ذكر حمل مصعب لواء رسول الله. ص:
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ: كَانَ لِوَاءُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأَعْظَمُ لِوَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَوْمَ بَدْرٍ مَعَ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ الْعَبْدَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَمَلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ اللِّوَاءَ يَوْمَ أُحُدٍ. فَلَمَّا جَالَ الْمُسْلِمُونَ ثَبَتَ بِهِ مُصْعَبٌ فَأَقْبَلَ ابْنُ قَمِيئَةَ. وَهُوَ فَارِسٌ. فَضَرَبَ يَدَهُ الْيُمْنَى فَقَطَعَهَا وَمُصْعَبٌ يَقُولُ:
«وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ» آل عمران: 144. الآية. وأخذ اللِّوَاءَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى. وَحَنَا عَلَيْهِ فَضَرَبَ يَدَهُ الْيُسْرَى فَقَطَعَهَا. فَحَنَا عَلَى اللِّوَاءِ وَضَمَّهُ بِعَضُدَيْهِ إِلَى صَدْرِهِ وَهُوَ يَقُولُ: «وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ» آل عمران: 144. الآية. ثُمَّ حَمَلَ عَلَيْهِ الثَّالِثَةَ بِالرُّمْحِ فَأَنْفَذَهُ وَانْدَقَّ الرُّمْحُ وَوَقَعَ مُصْعَبٌ وَسَقَطَ اللِّوَاءُ. وَابْتَدَرَهُ رَجُلانِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ: سُوَيْبِطُ بْنُ سَعْدِ بْنِ حَرْمَلَةَ وَأَبُو الرُّومِ بْنُ عُمَيْرٍ. فَأَخَذَهُ أَبُو الرُّومِ بْنُ عُمَيْرٍ فَلَمْ يَزَلْ فِي يَدِهِ حَتَّى دَخَلَ بِهِ الْمَدِينَةَ حِينَ انْصَرَفَ الْمُسْلِمُونَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ:
«وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ» آل عمران: 144. يَوْمَئِذٍ حَتَّى نَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ سَعْدٍ النَّوْفَلِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ المطلب قال: أعطى رسول الله.
ص. يَوْمَ أُحُدٍ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ اللِّوَاءَ فَقُتِلَ مُصْعَبُ فَأَخَذَهُ مَلَكٌ فِي صُورَةِ مُصْعَبٍ [فَجَعَلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لَهُ فِي آخِرِ النَّهَارِ: تَقَدَّمْ يَا مُصْعَبُ. فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَقَالَ: لَسْتُ بِمُصْعَبٍ. فَعَرَفَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنه مَلَكٌ أُيِّدَ بِهِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ صُهْبَانَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ قَطَنٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ عَلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ وَهُوَ مُنْجَعِفٌ عَلَى وَجْهِهِ فَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا مَا عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ» الأحزاب: 23. إِلَى آخِرِ الآيَةِ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَشْهَدُ أَنَّكُمُ الشُّهَدَاءُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ زُورُوهُمْ وأتوهم(3/89)
وسلموا عليهم. فو الذي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ مُسْلِمٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلا رَدُّوا عَلَيْهِ السَّلامَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَبِيلِ اللَّهِ نَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ فَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ فَمِنَّا مَنْ مَضَى وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا. مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ. قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ شَيْءٌ يُكَفَّنُ فِيهِ إِلا نَمِرَةً. قَالَ فكنا وَضَعْنَاهَا عَلَى رَأْسِهِ خَرَجَتْ رِجْلاهُ وَإِذَا وَضَعْنَاهَا عَلَى رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ. [فَقَالَ لَنَا رَسُولُ الله. ص: اجْعَلُوهَا مِمَّا يَلِي رَأْسَهُ وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخَرِ. وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ الْعَبْدَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ رَقِيقَ الْبَشَرَةِ حَسَنَ اللَّمَّةِ لَيْسَ بِالْقَصِيرِ وَلا بِالطَّوِيلِ. قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ عَلَى رَأْسِ اثْنَيْنِ وَثَلاثِينَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ يَزِيدُ شَيْئًا. فَوَقَفَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو فِي بُرْدَةِ مَقْتُولٍ [فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُكَ بِمَكَّةَ وَمَا بِهَا أَحَدٌ أَرَقُّ حُلَّةً وَلا أَحْسَنُ لِمَّةً مِنْكَ. ثُمَّ أَنْتَ شَعِثُ الرَّأْسِ فِي بُرْدَةٍ] . ثُمَّ أَمَرَ بِهِ يُقْبَرُ فَنَزَلَ فِي قَبْرِهِ أَخُوهُ أَبُو الرُّومِ بْنُ عُمَيْرٍ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَسُوَيْبِطُ بْنُ سَعْدِ بْنِ حَرْمَلَةَ.
36- سُوَيْبِطُ بْنُ سَعْدِ
بْنِ حَرْمَلَةَ بْنِ مَالِكِ. وكان مالك شاعرًا. ابن عميلة بْن السباق بْن عَبْد الدار بْن قصي. وأمه هنيدة بِنْت خَبَّاب أبي سرحان بن منقذ بْن سُبَيْعِ بْن جعثمة بْن سعد بْن مليح من خزاعة. وكان سويبط من مهاجرة الحبشة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَكِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ سُوَيْبِطُ بْنُ سَعْدٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ الْعَجْلانَيِّ.
قَالُوا: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ سُوَيْبِطِ بْنِ سَعْدٍ وَعَائِذِ بْنِ مَاعِصٍ الزُّرَقِيِّ.
شَهِدَ سُوَيْبِطٌ بَدْرًا وَأُحُدًا.
__________
36 المغازي (24) ، (155) ، (236) ، وحذف من نسب قريش (49) .(3/90)
وَمِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلابٍ
37- طُلَيْبُ بْنُ عُمَيْرِ
بْن وهب بْن كثير بْن عَبْد بْن قصي. ويكنى أَبَا عدي. وأمه أروى بِنْت عَبْد المُطَّلِب بْن هاشم بْن عَبْد مناف بْن قصي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَسْلَمَ طُلَيْبُ بْنُ عُمَيْرٍ فِي دَارِ الأَرْقَمِ ثُمَّ خَرَجَ فَدَخَلَ عَلَى أُمِّهِ. وَهِيَ أَرْوَى بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَقَالَ: تَبِعْتُ مُحَمَّدًا وَأَسْلَمْتُ لِلَّهِ. فَقَالَتْ أُمُّهُ: إِنَّ أَحَقَّ مَنْ وَازَرْتَ وَعَضَدْتَ ابْنَ خَالِكَ. وَاللَّهِ لَوْ كُنَّا نَقْدِرُ عَلَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ لَمَنَعْنَاهُ وَذَبَبْنَا عَنْهُ. فَقُلْتُ: يَا أُمَّةُ فَمَا يَمْنَعُكِ أَنْ تُسْلِمِي وَتَتْبَعِيهِ؟ فَقَدْ أَسْلَمَ أَخُوكِ حَمْزَةُ. فَقَالَتْ: أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ أَخَوَاتِي ثُمَّ أَكُونُ إِحْدَاهُنَّ. قَالَ فَقُلْتُ: فَإِنِّي أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ إِلا أَتَيْتِهِ فَسَلَّمْتِ عَلَيْهِ وَصَدَقَتِهِ وَشَهِدْتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. فَقَالَتْ: فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أن مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. ثُمَّ كَانَتْ بَعْدُ تَعْضُدُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِلِسَانِهَا وَتَحُضُّ ابْنَهَا عَلَى نُصْرَتِهِ وَالْقِيَامِ بِأَمْرِهِ.
قَالُوا وَكَانَ طُلَيْبُ بْنُ عُمَيْرٍ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ فِي الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ ذَكَرُوهُ جَمِيعًا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ومحمد بن إسحاق وأبو معشر ومحمد بن عُمَرَ وَأَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَكِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ طُلَيْبُ بْنُ عُمَيْرٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ الْعَجْلانَيِّ.
قَالُوا آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ طُلَيْبِ بْنِ عُمَيْرٍ وَالْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرٍو السَّاعِدِيِّ.
وَشَهِدَ طُلَيْبٌ بَدْرًا فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ وَثَبَتَ ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَأَبُو مَعْشَرٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالا: وَأَخْبَرَنَا قُدَامَةُ بْنُ مُوسَى عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ قَالُوا: قُتِلَ طُلَيْبُ بْنُ عُمَيْرٍ يَوْمَ أَجْنَادَيْنَ شَهِيدًا فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ.
__________
37 الإصابة ت (4281) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (7/ 89) ، والمغازي (24) ، (154) ، (344) ، وتاريخ الطبري (3/ 402) ، وحذف من نسب قريش (59) .(3/91)
وَمِنْ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ
38- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفِ
بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عَبْد بْن الْحَارِث بْن زهرة بْن كلاب.
وكان اسمه فِي الجاهلية عَبْد عَمْرو فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين أسلم عَبْد الرَّحْمَن. ويكنى أَبَا مُحَمَّد. وأمه الشفاء بِنْت عَوْفِ بْنِ عَبْدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلابٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ الأَخْنَسِيِّ قَالَ: وُلِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بَعْدَ الْفِيلِ بِعَشْرِ سِنِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عن يزيد بن رومان قال: أسلم عبد الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ أَرْقَمَ بن أبي الأرقم وقبل أن يدعو فيها.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: كَانَ اسْمُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَبْدَ الْكَعْبَةِ فسماه رسول الله.
ص. عَبْدَ الرَّحْمَنِ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعبد الرحمن بن عوف: كَيْفَ فَعَلْتَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فِي اسْتِلامِ الْحَجَرِ؟ قَالَ: كُلُّ ذَلِكَ فَعَلْتُ. اسْتَلَمْتُ وَتَرَكْتُ. فَقَالَ: أَصَبْتَ] .
قَالُوا وَهَاجَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ الْهِجْرَتَيْنِ جَمِيعًا فِي رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ: بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي رَكِبٍ بَيْنَ عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ قُدَّامِي عَلَيْهِ خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ. فَقَالَ عُثْمَانُ: مَنْ صَاحِبُ الْخَمِيصَةِ السَّوْدَاءِ؟ قَالُوا: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ. فَنَادَانِي عُثْمَانُ: يَا مِسْوَرُ. فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ خَالِكَ
__________
38 الإصابة (2/ 416) ، والاستيعاب (2/ 393) ، وتهذيب التهذيب (6/ 244) ، وتهذيب الكمال خط (809) ، وصفة الصفوة (1/ 135) ، وحلية الأولياء (1/ 98) ، وتاريخ الخميس (2/ 257) ، والبدء والتاريخ (5/ 86) ، والرياض النضرة (2/ 281- 291) ، وأسد الغابة.
وحذف من نسب قريش (63) .(3/92)
في الهجرة الأولى وفي الهجرة الآخِرَةِ فَقَدْ كَذَبَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ فِي بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بن البريع: هَذَا مَالِي فَأَنَا أُقَاسِمُكَهُ. وَلِيَ زَوْجَتَانِ فَأَنَا أَنْزِلُ لَكَ عَنْ إِحْدَاهُمَا. فَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ. وَلَكِنْ إِذَا أَصْبَحْتُ فَدُلُّونِي عَلَى سُوقِكُمْ. فَدَلُّوهُ فَخَرَجَ فَرَجَعَ مَعَهُ بِحَمِيتٍ مِنْ سَمْنٍ وَأَقِطٍ قَدْ رَبِحَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ هَاجَرَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَآخَى رَسُولُ اللَّهِ.
ص. بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا آخَى بَيْنَ أَصْحَابِهِ آخَى بَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن عَوْفٍ وَسَعْدِ بْن أَبِي وَقَّاصٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ وَحُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ قَدِمَ المدينة فآخى رسول الله.
ص. بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: أَخِي أَنَا أَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَالا فَانْظُرْ شَطْرَ مَالِي فَخُذْهُ. وَتَحْتِي امْرَأَتَانِ فَانْظُرْ أَيَّتَهُمَا أَعْجَبُ إِلَيْكَ حَتَّى أُطَلِّقَهَا لَكَ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: بَارَكَ اللَّهُ لك في أهلك ومالك. دلوني على السوق. فدلوه على السوق فاشترى وباع فربح فجاء بِشَيْءٍ مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ. ثُمَّ لَبِثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ فَجَاءَ وَعَلَيْهِ رَدْعٌ من زعفران. [فقال رسول الله. ص: مَهْيَمْ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً. قَالَ: فَمَا أَصْدَقْتَهَا؟ قَالَ: وَزْنُ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ.
قَالَ: أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي وَلَوْ رَفَعْتُ حَجَرًا رَجَوْتُ أَنْ أُصِيبَ تَحْتَهُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى ثَلاثِينَ أَلْفًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَّ الدُّورَ بِالْمَدِينَةِ فَخَطَّ(3/93)
لِبَنِي زُهْرَةَ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ. فَكَانَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الْحَشُّ. وَالْحَشُّ نَخْلٌ صِغَارٌ لا يُسْقَى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ:
أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَقْطَعَنِي وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَرْضَ كَذَا وَكَذَا. فَذَهَبَ الزُّبَيْرُ إِلَى آلِ عُمَرَ فَاشْتَرَى مِنْهُمْ نَصِيبَهُمْ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ لِعُثْمَانَ: إِنَّ ابْنَ عَوْفٍ قَالَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: هُوَ جَائِزُ الشَّهَادَةِ لَهُ وَعَلَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَغَيْرِهِ مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالُوا: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَطَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْضًا بِالشَّامِ يُقَالُ لَهَا السَّلِيلُ [فَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَلَمْ يَكْتُبْ لِي بِهَا كِتَابًا وَإِنَّمَا قَالَ لِي إِذَا فَتْحَ اللَّهُ عَلَيْنَا الشام فَهِيَ لَكَ] .
ذِكْرُ أَزْوَاجِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَوَلَدِهِ:
قَالُوا: وكان لعبد الرَّحْمَن بْن عوف من الولد سالم الأكبر مات قبل الْإِسْلَام.
وأمه أم كلثوم بِنْت عُتْبة بْن ربيعة. وأم القاسم ولدت أيضًا فِي الجاهلية. وأمها بِنْت شَيْبَة بْن ربيعة بْن عَبْد شمس. ومحمد وبه كان يكنى. وإبراهيم وحميد وإسماعيل وحميدة وأمة الرَّحْمَن. وأمهم أم كلثوم بِنْت عُقْبَة بْن أبي معيط بْن أبي عَمْرو بْن أمية بْن عَبْد شمس. ومعن وعُمَر وزيد وأمة الرَّحْمَن الصغرى. وأمهم سهلة بنت عَاصِمُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْجَدِّ بْنِ الْعَجْلانِ من بلي من قضاعة وهم من الأَنْصَار. وعروة الأكبر قُتِلَ يوم أفريقية. وأمه بحرية بنت هانئ بن قبيصة بْن هانئ بْن مَسْعُود بْن أبي ربيعة من بني شَيْبَان. وسالم الأصغر قُتِلَ يوم فتح أفريقية.
وأمه سَهْلَةُ بِنْت سُهَيْل بْن عَمْرو بْن عَبْد شمس بْن عَبْد ود بن نصر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. وأبو بَكْر وأمه أم حكيم بِنْت قارظ بْن خَالِد بْن عُبَيْد بْن سُوَيْد حليفهم. وعبد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن قُتِلَ بأفريقية يوم فتحت. وأمه ابْنَة أبي الحيس بْن رافع بْن امرئ القيس بْن زَيْد بْن عَبْد الأشهل من الأوس من الأَنْصَار. وأبو سَلَمَة وهو عَبْد الله الأصغر. وأمه تُمَاضِرُ بِنْت الأَصْبَغِ بْن عَمْرو بْن ثَعْلَبَة بْن حصن بْن ضمضم بْن عدي بْن جناب من كلب. وهي أوّل كلبية نكحها قرشي.
وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْد الرَّحْمَن. وأمه أسماء بِنْت سلامة بْن مخربة بْن جندل بْن(3/94)
نهشل بْن دارم. ومصعب وآمنة ومريم. وأمهم أم حُرَيْث من سبي بهراء. وسهيل وهو أَبُو الأبيض. وأمه مجد بِنْت يزيد بْن سلامة ذي فائش الحميرية. وعثمان وأمه غزال بِنْت كسرى أم وُلِدَ من سبي سعد بن أبي وقاص يوم المدائن. وعروة درج. ويحيى وبلال لأمهات أولاد درجوا. وأم يحيى بنت عبد الرحمن. وأمها زينب بِنْت الصباح بْن ثَعْلَبَة بْن عوف بْن شبيب بْن مازن من سبي بهراء أيضًا. وجويرية بِنْت عَبْد الرَّحْمَن وأمها بادية بِنْت غيلان بن سلمة بن معتب الثقفي.
قالوا: وشهد عَبْد الرَّحْمَن بْن عوف بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وثبت يوم أحد. حين ولى النّاس. مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَسُئِلَ: هَلْ أَمَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ غَيْرُ أَبِي بَكْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ فَزَادَهُ عِنْدِي تَصْدِيقًا الَّذِي قَرُبَ به الحديث. قل كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ. فَلَمَّا كَانَ مِنَ السَّحَرِ ضَرَبَ عُنُقَ رَاحِلَتِي فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ حَاجَةً. فَعَدَلْتُ مَعَهُ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى تَبَرَّزْنَا عَنِ النَّاسِ فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ ثُمَّ انْطَلَقَ فَتَغَيَّبَ عَنِّي حَتَّى مَا أَرَاهُ فَمَكَثَ طَوِيلا ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: حَاجَتُكَ يَا مُغِيرَةُ؟ قُلْتُ: مَا لِي حَاجَةٌ. قَالَ: فَهَلْ مَعَكَ مَاءٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَقُمْتُ إِلَى قِرْبَةٍ أَوْ قَالَ سَطِيحَةٍ مُعَلَّقَةٍ فِي آخِرِ الرَّحْلِ فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ فغسل يديه فأحسن غسلها قال وأوشك دَلَكَهُمَا بِتُرَابٍ أَمْ لا. ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثُمَّ ذَهَبَ يَحْسِرُ عَنْ يَدَيْهِ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَآمِيَّةٌ ضَيِّقَةُ الْكُمِّ فَضَاقَتْ فَأَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِهَا إِخْرَاجًا فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ. قَالَ فَتَجِيءُ فِي الْحَدِيثِ غَسَلَ الْوَجْهَ مَرَّتَيْنِ فَلا أَدْرِي أَهَكَذَا كَانَ. ثُمَّ مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَمَسَحَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ. ثُمَّ رَكِبْنَا فَأَدْرَكَنَا النَّاسَ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ. فَتَقَدَّمُهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَقَدْ صَلَّى رَكْعَةً وَهُمْ فِي الثانية. فذهبت أؤذنه فَنَهَانِي. فَصَلَّيْنَا الرَّكْعَةَ الَّتِي أَدْرَكْنَا وَقَضَيْنَا الَّتِي سَبَقَتْنَا.
[قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ هَذَا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ. وَكَانَ الْمُغِيرَةُ يَحْمِلُ وَضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ صَلَّى خَلْفَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: مَا قُبِضَ نَبِيُّ قَطُّ حَتَّى يُصَلِّيَ خَلْفَ رَجُلٍ صَالِحٍ مِنْ أمته.](3/95)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قَمَاذَيْنَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فِي سَبْعِمِائَةٍ إِلَى دُومَةِ الْجَنْدَلِ وَذَلِكَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ. فَنَقَضَ عِمَامَتَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ عَمَّمَهُ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ فَأَرْخَى بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِنْهَا. فَقَدِمَ دُومَةَ فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلامِ فَأَبَوْا ثَلاثًا ثُمَّ أَسْلَمَ الأَصْبَغُ بْن عَمْرو الْكَلْبِيُّ. وَكَانَ نَصْرَانِيًّا. وَكَانَ رَأْسَهُمْ. فَبَعَثَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ تَزَوَّجْ تُمَاضِرَ بِنْتُ الأَصْبَغِ.
فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَبَنَى بِهَا وَأَقْبَلَ بِهَا وَهِيَ أُمُّ أَبِي سَلَمَةَ بْن عَبْد الرَّحْمَن.
ذكر رخصة النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الرحمن بن عوف في لبس الحرير:
قال: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ كَانَ يَلْبَسُ الْحَرِيرَ مِنْ شَرًى كَانَ بِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:
كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَجُلا شَرِيًّا فَاسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَمِيصٍ حَرِيرٍ فَأَذِنَ لَهُ. قَالَ الْحَسَنُ: وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَلْبَسُونَ الْحَرِيرَ فِي الْحَرْبِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: سُئِلَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنِ الْحَرِيرِ فَأَخْبَرَنَا عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي قَمِيصٍ مِنْ حَرِيرٍ فِي سَفَرٍ مِنْ حِكَّةٍ كَانَ يَجِدُهَا بِجِلْدِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: شَكَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عوف إلى رسول الله.
ص. كَثْرَةَ الْقُمَّلِ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْذَنُ لِي أَنْ أَلْبَسَ قَمِيصًا مِنْ حَرِيرٍ؟ قَالَ فَأَذِنَ لَهُ. فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ وَقَامَ عُمَرُ أَقْبَلَ بِابْنِهِ أَبِي سَلَمَةَ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ مِنْ حَرِيرٍ فَقَالَ عُمَرُ: مَا هَذَا؟ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي جَيْبِ الْقَمِيصِ فَشَقَّهُ إِلَى سُفْلِهِ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَلَّهُ لِي؟ فَقَالَ: إِنَّمَا أَحَلَّهُ لَكَ لأَنَّكَ شَكَوْتَ إِلَيْهِ الْقُمَّلَ فَأَمَّا لِغَيْرِكَ فَلا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: شَكَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الْقُمَّلَ فَرَخَّصَ لَهُمَا فِي قَمِيصِ الْحَرِيرِ فِي غزاة(3/96)
لَهُمَا. قَالَ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ فِي حَدِيثِهِ قَالَ: فَرَأَيْتُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَمِيصًا مِنْ حَرِيرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ: رُخِّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ أَبُو نُعَيْمٍ. أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:
كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَلْبَسُ الْبُرْدَ أَوِ الْحُلَّةَ تُسَاوِي خَمْسُمِائَةٍ أَوْ أَرْبَعُمِائَةٍ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى بْنِ الْحَارِثِ. حَدَّثَنِي مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَنَزِيُّ عَنْ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي مَرْثَدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمَّمَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ وَقَالَ: هَكَذَا تَعَمَّمْ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ وَيَزِيدُ بن هارون عن زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ إِذَا أَتَى مَكَّةَ كَرِهَ أَنْ يَنْزِلَ مَنْزِلَهُ الَّذِي هَاجَرَ مِنْهُ. قَالَ يَزِيدُ فِي حَدِيثِهِ: مَنْزِلُهُ الَّذِي كَانَ يَنْزِلُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: يَا ابْنَ عَوْفٍ. إِنَّكَ مِنَ الأَغْنِيَاءِ وَلَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا زَحْفًا. فَأَقْرِضِ اللَّهَ يُطْلِقْ لَكَ قَدَمَيْكَ. قَالَ ابْنُ عَوْفٍ: وَمَا الَّذِي أُقْرِضُ اللَّهَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: تَبْدَأُ بِمَا أَمْسَيْتَ فِيهِ. قَالَ: أَمِنْ كُلِّهِ أَجْمَعَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:
نَعَمْ. قَالَ فَخَرَجَ ابْنُ عَوْفٍ وَهُوَ يَهُمُّ بِذَلِكَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ قَالَ: مُرِ ابْنَ عَوْفٍ فَلْيُضِفِ الضَّيْفَ وَلْيُطْعِمِ الْمِسْكِينَ وَلْيُعْطِ السَّائِلَ وَيَبْدَأْ بِمَنْ يَعُولُ فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ تَزْكِيَةَ مَا هُوَ فِيهِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: قَالَ أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي مَرْزُوقٍ قَالَ: قَدِمَتْ عِيرٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. قَالَ فَكَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ رَجَّةٌ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: مَا هَذَا؟ قِيلَ لَهَا: هَذِهِ عِيرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَدِمَتْ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: كَأَنِّي بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَلَى الصِّرَاطِ يَمِيلُ بِهِ مَرَّةً وَيَسْتَقِيمُ أُخْرَى حَتَّى يُفْلِتَ وَلَمْ يَكَدْ. قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ(3/97)
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَقَالَ: هِيَ وَمَا عَلَيْهَا صَدَقَةٌ. قَالَ وَمَا كَانَ عَلَيْهَا أَفْضَلُ مِنْهَا.
قَالَ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ خَمْسُمِائَةِ رَاحِلَةٍ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ الْمَدَنِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ الْمَكِّيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ.
ص. قَالَتْ: [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لأَزْوَاجِهِ إِنَّ الَّذِي يُحَافِظُ عَلَيْكُنَّ بَعْدِي لَهُوَ الصَّادِقُ الْبَارُّ. اللَّهُمَّ اسْقِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ مِنْ سَلْسَبِيلِ الْجَنَّةِ] .
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ فِي حَدِيثِهِ: وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ فَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِي مِنْ وَلَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ بَاعَ أَمْوَالَهُ مِنْ كَيْدَمَةَ.
وَهُوَ سَهْمُهُ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ. بِأَرْبَعِينَ أَلْفِ دِينَارٍ فَقَسَمَهَا عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو الْعَقَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أُمِّ بَكْرِ بِنْتِ الْمِسْوَرِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ بَاعَ أَرْضًا لَهُ مِنْ عُثْمَانَ بِأَرْبَعِينَ أَلْفِ دِينَارٍ فَقَسَمَ ذَلِكَ فِي فُقَرَاءِ بَنِي زُهْرَةَ وَفِي ذِي الْحَاجَةِ مِنَ النَّاسِ وَفِي أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ الْمِسْوَرُ: فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ بِنَصِيبِهَا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ: مَنْ أَرْسَلَ بِهَذَا؟ قُلْتُ:
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ. فَقَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لا يَحْنُو عَلَيْكُنَّ بَعْدِي إِلا الصَّابِرُونَ. سَقَى اللَّهُ ابْنَ عَوْفٍ مِنْ سَلْسَبِيلِ الْجَنَّةِ] .
ذِكْرُ صِفَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ:
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُذْرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مَنَّاحٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ كَانَ لا يُغَيِّرُ.
يَعْنِي الشَّيْبَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَجُلا طَوِيلا حَسَنَ الْوَجْهِ رَقِيقَ الْبَشَرَةِ. فِيهِ جَنَأٌ. أَبْيَضَ مُشْرَبًا حُمْرَةً. لا يُغَيِّرُ لِحْيَتَهُ وَلا رَأْسَهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ.
ذِكْرُ تَوْلِيَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشُّورَى وَالْحَجِّ:
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أُمِّ(3/98)
بَكْرِ بِنْتِ الْمِسْوَرِ عَنْ أَبِيهَا قَالَ: لَمَّا وَلِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الشُّورَى كَانَ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ أَنْ يَلِيَهُ. فَإِنْ تَرَكَهُ فَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ. فَلَحِقَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ:
مَا ظَنُّ خَالِكَ بِاللَّهِ أَنْ وَلَّى هَذَا الأَمْرَ أَحَدًا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْهُ. قَالَ فَقَالَ لِي مَا أُحِبُّ. فَأَتَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ: مَنْ قَالَ ذَلِكَ لَكَ؟ فَقُلْتُ: لا أُخْبِرُكُ. فَقَالَ: لَئِنْ لَمْ تُخْبِرْنِي لا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا. فَقُلْتُ: عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فو الله لأَنْ تُؤْخَذَ مُدْيَةٌ فَتُوضَعَ فِي حَلْقِي ثُمَّ ينفذ بها إلى جانب الآخَرِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُعَلَّى الْجَزَرِيُّ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ قَالَ لأَصْحَابِ الشُّورَى: هَلْ لَكُمْ إِلَى أَنْ أَخْتَارَ لَكُمْ وَأَتَفَصَّى مِنْهَا؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ. أَنَا أَوَّلُ مَنْ رَضِيَ فَإِنِّي [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ أَنْتَ أَمِينٌ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ وَأَمِينٌ فِي أَهْلِ الأَرْضِ] .
قَالُوا: لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ بَعَثَ تِلْكَ السَّنَةَ عَلَى الْحَجِّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَحَجَّ بِالنَّاسِ وَحَجَّ مَعَ عُمَرَ أَيْضًا آخِرَ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ. وَأَذِنَ عُمَرُ تِلْكَ السَّنَةَ لأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَجِّ فَحُمِلْنَ فِي الْهَوَادِجِ وَبَعَثَ مَعَهُنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ. فَكَانَ عُثْمَانُ يَسِيرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ أَمَامَهُنَّ فَلا يَدَعُ أَحَدًا يَدْنُو مِنْهُنَّ. وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَسِيرُ مِنْ وَرَائِهِنَّ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَلا يَدَعُ أَحَدًا يَدْنُو مِنْهُنَّ. وَيَنْزِلْنَ مَعَ عُمَرَ كُلَّ مَنْزِلٍ فَكَانَ عُثْمَانُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ يَنْزِلانِ بِهِنَّ فِي الشِّعَابِ فَيُقَبِّلانِهِنَّ الشِّعَابَ وَيَنْزِلانِ هُمَا فِي أَوَّلِ الشِّعْبِ فَلا يَتْرُكَانِ أَحَدًا يَمُرُّ عَلَيْهِنَّ. فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ بَعَثَ تِلْكَ السُّنَّةَ عَلَى الْحَجِّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَحَجَّ بِالنَّاسِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: أَغُشِيَ عَلَيَّ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنَّهُ أَتَانِي مَلَكَانِ أَوْ رَجُلانِ فِيهِمَا فَظَاظَةٌ وَغِلْظَةٌ فَانْطَلَقَا بِي ثُمَّ أَتَانِي رَجُلانِ أَوْ مَلَكَانِ هُمَا أَرَقُّ مِنْهُمَا وَأَرْحَمُ فَقَالا: أَيْنَ تُرِيدَانِ بِهِ؟
قَالا: نُرِيدُ بِهِ الْعَزِيزَ الأَمِينَ. قَالا: خَلِّيَا عَنْهُ فَإِنَّهُ مِمَّنْ كُتِبَتْ لَهُ السَّعَادَةُ وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ(3/99)
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أُمِّهِ أُمِّ كُلْثُومٍ. وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ. فِي قَوْلِهِ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ. * قَالَتْ: غُشِيَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ غِشْيَةً ظَنُّوا أَنَّ نَفْسَهُ فِيهَا. فَخَرَجَتِ امْرَأَتُهُ أُمُّ كُلْثُومٍ إِلَى الْمَسْجِدِ تَسْتَعِينُ بِمَا أُمِرَتْ أَنْ تَسْتَعِينَ بِهِ مِنَ الصَّبْرِ وَالصَّلاةِ.
ذِكْرُ وَفَاةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وحمل سريرة وما قيل بعد وفاته:
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَيَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ عِنْدَ قَائِمَتَيْ سَرِيرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عوف وهو يقول: وا جبلاه. قَالَ يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ فِي حَدِيثِهِ: وَوُضِعَ السَّرِيرُ عَلَى كَاهِلِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ بَيْنَ عَمُودَيْ سَرِيرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ يَوْمَ مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: اذْهَبِ ابْنَ عَوْفٍ فَقَدْ أَدْرَكْتَ صَفْوَهَا وَسَبَقْتَ رَنْقَهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ يَوْمَ مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَقُولُ: اذْهَبْ عَنْكَ ابْنَ عَوْفٍ فَقَدْ ذَهَبْتَ بِبِطْنَتِكَ مَا تَغَضْغَضَ مِنْهَا مِنْ شَيْءٍ.
ذِكْرُ وَصِيَّةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَتَرِكَتِهِ:
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الأَسْوَدِ يَقُولُ: أَوْصَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي السَّبِيلِ بِخَمْسِينَ أَلْفَ دِينَارٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سبرة عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الشَّرِيدِ قَالَ: تَرَكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَلْفَ بَعِيرٍ(3/100)
وَثَلاثَةَ آلافِ شَاةٍ بِالْبَقِيعِ وَمِائَةَ فَرَسٍ تَرْعَى بِالْبَقِيعِ. وَكَانَ يَزْرَعُ بِالْجُرُفِ عَلَى عِشْرِينَ نَاضِحًا. وَكَانَ يُدْخِلُ قُوتَ أَهْلِهِ مِنْ ذَلِكَ سَنَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تُوُفِّيَ وَكَانَ فيما ترك ذهب قطع بالفؤوس حَتَّى مَجِلَتْ أَيْدِي الرِّجَالِ مِنْهُ وَتَرَكَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ فَأُخْرِجَتِ امْرَأَةٌ مِمَّنْ ثُمْنُهَا بِثَمَانِينَ أَلْفًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: أَصَابَ تُمَاضِرَ بِنْتَ الأَصْبَغِ رُبُعُ الثُّمُنِ فَأُخْرِجَتْ بِمِائَةِ أَلْفٍ وَهِيَ إِحْدَى الأَرْبَعِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا كَامِلُ أَبُو الْعَلاءِ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ قَالَ: مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَتَرَكَ ثَلاثَ نِسْوَةٍ فَأَصَابَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِمَّا تَرَكَ ثَمَانُونَ أَلْفًا ثَمَانُونَ أَلْفًا.
39- سَعْدُ بْنُ أَبِي وقاص.
واسم أبي وقاص مَالِكِ بْنِ وُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كلاب بْن مُرَّة ويكنى أَبَا إِسْحَاق. وأمه حمنة بِنْت سُفْيَان بْن أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بن قصي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ سَعْدٍ قَالَ: [قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَنَا؟ قَالَ: أَنْتَ سَعْدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ وُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ مَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ
__________
39 تهذيب الكمال (2229) ، وتهذيب التهذيب (3/ 483) ، وتذهيب التهذيب (2) الورقة (11) ، تاريخ يحيى بن معين (2/ 193) ، ونسب قريش (94) ، (251) ، (263) ، (269) ، (393) ، (421) ، وطبقات خليفة (15) ، (126) ، وتاريخ خليفة (223) ، وفضائل الصحابة (2/ 748) ، والتاريخ الكبير للبخاري (4/ 1908) ، والمعارف (550) ، وثقات ابن حبان (1) الورقة (154) ، وحلية الأولياء (1/ 92) ، والاستيعاب (2/ 606) ، وتاريخ بغداد (1/ 144) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (6/ 95) ، وأسد الغابة (2/ 290) ، وتهذيب الأسماء واللغات (1/ 213) ، وتاريخ الإسلام (2/ 281) ، والعبر (1/ 60) ، وتذكرة الحفاظ (1/ 22) ، وسير أعلام النبلاء (1/ 92) ، والعقد الثمين (4/ 537) ، وحذف من نسب قريش (46) ، (61) .(3/101)
مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: [أَقْبَلَ سَعْدٌ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ فَقَالَ: هَذَا خَالِي فَلْيَرْبَإِ امْرَأً خَالُهُ] .
قَالُوا: وَكَانَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مِنَ الْوَلَدِ إِسْحَاقُ الأَكْبَرُ وَبِهِ كَانَ يُكْنَى. دَرَجَ.
وَأُمُّ الْحَكَمِ الْكُبْرَى وَأُمُّهُمَا ابْنَةُ شِهَابِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ. وَعُمَرُ قَتَلَهُ الْمُخْتَارُ. وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قُتِلَ يَوْمَ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ. وَحَفْصَةُ وَأُمُّ الْقَاسِمِ وَأُمُّ كُلْثُومٍ وَأُمُّهُمْ مَاوِيَّةُ بِنْتُ قَيْسِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ بْنِ أَبِي الْكَيْسَمِ بْنِ السِّمْطِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُعَاوِيَةَ مِنْ كِنْدَةَ وَعَامِرٌ وَإِسْحَاقُ الأَصْغَرُ وَإِسْمَاعِيلُ وَأُمُّ عِمْرَانَ وَأُمُّهُمْ أُمُّ عَامِرِ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زُرْعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جُشَمَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ بَهْرَاءَ وَإِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَأُمُّ الْحَكَمِ الصُّغْرَى وَأُمُّ عَمْرٍو وَهِنْدُ وَأُمُّ الزُّبَيْرِ وَأُمُّ مُوسَى وَأُمُّهُمْ زبد وزعم بَنُوهَا أَنَّهَا ابْنَةُ الْحَارِثِ بْنِ يَعْمَرَ بْنِ شَرَاحِيلَ بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَنَابِ بْنِ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَكَابَةَ بْنِ صَعْبِ بْنِ علي بن بكر بن وَائِلٍ. وَمُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ وَأُمُّهُ خَوْلَةُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ أَوْسِ بْنِ سَلامَةَ بْنِ غَزِيَّةَ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ تَيْمِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ بَكْرِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَغْلِبَ بْنِ وَائِلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ الأَصْغَرُ وَبُجَيْرٌ وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَحَمِيدَةُ وَأُمُّهُمْ أُمُّ هِلالِ بِنْتُ رَبِيعِ بْنِ مُرَيِّ بْنِ أَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ لامِ بْنِ عَمْرِو بْنِ ثُمَامَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَدْعَاءَ بْنِ ذُهْلِ بْنِ رُومَانَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ خَارِجَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَذْحِجِ وَعُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ الأَكْبَرُ. هَلَكَ قَبْلَ أبيه. وحمنة وأمهما أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ قَارِظٍ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ حلفاء بني زهرة. وعمير الأصغر وعمرو وَعِمْرَانُ وَأُمُّ عَمْرٍو وَأُمُّ أَيُّوبَ وَأُمُّ إِسْحَاقَ وَأُمُّهُمْ سَلْمَى بِنْتُ خَصَفَةَ بْنِ ثَقْفِ بْنِ رَبِيعَةَ مِنْ تَيْمِ اللاتِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عُكَابَةَ وَصَالِحُ بْنُ سَعْدٍ كَانَ نَزَلَ الْحِيرَةَ لِشَرٍّ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ وَنَزَلَهَا وَلَدُهُ ثُمَّ نَزَلُوا رَأْسَ الْعَيْنِ. وَأُمُّهُ طَيْبَةُ بِنْتُ عَامِرِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ شَرَاحِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَابِرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ تَيْمِ اللَّهِ مِنَ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ. وَعُثْمَانُ وَرَمْلَةُ وَأُمُّهُمَا أُمُّ حُجَيْرٍ. وَعَمْرَةُ وَهِيَ الْعَمْيَاءُ تَزَوَّجَهَا سُهَيْلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَأُمُّهَا امْرَأَةٌ مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ. وَعَائِشَةُ بِنْتُ سَعْدٍ.
ذِكْرُ إِسْلامِ سعد بن أبي وقاص:
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا أَسْلَمَ رَجُلٌ قَبْلِي إِلا رَجُلٌ أَسْلَمَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ فِيهِ. وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ يَوْمٌ وَإِنِّي لَثُلُثُ الإِسْلامِ.(3/102)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ ثَالِثًا فِي الإِسْلامِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أبو بكر بن إسماعيل بن محمد عن الْمُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ عَنْ سَعْدٍ قَالَ: لَقَدْ أَسْلَمْتُ يَوْمَ أَسْلَمْتُ وَمَا فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَوَاتَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ بُخْتٍ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ وَأَسْلَمْتُ وَأَنَا ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بن محمد عن أبيه قال: لما هاجر سَعْدُ وَعُمَيْرُ ابْنَا أَبِي وَقَّاصٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلا فِي مَنْزِلٍ لأَخِيهِمَا عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ كَانَ بَنَاهُ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَحَائِطٍ لَهُ. وَكَانَ عُتْبَةُ أَصَابَ دَمًا بِمَكَّةَ فَهَرَبَ فَنَزَلَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَذَلِكَ قَبْلَ بُعَاثٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ الله ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: مَنْزِلُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ بِالْمَدِينَةِ خِطَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَمُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالا: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ مَعَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي سَرِيَّتِهِ الَّتِي بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا.
ذِكْرُ أَوَّلِ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ:
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي بُرَيْدٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ رَمَى فِي الإِسْلامِ بِسَهْمٍ. خَرَجْنَا مَعَ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ سِتِّينَ رَاكِبًا سَرِيَّةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ إِنِّي لأَوَّلُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.(3/103)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَيَعْلَى وَمُحَمَّدُ ابْنَا عُبَيْدٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ وَاللَّهِ إِنِّي لأَوَّلُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَلَقَدْ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا لَنَا طَعَامٌ نَأْكُلُهُ إِلا وَرَقَ الْحُبْلَةِ وَهَذَا السَّمُرُ. حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ مَا لَهُ خِلْطٌ. ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ يَعْزِرُونَنِي عَنِ الدِّينِ لَقَدْ خِبْتُ إِذًا وَضَلَّ عَمَلِيَهْ. قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: وَضَلَّ عَمَلِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنِ الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: وَهُوَ أول من رمى بسهم في سبيل الله.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَقَدْ رَأَيْتُ سَعْدًا يُقَاتِلُ يَوْمَ بَدْرٍ قِتَالَ الْفَارِسِ فِي الرِّجَالِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ فِي سَرِيَّةٍ إِلَى الْخَرَّارِ فَخَرَجَ فِي عِشْرِينَ رَاكِبًا يَعْتَرِضُ لِعِيرِ قُرَيْشٍ فَلَمْ يَلْقَ أحدا.
ذكر جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - لِسَعْدٍ أَبَوَيْهِ بِالْفِدَاءِ:
[قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْدِي أَحَدًا بِأَبَوَيْهِ إِلا سَعْدًا فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ أُحُدٍ: ارْمِ سَعْدُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بن سعد عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ:
سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ لَهُ أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ أَيُّوبَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ سَعْدٍ تَقُولُ: أَبِي وَاللَّهِ الَّذِي جَمَعَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأَبَوَيْنِ يَوْمَ أُحُدٍ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِجَادٍ مِنْ وَلَدِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ بِنْتَ سَعْدٍ تَذْكُرُ عَنْ أَبِيهَا سَعْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ يَوْمَ أُحُدٍ: فِدًى لَكَ أَبِي وَأُمِّي] .(3/104)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِجَادٍ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهَا سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ قَالَ:
أَلا هَلْ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي ... حَمَيْتُ صِحَابَتِي بِصُدُورِ نَبْلِي
أَذُودُ بِهَا عَدُوَّهُمُ ذِيَادًا ... بِكُلِّ حُزُونَةٍ وَبِكُلِّ سَهْلِ
فَمَا يُعْتَدُّ رَامٍ مِنْ مَعَدٍّ ... بِسَهْمٍ مَعْ رَسُولِ اللَّهِ قَبْلِي
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: نُبِّئْتُ [أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لِسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ: اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لَهُ إِذَا دَعَاكَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ قَالَ: لَقَدْ شَهِدْتُ بَدْرًا وَمَا فِي وَجْهِي غَيْرُ شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ أَمَسُّهَا ثُمَّ أَكْثَرَ اللَّهُ لِي بَعْدَ مِنَ اللِّحَى. يَعْنِي أَوْلادًا كَثِيرًا.
قَالُوا: وَشَهِدَ سَعْدُ بَدْرًا وأحدا وثبت يَوْمَ أُحُدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين ولى الناس. وَشَهِدَ الْخَنْدَقَ وَالْحُدَيْبِيَةَ وَخَيْبَرَ وَفَتِحَ مَكَّةَ. وَكَانَتْ مَعَهُ يَوْمَئِذٍ إِحْدَى رَايَاتِ الْمُهَاجِرِينَ الثَّلاثُ. وَشَهِدَ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ مِنَ الرُّمَاةِ الْمَذْكُورِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ عَنْ نَفَرٍ قَدْ سَمَّاهُمْ أَنَّ سَعْدًا كَانَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الأَيْلِيِّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ كَانَ يَصْبُغُ بِالسَّوَادِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ: كَانَ أَبِي رَجُلا قَصِيرًا. دَحْدَاحًا. غَلِيظًا. ذَا هَامَةٍ. شَثْنَ الأَصَابِعِ. أَشْعُرَ. وَكَانَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: رَأَيْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَلْبَسُ الْخَزَّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ أَبِي سَعْدٍ سَعِيدِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ عَنْ عَمْرِو بْنِ(3/105)
مَيْمُونٍ قَالَ: أَمَّنَا سَعْدٌ فِي مُسْتُقَةٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حكيم بن الديملي أَنَّ سَعْدًا كَانَ يُسَبِّحُ بِالْحَصَى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ سَعْدًا كَانَ فِي يَدِهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ الثُّومَ بَدَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ سَعْدًا كَانَ يَقُولُ: مَا أَزْعُمُ أَنِّي بِقَمِيصِي هَذَا أَحَقُّ مِنِّي بِالْخِلافَةِ. قَدْ جَاهَدْتُ إِذْ أَنَا أَعْرِفُ الْجِهَادَ وَلا أَبْخَعُ نَفْسِي إِنْ كَانَ رَجُلٌ خَيْرًا مِنِّي. لا أُقَاتِلُ حَتَّى تَأْتُونِي بِسَيْفٍ لَهُ عَيْنَانِ وَلِسَانٌ وَشَفَتَانِ فَيَقُولَ هَذَا مُؤْمِنٌ وَهَذَا كَافِرٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ:
سَمِعْتُ الْحَيَّ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ أَبِي قَالَ لِسَعْدٍ: مَا يَمْنَعُكَ مِنَ الْقِتَالِ؟ قَالَ: حَتَّى تَجِيئُونِي بِسَيْفٍ يَعْرِفُ الْمُؤْمِنَ مِنَ الْكَافِرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ:
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ صَحِبَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ من المدينة مَكَّةَ قَالَ: فَمَا سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثًا حَتَّى رَجَعَ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعْدٌ عَنْ خَالَتِهِ أَنَّهُمْ دَخَلُوا عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَسُئِلَ عَنْ شَيْءٍ فَاسْتَعْجَمَ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ أُحَدِّثَكُمْ وَاحِدًا فَتَزِيدُوا عَلَيْهِ الْمِائَةَ.
ذِكْرُ وَصِيَّةِ سَعْدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
[قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عن الزهري بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ قَالَ: مَرِضْتُ مَرَضًا أسقيت مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ فَأَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعُودُنِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله لي مال(3/106)
كثير وليس من يَرِثُنِي إِلا ابْنَتِي أَفَأُوصِي بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: لا. قُلْتُ: فَالشَّطْرِ؟ قَالَ:
لا. قُلْتُ: فَالثُّلُثِ؟ قَالَ: الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ. إِنَّكَ أَنْ تَتْرُكَ وَلَدَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ. إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً إِلا أُجِرْتَ عَلَيْهَا حَتَّى اللُّقْمَةُ تَجْعَلَهَا فِي فِيِّ امْرَأَتِكَ. وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلِّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرُّ بِكَ آخَرُونَ. اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ وَلا تَرُدُّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ. لَكِنَّ الْبَائِسَ سعد بن خولة يرثي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن مات بمكة] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ قَالَ: جَاءَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعُودُنِي وَأَنَا بِمَكَّةَ وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ أَمُوتَ بِالأَرْضِ الَّتِي هَاجَرْتُ مِنْهَا. فَقَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ عَفْرَاءَ! فَقُلْتُ:
[يَا رَسُولَ اللَّهِ أُوصِي بِمَالِي كُلَّهُ؟ قَالَ: لا. قُلْتُ: فَالشَّطْرِ؟ قَالَ: لا. قُلْتُ:
الثُّلُثِ. قَالَ: الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ. إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ. وَإِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ عَلَى أَهْلِكَ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ حَتَّى اللُّقْمَةُ تَرْفَعُهَا إِلَى فِيِّ امْرَأَتِكَ. وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَكَ فَيَنْتَفِعَ بِكَ قَوْمٌ وَيُضَرُّ بِكَ آخَرُونَ. قَالَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ إِلا ابْنَةٌ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ ثَلاثَةٍ مِنْ وَلَدِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
دَخَلَ عَلَيْهِ يَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ وَهُوَ بِمَكَّةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ أَمُوتَ بِالأَرْضِ الَّتِي هَاجَرْتُ مِنْهَا كَمَا مَاتَ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَشْفِيَنِيَ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا. اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا. اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا! فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَالا كَثِيرًا وَلَيْسَ لِي وَارِثٌ إِلا ابْنَةٌ أَفَأُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ: لا. قَالَ: أَفَأُوصِي بِثُلُثَيْهِ؟ قَالَ:
لا. قَالَ: أَفَأُوصِي بِنِصْفِهِ؟ قَالَ: لا. قَالَ: أفأوصي بثلثه؟ قال: الثلث والثلث مثير. إِنَّ نَفَقَتَكَ مِنْ مَالِكَ لَكَ صَدَقَةٌ. وَإِنَّ نَفَقَتَكَ عَلَى عِيَالِكَ لَكَ صَدَقَةٌ. وَإِنَّ نَفَقَتَكَ عَلَى أَهْلِكَ لَكَ صَدَقَةٌ. وَإِنَّكَ أَنْ تَدَعَ أَهْلِكَ بِعَيْشٍ. أَوْ قَالَ بِخَيْرٍ. خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ] .
[قَالَ أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ بِمَكَّةَ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ. قَالَ فَقُلْتُ: إِنَّهُ لَيْسَ لِي إِلا ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ أفأوصي بمالي كله؟ قال:(3/107)
لا. قَالَ: أَفَأُوصِي بِالنِّصْفِ؟ قَالَ: لا. قَالَ: أَفَأُوصِي بِالثُّلُثِ؟ قَالَ: الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وهيب قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْقَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَمْرِو بْنِ الْقَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَدِمَ فَخَلَّفَ سَعْدًا مَرِيضًا حَيْثُ خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ. فَلَمَّا قَدِمَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ مُعْتَمِرًا دَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ وَجِعٌ مَغْلُوبٌ. [فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَالا وَإِنِّي أُورَثُ كَلالَةً أَفَأُوصِي بِمَالِي أَوْ أَتَصَدَّقُ بِهِ؟ قَالَ: لا. قَالَ: أَفَأُوصِي بِثُلُثَيْهِ؟ قَالَ: لا. قَالَ: أَفَأُوصِي بِشَطْرِهِ؟ قَالَ: لا. قَالَ: أَفَأُوصِي بِثُلُثِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ وَذَلِكَ كَثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ. قَالَ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ. أَمَيِّتٌ أَنَا بِالدَّارِ الَّتِي خَرَجْتُ مِنْهَا مُهَاجِرًا؟ قَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَرْفَعَكَ اللَّهُ فَيَنْكَأَ بِكَ أَقْوَامًا وَيَنْتَفِعَ بِكَ آخَرُونَ. يَا عَمْرَو بن القاري إن مات سعد بعدي فهاهنا ادْفِنْهُ نَحْوَ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ. وَأَشَارَ بِيَدِهِ هَكَذَا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ قَالَ: خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَجُلا فَقَالَ: [إِنْ مَاتَ سَعْدٌ بِمَكَّةَ فَلا تَدْفِنْهُ بِهَا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ سَعْدُ بن أبي وقاص للنبي. ص: [أَتَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ الرَّجُلُ فِي الأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: مَرِضْتُ فَأَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[يَعُودُنِي فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ فَوَجَدْتُ بَرْدَهَا عَلَى فؤادي ثم قال: إنك رجل مفؤود فَأْتِ الْحَارِثَ بْنَ كَلَدَةَ أَخَا ثَقِيفٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ يَتَطَبَّبُ. فَمُرْهُ فَلْيَأْخُذْ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِنْ عَجْوَةِ الْمَدِينَةِ فَلْيَجَأْهُنَّ بِنَوَاهُنَّ ثُمَّ لِيَلُدَّكَ بِهِنَّ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَالْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كَانَ رَأْسُ أَبِي فِي حِجْرِي وَهُوَ يَقْضِي. قَالَ فَدَمَعَتْ عَيْنَايَ فَنَظَرَ إِلَيَّ فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ أَيْ بُنَيَّ؟ فَقُلْتُ: لِمَكَانِكَ وَمَا أَرَى بِكَ. قَالَ: فَلا تَبْكِ عَلَيَّ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُعَذِّبُنِي أَبَدًا وَإِنِّي مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. إِنَّ اللَّهَ(3/108)
يَدِينُ الْمُؤْمِنِينَ بِحَسَنَاتِهِمْ مَا عَمِلُوا لِلَّهِ. قَالَ: وَأَمَّا الْكُفَّارُ فَيُخَفِّفُ عَنْهُمْ بِحَسَنَاتِهِمْ فَإِذَا نَفِدَتْ قَالَ لِيَطْلُبْ كُلُّ عَامَلٍ ثَوَابَ عَمَلِهِ مِمَّنْ عَمِلَ لَهُ.
ذِكْرُ مَوْتِ سَعْدٍ وَدَفْنِهِ:
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَنَّهُ سَمِعَ غَيْرَ وَاحِدٍ يَقُولُ: إِنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ مَاتَ بِالْعَقِيقِ فَحُمِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَدُفِنَ بِهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ ابن عبد الله ابن أخي ابن شِهَابٍ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ هَلْ يُكْرَهُ أَنْ يُحْمَلَ الْمَيِّتُ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ؟ قَالَ: فَقَدْ حُمِلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ مِنَ الْعَقِيقِ إِلَى الْمَدِينَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ شِهَابٍ هَلْ يُكْرَهُ أَنْ يُحْمَلَ الْمَيِّتُ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَى قَرْيَةٍ؟ فَقَالَ: قَدْ حُمِلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ مِنَ الْعَقِيقِ إِلَى الْمَدِينَةِ.
ذِكْرُ الصَّلاةِ عَلَى سَعْدٍ. وكيف حملت جنازته:
قَالَ أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ لَمَّا تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَمُرُّوا بِجَنَازَتِهِ فِي الْمَسْجِدِ. فَفَعَلُوا فَوُقِفَ بِهِ عَلَى حُجَرِهِنَّ فَصَلَّيْنَ عَلَيْهِ وَخُرِجَ بِهِ مِنْ بَابِ الْجَنَائِزِ الَّذِي كَانَ إِلَى الْمَقَاعِدِ. فَبَلَغَهُنَّ أَنَّ النَّاسَ عَابُوا ذَلِكَ وَقَالُوا: مَا كَانَتِ الْجَنَائِزُ يُدْخَلُ بِهَا الْمَسْجِدَ. فَبَلَغَ ذَلِكَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ: مَا أَسْرَعَ النَّاسَ إِلَى أَنْ يَعِيبُوا مَا لا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ. عَابُوا عَلَيْنَا أَنْ يُمَرَّ بِجِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَمَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ إِلا فِي جَوْفِ الْمَسْجِدِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ عَجْلانَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أَمَرَتْ بِجِنَازَةِ سَعْدٍ أَنْ يُمَرَّ بِهَا عَلَيْهَا فِي الْمَسْجِدِ فَبَلَغَهَا أَنْ قَدْ قِيلَ فِي ذَلِكَ. فَقَالَتْ: مَا أَسْرَعَ النَّاسَ إِلَى الْقَوْلِ. وَاللَّهِ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ إِلا فِي الْمَسْجِدِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ صَالِحِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأَسْوَدِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَمَرَّ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ فَقَالَ:
أَيْنَ صُلِّيَ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ؟ قَالَ: شُقَّ بِهِ الْمَسْجِدَ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -(3/109)
أَرْسَلْنَ إِلَيْهِمْ إِنَّا لا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَخْرُجَ إليه نصلي عليه. فدخلوا به فقاموا على رؤوسهن فَصَلَّيْنَ عَلَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ وَعُبَيْدَةُ بِنْتُ نَابِلٍ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ: مَاتَ أَبِي. رَحِمَهُ اللَّهُ. فِي قَصْرِهِ بِالْعَقِيقِ عَلَى عَشْرَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ فَحُمِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ عَلَى رِقَابِ الرِّجَالِ وَصَلَّى عَلَيْهِ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ وَالِي الْمَدِينَةِ. وَذَلِكَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ. وَكَانَ يَوْمَ مَاتَ ابْنَ بِضْعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهَذَا أَثْبَتُ مَا رُوِّينَا فِي وَقْتِ وَفَاتِهِ. وَقَدْ رَوَى سَعْدٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَقَدْ سَمِعْتُ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ مِمَّنْ قَدْ حَمَلَ الْعِلْمَ وَرَوَاهُ يَقُولُ مَاتَ سَعْدٌ سَنَةَ خَمْسِينَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا فروة بن زبير عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ: أَرْسَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بِزَكَاةِ عَيْنِ مَالِهِ خَمْسَةِ آلافِ دِرْهَمٍ. وَتَرَكَ سَعْدٌ يَوْمَ مَاتَ مِائَتَيْ أَلْفٍ وَخَمْسِينَ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّهِ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ قَاسَمَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ مَالَهُ حِينَ عَزَلَهُ عَنِ الْعِرَاقِ.
40- عُمَيْرُ بْنُ أَبِي وَقَّاصِ
بْنِ وُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كلاب بن مُرَّة وأمه حمنة بِنْت سُفْيَان بْن أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بن قصي.
قَالُوا: آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عُمير بْن أبي وقاص وعمرو بْن مُعَاذ أخي سعد بْن مُعَاذ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: [رَأَيْتُ أَخِيَ عُمَيْرَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَبْلَ أَنْ يَعْرِضَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْخُرُوجِ إِلَى بَدْرٍ يَتَوَارَى فَقُلْتُ: مَا لَكَ يَا أَخِي؟ فَقَالَ: إني
__________
40 المغازي (21) ، (145) ، (155) ، تاريخ الطبري (2/ 477) ، وحذف من نسب قريش (62) .(3/110)
أَخَافُ أَنْ يَرَانِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَسْتَصْغِرَنِي فَيَرُدَّنِي وَأَنَا أُحِبُّ الْخُرُوجَ لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقَنِي الشَّهَادَةَ. قَالَ فَعُرِضَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتَصْغَرَهُ فَقَالَ: ارْجِعْ] .
فَبَكَى عُمَيْرٌ فَأَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ سَعْدٌ: فَكُنْتُ أَعْقِدُ لَهُ حَمَائِلَ سَيْفِهِ مِنْ صِغَرِهِ فَقُتِلَ بِبَدْرٍ وَهُوَ ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً. قَتَلَهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وَدٍّ.
وَمِنْ حُلَفَاءِ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلابٍ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ
41- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودِ
بْنِ غَافِلِ بْنِ حَبِيبِ بن شمخ بْن فار بْن مخزوم بْن صاهلة بْن كاهل بْنِ الْحَارِثِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ هذيل بْن مدركة. واسم مدركة عَمْرو بْن إلياس بْن مضر. ويكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَن.
حالف مَسْعُود بْن غافل عَبْد بْن الْحَارِث بْن زهرة فِي الجاهلية. وأم عَبْد الله بْن مَسْعُود أم عَبْد بِنْت عَبْد ود بْن سواء بْن قريم بْن صاهلة بْن كاهل بْن الْحَارِث بْن تميم ابن سعد بْن هذيل. وأمها هند بِنْت عَبْد بْن الْحَارِث بْن زهرة بْن كلاب.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَحَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنْتُ غُلامًا يَافِعًا أَرْعَى غنما لعقبة ابن أَبِي مُعَيْطٍ فَجَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ وَقَدْ فَرَّا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقَالا: يَا غُلامُ هَلْ عِنْدَكَ مِنْ لَبَنٍ تَسْقِيَنَا؟ فَقُلْتُ: إِنِّي مُؤْتَمَنٌ وَلَسْتُ سَاقِيَكُمَا. [فَقَالَ النبي. ص: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ جَذَعَةٍ لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا الْفَحْلُ؟] قُلْتُ: نَعَمْ. فَأَتَيْتُهُمَا بِهَا فَاعْتَقَلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَمَسَحَ الضَّرْعَ وَدَعَا فَحَفَّلَ الضَّرْعُ ثُمَّ أَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ بِصَخْرَةٍ مُتَقَعِّرَةٍ فَاحْتَلَبَ فِيهَا فَشَرِبَ أَبُو بَكْرٍ. ثُمَّ شَرِبْتُ ثُمَّ قَالَ لِلضَّرْعِ اقْلِصْ فَقَلَصَ. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقُلْتُ:
عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا الْقَوْلِ. قَالَ: إِنَّكَ غُلامٌ مُعَلَّمٌ. فَأَخَذْتُ مِنْ فِيهِ سَبْعِينَ سُورَةً لا يُنَازِعُنِي فِيهَا أَحَدٌ.
__________
41 الإصابة (9455) ، وغاية النهاية (1/ 458) ، والبدء والتاريخ (5/ 97) ، وصفة الصفوة (1/ 154) ، وحلية الأولياء (1/ 124) ، وتاريخ الخميس (2/ 257) ، والاستيعاب (2/ 316) ، تهذيب الكمال خط (740) ، وتهذيب التهذيب (6/ 27) ، وتقريب التهذيب (1/ 450) .(3/111)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أسلم عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الأَرْقَمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كَانَ أَوَّلُ مَنْ أَفْشَى الْقُرْآنَ بِمَكَّةَ مِنْ فِيَّ رَسُولِ الله.
ص. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ.
قَالُوا: هَاجَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ الْهِجْرَتَيْنِ جَمِيعًا فِي رِوَايَةِ أَبِي مَعْشَرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ. وَلَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي الْهِجْرَةِ الأُولَى وَذَكَرَهُ فِي الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ أُخِذَ فِي أَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي شَيْءٍ. فَرَشَا دِينَارَيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالا: لَمَّا هَاجَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ ابن قَتَادَةَ قَالَ: نَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ حِينَ هَاجَرَ عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ.
قَالُوا: وآخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو ابن دِينَارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ قَالُوا: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ أَقْطَعَ النَّاسَ الدُّورَ فَقَالَ حَيُّ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَبْدِ بْنِ زُهْرَةَ: نَكِّبْ عَنَّا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ. فَقَالَ رسول الله. ص: فَلِمَ؟ أَيَبْعَثُنِي اللَّهُ إِذًا؟ إِنَّ اللَّهَ لا يُقَدِّسُ قَوْمًا لا يُعْطَى الضَّعِيفُ مِنْهُمْ حَقَّهُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو بْنِ دِينَارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ مِثْلَهُ.(3/112)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَّ الدُّورَ فَخَطَّ لِبَنِي زُهْرَةَ فِي نَاحِيَةِ مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ فَجَعَلَ لِعَبْدِ اللَّهِ وَعُتْبَةَ ابْنَيْ مَسْعُودٍ هَذِهِ الْخِطَّةَ عِنْدَ الْمَسْجِدِ.
قَالُوا: وَشَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ بَدْرًا وَضَرَبَ عُنُقَ أَبِي جَهْلٍ بَعْدَ أَنْ أَثْبَتَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ. وَشَهِدَ أُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: «الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ» آل عمران: 172. قَالَ: كُنَّا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ القاري عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ صَاحِبَ سَوَادِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي سِرَّهُ. وَوِسَادِهِ. يَعْنِي فِرَاشَهُ. وَسِوَاكِهِ وَنَعْلَيْهِ وَطَهُورِهِ. وَهَذَا يَكُونُ فِي السَّفَرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَسْتُرُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اغْتَسَلَ وَيُوقِظُهُ إِذَا نَامَ وَيَمْشِي مَعَهُ فِي الأَرْضِ وَحْشًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ سَمِعَهُ يَقُولُ: أَلَمْ يَكُنْ فِيكُمْ صَاحِبُ السِّوَادِ؟ وَصَاحِبُ السَّوَادِ ابْنُ مَسْعُودٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَعَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قطن قَالا: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْعَامِرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ صَاحِبَ السِّوَادِ وَالْوِسَادِ وَالنَّعْلَيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُلْبِسُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعْلَيْهِ ثُمَّ يَمْشِي أَمَامَهُ بِالْعَصَا حَتَّى إِذَا أَتَى مَجْلِسَهُ نَزَعَ نَعْلَيْهِ فَأَدْخَلَهُمَا فِي ذِرَاعَيْهِ وَأَعْطَاهُ الْعَصَا. فَإِذَا أراد رسول الله.
ص. أن يقوم ألبسه ثُمَّ مَشَى بِالْعَصَا أَمَامَهُ حَتَّى يَدْخُلَ الْحُجْرَةَ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ النَّخَعِيَّ يَذْكُرُ عَنْ(3/113)
إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: [قَالَ لِي رَسُولُ الله. ص:
إِذْنُكَ عَلَيَّ أَنْ تَرْفَعَ الْحِجَابَ وَأَنْ تَسْمَعَ سِوَادِيَ حَتَّى أَنْهَاكَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ: لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا أَرَى إِلا ابْنَ مَسْعُودٍ مِنْ أَهْلِهِ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قال رسول الله. ص: لَوْ كُنْتُ مُؤَمِّرًا أَحَدًا دُونَ شُورَى الْمُسْلِمِينَ لأَمَّرْتُ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُشَبَّهُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَدْيِهِ وَدَلِّهِ وَسَمْتِهِ. وَكَانَ عَلْقَمَةُ يُشَبَّهُ بِعَبْدِ اللَّهِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ إِنَّ أَشْبَهَ النَّاسِ هَدْيًا وَدَلا وَسَمْتًا بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ. مِنْ حِينَ يَخْرُجُ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ لا أَدْرِي مَا يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ:
سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ أَخْبِرْنَا بِرَجُلٍ قَرِيبِ السَّمْتِ وَالْهَدْيِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَأْخُذُ عَنْهُ. فَقَالَ: مَا أَعْرِفُ أَحَدًا أَقْرَبَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ حَتَّى يُوَارِيَهُ جِدَارُ بَيْتٍ. قَالَ: وَلَقَدْ عَلِمَ الْمَحْفُوظُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ مِنْ أَقْرَبِهِمْ إِلَى اللَّهِ وَسِيلَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا دَخَلَ الدَّارَ اسْتَأْنَسَ وَرَفَعَ كَلامَهُ كَيْ يَسْتَأْنِسُوا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ ثُوَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: مَا نِمْتُ الضُّحَى مُنْذُ أَسْلَمْتُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ الاثْنَيْنَ وَالْخَمِيسَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ(3/114)
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ فَقِيهًا أَقَلَّ صَوْمًا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. فَقِيلَ لَهُ:
لِمَ لا تَصُومُ؟ فَقَالَ: إِنِّي أَخْتَارُ الصَّلاةَ عَنِ الصَّوْمِ فَإِذَا صُمْتُ ضَعُفْتُ عَنِ الصَّلاةِ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ عَنْ أُمِّ مُوسَى قَالَتْ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنَ مَسْعُودٍ أَنْ يَصْعَدَ شَجَرَةً فَيَأْتِيَهُ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَنَظَرَ أَصْحَابُهُ إِلَى حُمُوشَةِ سَاقَيْهِ فَضَحِكُوا مِنْهَا. فقال النبي. ص: مَا تَضْحَكُونَ! لَرِجْلُ عَبْدِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ أُحُدٍ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ صَعِدَ شَجَرَةً فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ [فقال رسول الله. ص:
أَتَضْحَكُونَ مِنْهُمَا؟ لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنْتُ أَجْتَنِي لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الأَرَاكِ. قَالَ:
فَضَحِكَ الْقَوْمُ مِنْ دِقَّةِ سَاقِيَّ [فَقَالَ النَّبِيُّ. ص: مِمَّ تَضْحَكُونَ؟ قَالُوا: مِنْ دِقَّةِ سَاقِهِ. فَقَالَ: هِيَ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا فِي الْقَوْمِ عِنْدَ عُمَرَ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ نَحِيفٌ قَلِيلٌ. فَجَعَلَ عُمَرُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَيَتَهَلَّلُ وجهه ثم قال: كنيف مليء علما. كنيف مليء علما. كنيف مليء عِلْمًا. فَإِذَا هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ حَبَّةَ بْنِ جُوَيْنٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَلِيٍّ فَذَكَرْنَا بَعْضَ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَثْنَى الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا رأينا رجلا أَحْسَنَ خُلُقًا وَلا أَرْفَقَ تَعْلِيمًا وَلا أَحْسَنَ مُجَالَسَةً وَلا أَشَدَّ وَرَعًا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. فَقَالَ عَلِيٌّ: نَشَدْتُكُمُ اللَّهَ. إِنَّهُ لَصِدْقٌ مِنْ قُلُوبِكُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَقُولُ فِيهِ مِثْلَ مَا قَالُوا أَوْ أَفْضَلَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَبَّةَ قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ الْكُوفَةَ أَتَاهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ فَسَأَلَهُمْ عَنْهُ حَتَّى رَأَوْا أَنَّهُ يَمْتَحِنُهُمْ.
قَالَ: وَأَنَا أَقُولُ فِيهِ مِثْلَ الَّذِي قَالُوا أَوْ أَفْضَلَ. قَرَأَ الْقُرْآنَ فَأَحَلَّ حَلالَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ.
فَقِيهٌ فِي الدِّينِ. عَالِمٌ بِالسُّنَّةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالا: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ حَدَّثَنِي(3/115)
مُسْلِمٌ الْبَطِينُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: اخْتَلَفْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ سَنَةً مَا سَمِعْتُهُ [يُحَدِّثُ فِيهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلا يَقُولُ فِيهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلا أَنَّهُ حَدَّثَ ذَاتَ يَوْمٍ بِحَدِيثٍ فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلاهُ الْكَرْبُ حَتَّى رَأَيْتُ الْعَرَقَ يَتَحَدَّرُ عَنْ جَبْهَتِهِ ثُمَّ قَالَ: إِنِ شَاءَ اللَّهُ إِمَّا فَوْقَ ذَاكَ وَإِمَّا قَرِيبٌ مِنْ ذَاكَ وَإِمَّا دُونَ ذَاكَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ مَنْصُورٍ الْغُدَانِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُومُ قَائِمًا كُلَّ عَشِيَّةِ خَمِيسٍ فَمَا سَمِعْتُهُ فِي عَشِيَّةٍ مِنْهَا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ. قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَى عَصًا فَنَظَرْتُ إِلَى الْعَصَا تَزَعْزَعُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَ يَوْمًا حَدِيثًا فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَرْعَدَ وَأَرْعَدَتْ ثِيَابُهُ. ثُمَّ قَالَ: أَوْ نَحْوَ ذَا أَوْ شِبْهَ ذَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مِرْدَاسٍ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَخْطُبُنَا كُلَّ خَمِيسٍ فَيَتَكَلَّمُ بِكَلِمَاتٍ فَيَسْكُتُ حِينَ يَسْكُتْ وَنَحْنُ نَشْتَهِي أَنْ يَزِيدَنَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالا: أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ عَنْ دَاوُدَ عَنْ عَامِرٍ أَنَّ مُهَاجَرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ كَانَ بِحِمْصَ فَحَدَرَهُ عُمَرُ إِلَى الْكُوفَةِ وَكَتَبَ إِلَيْهِمْ إِنِّي وَاللَّهِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ آثَرْتُكُمْ بِهِ عَلَى نَفْسِي فَخُذُوا مِنْهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كَانَ عَطَاءُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ سِتَّةَ آلافٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الله قال: أخبرنا إسماعيل ابْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَجُلا خَفِيفَ اللَّحْمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِينَاءٍ عَنْ نُفَيْعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ مِنْ أَجْوَدِ النَّاسِ ثَوْبًا أَبْيَضَ. مِنْ أَطْيَبِ النَّاسِ رِيحًا.(3/116)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عَنْ طَلْحَةَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُعْرَفُ بِاللَّيْلِ بِرِيحِ الطِّيبِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ القاري عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ رَجُلا نَحِيفًا قَصِيرًا أَشَدَّ الأُدْمَةِ. وَكَانَ لا يُغَيِّرُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: قَالَ هُبَيْرَةُ بْنُ يَرِيمَ: كَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ شَعَرٌ يَرْفَعُهُ عَلَى أُذُنَيْهِ كَأَنَّمَا جُعِلَ بِعَسَلٍ. قَالَ وَكِيعٌ: يَعْنِي لا يُغَادِرُ شَعْرَةً شَعْرَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ قَالَ: كَانَ شَعْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يَبْلُغُ تَرْقُوَتَهُ فَرَأَيْتُهُ إِذَا صَلَّى يَجْعَلُهُ وَرَاءَ أُذُنَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ خَاتَمُهُ مِنْ حَدِيدٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالا: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: مَرِضَ مَرَضًا فَجَزِعَ فِيهِ. قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ مَا رَأَيْنَاكَ جَزِعْتَ فِي مَرَضٍ مَا جَزِعْتَ فِي مَرَضِكَ هَذَا. فَقَالَ: إِنَّهُ أَخَذَنِي وَأَقْرَبَ بِي مِنَ الْغَفْلَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ قَالَ: ذكر الموت عبد الله ابن مَسْعُودٍ فَقَالَ: مَا أَنَا لَهُ الْيَوْمَ بِمُتَيَسِّرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلٌ عَنْ جَرِيرٍ رَجُلٍ مِنْ بَجِيلَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَدِدْتُ أَنِّي إِذَا مَا مُتُّ لَمْ أُبْعَثْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ أَوْصَى فَكَتَبَ فِي وَصِيَّتِهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
ذِكْرُ مَا أَوْصَى بِهِ عَبْدُ الله بن مسعود:
إن حدث به حدث فِي مرضه هَذَا إنّ مرجع وصيته إِلى اللَّه وإلى الزُّبَيْر بْن الْعَوَّام وابنه عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر أنهما فِي حل وبل مما وليا وقضيا. وأنّه لا تزوج امْرَأَة من بنات عَبْد الله إلّا بإذنهما لا تحظر عن ذلك زينب.(3/117)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُمَيْسٍ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: أَوْصَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ إِلَى الزُّبَيْرِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخَى بَيْنَهُمَا فَأَوْصَى إِلَيْهِ وَإِلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: هَذَا مَا أَوْصَى عَبْدُ الله بن مسعود. إن حدث به حدث فِي مَرَضِهِ إِنَّ مَرْجِعَ وَصِيَّتِهِ إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَإِلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَإِنَّهُمَا فِي حِلٍّ وَبِلٍّ فِيمَا وَلِيَا مِنْ ذَلِكَ وَقَضَيَا مِنْ ذَلِكَ لا حَرَجَ عَلَيْهِمَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ. وَإِنَّهُ لا تُزَوَّجُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ إِلا بِعِلْمِهِمَا وَلا يُحْجَرُ ذَلِكَ عَنِ امْرَأَتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيَّةِ. وَكَانَ فِيمَا أَوْصَى بِهِ فِي رَقِيقِهِ: إِذَا أَدَّى فُلانٌ خَمْسُمِائَةٍ فَهُوَ حُرٌّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ خَيْثَمِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ أَوْصَى أَنْ يُكَفَّنَ فِي حُلَّةٍ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُرَادِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: ادْفِنُونِي عِنْدَ قَبْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ القاري عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ بِالْمَدِينَةِ وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عِمْرَانَ الْعِجْلِيُّ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَدْ رُوِيَ لَنَا أَنَّهُ صَلَّى عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسعود عمار ابن يَاسِرٍ. وَقَالَ قَائِلٌ صَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. وَاسْتَغْفَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ قَبْلَ مَوْتِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ. وَهُوَ أَثْبَتُ عِنْدَنَا: إِنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ صَلَّى عَلَيْهِ. قَالَ: وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ دُفِنَ لَيْلا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: مَرَرْتُ عَلَى قَبْرِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْغَدَ مِنْ يَوْمِ دُفِنَ فَرَأَيْتُهُ مَرْشُوشًا.(3/118)
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ قَالَ: شَهِدْتُ أَبَا مُوسَى وَأَبَا مَسْعُودٍ حِينَ مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَتُرَاهُ تَرَكَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ؟ فَقَالَ: إِنْ قُلْتَ ذَاكَ إِنْ كَانَ لَيَدْخُلُ إِذَا حُجِبْنَا وَيَشْهَدَ إِذَا غِبْنَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ عن إدريس بن يزيد عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: تَرَكَ ابْنُ مَسْعُودٍ تِسْعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: دَخَلَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ عَلَى عُثْمَانَ بَعْدَ وَفَاةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: أَعْطِنِي عَطَاءَ عَبْدِ اللَّهِ فَأَهْلُ عَبْدِ اللَّهِ أَحَقُّ بِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. فَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ عَشْرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ أَوْصَى إِلَى الزُّبَيْرِ وَقَدْ كَانَ عُثْمَانُ حَرَمَهُ عَطَاءَهُ سَنَتَيْنِ فَأَتَاهُ الزُّبَيْرُ فَقَالَ: إِنَّ عِيَالَهُ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. فَأَعْطَاهُ عَطَاءَهُ عِشْرِينَ أَلْفًا أَوْ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا.
42- الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرِو
بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ ثُمَامَةَ بْن مطرود بْن عَمْرو بْن سعد بْن دهير بْن لؤي بْن ثَعْلَبَة بْن مالك بْن الشريد بْن أبي أهون بْن فائش بْن دريم بْن القين بْن أهود بْن بهراء بْن عَمْرو بْن الحاف بْن قضاعة ويكنى أَبَا معبد. وكان حالف الأسود بْن عَبْد يغوث الزُّهْرِيّ فِي الجاهلية فتبناه. فكان يُقَالُ له المقداد بْن الأسود. فَلَمَّا نزل القرآن: ادعوهم لآبائهم. قيل المقداد بْن عَمْرو. وهاجر المقداد إِلَى أرض الحبشة الهجرة الثانية في رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر. ولم يذكره مُوسَى بْن عُقْبَة ولا أَبُو معشر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ.
قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الْمِقْدَادِ وَجَبَّارِ بْنِ صخر.
__________
42 الإصابة (8185) ، وتهذيب التهذيب (10/ 285) ، وصفة الصفوة (1/ 167) ، وحلية الأولياء (1/ 172) .(3/119)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: قَطَّعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمِقْدَادِ فِي بَنِي حُدَيْلَةَ دَعَاهُ إِلَى تِلْكَ النَّاحِيَةِ أُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَمَّتِهِ عَنْ أُمِّهَا كَرِيمَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: كَانَ مَعِيَ فَرَسٌ يَوْمَ بَدْرٍ يُقَالُ لَهُ سَبْحَةُ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ رَجُلٍ قَدْ سَمَّاهُ أُرَاهُ حَارِثَةَ بْنَ مُضَرِّبٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: مَا كَانَ فِينَا فَارِسٌ يَوْمَ بَدْرٍ غَيْرَ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ عَدَا بِهِ فَرَسُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ عَدَا بِهِ فَرَسُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مُخَارِقٍ عَنْ طَارِقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: شَهِدْتُ مِنَ الْمِقْدَادِ مَشْهَدًا لأَنْ أَكُونَ أَنَا صَاحِبُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا عُدِلَ بِهِ.
أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَدْعُو عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا وَاللَّهِ لا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى لِمُوسَى فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ. وَلَكِنَّا نُقَاتِلُ عَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ يَسَارِكَ وَبَيْنَ يَدَيْكَ وَمِنْ خَلْفِكَ. فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُشْرِقُ لِذَلِكَ وَيَسُرُّهُ ذَلِكَ.
قَالُوا: وَشَهِدَ الْمِقْدَادُ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وكان من الرماة المذكورين مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ أَنَّ [الْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو خَطَبَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَأَبَى أن يزوجه فقال له النبي. ص:
لَكِنِّي أُزَوِّجُكَ ضُبَاعَةَ ابْنَةَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَمَّتِهِ عَنْ أُمِّهَا قَالَتْ: بِعْنَا طُعْمَةَ الْمِقْدَادِ الَّتِي أَطْعَمَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر خمسة عشر وسقا شعيرا مِنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بِمِائَةِ أَلْفِ درهم.(3/120)
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِي رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَإِذَا أَنَا بِالْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ عَلَى تَابُوتٍ مِنْ تَوَابِيتِ الصَّيَارِفَةِ قَدْ فَضَلَ عَنْهَا عِظَمًا. فَقُلْتُ لَهُ:
قَدْ أَعْذَرَ الله إليك. فقال: أبت علينا سورة البحوث انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَمَّتِهِ عَنْ أُمِّهَا كَرِيمَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ أَنَّهَا وَصَفَتْ أَبَاهَا لَهُمْ فَقَالَتْ: كَانَ رَجُلا طَوِيلا آدَمَ. ذَا بَطْنٍ. كَثِيرَ شَعْرِ الرَّأْسِ. يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ وَهِيَ حَسَنَةٌ وَلَيْسَتْ بِالْعَظِيمَةِ وَلا بِالْخَفِيفَةِ. أَعْيَنَ مَقْرُونَ الْحَاجِبَيْنِ. أَقْنَأَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي فَائِدٍ أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ شَرِبَ دُهْنَ الْخِرْوَعِ فَمَاتَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَمَّتِهِ عَنْ أُمِّهَا كَرِيمَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ قَالَتْ: مَاتَ الْمِقْدَادُ بِالْجُرُفِ عَلَى ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ فَحُمِلَ عَلَى رِقَابِ الرِّجَالِ حَتَّى دُفِنَ بِالْمَدِينَةِ بِالْبَقِيعِ وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. وَذَلِكَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ. وَكَانَ يَوْمَ مَاتَ ابْنَ سَبْعِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ أَوْ نُبِّئْتُ عَنْهُ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ جَعَلَ يُثْنِي عَلَى المقداد بعد ما مَاتَ. فَقَالَ الزُّبَيْرُ:
لا أُلْفِيَنَّكَ بَعْدَ الْمَوْتِ تَنْدُبُنِي ... وَفِي حَيَاتِيَ مَا زَوَّدْتَنِي زَادِي
43- خَبَّابُ بْنُ الأَرَتِّ
بْنِ جَنْدَلَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ كَعْبٍ. من بني سعد بْن زيد مناة بن تميم.
__________
43 تهذيب الكمال (1674) ، وتهذيب التهذيب (3/ 133) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (196) ، ومغازي الواقدي (100) ، (155) ، وسيرة ابن هشام (1/ 252، 254، 343، 345، 357، 381) ، وطبقات خليفة (17) ، (126) ، وتاريخ خليفة (192) ، والتاريخ الكبير للبخاري (3/ 730) ، والمعارف (317) ، وتاريخ الطبري (3/ 589) ، (5/ 61) ، والعقد الفريد (3/ 238) ، وثقات ابن حبان (3/ 106) ، وحلية الأولياء (1/ 43) ، والاستيعاب (2/ 437) ، وأسد الغابة (2/ 98) ، وتهذيب الأسماء (1/ 174) ، وسير أعلام النبلاء (2/ 232) ، والعبر (1/ 43) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 154) ، والعقد الثمين (4/ 300) ، والإصابة (1/ 466) ، وشذرات الذهب (1/ 47) .(3/121)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي بنسب خَبَّاب هَذَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبِ بْن زَمْعَةَ عَنْ أبي الأسود مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن يتيم عروة بْن الزُّبَيْر قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: كذلك يقول وُلِدَ خَبَّاب أيضًا.
وقالوا: كان أصابه سِبًا فبيع بمكّة فاشترته أم أنمار وهي أم سباع الخزاعية حلف عَوْفِ بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ بْنِ الْحَارِث بْن زهرة.
ويقال بل أم خَبَّاب وأم سباع بْن عَبْد العزى الخزاعي واحدة. وكانت ختانة بمكّة وهي الّتي عنى حَمْزَة بْن عَبْد المطلب يوم أحد حين قَالَ لسباع بْن عَبْد العزى وأمه أم أنمار: هلم إِلَيّ يا ابن مقطعة البظور. فانضم خَبَّاب بْن الأرت إِلَى آل سباع وادعى حلف بني زهرة بهذا السبب.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّ خَبَّابًا يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَوَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ: كُنْتُ رَجُلا قَيْنًا وَكَانَ لِي عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ فَقَالَ لِي: لَنْ أَقْضِيَكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ. قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: لَنْ أَكْفُرَ بِهِ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ. قَالَ: إِنِّي لَمَبْعُوثٌ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ فَسَوْفَ أَقْضِيكَ إِذَا رَجَعْتُ إِلَى مَالٍ وَوَلَدٍ. قَالَ: فَنَزَلَ فِيهِ: «أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً» مريم: 77. إِلَى قَوْلِهِ فَرْداً مريم: 80.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أسلم خَبَّابُ بْنُ الأَرَتِّ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الأَرْقَمِ وَقَبْلَ أَنْ يَدْعُوَ فِيهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبِي مُزَرِّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَ خَبَّابُ بْنُ الأَرَتِّ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ الَّذِينَ يُعَذَّبُونَ بِمَكَّةَ لِيَرْجِعَ عَنْ دِينِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي لَيْلَى الْكِنْدِيِّ قَالَ: جَاءَ خَبَّابُ بْنُ الأَرَتِّ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ ادْنُهْ فَمَا أَحَدٌ أَحَقُّ بِهَذَا الْمَجْلِسِ مِنْكَ إِلا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ. فَجَعَلَ خَبَّابٌ يُرِيهُ آثَارًا فِي ظَهْرِهِ مِمَّا عَذَّبَهُ الْمُشْرِكُونَ.(3/122)
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ مجالد عن الشعبي قال: دخل خباب بن الأرت عَلَى عُمَرَ بِنِ الْخَطَّابِ فَأَجْلَسَهُ عَلَى مُتَّكَئِهِ وَقَالَ: مَا عَلَى الأَرْضِ أَحَدٌ أَحَقُّ بِهَذَا الْمَجْلِسِ مِنْ هَذَا إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ. قَالَ لَهُ خَبَّابٌ: مَنْ هُوَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: بِلالٌ. قَالَ فَقَالَ لَهُ خَبَّابٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا هُوَ بِأَحَقِّ مِنِّي. إِنَّ بِلالا كَانَ لَهُ فِي الْمُشْرِكِينَ مَنْ يَمْنَعُهُ اللَّهُ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِي أَحَدٌ يَمْنَعُنِي.
فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمًا أَخَذُونِي وَأَوْقَدُوا لِي نَارًا ثُمَّ سَلَقُونِي فِيهَا ثُمَّ وَضَعَ رَجُلٌ رِجْلَهُ عَلَى صَدْرِي فَمَا اتَّقَيْتُ الأَرْضَ. أَوْ قَالَ بَرْدَ الأَرْضِ. إِلا بِظَهْرِي. قَالَ ثُمَّ كَشَفَ عَنْ ظَهْرِهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ بَرِصَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ خَبَّابُ بْنُ الأَرَتِّ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَمَّتِهِ أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو وَخَبَّابَ بْنَ الأَرَتِّ لَمَّا هَاجَرَا إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلا عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهَدْمِ فَلَمْ يَبْرَحَا مَنْزِلَهُ حَتَّى تُوُفِّيَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَدْرٍ بِيَسِيرٍ. فَتَحَوَّلا فَنَزَلا عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَلَمْ يَزَالا عِنْدَهُ حَتَّى فُتِحَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ.
قَالُوا: وآخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ وَجَبْرِ بْنِ عَتِيكٍ. وَشَهِدَ خَبَّابٌ بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قال: أخبرنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ أَعُودُهُ وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعَ كَيَّاتٍ. قَالَ:
فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَوْلا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَتَمَنَّى الْمَوْتَ لأَلْفَانِي قَدْ تَمَنَّيْتُهُ. وَقَدْ أُتِيَ بِكَفَنِهِ قَبَاطِيُّ فَبَكَى ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّ حَمْزَةَ عم النبي.
ص. كُفِّنَ فِي بُرْدَةٍ فَإِذَا مُدَّتْ عَلَى قَدَمَيْهِ قَلَصَتْ عَنْ رَأْسِهِ وَإِذَا مُدَّتْ عَلَى رَأْسِهِ قَلَصَتْ عَنْ قَدَمَيْهِ حَتَّى جُعِلَ عَلَيْهِ إِذْخِرٌ. وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَمْلِكُ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وَإِنَّ فِي نَاحِيَةِ بَيْتِي فِي تَابُوتِي لأَرْبَعِينَ أَلْفٍ وَافٍ. وَلَقَدْ خَشِيتُ أَنْ تَكُونَ قَدْ عُجِّلَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنَا فِي حَيَاتِنَا الدُّنْيَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بن(3/123)
أَبِي حَازِمٍ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ نَعُودُهُ وَقَدِ اكْتَوَى فِي بَطْنِهِ سَبْعًا فَقَالَ: لَوْلا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قال: أخبرنا مسعر بْنُ كِدَامٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: عَادَ خَبَّابًا نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا أَبْشِرْ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. إِخْوَانُكَ تَقْدَمُ عَلَيْهِمْ غَدًا. فَبَكَى وَقَالَ عَلَيْهَا مِنْ حَالِي أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ بِي جَزَعٌ وَلَكِنْ ذَكَّرْتُمُونِي أَقْوَامًا وَسَمَّيْتُمُوهُمْ لِي إِخْوَانًا وَإِنَّ أُولَئِكَ مَضَوْا بِأُجُورِهِمْ كَمَا هِيَ. وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ ثَوَابَ مَا تَذْكُرُونَ مِنْ تِلْكَ الأَعْمَالِ مَا أُوتِينَا بَعْدَهُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَبَّابٍ: مَتَى مَاتَ أَبُوكَ؟ قَالَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَسَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ هُوَ أَوَّلُ مَنْ قَبَرَهُ عَلِيٌّ بِالْكُوفَةِ وَصَلَّى عَلَيْهِ مُنْصَرَفَهُ مِنْ صِفِّينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ النَّخَعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِكْرِمَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ الأَحْنَفِ النَّخَعِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْخَبَّابِ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يُدْفَنُونَ مَوْتَاهُمْ بِالْكُوفَةِ فِي جَبَابِينِهِمْ. فَلَمَّا ثَقُلَ خَبَّابٌ قَالَ لِي: أَيْ بُنَيَّ إِذَا أَنَا مُتُّ فَادْفِنِّي بِهَذَا الظَّهْرِ فَإِنَّكَ لَوْ قَدْ دَفَنْتَنِي بِالظَّهْرِ قِيلَ دُفِنَ بِالظَّهْرِ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَفَنَ النَّاسُ مَوْتَاهُمْ. فَلَمَّا مَاتَ خَبَّابٌ. رَحِمَهُ اللَّهُ. دُفِنَ بِالظَّهْرِ فَكَانَ أَوَّلُ مَدْفُونٍ بِظَهْرِ الْكُوفَةِ خَبَّابٌ.
44- ذُو الْيَدَيْنِ ويقال ذو الشمالين.
واسمه عمير بْن عَبْد عَمْرو بْن نضلة بْن عَمْرو بْن غبشان بْن سليم بْن مالك بْن أفصى بْن حارثة بْن عَمْرو بْن عامر بْن خزاعة. ويكنى أَبَا مُحَمَّد. وكان يعمل بيديه جميعًا فَقِيل ذو اليدين. وقدم عَبْد عَمْرو بْن نضلة إِلَى مكّة فعقد بينه وبين عَبْد بْن الْحَارِث بْن زهرة حلفًا فزوجه عَبْد ابنته نُعْم بِنْت عَبْد بْن الْحَارِث فولدت له عميرًا ذا الشمالين وريطة ابني عَبْد عَمْرو. وكانت ريطة تلقب مسخنة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن صالح عن عاصم بن
__________
44 المغازي (145) ، (155) .(3/124)
عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ ذُو الشِّمَالَيْنِ عُمَيْرُ بْنُ عَبْدِ عَمْرٍو مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ.
قالوا: وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عُمَيْرِ بْنِ عَبْدِ عَمْرٍو الْخُزَاعِيِّ وَبَيْنَ يَزِيدَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ فُسْحُمٍ وَقُتِلا جَمِيعًا بِبَدْرٍ. قَتَلَ ذَا الشِّمَالَيْنِ أَبُو أُسَامَةَ الْجُشَمِيُّ وَكَانَ عُمَيْرٌ ذُو الشِّمَالَيْنِ يَوْمَ قُتِلَ بِبَدْرٍ ابْنَ بِضْعٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنِي بِذَلِكَ مَشْيَخَةٌ مِنْ خُزَاعَةَ.
45- مَسْعُودُ بْنُ الرَّبِيعِ
بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى من القارة.
حليف بني عَبْد مناف بْن زهرة بْن كلاب. ويكنى أَبَا عمير. هكذا قَالَ أَبُو معشر ومحمد بْن عُمَر مَسْعُود بْن ربيع. وقال مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إِسْحَاق مَسْعُود بْن ربيعة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أسلم مَسْعُودُ بْنُ الرَّبِيعِ الْقَارِيُّ قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الأَرْقَمِ.
قَالَ: وآخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ مَسْعُودِ بْنِ الرَّبِيعِ الْقَارِيِّ وَبَيْنَ عُبَيْدِ بْنِ التَّيِّهَانِ.
قَالَ: وَذَكَرَ بَعْضُ مَنْ يَرْوِي الْعِلْمَ أَنَّهُ كَانَ لِمَسْعُودِ بْنِ الرَّبِيعِ أَخٌ يُقَالُ لَهُ عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ صَحِبَ النَّبِيَّ وَشَهِدَ بَدْرًا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَلَمْ أَرَ شُهُودَهُ بَدْرًا يَثْبُتَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالسِّيرَةِ.
وَشَهِدَ مَسْعُودُ بْنُ الرَّبِيعِ بَدْرًا وأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كلها مع رسول الله.
ص. وَمَاتَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَقَدْ زَادَ فِي سِنِّهِ عَلَى السِّتِّينَ وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ. ثَمَانِيَةُ نَفَرٍ.
وَمِنْ بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ
46- أبو بكر الصديق.
عليه السلام. واسمه عبد الله بن أبي قحافة.
__________
45 المغازي (24) ، (155) .
46 تهذيب الكمال (3418) ، وتهذيب التهذيب (5/ 315- 317) ، وتقريب التهذيب (1/ 432) ، وتذهيب التهذيب (2) ، ورقة (165) ، وتاريخ الدوري (2/ 319) ، وتاريخ خليفة (35) ، (55) ، (100- 122) ، وطبقات خليفة (17) ، وعلل ابن المديني (51) ، (61) ، (64) ، (65) ، وفضائل الصحابة لأحمد (1/ 65- 335) ، وعلل أحمد (1/ 235، 242، 264) ، والتاريخ الكبير (5/ 1) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 228، 230) ، وتاريخ أبي زرعة (107) ، (109) ، (149) ، (169) ، وتاريخ واسط (57) ، (58) ، وكنى الدولابي (1/ 118) ، والجرح والتعديل (5/ 508) ، وتاريخ الطبري (2/ 184، 185، 265، 279، 310، 314، 318) ، وحلية الأولياء (1/ 28- 38) ، والاستيعاب (3/ 963) ، وأسد الغابة (3/ 105) ، والكامل (1/ 479) ، (2/ 15) ، وابن خلكان (3/ 64، 71) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 3411) ، والعبر (1/ 12، 13، 15، 16) ، وغاية النهاية (1/ 431) ، والإصابة (2/ 4817) ، وخلاصة الخزرجي (2/ 3653) ، وحذف من نسب قريش (30) ، (69) ، (76) ، (79) ، (82) .(3/125)
وَاسْمُهُ عُثْمَان بْن عَامِرِ بْن عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بن مرة. وأمه أم الخير واسمها سلمى بنت صخر بْن عامر بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّة. وكان لأبي بَكْر من الولد عَبْد الله وأسماء ذات النطاقين وأمهما قُتَيْلَةُ بِنْت عَبْد الْعُزَّى بْن عَبْد أَسْعَدَ بْن نضر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. وعبد الرَّحْمَن وعائشة وأمهما أُمُّ رُومَانَ بِنْت عَامِرِ بْن عُوَيْمِرِ بْن عَبْد شَمْسِ بْن عَتَّابِ بْن أذينة بْن سبيع بْن دهمان بْن الْحَارِث بْن غنم بن مالك بن كنانة. ويقال بل هي أم رومان بنت عامر بن عميرة بن ذهل بْن دهمان بْن الْحَارِث بْن غنم بْن مالك بْن كنانة. ومحمد بْن أبي بَكْر وأمه أَسْمَاءُ بِنْت عُمَيْسِ بْن مَعْدِ بْن تَيْمِ بْن الْحَارِث بْن كعب بْن مالك بْن قحافة بْن عامر بْن مالك بْن نسر بن وهب الله بن شهران بن عفرس بن حلف بْن أفتل. وهو خثعم. وأم كلثوم بِنْت أبي بَكْر وأمها حبيبة بِنْت خارجة بْن زيد بن أبي زهير من بني الحارث بْن الخزرج.
وكانت بها نسأ فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْر ولدت بعده.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سُئِلَتْ: لِمَ سُمِّيَ أَبُو بَكْرٍ عَتِيقًا؟
فَقَالَتْ: نَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: هَذَا عَتِيقُ اللَّهِ مِنَ النَّارِ] .
قَالَ: وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَقَالَ: أَبُو قُحَافَةَ كَانَ اسْمُهُ عَتِيقًا. وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ غَيْرُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ قَالَ:
أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: أَرْسَلْتُ إِلَى ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَسْأَلُهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصديق ما(3/126)
كَانَ اسْمُهُ قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: كَانَ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ وَإِنَّمَا كَانَ عَتِيقٌ كَذَا وَكَذَا يَعْنِي لَقَبًا.
قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: اسْمُ أَبِي بَكْرٍ عَتِيقُ بْنُ عُثْمَانَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ مُوسَى الطَّلْحِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينِ قَالَتْ: إِنِّي [لَفِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ وَأَصْحَابِهِ فِي الْفِنَاءِ وَبَيْنِي وَبَيْنَهُمُ السِّتْرُ إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عَتِيقٍ مِنَ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا. قَالَتْ: وَإِنَّ اسْمَهُ الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ أَهْلُهُ لِعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَمْرٍو لَكِنْ غَلَبَ عَلَيْهِ عَتِيقٌ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو وَهْبٍ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ: قُلْتُ لِجِبْرِيلَ إِنَّ قَوْمِي لا يُصَدِّقُونَنِي. فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: يُصَدِّقُكَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ الصِّدِّيقُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ سَمَّيْتُمُوهُ الصِّدِّيقَ وَأَصَبْتُمُ اسْمَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ قَالَ:
إِنَّا نُعَاتِبُ لا أَبَا لَكَ عُصْبَةً ... عَلَقُوا الْفِرَى وَبَرَوْا مِنَ الصِّدِّيقِ
وَبَرَوْا سَفَاهًا مِنْ وَزِيرِ نَبِيِّهِمْ ... تَبًّا لِمَنْ يَبْرَا مِنَ الْفَارُوقِ
إِنِّي عَلَى رَغْمَ العداة لقائل ... دانى بدين الصادق المصدوق
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ يُسَمَّى الأَوَّاهُ لِرَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ عَنْ كَثِيرٍ النَّوَّاءِ عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا. ع. يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ أَلا إِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوَّاهٌ مُنِيبُ الْقَلْبِ. أَلا إِنَّ عُمَرَ نَاصَحَ الله فنصحه.](3/127)
ذِكْرُ إِسْلامِ أَبِي بَكْرٍ. رَحِمَهُ اللَّهُ:
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّوْسِيِّ عَنْ أَبِي أَرْوَى الدَّوْسِيِّ قَالُوا: أَوَّلُ مَنْ أسلم أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءِ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: أَسْلَمَ أَبِي أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ وَلا وَاللَّهِ مَا عَقَلْتُ أَبِي إِلا وَهُوَ يَدِينُ الدين.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا عَقَلْتُ أَبَوَيَّ إِلا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ وَمَا مَرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ قَطُّ إِلا وَرَسُولُ اللَّهِ يَأْتِينَا فِيهِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِبِلالٍ: مَنْ سَبَقَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قَالَ: مَنْ صَلَّى؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ. قَالَ: قَالَ الرَّجُلُ إِنَّمَا أَعْنِي فِي الْخَيْلِ. قَالَ بِلالٌ: وَأَنَا إِنَّمَا أَعْنِي فِي الْخَيْرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ يَوْمَ أَسْلَمَ وَلَهُ أَرْبَعُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعْرُوفًا بِالتِّجَارَةِ. لَقَدْ بُعِثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِنْدَهُ أَرْبَعُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَكَانَ يُعْتِقُ مِنْهَا وَيُقَوِّي الْمُسْلِمِينَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ بِخَمْسَةِ آلافِ دِرْهَمٍ ثُمَّ كَانَ يَفْعَلُ فِيهَا مَا كَانَ يَفْعَلُ بِمَكَّةَ.
ذِكْرُ الْغَارِ وَالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ:
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ(3/128)
عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ لأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: قَدْ أُمِرْتُ بِالْخُرُوجِ. يَعْنِي الْهِجْرَةَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الصُّحْبَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: لَكَ الصُّحْبَةُ. قال: فخرجنا حَتَّى أَتَيَا ثَوْرًا فَاخْتَبَيَا فِيهِ فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ يَأْتِيهُمَا بِخَبَرِ أَهْلِ مَكَّةَ بِاللَّيْلِ ثُمَّ يُصْبِحُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ كَأَنَّهُ بَاتَ بِهَا. وَكَانَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ يَرْعَى غَنَمًا لأَبِي بَكْرٍ فَكَانَ يُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا فَيَشْرَبَانِ مِنَ اللَّبَنِ. وَكَانَتْ أَسْمَاءُ تَجْعَلُ لَهُمَا طَعَامًا فَتَبْعَثُ بِهِ إِلَيْهِمَا فَجَعَلَتْ طَعَامًا فِي سَفْرَةٍ فَلَمْ تَجِدْ شَيْئًا تَرْبِطُهَا بِهِ فَقَطَعَتْ نِطَاقِهَا فَرَبَطَتْهَا بِهِ فَسُمِّيَتْ ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ. قَالَ ثُمَّ قال رسول الله. ص: إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ بِالْهِجْرَةِ] . وَكَانَ لأَبِي بَكْرٍ بَعِيرٌ. وَاشْتَرَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - بعيرا آخر فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعِيرًا وركب أبو بكر بعيرا وركب آخَرَ فِيمَا يَعْلَمُ حَمَّادٌ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بعيرا. فكان رسول الله.
ص. عَلَى بَعِيرِ أَبِي بَكْرٍ. وَيَتَحَوَّلُ أَبُو بَكْرٍ إِلَى بَعِيرِ عَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ. وَيَتَحَوَّلُ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ إِلَى بَعِيرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَاسْتَقْبَلَتْهُمَا هَدِيَّةٌ مِنَ الشَّامِ مِنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فِيهَا ثِيَابُ بَيَاضٌ مِنْ ثِيَابِ الشام فلبساها فدخلا المدينة في ثياب بياض.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أن عبد الله بْنَ أَبِي بَكْرٍ كَانَ الَّذِي يَخْتَلِفُ بِالطَّعَامِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَهُمَا فِي الْغَارِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي معمر عن الزهري عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ خُرُوجُ أَبِي بَكْرٍ لِلْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَمَعَهُمَا دَلِيلٌ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُرَيْقِطٍ الدِّيلِيُّ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْكُفْرِ وَلَكِنَّهُمَا أَمِنَاهُ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَهُ قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ فِي الْغَارِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَنْظُرُ إِلَى قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ. قَالَ فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا؟] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَطُوفِ الْجَزَرِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ:
[قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: هَلْ قُلْتَ فِي أَبِي بَكْرٍ شَيْئًا؟ فَقَالَ: نَعَمْ.
فَقَالَ: قُلْ وَأَنَا أَسْمَعُ. فَقَالَ:
وَثَانِيَ اثْنَيْنِ فِي الْغَارِ الْمُنِيفِ وَقَدْ ... طَافَ الْعَدُوُّ بِهِ إِذْ صَعِدَ الْجَبَلا
وَكَانَ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ قَدْ عَلِمُوا ... مِنَ الْبَرِيَّةِ لَمْ يَعْدِلْ بِهِ رَجُلا(3/129)
قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ: صَدَقْتَ يَا حَسَّانُ هُوَ كَمَا قُلْتَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطِيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى حَبِيبِ بْنِ يَسَافٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: نَزَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: نَزَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ وَتَزَوَّجَ ابْنَتَهُ وَلَمْ يَزَلْ فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ بِالسُّنْحِ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أبي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا آخَى بَيْنَ أَصْحَابِهِ آخَى بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي وَائِلُ بْنُ دَاوُدَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَرَآهُمَا يَوْمًا مُقْبِلَيْنَ فَقَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ لَسَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ كُهُولِهِمْ وَشَبَابِهِمْ إِلا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَأَقْبَلا. أَحَدُهُمَا آخِذٌ بِيَدِ صَاحِبِهِ.
فَقَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى سَيِّدَيْ كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ إِلا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَيْنِ الْمُقْبِلَيْنِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: لَمَّا أَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدُّورَ بِالْمَدِينَةِ جَعَلَ لأَبِي بَكْرٍ مَوْضِعَ دَارِهِ عِنْدَ الْمَسْجِدِ وَهِيَ الدَّارُ الَّتِي صَارَتْ لآلِ معمر.(3/130)
قَالُوا: وَشَهِدَ أَبُو بَكْرٍ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَايَتَهُ الْعُظْمَى يَوْمَ تَبُوكَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَكَانَتْ سَوْدَاءَ وَأَطْعَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ مِائَةَ وَسْقٍ. وَكَانَ فِي مَنْ ثَبَتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم أحد حين وَلَّى النَّاسُ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ إِلَى نَجْدٍ وأمره علينا فَبَيَّتْنَا نَاسًا مِنْ هَوَازِنٍ فَقَتَلْتُ بِيَدَيَّ سَبْعَةَ أَهْلَ أَبْيَاتٍ. وَكَانَ شِعَارُنَا أَمِتْ أَمِتْ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مِسْعَرٌ عَنْ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قِيلَ لِعَلِيٍّ وَلأَبِي بَكْرٍ يَوْمَ بَدْرٍ: مَعَ أَحَدِكُمَا جِبْرِيلُ وَمَعَ الآخَرِ مِيكَائِيلُ.
وَإِسْرَافِيلُ مَلَكٌ عَظِيمٌ يَشْهَدُ الْقِتَالَ. أَوْ قَالَ يَشْهَدُ الصَّفَّ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ النبي إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خَلِيلٍ مِنْ خُلَّتِهِ غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ قَدِ اتَّخَذَ صَاحِبَكُمْ خَلِيلا. يَعْنِي نَفْسَهُ. وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلا لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلا] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلا مِنْ أُمَّتِي لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا جُنْدُبٌ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلا مِنْ أُمَّتِي لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلا] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بن سلمة عن الْجُرَيْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟
قَالَ: عَائِشَةُ. قُلْتُ: إِنَّمَا أَعْنِي مِنَ الرِّجَالِ. قَالَ: أَبُوهَا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ أَغْيَرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أبو بكر.(3/131)
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَزَالُ أُرَانِي أَطَأُ فِي عَذِرَاتِ النَّاسِ. قَالَ:
لَتَكُونَنَّ مِنَ النَّاسِ بِسَبِيلٍ. قَالَ: وَرَأَيْتُ فِيَ صَدْرِي كَالرَّقْمَتَيْنِ. قَالَ: سَنَتَيْنِ.
قَالَ: وَرَأَيْتُ عَلَيَّ حُلَّةً حِبَرَةً. قَالَ: وَلَدٌ تُحْبَرُ بِهِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءٌ أن النبي.
ص. لَمْ يَحُجَّ عَامَ الْفَتْحِ وَأَنَّهُ أَمَّرَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَلَى الْحَجِّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: أخبرنا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ عَلَى الْحَجِّ فِي أَوَّلِ حَجَّةٍ كَانَتْ فِي الإِسْلامِ. ثُمَّ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ فِي السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ. فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ اسْتَعْمَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَى الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ مِنْ قَابِلٍ. فَلَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ وَاسْتُخْلِفَ عُمَرُ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ عَلَى الْحَجِّ. ثُمَّ لَمْ يَزَلْ عُمَرُ يَحُجُّ سِنِيهُ كُلَّهَا حَتَّى قُبِضَ فَاسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ فَاسْتَعْمَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ عَلَى الْحَجِّ.
[قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عن مُبَشِّرٍ السَّعْدِيِّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُؤْيَا فَقَصَّهَا عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ رَأَيْتُ كَأَنِّي اسْتَبَقْتُ أَنَا وَأَنْتَ دَرَجَةً فَسَبَقْتُكَ بِمِرْقَاتَيْنِ وَنِصْفٍ. قَالَ: خَيْرٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ. يُبْقِيكَ اللَّهُ حَتَّى تَرَى مَا يَسُرُّكَ وَيُقِرَّ عَيْنَكَ. قَالَ: فَأَعَادَ عَلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ وَأَعَادَ عَلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ فِي الثَّالِثَةِ: يَا أَبَا بَكْرٍ رَأَيْتُ كَأَنِّي اسْتَبَقْتُ أَنَا وَأَنْتَ دَرَجَةً فَسَبَقْتُكَ بِمِرْقَاتَيْنِ وَنِصْفٍ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَقْبِضُكَ اللَّهُ إلى رَحْمَتِهِ وَمَغْفِرَتِهِ وَأَعِيشُ بَعْدَكَ سَنَتَيْنِ وَنِصْفًا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ عَنْبَسَةَ الْخَزَّازُ الْوَاسِطِيُّ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي صَدَقَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بعد النبي ص أَهْيَبَ لِمَا لا يُعْلَمُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ. وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ أَهْيَبَ لِمَا لا يُعْلَمُ مِنْ عُمَرَ. وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ نَزَلَتْ بِهِ قَضِيَّةٌ لَمْ نَجِدْ لَهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ أَصْلا وَلا فِي السُّنَّةِ أَثَرًا فَقَالَ أَجْتَهِدُ رَأْيِي فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنَ اللَّهِ وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنِّي وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عن ابْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسْأَلُهُ شَيْئًا فَقَالَ لَهَا: ارْجِعِي(3/132)
إِلَيَّ. فَقَالَتْ: فَإِنْ رَجَعْتُ فَلَمْ أَجِدْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ تُعَرِّضُ بِالْمَوْتِ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ الله. ص: فَإِنْ رَجَعْتِ وَلَمْ تَجِدِينِي فَالْقَيْ أَبَا بَكْرٍ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالا: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ امْرَأَةً أتت النبي.
ص. في شيء فقال لها رسول الله. ص: ارْجِعِي إِلَيَّ. قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ أَرَكَ. تَعْنِي الْمَوْتَ. فَإِلَى مَنْ؟ قَالَ: إِلَى أَبِي بَكْرٍ] .
ذِكْرُ الصَّلاةِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - أَبَا بَكْرٍ عِنْدَ وَفَاتِهِ:
[قَالَ: أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاشْتَدَّ وَجَعُهُ فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ وَإِنَّهُ إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يَكَدْ يُسْمِعُ النَّاسَ. قَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتِ الأَنْصَارُ: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ. قَالَ فَأَتَاهُمْ عُمَرُ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ؟
قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ؟ قَالُوا: نَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ نَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَ بِلالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاةِ فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ. قَالَتْ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ لا يُسْمِعُ النَّاسَ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ. قَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ. فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ: قُولِي لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ وَإِنَّهُ مَتَى مَا يَقُمْ مَقَامَكَ لا يُسْمِعُ النَّاسَ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ. قَالَ فَقَالَتْ لَهُ حَفْصَةُ. فَقَالَ: إِنَّكُنَّ لأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ. مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ] . فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ: مَا كُنْتُ لأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا. قَالَتْ فَأَمَرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ. فَلَمَّا دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فِي الصَّلاةَ وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من نَفْسِهِ خِفَّةً فَقَامَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَرِجْلاهُ تَخُطَّانِ فِي الأَرْضِ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ. فَلَمَّا(3/133)
سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُمْ كَمَا أَنْتَ. قَالَتْ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ وَالنَّاسُ يَقْتَدُونَ بِصَلاةِ أَبِي بَكْرٍ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ فَأْمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ. قَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ قُولِي لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ فَأْمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ. فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: إِنَّكُنَّ لأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ. مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ] . فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ: مَا كُنْتُ لأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قال: أخبرنا أبو إِسْرَائِيلَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيِّ قَالَ: صَلَّى أَبُو بَكْرٍ بِالنَّاسِ ثَلاثًا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ادْعِي لِي أَبَاكِ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ لأَبِي بَكْرٍ كِتَابًا فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ وَيَتَمَنَّى وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلا أَبَا بَكْرٍ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: ائْتِنِي بِكَتِفٍ حَتَّى أَكْتُبَ لأَبِي بَكْرٍ كِتَابًا لا يُخْتَلَفُ عَلَيْهِ. فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَيَقُومَ فَقَالَ: اجْلِسْ. أَبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ أَنْ يُخْتَلَفَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ الْجُعْفِيُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ. وَقَالَ عَفَّانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. قَالَ: [قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ لَمَّا مَرِضَ ادْعُوا لِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَكْتُبْ لأَبِي بَكْرٍ كِتَابًا لا يَخْتَلِفُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ بَعْدِي. وَقَالَ عَفَّانُ لا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ. ثُمَّ قَالَ: دَعِيهِ. مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَخْتَلِفَ الْمُؤْمِنُونَ فِي أَبِي بَكْرٍ] .(3/134)
قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَيْسٍ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ وَسُئِلَتْ: يا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ مُسْتَخْلِفًا لَوِ اسْتَخْلَفَ؟ قَالَتْ: أَبَا بَكْرٍ. ثُمَّ قِيلَ لَهَا: مِنْ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ؟ قَالَتْ: عُمَرُ. ثُمَّ قِيلَ لَهَا:
مِنْ بَعْدَ عُمَرَ؟ قَالَتْ: أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ. قَالَ ثُمَّ انْتَهَتْ إِلَى ذَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَكَانَ إِذَا وَجَدَ خِفَّةً صَلَّى وَإِذَا ثَقُلَ صَلَّى أَبُو بَكْرٍ.
ذِكْرُ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ:
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى عُمَرُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فَقَالَ: ابْسُطْ يَدَكَ فَلأُبَايِعْكَ فَإِنَّكَ أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ. فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ لِعُمَرَ: مَا رَأَيْتُ لَكَ فَهَّةً قَبْلَهَا مُنْذُ أَسْلَمْتُ. أَتُبَايِعُنِي وَفِيكُمُ الصِّدِّيقُ وَثَانِيَ اثْنَيْنِ؟
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - أتوا أبا عبيدة قال: أَتَأْتُونِي وَفِيكُمْ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ؟
قَالَ أَبُو عَوْنٍ: قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ مَا ثَالِثُ ثَلاثَةٍ؟ قَالَ: أَلَمْ تر تِلْكَ الآيَةِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا؟ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ. وَذَكَرَ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: وَلَيْسَ فِيكُمْ مَنْ تُقْطَعَ إِلَيْهِ الأَعْنَاقُ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ قَالَ: لَمَّا أَبْطَأَ النَّاسُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: مَنْ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنِّي؟ أَلَسْتُ أَوَّلُ مَنْ صَلَّى؟ أَلَسْتُ أَلَسْتُ؟ قَالَ فَذَكَرَ خِصَالا فَعَلَهَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا تُوُفِّيَ اجْتَمَعَتِ الأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ. قَالَ: فَقَامَ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَكَانَ بَدْرِيًّا فَقَالَ: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ فَإِنَّا وَاللَّهِ مَا نَنْفَسُ هَذَا الأَمْرَ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ وَلَكِنَّا نخاف(3/135)
أَنْ يَلِيَهَا. أَوْ قَالَ يَلِيَهُ. أَقْوَامٌ قَتَلْنَا آبَاءَهُمْ وَإِخْوَتَهُمْ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَمُتْ إِنِ اسْتَطَعْتَ. فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: نَحْنُ الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ وَهَذَا الأَمْرُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ نِصْفَيْنِ كَقَدِّ الأُبْلُمَةَ. يَعْنِي الْخُوصَةَ. فَبَايَعَ أَوَّلُ النَّاسِ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ أَبُو النُّعْمَانِ. قَالَ: فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ قَسَمَ بَيْنَ النَّاسِ قَسْمًا فَبَعَثَ إِلَى عَجُوزٍ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ بِقِسْمِهِا مَعَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَقَالَتْ: مَا هَذَا؟ قَالَ: قِسْمٌ قَسَمَهُ أَبُو بَكْرٍ لِلنِّسَاءِ. فَقَالَتْ: أَتُرَاشُونِي عَنْ دِينِي؟ فَقَالُوا: لا. فَقَالَتْ: أَتَخَافُونَ أَنْ أَدَعَ مَا أَنَا عَلَيْهِ؟ فَقَالُوا: لا. قالت: فو الله لا آخُذُ مِنْهُ شَيْئًا أَبَدًا. فَرَجَعَ زَيْدٌ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَتْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَنَحْنُ لا نَأْخُذُ مِمَّا أَعْطَيْنَاهَا شَيْئًا أَبَدًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَظُنُّهُ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: لَمَّا وَلِيَ أَبُو بَكْرٍ خَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ وَلِيتُ أَمْرَكُمْ وَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ وَلَكِنْ نَزَلَ الْقُرْآنُ وَسَنَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السُّنَنَ فَعَلَّمَنَا فَعَلِمْنَا. اعْلَمُوا أَنَّ أَكْيَسَ الْكَيْسِ التَّقْوَى وَأَنَّ أَحْمَقَ الْحُمْقَ الْفُجُورَ. وَأَنَّ أَقْوَاكُمْ عِنْدِيَ الضَّعِيفُ حَتَّى آخِذَ لَهُ بِحَقِّهِ وَأَنَّ أَضْعَفَكُمْ عِنْدِيَ الْقَوِيُّ حَتَّى آخِذَ مِنْهُ الْحَقَّ. أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا مُتَّبِعٌ وَلَسْتُ بِمُبْتَدِعٍ. فَإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي وَإِنْ زُغْتُ فَقَوِّمُونِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَشُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ قَالا: أَخْبَرَنَا مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بن أبي أوفى أوصى رسول الله. ص؟ قَالَ: لا.
قُلْتُ: فَكَيْفَ كَتَبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةَ وَأُمِرُوا بِهَا؟ قَالَ: أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ. قَالَ:
وَقَالَ هُذَيْلٌ: أَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَتَأَمَّرُ عَلَى وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ؟ لَوَدَّ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ وَجَدَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقْدًا فَخَزَمَ أَنْفَهُ بِخِزَامَةٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَظَرْنَا فِي أَمْرِنَا فَوَجَدْنَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ فِي الصَّلاةِ فَرَضِينَا لِدُنْيَانَا مَنْ رَضِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِدِينِنَا فَقَدَّمْنَا أَبَا بَكْرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الأَرْقَمِ بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا جَاءَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي مَرَضِهِ أَخَذَ مِنْ حَيْثُ كَانَ بَلَغَ أَبُو بَكْرٍ مِنَ القراءة.(3/136)
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لأَبِي بَكْرٍ: يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ. فقال: لست بخليفة الله ولكني خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ. أَنَا رَاضٍ بِذَلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ الْمَكِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ ابْنِ صَيَّادٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ارْتَجَّتْ مَكَّةُ فَقَالَ أَبُو قُحَافَةَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: فَمَنْ وَلِيَ النَّاسَ بَعْدَهُ؟ قَالُوا: ابْنُكَ. قَالَ: أَرَضِيَتْ بِذَلِكَ بَنُو عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنُو الْمُغِيرَةِ؟
قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنَّهُ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى اللَّهُ وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ اللَّهُ. قَالَ: ثُمَّ ارْتَجَّتْ مَكَّةُ بِرَجَّةٍ هِيَ دُونَ الأُولَى فَقَالَ أَبُو قُحَافَةَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: ابْنُكَ مَاتَ. فَقَالَ أَبُو قُحَافَةَ: هَذَا خَبَرٌ جَلِيلٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ الدَّسْتُوَائِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ أَصْبَحَ غَادِيًا إِلَى السُّوقِ وَعَلَى رَقَبَتِهِ أَثْوَابٌ يَتَّجِرُ بِهَا فَلَقِيَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَقَالا لَهُ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ: السُّوقَ. قَالا: تَصْنَعُ مَاذَا وَقَدْ وُلِّيتَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: فَمِنْ أَيْنَ أُطْعِمُ عِيَالِي؟ قَالا لَهُ: انْطَلِقْ حَتَّى نَفْرِضَ لَكَ شَيْئًا. فَانْطَلَقَ مَعَهُمَا فَفَرَضُوا لَهُ كُلَّ يَوْمٍ شَطْرَ شَاةٍ وماكسوه فِي الرَّأْسِ وَالْبَطْنِ. فَقَالَ عُمَرُ: إِلَيَّ الْقَضَاءُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَإِلَيَّ الْفَيْءُ. قَالَ عُمَرُ: فَلَقَدْ كَانَ يَأْتِي عَلَيَّ الشَّهْرُ مَا يَخْتَصِمُ إِلَيَّ فِيهِ اثْنَانِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ رَجُلا رَأَى عَلَى عُنُقِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَبَاءَةً فَقَالَ: مَا هَذَا؟
هَاتِهَا أَكْفِيكَهَا. فَقَالَ: إِلَيْكَ عَنِّي لا تَغُرَّنِي أَنْتَ وَابْنُ الْخَطَّابِ مِنْ عِيَالِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ قَالَ: لَمَّا وَلِيَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ: افْرِضُوا لِخَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ مَا يُغْنِيهِ.
قَالُوا: نَعَمْ. بُرْدَاهُ إِذَا أَخْلَقَهُمَا وَضَعَهُمَا وَأَخَذَ مِثْلَهُمَا وَظَهْرُهُ إِذَا سَافَرَ وَنَفَقَتُهُ عَلَى أَهْلِهِ كَمَا كَانَ يُنْفِقُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَخْلَفَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: رَضِيتُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا اسْتُخْلِفَ رَاحَ إِلَى السُّوقِ يَحْمِلُ أَبْرَادًا لَهُ وَقَالَ: لا تَغُرُّونِي مِنْ عِيَالِي.(3/137)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا وَلِيَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: قَدْ عَلِمَ قَوْمِي أَنَّ حِرْفَتِيَ لَمْ تَكُنْ لِتَعْجَزَ عن مؤونة أَهْلِي وَقَدْ شُغِلْتُ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ وَسَأَحْتَرِفُ لِلْمُسْلِمِينَ فِي مَالِهِمْ وَسَيَأْكُلُ آلُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لما أستخلف أبو بكر جعلوا له ألفين فقال: زيدوني فإن لي عيالاً وقد شغلتموني عن التجارة. قال فزادوه خمسمائة. قال: إما أن تكون ألفين فزادوه خمسمائة أو كانت ألفين وخمسمائة فزادوه خمسمائة.
ذكر بيعة أبي بكر. رحمه اللَّهِ:
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَبِيحَةَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي وَجْزَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَغَيْرُ هَؤُلاءِ أَيْضًا قَدْ حَدَّثَنِي بِبَعْضِهِ فَدَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. قَالُوا: بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَوْمَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الاثْنَيْنِ لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنْ مُهَاجَرِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَكَانَ مَنْزِلَهُ بِالسُّنْحِ عِنْدَ زَوْجَتِهِ حَبِيبَةَ بِنْتِ خَارِجَةَ بْنِ زيد بن أبي زهير من بني الحارث بْنِ الْخَزْرَجِ. وَكَانَ قَدْ حَجَّرَ عَلَيْهِ حُجْرَةً مِنْ شَعْرٍ فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تَحَوَّلَ إِلَى مَنْزِلِهِ بِالْمَدِينَةِ فَأَقَامَ هُنَاكَ بِالسُّنْحِ بعد ما بُويِعَ لَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَغْدُو عَلَى رِجْلَيْهِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَرُبَّمَا رَكِبَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ وَرِدَاءٌ مُمَشَّقٌ فَيُوافِي الْمَدِينَةَ فَيُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِالنَّاسِ فَإِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ بِالسُّنْحِ. فَكَانَ إِذَا حَضَرَ صَلَّى بِالنَّاسِ وَإِذَا لَمْ يَحْضُرْ صَلَّى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. وَكَانَ يُقِيمُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي صَدْرِ النَّهَارِ بِالسُّنْحِ يَصْبُغُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ ثُمَّ يَرُوحُ لِقَدَرِ الْجُمُعَةِ فَيُجَمِّعُ بِالنَّاسِ. وَكَانَ رَجُلا تَاجِرًا فَكَانَ يَغْدُو كُلَّ يَوْمٍ السُّوقَ فَيَبِيعَ وَيَبْتَاعَ. وَكَانَتْ لَهُ قِطْعَةُ غَنْمٍ تَرُوحُ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا خَرَجَ هُوَ نَفْسُهُ فِيهَا وَرُبَّمَا كُفِيَهَا فَرُعِيَتْ لَهُ. وَكَانَ يَحْلُبُ لِلْحَيِّ أَغْنَامَهُمْ. فَلَمَّا بُويِعَ لَهُ بِالْخِلافَةِ قَالَتْ جَارِيَةٌ مِنَ الْحَيِّ: الآنَ لا تُحْلَبِ لَنَا مَنَائِحَ دَارِنَا. فَسَمِعَهَا أَبُو بَكْرٍ(3/138)
فَقَالَ: بَلَى لَعَمْرِي لأَحْلُبَنَّهَا لَكُمْ وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ لا يُغَيِّرُنِي مَا دَخَلْتُ فِيهِ عَنْ خُلُقٍ كُنْتُ عَلَيْهِ. فَكَانَ يَحْلُبُ لَهُمْ فَرُبَّمَا قَالَ لِلْجَارِيَةِ مِنَ الْحَيِّ: يَا جَارِيَةُ أَتُحِبِّينَ أَنْ أُرْغِيَ لَكِ أَوْ أُصَرِّحَ؟ فَرُبَّمَا قَالَتْ: أَرْغِ. وَرُبَّمَا قَالَتْ: صَرِّحْ. فَأَيُّ ذَلِكَ قَالَتْ فَعَلَ.
فَمَكَثَ كَذَلِكَ بِالسُّنْحِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَقَامَ بِهَا وَنَظَرَ فِي أَمَرِهِ فَقَالَ: لا وَاللَّهِ مَا يُصْلِحُ أَمْرَ النَّاسِ التِّجَارَةُ وَمَا يَصْلُحُ لَهُمْ إِلا التَّفَرُّغُ وَالنَّظَرُ فِي شَأْنِهِمْ وَمَا بُدٌّ لِعِيَالِي مِمَّا يُصْلِحُهُمْ. فَتَرَكَ التِّجَارَةَ وَاسْتَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ مَا يُصْلِحُهُ وَيُصْلِحُ عِيَالَهُ يَوْمًا بِيَوْمٍ وَيَحُجُّ وَيَعْتَمِرُ. وَكَانَ الَّذِي فَرَضُوا لَهُ كُلَّ سَنَةٍ سِتَّةَ آلافِ دِرْهَمٍ. فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: رُدُّوا مَا عِنْدَنَا مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنِّي لا أُصِيبُ مِنْ هَذَا الْمَالِ شَيْئًا. وَإِنَّ أَرْضِيَ الَّتِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا لِلْمُسْلِمِينَ بِمَا أَصَبْتُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ. فَدُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ وَلَقُوحٌ وَعَبْدٌ صَيْقَلٌ وَقَطِيفَةٌ مَا يُسَاوِي خَمْسَةَ دَرَاهِمٍ فَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ.
قَالُوا: وَاسْتَعْمَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الْحَجِّ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ. ثُمَّ اعْتَمَرَ أَبُو بَكْرٍ فِي رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فَدَخَلَ مَكَّةَ ضَحْوَةً فَأَتَى مَنْزِلَهُ وَأَبُو قُحَافَةَ جَالِسٌ عَلَى بَابِ دَارِهِ مَعَهُ فِتْيَانٌ أَحْدَاثٌ يُحَدِّثُهُمْ إِلَى أَنْ قِيلَ لَهُ هَذَا ابْنُكَ. فَنَهَضَ قَائِمًا وَعَجَّلَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُنِيخَ رَاحِلَتَهُ فَنَزَلَ عَنْهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا أَبَتِ لا تَقُمْ. ثُمَّ لاقَاهُ فَالْتَزَمَهُ وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْ أَبِي قُحَافَةَ وَجَعَلَ الشَّيْخُ يَبْكِي فَرَحًا بِقُدُومِهِ.
وَجَاءَ إِلَى مَكَّةَ عَتَّابُ بْنُ أُسَيْدٍ وَسُهَيْلُ بْن عَمْرو وَعِكْرِمَةُ بْن أَبِي جَهْلٍ وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ: سلام عليك يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ سَلَّمُوا عَلَى أَبِي قُحَافَةَ فَقَالَ أَبُو قُحَافَةَ: يَا عَتِيقُ هَؤُلاءِ الْمَلأُ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمْ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا أَبَتِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ! طُوِّقْتُ عَظِيمًا مِنَ الأَمْرِ لا قُوَّةَ لِي بِهِ وَلا يَدَانِ إِلا بِاللَّهِ. ثُمَّ دَخَلَ فَاغْتَسَلَ وَخَرَجَ وَتَبِعَهُ أَصْحَابُهُ فَنَحَّاهُمْ ثُمَّ قَالَ: امْشُوا عَلَى رِسْلِكُمْ. وَلَقِيَهُ النَّاسُ يَتَمَشَّوْنَ فِي وَجْهِهِ وَيُعَزُّونَهُ بِنَبِيِّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَبْكِي حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْبَيْتِ فَاضْطَبَعَ بِرِدَائِهِ ثُمَّ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ ثُمَّ طَافَ سَبْعًا وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ. فَلَمَّا كَانَ الظُّهْرُ خَرَجَ فَطَافَ أَيْضًا بِالْبَيْتِ. ثُمَّ جَلَسَ قَرِيبًا مِنْ دَارِ النَّدْوَةِ فَقَالَ: هَلْ مِنْ أَحَدٍ يَتَشَكَّى مِنْ ظُلامَةٍ أَوْ يَطْلُبُ حَقًّا؟ فَمَا أَتَاهُ أَحَدٌ وَأَثْنَى النَّاسُ عَلَى وَالِيهِمْ خَيْرًا. ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ وَجَلَسَ فَوَدَّعَهُ النَّاسُ. ثُمَّ خَرَجَ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ. فَلَمَّا كَانَ وَقْتَ الْحَجِّ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ بِالنَّاسِ تِلْكَ السَّنَةَ وَأَفْرَدَ الْحَجَّ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ.(3/139)
ذِكْرُ صِفَةِ أَبِي بَكْرٍ:
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَكَانَ رَجُلا نَحِيفًا خَفِيفَ اللَّحْمِ أَبْيَضَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا نَظَرَتْ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ مَارًّا وَهِيَ فِي هَوْدَجِهَا فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَشْبَهَ بِأَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا. فَقُلْنَا: صِفِي لَنَا أَبَا بَكْرٍ. فَقَالَتْ: رَجُلٌ أَبْيَضُ. نَحِيفٌ. خَفِيفُ الْعَارِضَيْنِ. أَجْنَأُ لا يَسْتَمْسِكُ إِزَارَهُ يَسْتَرْخِي عَنْ حَقْوَتِهِ. مَعْرُوقُ الْوَجْهِ. غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ. نَاتِئُ الْجَبْهَةِ. عَارِي الأَشَاجِعِ.
هَذِهِ صِفَتُهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابن أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمٍ يَذْكُرُ هَذِهِ الصِّفَةَ بِعَيْنِهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: مَرَرْتُ بِأَبِي بَكْرٍ وَهُوَ خَلِيفَةٌ يَوْمَئِذٍ وَلِحْيَتُهُ حَمْرَاءُ قَانِيَةٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنْ أَبِي عَوْنٍ عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلاسِلِ كَأَنَّ لِحْيَتَهُ لُهَابِ الْعَرْفَجِ. شَيْخًا خَفِيفًا أَبْيَضَ. عَلَى نَاقَةٍ لَهُ أَدْمَاءَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَأَنَّهُمَا جَمْرُ الْغَضَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ. وَكَانَ جَلِيسًا لَهُمْ. كَانَ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ فَغَدَا عَلَيْهِمْ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ حَمَّرَهَا فَقَالَ لَهُ القوم: هذا أحسن. فقال: إِنَّ أُمِّي عَائِشَةُ أَرْسَلَتْ إِلَيَّ الْبَارِحَةَ جَارِيَتَهَا نُخَيْلَةَ فَأَقْسَمَتْ عَلَيَّ لأَصْبُغَنَّ وَأَخْبَرَتْنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَصْبُغُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ(3/140)
مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ صَبَغَ أَبُو بَكْرٍ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْحَارِثِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ وَذُكِرَ عِنْدَهَا رَجُلٌ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ فَقَالَتْ إِنْ يَخْضِبْ فَقَدْ خَضَبَ أَبُو بَكْرٍ قَبْلَهُ بِالْحِنَّاءِ.
قَالَ الْقَاسِمُ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ خَضَبَ لَبَدَأْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ فَذَكَرَتْهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ قَالَ: سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَخَضَبَ رَسُولُ اللَّهِ؟ فَقَالَ: لَمْ يَشِنْهُ الشَّيْبُ وَلَكِنْ خَضَبَ أَبُو بَكْرٍ بِالْحِنَّاءِ وَخَضَبَ عُمَرُ بِالْحِنَّاءِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
خَضَبَ أَبُو بَكْرٍ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ:
سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَخْتَضِبُ أَبُو بَكْرٍ؟ قَالَ: بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ:
قُلْتُ فَعُمَرُ؟ قال: بالحناء. قال: قلت فالنبي. ص؟ قَالَ: لَمْ يُدْرِكْ ذَاكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خضب أَبُو بَكْرٍ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَصْبُغُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي خَيْثَمٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ قَدْ خَضَبَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: سَأَلْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَخْضِبُ؟ قَالَ: نَعَمْ قَدْ كَانَ يُغَيِّرُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ قَالَ:(3/141)
جَلَسْتُ إِلَى أَشْيَاخٍ مِنَ الأَنْصَارِ بِمَكَّةَ فَسَأَلَهُمْ عُبَيْدُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ أَكَانَ عُمَرُ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ؟ فَقَالُوا: أَخْبَرَنَا فُلانٌ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُبَيْلٍ الْبَجَلِيِّ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ وَكَأَنَّ لِحْيَتَهُ ضِرَامُ عَرْفَجٍ مِنْ شِدَّةَ الْحُمْرَةِ مِنَ الْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ عَنْ رَجُلٍ أَظُنُّهُ قَالَ مِنْ قَوْمِهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَضَبَ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ وَسَّاجٍ حدثه عن أنس خادم النبي.
ص. قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة وليس في أصحابه غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ فَغَلَّفَهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيِّرُوا وَلا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ. قَالَ: فَصَبَغَ أَبُو بَكْرٍ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. وَصَبَغَ عُمَرُ فَاشْتَدَّ صَبْغُهُ. وصفر عثمان ابن عفان. قال: فقيل لنافع بن جبير: فالنبي. ص؟ قَالَ: كَانَ يَمَسُّ السِّدْرَ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مِنْ أَجْمَلِ مَا تُجَمِّلُونَ بِهِ الْحِنَّاءُ وَالْكَتَمُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَأَلَ ابْنُ سِيرِينَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ هَلْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْضِبُ؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ. قَالَ: حَسْبِي.(3/142)
ذكر وصية أبي بكر:
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالا: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا مَرِضَ أَبُو بَكْرٍ مَرَضُهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَالَ:
انْظُرُوا مَا زَادَ فِي مَالِي مُنْذُ دَخَلْتُ الإِمَارَةَ فَابْعَثُوا بِهِ إِلَى الْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِي فَإِنِّي قَدْ كُنْتُ أَسْتَحِلُّهُ. قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ أَسْتَصْلِحُهُ جَهْدِي. وَكُنْتُ أُصِيبُ مِنَ الْوَدَكِ نَحْوًا مِمَّا كُنْتُ أُصِيبُ فِي التِّجَارَةِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا مَاتَ نَظَرْنَا فَإِذَا عَبْدٌ نُوبِيُّ كَانَ يَحْمِلُ صِبْيَانَهُ وَإِذَا نَاضِحٌ كَانَ يَسْنِي عَلَيْهِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ: نَاضِحٌ كَانَ يَسْقِي بُسْتَانًا لَهُ. قَالَتْ فَبَعَثْنَا بِهِمَا إِلَى عُمَرَ. قَالَتْ فَأَخْبَرَنِي جَدِّي أَنَّ عُمَرَ بَكَى وَقَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ تَعَبًا شَدِيدًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عبيد الله عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ: إِنِّي لا أَعْلَمُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ اللِّقْحَةِ وَغَيْرَ هَذَا الْغُلامِ الصَّيْقَلِ كَانَ يَعْمَلُ سُيُوفَ الْمُسْلِمِينَ وَيَخْدُمُنَا فَإِذَا مُتُّ فَادْفَعِيهِ إِلَى عُمَرَ. فَلَمَّا دَفَعْتُهُ إِلَى عُمَرَ قَالَ:
رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بكر لقد أتعب من بعده.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَطَفْنَا بِغُرْفَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي مَرْضَتِهِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا. قَالَ: فَقُلْنَا كَيْفَ أَصْبَحَ أَوْ كَيْفَ أَمْسَى خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ.
ص؟ قَالَ: فَاطَّلَعَ عَلَيْنَا إِطِّلاعَةً فَقَالَ: أَلَسْتُمْ تَرْضَوْنَ بِمَا أَصْنَعُ؟ قُلْنَا: بَلَى قَدْ رَضِينَا.
قَالَ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ هِيَ تُمَرِّضُهُ. قَالَ فَقَالَ: أَمَا إِنِّي قَدْ كُنْتُ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أُوَفِّرَ لِلْمُسْلِمِينَ فَيْئَهُمْ مَعَ أَنِّي قَدْ أَصَبْتُ مِنَ اللَّحْمِ وَاللَّبَنِ فَانْظُرُوا إِذَا رَجَعْتُمْ مِنِّي فَانْظُرُوا مَا كَانَ عِنْدَنَا فَأَبْلِغُوهُ عُمَرَ. قَالَ: فَذَاكَ حيث عرفوه أَنَّهُ اسْتَخْلَفَ عُمَرَ. قَالَ: وَمَا كَانَ عِنْدَهُ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ. مَا كَانَ إِلا خَادِمٌ وَلَقْحَةٌ وَمِحْلَبٌ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عُمَرُ يُحْمَلُ إِلَيْهِ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَعَلَيْهِ سِتَّةُ آلافٍ كَانَ أَخَذَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: إِنَّ عُمَرَ لَمْ يَدَعْنِي حَتَّى أَصَبْتُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ سِتَّةَ آلافِ دِرْهَمٍ وَإِنَّ حَائِطِيَ الَّذِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا فِيهَا. فَلَمَّا تُوُفِّيَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ فَقَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ لَقَدْ أَحَبَّ أَنْ لا يدع(3/143)
لأَحَدٍ بَعْدَهُ مَقَالا وَأَنَا وَالِي الأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَقَدْ رَدَدْتُهَا عَلَيْكُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ سُمَيَّةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لَهَا: يَا عَائِشَةُ مَا عِنْدِي مِنْ مَالٍ إِلا لِقْحَةٌ وَقَدَحٌ فَإِذَا مُتُّ فَاذْهَبُوا بِهِمَا إِلَى عُمَرَ. فَلَمَّا مَاتَ ذَهَبُوا بِهِمَا إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أبا بكر لقد أتعب من بعده.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ السَّرِيِّ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ هُوَ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ اللَّوْحَيْنِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نِيَارٍ الأَسْلَمِيِّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَسَمَ أَبِي أَوَّلَ عَامٍ الْفَيْءَ فَأَعْطَى الْحَرَّ عَشَرَةً وَأَعْطَى الْمَمْلُوكَ عَشَرَةً وَالْمَرْأَةَ عَشَرَةً وَأَمَتَهَا عَشَرَةً. ثُمَّ قَسَمَ فِي الْعَامِ الثَّانِي فَأَعْطَاهُمْ عِشْرِينَ عِشْرِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْخَزَّازُ صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ عَنْ أُسَيْرٍ قَالَ: قَالَ سَلْمَانُ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي مَرَضِهِ فَقُلْتُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ اعْهَدْ إِلَيَّ عَهْدًا فَإِنِّي لا أَرَاكَ تَعْهَدُ إِلَيَّ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا. قَالَ: أَجَلْ يَا سَلْمَانُ إِنَّهَا سَتَكُونُ فُتُوحٌ فَلا أَعْرِفَنَّ مَا كَانَ مِنْ حَظِّكَ مِنْهَا مَا جَعَلْتَ فِي بَطْنِكَ أَوْ أَلْقَيْتَهُ عَلَى ظَهْرِكَ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَنْ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فَإِنَّهُ يُصْبِحُ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ. فَلا تَقْتُلَنَّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ ذِمَّةِ اللَّهِ فَيَطْلُبَكَ اللَّهُ بِذِمَّتِهِ فَيُكِبَّكَ اللَّهُ عَلَى وَجْهِكَ فِي النَّارِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَكَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عَزَّةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى بِخُمْسِ مَالِهِ. أَوْ قَالَ آخُذُ مِنْ مَالِي مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِي مِنْ مَالِي مَا رَضِيَ رَبِّي مِنَ الْغَنِيمَةِ فَأَوْصَى بِالْخُمُسِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُوَيْدٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى بِالْخُمُسِ.(3/144)
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا حَضَرَ أَبَا بَكْرٍ الْوَفَاةُ جَلَسَ فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ يَا بُنَيَّةُ فَإِنَّ أَحَبَّ النَّاسِ غِنًى إِلَيَّ بَعْدِي أَنْتِ وَإِنَّ أَعَزَّ النَّاسِ عَلَيَّ فَقْرًا بَعْدِي أَنْتِ وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جِدَادَ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِي فَوَدِدْتُ وَاللَّهِ أَنَّكِ حُزْتِهِ وَأَخَذْتِهِ فَإِنَّمَا هُوَ مَالُ الْوَارِثِ وَهُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ. قَالَتْ: قُلْتُ هَذَا أَخَوَايَ فَمَنْ أُخْتَايَ؟ قَالَ: ذَاتُ بَطْنِ ابْنَةَ خَارِجَةَ فَإِنِّي أَظُنُّهَا جَارِيَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْكِبَاشِ الْكِنْدِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لَمَّا أَنْ ثَقُلَ قَالَ لِعَائِشَةَ:
إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِي أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْكِ وَقَدْ كُنْتُ أَقْطَعْتُكِ أَرْضًا بِالْبَحْرَيْنِ وَلا أُرَاكِ رَزَأْتِ مِنْهَا شَيْئًا. قَالَتْ لَهُ: أَجَلْ. قَالَ: فَإِذَا أَنَا مُتُّ فَابْعَثِي بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ. وَكَانَتْ تُرْضِعُ ابْنَهُ. وَهَاتَيْنِ اللِّقْحَتَيْنِ وَحَالِبَهُمَا إِلَى عُمَرَ. وَكَانَ يَسْقِي لَبَنَهُمَا جُلَسَاءَهُ. وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ مِنَ الْمَالِ شَيْءٌ. فَلَمَّا مَاتَ أَبُو بَكْرٍ بَعَثَتْ عَائِشَةُ بِالْغُلامِ وَاللَّقْحَتَيْنِ وَالْجَارِيَةِ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ. فَقَبِلَ اللِّقْحَتَيْنِ وَالْغُلامَ وَرَدَّ الْجَارِيَةَ عَلَيْهِمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَعَاهَا فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ فِي أَهْلِي بَعْدِي أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ غِنًى مِنْكِ وَلا أَعَزَّ عَلَيَّ فَقْرًا مِنْكِ وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ مِنْ أَرْضٍ بِالْعَالِيَةِ جِدَادَ.
