ـ[الطبقات الكبرى]ـ
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع الهاشمي بالولاء، البصري، البغدادي المعروف بابن سعد (المتوفى: 230هـ)
تحقيق: محمد عبد القادر عطا
الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت
الطبعة: الأولى، 1410 هـ - 1990 م
عدد الأجزاء: 8
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي](/)
الجزء الأول
[السيرة النبوية الشريفة]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد النبي العربي الكريم. وعلى آله وصحبه. وسلم أخبرنا الشيخ الإمام العالم الحافظ العلامة النسابة شرف الدين أبو محمد عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن الدمياطي. رحمه الله. قراءة عليه وأنا أسمع قال:
أخبرنا الشيخ الإمام محدث الشام ومسنده شمس الدين أبو الحجاج يوسف بن خليل ابن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن دهبل بن علي بن كارة قال:
أخبرنا القاضي أبو بكر بن محمد بن عبد الباقي بن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد بن الحسن بن عبد الله الجوهري عن أبي عمر محمد بن العباس بن محمد بن زكريا بن يحيى بن معاذ بن حيويه الخزاز عن أبي الحسن أحمد بن معروف بن بشر بن موسى الخشاب عن أبي محمد الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي عن أبي عبد الله محمد بن سعد بن منيع. رحمه الله.
قال:
ذِكْرُ مَنِ انْتَمَى إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقَرْقَسَانِيُّ. أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا هِقْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ. حَدَّثَنِي أَبُو عَمَّارٍ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَرُّوخَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: [قَالَ رسول الله. ص: أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ] . «1»
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ. أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ شَدَّادٍ أَبِي عَمَّارٍ عن واثلة بن
__________
(1) انظر الحديث في: [صحيح مسلم: الفضائل (3) ، وسنن الترمذي (3148) ، (3615) ، ومسند أحمد بن حنبل (1/ 281) ، (3/ 2) ، والشفا (1/ 399) ، وموارد الظمآن (2127) ، ودلائل النبوة (1/ 13) ، والبداية والنهاية (1/ 171) ، 285) ، (2/ 257) ] .(1/17)
الأسقع قال: [قال رسول الله. ص: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ بَنِي كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي كِنَانَةَ قُرَيْشًا وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ] «1» .
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو ضَمْرَةَ الْمَدَنِيُّ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ الليثي. أخبرنا جعفر بن محمد ابن عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: قَسَمَ اللَّهُ الأَرْضَ نِصْفَيْنِ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمَا. ثُمَّ قَسَمَ النِّصْفَ عَلَى ثَلاثَةٍ فَكُنْتُ فِي خَيْرِ ثُلُثٍ مِنْهَا. ثُمَّ اخْتَارَ الْعَرَبَ مِنَ النَّاسِ. ثُمَّ اخْتَارَ قُرَيْشًا مِنَ الْعَرَبِ. ثُمَّ اخْتَارَ بَنِي هَاشِمٍ مِنْ قُرَيْشٍ. ثُمَّ اخْتَارَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ. ثُمَّ اخْتَارَنِي مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ] «2» .
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ السَّدُوسِيُّ وَيُونُسُ بْنُ محمد المؤدب قالا: أخبرنا حماد ابن زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو. يَعْنِي ابْنَ دِينَارٍ. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص:
[إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ الْعَرَبَ فَاخْتَارَ مِنْهُمْ كِنَانَةَ أَوِ النَّضْرَ بْنَ كِنَانَةَ ثُمَّ اخْتَارَ مِنْهُمْ قُرَيْشًا ثُمَّ اخْتَارَ مِنْهُمْ بَنِي هَاشِمٍ ثُمَّ اخْتَارَنِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ] «3» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ. أَخْبَرَنَا الْعَلاءُ بْنُ خَالِدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ قال: [قال رسول الله. ص: إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ الْعَرَبَ فَاخْتَارَ كِنَانَةَ مِنَ الْعَرَبِ وَاخْتَارَ قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ وَاخْتَارَ بَنِي هَاشِمٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَاخْتَارَنِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: أنا سابق العرب] «4» .
__________
(1) انظر الحديث في: [سنن الترمذي (3605) ، ومسند أحمد بن حنبل (4/ 107، والشفا (1/ 326) ، والدر المنثور (3/ 294) ، (4/ 273) ، وتفسير ابن كثير (3/ 325) ، والبداية والنهاية (2/ 256) ] .
(2) انظر الحديث في: [الدر المنثور (3/ 295) ، وكنز العمال (321122) ] .
(3) انظر الحديث في: [السنن الكبرى (7/ 134) ، وكنز العمال (2426) ، (32119) ، (32120) ] .
(4) انظر الحديث في: [تهذيب تاريخ ابن عساكر (3/ 309) ، (6/ 450) ، والمصنف لعبد الرزاق (20432) ، والمعجم الكبير للطبراني (8/ 131) ، والمعجم الصغير (1/ 104) ، ومجمع الزوائد (9/ 305) ، والمطالب العالية (3878) ، ومصنف ابن أبي شيبة (11/ 478) ] .(1/18)
أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: «رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ» التوبة: 128. قَالَ: قَدْ وَلَدْتُمُوهُ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ أَبُو نُعَيْمٍ. أَخْبَرَنَا الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ. فَبَيْنَا هُوَ يَسِيرُ بِاللَّيْلِ وَمَعَهُ رَجُلٌ يُسَايِرُهُ إِذْ سَمِعَ حَادِيًا يَحْدُو وَقَوْمٌ أَمَامَهُ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ: [لَوْ أَتَيْنَا حَادِيَ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ! فَقَرَّبْنَا حَتَّى غَشَيْنَا الْقَوْمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: مِمَّنِ الْقَوْمُ؟ قَالُوا: مِنْ مُضَرَ. فَقَالَ: وَأَنَا مِنْ مُضَرَ. وَنَى حَادِينَا فَسَمِعْنَا حَادِيَكُمْ فَأَتَيْنَاكُمْ] «1» .
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ قَالَ: [لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْبًا فَقَالَ: مِمَّنِ الْقَوْمُ؟ فَقَالُوا: مِنْ مُضَرَ. فَقَالَ: وَأَنَا مِنْ مُضَرَ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِنَّا رِدَافٌ وَلَيْسَ مَعَنَا زَادٌ إلا الأسودان. فقال رسول الله. ص: وَنَحْنُ رِدَافٌ مَا لَنَا زَادٌ إِلا الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الجمحي عن طاووس قَالَ: [بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ إِذْ سَمِعَ صَوْتَ حَادٍ فَسَارَ حَتَّى أَتَاهُمْ. فَلَمَّا أَتَاهُمْ قَالَ: وَنَى حَادِينَا فَسَمِعْنَا صَوْتَ حَادِيكُمْ فَجِئْنَا نَسْمَعُ حُدَاءَهُ.
فقال: من القوم؟ قالوا: مضريون. فقال. ص: وأنا مضري. فقالوا: يا رسول الله إن أَوَّلَ مَنْ حَدَا. بَيْنَمَا رَجُلٌ فِي سَفَرٍ فَضَرَبَ غُلامًا لَهُ عَلَى يَدِهِ بِعَصًا فَانْكَسَرَتْ يَدُهُ.
فَجَعَلَ الْغُلامُ يَقُولُ وَهُوَ يُسَيِّرُ الإِبِلَ: وا يداه ... وا يداه! وَقَالَ: هَيْبًا هَيْبًا. فَسَارَتِ الإِبِلُ] .
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى الأَشْجَعِيُّ الْقَزَّازُ. أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ. وَكَانَ أَدْرَكَ بعض أَصْحَابِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: [جَاءَتْ بَنُو فُهَيْرَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
__________
(1) انظر الحديث في: [مجمع الزوائد (8/ 129) ، ودلائل النبوة (2/ 435) ، والبداية والنهاية (5/ 47) ] .(1/19)
قَالَ: فَقَالُوا إِنَّكَ مِنَّا. فَقَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ لَيُخْبِرُنِي أَنِّي رَجُلٌ مِنْ مُضَرَ] .
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّهُ [ذَكَرَ مُضَرَ فِي كَلامٍ لَهُ فَقَالَ: إِنَّ مِنْكُمْ سَيِّدَ ولد آدم. يعني النبي. ص] .
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: [جَاءَ وَفْدُ كِنْدَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِمْ جِبَابُ الْحِبَرَةِ وَقَدْ لَفُّوا جُيُوبَهَا وَأَكِمَّتَهَا بِالدِّيبَاجِ. فَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ أَسْلَمْتُمْ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَأَلْقُوا هَذَا عَنْكُمْ.
قال: فخلعوا الجباب. قال: فقالوا للنبي. ع: أَنْتُمْ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ بَنُو آكِلِ الْمُرَارِ. قال: فقال لهم النبي. ص: نَاسِبُوا الْعَبَّاسَ وَأَبَا سُفْيَانَ. قَالَ: فَقَالُوا لا نناسب غيرك. قال: فلا! نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ لا نَقْفُو أُمَّنَا وَلا نُدَّعَى لِغَيْرِ أَبِينَا] .
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِوَفْدِ كِنْدَةَ حِينَ قَدِمُوا عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ.
فَزَعَمُوا أَنَّ بَنِي هَاشِمٍ مِنْهُمْ. فقال رسول الله. ص: [بَلْ نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ لَنْ نَقْفُوَ أُمَّنَا وَلَنْ نُدَّعَى لِغَيْرِ أَبِينَا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ.
[ص: إِنَّ هَهُنَا نَاسًا مِنْ كِنْدَةَ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ منهم. فقال رسول الله. ص: إنما ذَلِكَ شَيْءٌ كَانَ يَقُولُهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ لِيَأْمَنَا بِالْيَمَنِ. مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نُزَنِّيَ أُمَّنَا أَوْ نَقْفُوَ أَبَانَا. نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ. مَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ كَذَبَ] » .
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ الْهَيْصَمِ عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: [قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَفْدٍ مِنْ كِنْدَةَ لا يَرَوْنِي أَفْضَلَهُمْ. قَالَ عَفَّانُ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَزْعُمُ أَنَّكُمْ مِنَّا. قَالَ فَقَالَ: نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ لا نَقْفُو أُمَّنَا وَلا نَنْتَفِي مِنْ أَبِينَا] . قَالَ فَقَالَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: لا أَسْمَعُ أَحَدًا يَنْفِي قُرَيْشًا مِنَ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ إِلا جَلَدْتُهُ الْحَدَّ «2» ..
__________
(1) انظر الحديث في: [كنز العمال (32013) ] .
(2) انظر الحديث في: [سنن ابن ماجة (2612) ، ومسند أحمد بن حنبل (5/ 211، 212) ، والمعجم الكبير للطبراني (2/ 721) ، ومصنف عبد الرزاق (19952) ، ودلائل النبوة (1/ 173) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (1/ 279) ، وتاريخ بغداد (7/ 128) ] .(1/20)
قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَمَّنْ لا يُتَّهَمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ.
[ص. قَالَ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَانْتَسَبَ حَتَّى بَلَغَ النَّضْرَ بْنَ كِنَانَةَ. فَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ كَذَبَ] .
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ [رَجُلا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ فأخذه من الرعدة أفكل فقال رسول الله. ص: هَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ كَانَتْ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ] «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْسَطَ النَّسَبِ فِي قُرَيْشٍ. لَيْسَ مِنْ حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ قُرَيْشٍ إِلا وَقَدْ وَلَدُوهُ.
قَالَ فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: [قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَى مَا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ أَجْرًا إِلا أَنْ تَوَدُّونِي فِي قَرَابَتِي مِنْكُمْ وَتَحْفَظُونِي] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَكْثِرُوا عَلَيْنَا فِي هَذِهِ الآيَةِ: «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى» الشورى: 23. فَكَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. فَكَتَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - كَانَ أَوْسَطَ النَّسَبِ فِي قُرَيْشٍ. لَمْ يَكُنْ حي من أحياء قريش إلا وقد ولدوه. فَقَالَ اللَّهُ.
تَبَارَكَ وَتَعَالَى: [قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَى مَا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ. تَوَدُّونِي لِقَرَابَتِي وَتَحْفَظُونِي فِي ذَلِكَ] .
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ. أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ فِي قَوْلِ الله تعالى: «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى» .
الشورى: 23. قَالَ: قَلَّ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلا وَقَدْ كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِمْ [وِلادَةٌ. فَقَالَ: إِنْ لَمْ تَحْفَظُونِي فِيمَا جِئْتُ بِهِ فَاحْفَظُونِي لِقَرَابَتِي] .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سالم عن سعيد بن جبير
__________
(1) انظر الحديث في: [المستدرك (2/ 466) ، ومجمع الزوائد (9/ 20) ، وتاريخ بغداد (6/ 277، 279) ] .(1/21)
في قوله: «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى» الشورى: 23. قَالَ:
أَنْ تَصِلُوا قَرَابَةَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ. وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ السُّوَائِيُّ. وَالضَّحَّاكُ ابن مَخْلَدٍ الشَّيْبَانِيُّ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ. قَالُوا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ. وَأَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالُوا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ حُنَيْنٍ يَقُولُ:
أَنَا النَّبِيُّ لا كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ شَبِيبِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: «وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ» الشعراء: 219. قَالَ: مِنْ نَبِيٍّ إِلَى نَبِيٍّ. وَمِنْ نَبِيٍّ إِلَى نَبِيٍّ حَتَّى أُخْرِجَكَ نَبِيًّا.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ عَنْ إسماعيل ابن جَعْفَرٍ. أَخْبَرَنَا عَمْرٌو. يَعْنِي ابْنَ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ. عَنْ سَعِيدٍ. يَعْنِي الْمَقْبُرِيَّ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بَنِي آدَمَ قَرْنًا فَقَرْنًا حَتَّى بُعِثْتُ مِنَ الْقَرْنِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ] «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ [قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَ نَبِيًّا نَظَرَ إِلَى خَيْرِ أَهْلِ الأَرْضِ قَبِيلَةً فَيَبْعَثُ خَيْرَهَا رَجُلا] .
ذِكْرُ مَنْ وَلَدَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الأَنْبِيَاءِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَبُو سُفْيَانَ الْعَبْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ الثَّوْرِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: الناس
__________
(1) انظر الحديث في: [صحيح البخاري (4/ 229، 259) ، ومسند أحمد بن حنبل (2/ 373) ، والدر المنثور (3/ 294) ، وشرح السنة (13/ 195) ] .(1/22)
وَلَدُ آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ] «1» .
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: خُلِقَ آدَمُ مِنْ أَرْضٍ يُقَالُ لَهَا دَحْنَاءُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ وخلاد بن يَحْيَى قَالا: أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ لِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَتَدْرِي لِمَ سُمِّيَ آدَمُ؟ لأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ أَدِيمِ الأَرْضِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ. أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ يَقُولُ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الأَرْضِ فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الأَرْضِ. جَاءَ مِنْهُمُ الأَحْمَرُ وَالأَبْيَضُ وَالأَسْوَدُ وَبَيْنَ ذَلِكَ وَالسَّهْلُ وَالْحَزْنُ وَبَيْنَ ذَلِكَ وَالْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَبَيْنَ ذَلِكَ] «2» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ. أَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ أَبِي قِلابَةَ قَالَ: خُلِقَ آدَمُ مِنْ أَدِيمِ الأَرْضِ كُلِّهَا مِنْ أَسْوَدِهَا وأحمرها وأبيضها وحزنها وسهلها. وَقَالَ الْحَسَنُ مِثْلَهُ: وَخُلِقَ جُؤْجُؤُهُ مِنْ ضَرِيَّةٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ سَعِيدِ ابن جُبَيْرٍ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ آدَمُ لأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ أَدِيمِ الأَرْضِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ إِنْسَانًا لأَنَّهُ نَسِيَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ الأَشْقَرِيُّ. أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّيُّ عَنْ جَعْفَرٍ. يَعْنِي ابْنَ أَبِي الْمُغِيرَةِ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ إِبْلِيسَ فَأَخَذَ مِنْ أَدِيمِ الأَرْضِ مِنْ عَذْبِهَا وَمِلْحِهَا. فَخَلَقَ مِنْهَا آدَمَ. فَكُلُّ شَيْءٍ خَلْقَهُ مِنْ عَذْبِهَا فَهُوَ صَائِرٌ إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ ابْنَ كَافِرٍ. وَكُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ مِنْ مِلْحِهَا فَهُوَ صَائِرٌ إِلَى النَّارِ وَإِنْ كَانَ ابْنَ تَقِيٍّ. قَالَ فَمِنْ ثَمَّ قال إبليس: أأسجد لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا. لأَنَّهُ جَاءَ بِالطِّينَةِ. قَالَ فَسُمِّيَ آدَمُ. لأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ أَدِيمِ الأَرْضِ.
