أَبِي هِلالٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَاقِدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ إِلَى فَرَسٍ لَهُ فَمَسَحَ وَجْهَهُ بِكُمِّ قَمِيصِهِ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبِقَمِيصِكَ؟ قَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ عَاتَبَنِي فِي الْخَيْلِ] «1» .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ الصُّدَائِيُّ عَنْ عَبْدِ الْقُدُّوسِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَغْلَةٌ شَهْبَاءُ. فَهِيَ أَوَّلُ شَهْبَاءُ كَانَتْ فِي الإِسْلامِ. فَبَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى زَوْجَتِهِ أُمِّ سَلَمَةَ. فَأَتَيْتُهُ بِصُوفٍ وَلِيفٍ. ثُمَّ فَتَلْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا رَسَنًا وَعِذَارًا. ثُمَّ دَخَلَ الْبَيْتَ فَأَخْرَجَ عَبَاءَةً مُطَرَّفَةً فَثَنَاهَا ثُمَّ رَبَّعَهَا عَلَى ظَهْرِهَا. ثُمَّ سَمَّى وَرَكِبَ. ثُمَّ أَرْدَفَنِي خَلْفَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ دُلْدُلُ بَغْلَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أول بغلة رئيت فِي الإِسْلامِ. أَهْدَاهَا لَهُ الْمُقَوْقَسُ وَأَهْدَى مَعَهَا حِمَارًا يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ. فَكَانَتِ الْبَغْلَةُ قَدْ بَقِيَتْ حَتَّى زَمَنِ مُعَاوِيَةَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: دُلْدُلُ أَهْدَاهَا فَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو الْجُذَامِيُّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ قَالَ: بَلَغَنِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. أَنَّ اسْمَ بَغْلَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدُّلْدُلُ. وَكَانَتْ شَهْبَاءَ.
وَكَانَتْ بِيَنْبُعَ حَتَّى مَاتَتْ ثَمَّ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ زَامِلِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أَهْدَى فَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَغْلَةً يُقَالُ لَهَا فِضَّةٌ.
فَوَهَبَهَا لأَبِي بَكْرٍ. وَحِمَارَهُ يَعْفُورَ فَنُفِقَ مُنْصَرَفَهُ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
[أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ. أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَغْلَةٌ. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّا أَنْزَيْنَا الْحُمُرَ عَلَى خَيْلِنَا فَجَاءَتْنَا بِمِثْلِ هَذِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون] «2» .
__________
(1) انظر: [المطالب العالية (1928) ، ومنحة المعبود (1185) ، والدر المنثور (3/ 197) ] .
(2) انظر: [سنن أبي داود (2565) ، وسنن النسائي (6/ 224) ، ومسند أحمد (1/ 98، 158) ، (4/ 311) ، والسنن الكبرى (10/ 23) ، وموارد الظمآن (1639) ، ومجمع الزوائد (5/ 265) ، ومشكاة المصابيح (3883) ، ومصنف ابن أبي شيبة (12/ 540، 541) ، ومشكل الآثار (1/ 83، 84) ، وتفسير ابن كثير (4/ 478) ، وتهذيب ابن عساكر (5/ 221) ] .(1/381)
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ علقمة ابن أَبِي عَلْقَمَةَ قَالَ: بَلَغَنِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. أَنَّ اسْمَ حِمَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْيَعْفُورُ.
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ. حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ الْبَزَّازُ. أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتِ الأَنْبِيَاءُ يَلْبَسُونَ الصُّوفَ. وَيَحْلِبُونَ الشَّاءَ. وَيَرْكَبُونَ الْحُمُرَ. وَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِمَارٌ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُسَمَّى الشَّهْبَاءُ وَحِمَارُهُ الْيَعْفُورُ.
ذِكْرُ إِبِلِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتِ الْقَصْوَاءُ من نعم بني الحريش ابْتَاعَهَا أَبُو بَكْرٍ وَأُخْرَى مَعَهَا بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ. فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ. فَكَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى نَفَقَتْ.
وَهِيَ الَّتِي هَاجَرَ عَلَيْهَا. وَكَانَتْ حِينَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة رَبَاعِيَّةً. وَكَانَ اسْمُهَا الْقَصْوَاءَ. وَالْجَدْعَاءَ. وَالْعَضْبَاءَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْلَى عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: كَانَ اسْمُهَا الْعَضْبَاءَ. وَكَانَ فِي طَرَفِ أُذُنِهَا جَدْعٌ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُسَمَّى الْقَصْوَاءَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ قَالَ: بَلَغَنِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. أَنَّ اسْمَ نَاقَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقَصْوَاءُ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاقَةٌ تُسَمَّى الْعَضْبَاءُ. وَكَانَتْ لا تُسْبَقُ. قَالَ: فَقَدِمَ أَعْرَابِيُّ(1/382)
[عَلَى قُعُودٍ لَهُ فَسَابَقَهَا فَسُبِقَتْ. فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. قَالُوا سُبِقَتِ الْعَضْبَاءُ.
قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فَقَالَ: إِنَّهُ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ لا يَرْتَفِعَ مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ إِلا وَضَعَهُ] .
[أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: كَانَتِ الْقَصْوَاءُ نَاقَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسْبِقُ كُلَّمَا دُفِعَتْ فِي سُبَّاقٍ.
فَسُبِقَتْ فَكَانَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَآبَةٌ أن سبقت. فقال رسول الله. ص: إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَفَعُوا شَيْئًا أَوْ أَرَادُوا رَفْعَ شَيْءٍ وَضَعَهُ اللَّهُ] «1» .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ عَنْ قُدَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّتِهِ يَرْمِي عَلَى نَاقَةٍ صَهْبَاءَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي الثَّوْرِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّهِ بِعَرَفَةَ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ.
ذِكْرُ لِقَاحِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ:
كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَاحٌ وَهِيَ الَّتِي أغار عليها القوم بِالْغَابَةِ. وَهِيَ عِشْرُونَ لِقْحَةً. وَكَانَتِ الَّتِي يَعِيشُ بِهَا أَهْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرَاحَ إِلَيْهِ كُلَّ لَيْلَةٍ بِقِرْبَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ لَبَنٍ. فَكَانَ فِيهَا لَقَائِحُ لَهَا غُزْرٌ: الْحِنَّاءُ. وَالسَّمْرَاءُ. وَالْعَرِيسُ.
وَالسَّعْدِيَّةُ. وَالْبُغُومُ. وَالْيَسِيرَةُ. وَالدُّبَّاءُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَبْهَانَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ: وَكَانَ عَيْشُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّبَنَ. أَوْ قَالَتْ أَكْثَرُ عَيْشِنَا. كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَائِحُ بِالْغَابَةِ. كَانَ قَدْ فَرَّقَهَا عَلَى نِسَائِهِ فَكَانَتْ لِي مِنْهَا لِقْحَةٌ تُدْعَى الْعَرِيسُ. وَكُنَّا مِنْهَا فِيمَا شِئْنَا مِنَ اللَّبَنِ. وَكَانَتْ لِعَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. لِقْحَةٌ تُدْعَى السَّمْرَاءُ غَزِيرَةٌ. وَلَمْ تَكُنْ كَلِقْحَتِي. فَقَرَّبَ رَاعِيهُنُّ اللِّقَاحَ إِلَى مَرْعًى بِنَاحِيَةِ الْجَوَّانِيَةِ. فَكَانَتْ تَرُوحُ عَلَى أَبْيَاتِنَا فَنُؤْتَى بِهِمَا فَتَحْلِبَانِ. فَتُوجَدُ لِقْحَتُهُ.
تَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَغْزَرَ مِنْهَا بِمِثْلِ لَبَنِهَا أو أكثر.
__________
(1) انظر: [سنن الدارقطني (4/ 302) ] .(1/383)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عبيدة عن ثابت مولى أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ:
أَهْدَى الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ الْكِلابِيُّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقْحَةً تُدْعَى بُرْدَةٌ. لَمْ أَرَ مِنَ الإِبِلِ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا. وَتَحْلِبُ مَا تَحْلِبُ لِقْحَتَانِ غَزِيرَتَانِ. فَكَانَتْ تَرُوحُ عَلَى أَبْيَاتِنَا. يَرْعَاهَا هِنْدٌ وَأَسْمَاءُ. يَعْتَقَبَانِهَا بِأُحُدٍ مَرَّةً وَبِالْجُمَّاءِ مَرَّةً. ثُمَّ يَأْوِي بِهَا إِلَى مَنْزِلِنَا مَعَهُ مِلْءَ ثَوْبِهِ مِمَّا يَسْقُطُ مِنَ الشَّجَرِ وَمَا يُهَشُّ مِنَ الشَّجَرِ. فَتَبِيتُ فِي عَلَفٍ حَتَّى الصَّبَّاحِ. فَرُبَّمَا حُلِبَتْ عَلَى أَضْيَافِهِ. فَيَشْرَبُونَ حَتَّى يَنْهَلُوا غَبُوقًا. وَيُفَرِّقُ عَلَيْنَا بَعْدُ مَا فَضَلَ. وَحِلابُهَا صَبُوحًا حَسَنٌ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعُ لَقَائِحَ. تَكُونُ بِذِي الْجَدْرِ. وَتَكُونُ بِالْجَمَّاءِ. فَكَانَ لَبَنُهَا يَؤُوبُ إِلَيْنَا.
لِقْحَةٌ تُدْعَى مَهْرَةً. وَلِقْحَةٌ تُدْعَى الشَّقْرَاءَ. وَلِقْحَةٌ تُدْعَى الدُّبَّاءَ. فَكَانَتْ مَهْرَةٌ أَرْسَلَ بِهَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مِنْ نَعَمِ بَنِي عَقِيلٍ. وَكَانَتْ غَزِيرَةً. وَكَانَتِ الشُّقْرَاءُ وَالدُّبَّاءِ أَبْتَاعَهُمَا بِسُوقِ النَّبَطِ مِنْ بَنِي عَامِرٍ. وَكَانَتْ بُرْدَةٌ وَالسَّمْرَاءُ وَالْعَرِيسُ وَالْيَسِيرَةُ وَالْحِنَّاءُ يُحْلَبْنَ وَيُرَاحُ إِلَيْهِ بِلَبَنِهِنَّ كُلَّ لَيْلَةٍ. وَكَانَ فِيهَا غُلامُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسَارٌ فقتلوه.
[أخبرنا محمد بن عمر. فَحَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عن سعيد ابن الْمُسَيِّبِ قَالَ: لَمَّا أَمْسَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَأْتِهِ لَبَنُ لِقَاحِهِ قَالَ: عَطَّشَ اللَّهُ مَنْ عَطَّشَ آلَ مُحَمَّدٍ اللَّيْلَةَ] » .
ذِكْرُ مَنَايِحِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْغَنَمِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ وَلَدِ عُقْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ قَالَ: كَانَتْ مَنَايِحُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْغَنَمِ سَبْعًا: عَجْوَةُ. وَزَمْزَمُ.
وَسُقْيَا. وَبَرَكَةُ. وَوَرِسَةُ. وَإِطْلالُ. وَإِطْرَافُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعُ أَعْنُزٍ مَنَايِحَ تَرْعَاهُنَّ أُمُّ أَيْمَنَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: كَانَتْ مَنَايِحُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُرْعَى بأحد وتروح كل ليلة
__________
(1) انظر: [فتح الباري (12/ 111) ] .(1/384)
عَلَى الْبَيْتِ الَّذِي يَدُورُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ وَجِيهَةَ مَوْلاةِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: سُئِلَتْ أُمُّ سَلَمَةَ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَبْدُو؟
قَالَتْ: لا. وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُهُ. كَانَتْ لَنَا أَعْنُزٌ سَبْعٌ. فَكَانَ الرَّاعِي يَبْلُغُ بِهِنَّ مَرَّةً الْجَمَّاءَ.
وَمَرَّةً أُحُدًا. وَيَرُوحُ بِهِنَّ عَلَيْنَا. فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - لقاح بذي الجدر. فتؤوب إلينا ألبانها بالليل. وتكون بالغابة فتؤوب إِلَيْنَا أَلْبَانُهَا بِاللَّيْلِ. وَهُوَ كَانَ أَكْثَرَ عَيْشِنَا مِنَ الإِبِلِ وَالْغَنَمِ.
[أَخْبَرَنَا الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ وَالْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حمزة عن زيد ابن وَاقِدٍ وَالنُّعْمَانِ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ جِلْدِ الْمَيْتَةِ فَقَالَ: كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
شَاةٌ تُسَمَّى قَمَرُ. فَفَقَدَهَا يَوْمًا. فَقَالَ: مَا فَعَلَتْ قَمَرُ؟ فَقَالُوا: مَاتَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: فَمَا فَعَلْتُمْ بِإِهَابِهَا؟ قَالُوا: مَيْتَةٌ. قَالَ: دِبَاغُهَا طَهُورُهَا. وَلَمْ يَذْكُرِ الْهَيْثَمُ فِي حَدِيثِهِ النُّعْمَانَ. وَقَالَ فِي حَدِيثِهِ عَنْ زَيْدٍ عَنْ مَكْحُولٍ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ صَالِحِ بْنِ نَبْهَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيْهَانِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ عِنْدَهُمْ شَاةٌ إِلا وَفِي بَيْتِهِمْ بَرَكَةٌ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ أبي ثفال عن خالد عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ تَرُوحُ عَلَيْهِمْ ثَلاثَةٌ مِنَ الْغَنَمِ إِلا بَاتَتِ الْمَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِمْ حَتَّى تُصْبِحَ] .
ذِكْرُ خَدَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَوَالِيهِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ هِنْدَ وَأَسْمَاءَ ابْنَيْ حَارِثَةَ الأَسْلَمِيَّيْنِ إِلا مَمْلُوكَيْنِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ كَانَا يَخْدِمَانِهِ لا يَرِيمَانِ بَابَهُ هُمَا وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا فَايِدٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ جَدَّتِهِ سَلْمَى قَالَتْ: كَانَ خَدَمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَا. وَخُضْرَةُ. وَرَضْوَى(1/385)
وَمَيْمُونَةُ بِنْتُ سَعْدٍ. أَعْتَقَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّهُنَّ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله الأسدي. أخبرنا سفيان الثوري عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كانت جَارِيَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُسَمَّى خُضْرَةَ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ جَبِيرَةَ الأَشْهَلَيُّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنِ افْحَصْ لِي عَنْ أَسْمَاءِ خَدَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَمَوَالِيهِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ يُخْبِرُهُ أَنَّ أُمَّ أَيْمَنَ وَاسْمُهَا بَرَكَةُ كَانَتْ لأَبِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَرِثَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَعْتَقَهَا. وَكَانَ عُبَيْدٌ الْخَزْرَجِيُّ قَدْ تَزَوَّجَهَا بِمَكَّةَ فَوَلَدَتْ أَيْمَنَ. ثُمَّ إِنَّ خَدِيجَةَ مَلَكَتْ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ. اشْتَرَاهُ لَهَا حَكِيمُ بْنُ حِزَامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ بِسُوقِ عُكَاظٍ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ. فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَدِيجَةَ أَنْ تَهَبَ لَهُ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ. وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَهَا. فَوَهَبَتْهُ لَهُ. فَأَعْتَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ. وَأَعْتَقَ بَرَكَةَ امْرَأَتَهُ. وَكَانَ أَبُو كَبْشَةَ مِنْ مُوَلِّدِي مَكَّةَ فَأَعْتَقَهُ. وَكَانَ أَنَسَةُ مِنْ مُوَلِّدِي السَّرَاةِ فَأَعْتَقَهُ. وَكَانَ صَالِحٌ شُقْرَانُ غُلامًا لَهُ فَأَعْتَقَهُ. وَكَانَ سَفِينَةُ غُلامًا لَهُ فَأَعْتَقَهُ. وَكَانَ ثَوْبَانُ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ ابْتَاعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ فَأَعْتَقَهُ. وَلَهُ نَسَبٌ فِي الْيَمَنِ. وَكَانَ رَبَاحٌ أَسْوَدَ فَأَعْتَقَهُ. وَكَانَ يَسَارٌ عَبْدًا نُوبِيًّا أَصَابَهُ فِي غَزْوَةِ بَنِي عَبْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ فَأَعْتَقَهُ. وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ لِلْعَبَّاسِ فَوَهَبَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا أَسْلَمَ الْعَبَّاسُ بَشَّرَ أَبُو رَافِعٍ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِسْلامِهِ. فَسُّرَ بِهِ فَأَعْتَقَهُ وَاسْمُهُ أَسْلَمَ.
وَكَانَ فَضَالَةُ مَوْلًى لَهُ يَمَانِيًّا نَزَلَ الشَّامَ بَعْدُ. وَكَانَ أَبُو مُوَيْهِبَةَ مُوَلَّدًا مِنْ مُوَلِّدِي مُزَيْنَةَ فَأَعْتَقَهُ. وَكَانَ رَافِعٌ غُلامًا لِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَوَرِثَهُ وَلَدُهُ فَأَعْتَقَ بَعْضُهُمْ نَصِيبَهُ فِي الإِسْلامِ وَتَمَسَّكَ بَعْضٌ. فَجَاءَ رَافِعٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَعِينُهُ فِيمَنْ لَمْ يُعْتِقْ حَتَّى يُعْتِقَهُ فَكَلَّمَهُ فِيهِ. فَوَهَبَهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَبَهُ لَهُ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ الْجُذَامِيُّ وَكَانَ مِنْ مُوَلِّدِي حِسْمَى.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: وَهَبَهُ لَهُ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ الْجُذَامِيُّ. فَلَمَّا شَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ.
ص. خَيْبَرَ. انْصَرَفَ إِلَى وَادِي الْقُرَى. فَلَمَّا نَزَلَ يَحُطُّ رَحْلَهُ بِوَادِي الْقُرَى جَاءَهُ سَهْمُ غَرَبٍ فَقَتَلَهُ. فَقِيلَ هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ. فَقَالَ النَّبِيُّ. ص: لا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا عَنَّا يَوْمَ خَيْبَرَ تُحْرَقُ عَلَيْهِ فِي النَّارِ. رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى الأَوَّلِ.
قَالَ: وَكَانَ كَرْكَرَةُ غُلامًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -](1/386)
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ. أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ. حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ أَنَّهُ كَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غُلامٌ يُقَالُ لَهُ رَبَاحٌ.
وَكَانَ فِي ظَهْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي أَغَارَ عَلَيْهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ بْنُ حِصْنٍ.
ذكر بيوت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - وحجر أزواجه
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْهُذَلِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ بُيُوتَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ هَدَمَهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. كَانَتْ بُيُوتًا بِاللَّبِنِ. وَلَهَا حُجَرٌ مِنْ جَرِيدٍ مَطْرُورَةٌ بِالطِّينِ. عَدَدْتُ تِسْعَةَ أَبْيَاتٍ بِحُجَرِهَا وَهِيَ مَا بَيْنَ بَيْتِ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. إِلَى الْبَابِ الَّذِي يَلِي بَابَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى منزل أسماءبنت حَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ. وَرَأَيْتُ بَيْتَ أُمِّ سَلَمَةَ وُحُجْرَتَهَا مِنْ لَبَنٍ. فَسَأَلْتُ ابْنَ ابْنِهَا. فَقَالَ: لَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَزْوَةَ دُومَةَ بَنَتْ أُمُّ سَلَمَةَ حُجْرَتَهَا بِلَبِنٍ. فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَظَرَ إِلَى اللَّبِنِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَوَّلَ نِسَائِهِ فَقَالَ: [مَا هَذَا الْبِنَاءُ؟ فَقَالَتْ: أَرَدْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ أَكُفَّ أَبْصَارَ النَّاسِ. فَقَالَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ إِنَّ شَرَّ مَا ذَهَبَ فِيهِ مَالُ الْمُسْلِمِينَ الْبُنْيَانُ] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَحَدَّثْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مُعَاذَ بْنَ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيَّ فَقَالَ:
سَمِعْتُ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ عُمَرُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ يَقُولُ وَهُوَ فِيمَا بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ: أَدْرَكْتُ حُجَرَ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ عَلَى أَبْوَابِهَا الْمُسُوحُ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ. فَحَضَرْتُ كِتَابَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ يُقْرَأُ يَأْمُرُ بِإِدْخَالِ حُجَرِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا رَأَيْتُ أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
قَالَ عَطَاءٌ: فَسَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ يَوْمَئِذٍ: وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّهُمْ تَرَكُوهَا عَلَى حَالِهَا يَنْشَأُ نَاشِئٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَيَقْدَمُ الْقَادِمُ مِنَ الأُفُقِ فَيَرَى مَا اكْتَفَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَيَاتِهِ. فَيَكُونُ ذَلِكَ مِمَّا يُزَهِّدُ النَّاسَ فِي التَّكَاثُرِ وَالتَّفَاخُرِ. قَالَ مُعَاذٌ:
فَلَمَّا فَرَغَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ: كَانَ مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَبْيَاتٍ بِلَبِنٍ لَهَا حُجَرٌ مِنْ جَرِيدٍ. وَكَانَتْ خَمْسَةُ أَبْيَاتٍ مِنْ جَرِيدٍ مَطِينَةٍ لا حُجَرَ لَهَا. عَلَى أَبْوَابِهَا مُسُوحُ الشَّعْرِ. ذَرَعْتُ السِّتْرَ فَوَجَدْتُهُ ثَلاثَ أَذْرُعٍ فِي ذِرَاعٍ وَالْعَظْمِ أَوْ أَدْنَى مِنَ(1/387)
الْعَظْمِ. فَأَمَّا مَا ذَكَرْتُ مِنَ الْبُكَاءِ يَوْمَئِذٍ فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي مَجْلِسٍ فِيهِ نَفَرٌ مِنْ أَبْنَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. وَأَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ. وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَإِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ حَتَّى أَخْضَلَ لِحَاهُمُ الدَّمْعُ.
وَقَالَ يَوْمَئِذٍ أَبُو أُمَامَةَ: لَيْتَهَا تُرِكَتْ فَلَمْ تُهْدَمْ حَتَّى يَقْصُرَ النَّاسُ عَنِ الْبِنَاءِ. وَيَرَوْا مَا رَضِيَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَفَاتِيحُ خَزَائِنِ الدُّنْيَا بِيَدِهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الأَسْلَمِيِّ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ وَهُوَ فِي مُصَلاهُ فِيمَا بَيْنَ الأُسْطُوَانَةِ الَّتِي تَلِي حَرْفَ الْقَبْرِ الَّتِي تَلِي الأُخْرَى إِلَى طَرِيقِ باب رسول الله. ص: هَذَا بَيْتُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يُصَلِّي فِيهِ. وهذا كله إلى باب أسماءبنت حَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْيَوْمَ إِلَى رَحْبَةِ الْمَسْجِدِ. فَهَذِهِ بُيُوتُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي رَأَيْتُهَا بِالْجَرِيدِ. قَدْ طُرَّتْ بِالطِّينِ. عَلَيْهَا مُسُوحُ شَعْرٍ.
أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ. أَخْبَرَنَا نَجَادُ بْنُ فَرُّوخَ الْيَرْبُوعِيُّ عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ: رَأَيْتُ حُجَرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أَنْ تُهْدَمَ بِجَرَائِدِ النَّخْلِ مُلْبَسَةً الأَنْطَاعَ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ. حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ شَيْبَانَ قَالَ: رَأَيْتُ حُجَرَ أَزْوَاجِ النبي.
ص. وَعَلَيْهَا الْمُسُوحُ. يَعْنِي مَتَاعَ الأَعْرَابِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُرَيْثُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: كُنْتُ أَدْخُلُ بُيُوتَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَأَتَنَاوَلُ سُقُفَهَا بِيَدِي.
ذِكْرُ صَدَقَاتِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا صَالِحُ بن جعفر عَنِ الْمَيْسُورِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: أَوَّلُ صَدَقَةٍ فِي الإِسْلامِ وَقْفُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْوَالَهُ لَمَّا قُتِلَ مُخَيْرِيقٌ بِأُحُدٍ. وَأُوصِي إِنْ أُصَبْتُ فَأَمْوَالِي لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقبضها رسول الله.
ص. وَتَصَدَّقَ بِهَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ مُخَيْرِيقٌ يَوْمَ أُحُدٍ: إِنْ أُصَبْتُ(1/388)
فَأَمْوَالِي لِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَضَعُهَا حَيْثُ أَرَاهُ اللَّهُ. وَهِيَ عَامَّةُ صَدَقَاتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا محمد بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ فِي خِلافَتِهِ بِخُنَاصَرَةَ: سَمِعْتُ بِالْمَدِينَةِ. وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ بِهَا كَثِيرٌ. مِنْ مَشْيَخَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ أَنَّ حَوَائِطَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي السَّبْعَةَ الَّتِي وَقَفَ مِنْ أَمْوَالِ مُخَيْرِيقٍ. وَقَالَ: إِنْ أُصَبْتُ فَأَمْوَالِي لِمُحَمَّدٍ يَضَعُهَا حَيْثُ أَرَاهُ اللَّهُ. وَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ. فقال رسول الله. ص: مُخَيْرِيقٌ خَيْرُ يَهُودَ. ثُمَّ دَعَا لَنَا عُمَرُ بِتَمْرٍ مِنْهَا. فَأُتِيَ بِتَمْرٍ فِي طَبَقٍ فَقَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ يُخْبِرُنِي أَنَّ هَذَا التَّمْرَ مِنَ الْعِذْقِ الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْكُلُ مِنْهُ. قَالَ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ المؤمنين فأقسمه بيننا. قال: فَقَسَمَهُ فَأَصَابَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا تِسْعَ تَمَرَاتٍ. قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: قَدْ دَخَلْتُهَا إِذْ كُنْتُ وَالِيًا بِالْمَدِينَةِ. وَأَكَلْتُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ وَلَمْ أَرَ مِثْلَهَا مِنَ التَّمْرِ أَطْيَبَ وَلا أَعْذَبَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي وَجْزَةَ يَزِيدَ بْنِ عُبَيْدٍ السَّعْدِيِّ قَالَ: كَانَ مُخَيْرِيقٌ أَيْسَرَ بَنِي قَيْنُقَاعَ. وَكَانَ مِنْ أَحْبَارِ يَهُودَ وَعُلَمَائِهَا بِالتَّوْرَاةِ. فَخَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أُحُدٍ يَنْصُرُهُ وَهُوَ عَلَى دِينِهِ. فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَسَلَمَةُ بْنُ سَلامَةَ: إِنْ أُصَبْتُ فَأَمْوَالِي إِلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَضَعُهَا حَيْثُ أَرَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ السَّبْتِ وَانْكَسَفَتْ قُرَيْشٌ وَدُفِنَ الْقَتْلَى. وُجِدَ مُخَيْرِيقٌ مَقْتُولا بِهِ جِرَاحٌ فَدُفِنَ نَاحِيَةً مِنْ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ. وَلَمْ يُسْمَعْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يَوْمَئِذٍ وَلا بَعْدَهُ يَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ. وَلَمْ يَزِدْهُ عَلَى أَنْ قَالَ: مُخَيْرِيقٌ خَيْرُ يَهُودَ. فَهَذَا أَمْرُهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أَيُّوبُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ وَثَّابٍ قَالَ: مَا هَذِهِ الْحَوَائِطُ إِلا مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ. لَقَدْ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أُحُدٍ فَفَرَّقَ أَمْوَالَ مُخَيْرِيقٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: هَذِهِ الْحَوَائِطُ السَّبْعَةُ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُمَرَ الْحَارِثِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ: كَانَتْ صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ وَهِيَ سَبْعَةٌ:
الأَعْوَافُ. والصافية. والدلال. والميثب. وبرقة. وحسنى. ومشربة أم إبراهيم. وإنما(1/389)
سُمِّيَتْ مَشْرُبَةُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ لأَنَّ أُمَّ إِبْرَاهِيمَ مَارِيَةَ كَانَتْ تَنْزِلُهَا. وَكَانَ ذَلِكَ الْمَالُ لِسَلامِ بن مشكم النضيري.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي سبرة عن الْمَيْسُورِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: كَانَتِ الْحُبُسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
حُبُسَ سَبْعَةِ حَوَائِطَ بِالْمَدِينَةِ: الأَعْوَافُ. وَالصَّافِيَةُ. وَالدَّلالُ. وَالْمَيْثَبُ. وَبُرْقَةُ.
وَحُسْنَى. وَمَشْرَبَةُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ ابْنُ كَعْبٍ: وَقَدْ حَبَسَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَهُ عَلَى أَوْلادِهِمْ وَأَوْلادِ أَوْلادِهِمْ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثُ صَفَايَا.
فَكَانَتْ بَنُو النَّضِيرِ حُبُسًا لِنَوَائِبِهِ. وَكَانَتْ فَدَكٌ لابْنِ السَّبِيلِ. وَكَانَتْ خَيْبَرُ. فَكَانَ الْخُمْسُ قَدْ جَزَّأَهُ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ. فَجُزْءَانِ لِلْمُسْلِمِينَ وَجُزْءٌ كَانَ يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى أَهْلِهِ. فَإِنْ فَضُلَ مِنْهُ فَضْلٌ رَدَّهُ عَلَى فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ.
ذِكْرُ الْبِئَارِ الَّتِي شَرِبَ مِنْهَا رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ: كُنْتُ قَدْ طَلَبْتُ الْبِئَارَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَعْذِبُ مِنْهَا وَالَّتِي بَرَّكَ فِيهَا. وَبَصَقَ فِيهَا. فَكَانَ يَشْرَبُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ. وَبَصَقَ فِيهَا وَبَرَّكَ. وَكَانَ يَشْرَبُ مِنْ بِئْرِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ ضَمْضَمٍ وَهِيَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا بِئْرُ أَبِي أَنَسٍ. وَكَانَ يَشْرَبُ مِنْ بِئْرِ جُنُبَ قَصْرِ بَنِي حُدَيْلَةَ الْيَوْمَ. وَكَانَ يَشْرَبُ مِنْ جَاسِمَ بِئْرِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ بِرَاتِجَ. وَكَانَ يَشْرَبُ مِنْ بُيُوتِ السُّقْيَا. وَكَانَ يَشْرَبُ مِنْ بِئْرِ غَرْسٍ بَقُبَاءَ. وَبَرَّكَ فِيهَا وَقَالَ: هِيَ عَيْنٌ مِنْ عُيُونِ الْجَنَّةِ. وَكَانَ يَشْرَبُ مِنَ الْعَبِيرَةِ بِئْرِ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ. وَقَفَ عَلَى بِئْرِهَا فَبَصَقَ فِيهَا وَشَرِبَ مِنْهَا. وَنَزَلَ وَسَأَلَ عَنِ اسْمِهَا فَقِيلَ الْعَبِيرَةُ فَسَمَّاهَا الْيَسِيرَةُ. وَكَانَ يَشْرَبُ مِنْ بِئْرِ رُومَةَ بِالْعَقِيقِ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بن أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدَّتِهِ سَلْمَى قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْزِلَ أَبِي أَيُّوبَ كَانَ أَبُو أَيُّوبَ يَخْدُمُهُ وَيَسْتَعْذِبُ لَهُ مِنْ بِئْرِ أَبِي أَنَسٍ. مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ. فَلَمَّا صَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -(1/390)
إِلَى مَنْزِلِهِ. كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَهِنْدُ وَأَسْمَاءُ ابْنَا حَارِثَةَ يَحْمِلُونَ قُدُورَ الْمَاءِ إِلَى بُيُوتِ نِسَائِهِ مِنْ بِئْرِ السُّقْيَا. ثُمَّ كَانَ خَادِمُهُ رَبَاحٌ. عَبْدًا أَسْوَدَ. يَسْتَقِي مَرَّةً مِنْ بِئْرِ غَرْسٍ. وَمَرَّةً مِنْ بُيُوتِ السُّقْيَا بِأَمْرِهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي عُوَيْمِرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ دَهْرٍ الأَسْلَمِيِّ قَالَ: خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَزِمْتُ بَابَهُ فِي قَوْمٍ مَحَاوِيجَ. فَكُنْتُ آتِيهِ بِالْمَاءِ مِنْ جَاسِمَ. بِئْرِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ. وَكَانَ مَاؤُهَا طَيِّبًا.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ مَنْ سَمِعَ نَافِعًا يُخْبِرُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى شَفِيرِ بِئْرِ غَرْسٍ: رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ أَنِّي جَالِسٌ عَلَى عَيْنٍ مِنْ عُيُونِ الْجَنَّةِ. يَعْنِي هَذِهِ الْبِئْرَ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رسول الله. ص:
بِئْرُ غَرْسٍ مِنْ عُيُونِ الْجَنَّةِ] «1» .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ قَالَ رسول الله. ص: نِعْمَ الْبِئْرُ بِئْرُ غَرْسٍ. هِيَ مِنْ عُيُونِ الْجَنَّةِ وَمَاؤُهَا أَطْيَبُ الْمِيَاهِ «2» . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسْتَعْذَبُ لَهُ مِنْهَا. وَغُسِّلَ مِنْ بِئْرِ غَرْسٍ.]
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ رُقَيْشٍ قَالَ:
سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: جِئْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُبَاءً. فَانْتَهَى إِلَى بِئْرِ غَرْسٍ.
وَإِنَّهُ لَيَسْتَقِي مِنْهَا عَلَى حِمَارٍ. ثُمَّ نَقُومُ عَامَّةَ النَّهَارِ مَا نَجْدُ فِيهَا مَاءً. فَمَضْمَضَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الدَّلْوِ وَرَدَّهُ فِيهَا. فَجَاشَتْ بِالرَّوَاءِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي الثَّوْرِيُّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسْتَعْذَبُ لَهُ مِنْ بِئْرِ غَرْسٍ وَمِنْهَا غُسِّلَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عن سهل بن سعد
__________
(1) انظر: [كنز العمال (34983) ] .
(2) انظر: [البداية والنهاية (5/ 262) ، وكنز العمال (34184) ](1/391)
قَالَ: سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِي مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
سَمِعْتُ عدة مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِمْ أَبُو أُسَيْدٍ وَأَبُو حُمَيْدٍ وَأَبِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ يَقُولُونَ: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِئْرَ بُضَاعَةَ. فَتَوَضَّأَ فِي الدَّلْوِ وَرَدَّهُ فِي الْبِئْرِ. وَمَجَّ فِي الدَّلْوِ مَرَّةً أُخْرَى. وَبَصَقَ فِيهَا وَشَرِبَ مِنْ مَائِهَا. وَكَانَ إِذَا مَرِضَ الْمَرِيضُ فِي عَهْدِهِ يَقُولُ اغْسِلُوهُ مِنْ مَاءِ بُضَاعَةَ. فَيُغْسَلُ فَكَأَنَّمَا حُلَّ مِنْ عِقَالٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ عَبَّاسٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ يَقُولُ: رأيت رسول الله.
ص. وَاقِفًا مِرَارًا عَلَى بِئْرِ بُضَاعَةَ. وَخَيْلُهُ تُسْقَى مِنْهَا. وَشَرِبَ مِنْهَا وَتَوَضَّأَ وَدَعَا فِيهَا بِالْبَرَكَةِ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَنْبَسَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى رُومَةَ وَكَانَتْ لِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ يَسْقِي عَلَيْهَا بِأَجْرٍ. فَقَالَ: نِعْمَ صَدَقَةُ الْمُسْلِمِ هَذِهِ مِنْ رَجُلٍ يَبْتَاعُهَا مِنَ الْمُزَنِيِّ فَيُتَصَدَّقُ بِهَا. فَاشْتَرَاهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ فَتَصَدَّقَ بِهَا. فَلَمَّا عُلِّقَ عَلَيْهَا الْعَلَقُ مَرَّ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَ عَنْهَا. فَأُخْبِرَ أَنَّ عُثْمَانَ اشْتَرَاهَا وَتَصَدَّقَ بِهَا.
فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَوْجِبْ لَهُ الْجَنَّةَ! وَدَعَا بِدَلْو مِنْ مَائِهَا فَشَرِبَ مِنْهُ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ.
ص: هَذَا النُّقَاخُ. أَمَا إِنَّ هَذَا الْوَادِيَ سَتُسْتَكْثَرُ مِيَاهُهُ وَيُعْذِبُونَ وَبِئْرُ الْمُزَنِيِّ أَعْذَبُهَا] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا بِبِئْرِ الْمُزَنِيِّ.
وَلَهُ خَيْمَةٌ إِلَى جَنْبِهَا. وَجَرَّةٌ فِيهَا مَاءٌ بَارِدٌ. فَسَقَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاءً باردا في الصيف. فقال رسول الله. ص: هَذَا الْعَذْبُ الزُّلالُ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. يَعْنِي ابْنَ رَاشِدٍ. عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ أَنَّهُ يَقْفِلُ مَجَّةً مَجَّهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الدَّلْوِ فِي بِئْرِ أَنَسٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي طُوَالَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: شَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بِئْرِنَا هَذِهِ.(1/392)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسْتَعْذَبُ لَهُ مِنْ بُيُوتِ السُّقْيَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِيُّ قَالَ: شَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ خَرَجَ إِلَى بَدْرٍ مِنْ بئر السقيا فكان يشرب منها بعد.(1/393)
الجزء الثاني
[تتمة السيرة النبوية الشريفة]
ذِكْرُ عَدَدِ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَرَايَاهُ وَأَسْمَائِهَا وتواريخها وجمل ما كَانَ فِي كل غزاة وسرية منها
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا عمر بن عثمان بن عبد الرحمن ابن سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ الْمَخْزُومِيُّ. وَمُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ.
وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ. وَمُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الأَسْوَدِ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ الزُّهْرِيُّ. وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ. وَرَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ التَّيْمِيُّ. وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ الأَشْهَلِيُّ. وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحَكَمِيُّ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي الزناد. ومحمد بن صالح التمار قال محمد بن سعد:
وَأَخْبَرَنِي رُؤَيْمُ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ. وَأَخْبَرَنِي حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ. وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ. دخل حديث بعضهم في حديث بعض قالوا: كَانَ عَدَدُ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي غَزَا بِنَفْسِهِ سَبْعًا وَعِشْرِينَ غَزْوَةً. وَكَانَتْ سَرَايَاهُ الَّتِي بَعَثَ بِهَا سَبْعًا وَأَرْبَعِينَ سَرِيَّةً. وَكَانَ مَا قَاتَلَ فِيهِ مِنَ الْمَغَازِي تِسْعَ غَزَوَاتٍ: بَدْرُ الْقِتَالِ وَأُحُدٌ وَالْمُرَيْسِيعُ وَالْخَنْدَقُ وَقُرَيْظَةُ وَخَيْبَرُ وَفَتَحُ مَكَّةَ وَحُنَيْنٌ وَالطَّائِفُ. فَهَذَا مَا اجْتُمِعَ لَنَا عَلَيْهِ.
وَفِي بَعْضِ رِوَايَتِهِمْ: أَنَّهُ قَاتَلَ فِي بَنِي النَّضِيرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ جَعَلَهَا لَهُ نَفْلا خَاصَّةً.
وَقَاتَلَ فِي غَزْوَةِ وَادِي الْقُرَى مُنْصَرَفُهُ مِنْ خَيْبَرَ وَقُتِلَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ. وَقَاتَلَ فِي الْغَابَةِ.
قَالُوا: وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة. حِينَ هَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ. يَوْمَ الاثْنَيْنِ لاثْنَتَيْ عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول. وَهُوَ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ. وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ: أَنَّهُ قَدِمَ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ. فَكَانَ أَوَّلَ لِوَاءٍ عَقَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - لحمزة ابن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى رَأْسِ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ مُهَاجَرِ رَسُولِ(2/3)
الله - صلى الله عليه وسلم - لواء أبيض. فَكَانَ الَّذِي حَمَلَهُ أَبُو مَرْثَدٍ كَنَّازُ بْنُ الْحُصَيْنِ الْغَنَوِيُّ حَلِيفُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَلاثِينَ رَجُلا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانُوا شَطْرَيْنِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ. وَالْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ كَانُوا جَمِيعًا مِنَ الْمُهَاجِرِينِ. وَلَمْ يَبْعَثْ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحدًا مِنَ الأَنْصَارِ مَبْعَثًا حَتَّى غَزَا بِهِمْ بَدْرًا. وَذَلِكَ أَنَّهُمْ شَرَطُوا لَهُ أَنَّهُمْ يَمْنَعُونَهُ فِي دَارِهِمْ. وَهَذَا الثَّبَتُ عِنْدَنَا.
وَخَرَجَ حَمْزَةُ يَعْتَرِضُ لِعِيرِ قُرَيْشٍ قَدْ جَاءَتْ مِنَ الشَّامِ تُرِيدُ مكة. وفيها أبو جهل ابن هِشَامٍ. فِي ثَلاثِمِائَةِ رَجُلٍ. فَبَلَغُوا سَيْفَ الْبَحْرِ. يَعْنِي سَاحِلَهُ. مِنْ نَاحِيَةِ الْعِيصِ.
فَالْتَقَوْا حَتَّى اصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ فَمَشَى مَجْدِيُّ بْنُ عَمْرٍو الْجُهَنِيُّ. وَكَانَ حَلِيفًا لِلْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا. إِلَى هَؤُلاءِ مَرَّةً وَإِلَى هَؤُلاءِ مَرَّةً حَتَّى حَجَزَ بَيْنَهُمْ وَلَمْ يَقْتَتِلُوا. فَتَوَجَّهَ أَبُو جَهْلٍ فِي أَصْحَابِهِ وَعِيرِهِ إِلَى مَكَّةَ وَانْصَرَفَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي أَصْحَابِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ.
سرية عُبَيْدة بْن الحارث «1»
ثُمَّ سرية عُبَيْدة بْن الحارث بْن المطلب بْن عَبْد مناف إلى بطن رابغ فِي شَوَّالٍ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ مِن مهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عقد لَهُ لواء أبيض كَانَ الَّذِي حمله مسطح بْن أثاثة بْن المطلب بْن عَبْد مناف. بَعَثَهُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ستين رجلًا مِن المهاجرين لَيْسَ فيهم أنصاري. فلقي أَبَا سُفْيَان بْن حرب. وهو فِي مائتين مِن أصحابه. وهو عَلَى ماء يقام لَهُ أحياء مِن بطن رابغ عَلَى عشرة أميال مِن الجحفة.
وأنت تريد قديدًا عَن يسار الطريق. وإنما نكبوا عَن الطريق ليرعوا ركابهم. فكان بينهم الرمي ولم يسلوا السيوف ولم يصطفوا للقتال. وإنما كانت بينهم المناوشة. إلا أن سعد بْن أَبِي وقاص قد رمي يومئذ بسهم. فكان أول سهم رمي بِهِ فِي الْإِسْلَام. ثُمَّ انصرف الفريقان عَلَى حاميتهم.
وفي رواية ابن إِسْحَاق: أَنَّهُ كَانَ عَلَى القوم عكرمة بْن أَبِي جهل.
سرية سعد بْن أَبِي وقاص «2»
ثُمَّ سرية سعد بْن أَبِي وقاص إلى الخرار فِي ذي القعدة على رأس تسعة أشهر
__________
(1) تاريخ الطبري (2/ 404) ، وسيرة ابن هشام (2/ 55) ، ومغازي الواقدي (10) .
(2) تاريخ الطبري (2/ 404) ، وسيرة ابن هشام (2/ 55) ، ومغازي الواقدي (11) .(2/4)
من مهاجر رسول الله - صلى الله عليه وَسَلَّمَ - عقد لَهُ لواء أبيض حمله المقداد بْن عَمْرو البهراني.
وبعثه فِي عشرين رجلا مِن المهاجرين يعترض لعير قريش تمر بِهِ. وعهد إِلَيْهِ أن لا يجاوز الخرار. والخرار حين تروح مِن الجحفة إلى مكَّة أبار عَن يسار المحجة قريب مِن خم. قَالَ سعد: فخرجنا عَلَى أقدامنا فكنا نكمن النهار ونسير الليل حتى صبحناها صبح خمس. فنجد العير قد مرت بالأمس فانصرفنا إلى المدينة.
غَزْوَةُ الأَبْوَاءِ «1»
ثُمَّ غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأبواء فِي صفر عَلَى رأس اثني عشر شهرًا مِن مهاجره. وحمل لواءه حمزة بْن عَبْد المطلب. وكان لواء أبيض. واستخلف عَلَى المدينة سعد بْن عبادة. وخرج فِي المهاجرين. لَيْسَ فيهم أنصاري. حتى بلغ الأبواء يعترض لعير قريش فلم يلق كيدًا. وهي غزوة ودان. وكلاهما قد ورد. وبينهما ستة أميال وهي أول غزوة غزاها بنفسه.
وفي هذه الغزوة وادع مخشي بْن عَمْرو الضمري. وكان سيدهم فِي زمانه.
عَلَى أن لا يغزو بني ضمرة ولا يغزوه. ولا يكثروا عَلَيْهِ جمعًا. ولا يعينوا عدوًا. وكتب بينه وبينهم كتابًا.
وضمرة مِن بني كنانة. ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة. وكانت غيبته خمس عشرة ليلة.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ. أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلَ غَزْوَةٍ غَزَاهَا الأَبْوَاءَ.
غزوة بواط «2»
ثم غزوة رسول الله - صلى الله عليه وَسَلَّمَ - بواط فِي شهر ربيع الأول عَلَى رأس ثلاثة عشر شهرا من مهاجره. وحمل لواءه سعد بْن أَبِي وقاص. وكان لواء أبيض. واستخلف عَلَى المدينة سعد بْن معاذ. وخرج فِي مائتين مِن أصحابه يعترض لعير قريش فيها أمية بن
__________
(1) تاريخ الطبري (2/ 407) ، ومغازي الواقدي (11) ، (12) .
(2) مغازي الواقدي (12) ، والطبري (2/ 407) .(2/5)
خلف الجمحي ومائة رَجُل مِن قريش وألفان وخمسمائة بعير. فبلغ بواط. وهي جبال من جبال جهينة مِن ناحية رضوى. وهي قريب مِن ذي خشب مما يلي طريق الشام.
وبين بواط والمدينة نحو أربعة برد. فلم يَلْقَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كيدًا فرجع إلى المدينة.
غزوة طلب كرز بْن جَابِر الْفِهْريّ «1»
ثُمَّ غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لطلب كرز بْن جَابِر الْفِهْريّ فِي شهر ربيع الأول عَلَى رأس ثلاثة عشر شهرا من مهاجره. وحمل لواءه عَلِيّ بْن أَبِي طالب. وكان لواء أبيض. واستخلف عَلَى المدينة زيد بْن حارثة. وكان كرز بْن جَابِر قد أغار عَلَى سرح المدينة فاستاقه. وكان يرعى بالجماء والسرح ما رعوا مِن نعمهم. والجماء جبل ناحية العقيق إلى الجرف. بينه وبين المدينة ثلاثة أميال. فطلبه رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
حَتَّى بلغ واديا يقال لَهُ سفوان مِن ناحية بدر. وفاته كرز بْن جَابِر فلم يلحقه. فرجع رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة.
غزوة ذي العشيرة «2»
ثم غزوة رسول الله - صلى الله عليه وَسَلَّمَ - ذا العشيرة فِي جمادى الآخرة عَلَى رأس ستة عشر شهرًا مِن مهاجره. وحمل لواءه حمزة بْن عَبْد المطلب. وكان لواء أبيض. واستخلف عَلَى المدينة أَبَا سلمة بْن عَبْد الأسد المخزومي. وخرج فِي خمسين ومائة. ويقال فِي مائتين مِن المهاجرين ممن انتدب. ولم يكره أحدا عَلَى الخروج. وخرجوا عَلَى ثلاثين بعيرا يعتقبونها. خرج يعترض لعير قريش حين أبدأت إلى الشأم. وكان قد جاءه الخبر بفصولها مِن مكَّة فيها أموال قريش. فبلغ ذا العشيرة. وهي لبني مدلج بناحية ينبع. وبين ينبع والمدينة تسعة برد. فوجد العير الّتي خرج لها قد مضت قبل ذَلِكَ بأيام. وهي العير الّتي خرج لها أيضا يريدها حين رجعت مِن الشأم فساحلت عَلَى البحر. وبلغ قريشا خبرها فخرجوا يمنعونها. فلقوا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِبَدْرٍ فواقعهم وقتل منهم مِن قتل. وبذي العشيرة كنى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - على بن أبي
__________
(1) المغازي للواقدي (9) ، وتاريخ الطبري (2/ 407) .
(2) تاريخ الطبري (2/ 408) ، وسيرة ابن هشام (2/ 58) ، ومغازي الواقدي (12) ، (13) .(2/6)
طالب أَبَا تراب. وذلك أَنَّهُ رآه نائما متمرغا فِي البوغاء [فَقَالَ: اجلس. أَبَا تراب!] فجلس. وفي هذه الغزوة وادع بني مدلج وحلفاءهم مِن بني ضمرة ثُمَّ رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا.
سرية عَبْد اللَّه بْن جحش الأسدي «1»
ثم سرية عبد الله بْن جحش الأَسَديّ إلى نخلة. فِي رَجَبٍ عَلَى رَأْسِ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا مِن مهاجر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَهُ فِي اثني عشر رجلا مِن المهاجرين. كل اثنين يعتقبان بعيرا إلى بطن نخلة. وهو بستان ابن عامر الَّذِي قرب مكَّة. وأمره أن يرصد بها عير قريش. فوردت عَلَيْهِ. فهابهم أهل العير وأنكروا أمرهم. فحلق عكاشة بْن محصن الأَسَديّ رأسه. حلقه عامر بْن ربيعة ليطمئن القوم. فأمنوا وقالوا: هُم عمار لا بأس عليكم منهم. فسرحوا ركابهم وصنعوا طعاما وشكوا فِي ذلك اليوم أهو مِن الشهر الحرام أم لا؟ ثُمَّ تشجعوا عليهم فقاتلوهم. فخرج واقد بْن عَبْد اللَّه التميمي يقدم المسلمين. فرمى عَمْرو بْن الحضرمي فقتله. وشد المسلمون عليهم فاستأسر عثمان بْن عَبْد اللَّه بْن المغيرة والحكم بْن كيسان وأعجزهم نوفل بْن عَبْد اللَّه بْن المغيرة. واستاقوا العير. وكان فيها خمر وأدم وزبيب جاءوا بِهِ مِن الطائف. فقدموا بذلك كله عَلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فوقفه وحبس الأسيرين. وكان الَّذِي أسر الحكم بْن كيسان المقداد بْن عَمْرو. فَدَعَاهُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الإسلام فأسلم وقتل ببئر معونة شهيدا.
وكان سعد بْن أَبِي وقاص زميل عتبة بْن غزوان عَلَى بعير لعتبة فِي هذه السرية.
فضل البعير بحران. وهي ناحية معدن بني سليم. فأقاما عَلَيْهِ يومين يبغيانه. ومضى أصحابهم إلى نخلة فلم يشهدها سعد وعتبة. وقدما المدينة بعدهم بأيام. ويقال: إن عَبْد اللَّه بْن جحش لما رجع مِن نخلة خمس ما غنم وقسم بين أصحابه سائر الغنائم.
فكان أول خمس خمس فِي الْإِسْلَام.
ويقال: أن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقف غنائم نخلة حتى رجع مِن بدر. فقسمها مَعَ غنائم بدر وأعطى كل قوم حقهم. وفي هذه السرية سمى عَبْد اللَّه بْن جحش أمير المؤمنين.
__________
(1) تاريخ الطبري (2/ 410) ، وابن هشام (4/ 302- 305) ، ومغازي الواقدي (13- 19) .(2/7)
غَزْوَةُ بَدْرٍ «1»
ثُمَّ غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدر القتال. ويقال: بدر الكبرى. قَالُوا: لَمَّا تَحَيَّنَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انصراف العير مِن الشأم الّتي كَانَ خرج لها يريدها حتى بلغ ذا العشيرة. بعث طلحة بْن عُبَيْد اللَّه التيمي وسعيد بْن زيد بْن عَمْرو بْن نفيل يتحسسان خبر العير. فبلغا التجبار مِن أرض الحوراء. فنزلا عَلَى كشد الجهني. فأجارهما وأنزلهما وكتم عليهما حتى مرت العير. ثُمَّ خرجا وخرج معهما كشد خفيرًا حتى أوردهما ذا المروة. وساحلت العير وأسرعت. فساروا بالليل والنهار فرقا مِن الطلب.
فقدم طلحة وسعيد الْمَدِينَةَ لِيُخْبِرَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خبر العير. فوجداه قد خرج.
وكان قد ندب المسلمين للخروج معه وَقَالَ: هذه عير قريش فيها أموالهم لعل اللَّه أن يغنمكموها. فأسرع مِن أسرع إلى ذَلِكَ وأبطأ عَنْهُ بشر كثير.
وكان مِن تخلف لم يلم لأنهم لم يخرجوا عَلَى قتال إنما خرجوا للعير. فَخَرَجَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِن المدينة يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة خلت مِن شهر رمضان عَلَى رأس تسعة عشر شهرا مِن مهاجره. وذلك بعد ما وجه طلحة بْن عُبَيْد اللَّه وسعيد بْن زيد بعشر ليال. وخرج مِن خرج معه مِن المهاجرين. وخرجت معه الأنصار فِي هذه الغزاة. ولم يكن غزا بأحد منهم قبل ذَلِكَ. وَضَرَبَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عسكره ببئر أَبِي عنبة. وهي عَلَى ميل مِن المدينة. فعرض أصحابه ورد مِن استصغر. وخرج في ثلاثمائة رَجُل وخمسة نفر. كَانَ المهاجرون منهم أربعة وسبعين رجلا. وسائرهم مِن الأنصار. وثمانية تخلفوا لعلة. ضرب لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسهامهم وأجورهم ثلاثة مِن المهاجرين: عثمان بْن عفان خلفه رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى امْرَأَتُهُ رُقْيَةُ بِنْت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكانت مريضة فأقام عليها حتى ماتت. وطلحة بْن عُبَيْد اللَّه وسعيد بْن زيد بعثهما يتحسسان خبر العير. وخمسة مِن الأنصار: أَبُو لبابة بْن عَبْد المنذر خلفه عَلَى المدينة. وعاصم بْن عدي العجلاني خلفه عَلَى أهل العالية. والحارث بْن حاطب العمري رده مِن الروحاء إلى بني عمرو بن عوف لشيء بلغه عَنْهُمْ. والحارث بْن الصمة كسر بالروحاء. وخوات بن جبير كسر أيضا. فهولاء ثمانية لا اختلاف فيهم عندنا. وكلهم مستوجب. وكانت الإبل سبعين بعيرا يتعاقب النفر البعير. وكانت
__________
(1) تاريخ الطبري (421) ، وسيرة ابن هشام (2/ 61) ، والأغاني (4/ 171) ، ومغازي الواقدي (19- 172) ، وتفسير الطبري (13/ 399) .(2/8)
الخيل فرسين: فرس للمقداد بْن عَمْرو. وفرس لمرثد بْن أَبِي مرثد الغنوي. وَقَدِمَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمامه عينين لَهُ إلى المشركين يأتيانه بخبر عدوه وهما: بسبس بْن عَمْرو. وعدي بْن أَبِي الزغباء. وهما مِن جهينة حليفان للأنصار. فانتهيا إلى ماء بدر فعلما الخبر ورجعا إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان بلغ المشركين بالشام أن رسول الله.
ص. يرصد انصرافهم فبعثوا ضمضم بْن عَمْرو حين فصلوا مِن الشأم إلى قريش بمكة يخبرونهم بما بلغهم عَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويأمرونهم أن يخرجوا فيمنعوا عيرهم.
فخرج المشركون مِن أهل مكَّة سراعا. ومعهم القيان والدفوف. وأقبل أَبُو سُفْيَان بْن حرب بالعير. وقد خافوا خوفا شديدا حين دنوا من المدينة. واستبطؤوا ضمضما والنفير حتى ورد بدرا. وهو خائف مِن الرصد. فَقَالَ لمجدي بْن عَمْرو: هَل أحسست أحدا مِن عيون مُحَمَّد؟ فإنه. والله. ما بمكة مِن قرشي ولا قرشية لَهُ نش فصاعدا إلا قد بعث بِهِ معنا. فَقَالَ مجدي: والله ما رَأَيْت أحدا أنكره إلا راكبين أتيا إلى هذا المكان. وأشار لَهُ إلى مناخ عدي وبسبس. فجاء أَبُو سُفْيَان فأخذ أبعارا مِن بعيريهما ففته. فإذا فِيهِ نوى فَقَالَ: علائف يثرب هذه عيون مُحَمَّد. فضرب وجوه العير فساحل بها وترك بدرا يسارا وانطلق سريعا. وأقبلت قريش مِن مكَّة. فأرسل إليهم أَبُو سُفْيَان بْن حرب قيس بْن امرئ القيس يخبرهم أَنَّهُ قد أحرز العير ويأمرهم بالرجوع.
فأبت قريش أن ترجع وردوا القيان مِن الجحفة. ولحق الرسول أَبَا سُفْيَان بالهدة. وهي عَلَى سبعة أميال مِن عسفان إذا رحت مِن مكَّة عَن يسار الطريق. وسكانها بنو ضمرة وناس مِن خزاعة. فأخبره بمضي قريش فقال: وا قوماه! هذا عمل عَمْرو بْن هشام.
يعني أَبَا جهل بْن هشام. وَقَالَ: والله لا نبرح حتى نرد بدرا. وكانت بدر موسما مِن مواسم الجاهلية يجتمع بها العرب. بها سوق. وبين بدر والمدينة ثمانية برد وميلان.
وكان الطريق الَّذِي سلكه رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - إلى بدر على الروحاء والمدينة أربعة أيام. ثُمَّ بريد بالمنصرف. ثُمَّ بريد بذات أجذال. ثُمَّ بريد بالمعلاة. وهي حيف السلم. ثُمَّ بريد بالأثيل ثُمَّ ميلان إلى بدر وكانت قريش قد أرسلت فرات بْن حيان العجلي. وكان مقيما بمكة حين فصلت قريش مِن مكَّة. إلى أَبِي سُفْيَان يخبره بمسيرها وفصولها. فخالف أبا سفيان في الطريق فوافى المشركين بالجحفة. فمضى معهم فجرح يوم بدر جراحات وهرب عَلَى قدميه. ورجعت بنو زهرة مِن الجحفة.
أشار عليهم بذلك الأخنس بْن شريق الثقفي. وكان حليفا لهم. وكان فيهم مطاعا.(2/9)
وكان اسمه أُبي. فلما رجع ببني زهرة قِيلَ: خنس بهم. فسمي الأخنس. وكان بنو زهرة يومئذ مائة رَجُل. وَقَالَ بعضهم: بل كانوا ثلاثمائة رجل. وكان بنو عدي بْن كعب مَعَ النفير. فلما بلغوا ثنية لفت عدلوا فِي السحر إلى الساحل منصرفين إلى مكَّة.
فصادفهم أَبُو سُفْيَان بْن حرب فَقَالَ: يا بني عدي. كيف رجعتم لا فِي العير ولا فِي النفير؟ فقالوا: أنت أرسلت إلى قريش أن ترجع. ويقال: بل لقيهم بمر الظهران. فلم يشهد بدرا مِن المشركين أَحَدٌ مِن بَنِي زُهْرَةَ وَلا مِن بَنِي عدي. ومضى رَسُول اللَّهِ.
ص. حتى إذا كَانَ دون بدر أتاه الخبر بمسير قريش. فأخبر بِهِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أصحابه واستشارهم. فَقَالَ المقداد بْن عَمْرو البهراني: والذي بعثك بالحق. لو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك حتى ننتهي إِلَيْهِ. [ثُمَّ قَالَ رَسُول اللَّهِ. ص: أشيروا عَلِيّ.
وإنما يريد الأنصار. فقام سعد بْن معاذ فَقَالَ: أَنَا أجيب عَن الأنصار. كأنك يا رَسُول اللَّهِ تريدنا؟ قَالَ: أجل. قَالَ: فامض يا نبي اللَّه لما أردت. فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت هذا البحر فخضته لخضناه معك ما بقي منا رَجُل واحد. فقال رسول الله.
ص: سيروا عَلَى بركة اللَّه. فإن اللَّه قد وعدني إحدى الطائفتين. فو الله لكأني أنظر إلى مصارع القوم] . وَعَقَدَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يومئذ الألوية. وكان لواء رسول الله.
ص. يومئذ الأعظم لواء المهاجرين مَعَ مصعب بْن عمير. ولواء الخزرج مَعَ الحباب بْن المنذر. ولواء الأوس مَعَ سعد بْن معاذ وَجَعَلَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شعار المهاجرين: يا بني عَبْد الرَّحْمَن. وشعار الخزرج: يا بني عَبْد اللَّه. وشعار الأوس: يا بني عُبَيْد اللَّه. ويقال: بل كَانَ شعار المسلمين جميعا يومئذ: يا منصور أمت.
وكان مَعَ المشركين ثلاثة ألوية: لواء مَعَ أَبِي عزيز بْن عمير. ولواء مَعَ النضر بْن الحارث. ولواء مَعَ طلحة بْن أَبِي طلحة. وكلهم مِن بني عَبْد الدار. ونزل رَسُول الله.
ص. أدنى بدر عشاء ليلة جمعة لسبع عشرة مضت مِن شهر رمضان. فبعث عليا والزبير وسعد بْن أَبِي وقاص وبسبس بْن عَمْرو يتحسسون خبر المشركين عَلَى الماء.
فوجدوا روايا قريش فيها سقاؤهم. فماج العسكر وأتي بالسقاء إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَقَالَ: أَيْنَ قريش؟ فقالوا: خلف هذا الكثيب الَّذِي ترى. قَالَ: كم هُم؟ قَالُوا: كثير.
قَالَ: كم عددهم؟ قَالُوا: لا ندري. قَالَ: كم ينحرون؟ قَالُوا: يوما عشرا ويوما تسعا.
[فقال. ص: القوم ما بين الألف والتسعمائة.] فكانوا تسعمائة وخمسين إنسانا. وكانت خيلهم مائة فرس. وَقَالَ الحباب بْن المنذر: يا رَسُول اللَّهِ. إن هذا المكان الَّذِي أنت(2/10)
بِهِ لَيْسَ بِمَنْزِلٍ. انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أَدْنَى مَاءٍ إِلَى القوم فإني عالم بها وبقلبها. بها قليب قد عرفت عذوبة مائة لا ينزح. ثُمَّ نبني عَلَيْهِ حوضا فنشرب ونقاتل ونعور ما سواه مِن القلب. فنزل جبريل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: الرأي ما أشار بِهِ الحباب. فَنَهَضَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ففعل ذَلِكَ. فكان الوادي دهسا. فبعث اللَّه. تبارك وتعالى. السماء فلبدت الوادي ولم يمنع المسلمين مِن المسير. وأصاب المشركين مِن المطر ما لم يقدروا أن يرتحلوا معه. وإنما بينهم قوز مِن الرمل. وأصاب المسلمين تلك الليلة النعاس. وبني لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عريش مِن جريد فدخله النَّبِيّ وأبو بَكْر الصديق.
وقام سعد بْن معاذ عَلَى باب العريش متوشحا بالسيف. فلما أصبح صف أصحابه قبل أن تنزل قريش. وطلعت قريش ورسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصفف أصحابه ويعدلهم كأنما يقوم بهم القدح. ومعه يومئذ قدح يشير بِهِ إلى هذا: تقدم. وإلى هذا: تأخر. حتى استووا. وجاءت ريح لم يروا مثلها شدة. ثُمَّ ذهبت فجاءت ريح أخرى. ثُمَّ ذهبت فجاءت ريح أخرى. فكانت الأولى جبريل. ع. فِي ألف مِن الملائكة مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والثانية ميكائيل. ع. فِي ألف مِن الملائكة عَن ميمنة رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والثالثة إسرافيل فِي ألف مِن الملائكة عَن ميسرة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَكَانَ سيماء الملائكة عمائم قد ارخوها بين أكتافهم خضر وصفر وحمر مِن نور.
والصوف فِي نواصي خيلهم. [فَقَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأصحابه: إن الملائكة قد سومت فسوموا. فأعلموا بالصوف فِي مغافرهم] وقلانسهم. وكانت الملائكة يوم بدر عَلَى خيل بلق. قَالَ: فلما اطمأن القوم بعث المشركون عمير بْن وهب الجمحي.
وكان صاحب قداح. فقالوا احزر لنا محمدا وأصحابه. فصوب فِي الوادي وصعد ثُمَّ رجع فَقَالَ: لا مدد لهم ولا كمين. القوم ثلاثمائة إن زادوا زادوا قليلا. ومعهم سبعون بعيرا وفرسان. يا معشر قريش. البلايا تحمل المنايا. نواضح يثرب تحمل الموت الناقع. قوم ليست لهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم. أما ترونهم خرسا لا يتكلمون.
يتلمظون تلمظ الأفاعي؟ والله ما أرى أن نقتل منهم رجلا حتى يقتل منا رَجُل. فإذا أصابوا منكم عددهم فما خير فِي العيش بعد ذَلِكَ. فروا رأيكم. فتكلم حكيم بْن حزام ومشى فِي النّاس. وأتى شيبة وعتبة وكانا ذوي تقية فِي قومهما فأشاروا عَلَى النّاس بالانصراف. وَقَالَ عتبة: لا تردوا نصيحتي ولا تسفهوا رأيي. فحسده أَبُو جهل حين سَمِعَ كلامه. فأفسد الرأي وحرش بين النّاس. وأمر عامر بْن الحضرمي أن ينشد(2/11)
أخاه عمرا. وكان قتل بنخلة. فكشف عامر وحثا على استه التراب وصاح: وا عمراه! يخزي بذلك عتبة لأنه حليفه مِن بين قريش: وجاء عمير بْن وهب فناوش المسلمين فثبت المسلمون عَلَى صفهم ولم يزولوا. وشد عليهم عامر بْن الحضرمي ونشبت الحرب. فكان أول مِن خرج مِن المسلمين مهجع مولى عُمَر بْن الْخَطَّاب. فقتله عامر بْن الحضرمي. وكان أول قتيل قتل مِن الأنصار حارثة بْن سراقة. ويقال: قتله حبان بْن العرقة.
ويقال: عُمَيْرُ بْن الْحُمَامِ. قَتَلَهُ خَالِدُ بْن الأَعْلَمِ العقيلي. ثُمَّ خرج شيبة وعتبة ابنا ربيعة والوليد بْن عتبة. فدعوا إلى البراز فخرج إليهم ثلاثة مِن الأنصار بنو عفراء معاذ ومعوذ وعوف بنو الحارث. فَكَرِهَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يكون أول قتال لقي فِيهِ المسلمون المشركين فِي الأنصار. وأحب أن تكون الشوكة ببني عمّه وقومه. فأمرهم فرجعوا إلى مصافهم وَقَالَ لهم خيرا. ثُمَّ نادى المشركون: يا مُحَمَّد أخرج إلينا الأكفاء من قومنا. [فقال رسول الله. ص: يا بني هاشم! قوموا قاتلوا بحقكم الَّذِي بعث الله به نبيكم إذ جاؤوا بباطلهم ليطفئوا نور اللَّه.] فقام حَمْزَةَ بْن عَبْد الْمُطَّلِبِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب وعبيدة بن الحارث بْن المطلب بْن عَبْد مناف فمشوا إِلَيْهِ. فَقَالَ عتبة: تكلموا نعرفكم. وكان عليهم البيض. فَقَالَ حمزة: أَنَا حمزة بْن عَبْد المطلب أسد اللَّه وأسد رسوله. فَقَالَ عتبة: كفء كريم. وأنا أسد الحلفاء. مِن هذان معك؟ قَالَ: عَلِيّ بْن أَبِي طالب وعبيدة بْن الحارث. قَالَ: كفان كريمان. ثُمَّ قَالَ لابنه: قم يا وليد. فقام إِلَيْهِ عَلِيّ بْن أبي طالب. فاختلفا ضربتين. فقتله عَلِيّ. ثُمَّ قام عتبة وقام إِلَيْهِ حمزة.
فاختلفا ضربتين. فقتله حمزة. ثُمَّ قام شيبة وقام إِلَيْهِ عُبَيدة بْن الحارث. وهو يومئذ أَسَنَّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فضرب شيبة رَجُل عُبَيدة بذباب السيف. يعني طرفه. فأصاب عضلة ساقه فقطعها. فكر حمزة وعلي عَلَى شيبة فقتلاه. وفيهم نزلت:
«هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ» الحج: 19. ونزلت فيهم سورة الأنفال أو عامتها: «يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى الدخان: 16. يعني يوم بدر. «وعَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ» الحج: 55 و «سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ» القمر: 45. قَالَ:
فرأى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أثرهم مصلتا للسيف يتلو هذه الآية وأجاز عَلَى جريحهم وطلب مدبرهم واستشهد يومئذ مِن المسلمين أربعة عشر رجلا: ستة مِن المهاجرين.
وثمانية مِن الأنصار. فيهم عُبَيدة بْن الحارث بْن المطلب بْن عَبْد مناف. وعمير بْن أَبِي وقاص وعاقل بْن أَبِي البكير. ومهجع مولى عُمَر بْن الْخَطَّاب. وصفوان بْن بيضاء.(2/12)
وسعد بْن خيثمة. ومبشر بْن عَبْد المنذر. وحارثة بْن سراقة. وعوف ومعوذ ابنا عفراء.
وعمير بْن الحمام. ورافع بْن معلى. ويزيد بْن الحارث بْن فسحم. وقتل مِن المشركين. يومئذ. سبعون رجلا. وأسر منهم سبعون رجلا. وكان فِي مِن قتل منهم شيبة وعتبة ابنا ربيعة بْن عَبْد شمس. والوليد بْن عتبة. والعاص بْن سَعِيد بْن العاص.
وأبو جهل بْن هشام. وأبو البختري. وحنظلة بْن أَبِي سُفْيَان بْن حرب.
والحارث بْن عَامِرِ بْن نَوْفَلِ بْن عَبْد مَنَافِ. وطعيمة بْن عدي. وزمعة بْن الأسود بْن المطلب. ونوفل بْن خويلد. وهو ابن العدوية. والنضر بْن الحارث قتله صبرا بالأثيل.
وعقبة بْن أَبِي معيط قتله صبرا بالصفراء. والعاص بْن هشام بْن المغيرة خال أمير المؤمنين عُمَر بْن الْخَطَّاب. وأمية بْن خلف. وعلي بْن أُميَّة بْن خلف. ومنبه بْن الحجاج. ومعبد بْن وهب. وكان فِي الأسارى نوفل بْن الحارث بْن عَبْد الْمُطَّلِبِ.
وَعُقَيْلَ بْن أَبِي طَالِبٍ. وأبو العاص بْن الربيع. وعدي بْن الخيار. وأبو عزيز بْن عمير.
والوليد بْن الوليد بْن المغيرة. وَعَبْد اللَّه بْن أَبِي بْن خلف. وأبو عزة عَمْرو بْن عَبْد اللَّه الجمحي الشاعر. ووهب بْن عمير بْن وهب الجمحي. وأبو وداعة بْن ضبيرة السهمي. وسهيل بْن عَمْرو العامري.
وكان فداء الأسارى كل رَجُل منهم أربعة آلاف إلى ثلاثة آلاف إلى ألفين إلى ألف إلا قوما لا مال لهم. مِن عَلَيْهِمْ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ أَبُو عزة الجمحي. وغنم رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما أصاب منهم. واستعمل عَلَى الغنائم عَبْد اللَّه بْن كعب المازني مِن الأنصار. وقسمها رَسُول اللَّهِ بسير شعب بالصفراء. وهي مِن المدينة عَلَى ثلاث ليال قواصد. وتنفل رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَيْفًا ذا الفقار. وكان لمنبه بْن الحجاج. فكان صفيه يومئذ. وسلم رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الغنيمة كلها للمسلمين الّذين حضروا بدرا وللثمانية النفر الّذين تخلفوا بإذنه. فضرب لهم بسهامهم وأجورهم. وأخذ رسول الله.
ص. سهمه مَعَ المسلمين. وفيه جمل أَبِي جهل. وكان مهريا. فكان يغزو عَلَيْهِ ويضرب فِي لقاحه. وَبَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زيد بْن حارثة بشيرا إلى المدينة يخبرهم بِسَلامَةِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمِينَ وخبر بدر وما أظفر الله بِهِ رسوله وغنمه منهم.
وبعث إلى أهل العالية عَبْد اللَّه بْن رواحة بمثل ذَلِكَ. والعالية قباء وخطمة ووائل وواقف وبنو أُميَّة بْن زيد وقريظة والنضير. فقدم زيد بْن حارثة المدينة حين سوي عَلَى رقية بِنْت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التراب بالبقيع. وكان أول النّاس إلى أهل مكَّة بمصاب أهل(2/13)
بدر وبهزيمتهم الحيسمان بْن حابس الخزاعي. وكانت وقعة بدر صبيحة يوم الجمعة لسبع عشرة مضت مِن شهر رمضان عَلَى رأس تسعة عشر شهرا من مهاجر رسول الله ص.
أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ وَإِسْرَائِيلَ وَأَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ. وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ابن مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: كَانَتْ عِدَّةُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ بَدْرٍ ثَلاثَمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ. وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ عَلَى عِدَّةِ أَصْحَابِ طَالُوتَ يَوْمَ جَالُوتَ الَّذِينَ جَازُوا النَّهَرَ. قَالَ: وَمَا جَازَ مَعَهُ النَّهَرَ يَوْمَئِذٍ إِلا مُؤْمِنٌ.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: كَانَ عِدَّةُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم بَدْرٍ عَلَى عِدَّةِ أَصْحَابِ طَالُوتَ يَوْمَ جَالُوتَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ:
كَانَ عِدَّةُ أَهْلِ بَدْرٍ عِدَّةَ أَصْحَابِ طَالُوتَ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: كَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَوْمَ بَدْرٍ نَيِّفًا عَلَى سِتِّينَ وَكَانَتِ الأَنْصَارُ نَيِّفًا عَلَى أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ. أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ:
حَدَّثَنِي أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا أَنَّهُمْ كَانُوا عِدَّةَ أَصْحَابِ طَالُوتَ الَّذِينَ جَازُوا مَعَهُ النَّهَرَ بِضْعَةَ عشر وثلاثمائة. قال البراء: ولا وَاللَّهِ مَا جَازَ مَعَهُ النَّهَرَ إِلا مُؤْمِنٌ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ. حَدَّثَنِي عُبَيْدَةُ قَالَ: كَانَ عِدَّةُ أَهْلِ بَدْرٍ ثَلاثَمِائَةٍ وَثَلاثَةَ عَشَرَ أَوْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ.
سَبْعُونَ وَمِائَتَانِ مِنَ الأَنْصَارِ. وَبَقِيَتُهُمْ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ.
أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ بَابٍ الْخُرَاسَانِيُّ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَهْلُ بَدْرٍ ثَلاثَمِائَةٍ وَثَلاثَةَ عَشَرَ. كَانَ الْمُهَاجِرُونَ مِنْهُمْ سِتَّةً وَسَبْعِينَ.
وَكَانَتْ هَزِيمَةُ أَهْلِ بَدْرٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي حُيَيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم بدر بثلاثمائة وَخَمْسَةَ عَشَرَ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ. كَمَا خَرَجَ طَالُوتُ. فَدَعَا لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين(2/14)
خَرَجُوا فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ حُفَاةٌ فَاحْمِلْهُمُ. اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ عُرَاةٌ فَاكْسُهُمُ. اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ جِيَاعٌ فَأَشْبِعْهُمْ. فَفَتَحَ اللَّهُ يَوْمَ بَدْرٍ. فَانْقَلَبُوا حِينَ انْقَلَبُوا. وَمَا فِيهِمْ رَجُلٌ إِلا قَدْ رَجَعَ بِحِمْلٍ أَوْ حِمْلَيْنِ وَاكْتَسَوْا وَشَبِعُوا.
أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا ضَمْرَةُ عَنْ ابْنِ شَوْذَبٍ عَنْ مَطَرٍ قَالَ: شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمَوَالِي بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلا. فَقَالَ مَطَرٌ: لَقَدْ ضَرَبُوا فِيهِمْ بِضَرْبَةٍ صَالِحَةٍ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالا: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ الْبَدْرِيِّ قَالَ:
كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ يَوْمَ الاثْنَيْنِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ لَيْلَةِ بَدْرٍ فَقَالَ: لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عن أبيه قال: كانت بَدْرٌ لِسَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَهَذَا الثَّبْتُ أَنَّهُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ. وَحَدِيثُ يَوْمِ الاثْنَيْنِ شَاذُّ.
أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ. فَحَدَّثَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رَمَضَانَ غَزْوَتَيْنِ: يَوْمَ بَدْرٍ. وَيَوْمَ الْفَتْحِ. فَأَفْطَرْنَا فِيهِمَا.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَزَا غَزْوَةَ بَدْرٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَمْ يَصُمْ يَوْمًا حَتَّى رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ: سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ يَقُولُ: سُئِلَ أَبُو أَيُّوبَ عَنْ يَوْمِ بَدْرٍ فَقَالَ: إِمَّا لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ. أَوْ لِثَلاثَ عَشْرَةَ بَقِيَتْ. أَوْ لإِحْدَى عَشْرَةَ بَقِيَتْ. أَوْ لِتِسْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ.
أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنَّا يَوْمَ بَدْرٍ كُلُّ ثَلاثَةٍ عَلَى بَعِيرٍ. وَكَانَ أَبُو لُبَابَةَ وَعَلِيُّ زَمِيلَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ إِذَا كَانَتْ عُقْبَةُ النَّبِيِّ قَالا: ارْكَبْ حَتَّى نَمْشِيَ عَنْكَ. [فَيَقُولُ: مَا أَنْتُمَا(2/15)
بِأَقْوَى عَلَى الْمَشْيِ مِنِّي وَمَا أَنَا أَغْنَى عَنِ الأَجْرِ مِنْكُمَا] .
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ عَنِ أبي إسحاق عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا أَسَرْنَا الْقَوْمَ يَوْمَ بَدْرٍ قُلْنَا: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالُوا: كُنَّا أَلْفًا.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخَذْنَا رَجُلا مِنْهُمْ. يَعْنِي مِنَ الْمُشْرِكِينَ. يَوْمَ بدر فسألناه عن عدتهم قال: كُنَّا أَلْفًا.
أَخْبَرَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ. أَخْبَرَنَا مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ فِدَاءُ أُسَارَى بَدْرٍ أَرْبَعَةَ آلافٍ إِلَى مَا دُونَ ذَلِكَ. فَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ أُمِرَ أَنْ يُعَلِّمَ غِلْمَانَ الأَنْصَارِ الْكِتَابَةَ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: أَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ بَدْرٍ سَبْعِينَ أَسِيرًا. وَكَانَ يُفَادِي بِهِمْ عَلَى قَدْرِ أَمْوَالِهِمْ. وَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَكْتُبُونَ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ لا يَكْتُبُونَ. فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِدَاءٌ دَفَعَ إِلَيْهِ عَشَرَةَ غِلْمَانٍ مِنْ غِلْمَانِ الْمَدِينَةِ فَعَلَّمَهُمْ. فَإِذَا حَذَقُوا فَهُوَ فِدَاؤُهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ. أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ قُرَيْشٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: كَانَ فِدَاءُ أَهْلِ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً. فَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عَلَّمَ عَشْرَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْكِتَابَةَ. فَكَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِمَّنْ عُلِّمَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ: أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أُسَارَى بَدْرٍ فَقَالَ: إِنْ شِئْتُمْ قَتَلْتُمُوهُمْ. وَإِنْ شِئْتُمْ أَخَذْتُمْ مِنْهُمُ الْفِدَاءَ وَاسْتُشْهِدَ قَابِلٌ مِنْكُمْ سَبْعُونَ. قَالَ: [فَنَادَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه فجاؤوا أَوْ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ فَقَالَ:
هَذَا جِبْرِيلُ يُخَيِّرُكُمْ بَيْنَ أَنْ تُقَدِّمُوهُمْ فَتَقْتُلُوهُمْ وَبَيْنَ أَنْ تُفَادُوهُمْ وَاسْتُشْهِدَ قَابِلٌ مِنْكُمْ بِعِدَّتِهِمْ. فَقَالُوا: بَلْ نُفَادِيهِمْ فَنَتَقَوَّى بِهِ عَلَيْهِمْ وَيَدْخُلُ قَابِلٌ مِنَّا الْجَنَّةَ سَبْعُونَ. فَفَادَوْهُمْ] .
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ. أَخْبَرَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ:
سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا فَرَغَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ: عَلَيْكَ بِالْعِيرِ لَيْسَ دُونَهَا شَيْءٌ. [قَالَ: فَنَادَاهُ الْعَبَّاسُ أَنَّهُ لا يَصْلُحُ ذَلِكَ لَكَ. قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَكَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ فَقَدْ أَعْطَاكَ مَا وَعَدَكَ.](2/16)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ: [أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَادَى يَوْمَ بَدْرٍ أَلا إِنَّهُ لَيْسَ لأَحَدٍ مِنَ الْقَوْمِ عِنْدِي مِنَّةٌ إِلا لأَبِي الْبَخْتَرِيِّ. فَمَنْ كَانَ أَخَذَهُ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهُ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ آمَنَهُ قَالَ: فَوُجِدَ قَدْ قُتِلَ] .
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ. أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَيْتَ فَدَعَا عَلَى نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ سَبْعَةٍ. فِيهِمْ أَبُو جَهْلٍ وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ. فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ صَرْعَى عَلَى بَدْرٍ قَدْ غَيَّرَتْهُمُ الشَّمْسُ.
وَكَانَ يَوْمًا حَارًّا.
أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ الأَزْدِيُّ. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ [عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ وَحَضَرَ الْبَأْسُ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ بَأْسًا يَوْمَئِذٍ. وَمَا كَانَ أَحَدٌ أَقْرَبَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْهُ] .
أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ الأَزْدِيُّ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ زكرياء بْنِ أَبِي زَائِدَةَ.
حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الْبَهِيِّ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ بَرَزَ عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ. وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ. فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب وعبيدة بن الْحَارِثِ. فَبَرَزَ شَيْبَةُ لِحَمْزَةَ فَقَالَ لَهُ شَيْبَةُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا أَسَدُ اللَّهِ وَأَسَدُ رَسُولِهِ! قَالَ: كُفْءٌ كَرِيمٌ. فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَقَتَلَهُ حَمْزَةُ. ثُمَّ بَرَزَ الْوَلِيدُ لِعَلِيٍّ فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَأَخُو رَسُولِهِ. فَقَتَلَهُ عَلِيٌّ. ثُمَّ بَرَزَ عُتْبَةُ لِعَبِيدَةَ بْنِ الْحَارِثِ فَقَالَ عُتْبَةُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا الَّذِي فِي الْحِلْفِ. قَالَ: كُفْءٌ كَرِيمٌ.
فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ أَوْهَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فَأَجَازَ حَمْزَةُ وَعَلِيٌّ عَلَى عُتْبَةَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَالثَّبْتُ عَلَى الْحَدِيثِ الأَوَّلِ أَنَّ حَمْزَةَ قَتَلَ عُتْبَةَ. وَأَنَّ عَلِيًّا قَتَلَ الْوَلِيدَ. وَأَنَّ عُبَيْدَةَ بَارَزَ شَيْبَةَ.
أَخْبَرَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لَمْ يَكُنْ مَعَهُ يَوْمَ بَدْرٍ إِلا فَرَسَانِ. فَرَسٌ عَلَيْهِ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو حَلِيفُ الأَسْوَدِ خَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفَرَسٌ لِمَرْثَدِ بْنِ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ حَلِيفِ حَمْزَةَ بْنِ(2/17)
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَكَانَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ مِائَةُ فَرَسٍ. قَالَ قُتَيْبَةُ فِي حَدِيثِهِ: كَانَتْ ثَلاثَةَ أَفْرَاسٍ فَرَسٌ عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ عَدِيَّ بْنَ أَبِي الزغباء وبسبس بن عمر وطليعة. يَوْمِ بَدْرٍ. فَأَتَيَا الْمَاءَ فَسَأَلا عَنْ أَبِي سُفْيَانَ فَأُخْبِرَا بِمَكَانِهِ. فَرَجَعَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَزَلَ مَاءَ كَذَا يَوْمَ كَذَا. وَنَنْزِلُ نَحْنُ مَاءَ كَذَا يَوْمَ كَذَا. وَيَنْزِلُ هُوَ مَاءَ كَذَا يَوْمَ كَذَا. وَنَنْزِلُ نَحْنُ مَاءَ كَذَا يَوْمَ كَذَا حَتَّى نَلْتَقِيَ نَحْنُ وَهُوَ عَلَى الْمَاءِ. قَالَ:
فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى نَزَلَ ذَلِكَ الْمَاءَ فَسَأَلَ الْقَوْمَ: هَلْ رَأَيْتُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالُوا: لا إِلا رَجُلَيْنِ. قَالَ: أَرُونِي مُنَاخَ رِكَابِهِمَا. قَالَ: فَأَرَوْهُ. قَالَ: فَأَخَذَ الْبَعْرَ فَفَتَّهُ فَإِذَا فِيهِ النَّوَى فَقَالَ: نَوَاضِحُ يثرب والله! قال: فأخذ ساحل البحر وكتب إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِمَسِيرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عن عِكْرِمَةَ قَالَ:
اسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ النَّاسَ. فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ أَوْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ سِرْ إِذَا شِئْتَ وَانْزِلْ حَيْثُ شِئْتَ وحارب من شئت وسالم من شئت.
فو الذي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَوْ ضَرَبْتَ أَكْبَادَهَا حَتَّى تَبْلُغَ بَرْكَ الْغُمَادِ مِنْ ذِي يَمَنٍ تَبِعْنَاكَ مَا تَخَلَّفَ عَنْكَ مِنَّا أَحَدٌ! قَالَ: وَقَالَ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ: ارْجِعُوا بِوُجُوهِكُمْ هَذِهِ الَّتِي كَأَنَّهَا الْمَصَابِيحُ عَنْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَأَنَّ وجوههم الحيات. فو الله لا تَقْتُلُونَهُمْ حَتَّى يَقْتُلُوا مِنْكُمْ مِثْلَهُمْ فَمَا خَيْرُكُمْ بَعْدَ هَذَا؟ قَالَ: وَكَانُوا يَأْكُلُونَ يَوْمَئِذٍ تمرا. [فقال رسول الله. ص: ابتدروا جنة عرضها السماوات والأرض. قَالَ:
وَعُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ فِي نَاحِيَةٍ بِيَدِهِ تَمْرٌ يَأْكُلُهُ فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ! فَقَالَ لَهُ النبي. ص:
مَهْ! قَالَ: لَنْ تَعْجِزَ عَنِّي.] ثُمَّ قَالَ: لا أَزِيدُ عَلَيْكُنَّ حَتَّى أَلْحَقَ بِاللَّهِ. فَجَعَلَ يَأْكُلُ ثُمَّ قَالَ: هِيهْ حَبَسَتْنِي! ثُمَّ قَذَفَ مَا فِي يَدِهِ وَقَامَ إِلَى سَيْفِهِ وَهُوَ مُعَلَّقٌ مَلْفُوفٌ بِخِرَقٍ. فَأَخَذَهُ ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. وَكَانُوا يَوْمَئِذٍ يَمِيدُونَ مِنَ النُّعَاسِ وَنَزَلُوا عَلَى كَثِيبٍ أَهْيَلَ. قَالَ: فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ فَصَارَ مِثْلَ الصَّفَا يَسْعَوْنَ عَلَيْهِ سَعْيًا.
وَأَنْزَلَ اللَّهُ. جَلَّ ثَنَاؤُهُ: «إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ» الأنفال: 11.(2/18)
قَالَ: وَقَالَ عُمَرُ لَمَّا نَزَلَتْ «سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ» القمر: 45 قَالَ: قُلْتُ وَأَيُّ جَمِعٍ يُهْزَمُ وَمَنْ يُغْلَبُ؟ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نظرت إلى رسول الله.
ص. يَثِبُ فِي الدِّرْعِ وَثَبَا وَهُوَ يَقُولُ: «سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ» القمر:
45. فَعَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ. تَبَارَكَ وَتَعَالَى. سَيَهْزِمَهُمْ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زيد عن أيوب عن عِكْرِمَةَ قَالَ:
وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: «وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ» الأنفال:
26. قَالَ: نَزَلَتْ فِي يَوْمِ بَدْرٍ. قَالَ: وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: «إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ» الأنفال: 25. قَالَ: نَزَلَتْ فِي يَوْمِ بدر. قال: ونزلت هذه الآية: «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ» الأنفال: 1. يَوْمَ بَدْرٍ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ وَيَزِيدُ بْنُ حَازِمٍ: أنهما سمعا عكرمة يقرأ: «فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا» الأنفال: 12. قَالَ حَمَّادٌ: وَزَادَ أَيُّوبُ قَالَ: قَالَ عِكْرِمَةُ «فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ» الأنفال: 12.
قَالَ: كَانَ يَوْمَئِذٍ يَنْدُرُ رَأْسُ الرَّجُلِ لا يُدْرَى مَنْ ضَرَبَهُ وَتَنْدُرُ يَدُ الرَّجُلِ لا يُدْرَى مَنْ ضَرَبَهُ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ: اطْلُبُوا أَبَا جَهْلٍ. فَطَلَبُوهُ فَلَمْ يُوجَدْ فَقَالَ: اطْلُبُوهُ فَإِنَّ عَهْدِي بِهِ وَرُكْبَتُهُ مَحُوزَةٌ. فَطَلَبُوهُ فَوَجَدُوهُ وَرُكْبَتُهُ مَحُوزَةٌ. قَالَ: وَبَلَغَ فِدَاءُ أَهْلِ بَدْرٍ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعَةَ آلافٍ فَمَا دُونَ ذَلِكَ. حَتَّى إِنْ كَانَ الرَّجُلُ يُحْسِنُ الْخَطَّ فُودِيَ عَلَى أَنْ يُعَلِّمَ الْخَطَّ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابن موهب. حدثني إسماعيل بن عون بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ [عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَاتَلْتُ شَيْئًا مِنْ قِتَالٍ ثُمَّ جِئْتُ مُسْرِعًا إِلَى النَّبِيِّ.
ص. لأَنْظُرَ مَا فَعَلَ. فَإِذَا هُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ: يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ! يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ! لا يَزِيدُ عَلَيْهِمَا. ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى الْقِتَالِ. ثُمَّ جِئْتُ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ ذَلِكَ. ثُمَّ ذَهَبْتُ إِلَى الْقِتَالِ. ثُمَّ رَجَعْتُ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ ذَلِكَ. فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ] .
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أبيه عبيد الله(2/19)
ابن عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تَنَفَّلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيفه ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ.
أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: نَزَلَتِ الْمَلائِكَةُ يَوْمَ بَدْرٍ عَلَيْهِمْ عَمَائِمُ صُفْرٌ وَكَانَ عَلَى الزُّبَيْرِ يَوْمَ بَدْرٍ رَيْطَةٌ صَفْرَاءُ قَدِ اعْتَجَرَ بِهَا.
أَخْبَرَنَا عتاب بن زياد بن الْمُبَارَكِ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانَيُّ عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: لَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قِتَالِ أَهْلِ بَدْرٍ أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَى فَرَسٍ أُنْثَى حَمْرَاءَ عَاقِدًا نَاصِيَتَهُ. يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ دِرْعُهُ وَمَعَهُ رُمْحُهُ قَدْ عَصَمَ ثَنِيَّتَهُ الْغُبَارُ. فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ. تَبَارَكَ وَتَعَالَى. بَعَثَنِي إِلَيْكَ وَأَمَرَنِي أَنْ لا أُفَارِقَكَ حَتَّى تَرْضَى. هَلْ رَضِيتَ؟ قَالَ: نَعَمْ رَضِيتُ. فَانْصَرَفَ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ: «إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى» الأنفال: 42. قَالَ:
وَكَانَ هَؤُلاءِ عَلَى شَفِيرِ الْوَادِي وَهَؤُلاءِ عَلَى الشَّفِيرِ الآخَرِ. قَالَ: وَهَكَذَا قَرَأَهُ عَفَّانُ بِالْعُدْوَةِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ. أَخْبَرَنَا جَابِرٌ عَنْ عَامِرٍ قَالَ:
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَدْرٍ فَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ عَمْرَو ابن أُمِّ مَكْتُومٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُنْذِرِ الْبَزَّازُ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى قَتْلَى بَدْرٍ.
أخبرنا الفضل بن دكين. أخبرنا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ بَدْرًا إِنَّمَا كَانَتْ لِرَجُلٍ يُدْعَى بَدْرًا. قَالَ: يَعْنِي مَيْرًا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَأَصْحَابُنَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةَ وَمَنْ رَوَى السِّيرَةَ يَقُولُونَ: اسْمُ الْمَوْضِعِ بَدْرٌ.
سرية عمير بْن عدي «1»
ثُمَّ سرية عمير بْن عدي بْن خرشة الخطمي إلى عصماء بِنْت مروان مِن بني أُميَّة
__________
(1) مغازي الواقدي (172- 174) .(2/20)
ابن زيد بخمس ليال بقين مِن شهر رمضان عَلَى رأس تسعة عشر شهرًا مِن مهاجر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتِ عصماء عند يزيد بْن زيد بْن حصن الخطمي. وكانت تعيب الْإِسْلَام وتؤذي النَّبِيّ وتحرض عَلَيْهِ وتقول الشعر. فجاءها عمير بْن عدي فِي جوف الليل حتى دخل عليها بيتها. وحولها نفر مِن ولدها نيام منهم مِن ترضعه فِي صدرها.
فجسها بيده. وكان ضرير البصر. ونحى الصبي عَنْهَا ووضع سيفه عَلَى صدرها حتى أنفذه مِن ظهرها. ثُمَّ صلى الصبح مَعَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ [فَقَالَ له رسول الله.
ص: أقتلت ابْنَة مروان؟ قَالَ: نعم. فهل عَلِيّ في ذلك مِن شيء؟ فَقَالَ: لا ينتطح فيها عنزان!] فكانت هذه الكلمة أول مَا سَمِعْتُ مِن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَمَّاهُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عميرا البصير.
سرية سالم بْن عمير «1»
ثُمَّ سرية سالم بْن عمير العمري إلى أَبِي عفك اليهودي فِي شَوَّالٍ عَلَى رَأْسِ عِشْرِينَ شَهْرًا مِنَ مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ أَبُو عفك مِن بني عَمْرو بْن عوف شيخا كبيرا قد بلغ عشرين ومائة سنة. وكان يهوديا. وكان يحرض عَلَى رسول الله.
ص. ويقول الشعر. فَقَالَ سالم بْن عمير. وهو أحد البكائين وقد شهد بدرا: عَلِيّ نذر أن أقتل أَبَا عفك أو أموت دونه. فأمهل يطلب لَهُ غرة حتى كانت ليلة صائفة. فنام أَبُو عفك بالفناء وعلم بِهِ سالم بْن عمير. فأقبل فوضع السيف عَلَى كبده ثُمَّ اعتمد عَلَيْهِ حتى خش فِي الفراش. وصاح عدو اللَّه. فثاب إِلَيْهِ ناس ممن هُم عَلَى قوله فأدخلوه منزله وقبروه.
غزوة بني قينقاع «2»
ثُمَّ غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنِي قينقاع يوم السبت للنصف مِن شوال عَلَى راس عشرين شهرا مِن مهاجره. وكانوا قوما مِن يهود حلفاء لعبد الله بن أبي ابن سلول.
وكانوا أشجع يهود. وكانوا صاغة فوادعوا النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلما كانت وقعة بدر أظهروا
__________
(1) مغازي الواقدي (174- 175) .
(2) تاريخ الطبري (2/ 479) ، وسيرة ابن هشام (2/ 120) ، والمغازي للواقدي (176- 180) ، ووفاء الوفا (2/ 356) .(2/21)
البغي والحسد ونبذوا العهد والمرة. فأنزل اللَّه. تبارك وتعالى. عَلَى نبيه: «وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ» الأنفال:
58. [فَقَالَ رَسُول الله. ص: أنا أخاف بني قينقاع. فسار إليهم بهذه الآية.] وكان الَّذِي حمل لواءه يومئذ حمزة بْن عَبْد المطلب. وكان لواء رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبْيَضُ ولم يكن الرايات يومئذ. واستخلف عَلَى المدينة أَبَا لبابة بْن عَبْد المنذر العمري ثُمَّ سار إليهم فحاصرهم خمس عشرة ليلة إلى هلال ذي القعدة. فكانوا أول مِن غدر مِن اليهود وحاربوا وتحصنوا فِي حصنهم. فحاصرهم أشد الحصار حتى قذف اللَّه فِي قلوبهم الرعب. فنزلوا عَلَى حكم رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أموالهم وأن لهم النساء والذرية. فأمر بهم فكتفوا. واستعمل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى كتافهم المنذر بْن قدامة السُّلمَي مِن بني السلم. رهط سعد بْن خيثمة. فكلم فيهم عَبْد اللَّه بْن أَبِي رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وألح عَلَيْهِ [فَقَالَ: خلوهم لعنهم اللَّه ولعنه معهم!] وتركهم مِن القتل وأمر بهم أن يجلوا مِن المدينة. وولى إخراجهم منها عبادة بْن الصامت فلحقوا بأذرعات فما كَانَ أقل بقاءهم بها. وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من سلاحهم ثلاث قسي:
قوسا تدعى الكتوم كسرت بأحد. وقوسا تدعى الروحاء. وقوسا تدعى البيضاء. وأخذ درعين مِن سلاحهم: درعا يقال لها الصغدية وأخرى فضة. وثلاثة أسياف سيف قلعي وسيف يقال لَهُ بتار وسيف آخر. وثلاثة أرماح. ووجدوا فِي حصنهم سلاحا كثيرا وآلة الصياغة فَأَخَذَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَفِيَّةَ والخمس وفض أربعة أخماس عَلَى أصحابه.
فكان أول خمس خمس بعد بدر. وكان الَّذِي ولي قبض أموالهم مُحَمَّد بْن مسلمة.
غزوة السويق «1»
ثُمَّ غزوة النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الّتي تدعى غزوة السويق. خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الأحد لخمس خلون مِن ذي الحجَّة عَلَى رأس اثنين وعشرين شهرا مِن مهاجره.
واستخلف عَلَى المدينة أَبَا لبابة بْن عَبْد المنذر العمري. وذلك أن أَبَا سُفْيَان بْن حرب لما رجع المشركون مِن بدر إلى مكَّة حرم الدهن حتى يثئر مِن مُحَمَّد وأصحابه.
فخرج فِي مائتي راكب. فِي حديث الزُّهْرِيّ. وفي حديث ابن كعب فِي أربعين راكبا.
__________
(1) تاريخ الطبري (2/ 483) ، وسيرة ابن هشام (2/ 119) ، ووفاء الوفا (2/ 344) ، ومغازي الواقدي (181- 182) .(2/22)
فسلكوا النجدية فجاؤوا بني النضير ليلا فطرقوا حيي بْن أخطب ليستخبروه مِن أخبار رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ. فأبى أن يفتح لهم. وطرقوا سلام بْن مشكم ففتح لهم وقراهم وسقاهم خمرا وأخبرهم مِن أخبار رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا كَانَ بالسحر خرج أَبُو سُفْيَان بْن حرب فمر بالعريض. وبينه وبين المدينة نحو ثلاثة أميال فقتل بِهِ رجلا مِن الأنصار وأجيرا لَهُ وحرق أبياتا هناك وتبنا. ورأى أن يمينه قد حلت ثُمَّ ولى هاربا. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فندب أصحابه وخرج فِي مائتي رَجُل مِن المهاجرين والأنصار فِي أثرهم يطلبهم. وجعل أَبُو سُفْيَان وأصحابه يتخففون فيلقون جرب السويق وهي عامة أزوادهم. فجعل المسلمون يأخذونها فسميت غزوة السويق ولم يلحقوهم.
وانصرف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة وكان غاب خمسة أيام.
غزوة قرقرة الكدر «1»
ويقال: قرارة الكدر.
ثُمَّ غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قرقرة الكدر. ويقال قرارة الكدر. للنصف مِن المحرَّم عَلَى رأس ثلاثة وعشرين شهرا مِن مهاجره. وهي بناحية معدن بني سليم قريب مِن الأرحضية وراء سد معونة. وبين المعدن وبين المدينة ثمانية برد. وكان الَّذِي حمل لواءه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيّ بْن أَبِي طالب. واستخلف عَلَى المدينة عبد الله ابن أم مكتوم. فكان بلغه أن بهذا الموضع جمعا مِن سليم وغطفان. فسار إليهم فلم يجد فِي المجال أحدا. وأرسل نفرا مِن أصحابه فِي أعلى الوادي واستقبلهم رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فِي بطن الوادي فوجد رعاء فيهم غلام يقال لَهُ يسار. فسأله عَن النّاس فَقَالَ: لا علم لي بهم إنما أورد لخمس وهذا يوم ربعي والناس قد ارتفعوا إلى المياه ونحن عزاب فِي النعم. فانصرف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد ظفر بالنعم فانحدر بِهِ إلى المدينة فاقتسموا غنائمهم بصرار. عَلَى ثلاثة أميال مِن المدينة. وكانت النعم خمسمائة بعير. فأخرج خُمسَه وقسم أربعة أخماس عَلَى المسلمين. فأصاب كل رَجُل منهم بعيران. وكانوا مائتي رَجُل. وصار يسار فِي سهم النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأعتقه. وذلك أَنَّهُ رآه يصلي. وغاب رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسَ عشرة ليلة.
__________
(1) تاريخ الطبري (2/ 487) ، وسيرة ابن هشام (2/ 120) ، ومغازي الواقدي (182- 184) .(2/23)
سَرِيَّةُ قَتْلِ كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ «1»
ثُمَّ سرية قتل كعب بْن الأشرف اليهودي. وذلك لأربع عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول عَلَى رَأْسِ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا مِن مُهَاجَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَكَانَ سبب قتله أَنَّهُ كَانَ رجلا شاعرا يهجو النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه ويحرض عليهم ويؤذيهم. فلما كانت وقعة بدر كبت وذل وَقَالَ: بطن الأرض خير مِن ظهرها اليوم. فخرج حتى قدم مكّة فبكى قتلى قريش وحرضهم بالشعر. ثُمَّ قدم المدينة [فَقَالَ رَسُول الله. ص: اللهم اكفني ابن الأشرف بما شئت فِي إعلانه الشر وقوله الأشعار. وَقَالَ أيضا: مِن لي بابن الأشرف فقد آذاني؟ فَقَالَ مُحَمَّد بْن مسلمة:
أَنَا بِهِ يا رسول اللَّه وأنا أقتله. فَقَالَ: افعل وشاور سعد بْن معاذ فِي أمره] .
واجتمع مُحَمَّد بْن مسلمة ونفر مِن الأوس منهم عباد بْن بشر وأبو نائلة سلكان بْن سلامة والحارث بْن أوس بْن معاذ وأبو عبس بْن جبر فقالوا: يا رَسُول اللَّهِ نَحْنُ نقتله فاذن لنا فلنقل. فَقَالَ: قولوا. وكان أَبُو نائلة أخا كعب بْن الأشرف مِن الرضاعة فخرج إِلَيْهِ. فأنكره كعب وذعر منه فَقَالَ: أَنَا أَبُو نائلة إنما جئت أخبرك أن قدوم هذا الرجل كَانَ علينا مِن البلاء. حاربتنا العرب ورمتنا عَن قوس واحدة ونحن نريد التنحي منه. ومعي رجال مِن قومي عَلَى مثل رأيي وقد أردت أن آتيك بهم فنبتاع منك طعاما وتمرا ونرهنك ما يكون لك فِيهِ ثقة. فسكن إلى قوله وقال:
جيء بهم متى شئت. فخرج مِن عنده عَلَى ميعاد فأتى أصحابه فأخبرهم.
فأجمعوا أمرهم عَلَى أن يأتوه إذا أمسى. ثُمَّ أَتَوْا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبروه فمشى معهم حتى أتى البقيع ثُمَّ وجههم وَقَالَ: [امضوا عَلَى بركة اللَّه وعونه] . قَالَ: وفي ليلة مقمرة. فمضوا حتى انتهوا إلى حصنه. فهتف لَهُ أَبُو نائلة فوثب. فأخذت امرأته بملحفته وقالت: أَيْنَ تذهب؟ إنك رَجُل محارب! وكان حديث عهد بعرس. قَالَ: ميعاد عَلِيّ وإنما هُوَ أخي أَبُو نائلة. وضرب بيده الملحفة وَقَالَ: لو دعي الفتى لطعنة أجاب. ثُمَّ نزل إليهم فحادثوه ساعة حتى انبسط إليهم وأنس بهم. ثُمَّ أدخل أَبُو نائلة يده فِي شعره وأخذ بقرون رأسه وَقَالَ لأصحابه: اقتلوا عدو اللَّه! فضربوه بأسيافهم فالتفت عَلَيْهِ فلم تغن شيئا ورد بعضها بعضا ولصق
__________
(1) تاريخ الطبري (2/ 487) ، وسيرة ابن هشام (2/ 124) ، ومغازي الواقدي (184- 193) ، ووفاء الوفا (2/ 262) .(2/24)
بأبي نائلة. قَالَ مُحَمَّد بْن مسلمة: فذكرت مغولا كَانَ فِي سيفي فانتزعته فوضعته فِي سرته ثُمَّ تحاملت عَلَيْهِ فقططته حتى انتهى إلى عانته. فصاح عدو اللَّه صيحة ما بقي أطم مِن آطام يهود إلا أوقدت عَلَيْهِ نار. ثُمَّ حزوا راسه وحملوه معهم. فلما بلغوا بقيع الغرقد كبروا وقد قَامَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تلك الليلة يصلي. فلما سَمِعَ تكبيرهم كبر وعرف أن قد قتلوه. ثُمَّ انتهوا إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: [أفلحت الوجوه! فقالوا: ووجهك يا رَسُول اللَّهِ. ورموا برأسه بين يديه. فحمد اللَّه عَلَى قتله. فلما أصبح قَالَ: مِن ظفرتم بِهِ مِن رجال يهود فاقتلوه!] فخافت اليهود فلم يطلع منهم أحد ولم ينطقوا وخافوا أن يبيتوا كما بيت ابن الأشرف.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ بْنِ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ. فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: «وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً» آل عمران: 186. قَالَ: هُوَ كَعْبُ بْنُ الأَشْرَفِ. وَكَانَ يُحَرِّضُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ يَعْنِي فِي شِعْرِهِ. يَهْجُو النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ.
فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ خَمْسَةُ نَفَرٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِيهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَجُلٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ أَبُو عَبْسٍ. فَأَتَوْهُ وَهُوَ فِي مَجْلِسِ قَوْمِهِ بِالْعَوَالِي. فَلَمَّا رَآهُمْ ذُعِرَ مِنْهُمْ وَأَنْكَرَ شَأْنَهُمْ.
قَالُوا: جِئْنَاكَ فِي حَاجَةٍ قَالَ: فَلْيَدْنُ إِلَيَّ بَعْضُكُمْ فَلْيُخْبِرْنِي بِحَاجَتِهِ. فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالُوا: جِئْنَاكَ لِنَبِيعَكَ أَدْرَاعًا عِنْدَنَا لِنَسْتَنْفِقَ بِهَا. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتُمْ لَقَدْ جُهِدْتُمْ مُذْ نَزَلَ بِكُمْ هَذَا الرَّجُلُ. فَوَاعَدُوهُ أَنْ يَأْتُوهُ عِشَاءً حِينَ تَهْدَأُ عَنْهُمُ النَّاسُ.
فَنَادَوْهُ. فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: مَا طَرَقَكَ هَؤُلاءِ سَاعَتَهُمْ هَذِهِ لِشَيْءٍ مِمَّا تُحِبُّ! قَالَ: إِنَّهُمْ حَدَّثُونِي بِحَدِيثِهِمْ وَشَأْنِهِمْ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ فَكَلَّمُوهُ وَقَالَ: مَا تَرْهَنُونَ عِنْدِي؟ أَتَرْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ؟ وَأَرَادَ أَنْ يُسْلِفَهُمْ تَمْرًا.
قَالُوا: إِنَّا نَسْتَحِي أَنْ يُعَيَّرَ أَبْنَاؤُنَا فَيُقَالُ هَذَا رَهِينَةُ وَسْقٍ وَهَذَا رَهِينَةُ وَسْقَيْنِ! قَالَ:
فَتَرْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ؟ قَالُوا: أَنْتَ أَجْمَلُ النَّاسِ وَلا نَأْمَنُكَ. وَأَيُّ امْرَأَةٍ تَمْتَنِعُ مِنْكَ لِجَمَالِكَ؟ وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ سِلاحَنَا وَقَدْ عَلِمْتَ حَاجَتَنَا إِلَى السِّلاحِ الْيَوْمَ! قَالَ: نَعَمِ ائْتُونِي بِسِلاحِكُمْ وَاحْتَمِلُوا مَا شِئْتُمْ. قَالُوا: فَانْزِلْ إِلَيْنَا نَأْخُذْ عَلَيْكَ وَتَأْخُذْ عَلَيْنَا.
فَذَهَبَ يَنْزِلُ. فَتَعَلَّقَتْ بِهِ امْرَأَتُهُ وَقَالَتْ: أَرْسِلْ إِلَى أَمْثَالِهِمْ مِنْ قَوْمِكَ يَكُونُوا مَعَكَ. قال: لو وجدني هَؤُلاءِ نَائِمًا مَا أَيْقَظُونِي. قَالَتْ: فَكَلِّمْهُمْ مِنْ فوق البيت.(2/25)
فَأَبَى عَلَيْهَا فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ تَفُوحُ رِيحُهُ فَقَالُوا: مَا هَذِهِ الرِّيحُ يَا فُلانُ؟ قَالَ: عِطْرُ أُمِّ فُلانٍ لامْرَأَتِهِ. فَدَنَا بَعْضُهُمْ يَشُمُّ رَأْسَهُ ثُمَّ اعْتَنَقَهُ وَقَالَ: اقْتُلُوا عَدُوَّ اللَّهِ! فَطَعَنَهُ أَبُو عَبْسٍ فِي خَاصِرَتِهِ وَعَلاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ بِالسَّيْفِ فَقَتَلُوهُ. ثُمَّ رَجَعُوا فَأَصْبَحَتِ الْيَهُودُ مذعورين. فجاؤوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا: قُتِلَ سيدنا غيلة! فذكرهم النبي.
ص. صَنِيعَهُ وَمَا كَانَ يَحُضُّ عَلَيْهِمْ وَيُحَرِّضُ فِي قِتَالِهِمْ وَيُؤْذِيهِمْ. ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى أَنْ يَكْتُبُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ صُلْحًا أَحْسَبُهُ قَالَ: وَكَانَ ذَلِكَ الكتاب مع علي. رضي الله عَنْهُ. بَعْدُ.
غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غطفان «1»
ثُمَّ غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غطفان إلى نجد. وهي ذو أمر. ناحية النخيل.
فِي شهر ربيع الأول عَلَى رأس خمسة وعشرين شهرا مِن مهاجره. وذلك أَنَّهُ بَلَغَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن جمعا مِن بني ثعلبة ومحارب بذي أمر قد تجمعوا يريدون أن يصيبوا مِن أطراف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جمعهم رَجُل منهم يقال لَهُ دعثور بْن الحارث مِن بني محارب. فندب رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُسْلِمِينَ وخرج لاثنتي عشرة ليلة مضت مِن شهر ربيع الأول فِي أربعمائة وخمسين رجلا. ومعهم أفراس.
واستخلف عَلَى المدينة عثمان بْن عفان. فأصابوا رجلا منهم بذي القصة يقال لَهُ جبار مِن بني ثعلبة. فأدخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاخبره مِن خبرهم وَقَالَ: لن يلاقوك لو سمعوا بمسيرك هربوا فِي رؤوس الجبال وأنا سائر معك. فَدَعَاهُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الإسلام فأسلم. وضمه رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى بلال ولم يلاق رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحدًا إلا أَنَّهُ ينظر إليهم فِي رؤوس الجبال. وأصاب رَسُول اللَّهِ وأصحابه مطر. فنزع رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثوبيه ونشرهما ليجفا وألقاهما عَلَى شجرة واضطجع. فجاء رَجُل مِن العدو يقال لَهُ دعثور بْن الحارث ومعه سيف حتى قام عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: من يمنعك مني اليوم؟ [قال رسول الله. ص:
اللَّه! ودفع جبريل فِي صدره فوقع السيف مِن يده. فأخذه رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم -
__________
(1) مغازي الواقدي (193- 196) ، وتاريخ الطبري (487) ، وسيرة ابن هشام (2/ 120) ، ووفاء الوفا (2/ 262) .(2/26)
وَقَالَ لَهُ: مِن يمنعك مني؟ قَالَ: لا أحد! أشهد أن لا إله إلا اللَّه. وأن محمدا رَسُول اللَّهِ! ثُمَّ] أتى قومه فجعل يدعوهم إلى الْإِسْلَام ونزلت هذه الآية فيه: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ» المائدة: 11 الآية ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة ولم يلق كيدا وكانت غيبته إحدى عشرة ليلة.
غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنِي سليم «1»
ثُمَّ غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنِي سليم ببحران لست خلون مِن جمادى الأولى عَلَى راس سبعة وعشرين شهرا مِن مهاجره. وبحران بناحية الفرع وبين الفرع والمدينة ثمانية برد. وذلك أَنَّهُ بلغه أن بها جمعا مِن بني سليم كثيرا. فخرج فِي ثلاثمائة رَجُل مِن أصحابه واستخلف عَلَى المدينة ابن أم المكتوم. وأغذ السير حتى ورد بحران فوجدهم قد تفرقوا فِي مياههم. فرجع ولم يلق كيدا. وكانت غيبته عشر ليال.
سرية زيد بْن حارثة «2»
ثُمَّ سرية زيد بْن حارثة إلى القردة. وكانت لهلال جمادى الآخرة عَلَى رأس ثمانية وعشرين شهرًا مِن مهاجر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهي أول سرية خرج فيها زيد أميرا. والقردة مِن أرض نجد بين الربذة والغمرة ناحية ذات عرق. بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْتَرِضُ لعير قريش. فيها صفوان بْن أُميّة وحويطب بْن عَبْد العزى وَعَبْد اللَّه بْن أبي ربيعة. ومعه مال كثير نقر وآنية فضة وزن ثلاثين ألف درهم. وكان دليلهم فرات بْن حيان العجلي. فخرج بهم عَلَى ذات عرق طريق العراق. فَبَلَغَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُمْ فوجه زيد بْن حارثة فِي مائة راكب فاعترضوا لها.
فأصابوا العير وأفلت أعيان القوم. وقدموا بالعير على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخمسها فبلغ الخمس فِيهِ عشرين ألف درهم. وقسم ما بقي عَلَى أهل السرية. وأسر فرات
__________
(1) مغازي الواقدي (196- 197) .
(2) تاريخ الطبري (2/ 492) ، وسيرة ابن هشام (2/ 121) ، ومغازي الواقدي (197- 198) .(2/27)
ابن حيان فَأَتَى بِهِ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقِيلَ لَهُ: إن تسلم تترك! فأسلم فتركه رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِن القتل.
غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحدًا «1»
ثُمَّ غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحدًا يوم السبت لسبع ليال خلون مِن شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا مِن مهاجره. قَالُوا: لما رجع من حضر بدرا مِن المشركين إلى مكّة وجدوا العير الّتي قدم بها أَبُو سُفْيَان بْن حرب موقوفة فِي دار الندوة. فمشت أشراف قريش إلى أَبِي سُفْيَان فقالوا: نحن طيبو أنفس إن تجهزوا بربح هذه العير جيشا إلى محمد. فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: وأنا أول مِن أجاب إلى ذَلِكَ وبنو عَبْد مناف معي.
فباعوها فصارت ذهبا فكانت ألف بعير والمال خمسين ألف دينار. فسلم إلى أهل العير رؤوس أموالهم وأخرجوا أرباحهم. وكانوا يربحون فِي تجارتهم للدينار دينارا.
وفيهم نزلت: «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ» الأنفال:
36. وبعثوا رسلهم يسيرون فِي العرب يدعونهم إلى نصرهم. فأوعبوا وتألب مِن كَانَ معهم مِن العرب وحضروا. فأجمعوا عَلَى إخراج الظعن. يعني النساء. معهم ليذكرنهم قتلى بدر فيحفظنهم فيكون أحد لهم فِي القتال. وكتب الْعَبَّاس بْن عَبْد المطلب بخبرهم كله إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعْدَ بْن الربيع بكتاب الْعَبَّاس. وأرجف المنافقون واليهود بالمدينة. وخرجت قريش مِن مكّة ومعهم أَبُو عامر الفاسق. وكان يسمى قبل ذَلِكَ الراهب. فِي خمسين رجلا مِن قومه.
وكان عددهم ثلاثة آلاف رَجُل فيهم سبعمائة دارع. ومعهم مائتا فرس وثلاثة آلاف بعير. والظعن خمس عشرة امْرَأَة. وشاع خبرهم ومسيرهم فِي النّاس حتى نزلوا ذا الحليفة. فَبَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عينين له أنسا ومونسا ابني فضالة الظفريين. ليلة الخميس لخمس ليال مضين مِن شوال. فأتيا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بخبرهم وأنهم قد خلوا إبلهم وخيلهم فِي الزرع الَّذِي بالعريض حتى تركوه لَيْسَ بِهِ خضراء. ثُمَّ بعث الحباب بن المنذر بن الجموح أيضا فدخل فيهم فحزرهم وجاءه بعلمهم. وبات
__________
(1) تاريخ الطبري (2/ 499) ، وسيرة ابن هشام (2/ 125- 143) ، والأغاني (15/ 179- (207) ، ومغازي الواقدي (199- 334) .(2/28)
سعد بْن معاذ وأسيد بْن حضير وسعد بْن عبادة. فِي عدة ليلة الجمعة. عليهم السلاح فِي المسجد بباب رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحرست المدينة حتى أصبحوا. ورأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك الليلة كأنه فِي درع حصينة. وكأن سيفه ذا الفقار قد انفصم مِن عند ظبته. وكأن بقرا تذبح. وكأنه مردف كبشا. فأخبر بها أصحابه. وأولها فقال: أما الدرع الحصينة فالمدينة. وأما انفصام سيفي فمصيبة في نفسي. وأما البقر المذبح فقتل في أصحابي. وأما مردف كبشا فكبش الكتيبة يقتله اللَّه إن شاء اللَّه. فكان رَأَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن لا يخرج مِن المدينة لهذه الرؤيا. فأحب أن يوافق عَلَى مثل رأيه فاستشار أصحابه فِي الخروج فأشار عليه عبد الله بن أبي ابن سلول أن لا يخرج. وكان ذَلِكَ رأي الأكابر مِن المهاجرين والأنصار. [فَقَالَ رَسُول اللَّهِ. ص: امكثوا فِي المدينة واجعلوا النساء والذراري فِي الآطام] . فَقَالَ فتيان أحداث لم يشهدوا بدرا فطلبوا مِن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الخروج إلى عدوهم ورغبوا فِي الشهادة وقالوا: اخرج بنا إلى عدونا. فغلب عَلَى الأمر الَّذِي يريدون الخروج. فَصَلَّى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجمعة بالناس ثُمَّ وعظهم وأمرهم بالجد والجهاد وأخبرهم أن لهم النصر ما صبروا. وأمرهم بالتهيؤ لعدوهم ففرح النّاس بالشخوص. ثُمَّ صلى بالناس العصر وقد حشدوا وحضر أهل العوالي. ثُمَّ دَخَلَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بيته ومعه أَبُو بَكْر وعمر فعمماه ولبساه وصف النّاس لَهُ ينتظرون خروجه.
فَقَالَ لهم سعد بْن معاذ وأسيد بْن حضير: استكرهتم رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الخروج والأمر ينزل عَلَيْهِ مِن السماء فردوا الأمر إِلَيْهِ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد لبس لامته وأظهر الدرع وحزم وسطها بمنطقة مِن أدم مِن حمائل السيف. واعتم وتقلد السيف وألقى الترس فِي ظهره. فندموا جميعا عَلَى ما صنعوا وقالوا: ما كَانَ لنا أن نخالفك فاصنع ما بدا لك. [فقال رسول الله. ص: لا ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم اللَّه بينه وبين أعدائه. فانظروا ما أمرتكم بِهِ فافعلوه وامضوا على اسم اللَّه فلكم النصر ما صبرتم.] ثُمَّ دعا بثلاثة أرماح فعقد ثلاثة ألوية. فدفع لواء الأوس إلى أسيد بْن حضير. ودفع لواء الخزرج إلى الحباب بْن المنذر. ويقال إلى سعد بْن عبادة. ودفع لواءه لواء المهاجرين إلى عَلِيّ بْن أَبِي طالب. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. ويقال إلى مصعب بْن عمير. واستخلف عَلَى المدينة عبد الله ابن أم مكتوم. ثُمَّ ركب رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فرسه وتنكب القوس وأخذ قناة بيده والمسلمون عليهم السلاح قد أظهروا الدروع فيهم مائة دارع. وخرج السعدان أمامه يعدوان: سعد بْن معاذ وسعد بْن عبادة. وكل واحد منهما(2/29)
دارع والناس عن يمينه وشماله. فمضى حتى إذا كَانَ بالشيخين. وهما أطمان. التفت فنظر إلى كتيبة خشناء لها زجل فَقَالَ: ما هذه؟ قَالُوا: حلفاء ابن أَبِي مِن يهود. [فقال رسول الله. ص: لا تستنصروا بأهل الشرك على أهل الشرك] . وعرض من عرض بالشيخين فرد مِن رد وأجاز مِن أجاز. وغابت الشمس وأذن بلال المغرب فصلى النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأصحابه وبات بالشيخين وكان نازلا فِي بني النّجّار. واستعمل على الحرس تلك الليلة مُحَمَّد بْن مسلمة فِي خمسين رجلا يطيفون بالعسكر. وكان المشركون قد رأوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حيث راح ونزل. فاجتمعوا واستعملوا على حرسهم عكرمة بن أبي جهل في خيل من المشركين. وأدلج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السحر ودليله أَبُو حثمة الحارثي فانتهى إلى أحد إلى موضع القنطرة اليوم فحانت الصلاة. وهو يرى المشركين. فأمر بلالا وأذن وأقام فصلى بأصحابه الصبح صفوفا.
وانخزل ابن أبي من ذلك المكان في كتيبة كأنه هيق يقدمهم وهو يقول: عصاني وأطاع الولدان ومن لا رأي له. وانخزل معه ثلاثمائة. فبقي رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سبعمائة ومعه فرسه وفرس لابي بردة بْن نيار. وأقبل يصف أصحابه ويسوي الصفوف عَلَى رجليه. وجعل ميمنة وميسرة وعليه درعان ومغفر وبيضة. وجعل أحدا خلف ظهره واستقبل المدينة. وجعل عينين جبلا بقناة عَن يساره وجعل عَلَيْهِ خمسين مِن الرماة.
واستعمل عليهم عَبْد اللَّه بْن جُبَيْر وأوعز إليهم [فَقَالَ: قوموا عَلَى مصافكم هذه فاحموا ظهورنا. فَإِن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا. وإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا.] وأقبل المشركون قد صفوا صفوفهم واستعملوا عَلَى الميمنة خالد بْن الوليد وعلى الميسرة عكرمة بْن أَبِي جهل. ولهم مجنبتان مائتا فرس. وجعلوا عَلَى الخيل صفوان بْن أُميّة.
ويقال عَمْرو بْن العاص. وعلى الرماة عَبْد اللَّه بْن أَبِي ربيعة. وكانوا مائة رام. ودفعوا اللواء إلى طلحة بْن أَبِي طلحة. واسم أَبِي طلحة عَبْد اللَّه بْن عبد العزى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ. و [سأل رسول الله. ص: مِن يحمل لواء المشركين؟ قِيلَ:
عَبْد الدار. قَالَ: نَحْنُ أحق بالوفاء منهم. أَيْنَ مصعب بْن عمير؟ قَالَ: هأنذا. قَالَ:
خذ اللواء] . فأخذه مصعب بْن عمير فتقدم بِهِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فكان أول مِن أنشب الحرب بينهم أَبُو عامر. فقال المسلمون: لا مرحبا بك ولا أهلا. يا فاسق! قَالَ: لقد أصاب قومي بعدي شر. ومعه عَبيد قريش. فتراموا بالحجارة هُم والمسلمون حتى ولى أَبُو عامر وأصحابه. وجعل نساء المشركين يضربن بالأكبار(2/30)
والدفوف والغرابيل ويحرضن ويذكرنهم قتلى بدر ويقلن:
نَحْنُ بنات طارق ... نمشي عَلَى النمارق
إن تقبلوا نعانق ... أو تدبروا نفارق
فراق غير وامق «1»
قَالَ: ودنا القوم بعضهم مِن بعض والرماة يرشقون خيل المشركين بالنبل فتولى هوازن. فصاح طلحة بْن أَبِي طلحة صاحب اللواء: مِن يبارز؟ فبرز لَهُ عَلِيّ بْن أَبِي طالب. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. فالتقيا بين الصفين فبدره عَلِيّ فضربه عَلَى راسه حتى فلق هامته فوقع. وهو كبش الكتيبة. فَسُّرَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك وأظهر التكبير.
وكبر المسلمون وشدوا عَلَى كتائب المشركين يضربونهم حتى نغضت صفوفهم.
ثُمَّ حمل لواءهم عثمان بْن أَبِي طلحة أَبُو شيبة وهو أمام النسوة يرتجز ويقول:
إن عَلَى أهل اللواء حقا ... أن تخضب الصعدة أو تندقا
وحمل عَلَيْهِ حمزة بْن عَبْد المطلب فضربه بالسيف عَلَى كاهله فقطع يده وكتفه حتى انتهى إلى مؤتزره وبدا سحره. ثُمَّ رجع وهو يَقُولُ: أَنَا ابن ساقي الحجيج ثُمَّ حمله أَبُو سعد بْن أَبِي طلحة فرماه سعد بْن أَبِي وقاص فأصاب حنجرته فأدلع لسانه إدلاع الكلب فقتله. ثُمَّ حمله مسافع بْن طلحة بْن أَبِي طلحة فرماه عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح فقتله. ثم حمله الحارث بن أبي طلحة فقتله الزبير بن العوام. ثُمَّ حمله أرطاة بْن شرحبيل فقتله عَلِيّ بْن أَبِي طالب. ثُمَّ حمله شريح بْن قارظ فلسنا ندري مِن قتله. ثُمَّ حمله صواب غلامهم وَقَالَ قائل: قتله سعد بْن أَبِي وقاص. وَقَالَ قائل: قتله عَلِيّ بْن أَبِي طالب. وَقَالَ قائل: قتله قزمان. وهو أثبت القول.
فلما قتل أصحاب اللواء انكشف المشركون منهزمين لا يلوون عَلَى شيء.
ونساؤهم يدعون بالويل. وتبعهم المسلمون يضعون السلاح فيهم حيث شاءوا
__________
(1) كذا في مغازي الواقدي (225) ، وفي تاريخ الطبري (2/ 510) هكذا:
نحن بنات طارق ... إن تقبلوا نعانق
ونبسط على النمارق ... أو تدبروا نفارق
فراق غير وامق(2/31)
حتى أجهضوهم عَن العسكر. ووقعوا ينتهبون العسكر ويأخذون ما فِيهِ مِن الغنائم. وتكلم الرماة الّذين عَلَى عينين واختلفوا بينهم. وثبت أميرهم عَبْد اللَّه بْن جُبَيْر فِي نفر يسير دون العشرة مكانهم. وَقَالَ: لا أجاوز أَمَرَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ووعظ أصحابه وذكرهم أَمَرَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالوا: لم يرد رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
هَذَا. قد انهزم المشركون فما مقامنا هاهنا؟ فانطلقوا يتبعون العسكر ينتهبون معهم وخلوا الجبل. ونظر خالد بْن الوليد إلى خلاء الجبل وقلة أهله فكر بالخيل وتبعه عكرمة بْن أَبِي جهل فحملوا عَلَى مِن بقي مِن الرماة فقتلوهم. وقتل أميرهم عبد الله بن جبير. رحمه الله. وانتفضت صفوف المسلمين واستدارت رحاهم وحالت الريح فصارت دبورا. وكانت قبل ذَلِكَ صبا. ونادى إبليس لعنه اللَّه أن محمدا قد قتل. واختلط المسلمون فصاروا يقتتلون عَلَى غير شعار ويضرب بعضهم بعضا ما يشعرون بِهِ مِن العجلة والدهش. وقتل مصعب بْن عمير فأخذ اللواء ملك فِي صورة مصعب. وحضرت الملائكة يومئذ ولم تقاتل. ونادى المشركون بشعارهم: يا للعزى! يا لهبل! وأوجعوا فِي المسلمين قتلا ذريعا.
وولى مِن ولى منهم يومئذ وثبت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما يزول يرمي عَن قوسه حتى صارت شظايا ويرمي بالحجر. وثبت معه عصابة مِن أصحابه أربعة عشر رجلا:
سبعة مِن المهاجرين فيهم أَبُو بَكْر الصديق. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وسبعة مِن الأنصار.
حفى تحاجزوا ونالوا مِن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وجهه ما نالوا. أصيبت رباعيته وكلم فِي وجنتيه وجبهته وعلاه ابن قميئة بالسيف فضربه عَلَى شقه الأيمن. واتقاه طلحة بْن عُبَيْد اللَّه بيده فشلت إصبعه. وادعى ابن قميئة أَنَّهُ قد قتله. وكان ذَلِكَ مما رعب المسلمين وكسرهم.
مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ «1»
وقتل يومئذ حمزة بْن عَبْد المطلب. رحمه اللَّه. قتله وحشي. وَعَبْد اللَّه بْن جحش. قتله أَبُو الحكم بْن الأخنس بْن شريق. ومصعب بْن عمير. قتله ابن قميئة. وشماس بْن عثمان بْن الشريد المخزومي. قتله أَبِي بْن خلف الجمحي.
__________
(1) مغازي الواقدي (300- 307) .(2/32)
وَعَبْد اللَّه وَعَبْد الرَّحْمَن ابنا الهبيب مِن بني سعد بْن ليث. ووهب بْن قابوس المزني. وابن أخيه الحارث بْن عقبة بْن قابوس.
وقتل مِن الأنصار سبعون رجلا. فيهم عَمْرو بْن معاذ أخو سعد بْن معاذ.
واليمان أَبُو حذيفة. قتله المسلمون خطأ. وحنظلة بْن أَبِي عامر الراهب. وخيثمة أَبُو سعد بْن خيثمة. وخارجة بْن زيد بْن أَبِي زهير صهر أَبِي بَكْر. وسعد بْن الربيع. ومالك بْن سنان أَبُو أَبِي سَعِيد الخدري. والعباس بْن عبادة بْن نضلة.
ومحذر بْن ذياد. وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن حرام. وعمرو بن الجموح في ناس كثير من أشرافهم.
وقتل مِن المشركين ثلاثة وعشرون رجلا. فيهم حملة اللواء وَعَبْد اللَّه بْن حميد بْن زُهَير بْن الْحَارِث بْن أسد بْن عَبْد العزى. وأبو عزيز بْن عمير. وأبو الحكم بْن الأخنس بْن شريق الثقفي. قتله عَلِيّ بْن أَبِي طالب. وسباع بْن عَبْد العزى الخزاعي. وهو ابن أم أنمار قتله حمزة بْن عَبْد المطلب. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وهشام بْن أَبِي أُميّة بْن المغيرة. والوليد بْن العاص بْن هشام. وأمية بْن أَبِي حذيفة بْن المغيرة. وخالد بْن الأعلم العقيلي. وَأَبِي بْن خلف الجمحي قتله رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ. وأبو عزة الجمحي واسمه عَمْرو بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَيْر بْن وهب بْن حذافة بْن جمح. وقد كَانَ أسر يوم بدر فمن عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَقَالَ: لا أكثر عليك جمعا. ثُمَّ خرج مَعَ المشركين يوم أحد فأخذه رسول الله.
ص. أسيرا ولم يأخذ أسيرا غيره فَقَالَ: مِن علي يا محمد! [فقال رسول الله.
ص: إن المؤمن لا يلدغ مِن جحر مرتين. لا ترجع إلى مكّة تمسح عارضيك تَقُولُ: سخرت بمحمد مرتين. ثُمَّ أمر بِهِ عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح فضرب عنقه] .
[فلما انصرف المشركون عَن أحد أقبل المسلمون عَلَى أمواتهم وَأَتَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بحمزة بْن عَبْد المطلب فلم يغسله ولم يغسل الشهداء وَقَالَ: لفوهم بدمائهم وجراحهم. أَنَا الشهيد عَلَى هَؤُلَاءِ. ضعوهم] . فكان حمزة أول مِن كبر عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعا ثُمَّ جمع إِلَيْهِ الشهداء. فكان كلما أُتِيَ بِشَهِيدٍ وُضِعَ إِلَى جَنْبِ حَمْزَةَ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَعَلَى الشَّهِيدِ حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعِينَ مرة. وقد سمعنا مِن يَقُولُ: لم يصل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى قتلى أحد. وقال رسول الله.
[ص: احفروا وأعمقوا وأوسعوا وقدموا أكثرهم قرآنا] . فكان ممن نعرف أَنَّهُ دفن(2/33)
فِي قبر واحد عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن حرام. وعمرو بْن الجموح فِي قبر. وخارجة بْن زيد وسعد بْن الربيع فِي قبر. والنعمان بن مالك وعبدة بن الحسحاس فِي قبر واحد. فكان النّاس أو عامتهم قد حملوا قتلاهم إلى المدينة فدفنوهم فِي نواحيها. فنادى منادي رسول الله. ص: ردوا القتلى إلى مضاجعهم. فأدرك المنادي رجلا واحدا لم يكن دفن فرد. وهو شماس بْن عثمان المخزومي.
ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يومئذ فصلى المغرب بالمدينة وشمت ابن أَبِي والمنافقون بما نيل مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في نفسه وأصحابه. [فقال رسول الله.
ص: لن ينالوا منا مثل هذا اليوم حتى نستلم الركن] . وبكت الأنصار عَلَى قتلاهم فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فَقَالَ: لكن حمزة لا بواكي لَهُ] .. فجاء نساء الأنصار إِلَى بَابِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فبكين عَلَى حمزة فدعا لهن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وأمرهن بالانصراف. فهن إلى اليوم إذا مات الميت مِن الأنصار بدأ النساء فبكين عَلَى حمزة ثُمَّ بكين عَلَى ميتهن.
أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ بِالْمُشْرِكِينَ. وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ يَوْمٍ مَكَرَ فِيهِ.
أَخْبَرَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُسِرَتْ رَبَاعِيَّتُهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَشُجَّ فِي جَبْهَتِهِ حَتَّى سَالَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِهِ. صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَرِضْوَانُهُ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ. [فَقَالَ: كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ فَعَلُوا هَذَا بِنَبِيِّهِمْ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ؟] فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: «لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ» آل عمران: 128.
أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أَحَدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ فَصَاحَ إِبْلِيسُ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ.
قَالَ: فَرَجَعَتْ أُولاهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هِيَ وَأُخْرَاهُمْ. فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ فَقَالَ: عِبَادَ اللَّهِ. أَبِي! أَبِي! قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ:
غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ عُرْوَةُ: فو الله ما زال في حُذَيْفَةُ مِنْهُ بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ.
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: رَأَيْتُ كَأَنِّيَ فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ وَرَأَيْتُ بَقَرًا مُنَحَّرَةً فَأَوَّلْتُ أَنَّ الدِّرْعَ الْمَدِينَةُ وَالْبَقَرَ نَفَرٌ. فَإِنْ شِئْتُمْ أَقَمْنَا بِالْمَدِينَةِ. فَإِنْ دَخَلُوا(2/34)
عَلَيْنَا قَاتَلْنَاهُمْ فِيهَا. فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا دَخَلَتْ عَلَيْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَتَدْخُلُ عَلَيْنَا فِي الإِسْلامِ. قَالَ: فَشَأْنُكُمْ إِذًا. فَذَهَبُوا فَلَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأْمَتَهُ. فَقَالُوا: مَا صَنَعْنَا؟ رَدَدْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - رأيه. فجاؤوا فَقَالُوا: شَأْنُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ:
الآنَ ليس بنبي إِذَا لَبِسَ لأْمَتَهُ أَنْ يَضَعُهَا حَتَّى يُقَاتِلَ] .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ رَبَاعِيَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أُصِيبَتْ يَوْمَ أُحُدٍ. أَصَابَهَا عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَشَجَّهُ فِي جَبْهَتِهِ. فَكَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ يَغْسِلُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الدم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ صَنَعُوا هَذَا بِنَبِيِّهِمْ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ. تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ» آل عمران: 128 إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ الشَّيْطَانَ صَاحَ يَوْمَ أُحُدٍ:
إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ. قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: فَكُنْتُ أَنَا أَوَّلَ مَنْ عَرَفَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
عَرَفْتُ عَيْنَيْهِ تَحْتَ الْمِغْفَرِ فَنَادَيْتُ بِصَوْتِي الأَعْلَى: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ! فَأَشَارَ إِلَيَّ أَنِ اسْكُتْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ. تَعَالَى جَدُّهُ: «وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ» آل عمران: 144 الآية.
أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْبَلْخِيُّ. أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ الْجُمَحِيَّ أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ. فَلَمَّا افْتُدِيَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قال لرسول الله. ص: إِنَّ عِنْدِي فَرَسًا أَعْلِفُهَا كُلَّ يَوْمٍ فَرَقَ ذُرَةٍ لَعَلِّي أَقْتُلَكَ عَلَيْهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: بَلْ أَنَا أَقْتُلُكَ عَلَيْهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ] . فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ أَقْبَلَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ يَرْكُضُ فَرَسَهُ تِلْكَ حَتَّى دَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاعْتَرَضَ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَهُ لِيَقْتُلُوهُ [فَقَالَ لَهُمْ رسول الله. ص: اسْتَأْخِرُوا اسْتَأْخِرُوا.] فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَرْبَةٍ فِي يَدِهِ فَرَمَى بِهَا أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ فَكَسَرَتِ الْحَرْبَةُ ضِلْعًا مِنْ أَضْلاعِهِ. فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ ثَقِيلا فَاحْتَمَلُوهُ حَتَّى وَلَّوْا بِهِ وَطَفِقُوا يَقُولُونَ لَهُ: لا بَأْسَ بِكَ! فَقَالَ لَهُمْ أُبَيُّ: أَلَمْ يَقُلْ لِي: بَلْ أَنَا أَقْتُلُكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ؟ فَانْطَلَقَ بِهِ أَصْحَابُهُ فَمَاتَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَدَفَنُوهُ.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: وَفِيهِ أَنْزَلَ اللَّهُ. تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى الأنفال: 17 الآية.
أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ(2/35)
يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ: كَانَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يَوْمَ أُحُدٍ دِرْعَانِ.
أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ:
لَقَدْ أُصِيبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ نَحْوٌ مِنْ ثَلاثِينَ كُلُّهُمْ يَجِيءُ حَتَّى يَجْثُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ. أَوْ قَالَ: يَتَقَدَّمُ بَيْنَ يَدَيْهِ. ثُمَّ يَقُولُ: وَجْهِي لِوَجْهِكَ الْوَفَاءُ وَنَفْسِي لِنَفْسِكَ الْفِدَاءُ وَعَلَيْكَ سَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مُوَدَّعٍ.
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ وَعَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْمِصْرِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الرُّمَاةِ. وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلا. عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ الأَنْصَارِيَّ وَوَضَعَهُمْ مَوْضِعًا وَقَالَ: إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ فَلا تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ. وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا قَدْ هَزَمْنَا الْقَوْمَ وَظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ وَأَوْطَأْنَاهُمْ فَلا تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ. قَالَ: فَهَزَمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنَا وَاللَّهِ رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ على الجبل قد بدت أسؤقهن وَخَلاخِلُهُنَّ رَافِعَاتٍ ثِيَابَهُنَّ. فَقَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ: الْغَنِيمَةَ! أَيْ قَوْمِ الْغَنِيمَةَ! قَدْ ظَهْرَ أَصْحَابُكُمْ فَمَا تَنْظُرُونَ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ: أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولِ الله. ص؟ فَقَالُوا: إِنَّا وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّ النَّاسَ فَلَنُصِيبَنَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ. قَالَ: فَلَمَّا أَتَوْهُمْ صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ فَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ.
فَذَلِكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ فَلَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرَ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلا فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ رَجُلا. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ. أَصَابَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً: سَبْعِينَ أَسِيرًا وَسَبْعِينَ قَتِيلا. فَأَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. قَالَ: فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُجِيبُوهُ. ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: اتَّهَمَ. قَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى أَيْ لَيْسَ فَوْقَهُمْ أَحَدٌ.
ثُمَّ أَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلاءِ فَقَدْ قُتِلُوا وَقَدْ كُفِيتُمُوهُمْ. فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ أَنْ قَالَ: كَذَبْتَ وَاللَّهِ يَا عَدُوَّ اللَّهِ! إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوءُكَ. قَالَ: فَقَالَ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَالْحَرْبُ سِجَالٌ ثُمَّ إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي.. ثُمَّ جَعَلَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ: أُعْلُ هُبَلْ. أعل هبل!(2/36)
[فقال رسول الله. ص: أَلا تُجِيبُونَهُ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِمَاذَا نُجِيبُهُ؟ قَالَ:
قُولُوا اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَنَا الْعُزَّى وَلا عُزَّى لَكُمْ! فقال رسول الله. ص: أَلا تُجِيبُونَهُ؟ قَالُوا: وَبِمَاذَا نُجِيبُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: قُولُوا اللَّهُ مَوْلانَا وَلا مَوْلَى لَكُمْ] .
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كُسِرَتْ رَبَاعِيَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ وَجُرِحَ وَجْهُهُ وَكُسِرَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ. فَكَانَتْ فاطمة. ع. تَغْسِلُ جُرْحَهُ وَعَلِيٌّ يَسْكُبُ الْمَاءَ عَلَيْهَا بِالْمِجَنِّ يَعْنِي التُّرْسَ. فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ أَنَّ الْمَاءَ لا يَزِيدُ الدَّمَ إِلا كَثْرَةً أَخَذَتْ فَاطِمَةُ قِطْعَةَ حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ عَلَيْهِ فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعْدِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ: [أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْمَ أُحُدٍ حَتَّى إِذَا جَاوَزَ ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ إِذَا هُوَ بِكَتِيبَةٍ خَشْنَاءَ فَقَالَ: مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالُوا:
هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ فِي سِتِّمِائَةٍ مِنْ مَوَالِيهِ مِنَ الْيَهُودِ مِنْ أَهْلِ قَيْنُقَاعَ. وَهُمْ رَهْطُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ. قَالَ: وَقَدْ أَسْلَمُوا؟ قَالُوا: لا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: قُولُوا لَهُمْ فَلْيَرْجِعُوا فَإِنَّا لا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُنْذِرِ الْبَزَّازُ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ.
غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حمراء الأسد «1»
ثُمَّ غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حمراء الأسد يوم الأحد لثماني ليال خلون مِن شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا مِن مهاجره. قَالُوا: لما انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أحد مساء يوم السبت بات تلك الليلة عَلَى بابه ناس مِن وجوه الأنصار وبات المسلمون يداوون جراحاتهم. فَلَمَّا صَلَّى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصبح يوم الأحد أمر بلالا أن ينادي أن رَسُول اللَّهِ يأمركم بطلب عدوكم ولا يخرج معنا إلا مِن شهد القتال بالأمس. فَقَالَ جَابِر بْن عَبْد اللَّه: إن أَبِي خلفني يوم أحد على أخوات لي فلم أشهد
__________
(1) تاريخ الطبري (2/ 534) ، وسيرة ابن هشام (2/ 144) ، والأغاني (15/ 208) ، والمغازي للواقدي (334- 340) .(2/37)
الحرب فأذن لي أن أسير معك. فأذن رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يخرج معه أحد لم يشهد القتال غيره. وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بلوائه وهو معقود لم يحل فدفعه إلى عَلِيّ بْن أَبِي طالب. ويقال إلى أَبِي بَكْر الصديق. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وخرج وهو مجروح فِي وجهه ومشجوج فِي جبهته ورباعيته قد شظيت وشفته السفلى قد كلمت فِي باطنها.
وهو متوهن منكبه الأيمن مِن ضربة ابن قميئة وركبتاه مجحوشتان. وحشد أهل العوالي ونزلوا حيث أتاهم الصريخ وركب رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فرسه وخرج النّاس معه فبعث ثلاثة نفر مِن أسلم طليعة فِي آثار القوم. فلحق اثنان منهم القوم بحمراء الأسد. وهي مِن المدينة عَلَى عشرة أميال طريق العقيق متياسرة عَن ذي الحليفة إذا أخذتها فِي الوادي. وللقوم زجل وهم يأتمرون بالرجوع وصفوان بْن أُميّة ينهاهم عَن ذَلِكَ.
فبصروا بالرجلين فعطفوا عليهما فعلوهما ومضوا وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأصحابه حتى عسكروا بحمراء الأسد. فدفن الرجلين فِي قبر واحد. وهما القرينان. وكان المسلمون يوقدون. تلك الليالي. خمسمائة نار حتى ترى مِن المكان البعيد. وذهب صوت معسكرهم ونيرانهم فِي كل وجه. فكبت اللَّه. تبارك وتعالى. بذلك عدوهم.
فانصرف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة فدخلها يوم الجمعة وقد غاب خمس ليال.
وكان استخلف عَلَى المدينة عبد الله ابن أم مكتوم.
سرية أَبِي سلمة بْن عَبْد الأسد المخزومي «1»
ثُمَّ سرية أَبِي سلمة بْن عبد الأسد المخزومي قطن. وهو جبل بناحية فيد بِهِ ماء لبني أسد بْن خزيمة. فِي هلال المحرَّم عَلَى رَأْسِ خَمْسَةٍ وَثَلاثِينَ شَهْرًا مِن مهاجر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وذلك أَنَّهُ بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن طليحة وسلمة ابني خويلد قد سارا فِي قومهما ومن أطاعهما يدعوانهم إلى حرب رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا سلمة وعقد لَهُ لواء وبعث معه مائة وخمسين رجلا من المهاجرين والأنصار قال: سر حتى تنزل أرض بني أسد فأغر عليهم قبل أن تلاقى عليك جموعهم. فخرج فأغذ السير ونكب عَن سنن الطريق وسبق الأخبار وانتهى إلى أدنى قطن. فأغار عَلَى سرح لهم فضموه وأخذوا رعاء لهم مماليك ثلاثة. وأفلت سائرهم فجاؤوا جمعهم فحذروهم فتفرقوا فِي كل ناحية. ففرق أبو سلمة أصحابه ثلاث فرق
__________
(1) مغازي الواقدي (340- 346) .(2/38)
فِي طلب النعم والشاء فآبوا إِلَيْهِ سالمين قد أصابوا إبلا وشاء ولم يلقوا أحدا. فانحدر أَبُو سلمة بذلك كله إلى المدينة.
سرية عَبْد اللَّه بْن أنيس
ثُمَّ سرية عَبْد اللَّه بْن أنيس إلى سُفْيَان بْن خالد بْن نبيح الهذلي بعرنة خرج مِن المدينة يوم الاثنين لخمس خلون مِن المحرَّم عَلَى رَأْسِ خَمْسَةٍ وَثَلاثِينَ شَهْرًا مِن مهاجر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وذلك أَنَّهُ بَلَغَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن سُفْيَان بْن خالد الهذلي ثُمَّ اللحياني وكان ينزل عرنة وما والاها فِي ناس من قومه وغيرهم. قد جمع الجموع لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْد اللَّه بْن أنيس ليقتله فَقَالَ: صفه لي يا رسول الله. قَالَ: [إذا رَأَيْته هبته وفرقت منه وذكرت الشيطان] . قَالَ: وكنت لا أهاب الرجال. واستأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقول فأذن لي فأخذت سيفي وخرجت أعتزي إلى خزاعة حتى إذا كنت ببطن عرنة لقيته يمشي ووراءه الأحابيش ومن ضوى إِلَيْهِ. فعرفته بنعت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهبته فرأيتني أقطر فقلت: صدق اللَّه ورسوله.
فَقَالَ: مِن الرجل؟ فقلت: رَجُل مِن خزاعة سَمِعْتُ بجمعك لمحمد فجئتك لأكون معك. قَالَ: أجل إني لأجمع لَهُ. فمشيت معه وحدثته واستحلى حديثي حتى انتهى إلى خبائه وتفرق عَنْهُ أصحابه حتى إذا هدأ النّاس وناموا اغتررته فقتلته وأخذت رأسه ثُمَّ دخلت غارا فِي الجبل وضربت العنكبوت عَلِيّ. وجاء الطلب فلم يجدوا شيئا فانصرفوا راجعين. ثُمَّ خرجت فكنت أسير الليل وأتوارى بالنهار حتى قدمت المدينة فوجدت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي المسجد فلما رآني [قَالَ: أفلح الوجه! قلت: أفلح وجهك يا رَسُول اللَّهِ! فوضعت رأسه بين يديه وأخبرته خبري فدفع إلي عصا وَقَالَ:
تخصر بهذه فِي الجنّة!] فكانت عنده. فلما حضرته الوفاة أوصى أهله أن يدرجوها فِي كفنه ففعلوا. وكانت غيبته ثماني عشرة ليلة وقدم السبت لسبع بقين مِن المحرَّم.
سَرِيَّةُ الْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرٍو «1»
ثُمَّ سرية المنذر بْن عَمْرو الساعدي إلى بِئْرُ مَعُونَةَ فِي صَفَرٍ عَلَى رَأْسِ سِتَّةٍ
__________
(1) تاريخ الطبري (545) ، وسيرة ابن هشام (2/ 174) ، ومغازي الواقدي (346- 353) ، ووفاء الوفا (2/ 363) .(2/39)
وثلاثين شهرًا مِن مهاجر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: وقدم عامر بْن مالك بْن جَعْفَر أَبُو براء ملاعب الأسنة الكلابي عَلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأهدى لَهُ فلم يقبل منه وعرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام فلم يسلم ولم يبعد وَقَالَ: لو بعثت معي نفرا مِن أصحابك إلى قومي لرجوت أن يجيبوا دعوتك ويتبعوا أمرك. [فَقَالَ: إني أخاف عليهم أهل نجد] . فَقَالَ:
أَنَا لهم جار إن يعرض لهم أحد. فبعث معه رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبعين رجلا مِن الأنصار شببة يسمون القراء وأمر عليهم المنذر بْن عَمْرو الساعدي. فلما نزلوا ببئر معونة. وهو ماء مِن مياه بني سليم وهو بين أرض بني عامر وأرض بني سليم. كلا البلدين يعد منه وهو بناحية المعدن. نزلوا عليها وعسكروا بها وسرحوا ظهرهم وقدموا حرام بْن ملحان بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عامر بْن الطفيل فوثب عَلَى حرام فقتله واستصرخ عليهم بني عامر فأبوا وقالوا: لا يخفر جوار أَبِي براء. فاستصرخ عليهم قبائل مِن سليم عصية ورعلا وذكوان فنفروا معه ورأسوه. واستبطأ المسلمون حراما فأقبلوا فِي أثره فلقيهم القوم فأحاطوا بهم فكاثروهم فتقاتلوا فقتل أصحاب رسول الله.
ص. وفيهم سليم بْن ملحان والحكم بْن كيسان فِي سبعين رجلا. فلما أحيط بهم قَالُوا: اللهم إنا لا نجد مِن يبلغ رسولك منا السلام غيرك فأقرئه منا السلام. فأخبره [جبرائيل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك فَقَالَ: وعليهم السلام] . وبقي المنذر بْن عَمْرو فقالوا إن شئت آمناك. فأبى وأتى مصرع حرام فقاتلهم حتى قتل [فقال رسول الله. ص: أعنق ليموت] . يعني أَنَّهُ تقدم عَلَى الموت وهو يعرفه. وكان معهم عَمْرو بْن أُميّة الضمري فقتلوا جميعا غيره. فَقَالَ عامر بْن الطفيل: قَدْ كَانَ عَلَى أُمِّي نَسَمَةٌ فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْهَا.
وجز ناصيته. وفقد عَمْرو بْن أُميّة عامر بْن فهيرة مِن بين القتلى فسأل عَنْهُ عامر بْن الطفيل فَقَالَ: قتله رَجُل مِن بني كلاب يقال لَهُ جبار بْن سلمى. لما طعنه قَالَ: فزت والله! ورفع إلى السماء علوا. فأسلم جبار بْن سلمى لما رَأَى مِن قتل عامر بْن فهيرة ورفعه [وقال رسول الله. ص: إن الملائكة وارت جثته وأنزل عليين.] وَجَاءَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خبر أهل بئر معونة. وجاءه تلك الليلة أيضا مصاب خبيب بن عدي ومرثد ابن أَبِي مرثد وبعث مُحَمَّد بْن مسلمة [فَقَالَ رسول الله. ص: هذا عمل أَبِي براء. قد كنت لهذا كارها] . وَدَعَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى قتلتهم بعد الركعة مِن الصبح فَقَالَ:
[اللهم اشدد وطأتك عَلَى مضر! اللهم سنين كسني يوسف! اللهم عليك ببني لحيان وعضل والقارة وزغب ورعل وذكوان وعصية فإنهم عصوا اللَّه ورسوله. ولم يجد](2/40)
رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى قتلى ما وجد عَلَى قتلى بئر معونة. وأنزل اللَّه فيهم قرآنا حتى نسخ بعد: بلغوا قومنا عنا أَنَا لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عَنْهُ. [وقال رسول الله.
ص: اللهم اهد بني عامر واطلب خفرتي مِن عامر بْن الطفيل وأقبل] عَمْرو بْن أُميّة سار أربعا عَلَى رجليه. فلما كَانَ بصدور قناة لقي رجلين مِن بني كلاب قد كَانَ لَهُمَا مِن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمان فقتلهما وهو لا يعلم ذَلِكَ ثُمَّ قَدِمَ عَلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فأخبره بمقتل أصحاب بئر معونة. [فقال رسول الله. ص: أبت من بينهم. وأخبر النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقتل العامريين فَقَالَ: بئس ما صنعت! قد كَانَ لهما مني أمان وجوار.
لأدينهما. فبعث بديتهما إلى قومهما] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رِعْلا وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لِحْيَانَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتَمَدُّوهُ عَلَى قَوْمِهِمْ فَأَمَدَّهُمْ سبعين رجلا من الأنصار. وكانوا يدعون فينا القراء. كانوا يحطبون بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ. فَلَمَّا بَلَغُوا بِئْرَ مَعُونَةَ غَدَرُوا بِهِمْ فَقَتَلُوهُمْ. فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَنَتَ شَهْرًا فِي صَلاةِ الصُّبْحِ يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لِحْيَانَ. قَالَ: فَقَرَأْنَا بِهِمْ قُرْآنًا زَمَانًا ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ رُفِعَ أَوْ نُسِيَ: بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا أَنَا لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ. أَخْبَرَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ. حَدَّثَنِي مَكْحُولٌ قَالَ: قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَبَا حَمْزَةَ الْقُرَّاءُ قَالَ: وَيْحَكَ قُتِلُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا قَوْمًا يَسْتَعْذِبُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ويحطبون حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْلُ قَامُوا إِلَى السَّوَارِي لِلصَّلاةَ.
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَرِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ الْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرٍو السَّاعِدِيَّ قُتِلَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ. وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: أَعْنَقَ لَيَمُوتَ. وَكَانَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ اسْتَنْصَرَ لَهُمْ بَنِي سُلَيْمٍ فَنَفَرُوا مَعَهُ فقتلوهم غير عمرو ابن أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ. أَخَذَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ فَأَرْسَلَهُ. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -
[قال له رسول الله. ص: أُبْتَ مِنْ بَيْنِهِمْ] . وَكَانَ مِنْ أُولَئِكَ الرَّهْطِ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَزَعَمَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ فَلَمْ يُوجَدْ جَسَدُهُ حِينَ دُفِنُوا. قَالَ عُرْوَةُ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْمَلائِكَةَ هِيَ دَفَنَتْهُ.(2/41)
أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أُنْزِلَ فِي الَّذِينَ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنٌ حَتَّى نُسِخَ بَعْدُ: بَلِّغُوا قَوْمَنَا أَنَا قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْهُ. وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ ثَلاثِينَ غَدَاةً. يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَاصِمٍ قال: سمعت أنس ابن مَالِكٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَدَ عَلَى أَحَدٍ مَا وَجَدَ عَلَى أَصْحَابِ بِئْرِ مَعُونَةَ.
سَرِيَّةُ مَرْثَدِ بن أبي مرثد «1»
ثم سرية مرثد بْن أَبِي مرثد الغنوي إلى الرجيع فِي صَفَرٍ عَلَى رَأْسِ سِتَّةٍ وَثَلاثِينَ شَهْرًا من مهاجر رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ الأَوْدِيُّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ ابن قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ الظَّفَرِيِّ. وَأَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى الأَشْجَعِيُّ. أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ الْعَلاءِ بْنِ جَارِيَةَ. وَكَانَ مِنْ جُلَسَاءِ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَهْطٌ مِنْ عَضَلٍ وَالْقَارَةِ وَهُمْ إِلَى الْهُونِ بْنِ خُزَيْمَةَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فِينَا إِسْلامًا فَابْعَثْ مَعَنَا نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِكَ يُفَقِّهُونَا وَيُقْرِئُونَا الْقُرْآنَ وَيُعَلِّمُونَا شَرَائِعَ الإِسْلامِ. فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُمْ عَشَرَةَ رَهْطٍ:
عَاصِمَ بْنَ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأَقْلَحِ وَمَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ طَارِقٍ وَخُبَيْبَ بْنَ عَدِيٍّ وَزَيْدَ بْنَ الدِّثِنَّةِ وَخَالِدَ بْنَ أَبِي الْبُكَيْرِ وَمُعَتِّبَ بْنَ عُبَيْدٍ. وَهُوَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَارِقٍ لأُمِّهِ وَهُمَا مِنْ بَلِيٍّ حَلِيفَانِ فِي بَنِي ظَفَرٍ. وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ. وَقَالَ قَائِلٌ: مَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ. فَخَرَجُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا عَلَى الرَّجِيعِ. وهو ماء الهذيل بِصُدُورِ الْهَدَةِ. وَالْهَدَةُ عَلَى سَبْعَةِ أَمْيَالٍ مِنْهَا. وَالْهَدَةُ عَلَى سَبْعَةِ أَمْيَالٍ مِنْ عُسْفَانَ. فَغَدَرُوا بِالْقَوْمِ وَاسْتَصْرَخُوا عَلَيْهِمْ هُذَيْلا. فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ بَنُو لِحْيَانَ فَلَمْ يُرَعِ الْقَوْمَ إِلا الرِّجَالُ بِأَيْدِيهِمُ السُّيُوفُ قَدْ غَشَوْهُمْ. فَأَخَذَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُيُوفَهُمْ فَقَالُوا لَهُمْ: أنا والله ما نريد
__________
(1) وهي غزوة الرجيع. تاريخ الطبري (2/ 538) ، وسيرة ابن هشام (2/ 167) ، والأغاني (4/ 225) ، والمغازي (354- 363) .(2/42)
قِتَالَكُمْ إِنَّمَا نُرِيدُ أَنْ نُصِيبَ بِكُمْ ثَمَنًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ أَلا نَقْتُلَكُمْ.
فَأَمَّا عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ وَمَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ وَخَالِدُ بْنُ أَبِي الْبُكَيْرِ وَمُعَتِّبُ بْنُ عُبَيْدٍ فَقَالُوا:
وَاللَّهِ لا نَقْبَلُ مِنْ مُشْرِكٍ عَهْدًا وَلا عَقْدًا أَبَدًا. فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى قُتِلُوا. وَأَمَّا زَيْدُ بْنُ الدَّثِنَّةِ وَخُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَارِقٍ فَاسْتَأْسَرُوا وَأَعْطَوْا بِأَيْدِيهِمْ. وَأَرَادُوا رَأْسَ عَاصِمٍ لِيَبِيعُوهُ مِنْ سُلافَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ شَهِيدٍ. وَكَانَتْ نَذَرَتْ لَتَشْرَبَنَّ فِي قِحْفِ عَاصِمٍ الْخَمْرَ. وَكَانَ قَتَلَ ابْنَيْهَا مُسَافِعًا وَجُلاسًا يَوْمَ أُحُدٍ. فَحَمَتْهُ الدَّبْرُ فَقَالُوا: أَمْهِلُوهُ حَتَّى تُمْسِيَ. فَإِنَّهَا لَوْ قَدْ أَمْسَتْ ذَهَبَتْ عَنْهُ. فَبَعَثَ اللَّهُ الْوَادِيَ فَاحْتَمَلَهُ وَخَرَجُوا بِالنَّفَرِ الثَّلاثَةِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ انْتَزَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَارِقٍ يَدَهُ مِنَ الْقِرَانِ وَأَخَذَ سَيْفَهُ وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُ الْقَوْمُ فَرَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى قَتَلُوهُ. فَقَبْرُهُ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ. وَقَدِمُوا بِخُبَيْبٍ وَزَيْدٍ مَكَّةَ.
فَأَمَّا زَيْدٌ فَابْتَاعَهُ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ فَقَتَلَهُ بِأَبِيهِ. وَابْتَاعَ حُجَيْرُ بْنُ أَبِي إِهَابٍ خُبَيْبَ بْنَ عَدِيٍّ لابْنِ أُخْتِهِ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ لِيَقْتُلَهُ بِأَبِيهِ فَحَبَسُوهُمَا حَتَّى خَرَجَتِ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ ثُمَّ أَخْرَجُوهُمَا إِلَى التَّنْعِيمِ فَقَتَلُوهُمَا. وَكَانَا صَلَّيَا ركعتين رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلا. فَخُبَيْبٌ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ. حَدَّثَنِي عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ مَوْلَى الْحَارِثِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ مَوْهَبٌ قَالَ لِي خُبَيْبٌ وَكَانُوا جَعَلُوهُ عِنْدِي: يَا مَوْهَبُ أَطْلُبُ إِلَيْكَ ثَلاثًا: أَنْ تَسْقِيَنِي الْعَذْبَ وَأَنْ تُجَنِّبَنِي مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تُؤْذِنِّي إِذَا أَرَادُوا قَتْلِي.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ: أَنَّ نَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ فِيهِمْ أَبُو سُفْيَانَ حَضَرُوا قَتْلَ زَيْدٍ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: يَا زَيْدُ أُنْشِدُكَ اللَّهَ.
أَتُحِبُّ أَنَّكَ الآنَ فِي أَهْلِكَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عِنْدَنَا مَكَانَكَ نَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ مَا أَحَبُّ أَنَّ مُحَمَّدًا يُشَاكُ فِي مَكَانِهِ بِشَوْكَةٍ تُؤْذِيهِ وَأَنِّي جَالِسٌ فِي أَهْلِي. قَالَ: يَقُولُ أَبُو سُفْيَانَ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِنَ قَوْمٍ قَطُّ أَشَدَّ حُبًّا لِصَاحِبِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ لَهُ.
غزوة رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنِي النَّضِيرِ «1»
ثُمَّ غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنِي النضير فِي شهر ربيع الأول سنة أربع على رأس
__________
(1) تاريخ الطبري (2/ 542) ، وسيرة ابن هشام (2/ 174) ، والمغازي (363- 383) ، ووفاء الوفا (2/ 279) .(2/43)
سبعة وثلاثين شهرا مِن مهاجره. وكانت منازل بني النضير بناحية الغرس وما والاها مقبرة بني خطمة اليوم فكانوا حلفاء لبني عامر.
قَالُوا: خَرَجَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم السبت فصلى فِي مسجد قباء ومعه نفر مِن أصحابه مِن المهاجرين والأنصار ثُمَّ أتى بني النضير فكلمهم أن يعينوه فِي دية الكلابيين اللذين قتلهما عَمْرو بْن أُميّة الضمري فقالوا: نفعل يا أَبَا القاسم ما أحببت.
وخلا بعضهم ببعض وهموا بالغدر بِهِ. وَقَالَ عَمْرو بْن جحاش بْن كعب بْن بسيل النضري: أَنَا أظهر عَلَى البيت فأطرح عَلَيْهِ صخرة. فَقَالَ سلام بْن مشكم: لا تفعلوا والله ليخبرن بما هممتم بِهِ وإنه لنقض العهد الَّذِي بيننا وبينه. وَجَاءَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
الخبر بما هموا فنهض سريعا كأنه يريد حاجة. فتوجه إلى المدينة ولحقه أصحابه فقالوا: أقمت ولم نشعر؟ قَالَ: [همت يهود بالغدر فأخبرني اللَّه بذلك فقمت] . وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - محمد بْن مسلمة أن اخرجوا مِن بلدي فلا تساكنوني بها وقد هممتم بما هممتم بِهِ مِن الغدر وقد أجلتكم عشرا. فمن رئي بعد ذَلِكَ ضربت عنقه. فمكثوا عَلَى ذَلِكَ أياما يتجهزون وأرسلوا إلى ظهر لهم بذي الجدر وتكاروا مِن ناس مِن أشجع إبلا. فأرسل إليهم ابن أَبِي: لا تخرجوا مِن دياركم وأقيموا فِي حصنكم فإن معي ألفين مِن قومي وغيرهم مِن العرب يدخلون معكم حصنكم فيموتون عَن آخرهم وتمدكم قريظة وحلفاؤكم مِن غطفان. فطمع حيي فيما قَالَ ابن أبي فأرسل إلى رسول الله. ص: إنا لا نخرج مِن ديارنا فاصنع ما بدا لك. فأظهر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التكبير وكبر المسلمون لتكبيره وَقَالَ: حاربت يهود. فصار إليهم النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أصحابه فصلى العصر بفضاء بني النضير وعلي. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. يحمل رايته. واستخلف عَلَى المدينة ابن أم مكتوم. فلما رأوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قاموا عَلَى حصونهم معهم النبل والحجارة واعتزلتهم قريظة فلم تعنهم. وخذلهم ابن أَبِي وحلفاؤهم مِن غطفان فأيسوا مِن نصرهم. فحاصرهم رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقطع نخلهم فقالوا: نَحْنُ نخرج عَن بلادك. [فَقَالَ: لا أقبله اليوم ولكن اخرجوا منها ولكم دماؤكم وما حملت الإبل إلا الحلقة] . فنزلت يهود عَلَى ذَلِكَ. وكان حاصرهم خمسة عشر يوما. فكانوا يخربون بيوتهم بأيديهم. ثُمَّ أجلاهم عَن المدينة وولى إخراجهم مُحَمَّد بْن مسلمة.
وحملوا النساء والصبيان وتحملوا عَلَى ستمائة بعير. [فَقَالَ رَسُول اللَّهِ. ص: هَؤُلَاءِ فِي قومهم بمنزلة بني المغيرة فِي قريش] . فلحقوا بخيبر وحزن المنافقون عليهم حزنا(2/44)
شديدا. وقبض رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - الأموال والحلقة فوجد مِن الحلقة خمسين درعا وخمسين بيضة وثلاثمائة سيف وأربعين سيفا. وكانت بنو النضير صفيا لرسول الله.
ص. خالصة لَهُ حبسا لنوائبه ولم يخمسها ولم يسهم منها لأحد. وقد أعطى ناسا مِن أصحابه ووسع فِي النّاس منها. فكان ممن أعطي ممن سمي لنا مِن المهاجرين أَبُو بَكْر الصديق بئر حجر وعمر بْن الْخَطَّاب بئر جرم وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عوف سوالة وصهيب بن سنان الضراطة والزبير بْن الْعَوّام وأبو سلمة بْن عَبْد الأسد البويلة وسهل ابن حنيف وأبو دجانة مالا يقال لَهُ مال ابن خرشة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْمَكِّيُّ وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ ابن سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّقَ نَخْلَ النَّضِيرِ. وَهِيَ الْبُوَيْرَةُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها الحشر: 5.
أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ. أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ: [أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَجْلَى بَنِي النَّضِيرِ قَالَ: امْضُوا فَإِنَّ هَذَا أَوَّلَ الْحَشْرِ وَأَنَا عَلَى الأَثَرِ] .
غَزْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَدْرَ الْمَوْعِدِ «1»
ثُمَّ غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدر الموعد وهي غير بدر القتال وكانت لهلال ذي القعدة عَلَى رأس خمسة وأربعين شهرا مِن مهاجره.
قَالُوا: لما أراد أَبُو سُفْيَان بْن حرب أن ينصرف يوم أحد نادى: الموعد بيننا وبينكم بدر الصفراء راس الحول نلتقي بها فنقتتل. [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعمر ابن الْخَطَّاب: قل نعم إن شاء اللَّه] . فافترق النّاس عَلَى ذلك ثُمَّ رجعت قريش فخبروا من قبلهم وتهيأوا للخروج. فلما دنا الموعد كره أَبُو سُفْيَان الخروج وقدم نعيم بْن مَسْعُود الأشجعي مكّة فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَان: إني قد واعدت محمدا وأصحابه أن نلتقي ببدر. وقد جاء ذلك الوقت. وهذا عام جدب وإنما يصلحنا عام خصب غيداق وأكره أن يخرج مُحَمَّد ولا أخرج فيجترئ علينا فنجعل لك عشرين فريضة يضمنها لك سهيل بْن عَمْرو عَلَى أن تقدم المدينة فتخذل أصحاب محمد. قال: نعم. ففعلوا
__________
(1) المغازي للواقدي (384- 391) ، وتاريخ الطبري (2/ 559) .(2/45)
وحملوه عَلَى بعير فأسرع السير فقدم المدينة فأخبرهم بجمع أَبِي سُفْيَان لهم وما معه من العدة والسلاح. [فقال رسول الله. ص: والذي نفسي بيده لأخرجن وإن لم يخرج معي أحد!] فنصر اللَّه المسلمين وأذهب عَنْهُمُ الرعب. فاستخلف رسول الله.
ص. عَلَى المدينة عَبْد اللَّه بْن رواحة وحمل لواءه عَلِيّ بْن أَبِي طالب وسار فِي المسلمين. وهم ألف وخمسمائة. وكانت الخيل عشرة أفراس. وخرجوا ببضائع لهم وتجارات. وكانت بدر الصفراء مجتمعا يجتمع فِيهِ العرب وسوقا تقوم لهلال ذي القعدة وقامت السوق صبيحة الهلال فأقاموا بها ثمانية أيام وباعوا ما خرجوا بِهِ مِن التجارات فربحوا للدرهم درهما وانصرفوا. وقد سَمِعَ النّاس بسيرهم. وخرج أَبُو سُفْيَان بْن حرب مِن مكّة فِي قريش وهم ألفان ومعهم خمسون فرسا حتى انتهوا إلى مجنة. وهي مر الظهران. ثُمَّ قَالَ: ارجعوا فإنه لا يصلحنا إلا عام خصب غيداق نرعى فِيهِ الشجر ونشرب فِيهِ اللبن. وإن عامكم هذا عام جدب فإني راجع فارجعوا.
فسمى أهل مكّة ذَلِكَ الجيش جيش السويق. يقولون: خرجوا يشربون السويق. وقدم معبد بْن أَبِي معبد الخزاعي مكّة بخبر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وموافاته بدرا فِي أصحابه فَقَالَ صفوان بْن أُميّة لأبي سُفْيَان: قد نهيتك يومئذ أن تعد القوم وقد اجترءوا علينا ورأوا أن قد أخلفناهم ثُمَّ أخذوا فِي الكيد والنفقة والتهيؤ لغزوة الخندق.
أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ. قَالَ هَذَا أَبُو سُفْيَانَ. قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: يَا مُحَمَّدُ مَوْعِدَكُمْ بَدْرٌ حَيْثُ قَتَلْتُمْ أَصْحَابَنَا! فقال محمد. ص: عَسَى! فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَوْعِدِهِ حَتَّى نَزَلُوا بَدْرًا فَوَافَقُوا السُّوقَ. فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ» آل عمران: 174. وَالْفَضْلُ مَا أَصَابُوا مِنَ التِّجَارَةِ. وَهِيَ غَزْوَةُ بدر الصغرى.
غزوة رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ الرِّقَاعِ «1»
ثُمَّ غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ الرقاع في المحرم على رأس سبعة وأربعين
__________
(1) تاريخ الطبري (2/ 555) ، وسيرة ابن هشام (2/ 182) ، ومغازي الواقدي (935- 402) ، ووفاء الوفا (2/ 219) .(2/46)
شهرا مِن مهاجره. قَالُوا: قدم قادم المدينة بجلب لَهُ فأخبر أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أن أنمارا وثعلبة قد جمعوا لهم الجموع. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاستخلف عَلَى المدينة عثمان بْن عفان وخرج ليلة السبت لعشر خلون مِن المحرَّم فِي أربعمائة مِن أصحابه. ويقال سبعمائة. فمضى حتى أتى محالهم بذات الرقاع. وهو جبل فيه بقع حمرة وسواد وبياض قريب مِن النخيل بين السعد والشقرة. فلم يجد فِي محالهم أحدا إلا نسوة فأخذهن وفيهن جارية وضيئة. وهربت الأعراب إلى رؤوس الجبال. وحضرت الصلاة فخاف المسلمون أن يغيروا عليهم فَصَلَّى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاة الخوف فكان ذَلِكَ أول ما صلاها. وانصرف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - راجعا إلى المدينة فابتاع مِن جَابِر بْن عَبْد اللَّه فِي سفره ذَلِكَ جمله بأوقية وشرط لَهُ ظهره إلى المدينة وسأله عَن دين أَبِيهِ وأخبره بِهِ.
فاستغفر لَهُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تلك الليلة خمسا وعشرين مرة وبعث رَسُول اللَّهِ.
ص. جعال بْن سراقة بشيرا إلى المدينة بسلامته وسلامة المسلمين. وقدم صرارا يوم الأحد لخمس ليال بقين مِن المحرَّم. وصرار عَلَى ثلاثة أميال مِن المدينة. وهي بئر جاهلية عَلَى طريق العراق. وغاب خمس عشرة ليلة.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى إِذَا كُنَّا بِذَاتِ الرِّقَاعِ كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَسَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُعَلَّقٌ بشجرة فأخذه فاخترطه وقال لرسول الله. ص: أَتَخَافُنِي؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: اللَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْكَ! قَالَ: فَتَهَدَّدَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَغْمَدَ السَّيْفَ وَعَلَّقَهُ. قَالَ: فَنُودِيَ بِالصَّلاةِ. قَالَ: فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَأَخَّرُوا. وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الأُخْرَى ركعتين فَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ.
غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دومة الجندل «1»
ثُمَّ غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دومة الجندل فِي شهر ربيع الأول عَلَى رأس تسعة وأربعين شهرا مِن مهاجره. قَالُوا: بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن بدومة الجندل جمعا كثيرا
__________
(1) تاريخ الطبري (2/ 564) ، ومغازي الواقدي (402- 404) .(2/47)
وأنهم يظلمون مِن مر بهم مِن الضافطة وأنهم يريدون أن يدنوا مِن المدينة. وهي طرف مِن أفواه الشأم بينها وبين دمشق خمس ليال. وبينها وبين المدينة خمس عشرة أو ست عشرة ليلة. فندب رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ واستخلف عَلَى المدينة سباع بْن عرفطة الغفاري وخرج لخمس ليال بقين مِن شهر ربيع الأول فِي ألف مِن المسلمين فكان يسير الليل ويكمن النهار. ومعه دليل لَهُ مِن بني عذرة يقال لَهُ مذكور. فلما دنا منهم إذا هُم مغربون. وإذا آثار النعم والشاء فهجم على ماشيتهم ورعاتهم فأصاب مِن أصاب وهرب مِن هرب فِي كل وجه. وجاء الخبر أهل دومة فتفرقوا ونزل رسول الله.
ص. بساحتهم فلم يجد بها أحدا فأقام بها أياما وبث السرايا وفرقها فرجعت ولم تصب منهم أحدا. وأخذ منهم رَجُل فَسَأَلَهُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُمْ فَقَالَ: هربوا حيث سمعوا أنك أخذت نعمهم. فعرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام فأسلم وَرَجَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
إلى المدينة ولم يلق كيدا لعشر ليال بقين مِن شهر ربيع الآخر. وفي هذا الغزاة وادع رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُيَيْنَةَ بن حصن أن يرعى بتغلمين وما والاه إلى المراض. وكان ما هناك قد أخصب وبلاد عيينة قد أجدبت. وتغلمين مِن المراض عَلَى ميلين. والمراض عَلَى ستة وثلاثين ميلا مِن المدينة عَلَى طريق الربذة.
غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المريسيع «1»
ثُمَّ غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المريسيع فِي شعبان سنة خمس من مهاجره.
قالوا: إن بلمصطلق مِن خزاعة. وهم مِن حلفاء بني مدلج وكانوا ينزلون عَلَى بئر لهم يقال لها المريسيع. بينها وبين الفرع نحو مِن يوم. وبين الفرع والمدينة ثمانية برد. وكان رأسهم وسيدهم الحارث بْن أَبِي ضرار فسار فِي قومه ومن قدر عَلَيْهِ مِن العرب فدعاهم إلى حرب رسول الله ص. فأجابوه وتهيأوا للمسير معه إليه. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فبعث بريدة بْن الحصيب الأسلمي يعلم علم ذَلِكَ. فأتاهم ولقي الحارث بْن أَبِي ضرار وكلمه ورجع إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبره خبرهم فندب رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ إليهم فأسرعوا الخروج وقادوا الخيول وهي ثلاثون فرسا فِي المهاجرين منها عشرة. وفي الأنصار عشرون. وخرج معه بشر كثير مِن المنافقين لم
__________
(1) المغازي للواقدي (404) ، ووفاء الوفا (2/ 372) .(2/48)
يخرجوا في غزاة قط مثلها. واستخلف عَلَى المدينة زيد بْن حارثة وكان معه فرسان لزاز والظرب وخرج يوم الاثنين لليلتين خلتا من شعبان. وبلغ الحارث بْن أَبِي ضرار ومن معه مسير رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ قد قتل عينه الَّذِي كَانَ وجهه ليأتيه بخبر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسيء بذلك الحارث ومن معه وخافوا خوفا شديدا وتفرق عَنْهُمْ مِن كَانَ معهم مِن العرب. وانتهى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المريسيع وهو الماء فاضطرب عَلَيْهِ قبته. ومعه عَائِشَة وأم سلمة. فتهيئوا للقتال وَصَفَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصحابه ودفع راية المهاجرين إلى أَبِي بَكْر الصديق. وراية الأنصار إلى سعد بْن عبادة. فرموا بالنبل ساعة ثُمَّ أَمَرَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصحابه فحملوا حملة رَجُل واحد. فما أفلت منهم إنسان وقتل عشرة منهم وأسر سائرهم وسبى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرجال والنساء والذرية والنعم والشاء ولم يقتل مِن المسلمين إلا رَجُل واحد. وكان ابن عُمَر يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أغار عليهم وهم غارون ونعمهم تسقى عَلَى الماء فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم. والأول أثبت. وأمر بالأسارى فكتفوا واستعمل عليهم بريدة بْن الحصيب وأمر بالغنائم فجمعت واستعمل عليها شقران مولاه. وجمع الذرية ناحية واستعمل عَلَى مقسم الخمس وسهمان المسلمين محمية بْن جزء. واقتسم السبي وفرق وصار فِي أيدي الرجال. وقسم النعم والشاء فعدلت الجزور بعشر مِن الغنم وبيعت الرثة فِي مِن يزيد. وأسهم للفرس سهمان ولصاحبه سهم وللراجل سهم. وكانت الإبل ألفي بعير والشاء خمسة آلاف شاة. وكان السبي مائتي أهل بيت وصارت جُوَيْرِيَةُ بِنْت الْحَارِثِ بْن أَبِي ضِرَارٍ فِي سهم ثابت بْن قيس بْن شماس وابن عم لَهُ فكاتباها عَلَى تسع أواقي ذهب فسألت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كتابتها وأداها عَنْهَا وتزوجها. وكانت جارية حلوة. ويقال: جعل صداقها عتق كل أسير مِن بني المصطلق. ويقال: جعل صداقها عتق أربعين مِن قومها. وكان السبي منهم مَنْ مَنَّ عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بغير فداء. ومنهم مِن افتدي فافتديت المرأة والذرية بست فرائض. وقدموا المدينة ببعض السبي فقدم عليهم أهلوهم فافتدوهم فلم تبق امْرَأَة مِن بني المصطلق إلا رجعت إلى قومها. وهو الثبت عندنا. وتنازع سنان بْن وبر الجهني حليف بني سالم مِن الأنصار وجهجاه بْن سَعِيد الغفاري عَلَى الماء فضرب جهجاه سنانا بيده فنادى سنان: يا للأنصار! ونادى جهجاه: يا لقريش! يا لكنانة! فأقبلت قريش سراعا وأقبلت الأوس والخزرج وشهروا السلاح. فتكلم فِي ذَلِكَ ناس مِن المهاجرين والأنصار حتى ترك(2/49)
سنان حقه وعفا عَنْهُ واصطلحوا. فَقَالَ عَبْد اللَّه بْن أَبِي: لئن رجعنا إِلَى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. ثُمَّ أقبل عَلَى مِن حضر مِن قومه فَقَالَ: هذا ما فعلتم بأنفسكم. وسمع ذَلِكَ زيد بْن أرقم فأبلغ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قوله فأمر بالرحيل وخرج مِن ساعته وتبعه النّاس. فقدم عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي النّاس حتى وقف لأبيه عَلَى الطريق. فلما رآه أناخ بِهِ وَقَالَ: لا أفارقك حتى تزعم أنك الذليل وَمُحَمَّد العزيز. فمر بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فَقَالَ: دعه فلعمري لنحسنن صحبته ما دام بين أظهرنا!] وفي هذه الغزاة سقط عقد لعائشة فاحتبسوا عَلَى طلبه. فنزلت آية التيمم فَقَالَ أسيد بْن الحضير: ما هِيَ بأول بركتكم يا آل أَبِي بَكْر. وفي هذه الغزاة كَانَ حديث عَائِشَة وقول أهل الإفك فيها. قال: وأنزل اللَّه. تبارك وتعالى. براءتها. وغاب رَسُول الله.
ص. فِي غزاته هذه ثمانية وعشرين يوما وقدم المدينة لهلال شهر رمضان.
غَزْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْخَنْدَقَ وَهِيَ غَزْوَةُ الأَحْزَابِ»
ثُمَّ غزوة رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - الخندق. وهي غزوة الأحزاب فِي ذي القعدة سنة خمس مِن مهاجره.
قَالُوا: لما أجلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنِي النضير ساروا إلى خيبر. فخرج نفر مِن أشرافهم ووجوههم إلى مكّة فألبوا قريشا ودعوهم إلى الخروج إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وعاهدوهم وجامعوهم عَلَى قتاله ووعدوهم لذلك موعدا. ثُمَّ خرجوا مِن عندهم فأتوا غطفان وسُليمًا ففارقوهم عَلَى مثل ذَلِكَ. وتجهزت قريش وجمعوا أحابيشهم ومن تبعهم مِن العرب فكانوا أربعة آلاف. وعقدوا اللواء فِي دار الندوة وحمله عثمان بْن طلحة بْن أَبِي طلحة. وقادوا معهم ثلاثمائة فرس. وكان معهم ألف وخمسمائة بعير.
وخرجوا يقودهم أَبُو سُفْيَان بْن حرب بْن أُميّة ووافتهم بنو سليم بمر الظهران. وهم سبعمائة يقودهم سفيان بن عبد شمس حليف حرب بْن أُميّة. وهو أَبُو أَبِي الأعور السُّلمَي الَّذِي كَانَ مَعَ معاوية بصفين. وخرجت معهم بنو أسد يقودهم طلحة بن
__________
(1) تاريخ الطبري (2/ 564) ، وسيرة ابن هشام (2/ 187) ، والمغازي للواقدي (440- 480) ، ووفاء الوفا (2/ 324) .(2/50)
خويلد الأَسَديّ. وخرجت فزارة فأوعبت. وهم ألف بعير يقودهم عيينة بْن حصن.
وخرجت أشجع وهم أربعمائة يقودهم مَسْعُود بْن رخيلة. وخرجت بنو مرة وهم أربعمائة يقودهم الحارث بْن عوف. وخرج معهم غيرهم. وقد روى الزُّهْرِيّ أن الحارث بْن عوف رجع ببني مرة فلم يشهد الخندق منهم أحد. وكذلك روت بنو مرة. والأول أثبت أنهم قد شهدوا الخندق مَعَ الحارث بْن عوف. وهجاه حسان بْن ثابت فكان جميع القوم الّذين وافوا الخندق ممن ذكر مِن القبائل عشرة آلاف. وهم الأحزاب. وكانوا ثلاثة عساكر وعناج الأمر إلى أَبِي سُفْيَان بْن حرب. فَلَمَّا بَلَغَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فصولهم مِن مكّة ندب النّاس وأخبرهم خبر عدوهم وشاورهم فِي أمرهم.
فأشار عَلَيْهِ سلمان الفارسي بالخندق. فأعجب ذَلِكَ المسلمين وعسكر بِهِمْ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى سفح سلع وجعل سلعا خلف ظهره. وكان المسلمون يومئذ ثلاثة آلاف. واستخلف عَلَى المدينة عَبْد اللَّه ابن أم مكتوم ثُمَّ خندق عَلَى المدينة. وجعل المسلمون يعملون مستعجلين يبادرون قدوم عدوهم عليهم وعمل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
معهم بيده لينشط المسلمين. ووكل بكل جانب منه قوما فكان المهاجرون يحفرون مِن ناحية راتج إلى ذباب. وكانت الأنصار يحفرون مِن ذباب إلى جبل بني عُبَيْد. وكان.
سائر المدينة مشبكا بالبنيان فهي كالحصن. وخندقت بنو عَبْد الأشهل عليها مما يلي راتج إلى خلفها حتى جاء الخندق مِن وراء المسجد. وخندقت بنو دينار مِن عند جربا إلى موضع دار ابن أَبِي الجنوب اليوم. وفرغوا مِن حفره فِي ستة أيام ورفع المسلمون النساء والصبيان فِي الآطام. وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الاثنين لثماني ليال مضين مِن ذي القعدة. وكان يحمل لواءه لواء المهاجرين زيد بْن حارثة. وكان يحمل لواء الأنصار سعد بْن عبادة. ودس أَبُو سُفْيَان بْن حرب حيي بْن أخطب إلى بني قريظة يسألهم أن ينقضوا العهد الذي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويكونوا معهم عليه.
فامتنعوا مِن ذَلِكَ ثُمَّ أجابوا إِلَيْهِ. [وبلغ ذَلِكَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: حسبنا اللَّه ونعم الوكيل!] قَالَ: ونجم النفاق وفشل النّاس وعظم البلاء واشتد الخوف وخيف عَلَى الذراري والنساء. وكانوا كما قَالَ اللَّه. تبارك وتعالى: «إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ» الأحزاب: 10. ورسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والمسلمون وجاه العدو لا يزولون غير أنهم يعتقبون خندقهم ويحرسونه.
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يبعث سلمة بْن أسلم فِي مائتي رَجُل وزيد بْن حارثة فِي(2/51)
ثلاثمائة رَجُل يحرسون المدينة ويظهرون التكبير. وذلك أَنَّهُ كَانَ يخاف عَلَى الذراري مِن بني قريظة. وكان عباد بْن بشر عَلَى حرس قبة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ غيره مِن الأنصار يحرسونه كل ليلة. فكان المشركون يتناوبون بينهم فيغدو أَبُو سُفْيَان بْن حرب فِي أصحابه يوما ويغدو خالد بْن الوليد يوما ويغدو عَمْرو بْن العاص يوما ويغدو هبيرة بْن أَبِي وهب يوما ويغدو ضرار بْن الْخَطَّاب الْفِهْريّ يوما. فلا يزالون يجيلون خيلهم ويتفرقون مرة ويجتمعون أخرى ويناوشون أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ويقدمون رماتهم فيرمون. فرمى حبان بن العرقة سعد بْن معاذ بسهم فأصاب أكحله فَقَالَ: خذها وأنا ابن العرقة! [فقال رسول الله. ص: عرق اللَّه وجهك فِي النار!] ويقال: الَّذِي رماه أبو أسامة الجشمي. ثم أجمع رؤساؤهم أن يغدوا يوما فغدوا جميعا ومعهم رؤساء سائر الأحزاب وطلبوا مضيقا من الخندق يقحمون منه خيلهم إلى النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه فلم يجدوا ذَلِكَ وقالوا: إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تصنعها. فقيل لهم: إن معه رجلا فارسيا أشار عليه بذلك. قالوا: فمن هناك إذا! فصاروا إلى مكان ضيق أغفله المسلمون فعبر عكرمة بْن أَبِي جهل ونوفل بْن عَبْد اللَّه وضرار بْن الْخَطَّاب وهبيرة بْن أَبِي وهب وعمرو بْن عَبْد ود. فجعل عَمْرو بْن عَبْد ود يدعو إلى البراز ويقول:
ولقد بححت مِن النداء ... لجمعهم: هَل مِن مبارز؟
وهو ابن تسعين سنة. فَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طالب: أَنَا أبارزه يا رَسُول اللَّهِ. فَأَعْطَاهُ [رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سيفه وعممه وَقَالَ: اللهم أعنه عَلَيْهِ. ثُمَّ] برز لَهُ ودنا أحدهما مِن صاحبه وثارت بينهما غبرة وضربه عَلِيّ فقتله وكبر. فعلمنا أَنَّهُ قد قتله وولى أصحابه هاربين وظفرت بهم خيولهم. وحمل الزبير بْن الْعَوّام عَلَى نوفل بْن عَبْد اللَّه بالسيف فضربه فشقه باثنين. ثُمَّ اتعدوا أن يغدوا مِن الغد فباتوا يعبئون أصحابهم وفرقوا كتائبهم ونحوا إلى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كتيبة غليظة فيها خالد بْن الوليد فقاتلوهم يومهم ذَلِكَ إلى هوي مِن الليل ما يقدرون أن يزولوا مِن موضعهم ولا صَلَّى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلا أصحابه ظهرا ولا عصرا ولا مغربا ولا عشاء حتى كشفهم اللَّه فرجعوا متفرقين إلى منازلهم وعسكرهم وانصرف المسلمون إلى قبة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وأقام أسيد بْن الحضير عَلَى الخندق فِي مائتين مِن المسلمين وكر خالد بْن الوليد فِي خيل مِن المشركين يطلبون غرة مِن المسلمين. فناوشوهم ساعة ومع المشركين(2/52)
وحشي. فزرق الطفيل بْن النعمان مِن بني سلمة بمزراقه فقتله وانكشفوا وصار رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى قبته فأمر بلالا فأذن وأقام الظهر فصلى. ثُمَّ أقام بعد كل صلاة إقامة إقامة وصلى هُوَ وأصحابه ما فاتهم مِن الصلوات [وَقَالَ: شغلونا عَن الصلاة الوسطى.
يعني العصر. ملأ اللَّه أجوافهم وقبورهم نارا!] ولم يكن لهم بعد ذَلِكَ قتال جميعا حتى انصرفوا إلا أنهم لا يدعون يبعثون الطلائع بالليل يطمعون فِي الغارة. وحصر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ بضع عشرة ليلة حتى خلص إلى كل امرئ منهم الكرب.
فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصالح غطفان عَلَى أن يعطيهم ثلث الثمرة ويخذلوا بين النّاس وينصرفوا عَنْهُ. فأبت ذَلِكَ الأنصار فترك ما كَانَ أراد مِن ذَلِكَ. وكان نعيم بْن مَسْعُود الأشجعي قد أسلم فحسن إسلامه فمشى بين قريش وقريظة وغطفان وأبلغ هَؤُلَاءِ عَن هَؤُلَاءِ كلاما وهؤلاء عَن هَؤُلَاءِ كلاما يري كل حزب منهم أَنَّهُ ينصح لَهُ. فقبلوا قوله وخذله عَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واستوحش كل حزب مِن صاحبه. وطلبت قريظة مِن قريش الرهن حتى يخرجوا فيقاتلوا معهم. فأبت ذَلِكَ قريش واتهموهم واعتلت قريظة عليهم بالسبت وقالوا: لا نقاتل فِيهِ لأن قوما منا عدوا فِي السبت فمسخوا قردة وخنازير. فَقَالَ أَبُو سُفْيَان بْن حرب: ألا أراني أستعين بإخوة القردة والخنازير. وبعث اللَّه الريح ليلة السبت ففعلت بالمشركين وتركت لا تقر لهم بناء ولا قدرا. وَبَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حذيفة بْن اليمان إليهم ليأتيه بخبرهم. وقام رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يُصَلِّي تلك الليلة. فَقَالَ أَبُو سُفْيَان بْن حرب: يا معشر قريش إنكم لستم بدار مقام.
لقد هلك الخف والحافر وأجدب الجناب وأخلفتنا بنو قريظة ولقد لقينا مِن الريح ما ترون فارتحلوا فإني مرتحل. وقام فجلس عَلَى بعيره وهو معقول. ثُمَّ ضربه فوثب عَلَى ثلاث قوائم فما أطلق عقاله إلا بعد ما قام. وجعل الناس يرحلون وأبو سُفْيَان قائم حتى خف العسكر. فأقام عَمْرو بْن العاص وخالد بْن الوليد فِي مائتي فارس ساقة للعسكر وردءا لهم مخافة الطلب. فرجع حذيفة إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبره بذلك كله وأصبح رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وليس بحضرته أحد مِن العساكر قد انقشعوا إلى بلادهم فأذن النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للمسلمين فِي الانصراف إلى منازلهم فخرجوا مبادرين مسرورين بذلك. وكان فيمن قتل أيضا فِي أيام الخندق أنس بْن أوس بْن عتيك مِن بني عَبْد الأشهل قتله خالد بْن الوليد. وَعَبْد اللَّه بْن سهل الأشهلي وثعلبة بْن عنمة بْن عدي بْن نابئ قتله هبيرة بْن أَبِي وهب. وكعب بْن زيد من بني دينار قتله ضرار بن(2/53)
الخطاب. وقتل أيضا من المشركين عثمان بن منبه بن عبيد بن السباق مِن بني عَبْد الدار بْن قصي. وحاصرهم المشركون خمس عشرة ليلة وانصرف رَسُول اللَّهِ.
ص. يوم الأربعاء لسبع ليال بقين مِن ذي القعدة سنة خمس.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
خَرَجَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارِ يَحْفُرُونَ الْخَنْدَقَ فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّ الْخَيْرَ خَيْرُ الآخِرَةِ فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ] . فَأَجَابُوهُ: نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا يَقُولُونَ وَهُمْ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ: نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدًا. وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّ الْخَيْرَ خَيْرُ الآخِرَةِ. فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ وَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخُبْزِ شَعِيرٍ عَلَيْهِ إِهَالَةٌ سنخه فأكلوا منها [وقال النبي. ص: إِنَّمَا الْخَيْرُ خَيْرُ الآخِرَةِ] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ نَحْفِرُ الْخَنْدَقَ وَنَنْقُلُ التراب على أكتافنا [فقال رسول الله. ص: لا عيش إلا عيش الآخرة. فاغفر للأنصار وَالْمُهَاجِرَهْ] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: [كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الأَحْزَابِ يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ وَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ وَيَقُولُ:
لا هم لَوْلا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّيْنَا
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ. إِنْ لاقَيْنَا
إِنَّ الأُولَى لَقَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا ... إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا
أَبَيْنَا يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ. ص] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كَانَ يَوْمُ الْخَنْدَقِ بِالْمَدِينَةِ. قَالَ: فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ قُرَيْشٍ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ كِنَانَةَ. وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ غَطَفَانَ. وَطُلَيْحَةُ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ بَنِي أَسَدٍ. وَأَبُو الأَعْوَرِ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ وَقُرَيْظَةُ كَانَ بَيْنَهُمْ وبين(2/54)
رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَهْدٌ فَنَقَضُوا ذَلِكَ وَظَاهَرُوا الْمُشْرِكِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ:
«وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ» الأحزاب: 26. فأتى جبريل. ع. وَمَعَهُ الرِّيحُ فَقَالَ حِينَ رَأَى جِبْرِيلَ: أَلا أَبْشِرُوا. ثَلاثًا.
فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الرِّيحَ فَهَتَكَتِ الْقِبَابَ وَكَفَأَتِ الْقُدُورَ وَدَفَنَتِ الرِّحَالَ وَقَطَعَتِ الأَوْتَادَ فَانْطَلَقُوا لا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: «إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها» الأحزاب: 9. فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ أَبُو بِشْرٍ: وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ غَسَلَ جَانِبَ رَأْسِهِ الأَيْمَنَ وَبَقِيَ الأَيْسَرُ. فَقَالَ لَهُ. يعني جبريل. ص: ألا أراك تغسل رأسك فو الله مَا نَزَلْنَا بَعْدُ. انْهَضْ. فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ أَنْ يَنْهَضُوا إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدَةُ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بن أبي طالب. رضي الله عَنْهُ. [أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ: مَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا كَمَا حَبَسُونَا عَنِ الصَّلاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ] .
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ. أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي حَسَّانَ عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب. رضي الله عَنْهُ. أَنَّهُمْ لَمْ يُصَلُّوا يَوْمَ الأَحْزَابِ الْعَصْرَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ. أَوْ قَالَ: آبَتِ الشَّمْسُ. [فقال النبي. ص: اللَّهُمَّ امْلأْ بُيُوتَهُمْ نَارًا كَمَا حَبَسُونَا عَنِ الصَّلاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ. أَوْ قَالَ: آبَتِ الشَّمْسُ. قَالَ: فَعَرَفْنَا أَنَّ صَلاةَ الْوُسْطَى هِيَ الْعَصْرُ] .
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْخَنْدَقِ: مَا لَهُمْ مَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنْ صَلاةِ الْوُسْطَى وَهِيَ الْعَصْرُ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُورِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي جُمُعَةَ وَقَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[أَنَّ النَّبِيَّ.
ص. عَامَ الأَحْزَابِ صَلَّى الْمَغْرِبَ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: هَلْ عَلِمَ أَحَدٌ مِنْكُمْ أَنِّي صَلَّيْتُ الْعَصْرَ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ. مَا صَلَّيْنَاهَا. فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَقَامَ الصَّلاةَ فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ أَعَادَ الْمَغْرِبَ.](2/55)
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ. أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ حَفَرَ الْخَنْدَقَ وَخَافَ أَنْ يُبَيِّتَهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ:
إِنْ بُيِّتُّمْ فَإِنَّ دَعْوَاكُمْ حم لا يُنْصَرُونَ] .
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - قَالَ: [قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الْخَنْدَقِ: وَإِنِّي لا أَرَى الْقَوْمَ إِلا مُبَيِّتِيكُمُ اللَّيْلَةَ. كَانَ شِعَارُكُمْ حم لا يُنْصَرُونَ] .
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: حَاصَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُشْرِكُونَ فِي الْخَنْدَقِ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي الْمُسَيِّبِ قَالَ:
لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ حُصِرَ النَّبِيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - وأصحابه بضع عشرة ليلة حتى خلص إلى كل امرئ منهم الكرب وحتى [قال النبي. ص: اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ.
اللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ تَشَأْ لا تُعْبَدْ] . فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ أَرْسَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنِ بْنِ بَدْرٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ جَعَلْتُ لَكُمْ ثُلُثَ ثَمَرِ الأَنْصَارِ أَتَرْجِعُ بِمَنْ مَعَكَ مِنْ غَطَفَانَ وَتُخَذِّلُ بَيْنَ الأَحْزَابِ؟ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُيَيْنَةُ: إِنْ جَعَلْتَ لِيَ الشَّطْرَ فعلت. فأرسل النبي.
ص. إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَأَخْبَرَهُمَا بِذَلِكَ فَقَالا: إِنْ كُنْتَ أُمِرْتَ بِشَيْءٍ فَامْضِ لأَمْرِ اللَّهِ. قَالَ: [لَوْ كُنْتُ أُمِرْتُ بِشَيْءٍ مَا أَسْتَأْمِرُ بِكُمَا وَلَكِنْ هَذَا رَأْيٌ أَعْرِضُهُ عَلَيْكُمَا. قَالا: فَإِنَّا نَرَى أَنْ لا نعطيهم إلا السيف] .
قال محمد بن حُمَيْدٍ. قَالَ مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ: فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ جَاءَ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ الأَشْجَعِيُّ. وَكَانَ يَأْمَنُهُ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا. فَخَذَّلَ بَيْنَ النَّاسِ فَانْطَلَقَ الأَحْزَابُ مُنْهَزِمِينَ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: «وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ الْبَصْرِيُّ. أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ:
سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مسجد الأحزاب يوم الاثنين ويوم الثلثاء وَيَوْمَ الأَرْبِعَاءِ فَاسْتُجِيبَ لَهُ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَعَرَفْنَا الْبِشْرَ فِي وَجْهِهِ. قَالَ جَابِرٌ: فَلَمْ يَنْزِلْ بِي أَمْرٌ مُهِمٌّ غَائِظٌ إِلا تَوَخَّيْتُ تِلْكَ السَّاعَةِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَدَعَوْتُ اللَّهَ فَأَعْرِفُ الإِجَابَةَ.
أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي(2/56)
خَالِدٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى يَقُولُ: [دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الأَحْزَابِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ مَنْزِلَ الْكِتَابِ سَرِيعَ الْحِسَابِ اهْزِمِ الأَحْزَابَ! اللهم اهزمهم وزلزلهم] .
غزوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ «1»
ثُمَّ غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنِي قريظة فِي ذي القعدة سنة خمس مِن مهاجره.
قَالُوا: لما انصرف المشركون عَن الخندق وَرَجَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَخَلَ بيت عَائِشَة أتاه جبريل فوقف عند موضع الجنائز فَقَالَ: عذيرك مِن محارب! فخرج إِلَيْهِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فزعا فَقَالَ: إن الله يأمرك أن تسير إلى بني قريظة فإني عامد إليهم فمزلزل بهم حصونهم. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عليا. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. فدفع إِلَيْهِ لواءه وبعث بلالا] فنادى فِي النَّاسُ إِنَّ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأمركم ألا تصلوا العصر إلا فِي بني قريظة. واستخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المدينة عبد الله ابن أم مكتوم ثم سار إليهم في المسلمين وهم ثلاثة آلاف والخيل ستة وثلاثون فرسا. وذلك يوم الأربعاء لسبع بقين من ذي القعدة. فحاصرهم خمسة عشر يوما أشد الحصار ورموا بالنبل فانجرحوا فلم يطلع منهم أحد. فلما اشتد عليه الحصار أرسلوا إلى رسول الله. ص: أرسل إلينا أَبَا لبابة بْن عَبْد المنذر. فأرسله إليهم فشاوروه في أمرهم فأشار إليهم بيده أَنَّهُ الذبح ثُمَّ ندم فأسترجع وَقَالَ: خنت اللَّه ورسوله! فانصرف فارتبط فِي المسجد ولم يأت رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أنزل الله توبته. ثُمَّ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَأَمَرَ بِهِمْ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحَمَّد بْن مسلمة فكتفوا ونحوا ناحية وأخرج النساء والذرية فكانوا ناحية. واستعمل عليهم عَبْد اللَّه بْن سلام وجمع أمتعتهم وما وجد فِي حصونهم مِن الحلقة والأثاث والثياب فوجد فيها ألف وخمسمائة سيف وثلاثمائة درع وألفا رمح وألف وخمسمائة ترس وحجفة وخمر وجرار سكرفأهريق ذَلِكَ كله ولم يخمس. ووجدوا جمالا نواضح وماشية كثيرة. وكلمت الأوس رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يهبهم لهم. وكانوا حلفاءهم. فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الحكم فيهم إلى سعد بْن معاذ فحكم فيهم أن يقتل كل مِن جرت عَلَيْهِ المواسي وتسبى النساء والذرية وتقسم
__________
(1) تاريخ الطبري (2/ 581) ، والمغازي للواقدي (496) ، ووفاء الوفا (2/ 337) ، وسيرة ابن هشام (2/ 94- 203) .(2/57)
الأموال. [فقال رسول الله. ص: لقد حكمت بحكم اللَّه مِن فوق سبعة أرقعة] .
وانصرف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الخميس لسبع ليال خلون مِن ذي الحجّة ثُمَّ أمر بهم فأدخلوا المدينة وحفر لهم أخدودا فِي السوق وجلس رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومعه أصحابه وأخرجوا إليه رسلا رسلا فضربت أعناقهم فكانوا ما بين ستمائة إلى سبعمائة.
واصطفى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَيْحَانَةَ بِنْت عَمْرو لنفسه وأمر بالغنائم فجمعت فأخرج الخمس مِن المتاع والسبي. ثُمَّ أمر بالباقي فبيع فِي مِن يزيد وقسمه بين المسلمين.
فكانت السهمان عَلَى ثلاثة آلاف واثنين وسبعين سهما. للفرس سهمان ولصاحبه سهم. وصار الخمس إلى محمية بْن جزء الزبيدي فَكَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعتق منه ويهب منه ويخدم منه مِن أراد. وكذلك صنع بما صار إِلَيْهِ مِن الرثة. أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ. أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ. أَخْبَرَنَا يَزِيدُ. يَعْنِي ابْنَ الأَصَمِّ.
قَالَ: لَمَّا كَشَفَ اللَّهُ الأَحْزَابَ وَرَجَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَيْتِهِ فأخذ يغسل رأسه أتاه جبريل. ع. فَقَالَ: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ! وَضَعَتَ السِّلاحَ وَلَمْ تَضَعْهُ مَلائِكَةُ اللَّهِ.
ائْتِنَا عِنْدَ حِصْنِ بَنِي قُرَيْظَةَ. فَنَادَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّاسِ أَنِ ائْتُوا حِصْنَ بَنِي قُرَيْظَةَ. ثُمَّ اغْتَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَاهُمْ عِنْدَ الْحِصْنِ.
أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ. أَخْبَرَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الأَحْزَابَ لَمَّا انْصَرَفُوا نَادَى فِيهِمْ. يَعْنِي النبي. ص: لا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الظُّهْرَ إِلا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ. فَتَخَوَّفَ نَاسٌ فَوْتَ الصَّلاةِ فَصَلُّوا وَقَالَ آخَرُونَ: لا نُصَلِّي إِلا حَيْثُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ. قَالَ: فَمَا عَنَّفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَاحِدًا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ.
أَخْبَرَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ الْعَبْدِيُّ. أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ الرُّؤَاسِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الْبَهِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَتَى قُرَيْظَةَ رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَرِيٍّ وَالنَّاسُ يَمْشُونَ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى الْغُبَارِ سَاطِعًا فِي زُقَاقِ بَنِي غَنْمٍ موكب جبريل. ع.
حِينَ سَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ أخبرني عمي الماجشون قال: جاء جبريل. ع. إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الأَحْزَابِ عَلَى(2/58)
فَرَسٍ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ قَدْ أَرْخَاهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ. عَلَى ثَنَايَاهُ الْغُبَارُ وَتَحْتَهُ قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ.
فَقَالَ: أَوَضَعْتَ السِّلاحَ قَبْلَ أَنْ نَضَعَهُ؟ إِنَّ الله يأمرك أن تسير إلى بني قريظة.
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: حَاصَرَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنِي قُرَيْظَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ وَأَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ عَنْ شُعْبَةَ جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ. أَخْبَرَنَا عَطِيَّةُ الْقُرَظِيُّ قَالَ: كُنْتُ فِيمَنْ أُخِذَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ فَكَانُوا يَقْتُلُونَ مَنْ أَنَبَتَ وَيَتْرُكُونَ مَنْ لَمْ يُنْبِتْ فَكُنْتُ فِيمَنْ لَمْ يُنْبِتْ.
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ قَالَ:
كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ قُرَيْظَةَ وَلْثٌ من عهد. فلما جاءت الأحزاب بما جاؤوا بِهِ مِنَ الْجُنُودِ نَقَضُوا الْعَهْدَ وَظَاهَرُوا الْمُشْرِكِينَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ اللَّهُ الْجُنُودَ وَالرِّيحَ فَانْطَلَقُوا هَارِبِينَ وَبَقِيَ الآخَرُونَ فِي حِصْنِهِمْ. قَالَ: فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَأَصْحَابُهُ السِّلاحَ فَجَاءَ جِبْرِيلُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَجَ إِلَيْهِ. فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو مُتَسَانِدٌ إِلَى لَبَانِ الْفَرَسِ قَالَ: يَقُولُ جِبْرِيلُ مَا وَضَعْنَا السِّلاحَ بَعْدُ وَإِنَّ الْغُبَارَ لَعَاصِبٌ عَلَى حَاجِبِهِ. انْهَدْ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ. قَالَ: [فقال رسول الله. ص: إِنَّ فِي أَصْحَابِي جَهْدًا فَلَوْ أَنْظَرْتَهُمْ أَيَّامًا] . قال: يقول جبريل. ع. انْهَدْ إِلَيْهِمْ.
لأُدْخِلَنَّ فَرَسِي هَذَا عَلَيْهِمْ فِي حصونهم ثم لأضعضعنها. قال: فأدبر جبريل. ع. وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمَلائِكَةِ حَتَّى سَطَعَ الْغُبَارُ فِي زُقَاقِ بَنِي غَنْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْلِسْ فَلْنُكْفِكَ! قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُمْ يَنَالُونَ مِنْكَ. [قَالَ: قَدْ أُوذِيَ مُوسَى بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا.
قَالَ: وَانْتَهَى إِلَيْهِمْ فَقَالَ: يَا إِخْوَةَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ. إِيَّايَ إِيَّايَ!] قَالَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: هَذَا أَبُو الْقَاسِمِ مَا عَهِدْنَاهُ فَحَّاشًا. قَالَ: وَقَدْ كَانَ رُمِيَ أَكْحَلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَرَقَأَ الْجَرْحُ وَأَجْلَبَ وَدَعَا اللَّهَ أَنْ لا يُمِيتَهُ حَتَّى يَشْفِيَ صَدْرَهُ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ. قَالَ:
فَأَخَذَهُمْ مِنَ الْغَمِّ فِي حِصْنِهِمْ مَا أَخَذَهُمْ فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ مِنْ بَيْنِ الْخَلْقِ. قَالَ: فَحَكَمَ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ. قَالَ حُمَيْدٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ وَتَكُونُ الدِّيَارُ لِلْمُهَاجِرِينَ دُونَ الأَنْصَارِ. قَالَ: فَقَالَتِ الأَنْصَارُ إِخْوَتُنَا كُنَّا مَعَهُمْ. فَقَالَ: إِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ يَسْتَغْنُوا عَنْكُمْ. قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُمْ وَحُكْمَ فِيهِمْ بِمَا حَكَمَ مَرَّتْ عَلَيْهِ عَنْزٌ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ. فَأَصَابَتِ الْجَرْحَ بِظِلْفِهَا. فَمَا رَقَأَ حَتَّى مَاتَ.(2/59)
وَبَعَثَ صَاحِبُ دُومَةِ الْجَنْدَلِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِبَغْلَةٍ وَجُبَّةٍ مِنْ سُنْدُسٍ فَجَعَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْجَبُونَ مِنْ حُسْنِ الْجُبَّةِ. [فَقَالَ رسول الله. ص:
لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ] . يَعْنِي مِنْ هَذَا.
سرية مُحَمَّد بْن مسلمة إلى القرطاء «1»
ثُمَّ سرية مُحَمَّد بن مسلمة إلى القرطاء. خرج لعشر ليال خلون مِن المحرَّم عَلَى رأس تسعة وخمسين شهرًا مِن مهاجر رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَهُ فِي ثلاثين راكبا إلى القرطاء. وهم بطن مِن بني بَكْر مِن كلاب وكانوا ينزلون البكرات بناحية ضرية. وبين ضرية والمدينة سبع ليال. وأمره أن يشن عليهم الغارة. فسار الليل وكمن النهار وأغار عليهم فقتل نفرا منهم وهرب سائرهم واستاق نعما وشاء ولم يعرض للطعن. وانحدر إلى المدينة. فخمس رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما جاء بِهِ وفض عَلَى أصحابه ما بقي فعدلوا الجزور بعشر مِن الغنم. وكانت النعم مائة وخمسين بعيرا والغنم ثلاثة آلاف شاة.
وغاب تسع عشرة ليلة وقدم لليلة بقيت مِن المحرَّم.
غَزْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنِي لِحْيَانَ «2»
ثُمَّ غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنِي لحيان. وكانوا بناحية عسفان. فِي شهر ربيع الأول سنة ست مِن مهاجره. قَالُوا: وَجَدَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عاصم بْن ثابت وأصحابه وجدا شديدا. فأظهر أَنَّهُ يريد الشأم وعسكر لغرة هلال شهر ربيع الأول فِي مائتي رَجُل ومعهم عشرون فرسا. واستخلف عَلَى المدينة عبد الله ابن أم مكتوم ثُمَّ أسرع السير حتى انتهى إلى بطن غران. وبينها وبين عسفان خمسة أميال حيث كَانَ مصاب أصحابه. فترحم عليهم ودعا لهم فسمعت بهم بنو لحيان فهربوا في رؤوس الجبال فلم يقدر منهم على أحد. ثم خرج حتى أتى عسفان. فبعث أبا بكر في عشرة فوارس لتسمع به قريش فيذعرهم. فأتوا الغميم ثم رجعوا ولم يلقوا أحدا. ثم انصرف
__________
(1) مغازي الواقدي (534) .
(2) تاريخ الطبري (2/ 595) ، وسيرة ابن هشام (2/ 212) ، والمغازي للواقدي (535) ، ووفاء الوفا (2/ 353) .(2/60)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وهو [يقول: آئبون تائبون عابدون لربنا حامدون!] وغاب عن المدينة أربع عشرة ليلة.
أخبرنا عبد الله بن أبي إِدْرِيسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ. حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - خَرَجَ فِي غَزْوَةِ بَنِي لِحْيَانَ وَأَظْهَرَ أَنَّهُ يُرِيدُ الشَّأَمْ لَيُصِيبَ مِنْهُمْ غِرَّةً. فَخَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ فَسَلَكَ عَلَى غُرَابٍ ثُمَّ عَلَى مَخِيضٍ ثُمَّ عَلَى الْبَتْرَاءِ ثُمَّ صَفَّقَ ذَاتَ الْيَسَارِ. فخرج على بين ثُمَّ عَلَى صُخَيْرَاتِ الثُّمَامِ ثُمَّ اسْتَقَامَ بِهِ الطَّرِيقُ عَلَى السَّيَّالَةِ فَأَغَذَّ السَّيْرَ سَرِيعًا حَتَّى نَزَلَ عَلَى غُرَّانَ. هَكَذَا قَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ. وَهِيَ مَنَازِلُ بَنِي لِحْيَانَ. فَوَجَدَهُمْ قَدْ تَمَنَّعُوا في رؤوس الْجِبَالِ. فَلَمَّا أَخْطَأَهُ مِنْ عَدُوِّهِ مَا أَرَادَ قَالُوا: لَوْ أَنَا هَبَطْنَا عُسْفَانَ فَنُرِيَ أَهْلَ مَكَّةَ أَنَا قَدْ جِئْنَاهَا. فَخَرَجَ فِي مِائَتَيْ رَاكِبٍ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى نَزَلَ عُسْفَانَ ثُمَّ بَعَثَ فَارِسَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى بَلَغَا كُرَاعَ الْغَمِيمِ ثُمَّ كَرَّا وَرَاحَ قَافِلا. فَكَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يَقُولُ: تَائِبُونَ آئِبُونَ. إِنْ شَاءَ اللَّهُ. حَامِدُونَ لِرَبِّنَا عَابِدُونَ! أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الأَهْلِ وَالْمَالِ] .
أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْدِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْثًا إِلَى بَنِي لِحْيَانَ مِنْ هُذَيْلٍ [وَقَالَ: لِيَنْبَعِثْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا وَالأَجْرُ بَيْنَهُمَا] .
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الصَّنْعَانِيُّ. حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عقيل بن معقل عن أبيه عن وهب قَالَ: [أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يَقُولُ أَوَّلَ مَا غَزَا عُسْفَانَ ثُمَّ رَجَعَ: آئبون تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ!] .
غَزْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْغَابَةَ «1»
ثُمَّ غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الغابة وهي عَلَى بريد مِن المدينة طريق الشأم فِي شهر ربيع الأول سنة ست مِن مهاجره.
قَالُوا: كانت لقاح رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهي عشرون لقحة ترعى بالغابة. وكان أَبُو ذر فيها. فأغار عليهم عيينة بْن حصن ليلة الأربعاء في أربعين فارسا فاستاقوها
__________
(1) المغازي للواقدي (537) .(2/61)
وقتلوا ابن أَبِي ذر. وجاء الصريخ فنادى: الفزع الفزع! فنودي: يا خيل اللَّه اركبي.
وكان أول ما نودي بها. وركب رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَجَ غداة الأربعاء فِي الحديد مقنعا فوقف. فكان أول مِن أقبل إِلَيْهِ المقداد بْن عَمْرو وعليه الدرع والمغفر شاهرا سيفه. فعقد لَهُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لواء فِي رمحه وَقَالَ: [امض حتى تلحقك الخيول.
إنا عَلَى أثرك] . واستخلف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - على المدينة عبد الله ابن أم مكتوم وخلف سعد بْن عبادة فِي ثلاثمائة مِن قومه يحرسون المدينة. قَالَ المقداد: فخرجت فأدركت أخريات العدو وقد قتل أَبُو قتادة مسعدة فَأَعْطَاهُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فرسه وسلاحه.
وقتل عكاشة بْن محصن أثار بْن عَمْرو بْن أثار. وقتل المقداد بْن عَمْرو حبيب بْن عيينة بْن حصن وقرفة بْن مالك بْن حذيفة بْن بدر. وقتل مِن المسلمين محرز بْن نضلة قتله مسعدة. وأدرك سلمة بْن الأكوع القوم وهو على رجليه فجعل يراميهم بالنبل ويقول: خذها!
وأنا ابن الأكوع ... اليوم يوم الرضع!
حتى انتهى بهم إلى ذي قرد. وهي ناحية خيبر مما يلي المستناخ. قَالَ سلمة:
فلحقنا رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والناس والخيول عشاء فَقُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّ الْقَوْمَ عِطَاشٌ فلو بعثتني فِي مائة رَجُل استنقذت ما بأيديهم مِن السرح وأخذت بأعناق القوم. [فقال النبي. ص: ملكت فأسجح. ثُمَّ قَالَ: إنهم الآن ليقرون فِي غطفان] . وذهب الصريخ إلى بني عَمْرو بْن عوف فجاءت الأمداد فلم تزل الخيل تأتي والرجال عَلَى أقدامهم وعلى الإبل حتى انتهوا إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذي قرد فاستنقذوا عشر لقائح وأفلت القوم بما بقي وهي عشر. وصلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذي قرد صلاة الخوف وأقام بِهِ يوما وليلة يتحسس الخبر. وقسم فِي كل مائة مِن أصحابه جزورا ينحرونها. وكانوا خمسمائة. ويقال سبعمائة. وبعث إِلَيْهِ سعد بْن عبادة بأحمال تمر وبعشر جزائر فوافت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - بذي قرد. والثبت عندنا أن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر عَلَى هذه السرية سعد بْن زيد الأشهلي. ولكن النّاس نسبوها إلى المقداد لقول حسان بْن ثابت:
غداة فوارس المقداد
فعاتبه سعد بْن زيد فَقَالَ: اضطرني الروي إلى المقداد. ورجع رسول الله.
ص. إلى المدينة يوم الاثنين وقد غاب خمس ليال.(2/62)
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ الْعِجْلِيُّ. أَخْبَرَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَرَبَاحٌ غُلامُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِظَهْرِ النبي.
ص. وَخَرَجْتُ بِفَرَسٍ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أُنَدِّيَهُ مَعَ الإِبِلِ. فَلَمَّا أَنْ كَانَ بِغَلَسٍ أَغَارَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُيَيْنَةَ عَلَى إِبِلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَتَلَ رَاعِيَهَا وَخَرَجَ يَطْرُدُهَا هُوَ وَأُنَاسٌ مَعَهُ فِي خَيْلٍ فَقُلْتُ: يَا رَبَاحُ اقْعُدْ عَلَى هَذَا الْفَرَسِ فَأَلْحِقْهُ بِطَلْحَةَ.
وَأَخْبِرْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَدْ أُغِيرَ عَلَى سَرْحِهِ. قَالَ: وَقُمْتُ عَلَى تَلٍّ فَجَعَلْتُ وَجْهِي مِنْ قِبَلِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ نَادَيْتُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ: يَا صَبَاحَاهُ! ثُمَّ اتَّبَعْتُ الْقَوْمَ وَمَعِي سَيْفِي وَنَبْلِي فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَعْقِرُ بِهِمْ وَذَلِكَ حِينَ يَكْثُرُ الشَّجَرُ فَإِذَا رَجَعَ إِلَيَّ فار جَلَسْتُ لَهُ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَمَيْتُ. فَلا يُقْبِلُ عَلَيَّ فَارِسٌ إِلا عَقَرْتُ بِهِ. فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَقُولُ:
أَنَا ابْنُ الأَكْوَعْ ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ!
فَأَلْحَقُ بِرَجُلٍ فَأَرْمِيهِ وَهُوَ عَلَى رَحْلِهِ فَيَقَعُ سَهْمِي فِي الرَّجُلِ حَتَّى انْتَظَمْتُ كَبِدَهُ فَقُلْتُ: خُذْهَا! وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعْ. وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ! فَإِذَا كُنْتُ فِي الشَّجَرَةِ أَحْدَقْتُهُمْ بِالنَّبْلِ. وَإِذَا تَضَايَقَتِ الثَّنَايَا عَلَوْتُ الْجَبَلَ فَرَمَيْتُهُمْ بِالْحِجَارَةِ. فَمَا زَالَ ذَلِكَ شَأْنِي وَشَأْنَهُمْ أَتَّبِعُهُمْ وَأَرْتَجِزُ حَتَّى مَا خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ ظَهْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلا خَلَّفْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي وَاسْتَنْقَذْتُهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ لَمْ أَزَلْ أَرْمِيهِمْ حَتَّى أَلْقَوْا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثِينَ رُمْحًا وَأَكْثَرَ مِنْ ثَلاثِينَ بُرْدَةً يَسْتَخِفُّونَ مِنْهَا وَلا يُلْقُونَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلا جَعَلْتُ عَلَيْهِ حِجَارَةً وَجَمَعْتُهُ عَلَى طَرِيقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى إذا امْتَدَّ الضُّحَى أَتَاهُمْ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ مَدَدًا لَهُمْ. وَهُمْ فِي ثَنِيَّةٍ ضَيِّقَةٍ. ثُمَّ عَلَوْتُ الْجَبَلَ فَأَنَا فَوْقَهُمْ. قَالَ عُيَيْنَةُ: مَا هَذَا الَّذِي أَرَى؟
قَالُوا: لَقِينَا مِنْ هَذَا الْبَرْحِ مَا فَارَقْنَا بِسَحَرٍ حَتَّى الآنَ وَأَخَذَ كُلَّ شَيْءٍ فِي أَيْدِينَا وَجَعَلَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ. فَقَالَ عُيَيْنَةَ: لَوْلا أَنَّ هَذَا يَرَى أَنَّ وَرَاءَهُ طَلَبًا لَقَدْ تَرَكَكُمْ. ثُمَّ قَالَ: لِيَقُمْ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْكُمْ. فَقَامَ إِلَيَّ نَفَرٌ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ فَصَعِدُوا فِي الْجَبَلِ فَلَمَّا أَسْمَعْتُهُمُ الصَّوْتَ قُلْتُ لَهُمْ: أَتَعْرِفُونَنِي؟ قَالُوا: وَمَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ. وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ لا يَطْلُبُنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ فَيُدْرِكَنِي وَلا أَطْلُبُهُ فَيَفُوتَنِي! فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: إِنَّ ذَا ظَنٌّ.
قَالَ: فَمَا بَرِحْتُ مَقْعَدِي ذَلِكَ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى فَوَارِسِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ. وَإِذَا أَوَّلُهُمُ الأَخْرَمُ الأَسَدِيُّ وَعَلَى أَثَرِهِ أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على أَثَرِ أَبِي قَتَادَةَ الْمِقْدَادُ. فَوَلَّى الْمُشْرِكُونَ مُدْبِرِينَ وَأَنْزِلُ مِنَ الْجَبَلِ فَأَعْرَضُ لِلأَخْرَمِ فَآخُذُ عِنَانَ فَرَسِهِ قُلْتُ: يَا أَخْرَمُ انْذَرِ الْقَوْمَ! يَعْنِي احْذَرْهُمْ. فَإِنِّي لا آمَنُ أَنْ يَقْتَطِعُوكَ فَاتَّئِدْ(2/63)
حَتَّى يَلْحَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ قَالَ: يَا سَلَمَةُ إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ فَلا تَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ! فَخَلَّيْتُ عَنَانَ فَرَسِهِ فَيَلْحَقَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُيَيْنَةَ وَيَعْطِفُ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ. فَاخْتَلَفَا طَعْنَتَيْنِ فَعَقَرَ الأَخْرَمُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ. فَطَعَنَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ. فَتَحَوَّلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى فَرَسِ الأخرم فيلحق أبو قتادة بعبد الرحمن فاختلف طَعْنَتَيْنِ فَعَقَرَ بِأَبِي قَتَادَةَ وَقَتَلَهُ أَبُو قَتَادَةَ.
وَتَحَوَّلَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَى فَرَسِ الأَخْرَمِ ثُمَّ إِنِّي خَرَجْتُ أَعْدُو فِي أَثَرِ الْقَوْمِ حَتَّى مَا أَرَى مِنْ غُبَارِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا وَيَعْرِضُونَ إِلَى شِعْبٍ فِيهِ مَاءٌ يُقَالُ لَهُ ذُو قَرَدٍ. فَأَرَادُوا أَنْ يَشْرَبُوا مِنْهُ فَأَبْصَرُونِي أَعْدُو وَرَاءَهُمْ فَعَطَفُوا عَنْهُ وَأَسْنَدُوا فِي الثَّنِيَّةِ ثَنِيَّةِ ذِي دُبُرٍ وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَأَلْحَقُ رَجُلا فَأَرْمِيَهُ فَقُلْتُ: خُذْهَا!
وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعْ ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ!
فَقَالَ: يَا ثَكَلَ أُمِّي! أَأَكْوَعِيٌّ بَكْرَةَ؟ قَالَ: قُلْتُ نَعَمْ يَا عَدُوَّ نَفْسِهِ! فَكَانَ الَّذِي رَمَيْتُهُ بَكْرَةَ فَاتَّبَعْتُهُ بِسَهْمٍ آخَرَ فَعَلِقَ فِيهِ سَهْمَانِ وَيَخْلُفُونَ فَرَسَيْنِ فَجِئْتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي حَلأْتُهُمْ عَنْهُ ذُو قَرَدٍ. فَإِذَا نَبِيُّ اللَّهِ فِي خَمْسِمِائَةٍ. وَإِذَا بِلالٌ قَدْ نَحَرَ جَزُورًا مِمَّا خَلَّفْتُ فَهُوَ يَشْوِي لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ كَبِدِهَا وَسَنَامِهَا. فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ خَلِّنِي فَأَنْتَخِبُ مِنْ أَصْحَابِكَ مِائَةً فَآخُذُ عَلَى الْكُفَّارِ بِالْعَشْوَةِ فَلا يَبْقَى مِنْهُمْ مُخْبِرٌ إِلا قَتَلْتُهُ. قَالَ: أَكُنْتَ فَاعِلا ذَلِكَ يَا سَلَمَةُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. وَالَّذِي أَكْرَمَكَ! فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ فِي ضَوْءِ النَّارِ ثُمَّ قَالَ: [إِنَّهُمُ الآنَ يُقْرَوْنَ بِأَرْضِ بَنِي غَطَفَانَ] . فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ فَقَالَ: مُرُّوا عَلَى فُلانٍ الْغَطَفَانِيِّ فَنَحَرَ لَهُمْ جَزُورًا. فَلَمَّا أَخَذُوا يَكْشِطُونَ جِلْدَهَا رَأَوْا غَبَرَةً فَتَرَكُوهَا وَخَرَجُوا هُرَّابًا. فَلَمَّا أَصْبَحْنَا [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص:
خَيْرُ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أَبُو قَتَادَةَ وَخَيْرُ رَجَّالَتِنَا الْيَوْمَ سَلَمَةُ] . فَأَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
سَهْمَ الرَّاجِلِ وَالْفَارِسِ ثُمَّ أَرْدَفَنِي وَرَاءَهُ عَلَى الْعَضْبَاءِ رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ. فَلَمَّا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا قَرِيبًا مِنْ ضَحْوَةَ. وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ لا يُسْبَقُ جَعَلَ يُنَادِي:
هَلْ مِنْ مُسَابِقٍ؟ أَلا رَجُلٌ يُسَابِقُ إِلَى الْمَدِينَةِ؟ فَأَعَادَ ذَلِكَ مِرَارًا وَأَنَا وراء رسول الله.
ص. مُرْدِفِي فَقُلْتُ لَهُ: مَا تُكْرِمُ كَرِيمًا وَلا تَهَابُ شَرِيفًا؟ قَالَ: لا إِلا رَسُولُ اللَّهِ.
ص. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي خلني فلا سابق الرَّجُلَ! فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ. فَقُلْتُ: اذْهَبْ إِلَيْكَ. فَطَفَرَ عَنْ رَاحِلَتِهِ وَثَنَيْتُ رِجْلَيَّ فَطَفَرْتُ عَنِ الناقة ثم(2/64)
إِنِّي رَبَطْتُ عَلَيْهِ شَرَفًا أَوَ شَرَفَيْنِ يَعْنِي اسْتَبْقَيْتُ نَفْسِي ثُمَّ إِنِّي عَدَوْتُ حَتَّى أَلْحَقَهُ فَأَصُكُّ بَيْنَ كَتِفَيْهِ بِيَدَيَّ. قُلْتُ: سَبَقْتُكَ وَاللَّهِ إِلَى فَوْزِهِ أَوْ كَلِمَةٍ نَحْوَهَا. قَالَ: فَضَحِكَ وَقَالَ: إِنِّي إِنْ أَظُنُّ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ.
سرية عكاشة بْن محصن الأَسَديّ إلى الغمر «1»
ثُمَّ سرية عكاشة بْن محصن الأَسَديّ إلى الغمر غمر مرزوق. وهو ماء لبني أسد عَلَى ليلتين مِن فيد طريق الأول إلى المدينة. وكانت فِي شهر ربيع الأول سنة ست من مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: وجه رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عكاشة بْن محصن إلى الغمر فِي أربعين رجلا فخرج سريعا يغذ السير ونذر بِهِ القوم فهربوا فنزلوا علياء بلادهم ووجدوا دارهم خلوفا. فبعث شجاع بْن وهب طليعة فرأى أثر النعم فتحملوا فأصابوا ربيئة لهم. فأمنوه فدلهم عَلَى نعم لبني عم لَهُ. فأغاروا عليها فاستاقوا مائتي بعير فأرسلوا الرجل وحدروا النعم إلى المدينة وقدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يلقوا كيدا.
سرية مُحَمَّد بْن مسلمة إلى ذي القصة «2»
ثُمَّ سرية مُحَمَّد بْن مسلمة إلى ذي القصة فِي شهر ربيع الآخر سنة ست من مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحَمَّد بْن مسلمة إلى بني ثعلبة وبني عوال مِن ثعلبة وهم بذي القصة. وبينها وبين المدينة أربعة وعشرون ميلا طريق الربذة فِي عشرة نفر. فوردوا عليهم ليلا فأحدق بِهِ القوم. وهم مائة رَجُل.
فتراموا ساعة مِن الليل ثُمَّ حملت الأعراب عليهم بالرماح فقتلوهم. ووقع مُحَمَّد بْن مسلمة جريحا فضرب كعبه فلا يتحرك. وجردوهم مِن الثياب. ومر بمحمد بْن مسلمة رَجُل مِن المسلمين فحمله حتى ورد بِهِ المدينة. فَبَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا عُبَيدة بْن الجراح فِي أربعين رجلا إلى مصارع القوم فلم يجدوا أحدا ووجدوا نعما وشاء فساقه ورجع.
__________
(1) المغازي للواقدي (550) .
(2) مغازي الواقدي (551- 552) .(2/65)
سرية أَبِي عُبَيدة بْن الجراح إلى ذي القصة «1»
ثُمَّ سرية أَبِي عُبَيدة بْن الجراح إلى ذي القصة فِي شهر ربيع الآخر سنة ست من مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: أجدبت بلاد بني ثعلبة وأنمار. ووقعت سحابة بالمراض إلى تغلمين والمراض عَلَى ستة وثلاثين ميلا مِن المدينة. فسارت بنو محارب وثعلبة وأنمار إلى تلك السحابة. وأجمعوا أن يغيروا عَلَى سرح المدينة. وهو يرعى بهيفا موضع عَلَى سبعة أميال مِن المدينة. فَبَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا عُبَيدة بْن الجراح فِي أربعين رجلا مِن المسلمين حين صلوا المغرب. فمشوا إليهم حتى وافوا ذا القصة مَعَ عماية الصبح. فأغاروا عليهم فأعجزوهم هربا فِي الجبال. وأصاب رجلا واحدا فأسلم وتركه. فأخذ نعما مِن نعمهم فاستاقه ورثة مِن متاعهم وقدم بذلك المدينة فخمسه رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقسم ما بقي عليهم.
سرية زيد بْن حارثة إلى بني سليم بالجموم «2»
ثُمَّ سرية زيد بْن حارثة إلى بني سليم بالجموم فِي شهر ربيع الآخر سنة ست مِن مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زيد بْن حارثة إلى بني سليم فسار حتى ورد الجموم ناحية بطن نخل عَن يسارها. وبطن نخل مِن المدينة عَلَى أربعة برد. فأصابوا عَلَيْهِ امْرَأَة مِن مزينة يقال لها حليمة. فدلتهم على محله مِن محال بني سليم فأصابوا فِي تلك المحلة نعما وشاء وأسرى. فكان فيهم زوج حليمة المزنية. فلما قفل زيد بْن حارثة بما أصاب وهب رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للمزنية نفسها وزوجها فَقَالَ بلال بْن الحارث فِي ذَلِكَ شعرا:
لعمرك! ما أخنى المسول ولا ونت ... حليمة حتى راح ركبهما معا
سرية زيد بْن حارثة إلى العيص «3»
ثُمَّ سرية زيد بْن حارثة إلى العيص. وبينها وبين المدينة أربع ليال. وبينها وبين ذي المروة ليلة. فِي جمادى الأولى سنة ست مِن مهاجر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: بلغ
__________
(1) مغازي الواقدي (552) .
(2) مغازي الواقدي (553) .
(3) مغازي الواقدي (553) .(2/66)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن عيرا لقريش قَدْ أَقْبَلَتْ مِن الشَّامِ فَبَعَثَ زَيْدُ بْن حارثة فِي سبعين ومائة راكب يتعرض لها. فأخذوها وما فيها وأخذوا يومئذ فضة كثيرة لصفوان بْن أُميّة وَأَسَرُوا نَاسًا مِمَّنْ كَانَ فِي الْعِيرِ. مِنْهُمْ أَبُو العاص بْن الربيع. وقدم بهم المدينة فاستجار أَبُو العاص بزينب بِنْت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأجارته ونادت فِي النّاس حين صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الفجر: إني قد أجرت أَبَا العاص! فَقَالَ رسول الله. ص:
[وما علمت بشيء مِن هذا وقد أجرنا مِن أجرت] . ورد عَلَيْهِ ما آخذ منه.
سرية زيد بْن حارثة إلى الطرف «1»
ثُمَّ سرية زيد بن حارثة إلى الطرف فِي جمادى الآخرة سنة ست مِن مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زيد بْن حارثة إلى الطرف. وهو ماء قريب مِن المراض دون النخيل عَلَى ستة وثلاثين ميلا مِن المدينة طريق البقرة عَلَى المحجة. فخرج إلى بني ثعلبة فِي خمسة عشر رجلا فأصاب نعما وشاء وهربت الأعراب وصبح زيد بالنعم المدينة. وهي عشرون بعيرا. ولم يلق كيدا وغاب أربع ليال وكان شعارهم: أمت أمت!
سرية زيد بْن حارثة إلى حسمى «2»
ثُمَّ سرية زيد بْن حارثة إلى حسمى وهي وراء وادي القرى فِي جمادى الآخرة سنة ست مِن مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: أقبل دحية بْن خليفة الكلبي مِن عند قيصر وقد أجاره وكساه. فلقيه الهنيد بْن عارض وابنه عارض بْن الهنيد فِي ناس مِن جذام بحسمى. فقطعوا عَلَيْهِ الطريق فلم يتركوا عَلَيْهِ إلا سمل ثوب. فسمع بذلك نفر مِن بني الضبيب فنفروا إليهم فاستنقذوا لدحية متاعه. وقدم دحية عَلَى النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَأَخْبَرَهُ بذلك فبعث زيد بْن حارثة فِي خمسمائة رَجُل ورد معه دحية. فكان زيد يسير الليل ويكمن النهار. ومعه دليل لَهُ مِن بني عذرة. فأقبل بهم حتى هجم بهم مَعَ الصبح عَلَى القوم. فأغاروا عليهم فقتلوا فيهم فأوجعوا وقتلوا الهنيد وابنه وأغاروا على
__________
(1) المغازي للواقدي (555) .
(2) المغازي للواقدي (555) .(2/67)
ماشيتهم ونعمهم ونسائهم. فأخذوا مِن النعم ألف بعير. ومن الشاء خمسة آلاف شاة.
ومن السبي مائة مِن النساء والصبيان. فرحل زيد بن رفاعة الجذامي فِي نفر مِن قَوْمِهِ إِلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فدفع إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كتابه الَّذِي كَانَ كتب لَهُ ولقومه ليالي قدم عَلَيْهِ. فأسلم وَقَالَ: يا رَسُول اللَّهِ لا تحرم علينا حلالا ولا تحل لنا حراما.
فَقَالَ: كيف أصنع بالقتلى؟ قَالَ أَبُو يزيد بْن عَمْرو: أطلق لنا يا رَسُول اللَّهِ مِن كَانَ حيًّا ومن قتل فهو تحت قدمي هاتين. [فقال رسول الله. ص: صدق أَبُو يزيد!] فبعث معهم عليا. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. إلى زيد بْن حارثة يأمره أن يخلي بينهم وبين حرمهم وأموالهم. فتوجه عَلِيّ فلقي رافع بْن مكيث الجهني بشير زيد بْن حارثة عَلَى ناقة مِن إبل القوم. فردها عَلِيّ عَلَى القوم. ولقي زيدا بالفحلتين. وهي بين المدينة وذي المروة. فأبلغه أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فرد إلى النّاس كل ما كَانَ أخذ لهم.
سرية زيد بْن حارثة إلى وادي القرى
ثُمَّ سرية زيد بْن حارثة إلى وادي القرى فِي رجب سنة ست مِن مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زيدا أميرا سنة ست.
سرية عَبْد الرَّحْمَن بْن عوف إلى دومة الجندل «1»
ثُمَّ سرية عَبْد الرَّحْمَن بْن عوف إلى دومة الجندل فِي شعبان سنة ست مِن مهاجر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ الرَّحْمَن بْن عوف فأقعده بين يديه وعممه بيده [وَقَالَ: اغز بسم اللَّه وفي سبيل اللَّه فقاتل مِن كفر بالله! لا تغل ولا تغدر ولا تقتل وليدا!] وبعثه إلى كلب بدومة الجندل و [قال: إن استجابوا لك فتزوج ابْنَة ملكهم] . فسار عَبْد الرَّحْمَن حتى قدم دومة الجندل فمكث ثلاثة أيام يدعوهم إلى الْإِسْلَام فأسلم الأَصْبَغُ بْن عَمْرو الْكَلْبِيُّ. وَكَانَ نَصْرَانِيًّا وَكَانَ رأسهم. وأسلم معه ناس كثير مِن قومه وأقام مِن أقام عَلَى إعطاء الجزية وتزوج عَبْد الرَّحْمَن تماضر بِنْت الأصبغ وقدم بِهَا إِلَى الْمَدِينَةِ. وَهِيَ أُمُّ أَبِي سَلَمَةَ بْن عَبْد الرَّحْمَنِ.
__________
(1) مغازي الواقدي (560) .(2/68)
سرية عَلِيّ بْن أَبِي طالب إلى بني سعد بْن بَكْر بفدك «1»
ثُمَّ سرية عَلِيّ بْن أَبِي طالب إلى بني سعد بْن بَكْر بفدك فِي شعبان سنة ست مِن مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن لهم جمعا يريدون أن يمدوا يهود خيبر. فبعث إليهم عَلِيّ بْن أَبِي طالب فِي مائة رَجُل. فسار الليل وكمن النهار حتى انتهى إلى الهمج. وهو ماء بين خيبر وفدك. وبين فدك والمدينة ست ليال.
فوجدوا بِهِ رجلا فسألوه عَن القوم فَقَالَ: أخبركم عَلَى أنكم تؤمنوني. فآمنوه فدلهم.
فأغاروا عليهم فأخذوا خمسمائة بعير وألف شاه وهربت بنو سعد بالظعن ورأسهم وبر بْن عليم فعزل عَلِيّ صفي النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لقوحا تدعى الحفذة ثُمَّ عزل الخمس وقسم سائر الغنائم عَلَى أصحابه وقدم المدينة ولم يلق كيدا.
سرية زيد بْن حارثة إلى أم قرفة بوادي القرى «2»
ثُمَّ سرية زيد بْن حارثة إلى أم قرفة بناحية بوادي القرى. عَلَى سبع ليال مِن المدينة. فِي شهر رمضان سنة ست من مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: خرج زيد بْن حارثة فِي تجارة إلى الشأم ومعه بضائع لأصحاب النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلما كَانَ دون وادي القرى لقيه ناس مِن فزارة مِن بني بدر فضربوه وضربوا أصحابه وأخذوا ما كَانَ معهم.
ثُمَّ استبل زيد وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فأخبره فَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إليهم فكمنوا النهار وساروا الليل. ونذرت بهم بنو بدر ثُمَّ صبحهم زيد وأصحابه فكبروا وأحاطوا بالحاضر وأخذوا أم قرفة. وهي فاطمة بِنْت ربيعة بْن بدر. وابنتها جارية بِنْت مالك بْن حذيفة بْن بدر. فكان الَّذِي أخذ الجارية مسلمة بْن الأكوع فَوَهَبَهَا لِرَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فوهبها رَسُول اللَّهِ بعد ذَلِكَ لحزن بْن أبي وهب. وعمد قيس بْن المحسر إلى أم قرفة. وهي عجوز كبيرة. فقتلها قتلا عنيفا: ربط بين رجليها حبلا ثُمَّ ربطها بين بعيرين ثُمَّ زجرهما فذهبا فقطعاها. وقتل النعمان وَعُبَيْد اللَّه ابني مسعدة بْن حكمة بْن مالك بْن بدر. وقدم زيد بْن حارثة مِن وجهه ذَلِكَ فقرع باب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام إليه عريانا يجر ثوبه حتى اعتنقه وقبله وسائله فأخبره بما ظفره الله به.
__________
(1) مغازي الواقدي (562) .
(2) مغازي الواقدي (564) .(2/69)
سرية عَبْد اللَّه بْن عتيك إلى أَبِي رافع
ثم سرية عَبْد اللَّه بْن عتيك إلى أَبِي رافع سلام بْن أَبِي الحقيق النضري بخيبر فِي شهر رمضان سنة ست مِن مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: كَانَ أَبُو رافع بْن أَبِي الحقيق قد اجلب فِي غطفان ومن حوله مِن مشركي العرب. وجعل لهم الحفل العظيم لحرب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعث رسول اللَّهِ عَبْد اللَّه بْن عتيك وَعَبْد اللَّه بْن أنيس وأبا قتادة والأسود بْن خزاعي ومسعود بْن سنان وأمرهم بقتله. فذهبوا إلى خيبر فكمنوا.
فلما هدأت الرجل جاؤوا إلى منزله فصعدوا درجة لَهُ وقدموا عَبْد الله بْن عتيك لأنه كَانَ يرطن باليهودية. فاستفتح وَقَالَ: جئت أَبَا رافع بهدية. ففتحت لَهُ امرأته فلما رأت السلاح أرادت أن تصيح فأشاروا إليها بالسيف فسكتت. فدخلوا عَلَيْهِ فما عرفوه إلا ببياضه كأنه قبطية فعلوه بأسيافهم. قَالَ ابن أنيس: وكنت رجلا أعشى لا أبصر فأتكئ بسيفي عَلَى بطنه حتى سَمِعْتُ خشة فِي الفراش وعرفت أَنَّهُ قد قضى. وجعل القوم يضربونه جميعا. ثُمَّ نزلوا وصاحت امرأته فتصايح أهل الدار واختبأ القوم فِي بعض مناهر خيبر. وخرج الحارث أَبُو زينب فِي ثلاثة آلاف فِي آثارهم يطلبونهم بالنيران فلم يروهم. فرجعوا ومكث القوم فِي مكانهم يومين حتى سكن الطلب ثم خرجوا مقبلين إلى المدينة كلهم يدعي قتله. [فقدموا عَلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ:
أفلحت الوجوه! فقالوا: أفلح وجهك يا رسول اللَّه! وأخبروه خبرهم فأخذ أسيافهم فنظر إليها فإذا أثر الطعام فِي ذباب سيف عَبْد اللَّه بْن أنيس. فَقَالَ: هذا قتله!] .
سرية عَبْد اللَّه بْن رواحة إلى أسير بْن زارم «1»
ثُمَّ سرية عَبْد اللَّه بْن رواحة إلى أسير بْن زارم اليهودي بخيبر فِي شوال سنة ست من مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: لما قتل أَبُو رافع سلام بْن أبي الحقيق أمرت يهود عليهم أسير بْن زارم فسار فِي غطفان وغيرهم يجمعهم لحرب رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبلغ ذَلِكَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فوجه عَبْد اللَّه بْن رواحة فِي ثلاثة نفر فِي شهر رمضان سرا فسأل عَن خبره وغرته فأخبر بذلك. فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبره فندب رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ فانتدب لَهُ ثلاثون رجلا. فبعث عليهم عَبْد اللَّه بْن رواحة فقدموا
__________
(1) مغازي الواقدي (566) .(2/70)
عَلَى أسير فقالوا: نَحْنُ آمنون حتى نعرض عليك ما جئنا لَهُ؟ قَالَ: نعم. ولي منكم مثل ذَلِكَ؟ وقالوا: نعم. فقلنا: أن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعثنا إليك لتخرج إِلَيْهِ فيستعملك عَلَى خيبر ويحسن إليك. فطمع فِي ذَلِكَ فخرج وخرج معه ثلاثون رجلا مِن اليهود مَعَ كل رَجُل رديف مِن المسلمين. حتى إذا كُنَّا بقرقرة ثبار ندم أسير فَقَالَ عَبْد اللَّه بْن أنيس. وكان فِي السرية: وأهوى بيده إلى سيفي ففطنت لَهُ ودفعت بعيري وقلت: غدرا أي عدو اللَّه! فعل ذَلِكَ مرتين. فنزلت فسقت بالقوم حتى انفرد لي أسير فضربته بالسيف فأندرت عامة فخذه وساقه وسقط عَن بعيره وبيده مخرش مِن شوحط فضربني فشجني مأمومة. وملنا عَلَى أصحابه فقتلناهم كلهم غير رَجُل واحد أعجزنا شدا. ولم يصب مِن المسلمين أحد. ثُمَّ أقبلنا إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فحدثناه الحديث فَقَالَ: قد نجاكم اللَّه مِن القوم الظالمين!
سرية كرز بْن جَابِر الْفِهْريّ إلى العرنيين «1»
ثُمَّ سرية كرز بْن جَابِر الْفِهْريّ إلى العرنيين فِي شوال سنة ست مِن مهاجر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: قدم نفر مِن عرينة ثمانية عَلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأسلموا واستوبأوا الْمَدِينَةِ. فَأَمَرَ بِهِمْ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى لقاحه وكانت ترعى بذي الجدر ناحية قباء قريبا مِن عير. عَلَى ستة أميال مِن المدينة. فكانوا فيها حتى صحوا وسمنوا فغدوا عَلَى اللقاح فاستاقوها فيدركهم يسار مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه نفر فقاتلهم فقطعوا يده ورجله وغرزوا الشوك فِي لسانه وعينيه حتى مات. وَبَلَغَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الخبر فبعث فِي أثرهم عشرين فارسا واستعمل عليهم كرز بْن جَابِر الْفِهْريّ فأدركوهم فأحاطوا بهم وأسروهم وربطوهم وأردفوهم عَلَى الخيل حتى قدموا بهم المدينة. وَكَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالغابة فخرجوا بهم نحوه فلقوه بالزغابة بمجتمع السيول. وأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم فصلبوا هناك وأنزل عَلَى رَسُول الله. ص: «إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً» المائدة: 33 الآية فلم يسمل بعد ذَلِكَ عينا. وكانت اللقاح خمس عشرة لقحة غزارا فردوها إلى المدينة ففقد رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منها لقحة تدعى الحناء.
فسأل عَنْهَا فقيل: نحروها.
__________
(1) مغازي الواقدي (568) .(2/71)
سرية عَمْرو بْن أُميّة الضمري
ثُمَّ سرية عَمْرو بْن أُميّة الضمري وسلمة بْن أسلم بْن حريس إلى أَبِي سُفْيَان بْن حرب بمكة. وذلك أن أَبَا سُفْيَان بْن حرب قَالَ لنفر مِن قريش: ألا أحد يغتال محمدا فإنه يمشي فِي الأسواق؟ فأتاه رَجُل مِن الأعراب فَقَالَ: قد وجدت أجمع الرجال قلبا وأشده بطشا وأسرعه شدا. فإن أنت قويتني خرجت إِلَيْهِ حتى أغتاله ومعي خنجر مثل خافية النسر فأسوره ثُمَّ آخذ فِي عير وأسبق القوم عدوا فإني هاد بالطريق خريت! قَالَ:
أنت صاحبنا. فأعطاه بعيرا ونفقة وَقَالَ: اطو أمرك. فخرج ليلا فسار عَلَى راحلته خمسا وصبح ظهر الحرة صبح سادسة ثُمَّ أقبل يسأل عَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى دل عَلَيْهِ. فعقل راحلته ثُمَّ أقبل إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو فِي مسجد بني عَبْد الأشهل.
فَلَمَّا رَآهُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: إن هذا ليريد غدرا!] فذهب ليجني على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجذبه أسيد بْن الحضير بداخلة إزاره فإذا الخنجر فسقط فِي يديه وَقَالَ:
دمي! دمي! فأخذ أسيد بلبته فدعته. فَقَالَ رَسُول اللَّهِ. ص: اصدقني ما أنت؟ قَالَ: وأنا آمن؟ قَالَ: نعم! فأخبره بأمره وما جعل لَهُ أَبُو سُفْيَان. فخلى عَنْهُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأسلم وَبَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرو بْن أُميّة وسلمة بْن أسلم إلى أَبِي سُفْيَان بْن حرب [وقال: إن أصبتما منه غرة فاقتلاه!] فدخلا مكّة ومضى عَمْرو بْن أُميّة يطوف بالبيت ليلا فرآه معاوية بْن أَبِي سُفْيَان فعرفه. فأخبر قريشا بمكانه فخافوه وطلبوه. وكان فاتكا فِي الجاهلية. وقالوا: لم يأت عَمْرو لخير. فحشد لَهُ أهل مكّة وتجمعوا وهرب عَمْرو وسلمة. فلقي عَمْرو عبيد اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ فقتله. وقتل آخر مِن بني الديل سمعه يتغنى ويقول:
ولست بمسلم ما دمت حيا! ... ولست أدين دين المسلمينا!
ولقي رسولين لقريش بعثتهما يتحسبان الخبر فقتل أحدهما وأسر الآخر فقدم بِهِ المدينة. فجعل عَمْرو يُخْبِرُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خبره ورسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يضحك.
غَزْوَةُ رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الحديبية «1»
ثم غزوة رسول الله - صلى الله عليه وَسَلَّمَ - الحديبية. خرج للعمرة فِي ذي القعدة سنة ست من
__________
(1) تاريخ الطبري (620) ، وسيرة ابن هشام (2/ 226- 233) ، والمغازي للواقدي (571) .(2/72)
مهاجره. قَالُوا: استنفر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصحابه إلى العمرة فأسرعوا وتهيأوا وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بيته فاغتسل ولبس ثوبين وركب راحلته القصواء وخرج. وذلك يوم الاثنين لهلال ذي القعدة. واستخلف على المدينة عبد الله ابن أم مكتوم ولم يخرج معه بسلاح إلا السيوف فِي القرب وساق بدنا وساق أصحابه أيضا بدنا. فصلى الظهر بذي الحليفة ثُمَّ دعا بالبدن الّتي ساق فجللت ثُمَّ أشعرها فِي الشق الأيمن وقلدها وأشعر أصحابه أيضا وهن موجهات إلى القبلة. وهي سبعون بدنة فيها جمل أَبِي جهل الَّذِي غنمه يوم بدر. وأحرم ولبى وقدم عباد بن بسر أمامه طليعة فِي عشرين فرسا مِن خيل المسلمين. وفيهم رجال مِن المهاجرين والأنصار. وخرج معه مِن المسلمين ألف وستمائة. ويقال ألف وأربعمائة. ويقال ألف وخمسمائة وخمسة وعشرون رجلا.
وأخرج معه زوجته أم سلمة. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. وبلغ المشركين خروجه فأجمع رأيهم عَلَى صده عَن المسجد الحرام وعسكروا ببلدح وقدموا مائتي فارس إلى كراع الغميم. وعليهم خالد بْن الوليد. ويقال عكرمة بْن أَبِي جهل. ودخل بسر بْن سُفْيَان الخزاعي مكّة فسمع كلامهم وعرف رأيهم فرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلقيه بغدير الأشطاط وراء عسفان فأخبره بذلك. ودنا خالد بْن الوليد فِي خيله حتى نظر إِلَى أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عباد بْن بشر فتقدم فِي خيله فأقام بإزائه وصف أصحابه وحانت صلاة الظهر وصلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأصحابه صلاة الخوف. فلما أمسى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -[قال لأصحابه: تيامنوا فِي هذا العصل فإن عيون قريش بمرالظهران وبضجنان.] فسار حتى دنا مِن الحديبية. وهي طرف الحرم عَلَى تسعة أميال مِن مكّة. فوقعت يدا راحلته عَلَى ثنية تهبطه عَلَى غائط القوم فبركت. فَقَالَ المسلمون: حل حل! يزجرونها. فأبت أن تنبعث. قالوا: خلأت القصواء. [فقال النبي. ص: إنها ما خلأت ولكن حبسها حابس الفيل. أما والله لا يسألوني اليوم خطة فيها تعظيم حرمة اللَّه إلا أعطيتهم إياها] . ثُمَّ زجرها فقامت فولى راجعا عوده عَلَى بدئه حتى نزل بالناس عَلَى ثمد مِن أثماد الحديبية ظنون قليل الماء.
فانتزع سهما مِن كنانته فأمر بِهِ فغرز فيها فجاشت لهم بالرواء حتى اغترفوا بآنيتهم جلوسا عَلَى شفير البئر. ومطر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحُدَيْبِيَةِ مرارا وكرت المياه. وجاءه بديل بْن ورقاء وركب مِن خزاعة فسلموا عَلَيْهِ. وَقَالَ بديل: جئناك مِن عند قومك كعب بْن لؤي وعامر بْن لؤي قد استنفروا لك الأحابيش ومن أطاعهم معهم العوذ(2/73)
والمطافيل والنساء والصبيان يقسمون بالله لا يخلون بينك وبين البيت حتى تبيد خضراؤهم. [فَقَالَ رسول الله. ص: لم نأت لقتال أحد. إنما جئنا لنطوف بهذا البيت فمن صدنا قاتلناه!] فرجع بديل فأخبر بذلك قريشا فبعثوا عروة بْن مَسْعُود الثقفي فكلمه رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بنحو مما كلم به بديلا فانصرف إلى قريش فأخبرهم.
فقالوا: نرده عن البيت فِي عامنا هذا ويرجع مِن قابل فيدخل مكّة ويطوف بالبيت. ثُمَّ جاء مكرز بْن حفص بْن الأخيف فكلمه بنحو مما كلم بِهِ صاحبيه فرجع إلى قريش فأخبرهم. فبعثوا الحليس بْن علقمة. وهو يومئذ سيد الأحابيش وكان يتأله. فلما رَأَى الهدي عَلَيْهِ القلائد قد أكل أوباره مِن طول الحبس رجع ولم يصل إلى رسول الله.
ص. إعظاما لما رَأَى. فَقَالَ لقريش: والله لتخلن بينه وبين ما جاء لَهُ أو لأنفرن بالأحابيش! قَالُوا: فاكفف عنا حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى بِهِ. وكان أول مِن بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى قريش خراش بْن أُميّة الكعبي ليخبرهم ما جاء لَهُ. فعقروا بِهِ وأرادوا قتله فمنعه مِن هناك مِن قومه. فأرسل عثمان بْن عفان فَقَالَ: اذهب إلى قريش فأخبرهم أَنَا لم نأت لقتال أحد وإنما جئنا زوارا لهذا البيت معظمين لحرمته. معنا الهدي ننحره وننصرف. فأتاهم فأخبرهم فقالوا: لا كَانَ هذا أبدا ولا يدخلها علينا العام! وَبَلَغَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن عثمان قد قتل. فذلك حيث دعا المسلمين إلى بيعة الرضوان فبايعهم تحت الشجرة وبايع لعثمان. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. فضرب بشماله عَلَى يمينه لعثمان. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. [وَقَالَ: إنه ذهب فِي حاجة اللَّه وحاجة رسوله] .
وجعلت الرسل تختلف بَيْنَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبين قريش فأجمعوا عَلَى الصلح والموادعة فبعثوا سهيل بْن عَمْرو فِي عدة مِن رجالهم فصالحه عَلَى ذَلِكَ وكتبوا بينهم:
هذا ما صالح عَلَيْهِ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه وسهيل بْن عَمْرو. واصطلحا عَلَى وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها النّاس ويكف بعضهم عَن بعض. عَلَى أَنَّهُ لا إسلال ولا إغلال.
وأن بيننا عيبة مكفوفة. وأنه مِن أحب أن يدخل فِي عهد مُحَمَّد وعقده فعل. وأنه مِن أحب أن يدخل فِي عهد قريش وعقدها فعل. وأنه مِن أتى محمدا منهم بغير إذن وليه رده إِلَيْهِ. وأنه مِن أتى قريشا مِن أصحاب مُحَمَّد لم يردوه. وأن محمدا يرجع عنا عامه هذا بأصحابه ويدخل علينا قابلا فِي أصحابه فيقيم بها ثلاثا. لا يدخل علينا بسلاح إلا سلاح المسافر السيوف فِي القرب. شهد أَبُو بَكْر بْن أَبِي قحافة وعمر بْن الْخَطَّاب وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْفٍ وَسَعْدِ بْن أَبِي وقاص وعثمان بْن عفان وأبو عُبَيدة بن الجراح(2/74)
وَمُحَمَّد بْن مسلمة وحويطب بْن عَبْد العزى ومكرز بْن حفص بْن الأخيف. وكتب عَلِيّ صدر هذا الكتاب فكان هذا عِنْدَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكانت نسخته عند سهيل بْن عَمْرو وخرج أَبُو جندل بْن سهيل بْن عَمْرو مِن مكّة إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرسف فِي الحديد فَقَالَ سهيل: هذا أول مِن أقاضيك عَلَيْهِ. فرده إِلَيْهِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَقَالَ: [يا أَبَا جندل. قد تم الصلح بيننا وبين القوم. فاصبر حتى يجعل اللَّه لك فرجا ومخرجا] . ووثبت خزاعة فقالوا: نَحْنُ ندخل فِي عهد مُحَمَّد وعقده. ووثبت بنو بَكْر فقالوا: نَحْنُ ندخل مع قريش في عهدها وعقدها. فلما فرغوا مِن الكتاب انطلق سهيل وأصحابه ونحر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هدية وحلق حلقه خراش بْن أُميّة الكعبي ونحر أصحابه وحلق عامتهم وقصر الآخرون. [فَقَالَ رَسُول الله. ص: رحم اللَّه المحلقين! قالها ثلاثا! قِيلَ: يا رَسُول اللَّهِ والمقصرين؟ قَالَ: والمقصرين] . وأقام رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحُدَيْبِيَةِ بضعة عشر يوما. ويقال عشرين يوما. ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا كانوا بضجنان نزل عَلَيْهِ: «إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً» . الفتح: 1.
فقال جبريل. ع: يهنئك يا رَسُول اللَّهِ. وهنأه المسلمون.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ قَالَ: كُنَّا يَوْمَئِذٍ أَلْفًا وَثَلاثَمِائَةٍ وَكَانَتْ أَسْلَمَ يَوْمَئِذٍ ثُمُنَ الْمُهَاجِرِينَ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَ الشَّجَرَةِ؟ قَالَ: كُنَّا أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ. وَذَكَرَ عَطَشًا أَصَابَهُمْ قَالَ: فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَاءٍ فِي تَوْرٍ فَوَضَعَ يَدَهُ فِيهِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ كَأَنَّهَا الْعُيُونُ. قَالَ: فَشَرِبْنَا وَوَسِعَنَا وَكَفَانَا.
قَالَ: قُلْتُ كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا! كُنَّا أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ! وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ أَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ. أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمْنَا الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً وَعَلَيْهَا خَمْسُونَ شَاةً مَا تُرْوِيهَا. قَالَ: فَقَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جَبَاهَا فَإِمَّا دَعَا وَإِمَّا بَزَقَ. قَالَ: فَجَاشَتْ. قَالَ: فَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا.(2/75)
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ طَارِقٍ قَالَ: انْطَلَقْتُ حَاجًّا فَمَرَرْتُ بِقَوْمٍ يُصَلُّونَ فَقُلْتُ: مَا هَذَا الْمَسْجِدُ؟ قَالُوا: هَذِهِ الشجرة حيث بايع النبي.
ص. بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ. فَأَتَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ كَانَ فِي مَنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحْتَ الشَّجَرَةِ. قَالَ: فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنَ الْعَامِ المقبل نَسِينَاهَا فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهَا. قَالَ سَعِيدٌ: إِنْ كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ لَمْ يَعْلَمُوهَا وَعَلِمْتُمُوهَا أَنْتُمْ فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ.
أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَتَذَاكَرُوا الشَّجَرَةَ فَضَحِكَ ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ الْعَامَ مَعَهُمْ وَأَنَّهُ قَدْ شَهِدَهَا فَنَسُوهَا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْجَصَّاصِ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: وَأَخْبَرَنِي سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحْتَ الشَّجَرَةِ يُبَايِعُ النَّاسَ وَأَبِي رَافِعٌ أَغْصَانَهَا عَنْ رَأْسِهِ.
أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ وَأَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الحضرمي قالا: أخبرنا يزيد بن بزيع عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَعْرَجِ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ:
كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ وَكَانَ يُبَايِعُ النَّاسَ وَأَنَا أَرْفَعُ بِيَدِي غُصْنًا مِنْ أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ عَنْ رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَبَايَعَهُمْ عَلَى أَنْ لا يَفِرُّوا وَلَمْ يُبَايِعْهُمْ عَلَى الْمَوْتِ. فَقُلْنَا لِمَعْقِلٍ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةِ رَجُلٍ.
أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ. أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الأَعْرَجِ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُبَايِعُ النَّاسَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَمَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ رَافِعٌ غُصْنًا مِنْ أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ بيده عن رأسه. فبايعهم يومئذ عَلَى أَنْ لا يَفِرُّوا. قَالَ: قُلْنَا كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَأْتُونَ الشَّجَرَةَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا شَجَرَةُ الرِّضْوَانِ فَيُصَلُّونَ عِنْدَهَا. قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَأَوْعَدَهُمْ فِيهَا وَأَمَرَ بِهَا فَقُطِعَتْ.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ أَبُو سِنَانٍ الأَسَدِيُّ.(2/76)
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ: هَذَا وَهْلٌ.
أَبُو سِنَانٍ الأَسَدِيُّ قُتِلَ فِي حِصَارِ بَنِي قُرَيْظَةَ قَبْلَ الْحُدَيْبِيَةِ. وَالَّذِي بَايَعَهُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ سِنَانُ بْنُ سِنَانٍ الأَسَدِيُّ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الصَّنْعَانِيُّ. حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ مَعْقِلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَمْ كَانُوا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ؟ قَالَ:
كُنَّا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً فَبَايَعْنَاهُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. وَهِيَ سَمُرَةٌ. وَعُمَرُ آخِذٌ بِيَدِهِ غَيْرَ جَدِّ بْنِ قَيْسٍ اخْتَبَأَ تَحْتَ إِبِطِ بَعِيرِهِ. وَسَأَلْتُهُ: كَيْفَ بَايَعُوهُ؟ قَالَ: بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لا نَفِرَّ وَلَمْ نُبَايِعْهُ عَلَى الْمَوْتِ. وَسَأَلْتُهُ: هَلْ بَايَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذِي الْحُلَيْفَةِ؟ فَقَالَ: لا وَلَكِنْ صَلَّى بِهَا وَلَمْ يُبَايِعْ عِنْدَ الشَّجَرَةِ إِلا الشَّجَرَةِ الَّتِي بِالْحُدَيْبِيَةِ. وَدَعَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بِئْرِ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَنَّهُمْ نَحَرُوا سَبْعِينَ بَدَنَةً. بَيْنَ كُلِّ سَبْعَةٍ مِنْهُمْ بَدَنَةً.
[قَالَ جَابِرٌ: وَأَخْبَرَتْنِي أُمُّ مُبَشِّرٍ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ عِنْدَ حَفْصَةَ:
لا يَدْخُلُ النَّارَ. إِنْ شَاءَ اللَّهُ. أَصْحَابُ الشَّجَرَةِ الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَهَا. قَالَتْ حَفْصَةُ:
بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَانْتَهَرَهَا. فَقَالَتْ حَفْصَةُ: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا. فقال النبي. ص: قَالَ اللَّهُ: «ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا» مريم: 72] .
وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ النَّهْدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: صَالِحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَلاثَةِ أَشْيَاءَ: عَلَى أَنَّ مَنْ أَتَاهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يُرَدُّ إِلَيْهِمْ. وَمَنْ أَتَاهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَرُدُّوهْ إِلَيْهِمْ. وَعَلَى أَنْ يَدْخُلُهَا مِنْ قَابِلٍ فَيُقِيمَ بِهَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلا يَدْخُلُهَا إِلا بِجُلُبَّانِ السِّلاحِ السَّيْفِ وَالْقَوْسِ وَنَحْوِهِ. فَجَاءَ أَبُو جَنْدَلٍ يَحْجُلُ فِي قَيْدِهِ فَرَدَّهُ إِلَيْهِمْ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: لَمَّا كَتَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكِتَابَ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ: اكْتُبُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. قَالُوا: أَمَّا اللَّهُ فَنَعْرِفُهُ وَأَمَّا الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ فَلا نَعْرِفُهُ. قَالَ:
فَكَتَبُوا بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ. قَالَ: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَسْفَلِ الْكِتَابِ: وَلَنَا عَلَيْكُمْ مِثْلُ الَّذِي لَكُمْ عَلَيْنَا.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ النَّهْدِيُّ. أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي زُمَيْلٍ عن ابن(2/77)
عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَقَدْ صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ مَكَّةَ عَلَى صُلْحٍ وَأَعْطَاهُمْ شَيْئًا لَوْ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهَ أَمَّرَ عَلَيَّ أَمِيرًا فَصَنَعَ الَّذِي صَنَعَ نَبِيُّ اللَّهِ مَا سَمِعْتُ لَهُ وَلا أَطَعْتُ. وَكَانَ الَّذِي جَعَلَ لَهُمْ أَنَّ مَنْ لَحِقَ مِنَ الْكُفَّارِ بِالْمُسْلِمِينَ يَرُدُّوهُ وَمَنْ لَحِقَ بِالْكُفَّارِ لَمْ يَرُدُّوهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ نَصْرُ بْنُ بَابٍ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّهُ قَالَ: اشْتَرَطَ أَهْلُ مَكَّةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلا يَدْخُلَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مَكَّةَ بِسِلاحٍ إِلا سِلاحًا فِي قِرَابٍ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ. أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: اشْتَرَطَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ ألا يدخلها بسلاح. [فقال رسول الله. ص: إِلا جُلُبَّانُ السِّلاحِ] . قَالَ: وَهُوَ الْقِرَابُ وَمَا فِيهِ السَّيْفُ وَالْقَوْسُ.
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا كَانَ سَفَرُ الْحُدَيْبِيَةِ صَدَّ الْمُشْرِكُونَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ عَنِ الْبَيْتِ فَقَاضُوا الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ قَضِيَّةً أَنَّ لَهُمُ أَنْ يَعْتَمِرُوا الْعَامَ الْمُقْبِلَ فِي هَذَا الشَّهْرِ الَّذِي صَدُّوهُمْ فِيهِ. فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ شَهْرًا حَرَامًا يَعْتَمِرُونَ فِيهِ مَكَانَ شَهْرِهِمُ الَّذِي صُدُّوا فِيهِ. فَذَلِكَ قَوْلُهُ: «الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ» البقرة: 194.
أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ قَالَ: حِينَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مَكَّةَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عهد أن لا يَلِجَ عَلَيْنَا بِسِلاحٍ وَلا يُقِيمَ بِمَكَّةَ إِلا ثَلاثَ لَيَالٍ. وَمَنْ خَرَجَ مِنَّا إِلَيْكُمْ رَدَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا وَمَنْ أَتَانَا مِنْكُمْ رَدَدْنَاهُ إِلَيْكُمْ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالا: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: نَحَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعِينَ بَدَنَةً عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ. الْبَدَنَةُ عَنْ سَبْعَةٍ. وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ فِي حَدِيثِهِ: وَكُنَّا يَوْمَئِذٍ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ وَمَنْ لَمْ يُضَحِّ يَوْمَئِذٍ أَكْثَرُ مِمَّنْ ضَحَّى.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بن الأكوع عن أبيه قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَزْوَةَ الْحُدَيْبِيَةِ فَنَحَرْنَا مِائَةَ بَدَنَةٍ(2/78)
وَنَحْنُ بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً وَمَعَهُمْ عُدَّةُ السِّلاحِ وَالرِّجَالِ وَالْخَيْلِ. وَكَانَ فِي بُدْنِهِ جَمَلُ أَبِي جَهْلٍ فَنَزَلَ بِالْحُدَيْبِيَةِ فَصَالَحَتْهُ قُرَيْشٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْهَدْيَ مَحَلُّهُ حَيْثُ حَبَسْنَاهُ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ. الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: نَحَرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ سَبْعِينَ بَدَنَةً عَنْ سَبْعَةٍ سَبْعَةٍ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أبي بشر بن سُلَيْمَانَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ سَبْعِينَ بَدَنَةً. الْبَدَنَةُ عَنْ سَبْعَةٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: نَحَرْنَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ سَبْعِينَ بَدَنَةً. الْبَدَنَةُ عَنْ سَبْعَةٍ. [وَقَالَ لَنَا رسول الله. ص:
لِيَشْتَرِكْ مِنْكُمُ النَّفْرُ الْهَدْيَ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّهُمْ نَحَرُوا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ سَبْعِينَ بَدَنَةً. عَنْ كُلِّ سَبْعَةٍ بَدَنَةً.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ:
ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[خَرَجَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ فَرَأَى رِجَالا مِنْ أَصْحَابِهِ قَدْ قَصَّرُوا فَقَالَ:
يَغْفِرُ اللَّهُ لِلْمُحَلِّقِينَ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلِلْمُقَصِّرِينَ؟ قَالَ ذَلِكَ ثَلاثًا وَأَجَابُوهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ. فَقَالَ عِنْدَ الرَّابِعَةِ: وَلِلْمُقَصِّرِينَ] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى أَصْحَابَهُ حلقوا رؤوسهم عام الحديبية غير عثمان بن عفان وقتادة الأنصاري. فاستغفر رسول الله.
ص. لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ وَلِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً.
أَخْبَرَنَا يُونُسُ بن محمد المؤدب. أخبرنا أوس بن عبيد اللَّهِ النَّصْرِيُّ. أَخْبَرَنَا بُرَيْدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِيهِ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغفر(2/79)
لِلْمُحَلِّقِينَ. فَقَالَ رَجُلٌ: وَلِلْمُقَصِّرِينَ؟ فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الرَّابِعَةِ: وَلِلْمُقَصِّرِينَ قَالَ: وَأَنَا مَحْلُوقٌ يَوْمَئِذٍ فَمَا سَرَّنِي حُمْرُ النَّعَمِ أَوْ خَطَرٌ عَظِيمٌ] .
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا صَدَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ وَحَلَقُوا بِالْحُدَيْبِيَةِ وَنَحَرُوا بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا عَاصِفًا فَاحْتَمَلَتْ أَشْعَارَهُمْ فَأَلْقَتْهَا فِي الْحَرَمِ.
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أخبرنا شَرِيكٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: «إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً» الفتح: 1. قَالَ: نَزَلَتْ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عيينة عن ابن جريح عَنْ مُجَاهِدٍ: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً» . إِنَّا قَضَيْنَا لَكَ قَضَاءً مُبِينًا. فَنَحَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحُدَيْبِيَةِ وَحَلَقَ رَأْسَهُ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ حِينَ رَجَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ: «إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ» الفتح: 1- 2.
أَخْبَرَنَا قبيصة بن عقبة. أخبرنا سفيان الثوري عن دَاوُدَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: الْهِجْرَةُ مَا بَيْنَ الْحُدَيْبِيَةِ إِلَى الْفَتْحِ وَالْحُدَيْبِيَةُ هِيَ الْفَتْحُ.
أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ. أَخْبَرَنَا مُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ قَالَ: شهدت الحديبية مع رسول الله.
ص. فَلَمَّا انْصَرَفْنَا عَنْهَا إِذَا النَّاسُ يُوجِفُونَ الأَبَاعِرَ. قَالَ: فَقَالَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَا لِلنَّاسِ؟ قَالُوا: أُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَخَرَجْنَا نُوجِفُ مَعَ النَّاسِ حَتَّى وَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاقِفًا عِنْدَ كُرَاعِ الْغَمِيمِ. فَلَمَّا اجْتَمَعَ إِلَيْهِ بَعْضُ مَا يُرِيدُ مِنَ النَّاسِ قَرَأَ عَلَيْهِمْ: «إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً» الفتح: 1. قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَ فَتْحٌ هُوَ؟ [قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَفَتْحٌ!] قَالَ:
ثُمَّ قُسِّمَتْ خَيْبَرُ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَكَانَ الْجَيْشُ أَلْفًا وَخَمَسَمِائَةٍ. فِيهِمْ ثَلاثُمِائَةِ فَارِسٍ. وَكَانَ لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ.
أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ. أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ. أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: قَالَ الْبَرَاءُ:
أَمَّا نَحْنُ فَنُسَمِّي الَّذِي يُسَمَّوْنَ فَتْحَ مَكَّةَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ.(2/80)
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: خَرَجَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - بَعْدَ ذَلِكَ بَأَعْوَامٍ فَمَا عَرَفَ أَحَدٌ مِنْهُمُ الشَّجَرَةَ وَاخْتَلَفُوا فِيهَا. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَانَتْ رحمة من الله.
أخبرنا عبد الله بن الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ. أَخْبَرَنِي أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَصَابَنَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ مَطَرٌ لَمْ يَبُلَّ أَسَافِلَ نِعَالِنَا فَنَادَى مُنَادِيَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ.
غَزْوَةُ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خيبر «1»
ثم غزوة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خيبر فِي جمادى الأولى سنة سبع مِن مهاجره. وهي عَلَى ثمانية برد مِن المدينة. قَالُوا: أَمَرَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصحابه بالتهيؤ لغزوة خيبر ويجلب مِن حوله يغزون معه [فَقَالَ: لا يخرجن معنا إلا راغب فِي الجهاد] . وشق ذَلِكَ عَلَى مِن بقي بالمدينة مِن اليهود فخرج. واستخلف عَلَى المدينة سباع بْن عرفطة الغفاري وأخرج معه أم سلمة زوجته. فلما نزل بساحتهم لم يتحركوا تلك الليلة. ولم يصح لهم ديك حتى طلعت الشمس. وأصبحوا وأفئدتهم تخفق وفتحوا حصونهم وغدوا إلى أعمالهم معهم المساحي والكرازين والمكاتل. فلما نظروا إلى رسول الله.
ص. قَالُوا: مُحَمَّد والخميس! يعنون بالخميس الجيش. فولوا هاربين إلى حصونهم [وَجَعَلَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: اللَّه أكبر خربت خيبر! إنا إذا نزلنا بساحة قوم فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ!] ووعظ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ وفرق فيهم الرايات ولم يكن الرايات إلا يوم خيبر إنما كانت الألوية فكانت راية النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السوداء مِن برد لعائشة تدعى العقاب ولواؤه أبيض ودفعة إلى عَلِيّ بْن أَبِي طالب. وراية إلى الحباب ابن المنذر. وراية إلى سعد بْن عبادة. وكان شعارهم: يا منصور أمت! فقاتل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المشركين. قاتلوه أشد القتال وقتلوا مِن أصحابه عدة وقتل منهم جماعة كثيرة. وفتحها حصنا حصنا. وهي حصون ذوات عدد منها النطاة ومنها حصن الصعب ابن معاذ وحصن ناعم وحصن قلعة الزبير والشق. وبه حصون منها حصن أَبِي وحصن النزار. وحصون الكتيبة منها القموص والوطيح وسلالم. وهو حصن بني أبي الحقيق.
__________
(1) تاريخ الطبري (3/ 9) ، وسيرة ابن هشام (2/ 237) ، ومغازي الواقدي (633) .(2/81)
وأخذ كنز آل الحقيق الَّذِي كَانَ فِي مسك الجمل. وكانوا قد غيبوه فِي خربة فدل اللَّه رسوله عَلَيْهِ فاستخرجه وقتل منهم ثلاثة وتسعين رجلا مِن يهود. منهم الحارث أَبُو زينب ومرحب وأسير وياسر وعامر وكنانة بْن أَبِي الحقيق وأخوه. وإنما ذكرنا هَؤُلَاءِ وسميناهم لشرفهم. واستشهد مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بخيبر ربيعة بن أكثم وثقف ابن عَمْرو بْن سميط ورفاعة بْن مسروح. وَعَبْد اللَّه بْن أُميّة بْن وهب حليف لبني أسد بْن عَبْد العزى. ومحمود بْن مسلمة. وأبو ضياح بْن النعمان مِن أهل بدر. والحارث بْن حاطب مِن أهل بدر. وعدي بْن مرة بْن سراقة وأوس بْن حبيب وأنيف بن وائل ومسعود ابن سعد بْن قيس. وبشر بْن البراء بْن معرور مات مِن الشاة المسمومة. وفضيل بْن النعمان. وعامر بْن الأكوع أصاب نفسه فدفن هُوَ ومحمود بْن مسلمة فِي غار واحد بالرجيع بخيبر. وعمارة بْن عقبة بْن عباد بْن مليل. ويسار العبد الأسود ورجل مِن أشجع. فجميعهم خمسة عشر رجلا. وفي هذه الغزاة سمت زينب بِنْت الحارث امْرَأَة سلام بْن مشكم رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أهدت لَهُ شاة مسمومة فأكل مِنْهَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وناس مِن أصحابه فيهم بشر بْن البراء بْن معرور فمات منها. فيقال أن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قتلها وهو الثبت عندنا. وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالغنائم فجمعت واستعمل عليها فروة بن عَمْرو البياضي ثُمَّ أمر بذلك فجزئ خمسة أجزاء وكتب فِي سهم منها لله وسائر السهمان أغفال. وكان أول ما خرج سهم النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يتخير فِي الأخماس فأمر ببيع الأربعة الأخماس فِي مِن يزيد فباعها فروة وقسم ذَلِكَ بين أصحابه. وكان الَّذِي ولي إحصاء النّاس زيد بن ثابت فأحصاهم ألفا وأربعمائة والخيل مائتي فرس. وكانت السهمان عَلَى ثمانية عشر سهما لكل مائة رأس وللخيل أربعمائة سهم. وكان الخمس الَّذِي صار إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعطى منه عَلَى ما أراه اللَّه مِن السلاح والكسوة. وأعطى منه أهل بيته ورجالا مِن بني عَبْد المطلب ونساء واليتيم والسائل. وأطعم مِن الكتيبة نساءه وبني عَبْد المطلب وغيرهم. وقدم الدوسيون فيهم أَبُو هريرة وقدم الطفيل بْن عَمْرو وقدم الأَشْعَرِيُّونَ وَرَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِخَيْبَرَ فلحقوه بها فَكَلَّمَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصحابه فيهم أن يشركوهم فِي الغنيمة ففعلوا. وقدم جَعْفَر بْن أَبِي طالب وأهل السفينتين مِن عند النجاشي بعد أن فتحت خيبر [فقال رسول الله. ص: ما أدري بأيهما أَنَا أسر بقدوم جَعْفَر أو بفتح خيبر؟] وكانت صفية بِنْت حيي مِمن سَبَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بخيبر فأعتقها وتزوجها. وقدم(2/82)
الحجاج بْن علاط السُّلمَي عَلَى قريش بمكة فأخبرهم أن محمدا قد أسرته يهود وتفرق أصحابه وقتلوا. وهم قادمون بهم عليكم. واقتضى الحجاج دينه وخرج سريعا فلقيه الْعَبَّاس بْن عَبْد المطلب فأخبره خبر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - على حقه وسأله أن يكتم عَلَيْهِ حتى يخرج. ففعل الْعَبَّاس. فلما خرج الحجاج أعلن بذلك الْعَبَّاس وأظهر السرور وأعتق غلاما يقال لَهُ أَبُو زبيبة.
أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى خَيْبَرَ لِثَمَانِي عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ. فَصَامَ طَوَائِفُ مِنَ النَّاسِ وَأَفْطَرَ آخَرُونَ. فَلَمْ يَعِبْ عَلَى الصَّائِمِ صَوْمَهُ وَلا عَلَى الْمُفْطِرِ فِطْرَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: انْتَهَيْنَا إِلَى خَيْبَرَ لَيْلا. فَلَمَّا أَصْبَحْنَا وَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْغَدَاةَ رَكِبَ وَرَكِبَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ فَخَرَجَ وَخَرَجَ أَهْلُ خَيْبَرَ حِينَ أَصْبَحُوا بِمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ كَمَا كَانُوا فِي أَرَضِيهِمْ. فَلَمَّا رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ! مُحَمَّدٌ وَالْجَيْشُ! ثُمَّ رَجَعُوا هِرَابَا إِلَى مَدِينَتِهِمْ. [فَقَالَ النبي. ص: الله أكبر خربت خيبر! إنا إذا نزلنا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ!] قَالَ أَنَسٌ: وَأَنَا رَدِيفُ أَبِي طَلْحَةَ وَإِنَّ قَدَمَيَّ لَتَمَسُّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: لَمَّا صَبَّحَ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خيبر وَقَدْ أَخَذُوا مَسَاحِيَهُمْ وَغَدَوْا إِلَى حُرُوثِهِمْ وَأَرَضِيَهُمْ. فَلَمَّا رَأَوْا نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ الْجَيْشُ نَكَصُوا مُدْبِرِينَ [فَقَالَ نَبِيُّ الله. ص: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ! إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ!] .
أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ. أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: لما نزل رسول الله.
ص. بِحَضْرَةِ خَيْبَرَ فَزِعَ أَهْلُ خَيْبَرَ وَقَالُوا: جَاءَ مُحَمَّدٌ وَأَهْلُ يَثْرِبَ. [قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ رَأَى فَزَعَهُمْ: إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح الْمُنْذَرِينَ!] .
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
كُنْتُ رَدِيفَ أَبِي طَلْحَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ وَقَدَمِي تَمَسُّ قَدَمَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَأَتَيْنَاهُمْ حِينَ بَزَغَتِ الشَّمْسُ وَقَدْ أَخْرَجُوا مَوَاشِيَهُمْ وَخَرَجُوا بِفُؤُوسِهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ وَمُرُورِهِمْ(2/83)
وَقَالُوا: مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ! قَالَ: [وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ! إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ! قَالَ: فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ] .
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النبي.
ص. صَلَّى الصُّبْحَ بِغَلَسٍ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ خَيْبَرَ ثُمَّ أَغَارَ عَلَيْهِمْ [فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خيبر! إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ!] فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ فَخَرَجُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ وَيَقُولُونَ: مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ! مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ! قَالَ: فَقَتَلَ الْمُقَاتِلَةَ وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: وَأَظُنُّهُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ: أَتَى رَسُولُ الله. ع. أَهْلَ خَيْبَرَ عِنْدَ الْفَجْرِ فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى أَلْجَأَهُمْ إِلَى قَصْرِهِمْ وَغَلَبَهُمْ عَلَى الأَرْضِ وَالنَّخْلِ. فَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَحْقُنَ دِمَاءَهُمْ وَلَهُمْ مَا حَمَلَتْ رِكَابُهُمْ وَلِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّفْرَاءُ وَالْبَيْضَاءُ وَالْحَلْقَةُ. وَهُوَ السِّلاحُ. وَيُخْرِجُهُمْ. وَشَرَطُوا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لا يَكْتُمُوهُ شَيْئًا. فَإِنْ فَعَلُوا فَلا ذِمَّةَ لَهُمْ وَلا عَهْدَ. فَلَمَّا وَجَدَ الْمَالَ الَّذِي غَيَّبُوهُ فِي مَسْكِ الْجَمَلِ سَبَى نِسَاءَهُمْ وَغَلَبَ عَلَى الأَرْضِ وَالنَّخْلِ وَدَفَعَهَا إِلَيْهِمْ عَلَى الشَّطْرِ. فَكَانَ ابْنُ رَوَاحَةَ يَخْرُصُهَا عَلَيْهِمْ وَيُضَمِّنَهُمُ الشَّطْرَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: كَانَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ خَيْبَرَ مائتا فرس.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ. أَخْبَرَنَا سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يَوْمَ خَيْبَرَ: لأَدْفَعَنَّ الرَّايَةَ إِلَى رَجُلٍ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَيَفْتَحُ عَلَيْهِ. قَالَ: قَالَ عُمَرُ فَمَا أَحْبَبْتُ الإِمَارَةَ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ فَتَطَاوَلْتُ لَهَا وَاسْتَشْرَفْتُ رَجَاءَ أَنْ يَدْفَعَهَا إِلَيَّ. فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ دَعَا عَلِيًّا فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ فَقَالَ: قَاتِلْ وَلا تَلْتَفِتْ حَتَّى يُفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ. فَسَارَ قَرِيبًا ثُمَّ نَادَى: يَا رسول الله علا م أُقَاتِلُ؟ قَالَ:
حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ مَنَعُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ] .
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ. أَخْبَرَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: بَارَزَ عَمِّي يَوْمَ خَيْبَرَ مَرْحَبَ الْيَهُودِيَّ فَقَالَ مَرْحَبٌ:(2/84)
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ فَقَالَ عَمِّي عَامِرٌ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرُ ... شَاكُ السِّلاحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ
فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ وَذَهَبَ عَامِرٌ يَسْفُلُ لَهُ. فَرَجَعَ السَّيْفُ عَلَى سَاقِهِ فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ فَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ. قَالَ سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ: فَلَقِيتُ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا: بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ قَتَلَ نَفْسَهُ! قَالَ سَلَمَةُ: فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبْكِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ؟ قَالَ: وَمَنْ قَالَ ذَاكَ؟ قُلْتُ: أُنَاسٌ مِنْ أصحابك! [قال رسول الله. ص: كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَاكَ! بَلْ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ] . إِنَّهُ حِينَ خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ جَعَلَ يَرْجُزُ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِيهِمُ النَّبِيُّ يَسُوقُ الرِّكَابَ وَهُوَ يَقُولُ:
تَاللَّهِ. لَوْلا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا. ... وَمَا تَصَدَّقْنَا وَمَا صَلَّيْنَا
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَيْنَا. ... إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا
وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا. ... فَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا
وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً علينا
[فقال رسول الله. ص: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: عَامِرٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ] قَالَ: وَمَا اسْتَغْفَرَ لإِنْسَانٍ قَطُّ يَخُصُّهُ إِلا اسْتُشْهِدَ. فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: يَا رَسُولَ الله لو ما مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ. فَتَقَدَّمَ فَاسْتُشْهِدَ. قَالَ سَلَمَةُ: ثُمَّ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أرسلني إلى علي [فقال: لأعطين الراية رَجُلا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ] . قَالَ: فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ أَرْمَدَ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَيْنَيْهِ ثُمَّ أَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَخَرَجَ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ فَقَالَ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِي مَرْحَبُ ... شَاكُ السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ
فَقَالَ عَلِيٌّ. صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَبَرَكَاتُهُ:
أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ ... كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ
أَكِيلُهُمْ بِالصَّاعِ كَيْلَ الْمَنْدَرَهْ!(2/85)
فَفَلَقَ رَأْسَ مَرْحَبٍ بِالسَّيْفِ. وَكَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ.
أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَاضِي الْكُوفَةِ. حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ الْمُخْتَارِ بْنِ عَبْدِ الله ابن أَبِي لَيْلَى الأَنْصَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الأَنْصَارِيِّ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا ظَهْرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى خَيْبَرَ صَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَخْرُجُوا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ لَيْسَ لَهُمْ بَيْضَاءُ وَلا صَفْرَاءُ. فَأُتِيَ بِكِنَانَةِ وَالرَّبِيعِ. وَكَانَ كِنَانَةُ زَوْجَ صَفِيَّةَ وَالرَّبِيعُ أَخُوهُ وابن عمه. [فقال لهما رسول الله. ص: أَيْنَ آنِيَتُكُمَا الَّتِي كُنْتُمَا تُعِيرَانِهَا أَهْلَ مَكَّةَ؟ قَالا: هَرَبْنَا فَلَمْ تَزَلْ تَضَعُنَا أَرْضٌ وَتَرْفَعُنَا أُخْرَى فَذَهَبْنَا فَأَنْفَقْنَا كُلَّ شَيْءٍ. فَقَالَ لَهُمَا: إِنَّكُمَا إِنْ كَتَمْتُمَانِي شَيْئًا فَاطَّلَعْتُ عَلَيْهِ اسْتَحْلَلْتُ دِمَاءَكُمَا وَذَرَارِيَّكُمَا. فَقَالا: نَعَمْ! فَدَعَا رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَى قَرَاحِ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ ائْتِ النَّخْلَ فَانْظُرْ نَخْلَةً عَنْ يَمِينِكَ أَوْ عَنْ يَسَارِكَ فَانْظُرْ نَخْلَةً مَرْفُوعَةً فَأْتِنِي بِمَا فِيهَا. قَالَ: فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُ بِالآنِيَةِ وَالأَمْوَالِ فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمَا وَسَبَى أَهْلَيْهِمَا. وَأَرْسَلَ رَجُلا فَجَاءَ بِصَفِيَّةَ فَمَرَّ بِهَا عَلَى مَصْرَعِهِمَا فَقَالَ لَهُ نبي الله. ص: لِمَ فَعَلْتَ؟ فَقَالَ:
أَحْبَبْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ أَغِيظَهَا. قَالَ: فَدَفَعَهَا إِلَى بِلالٍ وَإِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَكَانَتْ عِنْدَهُ] .
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ. فَأَخَذُوا الْحُمُرَ الإِنْسِيَّةَ فَذَبَحُوهَا وَمَلَئُوا مِنْهَا الْقُدُورَ فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيَّ اللَّهِ.
صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَيْهِ. قَالَ جَابِرٌ: فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَفَأْنَا الْقُدُورَ وَهِيَ تَغْلِي.
فَحَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحُمُرَ الإِنْسِيَّةَ وَلُحُومَ الْبِغَالِ وَكُلَّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَكُلَّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ وَحَرَّمَ الْمُجَثَّمَةَ وَالْخُلْسَةَ وَالنُّهْبَةَ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عمرو بن دينار عن محمد ابن عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا هشام بن حسان. أخبرنا محمد.
أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: أَتَى آتٍ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خَيْبَرَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَلْتُ الْحُمُرَ! ثُمَّ أَتَاهُ آتٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَنِيَتِ الْحُمُرُ! فَأَمَرَ أَبَا طَلْحَةَ فَنَادَى: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ فَإِنَّهَا رِجْسٌ. فَأُكْفِئَتِ الْقُدُورُ.(2/86)
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: أَصَبْنَا حُمُرًا يَوْمَ خَيْبَرَ. قَالَ: فَنَادَى مُنَادِيَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن اكفؤوا الْقُدُورَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ ضَمْرَةَ الْفَزَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلِيطٍ عَنْ أَبِيهِ أَبِي سَلِيطٍ. وَكَانَ بَدْرِيًّا. قَالَ: أَتَانَا نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَإِنَّا جِيَاعٌ فَكَفَأْنَاهَا.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَيْبَرَ قَسَّمَهَا عَلَى سِتَّةٍ وَثَلاثِينَ سَهْمًا. جَمَعَ كُلُّ سَهْمٍ مِائَةَ سَهْمٍ. وَجَعَلَ نِصْفَهَا لِنَوَائِبِهِ وَمَا يَنْزِلُ بِهِ. وَعَزَلَ النِّصْفَ الآخَرَ فَقَسَّمَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَسَهْمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا قُسِّمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ الشِّقُّ وَنَطَاةُ وَمَا حَيِّزَ مَعَهُمَا. وَكَانَ فِيمَا وَقَفَ الْوَطِيحَةُ وَالْكُتَيْبَةُ وَسَلالِمُ وَمَا حَيِّزَ مَعَهُنَّ. فَلَمَّا صارت الأموال في يد النبي.
ص. وَأَصْحَابِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنَ الْعُمَّالِ مَا يَكْفُونَ عَمَلَ الأَرْضِ فَدَفَعَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
إِلَى الْيَهُودِ يَعْمَلُونَهَا عَلَى نِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا. فَلَمْ يَزَالُوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَكَثُرَ فِي يَدَيِ الْمُسْلِمِينَ الْعُمَّالُ وَقَوُوا عَلَى عَمَلِ الأَرْضِ. فَأَجْلَى عُمَرُ الْيَهُودَ إِلَى الشَّامِ وَقَسَمَ الأَمْوَالَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْيَوْمِ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يحيى بن سعيد عن بشير ابن يَسَارٍ قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْبَرَ أَخَذَهَا عَنْوَةً فَقَسَمَهَا عَلَى سِتَّةٍ وَثَلاثِينَ سَهْمًا. فَأَخَذَ لِنَفْسِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَقَسَمَ بَيْنَ النَّاسِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا. وَشَهِدَهَا مِائَةُ فَرَسٍ وَجَعَلَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ عن مكحول: أن رسول الله.
ص. أَسْهَمَ يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَارِسِ ثَلاثَةَ أَسْهُمٍ: سَهْمَانِ لِفَرَسِهِ وَسَهْمٌ لَهُ.
أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ أَخْبَرَنِي عُمَيْرٌ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ سَيِّدِي يَوْمَ خَيْبَرَ فَشَهِدْتُ فَتْحَهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَقْسِمَ لِيَ مَعَهُمْ فَأَعْطَانِي مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ وَلَمْ يَقْسِمْ لِي.(2/87)
أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ.
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيُّ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْحَارِثِ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ خَيْبَرَ لِسَهْلَةَ بِنْتَ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ وَلابْنَةٍ لَهَا وُلِدَتْ.
أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ فُلانٍ الْجَيْشَانِيِّ أَوْ قَالَ عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ مَوْلَى تُجِيبَ عَنْ حَنَشٍ قَالَ: شَهِدْتُ فَتْحَ جَرْبَةَ مَعَ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ الْبَلَوِيِّ قَالَ فَخَطَبَنَا فَقَالَ: شَهِدْتُ فَتْحَ خَيْبَرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَمِعْتُهُ [يَقُولُ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يَسْقِ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ. وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يَقْضِ عَلَى امْرَأَةٍ مِنَ السَّبْيِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا. وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يَبِعْ مَغْنَمًا حَتَّى يُقْسَمَ. وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يَرْكَبْ دَابَّةً مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إِذَا أَعْجَفَهَا رَدَّهَا فِي فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ. أَوْ يَلْبَسَ ثَوْبًا حَتَّى إِذَا أَخْلَقَهُ رَدَّهُ فِي فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ] .
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: قَالَ الْحَكَمُ:
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى فِي قَوْلِهِ: «وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً» الفتح: 18.
قَالَ: خَيْبَرُ. «وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها» الفتح: 21. قَالَ: فَارِسُ وَالرُّومُ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ [فَقَالَ النَّبِيُّ. ص: اجْمَعُوا مَنْ كَانَ هَاهُنَا مِنَ الْيَهُودِ. فَجَمَعُوا له فقال رسول الله. ص: إِنِّي سَائِلُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَقَالَ لهم رسول الله. ص: مَنْ أَبُوكُمْ؟ قَالُوا: أَبُونَا فُلانٌ. فَقَالَ رَسُولُ الله. ص: كَذَبْتُمْ! أَبُوكُمْ فُلانٌ. قَالُوا: صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ. فَقَالَ: هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَإِنْ كَذَبْنَاكَ عَرَفْتَ كَذِبَنَا كَمَا عَرَفْتَهُ فِي أَبِينَا. فَقَالَ لهم رسول الله. ص: مِنْ أَهْلِ النَّارِ! فَقَالُوا: نَكُونُ فِيهَا يَسِيرًا ثم تخلفونا فيها. فقال رسول الله. ص: اخْسَئُوا فِيهَا وَلا نَخْلُفُكُمْ فِيهَا أَبَدًا. ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. قَالَ لَهُمْ: هَلْ جَعَلْتُمْ فِي هَذِهِ الشاة سما؟ قالوا: نعم. قال: ما حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالُوا: أَرَدْنَا إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا اسْتَرَحْنَا مِنْكَ وَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يضررك.](2/88)
أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَاضِي أَهْلِ الْكُوفَةِ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَخْرُجَ مِنْ خَيْبَرَ قَالَ الْقَوْمُ: الآنَ نَعْلَمُ أَسُرِّيَّةٌ صَفِيَّةُ أَمِ امْرَأَةٌ.
فَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةٌ فَإِنَّهُ سَيَحْجِبُهَا. وَإِلا فَهِيَ سُرِّيَّةٌ. فَلَمَّا خَرَجَ أَمَرَ بِسِتْرٍ فَسُتِرَ دُونَهَا فَعَرَفَ النَّاسُ أَنَّهَا امْرَأَةٌ. فَلَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تَرْكَبَ أَدْنَى فَخِذَهُ مِنْهَا لِتَرْكَبَ عَلَيْهَا فَأَبَتْ وَوَضَعَتْ رُكْبَتَهَا عَلَى فَخِذِهِ ثُمَّ حَمْلَهَا. فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ نَزَلَ فَدَخَلَ الْفُسْطَاطَ وَدَخَلَتْ مَعَهُ. وَجَاءَ أَبُو أَيُّوبَ فَبَاتَ عِنْدَ الْفُسْطَاطِ مَعَهُ السَّيْفُ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى الْفُسْطَاطِ. فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ الْحَرَكَةَ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَنَا أَبُو أَيُّوبَ! فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جَارِيَةٌ شَابَّةٌ حَدِيثَةُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ. وَقَدْ صَنَعَتْ بِزَوْجِهَا مَا صَنَعَتْ. فَلَمْ آمَنْهَا. قُلْتُ إِنْ تَحَرَّكَتْ كُنْتُ قَرِيبًا مِنْكَ. [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص:
رَحِمَكَ اللَّهُ يَا أَبَا أَيُّوبَ! مَرَّتَيْنِ] .
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
وَقَعَتْ صَفِيَّةُ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ. وَكَانَتْ جَارِيَةٌ جَمِيلَةٌ. فَاشْتَرَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ وَدَفَعَهَا إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ تُصَنِّعُهَا وَتُهَيِّئُهَا. وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِيمَتَهَا التَّمْرَ وَالأَقِطَ وَالسَّمْنَ. قَالَ: فَفُحِصَتِ الأَرْضُ أَفَاحِيصَ وَجِيءَ بِالأَنْطَاعِ فَوُضِعَتْ فِيهَا ثُمَّ جِيءَ بِالأَقِطِ وَالسَّمْنِ وَالتَّمْرِ فَشَبِعَ النَّاسُ. قَالَ: وقال الناس مَا نَدْرِي أَتَزَوَّجَهَا أَمِ اتَّخَذَهَا أُمَّ وَلَدٍ؟ قَالَ فَقَالُوا: إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ. قَالَ:
فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَ حَجَبَهَا حَتَّى قَعَدَتْ عَلَى عَجَزِ الْبَعِيرِ. قَالَ: فَعَرَفُوا أَنَّهُ قَدْ تَزَوَّجَهَا.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ فِي ذَلِكَ السَّبْيِ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ فَصَارَتْ إِلَى دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ ثُمَّ صَارَتْ بَعْدُ إِلَى النبي.
ص. فَأَعْتَقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا. قَالَ حَمَّادٌ: قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ لِثَابِتٍ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَنْتَ قُلْتَ لأَنَسٍ مَا أَصْدَقَهَا؟ قَالَ: أَصْدَقَهَا نَفْسَهَا. قَالَ: فَحَرَّكَ ثَابِتٌ رَأْسَهُ كَأَنَّهُ صَدَّقَهُ.
سرية عُمَر بْن الْخَطَّاب. رحمه اللَّه. إلى تربة «1»
ثُمَّ سرية عُمَر بْن الْخَطَّاب. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. إلى تربة فِي شعبان سنة سبع من
__________
(1) مغازي الواقدي (722) .(2/89)
مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَر بْن الْخَطَّاب فِي ثَلاثِينَ رَجُلا إِلَى عُجْزِ هَوَازِنَ بِتُرْبَةَ. وهي بناحية العبلاء عَلَى أربع ليال مِن مكّة طريق صنعاء ونجران. فخرج وخرج معه دليل مِن بني هلال. فكان يسير الليل ويكمن النهار. فأتى الخبر هوازن فهربوا. وجاء عُمَر بْن الْخَطَّاب محالهم فلم يلق منهم أحدا فانصرف راجعا إلى المدينة.
سَرِيَّةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. إِلَى بَنِي كِلابٍ بِنَجْدٍ «1»
ثُمَّ سرية أَبِي بَكْر الصديق إلى بني كلاب بنجد ناحية ضرية فِي شعبان سنة سبع من مهاجر رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ. أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ. أَخْبَرَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنُ الأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ إِذْ بَعَثَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْنَا فَسَبَى نَاسًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقَتَلْنَاهُمْ. فَكَانَ شِعَارُنَا: أَمِتْ أَمِتْ! قَالَ: فَقَتَلْتُ بِيَدَيَّ سَبْعَةً أَهْلَ أَبْيَاتٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ. أخبرنا إِيَاسَ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ إِلَى فَزَارَةَ وَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا مَا دَنَوْنَا مِنَ الْمَاءِ عَرَّسَ أَبُو بَكْرٍ. حَتَّى إِذَا مَا صَلَّيْنَا الصُّبْحَ أَمَرَنَا فَشَنَنَّا الْغَارَةَ فَوَرَدْنَا الْمَاءَ. فَقَتَلَ أَبُو بَكْرٍ مَنْ قَتَلَ وَنَحْنُ مَعَهُ. قَالَ سَلَمَةُ: فَرَأَيْتُ عُنُقًا مِنَ النَّاسِ فِيهِمُ الذَّرَارِيُّ فَخَشِيتُ أَنْ يَسْبِقُونِي إِلَى الْجَبَلِ فَأَدْرَكْتُهُمْ فَرَمَيْتُ بِسَهْمٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْجَبَلِ.
فَلَمَّا رَأَوُا السَّهْمَ قَامُوا فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنْ فَزَارَةَ فِيهِمْ عَلَيْهَا قَشْعٌ مِنْ أَدَمٍ. مَعَهَا ابْنَتُهَا مِنْ أَحْسَنِ الْعَرَبِ. فَجِئْتُ أَسُوقُهُمْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَنَفَّلَنِي أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا فَلَمْ أَكْشِفْ لَهَا ثَوْبًا حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ. ثُمَّ بَاتَتْ عِنْدِي فَلَمْ أَكْشِفْ لَهَا ثَوْبًا حَتَّى لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ.
ص. فِي السُّوقِ [فَقَالَ: يَا سَلَمَةُ هَبْ لِيَ الْمَرْأَةَ! فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! وَاللَّهِ لَقَدْ أَعْجَبَتْنِي وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا! فَسَكَتَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السُّوقِ وَلَمْ أَكْشِفْ لَهَا ثَوْبًا فَقَالَ: يَا سَلَمَةُ هَبْ لِيَ الْمَرْأَةَ لِلَّهِ أَبُوكَ! قَالَ: فَقُلْتُ: هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: فَبَعَثَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - إلى أَهْلِ مَكَّةَ فَفَدَى بِهَا أَسْرَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ كانوا في أيدي المشركين] .
__________
(1) مغازي الواقدي (722) .(2/90)
سرية بشير بْن سعد الْأَنْصَارِيّ إلى فدك «1»
ثُمَّ سرية بشير بْن سعد إلى فدك فِي شعبان سنة سبع مِن مهاجر رَسُول الله.
ص. قَالُوا: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بشير بْن سعد فِي ثَلاثِينَ رَجُلا إِلَى بَنِي مَرَّةَ بِفَدَكَ. فخرج يلقى رعاء الشاء. فسأل عَن النّاس فقيل فِي بواديهم. فاستاق النعم والشاء وانحدر إلى المدينة. فخرج الصريخ فأخبرهم فأدركه الدهم منهم عند الليل.
فأتوا يرامونهم بالنبل حتى فنيت نبل أصحاب بشير وأصبحوا. فحمل المريون عليهم فأصابوا أصحاب بشير وقاتل بشير حتى ارتث وضرب كعبه فقيل قد مات. ورجعوا بنعمهم وشائهم. وقدم علبة بْن زيد الحارثي بخبرهم عَلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قدم مِن بعده بشير بْن سعد.
سرية غالب بْن عَبْد اللَّه الليثي إلى الميفعة «2»
ثُمَّ سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى الميفعة فِي شهر رمضان سنة سبع مِن مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غالب بْن عَبْد اللَّه إلى بني عوال وبني عَبْد بْن ثعلبة. وهم بالميفعة. وهي وراء بطن نخل إلى النقرة قليلا بناحية نجد. وبينها وبين المدينة ثمانية برد. بعثه فِي مائة وثلاثين رجلا ودليلهم يسار مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهجموا عليهم جميعا ووقعوا وسط محالهم. فقتلوا مِن أشرف لهم واستاقوا نعما وشاء فحدروه إلى المدينة ولم يأسروا أحدا. وفي هذه السرية قتل أسامة بْن زيد الرجل الَّذِي قَالَ لا إله إلا اللَّه. [فَقَالَ النَّبِيّ. ص: ألا شققت قلبه فتعلم صادق هُوَ أم كاذب؟ فَقَالَ أسامة: لا أقاتل أحدا يشهد أن لا إله إلا اللَّه.]
سرية بشير بْن سعد الْأَنْصَارِيّ إلى يمن وجبار «3»
ثُمَّ سرية بشير بْن سعد الْأَنْصَارِيّ إلى يمن وجبار فِي شوال سنة سبع مِن مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن جمعا من غطفان بالجناب قد
__________
(1) مغازي الواقدي (723) .
(2) مغازي الواقدي (726) .
(3) مغازي الواقدي (727) .(2/91)
واعدهم عيينة بْن حصن ليكون معهم ليزحفوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعا رسول الله.
ص. بشير بْن سعد فعقد لَهُ لواء وبعث معه ثلاثمائة رَجُل. فساروا الليل وكمنوا النهار حتى أتوا إلى يمن وجبار وهي نحو الجناب. والجناب يعارض سلاح وخيبر ووادي القرى. فنزلوا بسلاح ثُمَّ دنوا مِن القوم فأصابوا لهم نعما كثيرا وتفرق الرعاء. فحذروا الجمع فتفرقوا ولحقوا بعلياء بلادهم. وخرج بشير بْن سعد فِي أصحابه حتى أتى محالهم فيجدها وليس فيها أحد. فرجع بالنعم وأصاب منهم رجلين فأسرهما وقدم بهما إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأسلما فأرسلهما.
عُمْرَةُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - القضية «1»
ثُمَّ عمرة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقَضِيَّةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ مِن مهاجره. قَالُوا:
لما دخل هلال ذي القعدة أَمَرَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصحابه أن يعتمروا قضاء لعمرتهم الّتي صدهم المشركون عَنْهَا بالحديبية. وأن لا يتخلف أحد ممن شهد الحديبية. فلم يتخلف منهم أحد إلا رجال استشهدوا منهم بخيبر ورجال ماتوا. وخرج مع رسول الله.
ص. قوم مِن المسلمين عمارا فكانوا فِي عمرة القضية ألفين. واستخلف عَلَى المدينة أَبَا رهم الغفاري وساق رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ستين بدنة وجعل عَلَى هديه ناجية بْن جندب الأسلمي. وحمل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السلاح البيض والدروع والرماح وقاد مائة فرس. فلما انتهى إلى ذي الحليفة قدم الخيل أمامه عليها مُحَمَّد بْن مسلمة. وقدم السلاح واستعمل عَلَيْهِ بشير بْن سعد. وأحرم رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِن باب المسجد ولبى والمسلمون معه يلبون. ومضى مُحَمَّد بْن مسلمة فِي الخيل إلى مر الظهران فوجد بها نفرا مِن قريش فسألوه فَقَالَ: هَذَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصبح هذا المنزل غدا إن شاء اللَّه. فأتوا قريشا فأخبروهم ففزعوا وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمر الظهران وقدم السلاح إلى بطن يأجج حيث ينظر إلى أنصاب الحرم. وخلف عَلَيْهِ أوس بْن خولي الْأَنْصَارِيّ فِي مائة رَجُل. وخرجت قريش مِن مكّة إلى رؤوس الجبال وخلوا مكّة.
فَقَدِمَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الهدي أمامه فحبس بذي طوى. وَخَرَجَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
عَلَى راحلته القصواء والمسلمون متوشحون السيوف محدقون برسول اللَّه - صَلَّى الله عليه وسلم - يلبون فدخل من الثنية التي تطلعه على الحجون وعبد الله بن رواحة آخذ بزمام راحلته. فلم
__________
(1) مغازي الواقدي (731) ،. والروض الأنف (2/ 254) .(2/92)
يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يلبي حتى استلم الركن بمحجنه مضطبعا بثوبه. وطاف عَلَى راحلته والمسلمون يطوفون معه قد اضطبعوا بثيابهم. وَعَبْد اللَّه بْن رواحة يَقُولُ:
خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَن سَبِيلِهْ! ... خَلُّوا فكل الخير مَعَ رسوله!
نَحْنُ ضربناكم عَلَى تأويله. ... كما ضربناكم عَلَى تَنْزِيلِهْ.
ضَرْبًا يُزِيلُ الْهَامَ عَن مَقِيلِهْ. ... وَيُذْهِلُ الخليل عَن خليله!
يا رب إني مؤمن بقيله!
[فَقَالَ عُمَر: يا ابن رواحة إيها! فَقَالَ رَسُول الله. ص: يا عُمَر إني أسمع! فأسكت عُمَر وَقَالَ رسول الله. ص: إيهًا يا ابن رواحة! قَالَ: قل لا إله إلا اللَّه وحده نصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده] . قَالَ فقالها ابن رواحة فقالها النّاس كما قَالَ. ثُمَّ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصفا والمروة عَلَى راحلته. فلما كَانَ الطواف السابع عند فراغه وقد وقف الهدي عند المروة [قَالَ: هذا المنحر وكل فجاج مكّة منحر] . فنحر عند المروة وحلق هناك وكذلك فعل المسلمون فأمر رسول الله.
ص. ناسا منهم أن يذهبوا إلى أصحابهم ببطن يأجج فيقيموا عَلَى السلاح ويأتي الآخرون فيقضوا نسكهم ففعلوا. ثُمَّ دَخَلَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الكعبة فلم يزل فيها إلى الظهر ثُمَّ أمر بلالا فأذن عَلَى ظهر الكعبة وأقام رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ ثلاثا وتزوج ميمونة بِنْت الحارث الهلالية. فلما كَانَ عند ظهر مِن اليوم الرابع أتاه سهيل بْن عَمْرو وحويطب بن عبد العزى فقالا: قد انقضى أجلك فاخرج عنا! وكان رسول الله.
ص. لم ينزل بيتا بل ضربت لَهُ قبة مِن أدم بالأبطح. فكان هناك حتى خرج منها وأمر أَبَا رافع فنادى بالرحيل وَقَالَ: [لا يمسين بها أحد مِن المسلمين] . وأخرج عمارة بِنْت حمزة بْن عَبْد المطلب مِن مكّة وأم عمارة سلمى بِنْت عميس. وهي أُمُّ عَبْد اللَّه بْن شَدَّادِ بْن الْهَادِ. فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيّ وَجَعْفَرٌ وَزَيْدُ بْن حَارِثَةَ أيهم تكون عنده فقضى بها رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لجعفر مِن أجل أن خالتها عنده أسماء بِنْت عميس. وركب رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى نزل سرف وتتام النّاس إِلَيْهِ. وأقام أَبُو رافع بمكة حتى أمسى فحمل إِلَيْهِ ميمونة بِنْت الحارث فبنى عَلَيْهَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسرف ثُمَّ أدلج فسار حتى قدم المدينة.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَأَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ جَمِيعًا عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -(2/93)
وَأَصْحَابَهُ قَدِمُوا مَكَّةَ يَعْنِي فِي الْقَضِيَّةِ. فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ: إِنَّهُ يَقْدُمُ عَلَيْكُمْ قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ. قَالَ: وَقَعَدُوا مِمَّا يَلِي الْحِجْرَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ الثَّلاثَةَ لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ قُوَّتَهُمْ. وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ.
قَالَ ابْنَ عَبَّاسٍ: وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمُ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلا إِبْقَاءٌ عَلَيْهِمْ.
فَلَمَّا رَمَلُوا قَالَتْ قُرَيْشٌ: مَا وَهَنَتْهُمْ.
سرية ابن أَبِي العوجاء السُّلمَي إلى بني سليم «1»
ثُمَّ سرية ابن أَبِي العوجاء إلى بني سليم فِي ذي الحجّة سنة سبع مِن مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابن أَبِي العوجاء السُّلمَي فِي خمسين رجلا إلى بني سليم. فخرج إليهم وتقدمه عين لهم كَانَ معه فحذرهم فجمعوا فأتاهم ابن أَبِي العوجاء. وهم معدون لَهُ. فدعاهم إلى الْإِسْلَام فقالوا: لا حاجة لنا إلى ما دعوتنا. فتراموا بالنبل ساعة وجعلت الأمداد تأتي حتى أحدقوا بهم مِن كل ناحية.
فقاتل القوم قتالا شديدا حتى قتل عامتهم وأصيب ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ جَرِيحًا مَعَ الْقَتْلَى ثُمَّ تَحَامَلَ حَتَّى بَلَغَ رَسُولَ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقدموا الْمَدِينَةَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِن صَفَرٍ سَنَةَ ثمان.
سَرِيَّةُ غَالِبِ بن عبد الله الليثي إلى بني الملوح بِالْكَدِيدِ «2»
ثُمَّ سرية غالب بْن عَبْد اللَّه الليثي إلى بني الملوح بالكديد فِي صفر سنة ثمان من مهاجر رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو مَعْمَرٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ عَنْ جُنْدُبِ بْنِ مَكِيثٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اللَّيْثِيَّ ثُمَّ أَحَدَ بني كلب بن عَوْفٍ فِي سَرِيَّةٍ. فَكَتَبَ فِيهِمْ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَشُنُّوا الْغَارَةَ عَلَى بَنِي الْمُلَوِّحِ بِالْكَدِيدِ. وَهُمْ مِنْ بَنِي لَيْثٍ. قَالَ: فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِقُدَيْدٍ لَقِينَا الْحَارِثَ بْنَ الْبَرْصَاءِ اللَّيْثِيَّ فَأَخَذْنَاهُ فَقَالَ: إِنَّمَا جِئْتُ أُرِيدُ الإِسْلامَ وَإِنَّمَا خَرَجْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -
__________
(1) مغازي الواقدي (741) .
(2) تاريخ الطبري (3/ 27) ، وسيرة ابن هشام (2/ 354) ، ومغازي الواقدي (750) .(2/94)
قُلْنَا: إِنْ تَكُنْ مُسْلِمًا لَمْ يَضْرُرْكَ رِبَاطُنَا يَوْمًا وَلَيْلَةً. وَإِنْ تَكُنْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ نَسْتَوْثِقُ مِنْكَ. قَالَ: فَشَدَدْنَاهُ وِثَاقًا وَخَلَّفْنَا عَلَيْهِ رُوَيْجِلا مِنَّا أَسْوَدَ فَقُلْنَا: إِنْ نَازَعَكَ فَاحْتَزَّ رَأْسَهُ! فَسِرْنَا حَتَّى أَتَيْنَا الْكَدِيدَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَكَمَنَّا فِي نَاحِيَةِ الْوَادِي وَبَعَثَنِي أَصْحَابِي رَبِيئَةً لَهُمْ فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ تَلا مُشْرِفًا عَلَى الْحَاضِرِ يُطْلِعُنِي عَلَيْهِمْ حَتَّى إِذَا أَسْنَدْتُ عَلَيْهِمْ فِيهِ عَلَوْتُ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ اضْطَجَعْتُ عَلَيْهِ قَالَ: فَإِنِّي لأَنْظُرُ إِذْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مِنْ خِبَاءٍ لَهُ فَقَالَ لامْرَأَتِهِ: إِنِّي أَرَى عَلَى هَذَا الْجَبَلِ سَوَادًا مَا رَأَيْتُهُ أَوَّلَ مِنْ يَوْمِي هَذَا فَانْظُرِي إِلَى أَوْعِيَتِكِ لا تَكُونُ الْكِلابُ جَرَّتْ مِنْهَا شَيْئًا. قَالَ:
فَنَظَرَتْ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَفْقِدُ مِنْ أَوْعِيَتِي شَيْئًا. قَالَ: فَنَاوِلِينِي قَوْسِي وَنَبْلِي. فَنَاوَلَتْهُ قَوْسَهُ وسهمين معها. فأرسل سهما فو الله مَا أَخْطَأَ بَيْنَ عَيْنَيَّ. قَالَ: فَانْتَزَعَتُهُ وَثَبَتُّ مَكَانِي ثُمَّ أَرْسَلَ آخَرَ فَوَضَعَهُ فِي مَنْكِبِي فَانْتَزَعْتُهُ فَوَضَعْتُهُ وَثَبَتُّ مَكَانِي. فَقَالَ لامْرَأَتِهِ:
وَاللَّهِ لَوْ كَانَتْ رَبِيئَةً لَقَدْ تَحَرَّكَتْ بَعْدُ! وَاللَّهِ لَقَدْ خَالَطَهَا سَهْمَايَ لا أَبَا لَكِ! فَإِذَا أَصْبَحْتِ فَانْظُرِيهِمَا لا تَمْضُغُهُمَا الْكِلابُ. قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ وَرَاحَتِ الْمَاشِيَةُ مِنْ إِبِلِهِمْ وَأَغْنَامِهِمْ. فَلَمَّا احْتَلَبُوا وَعَطَنُوا وَاطْمَأَنُوا فَنَامُوا شَنَنَّا عَلَيْهِمُ الْغَارَةَ وَاسْتَقْنَا النَّعَمَ. قَالَ:
فَخَرَجَ صَرِيخُ الْقَوْمِ فِي قَوْمِهِمْ فَجَاءَ مَا لا قَبْلَ لَنَا بِهِ. فَخَرَجْنَا بِهَا نَحْدِرُهَا حَتَّى مَرَرْنَا بِابْنِ الْبَرْصَاءِ فَاحْتَمَلْنَاهُ وَاحْتَمَلْنَا صَاحِبَنَا. فَأَدْرَكَنَا الْقَوْمُ حَتَّى نَظَرُوا إِلَيْنَا مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ إِلا الْوَادِي وَنَحْنُ مُوَجَّهُونَ فِي نَاحِيَةِ الْوَادِي إِذْ جَاءَ اللَّهُ بِالْوَادِي مِنْ حَيْثُ شَاءَ يَمْلأُ جَنَبَتَيْهِ مَاءٌ. وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا يَوْمَئِذٍ سَحَابًا وَلا مَطَرًا فَجَاءَ بِمَا لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَجُوزَهُ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ وقُوفًا يَنْظُرُونَ إِلَيْنَا وَقَدْ أَسْنَدْنَاهَا فِي الْمَسِيلِ. هَكَذَا قَالَ. وَأَمَّا فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَسْنَدْنَاهَا فِي الْمُشَلَّلِ نَحْدِرُهَا وَفُتْنَاهُمْ فَوْتًا لا يَقْدِرُونَ فِيهِ عَلَى طَلَبِنَا. قَالَ: فَمَا أَنْسَى قَوْلَ رَاجِزٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ يَقُولُ:
أَبَى أَبُو الْقَاسِمِ أَنْ تَعَزَّ بِي ... فِي خَضِلٍ نَبَاتُهُ مُغْلَوْلِبِ
صُفْرٌ أَعَالِيهِ كَلَوْنِ الْمُذْهِبِ
وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ فِي رِوَايَتِهِ:
وَذَاكَ قَوْلُ صَادِقٍ لَمْ يَكْذِبِ
قَالَ: فَكَانُوا بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلا. قَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ: وَحَدَّثَنِي هَذَا الْحَرْفَ رَجُلٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ أَنَّهُ كَانَ شِعَارُهُمْ يَوْمَئِذٍ: أَمِتْ أَمِتْ.(2/95)
سَرِيَّةُ غَالِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ اللَّيْثِيِّ أَيْضًا إِلَى مُصَابِ أَصْحَابِ بَشِيرِ بن سعد بفدك
ثُمَّ سرية غالب بْن عَبْد اللَّه الليثي إلى مصاب بشير بْن سعد بفدك فِي صفر سنة ثمان مِن مهاجر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: هَيَّأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ وَقَالَ لَهُ: سِرْ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُصَابِ أَصْحَابِ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ فَإِنْ أَظْفَرَكَ اللَّهُ بِهِمْ فَلا تُبْقِ فِيهِمْ] . وَهَيَّأَ مَعَهُمْ مِائَتَيْ رَجُلٍ وَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً. فَقَدِمَ غَالِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ اللَّيْثِيُّ مِنَ الْكَدِيدِ مِنْ سَرِيَّةٍ قَدْ ظَفَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلزُّبَيْرِ: اجْلِسْ! وَبَعَثَ غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِي مِائَتَيْ رَجُلٍ. وَخَرَجَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فِيهَا حَتَّى انْتَهَى إِلَى مُصَابِ أَصْحَابِ بَشِيرٍ وَخَرَجَ مَعَهُ عُلْبَةُ بْنُ زَيْدٍ فِيهَا فَأَصَابُوا مِنْهُمْ نَعَمًا وَقَتَلُوا مِنْهُمْ قَتْلَى.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: خَرَجَ مَعَ غَالِبٍ فِي هَذِهِ السَّرِيَّةِ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو أَبُو مَسْعُودٍ وَكَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ الْحَارِثِيُّ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي شِبْلُ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حُوَيِّصَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَرِيَّةٍ مَعَ غَالِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى بَنِي مُرَّةَ فَأَغَرْنَا عَلَيْهِمْ مَعَ الصُّبْحِ وَقَدْ أَوْعَزَ إِلَيْنَا. أَمَرَنَا أَلا نَفْتَرِقَ وَوَاخَى بَيْنَنَا فَقَالَ: لا تَعْصُونِي [فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ عَصَاهُ فَقَدْ عَصَانِي وَإِنَّكُمْ مَتَى مَا تَعْصُونِي فَإِنَّكُمْ تَعْصُونَ نَبِيَّكُمْ] . قَالَ: فَآخَى بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَالَ: فَأَصَبْنَا الْقَوْمَ.
سَرِيَّةُ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ الأَسَدِيِّ إِلَى بَنِي عَامِرٍ بِالسِّيِّ «1»
ثُمَّ سرية شجاع بن وهب الأسدي إلى بني عامر بالسي فِي شهر ربيع الأول سنة ثمان من مهاجر رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ. حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سبرة عن
__________
(1) مغازي الواقدي (753) .(2/96)
إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلا إِلَى جَمْعٍ مِنْ هَوَازِنَ بِالسِّيِّ نَاحِيَةَ رُكْبَةَ مِنْ وَرَاءِ الْمَعْدِنِ. وَهِيَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى خَمْسِ لَيَالٍ. وَأَمَرَهُ أَنْ يُغِيرَ عَلَيْهِمْ. وَكَانَ يَسِيرُ اللَّيْلَ وَيَكْمُنُ النَّهَارَ حَتَّى صَبَّحَهُمْ وَهُمْ غَارُّونَ. فَأَصَابُوا نَعَمًا كَثِيرًا وَشَاءً وَاسْتَاقُوا ذَلِكَ حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ وَاقْتَسَمُوا الْغَنِيمَةَ. وَكَانَتْ سِهَامُهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ بَعِيرًا وَعَدَلُوا الْبَعِيرَ بِعَشْرٍ مِنَ الْغَنَمِ. وَغَابَتِ السَّرِيَّةُ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.
سَرِيَّةُ كَعْبِ بْنِ عُمَيْرٍ الْغِفَارِيِّ إِلَى ذَاتِ أَطْلاحٍ «1»
ثُمَّ سرية كعب بن عمير الغفاري إلى ذات أطلاح. وهي مِن وراء وادي القرى.
فِي شهر ربيع الأول سنة ثمان مِن مهاجر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَعْبَ بْنَ عُمَيْرٍ الْغِفَارِيَّ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى ذَاتِ أَطْلاحٍ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ فَوَجَدُوا جَمْعًا مِنْ جَمْعِهِمْ كَثِيرًا. فَدَعَوْهُمْ إِلَى الإِسْلامِ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَشَقُوهُمْ بِالنَّبْلِ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَاتَلُوهُمْ أَشَدَّ الْقِتَالِ حَتَّى قُتِلُوا وَأَفْلَتَ مِنْهُمْ رَجُلٌ جَرِيحٌ فِي الْقَتْلَى. فَلَمَّا بَرَدَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ تَحَامَلَ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَهُمَّ بِالْبَعْثِ إِلَيْهِمْ فَبَلَغَهُ أَنَّهُمْ قَدْ سَارُوا إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَتَرَكَهُمْ.
سَرِيَّةُ مُؤْتَةَ «2»
ثم سرية مؤتة. وهي بأدنى البلقاء. والبلقاء دون دمشق. فِي جمادى الأولى سنة ثمان من مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالُوا: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الحارث بْن عمير الْأَزْدِيّ أحد بني لهب إلى ملك بصرى بكتاب. فَلَمَّا نَزَلَ مُؤْتَةَ عَرَضَ لَهُ شُرَحْبِيلُ بْن عَمْرو الغساني فقتله وَلَمْ يُقْتَلْ لِرَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رسول غيره. فاشتد ذَلِكَ عَلَيْهِ وندب النّاس فأسرعوا وعسكروا بالجرف. وهم ثلاثة آلاف. [فقال رسول الله. ص: أمير الناس زيد بن
__________
(1) مغازي الواقدي (752) .
(2) تاريخ الطبري (3/ 36) ، وسيرة ابن هشام (2/ 256) ، ومغازي الواقدي (755) .(2/97)
حارثة. فإن قتل فجعفر بْن أَبِي طالب. فإن قتل فعبد اللَّه بْن رواحة. فإن قتل فليرتض المسلمون بينهم رجلا فيجعلوه عليهم] . وعقد لَهُمْ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لواء أبيض ودفعه إلى زيد بْن حارثة وأوصاهم رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يأتوا مقتل الحارث بْن عمير وأن يدعوا مِن هناك إلى الْإِسْلَام فإن أجابوا وإلا استعانوا عليهم بالله وقاتلوهم. وخرج مشيعا لهم حتى بلغ ثنية الوداع فوقف وودعهم. فلما ساروا مِن معسكرهم نادى المسلمون: دفع اللَّه عنكم وردكم صالحين غانمين! فَقَالَ ابن رواحة عند ذَلِكَ:
لكنني أسأل الرَّحْمَن مغفرة. ... وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا
قَالَ: فلما فصلوا مِن المدينة سَمِعَ العدو بمسيرهم فجمعوا لهم وقام فيهم شرحبيل بْن عَمْرو فجمع أكثر مِن مائة ألف وقدم الطلائع أمامه. وقد نزل المسلمون معان مِن أرض الشأم وبلغ النّاس أن هرقل قد نزل مآب مِن أرض البلقاء فِي مائة ألف مِن بهراء ووائل وبكر ولخم وجذام. فأقاموا ليلتين لينظروا فِي أمرهم وقالوا: نكتب إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فنخبره الخبر. فشجعهم عَبْد اللَّه بْن رواحة عَلَى المضي.
فمضوا إلى مؤتة ووافاهم المشركون فجاء منهم ما لا قبل لأحد بِهِ مِن العدد والسلاح والكراع والديباج والحرير والذهب. فالتقى المسلمون والمشركون فقاتل الأمراء يومئذ عَلَى أرجلهم فأخذ اللواء زيد بن حارثة فقاتل. وقاتل المسلمون معه على صفوفهم.
حتى قتل طعنا بالرماح رحمه الله. ثم أخذ اللواء جَعْفَر بْن أَبِي طالب فنزل عَن فرس لَهُ شقراء فعرقبها فكانت أول فرس عرقبت فِي الْإِسْلَام وقاتل حتى قتل. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
ضربه رَجُل مِن الروم فقطعه بنصفين. فوجد فِي أحد نصفيه بضعة وثلاثون جرحا ووجد فيما قِيلَ مِن بدن جَعْفَر اثنتان وسبعون ضربة بسيف وطعنة برمح. ثُمَّ أخذ اللواء عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَةَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ رحمه اللَّه. فاصطلح النّاس عَلَى خالد بْن الوليد فأخذ اللواء وانكشف النّاس فكانت الهزيمة. فتبعهم المشركون فقتل مِن قتل مِن المسلمين ورفعت الأرض لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى نظر إلى معترك القوم. فلما أخذ خالد بن الوليد اللواء [قال رسول الله. ص: الآن حمي الوطيس!] فلما سمع أهل المدينة بجيش مؤتة قادمين تلقوهم بالجرف. فجعل النّاس يحثون فِي وجوههم التراب ويقولون: يا فرار! أفررتم فِي سبيل اللَّه؟ [فيقول رسول الله. ص: ليسوا بفرار ولكنهم كرار إن شاء اللَّه!] .
أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَاضِي الْكُوفَةِ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ(2/98)
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِي الْيَسَرِ عَنْ أَبِي عَامِرٍ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الشَّامِ. فَلَمَّا رَجَعْتُ مَرَرْتُ عَلَى أَصْحَابِي وَهُمْ يُقَاتِلُونَ الْمُشْرِكِينَ بِمُؤْتَةَ. قُلْتُ وَاللَّهِ لا أَبْرَحُ الْيَوْمَ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَى مَا يَصِيرُ إِلَيْهِ أَمَرُهُمْ. فَأَخَذَ اللِّوَاءَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَلَبِسَ السِّلاحَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَخَذَ زَيْدٌ اللِّوَاءَ وَكَانَ رَأْسَ الْقَوْمِ ثُمَّ حَمَلَ جَعْفَرٌ حَتَّى إِذَا هَمَّ أَنْ يُخَالِطَ الْعَدُوَّ رَجَعَ فَوَحَّشَ بِالسِّلاحِ ثُمَّ حَمَلَ عَلَى الْعَدُوِّ وَطَاعَنَ حَتَّى قُتِلَ. ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ زيد بن حارثة وَطَاعَنَ حَتَّى قُتِلَ. ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَطَاعَنَ حَتَّى قُتِلَ. ثُمَّ انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ أَسْوَأَ هَزِيمَةٍ رَأَيْتُهَا قَطُّ حَتَّى لَمْ أَرَ اثْنَيْنِ جَمِيعًا. ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ ثُمَّ سَعَى بِهِ حَتَّى إِذَا كَانَ أَمَامَ النَّاسِ رَكَزَهُ ثُمَّ قَالَ: إِلَيَّ أَيُّهَا النَّاسُ! فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ حَتَّى إِذَا كَثُرُوا مَشَى بِاللِّوَاءِ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ: لا آخُذُهُ مِنْكَ أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ. فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ:
وَاللَّهِ مَا أخذته إلا لك! فأخذ خالد اللِّوَاءَ ثُمَّ حَمَلَ عَلَى الْقَوْمِ فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ أَسْوَأَ هَزِيمَةٍ رَأَيْتُهَا قَطُّ حَتَّى وَضَعَ الْمُسْلِمُونَ أَسْيَافَهُمْ حَيْثُ شَاءُوا وَقَالَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَأَخْبَرْتُهُ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ دَخَلَ. وَكَانَ إِذَا صَلَّى الظُّهْرَ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى الْقَوْمِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ. ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ.
ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ. ثُمَّ صَلَّى الْعَتَمَةَ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ. حَتَّى إِذَا كَانَ صَلاةَ الصُّبْحِ دَخَلَ الْمَسْجِدِ ثُمَّ تَبَسَّمَ. وَكَانَ تِلْكَ السَّاعَةِ لا يَقُومُ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ حَتَّى يُصَلِّي الْغَدَاةَ. فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ حِينَ تَبَسَّمَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ بِأَنْفُسِنَا أَنْتَ! مَا يَعْلَمُ إِلا اللَّهُ مَا كَانَ بِنَا مِنَ الْوَجْدِ مُنْذُ رَأَيْنَا مِنْكَ الَّذِي رأينا! قال رسول الله. ص:
[كَانَ الَّذِي رَأَيْتُمْ مِنِّي أَنَّهُ أَحْزَنَنِي قَتْلُ أَصْحَابِي حَتَّى رَأَيْتُهُمْ فِي الْجَنَّةِ إِخْوَانًا عَلَى سُرَرٍ مُتَقَابِلِينَ وَرَأَيْتُ فِيَ بَعْضِهِمْ إِعْرَاضًا كَأَنَّهُ كَرِهَ السَّيْفَ وَرَأَيْتُ جَعْفَرًا مَلَكًا ذَا جَنَاحَيْنِ مُضَرَّجًا بِالدِّمَاءِ مَصْبُوغَ الْقَوَادِمِ] .
سرية عَمْرو بْن العاص إلى ذات السلاسل «1»
ثُمَّ سرية عَمْرو بْن العاص إلى ذات السلاسل وهي وراء وادي القرى وبينها وبين المدينة عشرة أيام. وكانت فِي جمادى الآخرة سنة ثمان مِن مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالُوا: بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن جمعا مِن قضاعة قد تجمعوا يريدون أن يدنوا
__________
(1) تاريخ الطبري (3/ 32) ، والمغازي للواقدي (769) .(2/99)
إلى أطراف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرو بْن العاص فعقد لَهُ لواء أبيض وجعل معه راية سوداء وبعثه فِي ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار ومعهم ثلاثون فرسا. وأمره أن يستعين بمن يمر بِهِ مِن بلي وعذرة وبلقين. فسار الليل وكمن النهار فلما قرب مِن القوم بلغه أن لهم جمعا كثيرا فبعث رافع بْن مكيث الجهني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستمده فبعث إِلَيْهِ أَبَا عُبَيدة بْن الجراح فِي مائتين وعقد لَهُ لواء وبعث معه سراة المهاجرين والأنصار. وفيهم أَبُو بَكْر وعمر. وأمره أن يلحق بعمرو وأن يكونا جميعا ولا يختلفا. فلحق بعمرو فأراد أَبُو عُبَيدة أن يؤم النّاس فَقَالَ عَمْرو:
إنما قدمت عَلِيّ مددا وأنا الأمير. فأطاع لَهُ بذلك أَبُو عُبَيدة وكان عَمْرو يصلي بالناس وسار حتى وطيء بلاد بلي ودوخها حتى أتى إلى أقصى بلادهم وبلاد عذرة وبلقين.
ولقي فِي آخر ذَلِكَ جمعا فحمل عليهم المسلمون فهربوا فِي البلاد وتفرقوا. ثُمَّ قفل وبعث عوف بْن مالك الأشجعي بريدا إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبره بقفولهم وسلامتهم وما كَانَ فِي غزاتهم.
سرية الخبط أميرها أَبُو عُبَيدة بْن الجراح «1»
ثُمَّ سرية الخبط أميرها أَبُو عُبَيدة بْن الجراح وكانت فِي رجب سنة ثمان من مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالُوا: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا عُبَيدة بْن الجراح فِي ثلاثمائة رَجُل مِن المهاجرين والأنصار. وفيهم عُمَر بْن الْخَطَّاب. إلى حي مِن جهينة بالقبلية مما يلي ساحل البحر. وبينها وبين المدينة خمس ليال. فأصابهم فِي الطريق جوع شديد فأكلوا الخبط وابتاع قيس بْن سعد جزرا ونحرها لهم. وألقى لهم البحر حوتا عظيما.
فأكلوا منه وانصرفوا ولم يلقوا كيدا.
سرية أَبِي قتادة بْن ربعي الْأَنْصَارِيّ إلى خضرة»
ثُمَّ سرية أَبِي قتادة بْن ربعي الْأَنْصَارِيّ إلى خضرة. وهي أرض محارب بنجد.
__________
(1) تاريخ الطبري (3/ 32) ، والمغازي للواقدي (774) ، وسيرة ابن هشام (2/ 315) .
(2) مغازي الواقدي (777) .(2/100)
فِي شعبان سنة ثمان مِن مهاجر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالُوا: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبا قتادة ومعه خمسة عشر رجلا إلى غطفان وأمره أن يشن عليهم الغارة. فسار الليل وكمن النهار فهجم عَلَى حاضر منهم عظيم فأحاط بهم فصرخ رَجُل منهم: يا خضرة! وقاتل منهم رجال فقتلوا مِن أشرف لهم واستاقوا النعم. فكانت الإبل مائتي بعير والغنم ألفي شاة وسبوا سبيا كثيرا. وجمعوا الغنائم فأخرجوا الخمس فعزلوه وقسموا ما بقي عَلَى أهل السرية فأصاب كل رجل منهم اثنا عشر بعيرا فعدل البعير بعشر مِن الغنم. وصارت فِي سهم أَبِي قتادة جارية وضيئة فاستوهبها مِنْهُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فوهبها لَهُ. فوهبها رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمحمية بْن جزء. وغابوا فِي هذه السرية خمس عشرة ليلة.
سرية أَبِي قتادة بْن ربعي الْأَنْصَارِيّ إلى بطن إضم «1»
ثُمَّ سرية أَبِي قتادة بْن ربعي الْأَنْصَارِيّ إلى بطن إضم فِي أول شهر رمضان سنة ثمان مِن مهاجر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالُوا: لما هُم رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بغزو أهل مكّة بعث أَبَا قتادة بْن ربعي فِي ثمانية نفر سرية إلى بطن إضم. وهي فيما بين ذي خشب وذي المروة. وبينها وبين المدينة ثلاثة برد. ليظن ظان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توجه إلى تلك الناحية ولأن تذهب بذلك الأخبار. وكان فِي السرية محلم بْن جثامة الليثي. فمر عامر بن الأضبط الأشجعي فسلم بتحية الْإِسْلَام فأمسك عَنْهُ القوم وحمل عَلَيْهِ محلم بْن جثامة فقتله وسلبه بعيره ومتاعه ووطب لبن كَانَ معه. فلما لحقوا بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نزل فيهم القرآن:
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ» النساء: 94 إلى آخر الآية فمضوا ولم يلحقوا جمعا فانصرفوا حتى انتهوا إلى ذي خشب فبلغهم أن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد توجه إلى مكّة فأخذوا عَلِيّ بيبن حتى لقوا النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -
بالسقيا.
__________
(1) تاريخ الطبري (3/ 35) .(2/101)
غزوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ «1»
ثُمَّ غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عام الفتح فِي شهر رمضان سنة ثمان مِن مهاجر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالُوا: لما دخل شعبان عَلَى رأس اثنين وعشرين شهرا مِن صلح الحديبية كلمت بنو نفاثة. وهم مِن بني بَكْر. أشراف قريش أن يعينوهم عَلَى خزاعة بالرجال والسلاح. فوعدوهم ووافوهم بالوتير متنكرين متنقبين. فيهم صفوان بْن أُميّة وحويطب بْن عَبْد العزى ومكرز بْن حفص بْن الأخيف. فبيتوا خزاعة ليلا وهم غارون آمنون فقتلوا منهم عشرين رجلا. ثُمَّ ندمت قريش عَلَى ما صنعت وعلموا أن هذا نقض للمدة والعهد الَّذِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وخرج عَمْرو بْن سالم الخزاعي فِي أربعين راكبا مِن خزاعة فقدموا عَلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخبرونه بالذي أصابهم ويستنصرونه. فقام وهو يجر رداءه وهو [يَقُولُ: لا نصرت إن لم أنصر بني كعب مما أنصر منه نفسي! وَقَالَ: إن هذا السحاب ليستهل بنصر بني كعب. وقدم] أبو سُفْيَان بْن حرب عَلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة يسأله أن يجدد العهد ويزيد فِي المدة. فأبى عَلَيْهِ فقام أَبُو سُفْيَان فَقَالَ: إني قد أجرت بين النّاس. [فَقَالَ رسول الله.
ص: أأنت تَقُولُ ذَلِكَ يا أَبَا سُفْيَان! ثُمَّ انصرف إلى مكّة فتجهز رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وأخفى أمره وأخذ بالأنقاب وَقَالَ: اللهم خذ عَلَى أبصارهم فلا يروني إلا بغتة!] فلما أجمع المسير كتب حاطب بْن أَبِي بلتعة إلى قريش يخبرهم بذلك فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على بْن أَبِي طالب والمقداد بْن عَمْرو فأخذا رسوله وكتابه فجاءا بِهِ إِلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى مِن حوله مِن العرب فجلهم أسلم وغفار ومزينة وجهينة وأشجع وسليم. فمنهم من وافاه بالمدينة ومنهم مِن لحقه بالطريق فكان المسلمون فِي غزوة الفتح عشرة آلاف. واستخلف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
عَلَى المدينة عَبْد الله ابن أم مكتوم وخرج يوم الأربعاء لعشر ليال خلون مِن شهر رمضان بعد العصر. فلما انتهى إلى الصلصل قدم أمامه الزبير بْن الْعَوّام فِي مائتين مِن المسلمين ونادى [منادي رسول الله. ص: مِن أحب أن يفطر فليفطر ومن أحب أن يصوم فليصم! ثُمَّ سار.] فلما كَانَ بقديد عقد الألوية والرايات ودفعها إلى القبائل. ثُمَّ نزل مر الظهران عشاء فأمر أصحابه فأوقدوا عشرة آلاف نار ولم يبلغ قريشا مسيره وهم
__________
(1) تاريخ الطبري (3/ 42) ، وسيرة ابن هشام (2/ 263) ، والمغازي (780) .(2/102)
مغتمون لما يخافون مِن غزوه إياهم. فبعثوا أَبَا سُفْيَان بْن حرب يتحسب الأخبار وقالوا: إن لقيت محمدا فخذ لنا منه أمانا فخرج أَبُو سُفْيَان بْن حرب وحكيم بْن حزام وبديل بْن ورقاء. فلما رأوا العسكر أفزعهم. وقد اسْتَعْمَلَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تلك الليلة عَلَى الحرس عُمَر بْن الْخَطَّاب فسمع الْعَبَّاس بْن عَبْد المطلب صوت أَبِي سُفْيَان فَقَالَ: أَبَا حنظلة؟ فَقَالَ: لبيك فما وراءك؟ فَقَالَ: هذا رَسُول اللَّهِ فِي عشرة آلاف. فأسلم ثكلتك أمك وعشيرتك! فأجاره وخرج بِهِ وبصاحبيه حتى أدخلهم عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلموا وجعل لأبي سُفْيَان أن مِن دخل داره فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ! ثم دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكّة فِي كتيبته الخضراء وهو عَلَى ناقته القصواء بين أَبِي بَكْر وأسيد بْن حضير وقد حُبس أبو سُفْيَان فرأى ما لا قبل لَهُ بِهِ فَقَالَ: يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما! فَقَالَ الْعَبَّاس: ويحك! إنه لَيْسَ بملك ولكنها نبوة! قَالَ: فنعم. وكانت رَايَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يومئذ مَعَ سعد بْن عبادة فبلغه عَنْهُ فِي قريش كلام وتواعد لهم. فأخذها منه فدفعها إلى ابنه قيس بْن سعد. وَأَمَرَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعْدَ بْن عبادة أن يدخل مِن كداء والزبير مِن كدى وخالد بْن الوليد مِن الليط. وَدَخَلَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِن أذاخر ونهى عَن القتال وأمر بقتل ستة نفر وأربع نسوة: عكرمة بْن أَبِي جهل وهبار بْن الأسود وَعَبْد اللَّه بْن سعد بْن أَبِي سرح ومقيس بْن صبابة الليثي والحويرث بْن نقيذ وَعَبْد اللَّه بْن هلال بْن خطل الأدرمي وهند بِنْت عتبة وسارة مولاة عَمْرو بْن هاشم وفرتنا وقريبة. فقتل منهم ابن خطل والحويرث بن نقيذ ومقيس بْن صبابة. وكل الجنود لم يلقوا جمعا غير خالد لقيه صفوان بْن أُميّة وَسُهَيْلُ بْن عَمْرو وَعِكْرِمَةُ بْن أَبِي جَهْلٍ فِي جمع مِن قريش بالخندمة. فمنعوه مِن الدخول وشهروا السلاح ورموا بِالنَّبْلِ فَصَاحَ خَالِدٌ فِي أَصْحَابِهِ وَقَاتَلَهُمْ فَقَتَلَ أربعة وعشرين رجلا مِن قريش وأربعة نفر مِن هذيل وانهزموا أقبح الانهزام. فلما ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ثنية أذاخر رَأَى البارقة [فَقَالَ: ألم أنه عَن القتال؟ فقيل: خالد قوتل فقاتل. فَقَالَ: قضاء اللَّه خير] . وقتل مِن المسلمين رجلان أخطئا الطريق أحدهما كرز بْن جَابِر الْفِهْريّ وخالد الأشعر الخزاعي. وضربت لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قبة مِن أدم بالحجون فمضى الزبير بْن الْعَوّام برايته حتى ركزها عندها. وَجَاءَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فدخلها فقيل لَهُ: ألا تنزل منزلك؟ فَقَالَ:
[وهل ترك عقيل لنا منزلا؟ ودخل النَّبِيّ - صَلَّى الله عليه وسلم - مكة عنوة فأسلم النّاس طائعين(2/103)
وكارهين. وطاف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالبيت عَلَى راحلته وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما. فجعل كلما مر بصنم منها يشير إِلَيْهِ بقضيب فِي يده ويقول: جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً] . فيقع الصنم لوجهه. وكان أعظمها هبل. وهو وجاه الكعبة. ثُمَّ جاء إلى المقام وهو لاصق بالكعبة فصلى خلفه ركعتين. ثُمَّ جلس ناحية مِن المسجد وأرسل بلالا إلى عثمان بْن طلحة أن يأتي بمفتاح الكعبة فجاء بِهِ عثمان فقبضه رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفتح الباب ودخل الكعبة فصلى فيها ركعتين وخرج فأخذ بعضادتي الباب والمفتاح معه. وقد لبط بالناس حول الكعبة. فخطب النّاس يومئذ ودعا عثمان بْن طلحة فدفع إليه المفتاح وقال: [خذوها يا بني أَبِي طلحة تالدة خالدة لا ينزعها منكم أحد إلا ظالم! ودفع السقاية] إلى العباس بن عبد المطلب وقال:
[أعطيتكم ما ترزأكم ولا ترزؤونها!] ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَمِيمَ بْن أَسَدٍ الْخُزَاعِيَّ فَجَدَّدَ أَنْصَابَ الْحَرَمِ. وحانت الظهر فأذن بلال فوق ظهر الكعبة وقال [رسول الله.
ص: لا تغزى قريش بعد هذا اليوم إلى يوم القيامة! يعني عَلَى الكفر.] [ووقف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالحزورة وَقَالَ: إنك لخير أرض اللَّه وأحب أرض اللَّه إلي. يعني مكة. ولولا أني أخرجت منك ما خرجت] . وبث رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السرايا إلى الأصنام الّتي حول الكعبة فكسرها. منها: العزى ومناة وسواع وبوانة وذو الكفين.
فنادى مناديه بمكة: مِن كَانَ يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع فِي بيته صنما إلا كسره.
ولما كَانَ مِن الغد مِن يوم الفتح خَطَبَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد الظهر فَقَالَ: إن اللَّه قد حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام إلى يوم القيامة ولم تحل لي إلا ساعة مِن نهار ثُمَّ رجعت كحرمتها بالأمس. فليبلغ شاهدكم غائبكم. ولا يحل لنا مِن غنائمها شيء. وفتحها يوم الجمعة لعشر بقين مِن شهر رمضان وأقام بها رسول الله.
ص. خمس عشرة ليلة يصلي ركعتين. ثُمَّ خرج إلى حنين. واستعمل عَلَى مكّة عتاب بْن أسيد يصلي بهم ومعاذ بْن جبل يعلمهم السنن والفقه.
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فِي عَشْرٍ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ عَامَ الْفَتْحِ مِنَ الْمَدِينَةِ فَصَامَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْكَدِيدِ أَفْطَرَ فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ الآخِرَ مِنْ أَمْرِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ(2/104)
أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْكَدِيدِ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ أَخَذَ قَعْبًا فَشَرِبَ مِنْهُ [ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ قَبِلَ الرُّخْصَةَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَبِلَهَا. وَمَنْ صَامَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ صَامَ] . فَكَانُوا يَتَّبِعُونَ الأَحْدَثَ فَالأَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ وَيَرَوْنَ الْمُحْكَمَ النَّاسِخَ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ. حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ الله ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ ثُمَّ أَفْطَرَ. وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَّبِعُونَ الأَحْدَثَ فَالأَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ.
أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيِّ.
أَخْبَرَنَا عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ قَزَعَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: آذَنَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَخَرَجْنَا وَنَحْنُ صُوَّامٌ حَتَّى إِذَا بَلَغْنَا الْكَدِيدَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْفِطْرِ فَأَصْبَحْنَا شُرْجَيْنِ مِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ حَتَّى إِذَا بَلَغَنَا مَرَّ الظَّهْرَانِ أَعْلَمَنَا أَنَا نَلْقَى الْعَدُوَّ وَأَمَرَنَا بِالْفِطْرِ.
وَأَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ وَأَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ قَالا: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ فَتَحْنَا مَكَّةَ الثماني عَشْرَةَ أَوْ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ فَصَامَ بَعْضُنَا وَأَفْطَرَ بَعْضُنَا فَلَمْ يَعِبِ الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ وَلا الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: صَامَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فَتْحِ مَكَّةَ حَتَّى أَتَى قُدَيْدًا فَأُتِيَ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ فَأَفْطَرَ وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا.
أَخْبَرَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ النَّخَعِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُرَيْسٍ الْجَعْفَرِيُّ.
حَدَّثَنِي حَمَّادٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - افْتَتَحَ مَكَّةَ فِي عَشْرٍ مِنْ رَمَضَانَ وَهُوَ صَائِمٌ مُسَافِرٌ مُجَاهِدٌ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب أن رسول الله.
ص. خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ بِثَمَانِيَةِ آلافٍ أَوْ عَشَرَةِ آلافٍ وَخَرَجَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ بِأَلْفَيْنِ إِلَى حُنَيْنٍ.(2/105)
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ عَنْ يَعْقُوبَ الْقُمِّيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنِ ابْنِ أَبْزَى قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ فِي عَشْرَةِ آلافٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عام الْفَتْحِ وَنَحْنُ أَلْفٌ وَنَيِّفٌ. يَعْنِي قَوْمَهُ مُزَيْنَةَ.
ففتح الله مَكَّةَ وَحُنَيْنًا.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَشَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ وَمُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالُوا: أَخْبَرَنَا مالك بن أنس عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ ثُمَّ نَزَعَهُ. قَالَ مَعْنٌ وَمُوسَى بْنُ دَاوُدَ فِي حَدِيثِهِمَا: فَجَاءَ رَجُلٌ [فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بأستار الكعبة! فقال رسول الله. ص: اقْتُلُوهُ! قَالَ مَعْنٌ فِي حَدِيثِهِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ مُحْرِمًا] .
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ الْوَرَّاقُ. أَخْبَرَنَا أَبُو أُوَيْسٍ. حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عام الفتح وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ فَلَمَّا نَزَعَهُ عَنْ رَأْسِهِ أَتَاهُ رَجُلٌ [فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. هَذَا ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ! فَقَالَ رَسُولُ الله. ص: اقْتُلُوهُ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُ!] . أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ. يَعْنِي الثَّوْرِيَّ. عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عن رجل عن طاووس قَالَ: لَمْ يَدْخُلْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ إِلا مُحْرِمًا إِلا يَوْمَ الْفَتْحِ دَخَلَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ.
حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَكَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرٍ الْحُمَيْدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عيينة عن هشام عن عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ.
أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ أَبُو عُمَرَ الصَّنْعَانِيُّ عَنْ هشام بن عروة عن أبيه عن عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ مِنَ الثَّنِيَّةِ الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ.(2/106)
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ السُّكَّرِيُّ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَدْخُلُ مَكَّةَ مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا وَيَخْرُجُ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى.
أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَشَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ وَهَاشِمُ بْنُ القاسم أبو عمرو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ. قَالُوا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ لأَصْحَابِهِ: إِنَّ هَذَا يَوْمُ قِتَالٍ فَأَفْطِرُوا] . قَالَ شَبَابَةُ:
قَالَ شُعْبَةُ لَمْ يَسْمَعْ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ مِنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلا ثَلاثَةَ أَحَادِيثٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ قَالا: لَمَّا كَانَ يَوْمَ فَتْحِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مَكَّةَ كان عبد الله ابن أُمِّ مَكْتُومٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَهُوَ يَقُولُ:
يَا حَبَّذَا مَكَّةَ مِنْ وَادِي! ... أَرْضٌ بِهَا أَهْلِي وَعُوَّادِي
أَرْضٌ بِهَا أَمْشِي بِلا هَادِي! ... أَرْضٌ بِهَا تَرْسَخُ أَوْتَادِي
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِقَتْلِ ابْنِ أَبِي سَرْحٍ يَوْمَ الْفَتْحِ وَفَرْتَنَا وَابْنِ الزَّبَعْرَى وَابْنِ خَطَلٍ. فَأَتَاهُ أَبُو بَرْزَةَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَبَقَرَ بَطْنَهُ. وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ قَدْ نَذَرَ إِنْ رَأَى ابْنَ أَبِي سَرْحٍ أَنْ يَقْتُلَهُ. فَجَاءَ عُثْمَانُ وَكَانَ أَخَاهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَشَفَعَ لَهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ أَخَذَ الأَنْصَارِيُّ بِقَائِمِ السَّيْفِ يَنْتَظِرُ النَّبِيَّ متى يومىء إِلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَهُ. فَشَفَعَ لَهُ عُثْمَانُ حَتَّى تَرَكَهُ. [ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلأَنْصَارِيِّ: هَلا وَفَّيْتَ بِنَذْرِكَ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَضَعْتُ يَدِي عَلَى قَائِمِ السَّيْفِ أَنْتَظِرُ مَتَى تُومِئُ فَأَقْتُلَهُ! فَقَالَ النَّبِيُّ. ص: الإيماء خيانة! ليس لنبي أن يومىء] .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْخُرَاسَانِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا معمر عن الزُّهْرِيِّ عَنْ بَعْضِ آلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَرَسُولُ اللَّهِ.
ص. بِمَكَّةَ أَرْسَلَ إِلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَإِلَى أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ وَإِلَى الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ عُمَرُ: قُلْتُ قَدْ أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْهُمْ أَعْرَفَهُمْ بِمَا صَنَعُوا حَتَّى قَالَ [النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَا قَالَ يُوسُفُ لإِخْوَتِهِ: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. قَالَ عُمَرُ: فَانْفَضَحْتُ حَيَاءً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَرَاهِيَةً لِمَا كَانَ مِنِّي. وَقَدْ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا قَالَ.](2/107)
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الصَّنْعَانِيُّ. حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ مَعْقِلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَهْبٍ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ زَمَنَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ أَنْ يَأْتِيَ الْكَعْبَةَ فَيَمْحُوَ كُلَّ صُورَةٍ فِيهَا. وَلَمْ يَدْخُلْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى مُحِيَتْ كُلُّ صُورَةٍ فِيهَا.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الْفَضْلِ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْبَيْتَ فَكَانَ يُسَبِّحُ وَيُكَبِّرُ وَيَدْعُو وَلا يَرْكَعُ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: جَلَسَ [النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْفَتْحِ عَلَى دَرَجِ الْكَعْبَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ فِيمَا تَكَلَّمَ بِهِ:
لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ] .
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ بْنِ لَهِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ بِمَكَّةَ دُخَانٌ. وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: «يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ» الدخان:
10.
أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِيَاسَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُغَفَّلِ قَالَ: [رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ عَلَى نَاقَةٍ وَهُوَ يَسِيرُ وَيَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ وَيُرَجِّعُ وَيَقُولُ: لَوْلا أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ حَوْلِي لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ] .
أَخْبَرَنَا هاشم بن القاسم. أخبرنا أبو معشر عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ:
[قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - الْغَدَ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ: أَذْهِبُوا عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِآبَائِهَا. النَّاسُ كُلُّهُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ!] .
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الصَّنْعَانِيُّ. أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ مَعْقِلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ. قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ هَلْ غَنِمُوا يَوْمَ الْفَتْحِ شَيْئًا؟
قَالَ: لا.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْفَتْحَ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لا يُصَلِّي إِلا رَكْعَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ(2/108)
أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْصُرُ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ وَأَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا يَقْصُرُ حَتَّى رَجَعَ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: أَقَامَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح بِمَكَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً يَقْصُرُ الصَّلاةَ حَتَّى سَارَ إِلَى حُنَيْنٍ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْحَكَمِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
خَرَجَ فِي رَمَضَانَ مِنَ الْمَدِينَةِ لِسِتٍّ مَضَيْنَ فَسَارَ سَبْعًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَأَقَامَ بِهَا نِصْفَ شَهْرٍ يَقْصُرُ الصَّلاةَ. ثُمَّ خَرَجَ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ إِلَى حُنَيْنٍ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ بَعْدَ الْفَتْحِ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْمَكِّيُّ. أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَمَنَ الْفَتْحِ بِمَكَّةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ. أَخْبَرَنَا عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ. أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ الْجُهَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْفَتْحِ فَأَقَامَ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنْ بَيْنَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.
أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ. أَخْبَرَنَا الْفُرَاتُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ الْجَزَرِيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ مَوْلاةٍ لأُمِّ هَانِئٍ: أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حين فتح مكة دعا بإناء ثُمَّ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ. أَخْبَرَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيَّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مرة مولى أُمَّ هَانِئٍ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا دَخَلَتْ مَنْزِلَ رَسُولِ الله.
ص. يَوْمَ الْفَتْحِ تُكَلِّمُهُ فِي رَجُلٍ تَسْتَأَمِنُ لَهُ قالت: فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد وقع(2/109)
الْغُبَارُ عَلَى رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ فَسُتِرَ بِثَوْبٍ فَاغْتَسَلَ. ثُمَّ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْ ثَوْبِهِ فَصَلَّى الضُّحَى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ. حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ... [لَمَّا كَانَ عَامَ الْفَتْحِ فَرَّ إِلَيْهَا رَجُلانِ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ فَأَجَارَتْهُمَا. فَدَخَلَ عَلِيٌّ عَلَيْهَا فَقَالَ: لأَقْتُلَنَّهُمَا! قَالَتْ: فَلَمَّا سَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَلِكَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّةَ. فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَحَّبَ بِي وَقَالَ: مَا جَاءَ بِكِ يَا أُمَّ هَانِئٍ؟ قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ كُنْتُ قَدْ آمَّنْتُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَحْمَائِي فَأَرَادَ عَلِيٌّ قَتْلَهُمَا. فَقَالَ رسول الله. ص: قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ! ثُمَّ قَامَ رَسُولُ الله.
ص. إلى غسله فسترته فاطمة بِثَوْبٍ ثُمَّ أَخَذَ ثَوْبَهُ فَالْتَحَفَ بِهِ ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ سُبْحَةَ الضُّحَى] .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُرَّةَ الْمَكِّيُّ. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ الْمَكِّيُّ عَنْ رَجُلٍ قَدْ سَمَّاهُ قَالَ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سُوقِ مَكَّةَ حِينَ افْتَتَحَهَا سَعِيدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ. فَلَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الطَّائِفِ خَرَجَ مَعَهُ سَعِيدُ بْنُ سَعِيدٍ فَاسْتُشْهِدَ بِالطَّائِفِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُرَّةَ. حَدَّثَنِي مسلم بن خالد الزنجي عن أبي جُرَيْجٍ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الطَّائِفِ فِي عَامِ الْفَتْحِ اسْتَخْلَفَ عَلَى مَكَّةَ هُبَيْرَةَ بْنَ شِبْلِ بْنِ الْعَجْلانِ الثَّقَفِيَّ. فَلَمَّا رَجَعَ مِنَ الطَّائِفِ وَأَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى الْمَدِينَةِ اسْتَعْمَلَ عَتَّابَ بْنَ أُسَيْدٍ عَلَى مَكَّةَ وَعَلَى الْحَجِّ سَنَةَ ثَمَانٍ.
[أَخْبَرَنَا محمد بن عبيد. حدثني زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ الْحَارِثُ بْنُ مَالِكِ بْنِ بَرْصَاءَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْفَتْحِ يَقُولُ: لا تُغْزَى بَعْدَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ] .
سرية خالد بْن الوليد إلى العزى «1»
ثُمَّ سرية خالد بْن الوليد إلى العزى لخمس ليال بقين مِن شهر رمضان سنة ثمان مِن مهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
__________
(1) تاريخ الطبري (3/ 65) ، وسيرة ابن هشام (2/ 286) .(2/110)
قَالُوا: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين فتح مكّة خالد بْن الوليد إلى العزى ليهدمها. فخرج في ثلاثين فارسا مِن أصحابه حتى انتهوا إليها فَهَدَمَهَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبره فَقَالَ: هَل رَأَيْت شيئا؟ قَالَ: لا! قَالَ: فإنك لم تهدمها فارجع إليها فاهدمها. فرجع خالد وهو متغيظ فجرد سيفه فخرجت إِلَيْهِ امْرَأَة عريانة سوداء ناشرة الرأس. فجعل السادن يصيح بها. فضربها خالد فجزلها باثنتين ورجع إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبره فَقَالَ: [نعم تلك العزى وقد يئست أن تعبد ببلادكم أبدا!] وكانت بنخلة وكانت لقريش وجميع بني كنانة وكانت أعظم أصنامهم وكان سدنتها بنو شيبان مِن بني سليم.
سرية عَمْرو بْن العاص إلى سُواع «1»
ثُمَّ سرية عمرو بن العاص إلى سواع فِي شهر رمضان سنة ثمان مِن مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالُوا: بعث النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين فتح مكّة عَمْرو بْن العاص إلى سواع. صنم هذيل. ليهدمه. قَالَ عَمْرو: فانتهيت إِلَيْهِ وعنده السادن فَقَالَ: ما تريد؟ قلت: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن أهدمه. قَالَ: لا تقدر عَلَى ذَلِكَ. قلت: لم؟ قَالَ: تمنع! قلت:
حتى الآن أنت فِي الباطل! ويحك وهل يسمع أو يبصر! قَالَ: فدنوت منه فكسرته وأمرت أصحابي فهدموا بيت خزانته فلم يجدوا فِيهِ شيئا. ثُمَّ قلت للسادن: كيف رَأَيْت؟ قَالَ: أسلمت لله.
سرية سعد بْن زيد الأشهلي إلى مناة «2»
ثم سرية سعد بْن زيد الأشهلي إلى مناة فِي شهر رمضان سنة ثمان مِن مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالُوا: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين فتح مكّة سعد بْن زيد الأشهلي إلى مناة.
وكانت بالمشلل للأوس والخزرج وغسان. فلما كَانَ يوم الفتح بَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
__________
(1) تاريخ الطبري (3/ 66) .
(2) تاريخ الطبري (3/ 66) .(2/111)
سعد بْن زيد الأشهلي يهدمها فخرج فِي عشرين فارسا حتى انتهى إليها وعليها سادن.
فَقَالَ السادن: ما تريد؟ قَالَ: هدم مناة! قَالَ: أنت وذاك! فأقبل سعد يمشي إليها وتخرج إليه امرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس تدعو بالويل وتضرب صدرها. فقال السادن: مناة دونك بعض غضباتك! ويضربها سعد بْن زيد الأشهلي وقتلها ويقبل إلى الصنم معه أصحابه فهدموه ولم يجدوا فِي خزانتها شيئا وانصرف راجعا إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان ذَلِكَ لست بقين مِن شهر رمضان.
سَرِيَّةُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ مِنْ كِنَانَةَ «1»
ثُمَّ سرية خالد بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ مِنْ كِنَانَةَ. وكانوا بأسفل مكّة عَلَى ليلة ناحية يلملم في شوال سنة ثمان من مهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يوم الغميصاء.
قَالُوا: لما رجع خالد بْن الوليد مِن هدم العزى وَرَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُقِيمٌ بمكة بعثه إلى بني جذيمة داعيا إلى الْإِسْلَام ولم يبعثه مقاتلا. فخرج فِي ثلاثمائة وخمسين رجلا مِن المهاجرين والأنصار وبني سليم. فانتهى إليهم خالد فَقَالَ: ما أنتم؟ قَالُوا:
مسلمون قد صلينا وصدقنا بمحمد وبنينا المساجد فِي ساحاتنا وأذنا فيها! قَالَ: فما بال السلاح عليكم؟ فقالوا: إن بيننا وبين قوم مِن العرب عداوة فخفنا أن تكونوا هُم فأخذنا السلاح! قَالَ: فضعوا السلاح! قَالَ: فوضعوه. فَقَالَ لهم: استأسروا. فاستأسر القوم.
فأمر بعضهم فكتف بعضا وفرقهم فِي أصحابه. فلما كَانَ فِي السحر نادى خالد: مِن كَانَ معه أسير فليدافه! والمدافة الإجهاز عَلَيْهِ بالسيف. فأما بنو سليم فقتلوا مِن كَانَ فِي أيديهم. وأما المهاجرون والأنصار فأرسلوا أساراهم. فبلغ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما صنع خالد فَقَالَ: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد! وبعث عَلِيّ بْن أَبِي طالب فودى لهم قتلاهم وما ذهب منهم ثُمَّ انصرف إلى رَسُول اللَّهِ فأخبره.
أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الأَزْرَقُ الْبَصْرِيُّ. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْجَوْنِيُّ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ فِي الْخَيْلِ الَّتِي أَغَارَتْ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ عَلَى بَنِي جُذَيْمَةَ يَوْمَ الْغُمَيْصَاءِ. فَلَحِقْنَا رَجُلا مِنْهُمْ مَعَهُ نِسْوَةٌ فَجَعَلَ يقاتلنا عنهن ويقول:
__________
(1) تاريخ الطبري (3/ 66) ، وسيرة ابن هشام (2/ 284) ، والمغازي (875) .(2/112)
رَخِينَ أَذْيَالَ الْحِقَاءِ وَأَرْبَعْنَ ... مَشْيَ حُيَيَّاتٍ كَأَنْ لَمْ تَفْزَعْنَ
إِنْ يُمْنَعِ الْقَوْمَ ثَلاثٌ تُمْنَعْنَ
قَالَ: فَقَاتَلَ ثَلاثًا عَنْهُنَّ حَتَّى أَصْعَدَهُنَّ الْجَبَلَ.
قَالَ: إِذْ لَحِقْنَا آخَرَ مَعَهُ نِسْوَةٌ قَالَ فَجَعَلَ يُقَاتِلُ عَنْهُنَّ وَيَقُولُ:
قَدْ عَلَمَتْ بَيْضَاءُ حَمْرَاءَ الإِطَلِ ... يَحُوزُهَا ذُو ثَلَّةٍ وَذُو إِبِلْ
لأَغْنِيَنَّ الْيَوْمَ مَا أَغْنَى رَجُلْ
فَقَاتَلَ عَنْهُنَّ حَتَّى أَصْعَدَهُنَّ الْجَبَلَ.
قَالَ: إِذْ لَحِقْنَا آخَرَ مَعَهُ نِسْوَةٌ فَجَعَلَ يُقَاتِلُ عَنْهُنَّ وَيَقُولُ:
قَدْ عَلَمَتْ بَيْضَاءُ تُلْهِي الْعُرَسَا ... لا تَمْلأ اللُّجَيْنَ مِنْهَا نَهَسَا
لأَضْرِبَنَّ الْيَوْمَ ضَرْبًا وَعَسَا ... ضَرْبَ المذيدين المخاض القعسا
فقاتل عنهن حَتَّى أَصْعَدَهُنَّ الْجَبَلَ فَقَالَ خَالِدٌ: لا تَتْبَعُوهُمْ. أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عيينة. حدثني عبد الملك بن نوفل ابن مُسَاحِقٍ الْقُرَشِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِصَامٍ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[يَوْمَ بَطْنِ نَخْلَةَ فَقَالَ: اقْتُلُوا مَا لَمْ تَسْمَعُوا مُؤَذِّنًا أَوْ تَرَوْا مَسْجِدًا. إِذْ لَحِقْنَا رَجُلا فَقُلْنَا] لَهُ: كَافِرٌ أَوْ مُسْلِمٌ؟ فَقَالَ: إِنْ كُنْتُ كَافِرًا فَمَهْ! قُلْنَا لَهُ: إِنْ كُنْتَ كَافِرًا قَتَلْنَاكَ! قَالَ:
دَعُونِي أَقْضِ إِلَى النِّسْوَانِ حَاجَةً! قَالَ: إِذْ دَنَا إِلَى امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ فَقَالَ لَهَا: اسْلَمِي حُبَيْشُ عَلَى نَفَدِ الْعَيْشِ!.
أَرَيْتَكِ إِذْ طَالَبْتُكُمْ فَوَجَدْتُكُمْ ... بِحِلْيَةَ أَوْ أَدْرَكْتُكُمْ بِالْخَوَانِقِ
أَمَا كَانَ أَهْلا أَنْ يُنَوَّلَ عَاشِقٌ ... تَكَلَّفَ إِدْلاجَ السُّرَى وَالْوَدَائِقِ؟
فَلا ذَنْبَ لِي قَدْ قُلْتُ إِذْ نَحْنُ جِيرَةٌ ... أَثِيبِي بِوُدٍّ قَبْلَ إِحْدَى الصَّفَائِقِ!
أَثِيبِي بِوُدٍّ قَبْلَ أَنْ تَشْحَطَ النَّوَى. ... وَيَنْأَى أَمِيرِي بِالْحَبِيبِ الْمُفَارِقِ
فَقَالَتْ: نَعَمْ حُيِّيتَ عَشْرًا وَسَبْعًا وِتْرًا وَثَمَانِيًا تَتْرَى! قَالَ: فَقَرَّبْنَاهُ فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ.
قَالَ: فَجَاءَتْ فَجَعَلَتْ تَرْشُفُهُ حَتَّى مَاتَتْ عَلَيْهِ! وَقَالَ سُفْيَانُ: وَإِذَا امْرَأَةٌ كَثِيرَةٌ النَّحْضِ. يَعْنِي اللَّحْمَ.(2/113)
غزوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى حُنَيْنٍ «1»
ثُمَّ غزوة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى حنين وهي غزوة هوازن فِي شوال سنة ثمان مِن مهاجر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحنين واد بينه وبين مكّة ثلاث ليال.
قَالُوا: لَمَّا فَتْحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ مشت أشراف هوازن وثقيف بعضها إلى بعض وحشدوا وبغوا. وجمع أمرهم مالك بْن عوف النصري. وهو يومئذ ابن ثلاثين سنة. وأمرهم فجاؤوا معهم بأموالهم ونسائهم وأبنائهم حتى نزلوا بأوطاس. وجعلت الأمداد تأتيهم فأجمعوا المسير إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فخرج إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
من مكة يوم السبت لست ليال خلون مِن شوال فِي اثنى عشر ألفا مِن المسلمين:
عشرة آلاف مِن أهل المدينة وألفان مِن أهل مكّة فَقَالَ أَبُو بَكْر: لا نغلب اليوم مِن قلة! وخرج مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ناس مِن المشركين كثير. منهم صفوان بْن أُميّة.
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استعار منه مائة درع بأداتها. فانتهى إلى حنين مساء ليلة الثلاثاء لعشر ليال خلون مِن شوال. فبعث مالك بْن عوف ثلاثة نفر يأتونه بخبر أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فرجعوا إِلَيْهِ وقد تفرقت أوصالهم مِن الرعب. ووجه رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْد اللَّه بْن أَبِي حدرد الأسلمي فدخل عسكرهم فطاف بِهِ وجاء بخبرهم. فلما كَانَ مِن الليل عمد مالك بْن عوف إلى أصحابه فعبأهم فِي وادي حنين فأوعز إليهم أن يحملوا عَلَى مُحَمَّد وأصحابه حملة واحدة. وعبأ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أصحابه فِي السحر وصفهم صفوفا ووضع الألوية والرايات فِي أهلها. مَعَ المهاجرين لواء يحمله عَلِيّ بْن أَبِي طالب وراية يحملها سعد بْن أَبِي وقاص وراية يحملها عُمَر بْن الْخَطَّاب. ولواء الخزرج يحمله حباب بْن المنذر. ويقال لواء الخزرج الآخر مع سعد ابن عبادة ولواء الأوس مَعَ أسيد بْن حضير. وفي كل بطن مِن الأوس والخزرج لواء أو راية يحملها رَجُل منهم مسمى. وقبائل العرب فيهم الألوية والرايات يحملها قوم منهم مسمون. وَكَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد قدم سليما مِن يوم خرج مِن مكّة واستعمل عليهم خالد بْن الوليد. فلم يزل عَلَى مقدمته حتى ورد الجعرانة. وانحدر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فِي وادي الحنين عَلَى تعبئة وركب بغلته البيضاء دلدل ولبس درعين والمغفر والبيضة.
فاستقبلهم مِن هوازن شيء لم يروا مثله قط مِن السواد والكثرة. وذلك فِي غبش
__________
(1) تاريخ الطبري (3/ 70) ، وسيرة ابن هشام (2/ 287) ، والأغاني (10/ 30- 32) ، ومغازي الواقدي (885) .(2/114)
الصبح. وخرجت الكتائب مِن مضيق الوادي وشعبة فحملوا حملة واحدة وانكشفت الخيل خيل بني سليم مولية وتبعهم أهل مكّة وتبعهم النّاس منهزمين. فَجَعَلَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: [يا أنصار اللَّه وأنصار رسوله أَنَا عَبْد اللَّه ورسوله! وَرَجَعَ رَسُول] اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى العسكر وثاب إِلَيْهِ مِن انهزم وثبت معه يومئذ الْعَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلِبِ وَعَلِيِّ بْن أَبِي طَالِبٍ والفضل بْن عَبَّاس وَأَبُو سُفْيَان بْن الْحَارِثِ بْن عَبْد الْمُطَّلِبِ وربيعة ابن الحارث بْن عَبْد المطلب وأبو بَكْر وعمر وأسامة بْن زيد فِي أناس مِن أهل بيته وأصحابه. وجعل يَقُولُ للعباس: ناد يا معشر الأنصار يا أصحاب السمرة يا أصحاب سورة البقرة! فنادى. وكان صيتا. فأقبلوا كأنهم الإبل إذا حنت عَلَى أولادها يقولون:
يا لبيك يا لبيك! فحملوا عَلَى المشركين فأشرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنظر إلى قتالهم [فَقَالَ: الآن حمي الوطيس! أَنَا النَّبِيُّ لا كَذِبْ. أَنَا ابْنُ عَبْدِ المطلب!] .
[ثُمَّ قَالَ للعباس بْن عَبْد المطلب: ناولني حصيات. فناولته حصيات مِن الأرض ثُمَّ قَالَ: شاهت الوجوه! ورمى بها وجوه المشركين وَقَالَ: انهزموا ورب الكعبة!] وقذف اللَّه فِي قلوبهم الرعب. وانهزموا لا يلوي أحد منهم عَلَى أحد. فَأَمَرَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يقتل مِن قدر عَلَيْهِ. فحنق المسلمون عليهم يقتلونهم حتى قتلوا الذرية. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فنهى عَن قتل الذرية. وكان سيماء الملائكة.
يوم حنين. عمائم حمر قد أرخوها بين أكتافهم. [وقال رسول الله. ص: من قتل قتيلا لَهُ عَلَيْهِ بينة فله سلبه] . وَأَمَرَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بطلب العدو فانتهى بعضهم إلى الطائف وبعضهم نحو نخلة وتوجه قوم منهم إلى أوطاس. فعقد رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لأَبِي عامر الأشعري لواء ووجهه فِي طلبهم. وكان معه سلمة بْن الأكوع. فانتهى إلى عسكرهم فإذا هُم ممتنعون فقتل منهم أَبُو عامر تسعة مبارزة ثُمَّ برز لَهُ العاشر معلما بعمامة صفراء فضرب أَبَا عامر فقتله. واستخلف أَبُو عامر أَبَا مُوسَى الأشعري فقاتلهم حَتَّى فتح الله عليه وقتل قاتل أبي عامر. [فقال رسول الله. ص: اللَّهُمَّ اغفر لأبي عامر واجعله من أعلى أمتي فِي الجنّة! ودعا لأبي مُوسَى أيضا] .
وقتل من المسلمين أيضا أيمن بْن عُبَيْد بْن زيد الخزرجي. وهو ابن أم أيمن أخو أسامة بْن زيد لأمه. وسراقة بْن الحارث ورقيم بْن ثعلبة بْن زيد بْن لوذان.
واستحر القتال فِي بني نصر بْن معاوية ثُمَّ فِي بني رباب فَقَالَ عَبْد اللَّه بْن قيس وكان مسلما: هلكت بنو رباب! و [قال رسول الله. ص: اللهم اجبر مصيبتهم! ووقف](2/115)
مالك بْن عوف عَلَى ثنية من الثنايا حتى مضى ضعفاء أصحابه وتتام آخرهم ثُمَّ هرب فتحصن فِي قصر بلية. ويقال دخل حصن ثقيف. وَأَمَرَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالسبي والغنائم تجمع. فجمع ذَلِكَ كله وحدروه إلى الجعرانة فوقف بها إلى أن انْصَرَفَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الطائف وهم فِي حظائرهم يستظلون بها من الشمس. وكان السبي ستة آلاف رأس. والإبل أربعة وعشرين ألف بعير. والغنم أكثر من أربعين ألف شاة. وأربعة آلاف أوقية فضة. فاستأنى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالسبي أن يقدم عَلَيْهِ وفدهم وبدأ بالأموال فقسمها وأعطى المؤلفة قلوبهم أول النّاس فأعطى أَبَا سُفْيَان بْن حرب أربعين أوقية ومائة من الإبل. قَالَ: ابني يزيد. قَالَ: أعطوه أربعين أوقية ومائة من الإبل. قَالَ: ابني معاوية. قَالَ: أعطوه أربعين أوقية ومائة من الإبل. وأعطى حكيم بن حزام مائة من الإبل ثُمَّ سأله مائة أخرى فأعطاه إياها. وأعطى النصر بْن الحارث بْن كلدة مائة من الإبل. وأعطى أسيد بْن جارية الثقفي مائة من الإبل.
وأعطى العلاء بن حارثة الثقفي خمسين بعيرا. وأعطى مخرمة بْن نوفل خمسين بعيرا.
وأعطى الحارث بْن هشام مائة من الإبل. وأعطى سَعِيد بْن يربوع خمسين من الإبل.
وأعطى صفوان بْن أُميّة مائة من الإبل. وأعطى قيس بْن عدي مائة من الإبل. وأعطى عثمان بْن وهب خمسين من الإبل. وأعطى سهيل بْن عَمْرو مائة من الإبل. وأعطى حويطب بْن عَبْد العزى مائة من الإبل. وأعطى هشام بْن عَمْرو العامري خمسين من الإبل. وأعطى الأقرع بْن حابس التميمي مائة من الإبل. وأعطى عيينة بْن حصن مائة من الإبل. وأعطى مالك بْن عوف مائة من الإبل. وأعطى الْعَبَّاس بْن مرداس أربعين من الإبل. فَقَالَ فِي ذَلِكَ شعرا فأعطاه مائة من الإبل. ويقال خمسين. وأعطى ذَلِكَ كله من الْخُمس وهو أثبت الأقاويل عندنا. ثُمَّ أمر زيد بْن ثابت بإحصاء النّاس والغنائم ثُمَّ فضها عَلَى النّاس فكانت سهامهم لكل رَجُل أربع من الإبل وأربعون شاة. فإن كَانَ فارسا أخذ اثني عشر من الإبل وعشرين ومائة شاة. وإن كَانَ معه أكثر من فرس لم يسهم لَهُ.
وقدم وفد هوازن عَلَى النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهم أربعة عشر رجلا ورأسهم زهير بْن صرد. وفيهم أَبُو برقان عَمِّ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الرضاعة فسألوه أن يمن عليهم بالسبي [فَقَالَ: أبناؤكم ونساؤكم أحب إليكم أم أموالكم؟ قَالُوا: ما كُنَّا نعدل بالأحساب شيئا. فَقَالَ: أما ما لي ولبني عَبْد المطلب فهو لكم وسأسأل لكم النّاس] .(2/116)
فَقَالَ المهاجرون والأنصار: ما كَانَ لنا فهو لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال الأقرع بْن حابس:
أما أَنَا وبنو تميم فلا! وَقَالَ عيينة بْن حصن: أما أَنَا وبنو فزارة فلا! وَقَالَ الْعَبَّاس بْن مرداس: أما أَنَا وبنو سليم فلا! وقالت بنو سليم ما كَانَ لنا فهو لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَقَالَ الْعَبَّاس بْن مرداس: وهنتموني! وَقَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[أن هؤلاء القوم جاؤوا مسلمين. وقد كنت استأنيت بسبيهم وقد خيرتهم فلم يعدلوا بالأبناء والنساء شيئا.
فمن كان عنده منهم شيء فطابت نفسه أن يرده فسبيل ذَلِكَ. ومن أبى فليرد عليهم وليكن ذَلِكَ قرضا علينا ست فرائض من أول ما يفيء اللَّه علينا] . قَالُوا: رضينا وسلمنا. فردوا عليهم نساءهم وأبناءهم ولم يختلف منهم أحد غير عيينة بْن حصن.
فإنه أبى أن يرد عجوزا صارت فِي يده منهم ثُمَّ ردها بعد ذَلِكَ.
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد كسا السبي قبطية قبطية.
قَالُوا: فلما رأت الأنصار مَا أَعْطَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قريش والعرب تكلموا فِي ذلك فقال رسول الله. ص: [يا معشر الأنصار أما ترضون أن يرجع النّاس بالشاء والبعير وترجعوا برسول اللَّه إلى رحالكم؟ قَالُوا:] رضينا يا رسول اللَّه بك حظا وقسما! فقال رسول الله. ص: [اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار!] وانصرف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتفرقوا. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انتهى إلى الجعرانة ليلة الخميس لخمس ليال خلون من ذي القعدة فأقام بها ثلاث عشرة ليلة. فلما أراد الانصراف إلى المدينة خرج ليلة الأربعاء لاثنتي عشرة بقيت من ذي القعدة ليلا.
فأحرم بعمرة ودخل مكّة فطاف وسعى وحلق رأسه ورجع إلى الجعرانة من ليلته كبائت. ثُمَّ غدا يوم الخميس فانصرف إلى المدينة فسلك فِي وادي الجعرانة حتى خرج عَلَى سرف ثُمَّ أخذ الطريق إلى مر الظهران ثُمَّ إلى المدينة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ الشَّيْبَانِيُّ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى بْنِ كَعْبٍ الثَّقَفِيُّ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ عن أبيه: أن رسول الله.
ص. أَتَى هَوَازِنَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا. فَقَتَلَ مِنْهُمْ مِثْلَ مَا قَتَلَ مِنْ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُرَابًا مِنَ الْبَطْحَاءِ فَرَمَى بِهِ وُجُوهَنَا فَانْهَزَمْنَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ فَوَلَّى الْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ. فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ إِلا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ(2/117)
الْمُطَّلِبِ أَخَذَ بِغَرْزِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالنَّبِيُّ مَا يَأْلُو مَا أَسْرَعَ نَحْوَ الْمُشْرِكِينَ. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ حَتَّى أَخَذْتُ بِلِجَامِهِ وَهُوَ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ شَهْبَاءَ فَقَالَ: يَا عَبَّاسُ نَادِ يَا أَصْحَابَ السَّمُرَةِ! قَالَ: وَكُنْتُ رَجُلا صَيِّتًا فَنَادَيْتُ بِصَوْتِيَ الأَعْلَى أَيْنَ أَصْحَابُ السَّمُرَةَ؟ فَأَقْبَلُوا كَأَنَّهُمُ الإِبِلُ إِذَا حَنَّتْ إِلَى أَوْلادِهَا: يَا لَبَّيْكَ. يَا لَبَّيْكَ. يَا لَبَّيْكَ! وَأَقْبَلَ الْمُشْرِكُونَ فَالْتَقَوْا هُمْ وَالْمُسْلِمُونَ. وَنَادَتِ الأَنْصَارُ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ! مَرَّتَيْنِ. ثُمَّ قُصِرَتِ الدَّعْوَى فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ فَنَادَوْا: يَا بَنِي الْحَارِثِ بْنَ الْخَزْرَجِ! فَنَظَرَ النَّبِيُّ وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ كَالْمُتَطَاوِلِ إِلَى قِتَالِهِمْ فَقَالَ هَذَا حِينَ حَمِيَ الْوَطِيسُ. ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ مِنَ الْحَصَى فَرَمَاهُمْ بِهَا ثُمَّ قَالَ: [انْهَزَمُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ! قال:] فو الله مَا زَالَ أَمَرُهُمْ مُدْبِرًا وَحَدُّهُمْ كَلِيلا حَتَّى هَزَمَهُمُ اللَّهُ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْكُضُ خَلْفَهُمْ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُمْ أصابوا يومئذ ستة آلاف من السبي فجاؤوا مُسْلِمَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَنْتَ خَيْرُ النَّاسِ وَقَدْ أَخَذْتَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا وَأَمْوَالَنَا! فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي مَنْ تَرَوْنَ وَإِنَّ خَيْرَ الْقَوْلِ أَصْدَقُهُ فَاخْتَارُوا مِنِّي إِمَّا ذَرَارِيَّكُمْ وَنِسَاءَكُمْ وَإِمَّا أَمْوَالَكُمْ. قَالُوا: مَا كُنَّا لِنَعْدِلَ بِالأَحْسَابِ شَيْئًا. فَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -
خطيبا فقال: إن هؤلاء قد جاؤوا مُسْلِمَيْنِ وَإِنَّا قَدْ خَيَّرْنَاهُمْ بَيْنَ الذَّرَارِيِّ وَالأَمْوَالِ فَلَمْ يَعْدِلُوا بِالأَحْسَابِ شَيْئًا فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ منهم شيء فطابت نفسه أن يرده فسبيل ذَلِكَ.
وَمَنْ لا فَلْيُعْطِنَا وَلْيَكُنْ قَرْضًا عَلَيْنَا حَتَّى نُصِيبَ شَيْئًا فَنُعْطِيَهُ مَكَانَهُ. قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَدْ رَضِينَا وَسَلَّمْنَا. قَالَ: إِنِّي لا أَدْرِي لَعَلَّ فِيكُمْ مَنْ لا يَرْضَى فَمُرُوا عُرَفَاءَكُمْ يَرْفَعُونَ ذَلِكَ إِلَيْنَا. فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ الْعُرَفَاءُ أَنْ قَدْ رَضُوا وَسَلَّمُوا.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هَمَّامٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفِهْرِيِّ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في غَزْوَةِ حُنَيْنٍ فَسِرْنَا فِي يَوْمٍ قَائِظٍ شَدِيدِ الْحَرِّ فَنَزَلْنَا تَحْتَ ظِلالِ الشَّجَرِ. فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ لَبِسْتُ لأْمَتِي وَرَكِبْتُ فَرَسِي فَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وهو فِي فُسْطَاطِهِ فَقُلْتُ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ! حَانَ الرَّوَاحُ؟ فَقَالَ: أَجَلْ. ثُمَّ قَالَ: يَا بِلالُ! فَثَارَ مِنْ تَحْتِ سَمُرَةَ كَأَنَّ ظِلَّهُ ظِلُّ طَائِرٍ فَقَالَ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَأَنَا فِدَاؤُكَ! قَالَ: أَسْرِجْ لِي فَرَسِي. فأخرج سرجا دفتاه مِنْ لِيفٍ لَيْسَ فِيهِمَا أَشَرٌ وَلا بَطَرٌ. قال: فأسرج فركب وركبنا فصافناهم عَشِيَّتَنَا وَلَيْلَتَنَا فَتَشَامَّتِ الْخِيلانُ فَوَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ كما قال الله. فقال رسول الله. ص: [يَا عِبَادَ اللَّهِ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ. ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ(2/118)
الْمُهَاجِرِينَ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ. قَالَ:] ثُمَّ اقْتَحَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ فَرَسِهِ فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَأَخْبَرَنِي الَّذِي كَانَ أَدْنَى إِلَيْهِ مِنِّي أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ وُجُوهَهُمْ وَقَالَ: [شَاهَتِ الْوُجُوهُ! فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ] .
قال يعلى بن عطاء: فحدثني أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا: لم يبق منا أحد إِلا امْتَلأَتْ عَيْنَاهُ وَفُوهُ تُرَابًا. وَسَمِعْنَا صَلْصَلَةً بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ كَإِمْرَارِ الْحَدِيدِ عَلَى الطَّسْتِ الْجَدِيدِ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ. أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ: أَنَّ يَوْمَ حُنَيْنٍ كَانَ يَوْمًا مَطِيرًا. قَالَ: فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ.
ص. مُنَادِيًا فَنَادَى: إِنَّ الصَّلاةَ فِي الرِّحَالِ.
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ. أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ. أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ وَأَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ.
أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ قَتَادَةُ أَخْبَرَنِي عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَصَابَنَا مَطَرٌ بِحُنَيْنٍ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنَادِيَهُ فَنَادَى: إِنَّ الصَّلاةَ فِي الرِّحَالِ.
وَأَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ. أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالُوا: نُودِيَ فِي النَّاسِ يَوْمَ حُنَيْنٍ يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ! فَأَقْبَلُوا بِسُيُوفِهِمْ كَأَنَّهَا الشُّهُبُ فَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ.
سرية الطفيل بْن عَمْرو الدوسي إلى ذي الكفين
ثُمَّ سرية الطفيل بْن عَمْرو الدوسي إِلَى ذِي الْكَفَّيْنِ: صَنَمِ عَمْرو بْن حُمَمَةَ الدوسي فِي شوال سنة ثمان من مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالُوا: لَمَّا أَرَادَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السير إلى الطائف بعث الطفيل بْن عَمْرو إِلَى ذِي الْكَفَّيْنِ. صَنَمِ عَمْرو بْن حُمَمَةَ الدوسي. يهدمه وأمره أن يستمد قومه ويوافيه بالطائف. فخرج سريعا إلى قومه فهدم ذا الكفين وجعل يحش النار فِي وجهه ويحرقه ويقول:
يا ذا الكفين لست من عبادكا ... ميلادنا أقدم من ميلادكا
إني حششت النار فِي فؤادكا
قَالَ: وانحدر معه من قومه أربعمائة سراعا فوافوا النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالطائف بعد(2/119)
مقدمه بأربعة أيام. وقدم بدبابة ومنجنيق وَقَالَ: يا معشر الأزد من يحمل رايتكم؟ فَقَالَ الطفيل: من كَانَ يحملها فِي الجاهلية النعمان بْن بازية اللهبي. قَالَ: أصبتم.
غَزْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الطَّائِفَ «1»
ثُمَّ غزوة رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الطَّائِفَ فِي شوال سنة ثمان من مهاجره.
قَالُوا: خَرَجَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من حنين يريد الطائف وقدم خالد بْن الوليد عَلَى مقدمته. وقد كانت ثقيف رموا حصنهم وأدخلوا فِيهِ ما يصلحهم لسنة. فلما انهزموا من أوطاس دخلوا حصنهم وأغلقوه عليهم وتهيأوا للقتال. وسار رسول الله.
ص. فنزل قريبا من حصن الطائف وعسكر هناك فرموا المسلمين بالنبل رميا شديدا كأنه رَجُل جراد حتى أصيب ناس من المسلمين بجراحة. وقتل منهم اثنا عشر رجلا.
فيهم عَبْد اللَّه بْن أَبِي أُميّة بْن المغيرة وسعيد بْن العاص. ورمي عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر الصديق يومئذ فاندمل الجرح ثُمَّ انتقض بِهِ بعد ذَلِكَ فمات منه فارتفع رَسُول الله.
ص. إلى موضع مسجد الطائف اليوم وكان معه من نسائه أم سلمة وزينب.
فضرب لهما قبتين. وكان يصلي بين القبتين حصار الطائف كله فحاصرهم ثمانية عشر يوما. ونصب عليهم المنجنيق ونثر الحسك سقبين من عيدان حول الحصن. فرمتهم ثقيف بالنبل فقتل منهم رجال. فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقطع أعنابهم وتحريقها فقطع المسلمون قطعا ذريعا ثُمَّ سألوه أن يدعها لله وللرحم. فقال رسول الله. ص: [فإني أدعها لله وللرحم!] ونادى منادي رَسُول الله. ص: أيما عَبْد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر! فخرج منهم بضعة عشر رجلا منهم أَبُو بكرة نزل فِي بكرة فقيل أبو بكرة. فأعتقهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ودفع كل رَجُل منهم إلى رَجُل من المسلمين يمونه. فشق ذَلِكَ عَلَى أهل الطائف مشقة شديدة ولم يؤذن لرسول الله.
ص. فِي فتح الطائف. واستشار رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَوْفَلَ بْن معاوية الديلي فَقَالَ: ما ترى؟ فَقَالَ: ثعلب فِي جحر إن أقمت عَلَيْهِ أخذته وإن تركته لم يضرك! فَأَمَرَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَر بْن الْخَطَّاب فأذن فِي النّاس بالرحيل فضج النّاس من ذَلِكَ وقالوا:
نرحل ولم يفتح علينا الطائف؟ فَقَالَ رَسُول اللَّهِ. ص: فاغدوا عَلَى القتال. فغدوا فأصابت المسلمين جراحات فقال رسول الله. ص: أنا قافلون إن شاء الله. فسروا
__________
(1) تاريخ الطبري (3/ 82) ، وسيرة ابن هشام (2/ 302، 303) ، ومغازي الواقدي (922) .(2/120)
بذلك وأذعنوا وجعلوا يرحلون ورسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يضحك. وَقَالَ لهم رَسُول الله.
[ص: قولوا لا إله إلا اللَّه وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده. فلما ارتحلوا واستقلوا قَالَ: قولوا آئبون تائبون عابدون لربنا حامدون! وقيل: يا رَسُول اللَّهِ ادع اللَّه عَلَى ثقيف. فَقَالَ: اللهم اهد ثقيفا وأت بهم] .
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو الأَشْهَبِ. أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ قَالَ:
حَاصَرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل الطَّائِفِ قَالَ فَرُمِيَ رَجُلٌ مِنْ فَوْقِ سُورِهَا فَقُتِلَ. فَأَتَى عُمَرُ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ ادْعُ عَلَى ثَقِيفٍ! قَالَ: [إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْذَنْ فِي ثَقِيفٍ] . قَالَ: فَكَيْفَ نَقْتُلُ فِي قَوْمٍ لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ فِيهِمْ؟ قَالَ: فَارْتَحِلُوا فَارْتَحَلُوا.
أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مَكْحُولٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى أَهْلِ الطَّائِفِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا.
أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ بَابٍ عَنِ الْحَجَّاجِ. يَعْنِي ابْنَ أَرْطَأَةَ. عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الطَّائِفِ: [مَنْ خَرَجَ إِلَيْنَا مِنَ الْعَبِيدِ فَهُوَ حُرٌّ! فَخَرَجَ عَبِيدٌ مِنْ عَبِيدِهِمْ فِيهِمْ أَبُو بَكْرَةَ فَأَعْتَقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ. ص] .
ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُصَدِّقِينَ قَالُوا: لَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِلالَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ مِنْ مُهَاجَرِهِ بَعَثَ الْمُصَدِّقِينَ يُصَدِّقُونَ الْعَرَبَ فَبَعَثَ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ إِلَى بَنِي تَمِيمٍ يُصَدِّقُهُمْ وَبَعَثَ بُرَيْدَةَ بْنَ الْحُصَيْبِ إِلَى أَسْلَمَ وَغِفَارٍ يُصَدِّقُهُمْ. وَيُقَالَ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ. وَبَعَثَ عَبَّادَ بْنَ بِشْرٍ الأَشْهَلَيَّ إِلَى سُلَيْمٍ وَمُزَيْنَةَ.
وَبَعَثَ رَافِعَ بْنَ مَكِيثٍ إِلَى جُهَيْنَةَ. وَبَعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ إِلَى بَنِي فَزَارَةَ.
وَبَعَثَ الضحاك بن سفيان الكلابي إلى بني كلاب. وَبَعَثَ بُسْرَ بْنَ سُفْيَانَ الْكَعْبِيَّ إِلَى بَنِي كَعْبٍ. وَبَعَثَ ابْنَ اللُّتْبِيَّةَ الأَزْدِيَّ إِلَى بَنِي ذُبْيَانَ. وَبَعَثَ رَجُلا مِنْ سَعْدِ هُذَيْمٍ عَلَى صَدَقَاتِهِمْ وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُصَدِّقِيهِ أَنْ يَأْخُذُوا الْعَفْوَ مِنْهُمْ وَيَتَوَقَّوْا كَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ.
سرية عيينة بْن حصن الفزاري إلى بني تميم
ثُمَّ سرية عيينة بْن الحصن الفزاري إلى بني تميم. وكانوا فيما بين السقيا وأرض بني تميم. وذلك فِي المحرَّم سنة تسع من مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -(2/121)
قَالُوا: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عيينة بْن حصن الفزاري إلى بني تميم فِي خمسين فارسا مِنَ الْعَرَبِ لَيْسَ فِيهِمْ مُهَاجِرِيُّ وَلا أَنْصَارِيُّ. فكان يسير الليل ويمكن النهار فهجم عليهم فِي صحراء فدخلوا وسرحوا مواشيهم. فلما رأوا الجمع ولوا وأخذ منهم أحد عشر رجلا. ووجدوا فِي المحلة إحدى عَشْرَةَ امْرَأَةً وَثَلاثِينَ صَبِيًّا فَجَلَبَهُمْ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَمَرَ بِهِمْ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحُبِسُوا فِي دَارِ رَمْلَةَ بِنْت الْحَارِثِ فقدم فيهم عدة من رؤسائهم عطارد بْن حاجب والزبرقان بن بدر وقيس بن عاصم والأقرع بْن حابس وقيس بْن الحارث ونعيم بْن سعد وعمرو بْن الأهتم ورباح بْن الحارث بْن مجاشع. فلما رأوهم بكى إليهم النساء والذراري فعجلوا فجاؤوا إلى باب النبي.
ص. فنادوا: يا مُحَمَّد. اخرج إلينا! فَخَرَجَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأقام بلال الصلاة وتعلقوا برسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يكلمونه فوقف معهم ثُمَّ مضى فصلى الظهر ثُمَّ جلس فِي صحن المسجد فقدموا عطارد بْن حاجب فتكلم وخطب. فَأَمَرَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ثابت بْن قيس بْن شماس فأجابهم. ونزل فيهم: «إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ» الحجرات: 4. فرد عليهم رَسُول اللَّهِ الأسرى والسبي ثُمَّ بَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الوليد بْن عقبة بْن أَبِي معيط إلى بلمصطلق من خزاعة يصدقهم. وكانوا قد أسلموا وبنوا المساجد. فلما سمعوا بدنو الوليد خرج منهم عشرون رجلا يتلقونه بالجزور والغنم فرحا بِهِ. فلما رآهم ولى راجعا إلى المدينة فأخبر النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنهم لقوه بالسلاح يحولون بينه وبين الصدقة. فهم رَسُول الله.
ص. أن يبعث إليهم من يغزوهم. وبلغ ذَلِكَ القوم فقدم عَلَيْهِ الركب الّذين لقوا الوليد فأخبروا النَّبِيّ الخبر عَلَى وجهه. فنزلت هذه الآية: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ» الحجرات: 6 إلى آخر الآية فقرأ عَلَيْهِمْ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - القرآن وبعث معهم عباد بْن بشر يأخذ صدقات أموالهم ويعلمهم شرائع الْإِسْلَام ويقرئهم القرآن. فلم يعد ما أَمَّرَهُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يضيع حقا. وأقام عندهم عشرا ثُمَّ انصرف إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - راضيا.
سرية قطبة بْن عامر بْن حديدة إلى خثعم «1»
ثُمَّ سرية قطبة بْن عامر بْن حديدة إلى خثعم بناحية بيشة قريبا من تربة في صفر
__________
(1) مغازي الواقدي (981) .(2/122)
سنة تسع من مهاجر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُطْبَةَ بْن عَامِرِ بْن حَدِيدَةَ فِي عِشْرِينَ رَجُلا إِلَى حَيٍّ مِنْ خَثْعَمٍ بِنَاحِيَةِ تَبَالَةَ وأمره أن يشن الغارة عليهم.
فخرجوا عَلَى عشرة أبعرة يعتقبونها فأخذوا رجلا فسألوه فاستعجم عليهم فجعل يصيح بالحاضر ويحذرهم فضربوا عنقه ثُمَّ أمهلوا حتى نام الحاضر فشنوا عليهم الغارة فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كثر الجرحى فِي الفريقين جميعا. وقتل قطبة بْن عامر من قتل وساقوا النعم والشاء والنساء إلى المدينة. وجاء سيل أتي فحال بينهم وبينه فما يجدون إِلَيْهِ سبيلا. وكانت سهمانهم أربعة أبعرة أربعة أبعرة. والبعير يعدل بعشر من الغنم.
بعد أن أخرج الخمس.
سرية الضحاك بْن سُفْيَان الكلابي إلى بني كلاب «1»
ثُمَّ سرية الضحاك بْن سُفْيَان الكلابي إلى بني كلاب فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ مهاجر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالُوا: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جيشا إلى القرطاء عليهم الضحاك بْن سُفْيَان بْن عوف بْن أَبِي بكر الكلابي. ومعه الأصيد بْن سلمة بْن قرط. فلقوهم بالزج زج لاوه فدعوهم إلى الإسلام فأبوا. فقاتلوهم فهزموهم فلحق الأصيد أَبَاهُ سلمة. وسلمة عَلَى فرس لَهُ فِي غدير بالزج. فدعا أَبَاهُ إلى الْإِسْلَام وأعطاه الأمان. فسبه وسب دينه.
فضرب الأصيد عرقوبي فرس أَبِيهِ. فلما وقع الفرس عَلَى عرقوبيه ارتكز سلمة عَلَى رمحه فِي الماء ثُمَّ استمسك بِهِ حتى جاءه أحدهم فقتله ولم يقتله ابنه.