يَعْنِي صِرَامَ. عِشْرِينَ وَسْقًا فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِهِ تَمْرًا عَامًا وَاحِدًا انْحَازَ لَكِ وَإِنَّمَا هُوَ مَالُ الْوَارِثِ وَإِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ. فَقُلْتُ: إِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ. فَقَالَ: وَذَاتُ بَطْنِ ابْنَةَ خَارِجَةَ قَدْ أُلْقِيَ فِي رُوعِيَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ فَاسْتَوْصِي بِهَا خَيْرًا. فَوَلَدَتْ أُمَّ كُلْثُومٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الْمَالُ الَّذِي نَحَلَ عَائِشَةَ بِالْعَالِيَةِ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ بِئْرَ حُجْرٍ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهُ ذَلِكَ الْمَالَ فَأَصْلَحَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَغَرَسَ فِيهِ وَدِيًّا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ نَضَّرُ بْنُ بَابٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لَمَّا احْتُضِرَ قَالَ لِعَائِشَةَ: أَيْ بُنَيَّةُ قَدْ عَلِمْتِ أَنَّكِ كُنْتِ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ وَأَعَزَّهُمْ وَأَنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ أَرْضِيَ الَّتِي تَعْلَمِينَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا وَأَنَا أَحَبُّ أَنْ تَرُدِّيهَا(3/145)
عَلَيَّ فَيَكُونَ ذَلِكَ قِسْمَةٌ بَيْنَ وَلَدِي عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فَأَلْقَى رَبِّي حِينَ أَلْقَاهُ وَلَمْ أُفَضِّلْ بَعْضَ وَلَدِي عَلَى بَعْضٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَبُو أُسَامَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة قَالَتْ: مَا تَرَكَ أَبُو بَكْرٍ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا ضَرَبَ اللَّهُ سِكَّتَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ مَوْلَى الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا حُضِرَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ كَلِمَةً مِنْ قَوْلِ حَاتِمٍ:
لَعَمْرُكَ مَا يُغْنِي الثَّرَاءُ عَنِ الْفَتَى ... إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ
فَقَالَ: لا تَقُولِي هَكَذَا يَا بُنَيَّةَ وَلَكِنْ قُولِي: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ. انظروا ملاءتي هاتين فإذا مت فاغسلوها وَكَفِّنُونِي فِيهِمَا فَإِنَّ الْحَيَّ أَحْوَجُ إِلَى الْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى وَمُحَمَّدٌ ابْنَا عُبَيْدٍ قَالا: أَخْبَرَنَا مُوسَى الْجُهَنِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: جَاءَتْ عَائِشَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ يُعَالِجُ مَا يُعَالِجُ الْمَيِّتُ وَنَفَسُهُ فِي صَدْرِهِ فَتَمَثَّلْتُ هَذَا الْبَيْتَ:
لَعَمْرُكَ مَا يُغْنِي الثَّرَاءُ عَنِ الْفَتَى ... إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ
فَنَظَرَ إِلَيْهَا كَالْغَضْبَانِ ثُمَّ قَالَ: لَيْسَ كَذَلِكَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنْ وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ. إِنِّي قَدْ كُنْتُ نَحَلْتُكِ حَائِطًا وَإِنَّ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْئًا فَرُدِّيهِ إِلَى الْمِيرَاثِ. قَالَتْ: نَعَمْ فَرَدَدْتُهُ. فَقَالَ: أَمَا إِنَّا مُنْذُ وَلِينَا أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ نَأْكُلْ لَهُمْ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وَلَكِنَّا قَدْ أَكَلْنَا مِنْ جَرِيشِ طَعَامُهُمْ فِي بُطُونِنَا وَلَبِسْنَا مِنْ خَشِنِ ثِيَابِهِمْ عَلَى ظُهُورِنَا وَلَيْسَ عِنْدَنَا مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ قَلِيلٌ وَلا كَثِيرٌ إِلا هَذَا الْعَبْدُ الْحَبَشِيُّ وَهَذَا الْبَعِيرُ النَّاضِحُ وَجَرْدُ هَذِهِ الْقَطِيفَةِ فَإِذَا مُتُّ فَابْعَثِي بِهِنَّ إِلَى عُمَرَ وَابْرَئِي مِنْهُنَّ. فَفَعَلْتُ. فَلَمَّا جَاءَ الرَّسُولُ عُمَرَ بَكَى حَتَّى جَعَلَتْ دُمُوعُهُ تَسِيلُ فِي الأَرْضِ وَيَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ. رَحِمَ الله أبا بكر لقد أتعب من بعده. يَا غُلامُ ارْفَعْهُنَّ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ تَسْلُبُ عِيَالَ أَبِي بَكْرٍ عَبْدًا حَبَشِيًّا وَبَعِيرًا نَاضِحًا وَجَرْدَ قَطِيفَةٍ ثَمَنَ خَمْسَةِ الدَّرَاهِمِ؟ قَالَ: فَمَا تَأْمُرُ؟ قَالَ: تَرُدُّهُنَّ عَلَى عِيَالِهِ. فَقَالَ: لا وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ. أَوْ كَمَا حَلَفَ. لا يَكُونُ هَذَا في(3/146)
وِلايَتِي أَبَدًا وَلا خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مِنْهُنَّ عِنْدَ الْمَوْتِ وَأَرُدُّهُنَّ أَنَا عَلَى عِيَالِهِ. الْمَوْتُ أَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَمَّا مَرِضَ أَبُو بَكْرٍ:
مَنْ لا يَزَالُ دَمْعُهُ مُقَنَّعًا ... فَإِنَّهُ لا بُدَّ مَرَّةً مَدْفُوقُ
فَقَالَ أبو بكر: ليس كذلك أي بنية ولكن جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَتَتْهُ عَائِشَةُ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَقَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ هَذَا كَمَا قَالَ حَاتِمٌ:
إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ
فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ قَوْلُ الله أصدق. جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ. إِذَا أَنَا مُتُّ فَاغْسِلِي أَخْلاقِي فَاجْعَلِيهَا أَكْفَانِي. فَقَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ قَدْ رَزَقَ اللَّهُ وَأَحْسَنَ. نكفنك في جديد. قَالَ: إِنَّ الْحَيَّ هُوَ أَحْوَجُ يَصُونُ نَفْسَهُ وَيُقَنِّعُهَا مِنَ الْمَيِّتِ. إِنَّمَا يَصِيرُ إِلَى الصَّدِيدِ وَإِلَى الْبِلَى.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لَمَّا مَرِضَ فَثَقُلَ قَعَدَتْ عَائِشَةُ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَتْ:
كُلُّ ذِي إِبِلٍ مَوْرُوثُهَا ... وَكُلُّ ذِي سَلَبٍ مَسْلُوبُ
فَقَالَ: لَيْسَ كَمَا قُلْتِ يَا بِنْتَاهُ وَلَكِنْ كَمَا قَالَ اللَّهُ. وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا تَمَثَّلَتْ بِهَذَا الْبَيْتِ وَأَبُو بَكْرٍ يَقْضِي:
وَأَبْيَضُ يَسْتَسْقِي الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... رَبِيعُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلأَرَامِلِ
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -(3/147)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ سُمَيَّةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ:
مَنْ لا يَزَالُ مُقَنَّعًا ... فَإِنَّهُ لا بُدَّ مَرَّةً مَدْفُوقُ
فَقَالَ أبو بكر: جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَتَمَثَّلُ بِهَذَا الْبَيْتِ:
لا تَزَالُ تَنْعَى حَبِيبًا حَتَّى تَكُونَهُ ... وَقَدْ يَرْجُو الْفَتَى الرَّجَا يَمُوتُ دُونَهُ
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ أَبِي السَّفَرِ قَالَ:
مَرِضَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالُوا أَلا نَدْعُو الطَّبِيبَ؟ فَقَالَ: قَدْ رَآنِي فَقَالَ إِنِّي فَعَّالٌ لِمَا أُرِيدُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي خَضِرَةٌ تَأَكُلُنِي الدَّوَابُّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَقِيلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَالْحَارِثَ بْنَ كَلَدَةَ كَانَا يَأْكُلانِ خَزِيرَةً أُهْدِيَتْ لأَبِي بَكْرٍ فَقَالَ الْحَارِثُ لأَبِي بَكْرٍ: ارْفَعْ يَدَكَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ. وَاللَّهِ إِنَّ فِيهَا لَسَمُّ سَنَةٍ وَأَنَا وَأَنْتَ نَمُوتُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. قَالَ فَرَفَعَ يَدَهُ فَلَمْ يَزَالا عَلِيلَيْنِ حَتَّى مَاتَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ عِنْدَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لأَنْ أُوصِيَ بِالْخُمُسِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُوصِيَ بِالرُّبُعِ. وَلأَنْ أُوصِيَ بِالرُّبُعِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُوصِيَ بِالثُّلُثِ. وَمَنْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ فَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا بَرَدَانُ بْنُ أَبِي النَّضْرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَنْبَسَةَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ. دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لَمَّا اسْتُعِزَّ بِهِ دَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا تَسْأَلُنِي عَنْ أَمْرٍ إِلا وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِنْ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: هُوَ وَاللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ رَأْيِكَ فِيهِ. ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ(3/148)
فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ عُمَرَ. فَقَالَ: أَنْتَ أَخْبَرُنَا بِهِ. فَقَالَ: عَلَى ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ عُثْمَانُ: اللَّهُمَّ عِلْمِي بِهِ أَنَّ سَرِيرَتَهُ خَيْرٌ مِنْ عَلانِيَتِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِينَا مِثْلَهُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ:
يَرْحَمُكَ اللَّهُ. وَاللَّهِ لَوْ تَرَكْتُهُ مَا عَدَوْتُكَ. وَشَاوَرَ مَعَهُمَا سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ أَبَا الأَعْوَرِ وَأُسَيْدَ بْنَ الْحُضَيْرِ وَغَيْرَهُمَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ فَقَالَ أُسَيْدٌ: اللَّهُمَّ أَعْلَمُهُ الْخَيْرَةَ بَعْدَكَ. يَرْضَى لِلرِّضَى وَيَسْخَطُ لِلسُّخْطِ. الَّذِي يُسِرُّ خَيْرٌ مِنَ الَّذِي يُعْلِنُ. وَلَمْ يَلِ هَذَا الأَمْرَ أَحَدٌ أَقْوَى عَلَيْهِ مِنْهُ. وَسَمِعَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدُخُولِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُثْمَانَ عَلَى أَبِي بكر وخلوتهما به فدخلوا بِهِ فَدَخَلُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مِنْهُمْ: مَا أَنْتَ قَائِلٌ لِرَبِّكَ إِذَا سَأَلَكَ عَنِ اسْتِخْلافِكَ عُمَرَ؟ لِعُمَرَ عَلَيْنَا وَقَدْ تَرَى غِلْظَتَهُ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْلِسُونِي. أَبِاللَّهِ تُخَوِّفُونِي؟ خَابَ مَنْ تَزَوَّدَ مِنْ أَمْرِكُمْ بِظُلْمٍ. أَقُولُ اللَّهُمَّ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرُ أَهْلِكَ.
أَبْلِغْ عَنِّي مَا قُلْتُ لَكَ مَنْ وَرَاءَكَ. ثُمَّ اضْطَجَعَ وَدَعَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ: اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا مَا عَهِدَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ فِي آخِرِ عَهْدِهِ بِالدُّنْيَا خَارِجًا مِنْهَا وَعِنْدَ أَوَّلِ عَهْدِهِ بِالآخِرَةِ دَاخِلا فِيهَا حَيْثُ يُؤْمِنُ الْكَافِرُ وَيُوقِنُ الْفَاجِرُ وَيُصَدِّقُ الْكَاذِبَ. إِنِّي اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا. وَإِنِّي لَمْ آلُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَدِينَهُ وَنَفْسِي وَإِيَّاكُمْ خَيْرًا. فَإِنْ عَدَلَ فَذَلِكَ ظَنِّي بِهِ وَعِلْمِي فِيهِ. وَإِنْ بَدَّلَ فَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ. وَالْخَيْرُ أَرَدْتُ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ. سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ. وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. ثُمَّ أَمَرَ بِالْكِتَابِ فَخَتَمَهُ. ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لَمَّا أَمْلَى أَبُو بَكْرٍ صَدْرَ هَذَا الْكِتَابِ: بَقِيَ ذِكْرُ عُمَرَ فَذَهَبَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَمِّيَ أَحَدًا. فَكَتَبَ عُثْمَانُ: إِنِّي قَدِ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْكُمْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ. ثُمَّ أَفَاقَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: اقْرَأْ عَلَيَّ مَا كَتَبْتَ. فَقَرَأَ عَلَيْهِ ذِكْرَ عُمَرَ فَكَبَّرَ أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: أَرَاكَ خِفْتَ إِنْ أَقْبَلَتْ نَفْسِي فِي غَشْيَتِي تِلْكَ يَخْتَلِفُ النَّاسُ فجزاك الله عن الإسلام مَخْتُومًا وَمَعَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأُسَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ الْقُرَظِيُّ فَقَالَ عُثْمَانُ لِلنَّاسِ: أَتُبَايِعُونَ لِمَنْ فِي هَذَا الْكِتَابِ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ عَلِمْنَا بِهِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: عَلِيٌّ الْقَائِلُ وَهُوَ عُمَرُ. فَأَقَرُّوا بِذَلِكَ جَمِيعًا وَرَضُوا بِهِ وَبَايَعُوا ثُمَّ دَعَا أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ خَالِيًا فَأَوْصَاهُ بِمَا أَوْصَاهُ بِهِ. ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدَهُ فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ مَدًّا فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أُرِدْ بِذَلِكَ إِلا صَلاحَهُمْ وَخِفْتُ عَلَيْهِمُ الْفِتْنَةَ فَعَمِلْتُ فِيهِمْ بِمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ وَاجْتَهَدْتُ لَهُمْ رَأْيِي فَوَلَّيْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَهُمْ وَأَقْوَاهُمْ عَلَيْهِمْ وَأَحْرَصَهُمْ عَلَى مَا أَرْشَدَهُمْ وَقَدْ حَضَرَنِي مِنْ أَمْرِكَ مَا حَضَرَ فَاخْلُفْنِي فِيهِمْ فَهُمْ عِبَادُكَ وَنَوَاصِيهِمْ بِيَدِكَ أَصْلِحْ لَهُمْ وَإِلَيْهِمْ وَاجْعَلْهُ مِنْ(3/149)
خُلَفَائِكَ الرَّاشِدِينَ يَتَّبِعْ هُدَى نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَهُدَى الصَّالِحِينَ بَعْدَهُ وَأَصْلِحْ لَهُ رَعِيَّتَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالَتْ: قُلْنَا يَوْمُ الاثْنَيْنِ. قَالَ: فَأَيُّ يَوْمٍ قُبِضَ رسول الله. ص؟ قَالَتْ: قُلْنَا قُبِضَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ. قَالَ: فَإِنِّي أَرْجُو مَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّيْلِ. قَالَتْ وَكَانَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ فِيهِ رَدْعٌ مِنْ مِشْقٍ فَقَالَ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَاغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا وَضُمُّوا إِلَيْهِ ثَوْبَيْنِ جَدِيدَيْنِ وَكَفِّنُونِي فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ. فَقُلْنَا: أَلا نَجْعَلُهَا جُدُدًا كُلَّهَا؟ قَالَ فَقَالَ:
لا. إِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ. الْحَيُّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ. قَالَتْ فَمَاتَ لَيْلَةَ الثُّلاثَاءِ. رَحِمَهُ اللَّهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لَهَا: فِي أَيِّ يَوْمٍ مَاتَ رسول الله. ص؟ قَالَتْ: فِي يَوْمِ الاثْنَيْنِ. قَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ. إِنِّي لأَرْجُو فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّيْلِ. قَالَ: فَفِيمَ كَفَّنْتُمُوهُ؟
قَالَتْ: فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ يَمَانِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلا عِمَامَةٌ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: انْظُرِي ثَوْبِي هَذَا فِيهِ رَدْعُ زَعْفَرَانٍ أَوْ مِشْقٌ فَاغْسِلِيهِ وَاجْعَلِي مَعَهُ ثَوْبَيْنِ آخَرَيْنِ.
فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا أَبَتِ هُوَ خَلَقٌ. فَقَالَ: إِنَّ الْحَيَّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ وَإِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ.
وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَعْطَاهُمْ حُلَّةً حِبَرَةً فَأُدْرِجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا ثُمَّ اسْتَخْرَجُوهُ مِنْهَا فَكُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ. فَأَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ الْحُلَّةَ فَقَالَ: لأُكَفِّنَنَّ نَفْسِي فِي شَيْءٍ مَسَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَاللَّهِ لا أُكَفَّنُ فِي شَيْءٍ مَنَعَهُ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يُكَفَّنَ فِيهِ. وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ لَيْلَةَ الثُّلاثَاءِ وَدُفِنَ لَيْلا. وَمَاتَتْ عَائِشَةُ لَيْلا فَدَفَنَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ لَيْلا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ اللَّيْثِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ عُمَرَ بْنِ حُسَيْنٍ مَوْلَى آلِ مَظْعُونٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالُوا: كَانَ أَوَّلُ بَدْءِ مَرَضِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ اغْتَسَلَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ لِسَبْعٍ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ. وَكَانَ يَوْمًا بَارِدًا. فَحُمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لا يَخْرُجُ إِلَى صَلاةٍ. وَكَانَ يَأْمُرُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ. وَيَدْخُلُ النَّاسُ عَلَيْهِ يَعُودُونَهُ وَهُوَ يَثْقُلُ كُلَّ يَوْمٍ وَهُوَ نَازِلٌ يَوْمَئِذٍ فِي دَارِهِ الَّتِي قَطَعَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وِجَاهَ دَارِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ الْيَوْمَ.(3/150)
وَكَانَ عُثْمَانُ أَلْزَمَهُمْ لَهُ فِي مَرَضِهِ. وَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ. رَحِمَهُ اللَّهُ. مَسَاءَ لَيْلَةِ الثُّلاثَاءِ لِثَمَانِي لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ مِنْ مُهَاجِرِ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَتْ خِلافَتُهُ سَنَتَيْنِ وَثَلاثَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرَ لَيَالٍ. وَكَانَ أَبُو مَعْشَرٍ يَقُولُ سَنَتَيْنِ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ إِلا أَرْبَعَ لَيَالٍ. وَتُوُفِّيَ. رَحِمَهُ اللَّهُ. وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. مُجْمَعٌ عَلَى ذَلِكَ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا. اسْتَوْفَى سِنِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وُلِدَ بَعْدَ الْفِيلِ بِثَلاثِ سِنِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ: تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: مَاتَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: اسْتَكْمَلَ أَبُو بَكْرٍ فِي خِلافَتِهِ سِنِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَتُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ أَسَنَّ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَبُو بَكْرٍ وَسُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَنْ تَغْسِلَهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ غَسَّلَتْهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَرِيكٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَنْ تُغَسِّلَهُ امرأته أسماء.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَنْ تَغْسِلَهُ أَسْمَاءُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ(3/151)
مُهَاجِرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ غَسَّلَتْهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ أَنْ تَغْسِلَهُ إِذَا مَاتَ وَعَزَمَ عَلَيْهَا: لَمَا أَفْطَرْتِ لأَنَّهُ أَقْوَى لَكِ. فَذَكَرَتْ يَمِينَهُ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ فَدَعَتْ بِمَاءٍ فَشَرِبَتْ وَقَالَتْ: وَاللَّهِ لا أُتْبِعُهُ الْيَوْمَ حِنْثًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا أَشْعَثُ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ صَبِرَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ أَوْصَى أَنْ تَغْسِلَهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ فَإِنْ عَجَزَتْ أَعَانَهَا ابْنُهَا مِنْهُ. مُحَمَّدٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهَذَا وَهَلٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: هَذَا خَطَأٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: أَوْصَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ تَغْسِلَهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعِ اسْتَعَانَتْ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهَذَا الثَّبْتُ. وَكَيْفَ يُعِينُهَا مُحَمَّدٌ ابْنُهَا وَإِنَّمَا وَلَدَتْهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ سَنَةَ عَشْرٍ وَكَانَ لَهُ يَوْمَ تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ ثَلاثُ سِنِينَ أو نحوها؟
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ غَسَّلَتْهُ أسماء بنت عميس.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ امْرَأَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ غَسَلَتْ أَبَا بَكْرٍ حِينَ تُوُفِّيَ ثُمَّ خَرَجَتْ فَسَأَلَتْ مَنْ حَضَرَهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فَقَالَتْ: إِنِّي صَائِمَةٌ وَهَذَا يَوْمٌ شَدِيدُ الْبَرْدِ فَهَلْ عَلَيَّ غُسْلٌ؟
قَالُوا: لا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ حَاجِبِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: غَسَّلْتُهُ فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ فَسَأَلَتْ عُثْمَانَ هَلْ عَلَيْهَا غُسْلٌ؟ فَقَالَ:
لا. وَعُمَرُ يَسْمَعُ ذَلِكَ وَلا يُنْكِرُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ حَنْظَلَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي رَيْطَتَيْنِ. رَيْطَةٌ بَيْضَاءُ وَرَيْطَةٌ مُمَصَّرَةٌ. وَقَالَ: الْحَيُّ أَحْوَجُ إِلَى الْكِسْوَةِ مِنَ الْمَيِّتِ. إِنَّمَا هُوَ لِمَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْفِهِ وَفِيهِ.(3/152)
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كُفِّنَ فِي ثَوْبَيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ أَحَدُهَا ثَوْبٌ مُمَصَّرٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ لِعَائِشَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ: في كم كفن رسول الله. ص؟ قَالَتْ: فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ سَحُولِيَّةٍ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: خُذُوا هَذَا الثَّوْبَ. لِثَوْبٍ عَلَيْهِ قَدْ أَصَابَهُ مِشْقٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ. فَاغْسِلُوهُ ثُمَّ كَفِّنُونِي فِيهِ مَعَ ثَوْبَيْنِ آخَرَيْنِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَمَا هَذَا؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْحَيُّ أَحْوَجُ إِلَى الْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ. وَإِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مِنْدَلٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي ثَوْبَيْنِ غَسِيلَيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِي كَمْ كُفِّنَ. قَالَ: فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ. قُلْتُ: مَنْ حَدَّثَكُمْ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا زهير عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي ثَوْبَيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ وَشَرِيكٌ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي ثَوْبَيْنِ. قَالَ شَرِيكٌ مُعَقَّدَيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كُفِّنَ فِي ثَوْبَيْنِ مِنْ هَذِهِ الثِّيَابِ الْمَوْصُولَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَمَرَهُمْ أَنْ يَرْحَضُوا أَخْلاقَهُ فَيَدْفِنُوهُ فِيهَا. قَالَ: وَدُفِنَ لَيْلا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَيْفُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ(3/153)
الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: كَفِّنُونِي فِي ثَوْبَيَّ هَذَيْنِ اللَّذَيْنِ كُنْتُ أُصَلِّي فِيهِمَا وَاغْسِلُوهُمَا فَإِنَّهُمَا لِلْمُهْلَةِ وَالتُّرَابِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَالْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ قَالُوا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا وَكَفِّنُونِي فِيهِ فَإِنَّ الْحَيَّ أَفْقَرُ إِلَى الْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كُفِّنَ فِي ثَوْبَيْنِ غَسِيلَيْنِ سَحُولِيَّيْنِ مِنْ ثِيَابِ الْيَمَنِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْحَيُّ أَوْلَى بِالْجَدِيدِ. إِنَّمَا الْكَفَنُ لِلْمُهْلَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كُفِّنَ فِي ثَوْبَيْنِ أَحَدُهُمَا غَسِيلٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَمُحَمَّدٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَوْصَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُكَفَّنَ بِثَوْبَيْنِ عَلَيْهِ كَانَ يَلْبَسُهُمَا. قَالَ: كَفِّنُونِي فِيهِمَا فَإِنَّ الْحَيَّ هُوَ أَفْقَرُ إِلَى الْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي ثَوْبَيْنِ أَحَدُهُمَا غَسِيلٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَسَّانَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ: أَيْنَ صُلِّيَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ؟ فَقَالَ: بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ. قَالَ: مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ؟ قَالَ: عُمَرُ. قَالَ: كَمْ كَبَّرَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: أَرْبَعًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الْفَزَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ أَبِي الْمُسَاوِرِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: صلى عمرو عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ الله بن حنطب أن أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ صُلِّيَ عَلَيْهِمَا فِي الْمَسْجِدِ تُجَاهَ الْمِنْبَرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ وَكِيعٌ أَوْ غَيْرُهُ شَكَّ هِشَامٌ. وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يَشُكُّ. أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صُلِّيَ عَلَيْهِ في المسجد.(3/154)
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ صَالِحِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأَسْوَدِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَمَرَّ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ فَقَالَ: أَيْنَ صُلِّيَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ؟ فَقَالَ: بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ.
قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ عن أبيه أَنَّ عُمَرَ كَبَّرَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَرْبَعًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حفص بن غياث عن ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُلانِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ عُمَرَ حِينَ صَلَّى عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي الْمَسْجِدِ رَجَّعَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَحَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ قَالا: الَّذِي صَلَّى عَلَى أَبِي بَكْرٍ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَصَلَّى صُهَيْبٌ عَلَى عُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: صَلَّى عُمَرُ عَلَى أبي بكر.
قال: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَوْ غَيْرِهِ. شَكَّ هِشَامٌ. أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دُفِنَ لَيْلا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ قَالَتْ: تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ لَيْلا فَدَفَنَّاهُ قَبْلَ أَنْ نُصْبِحَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سُئِلَ أَيُقْبَرُ الْمَيِّتُ لَيْلا؟ فَقَالَ: قَدْ قُبِرَ أَبُو بَكْرٍ بِاللَّيْلِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ عُمَرَ دَفَنَ أَبَا بَكْرٍ لَيْلا ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَأَوْتَرَ بِثَلاثٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دُفِنَ لَيْلا.(3/155)
قال: أخبرنا محمد بن مصعب القرقساني عن الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دُفِنَ لَيْلا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي هِشَامٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: دُفِنَ أَبُو بَكْرٍ لَيْلا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ دُفِنَ لَيْلا.
أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَسَارِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دُفِنَ لَيْلا. دَفَنَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الأَيْلِيِّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ دَفَنَ أَبَا بَكْرٍ لَيْلا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: حَضَرْتُ دَفْنَ أَبِي بَكْرٍ فَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَطَلْحَةُ بن عبد اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَأَرَدْتُ أَنْ أَنْزِلَ فَقَالَ عُمَرُ كُفِيتَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ أَقَامَتْ عَلَيْهِ عَائِشَةُ النَّوْحَ فَبَلَغَ عُمَرَ فَجَاءَ فَنَهَاهُنَّ عَنِ النَّوْحِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ. فَأَبَيْنَ أَنْ يَنْتَهِينَ. فَقَالَ لِهِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ: أَخْرِجْ إِلَيَّ ابْنَةَ أَبِي قُحَافَةَ. فَعَلاهَا بِالدِّرَّةِ ضَرَبَاتٍ فَتَفَرَّقَ النَّوَائِحِ حِينَ سَمِعْنَ ذَلِكَ. وَقَالَ: تُرِدْنَ أَنْ يُعَذَّبَ أَبُو بَكْرٍ بِبُكَائِكُنَّ؟ إِنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[قال إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَأَصْبَحْنَا فَاجْتَمَعَ نِسَاءُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَأَقَامُوا النَّوْحَ وَأَبُو بَكْرٍ يُغْسَلُ وَيُكَفَّنُ. فَأَمَرَ عُمَرُ بْنُ الخطاب بالنوح ففرقن فو الله عَلَى ذَلِكَ إِنْ كُنَّ لَيُفَرَّقْنَ وَيَجْتَمِعْنَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سبرة عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولانِ: أَوْصَى أَبُو بَكْرٍ(3/156)
عائشة أن يدفن إِلَى جَنْبِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا تُوُفِّيَ حُفِرَ لَهُ وَجُعِلَ رَأْسُهُ عِنْدَ كَتِفَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُلْصِقَ اللَّحْدُ بِقَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُبِرَ هُنَاكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: رَأْسُ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ كَتِفَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَأْسُ عُمَرَ عِنْدَ حَقْوَيْ أَبِي بَكْرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ قَالَ: جُعِلَ قَبْرُ أَبِي بَكْرٍ مِثْلَ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسَطَّحًا وَرُشَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ هَانِئٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ: يَا أُمَّةَ اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَاحِبَيْهِ. فَكَشَفَتْ لِي عَنْ ثَلاثَةِ قُبُورٍ لا مُشْرِفَةٍ وَلا لاطِئَةٍ مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءِ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ. قَالَ: فَرَأَيْتُ قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُقَدَّمًا وَقَبْرَ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ رَأْسِهِ. وَرَأْسُ عُمَرَ عِنْدَ رِجْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ فَوَصَفَ الْقَاسِمُ قُبُورَهُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بن أنس عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقِفُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَيَدْعُو لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَقِيلٍ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: سُئِلَ عَلِيٌّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فقال: كَانَا إِمَامَيْ هُدًى رَاشِدَيْنِ مُرْشِدَيْنِ مُصْلِحَيْنِ مُنْجِحَيْنِ خَرَجَا مِنَ الدُّنْيَا خَمِيصَيْنِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيَّادٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: سَمِعَ أَبُوَ قُحَافَةَ الْهَائِعَةَ بِمَكَّةَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟
قَالَ: تُوُفِّيَ ابْنُكَ. قَالَ: رُزْءٌ جَلِيلٌ. مَنْ قَامَ بِالأَمْرِ بَعْدَهُ؟ قَالُوا: عُمَرُ. قَالَ: صَاحِبُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَرِثَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ أَبُوهُ أَبُو قُحَافَةَ السُّدْسَ وورثه ماله وَلَدُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدٌ وَعَائِشَةُ وَأَسْمَاءُ وَأُمُّ كُلْثُومٍ بَنُو أَبِي بَكْرٍ وَامْرَأَتَاهُ(3/157)
أسماء بنت عميس وحبيبة ابنة خارجة بن زيد بن أبي زهير من بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ.
وَهِيَ أُمُّ أُمِّ كُلْثُومٍ وَكَانَتْ بِهَا نَسْأً حِينَ تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ. رحمه اللَّهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ:
سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: كُلِّمَ أَبُو قُحَافَةَ فِي مِيرَاثِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. رَحِمَهُ اللَّهُ.
فَقَالَ: قَدْ رَدَدْتُ ذَلِكَ عَلَى وَلَدِ أَبِي بَكْرٍ.
قَالُوا: ثُمَّ لَمْ يَعِشْ أَبُو قُحَافَةَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ إِلا سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَأَيَّامًا. وَتُوُفِّيَ فِي الْمُحْرِمِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ بِمَكَّةَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ عَنْ حِبَّانِ الصَّائِغِ قَالَ:
كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ أَبِي بَكْرٍ نِعْمَ الْقَادِرُ اللَّهُ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالا: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ تَخَتَّمَ فِي الْيَسَارِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: مَاتَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى عَنْ بِسْطَامِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: لا يَتَأَمَّرُ عَلَيْكُمَا أَحَدٌ بَعْدِي] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِعُمَرَ: ابْسُطْ يَدَكَ نُبَايِعْ لَكَ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنْتَ أَفْضَلُ مِنِّي. فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: أَنْتَ أَقْوَى مِنِّي. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنْتَ أَفْضَلُ مِنِّي. فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: أَنْتَ أَقْوَى مِنِّي. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّ قُوَّتِي لَكَ مَعَ فَضْلِكَ. قَالَ فَبَايَعَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُرْوَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُشَيْرٍ قَالَ: لَقِيتُ أَبَا جَعْفَرٍ وَقَدْ قَصِعَتْ لِحْيَتِي فَقَالَ: مَا لَكَ عَنِ الْخِضَابِ؟
قَالَ: قُلْتُ أَكْرَهُهُ فِي هَذَا الْبَلَدِ. قَالَ: فَاصْبِغْ بِالْوَسِمَةِ فَإِنِّي كُنْتُ أَخْضِبُ بِهَا حَتَّى تَحَرَّكَ فَمِي. ثُمَّ قَالَ إِنَّ أُنَاسًا مِنْ حَمْقَى قُرَّائِكُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ خِضَابَ اللِّحَى حَرَامٌ وَأَنَّهُمْ سَأَلُوا مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَوِ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ. قَالَ زُهَيْرٌ الشَّكُّ مِنْ غَيْرِي. عَنْ خِضَابِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ كَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ فَهَذَا الصِّدِّيقُ قَدْ خَضَبَ. قَالَ:
قُلْتُ الصِّدِّيقُ؟ قَالَ: نَعَمْ وَرَبِّ هَذِهِ الْقِبْلَةِ أَوِ الْكَعْبَةِ إِنَّهُ الصديق.(3/158)
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي سَمِعْتُ الْحَسَنَ قَالَ: لَمَّا بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ قَامَ خَطِيبًا فَلا وَاللَّهِ مَا خَطَبَ خُطْبَتَهُ أَحَدٌ بَعْدُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي وُلِّيتُ هَذَا الأمر وأنا له كاره وو الله لَوَدِدْتُ أَنَّ بَعْضَكُمْ كَفَانِيهِ. أَلا وَإِنَّكُمْ إِنْ كَلَّفْتُمُونِي أَنْ أَعْمَلَ فِيكُمْ بِمِثْلِ عَمَلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ أَقِمْ به. كان رسول الله.
ص. عَبْدًا أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِالْوَحْيِ وَعَصَمَهُ بِهِ. أَلا وَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَلَسْتُ بِخَيْرٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْكُمْ فَرَاعُونِي. فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي اسْتَقَمْتُ فَاتَّبِعُونِي وَإِنْ رَأَيْتُمُونِي زِغْتُ فَقَوِّمُونِي. وَاعْلَمُوا أَنَّ لِيَ شَيْطَانًا يَعْتَرِينِي فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي غَضِبْتُ فَاجْتَنِبُونِي لا أُؤَثِّرُ فِي أَشْعَارِكُمْ وَأَبْشَارِكُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَتْ خُطَبَاءُ الأَنْصَارِ فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَقُولُ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا اسْتَعْمَلَ رَجُلا مِنْكُمْ قَرَنَ مَعَهُ رَجُلا مِنَّا فَنَرَى أَنْ يَلِيَ هَذَا الأَمْرَ رَجُلانِ أَحَدُهُمَا مِنْكُمْ وَالآخَرُ مِنَّا. قَالَ فَتَتَابَعَتْ خُطَبَاءُ الأَنْصَارِ عَلَى ذَلِكَ فَقَامَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَإِنَّ الإِمَامَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَنَحْنُ أَنْصَارُهُ كَمَا كُنَّا أَنْصَارَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: جَزَاكُمُ اللَّهُ مِنْ حَيٍّ خَيْرًا يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ وَثَبَّتَ قَائِلَكُمْ. ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ فَعَلْتُمْ غَيْرَ ذَلِكَ لَمَا صَالَحْنَاكُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ صَبِيحَةَ التَّيْمِيِّ عَنْ آبَائِهِ عَنْ جَدِّهِ صَبِيحَةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلالٍ عَنْ أَبِيهِ.
دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بعض. أن أبا بكر الصِّدِّيقَ كَانَ لَهُ بَيْتُ مَالٍ بِالسُّنْحِ مَعْرُوفٌ لَيْسَ يَحْرُسُهُ أَحَدٌ. فَقِيلَ لَهُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلا تَجْعَلُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ مَنْ يَحْرُسُهُ؟ فَقَالَ: لا يُخَافُ عَلَيْهِ. قُلْتُ: لِمَ؟ قَالَ: عَلَيْهِ قُفْلٌ. قَالَ: وَكَانَ يُعْطِي مَا فِيهِ حَتَّى لا يَبْقَى فِيهِ شَيْءٌ. فَلَمَّا تَحَوَّلَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى الْمَدِينَةِ حَوَّلَهُ فَجَعَلَ بَيْتَ مَالِهِ فِي الدَّارِ الَّتِي كَانَ فِيهَا. وَكَانَ قَدِمَ عَلَيْهِ مَالٌ مِنْ مَعْدِنِ الْقَبَلِيَّةِ وَمِنْ مَعَادِنِ جُهَيْنَةَ كَثِيرٌ وَانْفَتَحَ مَعْدِنُ بَنِي سُلَيْمٍ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ فَقَدِمَ عَلَيْهِ مِنْهُ بِصَدَقَتِهِ فَكَانَ يُوضَعُ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَقْسِمُهُ عَلَى النَّاسِ نُقَرًا نُقَرًا فَيُصِيبُ كُلُّ مِائَةِ إِنْسَانٍ كَذَا وَكَذَا. وَكَانَ يُسَوِّي بَيْنَ النَّاسِ فِي الْقَسْمِ الْحَرُّ وَالْعَبْدُ وَالذَّكَرُ وَالأُنْثَى وَالصَّغِيرُ(3/159)
وَالْكَبِيرُ فِيهِ سَوَاءٌ. وَكَانَ يَشْتَرِي الإِبِلَ وَالْخَيْلَ وَالسِّلاحَ فَيَحْمِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَاشْتَرَى عَامًا قَطَائِفَ أَتَى بِهَا مِنَ الْبَادِيَةِ فَفَرَّقَهَا فِي أَرَامِلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي الشِّتَاءِ. فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَدُفِنَ دَعَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الأُمَنَاءَ وَدَخَلَ بِهِمْ بَيْتَ مَالِ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَغَيْرُهُمَا فَفَتَحُوا بَيْتَ الْمَالِ فَلَمْ يَجِدُوا فِيهِ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وَوَجَدُوا خَيْشَةً لِلْمَالِ فَنُقِضَتْ فَوَجَدُوا فِيهَا دِرْهَمًا فَرَحَّمُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ. وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ وَزَّانٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ يَزِنُ مَا كَانَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ مَالٍ. فَسُئِلَ الْوَزَّانُ كَمْ بَلَغَ ذَلِكَ الْمَالُ الَّذِي وَرَدَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ؟ قَالَ: مِائَتَيْ أَلْفٍ.
47- طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ
بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْن مُرَّة. ويكنى أَبَا مُحَمَّد. وأمه الصعبة بِنْت عَبْد الله بْن عماد الْحَضْرَمِيّ وأمها عاتكة بِنْت وهب بْن عَبْد بْن قصي بْن عَبْد صاحب الرفادة دون قريش كلها.
وكان لطلحة من الولد مُحَمَّد وهو السجاد وبه كان يكنى. قُتِلَ يوم الجمل مع أَبِيهِ. وعمران بْن طَلْحَة وأمهما حَمْنَةُ بِنْت جَحْشِ بْن رِئَابِ بْن يَعْمَرَ بْن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بْنِ دُودَانَ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ وَأُمُّهَا أميمة بِنْت عَبْد المُطَّلِب بْن هاشم بن عبد مناف بْن قصي. وموسى بْن طَلْحَة وأمه خولة بِنْت القعقاع بْن معبد بْن زرارة بْن عدس بْن زَيْد من بني تميم. وكان يُقَالُ للقعقاع تيار الفرات من سخائه.
ويعقوب بن طلحة وكان جوادا قُتِلَ يوم الحرة. وإسماعيل وإسحاق وأمهم أم كلثوم
__________
47 تاريخ الدوري (2/ 278) ، وعلل ابن المديني (49) ، (54) ، (96) ، وتاريخ خليفة (63) ، (180- 186) ، وطبقات خليفة (18) ، (189) ، وفضائل الصحابة لأحمد (2/ 743) ، وتاريخ البخاري (4) ت (3069) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 3، 457، 459، 482، 483) ، (2/ 415، 536، 730) ، (3/ 165، 310، 312، 363) .
وتاريخ أبي زرعة (595) ، وتاريخ واسط (176) ، (218) ، (219) ، (240) ، (252) ، والجرح والتعديل (4) ت (2072) ، وتاريخ الطبري (2/ 317) ، والاستيعاب (2/ 764) ، والكامل (2/ 59، 110) وتهذيب الأسماء (1/ 251) ، وسير أعلام النبلاء (1/ 23) ، والعبر (1/ 67) ، وتجريد أسماء الصحابة (1) ت (2926) ، وتذهيب التهذيب (2/ 105) ، وغاية النهاية (1/ 342) ، وتهذيب الكمال (2975) ، وتهذيب التهذيب (5/ 20) ، والإصابة (2) ت (4266) ، وتقريب التهذيب (1/ 379) ، وخلاصة الخزرجي (2) ت (30195) ، وشذرات الذهب (1/ 42، 43، 56) ، وتهذيب تاريخ دمشق (7/ 74) ، وحذف من نسب قريش (78) .(3/160)
بِنْت أبي بَكْر الصَّدِّيق. وعيسى ويحيى وأمهما سعدى بِنْت عوف بْن خارجة بْن سِنَان بْن أبي حارثة المري. وأم إِسْحَاق بنت طَلْحَة تزوجها الْحَسَن بْن علي بْن أبي طالب فولدت له طلحة ثم توفي عنها فخلف عليها الْحُسَيْن بْن عليّ فولدت له فاطمة وأمها الجرباء وهي أم الْحَارِث بِنْت قسامة بْن حنظلة بْن وهب بْن قيس بْن عُبَيْد بْن طريف بْن مالك بْن جدعاء من طيّئ. والصعبة بِنْت طَلْحَة وأمها أم وُلِدَ. ومريم ابْنَة طَلْحَة وأمها أم وُلِدَ. وصالح بْن طَلْحَة درج. وأمه الفرعة بِنْت عليّ سبية من بني تغلب.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْوَالِبِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَضَرْتُ سُوقَ بُصْرَى فَإِذَا رَاهِبٌ فِي صَوْمَعَتِهِ يَقُولُ: سَلُوا أَهْلَ هَذَا الْمَوْسِمِ أَفِيهِمْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ؟ قَالَ طَلْحَةُ: فَقُلْتُ نَعَمْ أَنَا. فَقَالَ: هَلْ ظَهَرَ أَحْمَدُ بَعْدُ؟ قَالَ قُلْتُ: وَمَنْ أَحْمَدُ؟ قَالَ: ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. هَذَا شَهْرُهُ الَّذِي يَخْرُجُ فِيهِ وَهُوَ آخِرُ الأَنْبِيَاءِ وَمَخْرَجُهُ مِنَ الْحَرَمِ وَمُهَاجَرُهُ إِلَى نَخْلٍ وَحَرَّةٍ وَسِبَاخٍ. فإياك أن تسبق قَالَ طَلْحَةُ:
فَوَقَعَ فِي قَلْبِي مَا قَالَ فَخَرَجْتُ سَرِيعًا حَتَّى قَدِمْتُ مَكَّةَ فَقُلْتُ: هَلْ كَانَ مِنْ حَدَثٍ؟
قَالُوا: نَعَمْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَمِينُ تَنَبَّأَ وَقَدْ تَبِعَهُ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ. قَالَ فَخَرَجْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقُلْتُ: أَتَبِعْتَ هَذَا الرَّجُلَ؟ قَالَ: نَعَمْ فَانْطَلِقْ إِلَيْهِ فَادْخُلْ عَلَيْهِ فَاتْبَعْهُ فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى الْحَقِّ. فَأَخْبَرَهُ طَلْحَةُ بِمَا قَالَ الرَّاهِبُ فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ بِطَلْحَةَ فَدَخَلَ بِهِ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَأَسْلَمَ طَلْحَةُ وَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ بِمَا قَالَ الرَّاهِبُ فَسُرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ. فَلَمَّا أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخَذَهُمَا نَوْفَلُ بْنُ خُوَيْلِدِ بْنِ الْعَدَوِيَّةِ فَشَدَّهُمَا فِي حَبْلٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَمْنَعْهُمَا بَنُو تَيْمٍ. وَكَانَ نَوْفَلُ بْنُ خُوَيْلِدٍ يُدْعَى أَسَدُ قُرَيْشٍ فَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَطَلْحَةُ الْقَرِينَيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا فَائِدٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا ارْتَحَلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الْخَرَّارِ فِي هِجْرَتِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَكَانَ الْغَدُ لَقِيَهُ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ جَائِيًا مِنَ الشَّامِ فِي عِيرٍ. فَكَسَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ مِنْ ثِيَابِ الشَّامِ وَخَبَّرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مَنْ بِالْمَدِينَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدِ استبطؤوا رَسُولَ اللَّهِ. فَعَجَّلَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّيْرَ وَمَضَى طَلْحَةُ إِلَى مَكَّةَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ آلِ أَبِي بَكْرٍ فَهُوَ الَّذِي قَدِمَ بِهِمُ الْمَدِينَةَ.(3/161)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى أَسْعَدِ بْنِ زُرَارَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ عن أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ طَلْحَةَ بْن عُبَيْد اللَّه وسعيد بْن زيد بن عمرو بن نفيل.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَمِّهِ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ قَالا: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِطَلْحَةَ مَوْضِعَ دَارِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سبرة عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مكنف عن حَارِثَةَ الأَنْصَارِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَسَمِعْتُ بَعْضَ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ قَالُوا: لَمَّا تَحَيَّنَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فُصُولَ عِيرِ قُرَيْشٍ مِنَ الشَّامِ بَعَثَ طَلْحَةَ بْن عُبَيْد اللَّه وَسَعِيدَ بْن زيد بن عمرو بن نفيل قبل خُرُوجِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ بِعَشْرِ لَيَالٍ يَتَحَسَّبَانِ خَبَرَ الْعِيرِ فَخَرَجَا حَتَّى بَلَغَا الْحَوْرَاءَ فَلَمْ يَزَالا مُقِيمَيْنِ هُنَاكَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمَا الْعِيرُ. وَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الخبر قَبْلَ رُجُوعِ طَلْحَةَ وَسَعِيدٍ إِلَيْهِ فَنَدَبَ أَصْحَابَهُ وَخَرَجَ يُرِيدُ الْعِيرَ. فَسَاحَلَتِ الْعِيرُ وَأَسْرَعَتْ وَسَارُوا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ فَرَقًا مِنَ الطَّلَبِ. وَخَرَجَ طَلْحَةُ بْن عُبَيْد اللَّه وَسَعِيدُ بْن زَيْدٍ يُرِيدَانِ الْمَدِينَةَ لِيُخْبِرَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَبَرَ الْعِيرِ وَلَمْ يَعْلَمَا بِخُرُوجِهِ فَقَدِمَا الْمَدِينَةَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي لاقَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّفِيرَ مِنْ قُرَيْشٍ بِبَدْرٍ. فَخَرَجَا مِنَ الْمَدِينَةِ يَعْتَرِضَانِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَقِيَاهُ بِتُرْبَانَ فِيمَا بَيْنَ مَلَلٍ وَالسَّيَالَةِ عَلَى الْمَحَجَّةِ مُنْصَرِفًا مِنْ بَدْرٍ. فَلَمْ يَشْهَدْ طَلْحَةُ وَسَعِيدٌ الْوَقْعَةَ. فَضَرَبَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسِهَامِهِمَا وَأُجُورِهِمَا فِي بَدْرٍ فَكَانَا كَمَنْ شَهِدَهَا. وَشَهِدَ طَلْحَةُ أُحُدًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ فِيمَنْ ثَبَتَ مَعَهُ يَوْمَئِذٍ حِينَ وَلَّى النَّاسُ. وَبَايَعَهُ عَلَى الْمَوْتِ. وَرَمَى مَالِكُ بْنُ زُهَيْرٍ يَوْمَ أُحُدٍ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاتَّقَى طَلْحَةُ بِيَدِهِ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَصَابَ خِنْصَرَهُ فَشَلَّتْ.
فَقَالَ حِينَ أَصَابَتْهُ الرَّمِيَّةُ: حَسِّ. [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: لَوْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ لَدَخَلَ(3/162)
الْجَنَّةَ] . وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ. وَكَانَ طَلْحَةُ قَدْ أَصَابَتْهُ يَوْمَئِذٍ فِي رَأْسِهِ الْمُصَلِّبَةُ. ضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ضَرْبَتَيْنِ. ضَرْبَةً وَهُوَ مُقْبِلٌ وَضَرْبَةً وَهُوَ مُعْرِضٌ عَنْهُ. فَكَانَ قَدْ نَزَفَ مِنْهَا الدَّمُ. وَكَانَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ الْفِهْرِيُّ يَقُولُ: أَنَا وَاللَّهِ ضَرَبْتُهُ يَوْمَئِذٍ. وَشَهِدَ طَلْحَةُ الْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَيَعْلَى وَمُحَمَّدُ ابْنَا عُبَيْدٍ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عن زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قال: أُصِيبَ أَنْفُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَبَاعِيَّتُهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَإِنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ فَضُرِبَتْ فَشَلَّتْ إِصْبَعُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا قَيْسٌ قَالَ: رَأَيْتُ إِصْبَعَيْ طَلْحَةَ قَدْ شَلَّتَا. اللَّتَيْنِ وَقَى بِهِمَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ مُوسَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ إِسْحَاقَ ابْنَتِي طَلْحَةَ قَالَتَا: جُرِحَ أَبُونَا يَوْمَ أُحُدٍ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ جِرَاحَةً. وَقَعَ مِنْهَا فِي رَأْسِهِ شَجَّةٌ مُرَبَّعَةٌ وَقُطِعَ نَسَاهُ. يَعْنِي عِرْقَ النَّسَا. وَشَلَّتْ إِصْبَعُهُ.
وَسَائِرُ الْجَرَّاحِ فِي سَائِرِ جَسَدِهِ. وَقَدْ غَلَبَهُ الْغَشْيُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكْسُورَةٌ رَبَاعِيَّتَاهُ مَشْجُوجٌ فِي وَجْهِهِ. قَدْ عَلاهُ الْغَشْيُ وَطَلْحَةُ مُحْتَمِلُهُ يَرْجِعُ بِهِ الْقَهْقَرَى. كُلَّمَا أَدْرَكَهُ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَاتَلَ دُونَهُ حَتَّى أَسْنَدَهُ إِلَى الشِّعْبِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ قَالَ: كُنْتُ فِي أَوَّلِ مَنْ فَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ [لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْكُمْ صَاحِبَكُمْ. يُرِيدُ طَلْحَةَ. وَقَدْ نُزِفَ فَلَمْ يُنْظَرْ إِلَيْهِ.
وأقبلنا على النبي. ص] .
قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى وَأَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ قَالَ: رَجَعَ طَلْحَةُ يَوْمَئِذٍ بِخَمْسٍ وَسَبْعِينَ أَوْ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ ضَرْبَةً رُبِّعَ فِيهَا جَبِينُهُ وَقُطِعَ نَسَاهُ وَشَلَّتْ إِصْبَعُهُ الَّتِي تَلِي الإِبْهَامَ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ عن أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول: أَوْجَبَ طَلْحَةُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ مُوسَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ(3/163)
[إِسْحَاقَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إِنِّي لَفِي بَيْتِي وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَأَصْحَابُهُ بِالْفِنَاءِ وَبَيْنِي وَبَيْنَهُمُ السِّتْرُ إِذْ أَقْبَلَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فقال رسول الله. ص:
مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ وَقَدْ قَضَى نَحْبَهُ فَلْيَنْظُرْ إِلَى طَلْحَةَ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: أَلا أُبَشِّرُكَ؟ قَالَ قُلْتُ:
بَلَى. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: طَلْحَةُ مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: قال رسول الله. ص: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ قَدْ قَضَى نَحْبَهُ فَلْيَنْظُرْ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ] .
قَالَ حُصَيْنٌ: قَاتَلَ طَلْحَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى جُرِحَ يَوْمَئِذٍ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بَعَثَ طَلْحَةَ سَرِيَّةً فِي عَشَرَةٍ وَقَالَ: شِعَارُكُمْ يَا عَشْرَةُ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شريك عن أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَرِيَّةً تِسْعَةً وَأَتَمَّهُمْ عَشَرَةً بطلحة بن عبيد الله وقال: شعاركم عشرة] .
قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: سَمِعْتُ مَنْ يَصِفُ طَلْحَةَ قَالَ: كَانَ رَجُلا آدَمَ كَثِيرَ الشَّعْرِ لَيْسَ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلا بِالسَّبْطِ. حَسَنَ الْوَجْهِ. دَقِيقَ الْعِرْنِينِ. إِذَا مَشَى أَسْرَعَ.
وَكَانَ لا يُغَيِّرُ شَعْرَهُ. وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: كَانَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَاتِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ رَأَى عَلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ثَوْبَيْنِ مَصْبُوغَيْنِ بِمَشْقٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ: مَا بَالُ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ يَا طَلْحُ؟ فَقَالَ: يَا أمير المؤمنين إنما صبغناه بمدر. قال عُمَرُ: إِنَّكُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ أَئِمَّةٌ يَقْتَدِي بِكُمُ النَّاسَ وَلَوْ أَنَّ جَاهِلا رَأَى عَلَيْكَ ثَوْبَيْكَ هَذَيْنِ لَقَالَ قَدْ كَانَ طَلْحَةُ يَلْبَسُ الثِّيَابَ الْمُصَبَّغَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ(3/164)
بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَوْ أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ أَبْصَرَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَشَّقَانِ فَقَالَ: مَا هَذَا يَا طَلْحَةُ؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّمَا هُوَ مَدَرٌ. فَقَالَ: إِنَّكُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ أَئِمَّةٌ يُقْتَدَى بِكُمْ وَلَوْ رَآكَ أَحَدٌ جَاهِلٌ قَالَ طَلْحَةُ يَلْبَسُ الثِّيَابَ الْمُصَبَّغَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ. وَإِنَّ أَحْسَنَ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الْبَيَاضَ. فَلا تَلْبِسُوا عَلَى النَّاسِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالا: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ قَالَ:
سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ يَذْكُرُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ قُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ فِي يَدِ طَلْحَةَ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ فَنَزَعَهَا وَجَعَلَ مَكَانَهَا جِزْعَةً. فَأُصِيبَ. رَحِمَهُ اللَّهُ. يَوْمَ الْجَمَلِ وَهِيَ عَلَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْحَارِثِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: كَانَتْ غَلَّةُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَلْفًا وَافِيًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عيينة عن طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى قَالَ:
حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي سُعْدَى بِنْتُ عَوْفٍ الْمُرِّيَّةُ قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى طَلْحَةَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقُلْتُ: مَا لِي أَرَاكَ أَرَابَكَ شَيْءٌ مِنْ أَهْلِكَ فَنُعْتِبَ؟ قَالَ: نِعْمَ. حَلِيلَةُ المرء ألأت وَلَكِنْ عِنْدِي مَالٌ قَدْ أَهَمَّنِي أَوْ غَمَّنِي. قَالَتْ: اقْسِمْهُ. فَدَعَا جَارِيَتَهُ فَقَالَ: ادْخُلِي عَلَى قَوْمِي.
فَأَخَذَ يَقْسِمُهُ فَسَأَلْتُهَا: كَمْ كَانَ الْمَالُ؟ فَقَالَتْ: أَرْبَعُمِائَةِ أَلْفٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بَاعَ أَرْضًا لَهُ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بِسَبْعِمِائَةِ أَلْفٍ فَحَمَلَهَا إِلَيْهِ فَلَمَّا جَاءَ بِهَا قَالَ: إِنَّ رَجُلا تَبِيتُ هَذِهِ عِنْدَهُ فِي بَيْتِهِ لا يَدْرِي ما يطرقه من أمر الله العزيز بِاللَّهِ. فَبَاتَ وَرُسُلُهُ مُخْتَلِفٌ بِهَا فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ حَتَّى أَسْحَرَ وَمَا عِنْدَهُ مِنْهَا دِرْهَمٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْطَى لِجَزِيلِ مَالٍ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ مِنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عيينة عن ابْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ. وَكَانَ يُعَدُّ مِنْ حُلَمَاءِ قُرَيْشٍ: إِنَّ أَقَلَّ(3/165)
الْعَيْبِ عَلَى الرَّجُلِ جُلُوسُهُ فِي دَارِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ قَالَ: قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: إِنَّ أَقَلَّ الْعَيْبِ عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يَجْلِسَ فِي دَارِهِ.
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْوَالِبِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: كَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ طَلْحَةُ يُغِلُّ كُلَّ يَوْمٍ مِنَ الْعِرَاقِ أَلْفَ وَافٍ دِرْهَمٍ وَدَانَقِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يَغِلُّ بِالْعِرَاقِ مَا بَيْنَ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفٍ إِلَى خَمْسِمِائَةِ أَلْفٍ.
وَيَغِلُّ بِالسَّرَاةِ عَشَرَةَ آلافِ دِينَارٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ. وَبِالأَعْرَاضِ لَهُ غَلاتٍ. وَكَانَ لا يَدَعُ أَحَدًا مِنْ بَنِي تَيْمٍ عَائِلا إِلا كفاه مؤونته ومؤونة عِيَالِهِ وَزَوَّجَ أَيَامَاهُمْ وَأَخْدَمَ عَائِلَهُمْ وَقَضَى دَيْنَ غَارِمِهِمْ. وَلَقَدْ كَانَ يُرْسِلُ إِلَى عَائِشَةَ إِذَا جَاءَتْ غَلَّتُهُ كُلَّ سَنَةٍ بِعَشَرَةِ آلافٍ.
وَلَقَدْ قَضَى عَنْ صُبَيْحَةَ التَّيْمِيِّ ثَلاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ سَأَلَهُ: كَمْ تَرَكَ أَبُو مُحَمَّدٍ. يَرْحَمُهُ اللَّهُ. مِنَ الْعَيْنِ؟ قَالَ: تَرَكَ أَلْفَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ. وَكَانَ مَالُهُ قَدِ اغْتِيلَ. كَانَ يُغِلُّ كُلَّ سَنَةٍ مِنَ الْعِرَاقِ مِائَةَ أَلْفٍ سِوَى غلاته من السراة وغيرهما. وَلَقَدْ كَانَ يُدْخِلُ قُوتَ أَهْلِهِ بِالْمَدِينَةِ سَنَتَهُمْ مِنْ مَزْرَعَةٍ بِقَنَاةٍ كَانَ يَزْرَعُ عَلَى عِشْرِينَ نَاضِحًا. وَأَوَّلُ مَنْ زَرَعَ الْقَمْحَ بِقَنَاةٍ هُوَ.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: عَاشَ حَمِيدًا سَخِيًا شَرِيفًا وَقُتِلَ فَقِيرًا. رَحِمَهُ اللَّهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: كَانَتْ قِيمَةُ مَا تَرَكَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ مِنَ الْعَقَارَ وَالأَمْوَالِ وَمَا تَرَكَ مِنَ النَّاضِّ ثَلاثِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. تَرَكَ مِنَ الْعَيْنِ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ. وَالْبَاقِي عُرُوضٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنْ جَدَّتِهِ سُعْدَى بِنْتِ عَوْفٍ الْمُرِّيَّةِ أُمِّ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَتْ: قُتِلَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ. يَرْحَمُهُ اللَّهُ. وَفِي يَدِ خَازِنِهِ أَلْفَا أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَتَا أَلْفِ دِرْهَمٍ. وَقُوِّمَتْ أُصُولُهُ وَعَقَارُهُ ثَلاثِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ.(3/166)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءٍ الأَيْلِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ حُدِّثْتُ أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ تَرَكَ مِائَةَ بُهَارٍ فِي كُلِّ بُهَارٍ ثَلاثُ قَنَاطِرِ ذَهَبٍ. وَسَمِعْتُ أَنَّ الْبُهَارَ جِلْدُ ثَوْرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْوَالِبِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: صَحِبْتُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ فَلَمْ أُخْبَرْ أَحَدًا أَعَمَّ سَخَاءً عَلَى الدِّرْهَمِ وَالثَّوْبِ وَالطَّعَامِ مِنْ طَلْحَةَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي خَالِدٍ يُخْبِرُ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ الأَحْمَسِيِّ قَالَ: قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يَوْمَ الْجَمَلِ: إِنَّا دَاهَنَّا فِي أَمْرِ عُثْمَانَ فَلا نَجِدُ الْيَوْمَ شَيْئًا أَمْثَلَ مِنْ أَنْ نَبْذُلَ دِمَاءَنَا فِيهِ. اللَّهُمَّ خُذْ لِعُثْمَانَ مِنِّي الْيَوْمَ حَتَّى تَرْضَى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَوْفٌ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ رَمَى طَلْحَةَ يَوْمَ الْجَمَلِ وَهُوَ وَاقِفٌ إِلَى جَنْبِ عَائِشَةَ بِسَهْمٍ فَأَصَابَ سَاقَهُ ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لا أَطْلُبُ قَاتِلَ عُثْمَانَ بَعْدَكَ أَبَدًا. فَقَالَ طَلْحَةُ لِمَوْلًى لَهُ: ابْغِنِي مَكَانًا. قَالَ: لا أَقْدِرُ عَلَيْهِ. قَالَ: هَذَا وَاللَّهِ سَهْمٌ أَرْسَلَهُ اللَّهُ. اللَّهُمَّ خُذْ لِعُثْمَانَ مِنِّي حَتَّى تَرْضَى. ثُمَّ وَسَّدَ حَجَرًا فَمَاتَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ مَرْوَانُ مَعَ طَلْحَةَ فِي الْخَيْلِ فَرَأَى فُرْجَةً فِي دِرْعِ طَلْحَةَ فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: رُمِيَ طَلْحَةُ فَأَعْنَقَ فَرَسُهُ فَرَكَضَ فَمَاتَ فِي بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ: بِاللَّهِ مَصْرَعُ شَيْخٍ أُضِيعَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ مَرْوَانَ اعْتَرَضَ طَلْحَةَ لَمَّا جَالَ النَّاسُ بِسَهْمٍ فَأَصَابَهُ فَقَتَلَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ أَبَا حُبَابٍ الْكَلْبِيَّ يَقُولُ حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ كَلْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ يَقُولُ لَوْلا أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَرْوَانَ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَ طَلْحَةَ مَا تَرَكْتُ مِنْ وَلَدِ طَلْحَةَ أَحَدًا إِلا قَتَلْتُهُ بِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: رَمَى مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ طَلْحَةَ يَوْمَ الْجَمَلِ فِي رُكْبَتِهِ فَجَعَلَ الدَّمُ يَغْذُو يسيل(3/167)
فَإِذَا أَمْسَكُوهُ اسْتَمْسَكَ وَإِذَا تَرَكُوهُ سَالَ. قَالَ: وَاللَّهِ مَا بَلَغَتْ إِلَيْنَا سِهَامُهُمْ بَعْدُ. ثُمَّ قَالَ: دَعُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ سَهْمٌ أَرْسَلَهُ اللَّهُ. فَمَاتَ فَدَفَنُوهُ عَلَى شَطِّ الْكَلاءِ. فَرَأَى بَعْضُ أَهْلِهِ أَنَّهُ قَالَ: أَلا تُرِيحُونَنِي مِنْ هَذَا الْمَاءِ فَإِنِّي قَدْ غَرِقْتُ. ثَلاثَ مَرَّاتٍ يَقُولُهَا. فَنَبَشُوهُ مِنْ قَبْرِهِ أَخْضَرَ كَأَنَّهُ السَّلْقُ فَنَزَفُوا عَنْهُ الْمَاءَ ثُمَّ اسْتَخْرَجُوهُ فَإِذَا مَا يَلِي الأَرْضَ مِنْ لِحْيَتِهِ وَوَجْهِهِ قَدْ أَكَلَتْهُ الأَرْضُ. فَاشْتَرَوْا دَارًا مِنْ دُورِ أَبِي بَكَرَةَ فَدَفَنُوهُ فِيهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ قَالَ: قُتِلَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ. يَرْحَمُهُ اللَّهُ. يَوْمَ الْجَمَلِ. وَكَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ. وَكَانَ يَوْمَ قُتِلَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: قَالَ لِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: قُتِلَ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ عَنْ أَبِي حَبِيبَةَ مَوْلَى لِطَلْحَةَ قَالَ: دَخَلَ عِمْرَانُ بْنُ طلحة على علي بعد ما فَرَغَ مِنْ أَصْحَابِ الْجَمَلِ فَرَحَّبَ بِهِ وَقَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ: «إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ» الحجر: 47. قَالَ وَرَجُلانِ جَالِسَانِ عَلَى نَاحِيَةِ الْبِسَاطِ فَقَالا: اللَّهُ أَعْدَلُ مِنْ ذَلِكَ. تَقْتُلُهُمْ بِالأَمْسِ وَتَكُونُونَ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ فِي الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: قُومَا أَبْعَدَ أَرْضٍ وَأَسْحَقَهَا. فَمَنْ هُوَ إِذًا إِنْ لَمْ أَكُنْ أَنَا وَطَلْحَةُ؟ قَالَ ثُمَّ قَالَ لِعِمْرَانَ: كَيْفَ أَهْلُكَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ أَوْلادِ أَبِيكَ؟ أَمَا إِنَّا لَمْ نَقْبِضْ أَرْضَكُمْ هَذِهِ السِّنِينَ وَنَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نَأْخُذَهَا. إِنَّمَا أَخَذْنَاهَا مَخَافَةَ أَنْ يَنْتَهِبَهَا النَّاسُ. يَا فُلانُ اذْهَبْ مَعَهُ إِلَى ابْنِ قَرَظَةَ فَمُرْهُ فَلْيَدْفَعْ إِلَيْهِ أَرْضَهُ وَغَلَّةَ هَذِهِ السِّنِينَ. يَا ابْنَ أَخِي وَأَتِنَا فِي الْحَاجَةِ إِذَا كَانَتْ لَكَ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو حَبِيبَةَ قَالَ:
جَاءَ عِمْرَانُ بْنُ طَلْحَةَ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: تَعَالَ هَاهُنَا يَا ابْنَ أَخِي. فَأَجْلَسَهُ عَلَى طَنْفَسَتِهِ فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا وَأَبُو هَذَا مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ: وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْكَوَّاءِ: اللَّهُ أَعْدَلُ مِنْ ذَلِكَ. فَقَامَ إِلَيْهِ بِدِرَّتِهِ فَضَرَبَهُ وَقَالَ: أَنْتَ. لا أُمَّ لَكَ. وَأَصْحَابُكَ تُنْكِرُونَ هَذَا؟](3/168)
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي نُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ قَالَ: إِنِّي لَعِنْدَ عَلِيٍّ جَالِسٌ إِذْ جَاءَ ابْنُ طَلْحَةَ فَسَلَّمَ عَلَى عَلِيٍّ. فَرَحَّبَ بِهِ عَلِيٌّ. فَقَالَ: تُرَحِّبُ بِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ قَتَلْتَ وَالِدِي وَأَخَذْتَ مَالِي؟ قَالَ: أَمَّا مَالُكَ فَهُوَ مَعْزُولٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ. فَاغْدُ إِلَى مَالِكَ فَخُذْهُ. وَأَمَّا قَوْلُكَ قَتَلْتَ أَبِي فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا وَأَبُوكَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ:
«وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ» الحجر: 47. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ أَعْوَرُ: اللَّهُ أَعْدَلُ مِنْ ذَلِكَ. فَصَاحَ عَلِيٌّ صَيْحَةً تَدَاعَى لَهَا الْقَصْرُ.
قَالَ: فَمَنْ ذَاكَ إِذَا لَمْ نَكُنْ نَحْنُ أُولَئِكَ؟] [قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ أَبِي رَيْطَةَ قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبُو حُمَيْدَةَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الظَّاعِنِيُّ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ الْكُوفَةَ أَرْسَلَ إِلَى ابْنَيْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُمَا: يَا ابْنَيْ أَخِي انطلقا إلى أرضكما فاقبضاها فإني قَبَضْتُهَا لِئَلا يَتَخَطَّفَهَا النَّاسُ. إِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا وَأَبُوكُمَا مِمَّنْ ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ:
«وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ» الحجر: 47. قَالَ الْحَارِثُ الأَعْوَرُ الْهَمْدَانِيُّ: اللَّهُ أَعْدَلُ مِنْ ذَلِكَ. فَأَخَذَ عَلِيٌّ بِمَجَامِعِ ثِيَابِهِ وَقَالَ: فَمَنْ.
لا أُمَّ لَكَ. مَرَّتَيْنِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: أخبرنا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ يَوْمَ الْجَمَلِ فَقَالَ: ائْذَنُوا لِقَاتِلِ طَلْحَةَ. قَالَ فَسَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: بَشِّرْهُ بِالنَّارِ.]
48- صُهَيْبُ بْنُ سِنَانِ
بْن مالك بن عَبْد عَمْرو بْن عقيل بن عامر بن جندلة بن
__________
48 تاريخ خليفة (153) ، (198) ، وطبقات خليفة (19) ، (62) ، وعلل ابن المديني (93- 94) ، وفضائل الصحابة (2/ 828) ، والتاريخ الكبير (4) ت (2963) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 511) ، (3/ 168، 381) ، والمعارف (264) ، (265) ، وتاريخ واسط (66) ، (172) ، (212) ، (251) ، والجرح والتعديل (4) ت (1950) ، وثقات ابن حبان (3/ 193) ، وأسد الغابة (3/ 30) ، وحلية الأولياء (1/ 151، 156، 373) ، والاستيعاب (2/ 726) ، والكامل في التاريخ (2/ 67) ، (3/ 52، 66- 67، 79، 191، 215، 351، 374) ، وسير أعلام النبلاء (2/ 17) ، وتجريد أسماء الصحابة (1) ت (2828) ، والعبر (1/ 44) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (96) ، وتهذيب الكمال (2904) ، وتهذيب التهذيب (4/ 438) ، والإصابة (2) ت (4104) ، وتقريب التهذيب (1/ 370) ، وخلاصة الخزرجي (1) ت (3116) ، وشذرات الذهب (1/ 47) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (6/ 448) .(3/169)
جذيمة بن كعب بن سعد بن أسلم بْن أوس مناة بْنِ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطِ بْنِ هِنْبِ بْنِ أَفْصَى بْنِ دُعْمِيِّ بْنِ جَدِيلَةَ بْنِ أَسَدِ بن ربيعة بن نزار. وأمه سلمى بِنْت قعيد بْن مهيض بْن خزاعي بْن مازن بن مالك بْن عَمْرو بْن تميم. وكان أَبُوهُ سِنَان بْن مالك. أو عمه. عاملًا لكسرى على الأبلة. وكانت منازلهم بأرض المَوْصِل.
ويقال كانوا فِي قرية على شط الفرات مما يلي الجزيرة والموصل فأغارت الروم على تلك الناحية فسبت صهيبًا وهو غلام صغير. فقال عمه: أنشد الله. الغلام النمري دج وأهلي بالثني. قَالَ: والثني اسم القرية الّتي كان أهله بها. فنشأ صُهَيْب بالروم فصار ألكن فابتاعته كلب منهم ثُمَّ قدمت به مكّة فاشتراه عَبْد الله بن جدعان التيمي منهم فأعتقه فأقام معه بمكّة إِلَى أن هلك عَبْد الله بْن جُدْعان وبعث النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَرَادَ الله به من الكرامة ومَنّ به عليه من الْإِسْلَام. وأما أَهْل صُهَيْب وولده فيقولون بل هرب من الروم حين بلغ وعقل فقدم مكّة فحالف عبد الله ابن جُدْعان وأقام معه إِلَى أن هلك. وكان صُهَيْب رجلًا أحمر شديد الحمرة. ليس بالطويل ولا بالقصير. وهو إِلَى القصر أقرب. وكان كثير شعر الرأس. وكان يخضب بالحناء.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ أَبِي مَعْرُوفٍ الْجَزَرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَقُولُ:
صُهَيْبٌ مِنَ الْعَرَبِ مِنَ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ الله. ص: صُهَيْبٌ سَابِقُ الرُّومِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ وَأَبُو حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ قَالا:
أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عبيد الله ابن عَمْرٍو جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يُكْنَى أَبَا يَحْيَى وَيَقُولُ إِنَّهُ مِنَ الْعَرَبِ وَيُطْعِمُ الطَّعَامَ الْكَثِيرَ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا صُهَيْبُ مَا لَكَ تُكْنَى أَبَا يَحْيَى وَلَيْسَ لَكَ وَلَدٌ وَتَقُولُ إِنَّكَ مِنَ الْعَرَبِ(3/170)
وَأَنْتَ رَجُلٌ مِنَ الرُّومِ وَتُطْعِمُ الطَّعَامَ الْكَثِيرَ وَذَلِكَ سَرَفٌ فِي الْمَالِ؟ فَقَالَ صُهَيْبٌ:
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَنَّانِي أَبَا يَحْيَى. وَأَمَّا قَوْلُكَ فِي النَّسَبِ وَادِّعَائِي إِلَى الْعَرَبِ فَإِنِّي رَجُلٌ مِنَ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ مِنْ أَهْلِ الْمَوْصِلِ وَلَكِنْ سُبِيتُ. سَبَتْنِي الرُّومُ غُلامًا صَغِيرًا بَعْدَ أَنْ عَقَلْتُ أَهْلِي وقومي وعرفت نسبي. وأما قولك في إطعام وَإِسْرَافِي [فِيهِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ إِنَّ خِيَارَكُمْ مَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ وَرَدَّ السَّلامَ.
فَذَلِكَ الَّذِي يَحْمِلُنِي عَلَى أَنْ أُطْعِمَ الطَّعَامَ.] قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ: لَقِيتُ صُهَيْبَ بْنَ سِنَانٍ عَلَى بَابِ دَارِ الأَرْقَمِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فِيهَا فَقُلْتُ: مَا تُرِيدُ؟ فَقَالَ لِي: ما تريد أنت؟ فقلت: أردت أن أدخل عَلَى مُحَمَّدٍ فَأَسْمَعَ كَلامَهُ. قَالَ: وَأَنَا أُرِيدُ ذَلِكَ. قَالَ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَعَرَضَ عَلَيْنَا الإِسْلامَ فَأَسْلَمْنَا. ثُمَّ مَكَثْنَا يَوْمَنَا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَمْسَيْنَا. ثُمَّ خَرَجْنَا وَنَحْنُ مُسْتَخْفُونَ.
فَكَانَ إِسْلامُ عَمَّارٍ وَصُهَيْبٍ بَعْدَ بِضْعَةٍ وَثَلاثِينَ رَجُلا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَ صُهَيْبُ بْنُ سِنَانٍ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ كَانُوا يُعَذَّبُونَ فِي اللَّهِ بِمَكَّةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ صُهَيْبًا حِينَ أَرَادَ الْهِجْرَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ لَهُ أَهْلُ مَكَّةَ: أَتَيْتَنَا هَاهُنَا صُعْلُوكًا حَقِيرًا فَكَثُرَ مَالُكَ عِنْدَنَا وَبَلَغْتَ مَا بَلَغْتَ ثُمَّ تَنْطَلِقُ بِنَفْسِكَ وَمَالِكَ؟ وَاللَّهِ لا يَكُونُ ذَلِكَ. فَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ تَرَكْتُ مَالِي تُخَلُّونَ أَنْتُمْ سَبِيلِي؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَجَعَلَ لَهُمْ مَالَهُ أَجْمَعَ. [فَبَلَغَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ رَبِحَ صُهَيْبٌ. رَبِحَ صُهَيْبٌ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: أَقْبَلَ صُهَيْبٌ مُهَاجِرًا نَحْوَ الْمَدِينَةِ وَاتَّبَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ وَانْتَشَلَ مَا فِي كِنَانَتِهِ ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي مِنْ أَرْمَاكُمْ رَجُلا. وَايْمُ اللَّهِ لا تَصِلُونَ إِلَيَّ حَتَّى أَرْمِيَ بِكُلِّ سَهْمٍ مَعِيَ فِي كِنَانَتِي ثُمَّ أَضْرِبَكُمْ بِسَيْفِي مَا بَقِيَ فِي يَدِي مِنْهُ شَيْءٌ. فَافْعَلُوا مَا شِئْتُمْ. فَإِنْ شِئْتُمْ دَلَلْتُكُمْ عَلَى مَالِي وَخَلَّيْتُمْ سَبِيلِي.
قَالُوا: نَعَمْ. فَفَعَلَ. [فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ رَبِحَ الْبَيْعُ أَبَا يحيى. ربح(3/171)
الْبَيْعُ.] قَالَ وَنَزَلَتْ: «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ» البقرة: 207.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ سُوَيْدٍ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَدِمَ آخِرُ النَّاسِ فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ عَلِيٌّ وَصُهَيْبُ بْنُ سِنَانٍ. وَذَلِكَ لِلنِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأول. ورسول الله.
ص. بقباء لم يرم بَعْدُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الْحَكِيمِ ابن صُهَيْبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: قَدِمَ صُهَيْبٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِقُبَاءٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بين أَيْدِيهِمْ رُطَبٌ قَدْ جَاءَهُمْ بِهِ كُلْثُومُ بْنُ الْهِدْمِ أُمَّهَاتِ جَرَاذِينَ. وَصُهَيْبٌ قَدْ رَمِدَ بِالطَّرِيقِ وَأَصَابَتْهُ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ. فَوَقَعَ فِي الرُّطَبِ فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا تَرَى إِلَى صُهَيْبٍ يَأْكُلُ الرُّطَبَ وَهُوَ رَمِدٌ؟ [فَقَالَ رَسُولُ الله.
ص: تَأْكُلُ الرُّطَبَ وَأَنْتَ رَمِدٌ] ؟ فَقَالَ صُهَيْبٌ: وَإِنَّمَا آكُلُهُ بِشِقِّ عَيْنِي الصَّحِيحَةِ.
فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَعَلَ صُهَيْبٌ يَقُولُ لأَبِي بَكْرٍ: وَعَدْتَنِي أَنْ تَصْطَحِبَ فَخَرَجْتَ وَتَرَكْتَنِي. وَيَقُولُ: وَعَدْتَنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تُصَاحِبَنِيَ فانطلقت وتركتني فأخذتني قريش فحبسوني فأشريت نفسي وأهلي بمالي. [فقال رسول الله. ص:
رَبِحَ الْبَيْعُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ» البقرة: 207. وَقَالَ صُهَيْبٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَزَوَّدْتَ إِلا مُدًّا مِنْ دَقِيقٍ عَجَنْتُهُ بِالأَبْوَاءِ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَيْكَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ صُهَيْبٌ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ. وَنَزَلَ الْعُزَّابُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ وَالْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ.
قَالَ: وَشَهِدَ صُهَيْبٌ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ صُهَيْبٌ يَقُولُ: هَلُمُّوا نُحَدِّثُكُمْ عَنْ(3/172)
مَغَازِينَا فَأَمَّا أَنْ أَقُولَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ فَلا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ لأَهْلِ الشُّورَى فِيمَا يُوصِيهِمْ بِهِ: وَلْيُصَلِّ لَكُمْ صُهَيْبٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ نَظَرَ الْمُسْلِمُونَ فَإِذَا صُهَيْبٌ يُصَلِّي بِهِمُ الْمَكْتُوبَاتِ بِأَمْرِ عُمَرَ فَقَدَّمُوا صُهَيْبًا فَصَلَّى عَلَى عُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حُذَيْفَةَ رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ صُهَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: تُوُفِّيَ صُهَيْبٌ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ سَنَةً بِالْمَدِينَةِ. وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَدْ رَوَى صُهَيْبٌ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
49- عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ
مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ويكنى أَبَا عمرو.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي معمر عن الزهري عن عروة عن عَائِشَةَ فِي حَدِيثٍ لَهَا طَوِيلٌ قَالَتْ: وَكَانَ عامر بن فهيرة للطفيل بن الحارث أَخِي عَائِشَةَ لأُمِّهَا أُمِّ رُومَانَ. فَأَسْلَمَ عَامِرٌ فَاشْتَرَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَعْتَقَهُ. وَكَانَ يَرْعَى عَلَيْهِ مَنِيحَةً مِنْ غَنَمٍ لَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن صالح عن يزيد بن رومان قال: أسلم عامر بْنُ فُهَيْرَةَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الأَرْقَمِ وَقَبْلَ أَنْ يَدْعُوَ فِيهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. فَكَانَ مِمَّنْ يُعَذَّبُ بِمَكَّةَ لِيَرْجِعَ عَنْ دِينِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ ابن قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ.
__________
49 المغازي (155) ، (349) (359) ، وتاريخ الطبري (2/ 376، 378، 379، 413، 546، 547)(3/173)
قالوا: آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ وَالْحَارِثِ بْنِ أَوْسِ بْنِ مُعَاذٍ. وَشَهِدَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بَدْرًا وَأُحُدًا. وَقُتِلَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ سَنَةَ أربع من الهجرة. وكان يوم قتل ابن أَرْبَعِينَ سَنَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَرِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ كَانَ مِنْ أُولَئِكِ الرَّهْطِ الَّذِينَ قُتِلُوا يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَزَعَمَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ فَلَمْ يُوجَدْ جَسَدُهُ حِينَ دُفِنَ. قَالَ عُرْوَةُ: وكانوا يرون أن الملائكة هي دفنته.
قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مَنْ سُمِّيَ مِنْ رِجَالِهِ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ جَبَّارَ بْنَ سُلْمَى الْكَلْبِيَّ طَعَنَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ يَوْمَئِذٍ فَأَنْفَذَهُ. فَقَالَ عَامِرٌ: فُزْتُ وَاللَّهِ! قَالَ: وَذُهِبَ بِعَامِرٍ عُلُوًا فِي السَّمَاءِ حَتَّى ما أراه. [فقال رسول الله. ص: فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ وَارَتْ جُثَّتَهُ وَأُنْزِلَ عِلِّيِّينَ] . وَسَأَلَ جَبَّارُ بْنُ سَلْمَى مَا قَوْلُهُ فُزْتُ وَاللَّهِ.
قَالُوا: الْجَنَّةَ. قَالَ فَأَسْلَمَ جَبَّارٌ لَمَّا رَأَى مِنْ أَمْرِ عَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ فَحَسُنَ إِسْلامُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: رُفِعَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ إِلَى السَّمَاءِ فَلَمْ تُوجَدْ جُثَّتُهُ. يَرَوْنَ أَنَّ الْمَلائِكَةَ وَارَتْهُ.
50- بِلالُ بْنُ رَبَاحٍ
مَوْلَى أبي بكر ويكنى أبا عبد الله. وكان من مولدي السراة
__________
50 تاريخ خليفة (56، (99) ، (149) ، (423) ، وطبقات خليفة (19) ، (298) ، ونسب قريش (208) ، والتاريخ الكبير للبخاري (2/ 1/ 106) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 243، 260، 281، 446، 448، 452، 453، 455، 691) ، (2/ 222، 303، 363، 496، 625، 628) ، (3/ 30) ، وتاريخ أبي زرعة (594) ، وتاريخ واسط (48) ، (57) ، (66) ، (77) ، (223) ، (236) ، (237) ، (251) ، (274) ، والجرح والتعديل (1/ 1/ 395) ، وثقات ابن حبان (3/ 28) ، والأغاني (3/ 120- 121) ، وحلية الأولياء (1/ 147- 151) ، والاستيعاب (1/ 178- 182) ، والجمع لابن القيسراني (1/ 60) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (3/ 304- 318) ، وأسد الغابة (1/ 206- 209) ، وتهذيب الأسماء (1/ 136، 137) ، وتاريخ الإسلام الذهبي (2/ 3) ، وسير أعلام النبلاء (1/ 347- 360) ، والعقد الثمين (3/ 378- 380) ، وتهذيب الكمال (782) ، وتهذيب التهذيب (1/ 502- 503) ، والإصابة (1/ 165) .(3/174)
واسم أمه حمامة. وكانت لبعض بني جمح.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله. ص: بِلالٌ سَابِقُ الْحَبَشَةِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَ بِلالُ بْنُ رَبَاحٍ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَكَانَ يُعَذَّبُ حِينَ أسلم لِيَرْجِعَ عَنْ دِينِهِ. فَمَا أَعْطَاهُمْ قَطُّ كَلِمَةً مِمَّا يُرِيدُونَ. وَكَانَ الَّذِي يُعَذِّبُهُ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنِ عَوْنٍ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ بِلالٌ إِذَا اشْتَدُّوا عَلَيْهِ فِي الْعَذَابِ قَالَ: أَحَدٌ أَحَدٌ. فَيَقُولُونَ لَهُ: قُلْ كَمَا نَقُولُ. فَيَقُولُ: إِنَّ لِسَانِيَ لا يُحْسِنُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ بِلالا أَخَذَهُ أَهْلُهُ فَمَطُّوهُ وَأَلْقَوْا عَلَيْهِ مِنَ الْبَطْحَاءِ وَجِلْدِ بَقَرَةٍ فَجَعَلُوا يَقُولُونَ:
رَبُّكَ اللاتُ وَالْعُزَّى. وَيَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ. قَالَ فأتى عليه أبو بكر فقال: علا م تُعَذِّبُونَ هَذَا الإِنْسَانَ؟ قَالَ: فَاشْتَرَاهُ بِسَبْعِ أَوَاقٍ فَأَعْتَقَهُ. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[فَقَالَ: الشَّرِكَةَ يَا أَبَا بَكْرٍ. فَقَالَ: قَدْ أَعْتَقْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسٍ قَالَ: اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ بِلالا بِخَمْسِ أَوَاقٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو الْعَقَدِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا.
يَعْنِي بِلالا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الضَّبِّيُّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: «مَا لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ» ص: 63. قَالَ: يَقُولُ أَبُو جَهْلٍ أَيْنَ بلال أين فلان أَيْنَ فُلانٌ كُنَّا نَعُدُّهُمْ فِي الدُّنْيَا مِنَ الأَشْرَارِ فَلا نَرَاهُمْ فِي النَّارِ أَمْ هُمْ فِي مَكَانٍ لا نَرَاهُمْ فِيهِ أَمْ هُمْ فِي النَّارِ لا نَرَى مَكَانَهُمْ؟.(3/175)
قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ الإِسْلامَ سَبْعَةٌ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ. وَبِلالٌ. وَخَبَّابٌ. وَصُهَيْبٌ.
وَعَمَّارٌ. وَسُمَيَّةُ أُمُّ عَمَّارٍ. قَالَ: فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَنَعَهُ عَمُّهُ. وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَمَنَعَهُ قَوْمُهُ. وَأُخِذَ الآخَرُونَ فَأَلْبَسُوهُمْ أَدْرَاعَ الْحَدِيدِ ثُمَّ صَهَرُوهُمْ فِي الشَّمْسِ حَتَّى بَلَغَ الْجَهْدُ مِنْهُمْ كُلَّ مَبْلَغٍ فَأَعْطَوْهُمْ مَا سَأَلُوا. فَجَاءَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ قَوْمَهُ بِأَنْطَاعِ الأُدْمِ فِيهَا الْمَاءُ فَأَلْقَوْهُمْ فِيهِ وَحَمَلُوا بِجَوَانِبِهِ إِلا بِلالا. فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ جَاء أَبُو جَهْلٍ فَجَعَلَ يَشْتِمُ سُمَيَّةَ وَيَرْفُثُ. ثُمَّ طَعَنَهَا فَقَتَلَهَا فَهِيَ أَوَّلُ شَهِيدٍ اسْتُشْهِدَ فِي الإِسْلامِ إِلا بِلالا فَإِنَّهُ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللَّهِ حَتَّى مَلُّوهُ. فَجَعَلُوا فِي عُنُقِهِ حَبْلا ثُمَّ أَمَرُوا صِبْيَانَهُمْ أَنْ يَشْتَدُّوا بِهِ بَيْنَ أَخْشَبَيْ مَكَّةَ. فَجَعَلَ بِلالٌ يَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ لَمَّا هَاجَرَ بِلالٌ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ بِلالٍ وَبَيْنَ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَيُقَالُ أَنَّهُ آخَى بَيْنَ بِلالٍ وَبَيْنَ أَبِي رُوَيْحَةَ الْخَثْعَمِيِّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِثَبْتٍ وَلَمْ يَشْهَدْ أَبُو رُوَيْحَةَ بَدْرًا.
وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ يُثْبِتُ مُؤَاخَاةَ بِلالٍ وَأَبِي رُوَيْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَثْعَمِيِّ ثُمَّ أَحَدِ الْفُرْعِ وَيَقُولُ: لَمَّا دَوَّنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الدَّوَاوِينَ بِالشَّامِ خَرَجَ بِلالٌ إِلَى الشَّامِ فَأَقَامَ بِهَا مُجَاهِدًا. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إِلَى مَنْ تَجْعَلُ دِيوَانَكَ يَا بِلالُ؟ قَالَ: مَعَ أَبِي رُوَيْحَةَ لا أُفَارِقُهُ أَبَدًا لِلأُخُوَّةِ الَّتِي كان رسول الله.
ص. عَقَدَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ. فَضَمَّهُ إِلَيْهِ وَضَمَّ دِيوَانَ الْحَبَشَةِ إِلَى خَثْعَمٍ لِمَكَانِ بِلالٍ مِنْهُمْ. فَهُوَ فِي خَثْعَمٍ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ بِالشَّامِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَذَّنَ بِلالٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ بِلالٌ إِذَا فَرَغَ مِنَ الأَذَانِ فَأَرَادَ أَنْ يُعْلِمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -(3/176)
أَنَّهُ قَدْ أَذَّنَ وَقَفَ عَلَى الْبَابِ وَقَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ. حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ. الصَّلاةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَإِذَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَآهُ بِلالٌ ابْتَدَأَ فِي الإِقَامَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثَةُ مؤذنين: بلال وأبو محذورة وعمرو ابن أُمِّ مَكْتُومٍ. فَإِذَا غَابَ بِلالٌ أَذَّنَ أَبُو مَحْذُورَةَ. وَإِذَا غَابَ أَبُو مَحْذُورَةَ أَذَّنَ عَمْرُو ابن أم مكتوم. أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ مُلَيْكَةَ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِلالا أَنْ يُؤَذِّنَ يَوْمَ الْفَتْحِ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ فَأَذَّنَ عَلَى ظَهْرِهَا وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ قَاعِدَانِ. فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ: انْظُرْ إِلَى هَذَا الْحَبَشِيِّ. فَقَالَ الآخَرُ: إِنْ يَكْرَهْهُ اللَّهُ يُغَيِّرْهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ بِلالا كَانَ يُؤَذِّنُ حِينَ يَدْحَضُ الشَّمْسَ وَيُؤَخِّرُ الإِقَامَةَ قليلا. أو قال: وربما أخر قَلِيلا وَلَكِنْ لا يُخْرِجُ فِي الأَذَانِ عَنِ الْوَقْتِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَارِمٌ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ بِلالا صَعِدَ لِيُؤَذِّنَ وَهُوَ يَقُولُ:
مَالُ بِلالا ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ ... وَابْتَلَّ مِنْ نَضْحِ دَمٍ جَبِينُهُ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابن عمر قَالَ: كَانَتِ الْعَنَزَةُ تُحْمَلُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْعِيدِ يَحْمِلُهَا بِلالٌ الْمُؤَذِّنُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَكَانَ يَرْكِزُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَالْمُصَلَّى يَوْمَئِذٍ فَضَاءٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدِ الْقَرَظِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَ بِلالٌ يَحْمِلُ الْعَنَزَةَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ.
ص. يَوْمَ الْعِيدِ وَالاسْتِسْقَاءِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حدثني عبد الرحمن(3/177)
ابن سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ الْمُؤَذِّنُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ وَعَمَّارُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ وَعُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ آبَائِهِمْ عَنْ أَجْدَادِهِ أَنَّهُمْ أَخْبَرُوهُ أَنَّ النَّجَاشِيَّ الْحَبَشِيَّ بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثَ عَنَزَاتٍ فَأَمْسَكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاحِدَةً لِنَفْسِهِ وَأَعْطَى عَلِيَّ ابن أَبِي طَالِبٍ وَاحِدَةً وَأَعْطَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَاحِدَةً. فَكَانَ بِلالٌ يَمْشِي بِتِلْكَ الْعَنَزَةِ الَّتِي أَمْسَكَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَفْسِهِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعِيدَيْنِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الأَضْحَى حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى فَيَرْكُزُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا. ثُمَّ كَانَ يَمْشِي بِهَا بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَلِكَ. ثُمَّ كَانَ سَعْدُ الْقَرَظِ يَمْشِي بِهَا بَيْنَ يَدَيْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فِي الْعِيدَيْنِ فَيَرْكُزُهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمَا وَيُصَلِّيَانِ إِلَيْهَا. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدٍ: وَهِيَ هَذِهِ الْعَنَزَةُ الَّتِي يُمْشَى بِهَا الْيَوْمَ بَيْنَ يَدَيِ الْوُلاةِ.
قَالُوا: وَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَ بِلالٌ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالَ لَهُ:
يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّي [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وهو يَقُولُ: أَفْضَلُ عَمَلِ الْمُؤْمِنِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ] . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَمَا تَشَاءُ يَا بِلالُ؟ قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أُرَابِطَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى أَمُوتَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا بِلالُ وَحُرْمَتِي وَحَقِّي فَقَدْ كَبِرْتُ وَضَعُفْتُ وَاقْتَرَبَ أَجَلِي. فَأَقَامَ بِلالٌ مَعَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ. فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ جَاءَ بِلالٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ لأَبِي بَكْرٍ. فَرَدَّ عَلَيْهِ عُمَرُ كَمَا رَدَّ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ. فَأَبَى بِلالٌ عَلَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ: فَإِلَى مَنْ تَرَى أَنْ أَجْعَلَ النِّدَاءَ؟ فَقَالَ:
إِلَى سَعْدٍ. فَإِنَّهُ قَدْ أَذَّنَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَا عُمَرُ سَعْدًا فَجَعَلَ الأَذَانَ إِلَيْهِ وَإِلَى عَقِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذَّنَ بِلالٌ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُقْبَرْ. فَكَانَ إِذَا قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ انْتَحَبَ النَّاسُ فِي الْمَسْجِدِ. قَالَ فَلَمَّا دُفِنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لَهُ أَبُو بَكْرٍ: أَذِّنْ. فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا أَعْتَقَتَنِي لأَنْ أَكُونَ مَعَكَ فَسَبِيلُ ذَلِكَ. وَإِنْ كُنْتَ أَعْتَقَتَنِي لِلَّهِ فَخَلِّنِي وَمَنْ أَعْتَقَتَنِي لَهُ. فَقَالَ: مَا أَعْتَقْتُكَ إِلا لِلَّهِ. قَالَ: فَإِنِّي لا أُؤَذِّنُ لأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَذَاكَ إِلَيْكَ.
قَالَ فَأَقَامَ حَتَّى خَرَجَتْ بُعُوثُ الشَّامِ فَسَارَ مَعَهُمْ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهَا.(3/178)
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا قَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ لَهُ بِلالٌ: يَا أَبَا بَكْرٍ. قَالَ: لَبَّيْكَ. قَالَ: أَعْتَقَتَنِي لِلَّهِ أَوْ لِنَفْسِكَ؟ قَالَ: لِلَّهِ. قَالَ: فَأْذَنْ لِي حَتَّى أَغْزُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَأَذِنَ لَهُ فَذَهَبَ إِلَى الشَّامِ فَمَاتَ ثَمَّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قال: خطب بلال إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الْيَمَنِ فَقَالَ: أَنَا بِلالٌ وَهَذَا أَخِي.
عَبْدَانُ مِنَ الْحَبَشَةِ كُنَّا ضَالَّيْنِ فَهَدَانَا اللَّهُ وَكُنَّا عَبْدَيْنِ فَأَعْتَقَنَا اللَّهُ. فَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَإِنْ تَمْنَعُونَا فَاللَّهُ أَكْبَرُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ أَخًا لِبِلالٍ كَانَ يَنْتَمِي إِلَى الْعَرَبِ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْهُمْ فَخَطَبَ امْرَأَةً مِنَ الْعَرَبِ فَقَالُوا: إِنْ حَضَرَ بِلالٌ زَوَّجْنَاكَ. قَالَ: فَحَضَرَ بِلالٌ فَتَشَهَّدَ وَقَالَ: أَنَا بِلالُ بْنُ رَبَاحٍ وَهَذَا أَخِي وَهُوَ امْرُؤُ سُوءٍ فِي الْخُلُقِ وَالدِّينِ. فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ تُزَوِّجُوهُ وَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَدَعُوا فَدَعُوا. فَقَالُوا: مَنْ تَكُونُ أَخَاهُ نُزَوِّجُهُ.
فَزَوَّجُوهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ ابن أسلم أن بني أبي البكير جاؤوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[فَقَالُوا: زَوِّجْ أُخْتَنَا فُلانًا.
فَقَالَ لَهُمْ: أَيْنَ أنتم عن بلال؟ ثم جاؤوا مَرَّةً أُخْرَى فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْكِحْ أُخْتَنَا فُلانًا. فَقَالَ: أَيْنَ أَنْتُمْ عَنْ بِلالٍ؟ ثم جاؤوا الثَّالِثَةَ فَقَالُوا: أَنْكِحْ أُخْتَنَا فُلانًا. فَقَالَ: أَيْنَ أَنْتُمْ عَنْ بِلالٍ؟؟ أَيْنَ أَنْتُمْ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قَالَ فَأَنْكَحُوهُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَ ابْنَةَ أَبِي الْبُكَيْرِ بِلالا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ أَنَّ رَسُولَ الله.
ص. زَوَّجَ ابْنَةَ الْبُكَيْرِ بِلالا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو هِلالٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ أَنَّ بِلالا(3/179)
تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَرَبِيَّةً مِنْ بَنِي زُهْرَةَ.
قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ الْحِمْصِيِّ عَنْ جَرِيرِ بن عثمان عن عبد الرحمن ابن مَيْسَرَةَ عَنِ ابْنِ مُرَاهِنٍ قَالَ: كَانَ أُنَاسٌ يَأْتُونَ بِلالا فَيَذْكُرُونَ فَضْلَهُ وَمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْخَيْرِ فَكَانَ يَقُولُ: إِنَّمَا أَنَا حَبَشِيٌّ كُنْتُ بِالأَمْسِ عَبْدًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسٍ قَالَ: قَالَ بِلالٌ لأَبِي بَكْرٍ حِينَ تُوُفِّيَ رسول الله. ص: إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا اشْتَرَيْتَنِي لِنَفْسِكَ فَأَمْسِكْنِي. وَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا اشْتَرَيْتَنِي لِلَّهِ فَذَرْنِي وَعَمَلِي لِلَّهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تُوُفِّيَ بِلالٌ بِدِمَشْقَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَدُفِنَ عِنْدَ الْبَابِ الصَّغِيرِ فِي مَقْبَرَةِ دِمَشْقَ وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ سَمِعْتُ شُعَيْبَ بْنَ طَلْحَةَ مِنْ وَلَدِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ يَقُولُ: كَانَ بِلالٌ تِرْبَ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَإِنْ كَانَ هَذَا هَكَذَا وَقَدْ تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً فَبَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا رُوِيَ لَنَا فِي بِلالٍ سَبْعُ سِنِينَ. وَشُعَيْبُ بْنُ طَلْحَةَ أَعْلَمُ بِمِيلادِ بِلالٍ حِينَ يَقُولُ هُوَ تِرْبُ أَبِي بَكْرٍ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ رَأَى بِلالا رَجُلا آدَمَ شَدِيدَ الأُدْمَةِ. نَحِيفًا. طُوَالا. أَجْنَأَ. لَهُ شَعْرٌ كَثِيرٌ. خَفِيفُ الْعَارِضَيْنِ. بِهِ شَمَطٌ كَثِيرٌ. لا يُغَيِّرُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: قَدْ شَهِدَ بِلالٌ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمسة نفر.
وَمِنْ بَنِي مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غالب
51- أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ
بْنِ هِلالِ بْنِ عبد الله بن عمر بن مخزوم. واسم أبي
__________
51 التاريخ الكبير للبخاري (5/ ت 8) ، والمعرفة والتاريخ (1/ 246) ، والكنى والأسماء للدولابي (1/ 33) ، والجرح والتعديل (5/ ت 493) ، وثقات ابن حبان (3/ 213) ، والاستيعاب (3/ 939) ، (4/ 1682) ، وأنساب القرشيين (269) ، والكامل في التاريخ (1/ 459) ، (2/ 49، 101، 112، 308) ، وأسد الغابة (3/ 195) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 3381) ، وتهذيب الكمال (3369) ، وتهذيب التهذيب (5/ 278، 288) ، والإصابة (2/ ت 4783) ، وتقريب التهذيب (1/ 427) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3603) ، وحذف من نسب قريش (73) ، (74) .(3/180)
سَلَمَة عَبْد الله وأمه برة بِنْت عَبْد المطلب بْن هشام بْن عَبْد مناف بْن قصي. وكان لأبي سَلَمَة من الولد سَلَمَة وعُمَر وزينب ودرة وأمهم أُمُّ سَلَمَة واسمها هند بِنْت أبي أمية بْن المغيرة بْن عَبْد الله بْن عُمَر بْن مخزوم. وولدت زينب بأرض الحبشة فِي الهجرة إليها.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أسلم أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ أَرْقَمَ بْنِ أَبِي الأَرْقَمِ وَقَبْلَ أَنْ يَدْعُوَ فِيهَا.
قَالُوا: وَكَانَ أَبُو سَلَمَةَ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ فِي الْهِجْرَتَيْنِ جَمِيعًا وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ فِيهِمَا جَمِيعًا مُجْمَعٌ عَلَى ذَلِكَ فِي الرِّوَايَاتِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا معمر عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ لِلْهِجْرَةِ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ سُوَيْدٍ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا فِي الْهِجْرَةِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ. قَدِمَ لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنَ الْمُحَرَّمِ وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ. فَكَانَ بَيْنَ أَوَّلِ مَنْ قَدِمَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فَنَزَلُوا فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ. وَبَيْنَ آخِرِهِمْ شَهْرَانِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ وَنَزَلَ أَبُو سَلَمَةَ حِينَ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ بِقُبَاءٍ عَلَى مُبَشِّرِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التيمي عن أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الأَسَدِ وَسَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بن عبد الله بن الزهري عن(3/181)
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: لَمَّا أَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدُّورَ بِالْمَدِينَةِ جَعَلَ لأَبِي سَلَمَةَ مَوْضِعَ دَارِهِ عِنْدَ دَارِ بَنِي عَبْدِ الْعَزِيزِ الزُّهْرِيِّينَ الْيَوْمَ. كَانَتْ مَعَهُ أُمُّ سَلَمَةَ. فَبَاعُوهُ بَعْدُ وَتَحَوَّلُوا إِلَى بَنِي كَعْبٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ شَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَكَانَ الَّذِي جَرَحَهُ بِأُحُدٍ أَبُو أُسَامَةَ الْجُشَمِيُّ رَمَاهُ بِمَعْبَلَةٍ فِي عَضُدِهِ فَمَكَثَ شَهْرًا يُدَاوِيهِ فَبَرَأَ فِيمَا يُرَى. وَقَدِ انْدَمَلَ الْجُرْحُ عَلَى بَغْيٍ لا يَعْرِفُهُ.
فَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي المحرَّم عَلَى رَأْسِ خَمْسَةٍ وَثَلاثِينَ شَهْرًا مِن الْهِجْرَةِ سَرِيَّةً إِلَى بَنِي أَسَدٍ بِقَطَنٍ. فَغَابَ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَانْتَفَضَ بِهِ الْجُرْحُ فَاشْتَكَى. ثُمَّ مَاتَ لِثَلاثِ لَيَالٍ مَضَيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ. فَغُسِّلَ مِنَ الْيَسِيرَةِ بِئْرِ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ بِالْعَالِيَةِ. وَكَانَ يَنْزِلُ هُنَاكَ حِينَ تَحَوَّلَ مِنْ قُبَاءٍ. غُسِّلَ بَيْنَ قَرْنَيِ الْبِئْرِ وَكَانَ اسْمُهَا فِي الجاهلية العبير فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْيَسِيرَةَ. ثُمَّ حُمِلَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ فَدُفِنَ بِالْمَدِينَةِ.
قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: فَاعْتَدَّتْ أُمِّي أُمُّ سَلَمَةَ حَتَّى حَلَّتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ جَمِيعًا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الأَسَدِ الْوَفَاةُ حَضَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ النِّسَاءِ سِتْرٌ مَسْتُورٌ فبكين.
[فقال رسول الله. ص: إِنَّ الْمَيِّتَ يُحْضَرُ وَيُؤَمَّنُ عَلَى مَا يَقُولُ أَهْلُهُ. وَإِنَّ الْبَصَرَ لَيَشْخَصُ لِلرُّوحِ حِينَ يُعْرَجُ بِهَا. فَلَمَّا قَاظَتْ نَفْسُهُ بَسَطَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَفَّيْهِ عَلَى عَيْنَيْهِ فَأَغْمَضَهُمَا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَغْمَضَ أَبَا سَلَمَةَ حِينَ مَاتَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَغْمَضَ أَبَا سَلَمَةَ حِينَ مات.(3/182)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَنْ سَمِعَ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَغْمَضَ أَبَا سَلَمَةَ حِينَ مَاتَ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلابَةَ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الأَسَدِ يَعُودُهُ فَوَافَقَ دُخُولُهُ عَلَيْهِ خُرُوجَ نَفْسِهِ.
قَالَ فَقُلْنَ النِّسَاءُ عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: مَهْ لا تدعون على أنفسكن بِخَيْرٍ فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَحْضُرُ الْمَيِّتَ. أَوْ قَالَ أَهْلَ الْمَيِّتِ. فَيُؤْمِنُونَ عَلَى دُعَائِهِمْ. فَلا تَدْعُونَ عَلَى أَنْفُسِكُنَّ إِلا بِخَيْرٍ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أفسح له في قبره وأضيء لَهُ فِيهِ. وَعَظِّمْ نُورَهُ وَاغْفِرْ ذَنْبَهُ.
اللَّهُمَّ ارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ وَاخْلُفْهُ فِي تَرِكَتِهِ فِي الْغَابِرِينَ وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الرُّوحَ إِذَا خَرَجَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ. أَمَا رَأَيْتُمْ إِلَى شُخُوصِ عَيْنَيْهِ؟] .
52- أَرْقَمُ بْنُ أَبِي الأَرْقَمِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عبد الله بن عمر بن مخزوم.
وأمه أميمة بِنْت الْحَارِث بْن حبالة بْن عمير بن غشبان من خزاعة. وخاله نافع بْن عَبْد الْحَارِث الخزاعي عامل عُمَر بْن الخطاب على مكّة. ويكنى الأرقم أَبَا عَبْد الله. واسم أبي الأرقم عَبْد مناف. ويكنى أسد بْن عَبْد الله أبا جندب. وكان للأرقم من الولد عُبَيْد الله لأم وُلِدَ. وعثمان لأم وُلِدَ. وأمية ومريم وأمهما هند بِنْت عَبْد الله بْن الْحَارِث من بني أسد بْن خُزَيْمَة. وصفية لأم وُلِدَ. ويتعاد وُلِدَ الأرقم إِلَى بضعة وعشرين إنسانًا وكلهم وُلِدَ عُثْمَان بْن الأرقم. وبعضهم بالشام وقعوا إليها منذ سنين.
وأما وُلِدَ عُبَيْد الله بْن الأرقم فانقرضوا فلم يبق منهم أحد.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ هِنْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ الأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الأَرْقَمِ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ الأَرْقَمِ قَالَ:
سَمِعْتُ جَدِّيَ عُثْمَانَ بْنَ الأَرْقَمِ يَقُولُ: أَنَا ابْنُ سَبْعَةٍ فِي الإِسْلامِ أَسْلَمَ أَبِي سَابِعُ سَبْعَةٍ وَكَانَتْ دَارُهُ بِمَكَّةَ عَلَى الصَّفَا وَهِيَ الدَّارُ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكُونُ فِيهَا في أَوَّلُ الإِسْلامِ. وَفِيهَا دَعَا النَّاسَ إِلَى الإِسْلامِ. وَأَسْلَمَ فِيهَا قَوْمٌ كَثِيرٌ. وَقَالَ لَيْلَةَ الاثْنَيْنِ فيها:
__________
52 مغازي الواقدي (103) ، (155) ، (341) ، والإصابة (1/ 26) ، وتاريخ الإسلام (2/ 270) ، وحذف من نسب قريش (73) .(3/183)
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ بِأَحَبِّ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَوْ عَمْرِو بْنِ هِشَامٍ. فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنَ الْغَدِ بُكْرَةً فَأَسْلَمَ فِي دَارِ الأَرْقَمِ. وَخَرَجُوا مِنْهَا فَكَبِّرُوا وَطَافُوا الْبَيْتَ ظَاهِرِينَ. وَدُعِيَتْ دَارُ الأَرْقَمِ دَارُ الإِسْلامِ. وَتَصَدَّقَ بِهَا الأَرْقَمُ عَلَى وَلَدِهِ فَقَرَأْتُ نُسْخَةَ صَدَقَةِ الأَرْقَمِ بِدَارِهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا مَا قَضَى الأَرْقَمُ فِي رُبُعِهِ مَا حَازَ الصَّفَا إِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ بِمَكَانِهَا مِنَ الْحَرَمِ لا تُبَاعُ وَلا تُوَرَّثُ. شَهِدَ هِشَامُ بْنُ الْعَاصِ وَفُلانٌ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ الْعَاصِ.
قَالَ: فَلَمْ تَزَلْ هَذِهِ الدَّارُ صَدَقَةً قَائِمَةً فِيهَا وَلَدُهُ يَسْكُنُونَ وَيُؤَاجِرُونَ وَيَأْخُذُونَ عَلَيْهَا حَتَّى كَانَ زَمَنُ أَبِي جَعْفَرٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ: فَأَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ الأَرْقَمِ قَالَ: إِنِّي لأَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي وَقَعَتْ فِي نَفْسِ أَبِي جَعْفَرٍ. إِنَّهُ لَيْسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي حَجَّةٍ حَجَّهَا وَنَحْنُ عَلَى ظَهْرِ الدَّارِ فِي فُسْطَاطٍ فَيَمُرُّ تَحْتَنَا لَوْ أَشَاءُ أَنْ آخُذَ قَلَنْسُوَةً عَلَيْهِ لأَخَذْتُهَا وَإِنَّهُ لَيَنْظُرُ إِلَيْنَا مِنْ حِينَ يَهْبِطُ بَطْنَ الْوَادِي حَتَّى يَصْعَدَ إِلَى الصَّفَا. فَلَمَّا خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ بِالْمَدِينَةِ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الأَرْقَمِ مِمَّنْ تَابَعَهُ وَلَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ. فَتَعَلَّقَ عَلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ بِذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ بِالْمَدِينَةِ أَنْ يَحْبِسَهُ وَيَطْرَحَهُ فِي حَدِيدٍ. ثُمَّ بَعَثَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يُقَالُ لَهُ شِهَابُ بْنُ عَبْدِ رَبٍّ وَكَتَبَ مَعَهُ إِلَى عامل المدينة أَنْ يَفْعَلَ مَا يَأْمُرُهُ بِهِ. فَدَخَلَ شِهَابٌ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ الْحَبْسَ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ ابْنُ بِضْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً وَقَدْ ضَجِرَ بِالْحَدِيدِ وَالْحَبْسِ فَقَالَ لَهُ:
هَلْ لَكَ أَنْ أُخَلِّصَكَ مِمَّا أَنْتَ فِيهِ وَتَبِيعَنِي دَارَ الأَرْقَمِ؟ فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يُرِيدُهَا وَعَسَى إِنْ بِعْتَهُ إِيَّاهَا أَنْ أُكَلِّمَهُ فِيكَ فَيَعْفُوَ عَنْكَ. قَالَ: إِنَّهَا صَدَقَةٌ وَلَكِنَّ حَقِّي مِنْهَا لَهُ وَمَعِي فِيهَا شُرَكَاءٌ إِخْوَتِي وَغَيْرُهُمْ. فَقَالَ: إِنَّمَا عَلَيْكَ نَفْسَكَ. أَعْطِنَا حَقَّكَ وَبَرِئْتَ. فَأَشْهَدَ لَهُ بِحَقِّهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ كِتَابَ شِرًى عَلَى حِسَابِ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ ثُمَّ تَتَبَّعَ إِخْوَتَهُ فَفَتَنَتْهُمْ كَثْرَةُ الْمَالِ فَبَاعُوهُ فَصَارَتْ لأَبِي جَعْفَرٍ وَلِمَنْ أَقْطَعَهَا. ثُمَّ صَيَّرَهَا الْمَهْدِيُّ لِلْخَيْزُرَانَ أُمِّ مُوسَى وَهَارُونَ فَبَنَتْهَا وَعُرِفَتْ بِهَا. ثُمَّ صَارَتْ لِجَعْفَرِ بْنِ مُوسَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. ثُمَّ سَكَنَهَا أَصْحَابُ الشَّطَوِيِّ وَالْعَدَنِيِّ. ثُمَّ اشْتَرَى عَامَّتَهَا أَوْ أَكْثَرَهَا غَسَّانُ بْنُ عَبَّادٍ مِنْ وَلَدِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ.
قَالَ: وَأَمَّا دَارُ الأَرْقَمِ بِالْمَدِينَةِ فِي بَنِي زُرَيْقٍ فَقَطِيعَةٌ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ(3/184)
إِبْرَاهِيمَ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَرْقَمَ بْنِ أَبِي الأَرْقَمِ وَبَيْنَ أَبِي طَلْحَةَ زَيْدِ بْنِ سَهْلٍ قَالُوا: وَشَهِدَ الأَرْقَمُ بْنُ أَبِي الأَرْقَمِ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ هِنْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَضَرَتِ الأَرْقَمَ بْنَ أَبِي الأَرْقَمِ الْوَفَاةُ فَأَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ. وَكَانَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَالِيًا لِمُعَاوِيَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ. وَكَانَ سَعْدٌ فِي قَصْرِهِ بِالْعَقِيقِ. وَمَاتَ الأَرْقَمُ فَاحْتَبَسَ عَلَيْهِمْ سَعْدٌ فَقَالَ مَرْوَانُ: أَيُحْبَسُ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَجُلٍ غَائِبٍ؟ وَأَرَادَ الصَّلاةَ عَلَيْهِ فَأَبَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الأَرْقَمِ ذَلِكَ عَلَى مَرْوَانَ وَقَامَتْ مَعَهُ بَنُو مَخْزُومٍ. وَوَقَعَ بَيْنَهُمْ كَلامٌ. ثُمَّ جَاءَ سَعْدٌ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَذَلِكَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ بِالْمَدِينَةِ. وَهَلَكَ الأَرْقَمُ وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً.
53- شَمَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ
بْنِ الشَّرِيدِ بْنِ هَرَمِيِّ بْنِ عَامِرِ بْنِ مَخْزُومٍ.
وكان اسم شماس عُثْمَان وإنما سمي شماسا لوضاءته فغلب على اسمه.
وأمه صفية بِنْت ربيعة بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قصي. وأمه الضيرية بِنْت أبي قَيْس بْن عَبْد مناف بْن زهرة بْن كلاب. والضيرية هِيَ أم أبي مليكة. وكان مُحَمَّد بْن إِسْحَاق يزيد فِي نسب شماس سُوَيْد بْن هرمي. وأما هشام بْن الكلبي ومحمد بْن عُمَر فكانا يقولان الشريد بْن هرمي ولا يذكران سويدًا.
وكان لشماس من الولد عَبْد الله وأمه أم حبيب بِنْت سَعِيد بْن يربوع بْن عنكشة بْن عامر بْن مخزوم. وكانت أم حبيب من المهاجرات الأول. وكان شماس مِمَّنْ هاجر إِلَى أرض الحبشة فِي الهجرة الثانية في رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر ولم يذكره موسى بن عقبة وأبو معشر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ شَمَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى مُبَشِّرِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بن عثمان عن عبد الملك بن عبيد عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: لَمْ يَزَلْ شَمَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الشَّرِيدِ نَازِلا بِبَنِي عمرو بن
__________
53 الإصابة (ت 3914) ، وأسد الغابة (3/ 3) ، المغازي (155) ، (257) ، (300) ، (312) ، وحذف من نسب قريش (74) .(3/185)
عَوْفٍ عِنْدَ مُبَشِّرِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ حَتَّى قُتِلَ بِأُحُدٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ شَمَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ وَحَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ قَالا: شَهِدَ شَمَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ بَدْرًا [وَأُحُدًا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: مَا وَجَدْتُ لِشَمَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ شَبِيهًا إِلا الْجَنَّةَ] .
يَعْنِي مِمَّا يُقَاتِلُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يومئذ. يَعْنِي يَوْمَ أُحُدٍ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لا يَرْمِي بِبَصَرِهِ يَمِينًا وَلا شِمَالا إِلا رَأَى شَمَّاسًا فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ يَذُبُّ بِسَيْفِهِ حَتَّى غَشْيَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَرَّسَ بِنَفْسِهِ دُونَهُ حَتَّى قُتِلَ. فَحُمِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبِهِ رَمَقٌ فَأُدْخِلَ عَلَى عَائِشَةَ. فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: ابْنُ عَمِّي يَدْخُلُ عَلَى غَيْرِي؟ [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص:
احملوا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ] . فَحُمِلَ إِلَيْهَا فَمَاتَ عِنْدَهَا. رَحِمَهُ اللَّهُ. فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَنْ يُرَدَّ إِلَى أُحُدٍ فَيُدْفَنُ هُنَاكَ كَمَا هُوَ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا. وَقَدْ مَكَثَ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلَكِنَّهُ لَمْ يَذُقْ شَيْئًا وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَغْسِلْهُ. كَانَ يَوْمَ قُتِلَ. رَحِمَهُ اللَّهُ. ابْنُ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً. وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ.
وَمِنْ حُلَفَاءِ بَنِي مَخْزُومٍ
54- عَمَّارُ بْنُ يَاسِرِ
بْن عامر بْن مالك بْن كنانة بْن قَيْس بْن الحصين بْن الوذيم بْن ثَعْلَبَة بْن عوف بْن حارثة بْن عامر الأكبر بْن يام بْن عنس. وهو زَيْد بْن مالك بْن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بْن زَيْد بْن كهلان بن سبأ بن يشجب بْن يعرب بْن قحطان. وبنو مالك بْن أدد من مذحج. كان قدم ياسر بْن عامر وأخواه الْحَارِث ومالك من اليمن إِلَى مكّة يطلبون أخا لهم فرجع الْحَارِث ومالك إِلَى اليمن وأقام ياسر بمكّة وحالف أَبَا حُذَيْفة بْن المغيرة بْن عَبْد الله بْن عمر بن مخزوم.
وزوجه أبو حذيفة له يُقَالُ لها سمية بِنْت خياط. فولدت له عمارًا فأعتقه أَبُو حُذَيْفة.
ولم يزل ياسر وعمار مع أبي حُذَيْفة إِلَى أن مات وجاء الله بالإسلام فأسلم ياسر وسمية
__________
54 الاستيعاب (2/ 469) ، والإصابة (ت 5706) ، وتاريخ الطبري (6/ 21) ، وحلية الأولياء (1/ 139) ، وصفة الصفوة (1/ 175) .(3/186)
وعمار وأخوه عبد الله بن ياسر. وكان لياسر ابن آخر أكبر من عمار وعبد الله يقال له حرث. قتلته بنو الديل فِي الجاهلية.
وخلف على سمية بعد ياسر الأزرق. وكان روميًا غلامًا للحارث بْن كلدة الثَّقفيّ. وهو مِمَّنْ خرج يوم الطائف إِلَى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع عُبَيْد أَهْل الطائف وفيهم أَبُو بكرة فأعتقهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فولدت سمية للأزرق سَلَمَة بْن الأزرق فهو أخو عمّار لأمه. ثُمَّ ادعى وُلِدَ سَلَمَة وعُمَر وعقبة بني الأزرق أن الأزرق بْن عَمْرو بْن الْحَارِث بْن أبي شمر من غسان. وأنّه حليف لبني أمية. وشرفوا بمكّة. وتزوج الأزرق وولده فِي بني أمية. وكان لهم منهم أولاد. وكان عمّار يكنى أَبَا اليقظان.
وكان بنو الأزرق فِي أوّل أمرهم يدعون أنهم من بني تغلب. ثُمَّ من بني عكب.
وتصحيح هَذَا أن جُبَيْر بْن مطعم تزوج إليهم امْرَأَة وهي بِنْت الأزرق فولدت له بنية تزوجها سعيد بْن العاص فولدت له عَبْد الله بْن سَعِيد. فمدح الأخطل عبد الله بن سعيد بكلمة له طويلة فقال فيها:
وتجمع نوفلا وبني عكب ... كلا الحيين أفلح من أصابا
ثُمَّ أفسدتهم خزاعة ودعوهم إِلَى اليمن وزينوا لهم ذلك وقالوا: أنتم لا يغسل عنكم ذكر الروم إلّا أن تدعوا أنكم من غسان. فانتموا إِلَى غسان بَعْدُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ. أَخْبَرَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ: لَقِيتُ صُهَيْبَ بْنَ سِنَانٍ عَلَى بَابِ دَارِ الأَرْقَمِ وَرَسُولُ اللَّهِ فِيهَا. فَقُلْتُ لَهُ: مَا تُرِيدُ؟ قَالَ لِي: مَا تُرِيدُ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: أردت أن أدخل على محمد فأسمع كلامه. قَالَ: وَأَنَا أُرِيدُ ذَلِكَ. فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَعَرَضَ عَلَيْنَا الإِسْلامَ فَأَسْلَمْنَا. ثُمَّ مَكَثْنَا يَوْمَنَا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَمْسَيْنَا. ثُمَّ خَرَجْنَا وَنَحْنُ مُسْتَخْفُونَ.
فَكَانَ إِسْلامُ عَمَّارٍ وَصُهَيْبٍ بَعْدَ بِضْعَةٍ وَثَلاثِينَ رَجُلا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ الَّذِينَ يُعَذَّبُونَ بِمَكَّةَ لِيَرْجِعَ عَنْ دِينِهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَالْمُسْتَضْعَفُونَ قَوْمٌ لا عَشَائِرَ لَهُمْ بِمَكَّةَ وَلَيْسَتْ لَهُمْ مَنَعَةٌ وَلا قُوَّةٌ. فَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُعَذِّبْهُمْ فِي الرَّمْضَاءِ بأنصاف النهار لَيَرْجِعُوا عَنْ دِينِهِمْ.(3/187)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْحَكِيمِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: كَانَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ يُعَذَّبُ حَتَّى لا يَدْرِي مَا يَقُولُ.
وَكَانَ صُهَيْبٌ يُعَذَّبُ حَتَّى لا يَدْرِي مَا يَقُولُ. وَكَانَ أَبُو فُكَيْهَةَ يُعَذَّبُ حَتَّى لا يَدْرِي مَا يَقُولُ. وَبِلالٌ وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَقَوْمٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وفيهم نزلت هذه الآية: «وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا» النحل: 41.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ مُتَجَرِّدًا فِي سَرَاوِيلَ قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى ظَهْرِهِ فِيهِ حَبَطٌ كَثِيرٌ. فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا مِمَّا كَانَتْ تُعَذِّبُنِي بِهِ قُرَيْشٌ فِي رَمْضَاءِ مَكَّةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بَلْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: أَحْرَقَ الْمُشْرِكُونَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ بِالنَّارِ قَالَ: [فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمُرُّ بِهِ وَيُمِرُّ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَيَقُولُ: يَا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى عَمَّارٍ كَمَا كُنْتِ عَلَى إِبْرَاهِيمَ. تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ الْجَمَلِيُّ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: أَقْبَلْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخِذٌ بِيَدِي نَتَمَاشَى فِي الْبَطْحَاءِ حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى أَبِي عَمَّارٍ وَعَمَّارٍ وَأُمِّهِ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ. [فَقَالَ يَاسِرٌ: الدَّهْرُ هَكَذَا. فَقَالَ لَهُ النبي. ص: اصبر. اللهم اغفر لآل ياسر وقد فعلت] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ الدَّسْتُوَائِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِآلِ عَمَّارٍ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ فَقَالَ لَهُمْ: أَبْشِرُوا آلَ عَمَّارٍ فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ عَنْبَسَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ الْمَكِّيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِعَمَّارٍ وَأَبِي عَمَّارٍ وَأُمِّهِ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ فِي الْبَطْحَاءِ فَقَالَ: أَبْشِرُوا يَا آلَ عَمَّارٍ فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقِيَ عَمَّارًا وَهُوَ يَبْكِي فَجَعَلَ يَمْسَحُ عَنْ عَيْنَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: أَخَذَكَ الْكُفَّارُ فَغَطُّوكَ في الماء(3/188)
فَقُلْتَ كَذَا وَكَذَا. فَإِنْ عَادُوا فَقُلْ ذَاكَ لَهُمْ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: أَخَذَ الْمُشْرِكُونَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ فَلَمْ يَتْرُكُوهُ حَتَّى نَالَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَكَرَ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ. فَلَمَّا أَتَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَا وَرَاءَكَ؟ قال: شريا رَسُولَ اللَّهِ. وَاللَّهِ مَا تُرِكْتُ حَتَّى نِلْتُ مِنْكَ وَذَكَرْتُ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ. قَالَ: فَكَيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ؟ قَالَ: مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ. قَالَ: فَإِنْ عَادُوا فَعُدْ] . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فِي قَوْلِهِ: «إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ» النحل: 106. قَالَ: ذَلِكَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ.
وَفِي قَوْلِهِ: «وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً» النحل: 106. قَالَ: ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَرْحٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الْحَكَمِ «إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ» النحل: 106. نَزَلَتْ فِي عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ يَقُولُ: نَزَلَ فِي عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ إِذْ كَانَ يُعَذَّبُ فِي اللَّهِ قَوْلُهُ: «وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ» العنكبوت: 2.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: «أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ» الزمر: 9. قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا يُصَلِّي فِيهِ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَوَّلُ مَنِ اتَّخَذَ فِي بَيْتِهِ مَسْجِدًا يُصَلِّي فِيهِ عَمَّارٌ.
قَالُوا: هَاجَرَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ الْهِجْرَةَ الثَّانِيَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى مُبَشِّرِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ.(3/189)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بَيْنَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: إِنْ لَمْ يَكُنْ حُذَيْفَةُ شَهِدَ بَدْرًا فَإِنَّ إِسْلامَهُ كَانَ قَدِيمًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: أَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ مَوْضِعَ دَارِهِ.
قَالُوا: وَشَهِدَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالا: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ قَالَ: قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ: قَدْ قَاتَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
الإِنْسَ وَالْجِنَّ. فَقِيلَ لَهُ: مَا هَذَا؟ قَاتَلْتَ الإِنْسَ فَكَيْفَ قَاتَلْتَ الْجِنَّ؟ قَالَ: نَزَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْزِلا فَأَخَذْتُ قِرْبَتِي وَدَلْوِي لأستقي [فقال لي رسول الله. ص: أَمَا إِنَّهُ سَيَأْتِيكَ آتٍ يَمْنَعُكَ مِنَ الْمَاءِ. فَلَمَّا كُنْتُ عَلَى رَأْسِ الْبِئْرِ إِذَا رَجُلٌ أَسْوَدُ كَأَنَّهُ مَرَسٌ فَقَالَ: لا وَاللَّهِ لا تَسْتَقِي الْيَوْمَ مِنْهَا ذَنُوبًا وَاحِدًا. فَأَخَذْتُهُ وَأَخَذَنِي فصرعته. ثم أخذت حجرا فكسرت به أنف ووجه. ثُمَّ مَلأْتُ قِرْبَتِي فَأَتَيْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ:
هَلْ أَتَاكَ عَلَى الْمَاءِ مِنْ أَحَدٍ؟ فَقُلْتُ: عَبْدٌ أَسْوَدُ. فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ بِهِ؟ فَأَخْبَرْتُهُ.
قَالَ: أَتَدْرِي مَنْ هُوَ؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: ذَاكَ الشَّيْطَانُ. جَاءَ يَمْنَعُكَ مِنَ الْمَاءِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ الأَجْلَحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ قَالَ: لَمَّا بَنَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسْجِدَهُ جَعَلَ الْقَوْمُ يَحْمِلُونَ وَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحْمِلُ هُوَ وَعَمَّارٌ. فَجَعَلَ عَمَّارٌ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ:
نَحْنُ الْمُسْلِمُونَ نَبْتَنِي الْمَسَاجِدَا
[وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: الْمَسَاجِدَا. وَقَدْ كَانَ عَمَّارٌ اشْتَكَى قَبْلَ ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: لَيَمُوتَنَّ عَمَّارٌ الْيَوْمَ. فَسَمِعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَفَضَ لَبِنَتَهُ وَقَالَ:
وَيْحَكَ. وَلَمْ يَقُلْ وَيْلَكَ. يَا ابْنَ سُمَيَّةَ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الأَزْرَقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ عن الحسن عن أمه عن أم سلمى قَالَتْ: [سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ. قَالَ(3/190)
عَوْفٌ: وَلا أَحْسِبُهُ إِلا قَالَ: وَقَاتِلُهُ فِي النَّارِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيُعَاطِيهِمْ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى اغْبَرَّ صَدْرُهُ وَهُوَ يَقُولُ:
اللَّهُمَّ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الآخِرَةِ ... فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَةِ
[وَجَاءَ عَمَّارٌ. فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا ابْنَ سُمَيَّةَ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَيُّوبُ وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَمَّارٍ: تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هِشَامٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي عَمَّارٍ: تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: لَمَّا أَخَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بِنَاءِ الْمَسْجِدِ جَعَلْنَا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَجَعَلَ عَمَّارٌ يَحْمِلُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ. فَجِئْتُ فَحَدَّثَنِي أَصْحَابِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جُعِلَ يَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْ رَأْسِهِ وَيَقُولُ: وَيْحَكَ ابْنَ سُمَيَّةَ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي أَبُو قَتَادَةَ قَالَ: [قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمَّارٍ وَهُوَ يَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ رَأْسِهِ: بُؤْسًا لَكَ ابْنَ سُمَيَّةَ. تَقْتُلُكَ فِئَةٌ بَاغِيَةٌ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: إِنَّنِي لأَسِيرُ مَعَ مُعَاوِيَةَ فِي مُنْصَرَفِهِ عَنْ صِفِّينَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: يَا أَبَتِ [سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لِعَمَّارٍ وَيْحَكَ يَا ابْنَ سُمَيَّةَ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ؟] قَالَ: فَقَالَ عَمْرُو لِمُعَاوِيَةَ: أَلا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ هَذَا؟ قَالَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا تَزَالُ تَأْتِينَا بِهَنَةٍ تَدْحَضُ بِهَا فِي بَوْلِكَ. أَنَحْنُ قتلناه؟
إنما قتله الذين جاؤوا به.(3/191)
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَسْوَدُ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ خُوَيْلِدٍ الْعَنَزِيِّ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلانِ يَخْتَصِمَانِ فِي رَأْسِ عَمَّارٍ. يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَا قَتَلْتُهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: لِيَطِبْ بِهِ أَحَدُكُمَا نَفْسًا لِصَاحِبِهِ. [فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول: تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ. قَالَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: أَلا تُغْنِي عَنَّا مَجْنُونَكَ يَا عَمْرُو فَمَا بَالُكَ مَعَنَا؟ قَالَ: إِنَّ أَبِي شَكَانِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَطِعْ أَبَاكَ حَيًّا وَلا تَعْصِهِ. فَأَنَا مَعَكُمْ وَلَسْتُ أُقَاتِلُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ يُحَدِّثُ أَبِي عَنْ هُنَيٍّ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. قَالَ: كُنْتُ أَوَّلُ شَيْءٍ مَعَ مُعَاوِيَةَ عَلَى عَلِيٍّ فَكَانَ أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ يَقُولُونَ: لا وَاللَّهِ لا نَقْتُلُ عَمَّارًا أَبَدًا. إِنْ قَتَلْنَاهُ فَنَحْنُ كَمَا يَقُولُونَ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ صِفِّينَ ذَهَبْتُ أَنْظُرُ فِي الْقَتْلَى فَإِذَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ مَقْتُولٌ فَقَالَ هُنَيُّ فَجِئْتُ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ عَلَى سَرِيرِهِ فَقُلْتُ: أَبَا عَبْدِ اللَّهِ.
قَالَ: مَا تَشَاءُ؟ قلت: انظر أكلمك. فقال إِلَيَّ فَقُلْتُ: عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ مَا سَمِعْتَ فِيهِ؟
فَقَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ. فَقُلْتُ: هُوَ ذَا وَاللَّهِ مَقْتُولٌ. فَقَالَ: هَذَا بَاطِلٌ. فَقُلْتُ: بَصُرَ بِهِ عَيْنِي مَقْتُولٌ. قَالَ: فَانْطَلِقْ فَأَرِنِيهِ. فَذَهَبْتُ بِهِ فَأَوْقَفْتُهُ عَلَيْهِ فَسَاعَةَ رَآهُ انْتَقَعَ لَوْنُهُ. ثُمَّ أَعْرَضَ فِي شِقٍّ وَقَالَ: إِنَّمَا قَتَلَهُ الَّذِي خَرَجَ بِهِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي قَيْسٍ الأَوْدِيِّ عَنْ هُذَيْلٍ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقِيلَ لَهُ إِنَّ عَمَّارًا وَقَعَ عَلَيْهِ حَائِطٌ فَمَاتَ. قَالَ: مَا مَاتَ عَمَّارٌ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: رَأَيْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ يَوْمَ الْيَمَامَةِ عَلَى صَخْرَةٍ وَقَدْ أَشْرَفَ يَصِيحُ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أَمِنَ الْجَنَّةِ تَفِرُّونَ؟ أَنَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ هَلُمُّوا إِلَيَّ. وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى أُذُنِهِ قَدْ قُطِعَتْ فَهِيَ تُذَبْذِبُ وَهُوَ يُقَاتِلُ أَشَدَّ الْقِتَالِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ لِعَمَّارٍ: أَيُّهَا الأَجْدَعُ. فَقَالَ عَمَّارٌ: خَيْرَ أُذُنِيَّ سَبَبْتَ. قَالَ شُعْبَةُ: إِنَّهَا أُصِيبَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ(3/192)
قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: غَزَا أَهْلُ الْبَصْرَةِ مَاءً وَعَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنْ آلِ عُطَارِدٍ التَّمِيمِيِّ فَأَمَدَّهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَعَلَيْهِمْ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَقَالَ الَّذِي مِنْ آلِ عُطَارِدٍ لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: يَا أَجْدَعُ أَتُرِيدُ أَنْ تُشَارِكَنَا فِي غَنَائِمِنَا؟ فَقَالَ عَمَّارٌ: خير أذني سببت. قال شعبة: يعني أَنَّهَا أُصِيبَتْ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ فَكَتَبَ عُمَرُ: إِنَّمَا الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَالَ شُعْبَةُ: لَمْ نَدْرِ أَنَّهَا أُصِيبَتْ بِالْيَمَامَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ قَالَ: قُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ أَمِيرًا وَابْنَ مَسْعُودٍ مُعَلِّمًا وَوَزِيرًا. وَقَدْ جَعَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ عَلَى بَيْتِ مَالِكُمْ. وَإِنَّهُمَا لَمِنَ النُّجَبَاءِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ. فَاسْمَعُوا لَهُمَا وَأَطِيعُوا وَاقْتَدُوا بِهِمَا. وَقَدْ آثَرْتُكُمْ بِابْنِ أُمِّ عَبْدٍ عَلَى نَفْسِي وَبَعَثْتُ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ عَلَى السَّوَادِ وَرَزَقْتُهُمْ كُلَّ يَوْمٍ شَاةً فَاجْعَلْ شَطْرَهَا وَبْطَنْهَا لِعَمَّارٍ وَالشَّطْرَ الْبَاقِي بَيْنَ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ أَنَّ عُمَرَ رَزَقَ عَمَّارًا وَابْنَ مَسْعُودٍ وَعُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ شَاةً. لِعَمَّارٍ شَطْرَهَا وَبَطْنَهَا وَلِعَبْدِ اللَّهِ رُبْعَهَا وَلِعُثْمَانَ رُبْعَهَا كُلَّ يَوْمٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ عَمَّارًا كَانَ يَقْرَأُ كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ عَلَى الْمِنْبَرِ بِيَاسِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَجْلَحِ عَنِ ابْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ قَالَ: رَأَيْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ اشْتَرَى قَتًّا بِدِرْهَمٍ فَاسْتَزَادَ حَبْلا فَأَبَى فَجَابَذَهُ حَتَّى قَاسَمَهُ نِصْفَيْنِ وَحَمَلَهُ عَلَى ظَهْرِهِ وَهُوَ أَمِيرُ الْكُوفَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَجُلٍ بِالْكُوفَةِ وَإِذَا رَجُلٌ قَاعِدٌ إِلَى جَنْبِهِ وَخَيَّاطٌ يَخِيطُ إِمَّا قَطِيفَةُ سَمُّورٍ أَوْ ثَعَالِبَ. قَالَ قُلْتُ: أَلَمْ تَرَ مَا صَنَعَ عَلِيٌّ؟ صَنَعَ كَذَا وَصَنَعَ كَذَا. قَالَ فَقَالَ: يَا فَاسِقُ. أَلا أَرَاكَ تَذْكُرُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! قَالَ فَقَالَ صَاحِبِي:
مَهْلا يَا أَبَا الْيَقْظَانِ فَإِنَّهُ ضَيْفِي. قَالَ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُ عَمَّارٌ.(3/193)
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَسْلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ يَقْطَعُ عَلَى لِحَافِ ثَعَالِبَ ثَوْبًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ عَنْ دَاوُدَ عَنْ عَامِرٍ قَالَ:
سُئِلَ عَمَّارٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ: هَلْ كَانَ هَذَا بَعْدُ؟ قَالُوا: لا. قَالَ: فَدَعُونَا حَتَّى يَكُونَ فَإِذَا كَانَ تَجَشَّمْنَاهَا لَكُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: وَشَى رَجُلٌ بِعَمَّارٍ إِلَى عُمَرَ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَمَّارًا فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَذَبَ عَلَيَّ فَابْسُطْ لَهُ فِي الدُّنْيَا وَاجْعَلْهُ مُوَطَّأَ الْعَقِبِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ لِعَمَّارٍ: أَسَاءَكَ عَزْلُنَا إِيَّاكَ؟ قَالَ: لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ لَقَدْ سَاءَنِي حِينَ اسْتَعْمَلْتَنِي وَسَاءَنِي حِينَ عَزَلْتَنِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالا: أَخْبَرَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نَوْفَلِ بْنُ أَبِي عَقْرَبٍ قَالَ: كَانَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ مِنْ أَطْوَلِ النَّاسِ سُكُوتًا وَأَقَلِّهِ كَلامًا. وَكَانَ يَقُولُ: عَائِذٌ بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةٍ. عَائِذٌ بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةٍ. قَالَ: ثُمَّ عُرِضَتْ لَهُ بَعْدُ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَنْبَأَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَمَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ يَوْمَ صِفِّينَ شَيْخًا آدَمَ فِي يَدِهِ الْحَرْبَةُ. وَإِنَّهَا لَتَرْعَدُ. فَنَظَرَ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَمَعَهُ الرَّايَةُ فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ رَايَةٌ قَدْ قَاتَلْتُ بِهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاث مَرَّاتٍ وَهَذِهِ الرَّابِعَةَ. وَاللَّهِ لَوْ ضَرَبُونَا حَتَّى يُبَلِّغُونَا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَرَفْتُ أَنَّ مَصْلَحَتَنَا عَلَى الْحَقِّ وَأَنَّهُمْ عَلَى الضَّلالَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَمَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ يَوْمَ صِفِّينَ شَيْخًا آدَمَ طُوَالا وَالْحَرْبَةُ بِيَدِهِ. وَإِنَّ يَدَهُ لَتَرْعَشُ وَهُوَ يَقُولُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ ضَرَبُونَا حَتَّى يُبَلِّغُونَا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَرَفْتُ أَنَّ مَصْلَحَتَنَا عَلَى الْحَقِّ وَأَنَّهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ. قَالَ. وَبِيَدِهِ الرَّايَةُ. فَقَالَ:
إِنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ قَدْ قَاتَلْتُ بِهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّتَيْنِ وَإِنَّ هذه الثالثة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ قَيْسٍ الْحَضْرَمِيُّ عَنْ(3/194)
سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ: قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ يَوْمَ صِفِّينَ: الْجَنَّةُ تَحْتَ الْبَارِقَةِ. الظَّمْآنُ قَدْ يَرِدُ الْمَاءَ الْمَأْمُورَ وَذَا الْيَوْمَ أَلْقَى الأَحِبَّةَ مُحَمَّدًا وَحِزْبَهُ. وَاللَّهِ لَوْ ضَرَبُونَا حَتَّى يُبَلِّغُونَا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَلِمْتُ أَنَّا عَلَى حَقٍّ وَأَنَّهُمْ عَلَى بَاطِلٍ. وَاللَّهِ لَقَدْ قَاتَلْتُ بِهَذِهِ الرَّايَةِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا هَذِهِ الْمَرَّةُ بِأَبَرِّهِنَّ وَلا أَنْقَاهِنَّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: قَالَ عَمَّارٌ يَوْمَ صِفِّينَ: ائْتُونِي بِشَرْبَةِ لَبَنٍ [فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِي إِنَّ آخِرَ شَرْبَةٍ تَشْرَبُهَا مِنَ الدُّنْيَا شَرْبَةُ لَبَنٍ. فَأُتِيَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقُتِلَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: [أُتِيَ عَمَّارٌ يَوْمَئِذٍ بِلَبَنٍ فَضَحِكَ وَقَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّ آخِرَ شَرَابٍ تَشْرَبُهُ لَبَنٌ حَتَّى تَمُوتَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ يَسِيرُ إِلَى صِفِّينَ عَلَى شَطِّ الْفُرَاتِ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَرْضَى لَكَ عَنِّي أَنْ أَرْمِيَ بِنَفْسِي مِنْ هَذَا الْجَبَلِ فَأَتَرَدَّى فَأَسْقُطُ فَعَلْتُ. وَلَوْ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَرْضَى لَكَ عَنِّي أَنْ أُوقِدَ نَارًا عَظِيمَةً فَأَقَعَ فِيهَا فَعَلْتُ. اللَّهُمَّ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَرْضَى لَكَ عَنِّي أَنْ أُلْقِيَ نَفْسِي فِي الْمَاءِ فَأُغْرِقَ نَفْسِي فَعَلْتُ. فَإِنِّي لا أُقَاتِلُ إِلا أُرِيدُ وَجْهَكَ. وَأَنَا أَرْجُو أَنْ لا تُخَيِّبَنِي. وَأَنَا أُرِيدُ وَجْهَكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ سَلَمَةَ بْنَ كُهَيْلٍ يُخْبِرُ عَنْ أَبِي صَادِقٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ نَاجِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَهُوَ بِصِفِّينَ يَقُولُ: الْجَنَّةُ تَحْتَ الْبَارِقَةِ. وَالظَّمْآنُ يَرِدُ الْمَاءَ. وَالْمَاءُ مَوْرُودٌ. الْيَوْمَ أَلْقَى الأَحِبَّةَ مُحَمَّدًا وَحِزْبَهُ. لَقَدْ قَاتَلْتُ صَاحِبَ هَذِهِ الرَّايَةِ ثَلاثًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ وَهَذِهِ الرَّابِعَةُ كَإِحْدَاهُنَّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي هَاشِمُ بْنُ عَاصِمٍ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَهْمٍ قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو مَرْوَانَ الأسلمي قال: شهدت صفين مع الناس. فبينا نَحْنُ وُقُوفٌ إِذْ خَرَجَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَقَدْ كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبَ وَهُوَ يَقُولُ: مَنْ رَائِحٌ إِلَى اللَّهِ. الظَّمْآنُ يَرِدُ الْمَاءَ. الْجَنَّةُ تَحْتَ أَطْرَافِ الْعَوَالِي. الْيَوْمَ أَلْقَى الأَحِبَّةَ. الْيَوْمَ أَلْقَى مُحَمَّدًا وَحِزْبَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ لُؤْلُؤَةَ مَوْلاةِ أُمِّ الْحَكَمِ بِنْتِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَتْ: لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ عَمَّارٌ. وَالرَّايَةُ يَحْمِلُهَا هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ. وَقَدْ قُتِلَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى كَانَتِ الْعَصْرُ. ثُمَّ(3/195)
تَقَرَّبَ عَمَّارٌ مِنْ وَرَاءِ هَاشِمٍ يُقَدِّمُهُ وَقَدْ جَنَحَتِ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ. وَمَعَ عَمَّارٍ ضَيْحٌ مِنْ لَبَنٍ. فَكَانَ وُجُوبُ الشَّمْسِ أَنْ يُفْطِرَ. فَقَالَ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ وَشَرِبَ الضَّيْحَ:
[سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: آخِرُ زَادِكَ مِنَ الدُّنْيَا ضَيْحٌ مِنْ لَبَنٍ] . قَالَ: ثُمَّ اقْتَرَبَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ:
قُتِلَ عَمَّارٌ. رَحِمَهُ اللَّهُ. وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَتِسْعِينَ سَنَةً. وَكَانَ أَقْدَمَ فِي الْمِيلادِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ أَقْبَلَ إِلَيْهِ ثَلاثَةُ نَفَرٍ: عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ وَعُمَرُ بْنُ الْحَارِثِ الْخَوْلانِيُّ وَشَرِيكُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ. فَانْتَهُوا إِلَيْهِ جَمِيعًا وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَوْ ضَرَبْتُمُونَا حَتَّى تَبْلُغُوا بِنَا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَلِمْتُ أَنَّا عَلَى حَقٍّ وَأَنْتُمْ عَلَى بَاطِلٍ. فَحَمَلُوا عَلَيْهِ جَمِيعًا فَقَتَلُوهُ.
وَزَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ هُوَ الَّذِي قَتَلَ عَمَّارًا. وَهُوَ الَّذِي كَانَ ضَرَبَهُ حِينَ أَمَرَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. وَيُقَالُ بَلِ الَّذِي قَتَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْحَارِثِ الْخَوْلانِيُّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: كُنْتُ بِوَاسِطِ الْقَصَبِ عِنْدَ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ فَقُلْتُ: الإِذْنُ. هَذَا أَبُو غَادِيَةَ الْجُهَنِيُّ. فقال(3/196)
عَبْدُ الأَعْلَى: أَدْخِلُوهُ. فَدَخَلَ عَلَيْهِ مُقَطَّعَاتٌ لَهُ فَإِذَا رَجُلٌ طُوَالٌ ضَرْبٌ مِنَ الرِّجَالِ كَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ. فَلَمَّا أَنْ قَعَدَ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُلْتُ: بِيَمِينِكَ؟ قَالَ:
نَعَمْ. وَخَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْعَقَبَةِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلا إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ إِلَى أَنْ تَلْقَوْا رَبَّكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا. أَلا هَلْ بَلَّغْتُ؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ. ثُمَّ قَالَ: أَلا لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ. قَالَ ثُمَّ أَتْبَعَ ذَا فَقَالَ: إِنَّا كُنَّا نَعُدُّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ فِينَا حَنَانًا. فَبَيْنَا أَنَا فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ إِذْ هُوَ يَقُولُ: أَلا إِنَّ نَعْثَلا هَذَا لِعُثْمَانُ.
فَأَلْتَفِتُ فَلَوْ أَجِدُ عَلَيْهِ أَعْوَانًا لَوَطِئْتُهُ حَتَّى أَقْتُلَهُ. قَالَ قُلْتُ اللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ تَشَأْ تُمْكِنِّي مِنْ عَمَّارٍ.
فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ صِفِّينَ أَقْبَلَ يَسْتَنُّ أَوَّلَ الْكَتِيبَةِ رَجُلا حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فَأَبْصَرَ رَجُلٌ عَوْرَةً فَطَعَنَهُ فِي رُكْبَتِهِ بِالرُّمْحِ فَعَثَرَ فَانْكَشَفَ الْمِغْفَرُ عَنْهُ. فَضَرَبْتُهُ فَإِذَا رَأْسُ عَمَّارٍ.
قَالَ: فَلَمْ أَرَ رَجُلا أَبْيَنَ ضَلالَةً عِنْدِي مِنْهُ. إِنَّهُ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ. ع. مَا سَمِعَ ثُمَّ قَتَلَ عَمَّارًا. قَالَ وَاسْتَسْقَى أَبُو غَادِيَةَ فَأُتِيَ بِمَاءٍ فِي زُجَاجٍ فَأَبَى أَنْ يَشْرَبَ فِيهَا. فَأُتِيَ بِمَاءٍ فِي قَدَحٍ فَشَرِبَ. فَقَالَ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِ الأَمِيرِ قَائِمٌ بِالنَّبَطِيَّةِ: أَوَى يَدٍ كَفَتَا يَتَوَرَّعُ عَنِ الشَّرَابِ فِي زُجَاجٍ وَلَمْ يَتَوَرَّعْ عَنْ قَتْلِ عَمَّارٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ وَكُلْثُومُ بْنُ جَبْرٍ عَنْ أَبِي غَادِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ يَقَعُ فِي عُثْمَانَ يَشْتِمُهُ بِالْمَدِينَةِ قَالَ: فَتَوَعَّدْتُهُ بِالْقَتْلِ قُلْتُ: لَئِنْ أَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْكَ لأَفْعَلَنَّ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ جَعَلَ عَمَّارٌ يَحْمِلُ عَلَى النَّاسِ. فَقِيلَ هَذَا عَمَّارٌ. فَرَأَيْتُ فُرْجَةً بَيْنَ الرِّئَتَيْنِ وَبَيْنَ السَّاقَيْنِ. قَالَ فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ فَطَعَنْتُهُ فِي رُكْبَتِهِ. قَالَ: فَوَقَعَ فَقَتَلْتُهُ. فَقِيلَ قَتَلْتَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ. وَأُخْبِرَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ: [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول إِنَّ قَاتِلَهُ وَسَالِبَهُ فِي النَّارِ] . فَقِيلَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: هُوَ ذَا أَنْتَ تُقَاتِلُهُ. فَقَالَ: إِنَّمَا قَالَ قَاتِلَهُ وَسَالِبَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ قَالُوا: لَمَّا اسْتَلْحَمَ الْقِتَالُ بِصِفِّينَ وَكَادُوا يَتَفَانَوْنَ قَالَ مُعَاوِيَةُ: هَذَا يَوْمٌ تَفَانَى فِيهِ الْعَرَبُ إِلا أَنْ تُدْرِكَهُمُ فِيهِ خِفَّةُ الْعَبْدِ. يَعْنِي عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ. قَالَ وَكَانَ الْقِتَالُ الشَّدِيدُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ. آخِرُهُنَّ لَيْلَةَ الْهَرِيرِ. فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ عَمَّارٌ لِهَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَمَعَهُ اللِّوَاءَ يَوْمَئِذٍ: احْمِلْ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي! فَقَالَ هَاشِمٌ: يَا عَمَّارُ رَحِمَكَ اللَّهُ إِنَّكَ رَجُلٌ تَسْتَخِفُّكَ الْحَرْبُ وَإِنِّي إِنَّمَا أَزْحَفُ بِاللِّوَاءِ زَحْفًا رَجَاءَ أَنْ أَبْلُغَ بِذَلِكَ مَا أُرِيدُ. وَإِنِّي إِنْ خَفَفْتُ لَمْ آمَنِ الْهَلَكَةَ.(3/197)
فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى حَمَلَ فَنَهَضَ عَمَّارٌ فِي كَتِيبَتِهِ فَنَهَضَ إِلَيْهِ ذُو الْكَلاعِ فِي كَتِيبَتِهِ فَاقْتَتَلُوا فَقُتِلا جَمِيعًا وَاسْتُؤْصِلَتِ الْكَتِيبَتَانِ. وَحَمَلَ على عمار فِي كَتِيبَتِهِ فَاقْتَتَلُوا فَقُتِلا جَمِيعًا وَاسْتُؤْصِلَتِ الْكَتِيبَتَانِ. وَحَمَلَ عَلَى عَمَّارٍ حَوَى السَّكْسَكِيُّ وَأَبُو الْغَادِيَةِ الْمُزَنِيُّ وَقَتَلاهُ.
فَقِيلَ لأَبِي الْغَادِيَةِ: كَيْفَ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: لَمَّا دَلَفَ إِلَيْنَا فِي كَتِيبَتِهِ وَدَلَفْنَا إِلَيْهِ. نَادَى هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ. فَبَرَزَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ السَّكَاسِكِ فَاضْطَرَبَا بِسَيْفَيْهِمَا فَقَتَلَ عَمَّارٌ السَّكْسَكِيَّ. ثُمَّ نَادَى مَنْ يُبَارِزُ. فَبَرَزَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ فَاضْطَرَبَا بِسَيْفَيْهِمَا فَقَتَلَ عَمَّارٌ الْحِمْيَرِيَّ وَأَثْخَنَهُ الْحِمْيَرِيُّ. وَنَادَى مَنْ يُبَارِزُ. فَبَرَزْتُ إِلَيْهِ فَاخْتَلَفْنَا ضَرْبَتَيْنِ. وَقَدْ كَانَتْ يَدُهُ ضَعُفَتْ فَانْتَحَى عَلَيْهِ بِضَرْبَةٍ أُخْرَى فَسَقَطَ فَضَرَبْتُهُ بِسَيْفِي حَتَّى بَرَدَ. قَالَ وَنَادَى النَّاسُ: قَتَلْتَ أَبَا اليقظان قتلك الله! فقلت أذهب إليك فو الله مَا أُبَالِي مَنْ كُنْتَ. وَبِاللَّهِ مَا أَعْرِفُهُ يَوْمَئِذٍ. فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْتَشِرِ: يَا أَبَا الْغَادِيَةِ خَصْمُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَازُنْدَرُ.
يَعْنِي ضَخْمًا. قَالَ فَضَحِكَ. وَكَانَ أَبُو الْغَادِيَةِ شَيْخًا كَبِيرًا جَسِيمًا أَدْلَمَ. قَالَ: [وَقَالَ عَلِيٌّ حِينَ قُتِلَ عَمَّارٌ: إِنَّ امْرَأً مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَعْظُمْ عَلَيْهِ قَتْلُ ابْنِ يَاسِرٍ وَتَدْخُلُ بِهِ عَلَيْهِ الْمُصِيبَةُ الْمُوجِعَةُ لَغَيْرُ رَشِيدٍ. رَحِمَ اللَّهُ عمارا يوم أسلم. ورحم الله عَمَّارًا وَمَا يُذْكَرُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَةٌ إِلا كَانَ رَابِعًا وَلا خَمْسَةٌ إِلا كَانَ خَامِسًا.
وَمَا كَانَ أَحَدٌ مِنْ قُدَمَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ يَشُكُّ أَنَّ عَمَّارًا قَدْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ فِي غَيْرِ مَوْطِنٍ وَلا اثْنَيْنِ. فَهَنِيئًا لِعَمَّارٍ بِالْجَنَّةَ. وَلَقَدْ قِيلَ إِنَّ عَمَّارًا مَعَ الْحَقَّ وَالْحَقُّ مَعَهُ. يَدُورُ عَمَّارٌ مَعَ الْحَقِّ أَيْنَمَا دَارَ. وَقَاتِلُ عَمَّارٍ فِي النَّارِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَابِسٍ قَالَ: قَالَ عَمَّارٌ ادْفِنُونِي فِي ثِيَابِي فَإِنِّي مُخَاصِمٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شريك عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ مَثْنَى الْعَبْدِيِّ عَنْ أَشْيَاخٍ لَهُمْ شَهِدُوا عَمَّارًا قَالَ: لا تَغْسِلُوا عَنِّي دَمًا وَلا تَحْثُوا عَلَيَّ تُرَابًا فَإِنِّي مُخَاصِمٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ عَلِيًّا صَلَّى عَلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَهَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. فجعل عمار مِمَّا يَلِيهِ وَهَاشِمًا أَمَامَ ذَلِكَ. وَكَبَّرَ عَلَيْهِمَا تَكْبِيرًا وَاحِدًا خَمْسًا أَوْ سِتًّا أَوْ سَبْعًا. وَالشَّكُّ فِي ذَلِكَ مِنْ أَشْعَثَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ(3/198)
عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ أَنَّ عَلِيًّا صَلَّى عَلَى عَمَّارٍ وَلَمْ يَغْسِلْهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: قُتِلَ عَمَّارٌ يَوْمَ قُتِلَ وَهُوَ مُجْتَمِعُ الْعَقْلِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَوْسٍ الْعَبْسِيُّ عَنْ بِلالِ بْنِ يَحْيَى الْعَبْسِيِّ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ حُذَيْفَةَ الْمَوْتُ. وَإِنَّمَا عَاشَ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. فَقِيلَ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ قُتِلَ. يَعْنِي عُثْمَانَ.
فَمَا تَرَى؟ قَالَ: أَمَّا إِذْ أَبَيْتُمْ فَأَجْلِسُونِي. فَأَسْنَدُوهُ إِلَى صَدْرِ رَجُلٍ ثُمَّ قَالَ: [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ أَبُو الْيَقْظَانِ عَلَى الْفِطْرَةِ. أَبُو الْيَقْظَانِ عَلَى الْفِطْرَةِ لَنْ يَدَعْهَا حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يُنْسِيَهُ الْهِرَمُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عَمَّارٌ دَخَلَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ فُسْطَاطَهُ وَطَرَحَ عَلَيْهِ سِلاحَهُ وَشَنَّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. رَحِمَهُ اللَّهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: إِنِّي لأَرْجُو أَلا يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاتَ يَوْمَ مَاتَ وَهُوَ يُحِبُّ رَجُلا فَيُدْخِلَهُ اللَّهُ النَّارَ. قَالَ: فَقَالُوا قَدْ كُنَّا نَرَاهُ يُحِبُّكَ وَكَانَ يَسْتَعْمِلُكَ. قَالَ فَقَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ أَحَبَّنِي أَمْ تَأَلَّفَنِي. وَلَكِنَّا كُنَّا نَرَاهُ يُحِبُّ رَجُلا. قَالُوا: فَمَنْ ذَلِكَ الرَّجُلُ؟ قَالَ: عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ.
قَالُوا: فَذَاكَ قَتِيلُكُمْ يَوْمَ صِفِّينَ. قَالَ: قَدْ وَاللَّهِ قَتَلْنَاهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالا: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ قَالَ: قِيلَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُحِبُّكَ وَيَسْتَعْمِلُكَ.
قَالَ: قَدْ كَانَ وَاللَّهِ يَفْعَلُ فَلا أَدْرِي أَحُبٌّ أَمْ تَأَلُّفٌ يَتَأَلَّفُنِي وَلَكِنِّي أَشْهَدُ عَلَى رَجُلَيْنِ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُحِبُّهُمَا: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ. قَالُوا: فَذَاكَ وَاللَّهِ قَتِيلُكُمْ يَوْمَ صِفِّينَ. قَالَ: صَدَقْتُمْ وَاللَّهِ لَقَدْ قَتَلْنَاهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: رَأَى عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ أَبُو مَيْسَرَةَ. وَكَانَ مِنْ أَفَاضِلِ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ. فِي الْمَنَامِ قَالَ: رَأَيْتُ كَأَنِّيَ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا قِبَابٌ مَضْرُوبَةٌ. فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: لِذِي الْكَلاعِ وَحَوْشَبٍ. وَكَانَا مِمَّنْ قُتِلَ مَعَ مُعَاوِيَةَ. قَالَ قُلْتُ: فَأَيْنَ عَمَّارٌ(3/199)
وَأَصْحَابُهُ؟ قَالُوا: أَمَامَكَ. قَالَ قُلْتُ: وَقَدْ قَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. قِيلَ إِنَّهُمْ لَقُوا اللَّهَ فَوَجَدُوهُ وَاسِعَ الْمَغْفِرَةِ. قُلْتُ: فَمَا فَعَلَ أَهْلُ النَّهَرِ؟ قِيلَ: لَقُوا بَرْحًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى قَالَ: رَأَى أَبُو مَيْسَرَةَ فِي الْمَنَامِ رَوْضَةً خَضْرَاءَ فِيهَا قِبَابٌ مَضْرُوبَةٌ فِيهَا عَمَّارٌ وَقِبَابٌ مَضْرُوبَةٌ فِيهَا ذُو الْكَلاعِ. قَالَ قُلْتُ: كَيْفَ هَذَا وَقَدِ اقْتَتَلُوا؟ قَالَ: فَقِيلَ لِي وَجَدُوا رَبًّا وَاسِعَ الْمَغْفِرَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ لُؤْلُؤَةَ مَوْلاةِ أُمِّ الْحَكَمِ بِنْتِ عَمَّارٍ أَنَّهَا وَصَفَتْ لَهُمْ عَمَّارًا فَقَالَتْ: كَانَ رَجُلا آدَمَ طُوَالا. مُضْطَرِبًا. أَشْهَلَ الْعَيْنَيْنِ. بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ. وَكَانَ لا يُغَيِّرُ شَيْبَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَالَّذِي أُجْمِعَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِ عَمَّارٍ أَنَّهُ قُتِلَ. رَحِمَهُ اللَّهُ. مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِصِفِّينَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ. وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً.
وَدُفِنَ هُنَاكَ بِصِفِّينَ. رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ.
55- مُعَتِّبُ بْنُ عَوْفِ بْنِ عَامِرِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ عَفِيفٍ.
وهو الَّذِي يدعى عيهامة بْن كليب بْنِ حُبْشِيَّةَ بْنِ سَلُولِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرو بْن عامر من خزاعة.
هكذا نسبه مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فِي كتابه. وهو الَّذِي يُقَالُ له معتب بْن الحمراء ويكنى أَبَا عوف حليف لبني مخزوم. وكان من مهاجرة الحبشة فِي الهجرة الثانية في رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر. ولم يذكره موسى بن عقبة وأبو معشر فِي من هاجر إِلَى أرض الحبشة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ مُعَتِّبُ بْنُ عَوْفٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى مُبَشِّرِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ.
قَالُوا: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ مُعَتِّبِ بْنِ الْحَمْرَاءِ وَثَعْلَبَةَ بْنِ حَاطِبٍ. وَشَهِدَ مُعَتِّبٌ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً. خمسة نفر.
__________
55 أسد الغابة (4/ 394) ، والاستيعاب (3/ 441) .(3/200)
ومن بني عدي بن كعب بن لؤي
56- عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ. ابن نُفَيْلَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَّاحِ بْنِ عدي بْن كعب. ويكنى أَبَا حَفْص.
وأمه حنتمة بِنْت هاشم بْن المغيرة بْن عَبْد الله بْن عُمَر بْن مخزوم. وكان لعمر من الولد عَبْد الله وعبد الرَّحْمَن وحفصة وأمهم زينب بِنْت مظعون بْن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح. وزيد الأكبر لا بقية له. ورقية وأمهما أم كلثوم بِنْت علي بْن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم وأمها فاطمة بِنْت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وزيد الأصغر وعبيد الله قُتِلَ يوم صِفِّين مع مُعَاوِيَة وأمهما أم كلثوم بِنْت جرول بْن مالك بْن المسيّب بْن ربيعة بْن أصرم بْن ضبيس بْن حرام بْنِ حُبْشِيَّةَ بْنِ سَلُولِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرو من خزاعة. وكان الْإِسْلَام فرق بين عُمَر وبين أم كلثوم بِنْت جرول.
وعاصم وأمه جميلة بنت ثابت بن أبي الأفلح واسمه قَيْس بْن عصمة بْن مالك بْن أمة بْن ضبيعة بْن زَيْد من الأوس من الأَنْصَار. وعبد الرَّحْمَن الأوسط وهو أَبُو المجبر وأمه لهية أم وُلِدَ. وعبد الرَّحْمَن الأصغر وأمه أم ولد. وفاطمة وأمها أُمُّ حَكِيمٍ بِنْت الْحَارِث بْن هِشَامٍ بْن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وزينب وهي أصغر وُلِدَ عُمَر وأمها فكيهة أم وُلِدَ. وعياض بْن عُمَر وأمه عَاتِكَةُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: غَيَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْمَ أُمِّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ وَكَانَ اسْمُهَا عَاصِيَةُ. قَالَ: لا بَلْ أَنْتِ جَمِيلَةُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: سَأَلْتُ أَبَا بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُرَّةَ الْمَكِّيُّ. وَكَانَ عَالِمًا بِأُمُورِ مَكَّةَ. عَنْ مَنْزِلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِمَكَّةَ فَقَالَ: كَانَ يَنْزِلُ فِي أَصْلِ الْجَبَلِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْيَوْمَ جَبَلُ عُمَرَ. وَكَانَ اسْمُ الْجَبَلِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْعَاقِرَ فَنُسِبَ إِلَى عُمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَبِهِ كَانَتْ مَنَازِلُ بَنِي عَدِيِّ بن كعب.
__________
56 الكامل (3/ 19) ، وتاريخ الطبري (1/ 187- 217) ، (2/ 2- 82) ، واليعقوبي (2/ 117) ، والإصابة (ت 5738) ، وصفة الصفوة (1/ 101) ، وحلية الأولياء (1/ 38) ، والبدء والتاريخ (5/ 88) ، وأخبار القضاة لوكيع (1/ 105) ، والكنى والأسماء (1/ 7) ، وحذف من نسب قريش (8) ، (14) ، (29) ، (31) ، (41) ، (42) ، (45) ، (80) ، (81) ، (82) ، (87) .(3/201)
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالُوا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: مَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِضَجْنَانَ فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي لأَرْعَى عَلَى الْخَطَّابِ فِي هَذَا الْمَكَانِ وَكَانَ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ فَظًا غَلِيظًا. ثُمَّ أَصْبَحْتُ إِلَى أَمْرِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ مُتَمَثِّلا:
لا شَيْءَ فِيمَا ترى إلا بشاشته ... يبقى الإله ويؤدي الْمَالُ وَالْوَلَدُ
ثُمَّ قَالَ لِبَعِيرِهِ: حَوْبَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَافِلِينَ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِشِعَابِ ضَجْنَانَ وَقَفَ النَّاسُ فَكَانَ مُحَمَّدٌ يَقُولُ: مَكَانًا كَثِيرَ الشَّجَرِ وَالأَشَبِ. قَالَ فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي هَذَا الْمَكَانِ وَأَنَا فِي إِبِلٍ لِلْخُطَّابِ. وَكَانَ فَظًّا غَلِيظًا. أَحْتَطِبُ عَلَيْهَا مَرَّةً وَأَخْتَبِطُ عَلَيْهَا أُخْرَى. ثُمَّ أَصْبَحْتُ الْيَوْمَ يَضْرِبُ النَّاسُ بِجَنَبَاتِي لَيْسَ فَوْقِي أَحَدٌ. قَالَ ثُمَّ مَثَّلَ بِهَذَا الْبَيْتِ:
لا شَيْءَ فِيمَا تَرَى إِلا بشاشته ... يبقى الإله ويؤدي الْمَالُ وَالْوَلَدُ
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ بِأَحَبِّ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ. بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَوْ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هاشم. قَالَ فَكَانَ أَحَبُّهُمَا إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - إِذَا رَأَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَوْ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ قَالَ: [اللَّهُمَّ اشْدُدْ دِينَكَ بِأَحَبِّهِمَا إِلَيْكَ. فَشَدَّدَ دِينَهُ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: [اللَّهُمَّ أَعِزَّ الدِّينَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ] .
إِسْلامُ عُمَرَ. رحمة الله:
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ مُتَقَلِّدَ السَّيْفِ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ قَالَ: أَيْنَ(3/202)
تَعْمِدُ يَا عُمَرُ؟ فَقَالَ: أُرِيدُ أَنْ أَقْتُلَ مُحَمَّدًا. قَالَ: وَكَيْفَ تَأْمَنُ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي زُهْرَةَ وَقَدْ قَتَلْتَ مُحَمَّدًا؟ قَالَ فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَرَاكَ إِلا قَدْ صَبَوْتَ وَتَرَكْتَ دِينَكَ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ. قَالَ: أَفَلا أَدُلُّكَ عَلَى الْعَجَبِ يَا عُمَرُ؟ إِنَّ خَتْنَكَ وَأُخْتَكَ قد صبوا وتركا الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ. قَالَ فَمَشَى عُمَرُ ذَامِرًا حَتَّى أَتَاهُمَا وَعِنْدَهُمَا رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ يُقَالُ لَهُ خَبَّابٌ. قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ خَبَّابَ حِسَّ عُمَرَ تَوَارَى فِي الْبَيْتِ. فَدَخَلَ عَلَيْهِمَا فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْهَيْنَمَةُ الَّتِي سَمِعْتُهَا عِنْدَكُمْ؟ قَالَ وكانوا يقرؤون طه فَقَالا: مَا عَدَا حَدِيثًا تَحَدَّثْنَاهُ بَيْنَنَا. قَالَ: فَلَعَلَّكُمَا قَدْ صَبَوْتُمَا؟ قَالَ فَقَالَ لَهُ خَتْنُهُ: أَرَأَيْتَ يَا عُمَرُ إِنْ كَانَ الْحَقُّ فِي غَيْرِ دِينِكَ؟ قَالَ فَوَثَبَ عُمَرُ عَلَى خَتْنِهِ فَوَطِئَهُ وَطْأً شَدِيدًا فَجَاءَتْ أُخْتُهُ فَدَفَعَتْهُ عَنْ زَوْجِهَا فَنَفَحَهَا بِيَدِهِ نَفْحَةً فَدَمِيَ وَجْهُهَا فَقَالَتْ وَهِيَ غَضْبَى: يَا عُمَرُ إِنْ كَانَ الْحَقُّ فِي غَيْرِ دِينِكَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أن محمدا رسول اللَّهِ. فَلَمَّا يَئِسَ عُمَرُ قَالَ:
أَعْطُونِي هَذَا الكتاب الذي عندكم فأقرأه. قَالَ وَكَانَ عُمَرُ يَقْرَأُ الْكُتُبَ. فَقَالَتْ أُخْتُهُ:
إِنَّكَ رِجْسٌ وَلا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ فَقُمْ فَاغْتَسِلْ أَوْ تَوَضَّأْ. قَالَ فَقَامَ عُمَرُ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ أَخَذَ الْكِتَابَ فَقَرَأَ طه حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: «إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي» طه: 14. قَالَ فَقَالَ عُمَرُ: دُلُّونِي عَلَى مُحَمَّدٍ. فَلَمَّا سَمِعَ خَبَّابٌ قَوْلَ عُمَرَ خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا عُمَرُ [فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونَ دَعْوَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكَ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ: اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَوْ بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ.] قَالَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الدَّارِ الَّتِي فِي أَصْلِ الصَّفَا. فَانْطَلَقَ عُمَرُ حَتَّى أَتَى الدَّارَ. قَالَ وَعَلَى بَابِ الدَّارِ حَمْزَةُ وَطَلْحَةُ وَأُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا رَأَى حَمْزَةُ وَجَلَ الْقَوْمِ مِنْ عُمَرَ قَالَ حَمْزَةُ: نعم فهذا عمر فإن يرد لله بِعُمَرَ خَيْرًا يُسْلِمْ وَيَتْبَعِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ يُرِدْ غَيْرَ ذَلِكَ يَكُنْ قتله علينا هينا. قال والنبي. ع.
دَاخِلٌ يُوحَى إِلَيْهِ. قَالَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَتَى عُمَرُ فَأَخَذَ بِمَجَامِعِ ثَوْبِهِ وَحَمَائِلِ السَّيْفِ فَقَالَ: [أَمَا أَنْتَ مُنْتَهِيًا يَا عُمَرُ حَتَّى يُنْزِلَ اللَّهُ بِكَ مِنَ الْخِزْي وَالنَّكَالِ مَا أَنْزَلَ بِالْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ؟ اللَّهُمَّ هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الدِّينَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.] قَالَ فَقَالَ عُمَرُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. فَأَسْلَمَ وَقَالَ: اخْرُجْ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالا: أَسْلَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دار الأَرْقَمِ وَبَعْدَ أَرْبَعِينَ أَوْ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِينَ بَيْنَ رجال ونساء(3/203)
قَدْ أَسْلَمُوا قَبْلَهُ. وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ بِالأَمْسِ: [اللَّهُمَّ أَيِّدِ الإِسْلامَ بِأَحَبِّ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ: عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَوْ عَمْرِو بْنِ هِشَامٍ] . فَلَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ نَزَلَ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ لَقَدِ اسْتَبْشَرَ أَهْلُ السَّمَاءِ بِإِسْلامِ عُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: أَسْلَمَ عُمَرُ بَعْدَ أَرْبَعِينَ رَجُلا وعشر نِسْوَةٍ. فَمَا هُوَ إِلا أَنْ أسلم عُمَرُ فَظَهَرَ الإِسْلامُ بِمَكَّةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سَلْمَانَ الأَغَرِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عمر ظهر الإسلام ودعي عَلانِيَةً. وَجَلَسْنَا حَوْلَ الْبَيْتِ حِلَقًا وَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَانْتَصَفْنَا مِمَّنْ غَلُظَ عَلَيْنَا وَرَدَدْنَا عَلَيْهِ بَعْضَ مَا يَأْتِي بِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ذَكَرْتُ لَهُ حَدِيثَ عُمَرَ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ قَالَ: أسلم عُمَرُ بَعْدَ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ رَجُلا وَإِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: وُلِدْتُ قَبْلَ الْفُجَّارِ الأَعْظَمِ الآخَرِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ.
وَأَسْلَمَ فِي ذِي الْحِجَّةِ السَّنَةِ السَّادِسَةِ مِنَ النُّبُوَّةِ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَعِشْرِينَ سَنَةً. قَالَ:
وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَقُولُ: أَسْلَمَ عُمَرُ وَأَنَا ابْنُ سِتِّ سِنِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَيَعْلَى وَمُحَمَّدُ ابْنَا عُبَيْدٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنِ قيس بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ فِي حَدِيثِهِ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نُصَلِّيَ بِالْبَيْتِ حَتَّى أَسْلَمَ عُمَرُ. فَلَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ قَاتَلَهُمْ حَتَّى تَرَكُونَا نُصَلِّي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى وَمُحَمَّدُ ابْنَا عُبَيْدٍ وُعَبُيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالُوا: أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: كَانَ إِسْلامُ عُمَرَ فَتْحًا وَكَانَتْ هِجْرَتُهُ نصرا وكان إِمَارَتُهُ رَحْمَةً. لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نُصَلِّيَ بِالْبَيْتِ حَتَّى أَسْلَمَ عُمَرُ. فَلَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ قَاتَلَهُمْ حَتَّى تَرَكُونَا فَصَلَّيْنَا.(3/204)
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: بَلَغَنَا أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ كَانُوا أَوَّلَ مَنْ قَالَ لِعُمَرَ الْفَارُوقَ. وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَأْثِرُونَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ وَلَمْ يَبْلُغْنَا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ مَنْ ذَلِكَ شَيْئًا. وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ ذَلِكَ إِلا لِعُمَرَ كَانَ فِيمَا يَذْكُرُ مِنْ مَنَاقِبِ عُمَرَ الصَّالِحَةِ وَيُثْنِي عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّهُمَّ أَيِّدِ دِينَكَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ الْمَكِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَنٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ وَهُوَ الْفَارُوقُ فَرَّقَ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَزْرَةَ يَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو ذَكْوَانَ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ مَنْ سَمَّى عُمَرَ الفاروق؟
قالت: النبي. ع.
ذِكْرُ هِجْرَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وإخائه. رحمه اللَّهِ:
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي عَاتِكَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا أَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلنَّاسِ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْمَدِينَةِ جَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَخْرُجُونَ أَرْسَالا يَصْطَحِبُ الرِّجَالُ فَيَخْرُجُونَ. قَالَ عُمَرُ وَعَبْدُ اللَّهِ قُلْنَا لِنَافِعٍ: مُشَاةً أَوْ رُكْبَانًا؟ قَالَ: كُلُّ ذَاكَ. أَمَّا أَهْلُ الْقُوَّةِ فَرُكْبَانٌ وَيَعْتَقِبُونَ وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَجِدْ ظَهْرًا فَيَمْشُونَ.
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: فَكُنْتُ قَدِ اتَّعَدْتُ أَنَا وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَهِشَامُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ التَّنَاضِبِ مِنْ إِضَاءَةِ بَنِي غِفَارٍ وَكُنَّا إِنَّمَا نَخْرُجُ سِرًّا فَقُلْنَا: أَيُّكُمْ مَا تَخَلَّفَ عَنِ الْمَوْعِدِ فَلْيَنْطَلِقْ مَنْ أَصْبَحَ عِنْدَ الإِضَاءَةِ. قَالَ عُمَرُ: فَخَرَجْتُ أَنَا وَعَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَاحْتُبِسَ هِشَامُ بْنُ الْعَاصِ فَفُتِنَ فِيمَنْ فُتِنَ. وَقَدِمْتُ أَنَا وَعَيَّاشٌ فَلَمَّا كُنَّا بِالْعَقِيقِ عَدَلْنَا إِلَى الْعُصْبَةِ حَتَّى أَتَيْنَا قُبَاءً فَنَزَلْنَا عَلَى رِفَاعَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ فَقَدِمَ عَلَى عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ أَخَوَاهُ لأُمِّهِ: أَبُو جَهْلِ وَالْحَارِثُ ابْنَا هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَأُمُّهُمْ أَسْمَاءُ ابْنَةُ مُخَرِّبَةَ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ. وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدُ بِمَكَّةَ لَمْ يَخْرُجْ. فَأَسْرَعَا السَّيْرَ فَنَزَلا مَعَنَا(3/205)
بِقُبَاءٍ فَقَالا لِعَيَّاشٍ: إِنَّ أُمَّكَ قَدْ نَذَرَتْ أَلا يُظِلَّهَا ظِلٌّ وَلا يَمَسُّ رَأْسَهَا دُهْنٌ حَتَّى تَرَاكَ.
قَالَ عُمَرُ فَقُلْتُ لِعَيَّاشٍ: وَاللَّهِ إِنْ يَرُدَّاكَ إِلا عَنْ دِينِكَ فَاحْذَرْ عَلَى دِينِكَ. قَالَ عَيَّاشٌ:
فَإِنَّ لِي بِمَكَّةَ مَالا لَعَلِّي آخُذُهُ فَيَكُونَ لَنَا قُوَّةً وَأُبِرَّ قَسَمَ أُمِّي. فَخَرَجَ مَعَهُمَا فَلَمَّا كَانُوا بِضَجْنَانَ نَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَنَزَلا مَعَهِ فَأَوْثَقَاهُ رِبَاطًا حَتَّى دَخَلا بِهِ مَكَّةَ فَقَالا: كَذَا يَا أَهْلَ مَكَّةَ فَافْعَلُوا بِسُفَهَائِكُمْ. ثُمَّ حَبَسُوهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ محمد بن عمرو: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالا: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَيُقَالُ بَيْنَ عُمَرَ وَمُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: مَنْزِلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِالْمَدِينَةِ خُطَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالُوا: شَهِدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وخرج فِي عِدَّةِ سَرَايَا وَكَانَ أَمِيرَ بَعْضِهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - عمر بن الخطاب سَرِيَّةً فِي ثَلاثِينَ رَجُلا إِلَى عُجْزِ هَوَازِنَ بِتُرْبَةَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ مَيْمُونٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ قَالَ: لَمَّا كَانَ حَيْثُ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِحَضْرَةِ أَهْلِ خَيْبَرَ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللِّوَاءَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عن سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اسْتَأْذَنَ عُمَرُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فِي الْعُمْرَةِ فَقَالَ: يَا أَخِي(3/206)
أَشْرِكْنَا فِي صَالِحِ دُعَائِكَ وَلا تَنْسَنَا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعُمْرَةِ فَأَذِنَ لَهُ [فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ: لا تَنْسَنَا يا أخي من دعائك] . قَالَ سُلَيْمَانُ قَالَ شُعْبَةُ: ثُمَّ لَقِيتُ عَاصِمًا بَعْدُ بِالْمَدِينَةِ فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ: قَالَ أَشْرِكْنَا يَا أَخِي فِي دُعَائِكَ. قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: هَكَذَا فِي كِتَابِي عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ الْمَوْصِلِيِّ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي هِشَامٍ قَالَ: اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعُمْرَةِ وَقَالَ إِنِّي أُرِيدُ الْمَشْيَ. [فَأَذِنَ لَهُ. قَالَ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ: يَا أَخِي شُبْنَا بِشَيْءٍ مِنْ دُعَائِكَ وَلا تَنْسَنَا] .
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَفْرَسُ النَّاسِ ثَلاثَةٌ. أَبُو بَكْرٍ فِي عُمَرَ. وصاحبه موسى حين قالت استأجره. وصاحبه يُوسُفَ.
ذِكْرُ اسْتِخْلافِ عُمَرَ. رَحِمَهُ اللَّهُ:
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ أَبِي دَخَلَ عَلَيْهِ فُلانٌ وَفُلانٌ فَقَالُوا: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ مَاذَا تَقُولُ لِرَبِّكَ إِذَا قَدِمْتَ عَلَيْهِ غَدًا وَقَدِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَيْنَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ فَقَالَ: أَجْلِسُونِي. أبا لله تُرْهِبُونِي؟ أَقُولُ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَهُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا بَكْرٍ الْوَفَاةُ اسْتَخْلَفَ عُمَرَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ وَطَلْحَةُ فَقَالا: مَنِ اسْتَخْلَفْتَ؟ قَالَ: عُمَرُ. قَالا: فَمَاذَا أَنْتَ قَائِلٌ لِرَبِّكَ؟ قَالَ: أبا لله تُفَرِّقَانِي؟ لأَنَا أَعْلَمُ بِاللَّهِ وَبِعُمَرَ مِنْكُمَا. أَقُولُ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَ أَهْلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ اللَّيْثِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ مَسَاءَ لَيْلَةِ الثُّلاثَاءِ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ(3/207)
جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ فَاسْتَقْبَلَ عُمَرُ بِخِلافَتِهِ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ صَبِيحَةَ مَوْتِ أَبِي بَكْرٍ. رَحِمَهُ اللَّهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَشْعَثَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ فِيمَا نَظُنُّ أَنَّ أَوَّلَ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا عُمَرُ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَقَدِ ابْتُلِيتُ بِكُمْ وَابْتُلِيتُمْ بِي وَخَلَفْتُ فِيكُمْ بَعْدَ صَاحِبِي. فَمَنْ كَانَ بِحَضْرَتِنَا بَاشَرْنَاهُ بِأَنْفُسِنَا وَمَهْمَا غَابَ عَنَّا وَلَّيْنَا أَهْلَ الْقُوَّةِ وَالأَمَانَةِ. فَمَنْ يحسن نزده حسنا ومن يسيء نُعَاقِبْهُ وَيَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
كَانَ أَوَّلُ كَلامٍ تَكَلَّمَ بِهِ عُمَرُ حِينَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ أَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي شَدِيدٌ فَلَيِّنِّي وَإِنِّي ضعيف فقوتي وَإِنِّي بَخِيلٌ فَسَخِّنِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ ذِي قَرَابَةٍ لَهُ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: ثَلاثَ كَلِمَاتٍ إِذَا قُلْتُهَا فَهَيْمِنُوا عَلَيْهَا: اللَّهُمَّ إِنِّي ضَعِيفٌ فَقَوِّنِي. اللَّهُمَّ إِنِّي غَلِيظٌ فَلَيِّنِّي. اللَّهُمَّ إِنِّي بَخِيلٌ فَسَخِّنِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرِ قَالا: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ:
سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ هِلالٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَنْ شَهِدَ وَفَاةَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَلَمَّا فَرَغَ عُمَرُ مِنْ دَفْنِهِ نَفْضَ يَدَهُ عَنْ تُرَابِ قَبْرِهِ ثُمَّ قَامَ خَطِيبًا مَكَانَهُ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ ابْتَلاكُمْ بِي وَابْتَلانِي بِكُمْ وَأَبْقَانِي فيكم بعد صاحبي. فو الله لا يَحْضُرُنِي شَيْءٌ مِنْ أَمْرِكُمْ فَيَلِيَهُ أَحَدٌ دوني ولا يتغيب عني فآلو فيه عن الجزء والأمانة. ولئن أحسنوا لأحسنن إليهم ولئن أساءوا لأنكلن بهم. قال الرجل: فو الله مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لِيَعْلَمْ مَنْ وَلِيَ هَذَا الأَمْرَ مِنْ بَعْدِي أَنْ سَيُرِيدُهُ عَنْهُ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ. إِنِّي لأُقَاتِلُ النَّاسَ عَنْ نَفْسِي قِتَالا. وَلَوْ عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ أَقْوَى عَلَيْهِ مِنِّي لَكُنْتُ أُقَدَّمُ فَتُضْرَبُ عُنُقِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلِيَهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ أَيُّوبَ وَابْنِ عَوْنٍ وَهِشَامٍ. دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا بِبَابِ عُمَرَ فَمَرَّتْ جَارِيَةٌ فَقَالُوا سُرِّيَّةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَتْ: مَا هِيَ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِسُرِّيَّةٍ وَمَا تَحِلُّ لَهُ. إِنَّهَا مِنْ مَالِ اللَّهِ. فَقُلْنَا: فَمَاذَا يَحِلُّ لَهُ مِنْ مَالِ اللَّهِ؟ فَمَا هُوَ إِلا قَدْرُ(3/208)
أَنْ بَلَغَتْ وَجَاءَ الرَّسُولُ فَدَعَانَا فَأَتَيْنَاهُ فَقَالَ: مَاذَا قُلْتُمْ؟ قُلْنَا: لَمْ نَقُلْ بَأْسًا. مَرَّتْ جَارِيَةٌ فَقُلْنَا هَذِهِ سُرِّيَّةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَتْ: مَا هِيَ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِسُرِّيَّةٍ وَمَا تَحِلُّ لَهُ. إِنَّهَا مِنْ مَالِ اللَّهِ. فَقُلْنَا: فَمَاذَا يَحِلُّ لَهُ مِنْ مَالِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: أَنَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا أَسْتَحِلُّ مِنْهُ.
يَحِلُّ لِي حُلَّتَانِ. حُلَّةٌ فِي الشِّتَاءِ وَحُلَّةٌ فِي الْقَيْظِ. وَمَا أَحُجُّ عَلَيْهِ وَأَعْتَمِرُ مِنَ الظَّهْرِ.
وَقُوتِي وَقُوتُ أَهْلِي كَقُوتِ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ لَيْسَ بِأَغْنَاهُمْ وَلا بِأَفْقَرِهِمْ. ثُمَّ أَنَا بَعْدُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُصِيبُنِي مَا أَصَابَهُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِنِّي أَنْزَلْتُ نَفْسِي مِنْ مَالِ اللَّهِ مَنْزِلَةَ مَالِ الْيَتِيمِ. إِنِ اسْتَغْنَيْتُ اسْتَعْفَفْتُ وَإِنِ افْتَقَرْتُ أَكَلْتُ بِالْمَعْرُوفِ. قَالَ وَكِيعٌ فِي حَدِيثِهِ: فَإِنْ أَيْسَرْتُ قَضَيْتُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ قَالَ: أخبرنا زكرياء بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي أَنْزَلْتُ مَالَ اللَّهِ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ مَالِ الْيَتِيمِ. فَإِنِ اسْتَغْنَيْتُ عَفَفْتُ عَنْهُ وَإِنِ افْتَقَرْتُ أَكَلْتُ بِالْمَعْرُوفِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: إِنِّي أَنْزَلْتُ مَالَ اللَّهِ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ مَالِ الْيَتِيمِ. مَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: لا يَحِلُّ لِي مِنْ هَذَا الْمَالِ إِلا مَا كُنْتُ آكِلا مِنْ صُلْبِ مَالِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ إِذَا احْتَاجَ أَتَى صَاحِبَ بَيْتِ الْمَالِ فَاسْتَقْرَضَهُ. فَرُبَّمَا عَسُرَ فَيَأْتِيهُ صَاحِبُ بَيْتِ الْمَالِ يَتَقَاضَاهُ فَيَلْزَمُهُ فَيَحْتَالُ لَهُ عُمَرُ. وَرُبَّمَا خَرَجَ عَطَاؤُهُ فَقَضَاهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَامِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ حَفْصٍ قَالَ:
حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ عَنِ ابْنٍ لِلْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ يَوْمًا حَتَّى أَتَى الْمِنْبَرَ. وَقَدْ كَانَ اشْتَكَى شَكْوَى لَهُ فَنُعِتَ لَهُ الْعَسَلُ وَفِي بَيْتِ الْمَالِ عُكَّةٌ فَقَالَ: إِنْ أَذِنْتُمْ لِي فِيهَا أَخَذْتُهَا وَإِلا فَإِنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ. فَأْذِنُوا له فيها.(3/209)
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرُ يَرْفَا فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ فِي مُصَلاهُ عِنْدَ الْفَجْرِ أَوْ عِنْدَ الظُّهْرِ. قَالَ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَرَى هَذَا الْمَالَ يَحِلُّ لِي مِنْ قَبْلِ أَنْ أَلِيَهِ إِلا بِحَقِّهِ. وَمَا كَانَ قَطُّ أَحْرَمُ عَلَيَّ مِنْهُ إِذْ وَلِيتُهُ عاد أَمَانَتِي وَقَدْ أَنْفَقْتُ عَلَيْكَ شَهْرًا مِنْ مَالِ اللَّهِ. وَلَسْتُ بِزَائِدِكَ وَلَكِنِّي مُعِينُكَ بِثَمَرِ مَالِي بِالْغَابَةِ فَاجْدُدْهُ فَبِعْهُ ثُمَّ ائْتِ رَجُلا مِنْ قَوْمَكَ مِنْ تُجَّارِهِمْ فَقُمْ إِلَى جَنْبِهِ. فَإِذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَاسْتَشْرِكْهُ فَاسْتَنْفِقْ وَأَنْفَقَ عَلَى أَهْلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى جَارِيَةً تَطِيشُ هُزَالا فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ هَذِهِ الْجَارِيَةُ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ:
هَذِهِ إِحْدَى بَنَاتِكَ. قَالَ: وَأَيُّ بَنَاتِي هَذِهِ؟ قَالَ: ابْنَتِي. قَالَ: مَا بَلَغَ بِهَا مَا أَرَى؟ قَالَ:
عَمَلُكَ. لا تُنْفِقْ عَلَيْهَا. فَقَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَغُرُّكَ مِنْ وَلَدِكَ فَأَوْسِعْ عَلَى وَلَدِكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ لأَبِيهَا. قَالَ يَزِيدُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ يَا أَبَتِ. إِنَّهُ قَدْ أَوْسَعَ اللَّهُ الرِّزْقَ وَفَتَحَ عَلَيْكَ الأَرْضَ وَأَكْثَرَ مِنَ الْخَيْرِ فَلَوْ طَعِمْتَ طَعَامًا أَلْيَنَ من طعامك ولبست لباسا من لباسك. قال:
سَأُخَاصِمُكِ إِلَى نَفْسِكِ. أَمَا تَذْكُرِينَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يلقى مِنْ شِدَّةَ الْعَيْشِ؟
قَالَ فَمَا زَالَ يُذَكِّرُهَا حَتَّى أَبْكَاهَا. ثُمَّ قَالَ: إِنِّي قَدْ قُلْتُ لك إني والله لئن استطعت لأشاركنها فِي عَيْشِهِمَا الشَّدِيدِ لَعَلِّي أَلْقَى مَعَهُمَا عَيْشَهُمَا الرَّخِيَّ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ:
يَعْنِي رَسُولَ الله وأبا بكر.
أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَقِيلٍ قَالَ الْحَسَنُ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَبَى إِلا شِدَّةً وَحَصْرًا عَلَى نَفْسِهِ فَجَاءَ اللَّهُ بِالسَّعَةِ فَجَاءَ الْمُسْلِمُونَ فَدَخَلُوا عَلَى حَفْصَةَ فَقَالُوا: أَبَى عُمَرُ إِلا شِدَّةً عَلَى نَفْسِهِ وَحَصْرًا وَقَدْ بَسَطَ اللَّهُ فِي الرِّزْقِ.
فَلْيَبْسُطْ فِي هَذَا الْفَيْءِ فِيمَا شَاءَ مِنْهُ وَهُوَ فِي حَلٍّ مِنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ. فَكَأَنَّهَا قَارَبَتْهُمْ فِي هَوَاهُمْ. فَلَمَّا انْصَرَفُوا مِنْ عِنْدِهَا دَخَلَ عَلَيْهَا عُمَرُ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَالَ الْقَوْمُ فَقَالَ لَهَا عُمَرُ: يَا حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ نَصَحْتِ قَوْمَكِ وَغَشَشْتِ أَبَاكِ. إِنَّمَا حَقُّ أَهْلِي فِي نَفْسِي وَمَالِي فَأَمَّا فِي دِينِي وَأَمَانَتِي فَلا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ غَالِبٍ. يَعْنِي(3/210)
الْقَطَّانَ. عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَلَّمُوا حَفْصَةَ أَنْ تَكَلَّمَ أَبَاهَا أَنْ يُلِينَ مِنْ عَيْشِهِ شَيْئًا فَقَالَتْ:
يَا أَبَتَاهُ. أَوْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. إِنَّ قَوْمَكَ كَلَّمُونِي أَنْ تُلِينَ مِنْ عَيْشِكَ. فَقَالَ: غَشَشْتِ أَبَاكِ وَنَصَحْتِ لِقَوْمِكِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ وَالْفَضْلُ بْنُ عَنْبَسَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَتَّجِرُ وَهُوَ خَلِيفَةٌ. قَالَ يَحْيَى فِي حَدِيثِهِ: وَجَهَّزَ عِيرًا إِلَى الشَّامِ فَبَعَثَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. وَقَالَ الْفَضْلُ: فَبَعَثَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أصحاب النبي. ع. قَالا جَمِيعًا يَسْتَقْرِضُهُ أَرْبَعَةَ آلافِ دِرْهَمٍ.
فَقَالَ لِلرَّسُولِ: قُلْ لَهُ يَأْخُذُهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ لِيَرُدَّهَا. فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَلَقِيَهُ عُمَرُ فَقَالَ: أَنْتَ الْقَائِلُ لِيَأْخُذَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؟ فَإِنْ مُتُّ قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ قُلْتُمْ أَخَذَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ دَعُوهَا لَهُ وَأُوخَذُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. لا وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ آخُذَهَا مِنْ رَجُلٍ حَرِيصٍ شَحِيحٍ فَإِنْ مُتُّ أَخَذَهَا. قَالَ يَحْيَى مِنْ مِيرَاثِي. وَقَالَ الْفَضْلُ مِنْ مَالِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ يَسَارِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: سَأَلَنِي عُمَرُ: كَمْ أَنْفَقْنَا فِي حَجَّتِنَا هَذِهِ؟ قُلْتُ: خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ شَيْخٍ لَهُمْ قَالَ:
خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى مَكَّةَ فَمَا ضَرَبَ فُسْطَاطًا حَتَّى رَجَعَ. كَانَ يَسْتَظِلُّ بِالنَّطْعِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ:
صَحِبْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةِ فِي الْحَجِّ ثُمَّ رَجَعْنَا فَمَا ضَرَبَ فُسْطَاطًا وَلا كَانَ لَهُ بِنَاءٌ يَسْتَظِلُّ بِهِ إِنَّمَا كَانَ يُلْقِي نِطْعًا أو كساء على الشجرة فَيَسْتَظِلُّ تَحْتَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يُحَدِّثُ قَالَ: قَدِمَ أَبُو مُوسَى فِي وَفْدِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَلَى عُمَرَ. قَالَ: فَقَالُوا كُنَّا نَدْخُلُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَهُ خُبَزُ ثَلاثٍ فَرُبَّمَا وَافَقْنَاهَا مَأْدُومَةً بِزَيْتٍ. وَرُبَّمَا وَافَقْنَاهَا بِسَمْنٍ.
وَرُبَّمَا وَافَقْنَاهَا بِاللَّبِنِ. وَرُبَّمَا وَافَقْنَاهَا بِالْقَدَائِدِ الْيَابِسَةِ قَدْ دُقَّتْ ثُمَّ أُغْلِيَ بِهَا. وربما(3/211)
وَافَقْنَا اللَّحْمَ الْغَرِيضَ وَهُوَ قَلِيلٌ. فَقَالَ لَنَا يَوْمًا: أَيُّهَا الْقَوْمُ إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ أَرَى تَعْذِيرَكُمْ وَكَرَاهِيَتَكُمْ لِطَعَامِي. وَإِنِّي وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُ لَكُنْتُ أَطْيَبَكُمْ طَعَامًا وَأَرْفَعَكُمْ عَيْشًا. أَمَا وَاللَّهِ ما أجهل عن كراكر وأسنمة وعن صلا وصناب وصلائق. ولكن سَمِعْتُ اللَّهَ. جَلَّ ثَنَاؤُهُ. عَيَّرَ قَوْمًا بِأَمْرٍ فَعَلُوهُ فَقَالَ: أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا واستمتعتم بها.
وَإِنَّ أَبَا مُوسَى كَلَّمَنَا فَقَالَ: لَوْ كَلَّمْتُمْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَفْرِضُ لَنَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أرزاقنا.
فو الله مَا زَالَ حَتَّى كَلَّمْنَاهُ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأُمَرَاءِ أَمَا تَرْضَوْنَ لأَنْفُسِكُمْ مَا أَرْضَاهُ لِنَفْسِي؟
قَالَ قُلْنَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ الْمَدِينَةَ أَرْضٌ الْعَيْشُ بِهَا شَدِيدٌ وَلا نَرَى طَعَامَكَ يُعَشِّي وَلا يُؤْكَلُ. وَإِنَّا بِأَرْضٍ ذَاتِ رِيفٍ. وَإِنَّ أَمِيرَنَا يُعَشِّي وَإِنَّ طَعَامَهُ يُؤْكَلُ. فَنَكَتَ فِي الأَرْضِ سَاعَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: فَنَعَمْ فَإِنِّي قَدْ فَرَضْتُ لَكُمْ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ شَاتَيْنِ وَجَرِيبَيْنِ فَإِذَا كَانَ بِالْغَدَاةِ فَضَعْ إِحْدَى الشَّاتَيْنِ عَلَى أَحَدِ الْجَرِيبَيْنِ فكل أنت وأصحابك ثم ادع بشرابك فاشرب. ثُمَّ اسْقِ الَّذِي عَنْ يَمِينِكَ. ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ. ثُمَّ قُمْ لِحَاجَتِكَ. فَإِذَا كَانَ بِالْعَشِيِّ فَضَعِ الشَّاةَ الْغَابِرَةَ عَلَى الْجَرِيبِ الْغَابِرِ فَكُلْ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ. ثُمَّ ادْعُ بِشَرَابِكَ فَاشْرَبْ. أَلا وأشبعوا الناس في بيوتهم وعيالهم فَإِنَّ تَحْفِينَكُمْ لِلنَّاسِ لا يُحَسِّنُ أَخْلاقَهُمْ وَلا يشبع جائعهم. والله مع ذاك مَا أَظُنُّ رُسْتَاقًا يُؤْخَذُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ شَاتَانِ وَجَرِيبَانِ إِلا يُسْرِعَانِ فِي خَرَابِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ يُونُسَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ أَنَّ حَفْصَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ كَانَ يَحْضُرُ طَعَامَ عُمَرَ فَكَانَ لا يَأْكُلُ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا يَمْنَعُكَ مِنْ طَعَامِنَا؟ قَالَ: إِنَّ طَعَامَكَ جَشِبٌ غَلِيظٌ وَإِنِّي رَاجِعٌ إِلَى طَعَامٍ لَيِّنٍ قَدْ صُنِعَ لِي فَأُصِيبُ مِنْهُ. قَالَ: أَتُرَانِي أَعْجَزُ أَنْ آمُرَ بِشَاةٍ فَيُلْقَى عَنْهَا شَعْرُهَا وَآمُرَ بِدَقِيقٍ فينخل في خرقة ثم يصب فِي خِرْقَةٍ ثُمَّ آمُرَ بِهِ فَيُخْبَزَ خُبْزًا رِقَاقًا وَآمُرَ بِصَاعٍ مِنْ زَبِيبٍ فَيُقْذَفَ فِي سُعْنٍ ثُمَّ يُصَبَّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ فَيُصْبِحَ كَأَنَّهُ دَمُ غَزَالٍ؟ فَقَالَ: إِنِّي لأَرَاكَ عَالِمًا بِطِيبِ الْعَيْشِ. فَقَالَ: أَجَلْ! وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلا أَنْ تَنْتَقِضَ حَسَنَاتِي لَشَارَكْتُكُمْ فِي لِينِ عَيْشِكُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ زِيَادٍ الْحَارِثِيِّ أَنَّهُ وَفْدَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَعْجَبَتْهُ هَيْئَتُهُ وَنَحْوُهُ فَشَكَا عُمَرُ طَعَامًا غَلِيظًا أَكَلَهُ. فَقَالَ الرَّبِيعُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِطَعَامٍ لَيِّنٍ وَمَرْكَبٍ لَيِّنٍ وَمَلْبَسٍ لَيِّنٍ لأَنْتَ. فَرَفَعَ عُمَرُ جَرِيدَةً مَعَهُ فَضَرَبَ بها رأسه(3/212)
وَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا أُرَاكَ أَرَدْتَ بِهَا اللَّهَ وَمَا أَرَدْتَ بِهَا إِلا مُقَارَبَتِي إِنْ كُنْتَ لأَحْسِبُ أَنَّ فِيكَ وَيْحَكَ هَلْ تَدْرِي مَا مَثَلِي وَمَثَلُ هَؤُلاءِ؟ قَالَ: وَمَا مَثَلُكَ وَمَثَلُهُمْ؟ قَالَ: مِثْلُ قَوْمٍ سَافِرُوا فَدَفِعُوا نَفَقَاتِهِمْ إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ. فَقَالُوا لَهُ: أَنْفِقْ عَلَيْنَا. فَهَلْ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَسْتَأْثِرَ مِنْهَا بِشَيْءٍ؟ قَالَ: لا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: فَكَذَلِكَ مَثَلِي وَمَثَلُهُمْ. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: إِنِّي لَمْ أَسْتَعْمِلْ عَلَيْكُمْ عُمَّالِي لِيَضْرِبُوا أَبْشَارَكُمْ وَلِيَشْتِمُوا أَعْرَاضَكُمْ وَيَأْخُذُوا أَمْوَالَكُمْ وَلَكِنِّي اسْتَعْمَلْتُهُمْ لِيُعَلِّمُوكُمْ كِتَابَ رَبِّكُمْ وَسُنَّةَ نَبِيِّكُمْ. فَمَنْ ظَلَمَهُ عَامِلُهُ بِمَظْلَمَةٍ فَلا إِذَنْ لَهُ عَلَيَّ لِيَرْفَعَهَا إِلَيَّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ. فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَرَأَيْتَ إِنْ أَدَّبَ أَمِيرٌ رَجُلا مِنْ رَعِيَّتِهِ أَتُقِصُّهُ مِنْهُ؟ فَقَالَ عُمَرُ: وَمَا لِي لا أَقُصُّهُ مِنْهُ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُصُّ مِنْ نَفْسِهِ؟ وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ: لا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ فَتُذِلُّوهُمْ وَلا تَحْرِمُوهُمْ فَتُكَفِّرُوهُمْ وَلا تُجَمِّرُوهُمْ فَتَفْتِنُوهُمْ وَلا تُنْزِلُوهُمُ الْغِيَاضَ فَتُضَيِّعُوهُمْ.
قَالُوا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - لما تُوُفِّيَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَانَ يُقَالُ لَهُ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ. رَحِمَهُ اللَّهُ. وَاسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قِيلَ لِعُمَرَ خَلِيفَةُ خليفة رسول الله. فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: فَمَنْ جَاءَ بَعْدَ عُمَرَ قِيلَ له خليفة خليفة خليفة رسول الله. ع. فَيَطُولُ هَذَا. وَلَكِنْ أَجْمِعُوا عَلَى اسْمٍ تَدْعُونَ بِهِ الْخَلِيفَةَ يُدْعَ بِهِ مَنْ بَعْدُهُ مِنَ الخلفاء. فقال بعض أصحاب رسول الله. ص:
نَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ وَعُمَرُ أَمِيرُنَا. فَدُعِيَ عُمَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ بِذَلِكَ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ التَّأْرِيخَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ فَكَتَبَهُ مِنْ هِجْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي الصُّحُفِ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ قِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَجَمَعَ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ وَكَتَبَ بِهِ إِلَى الْبُلْدَانِ. وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ. وَجَعَلَ لِلنَّاسِ بِالْمَدِينَةِ قَارِئَيْنِ. قَارِئًا يُصَلِّي بِالرِّجَالِ وَقَارِئًا يُصَلِّي بِالنِّسَاءِ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ وَاشْتَدَّ عَلَى أَهْلِ الرِّيَبِ وَالتُّهَمِ وَأَحْرَقَ بَيْتَ رُوَيْشِدٍ الثَّقَفِيِّ وَكَانَ حَانُوتًا وَغَرَّبَ رَبِيعَةَ بْنَ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ إِلَى خَيْبَرَ وَكَانَ صَاحِبَ شَرَابٍ. فَدَخَلَ أَرْضَ الرُّومَ فَارْتَدَّ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ عَسَّ فِي عَمَلِهِ بِالْمَدِينَةِ وَحَمَلَ الدِّرَّةَ وَأَدَّبَ بِهَا. وَلَقَدْ قِيلَ بَعْدَهُ لَدِّرَّةُ عُمَرَ أَهْيَبُ مِنْ سَيْفِكُمْ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ فَتَحَ الْفُتُوحَ وَهِيَ الأَرْضُونَ وَالْكُورُ الَّتِي فِيهَا الْخَرَاجُ وَالْفَيْءُ. فَتَحَ الْعِرَاقَ كُلَّهُ. السَّوَادَ وَالْجِبَالَ.
وَأَذْرَبِيجَانَ وَكُورَ الْبَصْرَةِ وَأَرْضَهَا وَكُورَ الأَهْوَازِ وَفَارِسَ وَكُورَ الشَّامِ مَا خَلا أَجْنَادَيْنِ فَإِنَّهَا(3/213)
فُتِحَتْ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفَتَحَ عُمَرُ كُورَ الْجَزِيرَةِ وَالْمَوْصِلِ وَمِصْرَ وَالإِسْكَنْدَرِيَّةِ. وَقُتِلَ. رَحِمَهُ اللَّهُ. وَخَيْلُهُ عَلَى الرَّيِّ وَقَدْ فَتَحُوا عَامَّتَهَا. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ مَسَحَ السَّوَادَ وَأَرْضَ الْجَبَلِ وَوَضَعَ الْخَرَاجَ عَلَى الأَرَضِينَ وَالْجِزْيَةَ عَلَى جَمَاجِمِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِيمَا فَتْحَ مِنَ الْبُلْدَانِ. فَوَضَعَ عَلَى الْغَنِيِّ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَعَلَى الْوَسَطِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَعَلَى الْفَقِيرِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا. وَقَالَ: لا يُعْوِزُ رَجُلا مِنْهُمْ دِرْهَمٌ فِي شَهْرٍ. فَبَلَغَ خَرَاجُ السَّوَادِ وَالْجَبَلِ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ. رَحِمَهُ اللَّهُ. مِائَةَ أَلْفِ أَلْفٍ وَعِشْرِينَ أَلْفِ أَلْفٍ وَافٍ. وَالْوَافُ دِرْهَمٌ وَدَانَقَانُ وَنِصْفُ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ مَصَّرَ الأَمْصَارَ:
الْكُوفَةَ وَالْبَصْرَةَ وَالْجَزِيرَةَ وَالشَّامَ وَمِصْرَ وَالْمَوْصِلَ. وَأَنْزَلَهَا الْعَرَبَ. وَخَطَّ الْكُوفَةَ وَالْبَصْرَةَ خُطَطًا لِلْقَبَائِلِ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنِ اسْتَقْضَى الْقُضَاةَ فِي الأَمْصَارِ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ دَوَّنَ الدِّيوَانَ وَكَتَبَ النَّاسَ عَلَى قَبَائِلِهِمْ وَفَرَضَ لَهُمُ الأَعْطِيَةَ مِنَ الْفَيْءِ وَقَسَمَ الْقُسُومَ فِي النَّاسِ. وَفَرَضَ لأَهْلِ بَدْرٍ وَفَضَّلَهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ. وَفَرَضَ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى أَقْدَارِهِمْ وَتَقَدُّمِهِمْ فِي الإِسْلامِ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ حَمَلَ الطَّعَامَ فِي السُّفُنِ مِنْ مِصْرَ فِي الْبَحْرِ حَتَّى وَرَدَ الْبَحْرَ ثُمَّ حَمَلَ مِنَ الْجَارِ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَكَانَ عُمَرُ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. إِذَا بَعَثَ عَامِلا لَهُ عَلَى مَدِينَةٍ كَتَبَ مَالَهُ. وَقَدْ قَاسَمَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَالَهُ إِذَا عَزَلَهُ. مِنْهُمْ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ. وَكَانَ يَسْتَعْمِلُ رَجُلا مِنْ أصحاب رسول الله. ع. مِثْلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. وَيَدَعُ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُمْ مِثْلَ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَنُظَرَائِهِمْ لِقُوَّةِ أُولَئِكَ عَلَى الْعَمَلِ وَالْبَصَرِ بِهِ. وَلإِشْرَافِ عُمَرَ عَلَيْهِمْ وَهَيْبَتِهِمْ لَهُ. وَقِيلَ لَهُ: مَا لَكَ لا تولي الأكابر من أصحاب رسول الله. ع؟ فَقَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أُدَنِّسَهُمْ بِالْعَمَلِ.
وَاتَّخَذَ عُمَرُ دَارَ الرَّقِيقِ. وَقَالَ بَعْضُهُمُ الدَّقِيقُ. فَجَعَلَ فِيهَا الدَّقِيقَ وَالسَّوِيقَ وَالتَّمْرَ وَالزَّبِيبَ وَمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ يُعِينُ بِهِ الْمُنْقَطِعَ بِهِ وَالضَّيْفَ يَنْزِلُ بِعُمَرَ. وَوَضَعَ عُمَرُ فِي طَرِيقِ السُّبُلِ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مَا يَصْلُحُ مَنْ يَنْقَطِعَ بِهِ وَيَحْمِلُ مِنْ مَاءٍ إِلَى مَاءٍ.
وَهَدَمَ عُمَرُ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَزَادَ فِيهِ وَأَدْخَلَ دَارَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِيمَا زَادَ. وَوَسَّعَهُ وَبَنَاهُ لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ بِالْمَدِينَةِ. وَهُوَ أَخْرَجَ الْيَهُودَ مِنَ الْحِجَازِ وَأَجْلاهُمْ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ إِلَى الشَّامِ. وَأَخْرَجَ أَهْلَ نَجْرَانَ وَأَنْزَلَهُمْ نَاحِيَةَ الْكُوفَةِ. وَكَانَ عُمَرُ خَرَجَ إِلَى الْجَابِيَةِ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ فَأَقَامَ بِهَا عِشْرِينَ لَيْلَةً يَقْصُرُ الصَّلاةَ. وَحَضَرَ فَتْحَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ. وَقَسَمَ الْغَنَائِمَ بِالْجَابِيَةِ. وَخَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ سبع(3/214)
عَشْرَةَ يُرِيدُ الشَّامَ فَبَلَغَ سَرْغَ فَبَلَغَهُ أَنَّ الطَّاعُونَ قَدِ اشْتَعَلَ بِالشَّامِ فَرَجَعَ مِنْ سَرْغَ.
فَكَلَّمَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَقَالَ: أَتَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ.
وَفِي خِلافَتِهِ كَانَ طَاعُونُ عَمَوَاسَ فِي سَنَةِ ثَمَانِي عَشْرَةَ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ أَوَّلُ عَامِ الرَّمَادَةِ أَصَابَ النَّاسَ مَحْلٌ وَجَدْبٌ وَمَجَاعَةٌ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ. وَاسْتَعْمَلَ عُمَرُ عَلَى الْحَجِّ بِالنَّاسِ أَوَّلَ سَنَةٍ اسْتُخْلِفَ. وَهِيَ سَنَةُ ثَلاثَ عَشْرَةَ. عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَحَجَّ بِالنَّاسِ تِلْكَ السَّنَةِ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَحُجُّ بِالنَّاسِ فِي كُلِّ سَنَةٍ خِلافَتَهُ كُلَّهَا فَحَجَّ بِهِمْ عَشْرَ سِنِينَ وَلاءً. وَحَجَّ بأزواج النبي. ع. فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا بِالنَّاسِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ. وَاعْتَمَرَ عُمَرُ فِي خِلافَتِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. عَمْرَةٌ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ. وَعُمْرَةٌ فِي رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ. وَعُمْرَةٌ فِي رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَهُوَ أَخَّرَ الْمَقَامَ إِلَى مَوْضِعِهِ الْيَوْمَ. كَانَ مُلْصَقًا بِالْبَيْتِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الأَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَصَّرَ الأَمْصَارَ: الْمَدِينَةَ وَالْبَصْرَةَ وَالْكُوفَةَ وَالْبَحْرَيْنَ وَمِصْرَ وَالشَّامَ وَالْجَزِيرَةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بن سلمة عن يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: هَانَ شَيْءٌ أُصْلِحُ بِهِ قَوْمًا أَنْ أُبَدِّلَهُمْ أَمِيرًا مَكَانَ أَمِيرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَلْقَى الْحَصَى فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. وَكَانَ النَّاسُ إِذَا رَفَعُوا رُؤُوسَهُمْ مِنَ السُّجُودِ نَفَضُوا أَيْدِيَهُمْ فَأَمَرَ عُمَرُ بِالْحَصَى فَجِيءَ بِهِ مِنَ الْعَقِيقِ فَبُسِطَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أخبرنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لأَعْزِلَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَالْمُثَنَّى مُثَنَّى بَنِي شَيْبَانَ حَتَّى يَعْلَمَا أَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا كَانَ يَنْصُرُ عِبَادَهُ وَلَيْسَ إِيَّاهُمَا كَانَ يَنْصُرُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرٌ أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَجْلانَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَرَّ بِقَوْمٍ يَرْتَمُونَ فَقَالَ أَحَدُهُمْ:
أَسَيْتَ. فَقَالَ عُمَرُ: سُوءُ اللَّحْنِ أَسْوَأُ مِنْ سُوءِ الرَّمْيِ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ(3/215)
عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: لا يَسْأَلُنِي اللَّهُ عَنْ رُكُوبِ الْمُسْلِمِينَ الْبَحْرَ أَبَدًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قال:
كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَسْأَلُهُ عَنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ. قَالَ فَكَتَبَ عَمْرٌو إِلَيْهِ يَقُولُ: دُودٌ عَلَى عُودٍ فَإِنِ انْكَسَرَ الْعُودُ هَلَكَ الدُّودُ. قَالَ فَكَرِهَ عُمَرُ أَنْ يَحْمِلَهُمْ فِي الْبَحْرِ. قَالَ هِشَامٌ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ: فَأَمْسَكَ عُمَرُ عَنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيُّ قال: بينا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَعُسُّ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِذَا امْرَأَةٌ تَقُولُ:
هَلْ مِنْ سَبِيلٍ إِلَى خَمْرٍ فَأَشْرَبَهَا. ... أَمْ هَلْ سَبِيلٌ إِلَى نَصْرِ بْنِ حَجَّاجِ؟
فَلَمَّا أَصْبَحَ سَأَلَ عَنْهُ. فَإِذَا هُوَ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَأَتَاهُ فَإِذَا هُوَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ شَعْرًا وَأَصَبَحِهِمْ وَجْهًا. فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يَطُمَّ شَعْرَهُ فَفَعَلَ. فَخَرَجَتْ جَبْهَتُهُ فَازْدَادَ حُسْنًا. فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يَعْتَمَّ فَفَعَلَ. فَازْدَادَ حُسْنًا. فَقَالَ عُمَرُ: لا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تُجَامِعُنِي بِأَرْضٍ أَنَا بِهَا! فَأَمَرَ لَهُ بِمَا يُصْلِحُهُ وَسَيَّرَهُ إِلَى الْبَصْرَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَعُسُّ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَإِذَا هُوَ بِنِسْوَةٍ يَتَحَدَّثْنَ. فَإِذَا هُنَّ يَقُلْنَ: أَيُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَصْبَحُ؟ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: أَبُو ذِئْبٍ.
فَلَمَّا أَصْبَحَ سَأَلَ عَنْهُ فَإِذَا هُوَ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ إِذَا هُوَ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنْتَ وَاللَّهِ ذِئْبُهُنَّ. مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تُجَامِعُنِي بِأَرْضٍ أَنَا بها! قال: فإن كنت لا بد مُسَيِّرُنِي فَسَيِّرْنِي حَيْثُ سَيَّرْتَ ابْنَ عَمِّي. يَعْنِي نَصْرَ بْنَ حَجَّاجٍ السُّلَمِيَّ. فَأَمَرَ لَهُ بِمَا يُصْلِحُهُ وَسَيَّرَهُ إِلَى الْبَصْرَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ بَرِيدًا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ فَنَثَرَ كِنَانَتَهُ فَبَدَرَتْ صَحِيفَةٌ فَأَخَذَهَا فَقَرَأَهَا فَإِذَا فِيهَا:
أَلا أَبْلِغْ أَبَا حَفْصٍ رَسُولا ... فِدًى لَكَ مِنْ أَخِي ثِقَةٍ إِزَارِي
قَلائِصَنَا. هَدَاكَ اللَّهُ. إِنَّا ... شُغِلْنَا عَنْكُمُ زَمَنَ الْحِصِارِ
فَمَا قُلُصٌ وُجِدْنَ مُعَقَّلاتٍ ... قَفَا سَلْعٍ بِمُخْتَلَفِ الْبِحَارِ
قَلائِصُ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ ... وَأَسْلَمَ أَوْ جُهَيْنَةَ أَوْ غِفَارِ(3/216)
يُعَقِّلْهُنَّ جَعْدَةُ مِنْ سُلَيْمٍ ... مُعِيدًا يَبْتَغِي سَقَطَ العذار
فقال: ادعوا لي جعدة من ثليم. قال فدعوا به فجلد مِائَةً مَعْقُولا وَنَهَاهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى امْرَأَةٍ مُغِيبَةٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ الْعَبَّاسِ الأَسَدِيُّ قَالَ:
سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُحِبُّ الصَّلاةَ فِي كَبِدِ اللَّيْلِ.
يَعْنِي وَسَطَ اللَّيْلِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو هِلالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ:
كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَدِ اعْتَرَاهُ نِسْيَانٌ فِي الصَّلاةِ فَجَعَلَ رَجُلٌ خَلْفَهُ يُلَقِّنُهُ. فَإِذَا أَوْمَأَ إِلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ أَوْ يَقُومَ فَعَلَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي دَبَرَةِ الْبَعِيرِ وَيَقُولُ: إِنِّي لَخَائِفٌ أَنْ أُسْأَلَ عَمَّا بِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ قَالَ: أخبرنا عبد الله بن عُمَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الْعَامِ الَّذِي طُعِنَ فِيهِ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي أُكَلِمُكُمْ بِالْكَلامِ فَمَنْ حَفِظَهُ فَلْيُحَدِّثْ بِهِ حَيْثُ انْتَهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ. وَمَنْ لَمْ يَحْفَظْهُ فَأُحَرِّجُ بِاللَّهِ عَلَى امْرِئٍ أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَرَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يَكْتُبَ السُّنَنَ فَاسْتَخَارَ اللَّهَ شَهْرًا ثُمَّ أَصْبَحَ وَقَدْ عُزِمَ لَهُ فَقَالَ:
ذَكَرْتُ قَوْمًا كَتَبُوا كِتَابًا فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ وَتَرَكُوا كِتَابَ اللَّهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقُرْقُسَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أُتِيَ بِمَالٍ فَجَعَلَ يَقْسِمُهُ بَيْنَ النَّاسِ فَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ. فَأَقْبَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ يُزَاحَمُ النَّاسَ حَتَّى خَلَصَ إِلَيْهِ فَعَلاهُ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ وَقَالَ: إِنَّكَ أَقْبَلْتَ لا تَهَابُ سُلْطَانَ اللَّهِ فِي الأَرْضِ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُعَلِّمَكَ أَنَّ سُلْطَانَ اللَّهِ لَنْ يَهَابَكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ حَجَّامًا كَانَ يَقُصُّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَكَانَ رَجُلا مَهِيبًا.(3/217)
فَتَنَحْنَحَ عُمَرُ فَأَحْدَثَ الْحَجَّامُ. فَأَمَرَ لَهُ عُمَرُ بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا. وَالْحَجَّامُ هُوَ سَعِيدُ بْنُ الْهَيْلَمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ فِي وِلايَتِهِ: مَنْ وَلِيَ هَذَا الأَمْرَ بَعْدِي فَلْيَعْلَمْ أَنْ سَيُرِيدُهُ عَنْهُ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ. وَايْمُ اللَّهِ مَا كُنْتُ إِلا أُقَاتِلُ النَّاسَ عَنْ نَفْسِي قِتَالا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: اجْتَمَعَ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَسَعْدٌ. وَكَانَ أَجْرَأُهُمْ عَلَى عُمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ.
فَقَالُوا: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَوْ كَلَّمْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِلنَّاسِ فَإِنَّهُ يَأْتِي الرَّجُلُ طَالِبُ الْحَاجَةِ فَتَمْنَعُهُ هَيْبَتُكَ أَنْ يُكَلِّمَكَ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يَرْجِعَ وَلَمْ يَقْضِ حَاجَتَهُ. فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَكَلَّمَهُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِنْ لِلنَّاسِ فَإِنَّهُ يَقْدَمُ الْقَادِمُ فَتَمْنَعُهُ هَيْبَتُكَ أَنْ يُكَلِّمَكَ فِي حَاجَتِهِ حَتَّى يَرْجِعَ وَلَمْ يُكَلِّمْكَ. قَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَعَلِيٌّ وَعُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدٌ أَمَرُوكَ بِهَذَا؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَاللَّهِ لَقَدْ لِنْتُ لِلنَّاسِ حَتَّى خَشِيتُ اللَّهَ فِي اللِّينِ ثُمَّ اشْتَدَدْتُ عَلَيْهِمْ حَتَّى خَشِيتُ اللَّهَ فِي الشِّدَّةِ. فَأَيْنَ الْمَخْرَجُ؟ فَقَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَبْكِي يَجُرُّ رِدَاءَهُ يَقُولُ بِيَدِهِ: أُفٍّ لَهُمْ بَعْدَكَ. أُفٍّ لَهُمْ بَعْدَكَ! قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ كُلَّمَا صَلَّى صَلاةً جَلَسَ لِلنَّاسِ. فَمَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ نَظَرَ فِيهَا. فَصَلَّى صَلَوَاتٍ لا يَجْلِسُ فِيهَا فَأَتَيْتُ الْبَابَ فَقُلْتُ: يَا يَرْفَا. فَخَرَجَ عَلَيْنَا يَرْفَا. فَقُلْتُ: أَبِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ شَكْوَى؟ قَالَ: لا. فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ عُثْمَانُ فَدَخَلَ يَرْفَا ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ: قُمْ يَا ابْنَ عَفَّانَ. قُمْ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ. فَدَخَلْنَا عَلَى عُمَرَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ صُبَرٌ مِنْ مَالٍ. عَلَى كُلِّ صُبْرَةٍ مِنْهَا كَتِفٌ. فَقَالَ: إِنِّي نَظَرْتُ فَلَمْ أَجِدْ بِالْمَدِينَةِ أَكْثَرَ عَشِيرَةٍ مِنْكُمَا. خُذَا هَذَا الْمَالَ فَاقْسِمَاهُ بَيْنَ النَّاسِ. فَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ فَرُدَّا. فَأَمَّا عُثْمَانُ فَحَثَا وَأَمَّا أَنَا فَجَثَيْتُ لِرُكْبَتِيَّ فَقُلْتُ: وَإِنْ كَانَ نُقْصَانًا رَدَدْتَ عَلَيْنَا؟
فَقَالَ: شِنْشِنَةٌ مِنْ أَخْشَنَ. قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي حَجَرًا مِنْ جَبَلٍ. أَمَا كَانَ هَذَا عِنْدَ اللَّهِ إِذْ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ يَأْكُلُونَ الْقِدَّ؟ قُلْتُ: بَلَى وَلَوْ فُتِحَ عَلَيْهِ لَصَنَعَ غَيْرَ الَّذِي(3/218)
تَصْنَعُ. قَالَ: وَمَا كَانَ يَصْنَعُ؟ قُلْتُ: إِذًا لأَكَلَ وَأَطْعَمَنَا. قَالَ: فَرَأَيْتُهُ نَشَجَ حَتَّى اخْتَلَفَتْ أَضْلاعُهُ وَقَالَ: لَوَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْهُ كَفَافًا لا عَلَيَّ وَلا لِيَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: أُصِيبَ بَعِيرٌ مِنَ الْمَالِ زَعَمَ يَحْيَى مِنَ الْفَيْءِ فَنَحَرَهُ عُمَرُ وَأَرْسَلَ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ مِنْهُ وَصَنَعَ مَا بَقِيَ فَدَعَا عَلَيْهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِمْ يَوْمَئِذٍ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ صَنَعْتَ لَنَا كُلَّ يَوْمٍ مِثْلَ هَذَا فَأَكَلْنَا عِنْدَكَ وَتَحَدَّثْنَا. فَقَالَ عُمَرُ: لا أَعُودُ لِمِثْلِهَا. إِنَّهُ مَضَى صَاحِبَانِ لِي. يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ عَمِلا عَمَلا وَسَلَكَا طَرِيقًا وَإِنِّي إِنْ عَمِلْتُ بِغَيْرِ عَمَلِهِمَا سُلِكَ بِي طَرِيقٌ غَيْرُ طَرِيقِهِمَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قَعْنَبٍ الْحَارِثِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عن أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَثَابَ النَّاسُ إِلَيْهِ حَتَّى سَمِعَ بِهِ أَهْلُ الْعَالِيَةِ فَنَزَلُوا فَعَلَّمَهُمْ حَتَّى مَا بَقِيَ وَجْهٌ إِلا عَلَّمَهُمْ. ثُمَّ أَتَى أَهْلُهُ وَقَالَ: قَدْ سَمِعْتُمْ مَا نَهَيْتُ عَنْهُ وَإِنِّي لا أَعْرِفُ أَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ يَأْتِي شَيْئًا مِمَّا نَهَيْتُ عَنْهُ إِلا ضَاعَفْتُ لَهُ الْعَذَابَ ضِعْفَيْنِ. أَوْ كَمَا قَالَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي معمر عن الزهري عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْهَى النَّاسَ عَنْ شَيْءٍ تَقَدَّمَ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ: لا أَعْلَمَنَّ أَحَدًا وَقَعَ فِي شَيْءٍ مِمَّا نَهَيْتُ عَنْهُ إِلا أَضْعَفْتُ لَهُ الْعُقُوبَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سبرة عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَ عُمَرُ إِذَا أَتَاهُ الْخَصْمَانِ بَرَكَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمَا فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُرِيدُنِي عَنْ دِينِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ وَهَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالُوا: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَا بَقِيَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمَرِ الْجَاهِلِيَّةِ إِلا أَنِّي لَسْتُ أُبَالِي إِلَى أَيِّ النَّاسِ نَكَحْتُ وَأَيِّهِمْ أَنْكَحْتُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ قَالَ: كُنْتُ قَاعِدًا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَهْلِ نَجْرَانَ قَرَابَةٌ؟ قَالَ(3/219)
الرَّجُلُ: لا. قَالَ عُمَرُ: بَلَى. قَالَ الرَّجُلُ: لا. قَالَ عُمَرُ: بَلَى وَاللَّهِ. أَنْشُدُ اللَّهَ كُلَّ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَعْلَمُ أَنَّ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ أَهْلِ نَجْرَانَ قَرَابَةٌ لَمَا تَكَلَّمَ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَلَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ نَجْرَانَ قَرَابَةٌ مِنْ قِبَلِ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَهْ فَإِنَّا نَقْفُو الآثَارَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي نَهِيكٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ أَكْثَرَ النَّاسِ صِيَامًا وَأَكْثَرَهُمْ سِوَاكًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قال: أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بن أبي حَازِمٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَوْ كُنْتُ أُطِيقُ مَعَ الْخِلِّيَفَى لأَذَّنْتُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي جَعْدَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَوْلا أَنْ أَسِيرَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ أَضَعَ جَبِينِي لِلَّهِ فِي التُّرَابِ أَوْ أُجَالِسَ قَوْمًا يَلْتَقِطُونَ طَيِّبَ الْقَوْلِ كَمَا يُلْتَقَطُ طَيِّبُ الثَّمَرِ لأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ قَدْ لَحِقْتُ بِاللَّهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَتِ الشِّفَاءُ ابْنَةُ عَبْدِ اللَّهِ. وَرَأَتْ فِتْيَانًا يَقْصِدُونَ فِي الْمَشْي وَيَتَكَلَّمُونَ رُوَيْدًا فَقَالَتْ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: نُسَّاكٌ. فَقَالَتْ: كَانَ وَاللَّهِ عُمَرُ إِذَا تَكَلَّمَ أَسْمَعَ وَإِذَا مَشَى أَسْرَعَ وَإِذَا ضَرَبَ أَوْجَعَ. وَهُوَ النَّاسِكُ حَقًّا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أُمِّ بَكْرٍ بنت المسور عن أبيها الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: كُنَّا نَلْزَمُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ نَتَعَلَّمُ مِنْهُ الْوَرَعَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى. يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ. قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَا أُبَالِي إِذَا اخْتَصَمَ إِلَيَّ رَجُلانِ لأَيِّهِمَا كَانَ الْحَقُّ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وهيب بن خالد قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَشَدُّ أُمَّتِي فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ الأَسَدِيُّ عَنِ الْعَلاءِ بْنِ أَبِي عَائِشَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ دَعَا بِحَلاقٍ فَحَلَقَهُ بِمُوسَى. يَعْنِي جَسَدَهُ.(3/220)
فَاسْتَشْرَفَ لَهُ النَّاسُ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ. إِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ وَلَكِنَّ النَّوْرَةُ مِنَ النَّعِيمِ فَكَرِهْتُهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو هِلالٍ الرَّاسِبِيُّ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ الْخُلَفَاءُ لا يَتَنَوَّرُونَ. أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ بَلَغَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَنَامِ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ يَمِينِهِ وَعُمَرَ عَنْ شِمَالِهِ فَقَالَ لِي: يَا عُمَرُ إِنْ وَلِيتَ مِنْ أَمَرِ النَّاسِ شَيْئًا فَخُذْ بِسِيرَةِ هَذَيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدِينِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لا يُعْرَفُ فِيهِمَا الْبِرُّ حَتَّى يَقُولا أَوْ يَفْعَلا. قَالَ: قُلْتُ يَا أَبَا بَكْرٍ مَا تَعْنِي بِذَلِكَ؟ قَالَ: لَمْ يَكُونَا مُؤَنَّثَيْنِ وَلا مُتَمَاوِتَيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالا: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ الْبِرُّ لا يُعْرَفُ فِي عُمَرَ وَلا فِي ابْنِهِ حَتَّى يَقُولا أَوْ يَفْعَلا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالا: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ قَطَنِ بْنِ وَهْبِ بْنِ عُوَيْمِرِ بْنِ الأَجْدَعِ قَالَ مَعْنٌ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَسِيرُ بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ قَطَنِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَمِّهِ إِنَّهُ كَانَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي سَفَرٍ فَلَمَّا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الرَّوْحَاءِ. قَالَ مَعْنٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ فِي حَدِيثِهِمَا. فَسَمِعَ صَوْتَ رَاعٍ فِي جَبَلٍ فَعَدَلَ إِلَيْهِ فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ صَاحَ: يَا رَاعِيَ الْغَنَمِ.
فَأَجَابَهُ الرَّاعِي فَقَالَ: يَا رَاعِيَهَا. فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي قَدْ مَرَرْتُ بِمَكَانٍ هُوَ أَخْصَبُ مِنْ مكانك وإن كل راع مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ. ثُمَّ عَدْلَ صُدُورَ الرِّكَابِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمَّانِيُّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ الْحَوْتَكِيَّةِ قَالَ: سُئِلَ عُمَرُ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ: لَوْلا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَزِيدَ فِي الْحَدِيثِ أَوْ أَنْتَقِصَ مِنْهُ لَحَدَّثْتُكُمْ بِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ(3/221)
يَوْمًا وَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلَ حَائِطًا فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ. وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ جِدَارٌ وَهُوَ فِي جَوْفِ الْحَائِطِ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بَخْ وَاللَّهِ بُنَيَّ الْخَطَّابِ لَتَتَّقِيَنَّ اللَّهَ أَوْ لَيُعَذِّبَنَّكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَزَالُوا مُسْتَقِيمِينَ مَا اسْتَقَامَتْ لَهُمْ أَئِمَّتُهُمْ وَهُدَاتُهُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: الرَّعِيَّةُ مُؤَدِّيَةٌ إِلَى الإِمَامِ مَا أَدَّى الإِمَامُ إِلَى اللَّهِ. فَإِذَا رَتَعَ الإِمَامُ رَتَعُوا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَسْلَمُ أَبِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: يَا أَسْلَمُ أَخْبِرْنِي عَنْ عُمَرَ. قَالَ: فَأَخْبَرْتُهُ عَنْ بَعْضِ شَأْنِهِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حِينَ قُبِضَ كَانَ أَجَدَّ وَلا أَجْوَدَ حَتَّى انْتَهَى. مِنْ عُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مِنْدَلٌ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عَاصِمٍ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ يَقُولُ: وَالَّذِي لَوْ شَاءَ أَنْ تَنْطِقَ قَنَانِي نَطَقَتْ لَوْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِيزَانًا مَا كَانَ فِيهِ مَيْطُ شَعْرَةٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ الْمَكِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَيْرٍ الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ رَجُلٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَقِيَ الْمِنْبَرَ وَجَمَعَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَمَا لِي مِنْ أَكَالِ يَأْكُلُهُ النَّاسُ إِلا أَنَّ لِيَ خَالاتٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ فَكُنْتُ أَسْتَعْذِبُ لَهُنَّ الْمَاءَ فَيُقَبِّضْنَ لِيَ الْقَبَضَاتِ مِنَ الزَّبِيبِ.
قَالَ ثُمَّ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ فَقِيلَ لَهُ: مَا أَرَدْتَ إِلَى هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: إِنِّي وَجَدْتُ فِي نَفْسِي شَيْئًا فَأَرَدْتُ أَنْ أُطَأْطِئَ مِنْهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ. يَعْنِي ابْنَ عُيَيْنَةَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ مَنْ رَفَعَ إِلَيَّ عُيُوبِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ الْهُرْمُزَانَ رَأَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مُضْطَجِعًا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فقال: هَذَا وَاللَّهِ الْمَلِكُ الْهَنِيءُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ قَالَ: أخبرنا عبد الله بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي(3/222)
زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَأْخُذُ بِأُذُنِ الْفَرَسِ وَيَأْخُذُ بِيَدِهِ الأُخْرَى أُذُنَهُ ثُمَّ يَنْزُو عَلَى مَتْنِ الْفَرَسِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَأْمُرُ عُمَّالَهُ أَنْ يُوَافُوهُ بِالْمَوْسِمِ فَإِذَا اجْتَمَعُوا قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ. إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ عُمَّالِي عَلَيْكُمْ لِيُصِيبُوا مِنْ أَبْشَارِكُمْ وَلا مِنْ أَمْوَالِكُمْ. إِنَّمَا بَعَثْتُهُمْ لِيَحْجِزُوا بَيْنَكُمْ وَلِيَقْسِمُوا فَيْئَكُمْ بَيْنَكُمْ. فَمَنْ فُعِلَ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ فَلْيَقُمْ. فَمَا قَامَ أَحَدٌ إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ قَامَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ عَامِلَكَ فُلانًا ضَرَبَنِي مِائَةَ سَوْطٍ. قَالَ: فِيمَ ضَرَبْتَهُ؟ قُمْ فَاقْتَصَّ مِنْهُ. فَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ هَذَا يَكْثُرُ عَلَيْكَ وَيَكُونُ سُنَّةً يَأْخُذُ بِهَا مَنْ بَعْدَكَ. فَقَالَ: أَنَا لا أُقِيدُ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يُقِيدُ مِنْ نَفْسِهِ. قَالَ: فَدَعْنَا فَلْنُرْضِهِ. قَالَ: دُونَكُمْ فَأَرْضُوهُ. فَافْتَدَى مِنْهُ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ. كُلُّ سَوْطٍ بِدِينَارَيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَعُسُّ الْمَسْجِدَ بَعْدَ الْعِشَاءِ فَلا يَرَى فِيهِ أَحَدًا إِلا أَخْرَجَهُ إِلا رَجُلا قَائِمًا يُصَلِّي. فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَقَالَ: مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالَ أُبَيُّ: نَفَرٌ مِنْ أَهْلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: مَا خَلَّفَكُمْ بَعْدَ الصَّلاةِ؟ قَالَ: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ. قَالَ فَجَلَسَ مَعَهُمْ ثُمَّ قَالَ لأَدْنَاهُمْ إِلَيْهِ:
خُذْ. قَالَ فَدَعَا فَاسْتَقْرَأَهُمْ رَجُلا رَجُلا يَدْعُونَ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ وَأَنَا إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ:
هَاتِ. فَحُصِرْتُ وَأَخَذَنِي مِنَ الرِّعْدَةِ أَفْكَلٌ حَتَّى جَعَلَ يَجِدُ مَسَّ ذَلِكَ مِنِّي. فَقَالَ: وَلَوْ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا. اللَّهُمَّ ارْحَمْنَا. قَالَ ثُمَّ أَخَذَ عُمَرُ فَمَا كَانَ فِي الْقَوْمِ أَكْثَرُ دَمْعَةً وَلا أَشَدُّ بُكَاءً مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ: إِيهًا الآنَ فَتَفَرَّقُوا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا فَرَّجُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَجْلِسُ مُتَرَبِّعًا وَيَسْتَلْقِي عَلَى ظَهْرِهِ وَيَرْفَعُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا فَرَّجُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِذَا أَطَالَ أَحَدُكُمُ الْجُلُوسَ فِي الْمَسْجِدِ فَلا عَلَيْهِ أَنْ يَضَعَ جَنْبَهُ فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لا يَمَلَّ جُلُوسَهُ.(3/223)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: قُتِلَ عُمَرُ وَلَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَائِذُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ بْنِ نُقَيْدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اسْتَشَارَ الْمُسْلِمِينَ فِي تَدْوِينِ الدِّيوَانَ فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: تُقَسِّمُ كُلَّ سَنَةٍ مَا اجْتَمَعَ إِلَيْكَ مِنْ مَالٍ وَلا تُمْسِكُ مِنْهُ شَيْئًا. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ: أَرَى مَالا كَثِيرًا يَسَعُ النَّاسَ وَإِنْ لَمْ يُحْصَوْا حَتَّى تَعْرِفَ مَنْ أَخَذَ مِمَّنْ لَمْ يَأْخُذْ. خَشِيتُ أَنْ يَنْتَشِرَ الأَمْرُ. فَقَالَ لَهُ الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ:
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ جِئْتُ الشَّامَ فَرَأَيْتُ مُلُوكَهَا قَدْ دَوَّنُوا دِيوَانًا وَجَنَّدُوا جُنُودًا فَدَوِّنْ دِيوَانًا وَجَنِّدْ جُنُودًا. فَأَخَذَ بِقَوْلِهِ فَدَعَا عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَمَخْرَمَةَ بْنَ نَوْفَلٍ وَجُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ وَكَانُوا مِنْ نُسَّابِ قُرَيْشٍ فَقَالَ: اكْتُبُوا النَّاسَ عَلَى مَنَازِلِهِمْ. فَكَتَبُوا فَبَدَءُوا بِبَنِي هَاشِمٍ ثُمَّ أَتْبَعُوهُمْ أَبَا بَكْرٍ وَقَوْمَهُ. ثُمَّ عُمَرَ وَقَوْمَهُ عَلَى الْخِلافَةِ. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ قَالَ: وَدِدْتُ وَاللَّهِ أَنَّهُ هَكَذَا وَلَكِنِ ابْدَءُوا بِقَرَابَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأَقْرَبُ فَالأَقْرَبُ حَتَّى تَضَعُوا عُمَرَ حَيْثُ وَضَعَهُ اللَّهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ عُرِضَ عَلَيْهِ الْكِتَابُ. وَبَنُو تَيْمٍ عَلَى أَثَرِ بَنِي هَاشِمٍ. وَبَنُو عَدِيٍّ عَلَى أَثَرِ بَنِي تَيْمٍ. فَأَسْمَعُهُ يَقُولُ: ضَعُوا عُمَرَ مَوْضِعَهُ وَابْدَءُوا بِالأَقْرَبِ فَالأَقْرَبِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَتْ بَنُو عَدِيٍّ إِلَى عُمَرَ فَقَالُوا: أَنْتَ خَلِيفَةُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ خَلِيفَةُ أَبِي بَكْرٍ وَأَبُو بَكْرٍ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ. ع. قَالُوا:
وَذَاكَ فَلَوْ جَعَلْتَ نَفْسَكَ حَيْثُ جَعَلَكَ هَؤُلاءِ الْقَوْمُ. قَالَ: بَخٍ بَخٍ بَنِي عَدِيٍّ. أَرَدْتُمُ الأَكْلَ عَلَى ظَهْرِي لأَنْ أُذْهِبَ حَسَنَاتِي لَكُمْ. لا وَاللَّهِ حَتَّى تَأْتِيَكُمُ الدَّعْوَةُ وَإِنْ أُطْبِقَ عَلَيْكُمُ الدَّفْتَرُ. يَعْنِي وَلَوْ أَنْ تُكْتَبُوا آخِرَ النَّاسِ. إِنَّ لِي صَاحِبَيْنِ سَلَكَا طَرِيقًا فَإِنْ خَالَفْتَهُمَا خُولِفَ بِي. وَاللَّهِ مَا أَدْرَكْنَا الْفَضْلَ فِي الدُّنْيَا وَلا مَا نَرْجُو مِنَ الآخِرَةِ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ عَلَى مَا عَمِلْنَا إِلا بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ شَرَفُنَا وَقَوْمُهُ أَشْرَفُ الْعَرَبِ ثُمَّ الأَقْرَبُ فَالأَقْرَبُ. إِنَّ الْعَرَبَ شَرُفَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ. وَلَوْ أَنَّ بَعْضَنَا يَلْقَاهُ إِلَى آبَاءٍ كَثِيرَةٍ وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَنْ نَلْقَاهُ إِلَى نَسَبِهِ ثُمَّ لا نُفَارِقُهُ إِلَى آدَمَ إِلا آبَاءٍ يَسِيرَةٍ مَعَ ذَلِكَ. وَاللَّهِ لَئِنْ جَاءَتِ الأَعَاجِمُ بِالأَعْمَالِ وَجِئْنَا بِغَيْرِ عَمَلٍ فَهُمْ أَوْلَى بِمُحَمَّدٍ مِنَّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَلا يَنْظُرُ رَجُلٌ إِلَى الْقَرَابَةِ وَيَعْمَلُ لِمَا عِنْدَ اللَّهِ. فَإِنَّ مَنْ قَصَّرَ بِهِ عَمَلُهُ لا يُسْرِعُ بِهِ نَسَبُهُ.(3/224)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَأَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَخْنَسِيِّ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قال: وحدثني بَعْضُهُمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. قَالُوا: لَمَّا أَجْمَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى تَدْوِينِ الدِّيوَانِ وَذَلِكَ فِي الْمُحْرِمِ سَنَةَ عِشْرِينَ بَدَأَ بِبَنِي هَاشِمٍ فِي الدَّعْوَةِ. ثُمَّ الأَقْرَبُ فَالأَقْرَبُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ الْقَوْمُ إِذَا اسْتَوَوْا فِي الْقَرَابَةِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدَّمَ أَهْلَ السَّابِقَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الأَنْصَارِ فَقَالُوا: بِمَنْ نَبْدَأُ؟ فَقَالَ عُمَرُ: ابْدَءُوا بِرَهْطِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ الأَشْهَلَيِّ ثُمَّ الأَقْرَبُ فَالأَقْرَبُ بِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. وَفَرَضَ عُمَرُ لأَهْلِ الدِّيوَانِ فَفَضَّلَ أَهْلَ السَّوَابِقِ وَالْمَشَاهِدِ فِي الْفَرَائِضِ. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ قَدْ سَوَّى بَيْنَ النَّاسِ فِي الْقَسْمِ فَقِيلَ لِعُمَرَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: لا أَجْعَلُ مَنْ قَاتَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَنْ قَاتَلَ مَعَهُ. فَبَدَأَ بِمَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ فَفَرَضَ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ خَمْسَةَ آلافِ دِرْهَمٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ. حَلِيفُهُمْ وَمَوْلاهُمْ مَعَهُمْ بِالسَّوَاءِ. وَفَرَضَ لِمَنْ كَانَ لَهُ إِسْلامٌ كَإِسْلامِ أَهْلِ بَدْرٍ مِنْ مُهَاجِرَةَ الْحَبَشَةِ وَمَنْ شَهِدَ أَحَدًا أَرْبَعَةَ آلافِ دِرْهَمٍ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ. وَفَرَضَ لأَبْنَاءِ الْبَدْرِيِّينَ أَلْفَيْنِ أَلْفَيْنِ إِلا حَسَنًا وَحُسَيْنًا فَإِنَّهُ أَلْحَقَهُمَا بِفَرِيضَةِ أَبِيهِمَا لِقَرَابَتِهِمَا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَفَرَضَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةَ آلافِ دِرْهَمٍ. وَفَرَضَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ خَمْسَةَ آلافِ دِرْهَمٍ لِقَرَابَتِهِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ فَرَضَ لَهُ سَبْعَةَ آلافِ دِرْهَمٍ. وَقَالَ سَائِرُهُمْ: لَمْ يُفَضِّلْ أَحَدًا عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ إِلا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ فَرَضَ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ وَصَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ فِيهِنَّ. هَذَا الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ.
وَفَرَضَ لِمَنْ هَاجَرَ قَبْلَ الْفَتْحِ لِكُلِّ رَجُلٍ ثَلاثَةَ آلافِ دِرْهَمٍ. وَفَرَضَ لِمُسْلِمَةِ الْفَتْحِ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَلْفَيْنَ. وَفَرَضَ لِغِلْمَانَ أَحْدَاثٍ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ كَفَرَائِضِ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ. وَفَرَضَ لِعُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَرْبَعَةَ آلافِ دِرْهَمٍ. فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ: لِمَ تُفَضِّلُ عُمَرَ عَلَيْنَا فَقَدْ هَاجَرَ آبَاؤُنَا وَشَهِدُوا؟ فَقَالَ عُمَرُ: أُفَضِّلَهُ لِمَكَانِهِ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلْيَأْتِ الَّذِي يَسْتَعْتِبُ بِأُمٍّ مِثْلَ أُمِّ سَلَمَةَ أُعْتِبْهُ. وَفَرَضَ لأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ أَرْبَعَةَ آلافِ دِرْهَمٍ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فَرَضْتَ لِي ثَلاثَةَ آلاف(3/225)
وَفَرَضْتَ لأُسَامَةَ فِي أَرْبَعَةِ آلافٍ وَقَدْ شَهِدْتُ مَا لَمْ يَشْهَدْ أُسَامَةُ. فَقَالَ عُمَرُ: زِدْتُهُ لأَنَّهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - منك وكان أبوه أحب إلى رسول الله. ع.
مِنْ أَبِيكَ. ثُمَّ فَرَضَ لِلنَّاسِ عَلَى مَنَازِلِهِمْ وَقِرَاءَتِهِمْ لِلْقُرْآنِ وَجِهَادِهِمْ. ثُمَّ جَعَلَ مَنْ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ بَابًا وَاحِدًا فَأَلْحَقَ مَنْ جَاءَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِالْمَدِينَةِ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا لِكُلِّ رَجُلٍ. وَفَرَضَ لِلْمُحَرَّرِينَ مَعَهُمْ. وَفَرَضَ لأَهْلِ الْيَمَنِ وَقَيْسٍ بِالشَّامِ وَالْعِرَاقِ لِكُلِّ رَجُلٍ أَلْفَيْنِ إِلَى أَلْفٍ إِلَى تِسْعِمِائَةٍ إِلَى خَمْسِمِائَةٍ إِلَى ثَلاثِمِائَةٍ لَمْ يُنْقِصْ أَحَدًا مِنْ ثَلاثِمِائَةٍ. وَقَالَ: لَئِنْ كَثُرَ الْمَالُ لأَفْرِضَنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ أَرْبَعَةَ آلافِ دِرْهَمٍ. أَلْفٌ لِسَفَرِهِ وَأَلْفٌ لِسِلاحِهِ وَأَلْفٌ يُخَلِّفُهَا لأَهْلِهِ وَأَلْفٌ لِفَرَسِهِ وَبَغْلِهِ. وَفَرَضَ لِنِسَاءَ مُهَاجِرَاتٍ. فَرَضَ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سِتَّةَ آلافِ دِرْهَمٍ. وَلأَسْمَاءَ ابْنَةِ عُمَيْسٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَلأُمِّ كُلْثُومِ بِنْتِ عُقْبَةَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَلأُمِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ فَرَضَ لِلنِّسَاءِ الْمُهَاجِرَاتِ ثَلاثَةَ آلافِ دِرْهَمٍ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ. وَأَمَرَ عُمَرُ فَكُتِبَ لَهُ عِيَالُ أَهْلِ الْعَوَالِي فَكَانَ يَجْرِي عَلَيْهِمُ الْقُوتَ. ثُمَّ كَانَ عُثْمَانُ فَوَسَّعَ عَلَيْهِمْ فِي الْقُوتِ وَالْكِسْوَةِ.
وَكَانَ عُمَرُ يَفْرِضُ لِلْمَنْفُوسِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَإِذَا تَرَعْرَعَ بَلَغَ بِهِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَإِذَا بَلَغَ زَادَهُ.
وَكَانَ إِذَا أُتِيَ بِاللَّقِيطِ فَرَضَ لَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَفَرَضَ لَهُ رِزْقًا يَأْخُذُهُ وَلِيُّهُ كُلَّ شَهْرٍ مَا يُصْلِحُهُ. ثُمَّ يَنْقُلُهُ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ. وَكَانَ يُوصِي بِهِمْ خَيْرًا وَيَجْعَلُ رِضَاعَهُمْ وَنَفَقَتَهَمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي حِزَامُ بْنُ هِشَامٍ الْكَعْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَحْمِلُ دِيوَانَ خُزَاعَةَ حَتَّى يَنْزِلَ قُدَيْدًا فَتَأْتِيهِ بِقُدَيْدٍ فَلا يَغِيبُ عَنْهُ امْرَأَةٌ بِكْرٌ وَلا ثَيِّبٌ فَيُعْطِيهُنَّ فِي أَيْدِيهِنَّ ثُمَّ يَرُوحُ فَيَنْزِلُ عُسْفَانَ فَيَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا حَتَّى تُوُفِّيَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: كَانَ دِيوَانُ حِمْيَرَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ عَلَى حَدِّهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ عَنْ جَهْمِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ قَالَ: قَدِمَ خَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ الْعُذْرِيُّ عَلَى عُمَرَ فَسَأَلَهُ عَمَّا وَرَاءَهُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَرَكْتُ مَنْ وَرَائِي يَسْأَلُونَ اللَّهَ أَنْ يَزِيدَ فِي عُمُرِكَ مِنْ أَعْمَارِهِمْ. مَا وَطِيءَ أَحَدٌ الْقَادِسِيَّةَ إِلا عَطَاؤُهُ أَلْفَانِ أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً. وَمَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلا أُلْحِقَ عَلَى مِائَةٍ وَجَرِيبَيْنِ كُلَّ شَهْرٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى. وَمَا يَبْلُغُ لَنَا ذَكَرٌ إِلا أُلْحِقَ عَلَى خَمْسُمِائَةٍ أَوْ(3/226)
سِتِّمِائَةٍ. فَإِذَا خَرَجَ هَذَا لأَهْلِ بَيْتٍ مِنْهُمْ مَنْ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يَأْكُلُ الطَّعَامَ.
فَمَا ظَنُّكَ بِهِ؟ فَإِنَّهُ لَيُنْفِقُهُ فِيمَا يَنْبَغِي وَفِيمَا لا يَنْبَغِي. قَالَ عُمَرُ: فَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ إِنَّمَا هُوَ حَقُّهُمْ أُعْطُوهُ وَأَنَا أَسْعَدُ بِأَدَائِهِ إِلَيْهِمْ مِنْهُمْ بِأَخْذِهِ. فَلا تَحْمَدَنِّي عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ مَالِ الْخَطَّابِ مَا أُعْطِيتُمُوهُ وَلَكِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ فِيهِ فَضْلا وَلا يَنْبَغِي أَنْ أَحْبِسَهُ عَنْهُمْ. فَلَوْ أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ عَطَاءُ أَحَدِ هَؤُلاءِ الْعُرَيْبِ ابْتَاعَ مِنْهُ غَنَمًا فَجَعَلَهَا بِسَوَادِهِمْ ثُمَّ إِذَا خَرَجَ الْعَطَاءُ الثَّانِيَةَ ابْتَاعَ الرَّأْسَ فَجَعَلَهُ فِيهَا فَإِنِّي. وَيْحَكَ يَا خَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ. أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ يَلِيَكُمْ بَعْدِي وُلاةٌ لا يُعَدُّ الْعَطَاءُ فِي زَمَانِهِمْ مَالا. فَإِنْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَوْ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِهِ كَانَ لَهُمْ شَيْءٌ قَدِ اعْتَقَدُوهُ فَيَتَّكِئُونَ عَلَيْهِ. فَإِنَّ نَصِيحَتِي لَكَ وَأَنْتَ عِنْدِي جَالِسٌ كَنَصِيحَتِي لِمَنْ هُوَ بِأَقْصَى ثَغْرٍ مِنْ ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ وَذَلِكَ لِمَا طَوَّقَنِي الله من أمرهم.
[قال رسول الله. ص: مَنْ مَاتَ غَاشًّا لِرَعِيَّتِهِ لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو السُّمَيْعِيِّ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى حُذَيْفَةَ أَنْ أَعْطِ النَّاسَ أُعْطِيَتَهُمْ وَأَرْزَاقَهُمْ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّا قَدْ فَعَلْنَا وَبَقِيَ شَيْءٌ كَثِيرٌ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ إِنَّهُ فَيْؤُهُمُ الَّذِي أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. لَيْسَ هُوَ لِعُمَرَ وَلا لآلِ عُمَرَ. اقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ:
سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: وَالَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ. ثَلاثًا. مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ إِلا لَهُ فِي هَذَا الْمَالِ حَقٌّ أُعْطِيَهُ أَوْ مُنِعَهُ. وَمَا أَحَدٌ بِأَحَقَّ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا عَبْدٌ مَمْلُوكٌ. وَمَا أَنَا فِيهِ إلا كأحدهم وَلَكِنَّا عَلَى مَنَازِلِنَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَقِسْمِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالرَّجُلُ وَبَلاؤُهُ فِي الإِسْلامِ. وَالرَّجُلُ وَقِدَمُهُ فِي الإِسْلامِ. وَالرَّجُلُ وَغَنَاؤُهُ فِي الإِسْلامِ.
وَالرَّجُلُ وَحَاجَتُهُ. وَاللَّهِ لَئِنْ بَقِيتُ لَيَأْتِيَنَّ الرَّاعِيَ بِجَبَلِ صَنْعَاءَ حَظُّهُ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَهُوَ مَكَانُهُ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لأَبِي فَعَرَفَ الْحَدِيثَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابَ يَقُولُ: مَا عَلَى الأَرْضِ مُسْلِمٌ لا يَمْلِكُونَ رَقَبَتَهُ إِلا لَهُ فِي هَذَا الْفَيْءِ حَقٌّ أُعْطِيَهُ أَوْ مُنِعَهُ. وَلَئِنْ عِشْتُ لَيَأْتِيَنَّ الرَّاعِيَ بِالْيَمَنِ حَقُّهُ قَبْلَ أَنْ يَحْمَرَّ وَجْهُهُ. يَعْنِي فِي طَلَبِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي(3/227)
هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ مِنَ الْبَحْرَيْنِ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَلَقِيتُهُ فِي صَلاةِ الْعِشَاءِ الآخرة فسلمت عليه فسألني عن الناس. قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: جِئْتُ بِخَمْسِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ. قَالَ: مَاذَا تَقُولُ؟ قَالَ قُلْتُ: مِائَةُ أَلْفٍ. مِائَةُ أَلْفٍ. مِائَةُ أَلْفٍ. مِائَةُ أَلْفٍ.
مِائَةُ أَلْفٍ. حَتَّى عَدَدْتُ خَمْسًا. قَالَ: إِنَّكَ نَاعِسٌ فَارْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ فَنَمْ فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَأْتِنِي. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَغَدَوْتُ إِلَيْهِ. فَقَالَ: مَاذَا جِئْتَ بِهِ؟ قُلْتُ: جِئْتُ بِخَمْسِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ. قَالَ عُمَرُ: أَطَيِّبٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ لا أَعْلَمُ إِلا ذَلِكَ. فَقَالَ لِلنَّاسِ: إِنَّهُ قَدْ قَدِمَ عَلَيْنَا مَالٌ كَثِيرٌ فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَعُدَّ لَكُمْ عَدَدًا وَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَكِيلَهُ لَكُمْ كَيْلا. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ هَؤُلاءِ الأَعَاجِمَ يُدَوِّنُونَ دِيوَانًا يُعْطُونَ النَّاسَ عَلَيْهِ. قَالَ:
فَدَوَّنَ الدِّيوَانَ وَفَرَضَ لِلْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ فِي خَمْسَةِ آلافٍ خَمْسَةِ آلافٍ. وَلِلأَنْصَارِ فِي أَرْبَعَةِ آلافٍ أَرْبَعَةِ آلافٍ. وَلأَزْوَاجِ النَّبِيِّ. عَلَيْهِ السَّلامُ. فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا.
قَالَ يَزِيدُ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ بَرْزَةَ بِنْتِ رَافِعٍ قَالَتْ: لَمَّا خَرَجَ الْعَطَاءُ أَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ بِالَّذِي لَهَا. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا قَالَتْ: غَفَرَ اللَّهُ لِعُمَرَ! غَيْرِي مِنْ أَخَوَاتِي كَانَ أَقْوَى عَلَى قَسْمِ هَذَا مِنِّي. فَقَالُوا: هَذَا كُلُّهُ لَكِ. قَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ! وَاسْتَتَرَتْ منه بثوب. قالت:
صبوه واطرحوه عَلَيْهِ ثَوْبًا. ثُمَّ قَالَتْ لِي: أَدْخِلِي يَدَكِ فَاقْبِضِي مِنْهُ قَبْضَةً فَاذْهَبِي بِهَا إِلَى بَنِي فُلانٍ وَبَنِي فُلانٍ. مِنْ أَهْلِ رَحِمِهَا وَأَيْتَامِهِا. فَقَسَمْتُهُ حَتَّى بَقِيَتْ بَقِيَّةٌ تَحْتَ الثَّوْبِ فَقَالَتْ لَهَا بَرْزَةُ بِنْتُ رَافِعٍ: غَفَرَ اللَّهُ لَكِ يَا أمير الْمُؤْمِنِينَ! وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ لَنَا فِي هَذَا حَقٌّ.
فَقَالَتْ: فَلَكُمْ مَا تَحْتَ الثَّوْبِ. قَالَتْ: فَكَشَفْنَا الثَّوْبَ فَوَجَدْنَا خَمْسَةً وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا.
ثُمَّ رَفَعَتْ يَدَيْهَا إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ لا يُدْرِكُنِي عَطَاءٌ لِعُمَرَ بَعْدَ عَامِي هَذَا.
فَمَاتَتْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَقِيلٍ يَحْيَى بْنُ الْمُتَوَكِّلِ قَالَ:
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَدِمَتْ رُفْقَةٌ مِنَ التُّجَّارِ فَنَزَلُوا الْمُصَلَّى فَقَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: هَلْ لَكَ أَنْ نَحْرُسَهُمُ اللَّيْلَةَ مِنَ السَّرَقِ؟
فَبَاتَا يَحْرُسَانِهِمْ وَيُصَلِّيَانِ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُمَا. فَسَمِعَ عُمَرُ بُكَاءَ صَبِيٍّ فَتَوَجَّهَ نَحْوَهُ فَقَالَ لأُمِّهِ: اتَّقِي اللَّهَ وَاحْسِنِي إِلَى صَبِيِّكِ. ثُمَّ عَادَ إِلَى مَكَانِهِ. فَسَمِعَ بُكَاءَهُ فَعَادَ إِلَى أُمِّهِ فَقَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ عَادَ إِلَى مَكَانِهِ. فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ سَمِعَ بُكَاءَهُ فَأَتَى أُمَّهُ فَقَالَ: وَيْحَكِ. إِنِّي لأَرَاكِ أُمَّ سُوءٍ. مَا لِي أَرَى ابْنَكِ لا يَقِرُّ(3/228)
مُنْذُ اللَّيْلَةِ؟ قَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ قَدْ أَبْرَمْتَنِي مُنْذُ اللَّيْلَةِ. إِنِّي أُرِيغَهُ عَنِ الْفِطَامِ فأبى.
قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَتْ: لأَنَّ عُمَرَ لا يَفْرِضُ إِلا لِلْفُطُمِ. قَالَ: وَكَمْ لَهُ؟ قَالَتْ: كَذَا وَكَذَا شَهْرًا. قَالَ: وَيْحَكَ لا تُعْجِلِيهُ! فَصَلَّى الْفَجْرَ وَمَا يَسْتَبِينُ النَّاسُ قِرَاءَتَهُ مِنْ غَلَبَةِ الْبُكَاءِ. فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: يَا بُؤْسًا لِعُمَرَ كَمْ قَتَلَ مِنْ أَوْلادِ الْمُسْلِمِينَ! ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: أَلا لا تُعْجِلُوا صِبْيَانَكُمْ عَنِ الْفِطَامِ فَإِنَّا نَفْرِضُ لِكُلِّ مَوْلُودٍ فِي الإِسْلامِ. وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى الآفَاقِ: إِنَّا نَفْرِضُ لِكُلِّ مَوْلُودٍ فِي الإِسْلامِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اسْتَشَارَهُمْ عُمَرُ فِي الْعَطَاءِ بِمَنْ يَبْدَأُ فَقَالُوا: ابْدَأْ بِنَفْسِكَ. قَالَ فَبَدَأَ بِالأَقَارِبِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ قَوْمِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى هَذَا الْعَامِ الْمُقْبِلِ لأُلْحِقَنَّ آخِرَ النَّاسِ بِأَوَّلِهِمْ وَلأَجْعَلَنَّهُمْ رَجُلا وَاحِدًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى الْحَوْلِ لأُلْحِقَنَّ أَسْفَلَ النَّاسِ بِأَعْلاهُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ: لَئِنْ عِشْتُ حَتَّى يَكْثُرَ الْمَالُ لأَجْعَلَنَّ عَطَاءَ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ ثَلاثَةَ آلافٍ. أَلْفٌ لِكُرَاعِهِ وَسِلاحِهِ. وَأَلْفٌ نَفَقَةٌ لَهُ. وَأَلْفٌ نَفَقَةٌ لأَهْلِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الأَشْهَبِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخطاب: لقد عَلِمْتُ نَصِيبِي مِنْ هَذَا الأَمْرِ لأَتَى الرَّاعِيَ بِسَرَوَاتِ حِمْيَرَ نَصِيبُهُ وَهُوَ لا يَعْرَقُ جَبِينُهُ فِيهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو قَالَ: قَسَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ مَرَّةً عَشَرَةً عَشَرَةً فَأَعْطَى رَجُلا. فَقِيلَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ مَمْلُوكٌ. قَالَ: رُدُّوهُ رُدُّوهُ. ثُمَّ قَالَ: دَعُوهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَارُونُ الْبَرْبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَكِيلَ لَهُمُ الْمَالَ بالصاع.(3/229)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنِ أَنَسٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَحْمِلُ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفِ بَعِيرٍ. يَحْمِلُ الرَّجُلَ إِلَى الشَّامِ عَلَى بَعِيرٍ وَيَحْمِلُ الرَّجُلَيْنِ إِلَى الْعِرَاقِ عَلَى بَعِيرٍ. فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ: احْمِلْنِي وَسُحَيْمًا. فَقَالَ عُمَرُ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ أَسُحَيْمٌ زِقٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة قَالَتْ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُرْسِلُ إِلَيْنَا بأحظائنا حتى من الرؤوس وَالأَكَارِعِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَارُونُ الْبَرْبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لأَزِيدَنَّهُمْ مَا زَادَ الْمَالُ. لأَعُدَّنَّهُ لَهُمْ عَدًّا. فَإِنْ أَعْيَانِي لأُكِيلَنَّهُ لَهُمْ كَيْلا. فَإِنْ أَعْيَانِي حَثَوْتُهُ بِغَيْرِ حِسَابٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو هِلالٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ قَالَ:
كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي مُوسَى: أَمَّا بَعْدُ فَأَعْلَمُ يَوْمًا مِنَ السَّنَةِ لا يَبْقَى فِي بَيْتِ الْمَالِ دِرْهَمٌ حَتَّى يُكْتَسَحَ اكْتِسَاحًا حَتَّى يَعْلَمَ اللَّهُ أَنِّي قَدْ أَدَّيْتُ إِلَى كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ.
قَالَ الْحَسَنُ: فَأَخَذَ صَفْوَهَا وَتَرَكَ كَدِرَهَا حَتَّى أَلْحَقَهُ اللَّهُ بِصَاحِبَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ:
أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ: وَكَانَ زُهَيْرٌ يَلْقَى ابْنَ عَبَّاسٍ وَيَسْمَعُ مِنْهُ. قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: دَعَانِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَتَيْتُهُ فَإِذَا بَيْنَ يَدَيْهِ نِطَعٌ عَلَيْهِ الذَّهَبُ مَنْثُورٌ حَثًا. قَالَ: يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ. أَخْبِرْنَا زُهَيْرٌ. هل تدري ما حثا؟ قال قُلْتُ: لا. قَالَ: التِّبْرُ. قَالَ: هَلُمَّ فَاقْسِمْ هَذَا بَيْنَ قَوْمِكَ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ زَوَى هذا عن نبيه. ع. وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ فَأُعْطِيتُهُ لَخَيْرٍ أُعْطِيتُهُ أَوْ لِشَرٍّ.
قَالَ فَأَكْبَبْتُ عَلَيْهِ أَقْسِمُ وَأُزَيِّلُ. قَالَ فَسَمِعْتُ الْبُكَاءَ. قَالَ فَإِذَا صَوْتُ عُمَرَ يَبْكِي وَيَقُولُ فِي بُكَائِهِ: كَلا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ما حبسه عن نبيه. ع. وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ إِرَادَةَ الشَّرِّ لَهُمَا وَأَعْطَاهُ عُمَرَ إِرَادَةَ الْخَيْرِ لَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ صِهْرًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ فَعَرَضَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَانْتَهَرَهُ عُمَرُ وَقَالَ: أَرَدْتَ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ مَلِكًا خَائِنًا. فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَعْطَاهُ مِنْ صُلْبِ مَالِهِ عَشْرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ(3/230)
سَالِمٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: فَرَضَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِلنَّاسِ حَتَّى لَمْ يَدَعْ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ إِلا فَرَضَ لَهُ حَتَّى بَقِيَتْ بَقِيَّةٌ لا عَشَائِرَ لَهُمْ وَلا مَوَالِيَ فَفَرَضَ لَهُمْ مَا بَيْنَ الْمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ إِلَى ثَلاثِمِائَةٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَرَضَ لأَهْلِ بَدْرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ قُرَيْشٍ وَالْعَرَبِ وَالْمَوَالِي خَمْسَةَ آلافٍ خَمْسَةَ آلافٍ. وَلِلأَنْصَارِ وَمَوَالِيهِمْ أَرْبَعَةَ آلاف أربعة آلافٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ عُمَرَ أَوَّلُ مَنْ فَرَضَ الأَعْطِيَةَ. فَرَضَ لأَهْلِ بَدْرٍ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ سِتَّةَ آلافٍ سِتَّةَ آلافٍ. وَفَرَضَ لأَزْوَاجِ النَّبِيِّ. ع. فَفَضَّلَ عَلَيْهِنَّ عَائِشَةَ. فَرَضَ لَهَا فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا وَلِسَائِرِهِنَّ عَشَرَةَ آلافٍ عَشَرَةَ آلافٍ غَيْرَ جُوَيْرِيَةَ وَصَفِيَّةَ فَرَضَ لَهُمَا فِي سِتَّةِ آلافٍ سِتَّةِ آلافٍ. وَفَرَضَ لِلْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ: أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وَأُمِّ عَبْدٍ. أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. أَلْفًا أَلْفًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ:
رُوِيَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: لَئِنْ عِشْتُ لأَجْعَلَنَّ عَطَاءَ الْمُسْلِمِينَ ثَلاثَةَ آلافٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ شَيْخٍ لَهُمْ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَئِنْ عِشْتُ لأَجْعَلَنَّ عَطَاءَ سَفِلَةِ النَّاسِ أَلْفَيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَارُونُ الْبَرْبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ ابن عُمَيْرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: وَاللَّهِ لأَزِيدَنَّ النَّاسَ مَا زَادَ الْمَالُ. لأَعُدَّنَّ لَهُمْ عَدًّا فَإِنْ أَعْيَانِي كَثْرَتُهُ لأَحْثُوَنَّ لَهُمْ حَثْوًا بِغَيْرِ حِسَابٍ. هُوَ مَالُهُمْ يَأْخُذُونَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ أَنَّ عُمَرَ أَمَرَ بِجَرِيبٍ مِنْ طَعَامٍ فَعُجِنَ ثُمَّ خُبِزَ ثُمَّ ثُرِدَ. ثُمَّ دَعَا عَلَيْهِ ثَلاثِينَ رَجُلا فَأَكَلُوا مِنْهُ. ثُمَّ فَعَلَ فِي الْعِشَاءِ مِثْلَ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ: يَكْفِي الرَّجُلَ جَرِيبَانِ كُلَّ شَهْرٍ.
فَرَزَقَ النَّاسَ جَرِيبَيْنِ كُلَّ شَهْرٍ. الْمَرْأَةَ وَالرَّجُلَ وَالْمَمْلُوكَ جَرِيبَيْنِ جَرِيبَيْنِ كُلَّ شَهْرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسْعَدَ الْجُهَنِيُّ(3/231)
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ سُوَيْدٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ قَالَ: أَيُّمَا عَامِلٍ لِي ظَلَمَ أَحَدًا فَبَلَغَتْنِي مَظْلَمَتُهُ فَلَمْ أُغَيِّرُهَا فَأَنَا ظَلَمْتُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: إِنِّي لأَتَحَرَّجُ أَنْ أَسْتَعْمِلَ الرَّجُلَ وَأَنَا أَجِدُ أَقْوَى مِنْهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ قَالَ: لَوْ مَاتَ جَمَلٌ ضَيَاعًا عَلَى شَطِّ الْفُرَاتِ لَخَشِيتُ أَنْ يَسْأَلَنِي اللَّهُ عَنْهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَرُّوخَ عَنْ أَبِي وَجْزَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَحْمِي النَّقِيعَ لِخَيْلِ الْمُسْلِمِينَ وَيَحْمِي الرَّبَذَةَ وَالشَّرَفَ لإِبِلِ الصَّدَقَةِ. يَحْمِلُ عَلَى ثَلاثِينَ أَلْفِ بَعِيرٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كُلَّ سَنَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ فِرَاسٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكٍ الْفَزَارِيِّ قَالَ: عَقِلْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَحْمِلُ عَلَى ثَلاثِينَ أَلْفَ بَعِيرٍ كُلَّ حَوْلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَعَلَى ثَلاثِمِائَةِ فَرَسٍ. وَكَانَتِ الْخَيْلُ تَرْعَى فِي النَّقِيعِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّهْرِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: رَأَيْتُ خَيْلا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. رَحِمَهُ اللَّهُ. مَوْسُومَةً فِي أَفْخَاذِهَا: حَبِيسٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَرُّوخَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ السَّنَةَ يُصْلِحُ أَدَاةَ الإِبِلِ الَّتِي يُحْمَلُ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَرَاذِعَهَا وَأَقْتَابَهَا. فَإِذَا حَمَلَ الرَّجُلَ عَلَى الْبَعِيرِ جَعَلَ مَعَهُ أَدَاتَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اسْتَأْذَنَهُ أَهْلُ الطَّرِيقِ يَبْنُونَ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَأَذِنَ لَهُمْ وَقَالَ: ابْنُ السَّبِيلِ أَحَقُّ بِالْمَاءِ وَالظِّلِّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يُغْزِي الأَعْزَبَ عَنْ ذي الجليلة.
ويغزي الفارس عن القاعد.
قال: أخبرها مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سبرة عن خارجة بن عبد الله(3/232)
ابن كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يُعْقِبُ بَيْنَ الْغَزَاةِ وَيَنْهَى أَنْ تُحْمَلَ الذُّرِّيَّةُ إِلَى الثُّغُورِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ زَادَانَ عَنْ سَلْمَانَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لَهُ: أَمَلِكٌ أَنَا أَمْ خَلِيفَةٌ؟ فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنْ أَنْتَ جَبَيْتَ مِنْ أَرْضِ الْمُسْلِمِينَ دِرْهَمًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ وَضَعْتَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ فَأَنْتَ مَلِكٌ غَيْرُ خَلِيفَةٍ. فَاسْتَعْبَرَ عُمَرُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُفْيَانَ ابن أَبِي الْعَوْجَاءِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَخَلِيفَةٌ أَنَا أَمْ مَلِكٌ. فَإِنْ كُنْتُ مَلِكًا فَهَذَا أَمْرٌ عَظِيمٌ. قَالَ قَائِلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا. قَالَ: مَا هُوَ؟
قَالَ: الْخَلِيفَةُ لا يَأْخُذُ إِلا حَقًّا وَلا يَضَعُهُ إِلا فِي حَقٍّ. فَأَنْتَ بِحَمْدِ اللَّهِ كَذَلِكَ. وَالْمَلِكُ يَعْسِفُ النَّاسَ فَيَأْخُذُ مِنْ هَذَا وَيُعْطِي هَذَا. فَسَكَتَ عُمَرُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ أَمَرَ عُمَّالَهُ فَكَتَبُوا أَمْوَالَهُمْ. مِنْهُمْ سعد ابن أَبِي وَقَّاصٍ. فَشَاطَرَهُمْ عُمَرُ أَمْوَالَهُمْ فَأَخَذَ نِصْفًا وَأَعْطَاهُمْ نِصْفًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عُمَرَ كَانَ إِذَا اسْتَعْمَلَ عَامِلا كَتَبَ مَالَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ مَوْلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَكَثَ عُمَرُ زَمَانًا لا يَأْكُلُ مِنَ الْمَالِ شَيْئًا حَتَّى دَخَلَتْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ خَصَاصَةٌ. وَأَرْسَلَ إِلَى أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتَشَارَهُمْ فَقَالَ: قَدْ شَغَلْتُ نَفْسِي فِي هَذَا الأَمْرِ. فَمَا يَصْلُحُ لِي [مِنْهُ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ: كُلْ وَأَطْعِمْ. قَالَ وَقَالَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ. وَقَالَ لِعَلِيٍّ: مَا تَقُولُ أَنْتَ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ: غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ. قَالَ فَأَخَذَ عُمَرُ بِذَلِكَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ اسْتَشَارَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: وَاللَّهِ لأُطَوِّقَنَّكُمْ مِنْ ذَلِكَ طَوْقَ الْحَمَامَةِ. مَا يَصْلُحُ لِي مِنْ هَذَا الْمَالِ؟ [فَقَالَ عَلِيٌّ: غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ. قَالَ: صَدَقْتَ.](3/233)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَقُوتُ نَفْسَهُ وَأَهْلَهُ وَيَكْتَسِي الْحُلَّةَ فِي الصَّيْفِ. وَلَرُبَّمَا خُرِقَ الإِزَارُ حَتَّى يُرَقِّعَهُ فَمَا يُبَدَّلَ مَكَانَهُ حَتَّى يَأْتِي الإِبَّانُ. وَمَا مِنْ عَامٍ يَكْثُرُ فِيهِ الْمَالُ إِلا كُسْوَتُهُ فِيمَا أَرَى أَدْنَى مِنَ الْعَامِ الْمَاضِي. فَكَلَّمَتْهُ فِي ذَلِكَ حَفْصَةُ فَقَالَ: إِنَّمَا أَكْتَسِي مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا يُبَلِّغُنِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْتَنْفِقُ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمَيْنِ لَهُ وَلِعِيَالِهِ. وَإِنَّهُ أَنْفَقَ فِي حَجَّتِهِ ثَمَانِينَ وَمِائَةَ دِرْهَمٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ صَالِحٍ عن صالح مولى التومة عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: أَنْفَقَ عُمَرُ ثَمَانِينَ وَمِائَةَ دِرْهَمٍ فَقَالَ: قَدْ أَسْرَفْنَا فِي هَذَا الْمَالِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ أَنْفَقَ فِي حَجَّتِهِ سِتَّةَ عَشَرَ دِينَارًا فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَسْرَفْنَا فِي هَذَا الْمَالِ.
قَالَ وَهَذَا مِثْلُ الأَوَّلِ عَلَى صَرْفِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا بِدِينَارٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا وَلِي عُمَرُ أَكَلَ هُوَ وَأَهْلُهُ مِنَ الْمَالِ وَاحْتَرَفَ فِي مَالِ نَفْسِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَهْدَى أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ لامْرَأَةِ عُمَرَ عَاتِكَةُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ طُنْفُسَةً أَرَاهَا تَكُونُ ذِرَاعًا وَشِبْرًا فَدَخَلَ عَلَيْهَا عُمَرُ فَرَآهَا فَقَالَ: أَنَّى لَكِ هَذِهِ؟
فَقَالَتْ: أَهْدَاهَا لِي أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ. فأخذها عمر فضرب بها رأسها حتى نغص رَأْسَهَا ثُمَّ قَالَ: عَلَيَّ بِأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ وَأَتْعِبُوهُ. قَالَ فَأُتِيَ بِهِ قَدْ أُتْعِبَ وَهُوَ يَقُولُ:
لا تَعْجَلْ عَلَيَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ عُمَرُ: مَا يَحْمِلُكَ عَلَى أَنْ تَهْدِيَ لِنِسَائِي؟ ثُمَّ أَخَذَهَا عُمَرُ فَضَرَبَ بِهَا فَوْقَ رَأْسِهِ وَقَالَ: خُذْهَا فَلا حَاجَةَ لَنَا فِيهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ زيد عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ: يَا أَسْلَمُ أَمْسِكْ عَلَى الْبَابِ وَلا تَأْخُذَنَّ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا. قَالَ فَرَأَى عَلَيَّ يَوْمًا ثَوْبًا جَدِيدًا فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟ قُلْتُ: كَسَانِيهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. فَقَالَ: أَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ فَخُذْهُ مِنْهُ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلا تَأْخُذَنَّ مِنْهُ شَيْئًا. قال(3/234)
أَسْلَمُ: فَجَاءَ الزُّبَيْرُ وَأَنَا عَلَى الْبَابِ فَسَأَلَنِي أَنْ يَدْخُلَ فَقُلْتُ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَشْغُولٌ سَاعَةً. فَرَفَعَ يَدَهُ فَضَرَبَ خَلْفَ أُذُنَيَّ ضَرْبَةً صَيَّحَتْنِي. قَالَ فَدَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: مَا لَكَ؟ فَقُلْتُ: ضَرَبَنِي الزُّبَيْرُ. وَأَخْبَرْتُهُ خَبَرَهُ. قَالَ فَجَعَلَ عُمَرُ يَقُولُ: الزُّبَيْرُ وَاللَّهِ أَرَى.