__________
(1) انظر الحديث في: [كشف الخفا (2/ 451) ] .
(2) انظر الحديث في: [سنن الترمذي (2955) ، وسنن أبي داود (4693) ، ومسند أحمد بن حنبل (4/ 400، 406) ، والمستدرك (2/ 61) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (2/ 341) ، وتاريخ الطبري (1/ 170) ، وتفسير ابن كثير (5/ 460) ، (6/ 315) ، والدر المنثور (1/ 46) ، وحلية الأولياء (2/ 104) ، (8/ 135) ، والبداية والنهاية (1/ 85) ، والأسماء والصفات (327) ] .(1/23)
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ الله. ص: إِنَّ اللَّهَ لَمَّا صَوَّرَ آدَمَ تَرَكَهُ مَا شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ فَجَعَلَ إِبْلِيسُ يُطِيفُ بِهِ. فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ عَرَفَ أَنَّهُ خَلْقٌ لا يَتَمَالَكُ] «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: خَمَّرَ اللَّهُ طِينَةَ آدَمَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. أَوْ قَالَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا. ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ فِيهِ فَخَرَجَ كُلُّ طَيِّبٍ فِي يَمِينِهِ. وَخَرَجَ كُلُّ خَبِيثٍ فِي يَدِهِ الأُخْرَى. ثُمَّ خَلَطَ بَيْنَهُمَا. قَالَ: فَمِنْ ثَمَّ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَالْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْهَاشِمِيِّ عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
قَالَ رسول الله. ص: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ «2» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ: خَلَقَ اللَّهُ ابْنَ آدَمَ كَمَا شَاءَ وَمِمَّا شَاءَ فَكَانَ كَذَلِكَ.
تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ. خُلِقَ مِنَ التُّرَابِ وَالْمَاءِ. فَمِنْهُ لَحْمُهُ وَدَمُهُ وَشَعْرُهُ وَعِظَامُهُ وَجَسَدُهُ كُلُّهُ. فَهَذَا بَدْءُ الْخَلْقِ الَّذِي خَلَقَ اللَّهُ مِنْهُ ابْنَ آدَمَ. ثُمَّ جُعِلَتْ فِيهِ النَّفْسُ. فَبِهَا يَقُومُ وَيَقْعُدُ وَيَسْمَعُ وَيُبْصِرُ. وَيَعْلَمُ مَا تَعْلَمُ الدَّوَابُّ. وَيَتَّقِي مَا تَتَّقِي. ثُمَّ جُعِلَ فِيهِ الرُّوحُ. فَبِهِ عَرَفَ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ. وَالرُّشْدَ مِنَ الْغَيِّ. وَبِهِ حَذَرَ وَتَقَدَّمَ. وَاسْتَتَرَ وَتَعَلَّمَ. وَدَبَّرَ الأُمُورَ كُلَّهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَلادُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ. أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَسَقَطَ مِنْ ظَهْرِهِ كُلُّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. ثُمَّ جَعَلَ بَيْنَ عَيْنَيْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ وَبِيصًا مِنْ نُورٍ ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى آدَمَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالَ: هَؤُلاءِ ذُرِّيَّتُكَ. فَرَأَى رَجُلا مِنْهُمْ أَعْجَبَهُ نُورُ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ. فَقَالَ: أَيْ رَبِّ من هذا؟ قال: هذا
__________
(1) انظر الحديث في: [مسند أحمد بن حنبل (3/ 240) ] .
(2) انظر الحديث في: [التمهيد (6/ 2) ] .(1/24)
رَجُلٌ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ فِي آخِرِ الأُمَمِ يُقَالُ لَهُ دَاوُدُ. قَالَ: فَزِدْهُ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعِينَ سَنَةً. قَالَ:
إِذًا تُكْتَبَ وَتُخْتَمَ وَلا تُبَدَّلَ. قَالَ: فَلَمَّا انْقَضَى عُمْرُ آدَمَ جَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ. قَالَ: أَوَلَمْ يَبْقَ مِنْ عُمُرِي أَرْبَعُونَ سَنَةً؟ قَالَ: أَوَلَمْ تُعْطِهَا ابْنَكَ دَاوُدَ؟ قَالَ رسول الله. ص:
فَجَحَدَ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ. وَنَسِيَ آدَمُ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ. وَخَطِئَ آدَمُ فَخَطِئَتْ ذُرِّيَّتُهُ] «1» .
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الدين قال رسول الله. ص: [إن أول من جحد آدم. ع. وَكَرَّرَهَا ثَلاثًا. إِنَّ اللَّهَ لَمَّا خَلَقَ آدَمَ مَسَحَ عَلَى ظَهْرِهِ فَأَخْرَجَ ذُرِّيَّتَهُ فَعَرَضَهُمْ عَلَيْهِ. فَرَأَى فِيهِمْ رَجُلا يَزْهَرُ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ! أَيُّ بَنِيَّ هَذَا؟
قَالَ: هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ. قَالَ: فَكَمْ عُمُرُهُ؟ قَالَ: سِتُّونَ سَنَةً. قَالَ: أَيْ رَبِّ زِدْهُ فِي عُمُرِهِ. قَالَ: لا إِلا أَنْ تَزِيدَهُ أَنْتَ مِنْ عُمُرِكَ. قَالَ وَكَانَ عُمُرُ آدَمَ أَلْفَ سَنَةٍ. قَالَ: أَيْ رَبِّ زِدْهُ مِنْ عُمُرِي. قَالَ: فَزَادَهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَكَتَبَ عَلَيْهِ كِتَابًا وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الْمَلائِكَةَ.
فَلَمَّا احْتُضِرَ آدَمُ أَتَتْهُ الْمَلائِكَةُ لِتَقْبِضَ رُوحَهُ فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُرِي أَرْبَعُونَ سَنَةً.
فَقَالُوا: إِنَّكَ جَعَلْتَهَا لابْنِكَ دَاوُدَ. فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَا فَعَلْتُ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْكِتَابَ وَأَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ. ثُمَّ أَكْمَلَ اللَّهُ. عَزَّ وَجَلَّ. لآدَمَ أَلْفَ سَنَةٍ. وَأَكْمَلَ لِدَاوُدَ مِائَةَ سَنَةٍ] «2» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ. وَهُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ. عَنْ كُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. فِي قَوْلِهِ: «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا» الأعراف:
172. فَمَسَحَ رَبُّكَ ظَهْرَ آدَمَ. فَخَرَجَتْ كُلُّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِنَعْمَانَ هَذَا الَّذِي وَرَاءَ عَرَفَةَ. فَأَخَذَ مِيثَاقَهُمْ: «أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا» الأعراف:
172..
__________
(1) انظر الحديث في: [سنن الترمذي (3076) ، والمستدرك (2/ 325) ، وتفسير ابن كثير (3/ 504) ، والدر المنثور (3/ 143) ] .
(2) انظر الحديث في: [مسند أحمد بن حنبل (1/ 251، 371) ، والسنن الكبرى (10/ 146) ، والمعجم الكبير للطبراني (18/ 214) ، والبداية والنهاية (1/ 89) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (2/ 345) ، والدر المنثور (1/ 370) ، وتفسير ابن كثير (1/ 495) ، وتاريخ الطبري (1/ 156) ] .(1/25)
قَالَ إِسْمَاعِيلُ: فَحَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومٍ عَنْ أَبِيهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: «قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ» الأعراف: 172.
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ كُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَسَحَ رَبُّكَ ظَهْرَ آدَمَ بِنَعْمَانَ هَذِهِ. فَأَخْرَجَ مِنْهُ كُلَّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. ثُمَّ أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ قَالَ: ثُمَّ تَلا: «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ» الأعراف: 172- 173. أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ. أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ. يَعْنِي ابْنَ أَبِي الأَسْوَدِ. عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ بِدِحْنَاءَ فَمَسَحَ ظَهْرَهُ. فَأَخْرَجَ كُلَّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ: «أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى» الأعراف: 172. قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ: «شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غافِلِينَ» الأعراف: 172. قَالَ سَعِيدٌ: فَيَرَوْنَ أَنَّ الْمِيثَاقَ أُخِذَ يَوْمَئِذٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ أَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ. أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ سَيِّدُ الأَيَّامِ وَأَعْظَمُهَا عِنْدَ اللَّهِ. خَلَقَ اللَّهُ فِيهِ آدَمَ وَأَهْبَطَ فِيهِ آدَمَ إِلَى الأَرْضِ وَفِيهِ تَوَفَّى اللَّهُ آدَمَ] «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ فِي آخِرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ.
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ سَلْمَانُ إِنَّ أَوَّلَ مَا خُلِقَ مِنْ آدَمَ رَأْسُهُ فَجُعِلَ يُخْلَقُ جَسَدُهُ وَهُوَ يَنْظُرُ. قَالَ: فَبَقِيَتْ رِجْلاهُ عِنْدَ الْعَصْرِ. قَالَ: يَا رَبِّ اللَّيْلُ أَعْجِلْ قَدْ جَاءَ الليل. قال الله: «وخُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ» الأنبياء: 37.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ في قوله: من طين.
__________
(1) انظر الحديث في: [المعجم الكبير للطبراني (5/ 24) ، والدر المنثور (6/ 216) ، وكشف الخفا (2/ 554) ] .(1/26)
قَالَ: اسْتُلَّ آدَمُ مِنَ الطِّينِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عن قتادة في قوله: أنشأناه خلقا آخر. قَالَ: يَقُولُ بَعْضُهُمْ هُوَ نَبَاتُ الشَّعْرِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ نَفْخُ الرُّوحِ.
أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ:
حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ قَتَادَةَ السُّلَمِيُّ. وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: [إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ ثُمَّ أَخَذَ الْخَلْقَ مِنْ ظَهْرِهِ. فَقَالَ هَؤُلاءِ فِي الْجَنَّةِ وَلا أُبَالِي. وَهَؤُلاءِ فِي النَّارِ وَلا أُبَالِي. فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى مَاذَا نَعْمَلُ؟ قَالَ: عَلَى مَوَاقِعِ الْقَدَرِ] «1» .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدًا الْمَقْبُرِيَّ يَقُولُ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كَانَ أَوَّلُ مَا جَرَى فِيهِ الرُّوحُ مِنْ آدَمَ. بَصَرَهُ وَخَيَاشِيمَهُ. فَلَمَّا جَرَى الرُّوحُ مِنْهُ فِي جَسَدِهِ كُلِّهِ عَطَسَ.
فَلَقَّاهُ اللَّهُ حَمْدَهُ فَحَمِدَ رَبَّهُ. فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: رَحِمَكَ رَبُّكَ. ثُمَّ قَالَ اللَّهُ لَهُ: اذْهَبْ يَا آدَمُ إِلَى أُولَئِكَ الْمَلإِ فَقُلْ لَهُمْ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ. فَانْظُرْ مَاذَا يَرُدُّونَ عَلَيْكَ. فَفَعَلَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْجَبَّارِ. فَقَالَ اللَّهُ لَهُ. وَهُوَ أَعْلَمُ: مَاذَا قَالُوا لَكَ؟ فَقَالَ: قَالُوا وَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. فَقَالَ لَهُ: هَذَا يَا آدَمُ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ.
قال: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نُفِخَ فِي آدَمَ الرُّوحُ عَطَسَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: يَرْحَمُكَ رَبُّكَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَبَقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَالْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ كَانَ يَمَسُّ رَأْسَهُ السَّمَاءَ. قَالَ: فَوَطَّدَهُ اللَّهُ إِلَى الأَرْضِ حَتَّى صَارَ سِتِّينَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِ أَذْرُعٍ عَرْضًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُتَيٍّ عن أبي بن كعب عن النبي. ع. [أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ آدَمَ كَانَ رَجُلا طُوَالا كأنه
__________
(1) انظر الحديث في: [مسند أحمد بن حنبل (4/ 86) ، والدر المنثور (3/ 144) ، والمستدرك (1/ 27) ] .(1/27)
نَخْلَةٌ سَحُوقٌ كَثِيرَ شَعْرِ الرَّأْسِ. فَلَمَّا رَكِبَ الْخَطِيئَةَ بَدَتْ لَهُ عَوْرَتُهُ وَكَانَ لا يَرَاهَا قَبْلَ ذَلِكَ. فَانْطَلَقَ هَارِبًا فِي الْجَنَّةِ. فَتَعَلَّقَتْ بِهِ شَجَرَةٌ. فَقَالَ لَهَا: أَرْسِلِينِي. فَقَالَتْ:
لَسْتُ بِمُرْسِلَتِكَ. قَالَ: وَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا آدَمُ أَمِنِّي تَفِرُّ؟ قَالَ: رَبِّ إِنِّي اسْتَحْيَيْتُكَ] «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُتَيٍّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ.
أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الرَّبِيعِ أَبُو حَمْزَةَ الْعَطَّارُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُتَيٍّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: كَانَ آدَمُ طُوَالا آدَمَ جَعْدًا كَأَنَّهُ نَخْلَةٌ سَحُوقٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ السَّكَنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قال: قال رسول الله. ص: يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ جُرْدًا مُرْدًا جِعَادًا مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين على خلق سِتِّينَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِ أَذْرُعٍ «2» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. أَخْبَرَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: بَكَى آدَمُ عَلَى الْجَنَّةِ ثَلاثَمِائَةِ سَنَةٍ.
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ أَبِي عُمَرَ الشامي عن عبيد بن الخشخاش عن أبي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ. عَلَيْهِ السَّلامُ: أَيُّ الأَنْبِيَاءِ أَوَّلُ؟ قَالَ: آدَمُ. قُلْتُ: أَوَنَبِيًّا كَانَ؟ قَالَ: نَعَمْ نَبِيٌّ مُكَلَّمٌ.
قَالَ: قُلْتُ فَكَمِ الْمُرْسَلُونَ؟ قَالَ: ثَلاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ جَمًّا غَفِيرًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ لآدم أربعة أولاد توأم. ذَكَرٌ وَأُنْثَى مِنْ بَطْنٍ. وَذَكَرٌ وَأُنْثَى مِنْ بَطْنٍ. فَكَانَتْ أُخْتُ صَاحِبِ الْحَرْثِ وَضِيئَةً.
وَكَانَتْ أُخْتُ صَاحِبِ الْغَنَمِ قَبِيحَةً. فَقَالَ صَاحِبُ الْحَرْثِ: أنا أحق بها. وقال صاحب
__________
(1) انظر الحديث في: [المستدرك (2/ 262) ، والدر المنثور (1/ 54) ، والبعث والنشور للبيهقي (193) ، والزهد لأحمد (48) ] .