سرية علقمة بْن مجزز المدلجي إلى الحبشة «2»
ثُمَّ سرية علقمة بْن مجزز المدلجي إلى الحبشة فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الآخَرِ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالُوا: بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن ناسا من الحبشة تراياهم أهل جدة فبعث إليهم علقمة بْن مجزز في ثلاثمائة. فانتهى إلى جزيرة في البحر وقد خاض إليهم البحر
__________
(1) مغازي الواقدي (982) .
(2) مغازي الواقدي (983) .(2/123)
فهربوا منه. فلما رجع تعجل بعض القوم إلى أهلهم فأذن لهم فتعجل عَبْد اللَّه بْن حذافة السهمي فيهم فأمره عَلَى من تعجل. وكانت فِيهِ دعابة. فنزلوا ببعض الطريق وأوقدوا نارا يصطلون عليها ويصطنعون فَقَالَ: عزمت عليكم إلا تواثبتم فِي هذه النار! فقام بعض القوم فاحتجزوا حتى ظن أنهم واثبون فيها فَقَالَ: اجلسوا إنما كنت أضحك معكم! فذكروا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: من أمركم بمعصية فلا تطيعوه.
سرية عَلِيّ بْن أَبِي طالب إلى الفلس صنم طيّئ ليهدمه «1»
ثُمَّ سرية عَلِيّ بْن أَبِي طالب. رضي الله عنه. إلى الفلس صنم طيّئ ليهدمه فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الآخَرِ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالُوا: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيّ بْن أَبِي طالب فِي خمسين ومائة رَجُل من الأنصار عَلَى مائة بعير وخمسين فرسا. ومعه راية سوداء ولواء أبيض إلى الفلس ليهدمه. فشنوا الغارة عَلَى محلة آل حاتم مَعَ الفجر فهدموا الفلس وخربوه وملأوا أيديهم من السبي والنعم والشاء. وفي السبي أخت عدي بْن حاتم. وهرب عدي إلى الشام ووجد فِي خزانة الفلس ثلاثة أسياف: رسوب والمخذم وسيف يقال لَهُ اليماني.
وثلاثة أدراع. واستعمل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى السبي أَبَا قتادة واستعمل عَلَى الماشية والرثة عَبْد اللَّه بْن عتيك. فلما نزلوا ركك اقتسموا الغنائم وعزل للنبي - صَلَّى الله عليه وسلم - صفيا رسوبا والمخذم ثُمَّ صار لَهُ بعد السيف الآخر. وعزل الخمس وعزل آل حاتم فلم يقسمهم حتى قدم بهم المدينة.
سرية عكاشة بْن محصن الأَسَديّ إلى الجناب أرض عذرة وبلي
ثُمَّ سرية عكاشة بْن محصن الأَسَديّ إلى الجناب. أرض عذرة وبلي. فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الآخَرِ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ مهاجر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -
__________
(1) مغازي الواقدي (984) .(2/124)
غزوة رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَبُوكَ «1»
ثُمَّ غَزْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَبُوكَ فِي رجب سنة تسع من مهاجره.
قالوا: بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن الروم قد جمعت جموعا كثيرة بالشام وأن هرقل قد رزق أصحابه لسنة. وأجلبت معه لخم وجذام وعاملة وغسان وقدموا مقدماتهم إلى البلقاء. فندب رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ إلى الخروج وأعلمهم المكان الَّذِي يريد ليتأهبوا لذلك. وبعث إلى مكّة وإلى قبائل العرب يستنفرهم. وذلك فِي حر شديد.
وأمرهم بالصدقة فحملوا صدقات كثيرة وقووا فِي سبيل اللَّه. وجاء البكاؤون وهم سبعة يستحملونه فَقَالَ: لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ. تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ. وهم: سالم بْن عمير وهرمي بْن عَمْرو وعلبة بْن زيد وأبو ليلى المازني وعمرو بْن عنمة وسلمة بْن صخر والعرباض بْن سارية.
وفي بعض الروايات من يَقُولُ: إن فيهم عَبْد اللَّه بْن المغفل ومعقل بْن يسار.
وبعضهم يقولون: البكاؤون بنو مقرن السبعة. وهم من مزينة. وجاء ناس من المنافقين يستأذنون رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التخلف من غير علة فأذن لهم وهم بضعة وثمانون رجلا. وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم فاعتذروا إِلَيْهِ فلم يعذرهم وهم اثنان وثمانون رجلا. وكان عبد الله بن أبي ابن سلول قد عسكر عَلَى ثنية الوداع فِي حلفائه من اليهود والمنافقين فكان يقال لَيْسَ عسكره بأقل العسكرين. وَكَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استخلف عَلَى عسكره أَبَا بَكْر الصديق يصلي بالناس. واستخلف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى المدينة مُحَمَّد بْن مسلمة. وهو أثبت عندنا ممن قَالَ استخلف غيره. فلما سار رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تخلف عَبْد اللَّه بْن أَبِي ومن كَانَ معه وتخلف نفر من المسلمين من غير شك ولا ارتياب. منهم: كعب بْن مالك وهلال بْن ربيع ومرارة بْن الربيع وأبو خيثمة السالمي وأبو ذر الغفاري. وَأَمَرَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كل بطن من الأنصار والقبائل من العرب أن يتخذوا لواء أو راية ومضى لوجهه يسير بأصحابه حتى قدم تبوك فِي ثلاثين ألفا من النّاس. والخيل عشرة آلاف فرس. فأقام بها عشرين ليلة يصلي بها ركعتين ولحقه بها أَبُو خيثمة السالمي وأبو ذر الغفاري. وهرقل يومئذ بحمص. فَبَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خالد بن الوليد في أربعمائة وعشرين فارسا في
__________
(1) تاريخ الطبري (3/ 100) ، وسيرة ابن هشام (2/ 316) ، ومغازي الواقدي (989) .(2/125)
رجب سنة تسع سرية إلى أكيدر بْن عَبْد الملك بدومة الجندل. وبينها وبين المدينة خمس عشرة ليلة. وكان أكيدر من كندة قد ملكهم. وكان نصرانيا. فانتهى إِلَيْهِ خالد وقد خرج من حصنه فِي ليلة مقمرة إلى بقر يطاردها هُوَ وأخوه حسان. فشدت عَلَيْهِ خيل خالد بْن الوليد فاستأسر أكيدر وامتنع أخوه حسان وقاتل حتى قتل وهرب من كان معهما. فدخل الحصن وأجار خالد أكيدر من القتل حتى يأتي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
على أن يفتح لَهُ دومة الجندل. ففعل وصالحه عَلَى ألفي بعير وثمانمائة رأس وأربعمائة درع وأربعمائة رمح. فعزل للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صفيا خالصا ثُمَّ قسم الغنيمة فأخرج الخمس. وكان للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم قسم ما بقي بين أصحابه فصار لكل رَجُل منهم خمس فرائض. ثُمَّ خرج خالد بْن الوليد بأكيدر وبأخيه مصاد وكان فِي الحصن وبما صالحه عَلَيْهِ قافلا إلى المدينة. فقدم بأكيدر عَلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأهدى لَهُ هدية فصالحه على الجزية وحقن دمه ودم أخيه وخلى سبيلهما. وكتب له رسول الله.
ص. كتابا فِيهِ أمانهم وما صالحهم عَلَيْهِ وختمه يومئذ بظفره. وَكَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
استعمل عَلَى حرسه بتبوك عباد بْن بشر فكان يطوف فِي أصحابه عَلَى العسكر ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من تبوك ولم يلق كيدا وقدم المدينة فِي شهر رمضان سنة تسع فَقَالَ: الحمد لله عَلَى ما رزقنا فِي سفرنا هذا من أجر وحسبة! وجاءه من كَانَ تخلف عَنْهُ فحلفوا لَهُ فعذرهم واستغفر لهم وأرجأ أمر كعب بْن مالك وصاحبيه حتى نزلت توبتهم بعد. وجعل المسلمون يبيعون أسلحتهم ويقولون: قد انقطع الجهاد! [فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فنهاهم وَقَالَ: لا تزال عصابة من أمتي يجاهدون عَلَى الحق حتى يخرج الدجال.] أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ. أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَلَّ مَا يُرِيدُ غَزْوَةً يَغْزُوهَا إِلا وَرَّى بِغَيْرِهَا حَتَّى كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ فَغَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَرٍّ شَدِيدٍ وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَغَزْوَ عَدُوٍّ كَثِيرٍ. فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمَرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ عَدُوِّهِمْ وَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي قَوْلِهِ: الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ. قَالَ: خَرَجُوا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ الرَّجُلانِ وَالثَّلاثَةُ عَلَى بَعِيرٍ وَخَرَجُوا فِي حَرٍّ شَدِيدٍ فَأَصَابَهُمْ يَوْمًا عَطَشٌ شَدِيدٌ حَتَّى جَعَلُوا(2/126)
يَنْحَرُونَ إِبِلَهُمْ فَيَعْصِرُونَ أَكْرَاشَهَا وَيَشْرَبُونَ مَاءَهَا. فَكَانَ ذلك عسرة من الماء وعسرة من الطهر وَعُسْرَةً مِنَ النَّفَقَةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو الْعَقَدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ الْغِسِّيلُ. حَدَّثَنِي ابْنٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَوِ ابْنٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ إِلَى غَزْوَةِ تَبُوكَ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَكَانَتْ آخِرُ غَزْوَةٍ غَزَاهَا وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَبُوكًا فَأَقَامَ بِهَا عِشْرِينَ لَيْلَةً يُصَلِّي بِهَا صَلاةَ الْمُسَافِرِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: رَجَعْنَا مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَلَمَّا دنونا من المدينة [قال رسول الله. ص: إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلا كَانُوا مَعَكُمْ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ!] .
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الصَّنْعَانِيُّ. حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ مَعْقِلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَهْبٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: [سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ بَعْدَ أَنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ: إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مِنْ مَسِيرٍ وَلا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلا كَانُوا مَعَكُمْ. حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ] .
حَجَّةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ بِالنَّاسِ «1»
ثُمَّ حجة أَبِي بَكْر الصديق بالناس فِي ذي الحجّة سنة تسع من مهاجر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالُوا: اسْتَعْمَلَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبا بكر الصديق. رضي الله عنه. على الحج فخرج فِي ثلاثمائة رَجُل من المدينة وبعث معه رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعشرين بدنة قلدها وأشعرها بيده عليها ناجية بْن جندب الأسلمي. وساق أَبُو بَكْر خمس بدنات. فلما
__________
(1) المغازي للواقدي (1076) .(2/127)
كَانَ بالعرج لحقه عَلِيّ بْن أَبِي طالب. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. عَلَى نَاقَةَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
القصواء. فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْر: استعملك رَسُول اللَّهِ عَلَى الحج؟ قَالَ: لا ولكن بعثني أقرأ براءة عَلَى الناس وأنبذ إلى كل ذي عهد عهده. فمضى أَبُو بَكْر فحج بالناس. وقرأ عَلِيّ بْن أَبِي طالب براءة عَلَى النّاس يوم النحر عند الجمرة ونبذ إلى كل ذي عهد عهده [وَقَالَ: لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان.] ثُمَّ رجعا قافلين إلى المدينة.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي أَمَّرَهُ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي رَهْطٍ يُؤْذِنُونَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ أَنْ لا يَحُجَّ بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان. فَكَانَ حُمَيْدٌ يَقُولُ:
يَوْمَ النَّحْرَةِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ. مِنْ أَجْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
سرية خالد بْن الوليد إلى بني عَبْد المدان بنجران
ثُمَّ سرية خالد بْن الوليد إلى بني عَبْد المدان بنجران فِي شهر ربيع الأول سنة عشر من مهاجر النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
سرية عَلِيّ بْن أَبِي طالب. رحمه اللَّه. إلى اليمن. يقال مرتين «1»
ثُمَّ سرية عَلِيّ بْن أَبِي طالب إلى اليمن. يقال مرتين. فِي شهر رمضان سنة عشر من مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالُوا: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عليا إلى اليمن وعقد لَهُ لواء وعممه بيده وَقَالَ:
[امض ولا تلتفت. فإذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك!] فخرج فِي ثلاثمائة فارس وكانت أول خيل دخلت إلى تلك البلاد. وهي بلاد مذحج. ففرق أصحابه فأتوا بنهب وغنائم ونساء وأطفال ونعم وشاء وغير ذَلِكَ. وجعل عَلِيّ عَلَى الغنائم بريدة بْن الحصيب الأسلمي. فجمع إِلَيْهِ ما أصابوا ثُمَّ لقي جمعهم فدعاهم إلى الْإِسْلَام فأبوا ورموا بالنبل والحجارة فصف أصحابه ودفع لواءه إلى مَسْعُود بْن سنان السلمي. ثم
__________
(1) تاريخ الطبري (3/ 131) ، ومغازي الواقدي (1079) .(2/128)
حمل عليهم عَلِيّ بأصحابه فقتل منهم عشرين رجلا فتفرقوا وانهزموا. فكف عَن طلبهم ثُمَّ دعاهم إلى الْإِسْلَام فأسرعوا وأجابوا وبايعه نفر من رؤسائهم عَلَى الْإِسْلَام وقالوا: نَحْنُ عَلَى من وراءنا من قومنا وهذه صدقاتنا فخذ منها حق اللَّه. وجمع عَلِيّ الغنائم فجزأها عَلَى خمسة أجزاء فكتب فِي سهم منها لله. وأقرع عليها فخرج أول السهام سهم الخمس. وقسم علي على أصحابه بقية المغنم ثم قفل فوافى النبي.
ص. بمكة قد قدمها للحج سنة عشر.
[القول في وفاة النبي ص]
ذِكْرُ عُمْرَةِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ وَشِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ الْعَبْدِيُّ قَالُوا: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَ عُمَرٍ: عَمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ وَهِيَ عُمْرَةُ الْحَصْرِ. وَعُمْرَةُ الْقَضَاءِ مِنْ قَابِلٍ. وَعُمْرَةُ الْجِعْرَانَةِ. وَالرَّابِعَةُ الَّتِي مَعَ حَجَّتِهِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ. أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَمَرَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَاعْتَمَرَ عَامَ صَالَحَ قُرَيْشًا فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَاعْتَمَرَ مَرْجِعَهُ مِنَ الطَّائِفِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنَ الْجِعْرَانَةِ.
أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ. يَعْنِي الْهُذَلِيَّ. عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثَ عُمَرٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ الضَّبِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: اعْتَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَ عُمَرَ كُلُّهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أخبرنا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: لَمْ يَعْتَمِرْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمْرَةً إِلا فِي ذِي الْقَعْدَةِ.
أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ. يَعْنِي الثَّوْرِيَّ. عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: عُمَرُ النَّبِيِّ كُلُّهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالُوا: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: كَمِ اعْتَمَرَ رسول الله. ص؟ قال:(2/129)
أَرْبَعًا: عُمْرَتَهُ الَّتِي صَدَّهُ فِيهَا الْمُشْرِكُونَ عَنِ الْبَيْتِ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ.
وَعُمْرَتُهُ أَيْضًا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ حِينَ صَالَحُوهُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ. وَعُمْرَتُهُ حِينَ قَسَّمَ غَنِيمَةَ حُنَيْنٍ مِنَ الْجِعْرَانَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ. وَعُمْرَتُهُ مَعَ حَجَّتِهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ. أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عُتْبَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الطَّائِفِ نَزَلَ الْجِعْرَانَةَ فَقَسَمَ بِهَا الْغَنَائِمَ ثُمَّ اعْتَمَرَ مِنْهَا. وَذَلِكَ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ شَوَّالٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُزَاحِمٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَرِّشٍ الْكَعْبِيِّ هَكَذَا قَالَ: قَالَ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلا مِنَ الْجِعْرَانَةِ ثُمَّ رَجَعَ كَبَائِتٍ. قَالَ فَلِذَلِكَ خَفِيَتْ عُمْرَتُهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ. قَالَ دَاوُدُ: عَامَ الْفَتْحِ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ: [أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَمَرَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ وَقَالَ: اعْتَمَرَ مِنْهَا سَبْعُونَ نَبِيًّا] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثًا: عَمْرَةٌ فِي شَوَّالٍ. وَعُمْرَتَيْنِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ. يَعْنِي الثَّوْرِيَّ. عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: مَا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلا مَرَّةً.
أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ. أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَامَ فِي عُمَرِهِ ثَلاثًا.
أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى: أَدَخَلَ النَّبِيُّ الْبَيْتَ فِي عُمُرِهِ؟ قَالَ: لا.
حَجَّةُ الْوَدَاعِ «1»
ثُمَّ حجة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنَّاسِ سنة عشر من مهاجره. وهي الّتي يسمي النّاس حجة الوداع. وكان المسلمون يسمونها حجة الإسلام.
__________
(1) تاريخ الطبري (3/ 148) ، وسيرة ابن هشام (2/ 350) ، ومغازي الواقدي (1088) .(2/130)
قالوا: أقام رسول الله - صلى الله عليه وَسَلَّمَ - بالمدينة عشر سنين يضحي كل عام ولا يحلق ولا يقصر ويغزو المغازي ولا يحج حتى كَانَ فِي ذي القعدة سنة عشر من مهاجر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجْمَعَ الخروج إلى الحج وآذن النّاس بذلك. فقدم المدينة بشر كثير يأتمون برسول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّتِهِ ولم يحج غيرها منذ تنبئ إلى أن توفاه اللَّه. وكان ابن عَبَّاس يكره أن يقال حجة الوداع ويقول حجة الْإِسْلَام. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من المدينة مغتسلا متدهنا مترجلا متجردا فِي ثوبين صحاريين إزار ورداء. وذلك يوم السبت لخمس ليال بقين من ذي القعدة. فصلى الظهر بذي الحليفة ركعتين وأخرج معه نساءه كلهن فِي الهوادج. وأشعر هديه وقلده ثُمَّ ركب ناقته. فلما استوى عليها بالبيداء أحرم من يومه ذَلِكَ. وكان عَلَى هديه ناجية بْن جندب الأسلمي واختلف علينا فيما أهل بِهِ: فأهل المدينة يقولون أهل بالحج مفردا. وفي رواية غيرهم أَنَّهُ قرن مَعَ حجته عمرة. وَقَالَ بعضهم دخل مكّة متمتعا بعمرة ثُمَّ أضاف إليها حجة. وفي كل رواية. والله أعلم.
ومضى يسير المنازل ويؤم أصحابه فِي الصلوات فِي مساجد لَهُ قد بناها النّاس وعرفوا مواضعها. وكان يوم الإثنين بمر الظهران فغربت لَهُ الشمس بسرف ثُمَّ أصبح فاغتسل ودخل مكّة نهارا. وهو عَلَى راحلته القصواء. فدخل من أعلى مكّة من كداء حتى انتهى إلى باب بني شيبة. فلما رَأَى البيت رفع يديه [فَقَالَ: اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة. وزد من عظمه ممن حجه واعتمره تشريفا وتكريما ومهابة وتعظيما وبرا!] . «1»
ثُمَّ بدأ فطاف بالبيت ورمل ثلاثة أشواط من الحجر إلى الحجر. وهو مضطبع بردائه. ثُمَّ صلى خلف المقام ركعتين. ثُمَّ سعى بين الصفا والمروة عَلَى راحلته من فوره ذَلِكَ.
وكان قد اضطرب بالأبطح فرجع إلى منزله. فلما كَانَ قبل يوم الترويه بيوم خطب بمكة بعد الظهر. ثُمَّ خرج يوم الترويه إلى منى فبات بها. ثُمَّ غدا إلى عرفات فوقف بالهضاب من عرفات [وَقَالَ: كل عرفة موقف إلا بطن عرنة] . فوقف
__________
(1) انظر: [السنن الكبرى (5/ 73) ، والمعجم الكبير للطبراني (3/ 202) ، ومجمع الزوائد (3/ 238) ، وكنز العمال (18112) ، والدر المنثور 1/ 132) ، ونصب الراية (3/ 37) ، وتلخيص الحبير (3/ 37) ، ومصنف ابن أبي شيبة (4/ 97) ، (10/ 366) ] .(2/131)
عَلَى راحلته يدعو. فلما غربت الشمس دفع فجعل يسير العنق. فإذا وجد فجوة نص حتى جاء المزدلفة. فنزل قريبا من النار فصلى المغرب والعشاء بأذان وإقامتين ثُمَّ بات بها. فلما كَانَ فِي السحر أذن لأهل الضعف من الذرية والنساء أن يأتوا منى قبل حطمة النّاس. قَالَ ابن عَبَّاس: وجعل يلطح أفخاذنا ويقول:
[أبني لا ترموا حتى تطلع الشمس] . يعني جمرة العقبة. فلما برق الفجر صلى نبي اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصُّبْحَ ثُمَّ ركب راحلته فوقف عَلَى قزح [وقال: كل المزدلفة موقف إلا بطن محسر] «1» . ثُمَّ دفع قبل طلوع الشمس. فلما بلغ إلى محسر أوضع ولم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة. ثُمَّ نحر الهدي وحلق رأسه وأخذ من شاربه وعارضيه وقلم أظفاره وأمر بشعره وأظفاره أن تدفن. ثُمَّ أصاب الطيب ولبس القميص ونادى مناديه بمنى: إنها أيام أكل وشرب «2» . وفي بعض الروايات: وباءة.
وجعل يرمي الجمار فِي كل يوم عند زوال الشمس بمثل حصى الخذف. ثُمَّ خطب الغد من يوم النحر بعد الظهر عَلَى ناقته القصواء. ثُمَّ صدر يوم الصدر الآخر وَقَالَ: [إنما هن ثلاث يقيمهن المهاجر بعد الصدر] . يعني بمكة. ثُمَّ ودع البيت وانصرف راجعا إلى المدينة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ أَخْبَرَنِي بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا. قَالَ فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عُمَرَ. قَالَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَبَّى بِالْحَجِّ وَحْدَهُ. قَالَ فَلَقِيتُ أَنَسًا فَحَدَّثْتُهُ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ أَنَسٌ: مَا يَعُدُّونَنَا إِلا كَالصِّبْيَانِ! [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: لبيك عمرة وحجا مَعًا] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أنها قالت: خرجنا مع رسول الله.
ص. عَلَى ثَلاثَةِ أَنْوَاعٍ: مِنَّا مَنْ قَرَنَ بَيْنَ عُمْرَةٍ وَحَجٍّ. وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ. وَمِنَّا من
__________
(1) انظر: [سنن أبي داود، الباب (65) ، من مناسك، وسنن ابن ماجة (3012) ، (3048) ، والدر المنثور (1/ 124) ] .
(2) انظر: [مسند أحمد (1/ 119، 174) ، (3/ 415، 451) ، والسنن الكبرى (4/ 298) ، وصحيح ابن خزيمة (2960) ، وفتح الباري (2/ 459) ، ومعاني الآثار (2/ 245، 246) ، ومصنف ابن أبي شيبة (2/ 19، 20، 21) ] .(2/132)
أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ. فَأَمَّا مَنْ قَرَنَ بَيْنَ عُمْرَةٍ وَحَجٍّ فَإِنَّهُ لا يَحِلُّ حَتَّى يَقْضِيَ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا.
وَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ فَإِنَّهُ لا يَحِلُّ مِمَّا حُرِّمَ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْضِيَ الْمَنَاسِكَ. وَمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَإِنَّهُ إِذَا طَافَ وَسَعَى حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى يَسْتَقْبِلَ الْحَجَّ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَرَّحَ بِهِمَا جَمِيعًا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَبَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ. أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ وَبَاتَ بِهَا حَتَّى أَصْبَحَ. فَلَمَّا انْبَعَثَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ سَبَّحَ وَكَبَّرَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ. قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَحِلُّوا. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ وَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَ بَدَنَاتٍ بِيَدِهِ قِيَامًا. وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ. أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ. أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنِ السَّدُوسِيِّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ لِصُبْحِ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَجْعَلُوهَا عَمْرَةً إِلا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ. قَالَ: فَلُبِسَتِ الْقُمُصُ وَسُطِعَتِ الْمَجَامِرُ وَنُكِحَتِ النِّسَاءُ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأَرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. فَلَمَّا طُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ [قَالَ رَسُولُ الله. ص: اجْعَلُوهَا عُمْرَةً إِلا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ] «1» . فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ طَافُوا وَلَمْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ حَكَّامِ بْنِ أَبِي الْوَضَّاحِ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أبي
__________
(1) انظر: [صحيح مسلم، الحج (120) ، وصحيح ابن خزيمة (2795) ، وسنن أبي داود (1788) ، ومسند أحمد (3/ 5، 71، 362) ، ونصب الراية (3/ 114) ، ومشكل الآثار (3/ 157، 161، 162) ] .(2/133)
الْعَالِيَةِ الْبَرَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحَجِّ فَقَدِمَ لأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَصَلَّى بِنَا الصُّبْحَ بِالْبَطْحَاءِ ثُمَّ [قَالَ: مَنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَجْعَلْهَا] .
أَخْبَرَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ أَبِي وَهْبٍ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّهُ سُئِلَ: كَيْفَ حَجَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ حَجَّ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ؟ فَقَالَ: حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ حَجَّ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ مَعَهُمُ النِّسَاءُ وَالْوِلْدَانُ. قَالَ مَكْحُولٌ: تَمَتَّعُوا بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَحَلُّوا فَأُحِلَّ لَهُمْ مَا يَحِلُّ لِلْحَلالِ مِنَ النِّسَاءِ وَالطِّيبِ.
أَخْبَرَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنِ النُّعْمَانِ أَنَّ مَكْحُولا حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ جَمِيعًا.
أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ الأَزْدِيُّ. أخبرنا يحيى بن زكرياء بْنِ أَبِي زَائِدَةَ.
أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَنْبَأَنِي أبو طلحة أن النبي.
ص. جَمَعَ بَيْنَ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْرَدَ بِالْحَجِّ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْرَدَ بِالْحَجِّ.
أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْرَدَ بِالْحَجِّ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ! لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ! لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لا شَرِيكَ لَكَ!] .
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ صَبِيحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى رَحْلٍ رَثٍّ وَقَطِيفَةٍ. قَالَ وَكِيعٌ: يَسْتَوِي أَوْ لا يَسْتَوِي أَرْبَعَةَ دَرَاهِمٍ. قَالَ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ:
أُرَاهَا ثَمَنَ أَرْبَعَةِ دَرَاهِمٍ. فَلَمَّا تَوَجَّهَ [قَالَ: اللَّهُمَّ حَجَّةً لا رياء فيها ولا سمعة! «1» ] .
__________
(1) انظر: [سنن ابن ماجة (2890) ، وكنز العمال (3665) ، وحلية الأولياء (3/ 54) ، ومصنف ابن أبي شيبة (4/ 106) ، والبداية والنهاية (5/ 113) ، والضعفاء للعقيلي (2/ 8) ] .(2/134)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي حَسَّانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهَلَّ بِالْحَجِّ عِنْدَ الظُّهْرِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ. أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي [جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْدَى فِي حَجَّتِهِ مِائَةَ بَدَنَةٍ وَأَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِمُضْغَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَأَكَلا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا. قُلْتُ: مَنِ الَّذِي أَكَلَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَرِبَ مِنَ الْمَرَقِ؟ قَالَ عَلِيٌّ: جَعْفَرٌ يَقُولُهُ لِي. يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَكَلَ مَعَ النَّبِيِّ وَشَرِبَ مِنَ الْمَرَقِ. قَالَ: وَجَعْفَرٌ يَقُولُهُ لابْنِ جُرَيْجٍ] .
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي الْعَاتِكَةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ مَنْ أَبْصَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
سَائِرًا إِلَى مِنًى وَبِلالٌ إِلَى جَانِبِهِ. وبيد بلال عود عليه ثوب وشي يُظِلُّهُ مِنَ الشَّمْسِ أَخْبَرَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: ارْفَعْ صَوْتَكَ بِالإِهْلالِ فَإِنَّهُ شِعَارُ الْحَجِّ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ. أَخْبَرَنِي الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ عَنْ خَلادِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجهني قال: [قال رسول الله. ص: أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ لِي: ارْفَعْ صَوْتَكَ بِالإِهْلالِ فَإِنَّهُ مِنْ شِعَارِ الْحَجِّ] «1» .
أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ الشَّيْبَانِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ بَيْنَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَالْحَجَرِ الأَسْوَدِ: رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ. حَدَّثَنِي محمد بن علي عن
__________
(1) انظر: [المعجم الكبير للطبراني (7/ 168) ، والكنى والأسماء للدولابي (2/ 126) ] .(2/135)
أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْبَيْتِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ رَكْعَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي قَيْسٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: سَأَلْتُ عُمَرَ كَيْفَ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْبَيْتِ؟
قَالَ: صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابن عمر قال:
دخل رسول الله. الْبَيْتَ هُوَ وَبِلالٌ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَسَأَلْتُ بِلالا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ؟ قَالَ: نَعَمْ فِي مُقَدَّمِ الْبَيْتِ. بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ ثَلاثَةُ أَذْرُعٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَتَيْتُ فَقِيلَ لِي هَذَا رَسُولُ اللَّهِ قَدْ دَخَلَ الْبَيْتَ. قَالَ: فَأَقْبَلْتُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ خَرَجَ وَوَجَدْتُ بِلالا قَائِمًا عِنْدَ الْبَابِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُغِيثٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَدْخُلَ الْكَعْبَةَ خَلَعَ نَعْلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ قَزَعَةَ عَنْ [عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول يَوْمًا وَدَخَلَ الْبَيْتَ وَعَلَيْهِ كَآبَةٌ فَقُلْتُ: مَا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: فَعَلْتُ الْيَوْمَ أَمْرًا لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ فَعَلْتُهُ! دَخَلْتُ الْبَيْتَ وَلَعَلَّ الرَّجُلَ مِنْ أُمَّتِي لا يَقْدِرُ أَنْ يُدْخُلَهُ فَيَنْصَرِفُ وَفِي نَفْسِهِ حَزَازَةٌ. وَإِنَّمَا أُمِرْنَا بِالطَّوَافِ بِهِ وَلَمْ نُؤْمَرْ بِالدُّخُولِ] .
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: أن النبي.
ص. طَافَ قَبْلَ عَرَفَةَ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَعْمَرَ قَالَ: [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَرَفَاتٍ قَالَ:(2/136)
الْحَجُّ عَرَفَاتٌ أَوْ يَوْمُ عَرَفَةَ. مَنْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ الصُّبْحِ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ «1» . وَقَالَ:
أَيَّامُ مِنًى ثَلاثَةٌ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ] «2» .
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ قَالَ:
سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسِ بْنِ أَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ لأْمٍ قَالَ: [أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لِي مِنْ حَجٍّ؟ فَقَالَ: مَنْ صَلَّى الصَّلاةَ مَعَنَا هَاهُنَا وَقَدْ شَهِدَ قَبْلَ ذَلِكَ عَرَفَاتٍ لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ] .
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سُئِلَ أُسَامَةُ وَأَنَا جَالِسٌ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسِيرُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ حِينَ دَفَعَ؟ قَالَ: كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ «3» .
أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ.
ص. أَفَاضَ مِنْ عَرَفَاتٍ وَرِدْفُهُ أُسَامَةُ وَأَفَاضَ مِنْ جَمْعٍ وَرِدْفُهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ.
قَالَ: وَلَبَّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ.
أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ. قَالَ عَطَاءٌ:
فَأَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ الْفَضْلَ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ. أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ [ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ.
ص. عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَغَدَاةَ جَمْعٍ حِينَ دَفَعُوا قَالَ: عليكم السكينة. وهو كاف ناقته
__________
(1) انظر: [سنن الترمذي (1975) ، وسنن الدارمي (2/ 59) ، وموارد الظمآن (1099) ، والدر المنثور 1/ 236) ، وابن كثير (1/ 350) ، وتفسير القرطبي (2/ 426) ، (3/ 2) ] .
(2) انظر: [مسند أحمد (4/ 309، 310) ، والتمهيد (10/ 23) ] .
(3) انظر: [صحيح البخاري (2/ 200) ، (4/ 70) ، وصحيح مسلم، الباب (47) ، حديث (283) من الحج، وسنن أبي داود (1923) ، وسنن ابن ماجة (3017) ، ومسند أحمد (5/ 210) ، والسنن الكبرى (5/ 119) ، وصحيح ابن خزيمة (2845) ، والدر المنثور (1/ 223) ، وتفسير ابن كثير (1/ 352) ] .(2/137)
حَتَّى دَخَلَ مِنًى حِينَ هَبَطَ مِنْ مُحَسِّرٍ فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ الَّذِي تَرْمُونَ بِهِ الْجَمْرَةَ. وَأَشَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا يَخْذِفُ الإِنْسَانُ] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْمِي بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ. أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ زِيَادِ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ. [أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ لِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَدَاةَ الْعَقَبَةِ: الْقُطْ لِي. فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَى الْخَذْفِ فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ فِي يَدِهِ قَالَ: نَعَمْ بِأَمْثَالِ هَؤُلاءِ. وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالْغُلُوِّ فِي الدِّينِ!] .
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ:
وَأَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْمِي يَوْمَ النَّحْرِ ضَحًى وَأَمَّا مَا بَعْدَ ذَلِكَ فَبَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ «1» .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَقُولُ لَنَا خُذُوا مَنَاسِكَكُمْ. فَإِنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ «2» .
أَخْبَرَنِي مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَسَارِيُّ. أَخْبَرَنَا الزَّنْجِيُّ بْنُ خَالِدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ: [أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَرْمِي الْجِمَارَ مَاشِيًا ذَاهِبًا وَرَاجِعًا] .
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحَرَ ثُمَّ حَلَقَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجَّةِ الوداع.
__________
(1) انظر: [سنن الترمذي (894) ] .
(2) انظر: [مسند أحمد بن حنبل (3/ 318، 366) ، وصحيح ابن خزيمة (2877) ، ونصب الراية (3/ 55) ، وحلية الأولياء (7/ 226) ] .(2/138)
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والحلاق يحلقه وقد أطاف به أصحابه ما يُرِيدُونَ أَنْ تَقَعَ شَعْرَةٌ إِلا فِي يَدِ رَجُلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ النَّبِيَّ.
ص. أَفَاضَ يَوْمَ النَّحْرِ فَغَدَا غُدُوًّا قَبْلَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى الصَّلَوَاتِ بِمِنًى. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَقَالَ عَطَاءٌ: وَمَنْ أَفَاضَ فَلْيُصَلِّ الظُّهْرَ بِمِنًى. قَالَ: وَإِنِّي لأُصَلِّيَ الظُّهْرَ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ أَفِيضَ وَالْعَصْرَ بِالطَّرِيقِ وَكُلُّ ذَلِكَ أَصْنَعُ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ حُجَيْرٍ وغيره عن طاووس قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ أَنْ يَفِيضُوا نَهَارًا وَأَفَاضَ فِي نِسَائِهِ لَيْلا وَطَافَ بِالْبَيْتِ عَلَى نَاقَتِهِ ثُمَّ جَاءَ زَمْزَمَ فَقَالَ: نَاوِلُونِي. فَنُووِلَ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهَا ثُمَّ مَضْمَضَ فَمَجَّ فِي الدَّلْوِ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُفْرِغَ فِي الْبِئْرِ. يَعْنِي زَمْزَمَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ حُجَيْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُسًا يَزْعُمُ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى زَمْزَمَ فَقَالَ: نَاوِلُونِي. فَنُووِلَ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهَا ثُمَّ مَضْمَضَ فِي الدَّلْوِ ثُمَّ أَمَرَ بِمَاءٍ فِي الدَّلْوِ فَأُفْرِغَ فِي الْبِئْرِ. ثُمَّ مَشَى إِلَى السِّقَايَةِ سِقَايَةِ النَّبِيذِ لِيَشْرَبَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِلْعَبَّاسِ: إِنَّ هَذَا سَاطَتْهُ الأَيْدِي مُنْذُ الْيَوْمِ وَفِي الْبَيْتِ شَرَابٌ صَافٍ. فَأَبَى النَّبِيُّ أَنْ يَشْرَبَ إِلا مِنْهُ فَشَرِبَ منه. قال: وكان طاووس يَقُولُ الشُّرْبُ مِنَ النَّبِيذِ مِنْ تَمَامِ الْحَجِّ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن جريج. أخبرني ابن طاووس عَنْ [أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرِبَ مِنَ النَّبِيذِ وَمِنْ زَمْزَمَ وَقَالَ: لَوْلا أَنْ تَكُونَ سُنَّةً لَنَزَعْتُ] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلا نَادَى ابْنَ عَبَّاسٍ وَالنَّاسُ حَوْلَهُ: أَسُنَّةً تَبْتَغُونَ بِهَذَا النَّبِيذِ أَمْ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْعَسَلِ وَاللَّبَنِ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ بِعِسَاسٍ فِيهَا النَّبِيذُ. فَلَمَّا شَرِبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَجِلَ قَبْلَ أَنْ يُرْوَى فَرَفَعَ رَأْسَهُ [فَقَالَ:
أَحْسَنْتُمْ هَكَذَا اصْنَعُوا!] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَرِضَاءُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَسِيلَ شِعَابُهَا عَلَيْنَا عَسَلا ولبنا.(2/139)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَفَاضَ نَزَعَ لِنَفْسِهِ بِالدَّلْوِ لَمْ يَنْزِعْ مَعَهُ أَحَدٌ فَشَرِبَ ثُمَّ أَفْرَغَ مَا بَقِيَ فِي الدَّلْوِ فِي الْبِئْرِ وَقَالَ: [لَوْلا أَنْ يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَمْ يَنْزِعْ مِنْهَا أَحَدٌ غَيْرِي] «1» . قَالَ: فَنَزَعَ هُوَ نَفْسُهُ الدَّلْوَ التي شرب منها لم يُعِنْهُ عَلَى نَزْعِهَا أَحَدٌ.
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ. حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ. أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ. حَدَّثَنِي حَارِثَةُ بْنُ وَهْبٍ الْخُزَاعِيُّ. وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْتَ عُمَرَ. قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ.
ص. بِمِنًى وَالنَّاسُ أَكْثَرُ مَا كَانُوا فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِنًى وَإِنِّي لَتَحْتَ جِرَانِ نَاقَتِهِ وَهِيَ تَقْصَعُ بِجِرَّتِهَا وَإِنَّ لُعَابَهَا لَيَسِيلُ بَيْنَ [كَتِفَيَّ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ نَصِيبَهُ مِنَ الْمِيرَاثِ فَلا تَجُوزُ لِوَارِثٍ وَصِيَّةٌ. أَلا وَإِنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ! أَلا وَمَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ رَغْبَةً عَنْهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ!] «2» .
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ. أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ الْغَازِ. أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عمر: أن النبي. [ص. وَقَفَ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ فِي الْحِجَّةِ الَّتِي حَجَّ فَقَالَ لِلنَّاسِ: أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ فَقَالُوا: يَوْمُ النَّحْرِ. قَالَ:
فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قَالُوا: الْبَلَدُ الْحَرَامُ. قَالَ: فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ قَالُوا: الشَّهْرُ الْحَرَامُ.
فَقَالَ: هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ! فَدِمَاؤُكُمْ وَأَمْوَالُكُمْ وَأَعْرَاضُكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ هَذَا الْبَلَدِ فِي هَذَا الشَّهْرِ فِي هَذَا الْيَوْمِ. ثُمَّ قَالَ: هَلْ بَلَّغْتُ؟ قَالُوا: نَعَمْ! فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ! ثُمَّ وَدَّعَ النَّاسَ فَقَالُوا: هذه حجة الوداع] «3» .
__________
(1) انظر: [مسند أحمد (1/ 76) ، وسنن الدارمي (2/ 49) ، والسنن الكبرى (5/ 147) ] .
(2) انظر: [مسند أحمد (4/ 186، 187، 238) ، والسنن الكبرى (6/ 264) ، والدر المنثور (1/ 175) ، وكنز العمال (46058) ] .
(3) انظر: [صحيح البخاري (2/ 217) ، وسنن أبي داود، المناسك باب (67) ، وسنن ابن ماجة (3058) ، والسنن الكبرى (5/ 139) ، والمستدرك (2/ 331) ، ومعجم الطبراني الصغير (2/ 19) ، والبداية والنهاية (5/ 196) ] . وانظر أيضا: [صحيح البخاري (1/ 26) ، (2/ 215) ، (5/ 224) ، (7/ 130) ، وصحيح مسلم، القسامة (29) ، (30) ، (31) ، وسنن الترمذي (2159) ، وسنن ابن ماجة (3058) ، ومسند أحمد (5/ 37، 40) ، وسنن الدارمي (2/ 67) ، والسنن الكبرى (5/ 139) ] .(2/140)
أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ الأَزْدِيُّ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بن زكرياء بْنِ أَبِي زَائِدَةَ. حَدَّثَنِي أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ. حَدَّثَنِي نُبَيْطُ بْنُ شَرِيطٍ الأَشْجَعِيُّ قَالَ: [إِنِّي لَرَدِيفُ أَبِي فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ إِذْ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُمْتُ عَلَى عَجُزِ الرَّاحِلَةِ وَوَضَعْتُ رِجْلَيَّ عَلَى عَاتِقَيْ أَبِي. قَالَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَيُّ يَوْمٍ أَحْرَمَ؟ قَالُوا: هَذَا الْيَوْمُ! قَالَ: فَأَيُّ شَهْرٍ أَحْرَمَ؟ قَالُوا: هَذَا الشَّهْرُ! قَالَ: فَأَيُّ بَلَدٍ أَحْرَمَ؟ قَالُوا: هَذَا الْبَلَدُ! قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا. هَلْ بَلَّغْتُ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ! قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ. اللَّهُمَّ اشْهَدْ. اللَّهُمَّ اشْهَدْ!] .
أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ. أَخْبَرَنَا رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي غَادِيَةَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الْعَقَبَةِ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ إِلَى أَنْ تَلْقَوْا رَبَّكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا. أَلا هَلْ بَلَّغْتُ؟ قَالَ قُلْنَا: نَعَمْ! قَالَ:
اللَّهُمَّ اشْهَدْ! أَلا لا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. حدثني يحيى ابن أُمِّ الْحُصَيْنِ وَالْعَيْزَارُ بْنُ الْحُرَيْثِ عَنْ أُمِّ الحصين قالت: رأيت رسول الله.
ص. عَشِيَّةَ عَرَفَةَ عَلَى بَعِيرٍ قَائِلا بِرِدَائِهِ هَكَذَا. وَأَشَارَ أَبُو بَكْرٍ. أَلْقَاهُ عَلَى عَضُدِهِ الأَيْسَرِ مِنْ تَحْتِ عَضُدِهِ وَأَخْرَجَ عَضُدَهُ الأَيْمَنَ. قَالَتْ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيُّ مُجَدَّعٌ مَا أَقَامَ فِيكُمْ كِتَابَ اللَّهِ] .
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يخطب يَوْمَ عَرَفَةَ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو مَعْمَرٍ الْمِنْقَرِيُّ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي الْعَنْبَرِ. أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ الْمَكِّيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاذٍ التَّيْمِيِّ قَالَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَنَحْنُ بِمِنًى. قَالَ فَفُتِحَتْ أَسْمَاعُنَا حَتَّى إِنْ كُنَّا لَنَسْمَعُ مَا يَقُولُ وَنَحْنُ فِي مَنَازِلِنَا. قَالَ(2/141)
فَطَفِقَ يُعَلِّمُهُمْ مَنَاسِكَهُمْ حَتَّى بَلَغَ الْجِمَارَ فَقَالَ بِحَصَى الْخَذْفِ. وَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى. ثُمَّ أَمَرَ الْمُهَاجِرِينَ أَنْ يَنْزِلُوا فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ وَأَمَرَ الأَنْصَارَ أَنْ يَنْزِلُوا مِنْ وَرَاءِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ نَزَلَ النَّاسُ بَعْدُ.
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: أَرِقَّاءَكُمْ أَرِقَّاءَكُمْ! أَطْعِمُوهُمْ مما تأكلون وأكسوهم مما تلبسون! وإن جاؤوا بِذَنْبٍ لا تُرِيدُونَ أَنْ تَغْفِرُوهُ فَبِيعُوا عِبَادَ اللَّهِ وَلا تُعَذِّبُوهُمْ] «1» .
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ. حَدَّثَنِي الْهِرْمَاسُ بْنُ زِيَادٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ أَبِي يَوْمَ الأَضْحَى وَنَبِيُّ اللَّهِ يَخْطُبُ النَّاسَ عَلَى نَاقَتِهِ بِمِنًى.
أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ. أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ. أَخْبَرَنَا الْهِرْمَاسُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي مُرْدِفِي وَرَاءَهُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ وَأَنَا صَبِيُّ صَغِيرٌ. فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ النَّاسَ عَلَى نَاقَتِهِ الْعَضْبَاءِ يَوْمَ الأَضْحَى بِمِنًى.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ فِي حَجَّتِهِ فَقَالَ: أَلا إِنَّ الزَّمَانَ قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات وَالأَرْضَ. السُّنَّةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حَرَّمٌ ثَلاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ. وَرَجَبُ مُضَرٍ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ. ثُمَّ قَالَ: أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ! فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيَهُ بِغَيْرِ اسْمِهِ فَقَالَ: أَلَيْسَ الْيَوْمُ النَّحْرُ؟ قُلْنَا: بَلَى! قَالَ: أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ! قَالَ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيَهُ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ: أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ؟ قُلْنَا: بَلَى! قَالَ: أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيَهُ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ: أَلَيْسَتِ الْبَلْدَةُ الْحَرَامُ؟ قُلْنَا: بَلَى! [قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ. قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ وَأَعْرَاضَكُمْ. عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا.
وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلَكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ! أَلا لا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي ضُلالًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ! أَلا هَلْ بَلَّغْتُ؟ أَلا لِيُبَلِّغَ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الغائب فلعل بعض من يبلغه أن
__________
(1) انظر: [مسند أحمد (4/ 36) ، والأدب المفرد (190) ، ومجمع الزوائد (4/ 236) ، والتاريخ الكبير (5/ 264) ، (8/ 315) ، والترغيب والترهيب (3/ 214) ، والدر المنثور (2/ 160) .(2/142)
يَكُونَ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ! أَلا هَلْ بَلَّغْتُ؟] » .
قَالَ مُحَمَّدٌ: قَدْ كَانَ ذَاكَ. قَدْ كَانَ بَعْضُ مَنْ بَلَغَهُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ.
أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: حَجَّ أَبُو بَكْرٍ وَنَادَى عَلِيٌّ بِالأَذَانِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ قَالَ فَكَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ يَحُجُّونَ فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنْ شُهُورِ السُّنَّةِ عَامَيْنِ فَوَافَقَ حَجَّ نَبِيِّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذِي الْحِجَّةِ فَقَالَ: [هَذَا يَوْمٌ اسْتَدَارَ الزَّمَانُ كَهَيْئَتِهِ يوم خلق الله السماوات وَالأَرْضَ] .
قَالَ أَبُو بِشْرٍ: إِنَّ النَّاسَ لَمَّا تَرَكُوا الْحَقَّ نَسَأُوا الشُّهُورَ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى قالا: أخبرنا ابن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ:
[أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَنْهَى عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَقَالَ: إِنَّهُنَّ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذَكَرٍ لِلَّهِ] .
قَالَ مَعْنٌ فِي حَدِيثِهِ: فَانْتَهَى الْمُسْلِمُونَ عَنْ صَوْمِهِنَّ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيَّامَ التَّشْرِيقِ أَنْ أُنَادِيَ: هَذِهِ أَيَّامُ أَكَلٍ وَشُرْبٍ فَلا يَصُومُهُنَّ أَحَدٌ «2» .
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ الزُّرَقِيِّ عَنْ أُمِّهِ [قَالَتْ: لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَلِيٍّ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَيْضَاءِ حِينَ وَقَفَ عَلَى شِعْبِ الأَنْصَارِ وَهُوَ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنها ليست بأيام صِيَامٍ إِنَّمَا هِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ] .
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَهْلَلْنَا أَصْحَابُ النَّبِيِّ بِالْحَجِّ خَالِصًا لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ خَالِصًا وَحْدَهُ. فَقَدِمْنَا مَكَّةَ صُبْحَ رَابِعَةٍ مَضَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نُحِلَّ [فَقَالَ: أَحِلُّوا وَاجْعَلُوهَا عَمْرَةً] . فَبَلَغَهُ أَنَّا نَقُولُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَرَفَةَ إِلا خَمْسٌ أَمَرَنَا أَنْ نُحِلَّ فَنَرُوحَ إِلَى مِنًى وَمَذَاكِيرُنَا تَقْطُرُ مِنَ الْمَنِيِّ. فَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - فخطبنا فقال: قد
__________
(1) انظر: [مسند أحمد (5/ 37) ، وتفسير الطبري (10/ 88) ، وتفسير ابن كثير (4/ 86) ، والدر المنثور (3/ 234) ، وزاد المسير (3/ 435) ، والبداية والنهاية (5/ 195) ] .
(2) انظر: [المعجم الكبير للطبراني (2/ 22) ] .(2/143)
بَلَغَنِيَ الَّذِي قُلْتُمْ. وَإِنِّي لأَبَرُّكُمْ وَأَتْقَاكُمْ. وَلَوْلا الْهَدْيُ لأَحْلَلْتُ. وَلَوْ كُنْتُ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ. قَالَ: وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ [فَقَالَ لَهُ: بِمَ أَهْلَلْتَ؟ قَالَ: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ. قَالَ: فَأَهْدِ وَامْكُثْ حَرَامًا كَمَا أَنْتَ. قَالَ وَقَالَ لَهُ سُرَاقَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ عُمْرَتَنَا هَذِهِ أَهِيَ لِعَامِنَا هَذَا أَوْ لِلأَبَدِ؟ قَالَ: بَلْ لِلأَبَدِ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ هَذَا أَوْ نَحْوَهُ] .
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
[سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: لبيك عمرة وَحَجًّا!] «1» .
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: [سَمِعْتُ النَّبِيَّ.
ص. يَقُولُ: لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجٍّ!] .
وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: نزلت على النبي. ص: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ» المائدة: 3. قَالَ: نَزَلَتْ وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ حِينَ وَقَفَ مَوْقِفَ إِبْرَاهِيمَ وَاضْمَحَلَّ الشِّرْكُ وَهُدِمَتْ مَنَارُ الْجَاهِلِيَّةِ وَلَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا ليث. يعني ابن أبي سليم. عن طاووس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبَّى حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا إسحاق بن سعد بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: صَدَرْتُ مَعَ ابْنَ عُمَرَ يَوْمَ الصَّدَرِ فَمَرَّتْ بِنَا رُفْقَةٌ يَمَانِيَّةٌ رِحَالِهِمُ الأُدُمُ وَخُطُمُ إِبِلِهِمُ الْجُرُرُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رُفْقَةٍ وَرَدَتِ الْحَجَّ الْعَامَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ إِذْ قَدِمُوا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذِهِ الرُّفْقَةِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا سفيان عن ليث عن طاووس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَقُولَ حَجَّةُ الْوَدَاعِ. قَالَ: فَقُلْتُ حَجَّةُ الإِسْلامِ.
قَالَ: نعم حجة الإسلام.
__________
(1) انظر: [صحيح مسلم، الباب (27) ، حديث (185) من الحج، والباب (34) ، حديث (214) ، (215) ، من الحج، وسنن أبي داود 1795) ، وسنن النسائي، الباب (49) ، من الحج، وسنن ابن ماجة (2968) ، ومسند أحمد (3/ 99، 100، 187) ، والسنن الكبرى (5/ 9، 40) ، والبداية والنهاية (5/ 130) ، 131، 133) ] .(2/144)
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ: كَانَ طاووس يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ حَجَّةُ الْوَدَاعِ وَيَقُولُ حَجَّةُ الإِسْلامِ.
أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ الشَّيْبَانِيُّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ابْنِ أُخْتِ نَمِرٍ عَنِ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ: [قَالَ رسول الله. ص: يَمْكُثُ الْمُهَاجِرُ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلاثًا] «1» .
أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالا:
أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ. أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ قَالَ قُلْتُ لأَنَسٍ: كَمْ حَجَّةٍ حج النبي. ص؟ قَالَ: حَجَّةً وَاحِدَةً.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَّتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ وبعد ما هَاجَرَ حَجَّةً.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينِ وَعَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينِ قَالا: قَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَصْدُرُ النَّاسُ بِنُسُكَيْنِ وَأَصْدُرُ بِنُسُكٍ وَاحِدٍ! [قَالَ: انْظُرِي فَإِذَا طَهُرَتِ فَاخْرُجِي إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهِلِّي مِنْهُ ثُمَّ الْقِينَا بِجَبَلِ كَذَا وَكَذَا] . قَالَ: أَظُنُّهُ قَالَ كَذَا وَلَكِنَّهَا عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ أَوْ قَالَ قَدْرِ نَفَقَتِكِ أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
سرية أسامة بْن زيد بْن حارثة «2»
ثُمَّ سرية أسامة بْن زيد بْن حارثة إلى أهل أبنى. وهي أرض السراة ناحية البلقاء.
قَالُوا: لما كَانَ يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنْ مُهَاجَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الناس بالتهيؤ لغزو الروم. فلما كَانَ من الغد دعا أسامة بن زيد [فَقَالَ: سر إلى موضع مقتل أبيك فأوطئهم الخيل فقد وليتك هذا
__________
(1) انظر: [سنن الترمذي (949) ، وسنن النسائي، الباب (4) تقصير الصلاة، ومسند أحمد (5/ 52) ، والسنن الكبرى (3/ 147) ، وتفسير القرطبي (12/ 299] .
(2) سيرة ابن هشام (2/ 352) ، والمغازي للواقدي (1117) ] .(2/145)
الجيش فأغر صباحا عَلَى أهل أبنى وحرق عليهم وأسرع السير تسبق الأخبار. فإن ظفرك اللَّه فأقلل اللبث فيهم وخذ معك الأدلاء وقدم العيون والطلائع أمامك] . فلما كَانَ يوم الأربعاء بدئ برسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فحم وصدع. فلما أصبح يوم الخميس عقد لأسامة لواء بيده ثُمَّ [قَالَ: اغز بسم اللَّه فِي سبيل اللَّه فقاتل من كفر بالله!] فخرج بلوائه معقودا فدفعه إلى بريدة بْن الحصيب الأسلمي وعسكر بالجرف فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الأولين والأنصار إلا انتدب فِي تلك الغزوة فيهم أَبُو بَكْر الصديق وعمر بْن الْخَطَّاب وأبو عُبَيدة بْن الجراح وسعد بْن أَبِي وقاص وسعيد بْن زَيْد وقتادة بْن النعمان وسلمة بْن أسلم بْن حريش. فتكلم قوم وقالوا: يستعمل هذا الغلام عَلَى المهاجرين الأولين! فغضب رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غضبا شديدا فخرج وقد عصب عَلَى رأسه عصابة وعليه قطيفة. فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أما بعد أيها النّاس فما مقالة بلغتني عَن بعضكم فِي تأميري أسامة. ولئن طعنتم فِي إمارتي أسامة لقد طعنتم في إمارتي أَبَاهُ من قبله! وايم اللَّه إن كَانَ للإمارة لخليقا وإن ابنه من بعده لخليق لِلإِمَارَةِ وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ. وإنهما لمخيلان لكل خير. واستوصوا بِهِ خيرا فإنه من خياركم! ثُمَّ نزل فدخل بيته. وذلك يوم السبت لعشر خلون من ربيع الأول.
وجاء المسلمون الذين يخرجون مَعَ أسامة يودعون رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويمضون إلى العسكر بالجرف. [وَثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَ يَقُولُ: أنفذوا بعث أسامة!] فلما كَانَ يوم الأحد اشتد برسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجعه فدخل أسامة من معسكره والنبي مغمور. وهو اليوم الَّذِي لدوه فِيهِ. فطأطأ أسامة فقبله ورسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يتكلم فجعل يرفع يديه إلى السماء ثُمَّ يضعهما عَلَى أسامة. قَالَ: فعرفت أَنَّهُ يدعو لي.
ورجع أسامة إلى معسكره ثُمَّ دخل يوم الاثنين وأصبح رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مفيقا.
صلوات اللَّه عَلَيْهِ وبركاته. [فَقَالَ لَهُ: اغد عَلَى بركة اللَّه!] فودعه أسامة وخرج إلى معسكره فأمر النّاس بالرحيل. فبينا هُوَ يريد الركوب إذا رسول أمه أم أيمن قد جاءه يَقُولُ: إن رَسُول اللَّهِ يموت! فأقبل وأقبل معه عُمَر وأبو عُبَيدة فانتهوا إلى رَسُول الله.
ص. وهو يموت فتوفي. صلى اللَّه عَلَيْهِ صلاة يحبها ويرضاها. حين زاغت الشمس يَوْمَ الاثْنَيْنِ لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شهر ربيع الأول. ودخل المسلمون الّذين عسكروا بالجرف إلى المدينة ودخل بريدة بْن الحصيب بلواء أسامة معقودا حتى أتى بِهِ بَابِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فغرزه عنده. فلما بويع لأبي بَكْر أمر بريدة بْن الحصيب(2/146)
باللواء إلى بيت أسامة ليمضي لوجهه. فمضى بِهِ بريدة إلى معسكرهم الأول. فلما ارتدت العرب كلم أَبُو بَكْر فِي حبس أسامة فأبى. وكلم أبو بكر أسامة فِي عُمَر أن يأذن لَهُ فِي التخلف ففعل. فلما كَانَ هلال شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة خرج أسامة فسار إلى أهل أبنى عشرين ليلة فشن عليهم الغارة. وكان شعارهم: يا منصور أمت! فقتل من أشرف لَهُ وسبى من قدر عَلَيْهِ وحرق فِي طوائفها بالنار وحرق منازلهم وحروثهم ونخلهم فصارت أعاصير من الدخاخين وأجال الخيل فِي عرصاتهم وأقاموا يومهم ذَلِكَ فِي تعبئة ما أصابوا من الغنائم. وكان أسامة عَلَى فرس أَبِيهِ سبحة وقتل قاتل أَبِيهِ فِي الغارة وأسهم للفرس سهمين ولصاحبه سهما وأخذ لنفسه مثل ذَلِكَ. فلما أمسى أمر النّاس بالرحيل ثُمَّ أغذ السير فوردوا وادي القرى فِي تسع ليال. ثُمَّ بعث بشيرا إلى المدينة يخبر بسلامتهم. ثُمَّ قصد بعد فِي السير فسار إلى المدينة ستا وما أصيب من المسلمين أحد. وخرج أَبُو بَكْر فِي المهاجرين وأهل المدينة يتلقونهم سرورا بسلامتهم ودخل عَلَى فرس أَبِيهِ سبحة واللواء أمامه يحمله بريدة بْن الحصيب حتى انتهى إلى المسجد فدخل فصلى ركعتين ثُمَّ انصرف إلى بيته. وبلغ هرقل وهو بحمص ما صنع أسامة فبعث رابطة يكونون بالبلقاء. فلم تزل هناك حتى قدمت البعوث إلى الشام فِي خلافة أبي بكر وعمر.(2/147)
ذِكْرُ مَا قَرُبَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَجَلِهِ
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ شُعْبَةَ وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ موسى العبسي عن إسرائيل ابن يُونُسَ جَمِيعًا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُخْبِرُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
[كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي! فَلَمَّا نَزَلَتْ: «إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ» النصر: 1. قال: سبحانك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ] .
أخبرنا هوذة بن خليفة. أخبرنا عوف عن الحسن قال: لما أنزل على النبي.
ص: «إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً» النصر: 1- 3. قَالَ: قَرُبَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَجَلُهُ وَأُمِرَ بِكَثْرَةِ التَّسْبِيحِ وَالاسْتِغْفَارِ أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَوْنٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ» النصر: 1 قَالَ: دَاعٍ مِنَ اللَّهِ وَوَدَاعٌ مِنَ الدُّنْيَا.
وَأَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ بَابٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: [كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آخِرِ عُمُرِهِ يُكْثِرُ مِنْ قَوْلِهِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ! قَالَتْ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ مَا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ قَبْلَ الْيَوْمِ. قَالَتْ فَقَالَ: إِنَّ رَبِّي كَانَ أَخْبَرَنِي بِعَلامَةٍ فِي أُمَّتِي فَقَالَ إِذَا رَأَيْتَهَا فَسَبَّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ. فَقَدْ رَأَيْتُهَا «إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً» النصر: 1- 2.
إِلَى آخِرِ السُّورَةِ] .
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ هِلالٍ. يَعْنِي ابْنَ خَبَّابٍ.
عَنْ عِكْرِمَةَ [عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ «إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ» النصر: 1 دعا(2/148)
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاطِمَةَ فَقَالَ: إِنِّي نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي! قَالَتْ: فَبَكَيْتُ. فَقَالَ: لا تَبْكِي فَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي بِي لحوقا. فضحكت وقال رسول الله. ص: «إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ» النصر: 1 وَجَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَالإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ] «1» .
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي أَنَسُ بن ملك: أَنَّ اللَّهَ. تَبَارَكَ وَتَعَالَى. تَابَعَ الْوَحْيَ عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل وَفَاتِهِ حَتَّى تُوُفِّيَ. وَأَكْثَرُ مَا كَانَ الْوَحْيُ فِي يَوْمِ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ. أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: [قَالَ الْعَبَّاسُ لأَعْلَمَنَّ مَا بَقَاءُ رَسُولِ اللَّهِ فِينَا. فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْتَ عَرْشًا فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ آخَوْكَ. قَالَ: وَاللَّهِ لا أَزَالُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ يُنَازِعُونِي رِدَائِي وَيُصِيبُنِي غُبَارُهُمْ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ يُرِيحُنِي مِنْهُمْ! قَالَ الْعَبَّاسُ: فَعَرَفْنَا أَنَّ بَقَاءَ رَسُولِ اللَّهِ فِينَا قَلِيلٌ] .
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ. أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَأَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ وَحَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ سَمِعْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ قَالَ: [خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ:
أَتَزْعُمُونَ أَنِّي مِنْ آخِرِكُمْ وَفَاةً؟ أَلا وَإِنِّي مِنْ أَوَّلِكُمْ وَفَاةً وَتَتَّبِعُونِي أَقْتَادًا يُهْلِكُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا. قَالَ خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ فِي حَدِيثِهِ: أَفْنَادًا] «2» .
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عن سالم ابن أَبِي الْجَعْدِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: أُتِيتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ بِمَفَاتِيحِ الدُّنْيَا ثُمَّ ذُهِبَ بِنَبِيِّكُمْ إِلَى خَيْرِ مَذْهَبٍ وَتُرِكْتُمْ فِي الدُّنْيَا تَأْكُلُونَ الْخَبِيصَ أَحْمَرَهُ وَأَصْفَرَهُ وَأَبْيَضَهُ. الأَصْلُ وَاحِدٌ الْعَسَلُ وَالسَّمْنُ وَالدَّقِيقُ. وَلَكِنَّكُمُ اتَّبَعْتُمُ الشَّهَوَاتِ] .
أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ غَالِبٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: [قَالَ رسول الله. ص: حَيَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ. تُحَدِّثُونَ وَيُحَدَّثُ لَكُمْ. فَإِذَا أَنَا مِتُّ كَانَتْ وَفَاتِي خَيْرًا لَكُمْ. تُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالُكُمْ. فَإِذَا رَأَيْتُ خَيْرًا حَمِدْتُ اللَّهَ وإن
__________
(1) انظر: [سنن الترمذي (1/ 37) ، ومجمع الزوائد (9/ 23) ، وكنز العمال (34235) ] .
(2) انظر: [مسند أحمد (4/ 104، 106) ، وسنن الدارمي (1/ 29) ، وكنز العمال (31363) ، (30839) ] .(2/149)
رَأَيْتُ شَرًّا اسْتَغْفَرْتُ اللَّهَ لَكُمْ] «1» .
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: إِنِّي أُوشِكُ أَنْ أُدْعَى فَأُجِيبَ وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي. كِتَابُ اللَّهِ حَبَلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ. وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي. وَإِنَّ اللَّطِيفَ الْخَبِيرَ أَخْبَرَنِي أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ. فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا] «2» .
ذِكْرُ عَرْضِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقُرْآنَ عَلَى جِبْرِيلَ واعتكافه فِي السنة الّتي قبض فيها
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ:
كَانَ جِبْرِيلُ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عَرَضَهُ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْتَكِفُ فِي رَمَضَانَ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ. فَلَمَّا كَانَتِ السُّنَّةُ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ خُلَيْفِ بْنِ عُقْبَةَ الْبَصْرِيُّ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ:
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: كَانَ جِبْرِيلُ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ عَلَى النبي.
ص. كُلَّ عَامٍ مَرَّةً فِي رَمَضَانَ. فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ عَرَضَهُ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ. قَالَ مُحَمَّدٌ: فَأَنَا أَرْجُو أَنْ تَكُونَ قِرَاءَتُنَا الْعَرْضَةَ الأَخِيرَةَ.
أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْرِضُ الْكِتَابَ عَلَى جِبْرِيلَ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ. فَإِذَا أَصْبَحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ لَيْلَتِهِ الَّتِي يَعْرِضُ فِيهَا مَا يَعْرِضُ أَصْبَحَ وَهُوَ أَجْوَدُ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ لا يُسْأَلُ شَيْئًا إِلا أَعْطَاهُ. فَلَمَّا كَانَ الشَّهْرُ الَّذِي هَلَكَ بَعْدَهُ عرضه عليه عرضتين «3» .
__________
(1) انظر: [المطالب العالية (3853) ، وكنز العمال (31903) ، (31904) ، (35470) ، والبداية والنهاية (5/ 275) ، وكشف الخفا (1/ 442) ، والضعفاء لابن عدي (3/ 945) ] .
(2) انظر: [مسند أحمد (3/ 17) ، وكنز العمال (944) ] .
(3) انظر: [مسند أحمد (1/ 231، 326) ، ومصنف ابن أبي شيبة (11/ 515) ، وإرواء الغليل (3/ 6) ، وكنز العمال (4033) ] .(2/150)
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - أجود الناس بالخير وكان أجود مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ إِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ يَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
الْقُرْآنَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فِي السَّنَةِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا لِعَائِشَةَ: إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَعْرِضُ عَلَيَّ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً فَقَدْ عَرَضَ عَلَيَّ الْعَامَ مَرَّتَيْنِ. وَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيُّ إِلا عَاشَ نِصْفَ عُمْرِ أَخِيهِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ. عَاشَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ مِائَةً وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً. وَهَذِهِ اثْنَتَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً. وَمَاتَ فِي نِصْفِ السَّنَةِ] .
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ. يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ: كَانَ جِبْرِيلُ يَنْزِلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ كُلَّ عَامٍ فِي رَمَضَانَ مَرَّةً حَتَّى إِذَا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَزَلَ جِبْرِيلُ فَأَقْرَأَهُ الْقُرْآنَ مَرَّتَيْنِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَقَرَأْتُ الْقُرْآنَ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ الْعَامَ. وَاللَّهِ لَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا أعلم بكتاب الله مني تبلغنيه الإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ. وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْيَهُودَ سَحَرَتْ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ. أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُحِرَ لَهُ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَصْنَعُ الشَّيْءَ وَلَمْ يَصْنَعْهُ. حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ رَأَيْتُهُ يَدْعُو فَقَالَ: أشعرت أن الله قد أفتاني فيما استفيته؟ أَتَانِي رَجُلانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟
فَقَالَ الآخَرُ: مَطْبُوبٌ! فَقَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ فَقَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قَالَ: فِيمَ؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُبِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ! قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي ذِي ذَرْوَانَ. قَالَ: فَانْطَلَقَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا رجع أخبر عائشة فقال: كان نخلها رؤوس الشَّيَاطِينِ وَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَخْرِجْهُ لِلنَّاسِ! [قَالَ: أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ شَفَانِي وَخَشِيتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا] .
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ: أَنَّ لَبِيدَ بْنَ(2/151)
الأَعْصَمِ الْيَهُودِيَّ سَحَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى الْتَبَسَ بَصَرُهُ وَعَادَهُ أَصْحَابُهُ. ثُمَّ إن جبريل. ع. وَمِيكَائِيلَ أَخْبَرَاهُ فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاعْتَرَفَ فَاسْتَخْرَجَ السِّحْرَ مِنَ الْجُبِّ مِنْ تَحْتِ الْبِئْرِ ثُمَّ نَزَعَهُ فَحَلَّهُ فَكُشِفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَفَا عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أَبُو مَرْوَانَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ وَدَخَلَ الْمُحَرَّمُ.
جَاءَتْ رُؤَسَاءُ يَهُودَ الَّذِينَ بَقُوا بِالْمَدِينَةِ مِمَّنْ يُظْهِرُ الإِسْلامَ وَهُوَ مُنَافِقٌ إِلَى لَبِيدِ بْنِ الأَعْصَمِ الْيَهُودِيِّ. وَكَانَ حَلِيفًا فِي بَنِي زُرَيْقٍ. وَكَانَ سَاحِرًا قَدْ عَلِمَتْ ذَلِكَ يَهُودُ أَنَّهُ أَعْلَمُهُمْ بِالسِّحْرِ وَبِالسَّمُومِ. فَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا الأَعْصَمِ أَنْتَ أَسْحَرُ مِنَّا وَقَدْ سَحَرْنَا مُحَمَّدًا فَسَحَرَهُ مِنَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فَلَمْ نَصْنَعْ شَيْئًا. وَأَنْتَ تَرَى أَثَرَهُ فِينَا وَخِلافَهُ دِينَنَا وَمَنْ قَتَلَ مِنَّا وَأَجْلَى. وَنَحْنُ نَجْعَلُ لَكَ عَلَى ذَلِكَ جُعْلا عَلَى أَنْ تَسْحَرَهُ لَنَا سِحْرًا يَنْكَؤُهُ.
فَجَعَلُوا لَهُ ثَلاثَةَ دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ يَسْحَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَمَدَ إِلَى مُشْطٍ وَمَا يُمْشَطُ مِنَ الرَّأْسِ مِنَ الشَّعْرِ فَعَقَدَ فِيهِ عُقَدًا وَتَفِلَ فِيهِ تَفْلا وَجَعَلَهُ فِي جَبِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ. ثُمَّ انْتَهَى بِهِ حَتَّى جَعَلَهُ تَحْتَ أُرْعُوفَةِ الْبِئْرِ فَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْرًا أَنْكَرَهُ حَتَّى يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَلا يَفْعَلُهُ. وَأَنْكَرَ بَصَرَهُ حَتَّى دَلَّهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَدَعَا جُبَيْرَ بْنَ إِيَاسَ الزُّرَقِيَّ.
وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا. فَدَلَّهُ عَلَى مَوْضِعٍ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ تَحْتَ أُرْعُوفَةِ الْبِئْرِ فَخَرَجَ جُبَيْرٌ حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى لَبِيدِ بْنِ الأَعْصَمِ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ فَقَدْ دَلَّنِي اللَّهُ عَلَى سِحْرِكَ وَأَخْبَرَنِي مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: حُبُّ الدَّنَانِيرِ يَا أَبَا الْقَاسِمِ! قَالَ إِسْحَاقُ ابن عَبْدِ اللَّهِ: فَأَخْبَرْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: إِنَّمَا سَحَرَهُ بَنَاتُ أَعْصَمَ أَخَوَاتُ لَبِيدٍ. وَكُنَّ أَسْحَرَ مِنْ لَبِيدٍ وَأَخْبَثَ. وَكَانَ لَبِيدٌ هُوَ الَّذِي ذَهَبَ بِهِ فَأَدْخَلَهُ تَحْتَ أُرْعُوفَةِ الْبِئْرِ. فَلَمَّا عَقَدُوا تِلْكَ الْعَقَدَ أَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِلْكَ السَّاعَةَ بَصَرَهُ وَدَسَّ بَنَاتُ أَعْصَمٍ إِحْدَاهُنَّ فَدَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ فَخَبَّرْتُهَا عَائِشَةُ أَوْ سَمِعَتْ عَائِشَةَ تَذْكُرُ مَا أَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَصَرِهِ ثُمَّ خَرَجَتْ إِلَى أَخَوَاتِهَا وَإِلَى لَبِيدٍ فَأَخْبَرَتْهُمْ.
فَقَالَتْ إِحْدَاهُنَّ: إِنْ يَكُنْ نَبِيًّا فَسَيُخْبَرُ وَإِنْ يَكُ غَيْرَ ذَلِكَ فَسَوْفَ يُدَلِّهُهُ هَذَا السِّحْرُ حَتَّى يُذْهِبَ عَقْلَهُ فَيَكُونَ بِمَا نَالَ مِنْ قَوْمِنَا وَأَهْلِ دِينِنَا. فَدَلَّهُ اللَّهُ عَلَيْهِ. قَالَ الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا نُهَوِّرُ الْبِئْرَ؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهَوَّرَهَا الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ وَأَصْحَابُهُ وَكَانَ يُسْتَعْذَبُ مِنْهَا. قَالَ: وَحَفَرُوا بِئْرًا أُخْرَى فَأَعَانَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى حَفْرِهَا حِينَ هَوَّرُوا الأُخْرَى الَّتِي سُحِرَ فِيهَا حَتَّى أَنْبَطُوا مَاءَهَا ثُمَّ(2/152)
تَهَوَّرَتْ بَعْدُ. وَيُقَالُ إِنَّ الَّذِي اسْتَخْرَجَ السِّحْرَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَيْسُ بْنُ مِحْصَنٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالا: [فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: سَحَرَتْنِي يَهُودُ بَنِي زُرَيْقٍ] «1» .
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ عَنْ جُوَيْبِرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُخِّذَ عَنِ النِّسَاءِ وَعَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَهَبَطَ عَلَيْهِ مَلَكَانِ وَهُوَ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ. فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا شَكْوُهُ؟ قَالَ: طُبَّ! يَعْنِي سُحِرَ. قَالَ: وَمَنْ فَعَلَهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ الْيَهُودِيُّ! قَالَ:
فَفِي أَيِّ شَيْءٍ جَعَلَهُ؟ قَالَ: فِي طَلْعَةٍ. قَالَ: فَأَيْنَ وَضَعَهَا؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ تَحْتَ صَخْرَةٍ. قَالَ: فَمَا شِفِاؤُهُ؟ قَالَ: تُنْزَحُ الْبِئْرُ وَتُرْفَعُ الصَّخْرَةُ وَتُسْتَخْرَجُ الطَّلْعَةُ. وَارْتَفَعَ الْمَلَكَانِ فَبَعَثَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى علي. رضي الله عَنْهُ. وَعَمَّارٍ فَأَمَرَهُمَا أَنْ يَأْتِيَا الرَّكِيَّ فَيَفْعَلا الذي سمع. فأتياها وَمَاؤُهَا كَأَنَّهُ قَدْ خُضِبَ بِالْحِنَّاءِ فَنَزَحَاهَا ثُمَّ رَفَعَا الصَّخْرَةَ فَأَخْرَجَا طَلْعَةٍ. فَإِذَا بِهَا إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً. وَنَزَلَتْ هَاتَانِ السُّورَتَانِ: «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ» الفلق: 1. و «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ» النَّاسِ: 1. فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّمَا قَرَأَ آيَةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ حَتَّى انحلت العقد وانتشر نبي الله.
ص. لِلنِّسَاءِ وَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ ثُمَامَةَ الْمُحَلَّمِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: عَقَدَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ. يَعْنِي لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُقَدًا وَكَانَ يَأْمَنُهُ وَرَمَى بِهِ فِي بِئْرِ كَذَا وَكَذَا. فَجَاءَ الْمَلَكَانِ يَعُودَانِهِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ:
تَدْرِي مَا بِهِ؟ عَقَدَ لَهُ فُلانٌ الأَنْصَارِيُّ وَرَمَى بِهِ فِي بِئْرِ كَذَا وَكَذَا وَلَوْ أَخْرَجَهُ لَعُوفِيَ.
فَبُعِثُوا إِلَى الْبِئْرِ فَوَجَدُوا الْمَاءَ قَدِ اخْضَرَّ فَأَخْرَجُوهُ فَرَمَوْا بِهِ فَعُوفِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا حَدَّثَ بِهِ وَلا رُئِيَ فِي وَجْهِهِ.
أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يزيد الزُّهْرِيِّ فِي سَاحِرِ أَهْلِ الْعَهْدِ قَالَ لا يُقْتَلْ. قَدْ سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلَمْ يقتله.
__________
(1) انظر: [مصنف عبد الرزاق (19764) ، وتفسير الطبري (1/ 366) .(2/153)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَفَا عَنْهُ. قَالَ عِكْرِمَةُ:
ثُمَّ كَانَ يَرَاهُ بَعْدَ عَفْوِهِ فَيُعْرِضَ عَنْهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: هَذَا أَثْبَتُ عِنْدَنَا مِمَّنْ رَوَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتَلَهُ «1» .
ذِكْرُ مَا سُمَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ. أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّ الْيَهُودَ سَمَّتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَمَّتْ أَبَا بَكْرٍ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَهْدَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شاة فَأَخَذَ مِنْهَا بِضْعَةً فَلاكَهَا فِي فِيهِ ثُمَّ طَرَحَهَا فَقَالَ لأَصْحَابِهِ:
[أَمْسِكُوا فَإِنَّ فَخِذَهَا تُعْلِمُنِي أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ فَقَالَ: ما حملك على ما صنعت؟ قالت: أردت أَنْ أَعْلَمَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَإِنَّ اللَّهَ سَيُطْلِعُكَ عَلَى ذَلِكَ.
وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا أَرَحْتُ النَّاسَ مِنْكَ] .
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَيَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ. فَأَهْدَتْ إِلَيْهِ يَهُودِيَّةٌ شَاةً مَقْلِيَّةً. فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا هُوَ وَأَصْحَابُهُ فَقَالَتْ: إِنِّي مَسْمُومَةٌ! [فَقَالَ لأصحابه: ارفعوا أيديكم فإنها أَخْبَرَتْنِي أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ. فَرَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ فَمَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَا حَمَلَكِ عَلَى مَا صَنَعْتِ؟] قَالَتْ: أَرَدْتُ أَنْ أَعْلَمَ إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضْرُرْكَ. وَإِنْ كُنْتَ مَلِكًا أَرَحْتُ النَّاسَ مِنْكَ! فَأَمَرَ بِهَا فَقُتِلَتْ.
[أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ هِلالِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ امْرَأَةً مِنْ يَهُودِ خَيْبَرَ أَهْدَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَاةً مَسْمُومَةً ثُمَّ عَلِمَ بِهَا أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتِ؟ قَالَتْ: أَرَدْتُ أَنْ أَعْلَمَ إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا فَسَيُطْلِعُكَ اللَّهُ عَلَيْهِ. وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا نريح الناس منك! فكان رسول
__________
(1) انظر: [دلائل النبوة (4/ 263) ، (5/ 84) ، والبداية والنهاية (4/ 410) ] .(2/154)
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا وَجَدَ شَيْئًا احْتَجَمَ. قَالَ: فَخَرَجَ مَرَّةً إِلَى مَكَّةَ. فَلَمَّا أَحْرَمَ وَجَدَ شَيْئًا فَاحْتَجَمَ] .
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ أَوْ نَحْوَهُ وَلَمْ يَعْرِضْ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَبْدِ الرحمن ابن أَبِي لَيْلَى قَالَ: طُبَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَحَجَمَهُ بِقَرْنٍ عَلَى ذُؤَابَتَيْهِ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلِ الْمَرْأَةِ الَّتِي سَمَّتِ الشَّاةَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ. أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لأَنْ أَحْلِفَ تِسْعًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُتِلَ قَتْلا أحب إلي أَنْ أَحْلِفَ وَاحِدَةً وَذَلِكَ بِأَنَ اللَّهَ اتَّخَذَهُ نَبِيًّا وَجَعَلَهُ شَهِيدًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي سبرة عن يُونُسَ بْنِ يُوسُفَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُقْبَةَ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. زَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. قَالُوا: لما فتح رسول الله.
ص. خَيْبَرَ وَاطْمَأَنَّ جَعَلَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ الْحَارِثِ أَخِي مَرْحَبٍ. وَهِيَ امْرَأَةُ سَلامِ بْنِ مِشْكَمٍ. تَسْأَلُ: أَيُّ الشَّاةِ أَحَبُّ إِلَى مُحَمَّدٍ؟ فَيَقُولُونَ: الذِّرَاعُ! فَعَمَدَتْ إِلَى عَنْزٍ لَهَا فَذَبَحَتْهَا وَصَلَتْهَا ثُمَّ عَمَدَتْ إِلَى سُمٍّ لا يُطْنِي. وَقَدْ شَاوَرَتْ يَهُودَ فِي سُمُومٍ. فَأَجْمَعُوا لَهَا عَلَى هَذَا السُّمِّ بِعَيْنِهِ. فَسَمَّتِ الشَّاةَ وَأَكْثَرَتْ فِي الذِّرَاعَيْنِ وَالْكَتِفِ. فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ وَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَغْرِبَ بِالنَّاسِ انْصَرَفَ وَهِيَ جَالِسَةٌ عِنْدَ رِجْلَيْهِ.
فَسَأَلَ عَنْهَا فَقَالَتْ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ هَدِيَّةٌ أَهْدَيْتُهَا لَكَ! فَأَمَرَ بِهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُخِذَتْ مِنْهَا فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَصْحَابُهُ حُضُورٌ أَوْ مَنْ حَضَرَ مِنْهُمْ. وَفِيهِمْ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ. [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ادْنُوا فَتَعَشَّوْا! وَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذِّرَاعَ فَانْتَهَشَ مِنْهَا وَتَنَاوَلَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ عَظْمًا آخَرَ فَانْتَهَشَ مِنْهُ. فَلَمَّا ازْدَرَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم -(2/155)
لُقْمَتَهُ ازْدَرَدَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ مَا فِي فِيهِ وَأَكَلَ الْقَوْمُ مِنْهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص:
ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ فَإِنَّ هَذِهِ الذِّرَاعَ- وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَإِنَّ كَتِفَ الشَّاةِ- تُخْبِرُنِي أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ!] فَقَالَ بِشْرٌ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ لَقَدْ وَجَدْتُ ذَلِكَ مِنْ أُكْلَتِي الَّتِي أَكَلْتُ حِينَ الْتَقَمْتُهَا فَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَلْفَظَهَا إِلا أَنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُبَغِّضَ إِلَيْكَ طَعَامَكَ. فَلَمَّا أَكَلْتَ مَا فِي فِيكَ لَمْ أَرْغَبْ بِنَفْسِي عَنْ نَفْسِكَ وَرَجَوْتُ أَنْ لا تَكُونَ ازْدَرَدْتَهَا وَفِيهَا بَغِيٌ! فَلَمْ يَقُمْ بِشْرٌ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى عَادَ لَوْنُهُ كَالطَّيْلَسَانِ وَمَاطَلَهُ وَجَعُهُ سَنَةً لا يَتَحَوَّلُ إِلا مَا حُوِّلَ ثُمَّ مَاتَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَمْ يَرِمْ بِشْرٌ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى تُوُفِّيَ. قَالَ: وَطُرِحَ مِنْهَا لِكَلْبٍ فَأَكَلَ فَلَمْ يَتْبَعْ يَدَهُ حَتَّى مَاتَ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ زَيْنَبَ بِنْتَ الْحَارِثِ فَقَالَ: مَا حَمَلَكِ عَلَى مَا صَنَعْتِ؟ فَقَالَتْ: نلت من قَوْمِي مَا نِلْتَ! قَتَلْتَ أَبِي وَعَمِّي وَزَوْجِي فَقُلْتُ إِنْ كَانَ نَبِيًّا فَسَتُخْبِرُهُ الذِّرَاعُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَلِكًا اسْتَرَحْنَا مِنْهُ وَرَجَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ كَمَا كَانَتْ. قَالَ: فَدَفَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى وُلاةِ بِشْرِ بْنِ الْبَرَاءِ فَقَتَلُوهَا. وَهُوَ الثَّبْتُ.
وَاحْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى كَاهِلِهِ مِنْ أَجْلِ الَّذِي أَكَلَ. حَجَمَهُ أَبُو هِنْدٍ بِالْقَرْنِ وَالشَّفْرَةِ. وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصحابه فاحتجموا أوساط رؤوسهم وَعَاشَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ ثَلاثَ سِنِينَ حَتَّى كَانَ وَجَعُهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ جَعَلَ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ: [مَا زِلْتُ أَجِدُ مِنَ الأُكْلَةِ الَّتِي أَكَلْتُهَا يَوْمَ خَيْبَرَ عِدَادًا حَتَّى كَانَ هَذَا أَوَانَ انْقِطَاعِ أَبْهَرَيَّ] . وَهُوَ عِرْقٌ فِي الظَّهْرِ. وَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهِيدًا. صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ وَرِضْوَانُهُ.
ذِكْرُ خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
إِلَى الْبَقِيعِ وَاسْتِغْفَارِهِ لأَهْلِهِ وَالشُّهَدَاءِ أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أنس عن ابْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ لَيْلَةٍ فَلَبِسَ ثِيَابَهُ ثُمَّ خَرَجَ.
فَأَمَرْتُ خَادِمَتِي بَرِيرَةَ فَتَبِعَتْهُ. حَتَّى إِذَا جَاءَ الْبَقِيعَ وَقَفَ فِي أَدْنَاهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقِفَ.
ثُمَّ انْصَرَفَ فَسَبَقَتْهُ بَرِيرَةُ فَأَخْبَرَتْنِي فَلَمْ أَذْكُرْ لَهُ شَيْئًا حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ [فَقَالَ: إِنِّي بُعِثْتُ إِلَى أَهْلِ الْبَقِيعِ لأُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ] «1» .
أَخْبَرَنَا نُوحُ بْنُ يَزِيدَ الْمُؤَدِّبُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قالا: أخبرنا شريك عن
__________
(1) انظر: [سنن النسائي (4/ 93) ، والمستدرك (1/ 488) .(2/156)
عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: فقدت النبي.
ص. مِنَ اللَّيْلِ فَتَبِعْتُهُ فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ فَقَالَ: [السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ! أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ وَإِنَّا بِكُمْ لاحِقُونَ! اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ وَلا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ! قَالَتْ: ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: وَيْحَهَا لَوْ تَسْتَطِيعُ مَا فَعَلَتْ!] .
[أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَنِيُّ. وَأَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ جَمِيعًا عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نمر عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّمَا كَانَ لَيْلَتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلَى الْبَقِيعِ فَيَقُولُ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ! إِيَّانَا وَإِيَّاكُمْ مَا تُوعَدُونَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ! اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ] «1» .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: وَثَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَضْجَعِهِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَقُلْتُ:
أَيْنَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأَهْلِ الْبَقِيعِ. قَالَتْ:
فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَرَجَ مَعَهُ مَوْلاهُ أَبُو رَافِعٍ. فَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُحَدِّثُ قَالَ:
اسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمْ طَوِيلا ثُمَّ انْصَرَفَ وَجَعَلَ يَقُولُ: يَا أَبَا رَافِعٍ إِنِّي قَدْ خُيِّرْتُ بَيْنَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا وَالْخُلْدِ ثُمَّ الْجَنَّةِ وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّي وَالْجَنَّةِ. فَاخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي!] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي مُوَيْهِبَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ: يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأَهْلِ الْبَقِيعِ فَانْطَلِقْ مَعِي! فَخَرَجَ وَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ فَاسْتَغْفَرَ لأَهْلِهِ طَوِيلا ثُمَّ قَالَ: لِيَهْنِئَكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ مِمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ فِيهِ! أَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يَتَّبِعُ بَعْضُهَا بَعْضًا يَتَّبِعُ آخِرُهَا أَوَّلَهَا. الآخِرَةُ شَرٌّ مِنَ الأُولَى! ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ خَزَائِنَ الدُّنْيَا وَالْخُلْدَ ثُمَّ الْجَنَّةَ فَخُيِّرْتُ بَيْنَ ذَلِكَ وبين لقاء ربي والجنة. فقلت: بأبي
__________
(1) انظر: [السنن الكبرى (4/ 79) ، وسنن النسائي، الباب (102) جنائز، وابن السني (585) ، ومشكاة المصابيح (1766) .(2/157)
أَنْتَ وَأُمِّي فَخُذْ خَزَائِنَ الدُّنْيَا وَالْخُلْدَ ثُمَّ الْجَنَّةَ. فَقَالَ: يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ قَدِ اخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي وَالْجَنَّةَ! فَلَمَّا انْصَرَفَ ابْتَدَأَهُ وَجَعُهُ فَقَبَضَهُ اللَّهُ. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] .
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ. وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ فَقِيلَ لَهُ اذْهَبْ فَصَلِّ عَلَى أَهْلِ الْبَقِيعِ! فَفَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ فَرَقَدَ فَقِيلَ لَهُ: اذْهَبْ فَصَلِّ عَلَى أَهْلِ الْبَقِيعِ! فَذَهَبَ فَصَلَّى عَلَيْهِمْ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَهْلِ الْبَقِيعِ! ثُمَّ رَجَعَ فَرَقَدَ فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ: اذْهَبْ فَصَلِّ عَلَى الشُّهَدَاءِ! فَذَهَبَ إِلَى أُحُدٍ فَصَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ فَرَجَعَ مَعْصُوبَ الرَّأْسِ. فَكَانَ بَدْءُ الْوَجَعِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ.
حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ: أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ حَدَّثَهُ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ حَدَّثَهُمْ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِي سِنِينَ كَالْمُوَدِّعِ لِلأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ ثُمَّ اطَّلَعَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: إِنِّي بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَرَطٌ وَأَنَا عَلَيْكُمْ شَهِيدٌ! وَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْحَوْضُ وَإِنِّي لأَنْظُرُ إِلَيْهِ وَأَنَا فِي مَقَامِي هَذَا. وَإِنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا. وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تُنَافِسُوا فِيهَا] .
قَالَ عُقْبَةُ: وَكَانَتْ آخِرُ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ذِكْرُ أَوَّلِ مَا بَدَأَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجعه الذي توفى فيه
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ: بَدَأَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَكْوُهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ وَهُوَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ. فَخَرَجَ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ عَلَيَّ. قالت: فقلت وا رأساه! [فَقَالَ:
وَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ وَأَنَا حَيٌّ فأصلي عليك وأدفنك! قالت فقلت غيري: أوكأنك تُحِبُّ ذَلِكَ؟ لَكَأَنِّي أَرَاكَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مُعْرِسًا بِبَعْضِ نِسَاءٍ! قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ.
ص: بل أنا وا رأساه! ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَيْتِ مَيْمُونَةَ فَاشْتَدَّ وَجَعُهُ] .
[أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ:(2/158)
دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على عائشة فقالت: وا رأساه! فقال النبي. ص: بل أنا وا رأساه! فَكَانَ أَوَّلَ وَجَعِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ. وَكَانَ لا يَشْكُو وَجَعًا يَيْجَعُهُ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ علي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: أَوَّلُ مَا بَدَأَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَكْوُهُ يَوْمَ الأَرْبِعَاءَ فَكَانَ شَكْوُهُ إِلَى أَنْ قُبِضَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا.
ذِكْرُ شِدَّةِ الْمَرَضِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ شَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ.
أَخْبَرَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ جَمِيعًا قَالا: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَرَقَهُ وجع فجعل [يشتكي ويتقلب على فراشه. فقالت لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ صَنَعَ هَذَا بَعْضُنَا لَوَجِدْتَ عَلَيْهِ! فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ: إِنَّ الصَّالِحِينَ.
وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ. يُشَدَّدُ عَلَيْهِمْ لأَنَّهُ لا يصيب المؤمن نكبة من شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا. قَالَ مُسْلِمٌ: وَلا وَجَعٌ. إِلا رَفَعَ اللَّهُ لَهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ لها عَنْهُ خَطِيئَةً. وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ: فَمَا فَوْقَهَا إِلا حَطَّ بِهَا عَنْهُ خَطِيئَةً] «1» .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَحْسَبُهَا عَائِشَةَ. قَالَتْ:
مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَضًا اشْتَدَّ مِنْهُ ضَجَرُهُ أَوْ وَجَعُهُ. قَالَتْ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتَجْزَعُ أَوْ تَضْجَرُ. لَوْ فَعَلَتْهُ امْرَأَةٌ مِنَّا عَجِبْتَ مِنْهَا! قَالَ: أَوَمَا عَلِمْتِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يُشَدَّدُ عَلَيْهِ لِيَكُونَ كَفَّارَةً لِخَطَايَاهُ؟] .
[أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ شَيْبَانُ عَنْ أَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاشْتَدَّ وَجَعُهُ حَتَّى أَعْلَزَهُ. فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَتْ لَهُ إِحْدَى نِسَائِهِ: لَقَدِ اشْتَكَيْتَ فِي شَكْوِكَ شَكْوَى لَوْ أَنَّ إِحْدَانَا اشْتَكَتْهُ لَخَافَتْ أَنْ تَجِدَ عَلَيْهَا!
__________
(1) انظر: [مسند أحمد (6/ 160) ، وموارد الظمآن (702) ، والمستدرك (4/ 319، 330) ، ومجمع الزوائد (2/ 292) ، وفتح الباري (1/ 105) ، والدر المنثور (2/ 228) ] .(2/159)
قَالَ: أَوَلَمْ تَعْلَمِي أَنَّ الْمُؤْمِنَ يُشَدَّدُ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ لِيُحَطَّ بِهِ خَطَايَاهُ؟] .
أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشَدَّ عَلَيْهِ الْوَجَعُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالا: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُوعَكُ فَمَسِسْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا! فَقَالَ: أَجَلْ إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُمْ! قَالَ: قُلْتُ إِنَّ لَكَ لأَجْرَيْنِ! قَالَ: نَعَمْ! وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا عَلَى الأَرْضِ مُسْلِمٌ يُصِيبُهُ أَذًى مِنْ مَرِضٍ فَمَا سِوَاهُ إِلا حَطَّ اللَّهُ بِهِ عَنْهُ خَطَايَاهُ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا] «1» .
[أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو الْمُغِيرَةِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ:
دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا! قَالَ: أَجَلْ إِنِّي لأُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُمْ. قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ! قَالَ: أَجَلْ أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى فَمَا سِوَاهُ إِلا حَطَّ اللَّهُ بِهِ عَنْهُ خَطَايَاهُ كَمَا تَحُطُّ هَذِهِ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا] .
[أَخْبَرَنَا عبيد الله بن موسى العبسي بْنِ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: جِئْنَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا عَلَيْهِ صَالِبٌ مِنَ الْحُمَّى مَا تَكَادُ تَقَرُّ يَدُ أَحَدِنَا عَلَيْهِ مِنْ شِدَّةِ الْحُمَّى. فَجَعَلْنَا نُسَبِّحُ فَقَالَ لنا رسول الله. ص: لَيْسَ أَحَدٌ أَشَدَّ بَلاءً مِنَ الأَنْبِيَاءِ. كَمَا يَشْتَدُّ عَلَيْنَا الْبَلاءُ كَذَلِكَ يُضَاعَفُ لَنَا الأَجْرُ. إِنْ كَانَ النَّبِيُّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ لَيُسَلَّطُ عَلَيْهِ الْقَمْلُ حَتَّى يَقْتُلَهُ. وَإِنْ كَانَ النَّبِيُّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ لَيُعَرَّى مَا يَجِدُ شَيْئًا يُوَارِي عَوْرَتَهُ إِلا الْعَبَاءَةَ يَدَّرِعُهَا] .
[أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وهو
__________
(1) انظر: [صحيح البخاري (7/ 150، 153) ، وصحيح مسلم (1991) ، ومسند أحمد (1/ 441، 445) ، وسنن الدارمي (2/ 316) ، وموارد الظمآن (701) ، وحلية الأولياء (4/ 128) ، وفتح الباري (10/ 120) ، وشرح السنة (5/ 243) ، ومصنف ابن أبي شيبة (3/ 229) ، وكنز العمال (32184) ] .(2/160)
مَوْعُوكٌ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَوَجَدَ حَرَارَتَهَا فَوْقَ الْقَطِيفَةِ فَقَالَ: مَا أَشَدُّ حُمَّاكَ! فَقَالَ: إِنَّا كَذَلِكَ يُشَدَّدُ عَلَيْنَا الْبَلاءُ وَيُضَاعَفُ لَنَا الأَجْرُ! قَالَ: مَنْ أَشَدُّ النَّاسِ بَلاءً؟
قَالَ: الأَنْبِيَاءُ! قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: الصَّالِحُونَ! لَقَدْ كَانَ أَحَدُهُمْ يُبْتَلَى بِالْفَقْرِ حَتَّى مَا يَجِدُ إِلا الْعَبَاءَةَ يَجُوبُهَا وَيُبْتَلَى بِالْقَمْلِ حَتَّى يَقْتُلَهُ. وَلأَحَدُهُمْ كَانَ أَشَدُّ فَرَحًا بِالْبَلاءِ مِنْ أَحَدِكُمْ بِالْعَطَاءِ] .
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو هِلالٍ. أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عُمَرَ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مَحْمُومٌ أَوْ مَوْرُودٌ. قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَقَبَضَهَا مِنْ شِدَّةِ حَرِّهِ. قَالَ: فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا أَشَدَّ وِرْدَكَ أَوْ أَشَدَّ حُمَّاكَ! قَالَ: فَإِنِّي قَدْ قَرَأْتُ اللَّيْلَةَ أَوِ الْبَارِحَةَ بِحَمْدِ اللَّهِ سَبْعِينَ سُورَةً فِيهِنَّ السَّبْعُ الطُّوَلُ! قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَلَوْ رَفِقْتَ بِنَفْسِكَ أَوْ خَفَّفْتَ عَنْ نَفْسِكَ! قَالَ: أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟] .
[أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ. يَعْنِي الْبُنَانِيَّ. قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَصْحَابِهِ يُعْرَفُ فِيهِ الْوَجَعُ فَقَالَ: إِنِّي عَلَى مَا تَرَوْنَ قَدْ قَرَأْتُ الْبَارِحَةَ السَّبْعَ الطُّوَلَ] .
[أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ قَالَ الْفَضْلُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ يَزِيدُ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُومُ حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ. فَقِيلَ لَهُ: لِمَ تَفْعَلُ هَذَا وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟] .
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيَجْتَهِدُ فِي الصَّلاةِ وَفِي الصِّيَامِ فَيَخْرُجُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَيُشَبَّهُ بِالشَّنِّ الْبَالِي.
قَالَ يَزِيدُ فِي حَدِيثِهِ: وَكَانَ أَصَحَّ النَّاسِ.
[أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ الله. ص: مَنْ أَشَدُّ النَّاسِ بَلاءً؟ قَالَ: النَّبِيُّونَ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسْبِ دِينِهِ. فَإِنْ كَانَ صُلْبَ الدِّينِ اشْتَدَّ بَلاؤُهُ. وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسْبِ دِينِهِ. فَمَا تَبْرَحُ الْبَلايَا عَلَى الْعَبْدِ حَتَّى تَدَعَهُ يَمْشِي فِي الأَرْضِ لَيْسَتْ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ!] .(2/161)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَشَدُّ النَّاسِ بَلاءً؟ ذَكَرَ مِثْلَ الْحَدِيثِ الأَوَّلِ.
[أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَبْدِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرِضَ حَتَّى اشْتَدَّ بِهِ. فَصَاحَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَقَالَ: مَهْ! إِنَّهُ لا يَصِيحُ إِلا كَافِرٌ!] .
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لا أَزَالُ أَغْبِطُ الْمُؤْمِنَ بِشِدَّةِ الْمَوْتِ بَعْدَ شِدَّتِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ذِكْرُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعوذ بِهِ ويعوذه جبريل
[أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ. أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَوِّذُ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ: أَذْهِبِ الْبَاسَ. رَبَّ النَّاسِ.
اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي. لا شِفَاءَ إِلا شِفَاؤُكَ. شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا «1» قَالَتْ: فَلَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَجَعَلْتُ أَمْسَحُهُ بِهَا وَأُعَوِّذُهُ بِهَا.
قَالَتْ: فَنَزَعَ يَدَهُ مِنِّي وَقَالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ! قَالَتْ: وَكَانَ هَذَا آخِرُ مَا سَمِعْتُ مِنْ كَلامِهِ.]
[أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ. أَخْبَرَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - إذا دعا مَرِيضًا مَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى وَجْهِهِ وَصَدْرِهِ وَقَالَ: أَذْهِبِ الْبَاسَ. رَبَّ النَّاسِ. وَاشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي. لا شِفَاءَ إِلا شِفَاؤُكَ. شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا! قَالَ: فَلَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسَانَدَ إِلَى عَائِشَةَ فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ فَجَعَلَتْ تَمْسَحُهَا عَلَى وَجْهِهِ وَصَدْرِهِ وَتَقُولُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ. فَانْتَزَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يَدَهُ مِنْهَا وَقَالَ: اللَّهُمَّ أَعْلَى جنة الخلد!] .
__________
(1) انظر: [صحيح البخاري (7/ 157، 173) ، وصحيح مسلم (46) ، (47) ، (48) ، (49) من السلام، وسنن أبي داود (3883) ، وسنن ابن ماجة (1619) ، (3520) ، (3530) ، ومسند أحمد (6/ 44) ، والسنن الكبرى (3/ 381) ، والمستدرك (4/ 62) ] .(2/162)
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى الْقَزَّازُ. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ.
قَالَتْ: فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ عَنْهُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَجَعَلْتُ أُمِرُّهَا عَلَى صَدْرِهِ وَدَعَوْتُ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ: أَذْهِبِ الْبَاسَ. رَبَّ النَّاسِ. فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدَيَّ وَقَالَ: أَسْأَلُ اللَّهَ الرَّفِيقَ الأَعْلَى الأَسْعَدَ!.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ. فَلَمَّا ثَقُلَ عَنْ ذلك جعلت أنفث عليه بهن وأمسه بِيَدِ نَفْسِهِ.
[أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَخَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ النُّكْرِيِّ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أُعَوِّذُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدُعَاءٍ إِذَا مَرِضَ: أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ. بِيَدِكَ الشِّفَاءُ. لا شَافِيَ إِلا أَنْتَ. اشْفِ شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا. قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ مَرَضُهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ ذَهَبْتُ أُعَوِّذُهُ بِهِ فَقَالَ: ارْفَعِي عَنِّي فَإِنَّهَا إِنَّمَا كَانَتْ تَنْفَعُنِي فِي الْمَرَّةِ] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ. أَخْبَرَنَا عبيد الله بن عمرو عن إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا كَانَتْ تُعَوِّذُ النَّبِيَّ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي مَرَضِهِ وَتَنْفُثُ وَتَمْسَحُ وَجْهَهُ بِيَدِهِ.
[أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُرَّةَ الْمَكِّيُّ. حَدَّثَنِي نَافِعُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَمْسَحُ صَدْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَقُولُ: اكْشِفِ الْبَاسَ.
رَبَّ النَّاسِ. أَنْتَ الطَّبِيبُ وَأَنْتَ الشافي! فيقول النبي. ص: أَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ.
أَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ!] .
[أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ. أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: لُسِعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَا بِمَاءٍ وَمِلْحٍ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَقَرَأَ: «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» الإخلاص:
1. و «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ» الفلق: 1. و «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ» النَّاسِ:
1. حَتَّى خَتَمَهَا.](2/163)
[أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ. يَعْنِي الأَعْمَشَ. عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اشْتَكَى الإِنْسَانُ مِنَّا مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ وَقَالَ: أَذْهِبِ الْبَاسَ. رَبَّ النَّاسِ. اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي. لا شِفَاءَ إِلا شِفَاؤُكَ. شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا! قَالَتْ: فَلَمَّا ثَقُلَ أَخَذْتُ يَمِينِهِ فَمَسَحْتُهُ بِهَا وَقُلْتُ:
أَذْهِبِ الْبَاسَ. رَبَّ النَّاسِ. اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي! فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدَيَّ وَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاجْعَلْنِي فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى. مَرَّتَيْنِ. قَالَتْ: فَمَا عَلِمْتُ بِمَوْتِهِ حَتَّى وَجَدْتُ ثِقَلَهُ] .
[أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَائِشٍ الْجُهَنِيَّ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: يَا ابْنَ عَائِشٍ أَلا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ مَا تَعَوَّذَ بِهِ الْمُتَعَوِّذُونَ؟ قال: قلت بلى! قال رسول الله. ص: «أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ» الناس: 1. و «أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ» الْفَلَقِ: 1. هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ] .
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَزْهَرَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ الْهِلالِيِّ. وَكَانَ ابْنَ أَخِي مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
قَالَتْ لِي مَيْمُونَةُ يا ابن أخي تعالي حَتَّى أَرْقِيَكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ. وَاللَّهُ يَشْفِيكَ. مِنْ كُلِّ دَاءٍ فِيكَ. أَذْهِبِ الْبَاسَ. رَبَّ النَّاسِ. وَاشْفِ لا شَافِيَ إِلا أَنْتَ! [أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - قال فِي الْمَرَضِ: بِاسْمِ اللَّهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا. بِرِيقَةِ بَعْضِنَا. لِيُشْفَى سَقِيمُنَا. بِإِذْنِ رَبِّنَا] .
[أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ دَاوُدَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فرقاه. يعني جبريل ع. فقال: بسم اللَّهِ أَرْقِيكَ. مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ. مِنْ كُلِّ حَاسِدٍ وَعَيْنٍ وَاللَّهُ يَشْفِيكَ!] أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ جَمِيعًا عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ(2/164)
[عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: إِذَا اشتكى رسول الله.
ص. رقاه جبريل وقال: بسم اللَّهِ يُبْرِيكَ. مِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ. مِنْ شَرِّ كُلِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ. وَمِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي عَيْنٍ] «1» .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ وَجُبَيْرُ بْنُ أَبِي سليمان: [أن جبريل. ع. كان يعوذ محمدا.
ص. يقول: بسم الله الرحمن الرحيم. بسم اللَّهِ أَرْقِيكَ. مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ. مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي عَيْنٍ. وَنَفْسِ حَاسِدٍ وَبَاغٍ يبغيك. بسم اللَّهِ أَرْقِيكَ. وَاللَّهُ يَشْفِيكَ!] [أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اشْتَكَى رقاه جبريل فقال: بسم اللَّهِ يُبْرِيكَ. مِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ. مِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ. وَمِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي عَيْنٍ!] [أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ التَّعْوِيذَ الَّذِي عَوَّذَ بِهِ جِبْرِيلُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ سَحَرَتْهُ الْيَهُودُ في طعامه: بسم الله أرقيك. بسم اللَّهِ يَشْفِيكَ. مِنْ كُلِّ دَاءٍ يُعَنِّيكَ. خُذْهَا فَلْتَهْنِيكَ. مِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ!]
ذِكْرُ صَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَصْحَابِهِ فِي مَرَضِهِ
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - كان وَجِعًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ يَعُودُونَهُ فَصَلَّى بِهِمْ قَاعِدًا وَهُمْ قِيَامٌ. فَأَوْمَأَ إِلَيْهِمْ أَنِ اقْعُدُوا. فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ قَالَ: إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ. فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَإِذَا قَعَدَ فَاقْعُدُوا واصنعوا مثل ما يصنع الإمام] «2» .
__________
(1) انظر: [صحيح مسلم، الباب (16) ، رقم (39) من السلام، ومسند أحمد (6/ 160) ، وكنز العمال (18364) ] .
(2) انظر: [صحيح البخاري (1/ 177، 187) ، (2/ 59، 89) ، وصحيح مسلم، الحديث (82) من الصلاة، وسنن أبي داود (605) ، وسنن الترمذي (2/ 142) ، وسنن ابن ماجة (1237) ، ومسند أحمد (6/ 51) ، والسنن الكبرى (2/ 361، 304) ] .(2/165)
[أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: سَقَطَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ فَرَسٍ فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُودُهُ فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ فَصَلَّى بِنَا قَاعِدًا فَصَلَّيْنَا خَلْفَهُ قُعُودًا. فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ قَالَ: إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا. وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لمن حمده فقولوا ربنا لك الْحَمْدُ. وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعِينَ] .
أَخْبَرَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ النَّخَعِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُرَيْسٍ. حَدَّثَنِي حَمَّادٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قال: أم رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ وَهُوَ ثَقِيلٌ مُعْتَمِدًا فِي الصَّلاةِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ.
[أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ. فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا. وَإِذَا قَالَ سَمِعَ الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الْحَمْدُ. وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعِينَ] .
ذِكْرُ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْر أن يصلي بالناس فِي مرضه
[أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - في مرضه الذي توفي فيه أمر أبا بكر أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ. فَلَمَّا افْتَتَحَ أَبُو بَكْرٍ الصَّلاةَ وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِفَّةً فَخَرَجَ فَجَعَلَ يَفْرُجُ الصُّفُوفَ. فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ الْحِسَّ عَلِمَ أَنَّهُ لا يَتَقَدَّمُ ذَلِكَ التَّقَدُّمَ إِلا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لا يَلْتَفِتُ فِي صَلاتِهِ فَخَنَسَ إِلَى الصَّفِّ وَرَاءَهُ. فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى مَكَانِهِ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ.
فَلَمَّا فَرَغَا مِنَ الصَّلاةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ أَرَاكَ أَصْبَحْتَ بِحَمْدِ اللَّهِ صَالِحًا.
وَهَذَا يَوْمُ ابْنَةِ خَارِجَةَ امْرَأَةٍ لأَبِي بَكْرٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِي بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ. فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مُصَلاهُ أَوْ إِلَى جَانِبِ الْحُجَرِ. فَحَذَّرَ(2/166)
النَّاسَ الْفِتَنَ ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ حَتَّى إِنَّ صَوْتَهُ لَيَخْرُجُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ لا يُمْسِكُ النَّاسُ عَلَيَّ بِشَيْءٍ لا أَحِلُّ إِلا مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَلا أُحَرِّمُ إِلا مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ. ثُمَّ قَالَ: يَا فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ اعْمَلا لِمَا عِنْدَ اللَّهِ فَإِنِّي لا أُغْنِي عَنْكُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا! ثُمَّ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ فَمَا انْتَصَفَ النَّهَارُ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ] «1» .
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ فِي وَجَعِ رسول الله.
ص. الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الاثْنَيْنِ. وَهُمْ صُفُوفٌ فِي الصَّلاةِ. كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِتْرَ الْحُجْرَةِ يَنْظُرُ إِلَيْنَا وَهُوَ قَائِمٌ كَأَنَّ وَجْهَهُ وَرَقَةٌ بِمُصْحَفٍ. ثُمَّ تَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ضَاحِكًا فَبُهِشْنَا وَنَحْنُ فِي الصَّلاةِ مِنَ الْفَرَحِ بِخُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: وَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ وَظَنَّ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَارِجٌ إِلَى الصَّلاةِ. فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ أَنْ أَتِمُّوا صَلاتَكُمْ. قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَرْخَى السِّتْرَ. قَالَ: فَتُوُفِّيَ مِنْ يَوْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: آخِرُ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الاثْنَيْنِ كَشَفَ السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ. فَلَمَّا رَآهُ النَّاسُ تَخَشْخَشُوا فَأَوْمَأَ إِلَيْهِمْ أَنِ امْكُثُوا مَكَانَكُمْ.
فَنَظَرْتُ إِلَى وَجْهِهِ كَأَنَّهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ. ثُمَّ أَلْقَى السِّجْفَ وَتُوُفِّيَ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
[أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سُحَيْمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَشَفَ رسول الله.
ص. السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ إِلا أَنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا. فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا الرَّبَّ فِيهِ. وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لكم] «2» .
__________
(1) انظر: [السنن الكبرى (7/ 75) ، وكنز العمال (987) ] .
(2) انظر: [صحيح مسلم (207) ، (208) من الصلاة، وسنن النسائي، الباب (95) ، (149) من الافتتاح، وسنن أبي داود (76) ، وسنن ابن ماجة (3899) ، والسنن الكبرى (2/ 88، 110) ، والدر المنثور (3/ 312) ، ومصنف عبد الرزاق (2839) ، ومصنف ابن أبي شيبة (11/ 52) ] .(2/167)
[أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ. أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ.
ص. وَجَعُهُ قَالَ: لِيُصَلِّ بِالنَّاسِ أَبُو بَكْرٍ. فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ كَثِيرُ الْبُكَاءِ حِينَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ. فَقَالَ رَسُولُ الله.
ص: لِيُصَلِّ بِالنَّاسِ أَبُو بَكْرٍ. فَرَاجَعَتْهُ عَائِشَةُ بِمِثْلِ مقالتها فقال رسول الله. ص:
لِيُصَلِّ بِالنَّاسِ أَبُو بَكْرٍ إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ!] .
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَقَدْ رَاجَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ وَمَا حَمَلَنِي عَلَى كَثْرَةِ مُرَاجَعَتِهِ إِلا أَنَّهُ لَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ أَحَدٌ إِلا تَشَاءَمَ النَّاسُ بِهِ. فَأَرَدْتُ أَنْ يَعْدِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَبِي بَكْرٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ. أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ. أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ: أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَمَا هُمْ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِهِمْ لَمْ يُفَاجِئْهُمْ إِلا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ. فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ صُفُوفٌ فِي صَلاتِهِمْ فَتَبَسَّمَ يَضْحَكُ.
فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلاةِ. قَالَ أَنَسٌ: وَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِي صَلاتِهِمْ فَرَحًا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
حِينَ رَأَوْهُ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ أَنْ أَتِمُّوا صَلاتَكُمْ. ثُمَّ دَخَلَ الْحُجْرَةَ فَأَرْخَى السِّتْرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ. قَالَ أَنَسٌ: وَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ الْيَوْمَ.
أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَزْدِيُّ قَالا:
أَخْبَرَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ لَهَا حَدِّثِينِي عَنْ مَرِضِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ فَقُلْتُ: لا. هُمُ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ:
ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ. قَالَتْ: فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ فَقُلْتُ: لا. هُمُ يَنْتَظِرُونَكَ! فَقَالَ: ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ. قَالَتْ: فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ فَقُلْتُ: لا. هُمُ يَنْتَظِرُونَكَ! فَقَالَ: ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ. قَالَتْ:
فَفَعَلْنَا فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ فَقُلْنَا: لا. هُمُ يَنْتَظِرُونَكَ! وَالنَّاسُ عُكُوفٌ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِصَلاةِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ. قَالَتْ: فَأَرْسَلَ(2/168)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أَبِي بَكْرٍ بِأَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فَأَتَاهُ الرَّسُولُ فقال: إن رسول الله.
ص. يَأْمُرُكَ أَنْ تُصَلِّيَ بِالنَّاسِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ. وَكَانَ رَجُلا رَقِيقًا: يَا عُمَرُ صَلِّ بِالنَّاسِ! فَقَالَ عُمَرُ: أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ! قَالَتْ: فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ تِلْكَ الأَيَّامَ. ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا الْعَبَّاسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ. قَالَتْ: فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لا يَتَأَخَّرَ وَقَالَ لَهُمَا: أَجْلِسَانِي إِلَى جَنْبِهِ. فَأَجْلَسَاهُ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ: فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي وَهُوَ قَائِمٌ بِصَلاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاةِ أَبِي بَكْرٍ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَاعِدٌ.
قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ: أَلا أَعْرِضُ عَلَيْكَ مَا حدثتني عائشة عن مرض رسول الله. ص؟ قَالَ: هَاتِ! فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ فَمَا أَنْكَرَ مِنْهُ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: سَمَّتْ لَكَ الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ مَعَ الْعَبَّاسِ؟ قَالَ: قُلْتُ لا! قَالَ: هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
[أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أؤذن النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالصَّلاةِ فِي مرضه فقال:
مروا أبا بكر فليصل بالناس. ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ. فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ قَالَ: هَلْ أَمَرْتُنَّ أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ لا يُسْمِعُ النَّاسَ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ. قَالَ: إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ! مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَرُبَّ قَائِلٍ وَمُتَمَنٍّ وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا استعز رسول الله.
ص. قَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ. فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ ضَعِيفُ الصَّوْتِ كَثِيرُ الْبُكَاءِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ! فَقَالَ: مُرُوهُ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ! قَالَتْ:
فَعُدْتُ بمثل قولي. فقال رسول الله. ص: إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ! مُرُوهُ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ! قَالَتْ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ مَا أَقُولُ ذَلِكَ إِلا أَنِّي كُنْتُ أَحَبُّ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي وَقُلْتُ إِنَّ النَّاسَ لَنْ يُحِبُّوا رَجُلا قَامَ مقام رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَدًا وَإِنَّهُمْ سَيَتَشَاءَمُونَ بِهِ فِي كُلِّ حَدَثٍ كَانَ. فَكُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الاثْنَيْنِ بَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -(2/169)
دَنِفًا فَلَمْ يَبْقَ رَجُلٌ وَلا امْرَأَةٌ إِلا أَصْبَحَ فِي الْمَسْجِدِ لِوَجَعِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ يُؤْذِنُهُ بِالصُّبْحِ فَقَالَ: قُلْ لأَبِي بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ. فَكَبَّرَ أَبُو بَكْرٍ فِي صَلاتِهِ فَكَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السِّتْرَ فَرَأَى النَّاسَ يُصَلُّونَ [فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ قُرَّةَ عَيْنِي فِي الصَّلاةِ] . وَأَصْبَحَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ مُفِيقًا فَخَرَجَ يَتَوَكَّأُ عَلَى الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ وَعَلَى ثَوْبَانَ غُلامَهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ سَجَدَ النَّاسُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ سَجْدَةً مِنَ الصُّبْحِ وَهُمْ قِيَامٌ فِي الأُخْرَى. فَلَمَّا رَآهُ النَّاسُ فَرِحُوا بِهِ فَجَاءَ حَتَّى قَامَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ فَاسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ فَقَدَّمَهُ فِي مُصَلاهُ. فَصَفَّا جَمِيعًا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ عَلَى رُكْنِهِ الأَيْسَرِ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ. فَلَمَّا قَضَى أَبُو بَكْرٍ السُّورَةَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ يَتَشَهَّدُ. فَلَمَّا سَلَّمَ صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّكْعَةَ الآخِرَةَ ثُمَّ انْصَرَفَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عن عبد الملك بن أبي بكر عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ الأَسْوَدِ قَالَ:
عُدْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَجَاءَهُ بِلالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاةِ فقال لي رسول الله. ص: مُرِ النَّاسَ فَلْيُصَلُّوا! قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ نَاسًا لا أُكَلِّمُهُمْ. فَلَمَّا لَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمْ أَبْغِ مَنْ وَرَاءَهُ. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ غَائِبًا. فَقُلْتُ لَهُ: صَلِّ بِالنَّاسِ يَا عُمَرُ! فَقَامَ عُمَرُ فِي الْمَقَامِ. وَكَانَ عُمَرُ رَجُلا مُجْهَرًا. فَلَمَّا كَبَّرَ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَوْتَهُ فَأَخْرَجَ رَأْسَهُ حَتَّى أَطْلَعَهُ لِلنَّاسِ مِنْ حُجْرَتِهِ [فَقَالَ: لا! لا! لا! لِيُصَلِّ بِهِمُ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ! قَالَ:] يَقُولُ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُغْضَبًا. قَالَ:
فَانْصَرَفَ عُمَرُ فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ يَا ابْنَ أَخِي أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَأْمُرَنِيَ؟
قَالَ: فَقُلْتُ لا وَلَكِنِّي لَمَّا رَأَيْتُكَ لَمْ أَبْغِ مَنْ وَرَاءَكَ. فَقَالَ عُمَرُ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ حِينَ أَمَرْتَنِي إِلا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - أَمَرَكَ بِذَلِكَ وَلَوْلا ذَلِكَ مَا صَلَّيْتُ بِالنَّاسِ! فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَمَّا لَمْ أَرَ أَبَا بكر رأيتك أحق من غيره بِالصَّلاةِ.
[حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُقْبَةَ اللَّيْثِيُّ عَنْ شُعْبَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَضَرَتِ الصَّلاةُ فقال النبي. ص: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ.
فَلَمَّا قَامَ أَبُو بَكْرٍ مَقَامَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَدَّ بُكَاؤُهُ وَافْتُتِنَ وَاشْتَدَّ بُكَاءُ مَنْ خَلْفَهُ لِفَقْدِ نَبِيِّهِمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا حَضَرَتِ الصَّلاةُ جَاءَ الْمُؤَذِّنُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: قُولُوا لِلنَّبِيِّ.
ص. يَأْمُرُ رَجُلا يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدِ افْتُتِنَ مِنَ الْبُكَاءِ وَالنَّاسِ خَلْفَهُ. فَقَالَتْ حفصة زوج النبي. ص: مُرُوا عُمَرَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ حَتَّى يَرْفَعَ اللَّهُ رسوله. قال:(2/170)
فَذَهَبَ إِلَى عُمَرَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ. فَلَمَّا سَمِعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَكْبِيرَهُ قَالَ: مَنْ هَذَا الَّذِي أَسْمَعُ تَكْبِيرَهُ؟ فَقَالَ لَهُ أَزْوَاجُهُ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ! وَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ جَاءَ فَقَالَ قُولُوا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُ رَجُلا يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدِ افْتُتِنَ مِنَ الْبُكَاءِ فَقَالَتْ حَفْصَةُ مُرُوا عُمَرَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ. فَقَالَ رَسُولُ الله. ص: إِنَّكُنَّ لَصَوَاحِبُ يُوسُفَ! قُولُوا لأَبِي بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَلَوْ لَمْ يَسْتَخْلِفْهُ مَا أَطَاعَ النَّاسُ] .
أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ زكرياء بْنِ أَبِي زَائِدَةَ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الأَرْقَمِ بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مَرَضَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثُمَّ وَجَدَ خِفَّةً فَجَاءَ. فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَنْكُصَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ فَثَبَتَ مَكَانَهُ وَقَعَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ اسْتَفْتَحَ مِنَ الآيَةِ الَّتِي انْتَهَى إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ.
[أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاةِ فَقَالَ لِنِسَائِهِ: مُرْنَ أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ!] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وهو مَرِيضٌ لأَبِي بَكْرٍ: صَلِّ بِالنَّاسِ. فَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِفَّةً فَخَرَجَ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ وَجَلَسَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ يَمِينِهِ فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ وَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصَلاتِهِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: لَمْ يُقْبَضْ نَبِيُّ قَطُّ حَتَّى يَؤُمَّهُ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِهِ] .
[أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: قال رسول الله. ص: لَمْ يُقْبَضْ نَبِيُّ قَطُّ حَتَّى يَؤُمَّهُ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِهِ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَبَّرَ عُمَرُ فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
تَكْبِيرَهُ فَأَطْلَعَ رَأْسَهُ مُغْضَبًا فَقَالَ: أَيْنَ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ أَيْنَ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي سبرة عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -(2/171)
فِي وَجَعِهِ إِذَا وَجَدَ خِفَّةً خَرَجَ وَإِذَا ثَقُلَ وَجَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ قَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ. فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ يَوْمًا لأَمْرٍ يَأْمُرُ النَّاسَ يُصَلُّونَ وَابْنُ أَبِي قُحَافَةَ غَائِبٌ. فَصَلَّى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالنَّاسِ. فَلَمَّا كَبَّرَ قال رسول الله. ص: لا لا! أَيْنَ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ قَالَ فَانْتُقِضَتِ الصُّفُوفُ وَانْصَرَفَ عُمَرُ. قَالَ: فَمَا بَرَحْنَا حَتَّى طَلَعَ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ. وَكَانَ بِالسُّنْحِ. فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الأَبْيَضِ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي وَجَعِهِ إِذَا خُفَّ عَنْهُ مَا يَجِدُ خَرَجَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ. وَإِذَا وَجَدَ ثِقْلَهُ قَالَ: مُرُوا النَّاسَ فَلْيُصَلُّوا! فَصَلَّى بِهِمُ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ يَوْمًا الصُّبْحَ فَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ فَأَتَمَّ بِأَبِي بَكْرٍ. فَلَمَّا قَضَى أَبُو بَكْرٍ الصَّلاةَ أَتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا فَاتَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ. حَدَّثَنِي أَبُو الْحُوَيْرِثِ قَالَ:
سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ أَبَا الْحُبَابِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَأَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ وَثَّابٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي مَرَضِهِ بِصَلاةِ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ ثُمَّ قَضَى الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَرَأَيْتُ هَذَا الثَّبْتَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ كَمْ صَلَّى أَبُو بَكْرٍ بِالنَّاسِ قَالَ: صَلَّى بِهِمْ سَبْعَ عَشْرَةَ صَلاةً. قُلْتُ: مَنْ حَدَّثَكَ ذَلِكَ؟ قَالَ: حَدَّثَنِي أَيُّوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَعْصَعَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - قال صَلَّى بِهِمْ أَبُو بَكْرٍ ذَلِكَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: صَلَّى بِهِمْ أَبُو بَكْرٍ ثَلاثًا.
[أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ وَإِنَّهُ إِذَا قَامَ(2/172)
مَقَامَكَ لَمْ يَكَدْ يُسْمِعُ النَّاسَ. فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ!] .
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتِ الأَنْصَارُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ. قَالَ: فَأَتَاهُمْ عُمَرُ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ؟ قَالُوا:
بَلَى! قَالَ: فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ؟ قَالُوا: نَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ نَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ!
ذِكْرُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مَرَضِهِ لأبي بَكْر. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
[أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: إِنَّ أَحْدَثَ عَهْدِي بِنَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ وَفَاتِهِ بِخَمْسٍ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ وَيُحَرِّكُ كَفَّهُ:
إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيُّ قَبْلِي إِلا وَقَدْ كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ خَلِيلٌ. أَلا وَإِنَّ خَلِيلِي أَبُو بَكْرٍ. إِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَنِي خَلِيلا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا] .
[أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مرضه الذي مات فيه: ادْعُوا لِي أَبَا بَكْرٍ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ يَغْلِبُهُ الْبُكَاءُ وَلَكِنْ إِنْ شِئْتَ دَعَوْنَا لَكَ ابْنَ الْخَطَّابِ. قَالَ: ادْعُوا أَبَا بَكْرٍ.
قَالَتْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ يَرِقُّ وَلَكِنْ إِنْ شِئْتَ دَعَوْنَا لَكَ ابْنَ الْخَطَّابِ. فَقَالَ: إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ! ادْعُوا لِي أَبَا بَكْرٍ وَابْنِهِ فَلْيَكْتُبْ أَنْ يَطْمَعَ فِي أَمْرِ أَبِي بَكْرٍ طَامِعٌ أَوْ يَتَمَنَّ مُتَمَنٍّ. ثُمَّ قَالَ: يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُؤْمِنُونَ. يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُؤْمِنُونَ! قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُؤْمِنُونَ. فَأَبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُؤْمِنُونَ] .
[أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - في مرضه الذي مات فيه: ادعوا لي أبا بكر. فدعوه إلى ابْنَ الْخَطَّابِ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: ادعوا لي أبا بكر. فدعوه إلى ابْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ: إِنَّكُنَّ صَوَاحِبَ يُوسُفَ! فَقِيلَ لِعَائِشَةَ بَعْدَ ذَلِكَ: مَا لَكِ لَمْ تَدْعِي أَبَاكِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كَمَا أَمَرَكُمْ؟ قَالَتْ: عَلِمْتُ أَنَّهُمْ سَيَقُولُونَ إِذَا سَمِعُوا صَوْتَ أَبِي بِئْسَ الْخَلَفُ مِنْ(2/173)
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانُوا يَقُولُونَهَا لِعُمَرَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَقُولُوهَا لأَبِي] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ. قَالَ محمد بن عمر: وأخبرنا هِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ. وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ. وَأَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ عَفِيفِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عتبة عن عَائِشَةَ دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ قَالَتْ:
بُدِئَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا أَقُولُ وا رأساه! فَقَالَ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ وَأَنَا حَيٌّ فَأَسْتَغْفِرُ لك وأدعو لك وأكفنك وأدفنك! فقلت:
وا ثكلاه! وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتُحِبُّ مَوْتِي وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَظَلِلْتَ يَوْمَكَ مُعْرِسًا بِبَعْضِ أَزْوَاجِكَ! فَقَالَ النَّبِيُّ. ص: بل أنا وا رأساه! لَقَدْ هَمَمْتُ أَوْ أَرَدْتُ أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِيكِ وَإِلَى أَخِيكِ فَأَقْضِيَ أَمْرِي وَأَعْهَدَ عَهْدِي فَلا يَطْمَعُ فِي الأَمْرِ طَامِعٌ وَلا يَقُولُ الْقَائِلُونَ أَوْ يَتَمَنَّى الْمُتَمَنُّونَ. ثُمَّ قَالَ: كَلا يَأْبَى اللَّهُ وَيَدْفَعُ الْمُؤْمِنُونَ أَوْ يَدْفَعُ اللَّهُ وَيَأْبَى الْمُؤْمِنُونَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي حَدِيثِهِ: وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَبَا بَكْرٍ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَأَيْتُ فِيَ الْمَنَامِ كَأَنَّ عَلَيَّ ثَوْبَيْ حِبَرَةٍ وَأَنَا أَطَأُ فِي عَذِرَاتِ النَّاسِ وَفِي صَدْرِي رَقْمَتَيْنِ. فَقَالَ: أَمَّا الرَّقْمَتَانِ فَتَلِيَ سَنَتَيْنِ. وَأَمَّا الثَّوْبُ الْحِبَرَةُ فَمَا تُحْبَرُ بِهِ مِنْ وَلَدِكَ. وَأَمَّا الْعَذِرَةُ فَمَا يَنَالُكَ مِنْ أَذَاهُمْ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُذَاكِرُهُ فِي الشَّيْءِ فَقَالَ: إِنْ جِئْتُ فَلَمْ أَجِدْكَ؟ قَالَ: فَأْتِ أَبَا بَكْرٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: يَعْنِي بَعْدَ الْمَوْتِ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيِّ سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنَ قَتَادَةَ قَالَ: ابْتَاعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعِيرًا مِنْ رَجُلٍ إِلَى أَجَلٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ جِئْتُ فَلَمْ أَجِدْكَ؟ يَعْنِي بَعْدَ الْمَوْتِ. قَالَ: فَأْتِ أَبَا بَكْرٍ. قَالَ: فَإِنْ جِئْتُ فَلَمْ أَجِدْ أَبَا بَكْرٍ؟ يَعْنِي بَعْدَ الْمَوْتِ. قَالَ: فَأْتِ عمر. قال: فَإِنْ جِئْتُ فَلَمْ أَجِدْ عُمَرَ؟ قَالَ: إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَمُوتَ إِذَا مَاتَ عُمَرُ فَمُتْ] .(2/174)
ذِكْرُ سَدِّ الأَبْوَابِ غَيْرَ بَابِ أَبِي بَكْرٍ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ قَالُوا: أَخْبَرَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ. حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ سَالِمٌ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ وَبُسْرُ بن سعيد عن أبي سعيد الخدري قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مَا عِنْدَ اللَّهِ. قَالَ: فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ. قَالَ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي مَا يُبْكِي هَذَا الشَّيْخَ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُخْبِرُنَا عَنْ عَبْدٍ خُيِّرَ فَاخْتَارَ؟
قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْمُخَيَّرُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا به. قال فقال رسول الله.
ص: يَا أَبَا بَكْرٍ لا تَبْكِ! أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خليلا كان أبا بَكْرٍ وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلامِ وَمَوَدَّتُهُ. لا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلا سُدَّ إِلا بَابُ أَبِي بَكْرٍ «1» .
أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْبَلْخِيُّ. أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ عَلَيَّ مِنَّا فِي صُحْبَتِهِ وَذَاتِ يَدِهِ أَبُو بَكْرٍ فَأَغْلِقُوا هَذِهِ الأَبْوَابَ الشَّارِعَةَ كُلَّهَا فِي الْمَسْجِدِ إِلا بَابَ أَبِي بَكْرٍ «2» .
[قَالَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ: فَقَالَ نَاسٌ أَغْلَقَ أَبْوَابَنَا وَتَرَكَ بَابَ خَلِيلِهِ. فقال رسول الله. ص: قَدْ بَلَغَنِي الَّذِي قُلْتُمْ فِي بَابِ أَبِي بَكْرٍ وَإِنِّي أَرَى عَلَى بَابِ أَبِي بَكْرٍ نُورًا وَأَرَى عَلَى أَبْوَابِكُمْ ظُلْمَةً] .
[أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بن عيسى. أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مرضه الذي مات فيه عَاصِبًا رَأْسَهُ فِي خِرْقَةٍ فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ. وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلا لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلا وَلَكِنَّ خُلَّةَ الإِسْلامِ أَفْضَلُ. سُدُّوا عَنْ كُلِّ خَوْخَةٍ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ] .
[أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يونس
__________
(1) انظر: [صحيح البخاري (1/ 26) ، (5/ 4) ، ومسند أحمد (3/ 18) ، وتغليق التعليق (1085) ، وفتح الباري (1/ 558) ، (7/ 12) ] .
(2) انظر: [فتح الباري (7/ 13) ، والحاوي (2/ 56) ] .(2/175)
وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ. أَخْبَرَنِي أَيُّوبُ بْنُ بَشِيرٍ الأنصاري عن بعض أصحاب رسول الله.
ص: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ فَاسْتَوَى عَلَى الْمِنْبَرِ فَتَشَهَّدَ فَلَمَّا مَضَى تَشَهُّدُهُ كَانَ أَوَّلَ كَلامٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنِ اسْتَغْفَرَ لِلشُّهَدَاءِ الَّذِينَ قُتِلُوا يَوْمَ أُحُدٍ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ عَبْدًا مِنْ عَبَّادِ اللَّهِ خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَ رَبِّهِ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ رَبِّهِ. فَفَطِنَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَوَّلَ النَّاسِ فَعَرَفَ أَنَّمَا يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفْسَهُ. فَبَكَى أبو بكر فقال له رسول الله.
ص. عَلَى رِسْلِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ! سُدُّوا هَذِهِ الأَبْوَابَ الشَّوَارِعَ فِي الْمَسْجِدِ إِلا بَابَ أَبِي بَكْرٍ فَإِنِّي لا أَعْلَمُ امْرَأً أَفْضَلَ عِنْدِي يَدًا فِي الصَّحَابَةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ مُوسَى عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ قَالَ: لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالأَبْوَابِ لِتُسَدَّ إِلا بَابَ أَبِي بَكْرٍ قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَفْتَحُ كَوَّةً أَنْظُرْ إِلَيْكَ حِينَ تَخْرُجُ إِلَى الصَّلاةِ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: لا!] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحُرِّ الْوَاقِفِيُّ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَسَّانَ عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ: قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ فَتَحْتَ أَبْوَابَ رِجَالٍ فِي الْمَسْجِدِ وَمَا بَالُكَ سَدَدْتَ أَبْوَابَ رِجَالٍ فِي الْمَسْجِدِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: يَا عَبَّاسُ مَا فَتَحْتُ عَنْ أَمْرِي وَلا سَدَدْتُ عَنْ أَمْرِي] .