ثُمَّ قَالَ: أَدْخِلْهُ. فَأَدْخَلْتُهُ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ: لِمَ ضَرَبْتَ هَذَا الْغُلامَ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ:
زَعَمَ أَنَّهُ سَيَمْنَعُنَا مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْكَ. فَقَالَ عُمَرُ: هَلْ رَدَّكَ عَنْ بَابِي قَطُّ؟ قَالَ: لا. قَالَ عُمَرُ: فَإِنْ قَالَ لَكَ اصْبِرْ سَاعَةً فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَشْغُولٌ لَمْ تَعْذِرْنِي. إِنَّهُ وَاللَّهِ إِنَّمَا يَدْمَى السَّبُعُ لَلسَّبَاعِ فَتَأْكُلُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جاء بلال أَنْ يَسْتَأْذِنَ عَلَى عُمَرَ فَقُلْتُ: إِنَّهُ نَائِمٌ. فَقَالَ: يَا أَسْلَمُ كَيْفَ تَجِدُونَ عُمَرَ؟ فَقُلْتُ: خَيْرُ النَّاسِ إِلا أَنَّهُ إِذَا غَضِبَ فَهُوَ أَمْرٌ عَظِيمٌ. فَقَالَ بِلالٌ: لَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ إِذَا غَضِبَ قَرَأْتُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ حَتَّى يَذْهَبَ غَضَبُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنِ بْنِ مَالِكِ الدَّارِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: صَاحَ عَلَيَّ عُمَرُ يَوْمًا وَعَلانِي بِالدِّرَّةِ. فَقُلْتُ أُذَكِّرُكَ بِاللَّهِ. قَالَ فَطَرَحَهَا وَقَالَ: لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي عَظِيمًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ عُمَرَ غَضِبَ قَطُّ فَذُكِرَ اللَّهُ عِنْدَهُ أَوْ خُوِّفَ أَوْ قَرَأَ عِنْدَهُ إِنْسَانٌ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ إِلا وَقَفَ عَمَّا كَانَ يُرِيدُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي حِزَامُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا صَدَرَ النَّاسُ عَنِ الْحَجِّ سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ أَصَابَ النَّاسَ جَهْدٌ شَدِيدٌ وَأَجْدَبَتِ الْبِلادُ وَهَلَكَتِ الْمَاشِيَةُ وَجَاعَ النَّاسُ وَهَلَكُوا حَتَّى كَانَ النَّاسُ يُرَوْنَ يَسْتَفُّونَ الرِّمَةَ وَيَحْفِرُونَ نُفَقَ الْيَرَابِيعِ وَالْجُرْذَانِ يُخْرِجُونَ مَا فِيهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عوف عن الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سُمِيَّ ذَلِكَ الْعَامُ عَامُ الرَّمَادَةِ لأَنَّ الأَرْضَ كُلَّهَا صَارَتْ سَوْدَاءَ فَشُبِّهَتْ بِالرَّمَادِ وَكَانَتْ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابن عمر أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَامَ الرَّمَادَةِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ(3/235)
الرَّحِيمِ. مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إلى العاصي بن العاصي. سَلامٌ عَلَيْكَ. أَمَّا بَعْدُ أَفَتَرَانِي هَالِكًا وَمَنْ قِبَلِي وَتَعِيشُ أَنْتَ وَمَنْ قِبَلَكَ؟ فَيَا غَوْثَاهُ. ثَلاثًا. قَالَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: بسم الله الرحمن الرحيم. لعبد اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ. أَمَّا بَعْدُ أَتَاكَ الْغَوْثُ فَلَبِّثْ لَبِّثْ. لأَبْعَثَنَّ إِلَيْكَ بِعِيرٍ أَوَّلُهَا عِنْدَكَ وَآخِرُهَا عِنْدِي. قَالَ فَلَمَّا قَدِمَ أَوَّلُ الطَّعَامِ كَلَّمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فَقَالَ لَهُ: تَعْتَرِضُ لِلْعِيرِ فتميلها إلى أهل البادية فتقسمها بينهم. فو الله لَعَلَّكَ أَلا تَكُونَ أَصَبْتَ بَعْدَ صُحْبَتِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
شَيْئًا أَفْضَلَ مِنْهُ. قَالَ فَأَبَى الزُّبَيْرُ وَاعْتَلَّ. قَالَ وَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَقَالَ عُمَرُ: لَكِنْ هَذَا لا يَأْبَى. فَكَلَّمَهُ عُمَرُ فَفَعَلَ وَخَرَجَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَمَّا مَا لَقِيتَ مِنَ الطَّعَامِ فَمِلْ بِهِ إِلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ. فَأَمَّا الظُّرُوفُ فَاجْعَلْهَا لُحُفًا يَلْبَسُونَهَا وَأَمَّا الإِبِلُ فَانْحَرْهَا لَهُمْ يَأْكُلُونَ مِنْ لُحُومِهَا وَيَحْمِلُونَ مِنْ وَدَكِهَا وَلا تَنْتَظِرْ أَنْ يَقُولُوا نَنْتَظِرُ بِهَا الْحَيَا. وَأَمَّا الدَّقِيقُ فَيَصْطَنِعُونَ ويحرزون حتى يأتي أمر اللَّهِ لَهُمْ بِالْفَرَجِ. وَكَانَ عُمَرُ يَصْنَعُ الطَّعَامَ وَيُنَادِي مُنَادِيهُ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَحْضُرَ طَعَامًا فَيَأْكُلَ فَلْيَفْعَلْ. وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ مَا يَكْفِيهِ وَأَهْلَهُ فَلْيَأْتِ فَلْيَأَخُذْهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى قال: حدثني موسى ابن طَلْحَةَ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنِ ابْعَثْ إِلَيْنَا بِالطَّعَامِ عَلَى الإِبِلِ وَابْعَثْ فِي الْبَحْرِ. فَبَعَثَ عَمْرٌو عَلَى الإِبِلِ فَلُقِيَتِ الإِبِلُ بِأَفْوَاهِ الشَّامِ فَعَدَلَ بِهَا رُسُلُهُ يَمِينًا وَشِمَالا يَنْحَرُونَ الْجُزُرَ وَيُطْعِمُونَ الدَّقِيقَ وَيُكْسُونَ الْعَبَاءَ. وَبَعَثَ رَجُلا إِلَى الْجَارِ إِلَى الطَّعَامِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ عَمْرٌو مِنْ مِصْرَ فِي الْبَحْرِ فَحُمِلَ إِلَى أَهْلِ تِهَامَةَ يُطْعَمُونَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي حِزَامُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ رُسُلَ عُمَرَ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ يُطْعِمُونَ الطَّعَامَ مِنَ الْجَارِ. وَبَعَثَ إِلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ مِنَ الشَّامِ بِطَعَامٍ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هَذَا غَلَطٌ. يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ كَانَ قَدْ مَاتَ يَوْمَئِذٍ وَإِنَّمَا كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ مَنْ يَتَلَقَّاهُ بِأَفْوَاهِ الشَّامِ يَصْنَعُ بِهِ كَالَّذِي يَصْنَعُ رُسُلُ عُمَرَ وَيُطْعِمُونَ النَّاسَ الدَّقِيقَ وَيَنْحَرُونَ لَهُمُ الْجُزُرَ وَيُكْسُونَهُمُ الْعَبَاءَ. وَبَعَثَ إِلَيْهِ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ مِنَ الْعِرَاقِ بِمِثْلِ ذَلِكَ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مَنْ لَقِيَهُ بِأَفْوَاهِ الْعِرَاقِ فَجَعَلُوا يَنْحَرُونَ الْجُزُرَ وَيُطْعِمُونَ الدَّقِيقَ وَيُكْسُونَهُمُ الْعَبَاءَ حَتَّى رَفَعَ اللَّهُ ذَلِكَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ الْمَالِكِيُّ عَنْ أَبِيهِ عن جده قال: كتب إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَأْمُرُهُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّعَامِ. فَبَعَثَ عَمْرٌو فِي(3/236)
الْبِرِّ وَالْبَحْرِ وَكَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ: إِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَابْعَثْ إِلَيْنَا مِنَ الطَّعَامِ بِمَا يُصْلِحُ مَنْ قِبَلَنَا فَإِنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا إِلا أَنْ يَرْحَمَهُمُ اللَّهُ. قَالَ ثُمَّ بَعَثَ إِلَى سَعْدٍ يَبْعَثُ إِلَيْهِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ. قَالَ فَكَانَ عُمَرُ يُطْعِمُ النَّاسَ الثَّرِيدَ. الْخُبْزَ يَأْدُمُهُ بِالزَّيْتِ قَدْ أُفِيرَ مِنَ الْفَوْرِ فِي الْقُدُورِ وَيَنْحَرُ بَيْنَ الأَيَّامِ الْجَزُورَ فَيَجْعَلُهَا عَلَى الثَّرِيدِ. وَكَانَ عُمَرُ يَأْكُلُ مَعَ الْقَوْمِ كَمَا يَأْكُلُونَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَصُومُ الدَّهْرَ. قَالَ فَكَانَ زَمَانُ الرَّمَادَةِ إِذَا أَمْسَى أُتِيَ بِخُبْزٍ قَدْ ثُرِدَ بِالزَّيْتِ إِلَى أَنْ نَحَرُوا يَوْمًا مِنَ الأَيَّامِ جَزُورًا فَأَطْعَمَهَا النَّاسَ. وَغَرَفُوا لَهُ طَيِّبَهَا فَأُتِيَ بِهِ فَإِذَا فِدَرٌ مِنْ سَنَامٍ وَمِنْ كَبِدٍ. فَقَالَ: أَنَّى هَذَا؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْجَزُورِ الَّتِي نَحَرْنَا الْيَوْمَ. قَالَ: بَخْ بَخْ بِئْسَ الْوَالِي أَنَا إِنْ أَكَلْتُ طَيِّبَهَا وَأَطْعَمْتُ النَّاسَ كَرَادِيسَهَا.
ارْفَعْ هَذِهِ الْجَفْنَةَ. هَاتِ لَنَا غَيْرَ هَذَا الطَّعَامِ. قَالَ فَأُتِيَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ. قَالَ فَجَعَلَ يَكْسَرُ بِيَدِهِ وَيَثْرُدُ ذَلِكَ الْخُبْزَ ثُمَّ قَالَ: وَيْحَكَ يَا يَرْفَا! احْمِلْ هَذِهِ الْجَفْنَةَ حَتَّى تَأْتِيَ بِهَا أَهْلَ بَيْتٍ بِثَمْغٍ فَإِنِّي لَمْ آتِهِمْ مُنْذُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ. وَأَحْسَبُهُمْ مُقْفِرِينَ. فَضَعْهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَحْدَثَ فِي زَمَانِ الرَّمَادَةِ أَمْرًا مَا كَانَ يَفْعَلُهُ. لَقَدْ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْعِشَاءَ ثم يخرج حتى يَدْخُلُ بَيْتَهُ فَلا يَزَالُ يُصَلِّي حَتَّى يَكُونَ آخر الليل. ثم يخرج حتى يَدْخُلُ بَيْتَهُ فَلا يَزَالُ يُصَلِّي حَتَّى يَكُونَ آخِرُ اللَّيْلِ. ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَأْتِي الأَنْقَابَ فَيَطُوفُ عَلَيْهَا وَإِنِّي لأَسْمَعُهُ لَيْلَةً فِي السَّحَرِ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْ هَلاكَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَى يَدَيَّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: رَكِبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَامَ الرَّمَادَةِ دَابَّةً فَرَاثَتْ شَعِيرًا فَرَآهَا عُمَرُ فَقَالَ: الْمُسْلِمُونَ يَمُوتُونَ هُزْلا وَهَذِهِ الدَّابَّةُ تَأْكُلُ الشَّعِيرَ؟ لا وَاللَّهِ لا أَرْكَبُهَا حَتَّى يَحْيَا النَّاسُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالا: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ قَالَ: أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِخُبْزٍ مَقْتُوتٌ بِسَمْنٍ عَامَ الرَّمَادَةِ فَدَعَا رَجُلا بَدَوِيًّا فَجَعَلَ يَأْكُلُ مَعَهُ. فجعل(3/237)
الْبَدَوِيُّ يَتْبَعُ بِاللُّقْمَةِ الْوَدَكَ فِي جَانِبِ الصَّحْفَةِ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: كَأَنَّكَ مُقْفِرٌ مِنَ الْوَدَكِ.
فَقَالَ: أَجَلْ مَا أَكَلْتُ سَمْنًا وَلا زَيْتًا وَلا رَأَيْتُ آكِلا لَهُ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا إِلَى الْيَوْمِ. فَحَلَفَ عُمَرُ لا يَذُوقُ لَحْمًا وَلا سَمْنًا حَتَّى يَحْيَا النَّاسُ أَوَّلَ مَا أَحْيَوْا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي معمر عن ابن طاووس عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
لَمْ يَأْكُلْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ سَمْنًا وَلا سَمِينًا حَتَّى أَحْيَا النَّاسُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: تَقَرْقَرَ بَطْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَكَانَ يَأْكُلُ الزَّيْتَ عَامَ الرَّمَادَةِ. وَكَانَ حَرَّمَ عَلَيْهِ السَّمْنَ. فَنَقَرَ بَطْنَهُ بِإِصْبَعِهِ. قَالَ: تَقَرْقَرْ تَقَرْقُرِكِ إِنَّهُ لَيْسَ لَكِ عِنْدَنَا غَيْرُهُ حتى يحيا الناس.
قال: أخبرنا سعد بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: لَتَمْرُنَنَّ أَيُّهَا الْبَطْنُ عَلَى الزَّيْتِ مَا دَامَ السَّمْنُ يُبَاعُ بِالأَوَاقِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَصَابَ النَّاسُ عَامُ سَنَةٍ فَغَلا فِيهَا السَّمْنُ وَكَانَ عُمَرُ يَأْكُلُهُ. فَلَمَّا قَلَّ قَالَ: لا آكُلُهُ حَتَّى يَأْكُلَهُ النَّاسُ. فَكَانَ يَأْكُلُ الزَّيْتَ. فَقَالَ: يَا أَسْلَمُ اكْسَرْ عَنِّي حَرَّهُ بِالنَّارِ. فَكُنْتُ أَطْبُخُهُ لَهُ فَيَأْكُلُهُ فَيَتَقَرْقَرْ بَطْنُهُ عَنْهُ فَيَقُولُ: تُقَرْقِرُ لا وَاللَّهِ لا تَأْكُلُهُ حَتَّى يَأْكُلَهُ النَّاسُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ اللَّحْمَ عَامَ الرَّمَادَةِ حَتَّى يَأْكُلَهُ النَّاسُ. فَكَانَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بَهْمَةٌ فَجُعِلَتْ فِي التَّنُّورِ فَخَرَجَ عَلَى عُمَرَ رِيحُهَا فَقَالَ: مَا أَظُنُّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِي اجْتَرَأَ عَلَيَّ. وَهُوَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. فَقَالَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ. فَوَجَدْتُهَا فِي التَّنُّورِ فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: اسْتُرْنِي سَتَرَكَ اللَّهُ! فَقَالَ: قَدْ عَرَفَ حِينَ أَرْسَلَنِي أَنْ لَنْ أَكْذِبَهُ. فَاسْتَخْرَجَهَا ثم جاء فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ أَنْ تَكُونَ كَانَتْ بِعِلْمِهِ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: إِنَّمَا كَانَتْ لابْنِي اشْتَرَيْتُهَا فَقَرِمْتُ إِلَى اللَّحْمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ مَوْلَى الزُّبَيْرِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ حَنْتَمَةَ. لَقَدْ رَأَيْتُهُ عَامَ الرَّمَادَةِ وَإِنَّهُ(3/238)
لَيَحْمِلُ عَلَى ظَهْرِهِ جِرَابَيْنِ وَعُكَّةَ زَيْتٍ فِي يَدِهِ. وَإِنَّهُ لَيَعْتَقِبُ هُوَ وَأَسْلَمُ. فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: مِنْ أَيْنَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قُلْتُ: قَرِيبًا. قَالَ فَأَخَذْتُ أُعْقِبُهُ فَحَمَلْنَاهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى صِرَارٍ فَإِذَا صِرْمٌ نَحْوَ مِنْ عِشْرِينَ بَيْتًا مِنْ مُحَارِبٍ فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَقْدَمَكُمْ؟ قَالُوا:
الْجَهْدُ. قَالَ: فَأَخْرَجُوا لَنَا جِلْدَ الْمَيْتَةِ مَشْوِيًّا كَانُوا يَأْكُلُونَهُ وَرُمَّةَ الْعِظَامِ مَسْحُوقَةً كَانُوا يَسُفُّونَهَا فَرَأَيْتُ عُمَرَ طَرَحَ رِدَاءَهُ ثُمَّ اتَّزَرَ فَمَا زَالَ يَطْبُخُ لَهُمْ حَتَّى شَبِعُوا. وَأَرْسَلَ أَسْلَمَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَجَاءَ بِأَبْعِرَةٍ فَحَمَلَهُمْ عَلَيْهَا حَتَّى أَنْزَلَهُمُ الْجَبَّانَةَ ثُمَّ كَسَاهُمْ. وَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَيْهِمْ وَإِلَى غَيْرِهِمْ حَتَّى رَفَعَ اللَّهُ ذَلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي حِزَامُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَامَ الرَّمَادَةِ مَرَّ عَلَى امْرَأَةٍ وَهِيَ تَعْصِدُ عَصِيدَةً لَهَا فَقَالَ: لَيْسَ هَكَذَا تَعْصِدِينَ. ثُمَّ أَخَذَ الْمِسْوَطَ فَقَالَ: هَكَذَا. فَأَرَاهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَمَّتِهِ عَنْ هشام ابن خَالِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: لا تَذُرُّنُّ إِحْدَاكُنَّ الدَّقِيقَ حَتَّى يَسْخُنَ الْمَاءُ ثُمَّ تَذُرُّهُ قَلِيلا قَلِيلا وَتَسُوطُهُ بِمِسْوَطِهَا فَإِنَّهُ أَرْيَعُ لَهُ وَأَحْرَى أَنْ لا يَتَقَرَّدُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ خَلِيفَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ عَامَ الرَّمَادَةِ وَهُوَ أَسْوَدُ اللَّوْنِ. وَلَقَدْ كَانَ أَبْيَضَ. فَنَقُولُ: مِمَّ ذَا؟
فَيَقُولُ: كَانَ رَجُلا عَرَبِيًّا وَكَانَ يَأْكُلُ السَّمْنَ وَاللَّبَنَ فَلَمَّا أَمْحَلَ النَّاسُ حَرَّمَهَا حَتَّى يَحْيَوْا فأكل بالزيت فغير لونه وجاع أكثر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ: لَوْ لَمْ يَرْفَعِ اللَّهُ الْمَحْلَ عَامَ الرَّمَادَةِ لَظَنَنَّا أَنَّ عُمَرَ يَمُوتُ هَمًّا بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَتْ: حَدَّثَنِي بَعْضُ نِسَاءِ عُمَرَ قَالَتْ: مَا قَرِبَ عُمَرُ امْرَأَةً زَمَنَ الرَّمَادَةِ حَتَّى أَحْيَا النَّاسُ هَمًّا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ فِرَاسٍ الدِّيلِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَنْحَرُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى مَائِدَتِهِ عِشْرِينَ جزورا من جزر بعث بها عمرو ابن الْعَاصِ مِنْ مِصْرَ.(3/239)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الجحاف بن عبد الرحمن عن عيسى ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ الدَّارِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: لَمَّا كَتَبَ عُمَرُ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَبْعَثُ بِالطَّعَامِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بَعَثَ إِلَيْهِ فِي الْبَحْرِ بِعِشْرِينَ سَفِينَةً تَحْمِلُ الدَّقِيقَ وَالْوَدَكَ.
وَبَعَثَ إِلَيْهِ فِي الْبَرِّ بِأَلْفِ بَعِيرٍ تَحْمِلُ الدَّقِيقَ. وَبَعَثَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ بِثَلاثَةِ آلافِ بَعِيرٍ تَحْمِلُ الدَّقِيقَ. وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِثَلاثَةِ آلافِ عَبَاءَةٍ. وَبَعَثَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِخَمْسَةِ آلافِ كِسَاءٍ. وَبَعَثَ إِلَيْهِ وَالِي الْكُوفَةِ بِأَلْفَيْ بَعِيرٍ تَحْمِلُ الدَّقِيقَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْجَحَّافُ بْنُ عبد الرحمن عن عيسى ابن مَعْمَرٍ قَالَ: نَظَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَامَ الرَّمَادَةِ إِلَى بِطِّيخَةٍ فِي يَدِ بَعْضِ وَلَدِهِ فَقَالَ:
بَخٍ بَخٍ يَا ابْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. تَأْكُلُ الْفَاكِهَةَ وَأَمَةُ مُحَمَّدٍ هَزْلَى؟ فَخَرَجَ الصَّبِيُّ هاربا وبكى فأسكت عمر بعد ما سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالُوا اشْتَرَاهَا بِكَفٍّ مِنْ نَوًى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحِجَازِيِّ عَنْ عَجُوزٍ مِنْ جُهَيْنَةَ أَدْرَكَتْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهِيَ جَارِيَةٌ. قَالَتْ: سَمِعْتُ أَبِي وَهُوَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يُطْعِمُ النَّاسَ زَمَنَ الرَّمَادَةِ يَقُولُ: نُطْعِمُ مَا وَجَدْنَا أَنْ نُطْعِمَ فَإِنْ أَعْوَزَنَا جَعَلْنَا مَعَ أَهْلِ كُلِّ بَيْتٍ مِمَّنْ يَجِدُ عِدَّتَهُمْ مِمَّنْ لا يَجِدُ إِلَى أَنْ يَأْتِيَ اللَّهُ بِالْحَيَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبيد قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: لَوْ لَمْ أَجِدْ لِلنَّاسِ مِنَ الْمَالِ مَا يَسَعُهُمْ إِلا أَنْ أُدْخِلَ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ عِدَّتَهُمْ فَيُقَاسِمُونَهُمْ أَنْصَافَ بُطُونِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِحَيًا فَعَلْتُ. فَإِنَّهُمْ لَنْ يَهْلَكُوا عَنْ أَنْصَافِ بُطُونِهِمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أُمِّ بَكْرِ بِنْتِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ عَنْ أَبِيهَا قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ بعد ما رَفَعَ اللَّهُ الْمَحْلَ فِي الرَّمَادَةِ: لَوْ لَمْ يَرْفَعْهُ اللَّهُ لَجَعَلْتُ مَعَ كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ مَثَلَهُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ عَامُ الرَّمَادَةِ تَجَلَّبَتِ الْعَرَبُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ فَقَدِمُوا المدينة فكان عمر ابن الْخَطَّابِ قَدْ أَمَرَ رِجَالا يَقُومُونَ عَلَيْهِمْ وَيَقْسِمُونَ عليهم أطعمتهم وأدامهم فكان يزيد ابن أُخْتِ النَّمِرِ. وَكَانَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ. وَكَانَ عبد الرحمن بن عبد القاري.
وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ. فَكَانُوا إِذَا أَمْسَوُا اجْتَمَعُوا عِنْدَ عُمَرَ فَيُخْبِرُونَهُ بكل ما(3/240)
كَانُوا فِيهِ. وَكَانَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ عَلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ. وَكَانَ الأَعْرَابُ حُلُولا فِيمَا بَيْنَ رَأْسِ الثَّنِيَّةِ إِلَى رَاتِجٍ إِلَى بَنِي حارثة إلى عَبْدِ الأَشْهَلِ إِلَى الْبَقِيعِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ.
وَمِنْهُمْ طَائِفَةٌ بِنَاحِيَةِ بَنِي سَلِمَةَ هُمْ مُحْدِقُونَ بِالْمَدِينَةِ. فَسَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ لَيْلَةً وَقَدْ تَعَشَّى النَّاسُ عِنْدَهُ: أَحْصُوا مَنْ تَعَشَّى عِنْدَنَا. فَأَحْصَوْهُمْ مِنَ الْقَابِلَةِ فَوَجَدُوهُمْ سَبْعَةَ آلافِ رَجُلٍ. وَقَالَ: أَحْصُوا الْعِيَالاتِ الَّذِينَ لا يَأْتُونَ وَالْمَرْضَى وَالصِّبْيَانَ. فأحصوا فَوَجَدُوهُمْ أَرْبَعِينَ أَلْفًا. ثُمَّ مَكَثْنَا لَيَالِيَ فَزَادَ النَّاسُ فَأَمَرَ بِهِمْ فَأَحْصَوْا فَوَجَدُوا مَنْ تَعَشَّى عِنْدَهُ عَشَرَةَ آلافٍ وَالآخِرِينَ خَمْسِينَ أَلْفًا. فَمَا بَرِحُوا حَتَّى أَرْسَلَ اللَّهُ السَّمَاءَ. فَلَمَّا مَطَرَتْ رَأَيْتُ عُمَرَ قَدْ وَكَّلَ كُلَّ قَوْمٍ مِنْ هَؤُلاءِ النَّفَرِ بِنَاحِيَتِهِمْ يُخْرِجُونَهُمْ إِلَى الْبَادِيَةِ وَيُعْطُونَهُمْ قُوتًا وَحُمْلانًا إِلَى بَادِيَتِهِمْ. وَلَقَدْ رَأَيْتُ عُمَرَ يُخْرِجُهُمْ هُوَ بِنَفْسِهِ. قَالَ أَسْلَمُ:
وَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِيهِمُ الْمَوْتُ فَأَرَاهُ مَاتَ ثُلُثَاهُمْ وَبَقِيَ ثُلُثٌ. وَكَانَتْ قُدُورُ عُمَرَ يَقُومُ إِلَيْهَا الْعُمَّالُ فِي السَّحَرِ يَعْمَلُونَ الْكُرْكُورَ حَتَّى يُصْبِحُوا ثُمَّ يَطْعَمُونَ الْمَرْضَى مِنْهُمْ وَيَعْمَلُونَ الْعَصَائِدَ. وَكَانَ عُمَرُ يَأْمُرُ بِالزَّيْتِ فَيُفَارُ فِي الْقُدُورِ الْكِبَارِ عَلَى النَّارِ حَتَّى يَذْهَبَ حُمَّتُهُ وَحَرَّهُ ثُمَّ يُثْرَدُ الْخُبْزُ ثُمَّ يُؤْدَمُ بِذَلِكَ الزَّيْتِ. فَكَانَتِ الْعَرَبُ يُحَمُّونَ مِنَ الزَّيْتِ. وَمَا أَكَلَ عُمَرُ فِي بَيْتِ أَحَدٍ مِنْ وَلَدِهِ وَلا بَيْتِ أَحَدٍ مِنْ نِسَائِهِ ذَوَاقًا زَمَانَ الرَّمَادَةِ إِلا مَا يَتَعَشَّى مَعَ النَّاسِ حَتَّى أَحْيَا اللَّهُ النَّاسَ أَوَّلَ مَا أَحْيَوْا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن زياد عن عمران ابن بَشِيرٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ مِنْ بَنِي نَصْرٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ عَامُ الرَّمَادَةِ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ قَوْمِي مِائَةُ بَيْتٍ فَنَزَلُوا بِالْجَبَّانَةِ. فَكَانَ عُمَرُ يُطْعِمُ النَّاسَ مَنْ جَاءَهُ. وَمَنْ لَمْ يَأْتِ أَرْسَلَ إِلَيْهِ بِالدَّقِيقِ وَالتَّمْرِ وَالأُدْمِ إِلَى مَنْزِلِهِ. فَكَانَ يُرْسِلُ إِلَى قَوْمِي بِمَا يُصْلِحُهُمْ شَهْرًا بِشَهْرٍ. وَكَانَ يَتَعَاهَدُ مَرْضَاهُمْ وَأَكْفَانَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ. لَقَدْ رَأَيْتُ الْمَوْتَ وَقَعَ فِيهِمْ حِينَ أَكَلُوا الثُّفْلَ. وَكَانَ عُمَرُ يَأْتِي بِنَفْسِهِ فَيُصَلِّي عَلَيْهِمْ. لَقَدْ رَأَيْتُهُ صَلَّى عَلَى عَشَرَةٍ جَمِيعًا. فَلَمَّا أَحْيَوْا قَالَ: اخْرُجُوا مِنَ الْقَرْيَةِ إِلَى مَا كُنْتُمُ اعْتَدْتُمْ مِنَ الْبَرِّيَّةِ. فَجَعَلَ عُمَرُ يَحْمِلُ الضَّعِيفَ مِنْهُمْ حَتَّى لَحِقُوا بِبِلادِهِمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَتَحَلَّبُ فُوهُ فَقُلْتُ لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: أَشْتَهِي جَرَادًا مَقْلِيًّا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ(3/241)
عُمَرَ قَالَ: ذُكِرَ لِعُمَرَ جَرَادٌ بِالرَّبَذَةِ فَقَالَ: لَوَدِدْتُ أَنَّ عِنْدَنَا مِنْهُ قَفْعَةً أَوْ قَفْعَتَيْنِ فَنَأْكُلَ مِنْهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: وَدِدْتُ أَنَّ عِنْدَنَا خَصَفَةً أَوْ خَصَفَتَيْنِ مِنْ جَرَادٍ فَأَصَبْنَا مِنْهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابن أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يُطْرَحُ لَهُ مِنْ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ فيأكلها حَتَّى يَأْكُلَ حَشَفَهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ قَالَ:
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسٌ أَنَّهُ رَأَى عُمَرَ أَكَلَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ بِحَشَفِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكِ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ مِثْلَ ذَلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عن عاصم بن عبيد الله ابن عَاصِمٍ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَمْسَحُ بِنَعْلَيْهِ وَيَقُولُ: إِنَّ مَنَادِيلَ آلِ عُمَرَ نِعَالُهُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: رُبَّمَا تَعَشَّيْتُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَيَأْكُلُ الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ ثُمَّ يَمْسَحُ يَدَهُ عَلَى قَدَمِهِ ثُمَّ يَقُولُ: هَذَا مِنْدِيلُ عُمَرَ وَآلِ عُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالا:
أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ أَحَبُّ الطَّعَامِ إِلَى عُمَرَ الثُّفْلَ وَأَحَبُّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ النَّبِيذَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالا: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: مَا ادَّهَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَتَّى قُتِلَ إِلا بِسَمْنٍ أَوْ إِهَالَةٍ أَوْ زَيْتٍ مُقَتَّتٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ عَنِ الأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أُتِيَ عُمَرُ بِلَحْمٍ فِيهِ سَمْنٌ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَهُمَا وَقَالَ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُدْمٌ.(3/242)
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ الأَغَرِّ الْمَكِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: دَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى حَفْصَةَ ابْنَتِهِ فَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ مَرَقًا بَارِدًا وَخُبْزًا وَصَبَّتْ فِي الْمَرَقِ زَيْتًا فَقَالَ: أُدْمَانِ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ. لا أَذُوقُهُ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عُمَرَ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ فَاسْتَسْقَاهُ وَهُوَ عَطْشَانُ فَأَتَاهُ بِعَسَلٍ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: عَسَلٌ. قَالَ: وَاللَّهِ لا يَكُونُ فِيمَا أُحَاسَبُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالا: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ يَسَارِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: وَاللَّهِ مَا نَخَلْتُ لِعُمَرَ الدَّقِيقَ قَطُّ إِلا وَأَنَا لَهُ عَاصٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يُصَلِّي فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - زَمَانَ الرَّمَادَةِ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لا تُهْلِكْنَا بِالسِّنِينَ وَارْفَعْ عَنَّا الْبَلاءَ. يُرَدِّدُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْغَطَفَانِيِّ عَنْ يَسَارِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: مَا نَخَلْتُ لِعُمَرَ الدَّقِيقَ قَطُّ إِلا وَأَنَا لَهُ عَاصٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ فِرَاسٍ الدِّيلِيُّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِزَارًا فِي زَمَنِ الرَّمَادَةِ فِيهِ سِتَّ عَشْرَةَ رُقْعَةً.
وَرِدَاؤُهُ خَمْسٌ وَشِبْرٌ. وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْ هَلَكَةَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَى رِجْلَيَّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَاعِدَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ إِذَا صَلَّى الْمَغْرِبَ نَادَى: أَيُّهَا النَّاسُ اسْتَغْفِرُوا رَبُّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ وَسَلُوهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاسْتَسْقُوا سُقْيَا رَحْمَةٍ لا سُقْيَا عَذَابٍ. فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى فَرَّجَ اللَّهُ ذَلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ حَضَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَامَ الرَّمَادَةِ وَهُوَ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ ادْعُوا اللَّهَ أَنْ يُذْهِبَ عَنْكُمُ الْمَحْلَ. وَهُوَ يَطُوفُ عَلَى رَقَبَتِهِ دِرَّةٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الثَّوْرِيُّ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ يَسْتَسْقِي فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَرَأَ هَذِهِ الآيَاتِ: «اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ(3/243)
غَفَّاراً» نوح: 10. وَيَقُولُ: «اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ» هود: 3. ثُمَّ نَزَلَ فَقِيلَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْتَسْقِيَ؟ قَالَ: قَدْ طَلَبْتُ الْمَطَرَ بِمَجَادِيحِ السَّمَاءِ الَّتِي يَنْزِلُ بِهَا الْقَطْرُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ عَنْ أَبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ خَرَجَ بِنَا إِلَى الْمُصَلَّى يَسْتَسْقِي فَكَانَ أَكْثَرُ دُعَائِهِ الاسْتِغْفَارَ حَتَّى قُلْتُ لا يَزِيدُ عَلَيْهِ. ثُمَّ صَلَّى وَدَعَا اللَّهَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اسْقِنَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُوَيْمِرٍ الأَسْلَمِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ الأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا أَجْمَعَ عُمَرُ عَلَى أَنْ يَسْتَسْقِيَ وَيَخْرُجَ بِالنَّاسِ كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَخْرُجُوا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا وَأَنْ يَتَضَرَّعُوا إِلَى رَبِّهِمْ وَيَطْلُبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَ هَذَا الْمَحْلَ عنهم. قال وخرج لذلك اليوم بُرْدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمُصَلَّى فَخَطَبَ النَّاسَ وَتَضَرَّعَ. وَجَعَلَ النَّاسُ يُلِحُّونَ فَمَا كَانَ أَكْثَرُ دُعَائِهِ إِلا الاسْتِغْفَارَ حَتَّى إِذَا قَرِبَ أَنْ يَنْصَرِفَ رَفَعَ يَدَيْهِ مَدًّا وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ وَجَعَلَ الْيَمِينَ عَلَى الْيَسَارِ ثُمَّ الْيَسَارَ عَلَى الْيَمِينِ. ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ وَجَعَلَ يُلِحُّ فِي الدُّعَاءِ. وَبَكَى عمر بكاء طويلا حتى أخضل.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ صَلَّى بِالنَّاسِ عَامَ الرَّمَادَةِ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَكَبَّرَ فِيهَا خَمْسًا وَسَبْعًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: يَا أَبَا الْفَضْلِ كَمْ بَقِيَ عَلَيْنَا مِنَ النُّجُومِ؟ قَالَ: الْعَوَّاءُ. قَالَ: كَمْ بَقِيَ مِنْهَا؟ قَالَ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ. قَالَ عُمَرُ:
عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ فِيهَا خَيْرًا. وَقَالَ عُمَرُ لِلْعَبَّاسِ: اغْدُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ فَلَمَّا أَلَحَّ عُمَرُ بِالدُّعَاءِ أَخَذَ بِيَدِ الْعَبَّاسِ ثُمَّ رَفَعَهَا وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَتَشَفَّعُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّكَ أَنْ تُذْهِبَ عَنَّا الْمَحْلَ وَأَنْ تَسْقِيَنَا الْغَيْثَ. فَلَمْ يَبْرَحُوا حَتَّى سُقُوا وَأَطْبَقَتِ السَّمَاءُ عليه أَيَّامًا. فَلَمَّا مُطِرُوا وَأَحْيَوْا شَيْئًا أَخْرَجَ الْعَرَبَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَقَالَ: الْحَقُوا بِبِلادِكُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَوْمًا فِي الرَّمَادَةِ غَدَا مُتَبَذِّلا مُتَضَرِّعًا عَلَيْهِ بُرْدٌ لا يَبْلُغُ رُكْبَتَيْهِ. يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالاسْتِغْفَارِ وَعَيْنَاهُ تُهْرِاقَانِ عَلَى خَدَّيْهِ. وَعَنْ يَمِينِهِ(3/244)
الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَدَعَا يَوْمَئِذٍ وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَعَجَّ إِلَى رَبِّهِ. فَدَعَا وَدَعَا النَّاسُ مَعَهُ. ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ الْعَبَّاسِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِعَمِّ رَسُولِكَ إِلَيْكَ. فَمَا زَالَ الْعَبَّاسُ قَائِمًا إِلَى جَنْبِهِ مَلِيًّا وَالْعَبَّاسُ يَدْعُو وَعَيْنَاهُ تَهْمُلانِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ أَخَذَ بيده الْعَبَّاسِ فَقَامَ بِهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِعَمِّ رَسُولِكَ إِلَيْكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّاسَ فِي زَمَانِ الرمادة فَقَدِ ابْتُلِيتُ بِكُمْ وَابْتُلِيتُمْ بِي فَمَا أَدْرِي أَلسُّخْطَةُ عَلَيَّ دُونَكُمْ أَوْ عَلَيْكُمْ دُونِي أَوْ قَدْ عَمَّتْنِي وَعَمَّتْكُمْ.
فَهَلُمُّوا فَلْنَدْعُ اللَّهَ يُصْلِحْ قُلُوبَنَا وَأَنْ يَرْحَمَنَا وَأَنْ يَرْفَعَ عَنَّا الْمَحْلَ. قَالَ فَرُئِيَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو اللَّهَ. وَدَعَا النَّاسُ وَبَكَى وَبَكَى النَّاسُ مَلِيًّا. ثُمَّ نَزَلَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي أَخْشَى أَنْ تَكُونَ سُخْطَةٌ عَمَّتْنَا جَمِيعًا فَأَعْتِبُوا رَبَّكُمْ وَانْزَعُوا وَتُوبُوا إِلَيْهِ وَأَحْدِثُوا خَيْرًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا فِي الرَّمَادَةِ لا نَرَى سَحَابًا. فَلَمَّا اسْتَسْقَى عُمَرُ بِالنَّاسِ مَكَثْنَا أَيَّامًا ثُمَّ جَعَلْنَا نَرَى قَزَعَ السَّحَابِ. وَجَعَلَ عُمَرُ يُظْهِرُ التَّكْبِيرَ كُلَّمَا دَخَلَ وَخَرَجَ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ حَتَّى نَظَرْنَا إِلَى سَحَابَةٍ سَوْدَاءَ طَلَعَتْ مِنَ الْبَحْرِ ثُمَّ تَشَاءَمَتْ فَكَانَتِ الْحَيَا بِإِذْنِ اللَّهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتِ الْعَرَبُ قَدْ عَلِمَتِ الْيَوْمَ الَّذِي اسْتَسْقَى فِيهِ عُمَرُ وَقَدْ بَقِيَتْ غُبَّرَاتٌ مِنْهُمْ فَخَرَجُوا يَسْتَسْقُونَ كَأَنَّهُمُ النُّسُورُ الْعِجَافُ تَخْرُجُ مِنْ وُكُورِهَا يَعُجُّونَ إِلَى اللَّهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ وَقَعَ الْمَطَرُ عَامَ الرَّمَادَةِ يُخْرِجُ الأَعْرَابَ يَقُولُ: اخْرُجُوا اخْرُجُوا. الْحَقُوا بِبِلادِكُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ يَحْيَى بْنِ(3/245)
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ أَنَّ عُمَرَ أَخَّرَ الصَّدَقَةَ عَامَ الرَّمَادَةِ فَلَمْ يَبْعَثِ السُّعَاةَ. فَلَمَّا كَانَ قَابِلٌ. وَرَفَعَ اللَّهُ ذَلِكَ الْجَدْبَ. أَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فَأَخَذُوا عِقَالَيْنِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَقْسِمُوا عِقَالا وَيَقْدُمُوا عَلَيْهِ بِعِقَالٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي طلحة بن محمد عَنْ حَوْشَبِ بْنِ بِشْرٍ الْفَزَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُنَا عَامَ الرَّمَادَةِ وَحَصَّتِ السَّنَةُ أَمْوَالَنَا فَيَبْقَى عِنْدَ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ الشَّيْءُ الَّذِي لا ذِكْرَ لَهُ. فَلَمْ يَبْعَثْ عُمَرُ تِلْكَ السَّنَةِ السُّعَاةَ. فَلَمَّا كَانَ قَابِلٌ بَعَثَهُمْ فَأَخَذُوا عِقَالَيْنِ فَقَسَمُوا عِقَالا وَقَدِمُوا عَلَيْهِ بِعِقَالٍ. فَمَا وُجِدَ فِي بَنِي فَزَارَةَ كُلِّهَا إِلا سِتِّينَ فَرِيضَةً. فَقُسِمَ ثَلاثُونَ وَقُدِمَ عَلَيْهِ بِثَلاثِينَ. وَكَانَ عُمَرُ يَبْعَثُ السُّعَاةَ فَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يَأْتُوا النَّاسَ حَيْثُ كَانُوا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ كَرْدَمٍ أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ مُصَدِّقًا عَامَ الرَّمَادَةِ فَقَالَ: أَعْطِ مَنْ أَبْقَتْ لَهُ السَّنَةُ غَنَمًا وَرَاعِيًا وَلا تُعْطِ مَنْ أَبْقَتْ لَهُ السَّنَةُ غَنَمَيْنِ وَرَاعِيَيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ الصَّلْتِ قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكٍ الْفَزَارِيَّ يَقُولُ: أَنَا فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَرْعَى الْبَهْمَ. قُلْتُ: مَنْ كَانَ يَبْعَثُ عَلَيْكُمْ؟ قَالَ: مَسْلَمَةُ بْنُ مُخَلَّدٍ. وَكَانَ يَأْخُذُ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَيَرُدُّهَا عَلَى فُقَرَائِنَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ. قَالُوا جَمِيعًا عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ مَخْرَجًا لأَهْلِ الْمَدِينَةِ رَجُلٌ آدَمُ. طَوِيلُ. أَعْسَرُ. أَيْسَرُ. أَصْلَعُ. مُلَبَّبٌ بُرْدًا لَهُ قَطَرِيًّا.
يَمْشِي حَافِيًا مُشْرِفًا عَلَى النَّاسِ كَأَنَّهُ رَاكِبٌ عَلَى دَابَّةٍ. وَهُوَ يَقُولُ: يَا عِبَادَ اللَّهِ. هَاجَرُوا وَلا تَهَجَّرُوا وَاتَّقُوا الأَرْنَبَ أَنْ يَحْذِفَهَا أَحَدُكُمْ بِالْعَصَا أَوْ يُرْسِلُهَا بِالْحَجَرِ ثُمَّ يَقُولُ بِأَكْلِهَا وَلَكِنْ لِيَذُكَّ لَكُمُ الأَسْلُ وَالرِّمَاحُ وَالنَّبْلُ.
قَالَ يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ: قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: فَسُئِلَ عَاصِمٌ عَنْ قَوْلِهِ هَاجِرُوا وَلا تَهَجَّرُوا فَقَالَ: كُونُوا مُهَاجِرِينَ حَقًّا وَلا تَشَبَّهُوا بِالْمُهَاجِرِينَ وَلَسْتُمْ مِنْهُمْ.(3/246)
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: هَذَا الْحَدِيثُ لا يُعْرَفُ عِنْدَنَا. إِنَّ عُمَرَ كَانَ آدَمَ إِلا أَنْ يَكُونَ رَآهُ عَامَ الرَّمَادَةِ فَإِنَّهُ كَانَ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ حِينَ أَكَلَ الزَّيْتَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ عَنْ عِيَاضِ بْنِ خَلِيفَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ عَامَ الرَّمَادَةِ وَهُوَ أَسْوَدُ اللَّوْنِ وَلَقَدْ كَانَ أَبْيَضَ فَيُقَالُ مِمَّ ذَا؟ فَيَقُولُ: كَانَ رَجُلا عَرَبِيًّا وَكَانَ يَأْكُلُ السَّمْنَ واللبن فلما أمحل الناس حرمها فَأَكَلَ الزَّيْتَ حَتَّى غَيَّرَ لَوْنَهُ وَجَاعَ فَأَكْثَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ:
رَأَيْتُ عُمَرَ رَجُلا أَبْيَضَ. أَمْهَقَ. تَعْلُوهُ حُمْرَةٌ. طُوَالا. أَصْلَعَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَصِفُ عُمَرَ يَقُولُ رَجُلٌ أَبْيَضُ تَعْلُوهُ حُمْرَةٌ.
طُوَالٌ. أَصْلَعُ. أَشْيَبُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: إِنَّمَا جَاءَتْنَا الأَدْمَةُ مِنْ قِبَلِ أَخْوَالِي وَأُمِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ زَيْنَبُ بِنْتِ مَظْعُونِ بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جُمَحَ قَالَ: وَالْخَالُ أَنْزَعُ شَيْءٍ. وَجَاءَنِي الْبُضْعُ مِنْ أَخْوَالِي. فَهَاتَانِ الْخِصْلَتَانِ لَمْ تَكُونَا فِي أَبِي. رَحِمَهُ اللَّهُ. كَانَ أَبِي أَبْيَضَ لا يَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ لِشَهْوَةٍ إِلا لِطَلَبِ الْوَلَدَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حِزَامُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ عُمَرَ مَعَ قَوْمٍ قَطُّ إِلا رَأَيْتُ أَنَّهُ فوقهم.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْج عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عمير قَالَ: كَانَ عُمَرُ رَجُلا أَيْسَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو هِلالٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا التَّيَّاحِ يُحَدِّثُ فِي مَجْلِسِ الْحَسَنِ قَالَ: لَقِيَ رَجُلٌ رَاعِيًا فَقَالَ لَهُ أُشْعِرْتَ أَنَّ ذَاكَ الأَعْسَرَ الأَيْسَرَ أسلم؟ يَعْنِي عُمَرَ. فَقَالَ: الَّذِي كَانَ يُصَارِعُ فِي سُوقِ عُكَاظٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ:
أَمَا وَاللَّهِ لَيُوسِعَنَّهُمْ خَيْرًا أَوْ لَيُوسِعَنَّهُمْ شَرًّا.(3/247)
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ بِشْرِ بْنِ قُحَيْفٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ. وَقَالَ غَيْرُ أَبِي دَاوُدَ مَسْلَمَةَ بْنِ قُحَيْفٍ. قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ رَجُلا ضَخْمًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ:
أَخْبَرَنِي هِلالٌ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ رَجُلا جَسِيمًا كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ بَنِي سَدُوسٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكٍ أَحْسِبُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهُ هِلالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يُسْرِعُ. يَعْنِي فِي مِشْيَتِهِ. وَكَانَ رَجُلا آدَمَ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ بَنِي سَدُوسٍ. وَكَانَ فِي رِجْلَيْهِ رَوَحٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: صَلِعَ عُمَرُ فَاشْتَدَّ صَلَعُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَسْلَمَ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ إِذَا غَضِبَ أَخَذَ بِهَذَا. وَأَشَارَ إِلَى سَبَلَتِهِ. فَقَالَ بِهَا إِلَى فَمِهِ وَنَفَخَ فِيهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَقَالَ:
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِلادُنَا قَاتَلْنَا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَسْلَمْنَا عَلَيْهَا فِي الإِسْلامِ ثُمَّ تُحْمَى عَلَيْنَا؟ فَجَعَلَ عُمَرُ يَنْفُخُ وَيَفْتِلُ شَارِبَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ. قَالا جَمِيعًا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فِي حَدِيثِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: رَكِبَ عُمَرُ فَرَسًا فَانْكَشَفَ ثَوْبُهُ عَنْ فَخِذِهِ فَرَأَى أَهْلُ نَجْرَانَ بِفَخِذِهِ شَامَةً سَوْدَاءَ فَقَالُوا: هَذَا الَّذِي نَجِدُ فِي كِتَابِنَا أَنَّهُ يُخْرِجُنَا مِنْ أَرْضِنَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا فِي نَادِينَا فَأَقْبَلَ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ يَرْكُضُهُ يَجْرِي حَتَّى كَادَ يُوطِئُنَا. قَالَ: فَارْتَعْنَا لِذَلِكَ وَقُمْنَا. قَالَ: فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. قَالَ فَقُلْنَا: فَمَنْ بَعْدَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: وَمَا أَنْكَرْتُمْ؟ وَجَدْتُ نَشَاطًا فَأَخَذْتُ فَرَسًا فَرَكَضْتُهُ.(3/248)
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَضَبَ عُمَرُ بِالْحِنَّاءِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا خالد بن مخلد البجلي قال: أخبرنا عبد اللَّهِ بْنُ عُمَرَ جَمِيعًا عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
كَانَ عُمَرُ يُرَجِّلُ بِالْحِنَّاءِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ وَيُرَجِّلُ رَأْسَهُ بِالْحِنَّاءِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ رَقَعَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ بِرِقَاعٍ ثَلاثٍ لَبَّدَ بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: أخبرنا عبد الله بن عُمَرَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ مَرْقُوعٌ بِفَرْوٍ. وَهُوَ يَوْمَئِذٍ وَالٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ بَيْنَ كَتِفَيْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ثَلاثُ رِقَاعٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ بَيْنَ كَتِفَيْ عُمَرَ أَرْبَعَ رِقَاعٍ فِي قَمِيصٍ لَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ في ظهره أربع رقاع فقرأ فاكِهَةً وَأَبًّا فَقَالَ: مَا الأَبُّ؟ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَا لهو التَّكَلُّفُ. فَمَا عَلَيْكَ أَنْ لا تَدْرِي مَا الأَبُّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى عُمَرَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ عَلَيْهِ إِزَارٌ قَطَرِيٌّ مَرْقُوعٌ بِرُقْعَةٍ مِنْ أَدَمٍ.(3/249)
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ عَنْ أَبِي مِحْصَنٍ الطَّائِيِّ قَالَ: رُئِيَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ يُصَلِّي إِزَارٌ فِيهِ رِقَاعٌ بَعْضُهَا مِنْ أَدَمِ. وَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ إِزَارَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَدْ رَقَعَهُ بِقِطْعَةِ أَدَمٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: رَأَيْتُ قَمِيصَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِمَّا يَلِي مَنْكِبَيْهِ مَرْقُوعًا بِرُقَعٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَهْدِيُّ بن ميمون قال: أخبرنا سعيد الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَلَيْهِ إِزَارٌ فِيهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ رُقْعَةً إِحْدَاهُنَّ بِأَدِيمٍ أَحْمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ يَرْمِي الْجِمَارَ عَلَيْهِ إِزَارٌ مُرَقَّعٌ عَلَى مَقْعَدَتِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ فِي إِزَارِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ رُقْعَةً بَعْضُهَا مِنْ أَدَمٍ. وَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَوْمَ أُصِيبَ إِزَارًا أَصْفَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ أَبِي الأَشْهَبِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى عَلَى عُمَرَ قَمِيصًا فَقَالَ: [أَجَدِيدٌ قَمِيصُكَ أَمْ لَبِيسٌ؟ فَقَالَ: لا بَلْ لَبِيسٌ. فَقَالَ: الْبَسْ جَدِيدًا وَعِشْ حَمِيدًا وَتَوَفَّ شَهِيدًا وَلْيُعْطِكَ اللَّهُ قُرَّةَ عَيْنِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الأَشْهَبِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رَأَى عَلَى عُمَرَ ثَوْبًا فَقَالَ: أَجَدِيدٌ ثَوْبُكَ هَذَا أَمْ غَسِيلٌ؟ قَالَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ غَسِيلٌ. فَقَالَ: يَا عُمَرُ الْبَسْ جَدِيدًا وَعِشْ حَمِيدًا وَتَوَفَّ شَهِيدًا وَيُعْطِيكَ اللَّهُ قُرَّةَ عَيْنٍ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ أَبِي سَعْدٍ الْبَقَّالِ سَعِيدِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ عَنْ(3/250)
عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: أَمَّنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي بَتٍّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ. لَمَّا طُعِنَ. عَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ صَفْرَاءُ قَدْ وَضَعَهَا على جرحه وهو يقول: كان أمر الله قدرا مقدورا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَبْطَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ جُمُعَةً بِالصَّلاةِ فَخَرَجَ. فَلَمَّا أَنْ صَعِدَ الْمِنْبَرَ اعْتَذَرَ إِلَى النَّاسِ فَقَالَ: إِنَّمَا حَبَسَنِي قَمِيصِي هَذَا لَمْ يَكُنْ لِي قَمِيصٌ غَيْرُهُ. كَانَ يُخَاطُ لَهُ قَمِيصٌ سُنْبُلانِيُّ لا يُجَاوِزُ كُمُّهُ رُسْغَ كَفَّيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمًا إِلَى الْجُمُعَةِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ سُنْبُلانِيُّ فَجَعَلَ يَعْتَذِرُ إِلَى النَّاسِ وَهُوَ يَقُولُ: حَبَسَنِي قَمِيصِي هَذَا. وَجَعَلَ يَمُدُّ يَدَهُ. يَعْنِي كُمَّيْهِ. فَإِذَا تَرَكَهُ رَجَعَ إِلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ زِيَادٍ الْهِلالِيُّ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ قَالَ: حَدَّثَنِي يَنَّاقُ بْنُ سَلْمَانَ دِهْقَانُ مِنْ دَهَاقِينِ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا كَذَا قَالَ: مَرَّ بِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَلْقَى إِلَيَّ قَمِيصَهُ فَقَالَ: اغْسِلْ هَذَا بِالأُشْنَانِ. فَعَمَدْتُ إِلَى قَطَرِيَّتَيْنِ فَقَطَعْتُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قَمِيصًا ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: الْبَسْ هَذَا فَإِنَّهُ أَجْمَلُ وَأَلْيَنُ. قَالَ: أَمِنْ مَالِكَ؟
قَالَ قُلْتُ: مِنْ مَالِي. قَالَ: هَلْ خَالَطَهُ شَيْءٌ مِنَ الذِّمَّةِ؟ قَالَ قُلْتُ: لا إِلا خَيَّاطُهُ. قَالَ:
اعْزُبْ. هَلُمَّ إِلَيَّ قَمِيصِي. قَالَ فَلَبِسَهُ وَإِنَّهُ لأَخْضَرُ مِنَ الأُشْنَانِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ:
رَأَيْتُ عَلَى عُمَرَ وَهُوَ خَلِيفَةٌ إِزَارًا مَرْقُوعًا فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ. وَمَا عَلِمْتُ لَهُ إِزَارًا غَيْرَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ. يَعْنِي حَاتِمَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ. عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عُمَرَ إِزَارًا فِيهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ رُقْعَةً إِنَّ بَعْضَهَا لأَدَمٌ. وَمَا عَلَيْهِ قَمِيصٌ وَلا رِدَاءٌ. مُعْتَمٌّ.
مَعَهُ الدِّرَّةُ. يَطُوفُ فِي سُوقِ الْمَدِينَةِ.(3/251)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حِزَامُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ يَتَّزِرُ فَوْقَ السُّرَّةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ عُبَيْدَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا عَنِ الْخَزِّ فَقَالَ: وَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْهُ. وَمَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلا وَقَدْ لَبِسَهُ مَا خَلا عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالا: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ تَخَتَّمَ فِي الْيَسَارِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُهَاجِرٍ أَبِي الْحَسَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ الَّذِي يَدْعُو بِهِ: اللَّهُمَّ تَوَفَّنِي مَعَ الأَبْرَارِ وَلا تُخَلِّفُنِي فِي الأَشْرَارِ وَقِنِي عَذَابَ النَّارِ وَأَلْحِقْنِي بِالأَخْيَارِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عن أَبِيهِ عَنْ حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا سَمِعَتْ أَبَاهَا يَقُولُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي قَتْلا فِي سَبِيلِكَ وَوَفَاةً فِي بَلَدِ نَبِيِّكَ. قَالَتْ: قُلْتُ وَأَنَّى ذَلِكَ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِأَمْرِهِ أَنَّى شَاءَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ وَوَفَاةً بِبَلْدَةِ رَسُولِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَى عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّاسَ جُمِعُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَإِذَا رَجُلٌ قَدْ عَلا النَّاسَ بِثَلاثَةِ أَذْرُعٍ. قُلْتُ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. قُلْتُ: بِمَ يَعْلُوهُمْ؟ قَالَ: إِنَّ فِيهِ ثَلاثُ خِصَالٍ. لا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ.
وَإِنَّهُ شَهِيدٌ مُسْتَشْهَدٌ. وَخَلِيفَةٌ مُسْتَخْلَفٌ. فَأَتَى عَوْفٌ أَبَا بَكْرٍ فَحَدَّثَهُ فَبَعَثَ إِلَى عُمَرَ فَبَشَّرَهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: قُصَّ رُؤْيَاكَ. قَالَ فَلَمَّا قَالَ خَلِيفَةٌ مُسْتَخْلَفٌ انْتَهَرَهُ عُمَرُ فَأَسْكَتَهُ.
فَلَمَّا وَلِي عُمَرُ انْطَلَقَ إِلَى الشَّامِ فَبَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ إِذْ رَأَى عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ. فَدَعَاهُ.
فَصَعِدَ مَعَهُ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: اقْصُصْ رُؤْيَاكَ. فَقَصَّهَا. فَقَالَ: أَمَّا أَلا أَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ(3/252)
لائِمٍ فَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَنِي اللَّهُ فِيهِمْ. وَأَمَّا خَلِيفَةٌ مُسْتَخْلَفٌ فَقَدِ اسْتُخْلِفْتُ فَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُعِينَنِي عَلَى مَا وَلانِي. وَأَمَّا شَهِيدٌ مُسْتَشْهَدٌ فَأَنَّى لِيَ الشَّهَادَةُ وَأَنَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ لَسْتُ أَغْزُو النَّاسَ حَوْلِي؟ ثُمَّ قَالَ: وَيْلِي وَيْلِي يَأْتِي بِهَا اللَّهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعْدٍ الْجَارِيِّ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ دَعَا أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب. وَكَانَتْ تَحْتَهُ. فَوَجَدَهَا تَبْكِي فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ؟ فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا الْيَهُودِيُّ. تَعْنِي كَعْبَ الأَحْبَارِ. يَقُولُ إِنَّكَ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ. فَقَالَ عُمَرُ:
مَا شَاءَ اللَّهُ. وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ رَبِّي خَلَقَنِي سَعِيدًا. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى كَعْبٍ فَدَعَاهُ.
فَلَمَّا جَاءَهُ كَعْبٌ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لا تَعْجَلْ عَلَيَّ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يَنْسَلِخُ ذُو الْحِجَّةِ حَتَّى تَدْخُلَ الْجَنَّةَ. فَقَالَ عُمَرُ: أَيُّ شَيْءٍ هَذَا؟ مَرَّةً فِي الْجَنَّةِ وَمَرَّةً فِي النَّارِ.
فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّا لَنَجِدُكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ تَمْنَعُ النَّاسَ أَنْ يَقَعُوا فِيهَا فَإِذَا مُتَّ لَمْ يَزَالُوا يَقْتَحِمُونَ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ كأني أخذت جواد كَثِيرَةً فَاضْمَحَلَّتْ حَتَّى بَقِيَتْ جَادَّةٌ وَاحِدَةٌ. فَسَلَكْتُهَا حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى جَبَلٍ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوْقَهُ وَإِلَى جَنْبِهِ أبو بكر. وإذا هو يومىء إِلَى عُمَرَ أَنْ تَعَالَ. فَقُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. مَاتَ وَاللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ. فَقُلْتُ: أَلا تَكْتُبُ بِهَذَا إِلَى عُمَرَ؟ فَقَالَ:
مَا كُنْتُ لأَنْعِيَ لَهُ نَفْسَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عبيد اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كُنْتُ وَاقِفًا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِعَرَفَاتٍ وَإِنَّ رَاحِلَتِي لَبِجَنْبِ رَاحِلَتِهِ وَإِنَّ رُكْبَتِي لَتَمَسُّ رُكْبَتَهُ. وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَنَفِيضَ. فَلَمَّا رَأَى تَكْبِيرَ النَّاسِ وَدُعَاءَهُمْ وَمَا يَصْنَعُونَ أَعْجَبَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: يَا حُذَيْفَةُ كَمْ تَرَى هَذَا يَبْقَى لِلنَّاسِ؟ فَقُلْتُ: عَلَى الْفِتْنَةِ بَابٌ فَإِذَا كُسِرَ الْبَابُ أَوْ فُتِحَ خَرَجَتْ. فَفَزِعَ فَقَالَ: وَمَا ذَلِكَ الْبَابُ وَمَا كَسْرُ بَابٍ أَوْ فَتْحُهُ؟ قُلْتُ: رَجُلٌ يَمُوتُ أَوْ يُقْتَلُ. فَقَالَ: يَا حُذَيْفَةُ مَنْ تَرَى قَوْمَكَ يُؤَمِّرُونَ بَعْدِي؟ قَالَ: قُلْتُ رَأَيْتُ النَّاسَ قَدْ أَسْنَدُوا أَمْرَهُمْ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ.(3/253)
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ حَدَّثَهُ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ:
بَيْنَمَا عُمَرُ وَاقِفٌ عَلَى جِبَالِ عَرَفَةَ سَمِعَ رَجُلا يَصْرُخُ يَقُولُ: يَا خَلِيفَةُ. يَا خَلِيفَةُ.
فَسَمِعَهُ رَجُلٌ آخِرَ وَهُمْ يَعْتَافُونَ فَقَالَ: مَا لَكَ؟ فَكَّ اللَّهُ لَهَوَاتِكَ! فَأَقْبَلْتُ عَلَى الرَّجُلِ فَصَخِبْتُ عَلَيْهِ قُلْتُ: لا تَسُبَّنَّ الرَّجُلَ. قَالَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: فَإِنِّي الْغَدَ وَاقِفٌ مَعَ عُمَرَ عَلَى الْعَقَبَةِ يَرْمِيهَا إِذْ جَاءَتْ حَصَاةٌ عَائِرَةٌ فَنَقَفَتْ رَأْسَ عُمَرَ فَفُصِدَتْ. فَسَمِعْتُ رَجُلا مِنَ الْجَبَلِ يَقُولُ: أُشْعِرْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. لا يَقِفُ عُمَرُ هَذَا الْمَوْقِفَ بَعْدَ الْعَامِ أَبَدًا. قَالَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: فَإِذَا هُوَ الَّذِي صَرَخَ فِينَا بِالأَمْسِ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيَّ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ أَنَّ أُمَّهُ أُمَّ كُلْثُومِ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَتْهُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا كَانَ آخِرُ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ بِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ إِذْ صَدَرْنَا عَنْ عَرَفَةَ مَرَرْتُ بِالْمُحَصَّبِ سَمِعْتُ رَجُلا عَلَى رَاحِلَتِهِ يَقُولُ: أَيْنَ كَانَ عمر أمير المؤمنين؟ فسمعت عَقِيرَتَهُ فَقَالَ:
عَلَيْكَ سَلامٌ مِنْ إِمَامٍ وَبَارَكَتْ ... يَدُ اللَّهِ فِي ذَاكَ الأَدِيمِ الْمُمَزَّقِ
فَمَنْ يَسْعَ أَوْ يَرْكَبْ جَنَاحَيْ نَعَامَةٍ ... لَيُدْرِكَ مَا قَدَّمْتَ بِالأَمْسِ يُسْبَقِ
قَضَيْتَ أُمُورًا ثُمَّ غَادَرْتَ بَعْدَهَا ... بَوَائِقَ فِي أَكْمَامِهَا لَمْ تُفَتَّقِ
فَلَمْ يَحْرُكْ ذَاكَ الرَّاكِبُ وَلَمْ يُدْرَ مَنْ هُوَ. فَكُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ مِنَ الْجِنِّ. قَالَ فَقَدِمَ عُمَرُ مِنْ تِلْكَ الْحِجَّةِ فَطُعِنَ فَمَاتَ.
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ بِنَحْوِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ: الَّذِي قَالَ بِعَرَفَةَ يَا خَلِيفَةُ قَاتَلَكَ اللَّهُ لا يَقِفُ عُمَرُ هَذَا الْمَوْقِفَ بَعْدَ الْعَامِ أَبَدًا. وَالَّذِي قَالَ عَلَى الْجَمْرَةِ أُشْعِرْتُ وَاللَّهِ مَا أَرَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلا سَيُقْتَلُ. رَجُلٌ مِنْ لِهْبٍ. بَطْنٌ مِنَ الأَزْدِ. وَكَانَ عَائِفًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: مَنْ صَاحِبُ هَذِهِ الأَبْيَاتِ:
جَزَى اللَّهُ خَيْرًا مِنْ إِمَامٍ وَبَارَكَتْ
فَقَالُوا: مُزَرِّدُ بْنُ ضِرَارٍ. قَالَتْ فَلَقِيتُ مُزَرِّدًا بَعْدَ ذَلِكَ فَحَلَفَ بِاللَّهِ مَا شَهِدَ تِلْكَ السَّنَةَ الْمَوْسِمَ.(3/254)
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا أَفَاضَ مِنْ مِنًى أَنَاخَ بِالأَبْطُحِ فَكَوَّمَ كَوْمَةً مِنْ بَطْحَاءَ وَطَرَحَ عَلَيْهَا طَرَفَ ثَوْبِهِ ثُمَّ اسْتَلْقَى عَلَيْهَا وَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ كَبُرَتْ سِنِّي وَضَعُفَتْ قُوَّتِي وَانْتَشَرَتْ رَعِيَّتِي فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مُضَيِّعٍ وَلا مُفْرِطٍ. فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فُرِضَتْ لَكُمُ الْفَرَائِضُ وَسُنَّتْ لَكُمُ السُّنَنُ وَتُرِكْتُمْ عَلَى الْوَاضِحَةِ.
ثُمَّ صَفَقَ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ. إِلا أَنْ تَضِلُّوا بِالنَّاسِ يَمِينًا وَشِمَالا. ثُمَّ إِيَّاكُمْ أَنْ تَهْلِكُوا عَنْ آيَةِ الرَّجْمِ وَأَنْ يَقُولَ قَائِلٌ لا نُحِدُّ حَدَّيْنِ فِي كِتَابِ اللَّهِ. فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَمَ ورجمنا بعده. فو الله لَوْلا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ أَحْدَثَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَكَتَبْتُهَا فِي الْمُصْحَفِ. فَقَدْ قَرَأْنَاهَا. وَالشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ. قَالَ سَعِيدٌ: فَمَا انْسَلَخَ ذُو الْحِجَّةِ حَتَّى طُعِنَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الأَشْهَبِ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: اللَّهُمَّ كَبُرَتْ سِنِّي وَرَقَّ عَظْمِي وَخَشِيتُ الانْتِشَارَ مِنْ رَعِيَّتِي فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ عَاجِزٍ وَلا مَلُومٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَفَّانَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: اللَّهُمَّ كَبُرَتْ سِنِّي وَرَقَّ عَظْمِي وَخَشِيتُ الانْتِشَارَ مِنْ رَعِيَّتِي فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ عَاجِزٍ وَلا مَلُومٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي أُرِيتُ رُؤْيَا لا أراها لِحُضُورِ أَجَلِي. رَأَيْتُ أَنَّ دِيكًا أَحْمَرَ نَقَرَنِي نَقْرَتَيْنِ. فَحَدَّثْتُهَا أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ فَحَدَّثَتْنِي أَنَّهُ يقتلني رجل من الأعاجم.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتُوَائِيُّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الْفَزَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ. قَالُوا جَمِيعًا عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ النَّاسَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ فَذَكَرَ نَبِيَّ اللَّهِ وَذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ أَنَّ دِيكًا نَقَرَنِي وَلا أُرَاهُ إِلا حُضُورَ أَجَلِي فَإِنَّ أَقْوَامًا يَأْمُرُونَنِي اسْتَخْلِفْ وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيُضِيعَ دِينَهُ وَلا(3/255)
خِلافَتَهُ. وَالَّذِي بَعَثَ بِهِ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ عَجِلَ بِي أَمْرٌ فَالْخِلافَةُ شُورَى بَيْنَ هَؤُلاءِ الرَّهْطِ السِّتَّةِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو عَنْهُمْ رَاضٍ. قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ أَقْوَامًا سَيَطْعَنُونَ فِي هَذَا الأَمْرِ بَعْدِي أَنَا ضَرَبَتْهُمْ بِيَدِي هَذِهِ عَلَى الإِسْلامِ. فَإِنْ فَعَلُوا فَأُولَئِكَ أَعْدَاءُ اللَّهِ الْكُفَّارُ الضُّلالُ. ثُمَّ إِنِّي لَمْ أَدَعْ شَيْئًا هُوَ أَهَمُّ إِلَيَّ مِنَ الْكَلالَةِ وَمَا رَاجَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَيْءٍ مَا رَاجَعْتُهُ فِي الْكَلالَةِ. وَمَا أَغْلَظَ لِي فِي شَيْءٍ مُنْذُ صَاحَبْتُهُ مَا أَغْلَظَ لِي فِي الْكَلالَةِ حَتَّى طَعَنَ بِإِصْبَعِهِ فِي بَطْنِي فَقَالَ: يَا عُمَرُ تَكْفِيكَ الآيَةُ الَّتِي فِي آخِرِ النِّسَاءِ وَإِنْ أَعِشْ أَقْضِ فِيهَا بِقَضِيَّةٍ يَقْضِي بِهَا مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَمَنْ لا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ عَلَى أُمَرَاءِ الأَمْصَارِ فَإِنِّي إِنَّمَا بَعَثْتُهُمْ لِيُعَلِّمُوا النَّاسَ دِينَهُمْ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِمْ وَيَعْدِلُوا عَلَيْهِمْ وَيَقْسِمُوا فَيْئَهُمْ بَيْنَهُمْ وَيَرْفَعُوا إِلَيَّ مَا أُشْكِلَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْرِهِمْ. ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ تَأْكُلُونَ مِنْ شَجَرَتَيْنِ لا أُرَاهُمَا إِلا خبيثين. الْبَصَلِ وَالثُّومِ. وَقَدْ كُنْتُ أَرَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا وَجَدَ رِيحَهُمَا مِنَ الرَّجُلِ فِي الْمَسْجِدِ أَمَرَ فَأُخِذَ بِيَدِهِ فَأُخْرِجَ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَى الْبَقِيعِ. فَمَنْ أَكَلَهُمَا لا بُدَّ فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ وَهِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالُوا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي جمرة قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُ جُوَيْرِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ قَالَ: حَجَجْتُ عَامَ تُوُفِّيَ عُمَرُ فَأَتَى الْمَدِينَةَ فَخَطَبَ فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ دِيكًا نَقَرَنِي. فَمَا عَاشَ إِلا تِلْكَ الْجُمُعَةِ حَتَّى طُعِنَ. قَالَ: فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم آخر مَنْ دَخَلَ فَإِذَا هُوَ قَدْ عَصَبَ عَلَى جِرَاحَتِهِ. قَالَ فَسَأَلْنَاهُ الْوَصِيَّةَ. قَالَ وَمَا سَأَلَهُ الْوَصِيَّةَ أَحَدٌ غَيْرُنَا. فَقَالَ: أُوصِيكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّكُمْ لَنْ تَضِلُّوا مَا اتَّبَعْتُمُوهُ. وَأُوصِيكُمْ بِالْمُهَاجِرِينَ فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَيَقِلُّونَ. وَأُوصِيكُمْ بِالأَنْصَارِ فَإِنَّهُمْ شِعْبُ الإِسْلامِ الَّذِي لَجَأَ إِلَيْهِ. وَأُوصِيكُمْ بِالأَعْرَابِ فَإِنَّهُمْ أَصْلُكُمْ وَمَادَّتُكُمْ. قَالَ شُعْبَةُ: ثُمَّ حَدَّثَنِيهِ مَرَّةً أُخْرَى فَزَادَ فِيهِ فَإِنَّهُمْ أَصْلُكُمْ وَمَادَّتُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَعَدُوُّ عَدُوِّكُمْ. وَأُوصِيكُمْ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُمْ ذِمَّةُ نَبِيِّكُمْ وَأَرْزَاقُ عِيَالِكُمْ. قُومُوا عَنِّي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ الضَّبِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: جِئْتُ فَإِذَا عُمَرُ وَاقِفٌ عَلَى حُذَيْفَةَ وَعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ وَهُوَ يَقُولُ: تَخَافَانِ أَنْ تَكُونَا حَمَّلْتُمَا الأَرْضَ مَا لا تُطِيقُ. فَقَالَ عُثْمَانُ: لَوْ شِئْتُ لأَضْعَفْتُ أَرْضِي. وَقَالَ حُذَيْفَةُ: لَقَدْ حَمَلَتِ الأَرْضُ أَمْرًا هي له مطيفة وَمَا فِيهَا كَبِيرُ فَضْلٍ. فَجَعَلَ يَقُولُ: انْظُرَا مَا لَدَيْكُمَا إِنْ تَكُونَا حَمَّلْتُمَا الأَرْضَ مَا لا تُطِيقُ. ثُمَّ قَالَ:(3/256)
وَاللَّهِ لَئِنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ لأَدَعَنَّ أَرَامِلَ أَهْلِ الْعِرَاقِ لا يَحْتَجْنَ إِلَى أَحَدٍ بَعْدِي أَبَدًا. قَالَ فَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ إِلا رَابِعَةٌ حَتَّى أُصِيبَ. وَكَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَامَ بَيْنَ الصُّفُوفِ ثُمَّ قَالَ: اسْتَوُوا. فَإِذَا اسْتَوَوْا تَقَدَّمَ فَكَبَّرَ. فَلَمَّا كَبَّرَ طُعِنَ. قَالَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَتَلَنِي الْكَلْبُ. أَوْ أَكَلَنِي الْكَلْبُ. مَا أَدْرِي أَيُّهُمَا قَالَ. وَطَارَ الْعِلْجُ فِي يَدِهِ سِكِّينٌ ذَاتُ طَرَفَيْنِ مَا يَمُرُّ بِرَجُلٍ يَمِينًا وَلا شِمَالا إِلا طَعَنَهُ. فَأَصَابَ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلا مِنَ الْمُسْلِمِينَ. فَمَاتَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ. قَالَ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ طَرَحَ عَلَيْهِ بُرْنُسًا لَهُ لِيَأْخُذَهُ فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ. قَالَ وَمَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ. يَعْنِي عُمَرَ. حِينَ طُعِنَ إِلا ابْنُ عَبَّاسٍ. فَأَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ فَصَلَّوُا الْفَجْرَ يَوْمَئِذٍ صَلاةً خَفِيفَةً. قَالَ فَأَمَّا نَوَاحِي الْمَسْجِدِ فَلا يَدْرُونَ مَا الأَمْرُ إِلا أنهم انْصَرَفُوا كَانَ أَوَّلُ مَنْ دَخَلَ عَلَى عُمَرَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: انْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي. فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَجَالَ سَاعَةً ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ الصَّنَّاعُ. قَالَ وَكَانَ نَجَّارًا. قَالَ: مَا لَهُ قَاتَلَهُ اللَّهُ؟ وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَمَرْتُ بِهِ مَعْرُوفًا. ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ مَنِيَّتِي بِيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي إِلَى الإِسْلامِ. ثُمَّ قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ: لَقَدْ كُنْتُ أَنْتَ وَأَبُوكَ تُحِبَّانِ أَنْ تَكْثُرَ الْعُلُوجُ بِالْمَدِينَةِ.
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنْ شِئْتَ فَعَلْنَا. فَقَالَ: أَبَعْدَ مَا تَكَلَّمُوا بِكَلامِكُمْ وَصَلَّوْا بِصَلاتِكُمْ وَنَسَكُوا نُسُكَكُمْ؟ فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: لَيْسَ عَلَيْكَ بَأْسٌ. فَدَعَا بِنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ. ثُمَّ دَعَا بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ. فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّهُ الْمَوْتُ قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ انْظُرْ كَمْ عَلَيَّ مِنَ الدَّيْنِ. قَالَ فَحَسَبَهُ فَوَجَدَهُ سِتَّةً وَثَمَانِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنْ وَفَى لَهَا مَالُ آلِ عُمَرَ فَأَدِّهَا عَنِّي مِنْ أَمْوَالِهِمْ. وَإِنْ لَمْ تَفِ أَمْوَالُهُمْ فَاسْأَلْ فِيهَا بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ. فَإِنْ لَمْ تَفِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَاسْأَلْ فِيهَا قُرَيْشًا وَلا تَعْدُهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ. ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ اذْهَبْ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَقُلْ لَهَا يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ السَّلامَ. وَلا تَقُلْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَإِنِّي لَسْتُ لَهُمُ الْيَوْمَ بِأَمِيرٍ. يَقُولُ تَأْذَنِينَ لَهُ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ؟ فَأَتَاهَا ابْنُ عُمَرَ فَوَجَدَهَا قَاعِدَةً تَبْكِي فَسَلَّمَ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ. فَقَالَتْ: قَدْ وَاللَّهِ كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي وَلأُوثِرَنَّهُ بِهِ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي. فَلَمَّا جَاءَ قِيلَ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ: ارْفَعَانِي. فَأَسْنَدَهُ رَجُلٌ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا لَدَيْكَ؟ فَقَالَ: أَذِنَتْ لَكَ. قَالَ عُمَرُ: مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمُّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَضْجَعِ. يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ انْظُرْ إِذَا أَنَا مُتُّ فَاحْمِلْنِي عَلَى سَرِيرِي ثُمَّ قِفْ بِي عَلَى الْبَابِ فَقُلْ يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فَأَدْخِلْنِي. وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ فَادْفِنِّي فِي(3/257)
مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ. فَلَمَّا حُمِلَ فَكَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ تُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ إِلا يَوْمَئِذٍ. قَالَ فَأَذِنَتْ لَهُ فَدُفِنَ. رَحِمَهُ اللَّهُ. حَيْثُ أَكْرَمَهُ اللَّهُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ. وَقَالُوا لَهُ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: اسْتَخْلِفْ. فَقَالَ: لا أَجِدُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ هَؤُلاءِ النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ فَأَيُّهُمُ اسْتُخْلِفَ فَهُوَ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِي.
فَسَمَّى عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ وَسَعْدًا. فَإِنْ أصابت سعدا فذاك وَإِلا فَأَيُّهُمُ اسْتُخْلِفَ فَلْيَسْتَعَنْ بِهِ. فَإِنِّي لَمْ أَعْزِلْهُ عَنْ عَجْزٍ وَلا خِيَانَةٍ. قَالَ وَجَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ مَعَهُمْ يُشَاوِرُونَهُ وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ. قَالَ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: اجْعَلُوا أَمْرَكُمْ إِلَى ثَلاثَةِ نَفَرٍ مِنْكُمْ. فَجَعَلَ الزُّبَيْرُ أَمْرَهُ إِلَى عَلِيٍّ. وَجَعَلَ طَلْحَةُ أَمْرَهُ إِلَى عُثْمَانَ. وَجَعَلَ سَعْدٌ أَمْرَهُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ. فَأْتَمَرَ أُولَئِكَ الثَّلاثَةُ حِينَ جُعِلَ الأَمْرُ إِلَيْهِمْ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَيُّكُمْ يَبْرَأُ من الأَمْرَ إِلَيَّ وَلَكُمُ اللَّهُ عَلَيَّ أَلا آلُوكُمْ عَنْ أَفْضَلِكُمْ وَخَيْرِكُمْ لِلْمُسْلِمِينَ. فَأَسْكَتَ الشَّيْخَانِ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ:
تَجْعَلانِهِ إِلَيَّ وَأَنَا أخرج منها فو الله لا آلُوكُمْ عَنْ أَفْضَلِكُمْ وَخَيْرِكُمْ لِلْمُسْلِمِينَ. قَالُوا:
نَعَمْ. فَخَلا بِعَلِيٍّ فَقَالَ: إِنَّ لَكَ مِنَ الْقَرَابَةِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقِدَمِ وَاللَّهِ عَلَيْكَ لَئِنِ اسْتُخْلِفْتَ لَتَعْدِلَنَّ وَلَئِنِ اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ لَتَسْمَعَنَّ وَلَتُطِيعَنَّ. فَقَالَ: نَعَمْ. قَالَ وَخَلا بِعُثْمَانَ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ فَقَالَ عُثْمَانُ فَنَعَمْ. قَالَ فَقَالَ ابْسُطْ يَدَكَ يَا عُثْمَانُ. فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعَهُ عَلِيٌّ وَالنَّاسُ.
ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِتَقْوَى اللَّهِ وَالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَنْ يَحْفَظَ لَهُمْ حَقَّهُمْ وَأَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ. وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الأَمْصَارِ خَيْرًا فَإِنَّهُمْ رِدْءُ الإِسْلامِ وَغَيْظُ الْعَدُوِّ وَجُبَاةُ الْمَالِ أَنْ لا يُؤْخَذَ مِنْهُمْ إِلا يَقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ.
وَأُوصِيهِ بِالأَعْرَابِ خَيْرًا فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ وَمَادَّةُ الإِسْلامِ وَأَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ فَيُرَدَّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ. وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ أَنْ يُوفِيَ لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ وَأَنْ لا يُكَلَّفُوا إِلا طَاقَتَهُمْ وَأَنْ يُقَاتِلَ مَنْ وَرَاءَهُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَزْدِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالُوا: أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَبُو خَيْثَمَةَ. أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ حِينَ طُعِنَ قَالَ: أَتَاهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ وَهُوَ يُسَوِّي الصُّفُوفَ فَطَعَنَهُ وَطَعَنَ اثْنَيْ عَشَرَ مَعَهُ هُوَ ثَالِثُ عَشَرَ. قَالَ: فَأَنَا رَأَيْتُ عُمَرَ بَاسِطًا يَدَهُ وَهُوَ يَقُولُ:
أدركوا الكلب قد قَتَلَنِي. قَالَ فَمَاجَ النَّاسُ وَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ وَرَائِهِ فَأَخَذَهُ. قَالَ فَمَاتَ مِنْهُمْ(3/258)
سَبْعَةٌ أَوْ سِتَّةٌ. قَالَ فَحُمِلَ عُمَرُ إِلَى مَنْزِلِهِ. قَالَ فَأَتَى الطَّبِيبُ فَقَالَ: أَيُّ الشَّرَابِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: النَّبِيذُ. قَالَ فَدَعَى بِنَبِيذٍ فَشَرِبَ مِنْهُ فَخَرَجَ مِنْ إِحْدَى طَعَنَاتِهِ. فَقَالُوا إنما هذا الصديد صديد الدم. قَالَ فَدَعَى بِلَبَنٍ فَشَرِبَ مِنْهُ فَخَرَجَ. فَقَالَ: أوص بما كنت موصيا. فو الله مَا أَرَاكَ تُمْسِي. قَالَ فَأَتَاهُ كَعْبٌ فَقَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لا تَمُوتُ إِلا شَهِيدًا وَأَنْتَ تَقُولُ مِنْ أَيْنَ وَأَنَا فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ؟ قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ: الصَّلاةَ عِبَادَ اللَّهِ قَدْ كَادَتِ الشَّمْسُ تَطْلُعُ. قَالَ فَتَدَافَعُوا حَتَّى قَدَّمُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَقَرَأَ بِأَقْصَرِ سُورَتَيْنِ فِي الْقُرْآنِ: وَالْعَصْرِ وإِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ. قَالَ فَقَالَ عُمَرُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ ائْتِنِي بِالْكَتِفِ الَّتِي كَتَبْتُ فِيهَا شَأْنَ الْجَدِّ بِالأَمْسِ.
وَقَالَ: لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُتِمَّ هَذَا الأَمْرَ لأَتَمَّهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: نَحْنُ نَكْفِيكَ هَذَا الأَمْرَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: لا. وَأَخَذَهُ فَمَحَاهُ بِيَدِهِ. قَالَ فَدَعَا سِتَّةَ نَفَرٍ: عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَطَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ. قَالَ فَدَعَا عُثْمَانَ أَوَّلَهُمْ فَقَالَ: يَا عُثْمَانُ إِنْ عَرَفَ لَكَ أَصْحَابُكَ سِنَّكَ فَاتَّقِ اللَّهَ وَلا تَحْمِلْ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ. ثُمَّ دَعَا عَلِيًّا فَأَوْصَاهُ. ثُمَّ أَمَرَ صُهَيْبًا أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ يَوْمَ طُعِنَ فَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَكُونَ فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ إِلا هَيْبَتُهُ. وَكَانَ رَجُلا مَهِيبًا فَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ. وَكَانَ عُمَرُ لا يُكَبِّرُ حَتَّى يَسْتَقْبِلَ الصَّفَّ الْمُقَدَّمَ بِوَجْهِهِ فَإِنْ رَأَى رَجُلا مُتَقَدِّمًا مِنَ الصَّفِّ أَوْ مُتَأَخِّرًا ضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ. فَذَلِكَ الَّذِي مَنَعَنِي مِنْهُ. فَأَقْبَلَ عُمَرُ فَعَرَضَ لَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَنَاجَى عُمَرَ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ طَعَنَهُ ثَلاثَ طَعَنَاتٍ. قَالَ فَسَمِعْتُ عمر وهو يقول هكذا بيده قد بَسَطَهَا: دُونَكُمُ الْكَلْبَ قَدْ قَتَلَنِي. وَمَاجَ النَّاسُ فَجُرِحَ ثَلاثَةَ عَشَرَ. وَشَدَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ فَاحْتَضَنَهُ. وَاحْتُمِلَ عُمَرُ وَمَاجَ النَّاسُ بَعْضَهُمْ فِي بَعْضٍ حَتَّى قَالَ قَائِلٌ:
الصَّلاةَ عِبَادَ اللَّهِ قَدْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. فَدَفَعُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَصَلَّى بِنَا بِأَقْصَرِ سُورَتَيْنِ فِي القرآن: «إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ» الفتح: 1 و «إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ» الْكَوْثَرَ: 1. وَاحْتُمِلَ عُمَرُ فَدَخَلَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ اخْرُجْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ أَعَنْ مَلإٍ مِنْكُمْ هَذَا؟ فَقَالُوا: مَعَاذَ اللَّهِ مَا عَلِمْنَا وَلا اطَّلَعْنَا. فَقَالَ: ادْعُوا لِي طَبِيبًا. فَدُعِيَ لَهُ الطَّبِيبُ فَقَالَ: أَيُّ شراب أحب(3/259)
إِلَيْكَ؟ قَالَ: نَبِيذٌ. فَسُقِيَ نَبِيذًا فَخَرَجَ مِنْ بَعْضِ طَعَنَاتِهِ فَقَالَ النَّاسُ: هَذَا صَدِيدٌ.
اسْقُوهُ لبنا. فسقى لبنا فَقَالَ الطَّبِيبُ: مَا أَرَى أَنْ تُمْسِيَ فَمَا كُنْتَ فَاعِلا فَافْعَلْ. فَقَالَ:
يَا عَبْدَ اللَّهِ بن عمرو نَاوِلْنِي الْكَتِفَ فَلَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُمْضِيَ مَا فِيهَا أَمْضَاهُ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرُ: أَنَا أَكْفِيكَ مَحْوَهَا. فَقَالَ: لا وَاللَّهِ لا يَمْحُوهَا أَحَدٌ غَيْرِي. فَمَحَاهَا عُمَرُ بِيَدِهِ وَكَانَ فِيهَا فَرِيضَةُ الْجَدِّ. ثُمَّ قَالَ: ادْعُوا لِي عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَسَعْدًا. فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ غَيْرَ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ فَقَالَ: يَا عَلِيُّ لَعَلَّ هَؤُلاءِ القوم يعرفون لك قرابتك من النبي ص. وَصِهْرَكَ وَمَا آتَاكَ اللَّهُ مِنَ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ فَإِنْ وُلِّيتَ هَذَا الأَمْرَ فَاتَّقِ اللَّهَ فِيهِ. ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ فَقَالَ: يَا عُثْمَانُ لَعَلَّ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ يَعْرِفُونَ لَكَ صِهْرَكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسِنَّكَ وَشَرَفَكَ. فَإِنْ وُلِّيتَ هَذَا الأَمْرَ فَاتَّقِ اللَّهَ وَلا تحملن بني أبي معيط على رقاب الناس. ثُمَّ قَالَ: ادْعُوا لِي صُهَيْبًا.
فَدُعِيَ فَقَالَ: صَلِّ بِالنَّاسِ ثَلاثًا وَلْيَخْلُ هَؤُلاءِ الْقَوْمُ فِي بَيْتٍ فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ فَمَنْ خَالَفَهُمْ فَاضْرِبُوا رَأْسَهُ. فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِ عُمَرَ قَالَ عُمَرُ: لَوْ وَلَّوْهَا الأَجْلَحَ سَلَكَ بِهِمُ الطَّرِيقَ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا يَمْنَعُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أَتَحَمَّلَهَا حَيًّا وَمَيِّتًا. ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ كَعْبٌ فَقَالَ: الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ. * قَدْ أَنْبَأْتُكَ أَنَّكَ شَهِيدٌ فَقُلْتَ مِنْ أَيْنَ لِي بِالشَّهَادَةِ وَأَنَا فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ؟
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ عَنْ سِمَاكٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا حُضِرَ قَالَ إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَسُنَّةٌ وَإِلا أَسْتَخْلِفْ فَسُنَّةٌ.
تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يَسْتَخْلِفْ. وَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ فَاسْتَخْلَفَ. فَقَالَ عَلِيٌّ:
فَعَرَفْتُ وَاللَّهِ أَنَّهُ لَنْ يَعْدِلَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَاكَ حِينَ جَعَلَهَا عُمَرُ شُورَى بَيْنَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرِ وَطَلْحَةَ وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْفٍ وَسَعْدِ بْن أَبِي وَقَّاصٍ. وَقَالَ لِلأَنْصَارِ أَدْخِلُوهُمْ بَيْتًا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنِ اسْتَقَامُوا وَإِلا فَادْخُلُوا عَلَيْهِمْ فَاضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ شَيْخٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ عُمَرَ قَالَ: هَذَا الأَمْرُ فِي أَهْلِ بَدْرٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ. ثُمَّ فِي أَهْلِ أُحُدٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ. وَفِي كَذَا وَكَذَا. وَلَيْسَ فِيهَا لِطَلِيقٍ وَلا لِوَلَدِ طَلِيقٍ وَلا لِمُسْلِمَةِ الْفَتْحِ شَيْءٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ(3/260)
جُدْعَانَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ مُسْتَنِدًا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِنْدَهُ ابْنُ عُمَرَ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ فَقَالَ: اعْلَمُوا أَنِّي لَمْ أَقَلْ فِي الْكَلالَةِ شَيْئًا وَلَمْ أَسْتَخْلِفْ بَعْدِي أَحَدًا.
وَأَنَّهُ مَنْ أَدْرَكَ وَفَاتِي مِنْ سَبْي الْعَرَبِ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ مَالِ اللَّهِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو:
إِنَّكَ لَوْ أَشَرْتَ بِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ائْتَمَنَكَ النَّاسُ. فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ رَأَيْتُ مِنْ أَصْحَابِي حِرْصًا سَيِّئًا وَإِنِّي جَاعِلٌ هَذَا الأَمْرَ إِلَى هَؤُلاءِ النَّفَرِ السِّتَّةِ الَّذِينَ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ. ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَدْرَكَنِي أَحَدُ رَجُلَيْنِ فَجَعَلْتُ هَذَا الأَمْرَ إِلَيْهِ لَوَثِقْتُ بِهِ:
سَالِمُ مَوْلَى أبي حذيفة وأبي عبيدة بن الجراح.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: مَنْ أَسْتَخْلِفْ لَوْ كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ؟ فَقَالَ: قَاتَلَكَ اللَّهُ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتَ اللَّهَ بِهَذَا. أَسْتَخْلِفُ رَجُلا لَيْسَ يُحْسِنُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ!.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: لَوِ اسْتَخْلَفْتَ. قَالَ: مَنْ؟
قَالَ: تَجْتَهِدُ فَإِنَّكَ لَسْتَ لَهُمْ بِرَبٍّ تَجْتَهِدُ. أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّكَ بَعَثْتَ إِلَى قَيِّمِ أَرْضِكَ أَلَمْ تَكُنْ تُحِبُّ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَكَانَهُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الأَرْضِ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ بَعَثْتَ إِلَى رَاعِي غَنَمِكَ أَلَمْ تَكُنْ تُحِبُّ أَنْ يَسْتَخْلِفَ رَجُلا حَتَّى يَرْجِعَ؟ قَالَ حَمَّادٌ:
فَسَمِعْتُ رَجُلا يُحَدِّثُ أَيُّوبَ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي.
وَإِنْ أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي. فَلَمَّا عَرَّضَ بِهَذَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَخْلِفٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَارُونُ الْبَرْبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ نَاسٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَلا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ أَلا تُؤْمِرُ عَلَيْنَا؟ قَالَ: بِأَيِّ ذَلِكَ آخُذُ فَقَدْ تَبَيَّنَ لِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جُبَيْرُ بن محمد بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِعَلِيٍّ: إِنْ وُلِّيتَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا فَلا تَحْمِلْنَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ. وَقَالَ لِعُثْمَانَ:
يَا عُثْمَانُ إِنْ وُلِّيتَ من أمر المسلمين شيئا فلا تحملن بني أَبِي مُعَيْطٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: دَخَلَ الرهط(3/261)
عَلَى عُمَرَ قُبَيْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدٌ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ لَكُمْ فِي أَمْرِ النَّاسِ فَلَمْ أَجِدْ عِنْدَ النَّاسِ شِقَاقًا إِلا أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ. فَإِنْ كَانَ شِقَاقٌ فَهُوَ فِيكُمْ. وَإِنَّمَا الأَمْرُ إِلَى سِتَّةٍ: إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَالزُّبَيْرِ وَطَلْحَةَ وَسَعْدٍ. وَكَانَ طَلْحَةُ غَائِبًا فِي أَمْوَالِهِ بِالسَّرَاةِ. ثُمَّ إِنَّ قَوْمَكُمْ إِنَّمَا يُؤَمِّرُونَ أَحَدَكُمْ أَيُّهَا الثَّلاثَةُ. لَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ. فَإِنْ كُنْتَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَلا تَحْمِلْ ذَوِي قَرَابَتِكَ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ. وَإِنْ كُنْتَ يَا عُثْمَانُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ فَلا تَحْمِلَنَّ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ. وَإِنْ كُنْتَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ يَا عَلِيُّ فَلا تَحْمِلَنَّ بَنِي هَاشِمٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ. ثُمَّ قَالَ: قُومُوا فَتَشَاوَرُوا فَأَمِّرُوا أَحَدَكُمْ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فَقَامُوا يَتَشَاوَرُونَ فَدَعَانِي عُثْمَانُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ لِيُدْخِلَنِي فِي الأَمْرِ وَلا وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنِّي كُنْتُ فِيهِ عِلْمًا أَنَّهُ سَيَكُونُ فِي أَمْرِهِمْ مَا قَالَ أَبِي. وَاللَّهِ لَقَلَّ مَا رَأَيْتُهُ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ بِشَيْءٍ قَطُّ إِلا كَانَ حَقًّا. فَلَمَّا أَكْثَرَ عُثْمَانُ عَلَيَّ قُلْتُ لَهُ: أَلا تَعْقِلُونَ؟ أَتُؤَمِّرُونَ وَأَمِيرُ المؤمنين حي؟ فو الله لَكَأَنَّمَا أَيْقَظْتُ عُمَرَ مِنْ مَرْقَدٍ فَقَالَ عُمَرُ: أمهلوا فإن حدث بي حدث ليصل لَكُمْ صُهَيْبٌ ثَلاثَ لَيَالٍ ثُمَّ أَجْمِعُوا أَمَرَكُمْ. فَمَنْ تَأَمَّرَ مِنْكُمْ عَلَى غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ قَالَ سَالِمٌ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ أَبَدَأَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ قَبْلَ عَلِيٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَشْيَاخُنَا. قَالَ: قَالَ عُمَرُ: إِنَّ هَذَا لأمر لا يَصْلُحُ إِلا بِالشِّدَّةِ الَّتِي لا جَبْرِيَّةً فِيهَا وَبِاللِّينِ الَّذِي لا وَهْنَ فِيهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ لا يَأْذَنُ لِسَبِيٍّ قَدِ احْتَلَمَ فِي دُخُولِ الْمَدِينَةِ حَتَّى كَتَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَهُوَ عَلَى الْكُوفَةِ يَذْكُرُ لَهُ غُلامًا عِنْدَهُ صَنِعًا وَيَسْتَأْذِنُهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْمَدِينَةَ وَيَقُولُ إِنَّ عِنْدَهُ أَعْمَالا كَثِيرَةً فِيهَا مَنَافِعُ لِلنَّاسِ. إِنَّهُ حَدَّادٌ نَقَّاشٌ نَجَّارٌ. فكتب إليه عمر فأذن له أَنْ يُرْسِلَ بِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَضَرَبَ عَلَيْهِ الْمُغِيرَةُ مِائَةَ دِرْهَمٍ كُلَّ شَهْرٍ. فَجَاءَ إِلَى عُمَرَ يَشْتَكِي إِلَيْهِ شِدَّةَ الْخَرَاجِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَاذَا تُحْسِنُ مِنَ الْعَمَلِ؟ فَذَكَرَ لَهُ الأَعْمَالَ الَّتِي يُحْسِنُ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا خَرَاجُكَ بِكَثِيرٍ فِي كُنْهِ عَمَلِكَ. فَانْصَرَفَ سَاخِطًا يَتَذَمَّرُ فَلَبِثَ عُمَرُ لَيَالِيَ. ثُمَّ إِنَّ الْعَبْدَ مَرَّ بِهِ فَدَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَقُولُ لَوْ أَشَاءُ لَصَنَعْتُ رَحًى تَطْحَنُ بِالرِّيحِ؟ فَالْتَفَتَ الْعَبْدُ سَاخِطًا عَابِسًا إِلَى عُمَرَ. وَمَعَ عُمَرَ رَهْطٌ.(3/262)
فَقَالَ: لأَصْنَعَنَّ لَكَ رَحًى يَتَحَدَّثُ بِهَا النَّاسُ. فَلَمَّا وَلَّى الْعَبْدُ أَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى الرَّهْطِ الَّذِينَ مَعَهُ فَقَالَ لَهُمْ: أَوْعَدَنِي الْعَبْدُ آنِفًا. فَلَبِثَ لَيَالِيَ ثُمَّ اشْتَمَلَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عَلَى خِنْجَرٍ ذِي رَأْسَيْنِ نِصَابُهُ فِي وَسَطِهِ فَكَمِنَ فِي زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا الْمَسْجِدِ فِي غَلَسِ السَّحَرِ فَلَمْ يَزَلْ هُنَاكَ حَتَّى خَرَجَ عُمَرُ يُوقِظُ النَّاسَ لِلصَّلاةِ صَلاةِ الْفَجْرِ. وَكَانَ عُمَرُ يَفْعَلُ ذَلِكَ.
فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ عُمَرُ وَثَبَ عَلَيْهِ فَطَعَنَهُ ثَلاثَ طَعَنَاتٍ إِحْدَاهُنَّ تَحْتَ السُّرَّةِ قَدْ خَرَقَتِ الصِّفَاقَ وَهِيَ الَّتِي قَتَلَتْهُ. ثُمَّ انْحَازَ أَيْضًا عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ فَطَعَنَ مَنْ يَلِيهِ حَتَّى طَعَنَ سِوَى عُمَرَ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلا. ثُمَّ انْتَحَرَ بِخِنْجَرِهِ. فَقَالَ عُمَرُ حِينَ أَدْرَكَهُ النَّزْفُ وَانْقَصَفَ النَّاسُ عَلَيْهِ: قُولُوا لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ. ثُمَّ غَلَبَ النَّزْفُ حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَاحْتَمَلْتُ عُمَرَ فِي رَهْطٍ حَتَّى أَدْخَلْتَهُ بَيْتَهُ.
ثُمَّ صَلَّى بِالنَّاسِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَأَنْكَرَ النَّاسُ صَوْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمْ أَزَلْ عِنْدَ عُمَرَ وَلَمْ يَزَلْ فِي غَشْيَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى أَسْفَرَ الصُّبْحُ. فَلَمَّا أَسْفَرَ أَفَاقَ فَنَظَرَ فِي وُجُوهِنَا فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ قَالَ فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: لا إِسْلامَ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ. ثُمَّ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ. ثُمَّ صَلَّى ثُمَّ قَالَ: اخْرُجْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَسَلْ مَنْ قَتَلَنِي. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَخَرَجْتُ حَتَّى فَتَحْتُ بَابَ الدَّارِ فَإِذَا النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ جَاهِلُونَ بِخَبَرِ عُمَرَ.
قَالَ فَقُلْتُ: مَنْ طَعَنَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالُوا: طَعَنَهُ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. قَالَ فَدَخَلْتُ فَإِذَا عُمَرُ يُبِدُّ فِي النَّظَرِ يَسْتَأْنِي خَبَرَ مَا بَعَثَنِي إِلَيْهِ فَقُلْتُ أَرْسَلَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لأَسْأَلَ مَنْ قَتَلَهُ فَكَلَّمْتُ النَّاسَ فَزَعَمُوا أَنَّهُ طَعَنَهُ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. ثُمَّ طَعَنَ مَعَهُ رَهْطًا. ثُمَّ قَتَلَ نَفْسَهُ. فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ قَاتِلِي يُحَاجُّنِي عِنْدَ اللَّهِ بِسَجْدَةٍ سَجَدَهَا لَهُ قَطُّ. مَا كَانَتِ الْعَرَبُ لِتَقْتُلَنِي. قَالَ سَالِمٌ فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ عُمَرُ أَرْسِلُوا إِلَيَّ طَبِيبًا يَنْظُرُ إِلَى جُرْحِي هَذَا. قَالَ فَأَرْسَلُوا إِلَى طَبِيبٍ مِنَ الْعَرَبِ فَسَقَى عُمَرَ نَبِيذًا فَشَبَهُ النَّبِيذُ بِالدَّمِ حِينَ خَرَجَ مِنَ الطَّعْنَةِ الَّتِي تَحْتَ السُّرَّةِ. قَالَ فَدَعَوْتُ طَبِيبًا آخَرَ مِنَ الأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي مُعَاوِيَةَ فَسَقَاهُ لَبَنًا فَخَرَجَ اللَّبَنُ مِنَ الطَّعْنَةِ يَصْلِدُ أَبْيَضَ. قَالَ فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اعْهَدْ.
فَقَالَ عُمَرُ: صَدَقَنِي أَخُو بَنِي مُعَاوِيَةَ وَلَوْ قُلْتَ غَيْرَ ذَلِكَ لَكَذَّبْتُكَ. قَالَ فَبَكَى عَلَيْهِ الْقَوْمُ حِينَ سَمِعُوا فَقَالَ: لا تَبْكُوا عَلَيْنَا. مَنْ كَانَ بَاكِيًا فَلْيَخْرُجْ. أَلَمْ تَسْمَعُوا [مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ] فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لا يُقِرُّ أَنْ يُبْكَى عِنْدَهُ عَلَى هَالِكٍ مِنْ وَلَدِهِ وَلا غَيْرِهِمْ. وَكَانَتْ عَائِشَةُ زَوْجُ(3/263)
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُقِيمُ النَّوْحَ عَلَى الْهَالِكِ مِنْ أَهْلِهَا فَحُدِّثَتْ بِقَوْلِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالت: يرحم الله عمر وابن عمر فو الله مَا كَذَبَا وَلَكِنَّ عُمَرَ وَهِلَ. [إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على نُوَّحٍ يَبْكُونَ عَلَى هَالِكٍ لَهُمْ فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلاءِ يَبْكُونَ وَإِنَّ صَاحِبَهُمْ لَيُعَذَّبُ. وَكَانَ قَدِ اجْتَرَمَ ذَلِكَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنُ شُعْبَةَ ضَرَبَ عَلَيْهِ عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِرْهَمٍ كُلَّ شَهْرٍ. أَرْبَعَةَ دَرَاهِمٍ كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ وَكَانَ خبيثا نظر إلى السبي الصغار يأتي فيمسح رؤوسهم وَيَبْكِي وَيَقُولُ: إِنَّ الْعَرَبَ أَكَلَتْ كَبِدِي. فَلَمَّا قَدِمَ عُمَرُ مِنْ مَكَّةَ جَاءَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ إِلَى عُمَرَ يُرِيدُهُ فَوَجَدَهُ غَادِيًا إِلَى السُّوقِ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى يَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ سَيِّدِي الْمُغِيرَةِ يُكَلِّفُنِي مَا لا أُطِيقُ مِنَ الضَّرِيبَةِ. قَالَ عُمَرُ: وَكَمْ كَلَّفَكَ؟ قَالَ: أَرْبَعَةُ دَرَاهِمٍ كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ: وَمَا تَعْمَلُ؟ قَالَ: الأَرْحَاءُ. وَسَكَتَ عَنْ سَائِرِ أَعْمَالِهِ. فَقَالَ: فِي كَمْ تَعْمَلِ الرَّحَى؟ فَأَخْبَرَهُ. قَالَ: وَبِكَمْ تَبِيعُهَا؟ فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ: لَقَدْ كَلَّفَكَ يَسِيرًا.
انْطَلَقْ فَأَعْطِ مَوْلاكَ مَا سَأَلَكَ. فَلَمَّا وَلَّى قَالَ عُمَرُ: أَلا تَجْعَلْ لَنَا رَحًى؟ قَالَ: بَلَى أَجْعَلُ لَكَ رَحًى يَتَحَدَّثُ بِهَا أَهْلُ الأَمْصَارِ. فَفَزِعَ عُمَرُ مِنْ كَلِمَتِهِ. قَالَ وَعَلِيٌّ مَعَهُ فَقَالَ: مَا تُرَاهُ أَرَادَ؟ قَالَ: أَوْعَدَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ عُمَرُ: يَكْفِينَاهُ اللَّهُ قَدْ ظَنَنْتُ أَنَّهُ يريد بكلمته غورا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ قَالَ: كَانَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ مِنْ سَبْيِ نَهَاوَنْدَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ هَرَبَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ. قَالَ وَجَعَلَ عُمَرُ يُنَادِي: الْكَلْبَ الْكَلْبَ. قَالَ فَطَعَنَ نَفَرًا فَأَخَذَ أَبَا لُؤْلُؤَةَ رَهْطٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ وَهَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ فَطَرَحَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ خَمِيصَةً كَانَتْ عَلَيْهِ فَانْتَحَرَ بِالْخِنْجَرِ حِينَ أُخِذَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: إِنَّمَا طَعَنَ نَفْسَهُ بِهِ حَتَّى قَتَلَ نَفْسَهُ. وَاحْتَزَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ رَأْسَ أَبِي لُؤْلُؤَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ لَقَدْ طَعَنَنِي أَبُو(3/264)
لُؤْلُؤَةَ وَمَا أَظُنُّهُ إِلا كَلْبًا حَتَّى طَعَنَنِي الثَّالِثَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ اجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ. الْبَدْرِيُّونَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ. فَقَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ: اخْرُجْ إِلَيْهِمْ فَسَلْهُمْ: عَنْ مَلإٍ مِنْكُمْ وَمَشُورَةٍ كَانَ هَذَا الَّذِي أَصَابَنِي؟ قَالَ فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَسَأَلَهُمْ فَقَالَ الْقَوْمُ: لا وَاللَّهِ وَلَوَدِدْنَا أَنَّ اللَّهَ زَادَ فِي عُمُرِكَ مِنْ أَعْمَارِنَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَوْمَ أُصِيبَ عَلَيْهِ إِزَارٌ أَصْفَرُ. قَالَ وَكُنْتُ أَدَعُ الصَّفَّ الأَوَّلَ هَيْبَةً لَهُ وَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي يَوْمَئِذٍ. قَالَ فَجَاءَ فَقَالَ: الصَّلاةَ عِبَادَ اللَّهِ اسْتَوُوا. ثُمَّ كَبَّرَ. قَالَ فَطَعَنَهُ طَعْنَةً أَوْ طَعْنَتَيْنِ. قَالَ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ أَصْفَرُ قَدْ رَفَعَهُ عَلَى صَدْرِهِ فَأَهْوَى وَهُوَ يقول: وكان أمر الله قدرا مقدورا. قَالَ وَمَالَ عَلَى النَّاسِ فَقَتَلَ وَجَرَحَ بِضْعَةَ عَشَرَ. فَمَالَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَاتَّكَأَ عَلَى خِنْجَرِهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ تلك الطعنة الأصرف وَهُوَ يَقُولُ: وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا. قَالَ فَطَلَبُوا الْقَاتِلَ وَكَانَ عَبْدًا لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. وَكَانَ فِي يَدِهِ خِنْجَرٌ لَهُ طَرَفَانِ. قَالَ فَجَعَلَ لا يَدْنُو مِنْهُ أَحَدٌ إِلا طعنه طَعَنَهُ فَجُرِحَ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلا. فَأَفْلَتَ أَرْبَعَةٌ وَمَاتَ تِسْعَةٌ. أَوْ أَفْلَتَ تِسْعَةٌ وَمَاتَ أَرْبَعَةٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنْ مُهَاجِرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: صَلَّى عُمَرُ الْفَجْرَ فِي الْعَامِ الَّذِي أُصِيبَ فِيهِ فَقَرَأَ: «لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ» البلد: 1 «وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ» التين: 1.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مَصْقَلَةَ عَنْ أَبِي صَخْرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ طُعِنَ يَقُولُ: وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عمر أنه كَانَ يَكْتُبُ إِلَى أُمَرَاءِ الْجُيُوشِ: لا تَجْلِبُوا عَلَيْنَا مِنَ الْعُلُوجِ أَحَدًا جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِي. فَلَمَّا طَعَنَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لا(3/265)
تَجْلِبُوا عَلَيْنَا مِنَ الْعُلُوجِ أَحَدًا؟ فَغَلَبْتُمُونِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ مِنْ حِينَ طُعِنَ وَطَعَنَ الَّذِي طَعَنَهُ ثَلاثَةَ عَشَرَ أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ فَأَمَّنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَقَرَأَ بِأَقْصَرِ سُورَتَيْنِ فِي الْقُرْآنِ. بِ الْعَصْرِ وإِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ. فِي الْفَجْرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قال: طَعَنَ الَّذِي طَعَنَ عُمَرَ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلا بِعُمَرَ فَمَاتَ مِنْهُمْ سِتَّةٌ بِعُمَرَ وَأَفْرَقَ سِتَّةٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي عَاتِكَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:
لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ حُمِلَ فَغُشِيَ عَلَيْهِ فَأَفَاقَ فَأَخَذْنَا بِيَدِهِ. قَالَ ثُمَّ أَخَذَ عُمَرُ بِيَدِي فَأَجْلَسَنِي خَلْفَهُ وَتَسَانَدَ إِلَيَّ وَجِرَاحُهُ تَثْعَبُ دَمًا إِنِّي لأَضَعُ إِصْبَعِي هَذِهِ الْوُسْطَى فَمَا تَسُدُّ الرَّتْقَ.
فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ فَقَرَأَ فِي الأُولَى وَالْعَصْرِ. وَفِي الثَّانِيَةِ «قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ» الْكَافِرُونَ: 1.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالا: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ:
سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ يُحَدِّثُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: رَأَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ السِّكِّينَ الَّتِي قُتِلَ بِهَا عُمَرُ فَقَالَ: رَأَيْتُ هَذِهِ أَمْسُ مَعَ الْهُرْمُزَانِ وَجُفَيْنَةَ فَقُلْتُ: مَا تَصْنَعَانِ بِهَذِهِ السِّكِّينِ؟ فَقَالا: نَقْطَعُ بِهَا اللَّحْمَ فَإِنَّا لا نَمَسُّ اللَّحْمَ. فَقَالَ لَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَنْتَ رَأَيْتُهَا مَعَهُمَا؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَخَذَ سَيْفَهُ ثُمَّ أَتَاهُمَا فَقَتَلَهُمَا فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ فَأَتَاهُ فَقَالَ:
مَا حَمَلَكَ عَلَى قَتْلِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ وَهُمَا فِي ذِمَّتِنِا؟ فَأَخَذَ عُبَيْدُ اللَّهِ عُثْمَانَ فَصَرَعَهُ حَتَّى قَامَ النَّاسُ إِلَيْهِ فَحَجَزُوهُ عَنْهُ. قَالَ وَقَدْ كَانَ حِينَ بَعَثَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ تَقَلَّدَ السَّيْفَ فَعَزَمَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنْ يَضَعَهُ فَوَضَعَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ الْمَكِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عبيد الله بن عمر عن نافع عن أَسْلَمَ أَنَّهُ لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ قَالَ: مَنْ أَصَابَنِي؟ قَالُوا: أَبُو لُؤْلُؤَةَ. وَاسْمُهُ فَيْرُوزُ. غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنُ شُعْبَةَ. قَالَ: قَدْ نَهَيْتُكُمْ أَنْ تَجْلِبُوا عَلَيْنَا مِنْ عُلُوجِهِمْ أَحَدًا فَعَصَيْتُمُونِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أن ابن عباس دخل على عمر بعد ما طُعِنَ فَقَالَ: الصَّلاةَ. فَقَالَ: نَعَمْ لا حَظَّ لامرئ(3/266)
فِي الإِسْلامِ أَضَاعَ الصَّلاةَ. فَصَلَّى وَالْجُرْحُ يَثْعَبُ دَمًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ أيوب بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا طُعِنَ جَعَلَ يُغْمَى عَلَيْهِ فَقِيلَ إِنَّكُمْ لَنْ تُفْزِعُوهُ بِشَيْءٍ مِثْلَ الصَّلاةِ إِنْ كَانَتْ بِهِ حَيَاةٌ. فَقَالَ: الصَّلاةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. الصَّلاةُ قَدْ صُلِّيَتْ. فَانْتَبَهَ فَقَالَ: الصَّلاةُ هَاءَ اللَّهِ إِذًا وَلا حَظَّ فِي الإِسْلامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ. قَالَ فَصَلَّى وَإِنَّ جُرْحَهُ لَيَثْعَبُ دَمًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أُمِّ بَكْرٍ بنت الْمِسْوَرِ عَنْ أَبِيهَا الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حِينَ طُعِنَ أنا وابن عباس وأؤذن بِالصَّلاةِ فَقِيلَ: الصَّلاةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: الصَّلاةَ. وَلا حَظَّ فِي الإِسْلامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ. قَالَ فَصَلَّى وَإِنَّ جُرْحَهُ لَيَثْعَبُ دَمًا. قَالَ وَدُعِيَ لَهُ طَبِيبٌ فَسَقَاهُ نَبِيذًا فَخَرَجَ مُشَاكِلا لِلدَّمِ. فَسَقَاهُ لَبَنًا فَخَرَجَ أَبْيَضَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اعْهَدْ عَهْدَكَ. فَذَاكَ حِينَ دَعَا أَصْحَابَ الشُّورَى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنْ سِمَاكٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ حِينَ طُعِنَ فَجَعَلْتُ أُثْنِيَ عَلَيْهِ فَقَالَ:
بِأَيِّ شَيْءٍ تُثَنِّي عَلَيَّ. بِالإِمْرَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا؟ قَالَ: قُلْتُ بِكُلٍّ. قَالَ: لَيْتَنِي أَخْرُجُ مِنْهَا كَفَافًا لا أَجْرَ وَلا وِزْرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ سِمَاكٍ الْحَنَفِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قُلْتُ لِعُمَرَ مَصَّرَ اللَّهُ بِكَ الأَمْصَارَ وَفَتَحَ بِكَ الْفُتُوحَ وَفَعَلَ بِكَ وَفَعَلَ. فَقَالَ: لَوَدِدْتُ أَنِّي أَنْجُوَ مِنْهُ لا أَجْرَ وَلا وِزْرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ الْوَفَاةُ قَالَ: بِالإِمَارَةِ تغبطوني؟ فو الله لَوَدِدْتُ أَنِّي أَنْجُوَ كَفَافًا لا عَلَيَّ وَلا لِي. قَالَ مَالِكٌ: فَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ لِلْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ذَلِكَ فَقَالَ: كَذَبْتَ. فَقَالَ سُلَيْمَانُ أَوْ كُذِبْتُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالا: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ(3/267)
حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ عَنْ عُمَرَ لَيْلَةَ طُعِنَ دَخَلَ هُوَ وَابْنُ عَبَّاسٍ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَفْزَعُوهُ وَقَالُوا: الصَّلاةَ. فَفَزِعَ فَقَالَ: نَعَمْ وَلا حَظَّ فِي الإِسْلامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ. فَصَلَّى وَالْجُرْحُ يَثْعَبُ دَمًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ عَنْ كَثِيرٍ النَّوَّاءِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ فَسَمِعْنَا الصَّيْحَةَ عَلَى عُمَرَ.
قَالَ فَقَامَ وَقُمْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَيْهِ الْبَيْتَ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَقَالَ: مَا هَذَا الصَّوْتُ؟ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: سَقَاهُ الطَّبِيبُ نَبِيذًا فَخَرَجَ وَسَقَاهُ لَبَنًا فخرج. فقال: لا أَرَى تُمْسِي. فَمَا كُنْتُ فَاعِلا فَافْعَلْ. فقالت أم كلثوم: وا عمراه! وَكَانَ مَعَهَا نِسْوَةٌ فَبَكَيْنَ مَعَهَا وَارْتَجَّ الْبَيْتُ بُكَاءً فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ لِيَ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ لافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ.
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ لا تَرَاهَا إِلا مِقْدَارَ مَا قَالَ اللَّهُ: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها. إِنْ كُنْتَ مَا عَلِمْنَا لأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَأَمِينُ الْمُؤْمِنِينَ وَسِيِّدُ الْمُؤْمِنِينَ تَقْضِي بِكِتَابِ اللَّهِ وَتَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ. فَأَعْجَبَهُ قُولِي فَاسْتَوَى جَالِسًا فَقَالَ: أَتَشْهَدُ لِي بِهَذَا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟
قَالَ فَكَفَفْتُ فَضَرَبَ عَلَى كَتِفَيَّ فَقَالَ: اشْهَدْ لِي بِهَذَا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ. قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ أَنَا أَشْهَدُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ:
لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ جَعَلَ النَّاسُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ فَقَالَ لِرَجُلٍ: انْظُرْ. فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَنَظَرَ. فَقَالَ:
مَا وَجَدْتَ؟ فَقَالَ: إِنِّي أَجِدُهُ قَدْ بَقِيَ لَكَ مِنْ وَتِينِكَ مَا تَقْضِي مِنْهُ حَاجَتَكَ. قَالَ: أَنْتَ أَصْدَقُهُمْ وَخَيْرُهُمْ. قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ: وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ لا تَمَسَّ النَّارُ جِلْدَكَ أَبَدًا. قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ حَتَّى رَثِينَا أَوْ أَوَيْنَا لَهُ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ عِلْمَكَ بِذَلِكَ يَا فُلانُ لَقَلِيلٌ. لَوْ أَنَّ مَا فِي الأَرْضِ لِي لافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمَّا كَانَ غَدَاةَ أُصِيبَ عُمَرُ كُنْتُ فِيمَنِ احْتَمَلَهُ حَتَّى أَدْخَلْنَاهُ الدَّارَ. قَالَ فَأَفَاقَ إِفَاقَةً فَقَالَ:
مَنْ أَصَابَنِي؟ قُلْتُ: أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنُ شُعْبَةَ. فَقَالَ عُمَرُ: هذا عمل أصحابك. كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ لا يَدْخُلَهَا عِلْجٌ مِنَ السَّبْيِ فَغَلَبْتُمُونِي عَلَى أَنْ غُلِبْتُ عَلَى عَقْلِي. فَاحْفَظْ مِنِّي اثْنَتَيْنِ: إِنِّي لَمْ أَسْتَخْلِفْ أَحَدًا وَلَمْ أَقْضِ فِي الْكَلالَةِ شَيْئًا. قَالَ عَوْفٌ وَقَالَ غَيْرُ مُحَمَّدٍ إِنَّهُ قَالَ: لَمْ أَقْضِ فِي الْجَدِّ وَالإِخْوَةِ شَيْئًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا عبد الله بن طاووس(3/268)
عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُمَرَ لَمَّا أُصِيبَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّمَا أَصَابَكَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ. فَقَالَ: إِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي لَمْ أَقْضِ فِي ثَلاثَةٍ إِلا بِمَا أَقُولُ لَكُمْ. جَعَلْتُ فِي الْعَبْدِ عَبْدًا وَفِي ابْنِ الأَمَةِ عَبْدَيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَوْدِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ بِالْبَصْرَةِ قَالَ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ طُعِنَ فَقَالَ: احْفَظْ مِنِّي ثَلاثًا.
فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ لا يُدْرِكَنِي النَّاسُ. أَمَّا أَنَا فَلَمْ أَقْضِ فِي الْكَلالَةِ قَضَاءً. وَلَمْ أَسْتَخْلِفْ عَلَى النَّاسِ خَلِيفَةً. وَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي عَتِيقٌ. قَالَ فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: اسْتَخْلِفْ. فَقَالَ: أَيُّ ذَلِكَ مَا أَفْعَلُ فَقَدْ فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي. إِنْ أَتْرُكْ لِلنَّاسِ أَمَرَهُمْ فَقَدْ تَرَكَهُ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي أَبُو بَكْرٍ. فَقُلْتُ: أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ. صَاحَبْتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَأَطَلْتَ صُحْبَتَهُ. وَوُلِّيتَ أَمْرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَوِيتَ وَأَدَّيْتَ الأمانة. فقال: أما تبشيرك إياي بالجنة فو الله الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَوْ أَنَّ لِيَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ مَا أَمَامِي قَبْلَ أَنْ أَعْلَمَ الْخَبَرَ. وأما قولك في إمرة المؤمنين فو الله لَوَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ كَفَافٌ لا لِي وَلا عَلَيَّ. وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَاكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ تَاسِعَ تِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلا حِينَ طُعِنَ عُمَرُ فَأَدْخَلْنَاهُ فَشَكَا إِلَيْنَا أَلَمَ الْوَجَعِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مَلِكٌ إِذَا ذَكَرْنَاهُ ذَكَرْنَا عُمَرَ وَإِذَا ذَكَرْنَا عُمَرَ ذَكَرْنَاهُ. وَكَانَ إِلَى جَنْبِهِ نَبِيُّ يُوحَى إِلَيْهِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقُولَ لَهُ: اعْهَدْ عَهْدَكَ وَاكْتُبْ إِلَيَّ وَصِيَّتَكَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ إِلَى ثَلاثَةِ أَيَّامٍ. فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ بِذَلِكَ. فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَقَعَ بَيْنَ الْجَدْرِ وَبَيْنَ السَّرِيرِ ثُمَّ جَأَرَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أَعْدِلُ فِي الْحُكْمِ. وَإِذَا اخْتَلَفَتِ الأُمُورُ اتَّبَعْتُ هَوَاكَ وَكُنْتُ وَكُنْتُ. فَزِدْنِي فِي عُمُرِي حَتَّى يَكْبُرَ طِفْلِي وَتَرْبُوَ أُمَّتِي.
فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى النَّبِيِّ أَنَّهُ قَدْ قَالَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ صَدَقَ وَقَدْ زِدْتُهُ فِي عُمُرِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. فَفِي ذَلِكَ مَا يَكْبَرُ طِفْلَهُ وَتَرْبُو أُمَّتُهُ. فَلَمَّا طُعِنَ عُمَرُ قال كعب: لئن سأل عمر ربه(3/269)
ليبثينه اللَّهُ. فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ عُمَرُ فَقَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ اقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ عَاجِزٍ وَلا مَلُومٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا طُعِنَ قَالَ لَهُ النَّاسُ:
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ شَرِبْتَ شَرْبَةً. فَقَالَ: اسْقُونِي نَبِيذًا. وَكَانَ مِنْ أَحَبِّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ.
قَالَ فَخَرَجَ النَّبِيذُ مِنْ جُرْحِهِ مَعَ صَدِيدِ الدَّمِ فَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُمْ ذَلِكَ أَنَّهُ شَرَابُهُ الَّذِي شَرِبَ.
فَقَالُوا: لَوْ شَرِبْتَ لَبَنًا. فَأُتِيَ بِهِ فَلَمَّا شَرِبَ اللَّبَنَ خَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ. فَلَمَّا رَأَى بَيَاضَهُ بَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ. فَقَالَ: هَذَا حِينٌ. لَوْ أَنَّ لِي مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ لافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ. قَالُوا: وَمَا أَبْكَاكَ إِلا هَذَا؟ قَالَ: مَا أَبْكَانِي غَيْرُهُ. قَالَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَاللَّهِ إِنْ كَانَ إِسْلامِكَ لَنَصْرًا وَإِنْ كَانَتْ إِمَامَتُكَ لَفَتْحًا. وَاللَّهِ لَقَدْ مَلأَتْ إِمَارَتُكَ الأَرْضَ عَدْلا. مَا مِنِ اثْنَيْنِ يَخْتَصِمَانِ إِلَيْكَ إِلا انْتَهَيَا إِلَى قَوْلِكَ. قَالَ فَقَالَ عُمَرُ: أَجْلِسُونِي. فَلَمَّا جَلَسَ قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ: أَعِدْ عَلَيَّ كَلامَكَ. فَلَمَّا أَعَادَ عَلَيْهِ قَالَ: أَتَشْهَدُ لِي بِذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ تَلَقَاهُ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
نَعَمْ. قَالَ فَفَرِحَ عُمَرُ بِذَلِكَ وَأَعْجَبَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ طُعِنَ جَاءَ النَّاسُ يُثْنُونَ عَلَيْهِ وَيُوَدِّعُونَهُ فَقَالَ عُمَرُ: أَبِالإِمَارَةِ تُزَكُّونَنِي؟ لَقَدْ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ وَهُوَ عَنِّي رَاضٍ. ثُمَّ صَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ فَسَمِعْتُ وَأَطَعْتَ فَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَأَنَا سَامِعٌ مُطِيعٌ. وَمَا أَصْبَحْتُ أَخَافُ عَلَى نَفْسِي إِلا إِمَارَتَكُمْ هَذِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ خُلَيْفِ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ جَعَلَ النَّاسُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ فَقَالَ: لَوْ أَنَّ لِيَ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ لافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: دَعَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِلَبَنٍ بعد ما طُعِنَ فَشَرِبَ فَخَرَجَ مِنْ جِرَاحَتِهِ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ. فَجَعَلَ جُلَسَاؤُهُ يُثْنُونَ عَلَيْهِ فَقَالَ: إِنَّ مَنْ غَرَّهُ عُمُرُهُ لَمَغْرُورٌ. وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أَخْرُجُ مِنْهَا كَمَا دَخَلْتُ فِيهَا. وَاللَّهِ لَوْ كَانَ لِي مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ لافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ.(3/270)
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ حِينَ قُتِلَ عُمَرُ: قَدْ مَرَرْتُ عَلَى أَبِي لُؤْلُؤَةَ قَاتَلِ عُمَرَ وَمَعَهُ جُفَيْنَةُ والهرمزان وهم تجي فَلَمَّا بَغَتُّهُمْ ثَارُوا فَسَقَطَ مِنْ بَيْنِهِمْ خِنْجَرٌ لَهُ رَأْسَانِ وَنِصَابُهُ وَسَطُهُ. فَانْظُرُوا مَا الْخِنْجَرُ الَّذِي قُتِلَ بِهِ عُمَرُ. فَوَجَدُوهُ الْخِنْجَرَ الَّذِي نَعَتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ.
فَانْطَلَقَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَهُ السَّيْفُ حَتَّى دَعَا الْهُرْمُزَانَ فَلَمَّا خَرَجَ إِلَيْهِ قَالَ: انْطَلِقْ مَعِيَ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى فَرَسٍ لِي. وَتَأَخَّرَ عَنْهُ حَتَّى إِذَا مَضَى بَيْنَ يَدَيْهِ عَلاهُ بِالسَّيْفِ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَلَمَّا وَجَدَ حَرَّ السَّيْفِ قَالَ:
لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: وَدَعَوْتُ جُفَيْنَةَ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا مِنْ نَصَارَى الْحِيرَةِ. وَكَانَ ظِئْرًا لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَقْدَمَهُ الْمَدِينَةَ لِلْمِلْحِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ. وَكَانَ يُعَلِّمُ الْكِتَابَ بِالْمَدِينَةِ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَلَمَّا عَلَوْتُهُ بِالسَّيْفِ صَلَّبَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ. ثُمَّ انْطَلَقَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَتَلَ ابْنَةً لأَبِي لُؤْلُؤَةَ صَغِيرَةً تَدَّعِي الإِسْلامَ. وَأَرَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَنْ لا يَتْرُكَ سَبْيًا بِالْمَدِينَةِ إِلا قَتَلَهُ. فَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ الأَوَّلُونَ عَلَيْهِ فَنَهَوْهُ وَتَوَعَّدُوهُ فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّهُمْ وَغَيْرَهُمْ. وَعَرَّضَ بِبَعْضِ الْمُهَاجِرِينَ فَلَمْ يَزَلْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِهِ حَتَّى دَفَعَ إِلَيْهِ السَّيْفَ. فَلَمَّا دَفَعَ إِلَيْهِ السَّيْفَ أَتَاهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِرَأْسِ صَاحِبِهِ يَتَنَاصَيَانِ حَتَّى حُجِزَ بَيْنَهُمَا. ثُمَّ أَقْبَلَ عُثْمَانُ قَبْلَ أَنْ يُبَايَعَ لَهُ فِي تِلْكَ اللَّيَالِي حَتَّى وَاقَعَ عُبَيْدَ اللَّهِ فَتَنَاصَيَا. وَأَظْلَمَتِ الأَرْضُ يَوْمَ قَتَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ جُفَيْنَةَ وَالْهُرْمُزَانَ وَابْنَةَ أَبِي لُؤْلُؤَةَ عَلَى النَّاسِ. ثُمَّ حُجِزَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُثْمَانَ. فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ دَعَا الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ فَقَالَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي قَتْلِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي فَتَقَ فِي الدِّينِ مَا فَتَقَ. فَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يُشَايِعُونَ عُثْمَانَ عَلَى قَتْلِهِ وَجُلُّ النَّاسِ الأَعْظَمُ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُونَ لَجُفَيْنَةُ وَالْهُرْمُزَانُ أَبْعَدَهُمَا اللَّهُ: لَعَلَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُتْبِعُوا عُمَرَ ابْنَهُ؟ فَكَثُرَ فِي ذَلِكَ اللَّغَطُ وَالاخْتِلافُ ثُمَّ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِعُثْمَانَ: يا أمير المؤمنين إن هذه الأَمْرَ قَدْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ لَكَ عَلَى النَّاسِ سُلْطَانٌ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ.
وَتَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ خُطْبَةِ عَمْرٍو وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُثْمَانُ وَوُدِيَ الرجلان والجارية.
قال مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ: قَالَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: يَرْحَمُ اللَّهُ حَفْصَةَ فَإِنَّهَا مِمَّنْ شَجَّعَ عُبَيْدَ اللَّهِ عَلَى قَتْلِهِمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِيهِ عن جده(3/271)
قَالَ: جَعَلَ عُثْمَانُ يَوْمَئِذٍ يُنَاصِي عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى شَعْرِ رَأْسِ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي يَدِ عُثْمَانَ. قَالَ وَلَقَدْ أَظْلَمَتِ الأَرْضُ يَوْمَئِذٍ عَلَى النَّاسِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي وَجْزَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ وَإِنَّهُ لَيُنَاصِي عُثْمَانَ. وَإِنَّ عُثْمَانَ لَيَقُولُ: قَاتَلَكَ اللَّهُ قَتَلْتَ رَجُلا يُصَلِّي وَصَبِيَّةً صَغِيرَةً وَآخَرَ مِنْ ذِمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا فِي الْحَقِّ تَرْكُكَ! قَالَ فَعَجِبْتُ لِعُثْمَانَ حِينَ وَلِيَ كَيْفَ تَرَكَهُ. وَلَكِنَّنِي عَرَفْتُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ كَانَ دَخَلَ فِي ذَلِكَ فَلَفَتَهُ عَنْ رَايَةٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ جَبِيرَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: مَا كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ إِلا كَهَيْئَةِ السُّبُعِ الْحَرْبِ. وَجَعَلَ يَعْتَرِضُ الْعَجَمَ بِالسَّيْفِ حَتَّى حُبِسَ يَوْمَئِذٍ فِي السِّجْنِ. فَكُنْتُ أَحْسِبُ لَوْ أَنَّ عُثْمَانَ وَلِيَ سَيَقْتُلُهُ لِمَا كُنْتُ أَرَاهُ صَنَعَ بِهِ. كَانَ هُوَ وَسَعْدٌ أَشَدُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ أَوْصَى إِلَى حَفْصَةَ. فَإِذَا مَاتَتْ فَإِلَى الأَكَابِرِ مِنْ آلِ عُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا همام بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: أَوْصَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالرُّبُعِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمْ يَتَشَهَّدْ فِي وَصِيَّتِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَصَابَ عُمَرُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتَأْمَرَهُ فِيهَا فَقَالَ: أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ. فَمَا تَأْمُرُ به؟ قال: إن شئت حبست أصلها وصدقت بِهَا. قَالَ فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ. قَالَ إِنَّهُ لا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلا تُوهَبُ وَلا تُوَرَّثُ. وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الْفُقَرَاءِ وَالْقُرْبَى وَفِي الرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالضَّيْفِ. لا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ وَيُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهَا. قَالَ ابْنُ عَوْنٍ فَحَدَّثْتُ بِهِ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ فَقَالَ: غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالا. قَالَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ ابْنُ عَوْنٍ وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ أَنَّهُ قَرَأَ فِي قِطْعَةِ أَدَمٍ. أَوْ رُقْعَةٍ حَمْرَاءَ. غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مالا.(3/272)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَسَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ أَوَّلَ صَدَقَةٍ تُصِدِّقَ بِهَا فِي الإِسْلامِ ثَمْغٌ صَدَقَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَدِ اسْتَسْلَفَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ثَمَانِينَ أَلْفًا فَدَعَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ: بِعْ فِيهَا أَمْوَالَ عُمَرَ فَإِنْ وَفَتْ وَإِلا فَسَلْ بَنِي عَدِيٍّ فَإِنْ وَفَتْ وَإِلا فَسَلْ قُرَيْشًا وَلا تَعْدُهُمْ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَلا تَسْتَقْرِضَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ حَتَّى تُؤَدِّيَهَا؟
فَقَالَ عُمَرُ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ تَقُولَ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ بَعْدِي أَمَّا نَحْنُ فَقَدْ تَرَكْنَا نَصِيبِنَا لِعُمَرَ فَتَعِزُّونِي بِذَلِكَ فَتَتْبَعَنِي تَبِعَتُهُ وَأَقَعُ فِي أَمْرٍ لا يُنْجِينِي إِلا الْمَخْرَجُ مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: اضْمَنْهَا. فَضَمِنَهَا. قَالَ فَلَمْ يُدْفَنْ عُمَرُ حَتَّى أَشْهَدَ بِهَا ابْنَ عُمَرَ عَلَى نَفْسِهِ أَهْلَ الشُّورَى وَعِدَّةً مِنَ الأَنْصَارِ. وَمَا مَضَتْ جُمُعَةٌ بَعْدَ أَنْ دُفِنَ عُمَرُ حَتَّى حَمَلَ ابْنُ عُمَرَ الْمَالَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَأَحْضَرَ الشُّهُودَ عَلَى الْبَرَاءَةِ بِدَفْعِ الْمَالِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي رَاشِدٍ النَّصْرِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لابْنِهِ: يَا بُنَيَّ إِذَا حَضَرَتْنِي الْوَفَاةُ فَاحْرِفْنِي وَاجْعَلْ رُكْبَتَيْكَ فِي صُلْبِي وَضَعْ يَدَكَ الْيُمْنَى عَلَى جَبِينِي وَيَدَكَ الْيُسْرَى عَلَى ذَقْنِي. فَإِذَا قُبِضْتُ فَأَغْمِضْنِي. وَاقْصِدُوا فِي كَفَنِي فَإِنَّهُ إِنْ يَكُنْ لِي عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ أَبْدَلَنِي خَيْرًا مِنْهُ. وَإِنْ كُنْتُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ سَلَبَنِي فَأَسْرَعَ سَلْبِي. وَاقْصِدُوا فِي حُفْرَتِي فَإِنَّهُ إِنْ يَكُنْ لِي عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَسَّعَ لِي فِيهَا مَدَّ بَصَرِي. وَإِنْ كُنْتُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ ضَيَّقَهَا عَلَيَّ حَتَّى تَخْتَلِفُ أَضْلاعِي. وَلا تُخْرِجُنَّ مَعِي امْرَأَةً. وَلا تُزَكُّونِي بِمَا لَيْسَ فِيَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ أَعْلَمُ بِي. وَإِذَا خَرَجْتُمْ بِي فأسرعوا في المشي فإنه يَكُنْ لِي عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ قَدَّمْتُمُونِي إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لِي. وَإِنْ كُنْتُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ كُنْتُمْ قَدْ أَلْقَيْتُمْ عَنْ رِقَابِكُمْ شَرًّا تَحْمِلُونَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ لَيْثٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ: أَوْصَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ عَلَيْكَ بِخِصَالِ الإِيمَانِ. قَالَ: وَمَا هُنَّ يَا أَبَتِ؟ قال: الصوم في شدة أيام الصَّيْفِ.
وَقَتْلُ الأَعْدَاءِ بِالسَّيْفِ. وَالصَّبْرُ عَلَى الْمُصِيبَةِ. وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي الْيَوْمِ الشَّاتِي.
وَتَعْجِيلُ الصَّلاةِ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ. وَتَرْكُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ. قَالَ فَقَالَ: وَمَا رَدْغَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ:
شُرْبُ الْخَمْرِ.(3/273)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عباس:
اعْلَمُوا أَنِّي لَمْ أَسْتَخْلِفْ وَأَنَّهُ مَنْ أَدْرَكَ وَفَاتِي مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ مِنْ مَالِ اللَّهِ فَهُوَ حُرٌّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ حَفْصٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ أَوْصَى عِنْدَ الْمَوْتِ أَنْ يُعْتَقَ مَنْ كَانَ يُصَلِّي السَّجْدَتَيْنِ مِنْ رَقِيقِ الإِمَارَةِ وَإِنْ أَحَبَّ الْوَالِي بَعْدِي أَنْ يَخْدُمُوهُ سَنَتَيْنِ فَذَلِكَ لَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَوْصَى أَنْ تُقَرَّ عُمَّالُهُ سَنَةً. فَأَقَرَّهُمْ عُثْمَانُ سَنَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: وَحَدَّثَنِي أبو بكر بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِنْ وَلَّيْتُمْ سَعْدًا فَسَبِيلُ ذَلِكَ وَإِلا فليستشره الوالي فإني لن أَعْزِلْهُ عَنْ سَخْطَةٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِهِ: ضَعْ خَدِّي فِي الأَرْضِ. فَقَالَ: وَمَا عَلَيْكَ فِي الأَرْضِ كَانَ أَوْ فِي حِجْرِي؟ قَالَ: ضَعْهُ فِي الأَرْضِ. ثُمَّ قَالَ: وَيْلٌ لِي وَلأُمِّي إِنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لِي. ثَلاثًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ وَكَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَخَذَ تِبْنَةً مِنَ الأَرْضِ فَقَالَ: لَيْتَنِي كُنْتُ هَذِهِ التِّبْنَةَ. لَيْتَنِي لَمْ أُخْلَقْ. لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدْنِي. لَيْتَنِي لَمْ أَكُ شَيْئًا. لَيْتَنِي كُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْحَارِثِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ:
أَنَا آخِرُكُمْ عَهْدًا بِعُمَرَ. دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ: ضَعْ خَدِّي بِالأَرْضِ. قَالَ: فَهَلْ فَخِذِي وَالأَرْضُ إِلا سَوَاءٌ؟ قَالَ: ضَعْ خَدِّي بِالأَرْضِ لا أُمَّ لَكَ. فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ. ثُمَّ شَبَّكَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَيْلِي وَوَيْلُ أُمِّي إن(3/274)
لم يغفر الله لي. حتى فاظت نَفْسُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عُثْمَانَ قَالَ: آخِرُ كَلِمَةٍ قَالَهَا عُمَرُ حَتَّى قَضَى: وَيْلِي وَوَيْلُ أُمِّي إِنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لِي. وَيْلِي وَوَيْلُ أُمِّي إِنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لِي. وَيْلِي وَوَيْلُ أُمِّي إِنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لِي! قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ شَيْئًا قَطُّ. لَيْتَنِي كُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا. قَالَ ثُمَّ أَخَذَ كَالتِّبْنَةِ أَوْ كَالْعُودِ عَنْ ثَوْبِهِ فَقَالَ: لَيْتَنِي كُنْتُ مِثْلَ هَذَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَرَّةَ الْمَكِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَضَعَ رَأْسَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي حِجْرِهِ فَقَالَ: أَعِدْ رَأْسِي فِي التُّرَابِ. وَيْلٌ لِي وَوَيْلٌ لأُمِّي إِنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لِي! قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ جَاءَ كَعْبٌ فَجَعَلَ يَبْكِي بِالْبَابِ وَيَقُولُ: وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يُقْسِمُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُؤَخِّرَهُ لأَخَّرَهُ. فَدَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا كَعْبٌ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: إِذًا وَاللَّهِ لا أَسْأَلُهُ. ثُمَّ قَالَ: وَيْلٌ لِي وَلأُمِّي إِنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لِي! قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ الرَّحَبِيُّ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ: لَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ دَخَلَتْ عَلَيْهِ حَفْصَةُ فَقَالَتْ: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ وَيَا صِهْرَ رَسُولِ اللَّهِ وَيَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ عُمَرُ لابْنِ عُمَرَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَجْلِسْنِي فَلا صَبْرَ لِي عَلَى مَا أَسْمَعُ. فَأَسْنَدَهُ إِلَى صَدْرِهِ فَقَالَ لَهَا: إِنِّي أُحَرِّجُ عَلَيْكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنَ الْحَقِّ أَنْ تَنْدُبِينِيَ بَعْدَ مَجْلِسِكِ هَذَا فَأَمَّا عَيْنُكِ فَلَنْ أَمْلِكَهَا. إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَيِّتٍ يُنْدَبُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ إِلا الْمَلائِكَةُ نمقته.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا طُعِنَ عَوَّلَتْ حَفْصَةُ فَقَالَ: يَا حَفْصَةُ أما سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ [إِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ؟] قَالَ وَعَوَّلَ صُهَيْبٌ فَقَالَ عُمَرُ: يَا صُهَيْبُ(3/275)
أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ؟
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ:
وَأَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: لَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ حُمِلَ فأدخل قال صهيب: وا أخاه! فَقَالَ عُمَرُ: وَيْحَكَ يَا صُهَيْبُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ؟
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَقِيلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِشَرَابٍ حِينَ طُعِنَ فَخَرَجَ مِنْ جِرَاحَتِهِ. فَقَالَ صُهَيْبٌ: وَا عُمَرَاهُ وَا أَخَاهُ. من لنا بعدك؟ فقال له عُمَرُ: مَهْ يَا أَخِي أَمَا شَعَرْتَ أَنَّهُ مَنْ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ؟
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ أَقْبَلَ صُهَيْبٌ يَبْكِي رَافِعًا صَوْتَهُ. فَقَالَ عُمَرُ: أَعَلَيَّ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ عُمَرُ: [أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَنْ يُبْكَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ؟] قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: فَحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: أُولَئِكَ يُعَذَّبُ أَمْوَاتُهُمْ بِبُكَاءِ أَحْيَائِهِمْ. تَعْنِي الْكُفَّارَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ وَهِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ نَهَى أَهْلَهُ أَنْ يَبْكُوا عَلَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ صَلَّى فِي ثِيَابِهِ الَّتِي جُرِحَ فِيهَا ثَلاثًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أن عمر بن الْخَطَّابِ أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ: ائْذَنِي لِي أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيَّ. قَالَتْ: إِي وَاللَّهِ. قَالَ فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أُرْسِلَ إِلَيْهَا مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَتْ: لا وَاللَّهِ لا أَبَرُّهُمَ بِأَحَدٍ أَبَدًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بن أنس أن عمر بن الخطاب(3/276)
استأذن عائشة في حياته فأذنت وَإِلا فَدَعُوهَا فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ تَكُونَ أَذِنَتْ لِي لِسُلْطَانِي.