(2) انظر الحديث في: [سنن الترمذي (2545) ، ومسند أحمد بن حنبل (2/ 295) ، (5/ 243) ، والدر المنثور (1/ 48) ، وتفسير ابن كثير (8/ 13) ، ومصنف ابن أبي شيبة (13/ 114) ] .(1/28)
الْغَنَمِ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا. فَقَالَ صَاحِبُ الْغَنَمِ: وَيْحَكَ! أَتُرِيدُ أَنْ تَسْتَأْثِرَ بِوَضَاءَتِهَا عَلَيَّ؟ تَعَالَ حَتَّى نُقَرِّبَ قُرْبَانًا. فَإِنْ تُقُبِّلَ قُرْبَانُكَ كُنْتَ أَحَقَّ بِهَا. وَإِنْ تُقُبِّلَ قُرْبَانِي كُنْتُ أَحَقَّ بِهَا. قَالَ:
فَقَرَّبَا قُرْبَانَهُمَا. فَجَاءَ صَاحِبُ الْغَنَمِ بِكَبْشٍ أَعْيَنَ أَقْرَنَ أَبْيَضَ. وَجَاءَ صَاحِبُ الْحَرْثِ بِصُبْرَةٍ مِنْ طَعَامِهِ. فَقُبِلَ الْكَبْشُ. فَخَزَنَهُ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا. وَهُوَ الْكَبْشُ الَّذِي ذَبَحَهُ إِبْرَاهِيمُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ صاحب الحرث: «لَأَقْتُلَنَّكَ» المائدة: 27. فَقَالَ صَاحِبُ الْغَنَمِ: «لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ» المائدة: 28. إِلَى قَوْلِهِ: «وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ» المائدة: 29. فَقَتَلَهُ فَوَلَدُ آدَمَ كُلُّهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْكَافِرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ آدَمُ يُزَوِّجُ ذَكَرَ هَذَا الْبَطْنِ بِأُنْثَى هَذَا الْبَطْنِ.
وَأُنْثَى هَذَا الْبَطْنِ بِذَكَرِ هَذَا الْبَطْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُتَيٍّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ آدَمَ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ: يَا بَنِيَّ اطْلُبُوا لِي مِنْ ثَمَرَةِ الْجَنَّةِ فَإِنِّي قَدِ اشْتَهَيْتُهَا. فَذَهَبَ بَنُوهُ. وَذَاكَ فِي مَرَضِهِ. يَطْلُبُونَ لَهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْجَنَّةِ. فَإِذَا هُمْ بِمَلائِكَةِ اللَّهِ. قَالُوا لَهُمْ: يَا بَنِي آدَمَ مَا تَطْلُبُونَ؟ قَالُوا: إِنَّ أَبَانَا اشْتَاقَ إِلَى ثَمَرَةِ الْجَنَّةِ فَنَحْنُ نَطْلُبُهَا. قَالُوا: ارْجِعُوا. فَقَدْ قُضِيَ الأَمْرُ. فَإِذَا أَبُوهُمْ قَدْ قُبِضَ.
فَأَخَذْتِ الْمَلائِكَةُ آدَمَ فَغَسَّلُوهُ وَحَنَّطُوهُ وَكَفَّنُوهُ وَحَفَرُوا لَهُ قَبْرًا وَجَعَلُوا لَهُ لَحْدًا. ثُمَّ إِنَّ مَلَكًا مِنَ الْمَلائِكَةِ تَقَدَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَخَلْفَهُ الْمَلائِكَةُ وَبَنُو آدَمَ خَلْفَهُمْ. ثُمَّ وَضَعُوهُ فِي حُفْرَتِهِ وَسَوَّوْا عَلَيْهِ. فَقَالُوا: يَا بَنِي آدَمَ هَذَا سَبِيلُكُمْ وَهَذِهِ سُنَّتُكُمْ.
قال: أخبرنا سعيد بن سليمان. أخبرنا هشيم قال: أخبرنا يونس بن عبيد عن حسن قال: أخبرنا عتي السعدي عن أبي بن كعب قال: لما احتضر آدم قال لبنيه:
انطلقوا فاجتنوا لي من ثمار الجنة. فخرج بنوه فاستقبلتهم الملائكة فقالوا: أين تريدون؟ قالوا: بعثنا أبونا لنجتني له من ثمار الجنة. قالوا: ارجعوا فقد كفيتم.
فرجعوا معهم حتى دخلوا على آدم. فلما رأتهم حواء ذعرت. فجعلت تدنو إلى آدم فتلزق به. فقال لها آدم: إليك عني فمن قبلك أتيت. خلي بيني وبين ملائكة ربي.
فقبضوا روحه. ثم غسلوه وكفنوه وحنطوه. ثم صلوا عليه وحفروا له. ثم دفنوه.
فقالوا: يا بني آدم. هذه سنتكم في موتاكم.(1/29)
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشِ بْنِ عَجْلانَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مَنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[يقول: إِنَّ آدَمَ خُلِقَ مِنْ ثَلاثِ تُرُبَاتٍ سَوْدَاءَ وَبَيْضَاءَ وَخَضْرَاءَ] «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ قَالَ:
خَرَجْتُ خَرْجَةً لِي فَجِئْتُ وَهُمْ يَقُولُونَ: قَالَ الْحَسَنُ: فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ يَا أَبَا سَعِيدٍ! آدَمُ لِلسَّمَاءِ خُلِقَ أَمْ لِلأَرْضِ؟ فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أَبَا مُنَازِلٍ؟ لِلأَرْضِ خُلِقَ! قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوِ اعْتَصَمَ فَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ الشَّجَرَةِ؟ قَالَ: لِلأَرْضِ خُلِقَ. فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ بَيَانٍ عن الشعبي عن جعدة ابن هُبَيْرَةَ قَالَ: الشَّجَرَةُ الَّتِي افْتُتِنَ بِهَا آدَمُ الْكَرْمُ. وَجُعِلَتْ فِتْنَةً لِوَلَدِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَزِيَادٍ مَوْلَى مُصْعَبٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[عَنْ آدَمَ: أَنَبِيًّا كَانَ أَوْ مَلَكًا؟ قَالَ: بَلْ نَبِيٌّ مُكَلَّمٌ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ الهيعة عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ:
[الناس لآدم وحواء كطف الصاع لن يملؤوه. إِنَّ اللَّهَ لا يَسْأَلُكُمْ عَنْ أَحْسَابِكُمْ وَلا أَنْسَابِكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. أَكْرَمُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ. أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ:
خَرَجَ آدَمُ مِنَ الْجَنَّةِ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ. صَلاةِ الظُّهْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ. فَأُنْزِلَ إِلَى الأَرْضِ.
وَكَانَ مُكْثُهُ فِي الْجَنَّةِ نِصْفَ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الآخِرَةِ. وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ مِنْ يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَاعَةً. وَالْيَوْمُ أَلْفُ سَنَةٍ مِمَّا يَعُدُّ أَهْلُ الدُّنْيَا. فَأُهْبِطَ آدَمُ عَلَى جَبَلٍ بِالْهِنْدِ يُقَالُ لَهُ نَوْذُ. وَأُهْبِطَتْ حَوَّاءُ بِجُدَّةَ. فَنَزَلَ آدَمُ مَعَهُ رِيحُ الْجَنَّةِ. فَعَلِقَ بِشَجَرِهَا وَأَوْدِيَتِهَا.
فَامْتَلأَ مَا هُنَالِكَ طِيبًا. فَمِنْ ثَمَّ يُؤْتَى بِالطِّيبِ مِنْ رِيحِ آدَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالُوا: أُنْزِلَ مَعَهُ مِنْ آسِ الْجَنَّةِ أَيْضًا. وَأُنْزِلَ مَعَهُ بِالْحَجَرِ الأَسْوَدِ. وَكَانَ أَشَدَّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْجِ. وَعَصَا مُوسَى. وَكَانَتْ مِنْ آسِ الْجَنَّةِ. طُولُهَا عَشَرَةُ أَذْرُعٍ عَلَى طُولِ مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَرُّ وَلُبَانُ ثُمَّ أُنْزِلَ عَلَيْهِ بَعْدُ الْعَلاةُ وَالْمِطْرَقَةُ وَالْكَلْبَتَانِ. فَنَظَرَ آدَمُ حِينَ أُهْبِطَ عَلَى الجبل إلى
__________
(1) انظر الحديث في: [الدر المنثور (1/ 47) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (2/ 342) ] .(1/30)
قَضِيبٍ مِنْ حَدِيدٍ نَابِتٍ عَلَى الْجَبَلِ. فَقَالَ: هَذَا مِنْ هَذَا. فَجَعَلَ يُكَسِّرُ أَشْجَارًا عَتَقَتْ وَيَبَسَتْ بِالْمِطْرَقَةِ. ثُمَّ أَوَقَدْ عَلَى ذَلِكَ الْغُصْنِ حَتَّى ذَابَ. فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ ضُرِبَ مِنْهُ مُدْيَةٌ. فَكَانَ يَعْمَلُ بِهَا. ثُمَّ ضُرِبَ التَّنُّورُ وَهُوَ الَّذِي وَرِثَهُ نُوحٌ. وَهُوَ الَّذِي فَارَ بِالْهِنْدِ بِالْعَذَابِ. فَلَمَّا حَجَّ آدَمُ. وَضَعَ الْحَجَرَ الأَسْوَدَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ فَكَانَ يُضِيءُ لأَهْلِ مَكَّةَ فِي لَيَالِي الظُّلْمِ كَمَا يُضِيءُ الْقَمَرُ. فَلَمَّا كَانَ قُبَيْلَ الإِسْلامِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ. وَقَدْ كَانَ الْحُيَّضُ وَالْجُنُبُ يَصْعَدُونَ إِلَيْهِ يَمْسَحُونَهُ فَاسْوَدَّ فَأَنْزَلَتْهُ قُرَيْشٌ مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ. وَحَجَّ آدَمُ مِنَ الْهِنْدِ إِلَى مَكَّةَ أَرْبَعِينَ حَجَّةً عَلَى رِجْلَيْهِ. وَكَانَ آدَمُ حِينَ أُهْبِطَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ السَّمَاءَ. فَمِنْ ثَمَّ صَلُعَ وَأَوْرَثَ وَلَدَهُ الصَّلَعَ. وَنَفَرَتْ مِنْ طُولِهِ دَوَابُّ الْبَرِّ فَصَارَتْ وَحْشًا مِنْ يَوْمَئِذٍ. فَكَانَ آدَمُ وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ الْجَبَلِ قَائِمًا يَسْمَعُ أَصْوَاتَ الْمَلائِكَةِ وَيَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ. فَحُطَّ مِنْ طُولِهِ ذَلِكَ إِلَى سِتِّينَ ذِرَاعًا. فَكَانَ ذَلِكَ طُولُهُ حَتَّى مَاتَ. وَلَمْ يُجْمَعْ حُسْنُ آدَمَ لأَحَدٍ مِنْ وَلَدِهِ إِلا لِيُوسُفَ. وَأَنْشَأَ آدَمُ يَقُولُ: رَبِّ كُنْتُ جَارَكَ فِي دَارِكَ لَيْسَ لِي رَبٌّ غَيْرَكَ. وَلا رَقِيبٌ دُونَكَ. آكُلُ فِيهَا رَغَدًا. وَأَسْكُنُ حَيْثُ أَحْبَبْتُ. فَأَهْبَطْتَنِي إِلَى هَذَا الْجَبَلِ الْمُقَدَّسِ. فَكُنْتُ أَسْمَعُ أَصْوَاتَ الْمَلائِكَةِ وَأَرَاهُمْ كَيْفَ يَحُفُّونُ بِعَرْشِكَ وَأَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ وَطِيبِهَا. ثُمَّ أَهْبَطْتَنِي إِلَى الأَرْضِ وَحَطَطْتَنِي إِلَى سِتِّينَ ذِرَاعًا. فَقَدِ انْقَطَعَ عَنِّي الصَّوْتُ وَالنَّظَرُ. وَذَهَبَ عَنِّي رِيحُ الْجَنَّةِ.
فَأَجَابَهُ اللَّهُ. تَبَارَكَ وَتَعَالَى: لِمَعْصِيَتِكَ يَا آدَمُ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ. فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ عُرْيَ آدَمَ وَحَوَّاءَ أَمَرَهُ أَنْ يَذْبَحَ كَبْشًا مِنَ الضَّأْنِ مِنَ الثَّمَانِيَةِ الأَزْوَاجِ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْجَنَّةِ. فَأَخَذَ آدَمُ كَبْشًا فَذَبَحَهُ. ثُمَّ أَخَذَ صُوفَهُ فَغَزَلَتْهُ حَوَّاءُ وَنَسَجَهُ هُوَ وَحَوَّاءُ. فَنَسَجَ آدَمُ جُبَّةً لِنَفْسِهِ وَجَعَلَ لِحَوَّاءَ دِرْعًا وَخِمَارًا فَلَبِسَاهُ. وَقَدْ كَانَا اجْتَمَعَا بِجَمْعٍ فَسُمِّيَتْ جَمْعًا. وَتَعَارَفَا بِعَرَفَةَ فَسُمِّيَتْ عَرَفَةَ. وَبَكَيَا عَلَى مَا فَاتَهُمَا مِائَتَيْ سَنَةٍ. وَلَمْ يَأْكُلا وَلَمْ يَشْرَبَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا. ثُمَّ أَكَلا وَشَرِبَا وَهُمَا يَوْمَئِذٍ عَلَى نَوْذَ. الْجَبَلِ الَّذِي أُهْبِطَ عَلَيْهِ آدَمُ.
وَلَمْ يَقْرَبْ حَوَّاءَ مِائَةَ سَنَةٍ. ثُمَّ قَرَبَهَا فَتَلَقَّتْ فَحَمَلَتْ. فَوَلَدَتْ أَوَّلَ بَطْنٍ قَابِيلَ وَأُخْتَهُ لَبُودَ تَوْأَمَتَهُ. ثُمَّ حَمَلَتْ فَوَلَدَتْ هَابِيلَ وَأُخْتَهُ إِقْلِيمَا تَوْأَمَتَهُ. فَلَمَّا بَلَغُوا أَمَرَ اللَّهُ آدَمَ أَنْ يُزَوِّجَ الْبَطْنَ الأَوَّلَ الْبَطْنَ الثَّانِيَ. وَالْبَطْنَ الثَّانِيَ الْبَطْنَ الأَوَّلَ. يُخَالِفُ بَيْنَ الْبَطْنَيْنِ فِي النِّكَاحِ. وَكَانَتْ أُخْتُ قَابِيلَ حَسَنَةً وَأُخْتُ هَابِيلَ قَبِيحَةً. فَقَالُ آدَمُ لِحَوَّاءَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ.
فَذَكَرَتْهُ لابْنَيْهَا. فَرَضِيَ هَابِيلُ وَسَخِطَ قَابِيلُ وَقَالَ: لا وَاللَّهِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهَذَا قَطُّ. وَلَكِنْ هَذَا عَنْ أَمْرِكَ يَا آدَمُ. فَقَالَ آدَمُ: فَقَرِّبَا قُرْبَانًا فَأَيُّكُمَا كَانَ أَحَقَّ بِهَا أَنْزَلَ اللَّهُ نَارًا مِنَ(1/31)
السَّمَاءِ فَأَكَلَتْ قُرْبَانَهُ. فَرَضِيَا بِذَلِكَ. فَعَدَا هَابِيلُ. وَكَانَ صَاحِبُ مَاشِيَةٍ. بِخَيْرِ غِذَاءِ غَنَمِهِ وَزُبْدٍ وَلَبَنٍ. وَكَانَ قَابِيلُ زَرَّاعًا فَأَخَذَ طُنًّا مِنْ شَرِّ زَرْعِهِ. ثُمَّ صَعَدَا الْجَبَلَ. يَعْنِي نَوْذَ. وَآدَمُ مَعَهُمَا. فَوَضَعَا الْقُرْبَانَ وَدَعَا آدَمُ رَبَّهُ. وَقَالَ قَابِيلُ فِي نَفْسِهِ: مَا أُبَالِي أَيُقْبَلُ مني أم لا. لا يَنْكِحُ هَابِيلُ أُخْتِي أَبَدًا. فَنَزَلَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْ قُرْبَانَ هَابِيلَ وَهُوَ فِي غَنَمِهِ فَقَالَ: لأَقْتُلَنَّكَ! قَالَ: لِمَ تَقْتُلُنِي؟ قَالَ: لأَنَّ اللَّهَ تَقَبَّلَ مِنْكَ وَلَمْ يَتَقَبَّلْ مِنِّي وَرَدَّ عَلَيَّ قُرْبَانِي وَنَكَحْتَ أُخْتِي الْحَسَنَةَ وَنَكَحْتُ أُخْتَكَ الْقَبِيحَةَ. وَيَتَحَدَّثُ النَّاسُ بَعْدَ الْيَوْمِ أَنَّكَ كُنْتَ خَيْرًا مِنِّي. فَقَالَ لَهُ هَابِيلُ: «لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ. إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ» المائدة: 28- 29. أَمَا قَوْلُهُ بِإِثْمِي. يَقُولُ:
تَأْثَمُ بِقَتْلِي إِذَا قَتَلْتَنِي إِلَى إِثْمِكَ الَّذِي كَانَ عَلَيْكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَنِي. فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ فَتَرَكَهُ لَمْ يُوَارِ جَسَدَهُ. «فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ» المائدة: 31. وَكَانَ قَتْلُهُ عَشِيَّةً. وَغَدَا إِلَيْهِ غُدْوَةً لَيَنْظُرَ مَا فَعَلَ. فَإِذَا هُوَ بِغُرَابٍ حَيٍّ يَبْحَثُ على غراب ميت. فقال: «يا وَيْلَتى! أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي» المائدة: 31. كما يواري هذا سوءة أخيه؟ فدعا بالويل. فأصبح من النادمين. ثُمَّ أَخَذَ قَابِيلُ بِيَدِ أَخِيهِ ثُمَّ هَبَطَ مِنَ الْجَبَلِ. يَعْنِي نَوْذَ.