ذِكْرُ تَخْيِيرِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ سَمِعْتُ أَنَّهُ لا يَمُوتُ نَبِيٌّ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. قَالَتْ فَأَصَابَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُحَّةٌ شَدِيدَةٌ فِي مَرَضِهِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا. فظننت أنه خير] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ الله ابن حَنْطَبٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلا تُقْبَضُ نَفْسُهُ ثُمَّ يُرَى الثَّوَابَ ثُمَّ تُرَدُّ إِلَيْهِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ تُرَدَّ إليه إلى أن يلحق «1» . قالت: فكنت
__________
(1) انظر: [كنز العمال (32264) ] .(2/176)
قَدْ حَفِظْتُ ذَلِكَ مِنْهُ فَإِنِّي لَمُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ حَتَّى مَالَتْ عُنُقُهُ فَقُلْتُ قَدْ قَضَى! وَعَرَفْتُ الَّذِي قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ حَتَّى ارْتَفَعَ وَنَظَرَ. قَالَتْ: قُلْتُ إِذًا وَاللَّهِ لا يَخْتَارُنَا! فَقَالَ: مَعَ الرَّفِيقِ الأَعْلَى فِي الْجَنَّةِ. مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالت: كان رسول الله.
ص. يَقُولُ وَهُوَ صَحِيحٌ: إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُخَيَّرُ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذَيَّ غُشِيَ عَلَيْهِ سَاعَةً ثُمَّ أَفَاقَ فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْفِ سَقْفِ الْبَيْتِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى! قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ الآنَ لا يَخْتَارُنَا. وَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَدِيثُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهُوَ صَحِيحٌ فَكَانَتْ تِلْكَ آخِرُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا رسول الله. ص] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - قالت: قلت رسول الله.
ص. الآنَ يُخَيَّرُ إِذًا لا يَخْتَارُنَا.
[أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبَّادِ ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ قَبْلَ أَنْ يُتَوَفَّى وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ] .
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ. وَأَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ [عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْغَتْ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَهِيَ مُسْنَدَةٌ إِلَى ظَهْرِهِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الأَعْلَى] .
[أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أنس قال: بَلَغَنِي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: مَا مِنْ نَبِيٍّ يَمُوتُ حَتَّى يُخَيَّرُ. قَالَتْ: فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى! فَعَرَفْتُ أَنَّهُ ذَاهِبٌ] «1» .
[أَخْبَرَنَا يَعْلَى وَمُحَمَّدٌ ابْنَا عُبَيْدٍ قَالا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ أبي بردة
__________
(1) انظر: [صحيح مسلم (1894) ، ومسند أحمد (6/ 89) ] .(2/177)
ابن أَبِي مُوسَى قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَسْنَدَتْهُ عَائِشَةُ إِلَى صَدْرِهَا فَأَفَاقَ وَهِيَ تَدْعُو لَهُ بِالشِّفَاءِ فَقَالَ: لا بل أسأل الرَّفِيقَ الأَعْلَى الأَسْعَدَ مَعَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ] .
[أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ وَصَفْوَانُ بْنُ عيسى الزهري ومحمد بن إسماعيل ابن أَبِي فُدَيْكٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ أُنَيْسِ بْنِ أَبِي يحيى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ:
بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَرَضِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ عَاصِبًا رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ فَخَرَجَ يَمْشِي حَتَّى قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ. فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَيْهِ قَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي ضَمْرَةَ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ وَصَفْوَانَ: وَالَّذِي نَفْسُ رَسُولِ اللَّهِ بِيَدِهِ. وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَقَائِمٌ عَلَى الْحَوْضِ السَّاعَةَ! إِنَّ رَجُلا عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا فَاخْتَارَ الآخِرَةَ. فَلَمْ يَعْقِلْهَا مِنَ الْقَوْمِ أَحَدٌ إِلا أَبُو بَكْرٍ فَبَكَى ثُمَّ قَالَ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ! بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي بَلْ نَفْدِيكَ بِآبَائِنَا وَأَبْنَائِنَا وَأَنْفُسِنَا وَأَمْوَالِنَا! قَالَ: ثُمَّ نَزَلَ فَمَا قَامَ عَلَيْهِ حَتَّى السَّاعَةِ.]
ذِكْرُ قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ نِسَائِهِ فِي مَرَضِهِ مِنْ نَفْسِهِ
أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كَانَ يحمل في ثوب يطوف بِهِ عَلَى نِسَائِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ يَقْسِمُ بَيْنَهُنَّ «1» .
[أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلابَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كَانَ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ فَيُسَوِّي بَيْنَهُنَّ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ هَذَا مَا أَمْلِكُ وَأَنْتَ أَوْلَى بِمَا لا أَمْلِكُ. يَعْنِي الْحُبَّ فِي الْقَلْبِ] «2» .
ذِكْرُ اسْتِئْذَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - نساءه أن يمرض فِي بيت عائشة
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ
__________
(1) انظر: [المطالب العالية (1016) ] .
(2) انظر: [سنن أبي داود، الباب (39) من النكاح، وسنن الترمذي (1140) ، وسنن ابن ماجة (1971) ، ومسند أحمد (6/ 144) ، ومصنف ابن أبي شيبة (4/ 386) ، وفتح الباري (9/ 313) ] .(2/178)
ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَعُهُ اسْتَأْذَنَ نِسَاءَهُ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ. وَيُقَالُ إِنَّمَا قَالَتْ ذَلِكَ لَهُنَّ فَاطِمَةُ. فَقَالَتْ: إِنَّهُ يَشُقُّ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
الاخْتِلافُ فَأَذِنَّ لَهُ فَخَرَجَ مِنْ بَيْتِ مَيْمُونَةَ إِلَى بَيْتِ عَائِشَةَ تَخُطُّ رِجْلاهُ بَيْنَ عَبَّاسٍ وَرَجُلٍ آخَرَ حَتَّى دَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ. فَزَعَمُوا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ؟
قَالُوا: لا نَدْرِي! قَالَ: هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ. أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - واشتد به وَجَعُهُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ فِي أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي فَأَذِنَّ لَهُ فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلاهُ فِي الأَرْضِ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ. تَعْنِي الفضل.
وبين رجل آخَرَ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَأَخْبَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ بِمَا قَالَتْ قَالَ: فَهَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ لا! قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ عَلِيٌّ! إِنَّ عَائِشَةَ لا تُطَيِّبُ لَهُ نَفْسًا بِخَيْرٍ. قَالَتْ عَائِشَةُ: [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد ما دَخَلَ بَيْتِي وَاشْتَدَّ وَجَعُهُ: أَهْرِيقُوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ لَعَلِّي أَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ.
قَالَتْ: فَأَجْلَسَاهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْقِرَبِ حَتَّى جَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا بِيَدِهِ أَنْ قَدْ فَعَلْتُمْ. ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَصَلَّى بِهِمْ وَخَطَبَهُمْ] .
[أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ أَنَا وَرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِي عَلَى عَائِشَةَ فَأَذِنَتْ لَنَا. فَلَمَّا دَخَلْنَا جَذَبَتِ الْحِجَابَ وَأَلْقَتْ لَنَا وِسَادَةً فَجَلَسْنَا عَلَيْهَا فَقَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
إِذَا مَرَّ بِبَابِي يُلْقِي إِلَيَّ الْكَلِمَةَ يَنْفَعُ اللَّهُ بِهَا. فَمَرَّ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا ثُمَّ مَرَّ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَقُلْتُ: يَا جَارِيَةُ أَلْقِي لِي وِسَادَةً عَلَى الْبَابِ! فَأَلْقَتْ لِي وِسَادَةً فَجَلَسْتُ عَلَيْهَا فِي طَرِيقِهِ وَعَصَبْتُ رَأْسِي فَمَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَا شَأْنُكِ؟ فَقُلْتُ:
أَشْتَكِي رَأْسِي! فَقَالَ رسول الله. ص: أنا وا رأساه! ثُمَّ مَضَى فَلَمْ يَلْبَثْ إِلا يَسِيرًا حَتَّى جِيءَ بِهِ مَحْمُولا فِي كِسَاءٍ فَأُدْخِلَ بَيْتِي فَأَرْسَلَ إِلَى نِسَائِهِ فَاجْتَمَعْنَ عِنْدَهُ فَقَالَ:
إِنِّي أَشْتَكِي وَلا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَدُورَ بُيُوتَكُنَّ فَإِنْ شِئْتُنَّ أَذِنْتُنَّ لِي فَكُنْتُ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ.
فَأَذِنَّ لَهُ. فَكُنْتُ وَأَنَا أُوَصِّبُهُ وَلَمْ أُوَصِّبْ مَرِيضًا قَطُّ قَبْلَهُ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ(2/179)
قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَيْنَ أَنَا غَدًا؟ قَالُوا: عِنْدَ فُلانَةَ. قَالَ: فَأَيْنَ أَنَا بَعْدَ غَدٍ؟ قَالُوا: عِنْدَ فُلانَةَ. فَعَرَفَ أَزْوَاجُهُ أَنَّهُ يُرِيدُ عَائِشَةَ فَقُلْنَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ وَهَبْنَا أَيَّامَنَا لأُخْتِنَا عَائِشَةَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ عَفِيفِ بْنِ عَمْرٍو السَّهْمِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ حَتَّى اسْتُعِزَّ بِهِ وَهُوَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ فَعَرَفَ نِسَاءُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِي فَقُلْنَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَوْمُنَا الَّذِي يُصِيبُنَا لأُخْتِنَا! يَعْنِينَ عَائِشَةَ.
ذِكْرُ السِّوَاكِ الَّذِي اسْتَنَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مرضه الذي مات فيه
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزبير عن محمد ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ دَخَلَ حُجْرَتِي فَاضْطَجَعَ فِي حِجْرِي فَدَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ مِنْ آلِ أَبِي بَكْرٍ فِي يَدِهِ سِوَاكٌ أَخْضَرُ. فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِ وَهُوَ فِي يَدِهِ نَظَرًا عَرَفْتُ أَنَّهُ يُرِيدُهُ فَقُلْتُ: يا رسول الله تريد أن أعطيك السِّوَاكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ! فَأَخَذْتُهُ فَمَضَغْتُهُ حَتَّى لَيَّنْتُهُ ثُمَّ أَعْطَيْتُهُ إِيَّاهُ فَاسْتَنَّ بِهِ كَأَشَدِّ مَا رأيته استن بسواك ثُمَّ وَضَعَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَكْوِهِ وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي وَفِي يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سِوَاكٌ فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْضِمَهُ فَقَضَمَتْهُ ثُمَّ أَعْطَتْهُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: كَانَ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيَّ وَحُسْنِ بَلائِهِ عِنْدِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاتَ فِي بَيْتِي وَفِي يَوْمِي وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي وَجُمِعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ! قَالَ الْقَاسِمُ: قَدْ عَرَفْنَا كُلَّ الَّذِي تَقُولِينَ فَكَيْفَ جُمِعَ بَيْنَ رِيقِكِ وَرِيقِهِ؟ قَالَتْ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ أُمِّ رُومَانَ أَخِي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعُودُهُ وَفِي يَدِهِ سِوَاكٌ رَطْبٌ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُولَعًا بِالسِّوَاكِ فَرَأَيْتُ(2/180)
رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُشْخِصُ بَصَرَهُ إِلَيْهِ. فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ اقْضُمِ السِّوَاكِ! فَنَاوَلَنِيهِ فَمَضَغْتُهُ ثُمَّ أَدْخَلْتُهُ فِي فِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَسَوَّكَ بِهِ فَجُمِعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ.
ذِكْرُ اللَّدُودِ الَّذِي لُدَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مرضه
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. حَدَّثَنِي أَبُو يُونُسَ الْقُشَيْرِيُّ. يَعْنِي حَاتِمَ بْنَ أَبِي صَغِيرَةَ. حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَكَى فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ فَأَفَاقَ حِينَ أَفَاقَ وَالنِّسَاءُ يَلْدُدْنَهُ فَقَالَ: أَمَا إِنَّكُمْ قَدْ لَدَدْتُمُونِي وَأَنَا صَائِمٌ. لَعَلَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ أَمَرَتْكُمْ بِهَذَا. أَكَانَتْ تَخَافُ أَنْ يَكُونَ فِيَّ ذَاتُ الْجَنْبِ؟ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَ عَلَيَّ ذَاتُ الْجَنْبِ. لا يَبْقَى فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلا لُدُّ كَمَا لَدَدْنَنِي غَيْرُ عَمِّيَ الْعَبَّاسُ! فَوَثَبَ النِّسَاءُ يَلِدُّ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ. يَعْنِي ابْنَ عُرْوَةَ. عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَتْ تَأْخُذُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخَاصِرَةُ فَاشْتَدَّتْ بِهِ جِدًّا وَأَخَذَتْهُ يَوْمًا فَأُغْمِيَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ عَلَى الْفِرَاشِ فَلَدَدْنَاهُ. فَلَمَّا أَفَاقَ عَرَفَ أَنَا قَدْ لَدَدْنَاهُ فَقَالَ: كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ كَانَ يُسَلِّطُ عَلَيَّ ذَاتَ الْجَنْبِ؟ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَجْعَلَ لَهَا عَلَيَّ سُلْطَانًا. وَاللَّهِ لا يَبْقَى فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلا لَدَدْتُمُوهُ إِلا عَمِّيَ الْعَبَّاسُ. قَالَتْ: فَمَا بَقِيَ فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلا لُدَّ. فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنْ بَعْضِ نِسَائِهِ تَقُولُ: أَنَا صَائِمَةٌ! قَالُوا: تَرَيْنَ أَنَّا نَدَعُكِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يَبْقَى أَحَدٌ فِي الْبَيْتِ إِلا لُدَّ؟ فَلَدَدْنَاهَا وَهِيَ صَائِمَةٌ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الأَبْيَضِ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ أم سلمة قَالَتْ: بُدِئَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَجَعِهِ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ. فَكَانَ إِذَا خُفَّ عَنْهُ مَا يَجِدُ خَرَجَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ. فَإِذَا وَجَدَ ثَقْلَةً قَالَ: مُرُوا النَّاسَ فَلْيُصَلُّوا! فَتَخَوَّفْنَا عَلَيْهِ ذَاتَ الْجَنْبِ وَثَقُلَ فَلَدَدْنَاهُ فَوَجَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُشُونَةَ اللُّدِّ فَأَفَاقَ فَقَالَ: مَا صَنَعْتُمْ بِي؟ قَالُوا: لَدَدْنَاكَ! قَالَ: بِمَاذَا؟ قُلْنَا: بِالْعُودِ الْهِنْدِيِّ وَشَيْءٍ مِنْ وَرْسٍ وَقَطَرَاتِ زَيْتٍ. فَقَالَ: مَنْ أَمَرَكُمْ بِهَذَا؟ قَالُوا أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ.
قَالَ: هَذَا طِبٌّ أَصَابَتْهُ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ. لا يَبْقَى أَحَدٌ فِي الْبَيْتِ إِلا الْتَدَّ إِلا مَا كَانَ مِنْ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ. يَعْنِي الْعَبَّاسَ. ثُمَّ قَالَ: مَا الَّذِي كُنْتُمْ تَخَافُونَ عَلَيَّ؟ قَالُوا: ذات(2/181)
الْجَنْبِ. قَالَ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطُهَا عَلَيَّ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَخْنَسِيِّ قَالَ: دَخَلَتْ أُمُّ بِشْرِ بْنِ الْبَرَاءِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مرضه فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا [وَجَدْتُ مِثْلَ هَذِهِ الْحُمَّى الَّتِي عَلَيْكَ عَلَى أَحَدٍ! فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا: يُضَاعَفُ لَنَا الْبَلاءُ كَمَا يُضَاعَفُ لَنَا الأَجْرُ! مَا يَقُولُ النَّاسُ؟ قَالَتْ: قُلْتُ يَقُولُونَ بِهِ ذَاتُ الجنب.
فقال رسول الله. ص: مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطُهَا عَلَى رَسُولِهِ. إِنَّهَا هُمَزَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ وَلَكِنَّهَا مِنَ الأُكْلَةِ الَّتِي أَكَلْتُهَا أَنَا وَابْنُكِ هَذَا أَوَانَ قَطَعَتْ أَبْهَرِي] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ وَجَعُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَدُّوهُ فَقَالَ: مَنْ أَمَرَكُمْ بِهَذَا؟ أَخِفْتُمْ أَنْ تَكُونَ بِي ذَاتُ الْجَنْبِ؟ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطُهَا عَلَيَّ.
أَمَرَتْكُمْ بِهَذَا أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ جَاءَتْ بِهِ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ. لا يَبْقَى فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلا الْتَدَّ إِلا عَمِّيَ الْعَبَّاسُ. قَالَ: فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَلِدُّ بَعْضًا] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: كَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ هُمَا لَدَّتَاهُ. قَالَ: فَالْتَدَّتْ يَوْمَئِذٍ مَيْمُونَةُ وَهِيَ صَائِمَةٌ لِقَسَمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَأَنَّهُ مِنْهُ عُقُوبَةٌ لَهُمْ.
ذِكْرُ الدَّنَانِيرِ الَّتِي قَسَمَهَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الَّذِي مات فِيهِ
[أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ أَبُو نُعَيْمٍ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ. حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ قَالَتْ: أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَنَانِيرَ فَقَسَمَهَا إِلا سِتَّةً فَدَفَعَ السِّتَّةَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ فَلَمْ يَأْخُذْهُ النَّوْمُ حَتَّى قَالَ: مَا فَعَلَتِ السِّتَّةُ؟ قَالُوا:
دَفَعْتَهَا إِلَى فُلانَةَ! قَالَ: ائْتُونِي بِهَا. فَقَسَمَ مِنْهَا خَمْسَةً فِي خَمْسَةِ أَبْيَاتٍ مِنَ الأَنْصَارِ ثُمَّ قَالَ: اسْتَنْفِقُوا هَذَا الْبَاقِيَ. وَقَالَ: الآنَ اسْتَرَحْتُ! فَرْقَدَ] .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْحَارِثِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَائِشَةَ وَهِيَ مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِهَا: يَا عَائِشَةُ مَا فَعَلَتْ تِلْكَ الذَّهَبُ؟ قَالَتْ: هِيَ(2/182)
عِنْدِي. قَالَ: فَأَنْفِقِيهَا! ثُمَّ غُشِيَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَلَى صدرها. فلما أفاق قال: أأنفقت تِلْكَ الذَّهَبَ يَا عَائِشَةُ؟ قَالَتْ: لا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَتْ: فَدَعَا بِهَا فَوَضَعَهَا فِي كَفِّهِ فَعَدَّهَا فَإِذَا هِيَ سِتَّةُ دَنَانِيرَ. فَقَالَ: مَا ظَنُّ مُحَمَّدٍ بِرَبِّهِ أَنْ لَوْ لَقِيَ اللَّهَ وَهَذِهِ عِنْدَهُ؟ فَأَنْفَقَهَا كُلَّهَا وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ] .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ. أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ يَحْيَى. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَحْسِبُهُ الزُّبَيْرِيَّ. عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: والذي نفس محمد بيده لو أُحُدًا ذَاكُمْ عِنْدِي ذَهَبًا لأَحْبَبْتُ أَنْ لا تأتي عَلَيْهِ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ وَأَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهُ مِنِّي صَدَقَةً إِلا شَيْءٌ أَرْصُدُهُ فِي دَيْنٍ عَلَيَّ] .
[أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ.
أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ صَلاةِ الْعَصْرِ فَأَسْرَعَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ أَحَدٌ فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ. فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهِمْ عَرَفَ مَا فِي وُجُوهِهِمْ فَقَالَ: كَانَ عِنْدِي تِبْرٌ فِي الْبَيْتِ فَكَرِهْتُ أَنْ أُبَيِّتَهُ عِنْدِي فَأَمَرْتُ بِقَسْمِهِ] .
[أخبرنا هوذة بن خليفة. أخبرنا عوف عن الْحَسَنِ قَالَ: أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يَوْمًا فَعُرِفَ فِي وَجْهِهِ أَنَّهُ بَاتَ قَدْ أَهَمَّهُ أَمَرٌ. قَالَ فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَسْتَنْكِرُ وَجْهَكَ فَإِنَّكَ قَدْ أَهَمَّكَ اللَّيْلَةَ أَمْرٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: ذاك أُوقِيَّتَيْنِ مِنْ ذَهَبِ الصَّدَقَةِ بَاتَتَا عِنْدِي لَمْ أَكُنْ وَجَّهْتُهُمَا] .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ: مَا فَعَلَتِ الأَذْهُبُ؟ فَقُلْتُ: هِيَ عِنْدِي يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: ائْتِينِي بِهَا وهي بَيْنَ السَّبْعَةِ وَالْخَمْسَةِ.
فَجَعَلَهَا فِي كَفِّهِ ثُمَّ قَالَ: مَا ظَنُّ مُحَمَّدٍ بِاللَّهِ لَوْ لَقِيَ اللَّهَ وَهَذِهِ عِنْدَهُ؟ أَنْفِقِيهَا] .
[أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ الْبَجَلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: يَا عَائِشَةُ هَلُمِّي تِلْكَ الذَّهَبَ! قَالَتْ: فَأَتَيْتُهُ بِهَا. وَهِيَ أَحَدُ الْعَدَدَيْنِ تِسْعَةٍ أَوْ سَبْعَةٍ.
فَأَخَذَهَا بِيَدِهِ فَقَالَ: مَا ظَنُّ مُحَمَّدٍ لَوْ لَقِيَ اللَّهَ وَهَذِهِ عِنْدَهُ؟] .
[أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ.
أَوْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ شَكَّ يَعْقُوبُ. عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَمَانِيَةَ(2/183)
دَرَاهِمَ بَعْدَ أَنْ أَمْسَيْنَا فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا وَقَاعِدًا لا يَأْتِيهِ النَّوْمُ حَتَّى سَمِعَ سَائِلا يَسْأَلُ فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِي فَمَا عَدَا أَنْ دَخَلَ فَسَمِعْتُ غَطِيطَهُ. فَلَمَّا أَصْبَحَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُكُ أَوَّلَ اللَّيْلِ قَائِمًا وَقَاعِدًا لا يَأْتِيكُ النَّوْمُ حَتَّى خَرَجْتَ مِنْ عِنْدِي فَمَا عَدَا أَنْ دَخَلْتَ فَسَمِعْتُ غَطِيطَكَ! قَالَ: أَجَلْ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ بَعْدَ أَنْ أَمْسَى. فَمَا ظَنُّ رَسُولِ اللَّهِ أَنْ لَوْ لَقِيَ اللَّهَ وَهِيَ عِنْدَهُ؟] .
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عن أبي حازم عن سهل ابن سَعْدٍ قَالَ: كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَةُ دَنَانِيرَ وَضَعَهَا عِنْدَ عَائِشَةَ. فَلَمَّا كَانَ فِي مَرَضِهِ قَالَ: يَا عَائِشَةُ ابْعَثِي بِالذَّهَبِ إِلَى عَلِيٍّ. ثُمَّ أُغْمِيَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وَشَغَلَ عَائِشَةَ مَا بِهِ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. كُلَّ ذَلِكَ يُغْمَى عَلَى رَسُولِ الله.
ص. وَيَشْغَلُ عَائِشَةَ مَا بِهِ فَبَعَثَتْ. يَعْنِي بِهِ. إِلَى عَلِيٍّ فَتَصَدَّقَ بِهِ. ثُمَّ أَمْسَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الاثْنَيْنِ فِي جَدِيدِ الْمَوْتِ فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ إِلَى امْرَأَةٍ مِنَ النِّسَاءِ بِمِصْبَاحِهَا فَقَالَتْ: اقْطُرِي لَنَا فِي مِصْبَاحِنَا مِنْ عُكَّتِكِ السَّمْنَ. فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَمْسَى فِي جَدِيدِ الْمَوْتِ.
ذِكْرُ الْكَنِيسَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَزْوَاجُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مرضه وما قَالَ فِي ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة: أن نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تذاكران عِنْدَهُ فِي مَرَضِهِ كَنِيسَةً بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ يُقَالُ لَهَا مَارِيَةُ.
فَذَكَرْنَ مِنْ حُسْنِهَا وَتَصَاوِيرِهَا. وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَأُمُّ حَبِيبَةَ قَدْ أَتَتَا أَرْضَ الحبشة. فقال رسول الله. ص: أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بنوا على قبره مسجدا ثم صوروا فيه تِلْكَ الصُّوَرِ. أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ] «1» !.
[أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ: أَنَّ عَائِشَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسً قَالا:
لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَفِقَ يُلْقِي خَمِيصَةً على وجهه. فإذا اغتم كشفها عن
__________
(1) انظر: [صحيح البخاري (1/ 118) ، وفتح الباري (1/ 531) ، ومصنف ابن أبي شيبة (2/ 344) .(2/184)
وَجْهِهِ فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى! اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ. يُحَذِّرُهُمْ مِثْلَ مَا صَنَعُوا] «1» .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ. أَخْبَرَنَا جُنْدُبٌ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أَنْ يُتَوَفَّى بِخَمْسٍ يَقُولُ: أَلا إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ. فَلا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ] «2» .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ: أَنَّهُ كَانَ فِي آخِرِ مَا عَهِدَ من رسول الله.
ص. أَنْ قَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ! اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ] «3» .
[أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - قال فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى! اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ. لا يَبْقَيَنَّ دِينَانِ بِأَرْضِ الْعَرَبِ] «4» .
[أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ! اشْتَدَّ غضب الله
__________
(1) انظر: [صحيح البخاري (4/ 206) ، (6/ 14) ، (7/ 109) ، وصحيح مسلم، الباب (3) ، حديث (222) من المساجد، وسنن النسائي، الباب (13) مساجد، ومسند أحمد (6/ 275، 299) ، ودلائل النبوة (7/ 203) ، والبداية والنهاية (5/ 238) ] .
(2) انظر: [كنز العمال (19193) ] .
(3) انظر: [صحيح البخاري (1/ 119) ، وصحيح مسلم الباب (3) حديث (20) من المساجد، وسنن أبي داود الباب (76) من الجنائز، وسنن الترمذي (226) ، (782) ، (1241) ، ومسند أحمد (2/ 396) ، (5/ 186، 284) ، والسنن الكبرى (4/ 80) ، وفتح الباري (1/ 532) ] .
(4) انظر: [سنن الترمذي (813) ، مسند أحمد (2/ 285، 454، 518) ، والسنن الكبرى (6/ 135) ، (9/ 208) ، ودلائل النبوة (7/ 204) ، والدر المنثور (3/ 227) ، والبداية والنهاية (5/ 238) ] .(2/185)
عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ!] » .
[أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ هِلالِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ الْوَزَّانِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى! فَإِنَّهُمُ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ فَلَوْلا ذَلِكَ لَمْ يَزُورُوا قَبْرَهُ. وَلَكِنَّهُ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا] «2» .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: ائْتَمَرُوا أَنْ يَدْفِنُوهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ وَاضِعًا رَأْسَهُ فِي حِجْرِي إِذْ قَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ أَقْوَامًا اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ. وَاجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ أَنْ يَدْفِنُوهُ حَيْثُ قُبِضَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ] .
[أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: إِنَّ أَحْدَثَ عَهْدِي بِنَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ وَفَاتِهِ بِخَمْسٍ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنَّهُ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اتَّخَذُوا بُيُوتَهُمْ قُبُورًا. أَلا وَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ! أَلا هَلْ بَلَّغْتُ؟ اللَّهُمَّ اشْهَدْ.
اللَّهُمَّ اشْهَدْ!] .
[أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ كُلْثُومٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَوَجَدْنَاهُ قَائِمًا قَدْ غَطَّى وَجْهَهُ بِبُرْدٍ عَدَنِيٍّ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ! يُحَرِّمُونَ الشُّحُومَ وَيَأْكُلُونَ أَثْمَانَهَا] .
[أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ. يَعْنِي ابْنَ عُيَيْنَةَ. أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا! لَعَنَ اللَّهُ قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد] .
__________
(1) انظر: [مسند أحمد (2/ 246) ، ومشكاة المصابيح (750) ، والشفا (2/ 197، 206) ، ومصنف عبد الرزاق (1587) ، ومسند الحميدي (1025) ] .
(2) انظر: [صحيح البخاري (1/ 116) ، (2/ 111، 128) ، (6/ 13) ، وصحيح مسلم، الباب (3) ، حديث (19) ، (21) من المساجد، ومسند أحمد (1/ 218، 518) ، (5/ 204) ، (6/ 34) ، 121، 255) ، ودلائل النبوة (7/ 264) ، وفتح الباري (8/ 140) ] .(2/186)
ذكر الكتاب الذي أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَكْتُبَهُ لأُمَّتِهِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مات فِيهِ
[أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ. يَعْنِي الأَعْمَشَ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اشْتَكَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْخَمِيسِ فَجَعَلَ. يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ. يَبْكِي وَيَقُولُ يَوْمُ الْخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ! اشْتَدَّ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَعُهُ فَقَالَ: ائْتُونِي بِدَوَاةٍ وَصَحِيفَةٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا. قَالَ: فَقَالَ بَعْضُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ لَيَهْجُرُ! قَالَ فَقِيلَ لَهُ: أَلا نأتيك بما طلبت؟ قال: أوبعد مَاذَا؟ قَالَ: فَلَمْ يَدْعُ بِهِ] .
[أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ خَالِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَوْمُ الْخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ! قَالَ: اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَعُهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَقَالَ: ائْتُونِي بِدَوَاةٍ وَصَحِيفَةٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا. فَتَنَازَعُوا وَلا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ. فَقَالُوا: مَا شَأْنُهُ. أَهَجَرَ؟
اسْتَفْهِمُوهُ! فَذَهَبُوا يُعِيدُونَ عَلَيْهِ فَقَالَ: دَعُونِي فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَأَوْصَى بِثَلاثٍ. قَالَ: أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ. وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوٍ مِمَّا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ. وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ فَلا أَدْرِي قَالَهَا فَنَسِيتُهَا أَوْ سَكَتَ عَنْهَا عَمْدًا] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. حَدَّثَنِي قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ.
أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: لَمَّا كَانَ فِي مَرِضِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ دَعَا بِصَحِيفَةٍ لِيَكْتُبَ فِيهَا لأُمَّتِهِ كِتَابًا لا يَضِلُّونَ وَلا يَضِلُّونَ. قَالَ: فَكَانَ فِي الْبَيْتِ لَغَطٌ وَكَلامٌ وَتَكَلَّمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ فَرَفَضَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ. أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ الْفَضْلِ الْعَبْدِيُّ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ يَزِيدَ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما ثَقُلَ قَالَ: يَا عَلِيُّ ائْتِنِي بِطَبَقٍ أَكْتُبُ فِيهِ مَا لا تَضِلُّ أُمَّتِي بَعْدِي. قَالَ: فَخَشِيتُ أَنْ تَسْبِقَنِيَ نَفْسُهُ فَقُلْتُ إِنِّي أَحْفَظُ ذِرَاعًا مِنَ الصَّحِيفَةِ. قَالَ: فَكَانَ رَأْسُهُ بَيْنَ ذِرَاعِي وَعَضُدِي فَجَعَلَ يُوصِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَمَا ملكت إيمانكم. قال: كذلك حتى فاظت نفسه وأمر بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله حتى فاظت نَفْسُهُ. مَنْ شَهِدَ بِهِمَا حُرِّمَ عَلَى النَّارِ] .
أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ قَالَ: سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ مُصَرِّفٍ(2/187)
[يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ يَقُولُ يَوْمُ الْخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ! قَالَ: وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى دُمُوعِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى خَدِّهِ كَأَنَّهَا نِظَامُ اللُّؤْلُؤِ! قال قال رسول الله. ص: ائْتُونِي بِالْكَتِفِ وَالدَّوَاةِ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا. قَالَ فَقَالُوا: إِنَّمَا يَهْجُرُ رسول الله. ص] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَنَا وَبَيْنَ النساء حجاب. فقال رسول الله. ص: اغْسِلُونِي بِسَبْعِ قِرَبٍ وَأْتُونِي بِصَحِيفَةٍ وَدَوَاةٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا! فَقَالَ النِّسْوَةُ: ائْتُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَاجَتِهِ. قَالَ عُمَرُ: فَقُلْتُ اسْكُتْنَ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُهُ إِذَا مَرِضَ عَصَرْتُنَّ أَعْيُنَكُنَّ وَإِذَا صَحَّ أخذتن بعنقه! فقال رسول الله.
ص: هُنَّ خَيْرٌ مِنْكُمْ!] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ:
دَعَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ مَوْتِهِ بِصَحِيفَةٍ لِيَكْتُبَ فِيهَا كِتَابًا لأُمَّتِهِ لا يَضِلُّوا وَلا يُضَلُّوا فَلَغَطُوا عنده حتى رفضها النبي. ص] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ وَمَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ رسول الله.
ص. الْوَفَاةُ وَفِي الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الخطاب. فقال رسول الله. ص: هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ! فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غَلَبَهُ الْوَجَعُ وَعِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ.
حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ! فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ وَاخْتَصَمُوا. فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَالَ عُمَرُ. فَلَمَّا كَثُرَ اللَّغَطُ وَالاخْتِلافُ وَغَمُّوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: قُومُوا عَنِّي! فقال عبيد الله بن عبد اللَّهِ فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: الرَّزِيَّةُ كُلُّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ مِنَ اخْتِلافِهِمْ وَلَغَطِهِمْ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ:
ائْتُونِي بِدَوَاةٍ وَصَحِيفَةٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا! فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ:
مَنْ لِفُلانَةَ وَفُلانَةَ مَدَائِنَ الرُّومِ؟ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَيْسَ بِمَيِّتٍ حَتَّى نَفْتَتِحَهَا وَلَوْ مَاتَ لانْتَظَرْنَاهُ كَمَا انْتَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ مُوسَى! فَقَالَتْ زَيْنَبُ زوج النبي. ص: ألا(2/188)
تَسْمَعُونَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْهَدُ إِلَيْكُمْ؟ فَلَغَطُوا فَقَالَ: قُومُوا! فَلَمَّا قَامُوا قُبِضَ النبي.
ص. مَكَانَهُ.
ذِكْرُ مَا قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَرَجَ مِنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَقَالَ النَّاسُ: يَا أَبَا حَسَنٍ كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ. ص؟ قَالَ: أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا! قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
فَأَخَذَ بِيَدِهِ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: أَلا تَرَى؟ أَنْتَ وَاللَّهِ بَعْدَ ثَلاثٍ عبد العصا! إني والله لأرى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سَيُتَوَفَّى فِي وَجَعِهِ هَذَا. إِنِّي أَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَاذْهَبْ بِنَا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَلْنَسْأَلْهُ فِيمَنْ هَذَا الأَمْرُ مِنْ بَعْدِهِ. فَإِنْ كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِنَا كَلَّمْنَاهُ فَأَوْصَى بِنَا! فَقَالَ عَلِيٌّ: وَاللَّهِ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنَعَنَاهَا لا يُعْطِيَنَّاهَا الناس أبدا فو الله لا نَسْأَلُهُ أَبَدًا!] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعَلِيٍّ فِي الْمَرَضِ الَّذِي قُبِضَ فيه. يعني النبي.
ص: إِنِّي أَكَادُ أَعْرِفُ فِيهِ الْمَوْتَ. فَانْطَلِقْ بِنَا إِلَيْهِ فَنَسْأَلْهُ مَنْ يَسْتَخْلِفُ. فَإِنِ اسْتَخْلَفَ مِنَّا فذاك. وإلا أوصى بنا فَحَفَظَنَا مَنْ بَعْدَهُ! فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عِنْدَ ذَلِكَ مَا قَالَ. فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَلِيٍّ: ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ تُبَايِعْكَ النَّاسُ! فَقَبَضَ الآخَرُ يَدَهُ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عُقْبَةَ اللَّيْثِيُّ عَنْ شُعْبَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَرْسَلَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَجَمَعَهُمْ عِنْدَهُ. قَالَ وَكَانَ عَلِيُّ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةٍ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بِهَا. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا ابْنَ أَخِي إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَأْيَا لَمْ أُحِبُّ أَنْ أَقْطَعَ فِيهِ شَيْئًا حَتَّى أَسْتَشِيرَكَ. فَقَالَ عَلِيٌّ: وَمَا هُوَ؟
قَالَ: نَدْخُلُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَسْأَلُهُ إِلَى مَنْ هَذَا الأَمْرُ مِنْ بَعْدِهِ. فَإِنْ كَانَ فِينَا لَمْ نُسَلِّمْهُ وَاللَّهِ مَا بَقِيَ مِنَّا فِي الأَرْضِ طَارِفٌ. وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِنَا لَمْ نَطْلُبْهَا بَعْدَهُ أَبَدًا! فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا عَمِّ وَهَلْ هَذَا الأَمْرُ إِلا إِلَيْكَ؟ وَهَلْ مِنْ أَحَدٍ يُنَازِعُكُمْ فِي هَذَا الأَمْرِ؟ قَالَ:
فَتَفَرَّقُوا وَلَمْ يَدْخُلُوا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -](2/189)
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ:
جَاءَ الْعَبَّاسُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: مَا تُرِيدُ؟ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَسْتَخْلِفَ مِنَّا خَلِيفَةً. فَقَالَ عَلِيُّ: لا تَفْعَلْ! قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: أَخْشَى أَنْ يَقُولَ لا. فَإِذَا ابْتَغَيْنَا ذَلِكَ مِنَ النَّاسِ قَالُوا أَلَيْسَ قَدْ أَبَى رَسُولُ اللَّهِ. ص؟] [أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنٍ يُحَدِّثُ عَمِّيَ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: حدثني فَاطِمَةُ بِنْتُ حُسَيْنٍ قَالَتْ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْعَبَّاسُ: يَا عَلِيُّ قُمْ حَتَّى أُبَايِعَكَ وَمَنْ حَضَرَ فَإِنَّ هَذَا الأَمْرَ إِذَا كَانَ لَمْ يُرَدُّ مِثْلُهُ وَالأَمْرُ فِي أَيْدِينَا. فَقَالَ عَلِيٌّ: وَأَحَدٌ؟ يَعْنِي يَطْمَعُ فِيهِ غَيْرُنَا. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: أَظُنُّ وَاللَّهِ سَيَكُونُ! فَلَمَّا بُويِعَ لأَبِي بَكْرٍ وَرَجَعُوا إِلَى الْمَسْجِدِ فَسَمِعَ عَلِيٌّ التَّكْبِيرَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: هَذَا مَا دَعَوْتُكَ إِلَيْهِ فَأَبَيْتَ عَلَيَّ! فَقَالَ عَلِيٌّ:
أَيَكُونُ هَذَا؟ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: مَا رُدَّ مِثْلُ هَذَا قَطُّ! فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ تُوُفِّيَ وَتَخَلَّفَ عِنْدَهُ عَلِيُّ وَعَبَّاسٌ وَالزُّبَيْرُ. فَذَلِكَ حِينَ قَالَ عَبَّاسٌ هَذِهِ الْمَقَالَةَ.]
ذِكْرُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَاطِمَةَ ابْنَتِهِ فِي مَرَضِهِ. صلوات اللَّه عليهما وسلامه
[أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا فَاطِمَةَ ابْنَتَهُ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَسَارَّهَا بِشَيْءٍ فَبَكَتْ. ثم دعاها فَسَارَّهَا فَضَحِكَتْ. قَالَ: فَسَأَلْتُهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ: أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ يُقْبَضُ فِي وَجَعِهِ هَذَا فَبَكَيْتُ. ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَنِّي أَوَّلُ أَهْلِهِ لَحَاقًا بِهِ فَضَحِكْتُ] .
[أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ أَبُو نُعَيْمٍ. أَخْبَرَنَا زكرياء بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ فِرَاسِ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ جالسة عند رسول الله.
ص. فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِشْيَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَرْحَبًا بِابْنَتِي! فَأَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا شَيْئًا فَبَكَتْ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا فَضَحِكَتْ.
قَالَتْ قُلْتُ: مَا رَأَيْتُ ضَحِكًا أَقْرَبَ مِنْ بُكَاءٍ. أَاسْتَخَصَّكِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَدِيثِهِ ثُمَّ(2/190)
تَبْكِينَ؟ قُلْتُ: أَيُّ شَيْءٍ أَسَرَّ إِلَيْكِ رَسُولُ الله. ص؟ قَالَتْ: مَا كُنْتُ لأُفْشِيَ سَرَّهُ! فَلَمَّا قُبِضَ سَأَلْتُهَا فَقَالَتْ: قَالَ: إِنَّ جَبْرَائِيلَ كَانَ يَأْتِينِي كُلَّ عَامٍ فَيُعَارِضَنِي بِالْقُرْآنِ مَرَّةً وَإِنَّهُ أَتَانِي الْعَامَ فَعَارَضَنِي مَرَّتَيْنِ. وَلا أَظُنُّ إِلا أَجَلِي قَدْ حَضَرَ وَنِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ! قَالَتْ وَقَالَ: أَنْتِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِي لَحَاقًا بِي. قَالَتْ: فَبَكَيْتُ لِذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ: أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِيَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ أَوْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ؟ قَالَتْ: فَضَحِكْتُ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ: لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دعا فَاطِمَةَ فَنَاجَاهَا فَبَكَتْ. ثُمَّ نَاجَاهَا فَضَحِكَتْ. فَلَمْ أَسْأَلْهَا حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلْتُ فَاطِمَةَ عَنْ بُكَائِهَا وَضَحِكِهَا فَقَالَتْ: أَخْبَرَنِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ يموت. ثم أخبرني أني سيدة نساء أَهْلِ الْجَنَّةِ بَعْدَ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ فَلِذَلِكَ ضَحِكْتُ.]
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عن أبي جعفر قال: ما رأيت فاطمة. ع. ضَاحَكَةً بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلا أَنَّهُ قَدْ تُمُودِي بِطَرَفِ فِيهَا.
ذِكْرُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ لأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. رَحِمَهُ اللَّه
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ بَعَثَ أُسَامَةَ وَأَمَرَهُ أَنْ يُوطِئَ الْخَيْلَ نَحْوَ الْبَلْقَاءِ حَيْثُ قُتِلَ أَبُوهُ وَجَعْفَرٌ. فَجَعَلَ أُسَامَةُ وَأَصْحَابُهُ يَتَجَهَّزُونَ وَقَدْ عَسْكَرَ بِالْجُرْفِ. فَاشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ رَاحَةً فَخَرَجَ عَاصِبًا رَأْسَهُ فَقَالَ:
أَيُّهَا النَّاسُ! أَنْفِذُوا بَعْثَ أُسَامَةَ! ثَلاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ دَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتُعِزَّ به فتوفي رسول الله. ص] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَلَغَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُ النَّاسِ اسْتَعْمَلَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! أَنْفِذُوا بَعْثَ أُسَامَةَ! فَلَعَمْرِي لَئِنْ قُلْتُمْ فِي إِمَارَتِهِ لَقَدْ قُلْتُمْ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ. وَإِنَّهُ لَخَلِيقٌ بِالإِمَارَةِ وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ لَخَلِيقًا بِهَا! قَالَ: فَخَرَجَ(2/191)
جَيْشُ أُسَامَةَ حَتَّى عَسْكَرُوا بِالْجُرْفِ وَتَتَامَّ النَّاسُ إِلَيْهِ فَخَرَجُوا وَثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَأَقَامَ أُسَامَةُ وَالنَّاسُ يَنْتَظِرُونَ مَا اللَّهُ قَاضٍ فِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أُسَامَةُ: فَلَمَّا ثَقُلَ هَبَطْتُ مِنْ مُعَسْكَرِي وَهَبَطَ النَّاسُ مَعِي وَقَدْ أُغْمِيَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَلا يَتَكَلَّمُ فَجَعَلَ يَرْفَعُ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ يُصُبُّهَا عَلَيَّ فَأَعْرِفُ أَنَّهُ يَدْعُو لِي] .
[حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ سَرِيَّةً فيهم أبو بكر وعمر استعمل عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ.
فَكَانَ النَّاسُ طَعَنُوا فِيهِ أَيْ فِي صِغَرِهِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ طَعَنُوا فِي إِمَارَةِ أُسَامَةَ وَقَدْ كَانُوا طَعَنُوا فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ. وَإِنَّهُمَا لَخَلِيقَانِ لَهَا وَإِنَّهُ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ آلا! فَأُوصِيكُمْ بِأُسَامَةَ خَيْرًا] .
[أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالا: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْحَارِثِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ وَأَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أنس جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْثًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إِمَارَتِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ! وَأَيْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلإِمَارَةِ. وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ. وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ!] .
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ وَأَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ جَمِيعًا عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ. حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين أَمَّرَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ. فَبَلَغَهُ أَنَّ النَّاسَ عَابُوا أُسَامَةَ وَطَعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّاسِ فَقَالَ كَمَا حَدَّثَنِي سَالِمٌ: أَلا إِنَّكُمْ تَعِيبُونَ أُسَامَةَ وَتَطْعَنُونَ فِي إِمَارَتِهِ وَقَدْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ بِأَبِيهِ مِنْ قَبْلُ! وَأَيْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلإِمَارَةِ وَإِنْ كَانَ لأَحَبُّ النَّاسِ كُلِّهِمْ إِلَيَّ وَإِنَّ ابْنَهُ هَذَا مِنْ بَعْدِهِ لأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ فَاسْتَوْصُوا بِهِ خَيْرًا فَإِنَّهُ مِنْ خِيَارِكُمْ! قَالَ سَالِمٌ: مَا سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ قَطُّ إِلا قَالَ: مَا حَاشَا فاطمة.](2/192)
ذِكْرُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مرضه الذي مات فيه للأنصار. رحمهم اللَّه
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَصُبَّ عَلَيْهِ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ مِنْ سَبْعِ آبَارٍ فَفَعَلْنَا. فَلَمَّا اغْتَسَلَ وَجَدَ الرَّاحَةَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ ثُمَّ خَطَبَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لِلشُّهَدَاءِ مِنْ أَصْحَابِ أُحُدٍ وَدَعَا لَهُمْ. ثُمَّ أَوْصَى بِالأَنْصَارِ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ! إِنَّكُمْ أَصْبَحْتُمْ تَزِيدُونَ وَأَصْبَحَتِ الأَنْصَارُ لا تَزِيدُ عَلَى هَيْئَتِهَا الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا! الْيَوْمَ هُمْ عَيْبَتِي الَّتِي أَوَيْتُ إِلَيْهَا. أَكْرِمُوا كَرِيمَهُمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ!.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ. ص: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ عَاصِبًا رَأْسَهُ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ! إِنَّكُمْ أَصْبَحْتُمْ تَزِيدُونَ وَأَصْبَحَتِ الأَنْصَارُ لا تَزِيدُ عَلَى هَيْئَتِهَا الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا الْيَوْمَ. وَإِنَّ الأَنْصَارَ عَيْبَتِي الَّتِي أَوَيْتُ إِلَيْهَا. فَأَكْرِمُوا كَرِيمَهُمْ وَأَحْسِنُوا إِلَى مُحْسِنِهِمْ!] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خرج رسول الله.
ص. وَالنَّاسُ مُسْتَكِفُّونَ يَتَخَبَّرُونَ عَنْهُ. فَخَرَجَ مُشْتَمِلا قَدْ طَرَحَ طَرَفَيْ ثَوْبِهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ عَاصِبًا رَأْسَهُ بِعِصَابَةٍ بَيْضَاءَ. فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَثَابَ النَّاسُ إِلَيْهِ حَتَّى امْتَلأَ الْمَسْجِدُ.
قَالَ فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى إذا فَرَغَ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الأَنْصَارَ عَيْبَتِي وَنَعْلِي وَكِرْشِي الَّتِي آكُلُ فِيهَا فَاحْفَظُونِي فِيهِمُ! اقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ!] .
[أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ مُرَّةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ: إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ تَرِكَةٌ أَوْ ضَيْعَةٌ. وَإِنَّ الأَنْصَارَ تَرِكَتِي أَوْ ضَيْعَتِي. وَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَيَقِلُّونَ فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَاعْفُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ!] .
[أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ. أَخْبَرَنَا زكرياء بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: إِنَّ عَيْبَتِي الَّتِي آوِي إِلَيْهَا أَهْلُ(2/193)
بَيْتِي. وَإِنَّ الأَنْصَارَ كَرِشِي فَاعْفُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ وَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ!] .
[أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله. ص: إِنَّ عَيْبَتِي الَّتِي آوِي إِلَيْهَا أَهْلُ بَيْتِي. وَإِنَّ كَرِشِيَ الأَنْصَارُ فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ!] .
[أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَهِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قالوا:
أخبرنا عبد الرحمن بن سليمان ابن الْغِسِّيلِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فِي حَدِيثِهِ: أُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقِيلَ لَهُ هَذِهِ الأَنْصَارُ فِي الْمَسْجِدِ نِسَاؤُهَا وَرِجَالُهَا يَبْكُونَ عَلَيْكَ! قَالَ: وَمَا يُبْكِيهِمْ؟ قَالُوا: يَخَافُونَ أَنْ تَمُوتَ! ثُمَّ اجْتَمَعُوا فِي الْحَدِيثِ فَقَالُوا جَمِيعًا فِي حَدِيثِهِمْ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ مُشْتَمِلا مُتَعَطِّفًا عَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ طَارِحًا طَرَفَهَا عَلَى مَنْكَبَيْهِ عَاصِبًا رَأْسَهُ بِعِصَابَةٍ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَسِخَةٍ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو الْوَلِيدِ دَسْمَاءَ. فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ النَّاسِ! إِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَتَقِلُّ الأَنْصَارُ حَتَّى يَكُونُوا كَالْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ. فَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمَرِهِمْ شَيْئًا فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَلْيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ! قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ فِي حَدِيثِهِ: خَرَجَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ. وَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَهُ حَتَّى قبض. ص] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَاصِبٌ رَأْسَهُ فَتَلَقَّتْهُ الأَنْصَارُ بِأَوْلادِهِمْ وَخَدَمِهِمْ فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأُحِبُّكُمْ! إِنَّ الأَنْصَارَ قَدْ قَضَوْا مَا عَلَيْهِمْ وَبَقِيَ مَا عَلَيْكُمْ. فَأَحْسِنُوا إِلَى مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ] .
[أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عاصم الكلابي. أخبرنا أبو الأشهب. أخبرنا الحسن: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ إِنَّكُمْ تَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً! قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: آمُرُكُمْ أَنْ تَصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ] .
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخَذَ عَرِيفَ الأَنْصَارِ فَهَمَّ بِهِ. قَالَ أَنَسٌ: فَقُلْتُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ وَوَصِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الأَنْصَارِ! قَالَ: وَمَا أَوْصَى بِهِ فِيهِمْ؟ قَالَ: قُلْتُ أَوْصَى أَنْ يُقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَأَنْ يُتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ. قَالَ فَتَمَعَّكَ عَلَى فِرَاشِهِ حَتَّى سَقَطَ عَلَى بِسَاطِهِ وَتَمَعَّكَ عَلَيْهِ وَأَلْصَقَ خَدَّهُ عَلَى الْبِسَاطِ وَقَالَ: أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ. أَرْسِلاهُ. أَوْ قَالَ دعاه!(2/194)
ذِكْرُ مَا أَوْصَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مرضه الذي مات فيه
أَخْبَرَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَتْ عَامَّةُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ الصَّلاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ حَتَّى جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُغَرْغِرُ بِهَا فِي صَدْرِهِ وَمَا كَادَ يُفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ مَنْ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَتْ عَامَّةُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُغَرْغِرُ بِنَفْسِهِ الصَّلاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ.
[أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالا: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ سَفِينَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي الْمَوْتِ جَعَلَ يَقُولُ:
الصَّلاةَ الصَّلاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ! قَالَ يَزِيدُ: فَجَعَلَ يَقُولُهَا وَمَا يُفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ.
وَقَالَ عَفَّانُ: فَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ بِهَا وَمَا يُفِيضُ لِسَانُهُ] .
[أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بن زحر عن علي بن يزيد عن الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاعَةً ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: الله اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمُ! أَلْبِسُوا ظُهُورَهُمْ وَأَشْبِعُوا بُطُونَهُمْ وَأَلِينُوا لَهُمُ الْقَوْلَ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخِرَ عَهْدِهِ أَوْصَى أَنْ لا يُتْرَكَ بِأَرْضِ الْعَرَبِ دِينَانِ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى! اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ. لا يَبْقَيَنَّ دِينَانِ بِأَرْضِ الْعَرَبِ] .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ: أَنَّهُ كَانَ فِي آخِرِ مَا عَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَوْصَى بِالرُّهَاوِيِّينَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ الرُّهَاءِ. قَالَ وَأَعْطَاهُمْ مِنْ خَيْرٍ. قَالَ وَجَعَلَ يَقُولُ: لَئِنْ بَقِيتُ لا أَدَعُ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَيْنِ] .
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ. أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ هِزَّانَ بْنِ سَعِيدٍ عن(2/195)
عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالدَّارِيِّينَ وَالرُّهَاوِيِّينَ وَبِالدُّوسِيِّينَ خَيْرًا.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ. أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاثٍ وَهُوَ يَقُولُ: أَلا لا يَمُوتُ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللَّهِ الظَّنَّ] .
[أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَالَ: دَخَلَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ فَقَالَ: يَا فَضْلُ شُدَّ هَذِهِ الْعِصَابَةَ على رأسي. فشدها ثم قال النبي. ص: أَرِنَا يَدَكَ! قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَانْتَهَضَ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُ قَدْ دَنَا مِنِّي حُقُوقٌ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ وَإِنَّمَا أَنَا بِشْرٌ فَأَيُّمَا رَجُلٍ كُنْتُ أَصَبْتُ مِنْ عِرْضِهِ شَيْئًا فَهَذَا عِرْضِي فَلْيَقْتَصَّ! وَأَيُّمَا رَجُلٍ كُنْتُ أَصَبْتُ مِنْ بَشَرِهِ شَيْئًا فَهَذَا بَشَرِي فَلْيَقْتَصَّ! وَأَيُّمَا رَجُلٍ كُنْتُ أَصَبْتُ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا فَهَذَا مَالِي فَلْيَأْخُذْ! وَاعْلَمُوا أَنَّ أَوْلاكُمْ بِي رَجُلٌ كَانَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَأَخَذَهُ أَوْ حَلَّلَنِي فَلَقِيتُ رَبِّي وَأَنَا مُحَلَّلٌ لِي. وَلا يَقُولَنَّ رَجُلٌ إِنِّي أَخَافُ الْعَدَاوَةَ وَالشَّحْنَاءَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَإِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ طَبِيعَتِي وَلا مِنْ خُلُقِي! وَمَنْ غَلَبَتْهُ نَفْسُهُ عَلَى شَيْءٍ فَلْيَسْتَعِنْ بِي حَتَّى أَدْعُوَ لَهُ. فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: أَتَاكَ سَائِلٌ فَأَمَرْتَنِي فَأَعْطَيْتُهُ ثَلاثَةَ دَرَاهِمٍ. قَالَ: صَدَقَ. أَعْطِهَا إِيَّاهُ يَا فَضْلُ! قَالَ: ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَبَخِيلٌ وَإِنِّي لَجَبَانٌ وإني لنؤوم فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُذْهِبَ عَنِّي الْبُخْلَ وَالْجُبْنَ وَالنَّوْمَ! فَدَعَا لَهُ. ثُمَّ قَامَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنِّي لِكَذَا وَإِنِّي لِكَذَا فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُذْهِبَ عَنِّي ذَلِكَ! قَالَ: اذْهَبِي إِلَى مَنْزِلِ عَائِشَةَ. فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى مَنْزِلِ عَائِشَةَ وَضَعَ عَصَاهُ عَلَى رَأْسِهَا ثُمَّ دَعَا لَهَا. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَكَثَتْ تُكْثِرُ السُّجُودَ فَقَالَ:
أَطِيلِي السُّجُودَ فَإِنَّ أَقْرَبَ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنَ اللَّهِ إِذَا كان ساجدا! فقالت عائشة:
فو الله مَا فَارَقَتْنِي حَتَّى عَرَفْتُ دَعْوَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ:
أَيُّهَا النَّاسُ! لا تَعَلَّقُوا عَلَيَّ بِوَاحِدَةٍ. مَا أَحْلَلْتُ إِلا مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَمَا حَرَّمْتُ إِلا مَا حَرَّمَ اللَّهُ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ(2/196)
سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ: أَيُّهَا النَّاسُ! وَاللَّهِ لا تُمْسِكُونَ عَلَيَّ بِشَيْءٍ. إِنِّي لا أُحِلُّ إِلا مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَلا أُحَرِّمُ إِلا مَا حَرَّمَ اللَّهُ! يَا فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ. يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ.
اعْمَلا لِمَا عِنْدَ اللَّهِ. إِنِّي لا أُغْنِي عَنْكُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب قال: قال رسول الله. ص: يَا بَنِي عَبْدَ مَنَافٍ لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا! يَا عَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا! يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ لا أُغْنِي عَنْكِ من الله شيئا! سلوني ما شئتم] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: نَعَى لَنَا نَبِيُّنَا وَحَبِيبُنَا نَفْسَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ. بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي وَنَفْسِي لَهُ الْفِدَاءُ! فَلَمَّا دَنَا الْفِرَاقُ جَمَعَنَا فِي بَيْتِ أَمِّنَا عَائِشَةَ وَتَشَدَّدَ لَنَا فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكُمْ حَيَّاكُمُ اللَّهُ بِالسَّلامِ رَحِمَكُمُ اللَّهُ حَفِظَكُمُ اللَّهُ جَبَرَكُمُ اللَّهُ رَزَقَكُمُ اللَّهُ رفعكم الله نفعكم الله أداكم اللَّهُ وَقَاكُمُ اللَّهُ! أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَأُوصِي اللَّهَ بِكُمْ أَسْتَخْلِفُهُ عَلَيْكُمْ وَأُحَذِّرُكُمُ اللَّهَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ أَلا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ فِي عِبَادِهِ وَبِلادِهِ فَإِنَّهُ قَالَ لِي: وَلَكُمْ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ.
وقال: أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ؟ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى أَجَلُكَ؟ قَالَ: دَنَا الْفِرَاقُ وَالْمُنْقَلَبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى جَنَّةِ الْمَأْوَى وَإِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَإِلَى الرَّفِيقِ الأَعْلَى وَالْكَأْسِ الأَوْفَى وَالْحَظِّ وَالْعَيْشِ الْمُهَنَّى! قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ يُغَسِّلُكَ؟ فَقَالَ:
رِجَالٌ مِنْ أَهْلِي الأَدْنَى فَالأَدْنَى. قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَفِيمَ نُكَفِّنُكَ؟ فَقَالَ: فِي ثِيَابِي هَذِهِ إِنْ شِئْتُمْ أَوْ ثِيَابِ مِصْرَ أَوْ فِي حُلَّةٍ يَمَانِيَّةٍ. قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْكَ؟ وَبَكَيْنَا وَبَكَى فَقَالَ: مَهْلًا رَحِمَكُمُ اللَّهُ وَجَزَاكُمْ عَنْ نَبِيِّكُمْ خَيْرًا! إِذَا أَنْتُمْ غَسَّلْتُمُونِي وَكَفَّنْتُمُونِي فَضَعُونِي عَلَى سَرِيرِي هَذَا عَلَى شَفَةِ قَبْرِي فِي بَيْتِي هَذَا. ثُمَّ اخْرُجُوا عَنِّي سَاعَةً فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيَّ حَبِيبِي وَخَلِيلِي جِبْرِيلُ ثُمَّ مِيكَائِيلُ ثُمَّ إِسْرَافِيلُ ثُمَّ مَلَكُ الْمَوْتِ مَعَهُ جُنُودُهُ مِنَ الْمَلائِكَةِ بِأَجْمَعِهِمْ. ثُمَّ ادْخُلُوا فَوْجًا فَوْجًا فَصَلُّوا عَلَيَّ وَسَلَّمُوا تَسْلِيمًا وَلا تُؤْذُونِي بِتَزْكِيَةٍ وَلا بِرَنَّةٍ. وَلْيَبْتَدِئْ بِالصَّلاةِ عَلَيَّ رِجَالُ أَهْلِي ثُمَّ نِسَاؤُهُمْ ثم أنتم بعد واقرؤوا السلام على من غاب من أصحابي واقرؤوا السَّلامَ عَلَى مَنْ تَبِعَنِي عَلَى دِينِي مِنْ قَوْمِي هَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ! قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنْ(2/197)
يُدْخِلُكَ قَبْرَكَ؟ قَالَ: أَهْلِي مَعَ مَلائِكَةٍ كَثِيرِينَ يَرَوْنَكُمْ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ] .
ذِكْرُ نُزُولِ الْمَوْتِ بِرَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَشْتَكِ شَكْوَى إِلا سَأَلَ اللَّهَ الْعَافِيَةَ حَتَّى كَانَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ.
فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يدعو بالشفاء وطفق يقول: يا نفس ما لك تَلُوذِينَ كُلَّ مَلاذٍ؟] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أَيُّوبُ بْنُ سَيَّارٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
لَمَّا نَزَلَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَوْتُ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَجَعَلَ يَمْسَحُ بِهِ وَجْهَهُ وَيَقُولُ:
اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى كَرْبِ الْمَوْتِ! قَالَ: وَجَعَلَ يَقُولُ: ادْنُ مِنِّي يَا جِبْرِيلُ. ادْنُ مِنِّي يَا جِبْرِيلُ. ثَلاثًا] .
أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ. أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ الْهَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ سَرْجِسٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وهو يَمُوتُ وَعِنْدَهُ قَدَحٌ فِيهِ مَاءٌ وَهُوَ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْقَدَحِ ثُمَّ يَمْسَحُ وَجْهَهُ [بِالْمَاءِ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى سَكَرَاتِ الْمَوْتِ!] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَوْتُ كَانَ عِنْدَهُ قَدَحٌ فِيهِ مَاءٌ يَمْسَحُ يَدَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهَا [وَجْهَهُ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى سَكَرَاتِ الْمَوْتِ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ قَالا: لَمَّا نَزَلَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَوْتُ طَفِقَ يُلْقِي خَمِيصَةً عَلَى وَجْهِهِ فَإِذَا اغْتَمَّ بِهَا أَلْقَاهَا عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى! اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ] .
ذِكْرُ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ قَالَ: حَدَّثُونَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا بَقِيَ مِنْ أَجْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثَ نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا أَحْمَدُ! إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ إِكْرَامًا لَكَ وَتَفْضِيلًا لَكَ وَخَاصَّةً لَكَ يَسْأَلُكَ عَمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكَ.
يَقُولُ لَكَ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: أَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَغْمُومًا وَأَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَكْرُوبًا!(2/198)
فلما كان يوم الثَّانِي هَبَطَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا أَحْمَدُ! إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ إِكْرَامًا لَكَ وَتَفْضِيلًا لَكَ وَخَاصَّةً لَكَ يَسْأَلُكَ عَمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكَ. يَقُولُ لَكَ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟
فَقَالَ: أَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَغْمُومًا وَأَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَكْرُوبًا! فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ وَهَبَطَ مَعَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ وَنَزَلَ مَعَهُ ملك يقال له إسماعيل يسكن الهواء.
ولم يَصْعَدْ إِلَى السَّمَاءِ قَطُّ وَلَمْ يَهْبِطِ إِلَى الأَرْضِ مُنْذُ يَوْمَ كَانَتِ الأَرْضُ عَلَى سَبْعِينَ أَلْفِ مَلَكٍ لَيْسَ مِنْهُمْ مَلَكٌ إِلا عَلَى سَبْعِينَ أَلْفِ مَلَكٍ فَسَبَقَهُمْ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا أَحْمَدُ! إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ إِكْرَامًا لَكَ وَتَفْضِيلًا لَكَ وَخَاصَّةً لَكَ يَسْأَلُكَ عَمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكَ وَيَقُولُ لَكَ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: أَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَغْمُومًا وَأَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَكْرُوبًا! ثُمَّ اسْتَأْذَنَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَالَ جِبْرِيلُ: يَا أَحْمَدُ! هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكَ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْ عَلَى آدَمَيٍّ كَانَ قَبْلَكَ وَلا يَسْتَأْذِنُ عَلَى آدَمَيٍّ بَعْدَكَ. قَالَ: ائْذَنْ لَهُ. فَدَخَلَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَوَقَفَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَا أَحْمَدُ! إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ وَأَمَرَنِي أَنْ أُطِيعَكَ فِي كُلِّ مَا تَأْمُرُنِي. إِنْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَقْبِضَ نَفْسَكَ قَبَضْتُهَا. وَإِنْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَتْرُكَهَا تَرَكْتُهَا! قَالَ: وَتَفْعَلُ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ؟ قَالَ: بِذَلِكَ أُمِرْتُ أَنْ أُطِيعَكَ فِي كُلِّ مَا أَمَرْتَنِي! فَقَالَ جِبْرِيلُ: يَا أَحْمَدُ! إِنَّ اللَّهَ قَدِ اشْتَاقَ إِلَيْكَ! قَالَ:
فَامْضِ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ لَمَّا أُمِرْتَ بِهِ! قَالَ جِبْرِيلُ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذَا آخِرُ مُوَاطَئِي الأَرْضَ إِنَّمَا كُنْتَ حَاجَتِي مِنَ الدُّنْيَا! فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَاءَتِ التَّعْزِيَةُ يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ وَالْحِسَّ وَلا يَرَوْنَ الشَّخْصَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ! «كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ» آل عمران:
185. إِنَّ فِي اللَّهِ عَزَاءً عَنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ وَخَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ وَدَرَكًا مِنْ كُلِّ مَا فَاتَ.
فَبِاللَّهِ فَثِقُوا. وَإِيَّاهُ فَارْجُوا. إِنَّمَا المصاب من حرم الثواب. والسلام عليكم وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا رَجُلٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلانِ مِنْ قُرَيْشٍ فقال: ألا أخبركما عن رسول الله. ص؟ قَالا: بَلَى حَدِّثْنَا عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ! قَالَ: لَمَّا كَانَ قَبْلَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثَلاثَةِ أَيَّامٍ هَبَطَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ. ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ الْحَدِيثِ الأَوَّلِ وَقَالَ فِي آخِرِهِ فَقَالَ عَلِيُّ: أَتَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟
قَالُوا: لا! قَالَ: هَذَا الْخِضْرُ.](2/199)
ذكر من قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - لَمْ يُوصِ وَإِنَّهُ تُوُفِّيَ وَرَأْسُهُ فِي حجر عائشة
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَشُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي أوفى أأوصى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُسْلِمِينَ بِالْوَصِيَّةِ؟
قَالَ: أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ. قَالَ مَالِكٌ وَقَالَ طلحة قال هزيل بن شرحبيل: أأبو بَكْرٍ كَانَ يَتَأَمَرُ عَلَى وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ. ص؟ وَدَّ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ وَجَدَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَهْدًا فَخُزِمَ أَنْفُهُ بِخِزَامَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالا: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وَلا شَاةً وَلا بَعِيرًا وَلا أَوْصَى بِشَيْءٍ.
أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالا أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ قال: قيل لعائشة أأوصى رسول الله. ص؟ قَالَتْ: كَيْفَ أَوْصَى وَلَقَدْ دَعَا بِالطَّسْتِ لِيَبُولَ فِيهَا فَانْخَنَثَ فِي حِجْرِي وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُ مَاتَ. وَمَا مَاتَ إِلا بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ. أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ: قِيلَ لأُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ؟ قَالَتْ: لَقَدْ كَانَ رَأْسُهُ فِي حِجْرِي فَدَعَا بِالطَّسْتِ فَبَالَ فِيهَا فَلَقَدِ انْخَنَثَ فِي حِجْرِي وَمَا شَعَرْتُ بِهِ.
فَمَتَى أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ؟
أَخْبَرَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ النَّخَعِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُرَيْسٍ. حَدَّثَنِي حَمَّادٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُوصِ. وَقُبِضَ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِ عَائِشَةَ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى صَدْرِي وَقَدْ وَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى عَاتِقِي إِذْ مَالَ رَأْسُهُ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيدُ شَيْئًا مِنْ رَأْسِي وَخَرَجَتْ مِنْ فِيهِ نُطْفَةٌ بَارِدَةٌ فَوَقَعَتْ عَلَى ثُغْرَةِ نَحْرِي فَاقْشَعَرَّ لَهَا جِلْدِي. فَظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ غُشِيَ عَلَيْهِ فسجيته بثوب.(2/200)
[أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِي وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي. وَكَانَ جِبْرِيلُ يَدْعُو لَهُ بِدُعَاءٍ إِذَا مَرِضَ فَذَهَبْتُ أَدْعُو لَهُ. فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى! قَالَتْ: فَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَبِيَدِهِ جَرِيدَةٌ رَطْبَةٌ فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ بِهَا حَاجَةً. قَالَتْ: فَمَضَغْتُ رَأْسَهَا وَنَفَضْتُهَا وَطَيَّبْتُهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ فَاسْتَنَّ بِهَا كَأَحْسَنِ مَا رَأَيْتُهُ مُسْتَنًّا. ثُمَّ ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا فَسَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ أَوْ سَقَطَتْ يَدُهُ. فَجَمَعَ اللَّهُ رِيقِي وَرِيقَهُ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنَ الدُّنْيَا وَأَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الآخِرَةِ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عِيسَى بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيَّ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ مَاتَ بَيْنَ سَحْرِي ونحري وفي بيتي وفي دولتي لم أَظْلِمْ فِيهِ أَحَدًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي عَاتِكَةَ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي وَفِي دَوْلَتِي لم أَظْلِمْ فِيهِ أَحَدًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يُحَنَّسَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي عَتَّابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي وفي دولتي لم أَظْلِمْ فِيهِ أَحَدًا. فَعَجِبْتُ مِنْ حَدَاثَةِ سِنِّي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قُبِضَ فِي حِجْرِي فَلَمْ أَتْرُكْهُ عَلَى حَالِهِ حَتَّى يُغَسَّلَ. وَلَكِنْ تَنَاوَلْتُ وِسَادَةً فَوَضَعْتُهَا تَحْتَ رَأْسِهِ ثُمَّ قُمْتُ مَعَ النِّسَاءِ أَصِيحُ وَأَلْتَدِمُ. وَقَدْ وَضَعْتُ رَأْسَهُ عَلَى الْوِسَادَةِ وَأَخَّرْتُهُ عَنْ حِجْرِي.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حجر عَلِيّ بْن أَبِي طالب
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ حَرَامِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ: أَنَّ كَعْبَ الأَحْبَارَ قَامَ زَمَنَ عُمَرَ فَقَالَ وَنَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ عُمَرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: مَا كَانَ آخِرُ ما تكلم به رسول الله. ص؟ فَقَالَ عُمَرُ: سَلْ عَلِيًا. قَالَ: أَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: هُوَ هُنَا. فَسَأَلَهُ فَقَالَ عَلِيُّ: أَسْنَدْتُهُ إِلَى صَدْرِي فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى مَنْكِبِي فَقَالَ: الصَّلاةَ الصَّلاةَ! فَقَالَ كَعْبٌ: كَذَلِكَ آخِرُ عَهْدِ الأَنْبِيَاءِ وَبِهِ أُمِرُوا وَعَلَيْهِ يُبْعَثُونَ. قَالَ: فَمَنْ غَسَّلَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: سَلْ عَلِيًّا.(2/201)
قال فسأله فقال: كنت أنا أغسله وكان عباس جَالِسًا وَكَانَ أُسَامَةُ وَشُقْرَانُ يَخْتَلِفَانِ إِلَيَّ بِالْمَاءِ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ: ادْعُوا لِي أَخِي. قَالَ:
فَدُعِيَ لَهُ عَلِيٌّ فَقَالَ: ادْنُ مِنِّي فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَاسْتَنَدَ إِلَيَّ فَلَمْ يَزَلْ مُسْتَنِدًا إِلَيَّ وَإِنَّهُ لِيُكَلِّمُنِي حَتَّى إِنَّ بَعْضَ رِيقِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيُصِيبُنِي ثُمَّ نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَثَقُلَ فِي حِجْرِي فَصِحْتُ يَا عَبَّاسُ أَدْرَكَنِي فَإِنِّي هَالِكٌ! فَجَاءَ الْعَبَّاسُ فَكَانَ جَهْدُهُمَا جَمِيعًا أَنْ أَضْجَعَاهُ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ وَغَسَّلَهُ عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ مُحْتَضِنُهُ وَأُسَامَةُ يُنَاوِلُ الْفَضْلَ الْمَاءَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي غَطَفَانَ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ أَرَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُوُفِّيَ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ أَحَدٍ؟
قَالَ: تُوُفِّيَ وَهُوَ لَمُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِ عَلِيٍّ. قُلْتُ: فَإِنَّ عُرْوَةَ حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي! فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَتَعْقِلُ؟ وَاللَّهِ لَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّهُ لَمُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِ عَلِيٍّ. وَهُوَ الَّذِي غَسَّلَهُ وَأَخِي الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَأَبَى أَبِي أَنْ يَحْضُرَ وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَسْتَتِرَ فَكَانَ عِنْدَ السِّتْرِ.
ذِكْرُ تَسْجِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ تُوُفِّيَ بِثَوْبٍ حبرة
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: سُجِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ مَاتَ بثوب حبرة.(2/202)
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ التَّيْمِيِّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُجِّي بِبُرْدٍ حِبَرَةٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ تُوُفِّيَ سُجِّيَ بِبُرْدٍ حِبَرَةٍ.
ذِكْرُ تَقْبِيلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد وفاته
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَيَعْلَى وَمُحَمَّدٌ ابْنَا عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيَّانِ قَالُوا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الْبَهِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قُبِضَ أَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَبَّلَهُ وَقَالَ:
بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! مَا أَطْيَبَ حَيَاتَكَ وَأَطْيَبَ مِيتَتَكَ! أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الْبَهِيِّ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَشْهَدْ مَوْتَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَكَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ قَبَّلَ جَبْهَتَهُ ثُمَّ قَالَ: مَا أَطْيَبَ مَحْيَاكَ وَمَمَاتِكَ! لأَنْتَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ يَسْقِيَكَ مَرَّتَيْنِ! أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا توفي رسول الله ص. جَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ. فَرَفَعْتُ الْحِجَابَ فَكَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ فَاسْتَرْجَعَ فَقَالَ: مَاتَ وَاللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ! ثُمَّ تَحَوَّلَ مِنْ قِبَلِ رأسه فقال: وا نبياه! ثُمَّ حَدَرَ فَمَهُ فَقَبَّلَ وَجْهَهُ ثُمَّ رَفَعَ رأسه فقال: وا خليلاه! ثُمَّ حَدَرَ فَمَهُ فَقَبَّلَ جَبْهَتَهُ ثُمَّ رَفَعَ رأسه فقال: وا صفياه! ثُمَّ حَدَرَ فَمَهُ فَقَبَّلَ جَبْهَتَهُ ثُمَّ سَجَّاهُ بِالثَّوْبِ ثُمَّ خَرَجَ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ:
أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَأْذَنَ عَلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ما هَلَكَ فَقَالُوا: لا إِذْنَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ! فَقَالَ:
صَدَقْتُمْ! فَدَخَلَ فَكَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَبَّلَهُ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ. أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ. أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفِ أَنَّ عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَقْبَلَ عَلَى فَرَسٍ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حَتَّى نزل.(2/203)
فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ على عائشة فتيمم رسول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَهُوَ مُسَجًّى بِبُرْدٍ حِبَرَةٍ. فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ وَبَكَى ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ! وَاللَّهِ لا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ أَبَدًا. أَمَّا الْمُوتَةُ الأُولَى الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مِتَّهَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: لَمَّا انْتَهَى أَبُو بَكْرٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُسَجًّى قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - والذي نَفْسِي بِيَدِهِ. صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ! ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ وَقَالَ:
طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ قَالا: قَبَّلَ أَبُو بَكْرٍ بَيْنَ عَيْنَيْهِ. يَعْنِيَانِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ذِكْرُ كَلامِ النَّاسِ حِينَ شَكُّوا فِي وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَكَى النَّاسُ فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيبًا فَقَالَ: لا أَسْمَعَنَّ أَحَدًا يَقُولُ: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ. وَلَكِنَّهُ أُرْسِلَ إِلَيْهِ كَمَا أُرْسِلَ إِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ فَلَبِثَ عَنْ قَوْمِهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِي رِجَالٍ وَأَرْجُلُهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَاتَ.
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا إِنَّمَا عُرِجَ بِرُوحِهِ كَمَا عُرِجَ بِرُوحِ مُوسَى! قَالَ: وَقَامَ عُمَرُ خَطِيبًا يُوعِدُ الْمُنَافِقِينَ. قَالَ وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَمُتْ وَلَكِنْ إِنَّمَا عُرِجَ بِرُوحِهِ كَمَا عُرِجَ بِرُوحِ مُوسَى. لا يَمُوتُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى يَقْطَعَ أَيْدِي أَقْوَامٍ وَأَلْسِنَتَهُمْ! قَالَ: فَمَا زَالَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ حَتَّى أَزْبَدَ شِدْقَاهُ. قَالَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْسَنُ كَمَا يَأْسَنُ الْبَشَرُ. وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ مَاتَ فَادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ. أَيُمِيتُ أَحَدَكُمْ إِمَاتَةً وَيُمِيتُهُ إِمَاتَتَيْنِ؟ هُوَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ كَمَا تَقُولُونَ فَلَيْسَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ أَنْ يَبْحَثَ عَنْهُ التُّرَابَ فَيُخْرِجَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. مَا مَاتَ حَتَّى تَرَكَ السَّبِيلَ نَهْجًا وَاضِحًا. أَحَلَّ الْحَلالَ وَحَرَّمَ الْحَرَامَ ونكح وطلق(2/204)
وَحَارَبَ وَسَالَمَ. وَمَا كَانَ رَاعِيَ غَنَمٍ يَتَّبِعُ بها صاحبها رؤوس الْجِبَالِ يَخْبِطُ عَلَيْهَا الْعِضَاةَ بِمِخْبَطِهِ وَيَمْدُرُ حَوْضَهَا بِيَدِهِ بِأَنْصَبَ وَلا أَدْأَبَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِيكُمْ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَأْذَنَ عُمَرُ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَدَخَلا عَلَيْهِ فَكَشَفَا الثَّوْبَ عن وجهه فقال عمر: وا غشيا! ما أشد غشي رسول الله. ص! ثُمَّ قَامَا فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الْبَابِ قَالَ الْمُغِيرَةُ: يَا عُمَرُ مَاتَ وَاللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ. ص! فَقَالَ عُمَرُ: كَذَبْتَ! مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنَّكَ رَجُلٌ تَحُوشُكَ فِتْنَةٌ وَلَنْ يَمُوتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى يُفْنِيَ الْمُنَافِقِينَ. ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَخْطُبُ النَّاسَ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: اسْكُتْ! فَسَكَتَ فَصَعِدَ أَبُو بَكْرٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَرَأَ: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ. ثُمَّ قَرَأَ: «وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ» آل عمران:
144. حَتَّى فَرَغَ مِنَ الآيَةِ ثُمَّ قَالَ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ.
وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حي لا يَمُوتُ! قَالَ فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ:
نَعَمْ! فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا أَبُو بَكْرٍ وَذُو شَيْبَةِ الْمُسْلِمِينَ فَبَايِعُوهُ! فَبَايَعَهُ النَّاسُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ التَّيْمِيِّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ الْمَسْجِدَ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُكَلِّمُ النَّاسَ. فَمَضَى حَتَّى دَخَلَ بَيْتَ النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي توفي فِيهِ وَهُوَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُرْدَ حِبَرَةٍ كَانَ مُسَجًّى بِهِ فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ فَقَالَ:
بِأَبِي أَنْتَ! وَاللَّهِ لا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ الْمَوْتَتَيْنِ. لَقَدْ مِتَّ الْمُوتَةَ الَّتِي لا تَمُوتُ بَعْدَهَا! ثُمَّ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ وَعُمَرُ يُكَلِّمُهُمْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ:
اجْلِسْ يَا عُمَرُ! فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَجْلِسَ. فَكَلَّمَهُ أَبُو بَكْرٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا. فَلَمَّا أَبَى عُمَرُ أَنْ يَجْلِسَ قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَتَشَهَّدَ. فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَتَرَكُوا عُمَرَ. فَلَمَّا قَضَى أَبُو بَكْرٍ تَشَهُّدَهُ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ. وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوتُ! قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ(2/205)
عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ» آل عمران: 144. فَلَمَّا تَلاهَا أَبُو بَكْرٍ أَيْقَنَ النَّاسُ بِمَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَلَقَّاهَا النَّاسُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ حِينَ تَلاهَا أَوْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ حَتَّى قَالَ قَائِلٌ مِنَ النَّاسِ: وَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ أُنْزِلَتْ حَتَّى تَلاهَا أَبُو بَكْرٍ. فَزَعَمَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَتْلُوهَا فَعَقِرْتُ وَأَنَا قَائِمٌ حَتَّى خَرَرْتُ إِلَى الأَرْضِ وَأَيْقَنْتُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ مَاتَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ فَقَامَ عُمَرُ فَجَعَلَ يقول: والله ما مات رسول الله. ص! قَالَتْ: قَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلا ذَاكَ وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِي رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ. فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَبَّلَهُ وَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا.
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يُذِيقُكَ اللَّهُ الْمَوْتَتَيْنِ أَبَدًا! ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: أَيُّهَا الْحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ! فَلَمْ يُكَلِّمْ أَبَا بَكْرٍ وَجَلَسَ عُمَرُ فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَلا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ. وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيُّ لا يَمُوتُ. وَقَالَ: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ. وَقَالَ: «وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ»
آل عمران: 144. فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ وَاجْتَمَعَتِ الأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَقَالُوا: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ. فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ. فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلا أَنِّي قَدْ هَيَّأْتُ كَلامًا قَدْ أَعْجَبَنِي خَشِيتُ أَنْ لا يُبْلِغَهُ أَبُو بَكْرٍ. ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبْلَغُ النَّاسِ فَقَالَ فِي كَلامِهِ: نَحْنُ الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ! فَقَالَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ السُّلَمِيُّ: لا وَاللَّهِ لا نَفْعَلُ أَبَدًا. مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ! قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لا وَلَكِنَّا الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ. هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا وَأَكْرَمُهُمْ أَحْسَابًا. يَعْنِي قُرَيْشًا. فَبَايِعُوا عُمَرَ أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ. فَقَالَ عُمَرُ:
بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ. فَأَنْتَ سَيِّدُنَا وَأَنْتَ خَيْرُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ. فَبَايَعَهُ النَّاسُ. فَقَالَ قَائِلٌ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ! فَقَالَ عُمَرُ: قَتَلَهُ اللَّهُ! أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ. أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ وَيُونُسُ(2/206)
عَنِ الزُّهْرِيِّ. أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّهُ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ عُمَرُ فِي النَّاسِ خَطِيبًا فَقَالَ: أَلا لا أَسْمَعَنَّ أَحَدًا يَقُولُ إِنَّ مُحَمَّدًا مَاتَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يَمُتْ وَلَكِنَّهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَبُّهُ كَمَا أَرْسَلَ إِلَى مُوسَى فَلَبِثَ عَنْ قَوْمِهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ تِلْكَ:
إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْدِي رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ! قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفِ أَنَّ عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَقْبَلَ عَلَى فَرَسٍ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حَتَّى نَزَلَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ. فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ حتى دخل على عائشة فتيمم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُسَجًّى فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ وَبَكَى ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ! وَاللَّهِ لا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ أَبَدًا. أَمَّا الْمَوْتَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مِتَّهَا. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وَعُمَرُ يُكَلِّمُ النَّاسَ فَقَالَ: اجْلِسْ. فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَجْلِسَ. فَقَالَ: اجْلِسْ. فَأَبَى أَنْ يَجْلِسَ. فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ فَمَالَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَتَرَكُوا عُمَرَ فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ. وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوتُ.
قَالَ اللَّهُ: «وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ» آل عمران: 144. قَالَ: وَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ هَذِهِ الآيَةَ إِلا حِينَ تَلاهَا أَبُو بَكْرٍ. قَالَ: فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ فَمَا تَسْمَعُ بَشَرًا إِلا يَتْلُوهَا. قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلاهَا فَعَقِرْتُ حَتَّى وَاللَّهِ مَا تقلني رجلاي وحتى هَوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ وَعَرَفْتُ حِينَ سَمِعْتُهُ تَلاهَا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَدْ مَاتَ. قَالَ الزُّهْرِيُّ:
أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ الْغَدَ حِينَ بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْتَوَى أَبُو بَكْرٍ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَشَهَّدَ قَبْلَ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قُلْتُ لَكُمْ أَمْسِ مَقَالَةً لَمْ تَكُنْ كَمَا قُلْتُ. وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُهَا فِي كِتَابٍ أَنْزَلَهُ اللَّهُ وَلا فِي عَهْدٍ عَهِدَهُ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ كَلِمَةً يُرِيدُ حَتَّى يَكُونَ آخِرَنَا. فَاخْتَارَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ الَّذِي عِنْدَهُ عَلَى الَّذِي عِنْدَكُمْ. وَهَذَا الْكِتَابُ الَّذِي هُدَى اللَّهُ بِهِ رَسُولَكُمْ فخذوا به تهتدون لِمَا هُدِيَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ.(2/207)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ. أَخْبَرَنِي عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ائْتَمَرَ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا: تَرَبَّصُوا بِنَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَلَّهُ عُرِجَ بِهِ.
قَالَ: فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى رَبَا بَطْنُهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ. وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حي لا يموت.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي عَتَّابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: اقْتَحَمَ النَّاسُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِ عَائِشَةَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَقَالُوا: كَيْفَ يَمُوتُ وَهُوَ شَهِيدٌ عَلَيْنَا وَنَحْنُ شُهَدَاءُ عَلَى النَّاسِ فَيَمُوتَ وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَى النَّاسِ؟ لا وَاللَّهِ مَا مَاتَ وَلَكِنَّهُ رُفِعَ كَمَا رُفِعَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيَرْجِعَنَّ! وَتَوَعَّدُوا مَنْ قَالَ إِنَّهُ مَاتَ وَنَادَوْا فِي حُجْرَةِ عَائِشَةَ وَعَلَى الْبَابِ:
لا تَدْفِنُوهُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَمُتْ! أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: هَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَفَاتِهِ فَيُحَدِثْنَاهُ؟ فَقَالُوا: لا! قَالَ: هَلْ عِنْدَكَ يَا عُمَرُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: لا! قَالَ الْعَبَّاسُ: اشْهَدُوا أَنَّ أَحَدًا لا يَشْهَدُ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِعَهْدٍ عَهِدَهُ إِلَيْهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ إِلا كَذَّابٌ! وَاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَقَدْ ذاق رسول الله.
ص. الْمَوْتَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أَبِيهَا الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَوْ عَنْ أُمِّ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ لَمَّا شُكَّ فِي مَوْتِ النبي.
ص. قَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ مَاتَ! وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يَمُتْ! وَضَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ يَدَهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَقَالَتْ: قَدْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ رُفِعَ الْخَاتَمُ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ.
ذِكْرُ كَمْ مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْيَوْمِ الَّذِي تُوُفّي فِيهِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَكَى يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ لإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ فَاشْتَكَى ثَلاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً. وَتُوُفِّيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الاثْنَيْنِ لِلَيْلَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ.(2/208)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ لِلَيْلَةٍ بَقِيَتْ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ طاووس عن أبيه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الاثْنَيْنِ لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ يزيد عن ابن طاووس عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الاثْنَيْنِ لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ. وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ.
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ لَبِيبَةَ عَنْ جَدِّهِ. وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالُوا:
تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ.
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ:
تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يوم الاثنين فَجَلَسَ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ وَمِنَ الْغَدِ حَتَّى دُفِنَ مِنَ اللَّيْلِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَخْنَسِيِّ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الاثْنَيْنِ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ وَدُفِنَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يوم الاثْنَيْنِ فَمَكَثَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَالثُّلاثَاءِ حَتَّى دُفِنَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكٌ. بَلَغَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُوُفِّيَ(2/209)
يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ.
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تُوُفِّيَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ الضَّبِّيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تُوُفِّيَ نَبِيُّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الاثْنَيْنِ.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الْبَهِيِّ قَالَ: تُرِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ وَفَاتِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً حَتَّى رَبَا قَمِيصُهُ وَرُئِيَ فِي خِنْصَرِهِ انْثِنَاءٌ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي قَيْسٌ. يَعْنِي ابْنَ الرَّبِيعِ. عَنْ جَابِرٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: لَمْ يُدْفَنْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى عُرِفَ الْمَوْتُ فِيهِ فِي أَظْفَارِهِ اخْضَرَّتْ.
أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَظْلَمَ مِنْهَا. يَعْنِي الْمَدِينَةَ. كُلُّ شَيْءٍ وَمَا نَفَضْنَا عَنْهُ الأَيْدِي مِنْ دَفْنِهِ حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا.
ذِكْرُ التَّعْزِيَةِ بِرَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو حَازِمِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله. ص: سَيُعَزِّي النَّاسَ بَعْضَهُمْ بَعْضًا مِنْ بَعْدِي التَّعْزِيَةُ بِي «1» . فَكَانَ النَّاسُ يَقُولُونَ مَا هَذَا؟ فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقِيَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا يَعَزِّي بَعْضُهُمْ بَعْضًا برسول الله. ص] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رباح قال: قال رسول الله. ص: إِذَا أُصِيبَ أَحَدُكُمْ بِمُصِيبَةٍ فَلْيَذْكُرْ مُصِيبَتَهُ بِي فإنها أعظم المصائب!] «2» .
__________
(1) انظر: [المعجم الكبير للطبراني (6/ 166) ، ومجمع الزوائد (9/ 38) ، والمطالب العالية (4385) ، والضعفاء لابن عدي (6/ 2324) ] .
(2) انظر: [مصنف عبد الرزاق (6700) ، والمعجم الكبير للطبراني (7/ 199) ، وكنز العمال (9644) ، وتاريخ أصفهان (1/ 158) ] .(2/210)
[أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ. يَعْنِي ابْنَ أَنَسٍ. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَيُعَزِّي الْمُسْلِمِينَ فِي مَصَائِبِهِمُ الْمُصِيبَةُ بِي] .
أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ قَالَ: حَدَّثُونَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَتِ التَّعْزِيَةُ يَسْمَعُونَ حِسَّهُ وَلا يَرَوْنَ شَخْصَهُ قَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. «كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ» آل عمران: 185. إِنَّ فِي اللَّهِ عَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ وَخَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ وَدَرَكًا مِنْ كُلِّ مَا فَاتَ. فَبِاللَّهِ فَثِقُوا. وَإِيَّاهُ فَارْجُوا. إِنَّمَا المصاب من حرم الثواب. والسلام عليكم ورحمة اللَّهِ.
ذِكْرُ الْقَمِيصِ الَّذِي غُسِّلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أنس. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالا: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ جَمِيعًا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غُسِّلَ فِي قَمِيصٍ. قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ فِي حَدِيثِهِ. حِينَ قُبِضَ] .
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ بَلَغَهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ عِنْدَ غَسْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرَادُوا نَزْعَ قَمِيصِهِ فَسَمِعُوا صَوْتًا يَقُولُ: لا تَنْزِعُوا الْقَمِيصَ! فَلَمْ يُنْزَعْ قَمِيصُهُ وَغُسِّلَ وَهُوَ عَلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ أَشْعَثَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: نُودُوا مِنْ جَانِبِ الْبَيْتِ: لا تَخْلَعُوا الْقَمِيصَ! فَغُسِّلَ وَعَلَيْهِ الْقَمِيصُ.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ غَيْلانَ بْنِ جَرِيرٍ قَالَ: بَيْنَمَا هُمْ يُغَسِّلُونَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذْ نُودُوا: لا تُجَرِّدُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ. أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ أَرَادُوا أَنْ يُغَسِّلُوهُ أَرَادُوا أَنْ يَخْلَعُوا قَمِيصَهُ فَسَمِعُوا صَوْتًا: لا تُعَرُّوا نَبِيَّكُمْ! قَالَ: فَغَسَّلُوهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ.
أَخْبَرَنَا قبيصة بن عقبة. أخبرنا سفيان الثوري عن مَنْصُورٍ قَالَ: نُودُوا مِنْ(2/211)
جَانِبِ الْبَيْتِ أَلا تَنْزِعُوا الْقَمِيصَ.
أَخْبَرَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ. أَخْبَرَنَا مَوْلًى لِبَنِي هَاشِمٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادُوا غَسْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَهَبُوا أَنْ يَنْزِعُوا عَنْهُ قَمِيصَهُ فَنَادَى مُنَادٍ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ أَلا تَخْلَعُوا قَمِيصَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عِيسَى بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلا نِسَاؤُهُ. إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قُبِضَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي غُسْلِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمُ: اغْسِلُوهُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ. فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ أَخَذَتْهُمْ نَعْسَةٌ فَوَقَعَ لَحْيُ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ عَلَى صَدْرِهِ. قَالَ فَقَالَ قَائِلٌ لا يُدْرَى مَنْ هُوَ: اغْسِلُوهُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي غَطَفَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتَلَفَ الَّذِينَ يُغَسِّلُونَهُ فَسَمِعُوا قَائِلا لا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ يَقُولُ: اغْسِلُوا نَبِيَّكُمْ وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ! فَغُسِّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَمِيصِهِ.
ذِكْرُ غُسْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَتَسْمِيَةِ مَنْ غَسَّلَهُ [أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على بن أبي طالب وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَكَانَ عَلِيٌّ يُغَسِّلُهُ وَيَقُولُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! طِبْتَ مَيِّتًا وَحَيًّا] .
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ يُغَسِّلُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْفَضْلُ وَأُسَامَةُ يَحْجُبَانِهِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ أَشْعَثَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ:
غُسِّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْعَبَّاسُ قَاعِدٌ وَالْفَضْلُ مُحْتَضِنُهُ وَعَلِيٌّ يُغَسِّلُهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ وَأُسَامَةُ يَخْتَلِفُ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالا: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مغيرة عن(2/212)
إِبْرَاهِيمَ قَالَ: غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ وَالْفَضْلُ. قَالَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ فِي حَدِيثِهِ: وَالْعَبَّاسُ يَسْتُرُهُمْ.
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَلِيَ غُسْلَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَصَالِحٌ مولى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَلِيَ غُسْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَنَّهُ الْعَبَّاسُ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالْفَضْلُ وَصَالِحٌ مولى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ الْبَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا كَيْسَانَ أَبُو عُمَرَ الْقَصَّارُ عَنْ مَوْلاهُ يَزِيدَ بْنِ بِلالٍ قَالَ قَالَ عَلِيُّ: أَوْصَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلا يُغَسِّلَهُ أَحَدٌ غَيْرِي فَإِنَّهُ لا يَرَى أَحَدٌ عَوْرَتِي إِلا طُمِسَتْ عَيْنَاهُ. قَالَ عَلِيٌّ: فَكَانَ الْفَضْلُ وَأُسَامَةُ يُنَاوِلانِي الْمَاءَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ وَهُمَا مَعْصُوبَا الْعَيْنِ. قَالَ عَلِيٌّ: فَمَا تَنَاوَلْتُ عُضْوًا إِلا كَأَنَّمَا يُقَلِّبُهُ مَعِي ثَلاثُونَ رَجُلا حَتَّى فَرَغْتُ مِنْ غُسْلِهِ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: لَمَّا أَخَذْنَا فِي جِهَازِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَغْلَقْنَا الْبَابَ دُونَ النَّاسِ جَمِيعًا فَنَادَتِ الأَنْصَارُ: نَحْنُ أَخْوَالُهُ وَمَكَانُنَا مِنَ الإِسْلامِ مَكَانُنَا! وَنَادَتْ قُرَيْشُ: نَحْنُ عَصَبَتُهُ! فَصَاحَ أَبُو بَكْرٍ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ كُلُّ قَوْمٍ أَحَقُّ بِجَنَازَتِهِمْ مِنْ غَيْرِهِمْ. فَنُنْشِدُكُمُ اللَّهَ فَإِنَّكُمْ إِنْ دَخَلْتُمْ أَخَّرْتُمُوهُمْ عَنْهُ. وَاللَّهِ لا يَدْخُلُ عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلا مَنْ دُعِيَ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ ابن حُسَيْنٍ قَالَ: نَادَتِ الأَنْصَارُ إِنَّ لَنَا حَقًّا فَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ أُخْتِنَا وَمَكَانُنَا مِنَ الإِسْلامِ مَكَانُنَا. وَطَلَبُوا إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: الْقَوْمُ أَوْلَى بِهِ فَاطْلُبُوا إِلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَإِنَّهُ لا يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ إِلا مَنْ أَرَادُوا] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ قَالَ: غَسَّلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَشُقْرَانُ وَوَلِيَ غُسْلَ سَفِلَتِهِ عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ مُحْتَضِنُهُ وَكَانَ الْعَبَّاسُ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَشُقْرَانُ يصبون الماء.(2/213)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: غَسَّلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيٌّ وَكَفَّنَهُ أَرْبَعَةٌ: عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ وَالْفَضْلُ وَشُقْرَانُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَنْ عُبَيْدِ الله ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: غسل النبي - صلى الله عليه وسلم - عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَأَمَرُوا الْعَبَّاسَ أَنْ يَحْضُرَ عِنْدَ غُسْلِهِ فَأَبَى فَقَالَ: أَمَرَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَسْتَتِرَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: غَسَّلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ. وَكَانَ يُقَلِّبُهُ وَكَانَ رَجُلا أَيِّدًا. وَكَانَ الْعَبَّاسُ بِالْبَابِ فَقَالَ: لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَحْضُرَ غُسْلَهُ إِلا أَنِّي كُنْتُ أَرَاهُ يستحيي أَنْ أَرَاهُ حَاسِرًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: غَسَّلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَالْعَبَّاسُ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَأَوْسُ بْنُ خَوَلِيٍّ وَنَزَلُوا فِي حُفْرَتِهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ غَسَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَبَّاسٌ وَعُقَيْلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَوْسُ بْنُ خَوَلِيٍّ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي جَهْمٍ يَقُولُ: غسل النبي - صلى الله عليه وسلم - علي وَالْفَضْلُ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَشُقْرَانُ وَأَسْنَدَهُ عَلِيٌّ إِلَى صَدْرِهِ وَالْفَضْلُ مَعَهُ يُقَلِّبُونَهُ. وَكَانَ أُسَامَةُ وَشُقْرَانُ يَصُبَّانِ الْمَاءَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ.
وَكَانَ أَوْسُ بْنُ خَوَلِيٍّ قَالَ: يَا عَلِيُّ أُنْشِدُكَ الله وحظنا من رسول الله. ص! فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: ادْخُلْ! فَدَخَلَ فَجَلَسَ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: غسل النبي - صلى الله عليه وسلم - ثَلاثَ غَسَلاتٍ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَغُسِلَ فِي قَمِيصٍ. وَغُسِلَ مِنْ بِئْرٍ يُقَالُ لَهَا الْغَرْسُ لِسَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ بِقُبَاءَ. وَكَانَ يَشْرَبُ مِنْهَا.
وَوَلِيَ عَلِيٌّ غَسْلَتَهُ وَالْعَبَّاسُ يَصُبُّ الْمَاءَ وَالْفَضْلُ مُحْتَضِنُهُ يَقُولُ: أَرِحْنِي أَرِحْنِي قَطَعْتَ وَتِينِي! إِنِّي أَجِدُ شَيْئًا يَتَنَزَّلُ عَلَيَّ. مَرَّتَيْنِ.
[أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ عَنْ مَسْعُودِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ: أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ فارتج الباب.(2/214)
قَالَ: فَجَاءَ الْعَبَّاسُ مَعَهُ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَامُوا عَلَى الْبَابِ وَجَعَلَ عَلِيُّ يَقُولُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا!] قَالَ: وَسَطَعَتْ رِيحٌ طَيِّبَةٌ لَمْ يَجِدُوا مِثْلَهَا قَطُّ. قَالَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ لِعَلِيٍّ: دَعْ خَنِينًا كَخَنِينِ الْمَرْأَةِ وَأَقْبِلُوا عَلَى صَاحِبِكُمْ! فَقَالَ عَلِيٌّ: ادْخُلُوا عَلَى الْفَضْلِ. قَالَ: وَقَالَتِ الأَنْصَارُ نُنَاشِدُكُمُ اللَّهَ فِي نَصِيبِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَدْخَلُوا رَجُلا مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ أَوْسُ بْنُ خَوَلِيٍّ يَحْمِلُ جَرَّةً بِإِحْدَى يَدَيْهِ. قَالَ: فَغَسَلَهُ عَلِيٌّ يُدْخِلُ يَدَهُ تَحْتَ الْقَمِيصِ وَالْفَضْلُ يُمْسِكُ الثَّوْبَ عَلَيْهِ وَالأَنْصَارِيُّ يَنْقُلُ الْمَاءَ وَعَلَى يَدِ عَلِيٍّ خِرْقَةٌ تَدْخُلُ يَدُهُ وَعَلَيْهِ الْقَمِيصُ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ:
اغْسِلْنِي يَا عَلِيُّ إِذَا مِتُّ! فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا غَسَلْتُ مَيِّتًا قَطُّ! فَقَالَ رَسُولُ الله.
ص: إِنَّكَ سَتُهَيَّأُ أَوْ تَيَسِّرُ. قَالَ عَلِيٌّ: فَغَسَلْتُهُ فَمَا آخُذُ عُضْوًا إِلا تَبِعَنِي. وَالْفَضْلُ آخِذٌ بِحُضْنِهِ يَقُولُ: اعْجَلْ يَا عَلِيُّ انْقَطَعَ ظَهْرِي] .
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ قَالَ:
وَلِيَ سِفْلَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيٌّ.
[أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وأخبرنا محمد بن حميد العبدي ومحمد بْنُ عُمَرَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: الْتَمَسَ عَلِيٌّ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ غُسْلِهِ مَا يُلْتَمَسُ مِنَ الْمَيِّتِ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا. فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا!] .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ثلاثة أثواب
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَّةٍ بِيضٍ كُرْسُفٍ لَيْسَ فِي كَفَنِهِ قَمِيصٌ وَلا عِمَامَةٌ. قَالَ عُرْوَةُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: فَأَمَّا الْحُلَّةُ فَإِنَّهَا شُبِّهَ عَلَى النَّاسِ فِيهَا أَنَّهَا اشْتُرِيَتْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُكَفَّنَ فِيهَا فَتُرِكَتْ وَكُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ(2/215)
سَحُولِيَّةٍ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ أَحْبِسُهَا حَتَّى أُكَفَّنَ فِيهَا. قَالَ ثُمَّ قَالَ: لَوْ رَضِيَهَا اللَّهُ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكَفَّنَهُ فِيهَا. فَبَاعَهَا وَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا.
أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو صُفْرَةَ اللَّيْثِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ يَمَانِيَّةٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ سَحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلا عِمَامَةٌ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ سَحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلا عِمَامَةٌ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ثلاثة أَثْوَابٍ سَحُولِيَّةٍ كُرْسُفٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلا عِمَامَةٌ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ لِعَائِشَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ: فِي كَمْ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ. ص؟ قَالَتْ:
كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ وَلَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلا عِمَامَةٌ.
أَخْبَرَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ. أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الحذاء عَنْ أَبِي قِلابَةَ: أَنَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَّةٍ سَحُولِيَّةٍ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلابَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ رِيَاطٍ يَمَانِيَّةٍ بِيضٍ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ثلاثة أَثْوَابٍ مِنْ كُرْسُفٍ سَحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلا عِمَامَةٌ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ سَحُولِيَّةٍ.(2/216)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ خالد الحذاء عَنْ أَبِي قِلابَةَ.
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِي ثَلاثِ رِيَاطٍ بِيضٍ.
أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ. أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ: أن النبي.
ص. كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ. قُلْتُ: مَنْ حَدَّثَكُمْ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. قَالَ شُعْبَةُ يَقُولُ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: دُفِعْتُ إِلَى مَجْلِسِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُمْ مُتَوَافِرُونَ فقلت: في أي شيء كفن النبي. ص؟
قَالُوا: فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ لَيْسَ فِيهَا قَبَاءٌ وَلا قَمِيصٌ وَلا عِمَامَةٌ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْغَازِ عَنْ مَكْحُولٍ قال: كفن رسول الله.
ص. فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عمر. أخبرنا منصور عن زكرياء عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ غِلاظٍ.
ذكر من قال كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ أَحَدُهَا حبرة
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ. أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالا: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رَيْطَتَيْنِ وَبُرْدٍ نَجْرَانِيٍّ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سعيد ابن المسيب وعلي بن الحسين وأبي سلمة بن عبد الرحمن: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ. ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ وَبُرْدَةٍ حبرة.(2/217)
[أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ وَأَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ أَخْبَرَهُ قَالَ:
كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ أَحَدُهَا بُرْدٌ حِبَرَةٌ] .
[أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ. ثَوْبَيْنِ صَحَارِيَّيْنِ وَثَوْبٍ حِبَرَةٍ. وَأَوْصَانِي وَالِدِي بِذَلِكَ وَقَالَ: لا تَزِيدَنَّ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا. جَعْفَرٌ يَقُولُ ذَلِكَ. مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ يَقُولُ أَحْسِبُ.]
[أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ. أَخْبَرَنَا جَابِرٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَبِي جَعْفَرٍ وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عن محمد ابن عَلِيٍّ قَالَ: كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ أَحَدُهَا حِبَرَةٌ] .
أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَاضِي أَهْلِ الْكُوفَةِ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَخْبَرَنَا الأَحْوَصُ بْنُ جَوَّابٍ الضبي. أخبرنا عمار بن زريق عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ عَنْ زُهَيْرٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ وَبُرْدٍ أَحْمَرَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيٍّ عَنْ أَبِيهِ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالا: كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ مِنْهَا بُرْدٌ حِبَرَةٌ.
ذِكْرُ مَنْ قال كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثلاثة أثواب برود. ومن قَالَ كفن فِي قميص وحلة
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَالْفَضْلُ بْنُ دكين عن زكرياء عَنْ عَامِرٍ قَالَ: كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ثلاثة أثواب برود يَمَانِيَّةٍ غِلاظٍ إِزَارٍ وَرِدَاءٍ وَلِفَافَةٍ.
أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: أَتَيْتُ أَشْيَاخًا لِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَسَأَلْتُهُمْ في أي شيء كفن رسول الله. ص؟ فقالوا: فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ وَقَطِيفَةٍ.(2/218)
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِي قَطِيفَةٍ وَحُلَّةٍ حِبَرَةٍ.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَأَخْبَرَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ النَّخَعِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُرَيْسٍ الْجَعْفَرِيُّ وَحَدَّثَنِي حَمَّادُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَأَخْبَرَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ وَأَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حُلَّةٍ وَقَمِيصٍ. قَالَ الْفَضْلُ وَطَلْقٌ فِي حَدِيثِهِمَا: حُلَّةٌ يَمَانِيَّةٌ.
أَخْبَرَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِي حُلَّةٍ حِبَرَةٍ وَقَمِيصٍ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا صالح عن عُمَرَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مقسم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ نَجْرَانِيَّةٍ كَانَ يَلْبَسُهَا وَقَمِيصٍ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ عَنِ الضَّحَّاكِ. يَعْنِي ابْنَ مُزَاحِمٍ. قَالَ: كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بُرْدَيْنِ أَحْمَرَيْنِ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ أَتَى صُفَّةَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلَ أَشْيَاخَهُمْ: فِيمَ كفن رسول الله. ص؟ قَالُوا: فِي ثَوْبَيْنِ أَحْمَرَيْنِ لَيْسَ مَعَهُمَا قَمِيصٌ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِي سَبْعَةِ أَثْوَابٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ. أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِي ثَوْبَيْنِ مِنَ السَّحُولِ قَدِمَ بِهِمَا مُعَاذٌ مِنَ الْيَمَنِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَهَذَا عِنْدَنَا وَهْلٌ! قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَمُعَاذٌ بِالْيَمَنِ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الطَّبَّاعُ قَالا: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: أَنَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِي حُلَّةٍ حِبَرَةٍ ثُمَّ نُزِعَتْ وَكُفِّنَ فِي بَيَاضٍ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: هَذِهِ مَسَّتْ جِلْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا تُفَارِقُنِي حَتَّى(2/219)
أُكَفَّنَ فِيهَا. فَحَبَسَهَا مَا حَبَسَهَا ثُمَّ قَالَ: لَوْ كَانَ فِيهَا خَيْرٌ لآثَرَ اللَّهُ بِهَا نَبِيَّهُ. لا حَاجَةَ لِي فِيهَا. قَالَ: فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْ رَأْيِهِ الأَوَّلِ وَمِنْ رَأْيِهِ الآخِرِ.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عروة عن أبيه عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ فِي كَفَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِمَامَةٌ.
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ أَبُو قِلابَةَ: أَلا تَعْجَبُ مِنَ اخْتِلافِهِمْ عَلَيْنَا فِي كَفَنِ رَسُولِ الله. ص؟.
ذِكْرُ حَنُوطِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُنِّطَ.
[أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كَانَ عِنْدَ عَلِيٍّ مِسْكٌ فَأَوْصَى أَنْ يُحَنَّطَ بِهِ. قَالَ وَقَالَ عَلِيٌّ: هُوَ فَضْلُ حَنُوطِ رَسُولِ الله. ص] .
[أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ. يَعْنِي أَبَا جَعْفَرٍ. قُلْتُ: أَحُنِّطَ رَسُولُ الله. ص؟ قَالَ: لا أَدْرِي.]
ذِكْرُ الصَّلاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: أخبرنا عوف عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: غَسَّلُوهُ وَكَفَّنُوهُ وَحَنَّطُوهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ وُضِعَ عَلَى سَرِيرٍ فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ أَفْوَاجًا يَقُومُونَ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَخْرُجُونَ وَيَدْخُلُ آخَرُونَ حَتَّى صَلَّوْا عَلَيْهِ كُلُّهُمْ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ فَكَانَ النَّاسُ يدخلون عليه زُمَرًا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَيَخْرُجُونَ وَلَمْ يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لَمَّا تُوُفِّيَ صَلَّى عَلَيْهِ النَّاسُ أَفْذَاذًا لا يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ.(2/220)
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عن أبيه عن صالح عن كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: وُضِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سَرِيرٍ فَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَدْخُلُونَ أَفْوَاجًا فَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَيُسَلِّمُونَ لا يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ.
أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ عُمَرَ الثَّقَفِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ:
بَلَغَنَا أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَدْخُلُونَ أَفْوَاجًا فَيُصَلُّونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَؤُمُّهُمْ فِي الصَّلاةِ عَلَيْهِ إِمَامٌ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَالأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو عَسِيمٍ شَهِدَ ذَلِكَ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالُوا: كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْهِ؟ قَالُوا: ادْخُلُوا مِنْ ذَا الْبَابِ أَرْسَالا أَرْسَالا فَصَلُّوا عَلَيْهِ وَاخْرُجُوا مِنَ الْبَابِ الآخَرِ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو حَازِمٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ:
إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ قَبَضَهُ اللَّهُ دَخَلَ الْمُهَاجِرُونَ فَوْجًا فَوْجًا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَيَخْرُجُونَ ثُمَّ دَخَلَتِ الأَنْصَارُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ ثُمَّ دَخَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ. حَتَّى إِذَا فَرَغْتِ الرِّجَالُ دَخَلْتِ النِّسَاءُ فَكَانَ مِنْهُنَّ صَوْتٌ وَجَزَعٌ لِبَعْضِ ما يكون منهن. فسمعن هذه فِي الْبَيْتِ فَفَرَقْنَ فَسَكَتْنَ. فَإِذَا قَائِلٌ يَقُولُ: فِي اللَّهِ عَزَاءٌ عَنْ كُلِّ هَالِكٍ وَعِوَضٌ مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ وَخَلَفٌ مِنْ كُلِّ مَا فَاتَ. وَالْمَجْبُورُ مِنْ جَبَرَهُ الثَّوَابُ وَالْمُصَابُ مَنْ لَمْ يَجْبُرْهُ الثَّوَابُ!.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وُضِعَ فِي أَكْفَانِهِ ثُمَّ وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ فَكَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ رُفْقًا وَلا يؤمهم عليه أحد. دخل الرجال عَلَيْهِ ثُمَّ النِّسَاءُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: كُنْتُ في من دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَلَى سَرِيرِهِ فَكُنَّا صُفُوفًا نِسَاءً نَقُومُ فَنَدْعُو وَنُصَلِّي عَلَيْهِ. وَدُفِنَ لَيْلَةَ الأَرْبِعَاءِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ قَالَ: وَجَدْتُ هَذَا فِي صَحِيفَةٍ بِخَطِّ أَبِي فِيهَا: لَمَّا كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَقَالا: السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ! وَمَعَهُمَا نَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ قَدْرَ مَا يَسَعُ الْبَيْتُ. فَسَلَّمُوا كَمَا سَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَصَفُّوا(2/221)
صُفُوفًا لا يَؤُمُّهُمْ عَلَيْهِ أَحَدٌ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. وَهُمَا فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ حِيَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْهَدُ أَنْ قَدْ بَلَّغَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ وَنَصَحَ لأُمَّتِهِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى أَعَزَّ اللَّهُ دِينَهُ وَتَمَّتْ كَلِمَاتُهُ فَآمَنَ بِهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ. فَاجْعَلْنَا يَا إِلَهَنَا مِمَّنْ يَتَّبِعُ الْقَوْلَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ وَاجْمَعْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ حَتَّى يَعْرِفَنَا وَنَعْرِفَهُ فَإِنَّهُ كَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفًا رَحِيمًا. لا نَبْتَغِي بِالإِيمَانِ بَدَلا وَلا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا أَبَدًا. فَيَقُولُ النَّاسُ: آمِينَ آمِينَ! ثُمَّ يَخْرُجُونَ وَيَدْخُلُ آخَرُونَ حَتَّى صَلَّوْا عَلَيْهِ. الرِّجَالُ ثُمَّ النِّسَاءُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ. فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ الصَّلاةِ تَكَلَّمُوا فِي مَوْضِعِ قَبْرِهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ. يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَبَنُو هَاشِمٍ ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ دَخَلَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ ثُمَّ النَّاسُ رُفَقًا رُفَقًا.
فَلَمَّا انْقَضَى النَّاسُ دَخَلَ عَلَيْهِ الصِّبْيَانُ صُفُوفًا ثُمَّ النِّسَاءُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سَرِيرِهِ مِنْ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ إِلَى أَنْ زَاغَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ. فَصَلَّى النَّاسُ عَلَى سَرِيرِهِ يَلِي شَفِيرَ قَبْرِهِ. فَلَمَّا أَرَادُوا يَقْبُرُونَهُ نَحُّوا السَّرِيرَ قِبَلَ رِجْلَيْهِ وَأُدْخِلَ مَنْ هُنَاكَ وَدَخَلَ في حُفْرَتَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَقُثَمُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَشُقْرَانُ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا وُضِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى السَّرِيرِ قَالَ عَلِيُّ:
أَلا يَقُومُ عَلَيْهِ أَحَدٌ لَعَلَّهُ يَؤُمَّ؟ هُوَ إِمَامِكُمْ حَيًّا وَمَيِّتًا! فَكَانَ يَدْخُلُ النَّاسُ رَسَلا رَسَلا فَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ صَفًّا صَفًّا لَيْسَ لَهُمْ إِمَامٌ وَيُكَبِّرُونَ وَعَلِيٌّ قَائِمٌ بِحِيَالِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول: سَلامٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ! اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْهَدُ أَنْ قَدْ بَلَّغَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ وَنَصَحَ لأُمَّتِهِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى أَعَزَّ اللَّهُ دِينَهُ وَتَمَّتْ كَلِمَتُهُ! اللَّهُمَّ فَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يَتَّبِعُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْهِ وَثَبِّتْنَا بَعْدَهُ وَاجْمَعْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ! فَيَقُولُ النَّاسُ: آمِينَ آمِينَ! حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ الرِّجَالُ ثُمَّ النِّسَاءُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ.](2/222)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ فَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنُو هَاشِمٍ ثُمَّ الْمُهَاجِرُونَ ثُمَّ الأَنْصَارُ ثُمَّ النَّاسُ حَتَّى فَرَغُوا ثُمَّ النِّسَاءُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: صُلِّيَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِغَيْرِ إِمَامٍ يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ زُمَرًا زُمَرًا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ. فَلَمَّا فَرَغُوا نَادَى عُمَرُ: خَلُّوا الْجَنَازَةَ وَأَهْلَهَا.]
ذِكْرُ مَوْضِعِ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ أَصْحَابُهُ يَتَشَاوَرُونَ أَيْنَ يَدْفِنُونَهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ادْفِنُوهُ حَيْثُ قَبَضَهُ اللَّهُ. فَرُفِعَ الْفِرَاشُ وَدُفِنَ تَحْتَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: قَالَ أَبُو بكر أين يدفن رسول الله. ص؟ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: عِنْدَ الْمِنْبَرِ. وَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: حَيْثُ كَانَ يُصَلِّي يَؤُمُّ النَّاسَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلْ يُدْفَنُ حَيْثُ تَوَفَّى اللَّهُ نَفْسَهُ. فَأُخِّرَ الْفِرَاشُ ثُمَّ حُفِرَ لَهُ تَحْتَهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: أَيْنَ يُدْفَنُ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي الْمَكَانِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا فُرِغَ مِنْ جِهَازِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الثُّلاثَاءِ وُضِعَ عَلَى سَرِيرٍ فِي بَيْتِهِ. وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي دَفْنِهِ فَقَالَ قَائِلٌ:
ادْفِنُوهُ فِي مَسْجِدِهِ. وَقَالَ قَائِلٌ: ادْفِنُوهُ مَعَ أَصْحَابِهِ بِالْبَقِيعِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: مَا مَاتَ نَبِيٌّ إِلا دفن حيث يقبض. فرفع فراش النبي.
ص. الَّذِي تُوُفِّيَ عَلَيْهِ ثُمَّ حُفِرَ لَهُ تَحْتَهُ «1» .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ يَحْيَى بْنِ بَهْمَاهِ مَوْلَى
__________
(1) انظر: [كنز العمال (32238) ] .(2/223)
عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِنَّمَا تُدْفَنُ الأَجْسَادُ حَيْثُ تُقْبَضُ الأَرْوَاحُ] «1» .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَ رسول الله. ص: مَا تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيًّا قَطُّ إِلا دُفِنَ حَيْثُ تُقْبَضُ رُوحُهُ] .
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ خَلِيلِيَ يَقُولُ: مَا مَاتَ نَبِيُّ قَطُّ فِي مَكَانٍ إِلا دُفِنَ فِيهِ. قُلْتُ لابْنِ ذَرٍّ: مِمَّنْ سَمِعْتَهُ؟ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ «2» .
[أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا تُوُفِّيَ قَالَ نَاسٌ: يُدْفَنُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ. وَقَالَ آخَرُونَ: يُدْفَنُ بِالْبَقِيعِ. فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول: مَا دُفِنَ نَبِيٌّ إِلا فِي مَكَانِهِ الَّذِي قَبَضَ اللَّهُ فِيهِ نَفْسَهُ. قَالَ: فَأُخِّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْمَكَانِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَحُفِرَ لَهُ فِيهِ] «3» .
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ لأَبِي بَكْرٍ: إِنِّي رَأَيْتُ فِيَ الْمَنَامِ كَأَنَّ ثَلاثَةَ أَقْمَارٍ سَقَطْنَ فِي حُجْرَتِي! فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَيْرٌ! قَالَ يَحْيَى: فَسَمِعْتُ النَّاسَ يَتَحَدَّثُونَ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا قُبِضَ فَدُفِنَ فِي بَيْتِهَا قَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ: هَذَا أَحَدُ أَقْمَارِكِ وَهُوَ خَيْرُهَا.
أخبرنا هاشم بن القاسم. أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ: رَأَيْتُ فِيَ حُجْرَتِي ثَلاثَةَ أَقْمَارٍ فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ: مَا أَوَّلْتِهَا؟ قُلْتُ:
أَوَّلْتُهَا وَلَدًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَكَتَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَاهَا فَقَالَ لَهَا: خَيْرُ أَقْمَارِكِ ذُهِبَ بِهِ! ثُمَّ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ دُفِنُوا جَمِيعًا فِي بَيْتِهَا.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: قُسِمَ بَيْتُ عَائِشَةَ بِاثْنَيْنِ:
قِسْمٌ كَانَ فِيهِ الْقَبْرُ. وَقِسْمٌ كَانَ تَكُونُ فِيهِ عَائِشَةُ. وَبَيْنَهُمَا حَائِطٌ. فَكَانَتْ عَائِشَةُ رُبَّمَا دَخَلَتْ حَيْثُ الْقَبْرُ فُضُلا. فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ لَمْ تَدْخُلْهُ إلا وهي جامعة عليها ثيابها.
__________
(1) انظر: [مصنف عبد الرزاق (6532) ، والمعجم الكبير للطبراني (19/ 242) ] .
(2) انظر: [كنز العمال (32235) ] .
(3) انظر: [كنز العمال (18746) ] .(2/224)
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبِي يَذْكُرُ قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْشِفُ قِنَاعَهَا حَيْثُ دفن أبوها مع رسول الله.
ص. فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ تَقَنَّعَتْ فَلَمْ تَطْرَحِ الْقِنَاعَ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي يَزِيدَ قَالا: لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - عَلَى بَيْتِ النَّبِيِّ حَائِطٌ فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ بَنِي عَلَيْهِ جِدَارًا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ: كَانَ جِدَارُهُ قَصِيرًا ثُمَّ بَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بَعْدُ وَزَادَ فِيهِ.
ذِكْرُ حَفْرِ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاللَّحْدِ لَهُ
[أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ الْبَجَلِيِّ أَبِي الْيَقْظَانِ عَنْ زَاذَانَ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص:
اللحد لنا والشق لغيرنا. قال وَكِيعٌ فِي حَدِيثِهِ: وَالشَّقُّ لأَهْلِ الْكِتَابِ. وَقَالَ الفضل ابن دُكَيْنٍ فِي حَدِيثِهِ: وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا] «1» .
أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ. حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ بالمدينة رجلان يحفرون الْقُبُورَ يَلْحَدُ أَحَدُهُمَا وَيَشُقُّ الآخَرُ. قَالَ فَقَالُوا: كيف نصنع برسول الله. ص؟ فَقَالَ بَعْضُهُمُ: انْظُرُوا أَوَّلَهُمَا يَجِيءُ فَلْيَعْمَلْ عَمَلَهُ. فَجَاءَ الَّذِي يَلْحَدُ فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَهِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ يَزِيدُ: قَالَ أَخْبَرَنَا. وَقَالَ هِشَامٌ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ. قَالَ يَزِيدُ: حَفَّارَانِ. وَقَالَ هِشَامٌ: قَبَّارَانِ. أَحَدُهُمَا يَلْحَدُ وَالآخَرُ يَشُقُّ.
فَانْتَظِرُوا أَنْ يَجِيءَ أَحَدُهُمَا فَجَاءَ الَّذِي يَلْحَدُ فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ
__________
(1) انظر: [سنن أبي داود، الباب (65) من الجنائز، وسنن الترمذي (1045) ، وسنن النسائي (4/ 80) ، وسنن ابن ماجة (1554) ، (1555) ، ومسند أحمد (4/ 357، 363) ، والسنن الكبرى (3/ 408) ، والمعجم الكبير للطبراني (2/ 360) ، (12/ 37) ، ومصنف ابن أبي شيبة (3/ 323) ، ومسند الحميدي (808) ] .(2/225)
عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ قَالا: أُرْسِلَ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ وَإِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ. وَأَهْلُ مَكَّةَ يَشُقُّونَ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَلْحِدُونَ. فَجَاءَ أَبُو طَلْحَةَ فَحَفَرَ لَهُ وَأَلْحَدَ.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَحُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عبد الله ابن أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثُوا إِلَى حَافِرَيْنِ إِلَى الَّذِي يَشُقُّ وَإِلَى الَّذِي يَلْحَدُ. فَجَاءَ الَّذِي يَلْحَدُ فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنِ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُلْحِدَ لَهُ لَحْدٌ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَشُقُّ وَآخَرُ يلحد. فلما قبض النبي.
ص. اجْتَمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِمَا وَقَالُوا: اللَّهُمَّ خِرْ لَهُ. فَطَلَعَ الَّذِي يَلْحَدُ.
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ. أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ حَفَّارَانِ أَحَدُهُمَا يَحْفِرُ الضَّرِيحَ وَالآخَرُ يَحْفِرُ اللَّحْدَ. وَأَنَّهُ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: أَيُّهُمَا يَسْبِقُ أَمَرْنَاهُ فَيَحْفِرُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَسَبَقَ الَّذِي يَحْفِرُ اللَّحْدَ. قَالَ هِشَامٌ: فَكَانَ أَبِي يَعْجَبُ مِمَّنْ يُدْفَنُ فِي الضَّرِيحِ وَقَدْ دفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فِي اللَّحْدِ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلانِ أَحَدُهُمَا يَلْحَدُ وَالآخَرُ لا يَلْحَدُ. فَقَالُوا: أَيُّهُمَا جَاءَ أَوَّلا عَمِلَ عَمَلَهُ. فَجَاءَ الَّذِي يَلْحَدُ فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا الأَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - أُلْحِدَ لَهُ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قِيلَ لِسَعْدٍ نَجْعَلُ لَكَ خَشَبًا نَدْفِنُكَ فِيهِ؟
فَقَالَ: لا وَلَكِنِ الْحَدُوا لِي كَمَا لُحِدَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ عَنْ نَافِعٍ وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى(2/226)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ وَعُمَرَ مَوْلَى غَفْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لُحِدَ لَهُ.
[أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ الَّذِي أَلْحَدَ قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو طَلْحَةَ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو الْعَقَدِيُّ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ قَالا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ الزُّهْرِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ ابن مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنَّ سَعْدًا حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: الْحَدُوا لِي لَحْدًا وَانْصِبُوا عَلَيَّ نَصْبًا كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي اللَّبِنَ.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: ذَكَرَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ أُلْحِدَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنُصِبَ عَلَى لَحْدِهِ لَبِنٌ] .
[أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ أُلْحِدَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ نُصِبَ عَلَى لَحْدِهِ اللَّبِنُ] .
[أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ: لُحِدَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَحْدٌ وَنُصِبَ عَلَى لَحْدِهِ اللَّبِنُ نَصْبًا] .
أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْبَلْخِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الأسود أنه سمع القاسم ابن مُحَمَّدٍ يَقُولُ: لُحِدَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنُصِبَ عَلَى لَحْدِهِ اللَّبِنُ.
أَخْبَرَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ. أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ:
لُحِدَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجُعِلَ عَلَى لَحْدِهِ اللَّبِنُ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ. أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ قَالَ:
سَأَلْتُ عَامِرًا عَنْ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: هُوَ بِلَحْدٍ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ: أَضُرِحَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَرِيحٌ أَوْ أُلْحِدَ لَهُ لَحْدٌ؟ قَالَ: أُلْحِدَ لَهُ لَحْدٌ وَجُعِلَ فِي قَبْرِهِ اللَّبِنُ.
أَخْبَرَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ النَّخَعِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُرَيْسٍ الْجَعْفَرِيُّ.(2/227)
حَدَّثَنِي حَمَّادٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُلْحِدَ لَهُ قَبْرُهُ وَأُدْخِلَ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يُسَلُّ سَلا.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ. أَخْبَرَنَا جَابِرٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وسالم بن عبد الله بن عمر: أَنَّ هَذِهِ الأَقْبُرَ الثَّلاثَةَ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقُبِرَ أَبِي بَكْرٍ وَقُبِرَ عُمَرَ كُلُّهَا بِلَبِنٍ وَبِلَحْدٍ وَقِبْلَةٍ وَجَثًا. قَالَ جَابِرٌ: وَكُلُّهُمْ جَدُّهُ فِيهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَحْفِرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلانِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ يَضْرَحُ حَفْرَ أَهْلِ مَكَّةَ وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ الأَنْصَارِيُّ هُوَ الَّذِي يَحْفِرُ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَكَانَ يَلْحَدُ. فَدَعَا الْعَبَّاسُ رَجُلَيْنِ فَقَالَ لأَحَدِهِمَا:
اذْهَبْ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ. وَقَالَ لِلآخَرِ: اذْهَبْ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ. اللَّهُمَّ خِرْ لِرَسُولِكَ.
فوجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة فجاء به فألحد له.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: اخْتَلَفُوا فِي الشَّقِّ وَاللَّحْدِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: شُقُّوا كَمَا يَحْفِرُ أَهْلُ مَكَّةَ. وَقَالَتِ الأَنْصَارُ: الْحَدُوا كَمَا نَحْفِرُ بِأَرْضِنَا. فَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ قَالُوا: اللَّهُمَّ خِرْ لِنَبِيِّكَ. ابْعَثُوا إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ وَإِلَى أَبِي طَلْحَةَ فَأَيُّهُمَا جَاءَ قَبْلَ الآخَرِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلَهُ.
قَالَ: فَجَاءَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ خَارَ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّهُ كَانَ يَرَى اللَّحْدَ فَيُعْجِبَهُ.
ذِكْرُ مَا أُلْقِيَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: جُعِلَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ. قَالَ وَكِيعٌ: هَذَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً.
أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ الَّذِي أَلْقَى الْقَطِيفَةَ شُقْرَانُ مَوْلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا الأَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيُّ(2/228)
عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُسِطَ تَحْتَهُ سَمَلُ قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ كان يلبسها. قال:
وكانت أرض نَدِيَّةً.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَدِيُّ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ جابر ابن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: فُرِشَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمَلُ قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ كَانَ يَلْبَسُهَا.
[أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي الصَّهْبَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ الحسن يقول: قال رسول الله. ص: افْرِشُوا لِي قَطِيفَتَيْ فِي لَحْدِي فَإِنَّ الأَرْضَ لَمْ تُسَلَّطْ عَلَى أَجْسَادِ الأَنْبِيَاءِ] «1» .
أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ. أَخْبَرَنَا قتادة: أن النبي.
ص. فُرِشَ تَحْتَهُ قَطِيفَةٌ.
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ وَخَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ غُلامًا كَانَ يَخْدُمُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فلما دفن النبي - صلى الله عليه وسلم -
رأى قطيفة كان يَلْبَسُهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى نَاحِيَةِ الْقَبْرِ فَأَلْقَاهَا فِي الْقَبْرِ وَقَالَ: لا يَلْبَسُهَا أَحَدٌ بَعْدَكَ أَبَدًا! فَتُرِكَتْ.
ذِكْرُ مَنْ نَزَلَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا الأَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيُّ عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَدْخَلَهُ الْقَبْرَ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: دَخَلَ قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَأُسَامَةُ. قَالَ عَامِرٌ: وَأَخْبَرَنِي مَرْحَبٌ أَوِ ابْنُ أَبِي مَرْحَبٍ أَنَّهُمْ أَدْخَلُوا معهم في الْقَبْرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ. قَالَ وَكِيعٌ فِي حَدِيثِهِ:
قَالَ الشَّعْبِيُّ: وَإِنَّمَا يَلِي الْمَيِّتَ أَهْلُهُ.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ:
دَخَلَ قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَةٌ. قَالَ الْفَضْلُ فِي حَدِيثِهِ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَآهُمْ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَامِرٍ قَالَ:
__________
(1) انظر: [كنز العمال (42245) ، والبداية والنهاية (5/ 269) ] .(2/229)
حَدَّثَنِي مَرْحَبٌ أَوِ ابْنُ أَبِي مَرْحَبٍ قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَةً أَحَدُهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ.
أَخْبَرَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ. أَخْبَرَنَا هشيم قال: أخبرنا يونس بن عبيد عن عِكْرِمَةَ قَالَ: دَخَلَ قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَقَالَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ خَوَلِيُّ أَوِ ابْنُ خَوَلِيِّ: قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي كُنْتُ أَشْهَدُ قُبُورَ الشُّهَدَاءِ. فَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ. فَأَدْخَلُوهُ مَعَهُمْ.
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: وَلِيَ وَضْعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَبْرِهِ هَؤُلاءِ الرَّهْطُ الَّذِينَ غَسَّلُوهُ:
الْعَبَّاسُ وَعَلِيُّ وَالْفَضْلُ وَصَالِحٌ مَوْلاهُ. وَخَلَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَأَهْلِهِ فَوَلَّوْا إِجْنَانَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: نَزَلَ فِي حُفْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - على والفضل بن الْعَبَّاسِ وَالْعَبَّاسُ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَأَوْسُ بْنُ خَوَلِيِّ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ نَزَلَ فِي حُفْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ وَعَبَّاسٌ وَعَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَأَوْسُ بْنُ خَوَلِيٍّ. وَهُمُ الَّذِينَ وُلُّوا كَفَنَهُ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
نَزَلَ فِي حُفْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيُّ وَالْفَضْلُ وَأُسَامَةُ. وَيَقُولُونَ صَالِحٌ وشقران وأوس ابن خَوَلِيٍّ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ثُمَّ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ صَالِحِ مَوْلَى التوأمة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَ فِي حُفْرَةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على وَالْفَضْلُ وَشُقْرَانُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: سَأَلْتُهُ مَنْ نَزَلَ في حفرة رسول الله. ص؟ قَالَ:
أَهْلُهُ وَنَزَلَ مَعَهُمْ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِنْ بَلْحُبْلَى أَوْسُ بْنُ خَوَلِيٍّ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ:
قَالَ أَوْسُ بْنُ خَوَلِيٍّ: يَا أَبَا حَسَنٍ نَنْشُدُكَ اللَّهَ وَمَكَانَنَا مِنَ الإِسْلامِ أَلا أَذِنْتَ لِي أنزل في(2/230)
قَبْرِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: انْزِلْ. فَقُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ: وَكَمْ كَانُوا؟ قَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَأَوْسُ بْنُ خَوَلِيٍّ.]