فَلَمَّا مَاتَ أَذِنَتْ لَهُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ نَافِعِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَرْجَانَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: اذْهَبْ يَا غُلامُ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَقُلْ لَهَا إِنَّ عُمَرَ يَسْأَلُكِ أَنْ تَأْذَنِي لِي أَنْ أُدْفَنَ مَعَ أَخَوَيَّ ثُمَّ ارْجِعْ إِلَيَّ فَأَخْبِرْنِي. قَالَ فَأَرْسَلَتْ أَنْ نَعَمْ قَدْ أَذِنْتُ لَكَ. قَالَ فَأَرْسَلَ فَحُفِرَ لَهُ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ دَعَا ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنِّي قَدْ أَرْسَلْتُ إِلَى عَائِشَةَ أَسْتَأْذِنُهَا أَنْ أُدْفَنَ مَعَ أَخَوَيَّ فَأَذِنَتْ لِي وَأَنَا أَخْشَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِمَكَانِ السُّلْطَانِ. فَإِذَا أَنَا مُتُّ فَاغْسِلْنِي وَكَفِّنِّي ثُمَّ احْمِلْنِي حَتَّى تَقِفَ بِي عَلَى بَابِ عَائِشَةَ فَتَقُولُ هَذَا عُمَرُ يَسْتَأْذِنُ. يَقُولُ إِلَخْ ... فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فَادْفِنِّي مَعَهُمَا وَإِلا فَادْفِنِّي بِالْبَقِيعِ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَلَمَّا مَاتَ أَبِي حَمَلْنَاهُ حَتَّى وَقَفْنَا بِهِ عَلَى بَابِ عَائِشَةَ فَاسْتَأْذَنَّهَا فِي الدُّخُولِ فَقَالَتِ ادْخُلْ بِسَلامٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ قَالَ: لَمَّا أَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى عَائِشَةَ فَاسْتَأْذَنَهَا أَنْ يُدْفَنَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَأَبِي بَكْرٍ فَأَذِنَتْ قَالَ عُمَرُ: إِنَّ الْبَيْتَ ضَيِّقٌ. فَدَعَا بِعَصًا فَأُتِيَ بِهَا فَقَدَّرَ طُولَهُ ثُمَّ قَالَ:
احْفِرُوا عَلَى قَدْرِ هَذِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِمَا عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيَّةِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا زِلْتُ أَضَعُ خِمَارِي وَأَتَفَضَّلُ فِي ثِيَابِي فِي بَيْتِي حَتَّى دُفِنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِيهِ. فَلَمْ أَزَلْ مُتَحَفِّظَةً فِي ثِيَابِي حَتَّى بَنَيْتُ بَيْنِي وَبَيْنِ الْقُبُورِ جِدَارًا فَتَفَضَّلْتُ بَعْدُ. قَالا: وَوَصَفَتْ لَنَا قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقُبِرَ أَبِي بَكْرٍ وَقُبِرَ عُمَرَ. وَهَذِهِ الْقُبُورُ فِي سَهْوَةِ بَيْتِ عَائِشَةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ الأَنْصَارِيِّ قُبَيْلَ أَنْ يَمُوتَ بِسَاعَةٍ فَقَالَ: يَا أبا طلحة كن في خمسين من قومك مِنَ الأَنْصَارِ مَعَ هَؤُلاءِ النَّفَرِ أَصْحَابِ الشُّورَى فَإِنَّهُمْ فِيمَا أَحْسِبُ سَيَجْتَمِعُونَ فِي بَيْتِ أَحَدِهِمْ. فَقُمْ عَلَى ذَلِكَ الْبَابِ بِأَصْحَابِكَ فَلا تَتْرُكْ أَحَدًا يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَلا تَتْرُكْهُمْ(3/277)
يمضي اليوم الثالث حتى يؤمروا أحدهم. اللهم أَنْتَ خَلِيفَتِي عَلَيْهِمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: وَافَى أَبُو طَلْحَةَ فِي أصحابه ساعة قبر عمر فلزم أصحاب الشورى. فَلَمَّا جَعَلُوا أَمْرَهُمْ إِلَى ابْنِ عَوْفٍ يَخْتَارُ لَهُمْ مِنْهُمْ لَزِمَ أَبُو طَلْحَةَ بَابَ ابْنِ عَوْفٍ فِي أَصْحَابِهِ حَتَّى بَايَعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ طُعِنَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ وَمَاتَ يَوْمَ الْخَمِيسِ. رَحِمَهُ اللَّهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سعد عَنْ أَبِيهِ قَالَ: طُعِنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ لأَرْبَعِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَدُفِنَ يَوْمَ الأَحَدِ صَبَاحَ هِلالِ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ.
فَكَانَتْ وِلايَتُهُ عَشَرَ سِنِينَ وَخَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ لَيْلَةً مِنْ مُتَوَفَّى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَلَى رَأْسِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ وَثَلاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنَ الْهِجْرَةِ.
وَبُويِعَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ لِثَلاثِ لَيَالٍ مَضَيْنَ مِنَ الْمُحَرَّمِ. قَالَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَخْنَسِيِّ فَقَالَ: مَا أَرَاكَ إِلا قَدْ وَهِلْتَ. تُوُفِّيَ عُمَرُ لأَرْبَعِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَبُويِعَ لِعُثْمَانَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ لِلَيْلَةٍ بَقِيَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَاسْتَقْبَلَ بِخِلافَتِهِ الْمُحَرَّمَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِسْحَاقَ عن عامر ابن سَعْدٍ عَنْ حَرِيزٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ: تُوُفِّيَ عُمَرُ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: مَاتَ عُمَرُ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَلا يُعْرَفُ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَنَا بِالْمَدِينَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تُوُفِّيَ عُمَرُ وَهُوَ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهَذَا أَثْبَتُ الأَقَاوِيلِ عِنْدَنَا وَقَدْ رُوِيَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ عن ابن عمر أنه تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً.(3/278)
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ:
تُوُفِّيَ عُمَرُ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَأُخْبِرْتُ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَكَانَ شَهِيدًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: غُسِّلَ عُمَرُ وَكُفِّنَ وَحُنِّطَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْحَارِثِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَكَانَ شَهِيدًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَحُنِّطَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَكَانَ شَهِيدًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ: سَمِعْتُ فُضَيْلا يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَوْصَى أَنْ لا يُغَسِّلُوهُ بِمِسْكٍ أَوْ لا يُقَرِّبُوهُ مِسْكًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: غُسِّلَ عُمَرُ ثَلاثًا بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَاصِمِ ابن عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ. قَالَ وَكِيعٌ ثَوْبَيْنِ سَحُولِيَّيْنِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ صُحَارِيَّيْنِ. وَقَمِيصٍ كَانَ يَلْبَسُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كُفِّنَ فِي قَمِيصٍ وَحُلَّةٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنْ فُضَيْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: لا تَجْعَلُوا فِي حَنُوطِي مِسْكًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ(3/279)
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أَوْصَى عُمَرُ أَلا يُتْبَعَ بِنَارٍ وَلا تَتْبَعَهُ امْرَأَةٌ وَلا يُحَنَّطَ بِمِسْكٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ ابْنَ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ يَقُولُ: لما وضع لِيُصَلَّى عَلَيْهِ أَقْبَلَ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ جَمِيعًا وَأَحَدُهُمَا آخِذٌ بِيَدِ الآخَرِ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَلا يَظُنُّ أَنَّهُمَا يَسْمَعَانِ ذَلِكَ: قَدْ أَوْشَكْتُمَا يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ. فَسَمِعَاهَا فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: قُمْ يَا أَبَا يَحْيَى فَصَلِّ عَلَيْهِ. فَصَلَّى عَلَيْهِ صُهَيْبٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ نَظَرَ الْمُسْلِمُونَ فَإِذَا صُهَيْبٌ يُصَلِّي بِهِمُ الْمَكْتُوبَاتِ بِأَمْرِ عُمَرَ. فَقَدَّمُوا صُهَيْبًا فَصَلَّى عَلَى عُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ فِيمَا أَوْصَى بِهِ: فَإِنْ قُبِضْتُ فَلْيُصَلِّ لَكُمْ صُهَيْبٌ. ثَلاثًا. ثُمَّ أَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ فَبَايِعُوا أَحَدَكُمْ. فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ وَوُضِعَ لِيُصَلَّى عَلَيْهِ أَقْبَلَ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ أَيُّهُمَا يُصَلِّي عَلَيْهِ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْحِرْصُ عَلَى الإِمَارَةِ. لَقَدْ عَلِمْتُمَا مَا هَذَا إِلَيْكُمَا وَلَقَدْ أَمَرَ بِهِ غَيْرَكُمَا. تَقَدَّمْ يَا صُهَيْبُ فَصَلِّ عَلَيْهِ. فَتَقَدَّمَ صُهَيْبٌ فَصَلَّى عَلَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صُلِّيَ عَلَى عُمَرَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مالك بن أنس عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ صُلِّي عَلَيْهِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -
قال: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالا: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صُلِّيَ عَلَى عُمَرَ فِي الْمَسْجِدِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَسَّانَ قَالَ: سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ: مَنْ صَلَّى عَلَى عُمَرَ؟ قَالَ: صُهَيْبٌ. قَالَ: كَمْ كَبَّرَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: أَرْبَعًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ(3/280)
مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ صُهَيْبًا كَبَّرَ عَلَى عُمَرَ أَرْبَعًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ صَالِحِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأَسْوَدِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَمَرَّ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ فَقَالَ: أَيْنَ صُلِّيَ عَلَى عُمَرَ؟ قَالَ: بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ:
وَحَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ قَالا: صَلَّى عُمَرُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ. وَصَلَّى صُهَيْبٌ عَلَى عُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: نَزَلَ فِي قَبْرِ عُمَرَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وسعد بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَصُهَيْبُ بْنُ سِنَانٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: دُفِنَ عُمَرُ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجُعِلَ رَأْسُ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ كَتِفَيِ النَّبِيِّ. وَجُعِلَ رَأْسُ عُمَرَ عِنْدَ حَقْوَيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: لَمَّا سَقَطَ الْحَائِطُ عَنْهُمْ فِي زَمَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أُخِذَ فِي بِنَائِهِ فَبَدَتْ لَهُمْ قَدَمٌ فَفَزِعُوا وَظَنُّوا أَنَّهَا قَدَمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا وَجَدُوا أَحَدًا يَعْلَمُ ذَلِكَ حَتَّى قَالَ لَهُمْ عُرْوَةُ: لا وَاللَّهِ مَا هِيَ قَدَمُ النَّبِيِّ. مَا هِيَ إِلا قَدَمُ عُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالُوا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ أَيْمَنَ يَوْمَ أُصِيبَ عُمَرُ: الْيَوْمَ وَهَى الإِسْلامُ. قَالَ وَقَالَ طَارِقُ بْنُ شِهَابٍ: كَانَ رَأْيُ عُمَرَ كَيَقِينِ رَجُلٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ خَلَفَ بْنَ خَلِيفَةَ يُحَدِّثُنَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ قَالَ: قَالَ يَوْمَ مَاتَ عُمَرُ: الْيَوْمَ أَصْبَحَ الإِسْلامُ مُوَلِّيًا. مَا رَجُلٌ بأرض فَلاةٍ يَطْلُبُهُ الْعَدُوُّ فَأَتَاهُ آتٍ فَقَالَ لَهُ خُذْ حَذَرَكَ بِأَشَدَّ فِرَارًا مِنَ الإِسْلامِ الْيَوْمَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَالِمٌ الْمُرَادِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا(3/281)
بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ وَقَدْ صُلِّيَ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ كُنْتُمْ سَبَقْتُمُونِي بِالصَّلاةِ عَلَيْهِ لا تَسْبِقُونِي بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ. فَقَامَ عِنْدَ سَرِيرِهِ فَقَالَ: نِعْمَ أَخُو الإِسْلامِ كُنْتَ يَا عُمَرُ. جَوَّادًا بِالْحَقِّ بَخِيلا بِالْبَاطِلِ. تَرْضَى حِينَ الرِّضَى وَتَغْضَبُ حِينَ الْغَضَبِ. عَفِيفَ الطَّرْفِ طَيِّبَ الظُّرْفِ. لَمْ تَكُنْ مَدَّاحًا وَلا مُغْتَابًا. ثُمَّ جَلَسَ.
[قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ يُخْبِرُ عَنْ أَبِيهِ لَعَلَّهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عَلِيًّا دَخَلَ عَلَى عُمَرَ وَهُوَ مُسَجًّى فَقَالَ لَهُ كَلامًا حَسَنًا ثُمَّ قَالَ: مَا عَلَى الأَرْضِ أَحَدٌ أَلْقَى الله بصحيفته أحب إلي من هذا المسجى بَيْنَكُمْ] .
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جابر بن عَبْدِ اللَّهِ. وَلَمْ يَشُكُّ.
قَالَ [وَقَالَ: لَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ عَلِيٌّ قَالَ لَهُ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ. مَا أَحَدٌ أَلْقَى اللَّهُ بِصَحِيفَتِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ هَذَا الْمُسَجَّى بَيْنَكُمْ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا غُسِّلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَكُفِّنَ وَحُمِلَ عَلَى سَرِيرِهِ وَقَفَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ فَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ:
وَاللَّهِ مَا عَلَى الأَرْضِ رَجُلٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِصَحِيفَتِهِ مِنْ هَذَا الْمُسَجَّى بِالثَّوْبِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى وَمُحَمَّدٌ ابْنَا عُبَيْدٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ دِينَارٍ الْوَاسِطِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: أَتَى عَلِيٌّ عُمَرَ وَهُوَ مُسَجًّى فَقَالَ: مَا عَلَى الأَرْضِ رَجُلٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِصَحِيفَتِهِ مِنْ هَذَا الْمُسَجَّى] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: [نَظَرَ عَلِيٌّ إِلَى عُمَرَ وَهُوَ مُسَجًّى فَقَالَ: مَا أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ صَحِيفَتِهِ مِنْ هَذَا الْمُسَجَّى] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّ عَلِيًّا دَخَلَ عَلَى عُمَرَ وَقَدْ مَاتَ وَسُجِّيَ بِثَوْبٍ فقال: يرحمك الله. فو الله مَا كَانَ فِي الأَرْضِ رَجُلٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِصَحِيفَتِهِ مِنْ صَحِيفَتِكَ.
قَالَ: أخبرنا خالد بن مخلد قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جعفر(3/282)
ابن مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا غُسِّلَ عُمَرُ وَكُفِّنَ وَحُمِلَ عَلَى سَرِيرِهِ وَقَفَ [عَلَيْهِ عَلِيٌّ فَقَالَ:
وَاللَّهِ مَا عَلَى الأَرْضِ أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِصَحِيفَتِهِ مِنْ هَذَا الْمُسَجَّى بِالثَّوْبِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ الْعَبْدِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ أَبِي حُجَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ وَقَدْ سُجِّيَ عَلَيْهِ [فَدَخَلَ عَلِيٌّ فَكَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ أَبَا حَفْصٍ. مَا أَحَدٌ أحب إلي بعد النبي.
ع. أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِصَحِيفَتِهِ مِنْكَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا بَسَّامٌ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ قَالَ: [قَالَ عَلِيٌّ: مَا أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ صَحِيفَتِهِ إِلا هَذَا الْمُسَجَّى.
يَعْنِي عُمَرَ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَأَبِي جَهْضَمٍ قَالُوا: لَمَّا مَاتَ عُمَرُ دَخَلَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ. مَا عَلَى الأَرْضِ أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمَا فِي صَحِيفَتِهِ مِنْ هَذَا الْمُسَجَّى] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةَ قَالَ: دَخَلَ أَبِي عَلَى عُمَرَ وَهُوَ مُسَجًّى بِالثَّوْبِ فَقَالَ: مَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِصَحِيفَتِهِ مِنْ هَذَا الْمُسَجَّى.] قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ عَنْبَسَةَ الْخَزَّازُ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: أَتَيْنَا ابْنَ مَسْعُودٍ فَذَكَرَ عُمَرَ فَبَكَى حَتَّى ابْتَلَّ الْحَصَى مِنْ دُمُوعِهِ وَقَالَ: إِنَّ عُمَرَ كَانَ حِصْنًا حَصِينًا لِلإِسْلامِ يَدْخُلُونَ فِيهِ وَلا يَخْرُجُونَ مِنْهُ. فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ انْثَلَمَ الْحِصْنُ فَالنَّاسُ يَخْرُجُونَ مِنَ الإِسْلامِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ. يَعْنِي ابْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ. عَنْ وَاصِلٍ الأَحْدَبِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ أَسْتَقْرِئْهُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَأَقْرَأَنِيهَا كَذَا وَكَذَا فَقُلْتُ: إِنَّ عُمَرَ أَقْرَأَنِي كَذَا وَكَذَا. خِلافَ مَا قَرَأَهَا عَبْدُ اللَّهِ. قَالَ فَبَكَى حَتَّى رَأَيْتُ دُمُوعَهُ خِلالَ الْحَصَى ثم قال: اقرأها كما أقرأك عمر فو الله لَهِيَ أَبْيَنُ مِنْ طَرِيقِ السَّيْلَحَيْنِ. إِنَّ عُمَرَ كَانَ لِلإِسْلامِ حِصْنًا حَصِينًا يُدْخَلُ الإِسْلامُ فِيهِ وَلا يُخْرَجُ مِنْهُ. فَلَمَّا قُتِلَ عُمَرُ انْثَلَمَ الْحِصْنُ فَالإِسْلامُ يَخْرُجُ مِنْهُ وَلا يَدْخُلُ فِيهِ.(3/283)
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المختار عن عاصم بن بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَنَعَى إِلَيْنَا عُمَرَ فَلَمْ أَرَ يَوْمًا كَانَ أَكْثَرَ بَاكِيًا وَلا حَزِينًا مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ عمر كان يحب كلبا لأحببته. والله إني أَحْسِبُ الْعِضَاهَ قَدْ وَجَدَ فَقْدَ عُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي بُرْدَانُ بْنُ أَبِي النَّضْرِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فقال: لَمَّا مَاتَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَكَى سَعِيدُ بن زيد ابن عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ. فَقِيلَ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: لا يَبْعَدُ الْحَقُّ وَأَهْلُهُ. الْيَوْمَ يَهِي أَمْرُ الإِسْلامِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ زَيْدٍ مِنْ وَلَدِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَكَى سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: يَا أَبَا الأَعْوَرِ مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ:
عَلَى الإِسْلامِ أَبْكِي. إِنَّ مَوْتَ عُمَرَ ثَلَمَ الإِسْلامَ ثُلْمَةً لا تُرْتَقُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُرِّيُّ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ يَوْمًا وَهُوَ يَذْكُرُ عُمَرَ فَقَالَ:
إِنْ مَاتَ عُمَرُ رَقَّ الإِسْلامُ. مَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ مَا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أَوْ تَغْرُبُ وَأَنِّي أَبْقَى بَعْدَ عُمَرَ. قَالَ قَائِلٌ: وَلِمَ؟ قَالَ: سَتَرَوْنَ مَا أَقُولُ إِنْ بَقِيتُمْ. أَمَا هُوَ فَإِنْ وَلِيَ وَالٍ بَعْدَ عُمَرَ فَأَخَذَهُمْ بِمَا كَانَ عُمَرُ يَأْخُذُهُمْ بِهِ لَمْ يُطِعْ لَهُ النَّاسُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَحْمِلُوهُ وَإِنْ ضَعُفَ عَنْهُمْ قَتَلُوهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عقبة عن زياد ابن أَبِي بَشِيرٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: أَيُّ أَهْلِ بَيْتٍ لَمْ يَجِدُوا فَقْدَ عُمَرَ فَهُمْ أَهْلُ بَيْتِ سَوْءٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ:
قَالَ حُذَيْفَةُ: مَا يَحْبِسُ الْبَلاءَ عَنْكُمْ فَرَاسِخَ إِلا مَوْتُهُ فِي عُنُقِ رَجُلٍ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَنْ يَمُوتَ. يَعْنِي عُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِيِّ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ مَاتَ عُمَرُ: الْيَوْمَ تَرَكَ الْمُسْلِمُونَ حَافَةَ الإِسْلامِ. قَالَ قَالَ زَهْدَمٌ: كَمْ ظَعَنُوا بَعْدَهُ مِنْ مَظْعَنٍ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ قَدْ تَرَكُوا الْحَقَّ حَتَّى كَأَنَّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ وُعُورَةً حَتَّى لَوْ أَرَادُوا أَنْ يَرْجِعُوا دِينَهُمْ مَا استطاعوا.(3/284)
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ: كَانَ الإِسْلامُ فِي زَمَنِ عُمَرَ كَالرَّجُلِ الْمُقْبِلِ لا يَزْدَادُ إِلا قُرْبًا. فَلَمَّا قُتِلَ عُمَرُ. رَحِمَهُ اللَّهُ. كَانَ كَالرَّجُلِ الْمُدَبَّرِ لا يَزْدَادُ إِلا بُعْدًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ. يَعْنِي ابْنَ مِغْوَلٍ. قَالَ: سَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ الْمُعْتَمِرِ يُحَدِّثُ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ أَوْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ: إِنَّمَا كَانَ مَثَلُ الإِسْلامِ أَيَّامَ عُمَرَ مَثَلَ امْرِئٍ مُقْبِلٍ لَمْ يَزَلْ فِي إِقْبَالٍ. فَلَمَّا قُتِلَ أَدْبَرَ فَلَمْ يَزَلْ فِي إِدْبَارٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ حُذَيْفَةُ: الْيَوْمَ تَرَكَ النَّاسُ حَافَةَ الإِسْلامِ. وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ جَارَ هَؤُلاءِ الْقَوْمُ عَنِ الْقَصْدِ حَتَّى لَقَدْ حَالَ دُونَهُ وُعُورَةٌ مَا يُبْصِرُونَ الْقَصْدَ وَلا يَهْتَدُونَ لَهُ. قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْهُذَيْلِ: فَكَمْ ظَعَنُوا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ مَظْعَنَةٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ وَعَبْدُ الوهاب ابن عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالُوا: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ قَالَ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: لَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: مَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ حَاضِرٌ وَلا بَادٍ إِلا قَدْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ بِقَتْلِ عُمَرَ نَقْصٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَصْحَابَ الشُّورَى اجْتَمَعُوا فَلَمَّا رَآهُمْ أَبُو طَلْحَةَ وَمَا يَصْنَعُونَ قَالَ:
لأَنَا كُنْتُ لأَنْ تَدَافَعُوهَا أَخْوَفُ مِنِّي مِنْ أن تنافسوها. فو الله مَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلا وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فِي مَوْتِ عُمَرَ نَقْصٌ فِي دِينِهِمْ وَفِي دُنْيَاهُمْ. قَالَ يَزِيدُ فِيمَا أَعْلَمُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا هَارُونُ الْبَرْبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بن سمير عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ لَيْلا مَا أُرَاهُ إِنْسِيًّا نَعَى عُمَرَ وَهُوَ يَقُولُ:
جَزَى اللَّهُ خَيْرًا مِنْ أَمِيرٍ وَبَارَكَتْ ... يَدُ اللَّهِ فِي ذَاكَ الأَدِيمِ الْمُمَزَّقِ(3/285)
فَمَنْ يَمْشِ أَوْ يَرْكَبْ جَنَاحَيْ نَعَامَةٍ ... لَيُدْرِكَ مَا قَدَّمْتَ بِالأَمْسِ يُسْبَقِ
قَضَيْتَ أُمُورًا ثُمَّ غَادَرْتَ بَعْدَهَا ... بَوَائِقَ فِي أَكْمَامِهَا لَمْ تُفَتَّقِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ:
قَالَ أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَيَزِيدِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ الْجِنَّ نَاحَتْ عَلَى عُمَرَ:
عَلَيْكَ سَلامٌ مِنْ أَمِيرٍ وَبَارَكَتْ ... يَدُ اللَّهِ فِي ذَاكَ الأَدِيمِ المخرق
قَضَيْتَ أُمُورًا ثُمَّ غَادَرْتَ بَعْدَهَا ... بَوَائِقَ فِي أَكْمَامِهَا لَمْ تُفَتَّقِ
قَالَ أَيُّوبُ: بَوَائِجُ. وَقَالَ يَزِيدُ عَنْ سُلَيْمَانَ: بَوَائِقُ فِي أَكْمَامِهَا لَمْ تُفَتَّقِ.
فَمَنْ يَسْعَ أَوْ يَرْكَبْ جَنَاحَيْ نَعَامَةٍ ... لَيُدْرِكَ مَا قَدَّمْتَ بِالأَمْسِ يُسْبَقِ
أَبْعَدَ قَتِيلٍ بِالْمَدِينَةِ أَظْلَمَتْ ... لَهُ الأَرْضُ تَهْتَزُّ الْعِضَاهُ بِأَسْؤُقِ؟
قَالَ عَفَّانُ فِي حَدِيثِهِ: وَقَالَ عَاصِمٌ الأَسَدِيُّ:
فَمَا كُنْتُ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ وَفَاتُهُ ... بِكَفَّيْ سَبَنْتَى أَزْرَقِ الْعَيْنِ مُطْرِقِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَتْ: بُكِيَ عَلَى عُمَرَ حِينَ مَاتَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ سَالِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ: كَانَ الْعَبَّاسُ خَلِيلا لِعُمَرَ. فَلَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ جَعَلَ يَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُرِيَهَ عُمَرَ فِي الْمَنَامِ. قَالَ فَرَآهُ بَعْدَ حَوْلٍ وَهُوَ يَمْسَحُ الْعَرَقَ عَنْ جَبِينِهِ فَقَالَ: مَا فَعَلْتَ؟ قَالَ: هَذَا أَوَانُ فَرَغْتُ وَإِنْ كَادَ عَرْشِي لَيُهَدُّ لَوْلا أَنِّي لَقِيتُهُ رَءُوفًا رَحِيمًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو جَهْضَمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ. الْعَبَّاسَ قَالَ: كَانَ عُمَرُ لِي خَلِيلا وَإِنَّهُ لَمَّا تُوُفِّيَ لَبِثْتُ حَوْلا أَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَرِيَنِيهِ فِي الْمَنَامِ. قَالَ فَرَأَيْتُهُ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ يَمْسَحُ الْعَرَقَ عَنْ جَبْهَتِهِ. قَالَ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا فَعَلَ بِكَ رَبُّكَ؟
قَالَ: هَذَا أَوَانُ فَرَغْتُ وَإِنْ كَادَ عَرْشِي لَيُهَدُّ لَوْلا أَنِّي لَقِيتُ رَبِّي رَءُوفًا رَحِيمًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَعَوْتُ اللَّهَ سَنَةً أَنْ يُرِيَنِي(3/286)
عُمَرَ. قَالَ فَرَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ: كَادَ عَرْشِي أَنْ يَهْوِيَ لَوْلا أَنِّي وَجَدْتُ رَبًّا رَحِيمًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
دَعَوْتُ اللَّهَ سَنَةً أَنْ يُرِيَنِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ. قَالَ فَرَأَيْتُهُ فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ: مَا لَقِيتَ؟
قَالَ: لَقِيتُ رَءُوفًا رَحِيمًا وَلَوْلا رَحْمَتُهُ لَهَوَى عَرْشِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي معمر عن الزهري عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُرِيَنِي عُمَرَ فِي النَّوْمِ فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ سَنَةٍ وَهُوَ يَسْلُتُ الْعَرَقَ عَنْ وَجْهِهِ وَهُوَ يَقُولُ: الآنَ خَرَجْتُ مِنَ الْحِنَاذِ أَوْ مِثْلَ الْحِنَاذِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ يَقُولُ: دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُرِيَنِي عُمَرَ فِي النَّوْمِ فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ وَهُوَ يَمْسَحُ الْعَرَقَ عَنْ جَبِينِهِ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا فَعَلْتَ؟ فَقَالَ: الآنَ فَرَغْتُ وَلَوْلا رَحْمَةُ رَبِّي لَهَلَكْتُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي معمر عن الزُّهْرِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: نِمْتُ بِالسُّقْيَا وَأَنَا قَافِلٌ مِنَ الْحَجِّ. فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ قَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لأَرَى عُمَرَ آنِفًا أَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى ركض أُمَّ كُلْثُومِ بِنْتَ عُقْبَةَ وَهِيَ نَائِمَةٌ إِلَى جَنْبِي فَأَيْقَظَهَا. ثُمَّ وَلَّى مُدْبِرًا فَانْطَلَقَ النَّاسُ فِي طَلَبِهِ. وَدَعَوْتُ بِثِيَابِي فَلَبِسْتُهَا فَطَلَبْتُهُ مَعَ النَّاسِ فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ أَدْرَكَهُ. وَاللَّهِ مَا أَدْرَكْتُهُ حَتَّى حَسِرْتُ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ المؤمنين لقد شققت على الناس. والله لا يُدْرِكُكَ أَحَدٌ حَتَّى يَحْسَرَ. وَاللَّهِ مَا أَدْرَكَتْكَ حَتَّى حَسِرْتُ. فَقَالَ: مَا أَحْسَبُنِي أَسْرَعْتُ. وَالَّذِي نَفْسُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِيَدِهِ إِنَّهُ لَعَمَلُهُ.
57- زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ
بْنِ نُفَيْلَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَّاحِ بْنِ عدي بن كعب بْن لؤي. ويكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَن وأمه أسماء بنت
__________
57 طبقات خليفة (12) ، وتاريخ خليفة (108) ، (112) ، ونسب قريش (347- 348) ، والتاريخ الكبير (3/ 1274) ، وتاريخ الطبري (3/ 290، 293) ، والجرح والتعديل (3/ 2539) ، وثقات ابن حبان (1) الورقة (145) ، وحلية الأولياء (1/ 367) ، وجمهرة ابن حزم (151) ، (311) ، والاستيعاب (2/ 550) ، والكامل (2/ 360، 363، 366) ، وأسد الغابة (2/ 228) ، وتهذيب الأسماء واللغات (1/ 203) ، وتاريخ الإسلام (1/ 267) ، وسير أعلام النبلاء (1/ 297) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (252) ، وتهذيب الكمال (2105) ، والعقد الثمين (4/ 573) ، وتهذيب التهذيب (3/ 411) ، والإصابة (1/ 565) ، وخلاصة الخزرجي (1 ت 2256) ، وحذف من نسب قريش (80) .(3/287)
وهب بْن حبيب بْن الْحَارِث بْن عبس بْن قعين من بني أسد. وكان زَيْد أسن من أَخِيهِ عُمَر بْن الخطاب وأسلم قبله. وكان لزيد من الولد عَبْد الرَّحْمَن وأمه لبابة بِنْت أَبِي لبابة بْن عَبْد المنذر بْن رفاعة بْن زبير بْن زَيْد بْن أمية بْن زَيْد بْن مالك بْن عوف بْن عَمْرو بْن عوف. وأسماء بِنْت زَيْد وأمها جميلة بِنْت أبي عامر بْن صيفي. وكان زَيْد رجلًا طويلًا بائن الطول أسمر. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ زَيْد بْن الخطاب ومعن بْن عدي بْن العجلان.
وقتلا جميعًا باليمامة شهيدين. وشهد زيد بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وروى عَنْهُ حديثا.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: أَرِقَّاءَكُمْ أَرِقَّاءَكُمْ أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَأَلْبِسُوهُمْ مما تلبسون وإن جاؤوا بِذَنْبٍ لا تُرِيدُونَ أَنْ تَغْفِرُوهُ فَبِيعُوا عِبَادَ اللَّهِ وَلا تُعَذِّبُوهُمْ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَجَّافُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ يَحْمِلُ رَايَةَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ وَلَقَدِ انْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى غَلَبَتْ حَنِيفَةُ عَلَى الرِّحَالِ. فَجَعَلَ زَيْدٌ يَقُولُ: أَمَّا الرِّحَالُ فَلا رِحَالَ وَأَمَّا الرِّجَالُ فَلا رِجَالَ. ثُمَّ جَعَلَ يَصِيحُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِنْ فِرَارِ أَصْحَابِي وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ مُسَيْلِمَةُ وَمُحَكَّمُ بْنُ الطُّفَيْلِ.
وَجَعَلَ يَشْتَدُّ بِالرَّايَةِ يَتَقَدَّمُ بِهَا فِي نَحْرِ الْعَدُوِّ ثُمَّ ضَارَبَ بِسَيْفِهِ حَتَّى قُتِلَ وَوَقَعَتِ الرَّايَةُ. فَأَخَذَهَا سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ. فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: يَا سَالِمُ إِنَّا نَخَافُ أَنْ نُؤْتَى مِنْ قِبَلِكَ. فَقَالَ: بِئْسَ حَامِلُ الْقُرْآنِ أَنَا إِنْ أُتِيتُمْ مِنْ قِبَلِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ لأَبِي مَرْيَمَ الْحَنَفِيِّ: أَقَتَلْتَ زَيْدَ بْنَ الْخَطَّابِ؟ فَقَالَ: أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِيَدِي وَلَمْ يُهِنِّي بِيَدِهِ فَقَالَ عُمَرُ: كَمْ تَرَى الْمُسْلِمِينَ قَتَلُوا مِنْكُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَلْفًا وَأَرَبَعَمِائَةٍ يَزِيدُونَ قَلِيلا. فَقَالَ عُمَرُ: بِئْسَ الْقَتْلَى! قَالَ أَبُو مَرْيَمَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَبْقَانِي حَتَّى رَجَعْتُ إِلَى الدِّينِ الَّذِي رَضِيَ لِنَبِيِّهِ. عَلَيْهِ(3/288)
السَّلامُ. وَلِلْمُسْلِمِينَ. قَالَ فَسُرَّ عُمَرُ بِقَوْلِهِ. وَكَانَ أَبُو مَرْيَمَ قَدْ قَضَى بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْبَصْرَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَعْقُوبَ الْمَاجِشُونِ قَالا: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِمُتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ: مَا أَشَدَّ مَا لَقِيتَ عَلَى أَخِيكَ مِنَ الْحُزْنِ! فَقَالَ: كَانَتْ عَيْنِي هَذِهِ قَدْ ذَهَبَتْ.
وَأَشَارَ إِلَيْهَا. فَبَكَيْتُ بِالصَّحِيحَةِ فَأَكْثَرْتُ الْبُكَاءَ حَتَّى أَسْعَدَتْهَا الْعَيْنُ الذَّاهِبَةُ وَجَرَتْ بِالدَّمْعِ. فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ هَذَا لَحُزْنٌ شَدِيدٌ مَا يَحْزَنُ هَكَذَا أَحَدٌ عَلَى هَالِكِهِ. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: يَرْحَمُ اللَّهُ زَيْدَ بْنَ الْخَطَّابِ! إِنِّي لأَحْسِبُ أَنِّي لَوْ كُنْتُ أَقْدِرُ عَلَى أَنْ أَقُولَ الشِّعْرَ لَبَكَيْتُهُ كَمَا بَكَيْتَ أَخَاكَ. فَقَالَ مُتَمِّمٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ قُتِلَ أَخِي يَوْمَ الْيَمَامَةِ كَمَا قُتِلَ أَخُوكَ مَا بَكَيْتُهُ أَبَدًا. فَأَبْصَرَ عُمَرُ وَتَعَزَّى عَنْ أَخِيهِ. وَكَانَ قَدْ حَزَنَ عَلَيْهِ حُزْنًا شَدِيدًا.
وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: إِنَّ الصَّبَا لَتَهُبُّ فَتَأْتِينِي بِرِيحِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ. قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ فَقُلْتُ لابْنِ أَبِي عَوْنٍ: أَمَا كَانَ عُمَرُ يَقُولُ الشِّعْرَ؟ فَقَالَ: لا وَلا بَيْتًا وَاحِدًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: وَكَانَ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ قُتِلَ يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ بِالْيَمَامَةِ سَنَةَ اثنتي عشرة فِي خلافة أبي بَكْر الصديق.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لأَخِيهِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ يَوْمَ أُحُدٍ:
أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِلا لَبِسْتَ دِرْعِي. فَلَبِسَهَا ثُمَّ نَزَعَهَا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا لَكَ؟ قال: إني أريد مَا تُرِيدُ بِنَفْسِكَ.
58- سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ
بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ
__________
58 تاريخ يحيى بن معين (2/ 199) ، ونسب قريش (433) ، وطبقات خليفة (22) ، (127) ، وتاريخ خليفة (218) ، وعلل أحمد (1/ 224، 296) ، والتاريخ الكبير للبخاري (2/ 1509) ، والمعارف (245) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 213، 216، 291) ، (3/ 163، 166) ، وتاريخ أبي زرعة (222- 223) ، (594) ، (682) ، والكنى والأسماء للدولابي (1/ 11) ، والجرح والتعديل (4/ ت 85) ، وثقات ابن حبان (1) ورقة (157) ، وحلية الأولياء (1/ 95) ، والاستيعاب (2/ 614) ، وتاريخ ابن عساكر (7) ورقة (115) ، وتهذيب ابن عساكر (6/ 129) ، والكامل (1/ 593) ، (2/ 85، 137، 331) ، (3/ 162، 169، 192، 221) ، وأسد الغابة (2/ 306) ، وتهذيب الأسماء واللغات (1/ 217) ، وتاريخ الإسلام (1/ 285) ، وسير أعلام النبلاء (1/ 124) ، والتجريد (1 ت 2316) ، وتهذيب الكمال (2278) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (29) ، والعقد الثمين (4/ 559) ، وتهذيب التهذيب (4/ 34) ، والإصابة (2/ ت 3261) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 2460) ، وشذرات الذهب (2/ 57) ، وحذف من نسب قريش (81) .(3/289)
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَّاحِ بْنِ عدي بن كعب بن لؤي. ويكنى أبا الأعور وأمه فاطمة بِنْت بعجة بْن أمية بْن خويلد بْن خَالِد بْن المعمر بْن حيان بْن غنم بْن مليح من خزاعة. وكان أَبُوهُ زَيْد بْن عَمْرو بْن نفيل يطلب الدّين وقدم الشّام فسأل اليهود والنصارى عن العلم والدين فلم يعجبه دينهم. فقال له رَجُل من النصارى: أنت تلتمس دين إِبْرَاهِيم. فقال زَيْد: وما دين إِبْرَاهِيم؟ قَالَ: كان حنيفًا لا يعبد إلّا الله وحده لا شريك له. وكان يعادي من عَبْد من دون الله شيئًا. ولا يأكل ما ذبح على الأصنام. فقال زَيْد بْن عَمْرو: وهذا الذي أعرف وأنا على هَذَا الدّين. فأما عُبَادة حجر أو خشبة أنحتها بيدي فهذا ليس بشيء. فرجع زيد إِلَى مكّة وهو على دين إِبْرَاهِيمَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْحَكَمِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: كَانَ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ يَطْلُبُ الدِّينَ وَكَرِهَ النَّصْرَانِيَّةَ وَالْيَهُودِيَّةَ وَعِبَادَةَ الأَوْثَانِ وَالْحِجَارَةِ. وَأَظْهَرَ خِلافَ قَوْمِهِ وَاعْتِزَالَ آلِهَتِهِمْ وَمَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ وَلا يَأْكُلُ ذَبَائِحَهُمْ. فَقَالَ لِي: يَا عَامِرُ إِنِّي خَالَفْتُ قَوْمِي وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ وَمَا كَانَ يَعْبُدُ وإسماعيل من بعده. وكان يُصَلُّونَ إِلَى هَذِهِ الْقِبْلَةِ. فَأَنَا أَنْتَظِرُ نَبِيًّا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ يُبْعَثُ وَلا أُرَانِي أَدْرِكُهُ. وأنا أؤمن بِهِ وَأُصَدِّقُهُ وَأَشْهَدُ أَنَّهُ نَبِيٌّ. فَإِنْ طَالَتْ بِكَ مُدَّةٌ فَرَأَيْتُهُ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ. قَالَ عَامِرٌ: فَلَمَّا تَنَبَّأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْلَمْتُ وَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو وَأَقْرَأْتُهُ مِنْهُ السَّلامَ فَرَدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[وَرَحَّمَ عَلَيْهِ وَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُهُ فِي الْجَنَّةِ يَسْحَبُ ذُيُولا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ حُجَيْرِ بْنِ أَبِي إِهَابٍ قَالَ: رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو وَأَنَا عِنْدَ صنم بعد ما رَجَعَ مِنَ الشَّامِ وَهُوَ يُرَاقِبُ الشَّمْسَ فَإِذَا زَالَتِ اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ فَصَلَّى رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ: هَذِهِ قِبْلَةُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ. لا أَعْبُدُ حَجَرًا وَلا أُصَلِّي لَهُ وَلا أَذْبَحُ لَهُ وَلا آكُلُ مَا ذُبِحَ لَهُ وَلا أَسْتَقْسِمُ بِالأَزْلامِ وَلا أُصَلِّي إِلا إِلَى هَذَا الْبَيْتِ حَتَّى أَمُوتَ. وَكَانَ يَحُجُّ فَيَقِفُ بِعَرَفَةَ. وَكَانَ يُلَبِّي يَقُولُ: لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ وَلا ند لك. ثم يدفع من عَرَفَةَ مَاشِيًا وَهُوَ يَقُولُ: لَبَّيْكَ مُتَعَبِّدًا لَكَ مَرْقُوقًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ(3/290)
عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُخْتَارِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالُوا جَمِيعًا أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ أَنَّهُ لَقِيَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ بِأَسْفَلِ بَلْدَحٍ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ الْوَحْي. فَقَدَّمَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ سُفْرَةً فِيهَا لَحْمٌ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لا آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ وَلا آكُلُ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمًا أَبَا النَّضْرِ يُحَدِّثُ. وَلا أَعْلَمُهُ إِلا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ. أَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَعِيبُ عَلَى قُرَيْشٍ ذَبَائِحَهُمْ ثُمَّ يَقُولُ: الشَّاةُ خَلَقَهَا اللَّهُ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً وَأَنْبَتَ لَهَا الأَرْضَ ثُمَّ يَذْبَحُونَهَا عَلَى غَيْرِ اسْمِ اللَّهِ. إِنْكَارًا لِذَلِكَ وَإِعْظَامًا لَهُ لا آكُلُ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَائِمًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ يَقُولُ:
يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ. مَا مِنْكُمُ الْيَوْمَ أَحَدٌ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي. وَكَانَ يُحْيِي الموؤودة يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ: مهلا لا تقتلها أنا أكفيك مؤونتها. فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ قَالَ لأَبِيهَا: إِنْ شِئْتَ دفعتها إليك وإن شئت كفيتك مؤونتها.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فَقَالَ: يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ شَيْبَةَ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ بْنِ مالك قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَذْكُرُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فَقَالَ: تُوُفِّيَ وَقُرَيْشٌ تَبْنِي الْكَعْبَةَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْوَحْي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ بِخَمْسِ سِنِينَ.
وَلَقَدْ نَزَلَ بِهِ وَإِنَّهُ لَيَقُولُ أَنَا عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ. فَأَسْلَمَ ابْنُهُ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ أَبُو الأَعْوَرِ وَاتَّبَعَ رَسُولَ اللَّهِ. وَأَتَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ رَسُولَ اللَّهِ فَسَأَلاهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: غَفَرَ اللَّهُ لِزَيْدِ بْنِ عَمْرٍو وَرَحِمَهُ. فَإِنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ] . قَالَ فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمَ لا يَذْكُرُهُ ذَاكِرٌ مِنْهُمْ إِلا تَرَحَّمَ عَلَيْهِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ. ثُمَّ يَقُولُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي زكرياء بْنُ يَحْيَى السَّعِيدِيُّ عَنْ أَبِيهِ(3/291)
قَالَ: مَاتَ زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو فَدُفِنَ بِأَصْلِ حِرَاءٍ.
وَقَالَ: وَكَانَ لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ مِنَ الْوَلَدِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَكْبَرُ لا بَقِيَّةَ لَهُ وَأُمُّهُ رَمْلَةُ.
وَهِيَ أُمُّ جَمِيلِ بِنْتُ الْخَطَّابِ بْنِ نُفَيْلٍ. وَزَيْدٌ لا بَقِيَّةَ لَهُ. وَعَبْدُ اللَّهِ الأَكْبَرُ لا بَقِيَّةَ لَهُ.
وَعَاتِكَةُ. وَأُمُّهُمْ جُلَيْسَةُ بِنْتُ سُوَيْدِ بْنِ صَامِتٍ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَصْغَرُ لا بَقِيَّةَ لَهُ. وَعُمَرُ الأَصْغَرُ لا بَقِيَّةَ لَهُ. وَأُمُّ مُوسَى وَأُمُّ الْحَسَنِ. وَأُمُّهُمْ أُمَامَةُ بِنْتُ الدُّجَيْجِ مِنْ غَسَّانَ.
وَمُحَمَّدُ وَإِبْرَاهِيمُ الأَصْغَرُ وَعَبْدُ اللَّهِ الأَصْغَرُ وَأُمُّ حَبِيبٍ الْكُبْرَى وَأُمُّ الْحَسَنِ الصُّغْرَى وَأُمُّ زَيْدٍ الْكُبْرَى وَأُمُّ سَلَمَةَ وَأُمُّ حَبِيبٍ الصُّغْرَى وَأُمُّ سَعِيدٍ الْكُبْرَى تُوفِّيَتْ قَبْلَ أَبِيهَا. وَأُمُّ زَيْدٍ وَأُمُّهُمْ حَزْمَةُ بِنْتُ قَيْسِ بْنِ خَالِدِ بْنِ وَهْبِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ وَاثِلَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ شَيْبَانَ بْنِ مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ. وَعَمْرٌو الأَصْغَرُ وَالأَسْوَدُ وَأُمُّهُمَا أُمُّ الأَسْوَدِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ.
وَعَمْرٌو الأَكْبَرُ. وَطَلْحَةُ هَلَكَ قَبْلَ أَبِيهِ لا بَقِيَّةَ لَهُ. وَزُجْلَةُ امْرَأَةٌ وَأُمُّهُمْ ضُمْخُ بِنْتُ الأَصْبَغِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ رَبِيعِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ مَصَادِ بْنِ حِصْنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُلَيْمٍ مِنْ كَلْبٍ.
وَإِبْرَاهِيمُ الأَكْبَرُ وَحَفْصَةُ وَأُمُّهُمَا ابْنَةُ قِرْبَةَ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ. وَخَالِدٌ وَأُمُّ خَالِدٍ تُوفِّيَتْ قَبْلَ أَبِيهَا وَأُمُّ النُّعْمَانِ وَأُمُّهُمْ أُمُّ خَالِدٍ أُمُّ وَلَدٍ. وَأُمُّ زَيْدٍ الصُّغْرَى وَأُمُّهَا أُمُّ بَشِيرِ بِنْتُ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ. وَأُمُّ زَيْدٍ الصُّغْرَى كَانَتْ تَحْتَ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ وَأُمُّهَا مِنْ طَيِّئٍ. وَعَائِشَةُ وَزَيْنَبُ وَأُمُّ عَبْدٍ الْحَوْلاءُ وَأُمُّ صَالِحٍ وَأُمُّهُمْ أُمُّ وَلَدٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أسلم سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ رَسُولُ اللَّهِ دَارَ الأَرْقَمِ وَقَبْلَ أَنْ يَدْعُوَ فِيهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى رِفَاعَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ أَخِي أَبِي لُبَابَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِيهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بن زيد من ولد سعيد بن زيد عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَرَافِعِ بْنِ مَالِكٍ الزُّرَقِيِّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بن رفاعة عن عبد الله بن مكنف عن حَارِثَةَ الأَنْصَارِيِّ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَسَمِعْتُ بَعْضَ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ ابْنِ أَبِي سبرة. قالوا: لما تحين رسول الله فُصُولَ عِيرِ قُرَيْشٍ مِنَ الشَّامِ بَعَثَ طَلْحَةَ بْن عُبَيْد اللَّه وسعيد بْن زيد بن عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَبْلَ(3/292)
خُرُوجِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ بِعَشْرِ لَيَالٍ يَتَحَسَّبَانِ خَبَرَ الْعِيرِ. فَخَرَجَا حَتَّى بَلَغَا الْحَوْرَاءَ فَلَمْ يَزَالا مُقِيمَيْنِ هُنَاكَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمَا الْعِيرُ. وَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الخبر قَبْلَ رُجُوعِ طَلْحَةَ وَسَعِيدٍ إِلَيْهِ فَنَدَبَ أَصْحَابَهُ وَخَرَجَ يُرِيدُ الْعِيرَ. فَسَاحَلَتِ الْعِيرُ وَأَسْرَعَتْ. وَسَارُوا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ فَرَقًا مِنَ الطِّلْبَةِ. وَخَرَجَ طَلْحَةُ بْن عُبَيْد اللَّه وَسَعِيدُ بْن زَيْدٍ يُرِيدَانِ الْمَدِينَةَ لِيُخْبِرَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَبَرَ الْعِيرِ وَلَمْ يَعْلَمَا بِخُرُوجِهِ. فَقَدِمَا الْمَدِينَةَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي لاقَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ النفير من قريش ببدر. فخرجا من المدينة يعترضان رسول الله فلقياه بتربان فما بَيْنَ مَلَلٍ وَالسَّيَالَةِ عَلَى الْمَحَجَّةِ مُنْصَرِفًا مِنْ بَدْرٍ. فَلَمْ يَشْهَدْ طَلْحَةُ وَسَعِيدٌ الْوَقْعَةَ. وَضَرَبَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ بِسُهْمَانِهِمَا وَأُجُورِهِمَا فِي بَدْرٍ. فَكَانَا كَمَنْ شَهِدَهَا. وَشَهِدَ سَعِيدٌ أُحُدًا وَالْخَنْدَقَ والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأموي قال: أخبرنا عبيدة بْنُ مُعَتِّبٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نفيل قال: قال رسول الله. ص: اثْبُتْ حِرَاءَ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكَ إِلا نَبِيُّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ. قَالَ فَسَمَّى تِسْعَةً: رَسُولَ اللَّهِ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيًّا وَعُثْمَانَ وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بْنَ مَالِكٍ. وَقَالَ:
لَوْ شِئْتُ أَنْ أُسَمِّيَ الْعَاشِرَ لَفَعَلْتُ. يَعْنِي نَفْسَهُ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: عَشَرَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْجَنَّةِ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَسَعِيدُ بْن زَيْدِ بْن عَمْرو بْن نُفَيْلٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ اسْتُصْرِخَ عَلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بن نفيل يوم الجمعة بعد ما ارْتَفَعَ الضُّحَى فَأَتَاهُ ابْنُ عُمَرَ بِالْعَقِيقِ وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ. يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ. عَنْ أَبِي عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ تَقُولُ: غَسَّلَ أَبِي سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ بِالْعَقِيقِ ثُمَّ احْتَمَلُوهُ يَمْشُونَ بِهِ حَتَّى إِذَا حَاذَى سَعْدٌ بِدَارِهِ دَخَلَ وَمَعَهُ النَّاسُ. فَدَخَلَ الْبَيْتَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ لِمَنْ مَعَهُ: إِنِّي لَمْ أَغْتَسِلْ مِنْ غُسْلِ سَعِيدٍ إِنَّمَا اغْتَسَلْتُ مِنَ الْحَرِّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أن(3/293)
ابْنَ عُمَرَ حَنَّطَ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ وَحَمَلَهُ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ حَنَّطَ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ نُفَيْلٍ فَقِيلَ لَهُ: نَأْتِيكَ بِمِسْكٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. وَأَيُّ طِيبٍ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ؟
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ اسْتُصْرِخَ عَلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وَابْنُ عُمَرَ يَتَجَهَّزُ لِلْجُمُعَةِ. فَأَتَاهُ وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ اسْتُصْرِخَ عَلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بن نفيل يوم الجمعة بعد ما ارْتَفَعَ الضُّحَى فَأَتَاهُ ابْنُ عُمَرَ بِالْعَقِيقِ وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ مَاتَ بِالْعَقِيقِ فَحُمِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَدُفِنَ بِهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ أَنَّهُ سَمِعَ غَيْرَ وَاحِدٍ يَقُولُ: إِنَّ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ مَاتَ بِالْعَقِيقِ فَحُمِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَدُفِنَ بِهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: دُعِيَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ عمر وَهُوَ يَمُوتُ وَابْنُ عُمَرَ يَسْتَجْمِرُ لِلْجُمُعَةِ. فَأَتَاهُ وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ زَيْدٍ مِنْ وَلَدِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تُوُفِّيَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ بِالْعَقِيقِ فَحُمِلَ عَلَى رِقَابِ الرِّجَالِ فَدُفِنَ بِالْمَدِينَةِ وَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهِ سَعْدٌ وَابْنُ عُمَرَ وَذَلِكَ سَنَةَ خَمْسِينَ أَوْ إِحْدَى وَخَمْسِينَ. وَكَانَ يَوْمَ مَاتَ ابْنُ بِضْعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً. وَكَانَ رَجُلا طُوَالا آدَمَ أَشْعَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَكِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ وَلَدِ الْمُطَّلِبِ بن عبد مناف عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ رَأَى فِي خَاتَمِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهُوَ الثَّبَتُ عِنْدَنَا لا اخْتِلافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْبَلَدِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ قِبَلِنَا أَنَّ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ مَاتَ بِالْعَقِيقِ وَحُمِلَ فَدُفِنَ بِالْمَدِينَةِ وَشَهِدَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنُ عُمَرَ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ وَقَوْمُهُ وَأَهْلُ بَيْتِهِ وَوَلَدُهُ عَلَى ذَلِكَ يَعْرِفُونَهُ وَيَرْوُونَهُ. وَرَوَى أَهْلُ الْكُوفَةِ أَنَّهُ مَاتَ عِنْدَهُمْ بِالْكُوفَةِ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَصَلَّى عَلَيْهِ(3/294)
الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ وَالِي الْكُوفَةِ لِمُعَاوِيَةَ.
59- عَمْرُو بْنُ سُرَاقَةَ
بْنِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ أَنَسِ بْنِ أَدَاةَ بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْن رزاح بْن عدي بْن كعب بْن لؤي وأمه آمنة بِنْت عَبْد اللَّه بْن عُمَيْر بْن أهيب بْن حذافة بْن جمح.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ عَمْرٌو وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنَا سُرَاقَةَ بْنِ الْمُعْتَمِرِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلا عَلَى رِفَاعَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ أَخِي أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ.
قَالُوا: وَشَهِدَ عَمْرُو بْنُ سُرَاقَةَ بَدْرًا فِي رِوَايَةِ موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبي مَعْشَرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ. وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَحْدَهُ مِنْ بَيْنِهِمْ أَنَّ أَخَاهَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سُرَاقَةَ شَهِدَ أَيْضًا بَدْرًا. وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ غَيْرُهُ وَلَيْسَ هُوَ عِنْدَنَا بِثَبْتٍ. وَشَهِدَ عَمْرُو بْنُ سُرَاقَةَ أحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وتوفي في خلافة عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: وَتُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُرَاقَةَ وَلَيْسَ لَهُ عقب.
__________
59 المغازي 9. 156. 721. وابن هشام 1/ 476. 68. 2/ 357.
ومن حلفاء بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ وَمَوَالِيهِمْ
60- عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ
بْنِ مَالِكِ بْنِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ بْن حجير بْن سلامان بْن مالك بْن ربيعة بْن رفيدة بْن عنز بْن وَائِلِ بْنِ قَاسِطِ بْنِ هِنْبِ بْنِ أَفْصَى بْنِ دُعْمِيِّ بْنِ جَدِيلَةَ بْنِ أَسَدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ. وكان حليفًا للخطاب بْن نفيل.
وكان الخطاب لمّا حالفه عامر بْن ربيعة تبناه وادعاه إليه فكان يُقَالُ له عامر بْن الخطاب حَتَّى نزل القرآن: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ. فرجع عامر إِلَى نسبه. فَقِيل عامر بْن ربيعة. وهو
59 المغازي (9) ، (156) ، (721) ، وابن هشام (1/ 476، 68) ، (2/ 357) .
60 تاريخ خليفة (168) ، والتاريخ الكبير (6/ ت 2943) ، وتاريخ أبي زرعة (164) ، وتاريخ الطبري (2/ 295) ، 330، 369) ، والجرح والتعديل (6/ ت 1790) ، وثقات ابن حبان (3/ 290) ، وأسد الغابة (3/ 80) ، والكامل في التاريخ (2/ 46، 84، 101) ، وسير أعلام النبلاء (2/ 333) ، والعبر (1/ 35) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 3000) ، وتهذيب الكمال (3037) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (114) ، وتهذيب التهذيب (5/ 62) ، والإصابة (2/ ت 4381) ، وتقريب التهذيب (1/ 387) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3258) ، وشذرات الذهب (1/ 40) ، وتهذيب تاريخ دمشق (7/ 138) .(3/295)
صحيح النسب فِي وائل.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صالح عن يزيد بن رومان قال: أسلم عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ قَدِيمًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دار الأرقم بن أبي الأرقم وقبل أن يدعو فِيهَا.
قَالُوا: وَهَاجَرَ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ الْهِجْرَتَيْنِ جَمِيعًا وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ لَيْلَى بِنْتُ أَبِي حَثْمَةَ الْعَدَوِيَّةُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا قَدِمَ أَحَدٌ الْمَدِينَةَ لِلْهِجْرَةِ قَبْلِي إِلا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا قَدِمَتْ ظَعِينَةٌ الْمَدِينَةَ أَوَّلَ مِنْ لَيْلَى بِنْتِ أَبِي حَثْمَةَ.
يَعْنِي زَوْجَتَهُ.
قَالُوا: وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَيَزِيدَ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ سَرْحٍ الأَنْصَارِيِّ. وَكَانَ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. وَشَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ وَخَالِدُ بن مخلد البجلي قَالا: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ. وَكَانَ عَامِرٌ بَدْرِيًّا. قَالَ: قَامَ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ وَذَلِكَ حِينَ نَشِبَ النَّاسُ فِي الطَّعْنِ عَلَى عُثْمَانَ فَصَلَّى مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ نَامَ فَأُتِيَ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهُ: قُمْ فَاسْأَلِ اللَّهَ أَنْ يُعِيذَكَ مِنَ الْفِتْنَةِ الَّتِي أَعَاذَ مِنْهَا صَالِحَ عِبَادِهِ. فَقَامَ فَصَلَّى ثُمَّ اشْتَكَى فَمَا أُخْرِجَ بِهِ إِلا جَنَازَةً.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: كَانَ مَوْتُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بِأَيَّامٍ.
وَكَانَ قَدْ لَزِمَ بَيْتَهُ فَلَمْ يَشْعُرِ النَّاسُ إِلا بِجَنَازَتِهِ قَدْ أُخْرِجَتْ.
61- عَاقِلُ بْنُ أَبِي الْبُكَيْرِ
بْنِ عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن
__________
61 المغازى (145) ، (156) ، وتاريخ الطبري (4/ 339) ، وابن هشام (1/ 260) ، (477، 684، 707) .(3/296)
لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كنانة. وكان اسم عاقل غافلًا فَلَمَّا أسلم سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عاقلا. وأن أَبُو البكير بن عَبْد ياليل حالف فِي الجاهلية نُفَيْلِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى جَدِّ عُمَرَ بْنِ الخطاب فهو وولده حلفاء بني نفيل. وكان أَبُو معشر ومحمد بْن عُمَر يقولان: ابن أبي البكير. وكان مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إِسْحَاق وهشام بْن مُحَمَّد الكلبي يقولون: ابن البكير.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أسلم عَاقِلٌ وَعَامِرٌ وَإِيَاسٌ وَخَالِدٌ بَنُو أَبِي الْبُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ يَالِيلَ جَمِيعًا فِي دَارِ الأَرْقَمِ وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ محمد بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: خَرَجَ عَاقِلٌ وَخَالِدٌ وَعَامِرٌ وَإِيَاسٌ بَنُو أَبِي الْبُكَيْرِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ لِلْهِجْرَةِ فَأَوْعَبُوا رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ فَلَمْ يَبْقَ فِي دُورِهِمْ أَحَدٌ حَتَّى غُلِّقَتْ أَبْوَابُهُمْ فَنَزَلُوا عَلَى رِفَاعَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ.
قالوا: وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عَاقِلِ بْنِ أَبِي الْبُكَيْرِ وَبَيْنَ مُبَشِّرِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ وَقُتِلا جَمِيعًا بِبَدْرٍ. وَيُقَالُ بَلْ آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عَاقِلِ بْنِ أَبِي الْبُكَيْرِ وَمُجَذَّرِ بْنِ زِيَادٍ. وَقُتِلَ عَاقِلُ بْنُ أَبِي الْبُكَيْرِ يَوْمَ بَدْرٍ شَهِيدًا وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً. قَتَلَهُ مَالِكُ بْنُ زُهَيْرٍ الْجُشَمِيُّ أَخُو أَبِي أُسَامَةَ.
62- خَالِد بن أبي البكير
بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بْن سعد بْنِ لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْن كنانة.
آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ خَالِد بْن أبي البكير وبين زَيْد بْن الدثنة. وشهد خَالِد بْن أبي البكير بدرًا وأحدًا وقتل يوم الرجيع شهيدًا فِي صفر سنة أربعٍ من الهجرة. وكان يوم قُتِلَ ابن اربع وثلاثين سنة. وله يقول حسّان بْن ثابت:
ألا ليتني فيها شهدت ابن طارق ... وزيدًا. وما تغني الأماني. ومرثدًا
فدافعت عن حبي خبيب وعاصم ... وكان شفاء لو تداركت خالدا
__________
62 المغازي (19) ، (156) ، (355) ، وتاريخ الطبري (2/ 358، 539) ، وابن هشام (1/ 260، 477، 602، 656، 684، 714) ، (2/ 169، 170) .(3/297)
63- إياس بْن أبي البكير
بْن عَبْد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بْنِ لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْن كنانة.
آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ إياس بْن أبي البكير والحارث بْن خزمة. وشهد إياس بْن أبي البكير بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
64- عامر بْن أبي البكير
بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بْنِ لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْن كنانة.
آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عامر بْن أبي البكير وثابت بْن قَيْس بْن شماس.
وشهد عامر بْن أبي البكير بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
65- وَاقِدُ بْنُ عبد الله
بن عبد مناة بن عزيز بن ثعلبة بن يربوع بْن حنظلة بْن مالك بْن زَيْد مناة بْنِ تَمِيمِ. وكان حليفًا للخطاب بْن نفيل.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أَسْلَمَ وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الأَرْقَمِ وَقَبْلَ أَنْ يَدْعُوَ فِيهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى رِفَاعَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ.
قَالُوا: آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ وَاقِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيِّ وَبِشْرِ بْنِ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ.
وَشَهِدَ وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ سَرِيَّتَهُ إِلَى نَخْلَةَ وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ عَمْرُو بْنُ الحضرمي. فقالت يهود: عَمْرُو بْنُ الْحَضْرَمِيُّ قَتَلَهُ وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. عَمْرٌو عَمَرَتِ الْحَرْبُ وَالْحَضْرَمِيُّ حَضَرَتِ الْحَرْبُ وَوَاقِدٌ وَقَدَتِ الْحَرْبُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَتَفَاءَلُوا بِذَلِكَ فَكَانَ كُلُّ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ على يهود. وشهد
__________
63 المغازي (156) ، ابن هشام (1/ 260، 477، 684، 714) .
64 أسد الغابة (5/ ة 8) ، والإصابة (ت 9099) ، والاستيعاب (3/ 601) ، والمغازي (156) .
65 المغازي (14) ، (16) ، (19) ، (140) ، (156) . وتاريخ الطبري (2/ 412، 414، 420، 421) ، وأسد الغابة (5/ 80) ، والإصابة (9099) ، والاستيعاب (3/ 601) .(3/298)
وَاقِدٌ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتوفي فِي أَوَّلِ خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ.
66- خولي بْن أبي خولي
واسم أبي خولي عَمْرو بْن زُهَيْر بْن خَيْثَمَةَ بْن أبي حمران. واسمه الْحَارِث بْن مُعَاوِيَة بْن الْحَارِث بْن مالك بْن عوف بْن سعد بْن عوف بْن حريم بْن جعفى بن سَعْدِ الْعَشِيرَةِ بْن مالك بْن أدد بْن مذحج. وكان حليفا للخطاب بْن نفيل بْن عَبْد العزى أبي عُمَر بْن الْخَطَّابِ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْن كعب.
أجمعوا جميعًا لا اختلاف بينهم أن خولي بن أبي خولي شهد بدرا. وقال أبو معشر ومحمد بْن عُمَر عن رجالهم من أهل المدينة وغيرهم. وشهد بدرا مع خولي ابنه ولم يسمياه لنا. وأما مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فقال: شهدها مع أَخِيهِ مالك بْن أبي خولي وهما من جعفي. وأما مُوسَى بْن عُقْبَة فقال: شهدها خولي بْن أبي خولي وأخوه هلال بْن أبي خولي حليفان لهم. وَأَمَّا هِشَامُ بْن مُحَمَّد بْن السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ فذكر فِي كتابه. كتاب النسب. أنّه شهِدَ بدْرًا خولي بْن أبي خولي ونسبه هَذَا النسب الَّذِي نسبناه إليه. قَالَ وشهدها معه أخواه هلال وعبد الله ابنا أبي خولي وشهد خولي بْن أبي خولي بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومات فِي خلافة عُمَر بْن الخطاب. وذكر مُحَمَّد بْن إِسْحَاق أن أخاه مالك بْن أبي خولي الَّذِي شهِدَ فِي روايته بدْرًا مات فِي خلافة عُثْمَان بْن عفّان.
67- مِهْجَعُ بْنُ صَالِحٍ
مولى عمر بن الخطاب. ويقال إنّه من أَهْل اليمن أصابه سبيٌ فَمَنّ عليه عُمَر بْن الخطاب. وكان من المهاجرين الأولين. وقتل يوم بدْر بين الصفين. لا عقب له.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عن الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: أَوَّلُ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ بَدْرٍ مِهْجَعٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قالا:
__________
66 ابن هشام (1/ 477، 684) .
67 المغازي (65) ، (146) ، (150) ، وتاريخ الطبري (2/ 448) ، ابن هشام (1/ 683، 707) .(3/299)
كَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ بَدْرٍ مِهْجَعٌ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. قَتَلَهُ عَامِرُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ.
وَمِنْ بَنِي سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصِ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ
68- خُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ
بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمِ وأمه ضعيفة بِنْت حذيم بْن سَعِيد بْن رئاب بْن سهم. ويكنى خنيس أَبَا حذافة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أسلم خُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الأَرْقَمِ.
قَالُوا: وَهَاجَرَ خُنَيْسٌ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ الْهِجْرَةَ الثَّانِيَةَ فِي رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر الْوَاقِدِيِّ. وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَأَبُو مَعْشَرٍ.
وَكَانَ خُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ زَوْجُ حفصة بنت عمر بن الخطاب قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ خُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى رِفَاعَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ.
قَالُوا: وآخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ وَأَبِي عَبْسِ بْنِ جَبْرٍ. وَشَهِدَ خُنَيْسٌ بَدْرًا وَمَاتَ عَلَى رَأْسِ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا مِن مُهَاجَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ وَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ وَدَفَنَهُ بِالْبَقِيعِ إِلَى جَانِبِ قَبْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ. وَلَيْسَ لِخُنَيْسٍ عَقِبٌ. رَجُلٌ وَاحِدٌ.
وَمِنْ بَنِي جُمَحَ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصِ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ
69- عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونِ
بْنِ حَبِيبِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحَ ويكنى أَبَا السائب وأمه سخيلة بِنْت العنبس بْن وهبان بْن وهب بن حذافة بن جمح. وكان
__________
68 المغازي (156) ، وتاريخ الطبري (2/ 499) ، (3/ 164) ، (1/ 256، 328، 367، 436) ، ابن هشام (1/ 256، 328، 367، 436) .
69 الإصابة (ت 5455) ، صفة الصفوة (1/ 178) ، وحلية الأولياء (1/ 102) ، وتاريخ الخميس (1/ 411) ، وحذف من نسب قريش (75) ، وحذف من نسب قريش (93) .(3/300)
لعثمان من الولد عَبْد الرَّحْمَن والسائب وأمهما خَوْلَةُ بِنْت حَكِيمِ بْن أُمَيَّةَ بْن حَارِثَةَ بْن الأوقص السلمية.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: انْطَلَقَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ حَتَّى أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعرض عَلَيْهِمُ الإِسْلامَ وَأَنْبَأَهُمْ بِشَرَائِعِهِ فَأَسْلَمُوا جَمِيعًا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ وَذَلِكَ قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الأَرْقَمِ. وَقَبْلَ أَنْ يَدْعُوَ فِيهَا.
قَالُوا: وَهَاجَرَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ الْهِجْرَتَيْنِ جَمِيعًا فِي رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ قَالَ: زَعَمُوا أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ حَرَّمَ الْخَمْرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَقَالَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: إِنِّي لا أَشْرَبُ شَيْئًا يُذْهِبُ عَقْلِي وَيُضْحِكُ بِي مَنْ هُوَ أَدْنَى مِنِّي وَيَحْمِلُنِي عَلَى أَنْ أُنْكِحَ كَرِيمَتَيَّ مَنْ لا أُرِيدُ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ فِي الْخَمْرِ. فَمَرَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: حُرِّمَتِ الْخَمْرُ. وَتَلا عَلَيْهِ الآيَةَ فَقَالَ: تَبًّا لَهَا قَدْ كَانَ بَصَرِي فِيهَا ثَابِتًا.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا الإِفْرِيقِيُّ عَنْ سَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعُمَارَةَ بْنِ غُرَابٍ الْيَحْصِبِيِّ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لا أُحِبُّ أَنْ تَرَى امْرَأَتِي. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ:
عُرْيَتِي. وَقَالَ يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ: عَوْرَتِي. قال رسول الله. ص: وَلِمَ؟ قَالَ:
أَسْتَحْيِي مِنْ ذَلِكَ وَأَكْرَهُهُ. قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَعَلَهَا لَكَ لِبَاسًا وَجَعَلَكَ لَهَا لِبَاسًا وَأَهْلِي يَرَوْنَ عُرْيَتِي. فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ. وَفِي حَدِيثِ يَعْلَى: عَوْرَتِي. وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ مِنْهُمْ. قَالَ: أَنْتَ تَفْعَلُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَنْ بعدك] .
[فلما أدبر قال رسول الله. ص: إِنَّ ابْنَ مَظْعُونٍ لَحَيِيٌّ سِتِّيرٌ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب أن عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ أَرَادَ أَنْ يَخْتَصِي وَيَسِيحَ في الأرض فقال له رسول الله. ص:
[أَلَيْسَ لَكَ فِيَّ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ؟ فَأَنَا آتِي النِّسَاءَ وَآكُلُ اللَّحْمَ وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ. إِنَّ خِصَاءَ أُمَّتِي الصِّيَامُ وَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ خَصَى أو اختصى.](3/301)
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: لَقَدْ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ لاخْتَصَى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ: دَخَلَتِ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَأَيْنَهَا سَيِّئَةَ الْهَيْئَةِ فَقُلْنَ لَهَا: مَا لَكِ؟ فَمَا فِي قُرَيْشٍ أَغْنَى مِنْ بَعْلِكِ. قَالَتْ: مَا لَنَا مِنْهُ شَيْءٌ. أَمَّا لَيْلَهُ فَقَائِمٌ وَأَمَّا نَهَارَهُ فَصَائِمٌ. فَدَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرْنَ ذَلِكَ لَهُ. [فَلَقِيَهُ فَقَالَ: يَا عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ أَمَا لَكَ بِيَّ أسوة؟ فقال: يا بِأَبِي وَأُمِّي. وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ. قَالَ: إِنِّي لأَفْعَلُ.
قَالَ: لا تَفْعَلْ. إِنَّ لِعَيْنَيْكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ لِجَسَدِكَ حَقًّا وَإِنَّ لأَهْلِكَ حَقًّا فَصَلِّ وَنَمْ وَصُمْ وَأَفْطِرْ. قَالَ فَأَتَتْهُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَطِرَةً كَأَنَّهَا عَرُوسٌ فَقُلْنَ لَهَا: مَهْ؟ قَالَتْ: أَصَابَنَا مَا أَصَابَ النَّاسَ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَيَّاشٍ الْجَرْمِيُّ عَنْ أَبِي قِلابَةَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ اتَّخَذَ بَيْتًا فَقَعَدَ يَتَعَبَّدُ فِيهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَاهُ فَأَخَذَ بِعِضَادَتَيْ بَابِ الْبَيْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَقَالَ: يَا عُثْمَانُ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي بِالرَّهْبَانِيَّةِ. مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا. وَإِنَّ خَيْرَ الدِّينِ عِنْدَ اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ عَنْ أَبِيهَا عَنْ أَخِيهِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ تَشُقُّ عَلَيَّ هَذِهِ الْعُزْبَةُ فِي الْمَغَازِي فَتَأْذَنُ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي الْخِصَاءِ فَأَخْتَصِيَ؟ قَالَ: [لا. وَلَكِنْ عَلَيْكَ يَا ابْنَ مَظْعُونٍ بِالصِّيَامِ فَإِنَّهُ مُجْفِرٌ] . قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ:
وَالْمُجْفِرُ الَّذِي إِذَا أَتَى النِّسَاءَ فَإِذَا قَامَ انْقَطَعَ ذَلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الظَّفَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ قَالا: نَزَلَ عُثْمَانُ وَقُدَامَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بَنُو مَظْعُونٍ وَالسَّائِبُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَمَعْمَرُ بْنُ الْحَارِثِ حِينَ هَاجَرُوا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ الْعَجْلانِيِّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: نَزَلُوا(3/302)
عَلَى حِزَامِ بْنِ وَدِيعَةَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَآلُ مَظْعُونٍ مِمَّنْ أَوْعَبَ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْهِجْرَةِ رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ بِمَكَّةَ أَحَدٌ حَتَّى غُلِّقَتْ دُورُهُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أُمِّ الْعَلاءِ قَالَتْ: نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُهَاجِرُونَ مَعَهُ الْمَدِينَةَ فِي الْهِجْرَةِ فَتَشَاحَّتِ الأَنْصَارُ فِيهِمْ أَنْ يُنْزِلُوهُمْ فِي مَنَازِلِهِمْ حَتَّى اقْتَرَعُوا عَلَيْهِمْ. فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ عَلَى الْقُرْعَةِ. تَعْنِي وَقَعَ فِي سَهْمِنَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: خَطَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَإِخْوَتِهِ مَوْضِعَ دَارِهِمُ الْيَوْمَ بِالْمَدِينَةِ.
قَالُوا: وآخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَأَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ.
وَشَهِدَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ بَدْرًا وَمَاتَ فِي شَعْبَانَ عَلَى رَأْسِ ثَلاثِينَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ وَوَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبَّلَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَهُوَ مَيِّتٌ. قَالَ فَرَأَيْتُ دُمُوعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسِيلُ عَلَى خَدِّ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ إِلْيَاسَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ مَاتَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْتَادُ لأَصْحَابِهِ مَقْبَرَةً يُدْفَنُونَ فِيهَا فَكَانَ قَدْ جَاءَ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ وَأَطْرَافِهَا. قَالَ ثُمَّ قَالَ: أُمِرْتُ بِهَذَا الْمَوْضِعِ. يَعْنِي الْبَقِيعَ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ بَقِيعُ الْخَبْخَبَةِ. وَكَانَ أَكْثَرُ نَبَاتِهِ الْغَرْقَدَ وَبِهِ نِجَالٌ كَثِيرَةٌ. وَالنَّجْلُ النَّزُّ. وَأَثْلٌ وَطَرْفَاءُ. وَبِهِ بَعُوضٌ كَالدُّخَانِ إِذَا أَمْسَوْا. فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ قُبِرَ هُنَاكَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ. فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَرًا عِنْدَ رَأْسِهِ وَقَالَ: هَذَا فَرَطُنَا. فَكَانَ إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ بَعْدَهُ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ نَدْفِنُهُ؟ فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ:
عِنْدَ فَرَطِنَا عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ] .(3/303)
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: رَأَيْتُ قَبْرَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَعِنْدَهُ شَيْءٌ مُرْتَفِعٌ. يَعْنِي كَأَنَّهُ عَلَمٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ دُفِنَ بِالْبَقِيعِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدُفِنَ عِنْدَ مَوْضِعِ الْكِبَا الْيَوْمَ عِنْدَ دَارِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَالْكِبَا الْكُنَاسَةُ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالا: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ قَالَ: لَمَّا مُرَّ بِجِنَازَةِ عُثْمَانَ بن مظعون قال رسول الله. ص: ذَهَبَتْ وَلَمْ تَلَبَّسْ مِنْهَا بِشَيْءٍ. يَعْنِي الدُّنْيَا] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي معمر عن الزهري عن خارجة بن زيد عَنْ أُمِّ الْعَلاءِ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِمْ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أُمِّ الْعَلاءِ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِمْ قَدْ كَانَتْ بَايَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَكَرَتْ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ اشْتَكَى عِنْدَهُمْ: فَمَرَّضْنَاهُ حَتَّى إِذَا تُوُفِّيَ جَعَلْنَاهُ فِي أَثْوَابِهِ فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ أُذْهِبُ عَنْكَ أَبَا السَّائِبِ شَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ الله. قالت: فقال رسول الله. ص: وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ؟ فَقُلْتُ لَهُ: لا أَدْرِي بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَمَنْ؟ قَالَ:
أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ. وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ وَإِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي. قالت: فمن بأبي وأمي؟ فو الله لا أُزَكِّي بَعْدَهُ أَحَدًا أَبَدًا. قَالَتْ: فَأَحْزَنَنِي ذَلِكَ فَنِمْتُ فَأُرِيتُ لِعُثْمَانَ عَيْنًا تَجْرِي. قَالَتْ: فَأَتَيْتُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: ذَلِكَ عَمَلُهُ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ قَالَتِ امْرَأَتُهُ: هَنِيئًا لَكَ الْجَنَّةُ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ! فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَظَرَ غَضْبَانَ فَقَالَ لَهَا: وَمَا يُدْرِيكِ؟ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَارِسُكَ وَصَاحِبُكَ. فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لِرَسُولُ اللَّهِ فَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِهِ.
فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ لِمِثْلِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِهِمْ. فَلَمَّا مَاتَتْ. قَالَ يَزِيدُ: زَيْنَبَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ عَفَّانُ: رُقْيَةُ(3/304)
بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: ابْنَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ:
الْحَقِي بِسَلَفِنَا الْخَيِّرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ فِي حَدِيثِهِ: فَبَكَتِ النِّسَاءُ فَجَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَضْرِبُهُنَّ بِسَوْطِهِ. فَأَخَذَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ وَقَالَ:
مَهْلا يَا عُمَرُ. ثُمَّ قَالَ: ابْكِينَ وَإِيَّاكُنَّ وَنَعِيقَ الشَّيْطَانِ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُ مَهْمَا كَانَ مِنَ الْعَيْنِ وَالْقَلْبِ فَمِنَ اللَّهِ وَمِنَ الرَّحْمَةِ وَمَا كَانَ مِنَ الْيَدِ وَاللِّسَانِ فَمِنَ الشَّيْطَانِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: تُوُفِّيَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَجُوزًا تَقُولُ وَرَاءَ جَنَازَتِهِ:
هَنِيئًا لَكَ يا أَبَا السَّائِبِ الْجَنَّةُ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ. ص: وَمَا يُدْرِيكِ؟ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبُو السَّائِبِ. قَالَ: وَاللَّهِ مَا نَعْلَمُ إِلا خَيْرًا. ثُمَّ قَالَ: بِحَسْبِكِ أَنْ تَقُولِي كَانَ يُحِبُّ الله ورسوله] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَفَاةً لَمْ يُقْتَلْ: هَبَطَ مِنْ نَفْسِي هَبْطَةً ضَخْمَةً فَقُلْتُ انْظُرُوا إِلَى هَذَا الَّذِي كَانَ أَشَدَّنَا تَخَلِّيًا مِنَ الدُّنْيَا ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُقْتَلْ فَلَمْ يَزَلْ عُثْمَانُ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ مِنْ نَفْسِي حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فقلت وَيْكَ إِنَّ خِيَارَنَا يَمُوتُونَ. ثُمَّ تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ فَقُلْتُ وَيْكَ إِنَّ خِيَارَنَا يَمُوتُونَ. فَرَجَعَ عُثْمَانُ فِي نَفْسِي إِلَى الْمَنْزِلَةِ الَّتِي كَانَ بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ: نَزَلَ فِي قَبْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَائِمٌ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَظْعُونٍ وَقُدَامَةُ بْنُ مَظْعُونٍ وَالسَّائِبُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَمَعْمَرُ بْنُ الْحَارِثِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ دُفِنَ بِالْبَقِيعِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَيْءٍ فَوُضِعَ عِنْدَ رَأْسِهِ وَقَالَ: هَذَا عَلامَةُ قَبْرِهِ يُدْفَنُ إِلَيْهِ. يَعْنِي مَنْ مَاتَ مِنْ بعده.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ قَالَتْ: كَانَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَإِخْوَتُهُ مُتَقَارِبَيْنِ فِي الشَّبَهِ. كَانَ عُثْمَانُ شَدِيدَ الأُدْمَةِ لَيْسَ بِالْقَصِيرِ وَلا بِالطَّوِيلِ. كَبِيرَ اللِّحْيَةِ عَرِيضَهَا. وَكَذَلِكَ صِفَةُ قُدَامَةَ بْنِ(3/305)
مَظْعُونٍ إِلا أَنَّ قُدَامَةَ كَانَ طَوِيلا. وَكَانَتْ كُنْيَةُ عُثْمَانَ أَبَا السَّائِبِ.
70- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بْنِ جمح وأمه سخيلة بِنْت العنبس بْن وهبان بن وهب بن حذافة بن جمح.
ويكنى أَبَا مُحَمَّد.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يزيد بن رومان قال: أسلم عبد الله وَقُدَامَةُ ابْنَا مَظْعُونٍ قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الأَرْقَمِ وَقَبْلَ أَنْ يَدْعُوَ فِيهَا.
قَالُوا: وَهَاجَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَظْعُونٍ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ الْهِجْرَةَ الثَّانِيَةَ في روايتهم جميعا. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَظْعُونٍ وَسَهْلِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُعَلَّى الأَنْصَارِيِّ. وَشَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَظْعُونٍ بَدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَاتَ سَنَةَ ثَلاثِينَ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. وَهُوَ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً.
71- قُدَامَةُ بْنُ مَظْعُونِ بْنُ حَبِيبِ بن وهب بن حذافة بن جمح.
ويكنى أَبَا عُمَر وأمه غزية بِنْت الحويرث بْن العنبس بن وهبان بن وهب بن حذافة بْن جمح.
وكان لقدامة من الولد عُمَر وفاطمة وأمهما هند بِنْت الْوَلِيد بْن عُتْبة بن ربيعة بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قصي. وعائشة وأمها فاطمة بِنْت أبي سُفْيَان بْن الْحَارِث بْن أمية بْن الفضل بْن منقذ بْن عفيف بْن كليب بْن حبشية من خزاعة.
وحفصة وأمها أم وُلِدَ. ورملة وأمها صفية بِنْت الخطاب بْن نُفَيْلَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَّاحِ بْنِ عدي بْن كعب أخت عُمَر بْن الخطاب. وهاجر قدامة إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية في رواية مُحَمَّد بْن إِسْحَاق ومحمد بْن عُمَر.
وشهد قدامة بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي قُدَامَةُ بْنُ مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَ قُدَامَةُ بْنُ مَظْعُونٍ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.
وَكَانَ لا يُغَيِّرُ شَيْبَهُ.
72- السائب بْن عُثْمَان
بْن مَظْعُونِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ وَهْبِ بن حذافة بن
__________
70 الكامل لابن الأثير (3/ 44) ، والإصابة (ت 4955) ، وجمهرة الأنساب (152) ، والمحبر (74) ، وحذف من نسب قريش (93) .
71 تهذيب الأسماء (2/ 60) ، والإصابة (ت 7090) ، وحذف من نسب قريش.
72 سيرة ابن هشام غزوة بواط، والإصابة (ت 3062) ، وحذف من نسب قريش (93) .(3/306)
جمح وأمه خَوْلَةُ بِنْت حَكِيمِ بْن أُمَيَّةَ بْن حَارِثَةَ بْن الأوقص السلمية. وأمها ضعيفة بِنْت العاص بْن أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْن قصي. وهاجر السائب بْن عُثْمَان إِلَى أرض الحبشة الهجرة الثانية في روايتهم جميعا.
وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ السائب بْن عُثْمَان وبين حارثة بْن سراقة الْأَنْصَارِيّ. وقتل حارثة ببدر شهيدًا. وكان السائب بْن عُثْمَان من الرماة المذكورين مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وشهد السائب بْن عُثْمَان بدْرًا فِي رواية مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وأبي معشر ومحمد بْن عُمَر. ولم يذكره مُوسَى بن عقبة فيمن شهد عنده بدرا. وإن هشام بْن مُحَمَّد بْن السائب الكلبي يقول: الَّذِي شهِدَ بدْرًا هُوَ السائب بْن مظعون أخو عُثْمَان بْن مظعون لأبيه وأمه.
قَالَ مُحَمَّد بْن سعد: وذلك عندنا منه وهل لأن أصحاب السيرة ومن يعلم المغازي يثبتون السائب بن عثمان بن مظعون فيمن شهد بدرا وشهد أحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وشهد يوم اليمامة. وأصابه يومئذ سهم. وكانت اليمامة فِي خلافة أبي بكر الصديق سنة اثنتي عشرة. فمات السائب بعد ذلك من ذلك السهم وهو ابن بضع وثلاثين سنة.
73- مَعْمَرُ بْنُ الحارث
بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح وأمه قتيلة بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بْن جمح.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أَسْلَمَ مَعْمَرُ بْنُ الْحَارِثِ قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الأَرْقَمِ.
قَالَ: وآخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. بَيْنَ مَعْمَرِ بْنِ الْحَارِثِ وَمُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ. وَشَهِدَ مَعْمَرٌ بَدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتوفي في خلافة عمر بن الخطاب. خمسة نفر.
وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ
74- أَبُو سَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمِ
بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ أبي قيس بن
__________
73 المغازي (156) ، ابن هشام (1/ 258، 684) .
74 المغازي (156) ، (341) ، وتاريخ الطبري (2/ 330، 331) ، (4/ 50، 81، 82، 84، 86، 91- 93) .(3/307)
عَبْد ود بْن نصر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي وأمه برة بِنْت عَبْد المطلب بْن هشام بْن عَبْد مناف بْن قصي. وكان لأبي سبرة من الولد مُحَمَّد وعبد الله وسعد وأمهم أم كلثوم بِنْت سُهَيْل بْن عَمْرو بْن عَبْد شَمْسِ بْن عَبْد ود بْن نصر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. وكان أَبُو سبرة من مهاجرة الحبشة الهجرتين جميعًا. وكانت معه فِي الهجرة الثانية امرأته أم كلثوم بنت سهيل بن عمرو. وذكر ذلك محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر ولم يذكره مُوسَى بْن عُقْبَة وأبو معشر.
وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أبي سبرة بْن أبي رهم وبين سَلَمَة بْن سلامة بْن وقش.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ أَبُو سَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى الْمُنْذِرِ بن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الْجُلاحِ.
قَالُوا: وَشَهِدَ أَبُو سَبْرَةَ بَدْرًا وَأُحُدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ قَدْ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَزَلَهَا فَكَرِهَ ذَلِكَ لَهُ الْمُسْلِمُونَ. وَوَلَدُهُ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ وَيَدْفَعُونَهُ أَنْ يَكُونَ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ فَنَزَلَهَا بَعْدَ أَنْ هَاجَرَ مِنْهَا. وَتُوُفِّيَ أَبُو سَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمٍ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ.
75- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَخْرَمَةَ
بْنِ عَبْدِ العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. ويكنى أَبَا مُحَمَّد وأمه بهنانة بِنْت صَفْوان بْن أمية بْن محرث بْن خمل بْن شق بْن رقبة بْن مخدج بْن ثَعْلَبَة بْن مالك بْن كنانة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ يَسْأَلُ رَجُلا مِنْ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَخْرَمَةَ فَقَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ وَكَانَ لَهُ مِنَ الْوَلَدِ مُسَاحِقٌ وَأُمُّهُ زَيْنَبُ بِنْتُ سُرَاقَةَ بْنِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ أَنَسِ بْنِ أَدَاةَ بْنِ رِيَاحِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَّاحِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ. وَهُوَ أَبُو نَوْفَلِ بْنُ مساحق وله بقية عقب بِالْمَدِينَةِ.
قَالُوا: وَهَاجَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَخْرَمَةَ إلى أرض الحبشة الهجرتين جميعا في رواية محمد بن عمر وأما في رواية محمد بْنِ إِسْحَاقَ فَذَكَرَهُ فِي الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْهِجْرَةِ الأُولَى. وَأَمَّا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَأَبُو مَعْشَرٍ فَلَمْ يَذْكُرَاهُ فِي الأُولَى ولا في الثانية.
__________
75 المغازي (156) ، (341) ، (498) ، ابن هشام (1/ 329، 368، 685) .(3/308)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَخْرَمَةَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ.
قَالُوا: وآخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَفَرْوَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ وَذَفَةَ مِنْ بَنِي بَيَاضَةَ. وَشَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَخْرَمَةَ بَدْرًا وَهُوَ ابْنُ ثَلاثِينَ سَنَةً وشهد أحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وشهد اليمامة وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ شَهِيدًا فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ سَنَةً.
76- حَاطِبُ بْنُ عَمْرٍو.
أخو سُهَيْل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بْن نصر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي وأمه أسماء بنت الْحَارِث بْن نوفل من أشجع. وكان لحاطب من الولد عَمْرو بْن حاطب وأمه ريطة بِنْت علقمة بْن عَبْد الله بْن أبي قَيْس.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أسلم حَاطِبُ بْنُ عَمْرٍو قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الأَرْقَمِ.
قَالُوا: وَهَاجَرَ حَاطِبُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي الْهِجْرَتَيْنِ جَمِيعًا فِي رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَأَبُو معشر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَلِيطُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَامِرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ أَرْضَ الْحَبَشَةِ حَاطِبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فِي الْهِجْرَةِ الأُولَى. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهَذَا الثَّبْتُ عِنْدَنَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ حَاطِبُ بْنُ عَمْرٍو مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى رِفَاعَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ أَخِي أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ.
قَالُوا: وَشَهِدَ حَاطِبُ بْنُ عَمْرٍو بَدْرًا فِي رِوَايَتِهِمْ جَمِيعًا وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي كِتَابِهِ أَنَّ أَخَاهَ سَلِيطَ بْنَ عَمْرٍو شَهِدَ مَعَهُ بَدْرًا. وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ غَيْرُهُ وَلَيْسَ بِثَبْتٍ.
وشهد حاطب أحدا.
__________
76 المغازي (156) ، (157) ، (603) ، وتاريخ الطبري (2/ 330، 331) ، ابن هشام (1/ 279، 323، 329) .(3/309)
77- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سهيل
بن عمرو بن عبد شمس بن عَبْد ود بْن نصر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. ويكنى أَبَا سُهَيْل وأمه فاختة بِنْت عَامِرِ بْن نَوْفَلِ بْن عَبْد مَنَافِ بْن قصي. وهاجر عَبْد الله بْن سُهَيْل إِلَى أرض الحبشة فِي الهجرة الثانية في رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر. ولم يذكره موسى بن عُقْبَة وأبو معشر. ثُمَّ رجع إِلَى مكّة فأخذه أَبُوهُ فأوثقه عنده وفتنه فِي دينه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُهَيْلٍ إِلَى نَفِيرِ بَدْرٍ مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ مَعَ أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو فِي نَفَقَتِهِ وَحُمْلانِهِ وَلا يَشُكُّ أَبُوهُ أَنَّهُ قَدْ رَجَعَ إِلَى دِينِهِ. فَلَمَّا الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ بِبَدْرٍ وَتَرَاءَى الْجَمْعَانِ انْحَازَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُهَيْلٍ إِلَى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ الْقِتَالِ فَشَهِدَ بَدْرًا مُسْلِمًا وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً فَغَاظَ ذَلِكَ أَبَاهُ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو غَيْظًا شَدِيدًا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَجَعَلَ اللَّهُ. عَزَّ وَجَلَّ. لِي وَلَهُ فِي ذَلِكَ خَيْرًا كَثِيرًا. وَشَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُهَيْلٍ أُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَهِدَ الْيَمَامَةَ وَقُتِلَ بِهَا شَهِيدًا يَوْمَ جُوَاثَا فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ. فَلَمَّا حَجَّ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فِي خِلافَتِهِ أَتَاهُ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو بمكة فعزاه أبو بكر بعبد الله قال سُهَيْلٌ: لَقَدْ [بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: يَشْفَعُ الشَّهِيدُ لِسَبْعِينَ مِنْ أَهْلِهِ فَأَنَا أَرْجُو أَلا يَبْدَأَ ابْنِي بِأَحَدٍ قَبْلِي] .
78- عُمَيْرُ بْنُ عَوْفٍ
مَوْلَى سُهَيْل بْن عَمْرو ويكنى أَبَا عَمْرو. وكان من مولدي مكّة. وكان مُوسَى بْن عُقْبَة وأبو معشر ومحمد بْن عُمَر يقولون: عمير بْن عوف: وكان مُحَمَّد بْن إِسْحَاق يقول: عَمْرو بْن عَوْفٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ ابن قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ عُمَيْرُ بْنُ عَوْفٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ.
قَالُوا: وَشَهِدَ عُمَيْرُ بْنُ عَوْفٍ بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
__________
77 المغازي (156) ، (157) ، (341) ، (603) ، (847) ، تاريخ الطبري (2/ 636) ، ابن هشام (1/ 329، 368، 685) .
78 المغازي (143) ، (156) ، ابن هشام (1/ 710) .(3/310)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَلِيطُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَهْلِهِ قَالُوا: مَاتَ عُمَيْرُ بْنُ عَوْفٍ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَصَلَّى عَلَيْهِ عُمَرُ.
79- وَهْبُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ جَذِيمَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ.
وهو أخو عَبْد الله بْن سعد وأمهما مهانة بِنْت جَابِر من الأشعريين.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ ابن قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ وَهْبُ بْنُ سَعْدٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ.
قَالُوا: وآخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ وَهْبِ بْنِ سَعْدٍ وَسُوَيْدِ بْنِ عَمْرٍو وَقُتِلا جَمِيعًا يَوْمَ مُؤْتَةَ شَهِيدَيْنِ. وَشَهِدَ وَهْبُ بْنُ سَعْدٍ بَدْرًا فِي رواية موسى بْنِ عُقْبَةَ وَأَبِي مَعْشَرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ ولم يذكره محمد بن إسحاق فِي كِتَابِهِ فِيمَنْ شَهِدَ بَدْرًا. وَشَهِدَ وَهْبُ ابن سَعْدٍ أُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْحُدَيْبِيَةَ وَخَيْبَرَ وَقُتِلَ يَوْمَ مؤتة شَهِيدًا فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ. وَكَانَ يَوْمَ قُتِلَ ابْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً.
وَمِنْ حُلَفَاءِ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ
80- سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ
حليف لهم من أَهْل اليمن ويكنى أَبَا سَعِيد. هكذا قال موسى ابن عُقْبَة ومحمد بْن إِسْحَاق ومحمد بْن عُمَر. وقال أَبُو معشر سعد بْن خولي حليف لهم من أهل اليمن.
وقال محمد بن سعد: وسمعت من يذكر أنه ليس بحليف وأنه مولى أبي رهم بن عبد العزى العامري وكان من مهاجرة الحبشة في الهجرة الثانية في رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر ولم يذكره موسى بن عقبة وأبو معشر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ.
__________
79 أسد الغابة (5/ 95) ، والإصابة (ت 9164) ، والاستيعاب (3/ 589) ، والمغازي (156) ، (769) .
80 المغازي (156) ، (1116) ، ابن هشام (1/ 329، 369، 685) .(3/311)
قَالُوا: وَشَهِدَ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ بَدْرًا وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَشَهِدَ أُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْحُدَيْبِيَةَ. وَهُوَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الأَسْلَمِيَّةِ التي ولدت بعد وفاته بيسير فقال لها رسول الله. ص: انْكِحِي مَنْ شِئْتِ. وَكَانَ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ قَدْ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فَمَاتَ بِهَا. فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ مَرِضَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ. فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعُودُهُ لَمَّا قَدِمَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ مُعْتَمِرًا [فقال رسول الله. ص: اللَّهُمَّ امْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ وَلا تَرْدُدْهُمْ عَلَى أعقابهم] . لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَكْرَهُ لِمَنْ هَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهَا أَوْ يُقِيمَ بِهَا أَكْثَرَ مِنِ انْقِضَاءِ نُسُكِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ: [سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: إِنَّمَا هِيَ ثَلاثٌ يُقِيمُهَا الْمُهَاجِرُ بَعْدَ الصَّدْرِ بِمَكَّةَ] .
وَمِنْ بَنِي فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ. وَهُمْ آخِرُ بطون قريش
81- أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ.
وَاسْمُهُ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الجراح بن هلال ابن أهيب بْن ضبة بْن الْحَارِث بْن فهر وأمه أميمة بِنْت غنم بْن جَابِر بْن عَبْد العزى بْن عامرة بْن عميرة وأمها دعد بنت هلال بْن أهيب بْن ضبة بْن الْحَارِث بن فهر. وكان لأبي عبيدة من الولد يزيد وعمير وأمهما هند بِنْت جَابِر بْن وهب بْن ضباب بن حجير ابن عَبْدِ بْنِ مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ فدرج ولد أبي عبيدة بن الجراح فليس له عقب.
__________
81 تاريخ الدوري (2/ 288، 715) ، وطبقات خليفة (27) ، 300) ، وفضائل الصحابة لأحمد (2/ 738) ، والتاريخ الكبير (6/ ت 2942) ، وتاريخ أبي زرعة (173) ، (177) ، (218) ، (221) ، (391) ، (594) ، (603) ، (687) ، وتاريخ واسط (176) ، (270) ، والجرح والتعديل (6/ ت 1807) ، وحلية الأولياء (1/ 100، 102) ، والاستيعاب (2/ 792) ، وأسد الغابة (3/ 84) ، وسير أعلام النبلاء (1/ 5) ، والعبر (1/ 21) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 3016) ، وتهذيب الكمال (3048) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (117) ، وتهذيب التهذيب (5/ 73) ، والإصابة (2/ ت 400) ، وتقريب التهذيب (1/ 388) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3269) ، وشذرات الذهب (1/ 24، 27، 29، 31) .(3/312)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أسلم أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَأَصْحَابِهِمْ قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الأَرْقَمِ.
قَالُوا: وَهَاجَرَ أَبُو عبيدة إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية في رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر ولم يذكره موسى بن عقبة وأبو معشر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ ابن قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ.
قَالَ محمد بن عمر: آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أبي عبيدة بن الجراح ومحمد ابن مَسْلَمَةَ وَشَهِدَ أَبُو عُبَيْدَةَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَثَبَتَ يَوْمَ أُحُدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ انْهَزَمَ النَّاسُ وَوَلَّوْا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَرُمِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَجْهِهِ حَتَّى دَخَلَتْ فِي أُجْنَتَيْهِ حَلَقَتَانِ مِنَ الْمِغْفَرِ فَأَقْبَلْتُ أَسْعَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -
وَإِنْسَانٌ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ يَطِيرُ طَيَرَانًا. فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ طَاعَةً. حَتَّى تَوَافَيْنَا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ قَدْ بَدَرَنِي فَقَالَ: أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ يَا أَبَا بَكْرٍ إِلا تَرَكْتَنِي فَأَنْزِعَهُ مِنْ وَجْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَتَرَكْتُهُ فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِثَنِيَّةِ إِحْدَى حَلْقَتَيِ الْمِغْفَرِ فَنَزَعَهَا وَسَقَطَ عَلَى ظَهْرِهِ وَسَقَطَتْ ثَنِيَّةُ أَبِي عُبَيْدَةَ ثُمَّ أَخَذَ الْحَلْقَةَ الأُخْرَى فَسَقَطَتْ. فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي النَّاسِ أَثْرَمَ.
قَالُوا: وَشَهِدَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان من عِلْيَةِ أَصْحَابِهِ وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى ذِي الْقَصَّةِ سَرِيَّةً فِي أَرْبَعِينَ رَجُلا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالا:
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ سَرِيَّةً فِي ثَلاثِمِائَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ إِلَى حَيٍّ مِنْ جُهَيْنَةَ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ وَهِيَ غَزْوَةُ الْخَبَطِ.(3/313)
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَنَحْنُ ثَلاثُمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلا وَزَوَّدَنَا جِرَابًا مِنْ تَمْرٍ فَأَعْطَانَا مِنْهُ قُبْضَةً قُبْضَةً. فَلَمَّا أَنْجَزْنَاهُ أَعْطَانَا تَمْرَةً تَمْرَةً. فَلَمَّا فَقَدْنَاهَا وَجَدْنَا فَقْدَهَا ثُمَّ كُنَّا نَخْبِطُ الْخَبَطَ بِقِسِيِّنَا وَنَسَفُّهُ وَنَشْرَبُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ حَتَّى سُمِّينَا جَيْشَ الْخَبَطِ. ثُمَّ أَخَذْنَا عَلَى السَّاحِلِ فَإِذَا دَابَّةٌ مَيِّتَةٌ مِثْلُ الْكَثِيبِ يُقَالُ لَهَا الْعَنْبَرُ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَيْتَةٌ لا تَأْكُلُوا. ثُمَّ قَالَ: جَيْشُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَنَحْنُ مُضْطَرُّونَ. فَأَكَلْنَا مِنْهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً وَاصْطَنَعْنَا مِنْهُ وَشِيقَةً. قَالَ وَلَقَدْ جَلَسَ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلا مِنَّا فِي مَوْضِعِ عَيْنِهِ وَأَقَامَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلاعِهِ فَرَحَّلَ أَجْسَمَ بَعِيرٍ مِنْ أَبَاعِرِ الْقَوْمِ فَأَجَازَهُ تَحْتَهُ. [فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: مَا حَبَسَكُمْ؟ قَالَ: كُنَّا نَبْتَغِي عِيرَاتِ قُرَيْشٍ. فَذَكَرْنَا لَهُ شَأْنَ الدَّابَّةِ فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ رَزَقَكُمُوهُ اللَّهُ. أَمَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟ قُلْنَا: نَعَمْ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَهْلَ الْيَمَنِ لَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلُوهُ أَنْ يَبْعَثَ مَعَهُمْ رَجُلا يُعَلِّمُهُمُ السُّنَّةَ وَالإِسْلامَ. قَالَ فَأَخَذَ بِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ فَقَالَ: هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالا: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَلا إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرٍ الْعَبْسِيِّ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ [نَاسًا مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ أَتَوُا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا: ابْعَثْ مَعَنَا رَجُلا أَمِينًا. قَالَ:
لأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ حَقَّ أَمِينٍ حَقَّ أَمِينٍ. قَالَهَا ثَلاثًا. فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: جَاءَ السَّيِّدُ وَالْعَاقِبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْعَثْ مَعَنَا أَمِينًا. فَقَالَ: سَأَبْعَثُ مَعَكُمْ أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ. قَالَ فَتَشَرَّفَ لَهَا النَّاسُ.
فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ.](3/314)
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ جَمِيعًا عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ [عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: نِعْمَ الرَّجُلُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالا: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ نَقْشَ خَاتَمِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ كَانَ: الْخُمُسُ لِلَّهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ:
أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الشَّامِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي امْرُؤٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَحْمَرَ وَلا أَسْوَدَ يَفْضُلُنِي بِتَقْوَى إِلا وَدِدْتُ أَنِّي فِي مِسْلاخِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِجُلَسَائِهِ: تَمَنَّوْا. فَتَمَنَّوْا. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ:
لَكِنِّي أَتَمَنَّى بَيْتًا مُمْتَلِئًا رِجَالا مِثْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ. قَالَ سُفْيَانُ: فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ:
مَا أَلَوْتُ الإِسْلامَ. فَقَالَ: ذَاكَ الَّذِي أَرَدْتُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ شَهْرَ بْنَ حَوْشَبٍ يَقُولُ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَوْ أَدْرَكْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فَاسْتَخْلَفْتُهُ فَسَأَلَنِي عَنْهُ رَبِّي لَقُلْتُ [سَمِعْتُ نَبِيَّكَ يَقُولُ هُوَ أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَوْ أَدْرَكْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ لاسْتَخْلَفْتُهُ وَمَا شَاوَرْتُ فَإِنْ سُئِلْتُ عَنْهُ قُلْتُ اسْتَخْلَفْتُ أَمِينَ اللَّهِ وَأَمِينَ رَسُولِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي كَبْشٌ فَذَبَحَنِي أَهْلِي فَأَكَلُوا لَحْمِي وَحَسَوْا مَرَقِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: عَرَضْنَا عَلَى مالك بن أنس أن عمر بن الخطاب أَرْسَلَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِرْهَمٍ وَأَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ. وَقَالَ لِلرَّسُولِ: انْظُرْ(3/315)
مَا يَصْنَعُ. قَالَ فَقَسَمَهَا أَبُو عُبَيْدَةَ. قَالَ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مُعَاذٍ بِمِثْلِهَا وَقَالَ لِلرَّسُولِ مِثْلَ مَا قَالَ. فَقَسَمَهَا مُعَاذٌ إِلا شَيْئًا قَالَتِ امْرَأَتُهُ نَحْتَاجُ إِلَيْهِ. [فَلَمَّا أَخْبَرَ الرَّسُولُ عُمَرَ قَالَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الإِسْلامِ مَنْ يَصْنَعُ هَذَا.]
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ سَمِعَ رَجُلا يَقُولُ: لَوْ كَانَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مَا كَانَ بِالْبَأْسِ ذُو كَوْنٍ. وَذَلِكَ فِي حَصَرِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ. قَالَ وَكُنْتُ أَسْمَعُ بَعْضَ النَّاسِ يَقُولُ: فَقَالَ مُعَاذٌ فَإِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ تَضْطَرُّ الْمُعْجِزَةُ لا أَبَا لَكَ. وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ خَيْرِ مَنْ عَلَى الأَرْضِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّبَذِيِّ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أَوْسٍ الأَنْصَارِيِّ مِنْ بَنِي غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ لَمَّا أُصِيبَ اسْتَخْلَفَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَذَلِكَ عَامَ عَمَوَاسَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ قَالَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ السَّارِيَةِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ فِي مَرَضِهِ الذي ماتت فِيهِ وَهُوَ يَمُوتُ فَقَالَ:
غَفَرَ اللَّهُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رُجُوعَهُ مِنْ سَرْغَ. ثُمَّ قَالَ: [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -.
يَقُولُ: الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ وَالْحَرِقُ شَهِيدٌ وَالْهَدَمُ شَهِيدٌ وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدَةٌ وَذَاتُ الْجَنْبِ شَهِيدَةٌ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ أَنَّهُ وَصَفَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فَقَالَ: كَانَ رَجُلا نَحِيفًا. مَعْرُوقَ الْوَجْهِ. خَفِيفَ اللِّحْيَةِ. طُوَالا. أَجْنَأَ. أَثْرَمَ الثَّنِيَّتَيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ شَهِدَ بَدْرًا وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَمَاتَ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ فِي خلافة عمر بن الْخَطَّابِ. وَأَبُو عُبَيْدَةَ يَوْمَ مَاتَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً. وَكَانَ يَصْبُغُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَدْ رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.(3/316)
82- سهيل ابن بيضاء.
وهي أمه. وأبوه وهب بْن ربيعة بْن هلال بْن مالك بن ضبة بن الحارث بن فهر. ويكنى أَبَا مُوسَى وأمه البيضاء. وهي دعد بِنْت جحدم بْن عَمْرو بْنِ عَائِشِ بْنِ ظَرِبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ فهر. وهاجر سُهَيْل إلى أرض الحبشة الهجرتين جميعا في رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ ابن قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ سُهَيْلُ وَصَفْوَانُ ابْنَا بَيْضَاءَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلا عَلَى كلثوم ابن الْهِدْمِ.
[قَالُوا: وَشَهِدَ سُهَيْلٌ بَدْرًا وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً. وَشَهِدَ أُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَادَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَسِيرَةٍ إِلَى تَبُوكَ فَقَالَ: يَا سُهَيْلُ. فَقَالَ: لَبَّيْكَ. فَوَقَفَ النَّاسُ لَمَّا سَمِعُوا كَلامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: مَنْ شَهِدَ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهَ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ. وَمَاتَ سُهَيْلٌ بَعْدَ رُجُوعِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ تَبُوكَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَلَيْسَ لَهُ عقب] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ عِيسَى بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - صلى على سهيل ابن بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالا: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ:
أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ عَجْلانَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَمَرَتْ بِجِنَازَةِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنْ يُمَرَّ بِهِ عَلَيْهَا. قَالَ فَمُرَّ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ فَبَلَغَهَا أَنَّ النَّاسَ أَكْثَرُوا فِي ذَلِكَ فَقَالَتْ: مَا أَسْرَعَ النَّاسَ إِلَى الْقَوْلِ. وَاللَّهِ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على سهيل ابن بَيْضَاءَ إِلا فِي الْمَسْجِدِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ جُدْعَانَ يحدث عن أنس فقال: كَانَ أَسَنَّ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبو بكر وسهيل ابن بَيْضَاءَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَتُوُفِّيَ سُهَيْلٌ وهو ابن أربعين سنة.
__________
82 تاريخ الطبري (2/ 330، 413، 476) ، والمغازي (110) ، (157) ، (341) ، (1014) ، وابن هشام (1/ 323، 330، 369، 602) .(3/317)
83- صفوان ابن بيضاء.
وهي أمه. وأبوه وهب بْن ربيعة بْن هلال بْن مالك بن ضبة بن الحارث بن فهر. ويكنى أَبَا عَمْرو وأمه البيضاء. وهي دعد بِنْت جحدم بْن عَمْرو بْنِ عَائِشِ بْنِ ظَرِبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ فهر.
قَالُوا: وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ صفوان ابن بيضاء ورافع بْن المعلي. وقتلا يوم بدْر جميعا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحْرِزُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عمرو قال: قتل صفوان ابن بَيْضَاءَ طُعَيْمَةُ بْنُ عَدِيٍّ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: هَذِهِ رِوَايَةٌ وَقَدْ رُوِيَ لَنَا أَنَّ صفوان ابن بَيْضَاءَ لَمْ يُقْتَلَ يَوْمَ بَدْرٍ وَأَنَّهُ قَدْ شَهِدَ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ.
84- مَعْمَرُ بْنُ أَبِي سَرْحِ
بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ هِلالِ بن مالك بن ضبة بن الحارث بن فهر. ويكنى أَبَا سعد. وأمه زينب بِنْت ربيعة بْن وهب بْن ضباب بْن حجير ابن عَبْدِ بْنِ مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. هكذا قَالَ أَبُو معشر ومحمد بْن عُمَر وهو مُعَمَّر بْن أبي سرح. وقال مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إِسْحَاق وهشام بْن مُحَمَّد بْن السائب الكلبي هُوَ عَمْرو بْن أبي سرح. وكان له من الولد عَبْد الله وأمه أمامة بِنْت عامر بْن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن الْحَارِث بْن فهر. وعمير وأمه ابْنَة عَبْد الله بْن الجراح أخت أبي عبيدة بْن الجراح. وهاجر مُعَمَّر بْن أبي سرح إِلَى أرض الحبشة الهجرة الثانية في رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ مَعْمَرُ بْنُ أَبِي سَرْحٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ.
قَالُوا: وَشَهِدَ مَعْمَرُ بَدْرًا وَأُحُدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ ثَلاثِينَ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ.
85- عِيَاضُ بْنُ زُهَيْرِ
بْنِ أبي شَدَّادِ بْنِ رَبِيعَةُ بن هلال بن مالك بن ضبة بن
__________
83 المغازي (146) ، (157) ، ابن هشام (1/ 685، 707) .
84 المغازي (157) .
85 المغازي (157) ، ابن هشام (1/ 174، 330، 685) .(3/318)
الْحَارِث بْن فهر. ويكنى أَبَا سعد. وأمه سلمى بِنْت عامر بْن ربيعة بْن هلال بْن مالك ابن ضبة بْن الْحَارِث بْن فهر. هاجر إِلَى أرض الحبشة الهجرة الثانية في رواية محمد ابن إسحاق ومحمد بن عمر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ ابن قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ عِيَاضُ بْنُ زُهَيْرٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ.
قَالُوا: وَشَهِدَ عِيَاضُ بْنُ زُهَيْرٍ بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتُوُفِّي سنة ثَلاثِينَ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ.
86- عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرِو
بْنِ ضبة بن فهر بن بني محارب بْن فهر.
ويكنى أَبَا شداد. ذكره أَبُو معشر ومحمد بْن عُمَر فيمن شهِدَ عندهما بدرا. وقال موسى ابن عُقْبَة عَمْرو بْن الْحَارِث. فحملنا أن أَبَا عَمْرو كان يسمى الْحَارِث فهو فِي رواية مُوسَى بْن عُقْبَة أيضًا مِمَّنْ شهِدَ بدْرًا ولم يذكره محمد بن إسحاق في كتابه. ولم نجد له ذكرًا فيما كتبنا عن هشام بْن مُحَمَّد بن السائب الكلبي من نسب بني محارب بْن فهر.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ ابن قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: وَشَهِدَ عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو بَدْرًا وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ سَنَةً وَمَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ. سِتَّةُ نَفَرٍ.
فَجَمِيعُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ مِنْ قُرَيْشٍ وَحُلَفَائِهِمْ وَمَوَالِيهِمْ فِي عَدَدِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ثَلاثَةٌ وَثَمَانُونَ رَجُلا وَفِي عَدَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عمر خمسة وثمانون رجلا.
__________
86 المغازي (22) ، (144) ، (153) ، (157) ، (576) ، (654) ، (1111) ، (1113) ، وتاريخ الطبري (8/ 203) .(3/319)
طَبَقَاتُ الْبَدْرِيِّينَ مِنَ الأَنْصَارِ
(الطَّبَقَةُ الأُولَى مِنَ الأنصار)
[من بني عبد الأشهل]
وشهد بدْرًا من الأَنْصَار. وهم وُلِدَ الأوس والخزرج. ابنا حارثة. وهو العنقاء.
ابن عَمْرو مزيقياء بْن عامر. وهو ماء السماء. ابن حارثة. وهو الغطريف. ابن امرئ القيس بْن ثَعْلَبَة بْن مازن بْن الأزد. واسمه درا. ابن الْغَوْثِ بْن نَبْتِ بْن مَالِكِ بْن زَيْد بْن كهلان بن سبأ. واسمه عامر. وسمي سبأ لأنه أوّل من سبى السبي. وكان يدعى عَبْد شمس من حسنه. ابن يشجب بْن يعرب. وهو المرعف. ابن يقطن. وهو قحطان. وإلى قحطان جماع اليمن. فَمَنْ نسبه إِلَى إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ قحطان بْن الهميسع بْن تيمن بْن نبت بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم. هكذا كان ينسبه هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ. ويذكر عن أَبِيهِ أنّه أدرك أَهْل النسب والعلم ينسبون قحطان إِلَى إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم. ومن نسبه إِلَى غير ذلك قَالَ قحطان بْنِ فَالِغِ بْنِ عَابِرِ بْنِ شَالِخِ بْنِ أرفخشد بْن سام بْن نوح - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأم الأوس والخزرج قيلة بِنْت كاهل بْن عُذْرَةَ بْن سَعْدِ بْن زَيْد بْن لَيْثِ بْن سود بْن أسلم بْن الحاف بْن قضاعة. وكان حضن سعدًا عبدٌ حبشي يسمى هذيمًا فغلب عليه فيقال سعد بْن هذيم.
قَالَ هِشَامُ بْن مُحَمَّد بْن السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ: هكذا كان أبي مُحَمَّد بْن السائب وغيره من النساب ينسبون قيلة.
فشهد بدْرًا من الأنصار ممن ضرب له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - بنسبه وأجره مِنَ الأَوْسِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ بْن جشم بْن الْحَارِث بْن الخزرج بن عمرو. وهو النبيت. ابن مالك بن الأوس.
87- سَعْدُ بْنُ مُعَاذِ
بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ امرئ القيس بن زيد بن عبد
__________
87 طبقات خليفة (77) ، وفضائل الصحابة لأحمد (818) ، والتاريخ الكبير (4/ ت 1909) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 281) ، (3/ 77) ، وكنى الدولابي (1/ 84) ، والجرح والتعديل (4/ ت 411) ، والثقات لابن حبان (1) ورقة (154) ، والاستيعاب (2/ 602) ، وأنساب السمعان/ (1/ 385) ، وأسد الغابة (2/ 297) ، وتهذيب الأسماء (1/ 214) ، وسير أعلام النبلاء (1/ 279) ، والعبر (1/ 7) ، وتهذيب الكمال (2225) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (11) ، والتهذيب (3/ 481) ، والإصابة (2/ ت 3204) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 2399) ، وشذرات الذهب (1/ 11) .(3/320)
الأشهل. ويكنى أَبَا عَمْرو. وأمه كبشة بِنْت رافع بْن مُعَاوِيَة بْن عُبَيْد بْن الأبجر. وهو خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج وهي من المبايعات. وكان لسعد بْن مُعَاذ من الولد عَمْرو وعبد الله وأمهما هند بنت سماك بن عتيك بن امرئ القيس بْن زَيْد بْن عَبْد الأشهل. وهي من المبايعات خلف عليها سعد بعد أَخِيهِ أوس بْن مُعَاذ. وهي عمة أسيد بْن حضير بْن سماك. وكان لعمرو بْن سعد بْن مُعَاذ من الولد تسعة نفر وثلاث نسوة منهم عَبْد الله بْن عَمْرو قُتِلَ يوم الحرة. ولسعد بن معاذ الْيَوْمَ عَقِبٌ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ: كَانَ إِسْلامُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَأُسَيْدِ بْنِ الْحُضَيْرِ عَلَى يَدِ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ الْعَبْدَرِيِّ. وَكَانَ مُصْعَبٌ قَدِمَ الْمَدِينَةَ قَبْلَ السَّبْعِينَ أَصْحَابِ الْعَقَبَةِ الآخِرَةِ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الإِسْلامِ وَيُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا أسلم سَعْدُ بْنُ معاد لَمْ يَبْقَ فِي بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ أَحَدٌ إِلا أسلم يَوْمَئِذٍ فَكَانَتْ دَارُ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ أَوَّلُ دَارٍ مِنَ الأَنْصَارِ أَسْلَمُوا جَمِيعًا رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ. وَحَوَّلَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَأَبَا أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ إِلَى دَارِهِ فَكَانَا يَدْعُوَانِ النَّاسَ إِلَى الإِسْلامِ فِي دَارِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. وَكَانَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَأَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ ابْنَيْ خَالَةٍ. وَكَانَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَأُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ يَكْسِرَانِ أَصْنَامِ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَعَنِ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالا: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. قَالَ وَأَمَّا محمد بن إسحاق فقال: آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: كَانَ لِوَاءُ الأَوْسِ يَوْمَ بَدْرٍ مَعَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. وَشَهِدَ سَعْدٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم(3/321)
أُحُدٍ وَثَبَتَ مَعَهُ حِينَ وَلَّى النَّاسُ. وَشَهِدَ الْخَنْدَقَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ الْحُمَّى فَقَالَ: مَنْ كَانَتْ بِهِ فَهِيَ حَظُّهُ مِنَ النَّارِ. فَسَأَلَهَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رَبَّهُ فَلَزِمَتْهُ فَلَمْ تُفَارِقْهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْتُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَقْفُو آثَارَ النَّاسِ فَسَمِعْتُ وَئِيدَ الأَرْضِ وَرَائِي. تَعْنِي حِسَّ الأَرْضِ. فَالْتَفَتُ فَإِذَا أَنَا بِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَمَعَهُ ابْنُ أَخِيهِ الْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ يَحْمِلُ مِجَنَّهُ. فَجَلَسْتُ إِلَى الأَرْضِ. قَالَتْ فَمَرَّ سَعْدٌ وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ:
لَبِّثْ قَلِيلا يُدْرِكُ الْهَيْجَا حَمَلْ ... مَا أَحْسَنَ الْمَوْتَ إِذَا حَانَ الأَجَلْ!
قَالَتْ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ قَدْ خَرَجَتْ مِنْهُ أَطْرَافُهُ فَأَنَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أَطْرَافِ سَعْدٍ. وَكَانَ سَعْدٌ مِنْ أَطْوَلِ الناس وأعظمهم. قَالَتْ فَقُمْتُ فَاقْتَحَمْتُ حَدِيقَةً فَإِذَا فِيهَا نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ تَسْبِغَةٌ لَهُ.. تَعْنِي الْمِغْفَرَ. قَالَتْ فَقَالَ لِي عُمَرُ: مَا جَاءَ بك؟ والله إنك لجرئة. وَمَا يُؤْمِنُكِ أَنْ يَكُونَ تَحَوُّزٌ أَوْ بَلاءٌ؟ قَالَتْ فَمَا زَالَ يَلُومُنِي حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنَّ الأَرْضَ انْشَقَّتْ سَاعَتَئِذٍ فَدَخَلْتُ فِيهَا.
قَالَتْ فَرَفَعَ الرَّجُلُ التَّسْبَغَةَ عَنْ وَجْهِهِ فَإِذَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ. قَالَتْ فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا عُمَرُ إِنَّكَ قَدْ أَكْثَرْتَ مُنْذُ الْيَوْمِ. وَأَيْنَ التَّحَوُّزُ أَوِ الْفِرَارُ إِلا إِلَى اللَّهِ؟ قَالَتْ وَيَرْمِي سَعْدًا رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْعَرِقَةِ بِسَهْمٍ فَقَالَ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْعَرِقَةِ! فَأَصَابَ أَكْحَلَهُ فَدَعَا اللَّهَ سَعْدٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ لا تُمِتْنِي حَتَّى تَشْفِيَنِي مِنْ قُرَيْظَةَ. وَكَانُوا مَوَالِيهِ وَحُلَفَاءَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَتْ فَرَقَأَ كَلْمُهُ. تَعْنِي جُرْحَهُ. وَبَعَثَ اللَّهُ. تَبَارَكَ وَتَعَالَى. الرِّيحَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا. فَلَحِقَ أَبُو سُفْيَانَ بِمَنْ مَعَهُ بِتِهَامَةَ. وَلَحِقَ عُيَيْنَةُ بِمَنْ معه بنجد. ورجعت قُرَيْظَةَ فَتَحَصَّنُوا فِي صَيَاصِيهِمْ. وَرَجَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَمَرَ بِقُبَّةٍ فَضُرِبَتْ عَلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْمَسْجِدِ. قَالَتْ فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى ثَنَايَاهُ النَّقْعُ فَقَالَ: أَقَدْ وَضَعْتَ السلاح؟ فو الله مَا وَضَعَتِ الْمَلائِكَةُ السِّلاحَ بَعْدُ. اخْرُجْ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَقَاتِلْهُمْ. قَالَتْ فَلَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأْمَتَهُ وَأَذَّنْ فِي الناس بالرحيل. قَالَتْ فَلَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
عَلَى بَنِي غَنْمٍ وَهُمْ جِيرَانُ الْمَسْجِدِ فَقَالَ لَهُمْ: مَنْ مَرَّ بِكُمْ؟ قَالُوا: مَرَّ بِنَا دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ. وَكَانَ دِحْيَةُ تُشْبِهُ لِحْيَتُهُ وسنة وجهه بجبريل. ع. قالت فأتاهم(3/322)
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَاصَرَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً. فَلَمَّا اشْتَدَّ حَصْرُهُمْ وَاشْتَدَّ الْبَلاءُ عَلَيْهِمْ قِيلَ لَهُمُ انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتَشَارُوا أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنَّهُ الذَّبْحُ. فَقَالُوا: نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ:
انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى سَعْدٍ فَحُمِلَ عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ إِكَافٌ مِنْ لِيفٍ وَحَفَّ به قومه فجعلوا يقولون: يا أبا عمرو حُلَفَاؤُكَ وَمَوَالِيكَ وَأَهْلُ النِّكَابَةِ وَمَنْ قَدْ عَلِمْتَ. وَلا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا. حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْ دُورِهِمُ الْتَفَتَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: قَدْ أَنَى لِي أَنْ لا أُبَالِيَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: فَلَمَّا طَلَعَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -[قَالَ: قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ فَأَنْزِلُوهُ. فَقَالَ عُمَرُ: سَيِّدُنَا اللَّهُ. فَقَالَ: أَنْزِلُوهُ. فَأَنْزَلُوهُ فَقَالَ لَهُ رسول الله. ص: احْكُمْ فِيهِمْ] .
قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ وَتُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ. [فَقَالَ رسول الله. ص: لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ وَحُكْمِ رَسُولِهِ] . قَالَتْ ثُمَّ دَعَا اللَّهَ سَعْدٌ فَقَالَ:
اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَبْقَيْتَ عَلَى نَبِيِّكَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْئًا فَأَبْقِنِي لَهَا. وَإِنْ كُنْتَ قَطَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ. قَالَتْ فَانْفَجَرَ كَلْمُهُ وَقَدْ كَانَ بَرَأَ حَتَّى مَا يُرَى مِنْهُ شَيْءٌ إِلا مِثْلَ الْخَرْصِ. وَرَجَعَ إِلَى قُبَّتِهِ الَّتِي ضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ فَحَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. قالت فو الذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنِّي لأَعْرِفُ بُكَاءَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ بُكَاءِ عُمَرَ وَأَنَا فِي حُجْرَتِي. وكانوا كما قال رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ. قَالَ فَقُلْتُ: فَكَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَصْنَعُ؟ قَالَتْ: كَانَتْ عَيْنُهُ لا تَدْمَعُ عَلَى أَحَدٍ وَلَكِنَّهُ كَانَ إِذَا وَجَدَ فَإِنَّمَا هُوَ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن عمرو عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَاهُ مَلَكٌ. أَوْ قَالَ جِبْرِيلُ. حِينَ اسْتَيْقَظَ فَقَالَ: مَنْ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِكَ مَاتَ اللَّيْلَةَ اسْتَبْشَرَ بِمَوْتِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ؟ قَالَ: لا أَعْلَمُ إِلا أَنَّ سَعْدًا أَمْسَى دَنِفًا. مَا فَعَلَ سَعْدٌ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ قُبِضَ. وَجَاءَهُ فَاحْتَمَلُوهُ إِلَى دِيَارِهِمْ. قَالَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصُّبْحَ ثُمَّ خَرَجَ وَمَعَهُ النَّاسُ فَبَتَّ النَّاسَ مَشْيًا حَتَّى إِنَّ شُسُوعَ نِعَالِهِمْ لَتَنْقَطِعُ مِنْ أَرْجُلِهِمْ وَإِنَّ أَرْدِيَتَهُمْ لَتَقَعُ عَنْ عَوَاتِقِهِمْ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: [يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ بَتَتَّ النَّاسَ. قَالَ فَقَالَ: إِنِّي أَخْشَى أَنْ تَسْبِقَنَا إِلَيْهِ الْمَلائِكَةُ كَمَا سَبَقَتْنَا إِلَى حَنْظَلَةَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ(3/323)
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: رُئِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْمَوَاطِنِ وَعَلَى عَاتِقِهِ الدِّرْعُ وَهُوَ يَقُولُ:
لا بَأْسَ بِالْمَوْتِ إِذَا حَانَ الأَجَلْ قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ قَالَ:
رُمِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فِي أَكْحَلِهِ فلم يرقأ الدم حتى جاء النبي. ع. فَأَخَذَ بِسَاعِدِهِ فَارْتَفَعَ الدَّمُ إِلَى عَضُدِهِ. قَالَ فَكَانَ سَعْدٌ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لا تُمِتْنِي حَتَّى تَشْفِيَنِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ. قَالَ فَنَزَلُوا عَلَى حكمه [فقال النبي. ص: احْكُمْ فِيهِمْ. فَقَالَ: إِنِّي أَخْشَى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ لا أُصِيبَ فِيهِمْ حُكْمَ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ: احْكُمْ فِيهِمْ. قَالَ فَحَكَمَ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: أَصَبْتَ فِيهِمْ حُكْمَ اللَّهِ] . ثُمَّ عَادُ الدَّمُ فَلَمْ يَرْقَأْ حَتَّى مَاتَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: لَمَّا كان يوم قريظة [قال رسول الله. ص: ادْعُوا سَيِّدَكُمْ يَحْكُمُ فِي عَبِيدِهِ. يَعْنِي سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ. فَجَاءَ فَقَالَ لَهُ: احْكُمْ. فَقَالَ: أَخْشَى أَلا أُصِيبَ فِيهِمْ حُكْمَ اللَّهِ. قَالَ: احْكُمْ. فَحَكَمَ فَقَالَ: أَصَبْتَ حُكْمَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ وَهِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَنْبَأَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ أَهْلَ قُرَيْظَةَ لَمَّا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ [فَلَمَّا دَنَا قال رسول الله. ص: قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ. أَوْ إِلَى خَيْرِكُمْ. فَقَالَ: يَا سَعْدُ إِنَّ هَؤُلاءِ قَدْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ. قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيَّهُمْ. فَقَالَ: لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمَلِكِ. قَالَ عَفَّانُ: الْمَلِكِ. وَقَالَ يَحْيَى وَأَبُو الْوَلِيدِ: الْمَلَكِ. وَقَوْلُ عَفَّانَ أَصْوَبُ] .
قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَنَّ بَنِيَ قُرَيْظَةَ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَرْسَلَ رسول الله. ع. إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَأُتِيَ بِهِ مَحْمُولا عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ مُضْنًى مِنْ جُرْحٍ أَصَابَهُ فِي الأَكْحَلِ مِنْ يَدِهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ. قَالَ فَجَاءَ فَجَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ: أَشِرْ عَلَيَّ فِي هَؤُلاءِ. قَالَ: إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ(3/324)
اللَّهَ قَدْ أَمَرَكَ فِيهِمْ بِأَمْرٍ أَنْتَ فَاعِلٌ مَا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ. قَالَ: أَجَلْ. وَلَكِنْ أشر علي فيهم.
فقال: فَقَالَ: لَوْ وُلِّيتُ أَمْرَهُمْ قَتَلْتُ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَيْتُ ذراريهم وقسمت أموالهم. [فقال رسول الله. ص: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ أَشَرْتَ عَلَيَّ فِيهِمْ بِالَّذِي أَمَرَنِي اللَّهُ بِهِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أُصِيبَ سَعْدُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ. رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ حَبَّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ. رَمَاهُ فِي الأَكْحَلِ فَضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ. وَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْخَنْدَقِ وَضَعَ السِّلاحَ وَاغْتَسَلَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنَ الْغُبَارِ فَقَالَ: قَدْ وَضَعْتَ السِّلاحَ. وَاللَّهِ مَا وَضَعْنَاهُ. اخْرُجْ إِلَيْهِمْ. [فَقَالَ رسول الله. ص: فَأَيْنَ؟ قَالَ: هَاهُنَا. وَأَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِمْ] .
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ فَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: فَأَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّهُمْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَدَّ الْحُكْمَ فِيهِمْ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ وَتُسْبَى الذُّرِّيَّةُ وَالنِّسَاءُ وَتُقَسَّمَ أَمْوَالُهُمْ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ فَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: قَالَ أَبِي فَأُخْبِرْتُ أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ قَالَ: حدثني مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ التَّمَّارُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ سَعْدٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: لَمَّا حَكَمَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ أَنْ تُقْتَلَ مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِي وَأَنْ تُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ وَذَرَارِيُّهُمْ [قال رسول الله. ص: لقد حكم فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ مِنْ فوق سبع سموات] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ سَعْدًا كَانَ قَدْ تَحَجَّرَ كَلْمُهُ لِلْبُرْءِ. قَالَتْ فَدَعَا سَعْدٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أُجَاهِدَ فِيكَ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ وَأَخْرَجُوهُ. اللهم فإني أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أُجَاهِدَ فِيكَ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ وَأَخْرَجُوهُ. اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّكَ قَدْ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ. فَإِنْ كَانَ بَقِيَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْءٌ فَأَبْقِنِي لَهُمْ حَتَّى أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ.
وَإِنْ كُنْتَ قَدْ وَضَعْتَ الحرب فيما بيننا وبينهم فافجرها واجعل موتي فِيهَا. قَالَ فَفُجِرَ(3/325)
مِنْ لَيْلَتِهِ. قَالَ فَلَمْ يَرُعْهُمْ. وَمَعَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ أَهْلُ خَيْمَةٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ. إِلا الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا: يَا أَهْلَ الْخَيْمَةِ مَا هَذَا الدَّمُ الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ؟ فَإِذَا سَعْدٌ جُرْحُهُ يَعْدُو دَمًا فَمَاتَ مِنْهَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا انْفَجَرَتْ يَدُ سَعْدٍ بِالدَّمِ قَامَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاعْتَنَقَهُ وَالدَّمُ يَنْفَحُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِحْيَتِهِ لا يُرِيدُ أَحَدٌ أَنْ يَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدَّمَ إِلا ازْدَادَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ قُرْبًا حَتَّى قَضَى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ: لَمَّا قَضَى سَعْدٌ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ ثُمَّ رَجَعَ انْفَجَرَ جُرْحُهُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَاهُ فَأَخَذَ رَأْسَهُ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ وَسُجِّيَ بِثَوْبٍ أَبْيَضَ إِذَا مُدَّ عَلَى وَجْهِهِ خَرَجَتْ رِجْلاهُ. وَكَانَ رَجُلا أَبْيَضَ جَسِيمًا. [فَقَالَ رسول الله. ص: اللَّهُمَّ إِنَّ سَعْدًا قَدْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِكَ وَصَدَّقَ رَسُولَكَ وَقَضَى الَّذِي عَلَيْهِ فَتَقَبَّلْ رُوحَهُ بِخَيْرِ مَا تَقَبَّلْتَ بِهِ رُوحًا] . فَلَمَّا سَمِعَ سَعْدٌ كَلامَ رَسُولِ اللَّهِ فَتْحَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ قَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. أَمَا إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. [فَلَمَّا رَأَى أَهْلُ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ وَضَعَ رَأْسَهُ فِي حِجْرِهِ ذُعِرُوا مِنْ ذَلِكَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ. ص: إِنَّ أَهْلَ سَعْدٍ لَمَّا رَأَوْكَ وَضَعْتَ رَأْسَهُ فِي حِجْرِكَ ذُعِرُوا مِنْ ذَلِكَ. فَقَالَ: اسْتَأْذِنُ اللَّهَ مِنْ مَلائِكَتِهِ عَدَدُكُمْ فِي الْبَيْتِ لِيَشْهَدُوا وَفَاةَ سَعْدٍ] . قَالَ وَأُمُّهُ تَبْكِي وَهِيَ تَقُولُ:
وَيْلُ أُمِّكَ سَعْدَا ... حَزَامَةً وَجِدَّا
فَقِيلَ لَهَا: أَتَقُولِينَ الشَّعْرَ عَلَى سَعْدٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: [دعوها فغيرها من الشعراء أكذب] .
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْغِسِّيلِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: لَمَّا أُصِيبَ أَكْحَلُ سَعْدٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَثَقُلَ حَوَّلُوهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا رُفَيْدَةُ. وَكَانَتْ تداوي الجرحى. فكان النبي. ع. إِذَا مَرَّ بِهِ يَقُولُ: كَيْفَ أَمْسَيْتَ؟ وَإِذَا أَصْبَحَ قَالَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ فَيُخْبِرُهُ. حَتَّى كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي نَقَلَهُ قَوْمُهُ فِيهَا فَثَقُلَ فَاحْتَمَلُوهُ إِلَى بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ إِلَى مَنَازِلِهِمْ. وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا كَانَ يَسْأَلُ عَنْهُ. وَقَالُوا قَدِ انْطَلَقُوا بِهِ. فخرج(3/326)
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَرَجْنَا مَعَهُ فَأَسْرَعَ الْمَشْي حَتَّى تَقَطَّعَتْ شُسُوعُ نِعَالِنَا وَسَقَطَتْ أَرْدِيَتُنَا عَنْ أَعْنَاقِنَا. فَشَكَا ذَلِكَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتْعَبْتَنَا فِي الْمَشْيِ. [فَقَالَ:
إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَسْبِقَنَا الْمَلائِكَةُ إِلَيْهِ فَتَغْسِلُهُ كَمَا غَسَلَتْ حَنْظَلَةَ.] فَانْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْبَيْتِ وَهُوَ يُغْسَلُ وَأُمُّهُ تَبْكِيهِ وَهِيَ تَقُولُ:
وَيْلُ أُمِّ سَعْدٍ سَعْدَا ... حَزَامَةً وَجِدَّا
[فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: كُلُّ نَائِحَةٍ تَكْذِبُ إِلا أُمَّ سَعْدٍ] . ثُمَّ خَرَجَ بِهِ. قَالَ يَقُولُ لَهُ الْقَوْمُ أَوْ مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَمَلْنَا مَيِّتًا أَخَفَّ عَلَيْنَا مِنْ سَعْدٍ. فَقَالَ:
[مَا يَمْنَعُكُمْ مِنْ أَنْ يَخِفَّ عَلَيْكُمْ وقد هبط من الملائكة كذا وكذا. قد سَمَّى عِدَّةً كَثِيرَةً لَمْ أَحْفَظْهَا. لَمْ يَهْبِطُوا قَطُّ قَبْلَ يَوْمِهِمْ قَدْ حَمَلُوهُ مَعَكُمْ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَسْلَمَ بْنِ حَرِيسٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ عَلَى الْبَابِ نُرِيدُ أَنْ نَدْخُلَ عَلَى أَثَرِهِ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلا سَعْدٌ مُسَجًّى. قَالَ فَرَأَيْتُهُ يَتَخَطَّى فَلَمَّا رَأَيْتُهُ وَقَفْتُ. وَأَوْمَأَ إِلَيَّ: قِفْ. فَوَقَفْتُ وَرَدَدْتُ مَنْ وَرَائِي. وَجَلَسَ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا وَقَدْ رَأَيْتُكَ تتخطى. [فقال رسول الله. ص: مَا قَدَرْتُ عَلَى مَجْلِسٍ حَتَّى قَبَضَ لِي مَلَكٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ أَحَدَ جَنَاحَيْهِ فَجَلَسْتُ. وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: هَنِيئًا لك يا أَبَا عَمْرٍو.
هَنِيئًا لَكَ أَبَا عَمْرٍو. هَنِيئًا لك أبا عَمْرٍو] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: فَانْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمُّ سَعْدٍ تَبْكِي وَهِيَ تَقُولُ:
وَيْلُ أُمِّ سَعْدٍ سَعْدَا ... جَلادَةً وَجِدَّا
فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَهْلا يَا أُمَّ سَعْدٍ لا تَذْكُرِي سَعْدًا. فقال النبي. ص:
[مَهْلا يَا عُمَرُ فَكُلُّ بَاكِيَةٍ مُكَذَّبَةٌ إِلا أُمَّ سَعْدٍ مَا قَالَتْ مِنْ خَيْرٍ فَلَمْ تكذب] .
أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: رُمِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ يَوْمَ الأَحْزَابِ فَقَطَعُوا أَكْحَلَهُ فَحَسَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ بالنار فانتفخت يده فنزفه. فحسمه أخرى.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَكَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ(3/327)
عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَوَى سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ مِنْ رَمْيَتِهِ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي سِمَاكٌ قَالَ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادٍ يَقُولُ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَهُوَ يَكِيدُ بِنَفْسِهِ فَقَالَ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْ سَيِّدِ قَوْمٍ فَقَدْ أَنْجَزْتَ اللَّهَ مَا وَعَدْتَهُ وَلَيُنْجِزَنَّكَ اللَّهُ مَا وَعَدَكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: لَمَّا أُخْرِجَ سَرِيرُ سَعْدٍ قَالَ نَاسٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: مَا أَخَفَّ جَنَازَةَ سَعْدٍ. أَوْ سرير سعد. فقال رسول الله. ص: [لَقَدْ نَزَلَ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ شَهِدُوا جَنَازَةَ سَعْدٍ أَوْ سَرِيرَ سَعْدٍ مَا وَطِئُوا الأَرْضَ قَبْلَ الْيَوْمِ] .
قَالَ: وَحَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُغْسَلُ فَقَبَضَ رُكْبَتَهُ فقال رسول الله. ص:
[دَخَلَ مَلَكٌ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَكَانٌ فَأَوْسَعْتُ لَهُ.] قَالَ وَأُمُّهُ تَبْكِي وَهِيَ تَقُولُ:
وَيْلُ أُمِّ سَعْدٍ سَعْدَا ... بَرَاعَةً وَنَجْدًا
بَعْدَ أَيَادٍ يَا لَهُ وَمَجْدَا ... مُقَدَّمًا سَدَّ بِهِ مَسَدَّا
[فقال رسول الله. ص: كُلُّ الْبَوَاكِي يَكْذِبْنَ إِلا أُمَّ سَعْدٍ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ قَالَ: لَمَّا مَاتَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ. وَكَانَ رَجُلا جَسِيمًا جَزْلا. جَعَلَ الْمُنَافِقُونَ وَهُمْ يَمْشُونَ خَلْفَ سَرِيرِهِ يَقُولُونَ: لَمْ نَرَ كَالْيَوْمِ رَجُلا أَخَفَّ. وَقَالُوا: أَتَدْرُونَ لِمَ ذَلِكَ؟ ذَاكَ لِحُكْمِهِ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: [وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ كَانَتِ الْمَلائِكَةُ تَحْمِلُ سَرِيرَهُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ شَهِدَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَمْ يَنْزِلُوا إِلَى الأرض. [وقال رسول الله. ص:
لَقَدْ ضُمَّ صَاحِبُكُمْ ضَمَّةً ثُمَّ فُرِّجَ عَنْهُ] .
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: لَهَذَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الَّذِي تَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ وفتحت له أبواب السماوات وَشَهِدَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلائِكَةِ لَمْ يَنْزِلُوا الأَرْضِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً ثُمَّ أفرج عنه] . يعني سعد بن معاذ.(3/328)
أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ: لَمَّا دَفَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعْدًا قَالَ: [لَوْ نَجَا أَحَدٌ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ لَنَجَا سَعْدٌ. وَلَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً اخْتَلَفَتْ مِنْهَا أَضْلاعُهُ مِنْ أَثَرِ الْبَوْلِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ وَهُوَ قَائِمٌ عِنْدَ قَبْرِ سَعْدٍ: لَقَدْ ضُغِطَ ضَغْطَةً أَوْ هُمِزَ هُمَزَةً لَوْ كَانَ أَحَدٌ نَاجِيًا مِنْهَا بِعَمَلٍ لَنَجَا مِنْهَا سَعْدٌ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ:
أَخْبَرَنَا مَيْمُونُ أَبُو حَمْزَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النخعي أن النبي. ع. مَدَّ عَلَى قَبْرِ سَعْدٍ ثَوْبًا أَوْ مُدَّ وهو شاهد.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ محمد بن عمرو بْنِ حَزْمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْشِي أَمَامَ جَنَازَةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ شُيُوخٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمَلَ جَنَازَةَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ مِنْ بَيْتِهِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ حَتَّى خَرَجَ بِهِ مِنَ الدَّارِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَالدَّارُ تَكُونُ ثَلاثِينَ ذِرَاعًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ رُبَيْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كُنْتُ أَنَا مِمَّنْ حَفَرَ لِسَعْدٍ قَبْرَهُ بِالْبَقِيعِ وَكَانَ يَفُوحُ عَلَيْنَا الْمِسْكُ كُلَّمَا حَفَرْنَا قَتَرَةً مِنْ تُرَابٍ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى اللَّحْدِ.
قَالَ رُبَيْحٌ: وَلَقَدْ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المنكدر عن محمد بن شرحبيل بن حَسَنَةَ قَالَ: أَخَذَ إِنْسَانٌ قَبْضَةً مِنْ تُرَابِ قَبْرِ سَعْدٍ فَذَهَبَ بِهَا ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا هِيَ مِسْكٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بن شرحبيل بن حَسَنَةَ أَنَّ رَجُلا أَخَذَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابِ قَبْرِ سَعْدٍ يَوْمَ دُفِنَ فَفَتَحَهَا بَعْدُ فَإِذَا هِيَ مِسْكٌ.
رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: فَطَلَعَ عَلَيْنَا رَسُولُ(3/329)
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ فَرَغْنَا مِنْ حُفْرَتِهِ وَوَضَعْنَا اللِّبَنَ وَالْمَاءَ عِنْدَ الْقَبْرِ وَحَفَرْنَا لَهُ عِنْدَ دَارِ عَقِيلٍ الْيَوْمَ. وَطَلَعَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْنَا فَوَضَعَهُ عِنْدَ قَبْرِهِ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ. فَلَقَدْ رَأَيْتُ مِنَ النَّاسِ مَا ملأ البقيع.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا انْتَهَوْا إِلَى قَبْرِ سَعْدٍ نَزَلَ فِيهِ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ: الْحَارِثُ بْنُ أَوْسِ بْنِ مُعَاذٍ وَأُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ وَأَبُو نَائِلَةَ سِلْكَانُ بْنُ سَلامَةَ وَسَلَمَةُ بْنُ سَلامَةَ بْنِ وَقْشٍ. وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاقِفٌ عَلَى قَدَمَيْهِ. فَلَمَّا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ تَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَبِّحَ ثَلاثًا فَسَبَّحَ الْمُسْلِمُونَ ثَلاثًا حَتَّى ارْتَجَّ الْبَقِيعُ. ثُمَّ كَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثًا وَكَبَّرَ أَصْحَابُهُ ثَلاثًا حَتَّى ارْتَجَّ الْبَقِيعُ بِتَكْبِيرِهِ.
فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَا بِوَجْهِكَ تَغَيُّرًا وَسَبَّحْتَ ثَلاثًا. [قَالَ: تَضَايَقَ عَلَى صَاحِبِكُمْ قَبْرُهُ وَضُمَّ ضَمَّةً لَوْ نَجَا مِنْهَا أَحَدٌ لَنَجَا سَعْدٌ مِنْهَا ثُمَّ فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ] . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَحَدَّثَنِي غَيْرُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ سَعْدًا غَسَّلَهُ الْحَارِثُ بْنُ أَوْسِ بْنِ مُعَاذٍ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ. وَسَلَمَةُ بْنُ سَلامَةَ بْنِ وَقْشٍ يَصُبُّ الْمَاءَ. وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَاضِرٌ. فَغُسِلَ بِالْمَاءِ الْغَسْلَةَ الأُولَى. وَالثَّانِيَةَ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ. وَالثَّالِثَةَ بِالْمَاءِ وَالْكَافُورِ. ثُمَّ كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ صُحَارِيَّةٍ أُدْرِجَ فِيهَا إِدْرَاجًا وَأُتِيَ بِسَرِيرٍ كَانَ عِنْدَ النُّبَيْطِ يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْمَوْتَى فَوُضِعَ عَلَى السَّرِيرِ فَرُئِيَ رَسُولُ اللَّهِ يَحْمِلُهُ بَيْنَ عَمُودَيْ سَرِيرِهِ حِينَ رُفِعَ مِنْ دَارِهِ إِلَى أَنْ خَرَجَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُصَيْنِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ قَالَ: جَاءَتْ أُمُّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ تَنْظُرُ إِلَى سَعْدٍ فِي اللَّحْدِ فردها الناس. فقال رسول الله. ص: دَعُوهَا. فَأَقْبَلَتْ حَتَّى نَظَرَتْ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي اللَّحْدِ قَبْلَ أَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ اللِّبَنُ وَالتُّرَابُ قالت: احْتَسَبْتُكَ عِنْدَ اللَّهِ. وَعَزَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى قَبْرِهِ وَجَلَسَ نَاحِيَةً. وَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَرُدُّونَ تُرَابَ الْقَبْرِ وَيُسَوُّونَهُ. وَتَنَحَّى رَسُولُ اللَّهِ فَجَلَسَ حَتَّى سُوِّيَ عَلَى قَبْرِهِ وَرُشَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ. ثُمَّ أَقْبَلَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَدَعَا لَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مخلد وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ مَوْلَى الْفِطْرِيِّينَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيُّ قَالَ: دُفِنَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ إِلَى أُسِّ دَارِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.(3/330)
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا كَانَ أَحَدٌ أَشَدُّ فَقْدًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَاحِبَيْهِ. أَوْ أَحَدِهِمَا. مِنْ سَعْدِ بن معاذ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُتْبَةُ بْنُ جَبِيرَةَ عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قال: كَانَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رَجُلا أَبْيَضَ. طُوَالا.
جَمِيلا. حَسَنَ الْوَجْهِ. أَعْيَنَ. حَسَنَ اللِّحْيَةِ. فَرُمِيَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ فَمَاتَ مِنْ رَمْيَتِهِ تِلْكَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً. فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِحُبِّ لِقَاءِ اللَّهِ سَعْدًا. قَالَ إنما يَعْنِي السَّرِيرَ. قَالَ إِنَّمَا تَفَسَّخَتْ أَعْوَادُهُ. قَالَ وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْرَهُ فَاحْتُبِسَ فَلَمَّا خَرَجَ قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَبَسَكَ؟ [قَالَ: ضُمَّ سَعْدٌ فِي الْقَبْرِ ضَمَّةً فَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: [قَالَ رسول الله. ص: لَقَدِ اهْتَزَّ عَرْشُ اللَّهِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَهَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قال: [قال رسول الله. ص: لَقَدِ اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدٍ] .
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن عمرو عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَدِمْنَا مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَتُلُقِّينَا بِذِي الْحُلَيْفَةِ. وَكَانَ غِلْمَانُ الأَنْصَارِ يَتَلَقَّوْنَ أَهْلِيهِمْ. فَلَقُوا أُسَيْدَ بْنَ الْحُضَيْرِ فَنَعَوْا لَهُ امْرَأَتَهُ فَتَقَنَّعَ وَجَعَلَ يَبْكِي. فَقُلْتُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ أَنْتَ صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَلَكَ مِنَ السَّابِقَةِ وَالْقِدَمِ مَا لَكَ وَأَنْتَ تَبْكِي عَلَى امْرَأَةٍ؟ قَالَتْ فَكَشَفَ رَأْسَهُ وَقَالَ: صَدَقْتِ. لَعَمْرِي لَيَحِقَّنَّ أَنْ لا أَبْكِي عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَقَدْ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - مَا قَالَ. قَالَتْ: قُلْتُ وَمَا قَالَ لَهُ رسول الله. ص؟ قَالَ: [لَقَدِ اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِوَفَاةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ] . قَالَتْ: وَهُوَ يَسِيرُ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ(3/331)
عَنِ امْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهَا أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ [أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لأُمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: أَلا يَرْقَأُ دَمْعُكِ وَيَذْهَبُ حُزْنُكِ بِأَنَّ ابْنَكِ أَوَّلُ مَنْ ضَحِكَ اللَّهُ لَهُ وَاهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ؟] .
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: [قال رسول الله. ص: لَقَدِ اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِوَفَاةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَرَحًا بِهِ] . قَالَ: قَوْلُهُ فَرَحًا بِهِ تَفْسِيرٌ مِنَ الْحَسَنِ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: [لَمَّا مَاتَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِرُوحِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ] .
أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ قَالا: أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ جَدَّتِهِ رُمَيْثَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ أَشَاءُ أَنْ أُقَبِّلَ الْخَاتَمَ الَّذِي بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِنْ قُرْبِي مِنْهُ لَفَعَلْتُ. وَهُوَ يَقُولُ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ يَوْمَ مَاتَ: [اهْتَزَّ لَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ] .
أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَحُمِلَتْ جنازته [قال النبي. ص: لَقَدِ اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِجَنَازَةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ] .
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ. ع. أُتِيَ بِثَوْبِ حَرِيرٍ فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ لينه [فقال رسول الله. ص: لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَلْيَنُ مِنْ هَذَا] .
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَوْبُ حَرِيرٍ فَجَعَلْنَا نَلْمَسُهُ وَنَتَعَجَّبُ مِنْهُ. [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: أَيُعْجِبُكُمْ هَذَا؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: فَمَنَادِيلُ سَعْدٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا] . قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: وَأَلْيَنُ. وَقَالَ الْفَضْلُ: أَوْ أَلْيَنُ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن عَمْرٍو عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَكَانَ وَاقِدٌ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِمْ.(3/332)
فَقَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ قُلْتُ: أَنَا واقد بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. قَالَ فَقَالَ: إِنَّكَ بِسَعْدٍ لَشَبِيهٌ. ثُمَّ بَكَى وَأَكْثَرَ الْبُكَاءَ. ثُمَّ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ سَعْدًا. كَانَ سَعْدٌ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِمْ. ثُمَّ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ جَيْشًا إِلَى أُكَيْدِرِ دُومَةَ فَبَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ بِجُبَّةٍ مِنْ دِيبَاجٍ مَنْسُوجًا بِالذَّهَبِ فَلَبِسَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَ النَّاسُ يَمْسَحُونَهَا وَيَنْظُرُونَ إليها فقال [رسول الله. ص: أَتَعْجَبُونَ مَنْ هَذِهِ الْجُبَّةِ؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَأَيْنَا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا. قَالَ: فو الله لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِمَّا تَرَوْنَ] .
88- وَأَخُوهُ عَمْرُو بْنُ مُعَاذِ
بْنِ النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عَبْد الأشهل. ويكنى أَبَا عُثْمَان وأمه كبشة بِنْت رافع بْن مُعَاوِيَة بْن عُبَيْد بْن الأبجر.
وهو خدرة بن عوف بن الحارث بْن الخزرج. وهي أم سعد بْن مُعَاذ. وليس لعمرو بْن مُعَاذ عقب.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَابْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قالوا: آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ وَبَيْنَ عُمَيْرِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَخِي سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. وَقَالُوا: شَهِدَ عَمْرُو بْنُ مُعَاذٍ بَدْرًا وَأُحُدًا وَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ عَلَى رَأْسِ اثْنَيْنِ وَثَلاثِينَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ. قَتَلَهُ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ الْفِهْرِيُّ. وَكَانَ لِعَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ يَوْمَ قُتِلَ اثْنَتَانِ وَثَلاثُونَ سَنَةً. وَقُتِلَ عُمَيْرُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ قَبْلَهُ يَوْمَ بَدْرٍ.
89- وَابْنُ أَخِيهِمِا الْحَارِثُ بْنُ أَوْسِ
بْنِ مُعَاذِ بْنِ النُّعْمَانِ بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل. ويكنى أَبَا أوس وأمه هند بِنْت سماك بن عتيك بن امرئ القيس بن زَيْد بْن عَبْد الأشهل. وهي عمة أسيد بْن الحضير بْن سماك. وكانت من المبايعات. وليس للحارث بْن أوس عقب.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
__________
88 المغازي (157) ، (282) ، (301) ، (316) ، ابن هشام (1/ 686) .
89 المغازي (24) ، (157) ، (87) ، (190) ، (527) ، (529) ، (551) ، وتاريخ الطبري (2/ 489، 490، 576) ، (3/ 78) .(3/333)
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَابْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالُوا: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الْحَارِثِ بْنِ أَوْسِ بْنِ مُعَاذٍ وَعَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ.
قَالُوا: وَشَهِدَ الْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ بَدْرًا وَكَانَ فِيمَنْ قَتَلَ كَعْبَ بْنَ الأَشْرَفِ وَأَصَابَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ بِسَيْفِهِ وَهُمْ يَضْرِبُونَ كَعْبًا فَكَلَمَهُ فِي رِجْلِهِ فَنَزَفَ الدَّمَ فَاحْتَمَلَهُ أَصْحَابُهُ حَتَّى أَتَوْا بِهِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ أُحُدًا وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ شَهِيدًا فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا. وَكَانَ يَوْمَ قُتِلَ ابْنُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً.
90- الْحَارِثُ بْنُ أَنَسٍ
وَأَنَسٌ هُوَ أَبُو الْحَيْسَرِ بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بْن عَبْد الأشهل وأمه أم شريك بِنْت خَالِد بْن خنيس بْن لوذان بن عَبْد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بْن ساعدة من الخزرج. وليس للحارث بْن أَنَس عقب.
شهِدَ بدْرًا وأحدًا وقتل يوم أحد شهيدا فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا مِن الهجرة. وكان أَبُو الحيسر قد قدم مكّة ومعه فتية من بني عَبْد الأشهل خمسة عشر رجلًا فيهم إياس بْن مُعَاذ وأظهروا أنهم يريدون العمرة فنزلوا على عُتْبة بْن ربيعة فأكرمهم وطلبوا إليه وإلى قريش أن يحالفوهم على قتال الخزرج فقالت قريش:
بعدت داركم مِنَّا. مَتَى يجيب داعينا صريخكم ومتى يجيب داعيكم صريخنا! وسمع بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأتاهم فجلس إليهم فقال: هَلْ لكم إِلَى خير مما جئتم له؟ قَالُوا: وما ذاك؟ قَالَ: أَنَا رسول الله بعثني الله إِلَى عباده أدعوهم إِلَى أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئًا وقد نزل عليّ الكتاب. فقال إياس بْن مُعَاذ. وكان غلامًا حدثًا: يا قوم هَذَا والله خير مما جئتم له. فاخذ أَبُو الحيسر كفا من البطحاء فرمى بها وجهه ثُمَّ قَالَ: ما أشغلنا عن هَذَا. ما قدم وفدٌ إذا على قوم بِشْر مما قدمنا به على قومنا. إنا خرجنا نطلب حلف قريش على عدونا فنرجع بعداوة قريش مع عداوة الخزرج.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُصَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ وَسَلَمَةَ بْنَ سَلامَةَ بْنِ وَقْشٍ وَأَبَا الْهَيْثَمِ بْنَ التَّيِّهَانِ يَقُولُونَ: لَمْ يَنْشَبْ إِيَاسٌ حِينَ رَجَعَ أَنْ مَاتَ. فَلَقَدْ سَمِعْنَاهُ يُهَلِّلُ حَتَّى مَاتَ. فَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا لَمَّا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
__________
90 المغازي (24) ، (157) ، (230) ، (301) ، ابن هشام (1/ 686) .(3/334)
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَ أَبُو الْحَيْسَرِ وَأَصْحَابُهُ أَوَّلَ مَنْ لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مِنَ الأَنْصَارِ وَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلامِ. وَكَانَ لُقِيِّهِ إِيَّاهُمْ بِذِي الْمَجَازِ.
91- سعد بن زيد
بن مالك بن عبد بن كعب بْن عَبْد الأشهل. ويكنى أَبَا عَبْد الله وأمه عمرة بِنْت مَسْعُود بْن قَيْس بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بْن عَمْرو بْن مالك بْن النّجّار من الخزرج. وكانت من المبايعات. ولسعد بْن زَيْد اليوم عقب.
وشهد العقبة مع السبعين من الأَنْصَار فِي رواية مُحَمَّد بْن عُمَر. ولم يذكره موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبو معشر فيمن شهِدَ العقبة. وقد شهِدَ بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله ص. وبعثه رسول الله. ع. سرية إِلَى مناة بالمشلل فهدمة. وذلك فِي شهر رمضان سنة ثمان من الهجرة.
92- سَلَمَةُ بْنُ سَلامَةَ
بْنِ وَقْشِ بْنِ زُغْبَةَ بْنِ زَعُورَاءَ بْنِ عَبْدِ الأشهل. ويكنى أَبَا عوف وأمه سلمى بِنْت سَلَمَة بْن سلامة بْن خالد بن عدي بن مجدعة بن حارثة من الأوس.
وهي عمة مُحَمَّد بْن مسلمة. وكان لسلمة بْن سلامة من الولد عوف وأمه أم وُلِدَ.
وميمونة وأمها أم عليّ بِنْت خَالِد بْن زَيْد بْن تيم بْن أمية بْن بياضة من الجعادرة من ساكني راتج من الأوس حلفاء لبني زعوراء بْن جشم. وشهد سَلَمَة بْن سلامة العقبة الأولى وشهد العقبة الآخرة مع السبعين. أجمع على ذلك مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إِسْحَاق وأبو معشر ومحمد بن عمر.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَابْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالُوا: آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ سَلَمَةَ بْنِ سَلامَةَ وَأَبِي سَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى الْعَامِرِيِّ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَقَالَ: آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ سَلَمَةَ بْنِ سَلامَةَ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ. والله أعلم أي ذلك كان.
__________
91 المغازي (6) ، (24) ، (218) ، (405) ، (498) ، (541) ، (542) ، (544) ، (548) ، (570) ، (574) ، وابن هشام (1/ 505، 524، 525، 686) .
92 المغازي (24) ، (46) ، (116) ، (158) ، (208) ، (314) ، (423) ، (511) ، (527) ، (529) ، (534) ، (656) ، (721) ، (770) ، (1039) ، (1054) ، وتاريخ الطبري (2/ 459) ، (3/ 299) ، (4/ 431) .(3/335)
قَالُوا: وَشَهِدَ سَلَمَةُ بْنُ سَلامَةَ بَدْرًا وَأُحُدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ سَنَةً. وَدُفِنَ بِالْمَدِينَةِ. وَقَدِ انْقَرَضَ عَقِبُهُ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ.
93- عَبَّادُ بْنُ بِشْرِ
بْنِ وَقْشِ بْنِ زُغْبَةَ بْنِ زَعُورَاءَ بْنِ عَبْدِ الأشهل. قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: كان يكنى أَبَا بِشْر. وقال عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ: كان يكنى أَبَا الرَّبِيع. وأمه فاطمة بِنْت بِشْر بْن عدي بْن أبي بْن غنم بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الخزرج حلفاء بني عَبْد الأشهل. وكان لعباد بْن بِشْر من الولد ابْنَة لم يكن له وُلِدَ غيرها فانقرضت فلم يبق له عقب. وأسلم عباد بالمدينة على يد مُصْعَب بْن عمير وذلك قبل إسلام أسيد بْن الحضير وسعد بن معاذ. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عباد بْن بِشْر وبين أبي حُذَيْفة بْن عُتْبة بْن ربيعة في رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عُمَر. وشهد عباد بْن بِشْر بدْرًا وكان فيمن قتل كعب بْن الأشرف. وشهد أحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبعثه رسول الله. ع. إلى بني سليم ومزينة يصدقهم فأقام عندهم عشرًا وانصرف إِلَى بني المصطلق من خزاعة بعد الْوَلِيد بْن عُقْبَة بْن أبي معيط يصدقهم. فأقام عندهم عشرًا وانصرف راضيًا.
وجعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مقاسم حنين واستعمله على حرسه بتبوك من يوم قدم إِلَى أن رحل. وكان أقام بها عشرين يومًا. وشهد يوم اليمامة وكان له يومئذ بلاء وغناء ومباشرة للقتال وطلب للشهادة حَتَّى قُتِلَ يومئذ شهيدًا سنة اثنتي عشرة. وهو يومئذ ابن خمس وأربعين سَنَةً.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ رُبَيْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ عباد بن بشر
__________
93 انظر: تاريخ خليفة (113) ، والتاريخ الصغير للبخاري (1/ 36) ، وتاريخ واسط (111) ، وتاريخ الطبري (2/ 489، 601، 606) ، والجرح والتعديل (6/ ت 396) ، والثقات لابن حبان (3/ 306) ، والاستيعاب (2/ 801) ، وأسد الغابة (3/ 100) ، والكامل في التاريخ (2/ 143، 193، 366) ، وسير أعلام النبلاء (1/ 337) ، والعبر (1/ 15) ، وتجريد أسماء الصحابة (11/ ت 3073) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (19) ، وتهذيب الكمال (3074) ، وتهذيب التهذيب (5/ 90) ، والإصابة (2/ ت 4455) ، وتقريب التهذيب (1/ 391) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3297) .(3/336)
يَقُولُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ كَأَنَّ السَّمَاءَ قَدْ فُرِجَتْ لِي ثُمَّ أُطْبِقَتْ عَلَيَّ فَهِيَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ الشَّهَادَةُ. قَالَ قُلْتُ: خيرا والله رأيت. قل: فَأَنْظُرُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْيَمَامَةِ وَإِنَّهُ لَيَصِيحُ بِالأَنْصَارِ: احْطِمُوا جُفُونَ السُّيُوفِ وَتَمَيَّزُوا مِنَ النَّاسِ. وَجَعَلَ يَقُولُ: أَخْلِصُونَا أَخْلِصُونَا. فَأَخْلَصُوا أَرْبَعُمِائَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ مَا يُخَالِطُهُمْ أَحَدٌ يَقْدُمُهُمْ عَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ وَأَبُو دُجَانَةَ وَالْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى بَابِ الْحَدِيقَةِ فَقَاتَلُوا أَشَدَّ الْقِتَالِ. وَقُتِلَ عَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ. رَحِمَهُ اللَّهُ. فَرَأَيْتُ بِوَجْهِهِ ضَرْبًا كَثِيرًا مَا عَرَفْتُهُ إِلا بِعَلامَةٍ كَانَتْ فِي جَسَدِهِ.
94- سَلَمَة بْن ثابت
بْن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل وأمه ليلى بِنْت اليمان. وهو حسيل بْن جَابِر. وهي أخت حُذَيْفة بْن اليمان حلفاء بني عَبْد الأشهل.
شهِدَ سَلَمَة بْن ثابت بدْرًا وشهد يوم أحد فقتل يومئذ شهيدًا. قتله أَبُو سُفْيَان بْن حرب بْن أمية وذلك فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا مِن الهجرة. وقتل معه يوم أحد أَبُوهُ ثابت بْن وقش وعمه رفاعة بْن وقش شهيدين مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وليس لسلمة بْن ثابت عقب. وقد انقرض وُلِدَ وقش بْن زغبة جميعًا فلم يبق منهم أحد.
95- رافع بْن يزيد
بْن كرز بْن سكن بْن زعوراء بْن عَبْد الأشهل وأمه عقرب بِنْت مُعَاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بْن عَبْد الأشهل أخت سعد بْن مُعَاذ. وكان لرافع من الولد أسيد. قُتِلَ يوم الحرة. وعبد الرَّحْمَن. وأمهما عقرب بِنْت سلامة بْن وقش بْن زغبة بْن زعوراء بْن عَبْد الأشهل أخت سَلَمَة بْن سلامة بْن وقش.
ولقد انقرض وُلِدَ رافع بْن يزيد وانقرض وُلِدَ زعوراء بْن عبد الأشهل جميعا فلم يبق منهم أحد. وشهد رافع بْن يزيد بدْرًا وأحدًا وقتل يوم أحد شهيدا فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا. وكان مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وموسى بْن عُقْبَة وأبو معشر ومحمد بْن إِسْحَاق يقولان: رافع بْن زَيْد. وخالفهم عبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري. وكان عالمًا بنسب الأَنْصَار. فقال: ليس فِي بني زعوراء سكن وإنما سكن فِي بني امرئ
__________
94 المغازي (24) ، (116) ، (158) ، (208) ، (314) ، (423) ، (511) ، (527) ، (529) ، (534) ، (656) ، (721) ، (770) ، (1039) ، (1054) ، وتاريخ الطبري (7/ 186) .
95 المغازي (24) ، (158) ، ابن هشام (1/ 686) .(3/337)
القيس بْن زَيْد بْن عَبْد الأشهل. وقال: هُوَ رافع بْن يزيد بن كرز بْن زعوراء بْن عَبْد الأشهل.
وَمِنْ حُلَفَاءِ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ بْنِ جُشَمَ
96- مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ
بْنِ خَالِدِ بْنِ عَدِيِّ بن مجدعة بن حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ عَمْرٍو. وهو النبيت. ابن مالك من الأوس وأمه أم سهم. واسمها خليدة بنت أبي عبيدة بن وهب بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة بن كَعْب من الخزرج. وكان لمحمد بن مسلمة من الولد عشرة نفر وست نسوة: عبد الرحمن وبه كان يكنى. وأم عيسى. وأم الحارث وأمهم أم عَمْرو بنت سلامة بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل وهي أخت سلمة بن سلامة.
وعبد الله وأم أحمد وأمهما عمرة بنت مسعود بن أوس بن مالك بن سواد بن ظفر. وهو كَعْب بن الخزرج من الأوس. وسعد وجعفر وأم زَيْد وأمهم قتيلة بِنْت الحصين بْن ضمضم من بني مُرَّة بْن عوف من قَيْس عيلان. وعُمَر وأمه زهراء بِنْت عمّار بْن مُعَمَّر من بني مُرَّة ثُمَّ من بني خصيلة من قَيْس عيلان. وأنس وعمرة وأمهما من الأطبا بطن من بطون كلب. وقيس وزيد ومحمد وأمهم أم وُلِدَ. ومحمود لا عقب له. وحفصة.
وأمهما أم وُلِدَ. وأسلم مُحَمَّد بن مسلمة بالمدينة على يد مصعب بن عمير وذلك قبل إسلام أسيد بْن الحضير وسعد بْن معاذ.
وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ محمد بن مسلمة وأبي عبيدة بْن الجراح. وشهد مُحَمَّد بدْرًا وأحدًا. وكان فيمن ثبت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يومئذ حين ولى الناس.
وشهد الخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما خلا تبوك فإن رسول الله استخلفه على المدينة حين خرج إِلَى تبوك. وكان محمد فيمن قتل كعب بن الأشرف.
وبعثه رسول الله إلى القرطاء. وهم من بني أبي بَكْر بْن كلاب. سرية فِي ثلاثين راكبًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وبعثه أيضًا إِلَى ذي القصة سرية فِي عشرة نفر.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بن قتادة
__________
96 المغازي (158) ، الإصابة (7808) ، والاستيعاب (3/ 334) ، وتهذيب التهذيب (9/ 454) . والبدء والتاريخ (5/ 120) ، والتنبيه والإشراف للمسعودي (209) ، (218) ، (219) ، والكامل في التاريخ (3/ 2) .(3/338)
قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ فَانْتَهَى إِلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ قَدَّمَ الْخَيْلَ أَمَامَهُ وَهِيَ مِائَةُ فَرَسٍ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ يَقُولُ: يَا بَنِيَّ سَلُونِي عَنْ مَشَاهِدِ النبي. ع. وَمَوَاطِنِهِ فَإِنِّي لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْهُ فِي غَزْوَةٍ قَطُّ إِلا وَاحِدَةً فِي تَبُوكَ خَلَّفَنِي عَلَى الْمَدِينَةِ. وَسَلُونِي عَنْ سَرَايَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا سَرِيَّةٌ تَخْفَى عَلَيَّ إِمَّا أَنْ أَكُونَ فِيهَا أَوْ أَنْ أَعْلَمَهَا حِينَ خَرَجَتْ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَكَانَ رَجُلا أَسْوَدَ طَوِيلا. عَظِيمًا. قَالَ وَزَادَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ فِي صِفَتِهِ فَقَالَ: كَانَ مُعْتَدِلا أَصْلَعَ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ بن حسان عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى مُحَمَّدَ بْنِ مَسْلَمَةَ سَيْفًا فَقَالَ: قَاتِلْ بِهِ الْمُشْرِكِينَ مَا قُوتِلُوا فَإِذَا رَأَيْتَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَأْتِ بِهِ أُحُدًا فَاضْرِبْهُ بِهِ حَتَّى تَقْطَعَهُ ثُمَّ اجْلِسْ فِي بَيْتِكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ يَدٌ خَاطِئَةٌ أَوْ مَنِيَّةٌ قَاضِيَةٌ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ ضُبَيْعَةَ بْنِ حُصَيْنٍ الثَّعْلَبِيِّ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ حُذَيْفَةَ فَقَالَ: إِنِّي لأَعْلَمُ رَجُلا لا تَنْقُصُهُ الْفِتْنَةُ شَيْئًا. فَقُلْنَا: مَنْ هُوَ؟ قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الأَنْصَارِيُّ. فَلَمَّا مَاتَ حُذَيْفَةُ وَكَانَتِ الْفِتْنَةُ خَرَجْتُ فِيمَنْ خَرَجَ مِنَ النَّاسِ فَأَتَيْتُ أَهْلَ مَاءٍ فَإِذَا أَنَا بِفُسْطَاطٍ مَضْرُوبٍ مُتَنَحًّى تَضْرِبُهُ الرِّيَاحُ فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْفُسْطَاطُ؟ قَالُوا: لِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ. فَأَتَيْتُهُ فَإِذَا هُوَ شَيْخٌ فَقُلْتُ لَهُ: يَرْحَمُكُ اللَّهُ أَرَاكَ رَجُلا مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ تَرَكْتَ بَلَدَكَ وَدَارَكَ وَأَهْلَكَ وَجِيرَتَكَ. قَالَ: تَرَكْتُهُ كَرَاهِيَةَ الشَّرِّ. مَا فِي نَفْسِي أَنْ تَشْتَمِلَ عَلَى مِصْرَ مِنْ أَمْصَارِهِمْ حَتَّى تَنْجَلِيَ عَمَّا انْجَلَتْ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ قَالَ: أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَيْفًا فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ جَاهِدْ بِهَذَا السَّيْفِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِئَتَيْنِ تَقْتَتِلانِ فَاضْرِبْ بِهِ الْحَجَرَ حَتَّى تَكْسِرَهُ ثُمَّ كُفَّ لِسَانَكَ وَيَدَكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ مَنِيَّةٌ قَاضِيَةٌ(3/339)
أَوْ يَدٌ خَاطِئَةٌ. فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ وَكَانَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ مَا كَانَ خَرَجَ إِلَى صَخْرَةٍ فِي فِنَائِهِ فَضَرَبَ الصَّخْرَةَ بِسَيْفِهِ حَتَّى كَسَرَهُ.
أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ بِنَحْوِ هَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ: وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ يُقَالُ لَهُ فَارِسُ نَبِيِّ اللَّهِ. قَالَ فَاتَّخَذَ سَيْفًا مِنْ عُودٍ قَدْ نَحَتَهُ وَصَيَّرَهُ فِي الْجَفْنِ مُعَلَّقًا فِي الْبَيْتِ.
وَقَالَ: إِنَّمَا عَلَّقْتُهُ أُهَيِّبُ بِهِ ذَاعِرًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ بِالْمَدِينَةِ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً. وَصَلَّى عَلَيْهِ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ.
97- سَلَمَة بْن أسلم
بْن حريس بْن عدي بْن مجدعة بْن حارثة. ويكنى أَبَا سعد وأمه سعاد بنت رافع بْن أبي عمرو بن عائذ بن ثعلبة بن غنم بْن مالك بْن النّجّار من الخزرج. وبنو حريس بْن عدي دعوتهم ودارهم فِي بني عَبْد الأشهل. وقد انقرضوا فِي أوّل الْإِسْلَام فلم يبق منهم أحد. وشهد سَلَمَة بْن أسلم بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مع رسول اللَّه. وقتل بالعراق يوم جسر أبي عُبَيْد الثَّقفيّ سنة أربع عشرة فِي أوّل خلافة عُمَر بْن الخطاب وهو ابن ثلاث وستّين سنة.
98- عَبْد الله بْن سهل
بْن زَيْد بْن عامر بْن عَمْرو بْن جشم بْن الْحَارِث بْن الخزرج بْن عَمْرو بْن مالك بْن الأوس وأمه الصعبة بِنْت التيهان بْن مالك أخت أبي الهيثم بْن التيهان. قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: وهو أخو رافع بْن سهل. وهما اللذان خرجا إلى حمراء الأسد وهما جريحان فحمل أحدهما صاحبه ولم يكن لهما ظهر. وشهد عبد الله بن سهل بدرا وأحدا وشهد معه أحدا أخوة رافع بْن سهل. وشهد الخندق.
وقُتل عَبْد الله يوم الخندق شهيدًا. رماه رَجُل من بني عويف فقتله. وليس لعبد الله بْن سهل عقب. وقد انقرض أيضًا وُلِدَ عَمْرو بْن جشم بْن الْحَارِث بْن الخزرج منذ زمان طويل. وهم أهل راتج. إلا أن في أَهْل راتج قومًا من غسان من وُلِدَ علبة بن جفنة
__________
97 المغازي (93) ، (138) ، (158) ، (460) ، (462) ، (466) ، (468) ، (526) ، (606) ، (635) ، (1118) ، ابن هشام (1/ 686) .
98 المغازي (158) ، (335) ، (495) ، (714) ، (717) ، ابن هشام (1/ 687) .(3/340)
خلفاؤهم آل أبي سعيد. ولهم اليوم عقب يسكنون الصفراء بناحية ويدعون أنهم من وُلِدَ رافع بْن سهل وأن عمهم عَبْد الله بْن سهل الَّذِي شهِدَ بدْرًا.
99- الحارث بن خزمة
بْن عدي بْن أبي بْن غنم بْن سالم بن عون بن عمرو بن عوف بن الخزرج وهو من القواقلة حليف لبني عبد الأشهل. وداره في بني عبد الأشهل. ويكنى الحارث أبا بشير. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الحارث بن خزمة وإياس بن أبي البكير. وشهد الحارث بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومات بالمدينة سنة أربعين وهو ابن سبع وستين سنة. لا عقب له.
100- أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ.
واسمه مالك بْن بلي بْن عَمْرو بْن الحاف بْن قضاعة حليف لبني عَبْد الأشهل. أجمع على ذلك مُوسَى بْن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبو معشر ومحمد بْن عُمَر. وخالفهم عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ وذكر أن أَبَا الهيثم يعني من الأوس من أنفسهم. وأنّه أَبُو الهيثم بْن التيهان بْن مالك بْنُ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ جشم بْن الحارث بن الخزرج بن عمرو. وهو النبيت. ابن مالك بْن الأوس. وأمه ليلى بِنْت عتيك بْن عَمْرو بْن عَبْد الأعلم بْن عامر بْن زعوراء بْن جشم بْن الْحَارِث بن الخزرج بن عمرو. وهو النبيت.
ابن مالك بْن الأوس. وكان أَبُو الهيثم يقول: لو انفلقت عني روثة لانتسبت إليها.
محياي ومماتي لبني عَبْد الأشهل. وكان الَّذِي ورثه وورث ابنته أميمة. ولم يكن له غيرها. الضحاك بْن خليفة الأشهلي. ورثهما بالقعدد على بني عَبْد الأشهل. وكان أَبُو الهيثم وأخوه آخر وُلِدَ عَمْرو بْن جشم وقد انقرضوا فلم يبق منهم أحد.
قَالَ محمد بن عمر: وكان أبو الهيثم يكره الأصنام فِي الجاهلية ويؤفف بها ويقول بالتوحيد هُوَ وأسعد بْن زرارة. وكانا من أول من أسلم من الأنصار بمكة ويجعل في الثمانية النفر الذين آمنوا برسول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ مِنْ الأَنْصَار. فأسلموا قبل قومهم. ويجعل أبو الهيثم أيضا فِي الستة النفر الَّذِي يروى أنهم أوّل من لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الأَنْصَار بمكّة فأسلموا قبل قومهم وقدموا
__________
99 المغازي (24) ، (158) ، (405) ، (432) ، (534) ، (1010) ، ابن هشام (1/ 686) .
100 المغازي (158) ، (691) ، (707) ، (718) ، (720) ، ابن هشام (1/ 433، 442، 445، 447، 455، 686) .(3/341)
المدينة بِذَلِك وأفشوا بها الْإِسْلَام.
قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: وأمر الستة أثبت الأقاويل عندنا إنهم أول من لقي رسول الله. ع. من الأَنْصَار فدعاهم إِلَى الْإِسْلَام فأسلموا. وقد شهِدَ أَبُو الهيثم العقبة مع السبعين من الأنصار وهو أحد النقباء الاثني عشر. أجمعوا على ذلك كلهم.
وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أبي الهيثم بن التيهان وعثمان بن مظعون. وشهد أَبُو الهيثم بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبعثه رسول الله إلى خيبر فخرص عليهم التمرة. وذلك بعد ما قتل عبد الله بن رواحة بمؤتة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ قَالَ: كَانَ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ يَخْرُصُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ. فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ. ع. بَعَثَهُ أَبُو بَكْرٍ. رَحِمَهُ اللَّهُ. فَأَبَى فَقَالَ: قَدْ خَرَصْتَ لِرَسُولِ اللَّهِ. فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ إِذَا خَرَصْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ فَرَجَعْتُ دَعَا اللَّهَ لي.
قال فتركه.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعْدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ:
تُوُفِّيَ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ قَالَ:
سَمِعْتُ شُيُوخَ أَهْلِ الدَّارِ. يَعْنِي بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ. يَقُولُونَ: مَاتَ أَبُو الْهَيْثَمِ سَنَةَ عِشْرِينَ بِالْمَدِينَةِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهَذَا أَثْبَتُ عِنْدَنَا مِمَّنْ رَوَى أَنَّ أَبَا الْهَيْثَمِ شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ. وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَبْلَنَا يَعْرِفُ ذَلِكَ وَلا يُثْبِتُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
101- وأخوه عُبَيْد بْن التيهان.
وقصته فِي نسبه مثل ما حكينا فِي أمر أبي الهيثم. وأمه فِي قول عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ وأم أبي الهيثم ليلى بِنْت عتيك بْن عَمْرو. كذلك كان مُحَمَّد بْن إِسْحَاق ومحمد بْن عُمَر يقولان: عُبَيْد بْن التيهان. وأما مُوسَى بْن عُقْبَة وأبو معشر وعبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري فقالوا:
هُوَ عتيك بْن التيهان. قَالَ عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة: ورأيت بخط دَاوُد بْن الحصين بيده: عتيك بْن التيهان.
__________
101 المغازي (301) ، ابن هشام (1/ 686) .(3/342)
قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر وغيره: وقد شهِدَ عُبَيْد بْن التيهان العقبة مع السبعين من الأَنْصَار. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُ وبين مَسْعُود بْن الرَّبِيع القاري من أَهْل بدْر.
وشهد عُبَيْد بْن التيهان بدْرًا وأحدًا وقتل يوم أحد شهيدًا. قتله عِكْرِمة بْن أبي جهل وذلك فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا مِن الهجرة. وكان لعبيد بْن التيهان من الولد عُبَيْد الله قُتِلَ يوم اليمامة شهيدًا. وعباد. وأمهما الصعبة بِنْت رافع بْن عدي بْن زَيْد بْن أمية من وُلِدَ علبة بْن جفنة الغساني. وهم حلفاؤهم. وقد انقرضوا فلم يبق لعبيد بْن التيهان عقب. خمسة عشر.
وَمِنْ بَنِي حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ عمرو. وهو النبيت. ابن مالك بن الأوس
102- أَبُو عَبْسِ بْن جبر
بْن عَمْرو بْن زَيْد بْن جشم بْن حارثة. واسمه عَبْد الرَّحْمَن وأمه ليلى بِنْت رافع بْن عَمْرو بن عدي بن مجدعة بْن حارثة. وكان لأبي عبس من الولد مُحَمَّد ومحمود وأمهما أم عِيسَى بِنْت مسلمة بن سلمة بن خالد بن عدي بْن مجدعة بْن حارثة. وهي أخت مُحَمَّد بْن مسلمة وكانت من المبايعات.
وعبيد الله وأمه أم الْحَارِث بِنْت مُحَمَّد بْن مسلمة بن سلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة بْن حارثة. وزيد وحميدة ولم تسم لنا أمهما. ولأبي عبس بقية وعقب كثير بالمدينة وبغداد. وكان أبو عبس يكتب بالعربية قبل الإسلام. وكانت الكتابة في العرب قليلًا. وكان أَبُو عبس وأبو بردة بْن نيار يكسران أصنام بني حارثة حين أسلما.
وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أبي عبس بْن جبر وبين خنيس بْن حذافة السَّهميّ من أَهْل بدْر وهو زوج حفصة بِنْت عُمَر بْن الخطاب قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وشهد أَبُو عبس بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان فيمن قتل كعب بْن الأشرف. وكان عُمَر وعثمان يبعثانه يصدق النّاس.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عن ابن أبي ذئب عن صالح مولى التؤمة عَنْ أَبِي عَبْسٍ الْحَارِثِيِّ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ جَاءَ يَعُودُهُ وَهُوَ فِي غَمْيِهِ. فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ عُثْمَانُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: صَالِحًا. وَجَدْنَا شَأْنَنَا كُلَّهُ صالحا إلا
__________
102 المغازي (158) ، (187) ، (341) ، (375) ، (405) ، (635) ، (636) ، (712) ، ابن هشام (1/ 687) .(3/343)
عُقُولا هَلَكَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْعُمَّالِ لَمْ نَكَدْ نَتَخَلَّصُ مِنْهَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ أَبِي عَبْسٍ مِنْ وَلَدِ أَبِي عَبْسِ بْنِ جَبْرٍ قَالَ: مَاتَ أَبُو عَبْسٍ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ سَنَةً. وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ وَنَزَلَ فِي قَبْرِهِ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ وَقَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَسَلَمَةُ بْنُ سَلامَةَ بْنِ وَقْشٍ. وَكُلُّهُمْ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا. وَكَانَ أَبُو عَبْسٍ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ.
103- مسعود بن عبد سعد
بن عامر بن عدي بن جشم بن مجدعة بن حارثة. هكذا قال موسى بن عقبة وأبو معشر وعبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري.
وقال محمد بن إسحاق: هو مسعود بن سعد. وقال محمد بن عمر: هو مسعود بن عبد بن مسعود بن عامر. وليس له عقب وقد انقرضوا. وشهد مسعود بدرًا وأحدًا.
وَمِنْ حُلَفَاءِ بَنِي حَارِثَةَ
104- أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارِ
بْنِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كلاب بْن دهمان بن غنم بْن ذهل بن هميم بن ذهل بن هني بن بلي بْن عَمْرو بْن الحاف بْن قضاعة. واسم أبي بردة هانئ وله عقب. وهو خال البراء بْن عازب صاحب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد شهِدَ العقبة مع السبعين من الأنصار في رواية موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبي معشر ومحمد بن عمر.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ أَبِي عَبْسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أَنَّ مَنْ سَمَّيْنَا مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ بَنِي حَارِثَةَ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ: أَبُو عَبْسٍ وَمَسْعُودٍ وَأَبُو بُرْدَةَ. ثَبَتَ عَلَى مَا سَمَّيْنَا مِنْ أَسْمَائِهِمْ وَأَنْسَابِهِمْ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَشَهِدَ أَبُو بُرْدَةَ أَيْضًا أُحُدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكانت معه راية بني حَارِثَةَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ.
وَرَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَادِيثَ حَفِظَهَا عنه.
__________
103 المغازي (158) ، ابن هشام (1/ 343) .
104 المغازي (18) ، (78) ، (103) ، (105) ، (151) ، (158) ، (218) ، (232) ، (233) ، (294) ، (551) ، (800) ، (891) ، (892) ، (896) ، ابن هشام (1/ 455، 687) ، (712) .(3/344)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ يَقُولُ:
مَاتَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. ثَلاثَةُ نَفَرٍ.
وَمِنْ بَنِي ظَفَرٍ وَاسْمُهُ كَعْبُ بْنُ الْخَزْرَجِ بْنِ عَمْرٍو. وهو النبيت. ابن مالك بْن الأوس
105- قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ
بْنِ زَيْدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ سَوَّادِ بْنِ ظَفَرٍ. وأمه أنيسة بِنْت قَيْس بْن عَمْرو بْن عُبَيْد بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ غنم بْن عدي بْن النّجّار من الخزرج.
قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: وكان قَتَادَة يكنى أَبَا عُمَر. وقال عبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري: يكنى أَبَا عَبْد الله. وكان لقتادة من الولد عَبْد الله وأم عَمْرو وأمهما هند بِنْت أوس بْن خزمة بْن عدي بْن أبي بْن غنم بْن عوف بْن عَمْرو بن عوف من القواقل حلفاء فِي بني عَبْد الأشهل. وعمرو وحفصة وأمهما الخنساء بِنْت خنيس الغساني.
ويقال بل أمهما عَائِشَة بِنْت جري بْن عَمْرو بْن عامر بْن عَبْد رزاح بْن ظفر.
قَالَ عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة: وليس لقتادة اليوم عقب. وكان آخر من بقي من ولده عاصم ويعقوب ابنا عُمَر بْن قَتَادَة. وكان عاصم بْن عُمَر من العلماء بالسيرة وغيرها. وقد انقرضوا فلم يبق منهم أحد.
قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: وقد شهِدَ قَتَادَة بْن النُّعمان العقبة مع السبعين من الأَنْصَار فِي روايته ورواية مُوسَى بْن عُقْبَة وأبي معشر. ولم يذكره مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فِي كتابه فيمن شهِدَ العقبة. وكان قَتَادَة من الرماة المذكورين مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -
وشهد بدرا وأحدا ورميت عينه يوم أحد فسالت حدقته على وجنته فأتى رسول الله فقال: يا رسول الله إنّ عندي امْرَأَة أحبها وإن هِيَ رأت عيني خشيت أن تقذرني. قَالَ فَرَدَّهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ فاستوت ورجعت وكانت أقوى عينيه وأصحهما بعد أن كبر.
__________
105 المغازي (50) ، (158) ، (224) ، (242) ، (343) ، (334) ، (341) ، (405) ، (498) ، (516) ، (585) ، (800) ، (896) ، (1009) ، (1118) ، ابن هشام 1/ 524، 525، 687) .(3/345)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ أَنَّ حَدَقَةَ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ سَقَطَتْ. أَوْ عَيْنُهُ. عَلَى وَجْنَتِهِ يَوْمَ أُحُدٍ فَرَدَّهَا رَسُولُ اللَّهِ بِيَدِهِ. فَكَانَتْ أَحْسَنَ عَيْنَيْهِ وَأَحَدَّهُمَا. وَشَهِدَ أَيْضًا الخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكانت معه راية بني ظَفَرٍ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ. وَقَدْ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - أحاديث.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: مَاتَ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. وَصَلَّى عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. رَحِمَهُ اللَّهُ. بِالْمَدِينَةِ وَنَزَلَ فِي قَبْرِهِ أَخُوهُ لأُمِّهِ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَالْحَارِثُ بْنُ خَزَمَةَ.
106- عُبَيْد بْن أوس
بْن مالك بْن سواد بْن ظفر. ويكنى أَبَا النُّعمان وأمه لميس بِنْت قَيْس بْن القريم بْن أمية بْن سِنَان بْن كعب بْن غنم بن سلمة من الخزرج.
وكان له عقب فانقرضوا وذهبوا. [وشهد عُبَيْد بدْرًا ويقولون أنّه الَّذِي أسر الْعَبَّاس ونوفلًا وعقيلًا فقرنهم فِي حبل وأتى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال له النبي. ع: لقد أعانك عليهم ملك كريم. وسماه رسول اللَّه مقرنًا] . وبنو سَلَمَة يدعون أن أَبَا اليسر كعب بن عمرو أسر العباس. وكذلك كان يقول أيضًا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق. وأجمع على ذكر عُبَيْد فِي بدْر مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إِسْحَاق ومحمد بْن عُمَر. ولم يذكره أَبُو معشر. وهذا عندنا منه وهم أو مِمَّنْ روى عَنْهُ لأن أمر عُبَيْد بْن أوس كان أشهر فِي بدْر من أن يخفى.
107- نصر بْن الْحَارِث
بْن عَبْد رزاح بْن ظفر. ويكنى أَبَا الْحَارِث وأمه سودة بِنْت سواد بْن الهيثم بْن ظفر. وكانت لأبيه الْحَارِث بْن عَبْد رزاح أيضًا صُحْبة.
وقد انقرض عقبه وذهبوا. هكذا سماه أبو معشر ومحمد بن عمر وعبد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ وهشام بْن مُحَمَّد بْن السائب الكلبي. لم يختلفوا فِي اسمه ونسبه أنّه نصر بْن الْحَارِث. وروى مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فِي كتابه أنّه نمير بْن الْحَارِث. وهذا غلط. ولا أظن ذلك من قبل رواة محمد بن إسحاق.
__________
106 المغازي (109) ، (138) ، (158) ، (334) ، وابن هشام (1/ 687) .
107 المغازي (185) ، (341) ، (516) ، وابن هشام (1/ 687) .(3/346)
ومن حلفاء بني ظفر
108- عَبْد الله بْن طارق
بْن عَمْرو بْن مالك بْن تيم بْن شُعْبَة بْن سعد الله بْن فران بْن عَمْرو بْن الحاف بْن قضاعة. وليس له عقب. هكذا نسبه مُحَمَّد بْن عُمَر ونسب أخاه لأمه معتب بْن عُبَيْد وقد شهِدَ معه بدْرًا. وأما مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فسماهما فيمن شهِدَ بدْرًا ولم ينسبهما وقال: هُوَ معتب بْن عبدة. وَأَمَّا هِشَامُ بْن مُحَمَّد بْن السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ فلم يذكرهما فِي كتاب النسب بشيء. وشهد عَبْد الله بْن طارق بدْرًا وأحدًا وكان فيمن خرج فِي غزوة الرجيع فأخذه المشركون من بني لحيان فشدوه رباطًا ليدخلوه مكّة مع خبيب بْن عدي. فَلَمَّا كان بمر الظهران قَالَ: والله لا أصاحبكم. إنّ لي بهؤلاء أسوة. يعني أصحابه الّذين قتلوا يومئذ. ونزع يده من رباطة ثُمَّ أَخَذَ سيفه فانحازوا عَنْهُ. فجعل يشد فيهم ويفرجون عَنْهُ فَرَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى قَتَلُوهُ. فَقَبْرُهُ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ. وكان يوم الرجيع فِي صَفَرٍ عَلَى رَأْسِ سِتَّةٍ وَثَلاثِينَ شَهْرًا من الهجرة.
109- وأخوه لأمه معتب بْن عُبَيْد
بْن إياس بْن تيم بْن شُعْبَة بْن سعد الله بْن فران بْن بلي بْن عَمْرو بْن الحاف بْن قضاعة. هكذا قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر.
وقال مُحَمَّد بْن إِسْحَاق: هُوَ معتب بْن عبدة. وقال عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ: هُوَ معتب بْن عُبَيْد بْن سواد بْن الهيثم بْن ظفر. وأمه من بني عذرة من بني كاهل وأخوه لأمه عَبْد الله بْن طارق بْن عَمْرو البلوي حليف بني ظفر. فَمَنْ لم يعرف نسبه في بني ظفر جعله من بلي لمكان أَخِيهِ عَبْد الله بْن طارق. وليس لمعتب بْن عُبَيْد عقب. وورثه ابن عمه أسير بْن عروة بْن سواد بن الهيثم بْن ظفر. وشهد معتب بْن عُبَيْد بدْرًا وأحدًا وقتل يوم الرجيع شهيدًا بمر الظهران. خمسة نفر.
وَمِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الأَوْسِ ثُمَّ من بني أمية بْن زَيْد بْن مالك بْن عوف بْن عَمْرو بْن عوف
110- مُبَشِّرُ بْن عَبْد المنذر
بْن رفاعة بْن زنبر بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ زَيْد وأمه نسيبة بِنْت زَيْد بْن ضبيعة بْن زَيْد بْن مالك بْن عوف بْن عَمْرو بْن عوف. وليس له عقب.
__________
108 المغازي (158) ، (355) ، (357) ، وابن هشام (1/ 687) .
109 المغازي (159) ، (355) ، (357) .
110 المغازي (102) ، (146) ، (159) ، (266) ، ابن هشام (1/ 472، 688، 707) .(3/347)
وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ مبشر بْن عَبْد المنذر وعاقل بْن أبي البكير. ويقال بل بين عاقل بْن أبي البكير ومجذر بْن زياد. وشهد مبشر بدْرًا وقتل يومئذٍ شهيدًا. قتله أَبُو ثور.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِكْنَفٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أَسْهَمَ لِمُبَشِّرِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ وَقَدِمَ بِسَهْمِهِ عَلَيْنَا مَعْنُ بْنُ عَدِيٍّ.
111- وأخوه رفاعة بْن عَبْد المنذر
بْن رفاعة بْن زنبر بن أمية بْن زَيْد بْن مالك بْن عوف بن عمرو بن عوف وأمه نسيبة بِنْت زَيْد بْن ضبيعة بْن زَيْد. وكانت له ابْنَة تدعى مليكة تزوجها عُمَر بْن أبي سَلَمَة بْن عَبْد الأسد المخزومي وأمها ظبية بِنْت النُّعمان بْن عامر بْن مجمع بْن العطاف بْن ضبيعة بْن زيد. وشهد رفاعة بن عبد المنذر العقبة مع السبعين من الأَنْصَار فِي رواية موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبي معشر ومحمد بْن عُمَر. وشهد بدْرًا وأحدا وقتل يوم أحد شهيدا فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا مِن الهجرة. وليس له عقب.
112- وَأَخُوهُمَا أَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْد المنذر
بْن رفاعة بْن زنبر بن أمية.
واسمه بشير وأمه أيضًا نسيبة بِنْت زَيْد بْن ضبيعة. وكان لأبي لبابة من الولد السائب وأمه زينب بِنْت خذام بْن خَالِد بْن ثَعْلَبَة بْن زَيْد بْن عُبَيْد بن أمية بن زيد. ولبابة وبها يكنى. تزوجها زَيْد بْن الخطاب فولدت له. وأمها نسيبة بِنْت فضالة بْن النُّعمان بْن قَيْس بْن عَمْرو بْن أمية بْن زَيْد. وَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا لبابة من الروحاء حين خرج إِلَى بدْر واستعمله على المدينة. وضرب له بسهمه وأجره. وكان كَمَن شهدها.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ الأَنْصَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِكْنَفٍ مِنْ حَارِثَةَ الأَنْصَارِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَلَّفَ أَبَا لُبَابَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ فَكَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا وَشَهِدَ أَبُو لُبَابَةَ أُحُدًا. وَاسْتَخْلَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا عَلَى المدينة حين خرج إلى
__________
111 المغازي (159) ، ابن هشام (1/ 456، 478) .
112 المغازي (8) ، (101) ، (115) ، (159) ، (180) ، (182) ، (281) ، (303) ، (505) ، (507) ، (508) ، (509) ، (800) ، (896) ، (1047) ، (1072) ، ابن هشام (1/ 612، 688) .(3/348)
غَزْوَةِ السَّوِيقِ. وَكَانَتْ مَعَهُ رَايَةُ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ. وَشَهِدَ مَعَ رسول الله. ع. سَائِرَ الْمَشَاهِدِ. وَرَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَادِيثَ. وَتُوُفِّيَ أَبُو لُبَابَةَ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَقَبْلَ قَتْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَلَهُ عَقِبٌ الْيَوْمَ. وَارْتَبَطَ أَبُو لُبَابَةَ إِلَى مَوْضِعِ الأُسْطِوَانَةِ الْمُخَلَّقَةِ في مسجد النبي. ع. حِينَ أَصَابَ الذَّنْبَ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ حَتَّى تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ.
113- سَعْدُ بْنُ عُبَيْدِ
بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بن أمية بْنِ زَيْدِ.
وهو الَّذِي يُقَالُ له سعد القارئ. ويكنى أَبَا زَيْد. ويروي الكوفيون أنّه فيمن جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكذلك كان مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وأبو معشر ينسبانه:
سَعْدِ بْن عُبَيْد بْن النُّعمان بْن قَيْس. وشهد بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وابنه عمير بْن سعد والي عُمَر بْن الخطاب على بعض الشّام. وقتل سعد بْن عُبَيْد شهيدًا يوم القادسية سنة ستّ عشرة وهو ابن اربع وستّين سنة وليس له عقب.
أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِسَعْدِ بْنِ عُبَيْدٍ. قَالَ وَكَانَ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ انْهَزَمَ يَوْمَ أُصِيبَ أَبُو عُبَيْدٍ. وَكَانَ يُسَمَّى الْقَارِئُ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسَمَّى الْقَارِئَ غَيْرَهُ. قال: فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: هَلْ لَكَ فِي الشَّامِ؟ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ نُزِفُوا بِهِ وَإِنَّ الْعَدُوَّ قَدْ ذَئِرُوا عَلَيْهِمْ وَلَعَلَّكَ تَغْسِلُ عَنْكَ الْهُنَيْهَةَ. قَالَ: لا إِلا الأَرْضَ الَّتِي فَرَرْتُ مِنْهَا وَالْعَدُوَّ الَّذِينَ صَنَعُوا بِي مَا صَنَعُوا.
قَالَ فَجَاءَ إِلَى الْقَادِسِيَّةِ فَقُتِلَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّهُ خَطَبَهُمْ فَقَالَ: إِنَّا لاقُو الْعَدُوَّ غَدًا وَإِنَّا مُسْتَشْهَدُونَ غَدًا فَلا تَغْسِلُوا عَنَّا دَمًا وَلا نُكَفَّنَ إِلا فِي ثَوْبٍ كَانَ عَلَيْنَا.
114- عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ
بْنِ عَائِشِ بْنِ قَيْسِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ زَيْدِ بْن أمية.
__________
113 المغازي (159) ، وابن هشام (1/ 688) .
114 المغازي (102) ، (159) ، (178) ، (305) ، (405) ، (498) ، (516) ، (1048) ، 1073) ، ابن هشام (433) ، (506) ، (688) .(3/349)
ويكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَن وأمه عميرة بِنْت سالم بْن أمية بْن زَيْد بْن مالك بْن عوف بْن عَمْرو بْن عوف. وكان لعويم من الولد عُتْبة وسويد. قُتِلَ يوم الحرة. وقرظة وأمهم أمامة بِنْت بُكَيْر بْن ثَعْلَبَة بْن حدبة بْن عامر بْن كعب بْن مالك بْن غضب بْن جشم بْن الخزرج. وكان مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وحده يقول: عويم بْن ساعدة بْن صلعجة. ولم نجد صلعجة فِي النسب. وَإِنَّهُ من بلي بْن عَمْرو بْن الحاف بْن قضاعة حليف لبني أمية بْن زَيْد. ولم يذكر ذلك غيره. ولعويم عقب بالمدينة وبدرب الحدث. وعويم فِي الثمانية النفر الذين يروى أنهم أول من لقي رسول الله من الأَنْصَار بمكّة فأسلموا.
وشهد عويم العقبتين جميعًا فِي رواية مُحَمَّد بْن عُمَر. وَفِي رواية مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إِسْحَاق وأبي معشر أنه شهِدَ العقبة الآخرة مع السبعين من الأَنْصَار.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالا: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ وَبَيْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخَى بَيْنَ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ وَحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ عَنِ السَّرِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ حَمْزَةَ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُخْبِرُ أَبَاهُ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: نِعْمَ الْعَبْدُ مِنْ عَبَّادِ اللَّهِ وَالرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ. قَالَ مُوسَى: وَبَلَغَنِي أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ فِيهِ: «رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ» التوبة: 108. قال رسول الله. ص: مِنْهُمْ عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ. قَالَ مُوسَى: وَكَانَ عُوَيْمٌ أَوَّلُ مَنْ غَسَلَ مَقْعَدَتَهُ بِالْمَاءِ فِيمَا بَلَغَنَا.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ] .
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الرَّجُلَيْنِ الصَّالِحَيْنَ اللَّذَيْنِ لَقِيَا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَهُمَا يُرِيدَانِ سَقِيفَةَ بَنِي ساعدة فذكرا مَا تَمَالأَ عَلَيْهِ الْقَوْمُ وَقَالا: أَيْنَ تُرِيدَانِ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ؟ فَقَالا: نُرِيدُ إِخْوَتَنَا مِنَ الأَنْصَارِ. فَقَالا: لا عَلَيْكُمْ أَنْ لا تَقْرَبُوهُمُ. اقْضُوا أَمْرَكُمْ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ لَقُوهُمَا عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ وَمَعْنُ بْنُ عَدِيٍّ. فَأَمَّا عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ فَهُوَ الَّذِي بَلَغَنَا أَنَّهُ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ. مَنِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُمْ «فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ(3/350)
أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ» التوبة: 108؟ [فَقَالَ رسول الله. ص: نِعْمَ الْمَرْءُ مِنْهُمْ عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ] . قَالَ وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ ذَكَرَ مِنْهُمْ رَجُلا غَيْرَ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ.
قَالَ وَتُوُفِّيَ عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ أَوْ سِتٍّ وَسِتِّينَ سَنَةً.
115- ثَعْلَبَة بن حاطب
بن عمرو بن عبيد بن أمية بن زيد وأمه أمامة بنت صامت بْن خَالِد بْن عطية بْن حوط بْن حبيب بْن عَمْرو بْن عوف. وكان لثعلبة من الولد عُبَيْد الله وعبد الله وعمير وأمهم من بني واقف. ورفاعة وعبد الرَّحْمَن وعياض وعميرة وأمهم لبابة بِنْت عُقْبَة بْن بشير من غطفان. ولثعلبة بْن حاطب اليوم عقب بالمدينة وبغداد. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ ثَعْلَبَة بْن حاطب ومعتب بْن الحمراء من خزاعة حليف بني مخزوم. وشهد ثَعْلَبَة بْن حاطب بدْرًا وأحدًا.
116- وَأَخُوهُ الْحَارِثُ بن حاطب
بن عمرو بن عبيد بن أمية بن زيد وأمه أمامة بنت صامت بْن خَالِد بْن عطية. وكان للحارث من الولد عبد الله وأمه أم عبد الله بِنْت أوس بْن حارثة من بني جحجبا. وله اليوم عقب. ويكنى أَبَا عَبْد اللَّهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِكْنَفٍ قَالَ: رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ الْحَارِثَ بْنَ حَاطِبٍ مِنَ الرَّوْحَاءِ حِينَ تَوَجَّهَ إِلَى بَدْرٍ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فِي شَيْءٍ أَمَرَهُ بِهِ. وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ. فَكَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا. وَكَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَشَهِدَ الْحَارِثُ أُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْحُدَيْبِيَةَ وَخَيْبَرَ وَقُتِلَ يَوْمَ خَيْبَرَ شَهِيدًا. رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ فَوْقِ الْحِصْنِ فَدَمَغَهُ.
117- رافع ابن عنجدة
وهي أمه. وأبوه عَبْد الْحَارِث. وهو حليف لهم من بلي. وبلي من قضاعة يدعي أنّه منهم. وكذلك كان مُحَمَّد بْن إِسْحَاق يقول. وكان أبو معشر وحده يقول: عامر ابن عنجدة.
__________
115 المغازي (159) ، (1003) ، (1045) ، (1047) ، (1048) ، (1064) ، (1066) ، (1068) ، ابن هشام (1/ 522، 688) .
116 المغازي (85) ، (101) ، (159) ، (277) ، (633) ، (700) ، (737) ، وابن هشام (1/ 162، 257، 327، 522، 688) .
117 المغازي (159) ، وابن هشام (1/ 688) .(3/351)
قالوا: وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ رافع ابن عنجدة والحصين بْن الْحَارِث بْن المطلب بْن عَبْد مناف بْن قصي. وشهد رافع بدْرًا وأحدًا والخندق. ولا عقب له.
118- عُبَيْد بْن أبي عُبَيْد.
قَالَ مُحَمَّد بْن سعد: سمعت من يقول إن بليًا من قضاعة يدعي أنّه منهم. وكذلك قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق. ومن النّاس من ينسبه وينسب رافع ابن عنجدة إِلَى بني عَمْرو بْن عوف.
وقد طلبت ولادتهما ونسبهما فِي أنساب بني عَمْرو بْن عوف فلم أجده. وليس لهما عقب.
وشهد عُبَيْد بدْرًا وأحدًا والخندق. تسعة نفر.
ومن بني ضبيعة بْن زَيْد بْن مالك بْن عوف بْن عَمْرو بْن عوف
119- عاصم بْن ثابت
بْن قَيْس. وقيس هُوَ أَبُو الأقلح بْن عصمة بْن مالك بْن أمة بن ضبيعة. وأمه الشموس بِنْت أبي عامر بْن صيفي بْن النُّعمان بْن مالك بْن أمة بن بْن ضبيعة. وكان لعاصم من الولد مُحَمَّد وأمه هند بنت مالك بن عامر بن حُذَيْفة من بني جحجبا بْن كلفة. من ولده الأحوص الشاعر. ابن عبد الله بْن مُحَمَّد بْن عاصم. ويكنى عاصم أَبَا سُلَيْمَان. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عاصم بْن ثابت وعبد الله بْن جحش. وشهد عاصم بدْرًا وأحدا وثبت يَوْمَ أُحُدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
حين ولى الناس وبايعه على الموت. وكان من الرماة المذكورين مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقتل يوم أحد من أصحاب اللواء من المشركين الْحَارِث ومسافعًا ابني طَلْحَة بْن أبي طَلْحَة. وأمهما سلافة بِنْت سعد بْن الشهيد من بني عَمْرو بْن عوف فنذرت أن تشرب فِي قحف رأس عاصم الخمر. وجعلت لمن جاء برأسه مائة ناقة.
فقدم ناس من بني لحيان من هذيل على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسألوه أن يوجه معهم نفرًا يقرئونهم القرآن ويعلمونهم شرائع الْإِسْلَام. فوجه معهم عاصم بْن ثابت فِي عدة من أصحابه. فَلَمَّا قدموا بلادهم قَالَ لهم المشركون: استأسروا فإنا لا نريد قتلكم وإنما نريد أن ندخلكم مكة فنصيب بكم ثمنًا. فقال عاصم: إني نذرت أن لا أقبل جوار
__________
118 المغازي (60) ، (77) ، (159) ، (589) ، وابن هشام (1/ 668) .
119 المغازي (82) ، (111) ، (114) ، (138) ، (147) ، (148) ، (159) ، (227) ، (228) ، (232) ، (240) ، (243) ، (249) ، (282) ، (307) ، (309) ، (536) ، وحذف من نسب قريش (46) ، ابن هشام (1/ 260، 644، 688، 708) .(3/352)
مشرك أبدًا. وجعل يقاتلهم ويرتجز ورمى حَتَّى فنيت نبله ثُمَّ طاعنهم حَتَّى انكسر رمحه وبقي السيف فقال: اللَّهُمَّ إني حميت دينك أوّل النهار فاحم لي لحمي آخره. وكانوا يجردون كل من قُتِلَ من أصحابه. ثُمَّ قاتل فجرح منهم رجلين وقتل واحدًا وجعل يقول:
أَنَا أبو سليمان ومثلي راما ... ورثت مجدي لله عشرا كراما
أصيب مرثد وخالد قياما
ثُمَّ شرعوا فيه الأسنة حتى قتلوه. فأرادوا أن يحتزا رأسه فبعث الله إليه الدبر فحمته. ثُمَّ بعث الله. تبارك وتعالى. فِي اللّيل سيلًا أتيا فحمله فذهب به فلم يصلوا إليه. وكان عاصم قد جعل على نفسه ألا يمس مشركًا ولا يمسه. وكان قتله وقتل أصحابه يوم الرجيع فِي صَفَرٍ عَلَى رَأْسِ سِتَّةٍ وَثَلاثِينَ شَهْرًا من الهجرة.
120- معتب بْن قشير
بْن مليل بْن زَيْد بْن العطاف بْن ضبيعة. وليس له عقب. وشهد بدرا وأحدا وكذلك قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق.
121- أَبُو مليل بْن الأزعر
بْن زَيْد بْن العطاف بْن ضبيعة وأمه أم عَمْرو بِنْت الأشرف بْن العطاف بن ضبيعة. وليس له عقب. وشهد بدرا وأحدًا وكذلك قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق.
122- عمير بْن معبد
بْن الأزعر بْن زَيْد بْن العطاف بْن ضبيعة وليس له عقب. وكان مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وحده يقول: عَمْرو بْن معبد. شهِدَ بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو أحد المائة الصابرة يوم حنين الّذين تكفل الله تعالى بأرزاقهم. أربعة نفر.
ومن بني عُبَيْد بْن زَيْد بْن مالك بْن عوف بْن عَمْرو بْن عوف
123- أنيس بْن قتادة
بْن ربيعة بْن خَالِد بْن الْحَارِث بن عبيد. هكذا كان
__________
120 المغازي (159) ، (296) ، ابن هشام (1/ 522، 526، 688) .
121 المغازي (159) ، وابن هشام (1/ 688) .
122 المغازي (159) ، وابن هشام (1/ 688) .
123 المغازي (160) ، (301) .(3/353)
مُحَمَّد بْن إِسْحَاق ومحمد بْن عُمَر يقولان: أنيس. وكان مُوسَى بْن عُقْبَة يقول:
إلياس. وكان أَبُو معشر يقول: أَنَس. وهو زوج خنساء بِنْت خذام الأسدية. شهِدَ بدْرًا وأحدًا وقتل يوم أحد شهيدا فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا مِن الهجرة. قتله أَبُو الحكم بْن الأخنس بْن شريق الثَّقفيّ. وليس لأنيس عقب. واحد.
وَمِنْ بَنِي الْعَجْلانِ بْنِ حَارِثَةَ مِنْ بَلِيِّ قُضَاعَةَ وَهُمْ حُلَفَاءُ بَنِي زَيْد بْن مالك بْن عوف كلهم.
124- مَعْنُ بْنُ عَدِيِّ
بْنِ الْجَدِّ بْنِ الْعَجْلانِ بن حارثة بن ضبيعة بن حرام بن جعل بْن عَمْرو بْن جشم بْن ودم بْن ذبيان بْن هميم بْن ذهل بْن هني بن بلي بْن عَمْرو بْن الحاف بْن قضاعة. شهد العقبة مع السبعين من الأنصار في رواية موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق ومحمد بن عمر. وكان يكتب بالعربية قبل الإسلام وكانت الكتابة في العرب قليلة. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ معن بن عدي وزيد بن الخطّاب بن نفيل. وقتلا جميعًا يوم اليمامة شهيدين في خلافة أبي بكر سنة اثنتي عشرة. ولمعن عقب اليوم. وشهد معن بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مَعْنَ بْنَ عَدِيٍّ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ لَقِيَا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَهُمَا يُرِيدَانِ سَقِيفَةَ بَنِي سَاعِدَةَ فَقَالا: لا عَلَيْكُمْ إِنْ لا تَقْرَبُوهُمُ وَاقْضُوا أَمْرَكُمْ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ النَّاسَ بَكَوْا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حِينَ تَوَفَّاهُ اللَّهُ وَقَالُوا: وَاللَّهِ لَوَدِدْنَا أَنَّا مِتْنَا قَبْلَهُ. نَخْشَى أَنْ نُفْتَنَ بَعْدَهُ.
فَقَالَ مَعْنٌ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنِّي مُتُّ قَبْلَهُ حَتَّى أُصَدِّقَهُ مَيِّتًا كَمَا صَدَّقْتُهُ حَيًّا. وَقُتِلَ مَعْنٌ بِالْيَمَامَةِ يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ.
125- وَأَخُوهُ عَاصِمُ بْنُ عَدِيِّ
بْنِ الْجَدِّ بْنِ الْعَجْلانِ. قال محمد بن عمر:
__________
124 المغازي (102) ، (150) ، (160) ، (405) ، (498) ، وابن هشام (1/ 456، 689، 711) .
125 التاريخ الكبير للبخاري (6/ ت 3037) ، والمعرفة ليعقوب (2/ 215) ، والمعارف (226) ، والجرح والتعديل (6/ ت 1911) ، والثقات لابن حبان (3/ 286) ، والاستيعاب (2/ 781) ، وأسد الغابة (3/ 75) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 2976) ، والعبر (1/ 53) ، وتذهيب التهذيب (2/ 111) ، وتهذيب الكمال (3015) ، وتهذيب التهذيب (5/ 49) ، والإصابة (2/ ت 4353) ، وتقريب التهذيب (1/ 384) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3235) ، وشذرات الذهب (1/ 54) ، والمغازي (101) ، (114) ، (160) ، (685) ، (689) ، (717) ، (719) ، (991) ، (1046) ، (1047) ، (1048) .(3/354)
كان يكنى أَبَا بَكْر. وقال عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ: كان يكنى أَبَا عَبْد الله. وله عقب.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ عن عبد الله بن مكنف قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رُقَيْشٍ عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى بَدْرٍ خَلَّفَ عَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ عَلَى قُبَاءٍ وَأَهْلِ الْعَالِيَةِ لِشَيْءٍ بَلَغَهُ عَنْهُمْ وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ فَكَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا. وَكَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَشَهِدَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ أُحُدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ تَبُوكَ وَمَعَهُ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُمِ فَأَحْرَقَا مَسْجِدَ الضِّرَارِ بِبَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِقُبَاءٍ بِالنَّارِ. وَكَانَ عَاصِمٌ إِلَى الْقِصَرِ مَا هُوَ. وَكَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ. وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَةَ سَنَةٍ.
126- ثَابِتُ بْنُ أَقْرَمَ
بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْجَدِّ بن العجلان. وليس له عقب.
وشهد بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وخرج مَعَ خَالِد بْن الْوَلِيد إِلَى أَهْل الرَّدة فِي خلافة أبي بَكْر. وكذلك قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بن أبي زيد عن عيسى بن عميلة الْفَزَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يَسْتَعْرِضُ النَّاسَ فَكُلَّمَا سَمِعَ أَذَانًا لِلْوَقْتِ كَفَّ وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ. فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْقَوْمِ بِبُزَاخَةَ بَعَثَ عُكَّاشَةَ بْنَ مِحْصَنٍ وَثَابِتَ بْنَ أَقْرَمَ طَلِيعَةً أَمَامَهُ يَأْتِيَانِهِ بِالْخَبَرِ. وَكَانَا فَارِسَيْنِ. عُكَّاشَةُ عَلَى فَرَسٍ لَهُ يقال
__________
126 المغازي (142) ، (160) ، (498) ، (550) ، (760) ، (763) ، (764) ، (1047) ، وابن هشام (1/ 638، 689) .(3/355)
لَهُ الزَّرَامُ وَثَابِتٌ عَلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهُ المحبر. فلقيا طليحة وسلمة ابْنَيْ خُوَيْلِدٍ طَلِيعَةً لِمَنْ وَرَاءَهُمَا مِنَ النَّاسِ فَانْفَرَدَ طُلَيْحَةُ بِعُكَّاشَةَ وَسَلَمَةُ بِثَابِتِ بْنِ أَقْرَمَ فَلَمْ يَلْبَثْ سَلَمَةُ أَنْ قَتَلَ ثَابِتَ بْنَ أَقْرَمَ. وَصَرَخَ طُلَيْحَةُ بِسَلَمَةَ: أَعِنِّي عَلَى الرَّجُلِ فَإِنَّهُ قَاتِلِي. فَكَرَّ سَلَمَةُ عَلَى عُكَّاشَةَ فَقَتَلاهُ جَمِيعًا. وَأَقْبَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ فَلَمْ يَرُعْهُمْ إِلا ثَابِتُ بْنُ أَقْرَمَ قَتِيلا تَطَؤُهُ الْمَطِيُّ فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. ثُمَّ لَمْ يَسِيرُوا إِلا يَسِيرًا حَتَّى وَطِئُوا عُكَّاشَةَ قَتِيلا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: كُنَّا نَحْنُ الْمُقَدِّمَةُ مِائَتَيْ فَارِسٍ وَعَلَيْنَا زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ. وَكَانَ ثَابِتُ بْنُ أَقْرَمَ وَعُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ أَمَامَنَا. فَلَمَّا مَرَرْنَا بِهِمَا سِيءَ بِنَا. وَخَالِدٌ وَالْمُسْلِمُونَ وَرَاءَنَا بَعْدُ. فَوَقَفْنَا عَلَيْهِمَا حَتَّى طَلَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يَسِيرُ فَأَمَرَنَا فَحَفَرْنَا لَهُمَا وَدَفَنَّاهُمَا بِدِمَائِهِمَا وَثِيَابِهِمَا وَلَقَدْ وَجَدْنَا بِعُكَّاشَةَ جِرَاحَاتٍ مُنْكَرَةً. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: هَذَا أَثْبَتُ مَا سَمِعْنَا فِي قَتْلِهِمَا. وَكَانَ قَتَلَهُمَا طُلَيْحَةُ الأَسَدِيُّ بِبُزَاخَةَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ.
127- زَيْد بْن أسلم
بْن ثَعْلَبَة بْن عدي بْن الجد بن العجلان. وليس له عقب. وشهد بدرا وأحدًا. وكذلك قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق.
128- عَبْد الله بْن سَلَمَة
بْن مالك بْن الْحَارِث بن عدي بن الجد بْن العجلان ويكنى أَبَا الْحَارِث. وله عقب. وكذلك قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق. من ولده أَبُو عَبْد الرَّحْمَن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن العجلاني الْمَدَنِيّ. وكانت عنده أحاديث يرويها من أمور الناس. وقد لقيه هشام بْن مُحَمَّد بْن السائب الكلبي وغيره وروى عَنْهُ. وشهد عَبْد الله بْن سَلَمَة بدرا واحدا واستشهد يوم أحد فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا. وكان الَّذِي قتله عَبْد الله بْن الزبعري.
129- ربعي بْن رافع
بْن الْحَارِث بْن زَيْد بْن حارثة بْن الجد بْن العجلان
__________
127 المغازي (160) ، (395) ، (418) ، (586) ، (803) ، (864) ، (1096) ، وابن هشام (1/ 689) .
128 المغازي (82) ، (114) ، (138) ، (160) ، (302) ، (498) ، وابن هشام (1/ 478، 489، 644، 715) .
129 المغازي (160) ، وابن هشام (1/ 689) .(3/356)
وليس له عقب. ذكره مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بن إسحاق وأبو معشر ومحمد بن عُمَر فيمن شهِدَ بدرًا. وشهد ربعي أيضًا أحدًا. ستة نفر.
وَمِنْ بَنِي مُعَاوِيَةَ بْنِ مالك بن عوف بن عمرو بن عوف
130- جبر بن عتيك
بن قيس بن هيشة بْن الْحَارِث بْن أمية بْن مُعَاوِيَة. وأمه جميلة بِنْت زَيْد بْن صيفي بْن عَمْرو بْن زَيْد بْن جشم بْن حارثة بْن الْحَارِث بْن الأوس. وكان جبر يكنى أَبَا عَبْد الله. وكان لجبر من الولد عتيك وعبد الله وأم ثابت وأمهم هضبة بِنْت عَمْرو بْن مالك بْن سبيع من بني ثَعْلَبَة من قَيْس عيلان. قَالَ عَبْد الله بْن مُحَمَّد بن عمارة الْأَنْصَارِيّ: وليس لبني مُعَاوِيَة بْن مالك اليوم بقية إلّا وُلِدَ جبر بْن عتيك.
وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ جبر بْن عتيك وخباب بْن الأرت. وشهد جبر بْن عتيك بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكانت معه راية بني مُعَاوِيَة بْن مالك فِي غزوة الفتح.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرِ بْنِ عَتِيكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النبي. ع. أَتَاهُ يَعُودُهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَمَاتَ جَبْرُ بْنُ عَتِيكٍ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ فِي خِلافَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَسَبْعِينَ سَنَةً.
131- وعمه الْحَارِث بْن قَيْس
بْن هيشة بْن الْحَارِث بْن أمية بْن مُعَاوِيَة وأمه زينب بِنْت الصيفي بْن عَمْرو بْن زَيْد بْن جشم بْن حارثة بْن الْحَارِث من الأوس. هكذا ذكره مُحَمَّد بْن عمر الواقدي وعبد الله بن محمد بن عمارة الْأَنْصَارِيّ عن رجاله المسمين فِي أوّل الكتاب أن جبر بْن عتيك وعمه الْحَارِث بن قيس شهدا بدْرًا. وأما مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بن إِسْحَاق وأبو معشر فلم يذكروا الْحَارِث بْن قَيْس فيمن شهِدَ بدْرًا. وقال مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وأبو معشر: هُوَ جبر بْن عتيك بن الحارث بن قيس بن
__________
130 الجرح والتعديل (1/ 1/ 532) ، وثقات ابن حبان (3/ 63) ، والاستيعاب (1/ 222) ، وسير أعلام النبلاء (2/ 36) ، وتاريخ الإسلام (3/ 2) ، وتهذيب الكمال (872) ، (894) ، وتهذيب التهذيب (2/ 43) ، والإصابة (1/ 214- 215) .
131 المغازي (161) ، وابن هشام (1/ 409، 700) .(3/357)
هيشة. وقال مُحَمَّد بْن عُمَر وعبد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ: غلط مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وأبو معشر أو من روى عَنْهُمَا فِي نسب جبر بْن عتيك فنسباه إِلَى عمه الْحَارِث. وقد شهِدَ معه عمه بدرا ونسبه كما وصفنا.
ومن حلفاء بني معاوية بن مالك
132- مالك ابن نميلة.
وهي أمه. وهو مالك بن ثابت من مزينة. وشهد بدْرًا وأحدًا وقتل يوم أحد شهيدا فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا مِن الهجرة.
133- نعمان بْن عصر
بْن عُبَيْد بْن وائلة بْن حارثة بْن ضبيعة بْن حرام بْن جعل بْن عَمْرو بْن جشم بْن ودم بْن ذبيان بْن هميم بن ذهل بن هني بن بلي بْن عَمْرو بْن الحاف بْن قضاعة. وليس له عقب. هكذا قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وأبو معشر وموسى بْن عُقْبَة ومحمد بْن عُمَر: نعمان بن عصر بالكسر. وقال هشام بْن مُحَمَّد بْن السائب الكلبي: هُوَ نعمان بْن عصر بالفتح. وقال عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ: هُوَ لقيط بْن عصر بالكسر. وشهد نعمان بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقتل يوم اليمامة شهيدًا فِي خلافة أبي بَكْر الصَّدَّيق سنة اثنتي عشرة.
وَمِنْ بَنِي حَنَشِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وهم من أَهْل المسجد يعني مسجد قباء
134- سَهْلُ بْنُ حُنَيْفِ
بْنِ وَاهِبِ بْنِ الْعَكِيمِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بن الحارث بن
__________
132 المغازي (161) ، (353) ، وابن هشام (1/ 691) .
133 المغازي (161) ، (516) ، (551) ، وابن هشام (1/ 691، 708) .
134 علل ابن المديني (71) ، وتاريخ خليفة (181) ، (192) ، (198) ، (201) ، وطبقات خليفة (85) ، (135) ، (190) ، والتاريخ الكبير (4/ 2090) ، والمعارف (291) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 216، 220، 337) ، (2/ 814) ، وتاريخ الطبري (انظر الفهرست) ، والجرح والتعديل (4/ ت 840) ، ومراسيل ابن أبي حاتم (16) ، والثقات لابن حبان (1) ورقة (180) ، والاستيعاب (2/ 662) ، والكامل في التاريخ (2/ 107، 129) ، 174) ، وأسد الغابة (2/ 364) ، وتهذيب الأسماء للنووي (1/ 237) ، والتجريد ت 2553) ، والعبر (1/ 41) ، وتهذيب الكمال (2610) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (61) ، تهذيب التهذيب (4/ 251) ، وتاريخ الإسلام (4/ 71) ، والإصابة (2/ ت 3027) ، وتقريب التهذيب (1/ 336) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 2793) ، وشذرات الذهب (1/ 48) .(3/358)
مجدعة بْن عَمْرو بْن حنش بْن عوف بن عمرو بن عوف. ويكنى سهل أبا سعد. ويقال أَبُو عَبْد الله. وجده عَمْرو بْن الْحَارِث يُقَالُ له بحزج. وأم سهل اسمهما هند بِنْت رافع بْن عميس بْن مُعَاوِيَة بْن أمية بْن زَيْد بْن قَيْس بْن عَامِرِ بْن مُرَّة بْن مالك بْن الأوس من الجعادرة. وأخواه لأمه عَبْد الله والنعمان ابنا أَبِي حبيبة بْن الأزعر بْن زَيْد بْن العطاف بن ضبيعة. وكان لسهل بن حنيف من الولد أبو أمامة. واسمه أسعد باسم جده أبي أمه. وعثمان وأمهما حبيبة بِنْت أَبِي أمامة أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ بْنِ عُدَسِ بْنِ عُبَيْدِ بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النّجّار. وسعد وأمه أم كلثوم بِنْت عُتْبة بن أبي وقاص بن وُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كلاب. ولسهل بْن حُنَيْف اليوم عقب بالمدينة وبغداد.
قالوا: وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ سهل بْن حُنَيْف وعلي بْن أبي طَالِب. وشهد سهل بدْرًا وأحدًا وثبت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم أحد حين انكشف النّاس وبايعه على الموت وجعل ينضح يومئذٍ بالنبل عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فقال رسول الله. ص: نبلوا سهلًا فإنه سهل] . وشهد سهل أيضًا الخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: لَمْ يُعْطِ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ أَحَدًا مِنَ الأَنْصَارِ إِلا سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ وَأَبَا دُجَانَةَ سِمَاكَ بْنَ خَرَشَةَ وَكَانَا فَقِيرَيْنِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. يَقُولُ: ادْعُوا لِي سَهْلا غَيْرَ حَزْنٍ. يَعْنِي سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ. وَقَدْ شَهِدَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ صِفِّينَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. رَحِمَهُ اللَّهُ.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: قَالَ أَبُو وَائِلٍ: قَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ يَوْمَ صِفِّينَ: أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ فَإِنَّا وَاللَّهِ مَا وَضَعْنَا سُيُوفَنَا عَلَى عَوَاتِقَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأَمْرٍ يُفْظِعُنَا إِلا أَسْهَلَ إِلَى أَمْرٍ نَعْرِفُهُ إِلا أَمْرَنَا هَذَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ(3/359)
أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَاتَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ بِالْكُوفَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَصَلَّى عَلَيْهِ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِبٍ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ علي على سهل بن حنيف فكبر عليه ستا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَلاءُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ حَنَشِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ أَتَى بِهِ عَلِيٌّ فِي الرَّحَبَةِ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ سِتَّ تَكْبِيرَاتٍ فَكَانَ بَعْضُ الْقَوْمِ أَنْكَرَ ذَلِكَ فَقِيلَ إِنَّهُ بَدْرِيُّ. فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْجَبَّانَةِ لَحِقَنَا قَرَظَةُ بْنُ كَعْبٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ نَشْهَدِ الصَّلاةَ عَلَيْهِ.
فَقَالَ: صَلُّوا عَلَيْهِ. فَصَلَّوْا عَلَيْهِ وَكَانَ إِمَامُهُمْ قَرَظَةُ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْرَائِيلَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ حَنَشٍ الْكِنَانِيِّ أَنَّ عَلِيًّا كَبَّرَ عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ سِتًّا فِي الرَّحَبَةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ الْمَدَنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ: كَبَّرَ عَلِيٌّ فِي سُلْطَانِهِ كُلِّهُ أَرْبَعًا أَرْبَعًا عَلَى الْجَنَازَةِ إِلا عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فَإِنَّهُ كَبَّرَ عَلَيْهِ خَمْسًا ثُمَّ. الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: إِنَّهُ بَدْرِيُّ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَيْرَ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: صَلَّى عَلِيٌّ عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ خَمْسًا فَقَالُوا: مَا هَذَا التَّكْبِيرُ؟
فَقَالَ: هَذَا سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ. وَلأَهْلِ بَدْرٍ فَضْلٌ عَلَى غَيْرِهِمْ فَأَرَدْتُ أَنْ أُعْلِمَكُمْ فَضْلَهُمْ. وَاحِدٌ.
ومن بني جَحْجَبَا بْنِ كُلْفَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْن عوف
135- المنذر بن محمد
بن عقبة بن أحيحة بْن الجلاح بْن حريش بْن جحجبا. ويكنى أَبَا عبدة وأمه من آل أبي قردة من هذيل. قَالَ وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بَيْنَهُ وبين الطفيل بْن الْحَارِث بْن المطلب. وقتل المنذر يوم بئر معونة شهيدًا وليس له عقب. ولأحيحة عقب من غيره. وقد كان المنذر شهِدَ بدْرًا واحدا.
__________
135 المغازي (160) ، وابن هشام (1/ 479، 690) .(3/360)
وَمِنْ بَنِي أُنَيْفِ بْنِ جُشَمَ بْنِ عَائِذِ اللَّهِ مِنْ بَلِيٍّ حُلَفَاءِ بني جحجبا بْن كلفة
136- أَبُو عَقِيلٍ.
واسمه عَبْد الرَّحْمَن الإراشي الأنيفي بْن عَبْد الله بْن ثَعْلَبَة بْن بيحان بْن عامر بْن الْحَارِث بْن مالك بْن عامر بْن أنيف بْن جشم بْن عائذ الله بن تميم بن عوذة مناة بْن ناج بْن تيم بْن يراش. وهو أراشة بْن عامر بْن عبيلة بْن قسميل بْن فران بْن بلي بْن عَمْرو بْن الحاف بْن قضاعة. وكان اسم أبي عقيل عَبْد العزى فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْد الرَّحْمَن عدو الأوثان. هكذا نسبه هشام بْن مُحَمَّد بْن السائب الكلبي ومحمد بْن عُمَر. وكان مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وأبو معشر ينسبانه إِلَى جشم مثل هَذِهِ النسبة. ثُمَّ يختلفان فِي سائر آبائه إِلَى بلي. وشهد بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقتل يوم اليمامة شهيدًا فِي خلافة أبي بَكْر الصَّدَّيق سنة اثنتي عشرة. وله عقب.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسْلَمَ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ:
لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْيَمَامَةِ وَاصْطَفَّ النَّاسُ لِلْقِتَالِ كَانَ أَوَّلَ النَّاسِ جُرِحَ أَبُو عَقِيلٍ الأُنَيْفِيُّ.
رُمِيَ بِسَهْمٍ فَوَقَعَ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ وَفُؤَادِهِ فَشَطَبَ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ. فَأُخْرِجَ السَّهْمُ وَوَهَنَ لَهُ شِقُّهُ الأَيْسَرِ لِمَا كَانَ فِيهِ. وَهَذَا أَوَّلُ النَّهَارِ. وَجُرَّ إِلَى الرَّحْلِ. فَلَمَّا حَمِيَ الْقِتَالُ وَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ وَجَازُوا رِحَالَهُمْ وَأَبُو عَقِيلٍ وَاهِنٌ مِنْ جُرْحِهِ سَمِعَ مَعْنَ بْنَ عَدِيٍّ يَصِيحُ بِالأَنْصَارِ: اللَّهَ اللَّهَ وَالْكَرَّةَ عَلَى عَدُوِّكُمْ. وَأَعْنَقَ مَعْنٌ يَقْدُمُ الْقَوْمَ وَذَلِكَ حِينَ صَاحَتِ الأَنْصَارُ: أَخْلِصُونَا أَخْلِصُونَا. فَأَخْلَصُوا رَجُلا رَجُلا يُمَيَّزُونَ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فَنَهَضَ أَبُو عَقِيلٍ يُرِيدُ قَوْمَهُ فَقُلْتُ: مَا تُرِيدُ يَا أَبَا عَقِيلٍ؟ مَا فِيكَ قِتَالٌ. قَالَ: قَدْ نَوَّهَ الْمُنَادِي بِاسْمِي. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَقُلْتُ إِنَّمَا يَقُولُ يَا لِلأَنْصَارِ لا يَعْنِي الْجَرْحَى. قَالَ أَبُو عَقِيلٍ: أَنَا رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَأَنَا أُجِيبُهُ وَلَوْ حَبْوًا. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَتَحَزَّمَ أَبُو عَقِيلٍ وَأَخَذَ السَّيْفَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى مُجَرَّدًا ثُمَّ جَعَلَ يُنَادِي: يَا لِلأَنْصَارِ كَرَّةً كَيَوْمِ حُنَيْنٍ. فَاجْتَمَعُوا رَحِمَهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا يَقْدُمُونَ الْمُسْلِمِينَ دُرْبَةً دُونَ عَدُوِّهِمْ حَتَّى أَقْحَمُوا عَدُّوَهُمُ الْحَدِيقَةَ فَاخْتَلَطُوا وَاخْتَلَفَتِ السُّيُوفُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ:
فَنَظَرْتُ إِلَى أَبِي عَقِيلٍ وَقَدْ قُطِعَتْ يَدُهُ الْمَجْرُوحَةُ مِنَ الْمَنْكِبِ فَوَقَعَتِ الأَرْضَ وبه من
__________
136 المغازي (161) . وابن هشام (1/ 690) .(3/361)
الْجَرَّاحِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جُرْحًا كُلُّهَا قَدْ خَلَصَتْ إِلَى مَقْتَلٍ وَقُتِلَ عَدُوُّ اللَّهِ مُسَيْلِمَةُ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَوَقَعْتُ عَلَى أَبِي عَقِيلٍ وَهُوَ صَرِيعٌ بِآخِرِ رَمَقٍ فَقُلْتُ: أَبَا عَقِيلٍ. فَقَالَ: لَبَّيْكَ.
بِلِسَانٍ مُلْتَاثٍ. لِمَنِ الدَّبْرَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ أَبْشِرْ. وَرَفَعْتُ صَوْتِي. قَدْ قُتِلَ عَدُوُّ اللَّهِ. فَرَفَعَ إِصْبَعَهُ إِلَى السَّمَاءِ يَحْمَدُ اللَّهَ. وَمَاتَ يرحمه اللَّهُ مَا زَالَ يَسْأَلُ الشَّهَادَةَ وَيَطْلُبُهَا وَإِنْ كَانَ مَا عَلِمْتُ مِنْ خِيَارِ أَصْحَابِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدِيمِ إِسْلامٍ. اثْنَانِ.
وَمِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ
137- عَبْد الله بْن جُبَيْر
بْن النُّعمان بْن أُمَيَّةَ بْنِ البرك وهو امرؤ القيس بن ثَعْلَبَة بْن عَمْرو بْن عوف. وأمه من بني عَبْد الله بْن غطفان. وشهد العقبة مع السبعين من الأنصار في رواية موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبي معشر ومحمد بن عُمَر.
وشهد عَبْد الله بدْرًا واحدًا. وَاسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم أحد على الرماة وهم خمسون رجلًا وأمرهم فوقفوا على عينين. وهو جبل بقناة. وأوعز إليهم فقال: قوموا على مصافكم هَذَا فاحموا ظهورنا فَإِن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا وإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا. فَلَمَّا انهزم المشركون وتبعهم المسلمون يضعون السلاح فيهم حيث شاءوا وينهبون عسكرهم ويأخذون الغنائم فقال بعض الرماة لبعض: ما تقيمون هاهنا فِي غير شيء فقد هزم الله العدو فأغنموا مع إخوانكم. وقال بعضهم: ألم تعلموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لكم احموا ظهورنا؟ فلا تبرحوا مكانكم. فقال الآخرون: لم يرد رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا وقد أذل الله العدو وهزمهم. فخطبهم أميرهم عبد الله بن جُبَيْر. وكان يومئذ معلمًا بثياب بيض. فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثم أمر بطاعة الله وطاعة رسوله وأن لا يخالف لرسول الله أمر. فعصوا وانطلقوا فلم يبق من الرماة مع عبد الله بن جُبَيْر إلّا نفير ما يبلغون العشرة فيهم الحارث بن أَنَس بن رافع. ونظر خالد بْن الوليد إلى خلاء الجبل وقلة اهله فكر بالخيل فتبعه عكرمة بن أبي جهل فانطلقا إِلَى موضع الرماة فحملوا على من بقي منهم فرماهم القوم حَتَّى أصيبوا. ورمى عَبْد الله بْن جُبَيْر حَتَّى فنيت نبله. ثُمَّ طاعن بالرمح حَتَّى انكسر. ثُمَّ كسر جفن سيفه فقاتلهم حَتَّى قُتِلَ. فَلَمَّا وقع جردوه ومثلوا به أقبح المثل. وكانت الرماح قد شرعت
__________
137 المغازي (131) ، (190) ، (219) ، (220) ، (229) ، (230) ، (232) ، (234) ، (301) ، (323) ، وابن هشام (1/ 65، 113، 123) .(3/362)
فِي بطنه حَتَّى خرقت ما بين سرته إِلَى خاصرته إِلَى عانته. فكانت حشوته قد خرجت منها. قَالَ خوات بْن جُبَيْر: فَلَمَّا جال المسلمون تلك الجولة مررت به على تلك الحال فلقد ضحكت فِي موضع ما ضحك فِيهِ أحد ونعست فِي موضع ما نعس فِيهِ أحد وبخلت فِي موضع ما بخل فِيهِ أحد. فَقِيل: ما هِيَ؟ فقال: حملته فأخذت بضبعيه وأخذ أَبُو حنة برجليه وقد سددت جرحه بعمامتي. فبينا نَحْنُ نحمله والمشركون ناحيةً إِلَى أن سقطت عمامتي من جرحه فخرجت حشوته ففزع صاحبي وجعل يتلفت وراءه يظن أنّه العدو فضحكت. ولقد شرع لي رَجُل برمح يستقبل به ثغرة نحري فغلبني النوم وزال الرمح. ولقد رأيتني حين انتهيت إِلَى الحفر له ومعي قوسي. وغلظ علينا الجبل فهبطنا به إِلَى الوادي فحفرت له بسية القوس وفيها الوتر فقلت لا أفسد الوتر. فحللته ثُمَّ حفرت بسيتها حَتَّى أنعمنا. ثُمَّ غيبناه وانصرفنا.
والمشركون بعد ناحية وقد تحاجزنا فلم ينشبوا أن ولوا. وكان الذي قتل عبد الله بن جبير عِكْرِمة بْن أبي جهل. وليس لعبد الله بْن جُبَيْر عقب.
138- وَأَخُوهُ خَوَّاتُ بْنُ جُبَيْرِ
بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ أُمَيَّةَ بن البرك. وهو امرؤ القيس بْن ثَعْلَبَة.
وأمه من بني عَبْد الله بْن غطفان. وكان لخوات من الولد صالح وحبيب قُتِلَ يوم الحرة وأمهما من بني ثَعْلَبَة من بني فقيم. وسالم وأم سالم وأم القاسم وأمهم عميرة بِنْت حنظلة بْن حبيب بْن أحمر بْن أوس بْن حارثة من بني أنيف من بلي بْن عَمْرو بْن الحاف بْن قضاعة. وكان حنظلة بْن حبيب حليف بني ثَعْلَبَة بْن عَمْرو بْن عوف. وداود وعبد الله.
وبه كان يكنى فِي قول عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ وغيره من أَهْل العلم.
وكان مُحَمَّد بْن عُمَر يقول: كان خوات يكنى أبا صالح.
__________
138 مغازي الواقدي (101) ، (131) ، (160) ، (232) ، (284) ، (303) ، (459) ، (460) ، (461) ، (554) ، وطبقات خليفة (86) ، والتاريخ الكبير للبخاري (3/ ت 736) ، والمعارف (327) ، وتاريخ الطبري (2/ 478، 509، 571) ، والثقات لابن حبان (1/ 109) ، والاستيعاب (2/ 455) ، وأسد الغابة (2/ 125) ، والكامل (2/ 137) ، 152) ، (3/ 403) ، وتهذيب الأسماء للنووي (1/ 178) ، وسير أعلام النبلاء (2/ 329) ، والعبر (1/ 41، 46) ، وتهذيب الكمال (1734) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (202) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 163) ، وتهذيب التهذيب (3/ 171) ، والإصابة (1/ 457) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 1901) ، وشذرات الذهب (1/ 48) .(3/363)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ:
أَخْبَرَنَا ضَمْرَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حُذَيْفَةَ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ عَنْ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ كَانَ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ.
قَالُوا: وَكَانَ خَوَّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ صَاحِبَ ذَاتِ النِّحْيَيْنِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ أسلم فَحَسُنَ إِسْلامُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ خَوَّاتِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِكْنَفٍ أَنَّ خَوَّاتَ بْنَ جُبَيْرٍ خَرَجَ فِيمَنْ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
إِلَى بَدْرٍ. فَلَمَّا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ أَصَابَهُ نَصِيلُ حَجَرٍ فَكُسِرَ فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ. فَكَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا. قَالُوا: وَشَهِدَ خَوَّاتٌ أُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ خَوَّاتِ بْنِ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَهْلِهِ قَالُوا: مَاتَ خَوَّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ بِالْمَدِينَةِ فِي سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً وَلَهُ عَقِبٌ. وَكَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. وَكَانَ رَبْعَةً مِنَ الرِّجَالِ.
139- الْحَارِث بن النعمان بن أمية بن البرك.
وهو امرؤ القيس بْن ثعلبة. وهو عم خوات وعبد الله ابني جُبَيْر. وهو عم أبي ضياح أيضًا. وأم الْحَارِث هند بِنْت أوس بْن عدي بْن أمية بْن عامر بْن خطمة من الأوس. وليس له عقب. أجمع موسى بن عقبة وأبو معشر ومحمد بن عمر وعبد الله بن محمد بن عمارة الْأَنْصَارِيّ على أن الْحَارِث بْن النُّعمان شهِدَ بدْرًا وشهد أحدا.
140- أَبُو ضياح.
واسمه النُّعمان بْن ثابت بْن النُّعمان بْن أمية بْن البرك. وهو امرؤ القيس بن ثعلبة. وأمه هند بِنْت أوس بْن عدي بْن أمية بْن عدي بْن عامر بْن خطمة من الأوس. هكذا قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق ومحمد بن عمر وعبد الله بن محمد بن عمارة الأَنْصَاري: أبو ضياح. وكان أبو معشر يقول فيما يروي عَنْهُ: أَبُو الضياح. فكانوا يعجبون منه. قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: وليس فِي أَهْل بدْر أَبُو الضياح. وشهد أَبُو ضياح
__________
139 ابن هشام (1/ 690) .
140 المغازي (160) ، (663) ، (700) ، (737) ، وابن هشام (1/ 689) .(3/364)
بدْرًا وأحدًا والخندق والحديبية وخيبر وقتل بخيبر شهيدًا. ضربه رَجُل منهم بالسيف فأطن قحف رأسه وذلك فِي سنة سبْعٍ من الهجرة. وليس لأبي ضياح عقب.
141- النُّعمان بْن أبي خذمة بْن النُّعمان بْن أبي حُذَيْفة بْن البرك.
وهو امرؤ القيس بْن ثَعْلَبَة. هكذا ذكره مُحَمَّد بْن عُمَر وأبو معشر. وقال محمد بن إسحاق: ابن أبي خزمة. وقال عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ: ابن أبي خذمة. ونظرنا فِي كتاب نسب الأَنْصَار فلم نجد للنعمان بْن أمية بْن البرك ابنًا يكنى أَبَا حذمة ولا خذمة ولا خزمة ولا ولادة. وقد شهِدَ النُّعمان بْن أبي خذمة بدْرًا فِي رواية موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبي معشر ومحمد بْن عُمَر وعَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ. وشهد أيضًا أحدًا. وليس له عقب.
142- أَبُو حنة.
واسمه مالك بْن عَمْرو بْن ثابت بْن كلفة بْن ثَعْلَبَة بْن عَمْرو بْن عوف.
هكذا ذكره مُحَمَّد بْن عُمَر فِي كتابه فيمن شهِدَ بدْرًا. وذكره مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وأبو معشر وقالا: أَبُو حبة. ولم ينسباه. قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: وليس فيمن شهِدَ بدْرًا أحد يكنى أَبَا حبة. وإنما أَبُو حبة بْن غزية بْن عَمْرو من بني مازن بْن النّجّار وقتل باليمامة لم يشهد بدْرًا. وأبو حبة بْن عَبْد عَمْرو الْمَازِنِيّ الَّذِي كان مع عليّ بْن أبي طَالِب بصفين ولم يشهد بدْرًا. وأما عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ فقال: الَّذِي شهِدَ بدْرًا هُوَ أَبُو حنة بْن ثابت بْن النُّعمان بن أمية بن البرك. وهو أخو أبي ضياح. وأمه أم أبي ضياح. واستشهد يوم أحد وليس له عقب ولم نجده فِي وُلِدَ عَمْرو بْن ثابت بْن كلفة بْن ثَعْلَبَة فِي كتاب نسب الأَنْصَار.
143- سَالِمُ بْنُ عُمَيْرِ
بْنِ ثَابِتِ بْنِ كُلْفَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْن عوف. وكان له ابن يُقَالُ له سَلَمَة. وشهد سالم بْن عمير بدرا في رواية موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبي معشر ومحمد بن عمر وعبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّرَقِيُّ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ
__________
142 المغازي (160) ، (284) ، وابن هشام (1/ 689) .
143 المغازي (3) ، (160) ، (175) ، (516) ، (993) ، (1024) ، (1071) ، وابن هشام (1/ 689) .(3/365)
أَشْيَاخِهِ أَنَّ أَبَا عَفَكَ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَقَدْ بَلَغَ عشرين ومائة سنة حين قدم النبي. ع. فِي شِعْرِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي الإِسْلامِ. فَنَذَرَ سَالِمُ بْنُ عُمَيْرٍ قَتْلَهُ فَطَلَبَ غِرَّتَهُ حَتَّى قَتَلَهُ. وَذَلِكَ بِأَمْرِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَأَخْبَرَنِي مَعْنُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ رُقَيْشٍ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ قَالَ: قُتِلَ أَبُو عَفَكٍ فِي شَوَّالٍ عَلَى رَأْسِ عِشْرِينَ شَهْرًا مِن الْهِجْرَةِ.
قَالُوا: وَشَهِدَ سَالِمُ بْنُ عُمَيْرٍ أحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَهُوَ أَحَدُ الْبَكَّائِينَ الذين جاؤوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى تَبُوكَ فَقَالُوا: احْمِلْنَا. وَكَانُوا فُقَرَاءَ. فَقَالَ: لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ. ف تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ. وَكَانُوا سَبْعَةَ نَفَرٍ مِنْهُمْ سَالِمُ بْنُ عُمَيْرٍ. وَقَدْ سَمَّيْنَا سَائِرَهُمْ فِي مَوَاضِعِهِمْ عِنْدَ أَسْمَائِهِمْ. وَبَقِيَ سَالِمُ بْنُ عُمَيْرٍ إِلَى خلافة معاوية بن أبي سفيان. وله عقب.
144- عاصم بْن قَيْس
بْن ثابت بْن كلفة بْن ثَعْلَبَة بْن عَمْرو بْن عوف. شهِدَ بدرا في رواية موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبي معشر ومحمد بن عمر وعبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري. وشهد أيضًا أحدًا وليس له عقب. ثمانية نفر.
وَمِنْ بَنِي غَنْمِ بْنِ السِّلْمِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ
145- سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ
بْنِ الْحَارِثِ بْن مالك بن كعب بن النحاط بْن كعب بْن حارثة بْن غنم بْن السلم. ويكنى أَبَا عَبْد الله وأمه هند بِنْت أوس بْن عدي بْن أمية بْن عامر بْن خطمة بْن جشم بْن مالك من الأوس. وأخوه لأمه أَبُو ضياح النُّعمان بْن ثابت. وكان لسعد من الولد عَبْد الله. وَقَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وشهد معه الحديبية وأمه جميلة بِنْت أبي عامر وهو عَبْد عَمْرو بْن صيفي بْن النُّعمان بْن مالك بْن أمة بْن ضبيعة بْن زَيْد بْن مالك بْن عوف بْن عمرو بْن عوف من الأوس. وقد كان له بقية فانقرض آخرهم فِي سنة مائتين فلم يبق له عقب. وكان مُحَمَّد بْن عُمَر وعبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري ينسبان سعد بْن خيثمة هَذَا النسب الَّذِي ذكرنا. وكان هشام بن محمد بن
__________
144 المغازي (160) ، وابن هشام (1/ 689) .
145 المغازي (20) ، (92) ، (93) ، (146) ، (161) ، (212) ، (213) ، وابن هشام (1/ 444، 456، 478، 493، 690، 707) .(3/366)
السائب الكلبي ينسبه أيضًا هَذَا النسب إلّا أنّه كان يخالفهما فِي النحاط فيقول: هُوَ الحناط بْن كعب. وأما مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إِسْحَاق وأبو معشر فلم يزيدوا فِي تسمية من شهِدَ بدْرًا من بني غنم بن السلم على أسمائهم وأسماء آبائهم. ولم يرفعوا فِي نسبهم.
وقد شهِدَ سعد بْن خيثمة العقبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الأَسَدِ.
قَالُوا جَمِيعًا: وَكَانَ سعد بْنُ خَيْثَمَةَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ الاثْنَيْ عَشَرَ مِنَ الأَنْصَارِ. وَلَمَّا نَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْخُرُوجِ إِلَى عِيرِ قُرَيْشٍ فَأَسْرَعُوا قَالَ خَيْثَمَةُ بْنُ الْحَارِثِ لابْنِهِ سَعْدٍ: إِنَّهُ لا بُدَّ لأَحَدِنَا مِنْ أَنْ يُقِيمَ فَآثِرْنِي بِالْخُرُوجِ وَأَقِمْ مَعَ نِسَائِكَ.
فَأَبَى سَعْدٌ وَقَالَ: لَوْ كَانَ غَيْرُ الْجَنَّةِ آثَرْتُكَ بِهِ. إِنِّي أَرْجُو الشَّهَادَةَ فِي وَجْهِي هَذَا.
فَاسْتَهَمَا فَخَرَجَ سَهْمُ سَعْدٍ فَخَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَدْرٍ فَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ. قَتَلَهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ وَيُقَالُ طُعَيْمَةُ بْنُ عَدِيٍّ.
146- المنذر بْن قدامة
بن الحارث بن مالك بن كعب بن النحاط. شهِدَ بدْرًا فِي رواية مُوسَى بْن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبي معشر ومحمد بن عمر وعبد الله بن محمد بن عمارة الْأَنْصَارِيّ. وشهد أيضًا أحدًا وليس له عقب.
147- وأخوه مالك بْن قدامة
بْن الْحَارِث بْن مالك بْن كعب بْن النحاط. شهِدَ بدرا في رواية موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبي معشر ومحمد بن عمر وعبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري. وشهد أيضًا أحدًا وليس له عقب.
148- الْحَارِث بْن عرفجة
بْن الْحَارِث بْن مالك بْن كعب بْن النحاط. شهِدَ بدْرًا فِي رواية موسى بن عقبة ومحمد بن عمر وعبد الله بن محمد بن عمر وعبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري ولم يذكره محمد بن إِسْحَاق وأبو معشر فيمن شهِدَ عندهما بدْرًا.
وشهد أيضًا الْحَارِث أحدًا وليس له عقب.
__________
146 المغازي (161) ، (177) ، وابن هشام (1/ 960) .
147 المغازي (161) ، وابن هشام (1/ 690) .
148 ابن هشام (1/ 690) .(3/367)
149- تميم مَوْلَى بني غنم
بْن السلم. شهِدَ بدْرًا فِي روايتهم جميعًا وشهد أيضًا أحدًا وليس له عقب. خمسة نفر. فجميع من شهد مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدْرًا من الأوس ومن ضرب له بسهم وأجره فِي عدد مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن عُمَر ثلاثة وستون رجلًا. وَفِي عدد محمد بْن إِسْحَاق وأبي معشر واحد وستون رجلا لأن محمد بْن إِسْحَاق وموسى بْن عُقْبَة وأبا معشر لم يدخلوا الحارث بْن قَيْس بْن هيشة عم جبر بْن عتيك فيمن شهِدَ بدْرًا من بني مُعَاوِيَة بْن مالك. ولم يدخل محمد بْن إِسْحَاق وأبو معشر أيضًا الْحَارِث بْن عرفجة بْن الْحَارِث فيمن شهِدَ بدْرًا من بني غنم بْن السلم.
وَشَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْخَزْرَجِ ثُمَّ من بني النجار
وهو تَيْمُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الخزرج أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَقُولُ: إِنَّمَا سُمِّيَ النَّجَّارُ لأَنَّهُ اخْتَتَنَ بِقَدُّومٍ وَكَانَ اسْمُهُ تَيْمَ اللَّهِ بْنَ ثَعْلَبَةَ.
أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لأَنَّهُ نَجَرَ وَجْهَ رَجُلٍ بِقَدُّومٍ.
فَشَهِدَ بَدْرًا مِنْ بَنِي النَّجَّارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ
151 أَبُو «1» أَيُّوبَ.
وَاسْمُهُ خَالِدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ كُلَيْبِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عبد بن عوف بن غنم
__________
(1) حدث سهو في الترقيم. فسقط الرقم 150.
__________
149 المغازي (161) ، ابن هشام (1/ 690) .
151 تاريخ يحيى بن معين (2/ 144) ، وعلل ابن المديني (68) ، وتاريخ خليفة (55) ، (56) ، (99) ، (196) ، (201) ، (211) ، وطبقات خليفة (89) ، (140) ، (190) ، (303) ، وعلل أحمد (1/ 165، 232) ، والتاريخ الكبير (3/ ت 462) ، والمعارف (274- 275) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 312، 355، 393، 416، 418) ، (2/ 275، 398، 685، 734) ، (3/ 210) ، وتاريخ أبي زرعة (163) ، (188) ، (189) ، (226) ، (309) ، (545) ، (609) ، والكنى للدولابي (1/ 15) ، والجرح والتعديل (3/ ت 1484) ، وثقات ابن حبان (3/ 102) ، والحلية لأبي النعيم (1/ 361) ، وجمهرة ابن حزم (438) ، وتاريخ بغداد (1/ 153) ، والاستيعاب (4/ 1606) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (5/ 39- 47) ، وأسد الغابة (2/ 80) ، وتهذيب الكمال (1612) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (187) ، وسير أعلام النبلاء (2/ 402- 413) ، وتاريخ الإسلام (2/ 327) ، والعبر (1/ 56) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 150) ، والإصابة (1/ 405) ، وتهذيب التهذيب (3/ 90- 91) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 1760) .(3/368)
وأمه زهراء بِنْت سعد بْن قَيْس بن عمرو بن امرئ القيس بن مالك بن مالك من بلحارث بْن الخزرج. وكان لأبي أيوب من الولد عَبْد الرَّحْمَن وأمه أم حسن بِنْت زَيْد بْن ثابت بْن الضحاك من بني مالك بْن النّجّار. وقد انقرض ولده فلا نعلم له عقبا. وشهد أَبُو أيوب العقبة مع السبعين من الأنصار في رواية موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبي معشر ومحمد بن عمر. وآخى رسول الله. ع. بين أبي أيوب ومصعب بْن عمير فِي رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر. وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. على أبي أيوب حين رحل من قباء إِلَى المدينة. وشهد أَبُو أيوب بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مُحَمَّد بْن سعد أخبرت عن شُعْبَة قَالَ: قلت للحكم ما شهِدَ أَبُو أيوب من حرب عليّ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؟ قَالَ: شهِدَ معه حروراء.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالا: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَشْيَاخِهِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ خَرَجَ غَازِيًا فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: فَمَرِضَ فَلَمَّا ثَقُلَ قَالَ لأَصْحَابِهِ: إِنْ أَنَا مُتُّ فَاحْمِلُونِي فَإِذَا صَافَفْتُمُ الْعَدُوَّ فَادْفِنُونِي تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ. [وَسَأُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لولا مَا حَضَرَنِي لَمْ أُحَدِّثْكُمْ. سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: مَنْ مَاتَ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ] .
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: شَهِدَ أَبُو أَيُّوبَ بَدْرًا ثُمَّ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ غَزَاةٍ لِلْمُسْلِمِينَ إِلا هُوَ فِي أُخْرَى إِلا عَامًا وَاحِدًا فَإِنَّهُ اسْتُعْمِلَ عَلَى الْجَيْشِ رَجُلٌ شَابٌّ فَقَعَدَ ذَلِكَ الْعَامَ. فَجَعَلَ بَعْدَ ذَاكَ الْعَامِ يَتَلَهَّفُ وَيَقُولُ: مَا عَلَيَّ مَنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيَّ. وَمَا عَلَيَّ مَنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيَّ. وَمَا عَلَيَّ مَنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيَّ. قَالَ فَمَرِضَ وَعَلَى الْجَيْشِ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَأَتَاهُ يَعُودُهُ فَقَالَ: حَاجَتُكَ. قَالَ: نَعَمْ حَاجَتِي إِذَا أَنَا مُتُّ فَارْكَبْ بِي ثُمَّ سُغْ بِي فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ مَا وَجَدْتَ مَسَاغًا. فَإِذَا لَمْ تَجِدْ مَسَاغًا فَادْفِنِّي ثُمَّ ارْجِعْ. فَلَمَّا مَاتَ رَكِبَ بِهِ ثُمَّ سَارَ بِهِ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَمَا وَجَدَ مَسَاغًا ثُمَّ دَفَنَهُ ثُمَّ رَجَعَ. قَالَ وَكَانَ أَبُو أَيُّوبَ. رَحْمَةُ اللَّهُ عَلَيْهِ. يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى «انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا» التوبة: 41. لا أَجِدُنِي إِلا خفيفا وثقيلا.(3/369)
أخبرنا عمرو بن عاصم قال: أخبرنا همام عن عاصم بن بَهْدَلَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ قَالَ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ حِينَ دَخَلَ عَلَيْهِ: أَقْرِئِ النَّاسَ مِنِّي السَّلامَ وَلْيَنْطَلِقُوا بِي فَلْيَبْعُدُوا مَا اسْتَطَاعُوا. قَالَ فَحَدَّثَ يَزِيدُ النَّاسَ بِمَا قَالَ أَبُو أَيُّوبَ فَاسْتَسْلَمَ النَّاسُ فَانْطَلَقُوا بِجَنَازَتِهِ مَا اسْتَطَاعُوا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَتُوُفِّيَ أَبُو أَيُّوبَ عَامَ غَزَا يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ فِي خِلافَةِ أَبِيهِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ. وَصَلَّى عَلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَقَبْرُهُ بِأَصْلِ حِصْنِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ بِأَرْضِ الرُّومِ فَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرُّومَ يتعاهدون قبره ويرمونه وييستسقون بِهِ إِذَا قَحَطُوا.
152- ثابت بْن خَالِد
بْن النُّعمان بْن خنساء بْن عسيرة بْن عَبْد بْن عوف بْن غنم وكانت له ابْنَة تدعى دبية وأمها إدام بِنْت عُمَر بْن مُعَاوِيَة من بني مُرَّة. تزوجها يزيد بْن ثابت بن الضحاك أخو زَيْد بْن ثابت ثُمَّ من بني مالك بْن النجار. فولدت له عمارة. وانقرض نسل ثابت بْن خَالِد فَلَيْس له عقب. وشهد ثابت بدْرًا وأحدًا.
153- عمارة بْن حزم
بْن زَيْد بْن لوذان بْن عَمْرو بن عبد بن عوف بن غنم. وهو أخو عَمْرو بْن حزم. وأمهما خالدة بِنْت أبي أَنَس بن سنان بْن وهب بْن لوذان من بني ساعدة. وكان لعمارة من الولد مالك درج. وأمه النَّوَّارُ بِنْت مَالِكِ بْن صِرْمَةَ بْن مَالِكِ بْن عدي بْن عامر من بني عدي بْن النّجّار. وأخو مالك لأمه يزيد وزيد ابنا ثابت بْن الضحاك بْن زَيْد من بني مالك بْن النجار.
وشهد عمارة العقبة مع السبعين من الأنصار في رواية موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبي معشر ومحمد بن عمر. وكان عمارة بْن حزم وأسعد بْن زرارة وعوف بْن عفراء حين أسلموا يكسرون أصنام بني مالك بْن النّجّار.
وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عمارة بْن حزم ومحرز بْن نضلة. وشهد عمارة بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكانت معه راية بني مالك بْن النّجّار فِي غزوة الفتح. وخرج مَعَ خَالِد بْن الْوَلِيد إِلَى أَهْل الرِّدَّةِ فقتل يوم اليمامة
__________
152 المغازي (161) ، وابن هشام (1/ 701) .
153 المغازي (9) ، (24) ، (139) ، (162) ، (397) ، (436) ، (448) ، (800) ، (896) ، (1003) ، (1009) ، (1010) ، وابن هشام (1/ 457، 528، 207) .(3/370)
شهيدا في خلافة أبي بكر الصديق سنة اثنتي عشرة. وليس له عقب.
154- سراقة بْن كعب
بْن عَمْرو بْن عَبْد العزى بْن غزية بْن عَمْرو بْن عَبْد بْن عوف بْن غنم وأمه عميرة بِنْت النُّعمان بْن زَيْد بْن لبيد بْن خداش من بني عدي بْن النّجّار.
وكان لسراقة من الولد زَيْد. قُتِلَ يوم جسر أبي عُبَيْد بالقادسية. وسعدى وهي أم حكيم. وأمهما أم زَيْد بِنْت سكن بْن عُتْبة بْن عَمْرو بْن خديج بن عامر بن جشم بن الحارث بْن الخزرج. ونائلة وأمها أم وُلِدَ. وهكذا كان أَبُو معشر ومحمد بْن عُمَر وعَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ يقولون فِي نسب سراقة عَبْد العزى بْن غزية.
وَفِي رواية إِبْرَاهِيم بْن سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْحَاق: عَبْد العزى بْن عروة. وَفِي رواية هَارُونُ بْنُ أَبِي عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاق: عَبْد العزى بْن عزرة. وكلاهما خطأ وإنما هُوَ عَبْد العزى بن غزية. وشهد سراقة بْن كعب بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتُوُفِّي فِي خلافة مُعَاوِيَة بْن أبي سُفْيَان وليس له عقب.
155- حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ
بْنِ نَفْعِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْن غنم. وأمه جعدة بِنْت عُبَيْد بْن ثَعْلَبَة بْن عُبَيْد بْن ثَعْلَبَة بْن غنم. وكان لحارثة من الولد عَبْد الله وعبد الرَّحْمَن وسودة. وكانت من المبايعات. وعمرة. وهي أيضًا من المبايعات. وأم هشام. وهي أيضًا من المبايعات. وأمهم أم خَالِد بِنْت خَالِد بْن يعيش بْن قَيْس بْن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عَمْرو بْن مالك بْن النجار. وأم كلثوم وأمها من بني عَبْد الله بْن غطفان. وأمه الله وأمها من بني جندع. ويكنى حارثة أَبَا عَبْد الله. وشهد حارثة بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله. ع. قال حارثة ورأيت جبريل - صلى الله عليه وسلم - من الدهر مرتين: يوم الصورين حين خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى بني قريظة حين مر بنا فِي صورة دحية بْن خليفة الكلبي فأمرنا بلبس السلاح. ويوم موضع الجنائز حين رجعنا من حنين مررت وهو يكلم النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلم أسلم [فقال جبريل:
من هَذَا يا مُحَمَّد؟ قَالَ: حارثة بْن النُّعمان. قَالَ: أما إنّه من المائة الصابرة يوم حنين الّذين تكفل الله بأرزاقهم فِي الجنّة ولو سلم لرددنا عليه] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ
__________
154 المغازي (162) ، وابن هشام (1/ 705) .
155 المغازي (24) ، (139) ، (162) ، (498) ، (499) ، (708) ، (900) ، (901) ، وابن هشام (1/ 702) .(3/371)
قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ حَارِثَةَ بْنَ النُّعْمَانِ كَانَ قَدْ كُفَّ بَصَرُهُ فَجَعَلَ خَيْطًا مِنْ مُصَلاهُ إِلَى بَابِ حجرته ووضع عنده مكثلا فِيهِ تَمْرٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ. فَكَانَ إِذَا سَلَّمَ الْمِسْكِينُ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ ثُمَّ أَخَذَ عَلَى الْخَيْطِ حَتَّى يَأْخُذَ إِلَى بَابِ الْحُجْرَةِ فَيُنَاوِلْهُ الْمِسْكِينُ. فَكَانَ أَهْلُهُ يَقُولُونَ: نَحْنُ نَكْفِيكَ. فَيَقُولُ: [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ إِنَّ مُنَاوَلَةَ الْمِسْكِينِ تَقِي مَيْتَةَ السُّوءِ] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَتْ لِحَارِثَةَ بْنِ النعمان منازل قرب منازل النبي. ع.
بِالْمَدِينَةِ. فَكَانَ كُلَّمَا أَحْدَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلا تَحَوَّلَ لَهُ حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ عَنْ مَنْزِلٍ بَعْدَ مَنْزِلٍ حَتَّى [قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَدِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ مِمَّا يَتَحَوَّلُ لَنَا عَنْ مَنَازِلِهِ.] وَبَقِيَ حَارِثَةُ حَتَّى تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. رحمه اللَّهُ.
وَلَهُ عَقِبٌ مِنْ وَلَدِهِ أَبُو الرِّجَالِ. وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ. وَأُمُّ أَبِي الرِّجَالِ عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ.
156- سليم بْن قَيْس
بْن قهد. واسم قهد خَالِد بْن قيس بْن ثَعْلَبَة بْن عُبَيْد بْن ثَعْلَبَة بْن غنم. وأمه أم سليم بِنْت خَالِد بْن طعمة بْن سحيم بْن الأسود من بني مالك بْن النّجّار. شهِدَ بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتوفي في خلافة عثمان بن عفّان وليس له عقب والعقب لأخيه قَيْس بْن قهد. وبعضهم ينتسب إِلَى سليم لشهوده بدْرًا. وليس لسليم عقب.
157- سُهَيل بْن رافع
بن أبي عمرو بن عائذ بن ثعلبة بْن غنم. وهو أخو سهل بْن رافع وهما صاحبا المربد الَّذِي بني فِيهِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان ينتميان لأبي أمامة أسعد بْن زرارة فقال عبد الله بْن أبي بْن سلول: أخرجني مُحَمَّد بْن مربد سهل وسهيل. يعني هذين. ولم يشهد سهل بدْرًا. وأم سهل وسهيل زغيبة بِنْت سهل بْن ثَعْلَبَة بْن الْحَارِث من بني مالك النّجّار. وشهد سُهَيل بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتوفي فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. رَضِيَ اللَّهُ عنه. وليس له عقب. وأنقرض أيضا بنو عائذ بن ثعلبة بن غنم جميعا فلم يبق منهم أحد.
__________
156 المغازي (162) ، وابن هشام (1/ 702) .
157 المغازي (162) ، (319) ، وابن هشام (1/ 495، 496، 702) .(3/372)
158- مسعود بن أوس
بن زيد بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن غنم وأمه عمرة بنت مسعود بن قيس بن عمرو بن زيد مناة من بني مالك بن النجار. وكانت من المبايعات.
وكان لمسعود بن أوس من الولد سعد وأم عمرو وأمهما حبيبة بنت أسلم بن حريس بن عدي بن مجدعة بْن حارثة بْن الْحَارِث من الأوس. هكذا نسبه محمد بن عمر وعبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري. وفي رواية محمد بن إسحاق وأبى معشر:
مسعود بن أوس بن أصرم بن زيد. ولم يذكرا زيدًا أبا أوس كما ذكره محمد بن عمر وعبد الله بن محمد بن عمارة. وشهد مسعود بن أوس بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتوفي فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. رَضِيَ اللَّهُ عنه. وليس له عقب.
159- وأخوه أبو خزيمة بن أوس
بن زيد بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن غنم وأمه عمرة بنت مسعود بن قيس بن عمرو بن زيد. وشهد بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتوفي فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. رَضِيَ اللَّهُ عنه. وليس له عقب.
وأنقرض أيضًا ولد أصرم بن زيد بن ثعلبة بن غنم جميعا فلم يبق منهم أحد.
160- رافع بْن الْحَارِث
بْن سواد بْن زَيْد بْن ثَعْلَبَة بْن غنم. هكذا قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر:
سواد. وقال عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ: هُوَ الأسود بْن زَيْد بْن ثَعْلَبَة بْن غنم. وكان لرافع ابن يُقَالُ له الْحَارِث. وشهد رافع بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتوفي فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. رَضِيَ اللَّهُ عنه. وليس له عقب.
161- مُعَاذ بْن الْحَارِث
بْن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم. وأمه عفراء بِنْت عُبَيْد بْن ثَعْلَبَة بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار. وإليها ينسب. وكان لمعاذ بْن الْحَارِث من الولد عُبَيْد الله وأمه حبيبة بِنْت قَيْس بْن زيد بن عامر بن سواد بن ظفر. واسم ظفر كعب بْن الخزرج بْن عَمْرو. وهو النبيت. ابن مالك بن الأوس.
__________
158 المغازي (162) .
159 المغازي (162) ، وابن هشام (1/ 702) .
160 المغازي (162) ، وابن هشام (1/ 702) .
161 ابن هشام (1/ 431، 457، 495، 520، 702، 713) .(3/373)
والحارث وعوف وسلمى. وهي أم عَبْد الله. ورملة وأمهم أم الْحَارِث بِنْت سبرة بْن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بْن غنم بْن مالك بْن النجار. وإبراهيم وعائشة وأمهما أم عَبْد الله بِنْت نمير بْن عَمْرو بْن عليّ من جهينة. وسارة وأمها أم ثابت. وهي رملة بِنْت الْحَارِث بْن ثَعْلَبَة بْن الْحَارِث بْن زَيْد بْن ثَعْلَبَة بْن غنم بْن مالك بْن النجار.
قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: ويروى أن مُعَاذ بْن الْحَارِث ورافع بْن مالك الزرقي أول من أسلم من الأنصار بمكة ويجعل في الثمانية النفر الذين أسلموا أول من أسلم من الأنصار بمكة. ويجعل في الستة النفر الذين يروى أنهم أول من لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الأَنْصَار بمكّة فأسلموا لم يتقدمهم أحد. قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: وأمر الستة أثبت الأقاويل عندنا. وشهد معاذ بن الحارث العقبتين جميعا في روايتهم جميعا. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ مُعَاذ بْن الْحَارِث بْن عفراء ومعمر بْن الْحَارِث. وتُوُفِّي مُعَاذ بن الحارث بعد ما قُتِلَ عُثْمَان بْن عفّان. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. أيّام عليّ بْن أبي طَالِب ومعاوية بْن أبي سُفْيَان. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما. وله عقب اليوم.
162- وأخوه معوذ بْن الْحَارِث
بْن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم وأمه عفراء بِنْت عُبَيْد بْن ثَعْلَبَة بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بْن النّجّار. وكان لمعوذ من الولد الرَّبِيع بِنْت معوذ وعميرة بِنْت معوذ وأمهما أم يزيد بِنْت قَيْس بْن زعوراء بْنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غنم بْن عدي بْن النّجّار. شهِدَ العقبة مع السبعين من الأنصار في رواية محمد بن إِسْحَاق وحده. وشهد بدْرًا. وهو الَّذِي ضرب أَبَا جهل هُوَ وأخوه عوف بْن الْحَارِث حَتَّى اثبتاه وعطف عليهما أَبُو جهل. لعنه الله. يومئذ فقتلهما. ووقع أَبُو جهل صريعًا فذفف عليه عَبْد الله بْن مَسْعُود. رحمه الله. وليس لمعوذ بْن الْحَارِث عقب.
163- وَأَخُوهُمَا عَوْفُ بْنُ الْحَارِثِ
بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بن سواد بن مالك بن غنم وأمه عفراء بِنْت عُبَيْد بْن ثَعْلَبَة بْن عُبَيْد بْن ثَعْلَبَة بْن غنم. ويجعل فِي الستة النفر الذين أسلموا أول من أسلم من الأَنْصَار بمكّة وشهد العقبتين فِي رواية مُحَمَّد بن عمر. وفي
__________
162 المغازي (24) ، (68) ، (88) ، (89) ، (91) ، (118) ، (146) ، (149) ، (162) ، (318) ، وابن هشام (1/ 457، 625، 645، 702، 708، 710) .
163 المغازي (24) ، (68) ، (88) ، (89) ، (91) ، (118) ، (146) ، (149) ، (162) ، وابن هشام (1/ 429، 708) .(3/374)
رواية محمد بْن إِسْحَاق شهِدَ العقبة الآخرة مع السبعين من الأَنْصَار. وشهد بدْرًا هُوَ وأخواه مُعَاذ ومعوذ ثلاثة فِي رواية أبي معشر ومحمد بن عمر وعبد الله بن محمد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ. وكان محمد بْن إِسْحَاق يزيد فيهم واحدًا فيجعلهم أربعة إخوة شهدوا بدْرًا يضم إليهم رفاعة بْن الْحَارِث بْن رفاعة. قال محمد بن رفاعة: وليس ذلك عندنا بثبت. وقتل عوف بْن الْحَارِث يوم بدْر شهيدًا. قتله أَبُو جهل بْن هشام بعد أن ضربه عوف وأخوه معوذ ابنا الْحَارِث فأثبتاه. ولعوف عقب.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَقُولُ فِي قَتْلِ أَبِي جَهْلٍ: أَقْعَصَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ وَذَفَّفَ عَلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ.
164- النُّعْمَانُ بْنُ عَمْرِو
بْنِ رِفَاعَةَ بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم وأمه فاطمة بِنْت عَمْرو بْن عطية بْن خنساء بْن مبذول بْن عَمْرو من بني مازن بن النّجّار. وهو نعيمان تصغير نعمان. وكان لنعمان من الولد مُحَمَّد وعامر وسبرة ولبابة وكبشة ومريم وأم حبيب وأمة الله وهم لأمهات أولاد شتى. وحكيمة وأمها من بني سهم. وشهد نعيمان العقبة الآخرة مع السبعين من الأنصار في رواية محمد بْن إِسْحَاق وحده. وشهد بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: أُتِيَ بِالنُّعَيْمَانِ أَوِ ابْنِ النُّعَيْمَانِ إلى النبي. ع. فَجَلَدَهُ. ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَجَلَدَهُ. ثُمَّ أُتِيَ به فجلده. قال مرارا أربعا أَوْ خَمْسًا. يَعْنِي فِي شُرْبِ النَّبِيذِ. فَقَالَ رَجُلٌ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ.
مَا أَكْثَرَ مَا يَشْرَبُ وأكثر ما يجلد! [فقال النبي. ص: لا تَلْعَنْهُ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ] .
أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ الْعَمِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: [قال رسول الله. ص: لا تَقُولُوا لِلنُّعَيْمَانِ إِلا خَيْرًا فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ] . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَبَقِيَ النُّعَيْمَانُ بْنُ عَمْرٍو حَتَّى تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ.
رضي الله عنه. وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ.
165- عامر بن مَخْلَد
بْن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم وأمه عمارة بنت
__________
164 ابن هشام (1/ 703) .
165 المغازي (162) ، (306) ، ابن هشام (1/ 703) .(3/375)
خنساء بْن عسيرة بْن عَبْد عوف بْن غنم بْن مالك بْن النّجّار. وشهد بدْرًا وأحدًا وقتل يوم أحد فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا مِن الهجرة. وليس له عقب.
166- عَبْد الله بْن قَيْس
بْن خالدة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم. وكان له من الولد عَبْد الرَّحْمَن وعميرة وأمهما سعاد بِنْت قَيْس بْن مَخْلَد بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم. وأم عون بِنْت عَبْد الله ولا نعرف أمها. وشهد عَبْد الله بْن قَيْس بدْرًا وأحدًا. وذكر عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ أنّه قُتِلَ يوم أحد شهيدًا. وقال مُحَمَّد بْن عُمَر: لم يقتل يوم أحد وقد بقي وشهد مع النّبيّ المشاهد. وتوفى فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وليس له عقب.
167- عَمْرو بْن قيس
بن زيد بْن سواد بْن مالك بْن غنم. شهِدَ بدرا في رواية أبي معشر ومحمد بن عمر وعبد الله بن محمد بن عمارة الْأَنْصَارِيّ. ولم يذكره مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إِسْحَاق فيمن شهِدَ عندهما بدْرًا. وقالوا جميعًا: وشهد أحدًا وقتل يومئذٍ شهيدًا. قتله نوفل بْن مُعَاوِيَة الديلي وذلك فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا مِن الهجرة. وله عقب.
168- وابنه قَيْس بْن عَمْرو
بْن قيس بن زيد بن سواد بن مالك بن غنم. وأمه أُمُّ حَرَامِ بِنْت مِلْحَانَ بْن خَالِد بْن زَيْد بْن حرام بْن جندب من بني عدي بْن النّجّار. شهِدَ بدْرًا فِي رواية أبي معشر ومحمد بن عمر وعبد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ. ولم يذكره مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إِسْحَاق فيمن شهِدَ عندهما بدْرًا. وقالوا جميعًا:
وشهد أحدًا وقتل يومئذٍ شهيدًا وليس له عقب. والعقب لأخيه عَبْد الله بْن عَمْرو بْن قَيْس. ويكنى عَبْد الله أَبَا أبي وبقية ولده ببيت المقدس بالشام.
169- ثابت بْن عَمْرو
بْن زَيْد بْن عدي بْن سواد بْن مالك بْن غنم. شهِدَ بدْرًا فِي رواية مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَأَبِي مَعْشَرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ وعبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري ولم يذكره محمد بن إسحاق فيمن شهد عنده بدْرًا. وقالوا جميعًا: وشهد أحدًا وقتل يومئذ شهيدا وليس له عقب.
__________
166 المغازي (162) ، (916) ، ابن هشام (1/ 703) .
167 المغازي (130) ، (142) ، (162) ، (306) ، ابن هشام (2/ 142) .
168 المغازي (162) ، (306) ، ابن هشام (2/ 124) .
169 المغازي (162) ، ابن هشام (2/ 690، 703) .(3/376)
وَمِنْ حُلَفَاءِ بَنِي غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ
170- عدي بْن أبي الزغباء.