إِلَى الْحَضِيضِ. فَقَالَ آدَمُ لِقَابِيلَ: اذْهَبْ فَلا تَزَالُ مَرْعُوبًا أَبَدًا لا تَأْمَنُ مَنْ تَرَاهُ! فَكَانَ لا يَمُرُّ بِهِ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِهِ إِلا رَمَاهُ. فَأَقْبَلَ ابْنٌ لِقَابِيلَ أَعْمَى وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ. فَقَالَ لِلأَعْمَى ابْنِهِ: هَذَا أَبُوكَ قَابِيلُ. فَرَمَى الأَعْمَى أَبَاهُ قَابِيلَ فَقَتَلَهُ. فَقَالَ ابْنُ الأَعْمَى: يَا أَبَتَاهُ قَتَلْتَ أَبَاكَ. فَرَفَعَ الأَعْمَى يَدَهُ فَلَطَمَ ابْنَهُ فَمَاتَ ابْنُهُ. فَقَالَ الأَعْمَى: وَيْلٌ لِي قَتَلْتُ أَبِي بِرَمْيَتِي. وَقَتَلْتُ ابْنِي بِلَطْمَتِي! ثُمَّ حَمَلَتْ حَوَّاءُ فَوَلَدَتْ شِيثًا وَأُخْتَهُ عَزْوَرَا. فَسُمِّيَ هِبَةُ اللَّهِ. اشْتُقَّ لَهُ مِنِ اسْمِ هَابِيلَ. فَقَالَ لَهَا جِبْرِيلُ حِينَ وَلَدَتْهُ: هَذَا هِبَةُ اللَّهِ لَكِ بَدَلَ هَابِيلَ. وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ شَثٌّ. وَبِالسُّرْيَانِيَّةِ شَاثُ. وَبِالْعِبْرَانِيَّةِ شِيثٌ وَإِلَيْهِ أَوْصَى آدَمُ.
صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَكَانَ آدَمُ يَوْمَ وُلِدَ شِيثٌ ابْنُ ثَلاثِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ. ثُمَّ تَغْشَاهَا آدَمُ فَحَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ. يَقُولُ: قَامَتْ وَقَعَدَتْ. ثُمَّ أَتَاهَا الشَّيْطَانُ فِي غَيْرِ صُورَتِهِ فَقَالَ لَهَا: يَا حَوَّاءُ مَا هَذَا فِي بَطْنِكِ؟ قَالَتْ: لا أَدْرِي! قَالَ: فَلَعَلَّهُ يَكُونُ بَهِيمَةً مِنْ هَذِهِ الْبَهَائِمِ؟ ثُمَّ قَالَتْ: مَا أَدْرِي! ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا حَتَّى إِذَا هِيَ أَثْقَلَتْ أَتَاهَا فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدِينَكِ يَا حَوَّاءُ؟ قَالَتْ: إِنِّي لأَخَافُ أَنْ يَكُونَ كَالَّذِي خوفتني. ما(1/32)
أَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ إِذَا قُمْتُ. قَالَ: أَفَرَأَيْتِ إِنْ دَعَوْتُ اللَّهَ فَجَعَلَهُ إِنْسَانًا مِثْلَكَ وَمِثْلَ آدَمَ تُسَمِّيهِ بِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ. فَانْصَرَفَ عَنْهَا. وَقَالَتْ لآدَمَ: لَقَدْ أَتَانِي آتٍ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ الَّذِي فِي بَطْنِي بَهِيمَةً مِنْ هَذِهِ الْبَهَائِمِ. وَإِنِّي لأَجِدُ لَهُ ثُقْلا وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ. فَلَمْ يَكُنْ لآدَمَ وَلا لِحَوَّاءَ هَمٌّ غَيْرَهُ حَتَّى وَضَعَتْهُ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ. تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ» الأعراف: 189. فَكَانَ هَذَا دُعَاؤُهُمَا قَبْلَ أَنْ تَلِدَ. فَلَمَّا وَلَدَتْ غُلامًا سَوِيًّا أَتَاهَا فَقَالَ لَهَا: أَلا سَمَّيْتِهِ كَمَا وَعَدْتِنِي؟
قَالَتْ: وَمَا اسْمُكَ؟ وَكَانَ اسْمُهُ عَزَازِيلُ. وَلَوْ تَسَمَّى بِهِ لَعَرَفَتْهُ. فَقَالَ: اسْمِي الْحَارِثُ. فَسَمَّتْهُ عَبْدُ الْحَارِثِ فَمَاتَ. يَقُولُ اللَّهُ: «فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ» الأعراف: 190. وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى آدَمَ: أَنْ لِي حَرَمًا بِحِيَالِ عَرْشِي. فَانْطَلِقْ فَابْنِ لِي بَيْتًا فِيهِ. ثُمَّ حُفَّ بِهِ كَمَا رَأَيْتَ مَلائِكَتِي يَحُفُّونَ بِعَرْشِي. فَهُنَالِكَ أَسْتَجِيبُ لَكَ وَلِوَلَدِكَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِي طَاعَتِي. فقال آدم: أي رب وَكَيْفَ لِي بِذَلِكَ؟ لَسْتُ أَقْوَى عَلَيْهِ وَلا أَهْتَدِي لَهُ. فَقَيَّضَ اللَّهُ لَهُ مَلَكًا فَانْطَلَقَ بِهِ نَحْوَ مَكَّةَ فَكَانَ آدَمُ إِذَا مَرَّ بِرَوْضَةٍ وَمَكَانٍ يُعْجِبُهُ قَالَ لِلْمَلَكِ: انْزِلْ بِنَا هَهُنَا. فَيَقُولُ لَهُ الْمَلَكُ: مَكَانَكَ. حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَكَانَ كُلُّ مَكَانٍ نَزَلَ بِهِ عُمْرَانًا. وَكَانَ كُلُّ مَكَانٍ تَعَدَّاهُ مَفَاوِزَ وَقِفَارًا. فَبَنَى البيت من خمسة أجبل: من طور سيناء. وَطُورِ زَيْتُونٍ. وَلُبْنَانَ.
وَالْجُودِيِّ. وَبَنَى قَوَاعِدَهُ مِنْ حِرَاءٍ. فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بِنَائِهِ خَرَجَ بِهِ الْمَلَكُ إِلَى عَرَفَاتٍ فَأَرَاهُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا الَّتِي يَفْعَلُهَا النَّاسُ الْيَوْمَ ثُمَّ قَدِمَ بِهِ مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعًا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَرْضِ الْهِنْدِ فَمَاتَ عَلَى نَوْذَ. فَقَالَ شِيثٌ لِجِبْرِيلَ: صَلِّ عَلَى آدَمَ. فَقَالَ: تَقَدَّمْ أَنْتَ فَصَلِّ عَلَى أَبِيكَ وَكَبِّرْ عَلَيْهِ ثَلاثِينَ تَكْبِيرَةً. فَأَمَّا خَمْسٌ وَهِيَ الصَّلاةُ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ تَفْضِيلا لآدَمَ. وَلَمْ يَمُتْ آدَمُ حَتَّى بَلَغَ وَلَدُهُ وَوَلَدُ وَلَدِهِ أَرْبَعِينَ أَلْفًا بِنَوْذَ وَرَأَى آدَمُ فِيهِمُ الزِّنَا وَشُرْبَ الْخَمْرِ وَالْفَسَادَ. فَأَوْصَى أَنْ لا يُنَاكِحَ بَنُو شِيثٍ بَنِي قَابِيلَ. وَكَانَ الَّذِينَ يَأْتُونَهُ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ بَنُو شِيثٍ. فَكَانَ عُمُرُ آدَمَ تِسْعُمِائَةِ سَنَةً وَسِتًّا وَثَلاثِينَ سَنَةً. فَقَالَ مِائَةٌ مِنْ بَنِي شِيثٍ صِبَاحٌ: لَوْ نَظَرْنَا مَا فَعَلَ بَنُو عَمِّنَا. يَعْنُونَ بَنِي قَابِيلَ. فَهَبَطَتِ الْمِائَةُ إِلَى نِسَاءٍ قِبَاحٍ مِنْ بَنِي قَابِيلَ. فَأَحْبَسَ النِّسَاءُ الرِّجَالَ ثُمَّ مَكَثُوا مَا شَاءَ اللَّهُ. ثُمَّ قَالَ مِائَةٌ آخَرُونَ: لَوْ نَظَرْنَا مَا فَعَلَ إِخْوَتُنَا. فَهَبَطُوا مِنَ الْجَبَلِ إِلَيْهِمْ فَاحْتَبَسَهُمُ النِّسَاءُ. ثُمَّ هَبَطَ بَنُو شِيثٍ كُلُّهُمْ. فَجَاءَتِ الْمَعْصِيَةُ وَتَنَاكَحُوا وَاخْتَلَطُوا وَكَثُرَ بَنُو قابيل حتى ملأوا الأَرْضَ. وَهُمُ الَّذِينَ غَرِقُوا أَيَّامَ نُوحٍ.(1/33)
وَوَلَدَ شِيثُ بْنُ آدَمَ أَنُوشَ وَنَفَرًا كَثِيرًا وَإِلَيْهِ أَوْصَى شِيثٌ. فَوَلَدُ أَنُوشُ قِينَانَ وَنَفَرًا كَثِيرًا وَإِلَيْهِ الْوَصِيَّةُ. فَوَلَدُ قِينَانُ مَهْلالِيلَ وَنَفَرًا مَعَهُ وَإِلَيْهِ الْوَصِيَّةُ. فَوَلَدُ مَهْلالِيلَ يَرْذَ.
وَهُوَ الْيَارِذُ. وَنَفَرًا مَعَهُ وَإِلَيْهِ الْوَصِيَّةُ. وَفِي زَمَانِهِ عُمِلَتِ الأَصْنَامُ وَرَجَعَ مَنْ رَجَعَ عَنِ الإِسْلامِ. فولد يرذ خنوخ وهو إدريس النبي. ع. وَنَفَرًا مَعَهُ.
ذِكْرُ حَوَّاءَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جريح عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها. قَالَ: خَلَقَ حَوَّاءَ مِنْ قُصَيْرَى آدَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقُصَيْرَى: الضِّلَعُ الأَقْصَرُ. وَهُوَ نَائِمٌ. فَاسْتَيْقَظَ فَقَالَ: أَثًّا! امْرَأَةً بِالنَّبَطِيَّةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَوْلًى لابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَتْ حَوَّاءُ لأَنَّهَا أُمُّ كُلِّ حَيٍّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُهْبِطَ آدَمُ بِالْهِنْدِ وَحَوَّاءُ بِجُدَّةَ. فَجَاءَ فِي طَلَبِهَا حَتَّى أَتَى جَمْعًا فَازْدُلِفَتْ إِلَيْهِ حَوَّاءُ فَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الْمُزْدَلِفَةَ. وَاجْتَمَعَا بِجَمْعٍ فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ جَمْعًا.
ذِكْرُ إِدْرِيسَ النَّبِيِّ ص.
أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوَّلُ نَبِيٍّ بُعِثَ فِي الأَرْضِ بَعْدَ آدَمَ إِدْرِيسُ. وَهُوَ خَنُوخُ بْنُ يَرْذَ. وَهُوَ الْيَارِذُ. وَكَانَ يَصْعَدُ لَهُ فِي الْيَوْمِ مِنَ الْعَمَلِ مَا لا يَصْعَدُ لِبَنِي آدَمَ فِي الشَّهْرِ. فَحَسَدَهُ إِبْلِيسُ وَعَصَاهُ قَوْمُهُ. فَرَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ مَكَانًا عَلِيًّا. كَمَا قَالَ. وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ وَقَالَ: لَسْتُ بِمُخْرِجِهِ مِنْهَا. وَهَذَا فِي حَدِيثٍ لإِدْرِيسَ طَوِيلٍ. فَوَلَدَ خَنُوخُ مُتَوَشْلِخَ وَنَفَرًا معه وإليه الوصية. فولد متوشلخ لمك وَنَفَرًا مَعَهُ وَإِلَيْهُ الْوَصِيَّةُ. فَوَلَدَ لَمْكٌ نُوحًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ذِكْرُ نُوحٍ النَّبِيِّ ص.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ لِلَمْكٍ يَوْمَ وَلَدَ نُوحًا اثْنَتَانِ وَثَمَانُونَ سَنَةً. وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ يَنْهَى عَنْ مُنْكَرٍ. فَبَعَثَ اللَّهُ نُوحًا إِلَيْهِمْ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ سنة. ثم(1/34)
دَعَاهُمْ فِي نُبُوَّتِهِ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً. ثُمَّ أَمَرَهُ بِصُنْعَةِ السَّفِينَةِ فَصَنَعَهَا وَرَكَبَهَا وَهُوَ ابْنُ سِتِّمِائَةِ سَنَةٍ وَغَرِقَ مَنْ غَرِقَ. ثُمَّ مَكَثَ بَعْدَ السَّفِينَةِ ثَلاثَمِائَةِ وَخَمْسِينَ سَنَةً. فَوَلَدَ نُوحٌ سَامَ. وَفِي وَلَدِهِ بَيَاضٌ وَأَدْمَةٌ. وَحَامَ. وَفِي وَلَدِهِ سَوَّادٌ وَبَيَاضٌ قَلِيلٌ. وَيَافِثَ. وَفِيهِمُ الشُّقْرَةُ وَالْحُمْرَةُ. وَكَنْعَانَ. وَهُوَ الَّذِي غَرِقَ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّيهِ يَامَ. وَذَلِكَ قَوْلُ الْعَرَبِ:
إِنَّمَا هَامَ عَمُّنَا يَامُ. فَأُمُّ هَؤُلاءِ وَاحِدَةٌ.
وَبِجَبَلِ نَوْذَ نَجَّرَ نُوحٌ السَّفِينَةَ. وَمِنْ ثَمَّ تَبَدَّأَ الطُّوفَانُ. فَرَكِبَ نُوحٌ السَّفِينَةَ وَمَعَهُ بَنُوهُ هَؤُلاءِ. وَكَنَائِنُهُ نِسَاءُ بَنِيهِ هَؤُلاءِ. وَثَلاثَةٌ وَسَبْعُونَ مِنْ بَنِي شِيثٍ مِمَّنْ آمَنَ بِهِ.