ذِكْرُ قَوْلِ الْمُغِيرَةِ بن شعبة إنه آخر الناس عهدا برسول اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: كَانَ يُحَدِّثُنَا هَاهُنَا. يَعْنِي بِالْكُوفَةِ. قَالَ: أَنَا آخِرُ النَّاسِ عَهْدًا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا دُفِنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَرَجَ عَلِيٌّ مِنَ الْقَبْرِ أُلْقِيَتْ خَاتَمِي فَقُلْتُ: يَا أَبَا حَسَنٍ خَاتَمِي! قَالَ: انْزِلْ فَخُذْ خَاتَمَكَ! فَنَزَلْتُ فَأَخَذْتُ خَاتَمِي وَوَضَعْتُ خَاتَمِي عَلَى اللَّبِنِ ثُمَّ خَرَجْتُ.
[أَخْبَرَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضٌ مَشْيَخَتِنَا قَالَ: لَمَّا خَرَجَ عَلِيٌّ مِنَ الْقَبْرِ أَلْقَى الْمُغِيرَةُ خَاتَمَهُ فِي الْقَبْرِ وَقَالَ لِعَلِيٍّ:
خَاتَمِي! فَقَالَ عَلِيٌّ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: ادْخُلْ فَنَاوِلْهُ خَاتَمَهُ. فَفَعَلَ] .
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ. أَخْبَرَنَا أَبُو عَسِيمٍ شَهِدَ ذَاكَ قَالَ: لَمَّا وُضِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي لَحْدِهِ قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ:
إِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ شَيْءٌ لَوْ تُصْلِحُونَهُ! قَالُوا: فَادْخُلْ فَأَصْلِحْهُ. فَدَخَلَ فَمَسَحَ قَدَمَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ: أَهِيلُوا عَلَيَّ التُّرَابَ! فَأَهَالُوا عَلَيْهِ التُّرَابَ حَتَّى بَلَغَ أَنْصَافَ سَاقَيْهِ فَخَرَجَ فَجَعَلَ يَقُولُ: أَنَا أَحْدَثُكُمْ عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ التَّيْمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا وُضِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي لَحْدِهِ أَلْقَى المغيرة ابن شُعْبَةَ خَاتَمَهُ فِي الْقَبْرِ ثُمَّ قَالَ: خَاتَمِي خَاتَمِي! فَقَالُوا: ادْخُلْ فَخُذْهُ! فَدَخَلَ ثُمَّ قَالَ: أَهِيلُوا عَلَيَّ التُّرَابَ. فَأَهَالُوا عَلَيْهِ التُّرَابَ حَتَّى بَلَغَ أَنْصَافَ سَاقَيْهِ فَخَرَجَ. فَلَمَّا سُوِّيَ عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: اخْرُجُوا حَتَّى أُغْلِقَ الْبَابَ فَإِنِّي أَحْدَثُكُمْ عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا: لَعَمْرِي! لَئِنْ كُنْتَ أَرَدْتَهَا لَقَدْ أَصَبْتَهَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: آخِرُ النَّاسِ عَهْدًا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَبْرِهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ أَلْقَى فِي قَبْرِهِ خَاتَمَهُ ثُمَّ قَالَ: خَاتَمِي! فَنَزَلَ فَأَخَذَهُ وَقَالَ: مَا أَلْقَيْتُهُ إِلا لِذَلِكَ.(2/231)
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: أَنَّ الْمُغِيرَةِ بْنَ شُعْبَةَ أَلْقَى فِي قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ أَنْ خَرَجُوا خَاتَمَهُ لِيَنْزِلَ فِيهِ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: إِنَّمَا أَلْقَيْتَ خَاتَمَكَ لِكَيْ تَنْزِلَ فِيهِ فَيُقَالَ: نَزَلَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَنْزِلُ فِيهِ أَبَدًا! وَمَنْعَهُ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: لا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّكَ نَزَلَتْ فِيهِ وَلا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ خَاتَمَكَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَزَلَ عَلِيُّ وَقَدْ رَأَى مَوْقِعَهُ فَتَنَاوَلَهُ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حدثني حفص بن عمر بن عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قُلْتُ زَعَمَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ أَنَّهُ آخِرُ النَّاسِ عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: كَذَبَ وَاللَّهِ! أَحْدَثُ النَّاسِ عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُثَمُ بْنُ الْعَبَّاسِ كَانَ أَصْغَرُ مَنْ كَانَ فِي الْقَبْرِ وَكَانَ آخِرَ مَنْ صَعِدَ.
ذِكْرُ دَفْنِ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ فَشُغِلَ النَّاسُ عَنْ دَفْنِهِ بِشُبَّانِ الأَنْصَارِ فَلَمْ يُدْفَنْ حَتَّى كَانَتِ الْعَتَمَةُ وَلَمْ يَلِهِ إِلا أَقَارِبُهُ. وَلَقَدْ سَمِعَتْ بَنُو غَنْمٍ صَرِيفَ الْمَسَاحِي حِينَ حُفِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّهُمْ لَفِي بُيُوتِهِمْ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ أَبِي الأَخْضَرِ. أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ. حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي غَنْمٍ: أَنَّهُمْ سَمِعُوا صَرِيفَ الْمَسَاحِي وَرَسُولُ اللَّهِ.
ص. يُدْفَنُ لَيْلا.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الأَخْضَرِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: دُفِنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلا فَقَالَتْ بَنُو لَيْثٍ: كُنَّا نَسْمَعُ صَرِيفَ الْمَسَاحِي وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يُدْفَنُ بِاللَّيْلِ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زوج النبي.
ص. كَانَتْ تَقُولُ: مَا صَدَّقْتُ بِمَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى سَمِعْتُ بِوَقْعِ الْكَرَازِينِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا عَلِمْنَا بِدَفْنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى سَمِعْنَا(2/232)
صَوْتَ الْمَسَاحِي لَيْلَةَ الثُّلاثَاءِ فِي السَّحَرِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: دُفِنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لَيْلا. قَالَ شُيُوخٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي بَنِي غَنْمٍ: سَمِعْنَا صَوْتَ الْمَسَاحِي آخِرَ اللَّيْلِ لَيْلَةَ الثُّلاثَاءِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ لَبِيبَةَ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الاثْنَيْنِ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نمر عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الاثْنَيْنِ وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ.
أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أُدْخِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ.
أَخْبَرَنَا نُوحُ بْنُ يَزِيدَ الْمُؤَدِّبُ قَالَ: سُئِلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ كَمْ نُزِّلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فِي الأَرْضِ؟ قَالَ: ثَلاثًا.
ذِكْرُ رَشِّ الْمَاءِ عَلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا معن بْنُ عِيسَى الأَشْجَعِيُّ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُشَّ عَلَى قَبْرِهِ الْمَاءُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: رُشَّ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَاءُ.
ذِكْرُ تَسْنِيمِ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالا: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ(2/233)
أَبِي الْبَرَاءِ. قَالَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: أَظُنُّهُ مَوْلًى لآلِ الزُّبَيْرِ. قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ مُصْعَبِ ابن الزُّبَيْرِ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ. يَعْنِي قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَرَأَيْتُ قُبُورَهُمُ مُسْتَطِيلَةً.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ الثَّقَفِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ دِينَارٍ قال: رأيت قبر النبي.
ص. وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مُسَنَّمَةً.
أَخْبَرَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ النَّخَعِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُرَيْسٍ. أخبرنا حماد عَنْ إِبْرَاهِيمَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جُعِلَ عَلَى قَبْرِهِ شَيْءٌ مُرْتَفِعٌ مِنَ الأَرْضِ حَتَّى يُعْرَفَ أَنَّهُ قَبْرُهُ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ نَبَثُ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شِبْرًا] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ ابن سَعْدٍ قَالَ: كَانَ قَبْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مُسَنَّمَةٌ عَلَيْهَا نَقَلٌ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ قَالَ:
سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: اطَّلَعْتُ وَأَنَا صَغِيرٌ عَلَى الْقُبُورِ فَرَأَيْتُ عَلَيْهَا حَصْبَاءَ حَمْرَاءَ.
[أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ الْمَكِّيُّ. أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ. حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بن نوفل بْنِ الْمُغِيرَةِ الْهَاشِمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: انْهَدَمَ الْجِدَارُ الَّذِي عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَمَرَ عُمَرُ بِعِمَارَتِهِ. قَالَ: فَإِنَّهُ لَجَالِسٌ وَهُوَ يُبْنَى إِذْ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ: قُمْ يَا عَلِيُّ فَقُمَّ الْبَيْتَ. يَعْنِي بَيْتَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام إليه القاسم ابن مُحَمَّدٍ فَقَالَ: وَأَنَا أَصْلَحَكَ اللَّهُ! قَالَ: نَعَمْ وَأَنْتَ فَقُمْ. ثُمَّ قَالَ لَهُ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ:
وَأَنَا أَصْلَحَكَ اللَّهُ! قَالَ: اجْلِسُوا جَمِيعًا وَقُمْ يَا مُزَاحِمُ فَقُمَّهُ. فَقَامَ مُزَاحِمٌ فَقُمَّهُ. قَالَ مُسْلِمٌ: وَقَدْ أُثْبِتَ لِي بِالْمَدِينَةِ أَنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ قَبْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْتُ عَائِشَةَ وَأَنَّ بَابَهُ وَبَابَ حُجْرَتِهِ تُجَاهَ الشَّامِ وَأَنَّ الْبَيْتَ كَمَا هُوَ سَقْفُهُ عَلَى حَالِهِ وَأَنَّ فِي الْبَيْتِ جَرَّةً وَخَلَقَ رِحَالِهِ] .
أَخْبَرَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ عَنْ هُشَيْمٍ. أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَقَطَ حَائِطُ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في زمن(2/234)
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْمَدِينَةِ فِي وِلايَةِ الْوَلِيدِ. وَكُنْتُ فِي أَوَّلِ مَنْ نَهَضَ فَنَظَرْتُ إِلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَائِطِ عَائِشَةَ إِلا نَحْوٌ مِنْ شِبْرٍ.
فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ لَمْ يُدْخِلُوهْ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ.
ذِكْرُ سِنِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ قُبِضَ
أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ. حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَهُوَ يَقُولُ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو مَعْمَرٍ الْمِنْقَرِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ.
أخبرنا أبو غالب الباهمي أَنَّهُ شَهِدَ الْعَلاءَ بْنَ زِيَادٍ الْعَدَوِيَّ يَسْأَلُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ سِنُّ أَيِّ الرِّجَالِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ تُوُفِّيَ؟ قَالَ: تَمَّتْ لَهُ سِتُّونَ سَنَةً يَوْمَ قَبَضَهُ اللَّهُ كَأَشَبِّ الرِّجَالِ وَأَحْسَنِهِ وَأَجْمَلِهِ وَأَلْحَمِهِ.
أَخْبَرَنَا الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ وَالْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بن سلمة عن عمرو بن دينار عن عُرْوَةَ قَالَ: بُعِثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. حَدَّثَنِي قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ عن أنس بن مالك عن النبي. ص: أَنَّهُ تُنُبِّئَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَمَكَثَ بِمَكَّةَ عَشْرًا وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا وَتُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ.
[أَخْبَرَنَا الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: يَا فَاطِمَةُ إِنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ نَبِيٌّ إِلا عُمِّرَ الَّذِي بَعْدَهُ نِصْفَ عُمْرِهِ. وَإِنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ بُعِثَ لأَرْبَعِينَ وَإِنِّي بُعِثْتُ لِعِشْرِينَ] «1» .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله الأسدي. أخبرنا سفيان الثوري عن الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: يَعِيشُ كُلُّ نَبِيٍّ نِصْفَ عُمُرِ الَّذِي قَبْلَهُ. وَإِنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ مَكَثَ فِي قَوْمِهِ أَرْبَعِينَ عَامًا] .
[أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. أَخْبَرَنَا زكريا بْنُ إِسْحَاقَ. أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابن
__________
(1) انظر: [كنز العمال (32259) ] .(2/235)
عَبَّاسٍ وَأَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ. أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى وَالْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالُوا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بن بلال عن يونس ابن يَزِيدَ الأَيْلِيِّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَأَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي السَّفَرِ عَنْ عَامِرٍ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ وَأَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ الْبَجَلِيِّ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ. يَعْنِي ابْنَ أَبِي سُفْيَانَ. وَأَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ وَأَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَسَارِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَقَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَأَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَأَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ. أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ عَنْ دَاوُدَ عَنْ عَامِرٍ وَأَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ بَابٍ عَنْ دَاوُدَ عَنْ عَامِرٍ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَحَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالُوا جَمِيعًا: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَهُوَ الثَّبَتُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ] .
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وهو ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ. أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ عَنْ يُونُسَ عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ كَمْ أَتَى لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ مَاتَ؟ قَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى مِثْلَكَ مِنْ قَوْمِهِ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ! قُلْتُ: إِنِّي سَأَلْتُ عَنْ ذَاكَ فَاخْتُلِفَ عَلَيَّ. قَالَ:
أَتَحْسِبُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: أَمْسِكْ. أَرْبَعِينَ بُعِثَ لَهَا. وَخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِمَكَّةَ(2/236)
يُكَامِنُ وَيَخَافُ. وَعَشْرٌ مُهَاجَرُهُ بِالْمَدِينَةِ.
ذِكْرُ مُقَامِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة بعد الهجرة إلى أن قُبِضَ
أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أنس ابن مَالِكٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ وَكَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى قَالُوا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ. أَخْبَرَنَا عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. أخبرنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالُوا جَمِيعًا: أَقَامَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة عشر سِنِينَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثِ أَبِي جَمْرَةَ: وَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً يُوحَى إِلَيْهِ.
ذِكْرُ الْحُزْنِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ نَدَبَهُ وبكى عَلَيْهِ
[أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ يتغشاه الكرب فقالت فاطمة: وا كرب أبتاه! فقال لها النبي. ص:
لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ! «1» فَلَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ فَاطِمَةُ: يَا أَبَتَاهُ! أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ. يَا أَبَتَاهُ! جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهْ. يَا أَبَتَاهْ! إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ. يَا أَبَتَاهْ! مِنْ رَبِّهِ مَا أَدْنَاهْ! قَالَ: فَلَمَّا دُفِنَ قَالَتْ فَاطِمَةُ: يَا أَنَسُ أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التراب؟] .
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: لَمَّا
__________
(1) انظر: [صحيح البخاري (6/ 18) ، وفتح الباري (8/ 149) ، ومشكاة المصابيح (5961) ، وكنز العمال (32190) ، (42213) ، والبداية والنهاية (5/ 273) ] .(2/237)
تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَكَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَقِيلَ لَهَا: يَا أُمَّ أيمن أتبكين على رسول الله.
ص؟ فَقَالَتْ: أَمَا وَاللَّهِ مَا أَبْكِي عَلَيْهِ أَلا أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا. وَلَكِنْ أَبْكِي عَلَى خَبَرِ السَّمَاءِ انْقَطَعَ!.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَذْكُرُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلا بَكَى.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي شِبْلُ بْنُ الْعَلاءِ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ بَكَتْ فَاطِمَةُ. عَلَيْهَا السَّلامُ. فَقَالَ لها النبي. ص: لا تَبْكِي يَا بُنَيَّةُ! قُولِي إِذَا مَا مِتُّ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ! فَإِنَّ لِكُلِّ إِنْسَانٍ بِهَا مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ مَعْوَضَةً.
قَالَتْ: وَمِنْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَمِنِّي] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ فَاطِمَةَ ضَاحَكَةً بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ألا أَنَّهَا قَدْ تُمُودِي فِي طَرَفِ فِيهَا.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنِي بَعْضُ آلِ يَرْبُوعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ قَالَ: جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَوْمًا مُتَقَنِّعًا مُتَحَازِنًا.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَرَاكَ مُتَحَازِنًا! فَقَالَ عَلِيُّ: إِنَّهُ عَنَانِي مَا لَمْ يُعْنِكَ! قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اسْمَعُوا مَا يَقُولُ! أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَتَرَوْنَ أَحَدًا كَانَ أَحْزَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنِّي؟] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَزِنَ عَلَيْهِ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يُوَسْوِسُ. فَكُنْتُ مِمَّنْ حَزِنَ عَلَيْهِ. فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ فِي أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ وَقَدْ بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ إِذْ مَرَّ بِي عُمَرُ فَلَمْ أَشْعُرْ بِهِ لِمَا بِي مِنَ الْحُزْنِ. فَانْطَلَقَ عُمَرُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ. أَلا أُعَجِّبُكَ؟ مَرَرْتُ عَلَى عُثْمَانَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلامَ! فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِيَدِ عُمَرَ فَأَقْبَلا جَمِيعًا حَتَّى أَتَيَانِي فَقَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ: يَا عُثْمَانُ جَاءَنِي أَخُوكَ فَزَعَمَ أَنَّهُ مَرَّ بِكَ فَسَلَّمَ عَلَيْكَ فَلَمْ تُرَدَّ عَلَيْهِ. فَمَا الَّذِي حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟
فَقُلْتُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ مَا فَعَلْتُ! فَقَالَ عُمَرُ: بَلَى وَاللَّهِ وَلَكِنَّهَا عُبِّيَّتُكُمْ يَا بَنِي أُمَيَّةَ! فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا شَعَرْتُ أَنَّكَ مَرَرْتَ بِي وَلا سَلَّمْتَ عَلَيَّ! فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقْتَ. أَرَاكَ وَاللَّهِ شُغِلْتَ عَنْ ذَلِكَ بِأَمْرٍ حَدَّثْتَ بِهِ نَفْسَكَ! قَالَ: فَقُلْتُ أَجَلْ! قَالَ: فَمَا هو؟ فقلت:(2/238)
تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ أَسْأَلْهُ عَنْ نَجَاةِ هَذِهِ الأُمَّةِ مَا هُوَ. وَكُنْتُ أُحَدِّثُ بِذَلِكَ نَفْسِي وَأَعْجَبُ مِنْ تَفْرِيطِي فِي ذَلِكَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَنِي بِهِ.
فَقَالَ عُثْمَانُ: مَا هُوَ؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَأَلْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَجَاةُ هَذِهِ الأُمَّةِ؟ فَقَالَ:
[مَنْ قَبِلَ مِنِّي الْكَلِمَةَ الَّتِي عَرَضْتُهَا عَلَى عَمِّي فَرَدَّهَا عَلَيَّ فَهِيَ لَهُ نَجَاةٌ. وَالْكَلِمَةُ الَّتِي عَرْضَهَا عَلَى عَمِّهِ: شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا أَرْسَلَهُ اللَّهُ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ:
اجْتَمَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِسَاؤُهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَتْ صَفِيَّةُ زَوْجَتُهُ: أَمَا وَاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ الَّذِيَ بِكَ بِي! فَغَمَزَتْهَا أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبْصَرَهُنَّ النَّبِيُّ فَقَالَ: مَضْمِضْنَ! فَقُلْنَ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مِنْ تَغَامُزِكُنَّ بِصَاحِبَتِكُنَّ! وَاللَّهِ إِنَّهَا لَصَادِقَةٌ!] .
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ التَّيْمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ: أَنَّ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ذَهَبَ بَصَرُهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ يَعُودُونَهُ فَقَالَ: إِنَّمَا كُنْتُ أُرِيدُهُمَا لأَنْظُرَ بهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وَسَلَّمَ - فَأَمَّا إِذْ قَبَضَ اللَّهُ نَبِيِّهُ فَمَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَا بِهِمَا بِظَبْيٍ مِنْ ظِبَاءِ تَبَالَةَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُرَّةَ الْمَكِّيُّ. أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَضْطَجِعُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَرَأَتْهُ خَرَجَ عَلَيْهَا فِي النَّوْمِ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا هَذَا إِلا لِشَيْءٍ فُتِنْتُ بِهِ وَلا يَخْرُجُ عَلَيَّ أَبَدًا! فَتَرَكَتْ ذَلِكَ.
ذِكْرُ مِيرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا تَرَكَ
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول: إِنَّا لا نُورَثُ. مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ] «1» .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَمَالِكٌ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَحَدَّثَنِي مَعْمَرٌ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ عَنْ عُمَرَ بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي
__________
(1) انظر: [مسند أحمد (1/ 25، 48، 162، 164، 191) ، ومعاني الآثار (2/ 5) ] .(2/239)
ابن أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالُوا:
قال رسول الله. ص: لا نُورَثُ. مَا تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ. يُرِيدُ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ نَفْسَهُ] «1» .
[أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ الْمَخْلَدِ الْبَجَلِيُّ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا وَلا درهما.
ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤونة عَامِلِي فَإِنَّهُ صَدَقَةٌ] «2» .
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. حَدَّثَنِي الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ: أَنَّ فَاطِمَةَ قَالَتْ لأَبِي بَكْرٍ: مَنْ يَرِثُكَ إِذَا مِتَّ؟ قَالَ: وَلَدِي وَأَهِلِّي! قَالَتْ: فَمَا لَكَ وَرِثْتَ النَّبِيَّ دُونَنَا؟ فَقَالَ: يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّي وَاللَّهِ مَا وَرِثْتُ أَبَاكِ أَرْضًا وَلا ذَهَبًا وَلا فِضَّةً وَلا غُلامًا وَلا مَالا! قَالَتْ: فَسَهْمُ اللَّهِ الَّذِي جَعَلَهُ لَنَا وَصَافِيَتُنَا الَّتِي بِيَدِكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: إِنَّمَا هِيَ طُعْمَةٌ أَطْعَمَنِيهَا اللَّهُ فَإِذَا مِتُّ كَانَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
إِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ. وَفَاطِمَةُ حِينَئِذٍ تَطْلُبُ صَدَقَةَ النَّبِيِّ الَّتِي بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكَ وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمْسِ خَيْبَرَ. فَقَالُ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لا نُورَثُ. مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْمَالِ وَإِنِّي وَاللَّهِ لا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَاتِ رَسُولِ اللَّهِ عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وَلأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ. فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا. فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ. عَلَيْهَا السَّلامُ. عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَهَجَرَتْهُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ. وعاشت بعد رسول الله ستة أشهر] .
__________
(1) انظر: [صحيح البخاري (4/ 96، 97، 98) ، (5/ 25، 114، 115، 177) ، (7/ 82) ، 8/ 180، 187) ، (6/ 122) ، وصحيح مسلم، الباب (15) ، حديث (19) ، (49) ، والباب (16) ، حديث (51) ، (52) ، (54) ، (56) ، وسنن أبي داود، الباب (19) من الخراج وسنن الترمذي (1608) ، (1610) ، وسنن النسائي (7/ 136) ، ومسند أحمد (6/ 145) ، والسنن الكبرى (6/ 297، 298) ، (7/ 65) ، (10/ 143) ] .
(2) انظر: [صحيح البخاري (4/ 15، 99) ، (8/ 180) ، وصحيح مسلم، الباب (16) ، حديث (55) من الجهاد ومسند أحمد (2/ 464، 376) ، والسنن الكبرى (6/ 32) ، (7/ 65) ، وشرح السنة (14/ 52) ، وفتح الباري (12/ 6) ] .(2/240)
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ جَعْفَرٍ قَالَ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَطْلُبُ مِيرَاثَهَا. وَجَاءَ الْعَبَّاسُ بْنُ عبد المطلب بطلب مِيرَاثَهُ. وَجَاءَ مَعَهُمَا عَلِيُّ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: لا نُورَثُ.
مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ. وَمَا كَانَ النَّبِيُّ يَعُولُ فَعَلَيَّ. فَقَالَ علي: وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وقال زكرياء يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُوَ هَكَذَا وَأَنْتَ وَاللَّهِ تَعْلَمُ مِثْلَمَا أَعْلَمُ. فَقَالَ عَلِيٌّ: هَذَا كِتَابُ اللَّهِ يَنْطِقُ! فَسَكَتُوا وَانْصَرَفُوا] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُويِعَ لأَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءَتْ فَاطِمَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ مَعَهَا عَلِيٌّ فقالت: ميراثي من رسول الله أبي. ص! فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمِنَ الرِّثَّةِ أَوْ مِنَ الْعُقَدِ؟ قَالَتْ: فَدَكُ وَخَيْبَرُ وَصَدَقَاتُهِ بِالْمَدِينَةِ أَرِثُهَا كَمَا يَرِثُكَ بَنَاتُكَ إِذَا مِتَّ! فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَبُوكِ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنِّي وَأَنْتِ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنْ بَنَاتِي. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: لا نُورَثُ. مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ. يَعْنِي هَذِهِ الأموال القائمة. فتعلمين أن أباك أعطاكها. فو الله لَئِنْ قُلْتِ نَعَمْ لأَقْبَلَنَّ قَوْلَكِ وَلأُصَدِّقَنَّكِ! قَالَتْ: جَاءَتْنِي أُمُّ أَيْمَنَ فَأَخْبَرَتْنِي أَنَّهُ أَعْطَانِي فَدَكَ. قَالَ: فَسَمِعْتِهِ يَقُولُ هِيَ لَكِ؟ فَإِذَا قُلْتِ قَدْ سَمِعْتُهُ فَهِيَ لَكِ فَأَنَا أُصَدِّقُكِ وَأَقْبَلُ قَوْلَكِ! قَالَتْ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ مَا عِنْدِي] .
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُوصِ إِلا بِمَسْكَنِ أَزْوَاجِهِ وَأَرْضٍ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دكين والحسن بن موسى قالا: أخبرنا زهير عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ خَتَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخِي امْرَأَتِهِ جُوَيْرِيَةَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ مَوْتِهِ دِرْهَمًا وَلا دِينَارًا وَلا عَبْدًا وَلا أَمَةً وَلا شَيْئًا إِلا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ وَسِلاحَهُ وَأَرْضًا تَرَكَهَا صَدَقَةً.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ. يَعْنِي الثَّوْرِيَّ. عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرٍو قَالَ: لَمْ يترك رسول الله إلا بغلته البيضاء وسلاحا وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً.(2/241)
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ وَأَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ.
أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَأَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا:
أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ كُلُّهُمْ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ إِنْسَانًا سَأَلَهَا عَنْ مِيرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: عَنْ مِيرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ تَسْأَلُنِي لا أَبَا لَكَ! تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ وَلَمْ يَدَعْ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وَلا عَبْدًا وَلا أَمَةً وَلا شَاةً وَلا بَعِيرًا.
[أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأسدي قالا: أخبرنا مسعر عن عدي ابن ثَابِتٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - ولم يَدَعْ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وَلا عَبْدًا وَلا أَمَةً] .
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ أَبُو زَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِلالُ بْنُ خَبَّابٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ وَمَا تَرَكَ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وَلا عَبْدًا وَلا أَمَةً وَلا وَلِيدَةً. وَتَرَكَ دِرْعَهُ رَهْنًا عِنْدَ يَهُوَدِيٍّ بِثَلاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ.
ذِكْرُ مَنْ قَضَى دَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِدَاتِهِ
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ الْمَدِينِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى غَفْرَةَ قَالا: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال أَبُو بَكْرٍ لَمَّا جَاءَهُ مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ: مَنْ كَانَتْ لَهُ عَلَى النَّبِيِّ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِي. قَالَ: فَجَاءَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ وَعَدَنِي إِذَا أَتَاهُ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَنْ يُعْطِيَنِي هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا. وَأَشَارَ بِكَفَّيْهِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: خُذْ! فَأَخَذَ بِكَفَّيْهِ فَعَدَّهُ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا وَأَلْفًا. ثُمَّ جَاءَهُ نَاسٌ كَانَ وَعَدَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ كُلُّ إِنْسَانٍ مَا كَانَ وَعَدَهُ ثُمَّ قَسَمَ مَا بَقِيَ مِنَ الْمَالِ فَأَصَابَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا بَرَدَانُ بْنُ أَبِي النَّضْرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ لِي رسول الله. ص: لو قدم مال الْبَحْرَيْنِ لَقَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا. فَلَمْ يُقْدَمْ بِهِ حَتَّى مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا قُدِمَ بِهِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ قَالَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ عِدَةٌ عند رسول الله فَلْيَأْتِ! قَالَ جَابِرٌ: قُلْتُ قَدْ كَانَ وَعَدَنِي إِذَا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَنْ يُعْطِيَنِي هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا. قَالَ: خُذْ! فَأَخَذْتُ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَكَانَتْ خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ أَخَذْتُ الثِّنْتَيْنِ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ. يَعْنِي ابْنَ عُيَيْنَةَ. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ(2/242)
عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِذَا جَاءَنَا مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ كَذَا وَكَذَا وَكَذَا.
وَأَشَارَ بِيَدَيْهِ ثَلاثًا. فَقَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنَا! قَالَ جَابِرٌ: فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ لِي: خُذْ! فَأَخَذْتُ غُرْفَةً فَوَجَدْتُهَا خَمْسَمِائَةٍ وَأَخَذْتُ أَخْذَتَيْنِ مِثْلَهَا] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ عباد بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَطَبَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فقال: من كَانَتْ لَهُ عِدَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلْيَقُمْ! فَقَامَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ:
وَعَدَنِي إِذَا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ يَحْثِي لِي ثَلاثَ مَرَّاتٍ. قَالَ فَحَثَا لَهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي سُفْيَانُ. يَعْنِي ابْنَ عُيَيْنَةَ. عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ: اغْرِفْ. فَغَرَفْتُ أَوَّلَ غُرْفَةٍ فَوَجَدْتُهَا خَمْسَمِائَةٍ. قَالَ: فَقَالَ عُدِ اغْرِفْ مِثْلَهَا. فَفَعَلْتُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ مُنَادِيَ أَبِي بَكْرٍ يُنَادِي بِالْمَدِينَةِ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ مَالُ الْبَحْرَيْنِ: مَنْ كَانَتْ لَهُ عِدَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلْيَأْتِ! فَيَأْتِيهِ رِجَالٌ فَيُعْطِيَهُمْ.
فَجَاءَ أَبُو بَشِيرٍ الْمَازِنِيُّ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: يَا أَبَا بَشِيرٍ إِذَا جَاءَنَا شَيْءٌ فَأْتِنَا. فَأَعْطَاهُ أَبُو بَكْرٍ حِفْنَتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا فَوَجَدَهَا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَضَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ دَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَضَى أَبُو بَكْرٍ عِدَاتِهِ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا تُوُفِّيَ أَمَرَ عَلِيٌّ صَائِحًا يَصِيحُ: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنِي! فَكَانَ يَبْعَثُ كُلَّ عَامٍ عِنْدَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ مَنْ يَصِيحُ بِذَلِكَ حَتَّى تُوُفِّيَ عَلِيٌّ. ثُمَّ كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى تُوُفِّيَ. ثُمَّ كَانَ الْحُسَيْنُ يَفْعَلُ ذَلِكَ.
وَانْقَطَعَ ذَلِكَ بَعْدَهُ. رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَسَلامُهُ. قَالَ ابْنُ أَبِي عَوْنٍ: فَلا يَأْتِي أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ إِلَى عَلِيٍّ بِحَقٍّ وَلا بَاطِلٍ إِلا أَعْطَاهُ.(2/243)
ذِكْرُ مَنْ رَثَى النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عمر الواقدي عن رجاله: قال أبو بكر الصديق يرثي رسول الله. ص:
يا عين فابكي ولا تسأمي. ... وحق البكاء على السيد!
على خير خندف عند البلاء ... أمسى يغيب في الملحد
فصلى المليك ولي العباد ... ورب البلاد على أحمد
فكيف الحياة لفقد الحبيب ... وزين المعاشر في المشهد؟
فليت الممات لنا كلنا ... وكنا جميعًا مع المهتدي!
قال الواقدي: وقال أبو بكر الصديق أيضًا:
لما رأيت نبينا متجدلا ... ضاقت علي بعرضهن الدور
وارتعت روعة مستهام واله. ... والعظم مني واهن مكسور
عتيق ويحك! إن حبك قد ثوى ... وبقيت منفردًا وأنت حسير
يا ليتني من قبل مهلك صاحبي ... غيبت في جدث علي صخور!
فلتحدثن بدائع من بعده. ... تعيا بهن جوانح وصدور
قال الواقدي: وقال أبو بكر أيضًا:
باتت تأوبني هموم ... حشد ... مثل الصخور فأمست هدت الجسدا
يا ليتني حيث نبئت الغداة به ... قالوا الرسول قد أمسى ميتًا فقدا
ليت القيامة قامت بعد مهلكة. ... ولا نرى بعده مالا ولا ولدًا!
والله أثني على شيء فجعت به ... من البرية حتى أدخل اللحدا
كم لي بعدك من هم ينصبني ... إذا تذكرت أني لا أراك بدا!
كان المصفاء في الأخلاق قد علموا. ... وفي العفاف فلم نعدل به أحدا
نفسي فداؤك من ميت ومن بدن! ما أطيب الذكر والأخلاق والجسدا! وَأَنْشَدَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَلْبِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ بِلالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُهَا مِنْ مَشْيَخَتِنَا قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أنيس يرثي النبي. ص:
تَطَاوَلُ لَيْلِي وَاعْتَرَتْنِي الْقَوَارِعُ ... وَخَطْبٌ جَلِيلٌ لِلْبَلِيَّةِ جامع(2/244)
غَدَاةَ نَعَى النَّاعِي إِلَيْنَا مُحَمَّدًا. ... وَتِلْكَ الَّتِي تُسْتَكُّ مِنْهَا الْمَسَامِعُ
فَلَوْ رَدَّ مَيِّتًا قَتْلَ نَفْسِي قَتَلْتُهَا! ... وَلَكِنَّهُ لا يَدْفَعُ الْمَوْتَ دَافِعُ
فَآلَيْتُ لا أُثْنِي عَلَى هَلْكِ هَالِكٍ ... مِنَ الناس. ما أوفى ثبير وفارع
ولكنني باك عليه ومتبع ... مصيبته. إِنِّي إِلَى اللَّهِ رَاجِعُ!
وَقَدْ قَبَضَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ قَبْلَهُ. ... وَعَادٌ أُصِيبَتْ بِالرَّزَى وَالتَّبَابِعُ
فَيَا لَيْتَ شِعْرِي! مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِنَا؟ ... وَهَلْ فِي قُرَيْشٍ مِنْ إِمَامٍ يُنَازِعُ؟
ثَلاثَةُ رَهْطٍ مِنْ قريش هم هم ... أزمة هذا الأمر. وَاللَّهُ صَانِعُ
عَلِيٌّ أَوِ الصِّدِّيقُ أَوْ عُمَرُ لها. ... وليس لها بَعْدَ الثَّلاثَةِ رَابِعُ!
فَإِنْ قَالَ مِنَّا قَائِلٌ غَيْرَ هَذِهِ ... أَبَيْنَا. وَقُلْنَا: اللَّهُ رَاءٍ وَسَامِعُ
فَيَا لِقُرَيْشٍ! قَلَّدُوا الأَمْرَ بَعْضَهُمْ. ... فَإِنَّ صَحِيحَ الْقَوْلِ لِلنَّاسِ نَافِعُ
وَلا تُبْطِئُوا عَنْهَا فَوَاقًا فَإِنَّهَا ... إِذَا قُطِعَتْ لَمْ يَمْنُ فِيهَا الْمَطَامِعُ
أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو رَجَاءٍ الْبَلْخِيُّ. أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدٍ. يَعْنِي ابْنَ أَبِي هِلالٍ: أَنَّ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ وَهُوَ يَرْثِي رسول الله. ص:
وَاللَّهِ مَا حَمَلَتْ أُنْثَى وَلا وَضَعَتْ ... مِثْلَ النَّبِيِّ رَسُولِ الأُمَّةِ الْهَادِي
أَمْسَى نِسَاؤُكَ عَطَّلْنَ البيوت. فما ... يضربن خلف قفا ستر بأوتاد
مِثْلَ الرَّوَاهِبِ يَلْبَسْنَ الْمُسُوحَ. وَقَدْ ... أَيْقَنَّ بِالْبُؤْسِ بَعْدَ النِّعْمَةِ الْبَادِي!
وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا يَرْثِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا أَنْشَدَنَا أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ:
آلَيْتُ حِلْفَةَ بِرٍّ غَيْرَ ذِي دَخَلٍ ... مِنِّي. أَلِيَّةَ حَقٍّ غَيْرَ إِفْنَادِ!
بِاللَّهِ مَا حَمَلَتْ أُنْثَى وَلا وَضَعَتْ ... مِثْلَ النَّبِيِّ. نَبِيِّ الرَّحْمَةِ الْهَادِي
وَلا مَشَى فَوْقَ ظَهْرِ الأَرْضٍ مِنْ أَحَدٍ ... أَوْفَى بِذِمَّةِ جَارٍ أَوْ بِمِيعَادِ
مِنَ الَّذِي كَانَ نُورًا يُسْتَضَاءُ بِهِ ... مُبَارَكُ الأَمْرِ ذَا حَزْمٍ وَإِرْشَادِ.
مُصَدِّقًا لِلنَّبِيِّينَ الأُلَى سَلَفُوا. ... وَأَبْذَلَ النَّاسِ لِلْمَعْرُوفِ لِلْجَادِي
خَيْرَ الْبَرِيَّةِ إِنِّي كُنْتُ فِي نَهَرٍ ... جَارٍ. فَأَصْبَحْتُ مِثْلَ الْمُفْرِدِ الصَّادِي!
أَمْسَى نِسَاؤُكَ عَطَّلْنَ الْبُيُوتَ فَمَا ... يَضْرِبْنَ خَلْفَ قفا ستر بأوتاد
مثل الرواهب يلبسن المسوح. وَقَدْ ... أَيْقَنَّ بِالْبُؤْسِ بَعْدَ النِّعْمَةِ الْبَادِي!(2/245)
وقال أبو عمرو: قال حسان يرثيه. ص:
مَا بَالُ عَيْنِكَ لا تَنَامُ! كَأَنَّمَا ... كُحِلَتْ مَآقِيهَا بِكُحْلِ الأَرْمَدِ؟
جَزَعًا عَلَى الْمَهْدِيِّ أَصْبَحَ ثَاوِيًا. ... يَا خَيْرَ مَنْ وَطِيءَ الْحَصَى لا تَبْعَدِ
يَا وَيْحَ أَنْصَارِ النَّبِيِّ وَرَهْطِهِ! ... بَعْدَ الْمُغَيَّبِ فِي سَوَاءِ الْمُلْحَدِ
جَنْبِي يَقِيكَ التُّرْبَ لَهْفِي لَيْتَنِي ... كُنْتُ الْمُغَيَّبُ فِي الضَّرِيحِ الْمُلْحَدِ!
يَا بِكْرَ آمِنَةَ الْمُبَارَكَ ذِكْرُهُ. ... وَلَدَتْهُ مُحْصَنَةٌ بِسَعْدِ الأَسْعَدِ
نُورًا أَضَاءَ عَلَى الْبَرِيَّةِ كُلِّهَا. ... من يهد للنور المبارك يهتد!
أَأُقِيمُ بَعْدَكَ بِالْمَدِينَةِ بَيْنَهُمْ؟ ... يَا لَهْفَ نَفْسِي لَيْتَنِي لَمْ أُولَدِ!
بِأَبِي وَأُمِّي مَنْ شَهِدْتُ وَفَاتَهُ ... فِي يَوْمِ الاثْنَيْنِ النَّبِيَّ الْمُهْتَدِي!
فَظَلِلْتُ بَعْدَ وَفَاتِهِ مُتَلَدِّدًا. ... يَا لَيْتَنِي صُبِّحْتُ سُمَّ الأَسْوَدِ!
أَوْ حَلَّ أَمَرُ اللَّهِ فِينَا عَاجِلا ... فِي رَوْحَةٍ مِنْ يَوْمِنَا أَوْ مِنْ غَدِ!
فَتَقُومُ سَاعَتُنَا فَنَلْقَى سَيِّدًا ... مَحْضًا مَضَارِبُهُ كَرِيمَ الْمُحْتِدِ
يَا رَبِّ! فَاجْمَعْنَا مَعًا وَنَبِيَّنَا ... فِي جَنَّةٍ تُفْقِي عُيُونَ الْحُسَّدِ
فِي جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ. وَاكْتُبْهَا لَنَا ... يَا ذَا الْجَلالِ وَذَا الْعُلا والسودد!
وَاللَّهِ أَسْمَعُ مَا حَيِيتُ بِهَالِكٍ ... إِلا بَكَيْتُ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدِ
ضَاقَتْ بِالأَنْصَارِ الْبِلادُ. فَأَصْبَحُوا ... سُودًا وُجُوهُهُمُ كَلَوْنِ الإِثْمِدِ
وَلَقَدْ وَلَدْنَاهُ. وَفِينَا قَبْرُهُ. ... وَفُضُولُ نِعْمَتِهِ بِنَا لا تُجْحَدُ
وَاللَّهُ أَهْدَاهُ لَنَا وَهَدَى بِهِ ... أَنْصَارَهُ فِي كُلِّ سَاعَةِ مَسْهَدِ
صَلَّى الإِلَهُ وَمَنْ يُحَفُّ بِعَرْشِهِ ... وَالطَّيِّبُونَ عَلَى الْمُبَارَكِ أَحْمَدِ!
قَالَ: قَالَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَرْثِي النبي. ص:
يَا عَيْنُ جُودِي بِدَمْعٍ مِنْكِ إِسْبَالِ! ... وَلا تَمَلِّنَّ مِنْ سَحٍ وَإِعْوَالِ!
لا يَنْفَدَنْ لِي بَعْدَ الْيَوْمِ دَمْعُكُمَا. ... إِنِّي مُصَابٌ وَإِنِّي لَسْتُ بِالسَّالِي
فَإِنْ مَنَعَكُمَا مِنْ بَعْدِ بَذْلِكُمَا ... إِيَّايَ مِثْلُ الَّذِي قَدْ غُرَّ بِالآلِ!
لَكِنْ أَفِيضِي عَلَى صَدْرِي بِأَرْبَعَةٍ. ... إِنَّ الْجَوَانِحَ فِيهَا هَاجِسٌ صَالِي
سَحِّ الشَّعِيبِ وَمَاءِ الْغَرْبِ يَمْنَحُهُ ... سَاقٍ يُحَمِّلُهُ سَاقٍ بِإِزْلالِ
حَامِي الْحَقِيقَةِ نَسَّالُ الْوَدِيقَةِ فك ... اك الْعُنَاةِ. كَرِيمٌ مَاجِدٌ عَالِ!
عَلَى رَسُولٍ لَنَا مَحْضٍ ضَرِيبَتُهُ. ... سَمْحِ الْخَلِيقَةِ. عَفٍّ غَيْرِ مِجْهَالِ(2/246)
كَشَّافِ مَكْرُمَةٍ. مِطْعَامِ مَسْغَبَةٍ. ... وَهَّابِ عَانِيَةٍ وَجْنَاءَ شِمْلالِ!
عَفٍّ مَكَاسِبُهُ. جَزْلٍ مَوَاهِبُهُ. ... خَيْرُ الْبَرِيَّةِ سَمْحٍ غَيْرِ نَكَّالِ!
وَارِي الزِّنَادِ وَقَوَّادِ الْجِيَادِ إِلَى ... يَوْمِ الطِّرَادِ. إِذَا شَبَّتْ بِأَجْذَالِ
وَلا أُزَكِّي عَلَى الرَّحْمَنِ ذَا بَشَرٍ ... لَكِنَّ عِلْمَكَ عِنْدَ الْوَاحِدِ الْعَالِي!
إِنِّي أَرَى الدَّهْرَ وَالأَيَّامَ يَفْجَعُنِي ... بِالصَّالِحِينَ. وَأَبْقَى نَاعِمَ الْبَالِ!
يَا عَيْنُ فَابِكِي رَسُولَ اللَّهِ إِذْ ذُكِرَتْ ... ذَاتُ الإِلَهِ. فَنِعْمَ الْقَائِدُ الْوَالِي!
قَالَ أَبُو عَمْرٍو: وَقَالَ حسان بن ثابت يرثي النبي. ص:
نَبِّ الْمَسَاكِينَ أَنَّ الْخَيْرَ فَارَقَهُمْ ... مَعَ الرَّسُولِ تَوَلَّى عَنْهُمُ سَحَرَا
مِنْ ذَا الَّذِي عِنْدَهُ رَحْلِي وَرَاحِلَتِي ... وَرُزِقَ أَهْلِي. إِذَا لَمْ نُؤْنَسِ الْمَطَرَا
ذَاكَ الَّذِي لَيْسَ يَخْشَاهُ مُجَالِسُهُ. ... إِذَا الْجَلِيسُ سَطَا فِي الْقَوْلِ أَوْ عَثَرَا
كَانَ الضِّيَاءَ. وَكَانَ النُّورَ نَتْبَعُهُ. ... وَكَانَ بَعْدَ الإِلَهِ السَّمْعَ وَالْبَصَرَا
فَلَيْتَنَا يَوْمَ وَارَوْهُ بِمَخْبَئِهِ. ... وَغَيَّبُوهُ وَأُلْقَوْا فَوْقَهُ الْمَدَرَا
لَمْ يَتْرُكِ اللَّهُ خَلْقًا مِنْ بَرِيَّتِهِ. ... وَلَمْ يَعِشْ بَعْدَهُ أُنْثَى وَلا ذَكَرَا
ذَلَّتْ رِقَابُ بَنِي النَّجَّارِ كُلِّهِمُ! ... وَكَانَ أَمْرًا مِنَ الرَّحْمَنِ قَدْ قُدِرَا
قَالَ أَبُو عَمْرٍو: قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ يَرْثِي رَسُولَ الله. ص:
يَا عَيْنُ فَابْكِي بِدَمْعٍ ذَرَى ... لِخَيْرِ الْبَرِيَّةِ وَالْمُصْطَفَى!
وَبَكَى الرَّسُولُ! وَحَقَّ الْبُكَاءُ ... عَلَيْهِ. لَدَى الْحَرْبِ عِنْدَ اللِّقَا!
عَلَى خَيْرِ مَنْ حَمَلَتْ نَاقَةٌ. ... وَأَتْقَى الْبَرِيَّةِ عِنْدَ التُّقَى
عَلَى سَيِّدٍ مَاجِدٍ جَحْفَلٍ. ... وَخَيْرِ الأَنَامِ وَخَيْرِ اللَّهَا!
لَهُ حَسَبٌ فَوْقَ كُلِّ الأَنَامِ ... مِنْ هَاشِمٍ ذَلِكَ الْمُرْتَجَى
نَخُصُّ بِمَا كَانَ مِنْ فَضْلِهِ. ... وَكَانَ سِرَاجًا لَنَا فِي الدُّجَى!
وَكَانَ بَشِيرًا لَنَا مُنْذِرًا. ... وَنُورًا لَنَا ضَوْءُهُ قَدْ أَضَا
فَأَنْقَذَنَا اللَّهُ فِي نُورِهِ. ... وَنَجَّى بِرَحْمَتِهِ مِنْ لَظَى!
قَالَ: وَفِيهَا أَنْشَدَنَا الْوَاقِدِيُّ. قَالَتْ أَرْوَى بِنْتُ عبد المطلب ترثي رسول الله. ص:
أَلا يَا عَيْنُ! وَيْحَكِ أَسْعِدِينِي ... بِدَمْعِكِ. مَا بقيت. وطاوعيني(2/247)
أَلا يَا عَيْنُ وَيْحَكِ! وَاسْتَهِلِّي ... عَلَى نُورِ البلاد وأسعديني!
فإن عذلتك عاذلة فقولي: ... علا م وَفِيمَ. وَيْحَكِ! تَعْذِلِينِي؟
عَلَى نُورِ الْبِلادِ مَعًا جَمِيعًا ... رَسُولِ اللَّهِ أَحْمَدَ فَاتْرُكِينِي
فَإِلا تُقْصِرِي بِالْعَذْلِ عَنِّي. ... فَلُومِي مَا بَدَا لَكِ أَوْ دَعِينِي!
لأَمْرٍ هَدَّنِي وَأَذَلَّ رُكْنِي. ... وَشَيَّبَ بَعْدَ جِدَّتِهَا قُرُونِي!
وَقَالَتْ أَرْوَى بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَيْضًا:
أَلا يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتَ رَجَاءَنَا. ... وَكُنْتَ بِنَا بَرًّا وَلَمْ تَكُ جَافِيَا!
وَكُنْتَ بِنَا رَءُوفًا رَحِيمًا نَبِيَّنَا. ... لِيَبْكِ عَلَيْكَ الْيَوْمَ مَنْ كَانَ بَاكِيًا!
لَعَمْرُكَ مَا أَبْكِي النَّبِيَّ لِمَوْتِهِ! ... وَلَكِنْ لِهَرْجٍ كَانَ بَعْدَكَ آتِيَا
كَأَنَّ عَلَى قَلْبِي لِذِكْرِ مُحَمَّدٍ. ... وَمَا خِفْتُ مِنْ بَعْدِ النَّبِيِّ الْمَكَاوِيَا
أَفَاطِمُ صَلَّى اللَّهُ. رَبُّ مُحَمَّدٍ. ... عَلَى جَدَثٍ أَمْسَى بِيَثْرِبَ ثَاوِيَا!
أَبَا حَسَنٍ فَارَقْتَهُ وَتَرَكْتَهُ. ... فَبَكِّ بِحُزْنٍ آخِرَ الدَّهْرِ شَاجِيَا!
فِدًا لِرَسُولِ اللَّهِ أُمِّي وَخَالَتِي ... وَعَمِّي وَنَفْسِي قُصْرَةً ثُمَّ خَالِيَا
صَبَرْتَ وَبَلَّغْتَ الرِّسَالَةَ صَادِقًا. ... وَقُمْتَ صَلِيبَ الدِّينِ أَبْلَجَ صَافِيَا!
فَلَوْ أَنَّ رَبَّ النَّاسِ أَبْقَاكَ بَيْنَنَا ... سَعِدْنَا. وَلَكِنْ أَمْرُنَا كَانَ مَاضِيَا!
عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ السَّلامُ تَحِيَّةً. ... وَأُدْخِلْتَ جَنَّاتٍ مِنَ الْعَدْنِ رَاضِيَا!
قَالَ: وَقَالَتْ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ تَرْثِي رَسُولَ الله. ص:
عَيْنَيَّ جُودَا طَوَالَ الدَّهْرِ وَانْهَمِرَا ... سَكْبًا وَسَحًّا بِدَمْعٍ غَيْرِ تَعْذِيرِ!
يَا عَيْنِ فَاسْحَنْفِرِي بِالدَّمْعِ وَاحْتَفِلِي ... حَتَّى الْمَمَاتِ بِسَجْلٍ غَيْرِ مَنْزُورِ
يَا عَيْنِ فَانْهَمِلِي بِالدَّمْعِ وَاجْتَهِدِي ... لِلْمُصْطَفَى. دُونَ خَلْقِ اللَّهِ. بِالنُّورِ
بِمُسْتَهَلٍّ مِنَ الشُّؤُبُوبِ ذِي سَيْلٍ. ... فَقَدْ رُزِئْتُ نَبِيَّ الْعَدْلِ وَالْخَيْرِ!
وَكُنْتُ مِنْ حَذَرٍ لِلْمَوْتِ مُشْفِقَةً. ... وَلِلَّذِي خُطَّ مِنْ تِلْكَ الْمَقَادِيرِ!
مِنْ فَقْدِ أَزْهَرَ ضَافِي الْخُلُقِ ذِي فَخْرٍ ... صَافٍ مِنَ الْعَيْبِ وَالْعَاهَاتِ وَالزُّورِ!
فَاذْهَبْ حَمِيدًا! جَزَاكَ اللَّهُ مَغْفِرَةً. ... يَوْمَ الْقِيَامَةِ. عِنْدَ النَّفْخِ فِي الصُّوَرِ
وَقَالَتْ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
يَا عَيْنِ جُودِي. مَا بَقِيتِ. بِعَبْرَةٍ ... سَحًّا عَلَى خَيْرِ الْبَرِيَّةِ أَحْمَدِ
يَا عَيْنِ فَاحْتَفِلِي وَسُحِّي وَاسْجُمِي ... وَابْكِي عَلَى نُورِ الْبِلادِ محمد(2/248)
أَنَّى. لَكِ الْوَيْلاتُ! مِثْلُ مُحَمَّدِ ... فِي كُلِّ نَائِبَةٍ تَنُوبُ وَمَشْهَدِ؟
فَابْكِي الْمُبَارَكَ وَالْمُوَفَّقَ ذَا التُّقَى. ... حَامِي الْحَقِيقَةِ ذَا الرَّشَادِ الْمُرْشِدِ
مَنْ ذَا يَفُكُّ عَنِ الْمُغَلَّلِ غَلَّهُ ... بَعْدَ الْمَغِيبِ فِي الضَّرِيحِ الْمُلْحَدِ؟
أَمْ مَنْ لِكُلِّ مُدَفَّعٍ ذِي حَاجَةٍ. ... وَمُسَلْسَلٍ يَشْكُو الْحَدِيدَ مُقَيَّدِ؟
أَمْ مَنْ لِوَحْيِ اللَّهِ يُتْرَكُ بَيْنَنَا ... فِي كُلِّ مُمْسَى لَيْلَةٍ أَوْ فِي غَدِ؟
فَعَلَيْكَ رَحْمَةُ رَبِّنَا وَسَلامُهُ. ... يَا ذَا الْفَوَاضِلِ وَالنَّدَى وَالسُّودَدِ!
هَلا فَدَاكَ الْمَوْتَ كُلُّ مُلَعَّنٍ ... شَكْسٍ خَلائِقُهُ لَئِيمِ الْمُحْتِدِ؟
وَقَالَتْ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَيْضًا:
أَعَيْنَيَّ جُودَا بِالدُّمُوعِ السَّوَاجِمِ ... عَلَى الْمُصْطَفَى بِالنُّورِ مِنْ آلِ هَاشِمِ
عَلَى الْمُصْطَفَى بِالْحَقِّ وَالنُّورِ وَالْهُدَى ... وَبِالرُّشْدِ بَعْدَ الْمُنْدَبَاتِ الْعَظَائِمِ
وَسِحَّا عَلَيْهِ وَابْكِيَا. مَا بَكَيْتُمَا. ... عَلَى الْمُرْتَضَى لِلْمُحْكَمَاتِ الْعَزَائِمِ
عَلَى الْمُرْتَضِي لِلْبِرِّ وَالْعَدْلِ وَالتُّقَى. ... وَلِلدَّيْنِ وَالإِسْلامِ بَعْدَ الْمَظَالِمِ
عَلَى الطَّاهِرِ الْمَيْمُونِ ذِي الْحِلْمِ وَالنَّدَى ... وَذِي الْفَضْلِ وَالدَّاعِي لَخَيْرِ التَّرَاحُمِ
أعيني ماذا. بعد ما قَدْ فُجِعْتُمَا ... بِهِ. تَبْكِيَانِ الدَّهْرَ مِنْ وُلْدِ آدَمَ؟
فَجُودَا بِسَجْلٍ وَانْدُبَا كُلَّ شَارِقٍ ... رَبِيعَ الْيَتَامَى فِي السِّنِينَ الْبَوَازِمِ!
قَالَ: وَقَالَتْ صَفِيَّةُ بنت عبد المطلب ترثي رسول الله. ص:
لَهْفَ نَفْسِي! وَبِتُّ كَالْمَسْلُوبِ ... آرِقُ اللَّيْلِ فِعْلَةَ الْمَحْرُوبِ!
مِنْ هُمُومٍ وَحَسْرَةٍ رَدَفَتْنِي. ... لَيْتَ أَنِّي سُقِيتُهَا بِشَعُوبِ!
حِينَ قَالُوا: إِنَّ الرَّسُولَ قَدَ أَمْسَى ... وَافَقَتْهُ مَنِيَّةُ الْمَكْتُوبِ!
إِذْ رَأَيْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَرِيعٌ. ... فَأَشَابَ الْقَذَالَ أَيَّ مَشِيبِ
إِذْ رَأَيْنَا بُيُوتَهُ مُوحِشَاتٍ. ... لَيْسَ فِيهِنَّ بَعْدَ عَيْشٍ حَبِيبِي
أَوْرَثَ الْقَلْبَ ذَاكَ حُزْنًا طَوِيلا. ... خَالَطَ الْقَلْبَ. فَهُوَ كَالْمَرْعُوبِ
لَيْتَ شَعْرِي! وَكَيْفَ أُمْسِي صَحِيحًا ... بَعْدَ أَنْ بِينَ بِالرَّسُولِ الْقَرِيبِ؟
أَعْظَمِ النَّاسِ فِي الْبَرِيَّةِ حَقًّا. ... سَيِّدِ النَّاسِ حُبُّهُ فِي الْقُلُوبِ
فَإِلَى اللَّهِ ذَاكَ أَشْكُو! وَحَسْبِي. ... يَعْلَمُ اللَّهُ حَوْبَتِي وَنَحِيبِي!
وَقَالَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عبد المطلب:(2/249)
أَفَاطِمُ بَكِيِّ وَلا تَسْأَمِي ... بِصُبْحِكِ. مَا طَلَعَ الْكَوْكَبُ!
هُوَ الْمَرْءُ يَبْكِي. وَحُقَّ الْبُكَاء! ... هُوَ الْمَاجِدُ السَّيِّدُ الطَّيِّبُ!
فَأَوْحَشَتِ الأَرْضُ مِنْ فَقْدِهِ. ... وَأَيُّ الْبَرِيَّةِ لا يُنْكَبُ؟
فَمَا لِيَ بَعْدَكَ حَتَّى الْمَمَاتِ ... إِلا الْجَوَى الدَّاخِلُ الْمُنْصِبُ
فَبَكِّي الرَّسُولَ! وَحُقَّتْ لَهُ ... شُهُودُ الْمَدِينَةِ وَالْغُيَّبُ!
لِتَبْكِيكَ شَمْطَاءُ مَضْرُورَةٌ. ... إِذَا حُجِبَ النَّاسُ لا تُحْجَبُ
لِيَبْكِيكَ شَيْخٌ أَبُو وِلْدَةٍ ... يَطُوفُ بِعَقْوَتِهِ أَشْهَبُ
وَيَبْكِيكَ رَكِبٌ إِذَا أَرْمَلُوا. ... فَلَمْ يُلْفَ مَا طَلَبَ الطُّلَّبُ
وَتَبْكِي الأَبَاطِحُ مِنْ فَقْدِهِ. ... وَتَبْكِيهِ مَكَّةُ وَالأَخْشَبُ
وَتَبْكِي وَعِيرَةُ مِنْ فَقْدِهِ ... بِحُزْنٍ وَيُسْعِدُهَا الْمِيثَبُ!
فَعَيْنَيَّ مَا لَكِ لا تَدْمَعِينَ؟ ... وَحُقَّ لِدَمْعِكِ يُسْتَسْكَبُ!
وَقَالَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَيْضًا:
أَعَيْنِي جُودَا بِدَمْعٍ سَجَمْ ... يُبَادِرُ غَرْبًا بِمَا مُنْهَدِمْ
أَعَيْنِي فَاسْحَنْفِرَا وَاسْكُبَا ... بِوَجْدٍ وَحُزْنٍ شَدِيدِ الأَلَمْ
عَلَى صَفْوَةِ اللَّهِ رَبِّ الْعِبَادِ. ... وَرَبِّ السَّمَاءِ وَبَارِي النَّسَمْ
عَلَى الْمُرْتَضَى لِلْهُدَى وَالتُّقَى. ... وَلِلرُّشْدِ وَالنُّورِ بَعْدَ الظُّلَمْ
عَلَى الطَّاهِرِ الْمُرْسَلِ الْمُجْتَبَى. ... رَسُولٍ تَخَيَّرَهُ ذُو الْكَرَمْ
وَقَالَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَيْضًا:
أَرِقْتُ فَبِتُّ لَيْلِيَ كَالسَّلِيبِ ... لِوَجْدٍ فِي الْجَوَانِحِ ذِي دَبِيبِ!
فَشَيَّبَنِي. وَمَا شَابَتْ لِدَاتِي. ... فَأَمْسَى الرَّأْسُ مِنِّي كَالْعَسِيبِ
لِفَقْدِ الْمُصْطَفَى بِالنُّورِ حَقًّا. ... رَسُولِ اللَّهِ. مَا لَكَ مِنْ ضَرِيبِ
كَرِيمِ الْخِيمِ أَرْوَعِ مَضْرَحِيٍّ. ... طَوِيلِ الْبَاعِ مُنْتَجَبٍ نَجِيبِ!
ثَمَالِ الْمُعْدَمِينِ وَكُلِّ جَارٍ. ... وَمَأْوَى كُلِّ مُضْطَهَدٍ غَرِيبِ
فَإِمَّا تُمْسِ فِي جَدَثٍ مُقِيمًا. ... فَقِدْمًا عِشْتَ ذَا كَرَمٍ وَطِيبِ!
وَكُنْتَ مُوَفَّقًا فِي كُلِّ أَمْرٍ ... وَفِيمَا نَابَ مِنْ حَدَثِ الْخُطُوبِ
وَقَالَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
عَيْنِ جُودِي بِدَمْعَةٍ تسكاب ... للنبي المطهر الأواب(2/250)
إِلَى رَبِّ الْبَرِيَّةِ ذَاكَ نَشْكُو. ... فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا أُتِيتُ
أَفَاطِمَ! إِنَّهُ قَدْ هُدَّ رُكْنِي. ... وَقَدْ عَظُمَتْ مُصِيبَةُ مَنْ رُزِيتُ
وَقَالَتْ هِنْدُ بِنْتُ أُثَاثَةَ أَيْضًا:
قَدْ كَانَ بَعْدَكَ أَنْبَاءٌ وَهَنْبَثَةٌ. ... لَوْ كُنْتَ شَاهِدُهَا لَمْ تَكْثُرِ الْخُطَبُ
إِنَّا فَقَدْنَاكَ فَقْدَ الأَرْضِ وَابِلَهَا! ... فَاحْتَلْ لِقَوْمِكَ وَاشْهَدْهُمْ وَلا تَغِبُ
قَدْ كُنْتَ بَدْرًا وَنُورًا يُسْتَضَاءُ بِهِ. ... عَلَيْكَ تَنْزِلُ مِنْ ذِي الْعِزَّةِ الْكُتُبُ
وَكَانَ جِبْرِيلُ بِالآيَاتِ يَحْضُرُنَا. ... فَغَابَ عَنَّا وَكُلُّ الْغَيْبِ مُحْتَجِبِ
فَقَدْ رُزِئْتُ أَبًا سَهْلا خَلِيقَتُهُ. ... مَحْضَ الضَّرِيبَةِ وَالأَعْرَاقِ وَالنَّسَبِ
وَقَالَتْ عَاتِكَةُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ ترثي رسول الله. ص:
أَمْسَتْ مَرَاكِبُهُ أَوْحَشَتْ. ... وَقَدْ كَانَ يَرْكَبُهَا زَيْنُهَا
وَأَمْسَتْ تُبَكِّي عَلَى سَيِّدٍ ... تُرَدِّدُ عَبْرَتَهَا عَيْنُهَا
وَأَمْسَتْ نِسَاؤُكَ مَا تَسْتَفِيقُ ... مِنَ الْحُزْنِ يَعْتَادُهَا دينها(2/251)
وَأَمْسَتْ شَوَاحِبَ مِثْلَ النِّصَالِ ... قَدْ عُطِّلَتْ وَكَبَا لَوْنُهَا!
يُعَالِجْنَ حُزْنًا بَعِيدَ الذَّهَابِ. ... وَفِي الصَّدْرِ مُكْتَنِعٌ حَيْنُهَا
يَضْرِبْنَ بِالْكَفِّ حُرَّ الْوُجُوهِ ... عَلَى مِثْلِهِ جَادَهَا شُونُهَا
هُوَ الْفَاضِلُ السَّيِّدُ الْمُصْطَفَى ... عَلَى الْحَقِّ مُجْتَمِعٌ دِينُهَا
فَكَيْفَ حَيَاتِيَ بَعْدَ الرَّسُولِ. ... وَقَدْ حَانَ مِنْ مَيْتَةٍ حِينُهَا؟
وَقَالَتْ أم أيمن ترثي النبي. ص:
عين جودي! فإن بذلك للدمع ... شِفَاءٌ. فَأَكْثِرِي مِ الْبُكَاءِ
حِينَ قَالُوا: الرَّسُولُ أَمْسَى فَقِيدًا ... مَيِّتًا. كَانَ ذَاكَ كُلَّ الْبَلاءِ!
وابكيا خير من رزئناه في الدنيا ... وَمَنْ خَصَّهُ بِوَحْيِ السَّمَاءِ
بِدُمُوعٍ غَزِيرَةٍ مِنْكِ حَتَّى ... يَقْضِي اللَّهُ فِيكِ خَيْرَ الْقَضَاءِ
فَلَقَدْ كَانَ مَا عَلِمْتِ وَصُولا. ... وَلَقَدْ جَاءَ رَحْمَةً بِالضِّيَاءِ!
وَلَقَدْ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ نُورًا ... وَسِرَاجًا يضيء في الظلماء
طيب العود والضريبة والمعدن ... وَالْخِيمِ خَاتَمَ الأَنْبِيَاءِ
آخِرُ خَبَرِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -(2/253)
ذِكْرُ مَنْ كَانَ يُفْتِي بِالْمَدِينَةِ وَيُقْتَدَى بِهِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبعد ذَلِكَ وإلى من انتهى علمهم
[أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ] «1» .
[أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَالضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ الشَّيْبَانِيُّ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالُوا: قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ مَوْلَى لِرِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنِّي لَسْتُ أَدْرِي مَا قَدْرُ بَقَائِي فِيكُمْ فَاقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي. وَأَشَارَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ] «2» [أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ سَالِمٍ أَبِي الْعَلاءِ الْمُرَادِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ الأَزْدِيِّ عن ربعي بن حراش وأبي عبد الله رجل من أصحاب رسول الله! ص. عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنِّي لَسْتُ أَدْرِي مَا بَقَائِي فِيكُمْ فَاقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي. وَأَشَارَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ] «3» .
أخبرنا مُحَمَّد بْن عُمَر بْن واقد الأسلمي عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ سُئِلَ مَنْ كَانَ يُفْتِي النَّاسَ فِي زَمَنِ رَسُولِ الله. ص؟ فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مَا أَعْلَمُ غَيْرَهُمَا.
__________
(1) انظر: [سنن الترمذي (3662) ، (3805) ، وسنن ابن ماجة (97) ، ومسند أحمد (382) ، (385) ، (399) ، (401) ، (402) ، والسنن الكبرى (5/ 12) ، (8/ 153) ، والمستدرك (3/ 75) ، ومجمع الزوائد (9/ 53، 295) ، وحلية الأولياء (9/ 190) ، ومسند الحميدي (949) ، والمعجم الكبير للطبراني (9/ 68) ] .
(2) انظر: [مسند أحمد (5/ 399، 402) ] .
(3) انظر: [تاريخ بغداد (4/ 347) ] .(2/254)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ سَمْعَانَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيُّ يُفْتُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ حَتَّى إِنِّي لأَرَى الرِّيَّ يَجْرِي فِي أَظَافِيرِي. أَوْ قَالَ أَظْفَارِي. ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلَهُ عُمَرَ! قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: الْعِلْمَ «1» .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ خَتَنِ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءٍ عَنْ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءٍ: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. فَإِذَا خَطَبَ عُمَرُ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ مُعَلَّمٌ! فَتَعَجَّبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ مِنْهُ. فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لِمَ تَعْجَبُ مِنْهُ؟ فَقَالَ:
إِنِّي سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَتِيقٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلا فِي أُمَّتِهِ مُعَلَّمٌ أَوْ مُعَلَّمَانِ وَإِنْ يَكُنُ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَابْنُ الْخَطَّابِ! إِنَّ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ] «2» .
[أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بن إبراهيم بن عُلَيَّةَ الأَسَدِيُّ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ سَمِعَ أَبَا ذَرٍّ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول: إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ يَقُولُ بِهِ] «3» .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ. أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ أَبِي نعيم عن نافع بن عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وقلبه] «4» .
__________
(1) انظر: [صحيح البخاري (1/ 34) ، (9/ 45، 51، 52) ، وسنن الدارمي (2/ 128) ، ومشكاة المصابيح (1030) ، وفتح الباري (1/ 180) ، (7/ 45) ، (12/ 393، 395، 417، 420) ] .
(2) انظر: [كنز العمال (32760) ] .
(3) انظر: [سنن أبي داود (2962) ، وسنن ابن ماجة (108) ، ومسند أحمد (5/ 165، 177) ، ومجمع الزوائد (9/ 66) ، ومصنف ابن أبي شيبة (12/ 21) ، ومشكاة المصابيح (6034) ] .
(4) انظر: [سنن الترمذي (3682) ، ومسند أحمد (2/ 53، 401) ، والمستدرك (3/ 86، 87) ، ومجمع الزوائد (9/ 66) ، والمعجم الكبير للطبراني (1/ 339) ، (19/ 313) ، ومصنف ابن أبي شيبة (12/ 251) ، وموارد الظمآن (2184) ، وفتح الباري (7/ 50) ] .(2/255)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ. حَدَّثَنِي هَارُونُ الْبَرْبَرِيُّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ: دُفِعْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَإِذَا الْفُقَهَاءُ عِنْدَهُ مِثْلُ الصِّبْيَانِ قَدِ اسْتَعْلَى عَلَيْهِمْ فِي فَقْهِهِ وَعِلْمِهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ. أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ لَوْ وُضِعَ عِلْمُ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فِي كِفَّةٍ وَعِلْمُ عُمَرَ فِي كِفَّةٍ لَرَجَحَ بِهِمْ عِلْمُ عُمَرَ! قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: فَقَالَ الأَعْمَشُ فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الحديث إبراهيم. فقال قال عبد الله: كُنَّا لَنَحْسِبُ عُمَرَ قَدْ ذَهَبَ بِتِسْعَةِ أَعْشَارِ الْعِلْمِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شِمْرٍ قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ لَكَأَنَّ عِلْمَ النَّاسِ كَانَ مَدْسُوسًا فِي جُحْرٍ مَعَ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ الضَّبِّيُّ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ عَامِرٍ: قَالَ إِذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي أَمَرٍ فَانْظُرْ كَيْفَ قَضَى فِيهِ عُمَرُ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَقْضِي فِي أَمَرٍ لَمْ يُقْضَ فِيهِ قَبْلَهُ حَتَّى يُشَاوِرَ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْجَدِّ فَقَالَ: مَا تُرِيدُ إِلَيْهِ؟ لَقَدْ حَفِظْتُ فِيهِ مِائَةَ قَضِيَّةٍ عَنْ عُمَرَ! قُلْتُ:
كُلُّهَا عَنْ عُمَرَ؟ قَالَ: كُلُّهَا عَنْ عُمَرَ.
أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَلأَبِي الدَّرْدَاءِ وَلأَبِي ذَرٍّ: مَا هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ: أَحْسَبُهُ! قَالَ: وَلَمْ يَدَعْهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى مَاتَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ عَلَى مِنْبَرٍ يَقُولُ: لا يَحِلُّ لأَحَدٍ يَرْوِي حَدِيثًا لَمْ يَسْمَعْ بِهِ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَلا عَهْدِ عُمَرَ. فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ [رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلا أَكُونَ مِنْ أَوْعَى أَصْحَابِهِ عَنْهُ. أَلا إِنِّي سَمِعْتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ:
مَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقَلْ فَقَدْ تبوأ مقعده من النار] «1» .
__________
(1) انظر: [سنن أبي داود، الباب (6) من الأقضية، والسنن الكبرى (1/ 76) ، ومشكاة المصابيح (3738) ، والبداية والنهاية (7/ 360) ] .(2/256)
عَلِيّ بْن أَبِي طالب. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
[أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ. أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْيَمَنِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ الله بعثني وَأَنَا شَابٌّ أَقْضِي بَيْنَهُمْ وَلا أَدْرِي مَا الْقَضَاءُ! فَضَرَبَ صَدْرِي بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اهد قلبه وثبت لسانه! فو الذي فَلَقَ الْحَبَّةَ مَا شَكَكْتُ فِي قَضَاءٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ] .
[أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ عَنْبَسَةَ الْخَزَّازُ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ حَنَشِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ الله ص. إِلَى الْيَمَنِ قَاضِيًا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُرْسِلُنِي إِلَى قَوْمٍ يَسْأَلُونَنِي وَلا عِلْمَ لِي بِالْقَضَاءِ! فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِي وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ سَيَهْدِي قَلْبَكَ وَيُثَبِّتُ لِسَانَكَ فَإِذَا قَعَدَ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيْكَ فَلا تَقْضِ حَتَّى تَسْمَعَ مِنَ الآخَرِ كَمَا سَمِعْتَ مِنَ الأَوَّلِ. فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يَتَبَيَّنَ لَكَ الْقَضَاءُ فَمَا زِلْتُ قَاضِيًا أَوْ مَا شَكَكْتُ فِي قَضَاءٍ بَعْدُ] «1» .
[أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ. أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَبَشِيٍّ عَنْ حَارِثَةَ عَنْ عَلِيٍّ وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَحَدَّثَنِي إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى اليمن فقلت يا رسول الله إنك تبعثني إِلَى قَوْمٍ شُيُوخٍ ذَوِي أَسْنَانٍ وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ لا أُصِيبَ! فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ سَيُثَبِّتُ لِسَانَكَ وَيَهْدِي قَلْبَكَ] .
[أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ نُصَيْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْمَسِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ: وَاللَّهِ مَا نَزَلَتْ آيَةٌ إِلا وَقَدْ عَلِمْتُ فِيمَا نَزَلَتْ وَأَيْنَ نَزَلَتْ وَعَلَى مَنْ نَزَلَتْ! إِنَّ رَبِّي وَهَبَ لِي قَلْبًا عَقُولا وَلِسَانًا طَلْقًا] .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ أَبِي دُبَيٍّ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: سَلُونِي عَنْ كِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ آيَةٍ إِلا وَقَدْ عَرَفْتُ بِلَيْلٍ نَزَلَتْ أَمْ بِنَهَارٍ. فِي سَهْلٍ أَمْ فِي جَبَلٍ.]
[أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ وَابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ عَلِيًّا أَبْطَأَ عَنْ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ فَلَقِيَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: أَكَرِهْتَ فَقَالَ: لا. وَلَكِنِّي آلَيْتُ بيمين أن لا
__________
(1) انظر: [مسند أحمد (2/ 149) ، والسنن الكبرى (1/ 141) ، (10/ 87) ، وخصائص علي (23) ] .(2/257)
أَرْتَدِيَ بِرِدَائِي إِلا إِلَى الصَّلاةِ حَتَّى أَجْمَعَ الْقُرْآنَ! قَالَ: فَزَعَمُوا أَنَّهُ كَتَبَهُ عَلَى تَنْزِيلِهِ] .
قَالَ مُحَمَّدٌ: فَلَوْ أُصِيبَ ذَلِكَ الْكِتَابُ كَانَ فِيهِ عِلْمٌ. قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: فَسَأَلْتُ عِكْرِمَةَ عَنْ ذَلِكَ الْكِتَابِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ [عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ قِيلَ لِعَلِيٍّ: مَا لَكَ أَكْثَرَ أَصْحَابِ رَسُولِ الله.
ص. حَدِيثًا؟ فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ إِذَا سَأَلْتُهُ أَنْبَأَنِي وَإِذَا سَكَتُّ ابْتَدَأَنِي] .
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ:
سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِذَا حَدَّثَنَا ثِقَةٌ عَنْ عَلِيٍّ بِفُتْيَا لا نَعْدُوهَا.
أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ وَعُمَرُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ مِنْ أقضى أهل المدينة ابن أَبِي طَالِبٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ يَقُولُ: أَقْضَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ. حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمُغِيرَةِ النَّوْفَلِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: عَلِيُّ أَقْضَانَا.
[أخبرنا محمد بن عمر قال: أَخْبَرَنَا سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ قَيْسٍ مَوْلَى ابْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي عَاصِمٍ الثَّقَفِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى أَصْحَابِهِ يَوْمًا فَقَالَ: أَفْتُونِي فِي شَيْءٍ صَنَعْتُهُ الْيَوْمَ! فَقَالُوا: مَا هُوَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟
قَالَ: مَرَّتْ بِي جَارِيَةٌ لِي فَأَعْجَبَتْنِي فَوَقَعْتُ عَلَيْهَا وَأَنَا صَائِمٌ! قَالَ: فَعَظَّمَ عَلَيْهِ الْقَوْمُ وَعَلِيٌّ سَاكِتٌ. فَقَالَ: مَا تَقُولُ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ؟ فَقَالَ: جِئْتَ حَلالا وَيَوْمًا مَكَانَ يَوْمٍ! فَقَالَ: أَنْتَ خَيْرُهُمْ فَتْوَى] .
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ. أَخْبَرَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَتَعَوَّذُ بِاللَّهِ مِنْ مُعْضِلَةٍ لَيْسَ فِيهَا أَبُو حَسَنٍ! أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالا: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أبي(2/258)
ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ فَقَالَ: عَلِيُّ أَقْضَانَا وَأُبَيُّ أَقْرَؤُنَا وَإِنَّا لَنَتْرُكَ أَشْيَاءَ مِمَّا يَقُولُ أُبَيُّ. إِنَّ أُبَيًّا يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلا أَدَعُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد نَزَلَ بَعْدَ أُبَيٍّ كِتَابٌ.
أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ أَقْضَانَا عَلِيُّ وَأَقْرَؤُنَا أُبَيُّ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ أَبُو نُعَيْمٍ. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ عَلِيٌّ أَقْضَانَا وَأُبَيٌّ أَقْرَؤُنَا وَإِنَّا لَنَرْغَبُ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ لَحْنِ أُبَيٍّ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ عَلِيُّ أَقْضَانَا وَأُبَيُّ أَقْرَؤُنَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَقُولُ عَلِيُّ أَقْضَانَا لِلْقَضَاءِ وَأُبَيُّ أَقْرَؤُنَا لِلْقُرْآنِ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سبرة عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن دينار الأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ مِمَّنْ يُفْتِي فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ بِمَا سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ. رَحِمَهُ اللَّهُ
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنِ الأَجْلَحِ عَنِ ابْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَأَخْبَرَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ. أَخْبَرَنَا أَسْلَمُ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ مُؤَمَّلٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى وَقَالَ قَبِيصَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالا جَمِيعًا عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَأَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ وَأَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَبَّةَ الْبَدْرِيَّ وَأَخْبَرَنَا عَفَّانُ.
أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - لأبي بْنِ كَعْبٍ:
أُمِرْتُ أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ سُورَةَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: قُلْتُ وقد ذكرت(2/259)
هُنَاكَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَمَّانِي اللَّهُ لَكَ؟ فَقَالَ: نعم! فذرفت عيناه! وقال رسول الله.
ص: ف بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ. قَالَ عَفَّانُ فِي حَدِيثِهِ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ: وَأُنْبِئْتُ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ: لَمْ يَكُنِ] «1» .
[أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ. حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمُغِيرَةِ النَّوْفَلِيُّ. سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ. أَخْبَرَنِي أَبِي عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ» العلق: 1. جَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَقَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ أَمَرَنِي أَنْ آتِيَكَ حَتَّى تَأْخُذَهَا وَتَسْتَظْهِرَهَا! فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمَّانِي اللَّهُ؟ قَالَ: نَعَمْ!] .
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ. أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَقْرَأُ أُمَّتِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ] «2» .
أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو فَرْوَةَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أُبَيُّ أَقْرَؤُنَا.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ
أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ. أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
أَيُّ الْقِرَاءَتَيْنِ تَعُدُّونَ أَوْلَى؟ قَالَ: قُلْنَا قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ! فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - كَانَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ مَرَّةً إِلا الْعَامَ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ فَإِنَّهُ عُرِضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ. فَحَضَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَشَهِدَ مَا نُسِخَ مِنْهُ وَمَا بُدِّلَ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى الرَّمْلِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ إِلا وَأَنَا أَعْلَمُ فِيمَا نَزَلَتْ. وَلَوْ أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا أَعْلَمُ مِنِّي بِكِتَابِ اللَّهِ تَبْلُغُهُ الإِبِلُ أَوِ الْمَطَايَا لأَتَيْتُهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ. أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:
أَخَذْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً.
__________
(1) انظر: [تهذيب تاريخ ابن عساكر (2/ 327) ، ومصنف ابن أبي شيبة (10/ 564) ، والدر المنثور (3/ 308) ] .
(2) انظر: [كنز العمال (32612) ] .(2/260)
[أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَأَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ أَبُو نُعَيْمٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ. ص: اقْرَأْ عَلَيَّ. فَقُلْتُ: كَيْفَ أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: إِنِّي أُحِبُّ! وَقَالَ وَهْبٌ فِي حَدِيثِهِ: إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي! قَالَ: فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ: «فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً» النساء:
41. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي حَدِيثِهِ: فَقَالَ لِي حَسْبُكَ! وَقَالا جَمِيعًا: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَقَدِ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَا النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا نَزَلَ فَلْيَقْرَأْهُ قِرَاءَةَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صَبِيحٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ:
لَقَدْ جَالَسْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَجَدْتُهُمْ كَالإِخَاذِ. فَالإِخَاذُ يُرْوِي الرَّجُلَ وَالإِخَاذُ يُرْوِي الرَّجُلَيْنِ وَالإِخَاذُ يُرْوِي الْعَشَرَةَ وَالإِخَاذُ يُرْوِي الْمِائَةَ وَالإِخَاذُ لَوْ نَزَلَ بِهِ أَهْلُ الأَرْضِ لأَصْدَرَهُمْ. فَوَجَدْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ مِنْ ذَلِكَ الإِخَاذِ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ قَالَ: كَانَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ قَالَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي دَارِ أَبِي مُوسَى يَعْرِضُونَ مُصْحَفًا قَالَ: فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ فَخَرَجَ فَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ هَذَا أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ ص. وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ: فَقَالَ أَبُو مُوسَى: إِنْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَقَدْ كَانَ يُؤْذَنُ لَهُ إِذَا حُجِبْنَا وَيَشْهَدُ إِذَا غِبْنَا.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ:
قَالَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ لا تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرُ فِيكُمْ. يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ.
أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ. أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ الْهَمْدَانِيِّ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَسَأَلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ: هَلْ سَأَلْتَ عَنْهَا أَحَدًا غَيْرِي؟ قَالَ: نَعَمْ سَأَلْتُ أَبَا مُوسَى. وَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِهِ. فَخَالَفَهُ عَبْدُ اللَّهِ ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: لا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ وَهَذَا الْحَبْرُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ(2/261)
حُبَيْشٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: أَخَذْتُ مِنْ فِيَّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعِينَ سُورَةً لا يُنَازِعُنِي فِيهَا أَحَدٌ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: خَطَبَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ حِينَ أُمِرَ فِي الْمَصَاحِفِ بِمَا أُمِرَ.
قَالَ فَذَكَرَ الْغُلُولَ فَقَالَ: إِنَّهُ مَنْ يَغُلَّ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَغَلَّوُا الْمَصَاحِفَ. فَلأَنْ أَقْرَأَ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ أُحِبُّ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْرَأَ عَلَى قِرَاءَةِ زَيْدِ بْنِ ثابت. فو الذي لا إِلَهَ غَيْرُهُ لَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِيِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً. وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ غُلامٌ لَهُ ذُؤَابَتَانِ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ. ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ لَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّي تَبْلُغُهُ الإِبِلُ لأَتَيْتُهُ. قَالَ: ثُمَّ ذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ فَقَالَ شَقِيقٌ: فَقَعَدْتُ فِي الْحِلَقِ وَفِيهِمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرُهُمْ فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا رَدَّ عَلَيْهِ مَا قَالَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالا: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: أَقْبَلُ عَبْدُ اللَّهِ ذَاتَ يَوْمٍ وَعُمَرُ جَالِسٌ. فلما رآه مقبلا قال: كنيف مليء فِقْهًا! وَرُبَّمَا قَالَ الأَعْمَشُ عِلْمًا.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَسَدِ بْنِ وَدَاعَةَ: أَنَّ عُمَرَ ذَكَرَ ابْنَ مسعود فقال: كنيف مليء عِلْمًا آثَرْتُ بِهِ أَهْلَ الْقَادِسِيَّةِ.
أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ
[أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَوْ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَأَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ قِرَاءَةَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ فَقَالَ: لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاودَ] .
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ قَامَ لَيْلَةً يُصَلِّي فَسَمِعَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَوْتَهُ وَكَانَ حُلْوَ الصَّوْتِ فَقُمْنَ يَسْمَعْنَ. فَلَمَّا أَصْبَحَ قِيلَ لَهُ: إِنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَسْتَمِعْنَ! فَقَالَ: لَوْ عَلِمْتُ لَحَبَّرْتُكُنَّ تَحْبِيرًا وَلَشَوَّقْتُكُنَّ تَشْوِيقًا. وَقَدْ قَالَ حَمَّادُ: لَحَبَّرْتُكُمْ وَشَوَّقْتُكُمْ.
أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ(2/262)
قَالُوا: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: بَعَثَنِي الأَشْعَرِيُّ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ لِي عُمَرُ: كَيْفَ تَرَكْتَ الأَشْعَرِيَّ؟ فَقُلْتُ لَهُ: تَرَكْتُهُ يُعَلِّمُ النَّاسَ الْقُرْآنَ. فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ كَيِّسٌ وَلا تُسْمِعْهَا إِيَّاهُ. ثُمَّ قَالَ لِي: كَيْفَ تَرَكْتَ الأَعْرَابَ؟ قُلْتُ: الأَشْعَرِيِّينَ؟ قَالَ: لا بَلْ أَهْلَ الْبَصْرَةِ. قُلْتُ: أَمَا إِنَّهُمْ لَوْ سَمِعُوا هَذَا لَشَقَّ عَلَيْهِمْ. قَالَ: وَلا تُبْلِغْهُمْ فَإِنَّهُمْ أَعْرَابٌ. إِلا أَنْ يَرْزُقَ اللَّهُ رَجُلا جِهَادًا. قَالَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ فِي حَدِيثِهِ: فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ عَنْ أَبِي لَبِيدٍ لِمَازَةَ بْنِ زَبَّارٍ قَالَ سُلَيْمَانُ أَوْ غَيْرُهُ قَالَ: مَا كَانَ يُشَبَّهُ كَلامُ أَبِي مُوسَى إِلا بِالْجَزَّارِ الَّذِي لا يُخْطِئُ الْمَفْصِلَ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ أَبَا مُوسَى قَالَ:
لا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ كَمَا يَتَبَيَّنُ اللَّيْلُ مِنَ النَّهَارِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ فَقَالَ: صَدَقَ أَبُو مُوسَى.
مَشَايِخُ شَتَّى
[أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: أَتَيْنَا عَلِيًّا فَسَأَلْنَاهُ عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: عَنْ أَيِّهِمْ؟
قَالَ: قُلْنَا حَدِّثْنَا عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. قَالَ: علم القرآن والسنة ثم انتهى وكفى بذلك علما. قَالَ:] [قُلْنَا حَدِّثْنَا عَنْ أَبِي مُوسَى. قَالَ: صُبِغَ فِي الْعِلْمِ صِبْغَةً ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ!] [قَالَ: قُلْنَا حَدِّثْنَا عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ. فَقَالَ: مُؤْمِنٌ نَسِيَ وَإِذَا ذُكِّرَ ذَكَرَ! قَالَ: قُلْنَا حَدِّثْنَا] [عَنْ أَبِي ذَرٍّ. قَالَ: وَعَى عِلْمًا ثُمَّ عَجَزَ فِيهِ.] قَالَ: [قُلْنَا أَخْبِرْنَا عَنْ سَلْمَانَ. قَالَ: أَدْرَكَ الْعِلْمَ الأَوَّلَ وَالْعِلْمَ الآخِرَ بَحْرٌ لا يُنْزَحُ قَعْرُهُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ! قَالَ:] قُلْنَا فَأَخْبِرْنَا عَنْ نَفْسِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. [قَالَ: إِيَّاهَا أَرَدْتُمْ! كُنْتُ إِذَا سَأَلْتُ أُعْطِيتُ وَإِذَا سَكَتُّ ابْتُدِئْتُ!] [أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَأَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ الْوَاسِطِيُّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: أن النبي.
ص. قَالَ لأَبِي الدَّرْدَاءِ عُوَيْمِرٍ: سَلْمَانُ أَعْلَمُ مِنْكَ] .
[أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:(2/263)
ثَكِلَتْ سَلْمَانَ أُمُّهُ لَقَدْ أُشْبِعَ مِنَ الْعِلْمِ!] «1» .
مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ. رَحِمَهُ اللَّهُ
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ وَالنُّعْمَانِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كعب القرظي قال: قال رسول الله. ص: يَأْتِي مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمَامَ الْعُلَمَاءِ بِرَتْوَةٍ] .
[أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. يَعْنِي الشَّيْبَانِيَّ. عَنْ أَبِي عَوْنٍ قال:
قال رسول الله. ص: مُعَاذٌ بَيْنَ يَدَيِ الْعُلَمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِرَتْوَةٍ] «2» .
[أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ عَنْ هِشَامٍ. يَعْنِي ابْنَ حَسَّانَ. عَنِ الْحَسَنِ وَأَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ لَهُ نَبْذَةٌ بَيْنَ يَدَيِ الْعُلَمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ] .
[أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: قال رسول الله. ص: إِنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَمَامَ الْعُلَمَاءِ رَتْوَةٌ] .
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ. أَخْبَرَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَعْلَمُ أُمَّتِي بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ] «3» .
[أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي عَوْنٍ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو الثَّقَفِيِّ ابْنِ أَخِي الْمُغِيرَةِ. أَخْبَرَنَا أَصْحَابُنَا عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: لَمَّا بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْيَمَنِ قَالَ لِي: بِمَ تَقْضِي إِنْ عَرَضَ قَضَاءٌ؟ قَالَ: قُلْتُ أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ. قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: قُلْتُ أَقْضِي بِمَا قَضَى بِهِ الرَّسُولُ. قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا قَضَى بِهِ الرَّسُولُ؟ قال: قلت أجتهد
__________
(1) انظر: [تهذيب تاريخ ابن عساكر (6/ 203) ] .
(2) انظر: [مجمع الزوائد (9/ 311) ، وحلية الأولياء (1/ 229) ، والأحاديث الصحيحة (3/ 83) ، وكنز العمال (3335) ، (33636) ، (33638) ، (33639) ، (33641) ] .
(3) انظر: [حلية الأولياء (1/ 228) ] .(2/264)
رَأْيِي وَلا آلُو! قَالَ: فَضَرَبَ صَدْرِي وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللَّهِ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَلَّفَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ بِمَكَّةَ حِينَ وُجِّهَ إِلَى حُنَيْنٍ يُفَقِّهُ أَهْلَ مَكَّةَ وَيُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ: مَنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ الْفِقْهِ فَلْيَأْتِ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ حِينَ خَرَجَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ إِلَى الشَّامِ:
لَقَدْ أَخَلَّ خُرُوجُهُ بِالْمَدِينَةِ وَأَهْلِهَا فِي الْفِقْهِ وَمَا كَانَ يُفْتِيهِمْ بِهِ. وَلَقَدْ كُنْتُ كَلَّمْتُ أَبَا بَكْرٍ. رَحِمَهُ اللَّهُ. أَنْ يَحْبِسَهُ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهِ فَأَبَى عَلَيَّ وَقَالَ: رَجُلٌ أَرَادَ وَجْهًا يُرِيدُ الشَّهَادَةَ فَلا أَحْبِسُهُ! فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُرْزَقُ الشَّهَادَةَ وَهُوَ عَلَى فِرَاشِهِ وَفِي بَيْتِهِ عَظِيمُ الْغِنَى عَنْ مِصْرِهِ! قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: وَكَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يُفْتِي بِالْمَدِينَةِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ إِنَّ الْعُلَمَاءَ إِذَا حَضَرُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ قَذْفَةً بِحَجَرٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ الضَّبِّيُّ عَنْ بَيَانٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ إِنَّ مُعَاذًا كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ نُسِّيتَهَا؟ قَالَ: لا وَلَكِنَّا كُنَّا نُشَبِّهُهُ بِإِبْرَاهِيمَ. وَالأَمَةُ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ. وَالْقَانِتُ الْمُطِيعُ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الشَّعْبِيِّ.
حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ نَوْفَلٍ الأَشْجَعِيُّ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ إِنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ! فَقُلْتُ: غَلَطَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. فَأَعَادَهَا عَلَيَّ فَقَالَ: إِنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. فَعَرَفْتُ أَنَّهُ تَعَمَّدَ الأَمْرَ تَعَمُّدًا فسكت(2/265)
فَقَالَ: أَتَدْرِي مَا الأُمَّةُ وَمَا الْقَانِتُ؟ فَقُلْتُ: اللَّهُ أَعْلَمُ! فَقَالَ: الأُمَّةُ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ. وَالْقَانِتُ الْمُطِيعُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ. وَكَذَلِكَ كَانَ مُعَاذٌ. كَانَ يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ.
وَكَانَ مُطِيعًا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَأَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ فِرَاسٍ وَمُجَالِدٍ وَأَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ فِرَاسٍ كُلُّهُمْ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالا: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: إِنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً! قَالَ لَهُ فَرْوَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: نَسِيَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. إِبْرَاهِيمَ تَعْنِي؟ قَالَ: وَهَلْ سَمِعْتَنِي ذَكَرْتُ إِبْرَاهِيمَ؟ إِنَّا كُنَّا نُشَبِّهُ مُعَاذًا بِإِبْرَاهِيمَ أَوْ كَانَ يُشَبَّهُ بِهِ. قَالَ: وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا الأُمَّةُ؟
فَقَالَ: الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ. وَالْقَانِتُ الَّذِي يُطِيعُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ قَالَ: بَيْنَمَا ابْنُ مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ قَالَ إِنَّ مُعَاذًا كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ! قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا. وَظَنَّ الرَّجُلُ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ أَوْهَمَ. فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: هَلْ تَدْرُونَ مَا الأُمَّةُ؟ قَالُوا: مَا الأُمَّةُ؟ قَالَ: الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ. ثُمَّ قَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَا الْقَانِتُ؟ قَالُوا: لا. قَالَ: الْقَانِتُ الْمُطِيعُ لِلَّهِ.
أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يَقُولُ حَدِّثُونَا عَنِ الْعَاقِلَيْنَ. فَيُقَالُ: مَنِ الْعَاقِلانِ؟ فَيَقُولُ: مُعَاذٌ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. أَخْبَرَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: قَالَ مُعَاذٌ خُذِ الْعِلْمَ أَنَّى أَتَاكَ.(2/266)
بَابُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَتْوَى مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -
أخبرنا محمد بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا جَارِيَةُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَانَ إِذَا نَزَلَ بِهِ أَمَرٌ يُرِيدُ فِيهِ مُشَاوَرَةَ أَهْلِ الرأي وأهل الفقه ودعا رِجَالا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ دَعَا عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَمُعَاذَ بْنَ جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت. وَكُلُّ هَؤُلاءِ كَانَ يُفْتِي فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ. وَإِنَّمَا تَصِيرُ فَتْوَى النَّاسِ إِلَى هَؤُلاءِ. فَمَضَى أَبُو بَكْرٍ عَلَى ذَلِكَ. ثُمَّ وَلِيَ عُمَرُ فَكَانَ يَدْعُو هَؤُلاءِ النَّفْرَ. وَكَانَتِ الْفَتْوَى تَصِيرُ وَهُوَ خَلِيفَةٌ إِلَى عُثْمَانَ وَأُبَيٍّ وَزَيْدٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سبرة عن مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الَّذِينَ يُفْتُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثَةُ نَفَرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَثَلاثَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ: عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيُّ.
وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سبرة عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن دينار الأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَسْتَشِيرُ فِي خِلافَتِهِ إِذَا حَزَبَهُ الأَمْرُ أَهْلَ الشُّورَى وَمِنَ الأَنْصَارِ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: كَانَ عِلْمُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يَنْتَهِي إِلَى سِتَّةٍ: إِلَى عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ. وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: شَامَمْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَجَدْتُ عِلْمَهُمُ انْتَهَى إِلَى سِتَّةٍ:
إِلَى عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ وَمُعَاذٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. فَشَامَمْتُ هَؤُلاءِ السِّتَّةِ فَوَجَدْتُ عِلْمَهُمُ انْتَهَى إِلَى عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ.(2/267)
أخبرنا الحسن بن موسى الأشيب. أخبرنا زهير بْنُ مُعَاوِيَةَ. أَخْبَرَنَا جَابِرٌ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: كَانَ عُلَمَاءَ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِتَّةٌ: عُمَرُ وَعَبْدُ اللَّهِ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ.
فَإِذَا قَالَ عُمَرُ قَوْلا وَقَالَ هَذَانِ قَوْلا كَانَ قَوْلُهُمَا لِقَوْلِهِ تَبَعًا. وَعَلِيُّ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ. فَإِذَا قَالَ عَلِيٌّ قَوْلا وَقَالَ هَذَانِ قَوْلا كَانَ قَوْلُهُمَا لِقَوْلِهِ تَبَعًا.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ مُطَرِّفٍ. حَدَّثَنِي عَامِرٌ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كَانَ أَصْحَابَ الْفَتْوَى مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرُ وَعَلِيُّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَزَيْدٌ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ. أَخْبَرَنَا دَاوُدُ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: قُضَاةُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَرْبَعَةٌ: عُمَرُ وَعَلِيُّ وَزَيْدٌ وَأَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ. وَدُهَاةُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَرْبَعَةٌ: عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَزِيَادٌ.
[أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ. أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رسول الله. ص: خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ] .
أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ عُبَيْدِ الله ابْنَ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلُوا الْعَصَبَةَ. وَالْعَصَبَةُ قَرِيبٌ مِنْ قُبَاءَ. قَبْلَ مَقْدِمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ يَؤُمُّهُمْ لأَنَّهُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ قُرْآنًا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ فِي حَدِيثِهِ:
فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ
أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ عَمْرٍو النَّصِيبِيُّ. أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ رُفَيْعٍ عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمِيرَةَ السَّكْسَكِيِّ. وَكَانَ تِلْمِيذًا لِمُعَاذٍ: أَنَّ مُعَاذًا أَمَرَهُ أَنْ يَطْلُبَ الْعِلْمَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَعُوَيْمِرٍ أَبِي الدَّرْدَاءِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ. أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ. أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ مُعَاذٍ مِثْلَهُ.
أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ عَمْرٍو النَّصِيبِيُّ. أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ رُفَيْعٍ عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ:(2/268)
كَانَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ يَزِيدُ بْنُ عَمِيرَةَ السَّكْسَكِيُّ. وَكَانَ تِلْمِيذًا لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ. فَحَدَّثَ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَعَدَ يَزِيدُ عِنْدَ رَأْسِهِ يَبْكِي. فَنَظَرَ إِلَيْهِ مُعَاذٌ فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ: أَمَا وَاللَّهِ مَا أَبْكِي لِدُنْيَا كُنْتُ أُصِيبُهَا مِنْكَ وَلَكِنِّي أَبْكِي لِمَا فَاتَنِي مِنَ الْعِلْمِ! فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: إِنَّ الْعِلْمَ كَمَا هُوَ لَمْ يَذْهَبْ. فَاطْلُبِ الْعِلْمَ بَعْدِي عِنْدَ [أَرْبَعَةٍ: عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ عَاشِرُ عَشَرَةٍ فِي الْجَنَّةِ.] وَعِنْدَ عُمَرَ وَلَكِنَّ عُمَرَ يُشْغَلُ عَنْكَ. وَعِنْدَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ. قَالَ:
وَقُبِضَ مُعَاذٌ وَلَحِقَ يَزِيدُ بِالْكُوفَةِ فَأَتَى مَجْلِسَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَلَقِيَهُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. فَقَالَ أَصْحَابُهُ: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ أَبُو نُعَيْمٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ رَجُلٍ عن مجاهد ومن عنده علم الكتاب قَالَ: اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: وشهد شاهد من بني إسرائيل عَلَى مِثْلِهِ قَالَ: اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَطِيَّةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: «أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ» الشعراء:
197. قَالَ: كَانُوا خَمْسَةً مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ وَابْنُ يَامِينَ وَثَعْلَبَةُ بْنُ قَيْسٍ وَأَسَدٌ وَأُسَيْدٌ.
أَبُو ذَرٍّ
[أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو حَرْبِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ قَال: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَرَجُلٌ عَنْ زَاذَانَ قَالا: سُئِلَ علي. رضي الله عَنْهُ.
عَنْ أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ: وَعَى عِلْمًا عَجَزَ فِيهِ وَكَانَ شَحِيحًا حَرِيصًا. شَحِيحًا عَلَى دِينِهِ حَرِيصًا عَلَى الْعِلْمِ. وَكَانَ يُكْثِرُ السُّؤَالَ فَيُعْطَى وَيُمْنَعُ. أَمَا أَنْ قَدْ مُلِئَ لَهُ فِي وِعَائِهِ حَتَّى امْتَلأَ! فَلَمْ يَدْرُوا مَا يُرِيدُ بِقَوْلِهِ وَعَى عِلْمًا عَجَزَ فِيهِ. أَعْجَزَ عَنْ كَشْفِهِ أَمْ عَنْ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ أَمْ عَنْ طَلَبِ مَا طَلَبَ من العلم إلى النبي. ص] .
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ. أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو(2/269)
عَمْرٍو. يَعْنِي الأَوْزَاعِيَّ. حَدَّثَنِي مَرْثَدٌ أَوِ ابْنُ مَرْثَدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ إِذْ وَقَفَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: أَلَمْ يَنْهَكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ الْفُتْيَا؟ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ:
وَاللَّهِ لَوْ وَضَعْتُمُ الصَّمْصَامَةَ عَلَى هَذِهِ. وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ. عَلَى أَنْ أَتْرُكَ كَلِمَةً سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأَنْفَذْتُهَا قَبْلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ:
لَقَدْ تَرَكَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا يَقْلِبُ طَائِرٌ جَنَاحَيْهِ فِي السماء إلا ذكرنا منه علما.(2/270)
ذِكْرُ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ:
جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - سِتَّةُ نَفَرٍ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَسَعْدٌ وَأَبُو زَيْدٍ. قَالَ: وَكَانَ مُجَمِّعُ بْنُ جَارِيَةَ قَدْ جَمَعَ الْقُرْآنَ إِلا سُورَتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا. وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ قَدْ أَخَذَ بِضْعًا وَتِسْعِينَ سُورَةً وَتَعَلَّمَ بَقِيَّةَ الْقُرْآنِ مِنْ مُجَمِّعٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ جَمِيعًا عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ: جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِتَّةُ رَهْطٍ مِنَ الأَنْصَارِ: مُعَاذُ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثَابِتٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَبُو زَيْدٍ وَسَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ. قَالَ: قَدْ كَانَ بَقِيَ عَلَى الْمُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ سُورَةٌ أَوْ سُورَتَانِ حِينَ قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ:
جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَتَمِيمٌ الدَّارِيُّ.
أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يَقُولُ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو زَيْدٍ. قَالَ: قُلْتُ مَنْ أَبُو زَيْدٍ؟ قَالَ: مِنْ عُمُومَةِ أَنَسٍ.
أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ. أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَلَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ مِنْ أَصْحَابِهِ غَيْرُ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ وَالْخَامِسُ يُخْتَلَفُ فِيهِ.
وَالنَّفَرُ الَّذِينَ جَمَعُوهُ مِنَ الأَنْصَارِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو زَيْدٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ.
وَالَّذِي يُخْتَلَفُ فِيهِ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ.(2/271)
أخبرنا عفان بن مسلم. أخبرنا همام عن قَتَادَةَ قَالَ: قُلْتُ لأَنَسٍ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ على عهد رسول الله. ص؟ فَقَالَ: أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ. وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو زَيْدٍ.
أخبرنا محمد بن عمر. أخبرنا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَخَذَ القرآن أربعة على عهد رسول الله. ص: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو زَيْدٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ. أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمسة مِنَ الأَنْصَارِ: مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَبُو أَيُّوبَ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ.
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ:
جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَةٌ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو زَيْدٍ. قَالَ: وَاخْتَلَفُوا فِي رَجُلَيْنِ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُثْمَانُ وَتَمِيمٌ الدَّارِيُّ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُثْمَانُ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ مَرْسَا مَوْلًى لِقُرَيْشٍ قَالَ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ: مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَعُبَادَةُ بْنُ صامت وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَبُو أَيُّوبَ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ. فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ: إِنَّ أَهْلَ الشَّامِ قَدْ كَثُرُوا وَمَلَئُوا الْمَدَائِنَ وَاحْتَاجُوا إِلَى مَنْ يُعَلِّمُهُمُ الْقُرْآنَ وَيُفَقِّهُهُمْ فَأَعِنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِرِجَالٍ يُعَلِّمُونَهُمْ. فَدَعَا عُمَرُ أُولَئِكَ الْخَمْسَةَ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ إِخْوَانَكُمْ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ قَدِ اسْتَعَانُونِي بِمَنْ يُعَلِّمُهُمُ الْقُرْآنَ وَيُفَقِّهُهُمْ فِي الدِّينِ. فَأَعِينُونِي رَحِمَكُمُ اللَّهُ بِثَلاثَةٍ مِنْكُمْ. إِنْ أَجَبْتُمْ فَاسْتَهِمُوا وَإِنِ انْتُدِبَ ثَلاثَةٌ مِنْكُمْ فَلْيَخْرُجُوا. فَقَالُوا: مَا كُنَّا لِنَتَسَاهَمَ. هَذَا شَيْخٌ كَبِيرٌ لأَبِي أَيُّوبَ وَأَمَّا هَذَا فَسَقِيمٌ لأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. فَخَرَجَ مُعَاذٌ وَعُبَادَةُ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ. فَقَالَ عُمَرُ: ابْدَءُوا بِحِمْصَ فَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ النَّاسَ عَلَى وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ. مِنْهُمْ مَنْ يُلَقَّنُ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَوَجِّهُوا إِلَيْهِ طَائِفَةً(2/272)
مِنَ النَّاسِ. فَإِذَا رَضِيتُمْ مِنْهُمْ فَلْيَقُمْ بِهَا وَاحِدٌ وَلْيَخْرُجْ وَاحِدٌ إِلَى دِمَشْقَ وَالآخَرُ إِلَى فِلَسْطِينَ. وَقَدِمُوا حِمْصَ فَكَانُوا بِهَا حَتَّى إِذَا رَضُوا مِنَ النَّاسِ أَقَامَ بِهَا عُبَادَةُ وَخَرَجَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِلَى دِمَشْقَ وَمُعَاذٌ إِلَى فِلَسْطِينَ فَمَاتَ بِهَا. وَأَمَّا أَبُو الدَّرْدَاءِ فَلَمْ يَزَلْ بِدِمَشْقَ حَتَّى مَاتَ.
أَخْبَرَنِي رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قالا: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ بُرْدٍ أَبِي الْعَلاءِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى وَأَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ:
أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ قَالَ لا يَكُونُ عَالِمًا حَتَّى يَكُونَ مُتَعَلِّمًا وَلا يَكُونُ عَالِمًا حَتَّى يَكُونَ بِالْعِلْمِ عَامِلا.
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَأَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ عَنْ وُهَيْبٍ كِلاهُمَا عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلابَةَ: أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ كَانَ يَقُولُ: إِنَّكَ لَنْ تَفْقَهَ كُلَّ الْفِقْهِ حَتَّى تَرَى لِلْقُرْآنِ وُجُوهًا.
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ. أَخْبَرَنَا شُجَاعُ بْنُ أَبِي شُجَاعٍ. أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: اطْلُبُوا الْعِلْمَ. فَإِنْ عَجَزْتُمْ فَأَحِبُّوا أَهْلَهُ. فَإِنْ لَمْ تُحِبُّوهُمْ فَلا تُبْغِضُوهُمْ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالا: أَخْبَرَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مَنْ يَزْدَدْ عِلْمًا يَزْدَدْ وَجَعًا! قَالَ يحيى بن عباد في حديثه. قال: وقال إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ أَنْ يُقَالَ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلِمْتَ؟ فَأَقُولَ: نَعَمْ.
فَيُقَالُ: فَمَا عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ؟ أُخْبِرْتُ عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ. وَأُخْبِرْتُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ أَلا إِنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ أَحَدُ الْحُكَمَاءِ. أَلا إِنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ أَحَدُ الْحُكَمَاءِ. أَلا إِنَّ كَعْبَ الأَحْبَارِ أَحَدُ الْعُلَمَاءِ. إِنْ كَانَ عِنْدَهُ لَعِلْمٌ كَالثِّمَارِ وَإِنْ كُنَّا فِيهِ لَمُفَرِّطِينَ.
زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ
[أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى الرَّمْلِيُّ. أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قال: قال لي رسول الله. ص: إِنَّهُ يَأْتِينِي كُتُبٌ مِنْ أُنَاسٍ لا أُحِبُّ أن(2/273)
يَقْرَأَهَا أَحَدٌ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَعَلَّمَ كِتَابَ الْعِبْرَانِيَّةِ أَوْ قَالَ السُّرْيَانِيَّةِ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ! قَالَ:
فَتَعَلَّمْتُهَا فِي سَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُورِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ قَالَ لِي:
تَعَلَّمْ كِتَابَ الْيَهُودِ فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا آمَنُ الْيَهُودَ عَلَى كِتَابِي. قَالَ: فَتَعَلَّمْتُهُ فِي أَقَلِّ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ] .
[أَخْبَرَنَا إسماعيل بن أبان الوراق. أخبرنا عنبسة بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَاذَانَ عَنْ أُمِّ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَهُوَ يُمِلُّ فِي بَعْضِ حَوَائِجِهِ فَقَالَ: ضَعِ الْقَلَمَ عَلَى أُذُنِكَ فَإِنَّهُ أَذْكَرُ لِلْمُمِلِّ] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: أَعْلَمُهُمْ بِالْفَرَائِضِ زَيْدٌ] .
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ. أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَفْرَضُ أُمَّتِي زيد بن ثابت] .
أخبرنا محمد بن عمر. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: مَا كَانَ عُمَرُ وَلا عُثْمَانُ يُقَدِّمَانِ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَحَدًا فِي الْقَضَاءِ وَالْفَتْوَى وَالْفَرَائِضِ وَالْقِرَاءَةِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ: مَنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ الْفَرَائِضِ فَلْيَأْتِ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: اسْتَعْمَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ عَلَى الْقَضَاءِ وَفَرَضَ لَهُ رِزْقًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا جَارِيَةُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَسْتَخْلِفُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فِي كُلِّ سَفَرٍ. أَوْ قَالَ سَفَرٍ يُسَافِرُهُ.
وَكَانَ يُفَرِّقُ النَّاسَ فِي الْبُلْدَانِ وَيُوَجِّهُهُ فِي الأُمُورِ الْمُهِمَّةِ وَيَطْلُبُ إِلَيْهِ الرِّجَالَ الْمُسَمَّوْنَ فَيُقَالُ لَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ. فَيَقُولُ: لَمْ يَسْقُطْ عَلَيَّ مَكَانُ زَيْدٍ. وَلَكِنَّ أَهْلَ الْبَلَدِ يَحْتَاجُونَ إِلَى زَيْدٍ فِيمَا يَجِدُونَ عِنْدَهُ فِيمَا يَحْدُثُ لَهُمْ مَا لا يَجِدُونَ عِنْدَ غَيْرِهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ جَمَّازٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ(2/274)
حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ خَلْدَةَ الزُّرَقِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبِ بْنِ حَلْحَلَةَ قَالَ: كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مُتَرَئِّسًا بِالْمَدِينَةِ فِي الْقَضَاءِ وَالْفَتْوَى وَالْقِرَاءَةِ وَالْفَرَائِضِ فِي عَهْدِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ فِي مَقَامِهِ بِالْمَدِينَةِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ خَمْسَ سِنِينَ حَتَّى وَلِيَ مُعَاوِيَةُ سَنَةَ أربعين فكان كذلك أيضا حتى توفي زيد سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا رَزِينٌ بَيَّاعُ الرُّمَّانِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَخَذَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِالرِّكَابِ وَقَالَ: هَكَذَا يُفْعَلُ بِالْعُلَمَاءِ وَالْكُبَرَاءِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ أَخَذَ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِالرِّكَابِ فَقَالَ: تنح يا ابن عم رسول الله. ص! فَقَالَ: هَكَذَا نَفْعَلُ بِعُلَمَائِنَا وَكُبَرَائِنَا.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنُ حَازِمٍ وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي قَالُوا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ وَأَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَالْحَسَنُ بْنُ مُوسَى قَالا: أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ جَمِيعًا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَسَأَلْتُ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن عمر. حدثني الضحاك بن عثمان عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ قَالَ: جُلُّ مَا أَخَذَ بِهِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ مِنَ الْقَضَاءِ وَمَا كَانَ يُفْتِي بِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. وَكَانَ قَلَّ قَضَاءٌ أَوْ فَتْوَى جَلِيلَةٌ تَرِدُ عَلَى ابْنِ الْمُسَيِّبِ تُحْكَى لَهُ عَنْ بَعْضِ مَنْ هُوَ غَائِبٌ عَنِ الْمَدِينَةِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرِهِمْ إِلا قَالَ: فَأَيْنَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ هَذَا؟ إِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمَا تَقَدَّمَهُ مِنْ قَضَاءٍ وَأَبْصَرُهُمْ بِمَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِمَّا لَمْ يُسْمَعْ فِيهِ شَيْءٌ. ثُمَّ يَقُولُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: لا أَعْلَمُ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَوْلا لا يُعْمَلُ بِهِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ أَوْ يَعْمَلُ بِهِ أَهْلُ مِصْرٍ. وَإِنَّهُ لَيَأْتِيَنَا عَنْ غَيْرِهِ أَحَادِيثُ وَعِلْمٌ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يَعْمَلُ بِهَا وَلا مَنْ هُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سبرة عن مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ ابْنِ عُمَرَ يَوْمَ مَاتَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَقُلْتُ: مَاتَ عَالِمُ النَّاسِ الْيَوْمَ! فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ يَرْحَمُهُ اللَّهُ: الْيَوْمَ فَقَدْ كَانَ عَالِمُ النَّاسِ فِي خِلافَةِ عُمَرَ وَحَبْرُهَا فَرَّقَهُمْ عُمَرُ فِي الْبُلْدَانِ وَنَهَاهُمْ أَنْ يُفْتُوا بِرَأْيِهِمْ وَجَلَسَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ بِالْمَدِينَةِ يُفْتِي أَهْلَ الْمَدِينَةِ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الطُّرَّاءِ. يعني القدام.(2/275)
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي وخلاد بْنِ يَحْيَى قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ مَرْوَانَ أَجْلِسَ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَجُلا وَرَاءَ السِّتْرِ ثُمَّ دَعَاهُ فَجَلَسَ يَسْأَلُهُ وَيَكْتُبُونَ. فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ زَيْدٌ فَقَالَ: يَا مَرْوَانُ عُذْرًا! إِنَّمَا أَقُولُ بِرَأْيِي.
أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ. أَخْبَرَنَا عَوْفٌ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا دُفِنَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: هَكَذَا يَذْهَبُ الْعِلْمُ! وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى قَبْرِهِ. يَمُوتُ الرَّجُلُ الَّذِي يَعْلَمُ الشَّيْءَ لا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ فَيَذْهَبُ مَا كَانَ مَعَهُ.
أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا مَاتَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَدُفِنَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَكَذَا يَذْهَبُ الْعِلْمُ.
أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالُوا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ قَعَدْنَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ظِلِّ الْقَصْرِ فَقَالَ: هَكَذَا ذَهَابُ الْعِلْمِ. لَقَدْ دُفِنَ الْيَوْمَ عِلْمٌ كَثِيرٌ! أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ حِينَ مَاتَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: الْيَوْمَ مَاتَ حَبْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ! وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ فِي ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْهُ خَلَفًا.
أَبُو هُرَيْرَةَ
[أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ اللَّيْثِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مِرْدَاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُنْدَعِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ.
ص. لِي: ابْسُطْ ثَوْبَكَ. فَبَسَطْتُهُ ثُمَّ حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّهَارَ ثُمَّ ضَمَمْتُ ثَوْبِي إِلَى بَطْنِي فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا مِمَّا حَدَّثَنِي] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قُلْتُ لِرَسُولِ الله. ص: إِنِّي سَمِعْتُ مِنْكَ حَدِيثًا كَثِيرًا فَأَنْسَاهُ! فَقَالَ:
ابْسُطْ رِدَاءَكَ. فَبَسَطْتُهُ فَغَرَفَ بِيَدِهِ فِيهِ ثُمَّ قَالَ: ضُمَّهُ. فَضَمَمْتُهُ فَمَا نَسِيتُ حَدِيثًا بَعْدَهُ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وِعَاءَيْنِ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ لَقُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ.(2/276)
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ أَكْثَرَ أبو هريرة من الحديث. وو الله لَوْلا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ. عَزَّ وَجَلَّ. مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا. ثُمَّ يَقْرَأُ: «إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى» البقرة: 159. حَتَّى يَبْلُغَ «فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» البقرة: 160. ثُمَّ يَقُولُ عَلَى أَثَرِهِمَا: إِنَّ إِخْوَانِنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينِ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ. وَإِنَّ إِخْوَانِنَا مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الْعَمَلُ فِي أَمْوَالِهِمْ.
وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى شِبَعِ بَطْنِهِ فَيَسْمَعُ مَا لا يَسْمَعُونَ وَيَحْفَظُ مَا لا يَحْفَظُونَ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ حَدَّثَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحَدِيثِ مَنْ شَهِدَ جَنَازَةً فَلَهُ قِيرَاطٌ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: انْظُرْ مَا تُحَدِّثُ بِهِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ فإنك تكثر الحديث عن النبي.
ص. فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَذَهَبَ بِهِ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَ: أَخْبِرِيهِ كَيْفَ سَمِعْتِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يَقُولُ. فَصَدَّقَتْ أَبَا هُرَيْرَةَ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَاللَّهِ مَا كَانَ يَشْغَلُنِي عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَرْسُ الْوَدِيِّ وَلا الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ! فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَنْتَ أَعْلَمُنَا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَحْفَظُنَا لِحَدِيثِهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ النَّاسَ قَدْ قَالُوا: قَدْ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنَ الأَحَادِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: فَلَقِيتُ رَجُلا فَقُلْتُ: أَيَّةَ سُورَةٍ قَرَأَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَارِحَةَ فِي الْعَتَمَةِ؟
فَقَالَ: لا أَدْرِي! فَقُلْتُ: أَلَمْ تَشْهَدْهَا؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: قُلْتُ وَلَكِنِّي أَدْرِي. قَرَأَ سُورَةَ كَذَا وَكَذَا.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْحَارِثِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ لا يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنَ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ. إِنَّ أَسْعَدَ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قبل نفسه] «1» .
__________
(1) انظر: [البداية والنهاية (8/ 105) ] .(2/277)
أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ الأَغَرِّ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ الْمَكِّيَّانِ قَالا: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ لأَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّكَ لَتُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثًا مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يَا أُمَّهْ! طَلَبْتُهَا وَشَغَلَكِ عَنْهَا الْمِرْآةُ وَالْمُكْحُلَةُ وَمَا كَانَ يَشْغَلُنِي عَنْهَا شَيْءٌ! أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ. أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ. سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ يَقُولُ:
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُونَ أَكْثَرْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنِّي حَدَّثْتُكُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَرَمَيْتُمُونِي بِالْقَشْعِ. يَعْنِي الْمَزَابِلَ. ثُمَّ مَا نَاظَرْتُمُونِي.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيَّانِ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ هِلالٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَوْ أَنْبَأْتُكُمْ بِكُلِّ مَا أَعْلَمُ لَرَمَانِي النَّاسُ بِالْخَرْقِ وَقَالُوا أَبُو هُرَيْرَةَ مَجْنُونٌ! أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو هِلالٍ. أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَوْ حَدَّثْتُكُمْ بِكُلِّ مَا فِي جَوْفِي لَرَمَيْتُمُونِي بِالْبَعْرِ. قَالَ الْحَسَنُ: صَدَقَ! وَاللَّهِ لَوْ أَخْبَرَنَا أَنَّ بَيْتَ اللَّهِ يُهْدَمُ وَيُحْرَقُ مَا صَدَّقَهُ النَّاسُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقَرْقَسَانِيُّ. أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ أَبِي كَثِيرٍ الْغُبَرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لا يَكْتُمُ وَلا يَكْتُبُ.
ابْنُ عَبَّاسٍ
أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عن عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
دَعَا لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إن يُؤْتِيَنِي اللَّهُ الْحِكْمَةَ مَرَّتَيْنِ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ. حدثني عمرو بن دينار عن طاووس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَسَحَ عَلَى نَاصِيَتِي وَقَالَ: اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ وَتَأْوِيلَ الْكِتَابِ!] «1» .
[أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُوَيْسٍ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عِكْرِمَةَ وَأَخْبَرَنَا خالد بن مخلد البجلي.
__________
(1) انظر: [سنن ابن ماجة (166) ، وفتح الباري (1/ 170) ، وكنز العمال (33586) ] .(2/278)
حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ. حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عِكْرِمَةَ أن النبي.
ص. قَالَ: اللَّهُمَّ أَعْطِ ابْنَ عَبَّاسٍ الْحِكْمَةَ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ!] «1» .
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رسول الله.
ص. كَانَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا مِنَ اللَّيْلِ. فَقَالَتْ مَيْمُونَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَضَعَ لَكَ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ] » .
أَخْبَرَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بشير عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَأْذَنُ لأَهْلِ بَدْرٍ وَأَذِنِ لِي مَعَهُمْ. قَالَ: فَذَكَرَ أَنَّهُ سَأَلَهُمْ وَسَأَلَهُ فَأَجَابَهُ فَقَالَ لَهُمْ: كَيْفَ تَلُومُونَنِي عَلَيْهِ بَعْدَ مَا تَرَوْنَ؟
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانَا يَدْعُوَانِ ابْنَ عَبَّاسٍ فَيُشِيرُ مَعَ أَهْلِ بَدْرٍ. وَكَانَ يُفْتِي فِي عَهْدِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ إِلَى يَوْمِ مَاتَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَالنَّضْرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالا: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَدْرَكَ أَسْنَانَنًا مَا عَشَّرَهُ مِنَّا رَجُلٌ. وَزَادَ النَّضْرُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: نِعْمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ! أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: نِعْمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ! أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: «مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ» الكهف: 22. قَالَ: أنا من أولئك القليل وهم سبعة.
__________
(1) انظر: [مسند أحمد (1/ 269) ، وفتح الباري (7/ 100) ، وكنز العمال (33584) ، والمعجم الكبير للطبراني (11/ 212) ، والبداية والنهاية (8/ 297) ] .
(2) انظر: [صحيح البخاري (1/ 48) ، وصحيح مسلم فضائل الصحابة (138) ، ومسند أحمد (1/ 266) ، 327، 328، 335) ، وكشف الخفا (1/ 220) ، ومشكاة المصابيح (6139) ، وتفسير القرطبي (1/ 33) ، ومصنف ابن أبي شيبة (12/ 112) ، ودلائل النبوة (6/ 192، 193) ، وفتح الباري (1/ 170، 224) ، والمعجم الكبير للطبراني (10/ 320) ، (11/ 110) ، (12/ 70) ] .(2/279)
أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا سُئِلَ عَنِ الأَمْرِ فَإِنْ كَانَ فِي الْقُرْآنِ أَخْبَرَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي القرآن وكان عن رسول الله.
ص. أَخْبَرَ بِهِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقُرْآنِ وَلا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَكَانَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَخْبَرَ بِهِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ اجْتَهَدَ رَأْيَهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ قَالَ الأَعْمَشُ حُدِّثْنَا عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُسَمَّى الْبَحْرُ مِنْ كَثْرَةِ عِلْمِهِ. وَأُخْبِرْتُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُقَالُ لَهُ الْبَحْرُ. قَالَ: وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ قَالَ الْبَحْرُ وَفَعَلَ الْبَحْرُ! أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن عبد الله الأسدي. أخبرنا سفيان عن ليث عن طاووس وأخبرنا قبيصة بن عقبة عن ابن جريج عن طاووس قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَعْلَمَ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ لَيْثِ بْنِ أبي سليم قال: قلت لطاووس لَزِمْتَ هَذَا الْغُلامَ. يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ. وَتَرَكْتَ الأَكَابِرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - إذا تدارؤوا فِي شَيْءٍ صَارُوا إِلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَيُوسُفُ بْنُ مِهْرَانَ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يُسْأَلُ عَنِ الْقُرْآنِ كَثِيرًا فَيَقُولُ هُوَ كَذَا وَكَذَا. أَمَا سَمِعْتُمُ الشَّاعِرَ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا؟
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ:
كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَعْلَمَهُمَا بِالْقُرْآنِ وَكَانَ عَلِيٌّ أَعْلَمَهُمَا بِالْمُبْهَمَاتِ.
أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ أَوْ ثَبْتٌ عَنْهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ كَانَ نَاسٌ يَأْتُونَ ابْنَ عَبَّاسٍ لِلشِّعْرِ وَنَاسٌ لِلأَنْسَابِ وَنَاسٌ لأَيَّامِ الْعَرَبِ وَوَقَائِعِهَا. فَمَا مِنْهُمْ مِنْ صِنْفٍ إِلا يُقْبِلُ عَلَيْهِ بِمَا شَاءَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ. أَخْبَرَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ عُرِّفَ بِالْبَصْرَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ. قَالَ وَكَانَ مِثَجَّةً كَثِيرَ الْعِلْمِ. قَالَ فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ ففسرها آية آيَةً.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُلْتُ لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ هَلُمَّ(2/280)
فَلْنَسْأَلْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإنهم اليوم كثير. قال فقال: وا عجبا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! أَتَرَى النَّاسَ يَفْتَقِرُونَ إِلَيْكَ وَفِي النَّاسِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ فِيهِمْ؟
قَالَ: فَتَرَكْتُ ذَلِكَ وَأَقْبَلْتُ أَسْأَلُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْحَدِيثِ فَإِنْ كَانَ لَيَبْلُغُنِي الْحَدِيثُ عَنِ الرَّجُلِ فَآتِي بَابَهُ وَهُوَ قَائِلٌ فَأَتَوَسَّدُ رِدَائِي عَلَى بَابِهِ تَسْفِي الرِّيحُ عَلَيَّ التُّرَابَ فَيَخْرُجُ فَيَرَانِي فَيَقُولُ لِي: يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ مَا جَاءَ بِكَ؟ أَلا أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيَكَ؟ فَأَقُولُ: لا. أَنَا أَحَقُّ أَنْ آتِيَكَ! فَأَسْأَلُهُ عَنِ الْحَدِيثِ. فَعَاشَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الأَنْصَارِيُّ حَتَّى رَآنِي وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ حَوْلِي لَيَسْأَلُونِي فَيَقُولُ: هَذَا الْفَتَى كَانَ أَعْقَلَ مِنِّي! أُخْبِرْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَجَدْتُ عَامَّةَ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الأَنْصَارِ فَإِنْ كُنْتُ لآتِي الرَّجُلَ فَأَجِدُهُ نَائِمًا لَوْ شِئْتُ أَنْ يُوقَظَ لِي لأُوقِظَ فَأَجْلِسُ عَلَى بَابِهِ تَسْفِي عَلَى وَجْهِي الرِّيحُ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ مَتَى مَا اسْتَيْقَظَ وَأَسْأَلُهُ عَمَّا أُرِيدُ ثُمَّ أَنْصَرِفُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ أَبِي كُلْثُومٍ قَالَ: لَمَّا دُفِنَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: الْيَوْمَ مَاتَ رَبَّانِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ! أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عبيد الله ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ فَاتَ النَّاسَ بِخِصَالٍ: بِعِلْمِ مَا سَبَقَهُ وَفِقْهٍ فِيمَا احْتِيجَ إِلَيْهِ مِنْ رَأْيِهِ وَحِلْمٍ وَسَيْبٍ وَنَائِلٍ. وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَعْلَمَ بِمَا سَبَقَهُ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُ وَلا أَعْلَمَ بِقَضَاءِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ مِنْهُ. وَلا أَفْقَهَ فِي رَأْيٍ مِنْهُ. وَلا أَعْلَمَ بِشِعْرٍ وَلا عَرَبِيَّةٍ وَلا بِتَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَلا بِحِسَابٍ ولا بفريضة منه. ولا أعم بِمَا مَضَى وَلا أَثْقَفَ رَأَيَا فِيمَا احْتِيجَ إِلَيْهِ مِنْهُ. وَلَقَدْ كَانَ يَجْلِسُ يَوْمًا مَا يَذْكُرُ فِيهِ إِلا الْفِقْهَ وَيَوْمًا التَّأْوِيلَ وَيَوْمًا الشِّعْرَ وَيَوْمًا أَيَّامَ الْعَرَبِ. وَمَا رَأَيْتُ عَالِمًا قَطُّ جَلَسَ إِلَيْهِ إِلا خَضَعَ لَهُ وَمَا رَأَيْتُ سَائِلا قَطُّ سَأَلَهُ إِلا وَجَدَ عِنْدَهُ عِلْمًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي دَاودُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ:
ابْنُ عَبَّاسٍ أَعْلَمُ النَّاسِ! أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْضَرَ فَهْمًا وَلا(2/281)
أَلَبَّ لُبًّا وَلا أَكْثَرَ عِلْمًا وَلا أَوْسَعَ حِلْمًا مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ! وَلَقَدْ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَدْعُوهُ لِلْمُعْضِلاتِ ثُمَّ يَقُولُ عِنْدَكَ قَدْ جَاءَتْكَ مُعْضِلَةٌ. ثُمَّ لا نُجَاوِزُ قَوْلَهُ وَإِنَّ حَوْلَهُ لأَهْلَ بَدْرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينِ وَالأَنْصَارِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَبْهَانَ قال: قلت لأم سلمة زوج النبي. ص: أَرَى النَّاسَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مُنْقَصِفِينَ. فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: هُوَ أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي وَاقِدُ بْنُ أَبِي يَاسِرٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا نَظَرَتْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَعَهُ الْحَلَقُ لَيَالِيَ الْحَجِّ وَهُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْمَنَاسِكِ فَقَالَتْ: هُوَ أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ بِالْمَنَاسِكِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَوْمًا فَسَأَلَنِي عَنْ مَسْأَلَةٍ كَتَبَ إِلَيْهِ بِهَا يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ مِنَ الْيَمَنِ وَأَجَبْتُهُ فِيهَا. فَقَالَ عُمَرُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ تَنْطِقُ عَنْ بَيْتِ نُبُوَّةٍ! أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي سبرة عن عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ أَعْلَمُنَا ابْنُ عَبَّاسٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي سبرة عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَقُولُ: مَوْلاكَ وَاللَّهِ أَفْقَهُ مَنْ مَاتَ وَعَاشَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي وَعْلَةَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قَالَ كَعْبُ الأَحْبَارِ مَوْلاكَ رَبَّانِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ. هُوَ أَعْلَمُ مَنْ مَاتَ وَمَنْ عَاشَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عن ابن طاووس عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ طاووس عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ بَسَقَ عَلَى النَّاسِ فِي الْعِلْمِ كَمَا تَبْسُقُ النَّخْلُ السَّحُوقُ عَلَى الْوَدِيِّ الصِّغَارِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ(2/282)
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: إِنْ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَيُحَدِّثُنِي الْحَدِيثَ فَلَوْ يَأْذَنُ لِي أَنْ أُقَبِّلَ رَأْسَهُ لَفَعَلْتُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ لَقَدْ أُعْطِيَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَهْمًا وَلَقْنًا وَعِلْمًا. مَا كُنْتُ أَرَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يُقَدِّمُ عَلَيْهِ أَحَدًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كعب قال: سمعت أبي أَبِي بْنَ كَعْبٍ يَقُولُ. وَكَانَ عِنْدَهُ ابْنُ عباس.
فقام فقال: هَذَا يَكُونُ حَبْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ أُوتِيَ عَقْلا وَفَهْمًا وَقَدْ دَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُفَقِّهَهُ فِي الدِّينِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي الثَّوْرِيُّ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي جَهْضَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَأَيْتُ جِبْرِيلَ. صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ. مَرَّتَيْنِ. وَدَعَا لِي رَسُولُ اللَّهِ.
ص. مَرَّتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ دَخَلَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَعُودُهُ وَهُوَ يُحَمُّ فَقَالَ عُمَرُ: أَخَلَّ بِنَا مَرَضُكَ فَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: مَا حَدَّثَنِي أَحَدٌ قَطُّ حَدِيثًا فَاسْتَفْهَمْتُهُ. فَلَقَدْ كُنْتُ آتِي بَابَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ نَائِمٌ فَأَقِيلُ عَلَى بَابِهِ. وَلَوْ عَلِمَ بِمَكَانِي لأَحَبَّ أَنْ يوقظ لي لمكاني من رسول الله.
