي حر شديدٍ فِي قيد من حديد ويلبس ثيابًا ويبطح فِي الرمضاء ثُمَّ يؤتى بالصخرة فتوضع على ظهره حَتَّى لا يعقل. فلم يزل كذلك حَتَّى هاجر أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أرض الحبشة فخرج معهم فِي الهجرة الثانية.
وَمِنْ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلابٍ
379- عَامِرُ بْنُ أَبِي وقاص
بن وُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كلاب. وأمه حمنة بِنْت سُفْيَان بْن أمية بْن عَبْد شمس وهو أخو سعد لأبيه وأمه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أسلم عَامِرُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ بَعْدَ عَشْرَةٍ فَكَانَ حَادِيَ عَشَرَ. فَلَقِيَ مِنْ أُمِّهِ مَا لَمْ يَلْقَ أَحَدٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنَ الصَّيَّاحِ بِهِ وَالأَذَى لَهُ حَتَّى هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الحبشة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جِئْتُ مِنَ الرَّمْيِ فَإِذَا النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَى أُمِّي حَمْنَةَ بِنْتِ سُفْيَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ وَعَلَى أَخِي عَامِرٍ حِينَ أَسْلَمَ فَقُلْتُ:
مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ قَالُوا: هَذِهِ أُمُّكَ قَدْ أَخَذَتْ أَخَاكَ عَامِرًا تُعْطِي اللَّهَ عَهْدًا أَلا يُظِلَّهَا ظِلٌّ وَلا تَأْكُلَ طَعَامًا وَلا تَشْرَبَ شَرَابًا حَتَّى يَدَعَ الصَّبَاوَةَ فَأَقْبَلَ سَعْدٌ حَتَّى تَخَلَّصَ إِلَيْهَا فَقَالَ: عَلَيَّ يَا أُمَّهْ فَاحْلِفِي. قَالَتْ: لِمَ؟ قَالَ: لأَنْ لا تَسْتَظِلِّي فِي ظِلٍّ وَلا تَأْكُلِي طَعَامًا وَلا تَشْرَبِي شَرَابًا حَتَّى تَرَيْ مَقْعَدَكَ مِنَ النَّارِ. فَقَالَتْ: إِنَّمَا أَحْلِفُ عَلَى ابْنِي الْبِرَّ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: «وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً» لقمان: 15. إِلَى آخِرِ الآيَةِ. وَقَدْ شَهِدَ عامر بن أبي وقاص أحدا.
__________
378 ابن هشام (1/ 392) .
379 حذف من نسب قريش (62) ، ابن هشام (1/ 325) ، (2/ 361) .(4/92)
380- المطلب بْن أزهر
بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ بْنِ الْحَارِثِ بْن زهرة بْن كلاب. وأمه البكيرة بِنْت عَبْد يزيد بْن هاشم بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ.
أسلم بمكة قديمًا وهاجر إِلَى أرض الحبشة فِي المرة الثانية ومعه امرأته رملة بِنْت أبي عوف بْن ضبيرة بْن سَعِيد بْن سعد بْن سهم. وكان للمطلب من الولد عَبْد الله وأمه رملة بِنْت أبي عوف ولدته بأرض الحبشة فِي الهجرة الثانية.
381- وأخوه طليب بْن أزهر
بْن عَبْد عوف بْن عَبْد الله بْن الْحَارِث بْن زهرة بْن كلاب.
فأمه البكيرة بِنْت عَبْد يزيد بْن هاشم بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ. وكان قديم الْإِسْلَام بمكّة وهاجر إِلَى أرض الحبشة فِي رواية محمد بْن إِسْحَاق ومحمد بن عمر.
ولم يذكره موسى بن عُقْبَة وأبو معشر. وكان لطليب بْن أزهر من الولد مُحَمَّد وأمه رملة بِنْت أبي عوف بْن ضبيرة بْن سَعِيد بْن سعد بْن سهم. كان طليب خلف على رملة بعد أَخِيهِ المطلب بْن أزهر.
382- عَبْد الله الأصغر
ابن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بْن كلاب.
وأمه بِنْت عُتْبة بْن مَسْعُود بْن رئاب بْن عَبْد العزى بْن سُبَيْعِ بْن جعثمة بْن سعد بْن مليح من خزاعة. وكان عَبْد الله يسمى عَبْد الجان فَلَمَّا أسلم سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
عَبْد الله. وهو عَبْد الله الأصغر ابن شهاب أسلم قديمًا بمكّة وهاجر إِلَى أرض الحبشة فِي رواية مُحَمَّد بْن عُمَر وَهِشَامُ بْن مُحَمَّد بْن السائب الكلبي. ثُمَّ قدم مكة فمات بها قبل الهجرة إلى المدينة. وهو جد الزُّهْرِيّ من قبل أمه. وأما جَدّه من قبل أَبِيهِ فهو عَبْد الله الأكبر ابن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بْن كلاب. وأمه أيضًا بِنْت عُتْبة بْن مَسْعُود بْن رئاب بْن عَبْد العزى بْن سُبَيْعِ بْن جعثمة بْن سعد بْن مليح من خزاعة.
وليست له هجرة. وشهد بدْرًا مع المشركين. وكان أحد النفر الأربعة الّذين تعاهدوا وتعاقدوا يوم أحد لئن رأوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليقتلنه أو ليقتلن دونه: عَبْد الله بْن شهاب.
وأبي بْن خلف. وابن قميئة. وعتبة بْن أبي وقاص.
383- وأخوه عَبْد الله بْن شهاب
بن عبد الله بْن الحارث بْن زهرة بْن كلاب. وأمه بنت
__________
380 حذف من نسب قريش (64) ، ابن هشام (1/ 256، 649) ، (2/ 363) .
381 ابن هشام (1/ 258) .(4/93)
عُتْبة بْن مَسْعُود بْن رئاب بْن عَبْد العزى بْن سُبَيْعِ بْن جعثمة بْن سعد بْن مليح من خزاعة. أسلم بمكّة ومات بها قديمًا قبل الهجرتين إِلَى أرض الحبشة. من ولده الزُّهْرِيّ الفقيه واسمه مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شهاب.
وَمِنْ حُلَفَاءِ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلابٍ
384- عُتْبَةُ بْنُ مَسْعُودِ
بْنِ غَافِلِ بْنِ حبيب بْنِ شمخ بْن فار بْن مخزوم بْن صاهلة بْن كاهل بْنِ الْحَارِثِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ هذيل بن مدركة. وأمه أم عَبْد بِنْت عَبْد ود بْن سوي بْن قريم بْن صاهلة بْن كاهل بْنِ الْحَارِثِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ هذيل. وأمها هند بِنْت عَبْد بْن الْحَارِث بْن زهرة بْن كلاب. وهو أخو عَبْد الله بْن مَسْعُود لأبيه وأمه. وكان قديم الإسلام بمكة وهاجر إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية فِي روايتهم جميعًا ثُمَّ قدم المدينة فشهد أحدا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ مَسْعُودٍ شَهِدَ أُحُدًا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَشَهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا وَمَاتَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِالْمَدِينَةِ وَصَلَّى عَلَيْهِ عُمَرُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَيَزِيدُ بن هارون قالا: أخبرنا المسعودي بن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَذْكُرُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ انْتَظَرَ أُمَّ عَبْدٍ بِالصَّلاةِ عَلَى عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ فِي حَدِيثِهِ:
وَكَانَتْ خَرَجَتْ عَلَيْهِ فَسَبَقَتْ بِالْجَنَازَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ قَالَ: لَمَّا جَاءَ عَبْدَ اللَّهِ نَعْيُ أَخِيهِ عُتْبَةَ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ لا يَمْلِكُهَا ابْنُ آدَمَ.
385- شُرَحْبيل ابن حسنة
وهي أمه وهي عدوية. وهو ابن عَبْد الله بْن المطاح بْن عَمْرو بْن كندة حليف لبني زهرة ويكنى أَبَا عَبْد الله. وهو من مهاجرة
__________
384 المغازي (233) ، (301) ، وابن هشام (1/ 325) ، (2/ 87، 361) .
385 المغازي (1031) .(4/94)
الحبشة فِي الهجرة الثانية. وكان محمد بْن إِسْحَاق يقول: كَانَتْ حسنة أم شُرَحْبيل امْرَأَة سفيان بن معمر بن حبيب بن وهب بْن حذافة بْن جمح. وكان له منها من الولد خَالِد وجنادة ابنا سُفْيَان فهاجر سُفْيَان بْن مُعَمَّر إِلَى أرض الحبشة فخرج بامرأته حسنة معه وخرج بولده خَالِد وجنادة معه. وأخرج معهم أخاهم لأمهم شرحبيل ابن حسنة فِي الهجرة الثانية إِلَى أرض الحبشة. وكان مُحَمَّد بْن عُمَر يقول: بل كان سُفْيَان بْن مُعَمَّر بْن حبيب الجمحي أخا شرحبيل ابن حسنة لأمه. وكانت أم سُفْيَان لم تكن امرأته. وهاجر إِلَى أرض الحبشة ومعه أخوه شُرَحْبيل ومعه أمه حسنة ومعه ابناه جنادة وخالد. وكان أبو معشر يذكر شرحبيل ابن حسنة وأمه فيمن هاجر من بني جمح إِلَى أرض الحبشة. ولا يذكر سُفْيَان بْن معمر ولا أحدا من ولده. ولم يذكر مُوسَى بْن عُقْبَة أحدًا منهم ولا ذكر شُرَحْبيل فِي روايته فيمن هاجر إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: حلف شرحبيل وأبيه لبني زهرة وإنما ذكر فِي بني جمح لسبب سُفْيَان بْن مُعَمَّر الجمحي. وكان شُرَحْبيل من علية أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وغزا معه غزوات. وهو أحد الأمراء الّذين عقد لهم أَبُو بَكْر الصديق إلى الشام. ومات شرحبيل ابن حسنة فِي طاعون عمواس بالشام سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ فِي خِلافَةِ عُمَر بْن الخطاب وهو ابن سبْعٍ وستّين سنة.
ومن بني تيم بْن مُرَّة
386- الْحَارِث بْن خَالِد
بْن صخر بْن عامر بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّة. وأمه من اليمن. وكان الْحَارِث قديم الْإِسْلَام بمكّة وهاجر إِلَى أرض الحبشة فِي الهجرة الثانية ومعه امرأته ريطة بنت الحارث أخت صبيحة بْن الْحَارِث بْن جبيلة بْن عامر بْن كعب بْن سعد بْن تيم. وولدت له هناك بأرض الحبشة مُوسَى وعائشة وزينب وفاطمة بني الْحَارِث. ومات مُوسَى بْن الْحَارِث بأرض الحبشة فِي روايتهم جميعًا.
وقال مُوسَى بْن عُقْبَة وأبو معشر: إنهم خرجوا من أرض الحبشة يريدون المدينة فوردوا على ماء من مياه الطريق فشربوا منه فلم يبرحوا حَتَّى توفيت ريطة وولدها غير فاطمة بنت الحارث.
__________
386 حذف من نسب قريش (79) ، ابن هشام (1/ 326) ، (2/ 361) .(4/95)
387- عَمْرو بْن عُثْمَان
بْن عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْن مُرَّة. كان قديم الإسلام بمكة وهاجر إلى أرض الحبشة فِي الهجرة الثانية وقتل بالقادسية شهيدًا.
وَمِنْ بَنِي مَخْزُومِ بْنِ يَقْظَةَ بْنِ مُرَّةَ
388- عَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ
بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْن مخزوم.
وأمه أَسْمَاءُ بِنْت مُخَرَّبَةَ بْن جَنْدَلِ بْن أَبِيرِ بْن نهشل بْن دارم من بني تميم. وهو أخو أبي جهل لأمه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أسلم عَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الأَرْقَمِ وَقَبْلَ أَنْ يَدْعُوَ فِيهَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهَاجَرَ عَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ سَلَمَةَ بْنِ مُخَرَّبَةَ بْنِ جَنْدَلِ بْنِ أُبَيْرِ بْنِ نَهْشَلِ بْنِ دَارِمٍ فَوَلَدَتْ لَهُ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَيَّاشٍ. وَلَمْ يَذْكُرْهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَأَبُو مَعْشَرٍ فِي كِتَابِهِمَا فِيمَنْ خَرَجَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: ثُمَّ قَدِمَ عَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى مَكَّةَ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى خَرَجَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَخَرَجَ مَعَهُمْ وَصَاحَبَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَلَمَّا نَزَلَ قُبَاءَ قَدِمَ عَلَيْهِ أَخَوَاهُ لأُمِّهِ:
أَبُو جَهْلٍ وَالْحَارِثُ ابْنَا هِشَامٍ. فَلَمْ يَزَالا بِهِ حَتَّى رَدَّاهُ إِلَى مَكَّةَ فَأَوْثَقَاهُ وَحَبَسَاهُ. ثُمَّ أَفْلَتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا إِلَى أَنْ قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَجَ إِلَى الشَّامَ فَجَاهَدَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ فأقام بها إلى أن مَاتَ. وَلَمْ يَبْرَحِ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ مِنَ الْمَدِينَةِ.
389- سَلَمَةُ بْنُ هِشَامِ
بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عبد الله بن عمر بن مخزوم. وأمه ضُبَاعَةُ بِنْت عَامِرِ بْن قُرْطِ بْن سَلَمَة بْن قشير بْن كعب بْن ربيعة. وهو قديم الإسلام
__________
387 ابن هشام (1/ 326) ، (2/ 364) .
388 المغازي (46) ، (118) ، (350) ، (603) ، وابن هشام (1/ 256، 321، 327، 367، 474، 475، 476، 477) ، (2/ 332) .
389 المغازي (46) ، (350) ، (765) ، وابن هشام (1/ 321، 327، 343، 367) ، (2/ 322، 383) .(4/96)
بمكة وهاجر إلى أرض الحبشة في رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر. ولم يذكره موسى بن عقبة وأبو معشر.
قال محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر: ثم رجع سَلَمَة بْن هشام من أرض الحبشة إِلَى مكّة فحبسه أَبُو جهل وضربه وأجاعه وأعطشه فدعا له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ إبراهيم القرشي وإبراهيم بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَدْعُو فِي دُبُرِ [كُلِّ صَلاةٍ: اللَّهُمَّ أَنْجِ سلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة وَالْوَلِيدَ وَضَعَفَةَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً ولا يهتدون سبيلا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا رَفَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ مِنْ صَلاةِ الْفَجْرِ [قَالَ: اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ. اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِيِّ يوسف] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا في الصبح:
اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. لَعَنَ اللَّهُ عُضَلا وَلِحْيَانَ وَرِعْلا وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُو لِسَلَمَةَ بْنِ هِشَامٍ وَعَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ. وَكَانَا مَحْبُوسَيْنِ بِمَكَّةَ. وَكَانَا مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ. وَكَانَ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى دَيْنِ قَوْمِهِ وَشَهِدَ بَدْرًا مَعَ الْمُشْرِكِينَ فَأُسِرَ وَافْتَدَى ثُمَّ أَسْلَمَ وَرَجَعَ إِلَى مَكَّةَ. فَوَثَبَ عَلَيْهِ قَوْمُهُ فَحَبَسُوهُ مَعَ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَسَلَمَةَ بْنِ هِشَامٍ. فَأَلْحَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِهِمَا فِي الدُّعَاءِ. ثُمَّ أَفْلَتَ سَلَمَةُ بْنُ هِشَامٍ فَلَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ وَذَلِكَ بَعْدَ الْخَنْدَقِ. فَقَالَتْ أُمُّهُ ضُبَاعَةَ:
اللَّهُمَّ رَبَّ الْكَعْبَةِ الْمُسَلَّمَهْ ... أَظْهِرْ عَلَى كُلِّ عَدُوٍّ سَلَمَهْ
لَهُ يَدَانِ فِي الأُمُورِ الْمُبْهَمَهْ ... كَفٌّ بِهَا يُعْطَى وَكُفٌّ مَنَعِمَهْ
فَلَمْ يَزَلْ مَعَهُ إِلَى أَنْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَجَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الشَّامِ(4/97)
حِينَ بَعَثَ أَبُو بَكْرٍ الْجُيُوشَ بِجِهَادِ الرُّومِ. فَقُتِلَ سَلَمَةُ بْنُ هِشَامٍ بِمَرْجِ الصُّفَّرِ شَهِيدًا فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَذَلِكَ فِي أَوَّلِ خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
390- الْوَلِيدُ بْنُ المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
وأمه أميمة بنت الوليد بن عشي بْن أبي حَرْمَلَة بْن عريج بْن جرير بْن شق بْن صعب من بجيلة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمْ يَزَلِ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَلَى دَيْنِ قَوْمِهِ وَخَرَجَ مَعَهُمْ إِلَى بَدْرٍ فَأُسِرَ يَوْمَئِذٍ. أَسَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ. وَيُقَالُ سَلِيطُ بْنُ قَيْسٍ مِنَ الأَنْصَارِ الْمَازِنِيُّ. فَقَدِمَ فِي فِدَائِهِ أَخَوَاهُ خَالِدٌ وَهِشَامٌ ابْنَا الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَتَمَنَّعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ حَتَّى افْتَكَّاهُ بِأَرْبَعَةِ آلافٍ. فَجَعَلَ خَالِدٌ يُرِيدُ أَلا يَبْلُغَ ذَلِكَ فَقَالَ هِشَامٌ لِخَالِدٍ: إِنَّهُ لَيْسَ بِابْنِ أُمِّكَ. وَاللَّهِ لَوْ أَبَى فِيهِ إِلا كَذَا وَكَذَا لَفَعَلْتُ. وَيُقَالُ إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَى أَنْ يَفْدِيَهُ إِلا بِشِكَّةِ أَبِيهِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. فَأَبَى ذلك خالد وَطَاعَ بِهِ هِشَامَ بْنَ الْوَلِيدِ لأَنَّهُ أَخُوهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ. وَكَانَتِ الشِّكَّةُ دِرْعًا فَضَفَاضَةً وَسَيْفًا وَبَيْضَةً. فَأُقِيمَ ذَلِكَ مِائَةَ دِينَارٍ وَطَاعَا بِهِ وَسَلَّمَاهُ. فَلَمَّا قُبِضَ ذَلِكَ خَرَجَا بِالْوَلِيدِ حَتَّى بَلَغَا بِهِ ذَا الْحُلَيْفَةِ فَأَفْلَتَ مِنْهُمَا فَأَتَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمَ فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ: هَلا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَفْتَدِيَ وَتُخْرِجَ مَأْثُرَةَ أَبِينَا مِنْ أَيْدِينَا فَاتَّبَعْتَ مُحَمَّدًا إِذْ كَانَ هَذَا رَأْيَكَ؟ فَقَالَ: مَا كُنْتُ لأُسْلِمَ حَتَّى أَفْتَدِيَ بِمِثْلِ مَا افْتَدَى بِهِ قَوْمِي وَلا تَقُولُ قُرَيْشٌ إِنَّمَا اتَّبَعَ مُحَمَّدًا فِرَارًا مِنَ الْفِدَى. ثُمَّ خَرَجَا بِهِ إِلَى مَكَّةَ وَهُوَ آمَنٌ لَهُمَا فَحَبَسَاهُ بِمَكَّةَ مَعَ نَفَرٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ كَانُوا أَقْدَمَ إِسْلامًا مِنْهُ: عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَسَلَمَةَ بْنِ هِشَامٍ. وَكَانَا مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ. فَدَعَا لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَبْلَ بَدْرٍ وَدَعَا بَعْدَ بَدْرٍ لِلْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ مَعَهُمَا. فَدَعَا ثَلاثَ سِنِينَ لِهَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ جَمِيعًا.
قَالَ: ثُمَّ أَفْلَتَ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنَ الْوَثَاقِ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فَسَأَلَهُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
عَنْ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَسَلَمَةَ بْنِ هِشَامٍ فَقَالَ: تَرَكْتُهُمَا فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ وَهُمَا فِي وَثَاقِ. رَجُلٍ أَحَدُهُمَا مَعَ رَجُلِ صَاحِبِهِ. [فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله. ص: انْطَلِقْ حَتَّى تَنْزِلَ بِمَكَّةَ عَلَى الْقَيْنِ فَإِنَّهُ قَدْ أسلم فَتَغَيَّبْ عِنْدَهُ وَاطْلُبِ الْوُصُولَ إِلَى عَيَّاشٍ وَسَلَمَةَ فَأَخْبِرْهُمَا أَنَّكَ رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ بِأَنْ تَأْمُرَهُمَا أَنْ يَنْطَلِقَا حَتَّى يَخْرُجَا.] قَالَ الوليد: ففعلت ذلك
__________
390 المغازي (46) ، (119) ، (140) ، (350) ، (629) ، (747) ، وابن هشام (1/ 321) ، (2/ 5، 321) .(4/98)
فَخَرَجَا وَخَرَجْتُ مَعَهُمَا فَكُنْتُ أَسُوقُ بِهِمَا مَخَافَةً من الطلب والفتنة حتى انتهينا إلى ظهر حرة الْمَدِينَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَسَلَمَةَ بْنِ هِشَامٍ خَرَجَا جَمِيعًا مَعَهُ. وَجَاءَ الْخَبَرُ قُرَيْشًا فَخَرَجَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ حَتَّى بَلَغُوا عُسْفَانَ فَلَمْ يُصِيبُوا أَثَرًا وَلا خَبَرًا عَنْهُمْ. وَكَانَ الْقَوْمُ قَدْ أَخَذُوا عَلَى يَدِ بَحْرٍ حَتَّى خَرَجُوا عَلَى أَمَجَ. طَرِيقُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي سَلَكَ حِينَ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالا: خَرَجَ سَلَمَةُ بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والوليد بْنُ الْوَلِيدِ مُهَاجِرِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَطَلَبَهُمْ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ لِيَرُدُّوهُمْ. قَالَ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ. فَلَمَّا كَانُوا بِظَهْرِ الْحَرَّةِ قُطِعَتْ إِصْبَعُ الْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ فَدَمِيَتْ فَقَالَ:
هَلْ أَنْتِ إِلا إِصْبَعٌ دَمِيَتْ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيَتْ
قَالَ وَانْقَطَعَ فُؤَادُهُ فَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ فَبَكَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ فَقَالَتْ:
يَا عَيْنُ فَابْكِي لِلْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ كَانَ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ أَبُو الْوَلِيدِ فَتَى الْعَشِيرَةِ [فَقَالَ رَسُولُ الله. ص: لا تَقُولِي هَكَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ وَلَكِنْ قُولِي وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ وَلَدِ أَبِي دُجَانَةَ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ: جَزَعْتُ حِينَ مَاتَ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ جَزَعًا لَمْ أَجْزَعْهُ عَلَى مَيِّتٍ فَقُلْتُ لأَبْكِيَنَّ عَلَيْهِ بُكَاءً تُحَدِّثُ بِهِ نِسَاءُ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ. وَقُلْتُ غَرِيبٌ تُوُفِّيَ فِي بِلادِ غُرْبَةٍ. فَاسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَذِنَ لِي فِي الْبُكَاءِ. فَصَنَعْتُ طَعَامًا وَجَمَعْتُ النِّسَاءَ. فَكَانَ مِمَّا ظَهَرَ مِنْ بُكَائِهَا:
يَا عَيْنُ فَابْكِي لِلْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَهْ مِثْلُ الْوَلِيدِ بن الوليد أبي الْوَلِيدِ كَفَى الْعَشِيرَهْ(4/99)
[فَلَمَّا سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَا اتَّخَذُوا الْوَلِيدُ إِلا حَنَانًا] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَوَجْهٌ آخَرُ فِي أَمْرِ الْوَلِيدِ أَوْ مَنْ قَالَهُ مِنْهُمْ وَرَوَاهُ إِلا أَنَّ الأَوَّلَ الَّذِي ذَكَرْنَا أَثْبَتُ مِنْ هَذَا. قَالُوا: إِنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَفْلَتَ هُوَ وَأَبُو جَنْدَلِ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَمْرٍو مِنَ الْحَبْسِ بِمَكَّةَ فَخَرَجَا حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى أَبِي بَصِيرٍ. وَهُوَ بِالسَّاحِلِ عَلَى طَرِيقِ عِيرِ قُرَيْشٍ. فَأَقَامَا مَعَهُ. وَسَأَلَتْ قُرَيْشٌ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَرْحَامِهِمَا أَلا أَدْخَلتَ أَبَا بَصِيرٍ وَأَصْحَابَهُ فَلا حَاجَةً لَنَا بِهِمْ. فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أَبِي بَصِيرٍ أَنْ يَقْدَمَ وَيُقَدِمَ أَصْحَابَهُ مَعَهُ. فَجَاءَهُ الْكِتَابُ وَهُوَ يَمُوتُ فَجَعَلَ يَقْرَأُهُ فَمَاتَ وَهُوَ فِي يَدِهِ. فَقَبَّرَهُ أَصْحَابُهُ هُنَاكَ وَصَلَّوْا عَلَيْهِ وَبَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا. وَأَقْبَلَ أَصْحَابُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُمْ سَبْعُونَ رَجُلا فِيهِمُ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. فَلَمَّا كَانَ بِظَهْرِ الْحَرَّةِ عَثَرَ فَانْقَطَعَتْ إِصْبَعَهُ فَرَبَطَهَا وَهُوَ يَقُولُ:
هَلْ أَنْتَ إِلا إِصْبَعٌ دَمِيَتْ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيَتْ
فَدَخَلَ الْمَدِينَةَ فَمَاتَ بِهَا. وَلَهُ عَقِبٌ مِنْهُمْ أَيُّوبُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ. وَكَانَ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ سَمَّى ابْنَهُ الْوَلِيدَ [فقال رسول الله. ص: مَا اتَّخَذْتُمُ الْوَلِيدَ إِلا حَنَانًا. فَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَالْحَدِيثُ الأَوَّلُ أَثْبَتُ عِنْدَنَا مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْوَلِيدَ كَانَ مَعَ أَبِي بَصِيرٍ.
391- هاشم بْن أبي حُذَيْفة
بْن المغيرة بْن عَبْد الله بْن عُمَر بْن مخزوم.
وأمه أم حُذَيْفة بِنْت أسد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وليس له عقب. وكان قديم الْإِسْلَام بمكّة وهاجر إِلَى أرض الحبشة فِي الهجرة الثانية في رواية محمد بن إسحاق ومحمد بْن عُمَر. إلّا أن محمد بْن إِسْحَاق كان يقول: هشام بْن أبي حُذَيْفة. وهذا منه وهل. إنما هُوَ هاشم بْن أبي حُذَيْفة فِي رواية هشام بْن مُحَمَّد بْن السائب الكلبي ومحمد بْن عُمَر وبني مخزوم. ولم يذكره موسى بن عقبة وأبو معشر فيمن هاجر عندهما إِلَى أرض الحبشة. وتُوُفِّي وليس له عقب.
392- هبار بْن سُفْيَان
بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ بْنِ هِلالِ بْنِ عَبْدِ الله بن عمر بن
__________
391 ابن هشام (1/ 327، 603) ، (2/ 364) .
392 حذف من نسب قريش (74) ، وابن هشام (1/ 327) ، (2/ 364) .(4/100)
مخزوم. وأمه بِنْت عَبْد بْن أبي قَيْس بن عبد ود بن نضر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. وهي أخت عَمْرو بْن عَبْد ود الَّذِي قتله عَلِيّ بْن أَبِي طالب. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. يوم الخندق. وكان هبار بْن سُفْيَان قديم الإسلام بمكة وهاجر إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية فِي روايتهم جميعًا وقتل يوم أجنادين بالشام.
393- وأخوه عَبْد اللَّهِ بْن سُفْيَان
بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ بْنِ هِلالِ بْنِ عَبْدِ الله بن عمر بن مخزوم. وأمه بنت عَبْد بْن أبي قَيْس بْن عَبْد ود بن نضر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. وليس له عقب. وكان قديم الإسلام بمكة وهاجر إلى أرض الحبشة فِي الهجرة الثانية فِي روايتهم جميعًا. وقتل يوم اليرموك شهيدًا فِي خلافة عُمَر بْن الخطاب.
ومن حلفاء بني مخزوم وَمَوَالِيهِمْ
394- يَاسِرُ بْن عامر
بْن مالك بْن كنانة بْن قَيْس بْن الحصين بْن الوذيم بْن ثَعْلَبَة بْن عوف بْن حارثة بْن عامر الأكبر ابن يام بْن عنس. وهو زَيْد بْن مالك بْن أدد بْن يشجب بْن عريب بْن زَيْد بْن كهلان بن سبأ بن يشجب بْن يعرب بْن قحطان. وإلى قحطان جماع أَهْل اليمن. وبنو مالك بْن أدد من مذحج. وكان ياسر بن عامر وأخواه الْحَارِث ومالك قدموا من اليمن إِلَى مكّة يطلبون أخا لهم فرجع الْحَارِث ومالك إِلَى اليمن وأقام ياسر بمكّة وحالف أَبَا حُذَيْفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
وزوجه أبو حذيفة أمه له يُقَالُ لها سمية بِنْت خياط فولدت له عمارًا. فأعتقه أَبُو حُذَيْفة. ولم يزل ياسر وعمار مع أبي حُذَيْفة إِلَى أن مات. وجاء الله بالإسلام فأسلم ياسر وسمية وعمار وأخوه عبد الله بن ياسر. وكان لياسر ابن آخر أكبر من عمار وعبد الله يقال له حريث فقتله بنو الديل في الجاهلية. وكان ياسر لما أسلم أخذته بنو مخزوم فجعلوا يعذبونه ليرجع عن دينه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالا: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ الْجَمَلِيُّ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عفان
__________
393 ابن هشام (1/ 327) .
394 ابن هشام (1/ 261، 320) .(4/101)
قَالَ: أَقْبَلْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخِذٌ بِيَدِي نَتَمَاشَى فِي الْبَطْحَاءِ حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى أَبِي عَمَّارٍ وَعَمَّارٍ وَأُمِّهِ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ. فَقَالَ يَاسِرٌ: الدَّهْرُ هَكَذَا. [فَقَالَ له رسول الله. ص:
اصبر. اللهم اغفر لآل ياسر وقد فعلت] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ عَنْبَسَةَ الْخَزَّازُ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ الْمَكِّيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِعَمَّارٍ وَأَبِي عَمَّارٍ وَأُمِّهِ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ بِالْبَطْحَاءِ [فَقَالَ: اصْبِرُوا يَا آلَ عَمَّارٍ فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ] .
395- الْحَكَمُ بْنُ كَيْسَانَ
مَوْلَى لبني مخزوم. وكان الحكم فِي عير قريش الّتي أصابها عَبْد الله بْن جحش بنخلة فأسر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمَّتِهِ عَنْ أُمِّهَا كَرِيمَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ عَنْ أَبِيهَا الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أَنَا أَسَرْتُ الْحَكَمَ بْنَ كَيْسَانَ فَأَرَادَ أَمِيرُنَا ضَرْبَ عُنُقِهِ فَقُلْتُ: دَعْهُ! نَقْدُمُ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدِمْنَا فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلامِ فأطال. فقال عمر: علا م تُكَلِّمُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ وَاللَّهِ لا يُسْلِمُ هَذَا آخِرَ الأَبَدِ. دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ وَيُقْدِمُ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ. فَجَعَلَ النَّبِيُّ لا يُقْبِلُ عَلَى عُمَرَ حَتَّى أَسْلَمَ الْحَكَمُ فَقَالَ عُمَرُ: فَمَا هُوَ إِلا أَنْ رَأَيْتُهُ قَدْ أَسْلَمَ حَتَّى أَخَذَنِي مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ وَقُلْتُ: كَيْفَ أَرُدُّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْرًا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي ثُمَّ أَقُولُ إِنَّمَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ النَّصِيحَةَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: فَأَسْلَمَ وَاللَّهِ فَحَسُنَ إِسْلامُهُ وَجَاهَدَ فِي اللَّهِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا بِبِئْرِ مَعُونَةَ. وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاضٍ عَنْهُ وَدَخَلَ الْجِنَّانَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ الْحَكَمُ:
وَمَا الإِسْلامُ؟ قَالَ: تَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
فَقَالَ: قَدْ أَسْلَمْتُ. [فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: لَوْ أَطَعْتُكُمْ فِيهِ آنِفًا فَقَتَلْتُهُ دَخَلَ النَّارَ] .
وَمِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ
396- نُعَيْمٌ النَّحَّامُ
ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَيْدِ بن عبد عوف بن عبيد بن عويج بن
__________
395 المغازي (14) ، (15) ، (352) ، وابن هشام (1/ 603، 604، 605) .
396 حذف من نسب قريش (81) ، (822) ، والمغازي (973) ، وابن هشام (1/ 258) .(4/102)
عدي بْن كعب. وأمه بِنْت أبي حرب بْن خَلَف بْن صداد بْن عَبْد اللَّه من بني عدي بْن كعب. وكان لنعيم من الولد إِبْرَاهِيم وأمه زينب بِنْت حنظلة بْن قسامة بْن قَيْس بْن عُبَيْد بْن طريف بْن مالك بْن جُدْعان بْن ذهل بن رومان من طيّئ. وأمه بِنْت نُعَيْم ولدت للنعمان بْن عدي بْن نضلة من بني عدي بْن كعب وأمها عاتكة بنت حذيفة بن غانم.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يعقوب بن عمر عن نافع العدوي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ الْعَدَوِيِّ قَالَ: أَسْلَمَ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بَعْدَ عَشْرَةٍ وَكَانَ يَكْتُمُ إِسْلامَهُ وَإِنَّمَا سُمِّيَ النَّحَّامَ لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ نَحْمَةً مِنْ نُعَيْمٍ] فَسُمِّيَ النَّحَّامُ. وَلَمْ يَزَلْ بِمَكَّةَ يَحُوطُهُ قَوْمُهُ لِشَرَفِهِ فِيهِمْ. فَلَمَّا هَاجَرَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَرَادَ الْهِجْرَةَ فَتَعَلَّقَ بِهِ قَوْمُهُ فَقَالُوا: دِنْ بِأَيِّ دِينٍ شِئْتَ وَأَقِمْ عِنْدَنَا. فَأَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى كَانَتْ سَنَةَ سِتٍّ فَقَدِمَ مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ أَرْبَعُونَ مِنْ أَهْلِهِ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْلِمًا فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّحَّامُ يَقُوتُ بني عدي بن كعب شهرا شهرا لفقرائهم.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَ نُعَيْمٌ هَاجَرَ أَيَّامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَشَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْمَشَاهِدِ وقتل يوم اليرموك شهيدا في رجب سنة خَمْسَ عَشْرَةَ.
397- مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ نضلة بن عَوْفِ بْنِ عَبِيدِ بْنِ عَوِيجِ بْنِ عَدِيِّ بْن كعب. وأمه الأشعرية. وكان قديم الإسلام بمكة وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية فِي روايتهم جميعًا ثُمَّ قدم مكّة فأقام بها. وتأخرت هجرته إِلَى المدينة ثُمَّ هاجر بعد ذلك. ويقولون إنّه لحق النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالحديبية. يختلفون فِيهِ وَفِي خراش بْن أمية الكعبي. وهو الذي كان يرجل للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ. وَقَدْ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - حديثا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن إسحاق عن محمد بن
__________
397 حذف من نسب قريش (81) ، والمغازي (737) ، (832) ، ابن هشام (1/ 328) ، (2/ 361) .(4/103)
إِبْرَاهِيمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَضْلَةَ قَالَ: [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول: لا يحتكر إلا خاطئ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانٍ أَنَّ الَّذِيَ حَلَقَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَدَوِيُّ.
398- عَدِيُّ بْنُ نَضْلَةَ
بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ حُرْثَانَ بن عَوْفِ بْنِ عَبِيدِ بْنِ عَوِيجِ بْنِ عَدِيِّ بْن كعب. وأمه بِنْت مَسْعُود بْن حذافة بْن سعد بْن سهم. وكان لعدي بْن نضلة من الولد النُّعمان ونعيم وآمنة وأمهم بِنْت نعجة بْن خويلد بْن أمية بْن المعمور بْن حيان بْن غنم بْن مليح من خزاعة. وكان عدي بْن نضلة قديم الْإِسْلَام بمكّة وهاجر إِلَى أرض الحبشة فِي روايتهم جميعًا ومات هناك بأرض الحبشة وهو أوّل من مات مِمَّنْ هاجر وأول من ورث فِي الْإِسْلَام. ورثه ابنه النُّعمان بْن عدي. وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَدِ اسْتَعْمَلَ النُّعْمَانَ عَلَى مَيْسَانَ. وَكَانَ يَقُولُ الشِّعْرَ فَقَالَ:
أَلا هل أَتَى الْخَنْسَاءَ أَنَّ خَلِيلَهَا ... بِمَيْسَانَ يُسْقَى فِي زُجَاجٍ وَحَنْتَمِ
إِذَا شِئْتُ غَنَّتْنِي دَهَاقِينُ قَرْيَةٍ ... وَرَقَّاصَةٌ تَجْثُو عَلَى كُلِّ مَنْسَمِ
فَإِنْ كُنْتَ ندماني فبالأكبر اسقني ... ولا تسقني بِالأَصْغَرِ الْمُتَثَلِّمِ
لَعَلَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَسُوءُهُ ... تَنَادُمُنَا في الجوسق المتهدم
قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَنْشُدُ هَذِهِ الأَبْيَاتِ. قَالَ:
فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَوْلُهُ قَالَ: نَعَمْ! وَاللَّهِ إِنَّهُ لَيَسُوءُنِي. مَنْ لَقِيَهُ فَلْيُخْبِرْهُ أَنِّي قَدْ عَزَلْتُهُ. فَقَدِمَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَأَخْبَرَهُ بِعَزْلِهِ. فَقَدِمَ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا صَنَعْتُ شَيْئًا مِمَّا قُلْتُ وَلَكِنْ كُنْتُ امْرَأً شَاعِرًا وَجَدْتُ فَضْلا مِنْ قَوْلٍ فَقُلْتُ فِيهِ الشَّعْرَ. فَقَالَ عُمَرُ: أَيِّمُ اللَّهِ لا تَعْمَلُ لِي عَلَى عَمَلٍ مَا بَقِيتُ وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ.
399- عروة بن أبي أثاثة
بن عبد العزي بن حرثان بن عَوْفِ بْنِ عَبِيدِ بْنِ عَوِيجِ بْنِ عَدِيِّ بن كعب. هكذا في رواية محمد بن عمر: عروة بن أبي أثاثة. وأمه النابغة بنت خزيمة من عنزة وأخوه لأمه عمرو بن العاص بن وائل السهمي. وكان عروة
__________
398 حذف من نسب قريش (81) ، ابن هشام (1/ 328) ، (2/ 365- 367) .(4/104)
قديم الإسلام بمكة وهاجر إلى أرض الحبشة في رواية موسى بْنِ عُقْبَةَ وَأَبِي مَعْشَرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ. ولم يذكره محمد بن إسحاق فيمن هاجر عنده إلى أرض الحبشة.
400- مسعود بن سويد
بن حارثة بن نضلة بن عَوْفِ بْنِ عَبِيدِ بْنِ عَوِيجِ بْنِ عَدِيِّ بن كعب. وأمه عاتكة بنت عبد الله بن نضلة بن عوف. وكان قديم الإسلام وقتل يوم مؤتة شَهِيدًا فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الهجرة.
401- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُرَاقَةَ
بْنِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ أَنَسِ بْنِ أذاذه بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي. وأمه بِنْت عَبْد اللَّه بْن عُمَيْر بْن أهيب بْن حذافة بْن جمح.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: هَاجَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُرَاقَةَ مَعَ أَخِيهِ عَمْرٍو مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَزَلا عَلَى رِفَاعَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَحْدَهُ: وَشَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُرَاقَةَ بَدْرًا مَعَ أَخِيهِ عَمْرِو بْنِ سُرَاقَةَ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَأَبُو مَعْشَرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَمْ يَشْهَدْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُرَاقَةَ بَدْرًا وَلَكِنَّهُ قَدْ شَهِدَ أُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: وَتُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُرَاقَةَ وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ.
402- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ
بْنِ الْخَطَّابِ بْنِ نُفَيْلَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ
__________
401 ابن هشام (1/ 476، 684) .
402 تاريخ الدوري (2/ 321) ، وطبقات خليفة (22) ، (190) ، وعلل ابن المديني (47) ، (63) ، (65) ، (66) ، (67) ، (74) ، (75) ، (76) ، (90) ، وفضائل الصحابة (2/ 894) ، والتاريخ الكبير للبخاري (5/ ت 4) ، وتاريخ واسط (77) ، (136) ، (180) ، (183) ، (222) ، (223) ، (226) ، (261) ، (282) ، والجرح والتعديل (5/ ت 492) ، والثقات لابن حبان (3/ 209) ، وتاريخ بغداد (1/ 171) ، والاستيعاب (3/ 950) ، وأسد الغابة (3/ 227) ، وتهذيب الأسماء (1/ 278) ، وابن خلكان (3/ 28، 31) ، وسير أعلام النبلاء (3/ 203) ، والعبر (1/ 27، 37، 79، 83، 84، 118، 120، 124، 206، 250) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 3428) ، وتهذيب الكمال (3441) ، وتهذيب التهذيب (5/ 328، 330) ، وتقريب التهذيب (1/ 435) ، وتذكرة الحفاظ (1/ 37) ، وتاريخ الإسلام (3/ 177) ، وغاية النهاية (1/ 437) ، والإصابة (2/ ت 3834) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3678) ، وشذرات الذهب (1/ 15، 20، 22، 33، 42، 45، 46، 62، 63، 81) ، وحذف من نسب قريش (80) .(4/105)
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَّاحِ بْنِ عدي بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فهر. وأمه زينب بِنْت مظعون بْن حبيب بن وهب بن حُذَافَةَ بْنِ جُمَحِ بْن عَمْرو بْن هَصِيصِ. وكان إسلامه بمكّة مع الإسلام أبيه عُمَر بْن الخطاب ولم يكن بلغ يومئذٍ. وهاجر مع أَبِيهِ إِلَى المدينة. وكان يكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَن. وكان لعبد الله بْن عُمَر من الولد اثنا عشر وأربع بنات: أبو بكر وأبو عبيدة وواقد وعبد الله وعُمَر وحفصة وسودة وأمهم صَفِيَّةُ بِنْت أبي عُبَيْد بْن مَسْعُود بْنِ عَمْرو بْن عمير بْن عوف بْن عقدة بن غيرة بن عوف بن قسي وهو ثقيف. وعبد الرَّحْمَن وبه كان يكنى وأمه أم علقمة بِنْت علقمة بْن ناقش بْن وهب بْن ثَعْلَبَةَ بْنِ وَائِلَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ شَيْبَانَ بن محارب بن فهر. وسالم وعبيد الله وحمزة وأمهم أم وُلِدَ. وزيد وعائشة وأمهما أم وُلِدَ. وبلال وأمه أم وُلِدَ. وأبو سَلَمَة وقلابة وأمهما أم وُلِدَ. ويقال إنّ أم زَيْد بْن عَبْد الله سهلة بِنْت مالك بن الشحاح من بني زَيْد بْن جشم بْن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو معشر عن نَافِعٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:
عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ بَدْرٍ وَأَنَا ابْنُ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً فَرَدَّنِي. وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابن أربع عشرة فَرَدَّنِي. وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خمس عشرة فَقَبِلَنِي. قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: وَهُوَ فِي الْخَنْدَقِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ابْنَ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً لأَنَّ بَيْنَ أُحُدٍ وَالْخَنْدَقَ بَدْرًا الصُّغْرَى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن ابن عُمَرَ قَالَ: عَرَضَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقِتَالِ يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِي. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْخَنْدَقِ عَرَضَنِي وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي.
قَالَ نَافِعٌ: فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ فَحَدَّثْتُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْحَدَّ بَيْنَ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ. وَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يفرضوا لابن(4/106)
خمس عشرة ويلحقوا ما دون ذلك في العيال.
قال: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنِ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَلَمْ يُجِزْنِي. وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فأجازني.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ عُمَرَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالَ: مَا تَقُولُونَ؟ قَالَ: نَقُولُ إِنَّكُمْ سَبِطٌ وَإِنَّكُمْ وَسَطٌ. فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! إِنَّمَا كَانَ السَّبْطُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالأَمَّةُ الْوَسَطُ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ جَمِيعًا وَلَكِنَّا أَوْسَطُ هَذَا الْحَيِّ مِنْ مُضَرَ فَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ كذب وفجر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ مَنْ حَدَّثَهُ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا رَآهُ أَحَدٌ كَانَ بِهِ شَيْءٌ مِنَ اتِّبَاعِهِ آثَارَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ وموسى بن داود قَالُوا: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سُوقَةَ يَذْكُرُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: لَمْ يَكُنْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - أَحَدٌ أَحْذَرَ إِذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا أَلَّا يَزِيدَ فِيهِ وَلا يُنْقِصَ مِنْهُ وَلا وَلا مِنْ عبد الله بْنُ عُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ: لا عَلِمَ لِي بِهِ. فَلَمَّا أَدْبَرَ الرَّجُلُ قَالَ لِنَفْسِهِ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَمَّا لا علم له لَهُ فَقَالَ لا عِلْمَ لِي بِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَيَعْلَى وَمُحَمَّدٌ ابنا عبيد قَالُوا: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ أَمْلَكَ شَبَابِ قُرَيْشٍ لنفسه عن الدنيا ابن عمر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عن مُحَمَّدٍ قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: إِنِّي لَقِيتُ أَصْحَابِي عَلَى أَمْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ إِنْ خَالُفْتُهُمْ خَشْيَةَ أَلا أَلْحَقَ بِهِمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عن مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: اللَّهُمَّ أَبْقِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مَا أَبْقَيْتَنِي أَقْتَدِي بِهِ فَإِنِّي لا أَعْلَمُ أَحَدًا عَلَى الأَمْرِ الأَوَّلِ غيره.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عن مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: مَا أَحَدٌ(4/107)
مِنَّا أَدْرَكَتْهُ الْفِتْنَةُ إِلا لَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ فيه غير ابن عمر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: جَالَسْتُ ابْنَ عُمَرَ سَنَةً فَمَا سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِلَيْكُمْ عَنِّي فَإِنِّي قَدْ كُنْتُ مَعَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنِّي وَلَوْ عَلِمْتُ أَنِّي أَبْقَى فِيكُمْ حَتَّى تقتضوا إلي لتعلمت لكم.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا كَانَ أَحَدٌ يَتْبَعُ آثَارَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَنَازِلِهِ كَمَا كَانَ يَتْبَعُهُ ابن عمر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: كَانَ أَشْبَهَ وَلَدِ عُمَرَ بِعُمَرَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَشْبَهُ وَلَدِ عبد الله بعبد الله سالم.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ فِي سَرِيَّةٍ مِنْ سَرَايَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَاصَ. يَعْنِي النَّاسَ. حَيْصَةً فَكُنْتُ فِيمَنْ حَاصَ. فَقُلْنَا كَيْفَ نَصْنَعُ وَقَدْ فَرَرْنَا مِنَ الزَّحْفِ وَبُؤْنَا بِالْغَضَبِ؟ فَقُلْنَا نَدْخُلُ الْمَدِينَةَ فَنَبِيتُ بِهَا ثُمَّ نَذْهَبُ فَلا يَرَانَا أَحَدٌ. ثُمَّ دَخَلْنَا فَقُلْنَا لَوْ عَرَضْنَا أَنْفُسَنَا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَإِنْ كَانَتْ لَنَا تَوْبَةٌ أَقَمْنَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ ذَهَبْنَا. قَالَ فَجَلَسْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ صَلاةِ الْفَجْرِ فَلَمَّا خَرَجَ قُمْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ الْغَرَّارُونَ. [فَقَالَ: لا بَلْ أَنْتُمُ الْعَكَّارُونَ. قَالَ فَدَنَوْنَا فَقَبَّلْنَا يَدَهُ فَقَالَ. ص: أنا فئة المسلمين] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَسَاهُ حُلَّةً سِيَرَاءَ وَكَسَا أُسَامَةَ قُبْطِيَّتَيْنِ ثُمَّ [قَالَ: مَا مَسَّ الأَرْضَ فَهُوَ فِي النَّارِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - بَعَثَ سَرِيَّةً قِبَلَ نَجْدٍ فِيهِمُ ابْنُ عُمَرَ وَأَنَّ سِهَامَهُمْ بَلَغَتِ(4/108)
اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا. ثُمَّ نفلوا سوى ذلك بعيرا بعيرا فلم يعيره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ. إِمَّا سَمَّاهُ وَإِمَّا كَنَّاهُ. وَاللَّهِ إِنِّي لأَحْسَبُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي عَهِدَهُ إِلَيْهِ لَمْ يَفْتِنْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ. وَاللَّهِ مَا اسْتَغْرَتْهُ قُرَيْشٌ فِي فِتْنَتِهَا الأُولَى. فَقُلْتُ فِي نَفْسِي إِنَّ هَذَا لَيَزْرِي عَلَى أَبِيهِ فِي مَقْتَلِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سِنَانٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَوْهَبٍ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: اقْضِ بَيْنَ النَّاسِ. فَقَالَ: لا أَقْضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ وَلا أَؤُمُّ اثْنَيْنِ. قَالَ فَقَالَ عُثْمَانُ: أَتَقْضِينِي؟ قَالَ: لا وَلَكِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ الْقُضَاةَ ثَلاثَةٌ: رَجُلٌ قَضَى بِجَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ. وَرَجُلٌ حَافَ وَمَالَ بِهِ الْهَوَاءُ فَهُوَ فِي النَّارِ. وَرَجُلٌ اجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَهُوَ كَفَافٌ لا أَجْرَ لَهُ وَلا وِزْرَ عَلَيْهِ. فَقَالَ: فَإِنَّ أَبَاكَ كَانَ يَقْضِي. فَقَالَ: إِنَّ أَبِي كَانَ يَقْضِي فَإِذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذَا أَشْكَلَ عَلَى النَّبِيِّ سَأَلَ جَبْرَائِيلَ. وَإِنِّي لا أَجِدُ مَنْ أَسْأَلُ. [أَمَا سَمِعْتَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ مَنْ عَاذَ بِاللَّهِ فَقَدْ عَاذَ بِمُعَاذٍ؟] فَقَالَ عُثْمَانُ: بَلَى. فَقَالَ: فَإِنِّي أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تَسْتَعْمِلَنِي فأعفاه وقال: لا تخبر بهذا أحدا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - كان بيدي قطعة إستبرق وكأنني لا أُرِيدُ مَكَانًا مِنَ الْجَنَّةِ إِلا طَارَتْ بِي إِلَيْهِ. قَالَ وَرَأَيْتُ كَأَنَّ اثْنَيْنِ أَتَيَانِي أَرَادَا أَنْ يَذْهَبَا بِي إِلَى النَّارِ فَتَلَقَّاهُمَا مَلَكٌ فَقَالَ لا تُرَعْ. فَخَلَّيَا عَنِّي. قَالَ فَقَصَّتْ حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - رؤياي [فقال رسول الله. ص: نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ. قَالَ فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَيُكْثِرُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَجْلِسُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى يَرْتَفِعَ الضُّحَى وَلا يُصَلِّي. ثُمَّ يَنْطَلِقُ إِلَى السُّوقِ فَيَقْضِي حَوَائِجَهُ ثُمَّ يَجِيءُ إِلَى أَهْلِهِ فَيَبْدَأُ بِالْمَسْجِدِ فيصلي ركعتين ثم يدخل بيته.(4/109)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقُرْقُسَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: تَرَكَ النَّاسُ أَنْ يَقْتَدُوا بِابْنِ عُمَرَ وَهُوَ شاب فلما كبر اقتدوا بِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: كَيْفَ أَخَذْتُمْ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ مِنْ بَيْنِ الأَقَاوِيلِ؟ فَقُلْتُ لَهُ: بَقِيَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَكَانَ لَهُ فَضْلٌ عِنْدَ النَّاسِ وَوَجَدْنَا مَنْ تَقَدَّمَنَا أَخَذَ بِهِ فَأَخَذْنَا بِهِ. قَالَ: فَخُذْ بِقَوْلِهِ وَإِنْ خَالَفَ عليا وابن عباس.
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: مَا حَقُّ امْرِئٍ لَهُ مَا يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ ثَلاثًا إِلا وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ] . قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا بِتُّ لَيْلَةً مُنْذُ سَمِعْتُهَا إِلا وَوَصِيَّتِي عِنْدِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: أُتِيَ ابْنُ عُمَرَ بِبِضْعَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا فَمَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى أَعْطَاهَا وَزَادَ عَلَيْهَا. قَالَ لَمْ يَزَلْ يُعْطِي حَتَّى أَنْفَذَ مَا كَانَ عِنْدَهُ فَجَاءَهُ بَعْضُ مَنْ كَانَ يُعْطِيهِ فاستقرض من بعض من كان أعطاه فأعطاه. قَالَ مَيْمُونٌ: وَكَانَ يَقُولُ لَهُ الْقَائِلُ بِخِيلٌ. وَكَذَبُوا وَاللَّهِ مَا كَانَ بِبَخِيلٍ فِيمَا يَنْفَعُهُ.
قال: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَشْتَرِطُ عَلَى مِنْ صَحِبَهُ فِي السَّفَرِ الْفِطْرَ وَالأَذَانَ وَالذَّبِيحَةَ. يَعْنِي الْجَزْرَةَ يَشْتَرِيهَا لِلْقَوْمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عن نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لا يَصُومُ فِي السَّفَرِ وَلا يَكَادُ يُفْطِرُ فِي الْحَضَرِ إِلا أَنْ يَمْرَضَ أَوْ أَيَّامَ يَقْدَمُ فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلا كَرِيمًا يُحِبُّ أَنْ يُؤْكَلَ عِنْدَهُ.
قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ: وَلأَنْ أُفْطِرَ فِي السَّفَرِ فأخذ برخصة الله أحل إلي من أن أصوم.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ قَالَ: كان ابن عمر يشترط على من صحبه أَنْ لا تَصْحَبَنَا بِبَعِيرٍ جُلالٍ وَلا تُنَازِعَنَا الأذان ولا تصوم إلا بإذننا.(4/110)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يَصُومُ فِي السَّفَرِ. وَكَانَ مَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ مِنْ بَنِي لَيْثٍ يَصُومُ فَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللَّهِ يَنْهَاهُ وكان يأمره أن يتعاهد سحوره.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْقَارِئِ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَكَانَ لَهُ جَفْنَةٌ مِنْ ثَرِيدٍ يَجْتَمِعُ عَلَيْهَا بَنَوْهُ وَأَصْحَابُهُ وَكُلُّ مَنْ جَاءَ حَتَّى يَأْكُلَ بَعْضُهُمْ قَائِمًا. وَمَعَهُ بَعِيرٌ لَهُ عَلَيْهِ مَزَادَتَانِ فِيهِمَا نَبِيذٌ وَمَاءٌ مَمْلُوءَتَانِ. فَكَانَ لِكُلِّ رَجُلٍ قَدَحٌ مِنْ سَوِيقٍ بِذَلِكَ النَّبِيذِ حتى يتضلع منه شبعا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ مَعْنٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا صَنَعَ طَعَامًا فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ لَهُ هَيْئَةٌ لَمْ يَدْعُهُ وَدَعَاهُ بَنَوْهُ أَوْ بَنُو أَخِيهِ. وَإِذَا مَرَّ إِنْسَانٌ مِسْكِينٌ دَعَاهُ وَلَمْ يَدْعُوهُ وَقَالَ: يَدْعُونَ مَنْ لا يَشْتَهِيهِ وَيَدَعُونَ مَنْ يَشْتَهِيهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ رَجُلٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُطَيِّبَ زَادَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عُمَرَ قَالَ: قُلْتُ لِنَافِعٍ أَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصِيبُ دِقَّ هَذَا الطَّعَامِ؟ فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْكُلُ الدَّجَاجَ وَالْفِرَاخَ والخبيص في البرمة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ فِي زَمَانِ الْفِتْنَةِ لا يَأْتِي أَمِيرٌ إِلا صَلَّى خَلْفَهُ وَأَدَّى إِلَيْهِ زكاة ماله.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مِهْرَانَ الْكِنْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَيْفٌ الْمَازِنِيُّ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: لا أُقَاتِلُ فِي الْفِتْنَةِ وَأُصَلِّي وَرَاءَ مَنْ غَلَبَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ وَأَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ جَمِيعًا عَنْ جَابِرٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي مَعَ الْحَجَّاجِ بِمَكَّةَ فَلَمَّا أَخَّرَ الصَّلاةَ تَرَكَ أن يشهدها معه وخرج منها.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ يَقُولُ: ذَكَرَ ابْنُ عُمَرَ مَوْلاةً لَهُمْ فَقَالَ: يَرْحَمُهَا اللَّهُ إِنْ(4/111)
كانت لتقوتنا من الطعام بكذا وكذا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كَعْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ بِصُرَّةٍ فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ قَالَ: هَذَا شَيْءٌ إِذَا أَكَلْتَ طَعَامَكَ فَكَرَبَكَ أَكَلْتَ مِنْ هَذَا شَيْئًا فَهَضَمَهُ عَنْكَ. قَالَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا مَلأْتُ بَطْنِي مِنْ طَعَامٍ مُنْذُ أربعة أشهر.
قال: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ. قَالَ مَالِكُ بْنُ مغول عَنْ نَافِعٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ بِجَوَارِشَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا يَهْضِمُ الطَّعَامَ. قَالَ: إِنَّهُ لَيَأْتِي عَلَيَّ شَهْرٌ مَا أَشْبَعُ مِنَ الطَّعَامِ فَمَا أَصْنَعُ بِهَذَا؟.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ يُرْسِلُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِالْمَالِ فَيَقْبَلُهُ وَيَقُولُ: لا أَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا ولا أرد ما رزقني الله.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا خاتم بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ الْمُخْتَارُ يَبْعَثُ بِالْمَالِ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَيَقْبَلُهُ وَيَقُولُ: لا أَسْأَلُ أَحَدًا شيئا ولا أرد ما رزقني الله.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنِ ابْنِ عَجْلانَ عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ: كَتَبَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ هَارُونَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ أَنِ ارْفَعْ إِلَيَّ حَاجَتَكَ. قَالَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ:
[سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ. وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى] وَإِنِّي لا أَحْسَبُ الْيَدَ الْعُلْيَا إِلا الْمُعْطِيَةَ وَالسُّفْلَى إِلا السَّائِلَةَ. وَإِنِّي غَيْرُ سَائِلِكَ وَلا رَادٌّ رِزْقًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيَّ مِنْكَ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: كَيْفَ تَرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَوْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا؟ فَقَالَ أَسْلَمُ: مَا رَجُلٌ قَاصِدٌ لِبَابِ الْمَسْجِدِ دَاخِلٌ أَوْ خَارِجٌ بِأَقْصَدَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ لِعَمَلِ أبيه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَيَّ أمة محمد إلا رجلين ما قاتلتهما.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ(4/112)
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ لِرَجُلٍ: إِنَّا قَاتَلْنَا حَتَّى كَانَ الدِّينُ لِلَّهِ وَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ. وَإِنَّكُمْ قَاتَلْتُمْ حَتَّى كَانَ الدِّينُ لِغَيْرِ الله وحتى كانت فتنة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يُحَدِّثُ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ قَالُوا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: إِنَّكَ سَيِّدُ النَّاسِ وَابْنُ سَيِّدٍ فَاخْرُجْ نُبَايِعْ لَكَ النَّاسَ. قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ لَئِنِ اسْتَطَعْتُ لا يُهَرَاقُ فِي سَبَبِي مِحْجَمَةٌ مِنْ دَمٍ. فَقَالُوا: لَتَخْرُجَنَّ أَوْ لَنَقْتُلَنَّكَ عَلَى فِرَاشِكَ. فَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ قَوْلِهِ الأَوَّلِ.
قَالَ الْحَسَنُ: فَأَطْمَعُوهُ وَخَوَّفُوهُ فَمَا اسْتَقْبَلُوا منه شيئا حتى لحق بالله.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ قَالَ: قِيلَ لابْنِ عُمَرَ: لَوْ أَقَمْتَ لِلنَّاسِ أَمْرَهُمْ فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ رَضُوا بِكَ كُلُّهُمْ. فَقَالَ لَهُمْ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ خَالَفَ رَجُلٌ بِالْمَشْرِقِ؟ قَالُوا: إِنْ خَالَفَ رَجُلٌ قُتِلَ. وَمَا قَتْلُ رَجُلٍ فِي صَلاحِ الأُمَّةِ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ لَوْ أَنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَتْ بِقَائِمَةِ رُمْحٍ وَأَخَذْتُ بِزُجِّهٍ فَقُتِلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلِيَ الدُّنْيَا وما فيها.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَاءِ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي خَلْفَ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ لا يَشْعُرُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاضِعِينَ سُيُوفَهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا يَقُولُونَ يَا عبد الله بن عمر أعط بيدك.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ قَطَنٍ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: مَا أَحَدٌ شر لأمة محمد منك. قال: لم؟ فو الله مَا سَفَكْتُ دِمَاءَهُمْ وَلا فَرَّقْتُ جَمَاعَتَهُمْ وَلا شَقَقْتُ عَصَاهُمْ. قَالَ: إِنَّكَ لَوْ شِئْتَ مَا اخْتَلَفَ فِيكَ اثْنَانِ.
قَالَ: مَا أُحِبُّ أَنَّهَا أَتَتْنِي وَرَجُلٌ يَقُولُ لا وَآخَرُ يَقُولُ بَلَى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مالك بن أنس عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لا يَرُوحُ إِلَى الْجُمُعَةِ إِلا ادَّهَنَ وَتَطَيَّبَ إِلا أَنْ يَكُونَ حَرَامًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا ابن أبي ذئب عن ابن شهاب أن ابن عمر كان يتطيب للعيد.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ في ثلاثة آلاف. يعني في العطاء.(4/113)
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ:
مَا كَانَ أَحَدٌ يَبْدَأُ أَوْ يبدر ابن عمر بالسلام.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا العمري عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يقول لغلمانه: إذا كتبتم إلي فابدأوا بِأَنْفُسِكُمْ. وَكَانَ إِذَا كَتَبَ لَمْ يَبْدَأْ بِأَحَدٍ قبله.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْتُبُ إِلَى مَمْلُوكِيهِ بِخَيْبَرَ يَأْمُرُهُمْ أن يبدءوا بأنفسهم إذا كتبوا إليه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: كَتَبَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَبَدَأَ بِاسْمِهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ فَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ. إِلَى آخِرِ الآيَةِ. وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الْمُسْلِمِينَ اجْتَمَعُوا عَلَى الْبَيْعَةِ لَكَ وَقَدْ دَخَلْتُ فِيمَا دخل فيه المسلمون والسلام.
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي مَرْزُوقٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ: مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. فَقَالَ مَنْ حَوْلَ عَبْدِ الْمَلِكِ.
بَدَأَ بِاسْمِهِ قَبْلَ اسْمِكَ. فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنَّ هَذَا من أبي عبد الرحمن كثير.
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِذَا كَتَبَ إِلَى أَبِيهِ كَتَبَ: مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كُنْتُ أَطْلِي ابْنَ عُمَرَ فِي الْبَيْتِ وَعَلَيْهِ إِزَارُهُ فَإِذَا فَرَغْتُ خَرَجْتُ وَطَلَى هُوَ مَا تَحْتَ الثَّوْبِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كُنْتُ أَطْلِي ابْنَ عُمَرَ فِي الْبَيْتِ فَإِذَا بَلَغَ الْعَوْرَةَ وَلِيَهَا بِنَفْسِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَتَنَوَّرْ قَطُّ إِلا مَرَّةً وَاحِدَةً. أَمَرَنِي وَمَوْلًى لَهُ فَطَلَيْنَاهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لا يَدْخُلُ الْحَمَّامَ وَلَكِنْ يَتَنَوَّرُ فِي بَيْتِهِ.(4/114)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَطْلِيهِ صَاحِبُ الْحَمَّامِ فَإِذَا بَلَغَ العانة وليها بيده.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَتَكِيُّ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: ذَهَبْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ إِلَى الْحَمَّامِ فَاتَّزَرَ بِشَيْءٍ وَاتَّزَرْتُ أَنَا بِشَيْءٍ. قَالَ فَدَخَلْتُ وَدَخَلَ عَلَى أَثَرِي ثُمَّ فَتَحْتُ الْبَابَ الثَّانِي فَدَخَلْتُ وَدَخَلَ عَلَى أَثَرِي. فَلَمَّا فَتَحْتُ الْبَابَ الثَّالِثَ رَأَى رِجَالا عُرَاةً فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَمْرٌ عَظِيمٌ فَظِيعٌ فِي الإِسْلامِ! فَخَرَجَ عَوْدًا عَلَى بَدْءٍ فَلَبِسَ ثِيَابَهُ وَذَهَبَ. قَالَ فَقَالَ لِصَاحِبِ الْحَمَّامِ فَطَرَدَ النَّاسَ وَغَسَلَ الْحَمَّامَ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَيْسَ فِي الْحَمَّامِ أَحَدٌ. قَالَ فَجَاءَ وَجِئْتُ مَعَهُ فَدَخَلْتُ وَدَخَلَ عَلَى أَثَرِي فَدَخَلْتُ الْبَيْتَ الثَّانِي فَدَخَلَ عَلَى أَثَرِي. فَدَخَلْتُ الْبَيْتَ الثَّالِثَ فدخل على أثري. فلما مس الماء وَجَدَهُ حَارًّا جِدًّا فَقَالَ بِئْسَ الْبَيْتُ نُزِعَ مِنْهُ الْحَيَاءُ وَنِعْمَ الْبَيْتُ يَتَذَكَّرُ مَنْ أَرَادَ أن يتذكر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ دِينَارٍ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ مَرِضَ فَنُعِتَ لَهُ الْحَمَّامُ فَدَخَلَهُ بِإِزَارٍ فَإِذَا هُوَ بِغَرَامِيلِ الرِّجَالِ فَنَكَسَ وَقَالَ: أَخْرِجُونِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سِكِّينُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَبْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَإِذَا جَارِيَةٌ تَحْلِقُ عَنْهُ الشَّعْرَ فَقَالَ: إِنَّ النَّوْرَةَ تُرِقُّ الْجِلْدَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مِنْدَلٌ عَنْ أَبِي سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ إِذَا مَشَى إِلَى الصَّلاةِ دَبَّ دَبِيبًا لَوْ أَنَّ نَمْلَةً مَشَتْ مَعَهُ قُلْتُ لا يَسْبِقُهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ فَخَدِرَتْ رِجْلُهُ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا لِرَجْلِكَ؟ قَالَ: اجْتَمَعَ عَصَبُهَا مِنْ هَاهُنَا. هَذَا فِي حَدِيثِ زُهَيْرٍ وَحْدَهُ.
قَالَ قُلْتُ: ادْعُ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيْكَ. قَالَ: يَا محمد. فبسطها.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الأَسَدِيُّ قَالَ:(4/115)
حَدَّثَنِي أَبُو شُعَيْبٍ الأَسَدِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ بِمِنًى قَدْ حَلَقَ رَأْسَهُ وَالْحَلاقُ يَحْلِقُ ذِرَاعَيْهِ. فَلَمَّا رَأَى النَّاسَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ بِسُنَّةٍ وَلَكِنِّي رَجُلٌ لا أَدْخَلُ الْحَمَّامَ. فَقَالَ رَجُلٌ: مَا يَمْنَعُكَ مِنَ الْحَمَّامِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ تُرَى عَوْرَتِي. قَالَ: فَإِنَّمَا يَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ إِزَارٌ. قَالَ: فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَرَى عَوْرَةَ غَيْرِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ حَلَقَ رَأْسَهُ ثُمَّ لَطَّخَهُ بخلوق.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ حَلَقَ رَأْسَهُ عَلَى الْمَرْوَةِ ثُمَّ قَالَ لِلْحَلاقِ: إِنَّ شَعْرِي كَثِيرٌ وَإِنَّهُ قَدْ آذَانِي وَلَسْتُ أَطَّلِي. أَفَتَحْلِقُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ فَقَامَ فَجَعَلَ يَحْلِقُ صَدْرَهُ. وَاشْرَأَبَّ النَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذَا لَيْسَ بِسُنَّةٍ وَلَكِنَّ شَعْرِي كَانَ يُؤْذِينِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابن عمر كَانَ يَسْمَعُ بَعْضَ وَلَدِهِ يَلْحَنُ فَيَضْرِبُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ بَعْضِ أَهْلِهِ الأربع عشرة فضرب بها رأسه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أبو إسرائيل عن فضيل أن ابن الْحَجَّاجِ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَلَقَ رَأْسَهُ بِمِنًى ثُمَّ أَمَرَ الْحَجَّامَ فَحَلَقَ عُنُقَهُ. فَاجْتَمَعَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَيْسَ بِسُنَّةٍ وَلَكِنِّي تَرَكْتُ الْحَمَّامَ إِنَّهُ. أَوْ فَإِنَّهُ. من رقيق العيش.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي عِيسَى عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: اسْتَسْقَانِي ابْنُ عُمَرَ فَأَتَيْتُهُ بِقَدَحٍ مِنْ قَوَارِيرَ فَأَبَى أَنْ يَشْرَبَ. فَأَتَيْتُهُ بِقَدَحٍ مِنْ عِيدَانَ فَشَرِبَ. وَسَأَلَ طَهُورًا فَأَتَيْتُهُ بِتَوْرٍ وَطَسْتٍ فَأَبَى أَنْ يَتَوَضَّأَ. وَأَتَيْتُهُ بركوة فتوضأ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ شَيْخٍ قَالَ: أَتَى ابْنَ عُمَرَ شَاعِرٌ فَأَعْطَاهُ دِرْهَمَيْنِ فَقَالُوا لَهُ فقال: إنما أفتدي به عرضي.(4/116)
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ: قَالَ ابن عمر: إني لأخرج إلى السوق ما لي حَاجَةٌ إِلا أَنْ أُسَلِّمَ وَيُسَلَّمَ عَلَيَّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى وهو جالس.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمَّا غَزَا ابْنُ عُمَرَ نَهَاوَنْدَ أَخَذَهُ رَبْوٌ فَجَعَلَ يَنْظُمُ الثُّومَ فِي الْخَيْطِ ثُمَّ يَجْعَلُهُ فِي حَسْوَةٍ فَيَطْبُخُهُ فَإِذَا أَخَذَ طَعْمَ الثُّومِ طَرَحَهُ ثُمَّ حَسَاهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ كَثِيرٍ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِقَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَيَقُولُ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ. السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَتَاهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُقَاتِلٍ الْقُشَيْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ ثُمَّ أَتَى القبر فسلم عَلَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لا يَمُرُّ عَلَى أَحَدٍ إِلا سَلَّمَ عَلَيْهِ. فَمَرَّ بِزِنْجِيٍّ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ فَقَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّهُ زِنْجِيُّ طَمْطَمَانِيُّ. قَالَ: وَمَا طَمْطَمَانِيُّ؟ قَالُوا: أُخْرِجَ مِنَ السُّفُنِ الآنَ. قَالَ: إِنِّي أَخْرُجُ مِنْ بَيْتِي مَا أَخْرُجُ إِلا لأُسَلِّمَ أَوْ لِيُسَلَّمَ عَلَيَّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عمر لبس الدرع يوم الدار مرتين.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنِ ابْنِ عَجْلانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْقَارِئِ أَنَّهُ كَانَ يَجْلِسُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَإِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ رَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنِ ابْنِ عَجْلانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُحِبُّ أَنْ يَسْتَقْبِلَ كُلَّ شَيْءٍ مِنْهُ الْقِبْلَةَ إِذَا صَلَّى حَتَّى كَانَ يَسْتَقْبِلُ بإبهامه القبلة.(4/117)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِينَا أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ بَعَثَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ بِمَالٍ فِي الْفِتْنَةِ فَقَبِلَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ قَالَ: حَدَّثَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ السَّرَّاجُ عِنْدَ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ يَكْرَهُ التَّرَجُّلَ كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ فَغَضِبَ نَافِعٌ وَقَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَدْهُنُ في اليوم مرتين.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: مَا رَدَّ ابْنُ عُمَرَ عَلَى أَحَدٍ وَصِيَّةً وَلا رَدَّ عَلَى أَحَدٍ هَدِيَّةً إِلا على المختار.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ:
حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَرْسَلَتْ عَمَّتِي رَمْلَةُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ فَقَبِلَهَا وَدَعَا لها بالخير.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ السَّمَّانُ عَنِ ابن عون عن نافع أن ابن عمر سَارَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ ثَلاثًا وَذَلِكَ أنه استصرخ على صفية.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رُقِيَ مِنَ الْعَقْرَبِ وَرُقِيَ ابْنٌ لَهُ وَاكْتَوَى مِنَ اللقوة وكوى ابنا له من اللقوة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: دَفَعَتْ صَفِيَّةُ لابْنِ عُمَرَ لَيْلَةَ عَرَفَاتٍ رَغِيفَيْنِ حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مَضْجَعَهُ جَاءَتْهُ بِهِ لِيَأْكُلَهُ. قَالَ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ وَقَدْ نِمْتُ فَأَيْقَظَنِي فَقَالَ: اجْلِسْ فَكُلْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: أَفْطَرْتُ على ثلاث ولو أصبت طريقا لازددت.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا صَاحِبٌ لَنَا عَنْ أَبِي غَالِبٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ نَزَلَ عَلَى آلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ ثَلاثًا فِي قُرَاهُمْ ثُمَّ يُرْسِلُ إِلَى السُّوقِ فَيُشْتَرَى لَهُ حوائجه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ الصَّوَّافُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَتْ عَامَّةُ جِلْسَةِ ابْنِ عُمَرَ هَكَذَا. وَوَضَعَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى على اليسرى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي(4/118)
إِسْحَاقَ قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لا يَصُومُهُ. قَالَ قُلْتُ: هَلْ غَيْرُهُ؟ قَالَ: حسبك به شيخا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لا يَكَادُ يَتَعَشَّى وحده.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عن ابْنَ عُمَرَ قَالَ: إِنِّي أَشْتَهِي حُوتًا. قَالَ فَشَوَوْهَا وَوَضَعُوهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَجَاءَ سَائِلٌ. قَالَ فأمر بها فدفعت إليه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ اشْتَكَى مَرَّةً فَاشْتُرِيَ لَهُ سِتٌّ عِنَبَاتٍ أَوْ خَمْسٍ بِدِرْهَمٍ فَأُتِيَ بِهِنَّ. قَالَ وَجَاءَ سَائِلٌ فَأَمَرَ بِهِنَّ لَهُ. قَالَ قَالُوا نَحْنُ نُعْطِيهِ. قَالَ فَأَبَى. قَالَ فَاشْتَرَيْنَاهُنَّ منه بعد.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ أَخِي الزُّهْرِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَجَدَ تَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ فَأَخَذَهَا فَعَضَّ مِنْهَا ثُمَّ رَأَى سَائِلا فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ: مَا كُنْتُ بِشَيْءٍ بَعْدَ الإِسْلامِ أَشَدُّ فَرَحًا مِنْ أَنَّ قَلْبِي لَمْ يُشَرِّبْهُ شَيْءٌ مِنْ هذه الأهواء المختلفة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: هَلْ تَدْرِي لِمَ سَمَّيْتُ ابْنِي سَالِمًا؟ قَالَ قُلْتُ: لا. قَالَ: بِاسْمِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ. قَالَ: فَهَلْ تَدْرِي لِمَ سَمَّيْتُ ابْنِي وَاقِدًا؟ قَالَ قُلْتُ: لا. قَالَ: بِاسْمِ وَاقِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَرْبُوعِيِّ. قَالَ: هَلْ تَدْرِي لِمَ سَمَّيْتُ ابْنِي عَبْدَ اللَّهِ؟ قَالَ قُلْتُ: لا. قَالَ: بِاسْمِ عبد الله بن رواحة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وهيب بْنُ خَالِدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ مِنْ شَأْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِثِيَابِهِ فَتُجَمَّرُ كُلَّ جُمُعَةٍ وإذا حضر منه خروج حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا تَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ أَلا يُجَمِّرُوا ثيابه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ ذَكْوَانَ عَنْ شَهْرِ بْنِ(4/119)
حَوْشَبٍ أَنَّ الْحَجَّاجَ كَانَ يَخْطُبُ النَّاسَ وَابْنُ عُمَرَ فِي الْمَسْجِدِ فَخَطَبَ النَّاسَ حَتَّى أَمْسَى فَنَادَاهُ ابْنُ عُمَرَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ الصَّلاةَ فَاقْعُدْ. ثُمَّ نَادَاهُ الثَّانِيَةَ فَاقْعُدْ. ثُمَّ نَادَاهُ الثَّالِثَةَ فَاقْعُدْ. فَقَالَ لَهُمْ فِي الرَّابِعَةِ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ نَهَضْتُ أَتَنْهَضُونَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَنَهَضَ فَقَالَ الصَّلاةَ فَإِنِّي لا أَرَى لَكَ فِيهَا حَاجَةً. فَنَزَلَ الْحَجَّاجُ فَصَلَّى ثُمَّ دَعَا بِهِ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا نَجِيءُ لِلصَّلاةِ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَصَلِّ بِالصَّلاةِ لِوَقْتِهَا ثُمَّ بَقْبِقْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا شِئْتَ مِنْ بَقْبَقَةٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو مَعْمَرٍ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْعَلاءِ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ مَوْلَى أُمِّ مِسْكِينِ بِنْتِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ خَرَجَ فَجَعَلَ يَقُولُ: السَّلامُ عَلَيْكُمُ السَّلامُ عَلَيْكُمْ. فَمَرَّ عَلَى زِنْجِيٍّ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا جُعَلُ. قَالَ وَأَبْصَرَ جَارِيَةً مُتَزَيِّنَةً فَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ. قَالَ فَقَالَ لَهَا: مَا تَنْظُرِينَ إِلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ قَدْ أَخَذَتْهُ اللَّقْوَةُ وَذَهَبَ مِنْهُ الأَطْيَبَانِ؟.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَشْتَهِي عِنَبًا فَقَالَ لأَهْلِهِ:
اشْتَرُوا لِي عِنَبًا. فَاشْتَرَوْا لَهُ عُنْقُودًا مِنْ عِنَبٍ فَأُتِيَ بِهِ عِنْدَ فِطْرِهِ. قَالَ: وَوَافَى سَائِلٌ بِالْبَابِ فَسَأَلَ. فَقَالَ: يَا جَارِيَةُ نَاوِلِي هَذَا الْعُنْقُودَ هَذَا السَّائِلَ. قَالَ قَالَتِ الْمَرْأَةُ:
سُبْحَانَ اللَّهِ. شَيْئًا اشْتَهَيْتَهُ! نَحْنُ نُعْطِي السَّائِلَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا. قَالَ: يَا جَارِيَةُ أَعْطِيهِ الْعُنْقُودَ. فَأَعْطَتْهُ العنقود.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ تَصَدَّقَ عَلَى أُمِّهِ بِغُلامٍ فَمَرَّ فِي السُّوقِ عَلَى شَاةٍ حَلُوبٍ تُبَاعُ فقال للغلام: أبتاع هَذِهِ الشَّاةَ مِنْ ضَرِيبَتِكَ. فَابْتَاعَهَا وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ يُفْطِرَ عَلَى اللَّبَنِ فَأُتِيَ بِلَبَنٍ عِنْدَ فِطْرِهِ مِنَ الشَّاةِ فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّبَنُ مِنَ الشَّاةِ وَالشَّاةُ مِنْ ضَرِيبَةِ الْغُلامِ وَالْغُلامُ صَدَقَةٌ عَلَى أُمِّي. ارْفَعُوهُ لا حَاجَةَ لي فيه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: أُتِيَ ابْنُ عُمَرَ بِإِنْجَانَةٍ مِنْ خَزَفٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا. قَالَ وَأَحْسَبُهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يصب عليه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: أَجْمَرْتُ لابْنِ عُمَرَ ثَوْبَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالْمَدِينَةِ فَلَبِسَهُمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ أَمَرَ بِهِمَا فَرُفِعَا فَخَرَجَ من(4/120)
الْغَدِ إِلَى مَكَّةَ. فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ دَعَا بِهِمَا فَوَجَدَ مِنْهُمَا رِيحَ الطِّيبِ فَأَبَى أَنْ يَلْبِسَهُمَا. وَهُمَا حُلَّةٌ بُرُودٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فليح عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَغْتَسِلُ لإحرامه ولدخوله مكة ولوقوفه بعرفة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ عمر قال: خذوا بحظكم من العزلة.
قال: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ عَنِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ قَزَعَةَ قَالَ: أُهْدِيَتْ إِلَى ابْنِ عُمَرَ أَثْوَابٌ هَرْوَى فَرَدَّهَا وَقَالَ: إِنَّهُ لا يَمْنَعُنَا مِنْ لُبْسِهَا إِلا مخافة الكبر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَبَّلَ ابْنُ عُمَرَ بُنَيَّةً لَهُ فَمَضْمَضَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِوَضُوءٍ وَاحِدٍ. قَالَ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَرِثْتُ مِنْ أَبِي سَيْفًا شَهِدَ بِهِ بَدْرًا نَعْلُهُ كَثِيرَةُ الْفِضَّةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الْوَازِعِ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عُمَرَ: لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا أَبْقَاكَ اللَّهُ لَهُمْ. قَالَ فَغَضِبَ وَقَالَ: إِنِّي لأَحْسَبُكَ عِرَاقِيًّا وَمَا يُدْرِيكَ مَا يُغْلِقُ عَلَيْهِ ابْنُ أمك بابه؟.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: أَرْسَلَنِي أَبِي إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَرَأَيْتُهُ يَكْتُبُ بِسْمِ الله الرحمن الرحيم أما بعد.
قال: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَلِيفِ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ:
كَتَبَ إِنْسَانٌ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِفُلانٍ. فَقَالَ: مَهْ إِنَّ اسْمَ اللَّهَ هو لَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكٍ قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ إِلَى عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَهُوَ يَقُصُّ عَلَى أَصْحَابِهِ. فَنَظَرْتُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فإذا عيناه تهراقان.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ أَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ(4/121)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَرَأَ: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ. حَتَّى خَتَمَ الآيَةَ. فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يَبْكِي حَتَّى لَثِقَتْ لِحْيَتُهُ وَجَيْبُهُ مِنْ دُمُوعِهِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:
فَحَدَّثَنِي الَّذِي كَانَ إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَقُومَ إِلَى عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فَأَقُولَ لَهُ أَقْصِرْ عَلَيْكَ فَإِنَّكَ قَدْ آذَيْتَ هَذَا الشَّيْخَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عِنْدَ الْعَاصِ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو حَتَّى تُحَاذِيَا مَنْكِبَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَقَامَ بِأَذْرَبِيجَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ حَبَسَهُ بِهَا الثَّلْجُ فَكَانَ يَقْصُرُ الصلاة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ سالم أبي النَّضْرِ قَالَ: سَلَّمَ رَجُلٌ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: جَلِيسُكَ. قَالَ: مَا هَذَا؟ مَتَى كَانَ بَيْنَ عَيْنَيْكَ؟ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ مِنْ بَعْدِهِ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَهَلْ تَرَى هَاهُنَا من شيء؟ يعني بين عينيه. قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نافع قال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لا يَدَعُ عُمْرَةَ رَجَبَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نافع قال: تَصَدَّقَ ابْنُ عُمَرَ بِدَارِهِ مَحْبُوسَةً لا تُبَاعُ وَلا تُوهَبُ وَمَنْ سَكَنَهَا مِنْ وَلَدِهِ لا يخرج منها. ثم سكنها ابن عمر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نافع قال: مَرَّ ابْنُ عُمَرَ عَلَى يَهُودٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ. فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ يَهُودٌ. فَقَالَ: رُدُّوا عَلَيَّ سلامي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نافع قال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا قَامَ لَهُ رَجُلٌ من مجلسه لم يجلس فيه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نافع قال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقْذَرُ الْقِثَّاءَ وَالْبَطِّيخَ فَلَمْ يَكُنْ يَأْكُلُهُ لِلَّذِي كَانَ يُصْنَعُ فِيهِ مِنَ العذرة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ سَمِعَ صَوْتَ زَمَّارَةِ رَاعٍ فَوَضَعَ إِصْبَعَهُ في أذنيه(4/122)
وَعَدَلَ بِرَاحِلَتِهِ عَنِ الطَّرِيقِ وَهُوَ يَقُولُ: يَا نَافِعُ أَتَسْمَعُ؟ وَأَقُولُ: نَعَمْ. فَيَمْضِي حَتَّى قُلْتُ: لا. قَالَ فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَنْ أُذُنَيْهِ وَعَدَلَ إِلَى الطَّرِيقِ وَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَسَمِعَ صَوْتَ زَمَّارَةِ رَاعٍ فصنع مثل هذا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَيْدٍ حَفْصُ بْنُ غَيْلانَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ زَيْدٌ بِالْيَمَامَةِ دَفَعَ إِلَيْهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَالَهُ. قَالَ نَافِعٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُقْرِضُ مِنْهُ وَيَسْتَقْرِضُ لِنَفْسِهِ فَيَتْجَرُ لَهُمْ بِهِ في غزوة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَغْدُو كُلَّ سَبْتٍ مَاشِيًا إِلَى قُبَاءَ وَنَعْلَيْهِ فِي يَدَيْهِ فَيَمُرُّ بِعَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ الْعُتْوَارِيِّ بَطْنٍ مِنْ كِنَانَةَ فَيَقُولُ: يَا عَمْرُو أغد بنا. فيغدوان جميعا يمشيان.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبِي ذَكَرَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنْتُ أُسَافِرُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَلَمْ يَكُنْ يُطِيقُ شَيْئًا مِنَ الْعَمَلِ إِلا عَمِلَهُ لا يَكِلْهُ إِلَيْنَا. وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَطَأُ عَلَى ذِرَاعِ نَاقَتِي حَتَّى أَرْكَبَهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقُرْقُسَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ:
كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْسَرُ النَّرْدَ والأربعة عشر.
قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: لَقَدْ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا نُكُثْتُ وَلا بَدَّلْتُ إِلَى يَوْمِي هَذَا وَلا بَايَعْتُ صَاحِبَ فِتْنَةٍ وَلا أَيْقَظْتُ مُؤْمِنًا مِنْ مَرْقَدِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَفَفْتُ يَدَيَّ فَلَمْ أَنْدَمْ والمقاتل على الحق أفضل.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ تعلم سورة البقرة في أربع سنين.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونٍ قَالَ: دَسَّ مُعَاوِيَةُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ. وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَعْلَمَ مَا فِي نَفْسِ ابْنِ عُمَرَ. يُرِيدُ الْقِتَالَ أَمْ لا.
فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَخْرُجَ فَنُبَايُعْكَ وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -
وابن أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْتَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهَذَا الأَمْرِ؟ قَالَ: لَوْ لَمْ يَبْقَ إِلا ثَلاثَةُ أَعْلاجٍ بهجر(4/123)
لَمْ يَكُنْ لِي فِيهَا حَاجَةٌ. قَالَ فَعَلِمَ أَنَّهُ لا يُرِيدُ الْقِتَالَ. قَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ تَبَايَعَ لِمَنْ قَدْ كَادَ النَّاسُ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَيْهِ وَيُكْتَبَ لَكَ مِنَ الأَرَضِينَ وَمِنَ الأَمْوَالِ مَا لا تَحْتَاجُ أَنْتَ وَلا وَلَدُكَ إِلَى مَا بَعْدَهُ؟ فَقَالَ: أُفٍّ لَكَ. اخْرُجْ مِنْ عِنْدِي. ثُمَّ لا تَدْخُلْ عَلَيَّ! وَيْحَكَ إِنَّ دِينِي لَيْسَ بِدِينَارِكُمْ وَلا دِرْهَمِكُمْ وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ أَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا وَيَدِي بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفُرَاتُ بْنُ سَلْمَانَ عَنْ مَيْمُونٍ قَالَ:
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونٍ قَالَ: سَأَلْتُ نَافِعًا هَلْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَجْمَعُ عَلَى الْمَأْدُبَةِ؟ قَالَ: مَا فَعَلَ ذَلِكَ إِلا مَرَّةً. انْكَسَرَتْ نَاقَةٌ لَهُ فَنَحَرَهَا ثُمَّ قَالَ لِي: احْشُرْ عَلَيَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ. فَقُلْتُ: يَا سُبْحَانَ اللَّهِ! على أي شيء تحشرهم وليس عندك خبز؟ فقال: اللهم غفرا. تَقُولُ هَذَا لَحْمٌ وَهَذَا مَرَقٌ فَمَنْ شَاءَ أكل ومن شاء ترك.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَوَّمْتُ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَيْتِهِ مِنْ فِرَاشٍ أَوْ لِحَافٍ أَوْ بساط وكل شيء عليه فَمَا وَجَدْتُهُ يَسْوَى ثَمَنَ طَيْلَسَانِيٍّ هَذَا. قَالَ أَبُو الْمَلِيحِ: فَبِيعَ طَيْلَسَانُ مَيْمُونٍ حِينَ مَاتَ فِي مِيرَاثِهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ. قَالَ أَبُو الْمَلِيحِ: كَانَتِ الطَّيَالِسَةُ كُرْدَيَّةً يَلْبَسُ الرَّجُلُ الطَّيْلَسَانِ ثَلاثِينَ سنة ثم يقلبه أيضا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَجْمَعُ أَهْلَ بَيْتِهِ عَلَى جَفْنَتِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ. قَالَ فَرُبَّمَا سَمِعَ بِنِدَاءِ مِسْكِينٍ فَيَقُومُ إِلَيْهِ بِنَصِيبِهِ مِنَ اللَّحْمِ وَالْخُبْزِ فَإِلَى أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَيْهِ وَيَرْجِعُ قَدْ فَرَغُوا مِمَّا فِي الْجَفْنَةِ. فَإِنْ كُنْتَ أَدْرَكْتَ فِيهَا شَيْئًا فَقَدْ أَدْرَكَ فِيهَا. ثُمَّ يُصْبِحُ صَائِمًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي مَرْزُوقٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ اشْتَهَى سَمَكًا. قَالَ فَطَلَبَتْ لَهُ صَفِيَّةُ امْرَأَتُهُ فَأَصَابَتْ لَهُ سَمَكَةً فَصَنَعَتْهَا فَأَطَابَتْ صَنْعَتَهَا ثُمَّ قَرَّبَتْهَا إِلَيْهِ. قَالَ وَسَمِعَ نِدَاءَ مِسْكِينٍ عَلَى الْبَابِ فَقَالَ: ادْفَعُوهَا إِلَيْهِ. فَقَالَتْ صَفِيَّةُ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ لَمَّا رَدَدْتَ نَفْسَكَ منها بشيء. فقال: ادفعوها إليه.
قالت: فنحن نُرْضِيهِ مِنْهَا. قَالَ: أَنْتُمْ أَعْلَمُ. فَقَالُوا لِلسَّائِلِ: إِنَّهُ قَدِ اشْتَهَى هَذِهِ السَّمَكَةَ. قَالَ: وَأَنَا وَاللَّهِ اشْتَهَيْتُهَا. قَالَ فَمَاكَسَهُمْ حَتَّى أَعْطُوهُ دِينَارًا. قَالَتْ: إِنَّا قَدْ أَرْضَيْنَاهُ. قَالَ: لِذَلِكَ قَدْ أَرْضَوْكَ وَرَضِيتَ وَأَخَذْتَ الثَّمَنَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: ادفعوها إليه.(4/124)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَمَثَّلُ بِهَذَا الْبَيْتِ:
يُحِبُّ الْخَمْرَ مِنْ مَالِ الندامى ... ويكره أن تفارقه الفلوس
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ أَنَّ امْرَأَةَ ابْنِ عُمَرَ عُوتِبَتْ فِيهِ فَقِيلَ لَهَا: مَا تَلْطُفِينَ بِهَذَا الشَّيْخِ؟ قَالَتْ: وَمَا أَصْنَعُ بِهِ؟ لا يُصْنَعُ لَهُ طَعَامٌ إِلا دَعَا عَلَيْهِ مَنْ يَأْكُلُهُ. فَأَرْسَلَتْ إِلَى قَوْمٍ مِنَ الْمَسَاكِينَ كَانُوا يَجْلِسُونَ بِطَرِيقِهِ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَأَطْعَمْتُهُمْ وَقَالَتْ: لا تَجْلِسُوا بِطَرِيقِهِ. ثُمَّ جَاءَ إِلَى بَيْتِهِ فَقَالَ: أَرْسِلُوا إِلَى فُلانٍ وَإِلَى فُلانٍ. وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ قَدْ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ بِطَعَامٍ وَقَالَتْ: إِنْ دَعَاكُمْ فَلا تَأْتُوهُ. فَقَالَ: أَرَدْتُمْ أَنْ لا أَتَعَشَّى اللَّيْلَةَ. فلم يتعش تلك الليلة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَطَاءٍ مَوْلَى ابْنِ سِبَاعٍ قَالَ: أَقْرَضْتُ ابْنَ عُمَرَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَبَعَثَ إِلَيَّ بِأَلْفَيْ وَافٍ فَوَزَنْتُهَا فَإِذَا هِيَ تَزِيدُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَقُلْتُ: مَا أَرَى ابْنَ عُمَرَ إِلا يُجَرِّبُنِي. فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّهَا تَزِيدُ مِائَتَيْ درهم. قال: هي لك.
قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ الْمَكِّيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي رَوَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا اشْتَدَّ عُجْبُهُ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ قَرَّبَهُ لِرَبِّهِ. قَالَ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا ذَاتَ عَشِيَّةٍ وَكُنَّا حُجَّاجًا وَرَاحَ عَلَى نَجِيبٍ لَهُ قد أخذه بمال أَعْجَبَتْهُ رَوْحَتُهُ وَسَرَّهُ إِنَاخَتُهُ ثُمَّ نَزَلَ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ: يَا نَافِعُ. انْزِعُوا زِمَامَهُ وَرَحْلَهُ وجللوه وأشعروه وأدخلوه في البدن.
قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي رَوَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ فَلَمَّا اشْتَدَّ عُجْبُهُ بِهَا أَعْتَقَهَا وَزَوَّجَهَا مَوْلًى لَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ. قَالَ بَعْضُ النَّاسِ هُوَ نَافِعٌ. فَوَلَدَتْ غُلامًا. قَالَ نَافِعٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَأْخُذُ ذَلِكَ الصَّبِيَّ فَيُقَبِّلُهُ ثُمَّ يَقُولُ: وَاهًا لِرِيحِ فُلانَةَ. يَعْنِي الْجَارِيَةَ الَّتِي أعتق.
قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ عَنْ عبد العزيز بن أبي رواد قال: أخبرني نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا رَأَى مِنْ رَقِيقِهِ امْرَأً يُعْجِبُهُ أَعْتَقَهُ فَكَانَ رَقِيقُهُ قَدْ عَرَفُوا(4/125)
ذَلِكَ مِنْهُ. قَالَ نَافِعٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ غِلْمَانِهِ رُبَّمَا شَمَّرَ وَلَزِمَ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَآهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ الْحَسَنَةِ أَعْتَقَهُ. فَيَقُولُ لَهُ أَصْحَابُهُ: وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا هُمْ إِلا يَخْدَعُونَكَ. قَالَ فَيَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ: من خدعنا بالله انخدعنا له.
قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ عَنْ عبد العزيز بن أبي رواد قال: حدثني نَافِعٌ أَنَّهُ دَخَلَ الْكَعْبَةَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. قَالَ: فَسَجَدَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ:
اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ لَوْلا مَخَافَتُكَ لَزَاحَمْنَا قومنا قريشا في أمر هذه الدنيا.
قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي رَوَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَدْرَكَهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي الطَّوَافِ فَخَطَبَ إِلَيْهِ ابْنَتَهُ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ شَيْئًا. فَقَالَ عُرْوَةٌ: لا أَرَاهُ وَافَقَهُ الَّذِي طَلَبْتُ مِنْهُ. لا جَرَمَ لأُعَاوِدَنَّهُ فِيهَا. قَالَ نَافِعٌ: فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قَبْلَهُ وَجَاءَ بَعْدَنَا فَدَخَلَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّكَ أَدْرَكَتْنِي فِي الطَّوَافِ فَذَكَرْتُ لِيَ ابْنَتِي وَنَحْنُ نَتَرَاءَى اللَّهَ بَيْنَ أَعْيُنِنَا فَذَلِكَ الَّذِي مَنَعَنِي أَنْ أُجِيبَكَ فِيهَا بِشَيْءٍ. فَمَا رَأْيُكَ فِيمَا طَلَبْتَ أَلَكَ بِهِ حَاجَةٌ؟ قَالَ فَقَالَ عُرْوَةُ: مَا كُنْتُ قَطُّ أَحْرَصَ عَلَى ذَلِكَ مِنِّي السَّاعَةَ. قَالَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: يَا نَافِعُ ادْعُ لِي أَخَوَيْهَا. قَالَ فَقَالَ لِي عُرْوَةُ: وَمَنْ وَجَدَتَ مِنَ بني الزُّبَيْرِ فَادْعُهُ لَنَا. قَالَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لا حَاجَةَ لَنَا بِهِمْ. قَالَ عُرْوَةُ: فَمَوْلانَا فُلانٌ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ:
فَذَلِكَ أَبْعَدُ. فَلَمَّا جَاءَ أَخَوَاهَا حَمِدَ اللَّهَ ابْنُ عُمَرَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: هَذَا عِنْدَكُمْ عُرْوَةُ وَهُوَ مِمَّنْ قَدْ عَرَفْتُمَا وَقَدْ ذَكَرَ أُخْتَكُمَا سَوْدَةَ فَأَنَا أُزَوِّجُهُ عَلَى مَا أَخَذَ اللَّهُ بِهِ عَلَى الرِّجَالِ لِلنِّسَاءِ. إِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ. وَعَلَى مَا يَسْتَحِلُّ بِهِ الرِّجَالُ فَرُّوجَ النِّسَاءِ.
لَكَذَلِكَ يَا عُرْوَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ.
قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ لِي نَافِعٌ: فَلَمَّا أَوَلَمَ عُرْوَةُ بَعَثَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَدْعُوهُ. قَالَ فَجَاءَ فَقَالَ لَهُ: لَوْ كُنْتَ تَقَدَّمْتَ إِلَيَّ أَمْسِ لَمْ أَصُمِ الْيَوْمَ فَمَا رَأْيُكَ؟ أَقْعُدُ أَوْ أَنْصَرِفُ؟ قَالَ: بَلِ انْصَرِفْ راشدا. قال فانصرف.
قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ قَالَ:
أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنَّ رَجُلا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَطَأْطَأَ ابْنُ عُمَرَ رَأْسَهُ وَلَمْ يُجِبْهُ حَتَّى ظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مَسْأَلَتَهُ. قَالَ فَقَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَمَا سمعت مسألتي؟ قال قَالَ: بَلَى وَلَكِنَّكُمْ كَأَنَّكُمْ تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِسَائِلِنَا عَمَّا تَسْأَلُونَنَا عَنْهُ. اتْرُكْنَا يَرْحَمْكَ(4/126)
اللَّهُ حَتَّى نَتَفَهَّمَ فِي مَسْأَلَتِكَ فَإِنْ كَانَ لَهَا جَوَابٌ عِنْدَنَا وَإِلا أَعْلَمْنَاكَ أَنَّهُ لا علم لنا به.
قال: أَخْبَرَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ ذَاكِرًا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلا ابتدرت عيناه تبكيان.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْحَارِثِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَجَعَلَ النَّاسُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى دَابَّتِهِ فَقَالَ لِيَ ابْنُ عُمَرَ: يَا مُجَاهِدُ إِنَّ النَّاسَ يُحِبُّونَنِي حُبًّا لَوْ كُنْتُ أُعْطِيهُمُ الذَّهَبَ وَالْوَرِقَ مَا زدت.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَتْ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ فَقَضَى أَجْوَدَ مِنْهَا فَقَالَ الَّذِي قَضَاهُ: هَذِهِ خَيْرٌ مِنْ دَرَاهِمِي. فَقَالَ: قَدْ عرفت ولكن نفسي بذلك طيبة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ شَيْخٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ زَمَنُ ابْنِ الزُّبَيْرِ انْتُهِبَ تَمْرٌ فَاشْتَرَيْنَا مِنْهُ فَجَعَلْنَاهُ خَلا فَأَرْسَلَتْ أُمِّي إِلَى ابْنِ عُمَرَ وَذَهَبْتُ مَعَ الرَّسُولِ فَسَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: أَهْرِيقُوهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عِنْدَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَهُوَ يَقُصُّ وَعَيْنَاهُ تُهْرَاقَانِ جَمِيعًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ. قَالَ مَرْوَانُ لابْنِ عُمَرَ: هَلُمَّ يَدَكَ نُبَايِعْ لَكَ فَإِنَّكَ سَيِّدُ الْعَرَبِ وَابْنُ سَيِّدِهَا. قَالَ قَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: كَيْفَ أَصْنَعُ بِأَهْلِ الْمَشْرِقِ؟ قَالَ: تَضْرِبُهُمْ حَتَّى يُبَايِعُوا. قَالَ: وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّهَا دَانَتْ لِي سَبْعِينَ سَنَةً وَأَنَّهُ قُتِلَ فِي سَبَبِي رَجُلٌ وَاحِدٌ.
قَالَ يَقُولُ مَرْوَانُ:
إِنِّي أَرَى فِتْنَةً تَغْلِي مَرَاجِلُهَا ... وَالْمُلْكُ بَعْدَ أَبِي لَيْلَى لِمَنْ غَلَبَا
أَبُو لَيْلَى مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَكَانَ بَعْدَ يَزِيدَ أَبِيهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً بَايَعَ لَهُ أَبُوهُ النَّاسَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ:
قِيلَ لابْنِ عُمَرَ زَمَنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَالْخَوَارِجِ وَالْخَشَبَيَّةِ: أَتُصَلِّي مَعَ هَؤُلاءِ وَمَعَ هَؤُلاءِ(4/127)
وَبَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا؟ قَالَ فَقَالَ: مَنْ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ أَجَبْتُهُ. وَمَنْ قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ أَجَبْتُهُ. وَمَنْ قَالَ حَيَّ عَلَى قتل أخيك المسلم وأخذ ماله قلت لا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ غَزَا الْعِرَاقَ فَبَارَزَ دِهْقَانًا فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ سَلَبَهُ فَسُلِّمَ ذَلِكَ لَهُ ثُمَّ أَتَى أَبَاهُ فسلمه له.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ قَالَ: قِيل لِنَافِعٍ: مَا كَانَ يَصْنَعُ ابْنُ عُمَرَ فِي مَنْزِلِهِ؟ قَالَ: لا يُطِيقُونَهُ.
الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلاةٍ وَالْمُصْحَفُ فِيمَا بينهما.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا وَضَعْتُ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ وَلا غَرَسْتُ نَخْلَةً مُنْذُ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ أَلا يَتَزَوَّجَ فَقَالَتْ لَهُ حَفْصَةُ: تَزَوَّجْ فَإِنْ مَاتُوا أُجِرْتَ فِيهِمْ وَإِنْ بَقُوا دَعَوُا اللَّهَ لك.
قال: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ جَدِّهِ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ: لا أَدْرِي. فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ أَفْتَى نَفْسَهُ فَقَالَ:
أَحْسَنَ ابْنُ عُمَرَ. سُئِلَ عَمَّا لا يَعْلَمُ فَقَالَ لا أعلم.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَانَتْ لابْنِ عُمَرَ حَاجَةٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَيْهِ فَبَدَأَ بِنَفْسِهِ. فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى كَتَبَ بسم الله الرحمن الرحيم إلى معاوية.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي لأَخْرُجُ إِلَى السُّوقِ وَمَا بِي مِنْ حَاجَةٌ إِلا لأُسَلِّمَ أو يسلم علي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ نُبَاتَةَ الْحُدَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي أَنَّهُ أَتَى ابْنَ عُمَرَ بِهَدِيَّةٍ مِنَ الْبَصْرَةِ فَقَبِلَهَا فَسَأَلْتُ مَوْلًى لَهُ: أَيَطْلُبُ الْخِلافَةَ؟ قَالَ:
لا. هُوَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَاكَ. قَالَ: وَرَأَيْتُهُ صَائِمًا فِي ثَوْبَيْنِ مَمْشُقَيْنِ يَصُبُّ عليه الماء.(4/128)
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّرَّاجِ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: اسْتَسْقَى ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا فَأُتِيَ بِمَاءٍ فِي قَدَحٍ مِنْ زُجَاجٍ فَلَمَّا رآه لم يشرب.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: شَهِدْتُ سَالِمًا اسْتَسْقَى فَأُتِيَ بِمَاءٍ فِي قَدَحٍ مُفَضَّضٍ فَلَمَّا مَدَّ يَدَيْهِ إِلَيْهِ فَرَآهُ كَفَّ يَدَيْهِ وَلَمْ يَشْرَبْ فَقُلْتُ لِنَافِعٍ: مَا يَمْنَعُ أَبَا عُمَرَ أَنْ يَشْرَبَ؟ قَالَ: الَّذِي سَمِعَ مِنَ أَبِيهِ فِي الإِنَاءِ الْمُفَضَّضِ. قَالَ قُلْتُ: أَوَمَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَشْرَبُ فِي الإِنَاءِ الْمُفَضَّضِ؟ قَالَ فَغَضِبَ وقال: ابن عمر يشرب في المفضض؟ فو الله مَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتَوَضَّأُ فِي الصُّفْرِ. قُلْتُ:
فِي أَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَتَوَضَّأُ؟ قَالَ: في الركاء وأقداح الخشب.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الْحَنْتَفِ بْنِ السِّجْفِ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عُمَرَ مَا يَمْنَعُكَ مِنْ أَنْ تَبَايَعَ هَذَا الرَّجُلَ؟ أَعِنِّي ابْنَ الزُّبَيْرِ. قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ بَيْعَتَهُمْ إِلا قِقَّةً. أَتَدْرِي مَا قِقَّةٌ؟ أَمَا رَأَيْتَ الصَّبِيَّ يَسْلَحُ ثُمَّ يَضَعُ يَدَهُ فِي سَلْحِهِ فَتَقُولُ لَهُ أمه ققة؟
قال: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ عَنْ هَارُونَ الْبَرْبَرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّمَا كَانَ مَثَلُنَا فِي هَذِهِ الْفِتْنَةِ كَمَثَلِ قَوْمٍ كَانُوا يَسِيرُونَ عَلَى جَادَةٍ يَعْرِفُونَهَا فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ غَشِيَتْهُمْ سَحَابَةٌ وَظُلْمَةٌ فَأَخَذَ بَعْضُنَا يَمِينًا وَبَعْضُنَا شِمَالا.
فَأَخْطَأْنَا الطَّرِيقَ وَأَقَمْنَا حَيْثُ أَدْرَكْنَا ذَلِكَ حَتَّى تَجَلَّى عَنَّا ذَلِكَ. حَتَّى أَبْصَرَنَا الطَّرِيقَ الأَوَّلَ فَعَرَفْنَاهُ فَأَخَذْنَا فِيهِ. إِنَّمَا هَؤُلاءِ فِتْيَانُ يَتَقَاتَلُونَ عَلَى هَذَا السُّلْطَانِ وَعَلَى هَذِهِ الدُّنْيَا. وَاللَّهِ مَا أُبَالِي أَلا يَكُونَ لِي مَا يقتل فيه بعضهم بعضا بنعلي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. يَعْنِي ابْنَ عُيَيْنَةَ. عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: شَهِدَ ابْنُ عُمَرَ فَتْحَ مَكَّةَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ جَرُورٍ وَمَعَهُ رُمْحٌ ثَقِيلٌ وَعَلَيْهِ بُرْدَةٌ فَلُوتٌ. قَالَ فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَهُوَ يَخْتَلِي لِفَرَسِهِ فَقَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ إِنَّ عَبْدَ الله. يعني أثنى عليه خيرا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: شَهِدَ ابْنُ عُمَرَ فَتْحَ مَكَّةَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سنة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ مُوسَى الْمُعَلِّمِ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ(4/129)
دُعِيَ إِلَى دَعْوَةٍ فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشٍ عَلَيْهِ ثَوْبٌ مُوَرَّدٌ. قَالَ فَلَمَّا وُضِعَ الطَّعَامُ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ. وَمَدَّ يَدَهُ ثُمَّ رَفَعَهَا وَقَالَ إِنِّي صَائِمٌ وَلِلدَّعُوَةِ حَقٌّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنْ يَحْيَى الْبَكَّاءِ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّي فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ وَهُوَ يَقُولُ بِيَدَيْهِ هَكَذَا. وَيُدْخِلُ أَبُو جَعْفَرٍ يَدَهُ فِي إِبْطِهِ. وَيَقُولُ بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا. فَأَدْخَلَ أَبُو جَعْفَرٍ إِصْبَعَهُ في أنفه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ قَزَعَةَ الْعُقَيْلِيِّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَجَدَ الْبَرْدَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ: أَلْقِ عَلَيَّ ثَوْبًا. فَأَلْقَيْتُ عَلَيْهِ مِطْرِفًا فلما استيقظ جعل ينظر إلى طرائفه وَعَلَمَهُ. وَكَانَ عَلِمُهُ إِبْرِيسَمًا. فَقَالَ: لَوْلا هَذَا لم يكن به بأس.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا جويرية بن أسماء عن نافع قال:
ربما رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ الْمِطْرِفَ ثَمَنَ خَمْسِ مائة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لا يَلْبَسُ الْخَزَّ وَكَانَ يَرَاهُ عَلَى بَعْضِ وَلَدِهِ فَلا يُنْكِرُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ الْمَصْبُوغَ بِالْمِشْقِ وَالْمَصْبُوغَ بِالزَّعْفَرَانِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لا يَدْخُلُ حَمَّامًا وَلا مَاءً إِلا بِإِزَارٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زهير عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ رَأَى عَلَى ابْنِ عُمَرَ نَعْلَيْنِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ شِسْعَانِ. قَالَ ورأيته بين الصفا والمروة عليه ثوبان أبيضان فَرَأَيْتُهُ إِذَا أَتَى الْمَسِيلَ يَرْمُلُ رَمَلا هَنِيئًا فَوْقَ الْمَشْيِ وَإِذَا جَاوَزَهُ مَشَى وَكُلَّمَا أَتَى عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَامَ مُقَابِلَ الْبَيْتِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالا: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَرَأَى لَهُ فُسْطَاطَيْنِ وَسُرَادِقًا وَرَأَى عَلَيْهِ نَعْلَيْنِ بِقِبَالَيْنِ أَحَدُ الزِّمَامَيْنِ بَيْنَ الأَرْبَعِ مِنْ نِعَالٍ لَيْسَ عَلَيْهَا شَعْرٌ. مُلَسَّنَةٌ كُنَّا نُسَمِّيهَا الْحَمْصِيَّةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ اشْتَرَى قَمِيصًا فَلَبِسَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ. فَأَصَابَ(4/130)
الْقَمِيصَ صُفْرَةٌ مِنْ لِحْيَتِهِ فَأَمْسَكَهُ مِنْ أَجْلِ تِلْكَ الصُّفْرَةِ. قَالَ عَفَّانُ وَلَمْ يَرُدَّهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَوْ سَالِمٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَّزِرُ فَوْقَ الْقَمِيصِ فِي السَّفَرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعُرْيَانِ قَالَ: سَمِعْتُ الأَزْرَقَ بْنَ قَيْسٍ قَالَ: قَلَّ مَا رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وهو محلول الإزار.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ ابْنَ عمر يزر قميصه قط.
قال: أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ الْكُوفِيُّ عَنْ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ الطَّائِيِّ قَالَ:
رَأَيْتُ إِزَارَ ابْنِ عُمَرَ فَوْقَ الْعَرْقُوبَيْنِ وَدُونَ الْعَضَلَةٍ وَرَأَيْتُ عليه ثوبين أصفرين ورأيته يصفر لحيته.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ مُوسَى المعلم عن أبي المتوكل الناجي قَالَ:
كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ يَمْشِي بَيْنَ ثَوْبَيْنِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَضَلَةِ سَاقِهِ تحت الإزار والقميص فوق الإزار.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَقَفَ عَلَى أَبِي وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ مُشَمَّرٌ فَأَمْسَكَ أَبِي بِطَرَفِ قَمِيصِهِ وَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ لَكَأَنَّهُ قَمِيصُ عَبْدِ اللَّهِ بن عُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْعِجْلِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنِي وَالِدِي قَالَ نَظَرْتُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَإِذَا رَجُلٌ جُهَيْرٌ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ عَلَيْهِ قَمِيصٌ دَسْتُوَانِيُّ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ مُوسَى بْنِ دِهْقَانَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَتَّزِرُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنِ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ اعْتَمَّ وَأَرْخَاهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنِ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُخْرِجُ يَدَيْهِ من البرنس إذا سجد.
قال: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنِ النَّضْرِ أَبِي لُؤْلُؤَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنَ عُمَرَ عِمَامَةً سَوْدَاءَ.(4/131)
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَيَّانَ الْبَارِقِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّي فِي إِزَارٍ مُؤْتَزِرًا بِهِ. أَوْ سَمِعْتُهُ يُفْتِي أَوْ يُصَلِّي فِي إِزَارٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ عِمْرَانَ النَّخْلِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّي فِي إِزَارٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُثْمَانَ بن إبراهيم الحاطبي قال: رأيت ابن عمر يحفي شاربه ويعتم ويرخيها من خلفه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عُثْمَانَ القرشي قلت: أرأيت ابْنَ عُمَرَ يَرْفَعُ إِزَارَهُ إِلَى نِصْفِ سَاقِهِ؟ قَالَ: لا أَدْرِي مَا نِصْفُ سَاقِهِ وَلَكِنِّي قد رأيته يشمر قميصه تشميرا شديدا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنَشٍ قَالَ:
رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ بُرْدَيْنِ مُعَافِرِيَّيْنِ ورأيت إزاره إلى نصف ساقه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمْرَانُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْقَيْسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو رَيْحَانَةَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ بِالْمَدِينَةِ مُطْلِقًا إِزَارَهُ يَأْتِي أَسْوَاقَهَا فَيَقُولُ: كَيْفَ يُبَاعُ ذَا. كَيْفَ يُبَاعُ ذَا؟
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَلادُ بْنُ يَحْيَى الْكُوفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ كُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُرْخِي عِمَامَتَهُ خَلْفَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّي مَحْلُولَ الإِزَارِ. وَقَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَحْلُولَ الإِزَارِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُثَيْمُ بْنُ نِسْطَاسٍ قَالَ: رأيت ابن عمر لا يزر قميصه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ خَاتَمٌ فَكَانَ يَجْعَلَهُ عِنْدَ ابْنِهِ أَبِي عُبَيْدٍ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْتِمَ أَخَذَهُ فَخَتَمَ بِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ خُلَيْفِ بْنِ عُقْبَةَ الْبَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ:
ذَكَرُوا عِنْدَ نَافِعٍ خَاتَمَ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لا يَتَخَتَّمُ إِنَّمَا كَانَ خَاتَمُهُ يكون عند(4/132)
صَفِيَّةَ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْتِمَ أَرْسَلَنِي فَجِئْتُ به.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: كَانَ نَقْشَ خَاتَمِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ في خَاتَمُهُ عبد الله بن عمر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ نَقْشَ خَاتَمِ ابْنِ عُمَرَ كَانَ عبد الله بن عُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ نَهَى أَنْ يَنْقُشَ فِي الْخَاتَمِ بِالْعَرَبِيَّةِ.
قَالَ أَبَانُ: فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ فَقَالَ: كَانَ نَقْشُ خاتم عبد الله بن عمر: لله.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُحْفِي شَارِبَهُ. وَإِزَارُهُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَاطِبِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ إِزَارُهُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ وَرَأَيْتُهُ يُحْفِي شَارِبَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يُحْفِي شَارِبَهُ. قَالَ وَأَجْلَسَنِي فِي حِجْرِهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ: وَأُمُّ عُثْمَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ابْنَةُ قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى وَمُحَمَّدٌ ابْنَا عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيَّانُ قَالا: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَاطِبِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُحْفِي شَارِبَهُ حَتَّى كنت أظنه ينتفه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَاطِبِيُّ قال: ما رأيت ابن عمر إلا محلل الإِزَارِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. قَالَ عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُحْفِي شَارِبَهُ. قَالَ يَزِيدُ: لا أَعْلَمُهُ إِلا قَالَ حَتَّى أَرَى بَيَاضَ بشرته أو يستبين بياض بشرته.(4/133)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّهُ سَأَلَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ: أَتَعْلَمُ أَحَدًا كَانَ يُحْفِي شَارِبَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ؟ فَقَالَ: لا إِلا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ فَإِنَّهُمَا كَانَا يَفْعَلانِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ الْعُمَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُحْفِي شَارِبَهُ حَتَّى تَنْظُرَ إِلَى بَيَاضِ الْجِلْدَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَجُزُّ شَارِبَهُ حَتَّى يحفيه ويفشو ذلك في وجهه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عُثْمَانَ الْقُرَشِيَّ: هَلْ رَأَيْتَ ابْنَ عُمَرَ يُحْفِي شَارِبَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يحفي شاربيه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ قَالَ: كَانَ مَيْمُونٌ يُحْفِي شَارِبَهُ وَيَذْكُرُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُحْفِي شَارِبَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ الْجَرْمِيُّ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ هَاتَيْنِ السَّبْلَتَيْنِ. يَعْنِي مَا طَالَ مِنَ الشَّارِبِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الريان قال: رأيت ابن عمر قد جَزَّ شَارِبَهُ حَتَّى كَأَنَّمَا قَدْ حَلَقَهُ. وَرَفَعَ إِزَارَهُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ. قَالَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ فَقَالَ: صَدَقَ حَبِيبٌ. كَذَلِكَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ السَّمَّانُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْخُذُ مِنْ هَذَا وَمِنْ هَذَا. وَأَشَارَ أَزْهَرُ إِلَى شَارِبَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُحْفِي شَارِبَهُ أَخِي الْحلق.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ جَعْفَرٍ وَحَفْصٌ عَنْ نَافِعٍ قَالَ:
كَانَ ابن عمر يعفي لحيته إلا في حج أو عمرة.(4/134)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقْبِضُ عَلَى لِحْيَتِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ مَا جَاوَزَ الْقَبْضَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقْبِضُ هَكَذَا. وَيَأْخُذُ مَا فَضَلَ عَنِ الْقَبْضَةِ وَيَضَعُ يده عند الذقن.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ قَالَ:
أَخْبَرَنِي الْحَجَّامُ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَةِ ابْنِ عُمَرَ مَا فَضَلَ عَنِ الْقَبْضَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ الدَّوْسِيُّ أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالْخَلُوقِ وَرَأَيْتُ فِيَ رِجْلَيْهِ نَعْلَيْنِ فِيهِمَا قِبَالانِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عمر أَنَّهُ كَانَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يدهن بالخلوق يغير به شيبة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالصُّفْرَةِ حَتَّى تُمْلأَ ثِيَابُهُ مِنَ الصُّفْرَةِ فَقِيلَ لَهُ: لِمَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ؟ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْبُغُ بِهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَصْفَرَ اللِّحْيَةِ. وَرَأَيْتُهُ مُحَلِّلا أَزْرَارَ قَمِيصِهِ. وَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى. وَرَأَيْتُهُ مُعْتَمًّا قَدْ أَرْسَلَهَا مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ فَمَا أَدْرِي الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ أَطْوَلُ أَوِ الَّذِي خَلْفَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ حَتَّى قَدْ رَدَغَ ذَا مِنْهُ. وَأَشَارَ إلى جيب قميصه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ سَعِيدٍ المقبري(4/135)
عَنِ ابْنِ جُرَيْجِ. يَعْنِي عُبَيْدَ بْنَ جُرَيْجٍ. قُلْتُ لابْنِ عُمَرَ: رَأَيْتُكَ تُصَفِّرُ لِحْيَتَكَ. قَالَ:
إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ. قُلْتُ: وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ هَذِهِ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ.
قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْبَسُهَا وَيَسْتَحِبُّهَا وَيَتَوَضَّأُ فيها.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْحَارِثِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَصْبُغُ بِالزَّعْفَرَانِ. فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يَصْبُغُ بِهِ. أَوْ قَالَ: رأيته أحب الصبغ إليه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَصْبُغُ لِحْيَتَهُ بِالصُّفْرَةِ حَتَّى تَمْتَلِئَ ثِيَابُهُ مِنَ الصُّفْرَةِ. فَقِيلَ لَهُ: لِمَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ؟ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْبُغُ بِهَا وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنَ الصِّبْغِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهَا. وَلَقَدْ كَانَ يَصْبُغُ بِهَا ثِيَابَهُ كُلَّهَا حَتَّى عِمَامَتَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثَيْمُ بْنُ نِسْطَاسٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ. وَرَأَيْتُهُ لا يَزَرُ قَمِيصَهُ. وَرَأَيْتُهُ مَرَّ فَسَهَا أَنْ يُسَلِّمَ فَرَجَعَ فَقَالَ: إِنِّي سَهَوْتُ. السَّلامُ عَلَيْكُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِخَلُوقِ الْوَرْسِ حَتَّى يَمْلأَ مِنْهُ ثِيَابَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ بِالْخَلُوقِ وَالزَّعْفَرَانِ لِحْيَتَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءٌ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ عَنِ ابن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ وَنَحْنُ فِي الْكُتَّابِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ:
كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ فِيهِ الْمِسْكُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ(4/136)
أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ حَتَّى تُرَى الصُّفْرَةُ عَلَى قميصه من لحيته.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدٍ. يَعْنِي ابْنِ جُرَيْجٍ. أَنَّهُ قَالَ لابْنِ عُمَرَ: أَرَاكَ تُصَفِّرُ لِحْيَتَكَ وَأَرَى النَّاسَ يَصْبُغُونَ وَيُلَوِّنُونَ. فَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ عَنْ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ الطَّائِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عُثْمَانَ الْقُرَشِيَّ قُلْتُ: رَأَيْتَ ابْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ؟ قَالَ: لَمْ أَرَهْ يُصَفِّرُهَا وَلَكِنِّي قَدْ رَأَيْتُ لِحْيَتَهُ مُصْفَرَّةً لَيْسَتْ بِالشَّدَيدَةِ وَهِيَ يَسِيرَةٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عمر يعفي لحيته إلا في حج أو عُمْرَةٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: تَرَكَ ابْنُ عُمَرَ الْحَلْقَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَقَصَّرَ نَوَاحِي مُؤَخَّرِ رَأْسِهِ. قَالَ وَكَانَ أَصْلَعَ.
قَالَ فَقُلْتُ لِنَافِعٍ: أَفَمِنَ اللِّحْيَةِ؟ قَالَ: كَانَ يَأْخُذُ مِنْ أَطْرَافِهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَحُجَّ سَنَةً فَضَحَّى بِالْمَدِينَةِ وَحَلَقَ رَأْسَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ قَالا: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ لَهُ جُمَّةٌ. قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ فِي حَدِيثِهِ: طَوِيلَةٌ. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: جُمَّةٌ مُفْرُوقَةٌ تَضْرِبُ مَنْكِبَيْهِ. قَالَ هِشَامٌ: فَأُتِيَ بِهِ إِلَيْهِ وَهُوَ عَلَى الْمَرْوَةِ فَدَعَانِي فَقَبَّلَنِي. وَأَرَاهُ قَصَّرَ يَوْمَئِذٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَارِقِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ صَلْعَةَ ابْنِ عُمَرَ وهو يطوف بالبيت.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا كَانَ من موعد علي ومعاوية بدومة الجندل مَا كَانَ أَشْفَقَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يَخْرُجَ هُوَ وَعَلِيٌّ مِنْهَا. فَجَاءَ مُعَاوِيَةُ يَوْمَئِذٍ عَلَى بُخْتِيٍّ عَظِيمٍ طَوِيلٍ فَقَالَ:(4/137)
وَمَنْ هَذَا الَّذِي يَطْمَعُ فِي هَذَا الأَمْرِ أَوْ يَمُدُّ إِلَيْهِ عُنُقَهُ؟ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا حَدَّثْتُ نَفْسِي بِالدُّنْيَا إِلا يَوْمَئِذٍ فَإِنِّي هَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ: يَطْمَعُ فِيهِ مَنْ ضَرْبَكَ وَأَبَاكَ عَلَيْهِ حَتَّى أَدْخَلَكُمَا فِيهِ. ثُمَّ ذَكَرْتُ الجنة ونعيمها وثمارها فأعرضت عنه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ: وَمَنْ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنَّا؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ أَحَقُّ مِنْكَ مَنْ ضَرْبَكَ وَأَبَاكَ عَلَيْهِ. ثُمَّ ذَكَرْتُ مَا فِي الْجِنَّانِ فخشيت أن يكون في ذاك فساد.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: لَمَّا اجْتُمِعَ عَلَى مُعَاوِيَةَ قَامَ فَقَالَ: وَمَنْ كَانَ أَحَقَّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنِّي؟ قَالَ ابْنُ عُمَرَ:
فَتَهَيَّأَتْ أَنْ أَقُومَ فَأَقُولَ أَحَقُّ بِهِ مَنْ ضَرْبَكَ وَأَبَاكَ عَلَى الْكُفْرِ. فَخَشِيتُ أن يظن بي غير الذي بي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بَعَثَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ بِمِائَةِ أَلْفٍ. فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُبَايِعَ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: أَرَى ذَاكَ أَرَادَ. إِنَّ دِينِي عِنْدِي إِذًا لَرَخِيصٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: لَمَّا بُويِعَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَبَلَغَ ذَاكَ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: إِنْ كَانَ خَيْرًا رَضِينَا وإن كان بلاء صبرنا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ قَالَ:
حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمَّا ابْتَزَّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَخَلَعُوهُ دَعَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بَنِيهِ وَجَمَعَهُمْ فَقَالَ: إِنَّا بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: إِنَّ الْغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلانٍ.
وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْغَدْرِ إِلا أَنْ يَكُونَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ أَنْ يُبَايِعَ رَجُلٌ رَجُلا عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَنْكُثَ بَيْعَتَهُ. فَلا يَخْلَعَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَزِيدَ وَلا يُسْرِعَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ فِي هَذَا الأَمْرِ فتكون الصيلم بيني وبينه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيُقْتَلَنَّ ابْنَ عُمَرَ. فَلَمَّا دَنَا مِنْ مَكَّةَ(4/138)
تَلَقَّاهُ النَّاسُ وَتَلَقَّاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ فيمن تلقاه فقال: أيهن مَا جِئْتَنَا بِهِ. جِئْتَنَا لِتَقْتُلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ! قَالَ: وَمَنْ يَقُولُ هَذَا وَمَنْ يقول هذا ومن يقول هذا؟ ثلاثا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيُقْتَلَنَّ ابْنُ عُمَرَ. قَالَ فَجَعَلَ أَهْلُنَا يَقْدُمُونَ عَلَيْنَا. وَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَدَخَلا بَيْتًا وَكُنْتُ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ. فَجَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ يَقُولُ: أَفَتَتْرُكُهُ حَتَّى يَقْتُلَكَ؟ وَاللَّهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ إِلا أَنَا وَأَهْلُ بَيْتِي لَقَاتَلْتُهُ دُونَكَ. قَالَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَفَلا أَصْبِرُ فِي حَرَمِ اللَّهِ؟ قَالَ وَسَمِعْتُ نَجِيَّهُ تِلْكَ اللَّيْلةَ مَرَّتَيْنِ فَلَمَّا دَنَا مُعَاوِيَةُ تَلَقَّاهُ النَّاسُ وَتَلَقَّاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ فَقَالَ: أيهن ما جئتنا به. جئت لِتَقْتُلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ! قَالَ: وَاللَّهِ لا أقتله.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: لَمَّا أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ كَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَدْ بَايَعْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ فِيمَا اسْتَطَعْتُ وَإِنَّ بني قد أقروا بذلك.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلا يُحَدِّثُ مُحَمَّدًا قَالَ: كَانَتْ وَصِيَّةُ عُمَرَ عِنْدَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ. يَعْنِي حَفْصَةَ. فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ صَارَتْ إِلَى ابْنِ عُمَرَ. فَلَمَّا حَضَرَ ابْنُ عُمَرَ جَعَلَهَا إِلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَتَرَكَ سَالِمًا. وَكَانَ النَّاسُ عَنَّفُوهُ بِذَلِكَ. قَالَ فَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ. قَالَ فَقَالَ الْحَجَّاجُ: لَقَدْ كُنْتُ هَمَمْتُ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَ ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَمَا وَاللَّهِ إِنْ لَوْ فَعَلَتَ لكوَّسك اللَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ. رَأْسُكَ أَسْفَلَكَ. قَالَ فَنَكَّسَ الْحَجَّاجُ. قَالَ وَقُلْتُ يَأْمُرُ بِهِ الآنَ. قَالَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: أَيُّ قُرَيْشٍ أَكْرَمُ بَيْتًا. وأخذ في حديث غيره.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ قَالَ: خَطَبَ الْحَجَّاجُ الْفَاسِقُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَرَّفَ كِتَابَ اللَّهِ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: كَذَبْتَ كَذَبْتَ كَذَبْتَ. مَا يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ وَلا أَنْتَ مَعَهُ.
فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: اسْكُتْ فَإِنَّكَ شَيْخٌ قَدْ خَرِفْتَ وَذَهَبَ عَقْلُكَ. يُوشِكُ شَيْخٌ أَنْ يُؤْخَذَ(4/139)
فَتُضْرَبَ عُنُقُهُ فَيُجَرَّ قَدِ انْتَفَخَتْ خُصْيَتَاهُ يَطُوفُ به صبيان أهل البقيع.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يوص.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ السَّمَّانُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ ابْنُ عُمَرَ قَالُوا لَهُ: أَوْصِ. قَالَ: وَمَا أُوصِي؟ قَدْ كُنْتُ أَفْعَلُ فِي الْحَيَاةِ مَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ فَأَمَّا الآنَ فَإِنِّي لا أَجِدُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهِ مِنْ هَؤُلاءِ. لا أدخل عليهم في رباعهم أحدا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ اشْتَكَى فَذَكَرُوا لَهُ الْوَصِيَّةَ فَقَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ مَا كُنْتُ أَصْنَعُ فِي مَالِي. وَأَمَّا رِبَاعِيِّ وَأَرْضِي فَإِنِّي لا أُحِبُّ أن أشرك مع ولدي فيها أحدا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْ مَنِيَّتِي بمكة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ مَوْلًى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَوْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ فَقَالَ: أَصَابَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ بِزُجِّهِ فِي رِجْلِهِ. قَالَ فَأَتَاهُ الْحَجَّاجُ يَعُودُهُ فَقَالَ: لَوْ أَعْلَمُ الَّذِي أَصَابَكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَنْتَ الَّذِي أَصَبْتَنِي. قَالَ: كَيْفَ؟
قَالَ: يَوْمَ أَدْخَلْتَ حَرَمَ اللَّهِ السلاح.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَيَّاشٌ الْعَامِرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: لَمَّا أَصَابَ ابْنَ عُمَرَ الْخَبْلُ الَّذِي أَصَابَهُ بِمَكَّةَ فَرُمِيَ حَتَّى أَصَابَ الأَرْضَ فَخَافَ أَنْ يَمْنَعَهُ الأَلَمُ فَقَالَ: يَا ابْنَ أُمِّ الدَّهْمَاءِ اقْضِ بِيَ الْمَنَاسِكَ. فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ بَلَغَ الْحَجَّاجَ فَأَتَاهُ يَعُودُهُ فَجَعَلَ يَقُولُ: لَوْ أَعْلَمُ مَنْ أَصَابَكَ لَفَعَلْتُ وَفَعَلْتُ. فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِ قَالَ: أَنْتَ أَصَبْتَنِي. حَمَلْتَ السِّلاحَ فِي يَوْمٍ لا يُحْمَلُ فِيهِ السِّلاحُ. فَلَمَّا خَرَجَ الْحَجَّاجُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا آسَى مِنَ الدُّنْيَا إِلا عَلَى ثلاث: ظمء الْهَوَاجِرِ وَمُكَابَدَةِ اللَّيْلِ وَأَلا أَكُونَ قَاتَلْتُ هَذِهِ الفئة الباغية التي حلت بنا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْذِ اللَّهِ شَيْخًا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ يُحَدِّثُ قَالَ: لَمَّا أُصِيبَتْ رِجْلُ ابْنِ عُمَرَ أَتَاهُ(4/140)
الْحَجَّاجُ يَعُودُهُ فَدَخَلَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ. فَقَالَ الْحَجَّاجُ:
يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَلْ تَدْرِي مَنْ أَصَابَ رِجْلَكَ؟ قَالَ: لا. قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ عَلِمْتُ مَنْ أَصَابَكَ لَقَتَلْتُهُ. فَأَطْرَقَ ابْنُ عُمَرَ فَجَعَلَ لا يُكَلِّمُهُ وَلا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْحَجَّاجُ وَثَبَ كَالْمُغْضَبِ فَخَرَجَ يَمْشِي مُسْرِعًا حَتَّى إِذَا كَانَ فِي صَحْنِ الدَّارِ الْتَفَتَ إِلَى مَنْ خَلْفَهُ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ نَأْخُذَ بِالْعَهْدِ الأَوَّلِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدٍ. يَعْنِي أَبَاهُ.
قَالَ: دَخَلَ الْحَجَّاجُ يَعُودُ ابْنَ عُمَرَ وَعِنْدَهُ سَعِيدٌ. يَعْنِي سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ. وَقَدْ أَصَابَ رِجْلَهُ. قَالَ: كَيْفَ تَجِدُكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ أَمَا إِنَّا لَوْ نَعْلَمُ مَنْ أَصَابَكَ عَاقَبْنَاهُ. فَهَلْ تَدْرِي مَنْ أَصَابَكَ؟ قَالَ: أَصَابَنِي مَنْ أَمَرَ بِحَمْلِ السِّلاحِ فِي الْحَرَمِ لا يَحِلُّ فِيهِ حَمَلُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَشْرَسُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَمَّا أَصَابَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مِنْ جِرَاحَتِهِ فَقَالَ سَالِمٌ: قُلْتُ يَا أَبَتِ مَا هَذَا الدَّمُ يَسِيلُ عَلَى كَتِفِ النَّجِيبَةِ؟ فَقَالَ: مَا شَعَرْتُ بِهِ فَأَنِخْ. فَأَنَخْتُ فَنَزَعَ رِجْلَهُ مِنَ الْغَرْزِ وَقَدْ لَزِقَتْ قَدَمُهُ بِالْغَرْزِ فَقَالَ: مَا شَعَرْتُ بِمَا أصابني.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: قُلْتُ لِنَافِعٍ: مَا كَانَ بَدْءُ مَوْتِ ابْنِ عُمَرَ؟ قَالَ: أَصَابَتْهُ عَارَضَةُ مَحْمَلٍ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِهِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ فِي الزِّحَامِ فَمَرِضَ. قَالَ فَأَتَاهُ الْحَجَّاجُ يَعُودُهُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ فَرَآهُ غَمَّضَ ابْنُ عُمَرَ عَيْنَيْهِ. قَالَ فَكَلَّمَهُ الْحَجَّاجُ. فَلَمْ يُكَلِّمْهُ. قَالَ فَقَالَ لَهُ: مَنْ ضَرَبَكَ؟
مَنْ تَتَّهِمُ؟ قَالَ: فَلَمْ يُكَلِّمْهُ ابْنُ عُمَرَ. فَخَرَجَ الْحَجَّاجُ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا يَقُولُ إِنِّي على الضرب الأول.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ قَالَ: حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَالَ: مَا أَجِدُنِي آسَى عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا إِلا أَنِّي لَمْ أُقَاتِلِ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَوْصَى رَجُلا أن يغسله فجعل يدلكه بالمسك.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عبد الله(4/141)
قَالَ: مَاتَ ابْنُ عُمَرَ بِمَكَّةَ وَدُفِنَ بِفَخٍّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. وَكَانَ يَوْمَ مَاتَ ابْنَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ سنة ثلاث وَسَبْعِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ زُجُّ رُمْحِ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحَجَّاجِ قَدْ أَصَابَ رِجْلَ ابْنِ عُمَرَ فَانْدَمَلَ الْجُرْحُ. فلما صدر الناس انتقض عَلَى ابْنِ عُمَرَ جُرْحُهُ. فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ دَخَلَ الْحَجَّاجُ عَلَيْهِ يَعُودُهُ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ. الَّذِي أَصَابَكَ مَنْ هُوَ؟ قَالَ: أَنْتَ قَتَلْتَنِي. قَالَ: وَفِيمَ؟ قَالَ: حَمَلْتَ السِّلاحَ فِي حَرَمِ اللَّهِ فَأَصَابَنِي بَعْضُ أَصْحَابِكَ. فَلَمَّا حَضَرَتِ ابْنَ عُمَرَ الْوَفَاةُ أَوْصَى أَنْ لا يُدْفَنَ فِي الْحَرَمِ وَأَنْ يُدْفَنَ خَارِجًا مِنَ الْحَرَمِ. فَغُلِبَ فَدُفِنَ فِي الْحَرَمِ وَصَلَّى عَلَيْهِ الحجاج. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
قَالَ ابْنَ عُمَرَ عِنْدَ الْمَوْتِ لِسَالِمٍ: يَا بُنَيَّ إِنْ أَنَا مِتُّ فَادْفِنِّي خَارِجًا مِنَ الْحَرَمِ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُدْفَنَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ خَرَجْتُ مِنْهُ مُهَاجِرًا. فَقَالَ: يَا أَبَتِ إِنْ قَدِرْنَا عَلَى ذَلِكَ. فَقَالَ:
تَسْمَعُنِي أَقُولُ لَكَ وَتَقُولُ إِنْ قَدِرْنَا عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: أَقُولُ الْحَجَّاجُ يَغْلِبُنَا فَيُصَلِّي عَلَيْكَ. قَالَ فَسَكَتَ ابن عمر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ قَالَ:
أَوْصَانِي أَبِي أَنْ أَدْفِنَهُ خَارِجًا مِنَ الْحَرَمِ فَلَمْ نَقْدِرْ فَدَفَنَّاهُ فِي الْحَرَمِ بِفَخٍّ فِي مقبرة المهاجرين.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عبد الله بن عمر عن نافع قال: لَمَّا صَدَرَ النَّاسُ وَنُزِلَ بِابْنِ عُمَرَ أَوْصَى عِنْدَ الْمَوْتِ أَنْ لا يُدْفَنَ فِي الْحَرَمِ. فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْحَجَّاجِ. فَدَفَنَّاهُ بِفَخٍّ فِي مَقْبَرَةِ الْمُهَاجِرِينَ نَحْوَ ذِي طُوًى. وَمَاتَ بِمَكَّةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ.
403- خَارِجَةُ بْنُ حُذَافَةَ بْنِ غَانِمِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ الله بن عبيد بن عويج
بن
__________
403 طبقات خليفة (23) ، (291) ، وتاريخ خليفة (142) ، وتاريخ البخاري الكبير (3/ ت 695) ، وتاريخ الطبري (4/ 253- 254) ، (5/ 149) ، والجرح والتعديل (3/ ت 1700) ، والولاة والقضاة للكندي (10) ، (31) ، (33) ، والثقات لابن حبان (3/ 111) ، ومشاهير علماء الأمصار (ت 383) ، والكامل لابن عدي (1) ورقة (317- 318) ، وأسد الغابة (2/ 71) ، وتهذيب الكمال (1588) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (185) ، والكاشف (1/ 265) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 146) ، والعقد الثمين (4/ 256) ، والإصابة (1/ 399) ، وتهذيب التهذيب (3/ 74) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 1731) ، وشذرات الذهب (1/ 49) .(4/142)
عدي بن كعب. وأمه فاطمة بنت عمرو بن بجرة بن خلف بْن صداد من بني عدي بْن كعب. ويقال بل أمه فاطمة بِنْت علقمة بْن عامر بْن بجرة بْن خلف بْن صداد. وكان لخارجة من الولد عَبْد الرَّحْمَن وأبان وأمهما امْرَأَة من كندة. وعبد الله وعون وأمهما أم ولد. وكان خارجة بْن حذافة قاضيًا بمصر لعمرو بْن العاص. فَلَمَّا كان صبيحة يومٍ وافى الخارجي ليضرب عمرو بن العاص فلم يخرج عمرو يومئذ للصلاة وأمر خارجة يصلي بالناس. فتقدم الخارجي فضرب خارجة وهو يظن أنّه عَمْرو بْن العاص. فأخذ فأدخل على عَمْرو وقالوا: والله ما ضربت عمرًا وإنما ضربت خارجة. فقال: أردت عمرًا وأراد الله خارجة. فذهبت مثلا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَاشِدٍ الزَّوْفِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ الزَّوْفِيِّ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ حُذَافَةَ الْعَدَوِيِّ قَالَ: [خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِصَلاةِ الْغَدَاةِ فَقَالَ: لَقَدْ أَمَدَّكُمُ اللَّهُ اللَّيْلَةَ بِصَلاةٍ لَهِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ. قُلْنَا: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْوِتْرُ فِيمَا بَيْنَ صَلاةِ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ] .
وَمِنْ بَنِي سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصِ بْنِ كَعْبٍ
404- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ
بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ سَعْدِ بْنِ سهم بْن عمرو بن
__________
404 تاريخ خليفة (79) ، (98) ، (142) ، وطبقات خليفة (26) ، وعلل ابن المديني (79) ، والتاريخ الكبير (5/ 14) ، والمعارف (135) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 252) ، والجرح والتعديل (5/ ت 127) ، والاستيعاب (3/ 888) ، وتاريخ ابن عساكر (120) ، وأسد الغابة (3/ 142) ، والكامل في التاريخ (1/ 481) ، (2/ 210، 213، 256) ، (3/ 200) ، وتاريخ الإسلام (2/ 87) ، وسير أعلام النبلاء (2/ 11) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 3222) ، وتهذيب الكمال (3223) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (138) ، وشرح علل الترمذي (286) ، وتهذيب التهذيب (5/ 184) ، والإصابة (2/ 4622) ، وتقريب التهذيب (1/ 409) ، وخلاصة الخزرجي (2) ورقة (3449) ، وتهذيب تاريخ دمشق (7/ 354) .(4/143)
هصيص. وأمه تميمة بِنْت حرثان من بني الْحَارِث بن عَبْد مناة بْن كنانة. وهو أخو خُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ زَوْجُ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ بن الخطاب قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وشهد خنيس بدْرًا ولم يشهد عَبْد الله بدْرًا ولكنه قديم الْإِسْلَام بمكّة. وكان من مهاجرة الحبشة الهجرة الثانية في رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر. ولم يذكره موسى بن عُقْبَة وأبو معشر. وهو رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بكتابة إِلَى كسرى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ. فَدَفَعَهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى. فَلَمَّا قَرَأَهُ خَرَقَهُ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَحَسِبْتُ أَنَّ الْمُسَيِّبَ قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يمزقوا كل ممزق.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: [قَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبِي؟ قَالَ: أَبُوكَ حُذَافَةُ. أَنْجَبَتْ أُمُّ حُذَافَةَ. الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ] . فَقَالَتْ أُمُّهُ: أَيْ بُنَيَّ. لَقَدْ قُمْتَ الْيَوْمَ بِأُمِّكَ مَقَامًا عَظِيمًا.
فَكَيْفَ لَوْ قَالَ الأُخْرَى؟ قَالَ: أردت أن أبدي ما في نفسي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ السَّهْمِيَّ يُنَادِي فِي النَّاسِ بِمِنًى: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَتِ الرُّومُ قَدْ أَسَرَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ فَكَتَبَ فِيهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى قُسْطَنْطِينَ فَخَلَّى عَنْهُ. وَمَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حذافة في خلافة عثمان بن عفان.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ فَقَالَ: [مَنْ أَبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: أبوك حذافة بن قيس] .(4/144)
قال: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ الْبَصْرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ قَامَ يُصَلِّي فَجَهَرَ بالقراءة [فقال له النبي. ص: لا يَا أَبَا حُذَافَةَ لا تُسْمِعْنِي وَسَمِّعِ اللَّهَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ وَكَانَتْ فِيهِ دُعَابَةٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: لَمْ يَشْهَدْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ بَدْرًا.
405- وأخوه قَيْس بْن حُذَافَةَ
بْن قَيْسِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ سعد بن سهم. وأمه تميمة بِنْت حرثان من بني الْحَارِث بْن عَبْد مناة بْن كنانة. هكذا قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر.
قَيْس بْن حذافة. وَأَمَّا هِشَامُ بْن مُحَمَّد بْن السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ فقال: هُوَ أَبُو قَيْس بْن حذافة واسمه حسّان.
قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: وهو قديم الْإِسْلَام بمكّة. وكان من مهاجرة الحبشة فِي الهجرة الثانية في رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر. ولم يذكره موسى بن عقبة وأبو معشر.
406- هِشَامُ بْنُ الْعَاصِ
بْنِ وَائِلِ بن هاشم بن سعيد بن سهم. وأمه أم حرملة بنت هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وكان قديم الإسلام بمكة وهاجر إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية ثُمَّ قدم مكّة حين بلغه مهاجر النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ يريد اللحاق به فحبسه أَبُوهُ وقومه بمكّة حَتَّى قدم بعد الخندق عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
الْمَدِينَةَ فشهد ما بعد ذلك من المشاهد. وكان أصغر سنًا من أَخِيهِ عمرو بن العاص وليس له عقب.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[قَالَ: ابْنَا الْعَاصِ مؤمنان. هشام وعمرو] .
__________
406 المغازي (603) ، (873) ، ابن هشام (1/ 328، 368، 474، 476) .(4/145)
قال: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ حَكَّامِ بْنِ أَبِي الْوَضَّاحِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حزم عن عمه عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: ابْنَا الْعَاصِ مُؤْمِنَانِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنَيِ الْعَاصِ أَنَّهُمَا قَالا: مَا جَلَسْنَا مَجْلِسًا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - كُنَّا بِهِ أَشَدَّ اغْتِبَاطًا مِنْ مَجْلِسٍ جَلَسْنَاهُ يَوْمًا جِئْنَا فَإِذَا أُنَاسٌ عِنْدَ حُجَرِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يتراجعون فِي الْقُرْآنِ. فَلَمَّا رَأَيْنَاهُمُ اعْتَزَلْنَاهُمْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَلْفَ الْحُجَرِ يَسْمَعُ كَلامَهُمْ. فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُغْضَبًا يُعْرَفُ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِمْ [فَقَالَ: أَيْ قَوْمِ. بِهَذَا ضَلَّتِ الأُمَمُ قَبْلَكُمْ بِاخْتِلافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ وَضَرْبِهِمُ الْكِتَابَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ. إِنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَنْزِلْ لِتَضْرِبُوا بَعْضَهُ بِبَعْضٍ وَلَكِنْ يُصَدِّقِ بَعْضُهُ بَعْضًا فَمَا عَرَفْتُمْ مِنْهُ فَاعْمَلُوا بِهِ وَمَا تَشَابَهَ عَلَيْكُمْ فَآمِنُوا بِهِ] . ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ وَإِلَى أَخِي فَغَبَطْنَا أَنْفُسَنَا أَنْ لا يَكُونَ رَآنَا معهم.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: قَالُوا لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ أَخُوكَ هِشَامُ بْنُ الْعَاصِ؟ قَالَ: أُخْبِرُكُمْ عَنِّي وَعَنْهُ.
عَرَضْنَا أَنْفُسَنَا عَلَى اللَّهِ فَقَبِلَهُ وَتَرَكَنِي. قَالَ سُفْيَانُ: وَقُتِلَ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْمَشَاهِدِ.
الْيَرْمُوكِ أَوْ غَيْرِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالُوا:
حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: بَيْنَمَا حَلْقَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ جُلُوسٌ فِي هَذَا الْمَكَانِ مِنَ الْمَسْجِدِ. فِي دُبُرِ الْكَعْبَةِ. إِذْ مَرَّ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَطُوفُ فقال القوم: هِشَامُ بْنُ الْعَاصِ أَفْضَلُ فِي أَنْفُسِكُمْ أَمْ أَخُوهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ؟
فَلَمَّا قَضَى عَمْرٌو طَوَافَهُ جَاءَ إِلَى الْحَلْقَةِ فَقَامَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: مَا قُلْتُمْ حِينَ رَأَيْتُمُونِي؟ فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ قلتم شيئا. فقام الْقَوْمُ: ذَكَرْنَاكَ وَأَخَاكَ هِشَامًا فَقُلْنَا هِشَامٌ أَفْضَلُ أَوْ عَمْرٌو.
فَقَالَ: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتُمْ. سَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَاكَ. إِنِّي شَهِدْتُ أَنَا وَهِشَامٌ الْيَرْمُوكَ فَبَاتَ وَبِتُّ نَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَرْزُقُنَا الشَّهَادَةَ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا رُزِقَهَا وَحُرِمْتُهَا فَهَلْ فِي ذَلِكَ مَا يُبَيِّنُ لَكُمْ فَضْلَهُ عَلَيَّ؟ ثُمَّ قَالَ: مَا لِي أَرَاكُمْ قَدْ نَحَّيْتُمْ هَؤُلاءِ الْفِتْيَانَ عَنْ مَجْلِسِكُمْ؟ لا تَفْعَلُوا.
أَوْسِعُوا لَهُمْ وَأَدْنُوهُمْ وَحَدَّثُوهُمْ وَأَفْهِمُوهُمُ الْحَدِيثَ فَإِنَّهُمُ الْيَوْمَ صِغَارُ قَوْمٍ وَيُوشِكُونَ أَنْ يَكُونُوا كِبَارَ قَوْمٍ. وَإِنَّا قَدْ كُنَّا صِغَارَ قَوْمٍ ثُمَّ أَصْبَحْنَا الْيَوْمَ كِبَارَ قوم.(4/146)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ثور بن يزيد عن زيد بن زِيَادٍ قَالَ:
قَالَ هِشَامُ بْنُ الْعَاصِ يَوْمَ أَجْنَادِينَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ إِنَّ هَؤُلاءِ الْقُلْفَانِ لا صَبَرَ لَهُمْ عَلَى السَّيْفِ فَاصْنَعُوا كَمَا أَصْنَعُ. قَالَ فَجَعَلَ يَدْخُلُ وَسْطَهُمْ فَيَقْتُلُ النَّفَرَ منهم حتى قتل.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أُمِّ بَكْرٍ بِنْتِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَتْ: كَانَ هِشَامُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ رَجُلا صَالِحًا. لَمَّا كَانَ يَوْمَ أَجْنَادِينَ رَأَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْضَ النُّكُوصِ عَنْ عَدُوِّهِمْ فَأَلْقَى الْمِغْفَرَ عَنْ وَجْهِهِ وَجَعَلَ يَتَقَدَّمُ فِي نَحْرِ الْعَدُوِّ وَهُوَ يَصِيحُ: يَا معشر المسلمين إلي إِلَيَّ. أَنَا هِشَامُ بْنُ الْعَاصِ. أَمِنَ الْجَنَّةِ تفرون؟ حتى قتل.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ يَعِيشَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ حَضَرَ هِشَامَ بْنَ الْعَاصِ: ضَرَبَ رَجُلا مِنْ غَسَّانَ فَأَبْدَى سِحْرَهُ فَكَرَّتْ غَسَّانُ عَلَى هِشَامٍ فَضَرَبُوهُ بِأَسْيَافِهِمْ حَتَّى قَتَلُوهُ. فَلَقَدْ وَطِئَتْهُ الْخَيْلُ حَتَّى كَرَّ عَلَيْهِ عَمْرٌو فَجَمَعَ لَحْمَهُ فَدَفَنَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَلَفِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ:
لَمَّا انْهَزَمَتِ الرُّومُ يَوْمَ أَجْنَادِينَ انْتَهَوْا إِلَى مَوْضِعٍ لا يُعْبُرُهُ إِلا إِنْسَانٌ وَجَعَلَتِ الرُّومُ تُقَاتِلُ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمُوهُ وَعَبَرُوهُ وَتَقَدَّمَ هِشَامُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ فَقَاتَلَ عَلَيْهِ حَتَّى قُتِلَ. وَوَقَعَ عَلَى تِلْكَ الثُّلْمَةِ فَسَدَّهَا. فَلَمَّا انْتَهَى الْمُسْلِمُونَ إِلَيْهَا هَابُوا أَنْ يُوطِئُوهُ الْخَيْلَ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ قَدِ اسْتَشْهَدَهُ وَرَفَعَ رُوحَهُ وَإِنَّمَا هُوَ جُثَّةٌ فَأَوْطِئُوهُ الْخَيْلَ. ثُمَّ أَوْطَأَهُ هُوَ وَتَبِعَهُ النَّاسُ حَتَّى قَطَعُوهُ. فَلَمَّا انْتَهَتِ الْهَزِيمَةُ وَرَجَعَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى الْعَسْكَرِ كَرَّ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَجَعَلَ يَجْمَعُ لَحْمَهُ وَأَعْضَاءَهُ وَعِظَامَهُ ثم حمله في نطع فواراه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عبد الله بن عمر عن زيد بن أَسْلَمَ قَالَ:
لَمَّا بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَتْلُهُ قَالَ: رَحِمَهُ اللَّهُ فَنِعْمَ الْعَوْنُ كَانَ لِلإِسْلامِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مالك عن أبي عبد اللَّهِ الأَوْدِيِّ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَحَدَّثَنِي نجيح أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ(4/147)
وَحَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالُوا: كَانَتْ أَوَّلُ وَقْعَةٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالرُّومِ أَجْنَادِينَ وَكَانَتْ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. وَكَانَ عَلَى النَّاسِ يَوْمَئِذٍ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ.
407- أَبُو قَيْس بْن الْحَارِث
بْن قَيْس بْن عَدِيِّ بْن سَعْدِ بْن سهم. وأمه أم ولد حضرمية وهو قديم الْإِسْلَام بمكّة وهاجر إِلَى أرض الحبشة فِي الهجرة الثانية ثُمَّ قدم فشهد أُحُدًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وما بعد ذلك من المشاهد. وقتل يوم اليمامة شهيدًا سنة اثنتي عشرة فِي خلافة أبي بَكْر الصَّدَّيق.
408- عَبْد الله بْن الْحَارِث
بْن قَيْس بْن عَدِيِّ بْن سَعْدِ بْن سهم. وأمه أم الحجاج من بني شنوق بْنِ مُرَّةَ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ.
قَالَ محمد بْن إِسْحَاق: وكان عَبْد الله بْن الْحَارِث شاعرًا وهو المبرق. وسمي بِذَلِك ببيت قاله:
إذا أَنَا لم أبرق فلا يسعنني ... من الأرض بر ذو فضاء ولا بحر
وكان من مهاجرة الحبشة وقتل يوم اليمامة شهيدًا سنة اثنتي عشرة فِي خلافة أبي بَكْر الصَّدَّيق.
409- السائب بْن الْحَارِث
بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ سَعْدِ بْنِ سهم. وأمه أم الحجاج من بني شنوق بْنِ مُرَّةَ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ. وكان من مهاجرة الحبشة في الهجرة الثانية.
وخرج يوم الطائف وقتل بعد ذلك يوم فحل بسواد الأردن ولا عقب له. وكانت فحل فِي ذي القعدة سنة ثلاث عشرة فِي أوّل خلافة عُمَر بْن الخطاب.
410- الحجاج بْن الْحَارِث
بْن قَيْس بْن عَدِيِّ بْن سَعْدِ بْن سهم. وأمه أم الحجاج من بني شنوق بْنِ مُرَّةَ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ. وكان من مهاجرة الحبشة فِي الهجرة الثانية وقتل باليرموك شهيدًا فِي رجب سنة خمس عشرة. ولا عقب له.
__________
407 حذف من نسب قريش 85. ابن هشام 1/ 282. 328. 2/ 365. 561.
407 حذف من نسب قريش (85) ، ابن هشام (1/ 282، 328) ، (2/ 365، 561) .
408 المغازي (938) ، ابن هشام (1/ 328، 330، 332) ، (2/ 367) .
409 المغازي (938) ، (1125) . ابن هشام (1/ 328) ، (2/ 365، 486) .
410 المغازي (142) .(4/148)
411- تميم
ويقال نمير بْن الْحَارِث بْن قَيْس بْنِ عَدِيِّ بْنِ سَعْدِ بْنِ سهم. وأمه ابْنَة حرثان بْنِ حَبِيبِ بْنِ سُوَاءَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صعصعة.
وقال محمد بْن إِسْحَاق وحده: هُوَ بِشْر بْن الْحَارِث بْن قَيْس. وكان من مهاجرة الحبشة فِي الهجرة الثانية.
412- سَعِيد بْن الْحَارِث
بْن قَيْسِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ سَعْدِ بْنِ سهم. وأمه ابْنَة عروة بْن سعد بْن حذيم بْن سلامان بْن سعد بْن جمح. ويقال بل هِيَ ابْنَة عَبْد عَمْرو بْن عروة بْن سعد. وكان سَعِيد من مهاجرة الحبشة فِي الهجرة الثانية وقتل يوم اليرموك شهيدًا فِي رجب سنة خمس عشرة.
413- معبد بْن الْحَارِث
بْن قَيْس بْن عَدِيِّ بْن سَعْدِ بْن سهم. وأمه ابْنَة عروة بْن سعد بْن حذيم بْن سلامان بْن سعد بْن جمح. ويقال بل هِيَ ابْنَة عَبْد عَمْرو بن عروة بن سعد. هكذا قَالَ هشام بْن مُحَمَّد. معبد بْن الْحَارِث. وقال مُحَمَّد بْن عُمَر: مُعَمَّر بن الْحَارِث.
414- سعيد بن عمرو
التميمي. حليف لهم أخوهم لأمهم. أمه ابْنَة حرثان بْنِ حَبِيبِ بْنِ سُوَاءَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صعصعة. هكذا قَالَ مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إِسْحَاق:
سعيد بن عمرو. وقال أَبُو معشر ومحمد بْن عُمَر: معبد بن عمرو. وكان من مهاجرة الحبشة الهجرة الثانية.
415- عمير بن رئاب
بن حذافة بن سعيد بن سهم. هكذا قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر. وقال هشام بْن مُحَمَّد بْن السائب: هُوَ عمير بْن رئاب بْن حُذَيْفة بْن مهشم بْن سعد بْن سهم. وأمه أم وائل بِنْت مُعَمَّر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح.
قال مُحَمَّد بْن عُمَر: وكان عمير بْن رئاب من مهاجرة الحبشة في الهجرة الثانية ذكروه جميعًا فِي روايتهم وقتل بعين التمر شهيدًا ولا عقب له.
__________
411 حذف من نسب قريش (85) .
412 حذف من نسب قريش (85) ، ابن هشام (1/ 328) ، (2/ 365) .
414 ابن هشام (1/ 328) ، (2/ 365) .
415 ابن هشام (1/ 328) ، (2/ 365) .(4/149)
وَمِنْ حُلَفَاءِ بَنِي سَعْدٍ
416- مَحْمِيَّةُ بْنُ جَزْءِ
بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ بْنِ عَوِيجِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زبيد الأصغر.
واسمه منبه. وإنما سمي زبيدًا لأنه لمّا كثر عمومته وبنو عمه قَالَ: من يزيدني نصرة.
يعني يعطيني نصرة. على بني أود؟ فأجابوه فسموا كلهم زبيدًا ما بين زبيد الأصغر إِلَى زبيد الأكبر. وزبيد الأصغر ابن ربيعة بْن سَلَمَة بْن مازن بْن ربيعة بْن منبه. وهو زبيد الأكبر وإليه جماع زبيد بْن صعب بْن سعد العشيرة من مذحج. وأم محمية بْن جزء هند وهي خولة بِنْت عوف بْن زُهَير بْن الْحَارِث بْن حماطة من ذي حليل من حمير.
ومحمية بْن جزء أخو أم الفضل لبابة بِنْت الْحَارِث أم بني الْعَبَّاس بْن عَبْد المطلب لأمها.
قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر وعلي بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سيف الْقُرَشِيّ: كان محمية حليفًا لبني سهم. وقال هشام بْن مُحَمَّد بْن السائب الكلبي: كان محمية حليفًا لبني جمح. وكانت ابنته عند الفضل بْن الْعَبَّاس بْن عبد المطلب فولدت أم كلثوم.
وأسلم محمية بن جزء بمكة قديمًا وهاجر إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية في روايتهم جميعا. وأول مشاهده المريسيع وهي غزوة بني المصطلق.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي جهم قَالَ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَقْسِمِ الْخُمُسِ وَسُهْمَانِ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْمُرَيْسِيعِ مَحْمِيَّةَ بْنَ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ فَأَخْرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
الْخُمُسَ مِنْ جَمِيعِ الْمَغْنَمِ. فَكَانَ يَلِيهِ مَحْمِيَّةُ بْنُ جَزْءٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالا: جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
عَلَى خُمُسِ الْمُسْلِمِينَ مَحْمِيَّةَ بْنَ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ وَكَانَتْ تُجْمَعُ إِلَيْهِ الأَخْمَاسُ.
417- نافع بْن بديل
بْن ورقاء.
وَمِنْ بَنِي جُمَحِ بْن عَمْرو بْن هَصِيصِ بْنِ كَعْبٍ
418- عُمَيْرُ بْنُ وَهْبِ
بْنِ خَلَفِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جمح ويكنى أبا أمية.
__________
416 المغازي (410) ، (524) ، (697) ، (789) ، وابن هشام (1/ 328) ، (2/ 361) .
417 المغازي (352) ، (353) ، وابن هشام (1/ 184، 188) .
418 المغازي (31) ، (34) ، (62) ، (63) ، (65) ، (125) ، (126) ، (127) ، (128) ، (130) ، (142) ، (693) ، (853) ، (854) ، (998) ، (999) ، ابن هشام (1/ 622، 661، 662، 663) .(4/150)
وأمه أم سخيلة بِنْت هاشم بْن سَعِيد بْن سهم. وكان لعمير من الولد وهب بْن عمير وكان سيد بني جمح. وأمية وأبي وأمهم رقيقة. ويقال خالدة. بِنْت كلدة بْنِ خَلَفِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جمح. وكان عمير بْن وهب قد شهِدَ بدْرًا مع المشركين وبعثوه طليعةً ليحزر أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويأتيهم بعددهم وعدتهم ففعل. وقد كان حريصًا على رد قريش عن لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِبَدْرٍ. فَلَمَّا التقوا كان ابنه وهب بن عمير فيمن أسر يوم بدْر. أسره رفاعة بْن رافع بْن مالك الزرقي. فرجع عمير إِلَى مكّة فقال له صفوان بْن أمية وهو معه فِي الحجر: دينك عليّ وعيالك عليّ أمونهم ما عشت وأجعل لك كذا وكذا إنّ أنت خرجت إِلَى مُحَمَّد حَتَّى تقتله.
فوافقه على ذلك قَالَ: إنّ لي عنده عذرًا فِي قدومي عليه. أقول جئت فِي فدى ابني.
فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ فدخل وعليه السّيف [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمّا رآه: إنّه ليريد غدرًا والله حائل بينه وبين ذلك. ثُمَّ ذهب ليحني على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له: ما لك والسلاح؟ فقال: أنسيته عليّ لمّا دخلت. قَالَ:
ولم قدمت؟ قال: قدمت في فدى ابني. قَالَ: فَمَا جعلت لصفوان بن أمية فِي الحجر؟ فقال: وما جعلت له؟ قَالَ: جعلت له أن تقتلني على أن يعطيك كذا وكذا وعلى أن يقضي دينك ويكفيك مؤونة عيالك. فقال عمير: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّكَ رسول الله. فو الله يا رسول الله ما اطلع على هَذَا أحد غيري وغير صفوان وإني أعلم أن الله أخبرك به. فقال رسول الله. ص: يسروا أخاكم وأطلقوا له أسيره] .
فأطلق له ابنه وهب بْن عمير بغير فدى. فرجع عمير إِلَى مكّة ولم يقرب صفوان بْن أمية. فعلم صفوان أنّه قد أسلم. وكان قد حسن إسلامه ثُمَّ هاجر إِلَى المدينة فشهد أحدًا مع النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وما بعد ذلك من المشاهد.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ عُمَيْرَ بْنَ وَهْبٍ خَرَجَ يَوْمَ بَدْرٍ فَوَقَعَ فِي الْقَتْلَى فَأَخَذَ الَّذِي جَرَحَهُ السَّيْفَ فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهِ حَتَّى سَمِعَ صَرِيفَ السَّيْفِ فِي الْحَصَى حَتَّى ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ قَتَلَهُ. فَلَمَّا وَجَدَ عُمَيْرٌ بَرْدَ اللَّيْلِ أَفَاقَ إِفَاقَةً فَجَعَلَ يَحْبُو حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ القتلى فرجع إلى مكة فبرأ منه.(4/151)
قال: فبينا هُوَ يَوْمًا فِي الْحِجْرِ هُوَ وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَشَدِيدُ السَّاعِدِ جَيِّدُ الْحَدِيدَةِ جَوَادُ السَّعْيِ وَلَوْلا عِيَالِي وَدَيْنٌ عَلَيَّ لأَتَيْتُ مُحَمَّدًا حَتَّى أَفْتِكَ بِهِ. فَقَالَ صَفْوَانُ: فَعَلَيَّ عِيَالُكَ وَعَلَيَّ دَيْنُكَ. فَذَهَبَ عُمَيْرٌ فَأَخَذَ سَيْفَهُ حَتَّى إِذَا دَخَلَ رَآهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَامَ إِلَيْهِ فَأَخَذَ بِحَمَائِلِ سَيْفِهِ فَجَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَادَى فَقَالَ: هَكَذَا تَصْنَعُونَ بِمَنْ جَاءَكُمْ يدخل في دينكم؟ [فقال رسول الله. ص: دَعْهُ يَا عُمَرُ. قَالَ: أَنْعِمْ صَبَاحًا. قَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلْنَا بِهَا مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا. السَّلامُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَأْنَكَ وَشَأْنَ صَفْوَانَ مَا قُلْتُمَا. فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالا: قُلْتَ لَوْلا عِيَالِي وَدَيْنٌ عَلَيَّ لأَتَيْتُ مُحَمَّدًا حَتَّى أَفْتِكَ بِهِ. فقال صَفْوَانُ: عَلَيَّ عِيَالُكَ وَدِينُكَ. قَالَ: مَنْ أَخْبَرَكَ هذا؟ فو الله مَا كَانَ مَعَنَا ثَالِثٌ. قَالَ: أَخْبَرَنِي جَبْرَائِيلُ. قَالَ: كُنْتَ تُخْبِرُنَا عَنْ أَهْلِ السَّمَاءِ فَلا نُصَدِّقُ وَتُخْبِرُنَا عَنْ أَهْلِ الأَرْضِ. أَشْهَدُ أَنْ لا إله إلا الله وأن محمدا عبده وَرَسُولُهُ] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَبَقِيَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ بَعْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
419- حاطب بن الحارث
بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح. وأمه قتيلة بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بْن جمح. وكان قديم الْإِسْلَام بمكّة وهاجر إِلَى أرض الحبشة الهجرة الثانية ومعه امرأته فاطمة بِنْت المحلل بْن عَبْد الله بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. وكان مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إِسْحَاق وهشام بْن مُحَمَّد بْن السائب يقولون:
فاطمة بِنْت المحلل. وكان هشام يقول: أم جميل. وكان مع حاطب فِي الهجرة إِلَى أرض الحبشة ابناه مُحَمَّد والحارث ابنا حاطب بْن الْحَارِث. فمات حاطب بأرض الحبشة وقدم بامرأته وابنيه في إحدى السفينتين سنة سبْعٍ من الهجرة. ذكر ذلك كله موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبو معشر ومحمد بْن عُمَر فِي رواياتهم جميعًا.
وكان لحاطب من الولد أيضًا عَبْد الله وأمه جهيرة أم ولد.
420- وأخوه خطاب بْن الْحَارِث
بْن مُعَمَّر بْن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح. وأمه قتيلة بِنْت مظعون بْن حبيب بْن وهب بن حذافة بن جمح.
وكان قديم الإسلام وهاجر إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية ومعه امرأته فكيهة بنت
__________
419 حذف من نسب قريش (92) ، ابن هشام (1/ 256، 257، 258، 284، 287، 327) ، (2/ 364، 367) .(4/152)
يسار الْأَزْدِيّ وهي أخت أبي تجراة. ومات خطاب بأرض الحبشة فقدم بامرأته فِي إحدى السفينتين. وكان لخطاب من الولد مُحَمَّد.
421- سُفْيَان بن معمر
بن حبيب بن وهب بن حذافة بْن جمح.
قَالَ هشام بْن مُحَمَّد بْن السائب: وأم سُفْيَان من أَهْل اليمن. لم يزد على ذلك ولم ينسبها. وقال مُحَمَّد بْن عُمَر: أم سُفْيَان بْن مُعَمَّر حسنة أم شرحبيل ابن حسنة.
وقال محمد بْن إِسْحَاق: بل كَانَتْ حسنة أم شُرَحْبيل امْرَأَة سُفْيَان بْن مُعَمَّر وله منها من الولد خَالِد وجنادة ابنا سُفْيَان بْن مُعَمَّر. وكان سُفْيَان قديم الْإِسْلَام بمكّة وهاجر إِلَى أرض الحبشة فِي الهجرة الثانية ومعه ابناه خالد وجنادة وشرحبيل ابن حسنة وأمه حسنة هاجر بها أيضًا إِلَى أرض الحبشة. هَذَا فِي رواية محمد بْن إِسْحَاق ومحمد بْن عُمَر على ما ذكرنا من رواية كل واحد منهما. ولم يذكر موسى بن عقبة وأبو معشر سفيان ابن مُعَمَّر ولا أحدًا من ولده فِي الهجرة إِلَى أرض الحبشة.
422- نبيه بْن عُثْمَان
بْن ربيعة بْن وهبان بْن حذافة بْن جمح.
قال محمد بن عمر: وكان قديم الإسلام بمكّة وهاجر إِلَى أرض الحبشة فِي الهجرة الثانية. وأما فِي رواية محمد بْن إِسْحَاق فَإِن الَّذِي هاجر إِلَى أرض الحبشة أَبُوهُ عثمان بن ربيعة. فالله أعلم. ولم يذكر مُوسَى بْن عُقْبَة وأبو معشر واحدًا منهما فِي روايتهما فيمن هاجر إِلَى أرض الحبشة.
ومن بني عامر بن لؤي
423- سليط بْن عَمْرو
بْن عَبْد شمس بْن عَبْد ود بْن نصر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. وأمه خولة بنت عمرو بن الحارث بن عمرو من عبس من اليمن. وكان لسليط بْن عَمْرو من الولد سليط بْن سليط وأمه قهطم بِنْت علقمة بْن عَبْد الله بْن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. وكان سليط من المهاجرين الأولين قديم الْإِسْلَام بمكّة وهاجر إِلَى أرض الحبشة فِي الهجرة
__________
421 حذف من نسب قريش (94) ، ابن هشام (1/ 327) ، (2/ 364) .
422 ابن هشام (1/ 328) ، (2/ 361) .
423 المغازي (306) ، ابن هشام (1/ 250، 256،، 259، 329) ، (2/ 366) .(4/153)
الثانية ومعه امرأته فاطمة بِنْت علقمة فِي رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر. ولم يذكره موسى بن عقبة وأبو معشر في الهجرة إلى أرض الحبشة. وشهد سليط أحدا والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجهه بكتابه إِلَى هوذة بْن عليّ الحنفي وذلك فِي المحرَّم سنة سبْعٍ من الهجرة. وقتل سليط بْن عَمْرو يوم اليمامة شهيدًا سنة اثنتي عشرة فِي خلافة أبي بَكْر الصَّدَّيق.
424- وأخوه السكران بْن عَمْرو
بْن عَبْد شمس بْن عَبْد ود بن نصر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. وأمه حبى بِنْت قَيْس بْن ضبيس بْن ثَعْلَبَة بْن حِبّان بْن غنم بْن مليح بْن عَمْرو من خزاعة. وكان للسكران بْن عَمْرو من الولد عَبْد الله وأمه سَوْدَةُ بِنْت زَمْعَةَ بْن قَيْس بْن عَبْد شمس بْن عَبْد ود بْن نصر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. وكان السكران بْن عَمْرو قديم الْإِسْلَام بمكّة وهاجر إِلَى أرض الحبشة فِي الهجرة الثانية ومعه امرأته سودة بِنْت زمعة. وأجمعوا كلهم في روايتهم على ذلك أن السكران بْن عَمْرو فيمن هاجر إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ سَوْدَةُ بِنْت زَمْعَةَ.
قَالَ مُوسَى بْن عُقْبَة وأبو معشر: ومات السكران بأرض الحبشة. وقال محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر: رجع السكران إلى مكة فمات بها قبل الهجرة إلى المدينة.
وخلف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على امرأته سودة بِنْت زمعة فكانت أوّل امرأة تزوجها بعد موت خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصي.
425- مالك بْن زَمْعَةَ
بْن قَيْس بْن عَبْد شَمْسِ بْن عَبْد ود بْن نصر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. وهو أخو سودة بِنْت زَمْعَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ قديم الْإِسْلَام وهاجر إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية ومعه امرأته عميرة بِنْت السَّعْديّ بْن وقدان بْن عَبْد شمس بْن عَبْد ود بْن نصر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. أجمعوا على ذلك كلهم فِي روايتهم جميعًا. وتُوُفِّي مالك بْن زمعة وليس له عقب.
426- ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ
أما أَهْل المدينة فيقولون: اسمه عبد الله. وأما أهل
__________
425 ابن هشام (1/ 329) .
426 المغازي (8) ، (184) ، (198) ، (199) ، (277) ، (371) ، (441) ، (496) ، (527) ، (538) ، (547) ، (573) ، ابن هشام (1/ 363، 364) ، (2/ 43، 46، 64، 102، 190، 220، 234، 279، 284) .(4/154)
العراق وهشام بْن مُحَمَّد بْن السائب فيقولون: اسمه عَمْرو. ثُمَّ اجتمعوا على نسبه فقالوا: ابن قَيْس بْن زائدة بْن الأصم بْنِ رَوَاحَةَ بْنِ حُجْرِ بْنِ عَبْدِ بْنِ معيص بْن عامر بْن لؤي. وأمه عاتكة وهي أم مكتوم بِنْت عَبْد الله بْن عنكشة بْن عامر بْن مخزوم بْن يقظة. أسلم ابن أم مكتوم بمكّة قديمًا وكان ضرير البصر وقدم المدينة مهاجرًا بعد بدْر بيسير فنزل دار القراء وهي دار مخرمة بْن نوفل. وكان يؤذن للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة مع بلال. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يستخلفه على المدينة يصلي بالناس فِي عامة غزوات رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثَ عَشْرَةَ غَزْوَةً مَا مِنْهَا غَزْوَةٌ إِلا يَسْتَخْلِفُ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى الْمَدِينَةِ. وَكَانَ يُصَلِّي بِهِمْ وَهُوَ أَعْمَى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالُوا:
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: اسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرَو ابن أُمِّ مَكْتُومٍ يَؤُمُّ النَّاسَ. وَكَانَ ضَرِيرَ الْبَصَرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ وَجَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَخْلَفَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ فِي غَزْوَةِ تبوك يؤم الناس.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: اسْتَخْلَفَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ مَرَّتَيْنِ عَلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ أَعْمَى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّعْبِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: اسْتَخْلَفَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ حِينَ خَرَجَ إِلَى بَدْرٍ فَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَهُوَ أَعْمَى.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَقَدْ رُوِيَ لَنَا أَنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ وَقَبْلَ بَدْرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ. فَقُلْنَا لَهُ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ. ص؟ فَقَالَ: هُوَ مَكَانَهُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَثَرِي. ثُمَّ(4/155)
أتانا بعده عمرو ابن أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى فَقَالُوا لَهُ: مَا فَعَلَ مَنْ وَرَاءَكَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَصْحَابُهُ؟ فَقَالَ: هُمْ أولى على أثري.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ:
سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَجَعَلا يُقْرِئَانِ النَّاسَ الْقُرْآنَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو ظِلالٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ: مَتَى ذَهَبَتْ عَيْنُكَ؟ قَالَ: ذَهَبَتْ وَأَنَا صَغِيرٌ. فَقَالَ أَنَسٌ: إِنَّ جَبْرَائِيلَ أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَقَالَ: مَتَى ذَهَبَ بَصَرُكَ؟
قَالَ: وَأَنَا غُلامٌ. [فَقَالَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: إِذَا مَا أَخَذْتُ كَرِيمَةَ عَبْدِي لَمْ أَجِدْ لَهُ بِهَا جَزَاءً إِلا الْجَنَّةَ] .
قال: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابن أُمِّ مَكْتُومٍ أَنَّهُ كَانَ مُؤَذِّنًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وهو أعمى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ كَانَ مُؤَذِّنًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو أعمى.
قال: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنِ الْحَجَّاجِ قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ بَعْضِ بَنِي مُؤَذِّنِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: كَانَ بِلالٌ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ.
وَرُبَّمَا أَذَّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وأقام بلال] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مالك بن شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: إِنَّ بِلالا يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ] .
قَالَ وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى حتى يقال له أصبحت أصبحت.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ الله. ص: إِنَّ بِلالا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يؤذن ابن أم مكتوم] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دينار عن(4/156)
ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: إِنَّ بِلالا يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ أَبِي عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّبَذِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ يُؤَذِّنُ لِرَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلالُ بْنُ رَبَاحٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ. قَالَ فَكَانَ بِلالٌ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ وَيُوقِظُ النَّاسَ. وَكَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ يَتَوَخَّى الْفَجْرَ فَلا يُخْطِئُهُ. فَكَانَ يَقُولُ: كُلُوا وَاشْرَبُوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بن جارية بن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: جَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا رسول الله إن مَنْزِلِي شَاسِعٌ. وَأَنَا مَكْفُوفُ الْبَصَرِ وَأَنَا أَسْمَعُ الأَذَانَ. قَالَ: [فَإِنْ سَمِعْتَ الأَذَانَ فَأَجِبْ وَلَوْ زحفا. أو قال: ولو حبوا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ زِيَادِ بْنِ فَيَّاضٍ عَنْ إبراهيم قال: أتى عمرو ابن أُمِّ مَكْتُومٍ رَسُولَ اللَّهِ فَشَكَا قَائِدَهُ وَقَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ شَجَرًا. [فَقَالَ لَهُ رسول الله. ص: تَسْمَعُ الإِقَامَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ جَارِيَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلِ كِلابِ الْمَدِينَةِ فَأَتَاهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مَنْزِلِي شَاسِعٌ وَأَنَا مَكْفُوفُ الْبَصَرِ وَلِي كَلْبٌ.
قَالَ فَرَخَّصَ لَهُ أَيَّامًا ثُمَّ أَمَرَهُ بِقَتْلِ كلبه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بن عروة عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسًا مَعَ رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشِ فِيهِمْ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَنَاسٌ مِنْ وُجُوهِ قُرَيْشٍ وَهُوَ يَقُولُ لَهُمْ: أَلَيْسَ حَسَنًا أَنْ جِئْتُ بِكَذَا وَكَذَا؟ قَالَ فَيَقُولُونَ: بَلَى وَالدِّمَاءِ. قَالَ فَجَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهُوَ مُشْتَغِلٌ بِهِمْ فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَأَعْرَضَ عَنْهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
«عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى» عبس: 1- 2. يَعْنِي ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ. «أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى» عبس: 5. يَعْنِي عُتْبَةَ وَأَصْحَابَهُ. «فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى» عبس: 6. «وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى» عبس: 8- 10. يعني ابن أم مكتوم.(4/157)
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: «عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى» عبس: 1- 2. قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَصَدَّى لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلامِ فَأَقْبَلَ عَبْدُ الله ابن أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى فَجَعَلَ يَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْرِضُ عَنْهُ وَيَعْبَسُ فِي وَجْهِهِ وَيُقْبِلُ عَلَى الآخَرِ. وَكُلَّمَا سَأَلَهُ عَبَسَ فِي وَجْهِهِ وَأَعْرَضَ عَنْهُ. فَعَيَّرَ اللَّهُ رَسُولَهُ فَقَالَ: «عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى» عبس: 1- 3. إِلَى قَوْلِهِ: «فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى» عبس: 10. فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَكْرَمَهُ وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى المدينة مرتين.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَامِرًا أَيَؤُمُّ الأَعْمَى الْقَوْمَ؟ فَقَالَ: اسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرَو ابن أم مكتوم.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُوحٍ الْحَارِثِيُّ عَنْ أَبِي عُفَيْرٍ. يَعْنِي مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ. قَالَ: اسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ حِينَ خَرَجَ فِي غَزْوَةِ قَرْقَرَةَ الْكُدْرِ إِلَى بَنِي سُلَيْمٍ وَغَطَفَانَ. وَكَانَ يَجْمَعُ بِهِمْ وَيَخْطُبُ إلى جنب المنبر. يَجْعَلُ الْمِنْبَرَ عَنْ يَسَارِهِ. وَاسْتَخْلَفَهُ أَيْضًا حِينَ خَرَجَ فِي غَزْوَةِ بَنِي سُلَيْمٍ بِبَحْرَانَ نَاحِيَةَ الْقَرْعِ. وَاسْتَخْلَفَهُ حِينَ خَرَجَ إِلَى غَزْوَةِ أُحُدٍ.
وَحِينَ خَرَجَ إِلَى حَمْرَاءِ الأَسَدِ وَإِلَى بَنِي النَّضِيرِ وَإِلَى الْخَنْدَقِ وَإِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ وَفِي غَزْوَةِ بَنِي لِحْيَانَ وَغَزْوَةِ الْغَابَةِ وَفِي غَزْوَةِ ذي قرد وفي عمرة الحديبية.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأَسْوَدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثابت قال: [قال رسول الله. ص: إِنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا واشربوا حتى ينادي بلال] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ: نَزَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى يَهُوَدِيَّةٍ بِالْمَدِينَةِ عَمَّةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَكَانَتْ تُرْفِقُهُ وَتُؤْذِيهِ فِي اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَتَنَاوَلَهَا فَضَرَبَهَا فَقَتَلَهَا فَرُفِعَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَتُرْفِقُنِي وَلَكِنَّهَا آذَتْنِي فِي اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَضَرَبْتُهَا فَقَتَلْتُهَا. [فقال رسول الله. ص: أبعدها الله تعالى فقد أبطلت دمها] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ زِيَادِ بْنِ فَيَّاضٍ عَنْ أبي(4/158)
عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: «لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» النساء: 95 فَقَالَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ: يَا رَبِّ ابْتَلَيْتَنِي فَكَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَنَزَلَتْ: «غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ» النساء: 95.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: نزلت «يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» النساء: 95. فقال عبد الله ابن أُمِّ مَكْتُومٍ: أَيْ رَبِّ أَنْزِلْ عُذْرِي أَنْزِلْ عُذْرِي. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: «غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ» النساء: 95. فَجُعِلَتْ بَيْنَهُمَا. وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَغْزُو فَيَقُولُ: ادْفَعُوا إِلَيَّ اللِّوَاءَ فَإِنِّي أَعْمَى لا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَفِرَّ وَأَقِيمُونِي بَيْنَ الصَّفَّيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرِ قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَالَ عَفَّانُ قَالَ شُعْبَةُ أَبُو إِسْحَاقَ أَنْبَأَنِي قَالُ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ. وَقَالَ وَهْبٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: «لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ... وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» النساء: 95. دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْدًا وَأَمَرَهُ فَجَاءَ بِكَتِفٍ وَكَتَبَهَا. فَجَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَشَكَا ضَرَارَتَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَزَلَتْ: «غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ» النساء:
95.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: «لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» النساء: 95. دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْكَتِفِ وَدَعَانِي وَقَالَ: اكْتُبْ.
وَجَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَذَكَرَ مَا بِهِ مِنَ الضَّرَرِ. فَنَزَلَتْ: «غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ» النساء:
95.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: كُنْتُ إِلَى جَنْبِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَغَشِيَتْهُ السَّكِينَةُ فَوَقَعَتْ فَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي فَمَا وَجَدْتُ شَيْئًا أَثْقَلَ مِنْ فَخِذِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ [فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ يَا زَيْدُ. فَكَتَبْتُ فِي كَتِفٍ: «لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» النساء: 95. فقام عمرو ابن أُمِّ مَكْتُومٍ. وَكَانَ أَعْمَى. لَمَّا سَمِعَ فَضِيلَةَ الْمُجَاهِدِينَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَكَيْفَ بِمَنْ لا يَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ؟(4/159)
فَمَا انْقَضَى كَلامُهُ حَتَّى غَشِيَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّكِينَةُ فَوَقَعَتْ فَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي فَوَجَدْتُ مِنْ ثِقَلِهَا مَا وَجَدْتُ فِي الْمَرَّةِ الأُولَى. ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ: اقْرَأْ يَا زَيْدُ.
فَقَرَأْتُ: «لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» النساء: 95. فَقَالَ: اكْتُبْ «غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ» النساء: 95. قَالَ زَيْدٌ: أَنْزَلَهَا اللَّهُ وَحْدَهَا فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُلْحَقِهَا عِنْدَ صَدْعِ الْكَتِفِ.] قَالَ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَأَخْبَرَنَا أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْلَى عَلَيْهِ: «لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» النساء: 95. قَالَ فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهُوَ يُمْلِيهَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ لَجَاهَدْتُ. وَكَانَ رَجُلا أَعْمَى. قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفخذه على فخذي فثقلت علي حَتَّى هَمَمْتُ تُرَضَّ فَخِذِي.
ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ: «غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ» النساء: 95.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مالك أن عبد الله ابن أُمِّ مَكْتُومٍ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ كَانَتْ مَعَهُ رَايَةٌ له سوداء وعليه درع له.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ الرَّاسِبِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ خَرَجَ يوم القادسية عليه درع سابغة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَائِدَةَ. وَهُوَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ. كَانَ يُقَاتِلُ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ له حصينة سابغة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عامر عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ شَهِدَ الْقَادِسِيَّةَ وَمَعَهُ الرَّايَةُ.(4/160)
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَاتَ بِهَا وَلَمْ يُسْمَعْ لَهُ بِذِكْرٍ بَعْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
وَمِنْ بَنِي فِهْرِ بن مالك
427- سهل ابن بيضاء.
وهي أمه. وأبوه وهب بْن ربيعة بْن هلال بْن مالك بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك. وأمه البيضاء وهي دعد بِنْت جحدم بْن عمرو بْنِ عَائِشِ بْنِ ظَرِبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ فهر. أسلم بمكّة وكتم إسلامه فأخرجته قريش معها في نفير بدر فشهد بدرا مع المشركين فأسر يومئذٍ. فشهد له عَبْد الله بْن مَسْعُود أنّه رآه يصلي بمكّة فخلي عَنْهُ. وَالَّذِي روى هَذِهِ القصة فِي سهيل ابن بيضاء قد أخطأ. سهيل ابن بيضاء أسلم قبل عَبْد الله بْن مَسْعُود ولم يستخف بإسلامه. وهاجر إِلَى المدينة وشهد بدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسلمًا لا شك فِيهِ. فغلط من روى ذلك الحديث ما بينه وبين أَخِيهِ لأن سهيلًا أشهر من أَخِيهِ سهل. والقصة فِي سهل. وأقام سهل بالمدينة بعد ذلك وشهد مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعض المشاهد وبقي بعد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
428- عَمْرو بْن الْحَارِث
بْن زُهَير بْنِ أبي شَدَّادِ بْنِ رَبِيعَةُ بن هلال بن مالك بن ضبة بن الحارث بن فهر بْن مالك. وأمه هند بِنْت المضرب بْن عَمْرو بْن وهب بْنِ حُجَيْرِ بْنِ عَبْدِ بْنِ مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ بْن لؤي. وكان قديم الإسلام بمكة وهاجر إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية في رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر. ولم يذكره مُوسَى بْن عُقْبَة وأبو معشر فيمن هاجر إِلَى أرض الحبشة.
429- عُثْمَان بْن عَبْد غَنْمِ
بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أبي شَدَّادِ بْنِ ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن الْحَارِث بْن فهر بْن مالك. وكان هشام بْن مُحَمَّد يقول فِي كتاب النسب: هُوَ عامر بْن عَبْد غنم ويكنى أَبَا نافع. وأمه بِنْت عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زهرة عمة عَبْد الرَّحْمَن بْن عوف. وكان له من الولد نافع وسعيد وأمهما برزة بنت مالك بن عبيد الله بْن شهاب بْن عَبْد الله بْن الحارث بن زهرة. وكان قديم الإسلام بمكة وهاجر إلى أرض الحبشة فِي الهجرة الثانية فِي رواية مُوسَى بن عقبة
__________
427 المغازي (110) ، ابن هشام (1/ 379، 685) .
428 ابن هشام (1/ 330، 369، 685) .
429 ابن هشام (1/ 330) ، (2/ 367) .(4/161)
ومحمد بن إسحاق وأبي معشر ومحمد بن عُمَر. ومات بعد ذلك ولا عقب له.
430- سَعِيد بْن عَبْد قَيْس
بْن لقيط بْن عامر بن أمية بْن الْحَارِث بْن فهر بن مالك. وكان قديم الْإِسْلَام بمكّة وهاجر إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية في رواية موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبى معشر ومحمد بْن عُمَر.
وَمِنْ سَائِرِ الْعَرَبِ
431- عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ
بْنِ خَالِدِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ خَلَفِ بْن مازن بْن مالك بْن ثَعْلَبَة بْن بهثة بْن سليم بْن منظور بْن عِكْرِمة بْن خصفة بْن قَيْس بْن عيلان بْن مضر. ويكنى أبا نجيح.
قال: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِعُكَاظٍ فَقُلْتُ: مَنْ تَبِعَكَ فِي هَذَا الأَمْرِ؟ قَالَ: حُرٌّ وَعَبْدٌ. وَلَيْسَ مَعَهُ إِلا أَبُو بَكْرٍ وَبِلالٌ. فَقَالَ: انْطَلِقْ حَتَّى يُمَكِّنَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ وَضَمْرَةَ وَأَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُمْ سَمِعُوا أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ نَازِلٌ بِعُكَاظٍ. قَالَ قُلْتُ: [يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ مَعَكَ فِي هَذَا الأَمْرِ؟ قَالَ: مَعِي رَجُلانِ أَبُو بَكْرٍ وَبِلالٌ. قَالَ فَأَسْلَمْتُ عِنْدَ ذَلِكَ. قَالَ فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي رُبْعَ الإِسْلامِ. قَالَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْكُثُ مَعَكَ أَمْ أَلْحَقُ بِقَوْمِي؟
قَالَ: الْحَقْ بِقَوْمِكَ. قَالَ فَيُوشِكُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَفِيَ بِمَنْ تَرَى وَيُحْيِيَ الإِسْلامَ] .
قَالَ ثُمَّ أَتَيْتُهُ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ. قَالَ وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ السُّلَمِيُّ أُحِبُّ أَنْ أَسْأَلَكَ عَمَّا تَعْلَمُ وَأَجْهَلُ وَيَنْفَعُنِي وَلا يَضُرُّكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ طَلْقٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْلَمَ؟ قَالَ: [حُرٌّ وعبد. أو قال: عبد وحر] .
__________
431 الإصابة (3/ 5) ، والاستيعاب (2/ 498) ، وتهذيب التهذيب (88/ 69) ، وتقريب التهذيب (2/ 74) .(4/162)
يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَبِلالا. قَالَ: فَأَنَا رَابِعُ الإِسْلامِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ الأَشْجَعِيُّ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ أَنَّهُ كَانَ ثَالِثًا أَوْ رَابِعًا في الإسلام.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَدَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو عَمَّارٍ. وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: قَالَ أَبُو أُمَامَةَ: يَا عَمْرُو بْنَ عَبَسَةَ. لِصَاحِبِ الْعُقُلِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ. بِأَيِّ شَيْءٍ تَدَّعِي أَنَّكَ رُبُعُ الإِسْلامِ؟ قَالَ: إِنِّي كُنْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَرَى النَّاسَ عَلَى ضَلالَةٍ وَلا أَرَى الأَوْثَانَ بِشَيْءٍ. ثُمَّ سَمِعْتُ عَنَ رَجُلٍ يُخْبِرُ أَخْبَارًا بِمَكَّةَ وَيُحَدِّثُ بِأَحَادِيثَ. فَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي حَتَّى قَدِمْتُ مَكَّةَ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْتَخْفِيًا. وَإِذَا قَوْمُهُ عَلَيْهِ جُزْءَانِ. فَتَلَطَّفْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: [مَا أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا نَبِيُّ.
فَقُلْتُ: وَمَا نَبِيُّ؟ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ. قُلْتُ: اللَّهُ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَبِأَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: بِأَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ وَلا يُشْرَكَ بِهِ شَيْءٌ وَكَسْرِ الأَوْثَانِ وَصِلَةِ الأَرْحَامِ. فَقُلْتُ لَهُ: مَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: حُرٌّ وَعَبْدٌ. وَإِذَا مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَبِلالٌ. فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي مُتَّبِعُكَ. قَالَ: إِنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ يَوْمَكَ هَذَا وَلَكِنِ ارْجِعْ إِلَى أَهْلِكِ فَإِذَا سَمِعْتَ لِيَ قَدْ ظَهَرْتُ فَالْحَقْ بِي] . قَالَ فَرَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي وَخَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ وَقَدْ أَسْلَمْتُ. قَالَ فَجَعَلْتُ أَتَخَبَّرُ الأَخْبَارَ حَتَّى جَاءَ رَكْبُهُ مِنْ يَثْرِبَ فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ هَذَا الرَّجُلُ الْمَكِّيُّ الَّذِي أَتَاكُمْ؟ فَقَالُوا: أَرَادَ قَوْمُهُ قَتْلَهُ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا ذَاكَ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ. وَتَرَكْتُ النَّاسَ إِلَيْهِ سِرَاعًا فَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي حَتَّى قَدِمْتُ عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: نَعَمْ. أَلَسْتَ الَّذِي أَتَيْتَنِي بِمَكَّةَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى.
فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ وَأَجْهَلُ. فَقَالَ: إِذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ فَأَقْصِرْ عَنِ الصَّلاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَإِذَا طَلَعَتْ فَلا تُصَلِّ حَتَّى تَرْتَفِعَ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الكفار. فإذا ارتفعت قيد رمح أو رمحين فَصَلِّ فَإِنَّ الصَّلاةَ مَشْهُوَدَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى يُسْتَقْبَلَ الرُّمْحُ بِالظِّلِّ. ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلاةِ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَسْجُدُ جَهَنَّمُ. فَإِذَا فَاءَ الْفَيْءُ فَصَلِّ فَإِنَّ الصَّلاةَ مَشْهُوَدَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ. ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلاةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ. وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ. قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبَرَنِي عَنِ الْوُضُوءِ. [فَقَالَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ رَجُلٍ يُقَرِّبُ وُضُوءَهُ فَيُمَضْمِضُ وَيَمُجُّ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ وَيَنْثُرُ إِلا جَرَتْ خَطَايَا فِيهِ وَخَيَاشِيمِهِ مَعَ(4/163)
الْمَاءِ. ثُمَّ يَغْسِلُ وَجْهَهُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ إِلا جَرَتْ خَطَايَا وَجْهِهِ مِنْ أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ مَعَ الْمَاءِ.
ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ إِلا جَرَتْ خَطَايَا رَأْسِهِ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهِ مَعَ الْمَاءِ. ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ إِلا جَرَتْ خَطَايَا قَدَمَيْهِ مِنْ أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ مَعَ الْمَاءِ. ثُمَّ يَقُومُ وَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ لَهُ أَهْلٌ. ثُمَّ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ إِلا انْصَرَفَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ] . فَقَالَ أَبُو أُمَامَةَ: يَا عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ انْظُرْ مَاذَا تقول.
أأنت سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُعْطَى الرَّجُلُ هَذَا كُلَّهُ فِي مَقَامِهِ؟ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ: يَا أَبَا أُمَامَةَ لَقَدْ كَبُرَتْ سِنِّي وَرِقَ عَظْمِي وَاقْتَرَبَ أَجَلِي وَمَا بِي مِنْ حَاجَةٍ أَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ إِلا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا. لَقَدْ سَمِعْتُهُ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ صَفْوَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ: رَغِبْتُ عَنْ آلِهَةِ قَوْمِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَذَلِكَ أَنَّهَا بَاطِلٌ. فَلَقِيتُ رَجُلا مِنَ الْكُتَّابِ مِنْ أَهْلِ تَيْمَاءَ فَقُلْتُ: إِنِّي امْرُؤٌ مِمَّنْ يَعْبُدُ الْحِجَارَةَ فَيَنْزِلُ الْحَيُّ لَيْسَ معهم إله فيخرج الرَّجُلُ مِنْهُمْ فَيَأْتِي بِأَرْبَعَةِ أَحْجَارٍ فَيَنْصِبُ ثَلاثَةً لِقِدْرِهِ وَيَجْعَلُ أَحْسَنَهَا إِلَهًا يَعْبُدُهُ. ثُمَّ لَعَلَّهُ يَجِدُ مَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ فَيَتْرُكُهُ وَيَأْخُذُ غَيْرَهُ إِذَا نَزَلَ مَنْزِلا سِوَاهُ. فَرَأَيْتُ أَنَّهُ إِلَهٌ بَاطِلٌ لا يَنْفَعُ وَلا يَضُرُّ فَدُلَّنِي عَلَى خَيْرٍ مِنْ هَذَا. فَقَالَ: يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ رَجُلٌ يَرْغَبُ عَنْ آلِهَةِ قَوْمِهِ وَيَدْعُو إِلَى غَيْرَهَا. فَإِذَا رَأَيْتَ ذَلِكَ فَاتَّبِعْهُ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِأَفْضَلِ الدِّينِ. فَلَمْ تكن لي همة منذ قال لي ذَلِكَ إِلا مَكَّةَ فَآتِي فَأَسْأَلُ: هَلْ حَدَثَ فِيهَا حَدَثٌ؟ فَيُقَالُ: لا. ثُمَّ قَدِمْتُ مَرَّةً فَسَأَلْتُ فَقَالُوا حَدَثَ فِيهَا رَجُلٌ يَرْغَبُ عَنْ آلِهَةِ قَوْمِهِ وَيَدْعُو إِلَى غَيْرِهَا. فَرَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي فَشَدَدْتُ رَاحِلَتِي بِرَحْلِهَا ثُمَّ قَدِمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ أَنْزَلَ بِمَكَّةَ. فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَوَجَدْتُهُ مُسْتَخْفِيًا وَوَجَدْتُ قُرَيْشًا عَلَيْهِ أَشِدَّاءَ. فَتَلَطَّفْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَسَأَلْتُهُ [فَقُلْتُ: أَيُّ شَيْءٍ أَنْتَ؟ قَالَ: نَبِيُّ. قُلْتُ: وَمَنْ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: اللَّهُ. قُلْتُ: وَبِمَ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِحَقْنِ الدِّمَاءِ وَبِكَسْرِ الأَوْثَانِ. وَصِلَةِ الرَّحِمِ. وَأَمَانِ السَّبِيلِ. فَقُلْتُ: نَعَمْ مَا أُرْسِلْتَ بِهِ قَدْ آمَنْتُ بِكَ وَصَدَّقْتُكَ. أَتَأْمُرُنِي أَمْكُثُ مَعَكَ أَوْ أَنْصَرِفُ؟ فَقَالَ: أَلا تَرَى كَرَاهَةَ النَّاسِ مَا جِئْتُ بِهِ؟ فَلا تَسْتَطِيعَ أَنْ تَمْكُثَ. كُنْ فِي أَهْلِكَ فَإِذَا سَمِعْتَ بِي قَدْ خَرَجْتُ مَخْرَجًا فَاتَّبِعْنِي. فَمَكَثْتُ فِي أَهْلِي حَتَّى إِذَا خَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ سِرْتُ إِلَيْهِ فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أتعرفني؟(4/164)
قَالَ: نَعَمْ. أَنْتَ السُّلَمِيُّ الَّذِي أَتَيْتَنِي بِمَكَّةَ فَسَأَلَتْنِي عَنْ كَذَا وَكَذَا. فَقُلْتُ لَكَ كَذَا وَكَذَا فَاغْتَنَمْتُ ذَلِكَ الْمَجْلِسَ وَعَلِمْتُ أَنْ لا يَكُونَ الدَّهْرُ أَفْرَغَ قَلْبًا لِي مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ. فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَيُّ السَّاعَاتِ أَسْمَعُ؟ قَالَ: الثُّلُثُ الآخِرُ فَإِنَّ الصَّلاةَ مشهود مَقْبُولَةٌ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. فَإِذَا رَأَيْتَهَا طَلَعَتْ حَمْرَاءَ كَأَنَّهَا الْحَجَفَةَ فَأَقْصِرْ عَنْهَا فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ فَيُصَلِّي لَهَا الْكُفَّارُ. فَإِذَا ارْتَفَعَتْ قِيدَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ فَإِنَّ الصَّلاةَ مَشْهُوَدَةٌ مَقْبُولَةٌ حَتَّى يُسَاوِي الرَّجُلَ ظِلُّهُ. فَأَقْصِرْ عَنْهَا فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَسْجُدُ جَهَنَّمُ.
فَإِذَا فَاءَ الْفَيْءُ فَصَلِّ فَإِنَّ الصَّلاةَ مَشْهُوَدَةٌ مَقْبُولَةٌ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ. فَإِذَا رَأَيْتُهَا غَرَبَتْ حَمْرَاءُ كَأَنَّهَا الْحَجَفَةَ فَأَقْصِرْ ثُمَّ ذَكَرَ الْوُضُوءَ فَقَالَ: إِذَا تَوَضَّأْتَ فَغَسَلْتَ يَدَيْكَ وَوَجْهَكَ وَرِجْلَيْكَ فَإِنْ جَلَسْتَ كَانَ ذَلِكَ لَكَ طَهُوَرًا وَإِنْ قُمْتَ فَصَلَّيْتَ وَذَكَرْتَ رَبَّكَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ انْصَرَفْتَ مِنْ صَلاتِكِ كَهَيْئَتِكَ يَوْمَ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ مِنَ الْخَطَايَا] . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: لَمَّا أَسْلَمَ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ بِمَكَّةَ رَجَعَ إِلَى بِلادِ قَوْمِهِ بَنِي سُلَيْمٍ. وَكَانَ يَنْزِلُ بِصُفَّةٍ وَحَاذَةٍ وَهِيَ مِنْ أَرْضِ بَنِي سُلَيْمٍ. فَلَمْ يَزَلْ مُقِيمًا هُنَاكَ حَتَّى مَضَتْ بَدْرٌ وَأُحُدٌ وَالْخَنْدَقُ وَالْحُدَيْبِيَةُ وَخَيْبَرٌ. ثُمَّ قَدِمَ عَلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ الْمَدِينَةَ.
432- أَبُو ذَرٍّ
واسمه جندب بْن جنادة بْن كعيب بْن صعير بْن الوقعة بْن حرام بْن سُفْيَان بْن عُبَيْد بْن حرام بْن غفار بْن مليل بْن ضمرة بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ بْن خُزَيْمَة بْن مدركة بْن إلياس بْن مضر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ عُبَيْدَةَ يُخْبِرُ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اسْمُ أَبِي ذَرٍّ جُنْدُبُ بْنُ جُنَادَةَ. وَكَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرُ وَهِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بن السائب الكلبي وغيرهما من أهل العلم.
__________
432 المغازي (538) ، (539) ، (548) ، (571) ، (637) ، (819) ، (849) ، (850) ، (896) ، (1001) ، وابن هشام (1/ 127، 161، 162، 185، 274، 321، 324، 325، 326، 328، 332، 378، 386، 415، 426، 497، 506، 529) ، (2/ 76، 124، 168، 293، 212، 243، 257، 258، 263، 264، 278، 289، 304، 307، 324، 339، 341، 360، 384، 386، 388، 319، 392، 394، 399، 418، 420، 428، 454، 455، 47، 497، 499، 514، 523، 524، 525، 527، 561) .(4/165)
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَسَمِعْتُ أَبَا مَعْشَرٍ نَجِيحًا يَقُولُ: وَاسْمُ أَبِي ذَرٍّ بُرَيْرُ بْنُ جنادة.
قال: أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ أَبُو النَّضْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ الْغِفَارِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: خَرَجْنَا مِنْ قَوْمِنَا غِفَارَ وَكَانُوا يُحِلُّونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ. فَخَرَجْتُ أَنَا وَأَخِي أُنَيْسٌ وَأُمُّنَّا فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا عَلَى خَالٍ لَنَا فَأَكْرَمَنَا خَالُنَا وَأَحْسَنَ إِلَيْنَا. قَالَ فَحَسَدَنَا قَوْمُهُ فَقَالُوا لَهُ: إِنَّكَ إِذَا خَرَجْتَ عَنْ أَهْلِكِ خَالَفَ إِلَيْهِمْ أُنَيْسُ. قَالَ فَجَاءَ خَالُنَا فَنَثَا عَلَيْنَا مَا قِيلَ لَهُ فَقُلْتُ: أَمَّا مَا مَضَى مِنْ مَعْرُوفٍ فَقَدْ كَدَّرْتَ وَلا جِمَاعَ لَكَ فِيمَا بَعْدُ. قَالَ فَقَرَّبْنَا صِرْمَتَنَا فَاحْتَمَلْنَا عَلَيْهَا وَتَغَطَّى خَالُنَا بِثَوْبِهِ وَجَعَلَ يَبْكِي. فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا بِحَضْرَةِ مَكَّةَ. فَنَافَرَ أُنَيْسٌ عَنْ صِرْمَتِنَا وَعَنْ مِثْلِهَا فَأَتَيَا الْكَاهِنَ فَخَبَّرَ أُنَيْسًا بِمَا هُوَ عَلَيْهِ. قَالَ فَأَتَانَا بِصِرْمَتِنَا وَمِثْلِهَا مَعَهَا وَقَدْ صَلَّيْتُ بِابْنِ أَخِي قَبْلَ أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثَ سِنِينَ. فَقُلْتُ: لِمَنْ؟ قَالَ: لِلَّهِ. فَقُلْتُ: أَيْنَ تَوَجَّهُ؟ قَالَ: أَتَوَجَّهُ حَيْثُ يُوَجِّهُنِي اللَّهُ. أُصَلِّي عِشَاءً حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ أُلْقِيتُ كَأَنِّي خِفَاءٌ حَتَّى تَعْلُوَنِي الشَّمْسُ. فَقَالَ أُنَيْسٌ: إِنَّ لِي حَاجَةً بِمَكَّةَ فَاكْفِنِي حَتَّى آتِيَكَ.
فَانْطَلَقَ أُنَيْسٌ فَرَاثَ عَلَيَّ. يَعْنِي أَبْطَأَ. ثُمَّ جَاءَ فَقُلْتُ: مَا حَبَسَكَ؟ قَالَ: لَقِيتُ رَجُلا بِمَكَّةَ عَلَى دِينِكَ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ. قَالَ: فَمَا يَقُولُ النَّاسُ لَهُ؟ قَالَ: يَقُولُونَ شَاعِرٌ كَاهِنٌ سَاحِرٌ. وَكَانَ أُنَيْسٌ أَحَدَ الشُّعَرَاءِ. فَقَالَ أُنَيْسٌ: وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ فَمَا هُوَ بِقَوْلِهِمْ. وَلَقَدْ وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْرَاءِ الشَّعْرِ فَلا يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ بَعِيدٍ أَنَّهُ شِعْرٌ. وَاللَّهِ إِنَّهُ لَصَادِقٌ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ! فَقُلْتُ: اكْفِنِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأَنْظُرَ. قَالَ: نَعَمْ.
وَكُنْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَلَى حَذَرٍ فَإِنَّهُمْ قَدْ شَنَّعُوا لَهُ وَتَجَهَّمُوا لَهُ. فَانْطَلَقْتُ فَقَدِمْتُ مَكَّةَ فَاسْتَضْعَفْتُ رَجُلا مِنْهُمْ فَقُلْتُ: أَيْنَ هَذَا الَّذِي تَدْعُونَ الصَّابِئَ؟ قَالَ فَأَشَارَ إِلَيَّ فَقَالَ:
هَذَا الصَّابِئُ. فَمَالَ عَلَيَّ أَهْلُ الْوَادِي بِكُلِّ مَدَرَةٍ وَعَظْمٍ فَخَرَرْتُ مَغْشِيًّا عَلَيَّ فَارْتَفَعْتُ حِينَ ارْتَفَعْتُ كَأَنِّي نَصَبٌ أَحْمَرُ. فَأَتَيْتُ زَمْزَمَ فَشَرِبْتُ مِنْ مَائِهَا وَغَسَلْتُ عَنِّي الدِّمَاءَ فَلَبِثْتُ بِهَا يَا ابْنَ أَخِي ثَلاثِينَ مِنْ بَيْنِ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ مَا لِي طَعَامٌ إِلا مَاءَ زَمْزَمَ. فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سَخْفَةَ جُوعٍ. قَالَ فَبَيْنَا أَهْلُ مَكَّةَ فِي لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ إِضْحِيَانِ إِذْ ضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أَصْمِخَتِهِمْ فَمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرَ امْرَأَتَيْنِ. فَأَتَتَا عَلَيَّ وَهُمَا تَدْعُوَانِ إِسَافًا وَنَائِلَةً. قَالَ فَقُلْتُ أَنْكِحَا أَحَدُهُمَا الآخَرَ. فَمَا ثناهما ذلك عن قولهما. قَالَ فَأَتَتَا عَلَيَّ فَقُلْتُ: هُنَا مِثْلُ الْخَشَبَةِ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أُكَنِّ.(4/166)
فَانْطَلَقَتَا تُوَلْوِلانِ وَتَقُولانِ: لَوْ كَانَ هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ أَنْفَارِنَا. قَالَ فَاسْتَقْبَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ وَهُمَا هَابِطَانِ مِنَ الْجَبَلِ فَقَالَ: مَا لَكُمَا؟ قَالَتَا: الصَّابِئُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا. قَالَ: فَمَا قَالَ لَكُمَا؟ قَالَتَا: قَالَ لَنَا كَلِمَةً تَمْلأُ الْفَمَ. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَاحِبُهُ فَاسْتَلَمَا الْحَجَرَ وَطَافَا بِالْبَيْتِ ثُمَّ صَلَّى فَأَتَيْتُهُ حِينَ قَضَى صَلاتَهُ فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ حَيَّاهُ بتحية الإسلام. فَقَالَ: وَعَلَيْكَ رَحْمَةُ اللَّهِ. مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ قلت: من غفار. فأهوى بيده إلى جَبْهَتِهِ هَكَذَا. قَالَ قُلْتُ فِي نَفْسِي: كَرِهَ أَنِّي انْتَمَيْتُ إِلَى غِفَارَ. فَذَهَبْتُ آخُذُ بِيَدِهِ فقد عني صَاحِبُهُ وَكَانَ أَعْلَمَ بِهِ مِنِّي فَقَالَ: مَتَى كُنْتَ هَاهُنَا؟ قُلْتُ: كُنْتُ هَاهُنَا مُنْذُ ثَلاثِينَ مِنْ بَيْنَ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ. قَالَ: فَمَنْ كَانَ يُطْعِمُكَ؟ قَالَ قُلْتُ: مَا كَانَ لِي طَعَامٌ إِلا مَاءَ زَمْزَمَ فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي فَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سَخَفَةَ جُوعٍ. [فقال رسول الله. ص: إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ. إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ] . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِي طَعَامِهِ اللَّيْلَةَ. قَالَ فَفَعَلَ فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا. فَفَتَحَ أَبُو بَكْرٍ بَابًا فَجَعَلَ يَقْبِضُ لَنَا مِنْ زَبِيبِ الطَّائِفِ. فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَذَاكَ أَوَّلُ طَعَامٍ أَكَلْتُهُ بِهَا. قَالَ فَغَبَرْتُ مَا غَبَرْتُ فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ وَجَّهْتُ إِلَى أَرْضٍ ذَاتِ نَخْلٍ وَلا أَحْسَبُهَا إِلا يَثْرِبَ فَهَلْ أَنْتَ مُبَلَّغٌ عَنِّي قَوْمَكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَهُمْ بِكَ وَيَأْجُرَكَ فِيهِمْ؟] فَانْطَلَقْتُ حَتَّى لَقِيتُ أَخِي أُنَيْسًا فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ قُلْتُ: صَنَعْتُ أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ. قَالَ أُنَيْسٌ: مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكَ فَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ. قَالَ فَأَتَيْنَا أُمَّنَا فَقَالَتْ: مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكُمَا فَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ. قَالَ فَاحْتَمَلْنَا فَأَتَيْنَا قَوْمَنَا فَأَسْلَمَ نِصْفُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - المدينة. وكان يؤمهم إيماء بن رحضة.
وَكَانَ سَيِّدَهُمْ. وَقَالَ بَقِيَّتُهُمْ: إِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ أَسْلَمْنَا. فَقَدِمَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمَ بَقِيَّتُهُمْ وَجَاءَتْ أَسْلَمُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نُسْلِمُ عَلَى الَّذِي أَسْلَمَ إِخْوَتُنَا. فَأَسْلَمُوا [فقال رسول الله. ص: غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ شِبْلٍ عَنْ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءِ بْنِ رَحَضَةَ قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ رَجُلا يُصِيبُ الطَّرِيقَ وَكَانَ شُجَاعًا يَتَفَرَّدُ وَحْدَهُ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ وَيُغِيرُ عَلَى الصِّرَمِ فِي عَمَايَةِ الصُّبْحِ عَلَى ظَهْرَ فَرَسِهِ أَوْ عَلَى قَدَمَيْهِ كَأَنَّهُ السَّبْعُ. فَيَطْرُقُ الْحَيَّ وَيَأْخُذُ مَا أَخَذَ. ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ قَذَفَ فِي قَلْبِهِ الإسلام وسمع بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ يَدْعُو مُخْتَفِيًا. فَأَقْبَلَ يَسْأَلُ عَنْهُ حَتَّى أَتَاهُ(4/167)
فِي مَنْزِلِهِ. وَقَبْلَ ذَلِكَ قَدْ طَلَبَ مَنْ يُوَصِّلُهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا فَانْتَهَى إِلَى الْبَابِ فَاسْتَأْذَنَ فَدَخَلَ. وَعِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَقَدْ أَسْلَمَ قَبْلَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ. وَهُوَ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لا نَسْتَسِرُّ بِالإِسْلامِ وَلَنُظْهِرَنَّهُ. فَلا يَرُدُّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
شَيْئًا. فَقُلْتُ: [يَا مُحَمَّدُ إلى م تَدْعُو؟ قَالَ: إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَخَلْعِ الأَوْثَانِ وَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ. فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ أَبُو ذَرٍّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي مُنْصَرِفٌ إِلَى أَهْلِي وَنَاظِرٌ مَتَى يُؤْمَرُ بِالْقِتَالِ فَأَلْحَقَ بِكَ فَإِنِّي أَرَى قَوْمَكَ عَلَيْكَ جَمِيعًا. فَقَالَ رَسُولُ الله. ص: أَصَبْتَ فَانْصَرَفَ] . فَكَانَ يَكُونُ بِأَسْفَلِ ثَنِيَّةِ غَزَالٍ. فَكَانَ يَعْتَرِضُ لِعِيرَاتِ قُرَيْشٍ فَيَقْتَطِعُهَا فَيَقُولُ: لا أَرُدُّ إِلَيْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا حَتَّى تَشْهَدُوا أَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَإِنْ فَعَلُوا رَدَّ عَلَيْهِمْ مَا أَخَذَ مِنْهُمْ وَإِنْ أَبَوْا لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا. فَكَانَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَضَى بَدْرٌ وَأَحَدٌ. ثُمَّ قَدِمَ فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي نَجِيحٌ أَبُو مَعْشَرٍ قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ يَتَأَلَّهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَيَقُولُ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. وَلا يَعْبُدُ الأَصْنَامَ. فَمَرَّ عليه رجل من أهل مكة بعد ما أُوحِيَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرِّ إِنَّ رَجُلا بِمَكَّةَ يَقُولُ مِثْلَ مَا تَقُولُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. وَيَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيُّ. قَالَ: مِمَّنْ هُوَ؟ قَالَ: مِنْ قُرَيْشٍ. قَالَ فَأَخَذَ شَيْئًا مِنْ بَهْشٍ وَهُوَ الْمُقْلُ فَتُزَوَّدَهُ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَرَأَى أَبَا بَكْرٍ يُضِيفُ النَّاسَ وَيُطْعِمُهُمُ الزَّبِيبَ. فَجَلَسَ مَعَهُمْ فَأَكَلَ ثُمَّ سَأَلَ مِنَ الْغَدِ: هَلْ أَنْكَرْتُمْ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ شَيْئًا؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ: نَعَمِ. ابْنَ عَمٍّ لِي يَقُولُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيُّ. قَالَ: فَدُلَّنِي عَلَيْهِ.
قَالَ فَدَلَّهُ. وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاقِدٌ عَلَى دُكَّانٍ قَدْ سَدَلَ ثَوْبَهُ عَلَى وَجْهِهِ. فَنَبَّهَهُ أَبُو ذَرٍّ فَانْتَبَهَ فَقَالَ: أَنْعِمْ صَبَاحًا. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ: عَلَيْكَ السَّلامُ. قَالَ لَهُ أَبُو ذَرٍّ: أَنْشِدْنِي مَا تَقُولُ.
[فَقَالَ: مَا أَقُولُ الشَّعْرَ وَلَكِنَّهُ الْقُرْآنُ. وَمَا أَنَا قُلْتُهُ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَالَهُ. قَالَ: اقْرَأْ عَلَيَّ. فَقَرَأَ عَلَيْهِ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: أَشْهَدُ أَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أن محمدا رسوله.
فسأله النبي. ص: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: مِنْ بَنِي غِفَارَ. قَالَ فَعَجِبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُمْ يَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ. فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْفَعُ بَصَرَهُ فِيهِ وَيُصَوِّبُهُ تَعَجُّبًا مِنْ ذَلِكَ لِمَا كَانَ يَعْلَمُ مِنْهُمْ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ. *
] فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ بِإِسْلامِهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: أَلَيْسَ ضَيْفِي أَمْسِ؟ فَقَالَ: بَلَى. قَالَ: فَانْطَلَقَ مَعِي. فَذَهَبَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ إِلَى بَيْتِهِ فَكَسَاهُ ثَوْبَيْنِ مَمْشُقَيْنِ فَأَقَامَ أَيَّامًا ثُمَّ رَأَى امْرَأَةً تَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَتَدْعُو بِأَحْسَنِ(4/168)
دُعَاءٍ فِي الأَرْضِ تَقُولُ: أَعْطِنِي كَذَا وَكَذَا وَافْعَلْ بِي كَذَا وَكَذَا. ثُمَّ قَالَتْ فِي آخِرِ ذَلِكَ:
يَا إِسَافُ وَيَا نَائِلَةُ. قَالَ أَبُو ذَرٍّ: أَنْكِحِي أَحَدَهُمَا صَاحِبَهُ. فَتَعَلَّقَتْ بِهِ وَقَالَتْ: أَنْتَ صَابِئٌ. فَجَاءَ فِتْيَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَضَرَبُوهُ. وَجَاءَ نَاسٌ مِنْ بَنِي بَكْرٍ فَنَصَرُوهُ وَقَالُوا: مَا لِصَاحِبِنَا يُضْرَبُ وَتَتْرُكُونَ صُبَاتَكُمْ؟ فَتَحَاجَزُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَّا قُرَيْشٌ فَلا أَدَعُهُمْ حَتَّى أَثْأَرَ مِنْهُمْ. ضَرَبُونِي. فَخَرَجَ حَتَّى أَقَامَ بِعُسْفَانَ وَكُلَّمَا أَقْبَلَتْ عِيرٌ لِقُرَيْشٍ يَحْمِلُونَ الطَّعَامَ يُنَفِّرُ بِهِمْ عَلَى ثَنِيَّةِ غَزَالٍ فَتَلَقَّى أَحْمَالَهَا فَجَمَعُوا الْحِنَطَ. قَالَ يَقُولُ أَبُو ذَرٍّ لِقَوْمِهِ: لا يَمَسُّ أَحَدٌ حَبَّةً حَتَّى تَقُولُوا لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
فَيَقُولُونَ لا إله إلا الله ويأخذون الغرائر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: كُنْتُ في الإسلام خامسا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي نجيح أبو معشر عن محمد بن قيس عن حكام بن أبي الوضاح الْبَصْرِيِّ قال: كَانَ إِسْلامُ أَبِي ذَرٍّ رَابِعًا أو خامسا.
قال: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ حَكَّامٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ الْقَسَّامُ الْقَصِيرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُمْ بِبَدْءِ إِسْلامِ أَبِي ذَرٍّ قَالَ:
لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلا خَرَجَ بِمَكَّةَ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيُّ. أَرْسَلَ أَخَاهُ فَقَالَ: اذْهَبْ فَأْتِنِي بِخَبَرِ هَذَا الرَّجُلِ وَبِمَا تَسْمَعُ مِنْهُ. فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ فَسَمِعَ مِنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَرَجَعَ إِلَى أَبِي ذَرٍّ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَيَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الأَخْلاقِ.
فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: مَا شَفَيْتَنِي. فَخَرَجَ أَبُو ذَرٍّ وَمَعَهُ شَنَّةٌ فِيهَا مَاؤُهُ وَزَادُهُ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ فَفَرِقَ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا عَنْ شَيْءٍ وَلَمَّا يَلْقَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَدْرَكَهُ اللَّيْلُ فَبَاتَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ. [فَلَمَّا أَعْتَمَ مَرَّ به علي فقال: ممن الرجل؟ قال: رجل من بني غِفَارَ.
قَالَ: قُمْ إِلَى مَنْزِلِكَ.] قَالَ فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ وَلَمْ يَسْأَلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَيْءٍ.
وَغَدَا أَبُو ذَرٍّ يَطْلُبُ النبي - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَلْقَهُ. وَكَرِهَ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا عَنْهُ. فعاد فنام حتى أمسى فمر به عَلِيٌّ فَقَالَ: أَمَا آنَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْرِفَ مَنْزِلَهُ؟ فَانْطَلَقَ بِهِ فَبَاتَ حَتَّى أَصْبَحَ لا يَسْأَلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَيْءٍ. فَأَصْبَحَ الْيَوْمَ الثَّالِثَ فَأَخَذَ عَلَى عَلِيٍّ لَئِنْ أَفْشَى إِلَيْهِ الَّذِي يُرِيدُ لَيَكْتُمَنَّ عَلَيْهِ وَلَيَسْتُرَنَّهُ. فَفَعَلَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ خُرُوجُ هَذَا الرَّجُلِ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيُّ. فَأَرْسَلْتُ أَخِي لِيَأْتِيَنِي بِخَبَرِهِ وَبِمَا سَمِعَ مِنْهُ فَلَمْ يَأْتِنِي بِمَا يَشْفِيَنِي مِنْ حديثه.(4/169)
فَجِئْتُ بِنَفْسِي لأَلْقَاهُ. فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إِنِّي غَادٍ فَاتَّبِعْ أَثَرِي فَإِنِّي إِنْ رَأَيْتُ مَا أَخَافُ عَلَيْكَ اعْتَلَلْتُ بِالْقِيَامِ كَأَنِّي أُهَرِيقُ الْمَاءَ فَآتِيكَ. وَإِنْ لَمْ أَرَ أَحَدًا فَاتَّبِعْ أَثَرِي حَتَّى تَدْخُلَ حَيْثُ أَدْخَلُ. فَفَعَلَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى أَثَرِ عَلِيٍّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ.
وَسَمِعَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمَ مِنْ سَاعَتِهِ. ثُمَّ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ:
تَرْجِعُ إِلَى قَوْمِكَ حَتَّى يَبْلُغَكَ أَمْرِي. قَالَ فَقَالَ لَهُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا أَرْجِعُ حَتَّى أَصْرُخَ بِالإِسْلامِ فِي الْمَسْجِدِ. قَالَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَشْهَدُ أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: صَبَأَ الرَّجُلُ صَبَأَ الرَّجُلُ. فَضَرَبُوهُ حَتَّى صُرِعَ. فَأَتَاهُ الْعَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ وَقَالَ: قَتَلْتُمُ الرَّجُلَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ. أَنْتُمْ تُجَّارٌ وطريقكم عَلَى غِفَارَ. فَتُرِيدُونَ أَنْ يُقْطَعَ الطَّرِيقَ؟ فَأَمْسَكُوا عَنْهُ. ثُمَّ عَادَ الْيَوْمَ الثَّانِي فَصَنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ ضَرَبُوهُ حَتَّى صُرِعَ. فَأَكَبَّ عَلَيْهِ الْعَبَّاسُ وَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ مَا قَالَ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ. فَأَمْسَكُوا عَنْهُ وَكَانَ ذَلِكَ بَدْءَ إسلام أبي ذر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَنْ سَمِعَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي حَكِيمٍ يُخْبِرُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ حِدْثَانَ إِسْلامِهِ لابْنِ عَمِّهِ: يَا ابْنَ الأمة. [فقال النبي. ص: مَا ذَهَبَتْ عَنْكَ أَعْرَابَيَّتُكَ بَعْدُ] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ وَالْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرٍو أَحَدِ بَنِي سَاعِدَةَ وَهُوَ الْمُعْنِقُ لِيَمُوتَ. وَأَنْكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ هَذِهِ الْمُؤَاخَاةَ بَيْنَ أَبِي ذَرٍّ وَالْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرٍو وَقَالَ: لَمْ تَكُنِ الْمُؤَاخَاةُ إِلا قَبْلَ بَدْرٍ فَلَمَّا نَزَلَتْ أَيَّةُ الْمَوَارِيثِ انْقَطَعَتِ الْمُؤَاخَاةُ. وَأَبُو ذَرٍّ حِينَ أَسْلَمَ رَجَعَ إِلَى بِلادِ قَوْمِهِ فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى مَضَتْ بَدْرٌ وَأَحَدٌ وَالْخَنْدَقُ ثُمَّ قَدِمَ عَلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - المدينة بعد ذلك.
قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِي الْجَهْمِ عَنْ خَالِدِ بْنِ وَهْبَانَ وَكَانَ ابْنُ خَالَةِ أَبِي ذَرٍّ. عَنْ أَبِي ذَرٍّ قال: [قال النبي. ص: يَا أَبَا ذَرٍّ كَيْفَ أَنْتَ إِذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يَسْتَأْثِرُونَ بِالْفَيْءِ؟ قَالَ قُلْتُ: إِذًا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ أَضْرِبُ بِسَيْفِي حَتَّى أَلْحَقَ بِهِ. فَقَالَ: أَفَلا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خير من ذلك؟ اصبر حتى تلقاني] .
قال: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ فَإِذَا أَنَا بِأَبِي ذَرٍّ. قَالَ فَقُلْتُ مَا أَنْزَلَكَ مَنْزِلَكَ هَذَا؟ قَالَ: كُنْتُ بِالشَّامِ فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ فِي هَذِهِ الآيَةِ: «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ» التوبة: 34. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ: نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ. قَالَ فَقُلْتُ: نَزَلَتْ فِينَا وَفِيهِمْ.(4/170)
قَالَ فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِي ذَلِكَ كَلامٌ فَكَتَبَ يَشْكُونِي إِلَى عُثْمَانَ. قَالَ فَكَتَبَ إِلَيَّ عُثْمَانُ أَنْ أَقْدِمِ الْمَدِينَةَ. فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَكَثُرَ النَّاسُ عَلَيَّ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِي قَبْلَ ذَلِكَ. قَالَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُثْمَانَ فَقَالَ لِي: إِنْ شِئْتَ تَنَحَّيْتَ فَكُنْتَ قَرِيبًا. فَذَاكَ أَنْزَلَنِي هَذَا الْمَنْزِلَ وَلَوْ أُمِّرَ عَلَيَّ حَبَشِيٌّ لَسَمِعْتُ وَلأَطَعْتُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ [أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لأَبِي ذَرٍّ: إِذَا بَلَغَ النَّبَأُ سِلَعًا فَاخْرُجْ مِنْهَا. وَنَحَا بِيَدِهِ نَحْوَ الشَّامِ. وَلا أَرَى أُمَرَاءَكَ يَدَعُونَكَ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلا أُقَاتِلُ مَنْ يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ أَمْرِكَ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: اسْمَعْ وَأَطِعْ وَلَوْ لِعَبْدٍ حَبَشِيٍّ.] قَالَ: فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عُثْمَانَ: إِنَّ أَبَا ذَرٍّ قَدْ أَفْسَدَ النَّاسَ بِالشَّامِ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ فَقَدِمَ عَلَيْهِ. ثُمَّ بَعَثُوا أَهْلَهُ مِنْ بَعْدِهِ فَوَجَدُوا عِنْدَهُ كَيْسًا أو شيئا فظنوا أنها دَرَاهِمَ. فَقَالُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ! فَإِذَا هِيَ فُلُوسٌ. فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ قَالَ لَهُ عُثْمَانُ: كُنَّ عِنْدِي تَغْدُو عَلَيْكَ وَتَرُوحُ اللِّقَاحُ. قَالَ: لا حَاجَةَ لِي فِي دُنْيَاكُمْ.
ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِي حَتَّى أَخْرُجَ إِلَى الرَّبَذَةِ. فَأَذِنَ لَهُ فَخَرَجَ إِلَى الرَّبَذَةِ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ وَعَلَيْهَا عَبْدٌ لِعُثْمَانَ حَبَشِيُّ فَتَأَخَّرَ. فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: تَقَدَّمْ فَصَلِّ فَقَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَلَوْ لِعَبْدٍ حَبَشِيٍّ فَأَنْتَ عَبْدٌ حَبَشِيُّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الأَجْرِ عَنْ شَيْخَيْنِ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ رَجُلٌ وَامْرَأَتُهُ قَالا: نَزَلْنَا الرَّبَذَةَ فَمَرَّ بِنَا شَيْخٌ أَشْعَثُ أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ فَقَالُوا: هَذَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَاسْتَأْذَنَّاهُ أَنْ نَغْسِلَ رَأْسَهُ فَأَذِنَ لَنَا وَاسْتَأْنَسَ بِنَا. فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ أَتَاهُ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ. حَسِبْتُهُ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ. فَقَالُوا: يَا أَبَا ذَرٍّ فَعَلَ بِكَ هَذَا الرَّجُلُ وَفَعَلَ فَهَلْ أَنْتَ نَاصِبٌ لَنَا رَايَةً؟ فَلْنُكْمِلْ بِرِجَالٍ مَا شِئْتَ. فَقَالَ: يَا أَهْلَ الإِسْلامِ لا تَعْرِضُوا عَلَيَّ ذَاكُمْ وَلا تُذِلُّوا السُّلْطَانَ فَإِنَّهُ مَنْ أَذَلَّ السُّلْطَانَ فَلا تَوْبَةَ لَهُ. وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ عُثْمَانَ صَلَبَنِي عَلَى أَطْوَلِ خَشَبَةٍ أَوْ أَطْوَلِ جَبَلٍ لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ وَصَبَرْتُ وَاحْتَسَبْتُ وَرُئِيتُ أَنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لِي. وَلَوْ سَيَّرَنِي مَا بَيْنَ الأُفُقِ إِلَى الأُفُقِ. أَوْ قَالَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ.
لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ وَصَبَرْتُ وَاحْتَسَبْتُ وَرُئِيتُ أَنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لِي. وَلَوْ رَدَّنِي إِلَى مَنْزِلِي لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ وَصَبَرْتُ وَاحْتَسَبْتُ وَرُئِيتُ أَنَّ ذَاكَ خير لي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْحَجَّاجِ(4/171)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِيدَانَ السُّلَمِيِّ قَالَ: تَنَاجَى أَبُو ذَرٍّ وَعُثْمَانُ حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا.
ثُمَّ انْصَرَفَ أَبُو ذَرٍّ مُتَبَسِّمًا فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: مَا لَكَ وَلأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: سَامِعٌ مُطِيعٌ وَلَوْ أَمَرَنِي أَنْ آتِيَ صَنْعَاءَ أَوْ عَدْنَ ثُمَّ اسْتَطَعْتُ أَنْ أَفْعَلَ لَفَعَلْتُ. وَأَمَرَهُ عثمان أن يخرج إلى الربذة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَيْهِ بردعة أو قطيفة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يَقُولُ مَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ وَلا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ مِنْ رَجُلٍ أصدق من أبي ذر] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُمَيَّةَ بْنُ يَعْلَى عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَلا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ عَلَى ذِي لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ. مَنْ سره أن ينظر إلى تواضع عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فَلْيَنْظُرْ إِلَى أَبِي ذَرٍّ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: أَيُّكُمْ يَلْقَانِي عَلَى الْحَالِ الَّتِي أُفَارِقُهُ عَلَيْهَا؟ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: أَنَا. فَقَالَ لَهُ النبي. ص: صَدَقْتَ. ثُمَّ قَالَ: مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَلا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ عَلَى ذِي لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ. مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى زُهْدِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فَلْيَنْظُرْ إِلَى أَبِي ذَرٍّ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَالْحَسَنُ بْنُ مُوسَى قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ بِلالِ بْنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: [قَالَ رسول الله ص:
مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَلا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ مِنْ ذي لهجة أصدق من أبي ذر] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُرَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بن سيرين قال: [قال رسول الله ص: مَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ وَلا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ مِنْ ذي لهجة أصدق من أبي ذر] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ عِرَاكَ بْنَ(4/172)
مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: إِنِّي لأَقْرَبِكُمْ مَجْلِسًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَذَلِكَ إِنِّي سَمِعْتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ أَقْرَبُكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا كَهَيْئَةِ مَا تَرَكْتُهُ فِيهَا. وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلا وَقَدْ تَشَبَّثَ مِنْهَا بشيء غيري.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كَعْبٍ صَاحِبُ الْحَرِيرِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَصْفَرِ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ ثُمَّ أَتَيْتُ الشَّامَ فَجَمَعْتُ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ لا يَنْتَهِي إِلَى سَارِيَةٍ إِلا خَرَّ أَهْلُهَا. يُصَلِّي وَيُخِفُّ صَلاتَهُ. قَالَ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا أَبُو ذَرٍّ. فَقَالَ لِي: فَأَنْتَ مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ قُلْتُ:
أَنَا الأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ. قَالَ: قُمْ عَنِّي لا أُعِدُّكَ بِشَرٍّ. فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ تَعِدُنِي بِشَرٍّ؟ قَالَ:
إِنَّ هَذَا. يَعْنِي مُعَاوِيَةَ. نَادَى مُنَادِيهِ أَلا يُجَالِسَنِي أُحُدٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلامٌ أَبُو الْمُنْذِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي بِسَبْعٍ: أَمَرَنِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ. وَأَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي وَلا أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي.
وَأَمَرَنِي أَنْ لا أَسْأَلَ أَحَدًا شَيْئًا. وَأَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ الرَّحِمَ وَإِنْ أَدْبَرَتْ. وَأَمَرَنِي أَنْ أَقُولَ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ مُرَّا. وَأَمَرَنِي أَنْ لا أَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ. وَأَمَرَنِي أَنْ أُكْثِرَ مَنْ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ فَإِنَّهُنَّ مِنْ كنز تحت العرش.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ كَانَ مَعَ أَبِي ذَرٍّ فَخَرَجَ عَطَاؤُهُ وَمَعَهُ جَارِيَةٌ لَهُ.
قَالَ فَجَعَلَتْ تَقْضِي حَوَائِجَهُ. قَالَ فَفَضَلَ مَعَهَا سِلَعٌ. قَالَ فَأَمَرَهَا أَنْ تشتري به فلوسا.
قال قلت: لو أذخرته لِلْحَاجَةِ تَبُوءُ بِكَ أَوْ لِلضَّيْفِ يَنْزِلُ بِكَ. قَالَ: إِنَّ خَلِيلِي عَهِدَ إِلَيَّ أَنْ أَيَّ مَالٍ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أُوكِيَ عَلَيْهِ فَهُوَ جَمْرٌ عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يُفْرِغَهُ فِي سَبِيلِ الله.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ كَانَ عَطَاؤُهُ أَرْبَعَةَ آلافٍ فَكَانَ إِذَا أَخَذَ عَطَاءَهُ دَعَا خَادِمَهُ فَسَأَلَهُ عَمَّا يَكْفِيهِ لِسَنَةٍ فَاشْتَرَاهُ لَهُ. ثُمَّ اشْتَرَى فُلُوسًا بِمَا بَقِيَ وَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ مَنْ وَعَى ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً يُوكِي عَلَيْهِ إِلا وَهُوَ يَتَلَظَّى عَلَى صَاحِبِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي نَعَامَةَ السَّعْدِيِّ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو ذَرٍّ خُذِ الْعَطَاءَ مَا كَانَ مُتْعَةً فإذا كان دينا فارفضه.(4/173)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو مَعْمَرٍ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ عن الحسين المعلم عن أبي بريدة قَالَ: لَمَّا قَدِمَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ لَقِيَ أَبَا ذَرٍّ فَجَعَلَ أَبُو مُوسَى يَلْزَمُهُ. وَكَانَ الأَشْعَرِيُّ رَجُلا خَفِيفَ اللَّحْمِ قَصِيرًا. وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ رَجُلا أَسْوَدَ كَثَّ الشَّعْرِ. فَجَعَلَ الأَشْعَرِيُّ يَلْزَمُهُ وَيَقُولُ أَبُو ذَرٍّ: إِلَيْكَ عَنِّي. وَيَقُولُ الأَشْعَرِيُّ:
مَرْحَبًا بِأَخِي. وَيَدْفَعُهُ أَبُو ذَرٍّ وَيَقُولُ: لَسْتُ بِأَخِيكِ إِنَّمَا كُنْتُ أَخَاكَ قَبْلَ أَنْ تُسْتَعْمَلَ.