فَكَانُوا ثَمَانِينَ فِي السَّفِينَةِ. وَحَمَلَ مَعَهُ مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ. وَكَانَ طُولُ السَّفِينَةِ ثَلاثُمِائَةٍ ذِرَاعٍ بِذِرَاعِ جَدِّ أَبِي نُوحٍ. وَعَرْضُهَا خَمْسِينَ ذِرَاعًا. وَطُولُهَا فِي السَّمَاءِ ثَلاثِينَ ذِرَاعًا. وَخَرَجَ مِنْهَا مِنَ الْمَاءِ سِتَّةُ أَذْرُعٍ. وَكَانَتْ مُطْبَقَةً. وَجَعَلَ لَهَا ثَلاثَةَ أَبْوَابٍ بَعْضَهَا أَسْفَلَ مِنْ بَعْضٍ. فَأَرْسَلَ اللَّهُ الْمَطَرَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا. فَأَقْبَلَتِ الْوَحْشُ حِينَ أَصَابَهَا الْمَطَرُ وَالدَّوَابُّ وَالطَّيْرُ كُلُّهَا إِلَى نُوحٍ وَسُخِّرَتْ لَهُ. فَحَمَلَ فِيهَا كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ. وَحَمَلَ مَعَهُ جَسَدَ آدَمَ فَجَعَلَهُ حَاجِزًا بَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ. فَرَكِبُوا فِيهَا لِعَشْرِ لَيَالٍ مَضَيْنَ مِنْ رَجَبٍ. وَخَرَجُوا مِنْهَا يَوْمَ عَاشُورَاءَ مِنَ الْمُحَرَّمِ. فَلِذَلِكَ صَامَ مَنْ صَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ. وَخَرَجَ الْمَاءُ مِثْلَ ذَلِكَ نِصْفَيْنِ. فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: «فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ» القمر: 11. يَقُولُ: مُنْصَبٌّ. «وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً» القمر: 12. يَقُولُ: شَقَقْنَا الأَرْضَ. «فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ» القمر:
12. فَصَارَ الْمَاءُ نِصْفَيْنِ: نِصْفٌ مِنَ السَّمَاءِ. وَنِصْفٌ مِنَ الأَرْضِ. وَارْتَفَعَ الْمَاءُ عَلَى أَطْوَلِ جَبَلٍ فِي الأَرْضِ خَمْسَ عَشْرَةَ ذِرَاعًا. فَسَارَتْ بِهِمُ السَّفِينَةُ فَطَافَتْ بِهِمُ الأَرْضُ كُلَّهَا فِي سِتَّةِ أَشْهُرٍ لا تَسْتَقِرُّ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى أَتَتِ الْحَرَمَ فَلَمْ تَدْخُلْهُ. وَدَارَتْ بِالْحَرَمِ أُسْبُوعًا. وَرُفِعَ الْبَيْتُ الَّذِي بَنَاهُ آدَمُ. رُفِعَ مِنَ الْغَرَقِ. وَهُوَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ. وَالْحَجَرُ الأَسْوَدُ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ. فَلَمَّا دَارَتْ بِالْحَرَمِ ذَهَبَتْ فِي الأَرْضِ تَسِيرُ بِهِمْ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى الْجُودِيِّ. وَهُوَ جَبَلٌ بِالْحِصْنَيْنِ مِنْ أَرْضِ الْمَوْصِلِ. فَاسْتَقَرَّتْ عَلَى الْجُودِيِّ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِتَمَامِ السَّنَةِ. فَقِيلَ بَعْدَ الستة الأشهر: «بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» هود:
44. فَلَمَّا اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ قِيلَ: «يَا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي» هود: 44. يقول: احبسي ماءك. «وَغِيضَ الْماءُ» هود: 44. نَشَّفَتْهُ الأَرْضُ.
فَصَارَ مَا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ هَذِهِ الْبُحُورَ الَّتِي تَرَوْنَ فِي الأَرْضِ. قَالَ: فَآخِرُ مَا بَقِيَ فِي(1/35)
الأَرْضِ مِنَ الطُّوفَانِ مَاءٌ بِحِسْمَى. بَقِيَ فِي الأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً بَعْدَ الطُّوفَانِ. ثُمَّ ذَهَبَ. فَهَبَطَ نُوحٌ إِلَى قَرْيَةٍ فَبَنَى كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بَيْتًا. فَسُمِّيَتْ سُوقُ الثَّمَانِينَ. فَغَرِقَ بَنُو قَابِيلَ كُلُّهُمْ. وَمَا بَيْنَ نُوحٍ إِلَى آدَمَ مِنَ الآبَاءِ كَانُوا عَلَى الإِسْلامِ. قَالَ: وَدَعَا نُوحٌ عَلَى الأَسَدِ أَنْ تُلْقَى عَلَيْهِ الْحُمَّى. وَلِلْحَمَامَةِ بِالأُنْسِ وَلِلْغُرَابِ بِشَقَاءِ الْمَعِيشَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ السُّوَائِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: كَانَ بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ عَشَرَةُ قُرُونٍ كُلُّهُمْ عَلَى الإِسْلامِ. قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَتَزَوَّجَ نُوحٌ امْرَأَةً مِنْ بَنِي قَابِيلَ. فَوَلَدَتْ لَهُ غُلامًا فَسَمَّاهُ يُونَاطِنَ. فَوُلِدَ بِمَدِينَةٍ بِالْمَشْرِقِ يُقَالُ لَهَا معلنور شَمْسًا. فَلَمَّا ضَاقَتْ بِهِمْ سُوقُ الثَّمَانِينَ تَحَوَّلُوا إِلَى بَابِلَ فَبَنَوْهَا. وَهِيَ بَيْنَ الْفُرَاتِ وَالصُّرَاةِ. وَكَانَتِ اثْنَيْ عَشَرَ فَرْسَخًا فِي اثْنَيْ عَشَرَ فَرْسَخًا. وَكَانَ بَابُهَا مَوْضِعَ دُورَانَ الْيَوْمَ فَوْقَ جِسْرِ الْكُوفَةِ يَسْرَةً إِذَا عَبَرْتَ. فَكَثُرُوا بِهَا حَتَّى بَلَغُوا مِائَةَ أَلْفٍ. وَهُمْ عَلَى الإِسْلامِ. وَلَمَّا خَرَجَ نُوحٌ مِنَ السَّفِينَةِ دَفَنَ آدَمَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَمَاتَ نُوحٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوهاب بن عطاء العجلي عن سعيد عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[قال: سَامٌ أَبُو الْعَرَبِ. وَحَامٌ أَبُو الْحَبَشِ. وَيَافِثُ أَبُو الرُّومِ] «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشِ بْنِ عَجْلانَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: وَلَدُ نُوحٍ ثَلاثَةٌ:
سَامٌ. وَحَامٌ. وَيَافِثُ. فَوَلَدُ سَامٍ الْعَرَبُ وَفَارِسُ وَالرُّومُ. وَفِي كُلِّ هَؤُلاءِ خَيْرٌ. وَوَلَدُ حَامٍ السُّودَانُ وَالْبَرْبَرُ وَالْقِبْطُ. وَوَلَدُ يَافِثَ التُّرْكُ وَالصَّقَالِبَةُ وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى: إِنَّكَ يَا مُوسَى وَقَوْمُكَ وأهل الجزيرة وأهل العال من ولد
__________
(1) انظر الحديث في: [سنن الترمذي (3231) ، (3931) ، ومسند أحمد بن حنبل (5/ 9، 11) ، والمعجم الكبير للطبراني (7/ 254) ، (18/ 146) ، والدر المنثور (3/ 327) ، (5/ 278) ، وتاريخ الطبري (1/ 209) ، والبداية والنهاية (7/ 19) ، وتفسير ابن كثير (7/ 19) ] .(1/36)
سَامِ بْنِ نُوحٍ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَالْعَرَبُ وَالْفُرْسُ وَالنَّبْطُ وَالْهِنْدُ وَالسِّنْدُ وَالْبَنْدُ مِنْ وَلَدِ سَامِ بْنِ نُوحٍ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: الْهِنْدُ والسند والبند بنو يوفير بن يقطن بن عابر بن شالخ بن أَرْفَخَشْدِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. قَالَ: وَمُكْرَانُ بْنُ الْبَنْدِ وَجُرْهُمُ اسْمُهُ هُذْرُمُ بْنُ عَامِرِ بن سبأ بن يقطن بن عابر بن شالخ بن سام بن نوح وحضرموت بن يَقْطُنَ بْنِ عَابِرِ بْنِ شَالِخٍ. وَيَقْطَنُ هُوَ قَحْطَانُ بْنُ عَابِرِ بْنِ شَالِخِ بْنِ أَرْفَخَشْدِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ فِي قَوْلِ مَنْ نَسَبَهُ إِلَى غَيْرِ إِسْمَاعِيلَ. وَالْفُرْسُ بَنُو فَارِسَ بْنِ بَبْرَسَ بْنِ يَاسُورَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. وَالنَّبَطُ بَنُو نُبَيْطِ بْنِ مَاشِ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ.
وَأَهْلُ الْجَزِيرَةِ وَالْعَالُ. مِنْ وَلَدِ مَاشِ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. وَعِمْلِيقُ. وَهُوَ عَرِيبُ وَطِسْمُ وَأَمِيمُ. بَنُو لَوْذِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. وَعِمْلِيقُ هُوَ أَبُو الْعَمَالِقَةِ وَمِنْهُمُ الْبَرْبَرُ. وَهُمْ:
بَنُو تميلا بْنِ مَازِرِبِ بْنِ فَارَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عِمْلِيقِ بْنِ لَوْذِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. مَا خَلا صِنْهَاجَةَ وَكَتَّامَةَ. فَإِنَّهُمَا بَنُو فريقيس بْنِ قَيْسِ بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ سَبَأٍ. وَيُقَالُ إِنَّ عِمْلِيقَ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بالعربية حيين ظَعَنُوا مِنْ بَابِلَ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُمْ وَلِجُرْهُمَ الْعَرَبُ الْعَارِبَةُ. وَثَمُودُ وَجُدَيْسُ ابْنَا جَاثِرِ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. وَعَادٌ وَعُبَيْلُ ابْنَا عَوْصِ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. وَالرُّومُ بَنُو النَّطِّيِّ بْنِ يُونَانَ بْنِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ. وَنَمْرُوذُ بْنُ كُوشَ بْنِ كَنْعَانَ بْنِ حَامِ بْنِ نُوحٍ. وَهُوَ صَاحِبُ بَابِلَ. وَهُوَ صَاحِبُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
وَكَانَ يُقَالُ لِعَادٍ فِي دَهْرِهِمْ عَادُ إِرَمَ. فَلَمَّا هَلَكَتْ عَادٌ قِيلَ لِثَمُودَ ثَمُودُ إِرَمَ. فَلَمَّا هَلَكَتْ ثَمُودُ قِيلَ لِسَائِرِ بَنِي إِرَمَ إِرْمَانُ. فَهُمُ النَّبَطُ. فَكُلُّ هَؤُلاءِ كَانَ عَلَى الإِسْلامِ. وَهُمْ بِبَابِلَ حَتَّى مَلَكُهُمْ نَمْرُوذُ بْنُ كُوشَ بْنِ كَنْعَانَ بْنِ حَامِ بْنِ نُوحٍ فَدَعَاهُمْ إِلَى عِبَادَةِ الأَوْثَانِ فَفَعَلُوا. فَأَمْسَوْا وَكَلامُهُمُ السُّرْيَانِيَّةُ. ثُمَّ أَصْبَحُوا وَقَدْ بَلْبَلَ اللَّهُ أَلْسِنَتَهُمْ. فَجُعِلَ لا يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ كَلامَ بَعْضٍ. فَصَارَ لِبَنِي سَامٍ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِسَانًا. وَلِبَنِي حَامٍ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِسَانًا. وَلِبَنِي يَافِثَ سِتَّةٌ وَثَلاثُونَ لِسَانًا. فَفَهَّمَ اللَّهُ الْعَرَبِيَّةَ عَادًا وَعُبَيْلَ وَثَمُودَ وَجُدَيْسَ وَعِمْلِيقَ وَطِسْمَ وَأُمِيمَ. وَبَنِي يَقْطَنَ بْنِ عَابِرِ بْنِ شَالِخِ بْنِ أَرْفَخَشْدِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ.
وَكَانَ الذي عقد لهم الألوية بِبَابِلَ يُونَاطِنُ بْنُ نُوحٍ. فَنَزَلَ بَنُو سَامٍ الْمِجْدِلَ سُرَّةَ الأَرْضِ. وَهُوَ فِيمَا بَيْنَ سَاتيدما إِلَى الْبَحْرِ. وَمَا بَيْنَ الْيَمَنِ إِلَى الشَّامِ. وَجَعَلَ اللَّهُ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَالْجَمَالَ وَالأَدْمَةَ وَالْبَيَاضَ فِيهِمْ. وَنَزَلَ بَنُو حَامٍ مَجْرَى الْجَنُوبِ وَالدَّبُورِ.
وَيُقَالُ لِتِلْكَ النَّاحِيَةِ الدَّارُومُ. وَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِمْ أَدْمَةً وَبَيَاضًا قَلِيلا. وَأَعْمَرَ بِلادَهُمْ(1/37)
وَسَمَاءَهُمْ. وَرَفَعَ عَنْهُمُ الطَّاعُونَ. وَجَعَلَ فِي أَرْضِهِمُ الأَثْلَ وَالأَرَاكَ وَالْعَشْرَ وَالْغَافَ وَالنَّخْلَ. وَجَرَتِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فِي سَمَائِهِمْ. وَنَزَلَ بَنُو يَافِثَ الصُّفُونَ مَجْرَى الشِّمَالِ وَالصِّبَا. وَفِيهِمُ الْحُمْرَةُ وَالشُّقْرَةُ. وَأَخْلَى اللَّهُ أَرْضَهُمْ فَاشْتَدَّ بَرْدُهَا. وَأَخْلَى سَمَاءَهَا فَلَيْسَ يَجْرِي فَوْقَهُمْ شَيْءٌ مِنَ النُّجُومِ السَّبْعَةِ الْجَارِيَةِ لأَنَّهُمْ صَارُوا تَحْتَ بَنَاتِ نَعْشٍ وَالْجَدْيِ وَالْفَرْقَدَيْنِ. وَابْتُلُوا بِالطَّاعُونِ. ثُمَّ لَحِقَتْ عَادٌ بِالشَّحْرِ فَعَلَيْهِ هَلَكُوا بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ. فَخُلِفَتْ بَعْدَهُمْ مَهْرَةٌ بِالشَّحْرِ. وَلَحِقْتُ عَبْيلُ بِمَوْضِعِ يَثْرِبَ. وَلَحِقْتُ الْعَمَالِيقُ بِصَنْعَاءَ قَبْلَ أَنْ تُسَمَّى صَنْعَاءُ. ثُمَّ انْحَدَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى يَثْرِبَ فَأَخْرَجُوا مِنْهَا عَبِيلا. فَنَزَلُوا مَوْضِعَ الْجُحْفَةِ فَأَقْبَلَ سَيْلٌ فَاجْتَحَفَهُمْ فَذَهَبَ بِهِمْ فَسُمِّيَتِ الْجُحْفَةُ.
وَلَحِقَتْ ثَمُودُ بِالْحِجْرِ وَمَا يَلِيهِ فَهَلَكُوا ثَمَّ. وَلَحِقَتْ طَسْمُ وَجُدَيْسُ بِالْيَمَامَةِ. وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْيَمَامَةُ بِامْرَأَةٍ مِنْهُمْ. فَهَلَكُوا. وَلَحِقَتْ أَمِيمُ بِأَرْضِ آبَارٍ فَهَلَكُوا بِهَا. وَهِيَ بَيْنَ الْيَمَامَةِ وَالشِّحْرِ. وَلا يَصِلُ إِلَيْهَا الْيَوْمَ أَحَدٌ غَلَبَتْ عَلَيْهَا الْجِنُّ. وَإِنَّمَا سُمِّيَتُ آبَارٌ بِأَبَارِ بْنِ أَمِيمَ. وَلَحِقَتْ بَنُو يَقْطَنَ بْنِ عَابِرِ باليمن فسميت اليمن حَيْثُ تَيَامَنُوا إِلَيْهَا.