ص. وَلَكِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي فَائِدٌ مَوْلَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَدَّتِهِ سَلْمَى قَالَتْ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ مَعَهُ أَلْوَاحٌ يَكْتُبُ عَلَيْهَا عَنْ أَبِي رَافِعٍ شَيْئًا مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا محمد بن عمر. حَدَّثَنِي قُدَامَةُ بْنُ مُوسَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ:
سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ كُنْتُ أَلْزَمُ الأَكَابِرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْمُهَاجِرِينِ وَالأَنْصَارِ فَأَسْأَلَهُمْ عَنْ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي ذَلِكَ. وَكُنْتَ لا آتِي أَحَدًا مِنْهُمْ إِلا سُرَّ بِإِتْيَانِي لِقُرْبِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلْتُ(2/283)
أَسْأَلُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ يَوْمًا. وَكَانَ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ. عَمَّا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ: نَزَلَ بِهَا سَبْعٌ وَعِشْرُونَ سُورَةً وَسَائِرُهَا بِمَكَّةَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ الْعَلاءِ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ: ابْنُ عَبَّاسٍ أَعْلَمُنَا بِمَا مَضَى وَأَفْقَهُنَا فِيمَا نَزَلَ مِمَّا لَمْ يَأْتِ فِيهِ شَيْءٌ. قَالَ عِكْرِمَةُ: فَأَخْبَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ فَقَالَ:
إِنَّ عِنْدَهُ لَعِلْمًا وَلَقَدْ كَانَ يَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْحَلالِ وَالْحَرَامِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عن حبيب بن أبي ثابت عن طاووس قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ خَالَفَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَفَارَقَهُ حَتَّى يُقَرِّرَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ الْعَلاءِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ حِينَ بَلَغَهُ مَوْتُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَصَفَقَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى: مَاتَ أَعْلَمُ النَّاسِ وَأَحْلَمُ النَّاسِ وَلَقَدْ أُصِيبَتْ بِهِ هَذِهِ الأُمَّةُ مُصِيبَةً لا تُرْتَقُ! أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ الْعَلاءِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ: مَاتَ الْيَوْمَ مَنْ كَانَ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مَنْ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فِي الْعِلْمِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زِيَادِ بْنِ مِينَاءَ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ وَسَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ وأبو واقد الليثي وعبد الله بن بُحَيْنَةَ مَعَ أَشْبَاهٍ لَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُفْتُونَ بِالْمَدِينَةِ وَيُحَدِّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ لَدُنْ تُوُفِّيَ عُثْمَانُ إِلَى أَنْ تُوُفُّوا. وَالَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمُ الْفَتْوَى مِنْهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ أَبُو نُعَيْمٍ. أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثًا أَحْذَرَ أَنْ لا يَزِيدَ فِيهِ وَلا يُنْقِصَ مِنْهُ وَلا وَلا ... مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ابن الخطاب.(2/284)
أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعَدُّ مِنْ فُقَهَاءِ الأَحْدَاثِ.
وَأُخْبِرْتُ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ جَيِّدَ الْحَدِيثِ وَلَمْ يَكُنْ جَيِّدَ الْفِقْهِ.
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ صفوان ابن سُلَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كتاب مَا سَمِعْتُ مِنْهُ.
قَالَ فَأَذِنَ لِي فَكَتَبْتُهُ. فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُسَمِّي صَحِيفَتَهُ تِلْكَ الصَّادِقَةَ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:
رَأَيْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ صَحِيفَةً فَسَأَلْتُ عَنْهَا فَقَالَ: هَذِهِ الصَّادِقَةُ! فِيهَا مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِيهَا أَحَدٌ.
[عمران بن الحصين]
بَابٌ أُخْبِرْتُ عَنْ أَبِي الْجَرَّاحِ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: كَانَ عِمْرَانُ بْنُ الحصين يعد من ثقات أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ.
وَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ ثَوْرَ بْنَ يَزِيدَ يُخْبِرُ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ: لَمْ يَبْقَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشَّامِ أَحَدٌ كَانَ أَوْثَقَ وَلا أَفْقَهَ وَلا أَرْضَى مِنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَشَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ ابْتِدَاءً: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحَكَمِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كَانَ أصحاب رسول الله.
ص. إِذَا قَعَدُوا يَتَحَدَّثُونَ كَانَ حَدِيثُهُمُ الْفِقْهَ إِلا أَنْ يَأْمُرُوا رَجُلا فَيَقْرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةً أَوْ يَقْرَأَ رَجُلٌ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَشْيَاخِهِ قَالُوا: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَحْدَاثِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْقَهَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.(2/285)
عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ جَمَّازٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَفْصِ ابن عُمَرَ بْنِ خَلْدَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبِ بْنِ حَلْحَلَةَ قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ أَعْلَمَ النَّاسِ يَسْأَلُهَا الأَكَابِرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَشُكُّونَ فِي شَيْءٍ إِلا سَأَلُوا عَنْهُ عَائِشَةَ فَيَجِدُونَ عِنْدَهَا مِنْ ذَلِكَ عِلْمًا.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: هَلْ كَانَتْ عَائِشَةُ تُحْسِنُ الْفَرَائِضَ؟ قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَقَدْ رَأَيْتُ مَشْيَخَةَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأَكَابِرَ يَسْأَلُونَهَا عَنِ الْفَرَائِضِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التيمي.
أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِسُنَنِ رسول الله.
ص. وَلا أَفْقَهَ فِي رَأْيٍ إِنِ احْتِيجَ إِلَى رَأْيِهِ وَلا أَعْلَمَ بِآيَةٍ فِيمَا نَزَلَتْ وَلا فَرِيضَةٍ مِنْ عَائِشَةَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ مَوْلَى آلِ عُثْمَانَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قال: كان أزواج النبي.
ص. يَحْفَظْنَ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرًا وَلا مِثْلا لِعَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ. وَكَانَتْ عَائِشَةُ تُفْتِي فِي عَهْدِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ. إِلَى أَنْ مَاتَتْ يَرْحَمُهَا اللَّهُ. وَكَانَ الأَكَابِرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرُ وَعُثْمَانُ بَعْدَهُ يُرْسِلانِ إِلَيْهَا فَيَسْأَلانِهَا عَنِ السُّنَنِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ الْعُمَرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ قَدِ اسْتَقَلَّتْ بِالْفَتْوَى فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَهَلُمَّ جَرًّا إِلَى أَنْ مَاتَتْ يَرْحَمُهَا اللَّهُ. وَكُنْتُ مُلازِمًا لَهَا مَعَ بِرِّهَا بِي.
وَكُنْتُ أُجَالِسُ الْبَحْرَ ابْنَ عَبَّاسٍ. وَقَدْ جَلَسْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ فَأَكْثَرْتُ. فَكَانَ هُنَاكَ. يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ. وَرَعٌ وَعِلْمٌ جَمٌّ وَوُقُوفٌ عَمَّا لا عِلْمَ لَهُ بِهِ.
قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ: إِنَّمَا قَلَّتِ الرِّوَايَةُ عَنِ الأَكَابِرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأَنَّهُمْ هَلَكُوا قَبْلَ أَنْ يُحْتَاجَ إِلَيْهِمْ. وَإِنَّمَا كَثُرَتْ عَنْ عُمَرَ بْنِ(2/286)
الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لأَنَّهُمَا وَلِيَا فَسُئِلا وَقَضَيَا بَيْنَ النَّاسِ. وَكُلُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا أَئِمَّةً يُقْتَدَى بِهِمْ وَيُحْفَظُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ وَيُسْتَفْتَوْنَ فَيُفْتُونَ. وَسِمِعُوا أَحَادِيثَ فَأَدَّوْهَا فَكَانَ الأَكَابِرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَلَّ حَدِيثًا عَنْهُ مِنْ غَيْرِهِمْ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَسَعِيدِ بْن زَيْدِ بْن عَمْرو بْن نُفَيْلٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَأُسَيْدِ بْنِ الْحُضَيْرِ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَنُظَرَائِهِمْ.
فَلَمْ يَأْتِ عَنْهُمْ مِنْ كَثْرَةِ الْحَدِيثِ مِثْلُ مَا جَاءَ عن الأحداث من أصحاب رسول الله.
ص. مِثْلُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبِ وَنُظَرَائِهِمْ. وَكُلُّ هَؤُلاءِ كَانَ يُعَدُّ مِنْ فُقَهَاءِ أصحاب رسول الله.
ص. وَكَانُوا يَلْزَمُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ غَيْرِهِمْ مِنْ نُظَرَائِهِمْ. وَأَحْدَثُ مِنْهُمْ مِثْلُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ وَعِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ وَمَسْلَمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ الزُّرَقِيِّ وَرَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الأَسْلَمَيِّ وَهِنْدَ وَأَسْمَاءَ ابْنَيْ حَارِثَةَ الأَسْلَمِيَّيْنِ. وَكَانَا يَخْدُمَانِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَلْزَمَانِهِ فَكَانَ أَكْثَرُ الرِّوَايَةِ وَالْعِلْمِ فِي هَؤُلاءِ وَنُظَرَائِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأَنَّهُمْ بَقَوْا وَطَالَتْ أَعْمَارُهُمْ وَاحْتَاجَ النَّاسُ إِلَيْهِمْ. وَمَضَى كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ بِعِلْمِهِ لَمْ يُؤْثَرْ عَنْهُ بِشَيْءٍ وَلَمْ يُحْتَجْ إِلَيْهِ لِكَثْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَبُوكًا وَهِيَ آخِرُ غَزَاةٍ غَزَاهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلاثُونَ أَلْفَ رَجُلٍ. وَذَلِكَ سِوَى مَنْ قَدْ أَسْلَمَ وَأَقَامَ فِي بِلادِهِ وَمَوْضِعِهِ لَمْ يَغْزُ. فَكَانُوا عِنْدَنَا أَكْثَرَ مِمَّنْ غَزَا مَعَهُ تَبُوكًا فَأَحْصَيْنَا مِنْهُمْ مَنْ أَمْكَنَنَا اسْمُهُ وَنَسَبُهُ وَعُلِمَ أَمْرُهُ فِي الْمَغَازِي وَالسَّرَايَا وَمَا ذُكِرَ مِنْ مَوْقِفٍ وَقَفَهُ. وَمَنِ اسْتُشْهِدَ مِنْهُمْ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَبَعْدَهُ وَمَنْ وَفَدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بِلادِ قَوْمِهِ. وَمَنْ رَوَى عَنْهُ الْحَدِيثَ مِمَّنْ قَدْ عُرِفَ نَسَبُهُ وَإِسْلامُهُ وَمَنْ لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُمْ إِلا بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْهُمْ مَنْ قَدْ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ قَبْلَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَهُ نَسَبٌ وَذِكْرٌ وَمَشْهَدٌ. وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمْ أَكْثَرُ فَمِنْهُمْ مَنْ حُفِظَ عَنْهُ مَا حَدَّثَ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِرَأْيِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُحَدِّثْ عَنْ(2/287)
رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا وَلَعَلَّهُ أَكْثَرُ لَهُ صُحْبَةً وَمُجَالَسَةً وَسَمَاعًا مِنَ الَّذِي حَدَّثَ عَنْهُ.
وَلَكِنَّا حَمَلَنَا الأَمْرَ فِي ذَلِكَ مِنْهُمْ عَلَى التَّوَقِّي فِي الْحَدِيثِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُحْتَجْ إِلَيْهِ لِكَثْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى الاشْتِغَالِ بِالْعِبَادَةِ وَالأَسْفَارِ فِي الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى مَضَوْا وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْهُمْ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْءٌ. وَقَدْ أَحَاطَتِ الْمَعْرِفَةُ بِصُحْبَتِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلُقِيِّهِمْ إِيَّاهُ. وَلَيْسَ كُلُّهُمْ كَانَ يَلْزَمُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ مَنْ أَقَامَ مَعَهُ وَلَزِمَهُ وَشَهِدَ مَعَهُ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا. وَمِنْهُمْ مَنْ قَدِمَ عَلَيْهِ فَرَآهُ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بِلادِ قَوْمِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَقْدِمُ عَلَيْهِ الْفَيْنَةَ بَعْدَ الْفَيْنَةِ مِنْ مَنْزِلِهِ بِالْحِجَازِ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ كَتَبْنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّ مَنِ انْتَهَى إِلَيْنَا اسْمُهُ فِي الْمَغَازِي مَنْ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - مِنَ الْعَرَبِ وَمَنْ رَوَى عَنْهُ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ. وَبَيَّنَّا مِنْ ذَلِكَ مَا أَمْكَنَ عَلَى مَا بَلَغَنَا وَرَوَيْنَا وَلَيْسَ كُلَّ الْعِلْمِ وَعَيْنَا. ثُمَّ كَانَ التَّابِعُونَ بَعْدَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَغَيْرِهِمْ فِيهِمْ فُقَهَاءُ وَعُلَمَاءُ وَعِنْدَهُمْ رِوَايَةُ الْحَدِيثِ وَالآثَارِ وَالْفِقْهِ وَالْفَتْوَى. ثُمَّ مَضَوْا وَخَلَفَ بَعْدَهُمْ طَبَقَةٌ أُخْرَى ثُمَّ طَبَقَاتٌ بَعْدُ إِلَى زَمَانِنَا هَذَا. وَقَدْ فَصَّلْنَا ذَلِكَ وَبَيَّنَّاهُ.(2/288)
ذكر من كان يفتي بالمدينة بَعْدَ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أبناء المهاجرين وأبناء الأنصار وغيرهم
سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا قُدَامَةُ بْنُ مُوسَى الْجُمَحِيُّ قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يُفْتِي وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْيَاءٌ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ عَنْ سعد ابن إِبْرَاهِيمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِكُلِّ قَضَاءٍ قَضَاهُ رَسُولُ الله.
ص. وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مِنِّي. قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ مِسْعَرٌ: وَأَحْسِبُ قَدْ قَالَ وَعُثْمَانُ وَمُعَاوِيَةُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَارِيَةُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ يَقُولُ: كَانَ رَأْسَ مَنْ بِالْمَدِينَةِ فِي دَهْرِهِ وَالْمُقَدَّمَ عَلَيْهِمْ فِي الْفَتْوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ. وَيُقَالُ فَقِيهُ الْفُقَهَاءِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَالِمُ الْعُلَمَاءِ.
أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: قَالَ مَكْحُولٌ مَا حَدَّثْتُكُمْ بِهِ فَهُوَ عَنِ الْمُسَيِّبِ وَالشَّعْبِيِّ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَسَأَلْتُ عَنْ أَفْقَهِ أَهْلِهَا فَدُفِعْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي مُقْتَبِسٌ وَلَسْتُ بِمُتَعَنِّتٍ! فَجَعَلْتُ أَسْأَلُهُ وَجَعَلَ يُجِيبُنِي رَجُلٌ عِنْدَهُ.
فَقُلْتُ لَهُ: كَفَّ عَنِّي فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَحْفَظَ عَنْ هَذَا الشَّيْخِ. فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الَّذِي يُرِيدُ أَنْ لا يَحْفَظَ. وَقَدْ جَالَسْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ. فَلَمَّا قُمْنَا إِلَى الصَّلاةِ قُمْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعِيدٍ. فَكَانَ مِنَ الإِمَامِ شَيْءٌ. فَلَمَّا انْصَرَفْنَا قُلْتُ لَهُ: هَلْ أَنْكَرْتَ مِنْ صَلاةِ(2/289)
الإِمَامِ شَيْئًا؟ قَالَ: لا! قُلْتُ: كَمْ مِنْ إِنْسَانٍ جَالَسَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَقَلْبُهُ فِي مَكَانٍ آخَرَ! قَالَ:
أَرَأَيْتَكَ مَا أَجَبْتُكَ فِيهِ هَلْ خَالَفَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ؟ قُلْتُ: لا إِلا فِي فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ. قَالَ سَعِيدٌ: تِلْكَ امْرَأَةٌ فَتَنَتِ النَّاسَ. أَوْ قَالَ: فَتَنَتِ النِّسَاءَ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالا: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ: سُئِلَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ فِيهَا كَذَا وَكَذَا. قَالَ مَعْنٌ فِي حَدِيثِهِ فَقَالَ الْقَاسِمُ: ذَلِكَ خَيْرُنَا وَسَيِّدُنَا! وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ فِي حَدِيثِهِ:
ذَلِكَ سَيِّدُنَا وَعَالِمُنَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ: أَنَّهُ شَهِدَ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يَسْتَفْتِي سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ وَسَأَلَهُ سَائِلٌ: عَمَّنْ أَخَذَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عِلْمَهُ فَقَالَ: عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. وَجَالَسَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ وَدَخَلَ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ.
وَكَانَ قَدْ سَمِعَ مِنَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَلِيٍّ وَصُهَيْبٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ. وَجُلُّ رِوَايَتِهِ الْمُسْنَدَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَانَ زَوْجَ ابْنَتِهِ. وَسَمِعَ مِنَ أَصْحَابِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ. وَكَانَ يُقَالُ لَيْسَ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِكُلِّ مَا قَضَى بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ مِنْهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ. حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ وَسَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُ: كُنَّا نُجَالِسُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَنَا وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ وَنُجَالِسُ ابْنَ عَبَّاسٍ. فَأَمَّا أَبُو هُرَيْرَةَ فَكَانَ سَعِيدٌ أَعْلَمَنَا بِمُسْنَدَاتِهِ لِصِهْرِهِ مِنْهُ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أَبُو مَرْوَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أبي علي ابن حُسَيْنٍ يَقُولُ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمَا تَقَدَّمَهُ مِنَ الآثَارِ وَأَفْقَهُهُمْ فِي رَأْيِهِ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيُّ قَالَ: سَأَلْتُ مَكْحُولا مَنْ أَعْلَمُ مَنْ لَقِيتَ؟ قَالَ: ابْنُ الْمُسَيِّبِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ. أَخْبَرَنِي مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ:
أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَسَأَلْتُ عَنْ أَفْقَهِ أَهْلِهَا فَدُفِعْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَسَأَلْتُهُ.(2/290)
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ الْوَلِيدِ الشَّنِّيُّ عَنْ شِهَابِ بْنِ عَبَّادٍ الْعَصَرِيِّ قَالَ: حَجَجْتُ فَأَتَيْنَا الْمَدِينَةَ فَسَأَلْنَا عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِهَا فَقَالُوا: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ الْوَلِيدِ الشَّنِّيُّ. حَدَّثَنِي شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ: أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ فَسَأَلْنَا عن أفضل أهلها فقالوا: سعيد ابن الْمُسَيِّبِ! فَأَتَيْنَاهُ فَقُلْنَا: إِنَّا سَأَلْنَا عَنْ أَفْضَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقِيلَ لَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ. فَقَالَ: أَنَا أُخْبِرُكُمُ عَمَّنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنِّي مِائَةَ ضِعْفٍ. عَمْرُو بْنُ عُمَرَ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ: إِنْ كُنْتُ لأَسِيرُ اللَّيَالِيَ وَالأَيَّامَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ.
أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: سُئِلَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ سَعِيدٌ: لا أَقُولُ فِي الْقُرْآنِ شَيْئًا. قَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِثْلُ ذَلِكَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَأُخْبِرْتُ عَنْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ يُقَالُ إِنَّ ابْنَ الْمُسَيِّبِ رَاوِيَةُ عُمَرَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أَبُو مَرْوَانَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فروة عن مَكْحُولٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ اسْتَوَى النَّاسُ. مَا كَانَ أَحَدٌ يَأْنَفُ أَنْ يَأْتِيَ إِلَى حَلْقَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَلَقَدْ رَأَيْتُ فِيهَا مُجَاهِدًا وَهُوَ يَقُولُ: لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا بَقِيَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: مَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ عَالِمٌ إِلا يَأْتِينِي بِعِلْمِهِ وَأُوتَى بِمَا عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لا يَقْضِي بِقَضَاءٍ حَتَّى يَسْأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ إِنْسَانًا فَدَعَاهُ فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ فَقَالَ عُمَرُ: أَخْطَأَ الرَّسُولُ! إِنَّمَا أَرْسَلْنَاهُ يَسْأَلُكَ فِي مَجْلِسِكَ.
وَأُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ:
أَدْرَكْتُ مِنْ قُرَيْشٍ أَرْبَعَةَ بِحُورٍ: سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عبد الرحمن وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة.(2/291)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ أُجَالِسَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ الْعُذْرِيِّ أَتَعَلَّمَ مِنْهُ نَسَبَ قَوْمِي. فَأَتَاهُ رَجُلٌ جَاهِلٌ يَسْأَلُهُ عَنِ الْمُطَلَّقَةِ وَاحِدَةً ثِنْتَيْنِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا عَلَى كَمْ تَرْجِعُ إِلَى زَوْجِهَا الأَوَّلِ؟ قَالَ: لا أَدْرِي. اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ. وَأَشَارَ لَهُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ.
قَالَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا أَقْدَمُ مِنْ سَعِيدٍ بِدَهْرٍ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ عَقَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُجَّ عَلَى وَجْهِهِ. فَقُمْتُ فَاتَّبَعْتُ السَّائِلَ حَتَّى سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَلَزِمْتُ سَعِيدًا. فَكَانَ هُوَ الْغَالِبُ عَلَى عِلْمِ الْمَدِينَةِ وَالْمُسْتَفْتَى هُوَ وَأَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ. وَكَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ. وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بَحْرٌ مِنَ الْبُحُورِ وَعُبَيْدُ الله ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ فَمِثْلُ ذَلِكَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَالْقَاسِمُ وَسَالِمٌ. فَصَارَتِ الْفَتْوَى إِلَى هَؤُلاءِ وَصَارَتْ مِنْ هَؤُلاءِ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانِ بْنِ يَسَارٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَى كَفٍّ مِنَ الْقَاسِمِ عَنِ الْفَتْوَى إِلا أَنْ لا يَجِدَ بُدًّا. وَكَانَ رِجَالٌ مِنْ أَشْبَاهِهِمْ وَأَسَنَّ مِنْهُمْ مِنْ أَبْنَاءِ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ أَدْرَكْتُ وَمَنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ كَثِيرٌ بِالْمَدِينَةِ يُسْأَلُونَ وَلا يَنْصِبُونَ أَنْفُسَهُمْ هَيْئَةَ مَا صَنَعَ هَؤُلاءِ. وَكَانَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عِنْدَ النَّاسِ قَدْرٌ كَبِيرٌ عَظِيمٌ لِخِصَالِ وَرَعٍ يَابِسٍ وَنَزَاهَةٍ وَكَلامٍ بِحَقٍّ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِمْ وَمُجَانَبَةِ السُّلْطَانِ وَعِلْمٍ لا يُشَاكِلُهُ عَلِمُ أَحَدٍ وَرَأْيٍ بَعْدُ صَلِيبٍ وَنِعْمَ الْعَوْنُ الرَّأْي الْجَيِّدُ. وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ سَعِيدِ ابن الْمُسَيِّبِ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ رَجُلٍ فِيهِ عَزَّةٌ لا تَكَادُ تُرَاجَعُ إِلا إِلَى مَحَكٍّ. مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أُوَاجِهَهُ بِمَسْأَلَةٍ حَتَّى أَقُولَ: قَالَ فُلانٌ كَذَا وَكَذَا وَقَالَ فُلانٌ كَذَا وَكَذَا. فَيُجِيبُ حِينَئِذٍ.
أُخْبِرْتُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ أُجَالِسُ ثَعْلَبَةَ بْنَ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: فَقَالَ لِي يَوْمًا تُرِيدُ هَذَا؟ قَالَ: قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ: عَلَيْكَ بِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. قَالَ:
فَجَالَسْتُهُ عَشْرَ سِنِينَ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرحمن ابن خَبَّابٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ رِجَالا مِنَ الْمُهَاجِرِينِ وَرِجَالا مِنَ الأَنْصَارِ مِنَ التَّابِعِينَ يُفْتُونَ بِالْبَلَدِ. فَأَمَّا الْمُهَاجِرُونَ فَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وأبو بكر بن عبد الرحمن ابن الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ وأبو سلمة ابن عبد الرحمن وعبيد الله بن عبد الله بْنِ عُتْبَةَ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْقَاسِمُ وَسَالِمٌ. وَمِنَ الأَنْصَارِ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَمَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ وَعُمَرُ بْنُ خَلْدَةَ الزُّرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ(2/292)
مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَأَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: كَانَ الَّذِينَ يُفْتُونَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الصَّحَابَةِ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَكَانَا جَمِيعًا فِي حِجْرِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبَوَاهُمَا بَدْرِيَّانِ وعبد الرحمن بن كعب ابن مَالِكٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كان السبعة الذين يُسْأَلُونَ بِالْمَدِينَةِ وَيُنْتَهَى إِلَى قَوْلِهِمْ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَالْقَاسِمُ ابن مُحَمَّدٍ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ.
سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ بَقِيَّةُ النَّاسِ. وَسَمِعْتُ السَّائِلَ يَأْتِي سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَيَقُولُ: اذْهَبْ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ الْيَوْمَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ: سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ أَفْهَمُ عِنْدَنَا مِنَ ابْنِ الْمُسَيِّبِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ وَخُلَيْدُ بْنُ دَعْلَجٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ:
قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَسَأَلْتُ مَنْ أَعْلَمُ أَهْلِهَا بِالطَّلاقِ؟ فَقَالُوا: سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ.
أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: خَرَجْنَا حُجَّاجًا فَقَدِمْنَا مَكَّةَ فَسَأَلْتُ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ مَكَّةَ فَقِيلَ: عَلَيْكَ بِأَبِي بَكْرِ بْنِ عبد الرحمن ابن الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ.
عِكْرِمَةُ
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: دَفَعَ إِلَيَّ(2/293)
جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ مَسَائِلَ أَسْأَلُ عَنْهَا عِكْرِمَةَ وَجَعَلَ يَقُولُ: هَذَا عِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. هَذَا الْبَحْرُ فَسَلُوهُ!.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: نُبِّئْتُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ كَفَّ عَنْهُمْ عِكْرِمَةُ مِنْ حَدِيثِهِ لَشُدَّتْ إِلَيْهِ الْمَطَايَا.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ طاووس قَالَ: لَوْ أَنَّ مَوْلَى ابْنَ عَبَّاسٍ هَذَا اتَّقَى اللَّهَ وَكَفَّ مِنْ حَدِيثِهِ لَشُدَّتْ إِلَيْهِ الْمَطَايَا.
أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ: كَانَ عِكْرِمَةُ أَعْلَمُ النَّاسِ بِالتَّفْسِيرِ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: قَالَ عِكْرِمَةُ إِنِّي لأَخْرُجُ إِلَى السُّوقِ فَأَسْمَعُ الرَّجُلَ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ فَيَنْفَتِحُ لِي خَمْسُونَ بَابًا مِنَ الْعِلْمِ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: جَاءَ عِكْرِمَةُ فَحَدَّثَ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ حَاضِرٌ فَعَقَدَ ثَلاثِينَ وَقَالَ أَصَابَ الْحَدِيثَ.
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَضَعُ فِي رِجْلَيَّ الْكَبْلَ وَيُعَلِّمُنِي الْقُرْآنَ وَالسُّنَنَ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. أَخْبَرَنَا غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ أَبُو مُضَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عِكْرِمَةَ فَقَالَ: مَا لَكُمْ أَفْلَسْتُمْ. يَعْنِي لا أَرَاكُمُ تَسْأَلُونِي؟.
عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن فضيل بْنِ غَزْوَانَ الضَّبِّيُّ. أَخْبَرَنَا أَسْلَمُ الْمِنْقَرِيُّ وَأَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ أَبُو نُعَيْمٍ. أَخْبَرَنَا بَسَّامُ الصَّيْرَفِيُّ جَمِيعًا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِمَنَاسِكِ الْحَجِّ مِنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ] .
أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: كَانَ عَطَاءٌ إِذَا حَدَّثَ بِشَيْءٍ قُلْتُ عِلْمٌ أَوْ رَأْي. فَإِنْ كَانَ أَثَرًا قَالَ عِلْمٌ. وَإِنْ كَانَ رَأْيًا قال رأي.(2/294)
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: كَانَ عَطَاءٌ يَتَكَلَّمُ فَإِذَا سُئِلَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ فَكَأَنَّمَا يُؤَيِّدُ.
أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَسْلَمَ الْمِنْقَرِيِّ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَجَعَلَ يَقُولُ أَيْنَ أَبُو مُحَمَّدٍ؟ يُرِيدُ عَطَاءً. فَأَشَارُوا إِلَى سَعِيدٍ فَقَالَ: أَيْنَ أَبُو مُحَمَّدٍ؟
فَقَالَ سَعِيدٌ: مَا لَنَا هَاهُنَا مَعَ عَطَاءٍ شَيْءٌ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يُرِيدُ بِهَذَا الْعِلْمِ وَجْهَ اللَّهِ غَيْرَ هَؤُلاءِ الثلاثة: عطاء وطاووس وَمُجَاهِدٌ.
أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: قَالَ لي طاووس: إِذَا حَدَّثْتُكَ حَدِيثًا قَدْ آتَيْتُهُ لَكَ فَلا تَسْأَلْ عَنْهُ أَحَدًا.
عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وعروة بْنَ الزُّبَيْرِ
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنِ انْظُرْ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ سُنَّةٍ مَاضِيَةٍ أَوْ حَدِيثِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَاكْتُبْهُ فَإِنِّي قَدْ خِفْتُ دُرُوسَ الْعِلْمِ وَذَهَابَ أَهْلِهِ.
أُخْبِرْتُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ مِنْهَا. يَعْنِي عَمْرَةَ. قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ يَسْأَلُهَا.
وَأُخْبِرْتُ عَنْ شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ يَسْأَلُ عَمْرَةَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيّ. حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ: أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ: كُنْتُ إِذَا حَدَّثَنِي عُرْوَةُ ثُمَّ حَدَّثَتْنِي عَمْرَةُ يُصَدَّقُ عِنْدِي حَدِيثُ عُرْوَةَ. فَلَمَّا تَبَحَّرْتُهُمَا إِذَا عُرْوَةُ بَحْرٌ لا يُنْزَفُ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَ أَبِي يَقُولُ أَيَّ شَيْءٍ تَعَلَّمُوا فَإِنَّكُمُ الْيَوْمَ صِغَارٌ وَتُوشِكُونَ أَنْ تَكُونُوا كِبَارًا. وَإِنَّمَا تَعَلَّمْنَا صِغَارًا وَأَصْبَحْنَا كِبَارًا وَصِرْنَا الْيَوْمَ نُسَاءَلُ.(2/295)
ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ. حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
مَا أَرَى أَحَدًا جَمَعَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا جَمَعَ ابْنُ شِهَابٍ.
أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ. وَكَانَ قَدْ جَالَسَ الْحَسَنَ وَابْنَ سِيرِينَ: احْفَظْ لِي هَذَا الْحَدِيثَ حَدَّثَ بِهِ الزُّهْرِيُّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ أَرَ مِثْلَ هَذَا قَطُّ. يَعْنِي الزُّهْرِيَّ.
أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: مَا أَدْرَكْتُ بِالْمَدِينَةِ فَقِيهًا مُحَدِّثًا غَيْرَ وَاحِدٍ. فَقُلْتُ لَهُ: مَنْ هُوَ؟ فَقَالَ: ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ.
أُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ: قِيلَ لِلزُّهْرِيِّ: زَعَمُوا أَنَّكَ لا تُحَدِّثُ عَنِ الْمَوَالِي؟ فَقَالَ: إِنِّي لأُحَدِّثُ عَنْهُمْ. وَلَكِنْ إِذَا وَجَدْتُ أَبْنَاءَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ. أَتِّكِئُ عَلَيْهِمْ فَمَا أَصْنَعُ بِغَيْرِهِمْ؟.
أُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عمر ابن الْخَطَّابِ قَالَ: لَمَّا نَشَأْتُ فَأَرَدْتُ أَنْ أَطْلُبَ الْعِلْمَ فَجَعَلْتُ آتِي أَشْيَاخَ آلِ عُمَرَ رَجُلا رَجُلا فَأَقُولُ: مَا سَمِعْتَ مِنَ سَالِمٍ؟ فَكُلَّمَا أَتَيْتُ رَجُلا مِنْهُمْ قَالَ: عَلَيْكَ بِابْنِ شِهَابٍ فَإِنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَانَ يَلْزَمُهُ! قَالَ: وَابْنُ شِهَابٍ بِالشَّامِ حِينَئِذٍ. قَالَ: فَلَزِمْتُ نَافِعًا.
فَجَعَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ خَيْرًا كَثِيرًا.
وَأُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ: قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. أَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ:
اجْتَمَعْتُ أَنَا وَالزُّهْرِيُّ وَنَحْنُ نَطْلُبُ الْعِلْمَ فَقُلْنَا نَكْتُبُ السُّنَنَ. قَالَ: وَكَتَبْنَا مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ثُمَّ قَالَ نَكْتُبُ مَا جَاءَ عَنِ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ سَنَّةٌ. قَالَ: قُلْتُ إِنَّهُ لَيْسَ بِسُنَّةٍ فَلا نَكْتُبُهُ. قَالَ: فَكَتَبَ وَلَمْ أَكْتُبْ فَأَنْجَحَ وَضَيَّعْتُ. قَالَ: قَالَ يَعْقُوبُ بن إبراهيم ابن سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: إِنَّا مَا سَبَقَنَا ابْنُ شِهَابٍ بِشَيْءٍ مِنَ الْعِلْمِ إِلا أَنَا كُنَّا نَأْتِي الْمَجْلِسَ فَيَسْتَنْتِلُ وَيَشُدُّ ثَوْبَهُ عِنْدَ صَدْرِهِ وَيَسْأَلُ عَمَّا يُرِيدُ وَكُنَّا تَمْنَعُنَا الْحَدَاثَةُ.
وَأُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كُنَّا نَكْرَهُ كِتَابَ الْعِلْمِ حَتَّى أَكْرَهَنَا عَلَيْهِ هَؤُلاءِ الأُمَرَاءُ فَرَأَيْنَا أَنْ لا يُمْنَعَهُ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَأُخْبِرْتُ عَنْ وُهَيْبٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنَ الزُّهْرِيِّ.(2/296)
وَأُخْبِرْتُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ بُرْدٍ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: مَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِسُنَّةٍ مَاضِيَةٍ مِنَ الزُّهْرِيِّ.
وَأُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ الرزاق قال: سمعت معمر قَالَ: كُنَّا نَرَى أَنَا قَدْ أَكْثَرْنَا عَنِ الزُّهْرِيِّ حَتَّى قُتِلَ الْوَلِيدُ فَإِذَا الدَّفَاتِرُ قَدْ حُمِلَتْ عَلَى الدَّوَابِّ مِنْ خَزَائِنِهِ. يَقُولُ: مِنْ علم الزهري.(2/297)
الجزء الثالث
[القول في الطبقة الأولى وهم البدريين من المهاجرين والأنصار]
طَبَقَاتُ الْبَدْرِيِّينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ
(ذكر الطَّبَقَةُ الأُولَى)
[من بني هاشم]
تسمية من أحصينا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
من المهاجرين والأنصار وغيرهم ومن كان بعدهم من أبنائهم وأتباعهم من أَهْل الفقه والعلم والرواية للحديث وما انتهى إلينا من أسمائهم وأنسابهم وكناهم وصفاتهم طبقة طبقة أخبرنا محمد بن سعد قال: وفيما أخبرنا به مُحَمَّد بْن عُمَر بْن واقد الأسلمي عن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه عن عمه الزُّهْرِيّ عن عروة وَعَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عن عِكْرِمة وعن مُحَمَّدُ بْن صَالِحِ بْن دِينَارٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ وَيَزِيدَ ابن رومان وعن مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْميّ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ أَبِي عبس عن أبيه وعن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وعن أفلح بن سعيد القرظي عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رُقَيْشٍ وعن غير هَؤُلَاء أيضًا مِمَّنْ لقي من رجال أَهْل المدينة وغيرهم من أَهْل العلم.
وفيما أخبرنا به الحسين بن بهرام عن أبي معشر نجيح المديني. وفيما أخبرنا به رؤيم ابن يَزِيدَ الْمُقْرِئُ عَنْ هَارُونَ بْنِ أَبِي عِيسَى عن محمد بن إسحاق. وفيما أخبرنا به أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أيوب عن إِبْرَاهِيم بْن سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق. وفيما أخبرنا به إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عمه موسى ابن عقبة. وفيما أخبرنا به عبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري عن زكرياء بْن زَيْد بْن سعد الأشهلي وزكرياء بْن يحيى بْن أبي الزوائد السَّعْديّ وأبي عبيدة بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بن عمار بْن ياسر وإبراهيم بْن نوح بْن مُحَمَّد الظفري وعن غيرهم مِمَّنْ لقي من أَهْل العلم والنسب بتسمية من شهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدرًا. والنقباء. وعددهم.
وتسميتهم. وغيرهم مِمَّنْ صحب رسول الله ص. وفيما أخبرنا به الفضل بْن دكين(3/3)
أبو نعيم ومعن بْن عِيسَى الأشجعي القزاز وهشام بْن مُحَمَّد بْن السائب بْن بشير الكلبي عن أَبِيهِ. وغيرهم من اهل العلم والنسب. فكل هَؤُلَاء قد أخبرني فِي تسمية أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومن كان بعدهم من التابعين من أَهْل الفقه والرواية للحديث بشيء. فجمعت ذلك كله وبينت من أمكنني تسميته منهم فِي موضعه.
الطبقة الأولى على السابقة فِي الْإِسْلَام مِمَّنْ شهِدَ بدرًا مِنَ الْمُهاجِرِينَ الأولين الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ. ومن الأنصار الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ. ومن حلفائهم جميعًا ومواليهم. ومن ضرب له رسول الله.
ص. بسهمه وأجره. شهدها من المهاجرين من بني هاشم بْن عَبْد مناف بْن قصي بْنُ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ. وَإِلَى فِهْرٍ اجتماع قريش. ابن مالك بن النضر بن كنانة بْن خُزَيْمة بْن مدركة بْنُ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ معد بن عدنان من بني إسماعيل بن إبراهيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
1- مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
الطيب المبارك سيد المسلمين وإمام المتقين رسول رب العالمين ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ بن عبد مناف بن قصي. وأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بْنُ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لؤي ابن غالب بن فهر.
وَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الولد القاسم. وبه كان يكنى. ولد له قبل أن يبعث - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعبد الله وهو الطيب وهو الطاهر. سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنَّهُ وُلِدَ فِي الإِسْلامِ.
وَزَيْنَبَ وأم كلثوم ورقية وفاطمة. وأمهم كلهم خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصي. وهي أول امرأة تزوجها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإبراهيم ابن رسول الله.
ص. وأمه مارية القبطية. بعث بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المقوقس صاحب الإسكندرية.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ. قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ أَكْبَرُ وَلَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقَاسِمُ. ثُمَّ زَيْنَبُ. ثُمَّ عَبْدُ اللَّهِ. ثُمَّ أُمُّ كُلْثُومٍ. ثُمَّ فَاطِمَةُ. ثُمَّ رُقْيَةُ. فَمَاتَ الْقَاسِمُ. وَهُوَ أَوَّلُ مَيِّتٍ مِنْ وَلَدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ.
ثُمَّ مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ: لَقَدِ انْقَطَعَ نَسْلُهُ فَهُوَ أَبْتَرُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ» الكوثر: 3. ثُمَّ وَلَدَتْ لَهُ مَارِيَةُ بِالْمَدِينَةِ إِبْرَاهِيمَ فِي(3/4)
ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ فَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا.
قَالُوا: وَبَدَأَ وَجَعُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ زَوْجِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ صَفَرٍ. وَتُوُفِّيَ. صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ. يَوْمَ الاثْنَيْنِ لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ. وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ. وَكَانَ مَقَامُهُ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ عَشْرَ سِنِينَ. وَكَانَ مَقَامُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ. مِنْ حِينَ تَنَبَّأَ إِلَى أَنْ هَاجَرَ. ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَبُعِثَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً.
وَوُلِدَ عَامَ الْفِيلِ. وَتُوُفِّيَ. صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.
2- حمزة بْن عَبْد المطلب.
أسد اللَّه وأسد رسوله وعمه. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. ابن عَبْد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي. وأمه هالة بِنْت أهيب بْن عَبْد مناف بْن زهرة بْن كلاب بْن مُرَّة. وكان يكنى أَبَا عمارة. وكان له من الولد يَعْلَى وكان يكنى به حَمْزَة أَبَا يَعْلَى. وعامر درج. وأمهما بِنْت الملة بْن مالك بن عباده بن حجر ابن فائد بْن الْحَارِث بْن زَيْد بْن عُبَيْد بْن زَيْد بْن مالك بْن عوف بْن عمرو بن عوف من الأَنْصَار. من الأوس. وعمارة بْن حَمْزَة. وقد كان يكنى به أيضًا. وأمه خولة بنت قيس ابن قهد الأنصارية من بني ثَعْلَبَة بْن غنم بْن مالك بْن النجار. وأمامة بِنْت حَمْزَة وأمها سلمى بِنْت عميس أخت أسماء بِنْت عميس الخثعمية. وأمامة الّتي اختصم فيها علي وجعفر وزَيْد بْن حارثة. وأراد كل واحد منهم أن تكون عنده فقضى بها رسول الله.
ص. لجعفر من أجل أن خالتها أسماء بِنْت عميس كانت عنده. وزوجها رسول الله.
ص. سلمة بْن أبي سَلَمَة بْن عَبْد الأسد المخزومي. وقال: [هَلْ جزيت سَلَمَة فهلك قبل أن يجمعها إليه.] وقد كان ليعلى بْن حَمْزَة أولاد. عمارة والفضل والزبير وعقيل ومحمد. درجوا فلم يبق لحمزة بْن عَبْد المطلب وُلِدَ ولا عقب.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ.
قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ. قَالَ: نَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَدِيُّ بْنُ الْحَمْرَاءِ وَابْنُ الأَصْدَاءِ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا وَشَتَمُوهُ وَآذَوْهُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ حمزة بن عبد المطلب.
__________
2 الإصابة (1/ 353) ، الاستيعاب (1/ 271) ، وحذف من نسب قريش (5) ، (14) ، (22) ، (29) ، (31) ، (46) ، والمعارف (118) ، (119) ، (124) ، (125) ، (126) ، (127) ، (137) ، (156) ، (160) ، (186) ، (295) ، (317) ، (327) ، (330) ، (422) ، (531) ، (600) .(3/5)
فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ مُغْضَبًا فَضَرَبَ رَأْسَ أَبِي جَهْلٍ بِالْقَوْسِ ضَرْبَةً أَوْضَحَتْ فِي رَأْسِهِ. وَأَسْلَمَ حَمْزَةُ فَعَزَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمُونَ وَذَلِكَ بَعْدَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ أَرْقَمَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ مِنَ النُّبُوَّةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مَنَّاحٍ. قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ حمزة بن عبد المطلب إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ: نَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَزَيْدِ بن حارثة. وإليه أوصى حَمْزَة بْن عَبْد المطلب يوم أحد حين حَضَرَ الْقِتَالُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أَوَّلَ لِوَاءٍ عَقَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ لِحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. بَعَثَهُ سَرِيَّةً فِي ثَلاثِينَ رَاكِبًا حَتَّى بَلَغُوا قَرِيبًا مِنْ سَيْفِ الْبَحْرِ. يَعْتَرِضُ لِعِيرِ قُرَيْشٍ وَهِيَ مُنْحَدِرَةٌ إِلَى مَكَّةَ قَدْ جَاءَتْ مِنَ الشَّامِ وَفِيهَا أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ فِي ثَلاثِمِائَةِ رَاكِبٍ.
فَانْصَرَفَ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بن عمر. وهو الْخَبَرُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا. إِنَّ أَوَّلَ لِوَاءٍ عَقَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: كَانَ حَمْزَةُ مُعَلَّمًا يَوْمَ بَدْرٍ بِرِيشَةِ نَعَامَةٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَحَمَلَ حَمْزَةُ لِوَاءَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزْوَةِ بَنِي قَيْنُقَاعَ وَلَمْ يَكُنِ الرَّايَاتُ يَوْمَئِذٍ.
وَقُتِلَ. رَحِمَهُ اللَّهُ. يَوْمَ أُحُدٍ عَلَى رَأْسِ اثْنَيْنِ وَثَلاثِينَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً. كَانَ أَسَنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَرْبَعِ سِنِينَ. وَكَانَ رَجُلا لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلا بِالْقَصِيرِ. قَتَلَهُ وَحْشِيُّ بْنُ حَرْبٍ وَشَقَّ بَطْنَهُ. وَأَخَذَ كَبِدَهُ فَجَاءَ بِهَا إِلَى هِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ. فَمَضَغَتْهَا. ثُمَّ لَفَظَتْهَا. ثُمَّ جَاءَتْ فَمَثَّلَتْ بِحَمْزَةَ. وَجَعَلَتْ مِنْ ذَلِكَ مَسْكَتَيْنِ وَمَعْضَدَيْنِ وَخَدْمَتَيْنِ حَتَّى قَدِمَتْ بِذَلِكَ وَبِكَبِدِهِ مَكَّةَ.
وَكُفِّنَ حَمْزَةُ فِي بُرْدَةٍ. فَجَعَلُوا إِذَا خَمَّرُوا بِهَا رَأْسَهُ بَدَتْ قَدَمَاهُ. وَإِذَا خَمَّرُوا بِهَا(3/6)
[رِجْلَيْهِ تَنْكَشِفُ عَنْ وَجْهِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَطُّوا وَجْهَهُ. وَجَعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ الْحَرْمَلَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كُفِّنَ فِي ثَوْبٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الْجَحْشِيُّ عَنْ آبَائِهِ. قَالُوا:
دُفِنَ حمزة بْن عَبْد المطلب وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ. وَحَمْزَةُ خَالُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ.
[قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَنَزَلَ فِي قَبْرِ حَمْزَةَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ.
وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ عَلَى حُفْرَتِهِ. وقال رسول الله. ص: رَأَيْتُ الْمَلائِكَةَ تَغْسِلُ حَمْزَةَ لأَنَّهُ كَانَ جُنُبًا ذَلِكَ الْيَوْمِ. وَكَانَ حَمْزَةُ أَوَّلَ مَنْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنَ الشُّهَدَاءِ. وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا. ثُمَّ جَمَعَ إِلَيْهِ الشُّهَدَاءَ فَكُلَّمَا أُتِيَ بِشَهِيدٍ وُضِعَ إِلَى جَنْبِ حَمْزَةَ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَعَلَى الشَّهِيدِ. حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعِينَ مَرَّةً] .
[وَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبُكَاءُ فِي بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ على قتلاهم. فقال رسول الله. ص: لَكِنَّ حَمْزَةَ لا بَوَاكِيَ لَهُ. فَسَمِعَ ذَلِكَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَرَجَعَ إِلَى نِسَاءِ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ فَسَاقَهُنَّ إِلَى بَابِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَكَيْنَ عَلَى حَمْزَةَ. فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَا لَهُنَّ وَرَدَّهُنَّ. فَلَمْ تَبْكِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ عَلَى مَيِّتٍ إِلا بَدَأَتْ بِالْبُكَاءِ عَلَى حَمْزَةَ ثُمَّ بَكَتْ عَلَى مَيِّتِهَا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ الْعَبْدِيُّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ وَرْدٍ عَنِ الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: لَمَّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يُجْرِيَ عَيْنَهُ الَّتِي بِأُحُدٍ كَتَبُوا إِلَيْهِ: إِنَّا لا نَسْتَطِيعُ أَنْ نُجْرِيَهَا إِلا عَلَى قُبُورِ الشُّهَدَاءِ. قَالَ فَكَتَبَ: انْبُشُوهُمْ. قَالَ: فَرَأَيْتُهُمْ يُحْمَلُونَ عَلَى أَعْنَاقِ الرِّجَالِ كَأَنَّهُمْ قَوْمٌ نِيَامٌ. وَأَصَابَتِ الْمِسْحَاةُ طَرَفَ رِجْلِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَانْبَعَثَتْ دَمًا.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ لرسول الله. ص: أَلا تَتَزَوَّجُ ابْنَةَ عَمِّكَ ابْنَةَ حَمْزَةَ فَإِنَّهَا. قَالَ سُفْيَانُ. أَجْمَلُ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ: أَحْسَنُ فَتَاةٍ فِي قُرَيْشٍ.
فَقَالَ: يَا عَلِيُّ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ حَمْزَةَ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مِنَ الرَّضَاعِ مَا حَرَّمَ مِنَ النَّسَبِ؟] .(3/7)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ. قَالا: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ سَعْدِ ابن عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ما لي أَرَاكَ تَتُوقُ فِي نِسَاءِ قُرَيْشٍ وَتَدَعُنَا؟ قَالَ: عِنْدَكَ شَيْءٌ؟ قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ ابْنَةُ حَمْزَةَ. قَالَ:
تِلْكَ ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ. عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُرِيدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ابْنَةِ حَمْزَةَ فَقَالَ: إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ وَإِنَّهُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُرِيَهُ جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ. فقال:
إِنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَرَاهُ. قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَاقْعُدْ مَكَانَكَ. قَالَ: فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى خَشَبَةٍ فِي الْكَعْبَةِ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَضَعُونَ ثِيَابَهُمْ عَلَيْهَا إِذَا طَافُوا بِالْبَيْتِ فَقَالَ: ارْفَعْ طَرْفَكَ فَانْظُرْ. فَنَظَرَ فَإِذَا قَدَمَاهُ مِثْلُ الزَّبَرْجَدِ الأَخْضَرِ فَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ. عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ بَدْرٍ: يَا عَلِيُّ نَادِ لِي حَمْزَةَ. وَكَانَ أَقْرَبَهُمْ إِلَى الْمُشْرِكِينَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ. عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ. قَالَ: كَانَ حَمْزَة بْن عَبْد المطلب يُقَاتِلُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ بِسَيْفَيْنِ. وَيَقُولُ: أَنَا أَسَدُ اللَّهِ. وَجَعَلَ يُقْبِلُ وَيُدْبِرُ. قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ عَثَرَ عَثْرَةً فَوَقَعَ عَلَى ظَهْرِهِ. وَبَصُرَ بِهِ الأَسْوَدُ. قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: فَزَرَقَهُ بِحَرْبَةٍ فَقَتَلَهُ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ: فَطَعَنَهُ الْحَبَشِيُّ بِحَرْبَةٍ أَوْ رُمْحٍ فَبَقَرَهُ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدٍ. قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ جَاءَتْ فِي الأَحْزَابِ يَوْمَ أُحُدٍ وَكَانَتْ قَدْ نَذَرَتْ لَئِنْ قَدَرَتْ عَلَى حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَتَأْكُلَنَّ مِنْ كَبِدِهِ. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ حَيْثُ أُصِيبَ حمزة. ومثلوا بالقتلى وجاؤوا بِحُزَّةٍ مِنْ كَبِدِ حَمْزَةَ فَأَخَذَتْهَا تَمْضُغُهَا لِتَأْكُلَهَا فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَبْتَلِعَهَا.
فَلَفَظَتْهَا. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ أَنْ تَذُوقَ مِنْ لَحْمِ حَمْزَةَ شَيْئًا أَبَدًا. ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهَذِهِ شَدَائِدٌ عَلَى هِنْدٍ الْمِسْكِينَةِ] .(3/8)
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءُ ابن السَّائِبِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ أَبُو سُفْيَانَ يَوْمَ أُحُدٍ: قَدْ كَانَتْ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةٌ وَإِنْ كَانَتْ لَعَنْ غَيْرِ مَلإٍ مِنِّي. مَا أَمَرْتُ وَلا نَهَيْتُ وَلا أحببت ولا كرهت.
سَاءَنِي وَلا سَرَّنِي. قَالَ: وَنَظَرُوا فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ بُقِرَ بَطْنُهُ وَأَخَذَتْ هِنْدٌ كَبِدَهُ فَلاكَتْهَا فَلَمْ تَسْتَطِعْ هِنْدٌ أَنْ تَأْكُلَهَا. فَقَالَ رَسُولُ الله. ص: أَكَلَتْ مِنْهَا شَيْئًا؟ قَالُوا: لا. قَالَ:
مَا كَانَ اللَّهُ لِيُدْخِلَ شَيْئًا مِنْ حَمْزَةَ النَّارَ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ. قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ:
حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: مَنْ رَأَى مَقْتَلَ حَمْزَةَ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَعَزَّكَ اللَّهُ. أَنَا رَأَيْتُ مَقْتَلَهُ. قَالَ:
فَانْطَلِقْ فَأَرِنَاهُ. فَخَرَجَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى حَمْزَةَ. فَرَآهُ قَدْ شُقَّ بَطْنُهُ. وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ.
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُثِّلَ بِهِ وَاللَّهِ. فَكَرِهَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ. وَوَقَفَ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْقَتْلَى فَقَالَ: أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاءِ. لُفُّوهُمْ فِي دِمَائِهِمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ جَرِيحٍ يُجْرَحُ فِي اللَّهِ إِلا جَاءَ جُرْحُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدْمِي. لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ. وَرِيحُهُ رِيحُ الْمِسْكِ.
قَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا فَاجْعَلُوهُ فِي اللَّحْدِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ عَلَى حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَيْثُ اسْتُشْهِدَ. فَنَظَرَ إِلَى مَنْظَرٍ لَمْ يَنْظُرْ إِلَى شَيْءٍ قَطُّ كَانَ أَوَجَعَ لِقَلْبِهِ مِنْهُ. وَنَظَرَ إِلَيْهِ قَدْ مُثِّلَ بِهِ فَقَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ. فَإِنَّكَ كُنْتَ. مَا عَلِمْتُ. وَصُولا لِلرَّحِمِ فَعُولا لِلْخَيْرَاتِ. وَلَوْلا حُزْنُ مَنْ بَعْدِكَ عَلَيْكَ لَسَرَّنِي أَنْ أَتْرُكَكَ حَتَّى يَحْشُرَكَ الله من أَرْوَاحٍ شَتَّى. أَمَا وَاللَّهِ عَلَيَّ ذَلِكَ لأُمَثِّلَنَّ بسبعين منهم مكانك! فنزل جبريل. ع. وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاقِفٌ بِخَوَاتِيمِ النَّحْلِ: «وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ» النحل: 126. إِلَى آخِرِ الآيَةِ. فَكَفَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ يَمِينِهِ وَأَمْسَكَ عَنِ الَّذِي أَرَادَ. وَصَبَرَ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ يَزِيدَ. عَنْ مِقْسَمٍ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: لَمَّا قُتِلَ حَمْزَةُ يَوْمَ أُحُدٍ أَقْبَلَتْ صَفِيَّةُ تَطْلُبُهُ لا تَدْرِي مَا صَنَعَ. قَالَ: فَلَقِيَتْ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ. فَقَالَ عَلِيٌّ لِلزُّبَيْرِ: اذْكُرْ لأُمِّكَ. قَالَ الزُّبَيْرُ:
لا بَلِ اذكر أَنْتَ لِعَمَّتِكَ. قَالَتْ: مَا فَعَلَ حَمْزَةُ؟ قَالَ: فَأَرَيَاهَا أَنَّهُمَا لا يَدْرِيَانِ. قَالَ:(3/9)
فَجَاءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ عَلَى عَقْلِهَا. قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهَا وَدَعَا لَهَا فَاسْتَرْجَعَتْ وَبَكَتْ. ثُمَّ جَاءَ فَقَامَ عَلَيْهِ وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ. فَقَالَ: لَوْلا جَزَعُ النِّسَاءِ لَتَرَكْتُهُ حَتَّى يُحْشَرَ مِنْ حَوَاصِلِ الطَّيْرِ وَبُطُونِ السِّبَاعِ. قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ بِالْقَتْلَى فَجَعَلَ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ. قَالَ: فَيَضَعُ تِسْعَةً وَحَمْزَةَ فَيُكَبِّرُ عَلَيْهِمْ سَبْعًا ثُمَّ يُرْفَعُونَ وَيُتْرَكُ حَمْزَةُ.
ثُمَّ يُجَاءُ بِتِسْعَةٍ فَيُكَبِّرُ عَلَيْهِمْ حَتَّى فَرَغَ مِنْهُمْ.] [قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.
عَنِ الزُّهْرِيِّ. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِعَمِّهِ حَمْزَةَ يَوْمَ أُحُدٍ وَقَدْ جُدِّعَ وَمُثِّلَ بِهِ. فَقَالَ: لَوْلا أَنْ تَجِدَ صَفِيَّةُ فِي نَفْسِهَا لَتَرَكْتُهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الْعَافِيَةُ. حَتَّى يُحْشَرَ مِنْ بُطُونِ الطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ. قَالَ: فَكُفِّنَ فِي نَمِرَةٍ إِذَا خُمِّرَ بِرَأْسِهِ بَدَتْ رِجْلاهُ.
وَإِذَا مُدَّتْ عَلَى رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ. قَالَ: وَقَلَّتِ الثِّيَابُ وَكَثُرَتِ الْقَتْلَى. فَكُفِّنَ الرَّجُلُ وَالرِّجْلانِ وَالثَّلاثَةُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ. وَكَانَ يَجْمَعُ الثَّلاثَةَ وَالاثْنَيْنِ فِي قَبْرٍ ثُمَّ يَسْأَلُ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ قُرْآنًا فَيُقَدِّمَهُ فِي اللَّحْدِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هَاشِمِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كُفِّنَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ: قَالَ خَبَّابٌ: كُفِّنَ حَمْزَةُ فِي بُرْدَةٍ. إِذَا غُطِّيَ رَأْسُهُ خَرَجَتْ رِجْلاهُ وَإِذَا غُطِّيَتْ رِجْلاهُ خَرَجَ رَأْسُهُ. فَغُطِّيَ رَأْسُهُ وَجُعِلَ عَلَى رِجْلَيْهِ إِذْخِرٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زَيْدٍ. عَنْ أَبِي أَسِيدٍ السَّاعِدِيِّ. قَالَ: أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى قَبْرِ حَمْزَةَ. فَجَعَلُوا يَجُرُّونَ النَّمِرَةَ فَتَنْكَشِفُ قَدَمَاهُ وَيَجُرُّونَهَا عَلَى قدميه فينكشف وجهه.
[فقال رسول الله. ص: اجْعَلُوهَا عَلَى وَجْهِهِ وَاجْعَلُوا عَلَى قَدَمَيْهِ مِنْ هَذَا الشَّجَرِ.
قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأْسَهُ فَإِذَا أَصْحَابُهُ يَبْكُونَ. فَقَالَ: مَا يُبْكِيكُمْ؟ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لا نَجْدُ لِعَمِّكَ الْيَوْمَ ثَوْبًا وَاحِدًا يَسَعُهُ. فَقَالَ: إِنَّهُ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَخْرُجُونَ إِلَى الأَرْيَافِ فَيُصِيبُونَ فِيهَا مَطْعَمًا وَمَلْبَسًا وَمَرْكَبًا. أَوْ قَالَ: مَرَاكِبُ.
فَيَكْتُبُونَ إِلَى أَهْلِهِمْ: هَلُمُّوا إِلَيْنَا فَإِنَّكُمْ بِأَرْضٍ جَرَدِيَّةٍ. وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ. لا يَصْبِرُ عَلَى لأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا أَحَدٌ إِلا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ] .(3/10)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. قَالَ:
أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ. قَالَ: أَقْبَلَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَمَعَهَا ثَوْبَانِ تُرِيدُ أَنْ تُكَفِّنَ أَخَاهَا حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِيهِمَا. قَالَ: [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَهِيَ أُمُّهُ وَهُوَ ابْنُهَا: عَلَيْكَ الْمَرْأَةَ. قَالَ فَاسْتَقْبَلَهَا لِيَرُدَّهَا. قَالَتْ: هَكَذَا لا أَرْضَ لَكَ وَلا أُمَّ لَكَ. فَانْتَهَتْ إِلَيْهِ فَإِذَا إِلَى جَنْبِهِ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ صَرِيعٌ فَكُفِّنَ حَمْزَةُ فِي أَوْسَعِ الثَّوْبَيْنِ وَكُفِّنَ الأَنْصَارِيُّ فِي الآخَرِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. قَالَ حَدَّثَنِي أَشْعَثُ قَالَ: سُئِلَ الْحَسَنُ أَيُغَسَّلُ الشُّهَدَاءُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ وَقَالَ رسول الله. ص: لَقَدْ رَأَيْتُ الْمَلائِكَةَ تَغْسِلُ حَمْزَةَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ عَشَرَةً عَشَرَةً. يُصَلِّي عَلَى حَمْزَةَ مَعَ كُلِّ عَشَرَةٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ. قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى حَمْزَةَ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ تِسْعًا. ثُمَّ جِيءَ بِأُخْرَى فَكَبَّرَ عَلَيْهَا سَبْعًا. ثُمَّ جِيءَ بِأُخْرَى فَكَبَّرَ عَلَيْهَا خَمْسًا. حَتَّى فَرَغَ مِنْ جَمِيعِهِمْ غَيْرَ أَنَّهُ وَتَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. قَالَ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. قَالَ أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: وُضِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمْزَةَ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَجِيءَ بِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَوُضِعَ إِلَى جَنْبِهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ. فَرُفِعَ الأَنْصَارِيُّ وَتُرِكَ حَمْزَةُ.
ثُمَّ جِيءَ بِآخَرَ فَوُضِعَ إِلَى جَنْبِ حَمْزَةَ فَصَلَّى عَلَيْهِ. فَرُفِعَ الأَنْصَارِيُّ وَتُرِكَ حَمْزَةُ. حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ صَلاةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ. قَالَ أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ثُمَّ جِيءَ بِرَجُلٍ فَوُضِعَ فَصَلَّى عَلَيْهِمَا جَمِيعًا. ثُمَّ رُفِعَ الرَّجُلُ وَجِيءَ بِآخَرَ. فَمَا زَالَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى صَلَّى يَوْمَئِذٍ عَلَى حَمْزَةَ سَبْعِينَ صَلاةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. قال أخبرنا أبو الأَحْوَصِ. قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى. قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: «وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ(3/11)
قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ» آل عمران: 169. قَالَ:
نَزَلَتْ فِي قَتْلَى أُحُدٍ. وَنَزَلَ فِيهِمْ: «وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ» آل عمران: 140. قَالَ:
قُتِلَ يَوْمَئِذٍ سَبْعُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حَمْزَة بْن عَبْد المطلب.
وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ. وَالشَمَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الْمَخْزُومِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ الأَسَدِيُّ. وَسَائِرُهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ قيس ابن عَبَّادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يُقْسِمُ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَاتُ: «هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا» الحج: 19. إِلَى قَوْلِهِ: «إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ» الحج:
14. فِي هَؤُلاءِ الرَّهْطِ السِّتَّةِ يَوْمَ بَدْرٍ: حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
وَعَبِيدَةَ بْنِ الْحَارِثِ. وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ. وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ. وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالُوا: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أُحُدٍ سَمِعَ نِسَاءَ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ يَبْكِينَ عَلَى هَلْكَاهُنَّ. فَقَالَ: لَكِنَّ حَمْزَةَ لا بَوَاكِيَ لَهُ. قَالَ فَاجْتَمَعَ نِسَاءُ الأَنْصَارِ عِنْدَهُ فَبَكَيْنَ عَلَى حَمْزَةَ وَرَقَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتَيْقَظَ وَهُنَّ يَبْكِينَ فَقَالَ: يَا وَيْحَهُنَّ إِنَّهُنَّ هَاهُنَا حَتَّى الآنَ. مُرُوهُنَّ فَلْيَرْجِعْنَ وَلا يَبْكِينَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الْيَوْمِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عبد الملك بن عمرو أبو عامر العقدي قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ. وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْحَارِثِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ جَمِيعًا عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: أن رسول الله.
ص. مَرَّ عَلَى نِسَاءِ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ لَمَّا فَرَغَ مِنْ أُحُدٍ فَسَمِعَهُنَّ يَبْكِينَ عَلَى مَنِ استشهد منهم بأحد. فقال رسول الله. ص: لَكِنَّ حَمْزَةَ لا بَوَاكِيَ لَهُ. فَسَمِعَهَا سَعْدُ ابن مُعَاذٍ. فَذَهَبَ إِلَى نِسَاءِ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ فَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَذْهَبْنَ إِلَى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ.
ص. فَيَبْكِينَ عَلَى حَمْزَةَ. فَذَهَبْنَ فَبَكَيْنَ فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُكَاءَهُنَّ. فَقَالَ:
مَنْ هَؤُلاءِ؟ فَقِيلَ: نِسَاءُ الأَنْصَارِ. فَخَرَجَ إِلَيْهِنَّ فَقَالَ: ارْجِعْنَ. لا بُكَاءَ بَعْدَ الْيَوْمِ] .
[وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو فِي حَدِيثِهِ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ: وَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكُنَّ وعلى أولادكن وعلى أَوْلادِكُنَّ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ فِي حديثه عن عبد العزيز ابن مُحَمَّدٍ: رَحِمَكُنَّ اللَّهُ وَرَحِمَ أَوْلادَكُنَّ وَأَوْلادَ أَوْلادِكُنَّ.](3/12)
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ انْصَرَفَ مِنْ أُحُدٍ. وَبَنُو عَبْدِ الأَشْهَلِ نِسَاؤُهُمْ يَبْكِينَ عَلَى قَتْلاهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: لَكِنَّ حَمْزَةَ لا بَوَاكِيَ لَهُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ. فَسَاقَ نِسَاءَهُ حَتَّى جَاءَ بِهِنَّ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ يَبْكِينَ عَلَى حَمْزَةَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَخَرَجْنَا إِلَيْهِنَّ نَبْكِي مَعَهُنَّ. فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ نَبْكِي ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَصَلَّى صَلاةَ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ. ثُمَّ نَامَ وَنَحْنُ نَبْكِي. ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَسَمِعَ الصَّوْتَ فَقَالَ: أَلا أَرَاهُنَّ هَاهُنَا إِلَى الآنَ؟ قُولُوا لَهُنَّ فَلْيَرْجِعْنَ. ثُمَّ دَعَا لَهُنَّ وَلأَزْوَاجِهِنَّ وَلأَوْلادِهِنَّ. ثُمَّ أَصْبَحَ فَنَهَى عَنِ الْبُكَاءِ كَأَشَدِّ مَا نَهَى عَنْ شَيْءٍ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أُحُدٍ. فَمَرَّ عَلَى بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ. وَنِسَاءُ الأَنْصَارِ يَبْكِينَ عَلَى هَلْكَاهُنَّ يندبنهم. فقال رسول الله. ص: لَكِنَّ حَمْزَةَ لا بَوَاكِيَ لَهُ. قَالَ فَدَخَلَ رِجَالٌ مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى نِسَائِهِمْ فَقَالُوا: حَوِّلْنَ بُكَاءَكُنَّ وَنَدْبَكُنَّ عَلَى حَمْزَةَ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَطَالَ قِيَامُهُ يَسْتَمِعُ. ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ مِنَ الْغَدِ فَنَهَى عَنِ النِّيَاحَةِ كَأَشَدِّ مَا نَهَى عَنْ شَيْءٍ قَطُّ. وَقَالَ: كُلُّ نَادِبَةٍ كَاذِبَةٍ إِلا نَادِبَةَ حَمْزَةَ] .
[قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَكِيمُ بْنُ سَلْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ محارب ابن دثار يذكر. قال: لما قتل حمزة بن عبد المطلب جَعَلَ النَّاسُ يَبْكُونَ عَلَى قَتْلاهُمْ.
فَقَالَ النَّبِيُّ. ص: لَكِنَّ حَمْزَةَ لا بَوَاكِيَ لَهُ. قَالَ فَسَمِعَتْ ذَلِكَ الأَنْصَارُ فَأَمَرُوا نِسَاءَهُمْ فَبَكَيْنَ عَلَيْهِ. فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ وَاضِعَةٌ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا تَرِنُّ. فَقَالَ رسول الله.
ص: فَعَلْتِ فِعْلَ الشَّيْطَانِ حِينَ أُهْبِطَ إِلَى الأَرْضِ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ يَرِنُّ. وَإِنَّهُ لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَقَ وَلا مَنْ خَرَقَ وَلا مَنْ سَلَقَ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا زِيَادُ بْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ:
كَانَتْ فَاطِمَةُ تَأْتِي قَبْرَ حَمْزَةَ تَرُمُّهُ وَتُصْلِحُهُ.]
3- عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
واسم أبي طالب عَبْد مناف
__________
3 تهذيب التهذيب (7/ 334) ، وتقريب التهذيب (2/ 39) ، والإصابة (2/ 507) ، والاستيعاب (3/ 26) ، وحذ من نسب قريش (16) ، (3) ، (46) ، (75) ، (76) ، والمعارف (انظر الفهرس) .(3/13)
ابن عَبْد المطلب. واسمه شَيْبَة بْنُ هَاشِمِ. وَاسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ. واسمه المغيرة ابن قصي. واسمه زَيْد ويكنى علي أبا الْحَسَن. وأمه فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مناف بْن قصي. وكان له من الولد الْحَسَن والحسين وزينب الكبرى وأم كلثوم الكبرى. وأمهم فاطمة بِنْت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومحمد بْن علي الأكبر وهو ابن الحنفية وأمه خولة بِنْت جَعْفَر بْن قَيْس بْن مَسْلَمَة بْن ثَعْلَبَة بْن يربوع بْن ثَعْلَبَة بْن الدول بْن حنيفة بْن لجيم بْنِ صَعْبِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَكْرِ بْنِ وائل. وعبيد الله بْن علي قتله المختار ابن أبي عُبَيْد بالمذار. وأبو بَكْر بْن علي قُتِلَ مع الْحُسَيْن ولا عقب لهما. وأمهما ليلى بِنْت مَسْعُود بْن خَالِد بْن ثابت بْن ربعي بْن سلمى بْن جندل بْن نهشل بْن دارم بْن مالك بْن حنظلة بْن مالك بْن زَيْد مناة بْن تميم. والعباس الأكبر بن علي وعثمان وجعفر الأكبر وعبد الله قتلوا مع الحسين بن علي ولا بقية لهم. وأمهم أم البنين بنت حزام بن خالد بن جعفر بْن ربيعة بْن الوحيد بْن عامر بْن كعب بْن كلاب. ومحمد الأصغر بْن علي قُتِلَ مع الْحُسَيْن. وأمه أم وُلِدَ. ويحيى وعون ابنا علي وأمهما أسماء بِنْت عميس الخثعمية. وعمر الأكبر بن علي ورقية بنت علي وأمهما الصهباء. وهي أم حبيب بِنْت ربيعة بْن بجير بْن العبد بْن عَلْقَمَة بْن الْحَارِث بْن عُتْبة بْن سَعْد بْن زُهَيْر بْن جشم بْن بَكْر بْن حبيب بْن عَمْرو بْن غنم بْن تغلب بْن وائل. وكانت سبية أصابها خالد ابن الْوَلِيد حين أغار عَلَى بني تغلب بناحية عين التمر. ومحمد الأوسط بْن عليّ وأمه أُمَامَةُ بِنْت أبي الْعَاصِ بْن الرَّبِيع بْن عَبْد الْعُزَّى بْن عَبْد شمس بْن عَبْد مناف. وأمها زَيْنَبَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأمها خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصي. وأم الحسن بنت علي ورملة الكبرى. وأمهما أم سعيد بنت عُرْوَةُ بْن مَسْعُود بْن مُعَتِّبِ بْن مَالِكِ الثَّقفيّ. وأم هانئ بِنْت عليّ. وميمونه. وزينب الصغرى. ورملة الصغرى. وأم كلثوم الصغرى. وفاطمة. وأمامة. وخديجة. وأم الكرام. وأم سَلَمَة.
وأم جَعْفَر. وجمانة. ونفيسة. بنات علي وهن لأمهات أولاد شتى. وابنة لعلي لم تسم لنا. هِلكت وهي جارية لم تبرز. وأمها محياة بِنْت امرئ القيس بْن عدي بْن أوس بْن جَابِر بْن كعب بْن عليم من كلب. وكانت تخرج إلى المسجد وهي جارية فيقال لها:
من أخوالك؟ فتقول وه وه تعني كلبًا. فجميع ولد عليّ بْن أبي طَالِب لصلبه أربعة عشر ذكرًا وتسع عشرة امْرَأَة. وكان النسل من ولده لخمسة: الْحَسَن والحسين ومحمد ابن الحنفية والعباس ابن الكلابية وعمر ابن التغلبية. قال محمد بن سعد: لم يصح لنا من(3/14)
وُلِدَ عليّ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. غير هَؤُلَاء.
ذِكْرُ إِسْلامِ عَلِيٍّ وَصَلاتِهِ:
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ مَوْلَى الأَنْصَارِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على قَالَ عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ: أَوَّلُ مَنْ صَلَّى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلِيٌّ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ: أَسْلَمَ عَلِيٌّ وَهُوَ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ. حَدَّثَنِي عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ حِينَ دَعَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الإِسْلامِ كَانَ ابْنَ تِسْعِ سِنِينَ. قَالَ الْحَسَنُ بن زيد: ويقال دون التسع سِنِينَ. وَلَمْ يَعْبُدِ الأَوْثَانَ قَطُّ لِصِغَرِهِ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَسُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالا: قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ صَلَّى. قَالَ يَزِيدُ: أَوْ أَسْلَمَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ: قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بَلْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ خَدِيجَةَ عَلِيٌّ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَأَصْحَابُنَا مُجْمِعُونَ أَنَّ أَوَّلَ أَهْلِ القبلة الذي استجاب لرسول الله.
ص. خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ ثُمَّ اخْتُلِفَ عِنْدَنَا فِي ثَلاثَةِ نَفَرٍ أَيُّهُمْ أَسْلَمَ أَوَّلا. فِي أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ. وَمَا نَجْدُ إِسْلامَ عَلِيٍّ صَحِيحًا إِلا وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ فِي الْهِجْرَةِ أَمَرَنِي أَنْ أُقِيمَ بَعْدَهُ حَتَّى أُؤَدِّيَ وَدَائِعَ كَانَتْ عنده للناس. لذا كَانَ يُسَمَّى الأَمِينَ. فَأَقَمْتُ ثَلاثًا فَكُنْتُ أَظْهَرُ. مَا تَغَيَّبْتُ يَوْمًا وَاحَدًا. ثُمَّ خَرَجْتُ فَجَعَلْتُ أَتْبَعُ طَرِيقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى قَدِمْتُ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَرَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُقِيمٌ فَنَزَلْتُ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ(3/15)
وهنالك منزل رسول الله. ص] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ سُوَيْدٍ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَدِمَ عَلِيٌّ لِلنِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - بقباء لم يرم بعد.
قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ بَعْضِهِمْ فَبَعْضٍ. وآخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ. فَلَمْ تَكُنْ مُؤَاخَاةٌ إِلا قَبْلَ بَدْرٍ. آخَى بَيْنَهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَالْمُؤَاسَاةِ. فَآخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ آخَى بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِ عَلِيٍّ ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ أَخِي تَرِثُنِي وَأَرِثُكَ. فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ قَطَعَتْ ذَاكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي عَوْنٍ وَسَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالُوا: آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَوْمَ بَدْرٍ مُعَلَّمًا بِصُوفَةٍ بَيْضَاءَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ صَاحِبُ لِوَاءِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ بَدْرٍ وَفِي كُلِّ مَشْهَدٍ.
ذِكْرُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَمَا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟ قَالَ: قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: وكان علي مِمَّنْ ثبت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم أحد حين انهزم النّاس. وبايعه على الموت. وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سرية إلى بني سعد بفدك فِي مائة رَجُل. وكان معه إحدى رايات المهاجرين الثلاث يوم فتح مكّة. وبعثه سرية إلى الفلس إلى طيّئ. وبعثه إِلَى اليمن ولم يتخلف عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزْوَةِ غزاها إلّا غزوة تبوك خلفه فِي أهله.(3/16)
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا فَضْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ عَطِيَّةَ. حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَزْوَةَ تَبُوكَ وَخَلَّفَ عَلِيًّا فِي أَهْلِهِ. فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: مَا مَنَعَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ إِلا أَنَّهُ كَرِهَ صُحْبَتَهُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَقَالَ: أَيَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَنْزِلَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَقِيمٍ الْكِنَانِيُّ قَالَ: قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَلَقِيَنَا سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ فَقَالَ:
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى تَبُوكَ وَخَلَّفَ عَلِيًّا. فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ خَرَجْتَ وَخَلَّفْتَنِي؟ فَقَالَ: أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هارون من موسى إلا أنه لا نبي بَعْدِي؟] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قُلْتُ لِسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ حَدِيثٍ وَأَنَا أَهَابُكَ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ. قَالَ: لا تَفْعَلْ يَا ابْنَ أَخِي. إِذَا عَلِمْتَ أَنَّ عِنْدِيَ عِلْمًا فَسَلْنِي عَنْهُ وَلا تَهَبْنِي. فَقُلْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَلِيٍّ حِينَ خَلَّفَهُ بِالْمَدِينَةِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ. قَالَ قَالَ: أَتُخَلِّفُنِي فِي الْخَالِفَةِ فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ فَقَالَ: أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ فَأَدْبَرَ عَلِيٌّ مُسْرِعًا كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى غُبَارِ قَدَمَيْهِ يَسْطَعُ. وَقَدْ قَالَ حَمَّادٌ: فَرَجَعَ عَلِيٌّ مُسْرِعًا] .
[قَالَ: وَأَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَوْنٌ عَنْ مَيْمُونٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالا: لَمَّا كَانَ عِنْدَ غَزْوَةِ جَيْشِ الْعُسْرَةِ وَهِيَ تَبُوكُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِنَّهُ لا بُدَّ مِنْ أَنْ أُقِيمَ أَوْ تُقِيمَ. فَخَلَّفَهُ. فَلَمَّا فَصَلَ رَسُولُ الله.
ص. غَازِيًا قَالَ نَاسٌ: مَا خَلَّفَ عَلِيًّا إِلا لِشَيْءٍ. كَرِهَهُ مِنْهُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا فَاتَّبَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ: مَا جَاءَ بِكَ يَا عَلِيُّ؟ قَالَ: لا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلا أَنِّي سَمِعْتُ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّكَ إِنَّمَا خَلَّفْتَنِي لِشَيْءٍ كَرِهْتَهُ مِنِّي. فَتَضَاحَكَ رَسُولُ اللَّهِ.
ص. وَقَالَ: يَا عَلِيُّ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي كَهَارُونَ مِنْ مُوسَى غَيْرَ أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَإِنَّهُ كَذَلِكَ] .
أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا بِسْطَامُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: مَنْ كان صاحب راية رسول الله. ص؟ قَالَ: إِنَّكَ لَرِخْوُ اللَّبَبِ. فَقَالَ لِي مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ: أَنَا أُخْبِرُكُ. كَانَ يَحْمِلُهَا فِي الْمَسِيرِ ابْنُ مَيْسَرَةَ الْعَبْسِيُّ فَإِذَا كَانَ(3/17)
الْقِتَالُ أَخَذَهَا عَلِيّ بْن أَبِي طَالِبٍ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
ذِكْرُ صِفَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب. ع:
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا وَكَانَ عَرِيضَ اللِّحْيَةِ وَقَدْ أَخَذَتْ مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ. أَصْلَعَ عَلَى رَأْسِهِ زُغَيْبَاتٌ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا فَقَالَ لِي أَبِي قُمْ يَا عَمْرُو فَانْظُرْ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَلَمْ أَرَهُ يَخْضِبُ لِحْيَتَهُ. ضَخْمُ اللِّحْيَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شريك عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا أَصْلَعَ أَبْيَضَ اللِّحْيَةِ. رَفَعَنِي أَبِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ يَطْرُدُنَا مِنَ الرَّحَبَةِ وَنَحْنُ صِبْيَانٌ. أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ عَلِيٍّ الْجُمُعَةَ حِينَ مَالَتِ الشَّمْسُ. قَالَ: فَرَأَيْتُهُ أَبْيَضَ اللِّحْيَةِ أَجْلَحَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَشَيْبَانُ وَقَيْسٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا أَبْيَضَ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ.
أَخْبَرَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا قَطُّ أَعْرَضَ لِحْيَةً مِنْ عَلِيٍّ. قَدْ مَلأَتْ مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ. بَيْضَاءُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو هِلالٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَوَادَةُ بْنُ حَنْظَلَةَ الْقُشَيْرِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا أَصْفَرَ اللِّحْيَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَلْمَانَ الأَزْرَقِ عَنْ أَبِي عُمَرَ الْبَزَّازِ عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةَ قَالَ: خَضَبَ عَلِيٌّ بِالْحِنَّاءِ مَرَّةً ثُمَّ تَرَكَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا أَصْلَعَ. كَثِيرَ الشَّعْرِ. كَأَنَّمَا اجْتَابَ إِهَابَ شَاةٍ.(3/18)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ قُدَامَةَ بْنِ عَتَّابٍ قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ ضَخْمَ الْبَطْنِ. ضَخْمَ مُشَاشَةِ الْمَنْكِبِ. ضَخْمَ عَضَلَةِ الذِّرَاعِ. دَقِيقَ مُسْتَدَقَّهَا. ضَخْمَ عَضَلَةِ السَّاقِ. دَقِيقَ مُسْتَدَقَّهَا. قَالَ رَأَيْتُهُ يَخْطُبُ فِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الشِّتَاءِ. عَلَيْهِ قَمِيصٌ قِهْزٌ وَإِزَارَانِ قِطْرِيَّانِ. مُعْتَمًّا بِسِبِّ كَتَّانٍ مِمَّا يُنْسَجُ فِي سَوَادِكُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا رزام بن سعد الضَّبِّيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَنْعَتُ عَلِيًّا قَالَ: كَانَ رَجُلا فَوْقَ الرَّبْعَةِ. ضَخْمَ الْمَنْكِبَيْنِ. طَوِيلَ اللِّحْيَةِ. وَإِنَّ شِئْتَ قُلْتَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ هُوَ آدَمُ. وَإِنِ تَبَيَّنْتَهُ مِنْ قَرِيبٍ قُلْتَ أَنْ يَكُونَ أَسْمَرَ أَدْنَى مِنْ أَنَّ يَكُونَ آدَمَ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ قُلْتُ: مَا كَانَتْ صِفَةُ عَلِيٍّ؟ قَالَ: رَجُلٌ آدَمُ شَدِيدُ الأَدَمَةِ. ثَقِيلُ الْعَيْنَيْنِ. عَظِيمُهُمَا. ذُو بَطْنٍ. أَصْلَعُ.
إِلَى الْقِصَرِ أَقْرَبُ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ بَيَّاعُ الْكَرَابِيسِ: أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَأْتِي السُّوقَ فِي الأَيَّامِ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ. فَإِذَا رَأَوْهُ قَالُوا بوذا شكنب أمذ. قِيلَ لَهُ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّكَ ضَخْمُ الْبَطْنِ. فَقَالَ:
إِنَّ أَعْلاهُ عِلْمٌ وَأَسْفَلَهُ طَعَامٌ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ:
رَأَيْتُ عَلِيًّا وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ بَيْضَاوَانِ كَأَنَّهُمَا قُطْنٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سلمة بن رجاء التيمي عَنْ مُدْرِكٍ أَبِي الْحَجَّاجِ قَالَ: رَأَيْتُ فِيَ عَيْنَيْ عَلِيٍّ أَثَرَ الْكُحْلِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ بْنُ حَسَّانَ قال: أخبرنا أبو الرضي الْقَيْسِيُّ قَالَ: رُبَّمَا رَأَيْتُ عَلِيًّا يَخْطُبُنَا وَعَلَيْهِ إِزَارٌ وَرِدَاءٌ مُرْتَدِيًا بِهِ. غَيْرَ مُلْتَحِفٍ. وَعِمَامَةٌ. فَيَنْظُرُ إِلَى شَعْرِ صَدْرِهِ وَبَطْنِهِ.
ذِكْرُ لِبَاسِ علي. ع:
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَبِي مَكِينٍ عَنْ خَالِدٍ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا وَقَدْ لَحِقَ إِزَارُهُ بِرُكْبَتَيْهِ.(3/19)
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنِ الأَجْلَحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا عَلَيْهِ قَمِيصٌ رَازِيُّ إِذَا مَدَّ كُمَّهُ بَلَغَ الظُّفُرَ فَإِذَا أَرْخَاهُ. بَلَغَ نِصْفَ سَاعِدِهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: بَلَغَ نِصْفَ الذِّرَاعِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَطَاءٍ أَبِي مُحَمَّدٍ قَالَ:
رَأَيْتُ عَلَى عَلِيٍّ قَمِيصًا مِنْ هَذِهِ الْكَرَابِيسِ غَيْرَ غَسِيلٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ أَبِي الْعَلاءِ مَوْلَى الأَسْلَمِيِّينَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا يَأْتَزِرُ فَوْقَ السُّرَّةِ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ أَنَّ عَلِيًّا رُئِيَ عَلَيْهِ إِزَارٌ مَرْقُوعٌ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ: يُخَشِّعُ الْقَلْبَ وَيَقْتَدِي بِهِ الْمُؤْمِنُ.]
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَرُّ بْنُ جُرْمُوزٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا وَهُوَ يَخْرُجُ مِنَ الْقَصْرِ وَعَلَيْهِ قَطْرِيَّتَانِ إِزَارٌ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ وَرِدَاءٌ مُشَمَّرٌ قَرِيبٌ مِنْهُ وَمَعَهُ دِرَّةٌ لَهُ يَمْشِي بِهَا فِي الأَسْوَاقِ وَيَأْمُرُهُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنِ الْبَيْعِ وَيَقُولُ أَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ. وَيَقُولُ لا تَنْفُخُوا اللَّحْمَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّهُ رَأَى عَلَى عَلِيٍّ بُرْدَيْنِ قطريين.
[قال: أخبرنا الفضل بن كدين قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَصَمُّ قَالَ: سَمِعْتُ فَرُّوخَ مَوْلًى لِبَنِي الأَشْتَرِ قَالَ رَأَيْتُ عَلِيًّا فِي بَنِي دَيْوَارٍ وَأَنَا غُلامٌ فَقَالَ: أَتَعْرِفُنِي؟
فَقُلْتُ: نَعَمْ أَنْتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ. ثُمَّ أَتَى آخَرَ فَقَالَ: أَتَعْرِفُنِي؟ فَقَالَ: لا. فاشترى منه قميصا زابيا فلبسه فمدكم الْقَمِيصِ فَإِذَا هُوَ مَعَ أَصَابِعِهِ فَقَالَ لَهُ: كُفَّهُ. فَلَمَّا كَفَّهُ قَالَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ بْنُ دِينَارٍ أَبُو سُلَيْمَانَ الْمُكْتِبُ قَالَ: حَدَّثَنِي وَالِدِي أَنَّهُ رَأَى عَلِيًّا يَمْشِي فِي السُّوقِ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ وَبُرْدَةٌ عَلَى ظَهْرِهِ. قَالَ: وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ بُرْدَيْنِ نَجْرَانِيَّيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْمُغِيرَةِ الأَزْدِيُّ حَدَّثَتْنِي أُمُّ كَثِيرَةَ: أَنَّهَا رأت عليا ومعه مخففة وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ سُنْبُلانَيُّ وَقَمِيصٌ كَرَابِيسُ(3/20)
وَإِزَارٌ كَرَابِيسُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ الإِزَارُ وَالْقَمِيصُ.
قَالَ: أخبرنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: أخبرنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَطُوفُ فِي السُّوقِ بِيَدِهِ دِرَّةٌ فَأُتِيَ بِقَمِيصٍ لَهُ سُنْبُلانِيِّ فَلَبِسَهُ فَخَرَجَ كُمَّاهُ عَلَى يَدَيْهِ فَأَمَرَ بِهِمَا فَقُطِعَا حَتَّى اسْتَوَيَا بيديه ثُمَّ أَخَذَ دِرَّتَهُ فَذَهَبَ يَطُوفُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ابْتَاعَ عَلِيٌّ قميصا سنبلانيا بأربعة دراهم فجاء الخياط فمدكم الْقَمِيصِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَقْطَعَهُ مِمَّا خَلْفَ أَصَابِعِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ هُرْمُزَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا مُتَعَصِّبًا بِعِصَابَةٍ سَوْدَاءَ مَا أَدْرِي أَيَّ طَرَفَيْهَا أَطْوَلَ الَّذِي قُدَّامَهُ أَوِ الَّذِي خَلْفَهُ. يَعْنِي عِمَامَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ جَابِرٍ عَنْ مَوْلَى لِجَعْفَرٍ فَقَالَ لَهُ هُرْمُزُ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا عَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ قَدْ أَرْخَاهَا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ أَبِي الْعَنْبَسِ عَمْرِو بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
رَأَيْتُ عَلَى عَلِيٍّ عِمَامَةً سَوْدَاءَ قَدْ أَرْخَاهَا مِنْ خَلْفِهِ.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عَلِيٍّ عِمَامَةً سَوْدَاءَ يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ. قَالَ وَرَأَيْتُهُ جَالِسًا فِي [ظُلَّةِ النِّسَاءِ وَسَمِعْتُهُ يَوْمَئِذٍ يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ يَقُولُ: تَبًّا لَكُمْ سَائِرَ الدَّهْرِ!] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَطَاءٍ أَبِي مُحَمَّدٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا خَرَجَ مِنَ الْبَابِ الصَّغِيرِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ حِينَ ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ كَرَابِيسُ كَسْكَرِيُّ فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ وَكُمَّاهُ إِلَى الأَصَابِعِ وَأَصْلُ الأَصَابِعِ غَيْرُ مَغْسُولٍ.
ذِكْرُ قَلَنْسُوَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب. ع. وخاتمه وتختمه له وما كان نقشه:
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ(3/21)
علي قال: قال لي رسول الله. ص: إِذَا كَانَ إِزَارُكَ وَاسِعًا فَتَوَشَّحْ بِهِ. وَإِذَا كَانَ ضَيِّقًا فَأْتَزِرْ بِهِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي حَيَّانَ قَالَ:
كَانَتْ قَلَنْسُوَةُ عَلِيٍّ لَطِيفَةٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ كَيْسَانَ بْنِ أَبِي عُمَرَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ بِلالٍ الْفَزَارِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عَلِيٍّ قَلَنْسُوَةً بَيْضَاءَ مِصْرِيَّةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبَانُ بْنُ قَطَنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ تَخَتَّمَ فِي يَسَارِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ جعفر بن محمد عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَلِيًّا تَخَتَّمَ فِي الْيَسَارِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: قَرَأْتُ نَقْشَ خَاتَمِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي صُلْحِ أَهْلِ الشَّامِ:
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ وَعَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْمِصْرِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ عَلِيٍّ: اللَّهُ الْمَلِكُ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ عَلِيٍّ: اللَّهُ الْمَلِكُ] .
أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا عَلِيٌّ فِي إِزَارٍ أَصْفَرَ وَخَمِيصَةٍ سَوْدَاءَ. الْخَمِيصَةُ شِبْهُ الْبَرْنَكَانِ.
ذكر قُتِلَ عُثْمَان بْن عفان وبيعة علي بْن أبي طَالِب. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما:
قَالَ: قَالُوا لمّا قُتِلَ عُثْمَان. رحمه الله. يوم الجمعة لثماني عشرة ليلة مضت من ذي الحجّة سنة خمس وثلاثين وبويع لعلي بْن أبي طَالِب. رحمه الله. بالمدينة.
الغد من يوم قُتِلَ عُثْمَان. بالخلافة بايعه طَلْحَة. والزبير. وسعد بْن أَبِي وقاص.
وسعيد بْن زَيْد بْن عَمْرو بْن نفيل. وعمار بْن ياسر. وأسامة بن زَيْد. وسهل بْن(3/22)
حُنَيْف. وأبو أيوب الْأَنْصَارِيّ. ومحمد بْن مسلمة. وزيد بن ثابت. وخزيمة بن ثابت.
وجميع من كان بالمدينة مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وغيرهم. ثُمَّ ذكر طَلْحَة والزبير أنهما بايعا كارهين غير طائعين وخرجا إِلَى مكّة وبها عَائِشَة. ثُمَّ خرجا من مكّة ومعهما عَائِشَة إِلَى البصرة يطلبون بدم عثمان. وبلغ عليا. ع. ذلك فخرج من المدينة إِلَى العراق. وخلف على المدينة سهل بن حنيف. ثم كتب إليه أن يقدم عليه. وولي المدينة أَبَا الْحَسَن الْمَازِنِيّ. فنزل ذا قار وبعث عمّار بْن ياسر والحسن بْن عليّ إِلَى أَهْل الكوفة يستنفرهم للمسير معه. فقدموا عليه فسار بهم إِلَى البصرة. فلقي طَلْحَة والزبير وعائشة ومن كان معهم من أَهْل البصرة وغيرهم يوم الجمل في جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين. وظفر بهم وقتل يومئذ طلحة والزبير وغيرهما. وبلغت القتلى ثلاثة عشر ألف قتيل. وأقام عليّ بالبصرة خمس عشرة ليلة ثم انصرف إلى الكوفة.
ذكر علي ومعاوية وتحكيم الحكمين:
ثم خرج يريد مُعَاوِيَة بْن أبي سُفْيَان ومن معه بالشام. فبلغ ذلك معاوية فخرج فيمن معه من أَهْل الشّام والتقوا بصفين فِي صفر سنة سبْعٍ وثلاثين. فلم يزالوا يقتتلون بها أياما. وقتل بصفين عمّار بْن ياسر. وخزيمة بْن ثابت. وأبو عمرة الْمَازِنِيّ. وكانوا مع عليّ. ورفع أَهْل الشّام المصاحف يدعون إِلَى ما فيها مكيدة من عَمْرو بْن العاص أشار بِذَلِك على مُعَاوِيَة وهو معه. فكره النّاس الحرب وتداعوا إِلَى الصلح. وحكموا الحكمين فَحَكَّمَ عَلِيُّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ. وَحَكَّمَ مُعَاوِيَة عَمْرو بن العاص. وكتبوا بينهم كتابًا أن يوافوا رأس الحول بأذرح فينظروا فِي أمر هَذِهِ الأُمّة. فافترق النّاس فرجع مُعَاوِيَة بالألفة من أَهْل الشّام وانصرف عليّ إِلَى الكوفة بالاختلاف والدغل.
فخرجت عَلَيْهِ الْخَوَارِجُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ وقالوا: لا حكم إلّا اللَّه. وعسكروا بحروراء. فبذلك سموا الحرورية. فبعث إليهم علي عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس وغيره فخاصمهم وحاجهم فرجع منهم قوم كثير وثبت قوم على رأيهم وساروا إِلَى النهروان فعرضوا للسبيل وقتلوا عَبْد الله بْن خَبَّاب بْن الأرت. فسار إليهم عليّ فقتلهم بالنهروان وقتل منهم ذا الثدية. وذلك سنة ثمانٍ وثلاثين. ثُمَّ انصرف عليّ إِلَى الكوفة فلم يزل بها يخافون عليه الخوارج من يومئذ إِلَى أن قُتِلَ رحمه الله. واجتمع النّاس بأذرح فِي شعبان سنة ثمان وثلاثين. وحضرها سعد بْن أبي وقاص وابن عُمَر وغيرهما من(3/23)
أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقدم عَمْرو أَبَا مُوسَى فتكلم فخلع عليًّا. وتكلم عَمْرو فأقر مُعَاوِيَة وبايع له. فتفرق النّاس على هَذَا.
ذِكْرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيِّ وبيعة عليّ ورده إياه
وقوله: لتخضبن هَذِهِ من هَذِهِ. وتمثله بالشعر وقتله عليا. ع. وكيف قتله عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر والحسين بن علي ومحمد ابن الحنفية:
[أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ أَبُو نُعَيْمٍ. أَخْبَرَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الطُّفَيْلِ قَالَ: دَعَا عَلِيٌّ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ. فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيُّ فَرَدَّهُ مَرَّتَيْنِ.
ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: مَا يَحْبِسُ أَشْقَاهَا. لَتُخَضَّبَنَّ أَوْ لَتُصْبَغَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذَا. يَعْنِي لِحْيَتَهُ مِنْ رَأْسِهِ. ثُمَّ تَمَثَّلَ بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ] .
اشْدُدْ حَيَازِيمَكَ لِلْمَوْتِ ... فَإِنَّ الْمَوْتَ آتِيَكَ
وَلا تَجْزَعْ مِنَ الْقَتْلِ ... إِذَا حَلَّ بِوَادِيكَ
[قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَزَادَنِي غَيْرُ أَبِي نُعَيْمٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الإِسْنَادِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيَّ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لِلْمُرَادِيِّ:
أُرِيدُ حِبَاءَهُ وَيُرِيدُ قَتْلِي ... عَذِيرُكَ مِنْ خَلِيلِكَ مِنْ مُرَادِ
[أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُلَيَّةَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ مُرَادٍ إِلَى عَلِيٍّ وَهُوَ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: احْتَرِسْ فَإِنَّ نَاسًا مِنْ مُرَادِ يُرِيدُونَ قَتْلَكَ. فَقَالَ: إِنَّ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مَلَكَيْنِ يَحْفَظَانِهِ مِمَّا لَمْ يُقَدَّرْ فَإِذَا جَاءَ الْقَدْرُ خَلَّيَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ. وَإِنَّ الأَجَلَ جُنَّةٌ حَصِينَةٌ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عُبَيْدَةَ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: مَا يَحْبِسُ أَشْقَاكُمْ أَنْ يَجِيءَ فَيَقْتُلَنِي؟ اللَّهُمَّ قَدْ سَئِمْتُهُمْ وَسَئِمُونِي فَأَرِحْهُمْ مِنِّي وَأَرِحْنِي مِنْهُمْ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ. قَالَ أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبْعٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: لَتُخَضَّبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ فَمَا يُنْتَظَرُ بِالأَشْقَى.
قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَخْبِرْنَا بِهِ نُبِيرُ عِتْرَتَهُ. فَقَالَ: إِذًا وَاللَّهِ تَقْتُلُوا بِي غَيْرَ قَاتِلِي.(3/24)
قَالُوا: فَاسْتَخْلِفْ عَلَيْنَا. فَقَالَ: لا وَلَكِنْ أَتْرُكُكُمْ إِلَى مَا تَرَكَكُمْ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالُوا: ما تَقُولُ لِرَبِّكَ إِذَا أَتَيْتَهُ؟ قَالَ: أَقُولُ اللَّهُمَّ تَرَكْتُكَ فِيهِمْ فَإِنْ شِئْتَ أَصْلَحْتَهُمْ وَإِنْ شِئْتَ أَفْسَدْتَهُمْ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِنَانِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ نُبَلَ بِنْتِ بَدْرٍ عَنْ زَوْجِهَا قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: لَتُخَضَّبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذَا. يَعْنِي لِحْيَتَهُ مِنْ رَأْسِهِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. قَالَ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَوْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ أَوْ كِلَيْهِمَا. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَلِيٍّ: يَا عَلِيُّ مَنْ أَشْقَى الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ؟ قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: أَشْقَى الأَوَّلِينَ عَاقِرُ النَّاقَةِ. وَأَشَقَى الآخَرِينَ الَّذِي يَطْعَنُكَ يَا عَلِيُّ. وَأَشَارَ إِلَى حَيْثُ يُطْعَنُ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْقَاسِمِ الثَّقَفِيُّ قَالَ:
حَدَّثَتْنِي أُمِّي عَنْ أُمِّ جَعْفَرٍ سُرِّيَّةِ عَلِيٍّ قَالَتْ: إِنِّي لأَصُبُّ عَلَى يَدَيْهِ الْمَاءَ إِذْ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ فَرَفَعَهَا إِلَى أَنْفِهِ فَقَالَ: وَاهًا لَكِ لَتُخَضَّبَنَّ بِدَمٍ! قَالَتْ فَأُصِيبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ قَالا: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا ابْنُ مُلْجَمٍ الْحَمَّامَ وَأَنَا وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ جُلُوسٌ فِي الْحَمَّامِ. فَلَمَّا دَخَلَ كَأَنَّهُمَا اشْمَأَزَّا مِنْهُ وَقَالا: مَا أَجْرَأَكَ تَدْخُلُ عَلَيْنَا! قَالَ فَقُلْتُ لَهُمَا: دَعَاهُ عَنْكُمَا فَلَعَمْرِي مَا يُرِيدُ بِكُمَا أَحْشَمُ مِنْ هَذَا. فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ أُتِيَ بِهِ أَسِيرًا قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: مَا أَنَا الْيَوْمَ بِأَعْرَفَ بِهِ مِنِّي يَوْمَ دَخَلَ عَلَيْنَا الْحَمَّامَ. فَقَالَ عَلِيٌّ:
إِنَّهُ أَسِيرٌ فَأَحْسِنُوا نُزُلَهُ وَأَكْرِمُوا مَثْوَاهُ فَإِنْ بَقِيتُ قَتَلْتُ أو عفوت وإن مت فاقتلوه قتلتي وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ قُثَمَ مَوْلًى لابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَتَبَ عَلِيٌّ فِي وَصِيَّتِهِ إِلَى أَكْبَرِ وَلَدِي غَيْرُ طَاعِنٍ عَلَيْهِ فِي بَطْنٍ وَلا فَرْجٍ.
قَالُوا: انْتُدِبَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ مِنَ الْخَوَارِجِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيُّ. وَهُوَ مِنْ حِمْيَرَ. وِعِدِادُهُ فِي مُرَادٍ. وَهُوَ حَلِيفُ بَنِي جَبَلَةَ مِنْ كِنْدَةَ. وَالْبُرَكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ. وَعَمْرُو بْنُ بُكَيْرٍ التَّمِيمِيُّ. فَاجْتَمَعُوا بِمَكَّةَ وَتَعَاهَدُوا وَتَعَاقَدُوا لَيُقْتَلَنَّ هَؤُلاءِ(3/25)
الثَّلاثَةَ: عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَيُرِيحَنَّ الْعِبَادَ مِنْهُمْ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ: أَنَا لَكُمُ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَقَالَ الْبُرَكُ: وَأَنَا لَكُمْ بِمُعَاوِيَةَ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ بُكَيْرٍ: أَنَا أَكْفِيكُمْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ. فَتَعَاهَدُوا عَلَى ذَلِكَ وَتَعَاقَدُوا وَتَوَاثَقُوا لا يَنْكُصُ رَجُلٌ مِنْهُمْ عَنْ صَاحِبِهِ الَّذِي سَمَّى وَيَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ حَتَّى يَقْتُلَهُ أَوْ يَمُوتَ دُونَهُ. فَاتَّعَدُوا بَيْنَهُمْ لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ. ثُمَّ تَوَجَّهَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى الْمِصْرِ الَّذِي فِيهِ صَاحِبُهُ. فَقَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الْكُوفَةَ فَلَقِيَ أَصْحَابَهُ مِنَ الْخَوَارِجِ فَكَاتَمَهُمْ مَا يُرِيدُ. وَكَانَ يَزُورُهُمْ وَيَزُورُونَهُ. فَزَارَ يَوْمًا نَفَرًا مِنْ تَيْمِ الرَّبَابِ فَرَأَى امْرَأَةً مِنْهُمْ يُقَالُ لَهَا قَطَامِ بِنْتُ شُجْنَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ ذُهْلِ بْنِ تَيْمِ الرَّبَابِ. وَكَانَ عَلِيٌّ قَتَلَ أَبَاهَا وَأَخَاهَا يَوْمَ نَهْرَوَانَ فَأَعْجَبَتْهُ فَخَطَبَهَا. فَقَالَتْ: لا أَتَزَوَّجُكَ حَتَّى تُسَمِّيَ لِي. فَقَالَ: لا تَسْأَلِينَنِي شَيْئًا إِلا أَعْطَيْتُكِ.
فَقَالَتْ: ثَلاثَةُ آلافٍ وَقَتْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِي إِلَى هَذَا الْمِصْرِ إِلا قَتْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ آتَيْتُكِ مَا سَأَلْتِ. وَلَقِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ شَبِيبَ بْنَ بَجَرَةَ الأَشْجَعِيَّ فَأَعْلَمَهُ مَا يُرِيدُ وَدَعَاهُ إِلَى أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ. وَبَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي عَزَمَ فِيهَا أَنْ يَقْتُلَ عَلِيًّا فِي صَبِيحَتِهَا يُنَاجِي الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ الْكِنْدِيَّ فِي مَسْجِدِهِ حَتَّى كَادَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ. فَقَالَ لَهُ الأَشْعَثُ: فَضَحَكَ الصُّبْحُ فَقُمْ. فَقَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ وَشَبِيبُ بْنُ بَجَرَةَ فَأَخَذَا أَسْيَافَهُمَا ثُمَّ جَاءَا حَتَّى جَلَسَا مُقَابِلَ السُّدَّةِ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا عَلِيٌّ. [قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: وَأَتَيْتُهُ سَحَرًا فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي بِتُّ اللَّيْلَةَ أُوقِظُ أَهْلِي فَمَلَكَتْنِي عَيْنَايَ وَأَنَا جَالِسٌ فَسَنَحَ لِي رَسُولُ اللَّهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَقِيتُ مِنْ أُمَّتِكَ مِنَ الأَوَدِ وَاللَّدَدِ.
فَقَالَ لِي: ادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ. فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ أَبْدِلْنِي بِهِمْ خَيْرًا لِي مِنْهُمْ وَأَبْدِلْهُمْ شَرًّا لَهُمْ مِنِّي. وَدَخَلَ ابْنُ النَّبَّاحِ الْمُؤَذِّنُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: الصَّلاةُ. فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَقَامَ يَمْشِي وَابْنُ النَّبَّاحِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنَا خَلْفَهُ. فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْبَابِ نَادَى: أَيُّهَا النَّاسُ الصَّلاةَ الصَّلاةَ. كَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ يَخْرُجُ وَمَعَهُ دِرَّتُهُ يُوقِظُ النَّاسَ.] فَاعْتَرَضَهُ الرَّجُلانِ. فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ ذَلِكَ: فَرَأَيْتُ بَرِيقَ السَّيْفِ وَسَمِعْتُ قَائِلا يَقُولُ: لِلَّهِ الْحُكْمُ يَا عَلِيُّ لا لَكَ! ثُمَّ رَأَيْتُ سَيْفًا ثَانِيًا فَضَرَبَا جَمِيعًا فَأَمَّا سَيْفُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ فَأَصَابَ جَبْهَتَهُ إِلَى قرنه ووصل دِمَاغِهِ. وَأَمَّا سَيْفُ شَبِيبٍ فَوَقَعَ فِي الطَّاقِ.
وَسَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: [لا يَفُوتَنَّكُمُ الرَّجُلُ. وَشَدَّ النَّاسُ عَلَيْهِمَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. فَأَمَّا(3/26)
شَبِيبٌ فَأَفْلَتَ. وَأُخِذَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ فَأُدْخِلَ عَلَى عَلِيٍّ. فَقَالَ: أَطِيبُوا طَعَامَهُ وَأَلِينُوا فِرَاشَهُ فَإِنْ أَعِشْ فَأَنَا أَوْلَى بِدَمِهِ عَفْوًا وَقِصَاصًا وَإِنْ أَمُتْ فَأَلْحِقُوهُ بِي أُخَاصِمُهُ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ.] فَقَالَتْ أُمُّ كُلْثُومِ بِنْتُ عَلِيٍّ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ قَتَلْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! قَالَ:
ما قتلت إلا أباك. قالت: فو الله إِنِّي لأَرْجُو أَنْ لا يَكُونَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بَأْسٌ. قَالَ:
فَلِمَ تَبْكِينَ إِذًا؟ ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ سَمَمْتُهُ شَهْرًا. يَعْنِي سَيْفَهُ. فَإِنْ أَخْلَفَنِي فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ وَأَسْحَقَهُ. وَبَعَثَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ ابْنَهُ قَيْسَ بْنَ الأَشْعَثِ صَبِيحَةَ ضَرْبِ عَلِيٍّ. عَلَيْهِ السَّلامُ. فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ انْظُرْ كَيْفَ أَصْبَحَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: رَأَيْتُ عَيْنَيْهَ دَاخِلَتَيْنِ فِي رَأْسِهِ. فَقَالَ الأَشْعَثُ: عَيْنَيْ دَمِيغٍ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. قَالَ وَمَكَثَ عَلِيٌّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ السَّبْتِ وَتُوُفِّيَ. رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَبَرَكَاتُهُ. لَيْلَةَ الأَحَدِ لإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ. وَغَسَّلَهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ. وَكُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُسْلِمٍ أَبِي الضَّحَّاكِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ السَّلامِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مُسَيْلِمَةَ عَنْ بَيَانٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي رَوْقٍ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الْفَزَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ بَيَانٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ صَلَّى عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ. وَدُفِنَ عَلِيٌّ بِالْكُوفَةِ عِنْدَ مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ فِي الرَّحَبَةِ مِمَّا يَلِي أَبْوَابَ كِنْدَةَ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ النَّاسُ مِنْ صَلاةِ الْفَجْرِ. ثُمَّ انْصَرَفَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مِنْ دَفْنِهِ فَدَعَا النَّاسَ إِلَى بَيْعَتِهِ فَبَايَعُوهُ.
وَكَانَتْ خِلافَةُ عَلِيٍّ أَرْبَعَ سِنِينَ وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: تُوُفِّيَ عَلِيٌّ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ سَنَةُ الْجُحَافِ حِينَ دَخَلَتْ إِحْدَى وَثَمَانُونَ: هَذِهِ لِي خَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَةً وَقَدْ جَاوَزْتُ سِنَّ أَبِي. قُلْتُ: وَكَمْ كَانَتْ سِنُّهُ يَوْمَ قُتِلَ. يَرْحَمُهُ اللَّهُ؟ قَالَ: ثَلاثًا وَسِتِّينَ سَنَةً. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهُوَ الثَّبْتُ عِنْدَنَا.(3/27)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ طَلْقِ الأَعْمَى عَنْ جَدَّتِهِ قَالَتْ: كُنْتُ أَنُوحُ أَنَا وَأُمُّ كُلْثُومِ بِنْتُ عَلِيٍّ عَلَى عَلِيٍّ. ع.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ قَامَ يَخْطُبُ النَّاسَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَقَدْ فَارَقَكُمْ أَمْسُ رَجُلٌ مَا سَبَقَهُ الأَوَّلُونَ وَلا يُدْرِكُهُ الآخِرُونَ. لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَبْعَثُهُ الْمَبْعَثَ فَيُعْطِيهُ الرَّايَةَ فَمَا يَرُدُّ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ. إِنَّ جِبْرِيلَ عَنْ يَمِينِهِ وَمِيكَائِيلَ عَنْ يَسَارِهِ. مَا تَرَكَ صَفْرَاءَ وَلا بَيْضَاءَ. إِلا سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَضَلَتْ مِنْ عَطَائِهِ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا خَادِمًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ الأَجْلَحِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ. قَدْ قُبِضَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ لَمْ يَسْبِقْهُ الأَوَّلُونَ وَلا يُدْرِكُهُ الآخِرُونَ. قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَبْعَثُهُ الْمَبْعَثَ فَيَكْتَنِفُهُ جِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِهِ وَمِيكَائِيلُ عَنْ شِمَالِهِ فَلا يَنْثَنِي حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ لَهُ. وَمَا تَرَكَ إِلا سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا خَادِمًا. وَلَقَدْ قُبِضَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي عُرِجَ فِيهَا بِرُوحِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لَيْلَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الأَصَمِّ قَالَ: قِيلَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ إِنَّ ناسا من شيعة أبي الحسن علي. ع. يَزْعُمُونَ أَنَّهُ دَابَّةُ الأَرْضِ وَأَنَّهُ سَيُبْعَثُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَقَالَ: كَذَبُوا لَيْسَ أُولَئِكَ شِيعَتَهُ. أُولَئِكَ أَعْدَاؤُهُ. لَوْ عَلِمْنَا ذَلِكَ مَا قَسَمْنَا مِيرَاثَهُ وَلا أَنْكَحْنَا نِسَاءَهُ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هَكَذَا قَالَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الأَصَمِّ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الأَصَمِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَهُوَ فِي دَارِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيًّا يَرْجِعُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَضَحِكَ وَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! لَوْ عَلِمْنَا ذَلِكَ مَا زَوَّجْنَا نِسَاءَهُ وَلا سَاهَمْنَا مِيرَاثَهُ. قَالُوا] وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ فِي السِّجْنِ. فَلَمَّا مَاتَ عَلِيٌّ. رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ. وَدُفِنَ بَعَثَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجَمٍ فَأَخْرَجَهُ مِنَ السجن ليقتله. فاجتمع الناس وجاؤوه بِالنِّفْطِ وَالْبَوَارِي وَالنَّارِ فَقَالُوا نُحَرِّقُهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: دَعُونَا حَتَّى نَشْفِيَ أَنْفُسَنَا مِنْهُ. فَقَطَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَلَمْ يَجْزَعْ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ.(3/28)
فَكَحَلَ عَيْنَيْهِ بِمِسْمَارٍ مُحْمًى فَلَمْ يَجْزَعْ وَجَعَلَ يَقُولُ: إِنَّكَ لَتَكْحُلُ عَيْنَيْ عَمِّكَ بِمُلْمُولٍ مَضٍّ. وَجَعَلَ يَقُولُ: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ» العلق: 1- 2. حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِ السُّورَةِ كُلِّهَا وَإِنَّ عَيْنَيْهِ لَتَسِيلانِ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَعُولِجَ عَنْ لِسَانِهِ لِيَقْطَعَهُ فَجَزِعَ. فَقِيلَ لَهُ: قَطَعْنَا يَدَيْكَ وَرِجْلَيْكَ وَسَمَلْنَا عَيْنَيْكَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ فَلَمْ تَجْزَعْ فَلَمَّا صِرْنَا إِلَى لِسَانِكَ جَزَعْتَ؟ فَقَالَ: مَا ذَاكَ مِنِّي مِنْ جَزْعٍ إِلا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَكُونَ فِي الدُّنْيَا فُوَاقًا لا أَذْكُرُ اللَّهَ. فَقَطَعُوا لِسَانَهُ ثُمَّ جَعَلُوهُ فِي قَوْصَرَةٍ وَأَحْرَقُوهُ بِالنَّارِ. وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَلِيٍّ يَوْمَئِذٍ صَغِيرٌ فَلَمْ يُسْتَأَنُ بِهِ بُلُوغُهُ. وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ رَجُلا أَسْمَرَ حَسَنَ الْوَجْهِ أَفْلَجَ شَعْرِهِ مَعَ شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ. فِي جَبْهَتِهِ أَثَرُ السُّجُودِ.
قالوا وذهب بقتل علي. ع. إِلَى الْحِجَازِ سُفْيَانُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ:
فَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّتْ بِهَا النَّوَى ... كَمَا قَرَّ عَيْنًا بِالإِيَابِ الْمُسَافِرُ
ذِكْرُ زَيْدٍ الْحَبِّ
4- زَيْد الحب بْن حارثة بْن شَرَاحِيلَ بْن عَبْد العزى بْن امرئ القيس بْن عامر بْن النُّعمان بن عامر بن عَبْد ود.
وسماه أَبُوهُ بضمه. ابن عوف بْن كنانة بن عوف بْن عذرة بْن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن خلوان بن عمران ابن الحاف بْن قضاعة. واسمه عَمْرو وإنما سمي قضاعة لأنه انقضع عن قومه. ابن مالك بْن عَمْرو بْن مُرَّة بْن مالك بْن حمير بْن سبأ بْن يشجب بْن يعرب بْن قحطان.
وإلى قحطان جماع اليمن. وأم زَيْد بْن حارثة سعدى بِنْت ثَعْلَبَة بْن عبد عامر بن أفلت ابن سلسلة من بني معن من طيّئ. فزارت سعدى أم زَيْد بْن حارثة قومها وزيد معها.
فأغارت خيل لبني القين بْن جسر فِي الجاهلية فمروا على أبيات بني معن رهط أم زيد. فاحتملوا زيدا إذ هُوَ يومئذ غلام يفعة قد أوصف. فوافوا به سوق عكاظ فعرضوه
__________
4 تهذيب الكمال (2094) ، وتهذيب التهذيب (3/ 401) ، وطبقات خليفة (6) ، (82) ، وتاريخ خليفة (77) ، (85- 87) ، والاستيعاب (2/ 54) ، وتاريخ دمشق لابن عساكر (6) ، الورقة (291) ، وتهذيب تاريخ دمشق (5/ 451) ، وأسد الغابة (2/ 224) ، وسير أعلام النبلاء (1/ 220) ، والعقد الثمين (4/ 459) ، وحذف من نسب قريش (28) ، والمعارف (144) ، (151) ، (163) ، (168) ، (215) .(3/29)
للبيع فاشتراه منهم حكيم بْن حزام بْن خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصي لعمته خديجة بِنْت خويلد بأربع مائة درهم. فَلَمَّا تزوجها رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهبته له فقبضه رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد كان أبوه حارثة بْن شراحيل حين فقده قَالَ:
بكيت على زَيْد ولم أدر ما فعل ... أحي فيرجى أم أتى دونه الأجل
فو الله ما أدري وإن كنت سائلًا ... أغالك سهل الأرض أم غالك الجبل
فيا ليت شعري هَلْ لك الدهر رجعة ... فحسبي من الدُّنيا رجوعك لي بجل
فيا ليت شعري هَلْ لك الدهر رجعة ... فحسبي من الدُّنيا رجوعك لي بجل
تذكرنيه الشمس عند طلوعها ... وتعرض ذكراه إذا قارب الطفل
وإن هبت الأرواح هيجن ذكره ... فيا طول ما حزني عليه ويا وجل!
سأعمل نص العيس فِي الأرض جاهدًا ... ولا أسأم التطواف أو تسأم الإبل
حياتي أو تأتي علي منيتي ... وكل امرئ فانٍ وإن غره الأمل
وأوصي به قيسًا وعمرا كليهما ... وأوصى يزيدا ثم من بعدهم جبل
يعني جبلة بْن حارثة أخا زَيْد وكان أكبر من زَيْد. ويعني يزيد أخا زَيْد لأمه. وهو يزيد بْن كعب بْن شراحيل. قَالَ فحج ناس من كلب فرأوا زيدا فعرفهم وعرفوه فقال:
بلغوا أهلي هَذِهِ الأبيات فَإِنِّي أعلم أنهم قد جزعوا علي. وقال:
ألكني إِلَى قومي وإن كنت نائيًا ... بأني قطين البيت عند المشاعر
فكفوا من الوجد الّذي قد شجاكم ... ولا تعملوا فِي الأرض نص الأباعر
فإني بحمد اللَّه فِي خير أسرة ... كرام معد كابرًا بعد كابر.
[قَالَ فانطلق الكلبيون وأعلموا أَبَاهُ فقال: ابني ورب الكعبة! ووصفوا له موضعه وعند من هُوَ فخرج حارثة وكعب ابنا شراحيل بفدائه. وقدما مكّة فسألا عن النبي.
ص. فَقِيل هُوَ فِي المسجد. فدخلا عليه فقالا: يا ابن عَبْد اللَّه. يا ابن عَبْد المطلب.
يا ابن هاشم. يا ابن سيد قومه. أنتم أَهْل الحرم وجيرانه وعند بيته تفكون العاني وتطعمون الأسير. جئناك فِي ابننا عندك. فامنن علينا وأحسن إلينا فِي فدائه فإنا سنرفع لك فِي الفداء. قَالَ: من هُوَ؟ قَالُوا: زَيْد بْن حارثة. فقال رسول الله. ص: فهل لغير ذلك؟ قَالُوا: ما هُوَ؟ قَالَ: دعوه فخيروه فَإِن اختاركم فهو لكما بغير فداء. وإن اختارني فو الله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحدًا. قالا: قد زدتنا على النصف وأحسنت. قَالَ فدعاه فقال: هَلْ تعرف هَؤُلَاء؟ قَالَ: نعم. قَالَ: من هما؟ قَالَ:
هَذَا أبي وهذا عمي. قَالَ: فإنا من قد علمت ورأيت صحبتي لك فاخترني أو(3/30)
اخترهما. فقال زَيْد: ما أَنَا بالذي أختار عليك أحدًا. أنت مني بمكان الأب والأم.
فقالا: ويحك يا زَيْد أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك؟
قَالَ: نعم. إني قد رأيت من هَذَا الرجل شيئًا ما أَنَا بالذي اختار عليه أحدًا أبدًا. فَلَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذلك أَخْرَجَهُ إِلَى الحجر فقال: يا من حضر اشهدوا أن زيدًا ابني أرثه ويرثني. فَلَمَّا رَأَى ذلك أَبُوهُ وعمه طابت أنفسهما وانصرفا. فدعي زَيْد بْن مُحَمَّد حتى جاء الله بالإسلام.] هَذَا كله حَدَّثَنَا به هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ وعن جميل بْن مرثد الطائي وغيرهما. وقد ذكر بعض هَذَا الحديث عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عباس وقال فِي إسناده عن ابن عَبَّاس: فزوجه رسول الله.
ص. زَيْنَبَ بِنْت جَحْشِ بْن رِئَابٍ الأَسَدِيَّةَ. وَأُمُّهَا أميمة بِنْت عَبْد المُطَّلِب بْن هاشم.
فطلقها زَيْد بعد ذلك فتزوجها رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَكَلَّمَ المنافقون فِي ذلك وطعنوا فِيهِ. وقالوا: مُحَمَّد يحرم نساء الولد وقد تزوج امْرَأَة ابنه زَيْد. فأنزل الله جل جلاله:
«مَا كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ» الأحزاب:
40. إلى آخر الآية. وقال: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ الأحزاب: 5. فدعي يومئذ زيد ابن حارثة ودعي الأدعياء إلى آبائهم. فدعي المقداد إلى عَمْرو وكان يقال له قبل ذلك المقداد بن الأسود. وكان الأسود بن عبد يغوث الزهري قد تبناه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ: مَا كُنَّا نَدْعُوهُ إِلا زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَتَّى نَزَلَتْ: «ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ» الأحزاب: 5.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي الْمُعَلَّى ابن أَسَدٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُخْتَارِ قَالا جَمِيعًا: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر عن زيد بن حَارِثَةَ الْكَلْبِيِّ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: مَا كُنَّا نَدْعُوهُ إِلا زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ:
«ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ» الأحزاب: 5.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ نِسَيْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ. «مَا كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ» الأحزاب: 40. قَالَ: نَزَلَتْ فِي زَيْدٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: كَانَ يُقَالُ زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ.(3/31)
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هُبَيْرَةَ وَهَانِئِ ابن هَانِئٍ عَنْ عَلِيٍّ وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فِي حَدِيثِ ابْنَةِ حَمْزَةَ: أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلانَا] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ السكري الرقي قال: أخبرنا محمد ابن سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ: يَا زَيْدُ أَنْتَ مَوْلايَ وَمِنِّي وَإِلَيَّ وَأَحَبُّ الْقَوْمِ إِلَيَّ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ زَيْدِ بن حارثة عشر سنين. رسول الله.
ص. أَكْبَرُ مِنْهُ. وَكَانَ زَيْدٌ رَجُلا قَصِيرًا آدَمَ شَدِيدَ الأَدَمَةِ. فِي أَنْفِهِ فَطَسٌ. وَكَانَ يُكْنَى أَبَا أُسَامَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي ابْنُ مَوْهَبٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أُسَامَةَ عن حسن الْمَازِنِيِّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: وَحَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ قَالَ:
وَحَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالُوا: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ زَيْدُ بْنُ حارثة.
سأل: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مَنَّاحٍ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ. وَأَمَّا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قتادة فقال: نزل على سعد بن خيثمة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وأخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ وَسَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ قَالُوا: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وآخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عن أبيه وعن شَرْقِيِّ بْنِ قَطَامِيٍّ وَغَيْرِهِمَا قَالُوا: أَقْبَلَتْ أُمُّ كُلْثُومِ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ. وَأُمُّهَا أروى بنت كريز بن(3/32)
رَبِيعَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ. وَأُمُّهَا أُمُّ حَكِيمٍ وَهِيَ الْبَيْضَاءُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ.. مُهَاجِرَةً إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ فَخَطَبَهَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ. فَاسْتَشَارَتْ أَخَاهَا لأُمِّهَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَأَشَارَ عَلَيْهَا أَنْ تَأْتِيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَتْهُ فَأَشَارَ عَلَيْهَا بِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فَتَزَوَّجَتْهُ فَوَلَدَتْ لَهُ زَيْدَ بْنَ زَيْدٍ وَرُقَيَّةَ. فَهَلَكَ زَيْدٌ وَهُوَ صَغِيرٌ. وَمَاتَتْ رُقْيَةُ فِي حِجْرِ عُثْمَانَ. وَطَلَّقَ زَيْدُ ابن حَارِثَةَ أُمَّ كُلْثُومٍ وَتَزَوَّجَ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي لَهَبٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ هِنْدَ بِنْتَ الْعَوَّامِ أخت الزبير ابن الْعَوَّامِ. ثُمَّ زَوَّجَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّ أَيْمَنَ حَاضِنَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَوْلاتَهُ وَجَعَلَ لَهُ الْجَنَّةَ. فَوَلَدَتْ لَهُ أُسَامَةَ فَكَانَ يُكْنَى بِهِ. وَشَهِدَ زَيْدٌ بَدْرًا وَأُحُدًا وَاسْتَخْلَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَدِينَةِ حِينَ خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمُرَيْسِيعِ. وَشَهِدَ الْخَنْدَقَ وَالْحُدَيْبِيَةَ وَخَيْبَرَ. وَكَانَ مِنَ الرماة المذكورين مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ قَالَ: خَرَجَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ أَمِيرَ سَبْعِ سَرَايَا أَوَّلُهَا الْقَرَدَةُ. فَاعْتَرَضَ لِلْعِيرِ فَأَصَابُوهَا وَأَفْلَتَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَأَعْيَانُ الْقَوْمِ. وَأُسِرَ فُرَاتُ بْنُ حَيَّانَ الْعِجْلِيُّ يَوْمَئِذٍ. وَقَدِمَ بِالْعِيرِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَمَّسَهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَ غَزَوَاتٍ وَمَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ تِسْعَ غَزَوَاتٍ يُؤَمِّرُهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْنَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي وَائِلُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنِي وَائِلُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَهِيِّ يُحَدِّثُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ فِي جَيْشٍ قَطُّ إِلا أَمَّرَهُ عَلَيْهِمْ وَلَوْ بَقِيَ بَعْدَهُ اسْتَخْلَفَهُ.
[قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: أَوَّلُ سَرِيَّةٍ خَرَجَ فِيهَا زَيْدٌ سَرِيَّتُهُ إِلَى الْقِرَدَةِ. ثُمَّ سَرِيَّتُهُ إِلَى الْجَمُومِ. ثُمَّ سَرِيَّتُهُ إِلَى الْعِيصِ. ثُمَّ سَرِيَّتُهُ إِلَى الطَّرْفِ. ثُمَّ سَرِيَّتُهُ إِلَى حِسْمَى.
ثُمَّ سَرِيَّتُهُ إِلَى أُمِّ قِرْفَةَ. ثُمَّ عَقَدَ لَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على النَّاسِ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ وَقَدَّمَهُ عَلَى الأُمَرَاءِ. فَلَمَّا الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ كَانَ الأُمَرَاءُ يُقَاتِلُونَ عَلَى أَرْجُلِهِمْ فَأَخَذَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ اللِّوَاءَ فَقَاتَلَ وَقَاتِلَ النَّاسُ مَعَهُ. وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى صُفُوفِهِمْ. فَقُتِلَ زَيْدٌ طَعَنَا بِالرِّمَاحِ شَهِيدًا فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقال: اسْتَغْفِرُوا لَهُ وَقَدْ دَخَلَ(3/33)
الْجَنَّةَ وَهُوَ يَسْعَى. وَكَانَتْ مُؤْتَةُ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ. وَقُتِلَ زَيْدٌ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالُوا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ قَالَ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتْلُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرَ وَابْنَ رَوَاحَةَ قَامَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ شَأْنَهُمْ فَبَدَأَ بِزَيْدٍ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِزَيْدٍ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِزَيْدٍ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِزَيْدٍ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِجَعْفَرَ وَلِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ] .
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو وَأَبُو أُسَامَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ عَنْ خَالِدِ بْنِ شُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الله بن رياح الأَنْصَارِيِّ.
سَمِعَهُ يَقُولُ أَخْبَرَنَا أَبُو قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: [بعث رسول الله.
ص. جَيْشَ الأُمَرَاءِ فَقَالَ: عَلَيْكُمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَإِنْ أُصِيبَ زَيْدٌ فَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ. قَالَ فَوَثَبَ جَعْفَرٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كُنْتُ أَرْهَبُ أَنْ تَسْتَعْمِلَ عَلَيَّ زَيْدًا. فَقَالَ: امْضِهْ فَإِنَّكَ لا تَدْرِي أَيُّ ذَلِكَ خير] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ شُمَيْرٍ قَالَ: لَمَّا أُصِيبَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ أَتَاهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فَجَهَشَتْ بِنْتُ زَيْدٍ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى انْتَحَبَ فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا شَوْقُ الْحَبِيبِ إِلَى حَبِيبِهِ] .
ذِكْرُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ
5- أَبُو مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ حَلِيفِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
واسم أبي مرثد كناز بْن الحصين بْن يربوع بْن طريف بْن خرشة بْن عُبَيْد بْن سعد بن عوف بن كعب ابن جلان بْن غنم بْن يحيى بْن يعصر بْن سعد بْنَ قَيْسِ بْنِ عَيْلانَ بْنِ مُضَرَ. وَكَانَ تربًا لحمزة بْن عَبْد المطلب. وكان رجلا طوالا كثير شعر الرأس. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بَيْنَ أبي مرثد وعبادة بْن الصامت فِي رواية مُحَمَّد بْن إسحاق ومحمد بن عمر.
__________
5 تهذيب التهذيب (8/ 448) ، وتقريب التهذيب (2/ 136) ، والإصابة (3/ 307) ، (4/ 177) ، والاستيعاب (3/ 320) ، (4/ 171) ، وحذف من نسب قريش (28) ، والمعارف (327) .(3/34)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مَنَّاحٍ قَالَ:
لَمَّا هَاجَرَ أَبُو مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ وَابْنُهُ مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلا عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ. وأما عاصم بن عمر بن قتادة فقال: نَزَلا عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَشَهِدَ أَبُو مَرْثَدٍ بَدْرًا وَأُحُدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ قَدِيمًا فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ سِتٍّ وَسِتِّينَ سَنَةً.
ذِكْرُ مَرْثَدِ بْنِ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ
6- مرثد بْنِ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ.
حَلِيفِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْد المطلب. آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بَيْنَهُ وبين أوس بْن الصامت أخي عُبَادة بْن الصامت.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ الْغَنَوِيُّ عَنْ آبَائِهِ قَالَ:
شَهِدَ مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ يَوْمَ بَدْرٍ عَلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهُ السَّبَلُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَشَهِدَ أُحُدًا وَقُتِلَ يَوْمَ الرَّجِيعِ شَهِيدًا. وَكَانَ أَمِيرًا فِي هَذِهِ السَّرِيَّةِ وَذَلِكَ فِي صَفَرٍ. عَلَى رَأْسِ سِتَّةٍ وَثَلاثِينَ شَهْرًا مِنْ مُهَاجَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ.
ذِكْرُ أنسة مولى رسول الله- صلى الله عليه وَسَلَّمَ -
7- أنسه مَوْلَى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ دِينَارٍ التَّمَّارُ عن عمران ابن مَنَّاحٍ مَوْلَى بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ أَنَسَةُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ. وَأَمَّا عَاصِمُ بن عمر فقال نزل على سعد ابن خَيْثَمَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قُتِلَ أَنَسَةُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يَوْمَ بَدْرٍ. قال محمد بن عمر: وليس ذلك عندنا بِثَبْتٍ. وَرَأَيْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يُثْبِتُونَ أَنَّهُ لَمْ
__________
6 المغازي للواقدي (4) ، (9) ، (24) ، (27) ، (102) ، (153) ، (349) ، (355) ، (498) ، وتاريخ الطبري (2/ 478) ، 538) ، (3/ 154) ، وحذف من نسب قريش (29) .
7 المغازي للواقدي (9) ، (24) ، (46) ، (153) ، وتاريخ الطبري (3/ 171) .(3/35)
يُقْتَلْ بِبَدْرٍ وَقَدْ شَهِدَ أُحُدًا وَبَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ زَمَانًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ: مَاتَ أَنَسَةُ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وِلايَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَكَانَ مِنْ مُوَلَّدِي السَّرَاةِ. وَكَانَ يُكْنَى أَبَا مَسْرَحٍ. قَالَ فَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ يُونُسَ بْنَ يَزِيدَ الأَيْلِيَّ يُخْبِرُ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْذَنُ بَعْدَ الظُّهْرِ وَهِيَ السُّنَّةُ وَيَأْذَنُ عَلَيْهِ أَنَسَةُ مَوْلاهُ.
8- أَبُو كَبْشَةَ.
مَوْلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واسمه سليم من مولدي أرض دوس.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مَنَّاحٍ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ أَبُو كَبْشَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى أم كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ. وأما عاصم بن عمر بن قتادة فقال: نَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: شَهِدَ أَبُو كَبْشَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدْرًا وَأُحُدًا والمشاهد كلها. وتوفي أول يَوْمَ اسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَذَلِكَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ.
ذِكْرُ صَالِحٍ شُقْرَانَ
9- صالح شقران. غلام رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَكَانَ لعبد الرَّحْمَن بْن عوف فَأَعْجَبَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخذه منه بالثمن. وكان عبدًا حبشيًا وهو صالح بْن عدي. شهِدَ بدرًا وهو مملوك فَاسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الأسرى ولم يسهم له. فجزاه كل رَجُل له أسير فأصاب أكثر مما أصاب رَجُل من القوم من المقسم. وحضر بدرًا أيضًا ثلاثة أعبد مماليك: غلام لعبد الرَّحْمَن بْن عوف. وغلام لحاطب بْن أبي بلتعه. وغلام لسعد بْن مُعَاذ. فجزاهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يسهم لهم.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي جهم العدوي قَالَ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شُقْرَانَ مَوْلاهُ عَلَى جَمْعِ مَا وُجِدَ فِي رِجَالِ أَهْلِ الْمُرَيْسِيعِ مِنْ رِثَّةِ الْمَتَاعِ وَالسِّلاحِ وَالنَّعَمِ وَالشَّاءِ وَجَمِيعِ الذُّرِّيَّةِ نَاحِيَةً. وَأَوْصَى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ وفاته. وكان فيمن حضر غسل
__________
8 المغازي (24) ، (153) ، وتاريخ الطبري (3/ 171) ، وحذف من نسب قريش (28) ، والمعارف (148) .(3/36)
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع أَهْلِ بَيْتِهِ. وَكَانُوا ثَمَانِيَةً سِوَى شُقْرَانَ.
وَمِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ
10- عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثُ
بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ بْنِ قُصَيٍّ.
وأمه سخيلة بنت خزاعي بْن الحويرث بْن حبيب بْن مالك بْن الْحَارِث بْنِ حُطَيْطِ بْنِ جُشَمِ بْنِ قَسِّيٍّ. وَهُوَ ثقيف. وكان لعبيدة من الولد مُعَاوِيَة وعون ومنقذ والحارث ومحمد وإبراهيم وريطة وخديجة وسخيلة وصفيه لأمهات أولاد شتى. وكان عبيدة أسن مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعشر سنين. وكان يكنى أبا الحارث أيضا. وكان مربوعا أسمر حسن الوجه.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أسلم عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الأَرْقَمِ وَقَبْلَ أَنْ يَدْعُوَ فِيهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَكِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجَ عُبَيْدَةُ وَالطُّفَيْلُ وَالْحُصَيْنُ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ مِنْ مَكَّةَ لِلْهِجْرَةِ فَاتَّعَدُوا بَطْنَ نَاجِحٍ. فَتَخَلَّفَ مِسْطَحُ لأَنَّهُ لُدِغَ. فَلَمَّا أَصْبَحُوا جَاءَهُمُ الْخَبَرُ فَانْطَلَقُوا إِلَيْهِ فَوَجَدُوهُ بِالْحَصَاصِ فَحَمَلُوهُ فَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَنَزَلُوا عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَلَمَةَ العجلاني.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: أَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبِيدَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَالطُّفَيْلِ وَأَخَوَيْهِ مَوْضِعَ خُطْبَتِهِمُ الْيَوْمَ بِالْمَدِينَةِ فِيمَا بَيْنَ بَقِيعِ الزُّبَيْرِ وَبَنِي مَازِنٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التيمي عن أبيه قال: آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَبِلالٍ.