واسم أبي الزغباء سنان بن سبيع بْن ثَعْلَبَة بْن ربيعة بْن زهرة بْن بديل بْن سعد بْن عدي بْن نصر بْن كاهل بْن نصر بْن مالك بْن غطفان بن قيس من جهينة. بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع بسبس بْن عَمْرو الجهني طليعة يتجسسان خبر العير فوردا بدْرًا فوجدا العير قد مرت وفاتتهما. قَالَ فرجعا فأخبرا النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وشهد عدي بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتوفي فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. رَضِيَ اللَّهُ عنه. وليس له عقب.
171- وديعة بْن عَمْرو
بْن جراد بْن يربوع بْن طحيل بْن عَمْرو بْن غنم بْن الرَّبْعَةِ بْنِ رَشْدَانَ بْنِ قَيْسِ بْنِ جُهَيْنَةَ. هكذا قَالَ محمد بْن إِسْحَاق ومحمد بْن عُمَر.
وقال أَبُو معشر: هُوَ رفاعة بْن عَمْرو بْن جراد. شهِدَ بدْرًا وأحدًا.
172- عصيمة.
حليف لهم من أشجع ذكر محمد بن إسحاق وأبو معشر ومحمد بن عمر وعبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري فيمن شهد بدْرًا. ولم يذكره مُوسَى بْن عُقْبَة. وشهد أيضا أحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وتوفي في خلافة معاوية بن أبي سفيان. رضي الله عَنْهُ.
173- أَبُو الْحَمْرَاءِ
مَوْلَى الْحَارِث بْن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ الرُّبَيِّعَ بِنْتَ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ تَقُولُ: أَبُو الْحَمْرَاءِ مَوْلَى الْحَارِثِ بْنِ رِفَاعَةَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا.
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ مِثْلَهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَشَهِدَ أَيْضًا أَبُو الْحَمْرَاءِ أحدا. ثلاثة وعشرون.
__________
170 المغازي (22) ، (40) ، (41) ، (45) ، (51) ، (81) ، (82) ، (162) .
171 المغازي (162) ، ابن هشام (1/ 614، 617، 643) .
172 المغازي (162) ، وابن هشام (1/ 703) .
173 ابن هشام (1/ 703) .(3/377)
وَمِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ ثم من بني معاوية ابن عَمْرو وهم بنو حديلة وهي أم لهم.
174- أُبَيُّ بْنُ كَعْبِ
بْنِ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْن زيد بْن معاوية بْن عَمْرو بْن مالك بْن النجار. ويكنى أَبَا المنذر وأمه صهيلة بِنْت الأسود بْن حرام بْن عَمْرو من بني مالك بْن النّجّار. وكان لأبي بْن كعب من الولد الطفيل ومحمد وأمهما أم الطفيل بِنْت الطُّفَيْل بْن عَمْرو بْن المنذر بْن سبيع بن عبدنهم من دوس. وأم عَمْرو بِنْت أبي ولا ندري من أمها. وقد شهِدَ أبي بْن كعب العقبة مع السبعين من الأَنْصَار فِي روايتهم جميعًا. [وكان أبي يكتب فِي الجاهلية قبل الإسلام وكانت الكتابة في العرب قليلة.
وكان يكتب فِي الْإِسْلَام الوحي لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأمر الله. تبارك وتعالى. رسوله أن يقرأ على أبي القرآن. وقال رسول الله. ص: أقرأ أمتي أبي] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَمِّهِ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يُسِرِّ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قالوا: آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. قَالَ:
وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَيَرْوِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخَى بَيْنَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَسَعِيدِ بْن زَيْدِ بْن عَمْرو بْن نُفَيْلٍ وَشَهِدَ أُبَيُّ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: كَانَ أُبَيُّ رَجُلا دَحْدَاحًا لَيْسَ بِالْقَصِيرِ وَلا بِالطَّوِيلِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ لا يُغَيِّرُ شَيْبَهُ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنَّا يُقَالُ لَهُ جَابِرٌ أَوْ جُوَيْبِرٌ: طَلَبْتُ حَاجَةً إِلَى عمر في خلافته. وإلى جنبه رجل
__________
174 تهذيب الكمال (279) ، وأسد الغابة (1/ 49) ، والثقات لابن حبان (3/ 5) ، تاريخ يحيى بن معين (2/ 19) ، والتاريخ الكبير (1/ 2/ 39) ، والجرح والتعديل (1/ 1/ 290) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (2/ 322- 331) .(3/378)
أَبْيَضُ الشَّعْرِ أَبْيَضَ الثِّيَابِ فَقَالَ: إِنَّ الدُّنْيَا فِيهَا بَلاغُنَا وَزَادُنَا إِلَى الآخِرَةِ وَفِيهَا أَعْمَالُنَا الَّتِي نُجَازَى بِهَا فِي الآخِرَةِ. قُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: هَذَا سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ.
أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُتَيِّ بْنِ ضَمْرَةَ قَالَ:
رَأَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ:
أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ وَحُمَيْدٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُتَيٍّ السَّعْدِيِّ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَجَلَسْتُ إِلَى رَجُلٍ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ يُحَدِّثُ وَإِذَا هُوَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَلَمْ يَذْكُرْ سُلَيْمَانُ حُمَيْدًا.
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. مَا لَكَ لا تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يُدَنَّسَ دِينُكَ.
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالا: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَقْرَأُ أُمَّتِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ] .
[أَخْبَرَنَا عاصم بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالا: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ.
تَبَارَكَ وَتَعَالَى. أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ. قَالَ: اللَّهُ سَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: اللَّهُ سَمَّاكَ لِي.
قَالَ فَجَعَلَ أُبَيُّ يَبْكِي. قَالَ عَفَّانُ. قَالَ هَمَّامٌ. قَالَ قَتَادَةُ: نُبِّئْتُ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ: لَمْ يَكُنِ.]
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي ثَمَانِي لَيَالٍ وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ يَخْتِمُهُ فِي سَبْعٍ.
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: إِنَّا لَنَقْرَؤُهُ فِي ثَمَانٍ. يَعْنِي الْقُرْآنَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: أخبرنا عبيد الله بن عَمْرٍو عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي ثَمَانِي لَيَالٍ.(3/379)
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ وَعَفَّانُ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: كَانَتْ فِي أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ شَرَاسَةٌ فَقُلْتُ لَهُ: أَبَا الْمُنْذِرِ.
أَلِنْ لِي مِنْ جَانِبِكَ فَإِنِّي إِنَّمَا أَتَمَتَّعُ مِنْكَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبْجَرَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي أَكَانَ هَذَا؟ قُلْتُ:
لا. قَالَ: فَأَحْمِنَا حَتَّى يَكُونَ فَإِذَا كَانَ اجْتَهَدْنَا لَكَ رَأَيْنَا.
أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَهَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:
أَخْبَرَنَا عُتَيُّ بْنُ ضَمْرَةَ قَالَ: قُلْتُ لأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: مَا لَكُمْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
نَأْتِيكُمْ مِنَ الْبُعْدِ نَرْجُو عِنْدَكُمُ الْخَبَرَ أَنْ تُعَلِّمُونَا فَإِذَا أَتَيْنَاكُمُ اسْتَخْفَفْتُمْ أَمْرَنَا كَأَنَّا نَهُونُ عَلَيْكُمْ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ عِشْتُ إِلَى هَذِهِ الْجُمُعَةِ لأَقُولَنَّ فِيهَا قَوْلا لا أُبَالِي اسْتَحْيَيْتُمُونِي عَلَيْهِ أَوْ قَتَلْتُمُونِي. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ مِنْ بَيْنِ الأَيَّامِ أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَإِذَا أَهْلُهَا يَمُوجُونَ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ فِي سِكَكِهِمْ. فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ هَؤُلاءِ النَّاسِ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: أَمَا أَنْتَ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْبَلَدِ؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ.
قُلْتُ: وَاللَّهِ إِنْ رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فِي السِّتْرِ أَشَدَّ مِمَّا سَتَرَ هَذَا الرَّجُلَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُتَيٍّ السَّعْدِيِّ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي يَوْمِ رِيحٍ وَغُبْرَةٍ وَإِذَا النَّاسُ يَمُوجُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ.
فَقُلْتُ: مَا لِي أَرَى النَّاسَ يَمُوجُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟ فَقَالُوا: أَمَا أَنْتَ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْبَلَدِ؟ قُلْتُ: لا. قَالُوا: مَاتَ الْيَوْمَ سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ ابْتِغَاءَ الْعِلْمِ فَدَخَلْتُ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا النَّاسُ فِيهِ حَلَقٌ يَتَحَدَّثُونَ. فَجَعَلْتُ أَمْضِي الْحَلَقَ حَتَّى أَتَيْتُ حَلْقَةً فِيهَا رَجُلٌ شَاحِبٌ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ كَأَنَّمَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ. قَالَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: هَلَكَ أَصْحَابُ الْعُقْدَةِ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَلا آسَى عَلَيْهِمْ. أَحْسِبُهُ قَالَ مِرَارًا. قَالَ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَتَحَدَّثَ بِمَا قُضِيَ لَهُ. ثُمَّ قام. قال فسألت عنه بعد ما قَامَ. قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ. قَالَ فَتَبِعْتُهُ حَتَّى أَتَى مَنْزِلَهُ فَإِذَا هُوَ رَثُّ الْمَنْزِلِ رَثُّ الْهَيْئَةِ. فَإِذَا رَجُلٌ زَاهِدٌ مُنْقَطِعٌ يُشْبِهُ أَمْرُهُ بَعْضُهُ بَعْضًا. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلامَ ثُمَّ سَأَلَنِي: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ. قَالَ: أَكْثَرُ مِنِّي سُؤَالا. قَالَ لَمَّا قال(3/380)
ذَلِكَ غَضِبْتُ. قَالَ فَجَثَوْتُ عَلَى رُكْبَتَيَّ وَرَفَعْتُ يَدَيَّ. هَكَذَا وَصَفَ. حِيَالَ وَجْهِهِ فَاسْتَقْبَلْتُ الْقِبْلَةَ. قَالَ قُلْتُ: اللَّهُمَّ نَشْكُوهُمْ إِلَيْكَ إِنَّا نُنْفِقُ نَفَقَاتِنَا وَنُنْصِبُ أَبْدَانَنَا وَنُرْحِلُ مَطَايَانَا ابْتِغَاءَ الْعِلْمِ فَإِذَا لَقِينَاهُمْ تَجَهَّمُوا لَنَا وَقَالُوا لَنَا. قَالَ فَبَكَى أُبَيُّ وَجَعَلَ يَتَرَضَّانِي وَيَقُولُ: وَيْحَكَ لَمْ أَذْهِبْ هُنَاكَ. قَالَ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُعَاهِدُكَ لَئِنْ أَبْقَيْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ لأَتَكَلَّمَنَّ بِمَا سَمِعْتُ مِنَ رَسُولِ اللَّهِ لا أَخَافُ فِيهِ لَوْمَةَ لائِمٍ. قَالَ لَمَّا قَالَ ذَلِكَ انْصَرَفْتُ عَنْهُ وَجَعَلْتُ أَنْتَظِرُ الْجُمُعَةَ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْخَمِيسِ خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي فَإِذَا السِّكَكُ غَاصَّةٌ مِنَ النَّاسِ لا أَجِدُ سِكَّةً إِلا يَلْقَانِي فِيهَا النَّاسُ. قَالَ قُلْتُ:
مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ قَالُوا: إِنَّا نَحْسَبُكَ غَرِيبًا. قَالَ قُلْتُ: أَجَلْ. قَالُوا: مَاتَ سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ. قَالَ جُنْدُبٌ: فَلَقِيتُ أَبَا مُوسَى بِالْعِرَاقِ فحدثته حديث أبي قال: وا لهفاه! لَوْ بَقِيَ حَتَّى تُبَلِّغَنَا مَقَالَتُهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: هَذِهِ الأَحَادِيثُ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي مَوْتِ أُبَيٍّ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَاتَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. رَضِيَ اللَّهُ عنه. فِيمَا رَأَيْتُ أَهْلَهُ وَغَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ بِالْمَدِينَةِ. وَقَدْ سَمِعْتُ مَنَ يَقُولُ مَاتَ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. سَنَةَ ثَلاثِينَ. وَهُوَ أَثْبَتُ الأَقَاوِيلِ عِنْدَنَا. وَذَلِكَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَمَرَهُ أَنْ يَجْمَعَ الْقُرْآنَ.
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ عُثْمَانَ جَمَعَ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلا مِنْ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ فِيهِمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي جَمْعِ الْقُرْآنِ.
175- أنس بن معاذ
بن انس بْن قيس بْن عُبَيْد بْن زيد بْن معاوية بْن عَمْرو بْن مالك بْن النّجّار. وأمه أم أناس بنت خَالِد بْن خنيس بْن لوذان بن عَبْد ود من بني ساعدة من الأنصار. وشهد بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ومات فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. رَضِيَ اللَّهُ عنه. وليس له عقب. هذا قول محمد بن عمر. وأما عبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري فقال: شهد أنس بن معاذ بدرًا وأحدًا. وشهد معه أُحُدًا أخوه لأبيه وأمه أبو محمد واسمه أبي بن معاذ. وشهدا أيضًا جميعا بئر معونة وقتلا يومئذ جميعا شهيدين.
__________
175 المغازي (163) ، (353) ، وابن هشام (1/ 203) .(3/381)
وَمِنْ بَنِي مَغَالَةَ. وَهُمْ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ
176- أَوْسُ بْنُ ثَابِتِ
بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بْن النجار. وهو أخو حسّان بْن ثابت الشاعر وأبو شداد بن أوس. وأم أوس بْن ثابت سخطى بِنْت حارثة بْن لوذان بْن عَبْد ود من بني ساعدة. وكان ثابت بْن المنذر خلف على سخطى بعد أَبِيهِ. وكانت العرب تفعل ذلك ولا ترى فِيهِ شيئًا.
وشهد أوس العقبة مع السبعين من الأَنْصَار فِي روايتهم جميعًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بَيْنَ أَوْسِ بْنِ ثَابِتٍ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. قَالَ وَكَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بن إسحاق. قال محمد بن عمر: وشهد أَوْسُ بْنُ ثَابِتٍ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتوفي في خلافة عثمان بن عفان بِالْمَدِينَةِ وَلَهُ عَقِبٌ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ الأَنْصَارِيُّ: وَقُتِلَ أَوْسُ بْنُ ثَابِتٍ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا وَلَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ.
177- وأخوه أَبُو شيخ.
واسمه أُبي بْن ثابت بْن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النّجّار. وأمه سخطى بِنْت حارثة بْن لوذان بْن عَبْد ود من بني ساعدة وهو وأوس ابنا خالة قيس بن عمرو النجاري وابنا خالة سماك من بني الْحَارِث بْن الخزرج. وشهد أَبُو شيخ بدْرًا وأحدًا وقتل يوم بئر معونة شهيدا فِي صَفَرٍ عَلَى رَأْسِ سِتَّةٍ وَثَلاثِينَ شَهْرًا من الهجرة وليس له عقب.
178- أَبُو طَلْحَةَ.
وَاسْمُهُ زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الأَسْوَدِ بن حرام بن عمرو بن زيد
__________
176 المغازي (163) ، (861) ، وابن هشام (1/ 457، 467، 505، 704) .
177 المغازي (163) ، (353) ، وابن هشام (1/ 704) .
178 تاريخ يحيى (2/ 183) ، وتاريخ خليفة (166) ، طبقات خليفة (88) ، وعلل أحمد (1/ 166) ، والتاريخ الكبير (8/ 1379) ، والمعارف (271) ، والمعرفة والتاريخ (1/ 300) ، (2/ 531) ، (3/ 163) ، (4/ 192) ، والجرح والتعديل (3/ ت 2550) ، والثقات لابن حبان (1) ورقة (145) ، والاستيعاب (2/ 553) ، وتاريخ ابن عساكر (6/ 6) ، وتاريخ الإسلام (2/ 119) ، وسير أعلام النبلاء (2/ 27) ، والعبر (1/ 35) ، وتهذيب الكمال (2110) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (253) ، وتهذيب التهذيب (3/ 414) ، والإصابة (1/ 566) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 2261) ، وشذرات الذهب (1/ 40) وابن هشام (1/ 457، 700) .(3/382)
مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بْن النّجّار. وأمه عُبَادة بِنْت مالك بْن عدي بْن زَيْد مناة بْن عدي بْن عَمْرو بْن مالك بْن النجار. وكان لأبي طَلْحَة من الولد عَبْد الله وأبو عمير وأمهما أُمُّ سُلَيْم بِنْت مِلْحَانَ بْن خَالِد بْن زيد بْنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غنم بن عدي بن النجار.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَلْحَةَ رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: كَانَ اسْمُ أَبِي طَلْحَةَ زَيْدًا وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ:
أَنَا أَبُو طَلْحَةَ وَاسْمِي زَيْدُ ... وَكُلَّ يَوْمٍ فِي سِلاحِي صَيْدُ
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: شَهِدَ أَبُو طَلْحَةَ الْعَقَبَةَ مَعَ السَّبْعِينَ من الأنصار في روايتهم جميعا وشهد بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالا: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بَيْنَ أَبِي طَلْحَةَ وَأَرْقَمَ بْنِ الأَرْقَمِ الْمَخْزُومِيِّ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: رَفَعْتُ رَأْسِي يَوْمَ أُحُدٍ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فَمَا أَرَى أَحَدًا مِنَ الْقَوْمِ إِلا يَمِيدُ تَحْتَ حَجَفَتِهِ مِنَ النُّعَاسِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ قالا: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال: كُنْتُ مِمَّنْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ النُّعَاسَ يَوْمَ أُحُدٍ حَتَّى سَقَطَ سَيْفِي مِنْ يَدِي مِرَارًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ بن جَابِرٍ أَوْ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ الله. ص:
لَصَوْتُ أَبِي طَلْحَةَ فِي الْجَيْشِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ رَجُلٍ] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. صَيِّتًا. وَكَانَ من الرماة المذكورين مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -(3/383)
[أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلا فَلَهُ سَلَبُهُ. فَقَتَلَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ عِشْرِينَ رَجُلا فَأَخَذَ أَسْلابَهُمْ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّتِهِ لَمَّا حَلَقَ بَدَأَ بِشِقِّهِ الأَيْمَنِ. قَالَ هَكَذَا فَوَزَّعَهُ بَيْنَ النَّاسِ فَأَصَابَهُمُ الشَّعَرَةُ وَالشَّعْرَتَانِ وَأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْثَرُ. ثُمَّ قَالَ بِشِقِّهِ الآخَرِ هَكَذَا فَقَالَ: أَيْنَ أَبُو طَلْحَةَ؟ قَالَ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ. قَالَ مُحَمَّدٌ فَحَدَّثْتُ بِهِ عُبَيْدَةَ قُلْتُ: إِنَّا قَدْ أَصَبْنَا عِنْدَ آلِ أَنَسٍ مِنْهُ شَيْئًا. قَالَ فَقَالَ عُبَيْدَةُ: لأَنْ يَكُونَ عِنْدِي مِنْهُ شَعْرَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ فِي الأَرْضِ.
أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمَّا حَجَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِلْكَ الْحِجَّةِ حَلَقَ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قَامَ فَأَخَذَ شَعْرَهُ أَبُو طَلْحَةَ. ثُمَّ قَامَ النَّاسُ فأخذوا.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى أَبِي طَلْحَةَ فَرَأَى ابْنًا لَهُ يُكْنَى أَبَا عُمَيْرٍ حَزِينًا. قَالَ وَكَانَ إِذَا رَآهُ مَازَحَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فَقَالَ: مَا لِي أَرَى أَبَا عُمَيْرٍ حَزِينًا؟ قَالُوا: مَاتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ نُغَرُهُ الَّذِي كَانَ يَلْعَبُ بِهِ. قَالَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: أَبَا عُمَيْرٍ مَا فعل النغير؟] .
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ كَانَ يُكْثِرُ الصَّوْمَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا أَفْطَرَ بَعْدَهُ إِلا فِي مَرِضٍ أَوْ فِي سَفَرٍ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ سَرَدَ الصَّوْمَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعِينَ سَنَةً لا يُفْطِرُ إِلا يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى أَوْ فِي مَرَضٍ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ كَانَ يَرْمِي بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
خَلْفَهُ يَتَتَرَّسُ بِهِ. وَكَانَ رَامِيًا. فَكَانَ إِذَا مَا رَفَعَ رَأْسَهُ يَنْظُرُ أَيْنَ وَقَعَ سَهْمُهُ. فَيَرْفَعُ أَبُو(3/384)
طَلْحَةَ رَأْسَهُ وَيَقُولُ: هَكَذَا بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ لا يُصِيبُكُ سَهْمٌ. نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ. وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَشُورُ نَفْسَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَقُولُ: إِنِّي جَلْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَجِّهْنِي فِي حَوَائِجِكَ وَمُرْنِي بِمَا شِئْتَ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ اكْتَوَى وَكَوَى أَنَسًا مِنَ اللَّقْوَةِ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ خَيْبَرَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلا آدَمَ مَرْبُوعًا لا يُغَيِّرُ شَيْبَهُ. وَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ سَبْعِينَ سَنَةً. وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ يَرْوُونَ أَنَّهُ رَكِبَ الْبَحْرَ فَمَاتَ فِيهِ فَدَفَنُوهُ فِي جَزِيرَةٍ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: «انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا» التوبة:
40. فَقَالَ: أَرَى رَبِّي يَسْتَنْفِرُنَا شُيُوخَنَا وَشُبَّانَنَا. جَهِّزُونِي أَيْ بَنِيَّ جهزوني. فقال بَنَوْهُ: قَدْ غَزَوْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَنَحْنُ نَغْزُو عَنْكَ. فَقَالَ: جَهِّزُونِي. فَرَكِبَ الْبَحْرَ فَمَاتَ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ جَزِيرَةً إِلا بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ فَدَفَنُوهُ فِيهَا وَلَمْ يَتَغَيَّرْ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ الأَنْصَارِيُّ: وَلأَبِي طَلْحَةَ عَقِبٌ بِالْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ: وَآلُ أَبِي طَلْحَةَ وَآلُ نُبَيْطِ بْنِ جَابِرٍ وَآلُ عُقْبَةَ بْنِ كُدَيْمٍ يَتَوَارَثُونَ دُونَ بَنِي مَغَالَةَ وَبَنِي حُدَيْلَةَ. ثَلاثَةُ نَفَرٍ.
وَمِنْ بَنِي مَبْذُولٍ وَهُوَ عَامِرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ
179- ثَعْلَبَة بْن عَمْرو
بْن محصن بْن عَمْرو بْن عتيك بْن عَمْرو بْن مبذول.
وهُوَ عامر بن مالك بْن النّجّار وأمه كبشة بِنْت ثابت بْن المنذر بن حرام بن عمرو بن
__________
179 الجرح والتعديل (1/ 1/ 462) ، والثقات لابن حبان (3/ 46) ، وأسد الغابة (1/ 244) ، وتهذيب الكمال (845) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (98) ، وتهذيب التهذيب (2/ 24- (25) ، والإصابة (1/ 200، 201) ، وابن هشام (1/ 703) .(3/385)
زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بْن النّجّار. وهي أخت حسّان بْن ثابت الشاعر.
وكان لثعلبة من الولد أم ثابت وأمها كبشة بِنْت مالك بْن قَيْس بْن محرث بْنِ الْحَارِثِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَازِنِ بْنِ النّجّار. وشهد ثَعْلَبَة بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقال مُحَمَّد بْن عُمَر: وتوفي في خلافة عثمان بن عفان بالمدينة وليس له عقب. وقال عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ: لم يدرك ثَعْلَبَة عثمان وقتل يوم جسر أبي عبيد شهيدا فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
180- الْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ
بْنِ عَمْرِو بْنِ عَتِيكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ.
ويكنى أَبَا سعد وأمه تماضر بِنْت عَمْرو بْن عَامِرِ بْنِ ربيعة بن عامر بن صعصعة من قيس عيلان. وكان للحارث بْن الصمة من الولد سعد قُتِلَ يوم صِفِّين مع عليّ بْن أبي طَالِب. رحمه الله عليه. وأمه أم الحَكَم. وهي خولة بِنْت عُقْبَة بْن رافع بْن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بْن جشم من الأوس. وأبو الجهيم بْن الْحَارِث وَقَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وروى عَنْهُ وأمه عتيلة بِنْت كعب بْن قيس بْن عُبَيْد بْن زيد بْن معاوية بْن عَمْرو بْن مالك بْن النجار.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ وَصُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِكْنَفٍ قَالَ: خَرَجَ الْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ كُسِرَ فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ فَكَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَشَهِدَ الْحَارِثُ أُحُدًا وَثَبَتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ حِينَ انْكَشَفَ النَّاسُ وَبَايَعَهُ عَلَى الْمَوْتِ. وَقَتَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيَّ وَأَخَذَ سَلَبَهُ دِرْعًا وَمِغْفَرًا وَسَيْفًا جَيِّدًا وَلَمْ نَسْمَعْ بِأَحَدٍ سَلَبَ يومئذ غيره. فَبَلَغَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: الحمد لله الذي أحانه. وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ يَقُولُ: مَا فَعَلَ عَمِّي؟ مَا فعل حمزة؟ فخرج الحارث بن الصمة
__________
180 المغازي (101) ، (163) ، (240) ، (249) ، (251) ، (253) ، (289) ، (308) ، (347) ، (348) ، (352) ، وابن هشام (1/ 703) .(3/386)
فِي طَلَبِهِ فَأَبْطَأَ. فَخَرَجَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِبٍ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ:
يَا رَبِّ إِنَّ الْحَارِثَ بْنَ الصِّمَّةْ ... كَانَ رَفِيقًا وَبِنَا ذَا ذِمَّهْ
قَدْ ضَلَّ فِي مَهَامِهٍ مُهِمَّهْ ... يَلْتَمِسُ الْجَنَّةَ فِيهَا ثَمَّهْ
حَتَّى انْتَهَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى الْحَارِثِ فَوَجَدَهُ وَوَجَدَ حَمْزَةَ مَقْتُولا فَرَجَعَا فَأَخْبَرَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَهِدَ الْحَارِثُ أَيْضًا يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ شَهِيدًا فِي صَفَرٍ عَلَى رَأْسِ سِتَّةٍ وَثَلاثِينَ شَهْرًا من الْهِجْرَةِ. وَلِلْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ الْيَوْمَ عَقِبٌ بِالْمَدِينَةِ وَبَغْدَادَ.
181- سهل بْن عتيك
بْن النُّعمان بْن عَمْرو بن عتيك بن عمرو بن مبذول وأمه جميلة بِنْت عَلْقَمَة بْن عَمْرو بْن ثقف بْن مالك بْن مبذول. وكان لسهل أخ يسمى الْحَارِث بْن عتيك ويكنى أَبَا أخزم ولم يشهد بدْرًا. وأمه أيضًا جميلة بِنْت علقمة.
وهي أم سهل. وكان أَبُو معشر وحده يقول: سهل بْن عُبَيْد. وهو خطأ منه أو عَنْهُ.
وشهد سهل بْن عتيك العقبة مع السبعين من الأَنْصَار فِي رواية موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبي معشر ومحمد بْن عُمَر. وشهد سهل بْن عتيك بدْرًا وأحدًا وليس له عقب. وقتل أخوه أَبُو أخزم يوم جسر أبي عُبَيْد شهيدًا. وكان قَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاثة نفر.
وَمِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ
182- حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ
بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ مالك بْن عدي بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النجار. وأمه أم حارثة واسمها الرَّبِيع بنت النضر بن ضمضم بْن زيد بْنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غنم بن عدي بن النجار. وهي عمة أنس بن مالك بن النضر خادم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ حارثة بْن سراقة والسائب بْن عُثْمَان بْن مظعون. وشهد حارثة بدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقتل يومئذٍ شهيدًا. رماه حِبّان بْن العرقة بسهم فأصاب حنجرته فقتله. وليس لحارثة عقب.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بن
__________
181 المغازي (163) ، وابن هشام (1/ 457، 703) .
182 المغازي (65) ، (94) ، (146) ، (147) ، (163) ، وابن هشام (1/ 627، 704، 708) .(3/387)
مَالِكٍ أَنَّ حَارِثَةَ بْنَ سُرَاقَةَ خَرَجَ نَظَّارًا فَأَتَاهُ سَهْمٌ فَقَتَلَهُ فَقَالَتْ أُمُّهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَرَفْتَ مَوْضِعَ حَارِثَةَ مِنِّي فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ وَإِلا رَأَيْتَ مَا أَصْنَعُ. [قَالَ: يَا أُمَّ حَارِثَةَ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِجَنَّةٍ وَاحِدَةٍ وَلَكِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ. وَإِنَّ حَارِثَةَ لَفِي أَفْضَلِهَا. أَوْ قَالَ:
فِي أَعْلَى الْفِرْدَوْسِ. شَكَّ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ.]
183- عَمْرو بْن ثَعْلَبَة
بن وهب بْن عدي بْن مالك بْن عدي بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النّجّار ويكنى أَبَا حكيم. وأمه أم حكيم بِنْت النَّضْر بْن ضمضم بْن زَيْد بْنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غنم بْن عدي بْن النجار. عمه أَنَس بْن مالك.
وعمرو بْن ثَعْلَبَة هُوَ ابن خالة حارثة بْن سراقة. وكان لعمرو من الولد حكيم. وبه كان يكنى. وعبد الرَّحْمَن درجا. لا عقب لهما.
__________
183 المغازي 163. وابن هشام 1/ 704.
184- محرز بْن عامر
بْن مالك بْن عدي بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النّجّار وأمه سعدى بِنْت خيثمة بْن الْحَارِث بْن مالك بْن كعب بن النحاط بن كعب بْن مالك بْن حارثة بْن غنم بْن السلم من الأوس. وهي أخت سعد بْن خيثمة. وكان لمحرز من الولد أسماء وكلثم وأمهما أم سهل بِنْت أبي خارجة عَمْرو بْن قيس بْن مالك بْن عدي بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النّجّار. وشهد محرز بدْرًا وتُوُفِّي صبيحة غدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أحد فهو يصير فيمن شهِدَ أحدًا. وليس له عقب.
185- سليط بْن قَيْس
بْن عَمْرو بْن عُبَيْد بْن مالك بْن عدي بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النجار. وأمه زغيبة بنت زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار. وهي أخت أبي أمامة أسعد بن زرارة. وكان لسليط من الولد ثبيتة وأمها سخيلة بنت الصمة بْن عَمْرو بْن عتيك بْن عَمْرو بن مبذول. وهي أخت الحارث بن الصمة. وكان سليط بن قيس وأبو صرمة لما أسلما يكسران أصنام بني عدي بن النجار. وشهد سليط بدرا واحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقتل يوم جسر أبي عبيد شهيدا سنة أربع عشرة. وليس له عقب.
183 المغازي (163) ، وابن هشام (1/ 704) .
184 المغازي (164) ، وابن هشام (1/ 704) .
185 المغازي (24) ، (141) ، (163) ، (514) ، (700) ، (896) ، ابن هشام (1/ 495، 704) .(3/388)
186- أَبُو سليط.
واسمه أسيرة بْن عَمْرو. ويكنى عَمْرو أَبَا خارجة بْن قَيْس بْن مالك بْن عدي بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النّجّار. وأمه آمنة بِنْت أوس بْن عجرة من بلي حليف بني عوف بْن الخزرج. وكان لأبي سليط من الولد عَبْد الله وفضالة وأمهما عمرة بِنْت حية بْن ضمرة بْن الخيار بْن عَمْرو بْن مبذول. وشهد أَبُو سليط بدْرًا وأحدًا. وليس له عقب.
187- عامر بْن أمية
بْن زَيْد بْن الحسحاس بْن مالك بْن عدي بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النجار. وكان لعامر من الولد هشام بْن عامر وَقَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ونزل البصرة وأمه من بهراء. وشهد عامر بدرا وأحدا وقتل يوم أحد شهيدا وليس له عقب.
188- ثابت بْن خنساء
بْن عَمْرو بْن مالك بْن عدي بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النّجّار. وليس له عقب. شهد بدرًا في رواية محمد بن عمر الأسلمي. ولم نجد لعمرو بن مالك بن عدي توليدًا في كتاب نسب الأنصار الذي كتبناه عن عبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري.
189- قيس بن السكن
بن قيس بن زعوراء بْنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غنم بن عدي بن النجار. ويكنى أَبَا زَيْد. ويذكرون أنّه فيمن جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ لقيس بْن السكن من الولد زَيْد وإسحاق وخولة وأمهم أم خولة بِنْت سُفْيَان بْن قَيْس بْن زعوراء بْنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غنم بْن عدي بْن النّجّار. وشهد قَيْس بْن السكن بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقتل يوم جسر أبي عُبَيْد شهيدًا. وليس له عقب.
190- أَبُو الأعور.
واسمه كعب بن الْحَارِث بْن ظالم بْن عبس بْنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غنم بن عدي بْن النجار. وأمه أم نيار بِنْت أياس بن عامر بن
__________
186 المغازي ((163) ، (896) ، ابن هشام (1/ 704) .
187 المغازي (164) ، ابن هشام (1/ 704) .
188 المغازي (164) ، ابن هشام (1/ 704) .
189 المغازي (164) .
190 المغازي (164) ، ابن هشام (1/ 705) .(3/389)
ثَعْلَبَة بْن بلي حلفاء بني حارثة بْن الْحَارِث من الأوس. وشهد أَبُو الأعور بدْرًا وأحدا وليس له عقب. قال عبد الله بن محمد بن عمارة الْأَنْصَارِيّ: اسم أبي الأعور الْحَارِث بْن ظالم بْن عبس وإنما كعب الَّذِي وقع فِي الكتب عم أبي الأعور فسماه به من لا يعرف النسب وهو خطأ.
191- حرام بْن ملحان.
واسم ملحان مالك بْن خَالِد بْن زَيْد بْنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غنم بْن عَديّ بن النّجّار وأمه مليكة بِنْت مالك بْن عدي بْن زَيْد مناة بْن عدي بْن عَمْرو بْن مالك بْن النجار. شهِدَ بدْرًا وأحدًا وبئر معونة وقتل يومئذٍ شهيدًا فِي صَفَرٍ عَلَى رَأْسِ سِتَّةٍ وَثَلاثِينَ شَهْرًا من الهجرة. وليس له عقب.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: جَاءَ نَاسٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا: ابْعَثْ مَعَنَا رِجَالا يُعَلِّمُونَا الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ. فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ سَبْعِينَ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ فِيهِمْ خَالِي حَرَامٌ. كان يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ وَيَتَدَارَسُونَ بِاللَّيْلِ وَيَتَعَلَّمُونَ. وَكَانُوا بِالنَّهَارِ يَجِيئُونَ بِالْمَاءِ فَيَضَعُونَهُ بِالْمَسْجِدِ وَيَحْتَطِبُونَ فَيَبِيعُونَهُ وَيَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعَامَ لأَهْلِ الصُّفَّةِ وَالْفُقَرَاءِ فَبَعَثَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِمْ فَعَرَضُوا لَهُمْ فَقَتَلُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا الْمَكَانَ. فَقَالُوا: اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا. قَالَ وَأَتَى رَجُلٌ حَرَامًا خَالَ أَنَسٍ مِنْ خَلْفِهِ فَطَعَنَهُ بِرُمْحٍ حَتَّى أَنْفَذَهُ فَقَالَ حَرَامٌ: فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لإِخْوَانِهِ: إِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ قُتِلُوا وَإِنَّهُمْ قَالُوا اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا] .
حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ حَرَامًا أَخَا أُمِّ سُلَيْمٍ فِي سَبْعِينَ رَجُلا إِلَى بَنِي عَامِرٍ. فَلَمَّا قَدِمُوا قَالَ لَهُمْ خَالِي: أَتَقَدَّمُكُمْ فَإِنْ آمَنُونِي حَتَّى أُبَلِّغَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلا كُنْتُمْ مِنِّي قَرِيبًا. قَالَ فتقدم فآمنوا فبينا هو يحدثهم عن رسول الله إذ أومئوا إِلَى رَجُلٍ فَطَعَنَهُ فَأَنْفَذَهُ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ. فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ! قَالَ ثُمَّ مَالُوا عَلَى بَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ فَقَتَلُوهُمْ إِلا رَجُلا أَعْرَجَ كَانَ قَدْ صَعِدَ عَلَى الْجَبَلِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَنَسٌ أن جبريل. ع. أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ أنهم قد
__________
191 المغازي (164) ، (347) ، (348) ، (352) ، ابن هشام (1/ 705) .(3/390)
لَقُوا رَبَّهُمْ فَرَضِيَ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ. قَالَ أَنَسٌ: كُنَّا نَقْرَأُ أَنْ بَلِّغُوا قَوْمَنَا أَنَا قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا. قَالَ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بَعْدُ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ثَلاثِينَ صَبَاحًا عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِي لِحْيَانَ وَعُصَيَّةَ الَّذِينَ عَصَوُا اللَّهَ وَعَصَوُا الرَّحْمَنَ.
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا عاصم بن بَهْدَلَةَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى قَوْمٍ أَنَّهُمْ شَهِدُوا فَلْيَشْهَدْ عَلَى هَؤُلاءِ.
192- وأخوه سليم بْن ملحان.
واسم ملحان مالك بْن خَالِد بْن زَيْد بْنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غنم بْن عَديّ بن النّجّار وأمه مليكة بِنْت مالك بْن عدي بْن زَيْد مناة بْن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار. وهما أخوا أم سليم بِنْت ملحان أم أَنَس بْن مالك امرأة أبي طلحة وأخوا أم حرام امرأة عُبَادة بْن الصامت.
وشهد سليم بدْرًا وأحدًا ويوم بئر معونة وقتل يومئذٍ شهيدًا مع من قُتِلَ من الأَنْصَار وَذَلِكَ فِي صَفَرٍ عَلَى رَأْسِ سِتَّةٍ وَثَلاثِينَ شهرًا من الهجرة وليس له عقب. وقد انقرض أيضًا وُلِدَ خَالِد بْن زَيْد بْن حرام فلم يبق منهم أحد.
وَمِنْ حُلَفَاءِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ
193- سَوَادُ بْنُ غَزِيَّةَ
بْنِ وَهْبِ بْنِ بَلِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَافِ بْن قضاعة. شهِدَ بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو الَّذِي [طعنه النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمخصرة ثُمَّ أَعْطَاه إياها فقال: استقد] . وله عقب بالشام بإيلياء.
[أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - رَأَى سَوَادَ بْنَ عَمْرٍو. هَكَذَا قَالَ إِسْمَاعِيلُ. مُلْتَحِفًا فَقَالَ: خُطْ خُطْ وَرْسَ وَرْسَ. ثُمَّ طَعَنَ بِعُودٍ أَوْ سِوَاكٍ فِي بَطْنِهِ فَمَادَ فِي بَطْنِهِ فَأَثَّرَ فِي بَطْنِهِ فَقَالَ: الْقِصَاصَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: الْقِصَاصُ. وَكَشَفَ لَهُ عَنْ بَطْنِهِ. فَقَالَتِ الأَنْصَارُ: يَا سَوَادُ. رَسُولَ اللَّهِ.
فَقَالَ: مَا لِبَشَرِ أَحَدٍ عَلَى بَشَرِي مِنْ فَضْلٍ. قَالَ وَكَشَفَ لَهُ عَنْ بَطْنِهِ فَقَبَّلَهُ وَقَالَ:
أَتْرُكُهَا لِتَشْفَعَ لِي بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ الْحَسَنُ: فَأَدْرَكَهُ الإِيمَانُ عند ذلك. اثنا عشر رجلا] .
__________
192 المغازي (164) ، (352) ، وابن هشام (1/ 705) .
193 المغازي (56) ، (140) ، (164) ، (277) ، ابن هشام (1/ 626، 704) .(3/391)
وَمِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ
194- قَيْسُ بْنُ أَبِي صَعْصَعَةَ.
واسم أبي صعصعة عَمْرو بْن زَيْد بْن عَوْف بْن مبذول بْن عُمَر بْن غنم بْن مازن وأمه شَيْبَة بِنْت عاصم بْن عَمْرو بْن عوف بْن مبذول بن عمر بن عمرو بن غنم بن مازن بن النّجّار. وكان لقيس من الولد الفاكه وأم الْحَارِث وأمهما أمامة بِنْت مُعَاذ بْن عَمْرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن غنم بْن كعب بْن سَلَمَة بْن الخزرج. وليس لقيس اليوم عقب. وكان لقيس ثلاثة إخوة صحبوا النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يشهدوا بدْرًا منهم الْحَارِث بْن أبي صعصعة قُتِلَ يوم اليمامة شهيدًا.
وأبو كلاب وجابر ابنا أبي صعصعة قتلا يوم مؤتة شهيدين وأمهم جميعًا أم قَيْس. وهي شَيْبَة بِنْت عاصم بْن عَمْرو بْن عوف بْن مبذول. وشهد قَيْس بْن أبي صعصعة العقبة مع السبعين من الأنصار في رواية موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبي معشر ومحمد بن عُمَر. وشهد قَيْس أيضًا بدْرًا وأحدًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَعْمَلَ قَيْسَ بْنَ أَبِي صَعْصَعَةَ يَوْمَ بَدْرٍ عَلَى الْمُشَاةِ. يَعْنِي عَلَى السَّاقَةِ.
195- عَبْد الله بْن كعب
بْن عَمْرو بْنِ عَوْفِ بْنِ مَبْذُولِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غنم بْن مازن ويكنى أَبَا الْحَارِث. وأمه الرباب بِنْت عَبْد الله بْن حبيب بْن زَيْد بن ثَعْلَبَة بْن زَيْد مناة بْن حبيب بْن عَبْد حارثة بْن مالك بْن غضب بْن جشم بْن الخزرج. وكان لعبد الله بْن كعب من الولد الْحَارِث وأمه زغيبة بِنْت أَوْسِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْجَعْدِ بْنِ عَوْفِ بن مبذول. فولد الْحَارِث بْن عَبْد اللَّه عَبْد اللَّه قُتِلَ يوم الحرة. وشهد عَبْد الله بْن كعب بدْرًا وكان عامل النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على المغانم يوم بدْر وشهد أحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتوفي فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْن عَفَّانَ وَلَهُ عَقِبٌ بالمدينة وبغداد. قَالَ مُحَمَّد بْن سعد: وسمعت بعض الأَنْصَار قَالَ: كان عَبْد الله بْن كعب يكنى أَبَا يحيى وهو أخي أبي ليلى المازني.
__________
194 المغازي (26) ، (264) ، (447) ، وابن هشام (1/ 458، 613، 705) .
195 المغازي (24) ، (50) ، (100) ، (112) ، (164) ، (251) ، (270) ، وابن هشام (1/ 643، 705) .(3/392)
196- أَبُو دَاوُد.
واسمه عمير بْن عامر بْن مالك بْن خنساء بْنِ مَبْذُولِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَنْمِ بْنِ مازن. وأمه نائلة بِنْت أبي عاصم بْن غزية بْن عطية بْن خنساء بْن مبذول بْن عَمْرو. وكان لأبي دَاوُد من الولد دَاوُد وسعد وحمزة وأمهم نائلة بِنْت سراقة بْن كعب بْن عَبْد العزى بْن غزية بْن عَمْرو بْن عَبْد بْن عوف بْن غنم بْن مالك بْن النّجّار.
وجعفر وأمه من كلب. وكان لأبي دَاوُد عقب فانقرضوا حديثًا من الزمان فلم يبق منهم أحد. وشهد أَبُو دَاوُد بدْرًا وأحدًا.
197- سراقة بْن عَمْرو
بْن عطية بْن خنساء بْنِ مَبْذُولِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَنْمِ بْنِ مازن وأمه عتيلة بِنْت قَيْس بْن زعوراء بْنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غنم بْن عدي بْن النّجّار. شهِدَ بدرا وأحدا والخندق والحديبية وخيبر وعمرة القضية ويوم مؤتة قُتِلَ يومئذٍ شهيدًا فيمن قُتِلَ من الأَنْصَار. وذلك فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثمانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وليس له عقب.
198- قَيْس بْن مَخْلَد
بْن ثَعْلَبَة بْن صَخْرِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْن مازن بْن النّجّار وأمه الغيطلة بِنْت مَالِكِ بْن صِرْمَةَ بْن مَالِكِ بْن عدي بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النّجّار. وكان لقيس بْن مَخْلَد من الولد ثَعْلَبَة وأمه زغيبة بِنْت أَوْسِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْجَعْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ مَبْذُولِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَنْمِ بْنِ مازن بْن النجار.
شهِدَ قَيْس بن مخلد بدْرًا وأحدًا وقتل يومئذٍ شهيدًا فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا مِن الهجرة وليس له عقب. وقد انقرض أيضا ولد حَبِيبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَازِنِ ولم يبق منهم أحد.
ومن حلفاء بني مازن بْن النّجّار
199- عصيمة.
حليف لهم من بني أسد بْن خُزَيْمَة بْن مدركة. شهِدَ بدرا وليس له عقب. ستة نفر.
__________
196 المغازي (164) ، ابن هشام (1/ 705) .
197 المغازي (164) ، (769) ، ابن هشام (1/ 705) .
198 المغازي (164) ، (307) ، ابن هشام (1/ 705) .
199 المغازي (162) ، ابن هشام (1/ 705) .(3/393)
ومن بني دينار بْن النّجّار
200- النُّعمان بْن عَبْد عَمْرو
بْن مَسْعُود بْن عَبْد الأشهل بْن حارثة بْن دينار وأمه السميراء بِنْت قَيْس بْن مالك بْن كعب بْن عَبْد الأشهل بْن حارثة بْن دينار.
شهِدَ بدْرًا وأحدًا وقتل يومئذٍ شهيدًا وليس له عقب.
201- وأخوه الضحاك بْن عَبْد عَمْرو
بْن مَسْعُود بْن عَبْد الأشهل بْن حارثة بْن دينار وأمه أيضا السميراء بِنْت قَيْس بْن مالك بْن كعب بْن عَبْد الأشهل. شهِدَ بدْرًا وأحدًا وليس له عقب. وكان للنعمان وللضحاك أخ من أبيهما وأمهما يُقَالُ له قطبة بْن عَبْد عَمْرو بْن مَسْعُود صحب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقتل يوم بئر معونة شهيدًا.
202- جَابِر بْن خَالِد
بْن مَسْعُود بْن عَبْد الأشهل بن حارثة بن دينار وكان له من الولد عبد الرحمن بن جابر وأمه عميرة بنت سليم بْن الْحَارِث بْن ثَعْلَبَة بْن كعب بْن عَبْد الأشهل بْن حارثة بْن دينار. وشهد جَابِر بْن خَالِد بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
203- كعب بْن زَيْد
بْن قَيْس بْن مالك بْن كعب بْن عَبْد الأشهل بْن حارثة بْن دينار وأمه ليلى بنت عبد الله بْن ثَعْلَبَة بْن جشم بْن مالك بْن سالم من بلحبلى. وكان لكعب من الولد عَبْد الله وجميلة وأمهما أم الرياع بِنْت عَبْد عَمْرو بْن مَسْعُود بْن عَبْد الأشهل بْن حارثة بْن دينار وهي أخت النُّعمان والضحاك وقطبة بني عَبْد عَمْرو.
وشهد كعب بْن زَيْد بدْرًا وأحدًا وبئر معونة وارتث يومئذٍ فشهد الخندق وقتل يومئذٍ شهيدًا. قتله ضرار بْن الخطاب الفهري وذلك فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ.
وليس لكعب بْن زَيْد عقب.
204- سليم بْن الْحَارِث
بْن ثَعْلَبَة بْن كعب بْن عَبْد الأشهل بْن حارثة بْن دينار وهو أخو النُّعمان والضحاك وقطبة بني عَبْد عَمْرو بْن مسعود لأمهم السميراء بنت
__________
200 المغازي (164) ، (165) ، (292) ، (307) ، ابن هشام (1/ 705) ، (2/ 125) .
201 المغازي (، 1) ، (165) ، ابن هشام (1/ 705) .
202 المغازي (165) ، ابن هشام (1/ 705) .
203 المغازي (165) ، ابن هشام (1/ 706) ، (2/ 184) ، 253) .
204 المغازي (165) ، (292) ، (307) ، ابن هشام (1/ 705) ، (2/ 125) .(3/394)
قَيْس بْن مالك بْن كعب بْن عَبْد الأشهل. وكان لسليم بْن الْحَارِث من الولد الحكم وعميرة وأمهما سهيمة بِنْت هلال بْن دارم من بني سليم بْن مَنْصُور. وشهد سليم بْن الْحَارِث بدْرًا وأحدًا وقتل يومئذ شهيدا فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا مِن الهجرة وله عقب.
205- سَعِيد بْن سُهَيل
بْن مالك بْن كعب بْن عَبْد الأشهل بْن حارثة بْن دينار. هكذا قَالَ مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بن عُمَر وعبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري. وهكذا هُوَ فِي نسب الأَنْصَار سَعِيد بْن سُهَيل. وأما محمد بْن إِسْحَاق وأبو معشر فقالا: هُوَ سعد بْن سُهَيل. وشهد بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب. وكانت له ابنه يُقَالُ لها هزيلة فهلكت.
ومن حلفاء بني دينار بْن النّجّار
206- بجير بْن أبي بجير.
حليف لهم من بلي. ويقال هُوَ من جهينة.
وبنو دينار بْن النّجّار يقولون هُوَ مَوْلَى لنا. وشهد بجير بدْرًا وأحدًا وليس له عقب وقد انقرض أعقابهم جميعًا إلّا بقية سليم بْن الْحَارِث. سبعة نفر.
وَمِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ ثُمَّ مِنْ بَنِي كَعْبِ بْنِ الْحَارِثِ بْن الخزرج
207- سَعْدُ بن الربيع
بن عمرو بن أبي زهير بْن مالك بْن امرئ القيس بْن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بْن الْحَارِث بْن الخزرج. وأمه هزيلة بِنت عنبة بن عمرو بن خديج بن عامر بْن جشم بن الْحَارِث بْن الخزرج. وكان لسعد من الولد أم سعد واسمها جميلة وهي أم خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتِ بْن الضَّحَّاكِ وأمها عمرة بِنْت حزم بْن زَيْد بْن لوذان بْن عَمْرو بن عَبْد بْن عوف بْن غنم بْن مالك بْن النجار وهي
__________
205) المغازي (165) .
206 الاستيعاب (1/ 148) ، وأسد الغابة (1/ 164) ، والمغازي (165) ، ابن هشام (1/ 706) ، (2/ 526) .
207 المغازي (150) ، (165) ، (204) ، (268) ، (280) ، (292) ، (293) ، (295) ، 302) ، (310) ، (392) ، (330) ، (331) ، ابن هشام (1/ 251، 44، 458، 479، 495، 505، 691، 711) ، (2/ 81، 93، 95، 125) .(3/395)
أخت عمارة وعمرو ابني حزم. وشهد سعد بن الربيع العقبة في روايتهما جميعا وهو أحد النقباء الاثني عشر. وكان سعد يكتب فِي الجاهلية. وكانت الكتابة فِي العرب قليلة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالا: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. وَكَذَلِكَ قال محمد بن إسحاق.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. قَالَ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ حَدَّثَنِيهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ آخَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ. قَالَ فَانْطَلَقَ بِهِ سَعْدٌ إِلَى مَنْزِلِهِ فَدَعَا بِطَعَامٍ فَأَكَلا وَقَالَ لَهُ: لِيَ امْرَأَتَانِ وَأَنْتَ أَخِي فِي اللَّهِ لا امْرَأَةَ لَكَ فَأَنْزِلُ عَنْ إِحْدَاهُمَا فَتَزَوَّجَهَا. قَالَ: لا وَاللَّهِ.
قَالَ: هَلُمَّ إِلَى حَدِيقَتِي أُشَاطِرْكَهَا. قَالَ فَقَالَ: لا. بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكِ وَمَالِكَ.
دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ. قَالَ فَانْطَلَقَ فَاشْتَرَى سَمْنًا وَأَقِطًا وَبَاعَ. قَالَ فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سِكَّةٍ مِنْ سِكَكِ الْمَدِينَةِ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ. قَالَ فَقَالَ لَهُ: مَهْيَمْ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. أَوْ قَالَ: نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. [فَقَالَ:
أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ] .
قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَشَهِدَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ بدرا وأحدا وقتل يوم أحد شهيدا وليس لَهُ عَقِبٌ. وَانْقَرَضَ وَلَدُ عَمْرِو بْنِ أَبِي زهير بن مالك فلم يبق منهم أحد.
[قال رسول الله. ص: رَأَيْتُ سَعْدًا يَوْمَ أُحُدٍ وَقَدْ شَرَعَ فِيهِ اثنا عشر سنانا] .
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ:
[لَمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ رَسُولُ الله. ص: مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ] :
أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَطُوفُ بَيْنَ الْقَتْلَى فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ: مَا شَأْنُكَ؟
قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لآتِيَهِ بِخَبَرِكَ. قَالَ: فَاذْهَبْ إِلَيْهِ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ وَأَخْبِرْهُ أَنِّي قَدْ طُعِنْتُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ طَعْنَةً وَأَنْ قَدْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلِي. وَأَخْبِرْ قَوْمَكَ أَنَّهُ لا عُذْرَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ إِنْ قُتِلَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَحَدٌ مِنْهُمْ حَيُّ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَمَاتَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ مِنْ جِرَاحَاتِهِ تِلْكَ. وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ فَدُفِنَا جَمِيعًا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ. فَلَمَّا أَجْرَى مُعَاوِيَةُ كِظَامَةً نَادَى مُنَادِيهِ بِالْمَدِينَةِ: مَنْ كَانَ لَهُ قَتِيلٌ بِأُحُدٍ فَلْيَشْهَدْ. فَخَرَجَ النَّاسُ إِلَى قَتْلاهُمْ فَوَجَدُوهُمْ رِطَابًا يَتَثَنَّوْنَ. وَكَانَ قَبْرُ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ(3/396)
وَخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ مُعْتَزِلا فَتُرِكَ وَسُوِّيَ عَلَيْهِ التُّرَابُ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةُ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ بِابْنَتَيْهَا مِنْ سَعْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَاتَانِ ابْنَتَا سَعْدٍ قُتِلَ أَبُوهُمَا يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا وَإِنَّ عَمَّهُمَا أَخَذَ مَالَهُمَا فَاسْتَفَاءَهُ فَلَمْ يَدَعْ لَهُمَا مَالا. وَاللَّهِ لا تُنْكَحَانِ إِلا وَلَهُمَا مَالٌ.
[فَقَالَ رَسُولُ الله. ص: يَقْضِي اللَّهُ فِي ذَلِكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ آية الميراث فدعا عمهما قال: أَعْطِ ابْنَتَيْ سَعْدٍ الثُّلُثَيْنِ وَأَعْطِ أُمَّهُمَا الثُّمُنَ وَلَكَ مَا بَقِيَ] .
208- خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ
بْن أبي زُهَير بْن مالك بْن امرئ القيس بْن مالك الأغر بْن ثعلبة بْن كعب بْن الخزرج بْن الْحَارِث بْن الخزرج. ويكنى أَبَا زَيْد وأمه السيدة بِنْت عامر بْن عُبَيْد بْن غيان بْن عامر بْن خطمة من الأوس: وكان لخارجة من الولد زَيْد بْن خارجة وهو الَّذِي سمع منه الكلام بعد موته فِي زمن عُثْمَان بْن عفان.
وحبيبة بِنْت خارجة تزوجها أَبُو بَكْر الصَّدَّيق فولدت أم كلثوم وأمهما هزيلة بِنْت عنبة بْن عمرو بن خديج بن عامر بن جشم بن الحارث بن الخزرج. وهما أخوا سعد بْن الرَّبِيع لأمه. وكان لخارجة بْن زَيْد عقب فانقرضوا وانقرض أيضًا وُلِدَ زُهَير بن أبي زهير بن مالك فلم يبق منهم أحد. وشهد خارجة بْن زَيْد بْن أبي زُهَير العقبة فِي روايتهم جميعًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ. قَالَ محمد بن عمر: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ:
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالُوا: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ وَأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَكَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ. وَشَهِدَ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ بَدْرًا وَأُحُدًا وَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا. أَخَذَتْهُ الرِّمَاحُ فَجُرِحَ بِضْعَةَ عَشَرَ جُرْحًا فَمَرَّ بِهِ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ فَعَرَفَهُ فَأَجْهَزَ عَلَيْهِ وَمَثَّلَ بِهِ وَقَالَ: هَذَا مِمَّنْ أَغْرَى بِأَبِي عَلِيٍّ يَوْمَ بَدْرٍ. يَعْنِي أَبَاهُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ. الآنَ حَيْثُ شَفَيْتُ نَفْسِي حِينَ قَتَلْتُ الأَمَاثِلَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ. قَتَلْتُ ابْنَ قَوْقَلٍ وَقَتَلْتُ ابْنَ أَبِي زُهَيْرٍ. يعني
__________
208 المغازي (165) ، (236) ، (258) ، (268) ، (280) ، (302) ، (310) ، ابن هشام 1/ 458، (49، 495، 691، 711) ، (2/ 125) .(3/397)
خَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ. وَقَتَلْتُ أَوْسَ بْنَ أَرْقَمَ.
209- عبد الله بن رواحة
بن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج. وأمه كبشة بِنْت واقد بْن عَمْرو بْن الإطنابة بْن عامر بْن زَيْد مناة بْن مالك الأغر.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمٍ الْجُهَنِيُّ عَنْ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ أَنَّهُ كَانَ يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَسَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ كَانَ يُكْنَى أَبَا رَوَاحَةَ. وَلَعَلَّهُ كَانَ يُكْنَى بِهِمَا جَمِيعًا. وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ. وَهُوَ خَالُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَكْتُبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَتِ الْكِتَابَةُ فِي الْعَرَبِ قَلِيلَةٌ. وَشَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ الْعَقَبَةَ مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعا وهو أحد النقباء الاثني عشر من الأنصار وَشَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْحُدَيْبِيَةَ وَخَيْبَرَ وَعُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ. وَقَدَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَدْرٍ يُبَشِّرُ أَهْلَ الْعَالِيَةِ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ. وَالْعَالِيَةُ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَخَطْمَةَ وَوَائِلٍ. وَاسْتَخْلَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَدِينَةِ حِينَ خَرَجَ إِلَى غَزْوَةِ بَدْرٍ الْمَوْعِدِ. وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَرِيَّةً فِي ثَلاثِينَ راكبا إلى أسير بن رازم الْيَهُودِيِّ بِخَيْبَرَ فَقَتَلَهُ. وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى خَيْبَرَ خَارِصًا فَلَمْ يَزَلْ يَخْرُصُ عَلَيْهِمْ إِلَى أَنْ قُتِلَ بِمُؤْتَةَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى أَهْلِ خَيْبَرَ فَخَرَصَ عَلَيْهِمْ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ طَارِقٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَسْجِدَ عَلَى بَعِيرٍ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بِمِحْجَنٍ. مَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ آخذ بزمام ناقته وهو يقول:
__________
209 طبقات خليفة (93) ، وتاريخ خليفة (77) ، (79) ، (86) ، (87) ، وعلل أحمد (1/ 166) ، المعرفة ليعقوب (1/ 259، 391) ، (2/ 229) ، (3/ 160، 258، 259) ، والجرح والتعديل (5/ ت 230) ، والاستيعاب (3/ 898) ، وتاريخ دمشق (303) ، وتهذيب الأسماء (1/ 365) ، وأسد الغابة (3/ 156) ، وسير أعلام النبلاء (1/ 230) ، والعبر (1/ 9) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 3280) ، وتهذيب الكمال (3268) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (144) ، وتهذيب التهذيب (5/ 212) ، والإصابة (2/ ت 4676) ، وتقريب التهذيب (1/ 415) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3494) .(3/398)
خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهْ ... نَحْنُ ضَرَبْنَاكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهْ
ضَرْبًا يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مَقِيلِهْ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ اللَّيْثِيُّ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَشْيَاخُنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَافَ عَلَى نَاقَتِهِ الْعَضْبَاءِ وَمَعَهُ مِحْجَنٌ يَسْتَلِمُ بِهِ الرُّكْنَ إِذْ مَرَّ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَرْتَجِزُ وَهُوَ يَقُولُ:
خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَن سَبِيلِهْ ... خَلُّوا فَإِنَّ الْخَيْرَ مَعْ رَسُولِهْ
قَدْ أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ فِي تَنْزِيلِهْ ... ضَرْبًا يُزِيلُ الْهَامَ عَن مَقِيلِهْ
وَيُذْهِلُ الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهْ
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَيَعْلَى وَمُحَمَّدُ ابْنَا عُبَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ: انْزِلْ فَحَرِّكْ بِنَا الرِّكَابَ.] قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ قُولِي ذَلِكَ. قَالَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اسْمَعْ وَأَطِعْ. وَقَالَ فَنَزَلَ وَهُوَ يَقُولُ:
يَا رَبِّ لَوْلا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّيْنَا
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا
إِنَّ الْكُفَّارَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا
قَالَ وَكِيعٌ: وَزَادَ فِيهِ غَيْرُهُ:
وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا
[قَالَ: فقال النبي. ص: اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ] . فَقَالَ عُمَرُ: وَجَبَتْ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ فِي حَدِيثِهِمَا: اللَّهُمَّ لَوْلا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ:
إِنَّمَا طَافَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ بِالْبَيْتِ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ شَاعِرًا.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُدْرِكِ بْنِ عُمَارَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: مَرَرْتُ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ وَعِنْدَهُ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهُ. فَلَمَّا رَأَوْنِي أَضَبُّوا إِلَيَّ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ.
يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ. فَعَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ دَعَانِي فَانْطَلَقْتُ نَحْوَهُ فَقَالَ: اجْلِسْ هَاهُنَا. فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: كَيْفَ تَقُولُ الشِّعْرَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَقُولَ! كَأَنَّهُ يتعجب(3/399)
لِذَاكَ. قَالَ: أَنْظُرُ فِي ذَاكَ ثُمَّ أَقُولُ. قَالَ: فَعَلَيْكَ بِالْمُشْرِكِينَ. وَلَمْ أَكُنْ هَيَّأْتُ شَيْئًا.
قَالَ فَنَظَرْتُ فِي ذَلِكَ ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ فِيمَا أَنْشَدْتُهُ:
خَبِّرُونِي أَثْمَانَ الْعَبَاءِ مَتَى ... كُنْتُمْ بَطَارِيقَ أَوْ دَانَتْ لَكُمْ مُضَرُ
قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَرِهَ بَعْضَ مَا قُلْتُ. أَنِّي جَعَلْتُ قَوْمَهُ أَثْمَانَ الْعَبَاءِ. فَقُلْتُ:
يَا هَاشِمَ الْخَيْرِ إِنَّ اللَّهُ فَضَّلَكُمْ ... عَلَى الْبَرِيَّةِ فَضْلا مَا لَهُ غِيَرُ
إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيكَ الْخَيْرَ أَعْرِفُهُ ... فِرَاسَةً خَالَفَتْهُمْ فِي الَّذِي نَظَرُوا
وَلَوْ سَأَلْتَ أَوِ اسْتَنْصَرْتَ بَعْضَهُمُ ... فِي جُلِّ أَمْرِكَ مَا آوَوْا وَلا نَصَرُوا
فَثَبَّتَ اللَّهُ مَا آتَاكَ مِنْ حَسَنٍ ... تَثْبِيتَ مُوسَى وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا
[قَالَ: فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ متبسما وقال: وَإِيَّاكَ فَثَبَّتَ اللَّهُ] .
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لما نزلت وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: قَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنِّي مِنْهُمْ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: «إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ» الشعراء:
227. حَتَّى خَتَمَ الآيَةَ.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُصْبَحٍ أَوِ ابن مصبح يحدث ابْنَ السَّمْطِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَادَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ. قَالَ فَمَا تَحَوَّزَ لَهُ عَنْ فِرَاشِهِ فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَنْ شُهَدَاءُ أُمَّتِي؟ قَالُوا: قَتْلُ الْمُسْلِمِ شَهَادَةٌ. قَالَ: إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ. قَتْلُ الْمُسْلِمِ شَهَادَةٌ. وَالْبَطْنُ شَهَادَةٌ. وَالْغَرِقُ شَهَادَةٌ. وَالْمَرْأَةُ يَقْتُلُهَا وَلَدُهَا جمعا شَهَادَةٌ.]
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ الضَّبِّيُّ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَامِرٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ تَبْكِي عَلَيْهِ وَتَقُولُ: وا جبلاه وَا كَذَا وَكَذَا. تُعَدِّدُ عَلَيْهِ. فَقَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ حِينَ أَفَاقَ: مَا قُلْتِ شَيْئًا إِلا وَقَدْ قِيلَ لِي أَنْتَ كَذَاكَ.
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حُرَّةَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى ابْنِ رَوَاحَةَ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ: وَا جَبَلاهُ وَا عِزَّاهُ. فَقِيلَ لَهُ: أَنْتَ جَبَلُهَا أَنْتَ عِزُّهَا؟ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: مَا شَيْءٌ قُلْتُمُوهُ إِلا وَقَدْ سُئِلْتُ عَنْهُ.(3/400)
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ قَدْ حَضَرَ أَجَلُهُ فَيَسِّرْ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَضَرَ أَجَلُهُ فَاشْفِهِ. فَوَجَدَ خِفَّةً فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُمِّي تَقُولُ وَا جَبَلاهُ وَا ظَهْرَاهُ وَمَلَكٌ قَدْ رَفَعَ مِرْزَبَّةً مِنْ حَدِيدٍ يَقُولُ: أَنْتَ كَذَا؟ فَلَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَقَمَعَنِي بِهَا] .
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَيْلَمُ بْنُ غَزْوَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: حَضَرَتْ حَرْبٌ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ:
يَا نَفْسِ أَلا أَرَاكَ تَكْرَهِينَ الْجَنَّةْ ... أَحْلِفُ بِاللَّهِ لَتَنْزِلِنَّهْ
طَائِعَةً أَوْ لتكرهنه
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بن صالح بن دينار عن عاصم عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ محمد بن عمرو بن حزم. زَادَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ. إِنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ لَمَّا قُتِلَ بِمُؤْتَةَ أَخَذَ الرَّايَةَ بَعْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَاسْتُشْهِدَ فَدَخَلَ الْجَنَّةَ مُعْتَرِضًا. فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الأَنْصَارِ [فَقَالَ رسول الله. ص: لَمَّا أَصَابَتْهُ الْجِرَّاحُ نَكَلَ فَعَاتَبَ نَفْسَهُ فَشَجُعَ فَاسْتُشْهِدَ يَوْمَئِذٍ.
وَكَانَ أَحَدَ الأُمَرَاءِ بِمُؤْتَةَ فَدَخَلَ الجنة فشرى عن قَوْمِهِ. وَكَانَتْ مُؤْتَةُ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ.]
210- خَلادُ بْنُ سُوَيْدِ
بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَارِثَةَ بْنِ امْرِئِ القيس بْن مالك الأغر بْن ثَعْلَبَة بْن كعب. وأمه عمرة بِنْت سعد بْن قَيْس بْن عَمْرو بْن امرئ القيس من بني الْحَارِث بْن الخزرج. شهِدَ خلاد العقبة فِي روايتهم جميعًا وكان له من الولد السائب بْن خلاد صحب النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْتَعْمَلَهُ عُمَر بْن الخطاب على اليمن.
والحكم بْن خلاد. وأمهما ليلى بِنْت عُبَادة بْن دليم أخت سعد بْن عُبَادة. وقد انقرض عقبهما وانقرض أيضًا وُلِدَ حارثة بْن امرئ القيس بْن مالك الأغر فلم يبق منهم أحد.
[وشهد خلاد بدْرًا وأحدًا والخندق ويوم بني قريظة وقتل يومئذٍ شهيدًا. دلت عليه بنانة امْرَأَة من بني قريظة رحى فشدخت رأسه فقال النبي. ص: له أجر شهيدين] . وقتلها
__________
210 المغازي (165) ، (517) ، (522) ، (529) ، (1040) ، ابن هشام (1/ 459، 691) ، (2/ 242، 254) .(3/401)
رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ. وكانت بنانة امْرَأَة الحكم القرظي.
وحاصر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنِي قريظة لليالٍ بقين من ذي القعدة وليال مضين من ذي الحجّة سنة خمس من الهجرة خمس عشرة ليلة حتى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو فَضَالَةَ الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ عَبْدِ الْخَبِيرِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ:
قُتِلَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُدْعَى خَلادًا. قَالَ فَأُتِيَتْ أُمُّهُ فَقِيلَ لَهَا: يَا أُمَّ خَلادٍ قُتِلَ خَلادٌ. قَالَ فَجَاءَتْ مُتَنَقِّبَةً فَقِيلَ لَهَا: قُتِلَ خَلادٌ وَأَنْتَ مُتَنَقِّبَةٌ؟ قَالَتْ: [إِنْ كُنْتُ رُزِئْتُ خَلادًا فَلا أَرْزَأُ حَيَائِي. فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ فَقَالَ: أَمَا إِنَّ لَهُ أَجْرَ شَهِيدَيْنِ. قَالَ فَقِيلَ: وَلِمَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: لأَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ قَتَلُوهُ] .
211- بَشِيرُ بْنُ سَعْدِ
بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ خِلاسِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكِ الأغر بْن ثَعْلَبَة بْن كعب. وأمه أنيسة بِنْت خليفة بْن عدي بْن عَمْرو بْن امرئ القيس بْن مالك الأغر.
وكان لبشير من الولد النُّعمان. وبه كان يكنى. وأبيه وأمهما عمرة بِنْت رواحة أخت عَبْد الله بْن رواحة. ولبشير عقب. وكان بشير يَكْتُبُ بِالْعَرَبِيَّةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَتِ الْكِتَابَةُ فِي العرب قليلًا. وشهد بشير العقبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعا. وشهد بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَشِيرَ بْنَ سَعْدٍ سَرِيَّةً فِي ثَلاثِينَ رَجُلا إِلَى بَنِي مَرَّةَ بِفَدَكَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ فَلَقِيَهُمُ الْمُرِّيُّونَ فَقَاتِلُوا قِتَالا شَدِيدًا فَأَصَابُوا أَصْحَابَ بَشِيرٍ وَوَلَّى مِنْهُمْ مَنْ وَلَّى. وَقَاتَلَ بَشِيرٌ قِتَالا شَدِيدًا حَتَّى ضُرِبَ كَعْبُهُ وَقِيلَ قَدْ مَاتَ. فَلَمَّا أَمْسَى تَحَامَلَ إِلَى فَدَكَ فَأَقَامَ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِهَا أَيَّامًا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَشِيرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَشِيرَ بْنَ سَعْدٍ فِي سَرِيَّةٍ فِي ثَلاثِمِائَةٍ إِلَى يمن وجبار بين فدك وو وادي الْقُرَى وَكَانَ بِهَا نَاسٌ مِنْ غَطَفَانَ قَدْ تجمعوا مع عيينة بن
__________
211 المغازي (5) ، (6) ، (165) ، (440) ، (476) ، (723) ، (724) ، (727) ، (728) ، (733) ، (734) ، وابن هشام (1/ 458) ، (2/ 218، 612) .(3/402)
حِصْنٍ الْفَزَارِيِّ. فَلَقِيَهُمْ بَشِيرٌ فَفَضَّ جَمْعَهُمْ وَظَفِرَ بِهِمْ وَقَتْلَ وَسَبَى وَغَنِمَ. وَهَرَبَ عُيَيْنَةُ وَأَصْحَابُهُ فِي كُلِّ وَجْهٍ. وَكَانَتْ هَذِهِ السَّرِيَّةُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى عُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ مِن الْهِجْرَةِ قَدَّمَ السِّلاحَ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِ بَشِيرَ بْنَ سَعْدٍ. وَشَهِدَ بَشِيرٌ عَيْنَ التَّمْرِ مع خالد بن الوليد وقتل يومئذ شهيدا وَذَلِكَ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
212- وأخوه سماك بْن سعد
بْن ثعلبة بن خلاس بن زيد بن مالك الأغر وأمه أنيسة بِنْت خليفة بْن عدي بْن عَمْرو بْن امرئ القيس. شهِدَ بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
213- سبيع بْن قَيْس
بْن عبسة بْن أمية بْن مالك بن عامرة بْن عَديّ بْن كعب بْن الخزرج بْن الْحَارِث بْن الخزرج. وأمه خديجة بِنْت عَمْرو بْن زَيْد بْن عبده بْن عُبَيْد بْن عامرة بْن عدي من بني الْحَارِث بْن الخزرج. وكان لسبيع من الولد عَبْد الله وأمه من بني جدارة. مات وليس له عقب. وشهد سبيع بدْرًا وأحدًا. وكان عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ يقول: هُوَ سبيع بْن قَيْس بْن عَائِشَة بْن أمية.
214- وأخوه عُبَادة بْن قَيْس
بن عبسة بن أمية بْن عامرة بْن عدي بْن كعب. وهما عما أبي الدرداء. وليس لعبادة عقب. وشهد عباده بدرا واحدا والخندق والحديبية وخيبر ويوم مؤتة وقتل يومئذٍ شَهِيدًا فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الهجرة. وذكر عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ أنّه كان لسبيع بْن قَيْس أخ لأبيه وأمه يُقَالُ له زَيْد بْن قَيْس. ولم يشهد بدْرًا وَقَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
215- يزيد بْن الْحَارِث
بْن قَيْس بْن مالك بْن أحمر بْن حارثة بْن ثعلبة بْن كعب بْن الخزرج بْن الحارث بن الخزرج وأمه فسحم. وهي من بلقين بْن جسر من قضاعة وإليها ينسب. يقال يزيد ابن فسحم ويزيد ابن فسحم. وكان ليزيد وُلِدَ انقرضوا فَلَيْس له اليوم عقب.
__________
212 المغازي (165) .
213 المغازي (165) ، ابن هشام (12/ 691) .
214 المغازي (165) ، (769) ، ابن هشام (1/ 460، 691، 693، 700) ، (2/ 388) .
215 المغازي (146) ، (165) ، ابن هشام (1/ 288) ، 692، 707) .(3/403)
وانقرض أيضًا وُلِدَ حارثة بْن ثَعْلَبَة بن كعب فلم يبق منهم أحد. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ يزيد بن الْحَارِث وبين ذي اليدين عمير بن عبد عَمْرو الخزاعي وشهدا جميعًا بدْرًا وقتلا يومئذٍ شهيدين. وكان الذي قتل يزيد بن الْحَارِث نوفل بْن مُعَاوِيَة الديلي. وكانت بدْر صبيحة يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة مضت من شهر رمضان على رأس ثمانية شهرًا من الهجرة.
وَمِنْ بَنِي جُشَمَ وَزَيْدٍ ابْنَيِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ وكان يُقَالُ لهما التوأمان ودعوتهما واحدة فِي الديوان وهم أصحاب المسجد الَّذِي بالسنح وهم أصحاب السنح خاصة
216- خُبَيْبُ بْنُ يَسَافِ
بْنِ عِنَبَةَ بْنِ عَمْرِو بن خديج بن عامر بن جشم بن الْحَارِث بْن الخزرج. وأمه سلمى بِنْت مَسْعُود بْن شَيْبَان بْن عامر بْن عدي بْن أمية بْن بياضة. وكان لخبيب من الولد أَبُو كثير واسمه عَبْد الله وأمه جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول من بلحبلى من بني عوف بْن الخزرج. وعبد الرحمن لأم ولد أنيسة وأمها زينب بنت قَيْس بْن شماس بْن مالك. وكان لهم عقب فانقرضوا.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خُبَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُرِيدُ غَزْوًا أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ قَوْمِي وَلَمْ نُسْلِمْ فَقُلْنَا: أنا نستحي أَنْ يَشْهَدَ قَوْمُنَا مَشْهَدًا لا نَشْهَدُهُ مَعَهُمْ. قَالَ: وَأَسْلَمْتُمَا؟ قُلْنَا: لا. قَالَ: فَإِنَّا لا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ. قَالَ فَأَسْلَمْنَا وَشَهِدْنَا مَعَهُ فَقَتَلْتُ رَجُلا وَضَرَبَنِي ضَرْبَةً فَتَزَوَّجْتُ ابْنَتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَانَتْ تَقُولُ لِي: لا عُدِمْتُ رَجُلا وَشَحَكَ هَذَا الْوِشَاحَ. فَأَقُولُ لَهَا: لا عدمت رجلا عجل أباك إلى النار.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَدْرٍ فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ كَانَتْ تذكر منه جرأة ونجدة ففرح أصحاب
__________
216 المغازي (36) ، (47) ، (81) ، (83) ، (84) ، (148) ، (151) ، (166) ، (258) ، (282) ، (304) ، (341) ، وابن هشام (1/ 477، 493، 692، 693، 709، 713) .(3/404)
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ رَأَوْهُ. فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ: جِئْتُ لأَتَّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ. [فقال له النبي. ص: أَتُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَارْجِعْ فَلَنْ نَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ] .
يَعْنِي قَالَتْ عَائِشَةُ. ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشَّجَرَةِ أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ الأُولَى [فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَالَ الرَّجُلُ: لا. فَقَالَ:
ارْجِعْ فَلَنْ نَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ. قَالَتْ فَرَجَعَ ثُمَّ أَدْرَكَهُ بِالْبَيْدَاءِ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ مَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ: أَتُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: نَعَمْ.
فَقَالَ: انْطَلِقْ] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهُوَ خُبَيْبُ بْنُ يَسَافٍ. وَكَانَ قَدْ تَأَخَّرَ إِسْلامُهُ حَتَّى خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَدْرٍ فَلَحِقَهُ فَأَسْلَمَ فِي الطَّرِيقِ وَشَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتوفي في خلافة عثمان بن عفان. وَهُوَ جَدُّ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خُبَيْبِ بْنِ يَسَافٍ الَّذِي رَوَى عَنْهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَشُعْبَةُ وَغَيْرُهُمَا. وَقَدِ انْقَرَضَ وَلَدُ خُبَيْبٍ جَمِيعًا فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ.
217- سُفْيَان بْن نسر
بْن عَمْرو بْن الْحَارِث بْن كعب بْن زَيْد بْن الْحَارِث بْن الخزرج. هكذا قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر وعَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ وفيما روي لنا عن مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إِسْحَاق وأبي معشر سُفْيَان بْن بِشْر. ولعل رواتهم لم يضبطوا عَنْهُمْ هَذَا الأسم. وشهد سُفْيَان بدْرًا وأحدًا وكان له عقب فانقرضوا.
218- عبد الله بن زيد
بن عبد ربه بن ثعلبة بن زيد بن الحارث بن الخزرج.
وقال عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ: ليس فِي آبائه ثَعْلَبَة. وهو عبد الله بن زيد بن عبد ربه بْن زَيْد بْن الْحَارِث. وثعلبة بْن عَبْد ربه أخو زَيْد وعم عَبْد الله فأدخلوه فِي نسبه وهذا خطأ. وكان لعبد الله بْن زَيْد من الولد مُحَمَّد وأمه سعدة بِنْت كليب بْن يساف بْن عنبة بْن عَمْرو وهي ابْنَة أخي خبيب بْن يساف. وأم حميد بنت عبد الله وأمها
__________
217 ابن هشام (1/ 692) .
218 تاريخ الدوري (2/ 309) ، وتاريخ خليفة (56) ، (166) ، وتاريخ البخاري (5/ ت 19) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 260) ، والجرح والتعديل (5/ ت 265) ، والكامل في التاريخ (3/ 136) ، وتهذيب الأسماء (1/ 268) ، والعبر (1/ 33) ، وتهذيب الكمال (3282) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (146) ، وتهذيب التهذيب (5/ 223) ، وتقريب التهذيب (1/ 417) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3510) .(3/405)
من أَهْل اليمن. ولعبد الله بْن زَيْد عقب بالمدينة وهم قليل.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن حنطب عن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ وَكَانَ رَجُلا لَيْسَ بِالْقَصِيرِ وَلا بِالطَّوِيلِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ يَكْتُبُ بالعربية قبل الإسلام وكانت الكتابة في العرب قَلِيلا. وَشَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ الْعَقَبَةَ مَعَ السَّبْعِينَ من الأنصار. روايتهم جميعا وشهد بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ مَعَهُ رَايَةُ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ. وَهُوَ الَّذِي أُرِيَ الأَذَانَ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قال:
رَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الأَذَانَ فِي الْمَنَامِ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ شَهِدَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الْمَنْحَرِ وَمَعَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَقَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ ضَحَايَا فَلَمْ يُصِبْهُ وَلا صَاحِبَهُ شَيْءٌ فَحَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ فَقَسَمَ مِنْهُ عَلَى رِجَالٍ وَقَلَّمَ أَظْفَارَهُ فَأَعْطَاهُ وَصَاحِبَهُ. قَالَ فَإِنَّهُ عِنْدَنَا مَخْضُوبٌ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ حَنْطَبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: توفي أبي عَبْدِ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
219- وَأَخُوهُ حُرَيْثُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ بَشِيرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ حُرَيْثَ بْنَ زَيْدٍ شَهِدَ بَدْرًا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَأَصْحَابُنَا جَمِيعًا عَلَى ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ قال موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وَأَبُو مَعْشَرٍ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي حُرَيْثٍ أَنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا. وَشَهِدَ أَيْضًا أُحُدًا وَلَيْسَ له عقب. أربعة نفر.
__________
219 المغازي (166) ، ابن هشام (1/ 692) .(3/406)
ومن بني جدارة بْن عوف بْن الْحَارِث بْن الخزرج
220- تميم بْن يعار
بْن قَيْس بْن عدي بْن أمية بْن جدارة بْن عوف بْن الْحَارِث بْن الخزرج. وأمه زغيبة بِنْت رافع بْن مُعَاوِيَة بْن عُبَيْد بْن الأبجر وهو خدرة بن عوف بن الحارث بْن الخزرج. وهي خالة سعد بْن مُعَاذ وأسعد بْن زرارة. وكان لتميم من الولد ربعي وجميلة وأمهما من بني عَمْرو بْن وقش الشاعر. وشهد تميم بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
221- يزيد بْن المزين
بْن قَيْس بْن عدي بْن أمية بْن جدارة. هكذا قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر. وقال مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إِسْحَاق وعَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ: هُوَ زَيْد بْن المزين. ولم يذكره أَبُو معشر فِي كتابة. وكان له من الولد عَمْرو ورملة درجا فلم يبق له عقب. وانقرض أيضًا وُلِدَ عدي بْن أمية بْن جدارة فلم يبق منهم أحد. وشهد يزيد بْن المزين بدْرًا وأحدًا.
222- عَبْد الله بْن عمير
بْن حارثة بْن ثَعْلَبَة بْن خلاس بْن أمية بْن جدارة.
ذكره مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إِسْحَاق وأبو معشر ومحمد بْن عُمَر فيمن شهِدَ بدْرًا.
ولم يذكره عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ ولم يعرف نسبه. ثلاثة نفر.
ومن بني الأبجر وهو خدرة بْن عوف بْن الْحَارِث بْن الخزرج
223- عَبْد الله بْن الرَّبِيع
بْن قَيْس بْن عامر بْن عباد بْن الأبجر. واسمه خدرة بْن عوف بْن الْحَارِث بْن الخزرج. وقال بعضهم: خدرة. وهي أم الأبجر. فالله أعلم. وأم عَبْد الله بْن الرَّبِيع فاطمة بِنْت عَمْرو بْن عطية بْن خنساء بْنِ مَبْذُولِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَنْمِ بْنِ مازن بن النجار. وكان لعبد الله من الولد عَبْد الرَّحْمَن وسعد وأمهما من طيّئ. وقد انقرض عقبه فَلَيْس له بقية. وانقرض أيضًا وُلِدَ عباد بْن الأبجر فلم يبق منهم أحد. وشهد عَبْد اللَّه بْن الرَّبِيع العقبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعا. وشهد بدرا وأحدا.
__________
220 المغازي (166) ، ابن هشام (1/ 691) .
221 المغازي (166) .
222 المغازي (166) ، ابن هشام (1/ 692) .
223 المغازي (166) ، ابن هشام (1/ 693) .(3/407)
ومن حلفاء بني الحارث بْن الخزرج
224- عَبْد الله بْن عبس.
وليس له عقب. ذكره مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بن إسحاق وأبو معشر ومحمد بن عمر فيمن شهِدَ بدْرًا. لم ينسب لنا وقالوا هُوَ حليف.
225- عَبْد الله بْن عرفطة.
حليف لهم. ذكره مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إِسْحَاق وأبو معشر ومحمد بْن عُمَر فيمن شهِدَ بدْرًا وليس له عقب. وكان عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ يقول: هذان الحليفان إنما هما واحد. واسمه عبد الله بْن عمير حليف لهم.
اثنان فجميع من شهِدَ بدْرًا من بني الْحَارِث بْن الخزرج تسعة نفر.
وَمِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ ثم من بلحبلى وهو سَالِمِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ وإنما سمي الحبلى لعظم بطنه
226- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
بن أبي بن مالك بن الحارث بن عُبَيْد بْن مالك بْن سالم. وهو الحبلى. وأمه خولة بِنْت المنذر بْن حرام بْن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عَمْرو بْن مالك بْن النجار من بني مغالة. وكان عَبْد الله بْن أبي سيد الخزرج وفي آخر جاهليتهم. قَدِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ في الهجرة وقد جمع قوم عَبْد الله بْن أبي له خرزًا ليتوجوه. فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وظهر الإسلام وسبق إليه أقوام فحسد عبد الله بْن أبي وبغى ونافق فاتضع شرفه. وهو ابن سلول وسلول امْرَأَة من خزاعة وهي أم أبي بْن مالك بْن الْحَارِث. وعبد الله بْن أبي هُوَ ابن خالة أبي عامر الراهب. وكان أَبُو عامر أيضًا مِمَّنْ يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ويؤمن به ويعد النّاس بخروجه.
وكان قد تأله فِي الجاهلية ولبس المسوح وترهب. فَلَمَّا بعث الله رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حسد وبغى وأقام على كفره وشهد مع المشركين قتال رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِبَدْرٍ فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الفاسق.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الرَّقِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ مَعْمَرٍ بن
__________
224 ابن هشام (1/ 692) .
225 المغازي (166) ، ابن هشام (1/ 692) .
226 المغازي (410) ، ابن هشام (1/ 693) .(3/408)
[رَاشِدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ بْن سَلُولَ. وَكَانَ اسْمُهُ حُبَابٌ. فَقَالَ: أَنْتَ عَبْدُ اللَّهِ فَإِنُّ حُبَابًا اسْمُ شَيْطَانَ] .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلا كَانَ يُسَمَّى الْحُبَابُ فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ اللَّهِ. وَقَالَ: إِنَّ الْحُبَابَ شَيْطَانٌ] . [أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: قال رسول الله. ص: الْحُبَابُ شَيْطَانٌ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحُبَابُ شَيْطَانٌ] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا سَمِعَ بِالاسْمِ الْقَبِيحِ غَيَّرَهُ.
قَالُوا: وَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ مِنَ الْوَلَدِ عُبَادَةُ وَجُلَيْحَةُ وَخَيْثَمَةُ وَخَوَلِيُّ وَأُمَامَةُ وَلَمْ تُسَمَّ لَنَا أُمَّهَاتُهُمْ. وَأَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ فَحَسُنَ إِسْلامُهُ وشهد بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان يَغُمُّهُ أَمْرُ أَبِيهِ وَيَثْقُلُ عَلَيْهِ لُزُومُ الْمُنَافِقِينَ إِيَّاهُ. وَمَاتَ أَبُوهُ مُنْصَرَفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ تَبُوكَ فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَشَهِدَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَوَقَفَ عَلَى قَبْرِهِ وَعَزَّى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ الْقَبْرِ. وَشَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَمَامَةَ وَقُتِلَ يَوْمَ جُوَاثَا شَهِيدًا سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَلَهُ عَقِبٌ.
227- أَوْسُ بْنُ خَوَلِيِّ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ مالك بْن سالم الحبلى. وأمه جميلة بِنْت أبي بن مالك بن الحارث بن عبيد بْن مالك بن سالم الحبلى. وهي أخت عَبْد الله بْن أبي بْن سلول. وكان لأوس بْن خولي من الولد ابْنَة يُقَالُ لها فسحم فهلكت فَلَيْس لأوس عقب. وقد انقرض أيضا وُلِدَ الْحَارِث بْن عُبَيْد بْن مالك بْن سالم الحبلى فلم يبق منهم إلّا رَجُل أو رجلان من وُلِدَ عَبْد الله بْن أبي بْن سلول بالمدينة. وكان أوس بْن خولي من الكملة. وكان الكامل عندهم فِي
__________
227 المغازي (9) ، (166) ، (334) ، (417) ، (420) ، (588) ، (589) ، (602) ، (610) ، (735) ، (1059) ، ابن هشام (1/ 693) .(3/409)
الجاهلية وأول الْإِسْلَام الَّذِي يكتب بالعربية ويحسن العوم والرمي. وكان قد اجتمع ذلك فِي أوس بْن خولي. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أوس بْن خولي وشجاع بْن وهب الأسدي من أَهْل بدْر. وشهد أوس بدْرًا وأحدًا والخندق. والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَائِذُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ قَالَ:
خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على السِّلاحِ حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ لِعُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ مِائَتَيْ رَجُلٍ عَلَيْهِمْ أَوْسُ بْنُ خَوَلِيٍّ.
قَالُوا: وَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَرَادُوا غَسْلَهُ جَاءَتِ الأَنْصَارُ فَنَادَتْ عَلَى الْبَابِ: اللَّهَ اللَّهَ فَإِنَّا أَخْوَالُهُ فَلْيَحْضُرْهُ بَعْضُنَا. فَقِيلَ لَهُمْ: أَجْمِعُوا عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ.
فَأَجْمَعُوا عَلَى أَوْسِ بْنِ خَوَلِيٍّ فَدَخَلَ فَحَضَرَ غُسْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَفَّنَهُ وَدَفَنَهُ مَعَ أَهْلِ بَيْتِهِ. وَتُوُفِّيَ أَوْسُ بْنُ خَوَلِيٍّ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَهْمِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينِ بْنِ عَوْنِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ: ابْنَ أَخٍ إِذَا أَنَا مُتُّ فَأْتِ أَخْوَالَكَ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ فَإِنَّهُمْ أَمْنَعُ النَّاسِ لِمَا فِي بُيُوتِهِمْ.
228- زَيْد بْن وديعة
بْن عَمْرو بْن قَيْس بْن جزي بْن عدي بْن مالك بْن سالم الحبلى. وأمه أم زَيْد بِنْت الْحَارِث بْن أبي الجرباء بْن قَيْس بْن مالك بْن سالم الحبلى. وكان لزيد بْن وديعة من الولد سعد وأمامة وأم كلثوم وأمهم زينب بِنْت سهل بْن صعب بن قَيْس بْن مالك بن سالم الحبلى. وكان سعد بْن زَيْد بْن وديعة قد قدم العراق فِي خلافة عُمَر بْن الخطاب فنزل بعقرقوف فصار ولده بها يُقَالُ لهم بنو عَبْد الواحد بْن بشير بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى بْن سعد بْن زَيْد بْن وديعة. وليس بالمدينة منهم أحد. وشهد زَيْد بْن وديعة بدْرًا وأحدًا.
229- رفاعة بْنُ عَمْرِو
بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَة بْن مالك بْن سالم الحبلى. هكذا هُوَ فِي رواية مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن عُمَر. قَالَ محمد بْن إسحاق:
__________
228 المغازي (166) ، ابن هشام (1/ 693) .
229 المغازي (166) ، (306) ، ابن هشام (1/ 465، 693) .(3/410)
وكان رفاعة يكنى أَبَا الْوَلِيد. وقال مُحَمَّد بْن عُمَر: كان زَيْد جد رفاعة يكنى أَبَا الْوَلِيد فيقال رفاعة بْن أبي الْوَلِيد ينسب إِلَى جَدّه. وقال عَبْد الله بْن محمد بن عمارة الأنصاري: هو رفاعة بن أبي الوليد. واسم أبي الوليد عمرو بن عبد الله بْن مالك بْن ثَعْلَبَة بْن جشم بْن مالك بن سالم الحبلى وأمه أم رفاعة بِنْت قَيْس بْن مالك بْن ثَعْلَبَة بْن جشم بْن مالك بْن سالم الحبلى. وكان لرفاعة بن عَمْرو أولاد فانقرضوا. وَفِي رواية أبي معشر وبعض نسخ مُحَمَّد بْن عُمَر: رفاعة بْن الهاف بْن عَمْرو بْن زَيْد.
فالله أعلم. وشهد رفاعة العقبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعا. وشهد بدرا وأحدا وقتل يوم أحد شهيدا فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا مِن الهجرة وليس له عقب.
230- معبد بْن عُبَادة
بْن قشعر بْن الفدم بْن سالم بْن مالك بْن سالم الحبلى. ويكنى أَبَا خميصة. هكذا قَالَ مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إِسْحَاق ومحمد بْن عُمَر وعبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري. وقال أبو معشر: يكنى أَبَا عصيمة. شهِدَ معبد بدْرًا وأحدا وتوفي وليس له عقب.
ومن حلفاء بني سالم الحبلى بْن غنم
231- عُقْبَة بْن وهب
بْن كلدة بْن الجعد بْن هلال بْن الْحَارِث بْن عَمْرو بْن عدي بْن جشم بْن عوف بْن بهثة بْن عَبْد الله بْن غطفان من قَيْس عيلان من مضر.
أسلم عُقْبَة فِي أوّل من أسلم من الأَنْصَار وشهد العقبتين جميعًا فِي روايتهم جميعًا ولحق برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمكّة فلم يزل هناك معه حَتَّى هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فهاجر معه إِلَى المدينة فيقال لعقبة أنصاري مهاجري. وله عقب وهم مع ولد سعد بن زيد بن وديعة بعقرقوف. وشهد عُقْبَة بدْرًا وأحدًا. ويقال إنّ عُقْبَة بْن وهب هُوَ الَّذِي نزع الحلقتين من أجنتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد. ويقال بل أَبُو عبيدة بْن الجراح نزعهما فسقطت ثنيتاه. قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي الزناد نرى أنهما جميعا عالجاهما فأخرجاهما.
__________
230 المغازي (167) ، ابن هشام (1/ 693) .
231 المغازي (167) ، (247) ، ابن هشام (1/ 465، 472، 563، 679، 693) .(3/411)
232- عامر بْن سَلَمَة
بْن عامر بْن عَبْد الله حليف لهم من أهل اليمن. شهِدَ بدْرًا وأحدًا وليس له عقب.
233- عاصم بْن العكير.
حليف لهم من مزينة شهِدَ بدْرًا وأحدًا وليس له عقب. ثمانية نفر.
وَمِنَ الْقَوَاقِلَةِ وَهُمْ بَنُو غَنْمٍ وَبَنُو سَالِمٍ ابْنَيْ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْن عَوْف بْن الخزرج
234- عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ
بْنِ قَيْسِ بْن أصرم بْن فهر بْن ثعلبة بْن غنم بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الخزرج. ويكنى أبا الوليد وأمه قرة العين بنت عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الخزرج. وكان لعبادة بن الصامت من الولد الوليد وأمه جميلة بِنْت أَبِي صعصعة وهُوَ عَمْرو بْن زَيْد بْنِ عَوْفِ بْنِ مَبْذُولِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غنم بن مازن بْن النجار. ومحمد وأمه أُمُّ حَرَامِ بِنْت مِلْحَانَ بْن خَالِد بْن زيد بْنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غنم بن عدي بن
__________
232 المغازي (166) ، ابن هشام (1/ 693) .
233 المغازي (167) .
234 تاريخ خليفة (155) ، (160) ، (168) ، وطبقات خليفة (99) ، (302) ، وعلل أحمد (1/ 22) ، (2/ 320، 323، 324، 325، 334، 360، 2/ 3، 429، 465، 718، 719) ، (3/ 310) ، وتاريخ أبي زرعة (69) ، (205) ، (224) ، (225) ، (226) ، (339) ، (374) ، (376) ، (593) ، (597) ، (664) ، (690) ، وتاريخ واسط (274) ، والجرح والتعديل (6/ ت 492) ، وعلل ابن أبي حاتم (2065) ، والثقات لابن حبان (3/ 302) ، والاستيعاب (2/ 807) ، والأنساب للسمعاني (8/ 19) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (7/ 209) ، والكامل في التاريخ (1/ 16، (2/ 138، 192) ، (3/ 77، 95، 114، 153) ، وتهذيب الأسماء (1/ 256) ، وأسد الغابة (3/ 106) ، وسير أعلام النبلاء (2/ 5) ، والعبر (1/ 29) ، 35) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 3109) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (123) ، وتهذيب الكمال (3107) ، وتهذيب التهذيب (5/ 111) ، والإصابة (2/ ت 4497) ، وتقريب التهذيب (1/ 395) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3334) ، وشذرات الذهب (1/ 40، 62) .(3/412)
النّجّار. وشهد عُبَادة العقبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعا وهو أحد النقباء الاثني عشر. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عُبَادة بْن الصامت وأبي مرثد الغنوي.
وشهد عُبَادة بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان عُبَادة عقبيًا نقيبًا بدريًا أنصاريًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَزْرَةَ يَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رَجُلا طُوَالا جَسِيمًا جَمِيلا. وَمَاتَ بِالرَّمْلَةِ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً وَلَهُ عَقِبٌ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَسَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ بَقِيَ حَتَّى تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بِالشَّامِ.
235- وَأَخُوهُ أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ
بْنِ قَيْسِ بْنِ أصرم بْن فهر بن ثعلبة بن غنم وأمه قرة العين بنت عبادة بن نضلة بْن مالك بْن العجلان. وكان لأوس من الولد الرَّبِيع وأمه خَوْلَةُ بِنْت ثَعْلَبَة بْن أَصْرَمَ بْن فِهْرِ بْن ثعلبة بن غنم بْن عوف وهي المجادلة الّتي أنزل الله. عزّ وجل. فيها الْقُرْآنَ: «قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها» المجادلة: 1. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أوس بْن الصامت ومرثد بْن أبي مرثد الغنوي. وشهد أوس بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبقي بعد النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دهرًا. وذكر أنّه أدرك عُثْمَان بْن عَفَّانَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ ظَاهَرَ فِي الإِسْلامِ أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ. وَكَانَ بِهِ لَمَمٌ. وَكَانَ يُفِيقُ أَحْيَانًا. فَلاحَى امْرَأَتَهُ خَوْلَةَ بِنْتَ ثَعْلَبَةَ فِي بَعْضِ صَحَوَاتِهِ فَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي.
ثُمَّ نَدِمَ فَقَالَ: مَا أَرَاكِ إِلا قَدْ حَرِمْتِ عَلَيَّ. قَالَتْ: مَا ذَكَرْتَ طَلاقًا. فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ وَجَادَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِرَارًا ثُمَّ قَالَتْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ شِدَّةَ وَحْدَتِي وَمَا يَشُقُّ عَلَيَّ مِنْ فِرَاقِهِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَقَدْ بَكَيْتُ وَبَكَى مَنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ رَحْمَةً لَهَا وَرِقَّةً عَلَيْهَا. وَنَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَحْيُ فَسُرِّيَ عَنْهُ وَهُوَ يَتَبَسَّمُ [فَقَالَ: يَا خَوْلَةُ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكِ وَفِيهِ «قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي
__________
235 الاستيعاب (1/ 118) ، والإصابة (1/ 85، 86) ، وتهذيب الكمال (578) ، وتهذيب التهذيب وتقريب التهذيب.(3/413)
زَوْجِها» المجادلة: 1. ثُمَّ قَالَ: مُرِيهِ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً. قَالَتْ: لا يَجِدُ. قَالَ: فَمُرِيهِ أَنْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ. قَالَتْ: لا يُطِيقُ ذَلِكَ. قَالَ: فَمُرِيهِ فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا.
قَالَتْ: وَأَنَّى لَهُ؟ قَالَ: فَمُرِيهِ فَلْيَأْتِ أُمَّ الْمُنْذِرِ بِنْتَ قَيْسٍ فَلْيَأْخُذْ مِنْهَا شَطْرَ وَسْقٍ تَمْرٍ فَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَى سِتِّينَ مِسْكِينًا. فَرَجَعَتْ إِلَى أَوْسٍ فَقَالَ: مَا وَرَاءَكِ؟ قَالَتْ: خَيْرٌ وَأَنْتَ ذَمِيمٌ. ثُمَّ أَخْبَرَتْهُ فَأَتَى أُمَّ الْمُنْذِرِ فَأَخَذَ ذَلِكَ مِنْهَا فَجَعَلَ يُطْعِمُ مُدَّيْنِ مِنْ تَمْرٍ كُلَّ مِسْكِينٍ.]
236- النُّعمان بْن مالك
بْن ثَعْلَبَة بْن دعد بْن فهر بْن ثَعْلَبَة بْن غنم بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الخزرج. وثعلبة بْن دعد هُوَ الَّذِي يسمى قوقل. وكان قوقل له عزّ. وكان يقول للخائف إذا جاءه: قوقل حيث شئت فإنك آمن. فسمي بنو غنم وبنو سالم كلهم بِذَلِك قواقلة. وكذلك هُمْ فِي الديوان يدعون بني قوقل. وشهد النُّعمان بدْرًا وأحدًا وقتل يومئذٍ شهيدًا. قتله صفوان بْن أمية. وليس للنعمان بْن مالك عقب. هَذَا قول مُحَمَّد بن عمر وأما عبد الله بن محمد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ فقال:
الَّذِي شهِدَ بدْرًا هُوَ النعمان الأعرج بْن مالك بْن ثَعْلَبَة بْن أَصْرَمَ بْن فِهْرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بن غنم وقتل يوم أحد شهيدًا وأمه عمرة بِنْت ذياد بْن عَمْرو بْن زمزمة بْن عَمْرو بْن عمارة بْن مالك من بني غضينة من بلي حليف لهم. وهي أخت المجذر بْن ذياد.
وَالَّذِي يدعى قوقل هُوَ النُّعمان بْن مالك بْن ثَعْلَبَة بْن دعد بْن فهر بْن ثَعْلَبَة بْن غنم الَّذِي ذكره محمد بن عمر ولم يشهد ذاك بدْرًا وليس له عقب. وقد ذكر عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ نسب النُّعمان بْن مالك بْن ثَعْلَبَة بْن دعد ونسب النُّعمان الأعرج بْن مالك بْن ثَعْلَبَة بْن أصرم فِي كتاب نسب الأَنْصَار وذكر أولادهما وما ولدوا.
237- مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُمِ
بْنِ مَالِكِ بْنِ الدُّخْشُمِ بْنِ مِرْضَخَةَ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الخزرج وأمه عميرة بْنت سعد بْن قَيْس بن عمرو بن امرئ القيس بن مالك بْن ثعلبة بْن كعب بْن الخزرج بْن الْحَارِث بْن الخزرج. وكان لمالك بْن الدخشم من الولد الفريعة وأمها جميلة بِنْت عَبْد الله بن أبي بن مالك بن
__________
236 المغازي (143) ، (167) ، (210) ، (211) ، (303) ، (310) ، (1/ 694، 712، 713) ، (2/ 126) .
237 المغازي (105) ، (117) ، (143) ، (167) ، (167) ، (280) ، (282) ، (1046) ، ابن هشام (1/ 649) ، (2/ 6، (530) .(3/414)
الحارث بن عبيد بن مالك بن سالم الحبلى بْن غنم وهو عَبْد الله بْن أبي بْن سلول.
وشهد مالك بْن الدخشم العقبة فِي رواية مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إِسْحَاق ومحمد بْن عُمَر. وقال أَبُو معشر. لم يشهد مالك العقبة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: لَمْ يَشْهَدْ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُمِ الْعَقَبَةَ. قَالُوا: وَشَهِدَ مَالِكٌ بَدْرًا وَأُحُدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ تَبُوكَ مَعَ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ فَأَحْرَقَا مَسْجِدَ الضِّرَارِ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِالنَّارِ. وَتُوُفِّيَ مَالِكٌ وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ.
238- نوفل بْن عَبْد الله
بْن نضلة بن مالك بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الخزرج. وكان مالك بْن العجلان سيد الخزرج فِي زمانه هُوَ ابن خالة أحيحة بن الجلاح. وشهد نوفل بْن عَبْد الله بدْرًا وأحدًا وقتل يوم أحد شهيدا فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا وليس له عقب.
239- عِتْبَانُ بْنُ مَالِكِ
بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَجْلانِ بْنِ زَيْدِ بْنِ غَنْمِ بْن سالم بْن عوف وأمه من مزينة. وكان لعتبان من الولد عبد الرحمن وأمه ليلى بنت رئاب بْن حُنَيْف بْن رئاب بْن أمية بْن زَيْد بْن سالم بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الخزرج.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَكَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ. وَشَهِدَ عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَذَهَبَ بَصَرُهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَأْتِيَهُ فَيُصَلِّي فِي مَكَانٍ مِنْ بَيْتِهِ فَيَتَّخِذَهُ مُصَلًّى.
فَفَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَحْمُودٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ: أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصَارِيَّ كَانَ مَحْجُوبَ الْبَصَرِ وَأَنَّهُ ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّخَلُّفَ عَنِ الصَّلاةِ فَقَالَ: هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَمَالِكٌ عَنِ الزهري عن محمود بن
__________
238 المغازي (167) ، (303) .
239 ابن هشام (1/ 494، 505، 706) .(3/415)
الرَّبِيعِ عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا تَكُونُ اللَّيْلَةُ الْمُظْلِمَةُ وَالْمَطَرُ وَالرِّيحُ. فَلَوْ أَتَيْتَ مَنْزِلِي فَصَلَّيْتَ فِيهِ. [قَالَ فَجَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَيْنَ تُحِبُّ أَنَّ أُصَلِّيَ؟ فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَيْتِ فَصَلَّى وَصَلَّيْنَا خَلْفَهُ رَكْعَتَيْنِ.] قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَذَلِكَ الْبَيْتُ يُصَلِّي فِيهِ النَّاسُ بِالْمَدِينَةِ إِلَى الْيَوْمِ. قَالَ وَمَاتَ عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ فِي وسط من خلافة معاوية بن أبي سفيان وليس له عقب. وقد انقرض أيضا ولد عَمْرِو بْنِ الْعَجْلانِ بْنِ زَيْدٍ وَدَرَجُوا فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ.
240- مليل بْن وبرة
بْن خَالِد بْن العجلان بْن زَيْد بْن غنم بْن سالم. وكان لمليل من الولد زَيْد وحبيبة وأمهما أم زَيْد بِنْت نضلة بْن مالك بن العجلان بن زيد بن غنم بْن سالم وهي عمة الْعَبَّاس بْن عُبَادة بْن نضلة. وشهد مليل بدْرًا وأحدًا وليس له عقب.
__________
240 المغازي 167. ابن هشام 706.
241- عصمة بْن الحصين
بْن وبرة بْن خَالِد بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم. وكان لعصمة من الولد ابنتان يُقَالُ لهما عفراء وأسماء تزوجتا فِي الأَنْصَار. وشهد عصمة بدْرًا فِي رواية مُحَمَّد بْن عُمَر وعبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري ولم يذكره محمد بن إسحاق وأبو معشر فيمن شهِدَ عندهما بدْرًا. قَالُوا:
وشهد أحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب. وقد انقرض أيضًا وُلِدَ خَالِد بْن العجلان بْن زَيْد ودرجوا فلم يبق منهم أحد.
242- ثابت بْن هزال
بْن عَمْرو بْن قربوس بْن غنم بْن أمية بْن لوذان بْن سالم بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الخزرج. شهِدَ ثابت بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقتل يوم اليمامة شهيدًا سنة اثنتي عشرة فِي خلافة أبي بكر الصديق وكان له عقب فانقرضوا. وقد انقرض أيضا ولد لوذان بن سالم بن عوف ودرجوا فلم يبق منهم أحد.
243- الربيع بن أياس
بن عمرو بن غنم بن أمية بن لوذان بن سالم بن
240 المغازي (167) ، ابن هشام (706) .
241 المغازي (167) ، ابن هشام (1/ 706) .
242 ابن هشام (1/ 694) .
243 المغازي (167) ، ابن هشام (1/ 674، 695) .(3/416)
عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الخزرج. شهِدَ بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
244- وأخوه وذفة بْن إياس
بْن عَمْرو بْن غنم بْن أمية بْن لوذان بْن سالم.
شهِدَ بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقتل يوم اليمامة شهيدًا سنة اثنتي عشرة في خلافة أبي بكر الصديق. رحمه الله عليه. وليس له عقب.
ولم يذكر عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ الرَّبِيع ووذفة ابني إياس فِي كتاب نسب الأَنْصَار ولم يولد عَمْرو بْن غنم بْن أمية.
وَمِنْ حُلَفَاءِ الْقَوَاقِلَةِ مِنْ بَنِي غُضَيْنَةَ وهم بنو عَمْرو بْن عمارة وغضينة أم لهم من بلي فنسبوا إليها
245- المجذر بن ذياد
بْن عَمْرو بْن زمزمة بْن عَمْرو بْن عمارة بْن مالك بْن عَمْرو بْن بثيرة بْن مشنوء بْن القسر بْن تميم بْن عوذ مناة بْن ناج بْن تيم بْن أراشة بْن عامر بْن عبيلة بْن قسيل بْن فران بْن بلي بْن عَمْرو بْن الحاف بْن قضاعة. وكان اسم المجذر عَبْد الله وهو قُتِلَ سُوَيْد بْن الصامت فِي الجاهلية فهيج قتله وقعة بعاث. ثُمَّ أسلم المجذر بْن ذياد والحارث بْن سُوَيْد بْن الصامت. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ المجذر بْن ذياد وبين عاقل بْن أبي البكير. وكان الْحَارِث بْن سُوَيْد يطلب غرة المجذر بْن ذياد ليقتله بأبيه. وشهدا جميعًا أحدًا فَلَمَّا جال النّاس تلك الجولة أتاه الْحَارِث بْن سويد من خلفه فضرب عنقه وقتله غيلة فأتى جِبْرِيلُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَأَخْبَرَه أن الْحَارِث بْن سُوَيْد قتل المجذر بْن ذياد غيلة وأمره أن يقتله به. فقتل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَارِث بْن سُوَيْد بالمجذر بْن ذياد. وكان الَّذِي ضرب عنقه بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عويم بْن ساعدة على باب مسجد قباء. وللمجذر بْن ذياد عقب بالمدينة وبغداد.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْيَمَانُ بْنُ مَعْنٍ عَنْ أَبِي وَجْزَةَ قَالَ: دُفِنَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ: المجذر بن ذياد والنعمان بن مالك وعبدة بن الحسحاس.
__________
245 المغازي (80) ، (95) ، (149) ، (167) ، (303) ، (304) ، (305) ، ابن هشام (1/ 288، 520، 629، 630، 695) .(3/417)
246- عبدة بْن الحسحاس
بْن عَمْرو بْن زمزمة بْن عَمْرو بْن عمارة بْن مالك. وهو ابن عم المجذر بْن ذياد وأخوه لأمه. هكذا قَالَ محمد بن عمر وعبد الله بن محمد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ: عبدة بْن الحسحاس. وأما محمد بْن إِسْحَاق وأبو معشر فقالا: عُبَادة بْن الخشخاش. وشهد بدْرًا وأحدًا وقتل يوم أحد شهيدا فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا مِن الهجرة وليس له عقب.
247- بحاث بْن ثَعْلَبَة
بْن خزمة بْن أصرم بْن عَمْرو بْن عمارة بْن مالك.
شهِدَ بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
248- وأخوه عَبْد الله بْن ثَعْلَبَة
بْن خزمة بْن أصرم بْن عَمْرو بْن عمارة بْن مالك. شهد بدرا وأحدا وتوفي وليس له عقب.
249- عُتْبة بْن ربيعة
بْن خَالِد بْن مُعَاوِيَة من بهراء حليف لبني غضينة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ بَشِيرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ شَهِدَ بَدْرًا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَأَصْحَابُنَا جَمِيعًا عَلَى ذَلِكَ: إِنَّ أَمْرَ هَذَا الْحَلِيفِ ثَبْتٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: هُوَ عُبَيْدَةُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ جُبَيْرٍ مِنْ بَنِي كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ بَحْنُونَ بْنِ نَامِ مَنَاةَ بْنِ شَبِيبِ بْنِ دُرَيْمِ بْنِ الْقَيْنِ بْنِ أَهْوَدَ بْنِ بَهْرَاءَ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ الأَنْصَارِيُّ: هُوَ مِنْ بَهْزٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمِ بْنِ مَنْصُورٍ. وَشَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا.
250- عَمْرو بْن إياس
بْن زَيْد بْن جشم حليف لهم من أهل اليمن من غسان. شهد بدرا وأحدا وتوفي وليس له عقب. سبعة عشر رجلًا.
وَمِنْ بَنِي سَاعِدَةَ بْنِ كعب بْن الخزرج بْن الحارث بْن الخزرج
251- المنذر بن عمرو
بن خنيس بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن
__________
246 المغازي (141) ، (168) ، (303) ، (310) ، ابن هشام (1/ 695) .
247 المغازي (168) ، ابن هشام (1/ 695) .
248 المغازي (168) .
249 المغازي (168) ، ابن هشام (راجع الفهرس) .
250 المغازي (167) ، ابن هشام (1/ 694، 695) .
251 المغازي (4) ، (9) ، (168) ، (347) ، (348) ، (353) ، ابن هشام (1/ 444، 449، 466، 495، 506، 696) .(3/418)
الخزرج بْن ساعدة وأمه هند بِنْت المنذر بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة. وكان المنذر يكتب بالعربية قبل الإسلام وكانت الكتابة في العرب قليلًا. ثُمَّ أسلم فشهد العقبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعا. وكان أحد النقباء الاثني عشر. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ المنذر بْن عمرو وطليب بن عمير فِي رواية مُحَمَّد بْن عُمَر. وأما محمد بن إسحاق فقال: آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بَيْنَ المنذر بْن عَمْرو وبين أبي ذَرّ الغفاري. قَالَ محمد بْن عُمَر: كيف يكون هَذَا هكذا؟ وإنما آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أصحابه قبل بدْر وأبو ذَرّ يومئذٍ غائب على المدينة. ولم يشهد بدرا ولا أحدا ولا الخندق وإنما قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -
المدينة بعد ذلك. وقد قطعت بدْر المؤاخاة حين نزلت آية الميراث. فالله أعلم أي ذلك كان. وشهد المنذر بْن عَمْرو بدْرًا وأحدًا وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أميرًا على أصحاب بئر معونة فقتل يومئذ شهيدا عَلَى رَأْسِ سِتَّةٍ وَثَلاثِينَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ. [وقال رسول الله. ص: أعنق المنذر ليموت. يقول مشى إِلَى الموت وهو يعرفه. وليس للمنذر عقب] .
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَرِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرٍو السَّاعِدِيَّ قُتِلَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ أَعْنَقَ لَيَمُوتَ. وَكَانَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ اسْتَصْرَخَ عَلَيْهِمْ بَنِي سُلَيْمٍ فَنَفَرُوا مَعَهُ فَقَتَلَهُمْ غَيْرَ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ أَخَذَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ فَأَرْسَلَهُ. [فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ رَسُولُ الله. ص: أَنْتَ مِنْ بَيْنِهِمْ] .
252- أَبُو دُجَانَةَ.
وَاسْمُهُ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ بْنِ لَوْذَانَ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة وأمه حزمة بِنْت حَرْمَلَة من بني زعب من بني سليم بْن مَنْصُور. وكان لأبي دجانة من الولد خَالِد وأمه آمنة بِنْت عَمْرو بْن الأجش من بني بهز
__________
252 المغازي (9) ، (76) ، (83) ، (86) ، (148) ، (150) ، (152) ، (168) ، (240) ، (241) ، (246) ، (249) ، (256) ، (259) ، (261) ، (269) ، (294) ، (307) ، (308) ، (372) ، (379) ، (380) ، (654) ، (668) ، (710) ، (902) ، (996) . وابن هشام (1/ 711) ، (713، 714، 715) ، (2/ 66، 68، 69، 82، 100، 128) .(3/419)
من بني سليم بْن مَنْصُور. وآخى رسول الله بين أبي دجانة وعتبة بْن غزوان. وشهد أَبُو دجانة بدْرًا وكانت عليه يوم بدْر عصابة حمراء.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أَبُو دُجَانَةَ يُعْلَمُ فِي الزُّحُوفِ بِعِصَابَةٍ حَمْرَاءَ وَكَانَتْ عَلَيْهِ يَوْمَ بَدْرٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرُ:
وَشَهِدَ أَيْضًا أَبُو دُجَانَةَ أُحُدًا وَثَبَتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَايَعَهُ عَلَى الْمَوْتِ.
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ سَيْفًا يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ؟ فَبَسَطُوا أَيْدِيَهُمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ يَقُولُ: أَنَا أَنَا. فَقَالَ: مَنْ يَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ؟ فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ فَقَالَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ أَبُو دُجَانَةَ: أَنَا آخُذُهُ بِحَقِّهِ. فَأَخَذَهُ فَفَلَقَ بِهِ هَامَ الْمُشْرِكِينَ] .
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ أَبَا دُجَانَةَ حِينَ أَعْطَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَيْفَهُ يَوْمَ أُحُدٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَ حَقَّهُ ارْتَجَزَ يَقُولُ:
أَنَا الَّذِي عَاهَدَنِي خَلِيلِي ... بِالشِّعْبِ ذِي السَّفْحِ لَدَى النَّخِيلِ
أَلا أَكُونَ آخِرَ الأُفُولِ ... اضْرِبْ بِسَيْفِ اللَّهِ والرسول
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: لَمَّا انْصَرَفُوا يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ عَلِيٌّ لِفَاطِمَةَ: خُذِي السَّيْفَ غَيْرَ ذَمِيمٍ. فَقَالَ رَسُولُ الله. ص: إن كنت أحسنت القتال فقد أسنه الْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ وَأَبُو دُجَانَةَ. وَذَلِكَ يَوْمَ أُحُدٍ] .
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: دُخِلَ عَلَى أَبِي دُجَانَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ وَكَانَ وَجْهُهُ يَتَهَلَّلُ فَقِيلَ لَهُ: مَا لِوَجْهِكَ يَتَهَلَّلُ؟ فَقَالَ: مَا مِنْ عَمَلِي شَيْءٌ أَوْثَقُ عِنْدِي مِنَ اثْنَتَيْنِ. أَمَّا إِحْدَاهُمَا فَكُنْتُ لا أَتَكَلَّمُ فِيمَا لا يَعْنِينِي.
وَأَمَّا الأُخْرَى فَكَانَ قَلْبِي لِلْمُسْلِمِينَ سَلِيمًا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرُ: وَشَهِدَ أَبُو دُجَانَةَ الْيَمَامَةَ وَهُوَ فِيمَنْ شَرَكَ فِي قَتْلِ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ. وَقُتِلَ أَبُو دُجَانَةَ يومئذ شهيدًا سنة اثنتي عشرة فِي خلافة أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. وَلأَبِي دُجَانَةَ عَقِبٌ الْيَوْمَ بِالْمَدِينَةِ وَبَغْدَادَ.
253- أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ.
وَاسْمُهُ مَالِكُ بن ربيعة بن اليدي بن عامر بن
__________
253 المغازي (76) ، (99) ، (103) ، (104) ، (150) ، (151) ، (168) ، (274) ، (294) ، (426) ، (800) ، (877) ، (896) . ابن هشام (1/ 633، 696، 715) .(3/420)
عوف بن حارثة أبي عَمْرو بْن الخزرج بْن ساعدة. وأمه عمرة بِنْت الْحَارِث بْن حبل بْن أمية بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة. وكان لأبي أسيد من الولد أسيد الأكبر والمنذر وأمهما سلامة بِنْت وهب بْن سلامة بْن أمية بْن حارثة بْن عَمْرو بْن الخزرج بْن ساعدة. وغليظ بْن أبي أسيد وأمه سلامة بِنْت ضمضم بْن مُعَاوِيَة بْن سكن من بني فزارة من قَيْس. وأسيد الأصغر وأمه أم وُلِدَ. وميمونة وأمها فاطمة بِنْت الحكم من بني ساعدة ثُمَّ من بني قشبة. وحبانة وأمها الرباب من بني محارب بن خصفة من قيس عيلان. وحفصة وفاطمة وأمهما أم وُلِدَ. وحمزة وأمه سلامة بِنْت والان بْن مُعَاوِيَة بْن سكن بن خديج من بني فزارة من قَيْس عيلان. وشهد أَبُو أسيد بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكانت معه راية بني ساعدة يوم الْفَتْحِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ بَعْدَ أَنْ ذَهَبَ بَصَرُهُ قَصِيرًا دَحْدَاحًا أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ فَرَأَيْتُ رَأْسَهُ كَثِيرَ الشَّعْرِ.
أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا أُسَيْدٍ يُحْفِي شَارِبَهُ كَأَخِي الْحَلْقِ.
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ عَنِ ابن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ:
رَأَيْتُ أَبَا أُسَيْدٍ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ وَنَحْنُ فِي الْكُتَّابِ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ:
رَأَيْتُ أَبَا أُسَيْدٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا قَتَادَةَ وَابْنَ عُمَرَ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ فِي الْكُتَّابِ فَنَجِدُ مِنْهُمْ رِيحَ الْعَبِيرِ وَهُوَ الْخَلُوقُ وَيُصَفِّرُونَ بِهِ لِحَاهُمْ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ أَنَّهُمَا نَزَعَا مِنْ يَدِ أَبِي أُسَيْدٍ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ.
وَكَانَ بَدْرِيًّا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَمَاتَ أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ بِالْمَدِينَةِ عَامَ الْجَمَاعَةِ سَنَةَ سِتِّينَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً وَلَهُ عَقِبٌ بِالْمَدِينَةِ وَبَغْدَادَ.
254- مالك بن مسعود
بن اليدي بْنِ عَامِرِ بْن عوف بْن حارثة بْن عمرو بن
__________
254 المغازي (168) ، ابن هشام (1/ 696) .(3/421)
الخزرج بن ساعدة. شهد بدرا وأحدا وتوفي وليس له عقب.
255- عبد رب بن حق
بن أوس بن قيس بْن ثعلبة بْن طريف بْن الخزرج بْن ساعدة. هكذا اسمه ونسبه في رواية موسى بْنِ عُقْبَةَ وَأَبِي مَعْشَرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ. وقال محمد بن إسحاق وحده: عبد الله بن حق. وأما عبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري فقال: هو عبد رب بن حق بن أوس بن عامر بن ثعلبة بن وقش بْن ثعلبة بْن طريف بْن الخزرج بْن ساعدة. وشهد عبد رب بن حق بدرا وأحدا وتوفي وليس له عقب.
ومن حلفاء بني ساعدة بْن كعب بْن الخزرج
256- زياد بْن كعب
بْن عَمْرو بْن عدي بْن عامر بْن رفاعة بْن كليب بْن مودعة بْن عدي بْن غنم بْن الرَّبْعَةِ بْنِ رَشْدَانَ بْنِ قَيْسِ بْنِ جُهَيْنَةَ. شهِدَ بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
257- وابن أَخِيهِ ضمرة بْن عَمْرو
بْن عَمْرو بْن كعب بْن عَمْرو بْن عدي بْن عامر بْن رفاعة بْن كليب بْن مودعة. شهِدَ بدْرًا وأحدًا وقتل يومئذٍ شهيدًا فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا مِن الهجرة. وذكروا أن له عقبًا انتسب بعضهم إِلَى بسبس بْن عَمْرو بْن ثَعْلَبَة الجهني.
258- بسبس بْن عَمْرو
بْن ثَعْلَبَة بْن خرشة بْن زَيْد بن عَمْرو بْن سعد بْن ذبيان بْن رشدان بْن قَيْس بْن جهينة. شهِدَ بدْرًا وأحدًا وليس له عقب.
259- كعب بْن جماز
بْن مالك بْن ثَعْلَبَة حليف لهم من غسان. هكذا قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر وعَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ. وأما محمد بْن إِسْحَاق وأبو معشر فنسباه إِلَى جهينة. وأما مُوسَى بْن عُقْبَة فذكره باسمه واسم أَبِيهِ ولم ينسبه إِلَى أحد من العرب. وشهد كعب بْن جماز بدْرًا وأحدًا وليس له عقب. تسعة نفر.
__________
257 المغازي (168) .
258 المغازي (22) ، (40) ، (51) ، (169) ، ابن هشام (1/ 614، 617، 696) .
259 المغازي (168) ، ابن هشام (1/ 696) .(3/422)
561/ 3
وَمِنْ بَنِي جُشَمَ بْنِ الْخَزْرَجِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم ثم من بني حرام ابن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة
260- عبد الله بن عمرو
بن حرام بن ثعلبة بن حرام بن كعب بن غنم بْن كعب بْن سَلَمَة. ويكنى أَبَا جَابِر وأمه الرباب بِنْت قَيْس بْن القريم بْن أمية بْن سِنَان بْن كعب بْن غنم بْن كعب بْن سَلَمَة وأمها هند بِنْت مالك بْن عامر بْن بياضة. وكان لعبد الله بْن عَمْرو من الولد جَابِر شهِدَ العقبة وأمه أنيسة بِنْت عنمة بْن عدي بن سنان بن نابئ بن عمرو بن سواد. وشهد عَبْد الله بْن عَمْرو العقبة مع السبعين من الأَنْصَار وهو أحد النقباء الاثني عشر. وشهد بدْرًا وأحدًا وقتل يومئذٍ شهيدًا عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا من الهجرة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ أَبِي يَوْمَ أُحُدٍ أَتَيْتُهُ وَهُوَ مُسَجًّى فَجَعَلْتُ أَكْشِفُ عَنْ وَجْهِهِ وَأُقَبَّلُهُ وَالنَّبِيُّ يَرَانِي فَلَمْ يَنْهَنِي.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ أَبِي يَوْمَ أُحُدٍ جَعَلْتُ أَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ وَأَبْكِي وَجَعَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْهَوْنَنِي وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يَنْهَانِي. [قَالَ وَجَعَلَتْ عَمَّتِي فَاطِمَةُ بنت عمرو تبكي عليه فقال النبي. ص: تبكيه أَوْ لا تُبَكِّيهِ. مَا زَالَتِ الْمَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ] .
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أُصِيبَ أَبِي وَخَالِي يَوْمَ أُحُدٍ فَجَاءَتْ بِهِمَا أُمِّي قَدْ عَرَضَتْهُمَا عَلَى نَاقَةٍ. أَوْ قَالَ عَلَى جَمَلٍ. فَأَقْبَلَتْ بِهِمَا إِلَى المدينة فنادى منادي رسول الله. ص: ادْفِنُوا الْقَتْلَى فِي مَصَارِعِهِمْ. قَالَ فَرُدَّا حَتَّى دُفِنَا فِي مَصَارِعِهِمَا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أنس أن عبد الله بن
__________
260 المغازي (9) ، (22) ، (24) ، (169) ، (219) ، (265) ، (266) ، (267) ، (268) ، (306) ، (310) ، (312) ، (400) ، (401) ، ابن هشام (2/ 64، 98، 126) .(3/423)
عَمْرٍو وَعَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ كفنا في كفن واحد وقبر واحد.
[أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا خَرَجَ لِدَفْنِ شُهَدَاءِ أُحُدٍ قَالَ: زَمِّلُوهُمْ بِجِرَاحِهِمْ فَإِنِّي أَنَا الشَّهِيدُ عَلَيْهِمْ. مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَسِيلُ دَمًا اللَّوْنُ لَوْنُ الزَّعْفَرَانِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ] . قَالَ جَابِرٌ: وَكُفِّنَ أَبِي فِي نَمِرَةٍ وَاحِدَةٍ وكان يقول. ص: أَيُّ هَؤُلاءِ كَانَ أَكْثَرَ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى الرَّجُلِ قَالَ: قَدِّمُوهُ فِي اللَّحْدِ قَبْلَ صَاحِبِهِ. قَالُوا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ أَوَّلَ قَتِيلٍ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ. قَتَلَهُ سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ شَمْسٍ أَبُو أَبِي الأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ. فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل الهزيمة [وقال رسول الله. ص: ادْفِنُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو وَعَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ لِمَا كَانَ بَيْنَهُمَا مِنَ الصَّفَاءِ. وَقَالَ: ادْفِنُوا هَذَيْنِ الْمُتَحَابَّيْنِ فِي الدُّنْيَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ] . قَالَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو رَجُلا أَحْمَرَ أَصْلَعَ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ. وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ رَجُلا طَوِيلا فَعُرِفَا فَدُفِنَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ. وَكَانَ قَبْرُهُمَا مِمَّا يَلِي الْمَسِيلَ فَدَخَلَهُ السَّيْلُ فَحُفِرَ عَنْهُمَا وَعَلَيْهِمَا نَمِرَتَانِ وَعَبْدُ اللَّهِ قَدْ أَصَابَهُ جُرْحٌ فِي وَجْهِهِ فَيَدُهُ عَلَى جُرْحِهِ فَأُمِيطَتْ يَدَهُ عَنْ جُرْحِهِ فَانْبَعَثَ الدَّمُ فَرُدَّتْ يَدُهُ إِلَى مَكَانِهَا فَسَكَنَ الدَّمُ. قَالَ جَابِرٌ: فَرَأَيْتُ أَبِي فِي حُفْرَتِهِ كَأَنَّهُ نَائِمٌ وَمَا تَغَيَّرَ مِنْ حَالِهِ قَلِيلٌ وَلا كَثِيرٌ. فَقِيلَ لَهُ: فَرَأَيْتَ أَكْفَانَهُ؟ قَالَ: إِنَّمَا كُفِّنَ فِي نَمِرَةٍ خُمِرَ بِهَا وَجْهُهُ وَجُعِلَ عَلَى رِجْلَيْهِ الْحَرْمَلُ فَوَجَدْنَا النَّمِرَةَ كَمَا هِيَ وَالْحَرْمَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ عَلَى هَيْئَتِهِ وَبَيْنَ ذَلِكَ سِتٌّ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً. فَشَاوَرَهُمْ جَابِرٌ فِي أَنْ يُطَيَّبَ بِمِسْكٍ فَأَبَى ذَلِكَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالُوا: لا تُحْدِثُوا شَيْئًا. وَحُوِّلا مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ وَذَلِكَ أَنَّ الْقَنَاةَ كَانَتْ تَمُرُّ عَلَيْهِمَا. وَأُخْرِجُوا رِطَابًا يَتَثَنَّوْنَ.
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: صَرَخَ بِنَا إِلَى قَتْلانَا يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ أَجْرَى مُعَاوِيَةُ الْعَيْنَ فَأَخْرَجْنَاهُمْ بَعْدَ أَرْبَعِينَ سنة لينة أجسادهم تتثنى أَطْرَافُهُمْ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ فِي الْقَبْرِ فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَخْرَجْتُهُ فَدَفَنْتُهُ وَحْدَهُ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو هِلالٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ أَبُو مَسْلَمَةَ(3/424)
عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ لَهُ: إِنِّي أَرْجُو أَنْ أَكُونَ فِي أَوَّلِ مَنْ يُصَابُ غَدًا فَأَوْصِيكَ بِبَنَاتِ عَبْدِ اللَّهِ خَيْرًا. فَأُصِيبَ فَجَعَلْنَا الاثْنَيْنِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ فَدَفَنْتُهُ مَعَ آخَرَ فِي قَبْرٍ فَلَبِثْنَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ. ثُمَّ إِنَّ نَفْسِي لَمْ تَدَعْنِي حَتَّى أَدْفِنَهُ وَحْدَهُ فَاسْتَخْرَجْتُهُ مِنَ الْقَبْرِ فَإِذَا الأَرْضُ لَمْ تَأْكُلْ شَيْئًا مِنْهُ إِلا قَلِيلًا مِنْ شَحْمَةِ أُذُنِهِ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ أَبِي مَسْلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: دُفِنَ مَعَ أَبِي فِي قَبْرِهِ رَجُلٌ أَوْ رَجُلانِ فَكَانَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ حَاجَةٌ فَأَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَحَوَّلْتُهُ فَمَا أَنْكَرْتُ مِنْهُ شَيْئًا إِلا شَعَرَاتٍ كُنَّ فِي لِحْيَتِهِ مِمَّا يَلِي الأَرْضَ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بن دكين قال: أخبرنا زكرياء بْنُ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَاهُ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ. قَالَ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: إِنَّ أَبِي تَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا وَلَيْسَ عِنْدَنَا إِلا مَا يُخْرِجُ نَخْلُهُ فَلا يَبْلُغُ مَا يُخْرِجُ نَخْلُهُ سَنَتَيْنِ مَا عَلَيْهِ فَانْطَلِقْ مَعِي لِكَيْلا يُفْحِشْ عَلَيَّ الْغُرَمَاءُ. قَالَ فَمَشَى حَوْلَ بَيْدَرٍ مِنْ بَيَادِرِ التَّمْرِ وَدَعَا ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ وَقَالَ: أَيْنَ غُرَمَاؤُهُ؟ فَأَوْفَاهُمُ الَّذِي لَهُمْ وَبَقِيَ مِثْلُ الَّذِي أَعْطَاهُمْ.
261- خِرَاشُ بْنُ الصِّمَّةِ
بْنِ عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سَلَمَة وأمه أم حبيب بِنْت عَبْد الرَّحْمَن بْن هلال بْن عمير بْن الأخطم من أَهْل الطائف. ويقال لخراش قائد الفرسين. وكان لخراش من الولد سَلَمَة وأمه فكيهة بِنْت يزيد بْن قيظي بْن صخر بْن خنساء بْن سِنَان بْن عُبَيْد من بني سَلَمَة.
وعبد الرَّحْمَن وعائشة وأمهما أم وُلِدَ. وكان لخراش عقب فانقرضوا فلم يبق منهم أحد.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أُسَامَةَ عَنْ أَبِي جَابِرٍ عَنْ أَبِيهِمَا أَنَّ مُعَاذَ بْنَ الصِّمَّةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ أَخَا خِرَاشٍ شَهِدَ بَدْرًا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرُ: وَلَيْسَ بِثَبْتٍ وَلا مُجْمَعٍ عَلَيْهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرُ: وَكَانَ خِرَاشُ بْنُ الصِّمَّةِ مِنَ الرماة المذكورين مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَجُرِحَ يوم أحد عشر جراحات.
__________
261 المغازي (24) ، (139) ، (169) ، (243) ، (335) ، (388) ، ابن هشام (1/ 651، 696، 697) .(3/425)
262- عمير بن حرام
بْن عَمْرو بْن الجموح بْن زَيْد بْن حرام بْن كعب. شهِدَ بدْرًا فِي رواية مُحَمَّد بْن عُمَر وعَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ ولم يذكره موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبو معشر فيمن شهِدَ عندهم بدْرًا. وتُوُفِّي وليس له عقب.
263- عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ
بْنِ الجموح بن زيد بن حرام بن كعب وأمه النوار بِنْت عامر بْن نابئ بْن زَيْد بْن حرام بْن كعب. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عمير بن الحمام وعبيدة بْن الْحَارِث وقتلا يوم بدْر جميعًا.
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي قُبَّةٍ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَالَ: قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ. فَقَالَ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ: بخ بخ. فقال رسول الله. ص: لِمَ تُبَخْبِخُ؟ قَالَ: أَرْجُو أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا. قَالَ: فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا. قَالَ فَانْتَثَلَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ فَجَعَلَ يَلُوكُهُنَّ ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ بَقِيتُ حَتَّى أَلُوكَهُنَّ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ. فَنَبَذَهُنَّ وَقَاتِلَ حَتَّى قُتِلَ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: أَوَّلُ قَتِيلٍ قُتِلَ مِنَ الأَنْصَارِ فِي الإِسْلامِ عُمَيْرُ بْن الْحُمَامِ. قَتَلَهُ خَالِدُ بْن الأَعْلَمِ.
قال محمد بن عمر وعبد الله بن مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ الأَنْصَارِيُّ: وَلَيْسَ لِعُمَيْرِ بْنِ الْحُمَامِ عَقِبٌ.
264- مُعَاذ بْن عَمْرو
بْن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب وأمه هند بِنْت عَمْرو بْن حرام بْن ثَعْلَبَة بْن حرام بْن كعب. وكان لمعاذ من الولد عَبْد الله وأمامة وأمهما ثبيتة بِنْت عَمْرو بْن سعد بْن مالك بْن حارثة بْن ثَعْلَبَة بْن عَمْرو بْن الخزرج من بني ساعدة. شهِدَ مُعَاذ العقبة فِي روايتهم جميعًا وشهد بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
265- وأخوه معوذ بن عَمْرو
بْن الجموح بْن زَيْد بْن حرام وأمه هند بِنْت
__________
262 المغازي (169) .
263 المغازي (65) ، (146) ، (147) ، (169) ، ابن هشام (1/ 627، 697، 707) .
264 المغازي (87) ، (88) ، (91) ، (100) ، (149) ، (169) ، ابن هشام (1/ 452، 463، 634، 697، 710) .
265 المغازي (169) ، ابن هشام (1/ 697) .(3/426)
عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام. شهِدَ بدْرًا فِي رواية مُوسَى بْن عُقْبَةَ وَأَبِي مَعْشَرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ ولم يذكره محمد بن إسحاق فيمن شهد عنده بدرا. وشهد أحدا وليس له عقب.
266- وأخوهما خلاد بْن عَمْرو
بْن الجموح بْن زَيْد بْن حرام وأمه هند بِنْت عَمْرو بْن حرام بْن ثَعْلَبَة بْن حرام. شهِدَ بدْرًا فِي روايتهم جميعًا وشهد أحدا وليس له عقب.
267- الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ
بْنِ الجموح بن زيد بن حرام بن كعب ويكنى أَبَا عَمْرو وأمه الشموس بِنْت حق بن أمة بن حرام. وكان لحباب من الولد خشرم وأم جميل وأمهما زينب بِنْت صيفي بْن صخر بْن خنساء من بني عُبَيْد بْن سَلَمَة. والحباب هُوَ خال المنذر بْن عَمْرو الساعدي أحد النقباء وهو الَّذِي قُتِلَ يوم بئر معونة. [وقال له رسول الله. ص: أعنق ليموت. وشهد الْحُبَاب بدْرًا] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - نزل مَنْزِلا يَوْمَ بَدْرٍ فَقَالَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ: لَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلٍ. انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أَدْنَى مَاءٍ إِلَى الْقَوْمِ ثُمَّ نَبْنِي عَلَيْهِ حَوْضًا ونقذف فيه الآنية فنشرب ونقاتل ونعور مَا سِوَاهَا مِنَ الْقُلُبِ. قَالَ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ. ع. على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: الرَّأْيُ مَا أَشَارَ بِهِ الْحُبَابُ بْنُ المنذر. فقال رسول الله. ص: يَا حُبَابُ أَشَرْتَ بِالرَّأْيِ. فَنَهَضَ رَسُولُ اللَّهِ ص. فَفَعَلَ ذَلِكَ] .
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
اسْتَشَارَ النَّاسَ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَامَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ فَقَالَ: نَحْنُ أَهْلُ الْحَرْبِ أَرَى أَنْ نعور الْمِيَاهَ إِلا مَاءً وَاحِدًا نَلْقَاهُمْ عَلَيْهِ. قَالَ وَاسْتَشَارَهُمْ يَوْمَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ. قَالَ فَقَامَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ فَقَالَ: أَرَى أَنْ نَنْزِلَ بَيْنَ الْقُصُورِ فَنَقْطَعَ خَبَرَ هَؤُلاءِ عَنْ هَؤُلاءِ وَخَبَرَ هؤلاء عن
__________
266 المغازي (23) ، (169) ، (265) ، (266) ، (206) ، ابن هشام (1/ 297) .
267 المغازي (53) ، (54) ، (58) ، (83) ، (84) ، (85) ، (142) ، (150) ، (169) ، (207) ، (215) ، (234) ، (240) ، (256) ، (257) ، (334، (387) ، (405) ، (498) ، (515) ، (574) ، (643) ، (649) ، (659) ، (662) ، (663) ، (667) ، (710) ، (895) ، (925) ، (926) ، (985) ، (996) . ابن هشام (1/ 620، 696) .(3/427)
هَؤُلاءِ. فَأَخَذَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ:
كَانَ لِوَاءُ الْخَزْرَجِ يَوْمَ بَدْرٍ مَعَ الْحُبَابِ بْنِ الْمُنْذِرِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرُ: شَهِدَ الْحُبَابُ بَدْرًا وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً. وَأَجْمَعُوا جَمِيعًا عَلَى شُهُودِهِ بَدْرًا ولم يذكره محمد بن إسحاق فيمن شهد عِنْدَهُ بَدْرًا. وَهَذَا عِنْدَنَا مِنْهُ وَهَلٌ لأَنَّ أَمْرَ الْحُبَابِ بْنِ الْمُنْذِرِ فِي بَدْرٍ مَشْهُورٌ. وَشَهِدَ الْحُبَابُ أُحُدًا وَثَبَتَ يَوْمَئِذٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَايَعَهُ عَلَى الْمَوْتِ وَشَهِدَ الْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَهِدَ سَقِيفَةَ بَنِي سَاعِدَةَ حِينَ اجْتَمَعَتِ الأَنْصَارُ لِتُبَايِعَ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ. وَحَضَرَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينِ فَتَكَلَّمُوا فَقَالَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ: أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ. مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ. ثُمَّ بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ وَتَفَرَّقُوا. وَتُوُفِّيَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ.
268- عُقْبَة بْن عامر
بْن نابئ بن زيد بن حرام بن كعب وأمه فكيهة بِنْت سكن بْن زَيْد بْن أمية بْن سِنَان بْن كعب بْن عدي بن كعب بْن سَلَمَة وليس له عقب.