وَلَحِقَ قَوْمٌ مِنْ بَنِي كَنْعَانَ بْنِ حَامٍ بِالشَّأْمِ فَسُمِّيَتِ الشَّأْمَ حَيْثُ تَشَاءَمُوا وَكَانَتِ الشَّأْمُ يُقَالُ لَهَا أَرْضُ بَنِي كَنْعَانَ. ثُمَّ جَاءَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَقَتَلُوهُمْ بِهَا وَنَفَوْهُمْ عَنْهَا. فَكَانَتِ الشَّأْمُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. وَوَثَبَتِ الرُّومُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَتَلُوهُمْ وَأَجْلَوْهُمْ إِلَى الْعِرَاقِ إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ. ثُمَّ جَاءَتِ الْعَرَبُ فغلبوا على الشام فكان فالغ وهو فَالِخِ بْنِ عَابِرِ بْنِ شَالِخِ بْنِ أَرْفَخَشْدِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. وَهُوَ الَّذِي قَسَّمَ الأَرْضَ بَيْنَ بَنِي نُوحٍ. كَمَا سَمَّيْنَا فِي الْكِتَابِ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ. أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَكَمِ النَّخَعِيُّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَبْرَةَ النَّخَعِيُّ عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ الْغُطَيْفِيِّ ثُمَّ الْمُرَادِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. أَلا أُقَاتِلُ مَنْ أَدْبَرَ مِنْ قَوْمِي بِمَنْ أَقْبَلَ مِنْهُمْ؟ فَقَالَ:
بَلَى. ثُمَّ بَدَا لِي. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. لا بَلْ أَهْلُ سَبَإٍ هُمْ أَعَزُّ وَأَشَدُّ قُوَّةً. قَالَ:
فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ وَأَذِنَ لِي فِي قِتَالِ سَبَإٍ. فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدَهُ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي سَبَإٍ مَا أَنْزَلَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: مَا فَعَلَ الْغُطَيْفِيُّ؟ فَأَرْسَلَ إِلَى مَنْزِلِي فَوَجَدَنِي قَدْ سِرْتُ فَرَدَّنِي. فَلَمَّا أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَدْتُهُ قَاعِدًا وَحَوْلَهُ أَصْحَابُهُ. فَقَالَ:
ادْعُ الْقَوْمَ فَمَنْ أَجَابَكَ مِنْهُمْ فَاقْبَلْ وَمَنْ أَبَى فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِ حَتَّى تَحَدَّثَ إِلَيَّ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا سَبَإٍ؟ أَرْضٌ هِيَ أَوِ امْرَأَةٌ؟ قَالَ: لَيْسَتْ بِأَرْضٍ وَلا(1/38)
بِامْرَأَةٍ وَلَكِنَّهُ رَجُلٌ وَلَدَ عَشَرَةً مِنَ الْعَرَبِ. فَأَمَّا سِتَّةٌ فَتَيَامَنُوا وَأَمَّا أَرْبَعَةٌ فَتَشَاءَمُوا. فَأَمَّا الَّذِينَ تَشَاءَمُوا فَلَخْمٌ وَجُذَامٌ وَغَسَّانُ وَعَامِلَةُ. وَأَمَّا الَّذِينَ تَيَامَنُوا فَالأُزْدُ وَكِنْدَةُ وَحِمْيَرُ وَالأَشْعَرُونَ وَأَنْمَارُ وَمَذْحِجُ. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا أَنْمَارُ؟ قَالَ: هُمُ الَّذِينَ مِنْهُمْ خَثْعَمُ وَبَجِيلَةُ] «1» .
ذِكْرُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ مِنْ أَهْلِ حَرَّانَ فَأَصَابَتْهُ سَنَةٌ فَأَتَى هَرْمَزَجْرَدَ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ وَاسْمُهَا نُونَا بنت كرنبا بن كوثى من بني أَرْفَخَشْدِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بن عمر الأسلمي عن غير واحد مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ: اسْمُهَا أبيونا. مِنْ وَلَدِ إفرايم بْنِ أرغوا بْنِ فَالِغِ بْنِ عَابِرِ بْنِ شَالِخِ بْنِ أَرْفَخَشْدِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْن مُحَمَّد عَن أَبِيهِ قَالَ: نهر كوثى كراه كرنبا جد إِبْرَاهِيم مِن قبل أمه. وكان أَبُوهُ عَلَى أصنام الملك نمروذ. فولد إِبْرَاهِيم بهرمزجرد. وكان اسمه إِبْرَاهِيم. ثُمَّ انتقل إلى كوثى مِن أرض بابل. فلما بلغ إِبْرَاهِيم وخالف قومه ودعاهم إلى عبادة اللَّه. بلغ ذَلِكَ الملك نمروذ. فحبسه فِي السجن سبع سنين. ثُمَّ بنى لَهُ الحير بحصي وأوقده بالحطب الجزل وألقى إِبْرَاهِيم فِيهِ. فَقَالَ: [حسبي اللَّه ونعم الوكيل!] فخرج منها سليما لم يُكلم.
قال: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا هَرَبَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ كُوثَي. وَخَرَجَ مِنَ النَّارِ. وَلِسَانُهُ يَوْمَئِذٍ سُرْيَانِيٌّ. فَلَمَّا عَبَرَ الْفُرَاتَ مِنْ حَرَّانَ غَيَّرَ اللَّهُ لِسَانَهُ فَقِيلَ عِبْرَانِيٌّ حَيْثُ عَبَرَ الْفُرَاتَ. وَبَعَثَ نَمْرُوذُ فِي أَثَرِهِ وَقَالَ: لا تَدْعُوا أَحَدًا يَتَكَلَّمُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ إِلا جِئْتِمُونِي بِهِ. فَلَقُوا إِبْرَاهِيمَ فَتَكَلَّمَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ فَتَرَكُوهُ وَلَمْ يَعْرِفُوا لُغَتَهُ.
قَالَ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ: فَهَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ بَابِلَ إِلَى الشَّامِ. فَجَاءَتْهُ سَارَةُ فَوَهَبَتْ لَهُ نَفْسَهَا. فَتَزَوَّجَهَا وَخَرَجَتْ مَعَهُ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً. فَأَتَى حَرَّانَ فَأَقَامَ بِهَا زَمَانًا. ثُمَّ أَتَى الأُرْدُنَّ فَأَقَامَ بِهَا زَمَانًا. ثُمَّ خَرَجَ إلى مصر فأقام بها زمانا. ثم
__________
(1) انظر الحديث في: [سنن الترمذي (3222) ، والمعجم الكبير للطبراني (8/ 325) ] .(1/39)
رَجَعَ إِلَى الشَّامِ فَنَزَلَ السَّبْعَ. أَرْضًا بَيْنَ إِيلِيَا وَفِلَسْطِينَ. فَاحْتَفَرَ بِئْرًا وَبَنَى مَسْجِدًا. ثُمَّ إِنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْبَلَدِ آذَوْهُ فَتَحَوَّلَ مِنْ عِنْدَهُمْ فَنَزَلَ مَنْزِلا بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَإِيلِيَا فَاحْتَفَرَ بِهِ بِئْرًا وَأَقَامَ بِهِ. وَكَانَ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ وَالْخَدَمِ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَضَافَ الضَّيْفَ. وَأَوَّلُ مَنْ ثَرَدَ الثَّرِيدَ. وَأَوَّلُ مَنْ رَأَى الشَّيْبَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أخبرنا سفيان الثوري عن عَاصِمٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ. قَالَ عَاصِمٌ: أَرَاهُ عَنْ سَلْمَانَ. قَالَ: سَأَلَ إِبْرَاهِيمُ رَبَّهُ خَيْرًا فَأَصْبَحَ ثُلُثَا رَأْسِهِ أَبْيَضَ. فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فقيل له: عبرة الدُّنْيَا. وَنُورٌ فِي الآخِرَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: كَانَ إبراهيم خليل الرحمن - صلى الله عليه وسلم - يكنى أبا الأضياف.
قال: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ بِالْقَدُّومِ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ. ثُمَّ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِينَ سَنَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا وَتَنَّبَأَهُ وَلَهُ يَوْمَئِذٍ ثَلاثُمِائَةِ عَبْدٍ أَعْتَقَهُمْ وَأَسْلَمُوا. فَكَانُوا يُقَاتِلُونَ مَعَهُ بِالْعِصِيِّ. قَالَ: فَهُمْ أَوَّلُ مَوَالٍ قَاتَلُوا مَعَ مَوْلاهُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وُلِدَ لإِبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِسْمَاعِيلُ. وَهُوَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ. وَأُمُّهُ هَاجَرُ. وَهِيَ قِبْطِيَّةٌ. وَإِسْحَاقُ وَكَانَ ضَرِيرَ الْبَصَرِ. وَأُمُّهُ سَارَةُ بِنْتُ بثويل بْنِ نَاحُورَ بْنِ سَارُوغَ بْنِ أرغوا بْنِ فَالِخِ بْنِ عَابِرِ بْنِ شَالِخِ بْنِ أَرْفَخَشْدِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. وَمَدَنُ وَمَدْيَنُ وَيَقْشَانُ وَزَمْرَانُ وَأَشْبَقُ وَشَوْخُ. وَأُمُّهُمْ قَنْطُورَا بِنْتُ مَقْطُورٍ مِنَ الْعَرَبِ الْعَارِبَةِ. فَأَمَّا يَقْشَانُ فَلَحِقَ بَنُوهُ بِمَكَّةَ. وَأَقَامَ مَدْيَنُ بِأَرْضِ مَدْيَنَ فَسُمِّيَتْ بِهِ.
وَمَضَى سَائِرُهُمْ فِي الْبِلادِ. وَقَالُوا لإِبْرَاهِيمَ: يَا أَبَانَا أَنْزَلْتَ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ معك وأمرتنا ألا نَنْزِلَ أَرْضَ الْغُرْبَةِ وَالْوَحْشَةِ. قَالَ: بِذَلِكَ أُمِرْتُ. قَالَ: فَعَلَّمَهُمُ اسْمًا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ فَكَانُوا يَسْتَسْقُونَ بِهِ وَيَسْتَنْصِرُونَ. فَمِنْهُمْ مَنْ نَزَلَ خُرَاسَانَ فَجَاءَتْهُمُ الْخَزَرُ فَقَالُوا: يَنْبَغِي لِلَّذِي عَلَّمَكُمْ هَذَا أَنْ يَكُونَ خَيْرَ أَهْلِ الأَرْضِ أَوْ مَلِكَ الأَرْضِ. قَالَ:
فَسَمُّوا مُلُوكَهُمْ خَاقَانَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمَيُّ قَالَ: وُلِدَ لإِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلُ وَهُوَ ابْنُ(1/40)
تِسْعِينَ سَنَةً. فَكَانَ بِكْرُ أَبِيهِ. وَوُلِدَ إِسْحَاقُ بَعْدَهُ بِثَلاثِينَ سَنَةً. وَإِبْرَاهِيمُ يَوْمَئِذٍ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ. وَمَاتَتْ سَارَةُ فَتَزَوَّجَ إِبْرَاهِيمُ امْرَأَةً مِنَ الْكَنْعَانِيِّينَ يُقَالُ لَهَا قَنْطُورَا.
فَوَلَدَتْ لَهُ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ: مَاذِي وَزَمْرَانَ وَسَرِحَجَ وَسَبْقَ. قَالَ: وَتَزَوَّجَ امْرَأَةً أُخْرَى يُقَالُ لَهَا حجوني. فَوَلَدَتْ لَهُ سَبْعَةَ نَفَرٍ: نَافِسَ وَمَدْيَنَ وَكَيْشَانَ وَشَرُّوخَ وأميم ولوط وَيَقْشَانَ.
فَجَمِيعُ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلا.
قال: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى مَكَّةَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ دَعَا النَّاسَ إِلَى الْحَجِّ فِي آخِرِهِنَّ. فَأَجَابَهُ كُلُّ شَيْءٍ سَمِعَهُ. فَأَوَّلُ مَنْ أَجَابَهُ جُرْهُمُ قَبْلَ الْعَمَالِيقِ. ثُمَّ أَسْلَمُوا وَرَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى بَلَدِ الشَّأْمِ. فَمَاتَ بِهِ وَهُوَ ابْنُ مِائَتَيْ سَنَةٍ.
ذِكْرُ إِسْمَاعِيلَ. ع
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأسلمي عَنْ غَيْرٍ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا: كَانَتْ هَاجَرُ مِنَ الْقِبْطِ مِنْ قَرْيَةٍ أَمَامَ الْفَرَمَى قَرِيبٍ مِنْ فُسْطَاطِ مِصْرَ. وَكَانَتْ لِفِرْعَوْنَ مِنَ الْفَرَاعِنَةِ جَبَّارٍ عَاتٍ مِنَ الْقِبْطِ.
وَهُوَ الَّذِي عَرَضَ لِسَارَةَ امْرَأَةِ إِبْرَاهِيمَ فَصُرِعَ. وَيُقَالُ: بَلْ ذَهَبَ يَتَنَاوَلُ يَدَهَا فَيَبَسَتْ يَدُهُ إِلَى صَدْرِهِ. فَقَالَ: ادْعِي اللَّهَ أَنْ يُذْهِبَ عَنِّي مَا أَصَابَنِي وَلا أُهَيِّجُكِ. فَدَعَتِ اللَّهَ لَهُ فَأَطْلَقَ يَدَهُ وَسُرِّيَ عَنْهُ وَأَفَاقَ. وَدَعَا بِهَاجَرَ. وَكَانَتْ آمَنَ خَدَمَهِ عِنْدَهُ. فَوَهَبَهَا لِسَارَةَ وَكَسَاهَا كِسَاءً. فَوَهَبَتْ سَارَةُ هَاجَرَ لإِبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَطِئَهَا فَوَلَدَتْ لَهُ إِسْمَاعِيلَ. وَهُوَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ. كَانَ اسْمُهُ أَشْمُوِيلَ فَأُعْرِبَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ:
كَانَ مُحَمَّدٌ يَقُولُ: آجَرُ. بِغَيْرِ هَاءٍ. أُمُّ إِسْمَاعِيلَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَبُو سُفْيَانَ الْعَبْدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَرَّ إِبْرَاهِيمُ وَسَارَةُ بِجَبَّارٍ مِنَ الْجَبَابِرَةِ. فَأُخْبِرَ الْجَبَّارُ بِهِمَا.
فَأَرْسَلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ مَعَكَ؟ قَالَ أُخْتِي. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَلَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ قَطُّ إِلا ثَلاثَ مَرَّاتٍ. اثْنَتَيْنِ فِي اللَّهِ وَوَاحِدَةٌ فِي امْرَأَتِهِ. قَوْلُهُ: إِنِّي سقيم.
وقوله: بل فعله كبيرهم هذا. وَقَوْلُهُ لِلْجَبَّارِ فِي امْرَأَتِهِ: هِيَ أُخْتِي. قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِ الْجَبَّارِ دَخَلَ عَلَى سَارَةَ فَقَالَ لَهَا: إِنَّ هَذَا الْجَبَّارَ سَأَلَنِي عَنْكِ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي.(1/41)
وَأَنْتِ أُخْتِي فِي اللَّهِ فَإِنْ سَأْلَكِ فَأَخْبِرِيهِ أَنَّكِ أُخْتِي. فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا الْجَبَّارُ. فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ دَعَتِ اللَّهَ أَنْ يَكُفَّهُ عَنْهَا. قَالَ أَيُّوبُ: فَضَبَثَ بِيَدِهِ وَأُخِذَ أَخْذَةً شَدِيدَةً. فَعَاهَدَهَا لَئِنْ خُلِّيَ عَنْهُ لا يَقْرَبُهَا. فَدَعَتِ اللَّهَ فَخُلِّيَ عَنْهُ. ثُمَّ هَمَّ بِهَا الثَّانِيَةَ. فَأُخِذَ أخذة هي أشد من الأولى. فعاهدها أيضا لَئِنْ خُلِّيَ عَنْهُ لا يَقْرَبُهَا. فَدَعَتِ اللَّهَ فخلي عنه. ثم هم بها الثالثة. فَأُخِذَ أَخْذَةً هِيَ أَشَدُّ مِنَ الأَوَّلِيِّينَ. فَعَاهَدَهَا لَئِنْ خُلِّيَ عَنْهُ لا يَقْرَبُهَا.