قَالَ ثُمَّ لَقِيَ أَبَا هُرَيْرَةَ فَالْتَزَمَهُ وَقَالَ: مَرْحَبًا بِأَخِي. فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: إِلَيْكَ عَنِّي. هَلْ كُنْتَ عَمِلْتَ لِهَؤُلاءِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: هَلْ تَطَاوَلْتَ فِي الْبِنَاءِ أَوِ اتَّخَذْتَ زَرْعًا أَوْ مَاشِيَةً؟
قَالَ: لا. قَالَ: أَنْتَ أخي أنت أخي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ أَبُو عَامِرٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ رَجُلا طَوِيلا آدَمَ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ كُلَيْبِ بْنِ شِهَابٍ الْجَرْمِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ: مَا يُؤْسِنِي رِقَّةُ عَظْمِي وَلا بَيَاضُ شَعْرِي أَنْ أَلْقَى عِيسَى ابْنَ مريم.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خِرَاشٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ فِي مَظَلَّةٍ وَتَحْتَهُ امْرَأَةٌ سَحْمَاءُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَقَالَ غَيْرُ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي هَذَا الحديث مظلة شعر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ أُخْتٍ لأَبِي ذَرٍّ: مَا تَرَكَ أَبُو ذَرٍّ؟ فَقَالَ: تَرَكَ أَتَانَيْنِ وَعَفْوًا وَأَعْنُزًا وَرَكَائِبَ. قَالَ: الْعَفْوُ الْحِمَارُ الذَّكَرُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْقُرَشِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ [لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي. لا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ ولا تولين مال يتيم] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بن سعد قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيُّ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ سَأَلَ رَسُولَ(4/174)
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الإِمَارَةَ فَقَالَ: [إِنَّكَ ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إِلا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الذي عليه فيها] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا غَالِبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: لَقِيتُ رَجُلا قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي مَعَ أَبِي ذَرٍّ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَكَانَ إِذَا دَخَلَ خَلَعَ خُفَّيْهِ فَإِذَا بَزَقَ أو تنخع تنخع عليهما. قَالَ وَلَوْ جَمَعَ مَا فِي بَيْتِهِ لَكَانَ رِدَاءُ هَذَا الرَّجُلِ أَفْضَلَ مِنْ جَمِيعِ مَا فِي بَيْتِهِ. قَالَ جَعْفَرٌ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِمَهْرَانَ بْنِ مَيْمُونٍ فَقَالَ: مَا أَرَاهُ كَانَ ما في بيته يسوي درهمين.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ قَالَ: [حَدَّثَنَا مَسْعُودُ بْنُ سَعْدٍ الْجُعْفِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَبْقَ الْيَوْمَ أَحَدٌ لا يُبَالِي فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ غَيْرَ أَبِي ذَرٍّ وَلا نَفْسِي. ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ إلى صدره] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو حَرْبِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَرَجُلٌ عَنْ زَاذَانَ قَالا: سُئِلَ عَلِيٌّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ [فَقَالَ: وَعَى عِلْمًا عَجَزَ فِيهِ وَكَانَ شَحِيحًا حَرِيصًا. شَحِيحًا عَلَى دِينِهِ حَرِيصًا عَلَى الْعِلْمِ. وَكَانَ يُكْثِرُ السُّؤَالَ فَيُعْطَى وَيُمْنَعُ. أَمَا أَنْ قَدْ مُلِئَ لَهُ فِي وِعَائِهِ حَتَّى امْتَلأَ] .
فَلَمْ يَدْرُوا مَا يُرِيدُ بِقَوْلِهِ وَعَى عِلْمًا عَجَزَ فِيهِ. أَعَجَزَ عَنْ كَشْفِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ أَمْ عَنْ طَلَبِ مَا طَلَبَ مِنَ الْعِلْمِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي ذَرٍّ فِي رَهْطٍ مِنْ غِفَارَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مِنَ الْبَابِ الَّذِي لا يُدْخَلُ عَلَيْهِ مِنْهُ. قَالَ:
وَتَخَوَّفْنَا عُثْمَانَ عَلَيْهِ. قَالَ: فَانْتَهَى إِلَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ. قَالَ: ثُمَّ مَا بَدَأَهُ بِشَيْءٍ إِلا أَنْ قَالَ: أَحَسِبْتَنِي مِنْهُمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ وَاللَّهِ مَا أَنَا مِنْهُمُ وَلا أُدْرِكُهُمْ. لَوْ أَمَرْتَنِي أَنْ آخُذَ بِعَرْقُوَتَيْ قَتَبٍ لأَخَذْتُ بِهِمَا حَتَّى أَمَرْتَ. قَالَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَهُ إِلَى الرَّبَذَةِ. قَالَ فَقَالَ: نَعَمْ نَأْذَنُ لَكَ وَنَأْمُرُ لَكَ بِنِعَمٍ مِنْ نَعَمٍ الصَّدَقَةِ فَتُصِيبُ مِنْ رِسْلِهَا. فَقَالَ فَنَادَى أَبُو ذَرٍّ:
دُونَكُمْ مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ دُنْيَاكُمْ فَاعْذِمُوهَا لا حَاجَةَ لَنَا فِيهَا. قَالَ فَمَا نَرَاهُ بِشَيْءٍ. قَالَ فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى قدمنا الربذة. قال: فصادفنا مولى لعثمان غلاما حبشيا(4/175)
يَؤُمُّهُمْ فَنُودِيَ بِالصَّلاةِ فَتَقَدَّمَ فَلَمَّا رَأَى أَبَا ذَرٍّ نَكَصَ. فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَبُو ذَرٍّ: تَقَدَّمَ فصل.
فصلى خلفه أبو ذر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ. يَعْنِي ابْنَ الأَشْتَرِ. أَنَّ أَبَا ذَرٍّ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ بِالرَّبَذَةِ فَبَكَتِ امْرَأَتُهُ فَقَالَ: وَمَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَتْ: أَبْكِي أَنَّهُ لا يَدَ لِي بِتَغْيِيبِكَ وَلَيْسَ عِنْدِي ثَوْبٌ يَسَعُكَ كَفَنًا. فَقَالَ: لا تَبْكِي فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ وَأَنَا عِنْدَهُ فِي نَفَرٍ يَقُولُ: لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ بِفَلاةٍ مِنَ الأَرْضِ تَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: فَكُلُّ مَنْ كَانَ مَعِي فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ مَاتَ فِي جَمَاعَةٍ وَقَرْيَةٍ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ غَيْرِي وَقَدْ أَصْبَحْتُ بِالْفَلاةِ أَمُوتُ. فَرَاقِبِي الطَّرِيقَ فَإِنَّكِ سَوْفَ تَرَيْنَ مَا أَقُولُ لَكَ فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلا كُذِبْتُ. قَالَتْ: وَأَنَّى ذَلِكَ وَقَدِ انْقَطَعَ الْحَاجُّ؟ قَالَ: رَاقِبِي الطَّرِيقَ. فَبَيْنَا هِيَ كَذَلِكَ إِذَا هِيَ بِالْقَوْمِ تَجِدِّ بِهِمْ رَوَاحِلُهُمْ كَأَنَّهُمُ الرَّخَمُ. قَالَ عَفَّانُ: هَكَذَا قَالَ:
تَجِدُّ بِهِمْ. وَالصَّوَابُ تَخُدُّ بِهِمْ رَوَاحِلُهُمْ. فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ حَتَّى وَقَفُوا عَلَيْهَا قَالُوا: مَا لَكِ؟ قَالَتِ: امْرُؤٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تُكَفِّنُونَهُ وَتُؤْجَرُونَ فِيهِ. قَالُوا: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَتْ: أَبُو ذَرٍّ. فَفَدَوْهُ بِآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهُمْ وَوَضَعُوا سِيَاطَهُمْ فِي نحورها يَبْتَدِرُونَهُ فَقَالَ: أَبْشِرُوا أَنْتُمُ النَّفَرُ الَّذِينَ قَالَ فِيكُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا قَالَ. أَبْشِرُوا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يَقُولُ: [مَا مِنَ امْرَأَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ هَلَكَ بَيْنَهُمَا وَلَدَانِ أَوْ ثَلاثَةٌ فاحتسباه وَصَبِرَا فَيَرَيَانِ النَّارَ أَبَدًا. ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَصْبَحْتُ الْيَوْمَ حَيْثُ تَرَوْنَ وَلَوْ أَنَّ ثَوْبًا مِنْ ثِيَابِي يَسَعُنِي لَمْ أُكَفَّنْ إِلا فِيهِ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ إِلا يُكَفِّنِّي رَجُلٌ مِنْكُمْ كَانَ أَمِيرًا أَوْ عَرِيفًا أَوْ بَرِيدًا. فَكُلُّ] الْقَوْمِ كَانَ نَالَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلا فَتًى مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ مَعَ الْقَوْمِ قَالَ: أَنَا صَاحِبُكَ.
ثَوْبَانِ فِي عَيْبَتِي مِنْ غَزْلِ أُمِّي وَأَحَدُ ثَوْبِيَّ هَذَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَيَّ. قَالَ: أَنْتَ صاحبي فكفني. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الأَشْتَرِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَ أَبَا ذَرٍّ الْمَوْتُ بَكَتِ امْرَأَتُهُ فَقَالَ لَهَا: مَا يُبْكِيكِ؟ قَالَتْ: أَبْكِي لأَنَّهُ لا يَدَانِ لِي بِتَغْيِيبِكَ وَلَيْسَ لِي ثَوْبٌ يَسَعُكَ. قَالَ: فَلا تَبْكِي [فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لِنَفَرٍ أَنَا فِيهِمُ: لَيَمُوتَنَّ مِنْكُمْ رَجُلٌ بِفَلاةٍ مِنَ الأَرْضِ تَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ] . وَلَيْسَ مِنْ أُولَئِكِ النَّفَرِ رَجُلٌ إِلا قَدْ مَاتَ فِي قَرْيَةٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَا الَّذِي أَمُوتُ بِفَلاةٍ وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ(4/176)
وَلا كُذِبْتُ فَأَبْصِرِي الطَّرِيقَ. فَقَالَتْ: أَنَّى وَقَدِ انْقَطَعَ الْحَاجُّ وَتَقَطَّعَتِ الطُّرُقُ؟ فَكَانَتْ تَشُدُّ إِلَى كَثِيبٍ تَقُومُ عَلَيْهِ تَنْظُرُ ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَيْهِ فَتُمَرِّضُهُ ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَى الْكَثِيبِ. فَبَيْنَا هِيَ كَذَلِكَ إِذَا هِيَ بِنَفَرٍ تَخُدُّ بِهِمْ رَوَاحِلُهُمْ كَأَنَّهُمُ الرَّخَمُ عَلَى رِحَالِهِمْ. فَأَلاحَتْ بِثَوْبِهَا فَاقْبَلُوا حتى وقفوا عليها فقالوا: مَا لَكَ؟ قَالَتِ: امْرُؤٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَمُوتُ تُكَفِّنُونَهُ.
قَالُوا: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَتْ: أَبُو ذَرٍّ. فَفَدَوْهُ بِآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهُمْ وَوَضَعُوا السِّيَاطَ فِي نُحُورِهَا يستبقون إليه حتى جاؤوه فَقَالَ: أَبْشِرُوا. فَحَدَّثَهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِي [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: لا يَمُوتُ بَيْنَ امْرَأَيْنِ مُسْلِمَيْنِ وَلَدَانِ أَوْ ثَلاثَةٌ فَيَحْتَسِبَانِ وَيَصْبِرَانِ فَيَرَيَانِ النَّارَ] . أنتم تسمعون. لو كان لي ثَوْبٌ يَسَعُنِي كَفَنًا لَمْ أُكَفَّنْ إِلا فِي ثَوْبٍ هُوَ لِي. أَوْ لامْرَأَتِي ثَوْبٌ يَسَعُنِي لَمْ أُكَفَّنْ إِلا فِي ثَوْبِهَا. فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ وَالإِسْلامَ أَلا يُكَفِّنِّي رَجُلٌ مِنْكُمْ كَانَ أَمِيرًا أَوْ عَرِيفًا أَوْ نَقِيبًا أَوْ بَرِيدًا. فَكُلُّ القوم قد كان قَارَفَ بَعْضَ ذَلِكَ إِلا فَتًى مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ: أَنَا أُكَفِّنُكَ. فَإِنِّي لَمْ أُصِبْ مِمَّا ذَكَرْتَ شَيْئًا. أُكَفِّنُكَ فِي رِدَائِي هَذَا الَّذِي عَلَيَّ وَفِي ثَوْبَيْنِ فِي عَيْبَتِي مِنْ غَزْلِ أُمِّي حَاكَتْهُمَا لِي. قَالَ: أَنْتَ فَكَفِّنِّي. قَالَ فَكَفَّنَهُ الأَنْصَارِيُّ فِي النَّفَرِ الَّذِينَ شَهِدُوهُ. مِنْهُمْ حُجْرُ بْنُ الأَدْبَرِ وَمَالِكٌ الأَشْتَرُ فِي نَفَرٍ كلهم يمان.
قال: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي بُرَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ الأَسْلَمِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا نَفَى عُثْمَانُ أَبَا ذَرٍّ إِلَى الرَّبَذَةِ وَأَصَابَهُ بِهَا قَدْرُهُ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ إِلا امْرَأَتُهُ وَغُلامُهُ فَأَوْصَاهُمَا أَنِ اغْسِلانِي وَكَفِّنَانِي وَضَعَانِي عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ فَأَوَّلُ رَكْبٍ يَمُرُّ بِكُمْ فَقُولُوا هَذَا أَبُو ذَرٍّ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَعِينُونَا عَلَى دَفْنِهِ.
فَلَمَّا مَاتَ فَعَلا ذَلِكَ بِهِ. ثُمَّ وَضَعَاهُ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ. وَأَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي رَهْطٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عُمَّارًا فَلَمْ يَرُعْهُمْ إِلا بِالْجَنَازَةِ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ قَدْ كَادَتِ الإبل أن تَطَأُهَا. فَقَامَ إِلَيْهِ الْغُلامُ فَقَالَ: هَذَا أَبُو ذَرٍّ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَعِينُونَا عَلَى دَفْنِهِ. [فَاسْتَهَلَّ عَبْدُ اللَّهِ يَبْكِي وَيَقُولُ: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ. تَمْشِي وَحْدَكَ وَتَمُوتُ وَحْدَكَ وَتُبْعَثُ وَحْدَكَ] ... ثُمَّ نَزَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فَوَارَوْهُ. ثُمَّ حَدَّثَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مسعود حديثه وَمَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - في مسيره إلى تبوك.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ رَآهُ فِي نَمِرَةٍ مُؤْتَزِرًا بِهَا قَائِمًا يُصَلِّي فَقُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ أَمَا لَكَ ثَوْبٌ غَيْرُ(4/177)
هَذِهِ النَّمِرَةِ؟ قَالَ: لَوْ كَانَ لِي لَرَأَيْتَهُ عَلَيَّ. قُلْتُ: فَإِنِّي رَأَيْتُ عَلَيْكَ مُنْذُ أَيَّامٍ ثَوْبَيْنِ.
فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي أَعْطَيْتُهُمَا مَنْ هُوَ أَحْوَجُ إِلَيْهِمَا مِنِّي. قُلْتُ: وَاللَّهِ إِنَّكَ لَمُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا. قَالَ: اللَّهُمَّ غَفْرًا. إِنَّكَ لَمُعَظِّمُ للدنيا. أَلَيْسَ تَرَى عَلَيَّ هَذِهِ الْبُرْدَةَ وَلِي أُخْرَى لِلْمَسْجِدِ وَلِي أَعْنُزٌ نَحْلِبُهَا وَلِي أَحْمِرَةٌ نَحْتَمِلُ عَلَيْهَا مِيرَتَنَا وَعِنْدَنَا مَنْ يَخْدُمُنَا وَيَكْفِينَا مِهْنَةَ طَعَامِنَا فَأَيُّ نِعْمَةٍ أَفْضَلُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ؟
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ عَنْ أَبِي شُعْبَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ قَوْمَنَا أَبَا ذَرٍّ يَعْرِضُ عَلَيْهِ فَأَبَى أَبُو ذَرٍّ أَنْ يَأْخُذَ وَقَالَ: لَنَا أَحْمِرَةٌ نَحْتَمِلُ عَلَيْهَا وَأَعْنُزٌ نَحْلِبُهَا وَمُحَرَّرَةٌ تَخْدُمُنَا وَفَضْلُ عَبَاءَةٍ عَنْ كِسْوَتِنَا وإني لأخاف أن أحاسب بالفضل.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَلِيٍّ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ عَمِيلَةَ الْفَزَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى أَبَا ذَرٍّ يَحْلِبُ غُنَيْمَةً لَهُ فَيَبْدَأُ بِجِيرَانِهِ وَأَضْيَافِهِ قَبْلَ نَفْسِهِ. وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ لَيْلَةً حَلَبَ حَتَّى مَا بَقِيَ فِي ضُرُوعِ غَنَمِهِ شَيْءٌ إِلا مُصِرَّةً. وَقَرَّبَ إِلَيْهِمْ تَمْرًا وَهُوَ يَسِيرٌ. ثُمَّ تَعَذَّرَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: لَوْ كَانَ عِنْدَنَا مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا لَجِئْنَا بِهِ. قَالَ وَمَا رَأَيْتُهُ ذَاقَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ شَيْئًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ فِي مِظَلَّتَيْنِ مِنْ شَعْرٍ بِدِمَشْقَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خراش الْكَعْبِيُّ قَالَ: وَجَدْتُ أَبَا ذَرٍّ فِي مِظَلَّةِ شَعْرٍ بِالرَّبَذَةِ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ سَحْمَاءُ فَقُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ تَزَوَّجُ سَحْمَاءَ! قَالَ: أَتَزَوَّجُ مَنْ تَضَعُنِي أَحَبُّ إِلِيَّ مِمَّنْ تَرْفَعُنِي. مَا زَالَ لِيَ الأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ حَتَّى ما ترك لي الحق صديقا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ بِالرَّبَذَةِ وَعِنْدَهُ امْرَأَةٌ لَهُ سَوْدَاءُ مُشَنَّفَةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا أَثَرُ الْمَجَاسِدِ وَلا الْخَلُوقِ. قَالَ فَقَالَ: أَلا تَنْظُرُونَ مَا تَأْمُرُنِي بِهِ هَذِهِ السُّوَيْدَاءُ؟ تَأْمُرُنِي أَنْ آتِيَ الْعِرَاقَ فَإِذَا أَتَيْتُ الْعِرَاقَ مَالُوا عَلَيَّ بِدُنْيَاهُمْ. أَلا وَإِنَّ خَلِيلِي عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّ دُونَ جِسْرِ جَهَنَّمَ طَرِيقًا ذَا دَحَضٍ وَمَزَلَّةٍ. وَإِنَّا أَنْ نَأْتِيَ عَلَيْهِ وَفِي أَحْمَالِنَا اقْتِدَارٌ أَحْرَى أَنْ نَنْجُوَ مِنْ أَنْ نَأْتِيَ عَلَيْهِ ونحن مواقير.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ(4/178)
الأَحْوَلُ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ يَمِيدُ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ مَطْلِعَ الشَّمْسِ فَظَنَنْتُهُ نَائِمًا فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ: أَنَائِمٌ أَنْتَ يَا أَبَا ذَرٍّ؟ فَقَالَ: لا بل كنت أصلي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ تَبِعْتُهُ جُوَيْرِيَةٌ سَوْدَاءُ فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا ذَرٍّ هَذِهِ ابْنَتَكَ؟ قال: تزعم أمها ذاك.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُسِيَ أَبُو ذَرٍّ بُرْدَيْنِ فَأَتَّزَرَ بِأَحَدِهِمَا وَارْتَدَى بِشَمْلَةٍ وَكَسَا أَحَدَهُمَا غُلامَهُ. ثُمَّ خَرَجَ عَلَى القوم فقالوا له: لو كنت لبستهما جَمِيعًا كَانَ أَجْمَلَ. قَالَ: أَجَلْ وَلَكِنِّي [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تُكْسَوْنَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا بُدَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ قَالَ: صَحِبْتُ أَبَا ذَرٍّ فَأَعْجَبَتْنِي أَخْلاقُهُ كُلُّهَا إلا خلق واحد. قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ الْخُلُقُ؟ قَالَ: كَانَ رَجُلا فَطِنًا فَكَانَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلاءِ انْتَضَحَ.
433- الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرِو
بْن طريف بْن العاص بن ثعلبة بْن سليم بْن فهم بْن غنم بن دوس بْن عدثان بْن عَبْد الله بْنِ زَهْرَانَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ نصر بن الأَزْدِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ الدَّوْسِيِّ وَكَانَ لَهُ حِلْفٌ فِي قُرَيْشٍ قَالَ: كَانَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدوسي رجلا شريفا شاعرا مليئا كَثِيرَ الضِّيَافَةِ فَقَدِمَ مَكَّةَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَا فَمَشَى إِلَيْهِ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالُوا: يَا طُفَيْلُ إِنَّكَ قَدِمْتَ بِلادِنَا وَهَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَدْ أَعْضَلَ بِنَا وَفَرَّقَ جَمَاعَتَنَا وَشَتَّتَ أَمْرَنَا وَإِنَّمَا قَوْلُهُ كَالسِّحْرِ يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ أَبِيهِ وَبَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ أَخِيهِ وَبَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ. إِنَّا نَخْشَى عَلَيْكَ وَعَلَى قَوْمِكَ مِثْلَ ما دخل علينا منه فَلا تُكَلِّمْهُ وَلا تَسْمَعْ مِنْهُ. قَالَ الطُّفَيْلُ: فو الله مَا زَالُوا بِي حَتَّى أَجْمَعْتُ أَنْ لا أَسْمَعَ مِنْهُ شَيْئًا وَلا أُكَلِّمُهُ. فَغَدَوْتُ إِلَى المسجد وقد حشوت أذني كرسفا. يعني
__________
433 المغازي (683) ، (870) ، (923) ، (927) ، وابن هشام (1/ 81، 382، 385) .(4/179)
قَطْنًا. فَرَقًا مِنْ أَنْ يَبْلُغَنِي شَيْءٌ مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى كَانَ يُقَالُ لِي ذُو الْقُطْنَتَيْنِ. قَالَ فَغَدَوْتُ يَوْمًا إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَائِمٌ يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَقُمْتُ قَرِيبًا مِنْهُ فَأَبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُسْمِعَنِي بَعْضَ قَوْلِهِ فَسَمِعْتُ كَلامًا حسنا فقلت في نفسي: وا ثكل أُمِّي.
وَاللَّهِ إِنِّي لِرَجُلٌ لَبِيبٌ شَاعِرٌ مَا يَخْفَى عَلَيَّ الْحَسَنَ مِنَ الْقَبِيحِ فَمَا يَمْنَعُنِي مِنْ أَنْ أَسْمَعَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ مَا يَقُولُ؟ فَإِنْ كَانَ الَّذِي يَأْتِي بِهِ حَسَنًا قِبْلَتُهُ وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا تَرَكْتُهُ.
فَمَكَثْتُ حَتَّى انْصَرَفَ إِلَى بَيْتِهِ ثُمَّ اتَّبَعْتُهُ حَتَّى إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ دَخَلْتُ مَعَهُ فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ قَوْمَكَ قَالُوا لِي كَذَا وَكَذَا لِلَّذِي قالوا لي. فو الله مَا تَرَكُونِي يُخَوِّفُونِي أَمْرَكَ حَتَّى سَدَدْتُ أُذُنِي بِكُرْسُفٍ لأَنْ لا أَسْمَعَ قَوْلَكَ. ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ أَبَى إِلا أَنْ يُسْمِعَنِيهِ فَسَمِعْتُ قَوْلا حَسَنًا فَاعْرِضْ عَلَيَّ أَمْرَكَ. فَعَرَضَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الإِسْلامَ وَتَلا عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فَقَالَ: لا وَاللَّهُ مَا سَمِعْتُ قَوْلا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا وَلا أَمْرًا أَعْدَلَ مِنْهُ. فَأَسْلَمْتُ وَشَهِدْتُ شَهَادَةَ الْحَقِّ فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي امْرُؤٌ مُطَاعٌ فِي قومي وأنا راجع إليهم فداعيهم إِلَى الإِسْلامِ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ لِي عَوْنًا عَلَيْهِمْ فِيمَا أَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ. [فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَهُ أَيَّةً] . قَالَ فَخَرَجْتُ إِلَى قَوْمِي حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِثَنِيَّةِ تُطْلِعُنِي عَلَى الْحَاضِرِ وَقَعَ نُورٌ بَيْنَ عَيْنِي مِثْلُ الْمِصْبَاحِ فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ فِي غَيْرِ وَجْهِي فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَظُنُّوا أَنَّهَا مُثْلَةٌ وَقَعَتْ فِي وَجْهِي لِفِرَاقِ دِينِهِمْ. فَتَحَوَّلَ النُّورُ فَوَقَعَ فِي رَأْسِ سَوْطِي فَجَعَلَ الْحَاضِرُ يَتَرَاءَوْنَ ذَلِكَ النُّورَ فِي سَوْطِي كَالْقِنْدِيلِ الْمُعَلَّقِ. فَدَخَلَ بَيْتَهُ قَالَ: فَأَتَانِي أَبِي فَقُلْتُ لَهُ: إِلَيْكَ عَنِّي يَا أَبَتَاهُ فَلَسْتَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْكَ. قَالَ: وَلِمَ يَا بُنَيَّ؟ قُلْتُ: إِنِّي أَسْلَمْتُ وَاتَّبَعْتُ دِينَ مُحَمَّدٍ. قَالَ: يَا بُنَيَّ دِينِي دِينُكَ. قَالَ فَقُلْتُ: فَاذْهَبْ فَاغْتَسِلْ وَطَهِّرْ ثِيَابَكَ. ثُمَّ جَاءَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ. ثُمَّ أَتَتْنِي صَاحِبَتِي فَقُلْتُ لَهَا: إِلَيْكِ عَنِّي فَلَسْتُ مِنْكَ وَلَسْتِ مِنِّي. قَالَتْ: وَلِمَ بِأَبِي أَنْتَ؟ قُلْتُ: فَرَّقَ بَيْنِي وَبَيْنَكِ الإِسْلامُ. إِنِّي أَسْلَمْتُ وَتَابَعْتُ دِينَ مُحَمَّدٍ. قَالَتْ: فَدِينِي دِينُكَ. قُلْتُ: فَاذْهَبِي إِلَى حِسْيِ ذِي الشِّرَى فَتَطَهَّرِي مِنْهُ. وَكَانَ ذُو الشِّرَى صَنَمَ دَوْسٍ. وَالْحِسْيِ حِمَى لَهُ يُحَمُّونَهُ. وَبِهِ وَشَلٌ مِنْ مَاءٍ يَهْبِطُ مِنَ الْجَبَلِ. فَقَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ أَتَخَافُ عَلَى الصِّبْيَةِ مِنْ ذِي الشِّرَى شَيْئًا؟ قُلْتُ: لا. أَنَا ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَكِ. قَالَ فَذَهَبَتْ فَاغْتَسَلَتْ ثُمَّ جَاءَتْ فَعَرَضْتُ عَلَيْهَا الإِسْلامَ فَأَسْلَمَتْ. ثُمَّ دَعَوْتُ دَوْسًا إِلَى الإِسْلامِ فأبطأوا عَلَيَّ. ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غَلَبَتْنِي دَوْسٌ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ: [اللهم اهد دوسا] .(4/180)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ:
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادع الله عَلَى دَوْسٍ [فَقَالَ: اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بها] رجع الحديث إلى حديث الطفيل قال: [فقال لي رسول الله. ص: اخْرُجْ إِلَى قَوْمِكَ فَادْعُهُمْ وَارْفُقْ بِهِمْ] . فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ فَلَمْ أَزَلْ بِأَرْضِ دَوْسٍ أَدْعُوهَا حَتَّى هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ. وَمَضَى بَدْرٌ وَأُحُدٌ وَالْخَنْدَقُ. ثُمَّ قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِمَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِي. وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ حَتَّى نَزَلْتُ الْمَدِينَةَ بِسَبْعِينَ أَوْ ثَمَانِينَ بَيْتًا مِنْ دَوْسٍ. ثُمَّ لَحِقْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ فَأَسْهَمَ لَنَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْنَا مَيْمَنَتَكَ وَاجْعَلْ شِعَارَنَا مَبْرُورًا. فَفَعَلَ. فَشِعَارُ الأَزْدِ كُلِّهَا إِلَى الْيَوْمِ مَبْرُورٌ. قَالَ الطُّفَيْلُ: ثُمَّ لَمْ أَزَلْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى فَتْحَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَكَّةَ فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْعَثْنِي إِلَى ذِي الْكَفَّيْنِ صَنَمِ عَمْرو بْن حُمَمَةَ حَتَّى أَحْرِقَهُ. فَبَعَثَهُ إِلَيْهِ فَأَحْرَقَهُ. وَجَعَلَ الطُّفَيْلُ يَقُولُ وَهُوَ يُوقِدُ النَّارَ عَلَيْهِ وَكَانَ مِنْ خَشَبٍ:
يَا ذَا الْكَفَّيْنِ لَسْتُ من عبادك ... ميلادنا أقدم من ميلادك
أنا حششت النار في فؤادك
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ الطُّفَيْلَ بْنَ عَمْرٍو كَانَ لَهُ صَنَمٌ يُقَالُ لَهُ ذُو الْكَفَّيْنِ فَكَسَرَهُ وَحَرَقَهُ بِالنَّارِ وَقَالَ:
يَا ذَا الْكَفَّيْنِ لَسْتُ مِنْ عِبَادِكَ ... مِيلادُنَا أَقْدَمُ مِنْ مِيلادِكَ
أَنَا حَشَوْتُ النَّارَ فِي فُؤَادِكَ
رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ الطُّفَيْلِ الأَوَّلِ. قَالَ فَلَمَّا أَحْرَقْتُ ذَا الْكَفَّيْنِ بَانَ لِمَنْ بَقِيَ مِمَّنْ تَمَسَّكَ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَيْءٍ فَأَسْلَمُوا جَمِيعًا. وَرَجَعَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى قُبِضَ. فَلَمَّا ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ خَرَجَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَجَاهَدَ حَتَّى فَرَغُوا مِنْ طُلَيْحَةَ وَأَرْضِ نَجْدٍ كُلِّهَا. ثُمَّ سَارَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْيَمَامَةِ وَمَعَهُ ابْنُهُ عَمْرُو بْنُ الطُّفَيْلِ. فَقُتِلَ الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو بِالْيَمَامَةَ شَهِيدًا وَجُرِحَ ابْنُهُ عَمْرُو بْنُ الطُّفَيْلِ وَقَطَعَتْ يَدُهُ. ثُمَّ اسْتَبَلَّ وَصَحَّتْ يَدُهُ. فَبَيْنَا هُوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِذْ أُتِيَ بِطَعَامٍ فَتَنَحَّى عَنْهُ فَقَالَ عُمَرُ: مَا لَكَ لَعَلَّكَ تَنَحَّيْتَ لِمَكَانِ يَدِكَ؟ قَالَ: أَجَلْ.
قَالَ: والله لا أذوقه حتى تسوطه بيدك. فو الله مَا فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ بَعْضُهُ فِي الْجَنَّةِ غَيْرَكَ.
ثُمَّ خَرَجَ عَامَ الْيَرْمُوكِ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقُتِلَ شَهِيدًا.(4/181)
434- ضِمَادٌ الأَزْدِيُّ
من أزد شنوءة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ يُقَالُ لَهُ ضِمَادٌ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا. فَسَمِعَ كُفَّارَ قُرَيْشٍ يَقُولُونَ: مُحَمَّدٌ مَجْنُونٌ. فَقَالَ: لَوْ أَتَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ فَدَاوَيْتُهُ. فَجَاءَهُ فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أُدَاوِي مِنَ الرِّيحِ فَإِنْ شِئْتَ دَاوَيْتُكَ لَعَلَّ اللَّهَ يَنْفَعُكَ. فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَمِدَ اللَّهَ وَتَكَلَّمَ بِكَلِمَاتٍ فَأَعْجَبَ ذَلِكَ ضِمَادًا فَقَالَ: أَعِدْهَا عَلَيَّ. فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ فَقَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِثْلَ هَذَا الْكَلامِ قَطُّ. لَقَدْ سَمِعْتُ كَلامَ الْكَهَنَةِ وَالسَّحَرَةِ وَالشُّعَرَاءِ فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ هَذَا قَطُّ. لَقَدْ بَلَغَ قَامُوسَ الْبَحْرِ. يَعْنِي قَعْرَهُ. فَأَسْلَمَ وَشَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ وَبَايَعَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى قَوْمِهِ. فَخَرَجَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَرِيَّةٍ إِلَى الْيَمَنِ فَأَصَابُوا إِدَاوَةً فَقَالَ: رُدُّوهَا فَإِنَّهَا إِدَاوَةُ قَوْمِ ضِمَادٍ. وَيُقَالُ بَلْ أَصَابُوا عِشْرِينَ بَعِيرًا بِمَوْضِعٍ فَاسْتَوْفَوْهَا فَبَلَغَ عَلِيًّا أَنَّهَا لِقَوْمِ ضِمَادٍ فَقَالَ: رُدُّوهَا إِلَيْهِمْ. فَرُدَّتْ إِلَيْهِمْ.
435- بُرَيْدَةُ بْنُ الْحُصَيْبِ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الأَعْرَجِ بْنِ سعد بْن رزاح بْن عدي بْن سهم بن مازن بن الحارث بن سلامان بن أسلم بْن أفصى. وأسلم فيمن انخزع من بطون خزاعة هو وأخواه مالك وملكان ابنا أفصى بْن حارثة بْن عَمْرو بْن عامر وهو ماء السماء. وكان بُرَيْدة يكنى أَبَا عَبْد الله. وأسلم حين مر بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للهجرة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي هَاشِمُ بْنُ عَاصِمٍ الأَسْلَمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَانْتَهَى إِلَى الْغَيَمِ أَتَاهُ بُرَيْدَةُ بْنُ الْحُصَيْبِ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الإِسْلامِ فَأَسْلَمَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ. وَكَانُوا زُهَاءَ ثَمَانِينَ بَيْتًا. فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - العشاء فصلوا خلفه.
__________
435 تاريخ يحيى بن معين (2/ 56) ، والمغازي (404) ، (405) ، وراجع الفهرس. وطبقات خليفة (109) ، (187) ، (322) ، والتاريخ الكبير للبخاري (2/ 1/ 141) ، والجرح والتعديل (1/ 1/ 424) ، والثقات لابن حبان (3/ 29) ، والاستيعاب (1/ 185- 186) ، وتهذيب الكمال (661) ، وأسد الغابة (1/ 175- 176) ، وتذهيب التهذيب (1/ 81) ، وسير أعلام النبلاء (2/ 409، وتهذيب التهذيب (1/ 432، 433) .(4/182)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي هَاشِمُ بْنُ عَاصِمٍ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُنْذِرُ بْنُ جَهْمٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ عَلَّمَ بُرَيْدَةَ بْنَ الْحُصَيْبِ لَيْلَتَئِذٍ صَدْرًا مِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ. وَقَدِمَ بُرَيْدَةُ بْنُ الْحُصَيْبِ بَعْدَ أَنْ مَضَتْ بَدْرٌ وَأُحُدٌ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ فَتَعَلَّمَ بَقِيَّتَهَا. وَأَقَامَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ مِنْ سَاكِنِي المدينة وغزا معه مغازيه بَعْدَ ذَلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي جهم قال: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ بِأُسَارَى الْمُرَيْسِيعِ فَكُتِّفُوا وَجُعِلُوا نَاحِيَةً. وَاسْتَعْمَلَ بُرَيْدَةَ بْنَ الْحُصَيْبِ عَلَيْهِمْ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَعَقَدَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزْوَةِ فَتْحِ مَكَّةَ لِوَاءَيْنِ فَحَمَلَ أَحَدَهُمَا بُرَيْدَةُ بْنُ الْحُصَيْبِ وَحَمَلَ الآخَرَ نَاجِيَةُ بْنُ الأَعْجَمِ.
وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُرَيْدَةَ بْنَ الْحُصَيْبِ عَلَى أَسْلَمَ وَغِفَارَ يُصْدِقُهُمْ. وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَرَادَ غَزْوَةَ تَبُوكَ إِلَى أَسْلَمَ يَسْتَفِزُّهُمْ إِلَى عَدُوِّهِمْ. وَلَمْ يَزَلْ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُقِيمًا بِالْمَدِينَةِ حَتَّى فُتِحَتِ الْبَصْرَةُ وَمُصِّرَتْ فَتَحَوَّلَ إِلَيْهَا وَاخْتَطَّ بِهَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا غَازِيًا إِلَى خُرَاسَانَ فَمَاتُ بِمَرْوَ فِي خِلافَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. وَبَقِيَ وَلَدُهُ بِهَا. وَقَدِمَ مِنْهُمْ قَوْمٌ فَنَزَلُوا بَغْدَادَ فَمَاتُوا بِهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو النَّضْرٍ الْكِنَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ الضَّبِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيَّ مِنْ وَرَاءِ نَهَرِ بَلْخٍ وَهُوَ يَقُولُ: لا عَيْشَ إِلا طِرَادُ الْخَيْلِ الْخَيْلَ.
قال: أَخْبَرَنَا فَهِدُ بْنُ حَيَّانَ أَبُو بَكْرٍ الْقَيْسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ السَّدُوسِيُّ عَنْ أبي العلاء بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ لَمْ يُسَمِّهِ لَنَا قَالَ: كُنْتُ مَعَ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ بِسِجِسْتَانَ. قَالَ فَجَعَلْتُ أُعَرِّضُ بِعَلِيٍّ وَعُثْمَانَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ لأَسْتَخْرِجَ رَأْيَهُ. قَالَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُثْمَانَ وَاغْفِرْ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَاغْفِرْ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَاغْفِرْ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ. قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ لِي: لا أَبَا لَكَ أَتُرَاكَ قَاتِلِي؟ قَالَ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ قَتْلَكَ وَلَكِنْ هَذَا أَرَدْتُ مِنْكَ. قَالَ: قَوْمٌ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ سَوَابِقُ فَإِنْ يَشَأْ يَغْفِرْ لَهُمْ بِمَا سَبَقَ لَهُمْ فَعَلَ وَإِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْهُمْ بِمَا أَحْدَثُوا فَعَلَ. حسابهم على الله.(4/183)
436- مالك.
و437- نعمان ابنا خلف
بن عوف بن دارم بْن عنز بْن وائلة بْن سهم بْن مازن بن الحارث بن سلامان بن أسلم بْن أفصى بْن حارثة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ بِأَسْمَائِهِمَا وَنَسَبِهِمَا هَكَذَا.
وَقَالَ: كَانَا طَلِيعَتَيْنِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - يوم أحد فقتلا يومئذ فَدُفِنَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ.
438- أَبُو رُهْمٍ الْغِفَارِيُّ.
واسمه كلثوم بن الحصين بْن خلف بْن عُبَيْد بن معشر بْن زَيْد بْن أحيمس بْن غفار بْن مليك بْن ضمرة بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ. أسلم بعد قَدُومِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة وشهد معه أحدًا ورمي يومئذٍ بسهمٍ فوقع فِي نحره فجاء إِلَى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فبسق عليه فبرأ. فكان أبو رهم يسمى المنحور.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي رُهْمٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ: كُنْتُ مِمَّنْ أَسُوقُ الْهَدْيَ وَأَرْكَبُ عَلَى الْبُدْنِ فِي عَمْرَةِ الْقَضِيَّةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسِيرُ مِنَ الطَّائِفِ إِلَى الْجِعْرَانَةِ وَأَبُو رُهْمٍ الْغِفَارِيُّ إِلَى جَنْبِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى نَاقَةٍ لَهُ وَفِي رِجْلَيْهِ نَعْلانِ لَهُ غَلِيظَتَانِ. إِذْ زَحَمَتْ نَاقَتُهُ نَاقَةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أَبُو رُهْمٍ. فَوَقَعَ حَرْفُ نَعْلِي عَلَى [سَاقِهِ فأوجعه فقال رسول الله. ص: أوجعتني أخر رجلك. وَقَرَعَ رِجْلِي بِالسَّوْطِ] .
قَالَ فَأَخَذَنِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَمْرِي وَمَا تَأَخَّرَ وَخَشِيتُ أَنْ يَنْزِلَ فِيَّ قُرْآنٌ لَعَظِيمِ مَا صَنَعْتُ.
فَلَمَّا أَصْبَحْنَا بِالْجِعْرَانَةِ خَرَجْتُ أَرْعَى الظُّهْرَ وَمَا هُوَ يَوْمِي فرقا أن يأتي للنبي.
ع. رَسُولٌ يَطْلُبُنِي. فَلَمَّا رَوَّحْتُ الرِّكَابَ سَأَلْتُ فَقَالُوا: طَلَبَكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَقُلْتُ: إِحْدَاهُنَّ وَاللَّهِ. فَجِئْتُهُ وَأَنَا أَتَرَقَّبُ فَقَالَ: [إِنَّكَ أَوْجَعَتْنِي بِرِجْلِكَ فَقَرَعْتُكَ بِالسَّوْطِ وَأَوْجَعْتُكَ فَخُذْ هَذِهِ الْغَنَمَ عِوَضًا مِنْ ضَرْبَتِي] . قَالَ أَبُو رُهْمٍ: فَرِضَاهُ عَنِّي كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. قَالَ وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا رُهْمٍ حِينَ أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى تَبُوكَ إِلَى قَوْمِهِ يَسْتَنْفِرُهُمْ إِلَى عَدُوِّهِمْ وَأَمَرَهُ أَنْ يَطْلُبَهُمْ بِبِلادِهِمْ. فَأَتَاهُمْ إِلَى مجالهم فشهد تبوك منهم جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ. وَلَمْ يَزَلْ أَبُو رُهْمٍ مَعَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة
__________
438 المغازي (77) ، (243) ، (570) ، (571) ، (577) ، (660) ، (799) ، (939) ، (952) ، (990) ، (1001) ، ابن هشام (2/ 370، 399، 528) .(4/184)
يَغْزُو مَعَهُ إِذَا غَزَا. وَكَانَ لَهُ مَنْزِلٌ بِبَنِي غِفَارٍ. وَكَانَ أَكْثَرُ ذَلِكَ يَنْزِلُ الصَّفْرَاءَ وَغَيْقَةَ وَمَا وَالاهَا. وَهِيَ أَرْضُ كِنَانَةَ.
439 عَبْد الله.
و440- عبد الرَّحْمَن ابنا الهبيب
مِن بني سعد بْن لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كنانة. وأمهما أم نوفل بِنْت نوفل بْن خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصي. أسلما قديمًا وشهدا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحدًا. وقتلا يومئذٍ شهيدين فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا مِن الهجرة.
441- جُعَالُ بْنُ سُرَاقَةَ الضَّمْرِيُّ.
ويقال ثعلبي. ويقال إنّه عديد لبني سواد من بني سَلَمَة من الأَنْصَار. وكان من فقراء المهاجرين. وكان رجلًا صالحًا دميمًا قبيحًا وأسلم قديمًا وَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - أحدا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ جُعَالُ بْنُ سُرَاقَةَ وَهُوَ يَتَوَجَّهُ إِلَى أُحُدٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ قِيلَ لِي إِنَّكَ تُقْتَلُ غَدًا. وَهُوَ يَتَنَفَّسُ مَكْرُوبًا. [فَضَرَبَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بيده في صدره وقال: أليس الدهر كله غدا؟] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يحيى بن عبد العزيز عن عاصم ابن عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ جُعَيْلُ بْنُ سُرَاقَةَ رَجُلا صَالِحًا. وَكَانَ دَمِيمًا قَبِيحًا. وَكَانَ يَعْمَلُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْخَنْدَقِ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ غَيَّرَ اسْمَهُ يَوْمَئِذٍ فَسَمَّاهُ عَمْرًا. فَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَرْتَجِزُونَ وَيَقُولُونَ:
سَمَّاهُ مِنْ بَعْدِ جُعَيْلٍ عُمَرْ ... وَكَانَ لِلْبَائِسِ يَوْمًا ظُهَرْ
فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يَقُولُ مِنْ ذَلِكَ شيئا إلا أن يقول عمر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ فِرَاسٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ قَالَ: وَجَعَلَ جُعَيْلٌ يَقُولُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ: سَمَّاهُ مِنْ بَعْدِ جُعَيْلٍ عُمَرَ.
وَهُوَ يَضْحَكُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فعرفوا أنه لا يبالي.
__________
439 المغازي (300) ، ابن هشام (2/ 343) .
440 المغازي (300) .
441 المغازي (214) ، (232) ، (321) ، (476) ، (571) ، (658) ، (1036) ، ابن هشام (2/ 357) .(4/185)
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: هُوَ جُعَالُ بْنُ سُرَاقَةَ فَصُغِّرَ فَقِيلَ جُعَيْلٌ. وَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرًا وَلَكِنْ هَكَذَا جَاءَ الشَّعْرُ عُمَرَ. وَشَهِدَ أَيْضًا جُعَالٌ الْمُرَيْسِيعَ والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ بِالْجِعْرَانَةِ مِنْ غَنَائِمِ خَيْبَرَ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطَيْتَ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ وَالأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ وَأَشْبَاهَهُمَا مِائَةَ مِائَةٍ مِنَ الإِبِلِ وَتَرَكَتَ جُعَيْلَ بْنَ سُرَاقَةَ الضَّمْرِيَّ.
[فَقَالَ رَسُولُ الله. ص: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لجُعَيْلُ بْنُ سُرَاقَةَ خَيْرٌ مِنْ طِلاعِ الأَرْضِ كُلِّهَا مِثْلِ عُيَيْنَةَ وَالأَقْرَعِ وَلَكِنِّي تَأَلَّفْتُهَمَا لِيُسْلِمَا وَوُكِّلْتُ جُعَيْلَ بْنَ سراقة إلى إِسْلامُهُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جُعَالَ بْن سُرَاقَةَ بَشِيرًا إِلَى الْمَدِينَةِ بِسَلامَةِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمِينَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ.
442- وهب بن قابوس الْمُزَنيّ.
أقبل ومعه ابن أَخِيهِ الْحَارِث بْن عُقْبَة بْن قابوس بغنم لهما من جبل مزينة فوجدا المدينة خلوفًا فسألا: أَيْنَ النّاس؟ فقالوا: بأحد. خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقاتل المشركين من قريش فقالا: لا نسأل أثرًا بعد عين. فأسلما ثُمَّ خرجا حَتَّى أتيا النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأحد فيجدان القوم يقتتلون والدولة لرسول الله وأصحابه.
فأغاروا مع المسلمين فِي النهب. وجاءت الخيل من ورائهم خَالِد بْن الْوَلِيد وعكرمة بْن أبي جهل فاختلطوا فقاتلا أشد القتال. فانفرقت فرقة من المشركين فقال [رسول الله. ص: من لهذه الفرقة؟ فقال وهب بن قابوس: أَنَا يا رسول اللَّه. فقام فرماهم بالنبل حَتَّى انصرفوا ثُمَّ رجع. فانفرقت فرقة أخرى فقال رسول الله. ص: من لهذه الكتيبة؟ فقال الْمُزَنيّ: أَنَا يا رسول الله. فقام فذبها بالسيف حَتَّى ولوا ثُمَّ رجع الْمُزَنيّ. ثُمَّ طلعت كتيبة أخرى فقال: من يقوم لهؤلاء؟ فقال الْمُزَنيّ: أَنَا يا رسول الله. فقال: قم وأبشر بالجنة. فقام الْمُزَنيّ مسرورًا يقول: والله لا أقيل ولا أستقيل.
فقام فجعل يدخل فيهم فيضرب بالسيف حَتَّى يخرج من أقصاهم ورسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
والمسلمون ينظرون إليه. ورسول الله يقول: اللَّهُمَّ ارحمه] . فَمَا زال كذلك وهم محدقون به حَتَّى اشتملت عليه أسيافهم ورماحهم فقتلوه فوجد به يومئذٍ عشرون طعنة
__________
442 المغازي (274) ، (275) ، (301) .(4/186)
برمح كلها قد خلصت إِلَى مقتل. ومثل به يومئذٍ أقبح المثل. ثُمَّ قام ابن أَخِيهِ الْحَارِث من عقبه فقاتل كنحو من قتاله حَتَّى قُتِلَ. فوقف عليهما رسول الله وهما مقتولان [فقال: رَضِيَ الله عنك فَإِنِّي عنك راض] . يعني وهبًا. ثُمَّ قام على قدميه وقد ناله. ع. من الجراح ما ناله وإن القيام ليشق عليه فلم يزل قائمًا حَتَّى وضع الْمُزَنيّ فِي لحده عليه بردة لها أعلام حمر. فمد رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - البردة على رأسه فخمره وأدرجه فيها طولًا وبلغت نصف ساقيه. وأمرنا فجمعنا الحرمل فجعلناه على رجليه وهو فِي اللحد. ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ عُمَر بْن الخطاب وسعد بْن أبي وقاص يقولان: فما حال نموت عليها أحب إلينا من أن نلقى الله على حال الْمُزَنيّ.
443- عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ
بْنِ خُوَيْلِدِ بْن عَبْد الله بْن إياس بْن عبد بن ناشرة بْن كعب بْن جدي بْن ضمرة بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ. وكانت عنده سخيلة بنت عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف بن قصي فولدت له نفرا. وشهد عمرو بن أمية بدرا وأحدًا مع المشركين ثُمَّ أسلم حين انصرف المشركون عن أحد. وكان رجلًا شجاعًا له إقدام ويكنى أَبَا أمية. وهو الَّذِي يروي عَنْهُ أَبُو قلابة الجرمي عن أبي أمية.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قِلابَةَ فِي [حَدِيثٍ رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ يَا أَبَا أُمَيَّةَ] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَكَانَ أَوَّلَ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ مُسْلِمًا بِئْرُ مَعُونَةَ فِي صَفَرٍ عَلَى رَأْسِ سِتَّةٍ وَثَلاثِينَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ فَأَسَرَتْهُ بَنُو عَامِرٍ يَوْمَئِذٍ فَقَالَ لَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ: إِنَّهُ قَدْ كَانَ عَلَى أُمِّي نَسَمَةٌ فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْهَا. وَجَزَّ نَاصِيَتَهُ وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فَأَخَبَرَ رَسُولَ اللَّهِ بِقَتْلِ مَنْ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ بِبِئْرِ مَعُونَةَ. [فَقَالَ رسول الله. ص: أَنْتَ مِنْ بَيْنِهِمْ. يَعْنِي أَفْلَتَّ وَلَمْ تُقْتَلْ كَمَا قُتِلُوا.] وَلَمَّا دَنَا عَمْرٌو مِنَ الْمَدِينَةِ مُنْصَرِفًا مِنْ بِئْرِ مَعُونَةَ لَقِيَ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي كِلابٍ فَقَاتَلَهُمَا ثُمَّ قَتَلَهُمَا. وَقَدْ كَانَ لَهُمَا مِن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَمَانٌ فَوَدَّاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمَا الْقَتِيلانِ اللَّذَانِ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسببهما
__________
443 المغازي (742) ، (743) ، (925) ، (926) ، (1026) ، (1058) ، (1059) ، ابن هشام (1/ 206، 224، 324، 563) .(4/187)
إِلَى بَنِي النَّضِيرِ يَسْتَعِينُهُمْ فِي دِيَّتِهِمَا.
قَالَ: وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ وَمَعَهُ سَلَمَةُ بْنُ أَسْلَمَ بْنِ حَرِيشٍ الأَنْصَارِيُّ سَرِيَّةً إِلَى مَكَّةَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ فَعُلِمَ بِمَكَانِهِمَا فَطُلِبَا فَتَوَارَيَا. وَظَفَرَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ فِي تُوَارِيهِ ذَلِكَ فِي الْغَارِ بِنَاحِيَةِ مَكَّةَ بِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ فَقَتَلَهُ. وَعَمَدَ إِلَى خُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ وَهُوَ مَصْلُوبٌ فَأَنْزَلَهُ عَنْ خَشَبَتِهِ. وَقَتْلَ رَجُلا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ بَنِي الدِّيلِ. أَعْوَرَ طَوِيلا. ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَسُرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقُدُومِهِ وَدَعَا لَهُ بِخَيْرٍ. وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى النَّجَاشِيِّ بِكِتَابَيْنِ كَتَبَ بِهِمَا إِلَيْهِ فِي أَحَدِهِمَا أَنْ يُزَوِّجَهُ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ. وَفِي الآخَرِ يَسْأَلُهُ أَنْ يَحْمِلَ إِلَيْهِ مَنْ بَقِيَ عِنْدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ. فَزَوَّجَهُ النَّجَاشِيُّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَحَمَلَ إِلَيْهِ أَصْحَابَهُ فِي سَفِينَتَيْنِ. وَكَانَتْ لِعَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ دَارٌ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ الحداكين. يَعْنِي الْخَرَّاطِينَ. وَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ.
444- دِحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ
بْنِ فَرْوَةَ بْنِ فَضَالَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ امْرِئِ القيس بْن الخزرج. وهو زَيْد مناة بْن عامر بن بكر بن عامر الأكبر ابن عوف بْن بَكْر بْن عوف بْن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بْن كلب بْنِ وَبَرَةَ بْنِ تَغْلِبَ بْنِ حُلْوَانَ بْنِ عِمْرَانَ بْن الحاف بْن قضاعة. وأسلم دحية بْن خليفة قديمًا ولم يشهد بدْرًا وكان يشبه بجبرائيل.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالْفَضْلُ بن دكين قالوا: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَامِرٍ الشعبي قال: شَبَّهَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[ثَلاثَةُ نفر من أمية
__________
444 مغازي الواقدي (78) ، (498) ، (55- 557) ، (674) ، (901) ، وسيرة ابن هشام (2/ 234، 607، 612، 613) ، وتاريخ خليفة (79) ، (83) ، (98) ، والمعارف (329) ، وتاريخ الطبري (2/ 582- 583، 642، 644، 646، 648، 650) ، (3/ 141، 396، 441) ، والجرح والتعديل (3/ ت 1996) ، وثقات ابن حبان (3/ 117) ، ومشاهير علماء الأمصار (380) ، والاستيعاب (2/ 461) ، والأنساب للسمعاني (10/ 452) ، وتهذيب تاريخ دمشق (5/ 221) ، وأسد الغابة (2/ 130) ، والكامل في التاريخ (2/ 207، 210، 212) ، وتهذيب الأسماء (1/ 185) ، وتاريخ الإسلام (2/ 222) ، وسير أعلام النبلاء (2/ 550) ، وتهذيب الكمال (1794) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (211) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 165) ، وتهذيب التهذيب (3/ 306- 307) ، والإصابة (1/ 473) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 1962) .(4/188)
فَقَالَ: دِحْيَةُ الْكَلْبِيِّ يُشْبِهُ جَبْرَائِيلَ. وَعُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ يُشْبِهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ.
وَعَبْدُ العزى يشبه الدَّجَّالِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: كَانَ دِحْيَةُ الْكَلْبِيِّ يُشَبَّهُ بِجَبْرَائِيلَ. وَكَانَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ مَثَلَهُ كَمَثَلِ صَاحِبِ يس. وَكَانَ عَبْدُ الْعُزَّى بن قطن يشبه بالدجال.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ:
[قال رسول الله. ص: أشبه من رأيت بجبرائيل دحية الكلبي] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: [كَانَ جَبْرَائِيلُ يَأْتِي النَّبِيَّ في صورة دحية الكلبي] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سعد عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: وَثَبَ رَسُولُ اللَّهِ وَثْبَةً شَدِيدَةً فَنَظَرْتُ فَإِذَا مَعَهُ رَجُلٌ وَاقِفٌ عَلَى بِرْذَوْنٍ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ بَيْضَاءُ قَدْ سَدَلَ طَرَفَهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ. وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاضِعٌ يَدَهُ عَلَى مَعْرَفَةِ بِرْذَوْنِهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ رَاعَتْنِي وَثْبَتُكَ. مَنْ [هَذَا؟ قَالَ: وَرَأَيْتِهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ: قَالَ: وَمَنْ رَأَيْتِ؟ قُلْتُ: رَأَيْتُ دحية الكلبي.
قال: ذاك جبرائيل. ع] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - دحية الكلبي سرية وحده.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بن مسعود أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رسول الله. ع. كَتَبَ إِلَى قَيْصَرٍ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلامِ وَبَعَثَ بِكِتَابِهِ مَعَ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى لِيَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ. فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى قَيْصَرٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: لَقِيَهُ بِحِمْصَ فَدَفَعَ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وذلك فِي المحرَّم سنة سبْعٍ من الهجرة. وَشَهِدَ دِحْيَةُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَشَاهِدَ بَعْدَ بَدْرٍ وَبَقِيَ إِلَى خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ.(4/189)
الصحابة الذين أسلموا قبل فتح مكة
[من بني مخزوم]
445- خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ.
.. ... أصاحب «1» فلقيت عُثْمَان بْن طَلْحَة فَذَكَرَت له الَّذِي أريد فأسرع الإجابة وخرجنا جميعًا فأدلجنا سحرًا. فَلَمَّا كُنَّا بالهل إذا عمرو بن العاص فقال:
مرحبًا بالقوم. قُلْنَا: وبك. قَالَ: أين مسيركم؟ فأخبرناه وأخبرنا أنّه يريد أيضًا النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولنسلم. فاصطحبنا حَتَّى قدمنا المدينة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أول يوم من صفر سنة ثمانٍ. فَلَمَّا اطلعت على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سلمت عليه بالنبوة فرد علي السلام بوجه طلق فأسلمت وشهدت شهادة الحق. [فقال رسول الله. ص: قد كنت أرى لك عقلًا رجوت ألا يسلمك إلا إلى خير] . وبايعت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقُلْتُ:
استغفر لي كل ما أوضعت فِيهِ من صد عن سبيل الله. [فقال: إن الْإِسْلَام يجب ما كان قبله قلت: يا رسول الله على ذلك. فقال: اللَّهُمَّ اغفر لخالد بْن الْوَلِيد كل ما أوضع فِيهِ من صد عن سبيلك] . فقال خَالِد: وتقدم عَمْرو بْن العاص وعثمان بْن طَلْحَة فاسلما وبايعا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فو الله مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من يوم أسلمت يعدل بي أحدًا من أصحابه فيما يجزيه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: أَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - خالد بن الوليد موضع داره.
__________
(1) نقص في الأصل.
__________
445 تاريخ ابن معين (2/ 146) ، وعلل ابن المديني (50) ، (80) ، وفضائل الصحابة لأحمد (2/ 813) ، والمعارف (267) ، وتاريخ واسط (109) ، (156) ، (267) ، والاستيعاب (3/ 163) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (5/ 95- 116) ، وأسد الغابة (2/ 93) ، وتهذيب الكمال (1659) ، وسير أعلام النبلاء (1/ 366، 384) ، وحذف من نسب قريش (33) ، (71) .(4/190)
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَالْمِنَّاءَ أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ خَيْبَرَ وَبَعْدَ قَدُومِ خَالِدٍ عَلَيْهِ وَكَانَتْ دُورًا لِحَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ وَرِثَهَا مِنْ آبَائِهِ فَوَهَبَهَا لِرَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقْطَعَ مِنْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَالِدَ بن الوليد وعمار بن ياسر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُصْعَبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ مُؤْتَةَ وَقُتِلَ الأُمَرَاءُ أَخَذَ اللِّوَاءَ ثَابِتُ بْنُ أَقْرَمَ وَجَعَلَ يَصِيحُ: يَا آلَ الأَنْصَارِ. فَجَعَلَ النَّاسُ يَثُوبُونَ إِلَيْهِ فَنَظَرَ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فَقَالَ: خُذِ اللِّوَاءَ يَا أَبَا سُلَيْمَانَ. قَالَ: لا آخُذُهُ. أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ. لَكَ سِنٌّ وَقَدْ شَهِدْتَ بَدْرًا. قَالَ ثَابِتٌ: خذه أيها الرجل فو الله مَا أَخَذْتُهُ إِلا لَكَ. وَقَالَ ثَابِتٌ لِلنَّاسِ:
أاصطلحتم عَلَى خَالِدٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَأَخَذَ خَالِدٌ اللِّوَاءَ فَحَمَلَهُ سَاعَةً وَجَعَلَ الْمُشْرِكُونَ يَحْمِلُونَ عَلَيْهِ فَثَبَتَ حَتَّى تَكَرْكَرَ الْمُشْرِكُونَ وَحَمَلَ بِأَصْحَابِهِ فَفَضَّ جَمْعًا مِنْ جَمْعِهِمْ ثُمَّ دُهِمَ مِنْهُمْ بَشَرٌ كَثِيرٌ فانحاش بالمسلمين فانكشفوا راجعين.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا أَخَذَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ الراية [قال رسول الله. ص: الآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْحِيرَةِ يَقُولُ: قَدِ انْقَطَعَ فِي يَدِي يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ ...
[ومن بني سهم]
446- عمرو بن العاص.
.. ... و «1» أسلم لي فِي ديني وأما أنت يا مُحَمَّد فأمرتني بالذي أنبه لي فِي دنياي وأشر لي فِي آخرتي. وإن عليًا قد بويع له وهو يدل بسابقته. وهو غير مشركي فِي شيء من أمره. ارحل يا وردان. ثُمَّ خرج ومعه ابناه حتى قدم على مُعَاوِيَة بْن أبي سُفْيَان فبايعه على الطلب بدم عُثْمَان وكتبا بينهما كتابًا نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما تعاهد عليه مُعَاوِيَة بْن أبي سُفْيَان وعمرو بْن العاص ببيت المقدس من بعد قُتِلَ عُثْمَان بْن عفّان وحمل كل واحد منهما صاحبه الأمانة. إنّ بيننا عهد الله على التناصر
__________
(1) نقص في الأصل.
__________
446 تهذيب التهذيب (8/ 56، 57) ، وتقريب التهذيب (2/ 72) ، وحذف من نسب قريش (70) ، (80) ، (87) ، والمغازي (6) ، (28) ، (29) ، (201) ، (202) ، وانظر الفهرس) .(4/191)
والتخالص والتناصح في أمر الله والإسلام ولا يخذل أحدنا صاحبه بشيء ولا يتخذ من دونه وليجة. ولا يحول بيننا ولد ولا والد أبدًا ما حيينا فيما استطعنا فإذا فتحت مصر فَإِن عُمَرًا على أرضها وإمارته التي أمره عليها أمير المؤمنين. وبيننا التناصح والتوازر والتعاون على ما نابنا من الأمور. ومعاوية أمير على عَمْرو بْن العاص فِي النّاس وَفِي عامة الأمر حَتَّى يجمع الله الأُمّة فإذا اجتمعت الأُمّة فإنهما يدخلان فِي أحسن أمرها على أحسن الَّذِي بينهما فِي أمر الله الَّذِي بينهما من الشرط فِي هَذِهِ الصحيفة. وكتب وردان سنة ثمانٍ وثلاثين.
قَالَ: وبلغ ذلك عليًا فقام فخطب أَهْل الكوفة فقال: أما بعد فإنه قد بلغني أن عَمْرو بن العاص الأبتر ابن الأبتر بايع مُعَاوِيَة على الطلب بدم عُثْمَان وحضهم عليه فالعضد والله الشلاء عَمْرو ونصرته.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ الْغَازِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ وَغَيْرِهِمَا قَالُوا: كَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يُبَاشِرُ الْقِتَالَ فِي الْقَلْبِ أَيَّامَ صِفِّينَ بِنَفْسِهِ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ مِنْ تِلْكَ الأَيَّامِ اقْتَتَلَ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَأَهْلُ الشَّامِ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ فَإِذَا كَتِيبَةٌ خَشْنَاءُ مِنْ خَلْفِ صُفُوفِنَا أَرَاهُمْ خَمْسَمِائَةٍ فِيهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ.
ويقبل علي في كتيبة أخرى نحو مِنْ عَدَدِ الَّذِي مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. فَاقْتَتَلُوا سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى كَثُرَتِ الْقَتْلَى بَيْنَهُمْ ثُمَّ صَاحَ عَمْرٌو بِأَصْحَابِهِ: الأَرْضَ يَا أَهْلَ الشَّامَ.
فَتَرَجَّلُوا وَدَبَّ بِهِمْ وَتَرَجَّلَ أَهْلُ الْعِرَاقِ. فَنَظَرْتُ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يُبَاشِرُ الْقِتَالَ وَهُوَ يَقُولُ:
وَصَبَرْنَا عَلَى مَوَاطِنِ ضَنْكٍ ... وَخُطُوبٍ تُرِي الْبَيَاضَ الْوَلِيدَا
وَيُقْبِلُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَخَلُصَ إِلَى عَمْرٍو وَضَرَبَهُ ضَرْبَةً جَرَحَهُ عَلَى الْعَاتِقِ وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا أَبُو السَّمْرَاءِ. وَيُدْرِكُهُ عَمْرٌو فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً أَثْبَتَهُ وَانْحَازَ عمرو في أصحابه وانحاز أصحابه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ شِبْلٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَوْمَ صِفِّينَ وَقَدْ وُضِعَتْ لَهُ الْكَرَاسِيُّ يَصِفُّ النَّاسَ بِنَفْسِهِ صُفُوفًا وَيَقُولُ كَقَصِّ الشَّارِبِ. وَهُوَ حَاسِرٌ. وَأَسْمَعُهُ وَأَنَا مِنْهُ قَرِيبٌ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِالشَّيْخِ الأَزْدِيِّ أَوِ الدَّجَّالِ. يَعْنِي هاشم بن عتبة.(4/192)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: اقْتَتَلَ النَّاسُ بِصِفِّينَ قِتَالا شَدِيدًا لَمْ يَكُنْ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ مِثْلَهُ قَطُّ حَتَّى كَرِهَ أَهْلُ الشَّامِ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ الْقِتَالَ وَمَلُّوهُ مِنْ طُولِ تَبَاذُلِهِمُ السَّيْفَ. فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ. وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْقِتَالِ.
لِمُعَاوِيَةَ: هَلْ أَنْتَ مُطِيعِي فَتَأْمُرَ رِجَالا بِنَشْرِ الْمَصَاحِفِ ثُمَّ يَقُولُونَ يَا أهل العراق ندعوكم إلى القرآن وَلا يَزِيدُ ذَلِكَ أَمْرَ أَهْلِ الشَّامِ إِلا اسْتِجْمَاعًا. فَأَطَاعَهُ مُعَاوِيَةُ فَفَعَلَ وَأَمَرَ عَمْرٌو رِجَالا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَقُرِئَ الْمُصْحَفُ ثُمَّ نَادَى: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ نَدْعُوكُمْ إِلَى الْقُرْآنِ. فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِرَاقِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَوَلَسْنَا عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَبَيْعَتِنَا؟ وَقَالَ آخَرُونَ كَرِهُوا الْقِتَالَ: أَجَبْنَا إلى كتاب الله. فلما رأى علي. ع. وَهَنَهُمْ وَكَرَاهَتَهُمُ لِلْقِتَالِ قَارَبَ مُعَاوِيَةَ فِيمَا يَدْعُوهُ إليه واختلف بينهم الرسل [فقال علي. ع: قَدْ قَبِلْنَا كِتَابَ اللَّهِ فَمَنْ يَحْكُمُ بِكِتَابِ اللَّهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ؟ قَالَ: نَأْخُذُ رَجُلا مِنَّا نَخْتَارُهُ وَتَأْخُذُ مِنْكُمْ رَجُلا تَخْتَارُهُ.] فَاخْتَارَ مُعَاوِيَةُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَاخْتَارَ عَلِيٌّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ النَّضْرِ أَنَّ عليا. ع. بَعَثَ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ وَمَعَهُ أَرْبَعُمِائَةِ رَجُلٍ عَلَيْهِمْ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ وَمَعَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ يُصَلِّي بِهِمْ وَيْلِي أَمْرَهُمْ. وَبَعَثَ معاوية عمرو بن العاص في أربعمائة من أهل الشام حتى توافوا بدومة الجندل.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: لما التقى الناس بدومة الجندل قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِلأَشْعَرِيّ: احْذَرْ عَمْرًا فَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يُقَدِّمَكَ وَيَقُولُ أَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَسَنُّ مِنِّي. فَكُنْ مُتَدَبِّرًا لَكَلامِهِ. فَكَانَا إِذَا الْتَقَيَا يَقُولُ عَمْرٌو إِنَّكَ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلِي وَأَنْتَ أَسَنُّ مِنِّي فَتَكَلَّمَ ثُمَّ أَتَكَلَّمُ. وَإِنَّمَا يُرِيدُ عَمْرٌو أَنْ يُقَدِّمَ أَبَا مُوسَى فِي الْكَلامِ لِيَخْلَعَ عَلِيًّا. فَاجْتَمَعَا عَلَى أَمْرِهِمَا فَأَدَارَهُ عَمْرٌو عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَبَى. وقال أَبُو مُوسَى: أَرَى أَنْ نَخْلَعَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ وَنَجْعَلَ هَذَا الأَمْرَ شُورَى بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَخْتَارُونَ لأَنْفُسِهِمْ مَنْ أَحَبُّوا.
قَالَ عَمْرٌو: الرَّأْيُ مَا رَأَيْتَ. فَأَقْبَلا عَلَى النَّاسِ وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: يَا أَبَا مُوسَى أَعْلِمْهُمْ بِأَنَّ رَأَيْنَا قَدِ اجْتَمَعَ. فَتَكَلَّمَ أَبُو مُوسَى فَقَالَ أَبُو مُوسَى: إِنَّ رَأَيْنَا قَدِ(4/193)
اتَّفَقَ عَلَى أَمْرٍ نَرْجُو أَنْ يَصْلُحَ بِهِ أَمْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ. فَقَالَ عَمْرٌو: صَدَقَ وَبَرَّ وَنِعْمَ النَّاظِرُ لِلإِسْلامِ وَأَهْلِهِ. فَتَكَلَّمْ يَا أَبَا مُوسَى. فَأَتَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَخَلا بِهِ فَقَالَ: أَنْتَ فِي خُدْعَةٍ.
أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لا تَبْدَأْهُ وَتَعَقَّبْهُ فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَكُونَ أَعْطَاكَ أَمْرًا خَالِيًا ثُمَّ يَنْزِعَ عَنْهُ عَلَى مَلإٍ مِنَ النَّاسِ وَاجْتِمَاعِهِمْ. فَقَالَ الأَشْعَرِيُّ: لا تَخْشَ ذَلِكَ. قَدِ اجْتَمَعْنَا وَاصْطَلَحْنَا.
فَقَامَ أَبُو مُوسَى فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ نَظَرْنَا فِي أَمْرِ هَذِهِ الأُمَّةِ فَلَمْ نَرَ شَيْئًا هُوَ أَصْلَحُ لأَمْرِهَا وَلا أَلَمُّ لِشَعَثِهَا مِنْ أَنْ لا نَبْتَزَّ أُمُورَهَا وَلا نَعْصِبَهَا حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ عَنْ رَضًى مِنْهَا وَتَشَاورٍ. وَقَدِ اجْتَمَعْتُ أَنَا وَصَاحِبِي عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ. عَلَى خَلْعِ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ وَتَسْتَقْبِلُ هَذِهِ الأُمَّةُ هَذَا الأَمْرَ فَيَكُونُ شُورَى بَيْنَهُمْ يُوَلُّونَ مِنْهُمْ مَنْ أَحَبُّوا عَلَيْهِمْ. وَإِنِّي قَدْ خَلَعْتُ عَلِيًّا وَمُعَاوِيَةَ فَوَلُّوا أَمْرَكُمْ مَنْ رَأَيْتُمْ. ثُمَّ تَنَحَّى. فَأَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَا قَدْ قَالَ مَا قَدْ سَمِعْتُمْ وَخَلَعَ صَاحِبَهُ وَإِنِّي أَخْلَعُ صَاحِبَهُ كَمَا خَلْعَهُ وَأُثْبِتُ صَاحِبِي معاوية فإنه ولي ابن عَفَّانَ وَالطَّالِبُ بِدَمِهِ وَأَحَقُّ النَّاسِ بِمَقَامِهِ. فَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: وَيْحَكَ يَا أَبَا مُوسَى مَا أَضْعَفَكَ عَنْ عَمْرٍو وَمَكَائِدِهِ! فَقَالَ أَبُو مُوسَى: فَمَا أَصْنَعُ؟ جَامَعَنِي عَلَى أَمْرٍ ثُمَّ نَزَعَ عَنْهُ.
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لا ذَنْبَ لَكَ يَا أَبَا مُوسَى. الذَّنْبُ لِغَيْرِكَ. لِلَّذِي قَدَّمَكَ فِي هَذَا الْمَقَامِ. فَقَالَ أَبُو مُوسَى: رَحِمَكَ اللَّهُ غَدَرَنِي فَمَا أَصْنَعُ؟ وَقَالَ أبو موسى لعمرو: إنما مثلك ك الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ. فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: إِنَّمَا مَثَلُكَ مَثَلُ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً. فقال ابن عمر: إلى م صَيَّرْتَ هَذِهِ الأُمَّةَ؟ إِلَى رَجُلٍ لا يُبَالِي مَا صَنَعَ وَآخَرَ ضَعِيفٌ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: لَوْ مَاتَ الأَشْعَرِيُّ مِنْ قبل هذا كان خيرا لَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ عَمْرٌو يَقُولُ لِمُعَاوِيَةَ حِينَ خَرَجَتِ الْخَوَارِجُ عَلَى عَلِيٍّ: كَيْفَ رَأَيْتَ تَدْبِيرِي لَكَ حَيْثُ ضَاقَتْ نَفْسُكَ مُسْتَهْزِئًا عَلَى فَرَسِكَ الْوَرْدُ تَسْتَبْطِئُهُ فَأَشَرْتُ عَلَيْكَ أَنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَعَرَفْتُ أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ أَهْلُ شِبْهٍ وَأَنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ عَلَيْهِ. فَقَدِ اشْتَغَلَ عَنْكَ عَلِيٌّ بِهِمْ وَهُمْ آخِرُ هَذَا قَاتِلُوهُ. لَيْسَ جُنْدٌ أَوْهَنُ كَيْدًا مِنْهُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالا: لَمَّا صَارَ الأَمْرُ في بدي مُعَاوِيَةَ اسْتَكْثَرَ طُعْمَةَ مِصْرَ لِعَمْرٍو مَا عَاشَ وَرَأَى عَمْرٌو أَنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ قَدْ(4/194)
صَلُحَ بِهِ وَبِتَدْبِيرِهِ وَعَنَائِهِ وَسَعْيِهِ فِيهِ. وَظَنَّ أَنَّ مُعَاوِيَةَ سَيَزِيدُهُ الشَّامَ مَعَ مِصْرَ فَلَمْ يفعل معاوية. فتنكر عمرو لمعاوية فاختلفا وتغالظا وَتَمَيَّزَ النَّاسُ وَظَنُّوا أَنَّهُ لا يَجْتَمِعُ أَمْرُهُمَا.
فَدَخَلَ بَيْنَهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ فَأَصْلَحَ أَمْرَهُمَا وَكَتَبَ بَيْنَهُمَا كِتَابًا وَشَرَطَ فِيهِ شُرُوطًا لِمُعَاوِيَةَ وَعَمْرٍو خَاصَّةً وَلِلنَّاسِ عَلَيْهِ. وَأَنَّ لِعَمْرٍو وِلايَةَ مِصْرَ سَبْعَ سِنِينَ. وَعَلَى أَنَّ عَلَى عَمْرٍو السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ لِمُعَاوِيَةَ. وَتَوَاثَقَا وَتَعَاهَدَا عَلَى ذَلِكَ وأشهدا عَلَيْهِمَا بِهِ شُهُودًا.
ثُمَّ مَضَى عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَلَى مِصْرَ وَالِيًا عَلَيْهَا وَذَلِكَ فِي آخر سنة تسع وثلاثين.
فو الله مَا مَكَثَ بِهَا إِلا سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا حتى مات.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ الشَّيْبَانِيُّ النَّبِيلُ قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنِ ابْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ قَالَ: حَضَرْنَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَهُوَ فِي سِيَاقَةِ الْمَوْتِ فَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْحَائِطِ يَبْكِي طَوِيلا وَابْنُهُ يَقُولُ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَذَا؟ أَمَا بَشَّرَكَ بِكَذَا؟ قَالَ وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَبْكِي وَوَجْهُهُ إِلَى الْحَائِطِ. قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ إِلَيْنَا فَقَالَ: إِنَّ أَفْضَلَ مِمَّا تَعُدُّ عَلَيَّ شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنِّي قَدْ كُنْتُ عَلَى أَطْبَاقٍ ثَلاثٍ. قَدْ رَأَيْتُنِي مَا من الناس من أَحَدٌ أَبْغَضُ إِلِيَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَسْتَمْكِنَ مِنْهُ فَأَقْتُلَهُ. فَلَوْ مِتُّ عَلَى تِلْكَ الطَّبَقَةِ لَكُنْتُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. ثُمَّ جَعَلَ اللَّهُ الإِسْلامَ فِي قَلْبِي فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأُبَايِعَهُ فَقُلْتُ: ابسط يمينك أبايعك يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ فَبَسَطَ يَدَهُ ثُمَّ إِنِّي قَبَضْتُ يَدِي [فَقَالَ: مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟ قَالَ فَقُلْتُ:
أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ. فَقَالَ: تَشْتَرِطُ مَاذَا؟ فَقُلْتُ: اشْتَرِطُ أَنْ يُغْفَرَ لِي. فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ يَا عَمْرُو أَنَّ الإِسْلامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَأَنُّ الْهِجْرَةُ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟] فَقَدْ رَأَيْتُنِي مَا مِنَ النَّاسِ أُحُدٌ أَحَبُّ إِلِيَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلا أَجَلُّ فِي عَيْنِي مِنْهُ. وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَنْعَتَهُ مَا أَطَقْتُ لأَنِّي لَمْ أَكُنْ أُطِيقُ أَنْ أَمْلأَ عَيْنِي إِجْلالا لَهُ.
فَلَوْ مِتُّ عَلَى تِلْكَ الطَّبَقَةِ رَجَوْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. ثُمَّ وُلِيِّنَا أَشْيَاءَ بَعْدُ فَلَسْتُ أَدْرِي مَا أَنَا فِيهَا أَوْ مَا حَالِي فِيهَا. فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَلا تَصْحَبْنِي نَائِحَةٌ وَلا نَارٌ. فَإِذَا دَفَنْتُمُونِي فَسُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ سَنًّا. فَإِذَا فَرَغْتُمْ مِنْ قَبْرِي فَامْكُثُوا عِنْدَ قَبْرِي قَدْرَ مَا يُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا فَإِنِّي أَسْتَأْنِسُ بِكُمْ حَتَّى أَعْلَمَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ لَمَّا كَانَ عِنْدَ الْمَوْتِ دَعَا حَرَسَهُ فَقَالَ: أَيُّ صَاحِبٍ كُنْتُ لَكُمْ؟ قَالُوا:(4/195)
كُنْتَ لَنَا صَاحِبَ صَدْقٍ تُكْرِمُنَا وَتُعْطِينَا وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ. قَالَ: فَإِنِّي إِنَّمَا كُنْتُ أَفْعَلُ ذَلِكَ لِتَمْنَعُونِي مِنَ الْمَوْتِ. وَإِنَّ الْمَوْتَ هَا هُوَ ذَا قَدْ نَزَلَ بِي فَأَغْنُوهُ عَنِّي. فَنَظَرَ القوم بعضهم إلى بعض فقالوا: لا نُغْنِي عَنْكَ مِنَ الْمَوْتِ شَيْئًا. فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ قُلْتُهَا وَإِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكُمْ لا تُغْنُونَ عَنِّي مِنَ الْمَوْتِ شَيْئًا وَلَكِنْ الله لأَنْ أَكُونَ لَمْ أَتَّخِذْ مِنْكُمْ رَجُلا قَطُّ يَمْنَعُنِي مِنَ الْمَوْتِ أَحَبَّ إِلَى مِنْ كَذَا وَكَذَا. فَيَا وَيْحَ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ إِذْ يَقُولُ حَرَسُ أُمَرَاءِ أَجَلِهِ. ثُمَّ قَالَ عَمْرٌو: اللَّهُمَّ لا بَرِيءَ فَأَعْتَذِرُ وَلا عَزِيزَ فَأَنْتَصِرُ وإلا تدركني برحمة أكن من الهالكين.
قال: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ الْمُزَنِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَرْبِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَاهُ قَالَ: يَا بُنَيَّ إِذَا مِتُّ فَاغْسِلْنِي غَسْلَةً بِالْمَاءِ ثُمَّ جَفِّفْنِي فِي ثَوْبٍ.
ثُمَّ اغْسِلْنِي الثَّانِيَةَ بِمَاءٍ قُرَاحٍ ثُمَّ جَفِّفْنِي فِي ثَوْبٍ. ثُمَّ اغْسِلْنِي الثَّالِثَةَ بِمَاءٍ فِيهِ شَيْءٌ من كافور ثُمَّ جَفِّفْنِي فِي ثَوْبٍ. ثُمَّ إِذَا أَلْبَسْتَنِي الثِّيَابَ فَأَزِرَّ عَلَيَّ فَإِنِّي مُخَاصِمٌ. ثُمَّ إِذَا أَنْتَ حَمَلْتَنِي عَلَى السَّرِيرِ فَامْشِ بِي مَشْيًا بَيْنَ الْمَشْيَتَيْنِ وَكُنْ خَلْفَ الْجَنَازَةِ فَإِنَّ مُقَدَّمَهَا لِلْمَلائِكَةِ وَخَلْفَهَا لِبَنِي آدَمَ. فَإِذَا أَنْتَ وَضَعْتَنِي فِي الْقَبْرِ فَسُنَّ عَلَيَّ التُّرَابَ سَنًّا. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَنَا فَرَكِبْنَا وَنَهَيْتَنَا فَأَضَعْنَا فَلا بَرِيءَ فَأَعْتَذِرُ وَلا عَزِيزَ فَأَنْتَصِرُ وَلَكِنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. مَا زَالَ يَقُولُهَا حتى مات.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَمَّادٍ وَغَيْرِهِ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ: عُدْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَقَدْ ثَقُلَ فَقُلْتُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: أَذُوبُ وَلا أَثُوبُ وَأَجِدُ نَجْوَى أَكْثَرَ مِنْ رُزْئِي. فَمَا بَقَاءُ الكبير على هذا؟
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ:
عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَقُولُ: عَجَبًا لِمَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ وَعَقْلُهُ مَعَهُ كَيْفَ لا يَصِفُهُ. فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ قَالَ لَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: يَا أَبَتِ إِنَّكَ كُنْتَ تَقُولُ عَجَبًا لِمَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ وَعَقْلُهُ مَعَهُ كَيْفَ لا يَصِفُهُ فَصِفْ لَنَا الْمَوْتَ وَعَقْلُكُ مَعَكَ. فَقَالَ: يَا بُنَيَّ. الْمَوْتُ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُوصَفَ وَلَكِنِّي سَأَصِفُ لَكَ مِنْهُ شَيْئًا. أَجِدُنِي كَأَنَّ عَلَى عُنُقِي جِبَالُ رَضْوَى. وَأَجِدُنِي كَأَنَّ فِي جَوْفِي شَوْكَ السِّلاءِ. وَأَجِدُنِي كَأَنَّ نفسي يخرج من ثقب إبرة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: تُوُفِّيَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَوْمَ الْفِطْرِ بِمِصْرَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَهُوَ وال(4/196)
عَلَيْهَا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَسَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ تُوُفِّيَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: أَعْتَقَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ كُلَّ مَمْلُوكٍ لَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: انْظُرْ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِمَّنْ بَايَعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَأَتِمَّ لَهُ مِائَتَيْ دِينَارٍ. وَأَتِمَّ لِنَفْسِكَ بِإِمَارَتِكَ مِائَتَيْ دينار. ولخارجة بن حذافة بِشَجَاعَتِهِ. وَلِقَيْسِ بْنِ الْعَاصِ بِضِيَافَتِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عن عبد الرحمن بن يحيى عن حيان بْنِ أَبِي جَبَلَةَ قَالَ: قِيلَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَا الْمُرُوءَةُ؟ فَقَالَ: يُصْلِحُ الرَّجُلُ مَالَهُ وَيُحْسِنُ إِلَى إِخْوَانِهِ.
447- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ
بْنِ وائل بن هاشم بن سَعِيد بْن سهم. وأمه رَيْطَةَ بِنْت مُنَبِّهِ بْن الْحَجَّاجِ بْن عَامِرِ بْن حُذَيْفة بْن سعد بْن سهم. وكان لعبد الله بْن عَمْرو من الولد مُحَمَّد وبه كان يكنى وأمه بِنْت محمية بْن جزء الزُّبَيْديّ. وهشام وهاشم وعمران
__________
447 تاريخ الدوري (2/ 322) ، وتاريخ خليفة (159) ، (195) ، وطبقات خليفة (26) ، (139) ، وعلل ابن المديني (55) ، (63) ، (65) ، (66) ، وعلل أحمد بن حنبل (66) ، (75) ، (266) ، (283) ، (331) ، والتاريخ الكبير للبخاري (5/ ت 6) ، والمعارف (286) ، (287) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 251) ، وتاريخ أبي زرعة (338) ، (555) ، (556) ، (594) ، وتاريخ واسط (50- 51) ، وكنى الدولابي (1/ 16) ، والجرح والعديل (5/ ت 529) ، والثقات لابن حبان (3/ 210) ، وحلية الأولياء (1/ 283) ، والاستيعاب (3/ 956) ، والكامل في التاريخ (2/ 78) ، وأسد الغابة (3/ 233) ، وتهذيب الأسماء (1/ 281) ، وتذكرة الحفاظ (1/ 41) ، والعبر (1/ 72، 379، 380) ، وسير أعلام النبلاء (3/ 79) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 3440) ، وتهذيب الكمال (3450) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (169) ، وتاريخ الإسلام (3/ 37) ، وتهذيب التهذيب (5/ 337- 338) ، والإصابة (2/ 4847) ، وتقريب التهذيب (1/ 436) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3688) ، وشذرات الذهب (1/ 73) ، وحذف من نسب قريش (88) .(4/197)
وأم أياس وأم عبد الله وأم سَعِيد وأمهم أم هاشم الكندية من بني وهب بن الحارث.
قال: وأخبرنا مُحَمَّد بْن عُمَر قَالَ: أسلم عَبْد الله بن عَمْرو قبل أَبِيهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كِتَابَةِ مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ. قَالَ فَأَذِنَ لِي فَكَتَبْتُهُ. فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُسَمِّي صَحِيفَتَهُ تِلْكَ الصَّادِقَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:
رَأَيْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو صَحِيفَةً فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ: هَذِهِ الصَّادِقَةُ. فِيهَا مَا سَمِعْتُ مِنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِيهَا أُحُدٌ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ الإِسْكَنْدَرَانِيِّ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ أَحَادِيثَ أَحَبُّ أَنْ أَعِيَهَا فَأَسْتَعِينُ بِيَدِي مَعَ قَلْبِي. يَعْنِي أَكْتُبُهَا. قَالَ: نَعَمْ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ عَنْ حبيب ابن أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ لي رسول الله. ص: أَلَمْ أُنَبَّأْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ؟ قَالَ قُلْتُ: إِنِّي أَقْوَى. قَالَ:
فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتِ الْعَيْنُ وَتَنْفَهَ النَّفْسُ. صُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَذَلِكَ صَوْمُ الدهر أو كصوم الدهر. قال فقلت: إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً. قَالَ: فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ. كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلا يَفِرُّ إِذَا لاقَى] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سليمان بن حيان قال لي رسول الله. ص: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بَلَغَنِي أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ فَلا تَفْعَلْ فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَظًّا وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَظًّا وَإِنَّ لِعَيْنَيْكَ عَلَيْكَ حَظًّا. صُمْ وَأَفْطِرْ.
صُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةً فَذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ.. قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَجِدُ بِي قُوَّةً. قَالَ: صُمْ صَوْمَ دَاوُدَ. صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا. قَالَ فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ: فَيَا لَيْتَنِي أَخَذْتُ بِالرُّخْصَةِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقُرْقُسَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ [رَسُولُ اللَّهِ. ص: أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟ قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَى.(4/198)
قَالَ فَقَالَ: صُمْ وَأَفْطِرْ وَصَلِّ وَنَمْ فَإِنَّ لجسدك عَلَيْكَ حَقًّا. وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا.
وَإِنَّ لزورك عَلَيْكَ حَقًّا. وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ. قَالَ فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً. قَالَ: فَصُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَقَالَ فَشَدَدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنِّي أَجِدُ قُوَّةً. قَالَ فَقَالَ: فَصُمْ صِيَامِ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ لا تَزِدْ عَلَيْهِ قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا كَانَ صِيَامُ دَاوُدَ. عَلَيْهِ السَّلامُ؟
قَالَ: كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا] . قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَخْبَرَاهُ أَنَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنِّي أَقُولُ لأَصُومَنَّ الدَّهْرَ وَلأَقُومَنَّ اللَّيْلَ [فَقَالَ لِي رسول الله. ص: أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ لأَصُومَنَّ النَّهَارَ وَلأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ؟ قَالَ: قَدْ قُلْتُ ذَلِكَ يَا رسول الله. فقال رسول الله. ص: إِنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ فَأَفْطِرْ وَصُمْ وَنَمْ وَقُمْ. وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ. قَالَ قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. فقال رسول الله. ص: صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ. قَالَ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. فَقَالَ: لا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرِ بْنِ حَبِيبٍ السَّهْمِيُّ مِنْ بَاهِلَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو لما أسن ليتني أَخَذْتُ بِرُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَكَانَ مِنْ تِلْكَ الأَيَّامِ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَدَعَاهُ عَمْرٌو فَقَالَ: هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ. قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. قَالَ: لَيْسَ لَكَ ذَلِكَ لأَنَّهَا أَيَّامُ أَكَلٍ وَشُرْبٍ. قَالَ وَسَأَلَهُ: كَيْفَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: أَقْرَأَهُ كُلَّ لَيْلَةٍ. قَالَ: أَفَلا تَقْرَأُهُ فِي كُلِّ عَشْرٍ؟ قَالَ: أَنَا أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ سِتٍّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ كَثِيرٍ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ الْمُطَّلِبِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ دَخَلَ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي أَيَّامٍ مِنًى فَدَعَاهُ إِلَى الْغَدَاءِ فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. ثُمَّ الثَّانِيَةَ فَكَذَلِكَ.
ثُمَّ دَعَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: لا إِلا أَنْ تَكُونَ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قال: أَخْبَرَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو(4/199)
قَالَ: [قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو فِي كَمْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ قُلْتُ: فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. قَالَ فَقَالَ لِيَ: ارْقُدْ وَصَلِّ وصل. وارقد واقرأه فِي كُلِّ شَهْرٍ. فَمَا زِلْتُ أُنَاقِضُهُ وَيُنَاقِضُنِي حَتَّى قَالَ: اقْرَأْهُ فِي سَبْعِ لَيَالٍ. قَالَ ثُمَّ قَالَ لِي: كَيْفَ تَصُومُ؟ قَالَ قُلْتُ: أَصُومُ وَلا أُفْطِرُ. قَالَ فَقَالَ لِي: صُمْ وَأَفْطِرْ وَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ. فَمَا زِلْتُ أُنَاقِضُهُ وَيُنَاقِضُنِي حَتَّى قَالَ لِي: صُمْ أَحَبَّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامِ أَخِي دَاوُدَ. صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا.] قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: فَلأَنْ أَكُونَ قَبِلْتُ رُخْصَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي حُمْرُ النعم حسبته.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ خَيْثَمَةَ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ. قَالَ فَقُلْتُ: أَيُّ شَيْءٍ تَقْرَأُ؟
قَالَ: جُزْئِي الَّذِي أَقُومُ بِهِ اللَّيْلَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قال: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ [لي رسول الله. ص: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو لا تَكُنْ مِثْلَ فُلانٍ. كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ: [إِنَّ هَذِهِ الثِّيَابَ ثِيَابُ الْكُفَّارِ فَلا تَلْبِسْهَا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلَ يَذْكُرُ عَنْ طاووس قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ: [أُمُّكَ أَمَرَتْكَ بِهَذَا؟ فَقَالَ: أَغْسِلُهُمَا يَا رسول الله. فقال رسول الله. ص: حَرِّقْهُمَا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ عَنْ رِشْدِينَ بْنِ كُرَيْبٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَعْتَمُّ بِعِمَامَةِ حَرْقَانِيَّةٍ وَيُرْخِيهَا شبرا وأقل من شبر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عبد الله بن شُوَيْفِعٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.(4/200)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْعُرْيَانِ بْنِ الْهَيْثَمِ قَالَ: وَفَدْتُ مَعَ أَبِي إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَجَاءَ رَجُلٌ طُوَالٌ أَحْمَرُ عَظِيمُ الْبَطْنِ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ أَبِي: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ:
عبد الله بْنُ عَمْرٍو.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ وَصَفَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو فَقَالَ: رَجُلٌ أَحْمَرُ عَظِيمُ الْبَطْنِ طُوَالٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَوْشَبٌ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ قَالَ: طَافَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بالبيت بعد ما عَمِيَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ شَرِيكِ بْنِ خَلِيفَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقْرَأُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يَأْتِي الْجُمُعَةَ مِنَ الْمَغْمَسِ فَيُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ يَرْتَفِعُ إِلَى الْحِجْرِ فَيُسَبِّحُ وَيُكَبِّرُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. ثُمَّ يَقُومُ فِي جَوْفِ الْحِجْرِ فَيَجْلِسُ إِلَيْهِ النَّاسُ. فَقَالَ يَوْمًا: مَا أَفْرَقُ عَلَى نَفْسِي إِلا مِنْ ثَلاثِ مَوَاطِنَ فِي دَمِ عُثْمَانَ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بن صفوان: إن كنت رضيت قتلته فَقَدْ شَرَكْتَ فِي دَمِهِ. وَإِنِّي آخِذٌ الْمَالَ فَأَقُولُ أُقْرِضْهُ اللَّهَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَيُصْبِحُ فِي مَكَانِهِ. فَقَالَ ابْنُ صَفْوَانَ: أَنْتَ امْرُؤٌ لَمْ تُوقَ شُحَّ نَفْسِكَ. قَالَ: وَيَوْمَ صِفِّينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: مَا لِي وَلِصِفِّينَ. مَا لِي وَلِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ. لَوَدِدْتُ أَنِّي مِتُّ قَبْلَهُ بِعَشْرِ سِنِينَ. أَمَا وَاللَّهِ عَلَى ذَلِكَ مَا ضَرَبْتُ بِسَيْفٍ وَلا طَعَنْتُ بِرُمْحٍ وَلا رَمَيْتُ بِسَهْمٍ. وَمَا رَجُلٌ أَجْهَدُ مِنِّي مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ نَافِعٌ: حَسِبْتُهُ ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَتْ بِيَدِهِ الرَّايَةُ فَقَدِمَ النَّاسَ مَنْزِلَةً أَوْ مَنْزِلَتَيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ سَلامَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: لَوَدِدْتُ أَنِّي هَذِهِ السَّارِيَةُ.(4/201)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:
رُبَّمَا ارتجز عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بسيفه في الحرب.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو إِذَا جَلَسَ لَمْ تَنْطِقْ قُرَيْشٌ. قَالَ فَقَالَ يَوْمًا: كَيْفَ أَنْتُمْ بِخَلِيفَةٍ يَمْلِكُكُمْ لَيْسَ هُوَ مِنْكُمْ؟ قَالُوا: فَأَيْنَ قريش يومئذ؟ قال: يفنيها السيف.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ: انْطَلَقْتُ فِي رَهْطٍ مِنْ نُسَّاكِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إِلَى مَكَّةَ فَقُلْنَا لَوْ نَظَرْنَا رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَحَدَّثْنَا إِلَيْهِ. فَدُلِلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَأَتَيْنَا مَنْزِلَهُ فَإِذَا قَرِيبٌ مِنْ ثَلاثِمِائَةِ رَاحِلَةٍ. قَالَ فَقُلْنَا: عَلَى كُلِّ هَؤُلاءِ حَجَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو؟ قَالُوا: نَعَمْ هُوَ وَمَوَالِيهِ وَأَحِبَّاؤُهُ. قَالَ فَانْطَلَقْنَا إِلَى الْبَيْتِ فَإِذَا نَحْنُ بِرَجُلٍ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ بَيْنَ بُرْدَيْنِ قِطْرِيَّيْنِ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ لَيْسَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ. قَالَ فَقُلْنَا: أَنْتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو. وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ. وَقَدْ قَرَأْتَ الْكِتَابَ الأَوَّلَ وَلَيْسَ أَحَدٌ نَأْخُذُ عَنْهُ أَحَبُّ إِلَيْنَا. أَوْ قَالَ أَعْجَبُ إِلَيْنَا مِنْكَ. فَحَدِّثْنَا بِحَدِيثٍ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنَا بِهِ. فَقَالَ لَنَا: مِمَّنْ أَنْتُمْ؟ فَقُلْنَا: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ. فَقَالَ: إِنَّ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَوْمًا يَكْذِبُونَ وَيُكَذِّبُونَ وَيَسْخَرُونَ. قَالَ قُلْنَا: مَا كُنَّا لِنُكَذِّبُكَ وَلا نَكْذِبُ عَلَيْكَ وَلا نَسْخَرُ منك. حدثنا بحديث لعل الله ينفعنا به. فحدثتهم بِحَدِيثٍ فِي بَنِي قِنْطُورِ بْنِ كَرْكَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفُرَاتُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ كَانَ يَضْرِبُ فُسْطَاطَهُ فِي الْحِلِّ وَيَجْعَلُ مُصَلاهُ فِي الْحَرَمِ فَقِيلَ لَهُ: لَمَ تَفْعَلُ ذَلِكَ؟ قَالَ: لأَنَّ الأَحْدَاثَ فِي الْحَرَمِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الْحِلِّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ لا يَرَانِي إِلا اللَّهُ فَاسْتَطَعْتُ أَنْ أَقْتُلَهُ لَقَتَلْتُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: بَاعَ قَيِّمُ الْوَهْطِ فَضْلَ مَاءِ الْوَهْطِ فَرَدَّهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ.(4/202)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّلْمَانِيِّ قَالَ: الْتَقَى كَعْبُ الأَحْبَارِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ كَعْبٌ: أَتَطَيَّرُ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَمَا تَقُولُ؟ قَالَ: أَقُولُ اللَّهُمَّ لا طَيْرَ إِلا طَيْرُكَ وَلا خَيْرَ إِلا خَيْرُكَ وَلا رَبَّ غَيْرُكَ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِكَ. فَقَالَ: أَنْتَ أَفْقَهُ الْعَرَبِ. إِنَّهَا لَمَكْتُوبَةٌ فِي التَّوْرَاةِ كَمَا قُلْتَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِالشَّامِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَهُوَ يَوْمَئِذِ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً. وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
وَمِنْ بَنِي جُمَحِ بْنِ عَمْرٍو
448- سَعِيدُ بْنُ عَامِرِ بْنِ حِذْيَمِ
بْنِ سَلامَانَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ سَعْدِ بْن جُمَحَ بْن عَمْرو بْن هُصَيْصِ بْن كَعْبٍ. وأمه أروى بِنْت أبي معيط بْن أبي عَمْرو بْن أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ. ولم يكن لسعيد ولد ولا عقب. والعقب لأخيه جميل بْن عامر بْن حذيم.
من ولده سَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّهِ بْن جميل. ولي القضاء ببغداد فِي عسكر المهدي. وأسلم سَعِيد بْن عامر قبل خيبر. وهاجر إِلَى المدينة. وَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خيبر وما بعد ذلك من المشاهد. ولا نعلم له بالمدينة دارًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ قَالَ:
لَمَّا مَاتَ عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ وَلَّى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ سَعِيدَ بْنَ عَامِرِ بْنِ حِذْيَمٍ عَمَلَهُ. وَكَانَ عَلَى حِمْصَ وَمَا يَلِيهَا مِنَ الشَّامِ. وَكَتَبَ إليه كتابا يوصيه فيه بتقوى الله والجد في أمر اللَّهِ وَالْقِيَامِ بِالْحَقِّ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ وَيَأْمُرُهُ بِوَضْعِ الْخَرَاجِ وَالرِّفْقِ بِالرَّعِيَّةِ. فَأَجَابَهُ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ عَلَى نَحْوٍ مِنْ كِتَابِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ...
449- الْحَجَّاجُ بْنُ عِلاطٍ.
... لن «1» نقتله حَتَّى نبعث به إِلَى مكّة. قَالَ فصاحوا بمكّة وقالوا: قد جاءكم
__________
(1) نقص في الأصل.
__________
448 المغازي (359) ، ابن هشام (2/ 172) .
449 المغازي (702) ، (703) ، (704) ، (705) ، (799) ، (819) ، (896) ، ابن هشام (151) ، (345) ، (347) .(4/203)
الخبر. فقلت: أعينوني على جمع ما لي على غرمائي فَإِنِّي أريد أن أقدم فأصيب من غنائم مُحَمَّد وأصحابه قبل أن يسبقني التجار إلى ما هناك. فقاموا فجمعوا لي مالي كأحث جمع سمعت به وجئت صاحبتي. وكان لي عندها مال. فقلت لها مالي لعلي ألحق بخيبر فأصيب من البيع قبل أن يسبقني التجار. وسمع بذلك العباس بن عبد المطلب فانخزل ظهره فلم يستطع القيام فدعا غلامًا له يُقَالُ له أَبُو زبيبة فقال:
اذهب إِلَى الحجاج فقل يقول لك الْعَبَّاس الله أعلى وأجل من أن يكون الَّذِي تخبره حقًا. فجاءه فقال الحجاج: قل لأبي الفضل أخلني فِي بعض بيوتك حَتَّى آتيك ظهرًا ببعض ما تحب واكتم عني. فأتاه ظهرًا فناشده الله ليكتمن عليه ثلاثة أيّام فواثقه الْعَبَّاس على ذلك. قَالَ: فَإِنِّي قد أسلمت ولي مال عند امرأتي ودين على النّاس ولو علموا بإسلامي لم يدفعوا إلي شيئًا. تَرَكْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد فتح خيبر وجرت سهام الله ورسوله فيها وتركته عروسًا بابنة حيي بْن أخطب. وأقبل العباس بعد ما مضى الأجل وعليه حلة وقد تخلق بخلوق وأخذ فِي يده قضيبًا وأقبل يخطر حَتَّى وقف على باب الحجاج بْن علاط فقرعه وقال: أَيْنَ الحجاج؟ فقالت امْرَأَة: انطلق إِلَى غنائم مُحَمَّد وأصحابه ليشتري منها. فقال الْعَبَّاس: فَإِن الرجل ليس لك بزوج إلّا أن تتبعي دينه. إنّه قد أسلم وحضر الفتح مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ انصرف الْعَبَّاس إِلَى المسجد وقريش يتحدثون بحديث الحجاج بْن علاط فقال الْعَبَّاس: كلا وَالَّذِي حلفتم به. لقد افتتح رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خيبر وترك عروسًا على ابنه حيي بْن أخطب. فضرب أعناق بني أبي الحقيق البيض الجعاد الّذين رأيتموهم سادة النضير من يثرب وخيبر. وهرب الحجاج بماله الَّذِي عند امرأته. قَالُوا: من أخبرك هَذَا؟ قَالَ: الصادق فِي نفسي الثّقة فِي صدري الحجاج فابعثوا إِلَى أهله. فبعثوا فوجدوا الحجاج قد انطلق بماله ووجدوا كل ما قَالَ لهم الْعَبَّاس حقًا. فكبت المشركون وفرح المسلمون ولم تلبث قريش خمسة أيّام حَتَّى جاءهم الخبر بِذَلِك. هَذَا كله حديث مُحَمَّد بْن عُمَر عن رجاله الّذين روى عَنْهُمْ غزوة خيبر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَغْزُوَ مَكَّةَ بَعَثَ إِلَى الْحَجَّاجِ بْنِ عِلاطٍ وَالْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ يَأْمُرُهُمَا بِقُدُومِ الْمَدِينَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهَاجَرَ الْحَجَّاجُ بْنُ عِلاطٍ وَسَكَنَ الْمَدِينَةَ بِبَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ(4/204)
وَبَنَى بِهَا دَارًا وَمَسْجِدًا يُعْرَفُ بِهِ. وَهُوَ أبو نصر بن حجاج وَلَهُ حَدِيثٌ.
450- الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسَ بْنِ أَبِي عَامِرِ بْنُ حَارِثَةَ بْنِ عَبْدِ بْنِ عِيسَى بن رفاعة بن الحارث بن بهثة بن سليم.
أسلم قبل فتح مكة ووافى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تسعمائة من قومه على الخيول والقنا والدروع الظاهرة ليحضروا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فتح مَكَّةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ فَرُّوخَ السُّلَمِيُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ قَالَ: قَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ: لَقِيتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَسِيرُ حِينَ هَبَطَ مِنَ الْمُشَلَّلِ وَنَحْنُ فِي آلَةِ الْحَرْبِ وَالْحَدِيدُ ظَاهَرٌ عَلَيْنَا وَالْخَيْلُ تُنَازِعُنَا الأَعِنَّةَ. فَصَفَفْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلَى جَنْبِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. [فقال رسول الله. ص:
يَا عُيَيْنَةَ هَذِهِ بَنُو سُلَيْمٍ قَدْ حَضَرَتْ بِمَا تَرَى مِنَ الْعُدَّةِ وَالْعَدَدِ] . فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جَاءَهُمْ دَاعِيكَ وَلَمْ يَأْتِنِي. أَمَا وَاللَّهِ إِنَّ قَوْمِي لَمُعِدُّونَ مُؤَدُّونَ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلاحِ.
وَإِنَّهُمْ لأَحْلاسُ الْخَيْلِ وَرِجَالُ الْحَرْبِ وَرُمَاةُ الْحَدَقِ. فَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ: أَقْصِرْ أَيُّهَا الرجل فو الله إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّا أَفْرَسُ عَلَى مُتُونِ الْخَيْلِ وَأَطْعَنُ بِالْقَنَا وَأَضْرَبُ بِالْمَشْرَفِيَّةِ مِنْكَ وَمِنْ قَوْمِكَ. فَقَالَ عُيَيْنَةُ: كَذَبْتَ وَخُنْتَ. لَنَحْنُ أَوْلَى بِمَا ذَكَرْتَ مِنْكَ.
قَدْ عَرَفَتْهُ لَنَا الْعَرَبُ قَاطِبَةً. فأومأ إِلَيْهِمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ حَتَّى سَكَتَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: أُعْطِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَبَّاسَ بْنَ مِرْدَاسٍ مَعَ مَنْ أَعْطَى مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ. فَأَعْطَاهُ أَرْبَعَةَ مِنَ الإِبِلِ فَعَاتَبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شِعْرٍ قَالَهُ:
كَانَتْ نِهَابَا تَلافَيْتُهَا ... وَكَرِّي عَلَى القوم بالأجرع
__________
450 تاريخ خليفة (90) ، (99) ، (103) ، وطبقات خليفة (50) ، (181) ، والتاريخ الكبير (7/ ت 2) ، والشعر والشعراء (101) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 295، 409) ، وكنى الدولابي (1/ 93) ، والجرح والتعديل (6/ ت 1152) ، والثقات لابن حبان (3/ 288) ، والأغاني (14/ 302) ، ومعجم الشعراء (102) ، والاستيعاب (2/ 817) ، والكامل في التاريخ (2/ 269، 270) ، وتهذيب الأسماء (1/ 259) ، وأسد الغابة (3/ 112) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 3120) ، وتهذيب الكمال (3142) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (127) ، وغاية النهاية (1/ 355) ، وتهذيب التهذيب (5/ 130) ، والإصابة (2/ 4511) ، وتقريب التهذيب (1/ 399) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3363) .(4/205)
وَحَثِّي الْجُنُودَ لِكَيْ يُدْلِجُوا ... إِذَا هَجَعَ الْقَوْمُ لم أهجع
فأصبح نهبي ونهب العبي ... د بين عيينة والأقرع
إلا أفائل أعطيتها ... عديد قوائمه الأربع
وما كان بدر ولا حابس ... يفوقان مرداس في المجمع
وَقَدْ كُنْتُ فِي الْحَرْبِ ذَا تُدْرَأٍ ... فَلَمْ أُعْطَ شَيْئًا وَلَمْ أُمْنَعِ
وَمَا كُنْتُ دُونَ امْرِئٍ مِنْهُمَا ... وَمَنْ تَضَعِ الْيَوْمَ لا يُرْفَعِ
قَالَ: فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ أَبْيَاتَهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْعَبَّاسِ: أَرَأَيْتَ قَوْلَكَ:
أَصْبَحَ نهبي ونهب العبي ... د بَيْنَ الأَقْرَعِ وَعُيَيْنَةَ
] فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ هَكَذَا قَالَ. فَقَالَ: كَيْفَ؟ قَالَ فَأَنْشَدَهُ أَبُو بَكْرٍ كَمَا قال عباس. [فقال النبي. ص: سَوَاءً مَا يَضُرُّكَ بَدَأْتَ بِالأَقْرَعِ أَوْ بِعُيَيْنَةَ] . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِأَبِي أَنْتَ. مَا أَنْتَ بِشَاعِرٍ وَلا رَاوِيَةٍ وَلا يَنْبَغِي لَكَ. [فَقَالَ رسول الله. ص: اقْطَعُوا عَنِّي لِسَانَهُ] . فَفَزِعَ مِنْهَا أُنَاسٌ وَقَالُوا: أُمِرَ بِعَبَّاسٍ يُمَثَّلُ بِهِ. فَأَعْطَاهُ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ. وَيُقَالُ خَمْسِينَ مِنَ الإِبِلِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ أن العباس بْنَ مِرْدَاسٍ قَالَ أَيَّامَ خَيْبَرَ لَمَّا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا سُفْيَانَ وَعُيَيْنَةَ وَالأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مَا أَعْطَى:
أتجعل نهبي ونهب العبي ... د بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالأَقْرَعِ
وَقَدْ كُنْتُ فِي الْقَوْمِ ذَا ثَرْوَةٍ ... فَلَمْ أُعْطَ شَيْئًا وَلَمْ أُمْنَعِ
[فقال رسول الله. ص: لأَقْطَعَنَّ لِسَانَكَ. وَقَالَ لِبِلالٍ: إِذَا أَمَرْتُكَ أَنْ تَقْطَعَ لِسَانَهُ فَأَعْطِهِ حُلَّةً. ثُمَّ قَالَ: يَا بِلالُ اذْهَبْ بِهِ فَاقَطَعْ لِسَانَهُ.] فَأَخَذَ بِلالٌ بِيَدِهِ لِيُذْهِبَ بِهِ فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَقْطَعُ لِسَانِي؟ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ أَيَقْطَعُ لِسَانِي؟ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ أَيَقْطَعُ لِسَانِي؟ وَبِلالٌ يَجُرُّهُ. فَلَمَّا أَكْثَرَ قَالَ: إِنَّمَا أَمَرَنِي أَنْ أَكْسُوَكَ حُلَّةً أَقْطَعُ بِهَا لِسَانَكَ.
فَذَهَبَ بِهِ فَأَعْطَاهُ حُلَّةً.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَلَمْ يَسْكُنِ الْعَبَّاسُ بن مرداس مكة ولا بالمدينة. وَكَانَ يَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَرْجِعُ إِلَى بِلادِ قَوْمِهِ وَكَانَ يَنْزِلُ بِوَادِي الْبَصْرَةِ وَكَانَ يَأْتِي الْبَصْرَةَ(4/206)
كَثِيرًا. وَرَوَى عَنْهُ الْبَصْرِيُّونَ. وَبَقِيَّةُ وَلَدُهُ بِبَادِيَةِ الْبَصْرَةِ وَقَدْ نَزَلَ قَوْمٌ مِنْهُمُ الْبَصْرَةَ.
451- جَاهِمَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ.
وَقَدْ أَسْلَمَ وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وروى عَنْهُ أحاديث.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ طَلْحَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ أَنَّ جَاهِمَةَ جَاءَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَدْتُ أَنْ أَغْزُوَ وَقَدْ جِئْتُكَ أَسْتَشِيرُكَ. [فَقَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَالْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلِهَا. ثُمَّ الثَّانِيَةَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ فِي مَقَاعِدَ شَتَّى. وَكَمِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ.]
452- يزيد بْن الأخنس بْن حبيب
بْن جرة بْن زغب بْن مالك بْن خفاف بْن امرئ القيس بْن بهثة بْن سليم. وهو أَبُو معن بْن يزيد السُّلَميّ الَّذِي روى عَنْهُ أَبُو الجويرية قَالَ: بايعت النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - أنا وأبي وجدي وخاصمت إليه فافلجني. وَعَقَدَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليزيد بْن الأخنس يوم فتح مكّة لواءً من الألوية الأربعة الّتي عقدها لبني سليم. وسكن يزيد الكوفة بعد ذلك هُوَ وولده. وشهد معن بْن يزيد يوم المرج مرج راهط.
453- الضحاك بْن سُفْيَان بْن الْحَارِث
بْن زائدة بْن عَبْد الله بْن حبيب بْن مالك بْن خفاف بْن امرئ القيس بْن بهثة بْن سليم. أَسْلَمَ وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعقد له لواء يوم فتح مكّة.
454- عُتْبة بْن فرقد.
وهو يربوع بن حبيب بن مالك بن أسعد بن رفاعة بن ربيعة بن رفاعة بن الحارث بْن بهثة بْن سليم. كان شريفًا بالكوفة يُقَالُ لهم الفراقدة.
455- خفاف بْن عمير بْن الْحَارِث
بْن الشريد. وأسمه عَمْرو بْن رباح بْن يقظة بْن عصية بْن خفاف بْن امرئ القيس بْن بهثة بْن سليم. وكان شاعرا وهو الذي يقال له خفاف ابن ندبة. وهي أمه بها يعرف. وهي ابْنَة الشيطان بْن قنان سبية من بني الْحَارِث بْن كعب. ويقال إنّ ندبة كَانَتْ أمه سوداء. وشهد خفاف فتح مكّة مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان معه لواء بني سليم الآخر.
__________
453 المغازي (7) ، (349) ، (973) ، (982) .(4/207)
456- ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ السُّلَمِيُّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ:
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنَ أَبِي الْعَوْجَاءِ السُّلَمِيَّ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سَبْعٍ فِي خَمْسِينَ رَجُلا سَرِيَّةً إِلَى بَنِي سُلَيْمٍ. فَكَثَرَهُمُ الْقَوْمُ فَقَاتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا حَتَّى قُتِلَ عَامَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَأُصِيبَ صَاحِبُهُمُ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ جَرِيحًا مَعَ الْقَتْلَى. ثُمَّ تَحَامَلَ حَتَّى بَلَغَ رَسُولَ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ.
457- الورد بْنِ خَالِدِ بْنِ حُذَيْفَةَ
بْنِ عَمْرِو بْنِ خَلَفِ بْن مازن بْن مالك بْن ثَعْلَبَة بْن بهثة بْن سليم. أَسْلَمَ وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان على ميمنته يوم الفتح.
458- هوذة بْن الْحَارِث بْن عجرة
بْن عَبْد الله بْن يقظة بْن عصية بْن خفاف بْن امرئ القيس بْن بهثة بْن سليم. أسلم وشهد فتح مكّة وهو الَّذِي يقول لعمر بْن الخطاب.
وخاصم ابن عم له فِي الراية:
لقد دار هَذَا الأمر فِي غير أهله ... فأبصر ولي الأمر أَيْنَ تريد
459- العرباض بن سارية السلمي.
ويكنى أبا نجيح.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أُخْبِرْتُ عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ الْحِمْصِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ قَالَ الْعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ: لَوْلا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ فَعَلَ أَبُو نَجِيحٍ فَعَلَ أَبُو نَجِيحٍ. يَعْنِي نَفْسَهُ.
460- أَبُو حُصَيْنٍ السُّلَمِيُّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَدِمَ أَبُو حُصَيْنٍ السُّلَمِيُّ بِذَهَبٍ مِنْ مَعْدَنِهِمْ فَقَضَى دَيْنًا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحَمَّلَ بِهِ عَنْهُ وَفَضَلَ مَعَهُ مِثْلُ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ ذَهَبٌ فَأَتَى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ضَعْ هَذِهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ أَوْ حَيْثُ رَأَيْتُ. قَالَ فَجَاءَهُ عَنْ يَمِينِهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ. ثُمَّ جَاءَهُ عَنْ يساره فأعرض عنه. ثم جاءه بَيْنَ يَدَيْهِ فَنَكَّسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِ أَخَذَهَا مِنْ يده فحذفه بها لو أصابته
__________
456 المغازي (6) ، (741) .
459 المغازي (800) ، (994) ، (1024) ، (1036) ، (1037) ، ابن هشام (2/ 248) .(4/208)
لَعَقَرَتْهُ. [ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى مَالِهِ فَيُتَصَدَّقُ بِهِ. ثُمَّ يَقْعُدُ يَتَكَفَّفُ النَّاسَ. وَإِنَّمَا الصَّدَقَةُ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ] .
وَمِنْ بَنِي أَشْجَعَ بْنِ رَيْثِ بْنِ غَطَفَانَ بْن سَعْدِ بْن قَيْس بْن عيلان بْن مضر
461- نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ عَامِرِ
بْنِ أُنَيْفِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ قُنْفُذِ بْن خلاوة بْن سبيع بْن بَكْر بْن أشجع.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَاصِمٍ الأَشْجَعِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ: كُنْتُ أُقْدُمُ عَلَى كَعْبِ بْنِ أَسَدٍ بِبَنِي قُرَيْظَةَ فَأُقِيمُ عِنْدَهُمُ الأَيَّامَ أَشْرَبُ مِنْ شَرَابِهِمْ وَآكُلُ مِنْ طعامهم ثم يحملونني تَمْرًا عَلَى رِكَابِي مَا كَانَتْ.
فَأَرْجِعُ بِهِ إِلَى أَهْلِي. فَلَمَّا سَارَتِ الأَحْزَابُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِرْتُ مَعَ قَوْمِي وَأَنَا عَلَى دِينِي ذَلِكَ. وَكَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِي عَارِفًا فَقَذَفَ اللَّهُ فِي قَلْبِيَ الإِسْلامَ فَكَتَمْتُ ذَلِكَ قَوْمِي وَأَخْرُجُ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَأَجِدُهُ يُصَلِّي.