وآخَى بَيْنَ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَعُمَيْرِ بْنِ الْحُمَامِ الأَنْصَارِيِّ. وَقُتِلا جَمِيعًا يَوْمَ بَدْرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأنصاري عن عبد الله
__________
10 الإصابة (5377) ، وإمتاع الأسماع (1/ 52، 99) ، ونسب قريش (94) ، (152) ، والمحبر (116) ، وحذف من نسب قريش (25) ، والمعارف (135) ، (157) ، (422) .(3/37)
ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ قَالَ: كَانَ أَوَّلَ لِوَاءٍ عَقَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ أَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ لِحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. ثُمَّ عَقَدَ بَعْدَهُ لِوَاءَ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ وَبَعَثَهُ فِي سِتِّينَ رَاكِبًا فَلَقُوا أَبَا سُفْيَانَ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ وَهُوَ فِي مِائَتَيْنِ عَلَى مَاءٍ يُقَالُ لَهُ أَحْيَاءُ مِن بَطْنِ رَابِغٍ. فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ إِلا الرَّمْيُ لَمْ يَسُلُّوا سَيْفًا وَلَمْ يَدْنُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ. وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ رَمَى يَوْمَئِذٍ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الظَّفَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
قَتَلَ عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ يَوْمَ بَدْرٍ فَدَفَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالصَّفْرَاءِ. قَالَ يُونُسُ: أَرَانِي أَبِي قَبْرَ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ بِذَاتِ أَجْذَالَ بِالْمَضِيقِ أَسْفَلَ مِنْ عَيْنِ الْجَدْوَلِ وَذَلِكَ مِنَ الصَّفْرَاءِ وَكَانَ عُبَيْدَةُ يَوْمَ قُتِلَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.
ذكر الطفيل بن الْحَارِث
11- الطفيل بْن الحارث بْن المطلب بْن عَبْد مناف بْن قصي.
وأمه سخيلة بِنْت خزاعي الثقفية وهي أم عُبَيْدة بْن الْحَارِث. وكان للطفيل من الولد عامر ابن الطفيل. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الطفيل بْن الحارث والمنذر بْن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح. هذا في رواية محمد بن عمر. وأما في رواية محمد بن إسحاق فإنه آخى بي الطفيل بْن الْحَارِث وسفيان بْن نسر بْن عَمْرو بْن الْحَارِث بْن كعب بْن زَيْد بن الحارث الْأَنْصَارِيّ. قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: وشهد الطفيل بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتوفي في سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن سبعين سنة.
ذكر الحصين بْن الْحَارِث
12- الحصين بْن الْحَارِث بْن المطلب بْن عَبْد مناف بن قصي.
وأمه سخيلة بِنْت خزاعي الثقفية. وهي أم عُبَيْدة والطفيل ابني الحارث. وكان للحصين من الولد عبد الله الشاعر وأمه أم عَبْد اللَّه بنت عَدِيِّ بْن خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ
__________
11 الإصابة (4240) ، ونسب قريش (95) ، سيرة ابن هشام (1/ 253، 478، 678) ، وحذف من نسب قريش (25) .
12 المغازي (14) ، (153) ، وتاريخ الطبري (6/ 59) ، سيرة ابن هشام (1/ 253، 478، 688، 713) .(3/38)
قصي. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الحصين بْن الْحَارِث ورافع بْن عنجدة. هَذَا فِي رواية مُحَمَّد بْن عمر. وأما في رواية محمد بن إسحاق فإنه آخى بين الحصين وعبد الله ابن جُبَيْر أخي خوات بْن جُبَيْر. قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: وشهد الحصين بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتُوُفيّ بعد الطفيل بْن الْحَارِث بأشهر فِي سنة اثنتين وثلاثين.
ذكر مسطح بْن أثاثة
13- مسطح بْن أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْن قصي.
ويكنى أَبَا عباد. وأمه أم مسطح بِنْت أبي رهم بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ. وكانت من المبايعات. وآخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ مسطح بْن أثاثة وزيد بْن المزين. هَذَا فِي رواية مُحَمَّد بن إسحاق. قال محمد بن عمر: وشهد مسطح بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأطعمه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وابن إلياس بخيبر خمسين وسقًا. وتُوُفيّ سنة أربع وثلاثين وهو يومئذ ابن ستٍّ وخمسين سنة.
ومن بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ
14- عثمان بن عفان.
رحمه الله. ابن أبي العاص بْن أمية بْن عَبْد شمس ابن عبد مناف بن قصي. وأمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قصي. وأمها أم حكم. وهي البيضاء بِنْت عَبْد المُطَّلِب بْن هاشم بن عبد مناف بن قصي. وكان عثمان في الجاهلية يكنى أبا عمرو. فلما كان الإسلام ولد له من رقية بنت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غلام سماه عَبْد الله واكتنى به فكناه المسلمون أَبَا عَبْد الله. فبلغ عَبْد الله ستٍّ سنين فنقره ديك على عينيه فمرض فمات في جُمَادَى الأولى سنة أربع من الهجرة. فصلى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونزل فِي حفرته عُثْمَان بْن عفّان. وكان لعثمان. رَضِيَ اللَّهُ عنه. من الولد. سوى عبد الله ابن رقية. عبد الله
__________
13 الإصابة (7937) ، وأسد الغابة (4/ 354) ، ونسب قريش (95) ، وابن هشام (1/ 678) ، وحذف من نسب قريش (25) ، والمعارف (328) .
14 تهذيب التهذيب (7/ 139) ، وتقريب التهذيب (2/ 12) ، والاستيعاب (3/ 69) ، والإصابة (2/ 462) ، وحذف من نسب قريش (31) ، (33) ، (35) ، (37) ، (42) ، (87) ، والمعارف عدة مواضع، راجع فهرسه.(3/39)
الأصغر درج. وأمه فاختة بنت غزوان بْن جَابِر بْن نسيب بْن وهيب بْن زَيْد بْن مالك بْن عَبْد بْن عَوْفِ بْن الْحَارِث بْن مَازِنِ بْن مَنْصُور بْن عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفَةَ بْنِ قيس بن عيلان. وعمرو. وخالد. وأبان. وعُمَر. ومريم. وأمهم أم عَمْرو بِنْت جندب بن عمرو ابن حممة بْن الْحَارِث بْن رفاعة بْن سعد بْن ثَعْلَبَة بْن لؤي بْن عامر بْن غنم بن دهمان ابن منهب بْن دوس من الأزد. والوليد بْن عثمان. وسعيد. وأم سعيد. وأمهم فاطمة بنت الْوَلِيد بْن عَبْد شمس بْن المغيرة بْن عَبْد الله بْن عمر بْن مخزوم. وعبد الملك بْن عُثْمَان درج. وأمه أم البنين بنت عيينة بن حصن بْن حُذَيْفة بْن بدْر الفزاري. وعائشة بِنْت عُثْمَان. وأم أبان. وأم عَمْرو وأمهن رملة بِنْت شَيْبَة بْن ربيعة بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قصي. ومريم بِنْت عثمان. وأمها نائلة بنت الفرافصة بْن الأحوص بْن عَمْرو بْن ثَعْلَبَة بْن الْحَارِث بْن حصن بْن ضمضم بْن عدي بْن جناب من كلب. وأم البنين بِنْت عُثْمَان. وأمها أم وُلِدَ وهي الّتي كَانَتْ عند عَبْد الله بْن يزيد بْن أبي سُفْيَان.
ذِكْرُ إِسْلامِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: خَرَجَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَلَى أَثَرِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فَدَخَلا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَرَضَ عَلَيْهِمَا الإِسْلامَ وَقَرَأَ عَلَيْهِمَا الْقُرْآنَ وَأَنْبَأَهُمَا بِحُقُوقِ الإِسْلامِ وَوَعَدَهُمَا الْكَرَامَةَ مِنَ اللَّهِ. فَآمَنَا وَصَدَّقَا فَقَالَ عُثْمَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدِمْتُ حَدِيثًا مِنَ الشَّامِ فَلَمَّا كُنَّا بَيْنَ مَعَانٍ وَالزَّرْقَاءِ فَنَحْنُ كَالنِّيَامِ إِذَا مُنَادٍ يُنَادِينَا أَيُّهَا النِّيَامُ هُبُّوا فَإِنَّ أَحْمَدَ قَدْ خَرَجَ بِمَكَّةَ. فَقَدِمْنَا فَسَمِعْنَا بِكَ. وَكَانَ إِسْلامُ عُثْمَانَ قَدِيمًا قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ الله.
ص. دَارَ الأَرْقَمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَارِثِ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَخَذَهُ عَمُّهُ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ فَأَوْثَقَهُ رِبَاطًا وَقَالَ: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ آبَائِكَ إِلَى دِينٍ مُحْدَثٍ؟ وَاللَّهِ لا أَحُلُّكَ أَبَدًا حَتَّى تَدَعَ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الدِّينِ. فَقَالَ عُثْمَانُ: وَاللَّهِ لا أَدَعُهُ أَبَدًا وَلا أُفَارِقُهُ. فَلَمَّا رَأَى الْحَكَمُ صَلابَتَهُ فِي دِينِهِ تَرَكَهُ.
قَالُوا: فَكَانَ عُثْمَانُ مِمَّنْ هَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ الْهِجْرَةَ الأُولَى وَالْهِجْرَةَ الثَّانِيَةَ. وَمَعَهُ فِيهِمَا جَمِيعًا امْرَأَتُهُ رُقْيَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[وَقَالَ رَسُولُ الله.
ص. إِنَّهُمَا لأَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ إِلَى اللَّهِ بَعْدَ لوط.](3/40)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالا: لَمَّا هَاجَرَ عثمان إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى أَوْسِ بْنِ ثَابِتٍ أَخِي حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ فِي بَنِي النَّجَّارِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: لَمَّا أَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدُّورَ بِالْمَدِينَةِ خَطَّ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ دَارَهُ الْيَوْمَ. وَيُقَالُ إِنَّ الْخَوْخَةَ الَّتِي فِي دَارِ عُثْمَانَ الْيَوْمَ وِجَاهَ بَابِ النَّبِيِّ الَّذِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْرُجُ مِنْهُ إِذَا دَخَلَ بَيْتَ عُثْمَانَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. وآخَى بَيْنَ عُثْمَانَ وَأَوْسِ بْنِ ثَابِتٍ أَبِي شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ. وَيُقَالُ أَبِي عباده سعد بن عثمان الزُّرَقِيِّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِكْنَفِ بْنِ حَارِثَةَ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَدْرٍ خَلَّفَ عُثْمَانَ عَلَى ابْنَتَهِ رُقْيَةَ. وَكَانَتْ مَرِيضَةً فَمَاتَتْ. رَضِيَ اللَّهُ عنها. يوم قدم زيد بن حارث للمدينة بَشِيرًا بِمَا فَتَحَ اللَّهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِبَدْرٍ.
وَضَرَبَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُثْمَانَ بِسَهْمِهِ وأجره في بدر فكان كمن شهدها.
قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: وَقَالَ غَيْرُ ابن أبي سبرة: وزوج رسول الله.
ص. عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بَعْدَ رُقْيَةَ أُمَّ كُلْثُومِ بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فماتت عنده. [فقال رسول الله. ص: لَوْ كَانَ عِنْدِيَ ثَالِثَةٌ زَوَّجْتُهَا عُثْمَانَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَائِذُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ قَالَ:
اسْتَخْلَفَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الْمَدِينَةِ فِي غَزْوَتِهِ إِلَى ذَاتِ الرِّقَاعِ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ.
وَاسْتَخْلَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا عَلَى الْمَدِينَةِ فِي غَزْوَتِهِ إِلَى غَطَفَانَ بِذِي أَمَرٍّ بِنَجْدٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سبرة عن مُوسَى بْنِ سَعْدٍ مَوْلَى أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا حَدَّثَ أَتَمَّ حَدِيثًا وَلا أَحْسَنَ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. إِلا أَنَّهُ كَانَ رَجُلا يَهَابُ الْحَدِيثَ.(3/41)
ذِكْرُ لِبَاسِ عُثْمَانَ:
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ جَبِيرَةَ عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ: أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ. عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَصْفَرَانِ. لَهُ غَدِيرَتَانِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بن أبي فديك قالا: أخبرنا ابن ذِئْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ مَوْلَى الأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَهُوَ يَبْنِي الزَّوْرَاءَ. عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ مصفرا لِحْيَتَهُ. لَمْ يَقُلِ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ وَقَالَهُ يَزِيدُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ الصَّلْتِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَخْطُبُ وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ وَهُوَ مَخْضُوبٌ بِحِنَّاءَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنَ الْحَاطِبِيِّينَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عُثْمَانَ قَمِيصًا قُوهِيًّا عَلَى الْمِنْبَرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ جَاوَانَ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مُلاءَةَ صَفْرَاءَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ موسى ابن طَلْحَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَصَّرَانِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَجْلانَ عَنْ سُلَيْمٍ أَبِي عَامِرٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بُرْدًا يَمَانِيًّا ثَمَنَ مِائَةِ دِرْهَمٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ أَبِي سَعِيدِ ابن الْمُعَلَّى قَالَ: حَدَّثَنِي الأَعْرَجِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوسِعُونَ عَلَى نِسَائِهِمْ فِي اللِّبَاسِ الَّذِي يُصَانُ وَيُتَجَمَّلُ بِهِ. ثُمَّ يَقُولُ: رَأَيْتُ عَلَى عُثْمَانَ مَطْرَفَ خَزٍّ ثَمَنَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ. فَقَالَ هَذَا لِنَائِلَةَ كَسَوْتُهَا إِيَّاهُ فَأَنَا أَلْبَسُهُ أَسُرُّهَا بِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: سَأَلْتُ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَنْبَسَةَ. وَعُرْوَةَ بْنَ خَالِدِ بن عبد الله بن عمرو بن عثمان. وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ صِفَةِ عُثْمَانَ فَلَمْ أَرَ بَيْنَهُمُ اخْتِلافًا قَالُوا: كَانَ رَجُلا لَيْسَ بِالْقَصِيرِ وَلا بِالطَّوِيلِ. حَسَنَ الْوَجْهِ. رقيق(3/42)
الْبَشَرَةِ. كَبِيرَ اللِّحْيَةِ عَظِيمَهَا. أَسْمَرَ اللَّوْنِ. عَظِيمَ الْكَرَادِيسِ. بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ.
كَثِيرَ شَعْرِ الرأس. يضفر لِحْيَتَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا وَاقِدُ بْنُ أَبِي يَاسِرٍ أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ يَشُدُّ أَسْنَانَهُ بِالذَّهَبِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا وَاقِدُ بْنُ أَبِي يَاسِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ دَارَةَ: أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ قَدْ سَلِسَ بَوْلُهُ عَلَيْهِ فَدَاوَاهُ ثُمَّ أَرْسَلَهُ. فَكَانَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلاةٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عن أَبِيهِ أَنَّ عُثْمَانَ تَخَتَّمَ فِي الْيَسَارِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِذَا وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ دَعَا بِهِ وَهُوَ فِي خِرْقَةٍ فَيَشُمُّهُ. فَقِيلَ لَهُ: لِمَ تَفْعَلُ هَذَا؟
فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ إِنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ أَنْ يَكُونَ قَدْ وَقَعَ لَهُ فِي قَلْبِي شَيْءٌ. يَعْنِي الْحُبَّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَصْفَرَانِ فَيَجْلِسُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَيُؤَذِنُ الْمُؤَذِّنُ وَهُوَ يتحدث يسأل الناس عَنْ أَسْعَارِهِمْ وَعَنْ قُدَّامِهِمْ وَعَنْ مَرْضَاهُمْ. ثُمَّ إِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ قَامَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا عَقْفَاءَ فَيَخْطُبُ وَهِيَ فِي يَدِهِ. ثُمَّ يَجْلِسُ جلسة فيبتدئ كلام الناس فيسائلهم كَمَسْأَلَتِهِ الأُولَى. ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ. ثُمَّ يَنْزِلُ وَيُقِيمُ الْمُؤَذِّنُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ:
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَالْمُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ وَهُوَ يُحَدِّثُ النَّاسَ. يَسْأَلُهُمْ وَيَسْتَخْبِرُهُمْ عَنِ الأَسْعَارِ وَالأَخْبَارِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ أُمِّ غُرَابٍ عَنْ بُنَانَةَ قَالَتْ: كَانَ عُثْمَانُ يَتَنَشَّفُ بَعْدَ الْوُضُوءِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ أُمِّ غُرَابٍ عَنْ بُنَانَةَ أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ يَتَمَطَّرُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ أُمِّ غُرَابٍ عَنْ بُنَانَةَ قَالَتْ: كَانَ عُثْمَانُ إِذَا اغْتَسَلَ جِئْتُهُ بِثِيَابِهِ فَيَقُولُ لِي: لا تَنْظُرِي إِلَيَّ فَإِنَّهُ لا يَحِلُّ لَكِ. قَالَتْ وكنت لامرأته.(3/43)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ أُمِّ غُرَابٍ عَنْ بُنَانَةَ أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ أَبْيَضَ اللِّحْيَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَسْعَدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الرُّومِيِّ قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ يَلِي وُضُوءَ اللَّيْلِ بِنَفْسِهِ. قَالَ فَقِيلَ لَهُ: لَوْ أَمَرْتَ بَعْضَ الْخَدَمِ فَكَفَوْكَ. فَقَالَ: لا. اللَّيْلُ لَهُمْ يَسْتَرِيحُونَ فِيهِ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَصْدَقُ أُمَّتِي حَيَاءً عُثْمَانُ] . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ أَعْلَمُهُمْ بِالْمَنَاسِكِ ابْنَ عَفَّانَ. وَبَعْدَهُ ابْنَ عُمَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:
«هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» النحل: 76. قَالَ:
عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ يَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ مُتَوَسِّدًا رِدَاءَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحِيمِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ لَمْ يَتَشَهَّدْ فِي وَصِيَّتِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ هَانِئٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ابن دَارَةَ قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ رَجُلا تَاجِرًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالإِسْلامِ وَكَانَ يَدْفَعُ مَالَهُ قِرَاضًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَشِبْلُ بْنُ الْعَلاءِ عَنِ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُثْمَانَ دَفَعَ إِلَيْهِ مَالا مُضَارَبَةً عَلَى النِّصْفِ.
ذِكْرُ الشُّورَى وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ:
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ صَحِيحٌ يُسْأَلُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ(3/44)
فيأبى. فصعد يوما المنبر فتكلم بِكَلِمَاتٍ وَقَالَ: إِنْ مُتُّ فَأَمْرُكُمْ إِلَى هَؤُلاءِ السِّتَّةِ الَّذِينَ فَارَقُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَنَظِيرِهِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ. وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. وَنَظِيرِهِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ.
وَنَظِيرِهِ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ. أَلا وَإِنِّي أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي الْحُكْمِ وَالْعَدْلِ فِي الْقَسْمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الأَزْهَرِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لأَصْحَابِ الشُّورَى: تَشَاوَرُوا فِي أَمْرِكُمْ فَإِنْ كَانَ اثْنَانِ وَاثْنَانِ فَارْجِعُوا فِي الشُّورَى. وَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةٌ وَاثْنَانِ فَخُذُوا صِنْفَ الأَكْثَرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ قَالَ: وَإِنِ اجْتَمَعَ رَأْيُ ثَلاثَةٍ وَثَلاثَةٍ فَاتَّبَعُوا صِنْفَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ بن عبد الملك بن عبيد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ أَنَّ عُمَرَ حِينَ طُعِنَ قَالَ: لِيُصَلِّ لَكُمْ صُهَيْبٌ ثَلاثًا وَتَشَاوَرُوا فِي أَمْرِكُمْ وَالأَمْرُ إِلَى هَؤُلاءِ السِّتَّةِ. فَمَنْ بَعَلَ أَمْرَكُمْ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ.
يَعْنِي مَنْ خَالَفَكُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِسَاعَةٍ فَقَالَ: يَا أَبَا طَلْحَةَ كُنْ فِي خَمْسِينَ مِنْ قَوْمِكَ مِنَ الآنِ مَعَ هَؤُلاءِ النَّفَرِ أَصْحَابِ الشُّورَى فَلا تَتْرُكْهُمْ يَمْضِي الْيَوْمُ الثَّالِثُ حَتَّى يُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمُ. اللَّهُمَّ أَنْتَ خَلِيفَتِي عَلَيْهِمْ.
ذِكْرُ بَيْعَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. رَحِمَهُ اللَّهُ:
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: وَافَى أبو طلحة في أصحابه ساعة قبر عمر فَلَزِمَ أَصْحَابَ الشُّورَى. فَلَمَّا جَعَلُوا أَمْرَهُمْ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ يَخْتَارُ لَهُمْ مِنْهُمْ لَزِمَ أَبُو طَلْحَةَ بَابَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بِأَصْحَابِهِ حَتَّى بَايَعَ عُثْمَانَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ الْمُكْتِبُ عن سلمة بن أبي سلمة ابن عبد الرحمن عن أبي قَالَ: أَوَّلُ مَنْ بَايَعَ لِعُثْمَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.(3/45)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَمِيرَةَ بْنِ هُنَيٍّ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: أَنَا رَأَيْتُ عَلِيًّا بَايَعَ عُثْمَانَ أَوَّلَ النَّاسِ ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ فَبَايِعُوا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عن عبد الرحمن ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُثْمَانَ لَمَّا بُويِعَ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَخَطَبَهُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَوَّلَ مَرْكَبٍ صَعْبٌ. وَإِنَّ بَعْدَ الْيَوْمِ أَيَّامًا. وَإِنْ أَعِشْ تَأْتِكُمُ الْخُطْبَةُ عَلَى وَجْهِهَا. وَمَا كُنَّا خُطَبَاءَ وَسَيُعَلِّمُنَا اللَّهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانِ الأَسَدِيِّ قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ حِينَ اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ: مَا أَلَوْنَا عَنْ أَعْلَى ذِي فُوقٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَأَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ حِينَ اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ: اسْتَخْلَفْنَا خَيْرَ مَنْ بَقِيَ وَلَمْ نَأْلُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ قَالَ: شَهِدْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ مَا خَطَبَ خِطْبَةً إِلا قَالَ أَمَّرْنَا خَيْرَ مَنْ بَقِيَ وَلَمْ نَأْلُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ سَارَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْكُوفَةِ ثَمَانِيًا حِينَ اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَاتَ فَلَمْ نَرَ يَوْمًا أَكْثَرَ نَشِيجًا مِنْ يَوْمَئِذٍ. وَإِنَّا اجْتَمَعْنَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ فَلَمْ نَأْلُ عَنْ خَيْرِهَا ذِي فُوقٍ. فَبَايَعْنَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ فَبَايِعُوهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَخْنَسِيِّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدِ عن أبيه قالا: بويع عثمان ابن عَفَّانَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ لِلَيْلَةٍ بَقِيَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ. فَاسْتَقْبَلَ لِخِلافَتِهِ الْمُحَرَّمَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ فِي حَدِيثِهِ: فَوَجَّهَ(3/46)
عُثْمَانُ عَلَى الْحَجِّ تِلْكَ السُّنَّةِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَحَجَّ بِالنَّاسِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ.
ثُمَّ حَجَّ عُثْمَانُ فِي خِلافَتِهِ كُلِّهَا بِالنَّاسِ عَشْرَ سِنِينَ وَلاءً إِلا السَّنَةَ الَّتِي حُوصِرَ فِيهَا فَوَجَّهَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَلَى الْحَجِّ بِالنَّاسِ. وَهِيَ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْحَجِّ فِي السَّنَةِ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ. فَخَرَجَ فَحَجَّ بِالنَّاسِ بِأَمْرِ عُثْمَانَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: لَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً أَمِيرًا يَعْمَلُ سِتَّ سِنِينَ لا يَنْقِمُ النَّاسُ عَلَيْهِ شَيْئًا. وَإِنَّهُ لأَحَبُّ إِلَى قُرَيْشٍ مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لأَنَّ عُمَرَ كَانَ شَدِيدًا عَلَيْهِمْ. فَلَمَّا وَلِيَهُمْ عُثْمَانُ لانَ لَهُمْ وَوَصَلَهُمْ. ثُمَّ تَوَانَى فِي أَمْرِهِمْ وَاسْتَعْمَلَ أَقْرِبَاءَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ فِي السِّتِّ الأَوَاخِرِ. وَكَتَبَ لِمَرْوَانَ بِخُمْسِ مِصْرَ. وَأَعْطَى أَقْرِبَاءَهُ الْمَالَ. وَتَأَوَّلَ فِي ذَلِكَ الصِّلَةَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا. وَاتَّخَذَ الأَمْوَالَ. وَاسْتَسْلَفَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَقَالَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرُ تَرَكَا مِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ لَهُمَا وَإِنِّي أَخَذْتُهُ فَقَسَمْتُهُ فِي أَقْرِبَائِي. فَأَنْكَرَ النَّاسُ عَلَيْهِ ذَلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أُمِّ بَكْرِ بِنْتِ الْمِسْوَرِ عَنْ أَبِيهَا قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَا يَتَأَوَّلانِ فِي هَذَا الْمَالِ ظَلْفَ أَنْفُسِهِمَا وَذَوِي أَرْحَامِهِمَا وَإِنِّي تَأَوَّلْتُ فِيهِ صِلَةَ رَحِمِي.
ذِكْرُ الْمِصْرِيِّينَ وَحَصْرِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أُمِّ الرَّبِيعِ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ عَنْ أَبِيهَا قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مَحْمُودٍ. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ ابن عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ الْمِصْرِيِّينَ لَمَّا أَقْبَلُوا مِنْ مِصْرَ يُرِيدُونَ عُثْمَانَ وَنَزَلُوا بِذِي خَشَبٍ دَعَا عُثْمَانُ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَيْهِمْ فَارْدُدْهُمْ عَنِّي وَأَعْطِهِمُ الرِّضَى وَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي فَاعِلٌ بِالأُمُورِ الَّتِي طَلَبُوا وَنَازِعٌ عَنْ كَذَا بِالأُمُورِ الَّتِي تَكَلَّمُوا فِيهَا. فَرَكِبَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ إِلَيْهِمْ إِلَى ذِي خَشَبٍ. قَالَ جَابِرٌ وَأَرْسَلَ مَعَهُ عُثْمَانُ خَمْسِينَ رَاكِبًا مِنَ الأَنْصَارِ أَنَا فِيهِمْ. وَكَانَ رُؤَسَاؤُهُمْ أَرْبَعَةً: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عُدَيْسٍ الْبَلَوِيَّ. وَسَوْدَانَ بْنَ حمران(3/47)
الْمُرَادِيَّ. وَابْنَ الْبَيَّاعِ. وَعَمْرَو بْنَ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيَّ. لَقَدْ كَانَ الاسْمُ غَلَبَ حَتَّى يُقَالَ جَيْشُ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ. فَأَتَاهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ كَذَا وَيَقُولُ كَذَا. وَأَخْبَرَهُمْ بِقَوْلِهِ فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى رَجَعُوا. فَلَمَّا كَانُوا بِالْبُوَيْبِ رَأَوْا جَمَلا عَلَيْهِ مِيسَمُ الصَّدَقَةِ فَأَخَذُوهُ فَإِذَا غُلامٌ لِعُثْمَانَ فَأَخَذُوا متاعه ففتشوه فوجدوا في قَصَبَةً مِنْ رَصَاصٍ فِيهَا كِتَابٌ فِي جَوْفِ الإدارة فِي الْمَاءِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ أَنِ افْعَلْ بِفُلانٍ كَذَا وَبِفُلانٍ كَذَا مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ شَرَعُوا فِي عُثْمَانَ. فَرَجَعَ الْقَوْمُ ثَانِيَةً حَتَّى نَزَلُوا بِذِي خُشُبٍ فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: اخْرُجْ فَارْدُدْهُمْ عَنِّي. فَقَالَ: لا أَفْعَلُ. قَالَ فَقَدِمُوا فَحَصَرُوا عُثْمَانَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ قَالَ: أَنْكَرَ عُثْمَانُ أَنْ يَكُونَ كَتَبَ الْكِتَابَ أَوْ أَرْسَلَ ذَلِكَ الرَّسُولَ. وَقَالَ: فُعِلَ ذَلِكَ دُونِي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الأَصَمِّ قَالَ: كُنْتُ فِيمَنْ أُرْسَلُوا مِنْ جَيْشِ ذِي خُشُبٍ. قَالَ فَقَالُوا لَنَا سَلُوا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاجْعَلُوا آخِرَ مَنْ تُسْأَلُونَ عَلِيًّا. أَنَقْدَمُ؟ قَالَ فَسَأَلْنَاهُمْ فَقَالُوا: اقْدُمُوا. إِلا عَلِيًّا قَالَ: لا آمُرُكُمْ فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَبَيْضٌ فَلْيُفْرِخُ.
ذِكْرُ مَا قِيلَ لِعُثْمَانَ فِي الْخَلْعِ وما قَالَ لَهُمْ:
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: قَالَ لِي عُثْمَانُ وَهُوَ مَحْصُورٌ فِي الدَّارِ: مَا تَرَى فِيمَا أَشَارَ بِهِ عَلَيَّ الْمُغِيرَةُ بْنُ الأَخْنَسِ؟ قَالَ قُلْتُ: مَا أَشَارَ بِهِ عَلَيْكَ؟
قَالَ: إِنَّ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ يُرِيدُونَ خَلْعِي فَإِنْ خَلَعْتُ تَرَكُونِي وَإِنْ لَمْ أَخْلَعْ قَتَلُونِي. قَالَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ خَلَعْتَ تُتْرَكُ مُخَلَّدًا فِي الدُّنْيَا؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَهَلْ يَمْلِكُونَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ؟ قَالَ: لا. قَالَ قلت: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ تَخْلَعْ هَلْ يَزِيدُونَ عَلَى قَتْلِكَ؟ قَالَ: لا.
قُلْتُ: فَلا أَرَى أَنْ تُسُنَّ هَذِهِ السُّنَّةَ فِي الإِسْلامِ كُلَّمَا سَخِطَ قَوْمٌ عَلَى أَمِيرِهِمْ خَلَعُوهُ. لا تَخْلَعْ قَمِيصًا قَمَّصَكَهُ اللَّهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي خَلِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ يُوسُفَ بْنُ مَاهَكَ عَنْ أُمِّهَا قَالَتْ: كَانُوا يَدْخُلُونَ عَلَى عُثْمَانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ فيقولون:(3/48)
انْزِعْ لَنَا. فَيَقُولُ: لا أَنْزِعُ سِرْبَالا سَرْبَلَنِيهُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْزِعُ عَمَّا تَكْرَهُونَ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قال: أَخْبَرَنَا طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ الْجَزَرِيُّ أَوِ الشَّامِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُثْمَانَ: إِنِ اللَّهَ كَسَاكَ يَوْمًا سِرْبَالا فَإِنْ أَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى خَلْعِهِ فَلا تَخْلَعْهُ لِظَالِمٍ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا قَيْسٌ قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبُو سَهْلَةَ مَوْلَى عُثْمَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - في مَرَضِهِ: وَدِدْتُ أَنَّ عِنْدِيَ بَعْضَ أَصْحَابِي. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَدْعُو لَكَ أبو بَكْرٍ. فَأَسْكَتَ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لا يُرِيدُهُ. قُلْتُ: أَدْعُو لَكَ عُمَرَ. فَأَسْكَتَ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لا يُرِيدُهُ. قُلْتُ: أَدْعُو لَكَ عَلِيًّا. فَأَسْكَتَ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لا يُرِيدُهُ. فَقُلْتُ: فَأَدْعُو لَكَ ابْنَ عَفَّانَ. قَالَ: نَعَمْ.
فَلَمَّا جَاءَ أَشَارَ إِلَيَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تباعدي. فجاء عثمان فجلس إلى النبي.
ص. فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لَهُ. وَلَوْنُ عُثْمَانَ يَتَغَيَّرُ. قَالَ قَيْسٌ فَأَخْبَرَنِي أَبُو سَهْلَةَ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الدَّارِ قِيلَ لِعُثْمَانَ أَلا تُقَاتِلُ؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا وَإِنِّي صَابِرٌ عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو سَهْلَةَ فَيَرَوْنَ أَنَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عُثْمَانَ فِي الدَّارِ وَهُوَ مَحْصُورٌ. قَالَ وَكُنَّا نَدْخُلُ مَدْخَلا إِذَا دَخَلْنَاهُ سَمِعْنَا كَلامَ مَنْ عَلَى الْبَلاطِ. قَالَ فَدَخَلَ عُثْمَانُ يَوْمًا لِحَاجَةٍ فَخَرَجَ مُنْتَقِعًا لَوْنُهُ فَقَالَ: إِنَّهُمْ لَيَتَوَعَّدُونَنِي بِالْقَتْلِ آنِفًا. قَالَ قُلْنَا:
يَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: وَلِمَ يَقْتُلُونَنِي [وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلا فِي إِحْدَى ثَلاثٍ: رَجُلٍ كَفَرَ بَعْدَ إِيمَانِهِ أَوْ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانِهِ أَوْ قَتَلَ نَفْسًا بغير نفس. فو الله مَا زَنَيْتُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلا فِي إِسْلامٍ قَطُّ. وَلا تَمَنَّيْتُ أَنَّ لِيَ بِدِينِي بَدَلا مُنْذُ هَدَانِي اللَّهُ. وَلا قَتَلْتُ نَفْسًا. فَفِيمَ يَقْتُلُونَنِي] ؟.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ:
أَخْبَرَنَا هَيَّاجُ بْنُ سَرِيعٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: أَشْرَفَ عُثْمَانُ عَلَى الَّذِينَ حَاصَرُوهُ فَقَالَ: يَا قَوْمِ لا تَقْتُلُونِي فَإِنِّي وَالٍ وَأَخٌ مُسْلِمٌ. فو الله إِنْ أَرَدْتُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ أَصَبْتُ أَوْ أَخْطَأْتُ. وَإِنَّكُمْ إِنْ تَقْتُلُونِي لا تُصَلُّوا جميعا أبدا ولا تغزو جَمِيعًا أَبَدًا وَلا يُقْسَمُ فَيْؤُكُمْ بَيْنَكُمْ. قَالَ فَلَمَّا أَبَوْا قَالَ: أَنْشِدُكُمُ اللَّهَ هَلْ دَعَوْتُمْ عِنْدَ وَفَاةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا(3/49)
دَعَوْتُمْ بِهِ. وَأَمْرُكُمْ جَمِيعًا لَمْ يَتَفَرَّقْ وَأَنْتُمْ أَهْلُ دِينِهِ وَحَقِّهِ فَتَقُولُونَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُجِبْ دَعْوَتَكُمْ أَمْ تَقُولُونَ هَانَ الدِّينُ عَلَى اللَّهِ. أَمْ تَقُولُونَ إِنِّي أَخَذْتُ هَذَا الأَمْرَ بِالسَّيْفِ وَالْغَلَبَةِ وَلَمْ آخُذُهُ عَنْ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَوَّلِ أَمْرِي شَيْئًا لَمْ يَعْلَمْ مِنْ آخِرِهِ؟ فَلَمَّا أَبَوْا قَالَ: اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا وَلا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا. قَالَ مُجَاهِدٌ فَقَتَلَ اللَّهُ مِنْهُمْ مَنْ قَتَلَ فِي الْفِتْنَةِ. وَبَعَثَ يَزِيدُ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ عِشْرِينَ أَلْفًا فَأَبَاحُوا الْمَدِينَةَ ثَلاثًا يَصْنَعُونَ مَا شَاءُوا لِمُدَاهَنَتِهِمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَنْبَسَةَ بن عمرو ابن عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ لَبِيبَةَ أن عثمان ابن عَفَّانَ لَمَّا حُصِرَ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُوَّةٍ فِي الطَّمَارِ فَقَالَ: أَفِيكُمْ طَلْحَةُ؟ قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمَّا آخَى رَسُولُ اللَّهِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ آخَى بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِهِ؟ فَقَالَ طَلْحَةُ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. فَقِيلَ لِطَلْحَةَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: نَشَدَنِي. وَأَمْرٌ رَأَيْتُهُ أَلا أَشْهَدُ بِهِ؟.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالا: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَ عُثْمَانُ إِلَى عَلِيٍّ يَدْعُوهُ وَهُوَ مَحْصُورٌ فِي الدَّارِ فَأَرَادَ أَنْ يَأْتِيَهُ. فَتَعَلَّقُوا بِهِ وَمَنَعُوهُ. قَالَ فَحَلَّ عِمَامَةً سَوْدَاءَ عَلَى رَأْسِهِ وَقَالَ هَذَا أَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ لا أَرْضَى قَتْلَهُ وَلا آمُرُ بِهِ. وَاللَّهِ لا أَرْضَى قَتْلَهُ وَلا آمُرُ بِهِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ قال: حدثني راشد بن كيسان أَبُو فَزَارَةَ الْعَبْسِيُّ أَنَّ عُثْمَانَ بَعَثَ إِلَى عَلِيٍّ وَهُوَ مَحْصُورٌ فِي الدَّارِ أَنِ ائْتِنِي. فَقَامَ عَلِيٌّ لَيَأْتِيَهِ. فَقَامَ بَعْضُ أَهْلِ عَلِيٍّ حَتَّى حَبَسَهُ وَقَالَ: أَلا تَرَى إِلَى مَا بَيْنَ يَدَيْكَ مِنَ الْكَتَائِبِ؟
لا تَخْلُصُ إِلَيْهِ. وَعَلَى عَلِيٍّ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ فَنَقَضَهَا عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ رَمَى بِهَا إِلَى رَسُولِ عُثْمَانَ وَقَالَ: أَخْبِرْهُ بِالَّذِي قَدْ رَأَيْتَ. ثُمَّ خَرَجَ عَلِيٌّ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَحْجَارِ الزَّيْتِ فِي سُوقِ الْمَدِينَةِ فَأَتَاهُ قَتْلُهُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ دَمِهِ أَنْ أَكُونَ قَتَلْتُ أَوْ مَالأْتُ عَلَى قَتْلِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: لَمَّا حُوصِرَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فِي الدَّارِ بَعَثَ رَجُلا فَقَالَ: سَلْ وَانْظُرْ مَا يَقُولُ النَّاسُ. قَالَ: سَمِعْتُ بَعْضَهُمْ يَقُولُ قَدْ حَلَّ دَمُهُ. فَقَالَ عُثْمَانُ: مَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ(3/50)
مُسْلِمٍ إِلا رَجُلٍ كَفَرَ بَعْدَ إِيمَانِهِ أَوْ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانِهِ أَوْ قَتَلَ رَجُلا فَقُتِلَ بِهِ. قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ: أَوْ سَعَى فِي الأَرْضِ فَسَادًا. [قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا أَرَادُوا أن يقتلوا عثمان أشرف عليهم فقال: علا م تَقْتُلُونَنِي؟ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: لا يَحِلُّ قَتْلَ رَجُلٍ إِلا بِإِحْدَى ثَلاثٍ: رَجُلٍ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلامِهِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. وَرَجُلٍ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانِهِ فَإِنَّهُ يُرْجَمُ. وَرَجُلٍ قَتَلَ رَجُلا مُتَعَمِّدًا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِعُثْمَانَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: يَا عُثْمَانُ إِنَّكَ قَدْ رَكِبْتَ بِهَذِهِ الأُمَّةِ نَهَابِيرَ مِنَ الأَمْرِ فَتُبْ وَلْيَتُوبُوا مَعَكَ. قَالَ فَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْقِبْلَةِ فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ. وَرَفَعَ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ لِعُثْمَانَ: إِنَّكَ رَكِبْتَ بِنَا نَهَابِيرَ وَرَكِبْنَاهَا مَعَكَ. فَتُبْ يَتُبِ النَّاسَ مَعَكَ. فَرَفَعَ عُثْمَانُ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الْفَزَارِيُّ قَالَ: وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ: إِنْ وَجَدْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَنْ تَضَعُوا رِجْلَيَّ فِي قُيُودٍ فَضَعُوهُمَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: جَاءَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: هَذِهِ الأَنْصَارُ بِالْبَابِ يَقُولُونَ إِنْ شِئْتَ كُنَّا أَنْصَارًا لِلَّهِ مَرَّتَيْنِ. قَالَ فَقَالَ عُثْمَانُ: أَمَّا الْقِتَالُ فَلا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عامر ابن رَبِيعَةَ قَالَ: قَالَ عُثْمَانُ يَوْمَ الدَّارِ: إِنَّ أَعْظَمَكُمْ عَنِّي غَنَاءً رَجُلٌ كَفَّ يَدَهُ وَسِلاحَهُ.
ذِكْرُ مَنْ دَفَنَ عُثْمَانَ. ومتى دفن. ومن حمله. ومن صلى عليه. وعلى أي شيء حمل. ومن نزل فِي قبره. ومن تبعه. وأين دفن.
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ الأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا حَجَّ مُعَاوِيَةُ نَظَرَ إِلَى بُيُوتِ أَسْلَمَ شَوَارِعَ فِي السُّوقِ فَقَالَ: أَظْلِمُوا عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ أَظْلَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قُبُورَهُمْ قَتَلَةَ عُثْمَانَ.
قَالَ نِيَارُ بْنُ مُكْرَمٍ: فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ بَيْتِي يُظْلِمُ عَلَيَّ وَأَنَا رَابِعِ أَرْبَعَةٍ حَمَلَنَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَقَبَرْنَاهُ وَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ. فَعَرَفَهُ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: اقْطَعُوا الْبِنَاءَ لا تَبْنُوا عَلَى وَجْهِ دَارِهِ. قَالَ ثُمَّ دَعَانِي خَالِيًا فَقَالَ: مَتَى حَمَلْتُمُوهُ وَمَتَى قَبَرْتُمُوهُ وَمَنْ صَلَّى عليه؟ قلت:
حَمَلْنَاهُ. رَحِمَهُ اللَّهُ. لَيْلَةَ السَّبْتِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. فَكُنْتُ أَنَا وَجُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَأَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ الْعَدَوِيُّ. وَتَقَدَّمَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ.
فَصَدَّقَهُ مُعَاوِيَةُ. وَكَانُوا هُمُ الَّذِينَ نَزَلُوا فِي حُفْرَتِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ ابن يُوسُفَ قَالَ: خَرَجَتْ نَائِلَةُ بِنْتُ الْفُرَافِصَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَقَدْ شَقَّتْ جَيْبِهَا قُبُلا وَدُبُرًا وَمَعَهَا سِرَاجٌ وَهِيَ تَصِيحُ: وَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَاهُ! قَالَ فَقَالَ لَهَا جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: أَطْفِئِي السَّرَّاجَ لا يُفْطَنُ بِنَا فَقَدْ رَأَيْتُ الْغُواةَ الَّذِينَ عَلَى الْبَابِ. قَالَ فَأَطْفَأَتِ السَّرَّاجَ وَانْتَهَوا إِلَى الْبَقِيعِ فَصَلَّى عَلَيْهِ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ وَخَلْفَهُ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَأَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ ونيار ابن مُكْرَمٍ الأَسْلَمِيُّ وَنَائِلَةُ بِنْتُ الْفُرَافِصَةِ وَأُمُّ الْبَنِينَ بِنْتُ عُيَيْنَةَ امْرَأَتَاهُ. وَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهِ نِيَارُ بْنُ مُكْرَمٍ وَأَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ وَجُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ. وَكَانَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَأُمُّ الْبَنِينَ وَنَائِلَةُ يُدَلُّونَهُ عَلَى الرِّجَالِ حَتَّى لَحَدُوا لَهُ وَبُنِيَ عَلَيْهِ وَغَبُّوا قَبْرَهُ وَتَفَرَّقُوا.(3/51)
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَالِكٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حُسَيْنٍ النَّخَعِيُّ عن عمران بن مسلم بن رياح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مطعم صلى على عثمان في ست عَشَرَ رَجُلا بِجُبَيْرٍ سَبْعَةَ عَشَرَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: الْحَدِيثُ الأَوَّلُ. صَلَّى عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ. أَثْبَتُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمُّ جَدَّتِي الرَّبِيعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ أَحَدَ حَمَلَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ حِينَ تُوُفِّيَ. حَمَلْنَاهُ عَلَى بَابٍ. وَإِنَّ رَأْسَهُ لَيَقْرِعُ الْبَابَ لإِسْرَاعِنَا بِهِ. وَإِنَّ بِنَا مِنَ الْخَوْفِ لأَمْرًا عَظِيمًا. حَتَّى وَارَيْنَاهُ في قبره في حَشِّ كَوْكَبٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: حَمَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَرْبَعَةٌ: جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَنِيَارُ بْنُ مُكْرَمٍ الأَسْلَمِيُّ وَفَتًى مِنَ الْعَرَبِ. فَقُلْتُ لَهُ: الْفَتَى جَدُّ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ. فَقَالَ لَمْ يُسَمْ لِي. قَالَ وَالْعُثْمَانِيِّونَ أَعْرَفُ مِنِّي بِتِلْكَ الْحُرْمَةِ وَأَرْعَاهُمْ لَهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نفيل قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنَّ عُمَرَ مُوثِقِي وَأُخْتُهُ عَلَى الإِسْلامِ. وَلَوِ ارْفَضَّ أَحَدٌ فِيمَا صَنَعْتُمْ بِابْنِ عَفَّانَ كَانَ حَقِيقًا.
ذِكْرُ مَا قَالَ أصحاب رسول الله. ص:
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَالَ: لا أُعِينُ عَلَى دَمِ خَلِيفَةٍ أَبَدًا بَعْدَ عُثْمَانَ. قَالَ فَيُقَالُ لَهُ: يَا أَبَا مَعْبَدٍ أَوَ أَعَنْتَ عَلَى دَمِهِ؟ فَقَالَ: إِنِّي لأَعُدُّ ذِكْرَ مَسَاوِيهِ عَوْنًا عَلَى دَمِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا لَيْثٌ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَلِيحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَوْ أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ لَرُمُوا بِالْحِجَارَةِ كَمَا رُمِيَ قَوْمُ لُوطٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الصَّعِقُ بْنُ حَزْنٍ قَالَ:
أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ عَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِيِّ قَالَ: خَطَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَوْ لَمْ يَطْلُبُ(3/58)
النَّاسُ بِدَمِ عُثْمَانَ لَرُمُوا بِالْحِجَارَةِ مِنَ السَّمَاءِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ. قَالَ حُذَيْفَةُ هكذا وحلق بيده يعني عقد عَشَرَةً. فُتِقَ فِي الإِسْلامِ فَتْقٌ لا يَرْتُقُهُ جَبَلٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلابَةَ قَالَ: لَمَّا بَلَغَ ثُمَامَةَ بْنَ عَدِيٍّ قَتْلُ عُثْمَانَ. وَكَانَ أَمِيرًا عَلَى صَنْعَاءَ. وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ.
بَكَى فَطَالَ بُكَاؤُهُ ثُمَّ قَالَ هَذَا حِينَ أُنْزِعَتْ خِلافَةُ النُّبُوَّةِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ وَصَارَ مُلْكًا وَجَبْرِيَّةً. مَنْ غَلَبَ على شيء أكله.
قال: وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَدِيٍّ بِمِثْلِهِ سَوَاءً قَالَ:
وَكَانَ مِنْ قُرَيْشٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ:
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ. وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا: اللَّهُمَّ إِنَّ لَكَ عَلَيَّ أَلا أَفْعَلَ كَذَا وَلا أَفْعَلَ كَذَا وَلا أَضْحَكُ حَتَّى أَلْقَاكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِذَا ذُكِرَ مَا صُنِعَ بِعُثْمَانَ بَكَى. قَالَ فَكَأَنِّي أَسْمَعُهُ يَقُولُ هَاهْ هَاهْ يَنْتَحِبُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَانَ يَبْكِي عَلَى عُثْمَانَ يَوْمَ الدَّارِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْيَمَانُ بن المغيرة قال: أخبرنا إسحاق ابن سُوَيْدٍ. حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ يَقُولُ:
وَكَأَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ عَشِيَّةً ... بُدُنٌ تُنَحَّرُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ
أَبْكِي أَبَا عَمْرٍو لِحُسْنِ بَلائِهِ ... أَمْسَى رَهِينًا فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَلامُ بن مسكين قال: أخبرنا مالك ابن دِينَارٍ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ يَقُولُ يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ الْيَوْمَ هَلَكَتِ الْعَرَبُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ:(3/59)
سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ يَقُولُ: وَاللَّهِ لا تُهْرِقُونَ مِحْجَمًا مِنْ دَمٍ إِلا ازْدَدْتُمْ بِهِ مِنَ اللَّهِ بُعْدًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ ليث عن طاووس قَالَ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ حِينَ قُتِلَ عُثْمَانُ: كَيْفَ يَجِدُونَ صِفَةَ عُثْمَانَ فِي كُتُبِهِمْ؟ قَالَ: نَجِدُهُ أَمِيرًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الْقَاتِلِ وَالْخَاذِلِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ ليث عن طاووس قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ يَحْكُمُ عُثْمَانُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْقَاتِلِ وَالْخَاذِلِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلابَةَ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يحكم فِي قَتَلَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
[أخبرنا أبو معاوية عن ليث عن طاووس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ حِينَ قُتِلَ عُثْمَانُ: وَاللَّهِ مَا قَتَلْتُ وَلا أَمَرْتُ. وَلَكِنْ غُلِبْتُ. يَقُولُ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنْ عبد الرحمن ابن أَبِي لَيْلَى قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ رَافِعًا ضَبْعَيْهِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ عُثْمَانَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَتَّابٍ عَنْ خَالِدٍ الرَّبَعِيِّ قَالَ:
إِنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُبَارَكِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَافِعٌ يَدَيْهِ إِلَى اللَّهِ يَقُولُ: يَا رَبِّ قَتَلَنِي عِبَادُكَ الْمُؤْمِنُونَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عن عائشة قال حِينَ قُتِلَ عُثْمَانُ: تَرَكْتُمُوهُ كَالثَّوْبِ النَّقِيِّ مِنَ الدَّنَسِ ثُمَّ قَرَّبْتُمُوهُ تَذْبَحُونَهُ كَمَا يُذْبَحُ الْكَبْشُ. هَلا كَانَ هَذَا قَبْلَ هَذَا؟ فَقَالَ لَهَا مَسْرُوقٌ: هَذَا عَمَلُكِ. أَنْتِ كَتَبْتِ إِلَى النَّاسِ تَأْمُرِينَهُمْ بِالْخُرُوجِ إِلَيْهِ. قَالَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لا وَالَّذِي آمَنَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَكَفَرَ بِهِ الْكَافِرُونَ مَا كَتَبْتُ إِلَيْهِمْ بِسَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ حَتَّى جَلَسْتُ مَجْلِسِي هَذَا. قَالَ الأَعْمَشُ:
فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ كُتِبَ عَلَى لِسَانِهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مُصْتُمُوهُ مَوْصَ الإِنَاءِ ثُمَّ قَتَلْتُمُوهُ. تَعْنِي عُثْمَانَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ(3/60)
سِيرِينَ يَقُولُ. قَالَتْ عَائِشَةُ حِينَ قُتِلَ عُثْمَانُ: مُصْتُمُ الرَّجُلَ مَوْصَ الإِنَاءِ ثُمَّ قَتَلْتُمُوهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الأَشْهَبِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ قَالَ: لَمَّا أُدْرِكُوا بِالْعُقُوبَةِ. يَعْنِي قَتَلَةَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. قَالَ أُخِذَ الْفَاسِقُ ابْنُ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ أَبُو الأَشْهَبِ. وَكَانَ الْحَسَنُ لا يُسَمِّيهِ بِاسْمِهِ إِنَّمَا كَانَ يُسَمِّيهِ الْفَاسِقَ.
قَالَ فَأُخِذَ فَجُعِلَ فِي جَوْفِ حِمَارٍ ثُمَّ أُحِرِقَ عَلَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الأَشْهَبِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ قَتْلُ عُثْمَانَ خَيْرًا فليس مِنْهُ نَصِيبٌ. وَإِنْ كَانَ قَتْلُهُ شَرًّا فَإِنِّي مِنْهُ بَرِيءٌ. وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ قَتْلُهُ خَيْرًا لَيَحْلُبُنَّهَا لَبَنًا. وَلَئِنْ كَانَ قَتْلُهُ شَرًّا لَيَمْتَصُّنَ بِهَا دَمًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ قَالَ: حَدَّثَنِي قَتَادَةُ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ قَالَ: مَا قُتِلَ نَبِيُّ قَطُّ إِلا قُتِلَ بِهِ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ أُمَّتِهِ. وَلا قُتِلَ خَلِيفَةٌ قَطُّ إِلا قُتِلَ بِهِ خَمْسَةٌ وَثَلاثُونَ أَلْفًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ قُنَافَةَ الْعُقَيْلِيِّ عَنْ مُطَرِّفٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فَقَالَ لَهُ: إِنَّا كُنَّا ضُلالًا فَهَدَانَا اللَّهُ.
وَكُنَّا أَعْرَابًا فَهَاجَرْنَا يُقِيمُ مُقِيمُنَا يَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ وَيَغْزُو الْغَازِي. فَإِذَا قَدِمَ الْغَازِي أَقَامَ يَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ وَغَزَا الْمُقِيمُ. نَنْظُرُ مَا تَأْمُرُونَنَا بِهِ فَإِذَا أَمْرِتُمُونَا بِأَمْرٍ اتَّبَعَنَا وَإِذَا نَهَيْتُمُونَا عَنْ شَيْءٍ انْتَهَيْنَا عَنْهُ. جَاءَنَا كِتَابُكُمْ بِقَتْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ وَأَنَّا بَايَعْنَا ابْنَ عَفَّانَ وَرَضِينَا لأَنْفُسِنَا وَأَنْفُسِكُمْ فَبَايَعْنَا لِبَيْعَتِكُمْ. فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُ؟ قَالَ أَيُّوبُ: فَلَمْ نَجِدْ عِنْدَ ذَلِكَ جَوَابًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. قَالَ:
أَخْبَرَنَا كِنَانَةُ مَوْلَى صَفِيَّةَ قَالَ: رَأَيْتُ قَاتِلَ عُثْمَانَ فِي الدَّارِ رَجُلا أَسْوَدَ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ يُقَالُ لَهُ جَبَلَةُ. بَاسِطَ يَدَيْهِ. أَوْ قَالَ رَافِعَ يَدَيْهِ. يَقُولُ: أَنَا قَاتَلُ نَعْثَلٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو خَلْدَةَ عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ دَارِمٍ قَالَ:
إِنَّ الَّذِي قَتَلَ عُثْمَانَ قَامَ فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ سَبْعَ عَشْرَةَ كَرَّةً يُقْتَلُ مَنْ حَوْلَهُ لا يُصِيبُهُ شَيْءٌ حَتَّى مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ.
15- أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ
بْنِ ربيعة بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قصي. واسمه
__________
15 تاريخ الإسلام (1/ 364) ، وتاريخ الطبري (2/ 330، 331، 340، 413، 450، 457) ، (3/ 281، 286، 291) ، والمغازي (9) ، (19) ، (70) ، (112) ، (154) ، (345) ، (398) ، وحذف من نسب قريش (40) .(3/61)
هُشَيْم. وأمه أم صفوان. واسمها فاطمة بِنْت صفوان بْن أمية بْن محرث الكناني.
وكان لأبي حذيفة من الولد مُحَمَّد وأمه سهلة بنت سهيل بن عمرو من بني عامر بن لؤي. وهو الَّذِي وثب بعثمان بْن عفّان وأعان عليه وحرض أَهْل مصر حَتَّى ساروا إليه.
وعاصم بْن أبي حُذَيْفة وأمه آمنة بِنْت عَمْرو بْن حرب بْن أمية. وقد انقرض وُلِدَ أبي حُذَيْفة فلم يبق منهم أحد. وانقرض وُلِدَ أبيه عُتْبة بْن ربيعة جميعًا إلّا وُلِدَ المغيرة بْن عِمْرَانَ بْن عاصم بْن الْوَلِيد بْن عُتْبة بْن ربيعة فإنهم بِالشَّامِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أسلم أَبُو حُذَيْفَةَ قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الأَرْقَمِ يَدْعُو فِيهَا.
قَالُوا وَكَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ فِي الْهِجْرَتَيْنِ جَمِيعًا وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو. وَوَلَدَتْ لَهُ هُنَاكَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي حُذَيْفَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ وَأَخْبَرَنَا محمد بن عمر عن موسى ابن يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ وَسَالِمُ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلا عَلَى عَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ وَقُتِلا جَمِيعًا بِالْيَمَامَةِ.
قَالُوا: وآخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَبِي حُذَيْفَةَ وَعَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: شَهِدَ أَبُو حُذَيْفَةَ بَدْرًا وَدَعَا أَبَاهُ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ إِلَى الْبِرَازِ فقالت أخته بِنْتُ عُتْبَةَ لَمَّا دَعَا أَبَاهُ إِلَى الْبِرَازِ:
الأَحْوَلُ الأَثْعَلُ الْمَشْؤُومُ طَائِرُهُ ... أَبُو حُذَيْفَةَ شَرُّ النَّاسِ فِي الدِّينِ
أَمَا شَكَرْتَ أَبًا رَبَّاكَ مِنْ صِغَرٍ ... حَتَّى شَبَبْتَ شَبَابًا غَيْرَ مَحْجُونِ؟
قَالَ: وَكَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ رَجُلا طُوَالا حَسَنَ الْوَجْهِ مُرَادِفَ الأَسْنَانِ وَهُوَ الأَثْعَلُ.
وَكَانَ أَحْوَلُ. وشهد أيضا أحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقتل يَوْمَ الْيَمَامَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً. وَذَلِكَ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.(3/62)
16- سَالِمُ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ
بْنِ عُتْبَةَ بْنِ ربيعة. فِي رواية مُوسَى بْن عُقْبَة سالم بْن معقل. من أَهْل إصطخر. وهو مَوْلَى ثبيتة بِنْت يعار الأنصارية ثُمَّ أحد بني عبيد بن زيد ابن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف من الأوس. رهط أنيس بْن قَتَادَة. فسالم يذكر فِي الأَنْصَار فِي بني عُبَيْد لعتق ثبيتة بِنْت يعار إياه. ويذكر فِي المهاجرين لموالاته لأبي حُذَيْفة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: كَانَ سَالِمٌ لِثُبَيْتَةَ بِنْتِ يُعَارَ الأَنْصَارِيَّةِ. وَكَانَتْ تَحْتُ أَبِي حُذَيْفَةَ فَأَعْتَقْتُهُ سَائِبَةً فَتَوَلَّى أَبَا حُذَيْفَةَ. وَتَبَنَّاهُ أَبُو حُذَيْفَةَ. فَكَانَ يقال سالم ابن أَبِي حُذَيْفَةَ. قَالَتِ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو: جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ.
ص. بعد أن نزلت الآيَةُ: «ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ» الأحزاب: 5. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا كَانَ سَالِمٌ عِنْدَنَا وَلَدًا. قَالَ: فَأَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ يَدْخُلْ عَلَيْكِ. قَالَتْ:
فَأَرْضَعْتُهُ وَهُوَ كَبِيرٌ. وَزَوَّجَهُ أَبُو حُذَيْفَةَ بِنْتَ أَخِيهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ.
فَلَمَّا قُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ أَرْسَلَ أَبُو بَكْرٍ بِمِيرَاثِهِ إِلَى مَوْلاتِهُ فَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَهُ. ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ بِهِ فَأَبَتْ وَقَالَتْ: سَيَّبْتُهُ لِلَّهِ. فَجَعَلَهُ عُمَرُ فِي بَيْتِ الْمَالِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَحَدَّثْتُ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: كَانَ سَالِمٌ سَائِبَةً فَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَثُلُثِهِ فِي الرِّقَابِ. وَثُلُثِهِ لِمَوَالِيهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ أَعْتَقَتْهُ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ سَائِبَةٌ وَقَالَتْ: وَالِ مَنْ شِئْتَ. فَوَالَى أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ. فَكَانَ يَدْخُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَتْ: إِنِّي أَرَى ذَاكَ فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةِ. فَقَالَ: أَرْضِعِيهِ. فَقَالَتْ: إِنَّهُ ذُو لِحْيَةٍ. قَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ ذُو لِحْيَةٍ. قَالَ فَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ فَدُفِعَ مِيرَاثُهُ إِلَى الْمَرْأَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ سهلة بنت سهيل بن عمر وَأَتَتْ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهي امرأة
__________
16 المغازي (9) ، (48) ، (154) ، (245) ، (345) ، (498) ، (1021) ، وتاريخ الطبري (3/ 288، 291) ، (4/ 227) ، ابن هشام (1/ 479، 679، 708) ، والمعارف (273) .(3/63)
أَبِي حُذَيْفَةَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَالِمُ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ مَعِي وَقَدْ أَدْرَكَ مَا يُدْرِكُ الرِّجَالَ. [فَقَالَ: أَرْضِعِيهِ فَإِذَا أَرْضَعْتِهِ فَقَدْ حَرُمَ عَلَيْكِ مَا يَحْرُمُ مِنْ ذِي الْمَحْرَمِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ الأَسْوَدِ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي أُمِّي عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: أَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ أَحَدٌ بِهَذَا الرَّضَاعِ وَقُلْنَ إِنَّمَا هَذَا رُخْصَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَالِمٍ خَاصَّةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة إِنَّمَا أَخَذْتُ بِذَلِكَ مِنْ بَيْنِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ عن مَنْصُورٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: كَانَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مَعْرُوفًا بِنَسَبِهِ. وَكَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ لا يُعْرَفُ نَسَبُهُ. فَكَانَ يُقَالُ سَالِمٌ مِنَ الصَّالِحِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: أَقْبَلَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ يَؤُمُّ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ لأَنَّهُ كَانَ أَقْرَأَهُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ يَؤُمُّ الْمُهَاجِرِينَ بِقُبَاءَ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم -
قال: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ لَمَّا قَدِمُوا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلُوا بِالْعُصْبَةِ إِلَى جَنْبِ قُبَاءَ فَأَمَّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ لأَنَّهُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ قُرْآنًا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ فِي حَدِيثِهِ: فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ.
وآخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُعَاذِ بْنِ مَاعِصٍ الأَنْصَارِيِّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الظَّفَرِيُّ عَنْ يعقوب ابن عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ قَالَ: لَمَّا انكشف(3/64)
الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ قَالَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حذيفة: ما كهذا كنا نفعل مع رسول الله.
ص. فَحَفَرَ لِنَفْسِهِ حُفْرَةً وَقَامَ فِيهَا وَمَعَهُ رَايَةُ الْمُهَاجِرِينَ يَوْمَئِذٍ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. رَحِمَهُ اللَّهُ. يَوْمَ الْيَمَامَةِ شَهِيدًا سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ. وَذَلِكَ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَغَيْرُ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ الظَّفَرِيِّ يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوُجِدَ رَأْسُ سَالِمٍ عِنْدَ رِجْلَيْ أَبِي حُذَيْفَةَ أَوْ رَأْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ عِنْدَ رِجْلَيْ سَالِمٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ. يَعْنِي الشَّيْبَانِيَّ. عَنْ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ أَنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ قُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ فَبَاعَ عُمَرُ مِيرَاثَهُ فَبَلَغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَأَعْطَاهَا أُمَّهُ فَقَالَ: كُلَيْهَا.
وَمِنْ حُلَفَاءِ بَنِي عَبْدِ شمس من بني غنم بن دودان ابن أسد بْنِ خُزَيْمَة بْن مدركة
وهم حلفاء حرب بْن أمية وأبي سُفْيَان بْن حرب
17- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشِ
بْنِ رِئَابِ بْنِ يَعْمَرَ بْن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بْن دودان بْن أسد بْن خُزَيْمَة. ويكنى أَبَا مُحَمَّد. وأمه أميمة بِنْت عَبْد المُطَّلِب بْن هاشم بْن عبد مناف بن قصي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أسلم عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَأَبُو أَحْمَدَ بَنُو جَحْشٍ قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
دَارَ الأَرْقَمِ.
قَالُوا: وَهَاجَرَ عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا جَحْشٍ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ. وَكَانَتْ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ زَوْجَتُهُ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ. فَتَنَصَّرَ عُبَيْدُ اللَّهِ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ وَمَاتَ بِهَا. وَرَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى مكة.
__________
17 المغازي (2) ، (13) ، (16) ، (17) ، (19) ، (140) ، (154) ، (153) ، (274) ، (291) ، (300) ، (839) ، (840) ، (841) ، وتاريخ الطبري (2/ 369، 410، 413، 415، 421، 529، 532) ، (3/ 154) ، والإصابة (4574) ، وإمتاع الأسماع (1/ 55) ، وحلية الأولياء (1/ 108) ، (5/ 120) ، والمحبر (86) ، (116) . وحذف من نسب قريش (43) ، والمعارف (160) .(3/65)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الْجَحْشِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ بَنُو غَنْمِ بْنُ دُودَانَ أَهْلَ الإسلام قَدْ أَوْعَبُوا فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ فَخَرَجُوا جَمِيعًا وَتَرَكُوا دُورَهُمْ مُغْلَقَةٌ. فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ وَأَخُوهُ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ جَحْشٍ. وَاسْمُهُ عَبْدٌ. وَعُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ وَأَبُو سِنَانِ بْنُ مِحْصَنٍ وَسِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ وَشُجَاعُ بْنُ وَهْبٍ وَأَخُوهُ عُقْبَةُ بْنُ وَهْبٍ وأَرْبَدُ بْنُ حُمَيْرَةَ وَمَعْبَدُ بْنُ نُبَاتَةَ وَسَعِيدُ بْنُ رُقَيْشٍ وَيَزِيدُ بْنُ رُقَيْشٍ وَمُحْرِزُ بْنُ نَضْلَةَ وَقَيْسُ بْنُ جَابِرٍ وَعَمْرُو بْنُ مِحْصَنِ بْنِ مَالِكٍ وَمَالِكُ بْنُ عَمْرٍو وَصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو وَثقَافُ بْنُ عَمْرٍو وَرَبِيعَةُ بْنُ أَكْثَمَ وَزُبَيْرُ بْنُ عُبَيْدٍ. فَنَزَلُوا جَمِيعًا عَلَى مُبَشِّرِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ مِمَّنْ خَرَجَ في الهجرة إلى المدينة فأوعبوا رجالهم ونساؤهم. وَغَلَّقُوا دُورَهُمْ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلا خَرَجَ مُهَاجِرًا.
دَارُ بَنِي غَنْمِ بْنِ دُودَانَ وَدَارُ بَنِي أَبِي الْبُكَيْرِ وَدَارُ بَنِي مَظْعُونٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قال:
آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ وَعَاصِمِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأَفْلَحِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ فِي رَجَبٍ عَلَى رَأْسِ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا سَرِيَّةً إِلَى نَخْلَةَ وَخَرَجَ مَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينِ لَيْسَ فِيهِمْ أَنْصَارِيُّ. وَأَمَّرَهُ عَلَيْهِمْ وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا وَقَالَ: إِذَا سِرْتَ يَوْمَيْنِ فَانْشُرْهُ فَانْظُرْ فِيهِ ثُمَّ امْضِ لأَمْرِيَ الَّذِي أَمَرْتُكَ بِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا نَجِيحٌ أَبُو مَعْشَرٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: فِي هَذِهِ السَّرِيَّةِ تَسَمَّى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَجُلا سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ يَقُولُ قَبْلَ يَوْمِ أُحُدٍ بيوم: اللهم إذا لاقوا هؤلاء غدا فإني أُقْسِمُ عَلَيْكَ لَمَا يَقْتُلُونِي وَيَبْقُرُوا بَطْنِي وَيَجْدَعُونِي. فَإِذَا قُلْتَ لِي لِمَ فُعِلَ بِكَ هَذَا؟ فَأَقُولُ اللَّهُمَّ فِيكَ. فَلَمَّا الْتَقَوْا فَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ. وَقَالَ الرَّجُلُ الَّذِي سَمِعَهُ: أَمَّا هَذَا فقد استجيب(3/66)
لَهُ وَأَعْطَاهُ اللَّهُ مَا سَأَلَ فِي جَسَدِهِ فِي الدُّنْيَا. وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يُعْطَى مَا سَأَلَ فِي الآخِرَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ الْبَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنِي الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ خَرَجَ إِلَى أُحُدٍ نَزَلَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ فَأَصْبَحَ هُنَاكَ فَجَاءَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِكَتِفٍ مَشْوِيَّةٍ فَأَكَلَهَا. ثُمَّ جَاءَتْهُ بِنَبِيذٍ فَشَرِبَ. ثُمَّ أَخَذَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَشَرِبَ مِنْهُ. ثُمَّ أَخَذَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ فَعَبَّ فِيهِ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: بَعْضَ شَرَابِكَ. أَتَدْرِي أَيْنَ تَغْدُو؟ قَالَ: نَعَمْ.
أَلْقَى اللَّهَ وَأَنَا رَيَّانُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَاهُ وَأَنَا ظَمْآنُ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ أُسْتَشْهَدَ وَأَنْ يُمَثَّلَ بِي فَتَقُولُ فِيمَ صُنِعَ بِكَ هَذَا؟ فَأَقُولُ: فِيكَ وَفِي رَسُولِكَ.
قَالَ عُمَرُ: فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ يَوْمَ أُحُدٍ شهيدا. قتله أبو الحكم بن الأخنس بن شَرِيفٍ الثَّقَفِيُّ. وَدُفِنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَهُوَ خَالُهُ. فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَوْمَ قُتِلَ ابْنُ بِضْعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. وَكَانَ رَجُلا لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلا بِالْقَصِيرِ. كَثِيرَ الشَّعْرِ. وَوَلِيَ تَرِكَتَهُ رسول الله.
ص. فَاشْتَرَى لابْنِهِ مَالا بِخَيْبَرَ.
18- يزيد بْن رقيش
بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بْن دودان بْن أسد بْن خُزَيْمَة. ويكنى أَبَا خَالِد. شهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقتل يوم اليمامة شهيدًا سنة اثنتي عشرة.
19- عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنِ
بْنِ حَرْثَانَ بْنِ قَيْسِ بْنِ مُرَّةَ بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بْن خُزَيْمَة. ويكنى أَبَا محصن. شهِدَ بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الغمر سرية في
__________
18 المغازي (151) ، (154) ، (175) ، وابن هشام (1/ 472، 679، 712) .
19 المغازي (4) ، (14) ، (19) ، (93) ، (152) ، (154) ، (242) ، (498) ، (541) ، (543) ، (546- 549) ، (550) ، وتاريخ الطبري (2/ 411، 601، 603، 640) ، (3/ 155، 254، 261، 30، 513) ، الإصابة (5634) ، وحلية الأولياء (2/ 12) ، والروض الأنف (2/ 73) ، وابن هشام (1/ 472، 602، 603، 637، 638، 679، 713) ، (2/ 282، 284، 316، 612) ، وحذف من نسب قريش (43) ، المعارف (273) ، (274) .(3/67)
أربعين رجلًا. فانصرفوا ولم يلقوا كيدًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الْجَحْشِيُّ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أُمِّ قَيْسِ بِنْتِ مِحْصَنٍ قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعُكَّاشَةُ ابْنُ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. وَقُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ بِبُزَاخَةَ في خلافة أبي بكر الصديق سنة اثنتي عَشْرَةَ. وَكَانَ عُكَّاشَةُ مِنْ أَجْمَلِ الرِّجَالِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ عِيسَى بن عميلة الفزاري عن أبيه قال: خرج خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى النَّاسِ يَعْتَرِضُهُمْ فِي الرِّدَّةِ. فَكُلَّمَا سَمِعَ أَذَانًا لِلْوَقْتِ كَفَّ وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ. فَلَمَّا دَنَا خَالِدٌ من طليحة وأصحابه بعث عكاشة على فرس وَثَابِتَ بْنَ أَقْرَمَ طَلِيعَةً أَمَامَهُ يَأْتِيَانِهِ بِالْخَبَرِ. وَكَانَا فَارِسَيْنِ. عُكَّاشَةُ عَلَى فَرَسٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ الرَّزَامُ وَثَابِتٌ عَلَى فَرَسٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ الْمُحَبَّرُ. فَلَقِيَا طُلَيْحَةُ وَأَخَاهُ سَلَمَةَ بْنَ خُوَيْلِدٍ طَلِيعَةً لِمَنْ وَرَاءَهُمَا مِنَ النَّاسِ. فَانْفَرَدَ طُلَيْحَةُ بِعُكَّاشَةَ وَسَلَمَةُ بِثَابِتٍ. فَلَمْ يَلْبَثْ سَلَمَةُ أَنْ قَتَلَ ثَابِتَ بْنَ أَقْرَمَ فَصَرَخَ طُلَيْحَةُ لِسَلَمَةَ أَعِنِّي عَلَى الرَّجُلِ فَإِنَّهُ قَاتِلِي.
فَكَرَّ سَلَمَةُ عَلَى عُكَّاشَةَ فَقَتَلاهُ جَمِيعًا. ثُمَّ كَرَّا رَاجِعِينَ إِلَى مَنْ وَرَاءَهُمَا مِنَ النَّاسِ فَأَخْبَرَاهُمْ. فَسُرَّ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ. وَكَانَ مَعَ طُلَيْحَةَ. وَكَانَ قَدْ خَلَفَهُ عَلَى عَسْكَرِهِ.
وَقَالَ: هَذَا الظَّفَرُ. وَأَقْبَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَمَعَهُ الْمُسْلِمُونَ فَلَمْ يَرُعْهُمْ إِلا ثَابِتُ بْنُ أَقْرَمَ قَتِيلا تَطَؤُهُ الْمَطِيُّ. فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. ثُمَّ لَمْ يَسِيرُوا إِلا يَسِيرًا حَتَّى وَطِئُوا عُكَّاشَةَ قَتِيلا. فَثَقُلَ الْقَوْمُ عَلَى الْمَطِيِّ كَمَا وَصَفَ وَاصِفُهُمْ حَتَّى مَا تَكَادُ الْمَطِيُّ تَرْفَعُ أَخْفَافَهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: كُنَّا نَحْنُ الْمُقَدِّمَةُ مِائَتَيْ فَارِسٍ وَعَلَيْنَا زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ. وَكَانَ ثَابِتُ بْنُ أَقْرَمَ وَعُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ أَمَامَنَا. فَلَمَّا مَرَرْنَا بِهِمَا سِيءَ بِنَا. وَخَالِدٌ وَالْمُسْلِمُونَ وَرَاءَنَا بَعْدُ. فَوَقَفْنَا عَلَيْهِمَا حَتَّى طَلَعَ خَالِدٌ يَسِيرًا فَأَمَرَنَا فَحَفَرْنَا لَهُمَا وَدَفَنَّاهُمَا بِدِمَائِهِمَا وَثِيَابِهِمَا. وَلَقَدْ وَجَدْنَا بِعُكَّاشَةَ جِرَاحَاتٍ مُنْكَرَةً.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهَذَا أَثْبَتُ مَا رُوِيَ فِي قَتْلِ عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ وَثَابِتِ بْنِ أَقْرَمَ عِنْدَنَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(3/68)
20- أَبُو سِنَانِ بْنُ مِحْصَنِ
بْنِ حُرْثَانَ بْنِ قَيْسِ بْنِ مُرَّةَ بن كبير بن غنم بْن دودان بْن أسد بْن خُزَيْمَة. شهِدَ بدرًا واحدًا والخندق. وتُوُفِّي والنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - محاصر بني قريظة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: أَوَّلَ مَنْ بَايَعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ أَبُو سِنَانٍ الأَسَدِيُّ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: هَذَا الْحَدِيثُ وَهْلٌ. أَبُو سِنَانٍ تُوُفِّيَ والنبي - صلى الله عليه وسلم - محاصر بني قُرَيْظَةَ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ. وَدُفِنَ فِي مَقْبَرَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ الْيَوْمَ. وَتُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً.
وَكَانَ أَسَنُّ مِنْ عُكَّاشَةَ بِسَنَتَيْنِ. وَلَكِنَّ الَّذِي بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ سَنَةَ سِتٍّ. سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانِ بْنِ مِحْصَنٍ. وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ أَبِيهِ. وَشَهِدَ أُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ.
21- سِنَان بْن أبي سنان
بن مِحْصَنِ بْنِ حَرْثَانَ بْنِ قَيْسِ بْن مُرَّة. كان بينه وبين أَبِيهِ فِي السن عشرون سنة. وشهد بدرًا وأحدًا والخندق والحديبية. وهو أَوَّلَ مَنْ بَايَعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بيعة الرضوان. وتُوُفِّي سنة اثنتين وثلاثين.
22- شُجَاعُ بْنُ وَهْبِ
بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ أَسَدِ بْنِ صُهَيْبِ بْنِ مَالِكِ بْن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بْن خُزَيْمَة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الْجَحْشِيُّ قَالَ: كَانَ شُجَاعُ بْنُ وَهْبٍ يُكْنَى أَبَا وَهْبٍ. وَكَانَ رَجُلا نَحِيفًا طُوَالا أَجْنَأَ. وَكَانَ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ فِي الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ. وآخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُ وبين أَوْسِ بْنِ خَوَلِيٍّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -
__________
20 المغازي (154) ، (522) ، (529) ، وتاريخ الطبري (2/ 593) ، ابن هشام (2/ 316) ، والمعارف (162) ، (274) .
21 المغازي (154) ، (603) ، (890) ، وتاريخ الطبري (3/ 187) ، ابن هشام (1/ 679) ، والمعارف (274) .
22 المغازي (6) ، (154) ، (550) ، (573) ، (754) ، (981) ، وتاريخ الطبري (2/ 640، 644، 52) ، (3/ 29) ، الإصابة (3836) ، وتاريخ الإسلام (1/ 266) ، والمحبر (76) .(3/69)
شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ سَرِيَّةً فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلا إِلَى جَمْعِ هَوَازِنَ بِالسَّيِّ مِنْ أَرْضِ بَنِي عَامِرٍ نَاحِيَةَ رَكِيَّةَ. وَأَمَرَهُ أَنْ يُغِيرَ عَلَيْهِمْ. فَصَبَّحَهُمْ وَهُمْ غَارُّونَ فَأَصَابُوا نَعَمًا وَشَاءً كَثِيرًا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَ شُجَاعُ بْنُ وَهْبٍ رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بكتابه إلى حارث بْنِ أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيِّ. وَكَانُوا بِغَوْطَةِ دِمَشْقَ. فَلَمْ يُسْلِمْ وَأَسْلَمَ حَاجِبُهُ مُرِيُّ. وَبَعَثَ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكتاب مَعَ شُجَاعٍ يُقْرِئُهُ بِهِ السَّلامَ وَيُخْبِرُهُ أَنَّهُ على دينه. [فقال رسول الله. ص: صَدَقَ. وَشَهِدَ شُجَاعُ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقتل يوم اليمامة شهيدًا سنة اثنتي عَشْرَةَ.
وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً.]
23- وأخوه عُقْبَة بْن وهب
بْن ربيعة بْن أسد بْن صُهَيْب. شهِدَ بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
24- رَبِيعَةُ بْنُ أَكْثَمَ
بْنِ سَخْبَرَةَ بْنِ عَمْرِو بن لكيز بن عامر بْن غنم بْن دودان بْن أسد بْن خُزَيْمَة. هكذا نسبه مُحَمَّد بْن إِسْحَاق.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الْجَحْشِيُّ عَنْ آبَائِهِ أَنَّ رَبِيعَةَ بْنَ أَكْثَمَ كَانَ يُكْنَى أَبَا يَزِيدَ. وَكَانَ قَصِيرًا رَحْرَاحًا. شَهِدَ بَدْرًا وَهُوَ ابْنُ ثَلاثِينَ سَنَةً. وَشَهِدَ أُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْحُدَيْبِيَةَ. وَقُتِلَ بِخَيْبَرَ شَهِيدًا سَنَةَ سَبْعٍ وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً. قَتَلَهُ الْحَارِثُ الْيَهُودِيُّ بِالنَّطَاةِ.
25- مُحْرِزُ بْنُ نَضْلَةَ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَبِيرِ بن غنم بن دودان بن أسد بن خُزَيْمَة. ويكنى أَبَا نضلة. وكان أبيض حسن الوجه. وكان يلقب فهيرة. وكانت بنو عَبْد الأشهل يدعون أنّه حليفهم. قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: سمعت إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن أبي حبيبة يقول ذلك ويقول: ما خرج يوم السرح إلّا محرز بْن نضلة من دار بني عَبْد الأشهل على فرس لمحمد بْن مسلمة يقال له ذو اللمة.
__________
23 ابن هشام (1/ 465، 472، 563، 679، 693) .
24 المغازي (154) ، (541) ، (699) ، (737) ، وابن هشام (2/ 333) .
25 المغازي (7) ، (240) ، (154) ، (541) ، (542) ، (543) ، (544) ، (545) ، (546) ، (549) ، وتاريخ الطبري (2/ 598، 601- 603) ، (3/ 154) ، وعيون الأثر (2/ 86، 88) ، والإصابة (7748) .(3/70)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ مُحْرِزِ بْنِ نَضْلَةَ وَعُمَارَةَ بْنِ حَزْمٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَشَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سبرة عن صالح بن كيسان قَالَ: قَالَ مُحْرِزُ بْنُ نَضْلَةَ: رَأَيْتُ سَمَاءَ الدُّنْيَا أَفْرَجَتْ لِي حَتَّى دَخَلْتُهَا حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ. ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى فَقِيلَ لِي:
هَذَا مَنْزِلُكَ. فَعَرَضْتُهَا عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. وَكَانَ أَعْبُرُ النَّاسِ. فَقَالَ: أَبْشِرْ بِالشَّهَادَةِ! فَقُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ. خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى غَزْوَةِ الْغَابَةِ يَوْمَ السَّرْحِ. وَهِيَ غَزْوَةُ ذِي قَرَدٍ سَنَةَ سِتٍّ. فَقَتَلَهُ مَسْعَدَةُ بْنُ حِكْمَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الْجَحْشِيُّ عَنْ آبَائِهِ أَنَّ مُحْرِزَ بْنَ نَضْلَةَ شَهِدَ بَدْرًا وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى أَوِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ سَنَةً. وَكَانَ يَوْمَ قُتِلَ ابْنُ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً. أَوْ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً. أَوْ نَحْو ذَلِكَ قَلِيلا.
26- أَرْبَدُ بْنُ حُمَيْرَةَ.
وَيُكْنَى أَبَا مَخْشِيٍّ. وهو من بني أسد بْن خُزَيْمَة من أنفسهم. وكذلك قال مُحَمَّد بْن إِسْحَاق ولم يشك فِيهِ. قاله مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَر الزُّهْرِيّ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالا:
هُوَ سُوَيْدُ بْنُ مَخْشِيٍّ. وَهُوَ من طيّئ حَلِيفٌ لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ قَالَ: هُوَ أبو مخشي واسمه سويد بن عدي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: هُمَا اثْنَانِ: أَرْبَدُ بْنُ حُمَيْرَةَ شَهِدَ بَدْرًا لا شَكَّ فِيهِ. وَسُوَيْدُ بْنُ مَخْشِيٍّ شَهِدَ أُحُدًا وَلَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا.
ومن حلفاء بني عبد شمس من بني سليم بن مَنْصُور
وقال مُحَمَّد بْن إِسْحَاق: هُمْ حلفاء بني كبير بْن غنم بْن دودان. وهم من بني حجر آل بني سليم. وهم إخوة.
__________
26 المغازي (154) ، ابن هشام (1/ 472) .(3/71)
27- مالك بْن عَمْرو.
شهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وقتل باليمامة شهيدًا سنة اثنتي عشرة. ذكروه جميعا وأجمعوا عليه.
28- مدلاج بْن عَمْرو.
شهِدَ بدرًا وأحدًا والمشاهد كلها. ذكره مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وأبو معشر ومحمد بْن عُمَر. ولم يذكره مُوسَى بْن عُقْبَة. ومات سَنَةَ خَمْسِينَ وَذَلِكَ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَة بْن أبي سُفْيَان.
29- ثقف بْن عَمْرو بْن سميط.
وهو أخو مالك ومدلاج. قال محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر: هو ثقف بن عمرو. وقال أَبُو معشر: ثقاف بْن عَمْرو. ولم يذكره مُوسَى بْن عُقْبَة. وذلك وهم منه أو مِمَّنْ روى عنه. وشهد ثقف بدْرًا وأحدًا والخندق والحديبية وخيبر. وقتل بخيبر شهيدًا سنة سبْعٍ من الهجرة. قتله أسير اليهودي. ستة عشر رجلًا.
وَمِنْ حُلَفَاءِ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ
30- عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ
بْنِ جَابِرِ بْنِ وَهْبِ بْنِ نَسِيبِ بْنِ زَيْدِ بْن مالك بْن الْحَارِث بْن عوف بْن مازن بْن مَنْصُور بْن عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفَةَ بْنِ قيس بن عيلان بْن مضر. ويكنى أَبَا عَبْد الله.
قَالَ ابن سعد: وسمعت بعضهم يكنيه أَبَا غزوان. وكان رجلًا طوالًا جميلًا.
وهو قديم الْإِسْلَام وهاجر إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية. وكان من الرماة المذكورين مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي جُبَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُمَا مِنْ وَلَدِ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ قَالا: قَدِمَ عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ الْمَدِينَةَ فِي الْهِجْرَةِ وَهُوَ ابن أربعين سنة.
__________
27 المغازي (154) ، (214) ، ابن هشام (1/ 472) ، 680) ، المعارف (76) ، (640) .
28 المغازي (154) ، والإصابة (7851) ، وأسد الغابة (4/ 342) .
29 المغازي (154) ، (669) ، (737) .
30 صفة الصفوة (1/ 151) ، وحلية الأولياء (1/ 171) ، وإمتاع الأسماع (1/ 57) ، وتهذيب الأسماء (1/ 319) ، والبداية والنهاية (7/ 49) ، وحذف من نسب قريش (44) ، والمعارف (85) ، (115) ، (275) ، (288) .(3/72)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَكِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: نَزَلَ عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ وَخَبَّابُ مَوْلَى عُتْبَةَ. حِينَ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ. عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سلمة العجلاني.
قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ وَأَبِي دُجَانَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي جُبَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالا: اسْتَعْمَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عُتْبَةَ بْنَ غَزْوَانَ عَلَى الْبَصْرَةِ. فَهُوَ الَّذِي مَصَّرَ الْبَصْرَةَ وَاخْتَطَّهَا. وَكَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ الأُبُلَّةُ. وَبَنَى الْمَسْجِدَ بِقَصَبٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَيُقَالُ كَانَ عُتْبَةُ مَعَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَوَجَّهَهُ إِلَى الْبَصْرَةِ بِكِتَابِ عُمَرَ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ بِذَلِكَ. وَكَانَتْ وِلايَتُهُ عَلَى الْبَصْرَةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ. ثُمَّ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ الْمَدِينَةَ فَرَدَّهُ عُمَرُ عَلَى الْبَصْرَةِ وَالِيًا فَمَاتَ فِي الْبَصْرَةِ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ. وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً. وَذَلِكَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. أَصَابَهُ بَطْنٌ فَمَاتَ بِمَعْدِنِ بَنِي سُلَيْمٍ. فَقَدِمَ سُوَيْدٌ غُلامُهُ بِمَتَاعِهِ وَتَرِكَتِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
31- خَبَّاب مَوْلَى عُتْبة بْن غزوان.
ويكنى أَبَا يحيى. آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُ وبين تميم مَوْلَى خراش بْن الصمة. وشهد بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتُوُفِّي سنة تسع عشرة. وهو يومئذ ابن خمسين سنة. وصلى عليه عُمَر بْن الخطاب بالمدينة.
وَمِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ
32- الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ
بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصي. وأمه
__________
31 تاريخ الطبري (4/ 82) .
32 تهذيب الكمال (1971) ، وتهذيب التهذيب (3/ 318) ، وتذهيب التهذيب (1) الورقة (223) ، وفضائل الصحابة لأحمد (2/ 733) ، ونسب قريش (20) ، (22) ، (103) ، (106) ، وتاريخ الكبير للبخاري (3/ 1359) ، والمعارف (219- 227) ، وفضائل الصحابة للنسائي (114) ، وحلية الأولياء (1/ 89- 92) ، وجمهرة ابن حزم (14/ 81، 115، 120، 127) ، والاستيعاب (2/ 510) ، وتهذيب تاريخ دمشق (5/ 358) ، وصفوة الصفوة (1/ 132) ، وتهذيب الأسماء واللغات (1/ 194- 196) ، وسير أعلام النبلاء (1/ 41) ، والعبر (1/ 37) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/ 188) ، والعقد الثمين (4/ 429) ، والإصابة (1/ 545) ، وحذف من نسب قريش (52) .(3/73)
صَفِيَّةُ بِنْت عَبْد الْمُطَّلِبِ بْن هَاشِمِ بْن عبد مناف بن قصي.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنِ الْفُرَافِصَةَ الْحَنَفِيِّ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ كَانَ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ.
قَالُوا: وَكَانَ لِلزُّبَيْرِ مِنَ الْوَلَدِ أَحَدَ عَشَرَ ذَكَرًا وَتِسْعُ نِسْوَةٍ: عَبْدُ اللَّهِ وَعُرْوَةُ وَالْمُنْذِرُ وَعَاصِمٌ وَالْمُهَاجِرُ دَرَجَا. وَخَدِيجَةُ الْكُبْرَى وَأُمُّ الْحَسَنِ وَعَائِشَةُ. وَأُمُّهُمْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. وَخَالِدٌ وَعَمْرٌو وَحَبِيبَةُ وَسَوْدَةُ وَهِنْدٌ. وَأُمُّهُمْ أُمُّ خَالِدٍ.
وَهِيَ أَمَةُ بِنْتُ خالد بن سعيد بن العاص بن أمية. وَمُصْعَبٌ وَحَمْزَةُ وَرَمْلَةُ. وَأُمُّهُمُ الرَّبَابُ بِنْتُ أُنَيْفِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ مَصَادِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُلَيْمِ بْنِ جَنَابٍ مِنْ كَلْبٍ. وَعُبَيْدَةُ وَجَعْفَرٌ. وَأُمَّهُمَا زَيْنَبُ. وَهِيَ أُمُّ جَعْفَرِ بِنْتُ مَرْثَدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ بِشْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَرْثَدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ ضُبَيْعَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ. وَزَيْنَبُ وَأُمُّهَا أُمُّ كُلْثُومِ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ. وَخَدِيجَةُ الصُّغْرَى وَأُمُّهَا الْحَلالُ بِنْتُ قَيْسِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ جَابِرِ بْنِ شُجْنَةَ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ نَصْرِ بْنِ قُعَيْنٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ.
قَالَ: وَأُخْبِرْتُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ إِنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيَّ يُسَمِّي بَنِيهِ بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ. وَقَدْ عَلِمَ أَنْ لا نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ. وَإِنِّي أُسَمِّي بَنِيَّ بِأَسْمَاءِ الشُّهَدَاءِ لَعَلَّهُمْ أَنْ يُسْتَشْهَدُوا. فَسَمَّى عَبْدَ اللَّهِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ. وَالْمُنْذِرَ بِالْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرٍو. وَعُرْوَةَ بِعُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ. وَحَمْزَةَ بِحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَجَعْفَرًا بِجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَمُصْعَبًا بِمُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ. وَعُبَيْدَةَ بِعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ. وَخَالِدًا بِخَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ. وَعَمْرًا بِعَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ. قُتِلَ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَاتَلَ الزُّبَيْرُ بِمَكَّةَ. وَهُوَ غُلامٌ. رَجُلا فَكَسَرَ يَدَهُ وَضَرَبَهُ ضَرْبًا شَدِيدًا. فَمُرَّ بِالرَّجُلِ عَلَى صَفِيَّةَ وَهُوَ يُحْمَلُ فَقَالَتْ: مَا شَأْنُهُ؟ قَالُوا: قَاتَلَ الزُّبَيْرَ. فقالت:(3/74)
كَيْفَ رَأَيْتَ زَبْرًا ... أَأَقِطًا حَسِبْتَهُ أَمْ تَمْرًا
أَمْ مُشْمَعِلا صَقْرًا؟
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ صَفِيَّةَ كَانَتْ تَضْرِبُ الزُّبَيْرَ ضَرْبًا شَدِيدًا وَهُوَ يَتِيمٌ. فَقِيلَ لَهَا: قَتَلْتِهِ.
خَلَعْتِ فُؤَادَهُ. أَهْلَكْتِ هَذَا الْغُلامَ. قَالَتْ: إِنَّمَا أَضْرِبُهُ كَيْ يَلَبْ وَيَجُرَّ الْجَيْشَ ذَا الْجَلَبْ.
قَالَ وَكَسَرَ يَدَ غُلامٍ ذَاتَ يَوْمٍ فَجِيءَ بِالْغُلامِ إِلَى صَفِيَّةَ. وَقِيلَ لَهَا ذَلِكَ.
فَقَالَتْ صَفِيَّةُ:
كَيْفَ وَجَدْتَ زَبْرَا ... أَأَقِطًا حَسِبْتَهُ أَمْ تَمْرًا
أَمْ مُشْمَعِلا صَقْرًا؟
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الأَسْوَدِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ: وَكَانَ إِسْلامُ الزُّبَيْرِ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ. كَانَ رَابِعًا أَوْ خَامِسًا.
قَالَ: وَأُخْبِرْتُ عَنْ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ الزبير أسلم وهو ابن ست عشر سَنَةً. وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ غَزْوَةٍ غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالُوا: وَهَاجَرَ الزُّبَيْرُ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ الْهِجْرَتَيْنِ جَمِيعًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى الْمُنْذِرِ بن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الْجُلاحِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَبَيْنَ ابْنِ مَسْعُودٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ آخَى بَيْنَ أَصْحَابِهِ آخَى بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَطَلْحَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عروة قال: آخى رسول الله ص. بَيْنَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ.(3/75)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ بَشِيرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخَى بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَبَيْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ يُعْلَمُ بِعِصَابَةٍ صَفْرَاءَ. وَكَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ الْمَلائِكَةَ نَزَلَتْ يَوْمَ بَدْرٍ عَلَى خَيْلٍ بُلْقٍ عَلَيْهَا عَمَائِمُ صُفْرٌ. فَكَانَ عَلَى الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ عِصَابَةٌ صَفْرَاءُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ الزُّبَيْرِ. قَالَ مَرَّةً عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَقَالَ مَرَّةً عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: كَانَ عَلَى الزُّبَيْرِ يَوْمَ بَدْرٍ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ مُعْتَجِرًا بِهَا. وَكَانَتْ عَلَى الْمَلائِكَةِ يَوْمَئِذٍ عَمَائِمُ صُفْرٌ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ عَلَى الزُّبَيْرِ رَيْطَةٌ صَفْرَاءُ مُعْتَجِرًا بِهَا يَوْمَ بَدْرٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ.
ص: إِنَّ الْمَلائِكَةَ نَزَلَتْ عَلَى سِيمَاءِ الزُّبَيْرِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عروة قال: لم يكن مع النبي.
ص. يَوْمَ بَدْرٍ غَيْرَ فَرَسَيْنِ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ: رُخِّصَ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: سُئِلَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ لُبْسِ الحرير فأخبرنا عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ لِلزُّبَيْرِ فِي قَمِيصٍ حَرِيرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا خَطَّ الدُّورَ بِالْمَدِينَةِ جَعَلَ لِلزُّبَيْرِ بَقِيعًا وَاسِعًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَدِينِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءِ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ نَخْلا.(3/76)
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ كَانَتْ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ. وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ الْجُرُفَ. قَالَ أَنَسُ بْنُ عياض في حديثه: أرضا مواتا. وقال لعبد اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ فِي حَدِيثِهِ. وَأَنَّ عُمَرَ أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ الْعَقِيقَ أَجْمَعَ.
قَالُوا: وَشَهِدَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ.
ص. وَثَبَتَ مَعَهُ يَوْمَ أُحُدٍ. وَبَايَعَهُ عَلَى الْمَوْتِ. وَكَانَتْ مَعَ الزُّبَيْرِ إِحْدَى رَايَاتِ الْمُهَاجِرِينَ الثَّلاثِ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَتْ لِي عَائِشَةُ: أَبَوَاكَ وَاللَّهِ مِنَ الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصابَهُمُ الْقَرْحُ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: أخبرنا محمد بن حمران. حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ الأَنْمَارِيِّ قَالَ: لَمَّا فَتْحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ كَانَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْيُسْرَى. وَكَانَ الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْيُمْنَى. فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ وَهَدَأَ النَّاسُ جَاءَا بِفَرَسَيْهِمَا فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْسَحُ الْغُبَارَ عَنْ وُجُوهِهِمَا بِثَوْبِهِ وَقَالَ: إِنِّي قَدْ جَعَلْتُ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلْفَارِسِ سَهْمًا فَمَنْ نَقَصَهُمَا نقصه الله] .
ذكر قول النبي. ص: إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا وحواريي الزُّبَيْر بْن الْعَوَّام:
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضِ اللَّيْثِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: لِكُلِّ أمة حواري وحواريي الزُّبَيْرُ ابْنُ عَمَّتِي] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ بن حسان عن الحسن أن النبي.
ص. قال: لكل نبي حواري وإن حواريي الزُّبَيْرُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الْفَضْلُ ابن دُكَيْنٍ أَبُو نُعَيْمٍ وَهِشَامُ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو الأَحْوَصِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ كُلُّهُمْ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حبيش: هذا(3/77)
[ابْنُ جُرْمُوزٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى عَلِيٍّ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. فَقَالَ لَهُ الآذِنُ: هَذَا ابْنُ جُرْمُوزٍ قَاتِلُ الزُّبَيْرِ عَلَى الْبَابِ يَسْتَأْذِنُ. فَقَالَ عَلِيٌّ. ع: لِيَدْخُلْ قَاتَلُ ابْنِ صَفِيَّةَ النَّارَ] .
[سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: إِنَّ لكل نبي حواريا وحواريي الزُّبَيْرُ. قَالَ سَلامُ بْنُ] أَبِي مُطِيعٍ مِنْ بَيْنِهِمْ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَلِيٍّ وَلَمْ يَقُلْ فِي حَدِيثِهِ لِيَدْخُلْ قَاتَلُ ابْنَ صَفِيَّةَ النَّارِ. وَقَالُوا جَمِيعًا فِي إِسْنَادِهِمْ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قال رسول الله. ص: مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ يَوْمَ الأَحْزَابِ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ:
أَنَا. فَقَالَ: مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا. فَقَالَ: مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ القوم؟ فقال الزبير: أنا. فقال النبي. ص: إن لكل نبي حواريا وإن حواريي الزُّبَيْرُ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: نَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ مَنْ يَأْتِيهِ بِخَبَرِ بَنِي قُرَيْظَةَ. فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ. ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ. ثُمَّ نَدَبَهُمُ الثَّالِثَةَ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ. فَأَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ: إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حواريا وحواريي الزُّبَيْرُ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. حَدَّثَنِي الْمُنْكَدِرُ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِنَّ لِكُلِّ نبي حواريا وحواريي الزُّبَيْرُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ:
سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ رَجُلا يَقُولُ أَنَا ابْنُ حَوَارِيِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنْ كُنْتَ مِنْ آلِ الزُّبَيْرِ وَإِلا فَلا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ غُلامًا مَرَّ بِابْنِ عُمَرَ فَسُئِلَ مَنْ هُوَ فَقَالَ: ابْنُ حواري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنْ كُنْتَ مِنْ وَلَدِ الزُّبَيْرِ وَإِلا فَلا. قَالَ فَسُئِلَ: هَلْ كَانَ أَحَدٌ يُقَالُ لَهُ حَوَارِيُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرَ الزُّبَيْرِ؟ قَالَ: لا أَعْلَمُهُ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي يَوْمَ الأَحْزَابِ: قَدْ رَأَيْتُكَ يَا أَبَةَ تُحْمَلُ عَلَى فَرَسٍ لَكَ أَشْقَرَ. قَالَ: قَدْ رَأَيْتَنِي أَيْ بُنَيَّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَ(3/78)
اللَّهِ حِينَئِذٍ جَمَعَ لِي أَبَوَيْهِ يَقُولُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بن حازم وَهِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالُوا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرَ بن عبد الله بن الزبير يحدث عن أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ: مَا لِي لا أَسْمَعُكُ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا [يُحَدِّثُ فُلانٌ وَفُلانٌ؟؟ قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ وَلَكِنِّي سمعت رسول الله.
ص. يَقُولُ: مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدًا مِنَ النَّارِ. قَالَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ فِي حَدِيثِهِ عَنِ الزُّبَيْرِ: وَاللَّهِ مَا قَالَ مُتَعَمِّدًا وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ مُتَعَمِّدًا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ الزُّبَيْرَ بُعِثَ إِلَى مِصْرَ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ بِهَا الطَّاعُونَ. فَقَالَ: إِنَّمَا جِئْنَا لِلطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ.
قَالَ فَوَضَعُوا السَّلالِيمَ فَصَعِدُوا عَلَيْهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَجَازَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ بِسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ فَنَزَلَ عَلَى أَخْوَالِهِ بَنِي كَاهِلٍ فَقَالَ:
أَيُّ الْمَالِ أَجْوَدُ؟ قَالُوا: مَالُ أَصْبَهَانَ. قَالَ: أَعْطُونِي مِنْ مَالِ أَصْبَهَانَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ أَنَّ الزُّبَيْرَ كَانَ لا يُغَيِّرُ. يَعْنِي. الشَّيْبَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ ابن عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رُبَّمَا أَخَذْتُ بِالشَّعْرِ عَلَى مَنْكِبَيِ الزُّبَيْرِ وَأَنَا غُلامٌ فَأَتَعَلَّقُ بِهِ عَلَى ظَهْرِهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ رَجُلا لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلا بِالْقَصِيرِ.
إِلَى الْخِفَّةِ مَا هُوَ فِي اللَّحْمِ. وَلِحْيَتُهُ خَفِيفَةً. أَسْمَرَ اللَّوْنِ أَشْعَرَ. رَحِمَهُ اللَّهُ.
ذِكْرُ وَصِيَّةِ الزُّبَيْرِ وَقَضَاءِ دَيْنِهِ وَجَمِيعِ تَرَكْتِهِ:
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ جَعَلَ دَارًا لَهُ حَبِيسًا عَلَى كُلِّ مَرْدُودَةٍ مِنْ بَنَاتِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ أَوْصَى بِثُلُثِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ(3/79)
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: لَمَّا وَقَفَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الْجَمَلِ دَعَانِي فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّهُ لا يُقْتَلُ الْيَوْمَ إِلا ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ وَإِنِّي لا أُرَانِي إِلا سَأُقْتَلُ الْيَوْمَ مَظْلُومًا وَإِنَّ مِنْ أَكْبَرِ هَمِّي لَدَيْنِي. أَفَتَرَى دَيْنَنَا يُبْقِي مِنْ مَالِنَا شَيْئًا؟ ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ بِعْ مَالَنَا وَاقْضِ دَيْنِي وَأَوْصِ بِالثُّلُثِ فَإِنْ فَضُلَ مِنْ مَالِنَا مِنْ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ شَيْءٌ فَثُلُثُهُ لِوَلَدِكَ. قَالَ هِشَامٌ:
وَكَانَ بَعْضُ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَدْ وَازَى بَعْضَ بَنِي الزُّبَيْرِ خُبَيْبٌ وَعَبَّادٌ. قَالَ وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ بَنَاتٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: فَجَعَلَ يُوصِينِي بِدَيْنِهِ وَيَقُولُ يَا بُنَيَّ إِنْ عَجَزْتَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ مَوْلايَ. قَالَ فو الله مَا دَرَيْتُ مَا أَرَادَ حَتَّى قُلْتُ يَا أبه من مولاك؟ قال: الله. قال: فو الله مَا وَقَعَتْ فِي كُرْبَةٍ مِنْ دَيْنِهِ إِلا قُلْتُ يَا مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عَنْهُ دَيْنَهُ. فَيَقْضِيَهِ. قَالَ وَقُتِلَ الزُّبَيْرُ وَلَمْ يَدَعْ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا إِلا أَرَضِينَ فِيهَا الْغَابَةُ.
وَإِحْدَى عشرة دار بِالْمَدِينَةِ. وَدَارَيْنِ بِالْبَصْرَةِ. وَدَارًا بِالْكُوفَةِ. وَدَارًا بِمِصْرَ. قَالَ وَإِنَّمَا كَانَ دَيْنُهُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَأْتِيهُ بِالْمَالِ لِيَسْتَوْدِعَهُ إِيَّاهُ فَيَقُولُ الزُّبَيْرُ: لا وَلَكِنْ هُوَ سَلَفٌ. إِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ. وَمَا وَلِي إِمَارَةً قَطُّ وَلا جِبَايَةً وَلا خَرَاجًا وَلا شَيْئًا إِلا أَنْ يَكُونَ فِي غَزْو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: فَحَسَبْتُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ فَوَجَدْتُهُ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ. فَلَقِيَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي كَمْ عَلَى أَخِي مِنَ الدَّيْنِ؟ قَالَ فَكَتَمَهُ وَقَالَ: مِائَةُ أَلْفٍ. فَقَالَ حَكِيمٌ: وَاللَّهِ مَا أَرَى أَمْوَالَكُمْ تَتَّسِعُ لِهَذِهِ.
فَقَالَ لَهُ عَبْدَ اللَّهِ: أَفَرَأَيْتُكَ إِنْ كَانَتْ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ؟ قَالَ: مَا أَرَاكُمْ تُطِيقُونَ هَذَا فَإِنْ عَجَزْتُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَاسْتَعِينُوا بِي. وَكَانَ الزُّبَيْرُ اشْتَرَى الْغَابَةَ بِسَبْعِينَ وَمِائَةَ أَلْفٍ فَبَاعَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بِأَلْفِ أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ. ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ شَيْءٌ فَلْيُوَافِنَا بِالْغَابَةِ. قَالَ فَأَتَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَكَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ أَرْبَعُمِائَةِ أَلْفٍ. فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ ابن الزبير: إن شئتم تركتها وَإِنْ شِئْتُمْ فَأَخِّرُوهَا فِيمَا تُؤَخِّرُونَ. إِنْ أَخَّرْتُمْ شَيْئًا. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: لا. قَالَ: فَاقْطَعُوا لِي قِطْعَةً. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: لَكَ مِنْ هَاهُنَا إِلَى هَاهُنَا.
قَالَ فَبَاعَهُ مِنْهَا بِقَضَاءِ دَيْنِهِ فَأَوْفَاهُ وَبَقِيَ مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٍ. قَالَ فَقَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَعِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ وَالْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ زَمْعَةَ. قَالَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: كَمْ قُوِّمَتِ الْغَابَةُ؟ قَالَ: كُلُّ سَهْمٍ مِائَةُ أَلْفٍ. قَالَ: كَمْ بَقِيَ؟ قَالَ: أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٍ. قَالَ فَقَالَ الْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ. وَقَالَ ابْنُ زَمْعَةَ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ. فَقَالَ معاوية: فكم(3/80)
بَقِيَ؟ قَالَ: سَهْمٌ وَنِصْفٌ. قَالَ: أَخَذْتُهُ بِخَمْسِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ. قَالَ وَبَاعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ نَصِيبَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ بِسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ. فَلَمَّا فَرَغَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ قَالَ بَنُو الزُّبَيْرِ: اقْسِمْ بَيْنَنَا مِيرَاثَنَا. قَالَ: لا وَاللَّهِ لا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ حَتَّى أُنَادِيَ فِي الْمَوْسِمِ أَرْبَعَ سِنِينَ أَلا مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا فَلْنَقْضِهِ. قَالَ فَجَعَلَ كُلُّ سَنَةٍ يُنَادِي بِالْمَوْسِمِ. فَلَمَّا مَضَتْ أَرْبَعُ سنين قسم بينهم. قال وكان لزبير أَرْبَعَ نِسْوَةٍ. قَالَ وَرَبَّعَ الثُّمُنَ فَأَصَابَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَلْفَ أَلْفٍ وَمِائَةَ أَلْفٍ. قَالَ فَجَمِيعُ مَالِهِ خَمْسَةٌ وَثَلاثُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ:
اقْتُسِمَ مِيرَاثُ الزُّبَيْرِ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفَ أَلْفَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ قِيمَةُ مَا تَرَكَ الزُّبَيْرُ أَحَدًا وخمسين أو اثنين وخمسين ألف ألف.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَمْزَةَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَ لِلزُّبَيْرِ بِمِصْرَ خِطَطٌ وَبِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ خِطَطٌ وَبِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ خِطَطٌ وَبِالْكُوفَةِ خِطَطٌ وَبِالْبَصْرَةِ دُورٌ.
وَكَانَتْ لَهُ غَلاتٌ تَقْدَمُ عَلَيْهِ مِنْ أَعْرَاضِ الْمَدِينَةِ.
ذِكْرُ قَتْلِ الزُّبَيْرِ ومن قتله وأين قبره. وكم عاش. رحمه الله تعالى:
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ هِلالِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَتَى الزُّبَيْرَ فَقَالَ: أَيْنَ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَيْثُ تُقَاتِلُ بِسَيْفِكِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ قَالَ فَرَجَعَ الزُّبَيْرُ فَلَقِيَهُ ابْنُ جُرْمُوزٍ فَقَتَلَهُ. فَأَتَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَلِيًّا فَقَالَ: إِلَى أَيْنَ قَاتَلُ ابْنِ صَفِيَّةَ؟ قَالَ عَلِيٌّ: إِلَى النَّارِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ زَائِدَةَ بْنِ نَشِيطٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي خَالِدٍ. يَعْنِي الْوَالِبِيَّ. قَالَ: دَعَا الأَحْنَفُ بَنِي تَمِيمٍ فَلَمْ يُجِيبُوهُ. ثُمَّ دَعَا بَنِي سَعْدٍ فَلَمْ يُجِيبُوهُ. فَاعْتَزَلَ فِي رَهْطٍ فَمَرَّ الزُّبَيْرُ عَلَى فَرَسٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ ذُو النِّعَالِ. فَقَالَ الأَحْنَفُ: هَذَا الَّذِي كَانَ يُفْسِدُ بَيْنَ النَّاسِ. قَالَ فَاتَّبَعَهُ رَجُلانِ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ فَحَمَلَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا فَطَعَنَهُ. وَحَمَلَ عَلَيْهِ الآخَرُ فَقَتَلَهُ. وَجَاءَ بِرَأْسِهِ إِلَى الْبَابِ فَقَالَ: ائْذَنُوا(3/81)
لِقَاتِلِ الزُّبَيْرِ. فَسَمِعَهُ عَلِيٌّ [فَقَالَ: بَشِّرْ قَاتَلَ ابْنِ صَفِيَّةَ بِالنَّارِ. فَأَلْقَاهُ وَذَهَبَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُقْبَةَ عَنْ قُرَّةَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ جَوْنِ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ يَوْمَ الْجَمَلِ وَكَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ بِالإِمْرَةِ. فَجَاءَ فَارِسٌ يَسِيرُ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الأَمِيرُ. ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِشَيْءٍ. ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ. ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ.
فَلَمَّا الْتَقَى الْقَوْمُ وَرَأَى الزُّبَيْرُ مَا رأى قال: وا جدع أَنْفِيَاهُ. أَوْ يَا قَطَعَ ظَهْرَيَاهُ. قَالَ فُضَيْلٌ لا أَدْرِي أَيُّهُمَا قَالَ. ثُمَّ أَخَذَهُ أَفْكَلٌ. قَالَ فَجَعَلَ السِّلاحُ يَنْتَقِضُ. قَالَ جَوْنٌ فَقُلْتُ:
ثَكِلَتْنِي أُمِّي. أَهَذَا الَّذِي كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَمُوتَ مَعَهُ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَرَى هَذَا إِلا مِنْ شَيْءٍ قَدْ سَمِعَهُ أَوْ رَآهُ وَهُوَ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا تَشَاغَلَ النَّاسُ انْصَرَفَ فَقَعَدَ عَلَى دَابَّتِهِ ثُمَّ ذَهَبَ وَانْصَرَفَ جَوْنٌ فَجَلَسَ عَلَى دَابَّتِهِ فَلَحِقَ بِالأَحْنَفِ. قَالَ فَأَتَى الأَحْنَفَ فَارِسَانِ فَنَزَلا وَأَكَبَّا عَلَيْهِ يُنَاجِيَانِهِ. فَرَفَعَ الأَحْنَفُ رَأْسَهُ فَقَالَ: يَا عَمْرُو. يَعْنِي ابْنَ جُرْمُوزٍ. يَا فُلانُ. فَأَتَيَاهُ فَأَكَبَّا عَلَيْهِ فَنَاجَاهُمَا سَاعَةً ثُمَّ انْصَرَفَ. ثُمَّ جَاءَ عَمْرُو بْنُ جُرْمُوزٍ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الأَحْنَفِ فَقَالَ: أَدْرَكْتُهُ فِي وَادِي السِّبَاعِ فَقَتَلْتُهُ. فَكَانَ قُرَّةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْجَوْنِ يَقُولُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ كَانَ صَاحِبُ الزُّبَيْرِ إِلا الأَحْنَفَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عبد الملك بن عمرو أبو عامر العقدي قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ عَنْ خَالِدِ بْنِ سُمَيْرٍ أَنَّهُ ذَكَرَ الزُّبَيْرَ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ قَالَ: فَرَكِبَ الزُّبَيْرُ فَأَصَابَهُ أَخُو بَنِي تَمِيمٍ بِوَادِي السِّبَاعِ. قَالُوا خَرَجَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ يَوْمَ الْجَمَلِ وَهُوَ يَوْمُ الْخَمِيسِ لِعَشْرِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ بَعْدَ الْقِتَالِ عَلَى فَرَسٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ ذُو الْخِمَارِ مُنْطَلِقًا يُرِيدُ الرُّجُوعَ إِلَى الْمَدِينَةِ. فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُ النَّعِرُ بْنُ زَمَّامٍ الْمُجَاشِعِيُّ بِسَفْوَانَ فَقَالَ لَهُ: يَا حَوَارِيَّ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيَّ إِلَيَّ فَأَنْتَ فِي ذِمَّتِي لا يَصِلُ إِلَيْكَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ. فَأَقْبَلَ مَعَهُ وَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ آخَرُ إِلَى الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ فَقَالَ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ: هَذَا الزُّبَيْرُ فِي وَادِي السِّبَاعِ. فَرَفَعَ الأَحْنَفُ صَوْتَهُ وَقَالَ:
مَا أَصْنَعُ وَمَا تَأْمُرُونِي إِنْ كَانَ الزُّبَيْرُ لَفَّ بَيْنَ غَارَّيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَتَلَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ ثُمَّ هُوَ يُرِيدُ اللِّحَاقَ بِأَهْلِهِ. فَسَمِعَهُ عُمَيْرُ بْنُ جُرْمُوزٍ التَّمِيمِيُّ وَفَضَالَةُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ وَنُفَيْعٌ أَوْ نُفَيْلُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ فَرَكِبُوا أَفْرَاسَهُمْ فِي طَلَبِهِ فَلَحِقُوهُ فَحَمَلَ عَلَيْهِ عُمَيْرُ بْنُ جُرْمُوزٍ فَطَعَنَهُ طَعْنَةً خَفِيفَةً. فَحَمَلَ عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّ الزُّبَيْرَ قَاتِلَهُ دَعَا: يَا فَضَالَةُ. يَا نُفَيْعُ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهَ اللَّهَ يَا زُبَيْرُ! فَكَفَّ عَنْهُ ثُمَّ سَارَ فَحَمَلَ عَلَيْهِ الْقَوْمُ جَمِيعًا(3/82)
فَقَتَلُوهُ. رَحِمَهُ اللَّهُ. فَطَعَنَهُ عُمَيْرُ بْنُ جُرْمُوزٍ طَعْنَةً أَثْبَتَتْهُ فَوَقَعَ. فَاعْتَوَرُوهُ وَأَخَذُوا سَيْفَهُ وَأَخَذَ ابْنُ جُرْمُوزٍ رَأْسَهُ فَحَمَلَهُ حَتَّى أَتَى [بِهِ وَبِسَيْفِهِ عَلِيًّا فَأَخَذَهُ عَلِيٌّ وَقَالَ: سَيْفٌ وَاللَّهِ طال ما جَلا بِهِ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكَرْبَ وَلَكِنَّ الْحَيْنَ وَمَصَارِعَ السُّوءِ. وَدُفِنَ الزُّبَيْرُ. رَحِمَهُ اللَّهُ. بِوَادِي السِّبَاعِ. وَجَلَسَ عَلِيٌّ يَبْكِي عَلَيْهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ] .
وَقَالَتْ عَاتِكَةُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نفيل. وَكَانَتْ تَحْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ. وَكَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: مَنْ أَرَادَ الشَّهَادَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ عَاتِكَةَ بِنْتَ زَيْدٍ. كَانَتْ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَقُتِلَ عَنْهَا. ثُمَّ كَانَتْ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقُتِلَ عَنْهَا. ثُمَّ كَانَتْ عِنْدَ الزُّبَيْرِ فَقُتِلَ عَنْهَا. فَقَالَتْ:
غَدَرَ ابْنُ جُرْمُوزٍ بِفَارِسِ بُهْمَةٍ ... يَوْمَ اللِّقَاءِ وَكَانَ غَيْرَ مُعَرِّدِ
يَا عَمْرُو لَوْ نَبَّهْتَهُ لَوَجَدْتَهُ ... لا طَائِشًا رَعِشَ الْجَنَانِ وَلا الْيَدِ
شَلَّتْ يَمِينُكَ إِنْ قَتَلْتَ لَمُسْلِمًا ... حَلَّتْ عَلَيْكَ عُقُوبَةُ الْمُتَعَمِّدِ
ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ هَلْ ظَفِرْتَ بِمِثْلِهِ ... فِيمَنْ مَضَى فِيمَا تَرُوحُ وَتَغْتَدِي؟
كَمْ غَمْرَةٍ قَدْ خَاضَهَا لَمْ يَثْنِهِ ... عَنْهَا طِرَادُكَ يَا ابْنَ فَقْعِ الْقَرْدَدِ
وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ الْخَطَفَى:
إِنَّ الرَّزِيَّةَ مَنْ تَضَمَّنَ قَبْرَهُ ... وَادِي السِّبَاعِ لِكُلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ
لَمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَوَاضَعَتْ ... سُوَرُ الْمَدِينَةِ وَالْجِبَالُ الْخُشَّعُ
وَبَكَى الزُّبَيْرَ بَنَاتُهُ فِي مَأْتَمٍ ... مَاذَا يَرُدُّ بُكَاءُ مَنْ لا يَسْمَعُ!
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: قُتِلَ أَبِي يَوْمَ الْجَمَلِ وَقَدْ زَادَ عَلَى السِّتِّينَ أَرْبَعُ سِنِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: شَهِدَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ بَدْرًا وَهُوَ ابْنُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً. وَقُتِلَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ ذَكَرَ الزُّبَيْرَ فَقَالَ: يَا عَجَبًا لِلزُّبَيْرِ. أَخَذَ بِحَقْوَيْ أَعْرَابِيٍّ مِنْ بَنِي مُجَاشِعٍ.
أَجِرْنِي أَجِرْنِي. حَتَّى قُتِلَ. وَاللَّهِ مَا كَانَ لَهُ بِقِرْنٍ. أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتَ فِي ذِمَّةٍ مَنِيعَةٍ!.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سفيان بن مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:(3/83)
جَاءَ ابْنُ جُرْمُوزٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى عَلِيٍّ فَاسْتَجْفَاهُ فَقَالَ: أَمَّا أَصْحَابُ الْبَلاءِ. [فَقَالَ عَلِيٌّ:
بِفِيكَ التُّرَابُ. إِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِي حَقِّهِمْ:
«وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ» الحجر: 47.]
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: [قَالَ عَلِيٌّ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِي حَقِّهِمْ:
«وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ» ] الحجر: 47.
وَمِنْ حُلَفَاءِ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ وَهُمْ حلفاء الزُّبَيْر بْن الْعَوَّام
33- حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ.
ويكنى أَبَا مُحَمَّد وهو من لخم ثُمَّ احد بني راشدة بْن أزب بن جزيلة بْن لخم. وهو مالك بْن عَدِيِّ بْن الْحَارِث بْنِ مُرَّةَ ابن أدد بْن يشجب بْن عريب بْن زَيْد بْن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بْن قحطان. وإلى قحطان جماع اليمن. وكان اسم راشدة خالفة. فوفدوا على النبي.
[ص. فقال: من أنتم؟ قَالُوا: بنو خالفة. فقال: أنتم بنو راشدة] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ ابن قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ وَسَعْدٌ مَوْلَى حَاطِبٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلا عَلَى الْمُنْذِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أُحَيْحَةَ بْنِ الْجُلاحِ.
قَالُوا: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ وَرُخَيْلَةَ بْنِ خَالِدٍ.
وَشَهِدَ حَاطِبُ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكِتَابٍ إِلَى الْمُقَوْقِسِ صَاحِبِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ. وَكَانَ حَاطِبُ من الرماة المذكورين مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - ومات بالمدينة سنة ثَلاثِينَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ. وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ وَلَدِ حَاطِبٍ عن آبائه قالوا:
__________
33 الإصابة (1/ 300) ، والمغازي (105) ، (104) ، (154) ، (243) ، (425) ، (603) ، (797) ، (798) ، (909) ، وتاريخ الطبري (2/ 644، 645) ، (3/ 21، 48، 49) ، وحذف من نسب قريش (59) ، والمعارف (317) ، (318) ، وابن هشام (1/ 7، 506، 680) .(3/84)
وَكَانَ حَاطِبٌ رَجُلا حَسَنَ الْجِسْمِ خَفِيفَ اللِّحْيَةِ أَجْنَأَ. وَكَانَ إِلَى الْقِصَرِ مَا هُوَ. شَثْنَ الأَصَابِعِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: تَرَكَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ يَوْمَ مَاتَ أَرْبَعَةَ آلافِ دِينَارٍ وَدَرَاهِمَ وَدَارًا وَغَيْرَ ذَلِكَ. وَكَانَ تَاجِرًا يَبِيعُ الطَّعَامَ وَغَيْرَهُ. وَلِحَاطِبٍ بَقِيَّةٌ بِالْمَدِينَةِ.
34- سعد مَوْلَى حاطب
بْن أبي بلتعة. وهو سعد بْن خولي بْن سبرة بْن دريم بن قيس بن مالك بن عمير بْن عامر بْن بَكْر بْن عامر الأكبر بْن عَوْفِ بْن بَكْر بْن عَوْفِ بْن عذرة بْن رفيدة بْن ثور بْن كلب بن قضاعة. ويقال سعد بْن خولي بْن القوسار ابن الْحَارِث بْن مالك بْن عميرة ويقال هُوَ سعد بن خولي بن فروة بن القوسار. ولخولي يقول رَجُل من بني أسد. ودله على امرأته من بني القوسار:
إنّ ابْنَة القوسار يا صاح دلني ... عليها قضاعي يحب جماليا
فأعطيت خولي بْن فروة ما اشتهى ... من المشمخرات الذري والروابيا
وأجمعوا على أنّه سعد بْن خولي من كلب. إلّا أن أَبَا معشر وحده كان يقول هُوَ من مذحج. ولعله لم يحفظ نسبه كما حفظه غيره. وأجمعوا جميعًا على أنّه أصابه سبي فصار إِلَى حاطب بْن أبي بلتعة اللَّخْميّ حليف بني أسد بْن عَبْد العزى بْن قصي. فأنعم عليه وشهد معه بدرًا وأحدًا. وقتل يوم أحد شهيدًا على رأس اثنين وثلاثين شهرًا مِن مهاجر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفرض عُمَر بْن الخطاب لابنه عَبْد الله بْن سعد فِي الأَنْصَار.
ثلاثة نفر وليس لسعد مَوْلَى حاطب عقب.
وَمِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ
35- مصعب الخير
ابن عُمَيْرِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عبد الدار بن
__________
34 المغازي (154) ، (261) ، (300) ، وحذف من نسب قريش (59) ، ابن هشام (1/ 329، 369، 680، 685) .
35 الإصابة ت (8004) ، وصفة الصفوة (1/ 152) ، وأسد الغابة (4/ 468) ، وحلية الأولياء (1/ 106) ، وحذف من نسب قريش (44) ، (48) ، المعارف (153) ، (160) ، (161) ، (557) . وابن هشام (1/ 322، 32، 365، 434، 435، 436، 437، 438، 479، 506، 612، 645، 646، 680) .(3/85)
قصي. ويكنى أَبَا مُحَمَّد وأمه خناس بِنْت مالك بن المضرب بْن وهب بْنِ حُجَيْرِ بْنِ عَبْدِ بْنِ مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ بْن لؤي. وكان لمصعب من الولد ابْنَة يُقَالُ لها زينب. وأمها حمنة بِنْت جحش بْن رباب بْن يعمر بْن صبرة بْن مُرَّة بْن كثير بْن غنم بْن دودان بْن أسد بْن خُزَيْمَة. فزوجها عَبْد الله بْن عَبْد الله بْن أبي أمية بن المغيرة. فولدت له ابْنَة يُقَالُ لها قريبة.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَبْدَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ فَتَى مَكَّةَ شَبَابًا وَجَمَالا وَسَبِيبًا. وَكَانَ أَبَوَاهُ يُحِبَّانِهِ. وَكَانَتْ أُمُّهُ مَلِيئَةً كَثِيرَةَ الْمَالِ تَكْسُوهُ أَحْسَنَ مَا يَكُونُ مِنَ الثِّيَابِ وَأَرَقَّهُ. وَكَانَ أَعْطَرَ أَهْلِ مَكَّةَ.
يَلْبَسُ الْحَضْرَمِيَّ مِنَ النِّعَالِ. فَكَانَ [رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَذْكُرُهُ وَيَقُولُ: مَا رَأَيْتُ بِمَكَّةَ أَحَدًا أَحْسَنَ لِمَّةً وَلا أَرَقَّ حُلَّةً وَلا أَنْعَمَ نِعْمَةً مِنْ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ] . فَبَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُو إِلَى الإِسْلامِ فِي دَارِ أَرْقَمَ بْنِ أَبِي الأَرْقَمِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ وَصَدَّقَ بِهِ وَخَرَجَ فَكَتَمَ إِسْلامَهُ خَوْفًا مِنْ أُمِّهِ وَقَوْمِهِ. فَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِرًّا فَبَصُرَ بِهِ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ يُصَلِّي فَأَخْبَرَ أُمَّهُ وَقَوْمَهُ فَأَخَذُوهُ فَحَبَسُوهُ فَلَمْ يَزَلْ مَحْبُوسًا حَتَّى خَرَجَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي الْهِجْرَةِ الأُولَى ثُمَّ رَجَعَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ حِينَ رَجَعُوا.
فَرَجَعَ مُتَغَيِّرَ الْحَالِ قَدْ حَرَجَ. يَعْنِي غَلُظَ. فَكَفَّتْ أُمُّهُ عَنْهُ مِنَ الْعَذْلِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّبَذِيِّ عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ يَوْمًا مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ يَبْنِي الْمَسْجِدَ فَقَالَ: أَقْبَلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ ذَاتَ يَوْمٍ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ عَلَيْهِ قِطْعَةُ نَمِرَةٍ قَدْ وَصَلَهَا بِإِهَابٍ قَدْ رَدَّنَهُ ثُمَّ وَصَلَهُ إِلَيْهَا. فَلَمَّا رَآهُ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَكَّسُوا رَؤُوسَهُمْ رَحْمَةً لَهُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يُغَيِّرُونَ عَنْهُ. فَسَلَّمَ فَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَحْسَنَ عَلَيْهِ الثَّنَاءَ وَقَالَ: [الْحَمْدُ لِلَّهِ لَيَقْلِبِ الدُّنْيَا بِأَهْلِهَا. لَقَدْ رَأَيْتُ هَذَا. يَعْنِي مُصْعَبًا. وَمَا بِمَكَّةَ فَتًى مِنْ قُرَيْشٍ أَنْعَمَ عِنْدَ أَبَوَيْهِ نَعِيمًا مِنْهُ. ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ ذَلِكَ الرَّغْبَةُ فِي الْخَيْرِ فِي حُبِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سبرة عن(3/86)
عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ لِي خِدْنًا وَصَاحِبًا مُنْذُ يَوْمَ أَسْلَمَ إِلَى أَنْ قُتِلَ. رَحِمَهُ اللَّهُ. بِأُحُدٍ. خَرَجَ مَعَنَا إِلَى الْهِجْرَتَيْنِ جَمِيعًا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ. وَكَانَ رَفِيقِي مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ فَلَمْ أَرَ رَجُلا قَطُّ كَانَ أَحْسَنَ خُلُقًا وَلا أَقَلَّ خِلافًا مِنْهُ.
ذِكْرُ بِعْثَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِيَّاهُ إِلَى الْمَدِينَةِ ليفقه الأَنْصَار:
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ. سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ. يَعْنِي فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ يَقُولُ: لَمَّا هَاجَرَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدِ بن معاذ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
وَأَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ وَوَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالا: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ:
وَأَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ يَافِعِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى قَالَ: وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَبْدَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ. دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بعض. قالوا: لَمَّا انْصَرَفَ أَهْلُ الْعَقَبَةِ الأُولَى الاثْنَا عَشَرَ وَفَشَا الإِسْلامُ فِي دُورِ الأَنْصَارِ أَرْسَلَتِ الأَنْصَارُ رَجُلا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَكَتَبَتْ إِلَيْهِ كِتَابًا: ابْعَثْ إِلَيْنَا رَجُلا يُفَقِّهُنَا فِي الدِّينِ وَيُقْرِئُنَا الْقُرْآنَ. فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مصعب بْنَ عُمَيْرٍ فَقَدِمَ فَنَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ. وَكَانَ يَأْتِي الأَنْصَارَ فِي دُورِهِمْ وَقَبَائِلِهِمْ فَيَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ وَيَقْرَأُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ فَيُسْلِمُ الرَّجُلُ وَالرِّجْلانِ حَتَّى ظَهَرَ الإِسْلامُ وَفَشَا فِي دُورِ الأَنْصَارِ كُلِّهَا وَالْعَوَالِيَ إِلا دُورًا مِنْ أَوْسِ اللَّهِ. وَهِيَ خَطْمَةُ وَوَائِلٌ وَوَاقِفٌ. وَكَانَ مُصْعَبُ يُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنَ وَيُعَلِّمُهُمْ. فَكَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَأْذِنُهُ أَنْ يُجَمِّعَ بِهِمْ. فَأَذِنَ لَهُ وَكَتَبَ إِلَيْهِ: انْظُرْ مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي يَجْهَرُ فِيهِ الْيَهُودُ لِسَبْتِهِمْ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَازْدَلِفْ إِلَى اللَّهِ فِيهِ بركعتين واخطب(3/87)
فِيهِمْ. فَجَمَّعَ بِهِمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ فِي دَارِ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلا. وَمَا ذَبَحَ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ إِلا شَاةً. فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جَمَّعَ فِي الإِسْلامِ جُمُعَةً.
وَقَدْ رَوَى قَوْمٌ مِنَ الأَنْصَارِ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ جَمَّعَ بِهِمْ أَبُو أُمَامَةَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ. ثُمَّ خَرَجَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ مِنَ الْمَدِينَةِ مَعَ السَّبْعِينَ الَّذِينَ وَافَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعَقَبَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ حَاجِّ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ. وَرَافَقَ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ فِي سَفَرِهِ ذَلِكَ. فَقَدِمَ مَكَّةَ فَجَاءَ مَنْزِلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلا وَلَمْ يَقْرَبْ مَنْزِلَهُ. فَجَعَلَ يُخْبِرُ رَسُولَ الله.
ص. عَنِ الأَنْصَارِ وَسُرْعَتِهِمْ إِلَى الإِسْلامِ وَاسْتِبْطَأَهُمْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسُرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكُلِّ مَا أَخْبَرَهُ وَبَلَغَ أُمَّهُ أَنَّهُ قَدْ قَدِمَ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ: يَا عَاقُّ أَتَقْدَمُ بَلَدًا أَنَا فِيهِ لا تَبْدَأُ بِي؟ فَقَالَ: مَا كُنْتُ لأَبْدَأَ بِأَحَدٍ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا سَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَخْبَرَهُ بِمَا أَخْبَرَهُ ذَهَبَ إِلَى أُمِّهِ فَقَالَتْ: إِنَّكَ لَعَلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنَ الصَّبْأَةِ بَعْدُ! قَالَ: أَنَا عَلَى دَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ الإِسْلامُ الَّذِي رَضِيَ اللَّهُ لِنَفْسِهِ وَلِرَسُولِهِ. قَالَتْ: مَا شَكَرْتَ مَا رَثَيْتُكَ مَرَّةً بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ وَمَرَّةً بِيَثْرِبَ. فَقَالَ: أُقِرُّ بِدِينِي إِنْ تَفْتُنُونِي. فَأَرَادَتْ حَبْسَهُ فَقَالَ: لَئِنْ أَنْتِ حَبَسْتَنِي لأحرصن على قتل من يتعرض لي. قال: فَاذْهَبْ لِشَأْنَكَ. وَجَعَلَتْ تَبْكِي. فَقَالَ مُصْعَبٌ: يَا أُمَّةُ إِنِّي لَكِ نَاصِحٌ عَلَيْكِ شَفِيقٌ فَاشْهَدِي أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. قَالَتْ:
وَالثَّوَاقِبِ لا أَدْخَلُ فِي دِينِكَ فَيُزْرَى بِرَأْيِي وَيُضَعَّفَ عَقْلِي وَلَكِنِّي أَدَعُكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِ وَأُقِيمُ عَلَى دِينِي. قَالَ وَأَقَامَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ بَقِيَّةَ ذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمَ وَصَفَرَ وَقَدِمَ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ مُهَاجِرًا لِهِلالِ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ قَبْلَ مَقْدَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ جَمَّعَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ. قَالَ قُلْتُ بِأَمْرِ النبي.
ص؟ قال: نعم فمه؟ قال سفيان يقول وهو مصعب بن عمير.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. وآخَى بَيْنَ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ وَأَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ. وَيُقَالُ ذَكْوَانَ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ.(3/88)