فَدَعَتِ اللَّهَ فَخُلِّيَ عَنْهُ. فَقَالَ لِلَّذِي أَدْخَلَهَا: أَخْرِجْهَا عَنِّي فَإِنَّكَ أَدْخَلْتَ عَلَيَّ شَيْطَانًا وَلَمْ تُدْخِلْ عَلَيَّ إِنْسَانًا. وَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ. فَرَجَعَتْ إِلَى إِبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُصَلِّي وَيَدْعُو اللَّهَ.
فَقَالَتْ: أَبْشِرْ فَقَدْ كَفَّ اللَّهُ يَدَ الْكَافِرِ الْفَاجِرِ وَأَخْدَمَنِي هَاجَرَ. ثُمَّ صَارَتْ هَاجَرُ لإِبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدُ فَوَلَدَتْ إِسْمَاعِيلَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَتِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ.
كَانَتْ أَمَةً لأُمِّ إِسْحَاقَ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزهري قال: قال رسول الله. ص:
إِذَا مَلَكْتُمُ الْقِبْطَ فَأَحْسِنُوا إِلَيْهِمْ فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَإِنَّ لَهُمْ رَحِمًا. يَعْنِي أُمَّ إِسْمَاعِيلَ أَنَّهَا كَانَتْ مِنْهُمْ] «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوَّلُ مَا اتَّخَذَتِ النِّسَاءُ النُّطُقَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لَتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ يَعْنِي حِينَ خَرَجَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِلَى مَكَّةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ الْعَدَوِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ الْعَدَوِيِّ عَنْ أَبِي جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ غَانِمٍ قَالَ: أَوْحَى اللَّهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ يَأْمُرُهُ بِالْمَسِيرِ إِلَى بَلَدِهِ الْحَرَامِ. فَرَكِبَ إِبْرَاهِيمُ الْبُرَاقَ وَحَمَلَ إِسْمَاعِيلَ أَمَامَهُ. وَهُوَ ابْنُ سَنَتَيْنِ. وهاجر خلفه ومعه جبريل يَدُلُّهُ عَلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ حَتَّى قَدِمَ بِهِ مَكَّةَ. فَأَنْزَلَ إِسْمَاعِيلَ وَأُمَّهُ إِلَى جَانِبِ الْبَيْتِ. ثُمَّ انْصَرَفَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى الشَّأْمِ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي الْجَارُودِ الرَّبِيعِ بْنِ قَزْبَعٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ سَأَلَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ: مَنْ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ؟ قَالَ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا. وَهُوَ ابْنُ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً.
__________
(1) انظر الحديث في: [مصنف عبد الرزاق (9996) ، (19375) ، وكنز العمال (24021) ] .(1/42)
قَالَ قُلْتُ: فَمَا كَانَ كَلامُ النَّاسِ قَبْلَ ذَلِكَ يَا أَبَا جَعْفَرٍ؟ قَالَ: الْعِبْرَانِيَّةُ. قَالَ قُلْتُ: فَمَا كَانَ كَلامُ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى رُسُلِهِ وَعِبَادَةِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ؟ قَالَ: الْعِبْرَانِيَّةُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمَيُّ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ أُلْهِمَ مِنْ يَوْمِ وُلِدَ لِسَانَ الْعَرَبِ. وَوَلَدُ إِبْرَاهِيمَ أَجْمَعُونَ عَلَى لِسَانِ أَبِيهِمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمْ يَتَكَلَّمْ إِسْمَاعِيلُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَمْ يَسْتَحِلَّ خِلافَ أَبِيهِ. وَأَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ مِنْ وَلَدِهِ بَنُو رِعْلَةَ بِنْتِ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ لَوَزَانَ بْنِ جُرْهُمَ بْنِ عَامِرِ بن سبأ بن يقطن بن عابر بن شَالِخِ بْنِ أَرْفَخَشْدِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ عَنْ حُيَيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ إِسْمَاعِيلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتَتَنَ وَهُوَ ابْنَ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ أبو زكرياء الْبَجَلِيُّ السَّيْلَحِينِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنِ ابْنِ أَنْعَمَ. أَخْبَرَنِي بَكْرُ بْنُ سُوَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ رباح اللخمي يقول: [قال رسول الله. ص: كُلُّ الْعَرَبِ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. ع] «1» .
قال: أخبرنا رؤيم بن المقرئ. أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي عِيسَى الشَّامِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالا: ولد لإسماعيل بن إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - اثْنَا عَشَرَ رَجُلا. وَهُمْ: يناوذ. وَهُوَ نَبْتُ وَهُوَ نَابِتٌ. وَهُوَ كُبْرُ وَلَدِهِ. وقيذر وَأَذبلُ وَمنسي. وَهُوَ مَنْشِي. وَمَسْمَعٌ. وَهُوَ مَشْمَاعَةٌ.
ودما. وَهُوَ دُومَا. وَبِهِ سُمِّيَتْ دُومَةُ الْجَنْدَلِ. وَمَاشِي وَأَذَرَ. وَهُوَ أذور. وطيما ويطور وينش وقيذما. وَأُمُّهُمْ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ: رِعْلَةُ بِنْتُ مُضَاضِ بْنِ عَمْرٍو الْجُرْهُمِيِّ. وَفِي رِوَايَةِ الْكَلْبِيُّ: وَكَانَتْ لإِسْمَاعِيلَ امْرَأَةٌ مِنَ الْعَمَالِيقِ ابْنَةُ صَبْدَى قَبْلَ الْجُرْهُمِيَّةِ. وَهِيَ الَّتِي كَانَ جَاءَهَا إِبْرَاهِيمُ فَجَفَتْهُ فِي الْقَوْلِ فَفَارَقَهَا إِسْمَاعِيلُ وَلَمْ تَلِدْ لَهُ شَيْئًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ. حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ
__________
(1) انظر الحديث في: [كنز العمال (32310) ] .(1/43)
قَالَ: لَمَّا بَلَغَ إِسْمَاعِيلُ عِشْرِينَ سَنَةً تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ هَاجَرُ وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعِينَ سَنَةً فَدَفَنَهَا إِسْمَاعِيلُ فِي الْحِجْرِ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ أَبِي جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ غَانِمٍ قَالَ: أَوْحَى اللَّهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَبْنِيَ الْبَيْتَ. وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ مِائَةِ سَنَةٍ. وَإِسْمَاعِيلُ يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَلاثِينَ سَنَةً. فَبَنَاهُ مَعَهُ. وَتُوُفِّيَ إِسْمَاعِيلُ بَعْدَ أَبِيهِ فَدُفِنَ دَاخِلَ الْحِجْرِ مِمَّا يَلِي الْكَعْبَةَ مَعَ أُمِّهِ هَاجَرَ. وَوَلِيَ نَابِتُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبَيْتَ بَعْدَ أَبِيهِ مَعَ أَخْوَالِهِ جُرْهُمَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشِ بْنِ عَجْلانَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الْمِصْرِيُّ.
أَخْبَرَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ أَنَّهُ قَالَ: مَا يُعْلَمُ مَوْضِعُ قَبْرِ نَبِيٍّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ إِلا ثَلاثَةً: قَبْرُ إِسْمَاعِيلَ. فَإِنَّهُ تَحْتَ الْمِيزَابِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَيْتِ. وَقَبْرُ هُودٍ. فَإِنَّهُ فِي حُقْفٍ مِنَ الرَّمْلِ تَحْتَ جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ الْيَمَنِ عَلَيْهِ شَجَرَةٌ تَنْدَى. وَمَوْضِعُهُ أَشَدُّ الأَرْضِ حَرًّا. وَقَبْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ هَذِهِ قُبُورُهُمْ بِحَقٍّ.
ذِكْرُ الْقُرُونِ وَالسِّنِينَ الَّتِي بَيْنَ آدَمَ وَمُحَمَّدٍ. عَلَيْهِمَا الصَّلاةُ وَالسَّلامُ قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ:
كَانَ بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ عَشَرَةُ قُرُونٍ كُلُّهُمْ عَلَى الإِسْلامِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمَيُّ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا: كَانَ بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ عَشَرَةُ قُرُونٍ. وَالْقَرْنُ مِائَةُ سَنَةٍ. وَبَيْنَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ عَشَرَةُ قُرُونٍ. وَالْقَرْنُ مِائَةُ سَنَةٍ. وَبَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَشَرَةُ قُرُونٍ. وَالْقَرْنُ مِائَةُ سَنَةٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ بَيْنَ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ أَلْفُ سَنَةٍ وَتِسْعُمَائَةِ سَنَةٍ وَلَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا فَتْرَةٌ. وَأَنَّهُ أُرْسِلَ بَيْنَهُمَا أَلْفُ نَبِيٍّ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سِوَى مَنْ أُرْسِلَ مِنْ غَيْرِهِمْ.
وَكَانَ بَيْنَ مِيلادِ عِيسَى وَالنَّبِيِّ. عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ. خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ وَتِسْعٌ وَسِتُّونَ(1/44)
سَنَةً. بُعِثَ فِي أَوَّلِهَا ثَلاثَةُ أَنْبِيَاءَ. وَهُوَ قَوْلُهُ: «إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ» يس: 14. وَالَّذِي عُزِّزَ بِهِ شَمْعُونُ. وَكَانَ مِنَ الْحَوَارِيِّينَ. وَكَانَتِ الْفَتْرَةُ الَّتِي لَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ فِيهَا رَسُولا أَرْبَعُمِائَةِ سَنَةٍ وَأَرْبَعًا وَثَلاثِينَ سنة. وإن حواريي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلا. وَكَانَ قَدْ تَبِعَهُ بَشَرٌ كَثِيرٌ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ حَوَارِيُّ إِلا اثْنَا عَشَرَ رَجُلا. وَكَانَ مِنَ الْحَوَارِيِّينَ الْقَصَّارُ وَالصَّيَّادُ. وَكَانُوا عُمَّالا يَعْمَلُونَ بِأَيْدِيهِمْ.
وَإِنَّ الْحَوَارِيِّينَ هُمُ الأَصْفِيَاءُ. وَإِنَّ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ رُفِعَ كَانَ ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ سَنَةً وَسِتَّةِ أَشْهُرٍ. وَكَانَتْ نُبُوَّتُهُ ثَلاثِينَ شَهْرًا. وَإِنَّ اللَّهَ رَفَعَهُ بِجَسَدِهِ. وَإِنَّهُ حَيُّ الآنَ.
وَسَيَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا فَيَكُونُ فِيهَا مَلِكًا. ثُمَّ يَمُوتُ كَمَا يَمُوتُ النَّاسُ. وَكَانَتْ قَرْيَةُ عِيسَى تُسَمَّى نَاصِرَةَ. وَكَانَ أَصْحَابُهُ يُسَمَّوْنَ النَّاصِرِيِّينَ. وَكَانَ يُقَالُ لِعِيسَى النَّاصِرِيُّ فلذلك سميت النَّصَارَى.
ذِكْرُ تَسْمِيَةِ الأَنْبِيَاءِ وَأَنْسَابِهِمْ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ أَبُو النَّضْرِ قَالا: أَخْبَرَنَا المسعودي عن أبي عمر الشامي عن عبيد بْنِ الْخَشْخَاشِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: [قُلْتُ للنبي. ص: أَيُّ الأَنْبِيَاءِ أَوَّلُ؟ قَالَ: آدَمُ. قَالَ قُلْتُ: أَوَنَبِيًّا كَانَ؟ قَالَ: نَعَمْ نَبِيٌّ مُكَلَّمٌ. قَالَ فَقُلْتُ: «فَكَمِ الْمُرْسَلُونَ؟ قَالَ: ثَلاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ جَمًّا غَفِيرًا» ] «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَزِيَادٍ مَوْلَى مُصْعَبٍ قَالَ: [سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ آدَمَ: أَنَبِيًّا كَانَ؟ قَالَ: بَلَى نَبِيٌّ مُكَلَّمٌ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَوَّلُ نَبِيٍّ بُعِثَ إِدْرِيسُ.
وَهُوَ خَنُوخُ بْنُ يَارِذَ بْنِ مَهْلائِيلَ بْنِ قَيْنَانَ بْنِ أَنُوشِ بْنِ شِيثِ بْنِ آدَمَ. ثُمَّ نُوحُ بْنُ لَمْكِ بْنِ مُتَوَشْلِخَ بْنِ خَنُوخَ وَهُوَ إِدْرِيسُ. ثُمَّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ تَارِحَ بْنِ نَاحُورَ بْنِ سَارُوغَ بْنِ أرغوا بْنِ فَالِغِ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سَامِ بْنِ نُوحٍ. ثُمَّ إِسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ ابْنَا إِبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. ثُمَّ يُوسُفُ بْنُ يعقوب بن إسحاق. ثم
__________
(1) انظر الحديث في: [مسند أحمد (5/ 178، 265) ، والمعجم الكبير للطبراني (8/ 259) ، وكنز العمال (35564) ] .(1/45)
لُوطُ بْنُ هَارَانَ بْنِ تَارِحِ بْنِ نَاحُورَ بْنِ سَارُوغَ وَهُوَ ابْنُ أَخِي إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ.
ثُمَّ هُودُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْخُلُودِ بْنِ عَادِ بْنِ غُوصِ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. ثُمَّ صَالِحُ بْنُ آسِفَ بْنِ كَمَاشِجِ بْنِ أَرْوَمِ بْنِ ثَمُودَ بْنِ جَاثِرِ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. ثُمَّ شُعَيْبُ بْنُ يوبب بْنِ عيفا بْنِ مَدْيَنَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ. ثُمَّ مُوسَى وَهَارُونُ ابْنَا عِمْرَانَ بْنِ قَاهِثِ بْنِ لاوِي بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. ثُمَّ إِلْيَاسَ بْنُ تشبين بْنِ الْعَازِرَ بْنِ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ قَاهِثِ بْنِ لاوِي بْنِ يَعْقُوبَ. ثُمَّ الْيَسَعُ بْنُ عُزَّيِّ بْنِ نشوتلخِ بْنِ أفرايمِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ. ثُمَّ يُونُسُ بْنُ مَتَّى مِنْ بَنِي يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. ثُمَّ أَيُّوبُ بْنُ زَارِحِ بْنِ أَمْوَصَ بْنِ ليفزن بْنِ الْعِيصِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. ثُمَّ دَاوُدُ بْنُ إيشا بْنِ عويذ بْنِ بَاعِرِ بْنِ سَلْمُونَ بْنِ نَحْشُونَ بْنِ عميناذب بْنِ إِرَمَ بْنَ حَصْرُونِ بْنِ فَارِصِ بْنِ يَهُوذَا بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. ثُمَّ سليمان بن داود. ثم زكرياء بْنُ بَشْوَى مِنْ بَنِي يَهُوذَا بْنِ يَعْقُوبَ. ثم يحيى بن زكرياء.
ثُمَّ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ بْنِ مَاثَانَ مِنْ بَنِي يَهُوذَا بْنِ يَعْقُوبَ. ثُمَّ النبي. عليه الصلاة والسلام. مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ.
ذِكْرُ نَسَبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَسْمِيَةِ مَنْ وَلَدَهُ إلى آدم- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ بِشْرٍ الْكَلْبِيُّ قَالَ: عَلَّمَنِي أَبِي وَأَنَا غُلامٌ نَسَبَ النبي. ص: مُحَمَّدٍ الطَّيِّبِ الْمُبَارَكِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَاسْمُهُ شَيْبَةُ الْحَمْدِ بْنُ هَاشِمِ. وَاسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ. وَاسْمُهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ قُصَيٍّ. وَاسْمُهُ زَيْدُ بْنُ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ. وَإِلَى فِهْرٍ جِمَاعُ قُرَيْشٍ وَمَا كَانَ فَوْقَ فِهْرٍ فَلَيْسَ يُقَالُ لَهُ قُرَشِيُّ يُقَالُ لَهُ كِنَانِيُّ. وَهُوَ فِهْرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ. وَاسْمُهُ قَيْسُ بْنُ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ. وَاسْمُهُ عَمْرُو بْنُ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَجْلانِيُّ عَنْ مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ عَنْ عَمَّتِهِ عَنْ أُمِّهَا كَرِيمَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ الْبَهْرَانِيِّ قالت: قال رسول الله. ص: [مَعَدُّ بْنُ عَدْنَانَ بْنِ أُدَدَ بْنِ يَرَى بن أعراق الثرى] «1» .