فَلَمَّا رَآنِي جَلَسَ ثُمَّ [قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ يَا نُعَيْمُ؟ قُلْتُ: إِنِّي جِئْتُ أُصَدِّقُكَ وَأَشْهَدُ أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ حَقٌّ. فَمُرْنِي بِمَا شِئْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: مَا اسْتَطَعْتَ أَنْ تُخَذِّلَ عَنَّا النَّاسَ فَخَذِّلْ. قَالَ قُلْتُ: وَلَكِنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّى أَقُولُ؟ قَالَ: قُلْ مَا بَدَا لَكَ فَأَنْتَ فِي حِلٍّ] . قَالَ فَذَهَبْتُ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَقُلْتُ: اكْتُمُوا عَنِّي اكْتُمُوا عَنِّي. قَالُوا: نَفْعَلُ.
فَقُلْتُ: إِنَّ قُرَيْشًا وَغَطَفَانَ عَلَى الانْصِرَافِ عَنْ محمد. ع. إِنْ أَصَابُوا فُرْصَةً انْتَهَزُوهَا وَإِلا اسْتَمَرُّوا إِلَى بِلادِهِمْ. فَلا تُقَاتِلُوا مَعَهُمْ حَتَّى تَأْخُذُوا مِنْهُمْ رَهْنًا. قَالُوا:
أَشَرْتَ بِالرَّأْي عَلَيْنَا وَالنُّصْحِ لَنَا. ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ فَقَالَ: قَدْ جِئْتُكَ بِنَصِيحَةٍ فَاكْتُمْ عَنِّي. قَالَ: أَفْعَلُ. قَالَ: تَعْلَمُ أَنَّ قُرَيْظَةَ قَدْ نَدِمُوا عَلَى مَا صَنَعُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ. ع. وَأَرَادُوا إِصْلاحَهُ وَمُرَاجَعَتَهُ. أَرْسِلُوا إِلَيْهِ وَأَنَا عِنْدَهُمْ أَنَّا سَنَأْخُذُ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَطَفَانَ سَبْعِينَ رَجُلا مِنْ أَشْرَافِهِمْ نُسَلِّمُهُمْ إِلَيْكَ تَضْرِبُ أَعْنَاقَهُمْ وَنَكُونُ مَعَكَ عَلَى قُرَيْشٍ وَغَطَفَانَ حَتَّى نَرُدَّهُمْ عَنْكَ وَتُرَدُّ جُنَاحُنَا الَّذِي كُسِرَتْ إِلَى دِيَارِهِمْ. يَعْنِي بَنِي النَّضِيرِ. فَإِنْ بَعَثُوا إِلَيْكُمْ يَسْأَلُونَكُمْ رَهْنًا فلا تدفعوا إليهم أحدا
__________
461 المغازي (198) ، (327) ، (375) ، (385) ، وراجع الفهرس، ابن هشام (2/ 229، 231) .(4/209)
وَاحْذَرُوهُمْ. ثُمَّ أَتَى غَطَفَانَ فَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ مَا قَالَ لِقُرَيْشٍ. وَكَانَ رَجُلا مِنْهُمْ.
فَصَدَّقُوهُ. وَأَرْسَلَتْ قُرَيْظَةُ إِلَى قُرَيْشٍ: إِنَّا وَاللَّهِ مَا نَخْرُجُ فَنُقَاتِلُ مَعَكُمْ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
حَتَّى تُعْطُونَا رَهْنًا مِنْكُمْ يَكُونُونَ عِنْدَنَا فَإِنَّا نَتَخَوَّفُ أَنْ تَنْكَشِفُوا وَتَدَعُونَا وَمُحَمَّدًا. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: هَذَا مَا قَالَ نُعَيْمٌ. وَأَرْسَلُوا إلى غطفان بمثل مَا أَرْسَلُوا إِلَى قُرَيْشٍ. فَقَالُوا لَهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ. وَقَالُوا جَمِيعًا: إِنَّا وَاللَّهِ مَا نُعْطِيكُمْ رَهْنًا وَلَكِنِ اخْرُجُوا فَقَاتِلُوا مَعَنَا.
فَقَالَتْ يَهُودَ: نَحْلِفُ بِالتَّوْرَاةِ أَنَّ الْخَبَرَ الَّذِي قَالَ نُعَيْمٌ لَحَقٌّ. وَجَعَلَتْ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ يَقُولُونَ: الْخَبَرُ مَا قَالَ نُعَيْمٌ. وَيَئِسَ هَؤُلاءِ مِنْ نَصْرِ هَؤُلاءِ. وَهَؤُلاءِ مِنْ نَصْرِ هَؤُلاءِ.
وَاخْتَلَفَ أَمَرُهُمْ وَتَفَرَّقُوا. فَكَانَ نُعَيْمٌ يَقُولُ: أَنَا خَذَّلْتُ بَيْنَ الأَحْزَابِ حَتَّى تَفَرَّقُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ وَأَنَا أَمِينُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سِرِّهِ. وَكَانَ صَحِيحَ الإِسْلامِ بَعْدَ ذَلِكَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهَاجَرَ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ بَعْدَ ذَلِكَ وَسَكَنَ الْمَدِينَةَ. وَوَلَدُهُ بِهَا. وَكَانَ يَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا غَزَا. وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى تبوك إلى قومه ليستفزهم إلى غزو عَدُوِّهِمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نُعَيْمَ بْنَ مَسْعُودٍ وَمَعْقِلَ بْنَ سِنَانٍ إِلَى أَشْجَعَ يَأْمُرَانِهِمْ بحضور المدينة لغزو مكة.
قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
نَزَعَ الأَخِلَّةَ بِفِيهِ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ حِينَ مَاتَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهَذَا الْحَدِيثُ وَهْلٌ. لَمْ يَمُتْ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَقِيَ إِلَى زَمَنِ عثمان بن عفان. رضي الله عَنْهُ.
462- مَسْعُود بْن رخيلة بْن عائذ بْن مالك بْن حبيب بْن نبيح بْن ثَعْلَبَة بْن قنفذ بْن خلاوة بْن مَسْعُود بْن بَكْر بْن أشجع.
وهو قائد أشجع يوم الأحزاب مع المشركين، ثُمَّ أسلم بعد ذلك فحسن إسلامه.
463- حسيل بْن نويرة الأشجعي،
وهو كان دليل النّبيّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى خيبر، وهو الَّذِي قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من الجناب فَأَخْبَرَه أن جمعًا من غطفان بالجناب، فبعث
__________
462 المغازي (443) ، (467) ، (470) ، (484) ، (490) ، ابن هشام (2/ 215) .
463 المغازي (530) ، (727) ، (728) .(4/210)
رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حينئذ بِشْر بْن سعد سرية ومعه ثلاثمائة من المسلمين إِلَى الجناب فلقوهم بيمن وخيار.
464- عَبْد الله بن نعيم الأشجعي،
وكان أيضًا دليل النّبيّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى خيبر مع حسيل بْن نويرة.
465- عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سِنَانٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخَى بَيْنَ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَبَيْنَ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَشَهِدَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ خَيْبَرَ مُسْلِمًا. وَكَانَتْ رَايَةُ أَشْجَعَ مَعَ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالا: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: جَاءَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ فَضَرَبَ عُمَرُ يَدَهُ وَقَالَ: أَتَلْبَسُ الذَّهَبَ؟ فَرَمَى بِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا أَرَانَا إِلا وَقَدْ أَوْجَعْنَاكَ وَأَهْلَكْنَا خَاتَمَكَ. فَجَاءَ مِنَ الْغَدِ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ:
حِلْيَةُ أَهْلِ النَّارِ. فَجَاءَ مِنَ الْغَدِ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ وَرِقٍ فَسَكَتَ عَنْهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَتَحَوَّلَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى الشَّامِ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ فَنَزَلَ حِمْصَ وَبَقِيَ إِلَى أَوَّلِ خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. وَمَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ. وَكَانَ يُكْنَى أَبَا عَمْرٍو.
466- جارية بن حميل بن نشبة
بن قرط بن مرة بن نصر بن دهمان بن بصار بن سبيع بن بكر بن أشجع. أَسْلَمَ وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قديمًا.
قال: وذكر هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أبيه أن جارية بن حميل شهد بدرا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يذكر ذلك أحد من العلماء غيره. وليس ذلك بثبت عندنا.
467- عَامِرُ بْنُ الأَضْبَطِ الأَشْجَعِيُّ.
قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ أبيه عن
__________
465 المغازي (638) ، (639) .
465 المغازي (768) ، (773) ، (801) ، (921) ، (922) . ابن هشام (2/ 625) .
467 المغازي (797) ، (919) ، ابن هشام (2/ 626، 627) .(4/211)
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا وَجَّهَنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ إِلَى بَطْنِ إِضَمَ إِذْ مَرَّ بِنَا عَامِرُ بْنُ الأَضْبَطِ الأَشْجَعِيُّ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا بِتَحِيَّةِ الإِسْلامِ فَأَمْسَكْنَا عَنْهُ. وَحَمَلَ عَلَيْهِ مُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ. وَكَانَ مَعَنَا.
فَقَتَلَهُ وَسَلَبُهُ بَعِيرَهُ وَمَتَاعًا وَوَطَبًا مِنْ لَبَنٍ. فَلَمَّا لَحِقَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَزَلَ فِينَا القرآن: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً» النساء: 94 إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَدْ حَكَيْنَا قِصَّةَ مُحَلِّمِ بْنِ جَثَّامَةَ حِينَ أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُقَيِّدَهُ بِعَامِرِ بْنِ الأَضْبَطِ. وَمَا كَانَ بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ وَالأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ مِنَ الْكَلامِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحُنَيْنٍ. وَمَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد ذلك من إخراج دِيَّتِهِ خَمْسِينَ فِي فَوْرِهَا هَذَا وَخَمْسِينَ إِذَا رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ. يَعْنِي مِنَ الإِبِلِ.
وَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْقَوْمِ حَتَّى قَبِلُوهَا فِي قِصَّةِ مُحَلِّمِ بْنِ جَثَّامَةَ.
468- مَعْقِلُ بْنُ سِنَانِ بْنِ مُظْهِرِ
بْنِ عَرَكِيِّ بْنِ فَتَيَانِ بْنِ سُبَيْعِ بْن بَكْر بْن أشجع. شهِدَ الفتح مع النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبقي إِلَى يوم الحرة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ زِيَادٍ الأَشْجَعِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ قَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَمَلَ لِوَاءَ قَوْمِهِ يَوْمَ الْفَتْحِ. وَكَانَ شَابًّا ظَرِيفًا وَبَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ. فَبَعَثَهُ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ.
وَكَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ. بِبَيْعَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. فَقَدِمَ الشَّامَ فِي وَفْدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَاجْتَمَعَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ وَمُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الَّذِي يُعْرَفُ بِمُسْرِفٍ. قَالَ فَقَالَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ لِمُسْرِفٍ وَقَدْ كَانَ آنْسَهُ وَحَادَثُهُ إِلَى أَنْ ذَكَرَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. فَقَالَ: إِنِّي خَرَجْتُ كَرْهًا بِبَيْعَةِ هَذَا الرَّجُلِ. وَقَدْ كَانَ مِنَ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ خُرُوجِي إِلَيْهِ. رَجُلٌ يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَيَنْكِحُ الْحُرُمَ. ثُمَّ نَالَ مِنْهُ فَلَمْ يَتْرُكْ. ثُمَّ قَالَ لِمُسْرِفٍ: أَحْبَبْتُ أَنْ أَضَعَ ذَلِكَ عِنْدَكَ. فَقَالَ مُسْرِفٌ: أَمَّا أَنْ أَذَكُرَ ذَلِكَ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمِي هَذَا فَلا وَاللَّهِ لا أَفْعَلُ. وَلَكِنْ لِلَّهِ عَلَيَّ عَهْدٌ وَمِيثَاقٌ أَلا تُمْكِنِّي يَدَايَ مِنْكَ وَلِي عَلَيْكَ مَقْدِرَةٌ إِلا ضَرَبْتُ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاكَ. فَلَمَّا قَدِمَ مُسْرِفٌ الْمَدِينَةَ أَوْقَعَ بِهِمْ أيام الحرة. كان مَعْقِلٌ يَوْمَئِذٍ صَاحِبَ الْمُهَاجِرِينَ فَأَتَى بِهِ مُسْرِفٌ مأسورا فقال له: يا
__________
468 المغازي (799) ، (820) ، (896) .(4/212)
مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ أَعَطِشْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ. فَقَالَ: خُوضُوا لَهُ شَرْبَةً بِلَوْزٍ.
فَخَاضُوا لَهُ فَشَرِبَ فَقَالَ لَهُ: أَشَرِبْتَ وَرَوِيتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لا تَسْتَهْنِي بِهَا. يَا مُفَرِّجُ قُمْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ. قَالَ ثُمَّ قَالَ: اجْلِسْ. ثُمَّ قَالَ لِنَوْفَلِ بْنِ مُسَاحِقٍ: قُمْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ. قَالَ فَقَامَ إِلَيْهِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ لأَدَعَكَ بَعْدَ كَلامٍ سَمِعْتُهُ مِنْكَ تَطْعَنُ فِيهِ عَلَى إِمَامِكَ. قَالَ فَقَتَلَهُ صَبْرًا. وَكَانَتِ الْحَرَّةُ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ فَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَلا تِلْكُمُ الأَنْصَارُ تَنْعَى سَرَاتَهَا ... وَأَشْجَعُ تَنْعَى مَعْقِلَ بْنَ سِنَانٍ
469- أَبُو ثَعْلَبَةَ الأَشْجَعِيُّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ عَنِ ابن جريح عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ نَبْهَانَ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الأَشْجَعِيِّ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاتَ لِي وَلَدَانِ فِي الإِسْلامِ. قال [فقال رسول الله. ص: مَنْ مَاتَ لَهُ وَلَدَانِ فِي الإِسْلامِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمَا] .
470- أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ عَنِ [النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّ أَعْظَمَ الْغُلُولِ عِنْدَ اللَّهِ ذِرَاعٌ مِنَ الأَرْضِ تَجِدُونَ الرَّجُلَيْنِ جَارَيْنِ فِي الأَرْضِ أَوْ فِي الدَّارِ فَيَقْتَطِعُ أَحَدُهُمَا مِنْ حَظِّ أَخِيهِ ذِرَاعًا فَإِذَا اقْتَطَعَهُ طُوِّقَهُ فِي سَبْعِ أَرَضِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.]
وَمِنْ ثَقِيفٍ وَاسْمُهُ قَسِّيُّ بْنُ مُنَبِّهِ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بْن مضر
471- الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ بْنِ أَبِي عَامِرِ
بْنِ مَسْعُودِ بْنِ مُعَتِّبِ بْنِ مالك بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ عوف بْن ثقيف. وأمه أسماء بنت الأفقم بْن أبي عَمْرو بْن ظويلم بْن
__________
471 المغازي (595) ، (596) ، (597) ، (598) ، (911) ، (929) ، (930) ، (962) ، (963) ، (964) ، (965) ، (968) ، (971) ، (972) ، (1011) ، ابن هشام (2/ 313، 314، 450، 483، 663) .(4/213)
جعيل بن عَمْرو بْن دهمان بْن نصر. ويكنى المغيرة بْن شُعْبَة أَبَا عَبْد الله. وكان يُقَالُ له مُغِيرَةَ الرأي. وكان داهية لا يشتجر فِي صدره أمران إلّا وجد فِي أحدهما مخرجًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بن عيسى الثقفي وعبد الله بن عبد الرحمن ابن يَعْلَى بْنِ كَعْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِيهِ وَغَيْرُهُمْ قَالُوا: قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: كُنَّا قَوْمًا مِنَ الْعَرَبِ مُتَمَسِّكِينَ بِدِينِنَا وَنَحْنُ سَدَنَةُ اللاتِ. فَأَرَانِي لَوْ رَأَيْتُ قَوْمَنَا قَدْ أَسْلَمُوا مَا تَبِعْتُهُمْ. فَأَجْمَعَ نَفَرٌ مِنْ بَنِي مَالِكٍ الْوُفُودَ عَلَى الْمُقَوْقِسِ وَأَهْدَوْا لَهُ هَدَايَا. فَأَجْمَعْتُ الْخُرُوجَ مَعَهُمْ فَاسْتَشَرْتُ عَمِّي عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ فَنَهَانِي وَقَالَ: لَيْسَ مَعَكَ مِنْ بَنِي أَبِيكَ أَحَدٌ. فَأَبَيْتُ إِلا الْخُرُوجَ. فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مِنَ الأَحْلافِ غَيْرِي حَتَّى دَخَلْنَا الإِسْكَنْدَرِيَّةَ فَإِذَا الْمُقَوْقِسُ فِي مَجْلِسٍ مُطِلٍّ عَلَى الْبَحْرِ.
فَرَكِبْتُ زَوْرَقًا حَتَّى حَاذَيْتُ مَجْلِسَهُ فَنَظَرَ إِلَيَّ فَأَنْكَرَنِي وَأَمَرَ مَنْ يَسْأَلُنِي مَنْ أَنَا وَمَا أُرِيدُ.
فَسَأَلَنِي الْمَأْمُورُ فَأَخْبَرْتُهُ بِأَمْرِنَا وَقُدُومِنَا عَلَيْهِ. فَأَمَرَ بِنَا أَنْ نَنْزِلَ فِي الْكَنِيسَةِ وَأَجْرَى عَلَيْنَا ضِيَافَةً ثُمَّ دَعَا بِنَا فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ. فَنَظَرَ إِلَى رَأْسِ بَنِي مَالِكٍ فَأَدْنَاهُ إِلَيْهِ وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ. ثُمَّ سَأَلَهُ: أَكَلُّ الْقَوْمِ مِنْ بَنِي مَالِكٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنَ الأَحْلافِ. فَعَرَّفَهُ إِيَّايَ فَكُنْتُ أَهْوَنَ الْقَوْمِ عَلَيْهِ. وَوَضَعُوا هَدَايَاهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَسُرَّ بِهَا وَأَمَرَ بِقَبْضِهَا وَأَمَرَ لَهُمْ بِجَوَائِزَ وَفَضَّلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ. وَقَصَّرَ بِي فَأَعْطَانِي شَيْئًا قَلِيلا لا ذِكْرَ لَهُ. وَخَرَجْنَا فَأَقْبَلَتْ بَنُو مَالِكٍ يَشْتَرُونَ هَدَايَا لأَهْلِيهِمْ وَهُمْ مسرورون ولم يعرض على رجل منهم مؤاساة. وَخَرَجُوا وَحَمَلُوا مَعَهُمُ الْخَمْرَ فَكَانُوا يَشْرَبُونَ وَأَشْرَبُ مَعَهُمْ وَتَأْبَى نَفْسِي تَدَعُنِي. يَنْصَرِفُونَ إِلَى الطَّائِفِ بِمَا أَصَابُوا وَمَا حَبَاهُمُ الْمَلِكُ وَيُخْبِرُونَ قَوْمِي بِتَقْصِيرِهِ بِي وَازْدِرَائِهِ إِيَّايَ. فَأَجْمَعْتُ عَلَى قَتَلِهِمْ. فلما كنا ببساق تَمَارُضْتُ وَعَصَبْتُ رَأْسِي فَقَالُوا لِي: مَا لَكَ؟ قُلْتُ: أُصْدَعُ. فَوَضَعُوا شَرَابَهُمْ وَدَعُونِي فَقُلْتُ: رَأْسِي يُصْدَعُ وَلَكِنِّي أَجْلِسُ فَأَسْقِيكُمْ. فَلَمْ يُنْكِرُوا شَيْئًا فَجَلَسْتُ أَسْقِيهِمْ وَأَشْرَبُ الْقَدَحَ بَعْدَ الْقَدَحِ. فَلَمَّا دَبَّتِ الْكَأْسُ فِيهِمُ اشْتَهَوُا الشَّرَابَ فَجَعَلْتُ أَصْرِفُ لَهُمْ وَأَنْزِعُ الْكَأْسَ فَيَشْرَبُونَ وَلا يَدْرُونَ. فَأَهْمَدَتْهُمُ الْكَأْسُ حَتَّى نَامُوا مَا يَعْقِلُونَ. فَوَثَبْتُ إِلَيْهِمْ فَقَتَلْتُهُمْ جَمِيعًا وَأَخَذْتُ جَمِيعَ مَا كَانَ مَعَهُمْ فَقَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجِدُهُ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَصْحَابِهِ.
وَعَلَيَّ ثِيَابُ سَفَرِي. فَسَلَّمْتُ بِسَلامِ الإِسْلامِ فَنَظَرَ إِلَيَّ أبي بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ. وَكَانَ بِي عَارِفًا. فَقَالَ: ابْنُ أَخِي عُرْوَةُ. قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ. جِئْتُ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وأن(4/214)
محمدا رسول الله. [فقال رسول الله. ص: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلإِسْلامِ] . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمِنْ مِصْرَ أَقْبَلْتُمْ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا فَعَلَ الْمَالِكِيُّونَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَكَ؟
قُلْتُ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ بَعْضُ مَا يَكُونُ بَيْنَ الْعَرَبِ وَنَحْنُ عَلَى دِينِ الشِّرْكِ فَقَتَلْتُهُمْ وَأَخَذْتُ أَسْلابَهُمْ وَجِئْتُ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُخَمِّسْهَا أَوْ يَرَى فِيهَا رَأْيَهُ. فَإِنَّمَا هِيَ غَنِيمَةٌ مِنْ مُشْرِكِينَ وَأَنَا مُسْلِمٌ مُصَدِّقٌ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: أَمَّا إِسْلامُكَ فَقَبِلْتُهُ وَلا آخُذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ شَيْئًا وَلا أُخَمِّسْهُ لأَنَّ هَذَا غَدْرٌ. وَالْغَدْرُ لا خَيْرَ فِيهِ] . قَالَ فَأَخَذَنِي مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَتَلَتُهُمْ وَأَنَا عَلَى دِينِ قَوْمِي ثُمَّ أَسْلَمْتُ حَيْثُ دَخَلْتُ عَلَيْكَ السَّاعَةَ. [قَالَ: فَإِنَّ الإِسْلامَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ] .
قَالَ: وَكَانَ قَتَلَ مِنْهُمْ ...
472- عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ.
... قَالَ «1» : أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خُشَيْنَةَ حَاجِبُ بْنُ عُمَرَ عَنِ الْحَكَمِ. يَعْنِي ابْنَ الأَعْرَجِ. عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: مَا مَسَسْتُ ذَكَرِي بِيَمِينِي مُنْذُ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خُشَيْنَةَ حَاجِبُ بْنُ عُمَرَ عَنِ الْحَكَمِ. يَعْنِي ابْنَ الأَعْرَجِ. قَالَ: اسْتَقْضَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ فَاخْتَصَمَ إِلَيْهِ رَجُلانِ قَامَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا الْبَيِّنَةُ فَقَضَى عَلَيْهِ. فَقَالَ الرَّجُلُ: قضيت علي ولم تأل. فو الله إِنَّهَا لَبَاطِلٌ. قَالَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ. فَوَثَبَ فَدَخَلَ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَقَالَ: اعْزِلْنِي عَنِ الْقَضَاءِ. قَالَ: مَهْلا يَا أَبَا النَّجِيدِ. قَالَ: لا وَاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ لا أَقْضِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ مَا عَبَدْتُ اللَّهَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حماد بن زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: مَا قَدِمَ مِنَ الْبَصْرَةَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يفضل على عمران بن حصين.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَالَ قَتَادَةُ أَخْبَرَنِي قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفًا يَقُولُ: خَرَجْتُ مَعَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ من الكوفة إلى البصرة فما
__________
(1) نقص في الأصل.
__________
472 المغازي (412) ، (845) .(4/215)
أَتَى عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلا يُنْشِدُنَا فِيهِ شِعْرًا وَيَقُولُ: إِنَّ لَكُمْ فِي الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةٌ عَنِ الْكَذِبِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي رَمَادٌ تَذْرُونِي الرِّيَاحُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أو نَعَامَةَ الْعَدَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ عَنْ حُجَيْرِ بْنِ الرَّبِيعِ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ أَرْسَلَهُ إِلَى بَنِي عَدِيٍّ أَنِ ائْتِهِمْ أَجْمَعَ مَا يَكُونُونَ فِي مَسْجِدِهِمْ وَذَلِكَ عِنْدَ الْعَصْرِ. فَقُمْ قَائِمًا. قَالَ فَقَامَ قَائِمًا فَقَالَ: أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ وَيُخْبِرُكُمْ أَنِّي لَكُمْ نَاصِحٌ. وَيَحْلِفُ بِاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ لأَنْ يَكُونَ عَبْدًا حَبَشِيًّا مُجَدَّعًا يَرْعَى أَعْنُزًا حَضَنِيَّاتٍ فِي رَأْسِ جَبَلٍ حَتَّى يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْمِيَ فِي أَحَدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ بِسَهْمٍ أَخْطَأَ أَوْ أَصَابَ. فَامْسِكُوا. فِدًى لَكُمْ أَبِي وَأُمِّي. قَالَ فَرَفَعَ الْقَوْمُ رؤوسهم وَقَالُوا: دَعْنَا مِنْكَ أَيُّهَا الْغُلامُ فَإِنَّا وَاللَّهِ لا نَدَعُ ثُفْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِشَيْءٍ أَبَدًا. فَغَدَوْا يَوْمَ الْجَمَلِ فَقُتِلَ بَشَرٌ وَاللَّهِ كَثِيرٌ حَوْلَ عَائِشَةَ يَوْمَئِذٍ سَبْعُونَ كُلُّهُمْ قَدْ جَمَعَ الْقُرْآنَ. قَالَ وَمَنْ لم يجمع القرآن أكثر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: الْزَمْ مَسْجِدَكَ. قُلْتُ:
فَإِنْ دُخِلَ عَلَيَّ؟ قَالَ: فَالْزَمْ بَيْتَكَ. قَالَ: فَإِنْ دُخِلَ عَلَيَّ بَيْتِي؟ قَالَ فَقَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: لَوْ دَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ بَيْتِي يُرِيدُ نَفْسِي وَمَالِي لَرَأَيْتُ أَنْ قَدْ حل لي قتاله.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدًا. يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ. قَالَ: سُقِيَ بَطْنُ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ ثَلاثِينَ سَنَةً. كُلُّ ذَلِكَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْكَيُّ فَيَأْبَى أَنْ يَكْتَوِيَ حَتَّى كَانَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِسَنَتَيْنِ فَاكْتَوَى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْخَلِيلُ بْنُ عُمَرَ الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ الْمَلائِكَةَ كَانَتْ تُصَافِحُ عمران بن حصين حتى اكتوى فتنحت.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: اكْتَوَيْنَا فَمَا أفلحن ولا أنجحن. يعني المكاوي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: سَمِعَ عَمْرُو بْنُ(4/216)
الْحَجَّاجِ هِشَامَ بْنَ حَسَّانَ يُحَدِّثُ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ: اكْتَوَيْنَا فَمَا أَفْلَحْنَا وَلا أَنْجَحْنَا. قَالَ فَأَنْكَرَهُ عَلَيَّ هِشَامٌ وَقَالَ: إِنَّمَا قَالَ فَلا أَفْلَحْنَ وَلا أَنْجَحْنَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ عَنْ لاحِقِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: كَانَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ يَنْهَى عَنِ الْكَيِّ فَابْتُلِيَ فَاكْتَوَى فَكَانَ يَعَجُّ وَيَقُولُ:
لَقَدِ اكْتَوَيْتُ كَيَّةً بِنَارٍ مَا أَبْرَأَتْ مِنْ أَلَمٍ وَلا شَفَتْ مِنْ سَقَمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ هِلالٍ يُحَدِّثُ عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: أَشَعَرْتَ أَنَّهُ كَانَ يُسَلَّمُ عَلَيَّ فَلَمَّا اكْتَوَيْتُ انْقَطَعَ التَّسْلِيمُ. فَقُلْتُ: أَمِنْ قِبَلِ رَأْسِكَ كَانَ يَأْتِيكَ التَّسْلِيمُ أَوْ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْكَ؟ قَالَ: لا بَلْ مِنْ قِبَلِ رَأْسِي. فَقُلْتُ: لا أَرَى أَنْ تَمُوتَ حَتَّى يَعُودَ ذَلِكَ. فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ قَالَ لِي: أَشَعَرْتَ أَنَّ التَّسْلِيمَ عَادَ لِي. قَالَ: ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ إِلا يَسِيرًا حَتَّى مات.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ قَالَ: قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: إِنَّ الَّذِي كَانَ انْقَطَعَ عَنِّي قَدْ رَجَعَ. يَعْنِي تَسْلِيمَ الْمَلائِكَةِ. قَالَ: وَقَالَ لِي:
اكْتُمْهُ عَلَيَّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فِي مَرَضِهِ فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ تُسَلِّمُ عَلَيَّ. يَعْنِي الْمَلائِكَةَ. فَإِنْ عِشْتَ فَاكْتُمْ عَلَيَّ وَإِنَّ مِتُّ فَحَدِّثْ بِهِ إِنْ شِئْتَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فهم بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ مُطَرِّفٍ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ كَانَ يُسَلَّمُ عَلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي فَقَدْتُ السَّلامَ حَتَّى ذَهَبَ عَنِّي أَثَرُ النَّارِ. قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: مِنْ أَيْنَ تَسْمَعُ السَّلامَ؟ قَالَ: مِنْ نَوَاحِي الْبَيْتِ. قَالَ فَقُلْتُ:
أَمَا إِنَّهُ لَوْ قَدْ سُلِّمَ عَلَيْكَ مِنْ عِنْدِ رَأْسِكَ كَانَ عِنْدَ حُضُورِ أَجَلِكَ. فَسَمِعَ تَسْلِيمًا عِنْدَ رَأْسِهِ. قَالَ فَقُلْتُ: إِنَّمَا قُلْتُهُ بِرَأْيِي. قَالَ: فَوَافَقَ ذَلِكَ حُضُورَ أَجَلِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ قَالَ:
حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ أَنَّهُ قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ أَوْ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ أُحَدِّثُكَ أَحَادِيثَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ ينفعك بها بعدي فَإِنْ عِشْتَ فَاكْتُمْ عَلَيَّ وَإِنَّ مِتُّ فَحَدِّثْ بِهِ إِنْ شِئْتَ. إِنَّهُ(4/217)
قَدْ سُلِّمَ عَلَيَّ. وَاعْلَمْ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ فِيهَا كِتَابٌ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِيهَا رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ هِلالٍ يُحَدِّثُ عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: قُلْتُ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: مَا يَمْنَعُنِي مِنْ عِيَادَتِكَ إِلا مَا أَرَى مِنْ حَالِكِ. قَالَ: فَلا تَفْعَلْ فَإِنَّ أَحَبَّهُ إِلَيَّ أَحَبُّهُ إِلَى اللَّهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالا:
حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ اشْتَكَى شَكَاةً شَدِيدَةً حَتَّى جَعَلُوا يَأْوُونَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ يَأْتِيهِ: لَقَدْ كَانَ يَمْنَعُنَا مَا نَرَى بِكَ مِنْ إِتْيَانِكَ.
قال: فلا تفعل فو الله إِنَّ أَحَبَّهُ إِلَيَّ لأَحَبُّهُ إِلَى اللَّهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ الْقُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ النَّضْرِ السُّلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمِّي عَنْ أُمِّهَا وَهِيَ بِنْتُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: إِذَا أَنَا مِتُّ فَشَدُّوا عَلَيَّ سَرِيرِي بِعِمَامَتِي فَإِذَا رَجَعْتُمْ فانحروا وأطعموا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ فَضَالَةَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فِي مِطْرَفِ خَزٍّ لَمْ نَرَهُ عَلَيْهِ قَبْلُ وَلا بَعْدُ فَقَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَالْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعُرْيَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ أَنَّهُ رَأَى عَلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ مَطْرَفِ خَزٍّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ عمران بن حصين كان يلبس الخز.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ هِلالِ بْنِ يَسَافٍ قَالَ: قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا أَنَا بِشَيْخٍ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ مُسْتَنِدٍ إِلَى أُسْطُوَانَةٍ فِي حَلْقَةٍ يُحَدِّثُهُمْ. فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ: وَقَدْ رَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانَ(4/218)
وَتُوُفِّيَ بِالْبَصْرَةِ قَبْلَ وَفَاةِ زِيَادِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بِسَنَةٍ. وَتُوُفِّيَ زِيَادٌ سَنَةَ ثَلاثٍ وَخَمْسِينَ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ.
473- أكثم بن أبي الجون.
وهو عبد العزى بن منقذ بْن ربيعة بْن أصرم بْن ضبيس بْن حرام بْن حبشية بْن كعب بْن عمرو. وهو الذي [قال له النبي. ص: رفع لي الدجال فإذا رَجُل آدم جعد وأشبه من رَأَيْت به أكثم بْن أبي الجون. فقال أكثم: يا رسول الله هَلْ يضرني شبهي إياه؟ قَالَ: لا. أنت مُسْلِم وهو كافر.]
474- سُلَيْمَان بْن صرد بْن الجون
بن أبي الجون. وهو عبد العزى بن منقذ بْن ربيعة بْن أصرم بْن ضبيس بْن حرام بْن حبشية بْن كعب بْن عمرو. ويكنى أَبَا مطرف.
أَسْلَمَ وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان اسمه يسار. فَلَمَّا أسلم سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
سُلَيْمَان. وكانت له سن عالية وشرف فِي قومه. فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تحول فنزل الكوفة حين نزلها المسلمون وشهد مع علي بن أبي طالب. ع. الجمل وصفين. وكان فيمن كتب إِلَى الْحُسَيْن بْن عليّ أن يقدم الكوفة فَلَمَّا قدمها أمسك عَنْهُ ولم يقاتل معه. كان كثير الشك والوقوف. فلما قتل الحسين ندم وهو المسيب بْن نجبة الفزاري وجميع من خذل الْحُسَيْن ولم يقاتل معه فقالوا: ما المخرج والتوبة مما صنعنا؟ فخرجوا فعسكروا بالنخيلة لمستهل شهر ربيع الآخر سنة خمس وستّين وولوا أمرهم سُلَيْمَان بْن صرد وقالوا: نخرج إِلَى الشّام فنطلب بدم الْحُسَيْن. فسموا التوابين. وكانوا أربعة آلاف. فخرجوا فأتوا عين الوردة وهي بناحية قرقيسياء فلقيهم جمع من أَهْل الشّام وهم عشرون ألفًا عليهم الحصين بْن نمير. فقاتلوهم فترجل سُلَيْمَان بْن صرد فقاتل فرماه يزيد بْن الحصين بْن نمير بسهم فقتله فسقط وقال: فزت
__________
473 ابن هشام (1/ 76) .
474 طبقات خليفة (107) ، (136) ، وتاريخ خليفة (194) ، (262) ، وتاريخ البخاري الكبير (4/ ت 1752) ، والمعرفة ليعقوب (2/ 622) ، وكنى الدولابي (2/ 117) ، والجرح والتعديل (4/ ت 539) ، ومشاهير علماء الأمصار (ت 305) ، وتاريخ بغداد (1/ 200) ، والاستيعاب (2/ 649) ، وأسد الغابة (2/ 351) ، وتهذيب الأسماء (1/ 232) ، وتاريخ الإسلام (3/ 17) ، وسير أعلام النبلاء (3/ 394) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 2488) ، والعبر (1/ 72) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (51) ، والوافي بالوفيات (15/ 392) ، والعقد الثمين (4/ 607) ، وتهذيب التهذيب (4/ 200) ، والإصابة (2/ ت 3457) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 2707) ، وشذرات الذهب (1/ 73) .(4/219)
ورب الكعبة. وقتل عامة أصحابه ورجع من بقي منهم إِلَى الكوفة. وحمل رأس سُلَيْمَان بْن صرد والمسيب بْن نجبة إِلَى مروان بْن الحكم أدهم بْن محرز الباهلي.
وكان سُلَيْمَان بْن صرد يوم قُتِلَ ابن ثلاث وتسعين سنة.
475- خَالِد الأشعر بْن خليف
بْن منقذ بْن ربيعة بْن أصرم بْن ضبيس بْن حرام بْن حبشية بْن كعب بْن عَمْرو. وهو جد حزام بْن هشام بْن خَالِد الكعبي الَّذِي روى عَنْهُ مُحَمَّد بْن عمر وعبد الله بن مسلمة بن قعنب وأبو النَّضْر هاشم بْن القاسم. وكان حزام ينزل قديدًا. وأسلم خَالِد الأشعر قبل فَتْحِ مَكَّةَ وَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الفتح فسلك هُوَ وكرز بْن جَابِر غير طَرِيقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الّتي دخل منها مكّة. فأخطأ الطريق. ولقيتهما خيل المشركين فقتلا شهيدين. وكان الَّذِي قتل خَالِد الأشعر ابن أبي الأجدع الجمحي. وكان هشام بْن مُحَمَّد بْن السائب يقول: هُوَ حبيش بْن خَالِد الأشعر.
476- عَمْرو بن سالم بن حضيرة
بن سالم من بني مليح بْن عَمْرو بْن ربيعة. وكان شاعرًا. ولمّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الحديبية أهدى له عَمْرو بْن سالم غنما وجزورا [فقال رسول الله. ص: بارك الله فِي عَمْرو] ! وأقبل عَمْرو وبديل بن ورقاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ فأخبراه عن قريش. وكان عَمْرو يحمل أحد ألوية بني كعب الثلاثة التي عقدها رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمْ يوم فتح مكّة. وهو الَّذِي يقول يومئذٍ:
لا هُمْ إني ناشد محمدًا ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا
477- بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى
بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ جُزِيِّ بْنِ عامر بن مازن بن عدي بن عمرو بن ربيعة. كتب إليه النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وإلى بسر بْن سُفْيَان يدعوهما إِلَى الْإِسْلَام.
وابنه نافع بْن بديل كان أقدم إسلامًا من أَبِيهِ. وشهد نافع بئر معونة مع المسلمين وقتل يومئذٍ شهيدًا. وابنه عَبْد الله بْن بديل قُتِلَ يوم صِفِّين مع عليّ بْن أبي طالب. ع. وشهد بديل بْن ورقاء مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبى هوازن من حنين إِلَى الجعرانة واستعمل عليهم بديل بْن ورقاء الخزاعي. وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعمرو
__________
475 المغازي (828) ، (875) .
477 المغازي (581) ، (593) ، (594) ، (598) ، (749) ، (750) ، (783) ، (784) ، (792) ، (800) ، (814) ، (815) ، (817) ، (923) ، (990) . وابن هشام (1/ 391، 393، 395، 396، 400، 402، 411، 412) .(4/220)
ابن سالم وبسر بْن سُفْيَان إِلَى بني كعب يستفزونهم إِلَى عدوهم حين أراد أن يخرج إِلَى تبوك. وشهدوا جميعًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تبوك. وشهد بديل بْن ورقاء حجة الوداع مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيَّامَ التَّشْرِيقِ أَنْ أُنَادِيَ إِنَّ هَذِهِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ فَلا تَصُومُوا.]
478- أَبُو شُرَيْح الكعبي.
واسمه خويلد بْن عَمْرو بْن صخر بن عبد العزى بن معاوية بن المحترش بْن عَمْرو بْن زمان بْن عدي بْن عَمْرو بْن ربيعة. أسلم قبل فتح مكّة وكان يحمل أحد ألوية بني كعب من خزاعة الثلاثة يوم فتح مكّة. ومات أبو شُرَيْح بالمدينة سنة ثمان وستّين. وَقَدْ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - أحاديث.
479- تَمِيمُ بْنُ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى
بْنِ جَعْوَنَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الضرب بْن رزاح بن عمرو بن سعد بن كعب بْن عَمْرو. أَسْلَمَ وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل فتح مَكَّةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ عَامَ الْفَتْحِ تَمِيمَ بْن أَسَدٍ الْخُزَاعِيَّ فَجَدَّدَ أَنْصَابَ الْحَرَمِ.
480- علقمة بْن القعواء بْن عُبَيْد
بْن عَمْرو بْن زمان بن عدي بْن عَمْرو بْن ربيعة. كان قديم الْإِسْلَام وكان ينزل بئار ابن شُرَحْبيل وهي فيما بين ذي خشب والمدينة. وكان يأتي المدينة كثيرًا وهو دليل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى تبوك.
481- وَأَخُوهُ عَمْرُو بْنُ الْقَعْوَاءِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا نُوحُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عِيسَى بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْقَعْوَاءِ الْخُزَاعِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَنِي بِمَالٍ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ يَقْسِمُهُ فِي قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ بَعْدَ الْفَتْحِ [فَقَالَ: الْتَمِسْ صَاحِبًا. قَالَ فَجَاءَنِي عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ فَقَالَ: بلغني أنك
__________
478 المغازي (616) ، (845) ، (896) ، ابن هشام (2/ 416) .
479 المغازي (842) ، ابن هشام (2/ 390، 391) .(4/221)
تُرِيدُ الْخُرُوجَ وَتَلْتَمِسُ صَاحِبًا. قَالَ قُلْتُ: أَجَلْ. قَالَ: فَأَنَا لَكَ صَاحِبٌ. قَالَ فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: قَدْ وَجَدْتُ صَاحِبًا. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِذَا وَجَدْتَ صَاحِبًا فَآذِنِّي. قَالَ فَقَالَ: مَنْ؟ فَقُلْتُ: عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ. قَالَ فَقَالَ:
إِذَا هَبَطْتَ بِلادَ قَوْمِهِ فَاحْذَرْهُ فَإِنَّهُ قَدْ قَالَ الْقَائِلُ أَخُوكَ الْبِكْرِيُّ وَلا تَأْمَنْهُ.] قَالَ فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا جِئْتُ الأَبْوَاءَ قَالَ: إِنِّي أُرِيدُ حَاجَةً إِلَى قَوْمِي بِوَدَّانَ فَتَلَبَّثَ لِي. قَالَ قُلْتُ:
رَاشِدًا. فَلَمَّا وَلَّى ذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَشَدَدْتُ عَلَى بَعِيرِي ثُمَّ خَرَجْتُ أوضعه حتى إذا كانت بالأصافر إذ هُوَ يُعَارِضُنِي فِي رَهْطٍ. قَالَ وَأَوْضَعْتُ فَسَبَقْتُهُ فَلَمَّا رَآنِي قَدْ فُتُّهُ انْصَرَفُوا. وَجَاءَنِي فَقَالَ: كَانَتْ لِي إِلَى قَوْمِي حَاجَةٌ. قُلْتُ: أَجَلْ.
فَمَضَيْنَا حَتَّى قَدِمْنَا مَكَّةَ فَدَفَعْتُ الْمَالَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ.
482- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَقْرَمَ الْخُزَاعِيُّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْحَارِثِيُّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ الْفَرَّاءِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَقْرَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي بِالْقَاعِ مِنْ نَمِرَةَ فَمَرَّ بِنَا رَكْبٌ فَأَنَاخُوا بِنَاحِيَةِ الطَّرِيقِ فَقَالَ لِي أَبِي: أَيْ بُنَيَّ كُنْ فِي بَهْمِكَ حَتَّى آتِيَ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ وَأُسَائِلَهُمْ. فخرج وخرجت. يعني فدنا ودنوت. فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عُفْرَتَيْ إِبْطَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا سَجَدَ.
483- أَبُو لاسٍ الْخُزَاعِيُّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِي لاسٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: حَمَلَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى إِبِلٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ صِعَابٍ لِلْحَجِّ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَرَى أَنْ تَحْمِلَنَا هَذِهِ. [فَقَالَ: مَا مِنْ بَعِيرٍ إِلا فِي ذُرْوَتِهِ شَيْطَانٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِذَا رَكِبْتُمْ عَلَيْهَا كَمَا آمُرُكُمْ ثُمَّ امْتَهِنُوهَا لأَنْفُسِكُمْ فَإِنَّمَا يَحْمِلُ الله] .
__________
482 التاريخ الكبير (5/ ت 55) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 265) ، والجرح والتعديل (5/ ت 3) ، والثقات لابن حبان (3/ 242) ، والاستيعاب (3/ 868) ، وأسد الغابة (3/ 117) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 3142) ، وتهذيب الكمال (3165) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (131) ، وتهذيب التهذيب (5/ 149) ، وتقريب التهذيب (1/ 402) ، والإصابة (2/ ت 4536) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3387) .(4/222)
484- وممن أنخزع أيضًا أسلم بْن أفصى
بْن حارثة بْن عَمْرو بْن عامر.
485- منهم جرهد بْن رزاح
بْن عدي بْن سهم بْن مازن بن الحارث بن سلامان بن أسلم بْن أفصى. وكان شريفًا يكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَن وكان مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: هُوَ جَرْهَدُ بْنُ خُوَيْلِدٍ الأَسْلَمِيُّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ زُرْعَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَرْهَدَ الأَسْلَمِيِّ عَنْ جَدِّهِ جَرْهَدَ قَالَ: [مَرَّ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدِ انْكَشَفَ فَخِذِي فَقَالَ: غَطِّ فَخِذَكَ فَإِنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ أَوْ مِنَ الْعَوْرَةِ] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: جَرْهَدُ بْنُ رَزَاحٍ. وَهَكَذَا قَالَ هِشَامُ بْن مُحَمَّد بْن السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ. وَنَسَبَهُ هَذَا النَّسَبُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ إِلَى أَسْلَمَ. وَكَانَ لِجَرْهَدَ دَارٌ بِالْمَدِينَةِ فِي زُقَاقِ ابْنِ حُنَيْنٍ. وَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ فِي آخِرِ خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَأَوَّلِ خِلافَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ.
486- أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِيُّ.
واسمه فيما ذكر مُحَمَّد بْن عُمَر عن بعض ولد أبي برزة عَبْد الله بْن نضلة. وقال هشام بْن مُحَمَّد بْن السائب الكلبي وغيره من أَهْل العلم:
اسمه نضلة بْن عَبْد الله. وقال بعضهم: ابن عُبَيْد الله بْن الْحَارِث بْن حبال بْن ربيعة بْن دعبل بْن أَنَس بْن خُزَيْمَة بْن مالك بْن سلامان بْن أسلم بْن أفصى. وإلى دعبل البيت.
أسلم قديمًا وَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فتح مكّة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شَدَّادُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الْوَازِعِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ قَالَ: [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ. يَقُولُ:
النَّاسُ آمِنُونَ كُلُّهُمْ غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خطل وبناته الْفَاسِقَةِ. قَالَ] أَبُو بَرْزَةَ: فَقَتَلْتُهُ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ. يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَطَلٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ مِنْ بَنِي الأَدْرَمِ بْنِ تَيْمِ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَدَّادُ بْنُ سَعِيدٍ الراسبي عن أبي
__________
486 المغازي (859) ، (875) ، ابن هشام (2/ 410) .(4/223)
الْوَازِعِ وَهُوَ جَابِرُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِعَمَلٍ أَعْمَلُهُ. [قَالَ: أَمِطِ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ لَكَ صَدَقَةٌ] .
قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَرْزَةَ يَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أَنْ قُبِضَ. فَتَحَوَّلَ إِلَى الْبَصْرَةِ فَنَزَلَهَا حِينَ نَزَلَهَا الْمُسْلِمُونَ وَبَنَى بِهَا دَارًا. وَلَهُ بها بقية. ثم غزا خراسان فَمَاتَ بِهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَكِيمٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا كَانَتْ لأَبِي بَرْزَةَ جَفْنَةٌ مِنْ ثَرِيدٍ غُدْوَةً وَجَفْنَةٌ عَشِيَّةً لِلأَرَامِلِ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ سَلامَةَ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا بَرْزَةَ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ أَنَّ أَبَا بَرْزَةَ كَانَ يَلْبَسُ الصُّوفَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنَّ أَخَاكَ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو يَلْبَسُ الْخَزَّ وَهُوَ يَرْغَبُ عَنْ لِبَاسِكَ. قَالَ: وَيْحَكَ وَمَنْ مِثْلُ عَائِذٍ لَيْسَ مِثْلُهُ! ثُمَّ أَتَى عَائِذًا فَقَالَ: إِنَّ أَخَاكَ أَبَا بَرْزَةَ يَلْبَسُ الصُّوفَ وَهُوَ يَرْغَبُ عَنْ لِبَاسِكَ. قَالَ: وَيْحَكَ وَمَنْ مِثْلُ أَبِي بَرْزَةَ لَيْسَ مِثْلُهُ! فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَأَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ الآخَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ أَنَّ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَلْبَسُ الْخَزَّ وَيَرْكَبُ الْخَيْلَ وَكَانَ أَبُو بَرْزَةَ لا يَلْبَسُ الْخَزَّ وَلا يَرْكَبُ الْخَيْلَ وَيَلْبَسُ ثَوْبَيْنِ مُمَصَّرَيْنِ. فَأَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَشِيَ بَيْنَهُمَا فَأَتَى عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو فَقَالَ: أَلَمْ تَرَ إِلَى أَبِي بَرْزَةَ يَرْغَبُ عَنْ لُبْسِكَ وَهَيْئَتِكَ وَنَحْوُكَ لا يَلْبَسُ الْخَزَّ وَلا يَرْكَبُ الْخَيْلَ؟ فَقَالَ عَائِذٌ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَرْزَةَ. مَنْ فِينَا مِثْلُ أَبِي بَرْزَةَ! ثُمَّ أَتَى أَبَا بَرْزَةَ فَقَالَ: أَلَمْ تَرَ إِلَى عَائِذٍ يَرْغَبُ عَنْ هَيْئَتِكَ وَنَحْوِكَ. يَرْكَبُ الْخَيْلَ وَيَلْبَسُ الْخَزَّ؟ فَقَالَ:
يَرْحَمُ اللَّهُ عَائِذًا. وَمَنْ فِينَا مِثْلُ عَائِذٍ؟
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُنْذِرُ بْنُ ثَعْلَبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ: مَنْ يُخْبِرُنَا عَنِ الْحَوْضِ؟ فَقَالَ: هَاهُنَا أَبُو بَرْزَةَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ أَبُو بَرْزَةَ رَجُلا مُسْمِنًا فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: إِنَّ مُحَمَّدِيَّكُمْ هَذَا لَدَحْدَاحٌ. قَالَ فَغَضِبَ أَبُو بَرْزَةَ وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ أَمُتْ حَتَّى عُيِّرْتُ بِصُحْبَةِ(4/224)
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ جَاءَ مُغْضَبًا حَتَّى قَعَدَ عَلَى سَرِيرِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَسَأَلَهُ عَنِ الْحَوْضِ فَقَالَ: نَعَمْ فَمَنْ كَذَّبَ بِهِ فَلا أَوْرَدَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ وَلا سَقَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. ثُمَّ انْطَلَقَ مُغْضَبًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْمِنْهَالِ سَيَّارُ بْنُ سَلامَةَ قَالَ: لَمَّا كَانَ زَمَنُ ابْنِ زِيَادٍ أَخْرَجَ ابْنُ زِيَادٍ فَوَثَبَ ابْنُ مَرْوَانَ بِالشَّامِ حَيْثُ وَثَبَ. وَوَثَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ. وَوَثَبَ الَّذِينَ يُدْعَوْنَ بِالْقُرَّاءِ بِالْبَصْرَةِ.
قَالَ: اغْتَمَّ أَبِي غَمًّا شَدِيدًا. وَكَانَ أَبُو الْمِنْهَالِ يُثْنِي عَلَى أَبِيهِ خَيْرًا. قَالَ قَالَ لِي:
انْطَلِقْ مَعِي إِلَى هَذَا الرَّجُلِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - إلى أَبِي بَرْزَةَ ...
487- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى.
... قَالَ «1» : أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأْكُلُ فِيهِنَّ الجراد.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى يَقُولُ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأْكُلُ مَعَهُ الْجَرَادَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: قَدْ رَوَى الْكُوفِيُّونَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى مَا تَرَى فِي مَشَاهِدِهِ وَأَمَّا فِي رِوَايَتِنَا فَأَوَّلُ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ عِنْدَنَا خيبر وما بعد ذلك.
__________
(1) نقص في الأصل.
__________
487 تاريخ الدوري (2/ 297) ، وتاريخ خليفة (292) ، والمغازي (487) ، وطبقات خليفة (110) ، (137) ، وعلل ابن المديني (61) ، وعلل أحمد (1/ 161، 181، 220، 393) ، والتاريخ الكبير (5/ ت 40) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 265) ، (2/ 159، 224، 225) ، (3/ 141، 146، 223) ، وتاريخ أبي زرعة (241) ، (638) ، وتاريخ واسط (48- 49) ، وكنى الدولابي (1/ 59) ، والجرح والتعديل (5/ ت 552) ، والثقات لابن حبان (3/ 222) ، والاستيعاب (3/ 870) ، وأسد الغابة (3/ 121) ، وتهذيب الأسماء (1/ 261) ، وسير أعلام النبلاء (3/ 428) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 2159) ، وتهذيب الكمال (3171) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (132) ، وتاريخ الإسلام (3/ 260) ، والعبر (1/ 192) ، وتهذيب التذهيب (5/ 151) ، والإصابة (2/ ت 4555) ، وتقريب التهذيب (1/ 402) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3394) ، وشذرات الذهب (1/ 96) .(4/225)
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إسماعيل بن أبي خالد عن عبيد اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: رَأَيْتُ بِيَدِهِ ضَرْبَةً فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ؟ قَالَ: ضُرِبْتُهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ. قُلْتُ:
وَشَهِدْتُ حُنَيْنًا؟ قَالَ: نَعَمْ وَقَبْلَ ذَلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى خِضَابَهُ أَحْمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى أَحْمَرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمَّانِيُّ عن أبي سعد الْبَقَّالِ قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى عَلَيْهِ بُرْنُسٌ مِنْ خَزٍّ أَدْكَنَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ شُعْبَةَ. قَالَ عَمْرٌو أنبأني قال:
سمعت عبد الله بن أبي أوفى وكان من أصحاب الشجرة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ قَالَ: كُنَّا نُقَاتِلُ الْخَوَارِجَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى. قَالَ فَلَحِقَ غُلامٌ لَهُ بِهِمْ فَنَادَيْنَاهُ وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ الشَّطِّ: يَا فَيْرُوزُ هَذَا مَوْلاكَ عَبْدُ اللَّهِ. قَالَ: نِعْمَ الرَّجُلُ هُوَ لَوْ هَاجَرَ. فَقَالَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى: مَا يَقُولُ عَدُوُّ اللَّهِ؟ قُلْنَا يَقُولُ: نِعْمَ الرَّجُلُ لَوْ هَاجَرَ. فَقَالَ:
هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَتِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثَ مِرَارٍ. [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ:
طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَلَمْ يَزَلْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى بِالْمَدِينَةِ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَحَوَّلَ إِلَى الْكُوفَةِ فَنَزَلَهَا حَيْثُ نَزَلَهَا الْمُسْلِمُونَ وَابْتَنَى بِهَا دَارًا فِي أَسْلَمَ. وَكَانَ قَدْ ذَهَبَ الْبَصْرَةَ. وَتُوُفِّيَ بِالْكُوفَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ.
قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ خُلَيْدُ بْنُ دَعْلَجٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْكُوفَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَعْيَنَ أَبُو الْعَلانِيَةِ الْمَرَئِيُّ قَالَ: كُنْتُ بِالْكُوفَةِ فَرَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوَفِي أَحْرَمَ مِنَ الْكُوفَةِ مِنْ مَسْجِدِ الرَّمَادَةِ وَجَعَلَ يُلَبِّي.
488- الأكوع.
واسمه سِنَان بن عبد الله بن قشير بن خزيمة بن مالك بن سلامان(4/226)
ابن أسلم بْن أفصى. أسلم قديمًا هُوَ وابناه عامر وسلمة وصحبوا النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جميعًا.
489- عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ.
وكان شاعرًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ مَجْزَأَةَ بْنِ زَاهِرٍ أَنَّ عَامِرَ بْنَ الأَكْوَعِ ضَرَبَ رَجُلا مِنَ الْمُشْرِكِينَ. يَعْنِي يَوْمَ خَيْبَرَ. فَقَتَلَهُ وَجَرَحَ نَفْسَهُ. فَأَنْشَأَ يَقُولُ: قَتَلْتُ نَفْسِي. [فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: له أَجْرَانِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزهري وغيرهم قَالُوا: كَانَ [رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَسِيرِهِ إِلَى خَيْبَرَ قَالَ لِعَامِرِ بْنِ سِنَانٍ: انْزِلْ يَا ابْنَ الأَكْوَعِ فَخُذْ لَنَا مِنْ هُنَيَّاتِكَ.] فَاقْتَحَمَ عَامِرٌ عَنْ رَاحِلَتِهِ ثُمَّ ارْتَجَزَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وهو يقول:
لا هم لَوْلا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّيْنَا
فَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقينا
إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا ... وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا علينا
[فقال رسول الله. ص: يَرْحَمُكَ اللَّهُ!] فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: وَجَبَتْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: لَوْلا مَتَّعْتَنَا بِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَاسْتُشْهِدَ عَامِرٌ يَوْمَ خَيْبَرَ. ذَهَبَ يَضْرِبُ رَجُلا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَرَجَعَ السَّيْفُ فَجَرَحَ نَفْسَهُ فَمَاتَ فَحُمِلَ إِلَى الرَّجِيعِ فَقُبِرَ مَعَ مَحْمُودِ بْنِ مَسْلَمَةَ فِي قَبْرٍ فِي غَارٍ. فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقْطِعْ لِي عِنْدَ قَبْرِ أَخِي. [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكَ حُضْرُ الْفَرَسِ فَإِنْ عَمِلْتَ فَلَكَ حُضْرُ فَرَسَيْنِ] فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: حَبَطَ عَمَلُ عَامِرٍ. قَتَلَ نَفْسَهُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فَقَالَ: كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ. إِنَّ لَهُ لأَجْرَيْنِ. إِنَّهُ قُتِلَ مُجَاهِدًا وَإِنَّهُ لَيَعُومُ فِي الجنة عوم الدعموص] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأكوع أَنَّ رَجُلا قَالَ لِعَامِرٍ: أَسْمِعْنِي مِنْ هُنَيَّاتِكَ. وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلا شَاعِرًا. قَالَ فَنَزَلَ يَحْدُو وَيَقُولُ:
اللَّهُمَّ لَوْلا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صلينا
__________
489 المغازي (638) ، (639) ، (658) ، (661) ، (700) ، (737) ، ابن هشام (2/ 328، 344) .(4/227)
فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا اقْتَنَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا
وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا
وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا
فَقَالَ النبي. ص: مَنْ هَذَا الْحَادِي؟ قَالُوا: ابْنُ الأَكْوَعِ. قَالَ: يَرْحَمُهُ اللَّهُ! فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَوْلا مَتَّعْتَنَا بِهِ.
قَالَ فَأُصِيبَ يَوْمَ خَيْبَرَ. ذَهَبَ يَضْرِبُ رَجُلا مِنَ الْيَهُودِ فَأَصَابَ ذُبَابُ السَّيْفِ عَيْنَ رُكْبَتِهِ فَقَالَ النَّاسُ: حَبِطَ عَمَلُ عَامِرٍ. قَتَلَ نَفْسَهُ. قَالَ فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ أَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَزْعُمُونَ أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ.
[قَالَ: مَنْ يَقُولُهُ؟ قُلْتُ: رِجَالٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِنْهُمْ فُلانٌ وَفُلانٌ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ. قَالَ:
كَذَبَ مَنْ قَالَ. إِنَّ لَهُ أَجْرَيْنِ. وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ- أَوْمَأَ حَمَّادٌ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى- إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ وَقَدٌّ عَرَبِيٌّ نَشَأَ بِهَا مِثْلَهُ] .
490- سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَ غَزَوَاتٍ وَمَعَ زَيْدِ بن حارثة تسع غزوات حين أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْنَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَمَّرَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ فَغَزَوْنَا نَاسًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَبَيَّتْنَاهُمْ فَقَتَلْنَاهُمْ. وَكَانَ شِعَارُنَا أَمُتْ أَمُتْ. فَقَتَلْتُ بِيَدِي تِلْكَ اللَّيْلَةَ سَبْعَةً أَهْلَ أَبْيَاتٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ:
غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَ غَزَوَاتٍ. فَذَكَرَ الْحُدَيْبِيَةَ وَخَيْبَرَ وَحُنَيْنًا وَيَوْمَ الْقَرَدِ.
قَالَ وَنَسِيتُ بَقِيَّتَهُنَّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأكوع
__________
490 المغازي (539) ، (540) ، (541) ، (545) ، (565) ، (570) ، (571) ، (588) ، (638) ، (661) ، (762) ، (915) ، ابن هشام (2/ 281، 283، 285، 328، 329، 334، 335، 617) .(4/228)
قَالَ: خَرَجْتُ أُرِيدُ الْغَابَةَ فَلَقِيتُ غُلامًا لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: أُخِذَتْ لِقَاحُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال قُلْتُ: مَنْ أَخَذَهَا؟ قَالَ: غَطَفَانُ. قَالَ فَانْطَلَقْتُ فناديت: يا صاحباه يا صاحباه. حَتَّى أَسْمَعْتُ مَنْ بَيْنَ لابَتَيْهَا. ثُمَّ مَضَيْتُ فَاسْتَنْقَذْتُهَا مِنْهُمْ. قَالَ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّاسِ فَقُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّ الْقَوْمَ عِطَاشٌ. أَعْجَلْنَاهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا لِشَفَتِهِمْ. [فَقَالَ: يَا ابْنَ الأَكْوَعِ مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ. إِنَّهُمُ الآنَ فِي غَطَفَانَ يُقْرَوْنَ] .
قَالَ: وَأَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَلْفَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. قَالَ ثُمَّ تَنَحَّيْتُ فَلَمَّا خَفَّ النَّاسُ قَالَ: يَا سَلَمَةُ مَا لَكَ لا تُبَايِعُ؟ قُلْتُ: قَدْ بَايَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَأَيْضًا.
قَالَ: فَبَايَعْتُهُ. قُلْتُ عَلَى مَا بَايَعْتُمُوهُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ؟ قَالَ: عَلَى الْمَوْتِ.
قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: قَدْ سَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ أَنَّ سلمة كان يكنى أبا أياس.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عكرمة بن عامر عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحُدَيْبِيَةَ ثُمَّ خَرَجْنَا رَاجِعِينَ إِلَى [الْمَدِينَةِ فقال رسول الله ص: خَيْرُ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أَبُو قَتَادَةَ وَخَيْرُ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ. ثُمَّ] أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَهْمَيْنِ سَهْمَ الْفَارِسِ وَسَهْمَ الرَّاجِلِ جَمِيعًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُخْبِرَ أَنَّهُ عَيْنٌ لِلْمُشْرِكِينَ فَقَالَ:
مَنْ قَتَلَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ. قَالَ فَلَحِقْتُهُ فَقَتَلْتُهُ فَنَفَّلَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلَبَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْبَدْوِ فأذن له.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عكاف بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ الْعِرَاقِيُّ قَالَ: أَتَيْنَا سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ بِالرَّبَذَةِ فَأَخْرَجَ إِلَيْنَا يَدَهُ ضَخْمَةً كَأَنَّهَا خُفُّ البعير. قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - بيدي هذه. فأخذنا يده فقبلناها.
قال: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِيُّ الْكُوفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ. يَعْنِي أَنَّهُ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ(4/229)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبايع تَحْتَ الشَّجَرَةِ. وَنَزَلَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ: «لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ» الفتح: 18.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتِ الْحُدَيْبِيَةُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَكُنَّا فِيهَا سِتَّ عَشْرَةَ مِائَةً. وَأَهْدَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَلَ أَبِي جَهْلٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّهُ كَانَ لا يَسْأَلُهُ أَحَدٌ بِوَجْهِ اللَّهِ إِلا أَعْطَاهُ. وَكَانَ يَكْرَهُهَا وَيَقُولُ: هِيَ الإِلْحَافُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى الْبَصْرِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: كَانَ سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ إِذَا سُئِلَ بِوَجْهِ اللَّهِ أَفَفَ وَيَقُولُ: مَنْ لَمْ يُعْطَ بِوَجْهِ اللَّهِ فَبِمَاذَا يُعْطَى؟
قَالَ وَكَانَ يَقُولُ: هِيَ مَسْأَلَةُ الإِلْحَافِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: كَانَ يَتَحَرَّى مَوْضِعَ الْقِحْفِ يُسَبِّحُ فِيهِ. وَذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَحَرَّى ذَلِكَ الْمَكَانَ. قَالَ وَكَانَ بَيْنَ الْقِبْلَةِ وَالْمِنْبَرِ قَدْرُ مَمَرِّ شاة.
قال: أخبرنا عباد بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: لَمَّا ظَهَرَ نَجْدَةُ وَأَخَذَ الصَّدَقَاتِ قِيلَ لِسَلَمَةَ: أَلا تُبَاعِدُ مِنْهُمْ؟ قَالَ فَقَالَ: وَاللَّهِ لا أَتَبَاعَدُ وَلا أُبَايِعُهُ. قَالَ وَدَفَعَ صَدَقَتَهُ إِلَيْهِمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ صَدَقَةَ مَالِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأكوع أنه كان ينهى عَنْ لِعْبِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَيَقُولُ: هِيَ مَأْثَمَةٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأكوع أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَغَسَلَ قَدَمَيْهِ وَنَضَحَ بِيَدِهِ جَسَدَهُ وَثِيَابَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ أَنَّهُ أَكَلَ حَيْسًا ثُمَّ جَاءَتِ الصَّلاةُ فَقَامَ إِلَى الصلاة ولم يتوضأ.(4/230)
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: أَجَازَ الْحَجَّاجُ سَلَمَةَ بِجَائِزَةٍ فَقَبِلَهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ أَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ الْبَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ يَكْتُبُ لَنَا بِجَوَائِزَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْكُوفَةِ فَنَذْهَبُ فَنَأْخُذُهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ بن عمر ابن عبيد بْنِ رَافِعٍ قَالَ: رَأَيْتُ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ يُحْفِي شَارِبَهُ أَخِي الْحلق.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُقْبَةَ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ الأَكْوَعِ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَدْ رُوِيَ سَلَمَةُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ.
491- أهبان بن الأكوع.
وهو مكلم الذئب فِي رواية هشام بْن مُحَمَّد بْن السائب. من ولده جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن عُقْبَة بْن أهبان بْن الأكوع. وكان عثمان بن عفان بعث عقبة ابن أهبان بْن الأكوع على صدقات كلب وبلقين وغسان.
قَالَ هشام: هكذا انتسب لي بعض ولد جَعْفَر بْن مُحَمَّد. وكان مُحَمَّد بْن الأشعث يقول: أَنَا أعلم بهذا من غيري. فكان يقول عُقْبَة بْن أهبان مكلم الذئب ابن عباد بْن ربيعة بْن كعب بْن أمية بْن يقظة بْن خُزَيْمَة بْن مالك بن سلامان بن أسلم بْن أفصى.
قَالَ وكان مُحَمَّد بْن عُمَر يقول: مكلم الذئب أهبان بْن أوس الأسلمي. ولم يرفع فِي نسبه.
قَالَ وكان يسكن يين. وهي بلاد أسلم. فبينا هُوَ يرعى غنما له بحرة الوبرة فعدا الذئب على شاة منها فأخذها منه فتنحى الذئب فأقعى على ذنبه. قَالَ: ويحك لم تمنع مني رزقًا رزقنيه الله؟ فجعل أهبان الأسلمي يصفق بيديه ويقول: تالله ما رَأَيْت أعجب من هَذَا. فقال الذئب: إنّ أعجب من هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ هذه النخلات. وأومأ إِلَى المدينة. فحدر أهبان غنمه إِلَى المدينة وَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فحدثه فعجب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لذلك وأمره إذا صلى العصر أن يحدث به أصحابه ففعل. [فقال رسول الله. ص: صدق فِي آيات تكون قبل الساعة] .(4/231)
قَالَ وأسلم أهبان وصحب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان يكنى أَبَا عُقْبَة. ثُمَّ نزل الكوفة وابتنى بها دارا في أسلم. وتُوُفِّي بِهَا فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان وولاية المغيرة بْن شُعْبَة.
492- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حَدْرَدٍ.
واسم أبي حدرد سلامة بْن عمير بن أبي سلامة بْن سعد بْن مساب بْن الْحَارِث بْن عبس بْن هوازن بْن أسلم بْن أفصى.
قَالَ بعضهم: اسم أبي حدرد عَبْد الله. ويكنى عَبْد الله أَبَا مُحَمَّد. وأول مشهد شهده مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الحديبية ثم خيبر وما بعد ذلك من المشاهد.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ أَبَا حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيَّ اسْتَعَانَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَهْرِ امْرَأَتِهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: هَذَا وَهَلٌ. إِنَّمَا الْحَدِيثُ أَنَّ ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيَّ اسْتَعَانَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَهْرِ امْرَأَتِهِ [فَقَالَ: كَمْ أَصْدَقْتَهَا؟ قَالَ: مِائَتَيْ دِرْهَمٍ. قَالَ:
لَوْ كُنْتُمْ تَغْرِفُونَهُ مِنْ بُطْحَانَ مَا زِدْتُمْ.] وَتُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حَدْرَدٍ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَهُوَ يَوْمَئِذِ ابْنُ إِحْدَى وثمانين سَنَةً. وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
493- أَبُو تميم الأسلمي.
أسلم بعد أن قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة وهو أرسل غلامه مَسْعُود بْن هنيدة من العرج على قدميه إِلَى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخبره بقدوم قريش عليه وما معهم من العدد والعدة والخيل والسلاح ليوم أحد.
494- مَسْعُودُ بْنُ هُنَيْدَةَ.
مَوْلَى أوس بْن حجر أبي تميم الأسلمي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ الأَسْلَمِيِّ عَنْ مَسْعُودِ بْنِ هُنَيْدَةَ قَالَ: وَحَدَّثَنِي هَاشِمُ بْنُ عَاصِمٍ الأَسْلَمِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ مَسْعُودِ بْنِ هُنَيْدَةَ قال: إني بالخذوات نِصْفَ النَّهَارِ إِذَا أَنَا بِأَبِي بَكْرٍ يَقُودُ بِآخَرَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ. وَكَانَ ذَا خِلَّةٍ بِأَبِي تَمِيمٍ. فَقَالَ لِيَ: اذْهَبْ إِلَى أَبِي تَمِيمٍ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ وَقُلْ لَهُ يَبْعَثُ إِلَيَّ بِبَعِيرٍ وَزَادٍ وَدَلِيلٍ. فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ مَوْلايَ فَأَعْلَمْتُهُ رِسَالَةَ أَبِي بَكْرٍ فَأَعْطَانِي جَمَلَ ظَعِينَةٍ لأَهْلِهِ يُقَالُ لَهُ الذَّيَّالُ وَوَطَبًا مِنْ لَبَنٍ وصاعا من تمر. وأرسلني
__________
492 المغازي (634) ، (635) ، (777) ، (779) ، (780) ، (877) ، (893) ، (939) ، (1008) ، ابن هشام (2/ 43، 440) .
494 المغازي (409) ، ابن هشام (1/ 492) .(4/232)
دَلِيلا وَقَالَ لِي: دُلَّهُ عَلَى الطَّرِيقِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْكَ. فَسِرْتُ بِهِمْ حَتَّى سَلَكَتْ رَكُوبَةً فَلَمَّا عَلَوْنَاهَا حَضْرَتِ الصَّلاةُ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ يَمِينِهِ. وَدَخَلَ الإِسْلامُ قَلْبِي فَأَسْلَمْتُ فَقُمْتُ مِنْ شِقِّهِ الآخَرِ فَدَفَعَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِ أَبِي بَكْرٍ فَصَفَّنَا وَرَاءَهُ. قَالَ مَسْعُودٌ: فَلا أعلم أحدا من بني سهم أسلم أول مني غير بريدة بن الحصيب.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَهْمٍ عَنْ مَسْعُودِ بْنِ هُنَيْدَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُبَاءَ وَجَدْنَا مَسْجِدًا كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلُّونَ فِيهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. يُصَلِّي بِهِمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ. فَزَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ وَصَلَّى بِهِمْ. فَأَقَمْتُ مَعَهُ بِقُبَاءَ حَتَّى صَلَّيْتُ مَعَهُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ. ثُمَّ جِئْتُ أُوَدِّعُهُ فَقَالَ لأَبِي بَكْرٍ: أَعْطِهِ شَيْئًا. فَأَعْطَانِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَكَسَانِي ثَوْبًا ثُمَّ انْصَرَفْتُ إِلَى مَوْلايَ وَمَعِي حُلَّةُ الظَّعِينَةِ. فَطَلَعْتُ عَلَى الْحَيِّ وَأَنَا مُسْلِمٌ فَقَالَ لِي مَوْلايَ: عَجِلْتَ. فَقُلْتُ: يَا مَوْلايَ إِنِّي سَمِعْتُ كَلامًا لَمْ أَسْمَعْ أَحْسَنَ مِنْهُ. ثُمَّ أَسْلَمَ مَوْلايَ بَعْدُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سبرة عَنِ الْحَارِثِ بْنِ فُضَيْلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ مَسْعُودِ بْنُ هُنَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ شَهِدَ الْمُرَيْسِيعَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ أَعْتَقَهُ مَوْلاهُ فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشْرًا مِنَ الإِبِلِ.
495- سَعْدٌ مولى الأسلميين.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَائِدٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْعَرْجِ وَأَنَا مَعَهُ دَلِيلٌ حَتَّى سَلَكْنَا فِي رَكُوبَةٍ فَسَلَكْتُ فِي الْجِبَالِ فَلَصِقْتُ بِهَا. وَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِالْخَذَوَاتِ وَهِيَ قَرِيبٌ مِنَ الْعَرْجِ فَأَرْسَلَ أَبُو تَمِيمٍ إِلَيْهِ بِزَادٍ وَدَلِيلٍ غُلامِهِ مَسْعُودٍ.
فَخَرَجْنَا جَمِيعًا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْجَثْجَاثَةِ. وَهِيَ عَلَى بُرَيْدٍ مِنَ الْمَدِينَةِ. فَصَلَّى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَمَسْجِدُهُ الْيَوْمَ بِهَا. وَتَغَدَّيْنَا بِهَا بَقِيَّةً مِنْ سُفْرَتِنَا وَكُنَّا ذَبَحْنَا بِالأَمْسِ شَاةً فَجَعَلْنَاهَا إِرَةً فقال النبي. ص: مَنْ يَدُلُّنَا عَلَى طَرِيقِ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ؟ قَالَ فَأَنَا نَزَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ. وَأَسْلَمَ سَعْدٌ مَوْلَى الأَسْلَمِيِّينَ وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -(4/233)
496- رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الأَسْلَمِيُّ.
أَسْلَمَ وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قديمًا. وكان يلزمه.
وكان محتاجًا من أَهْل الصفة. وكان يخدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الأَسْلَمِيِّ قَالَ: كُنْتُ أَبِيتُ عِنْدَ بَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُعْطِيهِ وُضُوءَهُ فَأَسْمَعُ الْهُوِيَّ مِنَ اللَّيْلِ سَمِعَ اللَّهَ لِمَنْ حَمِدَهُ.
وَأَسْمَعُ الْهُوِيَّ مِنَ اللَّيْلِ الحمد لله رب العالمين.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْطَعَ أَبَا بَكْرٍ وَرَبِيعَةَ الأَسْلَمِيَّ أَرْضًا فِيهَا نَخْلَةٌ مَائِلَةٌ أَصْلُهَا فِي أَرْضِ رَبِيعَةَ وَفَرْعُهَا فِي أَرْضِ أَبِي بَكْرٍ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هِيَ لِي. وَقَالَ رَبِيعَةُ: هِيَ لِي. حَتَّى أسرع إليه أبو بكر. بلغ ذلك قوم ربيعة فجاؤوه فَقَالَ لَهُمْ رَبِيعَةُ:
أُحَرِّجُ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ أَنْ يَقُولَ لَهُ شَيْئًا فَيَغْضَبُ فَيَغْضَبُ رسوله اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغَضَبِهِ فَيَغْضَبُ اللَّهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ. فَلَمَّا أَنْ ذَهَبَ غَضَبُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: رُدَّ عَلَيَّ يَا رَبِيعَةُ.
فَقَالَ: لا أَرُدُّ عَلَيْكَ. فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَدَرَهُ رَبِيعَةُ فَقَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ! قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ فَأَنْبَأَهُ بِالْقَصَّةِ. [فقال له النبي. ص: أَجَلْ فَلا تُرَدَّ عَلَيْهِ] . قَالَ فَحَوَّلَ أَبُو بَكْرٍ وَجْهَهُ إِلَى الْحَائِطِ يَبْكِي. قَالَ وَقَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِالْفَرْعِ لِمَنْ لَهُ الأَصْلُ.
قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَلَمْ يَزَلْ رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ يَلْزَمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ يَغْزُو مَعَهُ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَجَ رَبِيعَةُ مِنَ الْمَدِينَةِ فَنَزَلَ يَيْنَ. وَهِيَ مِنْ بِلادِ أَسْلَمَ. وَهِيَ عَلَى بَرِيدٍ مِنَ الْمَدِينَةِ. وَبَقِيَ رَبِيعَةُ إِلَى أَيَّامِ الْحَرَّةِ. وَكَانَتِ الْحَرَّةُ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ فِي خِلافَةِ يَزِيدَ بْنِ معاوية.
__________
496 تاريخ خليفة (251) ، وطبقات خليفة (111) ، والمعرفة والتاريخ (2/ 466) ، وكنى الدولابي (2/ 22) ، والجرح والتعديل (3/ 2111) ، والثقات لابن حبان (3/ 128) ، وحلية الأولياء (2/ 31) ، والاستيعاب (4/ 1727) ، وأسد الغابة (2/ 171) ، وتاريخ الإسلام (3/ 15) ، وتهذيب الكمال (1886) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (223) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 181) ، وتهذيب التهذيب (3/ 263) ، والإصابة (1/ 11) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 2049) .(4/234)
497- نَاجِيَةُ بْنُ جُنْدُبٍ الأَسْلَمِيُّ
. من بني سهم بطن من أسلم. شهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الحديبية. وَاسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على هدية حين توجه إِلَى الحديبية وأمره أن يقدمها إلى ذي الحليفة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي غَانِمُ بْنُ أَبِي غَانِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاجِيَةَ بْنَ جُنْدُبٍ الأَسْلَمِيَّ عَلَى هَدْيِهِ حِينَ تَوَجَّهَ إِلَى عَمْرَةِ الْقَضِيَّةِ فَجَعَلَ يَسِيرُ بِالْهَدْيَ أَمَامَهُ يَطْلُبُ الرَّعْيَ فِي الشَّجَرِ مَعَهُ أَرْبَعَةُ فَتَيَانٍ مِنْ أَسْلَمَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَشَهِدَ ابْنُ جُنْدُبٍ فَتْحَ مَكَّةَ وَاسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
عَلَى هَدْيِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ. وَكَانَ ناجية نازلا بَنِي سَلَمَةَ وَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ.
498- نَاجِيَةُ بْنُ الأَعْجَمِ
الأَسْلَمِيُّ. شهد الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الهيثم بن واقد عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - أن نَاجِيَةَ بْنَ الأَعْجَمِ هُوَ الَّذِي نَزَلَ بِالسَّهْمِ فِي الْبِئْرِ بِالْحُدَيْبِيَةِ فَجَاشَتْ بِالرَّوَاءِ حَتَّى صَدَرُوا بِعَطَنٍ.
قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَيُقَالُ الَّذِي نَزَلَ بِالسَّهْمِ نَاجِيَةُ بْنُ جُنْدُبٍ. وَيُقَالُ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ. وَيُقَالُ عَبَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْغِفَارِيُّ. وَالأَوَّلُ أَثْبَتُ أَنَّهُ نَاجِيَةُ بْنُ الأَعْجَمِ.
وَعَقَدَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ لأَسْلَمَ لِوَاءَيْنِ فَحَمَلَ أَحَدَهُمَا نَاجِيَةُ بْنُ الأَعْجَمِ وَالآخَرَ بُرَيْدَةُ بْنُ الْحُصَيْبِ. وَمَاتَ نَاجِيَةُ بْنُ الأَعْجَمِ بِالْمَدِينَةِ فِي آخِرِ خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وليس له عَقِبٌ.
499- حَمْزَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَسْلَمِيُّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ أن حمزة بن
__________
497 المغازي (572) ، (573) ، (575) ، (578) ، (587) ، (588) ، (701) ، (732) ، (1077) ، (1090) ، (1091) .
498 المغازي (587) ، (588) ، (800) ، (819) .
499 طبقات خليفة (111) ، وتاريخ خليفة (235) ، والتاريخ الكبير (3/ ت 173) ، وكنى الدولابي (1/ 39) ، والجرح والتعديل (3/ ت 928) ، والثقات لابن حبان (3/ 70) ، ومشاهير علماء الأمصار (15) ، والاستيعاب (1/ 375) ، وتهذيب تاريخ دمشق (4/ 450) ، والكامل في التاريخ (4/ 101) ، وأسد الغابة (2/ 50) ، وتهذيب الأسماء واللغات (1/ 169) ، وتاريخ الإسلام (3/ 14) ، والعبر (1/ 65) ، وتهذيب الكمال (1510) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (178) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 139) ، وتهذيب التهذيب (3/ 31- 32) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 1629) ، وشذرات الذهب (1/ 69) .(4/235)
عَمْرٍو كَانَ يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ وَمَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَهُوَ يَوْمَئِذِ ابْنُ إِحْدَى وَسَبْعِينَ سَنَةً. وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: قَالَ حَمْزَةُ بْنُ عَمْرٍو: لَمَّا كُنَّا بِتَبُوكَ وَانْفَرَّ الْمُنَافِقُونَ بِنَاقَةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الْعَقَبَةِ حَتَّى سَقَطَ بَعْضُ مَتَاعِ رَحْلِهِ قَالَ حَمْزَةُ: فَنَوَّرَ لِي فِي أَصَابِعِي الْخَمْسِ فَأُضِيءُ حَتَّى جَعَلْتُ أَلْقُطُ مَا شَذَّ مِنَ الْمَتَاعِ السَّوْطَ وَالْحِبَاءَ وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ.
قَالَ: وَكَانَ حَمْزَةُ بْنُ عَمْرٍو وَهُوَ الَّذِي بَشَّرَ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ بِتَوْبَتِهِ وَمَا نَزَلَ فِيهِ مِنَ الْقُرْآنِ فَنَزَعَ كَعْبٌ ثَوْبَيْنِ كَانَا عَلَيْهِ فَكَسَاهُمَا إِيَّاهُ.
قَالَ كَعْبٌ: وَاللَّهِ مَا كَانَ لِي غَيْرُهُمَا. قَالَ فَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ مِنْ أَبِي قَتَادَةَ.
500- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَشْيَمِ
الأَسْلَمِيُّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَلَمَةُ بْنُ وَرْدَانَ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَشِيمِ الأَسْلَمِيَّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.
501- محجن بْن الأدرع
الأسلمي. وهو من بني سهم. وهو الَّذِي [قال له النبي. ص: ارموا وأنا مع ابن الأدرع] . وكان يسكن المدينة ومات بِهَا فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان.
502- عَبْد الله بْن وهب
الأسلمي. صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان بعمان حِينَ قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقْبَلَ هُوَ وحبيب بْن زَيْد الْمَازِنِيّ إِلَى عَمْرو بْن العاص من عمان حين
__________
501 ابن هشام (2/ 470) .
502 المغازي (695) ، ابن هشام (2/ 316، 352، 622) .(4/236)
بلغتهم وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعرض لهم مسيلمة فأفلت القوم جميعًا وظفر بحبيب بْن زَيْد وعبد الله بْن وهب فقال: أتشهدان أني رسول الله؟ فأبى حبيب أن يشهد له فقتله وقطعه عضوًا عضوًا وأقر له عَبْد الله بْن وهب وقلبه مطمئن بالإيمان فلم يقتله وحبسه.
فَلَمَّا نزل خَالِد بْن الْوَلِيد والمسلمون باليمامة وقاتلوا مسيلمة أفلت عَبْد الله بْن وهب فأتى أسامة بْن زَيْد وكان مع خَالِد بْن الْوَلِيد فلجأ إليه وكر مع المسلمين يقاتل مسيلمة وأصحابه قتالًا شديدًا.
503- حَرْمَلَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَسْلَمِيُّ.
وهو أَبُو عَبْد الرَّحْمَن بْن حَرْمَلَة الَّذِي روى عن سَعِيد بْن المسيّب.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ وُهَيْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَحْيَى بْنِ هِنْدَ عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: حَجَجْتُ حَجَّةَ الْوَدَاعِ مُرْدِفِي عَمِّي سِنَانِ بْنِ سَنَّةَ. فَلَمَّا وَقَفْنَا بِعَرَفَاتٍ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَعَ إِحْدَى إِصْبَعَيْهِ عَلَى الأُخْرَى فَقُلْتُ لعمي: ماذا يقول رسول الله. ص؟ [قَالَ: يَقُولُ ارْمُوا الْجَمْرَةَ بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ.]
504- سِنَان بْن سنة الأسلمي.
وهو عم حَرْمَلَة بْن عَمْرو أَبُو عَبْد الرَّحْمَن بْن حَرْمَلَة الأسلمي الَّذِي روى عن سَعِيد بْن المسيّب. أسلم سِنَان بْن سنة وصحب النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
505- عَمْرو بْن حَمْزَةَ
بْنِ سِنَانٍ الأَسْلَمِيُّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي هشام بن عاصم بن الْمُنْذِرِ بْنِ جَهْمٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ حَمْزَةَ بْنِ سِنَانٍ كَانَ قَدْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدِمَ الْمَدِينَةَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَرْجِعَ إِلَى بَادِيَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ فَخَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالضَّبُّوعَةِ عَلَى بُرَيْدٍ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى الْمَحَجَّةِ إِلَى مَكَّةَ لَقِيَ جارية من العرب وضيئة فنزعه الشَّيْطَانُ حَتَّى أَصَابَهَا وَلَمْ يَكُنْ أُحْصِنَ. ثُمَّ نَدِمَ فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ فَأَقَامَ عَلَيْهِ الْحَدَّ. أَمَرَ رَجُلا أَنْ يَجْلِدَهُ بَيْنَ الْجِلْدَيْنِ بِسَوْطٍ قَدْ رُكِبَ بِهِ ولان.
__________
503 ابن هشام (1/ 711) .
504 طبقات خليفة (112) ، والتاريخ الكبير للبخاري (4/ ت 2335) ، والجرح والتعديل (4/ ت 1078) ، والاستيعاب (2/ 658) ، وأسد الغابة (2/ 358) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 2524) ، وتهذيب الكمال (2596) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (136) ، وتهذيب التهذيب (4/ ت 2420) ، والإصابة (2/ ت 3499) ، وتقريب التهذيب (1/ 334) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 2781) .(4/237)
506- حَجَّاجُ بْنُ عَمْرٍو الأَسْلَمِيُّ.
وهو أَبُو حَجّاج الَّذِي روى عَنْهُ عروة بْن الزُّبَيْر.
وقد روى حَجّاج بْن حَجّاج عن أبي هُرَيْرَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ:
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ عَمْرٍو حَدَّثَهُ [أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرَجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى] .
قَالَ: فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالا: صَدَقَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَمَّنْ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِيهِ قال: [قلت يا رسول الله مَا يُذْهِبُ عَنِّي مَذَمَّةَ الرَّضَاعِ؟ فَقَالَ: عَبْدٌ أو أمة] .
507- عمرو بن عبدنهم
الأسلمي. خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الحديبية وهو كان دليله على طريق ثنية ذات الحنظل. انطلق أمام رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأمره حَتَّى وقف به عليها [فقال رسول الله. ص: وَالَّذِي نفسي بيده ما مثل هَذِهِ الثنية الليلة إلّا مثل الباب الَّذِي قَالَ الله لبني إِسْرَائِيل ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ. وقال: لا يجوز هَذِهِ الثنية الليلة أحد إلّا غفر له] .
508- زَاهِرُ بْنُ الأَسْوَدِ
بْنِ مُخَلَّعٍ. واسمه عَبْد الله بْن قَيْس بْن دعبل وإليه النبت بْن أَنَس بْن خُزَيْمَة بْن مالك بْن سلامان بْن أفصى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أخبرنا إِسْرَائِيلُ عَنْ مَجْزَأَةَ بْنِ زَاهِرِ بْنِ الأَسْوَدِ الأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ. وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الشَّجَرَةَ. قَالَ: إِنِّي لأُوقِدُ بِالْجَمْرِ إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْهَاكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: نَزَلَ زَاهِرٌ الْكُوفَةَ حِينَ نَزَلَهَا الْمُسْلِمُونَ وَكَانَ ابْنُهُ مَجْزَأَةُ بْنُ زَاهِرٍ شَرِيفًا بِالْكُوفَةِ وَكَانَ من أصحاب عمرو بن الحمق.
__________
507 المغازي (584) .
508 طبقات خليفة (112) ، (137) ، والتاريخ الكبير للبخاري (3/ ت 1475) ، والجرح والتعديل (3/ ت 2815) ، والثقات لابن حبان (3/ 143) ، والاستيعاب (22/ 509) ، وأسد الغابة (2/ 192) ، وتهذيب الكمال (1948) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (230) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 187) ، وتهذيب التهذيب (3/ 305) ، والإصابة (1/ 542) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 2301) . المغازي (658) .(4/238)
509- هَانِئُ بْنُ أَوْسٍ
الأَسْلَمِيُّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: حدثنا إسرائيل بن مَجْزَأَةَ عَنْ هَانِئِ بْنِ أَوْسٍ. وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الشَّجَرَةَ. أَنَّهُ اشْتَكَى رُكْبَتَهُ فَكَانَ إِذَا سَجَدَ جَعَلَ تَحْتَ رُكْبَتِهِ وِسَادَةً.
510- أَبُو مَرْوَانَ الأَسْلَمِيُّ.
واسمه معتب بْن عَمْرو. روى عَنْهُ ابنه عطاء بْن أبي مروان. وروى النّاس عن عطاء بْن أبي مروان.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مُعَتِّبِ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَهُ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ فَقَالَ: زَنَيْتُ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثَلاثًا. فَقَالَهَا الرَّابِعَةَ. فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَنَكَحْتَهَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ حَتَّى غَابَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ مِنْهَا كَمَا يَغِيبُ الْمِرْوَدُ فِي الْمَكْحَلَةِ وَالرِّشَى فِي الْبِئْرِ.
511- بَشِيرٌ الأَسْلَمِيُّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ بَشِيرٍ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْخَبِيثَةِ فَلا يُنَاجِينَا] .
وَقَدْ رَوَى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ عَنْ بَشِيرٍ هَذَا أَيْضًا حَدِيثًا طَوِيلا سَمَاعًا مِنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ دَاوُدَ الأَوْدِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي بَيْعَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَيَاءِ.
512- الْهَيْثَمُ بْنُ نَصْرِ
بْنِ دَهْرٍ الأَسْلَمِيُّ. وكان محمد بن عمر يقول: ابن دهر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عقبة بن أَبِي عَائِشَةَ الأَسْلَمِيِّ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَهْمٍ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ دَهْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَنْفَقَتِهِ وَنَاصِيَتِهِ حَزَرْتُهُ يَكُونُ ثَلاثِينَ شَيْبَةً عَدَدًا.
513- الْحَارِث بْن حبال
بْن ربيعة بْن دعبل بْن أَنَس بن خزيمة بن مالك بن سلامان بن أسلم. صَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَهِدَ معه الحديبية فِي رواية هشام بْن مُحَمَّد.
514- مالك بْن جُبَيْر
بْن حبال بْن ربيعة بْن دعبل. صَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَهِدَ معه(4/239)
الحديبية فِي رواية هشام بْن مُحَمَّد بْن السائب الكلبي.
وَمِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ أَفْصَى إخوة أسلم وهو مِمَّنَ انخزع أيضًا
515- أَسْمَاءُ بن حارثة
بْن سَعِيد بْن عَبْد الله بْن غياث بن سعد بْن عَمْرو بْن عامر بْن ثَعْلَبَة بْن مالك بْن أفصى. وإلى بني حارثة البيت من بني مالك بْن أفصى. من ولد أسماء بْن حارثة غيلان بْن عَبْد الله بْن أسماء بْن حارثة. كان من قواد أبي جعفر المنصور. كان له ذكر فِي دعوة بني الْعَبَّاس.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَسْمَاءَ بْنِ حَارِثَةَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ:
[أَصُمْتَ الْيَوْمَ يَا أَسْمَاءُ؟ فَقُلْتُ: لا. فَقَالَ: فَصُمْ. قَالَ: قَدْ تَغَدَّيْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: صُمْ مَا بَقِيَ مِنْ يَوْمِكَ وَمُرْ قَوْمَكَ يَصُومُوهُ] .
قَالَ أَسْمَاءُ: فَأَخَذْتُ نَعْلِي بِيَدِي فَأَدْخَلْتُ رِجْلِيَّ حَتَّى وَرَدْتُ يَيْنَ عَلَى قَوْمِي فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَصُومُوا. قَالُوا: قَدْ تَغَدَّيْنَا. فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ أَمَرَكُمْ أَنْ تَصُومُوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْمَاءَ وَهِنْدَ ابْنَيْ حَارِثَةَ إِلَى أَسْلَمَ يَقُولانِ لَهُمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَحْضُرُوا رَمَضَانَ بِالْمَدِينَةِ. وَذَلِكَ حَيْثُ أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يَغْزُوَ مَكَّةَ.
قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَتُوُفِّيَ أَسْمَاءُ بْنُ حَارِثَةَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَهُوَ يَوْمَئِذِ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً. قَالَ وَكَانَ مُحْتَاجًا مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَسَمِعْتُ غَيْرَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: تُوُفِّيَ أَسْمَاءُ بِالْبَصْرَةِ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فِي وِلايَةِ زِيَادٍ عَلَيْهَا.
516- وأخوه هند بْن حارثة الأسلمي.
شهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قال: قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: ما كنت أرى أسماء وهند ابني حارثة
__________
515 المغازي (659) ، (799) .
516 المغازي (799) .(4/240)
إلّا خادمين لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طول لزومهما بابه وخدمتهما إياه. وكانا محتاجين ولهما بقية بيين. ومات هند بْن حارثة بِالْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ.
وذكر بعض أَهْل العلم أنهم ثمانية إخوة صحبوا النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وشهدوا بيعة الرضوان وهم أسماء وهند وخداش وذؤيب وحمران وفضالة وسلمة ومالك بنو حارثة بْن سَعِيد بْن عَبْد الله بْن غياث.
517- ذؤيب بْن حبيب
الاسلمي وهو من بني مالك بن أفصى إخوة أسلم. وكان ابن عَبَّاس يقول: حَدَّثَنَا ذؤيب صاحب هدي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - سأله عما عطب من الهدي. وله دار بالمدينة وَبَقِيَ إِلَى خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ.
518- هزال الأسلمي.
وهو أَبُو نُعَيْم بْن هزال. وهو من بني مالك بْن أفصى إخوة أسلم. وهو صاحب ماعز بْن مالك الذي أمره أن يأتي النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيقر عنده بما صنع.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ هَزَّالٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جده قال: كان أبو ماعز أَوْصَى إِلَيَّ بِابْنِهِ مَاعِزٍ وَكَانَ فِي حِجْرِي أَكْفَلُهُ بِأَحْسَنَ مَا يَكْفُلُ بِهِ أَحَدٌ أَحَدًا. فَجَاءَنِي يَوْمًا فَقَالَ لِي: إِنِّي كُنْتُ أُطَالِبُ مُهَيْرَةَ امْرَأَةً كُنْتُ أَعْرِفُهَا حَتَّى نِلْتُ مِنْهَا الآنَ مَا كُنْتُ أُرِيدُ ثُمَّ نَدِمْتُ عَلَى مَا أَتَيْتُ. فَمَا رَأْيُكَ؟
فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُخْبِرَهُ. فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ فَاعْتَرَفَ عِنْدَهُ بِالزِّنَى. وَكَانَ محصنا. فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْحَرَّةِ وَبَعَثَ مَعَهُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ يَرْجُمُهُ.
فَمَسَّتْهُ الْحِجَارَةُ فَفَرَّ يَعْدُو قِبَلَ الْعَقِيقِ فَأُدْرِكَ بِالْمُكَيْمِنِ. وَكَانَ الَّذِي أَدْرَكَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ بِوَظِيفِ حِمَارٍ فَلَمْ يَزَلْ يَضْرِبُهُ حَتَّى قَتَلَهُ. ثُمَّ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ [قَالَ: فَهَلا تَرَكْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ؟ ثُمَّ قَالَ: يَا هَزَّالُ بِئْسَ مَا صَنَعْتَ بِيَتِيمِكَ! لَوْ سَتَرْتَ عَلَيْهِ بِطَرَفِ رِدَائِكَ لَكَانَ خَيْرًا لَكَ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَدْرِ أَنَّ فِي الأَمْرِ سَعَةً. وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَرْأَةَ الَّتِي أَصَابَهَا فَقَالَ:
اذْهَبِي. وَلَمْ يَسْأَلْهَا عَنْ شَيْءٍ. فَقَالَ النَّاسُ فِي ماعز فأكثروا فقال رسول الله. ص:
لقد تاب توبة لو تابها طائفة من أُمَّتِي لأَجْزَتْ عَنْهُمْ.]
519- مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ
الأَسْلَمِيُّ. أَسْلَمَ وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو الَّذِي أصاب الذنب ثُمَّ ندم فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاعترف عنده. وكان محصنا. فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ(4/241)
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فرجم. وقال: [لقد تاب توبة لو تابها طائفة من أمتي لأجزت عَنْهُمْ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ] .
وَمِنْ سَائِرِ قَبَائِلِ الأَزْدِ ثُمَّ مِنْ دَوْسِ بْنِ عُدْثَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ... «1» ابْنُ زَهْرَانَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ نَصْرِ بْنِ الأَزْدِ.
520- أَبُو هُرَيْرَةَ.
قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: كان اسمه عَبْد شمس فسمي فِي الْإِسْلَام عَبْد الله. وقال غيره: اسمه عبدنهم. ويقال عَبْد غنم. ويقال سكين.
قَالَ: وقال هشام بْن مُحَمَّد بْن السائب الكلبي: اسمه عمير بْن عامر بْن عَبْد ذي الشرى بْن طريف بْن غياث بْن أبي صعب بْن هنية بْن سعد بْن ثَعْلَبَة بْن سليم بْن فهم بْن غنم بن دوس. وأمه ابنه صفيح بْن الْحَارِث بْن شابي بْن أبي صعب بْن هنية بْن سعد بن ثعلبة بْن سليم بْن فهم بْن غنم بن دوس. وكان سعد بْن صفيح خال أبي هُرَيْرَةَ من أشداء بني دوس فكان لا يأخذ أحدًا من قريش إلّا قتله بأبي أزيهر الدوسي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ فَوَجَدْتُ رَجُلا مِنْ بَنِي غِفَارَ يَؤُمُّ النَّاسَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى بِسُورَةِ مَرْيَمَ وفي الثانية ب «ويل لِلْمُطَفِّفِينَ» المطففين: 1.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُلْتُ فِي الطَّرِيقِ:
يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا ... عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الْكُفْرِ نجت
__________
(1) نقص في الأصل.
__________
520 المغازي (137) ، (235) ، (262) ، (314) ، (358) ، (380) ، (549) ، (570) ، (580) ، (584) ، (636) ، (683) ، (709) ، (733) ، (760) ، (762) ، (765) ، (801) ، (824) ، (936) ، (937) ، (941) ، (1006) ، (1038) ، (1078) ، ابن هشام (1/ 260، 299، 657) ، (2/ 219، 338، 638) .(4/242)
قال: وأبق مني غلام في الطريق فلما قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فبايعته فبينا أنا عنده إذ طلع الغلام [فقال لي رسول الله. ص: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ هَذَا غُلامُكَ. فَقُلْتُ: هُوَ لِوَجْهِ اللَّهِ. فَأَعْتَقْتُهُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالا: أَخْبَرَنَا سُلَيْمُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: نَشَأْتُ يَتِيمًا وَهَاجَرْتُ مِسْكِينًا وَكُنْتُ أَجِيرًا لِبُسْرَةَ بِنْتِ غَزْوَانَ بِطَعَامِ بَطْنِي وعقبة رجلي. فكنت أخدم إذا نزلوا وأحدو إِذَا رَكِبُوا فَزَوِّجْنِيهَا اللَّهُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الدِّينَ قِوَامًا وَجَعَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ إِمَامًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَكْرَيْتُ نَفْسِي مِنَ ابْنَةِ غَزْوَانَ عَلَى طَعَامِ بَطْنِي وَعُقْبَةِ رِجْلِي. قَالَ فَكَانَتْ تُكَلِّفُنِي أَنْ أركب قائما وأن أردي أَوْ أُورَدَ حَافِيًا. فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ زَوَّجَنِيهَا اللَّهُ فَكَلَّفْتُهَا أَنْ تَرْكَبَ قَائِمَةً وَأَنْ تَرِدَ أَوْ تُرْدِي حَافِيَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أَجِيرَ ابْنِ عَفَّانَ وَابْنَةِ غَزْوَانَ بِطَعَامِ بَطْنِي وَعُقْبَةِ رِجْلِي أَسُوقُ بِهِمْ إِذَا رَكِبُوا وَأَخْدُمُهُمْ إِذَا نَزَلُوا. فَقَالَتْ لِي يَوْمًا: لَتَرِدَنَّهُ حَافِيًا وَلَتَرْكَبَنَّهُ قَائِمًا.
فَزَوَّجَنِيهَا اللَّهُ بَعْدُ فَقُلْتُ: لَتَرِدِنَّهُ حَافِيَةً وَلَتَرْكَبِنَّهُ قَائِمَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: تَمَخَّطَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ مِنْ كَتَّانٍ مُمْشَقٍ فَتَمَخَّطَ فِيهِ فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ يَتَمَخَّطُ أبو هريرة في الكتان. لقد رأيتني آخرا فِيمَا بَيْنَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحُجْرَةِ عَائِشَةَ.
يَجِيءُ الْجَائِي يَرَى أَنَّ بِي جُنُونًا وَمَا بِي إِلا الْجُوعُ. وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي لأَجِيرٌ لابْنِ عَفَّانَ وَابْنَةِ غَزْوَانَ بِطَعَامِ بَطْنِي وَعُقْبَةِ رِجْلِي. أَسُوقُ بِهِمْ إِذَا ارْتَحِلُوا وَأَخْدُمُهُمْ إِذَا نَزَلُوا.
فَقَالَتْ يَوْمًا: لَتَرِدَنَّهُ حَافِيًا وَلَتَرْكَبَنَّهُ قَائِمًا. قَالَ فَزَوَّجَنِيهَا اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقُلْتُ لَهَا: لَتَرِدِنَّهُ حَافِيَةً وَلَتَرْكَبِنَّهُ قَائِمَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: مَا شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَشْهَدًا قَطُّ إِلا قَسَمَ لِي مِنْهُ إِلا مَا كَانَ مِنْ خَيْبَرَ. فَإِنَّهَا كَانَتْ لأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ خَاصَّةً.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو مُوسَى قَدِمَا بَيْنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَخَيْبَرَ.(4/243)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَنَةَ سَبْعٍ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ فَسَارَ إِلَى خَيْبَرَ حَتَّى قَدِمَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: صَحِبْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثَ سِنِينَ مَا كُنْتُ سَنَوَاتٍ قَطُّ أَعْقَلَ مِنِّي وَلا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَعِيَ مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنِّي فِيهِنَّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَوْدِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: صَحِبَ أَبُو هُرَيْرَةَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَ سِنِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: وَحَدَّثَنَا خُثَيْمُ بْنُ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ وَافِدِينَ وَقَدْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى خَيْبَرَ وَاسْتُخْلِفَ عَلَى الْمَدِينَةِ رَجُلا مِنْ بَنِي غِفَارَ يُقَالُ لَهُ سِبَاعُ بْنُ عُرْفُطَةَ. فَأَتَيْنَاهُ وَهُوَ فِي صَلاةِ الصُّبْحِ فَقَرَأَ فِي الركعة الأولى «كهيعص» مريم: 1 وقرأ في الركعة الثانية «وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ» المطففين: 1.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَقُولُ فِي الصَّلاةِ وَيْلٌ لأَبِي فُلانٍ لَهُ مِكْيَالانِ إِذَا اكْتَالَ اكْتَالَ بِالْوَافِي وَإِذَا كَالَ كَالَ بِالنَّاقِصِ. فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنْ صَلاتِنَا أَتَيْنَا سِبَاعًا فَزَوَّدَنَا شَيْئًا حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدِ افْتَتَحَ خَيْبَرَ فَكَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ فَأَشْرَكُونَا فِي سُهْمَانِهِمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو كَثِيرٍ الْغُبَرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أنه قَالَ: وَاللَّهِ لا يَسْمَعُ بِي مُؤْمِنٌ وَلا مُؤْمِنَةٌ إِلا أَحَبَّنِي. قَالَ قُلْتُ: وَمَا يُعَلِّمُكَ ذَاكَ؟ قَالَ فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الإِسْلامِ فَتَأْبَى عَلَيَّ. قَالَ فَدَعَوْتُهَا ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى الإِسْلامِ فَأَسْمَعَتْنِي فِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَكْرَهُ فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وَأَنَا أَبْكِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَدْعُو أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَى الإِسْلامِ فَتَأْبَى عَلَيَّ وَإِنِّي دَعَوْتُهَا الْيَوْمَ فَأَسْمَعَتْنِي فِيكَ مَا أَكْرَهُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَى الإِسْلامِ. فَفَعَلَ فَجِئْتُ فَإِذَا الْبَابُ مُجَافٌ وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ فَلَبِسَتْ دِرْعَهَا وَعَجِلَتْ عَنْ خِمَارِهَا ثُمَّ قَالَتْ: ادْخُلْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ. فَدَخَلْتُ فَقَالَتْ:
أَشْهَدُ أَنْ لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله. فَجِئْتُ أَسْعَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -(4/244)
أَبْكِي مِنَ الْفَرَحِ كَمَا بَكَيْتُ مِنَ الْحُزْنِ. فَقُلْتُ: أَبْشِرْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْ أَجَابَ اللَّهُ دَعَوْتَكَ. قَدْ هَدَى اللَّهُ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَى الإِسْلامِ. ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُحَبِّبَنِي وَأُمِّيَ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَإِلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ. [فَقَالَ: اللَّهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا وَأُمَّهُ إِلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ فَلَيْسَ] يَسْمَعُ بِي مُؤْمِنٌ وَلا مؤمنة إلا أحبني.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلالٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ يَوْمًا مِنْ بَيْتِي إِلَى الْمَسْجِدِ لَمْ يُخْرِجْنِي إِلا الْجُوعُ.
فَوَجَدْتُ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا أَخْرَجَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَقُلْتُ: مَا أَخْرَجَنِي إِلا الْجُوعُ. فَقَالُوا: نَحْنُ وَاللَّهِ مَا أَخْرَجَنَا إِلا الْجُوعُ.
فَقُمْنَا فَدَخَلْنَا عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[فقال: مَا جَاءَ بِكُمْ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ جَاءَ بِنَا الْجُوعُ. قَالَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِطَبَقٍ فِيهِ تَمْرٌ فَأَعْطَى كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا تَمْرَتَيْنِ فَقَالَ: كُلُوا هَاتَيْنِ التَّمْرَتَيْنِ وَاشْرَبُوا عَلَيْهِمَا مِنَ الْمَاءِ فَإِنَّهُمَا سَتَجْزِيَانِكُمْ يَوْمَكُمْ هَذَا] .
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَكَلْتُ تَمْرَةً وَجَعَلْتُ تَمْرَةً فِي حُجْرَتِي. [فقال رسول الله. ص:
يَا أَبَا هُرَيْرَةَ لِمَ رَفَعْتَ هَذِهِ التَّمْرَةَ؟ فَقُلْتُ: رَفَعْتُهَا لأُمِّي. فَقَالَ: كُلَّهَا فَإِنَّا سَنُعْطِيكَ لها تمرتين. فأكلتها فأعطاني لها تمرتين] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَكُنْ يَحُجُّ حَتَّى مَاتَتْ أُمُّهُ لِصُحْبَتِهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ قَالَ:
قُلْتُ لأَبِي هُرَيْرَةَ لِمَ كَنَّوْكَ أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: أَمَا تَفْرَقَ مِنِّي؟ قَالَ قُلْتُ: بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي لأَهَابُكَ! قَالَ: كُنْتُ أَرْعَى غَنَمًا لأَهْلِي وَكَانَتْ لِي هُرَيْرَةٌ صَغِيرَةٌ فَكُنْتُ إِذَا كَانَ اللَّيْلُ وَضَعْتُهَا فِي شَجَرَةٍ فَإِذَا أَصْبَحْتُ أَخَذْتُهَا فلعبت بها. فكنوني أبا هريرة.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنِّي سَمِعْتُ مِنْكَ حَدِيثًا كَثِيرًا فَأَنْسَاهُ.
فَقَالَ: ابْسُطْ رِدَاءَكَ. فَبَسَطْتُهُ فَغَرَفَ بِيَدِهِ فِيهِ ثُمَّ قَالَ: ضُمَّهُ. فَضَمَمْتُهُ فَمَا نَسِيتُ حَدِيثًا بَعْدَهُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ اللَّيْثِيُّ(4/245)
عَنْ عَمْرِو بْنِ مِرْدَاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَنَدِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِي: ابْسُطْ ثَوْبَكَ. فَبَسَطْتُهُ ثُمَّ حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّهَارَ. ثُمَّ ضَمَمْتُ ثَوْبِي إِلَى بَطْنِي فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا مِمَّا حَدَّثَنِي] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْحَارِثِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: [لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَلا يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنَ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ. إِنَّ أَسْعَدَ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مخلصا من قبل نفسه] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي قَوْلِهِ: «إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ» البقرة: 159. قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِلَّهِ الْمَوْعِدُ. وَيَقُولُونَ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ لا يُحَدِّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذِهِ الأَحَادِيثَ.
وَإِنَّ أَصْحَابِي مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَتْ تَشْغَلُهُمْ صَفَقَاتُهُمْ بِالسُّوقِ. وَإِنَّ أَصْحَابِي مِنَ الأَنْصَارِ كَانَتْ تَشْغَلُهُمْ أَرْضُوهُمْ وَالْقِيَامُ عَلَيْهَا. وَإِنِّي كُنْتُ أَمْرَأً مِسْكِينًا وَكُنْتُ أُكْثِرُ مُجَالَسَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْضُرُ إِذَا غَابُوا وَأَحْفَظُ إِذَا نَسَوْا. وَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدَّثَنَا [يَوْمًا فَقَالَ: مَنْ يَبْسُطُ ثَوْبَهُ حَتَّى أُفْرِغَ فِيهِ مِنْ حَدِيثِي ثُمَّ يَقْبِضُهُ إِلَيْهِ فَلا يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّي أَبَدًا؟ فَبَسَطْتُ ثَوْبِي. أَوْ قَالَ: نَمِرَتِي.] فَحَدَّثَنِي ثم قبضه إلي. فو الله مَا كُنْتُ نَسِيتُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْهُ. وَايْمُ اللَّهِ لَوْلا آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُكُمْ بِشَيْءٍ أَبَدًا. ثُمَّ تَلا: «إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ» البقرة: 159.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ. قَالَ مَعْمَرٌ وَبَلَغَنِي عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هريرة قال: مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أُتِيَ بِهِ يوم القيامة ملجما بلجام من نار.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بن عمر بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَوْلا آيَةٌ فِي الْبَقَرَةِ مَا حَدَّثْتُكُمْ بِحَدِيثٍ أَبَدًا: «إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ» البقرة: 159. لَكِنِ الْمَوْعِدُ لِلَّهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ(4/246)
عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَنْ كَتَمَ عِلْمًا يُنْتَفَعُ بِهِ أُلْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وِعَاءَيْنِ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ لَقُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلالٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَوْ أَنْبَأْتُكُمْ بِكُلِّ مَا أَعْلَمُ لَرَمَانِي النَّاسُ بالخزف وَقَالُوا أَبُو هُرَيْرَةَ مَجْنُونٌ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ. قَالَ الْحَسَنُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَوْ حَدَّثْتُكُمْ بِكُلِّ مَا فِي جَوْفِي لَرَمَيْتُمُونِي بِالْبَعْرِ. قَالَ الْحَسَنُ: صَدَقَ وَاللَّهِ. لَوْ أَخْبَرَنَا أَنَّ بَيْتَ اللَّهِ يُهْدَمُ أَوْ يُحْرَقُ مَا صَدَّقَهُ الناس.
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ يَقُولُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يَقُولُونَ أَكْثَرْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ أَنْ لَوْ حَدَّثْتُكُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ لَرَمَيْتُمُونِي بِالْقَشْعِ. يعني بالمزابل. ثم ما نَاظَرْتُمُونِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: جَاءَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَى كَعْبٍ يَسْأَلُ عَنْهُ. وَكَعْبٌ فِي الْقَوْمِ. فَقَالَ كَعْبٌ: مَا تُرِيدُ مِنْهُ؟ فَقَالَ: أَمَا إِنِّي لا أَعْرِفُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَكُونَ أَحْفَظَ لِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنِّي. فَقَالَ كَعْبٌ: أَمَا إِنَّكَ لَمْ تَجِدْ طَالِبَ شَيْءٍ إِلا سَيَشْبَعُ مِنْهُ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ إِلا طَالِبَ عِلْمٍ أَوْ طَالِبَ دُنْيَا. فَقَالَ: أَنْتَ كَعْبٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: لِمِثْلِ هَذَا جِئْتُكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ:
أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[قَالَ: مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا وَتَبِعَهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ.] فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: انْظُرْ مَا تُحَدِّثُ فَإِنَّكَ تُكْثِرُ الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ فَذَهَبَ بِهِ إِلَى عَائِشَةَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ: صَدَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ. ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا كَانَ يَشْغَلُنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّفْقُ فِي الأَسْوَاقِ إِنَّمَا(4/247)
كَانَ يُهِمُّنِي كَلِمَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَلِّمُنِيهَا أَوْ لُقْمَةٌ يُطْعِمُنِيهَا. قَالَ يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ:
يَلْقُمُنِيهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنِ الْوَلِيدِ بن عبد الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَحْوِهِ إِلا أَنَّهُ قَالَ: مَنْ خَزٍّ فَكَسَاهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَسَا أَبَا هُرَيْرَةَ مِطْرَفًا أَغْبَرَ فَكَانَ يُثْنِيهِ عَلَيْهِ ثَلاثَةَ أَثْنَاءٍ مِنْ سعته. فأصابه شيء فتشبكه تشبكا ولم يُرْفِهِ كَمَا يُرْفُونَ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى طَرَائِفِهِ مِنْ إِبْرِيسَمٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَلْبَسُ الْخَزَّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُمَيْرٍ مَوْلَى بَنِي أَسَدٍ قَالَ:
سَمِعْتُ الْمَقْبُرِيَّ يَقُولُ: رَأَيْتُ عَلَى أبي هريرة كساء من خَزٍّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ كِسَاءَ خَزٍّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْبَسُ الْخَزَّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: رَأَيْتُ على أبي هريرة ساجا مزررا بديباج.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي الْحُصَيْنِ عَنْ جَنَابِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَيْهِ عِمَامَةً سَوْدَاءَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْبَسُ الثياب الممشقة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنِ عَوْنٍ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ:
كَانَتْ رِدْيَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ التَّأَبُّطَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالُوا: حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مُخْشَوْشِنًا؟
قَالَ: لا بَلْ كَانَ لَيِّنًا. قُلْتُ: فَمَا كَانَ لَوْنُهُ؟ قَالَ: أَبْيَضُ. قُلْتُ: هَلْ كَانَ يَخْضِبُ؟(4/248)
قَالَ: نَعَمْ نَحْوَ مَا تَرَى. قَالَ وَأَهْوَى مُحَمَّدٌ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَتِهِ وَهِيَ حَمْرَاءُ. قُلْتُ: فَمَا كَانَ لِبَاسُهُ؟ قَالَ: نَحْوَ مَا تَرَى. قَالَ وَعَلَى مُحَمَّدٌ ثَوْبَانَ مُمَشَّقَانِ مِنْ كَتَّانٍ. قَالَ وَتَمَخَّطَ يَوْمًا فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ. أَبُو هُرَيْرَةَ يَتَمَخَّطُ فِي الْكَتَّانِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ. قَالَ فَقَبَضَ يَوْمًا عَلَى لِحْيَتِهِ فَقَالَ: كَأَنَّ خِضَابِي خِضَابُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلِحْيَتِي مِثْلُ لِحْيَتِهِ وَشَعْرِي مِثْلُ شَعْرِهِ وَثِيَابِي مِثْلُ ثِيَابِهِ وعليه ممصران.
قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: امْتَخَطَ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي ثَوْبِهِ فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ يَتَمَخَّطُ فِي الْكَتَّانِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْخٌ أَظُنُّهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحْفِي عَارِضَيْهِ يَأْخُذُ مِنْهُمَا. قَالَ وَرَأَيْتُهُ أَصْفَرَ اللِّحْيَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَنْتَعِلَ قَائِمًا وَأَنْ يَأْتَزِرَ فَوْقَ قَمِيصِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالا: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ الطَّائِفِيِّ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ. قَالَ ابْنُ خَيْثَمٍ فَقُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: صِفْهُ لِي. فَقَالَ: رَجُلٌ آدَمُ بَعِيدٌ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ. ذُو ضَفَرَيْنِ. أَفَرَقُ الثَّنِيَّتَيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ضَمْضَمُ بْنُ جَوْسٍ قَالَ: دَخَلْتُ مَسْجِدًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا أَنَا بِشَيْخٍ يُضَفِّرُ رَأْسَهُ بَرَّاقِ الثَّنَايَا. قُلْتُ: مَنْ أَنْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ؟ قَالَ: أَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عبيد اللَّهِ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ وَنَحْنُ فِي الْكُتَّابِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ:
كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَخْضِبُ؟ قَالَ: نَعَمْ خِضَابِي هَذَا. وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِحِنَّاءٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أبي(4/249)
هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنْتُ عَامِلا بِالْبَحْرَيْنِ فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: عَدُوًّا لِلَّهِ وَلِلإِسْلامِ. أَوْ قَالَ: عَدُوًّا لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ سَرَقْتَ مَالَ اللَّهِ. قُلْتُ: لا وَلَكِنِّي عَدُوُّ مَنْ عَادَاهُمَا. خَيْلٌ لِي تَنَاتَجَتْ وَسِهَامٌ لِيَ اجْتَمَعَتْ. فَأَخَذَ مِنِّي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا. قَالَ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيَّ بَعْدُ أَنْ أَلا تَعْمَلُ؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: لِمَ؟ أَلَيْسَ قَدْ عَمِلَ يُوسُفُ؟ قُلْتُ:
يُوسُفُ نَبِيُّ ابْنُ نَبِيٍّ فَأَخْشَى مِنْ عَمَلِكُمْ ثَلاثًا أَوِ اثْنَتَيْنِ. قَالَ: أَفَلا تَقُولُ خَمْسًا؟ قُلْتُ:
لا. أَخَافُ أَنْ يَشْتُمُوا عِرْضِي وَيَأْخُذُوا مَالِي وَيَضْرِبُوا ظَهْرِي. وَأَخَافُ أَنْ أَقُولَ بِغَيْرِ حِلْمٍ وَأَقْضِيَ بِغَيْرِ عِلْمٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ وَيَحْيَى بْنُ خُلَيْفِ بْنِ عُقْبَةَ وَبَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّ كِتَابِهِ أَسَرَقْتَ مَالَ اللَّهِ؟ قَالَ فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِعَدُوِّ اللَّهِ وَلا عَدُوِّ كِتَابِهِ وَلَكِنِّي عَدُوُّ مَنْ عَادَاهُمَا وَلا سَرَقْتُ مَالَ اللَّهِ. قَالَ: فَمِنْ أَيْنَ اجْتَمَعَتْ لَكَ عَشَرَةُ آلافٍ؟ قَالَ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خَيْلِي تَنَاسَلَتْ وَسِهَامِي تَلاحَقَتْ وَعَطَائِي تَلاحَقَ.
قَالَ فَأَمَرَ بِهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَقُبِضَتْ. قَالَ فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغفر لأمير المؤمنين.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لأَبِي هُرَيْرَةَ: كَيْفَ وَجَدْتَ الإِمَارَةَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: بَعَثْتَنِي وَأَنَا كَارِهٌ وَنَزَعْتَنِي وَقَدْ أَحْبَبْتُهَا. وَأَتَاهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَقَالَ:
أَظْلَمْتَ أَحَدًا؟ قَالَ: لا. قَالَ: أَخَذْتَ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَمَا جِئْتَ بِهِ لِنَفْسِكَ؟ قَالَ: عِشْرِينَ أَلْفًا. قَالَ: مِنْ أَيْنَ أَصَبْتَهَا؟ قَالَ: كُنْتُ أَتَّجِرُ؟ قَالَ: انْظُرْ رَأْسَ مَالِكٍ وَرِزْقَكَ فَخُذْهُ وَاجْعَلِ الآخَرَ في بيت المال.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: كَانَ مَرْوَانُ يَسْتَخْلِفُ أَبَا هُرَيْرَةَ إِذَا حج أو غاب.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْرَائِيلَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: كَانَ يَكُونُ مَرْوَانُ عَلَى الْمَدِينَةَ فَإِذَا خرج منها استخلف أبا هريرة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: اسْتَخْلَفَ مَرْوَانُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ.(4/250)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: كَانَ مَرْوَانُ رُبَّمَا اسْتَخْلَفَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ فَيَرْكَبُ حِمَارًا قَدْ شَدَّ عَلَيْهِ. قَالَ عَفَّانُ: قُرْطَاطًا. وَقَالَ عَارِمٌ: بَرْذَعَةً. وَفِي رَأْسِهِ خُلْبَةٌ مِنْ لِيفٍ فَيَسِيرُ فَيَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ: الطَّرِيقُ قَدْ جَاءَ الأَمِيرُ. وَرُبَّمَا أَتَى الصِّبْيَانَ وَهُمْ يَلْعَبُونَ بِاللَّيْلِ لُعْبَةَ الْغُرَابِ فَلا يَشْعُرُونَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَلْقَى نَفْسَهُ بَيْنَهُمْ وَيَضْرِبُ بِرِجْلَيْهِ فَيَفْزَعُ الصِّبْيَانُ فَيَفِرُّونَ. وَرُبَّمَا دَعَانِي إِلَى عَشَائِهِ بِاللَّيْلِ فَيَقُولُ: دَعِ الْعُرَاقَ لِلأَمِيرِ. فَأَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ ثَرِيدٌ بِزَيْتٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ أَبِي تَمِيمَةَ قَالَ:
حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَا وَجَعٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ الْحُمَّى لأَنَّهَا تُعْطِي كُلَّ مَفْصِلٍ قِسْطَهُ مِنَ الْوَجَعِ وَإِنَّ اللَّهَ يُعْطِي كُلَّ مَفْصِلٍ قِسْطَهُ مِنَ الأَجْرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ الأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَهُ وَهُوَ فِي مَجْلِسِ أَسْلَمَ. وَمَجْلِسُهُمْ قَرِيبٌ مِنَ الْمِنْبَرِ. وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْطُبُ النَّاسَ. ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى مَجْلِسِ أَسْلَمَ فَيَقُولُ: مُوتُوا سَرَوَاتِ أَسْلَمَ. مُوتُوا ثَلاثَ مَرَّاتٍ. يَا مَعْشَرَ أَسْلَمَ مُوتُوا وَيَمُوتُ أَبُو هُرَيْرَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ بَابٍ قَالَ كُنْتُ أَصُبُّ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ إِدَاوَةٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ:
السُّوقُ. فَقَالَ: إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَرْجِعَ فَافْعَلْ. ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَقَدْ خِفْتُ اللَّهَ مِمَّا اسْتَعْجَلُ الْقَدَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي فَضَالَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ذَكَرَ الْمَوْتَ فَكَأَنَّهُ تَمَنَّاهُ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: وَكَيْفَ تَمَنَّى الْمَوْتَ [بَعْدَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَتَمَنَّى الْمَوْتَ لا بَرٌّ وَلا فَاجِرٌ. أَمَّا بَرٌّ فَيَزْدَادُ بِرًّا وَأَمَّا فَاجِرٌ فَيُسْتَعْتَبُ.] فَقَالَ: وَكَيْفَ لا أَتَمَنَّى الْمَوْتَ وَأَنَا أَخَافُ أَنْ تُدْرِكَنِي سِتَّةٌ: التَّهَاوُنُ بِالذَّنْبِ وَبَيْعُ الْحِكَمِ وَتَقَاطُعُ الأَرْحَامِ وَكَثْرَةُ الشَّرْطِ وَنَشْوُ الْخَمْرِ وَيَتَّخِذُونَ القرآن مزامير.
قال: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ الْبَهْرَانِيُّ الْبَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ قَالَ:(4/251)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اشْفِ أَبَا هُرَيْرَةَ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اللَّهُمَّ لا تُرْجِعُنِي.
قَالَ فَأَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ. فَقَالَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ: يَا أَبَا سَلَمَةَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أن تموت فمت.
فو الذي نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى الْعُلَمَاءِ زَمَنٌ يَكُونُ الْمَوْتُ أَحَبَّ إِلَى أَحَدِهِمْ مِنَ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ. أَوْ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يأتي على الناس زمان يأتي الرجل قَبْرِ الْمُسْلِمِ فَيَقُولُ: وَدِدْتُ أَنِّي صَاحِبُ هَذَا الْقَبْرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: مَرِضَ أَبُو هريرة فأتيته فَقُلْتُ:
اللَّهُمَّ اشْفِ أَبَا هُرَيْرَةَ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ لا تُرْجِعْهَا. وَقَالَ: يُوشِكُ يَا أَبَا سَلَمَةَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ الْمَوْتُ أَحَبَّ إِلَى أَحَدِهِمْ مِنَ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ. وَيُوشِكُ يَا أَبَا سَلَمَةَ إِنْ بَقِيَتَ إِلَى قَرِيبٍ أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ الْقَبْرَ فَيَقُولَ يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ. أَوْ مَكَانَكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَكَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا مَرَّتْ بِهِ جَنَازَةٌ قال: امضي فأنا على الأثر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ سَعِيدٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ بِأَبِي هُرَيْرَةَ الْمَوْتُ قَالَ: لا تَضْرِبُوا عَلَى قَبْرِي فُسْطَاطًا وَلا تَتَّبِعُونِي بِنَارٍ فَإِذَا حَمَلْتُمُونِي فَأَسْرِعُوا فَإِنْ أَكُنْ صَالِحًا تَأْتُونَ بِي إِلَى رَبِّي وَإِنْ أَكُنْ غَيْرَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ تَطْرَحُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ عَمْرٍو وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِهْرَانَ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: لا تَضْرِبُوا عَلَيَّ فُسْطَاطًا وَلا تَتَّبِعُونِي بِنَارٍ وَأَسْرِعُوا بِي إِسْرَاعًا فَإِنِّي [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: إِذَا وُضِعَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ أَوِ الْمُؤْمِنُ عَلَى سَرِيرِهِ قَالَ: قَدِّمُونِي. وَإِذَا وُضِعَ الْكَافِرُ أَوِ الْفَاجِرُ عَلَى سَرِيرِهِ قَالَ: يَا وَيْلَتِي أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِي!] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِهْرَانَ أَنَّ مَرْوَانَ جَاءَ يَعُودُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَوَجَدَهُ فِي غَمِيَّةٍ فَقَالَ: عَافَاكَ اللَّهُ! فَرَفَعَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَأْسَهُ وَقَالَ: اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَاجْدُدْ. فَخَرَجَ(4/252)
مَرْوَانُ فَأَدْرَكَهُ إِنْسَانٌ عِنْدَ أَصْحَابِ الْقَطَا فَقَالَ: قَدْ قَضَى أَبُو هُرَيْرَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مالك بن أنس عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ مَرْوَانَ دَخَلَ عَلَيْهِ فِي شَكْوِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَ: شَفَاكَ اللَّهُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّ لِقَاءَكَ فَأَحِبَّ لِقَائِي. قَالَ فَمَا بَلَغَ مَرْوَانُ أَصْحَابَ الْقَطَا حَتَّى مَاتَ أَبُو هُرَيْرَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ وَرَدٍّ عَنْ سَلْمِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ حَجْلٍ قَالَ: بَكَى أَبُو هُرَيْرَةَ فِي مَرَضِهِ فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: أَمَا إِنِّي لا أَبْكِي عَلَى دُنْيَاكُمْ هَذِهِ وَلَكِنِّي أَبْكِي لِبُعْدِ سَفَرِي وَقِلَّةِ زَادِي. أَصْبَحْتُ فِي صُعُودٍ مُهْبِطَةٌ عَلَى جُنَّةٍ وَنَارٍ فَلا أَدْرِي إِلَى أيهما يسلك بي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ يَمُوتُ فَقَالَ لأَهْلِهِ: لا تُعَمِّمُونِي وَلا تُقَمِّصُونِي كَمَا صُنِعَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ ثَابِتِ بْنِ مِسْحَلٍ قَالَ: نَزَلَ النَّاسُ مِنَ الْعَوَالِي لأَبِي هُرَيْرَةَ وَكَانَ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ لا تَدْفِنُوهُ حَتَّى تُؤْذِنُونِي. وَنَامَ بَعْدَ الظُّهْرِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ. وَقَدْ حَضَرَا: اخْرُجُوا بِهِ. فَخَرَجُوا بِهِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَانْتَهَوْا بِهِ إِلَى مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ وَقَدْ دَنَا أَذَانُ الْعَصْرِ. فَقَالَ الْقَوْمُ: صَلُّوا عَلَيْهِ. فَقَالَ رَسُولُ الْوَلِيدِ: لا يُصَلَّى عَلَيْهِ حَتَّى يَجِيءَ الأَمِيرُ. فَخَرَجَ لِلْعَصْرِ فَصَلَّى بِالنَّاسِ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ وَفِي الناس ابن عمر وأبو سعيد الخدري.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: صَلَّى عَلَيْهِ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ يَوْمَ شَهِدَ أَبَا هُرَيْرَةَ معزولا من عمل الْمَدِينَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هِلالٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: شَهِدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَوْمَ مَاتَ وَأَبُو سَعِيدٍ الخدري ومروان يمشيان أمام الجنازة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كنت مع(4/253)
ابْنِ عُمَرَ فِي جَنَازَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ يَمْشِي أَمَامَهَا وَيُكْثِرُ التَّرَحُّمَ عَلَيْهِ وَيَقُولُ: كَانَ مِمَّنْ يَحْفَظُ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَنْبَسَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بن عثمان بن عفان قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو هُرَيْرَةَ كَانَ وَلَدُ عُثْمَانَ يَحْمِلُونَ سَرِيرَهُ حَتَّى بَلَغُوا الْبَقِيعَ حِفْظًا بما كان من رأيه في عُثْمَانَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ ثَابِتِ بْنِ مِسْحَلٍ قَالَ: كَتَبَ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ إِلَى مُعَاوِيَةَ يُخْبِرُهُ بِمَوْتِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: انْظُرْ مَنْ تَرَكَ فَادْفَعْ إِلَى وَرَثَتِهِ عَشْرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ وَأَحْسِنْ جِوَارَهُمْ وَافْعَلْ إِلَيْهِمْ مَعْرُوفًا فَإِنَّهُ كَانَ مِمَّنْ نَصْرَ عُثْمَانَ وَكَانَ مَعَهُ فِي الدَّارِ فَرَحِمَهُ اللَّهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَنْزِلُ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلَهُ دَارٌ بِالْمَدِينَةِ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى مَوَالِيهِ فَبَاعُوهَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ عُمَرَ بْنِ بَزِيعٍ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ فِي آخِرِ خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. وَكَانَ لَهُ يَوْمَ تُوُفِّيَ ثَمَانٍ وَسَبْعُونَ سَنَةً. وَهُوَ صَلَّى عَلَى عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ. وَهُوَ صَلَّى عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعِ وَخَمْسِينَ. وَكَانَ الْوَالِي عَلَى الْمَدِينَةِ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ فَرَكِبَ إِلَى الْغَابَةِ وَأَمَرَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ. فَصَلَّى عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فِي شَوَّالٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ أَبُو هُرَيْرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ السُّنَّةِ.
521- أَبُو الروى الدوسي
من الأزد. كان ينزل ذا الحليفة من الأزد. وكان عثمانيًا وقد روى عن أبي بَكْر الصَّدَّيق ومات قبل وفاة مُعَاوِيَة بْن أبي سُفْيَان.
522- سَعْدُ بْنُ أَبِي ذُبَابٍ
الدَّوْسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَصَفْوَانُ بْنُ عِيسَى قَالا: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ الدَّوْسِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فَأَسْلَمْتُ ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْ لِقَوْمِي مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ. قَالَ فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْتَعْمَلَنِي عَلَيْهِمْ ثُمَّ اسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ.
قَالَ: وَكَانَ سَعْدٌ مِنْ أَهْلِ السَّرَاةِ. قَالَ: فَكَلَّمْتُ قَوْمِي في العسل فقلت لهم:
زكوه لَهُمْ: زَكُّوهُ فَإِنَّهُ لا خَيْرَ فِي ثَمَرَةٍ لا تُزَكَّى. قَالَ وَقَالَ صَفْوَانُ: فِي مَالٍ لا يزكى.(4/254)
فَقَالُوا: كَمْ تَرَى؟ قَالَ فَقُلْتُ: الْعُشْرَ. قَالَ: فَأَخَذْتُ مِنْهُمُ الْعُشْرَ فَأَتَيْتُ بِهِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَأَخْبَرْتُهُ بِمَا كَانَ. قَالَ فَقَبَضَهُ عُمَرُ فَبَاعَهُ.
قَالَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ فِي حَدِيثِهِ: ثُمَّ جَعَلَ ثَمَنَهُ فِي صَدَقَاتِ الْمُسْلِمِينَ.
523- عَبْد الله ابن بحينة.
وبحينة أمه. وهي ابْنَة الأرت. وهو الحارث بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ وأبوه مالك بْن القشب. وهو جندب بْن نضلة بْن عَبْد الله بْن رافع بْن محضب بْنِ مُبَشِّرِ بْنِ صَعْبِ بْنِ دَهْمَانَ بْنِ نَصْرِ بْنِ زَهْرَانَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْحَارِثِ بْن عَبْد الله بْن نصر بْن الأزد. غضب على قومه بني محضب فِي شيء فحلف ألا يجمعه وإياهم منزل. فلحق بمكّة فحالف المطلب بْن عَبْد مناف فتزوج بحينة بِنْت الْحَارِث بْن المطلب فولدت له عَبْد الله ويكنى أَبَا مُحَمَّد. وأسلم وصحب النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قديمًا. وكان ناسكًا فاضلًا يصوم الدهر. وكان ينزل بطن ريم على ثلاثين ميلًا من المدينة. ومات به فِي عمل مروان بْن الحكم الآخر على المدينة فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان.
524- وَأَخُوهُ لأبيه وأمه جُبَيْر بْن مالك.
وأمه بحينة بنت الحارث بن عبد المطلب.
صحب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقتل يوم اليمامة شهيدًا سنة اثنتي عشرة فِي خلافة أبي بَكْر الصَّدَّيق.
ثُمَّ أَحَدُ لِهْبٍ
525- الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ
الأَزْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَارِث بْن عُمَيْرٍ الأَزْدِيَّ إِلَى مَلِكِ بُصْرَى بِكِتَابِهِ. فَلَمَّا نَزَلَ مُؤْتَةَ عَرَضَ لَهُ شُرَحْبِيلُ بْن عَمْرٍو الْغَسَّانَيُّ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: الشَّامُ. قَالَ:
لَعَلَّكَ مِنْ رُسُلِ مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ بِهِ فَأُوثِقَ رِبَاطًا ثُمَّ قَدَّمَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ صَبْرًا. وَلَمْ يُقْتَلْ لِرَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَسُولٌ غَيْرُهُ. وَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخَبَرَ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ وَنَدَبَ النَّاسَ وَأَخْبَرَهُمْ بِمَقْتَلِ الْحَارِثِ بْنِ عُمَيْرٍ وَمَنْ قَتَلَهُ. فَأَسْرَعُوا فَكَانَ ذَلِكَ سبب خروجهم إلى غزوة مؤتة.
__________
525 المغازي (755) ، (756) ، (760) .(4/255)
وَمِنْ قُضَاعَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مرة بن زيد بن حمير ثم من جهينة بْن زَيْد بْن لَيْثِ بْن سُودِ بْن أسلم ابن الحاف بْن قضاعة
526- عُقْبَةُ بْنُ عَامِرِ
بْنِ عَبْسٍ الْجُهَنِيُّ ويكنى أبا عمرو قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي جَرِيرُ بن حازم أملأ عَلَيَّ. قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِي عُشَّانَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: بَلَغَنِي قَدُومُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا فِي غُنَيْمَةٍ لِي فَرَفَضْتُهَا ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ أُبَايِعُكَ.
[فَقَالَ: بَيْعَةً عَرَبِيَّةً تُرِيدُ أَوْ بَيْعَةَ هِجْرَةٍ؟ قَالَ: فَبَايَعْتُهُ وَأَقَمْتُ. فَقَالَ يَوْمًا: مَنْ كَانَ هُنَا مِنْ مَعْدٍ فَلْيَقُمْ. فَقَامَ رِجَالٌ وَقُمْتُ مَعَهُمْ. فَقَالَ لِي: اجْلِسْ. قَالَ: فَفَعَلَ ذَاكَ بِي مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْنَا مِنْ مَعْدٍ؟ قَالَ: لا. قُلْتُ: مِمَّنْ نَحْنُ؟ قَالَ:
أَنْتُمْ مِنْ قُضَاعَةَ بن مالك بن حمير] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُشَّانَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَصْبُغُ بِالسَّوَادِ وَكَانَ يَقُولُ:
نُغَيِّرُ أَعْلاهَا وَتَأْبَى أُصُولُهَا
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: شَهِدَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ وَتَحَوَّلَ إِلَى مِصْرَ فَنَزَلَهَا وَبَنَى بِهَا دَارًا وَتُوُفِّيَ فِي آخِرِ خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ.
527- زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ
قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: يكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَن. وقال غيره: يكنى أَبَا طلحة.
__________
527 علل ابن المديني (66) ، وطبقات خليفة (120) ، وتاريخ خليفة (265) ، (277) ، وعلل أحمد (1/ 80) ، وتاريخ البخاري الكبير (3/ ت 1282) ، والمعارف (279) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 422، 432- 433) ، (2/ 28، 271) ، وكنى الدولابي (1/ 79) ، والجرح والتعديل (3/ ت 2540) ، والاستيعاب (2/ 549) ، والكامل لابن الأثير (3/ 471) ، (4/ 449) ، وأسد الغابة (2/ 228) ، وتهذيب الأسماء (1/ 203) ، وتاريخ الإسلام (3/ 17) ، وتهذيب التهذيب (3/ 410) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (252) ، والعبر (1/ 76، 89) ، وتهذيب الكمال (2104) ، والإصابة (1/ 565) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 2255) .(4/256)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحِجَازِيِّ الْجُهَنِيُّ قَالا: مَاتَ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ بِالْمَدِينَةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً. وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرِ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بن سعد: وسمعت غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ: تُوُفِّيَ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ بِالْكُوفَةِ فِي آخِرِ خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ.
528- تميم بْن ربيعة
بْن عوفي بْن جراد بْن يربوع بْن طحيل بْن عدي بْن الرَّبْعَةِ بْنِ رَشْدَانَ بْنِ قَيْسِ بْنِ جُهَيْنَةَ. أسلم وشهد الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبايع تحت الشجرة بيعة الرضوان.
529- رافع بْن مكيث
بْن عَمْرو بْن جراد بْن يربوع بْن طحيل بن عدي بْن الرَّبْعَةِ بْنِ رَشْدَانَ بْنِ قَيْسِ بْنِ جُهَيْنَةَ. أسلم وشهد الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبايع تحت الشجرة بيعة الرضوان. وكان مع زَيْد بن حارثة فِي السرية الّتي وجهه فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى حسمى. وكانت فِي جُمَادَى الآخرة سنة ستٍّ. وبعثه زَيْد بْن حارثة إِلَى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بشيرًا على ناقة من إبل القوم فأخذها منه عليّ بْن أبي طَالِب فِي الطريق فردها على القوم وذلك حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - ليرد عليهم ما أَخَذَ منهم لأنهم قد كانوا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأسلموا وكتب لهم كتابًا. وكان رافع بْن مكيث أيضًا مع كرز بْن جابر الفهري حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذي الجدر. وكان مع عَبْد الرَّحْمَن فِي سريته إِلَى دومة الجندل وبعثه بكتابه إِلَى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بشيرًا بما فتح الله عليه. ورافع بْن مكيث أحد الأربعة الّذين حملوا ألوية جهينة الأربعة التي عقدها لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم فتح مكّة. وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على صدقات جهينة يصدقهم. وكانت له دار بالمدينة ولجهينة مسجد بالمدينة.
__________
529 مغازي الواقدي (559) ، (561) ، (571) ، (770) ، (799) ، (800) ، (820) ، (896) ، (793) ، (990) ، (1033) ، وطبقات ابن سعد (4/ 345) ، وتاريخ ابن معين (2/ 159) ، وطبقات خليفة (121) ، والتاريخ الكبير (3/ ت 1027) ، والجرح والتعديل (3/ ت 2160) ، والاستيعاب (2/ 485) ، وتهذيب تاريخ دمشق (5/ 297) ، وأسد الغابة (2/ 159) ، وتهذيب الكمال (1840) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (215) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 75) ، وتهذيب التهذيب (3/ 331) ، والإصابة (1/ 499) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 2001) .(4/257)
530- وَأَخُوهُ جُنْدُبُ بْنُ مَكِيثِ
بْنِ عَمْرٍو. شهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وبايع تحت الشجرة بيعة الرضوان. وكان مع كرز بن جابر الفهري حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - سرية إلى العرنيين الذين أغاروا على لقاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذي الجدر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَغْزُوَ مَكَّةَ بَعَثَ جُنْدُبًا وَرَافِعًا ابْنَيْ مَكِيثٍ إِلَى جُهَيْنَةَ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يَحْضُرُوا رَمَضَانَ بِالْمَدِينَةِ. وَبَعَثَهُمَا أَيْضًا حِينَ أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى تَبُوكَ إِلَى جُهَيْنَةَ يَسْتَنْفِرُهُمْ لِغَزْوِ عَدُوِّهِمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ عَنْ مِحْجَنِ بْنِ وَهْبِ عن أَبِي بُسْرَةَ الْجُهَنِيِّ عَنْ جُنْدُبِ بْنِ مَكِيثٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا قَدِمَ الْوَفْدُ لَبِسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ وَأَمَرَ عِلْيَةَ أَصْحَابِهِ بِذَلِكَ. فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ قَدِمَ وَفْدُ كِنْدَةَ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ يَمَانِيَةٌ وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مِثْلُ ذَلِكَ.
531- عَبْد الله بْن بدْر
بْن زَيْد بن مُعَاوِيَة بْن حسّان بْن أسعد بْن وديعة بْن مبذول بْن عدي بْن غنم بْن الرَّبْعَةِ بْنِ رَشْدَانَ بْنِ قَيْسِ بْنِ جُهَيْنَةَ. وكان اسمه عَبْد العزى. فَلَمَّا أسلم غير اسمه فسمي عَبْد الله. وأبوه بدْر بْن زَيْد الَّذِي ذكره العباس بن مرداس فِي شعره. وكان عَبْد الله بْن بدْر مع كرز بن جابر الفهري حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - سرية إلى العرنيين الذين أغاروا على لقاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذي الجدر. وهو أحد الأربعة الذين حملوا ألوية جهينة التي عقدها لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم فتح مكّة. ونزل عَبْد الله بن بدْر المدينة وله بها دار. وكان ينزل أيضًا البادية بالقبلية جبال جهينة. وقد روى عن أبي بَكْر. ومات عَبْد الله بْن بدْر فِي خلافة مُعَاوِيَة بْن أبي سُفْيَان.
532- عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ
بْنِ عَبْسِ بن مالك بن المحرث بن مازن بن سعد بن مالك بن
__________
530 مغازي الواقدي (571) ، (750) ، (799) ، (990) ، وتاريخ ابن معين (2/ 89) ، وتاريخ خليفة (78) ، وطبقات خليفة (121) ، والتاريخ الكبير (2/ ت 2267) ، والجرح والتعديل (2/ ت 2103) ، والكامل لابن الأثر (2/ 229) ، وأسد الغابة (1/ 306) ، وتهذيب الكمال (974) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (111) ، والكاشف (1/ 189) ، وتجريد أسماء الصحابة (857) ، والوافي بالوفيات (11/ 194) ، وتهذيب التذهيب (2/ 118) ، والإصابة (1228) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 1075) .
531 المغازي (571) ، (800) ، (820) .(4/258)
رفاعة بْن نصر بْن غطفان بْن قَيْس بن جهينة. أسلم قديمًا وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَهِدَ معه المشاهد وكان أوّل من ألحق قضاعة باليمن فقال فِي ذلك بعض البلويين:
فلا تهلكوا فِي لجة قالها عمرو
يعني لجاجة. وولده بدمشق.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا:
مَنْ كَانَ مِنْ مَعْدٍ فَلْيَقُمْ. فَقُمْتُ فَقَالَ: اجْلِسْ. ثُمَّ قَالَ: مَنْ كَانَ مِنْ مَعْدٍ فَلْيَقُمْ. فَقُمْتُ. فَقَالَ: اجْلِسْ. ثُمَّ قَالَ: مَنْ كَانَ مِنْ مَعْدٍ فَلْيَقُمْ. فَقُمْتُ فَقَالَ:
اجْلِسْ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِمَّنْ نَحْنُ؟ فَقَالَ: أَنْتُمْ مِنْ قُضَاعَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِمْيَرَ] .
533- سبرة بن معبد الجهني.
وهو أبو الربيع بن سبرة الذي روى عنه الزهري وروى الربيع عن أبيه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حجة الوداع فنهى عن المتعة. وكانت لسبرة دار بالمدينة في جهينة وكان نزل في آخر عمره ذا المروة فعقبه بها إلى اليوم. وتوفي سبرة في خلافة معاوية بن أبي سفيان.
534- معبد بن خالد.
وهو أبو زرعة الجهني. أسلم قديما وكان مع كرز بن جابر الفهري حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - سرية إلى العرنيين الذين أغاروا على لقاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذي الجدر. وهو أحد الأربعة الذين حملوا ألوية جهينة الأربعة الّتي عقدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة. وكان ألزمهم للبادية. وقد روى عن أبي بكر وعمر ومات سنة اثنتين وسبعين وهو ابن بضع وثمانين سنة.
535- أَبُو ضبيس الجهني.
أسلم قديما. وكان مع كرز بن جابر الفهري حين بعثه
__________
533 التاريخ الكبير للبخاري (4/ ت 2430) ، والجرح والتعديل (4/ ت 1281) ، والاستيعاب (2/ 579) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (6/ 65) ، وأسد الغابة (2/ 260) ، وتهذيب الأسماء (1/ 209) ، وتهذيب الكمال (2181) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (6) ، وتهذيب التهذيب (3/ 453) ، والإصابة (2/ ت 3087) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 2362) . والمغازي (180) .
534 المغازي (571) ، (800) ، (820) ، (896) ، (940) ، (1038) .
535 المغازي (571) .(4/259)
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَرِيَّةً إلى العرنيين الذين أغاروا على لقاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذي الجدر وذلك فِي شوّال سنة ستٍّ من الهجرة. وَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد ذلك الحديبية وبايع تحت الشجرة بيعة الرضوان وشهد فتح مكّة. وكان يلزم البادية. ومات فِي آخِرِ خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ.
536- كُلَيْبٌ الْجُهَنِيُّ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن مُسْلِمٍ الْجَوْسَقُ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ عَنْ: غُنَيْمِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ كُلَيْبٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّتِهِ وَقَدْ رَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى جَمْعٍ وَالنَّارُ تُوقَدُ بِالْمُزْدَلِفَةِ وهو يؤمها حتى نزل قريبا منها.
__________
536 المغازي 1105.
537- سُوَيْد بْن صخر الجهني.
أسلم قديمًا. وكان مع كرز بن جابر الفهري حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - سرية إلى العرنيين الذين أغاروا على لقاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بذي الجدر وذلك فِي شوّال سنة ستٍّ من الهجرة. وشهد بعد ذلك الحديبية وبايع تحت الشجرة بيعة الرضوان. وهو أحد الأربعة الّذين حملوا ألوية جهينة الأربعة التي عقدها لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم فتح مكّة.
538- سِنَان بْن وبر
الجهني. وكان حليفًا فِي بني سالم من الأَنْصَار. شهِدَ المريسيع مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو الَّذِي نازع جهجاه بْن سعد يومئذٍ الدلو وهما يسقيان الماء فاختلفا وتنازعا بالقبائل. فنادى سنان بالأنصار ونادى جهجاه يا آل قريش. فتكلم يومئذ عبد الله بن أبي ابن سلول وقال: لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ. في كلام له كثير. فنما زيد بن أرقم ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فأنكر ذلك عبد الله بن أبي فنزل القرآن بتصديق زيد وتكذيب ابن أبي.
539- خالد بن عدي
الجهني. أسلم خالد وصحب النبي - صلى الله عليه وسلم - وروى عنه.
قال: أخبرنا عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن المقرئ قال: حدثنا سعيد بن أبي أيوب وحيوة عن أبي الأسود عن بكير بن عبد الله عن بشر بن سعيد. أخبره عن خالد بن عدي الجهني عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[قال: من جاءه من أخيه معروف من غير
536 المغازي (1105) .
537 المغازي (571) ، (751) ، (800) ، (820) ، (896) .
538 المغازي (415) .(4/260)
مَسْأَلَةٍ وَلا إِشْرَافِ نَفْسٍ فَلْيَقْبَلْهُ وَلا يَرُدَّهُ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ.]
540- أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُهَنِيُّ.
أَسْلَمَ وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وروى عَنْهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ اليزني عن أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُهَنِيِّ قَالَ: بَيْنَا [نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذْ طَلَعَ رَاكِبَانِ فَلَمَّا رَآهُمَا قَالَ: كِنْدِيَّانِ مَذْحِجِيَّانِ. حَتَّى أَتَيَاهُ فَإِذَا رَجُلانِ مِنْ مَذْحِجٍ فدنا أحدهما إليه ليبايعه فلما أخذ بِيَدِهِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَنْ رَآكَ فَآمَنَ بِكَ وَصَدَّقَكَ وَاتَّبَعَكَ مَاذَا لَهُ؟ قَالَ: طُوبَى لَهُ! فَمَسَحَ عَلَى يَدِهِ فَانْصَرَفَ] .
قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَ الآخَرُ حَتَّى أَخَذَ بِيَدِهِ لِيُبَايِعَهُ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَنْ آمَنَ بِكَ وَصَدَّقَكَ وَاتَّبَعَكَ وَلَمْ يَرَكَ مَاذَا لَهُ؟ قَالَ: [طُوبَى لَهُ ثُمَّ طُوبَى لَهُ!] قَالَ ثُمَّ مَسَحَ عَلَى يَدِهِ فَانْصَرَفَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُهَنِيِّ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ رَاكِبٍ غَدَا إِلَى يَهُوَدَ فَلا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلامِ وَإِذَا سَلَّمُوا عَلَيْكُمْ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ] .
541- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خُبَيْبٍ
الْجُهَنِيُّ. أَسْلَمَ وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وروى عَنْهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ الشَّيْبَانِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ. قَالَ أَبُو عَاصِمٍ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ الْبَرَّادِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْنَا فِي لَيْلَةِ مَطَرٍ وَظُلْمَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُصَلِّيَ لَنَا. قَالَ فَأَدْرَكْتُهُ [فَقَالَ: قُلْ. فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا. ثُمَّ قَالَ: قُلْ. فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا. ثُمَّ قَالَ: قُلْ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَقُولُ؟
قَالَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ كَفَيْنَكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ] .
542- الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
الْجُهَنِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ رُفَيْعٍ عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: بَعَثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ بِعِشْرِينَ أَلْفِ درهم
__________
541 تاريخ الدارمي (778) ، والتاريخ الكبير (5/ ت 33) ، والجرح والتعديل (5/ ت 197) ، والثقات لابن حبان (3/ 232) ، والاستيعاب (3/ 894) ، وأسد الغابة (3/ 150) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 141) ، وتهذيب التهذيب (5/ 197) ، والإصابة (2/ ت 4649) ، وتقريب التهذيب (1/ 412) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3469) .(4/261)
فَقَالَ: قُلْ لَهُ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَنَا أَنْ نُنْفِقَ عَلَيْكَ فَاسْتَعِنْ بِهَذِهِ. فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ! إِنَّ الأَمِيرَ بَعَثَنِي إِلَيْكَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمَ- وَأَخْبَرَهُ أَمْرَهَا فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟
قُلْتُ: أَنَا مَعْبَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُوَيْمِرٍ. فَقَالَ: نَعَمْ- وَأَمَرَنِي أَنْ أَسْأَلَكَ عَنِ الْكَلِمَاتِ الَّتِي قَالَ لَكَ الْحَبْرُ بِالْيَمَنِ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: نَعَمْ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى اليمن ولو أؤمن أَنَّهُ يَمُوتُ لَمْ أُفَارِقْهُ. فَانْطَلَقْتُ فَأَتَانِي الْحَبْرُ فَقَالَ: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ.
فَقُلْتُ لَهُ: مَتَى؟ فَقَالَ: الْيَوْمَ. فَلَوْ أَنَّ عِنْدِيَ سِلاحًا لَقَاتَلْتُهُ. فَلَمْ أَمْكُثْ إِلا يَسِيرًا حَتَّى أَتَى كتاب من أَبِي بَكْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - قَدْ مَاتَ. وَبَايَعَ النَّاسُ لِي خَلِيفَةً مِنْ بَعْدَهُ فَبَايِعْ مَنْ قَبَلَكَ. فَقُلْتُ: إِنَّ رَجُلا أَخْبَرَنِي بِهَذَا مِنْ يَوْمِهِ لَخَلِيقٌ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ عِلْمٌ.
فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: إِنْ مَا قُلْتَ كَانَ حَقًّا. قَالَ: مَا كُنْتُ لأَكْذِبَ. فَقُلْتُ لَهُ: مِنْ أَيْنَ تَعْلَمُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ نَبِيُّ نَجِدُهُ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يَمُوتُ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا. قُلْتُ: وَكَيْفَ نَكُونُ بَعْدَهُ؟ قَالَ: تَسْتَدِيرُ رَحَاكُمْ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاثِينَ سَنَةٍ. مَا زَادَ يَوْمًا.
543- عوسجة بْن حَرْمَلَة
بْن جذيمة بْن سبرة بْن خديج بْن مالك بن المحرث بن مازن بن سعد بن مالك بْن رفاعة بْن نصر بْن غطفان بْن قَيْس بْن جهينة.
قَالَ مُحَمَّد بْن سعد: هكذا نسبه لي هشام بْن مُحَمَّد بْن السائب الكلبي. وذكر هِشَامٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عقد لعوسجة بْن حَرْمَلَة على ألفٍ من النّاس يوم فتح مكّة وأقطعه ذا مر. قَالَ ولم أسمع ذلك من غيره.
544- بنة الجهني
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أُخْبِرْتُ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ [عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ بَنَّةَ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يُتَعَاطَى السَّيْفُ مَسْلُولا] .
545- ابن حديدة الجهني.
وكان له صُحْبة وهو الَّذِي أدركه عُمَر بْن الخطاب فقال:
أَيْنَ تريد؟ قَالَ: أردت صلاة العصر. فقال: أسرع فإنك قد طفقت.
546- رفاعة بْن عرادة
الجهني قَالَ بعضهم: ابن عَرابة وابن عُرابة. أَسْلَمَ وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ومن بلي بْن عَمْرو بْن الحاف بْن قضاعة
547- رويفع بْن ثابت
البلوي. وكان ينزل الجناب. أَسْلَمَ وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وروى عَنْهُ.
__________
547 تاريخ خليفة (208) ، وطبقات خليفة (292) ، والتاريخ الكبير للبخاري (3/ ت 1147) ، وتاريخ الطبري (3/ 96) ، والجرح والتعديل (3/ ت 2345) ، والاستيعاب (2/ 405) ، وأسد الغابة (2/ 191) ، وتهذيب الأسماء (1/ 192) ، وتاريخ الإسلام (2/ 223، 279) ، وسير أعلام النبلاء (3/ 36) ، والعبر (1/ 54) ، وتهذيب الكمال (1939) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (230) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 187) ، وتهذيب التهذيب (3/ 299) ، والإصابة (1/ 522) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 2106) ، وشذرات الذهب (1/ 55) .(4/262)
548- أَبُو الشموس البلوي.
وكان ينزل حبقًا. أَسْلَمَ وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
549- طَلْحَة بْن البراء
بْن عمير بْن وبرة بْن ثَعْلَبَة بْن غنم بْن سري بْن سَلَمَة بْن أنيف بْن جشم بْن تميم بْن عوذ مناة بْن ناج بْن تيم بْن أراشة بْن عامر بْن عبيلة بْن قسميل بْن فران بْن بلي. وله حلف فِي بني عَمْرو بْن عوف من الأَنْصَار. وهو الذي [قال له النبي. ص: اللَّهُمَّ الق طَلْحَة وأنت تضحك إليه وهو يضحك إليك] .
قال: أخبرني بنسب طَلْحَة وقصته هَذِهِ هشام بْن مُحَمَّد بْن السائب الكلبي.
550- أَبُو أُمَامَةَ بْنُ ثَعْلَبَةَ
البلوي ابن عَمِّ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ خال البراء بْن عازب.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ ثَعْلَبَةَ وَلَهُ صُحْبَةٌ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ.
رُئِيَ يَغْسِلُ يَدَيْهِ مِنْ غُمْرٍ بطين فقيل له في ذَلِكَ فَقَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَتَوَضَّأَ مِنَ الْغَمَرِ لا يُؤْذِي بِهِ بَعْضُنَا بَعْضًا.
551- عَبْد الله بْن صيفي
بْن وبرة بْن ثَعْلَبَة بْن غنم بْن سري بْن سَلَمَة بْن أنيف. وهو فِي بني عَمْرو بْن عوف وشهد الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبايع تحت الشجرة بيعة الرضوان.
قَالَ: أخبرني بِذَلِك هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ.
وَمِنْ بَنِي عُذْرَةَ بْن سَعْدِ بْن زَيْد بْن ليث بْن سود بْن أسلم بْن الحاف بْن قضاعة
552- خَالِد بْن عرفطة
بْن أبرهة بْن سِنَان بْن صيفي بن الهائلة بن عبد الله بن
__________
552 طبقات خليفة (122) ، (126) ، (139) ، وتاريخ خليفة (203) ، والتاريخ الكبير للبخاري (3/ ت 463) ، والجرح والتعديل (3/ ت 1522) ، والثقات (3/ 104) ، وتاريخ بغداد (1/ 200) ، والاستيعاب (2/ 434، 435) ، وأسد الغابة (2/ 87) ، وتهذيب الكمال (1633) ، وتهذيب التهذيب (3/ 106) ، والإصابة (1/ 409) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 1782) .(4/263)
غيلان بْن أسلم بْن حزاز بْن كاهل بْن عذرة. وهو حليف لبني زهرة بْن كلاب.
صحب النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَوَى عَنْهُ. وكان سعد بن أبي وقاص ولاه القتال يوم القادسية.
وهو الذي قتل الخوارج يوم النخيلة. ونزل الكوفة وابتنى بها دارًا وله بقية وعقب اليوم.
553- جَمْرَةُ بْن النُّعمان
بْن هوذة بْن مالك بن سِنَان بْن البياع بْن دليم بْن عدي بْن حزاز بْن كاهل بْن عذرة. وكان سيد عذرة وهو أوّل أَهْل الحجاز قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بصدقة بني عذرة فَأَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رمية سوطه وحضر فرسه من وادي القرى فلم يزل بوادي القرى واتخذها منزلًا حَتَّى مات.
554- أبو خزامة العذري.
كان يسكن الجناب وهي أرض عذرة وبلي. أَسْلَمَ وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وروى عَنْهُ.
وَمِنَ الأَشْعَرِيِّينَ وهم بنو الأشعر واسمه نبت بن أدد ابن زَيْد بْن يشجب بْن عريب بْن زَيْد بن كهلان ابن سبأ بْن يشجب بْن يعرب بْن قحطان
555- أبو بردة بْن قَيْس
بْن سليم بْن حضار بْن حرب بْن عامر بْن عنز بْن بَكْر بْن عامر بْن عذر بْن وائل بْن ناجية بْن الجماهر بْن الأشعر. وهو أخو أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ. أسلم وهاجر من بلاد قومه فوافق قدومه المدينة مع من هاجر من الأشعريين. ويقال كانوا خمسين رجلًا. قدوم أَهْل السفينتين من أرض الحبشة.
وروى أَبُو بردة بْن قَيْس عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
556- أَبُو عامر الْأَشْعَرِيّ.
وكان مِمَّنْ قدم مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وشهد معه فتح مكّة وحنين. وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم حنين فِي آثار من توجه إلى أوطاس من المشركين من هوازن. وَعَقَدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لواء فانتهى إِلَى عسكرهم فبرز منهم رَجُل فقال: من يبارز؟ فبرز له أَبُو عامر فقتله أَبُو عامر حَتَّى قتل منهم تسعة مبارزة. فَلَمَّا كان العاشر برز له أبو عامر فضرب أبا عامر فأثبته فاحتمل وبه رمق. واستخلف أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ على مكانه. وأخبر أَبُو عامر أبا موسى أن قاتله
__________
556 المغازي (810) ، (915) ، (916) ، (922) .(4/264)
صاحب العمامة الصفراء. وأوصى أَبُو عامر إِلَى أبي مُوسَى ودفع إليه الرأية وقال: ادفع قوسي وسلاحي للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومات أَبُو عامر. فقاتلهم أَبُو مُوسَى حَتَّى فتح الله عليه وقتل قاتل أبي عامر وجاء بفرسه وسلاحه وتركته إِلَى رسول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم - فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى ابنه [ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغفر لأبي عامر واجعله من أعلى أمتي فِي الجنّة] .
557- وابنه عامر بْن أبي عامر.
وَقَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وغزا معه وروى عَنْهُ.
558- أَبُو مَالِكٍ الأَشْعَرِيُّ.
أَسْلَمَ وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وغزا معه وروى عَنْهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الأَزْدِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُعَيْمٍ الأَزْدِيِّ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَرْزَبٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَقَدَ لأَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ عَلَى خَيْلِ الطَّلَبِ وَأَمَرَهُ أن يطلب هوازن حين انهزمت.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبَانَ بْنِ يَزِيدَ الْعَطَّارِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كثير عن زيد عن أبي سلام عن أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: الطهور شطر الإيمان] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ جَمَعَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ:
هَلُمَّ أُصَلِّي بِكُمْ صَلاةَ أُمِّ نُسِيٍّ. قَالَ وكان رجلا من الأشعريين. قال: فَدَعَا بِجَفْنَةٍ مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلاثًا تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا وَذِرَاعَيْهِ ثَلاثًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ وَغَسَلَ قَدَمَيْهِ. قَالَ فَصَلَّى الظُّهْرَ فَقَرَأَ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً.
559- الْحَارِثُ الأَشْعَرِيُّ.
أَسْلَمَ وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وروى عَنْهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبَانَ عَنْ يَحْيَى بن أبي كثير عن زيد عن أبي سَلامٍ [عَنِ الْحَارِثِ الأَشْعَرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ يحيى بن زكرياء بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهِنَّ وَأَنْ يَأْمُرَ بني إسرائيل أن يعملوا بهن] .
__________
557 التاريخ الكبير (6/ ت 2960) ، والمعرفة ليعقوب (3/ 380) ، والجرح، والتعديل (6/ ت 1815) ، والثقات لابن حبان (3/ 291) ، (5/ 190) ، وأسد الغابة (3/ 84) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 3015) ، وتهذيب الكمال (3047) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (116) ، وميزان الاعتدال (2/ ت 4083) ، وتهذيب التهذيب (5/ 72) ، والإصابة (2/ ت 4398، 4407) ، وتقريب التهذيب (1/ 388) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3268) .(4/265)
وَمِنَ الْحَضَارِمَةِ وَهُمْ مِنَ الْيَمَنِ
560- الْعَلاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ.
واسم الْحَضْرَمِيّ عَبْد الله بْن ضماد بْن سلمى بْن أكبر من حضرموت من اليمن. وكان حليفًا لبني أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ. وأخوه ميمون بْن الْحَضْرَمِيّ صاحب البئر الّتي بأعلى مكّة بالأبطح يُقَالُ لها بئر ميمون مشهورة على طريق أَهْل العراق. وكان حفرها فِي الجاهلية. وأسلم العلاء بْن الْحَضْرَمِيّ قَدِيمًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ العلاء بن الحضرمي أن رسول الله - صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بَعَثَهُ مُنْصَرَفَهُ مِنَ الْجِعْرَانَةِ إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى الْعَبْدِيِّ بِالْبَحْرَيْنِ. وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى مَعَهُ كِتَابًا يَدْعُوهُ فِيهِ إلى الإسلام. وخلى بين العلاء ابن الْحَضْرَمِيِّ وَبَيْنَ الصَّدَقَةِ يَجْتَبِيهَا. وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْعَلاءِ كِتَابًا فِيهِ فَرَائِضُ الصَّدَقَةِ فِي الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالثِّمَارِ وَالأَمْوَالِ يُصَدِّقْهُمْ عَلَى ذَلِكَ. وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَيَرُدَّهَا عَلَى فُقَرَائِهِمْ. وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُ نَفَرًا فِيهِمْ أَبُو هُرَيْرَةَ وَقَالَ [لَهُ: اسْتَوْصِ بِهِ خَيْرًا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عبد الله بن يزيد عن سَالِمٍ مَوْلَى بَنِي نَصْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ وَأَوْصَاهُ بن خَيْرًا فَلَمَّا فَصَلْنَا قَالَ لِي: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَوْصَانِي بِكَ خَيْرًا فَانْظُرْ مَاذَا تُحِبُّ. قَالَ قُلْتُ: تَجْعَلُنِي أُؤَذِّنُ لَكَ وَلا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ. فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ حَلِيفِ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ الْعَلاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى الْبَحْرَيْنِ ثُمَّ عَزَلَهُ عَنِ الْبَحْرَيْنِ. وَبَعَثَ أَبَانَ بْنَ سَعْدٍ عَامِلا عَلَيْهَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ كَتَبَ إِلَى الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ بِعِشْرِينَ رَجُلا مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَقَدِمَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ بِعِشْرِينَ رَجُلا رَأْسُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ الأَشَجُّ. وَاسْتَخْلَفَ الْعَلاءُ عَلَى الْبَحْرَيْنِ الْمُنْذِرَ بْنَ سَاوَى فَشَكَا الْوَفْدُ الْعَلاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ فَعَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَلَّى أَبَانَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَقَالَ له:
__________
560 المغازي (782) .(4/266)
[اسْتَوْصِ بِعَبْدِ الْقَيْسِ خَيْرًا وَأَكْرِمْ سَرَاتَهُمْ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى عَلَى الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ قَمِيصًا سُنْبُلانِيًّا طَوِيلَ الْكُمَّيْنِ فَقَطَعَهُ مِنْ عِنْدِ أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عَوْفٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ سأل السائب بن يزيد: مَا سَمِعْتَ فِي سُكْنَى مَكَّةَ؟ فَقَالَ: قَالَ العلاء بن الحضرمي أن رسول الله - صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ:
ثَلاثٌ لِلْمُهَاجِرِ بَعْدَ الصَّدْرِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ فَقَالَ السَّائِبُ: سَمِعْتُ الْعَلاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ يَقُولُ [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ثَلاثُ لَيَالٍ يَمْكُثُهُنَّ الْمُهَاجِرُ بِمَكَّةَ بَعْدَ الصَّدْرِ] .
قَالَ ثُمَّ رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى الأَوَّلِ. قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ أَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَامِلا عَلَى الْبَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَارْتَدَّ رَبِيعَةُ بِالْبَحْرَيْنِ فَأَقْبَلَ أَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ إِلَى الْمَدِينَةِ وَتَرَكَ عَمَلَهُ. فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَنْ يَرُدَّهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ فَأَبَى وَقَالَ: لا أَعْمَلُ لأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجْمَعَ أَبُو بَكْرٍ بِعْثَةَ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ فَدَعَاهُ فَقَالَ: إِنِّي وَجَدْتُكَ مِنْ عُمَّالِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِينَ وَلَّى فَرَأَيْتُ أَنْ أُوَلِّيَكَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلاكَ. فَعَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ. فَخَرَجَ الْعَلاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي سِتَّةَ عَشَرَ رَاكِبًا مَعَهُ فُرَاتُ بْنُ حَيَّانَ الْعِجْلِيُّ دَلِيلا. وَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ كِتَابًا لِلْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ أَنْ يُنَفَّرَ مَعَهُ كُلُّ مَنْ مَرَّ بِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى عَدُوِّهِمْ. فَسَارَ الْعَلاءُ فِيمَنْ تَبِعَهُ مِنْهُمْ حَتَّى نَزَلَ بِحِصْنِ جُوَاثَا فَقَاتَلَهُمْ فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ أَحَدٌ. ثُمَّ أَتَى الْقَطِيفَ وَبِهَا جَمْعٌ مِنَ الْعَجَمِ فَقَاتَلَهُمْ فَأَصَابَ مِنْهُمْ طَرَفًا وَانْهَزَمُوا فَانْضَمَّتِ الأَعَاجِمُ إِلَى الزَّارَةِ فَأَتَاهُمُ الْعَلاءُ فَنَزَلَ الْخَطَّ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ فَقَاتَلَهُمْ وَحَاصَرَهُمْ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَوَلِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. وَطَلَبَ أَهْلُ الزَّارَةِ الصُّلْحَ فَصَالَحَهُمُ الْعَلاءُ. ثُمَّ عَبَرَ الْعَلاءُ إِلَى أَهْلِ دَارِينَ فَقَاتَلَهُمْ فَقَتَلَ الْمُقَاتِلَةَ وَحَوَى الذَّرَارِيَّ. وَبَعَثَ الْعَلاءُ عَرْفَجَةَ بْنَ هَرْثَمَةَ إِلَى أَسْيَافِ فَارِسٍ فَقَطَعَ فِي السُّفُنِ فَكَانَ أَوَّلَ مِنْ فَتْحَ جَزِيرَةً بِأَرْضِ فَارِسٍ وَاتَّخَذَ فِيهَا مَسْجِدًا وَأَغَارَ عَلَى بَارِيخَانَ وَالأَسْيَافَ وَذَلِكَ فِي سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ.(4/267)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَيْفٍ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ الهمداني وغيره من مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ وَهُوَ بِالْبَحْرَيْنِ أَنْ سِرْ إِلَى عُتْبَةَ بْنَ غَزْوَانَ فَقَدُ وَلَّيْتُكَ عَمَلَهُ وَاعْلَمْ أَنَّكَ تَقَدَمُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ الله الحسنى لم أعزله إِلا يَكُونُ عَفِيفًا صَلِيبًا شَدِيدَ الْبَأْسِ وَلَكِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَغْنَى عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ مِنْهُ فَاعْرِفْ لَهُ حَقَّهُ. وَقَدْ وَلَّيْتُ قَبْلَكَ رَجُلا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ. فَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ تَلِيَ وُلِّيتَ وَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَلِيَ عُتْبَةُ فَالْخَلْقُ وَالأَمْرُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَاعْلَمْ أَنَّ أَمْرَ اللَّهِ مَحْفُوظٌ بِحِفْظِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ فَانْظُرِ الَّذِي خُلِقْتَ لَهُ فَاكْدَحْ لَهُ وَدَعْ مَا سِوَاهُ فَإِنَّ الدُّنْيَا أَمَدٌ وَالآخِرَةَ أَبَدٌ. فَلا يَشْغَلَنَّكَ شَيْءٌ مُدْبِرٌ خَيْرُهُ عَنْ شَيْءٍ بَاقٍ شَرُّهُ. وَاهْرَبْ إِلَى اللَّهِ مِنْ سَخَطِهِ فَإِنَّ اللَّهَ يَجْمَعُ لِمَنْ شَاءَ الْفَضِيلَةَ فِي حُكْمِهِ وَعِلْمِهِ. نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكَ الْعَوْنَ عَلَى طَاعَتِهِ وَالنَّجَاةَ مِنْ عَذَابِهِ.
قَالَ: فَخَرَجَ الْعَلاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فِي رَهْطٍ مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو بَكْرَةَ. وَكَانَ يُقَالُ لأَبِي بَكْرَةَ حِينَ قَدِمَ الْبَصْرَةَ الْبَحْرَانِيُّ. وَوُلِدَ لَهُ بِالْبَحْرَيْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ.
قَالَ: فَلَمَّا كَانُوا بِلَيَاسٍ قَرِيبًا مِنَ الصَّعَابِ وَالصِّعَابُ مِنْ أَرْضِ بَنِي تَمِيمٍ مَاتَ الْعَلاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ فَرَجَعَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَى الْبَحْرَيْنِ وَقَدِمَ أَبُو بَكْرَةَ إِلَى الْبَصْرَةِ فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ مِنَ العلاء بن الحضرمي ثَلاثَةَ أَشْيَاءَ لا أَزَالُ أُحِبُّهُ أَبَدًا. رَأَيْتُهُ قَطَعَ الْبَحْرَ عَلَى فَرَسِهِ يَوْمَ دَارِينَ وَقَدِمَ مِنَ الْمَدِينَةِ يُرِيدُ الْبَحْرَيْنِ. فَلَمَّا كَانَ بِالدَّهْنَاءِ نَفِدَ مَاؤُهُمْ فَدَعَا اللَّهَ فَنَبَعَ لَهُمْ مِنْ تَحْتِ رَمْلَةٍ فَارْتَوَوْا وَارْتَحَلُوا. وَأُنْسِيَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بَعْضَ مَتَاعِهِ فَرَجَعَ فَأَخَذَهُ وَلَمْ يَجِدِ الْمَاءَ. وَخَرَجْتُ مَعَهُ مِنَ الْبَحْرَيْنِ إِلَى صَفِّ الْبَصْرَةِ فَلَمَّا كُنَّا بِلَيَاسٍ مَاتَ وَنَحْنُ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَأَبْدَى اللَّهُ لَنَا سَحَابَةً فَمُطِرْنَا فَغَسَّلْنَاهُ وَحَفَرْنَا لَهُ بِسُيُوفِنَا وَلَمْ نُلْحِدْ لَهُ وَدَفَنَّاهُ وَمَضَيْنَا. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ. ص: دَفَنَّاهُ وَلَمْ نُلْحِدْ لَهُ فَرَجَعْنَا لِنُلْحِدَ لَهُ فَلَمْ نَجِدْ مَوْضِعَ قَبْرِهِ. وَقَدِمَ أَبُو بَكْرَةَ الْبَصْرَةَ بِوَفَاةِ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ.
561- شُرَيْحٌ الْحَضْرَمِيُّ
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ شُرَيْحًا الْحَضْرَمِيَّ ذُكِرَ عِنْدَ(4/268)
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ لا يَتَوَسَّدُ الْقُرْآنَ] .
562- عَمْرو بْن عوف.
قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: هُوَ يمان حليف لبني عامر بْن لؤي وأسلم قديمًا. وصحب النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَوَى عَنْهُ.
563- لبيد بْن عُقْبَة
بْن رافع بْن امرئ القيس بْن زيد بن عبد الأشهل. وأمه أم البنين بِنْت حُذَيْفة بْن ربيعة بْن سالم بْن مُعَاوِيَة بْن ضرار بْن ذبيان من بني سلامان بْن سعد هذيم من قضاعة. وَفِي لبيد بْن عُقْبَة جاءت رخصة الإطعام لمن لا يقدر على الصوم. فولد لبيد بْن عُقْبَة محمود بْن لبيد الفقيه. ولد فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومنظور وميمون وأمهم أم منظور بِنْت محمود بن مسلمة بن سلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الْحَارِث من الأوس. وعثمان وأمية وأمة الرَّحْمَن وأمهم أم ولد.
وكان للبيد بْن عُقْبَة عقب فانقرضوا جميعًا فلم يبق منهم أحد.
564- حاجب بن بُرَيْدة
من أَهْل رابخ. وهم بنو زعوراء بْن جشم إخوة عَبْد الأشهل بْن جشم. قتل يوم اليمامة شهيدًا سنة اثنتي عشرة.
وَمِنْ بَنِي حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ عَمْرٍو وَهُوَ النُّبِيتُ
565- الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبِ
بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ جشم بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بْن الخزرج. وأمه حبيبة بِنْت أبي حبيبة بْن الْحُبَاب بْن أَنَس بْن زَيْد بْن مالك بْن النّجّار بْن الخزرج. ويقال بل أمه أم خَالِد بِنْت ثابت بْن سِنَان بْن عُبَيْد بْن الأبجر وهو خدرة. فولد البراء يزيد وعبيدًا ويونس وعازب ويحيى وأم عَبْد الله ولم تسم لنا أمهم.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ إِسْرَائِيلَ وَأَبِيهِ عن أبي إسحاق قال: وأخبرنا
__________
565 تاريخ ابن معين (2/ 55) ، وتاريخ خليفة (132) ، (157) ، (268) ، وطبقات خليفة (80) ، (135) ، (190) ، وعلل أحمد (37) ، (293) ، (409) ، وطبقات خليفة (2/ 1/ 117) ، وتاريخ أبي زرعة (164) ، (633) ، (645) ، وتاريخ واسط لبحشل (103) ، (115) ، (155) ، (275) ، (276) ، والجرح والتعديل (1/ 1/ 399) ، وثقات ابن حبان (3/ 26) ، والاستيعاب (1/ 157155) ، وأسد الغابة (1/ 171- 172) ، وتهذيب الكمال (650) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (80) ، وتاريخ الإسلام (33/ 139) ، وتهذيب التهذيب (1/ 425، 426) .(4/269)
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ كَانَ يُكْنَى أَبَا عُمَارَةَ.
قَالُوا: وَكَانَ عَازِبٌ قَدْ أسلم أَيْضًا. وَكَانَتْ أُمُّهُ مِنْ بَنِي سُلَيْمِ بْنِ مَنْصُورٍ. وَكَانَ لَهُ مِنَ الْوَلَدِ الْبَرَاءُ وَعُبَيْدٌ وَأُمُّ عَبْدِ اللَّهِ. مُبَايِعَةٌ. وَأُمُّهُمْ جَمِيعًا حَبِيبَةُ بِنْتُ أَبِي حَبِيبَةَ بْنِ الْحُبَابِ.
وَيُقَالُ بَلْ أُمُّهُمْ أُمُّ خَالِدٍ بِنْتِ ثَابِتٍ. وَلَمْ نَسْمَعْ لِعَازِبٍ بِذِكْرٍ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَغَازِي وَقَدْ سَمِعْنَا بِحَدِيثِهِ فِي الرَّحْلِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ مِنْ عَازِبٍ رَحْلا بِثَلاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ: مُرِ الْبَرَاءَ فَلْيَحْمِلْهُ إِلَى رَحْلِي. فَقَالَ لَهُ عَازِبٌ: لا. حَتَّى تَحَدِّثَنَا كَيْفَ صَنَعْتَ أَنْتَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ خَرَجْتُمَا وَالْمُشْرِكُونَ يَطْلُبُونَكُمْ. قَالَ: أَدْلَجْنَا مِنْ مَكَّةَ فَأَحْيَيْنَا لَيْلَتَنَا وَيَوْمَنَا حَتَّى أَظْهَرْنَا وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ فَرَمَيْتُ بِبَصَرِي هَلْ أَرَى مِنْ ظِلٍّ نَأْوِي إِلَيْهِ. فَإِذَا أَنَا بِصَخْرَةٍ فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهَا فَإِذَا بَقِيَّةُ ظِلٍّ لَهَا. فَنَظَرْتُ إِلَى بَقِيَّةٍ ظِلِّهَا فَسَوَّيْتُهُ ثُمَّ فَرَشْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ فَرْوَةً ثُمَّ قُلْتُ: اضْطَجِعْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَاضْطَجَعَ ثُمَّ ذَهَبْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلِي هَلْ أَرَى مِنَ الطَّلَبِ أَحَدًا. فَإِذَا أَنَا بِرَاعٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ إِلَى الصَّخْرَةِ يُرِيدُ مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي نُرِيدُ. يَعْنِي الظِّلَّ. فَسَأَلْتُهُ: لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلامُ؟ قَالَ: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ. فَسَمَّاهُ لِي. فَعَرَفْتُهُ فَقُلْتُ: وَهَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَرْتُهُ فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ. فَقَالَ هَكَذَا. فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيْهِ بِالأُخْرَى فَحَلَبَ لِي كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ وَقَدْ رَوَيْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعِي إِدَاوَةٌ على فمها خرقة فصببت اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ. فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَافَقْتُهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى رَضِيتُ. ثُمَّ قُلْتُ: قَدْ أَتَى الرَّحِيلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
فَارْتَحَلْنَا وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَنَا فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرُ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ. فَقُلْتُ: هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. [فَقَالَ: لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا. فَلَمَّا دَنَا فَكَانَ بَيْنَهُ وبيننا قدر رُمْحَيْنِ أَوْ ثَلاثَةٍ قُلْتُ: هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ.
وَبَكَيْتُ فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ قُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ مَا عَلَى نَفْسِي أَبْكِي وَلَكِنِّي أَبْكِي عَلَيْكَ.
قَالَ فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: اللَّهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ. قَالَ فَسَاخَتْ بِهِ](4/270)
فَرَسُهُ فِي الأَرْضِ إِلَى بَطْنِهَا فَوَثَبَ عَنْهَا ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا عَمَلُكَ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُنَجِّيَنِي مِمَّا أنا فيه. فو الله لأُعَمِّيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَائِي مِنَ الطَّلَبِ وَهَذِهِ كِنَانَتِي فَخُذْ سَهْمًا مِنْهَا فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ عَلَى إِبِلِي وَغَنَمِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا فَخُذْ مِنْهَا حاجتك.
[فقال له رسول الله. ص: لا حَاجَةَ لَنَا فِي إِبِلِكَ. وَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَانْطَلَقَ رَاجِعًا إِلَى أَصْحَابِهِ. وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ لَيْلا.
فَتَنَازَعَهُ الْقَوْمُ أَيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنِّي أَنْزِلُ اللَّيْلَةَ عَلَى بَنِي النَّجَّارِ أَخْوَالِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أُكْرِمُهُمْ بِذَلِكَ] . وَخَرَجَ النَّاسُ حِينَ دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ فِي الطَّرِيقِ وَعَلَى الْبُيُوتِ وَالْغِلْمَانِ وَالْخَدَمِ صَارِخُونَ: جَاءَ مُحَمَّدٌ. جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَ مُحَمَّدٌ. جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ. فَلَمَّا أَصْبَحَ انْطَلَقَ فَنَزَلَ حَيْثُ أَمَرَ. قَالَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: «قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ» البقرة: 144. فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ. قَالَ وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ: مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: «قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» البقرة: 142.
قَالَ: وَصَلَّى مَعَ النبي رجل. ثم خرج بعد ما صَلَّى فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلاةِ الْعَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ: هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ وُجِّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ. فَانْحَرَفَ الْقَوْمُ حَتَّى وَجَّهُوَا نَحْوَ الْكَعْبَةِ.
قَالَ الْبَرَاءُ: وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ فَقُلْنَا لَهُ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ. ص؟ فَقَالَ: هُوَ مَكَانَهُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَثَرِي. ثُمَّ أتى بعده عمرو ابن أُمِّ مَكْتُومٍ أَخُو بَنِي فِهْرٍ الأَعْمَى فَقُلْنَا لَهُ: مَا فَعَلَ مِنْ وَرَائِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ؟ قَالَ: هُمْ أَوْلَى عَلَى أَثَرِي: قَالَ ثُمَّ أَتَانَا بَعْدَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَبِلالٌ. ثُمَّ أَتَانَا بَعْدَهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ رَاكِبًا. ثُمَّ أَتَانَا بَعْدَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ.
قَالَ الْبَرَاءُ: فَلَمْ يَقْدَمْ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى قَرَأْتُ سُوَرًا مِنَ الْمُفَصَّلِ ثُمَّ خَرَجْنَا نَتَلَقَّى الْعِيرَ فَوَجَدْنَاهُمْ قَدْ حَذِرُوا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: اسْتُصْغِرْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ فلم نشهدها.(4/271)
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: اسْتَصْغَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَا وَابْنُ عمر فردنا يوم بدر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ:
اسْتُصْغِرْنَا يَوْمَ بَدْرٍ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ:
سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى قَرَأْتُ: «سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى» الأعلى: 1. في سور من المفصل.
قال: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: صَغُرْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ:
سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسَ عَشْرَةَ غَزْوَةً وَأَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لِدَةٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حُدَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسَ عَشْرَةَ غَزْوَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي بُسْرَةَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَفَرًا فَلَمْ أَرَهُ تَرَكَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي بُسْرَةَ الْجُهَنِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَمَانِيَ عَشْرَةَ غَزْوَةً مَا رَأَيْتُهُ تَرَكَ رَكْعَتَيْنِ. حِينَ تَزِيغُ الشَّمْسُ. فِي حَضَرٍ وَلا سَفَرٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: أَجَازَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَرَاءُ بْنَ عَازِبٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عشرة سنة ولم يجز قبلها.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَشُعْبَةُ وَمَالِكٌ عَنْ أَبِي السَّفَرِ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ خَاتَمَ ذَهَبٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَنَزَلَ الْبَرَاءُ الْكُوفَةَ وَتُوُفِّيَ بِهَا أَيَّامَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَلَهُ(4/272)
عَقِبٌ. وَرَوَى الْبَرَاءُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ.
566- وأخوه عُبَيْد بْنِ عَازِبِ
بْن الْحَارِث بْن عَدِيِّ. وهو لأمه أيضًا. فولد عُبَيْد بْن عازب لوطًا وسليمان ونويرة وأم زَيْد. وهي عمرة. ولم تسم لنا أمهم.
وكان عُبَيْد بْن عازب أحد العشرة من الأَنْصَار الّذين وجههم عمر بن الخطاب مع عمار بن ياسر إِلَى الكوفة. وله بقية وعقب بالكوفة.
567- أسيد بن ظهير
بن رافع بن عدي بْن زَيْد بْن جشم بْن حارثة بْن الحارث بْن الخزرج بْن عَمْرو وهو النبيت. وأمه فاطمة بِنْت بِشْر بْن عدي بْن أبي بن غنم بن عوف من بني قوقل من الخزرج حلفاء فِي بني عَبْد الأشهل. فولد أسيد ثابتًا ومحمدًا وأم كلثوم وأم الْحَسَن وأمهم أمامة بِنْت خديج بْن رافع بن عدي من بني حارثة من الأوس. وسعدًا وعبد الرَّحْمَن وعثمان وأم رافع وأمهم زينب بِنْت وبرة بْن أوس من بني تميم. وعبيد الله وأمه أم ولد. وعبد الله وأمه أم سَلَمَة بِنْت عَبْد الله بْن أبي معقل بْن نهيك بْن إساف. وكان أسيد بْن ظهير يكنى أَبَا ثابت وكان من المستصغرين يوم أحد. وشهد الخندق. وكان أَبُوهُ ظهير بْن رافع من أَهْل العقبة. وله بقية وعقب.
568- عَرَابَةُ بْنُ أَوْسِ
بْن قيظي بْن عَمْرو بْن زَيْد بْن جشم بْن حارثة بْن الْحَارِث.
وأمه شيبة بنت الربيع بن عمرو بن عدي بن زيد بن جشم. فولد عرابة سعيدًا ولم تسم لنا أمه. وشهد أبوه أوس بن قيظي وأخواه عَبْد الله وكباثة ابنا أوس أحدًا. واستصغر عرابة يوم أحد فرد وأجيز فِي يوم الخندق.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُقْبَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ عَرَابَةُ بْنُ أَوْسٍ سِنُّهُ يَوْمَ أُحُدٍ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَخَمْسَةَ أَشْهُرٍ فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَى أَنْ يُجِيزَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَعَرَابَةُ بْنُ أَوْسٍ هُوَ الَّذِي مَدْحُهُ الشَّمَّاخُ بْنُ ضِرَارٍ الشَّاعِرُ.
وَكَانَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَأَوْقَرَ لَهُ رَاحِلَتَهُ تَمْرًا فَقَالَ:
رَأَيْتُ عَرَابَةَ الأَوْسِيَّ يَنْمِي ... إِلَى الْخَيْرَاتِ مُنْقَطِعَ الْقَرِينِ
إِذَا مَا رَايَةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ ... تلقاها عرابة باليمين
__________
567 المغازي (567) .
568 المغازي (216) .(4/273)
569- عُلْبَةُ بْنُ يَزِيدَ
الْحَارِثِيُّ من الأَنْصَار. وهو من المعروفين من أصحاب رسول الله. ونظرنا فِي نسب بني حارثة من الأَنْصَار فلم نجد نَسَبُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابن أبي سبرة عن قُطَيْرٍ الْحَارِثِيِّ وَاسْمُهُ يَحْيَى بْنُ زَيْدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ قَالَ: كَانَ عُلْبَةُ بْنُ زَيْدٍ الْحَارِثِيُّ وَذَوُوهُ أَقْوَامًا لا مَالَ لَهُمْ وَلا ثِمَارَ. فَلَمَّا جَاءَ الرُّطَبُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لا تَمْرَ لَنَا وَلا ذَهَبَ عِنْدَنَا وَلا وَرِقَ. وَعِنْدَنَا تُمُورٌ مِمَّا تُرْسِلُ بِهِ إِلَيْنَا بَقِيَتْ مِنْكَ عَامَ الأَوَّلِ. [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: فَاشْتَرُوا بِهَا رُطَبًا بِخَرْصِهَا] . فَفَعَلُوا وَالْقَوْمُ يُحِبُّونَ أَنْ يَطْعِمُوا عُمَّالَهُمُ التَّمْرَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمْ وَمَكْرُوهٌ لِغَيْرِهِمْ. وَكَانَ عُلْبَةُ مِنَ الْفُقَرَاءِ. فَجَعَلَ النَّاسُ يَتَصَدَّقُونَ. وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَتَصَدَّقَ بِعَرْضِهِ وَقَالَ:
قَدْ جَعَلْتُهُ حِلا. [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَبِلَ اللَّهُ صَدَقَتَكَ. وَكَانَ عُلْبَةُ أَحَدَ الْبَكَّائِينَ الَّذِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى تَبُوكَ يَسْأَلُونَهُ حُمْلانًا فَقَالَ: لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ.] فَتَوَلَّوْا وَهُمْ يَبْكُونَ غَمًّا أَنْ يَفُوتَهُمْ غَزْوَةٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِيهِمْ: «وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ» التوبة:
92. وَكَانَ عُلْبَةُ بْنُ يَزِيدَ منهم.
570- مالك.
و571- سفيان ابنا ثابت.
وهما من النبيت من الأَنْصَار ذكرهما مُحَمَّد بْن عُمَر فِي كتابه فيمن استشهد يوم بئر معونة. ولم يذكرهما غيره. وطلبنا نسبهما فِي كتاب نسب النبيت فلم نجد.
ومن بني عمرو بن عوف مالك بْن الأوس
572- يزيد بن حارثة
بْن عامر بْن مجمع بْن العطاف بْن ضبيعة بْن زَيْد بْن مالك بْن عوف بن عَمْرو بْن عوف. وأمه نائلة بِنْت قَيْس بْن عبدة بْن أمية بْن زَيْد بْن مالك بْن
__________
569 المغازي (399) ، (540) ، (723) ، (724) ، 994) ، (1024) ، (1069) .
571 المغازي (353) .(4/274)
عوف بْن عَمْرو بْن عوف. فولد يزيد مجمعًا وأمه حبيبة بِنْت الْجُنَيْد بْن كنانة بن قيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة بْن ربيعة بْن مازن بْن الْحَارِث بْن قطيعة بْن عبس بْن بغيض. وعبد الرحمن وأمه جميلة بِنْت ثابت بْن أبي الأفلح بْن عصمة بْن مالك بْن أمة بْن ضبيعة بْن زَيْد بْن مالك بْن عوف بن عمرو بْن عوف. أخوه لأمه عاصم بْن عُمَر بْن الخطاب. وعامر بْن يزيد وأمه أم ولد. ومات يزيد بْن حارثة بالمدينة وله عقب.
573- مُجَمِّعُ بْنُ حَارِثَةَ
بْن عامر بْن مجمع بْن العطاف بْن ضبيعة بن زيد. وأمه نائلة بِنْت قَيْس بْن عبدة بْن أمية. فولد مجمع بن حارثة يحيى وعبيد الله. قتلا يوم الحرة.
وعبد الله وجميلة وأمهم سلمى بِنْت ثابت بْن الدحداحة بْن نُعَيْم بْن غنم بْن إياس من بلي.
أخبرنا مُحَمَّد بْن عُمَر وغيره قالوا: كان يُقَالُ لبني عامر بْن العطاف بْن ضبيعة فِي الجاهلية كسر الذَّهَب لشرفهم فِي قومهم.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُجَمِّعِ ابن حَارِثَةَ قَالَ: كُنَّا بِصُحْبَانَ رَاجِعِينَ مِنَ الْمَدِينَةِ فَرَأَيْتُ النَّاسَ يَرْكُضُونَ وَإِذَا هُمْ يَقُولُونَ: أَنَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فَرَكَضْتُ مَعَ النَّاسِ حَتَّى تَوَافَيْنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ: «إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً» الفتح: 1. فَلَمَّا نَزَلَ بِهَا جَبْرَائِيلُ قَالَ: يُهَنِّئُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَلَمَّا هَنَّأَهُ جَبْرَائِيلُ هَنَّأَهُ الْمُسْلِمُونَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: كَانَ سَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْقَارِئُ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ إِمَامَ مَسْجِدِ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ. فَلَمَّا قُتِلَ بِالْقَادِسِيَّةِ اخْتَصَمَ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فِي الإِمَامَةِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يُقَدِّمُوا مُجَمِّعَ بْنَ حَارِثَةَ. وَكَانَ يُطْعَنُ على مجمع ويغمض عليه لأنه كان إِمَامُ مَسْجِدِ الضِّرَارِ. فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يُقَدِّمَهُ. ثُمَّ دَعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: يَا مُجَمِّعُ. عَهْدِي بِكَ وَالنَّاسُ يَقُولُونَ مَا يَقُولُونَ. فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كُنْتُ شَابًّا وَكَانَتِ الْقَالَةُ لِي سَرِيعَةٌ. فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ أَبْصَرْتُ مَا أَنَا فِيهُ وَعَرَفْتُ الأَشْيَاءَ.
فَسَأَلَ عَنْهُ عُمَرُ فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُ إِلا خَيْرًا وَلَقَدْ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَمَا بَقِيَ عَلَيْهِ إِلا سُوَرٌ يَسِيرَةٌ.
فَقَدَّمَهُ عُمَرُ فَصَيَّرَهُ إِمَامَهُمْ فِي مَسْجِدِ بَنِي عمرو بن عوف. ولا يعلم مسجدا يُتَنَافَسُ فِي إِمَامِهِ مِثْلَ مَسْجِدِ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ. وَمَاتَ مُجَمِّعٌ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وليس له عقب.(4/275)
574- ثابت بن وديعة
بن خذام بْن خَالِد بْن ثَعْلَبَة بْن زَيْد بن عبيد بن زيد بن مالك بن عوف بن عَمْرو بْن عوف. وأمه أمامة بِنْت بجاد بْن عُثْمَان بْن عامر بْن مجمع بْن العطاف بْن ضبيعة بْن زَيْد. فولد ثابت بْن وديعة يحيى ومريم وأمهما وهبة بِنْت سُلَيْمَان بْن رافع بْن سهل بْن عدي بْن زَيْد بْن أمية بن مازن بْن سعد بْن قَيْس بْن الأيهم بْن غسان من ساكني رابخ حلفاء بني زعوراء بْن جشم أخي عَبْد الأشهل بْن جشم. ودعوتهم فِي بني عَبْد الأشهل. وكان ثابت يكنى أبا سعد. وكان أبوه وديعة بْن خذام من المنافقين.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي وَدِيعَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: [قَالَ رَسُولُ الله. ص: مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَغُسْلِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَمَسَحَ مِنْ دُهْنٍ أَوْ طِيبٍ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ وَلَبِسَ أَحْسَنَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الثِّيَابِ وَلَمْ يَفِرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْصَتَ لِلإِمَامِ إِذَا جَاءَهُ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ] .
قَالَ سَعِيدٌ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لابْنِ حَزْمٍ فَقَالَ: أَخْطَأَ أَبُوكُ. غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ وَزِيَادَةُ أَرْبَعَةٍ.
575- عامر بْن ثابت
بْن سَلَمَة بْن أمية بْن زَيْد بْن مالك بن عوف بْن عَمْرو بْن عوف. وأمه قتيلة بِنْت مَسْعُود الخطمي الَّذِي قتل عامر بْن مجمع بْن العطاف. وقتل عامر بْن مجمع بْن العطاف يوم اليمامة شهيدًا سنة اثنتي عشرة وليس له عقب.
576- عَبْد الرَّحْمَن بْن شبل
بْن عَمْرو بْن زَيْد بن نجدة بْن مالك بْن لوذان بْن عَمْرو بْن عوف. وبنو مالك بْن لوذان يُقَالُ لهم بنو السميعة. كان يُقَالُ لهم فِي الجاهلية بنو الصماء وهي امْرَأَة من مزينة أرضعت أباهم مالك بْن لوذان. فسماهم رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنِي السميعة. وأم عَبْد الرَّحْمَن بْن شبل أم سَعِيد بِنْت عَبْد الرحمن بن حارثة بن سهل بْن حارثة بْن قَيْس بْن عامر بْن مالك بْن لوذان. فولد عَبْد الرَّحْمَن عزيزًا ومسعود وموسى وجميلة ولم تسم لنا أمهم. وروى عَبْد الرَّحْمَن بْن شبل عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ نهى عن نقرة الغراب وافتراش السبع.
__________
574 التاريخ الكبير للبخاري (2/ 1/ 170) ، والجرح والتعديل (1/ 1/ 459) ، والثقات لابن حبان (3/ 43- 44) ، والاستيعاب (1/ 205- 206) ، وأسد الغابة (2/ 233- 234) ، وتهذيب الكمال (834) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (97) ، وتهذيب التهذيب (2/ 17- 18) ، والإصابة (1/ 197) .(4/276)
577- عُمَيْرُ بْنُ سَعْدِ
بْن عُبَيْد بْن النُّعمان بْن قَيْس بْن عَمْرو بْن زَيْد بْن أمية بْن زَيْد بْن مالك بن عوف بْن عَمْرو بْن عوف. وكان أَبُوهُ مِمَّنْ شهِدَ بدْرًا وهو سعد القارئ. وهو الَّذِي يروي الكوفيون أنّه أَبُو زَيْد الَّذِي جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقتل سعد بالقادسية شهيدًا. وصحب ابنه عمير بْن سعد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وولاه عُمَر بْن الخطاب على حمص.
قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ. وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى حمص وهو من أصحاب النبي. ص: أَلا إِنَّ الإِسْلامَ حَائِطٌ مَنِيعٌ وَبَابٌ وَثِيقٌ. فَحَائِطُ الإِسْلامِ الْعَدْلُ وَبَابُهُ الْحَقُّ فَإِذَا نُقِضَ الْحَائِطُ وَحُطِّمَ الْبَابُ اسْتُفْتِحَ الإِسْلامُ. فَلا يَزَالُ الإِسْلامُ مَنِيعًا مَا اشْتَدَّ السُّلْطَانُ. وَلَيْسَ شِدَّةُ السُّلْطَانِ قَتْلا بِالسَّيْفِ وَلا ضَرْبًا بِالسَّوْطِ وَلَكِنْ قَضَاءً بِالْحَقِّ وَأُخِذًا بِالْعَدْلِ.
578- عُمَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ.
وهو ابن امْرَأَة الجلاس بْن سُوَيْد بْن الصامت. وكان فقيرًا لا مال له. وكان يتيمًا فِي حجر الجلاس. وكان يكفله وينفق عليه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ الْجُلاسُ بْنُ سُوَيْدٍ قَالَ لِبَنِيهِ: وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ حَقًّا لَنَحْنُ شَيْءٌ مِنَ الْحَمِيرِ. قَالَ فَسَمِعَهُ غُلامٌ يُقَالُ لَهُ عُمَيْرٌ. وَكَانَ رَبِيبُهُ وَالْجُلاسُ عَمُّهُ. فَقَالَ لَهُ: أَيْ عَمِّ. تُبْ إِلَى اللَّهِ. وَجَاءَ الْغُلامُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِ فَجَعَلَ يَحْلِفُ وَيَقُولُ: وَاللَّهِ مَا قُلْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ الْغُلامُ: يَا عَمِّ بَلَى وَاللَّهِ وَلَقَدْ قُلْتَهُ فَتُبْ إِلَى اللَّهِ وَلَوْلا أَنْ يَنْزِلَ الْقُرْآنُ فَيَجْعَلَنِي مَعَكَ مَا قُلْتُهُ.
قَالَ: وَنَزَلَ الْقُرْآنُ: «يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا» التوبة: 74. إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
قَالَ: وَنَزَلَتْ: «فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً» التوبة: 74. فَقَالَ: قَدْ قُلْتُهُ وَقَدْ عَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ التَّوْبَةَ فَأَنَا أَتُوبُ. فَقُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ.
وَكَانَ لَهُ قَتِيلٌ فِي الإِسْلامِ فَوَدَاهُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَعْطَاهُ ديته فاستغنى بذلك.
__________
578 المغازي (1003) ، (1004) ، (1005) .(4/277)
[قَالَ وَقَدْ كَانَ هَمَّ أَنْ يَلْحَقَ بِالْمُشْرِكِينَ. قال وقال النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْغُلامِ: وَفَتْ أُذُنُكَ] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَ هَذَا الْكَلامُ مِنَ الْجُلاسِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ. وَكَانَ قَدْ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى تَبُوكَ. وَخَرَجَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ نَاسٌ كَثِيرٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ لَمْ يَخْرُجُوا فِي غَزْوَةٍ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْهُمْ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ. وَتَكَلَّمُوا بِالنِّفَاقِ فَقَالَ الْجُلاسُ مَا قَالَ. فَرَدَّ عَلَيْهِ عُمَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ قَوْلَهُ. وَكَانَ مَعَهُ فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ. وَقَالَ لَهُ عُمَيْرٌ: مَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْكَ وَلا أَعْظَمَ عَلَيَّ مِنَّةً مِنْكَ. وَقَدْ سَمِعْتُ مِنْكَ مَقَالَةً. وَاللَّهِ لَئِنْ كَتَمْتُهَا لأَهْلَكَنَّ وَلَئِنْ أَفْشَيْتُهَا لَتُفْتَضَحَنَّ وَإِحْدَاهُمَا أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنَ الأُخْرَى. ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ الْجُلاسُ. فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ اعْتَرَفَ الْجُلاسُ بِذَنْبِهِ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ وَلَمْ يَنْزِعْ عَنْ خَيْرٍ كَانَ يَصْنَعُهُ إِلَى عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ. وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا عُرِفَ بِهِ تَوْبَتُهُ.
579- جدي بْن مُرَّة
بْن سراقة بْن الْحُبَاب بْن عدي بْن الجد بْن عجلان من بلي قضاعة حلفاء بني عمرو بن عوف. قتل بخيبر شهيدًا. طعنه أحدهم بين ثدييه بالحربة فمات. وقتل أبو مُرَّة بْن سراقة بحنين شهيدًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
580- أوس بْن حبيب.
من بني عَمْرو بْن عوف. قتل بخيبر شهيدًا. قتل على حصن ناعم.
581- أنيف بْن وائلة.
من بني عَمْرو بْن عوف. قتل شهيدًا على حصن ناعم بخيبر.
582- عُرْوَةُ بْنُ أَسْمَاءَ
بْن الصَّلْت السُّلَميّ. حليف لبني عَمْرو بْن عَوْفٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: حَرَصَ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ بِعُرْوَةَ بْنِ الصَّلْتِ أَنْ يُؤَمِّنُوهُ فَأَبَى. وَكَانَ ذَا خَلَّةٍ لِعَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ مَعَ أَنَّ قَوْمَهُ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ حَرِصُوا عَلَى ذَلِكَ. فَأَبَى وَقَالَ: لا أَقْبَلُ لَكُمْ أَمَانًا وَلا أَرْغَبُ بِنَفْسِي عَنْ مَصْرَعِ أَصْحَابِي. ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا وَذَلِكَ فِي صَفَرٍ عَلَى رَأْسِ سِتَّةٍ وَثَلاثِينَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ.
583- جزء بْن عَبَّاس.
حليف بني جحجبا بْن كلفة من بني عَمْرو بْن عوف. قتل يوم اليمامة شهيدًا سنة اثنتي عشرة.
__________
580 المغازي (700) ، (737) .
581 المغازي (700) ، (737) .(4/278)
وَمِنْ بَنِي خَطْمَةَ بْن جُشَمِ بْن مَالِكِ بْن الأَوْسِ
584- خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتِ
بْن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن غيان بْن عامر بْن خطمة. واسم خطمة عبد الله بن جشم بن مالك بن الأوس. وأم خُزَيْمَة كبيشة بِنْت أوس بْن عدي بْن أمية بْن عامر بن خطمة. فولد خُزَيْمَة بن ثابت عَبْد الله وعبد الرَّحْمَن وأمهما جميلة بِنْت زَيْد بْن خَالِد بْن مالك من بني قوقل. وعمارة بْن خُزَيْمَة وأمه صفية بِنْت عامر بْن طعمة بْن زَيْد الخطمي. وكان خُزَيْمَة بْن ثابت وعمير بْن عدي بْن خرشة يكسران أصنام بني خطمة. وخزيمة بْن ثابت هُوَ ذو الشهادتين.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عَمِّهِ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْتَاعَ فَرَسًا مِنْ رَجُلٍ مِنَ الأَعْرَابِ فَاسْتَتْبَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُعْطِيَهُ ثَمَنَهُ فَأَسْرَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
الْمَشْيَ وَأَبْطَأَ الأَعْرَابِيُّ فَطَفِقَ رِجَالٌ يُلْقُونَ الأَعْرَابِيَّ يُسَاوِمُونَهُ الْفَرَسَ وَلا يَشْعُرُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدِ ابْتَاعَهُ. حَتَّى زَادَ بَعْضُهُمُ الأَعْرَابِيَّ فِي السَّوْمِ عَلَى ثَمَنِ الْفَرَسِ الَّذِي ابْتَاعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا زَادَهُ نَادَى الأَعْرَابِيُّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ مُبْتَاعًا هَذَا الْفَرَسَ فَابْتَعْهُ وَإِلا بِعْتُهُ. فَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ سَمِعَ قَوْلَ الأعرابي حتى أتاه الأعرابي [فقال رسول الله. ص: أَلَسْتُ قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ؟ فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ: لا والله ما بعتكه. فقال رسول الله. ص: بَلَى قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ] . فَطَفِقَ النَّاسُ يَلُوذُونَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِالأَعْرَابِيِّ وَهُمَا يَتَرَاجَعَانِ. فَطَفِقَ الأَعْرَابِيُّ يَقُولُ: هَلُمَّ شَهِيدًا يَشْهَدُ أَنِّي بِعْتُكَ. فَمَنْ جَاءَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ لِلأَعْرَابِيِّ: وَيْلَكَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - لم
__________
584 طبقات خليفة (83) ، (135) ، (190) ، وعلل أحمد (77) ، (142) ، والتاريخ الكبير للبخاري (3/ ت 704) ، والمغازي (1052) ، والمعارف (149) ، وتاريخ واسط لبحشل (282) ، وتاريخ الطبري (3/ 173) ، (4/ 447) ، والعقد الفريد (4/ 341) ، (6/ 153) ، والجرح والتعديل (3/ ت 1744) ، وثقات ابن حبان (3/ 107) ، ومشاهير علماء الأمصار (277) ، والاستيعاب (2/ 448) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (5/ 135- 137) ، والكامل في التاريخ (2/ 314) ، (3/ 221، 325) ، وأسد الغابة (2/ 114) ، وتهذيب الأسماء (1/ 175) ، وسير أعلام النبلاء (2/ 485- 487) ، والعبر (1/ 41) ، وتهذيب الكمال (1685) ، وتهذيب التهذيب (1) ورقة (197) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 159) ، وتهذيب التهذيب (3/ 140) ، والإصابة (1/ 425) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 1836) ، وشذرات الذهب (1/ 45) .(4/279)
يَكُنْ لَيَقُولَ إِلا حَقًّا. حَتَّى جَاءَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ فَاسْتَمَعَ تُرَاجُعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَتُرَاجُعَ الأَعْرَابِيِّ فَطَفِقَ الأَعْرَابِيُّ يَقُولُ: هَلُمَّ شَهِيدًا يَشْهَدُ أَنِّي بَايَعْتُكَ. فَقَالَ خُزَيْمَةُ:
أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَايَعْتَهُ. فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ فَقَالَ: بِمَ تَشْهَدُ؟ فَقَالَ: بِتَصْدِيقِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: لَمْ يُسَمَّ لَنَا أَخُو خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الَّذِي رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ.
وَكَانَ لَهُ أَخَوَانِ يُقَالُ لأَحَدِهِمَا وَحْوَحٌ وَلا عَقِبَ لَهُ وَالآخَرُ عَبْدُ اللَّهِ وَلَهُ عَقِبٌ. وَأُمُّهُمَا أُمُّ خُزَيْمَةَ كُبَيْشَةُ بِنْتُ أَوْسِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ أُمَيَّةَ الْخَطْمِيِّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عاصم بْنُ سُوَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ خزيمة قال: [قال رسول الله. ص: يَا خُزَيْمَةُ بِمَ تَشْهَدُ وَلَمْ تَكُنْ مَعَنَا؟] قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أُصَدِّقُكَ بِخَبَرِ السَّمَاءِ وَلا أُصَدِّقُكَ بِمَا تَقُولُ؟ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رجلين.
قال: أخبرنا هشيم قال: أخبرنا زكرياء عَنِ الشَّعْبِيِّ. وَجُوَيْبِرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ بن ثابت بشهادة رجلين.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زكرياء قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرًا يَقُولُ: كَانَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ الَّذِي أَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهَادَتَهُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ.
قَالَ: اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْضَ الْبَيْعِ مِنْ رَجُلٍ فَقَالَ الرَّجُلُ: هَلُمَّ شُهُودَكَ عَلَى مَا تَقُولُ. فَقَالَ خُزَيْمَةُ: أَنَا أَشْهَدُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَمَا عِلْمُكَ؟ قَالَ: أَعْلَمُ أَنَّكَ لا تَقُولُ إِلا حَقًّا. قَدْ آمَنَّاكَ عَلَى أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. عَلَى دِينِنَا. فَأَجَازَ شَهَادَتَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ رَجُلا طَلَبَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْكَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَشَهِدَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَادِقٌ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ. فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهَادَتَهُ.
قَالَ: [فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ: أَشَهِدْتَنَا؟ قَالَ: لا. قَدْ عَرَفْتُ أَنَّكَ لَمْ تَكْذِبْ.] قَالَ فَكَانَتْ شَهَادَةُ خُزَيْمَةَ بَعْدَ ذَلِكَ تُعْدَلُ بِشَهَادَةِ رجلين.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ عَمِّهِ أَنَّ خُزَيْمَةَ بْنَ ثَابِتٍ رَأَى فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّهُ يَسْجُدُ عَلَى جَبْهَةِ(4/280)
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاضْطَجَعَ لَهُ وَقَالَ: صدق رؤياك. فسجد على جبهته] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِيِّ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ: رَأَيْتُ فِيَ الْمَنَامِ كَأَنِّي أَسْجُدُ عَلَى جَبْهَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ [فَقَالَ: إِنَّ الرُّوحَ لا تَلْقَى الرُّوحَ.] وَأَقْنَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأْسَهُ هَكَذَا فَوَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَى جَبْهَةِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَتْ رَايَةُ بَنِي خَطْمَةَ مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ. وَشَهِدَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ صِفِّينَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب. ع. وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ وَلَهُ عَقِبٌ. وَكَانَ يُكْنَى أَبَا عُمَارَةَ.
585- عُمَيْرُ بْنُ حَبِيبِ
بن حباشة بن جويبر بْن عُبَيْد بْن غيان بْن عامر بْن خطمة.
وأمه أم عمارة وهي جميلة بِنْت عَمْرو بْن عُبَيْد بْن غيان بْن عامر بْن خطمة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عُمَيْرِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ خُمَاشَةَ. هَكَذَا قَالَ عَفَّانُ فِي الْحَدِيثِ: خُمَاشَةُ.
أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الإِيمَانَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ. فَقِيلَ لَهُ: وَمَا زِيَادَتُهُ وَمَا نُقْصَانُهُ؟ قَالَ: إِذَا ذَكَرْنَا اللَّهَ وَخَشَيْنَاهُ فَذَلِكَ زِيَادَتُهُ. وَإِذَا غَفَلْنَا وَنَسَيْنَا وَضَيَّعْنَا فَذَلِكَ نُقْصَانُهُ.
قَالَ عَفَّانُ: ثُمَّ سَمِعْتُ حَمَّادًا بَعْدُ يَشُكُّ. يَقُولُ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ حَبِيبٍ. فَقُلْتُ:
عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ. قَالَ: أَحْسَبُ أَنَّهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ.
586- عُمَارَةُ بْنُ أَوْسِ
بْن خَالِد بْن عُبَيْد بْن أمية بْن عامر بْن خطمة. وأمه صفية بِنْت كعب بْن مالك بْن غطفان ثُمَّ من بني ثَعْلَبَة. فولد عمارة صالحًا يكنى أَبَا واصل ورجاءً وعامرًا وأمهم أم ولد. وعمرًا وزيادًا وأم خُزَيْمَة وأمهم أم ولد.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عِلاقَةَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ أَوْسٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: صَلَّيْنَا إِحْدَى صَلاةِ الْعِشَاءِ فَقَامَ رَجُلٌ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَنَحْنُ فِي الصَّلاةِ فَنَادَى: إِنَّ الصَّلاةَ قَدْ وُجِّهَتْ نَحْوَ الْكَعْبَةِ. فَحَوَّلَ أَوْ تَحَوَّفَ إِمَامُنَا نَحْوَ الْكَعْبَةِ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ.(4/281)
وَمِنْ بَنِي السَّلْمِ بْن امْرِئِ الْقَيْسِ بْن مَالِكِ بْن الأَوْسِ
587- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ
بْن خيثمة بْن الْحَارِث بْن مالك بْن كعب بْن النحاط. ويقال النحاط بْن كعب بْن حارثة بْن غنم بْن السلم. وأمه جميلة بِنْت أبي عامر الراهب وهو عَبْد عَمْرو بْن صيفي بْن النُّعمان بْن مالك بْن أمة بْن ضبيعة بْن زَيْد بْن مالك بْن عوف بْن عَمْرو بن عوف من الأوس. فولد عَبْد الله بْن سعد عَبْد الرَّحْمَن وأم عُبَيْد الرَّحْمَن وأمهما أمامة بنت عبد الله بن عبد الله بن أبي ابن سلول من بلحبلى بْن سالم بْن عوف بْن الخزرج.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو الْعَقَدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا رَبَاحُ بْنُ أَبِي مَعْرُوفٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ: سَأَلْتُ عبد الله بن سعد ابن خَيْثَمَةَ: هَلْ شَهِدْتَ بَدْرًا؟ قَالَ: نَعَمْ وَالْعَقَبَةَ مَعَ أَبِي رَدِيفًا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ: قَدْ عَرَفْتُهُ.
وَهَذَا وَهْلٌ. وَلَمْ يَشْهَدْ عَبْدُ الله بن سعد بدرا ولا أحدا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي خَيْثَمَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ عَنْ آبَائِهِ قَالُوا: شَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحُدَيْبِيَةَ وَحُنَيْنًا. وَكَانَ يَوْمَ قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ ابْنِ عُمَرَ فِي السِّنِّ. وَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ أَنِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: كَأَنَّهُ يَوْمَ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ ابْنُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَمِنْ بَنِي وَائِلِ بْنِ زَيْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عامر بن مرة ابن مالك بْن الأوس وولد مُرَّة بْن مالك ابن الأوس يُقَالُ لهم الجعادرة
588- مِحْصَنُ بْنُ أَبِي قَيْسِ
بْن الأسلت. واسم أبي قَيْس صيفي. وكان شاعرًا. واسم الأسلت عامر بن جشم بْن وائل. ولم يكن لمحصن عقب. وكان العقب لأخيه عامر ابن أبي قَيْس. انقرضوا فلم يبق منهم أحد. وكان أَبُو قَيْس قد كاد أن يسلم وذكر الحنيفية فِي شعره وذكر صفة النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان يُقَالُ له بيثرب الحنيف.
__________
587 المغازي (102) ، (684) .(4/282)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبِ الْقُرَظِيِّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَشْيَاخِهِمْ قَالَ:
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ محمد بن عمرو بن حزم. قال فَكُلٌّ قَدْ حَدَّثَنِي مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَيْسِ بْنِ الأَسْلَتِ بِطَائِفَةٍ فَجَمَعْتُ مِمَّا حَدِّثُونِي مِنْ ذَلِكَ قَالُوا: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ أَوْصَفَ لِلْحَنِيفِيَّةِ وَلا أَكْثَرَ مَسْأَلَةً عَنْهَا مِنْ أَبِي قَيْسِ بْنِ الأَسْلَتِ. وَكَانَ قَدْ سَأَلَ مَنْ بِيَثْرِبَ مِنَ الْيَهُودِ عَنِ الدِّينِ فَدَعُوهُ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ. فَكَادَ يُقَارِبُهُمْ ثُمَّ أَبَى ذَلِكَ وَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ إِلَى آلِ جَفْنَةَ فَتَعَرَّضَهُمْ فَوَصَلُوهُ. وَسَأَلَ الرُّهْبَانَ وَالأَحْبَارَ فَدَعُوهُ إِلَى دِينِهِمْ فَلَمْ يُرِدْهُ وَقَالَ: لا أَدْخَلُ فِي هَذَا أَبَدًا. فَقَالَ لَهُ رَاهِبٌ بِالشَّامِ: أَنْتَ تُرِيدُ دِينَ الْحَنِيفِيَّةِ. قَالَ أَبُو قَيْسٍ: ذَلِكَ الَّذِي أُرِيدُ. فَقَالَ الرَّاهِبُ: هَذَا وَرَاءَكَ مِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ. فَقَالَ أَبُو قَيْسٍ: أَنَا عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ وَأَنَا أَدِينُ بِهِ حتى أموت عليه. ورجع أبو قَيْسٌ إِلَى الْحِجَازِ فَأَقَامَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فَلَقِيَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو قَيْسٍ: خَرَجْتُ إِلَى الشَّامِ أَسْأَلُ عَنْ دِينِ إِبْرَاهِيمَ فَقِيلَ هُوَ وَرَاءَكَ. فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو: قَدِ اسْتَعْرَضْتَ الشَّامَ وَالْجَزِيرَةَ وَيَهُودَ يَثْرِبَ فَرَأَيْتَ دِينَهَمُ بَاطِلا وَإِنَّ الدِّينَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ كَانَ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا وَيُصَلِّي إِلَى هَذَا الْبَيْتِ وَلا يَأْكُلُ مَا ذُبِحَ لِغَيْرِ اللَّهِ. فَكَانَ أَبُو قَيْسٍ يَقُولُ: لَيْسَ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ إِلا أَنَا وَزَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ. فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ وَقَدْ أَسْلَمَتِ الْخَزْرَجُ وَطَوَائِفُ مِنَ الأَوْسِ بَنُو عَبْدِ الأَشْهَلِ كُلُّهَا وَظَفَرُ وَحَارِثَةُ وَمُعَاوِيَةُ وَعَمْرُو بْنُ عَوْفٍ إِلا مَا كَانَ مِنْ أَوْسِ اللَّهِ. وَهُمْ وَائِلٌ وَبَنُو خَطْمَةَ وَوَاقَفٌ وَأُمَيَّةُ بْنُ زَيْدٍ مَعَ أَبِي قَيْسِ بْنِ الأَسْلَتِ. وَكَانَ رَأْسَهَا وَشَاعِرَهَا وَخَطِيبَهَا. وَكَانَ يَقُودُهُمْ فِي الْحَرْبِ. وَكَانَ قَدْ كَادَ أَنْ يُسْلِمَ وَذَكَرَ الْحَنِيفِيَّةَ فِي شَعْرِهِ. وَكَانَ يَذْكُرُ صِفَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا نخبره بِهِ يَهُودُ. وَإِنَّ مَوْلِدَهُ بِمَكَّةَ وَمُهَاجِرَهُ يَثْرِبُ. فقال بعد أن بعث النبي. ص: هَذَا النَّبِيُّ الَّذِي بَقِيَ وَهَذِهِ دَارُ هِجْرَتِهِ. فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ بُعَاثٍ شَهِدَهَا. وَكَانَ بَيْنَ قَدُومِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَقْعَةِ بُعَاثٍ خَمْسُ سِنِينَ. وَكَانَ يُعْرَفُ بِيَثْرِبَ يُقَالُ لَهُ الْحَنِيفُ. فَقَالَ شِعْرًا يَذْكُرُ الدِّينَ:
ولو شا رَبُّنَا كُنَّا يَهُودَا ... وَمَا دِينُ الْيَهُودِ بِذِي شكول
ولو شا رَبُّنَا كُنَّا نَصَارَى ... مَعَ الرُّهْبَانِ فِي جَبَلِ الْجَلِيلِ
وَلَكِنَّا خُلِقْنَا إِذْ خُلِقْنَا ... حَنِيفًا دِينُنَا عَنْ كُلِّ جِيلٍ(4/283)
نَسُوقُ الْهَدْيَ تَرْسُفُ مُذْعِنَاتٍ ... تُكَشِّفُ عَنْ مَنَاكِبِهَا الْجُلُولُ
فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ قِيلَ لَهُ: يَا أَبَا قَيْسٍ هَذَا صَاحِبُكَ الَّذِي كُنْتَ تَصِفُ. قَالَ: أَجَلْ. قَدْ بُعِثَ بِالْحَقِّ. وَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ: إِلَى ما تدعو؟
[فقال رسول الله. ص: إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ] . وَذَكَرَ شَرَائِعَ الإِسْلامِ فَقَالَ أَبُو قَيْسٍ: مَا أَحْسَنَ هَذَا وَأَجْمَلَهُ. أَنْظُرُ فِي أَمْرِي ثُمَّ أَعُودُ إِلَيْكَ. وَكَادَ يُسْلِمُ فَلَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ؟ فَقَالَ: مِنْ عِنْدِ مُحَمَّدٍ. عَرَضَ عَلَيَّ كَلامًا مَا أَحْسَنَهُ وَهُوَ الَّذِي كُنَّا نَعْرِفُ وَالَّذِي كَانَتْ أَخْبَارُ يَهُودَ تُخْبِرُنَا بِهِ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: كَرِهْتَ وَاللَّهِ حَرْبَ الْخَزْرَجِ. قَالَ فَغَضِبَ أَبُو قَيْسٍ وَقَالَ: والله لا أسلم سنة. ثم انصرف إلى منزله فلم يعد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى مَاتَ قَبْلَ الْحَوْلِ وَذَلِكَ فِي ذِي الْحِجَّةِ عَلَى رَأْسِ عَشْرَةِ أَشْهُرٍ مِنَ الْهِجْرَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَشْيَاخِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: لَقَدْ سُمِعَ يُوَحِّدُ عِنْدَ الْمَوْتِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنِ امْرَأَتِهِ كَانَ ابْنُهُ أَحَقَّ بِهَا أَنْ يَنْكِحَهَا إِنْ شَاءَ. إِنْ لَمْ تكن أمه ... «1»
__________
(1) نقص في الأصل.(4/284)
الجزء الخامس
الطبقة الأولى من أهل المدينة من التابعين
.... الناس «1» أصبحوا ثم دفع فإني لأنظر إلى فخذه قد انكشف فيما يخرش بعيره بمحجنه. هكذا قَالَ سُفْيَان بْن عُيَيْنة سَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يربوع. وهذا وهل وغلط فِي نسبه. إنما هُوَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ الْمَخْزُومِيُّ.
[من هذه الطبقة الذين رووا عن الشيخين]
589- عبد الرحمن بن الْحَارِث
بْن هشام بْن المغيرة بْن عَبْد الله بن عمر بن مخزوم بْن يقظة بْن مرّة. وأمه فاطمة بنت الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَر بْن مخزوم.
ويكنى عَبْد الرَّحْمَن أَبَا مُحَمَّد. وكان ابن عشر سنين حِينَ قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومات أَبُوهُ الحارث بْن هشام فِي طاعون عمواس بالشام سَنَة ثماني عشرة فخلف عُمَر بْن الْخَطَّاب عَلَى امرأته فاطمة بِنْت الوليد بْن المغيرة وهي أم عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِثِ.
فَكَانَ عَبْد الرَّحْمَن فِي حُجْر عُمَر. وكان يَقُولُ: مَا رَأَيْت رَبِيبًا خَيْرًا مِنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب. وروى عَنْ عُمَر ولَهُ دار بالمدينة ربة كبيرة. وتُوُفّي عَبْد الرَّحْمَن بْن الحارث فِي خلافة معاوية بْن أَبِي سُفْيَان بالمدينة. وكان رجلا شريفا سخيا مريا. وكان قد شهد الجمل مَعَ عَائِشَة. وكانت عَائِشَة تَقُولُ: لأن أكون قعدت فِي منزلي عَنْ مسيري إلى البصرة أحب إلي من أن يكون لي من رسول الله عشرة من الولد كلهم مثل عَبْد الرَّحْمَن بْن الحارث بْن هشام.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُثْمَانَ الْمَخْزُومِيِّ مِنْ آلِ يَرْبُوعٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ كَانَ اسْمُهُ إِبْرَاهِيمَ. فَدَخَلَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي وِلايَتِهِ حين أراد أن يغير اسم من
__________
(1) نقص في الأصل.
__________
589 تهذيب الكمال (781) ، تهذيب التهذيب (6/ 156) ، تقريب التهذيب (1/ 476) ، التاريخ الكبير (5/ 272) ، الجرح والتعديل (5/ 224) .(5/3)
يُسَمَّى بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ فَغَيَّرَ اسْمَهُ فَسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَثَبَتَ اسْمُهُ إِلَى الْيَوْمِ. فولد عَبْد الرَّحْمَن بْن الحارث بْن هشام محمدا الأكبر لا بقية لَهُ وبه كَانَ يكنى. وأبا بَكْر وكان يقال له راهب قريش وعُمَر وعثمان وعِكْرِمة وخالدا ومحمدا الأصغر وحنتمة ولدت لعبد اللَّه بْن الزُّبَيْر بْن العوام. وأم حجين وأم حكيم وسودة ورملة وأمهم فاختة بِنْت عنبة بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بن عبد ود بن نصر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. وعيّاش بْن عَبْد الرَّحْمَن وعبد اللَّه لا بقيّة لَهُ. وأبا سَلَمَة هلك صغيرا لا بقيّة لَهُ. والحارث هلك لا بقيّة له. وأسماء وعائشة تزوجها معاوية بن أَبِي سُفْيَان. وأم سَعِيد وأم كلثوم وأم الزُّبَيْر وأمهم أم الْحَسَن بِنْت الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصي وأمها أسماء بِنْت أَبِي بَكْر الصِّدِّيق. والمغيرة بْن عَبْد الرَّحْمَن وعوفا وزينب وريطة ولدت لعبد اللَّه بْن الزُّبَيْر خَلَف عليها بعد أختها. وفاطمة وحفصة وأمهم سعدى بِنْت عوف بْن خارجة بْن سِنَان بن أبي حارثة بن مُرَّةَ بْنِ نُشْبَةَ بْن غَيْظِ بْن مُرَّةَ. والوليد بن عَبْد الرَّحْمَن وأبا سَعِيد وأم سَلَمَة. تزوجها سَعِيد بْن العاص بْن سَعِيد بْن العاص. وقريبة وأمهم أم رسن بِنْت الحارث بْن عَبْد الله بن الحصين ذي الغصة ابن يزيد بن شداد بن قنان بن سلمة بن وهب بن عبد الله بن ربيعة بْن الحارث بْن كعب. وسَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن وعُبَيْد اللَّه وهشاما لأمهات أولاد. وزينب ابْنَة عَبْد الرَّحْمَن. ويقال بل اسمها مريم. وأمها مريم ابْنَة عثمان بْن عَفَّان بْن أبي العاص بْن أمية.
590- عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ
بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ بْن وَهْب بْن عَبْد مناف بْن زهرة. وأمه أمية ابْنَة نوفل بْن أهيب بْن عَبْد مناف بْن زهرة بْن كلاب. فولد عَبْد الرَّحْمَن بْن الأسود محمدا وعبد الرَّحْمَن وأمهما أمة بِنْت عَبْد اللَّه بْن وَهْب بْن عَبْد مناف بْن زهرة.
وعبد اللَّه وأمه أم وُلِدَ. وعُمَر وأمه أم ولد. وقد روى عَبْد الرَّحْمَن بْن الأسود عَنْ أَبِي بَكْر الصديق وعُمَر. رضي الله عنهما. وله دار بالمدينة عند أصحاب الغرابيل والقباب.
591- صبيحة بْن الْحَارِث
بْن جبيلة بْن عامر بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مرة. وأمه زينب ابنة عبد الله بن ساعدة بن مشنوء بن عبد الله بن حبتر من خزاعة. فولد صبيحة بن الحارث الأجش ومعبدا وعبد الله الأكبر وزبينة امرأة وأم عمرو الكبرى وأمهم عاتكة
__________
590 الجرح والتعديل (5/ 209) .(5/4)
بِنْت يعمر بْن خَالِد بْن معروف بْن صخر بْن المقياس بْن حبتر. وعبد الرَّحْمَن وعبد الله الأصغر وهو أبو الفضل وأم عمرو الصغرى وأمهم أمة بِنْت عَمْرو وهُوَ عَمْرو بْن عَبْد العزى بْن صنين بْن جَابِر بْن عَبْد العزى بْن عَامِرَةَ بْنِ عَمِيرَةَ بْنِ وَدِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْن فهر. وعبد اللَّه وأم صالح وأم جميل وأم عُبَيْد وأمهم زينب بِنْت وَهْب بْن أَبِي التوائم من هُذَيْل. وحبيبة بِنْت صبيحة تزوجها معبد بْن عُرْوَة من بني كلب بْن عَوْف فولدت لَهُ. وكان أشرف وُلِدَ صبيحة عَبْد الرَّحْمَن بْن صبيحة ولَهُ دار بالمدينة عند أصحاب الأقفاص. فولد عَبْد الرَّحْمَن بْن صبيحة محمدا وموسى وأمهما ابْنَة راشد من هذيل من آل أَبِي التوائم. ويقال هِيَ أم عَلِيّ بِنْت هلال بْن عَمْرو بْن عامر من هذيل ثُمَّ من بني حطيط. وصخر بْن عَبْد الرَّحْمَن وأمه أم يحيى بِنْت جُبَيْر بن عمرو بن أبي فائد من خزاعة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَبِيحَةَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: يَا صَبِيحَةُ هَلْ لَكَ فِي الْعُمْرَةِ؟ قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: قَرِّبْ رَاحِلَتَكَ.
فَقَرَّبْتُهَا. قَالَ فَخَرَجْنَا إِلَى الْعُمْرَةِ. ثُمَّ حَكَى عَنْهُ صَبِيحَةُ أَشْيَاءَ مِنْ فِعْلِهِ فِي تِلْكَ السَّفْرَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَيُقَالُ إِنَّ الَّذِي سَافَرَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَسَمِعَ مِنْهُ وَحَفِظَ عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَبِيحَةَ. وَلَعَلَّهُ خَرَجَ هُوَ وَأَبُوهُ صَبِيحَةُ جَمِيعًا مَعَ أَبِي بَكْرٍ فَحَكَيَا عَنْهُ.
وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.
592- نيار بْن مكرم الأسلمي
وهُوَ أحد الأربعة الّذين قبروا عثمان بْن عفان وصلوا عَلَيْهِ ونزلوا فِي حفرته. وقد سَمِعَ نيار من أبي بَكْر الصِّدِّيق. وكان ثقة قليل الحديث.
593- عبد الله بن عَامِرُ
بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَامِرُ بْنِ ربيعة بْن حجر بْن سلامان بْن
__________
592 الجرح والتعديل (8/ 507) .
593 تاريخ الدوري (291) ، وطبقات الدوري (23) ، (63) ، (235) ، وعلل ابن المديني (48) ، (65) ، وعلل أحمد (1/ 78، 273) ، والتاريخ الكبير (5/ ت 18) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 251، 358) ، والجرح والتعديل (5/ ت 559) ، والمراسيل (102) ، والثقات لابن حبان (3/ 219) ، (5/ 61) ، وأنساب القرشيين (1/ 371) ، والكامل في التاريخ (3/ 56) ، (4/ 488، 516، 526) ، وتهذيب الأسماء (1/ 273) ، وسير أعلام النبلاء (3/ 521) ، والعبر (1/ 100) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 3375) ، وتهذيب الكمال (3352) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (154) ، وميزان الاعتدال (2/ ت 3495) ، وتهذيب التهذيب (5/ 270- 271) ، والإصابة (2/ ت 4777) ، وتقريب التهذيب (1/ 425) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 4583) ، وشذرات الذهب (1/ 96) .(5/5)
مالك بْن ربيعة بْن رفيدة بْن عنز بْن وَائِلِ بْنِ قَاسِطِ بْنِ هِنْبِ بْنِ أَفْصَى بْنِ دُعْمِيِّ بْنِ جَدِيلَةَ بْنِ أَسَدِ بْنِ ربيعة بْن نزار حليف الْخَطَّاب بْن نفيل أَبِي عُمَر بْن الْخَطَّاب.
ويكنى عَبْد اللَّه أَبَا مُحَمَّد وولد عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان ابن خمسٍ سنين أو ستٍّ سنين يوم قبض رسول الله.
أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ عَنْ مَوْلًى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَيْتِنَا وَأَنَا صَبِيٌّ صَغِيرٌ فَخَرَجْتُ أَلْعَبُ فَقَالَتْ أُمِّي: يَا عَبْدَ الله تعال أعطك. [فقال رسول الله. ص: وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيَهُ؟ قَالَتْ: أَرَدْتُ أَنْ أُعْطِيَهُ تَمْرًا.
فَقَالَ: أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلِي كُتِبَتْ عَلَيْكِ كَذِبَةً] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَلا أَحْسَبُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ حَفِظَ هَذَا الْكَلامَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِصِغَرِهِ وَقَدْ حَفِظَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَرَوَى عَنْهُمْ وَعَنْ أَبِيهِ.
أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّهُ أَدْرَكَ الْخَلِيفَتَيْنِ. يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ. يَجْلِدَانِ الْعَبْدَ فِي الْفِرْيَةِ أَرْبَعِينَ.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ذَكْوَانَ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: أَدْرَكْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَمَنْ بَعْدَهُمَا مِنَ الْخُلَفَاءِ يَضْرِبُونَ فِي قَذْفِ الْمَمْلُوكِ أَرْبَعِينَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَمَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ فِي خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بن مروان. وكان ثقة قَلِيلَ الْحَدِيثِ.
594- أَبُو جَعْفَرٍ الأَنْصَارِيُّ
ولم يسم لنا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشِ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَأَنَّهُمَا جَمْرُ الْغَضَا.(5/6)
595- أَبُو سَهْلٍ السَّاعِدِيُّ
ولم يسم لنا.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن رَاشِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ يُحَدِّثُ مَكْحُولا عَنْ أَبِي سَهْلٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَوَصَفَ قِرَاءَتَهُ.
596- أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ
بْنِ الْخَطَّابِ ويكنى أَبَا زيد.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اشْتَرَانِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي قُدِمَ بِالأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ فِيهَا أَسِيرًا فَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ فِي الْحَدِيدِ يُكَلِّمُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَأَبُو بَكْرٍ يَقُولُ لَهُ:
فَعَلْتَ وَفَعَلْتَ. حَتَّى كَانَ آخِرُ ذَلِكَ أَسْمَعُ الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ يَقُولُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ اسْتَبْقِنِي لِحَرْبِكَ وَزَوِّجْنِي أُخْتَكَ. فَفَعَلَ أَبُو بَكْرٍ. رَحِمَهُ اللَّهُ. فَمَنَّ عَلَيْهِ وَزَوَّجَهُ أُخْتَهُ أُمَّ فَرْوَةَ بِنْتَ أَبِي قُحَافَةَ فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدَ بْنَ الأَشْعَثِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَرَوَى أَسْلَمُ أَيْضًا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ رَآهُ آخِذًا بِطَرَفِ لِسَانِهِ وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ. وَقَدْ رَوَى أَسْلَمُ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَغَيْرِهِمَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ يَقُولُ: نَحْنُ قَوْمٌ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ وَلَكِنَّا لا نُنْكِرُ مِنَّةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَخْبِرْنِي عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ مِمَّنْ هُوَ. قَالَ: حَبَشِيٌّ بِجَاوِيٌّ مِنْ بِجَاوَةَ.
قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: وَكَذَلِكَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: أَسْلَمُ حَبَشِيٌّ بِجَاوِيٌّ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ أَنَّ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ كَانَ يُكْنَى أَبَا زَيْدٍ. وَتُوُفِّيَ أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ.
597- هُنَيٌّ مَوْلَى عُمَرَ
بن الخطاب.
__________
596 الجرح والتعديل (2/ 306) .
597 الجرح والتعديل (9/ 111) .(5/7)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عُمَيْرِ بْنِ هُنَيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لَمْ يَحْمِ شَيْئًا مِنَ الأَرْضِ إِلا النَّقِيعَ. وَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
حَمَاهُ فَكَانَ يَحْمِيهِ لِلْخَيْلِ الَّتِي يُغْزَى عَلَيْهَا. وَكَانَتْ إِبِلُ الصَّدَقَةِ إِذَا أُخِذَتْ عِجَافًا أَرْسَلَ بِهَا إِلَى الرَّبَذَةِ وَمَا وَالاهَا تَرْعَى هُنَاكَ وَلا يَحْمِي لَهَا شَيْئًا وَيَأْمُرُ أَهْلَ الْمِيَاهِ لا يَمْنَعُونَ مَنْ وَرَدَ عَلَيْهِمْ يَشْرَبُ مَعَهُمْ وَيَرْعَى عَلَيْهِمْ. فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَكَثُرَ النَّاسُ وَبَعَثَ الْبُعُوثَ إِلَى الشَّامِ وَإِلَى مِصْرَ وَإِلَى الْعِرَاقِ حَمَى الرَّبَذَةَ وَاسْتَعْمَلَنِي عَلَى حِمَى الرَّبَذَةِ.
598- مالك الدار مولى عُمَر
بْن الْخَطَّاب. وقد انتموا إلى جبلان من حمير. وروى مالك الدار عَنْ أَبِي بَكْر الصِّدِّيق وعُمَر. رحمهما اللَّه. روى عَنْهُ أَبُو صالح السمان.
وكان معروفا.
599- أَبُو قُرَّةَ مولى عَبْد الرَّحْمَن
بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي. وكان ثقة قليل الحديث.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي قُرَّةَ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: إن أبا بكر الصديق قسم فَقَسَمَ لِي كَمَا قَسَمَ لِسَيِّدِي.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ: قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: وَكَانَ سَيِّدُهُ رَجُلا مِنْ بَنِي مُخَرَّبَةَ غَيْرَ الَّذِي أَعْتَقَهُ.
600- زُبَيْدُ بْنُ الصَّلْتِ
بن معدي كرب بن وليعة بن شرحبيل بن معاوية بن حجر القرد ابن الحارث الولادة ابن عَمْرو بْن معاوية بْن الحارث الأكبر بْن معاوية بْن ثور بْن مرتع بْن معاوية بْن كندة. وهُوَ كندي بْن عُفَيْر بْن عَديّ بْن الْحَارِث بْن مُرَّة بْن أدد بْن زَيْد بْن يشجب بْن عريب بْن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بْن يعرب بْن قحطان.
وإنما سمي الحارث الولادة لكثرة ولده وسمي حُجْر القرد والقرد فِي لغتهم الندي الجواد. والحارث الولادة هُوَ أخو حُجْر بْن عَمْرو آكل المرار. والملوك الأربعة مخوس ومشرح وجمد وأبضعة بنو معدي كرب بْن وليعة بْن شُرَحْبِيل وهم عمومة زبيد وكثير
__________
599 الجرح والتعديل (9/ 427) .(5/8)
ابني الصلت بْن معدي كرب بْن وليعة. وكانوا وفدوا عَلَى النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ الأشعث بْن قيس فأسلموا ورجعوا إلى بلادهم ثُمَّ ارتدوا فقتلوا يوم النجير. وإنما سموا ملوكا لأنه كَانَ لكل واحد منهم واد يملكه بما فِيهِ. وهاجر كثير وزبيد وعبد الرَّحْمَن بنو الصَّلْت إلى المدينة فسكنوها وحالفوا بني جمح بْن عَمْرو بْن قريش فلم يزل ديوانهم ودعوتهم معهم حَتَّى كَانَ زمن المهدي أمير المؤمنين فأخرجهم من بني جمح وأدخلهم فِي حلفاء الْعَبَّاس بْن عَبْد المُطَّلِب. فدعوتهم اليوم معهم وعيالهم هُمْ بعد فِي بني جمح.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ أَنَّهُ سَمِعَ زُبَيْدَ بْنَ الصَّلْتِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ يَقُولُ: لَوْ أَخَذْتُ سَارِقًا لأَحْبَبْتُ أَنْ يَسْتُرَهُ اللَّهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَدْ رَوَى زُبَيْدُ بْنُ الصَّلْتِ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَكَانَ قَلِيلَ الْحَدِيثِ.
601- وأخوه كثير بْن الصَّلْت
بن معدي كرب بن وليعة بن شرحبيل بن معاوية بن حجر القرد ابن الحارث الولادة.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ كَثِيرَ بْنَ الصَّلْتِ كَانَ اسْمُهُ قَلِيلًا فَسَمَّاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ كَثِيرًا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَوُلِدَ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. وَقَدْ رَوَى عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَغَيْرِهِمْ. وَكَانَ لَهُ شَرَفٌ وَحَالٌ جَمِيلَةٌ فِي نَفْسِهِ وَلَهُ دَارٌ بِالْمَدِينَةِ كَبِيرَةٌ فِي الْمُصَلَّى وَقِبْلَةُ الْمُصَلَّى فِي الْعِيدَيْنِ إِلَيْهَا.
وَهِيَ تُشْرِعُ عَلَى بَطْحَاءِ الْوَادِي الَّذِي فِي وَسَطِ الْمَدِينَةِ. وَكَانَ مِنْ وَلَدِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ وَكَانَ سُرِّيًّا مُرِّيًّا فَقِيهًا وَلِيَ قَضَاءَ الْمَدِينَةِ لِلْحَسَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حِينَ وَلاهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَدِينَةَ. فَلَمَّا وَلِيَ الْمَهْدِيُّ الْخِلافَةَ عَزَلَ عَبْدَ الصَّمَدِ بْنَ عَلِيٍّ عَنِ الْمَدِينَةِ وَوَلاهَا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الله بن كثير بن الصلت.
__________
601 الجرح والتعديل (7/ 153) .(5/9)
602- وأخوهما عَبْد الرَّحْمَن بْن الصَّلْت.
أَخْبَرَنَا مَعّن بْن عيسى عَنْ مخرمة بْن بُكَيْر بْن عَبْدِ اللَّه بْن الأَشَجِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الصَّلْت أخي كثير بْن الصَّلْت شيئًا من فعله قَالَ: ولا نعلمه روى حديثًا عَنْ غيره.
603- عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ
بْنِ الْخَطَّابِ بْنِ نُفَيْلَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَّاحِ بْنِ عدي بن كعب. وأمه جميلة أخت عاصم بْن ثابت بْن قيس وهُوَ أَبُو الأقلح بْن عصمة بْن مالك بْن أمة بن ضبيعة بْن زَيْد من بني عَمْرو بْن عَوْف من الأنصار.
[أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: غَيَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْمَ أُمِّ عَاصِمٍ. وَكَانَ اسْمُهَا عَاصِيَةً فَقَالَ: لا بَلْ أَنْتَ جَمِيلَةٌ] .
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بن زيد عن أَيُّوبَ..... «1» .
604- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ
بْنِ الْخَطَّابِ.
.... الْحِيرَةِ «2» وَكَانَ ظِئْرًا لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. وَكَانَ يُعَلِّمُ الْكِتَابَ بِالْمَدِينَةِ.
قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فضربته بالسيف فلمّا وجد حس السيف صلب بين عينيه. وانطلق عبيد الله فقتل ابْنَة أَبِي لؤلؤة. وكانت تدعي الْإِسْلَام. وأراد عُبَيْد اللَّه ألا يترك سبيا بالمدينة يومئذٍ إِلَّا قتلة. فاجتمع المهاجرون الأولون فأعظموا ما صنع عُبَيْد اللَّه من قتل هَؤُلَاءِ واشتدوا
__________
(1) نقص في الأصل.
(2) نقص في الأصل.
__________
602 الجرح والتعديل (5/ 246) .
603 تاريخ خليفة (267) ، وطبقات خليفة (234) ، وعلل أحمد (1/ 77) ، وتاريخ الطبري (6/ 30385) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 221) ، والجرح والتعديل (6/ ت 1912) ، والثقات لابن حبان (5/ 233) ، والاستيعاب (2/ 782) ، وأنساب القرشيين (342) ، (371) ، (372) ، والكامل لأبن الأثير (2/ 210) ، (3/ 54) ، (4/ 308) ، (5/ 59، 325، 394) ، وتهذيب الأسماء (1/ 255) ، وأسد الغابة (3/ 75) ، وسير أعلام النبلاء (4/ 97) ، والعبر (1/ 78، 121) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 2978) ، وتهذيب الكمال (3018) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (112) ، وتهذيب التذهيب (5/ 52) ، وتقريب التهذيب (1/ 385) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3238) ، وشذرات الذهب (1/ 77) .(5/10)
عليه وزجروه عَنِ السبي فقال: والله لأقتلنهم وغيرهم. يعرض بِبَعْضِ الْمُهَاجِرِينَ.
فَلَمْ يَزَلْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يرفق بِهِ حَتَّى دفع إِلَيْهِ سيفه فأتاه سَعْد فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِرَأْسِ صَاحِبِهِ يَتَنَاصَيَانِ حَتَّى حجز بينهما النَّاس. فأقبل عثمان وذلك فِي الثلاثة الأيام الشورى قبل أن يبايع لَهُ حَتَّى أخذ برأس عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر وأخذ عُبَيْد اللَّه برأسه. ثُمَّ حجز بينهما. وأظلمت الأرض يومئذٍ عَلَى النَّاس فعظم ذَلِكَ فِي صدور النَّاس وأشفقوا أن تكون عقوبة حين قَتَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ جُفَيْنَةَ وَالْهُرْمُزَانَ وَابْنَةَ أَبِي لؤلؤة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي وَجْزَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ وَإِنَّهُ لَيُنَاصِي عُثْمَانَ وَإِنَّ عُثْمَانَ لَيَقُولُ: قَاتَلَكَ اللَّهُ قَتَلْتَ رَجُلا يُصَلِّي وَصَبِيَّةً صَغِيرَةً وَآخَرَ مِنْ ذِمَّةِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا فِي الْحَقِّ تَرْكُكَ. قَالَ فَعَجِبْتُ لِعُثْمَانَ حِينَ وَلِيَ كَيْفَ تَرَكَهُ. وَلَكِنْ عَرَفْتُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ كَانَ دَخَلَ فِي ذَلِكَ فَلَفَتَهُ عَنْ رَأْيِهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مَنَّاحٍ قَالَ: جَعَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ يُنَاصِي عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حِينَ قَتَلَ الْهُرْمُزَانَ وَابْنَةَ أَبِي لُؤْلُؤَةَ. وَجَعَلَ سَعْدٌ يَقُولُ وَهُوَ يُنَاصِيهُ:
لا أُسْدَ إِلا أَنْتَ تَنْهِتُ وَاحِدًا ... وَغَالَتْ أَسْوَدَ الأَرْضِ عَنْكَ الْغَوَائِلُ
وَالشِّعْرُ لِكِلابِ بْنِ عِلاطٍ أَخِي الْحَجَّاجِ بْنِ عِلاطٍ. فقال عبيد الله:
تعلم أني لحم لا تُسِيغُهُ ... فَكُلْ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ مَا كُنْتَ آكِلا
فَجَاءَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُ عُبَيْدَ اللَّهِ وَيَرْفُقُ بِهِ حَتَّى أَخَذَ سَيْفَهُ مِنْهُ وَحُبِسَ فِي السِّجْنِ حَتَّى أَطْلَقَهُ عُثْمَانُ حِينَ وَلِيَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُتْبَةُ بْنُ جَبِيرَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: مَا كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ إِلا كَهَيْئَةِ السبع الجرب يَعْتَرِضُ الْعَجَمَ بِالسَّيْفِ حَتَّى حُبِسَ فِي السِّجْنِ. فَكُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ عُثْمَانَ إِنْ وَلِيَ سَيَقْتُلُهُ لِمَا كُنْتُ أَرَاهُ صَنَعَ بِهِ. كَانَ هُوَ وَسَعْدٌ أَشَدُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: مَا ذَنْبُ بِنْتِ أَبِي لُؤْلُؤَةَ حِينَ قَتَلْتَهَا؟ قَالَ فَكَانَ رَأْيُ عَلِيٍّ حِينَ اسْتَشَارَهُ عُثْمَانُ وَرَأْيُ الأَكَابِرِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى قَتْلِهِ.] لَكِنَّ(5/11)
عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ كَلَّمَ عُثْمَانَ حَتَّى تَرَكَهُ. فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ: لَوْ قَدَرْتُ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَلِي سُلْطَانٌ لاقْتَصَصْتُ مِنْهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَأْيُ عَلِيٍّ أَنْ يَقْتُلَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ دَعَا الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ فَقَالَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي قَتْلِ هَذَا الَّذِي فَتَقَ فِي الدِّينِ مَا فَتَقَ. فَأَجْمَعَ رَأْيُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يُشَجِّعُونَ عُثْمَانَ عَلَى قَتْلِهِ. وَقَالَ جُلَّ النَّاسِ: أَبْعَدَ اللَّهُ الْهُرْمُزَانَ وَجُفَيْنَةَ. يُرِيدُونَ يُتْبِعُونَ عُبَيْدَ اللَّهِ أَبَاهُ.
فَكَثُرَ ذَلِكَ الْقَوْلُ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ هَذَا الأَمْرَ قَدْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ لَكَ سُلْطَانٌ عَلَى النَّاسِ فَأَعْرِضْ عَنْهُ. فَتَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ كَلامِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَّ عُثْمَانَ اسْتَشَارَ الْمُسْلِمِينَ فَأَجْمَعُوا عَلَى دِيَتِهِمَا وَلا يَقْتُلُ بِهِمَا عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ. وَكَانَا قَدْ أَسْلَمَا وَفَرَضَ لَهُمَا عُمَرُ. وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لَمَّا بُويِعَ لَهُ أَرَادَ قَتْلَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَهَرَبَ مِنْهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَلَمْ يَزَلْ مَعَهُ فَقُتِلَ بِصِفِّينَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ:
سَمِعْتُ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يُحَدِّثُ فِي مَجْلِسِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فَسَأَلْتُ عَنْهُ بَعْدُ فَقِيلَ هُوَ يَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ يَقُولُ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ دَعَا عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ: إِنَّ عَلِيًّا كَمَا تَرَى فِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ قَدْ حَامَتْ عَلَيْهِ فَهَلْ لَكَ أَنْ تَسِيرَ فِي الشَّهْبَاءِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَرَجَعَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى خِبَائِهِ فَلَبِسَ سِلاحَهُ ثُمَّ إِنَّهُ فَكَّرَ وَخَافَ أَنْ يُقْتَلَ مَعَ مُعَاوِيَةَ عَلَى حَالِهِ فَقَالَ لَهُ مَوْلَى لَهُ: فِدَاكَ أَبِي! إِنَّ مُعَاوِيَةَ إِنَّمَا يُقَدِّمُكَ لِلْمَوْتِ. إِنْ كَانَ لَكَ الظَّفَرُ فَهُوَ يَلِي وَإِنْ قُتِلْتَ اسْتَرَاحَ مِنْكَ وَمِنْ ذِكْرِكَ فَأَطِعْنِي وَاعْتَلَّ. قَالَ: وَيْحَكَ قَدْ عَرَفْتُ مَا قُلْتَ. فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ بَحْرِيَّةُ بِنْتُ هَانِئٍ: مَا لِي أَرَاكَ مُشَمِّرًا؟ قَالَ: أَمَرَنِي أَمِيرِي أَنْ أَسِيرَ فِي الشَّهْبَاءِ. قَالَتْ: هُوَ وَاللَّهِ مِثْلُ التَّابُوتِ لَمْ يَحْمِلْهُ أَحَدٌ قَطُّ إِلا قُتِلَ. أَنْتَ تُقْتَلُ وَهُوَ الَّذِي يُرِيدُ مُعَاوِيَةُ. قَالَ: اسْكُتِي وَاللَّهِ لأُكْثِرَنَّ الْقَتْلَ فِي قَوْمِكِ الْيَوْمَ. فَقَالَتْ: لا يُقْتَلُ هَذَا.
خَدَعَكَ مُعَاوِيَةُ وَغَرَّكَ مِنْ نَفْسِكِ وَثَقُلَ عَلَيْهِ مَكَانُكَ. قَدْ أَبْرَمَ هَذَا الأَمْرَ هُوَ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَبْلَ الْيَوْمِ فِيكَ. لَوْ كُنْتَ مَعَ عَلِيٍّ أَوْ جَلَسْتَ فِي بَيْتِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ. قد فعل(5/12)
ذَلِكَ أَخُوكَ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْكَ. قَالَ: اسْكُتِي. وهو يبتسم ضَاحِكًا. لَتَرَيِنَّ الأُسَارَى مِنْ قَوْمِكِ حَوْلَ خِبَائِكَ هَذَا. قَالَتْ: وَاللَّهِ لَكَأَنِّي رَاكِبَةٌ دَابَّتِي إِلَى قَوْمِي أَطْلُبُ جَسَدَكَ أُوَارِيهُ. إِنَّكَ مَخْدُوعٌ. إِنَّمَا تُمَارِسُ قَوْمًا غُلْبَ الرِّقَابِ فِيهِمُ الْحَرُونُ يَنْظُرُونَهُ نظر القوم إلى الهلاك لو أَمَرَهُمْ بِتَرْكِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مَا ذَاقُوهُ. قَالَ: أَقْصِرِي مِنَ الْعَذْلِ فَلَيْسَ لَكَ عِنْدَنَا طَاعَةٌ. فَرَجَعَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَضَمَّ إِلَيْهِ الشَّهْبَاءَ. وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا.
وَضَمَّ إِلَيْهِ ثَمَانِيَةَ آلافٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فِيهِمْ ذُو الْكَلاعِ فِي حِمْيَرَ. فَقَصَدُوا يَؤُمُّونَ عَلِيًّا فَلَمَّا رَأَتْهُمْ رَبِيعَةُ جَثَوْا عَلَى الرُّكَبِ وَشَرَعُوا الرِّمَاحَ حَتَّى إِذَا غَشُوهُمْ ثَارُوا إِلَيْهِمْ وَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ الْقِتَالِ لَيْسَ فِيهِمْ إِلا الأَسَلُ وَالسُّيُوفُ. وَقُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَقُتِلَ ذُو الْكَلاعِ. وَالَّذِي قَتَلَ عُبَيْدَ اللَّهِ زِيَادُ بْنُ خَصَفَةَ التَّيْمِيُّ. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ لامْرَأَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ: لَوْ أَتَيْتِ قَوْمَكِ فَكَلَّمْتِهِمْ فِي جَسَدِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. فَرَكِبَتْ إِلَيْهِمْ وَمَعَهَا مَنْ يَجِيرُهَا فَأَتَتْهُمْ فَانْتَسَبَتْ فَقَالُوا: قَدْ عَرَفْنَاكِ. مَرْحَبًا بِكِ فَمَا حَاجَتُكِ؟ قَالَتْ: هَذَا الْجَسَدُ الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ فَأْذَنُوا لِي فِي حَمْلِهِ. فَوَثَبَ شَبَابٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ فَوَضَعُوهُ عَلَى بَغْلٍ وَشَدُّوهُ وَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ إلى عَسْكَرِ مُعَاوِيَةَ فَتَلَقَّاهَا مُعَاوِيَةُ بِسَرِيرٍ فَحَمَلَهُ عَلَيْهِ وَحَفَرَ لَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَدَفَنَهُ ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي وَيَقُولُ: قُتِلَ ابْنُ الْفَارُوقِ فِي طَاعَةِ خَلِيفَتِكُمْ حَيًّا وَمَيِّتًا فَتَرَحَّمُوا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ رَحِمَهُ وَوَفَّقَهُ لِلْخَيْرِ. قَالَ تَقُولُ بَحْرِيَّةُ وَهِيَ تَبْكِي عَلَيْهِ وَبَلَغَهَا مَا يَقُولُ مُعَاوِيَةُ فَقَالَتْ: أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ عَجَّلْتَ لَهُ يُتْمَ وَلَدِهِ وَذَهَابَ نَفْسِهِ ثُمَّ الْخَوْفَ عَلَيْهِ لِمَا بَعْدُ أَعْظَمُ الأَمْرِ. فَبَلَغَ مُعَاوِيَةَ كَلامُهَا فَقَالَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَلا تَرَى مَا تَقُولُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ؟ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَعَجَبٌ لَكَ. مَا تُرِيدُ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ شَيْئًا؟ فو الله لَقَدْ قَالُوا فِي خَيْرٍ مِنْكَ وَمِنَّا فَلا يَقُولُونَ فِيكَ؟ أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنْ لَمْ تُغْضِ عَمَّا تَرَى كُنْتَ مِنْ نَفْسِكِ فِي غَمٍّ. قَالَ مُعَاوِيَةُ: هَذَا وَاللَّهِ رَأْيِي الَّذِي وَرِثْتُ مِنْ أَبِي.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اخْتُلِفَ عَلَيْنَا فِي قَتْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. فَقَائِلٌ يَقُولُ قَتَلَتْهُ رَبِيعَةُ. وَقَائِلٌ يَقُولُ قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ.
وَقَائِلٌ يَقُولُ قَتَلَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ. وَقَائِلٌ يَقُولُ قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ سَعْدٍ أَبِي الْحَسَنِ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ لَيْلَةً بِصِفِّينَ فِي خَمْسِينَ رَجُلا مِنْ هَمْدَانَ يُرِيدُ أَنْ يَأْتِيَ عَلِيًّا. وَكَانَ يَوْمُنَا يَوْمًا قَدْ عَظُمَ فِيهِ الشَّرُّ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ. فَمَرَرْنَا بِرَجُلٍ أَعْوَرَ مِنْ هَمْدَانَ يُدْعَى مَذْكُورًا(5/13)
قَدْ شَدَّ مِقْوَدَ فَرَسِهِ بِرِجْلِ رَجُلٍ مَقْتُولٍ فَوَقَفَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى الرَّجُلِ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: رَجُلٌ مِنْ همدان. فقال له الحسن: ما تصنع هاهنا؟ فَقَالَ:
أَضْلَلْتُ أَصْحَابِي فِي هَذَا الْمَكَانِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ فَأَنَا أَنْتَظِرُ رَجْعَتَهُمْ. قَالَ: مَا هَذَا الْقَتِيلُ؟ قَالَ: لا أَدْرِي غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ شَدِيدًا عَلَيْنَا يَكْشِفْنَا كَشْفًا شَدِيدًا وَبَيْنَ ذَلِكَ يَقُولُ أَنَا الطَّيِّبُ بْنُ الطَّيِّبِ. وَإِذَا ضَرَبَ قَالَ: أَنَا ابْنُ الْفَارُوقِ. فَقَتَلَهُ اللَّهُ بِيَدِي. فَنَزَلَ الْحَسَنُ إِلَيْهِ فَإِذَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَإِذَا سِلاحُهُ بَيْنَ يَدَيِ الرَّجُلِ فَأَتَى بِهِ عَلِيًّا فَنَفَّلَهُ عَلِيٌّ سَلَبَهُ وَقَوَّمَهُ أَرْبَعَةَ آلافٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي رَزِينٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مَوْلايَ بِصِفِّينَ فرأيت عليا بعد ما مَضَى رُبُعُ اللَّيْلِ يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ يَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ. فَأَصْبَحُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَالْتَقَوْا وَتَقَاتَلُوا أَشَدَّ الْقِتَالِ. وَالْتَقَى عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: أَنَا الطَّيِّبُ بْنُ الطَّيِّبِ. فَقَالَ لَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ:
أَنْتَ الْخَبِيثُ بْنُ الطَّيِّبُ. فَقَتَلَهُ عَمَّارٌ. وَيُقَالُ قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْحَضَارِمَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَحَدَّثَنِي غَيْرُ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ بِغَيْرِ هَذَا الإِسْنَادِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَطَعَ أُذُنَ عَمَّارٍ يَوْمَئِذٍ. وَالثَّبْتُ عِنْدَنَا أَنَّ أُذُنَ عَمَّارٍ قُطِعَتْ يَوْمَ الْيَمَامَةِ.
605- مُحَمَّدُ بْنِ رَبِيعَةَ
بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هاشم بن عبد مناف بن قصي. ويكنى أَبَا حمزة وأمه جمانة بِنْت أَبِي طَالِب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بْن قصي. فولد مُحَمَّد بْن ربيعة حمزة وبه كَانَ يكنى والقاسم وحميدا وعبد اللَّه الأكبر. وهُوَ عائذ اللَّه. وأمه جويرية بِنْت أَبِي عزة الشَّاعر الَّذِي قتله رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم أحد صبرا. واسم أَبِي عزة عَمْرو بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَيْر بْن أهيب بْن حذافة بْن جمح. وعبد اللَّه وجعفرا لا بقيّة لَهُ. والحارث وعثمان وأم كلثوم وأم عَبْد اللَّه وأمهم أمة اللَّه بِنْت عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْن عَبْد مَنَافٍ بْن قصي. وعليا ومحمدا لأم ولد. وأم عَبْد اللَّه وابنة أخرى لأم ولد. قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومُحَمَّد بْن ربيعة ابن أكثر من عشر سنين ولا نعلمه رَوَى عَنْ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيئا. وقد لقي عُمَر بْن الْخَطَّاب وروى عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بن عيسى قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي
__________
605 الجرح والتعديل (7/ 252) .(5/14)
رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَآهُ وَهُوَ طَوِيلُ الشَّعْرِ وَذَلِكَ فِي ذِي الْحُلَيْفَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَنَا عَلَى نَاقَتِي وَأَنَا فِي ذِي الْحَجَّةِ أُرِيدُ الْحَجَّ. فَأَمَرَنِي أَنْ أُقَصِّرَ مِنْ رَأْسِي فَفَعَلْتُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجُ هُوَ مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ عَتَاقَةُ.
606- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَوْفَلِ
بْنِ الْحَارِثِ بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بْن قصي وأمه ضريبة بِنْت سَعِيد بْن القشب. واسمه جندب بْن عَبْد اللَّه بْن رافع بْن نضلة بْن محضب بْن صعب بْن مبشر بْن دهمان من الأزد. وأمها أم حكيم بِنْت سُفْيَان بْن أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ خالة سَعْد بْن أَبِي وقاص. وأم سَعْد حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس. فولد عَبْد اللَّه بْن نوفل.... «1» وُلِدَ عَبْد اللَّه بْن نوفل فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ. لَمَّا وَلِيَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ الْمَدِينَةَ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ فِي الإِمْرَةِ الأُولَى.
اسْتَقْضَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِالْمَدِينَةِ. فَسَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: هَذَا أَوَّلُ قَاضٍ رَأَيْتُهُ فِي الإِسْلامِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَأَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ أَوَّلُ مَنْ قَضَى بِالْمَدِينَةِ لِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ. وَأَهْلُ بَيْتِهِ يُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ وَلِيَ الْقَضَاءَ بِالْمَدِينَةِ هُوَ وَلا أَحَدٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ. وَقَالَ أَهْلُ بَيْتِهِ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ.
قال محمد بن عمر: وَنَحْنُ نَقُولُ إِنَّهُ بَقِيَ بَعْدَ مُعَاوِيَةَ دَهْرًا وَتُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ فِي خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ.
607- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ نَوْفَلِ
بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بن
__________
(1) نقص في الأصل.(5/15)
جُدْعَانَ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ نَوْفَلٍ وَسَعِيدَ بْنَ نَوْفَلٍ وَالْمُغِيرَةَ بْنَ نَوْفَلٍ كَانُوا مِنْ قُرَّاءِ قُرَيْشٍ وَكَانُوا يُبَكِّرُونَ إِلَى الْجُمُعَةِ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ السَّاعَةَ الَّتِي تُرْجَى. فَنَامَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ نَوْفَلٍ فَدُحَّ دَحَّةً فَقِيلَ هَذِهِ السَّاعَةُ الَّتِي تُرِيدُ. فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا مِثْلُ غَمَامَةٍ تَصْعَدُ فِي السَّمَاءِ وَذَلِكَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ. وَقَدْ قَالَ حَمَّادٌ: فَدُحَّ فِي ظَهْرِهِ دَحَّةً.
608- الْمُغِيرَةُ بْنُ نَوْفَلِ
بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ المطلب بن هاشم. وأمه ضريبة بِنْت سَعِيد بْن القشب. واسمه جندب بْن عَبْد الله بْن رافع بْن نضلة بْن محضب بْن صعب بْن مبشر بْن دهمان من الأزد. فولد المغيرة أَبَا سُفْيَان لا بقيّة لَهُ وأمه آمنة ابْنَة أَبِي سُفْيَان بْن الْحَارِث بْن عَبْد المُطَّلِب. وعبد الملك وعبد الواحد وأمهما أم ولد.
وسعيدا ولوطا وإسحاق وصالحا وربيعة وعبد الرَّحْمَن لأمهات أولاد شتى. وعبد الله وعونا لأم ولد. وأمامة وأم المغيرة وأمهما بِنْت همّام بْن مُطَرِّف من بني عُقَيْل.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بن سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ كَعْبًا أَخَذَ بِيَدِ الْمُغِيرَةِ بْنِ نَوْفَلٍ فَقَالَ: اشْفَعْ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ وَقَالَ: وَمَا أَنَا؟ إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ فأخذه بِيَدِهِ فَغَمَزَهَا غَمْزًا شَدِيدًا وَقَالَ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ إِلا وَلَهُ شَفَاعَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. ثُمَّ قَالَ: اذْكُرْ هَذَا بِهَذَا.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ الصَّلْتِ الْمُؤَذِّنُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَخَذَ بِيَدِي كَعْبُ الأَحْبَارِ فَعَصَرَهَا ثُمَّ قَالَ: أَخْتَبِئُ هَذِهِ عِنْدَكَ لِتَذْكُرَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قال: وما أذكر منها؟ قال:
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَبْدَأَنَّ مُحَمَّدٌ بِالشَّفَاعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالأَقْرَبِ فَالأَقْرَبِ.
609- سَعِيد بْن نوفل
بْن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم. وأمه ضريبة بِنْت سَعِيد بْن القشب. واسمه جندب بْن عَبْد الله بْن رافع بْن نضلة بْن محضب بْن صعب بْن مبشر بْن دهمان من الأزد. فولد سَعِيد بْن نوفل إِسْحَاق الأكبر وحنظلة والوليد وسُلَيْمان والأشعث وأم سَعِيد. واسمها أمة. وأمهم أم الوليد بِنْت أَبِي خرشة بْن الحارث بْن مالك بْن المسيّب من بني حبشية من خزاعة. وإسحاق الأصغر ويعقوب وأم عَبْد اللَّه وأم إِسْحَاق وهم لأمهات أولاد. ورقية وأمها أم كلثوم بِنْت جَعْفَر بْن أَبِي سُفْيَان بْن الْحَارِث بْن عَبْد المُطَّلِب. قَالَ وكان سَعِيد بْن نوفل فقيهًا عابدا.(5/16)
610- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ
بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عَبْد مناف بْن قصي. وأمه هند بِنْت أبي سُفْيَان بْن حرب بْن أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بن قصي. ولد عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأتت بِهِ أمه هند بِنْت أَبِي سُفْيَان أختها أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ زوج النبي. ع. فدخل عليها رسول الله [فقال: ما هذا يا أم حبيبة؟] قَالَتْ: هذا ابن عمك وابن أختي. هذا ابن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المُطَّلِب وابن هند بِنْت أَبِي سُفْيَان بْن حرب.
قَالَ فتفل رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي فِيهِ ودعا لَهُ. فولد عَبْد اللَّه بْن الحارث عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه وأمهما خالدة بنت معتب بْن أبي لهب بْن عَبْد المطلب وأمها عاتكة بِنْت أبي سُفْيَان بْن الْحَارِث بْن عَبْد المطلب. وأمها أم عَمْرو بِنْت المقوم بْن عَبْد المُطَّلِب. وإسحاق بْن عَبْد اللَّه وعُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه وهُوَ الأرجوان والفضل بْن عَبْد اللَّه وأم الحَكَم بِنْت عَبْد اللَّه ولدت لمحمد بْن عَلِيّ بْن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب يحيى ومحمدا درجا والعالية بني مُحَمَّد. وأم أبيها بِنْت عَبْد اللَّه وزينب بِنْت عَبْد الله وأم سعيد بنت عبد الله وأم جعفر وأمهم أم عبد الله بنت الْعَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ المطلب. وعبد الرحمن بن عَبْد اللَّه وأمه بِنْت مُحَمَّد بْن صيفي بْن أَبِي رفاعة بْن عابد بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن مخزوم. وعَوْن بْن عَبْد اللَّه وأمه أم ولد. وضريبة بِنْت عَبْد اللَّه لأم ولد. وخالدة بِنْت عَبْد اللَّه لأم ولد. وأم عَمْرو وهندا بنتي عبد الله لأم ولد.
__________
610 تاريخ الدوري (2/ 300) ، تاريخ خليفة (258) ، (259) ، وطبقات خليفة (191) ، (202) ، (231) ، (239) ، علل ابن المديني (70) ، علل أحمد (1/ 50، 79، 80، 189، 190، 335، 349) ، التاريخ الكبير (5/ ت 155) ، المعرفة ليعقوب (1/ 295، 362، 436، 497، 499، 579) ، (3/ 253) ، تاريخ أبي زرعة (629) ، القضاة لوكيع (1/ 113) ، والجرح والتعديل (5/ 136) ، والثقات لابن حبان (5/ 9) ، وتاريخ بغداد (1/ 211) ، والاستيعاب (3/ 885) ، وأنساب القرشيين (80) ، والكامل في التاريخ (3/ 420، 460، 481) ، وأسد الغابة (3/ 137) ، وسير أعلام النبلاء (1/ 200) ، (3/ 529) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 3213) ، والعبر (1/ 98، 121) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (137) ، وتهذيب التهذيب (3216) ، وتهذيب التهذيب (5/ 179) ، والألقاب (25) ، والإصابة (2/ ت 6169) ، وتقريب التهذيب (1/ 408) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3440) ، وشذرات الذهب (1/ 94) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (7/ 349) .(5/17)
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْن عُمَر عَنْ عطاء بْن أَبِي راشد عَنْ عَبْد اللَّه بْن الحارث أَنَّهُ كَانَ عَلَى مَكّة زمن عثمان.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ: زَوَّجَنِي أَبِي فِي إِمَارَةِ عُثْمَانَ فَدَعَا نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ شيخ كبير فقال: [إن رسول الله قَالَ: انْهَسُوا اللَّحْمَ نَهْسًا فَإِنَّهُ أَهْنَأُ وَأَمْرَأُ] . أَوْ أَشْهَى وَأَمْرَأُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ. وَسَمِعَ مِنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ خُطْبَتَهُ بِالْجَابِيَةِ. وَسَمِعَ مِنَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَمِنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَمِنْ أَبِيهِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ. وَكَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ قَدْ تَحَوَّلَ إِلَى الْبَصْرَةِ مَعَ أَبِيهِ وَابْتَنَى بِهَا دَارًا.
وَكَانَ يُلَقَّبُ بَبَّةَ. فَلَمَّا كَانَ أَيَّامُ مَسْعُودِ بْنِ عَمْرٍو وَخَرَجَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْبَصْرَةِ وَاخْتَلَفَ النَّاسُ بَيْنَهُمْ وَتَدَاعَتِ الْقَبَائِلُ وَالْعَشَائِرُ أَجْمَعُوا أَمَرَهُمْ فَوَلُّوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ نوفل صلاتهم وفيئهم وَكَتَبُوا بِذَلِكَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ إِنَّا قَدْ رَضِينَا بِهِ.
فَأَقَرَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الْبَصْرَةِ. وَصَعِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ الْمِنْبَرَ فَلَمْ يَزَلْ يُبَايِعُ النَّاسُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ حَتَّى نَعَسَ فَجَعَلَ يُبَايِعُهُمْ وَهُوَ نَائِمٌ مَادٌّ يَدَهُ. فَقَالَ سُحَيْمُ بْنُ وَثِيلٍ الْيَرْبُوعِيُّ:
بَايَعْتُ أَيْقَاظًا وَأَوْفَيْتُ بَيْعَتِي ... وَبَبَّةُ قَدْ بَايَعْتُهُ وَهُوَ نَائِمٌ
فَلَمْ يَزَلْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ عَامِلا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى الْبَصْرَةِ سَنَةً ثُمَّ عَزَلَهُ وَاسْتَعْمَلَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ. وَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ إِلَى عُمَانَ فَمَاتَ بِهَا.
611- سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ
بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ غَانِمِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبِيدِ بْنِ عَوِيجِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كعب. وأمه الشفاء بِنْت عَبْد اللَّه بْن عَبْد شمس بْن خَلَف بْن صداد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَّاحِ بن عَديّ بْن كعب. فولد سُلَيْمَان بْن أَبِي حثمة أَبَا بَكْر وعِكْرِمة ومحمدا وأمهم أمة اللَّه بِنْت المسيّب بْن صيفي بْن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وعثمان بْن سُلَيْمَان وأمه ميمونة بِنْت قيس بن ربيعة بن ربعان بن حرثان بن نصر بن عمرو بن ثعلبة بن كنانة بْن عَمْرو بْن قين بْن فهم. وُلِدَ سليمان بن(5/18)
أبي حثمة على عهد النبي. ع. وكان رجلًا عَلَى عهد عُمَر بْن الْخَطَّاب.
وأمره عُمَر أن يؤم النساء وقد سَمِعَ من عُمَرَ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ كَانَ يَؤُمُّ النِّسَاءَ فِي عَهْدِ عُمَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
وَحَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَمَرَ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ أَنْ يَقُومَ لِلنِّسَاءِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْسِيِّ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ كَانَا يَقُومَانِ في مقام النبي. ع. يُصَلِّيَانِ بِالرِّجَالِ. وَأَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ كَانَ يَقُومُ بِالنِّسَاءِ فِي رَحَبَةِ الْمَسْجِدِ. فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ جَمَعَ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ. وكان يأمر بالنساء فَيُحْبَسْنَ حَتَّى يَمْضِيَ الرِّجَالُ ثُمَّ يُرْسَلْنَ.
612- رَبِيعَةُ بن عبد الله
بن الهدير بن عبد العزى بْنِ عَامِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ سعد بْن تيم بْن مُرَّة. وأمه سمية بِنْت قيس بْن الحارث بْن نضلة بن عَوْفِ بْنِ عَبِيدِ بْنِ عَوِيجِ بْنِ عَدِيِّ بْن كعب. فولد ربيعة بْن عَبْد اللَّه عَبْد اللَّه وأم جميل لأم ولد.
وعبد الرَّحْمَن وعثمان وهارون وعيسى وموسى ويحيى وصالحا لأمهات أولاد شتى.
وُلِدَ ربيعة بْن عَبْد اللَّه بْن الهدير عَلَى عهد رَسُول اللَّه وروى عَنْ أَبِي بَكْر وعُمَر وكان ثقة قليل الحديث.
أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ رَبِيعَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ يَقُولُ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقْدُمُ النَّاسَ أَمَامَ جِنَازَةِ زَيْنَبَ ابْنَةِ جحش.
__________
612 طبقات خليفة (233) ، والتاريخ الكبير للبخاري (3/ ت 965) ، والجرح والتعديل (3/ ت 2118) ، والثقات لابن حبان (3/ 129) ، ومشاهير علماء الأمصار (484) ، والاستيعاب (2/ 492) ، وأسد الغابة (2/ 170) ، وتاريخ الإسلام (3/ 154، 365) ، والعبر (1/ 81) ، وسير أعلام النبلاء (3/ 516) ، وتهذيب الكمال (1879) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (221) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 180) ، والعقد الثمين (4/ 297) ، وتهذيب التهذيب (3/ 257) ، والإصابة (1/ 523) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 2042) ، وشذرات الذهب (1/ 79) .(5/19)
613- وأخوه المّنْكَدِر بْن عَبْد اللَّه
بْن الهدير بن عبد العزى بْنِ عَامِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ سعد بْن تيم بْن مُرَّة. وأمه سمية بِنْت قيس بْن الحارث بن نضلة بن عَوْفِ بْنِ عَبِيدِ بْنِ عَوِيجِ بْنِ عَدِيِّ بْن كعب. فولد المّنْكَدِر بْن عَبْد اللَّه عُبَيْد اللَّه وأم عُبَيْد اللَّه وأمهما سعدة ابْنَة عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الله بْن شهاب من بني زهرة. ومُحَمَّد بْن المّنْكَدِر الفقيه وعُمَر وأبا بَكْر وأم يحيى لأمهات أولاد.
قَالَ: وروى حَجَّاج بْن مُحَمَّد عَنْ أَبِي معشر قَالَ: دخل المّنْكَدِر بْن عَبْد اللَّه عَلَى عَائِشَة فَقالَتْ: لك وُلِدَ؟ قَالَ: لا. فَقالَتْ: لو كَانَ عندي عشرة آلاف درهم لوهبتها لك. قَالَ فما أمست حَتَّى بعث إليها معاوية بمال فَقالَتْ: ما أسرع ما ابتليت! وبعثت إلى المّنْكَدِر بعشرة آلاف درهم فاشترى منها جارية فهي أم ولده مُحَمَّد وعُمَر وأبي بَكْر.
614- عَبْد اللَّه بْن عَيَّاشُ
بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الله بن عمر بن مخزوم.
وأمه أسماء ابْنَة سلامة بْنِ مُخَرَّبَةَ بْنِ جَنْدَلِ بْنِ أُبَيْرِ بْنِ نهشل بن دارم. فولد عبد الله بن عياش الحارث وأمة الله وأمهما هند بنت مطرف بن سلامة بْنِ مُخَرَّبَةَ بْنِ جَنْدَلِ بْنِ أُبَيْرِ بْنِ نهشل بْن دارم. ولد عَبْد اللَّه بْن عيّاش بأرض الحبشة ولا نعلمه رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - شيئًا وقد روى عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب. ولَهُ دار بالمدينة.
615- الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الله بْن عُمَر بْن مخزوم.
وأمه أم وُلِدَ. فولد الحارث بْن عَبْد اللَّه عَبْد اللَّه وأمه أم عَبْد الغفار ابْنَة عَبْد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بْن حبيب بْن عَبْد شمس. وعبد الملك وعبد العزيز
__________
614 الجرح والتعديل (5/ 125) .
615 طبقات خليفة (54) ، (285) ، والمحبر (305) ، (306) ، والتاريخ الكبير (2/ ت 2436) ، والبيان والتبيين (1/ 110) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 372، 373) ، (2/ 227) ، (3/ 194) ، والجرح والتعديل (3/ ت 362) ، ومشاهير علماء الأمصار (611) ، والأغاني (1/ 66) ، والكامل في التاريخ (4/ 1334، 245، 246، 349) ، وأسد الغابة (1/ 328، 337) ، وتهذيب الكمال (1024) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (114) ، وتاريخ الإسلام (3/ 244) ، وسير أعلام النبلاء (4/ 181، 182) ، والوافي بالوفيات (11/ 254- 255) ، والبداية والنهاية (9/ 43) ، والعقد الثمين (4/ 21، 22، 23) ، وتهذيب التهذيب (2/ 144- 145) ، والإصابة (2043) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 1141) .(5/20)
وعبد الرَّحْمَن وأم حكيم وحنتمة وأمهم حنتمة بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام. ومحمدا وعُمَر وسعدا وأبا بَكْر وأم فروة وقريبة وأبية وأسماء وأمهم عَائِشَة بِنْت مُحَمَّد بن الأشعث بن قيس بن معدي كرب بْن معاوية بْن جبلة من كندة. وعيّاش بْن الحارث لأم ولد. وعُمَر لأم وُلِدَ. وأم دَاوُد وأم الحارث وأمهما أم أبان بِنْت قيس بْن عَبْد اللَّه بْن الحُصَيْن ذي الغصة بن يزيد بن شداد بن قنان الحارثي. وأم محمد وأمة الرحمن وأمهما أم أيّوب ابْنَة عَبْد اللَّه بْن زُهَيْر بْن أَبِي أمية بْن المغيرة. وفاطمة وأمها أم ولد. وعبد الرحمن وعبد الله الأكبر وأمهما عاتكة بِنْت صَفْوان بْن أمية بْن خَلَف الْجُمَحيّ. استعمل عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَلَى البصرة وكان رجلًا سهاكا فمر بمكيال بالبصرة فقال: إن هذا لقباع صالح. فلقبوه القباع.
وكان خطيبا عفيفا. وكان فِيهِ سواد لأن أمه كانت حبشية نصرانية فماتت فشهدها الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ. وشهدها معه النَّاس فكانوا ناحية. وجاء أهل دينهم فولوها وشهدها منهم جماعة كثيرة وكانوا عَلَى حدة. وفيه يَقُولُ أَبُو الأسود الدؤلي لعبد اللَّه بن الزُّبَيْر:
أمير المؤمنين أَبَا بكير ... أرحنا من قباع بني المغيره
حمدناه ولمناه فأعيا ... علينا ما يمر لنا مريره
سوى أن الفتى نكح أكول ... وسهاك مخاطبة كثيره
كأنا حين جئناه أطفنا ... بضبعان تورط فِي حظيره
قَالَ فعزله عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر عَنِ البصرة. وكانت ولايته عليها سَنَة. واستعمل مكانه مُصْعَب بْن الزُّبَيْر فقدم البصرة ثُمَّ تهيأ للخروج إلى المختار بْن أَبِي عُبَيْد.
616- سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ
بْنِ سَعِيدِ بْنِ أُحَيْحَةَ بْنِ الْعَاصِ بن أمية بن عبد شمس بن
__________
616 تاريخ ابن معين (2/ 201) ، ونسب قريش (177) ، والمحبر (55) ، (150) ، (174) ، وتاريخ خليفة (163) ، (165) ، (166) ، (168) ، (178) ، (203) ، (208) ، (209) ، (218) ، (222) ، (226) ، (228) ، والتاريخ الكبير (2/ ت 1672) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 292) ، وأنساب الأشراف للبلاذري (4/ 433) ، والكنى للدولابي (1/ 63) ، والجرح والتعديل (4/ ت 204) ، ومشاهير علماء الأمصار (446) ، والأغاني (1/ 8، 11، 16، 39) ، والاستيعاب (2/ 621) ، وتهذيب تاريخ دمشق (6/ 133) ، والكامل في التاريخ (2/ 77) ، (3/ 106، 107) ، (4/ 193) ، وأسد الغابة (2/ 309) ، وتهذيب الأسماء (1/ 218) ، وتاريخ الإسلام (2/ 286) ، والعبر (1/ 64) ، وسير أعلام النبلاء (3/ 444) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (22) ، والتجريد (1/ ت 2324) ، والوافي بالوفيات (15) ، 227) ، والبداية والنهاية (8/ 83) ، والعقد الثمين (4/ 571) ، وتهذيب التهذيب (4/ 48) ، والإصابة (2/ ت 3268) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 2482) ، وشذرات الذهب (1/ 65) .(5/21)
عَبْد مناف بْن قصي. وأمه أم كلثوم بِنْت عَمْرو بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي قَيْس بْن عَبْد ود بْن نصر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. وأمها أم حبيب ابْنَة العاص بْن أمية بْن عَبْد شمس. فولد سَعِيد بْن العاص عثمان الأكبر درج. ومحمدا وعمرا وعبد اللَّه الأكبر درج. والحَكَم درج. وأمهم أم البنين ابْنَة الحَكَم بْن أَبِي العاص بْن أمية.
وعبد اللَّه بْن سَعِيد وأمه أم حبيب بنت جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل. ويحيى بْن سَعِيد وأيوب درج وأمهما العالية ابنة سلمة بن يزيد بن مشجعة بن المجمع بن مالك بن كعب بْن سعد بْن عوف بْن حريم بْن جعفى بن سعد العشيرة من مذحج.
وأبان بن سعيد وخالدا والزبير. درجا. وأمهم جويرية بنت سفيان بن عويف بن عبد الله بن عامر بن هلال بن عامر بن عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كنانة. وعثمان الأصغر ابن سعيد وداود وسليمان ومعاوية وآمنة وأمهم أم عَمْرو ابْنَة عثمان بْن عَفَّان وأمها رملة بِنْت شَيْبَة بْن ربيعة بْن عَبْد شمس. وسليمان الأصغر ابن سَعِيد وأمه أم سَلَمَة بِنْت حبيب بْن بحير بْن عامر بْن مالك بْن جَعْفَر بن كلاب. وسَعيد بْن سَعِيد وأمه مريم بِنْت عثمان بْن عَفَّان وأمها نائلة بِنْت الفرافصة بْن الأحوص من كلب.
وعنبسة بْن سَعِيد لأم ولد. وعُتْبَة بْن سَعِيد لأم ولد. وعُتْبَة بْن سَعِيد ومريم وأمهما أم ولد. وإبراهيم بن سعيد وأمه بنت سلمة بن قيس بن علاثة بن عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب. وجرير بن سعيد وأم سَعِيد ابْنَة سعيد وأمهما عائشة بنت جرير بن عبد الله البجلي. ورملة بنت سعيد وأم عثمان بِنْت سَعِيد وأميمة بِنْت سَعِيد وأمهن أميمة بِنْت عامر بْن مالك بْن عامر بْن عَمْرو بْن ذبيان بْن ثعلبة بن عمرو بن يشكر من بجيلة وهي أخت أَبِي أراكة.... «1» وهي الرواع ابْنَة جرير بْن عَبْد اللَّه البَجَليّ.
وحفصة بِنْت سَعِيد وعائشة الكبرى وأم عَمْرو وأم يحيى وفاختة وأم حبيب الكبرى وأم حبيب الصغرى وأم كلثوم وسارة وأم دَاوُد وأم سُلَيْمان وأم إبراهيم وحميدة وهن
__________
(1) نقص في الأصل.(5/22)
لأمهات أولاد شتى. وعائشة الصغرى ابْنَة سَعِيد وأمها أم حبيب ابْنَة بحير بْن عامر بْن مالك بْن جَعْفَر بْن كلاب. قَالَ: وقبض رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسَعيد بْن العاص ابن تسع سنين أو نحوها وذلك أن أَبَاهُ العاص بْن سَعِيد بْن العاص بْن أمية قتل يوم بدر كافرا. وقال عُمَر بْن الْخَطَّاب لسعيد بْن العاص: ما لي أراك معرضا كأنك ترى أنّي قتلت أباك؟ ما أَنَا قتلته ولكنّه قتله عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب ولو قتلته ما اعتذرت من قتل مشرك ولكني قتلت خالي بيدي العاص بْن هشام بْن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. فقال سَعِيد بْن العاص:
يا أمير المؤمنين لو قتلته كنت عَلَى حق وكان عَلَى باطل. فسر ذَلِكَ عُمَر منه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ الأَغَرِّ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ قَالا:
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ الأُمَوِيُّ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ أَتَى عُمَرَ يَسْتَزِيدُهُ فِي دَارِهِ الَّتِي بِالْبَلاطِ وَخَطَّطَ أَعْمَامَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال عُمَرُ: صَلِّ مَعِي الْغَدَاةَ وَغَبِّشْ ثُمَّ أَذْكِرْنِي حَاجَتَكَ. قَالَ فَفَعَلْتُ حَتَّى إِذَا هُوَ انْصَرَفَ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَاجَتِي الَّتِي أَمَرْتَنِي أَنْ أَذْكُرَهَا لَكَ. قَالَ فَوَثَبَ مَعِي ثُمَّ قَالَ: امْضِ نَحْوَ دَارِكَ. حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَيْهَا فَزَادَنِي وَخَطَّ لِي بِرِجْلِهِ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ زِدْنِي فَإِنَّهُ نَبَتَتْ لِي نَابِتَةٌ مِنْ وَلَدٍ وَأَهْلٍ. فَقَالَ: حَسْبُكَ وَاخْتَبِئْ عِنْدَكَ أَنْ سَيَلِيَ الأَمْرَ بَعْدِي مَنْ يَصِلُ رَحِمَكَ وَيَقْضِي حَاجَتَكَ. قَالَ فَمَكَثْتُ خِلافَةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ وَأَخَذَهَا عَنْ شُورَى وَرِضًى فَوَصَلَنِي وَأَحْسَنَ وَقَضَى حَاجَتِي وَأَشْرَكَنِي فِي أَمَانَتِهِ. قَالُوا وَلَمْ يَزَلْ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ فِي نَاحِيَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ لِلْقَرَابَةِ. فَلَمَّا عَزَلَ عُثْمَانُ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ عَنِ الْكُوفَةِ دَعَا سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهَا. فَلَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ قَدِمَهَا شَابًّا مُتْرَفًا لَيْسَتْ لَهُ سَابِقَةٌ فَقَالَ: لا أَصْعَدُ الْمِنْبَرَ حَتَّى يُطَهَّرَ. فَأَمَرَ بِهِ فَغُسِلَ. ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَ أَهْلَ الْكُوفَةِ وَتَكَلَّمَ بِكَلامٍ قَصَّرَ بِهِمْ فِيهِ وَنَسَبَهُمْ إِلَى الشِّقَاقِ وَالْخِلافِ فَقَالَ: إِنَّمَا هَذَا السَّوَادُ بُسْتَانٌ لأُغَيْلِمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ. فَشَكَوْهُ إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ:
كُلَّمَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَمِيرِهِ جَفْوَةً أَرَادَنَا أَنْ نَعْزِلَهُ. وَقَدِمَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ الْمَدِينَةَ وَافِدًا عَلَى عُثْمَانَ فَبَعَثَ إِلَى وُجُوهِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ بِصِلاتٍ وَكُسًى وَبَعَثَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَيْضًا فَقَبِلَ مَا بَعَثَ إِلَيْهِ [وَقَالَ عَلِيٌّ: إِنَّ بَنِي أُمَيَّةَ لَيُفَوِّقُونِي تُرَاثَ مُحَمَّدٍ. عَلَيْهِ السَّلامُ. تَفَوُّقًا. وَاللَّهِ لَئِنْ بَقِيتُ لَهُمْ لأَنْفُضَنَّهُمْ مِنْ ذَلِكَ نَفْضَ الْقَصَّابِ التُّرَابَ الْوَذِمَةَ] .
ثُمَّ انْصَرَفَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ إِلَى الْكُوفَةِ فَأَضَرَّ بِأَهْلِهَا إِضْرَارًا شَدِيدًا وَعَمِلَ عَلَيْهَا(5/23)
خَمْسَ سِنِينَ إِلا أَشْهُرًا. وَقَالَ مَرَّةً بِالْكُوفَةِ: مَنْ رَأَى الْهِلالَ مِنْكُمْ؟ وَذَلِكَ فِي فِطْرِ رَمَضَانَ. فَقَالَ الْقَوْمُ: مَا رَأَيْنَاهُ. فَقَالَ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنَا رَأَيْتُهُ. فَقَالَ لَهُ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ: بِعَيْنِكَ هَذِهِ الْعَوْرَاءِ رَأَيْتَهُ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ؟ فَقَالَ هَاشِمٌ: تُعَيِّرُنِي بِعَيْنِي وَإِنَّمَا فُقِئَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ! وَكَانَتْ عَيْنُهُ أُصِيبَتْ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ. ثُمَّ أَصْبَحَ هَاشِمٌ فِي دَارِهِ مُفْطِرًا وَغَدَّى النَّاسَ عِنْدَهُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَضَرَبَهُ وَحَرَّقَ دَارَهُ فَخَرَجَتْ أُمَّ الْحَكَمِ بِنْتَ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ. وَنَافِعُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ مِنَ الْكُوفَةِ حَتَّى قَدِمَا الْمَدِينَةَ فَذَكَرَا لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مَا صَنَعَ سَعِيدٌ بِهَاشِمٍ فَأَتَى سَعْدٌ عُثْمَانَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ عُثْمَانُ: سَعِيدٌ لَكُمْ بِهَاشِمٍ اضْرِبُوهُ بِضَرْبِهِ. وَدَارُ سَعِيدٍ لَكُمْ بِدَارِ هَاشِمٍ فَأَحْرِقُوهَا كَمَا حَرَّقَ دَارَهَ. فَخَرَجَ عُمَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلامٌ يَسْعَى حَتَّى أَشْعَلَ النَّارَ فِي دَارِ سَعِيدٍ بِالْمَدِينَةِ. فَبَلَغَ الْخَبَرُ عَائِشَةَ فَأَرْسَلَتْ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ تَطْلُبُ إِلَيْهِ وَتَسْأَلُهُ أَنْ يَكُفَّ. فَفَعَلَ وَرَحَلَ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى عُثْمَانَ الأَشْتَرُ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ وَيَزِيدُ بْنُ مُكَفَّفٍ وَثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ وَكُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ النَّخَعِيُّ وَزَيْدٌ وَصَعْصَعَةُ ابْنَا صُوحَانَ الْعَبْدِيَّانِ وَالْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَعْوَرُ وَجُنْدُبُ بْنُ زُهَيْرٍ وَأَبُو زَيْنَبَ الأَزْدِيَّانِ وَأَصْغَرُ بْنُ قَيْسٍ الْحَارِثِيُّ يَسْأَلُونَهُ عَزْلَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَنْهُمْ. وَرَحَلَ سَعِيدٌ وَافِدًا عَلَى عُثْمَانَ فَوَافَقَهُمْ عِنْدَهُ. فَأَبَى عُثْمَانُ أَنْ يَعْزِلَهُ عَنْهُمْ وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى عَمَلِهِ. فَخَرَجَ الأَشْتَرُ مِنْ لَيْلَتِهِ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَسَارَ عَشْرَ لَيَالٍ إِلَى الْكُوفَةِ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: هَذَا سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ قَدْ أَتَاكُمْ يَزْعُمُ أَنَّ هَذَا السَّوَادَ بُسْتَانٌ لأُغَيْلِمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ. وَالسَّوَادُ مساقط رؤوسكم وَمَرَاكِزُ رِمَاحِكُمْ وَفَيْؤُكُمْ وَفَيْءُ آبَائِكُمْ فَمَنْ كَانَ يرى لله حَقًّا فَلْيَنْهَضْ إِلَى الْجَرَعَةِ. فَخَرَجَ النَّاسُ فَعَسْكَرُوا بِالْجَرَعَةِ وَهِيَ بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالْحِيرَةِ. وَأَقْبَلَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ حَتَّى نَزَلَ الْعُذَيْبَ. فَدَعَا الأَشْتَرُ يَزِيدَ بْنَ قَيْسٍ الأَرْحَبِيَّ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ كِنَانَةَ الْعَبْدِيَّ. وَكَانَا مِحْرَبَيْنِ. فَعَقَدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى خَمْسِمِائَةِ فَارِسٍ وَقَالَ لَهُمَا: سِيرَا إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَأَزْعِجَاهُ وَأَلْحِقَاهُ بِصَاحِبِهِ فَإِنْ أَبَى فَاضْرِبَا عُنُقَهُ وَأْتِيَانِي بِرَأْسِهِ. فَأَتَيَاهُ فَقَالا لَهُ: ارْحَلْ إِلَى صَاحِبِكَ. فَقَالَ: إِبِلِي أَنْضَاءُ أَعْلِفُهَا أَيَّامًا وَنَقْدَمُ الْمِصْرَ فَنَشْتَرِي حَوَائِجَنَا وَنَتَزَوَّدُ ثُمَّ أَرْتَحِلُ. فَقَالا: لا وَاللَّهِ وَلا سَاعَةَ. لَتَرْتَحِلَنَّ أَوْ لَنَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ. فَلَمَّا رَأَى الأَشْتَرُ مِنْ مُعَسْكَرِهِ إِلَى الْكُوفَةِ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ مَا غَضِبْتُ إِلا لِلَّهِ وَلَكُمْ وَقَدْ أَلْحَقْنَا هَذَا الرَّجُلَ بِصَاحِبِهِ وَقَدْ وَلَّيْتُ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ(5/24)
صَلاتَكُمْ وَثَغْرَكُمْ وَحُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ عَلَى فَيْئِكُمْ. ثُمَّ نَزَلَ وَقَالَ: يَا أَبَا مُوسَى اصْعَدْ.
فقال أبا مُوسَى: مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ وَلَكِنْ هَلُمُّوا فَبَايِعُوا لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ وَجَدِّدُوا لَهُ الْبَيْعَةَ فِي أَعْنَاقِكُمْ. فَأَجَابَهُ النَّاسُ إِلَى ذَلِكَ فَقَبِلَ وِلايَتَهُمْ وَجَدَّدَ الْبَيْعَةَ لِعُثْمَانَ فِي رِقَابِهِمْ وَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ بِمَا صَنَعَ فَأَعْجَبَ ذَلِكَ عُثْمَانَ وَسَرَّهُ. فَقَالَ عُتْبَةُ بْنُ الْوَعْلِ التَّغْلِبِيُّ شَاعِرُ أَهْلِ الْكُوفَةِ:
تَصَدَّقْ عَلَيْنَا ابْنَ عَفَّانَ وَاحْتَسِبْ ... وَأَمِّرْ عَلَيْنَا الأَشْعَرِيَّ لَيَالِيَا
فَقَالَ عُثْمَانُ: نَعَمْ وَشُهُورًا وَسِنِينَ إِنْ بَقِيتُ. وَكَانَ الَّذِي صَنَعَ أَهْلُ الْكُوفَةِ بِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَوَّلَ وَهْنٍ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ حِينَ اجْتُرِئَ عَلَيْهِ. وَلَمْ يَزَلْ أَبُو مُوسَى وَالِيًا لِعُثْمَانَ عَلَى الْكُوفَةِ حَتَّى قُتِلَ عُثْمَانُ. وَلَمْ يَزَلْ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ حِينَ رَجَعَ عَنِ الْكُوفَةِ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى وَثَبَ النَّاسُ بِعُثْمَانَ فَحَصَرُوهُ. فَلَمْ يَزَلْ سَعِيدٌ مَعَهُ في الدار يَلْزَمُهُ لَمْ يُفَارِقْهُ وَيُقَاتِلُ دُونَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَاعِدَةَ قَالَ: جَاءَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَتَى تُمْسِكَ بِأَيْدِينَا؟ قَدْ أَكَلَنَا أَكْلا هَؤُلاءِ الْقَوْمُ. مِنْهُمْ مَنْ قَدْ رَمَانَا بِالنَّبْلِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَدْ رَمَانَا بِالْحِجَارَةِ وَمِنْهُمْ شَاهِرٌ سَيْفَهُ. فَمُرْنَا بِأَمْرِكَ. فَقَالَ عُثْمَانُ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا أُرِيدُ قِتَالَهُمْ وَلَوْ أَرَدْتُ قِتَالَهُمْ لَرَجَوْتُ أَنْ أَمْتَنِعَ مِنْهُمْ وَلَكِنِّي أَكِلُهُمْ إِلَى اللَّهِ وَأَكِلُ مِنَ أَلَّبَهُمْ عَلَيَّ إِلَى اللَّهِ فَإِنَّا سَنَجْتَمِعُ عِنْدَ رَبِّنَا. فأما قتال فو الله ما آمرك بقتال. فقال سعيد: والله لا أَسْأَلُ عَنْكَ أَحَدًا أَبَدًا. فَخَرَجَ فَقَاتَلَ حَتَّى أُمَّ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مُصْعَبِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ رَأَى سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ يومئذ يقاتل فضربه رجل يومئذ ضَرْبَةً مَأْمُومَةً فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ الرَّعْدَ فَيُغْشَى عَلَيْهِ. قَالُوا: فَلَمَّا خَرَجَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ مِنْ مَكَّةَ يُرِيدُونَ الْبَصْرَةَ خَرَجَ مَعَهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَتَّابِ بْنِ أُسَيْدٍ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ. فَلَمَّا نَزَلُوا مَرَّ الظَّهْرَانِ.
وَيُقَالُ ذَاتُ عِرْقٍ. قَامَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ عُثْمَانَ عَاشَ فِي الدُّنْيَا حَمِيدًا وَخَرَجَ مِنْهَا فَقِيدًا وَتُوُفِّيَ سَعِيدًا شَهِيدًا فَضَاعَفَ اللَّهُ حَسَنَاتِهِ وَحَطَّ سَيِّئَاتِهِ وَرَفَعَ دَرَجَاتِهِ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ(5/25)
وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً. وَقَدْ زَعَمْتُمْ أَيُّهَا النَّاسُ أَنَّكُمْ إِنَّمَا تَخْرُجُونَ تَطْلُبُونَ بِدَمِ عُثْمَانَ. فَإِنْ كُنْتُمْ ذَلِكَ تُرِيدُونَ فَإِنَّ قَتَلَةَ عُثْمَانَ عَلَى صُدُورِ هَذِهِ الْمَطِيِّ وَأَعْجَازِهَا فَمِيلُوا عَلَيْهِمْ بِأَسْيَافِكُمْ وَإِلا فَانْصَرِفُوا إِلَى مَنَازِلِكُمْ وَلا تَقْتُلُوا فِي رَضَى الْمَخْلُوقِينَ أَنْفُسَكُمْ وَلا يُغْنَى النَّاسُ عَنْكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَيْئًا. فَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ:
لا بَلْ نَضْرِبُ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ فَمَنْ قُتِلَ كَانَ الظَّفْرُ فِيهِ وَيَبْقَى الْبَاقِي فَنَطْلُبُهُ وَهُوَ وَاهِنٌ ضَعِيفٌ. وَقَامَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّ الرَّأْيَ مَا رَأَى سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ. مَنْ كَانَ مِنْ هَوَازِنَ فَأَحَبَّ أَنْ يَتَّبِعَنِي فَلْيَفْعَلْ. فَتَبِعَهُ مِنْهُمْ أُنَاسٌ وَخَرَجَ حَتَّى نَزَلَ الطَّائِفَ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى مَضَى الْجَمَلُ وَصِفِّينُ. وَرَجَعَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ بِمَنِ اتَّبَعَهُ حَتَّى نَزَلَ مَكَّةَ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى مَضَى الْجَمَلُ وَصِفِّينُ. وَمَضَى طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ وَمَعَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَتَّابِ بْنِ أُسَيْدٍ وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ إِلَى الْبَصْرَةِ فَشَهِدُوا وَقْعَةَ الْجَمَلِ. فَلَمَّا وَلِيَ مُعَاوِيَةُ الْخِلافَةَ وَلَّى مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ الْمَدِينَةَ ثُمَّ عَزَلَهُ. وَوَلاهَا سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ ثُمَّ عَزَلَهُ. وَوَلاهَا مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ ثُمَّ عَزَلَهُ عَنْهَا. وَوَلاهَا سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ فَمَاتَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي وِلايَتِهِ تِلْكَ سَنَةَ خَمْسِينَ بِالْمَدِينَةِ فَصَلَّى عَلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ.
617- مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ
بْن أبي العاص بْن أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بن قصي. وأمه أم عثمان وهي آمنة بِنْت عَلْقَمَة بْن صَفْوان بْن أمية بْن محرث بْن خمل بْن شق بْن رقبة بْن مخدج بْن الحارث بْن ثعلبة بْن مالك بْن كنانة وأمها الصعبة بِنْت أَبِي طلحة بْن عَبْد العزى بْن عُثْمَانَ بْن عَبْد الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ. فولد مروان بن الحكم ثلاثة عشر رجلًا ونسوة. عَبْد الملك وبه كَانَ يكنى ومعاوية وأم عَمْرو وأمهم عَائِشَة بِنْت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية. وعبد العزيز بْن مروان وأم عثمان وأمهما ليلى بِنْت زبان بْن الأصبغ بْن عَمْرو بْن ثَعْلَبَة بْن الْحَارِث بْن حصن بْن ضمضم بْن عدي بْن جناب من كلب. وبِشْر بْن مروان وعبد الرَّحْمَن. درج. وأمهما قطية بِنْت بِشْر بْن عامر بْن مالك بْن جَعْفَر بْن كلاب. وأبان بْن مروان وعُبَيْد اللَّه وعبد اللَّه.
درج. وأيوب وعثمان وداود ورملة وأمهم أم أبان بِنْت عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية وأمها رملة بِنْت شَيْبَة بْن ربيعة بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قصي.
__________
617 تهذيب الكمال (1316) ، وتهذيب التهذيب (10/ 91) ، وتقريب التهذيب (2/ 238) ، والتاريخ الكبير (7/ 368) ، والجرح والتعديل (8/ 271) .(5/26)
وعَمْرو بْن مروان وأم عَمْرو وأمهما زَيْنَبُ بِنْتُ أبي سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ بْنِ هِلالِ بْنِ عبد الله بن عمر بن مخزوم. ومُحَمَّد بْن مروان وأمه زينب أم وُلِدَ.
قَالُوا: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومروان بْن الحَكَم ابن ثماني سنين فلم يزل مَعَ أَبِيهِ بالمدينة حَتَّى مات أَبُوهُ الْحَكَمُ بْن أَبِي الْعَاصِ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْن عَفَّان. فلم يزل مروان مَعَ ابن عمّه عثمان بْن عَفَّان وكان كاتبا لَهُ وأمر لَهُ عثمان بأموال وكان يتأول فِي ذَلِكَ صلة قرابته. وكان النَّاس ينقمون عَلَى عثمان تقريبه مروان وطاعته لَهُ ويرون أن كثيرًا ممّا ينسب إلى عثمان لم يأمر بِهِ وأن ذَلِكَ عَنْ رأي مروان دون عثمان. فكان النَّاس قد شنفوا لعثمان لَمّا كَانَ يصنع بمروان ويقربه وكان مروان يحمله عَلَى أصحابه وعلى النَّاس ويبلغه ما يتكلمون فِيهِ ويهددونه بِهِ ويريه أَنَّهُ يتقرب بذلك إِلَيْهِ. وكان عثمان رجلًا كريما حييا سليما فكان يصدقه في بعض ذَلِكَ ويرد عَلَيْهِ بعضا. وينازع مروان أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين يديه فيرده عَنْ ذَلِكَ ويزبره. فلمّا حصر عثمان كَانَ مروان يقاتل دونه أشد القتال. وأرادت عَائِشَة الحجّ وعثمان محصور فأتاها مروان وزيد بْن ثابت وعبد الرَّحْمَن بْن عتاب بْن أسيد بْن أَبِي العيص فقالوا: يا أم المؤمنين لو أقمت فإن أمير المؤمنين عَلَى ما ترين محصور ومقامك ممّا يدفع اللَّه بِهِ عَنْهُ.
فَقالَتْ: قد حلبت ظهري وعريت غرائري ولست أقدر عَلَى المقام. فأعادوا عليها الكلام فأعادت عليهم مثل ما قَالَتْ لهم. فقام مروان وهُوَ يَقُولُ:
وحرق قيس علي البلاد ... حَتَّى إذا استعرت أجذما
فَقالَتْ عَائِشَة: أيها المتمثل علي بالأشعار وددت والله أنك وصاحبك هذا الذي يعنيك أمره فِي رَجُل كلّ واحد منكما رحا وأنكما فِي البحر. وخرجت إلى مَكّة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: كَانَ مروان يقاتل يوم الدار أشد القتال ولقد ضرب يومئذٍ كعبه ما يظن إِلَّا أَنَّهُ قد مات ممّا بِهِ من الجراح.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بن الهيثم عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي حفصة مولى مروان قَالَ: خرج مروان بْن الحكم يومئذٍ يرتجز ويقول: من يبارز؟
فبرز إِلَيْهِ عُرْوَة بْن شييم بْن البياع الليثي فضربه عَلَى قفاه بالسيف فخر لوجهه. فقام إِلَيْهِ عُبَيْد بْن رفاعة بْن رافع الزرقي بسكين معه ليقطع رأسه. فقامت إِلَيْهِ أمه التي(5/27)
أرضعته وهي فاطمة الثقفية وهي جدة إِبْرَاهِيم بْن العربي صاحب اليمامة فَقالَتْ: إن كنت تريد قتله فقد قتلته فما تصنع بلحمه أن تبضعه؟ فاستحيا عُبَيْد بْن رفاعة منها فتركه.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ حَضَرَ ابْنَ الْبَيَّاعِ يَوْمَئِذٍ يُبَارِزُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى قِبَائِهِ قَدْ أَدْخَلَ طَرَفَيْهِ فِي مِنْطَقَتِهِ وَتَحْتَ الْقَبَاءِ الدِّرْعُ فَضَرَبَ مَرْوَانَ عَلَى قَفَاهُ ضَرْبَةً فَقَطَعَ عَلابِيَّ رَقَبَتِهِ وَوَقَعَ لِوَجْهِهِ. فَأَرَادُوا أَنْ يُذَفِّفُوا عَلَيْهِ فَقِيلَ: تُبَضِّعُونَ اللَّحْمَ. فَتُرِكَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ قَالَ: قَالَ لِي أَبِي بَعْدَ الدَّارِ وَهُوَ يَذْكُرُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ:
عِبَادَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ ضَرَبْتُ كَعْبَهُ فَمَا أَحْسَبُهُ إِلا قَدْ مَاتَ وَلَكِنَّ الْمَرْأَةَ أَحْفَظَتْنِي قَالَتْ: مَا تَصْنَعْ بِلَحْمِهِ أَنْ تُبَضِّعَهُ؟ فَأَخَذَنِي الْحِفَاظُ فَتَرَكْتُهُ.
أَخْبَرَنِي مُوسَى بن إسماعيل قال: حدثني جويرية بن أَسْمَاءٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ:
ضُرِبَ مَرْوَانُ يَوْمَ الدَّارِ ضَرْبَةً جَدَّتْ أُذُنَيْهِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَجْهَزَ عَلَيْهِ. قَالَ فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: سُبْحَانَ اللَّهِ تُمَثِّلُ بِجَسِدِ مَيِّتٍ! فَتَرَكَهُ. قَالُوا فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ وَسَارَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ إِلَى الْبَصْرَةِ يَطْلُبُونَ بِدَمِ عُثْمَانَ خَرَجَ مَعَهُمْ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَقَاتَلَ يَوْمَئِذٍ أَيْضًا قِتَالا شَدِيدًا فَلَمَّا رَأَى انْكِشَافَ النَّاسِ نَظَرَ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَاقِفًا فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنْ دَمُ عُثْمَانَ إِلا عِنْدَ هَذَا. هُوَ كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَيْهِ وَمَا أَطْلُبُ أَثَرًا بَعْدَ عَيْنٍ. فَفَوَّقَ لَهُ بِسَهْمٍ فَرَمَاهُ بِهِ فَقَتَلَهُ. وَقَاتَلَ مَرْوَانُ أَيْضًا حَتَّى ارْتُثَّ فَحُمِلَ إِلَى بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ عَنَزَةَ فَدَاوَوْهُ وَقَامُوا عَلَيْهِ. فَمَا زَالَ آلُ مَرْوَانَ يَشْكُرُونَ ذَلِكَ لَهُمْ. وَانْهَزَمَ أَصْحَابُ الْجَمَلِ وَتَوَارَى مَرْوَانُ حَتَّى أُخِذَ لَهُ الأَمَانُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَأَمَّنَهُ. فَقَالَ مَرْوَانُ: مَا تُقِرَّنِي نَفْسِي حَتَّى آتِيَهُ فَأُبَايِعَهُ. فَأَتَاهُ فَبَايَعَهُ. ثُمَّ انْصَرَفَ مَرْوَانُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى وَلِيَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْخِلافَةَ فَوَلَّى مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ الْمَدِينَةَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ ثُمَّ عَزَلَهُ. وَوَلَّى سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ ثُمَّ عَزَلَهُ. وَأَعَادَ مَرْوَانَ ثُمَّ عَزَلَهُ.
وَأَعَادَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ فَعَزَلَهُ. وَوَلَّى الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَلَمْ يَزَلْ عَلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى مَاتَ مُعَاوِيَةُ. وَمَرْوَانُ يَوْمَئِذٍ مَعْزُولٌ عَنِ الْمَدِينَةِ. ثُمَّ وَلَّى يَزِيدُ بَعْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ الْمَدِينَةَ عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. فَلَمَّا وَثَبَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَيَّامَ الْحَرَّةِ أَخْرِجُوا عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَبَنِي أُمَيَّةَ مِنَ الْمَدِينَةِ فَأَجْلَوْهُمْ عَنْهَا إِلَى الشَّامِ وَفِيهِمْ(5/28)
مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَأَخَذُوا عَلَيْهِمُ الأَيْمَانَ أَلا يَرْجِعُوا إِلَيْهِمْ وَإِنْ قَدَرُوا أَنْ يَرُدُّوا هَذَا الْجَيْشَ الَّذِي قَدْ وُجِّهَ إِلَيْهِمْ مَعَ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ الْمُرِّيِّ أَنْ يَفْعَلُوا. فَلَمَّا اسْتَقْبَلُوا مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ سَلَّمُوا عَلَيْهِ وَجَعَلَ يُسَائِلُهُمْ عَنِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِهَا فَجَعَلَ مَرْوَانُ يُخْبِرُهُ وَيُحَرِّضُهُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ لَهُ مُسْلِمٌ: مَا تَرَوْنَ؟ تَمْضُونَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ تَرْجِعُونَ مَعِي؟
فَقَالُوا: بل نمضي إلى أمير المؤمنين. وَقَالَ مَرْوَانُ مِنْ بَيْنَهُمْ: أَمَّا أَنَا فَأَرْجِعُ مَعَكَ.
فَرَجَعَ مَعَهُ مُؤَازِرًا لَهُ مُعِينًا لَهُ عَلَى أَمَرِهِ حَتَّى ظُفِرَ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقُتِلُوا وَانْتُهِبَتِ الْمَدِينَةُ ثَلاثًا. وَكَتَبَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ بِذَلِكَ إِلَى يَزِيدَ. وَكَتَبَ يَشْكُرُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَيُذْكَرُ مَعُونَتَهُ إِيَّاهُ وَمُنَاصَحَتَهُ وَقِيَامَهُ مَعَهُ. وَقَدِمَ مَرْوَانُ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الشَّامَ فَشَكَرَ ذَلِكَ لَهُ يَزِيدُ وَقَرَّبَهُ وَأَدْنَاهُ. فَلَمْ يَزَلْ مَرْوَانُ بِالشَّامِ حَتَّى مَاتَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَقَدْ كَانَ عَقَدَ لابْنِهِ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ بِالْعَهْدِ بَعْدَهُ. فَبَايَعَ لَهُ النَّاسُ وَأَتَتْهُ بَيْعَةُ الآفَاقِ إِلا مَا كَانَ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَهْلِ مَكَّةَ. فَوَلِيَ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ. وَيُقَالُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. وَلَمْ يَزَلْ فِي الْبَيْتِ لَمْ يَخْرُجْ إِلَى النَّاسِ. كَانَ مَرِيضًا فَكَانَ يَأْمُرُ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ الْفِهْرِيَّ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِدِمَشْقَ.
فَلَمَّا ثَقُلَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ قِيلَ لَهُ: لَوْ عَهِدْتَ إِلَى رَجُلٍ عَهْدًا وَاسْتَخْلَفْتَ خَلِيفَةً. فَقَالَ:
وَاللَّهِ مَا نَفَعَتْنِي حَيًّا فَأَتَقَلَّدُهَا مَيِّتًا وَإِنْ كَانَ خَيْرًا فَقَدِ اسْتَكْثَرَ مِنْهُ آلُ أَبِي سُفْيَانَ. لا تَذْهَبُ بَنُو أُمَيَّةَ بِحَلاوَتِهَا وَأَتَقَلَّدُ مَرَارَتَهَا. وَاللَّهِ لا يَسْأَلُنِي اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ أَبَدًا وَلَكِنْ إِذَا مُتُّ فَلْيُصَلِّ عَلَيَّ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ حَتَّى يَخْتَارُ النَّاسُ لأَنْفُسِهِمْ وَيَقُومُ بِالْخِلافَةِ قَائِمٌ. فَلَمَّا مَاتَ صَلَّى عَلَيْهِ الْوَلِيدُ وَقَامَ بِأَمْرِ النَّاسِ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ. فَلَمَّا دُفِنَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ قَامَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ عَلَى قَبْرِهِ فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَنْ دَفَنْتُمْ؟ قَالُوا: مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ. فَقَالَ: هَذَا أَبُو لَيْلَى. فَقَالَ أَزْنَمُ الْفَزَارِيُّ:
إِنِّي أَرَى فِتَنًا تَغْلِي مَرَاجِلُهَا ... فَالْمُلْكُ بَعْدَ أَبِي لَيْلَى لِمَنْ غَلَبَا
وَاخْتَلَفَ النَّاسُ بِالشَّامِ فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ خَالَفَ أُمَرَاءَ الأَجْنَادِ وَدَعَا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ بِحِمْصَ وَزُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ بِقِنَّسْرِينَ. ثُمَّ دَعَا الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ بِدِمَشْقَ النَّاسَ سِرًّا. ثُمَّ دَعَا النَّاسُ إِلَى بَيْعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَلانِيَةً فَأَجَابَهُ النَّاسُ إِلَى ذَلِكَ وَبَايَعُوهُ لَهُ. وَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَكَتَبَ إِلَى الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ بِعَهْدِهِ عَلَى الشَّامِ فَكَتَبَ الضَّحَّاكُ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ مِمَّنْ دَعَا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَأَتَوْهُ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مَرْوَانُ خَرَجَ يُرِيدُ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ لِيُبَايِعَ لَهُ وَيَأْخُذَ مِنْهُ أَمَانًا لِبَنِي أُمَيَّةَ وَخَرَجَ مَعَهُ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ(5/29)
الْعَاصِ. فَلَمَّا كَانُوا بِأَذْرِعَاتٍ وَهِيَ مَدِينَةُ الْبَثَنِيَّةِ لَقِيَهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مُقْبِلا مِنَ العراق فقال لمروان: أين تريده؟ فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ. أَرَضِيتَ لِنَفْسِكَ بِهَذَا. تُبَايِعُ لأَبِي خُبَيْبٍ وَأَنْتَ سَيِّدُ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ! وَاللَّهِ لأَنْتَ أَوْلَى بِهَا مِنْهُ. فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: فَمَا الرَّأْيُ؟ قَالَ: أَنْ تَرْجِعَ وَتَدْعُو إِلَى نَفْسِكَ وَأَنَا أَكْفِيكَ قُرَيْشًا وَمَوَالِيَهَا وَلا يُخَالِفُكَ مِنْهُمْ أَحَدٌ. فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ: صَدَقَ عُبَيْدُ اللَّهِ. إِنَّكَ لَجَذْمُ قُرَيْشٍ وَشَيْخُهَا وَسَيِّدُهَا وَمَا يَنْظُرُ النَّاسُ إِلا إِلَى هَذَا الْغُلامِ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَتَزَوَّجْ أُمَّهُ فَيَكُونَ فِي حِجْرِكَ وَادْعُ إِلَى نفسك فأنا أكفيك اليمانية فإنهم لا يُخَالِفُونَنِي. وَكَانَ مُطَاعًا عِنْدَهُمْ. عَلَى أَنْ تُبَايِعَ لِي مِنْ بَعْدِكَ. قَالَ: نَعَمْ. فَرَجَعَ مَرْوَانُ وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ وَمَنْ مَعَهُمَا. وَقَدِمَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ دِمَشْقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى ثُمَّ خَرَجَ فَنَزَلَ بَابَ الْفَرَادِيسِ فَكَانَ يَرْكَبُ إِلَى الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ كُلَّ يَوْمٍ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَنْزِلِهِ.
فَقَالَ لَهُ يَوْمًا: يَا أَبَا أُنَيْسٍ. الْعَجَبُ لَكَ وَأَنْتَ شَيْخُ قُرَيْشٍ تَدْعُو لابْنِ الزُّبَيْرِ وَتَدَعْ نَفْسَكَ وَأَنْتَ أَرْضَى عِنْدَ النَّاسِ مِنْهُ فَادْعُ إِلَى نَفْسِكَ. فَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: أَخَذْتَ بَيْعَتَنَا وَعُهُودَنَا لِرَجُلٍ ثُمَّ تَدْعُو إِلَى خَلْعِهِ عَنْ غَيْرِ حَدَثٍ أَحْدَثَهُ! فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَادَ إِلَى الدُّعَاءِ لابْنِ الزُّبَيْرِ فَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ وَغَيَّرَ قُلُوبَهُمْ عَلَيْهِ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ وَمَكَرَ بِهِ: مَنْ أَرَادَ مَا تُرِيدُ لَمْ يَنْزِلِ الْمَدَائِنَ وَالْحُصُونَ. يُبَرَّزُ وَيُجْمَعُ إِلَيْهِ الْخَيْلُ. فَاخْرُجْ عَنْ دِمَشْقَ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ الأَجْنَادَ. فَخَرَجَ الضَّحَّاكُ فَنَزَلَ الْمَرْجَ وَبَقِيَ عُبَيْدُ اللَّهِ بِدِمَشْقَ وَمَرْوَانُ وَبَنُو أُمَيَّةَ بِتَدْمُرَ وَخَالِدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنَا يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بِالْجَابِيَةِ عِنْدَ خَالِهِمَا حَسَّانَ بْنِ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ. فَكَتَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى مَرْوَانَ أَنِ ادْعُ النَّاسَ إِلَى بَيْعَتِكَ وَاكْتُبْ إِلَى حَسَّانَ بْنِ مَالِكٍ فَلْيَأْتِكَ فأنه لَنْ يَرُدَّكَ عَنْ بَيْعَتِكَ. ثُمَّ سِرْ إِلَى الضَّحَّاكِ فَقَدْ أَصْحَرَ لَكَ. فَدَعَا مَرْوَانُ بَنِي أُمَيَّةَ وَمَوَالِيَهُمْ فَبَايَعُوهُ. وَتَزَوَّجَ أم خالد بنت أبي هاشم بن عتبة بْنِ رَبِيعَةَ. وَكَتَبَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ يَدْعُوهُ أَنْ يُبَايِعَ لَهُ وَيَقْدَمَ عَلَيْهِ. فَأَبَى. فَأُسْقِطَ فِي يَدَيْ مَرْوَانَ. فَأَرْسَلَ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ أَنِ اخْرُجْ إِلَيْهِ فِيمَنْ مَعَكَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ. فَخَرَجَ إِلَيْهِ مَرْوَانُ وَبَنُو أُمَيَّةَ جَمِيعًا مَعَهُ وَهُوَ بِالْجَابِيَةِ وَالنَّاسُ بِهَا مُخْتَلِفُونَ فَدَعَاهُ إِلَى الْبَيْعَةِ فَقَالَ حَسَّانُ: وَاللَّهِ لَئِنْ بَايَعْتُمْ مَرْوَانَ لَيَحْسِدَنَّكُمْ عَلاقَةُ سَوْطٍ وَشِرَاكُ نَعْلٍ وَظِلُّ شَجَرَةٍ. إِنَّ مَرْوَانَ وَآلَ مَرْوَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ قَيْسٍ. يُرِيدُ أَنَّ مَرْوَانَ أَبُو عَشَرَةٍ وَأَخُو عَشَرَةٍ. فَإِنْ بَايَعْتُمْ لَهُ كُنْتُمْ عَبِيدًا لَهُمْ.
فَأَطِيعُونِي وَبَايِعُوا خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ. فَقَالَ رَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ: بَايَعُوا الْكَبِيرَ وَاسْتَشِبُّوا الصَّغِيرَ.(5/30)
فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ مَالِكٍ لِخَالِدٍ: يَا ابْنَ أُخْتِي هَوَايَ فِيكَ وَقَدْ أَبَاكَ النَّاسُ لِلْحَدَاثَةِ.
وَمَرْوَانُ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْكَ وَمِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. قَالَ: بَلْ عَجَزْتَ. قَالَ: كَلا. فَبَايَعَ حَسَّانُ وَأَهْلُ الأَرْدُنِّ لِمَرْوَانَ عَلَى أَنْ لا يُبَايِعَ مَرْوَانُ لأَحَدٍ إِلا لِخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ. وَلِخَالدٍ إِمْرَةُ حِمْصَ وَلِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ إِمْرَةُ دِمَشْقَ. فَكَانَتْ بَيْعَةُ مَرْوَانَ بِالْجَابِيَةِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ لِلنِّصْفِ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. وَبَايَعَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ لِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ أَهْلَ دِمَشْقَ وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى مَرْوَانَ فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُتَمَّمَ لِي خِلافَةً لا يَمْنَعَنِيهَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ. فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ مَالِكٍ: صَدَقْتَ. وَسَارَ مَرْوَانُ مِنَ الْجَابِيَةِ فِي سِتَّةِ آلافٍ حَتَّى نَزَلَ مَرْجَ رَاهِطٍ ثُمَّ لَحِقَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الأَجْنَادِ سَبْعَةُ آلافٍ فَكَانَ فِي ثَلاثَةَ عَشَرَ أَلْفًا أَكْثَرُهُمْ رَجَّالَةٌ. وَلَمْ يَكُنْ فِي عَسْكَرِ مَرْوَانَ غَيْرُ ثَمَانِينَ عَتِيقًا. أَرْبَعُونَ مِنْهُمْ لَعَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ وَأَرْبَعُونَ لِسَائِرِ النَّاسِ. وَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ مَرْوَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ. وَكَتَبَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ فَتَوَافَدُوا عِنْدَهُ بِالْمَرْجِ فَكَانَ فِي ثَلاثِينَ أَلْفًا. وَأَقَامُوا عِشْرِينَ يَوْمًا يَلْتَقُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى قُتِلَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ وَقُتِلَ مَعَهُ مِنْ قَيْسٍ بَشَرٌ كَثِيرٌ. فَلَمَّا قُتِلَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ وَانْهَزَمَ النَّاسُ رَجَعَ مَرْوَانُ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى دِمَشْقَ وَبَعَثَ عُمَّالَهُ عَلَى الأَجْنَادِ وَبَايَعَ لَهُ أَهْلُ الشَّامِ جَمِيعًا. وَكَانَ مَرْوَانُ قَدْ أَطْمَعَ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فِي بَعْضِ الأَمْرِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَعَقَدَ لابْنَيْهِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ ابْنَيْ مَرْوَانَ بِالْخِلافَةِ بَعْدَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَضَعَ مِنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ وَيُقَصِّرَ بِهِ وَيُزَهِّدَ النَّاسَ فِيهِ. وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ أَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ. فَدَخَلَ عَلَيْهِ يَوْمًا فَذَهَبَ لِيَجْلِسَ مَجْلِسَهُ الَّذِي كَانَ يُجْلِسُهُ فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ وَزُبْرَةُ: تَنَحَّ يَا ابْنَ رَطْبَةَ الاسْتَ وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ لَكَ عَقْلا. فَانْصَرَفَ خَالِدٌ وَقْتَئِذٍ مُغْضَبًا حَتَّى دَخَلَ عَلَى أُمِّهِ فَقَالَ: فَضَحْتَنِي وَقَصَّرْتِ بِي وَنَكَسْتِ بِرَأْسِي وَوَضَعْتِ أَمْرِي. قَالَتْ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: تَزَوَّجْتِ هَذَا الرَّجُلَ فَصَنَعَ بِي كَذَا وَكَذَا. ثُمَّ أَخْبَرَهَا بِمَا قَالَ فَقَالَتْ لَهُ: لا يَسْمَعُ هَذَا مِنْكَ أَحَدٌ وَلا يَعْلَمُ مَرْوَانُ أَنَّكَ أَعْلَمْتَنِي بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَادْخُلْ عَلَيَّ كَمَا كُنْتَ تَدْخُلُ وَاطْوِ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى تَرَى عَاقِبَتَهُ فَإِنِّي سَأَكْفِيكَهُ وَأَنْتَصِرُ لَكَ مِنْهُ. فَسَكَتَ خَالِدٌ وَخَرَجَ إِلَى مَنْزِلِهِ. وَأَقْبَلَ مَرْوَانُ فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ خالد بنت أبي هاشم بن عتبة بن رَبِيعَةَ وَهِيَ امْرَأَتُهُ فَقَالَ لَهَا: مَا قَالَ لَكَ خَالِدٌ مَا قُلْتُ لَهُ الْيَوْمَ وَمَا حَدَّثَكَ بِهِ عَنِّي؟ فَقَالَتْ: مَا حَدَّثَنِي بِشَيْءٍ وَلا قَالَ لِي. فَقَالَ: أَلَمْ يَشْكُنِي إِلَيْكِ وَيَذْكُرْ تَقْصِيرِي بِهِ وَمَا كَلَّمْتُهُ بِهِ؟ فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْتَ أَجَلُّ فِي عَيْنِ(5/31)
خَالِدٍ وَهُوَ أَشَدُّ لَكَ تَعْظِيمًا مِنْ أَنْ يَحْكِيَ عَنْكَ شَيْئًا أَوْ يَجِدَ مِنْ شَيْءٍ تَقُولُهُ وَإِنَّمَا أَنْتَ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ لَهُ. فَانْكَسَرَ مَرْوَانُ وَظَنَّ أَنَّ الأَمْرَ عَلَى مَا حَكَتْ لَهُ وَأَنَّهَا قَدْ صَدَقَتْ.
وَمَكَثَ حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَانَتِ الْقَائِلَةُ فَنَامَ عِنْدَهَا فَوَثَبَتْ هِيَ وَجَوَارِيهَا فَغَلَّقْنَ الأَبْوَابَ عَلَى مَرْوَانَ ثُمَّ عَمَدَتْ إِلَى وِسَادَةٍ فَوَضَعَتْهَا عَلَى وَجْهِهِ فَلَمْ تَزَلْ هِيَ وَجَوَارِيهَا يُغَمِّمْنَهُ حَتَّى مَاتَ. ثُمَّ قَامَتْ فَشَقَّتْ عَلَيْهِ جَيْبَهَا وَأَمَرَتْ جَوَارِيَهَا وَخَدَمَهَا فَشَقَقْنَ وَصِحْنَ عَلَيْهِ وَقُلْنَ: مَاتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَجْأَةً. وَذَلِكَ فِي هِلالِ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ. وَكَانَ مَرْوَانُ يَوْمَئِذِ ابْنَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. وَكَانَتْ وِلايَتُهُ عَلَى الشَّامِ وَمِصْرَ لَمْ يَعْدُ ذَلِكَ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ. وَيُقَالُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ. وَقَدْ [قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لَهُ يَوْمًا وَنَظَرَ إِلَيْهِ: لَيَحْمِلَنَّ رَايَةَ ضلالة بعد ما يَشِيبُ صُدْغَاهُ وَلَهُ إِمْرَةٌ كَلَحْسَةِ الْكَلْبِ أَنْفَهُ] .
وبايع أهل الشام لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَكَانَتِ الشَّامُ وَمِصْرُ فِي يَدِ عَبْدِ الْمَلِكِ كَمَا كَانَتَا فِي يَدِ أَبِيهِ. وَكَانَ الْعِرَاقُ وَالْحِجَازُ فِي يَدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَكَانَتِ الْفِتْنَةُ بَيْنَهُمَا سَبْعَ سِنِينَ. ثُمَّ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً. وَاسْتَقَامَ الأَمْرُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بَعْدَهُ.
وَكَانَ مَرْوَانُ قَدْ رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: مَنْ وَهَبَ وَهْبَةً لِصِلَةِ رَحِمٍ فَإِنَّهُ لا يَرْجِعُ فِيهَا.
وَرَوَى أَيْضًا عَنْ عُثْمَانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَبُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ. وَرَوَى مَرْوَانُ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ. وَكَانَ مَرْوَانُ فِي وِلايَتِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ يَجْمَعُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ يَسْتَشِيرُهُمْ وَيَعْمَلُ بِمَا يُجْمِعُونَ لَهُ عَلَيْهِ. وَجَمَعَ الصِّيعَانَ فَعَايَرَ بَيْنَهَا حَتَّى أَخَذَ أَعْدَلَهَا فَأَمَرَ أَنْ يُكَالَ بِهِ. فَقِيلَ صَاعُ مَرْوَانَ. وَلَيْسَتْ بِصَاعِ مَرْوَانَ إِنَّمَا هِيَ صَاعُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ مَرْوَانَ عَايَرَ بَيْنَهَا حَتَّى قَامَ الْكَيْلُ عَلَى أعدلها.
618- عبد الله بن عامر
بن كريز بن ربيعة بن حبيب بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قصي. ويكنى أَبَا عبد الرَّحْمَن وأمه دجاجة بِنْت أسماء بْن الصَّلْت بْن حبيب بْن حارثة بْن هلال بْن حزام بْن سمال بْن عَوْف بْن امرئ القيس بْن بهثة بْن سُلَيْم بْن منصور. فولد عَبْد اللَّه بْن عامر اثني عشر رجلًا وست نسوة: عَبْد الرَّحْمَن لأم وُلِدَ درج. قتل يوم الجمل. وعبد اللَّه مات قبل أَبِيهِ وعبد الملك وزينب وأمهم كيسة بِنْت الحارث بْن كريز بْن ربيعة بْن حبيب بْن عَبْد شمس وأمها بِنْت أرطأة بن(5/32)
عَبْد شُرَحْبيل بْن هاشم بْن عَبْد مناف بْن عبد الدار بن قصي وأمها أروى بِنْت عَبْد المُطَّلِب بْن هاشم بْن عَبْد مناف بْن قصي. وعبد الحكيم وعبد الحميد وأمهما أم حبيب بِنْت سُفْيَان بْن عويف بن عبد الله بن عامر بن هلال بن عامر بن عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كنانة. وعبد المجيد لأم ولد. وعبد الرحمن الأصغر وهو أبو السنابل. وعبد السلام درج. وأمهما أم ولد. وعبد الرَّحْمَن وهُوَ أَبُو النَّضْر لأم ولد.
وعبد الكريم وعبد الجبّار وأمة الحميد وأمهم هند بِنْت سُهَيْل بْن عَمْرو بْن عَبْد شَمْسِ بن عبد ود بن نصر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي وأمها الحنفاء بِنْت أَبِي جهل بْن هشام بْن المغيرة وأمها أروى بِنْت أسيد بْن أَبِي العيص بْن أمية. وأم كلثوم بِنْت عَبْد اللَّه وأمها أمة اللَّه بِنْت الوارث بْن الحارث بْن ربيعة بْن خويلد بْن نفيل بْن عَمْرو بْن كلاب. وأمة الغفار بِنْت عَبْد اللَّه وأمها أم أبان بِنْت مكلبة بْن جَابِر بْن السمين بْن عَمْرو بْن سِنَان بْن عَمْرو بْن ثَعْلَبَة بْن يربوع بْن ثَعْلَبَة بْن الدول بن حنيفة من ربيعة. وعبد الأعلى بْن عَبْد اللَّه وأمة الواحد لأم ولد. وأم عَبْد الملك وأمها من بني عُقَيْل.
قَالُوا: وُلِدَ عَبْد اللَّه بْن عامر بمكة بعد الهجرة بأربع سنين. فلمّا كَانَ عام عمرة القضاء سَنَة سبْعٍ وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكّة معتمرا حمل إِلَيْهِ ابن عامر. وهُوَ ابن ثلاث سنين. فحنكه فتلمظ وتثاءب. [فتفل رسول الله في فيه وقال: هذا ابن السلمية؟ قَالُوا: نعم. قَالَ: هذا ابننا وهُوَ أشبهكم بنا وهُوَ مسقى] . فلم يزل عَبْد اللَّه شريفا. وكان سخيا كريما كثير المال والولد ولد لَهُ عَبْد الرَّحْمَن وهُوَ ابن ثلاث عشرة سَنَة. قَالُوا: لَمّا ولي عثمان بْن عَفَّان الخلافة أقر أَبَا مُوسَى الأشعري عَلَى البصرة أربع سنين كما أوصى بِهِ عُمَر فِي الأشعري أن يقر أربع سنين. ثُمَّ عزله عثمان وولي البصرة ابن خالة عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بْن عَبْد شمس وهُوَ ابن خمس وعشرين سنة. وكتب إلى أبي موسى: إني أعزلك عَنْ عجز ولا خيانة. وإني لأحفظ قيد استعمال رسول الله وأبي بَكْر وعُمَر إياك. وإني لأعرف فضلك. وإنك من المهاجرين الأولين. ولكني أردت أن أصل قرابة عَبْد اللَّه بْن عامر وقد أمرته أن يعطيك ثلاثين ألف درهم. فقال أَبُو مُوسَى: والله لقد عزلني عثمان عَنِ البصرة وما عندي دينار ولا درهم حَتَّى قدمت علي أعطية عيالي من المدينة. وما كنت لأفارق البصرة وعندي(5/33)
من مالهم دينار ولا درهم. ولم يأخذ من ابن عامر شيئًا. فأتاه ابن عامر فقال: يا أَبَا مُوسَى ما أحد من بني أخيك أعرف بفضلك مني. أنت أمير البلد إن أقمت والموصول إن رحلت. قَالَ: جزاك اللَّه يا ابن أخي خيرًا. ثُمَّ ارتحل إلى الكوفة. وكان ابن عامر رجلًا سخيا شجاعا وصولا لقومه ولقرابته محببا فيهم رحيما. ربّما غزا فيقع الحمل فِي العسكر فينزل فيصلحه. فوجه ابن عامر عَبْد الرَّحْمَن بْن سمرة بْن حبيب بْن عَبْد شمس إلى سجستان فافتتحها صلحا عَلَى أن لا يقتل بها ابن عرس ولا قنفذ وذلك لمكان الأفعى بها إنهما يأكلانها. ثُمَّ مضى إلى أرض الدوار فافتتحها. ثُمَّ كَانَ ابن عامر يغزو أرض البارز وقلاع فارس. وقد كَانَ أهل البيضاء من إصطخر غلبوا عليها.
فسار إليها ابن عامر فافتتحها ثانية وافتتح جور والكاريان والفنسجان وهما من دارابجرد. ثُمَّ تاقت نفسه إلى خُراسان فقيل لَهُ بها يزدجرد بْن شهريار بن كسرى ومعه أساورة فارس. وقد كانوا تحملوا بخزائن إلى كسرى حيث هزم أهل نهاوند. فكتب فِي ذَلِكَ إلى عثمان فكتب إِلَيْهِ عثمان أن سر إليها إن أردت. قَالَ فتجهز وقطع البعوث ثُمَّ سار واستخلف أَبَا الأسود الدؤلي عَلَى البصرة عَلَى صلاتها واستخلف عَلَى الخراج راشدا الجديدي من الأزد. ثُمَّ سار عَلَى طريق اصطخر. ثُمَّ أخذ فيما بين خُراسان وكرمان حَتَّى خرج عَلَى الطبسين ففتحهما وعلى مقدمته قيس بْن الهيثم بْن أسماء بْن الصَّلْت السُّلَميّ ومعه فتيان من فتيان العرب. ثُمَّ توجَّه نحو مرو فوجه إليها حاتم بْن النُّعْمان الباهلي ونافع بْن خَالِد الطاحي فافتتحاها كلّ واحد منهما عَلَى نصف المدينة. وافتتحا رستاقها عنوة وفتحا المدينة صلحا. وقد كان يزدجرد قتل قبل ذَلِكَ.
خرج يتصيد فمر بنقار رحا فضربه. قَالَ فلم يزل يضربه النقار بفأس فنثر دماغه. ثُمَّ سار ابن عامر نحو مرو الروذ فوجه إليها عَبْد اللَّه بْن سوار بْن همّام العَبْديّ فافتتحها.
ووجه يزيد الجرشي إلى زام وباخرز وجوين فافتتحها جميعًا عنوة. ووجه عَبْد اللَّه بْن خازم إلى سرخس فصالحه مرزبانهم. وفتح ابن عامر أبرشهر عنوة وطوس وطخارستان ونيسابور وبوشنج وباذغيس وأبيورد وبلخ والطالقان والفارياب. ثُمَّ بعث صبرة بْن شيمان الأزدي إلى هراة فافتتح رساتيقها ولم يقدر عَلَى المدينة. ثُمَّ بعث عِمران بن الفضيل البرجمي إلى آمل فافتتحها. قَالَ ثُمَّ خلف ابن عامر الأحنف بن قيس عَلَى خُراسان فنزل مرو فِي أربعة آلاف. ثم أحرم ابن عامر بالحج من خُراسان فكتب إِلَيْهِ عثمان يتوعده ويضعفه ويقول: تعرضت للبلاء. حَتَّى قَدِمَ عَلَى عثمان فقال لَهُ: صل(5/34)
قومك من قريش. ففعل وأرسل إلى عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب بثلاثة آلاف درهم وكسوة.
فلمّا جاءته قَالَ: الحمد لله إنا نرى تراث مُحَمَّد يأكله غيرنا. فبلغ ذَلِكَ عثمان فقال لابن عامر: قبح اللَّه رأيك! أترسل إلى عَلِيّ بثلاثة آلاف درهم؟ قَالَ: كرهت أن أغرق ولم أدر ما رأيك. قَالَ: فأغرق. قَالَ فبعث إِلَيْهِ بعشرين ألف درهم وما يتبعها. قَالَ فراح عَلِيّ إلى المسجد فانتهى إلى حلقته. وهم يتذاكرون صلات ابن عامر هذا الحي من قريش. فقال عَلِيّ: هُوَ سيد فتيان قريش غير مدافع. قَالَ وتكلمت الأنصار فقالوا:
أبت الطلقاء إِلَّا عداوة. فبلغ ذَلِكَ عثمان فدعا ابن عامر فقال: أبا عبد الرحمن ق عرضك ودار الأنصار فألسنتهم ما قد علمت. قَالَ فأفشى فيهم الصلات والكسى فأثنوا عَلَيْهِ. فقال لَهُ عثمان: انصرف إلى عملك. قَالَ فانصرف والنّاس يقولون قَالَ ابن عامر وفعل ابن عامر. فقال ابن عامر: إذا طابت الكسبة زكت النفقة. فلم تحتمله البصرة فكتب إلى عثمان يستأذنه فِي الغزو فأذن لَهُ. فكتب إلى ابن سمرة أن تقدم. فتقدم فافتتح بست وما يليها. ثُمَّ مضى إلى كابل وزابلستان فافتتحهما جميعًا وبعث بالغنائم إلى ابن عامر. قَالُوا ولم يزل ابن عامر ينتقص شيئا شيئًا من خُراسان حَتَّى افتتح هراة وبوشنج وسرخس وأبرشهر والطالقان والفارياب وبلخ. فهذه خراسان الّتي كانت فِي زمن ابن عامر وعثمان. ولم يزل ابن عامر عَلَى البصرة. وهُوَ سير عامر بن عبد قيس العنبري من البصرة إلى الشّام بأمر عثمان بْن عَفَّان. وهُوَ اتخذ السوق للناس بالبصرة.
اشترى دورا فهدمها وجعلها سوقا. وهُوَ أوّل من لبس الخز بالبصرة. لبس جبة دكناء فقال الناس: لبس الأمير جلد دب. ثُمَّ لبس جبة حمراء فقالوا: لبس الأمير قميصا أحمر. وهُوَ أوّل من اتخذ الحياض بعرفة وأجرى إليها العين وسقى الناس الماء فذلك جار إلى اليوم. فلمّا استعتب عثمان من عماله كَانَ فيما شرطوا عَلَيْهِ أن يقر ابن عامر بالبصرة لتحببه إليهم وصلته هذا الحي من قريش. فلمّا نشب النَّاس فِي أمر عثمان دعا ابن عامر مُجَاشع بْن مَسْعُود فعقد لَهُ جيشًا إلى عثمان. فساروا حَتَّى إذا كانوا بأداني بلاد الحجاز خرجت خارجة من أصحابه فلقوا رجلًا فقالوا: ما الخبر؟ قَالَ:
قتل عدو اللَّه نعثل وهذه خصلة من شعره. فحمل عَلَيْهِ زفر بْن الحارث. وهُوَ يومئذٍ غلام مَعَ مُجَاشع بْن مَسْعُود. فقتله. فكان أوّل مقتول قتل فِي دم عثمان. ثُمَّ رجع مجاشع إلى البصرة. فلمّا رَأَى ذَلِكَ ابن عامر حمل ما فِي بيت المال واستخلف عَلَى البصرة عَبْد اللَّه بْن عامر الحَضْرَميّ ثُمَّ شخص إلى مَكّة فوافى بها طلحة والزُّبَيْر وعائشة(5/35)
وهم يريدون الشّام فقال: لا بل ائتوا البصرة فإن لي بها صنائع وهي أرض الأموال وبها عدد الرجال. والله لو شئت ما خرجت منها حَتَّى أضرب بعض النَّاس ببعض. فقال له طلحة: هلا فعلت. أشفقت عَلَى مناكب تميم. ثُمَّ أجمع رأيهم عَلَى المسير إلى البصرة. ثُمَّ أقبل بهم فلمّا كَانَ من أمر الجمل ما كَانَ وهزم النَّاس جاء عَبْد اللَّه بْن عامر إلى الزُّبَيْر فأخذ بيده فقال: أَبَا عَبْد اللَّه أنشدك اللَّه فِي أمة مُحَمَّد. فلا أمة مُحَمَّد بعد اليوم أبدا. فقال الزُّبَيْر: خل بين الغارين يضطربان فإن مَعَ الخوف الشديد المطامع.
فلحق ابن عامر بالشّام حَتَّى نزل دمشق. وقد قتل ابنه عَبْد الرَّحْمَن يوم الجمل وبه كَانَ يكنى. فقال حارثة بْن بدر أَبُو العنبس الغداني فِي خروج ابن عامر إلى دمشق:
أتاني من الأنباء أن ابن عامر ... أناخ وألقى فِي دمشق المراسيا
يطيف بحمامي دمشق وقصره ... بعيشك إن لم يأتك القوم راضيا
رأى يوم إنقاء الفراض وقيعة ... وكان إليها قبل ذَلِكَ داعيا
كأن الشريجيات فوق رؤوسهم ... بوارق غيث راح أو طف دانيا
فند نديدا لم ير النَّاس مثله ... وكان عراقيا فأصبح شاميا
ولَمّا خرج ابن عامر عَنِ البصرة بعث علي إليهما عثمان بْن حنيف الْأَنْصَارِيّ فلم يزل بها حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ طلحة والزُّبَيْر وعائشة. ولم يزل عَبْد اللَّه بْن عامر مَعَ معاوية بالشّام ولم يسمع لَهُ بذكر فِي صفين ولكن معاوية لَمّا بايعه الْحَسَن بْن عَلِيّ ولى بسر بْن أَبِي أرطاة البصرة ثُمَّ عزله فقال لَهُ ابن عامر: إن لي بها ودائع عند قوم فإن لم تولني البصرة ذهبت. فولاه البصرة ثلاث سنين. ومات ابن عامر قبل معاوية بسنة فقال معاوية: يرحم اللَّه أَبَا عَبْد الرَّحْمَن. بمن نفاخر وبمن نباهي!
619- عَبْيد اللَّه بن عدي الأكبر
ابن الْخِيَارِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ بْن قصي.
وأمه أم قتال بنت أسيد بن أبي العيص بن أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بن قصي.
فولد عُبَيْد اللَّه بْن عَديّ المختار وأمه أم ولد. وحميدة بِنْت عُبَيْد اللَّه وأمها ميمونة بِنْت سُفْيَان بْن فهم. وابنة لعبيد اللَّه أخرى أمها من فهم. وقد روى عُبَيْد اللَّه بْن عَديّ عَنْ عُمَر وعثمان. ولَهُ دار بالمدينة عند دار عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب. ومات عُبَيْد اللَّه بْن عَديّ بالمدينة في خلافة الوليد بن عبد الملك. وكان ثقة قليل الحديث.
__________
619 الجرح والتعديل (5/ 329) .(5/36)
620- عبد الرحمن بن زَيْدُ
بْنُ الْخَطَّابِ بْنِ نُفَيْلَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَّاحِ بْنِ عَديّ بْن كعب. وأمه لبابة بِنْت أَبِي لبابة بْن عَبْد المنذر بْن رفاعة بْن زنبر بْن زَيْد بْن أمية بْن زَيْد بْن مالك بن عوف بن عمرو بن عَوْف من الأنصار. فولد عَبْد الرَّحْمَن بْن زيد عُمَر وأمه أم عمّار بِنْت سُفْيَان بن عبد الله بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حُطَيْطِ بْنِ جُشَمِ بْن قسي. وعبد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن ورجلا آخر وأمهما فاطمة بِنْت عُمَر بْن الْخَطَّاب وأمها أُمُّ حَكِيمٍ بِنْت الْحَارِث بْن هِشَامٍ بْن المغيرة. وعبد العزيز وعبد الحميد ولي الكوفة لعمر بن عبد العزيز. وأم جميل وأم عَبْد اللَّه وأمهم ميمونة بِنْت بِشْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ ثَوْرِ بْنِ عُبَادَةَ بن البكاء من بني عامر بن صعصعة. وأسيدا وأبا بَكْر ومحمدا وإبراهيم وأمهم سودة بنت عبد الله بن عمر بن الخطاب. وعبد الملك وأم عَمْرو وأم حُمَيْد وحفصة وأم زيد وهم لأمهات أولاد شتى. قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعبد الرَّحْمَن بْن زيد بْن الْخَطَّاب ابن ستٍّ سنين. وسَمِعَ من عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ أَوْ نَافِعٍ. شَكَّ عُبَيْدُ اللَّهِ. قَالَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ: كُنْتُ أَنَا وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْبَحْرِ وَنَحْنُ حُرُمٌ يُغَيِّبُ رَأْسِي وَأُغَيِّبُ رَأْسَهُ وَعُمَرُ يَنْظُرُ بِالسَّاحِلِ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ هِلالِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ نَظَرَ إِلَى أَبِي عَبْدِ الْحَمِيدِ. وَاسْمُهُ مُحَمَّدٌ. وَرَجُلٌ يَقُولُ لَهُ: فَعَلَ اللَّهُ بِكَ يَا مُحَمَّدُ وَفَعَلَ وَفَعَلَ. سَمِعَهُ يَسُبُّهُ. فَقَالَ: ادْنُ يَا ابْنَ زَيْدٍ. أَلا أَرَى رَسُولَ اللَّهِ. أَوْ قَالَ: مُحَمَّدًا. يُسَبُّ بِكَ. وَاللَّهِ لا تُدْعَى مُحَمَّدًا مَا دُمْتُ حَيًّا. فَسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عمر أَنَّهُ حَنَّطَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ وَكَفَّنَهُ وَحَمَلَهُ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
__________
620 تهذيب الكمال (789) ، وتهذيب التهذيب (6/ 179) ، وتقريب التهذيب (1/ 480) ، والتاريخ الكبير (5/ 284) ، والجرح والتعديل (5/ 233) ، والمعرفة والتاريخ (2/ 809) .(5/37)
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: هَلَكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ أَيَّامَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زيد بن الخطاب قال: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ وَالِيًا لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَلَى مَكَّةَ فَوَفَدَ إِلَيْهِ. قَالَ فَمَكَثَ سَبْعًا ثُمَّ خَرَجَ عَلَى فَرَسٍ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ مُشَمِّرًا. عَلَى يَدِهِ بَازِيٌّ.
فَقُلْتُ: مَا عِنْدَ هَذَا خَيْرٌ. فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَكَلَّمْتُهُ فَأَنْكَرْتُ عَقْلَهُ. ثُمَّ رَدَّهُ إِلَى مَكَّةَ فَكَانَ آثَرَ النَّاسِ عِنْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ يَزِيدَ فَعَزَلَهُ عَنْ مَكَّةَ وَوَلاهَا الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ.
621- عَبْدُ الرحمن بن سعيد
بن زيد بن عمرو بن نُفَيْلَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَّاحِ بْنِ عَديّ بْن كعب. وأمه أمامة بِنْت الدجيج من غسّان. فولد عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد زيدا وسعيدا لا بقيّة لَهُ. وفاطمة وأمهم أم وُلِدَ. وعَمْرو بْن عَبْد الرَّحْمَن وأمه من بني خطمة. ويقال بل أمه أم ثابت. ويقال أم أناس بِنْت ثابت بْن قيس بْن شماس.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُثْمَانَ مِنْ آلِ يَرْبُوعٍ قَالَ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو الْعَدَوِيُّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَكَانَ اسْمُهُ مُوسَى فَسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَثَبَتَ اسْمُهُ إِلَى الْيَوْمِ. وَذَلِكَ حِينَ أَرَادَ عُمَرُ أَنْ يُغَيِّرَ اسْمَ مَنْ تَسَمَّى بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا ربيعة بْنُ عُثْمَانَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: دُعِيَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَهُوَ يَسْتَجْمِرُ لِلْجُمُعَةِ فَذَهَبَ إِلَيْهِ وَذَهَبْنَا مَعَهُ. فَأَمَرَنِي فَغَسَلْتُهُ. وَابْنُ عُمَرَ يَصُبُّ الْمَاءَ. وَغَسَلَ رَجُلٌ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَوَجْهَهُ وَجَعَلَ الْمَاءَ فِي مَنْخِرَيْهِ وَفِي فِيهِ. ثُمَّ غَسَلَ عُنُقَهُ وَصَدْرَهُ وَفَرْجَهُ. وَقَدْ جَعَلَ عَلَى فَرْجِهِ خِرْقَةً أَوَّلَ ذَلِكَ حِينَ جَرَّدَهُ. فَغَسَلَهُ حَتَّى بَلَغَ قَدَمَيْهِ ثُمَّ قَلَبَهُ. فَغَسَّلْنَا خَلْفَهُ كَمَا غَسَّلْنَا مُقَدَّمَهُ. ثُمَّ أَقْعَدَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَأَمْسَكَ رَجُلٌ بِمَنْكِبَيْهِ فَعَصَرَ بَطْنَهُ وَرَجُلٌ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ. ثُمَّ نَفَضَ رَأْسَهُ. هَذِهِ غَسْلَةٌ بِالْمَاءِ. ثُمَّ غَسَّلَهُ الثَّانِيَةَ بِالسِّدْرِ وَالْمَاءِ. ثُمَّ غَسَّلَهُ الثَّالِثَةَ بِالْمَاءِ وَالْكَافُورِ يُصِبْهُ عَلَيْهِ. فَهَذِهِ ثَلاثُ غَسَلاتٍ. ثُمَّ جَفَّفَهُ فِي شَيْءٍ. ثُمَّ حَشَوْهُ قُطْنًا فِي مَنْخِرَيْهِ وَفِيهِ وَأُذُنَيْهِ وَدُبُرِهِ. ثُمَّ أُتِيَ بِهِ إِلَى أَكْفَانِهِ وَهِيَ خَمْسَةٌ. فَأُلْبِسَ الْقَمِيصَ(5/38)
غَيْرَ مُزَرَّرٍ ثُمَّ حُنِّطَ فِي مُقَدَّمَهِ وَعِنْدَ رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ حَتَّى بَلَغَ رِجْلَيْهِ فَمَا فَضَّلَهُ جَعَلَهُ عَلَى رِجْلَيْهِ. ثُمَّ لَفَّ رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ بِعِمَامَةٍ. ثُمَّ أُدْرِجَ بِالأَثْوَابِ الثَّلاثَةِ فَأَدْخَلَهَا هَكَذَا وَهَكَذَا وَلَمْ تُعْقَدْ. ثُمَّ قَالَ نَافِعٌ هَكَذَا غُسِّلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَوَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.
622- مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةُ
بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْن مرّة. وأمه حمنة بِنْت جحش بْن رئاب وأمها أميمة بِنْت عَبْد المطلب بْن هاشم بن عبد مناف بْن قصي. فولد مُحَمَّد بْن طلحة إِبْرَاهِيم الأعرج. وكان شريفا صارما ولّاه عَبْد اللَّه بن الزبير خراج العراق. وسُلَيْمان بْن مُحَمَّد وبه كَانَ يكنى وداود وأم القاسم وأمهم خولة بِنْت منظور بن زبان بن سيار بن عمرو بن جابر بن عقيل بن هلال بن سمي بْن مازن بْن فزارة. وأخوهم لأمهم حَسَن بن حسن بن علي بن أبي طالب أمه أيضًا خولة بِنْت منظور بْن زبان.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ:
لَمَّا وَلَدَتْ حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ مُحَمَّدَ بْنَ طَلْحَةَ جَاءَتْ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَتْ: سَمِّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. [فَقَالَ: اسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَكُنْيَتُهُ أَبُو سُلَيْمَانَ. لا أَجْمَعُ لَهُ بَيْنَ اسْمِي وَكُنْيَتِي] .
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بن عثمان قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ عَنْ أَحَدِ ابْنَيْ طَلْحَةَ مُوسَى أَوْ عِيسَى. شَكَّ يَزِيدُ. قَالَ:
حَدَّثَتْنِي ظِئْرُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ قَالَتْ: لَمَّا وُلِدَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ أَتَيْنَا بِهِ النَّبِيَّ. عَلَيْهِ السَّلامُ. فَقَالَ: مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟ قُلْنَا: مُحَمَّدًا. قَالَ: هَذَا سميتي وَكُنْيَتُهُ أَبُو الْقَاسِمِ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بن عثمان قال: حدثنا أبو بَكْرِ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ طَلْحَةَ وَمُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ كَانَا يُكَنَّيَانِ بِأَبِي الْقَاسِمِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد بن عمران بن إبراهيم بن محمد بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ وَمِنْ بَيْنِ أَهْلِ بَيْتِهِ يَقُولُ كَانَتْ كُنْيَةُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ أَبَا الْقَاسِمِ وَكَنَّى ابْنَهُ بِهَا وَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا. وَكَانَ أَبُوهُ مُحَمَّدُ بن عمران بن إبراهيم يأخذ
__________
622 الجرح والتعديل (7/ 291) .(5/39)
بِالْكُنْيَةِ الأُولَى فَكَانَتْ كُنْيَتُهُ أَبُو سُلَيْمَانَ كُنْيَةَ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ الَّتِي رُوِيَتْ لَنَا أَوَّلا. وَكَانَ أَهْلُ بَيْتِهِ يَعْرِفُونَ ذَلِكَ وَيَرْوُونَهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ الْبَصْرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ هِلالِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: نَظَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي عَبْدِ الْحَمِيدِ. وَكَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا. وَرَجُلٌ يَقُولُ لَهُ فَعَلَ اللَّهُ بِكَ وَفَعَلَ. وَجَعَلَ يَسُبُّهُ. فَقَالَ عُمَرُ عِنْدَ ذَلِكَ: يَا ابْنَ زَيْدٍ ادْنُ مِنِّي. أَلا أَرَى مُحَمَّدًا يُسَبُّ بِكَ. وَاللَّهِ لا تُدْعَى مُحَمَّدًا مَا دُمْتُ حَيًّا. فَسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ. قَالَ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى بَنِي طَلْحَةَ وَهُمْ يَوْمَئِذٍ سَبْعَةٌ وَأَكْبَرُهُمْ وَسَيِّدُهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ فَأَرَادَ أَنْ يُغَيِّرَ اسْمَهُ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ: يَا أَمِيرَ المؤمنين أنشدك الله فو الله إِنْ سَمَّانِي مُحَمَّدًا لَمُحَمَّدٌ. فَقَالَ عُمَرُ: قُومُوا فَلا سَبِيلَ إِلَى شَيْءٍ سَمَّاهُ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَسَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُمَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: مَا ضَرَّ أَحَدَكُمْ لَوْ كَانَ فِي بَيْتِهِ مُحَمَّدٌ وَمُحَمَّدَانِ وَثَلاثَةٌ] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ يُسَمَّى السَّجَّادَ لِعِبَادَتِهِ وَفَضْلِهِ فِي نَفْسِهِ. وَقَدْ سَمِعَ مِنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يَنْزِلَ فِي قَبْرِ خَالَتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ زَوْجِ رَسُولِ اللَّهِ. وَشَهِدَ مَعَ أَبِيهِ الْجَمَلَ فَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ. وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.
وَلَمَّا قَدِمُوا الْبَصْرَةَ فَأَخَذُوا بَيْتَ الْمَالِ خَتَمَاهُ جَمِيعًا. طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ. وَحَضَرَتِ الصَّلاةُ فَتَدَافَعَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ حَتَّى كَادَتِ الصَّلاةُ تَفُوتُ. ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُصَلِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ صَلاةً وَمُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ صَلاةً. فَذَهَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَتَقَدَّمُ فَأَخَّرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ وَذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ يَتَقَدَّمُ فَأَخَّرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ أَوَّلِ صَلاةٍ.
فَاقْتَرَعَا فَقَرَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ فتقدم فقرأ: «سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ» المعارج: 1.
قَالُوا وَقَاتَلَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ يَوْمَ الْجَمَلِ قِتَالا شَدِيدًا فَلَمَّا لُحِمَ الأَمْرُ وَعُقِرَ الْجَمَلُ وقتل كل من أخذ بطخامة فَتَقَدَّمَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ فَأَخَذَ بِخِطَامِ الْجَمَلِ وَعَائِشَةُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهَا: مَا تَرَيْنَ يَا أُمَّهْ؟ قَالَتْ: أَرَى أَنْ تَكُونَ خَيْرَ بَنِي آدَمَ. فَلَمْ يَزَلْ كَافًّا. فَأَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُكَعْبِرٍ. رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفَانَ حَلِيفٌ لِبَنِي أَسَدٍ. فَحَمَلَ عَلَيْهِ بِالرُّمْحِ فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: أُذَكِّرُكَ حم. فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ. وَيُقَالُ الَّذِي قَتَلَهُ ابْنُ مُكَيْسٍ الأَزْدِيُّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مُعَاوِيَةُ بْنُ شَدَّادٍ الْعَبْسِيُّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عِصَامُ بْنُ الْمُقْشَعِرِّ النَّصْرِيُّ. وَكَانَ مُحَمَّدٌ. رَحِمَهُ اللَّهُ. يُقَالُ لَهُ السَّجَّادُ. وَكَانَ مِنْ أَطْوَلِ النَّاسِ صَلاةً. وَقَالَ الَّذِي قَتَلَهُ:(5/40)
وَأَشْعَثَ قَوَّامٍ بِآيَاتِ رَبِّهِ ... قَلِيلِ الأَذَى فِيمَا تَرَى الْعَيْنُ مُسْلِمِ
هَتَكْتُ لَهُ بِالرُّمْحِ جَيْبَ قَمِيصِهِ ... فَخَرَّ صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ
يُذَكِّرُنِي حم وَالرُّمْحُ شَارِعٌ ... فَهَلا تَلاحَمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ
عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ غَيْرَ أَنْ لَيْسَ تَابِعًا ... عَلِيًّا وَمَنْ لا يَتْبِعِ الْحَقَّ يَنْدَمِ
قَالُوا وَأَفْرَجَ النَّاسُ يَوْمَ الْجَمَلِ عَنْ ثَلاثَةَ عَشَرَ أَلْفَ قَتِيلٍ. فَسَارَ عَلِيٌّ مِنْ لَيْلَتِهِ فِي الْقَتْلَى مَعَهُ النِّيرَانُ فَمَرَّ بِمُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَتِيلا فَرَدَّ رَأْسَهُ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ [عَلِيٍّ فَقَالَ: يَا حَسَنُ. السَّجَّادُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ قَتِيلٌ كَمَا تَرَى. ثُمَّ قَالَ: أَبُوهُ صَرَعَهُ هَذَا الْمَصْرَعَ. وَقَالَ: لَوْلا أَبُوهُ وَبِرُّهُ بِهِ مَا خَرَجَ ذَلِكَ الْمَخْرَجَ لِوَرَعِهِ وَفَضْلِهِ. فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: مَا كَانَ أَغْنَاكَ عَنْ هَذَا. فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا لِي وَلَكَ يَا حَسَنُ. وَقَدْ كَانَ قَالَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ: يَا حَسَنُ وَدَّ أَبُوكَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ مَاتَ قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ بِعِشْرِينَ سَنَةً.]
623- إِبْرَاهِيمُ بن عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ بْنِ زهرة بْن كلاب. وأمه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط بْن أبي عَمْرو بْن أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْن قصي. وأمها أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قصي. وَأُمُّهَا أُمُّ حَكِيمٍ وَهِيَ الْبَيْضَاءُ بِنْتُ عَبْدِ المطلب بن هاشم بن عَبْد مناف بْن قصي. فولد إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن قريرا وأم القاسم وشفية وهي الشفاء وأمهم أم القاسم بِنْت سَعْد بْن أبي وقاص بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة.
وعمر والمسور وسعدا وصالحا وزكرياء وأم عمرو وأمهم أم كلثوم بنت سعد بن أبي وقاص بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة. وعتيقا وحفصة وأمهما بِنْت مطيع بْن الأسود بن حارثة بن نضلة بن عَوْفِ بْنِ عَبِيدِ بْنِ عَوِيجِ بْنِ عَدِيِّ بن كعب. وإسحاق بْن إِبْرَاهِيم وأمه أمّ مُوسَى بِنْت عبد الله بْنُ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ بْن الحارث بْن زهرة. وعثمان بن إبراهيم وأمه عليا بِنْت معروف بْن عامر بْن خرنق. وهود بْن إِبْرَاهِيم وشفية الصغرى وأمهما أم ولد. والزُّبَيْر بْن إِبْرَاهِيم وأم عبّاد وأمهما أم ولد.
وأم عمرو الصغرى لأم ولد. والوليد بْن إِبْرَاهِيم لأم ولد. وكان إِبْرَاهِيم يكني أبا إسحاق.
__________
623 التاريخ الكبير للبخاري (1/ 1/ 295) ، المعرفة والتاريخ ليعقوب (1/ 367) ، وتهذيب التهذيب (1/ 139) ، وتهذيب الكمال (203) ، وتاريخ خليفة (313) ، والجرح والتعديل (1/ 1/ 111) .(5/41)
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَرَّقَ بَيْتَ رُوَيْشِدٍ الثَّقَفِيِّ وَكَانَ حَانُوتًا لِلشَّرَابِ. وَكَانَ عُمَرُ قَدْ نَهَاهُ. فَلَقَدْ. رَأَيْتُهُ يَلْتَهِبُ كَأَنَّهُ جَمْرَةٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَلا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ وَلَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفِ رَوَى عَنْ عُمَرَ سَمَاعًا وَرُؤْيَةً غَيْرَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفِ. وَقَدْ رَوَى أَيْضًا عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَأَبِي بَكْرَةَ. وَتُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً.
624- مالك بْن أوس
بْن الحدثان أحد بني نصر بن معاوية بن بكر بن هوزان بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفَةَ بْنِ قيس بْن عيلان بْن مضر. يقولون إنه ركب الخيل فِي الجاهلية وكان قديما ولكنّه تأخر إسلامه. ولم يبلغنا أَنَّهُ رَأَى النَّبِيّ. ع. ولا روى عَنْهُ شيئًا. وقد روى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. ومات بالمدينة سَنَة اثنتين وسبعين.
625- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد القاري
وهُوَ من القارة. والقارة ولد محلم بْن غالب بْن عائذة بْن ييثع بْن مليح بْن الهون بْن خُزَيْمة بْن مدركة بْن إلياس بْن مضر. وإنما سموا القارة لأن يعمر الشداخ بْن عَوْف الليثي أراد أن يفرقهم فِي بطون كنانة فقال رَجُل منهم:
دعونا قارة لا تنفرونا ... فنجفل مثل إجفال الظليم
فسموا بذلك القارة. وفيهم يَقُولُ القائل: قد أنصف القارة من راماها. وكانوا رماة. والقارة من الأحابيش والأحابيش الحارث بْن عَبْد مناة بْن كنانة والمصطلق واسمه جذيمة والحيا واسمه عامر ابنا سَعْد من خزاعة وعضل. والقارة من ولد الهون بْن خُزَيْمة.
وعضل هُوَ ابن الديش بْن محلم. وسموا أحابيش لأنهم تحبشوا أي تجمعوا. وهم جميعًا حلفاء لقريش عَلَى بني بَكْر. ويقال تحالفوا عَلَى جبل يقال له حبشي عَلَى عشرة أميال من مَكّة فسموا بِهِ الأحابيش. وحالفت القارة خاصة بني زهرة بْن كلاب
__________
624 الجرح والتعديل (8/ 203) .
625 الجرح والتعديل (5/ 261) .(5/42)
حلفا صحيحا فِي الجاهلية. وتزوجوا فِي بني زهرة حيث شاءوا. وعامة أمهاتهم من بني زهرة. وقد روى عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد القاري عَنْ عُمَر وروى عَنْهُ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر.
وتُوُفّي عَبْد الرَّحْمَن بالمدينة سَنَة ثمانين فِي خلافة عَبْد الملك بْن مروان. وأبان بْن عثمان بْن عَفَّان عَلَى المدينة يومئذٍ. وكان لعبد الرَّحْمَن بْن عبد يوم تُوُفّي ثمانٍ وسبعون سنة.
626- إِبْرَاهِيم بْن قارظ
بْن أَبِي قارظ. واسمه خَالِد بْن الحارث بْن عُبَيْد بْن تيم بْن عَمْرو بْن الحارث بْن مبذول بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ. دخل أَبُو قارظ مَكّة.
وكان جميلًا شاعرًا. فَقالَتْ قريش: حليفنا وعقيدنا وأخونا وناصرنا وملتقي أكفنا.
تعني بملتقى أكفنا أي كلنا يد معه. فكلهم دعاه عَلَى أن ينزله ويزوجه فقال: أمهلوني ثلاثا. فخرج إلى حراء فتعبد في رأسه ثلاثا ثم نزل وقد أجمع أن يحالف أوّل رَجُل يلقاه من قريش. فكان أوّل من لقي عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زهرة جد عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف. فأخذ بيده وخرجا حَتَّى دخلا المسجد فوقفا عند البيت وتحالفا. وشد لَهُ عَبْد عَوْف الحلف. وقد سَمِعَ إِبْرَاهِيم بْن قارظ من عُمَر بْن الْخَطَّاب. قَالَ: سَمِعْتُ عُمَر يَقُولُ: عضل بي أهل الكوفة. ما يرضون بأمير ولا يرضى عَنْهُمْ أمير.
627- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةُ
بْنُ مَسْعُودِ بْنِ غَافِلِ بْنِ حَبِيبِ بن شمخ بْن فار بْن مخزوم بْن صاهلة بْن كاهل بْنِ الْحَارِثِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ هُذَيْل حلفاء بني زهرة بْن كلاب.
ويكني أَبَا عَبْد الرَّحْمَن.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عمر بن الخطاب
__________
627 تاريخ خليفة (269) ، (273) ، وطبقات خليفة (141) ، (143) ، (236) ، وعلل أحمد (2/ 56، 78، 287) ، والتاريخ الكبير (5/ ت 485) ، والمعرفة ليعقوب (2/ 618) ، والجرح والتعديل (5/ ت 569) ، وثقات ابن حبان (5/ 17) ، والاستيعاب (3/ 945) ، والكامل في التاريخ (4/ 228، 279، 296، 373) ، وأسد الغابة (3/ 202) ، وتهذيب الأسماء (1/ 278) ، والعبر (1/ 85، 116) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 3405) ، وتهذيب التهذيب، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (165) ، والإصابة (2/ ت 4813) ، وتقريب التهذيب (1/ 432) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3646) ، وشذرات الذهب (1/ 86) .(5/43)
اسْتَعْمَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ عَلَى السُّوقِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْقِطْنِيَّةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى الْكُوفَةِ فَنَزَلَهَا وَتُوُفِّيَ بِهَا فِي خِلافَةِ عبد الملك بن مروان في ولاية بشر بْنِ مَرْوَانَ عَلَى الْعِرَاقِ. وَكَانَ ثِقَةً رُفَيْعًا كَثِيرَ الْحَدِيثِ وَالْفُتْيَا. فَقِيهًا.
628- نَوْفَلُ بْنُ إِيَاسٍ
الْهُذَلِيُّ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ عَنْ نَوْفَلِ بْنِ إِيَاسٍ الْهُذَلِيِّ قَالَ: كُنَّا نَقُومُ فِي عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِرَقًا في المسجد في رمضان هاهنا وهاهنا. فَكَانَ النَّاسُ يَمِيلُونَ إِلَى أَحْسَنِهِمْ صَوْتًا فَقَالَ عُمَرُ: أَلا أُرَاهُمْ قَدِ اتَّخَذُوا الْقُرْآنَ أَغَانِيَ. أَمَا وَاللَّهِ لَئِنِ اسْتَطَعْتُ لأُغَيِّرَنَّ هَذَا. قَالَ فَلَمْ يَمْكُثْ إِلا ثَلاثَ لَيَالٍ حَتَّى أَمَرَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَصَلَّى بِهِمْ ثُمَّ قَامَ فِي آخِرِ الصُّفُوفِ فَقَالَ: لَئِنْ كَانَتْ هَذِهِ بِدْعَةً لَنِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هِيَ.
629- الحارث بْن عَمْرو
الهذلي وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وروى عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب أحاديث منها كتابه إلى أَبِي مُوسَى الأشعري فِي الصّلاة. وقد روى أيضًا عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وغيره. ومات الحارث بْن عَمْرو سَنَة سبعين.
630- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَاعِدَةَ
الْهُذَلِيُّ ويكنى أَبَا مُحَمَّد. روى عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُثْمَانَ الأَخْنَسِيِّ عَنِ ابْنِ سَاعِدَةَ الْهُذَلِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَضْرِبُ التُّجَّارَ بِدِرَّتِهِ إِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى الطَّعَامِ بِالسُّوقِ حَتَّى يَدْخُلُوا سِكَكَ أَسْلَمَ وَيَقُولُ: لا تَقْطَعُوا عَلَيْنَا سَابِلَتَنَا. وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ.
631- النَّضْر بْن سُفْيَان
الهذلي. روى عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب وقد رُوِيَ عَنْهُ.
632- عَلْقَمَة بْن وقاص
بن محصن بن كلدة بن عبد ياليل بن طريف بن عتوارة بن عامر بْنِ لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بن كنانة. وقد روى عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب. وكان ثقة قليل الحديث ولَهُ دار بالمدينة فِي بني ليث وله بها عقب. من ولده محمد بن عمرو بن
__________
629 الجرح والتعديل (3/ 82) .
632 الجرح والتعديل (6/ 405) ، تهذيب الكمال (954) ، تهذيب التذهيب (7/ 280) ، وتقريب التهذيب (2/ 31) ، والتاريخ الكبير (7/ 40)(5/44)
عَلْقَمَة بْن وقاص الَّذِي روى عَنْ أَبِي سَلَمَة. وتُوُفّي عَلْقَمَة بْن وقاص بالمدينة فِي خلافة عَبْد الملك بْن مروان.
633- عَبْد الله بْن شداد
بْن أسامة بْن عَمْرو. وعَمْرو هُوَ الهاد بْن عَبْد اللَّه بْن جَابِر بْن بِشْر بْن عتوارة بْن عامر بْن ليث. وأمه سلمى بِنْت عميس أخت أسماء بِنْت عميس الخثعمية وإنما سمي عمرو الهادي لأنه كَانَ توقد ناره ليلا للأضياف ولمن سلك الطريق. وقد روى عَبْد اللَّه بْن شداد عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب. وكان ثقة قليل الحديث. وكان شيعيا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حدثنا ابن عون قال: عبد الله بْن شداد أخو ابْنَة حمزة لأمها.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قال: أَخْبَرَنَا الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ قال: أتدرون ما كانت ابْنَة حمزة مني؟ كانت أختي لأمي.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بن شداد يأتي الكوفة كثيرًا فينزلها وخرج فيمن خَرَجَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الأشعث فقتل يوم دجيل.
634- جعونة بْن شعوب
وهُوَ من ولد الأسود بْن عَبْد شمس بْن مالك بْن جعونة بْن عويرة بْن شجع بْن عامر بْن ليث. وشعوب امْرَأَة من خزاعة وهي أم الأسود. وكان الأسود حليفا لأبي سفيان بن حرب وشهد معه أحدا وهو الذي أنقذه يوم أحد حين قتل حنظلة الغسيل. وسَمِعَ جعونة بْن شعوب من عُمَر بْن الْخَطَّاب.
635- حماس الليثي
من بني كنانة. وهُوَ أَبُو أَبِي عَمْرو بْن حماس من أنفسهم. ولَهُ دار بالمدينة وقد روى عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب. وكان شيخًا قليل الحديث.
636- عَبْد اللَّه بْن أَبِي أَحْمَدَ
بْنُ جَحْشِ بْنِ رِئَابِ بْنِ يَعْمَرَ بْن صبرة بن مرة بن كبير بن
__________
633 تهذيب الكمال (692) ، وتهذيب التهذيب (5/ 251) ، وتقريب التهذيب (1/ 422) ، والتاريخ الكبير (5/ 15) ، والجرح والتعديل (5/ 18) .
635 الجرح والتعديل (3/ 314) .
636 قال المزي: «ابن أخي عبد الله، وعبيد الله، وزينب، وحمنة، وم حبيبة بني جحش، واسم أبي أحمد: عبد، ولد فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
انظر: تهذيب الكمال (3158) ، والجرح والتعديل (5/ ت 24) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 328) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (130) ، وتاريخ الإسلام (3/ 40) ، وتهذيب التهذيب (5/ 143) ، والإصابة (2/ ت 6162) ، وتقريب التهذيب (1/ 401) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3379.(5/45)
غنم بْن دودان بْن أسد بْن خُزَيْمَة حُلَفَاءِ بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.
637- مَلِيحُ بْنُ عَوْفٍ السُّلَمِيُّ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ مَلِيحِ بْنِ عَوْفٍ السُّلَمِيِّ قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ صَنَعَ بَابًا مُبَوَّبًا مِنْ خَشَبِ عَلَى بَابِ دَارِهِ وَخَصَّ عَلَى قَصْرِهِ خُصًّا مِنْ قَصَبٍ.
فَبَعَثَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ وَأَمَرَنِي بِالْمَسِيرِ مَعَهُ وَكُنْتُ دَلِيلا بِالْبِلادِ. فَخَرَجْنَا وَقَدْ أَمَرَهُ أَنْ يُحْرِقَ ذَلِكَ الْبَابَ وَذَلِكَ الْخُصَّ. وَأَمَرَهُ أَنْ يُقِيمَ سَعْدًا لأَهْلِ الْكُوفَةِ فِي مَسَاجِدِهِمْ.
وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ بَلَغَهُ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنَّ سَعْدًا حَابَى فِي بَيْعِ خمس باعه.
فانتهينا إِلَى دَارِ سَعْدٍ فَأَحْرَقَ الْبَابَ وَالْخُصَّ وَأَقَامَ مُحَمَّدٌ سَعْدًا فِي مَسَاجِدِهَا فَجَعَلَ يَسْأَلُهُمْ عَنْ سَعْدٍ وَيُخْبِرُهُمْ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَهُ بِهَذَا فَلا يَجِدُ أَحَدًا يُخْبِرُهُ إِلا خَيْرًا.
638- سُنَيْنٌ أَبُو جَمِيلَةَ
رَجُل من بني سُلَيْم من أنفسهم لَهُ أحاديث. سَمِعَ من عُمَر بْن الْخَطَّاب. وفي حديث صالح بْن كيسان عَنِ الزُّهْرِيّ عَنْ سنين أَبِي جميلة السليطي. وكان منزلة بالعمق.
أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ سَمِعَ سُنَيْنًا أَبَا جَمِيلَةَ يَقُولُ: وَجَدْتُ مَنْبُوذًا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ فَذَكَرَهُ عَرِيفِي لَهُ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ فَدَعَانِي فَقَالَ لِي: هُوَ حُرٌّ وَوَلاؤُهُ لَكَ وَعَلَيْنَا رَضَاعَهُ.
639- مَالِكُ بْنُ أَبِي عامر
بن عمرو بن الحارث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن
__________
638 تاريخ ابن معين (2/ 240) ، وعلل أحمد (1/ 78) ، والتاريخ الكبير (4/ ت 2525) ، والجرح والتعديل (4/ ت 1394) ، والاستيعاب (2/ 689) ، (4/ 1621) ، وتقييد المهمل (64) ، وأسد الغابة (2/ 361) ، وتهذيب الأسماء (1/ 236) ، والتجريد (1/ 2541) ، وتهذيب الكمال (2601) ، تذهيب التهذيب (2) ورقة (60) ، وتهذيب التهذيب (4/ 245) ، والإصابة (2/ ت 3518) ، وتقريب التهذيب (1/ 335) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 2891) .
639 الجرح والتعديل (8/ 214) .(5/46)
الحارث. وهُوَ ذو أصبح بْن عَوْف بْن مالك بْن زيد بْن عامر بْن ربيعة بْن نَبْتِ بْن مَالِكِ بْن زَيْد بْن كهلان بْن سبأ بْن معرب. وإنما سمي معربا لفصاحته لأنه أوّل من أقام اللسان العربي. ابن مهرم. وهو قحطان بْن الهميسع بْن تيمن بْن قيس بْن نبت بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم. هكذا نسبه لي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أويس ابن عمّ مالك بْن أنس. وهُوَ مالك بْن أنس فقيه أهل المدينة من ولد مالك بْن أَبِي عامر.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمُّ جَدِّي الرَّبِيعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ وَهُوَ عَمُّ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الْمُفْتِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ بِطَرِيقِ مَكَّةَ فِي حَجٍّ أَوْ عَمْرَةٍ تَحْتَ قَفْلَةٍ. يَعْنِي شَجَرَةً. إِذْ قَالَ لِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ: يَا مَالِكُ. قَالَ قُلْتُ: مَا تَشَاءُ؟ قَالَ: هَلْ لَكَ إِلَى مَا دَعَانَا إِلَيْهِ غَيْرُكَ فَأَبَيْنَاهُ عَلَيْهِ؟ قَالَ قُلْتُ: إِلَى مَاذَا؟ قَالَ: إِلَى أَنْ يَكُونَ دَمُّنَا دَمَّكَ وَهَدْمُنَا هَدْمَكَ وَبِاللَّهِ الْقَائِلِ مَا بَلَّ بَحْرٌ صُوفَةً. قَالَ مَالَكَ فَأَجَبْتُهُ إِلَى ذَلِكَ. فَعِدَادُهُمُ الْيَوْمَ فِي بَنِي تَيْمٍ لِهَذَا السَّبَبِ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ عَمِّهِ جَرِيرِ بْنِ زَيْدِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ وَأَصَابَهُ حَجَرٌ فَدَمَّاهُ وَنَادَى رَجُلٌ رَجُلا: يَا خَلِيفَةُ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمَ: ذَهَبَ وَاللَّهِ خَلِيفَتُكُمْ أُسْعِرَ دَمًا.
وَنَادَى رَجُلٌ: يَا خَلِيفَةُ. فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ أُصِيبَ عُمَرُ. وَقَدْ رَوَى مَالِكُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَكَانَ ثِقَةً وَلَهُ أَحَادِيثُ صَالِحَةٌ.
640- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْحَضْرَمِيِّ من حلفاء بني أمية.
سَمِعَ من عُمَر بْن الْخَطَّاب وروى عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْحَضْرَمِيِّ جَاءَ بِغُلامٍ لَهُ قَدْ سَرَقَ إِلَى عُمَرَ. قَالَ وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.
641- عَبْد الرَّحْمَن بْن حاطب
بْن أَبِي بلتعة وهُوَ من لخم أحد بني راشدة بْن أذب بْن جزيلة بْن لخم حلفاء بني عَمْرو بْن أمية بْن الْحَارِث بْن أسد بْن عَبْد العزى. وكان عَمْرو بْن أمية من مهاجرة الحبشة. وكان عَبْد الرَّحْمَن يكنى أَبَا يحيى. ووُلِدَ فِي عهد
__________
641 الجرح والتعديل (5/ 222) .(5/47)
النبي - صلى الله عليه وسلم - وروى عن عُمَر بْن الْخَطَّاب. ومات بالمدينة سَنَة ثمانٍ وستّين. وكان ثقة قليل الحديث.
642- مُحَمَّد بْن الأشعث
بن قيس بن معدي كرب بن معاوية بْن جبلة بْن عَديّ بْن ربيعة بن معاوية الأكرمين ابن الحارث بن معاوية بن الحارث الأكبر ابن معاوية بْن ثور بْن مرتع بْن معاوية بْن كندي بْن عُفَيْر. وأمه أم فروة بنت أبي قحافة عُثْمَان بْن عَامِرِ بْن عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ.
أَخْبَرَنَا هُشَيْم بْن بشير قَالَ: أَخْبَرَنَا مغيرة عَنْ إِبْرَاهِيم أن مُحَمَّد بْن الأشعث كَانَ يكنى أَبَا القاسم. وكان يدخل عَلَى عَائِشَة فيكنونه بأبي القاسم. وقد روى مُحَمَّد بْن الأشعث عَنْ عُمَر وعثمان أَنَّهُ سألهما عَنْ عمّه لَهُ يهودية ماتت.
643- عبد الله بن حنظلة
الغسيل ابن أبي عامر الراهب. واسمه عَبْد عَمْرو بْن صيفي بْن النُّعمان بْن مالك بْن أمة بْن ضبيعة بْن زَيْد بن مالك بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ مالك بْن الأوس. وأمه جميلة بِنْت عَبْد اللَّه بْن أَبِي بْن سلول من بلحبلى.
فولد عَبْد اللَّه بْن حنظلة عَبْد الرَّحْمَن وحنظلة وأمهما أسماء بِنْت أَبِي صيفي بْن أَبِي عامر بْن صيفي. وعاصما والحَكَم وأمهما فاطمة بِنْت الحَكَم من بني ساعدة. وأنسا وفاطمة وأمهما سلمى بنت أنس بن مدرك من خثعم. وسُلَيْمان وعُمَر وأمة الله وأمهم أم كلثوم بِنْت وحوح بْن الأسلت بْن جشم بْن وائل بْن زيد من الجعادرة من الأوس.
وسويدا ومعمرا وعبد اللَّه والحر ومحمدا وأم سلمة وأم حبيب وأم القاسم وقريبة وأم عَبْد اللَّه وأمهم أم سُوَيْد بِنْت خليفة من بني عَديّ بْن عَمْرو من خزاعة. وكان حنظلة بْن أَبِي عامر لَمّا أراد الخروج إلى أحد وقع عَلَى امرأته جميلة بِنْت عَبْد اللَّه بْن أَبِي بن
__________
642 الجرح والتعديل (7/ 206) .
643 تاريخ خليفة (237) ، (238) ، (245) ، وطبقات خليفة (236) ، والتاريخ الكبير (5/ ت 168) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 261، 263) ، (3/ 326) ، والجرح والتعديل (5/ ت 131) ، والاستيعاب (3/ 892) ، والكامل في التاريخ (4/ 102، 111، 115) ، وأسد الغابة (3/ 147) ، وسير أعلام النبلاء (3/ 321) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 3241) ، وتهذيب الكمال (3236) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (140) ، والعبر (1/ 68) ، وتاريخ الإسلام (3/ 18) ، وتهذيب التهذيب (5/ 193) ، والإصابة (2/ ت 4637) ، وتقريب التهذيب (1/ 411) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3461) ، وشذرات الذهب (1/ 71) ، وتهذيب تاريخ دمشق (7/ 373) .(5/48)
سلول فعلقت بعبد اللَّه بْن حنظلة فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا مِن الهجرة.
وقتل حنظلة بْن أَبِي عامر يومئذٍ شهيدا فغسلته الملائكة فيقال لولده بنو غسيل الملائكة. وولدت جميلة عَبْد اللَّه بْن حنظلة بعد ذَلِكَ بتسعة أشهر فَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهُوَ ابن سبع سنين. وذكر بعضهم أَنَّهُ قد رأى رسول الله وأبا بَكْر وعُمَر وقد روى عَنْ عُمَر.
أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ ضَمْضَمَ بْنِ جَوْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ الرَّاهِبِ قَالَ: صَلَّى بِنَا عُمَرُ صَلاةَ الْمَغْرِبِ فَلَمْ يَقْرَأْ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى شَيْئًا. فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّانِيَةِ قَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ. ثُمَّ عَادَ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ. ثُمَّ صَلَّى حَتَّى فَرَغَ. ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ. ثُمَّ سَلَّمَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَسَّانَ قَالَ: وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيم عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَعَنْ غَيْرِهِمْ أَيْضًا. كُلٌّ قَدْ حَدَّثَنِي. قَالُوا: لَمَّا وَثَبَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَيَالِيَ الحرة فأخرجوا بَنِي أُمَيَّةَ عَنِ الْمَدِينَةِ وَأَظْهَرُوا عَيْبَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَخِلافَهُ أَجْمَعُوا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ فَأَسْنَدُوا أَمْرَهُمْ إِلَيْهِ فَبَايَعَهُمْ عَلَى الْمَوْتِ وَقَالَ: يَا قَوْمُ اتَّقُوا اللَّهَ وَحْدَهُ لا شريك له. فو الله مَا خَرَجْنَا عَلَى يَزِيدَ حَتَّى خِفْنَا أَنْ نُرْمَى بِالْحِجَارَةِ مِنَ السَّمَاءِ. إِنَّ رَجُلا يَنْكِحُ الأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتَ وَالأَخَوَاتِ وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ وَيَدَعُ الصَّلاةَ وَاللَّهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعِي أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ لأَبْلَيْتُ لِلَّهِ فِيهِ بَلاءً حَسَنًا. فَتَوَاثَبَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يُبَايِعُونَ مِنْ كُلِّ النَّوَاحِي. وَمَا كَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ تِلْكَ اللَّيَالِي مَبِيتٌ إِلا الْمَسْجِدُ. وَمَا كَانَ يَزِيدُ عَلَى شَرْبَةٍ مِنْ سَوِيقٍ يُفْطِرُ عَلَيْهَا إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْغَدِ يُؤْتَى بِهَا فِي الْمَسْجِدِ. يَصُومُ الدَّهْرُ. وَمَا رُئِيَ رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ إِخْبَاتا. فَلَمَّا دَنَا أَهْلُ الشَّامِ مِنْ وَادِي الْقُرَى صَلَّى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ بِالنَّاسِ الظُّهْرَ ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا خَرَجْتُمْ غَضَبًا لِدِينِكُمْ فَأَبْلُوا لِلَّهِ بَلاءً حَسَنًا لِيوجِبْ لَكُمْ بِهِ مَغْفِرَتَهُ وَيُحِلَّ بِهِ عَلَيْكُمْ رِضْوَانَهُ. قَدْ خَبَّرَنِي مَنْ نَزَلَ مَعَ الْقَوْمِ السُّوَيْدَاءَ وَقَدْ نَزَلَ الْقَوْمُ الْيَوْمَ ذَا خَشَبٍ وَمَعَهُمْ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ. وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مُحَيِّنُهُ بِنَقْضِهِ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَصَايَحَ النَّاسُ وَجَعَلُوا يَنَالُونَ مِنْ مَرْوَانَ وَيَقُولُونَ: الْوَزَغُ بْنُ الْوَزَغُ.
وَجَعَلَ ابْنُ حَنْظَلَةَ يُهَدِّئَهُمْ وَيَقُولُ: إِنَّ الشتم ليس بشيء ولكن اصْدِقُوهُمُ اللِّقَاءَ. وَاللَّهِ(5/49)
مَا صَدَقَ قَوْمٌ قَطُّ إِلا حَازُوا النَّصْرَ بِقُدْرَةِ اللَّهِ. ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا بِكَ وَاثِقُونَ. بك آمَنَّا وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَلْجَأْنَا ظُهُورَنَا. ثُمَّ نَزَلَ.
وَصَبَّحَ الْقَوْمُ الْمَدِينَةَ فَقَاتَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ قِتَالا شَدِيدًا حَتَّى كَثَرَهُمْ أَهْلُ الشَّامِ. وَدَخَلَتِ الْمَدِينَةُ مِنَ النَّوَاحِي كُلِّهَا فَلَبِسَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ يَوْمَئِذٍ دِرْعَيْنِ وَجَعَلَ يَحُضُّ أَصْحَابَهُ عَلَى الْقِتَالِ. فَجَعَلُوا يُقَاتِلُونَ. وَقُتِلَ النَّاسُ فَمَا تُرَى إِلا رَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ مُمْسِكًا بِهَا مَعَ عِصَابَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَحَانَتِ الظُّهْرُ فَقَالَ لِمَوْلًى لَهُ: احْمِ لِي ظَهْرِي حَتَّى أُصَلِّي. فَصَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا مُتَمَكِّنًا. فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ قَالَ لَهُ مَوْلاهُ: وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا بَقِيَ أَحَدٌ فَعَلامَ نُقِيمُ؟ وَلِوَاؤُهُ قَائِمٌ مَا حَوْلَهُ خَمْسَةٌ. فَقَالَ: وَيْحَكَ إِنَّمَا خَرَجْنَا عَلَى أَنْ نَمُوتَ. ثُمَّ انْصَرَفَ مِنَ الصَّلاةِ وَبِهِ جِرَاحَاتٌ كَثِيرَةٌ فَتَقَلَّدَ السَّيْفَ وَنَزَعَ الدِّرْعَ وَلَبِسَ سَاعِدَيْنِ مِنْ دِيبَاجٍ ثُمَّ حَثَّ النَّاسَ عَلَى الْقِتَالِ. وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ كَالأَنْعَامِ الشُّرَّدِ وَأَهْلُ الشَّامِ يَقْتُلُونَهُمْ فِي كُلِّ وَجْهٍ. فَلَمَّا هُزِمَ النَّاسُ طَرَحَ الدِّرْعَ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ سِلاحٍ وَجَعَلَ يُقَاتِلُهُمْ وَهُوَ حَاسِرٌ حَتَّى قَتَلُوهُ. ضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ فَقَطَعَ مَنْكِبَيْهِ حَتَّى بَدَا سَحْرُهُ وَوَقَعَ مَيِّتًا. فَجَعَلَ مُسْرِفٌ يَطُوفُ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فِي الْقَتْلَى وَمَعَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ. فَمَرَّ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ وَهُوَ مَادٌّ إِصْبَعَهُ السَّبَّابَةَ فَقَالَ مَرْوَانُ: أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ نَصَبْتَهَا مَيِّتًا لَطَالَ مَا نَصَبْتَهَا حَيًّا. وَلَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ لَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ مَقَامٌ فَانْكَشَفُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ. وَكَانَ الَّذِي وَلِيَ قَتْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ لَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ مَقَامٌ فَانْكَشَفُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ. وَكَانَ الَّذِي وَلِيَ قَتْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ رَجُلانِ شُرَّعًا فِيهِ جَمِيعًا. وَحَزَّا رَأْسَهُ وَانْطَلَقَ بِهِ أَحَدُهُمَا إِلَى مُسْرِفٍ وَهُوَ يَقُولُ: رَأْسُ أَمِيرِ الْقَوْمِ. فَأَوْمَأَ مُسْرِفٌ بِالسُّجُودِ وَهُوَ عَلَى دَابَّتِهِ وَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ. قَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: مَالِكٌ. قَالَ: فَأَنْتَ وَلَّيْتَ قَتْلَهُ وحز رأسه؟ قال: نعم.
وجاء الآخر رجل مِنَ السُّكُونِ مِنْ أَهْلِ حِمْصَ يُقَالُ لَهُ سَعْدُ بْنُ الْجَوْنِ فَقَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ! نَحْنُ شَرَعْنَا فِيهِ رُمْحَيْنَا فَأَنْفَذْنَاهُ بِهِمَا ثُمَّ ضربناه بسيفنا حَتَّى تَثَلَّمَا مِمَّا يَلْتَقِيَانِ. قَالَ الْفَزَارِيُّ: بَاطِلٌ. قَالَ السَّكُونِيُّ فَأَحْلَفَهُ بِالطَّلاقِ وَالْحُرِّيَةِ فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ.
وَحَلَفَ السَّكُونِيُّ عَلَى مَا قَالَ. فَقَالَ مسرف: أمير المؤمنين يحكم في أمركما.
فأدبرهما فَقَدِمَا عَلَى يَزِيدَ بِقَتْلِ أَهْلِ الْحَرَّةِ وَبِقَتْلِ ابْنِ حَنْظَلَةَ فَأَجَازَهُمَا بِجَوَائِزَ عَظِيمَةٍ وَجَعَلَهُمَا فِي شَرَفٍ مِنَ الدِّيوَانِ ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى الْحُصَيْنِ بن نمير فقتلا في حصار ابن الزُّبَيْرِ. قَالَ وَكَانَتِ الْحَرَّةُ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ كِنَانَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ(5/50)
قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَنْظَلَةَ بَعْدَ مَقْتَلِهِ فِي النَّوْمِ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ مَعَهُ لِوَاؤُهُ فَقُلْتُ: أَبَا عَبْد الرحمن أَمَا قُتِلْتَ؟ قَالَ: بَلَى وَلَقِيتُ رَبِّي فَأَدْخَلَنِي الْجَنَّةَ فَأَنَا أَسْرَحُ فِي ثِمَارِهَا حَيْثُ شِئْتُ. فَقُلْتُ: أَصْحَابُكَ مَا صُنِعَ بِهِمْ؟ قَالَ: هُمْ مَعِي حَوْلَ لِوَائِي هَذَا الَّذِي تَرَى لَمْ يحل عقده حتى الساعة. قال ففرغت مِنَ النَّوْمِ فَرَأَيْتُ أَنَّهَ خَيْرٌ رَأَيْتُهُ لَهُ.
644- محمد بن عمرو
بن حزم بْن زَيْد بْن لوذان بْن عَمْرو بْن عَبْد بْن عوف بْن غنم بْن مالك بن النجار ويكنى أَبَا عَبْد الملك. وأمه عمرة بِنْت عَبْد اللَّه بْن الحارث بْن جماز من بني حبالة بن غنم من غسّان حليف بني ساعدة من الخزرج. فولد مُحَمَّد بْن عَمْرو عثمان وأبا بَكْر الفقيه وأم كلثوم وأمهم كبشة بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ بن عدس من بني مالك بْن النّجّار. وعبد الملك بْن مُحَمَّد وعبد اللَّه وعَبْد الرَّحْمَن وأم عَمْرو وأمهم ثبيتة بِنْت النُّعْمان بْن عَمْرو بْن النُّعمان بْن خلدة بْن عَمْرو بْن أمية بْن عامر بْن بياضة. كَانَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد استعمل عَمْرو بْن حزم عَلَى نجران اليمن فولد لَهُ هنالك عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَة عشر من الهجرة غلام فأسماه محمدا وكناه أبا سُلَيْمَان وكتب بذلك إلى رسول الله فكتب إِلَيْهِ رسول الله أن سمه محمدا واكنه أَبَا عَبْد الملك. ففعل.
أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالا: أَخْبَرَنَا أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جمع كل غلام اسمه نَبِيٍّ فَأَدْخَلَهُمُ الدَّارَ لِيُغَيِّرَ أَسْمَاءَهُمْ فَجَاءَ آبَاؤُهُمْ فَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ سَمَّى عَامَّتُهُمْ.
فَخَلَّى عَنْهُمْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَانَ أَبِي فِيهِمْ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عُمَرَ وَسَمِعَ مِنْهُ وكان ثقة قليل الحديث.
أخبرنا محمد بن عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ جَدِّهِ مُحَمَّدِ بن عمر وأنه اشترى مطرف خز بسبعمائة فكان يلبسه.
__________
644 تهذيب الكمال (1251) ، وتهذيب التهذيب (9/ 370) ، وتقريب التهذيب (2/ 195) ، والتاريخ الكبير (1/ 189) ، والجرح والتعديل (8/ 39) .(5/51)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: كَانَ محمد بن عمر وقد أَكْثَرَ أَيَّامَ الْحَرَّةِ فِي أَهْلِ الشَّامِ الْقَتْلَ وَكَانَ يَحْمِلُ عَلَى الْكُرْدُوسِ مِنْهُمْ فَيَفُضَّ جَمَاعَتَهُمْ. وَكَانَ فَارِسًا. قَالَ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ: قَدْ أَحْرَقْنَا هَذَا وَنَحْنُ نَخْشَى أَنْ يَنْجُوَ عَلَى فَرَسِهِ فَاحْمِلُوا عَلَيْهِ حَمْلَةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ لا يُفْلِتْ مِنْ بَعْضِكُمْ فَإِنَّا نَرَى رَجُلا ذَا بَصِيرَةٍ وَشَجَاعَةٍ.
قَالَ فَحَمَلُوا عَلَيْهِ حَتَّى نَظَمُوهُ فِي الرَّمَّاحِ فَلَقَدْ مَالَ مَيِّتًا وَرَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ كَانَ اعْتَنَقَهُ حَتَّى وَقَعَا جَمِيعًا. فَلَمَّا قُتِلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو وانهزم النَّاسُ فِي كُلِّ وَجْهٍ حَتَّى دَخَلُوا الْمَدِينَةَ. فَجَالَتْ خَيْلُهُمْ فِيهَا يَنْتَهِبُونَ وَيَقْتُلُونَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: صَلَّى مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ يَوْمَ الْحَرَّةِ وَإِنَّ جِرَاحَهُ لَتَثْعَبُ دَمًا. وَمَا قُتِلَ إِلا نَظْمًا بِالرِّمَاحِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ وَضَعَهُ إِلَى جَنْبِهِ وَصَلَّى حَاسِرًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: يَقُولُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو يَوْمَئِذٍ رَافِعًا صَوْتَهُ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ اصْدِقُوهُمُ الضَّرْبَ فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ يُقَاتِلُونَ عَلَى طَمَعِ الدنيا وأنتم قوم تقاتلون عَلَى الآخِرَةِ. قَالَ ثُمَّ جَعَلَ يَحْمِلُ عَلَى الْكَتِيبَةِ مِنْهُمْ فَيَفُضَّهَا حَتَّى قُتِلَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ جَبِيرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ جَحْشٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَعَلَ الْفَاسِقُ مُسْرِفُ بْنُ عُقْبَةَ يَطُوفُ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فِي الْقَتْلَى وَمَعَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَمَرَّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَهُوَ عَلَى وَجْهِهِ وَاضِعًا جَبْهَتَهُ بِالأَرْضِ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ كُنْتَ عَلَى جَبْهَتِكَ بَعْدَ الْمَمَاتِ لَطَالَمَا افْتَرَشْتَهَا حَيًّا. فَقَالَ مُسْرِفٌ: والله ما أرى هؤلاء إلا أهل الجنة. لا يَسْمَعُ هَذَا مِنْكَ أَهْلُ الشَّامِ فَتُكَرْكِرْهُمْ عَنِ الطَّاعَةِ. قَالَ مَرْوَانُ: إِنَّهُمْ بَدَّلُوا وَغَيَّرُوا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: كَانَتْ وَقْعَةُ الْحَرَّةِ بِالْمَدِينَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ فِي خِلافَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. وَلِمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَقِبٌ بِالْمَدِينَةِ وَبَغْدَادَ.(5/52)
645- عمارة بْن خُزَيْمة
بْن ثابت بْن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن غيان بن عامر بن خطمه واسمه عبد الله بن جشم بن مالك بن الأوس بْن حارثة من الأنصار.
وأمه صفية بِنْت عامر بْن طعمة بْن زيد الخطمي فولد عمارة بْن خُزَيْمة إِسْحَاق درج وأمه عُبَيْدة بِنْت عَبْد اللَّه بْن ثابت بْن الفاكه بْن ثعلبة بْن ساعدة. ومحمدا وصفية وأمهما وديعة بِنْت عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو الخطمي. ومنيعة بِنْت عمارة وحمادة وأمهما أم ولد. وقد سَمِعَ عمارة بْن خُزَيْمة من عُمَر بْن الْخَطَّاب وهُوَ يَقُولُ لأبيه: ما لك لا تعرض أرضك؟ وسَمِعَ من عَمْرو بْن العاص ومن أَبِيهِ. وأبوه خُزَيْمة بْن ثابت ذو الشهادتين. وكان عمارة يكنى أَبَا مُحَمَّد وتُوُفّي بالمدينة فِي أوّل خلافة الوليد بْن عَبْد الملك وهُوَ ابن خمسٍ وسبعين سَنَة. وكان ثقة قليل الحديث.
646- يَحْيَى بْنُ خَلادِ
بْن رَافِعِ بْن مالك بْن العجلان بن عمرو بن عامر بْن زريق من الخزرج. فولد يحيى بْن خلّاد مالكا وعليا وعائشة وعثيمة وأمهم أم ثابت بِنْت قيس بْن عَمْرو بْن رئاب بْن بَكْر. وأم كلثوم وحميدة وأمهما أم يحيى بِنْت عامر بْن عَمْرو بْن خَالِد بْن مَخْلَد بْن عامر بْن زريق ورملة ولم تسم لنا أمها.
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ يَحْيَى بْنِ خَلادٍ قَالَ: لَمَّا وُلِدَ يَحْيَى بْنُ خَلادٍ أُتِيَ بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فَحَنَّكَهُ وَقَالَ: لأُسَمِّيَنَّهُ اسْمًا لَمْ يُسَمَّ بِهِ بَعْدُ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ.
قَالَ فَسَمَّاهُ يَحْيَى.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ خَلادٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
647- عَمْرو بْن سُلَيْم
بْن عَمْرو بْن خلدة بْن عامر بْن مَخْلَد بْن عامر بْن زريق من الخزرج. وأمه النوار بِنْت عَبْد اللَّه بْن الحارث بْن جماز حليف بني ساعدة وهُوَ من حبالة بْن غنم من غسّان. فولد عَمْرو بْن سُلَيْم عثمان والنعمان وأمهما حبيبة بِنْت النُّعْمان بْن عَجْلان بْن النُّعْمان بْن عامر بْن عَجْلان بْن عَمْرو بْن عامر بن زريق من
__________
645 تهذيب الكمال (1000) ، وتهذيب التهذيب (7/ 416) ، وتقريب التهذيب (2/ 49) ، والتاريخ الكبير (6/ 498) ، والجرح والتعديل (6/ 365) .
646 الجرح والتعديل (9/ 139) .
647 تهذيب الكمال (1036) ، وتهذيب التهذيب (8/ 44) ، وتقريب التهذيب (2/ 71) ، والتاريخ الكبير (6/ 333) ، والجرح والتعديل (6/ 236) .(5/53)
الأنصار. وسعدا وأيوب وأمهما أم البنين بِنْت أبي عبادة سعد بْن عُثْمَان بْن خلدة بْن مَخْلَد بْن عامر بْن زريق. روى عَمْرو بْن سُلَيْم عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب. وقد راهق الاحتلام. وقد روى أيضًا عَنْ أَبِي قَتَادَة وعن أَبِي حُمَيْد الأنصاريين وكان ثقة قليل الحديث.
648- حَنْظَلَةُ بْنُ قَيْسِ
بْنِ عمرو بن حصن بْن خلدة بْن مَخْلَد بْن عامر بْن زريق.
وأمه أم سَعْد بِنْت قيس بْن حصن بْن خلدة بْن مَخْلَد بْن عامر بْن زريق. فولد حنظلة بْن قيس محمدا وأم جميل وأمهما أم عيسى بِنْت عَبْد اللَّه بْن هشام بْن زهرة بْن عثمان بْن عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بن مرّة من قريش. وعَمْرو بْن حنظلة وأمه أم عثمان بنت عمرو بن عبد الله بن عمرو بن حصن بْن خلدة بْن مَخْلَد بْن عامر بْن زريق. وعمرا الأصغر وأمه أم ولد. وعبد الله وأمه أم مُوسَى بِنْت الحارث بْن عُتْبَة بْن عُبَيْد بْن المعلى بْن لوذان بْن حارثة من وُلِدَ غضب بْن جشم بْن الخزرج. وعُبَيْد الله وسعدا ابني حنظلة ولم تسم لنا أمهما.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا من الأنصار أَحْزَمَ وَلا أَجْوَدَ رَأَيًا مِنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الزُّرَقِيِّ كَأَنَّهُ رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَدْ رَوَى حَنْظَلَةُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَرَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيُّ. وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.
649- مَسْعُود بْن الحَكَم
بْن الربيع بْن عامر بْن خَالِد بْن عامر بْن زريق. وأمه حبيبة بِنْت شريق بْن أَبِي حثمة من هُذَيْل. فولد مَسْعُود بْن الحَكَم إِبْرَاهِيم وعيسى وأبا بَكْر وسُلَيْمان وموسى وإسماعيل وداود ويعقوب وعمران وأيوب الأكبر وأم إبراهيم وأمهم
__________
648 طبقات خليفة (253) ، والتاريخ الكبير للبخاري (3/ ت 155) ، والجرح والتعديل (3/ ت 1064) ، وأسماء الدارقطني (ت 254) ، وجمهرة ابن حزم (306) ، والاستيعاب (1/ 383) ، وأسد الغابة (2/ 61) ، وتهذيب الأسماء (1/ 171) ، وتهذيب الكمال (1565) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (182) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 143) ، ومراسيل العلائي (203) ، وتهذيب التهذيب (3/ 63) ، والإصابة (1/ 368، 397) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 1686) .
649 الجرح والتعديل (8/ 282) .(5/54)
ميمونة بِنْت أَبِي عبادة سَعْد بْن عُثْمَان بْن خلدة بْن مَخْلَد بن عامر بن زريق. وأيوب الأصغر وسارة وأمهما أم عَمْرو بنت المثنى بن حكيم بن نجبة بن ربيعة بْن رياح بْن عَوْف بْن ربيعة بْن هلال بْن شمخ بْن فزارة.
قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: وُلِدَ مَسْعُود بْن الحَكَم فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان يكنى أَبَا هارون. وكان سريا مريا ثقة. وقد روى عَنْ عُمَر وعثمان وعليّ وروى عَنْهُ مُحَمَّد بْن المّنْكَدِر وأبو الزِّناد.
650- مخلد
أَبُو الحارث بْن مخلد الزرقي لم نقع عَلَى نسبه فِي كتاب نسب الأنصار كما نريد من الإحكام. وقد سَمِعَ مخلد من عُمَر بْن الْخَطَّاب.
651- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي طَلْحَةَ
وَاسْمُهُ زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الأَسْوَدِ بن حرام بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بْن مالك بْن النجار. وأمه أم سُلَيْم بِنْت ملحان بْن خَالِد بْن زيد بْنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غنم بْن عَديّ بْن النّجّار وهي أم أنس بْن مالك. فولد عَبْد اللَّه بْن أَبِي طلحة القاسم لأم ولد وعميرا وزيدا وإسماعيل ويعقوب وإسحاق وعبدة وأم أبان وأمهم ثبيتة بنت رفاعة بْن رافع بْن مالك بْن العجلان الزرقي. ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه وأمه أم ولد. وعبد اللَّه بْن عَبْد اللَّه وكلثم لأم ولد. وإبراهيم ورقية وأم عَمْرو وأمهم عَائِشَة بِنْت جَابِر بْن صخر بْن أمية بْن خنساء من بني سلمة. وعُمَر بْن عَبْد اللَّه ومعمرا وعمارة وأمهم أم كلثوم بنت عمرو بن حزم بْن زَيْد من بني مالك بْن النجار.
كانت أم سُلَيْم حاملا بعبد اللَّه يوم حنين وقد شهدت حنينا. ولم يزل عَبْد اللَّه بالمدينة فِي دار أَبِي طلحة.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مالك قال: كان ابن طَلْحَةَ يَشْتَكِي فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ فَقُبِضَ الصَّبِيُّ. فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: مَا فَعَلَ ابْنِي؟ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: هُوَ أَسْكَنُ مَا كَانَ. فَقَرَّبَتْ إليه العشاء فتعشى ثم
__________
651 طبقات خليفة (273) ، والتاريخ الكبير (5/ 262) ، وتاريخ أبي زرعة (71) ، (562) ، والجرح والتعديل (5/ ت 267) ، والثقات لابن حبان (5/ 13) ، والاستيعاب (3/ 929) ، وتهذيب الأسماء (1/ 273) ، وأسد الغابة (3/ 188) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 337) ، وتذهيب التهذيب (2) الورقة (154) ، وتاريخ الإسلام (3/ 266) ، ومراسيل العلائي (373) ، وتهذيب التهذيب (5/ 2769) ، والإصابة (2/ ت 6178) ، وتقريب التذهيب (1/ 424) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3579) .(5/55)
أَصَابَ مِنْهَا فَلَمَّا فَرَغَ قَالَتْ: وَارُوا الصَّبِيَّ. فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى [رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا.
فَوَلَدَتْ غُلامًا فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: احْفَظْهُ حَتَّى نَأْتِيَ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ. فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ. عَلَيْهِ السَّلامُ. وَبَعَثَ مَعَهُ بِتَمَرَاتٍ فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: أَمَعَهُ شَيْءٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ.
تَمَرَاتٌ. فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَضَغَهَا ثُمَّ أَخَذَ مِنْ فيه فجعله فِي الصَّبِيِّ وَحَنَّكَهُ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ قَالَ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: ثَقُلَ ابْنٌ لأُمِّ سُلَيْمٍ مِنْ أَبِي طَلْحَةَ وَمَضَى أَبُو طَلْحَةَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَتُوُفِّيَ الْغُلامُ فَهَيَّأَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ أَمْرَهُ وَقَالَتْ: لا تُخْبِرُوا أَبَا طَلْحَةَ بِمَوْتِ ابْنِهِ. فَرَجَعَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَقَدْ يَسَّرَتْ لَهُ عَشَاءَهُ كَمَا كَانَتْ تَفْعَلُ. قَالَ: مَا فَعَلَ الْغُلامُ.
أَوِ الصَّبِيُّ؟ قَالَتْ: خَيْرُ مَا كَانَ. وَقَرَّبَتْ لَهُ عَشَاءَهُ فَتَعَشَّى هُوَ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ مَعَهُ. ثُمَّ قَامَتْ إِلَى مَا تَقُومُ إِلَيْهِ الْمَرْأَةُ فَأَصَابَ مِنْ أَهْلِهِ. فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَتْ: يَا أَبَا طَلْحَةَ أَلَمْ تَرَ إِلَى آلِ فُلانٍ اسْتَعَارُوا عَارِيَةً فَتَمَتَّعُوا بِهَا فَلَمَّا طُلِبَتْ مِنْهُمْ شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: مَا أَنْصَفُوا. قَالَتْ: فَإِنَّ ابْنَكَ فُلانًا كَانَ عَارِيَةً مِنَ اللَّهِ فَقَبَضَهُ إِلَيْهِ.
فَاسْتَرْجَعَ وَحَمِدَ اللَّهَ. فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فلما رَآهُ قَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكُمَا فِي لَيْلَتِكُمَا. فَحَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ فَوَلَدَتْ لَيْلا فَكَرِهَتْ أَنْ تُحَنِّكَهُ حَتَّى يُحَنِّكَهُ رَسُولُ اللَّهِ. فَأَرْسَلَتْ بِهِ مَعَ أَنَسٍ فَأَخَذْتُ تَمَرَاتِ عَجْوَةٍ فَانْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - وهو يهنىء أَبَاعِرَ لَهُ أَوْ يُسَمِّهَا فَقُلْتُ: وَلَدَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ اللَّيْلَةَ فَكَرِهَتْ أَنْ تُحَنِّكَهُ حَتَّى تُحَنِّكَهُ أَنْتَ. قَالَ: أَمَعَكَ شَيْءٌ؟ قَالَ قُلْتُ: تَمَرَاتُ عَجْوَةٍ. فَأَخَذَ بَعْضَهُ فَمَضَغَهُ ثُمَّ جَمَعَهُ بَرِيقِهِ فَأَوْجَرَهُ إِيَّاهُ فَتَلَمَّظَ الصَّبِيُّ فَقَالَ: حُبُّ الأَنْصَارِ التَّمْرَ. قَالَ فَقُلْتُ: سَمِّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ. وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.
652- مُحَمَّد بْن أُبَيُّ
بْنُ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْن زيد بْن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار. وأمه أم الطفيل بِنْت الطُّفَيْل بْن عَمْرو بْن المنذر بْن سبيع بن عبدنهم من دوس. فولد مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم وأبيا ومعاذا وعمرا ومحمدا وزيادة وأمهم عَائِشَة بِنْت مُعَاذ بْن الْحَارِث بْن رفاعة بْن الحارث بن سواد من بني مالك بن النجار. ويكنى محمد بن أبي أبا مُعَاذ ووُلِدَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وروى عَنْ عُمَر وروى عَنْهُ بسر بْن سَعِيد وكان ثقة قليل الحديث. وقتل مُحَمَّد يوم الحرة فِي ذي(5/56)
الحجة سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ فِي خِلافَةِ يَزِيدَ بْن معاوية.
653- الطُّفَيْل بْن أُبَيُّ
بْنُ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْن زيد بْن معاوية بن عمرو بن مالك ابن النجار. وأمه أم الطفيل بِنْت الطُّفَيْل بْن عَمْرو بْن المنذر بْن سبيع بن عبدنهم من دوس.
فولد الطُّفَيْل بْن أبي أبيا ومحمدا وعبد العزيز وعثمان وأم عَمْرو وأمهم أم القاسم بِنْت مُحَمَّد بْن أَبِي ذرة بْن مُعَاذ بْن زرارة من بني ظفر من الأوس. وكان الطُّفَيْل بْن أبي يلقب أَبَا بطن وكان صديقا لعبد اللَّه بْن عُمَر. وروى عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب وعن أَبِيهِ وعن ابن عُمَر. وكان ثقة صالح الحديث.
654- وأخوهما الربيع بْن أُبَيُّ
بْنُ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْن زيد بْن معاوية بْن عَمْرو بْن مالك بْن النجار. وقد رُوِيَ عَنْهُ أيضًا وروى [عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لكعب بْن مالك: تزوجت؟ قَالَ: نعم.] من حديث عثمان بن عمر عَنْ مُوسَى بْن دهقان.
655- محمود بْن لبيد
بْن عُقْبَة بْن رافع بْن امرئ القيس بْن زيد بن عبد الأشهل.
وأمه أم منظور بنت محمود بن مسلمة بن سلمة بْن خَالِد بْن عَديّ من بني حارثة من الأوس فولد محمود بْن لبيد حضيرا وأم منظور وأمهما أم ولد وعمارة وأم كلثوم وأمهما أم ولد. وشَيْبَة وأمه بِنْت عَمْرو بْن ضمرة من بني فزارة من قيس عيلان. وأم لبيد وأمها أم ولد. ووُلِدَ محمود بْن لبيد فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفي أَبِيهِ لبيد بْن عُقْبَة جاءت رخصة الإطعام لمن لا يقدر على الصوم. وسمع محمود بْن لبيد من عُمَر. وكان لَهُ عقب فانقرضوا فلم يبق منهم أحد. وتُوُفّي محمود بْن لبيد سَنَة ست وتسعين بالمدينة وكان ثقة قليل الحديث.
__________
653 طبقات خليفة (237) ، وتاريخ البخاري الكبير (4/ ت 3159) ، وأسد الغابة (3/ 52) ، والجرح والتعديل (4/ ت 2151) ، والثقات لابن حبان (4/ 397) ، والاستيعاب (2/ 756) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 2907) ، وتهذيب الكمال (2965) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (104) ، وتاريخ الإسلام (3/ 254) ، والإصابة (2/ 4303) ، وتهذيب التهذيب (5/ 14) ، وتقريب التهذيب (1/ 378) ، وخلاصة الخزرجي (3185) .
655 تهذيب الكمال (1311) ، وتهذيب التهذيب (10/ 65) ، وتقريب التهذيب (2/ 233) ، والإصابة (3/ 387) ، والاستيعاب (3/ 423) .(5/57)
656- السائب بْن أبي لبابة
بْن عَبْد المنذر بْن رفاعة بْن زنبر بْن زَيْد بْن أمية بْن زَيْد بْن مالك بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ مالك بْن الأوس. فولد السائب بْن أبي لبابة حسينا ومُلَيْكَة وأمهما أم الْحَسَن ابْنَة رفاعة بْن شهران بْن خَالِد بْن ثعلبة بْن العجلان من قضاعة حليف بني عَمْرو بْن عَوْف. ومعاوية بْن السائب وبشيرا وأم الْحَسَن وأمهم أم ولد. وزينب بِنْت السائب وأمها أم ولد. وكان السائب بن أبي لبابة يكنى أبا عبد الرحمن. وولد فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وروى عَنْ عُمَر. وكان قليل الحديث ثقة ومات بالمدينة فِي خلافة الوليد بْن عَبْد الملك.
657- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُوَيْمُ
بْنُ سَاعِدَةَ بْنِ عَائِشِ بْنِ قَيْسِ بْن النُّعْمان بْن زيد بْن أمية ولم تسم لنا أمه. وولد عَبْد الرَّحْمَن في عهد النبي. ع. وروى عَنْ عُمَر.
وتُوُفّي بالمدينة فِي آخر خلافة عبد الملك بن مروان. وكان ثقة قليل الحديث.
658- وأخوه سُوَيْد بْن عويم
بْن ساعدة. وأمه أمامة بِنْت بُكَيْر بْن ثعلبة من بني غضب بن جشم بن الخزرج. قتل يوم الحرة في ذي الحجة سنة ثلاثٍ وستّين.
659- أيّوب بْن بشير
بْن سَعْد بْن النُّعْمان بْن أكال بْن لوذان بْن الْحَارِث بْن أمية بْن مُعَاوِيَة بْن مالك بْن عوف بْن عَمْرو من الأَنْصَار ثُمَّ من الأوس. ويكنى أَبَا سليمان.
ولد عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وروى عن عمر. وروى عنه الزُّهْرِيّ. وكان ثقة لَيْسَ بكثير الحديث. وشهد الحرة وجرح بها جراحات كثيرة ثُمَّ مات بعد ذَلِكَ بسنتين وهُوَ ابن خمسٍ وسبعين سنة. وكان لَهُ من الولد عَبْد اللَّه بْن أيّوب درج لا عقب لَهُ.
660- ثعلبة بْن أبي مالك
القرظي. واسم أبي مالك عَبْد اللَّه بْن سام. ويكنى ثعلبة أَبَا يحيى. وقدم أبو مالك من اليمن فقال: نَحْنُ من كندة عَلَى دين يهود. فتزوج إلى ابن سعية من بني قريظة وحالفهم فقيل القرظي. وقد روى ثعلبة عن عمر وعثمان وكان
__________
656 طبقات خليفة (237) ، والجرح والتعديل (4/ ت 1036) ، والاستيعاب (2/ 757) ، وأسد الغابة (2/ 256) ، وتهذيب الكمال (2172) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (5) ، وتهذيب التهذيب (3/ 450) ، والإصابة (2/ ت 3637) .
659 تهذيب الكمال (603) ، وتاريخ البخاري (1/ 1/ 407- 408) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 481) ، والجرح والتعديل (1/ 1/ 242) ، وتاريخ الإسلام (3/ 344) ، وتهذيب التهذيب (1/ 396) .
660 الجرح والتعديل (2/ 463) .(5/58)
يكنى أَبَا جَعْفَر وقال: حدَّثني بكنيته عَبْد الرَّحْمَن بْن يونس عَنْ حمّاد بْن خَالِد الخياط عَنْ دَاوُد بْن سِنَان.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي أويس قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُد بْن سِنَان قَالَ: رأيت ثعلبة بْن أبي مالك يصفر رأسه ولحيته بالحناء.
قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: وكان ثعلبة إمام بني قريظة حَتَّى مات. وكان كبيرًا وكان قليل الحديث.
661- الوليد بْن عبادة
بْن الصامت بْن قيس بْن أصرم بْن فهر بْن ثعلبة بْن غنم بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الخزرج. وأمه جميلة بِنْت أَبِي صعصعة وهُوَ عَمْرو بْن زَيْد بْنِ عَوْفِ بْنِ مَبْذُولِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غنم بن مازن بْن النّجّار. فولد الوليد بْن عبادة خالدا وأمه من طيّئ. ومحمدا وأمه حبة بِنْت النُّعْمان بْن مالك بْن ثَعْلَبَة بْن أَصْرَمَ بْن فِهْرِ بْن ثَعْلَبَة بْن غنم بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الخزرج. وعبادة والحارث ومصعبا وعبد الله ومسلمة وأمهم بزيعة ابْنَة أَبِي حارثة بْن أوس بْن سكن بْن عَديّ بْن عُبَيْد بْن فهر بْن ثعلبة بْن غنم بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الخزرج. وصالحا وأمه من بني سعد بْن بَكْر بْن هوزان. وهشاما وأمه أم ولد. ويحيى وأمه أم ولد. وأم عيسى وحكيمة وأمهما أم ولد. وولد الوليد بن عبادة في آخر عهد النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتُوُفّي فِي خلافة عَبْد الملك بْن مروان بالشّام وكان ثقة كثير الحديث.
662- سَعِيد بْن سَعْدُ
بْنُ عُبَادَةَ بْن دليم بْن حارثة بْن أَبِي حزيمة بْن ثعلبة بْن طريف بْن الخزرج بْن ساعدة بْن كعب بْن الخزرج. وأمه غزية بِنْت سَعْد بْن خليفة بْن الأشرف بْن أبي حزيمة بْن ثعلبة بْن طريف بْن الخزرج بْن ساعدة بْن كعب بْن الخزرج. فولد سَعِيد بْن سَعْد شُرَحْبِيل وخالدا وإسماعيل وزكرياء ومحمدا وعبد الرَّحْمَن وحفصة وعائشة وأمهم بثينة بِنْت أبي الدرداء عويمر بْن زيد بْن قيس بن
__________
661 الجرح والتعديل (9/ 8) .
662 طبقات خليفة (254) ، وتاريخ البخاري الكبير (3/ 1514) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 293) ، والجرح والتعديل (4/ 98) ، والاستيعاب (2/ 620) ، وأسد الغابة (2/ 308) ، وتهذيب الكمال (2281) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (20) ، والتجريد (1/ ت 2317) ، وتهذيب التهذيب (4/ 37) ، والإصابة (2/ 4262) ، وخلاصة الخزرجي (1/ 24664) .(5/59)
عَائِشَة بْن أمية بْن مالك بْن عامر بْن عَديّ بْن كعب بْن الخزرج بْن الحارث بْن الخزرج. ويوسف وأمه أم يوسف بِنْت همّام من بني نصر بْن معاوية من هوزان.
ويحيى وعثمان وغزية وعبد العزيز وأم أبان وأم البنين لأمهات أولاد شتى. وكان سَعِيد بْن سَعْد قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفي بعض الرواية أَنَّهُ قد سَمِعَ منه. وكان ثقة قليل الحديث.
663- عَبَّادُ بْنُ تَمِيمِ
بْنِ غَزِيَّةَ بْن عَمْرو بْن عطية بْن خنساء بْنِ مَبْذُولِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَنْمِ بْنِ مازن بن النجار وأمه أم ولد. وكان لَهُ أخوان لأبيه وأمه. معمر وثابت ابنا تميم قتلا يوم الحرة فِي ذي الحِجَّة سنة ثلاث وستّين.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سبرة عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: قَالَ عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ الْمَازِنِيُّ: أَنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ فَأَذْكُرُ أَشْيَاءَ وَأَعِيهَا. وَكُنَّا مَعَ النِّسَاءِ فِي الآطَامِ وَمَا كَانَ أَهْلُ الآطَامِ يَنَامُونَ إِلا عُقَبَ خَوْفًا مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ أَنْ يَغِيرُوا عَلَيْهِمْ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَدْ رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ.
664- محمد بن ثابت
بن قيس بن شماس بْن مالك بْن امرئ القيس بْن مالك الأغر ابن ثعلبة بْن كعب بْن الخزرج بْن الحارث بْن الخزرج. وأمه جميلة بِنْت عَبْد اللَّه بْن أبي بْن سلول من بلحبلى. وأخوه لأمه عَبْد اللَّه بْن حنظلة بْن أبي عامر الراهب. وحنظلة هُوَ غسيل الملائكة. فولد مُحَمَّد بْن ثابت عَبْد اللَّه قتل يوم الحرة.
وسُلَيْمان قتل يوم الحرة. ويحيى قتل يوم الحرة وأمهم أم عَبْد اللَّه بِنْت حفص بْن صامت بْن حارثة بْن عَديّ بْن قيس بْن زيد بْن مالك من بني الحارث بْن الخزرج.
وإسماعيل وعائشة وأمهما أم كثير بِنْت النُّعْمان بْن العجلان بْن النعمان بن عامر بن
__________
663 طبقات خليفة (249) ، وتاريخ الكبير (6/ 1604) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 261، 381) ، وتاريخ أبي زرعة (232) ، والجرح والتعديل (6/ 398) ، والثقات لابن حبان (5/ 141) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 3074) ، وتهذيب الكمال (3075) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (120) ، وتاريخ الإسلام (4/ 16) ، وغاية النهاية (1/ 3528) ، وتهذيب التهذيب (5/ 90) ، وتقريب التهذيب (1/ 391) ، وخلاصة الخزرجي (2/ 3298) .
664 الجرح والتعديل (7/ 215) .(5/60)
العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق. وإسحاق وإبراهيم ويوسف وقريبة وأمهم أمة اللَّه بِنْت السائب بْن خَلادُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْن حارثة بْن امرئ القيس من بني الْحَارِث بْن الخزرج. وعيسى وحميدة وأمهما أم عَوْن بِنْت عَبْد الرَّحْمَن بْن معمر بْن عَبْد اللَّه بْن أبي بْن سلول من بلحبلى.
665- سَعْد بْن الْحَارِثُ
بْنُ الصِّمَّةِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَتِيكِ بْن عَمْرو بْن مبذول وهُوَ عامر بْن مالك بْن النجار. وأمه أم الحَكَم وهي خولة بِنْت عُقْبَة بْن رافع بْن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل من الأوس. فولد سَعْد بْن الحارث الصَّلْت وأم الفضل وأمهما جمال بِنْت قَيْسِ بْن مَخْرَمَةُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قصي من قريش.
وعمرا وأمه أم سَعِيد بِنْت سهل بْن عتيك بْن النُّعمان بْن عَمْرو بْن مبذول. وقتل سَعْد بْن الحارث بصفين مَعَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب.
666- أَبُو أمامة بن سَهْلُ
بْنُ حُنَيْفِ بْنِ وَاهِبِ بْنِ الْعَكِيمِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْن مجدعة بْن عَمْرو وهُوَ بحزج بْن حنش بْن عوف بْن عَمْرو بْن عوف من الأوس. وأمه حبيبة بِنْت أَبِي أمامة أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ بْنِ عُدَسِ بْنِ عُبَيْدِ بن ثعلبة بْن غنم بْن مالك بْن النّجّار. وكانت حبيبة من المبايعات. وسمي أَبُو أمامة أسعد باسم جَدّه أبي أمه وكني بكنيته. وكان جَدّه أسعد بْن زرارة نقيب بني النّجّار. فولد أَبُو أمامة بْن سهل محمدا وسهلا وعثمان وإبراهيم ويوسف ويحيى وأيوب وداود وحبيبة وأمامة وأمهم أم عَبْد اللَّه بِنْت عتيك بن الحارث بْنُ عَتِيكِ بْنِ قَيْسِ بْنِ هَيْشَةَ بْنِ الحارث من بني معاوية من الأوس. وصالح بْن أبي أمامة وأمه أم ولد.
قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: ذكر لنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي سماه أسعد وكناه أَبَا أمامة باسم جَدّه أبي أمه وكنيته. قَالَ ولم يبلغنا أَنَّهُ روى عَنْ عُمَر شيئًا وقد روى عَنْ عثمان وعن زيد بْن ثابت وعن معاوية وعن أَبِيهِ سهل بْن حنيف. وكان ثقة كثير الحديث.
667- عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي عمرة
واسم أبي عمرة بشير بْن عَمْرو بْن محصن بْن
__________
666 تهذيب الكمال (403) ، الجرح والتعديل (1/ 1/ 344) ، والتاريخ الكبير (1/ 2/ 63) .
667 تهذيب الكمال (808) ، تهذيب التهذيب (6/ 242) ، تقريب التهذيب (1/ 493) ، والتاريخ الكبير (5/ 335) ، والجرح والتعديل (5/ 83) .(5/61)
عَمْرو بْن عتيك بْن عَمْرو بْن مبذول وهُوَ عامر بْن مالك بْن النجار. وأمه هند بِنْت المقوم بْن عَبْد المُطَّلِب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بْن كلاب من قريش وأمها قلابة ابْنَة عَمْرو بْن جعونة بْن حذيم بْن سَعْد بْن سهم من قريش وأمها برة بِنْت عَديّ بْن رئاب بْن سهم من قريش. فولد عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عمرة عَبْد اللَّه وحمزة وعَلْقَمَة وحبانة وأمهم أم سَعْد بِنْت شَيْبان بْن الحارث بْن عَلْقَمَة بْن عَمْرو بْن ثقف بْن مالك بْن مبذول. وهُوَ عامر بْن مالك بْن النّجّار. وكانت لأبي عمرة صحبة. وكان مَعَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب فقتل يوم صفين. وقد روى عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي عمرة عَنْ عثمان وزيد بْن خَالِد الْجُهَنيّ وأبي هريرة. وكان ثقة كثير الحديث.
668- عبد الرحمن بن يزيد
بن جارية بْن عامر بْن مجمع بْن العطاف بْن ضبيعة بْن زَيْد بْن مالك بْن عوف بن عمرو من الأوس. وأمه جميلة بِنْت ثابت بْن أبي الأقلح بْن عصمة بْن مالك بْن أمة بْن ضبيعة بْن زَيْد من بني عَمْرو بْن عوف. وأخوه لأمه عاصم بن عمر بن الخطاب. فولد عبد الرحمن بن يزيد عيسى قتل يوم الحرة وإسحاق وجميلة وأم عَبْد اللَّه وأم أيّوب وأم عاصم وأمهم حسنة بِنْت بُكَيْر بْن جارية بْن عامر بْن مجمع. وجميلًا وأمه أم ولد. وعبد الكريم وعبد الرَّحْمَن وأمهما أمامة بِنْت عَبْد الله بْن سعد بن خيثمة من بني عَمْرو بْن عَوْف وُلِدَ عَبْد الرَّحْمَن بْن يزيد فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وكان قديما. وقد روى عَنْ عُمَر وولي قضاء المدينة لعمر بْن عَبْد العزيز ومات بالمدينة سَنَة ثلاث وتسعين في خلافة الوليد بن عبد الملك. وكان عَبْد الرَّحْمَن بْن يزيد يكنى أَبَا مُحَمَّد. وكان ثقة قليل الحديث.
669- مجمع بْن يزيد
بن جارية بْن عامر بْن مجمع بْن العطاف بْن ضبيعة بْن زيد.
وأمه حبيبة بنت الجنيد بن كنانة بن قيس بن زُهَيْر بْن جذيمة بْن رواحة من بني عبس.
فولد مجمع بْن يزيد إِسْمَاعِيل وإسحاق ويعقوب وسعدى وأم إِسْحَاق وأم النُّعْمان وأمهم سالمة بِنْت عَبْد اللَّه بْن أَبِي حبيبة بْن الأزعر بْن زَيْد بْن العطاف بْن ضبيعة بْن زَيْد من بني عَمْرو بْن عَوْف.
670- أَبُو سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ
واسمه كيسان وهُوَ مولى لبني جندع من بني ليث بْن
__________
668 الجرح والتعديل (5/ 299) .
670 تهذيب الكمال (1151) ، وتهذيب التهذيب (8/ 453) ، (2/ 137) ، والتاريخ الكبير (7/ 234) ، الجرح والتعديل (7/ 166) ، وتاريخ ابن معين (2/ 497) .(5/62)
بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ. وكان منزله عند المقابر. فقالوا المَقْبُريّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ وَيُونُسُ بْنُ حُمْرَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الْجَوْسَقُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ مَمْلُوكًا لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي جُنْدَعٍ فَكَاتَبَنِي عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفًا وَشَاةٍ لِكُلِّ أَضْحًى. قَالَ فَتَهَيَّأَ الْمَالُ فَجِئْتُ بِهِ إِلَيْهِ فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَهُ إِلا عَلَى النُّجُومِ. فَجِئْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: يَا يَرْفَأُ خُذِ الْمَالَ فَضَعْهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ ائْتِنَا الْعَشِيَّةَ نَكْتُبْ عِتْقَكَ. ثُمَّ إِنْ شَاءَ مَوْلاكَ أَخَذَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ. قَالَ فَحَمَلْتُ الْمَالَ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ فَلَمَّا بَلَغَ مَوْلايَ جَاءَ فَأَخَذَ الْمَالَ. قَالَ ثُمَّ أَتَيْتُ عُمَرَ بِزَكَاةِ مَالِي بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: أَخَذْتَ مِنَ الْمَالِ شَيْئًا مُنْذُ عُتِقْتَ؟ قَالَ قُلْتُ: لا. قَالَ: فَارْجِعْ بِهِ حَتَّى تَأْخُذَ مِنَّا شَيْئًا ثُمَّ ائْتِنَا بَعْدُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ: كُنْتُ مُكَاتَبًا فَكَلَّمْتُ مَوْلايَ أَنْ يَقْبِضَ كِتَابِي فَأَبَى. فَأَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: يَا يَرْفَأُ اقْبِضِ الْمَالَ مِنْهُ وَاجْعَلْهُ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ. وَقَالَ: اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ. قَالَ فَجِئْتُهُ مِنْ عَامِ الْقَابِلِ بِصَدَقَةِ مَالِي فَقَالَ: أَخَذْتَ مِنَّا شَيْئًا فَرَضْنَا لَكَ؟ قُلْتُ: لا. فَرَدَّهَا علي.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي صَخْرَةَ. وَقَالَ غَيْرُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي صَخْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَقُلْتُ: خُذْ هَذِهِ زَكَاةَ مَالِي. فَقَالَ: أُعْتِقْتَ يا كيسان؟ فَقُلْتُ:
نَعَمْ. قَالَ: اذْهَبْ فَتَصَدَّقْ بِهَا.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدًا الْمَقْبُرِيَّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِزَكَاةِ مَالِي فَقَالَ: أَخَذْتَ فِي دِيوَانِنَا شيئا؟ قال قلت: لا. قَالَ: فَاذْهَبْ بِهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَدْ رَوَى أَبُو سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ. وَكَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ.
وَتُوُفِّيَ سَنَةَ مِائَةٍ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ غيره: توفي بالمدينة في خلافة الوليد بن عَبْدِ الْمَلِكِ.
671- أَبُو عُبَيْد.
قَالَ الزُّهْرِيّ مرّة: مولى عَبْد الرَّحْمَن بْن أزهر. وقال مرّة أخرى فِي مكان آخر:(5/63)
مولى عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف. وكذلك قَالَ غيره.
قَالَ الزُّهْرِيّ: وكان من القدماء وأهل الفقه. قَالَ شهدت العيد مَعَ عُمَر. وقد روى عن عثمان وعلي وأبي هريرة. وكان اسمه سعدًا. وتُوُفّي بالمدينة سَنَة ثمانٍ وتسعين. وكان ثقة ولَهُ أحاديث.
672- أَفْلَحُ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ
الأَنْصَارِيِّ ويكنى أَبَا كثير.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ كَاتَبَ أَفْلَحَ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفًا. فَجَعَلَ النَّاسُ يُهَنِّئُونَهُ وَيَقُولُونَ: لِيَهْنِئْكَ الْعِتْقُ أَبَا كَثِيرٍ. فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو أَيُّوبَ إِلَى أَهْلِهِ نَدِمَ عَلَى مُكَاتَبَتِهِ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي أَحَبُّ أَنْ تُرَدَّ إِلَيَّ الْكِتَابَ وَأَنْ تَرْجِعَ كَمَا كُنْتَ. فَقَالَ لَهُ وَلَدُهُ وَأَهْلُهُ: أَتَرْجِعُ رَقِيقًا وَقَدْ أَعْتَقَكَ اللَّهُ؟ فَقَالَ أَفْلَحُ: وَاللَّهِ لا يَسْأَلُنِي شَيْئًا إِلا أَعْطَيْتُهُ إِيَّاهُ. فَجَاءَهُ بِمُكَاتَبَتِهِ فَكَسَرَهَا ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ أَبُو أَيُّوبَ فَقَالَ: أَنْتَ حُرٌّ وَمَا كَانَ لَكَ مِنْ مَالٍ فَهُوَ لَكَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَ أَفْلَحُ من سبي عين التمر الذين سبى خالد بن الوليد في خلافة أبي بكر الصديق وَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَقَدْ سَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ أَنَّ أَفْلَحَ كَانَ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَسَمِعَ مِنْ عُمَرَ. وَلَهُ دَارٌ بِالْمَدِينَةِ. وقتل يوم الحرة في ذي الحجة سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ فِي خِلافَةِ يَزِيدَ بْنِ معاوية. وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.
673- عُبَيْد مولى عُبَيْد
بْن المعلى أخي أَبِي سَعِيد بْن مُعَلّى الزرقي. ويكنى عُبَيْد أَبَا عَبْد اللَّه وهُوَ من سبي عين التمر الذين سبى خالد بن الوليد في خلافة أبي بكر الصديق وبعث بهم إلى المدينة. يقولون عُبَيْد بْن مرّة وهُوَ جد نفيس بْن مُحَمَّد بْن زيد بْن عُبَيْد التاجر صاحب قصر نفيس الَّذِي بناحية حرة واقم. ومات عُبَيْد مولى عُبَيْد بْن المعلى ليالي الحرة فِي ذي الحِجَّة سنة ثلاثٍ وستّين. وكان ثقة قليل الحديث.
674- شماس مولى الْعَبَّاس
بْن عَبْد المُطَّلِب بْن هاشم. حفظ سورة يوسف من فِي عُمَر بْن الْخَطَّاب وهُوَ يتلوها فِي الصّلاة. وروى عَنْهُ ابنه عثمان بْن شماس.
675- السائب بْن خباب
مولى فَاطِمَةُ بِنْت عُتْبة بْن رَبِيعَةَ بْن عَبْد شمس ويكنى أبا
__________
672 تاريخ البخاري الكبير، والجرح والتعديل (1/ 1/ 323) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 319) .
675 التاريخ الكبير (4/ 2290) ، وكنى الدولابي (1/ 89) ، والجرح والتعديل (4/ ت 1028) ، والاستيعاب (2/ 570) ، وأسد الغابة (2/ 250) ، وتهذيب الكمال (2167) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (5) ، والعقد الثمين (4/ 498) ، وتهذيب التهذيب (3/ 446) ، والإصابة (2/ 3061) ، وخلاصة الخزرجي (1/ 2347) .(5/64)
عَبْد الرَّحْمَن. وقال سَمِعْتُ من يذكر أَنَّهُ يكنى أَبَا مُسْلِم. وكان ثقة قليل الحديث وقد روى عَنْ عُمَر وزيد بْن ثابت.
قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: وتُوُفّي بالمدينة سَنَة سبع وتسعين وهو ابن اثنتين وسبعين سنة.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكِ بْنِ أنس أن السائب بْن خباب تُوُفّي قبل ابن عمر.
676- عبيد ابن أم كلاب
سَمِعَ من عُمَر بْن الْخَطَّاب. وهُوَ عُبَيْد بْن سَلَمَة الليثي.
وهُوَ الَّذِي خرج من المدينة بقتل عثمان فاستقبل عَائِشَة بسرف فأخبرها بقتله وبيعة النَّاس لعلي بْن أَبِي طَالِب فرجعت إلى مَكّة وكان عُبَيْد علويا.
677- ابن مرسا
مولى قريش. روى عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب. وكان قليل الحديث.
678- أَبُو سَعِيدٍ
مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ. روى عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب.
679- الهرمزان
وكان من أهل فارس. فلمّا انقضى أمر جلولاء خرج يزدجرد من حلوان إلى أصبهان ثُمَّ أتى إصطخر ووجه الهرمزان إلى تستر فضبطها وتحصن فِي القلعة ومعه الأساورة وجمع كثير من أهل تستر. وهي فِي أقصى المدينة ممّا يلي الجبل. والماء محيط بها. ومادة تأتيهم من أصبهان. فمكثوا كذلك ما شاء اللَّه.
وحاصرهم أَبُو مُوسَى سنتين. ويقال ثمانية عشر شهرا. ثُمَّ نزل أهل القلعة عَلَى حكم عُمَر فبعث أَبُو مُوسَى بالهرمزان إِلَيْهِ ومعه اثنا عشر أسيرا من العجم عليهم الديباج ومناطق الذهب وأسورة الذهب فقدموا بهم المدينة فِي زيهم ذَلِكَ. فجعل النَّاس يعجبون. فأتوا بهم منزل عُمَر فلم يصادفوه وجعلوا يطلبونه. فقال الهرمزان بالفارسية:
قد ضل ملككم. فقيل لهم هُوَ فِي المسجد. فدخلوا فوجدوه نائما متوسدا رداءه.
فقال الهرمزان: هذا ملككم؟ قَالُوا: هذا الخليفة. قَالَ: أما لَهُ حاجب ولا حارس؟
قَالُوا: اللَّه حارسه حَتَّى يأتي عَلَيْهِ أجله. فقال الهرمزان: هذا الملك الهنيء. ونظر(5/65)
عُمَر إلى الهرمزان فقال: أعوذ بالله من النّار. ثُمَّ قَالَ: الحمد لله الَّذِي أذل هذا وشيعته بالإسلام. وقال عُمَر للوفد: تكلموا. وإياي وتشقيق الكلام والإكثار. فقال أنس بْن مالك: الحمد لله الَّذِي أنجز وعده وأعز دينه وخذل من حاده وأورثنا أرضهم وديارهم وأفاء علينا أموالهم وأبناءهم وسلطنا عليهم نقتل من شئنا ونستحيي من شئنا. فبكى عُمَر ثُمّ قَالَ للهرمزان: ما مالك؟ قَالَ: أما ميراثي عن آبائي فعندي. وأما ما كَانَ فِي يدي من مال الملك وبيوت الأموال فأخذه عاملك. قَالَ: يا هرمزان كيف رَأَيْت الَّذِي صنع اللَّه بكم؟ فلم يجبه. قَالَ: ما لك لا تكلَّم؟ قَالَ: أكلام حي أكلمك أم كلام ميت؟ قال: أولست حيًّا؟ فاستسقى الهرمزان ماء فقال عُمَر: لا نجمع عليك القتل والعطش. فدعا لَهُ بماء فأتوه بماء فِي قدح خشب فأمسكه بيده. فقال عُمَر: اشرب لا بأس عليك. إني غير قاتلك حَتَّى تشربه. فرمى بالإناء من يده وقال: يا معشر العرب كنتم وأنتم عَلَى غير دين نتعبدكم ونقضيكم ونقتلكم وكنتم أسوأ الأمم عندنا حالا وأخسها منزلة. فلمّا كَانَ اللَّه معكم لم يكن لأحد بالله طاقة. فأمر عُمَر بقتله فقال:
أولم تؤمني؟ قَالَ: وكيف؟ قَالَ: قلت لي تكلَّم لا بأس عليك. وقلت اشرب لا بأس عليك لا أقتلك حَتَّى تشربه. فقال الزُّبَيْر بْن العوام وأنس بْن مالك وأبو سَعِيد الخُدْريّ: صدق. فقال عُمَر: قاتله اللَّه! أخذ أمانا ولا أشعر. وأمر فنزع ما كَانَ عَلَى الهرمزان من حلية وديباجه وقال لسراقة بْن مالك بْن جعشم. وكان نحيفا أسود دقيق الذراعين كأنهما محترقان: البس سواري الهرمزان. فلبسهما ولبس كسوته فقال عُمَر:
الحمد لله الَّذِي سلب كسرى وقومه حليهم وكسوتهم وألبسها سراقة بْن مالك بْن جعشم. ودعا عُمَر الهرمزان وأصحابه إلى الْإِسْلَام فأبوا. [فقال عَلِيّ: يا أمير المؤمنين فرق بينهم وبين إخوتهم.] فحمل عمر الهرمزان وجفينة وغيرهما في البحر وقال: اللهمّ اكسر بهم. وأراد أن يسيرهم إلى الشّام فكسر بهم ولم يغرقوا. فرجعوا فأسلموا.
وفرض لهم عُمَر فِي ألفين ألفين وسمي الهرمزان عرفطة.
قَالَ المسور بْن مخرمة: رَأَيْت الهرمزان بالروحاء مهلا بالحج مَعَ عُمَر عَلَيْهِ حلة حبرة.
أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ الأَغَرِّ الْمَكِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: رَأَيْتُ الْهُرْمُزَانَ مُهِلا بِالْحَجِّ بِالرَّوْحَاءِ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ حلة حبرة.(5/66)
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ:
قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَخْمَصَ بَطْنًا وَلا أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ مِنَ الْهُرْمُزَانِ.
وَمِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ مِمَّنْ رَوَى عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَبْدِ الرَّحْمَن بْن عَوْف وطلحة والزُّبَيْر وسعد وأبي بْن كعب وسهل بْن حنيف وحذيفة بْن اليَمَان وزيد بْن ثابت وغيرهم. رحمهم الله
680- محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ
وهُوَ مُحَمَّد الأكبر بْن عَلِيّ بْن أبي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ المطلب بن هاشم بْن عَبْد مناف بْن قصي. وأمه الحنفية خولة بِنْت جَعْفَر بْن قَيْس بْن مَسْلَمَة بْن ثَعْلَبَة بْن يربوع بْن ثَعْلَبَة بْن الدول بْن حنيفة بْن لجيم بْنِ صَعْبِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَكْرِ بْنِ وائل. ويقال بل كانت أمه من سبي اليمامة فصارت إلى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. رَحِمَهُ اللَّهِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ يَذْكُرُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْطَى عَلِيًّا أم محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: رَأَيْتُ أُمَّ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ سِنْدِيَّةً سَوْدَاءَ وَكَانَتْ أَمَةً لِبَنِي حَنِيفَةَ وَلَمْ تَكُنْ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا صَالَحَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى الرَّقِيقِ وَلَمْ يُصَالِحْهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ قَالا: حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ [عَنْ منذر الثوري قال: سمعت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: كَانَتْ رُخْصَةٌ لِعَلِيٍّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ وُلِدَ لِي وَلَدٌ بَعْدَكَ أُسَمِّيهُ بِاسْمِكَ وَأُكَنِّيهِ بِكُنْيَتِكَ. قَالَ: نَعَمْ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالا: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قال: وقع بين علي وطلحة فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ: لا كَجُرْأَتِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ.
سَمَّيْتَ بِاسْمِهِ وَكَنَّيْتَ بِكُنْيَتِهِ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَجْمَعَهُمَا أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ بعده. فقال
__________
680 تهذيب الكمال (1246) ، وتهذيب التهذيب (9/ 354) ، وتقريب التهذيب (2/ 192) ، والتاريخ الكبير (1/ 182) ، والجرح والتعديل (8/ 26) ، وتاريخ ابن معين (2/ 531) .(5/67)
عَلِيٌّ: إِنَّ الْجَرِيءَ مَنِ اجْتَرَأَ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ. اذْهَبْ يَا فُلانُ فَادْعُ لِي فُلانًا وَفُلانًا. لِنَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ. قَالَ فَجَاؤُوا فَقَالَ: بِمَ تَشْهَدُونَ؟ قَالُوا: [نَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ إِنَّهُ سَيُولَدُ لَكَ بَعْدِي غُلامٌ فَقَدْ نَحَلْتُهُ اسْمِي وَكُنْيَتِي وَلا تَحِلُّ لأَحَدٍ مِنْ أُمَّتِي بَعْدَهُ] .
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ كَانَ يُكْنَى أَبَا الْقَاسِمِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أخبرنا هُشَيْمٌ قَالَ: أخبرنا مُغِيرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:
كَانَ مُحَمَّدُ ابن الْحَنَفِيَّةِ يُكْنَى أَبَا الْقَاسِمِ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ كَانَ يُكْنَى أَبَا الْقَاسِمِ. وَكَانَ كَثِيرُ الْعِلْمِ وَرِعًا. فَوَلَدَ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ عَبْدَ اللَّهِ وَهُوَ أَبُو هَاشِمٍ وَحَمْزَةَ وَعَلِيًّا وَجَعْفَرًا الأَكْبَرَ وَأُمُّهُمْ أُمُّ وَلَدٍ. وَالْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ. وَكَانَ مِنْ ظُرَفَاءِ بَنِي هَاشِمٍ وَأَهْلِ الْعَقْلِ مِنْهُمْ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الإِرْجَاءِ. وَلا عَقِبَ لَهُ وَأُمُّهُ جَمَالُ ابْنَةُ قَيْسِ بْن مَخْرَمَةُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ. وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَأُمُّهُ مُسْرِعَةُ ابْنَةُ عَبَّادِ بْنِ شَيْبَانَ بْنِ جَابِرِ بْنِ أُهَيْبِ بْنِ نَسِيبِ بْنِ زَيْدِ بْن مَالِكِ بْن عَوْفِ بْن الْحَارِث بْن مازن بْن مَنْصُور بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلانَ بْنِ مُضَرَ حَلِيفُ بَنِي هَاشِمٍ. وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ لا بَقِيَّةَ لَهُ. وَأُمَّ أَبِيهَا وَأُمُّهُمْ أُمُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَاسْمُهَا بَرَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ. وَجَعْفَرًا الأَصْغَرَ وَعَوْنًا وَعَبْدَ اللَّهِ الأَصْغَرَ وَأُمُّهُمْ أُمُّ جَعْفَرٍ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ وَرُقَيَّةَ وَأُمُّهُمَا أُمُّ وَلَدٍ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ مُنْذِرٍ الثوري قال:
سمعت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ. وَذَكَرَ يَوْمَ الْجَمَلِ قَالَ: لَمَّا تَصَافَفْنَا أَعْطَانِي عَلِيٌّ الرَّايَةَ فَرَأَى مِنِّي نُكُوصًا لَمَّا دَنَا النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَأَخَذَهَا مِنِّي فَقَاتَلَ بِهَا. قَالَ فَحَمَلْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. فَلَمَّا غَشَيْتُهُ قَالَ: أَنَا عَلَى دِينِ أَبِي طَالِبٍ.
فَلَمَّا عَرَفْتُ الَّذِي أَرَادَ كَفَفْتُ عَنْهُ. [فَلَمَّا هُزِمُوا قَالَ عَلِيٌّ: لا تُجْهِزُوا عَلَى جَرِيحٍ وَلا تَتَّبِعُوا مُدْبِرًا. وَقُسِمَ فَيْؤُهُمْ] بَيْنَهُمْ مَا قُوتِلَ بِهِ مِنْ سِلاحٍ أَوْ كُرَاعٍ. وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مَا أَجْلَبُوا بِهِ عَلَيْنَا مِنْ كُرَاعٍ أَوْ سِلاحٍ.(5/68)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ ابن الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ: كَانَ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَغْزُوَ مُعَاوِيَةَ وَأَهْلَ الشَّامِ فَجَعَلَ يَعْقِدُ لِوَاءَهُ ثُمَّ يَحْلِفُ لا يَحِلُّهُ حَتَّى يَسِيرَ. فَيَأْبَى عَلَيْهِ النَّاسُ وَيَنْتَشِرُ رَأْيُهُمْ وَيَجْبُنُونَ فَيُحِلُّهُ وَيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ. حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ. وَكُنْتُ أَرَى حَالَهُ فَأَرَى مَا لا يَسُرُّنِي. فَكَلَّمْتُ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ يَوْمَئِذٍ وَقُلْتُ لَهُ: أَلا تُكَلِّمُهُ أَيْنَ يَسِيرُ بِقَوْمٍ لا وَاللَّهِ مَا أَرَى عِنْدَهُمْ طَائِلا؟ فَقَالَ الْمِسْوَرُ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ يَسِيرُ لأَمْرٍ قَدْ حُمَّ. قَدْ كَلَّمْتُهُ فرأيته يأبى إلا المسير.
قال محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: فَلَمَّا رَأَى مِنْهُمْ مَا رَأَى قَالَ: [اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ مَلَلْتُهُمْ وَمَلُّونِي وَأَبْغَضْتُهُمْ وَأَبْغَضُونِي فَأَبْدِلْنِي بِهِمْ خَيْرًا مِنْهُمْ وَأَبْدِلْهُمْ بِي شَرًّا مني] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: كَانَ عَلَى رَجَّالَةٍ عَلِيٌّ يَوْمَ صِفِّينَ عَمَّارُ بن ياسر. وكان محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَحْمِلُ رَايَتَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ خَازِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شَرَاحِيلَ عَنْ حَنَشِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ. وَقَدْ كَانَ شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ. قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمًا وَالْتَقَيْنَا نَحْنُ وَأَهْلُ الشَّامِ فَاقْتَتَلْنَا حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ لا يَبْقَى أَحَدٌ. فَأَسْمَعُ صَائِحًا يَصِيحُ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُ اللَّهُ. مَنْ لِلنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ. مَنْ لِلرُّومِ. مَنْ لِلتُّرْكِ. مَنْ لِلدَّيْلَمِ؟ اللَّهُ اللَّهُ وَالْبُقْيَا. فَأَسْمَعُ حَرَكَةً مِنْ خَلْفِي فَالْتَفَتُّ فَإِذَا عَلِيٌّ يَعْدُو بِالرَّايَةِ يُهَرْوِلُ بِهَا حَتَّى أَقَامَهَا. وَلَحِقَهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ فَأَسْمَعُهُ يَقُولُ: يَا بُنَيَّ الْزَمْ رَأَيْتَكَ فَإِنِّي مُتَقَدِّمٌ فِي الْقَوْمِ. فَأَنْظُرْ إِلَيْهِ يَضْرِبُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُفْرَجَ لَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهِمْ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ عند محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَا أَشْهَدُ عَلَى أَحَدٍ بِالنَّجَاةِ وَلا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا عَلَى أَبِي الَّذِي وَلَدَنِي. قَالَ فَنَظَرَ الْقَوْمُ إِلَيْهِ. قَالَ: مَنْ كَانَ فِي النَّاسِ مِثْلَ عَلِيٍّ سَبَقَ لَهُ كَذَا سَبَقَ لَهُ كَذَا؟
أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي يَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ فِي الشِّعْبِ: لَوْ أَنَّ أَبِي عَلِيًّا أَدْرَكَ هَذَا الأَمْرَ لَكَانَ هَذَا مَوْضِعُ رَحْلِهِ.(5/69)
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيِّ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنَ الْعَرَبِ يَتَّخِذُهُمَا النَّاسُ أَنْدَادًا مِنْ دُونِ اللَّهِ.
نَحْنُ وَبَنُو عَمِّنَا هَؤُلاءِ. يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْثَرٌ أَبُو زبيد عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَة عَنْ مُنْذِرٍ أَبِي يَعْلَى عَنْ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: نَحْنُ أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ نتخذ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا. نَحْنُ وَبَنُو أُمَيَّةَ.
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: سَلامٌ عَلَيْكَ يَا مَهْدِيٌّ. فَقَالَ: أَجَلْ أَنَا مَهْدِيُّ أُهْدِي إِلَى الرُّشْدِ وَالْخَيْرِ. اسْمِي اسْمُ نَبِيِّ اللَّهِ وَكُنْيَتِي كُنْيَةُ نَبِيِّ اللَّهِ. فَإِذَا سَلَّمَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ. السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَلاءِ الْخَفَّافُ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ الحنفية فسلم عليه فرد ع فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ؟ فَحَرَّكَ يَدَهُ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ. أَمَا آنَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا كَيْفَ نَحْنُ؟ إِنَّمَا مَثَلُنَا فِي هَذِهِ الأُمَّةِ مَثَلُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي آلِ فِرْعَوْنَ. كَانَ يَذْبَحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ. وَإِنَّ هَؤُلاءِ يَذْبَحُونَ أَبْنَاءَنَا وَيَنْكِحُونَ نِسَاءَنَا بِغَيْرِ أَمْرِنَا. فَزَعَمَتِ الْعَرَبُ أَنَّ لَهَا فَضْلا عَلَى الْعَجَمِ فَقَالَتِ الْعَجَمُ: وَمَا ذاك؟ قالوا: كان محمد عَرَبِيًّا. قَالُوا: صَدَقْتُمْ. قَالُوا: وَزَعَمَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ لَهَا فَضْلا عَلَى الْعَرَبِ فَقَالَتِ الْعَرَبُ: وَبِمَ ذَا؟ قَالُوا: قَدْ كَانَ مُحَمَّدٌ قُرَشِيًّا.
فَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ صَدَّقُوا فَلَنَا فَضْلٌ عَلَى النَّاسِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ قَالَ: أخبرنا عُمَرُ بْنُ زِيَادٍ الْهُذَلِيُّ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ حَدَّثَهُ قَالَ: لَقِيتُ بِخُرَاسَانَ رَجُلا مِنْ عَزَّةَ. قَالَ قُلْتُ لِلأَسْوَدِ: مَا اسْمُهُ؟ قَالَ: لا أَدْرِي. قَالَ: أَلا أَعْرِضُ عَلَيْكَ خُطْبَةَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ؟ قَالَ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي رَهْطٍ يُحَدِّثُهُمْ فَقُلْتُ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَهْدِيُّ.
قَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ. قَالَ قُلْتُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً. قَالَ: أَسِرٌّ هِيَ أم عَلانِيَةٌ؟ قَالَ قُلْتُ: بَلْ سِرٌّ. قَالَ: اجْلِسْ. فَجَلَسْتُ وَحَدَّثَ الْقَوْمَ سَاعَةً ثُمَّ قَامَ فَقُمْتُ مَعَهُ. فَلَمَّا أَنْ دَخَلَ دَخَلْتُ مَعَهُ بَيْتَهُ. قَالَ: قُلْ بِحَاجَتِكَ. قَالَ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ وَشَهِدْتُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وشهدت أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ثُمَّ قُلْتُ: أَمَّا بعد فو الله مَا كُنْتُمْ أَقْرَبَ قُرَيْشٍ إلينا قَرَابَةً فَنُحِبُّكُمْ عَلَى قَرَابَتِكُمْ وَلَكِنْ كُنْتُمْ أَقْرَبَ قُرَيْشٍ إِلَى نَبِيِّنَا قَرَابَةً فَلِذَلِكَ(5/70)
أَحْبَبْنَاكُمْ عَلَى قَرَابَتِكُمْ مِنْ نَبِيِّنَا. فَمَا زَالَ بِنَا الشَّيْنُ فِي حُبِّكُمْ حَتَّى ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الأَعْنَاقُ وَأُبْطِلَتِ الشَّهَادَاتُ وَشَرَدْنَا فِي الْبِلادِ وَأُوذِينَا حَتَّى لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَذْهَبَ فِي الأَرْضِ قَفْرًا فَأَعْبُدَ اللَّهَ حَتَّى أَلْقَاهُ لَوْلا أَنْ يَخْفَى عَلَيَّ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ. وَحَتَّى هَمَمْتُ أَنْ أَخْرُجَ مَعَ أَقْوَامٍ شَهَادَتُنَا وَشَهَادَتُهُمْ وَاحِدَةٌ عَلَى أُمَرَائِنَا فَيَخْرُجُونَ فَيُقَاتِلُونَ وَنُقِيمُ. فَقَالَ عُمَرُ: يَعْنِي الْخَوَارِجَ. وَقَدْ كَانَتْ تَبْلُغُنَا عَنْكَ أَحَادِيثُ من وَرَاءَ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُشَافِهُكَ لِلْكَلامِ فَلا أَسْأَلُ عَنْكَ أَحَدًا وَكُنْتَ أَوْثَقَ النَّاسِ فِي نَفْسِي وَأَحَبَّهُ إلي أَنْ أَقْتَدِيَ بِهِ.
فَأَرَى بِرَأْيِكَ وَكَيْفَ تَرَى الْمَخْرَجَ. أَقُولُ هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ. قَالَ فَحَمِدَ اللَّهَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَشَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَشَهِدَ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الأَحَادِيثَ فَإِنَّهَا عَيْبٌ عَلَيْكُمْ. وَعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَإِنَّهُ بِهِ هَدْيُ أَوَّلِكُمْ وَبِهِ يُهْدَى آخِرُكُمْ. وَلَعَمْرِي لَئِنْ أُوذِيتُمْ لَقَدْ أُوذِيَ مَنْ كَانَ خَيْرًا مِنْكُمْ. أَمَّا قِيلُكَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَذْهَبَ فِي الأَرْضِ قَفْرًا فَأَعْبُدَ اللَّهَ حَتَّى أَلْقَاهُ وَأَجْتَنِبَ أُمُورَ النَّاسِ لَوْلا أَنْ يَخْفَى عَلَيَّ أُمُورُ آلِ مُحَمَّدٍ. فَلا تَفْعَلْ فَإِنَّكَ تِلْكَ الْبِدْعَةُ الرَّهْبَانِيَّةُ. وَلَعَمْرِي لأَمْرُ آلِ محمد أبين من طلوع هذه الشَّمْسِ. وَأَمَّا قِيلُكَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَخْرُجَ مَعَ أَقْوَامٍ شَهَادَتُنَا وَشَهَادَتُهُمْ وَاحِدَةٌ عَلَى أُمَرَائِنَا فَيَخْرُجُونَ فَيُقَاتِلُونَ وَنُقِيمُ.
فَلا تَفْعَلْ. لا تُفَارِقِ الأُمَّةَ. اتَّقِ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ بِتَقِيَّتِهِمْ. قَالَ عُمَرُ: يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ. وَلا تُقَاتِلْ مَعَهُمْ. قَالَ قُلْتُ: وَمَا تَقِيَّتُهُمْ؟ قَالَ: تُحْضِرُهُمْ وَجْهَكَ عِنْدَ عَوْدَتِهِمْ فَيَدْفَعُ اللَّهُ بِذَلِكَ عَنْكَ عَنْ دَمِكَ وَدِينِكَ وَتُصِيبُ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمْ. قَالَ قُلْتُ:
أَرَأَيْتَ إِنْ أَطَافَ بِي قِتَالٌ لَيْسَ لِي مِنْهُ بُدٌّ؟ قَالَ: تُبَايِعُ بِإِحْدَى يَدَيْكَ الأُخْرَى لِلَّهِ.
وَتُقَاتِلُ لِلَّهِ. فَإِنَّ اللَّهَ سَيُدْخِلُ أَقْوَامًا بِسَرَائِرِهِمُ الْجَنَّةَ وَسَيُدْخِلُ أَقْوَامًا بِسَرَائِرِهِمُ النَّارَ.
وَإِنِّي أُذَكِّرُكَ اللَّهَ أَنْ تُبَلِّغَ عَنِّي مَا لَمْ تَسْمَعْ مِنِّي أَوْ أَنْ تَقُولَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ. يَعْنِي ابْنُ عُيَيْنَةَ. قَالَ:
حَدَّثَنِي الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: بَايِعْ بِإِحْدَى يَدَيْكَ عَلَى الأُخْرَى وَقَاتِلْ عَلَى نِيَّتِكَ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ مُنْذِرٍ قَالَ:
سمعت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ لَصَاعِقَةٌ لا يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ عَنْ أبي الطفيل(5/71)
عن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: الْزَمْ هَذَا الْمَكَانَ وَكُنْ حَمَامَةً مِنْ حَمَامِ الْحَرَمِ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُنَا فَإِنَّ أَمَرَنَا إِذَا جَاءَ فَلَيْسَ بِهِ خِفَاءٌ كَمَا لَيْسَ بِالشَّمْسِ إِذَا طَلَعَتْ خَفَاءٌ. وَمَا يُدْرِيكَ إِنْ قَالَ لَكَ النَّاسُ تَأْتِي مِنَ الْمَشْرِقِ وَيَأْتِي اللَّهُ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ. وَمَا يُدْرِيكَ إِنْ قَالَ لَكَ النَّاسُ تَأْتِي مِنَ الْمَغْرِبِ وَيَأْتِي اللَّهُ بِهَا مِنَ الْمَشْرِقِ. وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّنَا سَنُؤْتَى بِهَا كَمَا يُؤْتَى بِالْعَرُوسِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
قَالَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ: مَنْ أَحَبَّنَا نَفَعَهُ اللَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي الدَّيْلَمِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: وَدِدْتُ لَوْ فديت شيعتنا هؤلاء ولو بِبَعْضِ دَمِي. قَالَ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى عَلَى الْمِفْصَلِ وَالْعُرُوقِ ثُمَّ قَالَ: لَحَدِيثُهُمُ الْكَذِبُ وَإِذَاعَتُهُمُ الشَّرُّ حَتَّى إِنَّهَا لَوْ كَانَتْ أُمَّ أَحَدِهِمُ الَّتِي وَلَدَتْهُ أَغْرَى بِهَا حَتَّى تُقْتَلَ.
أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْحَارِثِ الأَزْدِيِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً أَغْنَى نَفْسَهُ وَكُفَّ يَدَهُ وَأَمْسَكَ لِسَانَهُ وَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ. لَهُ مَا احْتَسَبَ وَهُوَ مَعَ مَنْ أَحَبَّ. أَلا إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي أُمَيَّةَ أَسْرَعُ فِيهِمْ مِنْ سُيُوفِ الْمُسْلِمِينَ.
أَلا إِنَّ لأَهْلِ الْحَقِّ دَوْلَةً يَأْتِي بِهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ. فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ وَمِنَّا كَانَ عِنْدَنَا فِي السَّنَامِ الأَعْلَى. وَمَنْ يَمُتْ فَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قال: أخبرنا أَبُو شِهَابٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي يَعْلَى عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: مَنْ أَحَبَّ رَجُلا لِلَّهِ لِعَدْلٍ ظَهَرَ مِنْهُ وَهُوَ فِي عِلْمِ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ آجَرَهُ اللَّهُ عَلَى حُبِّهُ إِيَّاهُ كَمَا لَوْ كَانَ أَحَبَّ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. وَمَنْ أَبْغَضَ رَجُلا لِلَّهِ لِجَوْرٍ ظهر منه وهو في علم الله من أَهْلِ الْجَنَّةِ آجَرَهُ اللَّهُ عَلَى بُغْضِهِ إِيَّاهُ كَمَا لَوْ كَانَ أَبْغَضَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ النَّارِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أُمِّ بَكْرٍ بِنْتِ الْمِسْوَرِ قَالَتْ: كَانَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي حَصْرِهِ الأَوَّلِ أَشَدَّ النَّاسِ مَعَهُ وَيُرِيهِ أَنَّهُ شِيعَةٌ لَهُ. وَابْنُ الزُّبَيْرِ مُعْجَبٌ بِهِ وَيَحْمِلُ عَلَيْهِ فَلا يَسْمَعُ عَلَيْهِ كَلامًا.
وَكَانَ الْمُخْتَارُ يختلف إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. وَكَانَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ فِيهِ بِحُسْنِ الرَّأْيِ وَلا يَقْبَلُ كَثِيرًا مِمَّا يَأْتِي بِهِ. فَقَالَ الْمُخْتَارُ: أَنَا خَارِجٌ إِلَى الْعِرَاقِ. فَقَالَ لَهُ محمد: فاخرج(5/72)
وَهَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَامِلٍ الْهَمْدَانِيُّ يَخْرُجُ مَعَكَ. وَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ: تَحَرَّزْ مِنْهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ أَمَانَةٍ. وَجَاءَ الْمُخْتَارُ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: اعْلَمْ أَنَّ مَكَانِي مِنَ الْعِرَاقِ أَنْفَعُ لَكَ مِنْ مَقَامِي هَاهُنَا. فَأَذِنَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَخَرَجَ هُوَ وَابْنُ كَامِلٍ. وَابْنُ الزُّبَيْرِ لا يَشُكُّ فِي مُنَاصَحَتِهِ. وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى الْغِشِّ لابْنِ الزُّبَيْرِ. فَخَرَجَا حَتَّى لَقِيَا لاقِيًا بِالْعُذَيْبِ فَقَالَ الْمُخْتَارُ: أَخْبِرْنَا عَنِ النَّاسِ. فَقَالَ: تَرَكْتُ النَّاسَ كَالسَّفِينَةِ تَجُولُ لا مَلاحَ لَهَا. فَقَالَ الْمُخْتَارُ: فَأَنَا مَلاحُهَا الَّذِي يُقِيمُهَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْمُخْتَارُ الْعِرَاقِ اخْتَلَفَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ. وَهُوَ وَالِي الْكُوفَةِ يَوْمَئِذٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَأَظْهَرَ مُنَاصَحَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَابَهُ فِي السِّرِّ. وَدَعَا إِلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَحَرَّضَ النَّاسَ عَلَى ابْنِ مُطِيعٍ. وَاتَّخَذَ شِيعَةً. يَرْكَبُ فِي خَيْلٍ عَظِيمَةٍ.