وشهد عقبة العقبة الأولى ويجعل في الستة النفر الذين أسلموا بمكّة أوّل الأَنْصَار الّذين لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُمْ أَحَدٌ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَر: وَهُوَ الثَّبْتُ عِنْدَنَا. وشهد عُقْبَة بدْرًا وأحدًا وأعلم يومئذٍ بعصابة خضراء فِي مغفرة وشهد الخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وشهد يوم اليمامة. وقتل يومئذٍ شَهِيدًا سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَذَلِكَ فِي خِلافَةِ أبي بكر الصديق رحمة الله عليه.
269- ثابت بْن ثَعْلَبَة
بْن زَيْد بْن الْحَارِث بْن حرام بْن كعب. وأمه أم أناس بِنْت سعد من بني عذرة ثُمَّ من بني سعد هذيم ثُمَّ من قضاعة. وهو الَّذِي يُقَالُ له ثابت بْن الجذع والجذع ثَعْلَبَة بْن زَيْد وسمي بِذَلِك لشدة قلبه وصرامته. وكان لثابت من الولد عَبْد الله والحارث وأم أناس وأمهم أمامة بِنْت عُثْمَان بْن خلدة بْن مَخْلَد بْن عامر بْن زريق من الخزرج وكانت لهم بقية فانقرضوا. قَالَ مُحَمَّد بْن سعد: وذكر لي أن قومًا انتسبوا إليه حديثًا من الزمان ويقولون هُوَ ثابت بْن ثَعْلَبَة الجذع. وشهد ثابت العقبة مع السبعين من الأَنْصَار فِي روايتهم جميعًا. وشهد ثابت بدْرًا وأحدًا والخندق
__________
268 المغازي (169) ، (1015) ، ابن هشام (1/ 242، 430، 432، 697) .
269 المغازي (81) ، (148) ، (169) ، (938) ، ابن هشام (1/ 697) .(3/428)
والحديبية وخيبر وفتح مكة ويوم الطائف. وقتل يومئذٍ شهيدًا.
270- عمير بْن الْحَارِث
بْن ثَعْلَبَة بن الحارث بن حرام بْن كعب وهو فِي رواية مُوسَى بْن عُقْبَة عمير بْن الْحَارِث بْن لبدة بْن ثَعْلَبَة بْن الْحَارِث. وأمه كبشة بِنْت نابئ بْن زَيْد بْن حرام من بني سَلَمَة. شهِدَ العقبة فِي روايتهم جميعًا وشهد بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
ومن موالي بني حرام بْن كعب
271- تميم مَوْلَى خراش
بْن الصمة. آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ تميم مَوْلَى خراش بْن الصمة وبين خَبَّاب مَوْلَى عُتْبة بْن غزوان. وشهد تميم بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
272- حبيب بْن الأسود.
مَوْلَى لبني حرام. هكذا قال محمد بن إسحاق وأبو معشر ومحمد بْن عُمَر: حبيب بن الأسود. وقال مُوسَى بْن عُقْبَة فِي روايته:
حبيب بن سعد مَوْلَى لهم. شهِدَ بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
__________
270 المغازي 169. ابن هشام 1/ 463. 697.
271 المغازي 139. 169. ابن هشام 1/ 697.
272 المغازي 169. ابن هشام 1/ 697.
وَمِنْ بَنِي عُبَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ غَنْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلَمَةَ وهم دعوة على حدة
273- بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورِ بْنِ صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد.
وأمه خُلَيْدَةُ بِنْت قَيْس بْن ثَابِتِ بْن خَالِد من أشجع ثُمَّ من بني دهمان. شهِدَ العقبة فِي روايتهم جميعًا وكان من الرماة المذكورين مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ بِشْر بن البراء بن معرور وبين واقد بْن عَبْد الله التّميميّ حليف بني عدي. وشهد بِشْر بدْرًا وأحدًا والخندق والحديبية وخيبر مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأكل مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم خيبر من الشاة التي أهدتها له اليهودية وكانت مسمومة. فلما
270 المغازي (169) ، ابن هشام (1/ 463، 697) .
271 المغازي (139) ، (169) ، ابن هشام (1/ 697) .
272 المغازي (169) ، ابن هشام (1/ 697) .
273 المغازي (169) ، (243) ، (296) ، (591) ، (673) ، (678) ، (679) ، (800) ، (837) ، ابن هشام (1/ 461، 547، 697) .(3/429)
ازدرد بشر أكلته لم يرم مَكَانِهِ حَتَّى عَادَ لَوْنُهُ كَالطَّيْلَسَانِ وَمَاطَلَهُ وَجَعُهُ سَنَةً لا يَتَحَوَّلُ إِلا مَا حُوِّلَ ثُمَّ مات منه. ويقال لم يرم من مكانه حَتَّى مات.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سلمة عن أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْمُنْذِرِ قَالَ: [وَأَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كعب مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ سَيِّدُكُمْ يَا بَنِي سَلِمَةَ؟ قَالُوا:
الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ عَلَى أَنَّهُ رَجُلٌ فِيهِ بُخْلٌ. قَالَ: وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ! بَلْ سَيِّدُكُمْ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ.]
274- عَبْد الله بْن الجد
بْن قَيْس بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد وأمه هند بِنْت سهل من جهينة ثُمَّ من بني الربعة. وأخوه لأمه مُعَاذ بْن جبل. شهِدَ عَبْد الله بدْرًا وأحدًا وكان أَبُوهُ الجد بْن قَيْس يكنى أَبَا وهب. وكان قد أظهر الْإِسْلَام وَغَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غزوات. وكان منافقًا وفيه نزل حين غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تبوك:
«وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا» التوبة: 49. وليس لعبد الله بْن الجد عقب والعقب لأخيه مُحَمَّد بْن الجد بْن قَيْس.
275- سِنَان بْن صيفي
بْن صخر بْن خنساء بْن عُبَيْد وأمه نائلة بِنْت قَيْس بْن النُّعمان بْن سِنَان من بني سَلَمَة. وكان لسنان بْن صيفي من الولد مَسْعُود وأمه أم وُلِدَ.
وشهد سِنَان العقبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعا. وشهد بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
276- عُتْبة بْن عَبْد الله
بْن صخر بْن خنساء بْن سِنَان بْن عُبَيْد وأمه بسرة بِنْت زَيْد بْن أمية بْن سِنَان بْن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة. شهد بدرا وأحدا وتوفي وليس له عقب.
277- الطفيل بْن مالك
بْن خنساء بْن سِنَان بن عبيد وأمه أسماء بنت القين بن
__________
274 المغازي (169) ، (992) ، ابن هشام (1/ 697) .
275 المغازي (169) ، ابن هشام (1/ 461، 697) .
276 المغازي (169) ، ابن هشام (1/ 697) .
277 ابن هشام (1/ 461، 697) .(3/430)
كعب بْن سواد من بني سَلَمَة. وكان للطفيل بْن مالك من الولد عَبْد الله والربيع وأمهما أدام بِنْت قرط بْن خنساء بْن سِنَان بْن عُبَيْد من بني سَلَمَة. وشهد الطفيل بْن مالك العقبة فِي روايتهم جميعًا وشهد بدْرًا وأحدًا وكان له عقب فانقرضوا ودرجوا.
278- الطفيل بْن النُّعمان
بن خنساء بْن سِنَان بْن عُبَيْد وأمه خنساء بِنْت رئاب بن النعمان بن سنان بن عبيد وهي عمة جَابِر بْن عَبْد الله بْن رئاب. وشهد الطفيل العقبة فِي روايتهم جميعًا وشهد بدْرًا وأحدًا وجرح بأحد ثلاثة عشر جرحًا وشهد الخندق وقتل يومئذٍ شهيدًا. قتله وحشي فكان يقول: أكرم الله حَمْزَة بْن عَبْد المطلب والطفيل بْن النُّعمان بيدي ولم يهني بأيديهما. يعني أقتل كافرا. وكان للطفيل بْن النُّعمان من الولد بِنْت يُقَالُ لها الرَّبِيع تزوجها أَبُو يحيى عَبْد الله بْن عَبْد مناف بْن النُّعمان بْن سِنَان بْن عُبَيْد فولدت له. وأمها أسماء بِنْت قرط بْن خنساء بْن سِنَان بْن عُبَيْد. وليس للطفيل بْن النُّعمان عقب.
279- عَبْد الله بْن عَبْد مناف
بْن النُّعمان بْن سِنَان بْن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بْن سَلَمَة. ويكنى أَبَا يحيى وأمه حميمة بِنْت عُبَيْد بْن أبي كعب بْن القين بْن كعب بْن سواد من بني سَلَمَة. وكان لعبد الله بْن عَبْد مناف بِنْت يقال لها أيضا حميمة وأمها الربيع وهي الربيع بِنْت الطفيل بْن النُّعمان بْن خنساء بْن سِنَان بْن عُبَيْد.
وشهد عَبْد الله بْن عَبْد مناف بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
280- جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِئَابِ بن النعمان بن سنان بن عبيد
وأمه أم جَابِر بِنْت زُهَير بْن ثَعْلَبَة بْن عُبَيْد من بني سَلَمَة. ويجعل جَابِر فِي الستة النفر الّذين أسلموا من الأَنْصَار أوّل من أسلم منهم بمكّة. وشهد جَابِر بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - أحاديث وتُوُفِّي وليس له عقب.
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا همام بن يحيى عن الكلبي في قوله: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ. قَالَ: يَمْحُو مِنَ الرِّزْقِ وَيَزِيدُ فِيهِ وَيَمْحُو من الأجل ويزيد فيه.
__________
278 المغازي (335) ، (473) ، (496) ، ابن هشام (1/ 461، (697) .
279 المغازي (170) ، ابن هشام (1/ 968) .
280 المغازي (170) ، ابن هشام (1/ 698) .(3/431)
فَقُلْتُ لَهُ: مَنْ حَدَّثَكَ؟ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رئاب الأنصاري عن النبي. ص] .
[أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنِ ابْنِ صَالِحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِئَابٍ الأَنْصَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ في هذه الآية: «ُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ»
يونس: 64. قَالَ هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْعَبْدُ أَوْ تُرَى لَهُ.]
281- خليد بْن قَيْس
بْن النُّعمان بْن سِنَان بن عُبَيْد وأمه أدام بِنْت القين بْن كعب بْن سواد من بني سلمة. هكذا قال محمد بن إسحاق ومحمد بن عُمَر: خليد.
وقال مُوسَى بْن عُقْبَة وأبو معشر: خليدة بْن قَيْس. وقال غيرهما: هُوَ خالدة بْن قَيْس.
وقال عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ: هُوَ خَالِد بْن قَيْس. وقد شهِدَ معه أيضًا بدْرًا أخ له من أَبِيهِ وأمه يُقَالُ له خلاد ولم يذكر مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إسحاق وأبو معشر ومحمد بْن عُمَر خلادًا فيمن شهِدَ بدْرًا ولا أظنه بثبت. وشهد خليد بن قَيْس بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
282- يزيد بْن المنذر
بْن سرح بْن خناس بْن سِنَان بْن عُبَيْد. شهد العقبة مع السبعين من الأَنْصَار فِي روايتهم جميعًا. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ يزيد بن المنذر وعامر بْن ربيعة حليف بني عدي بن كعب. وشهد يزيد بْن المنذر بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب. وذكر عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ أن قومًا انتسبوا إِلَى يزيد بْن المنذر حديثًا من الزمان وذلك باطل.
283- وأخوه معقل بْن المنذر
بْن سرح بْن خناس بْن سِنَان بْن عُبَيْد. شهد العقبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعا وشهد بدرا وأحدا وتُوُفِّي وليس له عقب.
284- عَبْد الله بْن النُّعمان
بْن بلذمة بْن خناس بْن سِنَان بن عبيد. هكذا
__________
281 المغازي (170) ، ابن هشام (1/ 698) .
282 المغازي (170) ، ابن هشام (1/ 461، 698) .
283 المغازي (170) ، ابن هشام (1/ 461، 698) .
284 المغازي (170) ، ابن هشام (1/ 698) .(3/432)
قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر. بلذمة. وقال مُوسَى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبو معشر:
بلدمة. وقال عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ: بلدمة هُوَ ابن عم أبي قَتَادَة بْن ربعي بْن بلدمة. وشهد عَبْد الله بْن النُّعمان بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
285- جبار بْن صخر
بْن أمية بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة وأمه عتيكة بِنْت خرشة بْن عَمْرو بْن عُبَيْد بْن عامر بْن بياضة ويكنى جبار أَبَا عَبْد الله. وشهد العقبة فِي روايتهم جميعًا مع السبعين من الأَنْصَار.
وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ جبار بْن صخر والمقداد بْن عَمْرو. وشهد جبار بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يبعثه خارصًا إِلَى خيبر وغيرها. وشهد جبار بدْرًا وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة وتُوُفِّي فِي خِلافَةِ عُثْمَان بْن عَفَّانَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. بالمدينة سنة ثلاثين وله عقب.
286- الضحاك بْن حارثة
بن زيد بن ثعلبة بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة. وأمه هند بنت مالك بن عامر بن بياضة. وكان للضحاك من الولد يزيد وأمه أمامة بِنْت محرث بْن زَيْد بن ثَعْلَبَة بْن عُبَيْد من بني سَلَمَة. وقد انقرض عقب الضحاك منذ زمان. وشهد الضحاك العقبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعا. وشهد بدْرًا.
287- سواد بْن رزن
بْن زَيْد بن ثعلبة بن عبيد بن عدي بن كعب بْن سَلَمَة وأمه أم قَيْس بِنْت القين بْن كعب بْن سواد من بني سَلَمَة. هكذا سماه ونسبه مُحَمَّد بْن عُمَر وعبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري. وقال مُوسَى بْن عُقْبَة: هُوَ أسود بْن رزن بْن ثَعْلَبَة. ولم يذكر زيدًا. وقال محمد بْن إِسْحَاق وأبو معشر: سواد بن زريق بن ثعلبة. وهذا عندنا تصحيف من رواتهم. وكان لسواد بن رزن من الولد أم عَبْد الله بِنْت سواد وكانت من المبايعات وأم رزن بِنْت سواد وهي أيضًا من المبايعات وأمها خنساء بِنْت رئاب بْن النُّعمان بْن سِنَان بْن عُبَيْد. وشهد سواد بْن رزن بدْرًا وأحدا وتوفي وليس له عقب.
__________
285 المغازي (91) ، (92) ، (138) ، (170) ، (234) ، (375) ، (691) ، (720) ، (721) ، (985) ، (993) ، ابن هشام (1/ 461، 556، 557، 697، 698) .
286 المغازي (170) ، ابن هشام (1/ 461، 698) .
287 المغازي (170) ، ابن هشام (1/ 698) .(3/433)
ومن حلفاء بني عُبَيْد بْن عدي ومواليهم
288- حَمْزَة بْن الحمير
حليف لهم من أشجع ثُمَّ من بني دهمان.
هكذا قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر. وقال مُحَمَّد بْن عُمَر: قد سمعت أنّه خارجة بْن الحمير.
وقال محمد بْن إِسْحَاق: هُوَ خارجة بْن الحمير. وقال مُوسَى بْن عُقْبَة: هُوَ حارثة بْن الحمير. واختلف عن أبي معشر فقال بعض من روى عَنْهُ: هُوَ حربة بْن الحمير.
وأجمعوا جميعًا أنّه من أشجع ثُمَّ من بني دهمان حليف بني عُبَيْد بْن عدي. وشهد بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
289- وأخوه عَبْد الله بْن الحمير
من أشجع ثُمَّ من بني دهمان. اجتمعوا جميعًا على اسمه ولم يختلفوا فِي أمره. شهِدَ بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
290- النُّعمان بْن سِنَان
مَوْلَى بني عُبَيْد بْن عدي أجمعوا على ذلك جميعًا وأنّه قد شهِدَ بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
وَمِنْ بَنِي سَوَادِ بْنِ غَنْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلَمَةَ
291- قُطْبَةُ بن عامر
بن حديدة بن عمرو بن سَوَادٍ. وَيُكْنَى أَبَا زَيْد وأمه زينب بِنْت عَمْرو بْن سِنَان بْن عَمْرو بْن مالك بْن بهثة بْن قطبة بن عوف بْن عامر بْن ثَعْلَبَة بْن مالك بْن أفصى بْن عَمْرو بْن أسلم. وكان لقطبة من الولد أم جميل. وهي من المبايعات. وأمها أم عَمْرو بِنْت عَمْرو بْن خليد بْن عَمْرو بْن سواد بْن غنم بْن كعب بْن سَلَمَة. وشهد قطبة العقبتين جميعًا فِي روايتهم كلهم ويجعل فِي الستة النفر الّذين يروى أنهم أول من أسلم من الأنصار بمكّة ليس قبلهم أحد. قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: وهو أثبت الأقاويل عندنا. وكان قطبة من الرماة المذكورين مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -
وشهد بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكانت معه راية بني سَلَمَة فِي غزوة الفتح وجرح يوم أحد تسع جراحات.
__________
288 المغازي (169) ، ابن هشام (1/ 697) .
289 ابن هشام (1/ 689، 697) .
290 المغازي (170) ، ابن هشام (1/ 698) .
291 المغازي (7) ، (9) ، (24) ، (140) ، (170) ، (243) ، (335) ، (498) ، (754) ، (755) ، (763) ، (800) ، (981) ، ابن هشام (1/ 432، 462، 699) .(3/434)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ قُطْبَةَ بْن عَامِرِ بْن حَدِيدَةَ فِي عِشْرِينَ رَجُلا إِلَى حَيٍّ مِنْ خَثْعَمٍ بِنَاحِيَةِ تَبَالَةَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَشُنَّ عَلَيْهِمُ الْغَارَةَ فَانْتَهُوا إِلَى الْحَاضِرِ وَقَدْ نَامُوا وهدؤوا فَكَبَّرُوا وَشَنُّوا الْغَارَةَ فَوَثَبَ الْقَوْمُ فَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا حَتَّى كَثُرَ الْجِرَاحُ فِي الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا. وَكَثَرَهُمْ أَصْحَابُ قُطْبَةَ فَقَتَلُوا مَنْ قَتَلُوا وَسَاقُوا النعم والشاء إلى المدينة فأحرج مِنْهُمُ الْخُمُسَ. ثُمَّ كَانَتْ سُهْمَانُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَبْعِرَةٍ لِكُلِّ رَجُلٍ وَالْبَعِيرُ يَعْدِلُ بِعَشَرَةٍ مِنَ الْغَنَمِ. وَكَانَتْ هَذِهِ السَّرِيَّةُ فِي صَفَرٍ سَنَةَ تِسْعٍ. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ رَمَى قُطْبَةُ بْنُ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ بِحَجَرٍ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ ثُمَّ قَالَ: لا أَفِرُّ حَتَّى يَفِرَّ هَذَا الْحَجَرُ. وَبَقِيَ قُطْبَةُ حَتَّى تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. رَضِيَ اللَّهُ عنه. وليس لَهُ عَقِبٌ.
292- وأخوه يزيد بْن عامر
بْن حديدة بن عمرو بن سواد. ويكنى أبا المنذر وأمه زينب بِنْت عَمْرو بْن سِنَان وهي قطبة بْن عامر. وكان ليزيد بْن عامر من الولد عَبْد الرَّحْمَن والمنذر وأمهما عَائِشَة بِنْت جري بْن عَمْرو بْن عامر بْن عَبْد رزاح بْن ظفر من الأوس. وشهد يزيد بْن عامر العقبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعا وشهد بدرا وأحدا وله عقب بالمدينة وبغداد.
293 سليم بن عمرو
بن حديدة بن عمرو بْن سواد. وأمه أم سليم بِنْت عَمْرو بْن عباد بْن عَمْرو بْن سواد من بني سلمة. شهد العقبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعا وشهد بدرا وأحدا. وقتل يوم أحد شهيدا فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا مِن الهجرة. وليس له عقب.
294- ثعلبة بن غنمة
بن عدي بن سنان بن نابئ بن عمرو بن سواد. وأمه جهيرة بنت القين بن كعب من بني سلمة. شهد العقبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعاً. وكان لمّا أسلم يكسر أصنام بني سَلَمَة هُوَ ومعاذ بْن جبل وعبد الله بْن أنيس. وشهد بدْرًا وأحدًا والخندق وقتل يومئذٍ شهيدًا. قتله هبيرة بن أبي وهب المخزومي.
__________
292 المغازي (170) ، ابن هشام (1/ 462، 699) .
293 المغازي (170) ، ابن هشام (1/ 262، 699) .
294 المغازي (170) ، ابن هشام (1/ 463، 699) .(3/435)
295- عبس بْن عامر
بْن عدي بن سِنَان بن نابئ بن عمرو بن سواد. وأمه أم البنين بِنْت زُهَير بْن ثَعْلَبَة بْن عُبَيْد من بني سَلَمَة. شهِدَ العقبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعا وشهد بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
296- أَبُو اليسر
واسمه كعب بْن عَمْرو بْن عباد بْن عَمْرو بْن سواد وأمه نسيبة بِنْت قَيْس بْن الأسود بْن مري من بني سلمة. وكان لأبي اليسر من الولد عمير وأمه أم عَمْرو بِنْت عَمْرو بْن حرام بْن ثعلبة بن حرام بن كعب بن غنم بْن كعب بْن سَلَمَة.
وهي عمة جَابِر بْن عَبْد الله. ويزيد بْن أبي اليسر وأمه لبابة بنت الحارث بن سعيد من مزينة. وحبيب وأمه أم وُلِدَ. وعائشة وأمها أم الرياع بِنْت عَبْد عَمْرو بْن مَسْعُود بْن عَبْد الأشهل. وشهد أَبُو اليسر العقبة فِي روايتهم جميعًا وشهد بدْرًا وأحدًا وهو ابن عشرين سنة وشهد أحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان رجلًا قصيرًا دحداحًا ذا بطن. وتُوُفِّي بالمدينة سنة خمسٍ وخمسين وَذَلِكَ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَة بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. رحمه الله. وله عقب بالمدينة.
297- سهل بْن قَيْس
بْن أبي كعب بن القين بن كعب بْن سواد. وأمه نائلة بِنْت سلامة بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عَبْد الأشهل من الأوس. وهو ابن عم كعب بْن مالك بْن أبي كعب بْن القين الشاعر. وشهد سهل بدْرًا وأحدًا وقتل يوم أحد شهيدا فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا مِن الهجرة. وهو صاحب القبر المعروف بأحد. وبقي من عقبه رَجُل وامرأة.
__________
296 المغازي 140. 149. 151. 170. 247. 296. 660. 839.
856. ابن هشام. 699. 713.
297 المغازي 170. 313. ابن هشام 1/ 699.
582/ 3
ومن موالي بني سواد بْن غنم
298- عنترة مَوْلَى سليم بْن عَمْرو بْن حديدة بْن عَمْرو بْن سواد.
شهِدَ بدْرًا وأحدًا وقتل يومئذٍ شهيدًا. قتله نوفل بْن مُعَاوِيَة الديلي.
قَالَ مُوسَى بْن عُقْبَة: وهو عنترة بْن عمرو مولى سليم بن عمرو.
296 المغازي (140) ، (149) ، (151) ، (170) ، (247) ، (296) ، (660) ، (839) ، (856) ، ابن هشام (1/ 462، 699، 713) .
297 المغازي (170) ، (313) ، ابن هشام (1/ 699) .
298 المغازي (170) ، ابن هشام (1/ 699) .(3/436)
ومن سائر بني سَلَمَة
299- معبد بن قيس
بْن صيفي بْن صخر بْن حرام بْن ربيعة بْن عدي بْن غنم بْن كعب بْن سَلَمَة وأمه الزهرة بِنْت زُهَير بْن حرام بْن ثَعْلَبَة بْن عُبَيْد من بني سَلَمَة. هكذا سماه ونسبه مُحَمَّد بْن عُمَر وعبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري وكذلك هو في كتاب نسب الأَنْصَار. وكان مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إِسْحَاق وأبو معشر يقولون: معبد بْن قَيْس بْن صخر. ولا يذكرون صيفيًا. وشهد معبد بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
300- وأخوه عَبْد الله بْن
قَيْس بْن صيفي بْن صخر بْن حرام بْن ربيعة بْن عدي بْن غنم بْن كعب بْن سَلَمَة. ذكره محمد بن إسحاق وأبو معشر ومحمد بن عمر وعبد الله بن محمد بن عمارة الْأَنْصَارِيّ فيمن شهِدَ عندهم بدْرًا. ولم يذكره موسى بن عقبة في كتابه فيمن شهد بدْرًا. وشهد أيضًا عَبْد الله أحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
301- عَمْرو بْن طلق
بْن زَيْد بْن أمية بْن سِنَان بْن كعب بْن غنم بْن كعب بْن سَلَمَة. ذكره محمد بن إسحاق وأبو معشر ومحمد بن عمر وعبد الله بن محمد بن عمارة الْأَنْصَارِيّ فيمن شهِدَ عندهم بدْرًا. ولم يذكره موسى بن عقبة في كتابه فيمن شهد بدرا. وشهد أيضا أحدا وليس له عقب.
302- مُعَاذُ بْنُ جَبَلِ
بْنِ عَمْرِو بْنِ أَوْسِ بْنِ عَائِذِ بْنِ عَدِيِّ بْن كعب بْن عَمْرو بْن أدي بْن سعد أخي سَلَمَة بْن سعد. وأمه هند بِنْت سهل من جهينة ثُمَّ من بني الربعة. وأخوه لأمه عَبْد الله بْن الجد بْن قَيْس من أَهْل بدْر. وكان لمعاذ من الولد أم عَبْد الله وهي من المبايعات وأمها أم عَمْرو بِنْت خَالِد بْن عَمْرو بْن عدي بن سنان بن نابئ بن عمرو بن سواد من بني سَلَمَة.
وكان له ابنان أحدهما عَبْد الرَّحْمَن ولم يسم لنا الآخر. ولم تسم لنا
__________
299 المغازي (170) ، ابن هشام (1/ 698) .
300 المغازي (170) ، ابن هشام (1/ 698) .
301 ابن هشام (1/ 699) .
302 الإصابة (80339) ، وأسد الغابة (4/ 376) ، وحلية الأولياء (1/ 228) ، وغاية النهاية (2/ 301) ، وصفة الصفوة (1/ 195) ، ومسالك الأبصار (1/ 217) ، ومعجم البلدان (7/ 115) .(3/437)
أمهما. ويكنى مُعَاذ أَبَا عَبْد الرَّحْمَن. وشهد العقبة فِي روايتهم جميعًا مع السبعين من الأَنْصَار. وكان مُعَاذ بن جبل لمّا أسلم يكسر أصنام بني سَلَمَة هُوَ وثعلبة بْن عنمة وعبد الله بْن أنيس.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَابْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالُوا: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ معاذ بن جَبَلٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ لا اخْتِلافَ فِيهِ عِنْدَنَا. وَأَمَّا فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ خَاصَّةً وَلَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ. قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرُ: وَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا؟ وَإِنَّمَا كَانَتِ الْمُؤَاخَاةُ بَيْنَهُمْ بَعْدَ قَدُومِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ وَقَبْلَ يَوْمِ بَدْرٍ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ وَنَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ انْقَطَعَتِ الْمُؤَاخَاةُ. وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَدْ هَاجَرَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْحَبَشَةِ فَهُوَ حِينَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَصْحَابِهِ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ وَقَدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَبْعِ سِنِينَ. هَذَا وَهَلٌ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ. وَشَهِدَ مُعَاذٌ بَدْرًا وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ أَوْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً فِيمَا أَخْبَرَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ قَوْمِهِ. وَشَهِدَ أَيْضًا مُعَاذٌ أُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَلَعَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ مِنْ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ حِينَ اشْتَدُّوا عَلَيْهِ وَبَعْثَهُ إِلَى الْيَمَنِ. وَقَالَ: لَعَلَّ اللَّهَ أَنَّ يَجْبُرَكَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرُ: وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الآخَرِ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي عَوْنٍ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو الثَّقَفِيِّ ابن أَخِي الْمُغِيرَةِ قَالَ:
[أَخْبَرَنَا أَصْحَابُنَا عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: لَمَّا بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْيَمَنِ قَالَ لِي: بِمَ تَقْضِي إِنْ عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ؟ قَالَ قُلْتُ: أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ. قَالَ:
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قُلْتُ: أَقْضِي بِمَا قَضَى بِهِ الرَّسُولُ. قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا قَضَى بِهِ الرَّسُولُ؟ قَالَ قُلْتُ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي وَلا آلُو. قَالَ فَضَرَبَ صَدْرِي وَقَالَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا يُرْضِي رَسُولُ اللَّهِ] .
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - إلى أَهْلِ الْيَمَنِ وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مُعَاذًا: إِنِّي قَدْ بَعَثْتُ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرِ(3/438)
أَهْلِي وَالِيَ عِلْمِهِمْ وَالِيَ دِينِهِمْ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْحَارِثِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ: كَانَ آخِرُ مَا أَوْصَانِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ جَعَلْتُ رِجْلِي فِي الْغَرْزِ أَنْ أَحْسِنْ خُلُقَكَ مَعَ النَّاسِ.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّائِيُّ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: لَمَّا بُعِثَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ مُعَلِّمًا قَالَ وَكَانَ رَجُلا أَعْرَجَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ فِي الْيَمَنِ فَبَسَطَ رِجْلَهُ فَبَسَطَ الْقَوْمُ أَرْجُلَهُمْ. فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: قَدْ أَحْسَنْتُمْ وَلَكِنْ لا تَعُودُوا فَإِنِّي إِنَّمَا بَسَطْتُ رِجْلَيَّ فِي الصَّلاةِ لأَنِّي اشْتَكَيْتُهَا.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ:
اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُعَاذًا عَلَى الْيَمَنِ فَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ عَلَيْهَا. وَكَانَ عُمَرُ عَامَئِذٍ عَلَى الْحَجِّ فَجَاءَ مُعَاذٌ إِلَى مَكَّةَ وَمَعَهُ رَفِيقٌ وَوُصَفَاءُ عَلَى حِدَةٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِمَنْ هَؤُلاءِ الْوُصَفَاءُ؟ قَالَ: هُمْ لِي. قَالَ: مِنْ أَيْنَ هُمْ لَكَ؟ قَالَ: أُهْدُوا لِي. قَالَ: أَطِعْنِي وَأَرْسِلْ بِهِمْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَإِنْ طَيَّبَهُمْ لَكَ فَهُمْ لَكَ.
قَالَ: مَا كُنْتُ لأُطِيعَكَ فِي هَذَا. شَيْءٌ أُهْدِيَ لِي أُرْسِلُ بِهِمْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ! قَالَ فَبَاتَ لَيْلَتَهُ ثُمَّ أَصْبَحَ فَقَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ مَا أُرَانِي إِلا مُطِيعَكَ. إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي أحر أَوْ أُقَادُ أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا إِلَى النَّارِ وَأَنْتَ آخِذٌ بِحُجْزَتِي. فَانْطَلَقَ بِهِمْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ. فَقَالَ: أَنْتَ أَحَقُّ بِهِمْ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُمْ لَكَ. فَانْطَلَقَ بِهِمْ إِلَى أَهْلِهِ فَصُفُّوا خَلْفَهُ يُصَلُّونَ. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: لِمَنْ تُصَلُّونَ؟ قَالُوا: لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. قَالَ:
فَانْطَلِقُوا فَأَنْتُمْ لَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَنَّاحٍ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَامِلُهُ عَلَى الْجُنْدِ معاذ بن جبل.
أخبرنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبٍ قَالَ: سَمِعْتُ ذَكْوَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَجِيءُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: [أَخْبَرَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ جَمِيعًا عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال: قال رسول الله. ص: أَعْلَمُ أُمَّتِي بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ] .(3/439)
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي نَصْرٍ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ الْعَدَوِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ مُعَاذٌ: مَا بَزَقْتُ عَنْ يَمِينِي مُنْذُ أَسْلَمْتُ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ بَزَقَ عَنْ يَمِينِهِ وَهُوَ فِي غَيْرِ صَلاةٍ فَقَالَ: مَا فَعَلْتُ هَذَا مُنْذُ صَحِبْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الْوَضِينِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ مَحْفُوظِ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ دَخَلَ قُبَّتَهُ فَرَأَى امْرَأَتَهُ تَنْظُرُ مِنْ خَرْقٍ فِي الْقُبَّةِ فَضَرَبَهَا.
قَالَ: وَكَانَ مُعَاذٌ يَأْكُلُ تُفَّاحًا وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ فَمَرَّ غُلامٌ لَهُ فَنَاوَلَتْهُ امْرَأَتُهُ تُفَّاحَةً قَدْ عَضَّتْهَا فَضَرَبَهَا مُعَاذٌ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ مَسْجِدَ دِمَشْقَ فَإِذَا فَتًى بَرَّاقُ الثَّنَايَا وَإِذَا نَاسٌ مَعَهُ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَسْنَدُوهُ إِلَيْهِ وَصَدَرُوا عَنْ رَأْيِهِ. فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقَالُوا: هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ هَجَّرْتُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي بِالتَّهْجِيرِ فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي. قَالَ فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى قَضَى صَلاتَهُ ثُمَّ جِئْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ لَهُ: وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ لِلَّهِ. قَالَ فَقَالَ: آللَّهِ. فَقُلْتُ: آللَّهِ. فَقَالَ: آللَّهِ. فَقُلْتُ: آللَّهِ. قَالَ فأخذ بحبوة ردائي فجبذني إِلَيْهِ وَقَالَ: [أَبْشِرْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ. تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَجَبَتْ رَحْمَتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ] .
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ أَنَّهُ دَخَلَ مَسْجِدَ حِمْصَ فَإِذَا بِحَلْقَةٍ فِيهِمْ رَجُلٌ آدَمُ جَمِيلٌ وَضَّاحُ الثَّنَايَا وَفِي الْقَوْمِ مَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْهُ وَهُمْ مُقْبِلُونَ عَلَيْهِ يَسْتَمِعُونَ حَدِيثَهُ. قَالَ فَسَأَلْتُهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ النُّعْمَانِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ. رَحِمَهُ اللَّهُ. مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْسَنِهِ(3/440)
خَلْقًا وَأَسْمَحِهِ كَفًّا فَادَّانَ دَيْنًا كَثِيرًا فَلَزِمَهُ غُرَمَاؤُهُ حَتَّى تَغَيَّبَ عَنْهُمْ أَيَّامًا فِي بَيْتِهِ حَتَّى اسْتَأْدَى غُرَمَاؤُهُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى مُعَاذٍ يَدْعُوهُ فَجَاءَهُ وَمَعَهُ غُرَمَاؤُهُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ. خُذْ لَنَا حَقَّنَا مِنْهُ. فقال رسول الله. ص: رَحِمَ اللَّهُ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ. قَالَ فَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ نَاسٌ وَأَبَى آخَرُونَ. فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ خُذْ لَنَا حَقَّنَا مِنْهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: اصْبِرْ لَهُمْ يَا مُعَاذُ. قَالَ فَخَلَعَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مَالِهِ فَدَفَعَهُ إِلَى غُرَمَائِهِ فَاقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فَأَصَابَهُمْ خَمْسَةُ أَسْبَاعِ حُقُوقِهِمْ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ بعه لنا. قال لهم رسول الله. ص: خَلُّوا عَنْهُ فَلَيْسَ لَكُمْ إِلَيْهِ سَبِيلٌ] . فَانْصَرَفَ مُعَاذٌ إِلَى بَنِي سَلِمَةَ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ أَصْبَحْتَ الْيَوْمَ مُعْدَمًا. قَالَ: مَا كُنْتُ لأَسْأَلَهُ. قَالَ فَمَكَثَ يَوْمًا ثُمَّ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ وَقَالَ: لَعَلَّ اللَّهَ يَجْبُرَكَ وَيُؤَدِّيَ عَنْكَ دَيْنَكَ. قَالَ فَخَرَجَ مُعَاذٌ إِلَى الْيَمَنِ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَافَى السَّنَةَ الَّتِي حَجَّ فِيهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. اسْتَعْمَلَهُ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الْحَجِّ. فَالْتَقَيَا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ بِمِنًى فَاعْتَنَقَا وَعَزَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَخْلَدَا إِلَى الأَرْضِ يَتَحَدَّثَانِ. فَرَأَى عُمَرُ عِنْدَ مُعَاذٍ غِلْمَانًا فَقَالَ: مَا هَؤُلاءِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: أَصَبْتُهُمْ فِي وَجْهِي هَذَا. قَالَ عُمَرُ: مِنْ أَيِّ وَجْهٍ؟ قَالَ: أُهْدُوا إِلَيَّ وَأُكْرِمْتُ بِهِمْ. فَقَالَ عُمَرُ: اذْكُرْهُمْ لأَبِي بَكْرٍ.
فَقَالَ مُعَاذٌ: مَا ذِكْرِي هَذَا لأَبِي بَكْرٍ. وَنَامَ مُعَاذٌ فَرَأَى فِي النَّوْمِ كَأَنَّهُ عَلَى شَفِيرِ النَّارِ وَعُمَرُ آخِذٌ بِحُجْزَتِهِ مِنْ وَرَائِهِ يَمْنَعُهُ أَنْ يَقَعَ فِي النَّارِ. فَفَزِعَ مُعَاذٌ فَقَالَ: هَذَا مَا أَمَرَنِي بِهِ عُمَرُ. فَقَدِمَ مُعَاذٌ فَذَكَرَهُمْ لأَبِي بَكْرٍ فَسَوَّغَهُ أَبُو بَكْرٍ ذَلِكَ وَقَضَى بَقِيَّةَ غُرَمَائِهِ وَقَالَ: [إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: لَعَلَّ اللَّهَ يَجْبُرَكَ] .
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ قَالَ: لَمَّا أُصِيبَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ اسْتَخْلَفَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَاشْتَدَّ الْوَجَعُ فَقَالَ النَّاسُ لِمُعَاذٍ: ادْعُ اللَّهَ يَرْفَعْ عَنَّا هَذَا الرِّجْزَ. قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِرِجْزٍ وَلَكِنَّهُ دَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَوْتُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ وَشَهَادَةٌ يَخْتَصُّ بِهَا اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ مِنْكُمْ. أَيُّهَا النَّاسُ. أَرْبَعُ خِلالٍ مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لا يُدْرِكَهُ شَيْءٌ مِنْهُنَّ فَلا يُدْرِكْهُ. قَالُوا: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: يَأْتِي زَمَانٌ يَظْهَرُ فِيهِ الْبَاطِلُ وَيُصْبِحُ الرَّجُلُ عَلَى دِينٍ وَيُمْسِي عَلَى آخَرَ. وَيَقُولُ الرَّجُلُ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي عَلَى مَا أَنَا. لا يَعِيشُ عَلَى بَصِيرَةٍ وَلا يَمُوتُ عَلَى بَصِيرَةٍ. وَيُعْطَى الرَّجُلُ الْمَالَ مِنْ مَالِ اللَّهِ عَلَى أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلامِ الزُّورِ الَّذِي(3/441)
يُسْخِطُ اللَّهَ. اللَّهُمَّ آتِ آلَ مُعَاذٍ نَصِيبَهُمُ الأَوْفَى مِنْ هَذِهِ الرَّحْمَةِ. فَطُعِنَ ابْنَاهُ فَقَالَ:
كَيْفَ تَجِدَانِكُمَا؟ قَالا: يَا أَبَانَا الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ*. قَالَ: وَأَنَا سَتَجِدَانِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ. ثُمَّ طُعِنَتِ امْرَأَتَاهُ فَهَلَكَتَا وَطُعِنَ هُوَ فِي إِبْهَامِهِ فَجَعَلَ يَمَسُّهَا بِفِيهِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّهَا صَغِيرَةٌ فَبَارِكْ فِيهَا فَإِنَّكَ تُبَارِكُ فِي الصَّغِيرِ. حَتَّى هَلَكَ.
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمِيرَةَ الزُّبَيْدِيِّ قَالَ: إِنِّي جَالِسٌ عِنْدَ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَهُوَ يَمُوتُ فَهُوَ يُغْمَى عَلَيْهِ مَرَّةً وَيُفِيقُ مَرَّةً. فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ عِنْدَ إِفَاقَتِهِ: اخْنُقْ خَنْقَكَ. فو عزتك إِنِّي لأُحِبُّكَ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ قَيْسٍ الْحَضْرَمِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ: أَخَذَ مُعَاذًا الطَّاعُونُ فِي حَلْقِهِ فَقَالَ: يَا رَبِّ إِنَّكَ لَتَخْنُقُنِي وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ الْوَجَعُ عَامَ عَمَوَاسَ قَالَ أَصْحَابُ مُعَاذٍ: هَذَا رِجْزٌ قَدْ وَقَعَ. فَقَالَ مُعَاذٌ: أَتَجْعَلُونَ رَحْمَةً رَحِمَ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ كَعَذَابٍ عَذَّبَ اللَّهُ بِهِ قَوْمًا سَخِطَ عَلَيْهِمْ؟ إِنَّمَا هِيَ رَحْمَةٌ خَصَّكُمُ اللَّهُ بِهَا وَشَهَادَةٌ خَصَّكُمُ اللَّهُ بِهَا. اللَّهُمَّ أَدْخِلْ عَلَى مُعَاذٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ هَذِهِ الرَّحْمَةِ. مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَمُوتَ فَلْيَمُتْ مِنْ قَبْلِ فِتَنٍ سَتَكُونُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَكْفُرَ الْمَرْءُ بَعْدَ إِسْلامِهِ أَوْ يَقْتُلَ نَفْسًا بِغَيْرِ حِلِّهَا أَوْ يُظَاهِرَ أَهْلَ الْبَغِيِّ أَوْ يَقُولَ الرَّجُلُ مَا أَدْرِي عَلَى مَا أَنَا إِنْ مُتُّ أَوْ عِشْتُ أَعَلَى حَقٍّ أَوْ عَلَى بَاطِلٍ.
أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي مَرْزُوقٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ مَسْجِدَ حِمْصَ فَإِذَا فِيهِ نَحْوٌ مِنْ ثَلاثِينَ كَهْلا من أصحاب النبي. ع. وَإِذَا فِيهِمْ شَابٌّ أَكْحَلُ الْعَيْنَيْنِ بَرَّاقُ الثَّنَايَا. سَاكِتٌ لا يَتَكَلَّمُ. فَإِذَا امْتَرَى الْقَوْمُ فِي شَيْءٍ أَقْبَلُوا عَلَيْهِ فَسَأَلُوهُ.
فَقُلْتُ لِجَلِيسٍ لِي: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ بْنُ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ قَوْمِهِ قَالَ:
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ خَارِجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالُوا: كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَجُلا طُوَالا أَبْيَضَ. حَسَنَ الثَّغْرِ. عَظِيمَ الْعَيْنَيْنِ. مَجْمُوعَ الْحَاجِبَيْنِ.(3/442)
جَعْدًا. قَطَطًا. شَهِدَ بَدْرًا وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً. وَخَرَجَ إِلَى الْيَمَنِ بَعْدَ أَنْ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَبُوكًا وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً. وَتُوُفِّيَ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ بِالشَّامِ بِنَاحِيَةِ الأُرْدُنِّ سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الخطاب.
رضي الله عنه. وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً. وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: رفع عيسى. ع. وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً وَمَاتَ مُعَاذٌ. رَحِمَهُ اللَّهُ. وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ شَهْرَ بْنَ حَوْشَبٍ يَقُولُ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَوْ أَدْرَكْتُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فَاسْتَخْلَفْتُهُ فَسَأَلَنِي رَبِّي عَنْهُ لَقُلْتُ يَا رَبِّي [سَمِعْتُ نَبِيَّكَ يَقُولُ: إِنَّ الْعُلَمَاءَ إِذَا اجْتَمَعُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ قَذْفَةَ حَجَرٍ] .
قَالَ: وَكَانَ يُقَالُ سَلَمَةُ بَدْرٍ لِكَثْرَةِ مَنْ شَهِدَهَا مِنْهُمْ. ثَلاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ إِنْسَانًا.
591/ 3
وَمِنْ بَنِي زُرَيْقِ بْنِ عَامِرِ بْنِ زُرَيْقِ بْنِ عَبْدِ بن حارثة ابن مالك بْن غضب بْن جشم بْن الخزرج
303- قَيْس بْن محصن
بْن خَالِد بْن مَخْلَد بْن عامر بْن زريق. وأمه أنيسة بِنْت قَيْس بْن زَيْد بْن خلدة بْن عامر بْن زريق. هكذا قَالَ محمد بْن إِسْحَاق وأبو معشر ومحمد بْن عُمَر: قَيْس بْن محصن. وقال عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ: هُوَ قَيْس بْن حصن.
وكان لقيس من الولد أم سعد بِنْت قَيْس وأمها خولة بِنْت الفاكه بْن قَيْس بْن مَخْلَد بْن عامر بْن زريق. وشهد قَيْس بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وله عقب بالمدينة.
304- الْحَارِث بْن قَيْس
بْن خَالِد بْن مَخْلَد بْن عامر بْن زريق. ويكنى أَبَا خَالِد وأمه كبشة بِنْت الفاكه بْن زَيْد بْن خلدة بْن عامر بْن زريق. وكان للحارث بْن قَيْس من الولد مَخْلَد وخالد وخلدة وأمهم أنيسة بِنْت نسر بْن الفاكه بْن زَيْد بن
__________
303 المغازي (171) ، ابن هشام (1/ 700) .
304 المغازي (171) ، ابن هشام (1/ 409، 700) .(3/443)
خلدة بْن عامر بْن زريق. وقال الواقدي: نسر وحده. وشهد الْحَارِث بْن قَيْس العقبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعا. وشهد بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وشهد اليمامة مع خَالِد بْن الْوَلِيد فأصابه يومئذٍ جرح فاندمل الجرح ثُمَّ انتقض به فِي خلافة عُمَر بْن الخطاب فمات. فهو يعد مِمَّنْ شهِدَ اليمامة.
وليس له عقب.
305- جُبَيْر بْن إياس
بْن خَالِد بْن مَخْلَد بْن عامر بْن زريق. هكذا قَالَ مُوسَى بْن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبو معشر ومحمد بن عمر: جبير بن إياس. وقال عَبْد الله بْن مُحَمَّد بن عمارة الأنصاري: هو جبير بن إلياس. شهد بدرا وأحدا وتوفي وليس له عقب.
306- أَبُو عُبَادة
واسمه سعد بْن عُثْمَان بْن خلدة بْن عامر بْن زريق.
وأمه هند بِنْت العجلان بْن غنام بْن عامر بْن بياضة بْن عامر بْن الخزرج. وكان لأبي عُبَادة من الولد عُبَادة وأمه سنبلة بِنْت ماعص بن قيس بن خلدة بن عامر بن زريق.
وفروة وأمه أم خَالِد بْن عَمْرو بن وذفة بن عبيد بن عامر بن بياضة بْن عامر بْن الخزرج.
وعبد الله وأمه أنيسة بِنْت بِشْر بْن يزيد بْن زيد بْن النُّعمان بْن خلدة بْن عامر بْن زريق.
وعبد الله الأصغر وأمه أم وُلِدَ. وعقبة وأمه أم وُلِدَ. وميمونة وأمها جندبة بِنْت مري بْن سماك بن عتيك بن امرئ القيس بن زَيْد بْن عَبْد الأشهل بْن جشم. شهِدَ بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وله عقب بالمدينة.
307- وأخوه عُقْبَة بْن عُثْمَان
بْن خلدة بْن مَخْلَد بْن عامر بْن زريق. وأمه أم جميل بِنْت قطبة بْن عامر بْن حديدة بْن عَمْرو بْن سواد بْن غنم بْن كعب بْن سَلَمَة.
شهِدَ بدْرًا وأحدًا وليس له عقب.
308- ذكوان بن عبد قيس
بْن خلدة بْن مَخْلَد بْن عامر بْن زريق. ويكنى أَبَا سبْعٍ وأمه من أشجع. يُقَالُ إنّه أوّل الأَنْصَار. أسلم هُوَ وأسعد بن زرارة أبو أمامة
__________
305 المغازي (171) ، ابن هشام (1/ 700) .
306 المغازي (277) ، ابن هشام (1/ 700) .
307 المغازي (171) ، (277) ، ابن هشام (1/ 700) .
308 المغازي (113) ، (171) ، (217) ، (238) ، (283) ، (306) ، ابن هشام (2/ 126) .(3/444)
وكانا خرجا إِلَى مكّة يتنافران فسمعا بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأتياه فأسلما ورجعا إِلَى المدينة.
وشهد ذكوان العقبتين جميعًا فِي روايتهم جميعًا. وكان قد لَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بمكّة فأقام معه حَتَّى هاجر معه إِلَى المدينة فكان مهاجريًا أنصاريًا. وشهد بدْرًا وأحدًا وقتل يوم أحد شهيدا. قتله أَبُو الحكم بْن الأخنس بْن شريق بْن علاج بْن عَمْرو بْن وهب الثَّقفيّ فشد عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. على أبي الحكم بْن الأخنس وهو فارس فضرب رجله بالسيف حَتَّى قطعها من نصف الفخذ ثُمَّ طرحه عن فرسه فذفف عليه. وذلك فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا مِن الهجرة. وليس لذكوان عقب.
309- مَسْعُود بْن خلدة
بْن عامر بْن مَخْلَد بْن عامر بْن زريق. وأمه أنيسة بِنْت قَيْس بْن ثَعْلَبَة بْن عامر بن فهيرة بْن بياضة بْن الخزرج. وكان لمسعود من الولد يزيد وحبيبة وأمهما الفارعة بِنْت الْحُبَاب بْن الرَّبِيع بْن رافع بْن مُعَاوِيَة بن عبيد بن الأبجر. وهو خدرة بن عوف بْن الْحَارِث بْن الخزرج. وعامر وأمه قسيبة بِنْت عُبَيْد بْن المعلى بْن لوذان بْن حارثة بْن عدي بن زَيْد من وُلِدَ غضب بْن جشم بْن الخزرج.
شهِدَ مَسْعُود بدْرًا وكان له وُلِدَ فانقرضوا فلم يبق منهم أحد.
310- عباد بْن قَيْس
بْن عامر بْن خَالِد بْن عامر بْن زريق. وأمه خولة بِنْت بِشْر بْن ثَعْلَبَة بْن عَمْرو بْن عامر بْن زريق. وكان لعباد من الولد عَبْد الرَّحْمَن وأمه أم ثابت بِنْت عُبَيْد بْن وهب من أشجع. شهِدَ العقبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعا وشهد بدرا وأحدًا. وتُوُفِّي وله عقب.
311- أسعد بْن يزيد
بْن الفاكه بْن زَيْد بْن خلدة بْن عامر بْن زريق. هكذا قَالَ مُوسَى بْن عقبة وأبو معشر ومحمد بن عمر وعبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري. وقال محمد بْن إِسْحَاق وحده: هُوَ سعد بْن يزيد بْن الفاكه. وشهد بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
312- الفاكه بْن نسر
بْن الفاكه بْن زَيْد بْن خلدة بْن عامر بن زريق. وأمه
__________
309 المغازي (171) ، ابن هشام (1/ 700) .
310 المغازي (171) ، ابن هشام (1/ 460، 69، 693، 700) .
311 المغازي (171) ، ابن هشام (1/ 700) .
312 المغازي (171) ، ابن هشام (1/ 700) .(3/445)
أمامة بِنْت خَالِد بْن مَخْلَد بْن عامر بْن زريق. هكذا قَالَ مُحَمَّد بن عُمَر وحده:
الفاكه بْن نسر. وقال مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إسحاق وأبو معشر وعبد الله بن محمد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ: هو الفاكه بن بشر. وقال عبد الله بن محمد بن عمارة:
ليس فِي الأَنْصَار نسر إلّا سُفْيَان بْن نسر فِي بني الْحَارِث بْن الخزرج. وكان للفاكه من الولد ابنتان: أم عَبْد الله ورملة وأمهما أم النُّعمان بِنْت النُّعمان بْن خلدة بْن عَمْرو بْن أمية بْن عامر بْن بياضة. وشهد الفاكه بدرا. وتوفي وليس له عقب.
313- معاذ بن ماعص
بن قيس بن خلدة بن عامر بن زريق وأمه من أشجع.
وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ معاذ بْن ماعص وسالم مَوْلَى أبي حُذَيْفة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الظَّفَرِيُّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ مَاعِصَ جُرِحَ بِبَدْرٍ فَمَاتَ مِنْ جُرْحِهِ بِالْمَدِينَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرُ: وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَنَا بِثَبْتٍ. وَالثَّبْتُ أَنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وأحدا ويوم بئر معونة وقتل يومئذ شهيدا فِي صَفَرٍ عَلَى رَأْسِ سِتَّةٍ وَثَلاثِينَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ. وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ.
314- وأخوه عائذ بن ماعص
بن قيس بن خلدة بن عامر بن زريق. وأمه من أشجع. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عائذ بْن ماعص وسويبط بْن عَمْرو العبدري.
وشهد عائذ بدْرًا وأحدًا ويوم بئر معونة وقتل يومئذٍ شهيدًا. قَالَ ابن سعد: قَالَ محمد بن عمر وسمعت من يذكر أنه لم يقتل يوم بئر معونة وإنما الَّذِي قُتِلَ يومئذٍ أخوه مُعَاذ بْن ماعص. وأما عائذ بْن ماعص فشهد يوم بئر معونة والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وشهد يوم اليمامة مع خَالِد بْن الْوَلِيد. وقتل يومئذٍ شهيدًا سنة اثنتي عشرة فِي خلافة أبي بكر الصديق. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وليس له عقب.
315- مَسْعُود بْن سعد
بْن قَيْس بْن خلدة بْن عامر بْن زريق. وكان له من الولد عامر وأم ثابت وأم سعد وأم سهل وأم كبشة بِنْت الفاكه بْن قَيْس بْن مخلد بن
__________
313 المغازي (147) ، (171) ، (352) ، (541) ، (545) ، ابن هشام (1/ 700) .
314 المغازي (171) ، ابن هشام (1/ 700) .
315 المغازي (171) ، (700) ، (737) ، ابن هشام (1/ 687، 700) .(3/446)
عامر بْن زريق. وشهد مَسْعُود بدْرًا وأحدا ويوم بئر معونة. وقتل يومئذ شهيدا فِي رواية مُحَمَّد بْن عُمَر. وقال عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ: قُتِلَ مَسْعُود يوم خيبر شهيدًا. وليس له عقب. وقد انقرض أيضًا وُلِدَ قَيْس بْن خلدة بْن عامر بْن زريق فلم يبق منهم أحد.
316- رفاعة بْن رافع
بْن مالك بْن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق.
وأمه أم مالك بِنْت أبي بْن مالك بن الحارث بن عبيد بن مالك بن سالم الحبلى. وكان لرفاعة من الولد عَبْد الرَّحْمَن وأمه أم عَبْد الرَّحْمَن بِنْت النُّعمان بْن عَمْرو بْن مالك بْن عامر بْن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق. وعبيد وأمه أم وُلِدَ. ومعاذ وأمه أم عبد الله. وهي سلمى بِنْت مُعَاذ بْن الْحَارِث بْن رفاعة بْن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بْن مالك بْن النّجّار. وعبيد الله والنعمان ورملة وبثينة وأم سعد وأمهم أم عَبْد الله بِنْت الفاكه بْن نسر بْن الفاكه بْن زَيْد بْن خلدة بْن عامر بْن زريق. وأم سعد الصغرى وأمها أم وُلِدَ. وكلثم وأمها أم وُلِدَ. وكان أَبُوهُ رافع بْن مالك أحد النقباء الاثني عشر.
شهِدَ العقبة مع السبعين من الأَنْصَار ولم يشهد بدْرًا. وشهدها ابناه رفاعة وخلاد ابنا رافع. وشهد رفاعة أيضًا أحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتُوُفِّي فِي أَوَّلِ خِلافَةِ مُعَاوِيَة بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. وله عقب كثير بالمدينة وبغداد.
317- خَلادِ بْن رَافِعِ بْن مَالِكِ
بْنِ الْعَجْلانِ بن عمرو بن عامر بن زريق. وأمه أم مالك بِنْت أبي بْن مالك بن الحارث بن عبيد بن مالك بْن سالم الحبلى. وكان لخلاد بْن رافع من الولد يحيى وأم رافع بِنْت عُثْمَان بْن خلدة بْن مَخْلَد بْن عامر بْن زريق. وشهد خلاد بدْرًا وأحدًا. وكان له عقب كثير فانقرضوا فلم يبق منهم أحد.
__________
316 مغازي الواقدي (54) ، (142) ، (151) ، (171) ، وسيرة ابن هشام (1/ 661، 700) ، وطبقات خليفة (100) ، وتاريخ خليفة (205) ، والتاريخ الكبير للبخاري (3/ ت 1089) ، وتاريخ الطبري (2/ 382، 479) ، والجرح والتعديل (3/ ت 2230) ، والثقات لابن حبان (1) ورقة (132) ، والاستيعاب (2/ 497) ، وأسد الغابة، والكامل في التاريخ (2/ 72) ، (3/ 224) ، (4/ 44) ، وتهذيب الأسماء (1/ 190) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (226) ، وتهذيب الكمال (1915) ، والعبر (1/ 41) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 184) ، وتهذيب التهذيب (3/ 181) ، والإصابة (1/ 517) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 2073) .
317 المغازي (25) ، (171) ، ابن هشام (1/ 700) .(3/447)
318- عُبَيْد بْن زَيْد
بْن عامر بْن العجلان بْن عَمْرو بْن عامر بْن زريق شهِدَ بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب. وقد انقرض أيضًا وُلِدَ عَمْرو بْن عامر بْن زريق إلّا وُلِدَ رافع بْن مالك فقد بقي منهم قوم كثير. وبقي من وُلِدَ النُّعمان بْن عامر واحد أو اثنان. ستة عشر رجلًا.
وَمِنْ بَنِي بَيَاضَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ زُرَيْقِ بْنِ عَبْدِ حَارِثَةَ بْنِ مالك ابن غضب بْن جشم بْن الخزرج
319- زِيَادُ بْنُ لَبِيدِ
بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سِنَانِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَدِيِّ بْن أمية بْن بياضة.
ويكنى أَبَا عَبْد الله وأمه عمرة بِنْت عُبَيْد بْن مطروف بن الحارث بن زيد بن عبيد بن زَيْد مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مِنَ الأَوْسِ. وكان لزياد بْن لبيد من الولد عَبْد الله وله عقب بالمدينة وبغداد. وشهد زياد العقبة مع السبعين من الأَنْصَار فِي روايتهم جميعًا. وكان زياد لمّا أسلم يكسر أصنام بني بياضة هُوَ وفروة بْن عَمْرو. وخرج زياد إِلَى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمكّة فأقام معه حَتَّى هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة فهاجر معه. فكان يُقَالُ زياد مهاجري أنصاري. وشهد زياد بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَنَّاحٍ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَامِلُهُ عَلَى حضرموت زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ.
وَوَلِي قِتَالَ أَهْلِ الرِّدَّةِ بِالْيَمَنِ حِينَ ارْتَدَّ أَهْلُ النُّجَيْرِ مَعَ الأَشْعَثِ بن قيس حتى ظفر
__________
318 المغازي (25) ، ابن هشام (1/ 700) .
319 مغازي الواقدي (171) ، (405) ، وابن هشام (1/ 459، 494، 700) ، وتاريخ خليفة (97) ، (116) ، (123) ، وطبقات خليفة (100) ، وتاريخ البخاري (3/ ت 1163) ، وتاريخ الطبري (3/ 147، 228، 330، 337، 341، 427) ، (4/ 239) ، والجرح والتعديل (3/ ت 2452) ، وثقات ابن حبان (1) ورقة (143) ، والاستيعاب (2/ 533) ، وأسد الغابة (2/ 317) ، والكامل في التاريخ (2/ 301، 336، 378، 382، 421) ، (3/ 75) ، (4/ 44) ، وتهذيب الكمال (2066) ، وتذهيب التهذيب (1) ورقة (246) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 195) ، وتهذيب التهذيب (3/ 382) ، والإصابة (1/ 558) ، وخلاصة الخزرجي (1/ 2221) ، وشذرات الذهب (1/ 30) .(3/448)
بِهِمْ. فَقَتَلَ مِنْهُمْ مَنْ قَتَلَ وَأَسَرَ مَنْ أَسَرَ وَبَعَثَ بِالأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فِي وِثَاقٍ.
320- خليفة بْن عدي
بْن عَمْرو بْن مالك بْن عامر بْن فهيرة بْن بياضة.
هكذا نسبه أَبُو معشر ومحمد بْن عُمَر وأما مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بْن إِسْحَاق فقالا:
خليفة بن عدي ولم يرفعا فِي نسبه. فكان لخليفة من الولد بنت يقال لها آمنة تزوجها فروة بْن عَمْرو بْن وذفة بْن عُبَيْد بْن عامر بْن بياضة. وشهد خليفة بدْرًا وأحدًا وتُوُفِّي وليس له عقب.
321- فروة بْن عَمْرو
بْن وذفة بْن عُبَيْد بْن عامر بن بياضة. وأمه رحيمة بِنْت نابئ بْن زَيْد بْن حرام بْن كعب بْن غنم بْن كعب بْن سَلَمَة. وكان لفروة من الولد عَبْد الرَّحْمَن وأمه حبيبة بنت مليل بْن وبرة بْن خَالِد بْن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم بن عوف. وعبيد وكبشة وأم شُرَحْبيل وأمهم أم وُلِدَ. وشهد فروة بْن عَمْرو العقبة مع السبعين من الأَنْصَار فِي روايتهم جميعًا. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُ وبين عَبْد الله بْن مخرمة بْن عَبْد العزى بْن أبي قَيْس من بني عامر بن لؤي. وشهد فروة بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على المغانم يوم خيبر. وكان يبعثه خارصًا بالمدينة. وكان لفروة عقب وأولاد وانقرضوا فلم يبق منهم أحد.
322- خَالِدُ بْنُ قَيْسِ
بْنِ مَالِكِ بْنِ الْعَجْلانِ بْنِ عَامِرِ بْنِ بَيَاضَةَ. وأمه سلمى بِنْت حارثة بْن الحارث بْن زَيْد مناة بْن حبيب بْن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بْن الخزرج. وكان لخالد بْن قَيْس من الولد عبد الرحمن وأم الربيع بِنْت عَمْرو بْن وذفة بْن عُبَيْد بْن عامر بْن بياضة. وشهد خَالِد بْن قَيْس العقبة مع السبعين من الأَنْصَار فِي رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر. ولم يذكره موسى بن عقبة وأبو معشر فيمن شهِدَ عندهما العقبة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أبي حبيبة عن
__________
321 المغازي (116) ، (142) ، (171) ، (405) ، (498) ، (680) ، (690) ، (691) ، (718) ، (720) ، ابن هشام (1/ 459، 494، 700) .
322 المغازي (171) ، ابن هشام (1/ 460، 701) .(3/449)
دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ خَالِدَ بْنَ قَيْسٍ لَمْ يَشْهَدِ الْعَقَبَةَ. وَقَالُوا جَمِيعًا: وَشَهِدَ خَالِدُ بْنُ قَيْسٍ بَدْرًا وَأُحُدًا وَكَانَ لَهُ عَقِبٌ وَانْقَرَضُوا.
323- رُخيلة بن ثعلبة
بن خالد بن ثعلبة بن عامر بن بياضة. شهد بدرًا وأحدًا وتوفيّ وليس له عقب. خمسة نفر.
__________
323 المغازي 172. ابن هشام 1/ 701.
ومن بني حبيب بْن عَبْد حارثة بْن مالك بن غضب ابن جشم بْن الخزرج
324- رافع بْن المعلى
بْن لوذان بْن حارثة بْن زَيْد بْن ثَعْلَبَة بْن عدي بْن مالك بْن زَيْد مناة بن حبيب بن عبد حارثة. وأمه أدام بنت عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار. وآخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين صفوان بن بيضاء. وشهدا جميعا بدرا وقتلا يومئذ في بعض الرواية. وقد روي أن صفوان لم يقتل يومئذ وأنه بقي بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان الذي قتل رافع بن المعلى عكرمة بن أبي جهل. أجمع موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبو معشر ومحمد بن عمر وعبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري على أن رافع بن المعلى شهد بدرا وقتل يومئذ شهيدا وليس له عقب.
325- وأخوه هلال بن المعلى
بن لوذان بن حارثة بن زيد بن ثعلبة بن عدي بن مالك بن زيد مناة بن حبيب بن عبد حارثة. ويكنى أبا قيس وأمه أدام بنت عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار. أجمع موسى بن عقبة وأبو معشر ومحمد بن عمر وعبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري على أن هلال بن المعلى قد شهد بدرا ولم يذكره محمد بن إسحاق فيمن شهد عنده بدرا. قال محمد بن عمر: قتل يوم بدر شهيدا وله عقب. وقال عبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري: المقتول ببدر رافع بن المعلى لا شك فيه ولم يقتل هلال يومئذ وقد شهد أحدا مع أخيه عبيد بن المعلى.
ولم يشهد عبيد بدرا. ولهلال عقب بالمدينة وبغداد. وقد انقرض ولد حبيب بن عبد حارثة كلهم إلا ولد هلال بن المعلى.
323 المغازي (172) ، ابن هشام (1/ 701) .
324 المغازي (146) ، (171) ، ابن هشام (1/ 701، 707) .
325 المغازي (171) ، ابن هشام (1/ 706) .(3/450)
فجميع من شهِدَ بدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الخزرج فِي عدد مُحَمَّد بْن عُمَر مائة وخمسة وسبعون إنسانًا. وَفِي عدد محمد بْن إِسْحَاق مائة وسبعون إنسانًا. وجميع من شهِدَ بدْرًا من المهاجرين والأنصار ومن ضرب له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسهمه وأجره.
في عدد محمد بن إسحاق. ثلاثمائة وأربعة عشر رجلًا. من المهاجرين ثلاثة وثمانون رجلًا ومنهم من الأوس واحد وستون رجلًا. ومن الخزرج مائة وسبعون رجلًا. وَفِي عدد أبي معشر ومحمد بْن عُمَر من شهِدَ بدرا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلًا.
قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: وَقَدْ سَمِعْتُ مَنْ يروي أنهم ثلاثمائة وأربعة عشر رجلًا.
وَفِي عدد مُوسَى بْن عقبة ثلاثمائة وستة عشر رجلًا.(3/451)
ذِكْرُ النُّقَبَاءِ الاثْنَيْ عَشَرَ رَجُلا الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأنصار ليلة العقبة بمنى
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ الأَوْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلنَّفَرِ الَّذِينَ لَقَوْهُ بِالْعَقَبَةِ: أَخْرِجُوا إِلَيَّ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْكُمْ يَكُونُوا كُفَلاءَ على قومهم كما كفل الحواريون لعيسى ابن مَرْيَمَ. فَأَخْرَجُوا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلا. وَقَالَ غَيْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ: وَلا يَجِدْنَ أَحَدٌ مِنْكُمْ فِي نَفْسِهِ أَنْ يُؤْخَذَ غَيْرُهُ فَإِنَّمَا يَخْتَارُ لي جبرئيل] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: لَقِيَ النَّبِيَّ الْعَامَ الْمُقْبِلَ سَبْعُونَ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ قَدْ آمَنُوا بِهِ فَأَخَذَ مِنْهُمُ النُّقَبَاءَ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلا.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لِلنُّقَبَاءِ: أَنْتُمْ كُفَلاءُ عَلَى قَوْمِكُمْ كَكَفَالَةِ الْحَوَارِيِّينَ لِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَنَا كَفِيلٌ قَوْمِي. قَالُوا: نَعَمْ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: هُمُ اثْنَا عَشَرَ نَقِيبًا رَأْسُهُمْ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ رَيْطَةَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - نَقَّبَ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ عَلَى النُّقَبَاءِ.
تَسْمِيَةُ النُّقَبَاءِ وَأَنْسَابِهِمْ وصفاتهم ووفاتهم أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ الأَوْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرُ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ(3/452)
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ قَالَ: سَمَّاهُمْ لِي رَجُلٌ عَالِمٌ بِهِمْ لا أُبَالِي أَلا أَسْأَلَ عَنْهُمْ أَحَدًا بَعْدَهُ. وَهُوَ حَرَامُ بْنُ عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِيهِ جَابِرٍ. وَكُلُّهُمْ قَدْ حَدَّثَنِي بِتَسْمِيَتِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبائهم وقبائلهم إلا أَنَّ رَفْعَ أَنْسَابِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ وَأَوْلادِهِمْ عَنْ مُحَمَّدِ بن عمر الواقدي وعبد الله بن محمد بْنِ عُمَارَةَ الأَنْصَارِيِّ. قَالُوا جَمِيعًا:
كَانَ النُّقَبَاءُ مِنَ الأَوْسِ ثَلاثَةُ نَفَرٍ.
مِنْهُمْ
مِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ
رَجُلانِ وَهُمَا:
326- أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ
بن سماك بن عتيك بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل. ويكنى أبا يَحْيَى. وَكَانَ يُكْنَى أَيْضًا أَبَا الْحُضَيْرِ. وَأُمُّهُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ أم أُسَيْدٍ بنت النعمان بن امرئ القيس بن زيد بْنِ عَبْدِ الأَشْهَلِ. وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ الأَنْصَارِيّ أم أُسَيْدٍ بِنْتُ سَكَنِ بْنِ كُرْزِ بْنِ زَعُورَاءَ بْنِ عَبْدِ الأَشْهَلِ. وَكَانَ لأُسَيْدٍ مِنَ الْوَلَدِ يَحْيَى وَأُمُّهُ مِنْ كِنْدَةَ تُوُفِّيَ وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ. وَكَانَ أَبُوهُ حُضَيْرُ الْكَتَائِبِ شَرِيفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَكَانَ رَئِيسَ الأَوْسِ يَوْمَ بُعَاثٍ وَهِيَ آخِرُ وَقْعَةٍ كَانَتْ بَيْنَ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ فِي الْحُرُوبِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ. وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ حُضَيْرُ الْكَتَائِبِ. وَكَانَتْ هَذِهِ الْوَقْعَةُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ قَدْ تنبى وَدَعَا إِلَى الإِسْلامِ. ثُمَّ هَاجَرَ بَعْدَهَا بِسِتِّ سِنِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَلِحُضَيْرِ الْكَتَائِبِ يَقُولُ خُفَافُ بْنُ نُدْبَةَ السُّلَمِيُّ:
لَوَ أَنَّ الْمَنَايَا حِدْنَ عَنْ ذِي مَهَابَةٍ ... لَهِبْنَ حُضَيْرًا يَوْمَ غَلَّقَ وَاقِمَا
يَطُوفُ بِهِ حَتَّى إِذَا اللَّيْلُ جَنَّهُ ... تَبَوَّأَ مِنْهُ مَقْعَدًا مُتَنَاعِمَا
قَالَ: وَوَاقِمُ أُطُمُ حُضَيْرِ الْكَتَائِبِ. وَكَانَ فِي بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ. وَكَانَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ بَعْدَ أَبِيهِ شَرِيفًا فِي قَوْمِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَفِي الإِسْلامِ يُعَدُّ مِنْ عُقَلائِهِمْ وَذَوِي رَأْيِهِمْ. وَكَانَ يَكْتُبُ بِالْعَرَبِيَّةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وكانت الكتابة في العرب قليلا. وكان يحسن الْعَوْمَ وَالرَّمْيَ. وَكَانَ يُسَمَّى مَنْ كَانَتْ هَذِهِ الْخِصَالُ فِيهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْكَامِلَ وَكَانَتْ قَدِ اجْتَمَعَتْ فِي أُسَيْدٍ. وَكَانَ أَبُوهُ حُضَيْرُ الْكَتَائِبِ يعرف بذلك أيضا ويسمى به.
__________
326 تهذيب الكمال (517) ، والتاريخ الكبير (1/ 2/ 47) ، سير أعلام النبلاء (1/ 338) ، المغازي (21) ، (116) ، (207) ، (208) ، (213) ، (215) ، (218) ، (225) ، (233) ، وراجع الفهرس، وابن هشام (1/ 435، 436، 437، 444، 445) .(3/453)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ: كَانَ إِسْلامُ أُسَيْدِ بْنِ الْحُضَيْرِ وَسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ عَلَى يَدَيْ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ الْعَبْدَرِيِّ في يوم أحد. فَقَدَمَ أُسَيْدٌ سَعْدًا فِي الإِسْلامِ بِسَاعَةٍ.
وَكَانَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قَدْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ قَبْلَ السَّبْعِينَ أَصْحَابِ الْعَقَبَةِ الآخِرَةِ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الإِسْلامِ وَيُعَلِّمَهُمُ الْقُرْآنَ وَيُفَقِّهَهُمْ فِي الدِّينِ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وشهد أُسَيْدٌ الْعَقَبَةَ الآخِرَةَ مَعَ السَّبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ في روايتهم جميعا. وكان أحد النقباء الأثني عَشَرَ. فَآخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أُسَيْدِ بْنِ الْحُضَيْرِ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ. وَلَمْ يَشْهَدْ أُسَيْدٌ بَدْرًا وَتَخَلَّفَ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ النُّقَبَاءِ وَغَيْرِهِمْ عَنْ بَدْرٍ وَلَمْ يَظُنُّوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْقَى بِهَا كَيْدًا وَلا قِتَالا وَإِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومن معه يتعرضون لِعِيرِ قُرَيْشٍ حِينَ رَجَعَتْ مِنَ الشَّامِ فَبَلَغَ أَهْلَ الْعِيرِ ذَلِكَ فَبَعَثُوا إِلَى مَكَّةَ مَنْ يُخْبِرُ قُرَيْشًا بِخُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِمْ وَسَاحَلُوا بِالْعِيرِ فَأَفْلَتَتْ. وَخَرَجَ نفير قريش من مكة يمنعون غيرهم فَالْتَقَوْا هُمْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ مَعَهُ عَلَى غَيْرِ مَوْعِدٍ بِبَدْرٍ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سبرة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ قَالَ: لَقِيَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَقْبَلَ مِنْ بَدْرٍ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَظْفَرَكَ وَأَقَرَّ عَيْنَكَ. وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ تَخَلُّفِي عَنْ بَدْرٍ وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّكَ تَلْقَى عَدُوًّا وَلَكِنْ ظَنَنْتُ أَنَّهَا الْعِيرُ. وَلَوْ ظَنَنْتُ أَنَّهُ عَدُوٌّ مَا تَخَلَّفْتُ. فقال رسول الله. ص: صَدَقْتَ] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرُ: وَشَهِدَ أُسَيْدٌ أُحُدًا وَجُرِحَ يَوْمَئِذٍ سَبْعَ جِرَاحَاتٍ. وَثَبَتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين انْكَشَفَ النَّاسُ. وَشَهِدَ الْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان مِنْ عِلْيَةِ أَصْحَابِهِ.
[حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ قَالَ:
وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو سَلَمَةَ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ جَمِيعًا عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: نِعْمَ الرَّجُلُ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ] .
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنِ ابْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ وَعَبَّادُ بْنُ(3/454)
بِشْرٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ حِنْدِسٍ فَتَحَدَّثَا عِنْدَهُ حَتَّى إِذَا خَرَجَا أَضَاءَتْ لَهُمَا عَصَا أَحَدِهِمَا فَمَشَيَا فِي ضَوْئِهَا. فَلَمَّا تَفَرَّقَ لَهُمَا الطَّرِيقُ أَضَاءَتْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَصَاهُ فَمَشَى فِي ضَوْئِهَا.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أبيه.
أخبرني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْحَارِثِيُّ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالا: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ الْحُضَيْرِ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ فَاشْتَكَى فَصَلَّى بِهِمْ قَاعِدًا. قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ فِي حَدِيثِهِ: فَصَلَّوْا وَرَاءَهُ قُعُودًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن أَصْحَابِهِمْ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرُ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ وزكرياء بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: تُوُفِّيَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ عِشْرِينَ فَحَمَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ حَتَّى وَضَعَهُ بِالْبَقِيعِ وَصَلَّى بِالْبَقِيعِ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مُخَلَّدٍ الْبَجَلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: هَلَكَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ وَتَرَكَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ آلافِ دِرْهَمٍ دَيْنًا. وَكَانَ مَالُهُ يَغُلُّ كُلَّ عَامٍ أَلْفًا فَأَرَادُوا بَيْعَهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَبَعَثَ إِلَى غُرَمَائِهِ فَقَالَ: هَلْ لَكُمْ أَنْ تَقْبِضُوا كُلَّ عَامٍ أَلْفًا فَتَسْتَوْفُوهُ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ؟ قَالُوا: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَأَخَّرُوا ذَلِكَ فَكَانُوا يَقْبِضُونَ كُلَّ عَامٍ أَلْفًا.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ الْحُضَيْرِ هَلَكَ وَتَرَكَ دَيْنًا فَكَلَّمَ عُمَرُ غُرَمَاءَهُ أَنْ يُؤَخِّرُوهُ.
327- أَبُو الهيثم بْن التيهان
واسمه مالك وهو بلي حليف لبني عَبْد الأشهل. وأمه أم مالك بنت مالك من بلي بْن عَمْرو بْن الحاف بْن قضاعة. وهو أحد النقباء الاثني عشر من الأنصار. وشهد العقبتين جميعًا وبدرًا وَأُحُدًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد كتبنا جميع أمره فيمن شهد بدرا من بني عبد الأشهل.
__________
327 المغازي (158) ، (691) ، (707) ، (718) ، (720) ، ابن هشام (1/ 433، 442، 445، 447، 455، 686) .(3/455)
ومن بني غنم بن السلم بن امرئ القيس بن مالك ابن الأوس رَجُل
وهو:
328- سَعْدِ بْن خيثمة
بْن الْحَارِث بْن مالك بن كعب بن النحاط بْن كعب بْن حارثة بْن غنم بْن السلم. ويكنى أَبَا عَبْد الله وأمه هند بِنْت أوس بْن عدي بْن أمية بْن عامر بْن خَطْمَةَ بْن جُشَمِ بْن مَالِكِ بْن الأَوْسِ. وهو أحد النقباء الأثني عشر من الأَنْصَار. وشهد العقبة الآخرة وبدرا. وقتل يومئذٍ. وقد كتبنا جميع أمره فيمن شهِدَ بدرا من بني غنم بن السلم.
__________
328 المغازي 20. 92. 93. 146. 161. 212. 213. ابن هشام. 456. 478. 489. 493. 690. 707.
608/ 3
وَمِنَ الْخَزْرَجِ تِسْعَةُ نَفَرٍ
منهم
من بني النّجّار رَجُل
329- أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ
بْنِ عُدَسِ بْن عُبَيْد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بْن النّجّار. ويكنى أَبَا أمامة وأمه سعاد. ويقال الفريعة. بِنْت رافع بْن مُعَاوِيَة بن عبيد بن الأبجر. وهو خدرة بن عوف بْن الْحَارِث بْن الخزرج. وهو ابن خالة سعد بْن مُعَاذ.
وكان لأسعد بْن زرارة من الولد حبيبة مبايعة وكبشة مبايعة والفريعة مبايعة وأمهن عميرة بنت سهل بن ثعلبة بن الحارث بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار. ولم يكن لأسعد بن زرارة ذكر وليس له عقب إلا ولادات بناته هؤلاء. والعقب لأخيه سعد بن زرارة.
أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عبد العزيز عن خبيب بن عبد الرحمن بن خبيب بن يساف قال: خرج أسعد بن زرارة وذكوان بن عبد قيس إلى مكة يتنافران إلى عتبة بن ربيعة فسمعا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتياه فعرض عليهما الإسلام وقرأ عليهما القرآن فأسلما. ولم يقربا عتبة بن ربيعة ورجعا إلى المدينة فكانا أول من قدم بالإسلام المدينة.
أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا عبد الملك بن محمد بن عبد الرحمن عن
328 المغازي (20) ، (92) ، (93) ، (146) ، (161) ، (212) ، (213) ، ابن هشام (1/ 444، 456، 478، 489، 493، 690، 707) .
329 ابن هشام (1/ 429، 431، 433، 434، 435، 436، 437، 443، 445، 447، 457، 477، 478، 507) .(3/456)
عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ قَالَ: أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ أَوَّلُ مَنْ أسلم. ثُمَّ لَقِيَهُ السِّتَّةُ النَّفَرِ وهو سَادِسُهُمْ.
فَكَانَتْ أَوَّلَ سَنَةٍ. وَالثَّانِيَةَ لَقِيَهُ بِالْعَقَبَةِ الاثنا عشر رجلا مِنَ الأَنْصَارِ فَبَايَعُوهُ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ وَأَخَذَ مِنْهُمُ النُّقَبَاءَ الاثْنَيْ عَشَرَ فَكَانَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرُ: وَيُجْعَلُ أَيْضًا أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ فِي الثَّمَانِيَةِ النَّفَرِ. الَّذِينَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ لَقِيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي مِنَ الأَنْصَارِ. وَأَسْلَمُوا. وَأَمْرُ السِّتَّةِ أَثْبَتُ الأَقَاوِيلِ عِنْدَنَا إِنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ لَقِيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الأَنْصَارِ فَأَسْلَمُوا وَلَمْ يُسْلِمْ قَبْلَهُمْ أَحَدٌ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ. رَحِمَهُ اللَّهُ. آخِذٌ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ. فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلْ تَدْرُونَ عَلَى مَا تُبَايِعُونَ مُحَمَّدًا؟
إِنَّكُمْ تُبَايِعُونَهُ عَلَى أَنْ تُحَارِبُوا الْعَرَبَ وَالْعَجَمَ وَالْجِنَّ وَالإِنْسَ مُجْلِبَةً. فَقَالُوا: نَحْنُ حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَ وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَ. فَقَالَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْتَرِطْ عَلَيَّ.
[فقال رسول الله. ص: تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ تَشْهَدُوا أَلا إِلَهَ إِلا الله وأني رسول الله وتقيموا الصَّلاةَ وَتُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَلا تَنَازَعُوا الأَمْرَ أَهْلَهُ وَتَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ. قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ قَائِلُ الأَنْصَارِ: نَعَمْ هَذَا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا لَنَا؟ فَقَالَ: الْجَنَّةُ وَالنَّصْرُ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ سَعْدِ بِنْتَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ وَهِيَ أُمُّ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ تَقُولُ: أَخْبَرَتْنِي النُّوَارُ أُمُّ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهَا رَأَتْ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَيُجَمِّعُ بِهِمْ فِي مَسْجِدٍ بَنَاهُ فِي مِرْبَدِ سَهْلِ وَسُهَيْلٍ ابْنَيْ رَافِعِ بْنِ أبي عمرو بن عائذ بن ثعلبة بن غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ. قَالَتْ فَأَنْظُرُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا قَدِمَ صَلَّى فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَبَنَاهُ فَهُوَ مَسْجِدُهُ الْيَوْمَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرُ: إِنَّمَا كَانَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ يُصَلِّي بِهِمْ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَيُجَمِّعُ بِهِمُ الْجُمُعَاتِ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلما خَرَجَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُهَاجِرَ مَعَهُ صَلَّى بِهِمْ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ. وَكَانَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَعُمَارَةُ بْنُ حَزْمٍ وَعَوْفُ بْنُ عَفْرَاءَ لَمَّا أَسْلَمُوا يَكْسِرُونَ أَصْنَامَ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ(3/457)
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ: أَخَذَتْ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ الذُّبَحَةُ فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: اكْتَوِ فَإِنِّي لا أَلُومُ نَفْسِي عَلَيْكَ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: كَوَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ مَرَّتَيْنِ فِي حَلْقِهِ مِنَ الذُّبَحَةِ وَقَالَ: لا أَدَعُ فِي نَفْسِي مِنْهُ حَرَجًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَتْ بِأَسْعَدَ الذُّبَحَةُ فَكَوَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَوَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّتَيْنِ فِي أَكْحَلِهِ.
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - عاد أسعد بن سهل بْنَ زُرَارَةَ وَبِهِ الشَّوْكَةُ. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ [قَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ يَهُودَ يَقُولُونَ لَوْلا دَفَعَ عَنْهُ وَلا أَمْلِكُ لَهُ وَلا لِنَفْسِي شَيْئًا لا يَلُومُونِي فِي أَبِي أُمَامَةَ. ثُمَّ] أَمَرَ بِهِ فَكُوِيَ وَحَجَّرَ بِهِ حَلْقَهُ. يَعْنِي بِالْكَيِّ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ: أَوْصَى أَبُو أُمَامَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. بِبَنَاتِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكُنَّ ثَلاثًا. فَكُنَّ فِي عِيَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدُرْنَ مَعَهُ فِي بُيُوتِ نِسَائِهِ وَهُنَّ كَبْشَةُ وَحَبِيبَةُ وَالْفَارِعَةُ. وهي الفريعة. بنات أسعد.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ نُبَيْطِ بْنِ جَابِرٍ امْرَأَةِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَتْ: أَوْصَى أَبُو أُمَامَةَ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدريس وهو أسعد زُرَارَةَ. بِأُمِّي وَخَالَتِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدِمَ عَلَيْهِ حُلِيُّ فِيهِ ذَهَبٌ وَلُؤْلُؤٌ يُقَالُ لَهُ الرِّعَاثُ فَحَلاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ تِلْكِ الرِّعَاثِ. قَالَتْ فَأَدْرَكْتُ بَعْضَ ذَلِكَ الْحُلِيَّ عِنْدَ أَهْلِي.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَهُوَ ابْنُ بِنْتِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَادَ أَبَا أمامة(3/458)
أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ بْنِ عُدَسٍ. وَكَانَ رَأْسَ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ فَأَخَذَتْهُ الشَّوْكَةُ. [فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعُودُهُ فَقَالَ: بِئْسَ الْمَيِّتُ هَذَا! الْيَهُودُ يَقُولُونَ لَوْلا دَفَعَ عَنْهُ. لا أَمْلِكُ لَكَ وَلا لِنَفْسِي شَيْئًا. لا يَلُومُنَّ فِي أَبِي أُمَامَةَ] . وَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكُوِيَ مِنَ الشَّوْكَةِ. طُوِّقَ عُنُقُهُ بِالْكَيِّ طَوْقًا. قَالَ فَلَمْ يَلْبَثْ أَبُو أُمَامَةَ إِلا يَسِيرًا حَتَّى تُوُفِّيَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ قَالَ: مَاتَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ فِي شَوَّالٍ عَلَى رَأْسِ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ مِنَ الْهِجْرَةِ. وَمَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ يُبْنَى. وَذَلِكَ قَبْلَ بَدْرٍ. فَجَاءَتْ بَنُو النَّجَّارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[فَقَالُوا: قَدْ مَاتَ نَقِيبُنَا فَنَقِّبْ عَلَيْنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: أَنَا نَقِيبُكُمْ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَهْلِهِ قَالُوا: لَمَّا تُوُفِّيَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ حَضَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غُسْلَهُ وَكَفَّنَهُ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ مِنْهَا بُرْدٌ وَصَلَّى عَلَيْهِ. وَرُئِيَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْشِي أَمَامَ الْجَنَازَةِ. وَدَفَنَهُ بِالْبَقِيعِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ محمد بن عمرو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ دُفِنَ بِالْبَقِيعِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرُ: هَذَا قَوْلُ الأَنْصَارِ. وَالْمُهَاجِرُونَ يَقُولُونَ: أَوَّلُ مَنْ دُفِنَ بِالْبَقِيعِ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ.
ومن بلحارث بْن الخزرج
رجلان
330- سعد بْن الرَّبِيع
بْن عمرو بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بْن مالك الأغر بْن ثَعْلَبَة بْن كعب بْن الخزرج. وأمه هزيلة بِنْت عتبة بن عمرو بن خديج بن عامر بْن جشم بْن الحارث بْن الخزرج. وهو أحد النقباء الاثني عشر من الأنصار. وشهد بدْرًا وأحدًا وقتل يومئذٍ شهيدًا. وقد كتبنا أمره فيمن شهِدَ بدْرًا من بني الْحَارِث بن الخزرج.
__________
330 المغازي (150) ، (165) ، (204) ، (268) ، (280) ، (292) ، (293) ، (295) ، (302) ، (310) ، (329) ، (330) ، (331) ، ابن هشام (1/ 251، 443، 458، 479، 495، 505، 691، 711) .(3/459)
331- عبد الله بن رواحة
بن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج. وأمه كبشة بِنْت واقد بْن عَمْرو بْن الإطنابة بْن عامر بْن زَيْد مناة بْن مالك الأغر. وهو أحد النقباء الاثني عشر من الأنصار. وشهد بدرا وأحدا والخندق والحديبية وخيبر وقتل يوم مؤتة شهيدًا وهو أحد الأمراء يومئذٍ. وقد كتبنا أمره فيمن شهِدَ بدْرًا من بني الْحَارِث بْن الخزرج.
وَمِنْ بَنِي سَاعِدَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ رَجُلانِ
332- سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ
بْن دليم بْن حارثة بن أبي خُزَيْمَة بْن ثَعْلَبَة بْن طريف بِن الخزرج بْن ساعدة. ويكنى أَبَا ثابت وأمه عمرة وهي الثالثة بِنْت مَسْعُود بْن قَيْس بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بْن عَمْرو بْن مالك بْن النّجّار بْن الخزرج. وهو ابن خالة سعد بْن زَيْد الأشهلي من أَهْل بدْر. وكان لسعد بْن عُبَادة من الولد سَعِيد ومحمد وعبد الرحمن وأمهم غزية بِنْت سَعْد بْن خليفة بْن الأشرف بْن أبي حزيمة بْن ثَعْلَبَة بْن طريف بْن الخزرج بْن ساعدة. وقيس وأمامة وسدوس وأمهم فكيهة بِنْت عُبَيْد بْن دليم بْن حارثة بْن أبي خُزَيْمَة بْن ثَعْلَبَة بْن طريف بِن الخزرج بْن ساعدة. وكان سعد في الجاهلية يكتب بالعربية. وكانت الكتابة في العرب قليلا. وكان يحسن العوم
__________
331 سبق في (209) .
332 طبقات خليفة (97) ، (303) ، وتاريخ خليفة (72) ، (117) ، (135) ، والتاريخ الكبير (4/ ت 1911) ، والمعارف (259) ، والمعرفة ليعقوب (1/ 294) ، وتاريخ أبي زرعة (75) ، وتاريخ الطبري (2/ 367، 381، 407، 431، 564، 571، 573، 514) ، (3/ 23، 56، 93، 163، 201، 203، 206، 218، 222) ، والجرح والتعديل (4/ ت 382) ، والثقات لابن حبان (1) ورقة (153) ، والاستيعاب (2/ 594) ، والأنساب للسمعاني (5/ 100) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (6/ 86) ، والكامل في التاريخ (22/ 111، 113، 177، 181، 197، 233) ، وأسد الغابة (2/ 283) ، وتهذيب الأسماء (1/ 212) ، وتاريخ الإسلام (1/ 389) ، وسير أعلام النبلاء (1/ 270) ، والعبر (1/ 19، 20) ، وتذهيب التهذيب (2) ورقة (9) ، وتهذيب الكمال (2214) ، وتهذيب التهذيب (3/ 475) ، والإصابة (2/ ت 3173) ، وخلاصة الخزرجي (1/ ت 2388) ، وشذرات الذهب (2/ 28) .(3/460)
والرمي وكان من أحسن ذلك سمي الكامل. وكان سعد بْن عُبَادة وعدة آباء له قبله فِي الجاهلية ينادى على أطمهم: من أحب الشحم واللحم فليأت أطم دليم بْن حارثة.
أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
أَدْرَكْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ وَهُوَ يُنَادِي عَلَى أُطُمِهِ: مَنْ أَحَبَّ شَحْمًا أَوْ لَحْمًا فَلْيَأْتِ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ. ثُمَّ أَدْرَكْتُ ابْنَهُ مِثْلَ ذَلِكَ يَدْعُو بِهِ. وَلَقَدْ كُنْتُ أَمْشِي فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَأَنَا شَابٌّ فَمَرَّ عَلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مُنْطَلِقًا إِلَى أَرْضِهِ بِالْعَالِيَةِ فَقَالَ: يَا فَتَى تَعَالَ انْظُرْ هَلْ تَرَى عَلَى أُطُمِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَحَدًا يُنَادِي؟ فَنَظَرْتُ فَقُلْتُ: لا. فَقَالَ: صَدَقْتَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ كَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ هَبْ لِي حَمْدًا وَهَبْ لِي مَجْدًا. لا مَجْدَ إِلا بِفِعَالٍ وَلا فِعَالَ إِلا بِمَالٍ.
اللَّهُمَّ لا يُصْلِحُنِي الْقَلِيلُ وَلا أَصْلُحُ عَلَيْهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرُ: وَكَانَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَالْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو وَأَبُو دُجَانَةَ لَمَّا أَسْلَمُوا يَكْسِرُونَ أَصْنَامَ بَنِي سَاعِدَةَ. وَشَهِدَ سَعْدٌ الْعَقَبَةَ مَعَ السَّبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ فِي روايتهم جميعا وكان أحد النقباء الأثني عشر فَكَانَ سَيِّدًا جَوَادًا وَلَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا. وَكَانَ يَتَهَيَّأُ لِلْخُرُوجِ إِلَى بَدْرٍ وَيَأْتِي دُورَ الأَنْصَارِ يَحُضُّهُمْ عَلَى الْخُرُوجِ فَنُهِشَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ فأقام. [فقال رسول الله. ص: لَئِنْ كَانَ سَعْدٌ لَمْ يَشْهَدْهَا لَقَدْ كَانَ عَلَيْهَا حَرِيصًا] .
وَرَوَى بَعْضُهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُجْمَعٍ عَلَيْهِ وَلا ثَبَتَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ يَرْوِي الْمَغَازِي فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا. وَلَكِنَّهُ قَدْ شَهِدَ أحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ سَعْدٌ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَبْعَثُ إِلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ جَفْنَةً فِيهَا ثَرِيدٌ بِلَحْمٍ أَوْ ثَرِيدٌ بِلَبَنٍ أَوْ ثَرِيدٌ بِخَلٍّ وَزَيْتٍ أَوْ بِسَمْنٍ. وَأَكْثَرَ ذَلِكَ اللَّحْمُ. فَكَانَتْ جَفْنَةُ سَعْدٍ تَدُورُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بُيُوتِ أَزْوَاجِهِ. وَكَانَتْ أُمُّهُ عَمْرَةُ بِنْتُ مَسْعُودٍ مِنَ الْمُبَايِعَاتِ فَتُوُفِّيَتْ بِالْمَدِينَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَائِبٌ فِي غَزْوَةِ دُومَةِ الْجَنْدَلِ. وَكَانَتْ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ. وَكَانَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَعَهُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ. فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ أَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أُمَّ سعد بن عباده ماتت والنبي. ع. غَائِبٌ فَقَالَ لَهُ(3/461)
سَعْدٌ: إِنَّ أُمَّ سَعْدٍ مَاتَتْ وَإِنِّي أُحُبُّ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهَا. فَصَلَّى عَلَيْهَا وَقَدْ أَتَى لَهَا شَهْرٌ.
[أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اسْتَفْتَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ فَتُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ. فَقَالَ رَسُولُ الله. ص:
اقْضِهِ عَنْهَا] . 615/ 3 [أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ: أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ مَاتَتْ أُمُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا أَفَيَنْفَعُهَا إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِيَ الْمِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَنْهَا] .
[أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ سَعْدًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنَّ أُمَّ سَعْدٍ مَاتَتْ وَلَمْ تُوصِ فَهَلْ يَنْفَعُهَا أَنْ أَصَّدَّقَ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَحَبُّ إِلَيْكَ. أَوْ قَالَ: أَعْجَبُ إِلَيْكَ؟
قَالَ: اسْقِ الْمَاءَ] [أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أن أم سعد ماتت فسأل النبي. ع: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: اسْقِ الْمَاءَ] .
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُوَيْدٌ أَبُو حاتم صاحب الطعام قال:
سمعت الحسن. وَسَأَلَهُ رَجُلٌ أَشْرَبُ مِنْ مَاءِ هَذِهِ السِّقَايَةِ التي في المسجد فإنها صدقة. فقال الْحَسَنَ: قَدْ شَرِبَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. مِنْ سِقَايَةِ أُمِّ سَعْدٍ فَمَهْ؟
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ الأَنْصَارَ حِينَ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اجْتَمَعُوا فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ وَمَعَهُمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَتَشَاوَرُوا فِي الْبَيْعَةِ لَهُ. وَبَلَغَ الْخَبَرُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. فَخَرَجَا حَتَّى أَتَيَاهُمْ وَمَعَهُمَا نَاسٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ. فَجَرَى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الأَنْصَارِ كَلامٌ وَمُحَاوَرَةٌ فِي بَيْعَةِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ.
فَقَامَ خَطِيبُ الأَنْصَارِ فَقَالَ: أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ. مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ. فَكَثُرَ اللَّغَطُ وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ فَقَالَ(3/462)
عُمَرُ: فَقُلْتُ لأَبِي بَكْرٍ ابْسُطْ يَدَكَ. فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَبَايَعَهُ الأَنْصَارُ وَنَزَوْنَا عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَكَانَ مُزَمَّلا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ فَقُلْتُ: مَا لَهُ؟
فَقَالُوا: وَجِعٌ. قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: قَتَلْتُمْ سَعْدًا. فَقُلْتُ: قَتَلَ اللَّهُ سَعْدًا. إِنَّا وَاللَّهِ مَا وَجَدْنَا فِيمَا حَضَرْنَا مِنْ أَمْرِنَا أَقْوَى مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ. خَشِينَا إِنْ فَارَقْنَا الْقَوْمَ وَلَمْ تَكُنْ بَيْعَةٌ أَنْ يُبَايِعُوا بَعْدَنَا فَإِمَّا أَنْ نُبَايِعَهُمْ عَلَى مَا لا نَرْضَى وَإِمَّا أَنْ نُخَالِفَهُمْ فَيَكُونَ فَسَادًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بَعَثَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنْ أَقْبِلْ فَبَايِعْ فَقَدْ بَايَعَ النَّاسُ وَبَايَعَ قَوْمُكَ. فَقَالَ: لا وَاللَّهِ لا أُبَايِعُ حَتَّى أُرَامِيَكُمْ بِمَا فِي كِنَانَتِي وَأُقَاتِلَكُمْ بِمَنْ تَبِعَنِي مِنْ قَوْمِي وَعَشِيرَتِي. فَلَمَّا جَاءَ الْخَبَرُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ قَالَ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّهُ قَدْ أَبَى وَلَّجَ وَلَيْسَ بِمُبَايِعِكُمْ أو يقتل ولن يقتل ولن يقتل الْخَزْرَجُ حَتَّى تُقْتَلَ الأَوْسُ. فَلا تُحَرِّكُوهُ فَقَدِ اسْتَقَامَ لَكُمُ الأَمْرُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِضَارِّكُمْ إِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ وَحْدَهُ مَا تُرِكَ. فَقَبِلَ أَبُو بَكْرٍ نَصِيحَةَ بَشِيرٍ. فَتَرَكَ سَعْدًا. فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ لَقِيَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: إِيهِ يَا سَعْدُ. فَقَالَ سَعْدٌ: إِيهِ يَا عُمَرُ. فَقَالَ عُمَرُ: أَنْتَ صَاحِبُ مَا أَنْتَ صَاحِبُهُ؟ فَقَالَ سَعْدٌ: نَعَمْ أَنَا ذَاكَ وَقَدْ أَفْضَى إِلَيْكَ هَذَا الأَمْرُ. كَانَ وَاللَّهِ صَاحِبُكَ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْكَ وَقَدْ وَاللَّهِ أَصْبَحْتُ كَارِهًا لِجِوَارِكَ. فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ مَنْ كَرِهَ جِوَارَ جَارِهِ تَحَوَّلَ عَنْهُ فَقَالَ سَعْدٌ: أَمَا أَنِّي غَيْرُ مُسْتَنْسِئٍ بِذَلِكَ وَأَنَا مُتَحَوِّلٌ إِلَى جِوَارِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ.
قَالَ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلا قَلِيلا حَتَّى خَرَجَ مُهَاجِرًا إِلَى الشَّامِ فِي أَوَّلِ خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَمَاتَ بِحَوْرَانَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ بِحَوْرَانَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ لِسَنَتَيْنِ وَنِصْفٍ مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرُ: كَأَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ. قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: فَمَا عُلِمَ بِمَوْتِهِ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى سَمِعَ غِلْمَانٌ فِي بِئْرِ مُنَبِّهٍ أَوْ بِئْرِ سَكَنٍ وَهُمْ يَقْتَحِمُونَ نِصْفَ النَّهَارِ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ قَائِلا يَقُولُ مِنَ الْبِئْرِ:
قَدْ قَتَلْنَا سَيِّدَ الْخَزْرَجِ سَعْدَ بْنَ عُبَادَهْ ... وَرَمَيْنَاهُ بِسَهْمَيْنِ فَلَمْ نُخْطِ فُؤَادُهْ
فَذُعِرَ الْغِلْمَانُ فَحَفِظُوا ذَلِكَ الْيَوْمَ فَوَجَدُوهُ الْيَوْمَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ سَعْدٌ فَإِنَّمَا جَلَسَ يَبُولُ فِي نَفَقٍ فَاقْتُتِلَ فَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ. وَوَجَدُوهُ قَدِ اخْضَرَّ جِلْدُهُ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سيرين(3/463)
يُحَدِّثُ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ بَالَ قَائِمًا فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ لأَصْحَابِهِ: إِنِّي لأَجِدُ دَبِيبًا. فَمَاتَ فَسَمِعُوا الْجِنَّ تَقُولُ:
قَدْ قَتَلْنَا سَيِّدَ الْخَزْرَجِ سَعْدَ بْنَ عُبَادَهْ ... وَرَمَيْنَاهُ بِسَهْمَيْنِ فَلَمْ نُخْطِ فُؤَادُهْ
333- المنذر بْن عَمْرو
بْن خنيس بن لوذان بن عبد ود بن زيد بْن ثَعْلَبَة بْن الخزرج بْن ساعدة. وأمه هند بِنْت المنذر بْن الجموح بْن زَيْد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بْن سَلَمَة. شهِدَ العقبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعا وكان أحد النقباء الاثني عشر. وشهد بدْرًا وأحدًا وقتل يوم بئر معونة شهيدًا. وقد كتبنا خبره فيمن شهِدَ بدْرًا من بني ساعدة.
وَمِنْ بَنِي سَلِمَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أسد بن ساردة ابن تزيد بن جشم بْن الخزرج رجلان
334- الْبَرَاءُ بن معرور
بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بْن كعب بْن سَلَمَة وأمه الرباب بِنْت النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عَبْد الأشهل بْن جشم بْن الأوس. وكان للبراء من الولد بِشْر بْن البراء شهِدَ العقبة وبدرًا وأمه خُلَيْدَةُ بِنْت قَيْس بْن ثَابِتِ بْن خَالِد من أشجع ثُمَّ من بني دهمان ومبشر.
وهند مبايعة. وسلافة مبايعة. والرباب مبايعة. وأمهم حميمة بِنْت صيفي بْن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد من بني سَلَمَة. وشهد البراء بْن معرور العقبة فِي روايتهم جميعًا وهو أحد النقباء الاثني عشر من الأَنْصَار. وكان البراء أوّل من تكلم من النقباء ليلة العقبة حين لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السبعون من الأنصار فبايعوه وأخذ منهم النقباء. فقام البراء فحمد الله وأثنى عليه وقال: الحمد لله الَّذِي أكرمنا بمحمد وحبانا به فكنا أوّل من أجاب وآخر من دعا فأجبنا الله ورسوله وسمعنا وأطعنا. يا معشر الأوس والخزرج قد أكرمكم الله بدينه فَإِن أخذتم السمع والطاعة والموازرة بالشكر فأطيعوا الله ورسوله. ثم جلس.
__________
333 المغازي (4) ، (9) ، (168) ، (347) ، (348) ، (352) ، (353) ، وابن هشام (1/ 444، 449، 466، 495، 506، 696) .
334 المغازي (238) ، ابن هشام (1/ 439، 440، 442، 443، 445، 447، 460) .(3/464)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ أَوَّلَ مَنِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ حَيًّا وَمَيِّتًا قَبْلَ أَنْ يُوَجَّهَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - أن يستقبل بيت المقدس والنبي. ع. يومئذ بمكة. فأطاع البراء النبي. ع. حَتَّى إِذَا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُوَجِّهُوهُ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ. ع. مُهَاجِرًا صَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ صُرِفَتِ الْقِبْلَةُ نَحْوَ الْكَعْبَةِ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ مَعْرُورٍ الأَنْصَارِيَّ كَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ. وَكَانَ أَحَدَ النُّقَبَاءِ مِنَ السَّبْعِينَ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَ يُصَلِّي نَحْوَ الْقِبْلَةِ. فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - يضعه حيث شاء وَقَالَ:
وَجِّهُونِي فِي قَبْرِي نَحْوَ الْقِبْلَةِ. فَقَدِمَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ما مَاتَ فَصَلَّى عَلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
الْبَرَاءُ أَوَّلُ مَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فَأَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَوْصَى الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ عِنْدَ الْمَوْتِ أَنْ يُوَجَّهَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ إِلَى الْكَعْبَةِ. وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَوْتِهِ بِيَسِيرٍ وَصَلَّى عَلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ مَوْتُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ فِي صَفَرٍ قَبْلَ قَدُومِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ بِشَهْرٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ خَارِجَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا صُرِفَتِ الْقِبْلَةُ يَوْمَ صُرِفَتْ قَالَتْ أُمُّ بِشْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا قَبْرُ الْبَرَاءِ. فَكَبَّرَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَصْحَابِهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ. انْطَلَقَ بِأَصْحَابِهِ فَصَفَّ عَلَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَارْضَ عَنْهُ وَقَدْ فَعَلْتَ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ محمد بْنِ هِلالٍ أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ مَعْرُورٍ تُوُفِّيَ قَبْلَ قَدُومِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ فَلَمَّا قَدِمَ صَلَّى عَلَيْهِ.(3/465)
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى قَبْرِ رَجُلٍ مِنَ النُّقَبَاءِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرُ: وَكَانَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ أَوَّلَ مَنْ مَاتَ مِنَ النُّقَبَاءِ.
335- عَبْد الله بْن عَمْرو
بْن حرام بن ثعلبة بن حرام بن كعب بن غنم بْن كعب بْن سَلَمَة. وأمه الرباب بِنْت قَيْس بْن القريم بْن أمية بْن سنان بن كعب بن غنم بن كعب بْن سَلَمَة. وهو أَبُو جَابِر بْن عَبْد الله. شهِدَ العقبة مع السبعين من الأَنْصَار في روايتهم جميعا. وهو أحد النقباء الاثني عشر. وشهد بدْرًا وأحدًا وقتل يومئذٍ شهيدًا. وقد كتبنا أمره فيمن شهِدَ بدْرًا من بني سَلَمَة.
ومن القواقلة رَجُل
336- عُبَادة بْن الصامت
بْن قيس بْن أصرم بْن فهر بْن ثعلبة بْن غنم بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الخزرج. وأمه قُرَّةَ العين بنت عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الخزرج. ويكنى أَبَا الْوَلِيد. شهِدَ العقبة مع السبعين من الأَنْصَار وهو أحد النقباء الاثني عشر. وشهد بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد كتبنا أمره فيمن شهِدَ بدْرًا من القواقلة.
وَمِنْ بَنِي زُرَيْقِ بْنِ عَامِرِ بن زريق بن عبد حارثة ابن مالك بْن غضب بْن جشم بْن الخزرج رَجُل
337- رَافِعُ بْنُ مَالِكِ
بْنِ الْعَجْلانِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ زُرَيْقِ. وأمه ماوية بِنْت العجلان بْن زَيْد بْن غنم بْن سالم بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الخزرج. ويكنى أبا
__________
335 المغازي (9) ، (22) ، (24) ، (269) ، (219) ، (265) ، (266) ، (268) ، (306) ، (310) ، (312) ، (314) ، (400) ، (401) ، ابن هشام (1/ 208، 440، 444، 462، 697) .
336 سبق في رقم (234) .
337 المغازي (9) ، ابن هشام (1/ 431، 444، 454، 666، 694) .(3/466)
مالك. وكان لرافع بْن مالك من الولد رفاعة وخلاد وقد شهِدَ بدْرًا ومالك وأمهم أم مالك بِنْت أبي بْن مالك بْن الحارث بن عبيد بن مالك بن سالم الحبلى.
وكان رافع بْن مالك من الكملة. وكان الكامل فِي الجاهلية الَّذِي يكتب ويحسن العوم والرمي. وكان رافع كذلك. وكانت الكتابة فِي القوم قليلًا.
ويقال إنّ رافع بْن مالك ومعاذ بْن عفراء أوّل من لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمكة من الأنصار وأسلما وقدما بالإسلام المدينة. وَفِي ذلك رواية لهما. ويجعل رافع فِي الثمانية النفر الّذين يروى أنهم أول من أسلم من الأنصار بمكة ويجعل في الستة النفر الذين يروى أنهم أول من اسلم من الأَنْصَار وليس قبلهم أحد. قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر:
وأمر الستة النفر أثبت الأقاويل عندنا والله أعلم. وقد شهِدَ رافع بْن مالك العقبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعا. وهو أحد النقباء الاثني عشر الّذين من الأَنْصَار. ولم يشهد رافع بْن مالك بدْرًا وشهدها ابناه رفاعة وخلاد ولكنه قد شهِدَ أحدًا وقتل يومئذٍ شهيدا فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا مِن الهجرة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ زَيْدٍ مِنْ وَلَدِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ رَافِعِ بْنِ مَالِكٍ الزُّرَقِيِّ وَبَيْنَ سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل. فَهَؤُلاءِ النُّقَبَاءُ مِنَ الأَنْصَارِ الَّذِينَ نَقَّبَهُمْ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على قدومهم لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلا.
ذِكْرُ كلثوم بن هدم العمري وعدة ممن يروون أنهم شهدوا بدْرًا وليس ذلك بثبت
338- كُلْثُومُ بْنُ الْهِدْمِ
بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ بن زيد بن عبيد بن زيد بن مالك بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ مالك بْن الأوس.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رُقَيْشٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ عَنْ عَمِّهِ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ وَثَّابٍ مَوْلَى بَنِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي غَطَفَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالا: كَانَ كُلْثُومُ بْنُ الهدم رجلا
__________
338 ابن هشام (1/ 20، 478، 493) .(3/467)
شَرِيفًا وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا. وَأَسْلَمَ قَبْلَ مَقْدِمِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة. فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَزَلَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ.
وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَحَدَّثُ فِي مَنْزِلِ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ. وَكَانَ يُسَمَّى مَنْزِلُ الْعُزَّابِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرُ: فَلِذَلِكَ قِيلَ نَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ. وَالثَّبْتُ عِنْدَنَا نُزُولُهُ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ الْعَمْرِيِّ. وَنَزَلَ عَلَى كُلْثُومٍ أَيْضًا جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مِنْهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ. وَالْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو. وَخَبَّابُ بْنُ الأَرَتِّ. وَسُهَيْلُ وَصَفْوَانُ ابْنَا بَيْضَاءَ. وَعِيَاضُ بْنُ زُهَيْرٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَخْرَمَةَ. وَوَهْبُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ.
وَمَعْمَرُ بْنُ أَبِي سَرْحٍ. وَعَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو مِنْ بَنِي مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ. وَعُمَيْرُ بْنُ عَوْفٍ مَوْلَى سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو. وَكُلُّ هَؤُلاءِ قَدْ شَهِدُوا بَدْرًا. ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ كُلْثُومُ بْنُ الْهِدْمِ بَعْدَ قَدُومِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ إِلا يَسِيرًا حَتَّى تُوُفِّيَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَدْرٍ بِيَسِيرٍ. وَكَانَ غَيْرَ مَغْمُوصٍ عَلَيْهِ فِي إِسْلامِهِ. وَكَانَ رَجُلا صَالِحًا.
339- الْحَارِث بن قيس
بن هيشة بن الحارث بن أمية بْن مُعَاوِيَة بْن مالك بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ مالك بْن الأوس. وأمه زينب بِنْت صيفي بْن عَمْرو بْن زَيْد بْن جشم بْن حارثة بْن الْحَارِث بْن الأوس. وكان أخوه حاطب بن قَيْس الَّذِي كَانَتْ فِيهِ الحرب بين الأوس والخزرج وتسمى حرب حاطب. وأم حاطب أيضًا زينب بِنْت صيفي بْن عَمْرو وهي أم عتيك بْن قَيْس أيضًا. والحارث وحاطب وعتيك بنو قيس بن هيشة وهم عمومة جبر بْن عتيك بْن قَيْس بْن هيشة. ذكر عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ أن الْحَارِث بْن قَيْس شهِدَ بدْرًا. وقال مُحَمَّد بْن عُمَر:
سمعت من يذكر ذلك وليس بثبت. وأما مُوسَى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأبو معشر فلم يذكروا الْحَارِث بْن قَيْس فيمن شهِدَ عندهم بدْرًا ولا يشكون جميعًا فِي روايتهم أن ابن أَخِيهِ جبر بْن عتيك قد شهِدَ بدْرًا. وغلطوا فِي نسبه فقالوا: جبر بن عتيك بْن الْحَارِث بْن قَيْس بْن هيشة. فنسبوه إِلَى عمه وليس كذلك. هُوَ جبر بن عتيك بن قيس ابن أخي الْحَارِث بْن قَيْس.
340- سَعْدِ بْن مَالِكِ
بْن خَالِد بْن ثَعْلَبَة بن حارثة بْن عَمْرو بْن الخزرج بْن ساعدة بْن كعب بْن الخزرج. وأمه من بني سليم. ويقال بل هي من ولد الجموح بن
__________
339 المغازي (161) ، ابن هشام (1/ 409، 700) .
340 المغازي (101) .(3/468)
625/ 3 زيد بن حرام من بني سَلَمَة. وكان لسعد بْن مالك من الولد ثَعْلَبَة قُتِلَ يوم أحد شهيدًا لا عقب له. وسعد بْن سعد وعمرو وعمرة وأمهم هند بِنْت عَمْرو من بني عذرة. فولد سعد بْن سعد سهل بْن سعد صحب النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأمه أبية بِنْت الْحَارِث بْن عَبْد اللَّهِ بْن كَعْبِ بْن مَالِكٍ بْن خثعم.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: تَجَهَّزَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ لِيَخْرُجَ إِلَى بَدْرٍ فَمَرِضَ فَمَاتَ فَمَوْضِعُ قَبْرِهِ عِنْدَ دَارِ بَنِي قَارِظٍ. فَضَرَبَ لَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بسهمه وأجره.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: مَاتَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ بِالرَّوْحَاءِ فَأَسْهَمَ لَهُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرُ: وَسَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ أَنَّ الَّذِيَ شَهِدَ بَدْرًا هُوَ سَعْدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ خَالِدٍ وَهُوَ أَبُو سَهْلِ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ.
وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ الأَنْصَارِيُّ فَوَلَّدَهُمْ فِي كِتَابِ نَسَبِ الأَنْصَارِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي كِتَابِنَا هَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمَا شَهِدَ بَدْرًا. وَلا أَحْسِبُ تَرَكَ تَسْمِيَتَهُ فِي بَدْرٍ إِلا أَنَّهُ مَرِضَ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهَا كَمَا رَوَى أُبَيُّ وَعَبْدُ الْمُهَيْمِنِ ابْنَا عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ جَدِّهِمَا.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَارِي قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ أباه أوصى للنبي. ع. فَكَتَبَ وَصِيَّتَهُ فِي مُؤَخَّرِ رَحْلِهِ. فَأَوْصَى لَهُ بِرَحْلِهِ وَرَاحِلَتِهِ وَخَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ شَعِيرٍ فَقَبِلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى وَرَثَتِهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الَّذِيَ ذُكِرَ فِي بَدْرٍ هُوَ سَعْدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ وَهُوَ يَتَجَهَّزُ إِلَى بَدْرٍ. وَأَوْصَى لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ.
وَأَمَّا مَا رَوَى أُبَيُّ وَعَبْدُ الْمُهَيْمِنِ ابْنَا عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ جَدِّهِمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَسْهَمَ لَهُ فِي بَدْرٍ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِثَبْتٍ وَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِمَّنْ رَوَى الْمَغَازِي. وَأَمَّا مُوسَى بْنُ عقبة ومحمد بن إسحاق وأبو معشر فلم يَذْكُرُوا سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ وَلا ابْنَهُ سَعْدَ بْنَ سَعْدٍ فِيمَنْ شَهِدَ عِنْدَهُمْ بَدْرًا. وَهُوَ الثَّبَتُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ أَحَدٌ مِنْهُمَا بدرا. ولعله كان يتجهز لخروج فَمَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ كَمَا رَوَى أُبَيُّ وَعَبْدُ الْمُهَيْمِنِ ابْنَا عَبَّاسٍ فِي حَدِيثِهِمَا.
وَلِسَعْدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ عَقِبٌ.(3/469)
341- مَالِكُ بْنُ عَمْرٍو النَّجَّارِيُّ.
نظرنا فِي كتاب نسب الأَنْصَار فلم نجد نسبه فِيهِ ووجدنا مالك بْن عَمْرو بْن عتيك بْن عَمْرو بْن مبذول. وهُوَ عامر بْن مالك بْن النجار. ومالك بْن عَمْرو هُوَ الَّذِي وجدناه في نسب الأنصار فهو عم الْحَارِث بْن الصمة بْن عَمْرو ولا أحسبه إِيَّاهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الظَّفَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ مَالِكُ بْنُ عَمْرٍو النَّجَّارِيُّ مَاتَ يَوْمَ الجمعة. فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَبِسَ لأْمَتَهُ لِيَخْرُجَ إِلَى أُحُدٍ خَرَجَ وَهُوَ مَوْضُوعٌ عِنْدَ مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ دَعَا بِدَابَّتِهِ فَرَكِبَ إِلَى أُحُدٍ.
342- خلاد بن قيس
بن النعمان بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بْن سَلَمَة. وأمه أدام بِنْت القين بْن كعب بْن سواد من بني سَلَمَة. ذكر عبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري أنّه شهِدَ بدْرًا مع أَخِيهِ خَالِد بْن قيس بن النعمان بن سنان بن عبيد. ولم يذكر ذلك محمد بْن إِسْحَاق وموسى بن عقبة وأبو معشر ومحمد بن عمر فيمن شهِدَ عندهم بدْرًا. قَالَ: ولا أظن ذلك بثبت لأن هَؤُلَاء أعلم بالسيرة والمغازي من غيرهم. ولا أظن ما روى عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة بثبت.
ولخلاد بْن قَيْس إسلام قديم.
343- عَبْد الله بْن خيثمة
بْن قَيْس بْن صيفي بْن صخر بْن حرام بْن ربيعة بْن عدي بْن غنم بْن كعب بْن سَلَمَة. وأمه عَائِشَة بِنْت زَيْد بن ثَعْلَبَة بْن عُبَيْد من بني سَلَمَة. ذكر عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ أنّه قد شهِدَ بدْرًا مع عميه معبد وعبد الله ابني قَيْس بْن صيفي. ولم يذكره مُوسَى بْن عُقْبَة ومحمد بن إسحاق وأبو معشر ومحمد بن عُمَر فيمن شهِدَ عندهم بدْرًا قَالَ وتُوُفِّي عَبْد الله بْن خيثمة وليس له عقب.
__________
341 المغازي (154) ، (214) ، ابن هشام (1/ 472، 680) .
342 المغازي (170) .
343 المغازي (998) ، (1075) .(3/470)
الجزء الرابع
الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ مِمَّنْ لم يشهد بدْرًا
ولهم إسلام قديم وقد هاجر عامتهم إِلَى أرض الحبشة وشهدوا أحدًا وما بعدها من المشاهد.
منهم
من المهاجرين
من بني هاشم بْن عَبْد مناف
344- الْعَبَّاسُ بْنُ عبد المطلب
بن هاشم بن عبد مناف بْنِ قُصَيِّ بْنُ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْن مالك بْن النَّضْر بْن كنانة بْن خُزَيْمة بْن مدركة بْنُ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ معد بْن عدنان. وأم العباس نُتَيْلَةُ بِنْتُ جَنَابِ بْنِ كُلَيْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَامِرٍ. وَهُوَ الضِّحْيَانُ بْنُ سَعْدِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ تَيْمِ اللَّهِ بْنِ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطِ بْنِ هِنْبِ بْنِ أَفْصَى بْنِ دُعْمِيِّ بْنِ جَدِيلَةَ بْنِ أَسَدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نزار بْن معد بْن عدنان. وكان العباس يكنى أبا الفضل.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْبَيَاضِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: وُلِدَ أَبِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَبْلَ قَدُومِ أَصْحَابِ الْفِيلِ بِثَلاثِ سِنِينَ. وَكَانَ أَسَنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِثَلاثِ سِنِينَ. قَالُوا: وَكَانَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنَ الْوَلَدِ الْفَضْلُ وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِهِ وَبِهِ كَانَ يُكْنَى. وَكَانَ جَمِيلا. وَأَرْدَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - في حجته ومات بالشام في
__________
344 تاريخ ابن طهمان (ت 358) ، وتاريخ خليفة (86) ، (138) ، (168) ، وفضائل الصحابة (2/ 915) ، وعلل ابن المديني (70) ، والتاريخ الكبير للبخاري (7/ ت 1) ، وتاريخ واسط (155) ، (156) ، والجرح والتعديل (6/ ت 1151) ، والثقات لابن حبان (3/ 288) ، والاستيعاب (2/ 180) ، والجمع لابن القيسراني (1/ 360) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (7/ 229) ، وأسد الغابة (3/ 9) ، وتهذيب الأسماء (1/ 257) ، وسير أعلام النبلاء (2/ 78) ، والعبر (1/ 20، 32، 61، 117، 332، 372) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ ت 3118) ، وتهذيب الكمال (2/ 4507) ، وتقريب التهذيب (1/ 397) ، وخلاصة الخزرجي (2/ ت 3354) ، وشذرات الذهب (1/ 38) .(4/3)
طَاعُونِ عَمَوَاسَ وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ. وَعَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ الْحَبْرُ دَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَاتَ بِالطَّائِفِ وَلَهُ عَقِبٌ. وَعُبَيْدُ اللَّهِ كَانَ جَوَّادًا سَخِيَّا ذَا مَالٍ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ وَلَهُ عَقِبٌ.
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مَاتَ بِالشَّامِ وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ. وَقُثَمُ وَكَانَ يُشَبَّهُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ خَرَجَ إلى خراسان مجاهدا فمات بسمرقند وليس وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ. وَمَعْبَدٌ قُتِلَ بِإِفْرِيقِيَّةَ شَهِيدًا وَلَهُ عَقِبٌ. وَأُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ الْعَبَّاسِ. وَأُمُّهُمْ جميعا جَمِيعًا أُمُّ الْفَضْلِ وَهِيَ لُبَابَةُ الْكُبْرَى بِنْتُ الحارث بن حزن بن بخير بْنِ الْهُزَمِ بْنِ رُؤَيْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن هلال بن عامر بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هوازن بن منصور بن عكرمة بن خفضة بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلانَ بْنِ مُضَرَ. وَفِي وَلَدِ أُمِّ الْفَضْلِ هَؤُلاءِ مِنَ الْعَبَّاسِ يَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهِلالِيُّ:
مَا وَلَدَتْ نجيبة من فحل ... بجبل تعلمه أَوْ سَهْلٍ
كَسِتَّةٍ مِنْ بَطْنِ أُمِّ الْفَضْلِ ... أَكْرِمْ بِهَا مِنْ كَهْلَةٍ وَكَهْلٍ
أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عن أبيه قَالَ: كَانَ يُقَالُ: مَا رَأَيْنَا بَنِي أَبٍ وَأُمٍّ قَطُّ أَبْعَدَ قُبُورًا مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْ أُمِّ الْفَضْلِ. وَكَانَ لِلْعَبَّاسِ أَيْضًا مِنَ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِ أُمِّ الفضل كثير بن عباس بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَكَانَ فَقِيهًا مُحَدِّثًا.
وَتَمَّامُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ أَهْلِ زَمَانِهِ. وَصَفِيَّةُ وَأُمَيْمَةُ وَأُمُّهُمْ أُمُّ وَلَدٍ. وَالْحَارِثُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَأُمُّهُ حُجَيْلَةُ بِنْتُ جُنْدُبِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ هُذَيْلِ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسِ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارٍ. وَلِلْحَارِثِ عَقِبٌ مِنْهُمُ السَّرِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالِي الْيَمَامَةِ وَلَيْسَ لكثير وتمام اليوم عقب.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ لِي سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ وَمَعْنُ بْنُ عَدِيٍّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ: يَا عُوَيْمُ انْطَلِقْ بِنَا حَتَّى نَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنُسَلِّمَ عَلَيْهِ فَإِنَّا لَمْ نَرَهْ قَطُّ وَقَدْ آمَنَّا بِهِ. فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ فَقِيلَ لِيَ هُوَ فِي مَنْزِلِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَرَحَلْنَا عَلَيْهِ فَسَلَّمْنَا وَقُلْنَا لَهُ: مَتَى نَلْتَقِي؟ فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: إِنَّ مَعَكُمْ مِنْ قَوْمِكُمْ مَنْ هُوَ مُخَالِفٌ لَكُمْ فَاخْفُوا أَمْرَكُمْ حَتَّى يَنْصَدِعَ هَذَا الْحَاجُّ وَنَلْتَقِيَ نَحْنُ وَأَنْتُمْ فَنُوَضِّحَ لَكُمُ الأَمْرَ فَتَدْخُلُونَ عَلَى أَمْرٍ بَيِّنٍ.
فَوَعَدَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّيْلَةَ الَّتِي فِي صُبْحِهَا النَّفَرُ الآخِرُ أَنْ يُوَافِيَهُمْ أَسْفَلَ الْعَقَبَةِ حَيْثُ الْمَسْجِدُ الْيَوْمَ وَأَمَرَهُمْ أَنْ لا ينهبوا نَائِمًا وَلا يَنْتَظِرُوا غَائِبًا.(4/4)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عُبَيْدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ قال:
فخرج القوم تلك الليلة النَّفْرِ الأَوَّلِ بَعْدَ هَذِهِ يَتَسَلَّلُونَ وَقَدْ سَبَقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -
إلى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَمَعَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ غَيْرُهُ. وَكَانَ يَثِقُ بِهِ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ. فَلَمَّا اجْتَمَعُوا كَانَ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ. وَكَانَتِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ تُدْعَى الْخَزْرَجِ. إِنَّكُمْ قَدْ دَعَوْتُمْ مُحَمَّدًا إِلَى مَا دَعَوْتُمُوهُ إِلَيْهِ وَمُحَمَّدٌ مِنْ أَعَزِّ النَّاسِ فِي عَشِيرَتِهِ يَمْنَعُهُ وَاللَّهِ مَنْ كَانَ مِنَّا عَلَى قَوْلِهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنَّا عَلَى قَوْلِهِ مَنَعَةً لِلْحَسَبِ وَالشَّرَفِ. وَقَدْ أَبَى مُحَمَّدٌ النَّاسَ كُلَّهُمْ غَيْرَكُمْ فَإِنْ كُنْتُمْ أَهْلَ قُوَّةٍ وَجَلَدٍ وَبَصَرٍ بِالْحَرْبِ وَاسْتِقْلالٍ بِعَدَاوَةِ الْعَرَبِ قَاطِبَةً فإنها سترميكم عن قوس واحدة فارتأوا رَأْيَكُمْ وَأْتَمِرُوا أَمْرَكُمْ وَلا تَفْتَرِقُوا إِلا عَنْ مَلإٍ مِنْكُمْ وَاجْتِمَاعٍ فَإِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ أَصْدَقُهُ. وَأُخْرَى. صِفُوا لِيَ الْحَرْبَ كَيْفَ تُقَاتِلُونَ عَدُوَّكُمْ. قَالَ فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ وَتَكَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ فَقَالَ: نَحْنُ وَاللَّهِ أَهْلُ الْحَرْبِ غُذِّينَا بِهَا وَمُرِّنَّا عَلَيْهَا وَوَرِثْنَاهَا عَنْ آبَائِنَا كَابِرًا فَكَابِرًا. نَرْمِي بِالنَّبْلِ حَتَّى تَفْنَى. ثم نطاعن بالرماح حتى تكسر بالرماح. ثُمَّ نَمْشِي بِالسُّيُوفِ فُنَضَارِبُ بِهَا حَتَّى يَمُوتَ الأَعْجَلُ مِنَّا أَوْ مِنْ عَدُوِّنَا. فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: أَنْتُمْ أَصْحَابُ حَرْبٍ فَهَلْ فِيكُمْ دُرُوعٌ؟ قَالُوا:
نَعَمْ شَامِلَةٌ. وَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ: قَدْ سَمِعْنَا مَا قُلْتَ. إِنَّا وَاللَّهِ لَوْ كَانَ فِي أَنْفُسِنَا غَيْرُ مَا يَنْطِقُ بِهِ لَقُلْنَاهُ وَلَكِنَّا نُرِيدُ الْوَفَاءَ وَالصِّدْقَ وَبَذْلَ مُهَجِ أَنْفُسِنَا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ وَتَلا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقُرْآنَ ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَرَغَّبَهُمْ فِي الإِسْلامِ وَذَكَرَ الَّذِي اجْتَمَعُوا لَهُ فَأَجَابَهُ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ بِالإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ فَبَايَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ. وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ آخِذٌ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُؤَكِّدُ لَهُ الْبَيْعَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى الأَنْصَارِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ حَضَرَهُمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ آخِذٌ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَخْفُوا جَرْسَكُمْ فَإِنَّ عَلَيْنَا عُيُونًا. وَقَدِّمُوا ذَوِي أَسْنَانِكُمْ فَيَكُونُونَ الذي يَلُونَ كَلامَنَا مِنْكُمْ فَإِنَّا نَخَافُ قَوْمَكُمْ عَلَيْكُمْ. ثُمَّ إِذَا بَايَعْتُمْ فَتَفَرَّقُوا إِلَى مَجَالِسِكُمْ وَاكْتُمُوا أَمْرَكُمْ فَإِنْ طَوَيْتُمْ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَنْصَدِعَ هَذَا الْمَوْسِمُ فَأَنْتُمُ الرِّجَالُ وَأَنْتُمْ لِمَا بَعْدَ الْيَوْمِ. فَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ: يَا أَبَا الْفَضْلِ اسْمَعْ مِنَّا. فَسَكَتَ الْعَبَّاسُ فَقَالَ الْبَرَاءُ: لك والله(4/5)
عِنْدَنَا كِتْمَانُ مَا تُحِبُّ أَنْ نَكْتُمَ وَإِظْهَارُ مَا تُحِبَّ أَنْ نُظْهِرَ وَبَذْلُ مُهَجِ أَنْفُسِنَا ورضا ربنا عندنا. إِنَّا أَهْلُ حَلْقَةٍ وَافِرَةٍ وَأَهْلُ مَنَعَةٍ وَعِزٍّ. وَقَدْ كُنَّا عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ حَجَرٍ وَنَحْنُ كَذَا فَكَيْفَ بِنَا الْيَوْمَ حِينَ بَصَّرَنَا اللَّهُ مَا أَعْمَى عَلَى غَيْرِنَا وأيدنا بمحمد. ص؟ ابْسُطْ يَدَكَ. فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ ضَرَبَ عَلَى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ. وَيُقَالُ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ. وَيُقَالُ أَسْعَدُ بْنُ زرارة.
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بن عبد الله بن أبي سَبْرَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ قَالَ: تَفَاخَرَتِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ فِيمَنْ ضَرَبَ عَلَى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ أَوَّلَ النَّاسِ فَقَالُوا: لا أَحَدَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَسَأَلُوا الْعَبَّاسَ فَقَالَ: مَا أَحَدٌ أَعْلَمَ بِهَذَا مِنِّي. أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَ عَلَى يَدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ تِلْكِ اللَّيْلَةِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ ثُمَّ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ ثُمَّ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ.
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أبي زائدة عن عامر الشعبي قال: انطلق النبي. ع. بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَكَانَ الْعَبَّاسُ ذَا رَأْيٍ. إِلَى السَّبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ عِنْدَ الْعَقَبَةِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: لِيَتَكَلَّمْ مُتَكَلِّمُكُمْ وَلا يُطِلِ الْخُطْبَةَ فَإِنَّ عَلَيْكُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَيْنًا وَإِنْ يَعْلَمُوا بِكُمْ يَفْضَحُوكُمْ. فَقَالَ قَائِلُهُمْ وَهُوَ أَبُو أُمَامَةَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ: يَا مُحَمَّدُ سَلْ لِرَبِّكَ مَا شِئْتَ ثُمَّ سَلَ لِنَفْسِكَ وَلأَصْحَابِكَ مَا شِئْتَ ثُمَّ أَخْبِرْنَا مَا لَنَا مِنَ الثَّوَابِ عَلَى اللَّهِ وَعَلَيْكُمْ إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ. [فَقَالَ: أَسْأَلُكُمْ لِرَبِّي أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا.
وَأَسْالُكُمْ لِي وَلأَصْحَابِي أَنْ تُؤْوُونَا وَتَنْصُرُونَا وَتَمْنَعُونَا مِمَّا تَمْنَعُونَ أَنْفُسَكُمْ. قَالَ: فَمَا لَنَا إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ؟ قَالَ: الْجَنَّةُ. قَالَ: فَلَكَ ذَلِكَ.] قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ فِي حَدِيثِهِ: فَكَانَ الشَّعْبِيُّ إِذَا حَدَّثَ هَذَا الْحَدِيثَ يَقُولُ مَا سَمِعَ الشَّيْبُ وَالشُّبَّانُ بِخُطْبَةٍ أقصر ولا أبلغ منها.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ أَبِيهِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا تَفَرَّقُوا إِلَى بَدْرٍ فَكَانُوا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ هَبَّ أَبُو جَهْلٍ مِنْ نَوْمِهِ فَصَاحَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَلا تَبًّا لِرَأْيِكُمْ مَاذَا صَنَعْتُمْ. خَلَّفْتُمْ بَنِي هَاشِمٍ وَرَاءَكُمْ فَإِنْ ظَفَرَ بِكُمْ مُحَمَّدٌ كَانُوا مِنْ ذَلِكَ بِنَحْوِهِ. وَإِنْ ظَفِرْتُمْ بِمُحَمَّدٍ أَخَذُوا آثَارَكُمْ مِنْكُمْ مِنْ قَرِيبٍ مِنْ أولادكم وأهليكم. فلا تدروهم فِي بَيْضَتِكُمْ وَفِنَائِكُمْ وَلَكِنْ(4/6)
أَخْرِجُوهُمْ مَعَكُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ غَنَاءٌ. فَرَجَعُوا إِلَيْهِمْ فَأَخْرَجُوا الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وطالبا وعقيلا كرها.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدْ كَانَ مَنْ كَانَ مِنَّا بِمَكَّةَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ قَدْ أَسْلَمُوا فَكَانُوا يَكْتُمُونَ إِسْلامَهُمْ وَيَخَافُونَ يُظْهِرُونَ ذَلِكَ فَرَقًا مِنْ أَنْ يَثِبَ عَلَيْهِمْ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ فَيُوثَقُوا كَمَا أَوْثَقَتْ بَنُو مَخْزُومٍ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَبَّاسَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَغَيْرَهُمَا فَلِذَلِكَ [قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأَصْحَابِهِ يَوْمَ بَدْرٍ: مَنْ لَقِيَ مِنْكُمُ الْعَبَّاسَ وَطَالِبًا وَعَقِيلا وَنَوْفَلا وَأَبَا سُفْيَانَ فَلا تَقْتُلُوهُمْ فَإِنَّهُمْ أُخْرِجُوا مُكْرَهِينَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا رُؤَيْمُ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي عِيسَى الشَّامِيُّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بن الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قال أبو رافع مولى رسول الله. ص: كُنْتُ غُلامًا لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَكَانَ الإِسْلامُ قَدْ دَخَلَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَأَسْلَمَ الْعَبَّاسُ وَأَسْلَمَتْ أُمُّ الْفَضْلِ وَأَسْلَمْتُ. فَكَانَ الْعَبَّاسُ يَهَابُ قَوْمَهُ وَيَكْرَهُ خِلافَهُمْ فَكَانَ يَكْتُمُ إِسْلامَهُ. وَكَانَ ذَا مَالٍ مُتَفَرِّقٍ فِي قَوْمِهِ فَخَرَجَ مَعَهُمْ إِلَى بَدْرٍ وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رُؤَيْمُ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ قَالَ: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ أَبِي عِيسَى قَالَ:
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ:
حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ. عَلَيْهِ السَّلامُ. [قَالَ لأَصْحَابِهِ يَوْمَ بَدْرٍ: إِنِّي عَرَفْتُ أَنَّ رِجَالا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَغَيْرِهِمْ قَدْ أُخْرِجُوا كَرْهًا لا حَاجَةَ لَهُمْ بِقِتَالِنَا. فَمَنْ لَقِيَ مِنْكُمْ أَحَدًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَلا يَقْتُلْهُ.
مَنْ لَقِيَ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلا يَقْتُلْهُ فَإِنَّمَا أُخْرِجَ مُسْتَكْرَهًا] .
قَالَ فَقَالَ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ: نَقْتُلُ آبَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا وَإِخْوَانَنَا وَعَشَائِرَنَا وَنَتْرُكُ الْعَبَّاسَ؟ وَاللَّهِ لَئِنْ لَقِيتُهُ لأُلْحِمَنَّهُ السَّيْفَ. قَالَ فَبَلَغَتْ مَقَالَتُهُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فَقَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: يَا أَبَا حَفْصٍ- قَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لأَوَّلُ يَوْمٍ كَنَّانِي فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَبِي حَفْصٍ- أَيُضْرَبُ وَجْهُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالسَّيْفِ؟ فَقَالَ عُمَرُ:
دَعْنِي وَلأَضْرِبَ عُنُقَ أبي حذيفة بالسيف. فو الله لَقَدْ نَافَقَ.] قَالَ وَنَدِمَ أَبُو حُذَيْفَةَ عَلَى مَقَالَتِهِ فَكَانَ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أَنَا بِآمِنٍ مِنْ تِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي قُلْتُ يَوْمَئِذٍ وَلا أَزَالُ مِنْهَا خَائِفًا(4/7)
إِلا أَنْ يُكَفِّرَهَا اللَّهُ. عَزَّ وَجَلَّ. عَنِّي بِالشَّهَادَةِ. فَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ شَهِيدًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ لَقِيَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ [قَالَ: مَنْ لَقِيَ أَحَدًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَلا يَقْتُلْهُ فَإِنَّهُمْ أُخْرِجُوا كُرْهًا.] فَقَالَ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ: وَاللَّهِ لا أَلْقَى رَجُلا مِنْهُمْ أَلا قَتَلْتُهُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: [أَنْتَ الْقَائِلُ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. شَقَّ عَلَيَّ إِذَا رَأَيْتُ أَبِي وَعَمِّي وَأَخِي مُقَتَّلِينَ فَقُلْتُ الَّذِي قُلْتُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ أَبَاكَ وَعَمَّكَ وَأَخَاكَ خَرَجُوا جَادِّينَ فِي قِتَالِنَا طَائِعِينَ غَيْرَ مُكْرَهِينَ وَإِنَّ هَؤُلاءِ أُخْرِجُوا مُكْرَهِينَ غَيْرَ طَائِعِينَ لِقِتَالِنَا] .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّوْفَلِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ جَمَعَتْ قُرَيْشٌ بَنِي هَاشِمٍ وَحُلَفَاءَهُمْ فِي قُبَّةٍ وَخَافُوهُمْ فَوَكَّلُوا بِهِمْ مَنْ يَحْفَظُهُمْ وَيُشَدِّدُ عَلَيْهِمْ. مِنْهُمْ حَكِيمُ بن حزام.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: حدثنا عبيد بن أوس قرن مِنْ بَنِي ظُفُرٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ أَسَرْتُ الْعَبَّاسَ بْن عَبْد الْمُطَّلِبِ وَعُقَيْلَ بْن أَبِي طَالِبٍ وَحَلِيفًا لِلْعَبَّاسِ فِهْرِيًّا فَقَرَنْتُ الْعَبَّاسَ وَعَقِيلا. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[سَمَّانِي مُقَرِّنًا وَقَالَ: أَعَانَكَ عَلَيْهِمَا مَلَكٌ كَرِيمٌ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا رُؤَيْمُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي عيسى الشامي قال:
وأخبرنا أحمد بن محمد قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مِقْسَمٍ أَبِي الْقَاسِمِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الَّذِي أَسَرَ الْعَبَّاسَ أَبُو الْيَسَرِ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو أَخُو بَنِي سَلَمَةَ. وَكَانَ أَبُو الْيَسَرِ رَجُلا مَجْمُوعًا وَكَانَ الْعَبَّاسُ رَجُلا جَسِيمًا. [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأَبِي الْيَسَرِ: كَيْفَ أَسَرْتَ الْعَبَّاسَ يَا أَبَا الْيَسَرِ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ أَعَانَنِي عَلَيْهِ رَجُلٌ مَا رَأَيْتُهُ قَبْلُ وَلا. هَيْئَتُهُ كَذَا وَهَيْئَتُهُ كَذَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: لَقَدْ أَعَانَكَ عَلَيْهِ مَلَكٌ كَرِيمٌ] .
قَالُوا: وَقَالَ غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِي حَدِيثِهِ: انْتَهَى أَبُو الْيَسَرِ إِلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ قَائِمٌ كَأَنَّهُ صَنَمٌ فَقَالَ له: جزتك الجوازي. أنقتل ابْنَ أَخِيكَ؟ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: مَا فَعَلَ مُحَمَّدٌ أَمَا بِهِ الْقَتْلُ. قَالَ أَبُو الْيَسَرِ: اللَّهُ أعز وأنصر.(4/8)