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ ابْنُ مُطِيعٍ خَافَهُ فَهَرَبَ مِنْهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ وَغَيْرُهُمَا قَالُوا: كَانَ الْمُخْتَارُ لَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَعْيَبَهُ لَهُ. وَجَعَلَ يُلْقِي إِلَى النَّاسِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَطْلُبُ هَذَا الأَمْرَ لأَبِي الْقَاسِمِ. يَعْنِي ابْنَ الْحَنِفِيَّةِ. ثُمَّ ظَلَمَهُ إِيَّاهُ. وَجَعَلَ يَذْكُرُ ابْنَ الْحَنِفِيَّةِ وَحَالَهُ وَوَرَعَهُ وَأَنَّهُ بَعَثَهُ إِلَى الْكُوفَةِ يَدْعُو لَهُ. وَأَنَّهُ كَتَبَ لَهُ كِتَابًا فَهُوَ لا يَعْدُوهُ إِلَى غَيْرِهِ. وَيَقْرَأُ ذَلِكَ الْكِتَابَ عَلَى مَنْ يَثِقُ بِهِ. وَجَعَلَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ لمحمد ابن الحنفية فيبايعونه لَهُ سِرًّا. فَشَكَّ قَوْمٌ مِمَّنْ بَايَعَهُ فِي أَمْرِهِ وَقَالُوا:
أَعْطَيْنَا هَذَا الرَّجُلَ عُهُودَنَا أَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَسُولُ ابْنِ الْحَنِفِيَّةِ. وَابْنُ الْحَنِفِيَّةِ بِمَكَّةَ لَيْسَ مِنَّا بِبَعِيدٍ وَلا مُسْتَتِرٍ. فَلَوْ شَخَصَ مِنَّا قَوْمٌ إِلَيْهِ فَسَأَلُوهُ عَمَّا جَاءَ بِهِ هَذَا الرَّجُلُ عَنْهُ. فَإِنْ كَانَ صَادِقًا نَصَرْنَاهُ وَأَعَنَّاهُ عَلَى أَمْرِهِ. فَشَخَصَ مِنْهُمْ قَوْمٌ فَلَقُوا ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ بِمَكَّةَ فَأَعْلَمُوهُ أَمْرَ الْمُخْتَارِ وَمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ فَقَالَ: نَحْنُ حَيْثُ تَرَوْنَ مُحْتَسِبُونَ وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي سُلْطَانَ الدُّنْيَا بِقَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَلَوَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ انْتَصَرَ لَنَا بِمَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ. فَاحْذَرُوا الْكَذَّابِينَ وَانْظُرُوا لأَنْفُسِكُمْ وَدِينِكُمْ. فَانْصَرَفُوا عَلَى هَذَا. وَكَتَبَ الْمُخْتَارُ كِتَابًا عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ الأَشْتَرِ. وَجَاءَ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ الْمُخْتَارُ أَمِينُ آلِ مُحَمَّدٍ وَرَسُولُهُ. فَأَذِنَ لَهُ وَحَيَّاهُ وَرَحَّبَ بِهِ وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى فِرَاشِهِ. فَتَكَلَّمَ الْمُخْتَارُ. وَكَانَ مُفَوَّهًا. فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ: إِنَّكُمْ(5/73)
أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ أَكْرَمَكُمُ اللَّهَ بِنُصْرَةِ آلِ مُحَمَّدٍ. وَقَدْ رَكِبَ مِنْهُمْ مَا قَدْ عَلِمْتَ. وَحُرِمُوا وَمُنِعُوا حَقَّهُمْ وَصَارُوا إِلَى مَا رَأَيْتَ. وَقَدْ كَتَبَ إِلَيْكَ الْمَهْدِيُّ كِتَابًا. وَهَؤُلاءِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ. فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ أَنَسٍ الأَسَدِيُّ وَأَحْمَرُ بْنُ شُمَيْطٍ الْبَجَلِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَامِلٍ الشَّاكِرِيُّ وَأَبُو عَمْرَةَ كَيْسَانُ مَوْلَى بَجِيلَةَ: نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا كِتَابَهُ قَدْ شَهِدْنَاهُ حِينَ دَفَعَهُ إِلَيْهِ. فَقَبَضَهُ إِبْرَاهِيمُ وَقَرَأَهُ ثُمَّ قَالَ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُجِيبُ وَقَدْ أَمَرَنَا بِطَاعَتِكَ وَمُؤَازَرَتِكَ فَقُلْ مَا بَدَا لَكَ وَادْعُ إِلَى مَا شِئْتَ. ثُمَّ كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَرْكَبُ إِلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَزَرَعَ ذَلِكَ فِي صُدُورِ النَّاسِ. وَوَرَدَ الْخَبَرُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَتَنَكَّرَ لِمُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ. وَجَعَلَ أَمْرُ الْمُخْتَارِ يَغْلُظُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَيَكْثُرُ تَبَعُهُ. وَجَعَلَ يَتَتَبَّعُ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ وَمَنْ أَعَانَ عَلَيْهِ فَيَقْتُلُهُمْ. ثُمَّ بَعَثَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الأَشْتَرِ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا إِلَى عُبَيْدِ الله بْنِ زِيَادٍ فَقَتَلَهُ وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَى الْمُخْتَارِ فَعَمَدَ إِلَيْهِ الْمُخْتَارُ فَجَعَلَهُ فِي جُونَةٍ. ثُمَّ بعث به إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَسَائِرِ بَنِي هَاشِمٍ. [فَلَمَّا رَأَى عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ رَأْسَ عُبَيْدِ اللَّهِ تَرَحَّمَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَقَالَ: أُتِيَ عُبَيْدُ الله بن زياد برأس الحسين وهو يتغذى. وَأُتِينَا بِرَأْسِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَنَحْنُ نَتَغَدَّى. وَلَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ أَحَدٌ إِلا قَامَ بِخُطْبَةٍ فِي الثَّنَاءِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَالدُّعَاءِ لَهُ وَجَمِيلِ الْقَوْلِ فِيهِ.] وَكَانَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ يَكْرَهُ أَمْرَ الْمُخْتَارِ وَمَا يَبْلُغُهُ عَنْهُ وَلا يُحِبُّ كَثِيرًا مِمَّا يَأْتِي بِهِ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: أَصَابَ بِثَأْرِنَا وَأَدْرَكَ وَغْمَنَا وَآثَرَنَا وَوَصَلَنَا. فَكَانَ يُظْهِرُ الْجَمِيلَ فِيهِ لِلْعَامَّةِ. فَلَمَّا اتَّسَقَ الأَمْرُ لِلْمُخْتَارِ كَتَبَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَهْدِيِّ: مِنَ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الطَّالِبِ بِثَأْرِ آلِ مُحَمَّدٍ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يَنْتَقِمْ مِنْ قَوْمٍ حَتَّى يُعَذِّرَ إِلَيْهِمْ. وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ الْفَسَقَةَ وَأَشْيَاعَ الْفَسَقَةِ وَقَدْ بَقِيَتْ بَقَايَا أَرْجُو أَنْ يُلْحِقَ اللَّهُ آخِرَهُمْ بِأَوَّلِهِمْ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ وَهِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَالْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَغَيْرِهِمْ أَيْضًا قَدْ حَدَّثَنِي قَالُوا: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى الْمَدِينَةِ كَانَ بِهَا يومئذ الحسين بن علي ومحمد ابن الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ الزُّبَيْرِ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ. فَخَرَجَ الْحُسَيْنُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى مَكَّةَ. وَأَقَامَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى سَمِعَ بِدُنُوِّ جَيْشٍ مسرف وأيام الْحَرَّةِ فَرَحَلَ إِلَى مَكَّةَ فَأَقَامَ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ. فَلَمَّا جَاءَ نَعْيُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَبَايَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لِنَفْسِهِ وَدَعَا النَّاسَ إِلَيْهِ دعا ابن عباس ومحمد ابن الْحَنَفِيَّةِ إِلَى الْبَيْعَةَ لَهُ فَأَبَيَا(5/74)
يُبَايِعَانِ لَهُ وَقَالا: حَتَّى يَجْتَمِعَ لَكَ الْبِلادُ وَيَتَّسِقَ لَكَ النَّاسُ. فَأَقَامَا عَلَى ذَلِكَ مَا أَقَامَا.
فَمَرَّةً يُكَاشِرُهُمَا وَمَرَّةً يَلِينُ لَهُمَا وَمَرَّةً يُبَادِيهُمَا. ثُمَّ غَلُظَ عَلَيْهِمَا فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ كَلامٌ وَشَرٌّ.
فَلَمْ يَزَلِ الأَمْرُ يَغْلُظُ حَتَّى خَافَا مِنْهُ خَوْفًا شَدِيدًا وَمَعَهُمَا النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ. فَأَسَاءَ جوارهم وحصرهم وآذاهم. وقصد لمحمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فَأَظْهَرَ شَتْمُهُ وَعَيْبَهُ وَأَمَرَهُ وَبَنِي هَاشِمٍ أَنْ يَلْزَمُوا شِعْبَهُمْ بِمَكَّةَ. وَجَعَلَ عَلَيْهِمُ الرُّقَبَاءَ وَقَالَ لَهُمْ فِيمَا يَقُولُ: وَاللَّهِ لَتُبَايِعَنَّ أَوْ لأَحْرِقَنَّكُمْ بِالنَّارِ. فَخَافُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ.
قَالَ سُلَيْمٌ أبو عامر: فرأيت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ مَحْبُوسًا فِي زَمْزَمَ وَالنَّاسُ يُمْنَعُونَ مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لأَدْخُلَنَّ عَلَيْهِ. فَدَخَلْتُ فَقُلْتُ: مَا بَالُكَ وَهَذَا الرَّجُلُ؟
فَقَالَ: دَعَانِي إِلَى الْبَيْعَةِ فَقُلْتُ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَيْكَ فَأَنَا كَأَحَدِهِمْ.
فَلَمْ يَرْضَ بِهَذَا مِنِّي. فَاذْهَبْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ وَقُلْ يَقُولُ لَكَ ابْنُ عَمِّكَ مَا تَرَى؟
قَالَ سُلَيْمٌ: فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ ذَاهِبُ الْبَصَرِ فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ:
أَنْصَارِيٌّ. فَقَالَ: رُبَّ أَنْصَارِيٍّ هُوَ أَشَدُّ علينا من عدونا. فقلت: لا تخف. أنا مِمَّنْ لَكَ كُلُّهُ. قَالَ: هَاتِ. فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ: قُلْ لَهُ لا تُطِعْهُ ولا نعمة عين إلا ما قلت. لا تَزِدْهُ عَلَيْهِ. فَرَجَعْتُ إِلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَأَبْلَغْتُهُ مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. فَهَمَّ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَقْدَمَ إِلَى الْكُوفَةِ وَبَلَغَ ذَلِكَ الْمُخْتَارَ فَثَقُلَ عَلَيْهِ قُدُومُهُ فَقَالَ: إِنَّ فِي الْمَهْدِيِّ عَلامَةً يَقْدَمُ بَلَدَكُمْ هَذَا فَيَضْرِبُهُ رَجُلٌ فِي السُّوقِ بِالسَّيْفِ لا تَضُرُّهُ وَلا تَحِيكُ فِيهِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ فَأَقَامَ فَقِيلَ لَهُ: لَوْ بَعَثْتَ إِلَى شِيعَتِكَ بِالْكُوفَةِ فَأَعْلَمْتَهُمْ مَا أنتم فيه. فبعث أبا الطفيل عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ إِلَى شِيعَتِهِمْ بِالْكُوفَةِ. فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: إِنَّا لا نَأْمَنُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى هَؤُلاءِ الْقَوْمِ. وَأَخْبَرَهُمْ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْخَوْفِ. فَقَطَعَ الْمُخْتَارُ بَعْثًا إِلَى مَكَّةَ فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةَ آلافٍ. فَعَقَدَ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ عَلَيْهِمْ وَقَالَ لَهُ:
سِرْ فَإِنْ وجدت بني هاشم الْحَيَاةِ فَكُنْ لَهُمْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَضُدًا وَانْفِذْ لِمَا أَمَرُوكَ بِهِ.
وَإِنْ وَجَدْتَ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ قَتَلَهُمْ فَاعْتَرِضْ أَهْلَ مَكَّةَ حَتَّى تَصِلْ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ ثُمَّ لا تَدَعْ مِنْ آلِ الزُّبَيْرِ شُفْرًا وَلا ظُفْرًا. وَقَالَ: يَا شُرْطَةَ اللَّهِ لَقَدْ أَكْرَمَكُمُ اللَّهُ بِهَذَا الْمَسِيرِ وَلَكُمْ بِهَذَا الْوَجْهِ عَشْرُ حِجَجٍ وَعَشْرُ عُمَرَ. وَسَارَ الْقَوْمُ وَمَعَهُمُ السِّلاحُ حَتَّى أَشْرَفُوا عَلَى مَكَّةَ فَجَاءَ الْمُسْتَغِيثُ: أَعْجِلُوا فَمَا أُرَاكُمْ تُدْرِكُونَهُمْ. فَقَالَ النَّاسُ: لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُوَّةِ عَجَّلُوا. فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ ثَمَانُمِائَةٍ رَأْسُهُمْ عَطِيَّةُ بْنُ سَعْدِ بْنِ جُنَادَةَ الْعَوْفِيُّ حَتَّى دَخَلُوا مَكَّةَ(5/75)
فَكَبَّرُوا تَكْبِيرَةً سَمِعَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى دَخَلَ دَارَ النَّدْوَةِ. وَيُقَالُ بَلْ تَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَقَالَ: أَنَا عَائِذُ اللَّهِ.
قَالَ عَطِيَّةُ: ثُمَّ مِلْنَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَأَصْحَابُهُمَا فِي دُورٍ قَدْ جُمِعَ لَهُمُ الحطب فأحيط بهم حتى بلغ رؤوس الْجُدُرِ لَوْ أَنَّ نَارًا تَقَعُ فِيهِ مَا رثي مِنْهُمْ أَحَدٌ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ. فَأَخَّرْنَاهُ عَنِ الأَبْوَابِ. وَعَجَّلَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عباس. وهو يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ. فَأَسْرَعَ فِي الْحَطَبِ يُرِيدُ الْخُرُوجَ فَأَدْمَى سَاقَيْهِ. وَأَقْبَلَ أَصْحَابُ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَكُنَّا صَفَّيْنِ نَحْنُ وَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ نَهَارُنَا وَنَهَارُهُ لا نَنْصَرِفُ إِلا إِلَى صَلاةٍ حَتَّى أَصْبَحْنَا. وَقَدِمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيُّ فِي النَّاسِ فَقُلْنَا لابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: ذَرُونَا نُرِيحُ النَّاسَ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. فَقَالا: هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَهُ اللَّهُ. مَا أَحَلَّهُ لأَحَدٍ إِلا لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -
سَاعَةً مَا أَحَلَّهُ لأَحَدٍ قَبْلَهُ وَلا يُحِلُّهُ لأَحَدٍ بَعْدَهُ. فَامْنَعُونَا وَأَجِيرُونَا. قَالَ فَتَحَمَّلُوا وَإِنَّ مُنَادِيًا لَيُنَادِي فِي الْجَبَلِ: مَا غَنِمَتْ سَرِيَّةٌ بَعْدَ نَبِيِّهَا مَا غَنِمَتْ هَذِهِ السَّرِيَّةُ. إِنَّ السَّرَايَا تَغْنَمُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَإِنَّمَا غَنِمْتُمْ دِمَاءَنَا. فَخَرَجُوا بِهِمْ حَتَّى أَنْزَلُوهُمْ مِنًى فَأَقَامُوا بِهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُقِيمُوا ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى الطَّائِفِ فَأَقَامُوا مَا أَقَامُوا. وَتُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وصلى عليه محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. وَبَقِينَا مَعَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ. فَلَمَّا كَانَ الْحَجُّ وَحَجَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ مَكَّةَ فَوَافَى عرفة في أصحابه. ووافى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ مِنَ الطَّائِفِ فِي أَصْحَابِهِ. فَوَقَفَ بِعَرَفَةَ. وَوَافَى نَجْدَةَ بْنَ عَامِرٍ الْحَنَفِيَّ تِلْكَ السَّنَةَ فِي أَصْحَابِهِ مِنَ الْخَوَارِجِ فَوَقَفَ نَاحِيَةً. وَحَجَّتْ بَنُو أُمَيَّةَ عَلَى لِوَاءٍ فَوَقَفُوا بِعَرَفَةَ فِيمَنْ مَعَهُمْ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَقَفَتْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَرْبَعَةُ أَلْوِيَةٍ بِعَرَفَةَ: محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فِي أَصْحَابِهِ عَلَى لِوَاءٍ قَامَ عِنْدَ حَبْلِ الْمُشَاةِ. وَحَجَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي أَصْحَابِهِ مَعَهُ لِوَاءٌ فَقَامَ مَقَامَ الإِمَامِ الْيَوْمَ. ثُمَّ تقدم محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ بِأَصْحَابِهِ حَتَّى وَقَفَ حِذَاءَ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَوَافَى نَجْدَةَ الْحَرُورِيَّ فِي أَصْحَابِهِ وَمَعَهُ لِوَاءٌ فَوَقَفَ خَلْفَهُمَا. وَوَافَتْ بَنُو أُمَيَّةَ وَمَعَهُمْ لِوَاءٌ فَوَقَفُوا عَنْ يَسَارِهِمَا.
فَكَانَ أَوَّلُ لِوَاءٍ أَنْغَضَ لواء محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. ثُمَّ تَبِعَهُ نَجْدَةُ. ثُمَّ لِوَاءُ بَنِي أُمَيَّةَ. ثُمَّ لِوَاءُ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَاتَّبَعَهُ النَّاسُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمْ يَدْفَعِ ابْنُ الزُّبَيْرِ تِلْكَ الْعَشِيَّةَ إِلا بِدَفْعِهِ ابْنِ عُمَرَ. فَلَمَّا أَبْطَأَ ابْنُ الزُّبَيْرِ. وَقَدْ مَضَى ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ(5/76)
وَنَجْدَةُ وَبَنُو أُمَيَّةَ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَيَنْتَظِرُ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ؟ ثُمَّ دَفَعَ فَدَفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى أَثَرِهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ: دَفَعْتُ مِنْ عَرَفَةَ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ وَتِلْكَ السُّنَّةُ فَبَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: عَجِّلْ مُحَمَّدُ عَجِّلْ مُحَمَّدُ. فَعَنْ مَنْ أَخَذَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الإِغْسَاقَ؟
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَقَامَ الْحَجَّ تِلْكَ السَّنَةَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَحَجَّ عامئذ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فِي الْخَشَبِيَّةِ مَعَهُ. وَهُمْ أَرْبَعَةُ آلافٍ نَزَلُوا فِي الشِّعْبِ الأَيْسَرِ مِنْ مِنًى.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْرَائِيلُ عَنْ ثُوَيْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ فِي الشِّعْبِ الأَيْسَرِ مِنْ مِنًى فِي أَصْحَابِهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خِفْتُ الْفِتْنَةَ فَمَشَيْتُ إِلَيْهِمْ جَمِيعًا فَجِئْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ فِي الشِّعْبِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّا فِي مِشْعَرٍ حَرَامٍ وَبَلَدٍ حَرَامٍ. وَالنَّاسُ وَفْدُ اللَّهِ إِلَى هَذَا الْبَيْتِ. فَلا تُفْسِدْ عَلَيْهِمْ حَجَّهُمْ. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أُرِيدُ ذَلِكَ وَمَا أَحُولُ بَيْنَ أَحَدٍ وَبَيْنَ هَذَا الْبَيْتِ. وَلا يُؤْتَى أَحَدٌ مِنَ الْحَاجِّ مِنْ قِبَلِي وَلَكِنِّي رَجُلٌ أَدْفَعُ عَنْ نَفْسِي مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَمَا يُرِيدُ مِنِّي. وَمَا أَطْلُبُ هَذَا الأَمْرَ إِلا أَنْ لا يَخْتَلِفَ عَلَيَّ فيه اثْنَانِ.
وَلَكِنِ ائْتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَكَلِّمْهُ وَعَلَيْكَ بِنَجْدَةَ فَكَلِّمْهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ: فَجِئْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَكَلَّمْتُهُ بِنَحْوٍ مِمَّا كَلَّمْتُ بِهِ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ: أَنَا رَجُلٌ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيَّ وَبَايَعَنِي النَّاسُ. وَهَؤُلاءِ أَهْلُ خِلافٍ. فَقُلْتُ: إِنَّ خَيْرًا لَكَ الْكَفٌّ. فَقَالَ: أَفْعَلُ. ثُمَّ جِئْتُ نَجْدَةَ الْحَرُورِيَّ فَأَجِدُهُ فِي أَصْحَابِهِ وَأَجِدُ عِكْرِمَةَ غُلامَ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَهُ. فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى صَاحِبِكَ. قَالَ فَدَخَلَ فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ أَذِنَ لِي فَدَخَلْتُ فَعَظَّمْتُ عَلَيْهِ وَكَلَّمْتُهُ بِمَا كَلَّمْتُ بِهِ الرَّجُلَيْنِ فَقَالَ: أَمَّا أَنْ أَبْتَدِئَ أَحَدًا بِقِتَالٍ فَلا وَلَكِنْ مَنْ بَدَأْنَا بِقِتَالٍ قَاتَلْنَاهُ. قُلْتُ: فَإِنِّي رَأَيْتُ الرَّجُلَيْنِ لا يُرِيدَانِ قِتَالَكَ. ثُمَّ جِئْتُ شِيعَةَ بَنِي أُمَيَّةَ فَكَلَّمْتُهُمْ بِنَحْوٍ مِمَّا كَلَّمْتُ بِهِ الْقَوْمَ فَقَالُوا: نَحْنُ عَلَى لِوَائِنَا لا نُقَاتِلُ أَحَدًا إِلا أَنْ يُقَاتِلَنَا. فَلَمْ أَرَ فِي تِلْكَ الأَلْوِيَةِ أَسْكَنَ وَلا أَسْلَمَ دَفْعَةً مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الحنفية.(5/77)
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ: وَقَفْتُ تِلْكَ الْعَشِيَّةَ إلى جنب محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ ادْفَعْ. فَدَفَعَ وَدَفَعْتُ مَعَهُ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَفَعَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ أَصْحَابَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ يُلَبُّونَ بِعَرَفَةَ وَرَمَقْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَأَصْحَابَهُ فَإِذَا هُمْ يُلَبُّونَ حَتَّى زَاغَتِ الشَّمْسُ. ثُمَّ قُطِعَ. وَكَذَلِكَ فَعَلَتْ بَنُو أُمَيَّةَ. وَأَمَّا نَجْدَةُ فَلَبَّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ.
أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْعُرْيَانِ الْمُجَاشِعِيُّ قَالَ: بَعَثَنَا الْمُخْتَارُ فِي أَلْفَيْ فَارِسٍ إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. قَالَ فَكُنَّا عِنْدَهُ. قَالَ فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَذْكُرُ الْمُخْتَارَ فَيَقُولُ: أَدْرَكَ ثَأْرَنَا وَقَضَى ديوننا وأنفق علينا. قال وكان محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ لا يَقُولُ فِيهِ خَيْرًا وَلا شَرًّا. قَالَ فَبَلَغَ مُحَمَّدًا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ عِنْدَهُمْ شَيْئًا. أَيْ مِنَ الْعِلْمِ. قَالَ فَقَامَ فِينَا فَقَالَ: إِنَّا وَاللَّهِ مَا وَرَثْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ إِلا مَا بَيْنَ هَذَيْنِ اللَّوْحَيْنِ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ حِلا وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ فِي ذُؤَابَةِ سَيْفِي. قَالَ فَسَأَلْتُ: وَمَا كَانَ فِي الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا.
أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ الرَّمَّاحُ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ أُخْرِجَ مِنْ مَكَّةَ فَنَزَلَ شِعْبَ عَلِيٍّ فَخَرَجْنَا مِنَ الْكُوفَةِ لِنَأْتِيَهُ فَلَقِينَا ابْنَ عَبَّاسٍ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَعَهُ فِي الشِّعْبِ فَقَالَ لَنَا: أَحْصُوا سِلاحَكُمْ وَلَبُّوا بِعُمْرَةٍ. ثُمَّ ادْخُلُوا الْبَيْتَ وَطَوِّفُوا بِهِ وبين الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مَيْمُونٍ عَنْ وَرْدَانَ قَالَ: كُنْتُ فِي الْعِصَابَةِ الَّذِينَ انْتَدَبُوا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. قَالَ: وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ مَنَعَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ حَتَّى يُبَايِعَهُ فَأَبَى أَنْ يُبَايِعَهُ. قَالَ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ فَأَرَادَ أَهْلَ الشَّامِ فَمَنَعَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ أَنْ يَدْخُلَهَا حَتَّى يُبَايِعَهُ فَأَبَى عَلَيْهِ. قَالَ فَسِرْنَا مَعَهُ مَا سرنا ولو أمرنا بالقتال لقتالنا مَعَهُ.
فَجَمَعْنَا يَوْمًا فَقَسَمَ فِينَا شَيْئًا وَهُوَ يَسِيرُ. ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قال: ألحقوا برحالكم واتقوا الله وعليكم بِمَا تَعْرِفُونَ وَدَعُوا مَا تُنْكِرُونَ وَعَلَيْكُمْ بِخَاصَّةِ أَنْفُسِكُمْ وَدَعُوا أَمْرَ الْعَامَّةِ وَاسْتَقِرُّوا عَنْ أَمْرَنَا كَمَا اسْتَقَرَّتِ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ. فَإِنَّ أَمْرَنَا إِذَا جاء كان كالشمس الضاحية.(5/78)
قالوا: وَقُتِلَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ فِي سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ. فَلَمَّا دَخَلْتُ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ أَرْسَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عُرْوَةَ بْنَ الزبير إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ لَكَ إِنِّي تَارِكُكَ أَبَدًا حَتَّى تُبَايِعَنِي أَوْ أُعِيدَكَ فِي الْحَبْسِ وَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ الْكَذَّابَ الَّذِي كُنْتَ تَدَّعِي نُصْرَتَهُ. وَأَجْمَعَ عَلَيَّ أَهْلُ الْعِرَاقَيْنِ. فَبَايِعْ لِي وَإِلا فَهِيَ الْحَرْبُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ إِنِ امْتَنَعْتَ. فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ لِعُرْوَةَ: مَا أَسْرَعَ أخاك إلى قطع الرحم والاستخفاف بالحق. وأغفله عَنْ تَعْجِيلِ عُقُوبَةِ اللَّهِ. مَا يَشُكُّ أَخُوكَ فِي الْخُلُودِ وَإِلا فَقَدْ كَانَ أَحْمَدَ لِلْمُخْتَارِ وَلِهَدْيِهِ مِنِّي. وَاللَّهِ مَا بَعَثْتُ الْمُخْتَارَ دَاعِيًا وَلا نَاصِرًا.
وَلَلْمُخْتَارُ كَانَ إِلَيْهِ أَشَدَّ انْقِطَاعًا مِنْهُ إِلَيْنَا. فَإِنْ كَانَ كَذَّابًا فَطَالَ مَا قَرَّبَهُ عَلَى كَذِبِهِ. وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ. وَمَا عِنْدِي خِلافٌ. وَلَوْ كَانَ خِلافَ مَا أَقَمْتُ فِي جِوَارِهِ وَلَخَرَجْتُ إِلَى مَنْ يَدْعُونِي فَأَبَيْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وَلَكِنْ هَاهُنَا وَاللَّهِ لأَخِيكَ قَرِينًا يَطْلُبُ مِثْلَ مَا يَطْلُبُ أَخُوكَ. كِلاهُمَا يُقَاتِلانِ عَلَى الدُّنْيَا: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ. وَاللَّهِ لَكَأَنَّكَ بِجُيُوشِهِ قَدْ أَحَاطَتْ بِرَقَبَةِ أَخِيكَ وَإِنِّي لأَحْسَبُ أَنَّ جِوَارَ عَبْدِ الْمَلِكِ خَيْرٌ لِي مِنْ جِوَارِ أَخِيكَ. وَلَقَدْ كَتَبَ إِلَيَّ يَعْرِضُ عَلَيَّ مَا قَبِلَهُ وَيَدْعُونِي إِلَيْهِ. قَالَ عُرْوَةُ: فَمَا يَمْنَعُكَ من ذلك؟ قال: أستخير الله وذلك أحب إلى صاحبك. قَالَ: أَذْكُرُ ذَلِكَ لَهُ.
فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: وَاللَّهِ لَوْ أَطَعْتَنَا لَضَرَبْنَا عُنُقَهُ. فَقَالَ ابن الحنفية: وعلى م أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ جَاءَنَا بِرِسَالَةٍ مِنْ أَخِيهِ وَجَاوَرَنَا فَجَرَى بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ كَلامٌ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أَخِيهِ. وَالَّذِي قُلْتُمْ غَدْرٌ وَلَيْسَ فِي الْغَدْرِ خَيْرٌ. لَوْ فَعَلْتُ الَّذِي تَقُولُونَ لَكَانَ الْقِتَالُ بِمَكَّةَ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَأْيِي لَوِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيَّ كُلُّهُمْ إِلا إِنْسَانٌ وَاحِدٌ لَمَا قَاتَلْتُهُ. فَانْصَرَفَ عُرْوَةُ فَأَخْبَرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِمَا قَالَ له محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. قَالَ وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ تُعْرِضَ لَهُ. دَعْهُ فَلْيَخْرُجْ عَنْكَ وَيُغَيِّبُ وَجْهَهُ فَعَبْدُ الْمَلِكِ أَمَامَهُ لا يَتْرُكُهُ يَحِلُّ بِالشَّامِ حَتَّى يُبَايِعَهُ. وَابْنُ الْحَنَفِيَّةِ لا يُبَايِعُهُ أَبَدًا حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ. فَإِنْ صَارَ إِلَيْهِ كَفَاكَهُ إِمَّا حَبَسَهُ وَإِمَّا قَتَلَهُ فَتَكُونَ أَنْتَ قَدْ بَرِئَتْ مِنْ ذَلِكَ. فَأَفْثَأَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَنْهُ.
فَقَالَ أَبُو الطُّفَيْلٍ: وَجَاءَ كِتَابٌ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَرَسُولٌ حَتَّى دَخَلَ الشِّعْبَ فقرأ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ الْكِتَابَ فَقَرَأَ كِتَابًا لَوْ كَتَبَ بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى بَعْضِ إِخْوَتِهِ أَوْ وَلَدِهِ مَا زَادَ عَلَى أَلْطَافِهِ. وَكَانَ فِيهِ: إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ ضَيِّقَ عَلَيْكَ وَقَطَعَ رَحِمَكَ وَاسْتَخَفَّ بِحَقِّكَ حَتَّى تُبَايِعَهُ فَقَدْ نَظَرْتَ لِنَفْسِكَ وَدِينِكَ وَأَنْتَ أَعْرَفُ بِهِ حَيْثُ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ. وَهَذَا الشَّامُ فَانْزِلْ منه حيث شئت فنحن مكرموك وواصلو(5/79)
رحمك وعارفو حَقَّكَ. فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ لأَصْحَابِهِ: هَذَا وَجْهٌ نَخْرُجُ إِلَيْهِ. قَالَ فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ وَمَعَهُ كُثَيِّرُ عَزَّةَ يَنْشُدُ شَعَرًا:
أَنْتَ إِمَامُ الْحَقِّ لَسْنَا نَمْتَرِي ... أَنْتَ الَّذِي نَرْضَى بِهِ وَنَرْتَجِي
أَنْتَ ابْنُ خَيْرِ النَّاسِ مِنْ بَعْدِ النَّبِي ... يَا ابْنَ عَلِيٍّ سِرْ وَمَنْ مِثْلُ عَلِي
حَتَّى تَحِلَّ أَرْضَ كَلْبٍ وَبَلِي
قَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ: فَسِرْنَا حَتَّى نَزَلْنَا أَيْلَةَ فَجَاوَرُونَا بِأَحْسَنِ جِوَارٍ وَجَاوَرْنَاهُمْ بِأَحْسَنِ ذَلِكَ وَأَحَبُّوا أَبَا الْقَاسِمِ حُبًّا شَدِيدًا وَعَظَّمُوهُ وَأَصْحَابَهُ. وَأُمِرْنَا بِالْمَعْرُوفِ وَنُهِينَا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلا يُظْلَمُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قُرْبَنَا وَلا بِحَضْرَتِنَا. فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمَلِكِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ لِقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ وَرَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ وَكَانَا خَاصَّتَهُ فَقَالا: مَا نرى أَنْ نَدَعَهُ يُقِيمُ فِي قُرْبَةٍ مِنْكَ وَسِيرَتُهُ سِيرَتُهُ حَتَّى يُبَايِعَ لَكَ أَوْ تَصْرِفَهُ إِلَى الْحِجَازِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنَّكَ قَدِمْتَ بِلادِي فَنَزَلْتَ فِي طَرَفٍ مِنْهَا. وَهَذِهِ الْحَرْبُ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ كَمَا تَعْلَمُ. وَأَنْتَ لَكَ ذِكْرٌ وَمَكَانٌ. وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ لا تُقِيمَ فِي سُلْطَانِي إِلا أَنْ تَبَايَعَ لِي. فَإِنْ بَايَعْتَنِي فَخُذِ السُّفُنَ الَّتِي قَدِمَتْ عَلَيْنَا مِنَ الْقُلْزُمِ وَهِيَ مِائَةُ مَرْكَبٍ فَهِيَ لَكَ وَمَا فِيهَا. وَلَكَ أَلْفَا أَلْفِ دِرْهَمٍ أُعَجِّلُ لَكَ مِنْهَا خَمْسَمِائَةِ أَلْفٍ وَأَلْفَ أَلْفٍ وَخَمْسَمِائَةِ أَلْفٍ آتَيْتُكَ مَعَ مَا أَرَدْتَ مِنْ فَرِيضَةٍ لَكَ وَلِوَلَدِكَ وَلِقَرَابَتِكَ وَمَوَالِيكَ وَمَنْ مَعَكَ. وَإِنْ أَبَيْتَ فَتَحَوَّلْ عَنْ بَلَدِي إِلَى مَوْضِعٍ لا يَكُونُ لِي فِيهِ سُلْطَانٌ. قَالَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. سَلامٌ عَلَيْكَ. فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ. أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَرَفْتَ رَأْيِي فِي هَذَا الأَمْرِ قَدِيمًا. وَإِنِّي لَسْتُ أُسَفِّهُهُ عَلَى أَحَدٍ. وَاللَّهِ لَوِ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ عَلَيَّ إِلا أَهْلُ الزَّرْقَاءِ مَا قَاتَلْتُهُمْ أَبَدًا وَلا اعْتَزَلْتُهُمْ حَتَّى يَجْتَمِعُوا. نَزَلْتُ مَكَّةَ فِرَارًا مِمَّا كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَجَاوَرْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَأَسَاءَ جَوَارِي وَأَرَادَ مِنِّي أَنْ أُبَايِعَهُ فَأَبَيْتُ ذَلِكَ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْكَ أَوْ عَلَيْهِ. ثُمَّ أَدْخُلَ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَأَكُونُ كَرَجُلٍ مِنْهُمْ. ثُمَّ كَتَبْتَ إِلَيَّ تَدْعُونِي إِلَى مَا قِبَلِكَ فَأَقْبَلْتُ سَائِرًا فَنَزَلْتُ فِي طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِكَ. وَاللَّهِ مَا عِنْدِي خِلافٌ وَمَعِي أَصْحَابِي فَقُلْنَا بِلادٌ رَخِيصَةُ الأسعار وندنو مِنْ جِوَارِكَ وَنَتَعَرَّضُ صِلَتَكَ.
فَكَتَبْتَ بِمَا كَتَبْتَ بِهِ وَنَحْنُ مُنْصَرِفُونَ عَنْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ فَسِرْنَا مِنَ الطَّائِفِ إِلَى أَيْلَةَ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِزِيَادَةٍ عَلَى أربعين(5/80)
لَيْلَةً. قَالَ وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَدْ كَتَبَ لِمُحَمَّدٍ عَهْدًا عَلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي أَرْضِهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى يَصْطَلِحَ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ. فَإِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى رَجُلٍ بِعَهْدٍ مِنَ اللَّهِ وَمِيثَاقٍ كَتَبَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ. فَلَمَّا قَدِمَ مُحَمَّدٌ الشَّامَ بَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِمَّا أَنْ تُبَايِعَنِي وَإِمَّا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَرْضِي. وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ مَعَهُ سَبْعَةُ آلافٍ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ:
عَلَى أَنْ تُؤَمِّنَ أَصْحَابِي. فَفَعَلَ. فَقَامَ مُحَمَّدٌ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ وَلِيُّ الأُمُورِ كلها وحاكمها. ما شاء الله كان وما لا يَشَاءُ لَمْ يَكُنْ. كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ.
عَجَّلْتُمْ بِالأَمْرِ قَبْلَ نُزُولِهِ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ فِي أَصْلابِكُمْ لَمَنْ يُقَاتِلُ مَعَ آلِ مُحَمَّدٍ مَا يَخْفَى عَلَى أَهْلِ الشِّرْكِ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ وَأَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ مُسْتَأْخَرٌ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَيَعُودَنَّ فِيكُمْ كَمَا بَدَأَ. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَقَنَ دِمَاءَكُمْ وَأَحْرَزَ دِينَكُمْ! مَنْ أحب منكم أن يأتي إِلَى بَلَدِهِ آمِنًا مَحْفُوظًا فَلْيَفْعَلْ. فَبَقِيَ مَعَهُ تِسْعُمِائَةِ رَجُلٍ فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَقَلَّدَ هَدْيًا فَعَمَدْنَا إِلَى الْبَيْتِ فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ نَدْخُلَ الْحَرَمَ تَلَقَّتْنَا خَيْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَمَنَعَتْنَا أَنْ نَدْخُلَ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ: لَقَدْ خَرَجْتُ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُقَاتِلَكَ. دَعْنَا فَلْنَدْخُلْ وَلْنَقْضِ نُسُكَنَا ثُمَّ لَنَخْرُجُ عَنْكَ. فَأَبَى. وَمَعَنَا الْبُدْنُ قَدْ قَلَّدْنَاهَا. فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَكُنَّا بِهَا حَتَّى قَدِمَ الْحَجَّاجُ فَقَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ ثُمَّ سَارَ إِلَى الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ. فَلَمَّا سَارَ مَضَيْنَا فَقَضَيْنَا نُسُكَنَا وَقَدْ رَأَيْتُ الْقَمْلَ يَتَنَاثَرُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. فَلَمَّا قَضَيْنَا نُسُكَنَا رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَكَثَ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ: مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى عُنْوَانِ الصَّحِيفَةِ قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. الطُّلَقَاءُ وَلُعَنَاءُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنَابِرِ النَّاسِ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لأُمُورٌ لَمْ يَقِرَّ قَرَارُهَا.
قَالَ أَبُو الطُّفَيْلٍ: فَانْصَرَفْنَا رَاجِعِينَ فَأَذِنَ لِلْمَوَالِي وَلِمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ فَرَجَعُوا مِنْ مَدْيَنَ. وَمَضَيْنَا إِلَى مَكَّةَ حَتَّى نَزَلْنَا مَعَهُ الشِّعْبَ بِمِنًى. فَمَا مَكَثْنَا إِلا لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيْهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنْ أَشْخِصْ مِنْ هَذَا الْمَنْزِلِ وَلا تُجَاوِرْنَا فِيهِ. قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: اصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ وَمَا هُوَ بِعَظِيمٍ مَنْ لا يَصْبِرُ عَلَى مَا لا يَجِدُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَيْهِ بُدًّا حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْهُ مَخْرَجًا. وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ السَّيْفَ وَلَوْ كُنْتُ أُرِيدُهُ مَا تَعَبَّثَ بِي ابْنُ الزُّبَيْرِ وَلَوْ كُنْتُ أَنَا وَحْدِي وَمَعَهُ جُمُوعُهُ الَّتِي مَعَهُ. وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ هَذَا وَأَرَى ابْنَ الزُّبَيْرِ غَيْرَ مَقْصَرٍ عَنْ سُوءِ جِوَارِي فَسَأَتَحَوَّلُ عَنْهُ. ثُمَّ خَرَجَ إِلَى(5/81)
الطَّائِفِ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا مُقِيمًا حَتَّى قَدِمَ الْحَجَّاجُ لِقِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ لِهِلالِ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. فحاصرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَتَّى قَتَلَهُ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ. وَحَجَّ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ تِلْكَ السَّنَةَ مِنَ الطَّائِفِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى شِعْبِهِ فَنَزَلَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْمَوَالِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا صَارَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى الشِّعْبِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ لَمْ يُقْتَلْ وَالْحَجَّاجُ مُحَاصِرُهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنْ يُبَايِعَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: قَدْ عَرَفْتُ مَقَامِي بِمَكَّةَ وَشُخُوصِي إِلَى الطائف وإلى الشام. وَأَنَا رَجُلٌ لَيْسَ عِنْدِي خِلافٌ. لَمَّا رَأَيْتُ النَّاسَ اخْتَلَفُوا اعْتَزَلْتُهُمْ حَتَّى يَجْتَمِعُوا. فَأَوَيْتُ إِلَى أَعْظَمِ بِلادِ اللَّهِ حُرْمَةً يَأْمَنُ فِيهِ الطَّيْرُ فَأَسَاءَ ابْنُ الزُّبَيْرِ جِوَارِي. فَتَحَوَّلْتُ إِلَى الشَّامِ فَكَرِهَ عَبْدُ الْمَلِكِ قُرْبِي. فَتَحَوَّلْتُ إِلَى الْحَرَمِ فَإِنْ يُقْتَلِ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَيَجْتَمِعِ النَّاسُ عَلى عَبْدِ الْمَلِكِ أُبَايِعْكَ. فَأَبَى الْحَجَّاجُ أَنْ يَرْضَى بِذَلِكَ مِنْهُ حَتَّى يُبَايِعَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. فَأَبَى ذَلِكَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَأَبَى الْحَجَّاجُ أَنْ يُقِرَّهُ عَلَى ذَلِكَ. فَلَمْ يَزَلْ مُحَمَّدٌ يُدَافِعُهُ حَتَّى قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عَمْرٍو الْحَارِثِيُّ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْحَجَّاجَ إِلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ لَهُ: إِنَّهُ لَيْسَ لَكَ عَلَى مُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ سُلْطَانٌ. قَالَ فَلَمَّا قَدِمَ الْحَجَّاجُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ يَتَوَعَّدُهُ ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يُمَكِّنَ اللَّهُ مِنْكَ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ وَيَجْعَلَ لِي عَلَيْكَ سُلْطَانًا فَأَفْعَلُ وَأَفْعَلُ. قَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ نَفْسِهِ! هَلْ شَعَرْتَ أَنَّ لله في كل يوم ستون وَثَلاثَمِائَةِ لَحْظَةٍ أَوْ نَفْحَةٍ؟ فَأَرْجُو أَنْ يَرْزُقَنِي اللَّهُ بَعْضَ لَحَظَاتِهِ أَوْ نَفَحَاتِهِ فَلا يَجْعَلُ لَكَ عَلَيَّ سُلْطَانًا. قَالَ فَكَتَبَ بِهَا الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَكَتَبَ بِهَا عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ صَاحِبُ الرُّومِ: إِنَّ هَذِهِ وَاللَّهِ مَا هِيَ مِنْ كَنْزِكَ وَلا كَنْزِ أَهْلِ بَيْتِكَ وَلَكِنَّهَا مِنْ كَنْزِ أَهْلِ بَيْتِ نُبُوَّةٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: لَمْ يُبَايِعْ أَبِي الْحَجَّاجَ. لَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بَعَثَ الْحَجَّاجُ إِلَيْهِ فَجَاءَ فَقَالَ: قَدْ قَتَلَ اللَّهُ عَدُوَّ اللَّهِ. فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: إِذَا بَايَعَ النَّاسُ بَايَعْتُ. قال: والله لأقتلنك! قال: أولا تَدْرِي أَنَّ لِلَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلاثَمِائَةٍ وستون لحظة(5/82)
فِي كُلِّ لَحْظَةٍ ثَلاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ قَضِيَّةً؟ فَلَعَلَّهُ يَكْفِينَاكَ فِي قَضِيَّةٍ مِنْ قَضَايَاهُ.
قَالَ فَكَتَبَ بِذَلِكَ الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَتَاهُ كِتَابُهُ فَأَعْجَبَهُ. وَكَتَبَ بِهِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ. وَذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ الرُّومِ كَتَبَ إِلَيْهِ يُهَدِّدُهُ أَنَّهُ قَدْ جَمَعَ لَهُ جُمُوعًا كَثِيرَةً.
فَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِذَلِكَ الْكَلامِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ. وَكَتَبَ: قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ مُحَمَّدًا لَيْسَ عِنْدَهُ خِلافٌ وَهُوَ يَأْتِيكَ وَيُبَايِعُكَ فَارْفُقْ بِهِ. فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَبَايَعَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ لابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: مَا بَقِيَ شَيْءٌ فَبَايِعْ. فَكَتَبَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. لِعَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي لَمَّا رَأَيْتُ الأُمَّةَ قَدِ اخْتَلَفَتِ اعْتَزَلْتُهُمْ. فَلَمَّا أَفْضَى هَذَا الأَمْرُ إِلَيْكَ وَبَايَعَكَ النَّاسُ كُنْتُ كَرَجُلٍ مِنْهُمْ أَدْخُلُ فِي صَالِحِ مَا دَخَلُوا فِيهِ. فَقَدْ بَايَعْتُكَ وَبَايَعْتُ الْحَجَّاجَ لَكَ وَبَعَثْتُ إِلَيْكَ بِبَيْعَتِي. وَرَأَيْتُ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَيْكَ.
وَنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تُؤَمِّنَنَا وَتُعْطِينَا مِيثَاقًا عَلَى الْوَفَاءِ فَإِنَّ الْغَدْرَ لا خَيْرَ فِيهِ. فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِنَّ أَرْضَ اللَّهِ وَاسِعَةٌ. فَلَمَّا قَرَأَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْكِتَابَ قَالَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ وَرَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ:
مَا لَكَ عَلَيْهِ سَبِيلٌ. وَلَوْ أَرَادَ فَتْقًا لَقَدِرَ عَلَيْهِ. وَلَقَدْ سَلَّمَ وَبَايَعَ فَنَرَى أَنْ تَكْتُبَ إِلَيْهِ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ بِالأَمَانِ لَهُ وَالْعَهْدِ لأَصْحَابِهِ. فَفَعَلَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنَّكَ عِنْدَنَا مَحْمُودٌ. أَنْتَ أَحَبُّ وَأَقْرَبُ بِنَا رَحِمًا مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. فَلَكَ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ وذمة رَسُولِهِ أَنْ لا تُهَاجَ وَلا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ بِشَيْءٍ تَكْرَهُهُ. ارْجِعْ إِلَى بَلَدِكَ وَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ.
وَلَسْتَ أَدْعُ صِلَتَكَ وَعَوْنَكَ مَا حَيِيتُ. وَكَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ يَأْمُرُهُ بِحُسْنِ جِوَارِهِ وَإِكْرَامِهِ.
فَرَجَعَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى الْمَدِينَةِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بن أبي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا صَارَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبَنَى دَارَهُ بِالْبَقِيعِ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْوفُودِ عَلَيْهِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ يَأْذَنُ لَهُ فِي أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ.
فَوَفَدَ عَلَيْهِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَدِمَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بِدِمَشْقَ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَهُ وَأَمَرَ لَهُ بِمَنْزِلٍ قَرِيبٍ مِنْهُ. وَأَمَرَ أَنْ يُجْرَى عَلَيْهِ نُزْلٌ يَكْفِيهِ وَيَكْفِي مَنْ مَعَهُ. وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فِي إِذْنِ الْعَامَّةِ. إِذَا أَذِنَ عَبْدُ الْمَلِكِ بَدَأَ بِأَهْلِ بَيْتِهِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَسَلَّمَ. فَمَرَّةً يَجْلِسُ وَمَرَّةً يَنْصَرِفُ. فَلَمَّا مَضَى مِنْ ذَلِكَ شَهْرٌ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ كَلَّمَ عَبْدُ الْمَلِكِ خَالِيًا فَذَكَرَ قَرَابَتَهُ وَرَحِمَهُ وَذَكَرَ دَيْنًا عَلَيْهِ فَوَعَدَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ وَأَنْ يَصِلَ رَحِمَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْفَعَ حَوَائِجَهُ. فَرَفَعَ مُحَمَّدٌ دَيْنَهُ(5/83)
وَحَوَائِجَهُ وَفَرَائِضَ لِوَلَدِهِ وَلِغَيْرِهِمْ مِنْ حَامَّتِهِ وَمَوَالِيهِ فَأَجَابَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَتَعَسَّرَ عَلَيْهِ فِي الْمَوَالِي أن يَفْرِضَ لَهُمْ وَأَلَحَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فَفَرَضَ لَهُمْ فَقَصَّرَ بِهِمْ فَكَلَّمَهُ فَرَفَعَ فِي فَرَائِضِهِمْ. فَلَمْ يَبْقَ لَهُ حَاجَةٌ إِلا قَضَاهَا. وَاسْتَأْذَنَهُ فِي الانْصِرَافِ فَأَذِنَ لَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: وَفَدْتُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَضَى حَوَائِجِي وَوَدَّعْتُهُ. فَلَمَّا كِدْتُ أَنْ أَتَوَارَى مِنْ عَيْنَيْهِ نَادَانِي: أَبَا الْقَاسِمِ أَبَا الْقَاسِمِ! فَكَرَرْتُ فَقَالَ لِي: أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّكَ يَوْمَ تَصْنَعُ بِالشَّيْخِ مَا تَصْنَعُ ظَالِمٌ لَهُ؟ يَعْنِي حِينَ أَخَذَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ يَوْمَ الدَّارِ فَدَعَثَهُ بِرِدَائِهِ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَلِي يَوْمَئِذٍ ذُؤَابَةٌ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: وَفَدْتُ مَعَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَعِنْدَهُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ. فَدَعَا عَبْدُ الْمَلِكِ بِسَيْفِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُتِيَ بِهِ وَدَعَا بصيقل فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ حَدِيدَةً قَطُّ أَجْوَدَ مِنْهَا. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَلا وَاللَّهِ مَا أَرَى النَّاسُ مِثْلَ صَاحِبِهَا. يَا مُحَمَّدُ هَبْ لِي هَذَا السَّيْفَ. فَقَالَ مُحَمَّدٌ: أَيُّنَا رَأَيْتَ أَحَقَّ بِهِ فَلْيَأْخُذْهُ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إن كان لك قرابة فلكل قرابة وحق. قَالَ فَأَعْطَاهُ مُحَمَّدٌ عَبْدَ الْمَلِكِ وَقَالَ:
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ هَذَا. يَعْنِي الْحَجَّاجَ وَهُوَ عِنْدَهُ. قَدْ آذَانِي وَاسْتَخَفَّ بِحَقِّي. وَلَوْ كَانَتْ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ أَرْسِلْ إِلَيَّ فِيهَا. فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لا إِمْرَةَ لَكَ عَلَيْهِ. فَلَمَّا وَلَّى مُحَمَّدٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِلْحَجَّاجِ: أَدْرِكْهُ فَسُلَّ سَخِيمَتَهُ. فَأَدْرَكَهُ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ لأَسُلَّ سَخِيمَتَكَ وَلا مَرْحَبًا بِشَيْءٍ سَاءَكَ. فَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَيْحَكَ يَا حَجَّاجُ اتَّقِ اللَّهَ وَاحْذَرِ اللَّهَ. مَا مِنْ صَبَاحٍ يُصْبِحُهُ الْعِبَادُ إِلا لِلَّهِ فِي كُلِّ عَبْدٍ مِنِ عِبَادِهِ ثَلاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ لَحْظَةً إِنْ أَخَذَ أَخَذَ بِمَقْدِرَةِ وَإِنْ عَفَا عَفَا بِحِلْمٍ. فَاحْذَرِ اللَّهَ. فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ:
لا تَسْأَلْنِي شَيْئًا إِلا أَعْطَيْتُكَهُ. فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: وَتَفْعَلُ؟ قَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: نَعَمْ. قَالَ:
فَإِنِّي أَسْأَلُكَ صَرْمَ الدَّهْرِ. قَالَ فَذَكَرَ الْحَجَّاجُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. فَأَرْسَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى رَأْسِ الْجَالُوتَ فَذَكَرَ لَهُ الَّذِي قَالَ مُحَمَّدٌ وَقَالَ: إِنَّ رَجُلا مِنَّا ذَكَرَ حَدِيثًا مَا سَمِعْنَاهُ إِلا مِنْهُ. وَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ. فَقَالَ رَأْسُ الْجَالُوتَ: مَا خَرَجَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ إِلا مِنْ بَيْتِ نُبُوَّةٍ.
أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ الْحَجَّاجَ أَرَادَ(5/84)
أَنْ يَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى الْمَقَامِ فَزَجَرَهُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَنَهَاهُ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ سَالِمِ بن أبي الجعد قال: رأيت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَصَلَّى فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ رَكْعَتَيْنِ. ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قال: قال محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: لا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى تَكُونَ خُصُومَاتُ النَّاسِ فِي رَبِّهِمْ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَرْمِي الْجِمَارَ عَلَى بِرْذَوْنٍ أَشْهَبَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ التَّمَّارُ قَالَ: رَأَيْتُ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ مُوَسِّعًا رَأْسَهُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَهُوَ مُحْرِمٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي ثُوَيْرٌ قَالَ: رأيت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يُخَضِّبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ أَشْعَرَ بُدْنَهُ فِي الشِّقِّ الأَيْمَنِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ على محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ مِطْرَفَ خَزٍّ أَصْفَرَ بِعَرَفَةَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ مِطْرَفٍ خَزٍّ بِعَرَفَاتٍ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ عَنْ رِشْدِينَ قال: رأيت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ حَرْقَانِيَّةٍ وَيُرْخِيهَا شِبْرًا أَوْ أَقَلَّ مِنْ شِبْرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الواحد بن أيمن قال: رأيت على محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ عِمَامَةً سَوْدَاءَ.
أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ عَنْ نَصْرِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: رَأَيْتُ على محمد بن علي ابن الْحَنَفِيَّةِ مِلْحَفَةً صَفْرَاءَ وَسِخَةً.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي(5/85)
إدريس قال: قال لي محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَلْبِسَ الْخَزَّ فَإِنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ؟
قُلْتُ: إِنَّهُ يُجْعَلُ فِيهِ الْحَرِيرُ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يُخَضِّبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ فَقُلْتُ لَهُ: أَكَانَ عَلِيٌّ يُخَضِّبُ؟ قَالَ: لا. قُلْتُ: فَمَا لَكَ؟ قَالَ: أَتَشَبَّبُ بِهِ لِلنِّسَاءِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْمٍ الْخَزَّازُ قَالَ: سَمِعْتُ صَالِحَ بْنَ مِيسَمٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي يَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ ابن الْحَنَفِيَّةِ أَثَرَ الْحِنَّاءِ فَقُلْتُ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: كُنْتُ أُخَضِّبُ أُمِّي.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ أَبِي يعلى عن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ يُذَوِّبُ أُمَّهُ وَيُمَشِّطُهَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حدثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ ابن الْحَنَفِيَّةِ مَخْضُوبًا بِالْحِنَّاءِ. وَرَأَيْتُهُ مَكْحُولَ الْعَيْنَيْنِ. وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ عِمَامَةً سَوْدَاءَ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الواحد بن أيمن قال: أرسلني أبي إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُكَحَّلُ الْعَيْنَيْنِ مَصْبُوغُ اللِّحْيَةِ بِحُمْرَةٍ فَرَجَعْتُ إِلَى أَبِي فَقُلْتُ: أَرْسَلَتْنِي إِلَى شَيْخٍ مُخَنَّثٍ! فَقَالَ: يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ ذَاكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ نَبِيذَ الدَّنِّ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ قال: حدثنا ربيع بْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَأَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَعَلَيْهِ خُفَّانِ فَنَزَعَ خُفَّيْهِ وَمَسَحَ عَلَى قَدَمَيْهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الأَزْرَقِ عَنْ أَبِي عُمَرَ أَنَّ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ كَانَ يَغْتَسِلُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ وَفِي الشِّعْبِ. قَالَ وَكَانَ يَغْسِلُ أَثَرَ الْمَحَاجِمِ.
أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا رِشْدِينُ بْنُ كُرَيْبٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَتَخَتَّمُ فِي يَسَارِهِ.(5/86)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قال: سَمِعْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ يَقُولُ: هَذِهِ لِي خَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَةً قَدْ جَاوَزْتُ سِنَّ أَبِي. تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سنة. وَمَاتَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ. سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قال: حدثنا زيد بْنُ السَّائِبِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا هَاشِمٍ عَبْدَ الله بن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: أَيْنَ دُفِنَ أَبُوكَ؟ فَقَالَ: بِالْبَقِيعِ. قُلْتُ: أَيُّ سَنَةٍ؟ قَالَ:
سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ فِي أَوَّلِهَا. وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً لا يستكملها.
أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ. وَلا نَعْلَمُهُ رَوَى عَنْ عُمَرَ شَيْئًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هَاشِمٍ عَبْدَ الله بن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ وَأَشَارَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَقِيعِ فَقَالَ: هَذَا قَبْرُ أَبِي الْقَاسِمِ. يَعْنِي أَبَاهُ. مَاتَ فِي الْمُحَرَّمِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. وَهِيَ سَنَةُ الْجُحَافِ.
سَيْلٌ أَصَابَ أَهْلَ مَكَّةَ جَحَفَ الْحَاجَّ. قَالَ فَلَمَّا وَضَعْنَاهُ فِي الْبَقِيعِ جَاءَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَهُوَ الْوَالِي يَوْمَئِذٍ عَلَى الْمَدِينَةِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَخِي مَا تَرَى؟ فَقُلْتُ: لا يُصَلِّي عَلَيْهِ أَبَانُ إِلا أَنْ يَطْلُبَ ذَلِكَ إِلَيْنَا. فَقَالَ أَبَانُ:
أَنْتُمْ أَوْلَى بِجِنَازَتِكُمْ. مَنْ شِئْتُمْ فَقَدِّمُوا مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ. فَقُلْنَا: تَقَدَّمْ فَصَلِّ. فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَحَدَّثْتُ زَيْدَ بْنَ السَّائِبِ فَقُلْتُ إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُوَيْمِرٍ الأَسْلَمِيِّ أَنَّ أَبَا هَاشِمٍ قَالَ يَوْمَئِذٍ: نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ الإِمَامَ أَوْلَى بِالصَّلاةِ وَلَوْلا ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاكَ.
فَقَالَ زَيْدُ بْنُ السَّائِبِ: هَكَذَا سَمِعْتُ أَبَا هَاشِمٍ يَقُولُ. فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهِ.
681- عمر الأكبر ابن علي
بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي. وأمه الصهباء وهي أم حبيب بِنْت ربيعة بْن بجير بْن العبد بْن عَلْقَمَة بْن الْحَارِث بْن عُتْبة بْن سَعْد بْن زُهَيْر بْن جشم بْن بَكْر بْن حبيب بْن عمرو بن غنم بْن تغلب بْن وائل. وكانت سبية أصابها خَالِد بْن الوليد حيث أغار على بني تغلب بناحية
__________
681 الجرح والتعديل (6/ 124) .(5/87)
عين التمر. فولد عُمَر بْن عَلِيّ محمدا وأم مُوسَى وأم حبيب وأمهم أسماء بِنْت عُقَيْل بْن أَبِي طَالِب. وقد روى عُمَر الحديث وكان فِي ولده عدة يُحَدِّث عَنْهُمْ فذكرناهم فِي مواضعهم وطبقتهم.
682- عُبَيْد اللَّه بْن عَلِيِّ
بْنِ أبي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي وأمه ليلى بِنْت مَسْعُود بْن خَالِد بْن مالك بْن ربعي بْن سلمى بْن جندل بْن نهشل بْن دارم بْن مالك بْن حنظلة بْن مالك بْن سَعْد بْن زيد مناة بْن تميم. وكان عُبَيْد اللَّه بْن عَلِيّ قَدِمَ من الحجاز عَلَى المختار بالكوفة وسأله فلم يعطه وقال: أقدمت بكتاب من المهديّ؟ قَالَ: لا. فحبسه أياما ثُمَّ خلى سبيله وقال: اخرج عنا. فخرج إلى مُصْعَب بْن الزُّبَيْر بالبصرة هاربا من المختار فنزل عَلَى خاله نُعَيْم بْن مَسْعُود التَّميميّ ثُمَّ النهشلي وأمر لَهُ مُصْعَب بمائة ألف درهم. ثُمَّ أمر مُصْعَب بْن الزُّبَيْر النَّاس بالتهيؤ لعدوهم ووقت للمسير وقتا. ثُمَّ عسكر ثُمَّ انقلع من معسكره ذَلِكَ واستخلف عَلَى البصرة عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر بْن عُبَيْد اللَّه بْن معمر. فلمّا سار مُصْعَب تخلف عُبَيْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب فِي أخواله وسار خاله نُعَيْم بْن مَسْعُود مَعَ مُصْعَب.
فلمّا فصل مُصْعَب من البصرة جاءت بنو سعد بن زيد مناة بْن تميم إلى عُبَيْد اللَّه بْن عَلِيّ فقالوا: نَحْنُ أيضًا أخوالك ولنا فيك نصيب فتحول إلينا فإنا نحب كرامتك. قَالَ:
نعم. فتحول إليهم فأنزلوه وسطهم وبايعوا لَهُ بالخلافة وهُوَ كاره يَقُولُ: يا قوم لا تعجلوا ولا تفعلوا هذا الأمر. فأبوا فبلغ ذَلِكَ مصعبا فكتب إلى عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر بْن عُبَيْد اللَّه بْن معمر يعجزه ويخبره غفلته عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عَلِيّ وعما أحدثوا من البيعة لَهُ. ثُمَّ دعا مُصْعَب خاله نُعَيْم بْن مَسْعُود فقال: لقد كنت مكرما لك محسنا فيما بيني وبينك فما حملك عَلَى ما فعلت فِي ابن أختك وتخلفه بالبصرة يؤلب النَّاس ويخدعهم؟ فحلف بالله ما فعل وما علم من قصته هذه بحرف واحد. فقبل منه مُصْعَب وصدقه. وقال مُصْعَب: قد كتبت إلى عُبَيْد اللَّه ألومه فِي غفلته عَنْ هذا. فقال نُعَيْم بْن مَسْعُود: فلا يهيجه أحد أَنَا أكفيك أمره وأقدم بِهِ عليك. فسار نُعَيْم حَتَّى أتى البصرة فاجتمعت بنو حنظلة وبنو عَمْرو بْن تميم فسار بهم حَتَّى أتى بني سَعْد فقال: والله ما كَانَ لكم فِي هذا الأمر الَّذِي صنعتم خير وما أردتم إِلَّا هلاك تميم كلها فادفعوا إلي ابن أختي. فتلاوموا ساعة ثُمَّ دفعوه إِلَيْهِ فخرج حَتَّى قَدِمَ بِهِ عَلَى مُصْعَب فقال: يا أخي ما حملك عَلَى الَّذِي صنعت؟ فحلف عُبَيْد اللَّه بالله ما أراد ذَلِكَ ولا كَانَ لَهُ بِهِ علم حَتَّى(5/88)
فعلوه. ولقد كرهت ذَلِكَ وأبيته. فصدقه مُصْعَب وقبل منه. وأمر مُصْعَب بْن الزُّبَيْر صاحب مقدمته عبادا الحبطي أن يسير إلى جمع المختار فسار فتقدم وتقدم معه عُبَيْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب فنزلوا المذار. وتقدم جيش المختار فنزلوا بإزائهم فبيتهم أصحاب مُصْعَب بْن الزُّبَيْر فقتلوا ذَلِكَ الجيش فلم يفلت منهم إلا الشريد.
وقتل عُبَيْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب تِلْكَ الليلة.
683- سَعِيد بْن المسيّب
بْن حزن بْن أَبِي وَهْب بْن عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بن عمران بن مخزوم بْن يقظة. وأمه أم سَعِيد بِنْت حَكِيمِ بْن أُمَيَّةَ بْن حَارِثَةَ بْن الأوقص السُّلَميّ.
فولد سَعِيد بْن المسيّب محمدا وسعيدا وإلياس وأم عثمان وأم عَمْرو وفاختة وأمهم أم حبيب بِنْت أَبِي كريم بْن عامر بْن عبد ذي الشرى ابن عتاب بْن أَبِي صعب بْن فهم بْن ثعلبة بْن سُلَيْم بْن غانم بْن دوس. ومريم وأمها أم ولد.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ بْنِ حَزْنٍ أَنَّ جَدَّهُ حَزْنًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: أَنَا حَزْنٌ. قَالَ: بَلْ أَنْتَ سَهْلٌ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْمٌ سَمَّانِي بِهِ أَبَوَايَ فَعُرِفْتُ بِهِ فِي الناس. قال فسكت عنه النبي. ع. قَالَ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: مَا زِلْنَا نَعْرِفُ الْحُزُونَةَ فِينَا أَهْلَ الْبَيْتِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عن
__________
683 تاريخ ابن معين (2/ 207) ، وتاريخ الدارمي (359) ، وعلل ابن المديني (45) ، (46) ، (48) ، (73) ، (79) ، (80) ، وطبقات خليفة (244) ، وتاريخ خليفة (67) ، (112) ، (134) ، (265) ، (289) ، (290) ، (306) ، والتاريخ الكبير (3/ ت 1698) ، والمعارف (437- 438) ، وتاريخ واسط (129) ، (148) ، (181) ، (182) ، (189) ، (190) ، (255) ، (256) ، (266) ، (272) ، وكنى الدولابي (2/ 96) ، والجرح والتعديل (4/ ت 262) ، والمراسيل (73) ، وحلية الأولياء (2/ 161) ، والسابق واللاحق (54) ، وطبقات الشيرازي (57) ، والأنساب للسمعاني (8/ 331) ، وتهذيب الأسماء (1/ 219) ، ووفيات الأعيان (2/ 375) ، وتاريخ الإسلام (4/ 4، 118) ، وسير أعلام النبلاء (4/ 217) ، وتهذيب الكمال (2358) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (28) ، وتذكرة الحفاظ (1/ 54) ، والعبر (1/ 110) ، وغاية النهاية (1/ 308) ، وتهذيب التهذيب (4/ 84) ، وخلاصة الخزرجي (1/ 2542) ، وشذرات الذهب (1/ 102) .(5/89)
عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: وُلِدَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ بَعْدَ أَنِ اسْتُخْلِفَ عُمَرُ بِأَرْبَعِ سِنِينَ وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وُلِدَ سَعِيدٌ قَبْلَ مَوْتِ عُمَرَ بِسَنَتَيْنِ وَمَاتَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَالَّذِي رَأَيْتُ عَلَيْهِ النَّاسَ فِي مَوْلِدِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ وُلِدَ لِسَنَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ. وَيُرْوَى أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ عُمَرَ. وَلَمْ أَرَ أَهْلَ الْعِلْمِ يُصَحِّحُونَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانُوا قَدْ رَوَوْهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: وُلِدْتُ لِسَنَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَكَانَتْ خِلافَتُهُ عَشْرَ سِنِينَ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَرِيفٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ يَعْقُوبَ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ: سَمِعْتُ مِنَ عُمَرَ كَلِمَةً مَا بَقِيَ أَحَدٌ حَيٌّ سَمِعَهَا غَيْرِي. كَانَ عُمَرُ حِينَ رَأَى الْكَعْبَةَ قَالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلامُ وَمِنْكَ السَّلامُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ أَخْنَسَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ: لا أَجِدُ أَحَدًا جَامَعَ فَلَمْ يَغْتَسِلْ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ إِلا عَاقَبْتُهُ.
قَالَ: وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا بُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ قَالَ:
سُئِلَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ هَلْ أَدْرَكْتَ عُمَرَ بن الخطاب؟ فقال: لا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ: إِنْ كُنْتُ لأَسِيرُ اللَّيَالِيَ وَالأَيَّامَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالُوا: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قال: ما بقي أحدا أَعْلَمُ بِكُلِّ قَضَاءٍ قَضَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مِنِّي.
قَالَ يَزِيدُ قَالَ مِسْعَرٌ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ وَعُثْمَانُ وَمُعَاوِيَةُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: مَا بقي أحدا أَعْلَمُ بِكُلِّ قَضَاءٍ(5/90)
قَضَاهُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَلَ قَضَاءٍ قَضَاهُ أَبُو بَكْرٍ وَكُلِّ قَضَاءٍ قَضَاهُ عُمَرُ. قَالَ أَبِي:
وَأَحْسَبُ أَنَّهُ قَالَ وَكُلِّ قَضَاءٍ قَضَاهُ عُثْمَانُ. مِنِّي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ. وَسَأَلَهُ سَائِلٌ عَمَّنْ أَخَذَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عِلْمَهُ. فَقَالَ: عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.
وَجَالَسَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ وَدَخَلَ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ. وَكَانَ قَدْ سَمِعَ مِنَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَلِيٍّ وَصُهَيْبٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ. وَجُلُّ رِوَايَتِهِ الْمُسْنَدَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَكَانَ زَوْجَ ابْنَتِهِ. وَسَمِعَ مِنَ أَصْحَابِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ.
وَكَانَ يُقَالُ لَيْسَ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِكُلِّ مَا قَضَى بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ مِنْهُ.
قَالَ: وَأُخْبِرْتُ عَنْ لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَمَالِكِ بْنُ أَنَسٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ يُقَالُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ رَاوِيَةُ عُمَرَ. قَالَ لَيْثٌ: لأَنَّهُ كَانَ أَحْفَظَ النَّاسِ لأَحْكَامِهِ وَأَقْضِيَتِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا قُدَامَةُ بْنُ مُوسَى الْجُمَحِيُّ قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يُفْتِي وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْيَاءٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَارِيَةُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ يَقُولُ: كَانَ رَأْسَ مَنْ بِالْمَدِينَةِ فِي دَهْرِهِ الْمُقَدَّمِ عَلَيْهِمْ فِي الْفَتْوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ. وَيُقَالُ فَقِيهُ الْفُقَهَاءِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَالِمُ الْعُلَمَاءِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: قَالَ مَكْحُولٌ: مَا حَدَّثْتُكُمْ بِهِ فَهُوَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالشَّعْبِيِّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابن أبي ذئب عن ابْنِ أَبِي الْحُوَيْرِثِ أَنَّهُ شَهِدَ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يَسْتَفْتِي سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مَرْوَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ يَقُولُ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمَا تَقَدَّمَهُ مِنَ الآثَارِ وَأَفْقَهُهُمْ فِي رَأْيِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: أخبرني(5/91)
مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَسَأَلْتُ عَنْ أَفْقَهِ أَهْلِهَا فَدُفِعْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَسَأَلْتُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ الْوَلِيدِ الشَّنِّيُّ عَنْ شِهَابِ بْنِ عَبَّادٍ الْعَصَرِيِّ قَالَ: حَجَجْتُ فَأَتَيْنَا الْمَدِينَةَ فَسَأَلْنَا عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَالُوا:
سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العزيز لا يقضي بقضاه حَتَّى يَسْأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ إِنْسَانًا يَسْأَلُهُ فَدَعَاهُ فَجَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ فَقَالَ عُمَرُ: أَخْطَأَ الرَّسُولُ. إِنَّمَا أَرْسَلْنَاهُ يَسْأَلُكَ فِي مَجْلِسِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: مَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ عَالِمٌ إِلا يَأْتِينِي بِعِلْمِهِ وَأُوتَى بِمَا عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ.
قَالَ: أخبرنا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ عَنْ سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: سَأَلَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فَانْتَسَبْتُ لَهُ فَقَالَ: لَقَدْ جَلَسَ أَبُوكَ إِلَيَّ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ فَسَأَلَنِي عَنْ كَذَا وَكَذَا فَقُلْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا.
قَالَ سَلامٌ يَقُولُ عِمْرَانُ: وَاللَّهِ مَا أُرَاهُ مَرَّ عَلَى أُذُنِهِ شَيْءٌ قَطُّ إِلا وَعَاهُ قَلْبُهُ. يَعْنِي سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالُوا: اسْتَعْمَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ جَابِرَ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيَّ عَلَى الْمَدِينَةِ فَدَعَا النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ لابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: لا. حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ. فَضَرَبَهُ سِتِّينَ سَوْطًا. فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَكَتَبَ إِلَى جَابِرٍ يَلُومُهُ وَيَقُولُ: مَا لَنَا وَلِسَعِيدٍ. دَعْهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بن أبي عون قال: كان جابر بن الأَسْوَدُ وَهُوَ عَامَلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى الْمَدِينَةِ قَدْ تَزَوَّجَ الْخَامِسَةَ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الرَّابِعَةِ. فَلَمَّا ضُرِبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ صَاحَ بِهِ سَعِيدٌ وَالسِّيَاطُ تَأْخُذُهُ: وَاللَّهِ مَا رَبَعَتْ على كتاب الله. يقول الله: «أنكحوا مَا طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ» . وَإِنَّكَ تَزَوَّجْتَ الْخَامِسَةَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّابِعَةِ. وَمَا هِيَ إِلا لَيَالٍ فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ فَسَوْفَ يَأْتِيكَ مَا تَكْرَهُ. فَمَا مَكَثَ إِلا يَسِيرًا حَتَّى قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ.(5/92)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُسَافِعٍ الْعَامِرِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ قليعٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ يَوْمًا وَقَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ الأَشْيَاءُ ورهقني دين. فجلست إلى ابن المسيب ما أَدْرِي أَيْنَ أَذْهَبُ. فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنِّي رَأَيْتُ رُؤْيَا. قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَ:
رَأَيْتُ كَأَنِّي أَخَذْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ فَأَضْجَعْتُهُ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ بَطَحْتُهُ فَأَوْتَدْتُ فِي ظَهْرِهِ أَرْبَعَةَ أَوْتَادٍ. قَالَ: مَا أَنْتَ رَأَيْتَهَا. قَالَ: بَلَى أَنَا رَأَيْتُهَا. قَالَ: لا أُخْبِرُكُ أَوْ تُخْبِرَنِي. قَالَ: ابْنُ الزُّبَيْرِ رَآهَا وَهُوَ بَعَثَنِي إِلَيْكَ. قَالَ: لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاهُ قَتَلَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَخَرَجَ مِنْ صُلْبِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ يَكُونُ خَلِيفَةً. قَالَ فَدَخَلْتُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِالشَّامِ فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَسَّرَهُ وَسَأَلَنِي عَنْ سَعِيدٍ وَعَنْ حَالِهِ فَأَخْبَرْتُهُ. وَأَمَرَ لِي بِقَضَاءِ دَيْنِي وَأَصَبْتُ مِنْهُ خَيْرًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ رَأَيْتُ كَأَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ يَبُولُ فِي قِبْلَةِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ أَرْبَعَ مِرَارٍ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ قَامَ فِيهِ مِنْ صُلْبِهِ أَرْبَعَةُ خُلَفَاءَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ مِنْ أَعْبَرِ النَّاسِ لِلرُّؤْيَا وَكَانَ أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وَأَخَذَتْهُ أَسْمَاءُ عَنْ أَبِيهَا أَبِي بَكْرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَفْصٍ عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ الْمُسَيِّبِ رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ أَسْنَانِي سَقَطَتْ فِي يَدَيَّ ثُمَّ دَفَنْتُهَا. فَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ دَفَنْتَ أَسْنَانَكَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مُسْلِمٍ الْخَيَّاطِ قَالَ:
قَالَ رَجُلٌ لابْنِ الْمُسَيِّبِ إِنِّي أُرَانِي أَبُولُ فِي يَدَيَّ. فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّ تَحْتَكَ ذَاتَ مَحْرَمٍ. فَنَظَرَ فَإِذَا امْرَأَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ رَضَاعٌ. وَجَاءَهُ آخَرٌ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنِّي أَرَى كَأَنِّي أَبُولُ فِي أَصْلِ زَيْتُونَةٍ. قَالَ: انْظُرْ مَنْ تَحْتَكَ. تَحْتَكَ ذَاتُ مَحْرَمٍ. فَنَظَرَ فَإِذَا امْرَأَةٌ لا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحِهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مُسْلِمٍ الْخَيَّاطِ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَالَ لَهُ رَجُلٌ إِنِّي رَأَيْتُ حَمَامَةً وَقَعَتْ عَلَى الْمَنَارَةِ مَنَارَةِ الْمَسْجِدِ. فَقَالَ:(5/93)
يَتَزَوَّجُ الْحُجَّاجُ ابْنَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ مُسْلِمٍ الْخَيَّاطِ قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ إِنِّي أَرَى أَنَّ تَيْسًا أَقْبَلَ يَشْتَدُّ مِنَ الثَّنِيَّةِ. فَقَالَ: اذْبَحْ اذْبَحْ. قَالَ: ذَبَحْتُ. قَالَ: مَاتَ ابْنُ أم صِلاءٍ. فَمَا بَرِحَ حَتَّى جَاءَهُ الْخَبَرُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَ ابْنُ أُمِّ صِلاءٍ رَجُلا مِنْ مَوَالِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَسْعَى بِالنَّاسِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ رَجُلٌ مِنَ الْقَارَةِ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مَنْ فَهْمٍ لابْنِ الْمُسَيِّبِ إِنَّهُ يَرَى فِي النَّوْمِ كَأَنَّهُ يَخُوضُ النَّارَ. فَقَالَ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ لا تَمُوتُ حَتَّى تَرْكَبَ الْبَحْرَ وَتَمُوتَ قَتْلا. قَالَ فَرَكِبَ الْبَحْرَ فَأَشْفَى عَلَى الْهَلَكَةِ وَقُتِلَ يَوْمَ قُدَيْدٍ بِالسَّيْفِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَلٍ مِنْ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَدِيِّ بْن خُوَيْلِدِ بْن أَسَدِ بْن عَبْد الْعُزَّى قَالَ: طَلَبْتُ الْوَلَدَ فَلَمْ يُولَدْ لِي فَقُلْتُ لابْنِ الْمُسَيِّبِ إِنِّي أَرَى أَنَّهُ طُرِحَ فِي حِجْرِي بَيْضٌ. فَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: الدَّجَاجُ عَجَمِيٌّ فَاطْلُبْ سَبَبًا إِلَى الْعَجَمِ. قَالَ فَتَسَرَّيْتُ فَوُلِدَ لِي وَكَانَ لا يُولَدُ لِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُثَيْمُ بْنُ نِسْطَاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا رَأَى الرُّؤْيَا وَقَصَّهَا عَلَيْهِ يَقُولُ: خَيْرًا رَأَيْتَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَفْصٍ عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: التَّمْرُ فِي النَّوْمِ رِزْقٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالرُّطَبُ فِي زَمَانِهِ رِزْقٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ خَوَّاتٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ:
آخِرُ الرُّؤْيَا أَرْبَعُونَ سَنَةً. يَعْنِي فِي تَأْوِيلِهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مُسْلِمٍ الْخَيَّاطِ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: الْكَبْلُ فِي النَّوْمِ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ. قَالَ وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنِّي جَالِسٌ فِي الظِّلِّ فَقُمْتُ إِلَى الشَّمْسِ. فَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: وَاللَّهِ لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ لَتُخْرَجَنَّ مِنَ الإِسْلامِ. قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنِّي أُرَانِي أُخْرِجْتُ حَتَّى أُدْخِلْتُ فِي(5/94)
الشَّمْسِ فَخَسَلَتْ. قَالَ: تُكْرَهُ عَلَى الْكُفْرِ. قَالَ فَخَرَجَ فِي زَمَانِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَأُسِرَ فَأُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ فَرَجَعَ ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَكَانَ يُخْبِرُ بِهَذَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بن جَعْفَرٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ تُوُفِّيَ بِمِصْرَ فِي جُمَادَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ فَعَقَدَ عَبْدُ الْمَلِكِ لابْنَيْهِ الْوَلِيدِ وَسُلَيْمَانَ بِالْعَهْدِ وَكَتَبَ بِالْبَيْعَةِ لَهُمَا إِلَى الْبُلْدَانِ. وَعَامِلُهُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْمَدِينَةِ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيُّ. فَدَعَا النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ لَهُمَا. فَبَايَعَ النَّاسَ.
وَدَعَا سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ أَنْ يُبَايِعَ لَهُمَا فَأَبَى وَقَالَ: حَتَّى أَنْظُرَ. فَضَرَبَهُ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ سِتِّينَ سَوْطًا وَطَافَ بِهِ فِي تُبَّانٍ مِنْ شَعْرٍ حَتَّى بَلَغَ بِهِ رَأْسَ الثَّنِيَّةِ. فَلَمَّا كَرُّوا بِهِ قَالَ: أَيْنَ تَكِرُّونَ بِي؟ قَالُوا: إِلَى السِّجْنِ. قَالَ: وَاللَّهِ لَوْلا أَنِّي ظَنَنْتُ أَنَّهُ الصَّلْبُ مَا لَبِسْتُ هَذَا التُّبَّانَ أَبَدًا. فَرَدُّوهُ إِلَى السِّجْنِ وَحَبَسَهُ وَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ يُخْبِرُهُ بِخِلافِهِ وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ يَلُومُهُ فِيمَا صَنَعَ بِهِ وَيَقُولُ: سَعِيدٌ كَانَ وَاللَّهِ أَحْوَجَ إِلَى أَنْ تَصِلَ رَحِمَهُ مِنْ أَنْ تَضْرِبَهُ. وَإِنَّا لَنَعْلَمُ مَا عِنْدَ سَعِيدٍ شِقَاقٌ وَلا خِلافٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ قَالَ: دَخَلَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ عَلَى عَبْدِ الملك بن مروان بكتاب هشام بن إسماعيل يَذْكُرُ أَنَّهُ ضَرَبَ سَعِيدًا وَطَافَ بِهِ. قَالَ قَبِيصَةُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَاتُ عَلَيْكَ هِشَامٌ بِمِثْلِ هَذَا. يَضْرِبُ ابْنَ الْمُسَيِّبِ وَيَطُوفُ بِهِ. وَاللَّهِ لا يَكُونُ سَعِيدٌ أَبَدًا أَمْحَلَ وَلا أَلَجَّ مِنْهُ حِينَ يُضْرَبُ. سَعِيدٌ لَوْ لَمْ يُبَايِعْ مَا كَانَ يَكُونُ مِنْهُ. مَا سَعِيدٌ مِمَّنْ يُخَافُ فَتْقُهُ وَلا غَوَائِلُهُ عَلَى الإِسْلامِ وَأَهْلِهِ. وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ الْجَمَاعَةِ وَالسُّنَّةِ. وَقَالَ قَبِيصَةُ: اكْتُبْ إِلَيْهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي ذَلِكَ. فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: اكْتُبْ أَنْتَ إِلَيْهِ عَنْكَ تُخْبِرْهُ بِرَأْيِي فِيهِ وَمَا خَالَفَنِي مِنْ ضَرْبِ هِشَامٍ إِيَّاهُ. فَكَتَبَ قَبِيصَةُ إِلَى سَعِيدٍ بِذَلِكَ.
فَقَالَ سَعِيدٌ حِينَ قَرَأَ الْكِتَابَ: اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ ظَلَمَنِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عبد الله بن يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ السِّجْنَ فَإِذَا هُوَ قَدْ ذُبِحَتْ لَهُ شَاةٌ فَجَعَلَ الإِهَابَ عَلَى ظَهْرِهِ ثُمَّ جَعَلُوا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَضْبًا رَطْبًا. وَكَانَ كُلَّمَا نَظَرَ إِلَى عَضُدَيْهِ قَالَ: اللَّهُمَّ انْصُرْنِي مِنْ هِشَامٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلَ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ السِّجْنَ أَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هشام فجعل(5/95)
يكلم سعيدا ويقول له: أمك خُرِقْتَ بِهِ. فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ اتَّقِ اللَّهَ وَآثِرْهُ عَلَى مَا سِوَاهُ.
قَالَ فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يُرَدِّدُ عَلَيْهِ: إِنَّكَ خُرِقْتَ بِهِ وَلَمْ تَرْفُقْ. فَجَعَلَ سَعِيدٌ يَقُولُ: إِنَّكَ وَاللَّهِ أَعْمَى الْبَصَرِ أَعْمَى الْقَلْبِ. قَالَ فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ عِنْدِهِ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَ: هَلْ لانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ مُنْذُ ضَرَبْنَاهُ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ مَا كَانَ أَشَدَّ لِسَانًا مِنْهُ مُنْذُ فَعَلْتَ بِهِ مَا فَعَلْتَ فَاكْفُفْ عَنِ الرَّجُلِ. وَجَاءَ هِشَامَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ كِتَابٌ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يَلُومُهُ فِي ضَرْبِهِ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَيَقُولُ: مَا ضَرَّكَ لَوْ تَرَكْتَ سَعِيدًا وَوَطِئْتَ مَا قَالَ؟ وَنَدِمَ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَلَى مَا صَنَعَ بِسَعِيدٍ فَخَلَّى سَبِيلَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَسْلَمُ أَبُو أمية مولى بني مخروم وَكَانَ ثِقَةً قَالَ: صَنَعَتِ ابْنَةُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ طَعَامًا كَثِيرًا حِينَ حُبِسَ فَبَعَثَتْ بِهِ إِلَيْهِ. فَلَمَّا جَاءَ الطَّعَامُ دَعَانِي سَعِيدٌ فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَى ابْنَتِي فَقُلْ لَهَا لا تَعُودِي لِمِثْلِ هَذَا أَبَدًا.
فَهَذِهِ حَاجَةُ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ مَالِي فَأَحْتَاجُ إِلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ. وَأَنَا لا أَدْرِي مَا أُحْبَسُ. فَانْظُرِي إِلَى الْقُوتِ الَّذِي كُنْتُ آكُلُ فِي بَيْتِي فَابْعَثِي إِلَيَّ بِهِ. فَكَانَتْ تَبْعَثُ إِلَيْهِ بِذَلِكَ. وَكَانَ يَصُومُ الدَّهْرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: إِنِّي أَرَى أَنَّ نَفْسَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ كَانَتْ أَهْوَنَ عَلَيْهِ فِي ذَاتِ اللَّهِ مِنْ نَفْسِ ذُبَابٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: أخبرنا أَبُو الْمَلِيحِ قَالَ: حدثني غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ ضَرَبَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ خَمْسِينَ سَوْطًا وَأَقَامَهُ بِالْحَرَّةِ وَأَلْبَسَهُ تُبَّانَ شَعْرٍ. قَالَ فَقَالَ سَعِيدٌ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّهُمْ لا يَزِيدُونَنِي عَلَى الضَّرْبِ مَا لَبِسْتُ لَهُمُ التُّبَّانَ. إِنَّمَا تَخَوَّفْتُ أَنْ يَقْتُلُونِي فَقُلْتُ: تُبَّانٌ أَسْتَرُ مِنْ غَيْرِهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ ضَرَبَ فِي خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ عُمَرَ قَالَ: قِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ادْعُ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَعِزَّ دِينَكَ وَأَظْهِرْ أَوْلِيَاءَكَ وَأَخْزِ أَعْدَاءَكَ فِي عَافِيَةٍ لأُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ(5/96)
زَيْدٍ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّ مَا مَنَعَكَ مِنَ الْحَجِّ أَنَّكَ جَعَلْتَ لِلَّهِ عَلَيْكَ إِذَا رَأَيْتَ الْكَعْبَةَ أَنْ تَدْعُوَ اللَّهَ عَلَى ابْنِ مَرْوَانَ. قَالَ: مَا فَعَلْتُ وَمَا أُصَلِّي صَلاةً إِلا دَعَوْتُ اللَّهَ عليهم. وإني قَدْ حَجَجْتُ وَاعْتَمَرْتُ بِضْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً. وَإِنَّمَا كُتِبَتْ عَلَيَّ حَجَّةً وَاحِدَةً وَعُمْرَةً. وَإِنِّي أَرَى نَاسًا مِنْ قَوْمِكَ يَسْتَدِينُونَ فَيَحُجُّونَ وَيَعْتَمِرُونَ ثُمَّ يَمُوتُونَ وَلا يُقْضَى عَنْهُمْ. وَلَجُمْعَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَجٍّ أَوْ عَمْرَةٍ تَطَوُّعًا.
قَالَ عَلِيٌّ: فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ الْحَسَنَ فَقَالَ: مَا قَالَ شَيْئًا. لَوْ كَانَ كَمَا قَالَ مَا حَجَّ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا اعْتَمَرُوا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ عَنْ أَبِي يُونُسَ الْقَزِّيِّ قَالَ:
دَخَلْتُ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ فَإِذَا سَعِيدٌ جَالِسٌ وَحْدَهُ فَقُلْتُ: مَا شَأْنُهُ؟ قَالَ: نُهِيَ أَنْ يُجَالِسَهُ أَحَدٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا سلام بن مسكين قال: حدثنا عمران قَالَ: كَانَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي بَيْتِ الْمَالِ بِضْعَةٌ وَثَلاثُونَ أَلْفًا عَطَاءَهُ. فَكَانَ يُدْعَى إِلَيْهَا فَيَأْبَى وَيَقُولُ: لا حَاجَةَ لِي فِيهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي مَرْوَانَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ أَنَّهُ قِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: مَا شَأْنُ الْحَجَّاجِ لا يَبْعَثُ إِلَيْكَ وَلا يُحَرِّكُكَ وَلا يُؤْذِيكَ؟ قَالَ: وَاللَّهِ لا أَدْرِي إِلا أَنَّهُ دَخَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مَعَ أَبِيهِ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى صَلاةً فَجَعَلَ لا يُتِمَّ رُكُوعَهَا وَلا سُجُودَهَا فَأَخَذْتُ كَفًّا مِنْ حَصَى فَحَصَبْتُهُ بِهَا. زَعَمَ أَنَّ الْحَجَّاجَ قَالَ: مَا زِلْتُ بَعْدَ ذَلِكَ أُحْسِنُ الصَّلاةَ.
قَالَ: أخبرنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ خَلَفٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: حَجَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ أَرْسَلَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ رَجُلا يَدْعُوهُ وَلا يُحَرِّكُهُ. قال فأتاه الرسول وقال: أمير المؤمنين واقف بالباب يريد أَنْ يُكَلِّمَكَ. فَقَالَ: مَا لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَيَّ حَاجَةٌ وَمَا لِي إِلَيْهِ حَاجَةٌ وَإِنَّ حَاجَتَهُ إِلَيَّ لِغَيْرُ مَقْضِيَّةٍ. قَالَ فَرَجَعَ الرَّسُولُ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ إِنَّمَا أُرِيدُ أَنْ أُكَلِّمَكَ. وَلا تُحَرِّكْهُ. قَالَ فَرَجَعَ إليه فَقَالَ لَهُ: أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ مَا قَالَ لَهُ أَوَّلا.
قَالَ فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ: لَوْلا أَنَّهُ تَقَدَّمَ إِلَيَّ فِيكَ مَا ذَهَبْتُ إِلَيْهِ إِلا بِرَأْسِكَ. يُرْسِلُ إِلَيْكَ(5/97)
أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يُكَلِّمُكَ تَقُولُ مِثْلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ؟ فَقَالَ: إِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَصْنَعَ بِي خَيْرًا فَهُوَ لَكَ وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا أَحِلُّ حُبْوَتِي حَتَّى يَقْضِيَ مَا هُوَ قَاضٍ. فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا مُحَمَّدٍ. أَبَى إِلا صَلابَةً.
قَالَ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ فِي حَدِيثِهِ هَذَا الإِسْنَادَ قَالَ: فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَرَأَى شَيْخًا قَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ. فَلَمَّا جَلَسَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فَأَتَاهُ الرَّسُولُ فَقَالَ: أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: لَعَلَّكَ أَخْطَأْتَ بِاسْمِي أَوْ لَعَلَّهُ أَرْسَلَكَ إِلَى غَيْرِي. قَالَ فَأَتَاهُ الرَّسُولُ فَأَخْبَرَهُ فَغَضِبَ وَهَمَّ بِهِ. قَالَ وَفِي النَّاسِ يَوْمَئِذٍ بَقِيَّةٌ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ جُلَسَاؤُهُ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقِيهُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَشَيْخُ قُرَيْشٍ وَصِدِّيقُ أَبِيكَ لَمْ يَطْمَعْ مَلِكٌ قَبْلَكَ أَنْ يَأْتِيَهُ.
قَالَ فَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى أَضْرَبَ عَنْهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: قَدِمَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الْمَدِينَةَ فَامْتَنَعَتْ مِنْهُ الْقَائِلَةُ وَاسْتَيْقَظَ. فَقَالَ لِحَاجِبِهِ: انْظُرْ هَلْ فِي الْمَسْجِدِ أَحَدٌ مِنْ حُدَّاثِنَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؟ قَالَ فَخَرَجَ فَإِذَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فِي حَلْقَةٍ لَهُ. فَقَامَ حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ ثُمَّ غَمْزَهُ وَأَشَارَ إِلَيْهِ بِإِصْبَعِهِ. ثُمَّ وَلَّى. فَلَمْ يَتَحَرَّكْ سَعِيدٌ وَلَمْ يَتْبَعْهُ فَقَالَ: أُرَاهُ فَطِنَ. فَجَاءَ فَدَنَا مِنْهُ ثُمَّ غَمْزَهُ وَأَشَارَ إِلَيْهِ وَقَالَ: أَلَمْ تَرَنِي أُشِيرُ إِلَيْكَ؟ قَالَ: وَمَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: اسْتَيْقَظَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ انظر في المسجد أحد مِنْ حُدَّاثِي. فَأَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: أَرْسَلَكَ إِلَيَّ؟ قَالَ: لا وَلَكِنْ قَالَ اذْهَبْ فَانْظُرْ بَعْضَ حُدَّاثِنَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. فَلَمْ أَرَ أَحَدًا أَهْيَأَ مِنْكَ. فَقَالَ سَعِيدٌ: اذْهَبْ فَأَعْلِمْهُ أَنِّي لَسْتُ مِنْ حُدَّاثِهِ. فَخَرَجَ الْحَاجِبُ وَهُوَ يَقُولُ: مَا أَرَى هَذَا الشَّيْخَ إِلا مَجْنُونًا. فَأَتَى عَبْدَ الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ: مَا وَجَدْتُ فِي الْمَسْجِدِ إِلا شَيْخًا أَشَرْتُ إِلَيْهِ فَلَمْ يَقُمْ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ انْظُرْ هَلْ تَرَى فِي الْمَسْجِدِ أَحَدًا مِنْ حُدَّاثِي. فَقَالَ إِنِّي لَسْتُ مِنْ حُدَّاثِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. وَقَالَ لِي أَعْلَمْهُ. فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: ذَاكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فَدَعْهُ.
قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أخبرنا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ إِذَا سُئِلَ عَنْ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ قَالَ: أَقُولُ فِيهِمْ مَا قَوَّلَنِي رَبِّي: «رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا» الحشر: 10. حَتَّى يُتِمَّ الآيَةَ.(5/98)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: مَا سَمِعْتُ تَأْذِينًا فِي أَهْلِي مُنْذُ ثَلاثِينَ سَنَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: مَا لَقِيتُ النَّاسَ مُنْصَرِفِينَ مِنْ صَلاةٍ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ. مَا فَاتَتْهُ صَلاةُ الْجَمَاعَةِ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلا نَظَرَ فِي أَقْفَائِهِمْ.
قَالَ عِمْرَانُ: وَكَانَ سَعِيدٌ يُكْثِرُ الاخْتِلافَ إِلَى السُّوقِ.
قَالَ: أخبرنا مَعْنُ بْنُ عِيسَى الْقَزَّازُ قَالَ: أخبرنا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قُلْتُ لَهُ لَوْ تَبَدَّيْتَ. وَذَكَرْتُ لَهُ الْبَادِيَةَ وَعَيْشَهَا وَالْعَتَمَ. فَقَالَ سَعِيدٌ. كَيْفَ بِشُهُودِ الْعَتَمَةِ؟
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ عمران بن عبد الله قال: قال سعيد بْنُ الْمُسَيِّبِ: مَا أَظَلَّنِي بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ مَنْزِلِي إِلا أَنِّي آتِي ابْنَةً لِي فَأُسَلِّمُ عَلَيْهَا أَحْيَانًا.
قَالَ: أخبرنا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عُمِّرَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَمْ يَأْتِ الْمَسْجِدَ فَيَجِدْ أَهْلَهُ قَدِ اسْتَقْبَلُوهُ خَارِجَيْنِ مِنْهُ قَدْ قَضَوْا صَلاتَهُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدٍ يَا عَمِّي أَلا تَخْرُجُ فَتَأْكُلَ الثُّومَ مَعَ قَوْمِكَ؟ فَقَالَ: مُعَاذَ اللَّهِ يَا ابْنَ أَخِي أَنْ أَدَعَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ صَلاةً خَمْسَ صَلَوَاتٍ. وَقَدْ سَمِعْتُ كَعْبًا يَقُولُ وَدِدْتُ أَنَّ هَذَا اللَّبَنَ عَادَ قَطِرَانًا يُتَّبِعُ. أَوِ اتَّبَعَتْ. قُرَيْشٌ. شَكَّ شِهَابٌ. أَذْنَابَ الإِبِلِ فِي هَذِهِ الشِّعَابِ. إِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الشَّاذِّ وَهُوَ مِنَ الإِثْنَيْنِ أَبْعَدُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ قَالَ: أخبرنا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ اشْتَكَى عَيْنَهُ فَقَالُوا لَهُ: لَوْ خرجت يا أبا محمد(5/99)
إلى العقيق فَنَظَرْتَ إِلَى الْخُضْرَةِ لَوَجَدْتَ لِذَلِكَ خِفَّةً. قَالَ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِشُهُودِ الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ؟
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَطَاءِ بْنُ الأَغَرِّ الْمَكِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي لَيَالِي الْحَرَّةِ وَمَا فِي الْمَسْجِدِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ غَيْرِي. وَإِنَّ أَهْلَ الشَّامِ لَيَدْخُلُونَ زُمَرًا زُمَرًا يَقُولُونَ:
انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ الْمَجْنُونِ. وَمَا يَأْتِي وَقْتَ صَلاةٍ إِلا سَمِعْتُ أَذَانًا فِي الْقَبْرِ ثُمَّ تَقَدَّمْتُ فَأَقَمْتُ فَصَلَّيْتُ وَمَا فِي الْمَسْجِدِ أَحَدٌ غَيْرِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَيَّامَ الْحَرَّةِ فِي الْمَسْجِدِ لَمْ يُبَايِعْ وَلَمْ يَبْرَحْ. وَكَانَ يُصَلِّي مَعَهُمُ الْجُمُعَةَ وَيَخْرُجُ إِلَى الْعِيدِ. وَكَانَ النَّاسُ يَقْتَتِلُونَ وَيَنْتَهِبُونَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ لا يَبْرَحُ إِلا لَيْلا إِلَى اللَيْلٍ. قَالَ فَكُنْتُ إِذَا حَانَتِ الصَّلاةُ أَسْمَعُ أَذَانًا يَخْرُجُ مِنْ قِبَلِ الْقَبْرِ حَتَّى أَمِنَ النَّاسُ وَمَا رَأَيْتُ خَبَرًا مِنَ الْجَمَاعَةِ.
قَالَ: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ قَالَ: أخبرنا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ: قُلْتُ لِبُرْدٍ مَوْلَى ابْنِ الْمُسَيِّبِ: مَا صَلاةُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ فِي بَيْتِهِ؟ فَأَمَّا صَلاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَدْ عَرَفْنَاهَا. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي. إِنَّهُ لِيُصَلِّيَ صَلاةً كثيرة إلا أنه يقرأ ب ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ حُصَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَمْ يَتَكَلَّمْ كَلامًا حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ صَلاتِهِ وَيَنْصَرِفُ الإِمَامُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكَعَاتٍ. ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى جُلَسَائِهِ وَيُسْأَلُ.
قَالَ: أخبرنا مُوسَى بْنُ حَرْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ قَالَ:
كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَسْرُدُ الصَّوْمَ فَكَانَ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ أُتِيَ بِشَرَابٍ لَهُ مِنْ مَنْزِلِهِ الْمَسْجِدَ فَشَرِبَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ الْعَبَّاسِ الأَسَدِيُّ قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يُذَكِّرُ وَيُخَوِّفُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عاصم بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ(5/100)
الْمُسَيَّبِ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِاللَّيْلِ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَيُكْثِرُ.
قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَجْهَرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يُحِبُّ أَنْ يَسْمَعَ الشَّعْرَ وَلا يُنْشِدُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ قَالَ: رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَحْتَفِي يَمْشِي بِالنَّهَارِ حَافِيًا. وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ بَتًّا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ: رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ لا يَدَعُ ظُفْرَهُ يَطُولُ. وَرَأَيْتُ سَعِيدًا يُحْفِي شَارِبَهُ شَبِيهًا بِالْحَلْقِ. وَرَأَيْتُهُ يُصَافِحُ كُلَّ مَنْ لَقِيَهُ. وَرَأَيْتُ سَعِيدًا يَكْرَهُ كَثْرَةَ الضَّحِكِ. وَرَأَيْتُ سَعِيدًا يَتَوَضَّأُ كُلَّمَا بَالَ وَإِذَا تَوَضَّأَ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ لا يَسْتَحِبُّ أَنْ يُسَمِّيَ وَلَدَهُ بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ:
كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ فِي رَحْلِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ:
كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَلْبَسُ مُلاءً شَرْقِيَّةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ قَالَ: مَا أُحْصِي مَا رَأَيْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مِنْ عِدَّةَ قُمُصِ الْهَرَوِيِّ. قَالَ وَكَانَ يَلْبَسُ هَذِهِ الْبُرُودَ الْغَالِيَةَ الْبِيضَ. قَالَ وَكَانَ يَخْتَلِطُ فِي الْعِيدَيْنِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ لا يُخَاصِمُ أَحَدًا وَلَوْ أَرَادَ إِنْسَانٌ رِدَاءَهُ رَمَى بِهِ إِلَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبَانُ. يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ. قَالَ: أخبرنا قَتَادَةُ قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنِ الصَّلاةِ عَلَى الطِّنْفِسَةِ فَقَالَ: محدث.(5/101)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: حَدَّثَتْنِي غَنِيمَةُ جَارِيَةُ سَعِيدٍ قَالَتْ: كَانَ سَعِيدٌ لا يَأْذَنُ لابْنَتِهِ فِي اللَّعِبِ بِبَنَات الْعَاجِ. وَكَانَ يُرَخِّصُ لَهَا فِي الْكَبَرِ. يَعْنِي الطَّبْلَ.
قَالَ: أخبرنا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ: أخبرنا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: دُعِيَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فَأَجَابَ. ثُمَّ دُعِيَ فَأَجَابَ. ثُمَّ دُعِيَ الثَّالِثَةَ فَحَصَبَ الرَّسُولَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أويس قال: أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ هِلالٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ تِجَارَةٍ أَحَبُّ إلي من البز ما لم تقع فيه الأَيْمَانِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: أخبرنا أَبِي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ: وَجَدْتُ رَجُلا سَكْرَانَ أَفَتُرَاهُ يَسَعُنِي أَلا أَرْفَعَهُ إِلَى السُّلْطَانِ؟ فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ: إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَسْتُرَهُ بِثَوْبِكَ فَاسْتُرْهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: كَانَ فِي رَمَضَانَ يُؤْتَى بِالأَشْرِبَةِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ. ع. فَلَيْسَ أَحَدٌ يَطْمَعُ أَنْ يَأْتِيَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ بِشَرَابٍ فَيَشْرَبُهُ. فَإِنْ أُتِيَ مِنْ مَنْزِلِهِ بِشَرَابٍ شَرِبَهُ وَإِنْ لَمْ يُؤْتَ مِنْ مَنْزِلِهِ بِشَيْءٍ لَمْ يَشْرَبْ شَيْئًا حَتَّى يَنْصَرِفَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سفيان عن بعض المدينيين عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَطْعِ الدَّرَاهِمِ فَقَالَ: هُوَ مِنَ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مُحْتَبِيًا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ حَلَّ حُبْوَتَهُ فَسَجَدَ ثُمَّ عَادَ فَاحْتَبَى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَسَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ بُرْدٌ مَوْلَى ابْنِ الْمُسَيَّبِ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مَا يَصْنَعُ هَؤُلاءِ. قَالَ سَعِيدٌ:
وَمَا يَصْنَعُونَ؟ قَالَ: يُصَلِّي أَحَدُهُمُ الظُّهْرَ ثُمَّ لا يَزَالُ صَافًّا رِجْلَيْهِ يُصَلِّي حَتَّى الْعَصْرِ.
فَقَالَ سَعِيدٌ: وَيْحَكَ يَا برد! أما والله ما هي بالعبادة. تَدْرِي مَا الْعِبَادَةُ؟ إِنَّمَا الْعِبَادَةُ التَّفَكُّرُ فِي أَمْرِ اللَّهِ وَالْكَفُّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ قَالَ:
أخبرنا الْحَكَمُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ لِمَوْلَى(5/102)
له: اتق لا تَكْذِبْ عَلَيَّ كَمَا كَذَبَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. فَقُلْتُ لِمَوْلاهُ:
ذَاكَ أَنِّي لا أَدْرِي ابْنُ الزُّبَيْرِ أَحَبُّ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ أَوْ أَهْلُ الشَّامِ. قَالَ فَسَمِعَهَا سَعِيدٌ فَقَالَ: يَا عِرَاقِيُّ أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قُلْتُ: ابْنُ الزُّبَيْرِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ. قَالَ:
أَفَلا أَضْبِثُ بِكَ الآنَ فَأَقُولُ هَذَا زُبَيْرِيٌّ؟ فَقُلْتُ: سَأَلْتَنِي فَأَخْبَرْتُكَ. فَأَخْبِرْنِي أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ. قَالَ: كَلا لا أُحِبُّ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالا:
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: قَدْ بَلَغْتُ ثَمَانِينَ سَنَةً وَمَا شيء أخوف عندي من النساء. وقد كاد بَصَرُهُ يَذْهَبُ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: مَا خِفْتُ عَلَى نَفْسِي شَيْئًا مَخَافَةَ النِّسَاءِ. قَالَ فَقَالُوا: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّ مِثْلَكَ لا يُرِيدُ النِّسَاءَ وَلا تُرِيدُهُ النِّسَاءَ. قَالَ: هُوَ مَا أَقُولُ لَكُمْ. قَالَ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا أَعْمَشَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ الدَّهْرَ وَيُفْطِرُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ بِالْمَدِينَةِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قِلَّةُ الْعِيَالِ أَحَدُ الْيَسَارَيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بن زيد قال: حدثنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ لِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قُلْ لِقَائِدِكَ يَقُومُ فَيَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ هَذَا الرَّجُلِ وَإِلَى جَسَدِهِ. قَالَ فَانْطَلَقَ فَنَظَرَ فَإِذَا رَجُلٌ أَسْوَدُ الْوَجْهِ فَجَاء فَقَالَ: رَأَيْتُ وَجْهَ زِنْجِيٍّ وَجَسَدَهُ أَبْيَضَ. فَقَالَ: إِنَّ هَذَا سَبَّ هَؤُلاءِ الرَّهْطَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَلِيًّا فَنَهَيْتُهُ فَأَبَى فَدَعَوْتُ عَلَيْهِ. قَالَ قُلْتُ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَسَوَّدَ اللَّهُ وَجْهَكَ. فَخَرَجَتْ بِوَجْهِهِ قُرْحَةٌ فَاسْوَدَّ وَجْهُهُ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سفيان عن بعض(5/103)
المدينيين عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَطْعِ الدَّرَاهِمِ فَقَالَ: هُوَ مِنَ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ سَعِيدٌ: لا أَقُولُ فِي الْقُرْآنِ شَيْئًا.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي عَنِ الْقَاسِمِ مِثْلَ ذَلِكَ.
حدثنا محمد بن سعد قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ: أَدْرَكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ رَجُلا مِنْ قُرَيْشٍ وَمَعَهُ مِصْبَاحٌ فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَقَالَ: كَيْفَ أَمْسَيْتَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: أَحْمَدُ اللَّهَ. فَلَمَّا بَلَغَ الرَّجُلُ مَنْزِلَهُ دَخَلَ وَقَالَ: نَبْعَثُ مَعَكَ بِالْمِصْبَاحِ. قَالَ: لا حَاجَةَ لِي بِنُورِكَ. نُورُ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نُورِكَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ قَالَ:
أخبرنا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: لا تَقُولَنَّ مُصَيْحِفٌ وَلا مُسَيْجِدٌ وَلَكِنْ عَظِّمُوا مَا عَظَّمَ اللَّهُ. كُلُّ مَا عَظَّمَ اللَّهَ فَهُوَ عَظِيمٌ حَسَنٌ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْد قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ قَالَ:
أخبرنا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ: خَرَجْتُ إِلَى الصُّبْحِ فَوَجَدْتُ سَكْرَانَ فَلَمْ أَزَلْ أَجُرُّهُ حَتَّى أَدْخَلْتُهُ مَنْزِلِي. قَالَ فَلَقِيتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَقُلْتُ: لَوْ أَنَّ رَجُلا وَجَدَ سَكْرَانَ أَيَدْفَعُهُ إِلَى السُّلْطَانِ فَيُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ؟ قَالَ فَقَالَ لِي: إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَسْتُرَهُ بِثَوْبِكَ فَافْعَلْ. قَالَ فَرَجَعْتُ إِلَى الْبَيْتِ فَإِذَا الرَّجُلُ قَدْ أَفَاقَ فَلَمَّا رَآنِي عَرَفْتُ فِيهِ الْحَيَاءَ فَقُلْتُ: أَمَا تَسْتَحْيِي؟ لَوْ أُخِذْتَ الْبَارِحَةَ لَحُدِدْتَ فَكُنْتَ فِي النَّاسِ مِثْلَ الْمَيِّتِ لا تَجُوزُ لَكَ شَهَادَةٌ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لا أَعُودُ لَهُ أَبَدًا.
قَالَ ابْنُ حَرْمَلَةَ: فَرَأَيْتُهُ قَدْ حَسُنَتْ حَالُهُ بَعْدُ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ يَسَارِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ زَوَّجَ ابْنَةً لَهُ عَلَى دِرْهَمَيْنِ مِنِ ابْنِ أَخِيهِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَلامُ بْنُ(5/104)
مِسْكِينٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: زَوَّجَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ بِنْتًا لَهُ مِنْ شَابٍّ مِنْ قُرَيْشٍ فَلَمَّا أَمْسَتْ قَالَ لَهَا: شُدِّي عَلَيْكَ ثِيَابَكِ وَاتَّبِعِينِي. قَالَ فَشَدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا ثُمَّ قَالَ لَهَا: صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. فَصَلَّتْ رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّى هُوَ رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى زَوْجِهَا فَوَضَعَ يَدَهَا فِي يَدِهِ وَقَالَ: انْطَلِقْ بِهَا. فَذَهَبَ بِهَا إِلَى مَنْزِلِهِ فَلَمَّا رَأَتْهَا أُمُّهُ قَالَتْ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: امْرَأَتِي ابْنَةُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ دَفَعَهَا إِلَيَّ. قَالَتْ: فَإِنَّ وَجْهِي مِنْ وَجْهِكِ حَرَامٌ إِنْ أَفْضَيْتَ إِلَيْهَا حَتَّى أَصْنَعَ بِهَا صَالِحَ مَا يُصْنَعُ بِنِسَاءِ قُرَيْشٍ. قَالَ فَدَفَعَهَا إِلَى أُمِّهِ فَأَصْلَحَتْ إِلَيْهَا ثُمَّ بَنَى بِهَا.
حَدَّثَنَا محمد بن سعد قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نِسْطَاسٍ قَالَ: رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ ثُمَّ يُرْسِلُهَا خَلْفَهُ.
وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ إِزَارًا وَطَيْلَسَانًا وَخُفَّيْنِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلالٍ أَنَّهُ رَأَى سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَعْتَمُّ وَعَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ لَطِيفَةٌ بِعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ لَهَا عَلَمٌ أَحْمَرُ يُرْخِيهَا وَرَاءَهُ شِبْرًا.
حَدَّثَنَا محمد بن سعد قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثَيْمُ بْنُ نِسْطَاسٍ قَالَ: رَأَيْتُ سعيد بن المسيب عَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثَيْمٌ قَالَ:
رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَلْبَسُ فِي الْفِطْرِ وَالأَضْحَى عِمَامَةً سَوْدَاءَ وَيَلْبَسُ عَلَيْهَا بُرْنُسًا أَحْمَرَ أُرْجُوانًا.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ وَعُثْمَانَ بْنِ عُثْمَانَ الْمَخْزُومِيِّ قَالا: رَأَيْنَا عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ بُرْنُسٌ أُرْجُوَانٌ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ رُبَّمَا حَلَّ إِزَارَهُ فِي الصَّلاةِ وَرُبَّمَا رَبَطَهَا.
حَدَّثَنَا محمد بن سعد قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَمِيصًا إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ وَكُمَّيْهِ طَالِعَةً أَطْرَافُ أَصَابِعِهِ. وَرِدَاءً فَوْقَ الْقَمِيصَيْنِ خَمْسَ أَذْرُعٍ وَشِبْرًا.(5/105)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عِمْرَانَ قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَلْبَسُ طَيْلَسَانًا أَزْرَارَهُ دِيبَاجٌ.
حَدَّثَنَا محمد بن سعد قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ أَنَّهُ رَأَى عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ طَيْلَسَانًا عَلَيْهِ أَزْرَارٌ دِيبَاجٌ فَقُلْتُ: أَزْرَارُ طَيْلَسَانِكَ دِيبَاجٌ. قَالَ: وَجَدْنَاهُ أَبْقَى.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلالٍ قَالَ: لَمْ أَرَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ لَبَسَ ثَوْبًا غَيْرَ الْبَيَاضِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ رِدَاءً مُمَشَّقًا وَقَمِيصًا.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: كُنْتُ أَرَى سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَلْبَسُ السَّرَاوِيلَ وَرَأَيْتُ سَعِيدًا لَهُ جُمَيْمَةٌ لَيْسَتْ بِالْكَثِيرَةِ قَدْ فَرَّقَهَا.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد بن مُسْلِمٍ عَنْ عُثَيْمِ بْنِ نِسْطَاسٍ قَالَ: رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ شَهِدَ الْعَتَمَةَ فِي سَرَاوِيلَ وَرِدَاءٍ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَعَلَيْهِ إِبْرَيْسَمَانِ مُمَشَّقَانِ وَقَمِيصٌ شَقَائِقُ. تَخْرُجُ يَدَاهُ مِنْ كُمَّيْهِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو معشر قَالَ:
رَأَيْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ الْخَزَّ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلالٍ أَنَّهُ رَأَى سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ لَيْسَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَثَرُ السُّجُودِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلالٍ قَالَ: رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ لا يُحْفِي شَارِبَهُ جِدًّا يَأْخُذُ مِنْهُ أَخْذًا حَسَنًا.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ لا يُخَضِّبُ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن هلال(5/106)
قَالَ: رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أويس قال:
أَخْبَرَنَا أَبُو الْغُصْنِ أَنَّهُ رَأَى سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ لا يُغَيِّرُ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ الْغَرَقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ زِيَادٍ أَبُو الْمِقْدَامِ قَالَ: رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ عن لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الشَّيْءِ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَالَ: سَلُوا سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَإِنَّهُ قَدْ جَالَسَ الصَّالِحِينَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ عن لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ يَهَابُونَ الْكُتُبَ وَلَوْ كُنَّا نَكْتُبُ يَوْمَئِذٍ لَكَتَبْنَا مِنْ عِلْمِ سَعِيدٍ وَرَأْيِهِ شَيْئًا كَثِيرًا.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ عن لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ إِذَا مَرَّ بِالْمَكْتَبِ قَالَ لِلصِّبْيَانِ: هَؤُلاءِ النَّاسُ بَعْدَنَا.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ: رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فِي مَرَضِهِ يُصَلِّي مُضْطَجِعًا مُسْتَلْقِيًا فَيُومِئُ بِرَأْسِهِ إِلَى صَدْرِهِ آئِمًا وَلا يَرْفَعُ إِلَى رَأْسِهِ شَيْئًا. وَقَالَ سَعِيدٌ:
الْمَرِيضُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعِ الْجُلُوسَ أَوْمَأَ آئِمًا وَلَمْ يَرْفَعْ إِلَى رَأْسَهُ شَيْئًا.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمَرَضِ وهو يصلي الظهر وهو مستلق يومىء آئما فسمعته يقرأ ب الشَّمْسِ وَضُحاها.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. يَعْنِي الثَّوْرِيَّ. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي جِنَازَةٍ فَقَالَ رَجُلٌ: اسْتَغْفِرُوا لَهَا. فَقَالَ: مَا يَقُولُ رَاجِزُهُمْ. قَدْ حَرَّجْتُ عَلَى أَهْلِي أَنْ يَرْجُزَ معي(5/107)
رَاجِزُهُمْ وَأَنْ يَقُولُوا مَاتَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ. حَسْبِي مَنْ يُقْبِلُنِي إِلَى رَبِّي وَأَنْ يَمْشُوا مَعِي بِمِجْمَرٍ. فَإِنْ أَكُنْ طَيِّبًا فَمَا عِنْدَ اللَّهِ أَطْيَبُ مِنْ طَيِّبِهِمْ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أخبرنا أَبُو مُطِيعٍ الْبَلْخِيُّ الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ بِمِثْلِهِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: أَوْصَيْتُ أَهْلِي إِذَا حَضَرَنِي الْمَوْتُ بِثَلاثٍ: أَلا يَتَّبِعَنِي رَاجِزٌ وَلا نَارٌ وَأَنْ يُعَجِّلَ بِي فَإِنْ يَكُنْ لِي عِنْدَ رَبِّي خَيْرٌ فَهُوَ خَيْرٌ مِمَّا عِنْدَكُمْ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَطَاءِ بْنُ الأَغَرِّ الْمَكِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: إِذَا مَا مُتُّ فَلا تَضْرِبُوا عَلَى قَبْرِي فُسْطَاطًا. وَلا تَحْمِلُونِي عَلَى قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ. وَلا تَتْبَعُونِي بِنَارٍ. وَلا تُؤْذِنُوا بِي أَحَدًا. حَسْبِي مَنْ يُبَلِّغُنِي رَبِّي وَلا يَتْبَعْنِي رَاجِزُهُمْ هَذَا.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ: اشْتَكَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فَاشْتَدَّ وَجَعُهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يَعُودُهُ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ فَقَالَ نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ: وَجِّهُوا فِرَاشَهُ إِلَى الْقِبْلَةِ. فَفَعَلُوا فَأَفَاقَ فَقَالَ: مَنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تَحَوِّلُوا فِرَاشِي إِلَى الْقِبْلَةِ. أَنَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ أَمَرَكُمْ؟ فَقَالَ نَافِعٌ: نَعَمْ. فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ: لَئِنْ لم أكن على القبلة والملة لا يَنْفَعُنِي تَوْجِيهُكُمْ فِرَاشِي.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ إِلْيَاسَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ فَقُلْتُ لِمُحَمَّدٍ ابْنِهِ: حَوِّلْ فِرَاشَهُ فَاسْتَقْبِلْ بِهِ الْقِبْلَةَ. فَقَالَ: لا تَفْعَلْ. عَلَيْهَا وُلِدْتُ وَعَلَيْهَا أَمُوتُ وَعَلَيْهَا أُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا:
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ أَخِيهِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ أَبِيهِ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَوُجِّهَ إِلَى الْقِبْلَةِ. فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: مَنْ صَنَعَ هَذَا بِي؟ أَلَسْتُ(5/108)