__________
(1) انظر الحديث في: [المستدرك (2/ 465) ، والمعجم الصغير (2/ 62) ، ودلائل النبوة (1/ 178، 179) ، والبداية والنهاية (2/ 194) ، وكنز العمال (32022) ، (32023) ] .(1/46)
قَالَتْ: وَأَخْبَرَنَا هِشَامٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ. عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ. كَانَ إِذَا انْتَسَبَ لَمْ يُجَاوِزْ فِي نَسَبِهِ مَعَدَّ بْنَ عَدْنَانَ بْنِ أُدَدَ ثُمَّ يُمْسِكُ وَيَقُولُ: [كَذَبَ النَّسَّابُونَ. قَالَ اللَّهُ. عَزَّ وَجَلَّ: «وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً» الفرقان: 38] .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْ شَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُعَلِّمَهُ لعلمه. قال: أخبرنا عبيد الله ابن مُوسَى الْعَبْسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ الله أنه كان يقرأ: وعادا وثمودا وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلا اللَّهُ. كَذَبَ النَّسَّابُونَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَيْنَ مَعَدٍّ وَإِسْمَاعِيلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَيِّفٌ وَثَلاثُونَ أَبًا. وَكَانَ لا يُسَمِّيهِمْ وَلا يَنْفُذُهُمْ. وَلَعَلَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ حَيْثُ سَمِعَ حَدِيثَ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ إِذَا بَلَغَ مَعَدَّ بْنَ عَدْنَانَ أَمْسَكَ.
قَالَ هِشَامٌ: وَأَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ عَنِ أَبِي وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ ينسِبُ مَعَدَّ بْنَ عَدْنَانَ بْنِ أُدَدَ بْنِ الْهَمَيْسَعِ بْنِ سَلامَانَ بْنِ عَوْصِ بْنِ يُوزَ بْنِ قَمْوَالِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ نَاشِدِ بْنِ حَزَّا بْنِ بِلْدَاسَ بْنِ تَدْلافِ بْنِ طَابِخِ بْنِ جَاحِمِ بْنِ نَاحِشِ بْنِ مَاخِي بْنِ عبقى بن عبقر بن عبيد بن الدعاء بْنِ حَمْدَانَ بْنِ سَنْبَرِ بْنِ يَثْرِبِيِّ بْنِ نَحْزَنَ بْنِ يَلْحُنَ بْنِ أَرْعَوِيِّ بْنِ عَيْفَى بن ديشان بن عيسر بْنِ أَقْنَادِ بْنِ أَبْهَامَ بْنِ مَقْصِيِّ بْنِ نَاحِثِ بْنِ زَارِحِ بْنِ شُمِّيِّ بْنِ مَزَى بْنِ عَوْصِ بْنِ عَرَامِ بْنِ قَيْذَرِ بْنِ إسماعيل بن إبراهيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ تَدْمُرَ يُكْنَى أَبَا يَعْقُوبَ مِنْ مُسْلِمَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ قَرَأَ مِنْ كُتُبِهِمْ. وَعَلِمَ عِلْمَهُمْ. فَذَكَرَ أَنَّ بُورِخَ بْنَ نَارِيَا كَاتِبَ أَرْمِيَا أَثْبَتَ نَسَبَ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ عِنْدَهُ. وَوَضَعَهُ فِي كُتُبِهِ وَأَنَّهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَحْبَارِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَعُلَمَائِهِمْ. مُثْبَتٌ فِي أَسْفَارِهِمْ. وَهُوَ مُقَارِبٌ لِهَذِهِ الأَسْمَاءِ. وَلَعَلَّ خِلافَ مَا بَيْنَهُمْ مِنْ قِبَلِ اللُّغَةِ. لأَنَّ هَذِهِ الأَسْمَاءَ تُرْجِمَتْ مِنَ الْعِبْرَانِيَّةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ كَانَ مَعَدٌّ عَلَى عَهْدِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ. وَهُوَ مَعَدُّ بْنُ عَدْنَانَ بْنِ أُدَدَ بْنِ زَيْدِ بْنِ يَقْدِرَ بْنِ يَقْدَمَ بْنِ أَمِينِ بْنِ مَنْحَرِ بْنِ(1/47)
صَابُوحِ بْنِ الْهَمَيْسَعِ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ نَبْتِ بْنِ سَلْمَانَ بْنِ حَمَلِ بْنِ قَيْذَرَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ.
قَالَ: وَقَدْ قَدَّمَ بَعْضُهُمُ الْعَوَّامَ فِي بَعْضِ النَّسَبِ عَلَى الْهَمَيْسَعِ فَصَيَّرَهُ مِنْ وَلَدِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رُؤَيْمُ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ عَنْ هَارُونَ بْن أبي عيسى الشامي عن محمد بن إِسْحَاقَ أَنَّهُ كَانَ يَنْسِبُ مَعَدَّ بْنَ عَدْنَانَ عَلَى غَيْرِ هَذَا النَّسَبِ فِي بَعْضِ رِوَايَتِهِ يَقُولُ: مَعَدُّ بْنُ عَدْنَانَ بْنِ مُقَوَّمِ بْنِ نَاحُورِ بْنِ تَيْرَحَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ نَابِتِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ.
قَالَ: وَيَقُولُ أَيْضًا فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَهُ: مَعَدُّ بْنُ عَدْنَانَ بْنِ أُدَدَ بْنِ أيتحبِ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ قَيْذَرَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدِ انْتَمَى قُصَيُّ بْنُ كِلابٍ إِلَى قَيْذَرَ فِي بَعْضِ شِعْرِهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: فَأَنْشَدَنِي هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ شِعْر قصيّ:
فَلَسْتُ لحاضن إِنْ لَمْ تَأَثَّلْ ... بِهَا أَوْلادُ قَيْذَرَ وَالنَّبِيتُ
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَلَمْ أَرَ بَيْنَهُمُ اخْتِلافًا أَنَّ مَعَدًّا مِنْ وَلَدِ قَيْذَرَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ. وَهَذَا الاخْتِلافُ فِي نِسْبَتِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُحْفَظْ. وَإِنَّمَا أُخِذَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَتَرْجَمُوهُ لَهُمْ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ. وَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْلَمَ النَّاسِ بِهِ. فَالأَمْرُ عِنْدَنَا عَلَى الانْتِهَاءِ إِلَى مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ. ثُمَّ الإِمْسَاكُ عَمَّا وَرَاءَ ذَلِكَ إِلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: مَا وَجَدْنَا أَحَدًا يَعْرِفُ مَا وَرَاءَ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ يَقُولُ: مَا وَجَدْنَا فِي عِلْمِ عَالِمٍ وَلا شِعْرِ شَاعِرٍ أَحَدًا يَعْرِفُ مَا وَرَاءَ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ بِثَبْتٍ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قال: قال رسول الله. ص: لا تَسُبُّوا مُضَرَ فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ] «1» .
__________
(1) انظر الحديث في: [فتح الباري (7/ 146) ، وكنز العمال (33987) ] .(1/48)
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أبيه قال: كان معد مع بخت نصر حِينَ غَزَا حُصُونَ الْيَمَنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَلَدَ مَعَدُّ بْنُ عَدْنَانَ نِزَارًا. وَفِي وَلَدِهِ النُّبُوَّةُ وَالثَّرْوَةُ وَالْخِلافَةُ. وَقَنْصًا وَقَنَاصَةَ وَسِنَامًا وَالْعُرْفَ وعوفا وشكا وحيدان وحيدة وعبيد الرَّمَّاحَ وَجُنَيْدًا وَجُنَادَةَ وَالْقُحْمَ وَإِيَادًا. وَأُمُّهُمْ مَعَانَةُ بنت جوشم بن جلهمة بن عمرو بن دَوَّةَ بْنِ جُرْهُمَ. وَأَخُوهُمْ لأُمِّهِمْ قُضَاعَةُ وَبَعْضُ الْقُضَاعِيِّينَ.
وَبَعْضُ النَّسَّابِ يَقُولُ: قُضَاعَةُ بْنُ مَعَدٍّ. وَبِهِ كَانَ يُكَنَّى مَعَدٌّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَاسْمُ قضاعة عمرو. وإنما قيل قضاعة لأنه انقضع عَنْ قَوْمِهِ وَانْتَسَبَ فِي غَيْرِهِمْ. وَهَذِهِ لُغَتُهُمْ.
قَالَ: وَقَدْ تَفَرَّقَ وَلَدُ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ سِوَى نِزَارٍ فِي غَيْرِ بَنِي مَعَدِّ. وَبَعْضُهُمُ انْتَسَبَ إِلَى مَعَدٍّ. فَوَلَدَ نِزَارُ بْنُ مَعَدٍّ مُضَرَ وَإِيَادًا. وَبِهِ كَانَ يُكَنَّى نِزَارٌ. وَأُمُّهُمَا سَوْدَةُ بِنْتُ عَكٍّ. وَرَبِيعَةَ. وَهُوَ الْفَرَسُ وَهُوَ الْقَشْعَمُ. وَأَنْمَارًا. وَأُمُّهُمَا الْحُذَالَةُ بِنْتُ وَعْلانَ بْنِ جَوْشَمِ بْنِ جُلْهُمَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جُرْهُمَ. وَكَانَ يُقَالُ لِمُضَرَ: الْحَمْرَاءُ.
وَلإِيَادٍ: الشَّمْطَاءُ وَالْبَلْقَاءُ. وَلِرَبِيعَةَ: الْفَرَسُ. وَلأَنْمَارٍ: الْحِمَارُ. قَالَ: وَيُقَالُ إِنَّ أنمارا هو أبو بجيلة وَخَثْعَمٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ وَغَيْرِهِ قال: هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ آزَرَ. وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الْقُرْآنِ. وَفِي التَّوْرَاةِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ تَارِحَ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ آزَرُ بْنُ تَارِحَ بْنِ نَاحُورَ بْنِ سَارُوغَ. وَيُقَالُ شَرُوغُ بْنُ أرغوا. وَيُقَالُ أرغوا بْنُ فَالِغٍ. وَيُقَالُ فَالِخُ بْنُ عَابِرِ بْنِ شَالَخِ. وَيُقَالُ سَالِخُ بْنُ أَرْفَخَشْدِ بْنِ سَامِ بن نوح النبي. ع. ابن لمك بن متوشلخ. ويقال متوسلخ بن خنوخ. وهو إدريس النبي. ع.
. ابن يرذ. وهو اليارذ. ويقال الياذر بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شِيثٍ.
وَيُقَالُ شَثٌّ وَهُوَ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ آدَمَ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرًا.
ذِكْرُ أُمَّهَاتِ رَسُولِ اللَّهِ. عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عن أبيه قال: أم رسول الله.
ص. آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زُهْرَةَ بْنِ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ وَأُمُّهَا بَرَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلابٍ. وَأُمُّهَا أُمُّ حَبِيبِ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلابٍ. وَأُمُّهَا بَرَّةُ بِنْتُ عَوْفِ بْنِ عَبِيدِ بْنِ عَوِيجِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ(1/49)
كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ. وَأُمُّهَا قِلابَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حُبَاشَةَ بْنِ غَنْمِ بْنِ لِحْيَانَ بْنِ عَادِيَةَ بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ هِنْدِ بْنِ طَابِخَةَ بْنِ لِحْيَانَ بْنِ هُذَيْلِ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسِ بْنِ مُضَرَ. وَأُمُّهَا أُمَيْمَةُ بِنْتُ مَالِكِ بْنِ غَنْمِ بْنِ لِحْيَانَ بْنِ عَادِيَةَ بْنِ صَعْصَعَةَ.
وَأُمُّهَا دَبُّ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ هُذَيْلِ بْنِ مُدْرِكَةَ. وَأُمُّهَا عَاتِكَةُ بِنْتُ غَاضِرَةَ بْنِ حَطِيطِ بْنِ جُشَمِ بْنِ ثَقِيفٍ. وَهُوَ قَسِّيُّ بْنُ مُنَبِّهِ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلانَ. وَاسْمُهُ إِلْيَاسُ بْنُ مُضَرَ. وَأُمُّهَا لَيْلَى بِنْتُ عَوْفِ بْنِ قَسِّيٍّ وَهُوَ ثَقِيفٌ. وَأُمُّ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ جَدِّ رَسُولِ اللَّهِ.
ص. قَيْلَةُ. وَيُقَالُ: هِنْدُ بِنْتُ أَبِي قَيْلَةَ. وَهُوَ وَجْزُ بْنُ غَالِبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَلَكَانَ بْنِ أَفْصَى بْنِ حَارِثَةَ مِنْ خُزَاعَةَ. وَأُمُّهَا سَلْمَى بِنْتُ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ. وَأُمُّهَا مَاوِيَّةُ بِنْتُ كَعْبِ بْنِ الْقَيْنِ مِنْ قُضَاعَةَ وَأُمُّ وَجْزِ بْنِ غَالِبٍ السَّلافَةُ بِنْتُ وَاهِبِ بْنِ الْبُكَيْرِ بْنِ مَجْدَعَةَ بْنِ عَمْرٍو مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مِنَ الأَوْسِ. وَأُمُّهَا ابْنَةُ قَيْسِ بْنِ رَبِيعَةَ مِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ بُوَيِّ بْنِ مَلَكَانَ بْنِ أَفْصَى أَخِي أَسْلَمَ بْنِ أَفْصَى. وَأُمُّهَا النَّجْعَةُ بِنْتُ عُبَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ.
وَأُمُّ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ جُمَلُ بِنْتُ مَالِكِ بْنِ فُصَيَّةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَلِيحِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ خُزَاعَةَ. وَأُمُّ زُهْرَةَ بْنِ كِلابٍ أُمُّ قُصَيٍّ وَهِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ سَيْلٍ. وَهُوَ خَيْرُ بْنُ حمالة بن عوف بن عامر الجادر من الأَزْدِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَتَبْتُ لِلنَّبِيِّ.
عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ. خَمْسَمِائَةِ أُمٍّ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِنَّ سِفَاحًا وَلا شَيْئًا مِمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِنَّمَا خَرَجْتُ مِنْ نِكَاحٍ وَلَمْ أَخْرُجْ مِنْ سِفَاحٍ مِنْ لَدُنْ آدَمَ لَمْ يُصِبْنِي مِنْ سِفَاحِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ شَيْءٌ لَمْ أَخْرُجْ إِلا مِنْ طُهْرِهِ] «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سبرة
__________
(1) انظر الحديث في: [مصنف ابن أبي شيبة (1/ 432) ، والدر المنثور (3/ 294) ، وكنز العمال (32015) ] .(1/50)
عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص:
[خَرَجْتُ مِنْ لَدُنْ آدَمَ مِنْ نِكَاحٍ غَيْرِ سِفَاحٍ] «1» .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَمِّهِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عائشة قالت: قال رسول الله. ص: خَرَجْتُ مِنْ نِكَاحٍ غَيْرِ سِفَاحٍ] «2» .
ذِكْرُ الْفَوَاطِمِ وَالْعَوَاتِكِ اللاتِي وَلَدْنَ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم -
والعاتكة في كلام العرب الطاهرة. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أُمُّ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ. وَقَدْ وَلَدَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُضَيْبَةُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عُتْوَارَةَ بْنِ عَائِشِ بْنِ ظَرِبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ.
وَأُمُّهَا لَيْلَى بِنْتُ هِلالِ بْنِ وُهَيْبِ بْنِ ضَبَّةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ. وَأُمُّهَا سَلْمَى بِنْتُ مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ. وَأُمُّهَا عَاتِكَةُ بِنْتُ يَخْلُدَ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ. وَأُمُّ عَمْرِو بْنِ عُتْوَارَةَ بْنِ عَائِشِ بْنِ ظَرِبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ قَسِّيٍّ.
وَأُمُّهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ بِلالِ بْنِ عَمْرِو بْنِ ثُمَالَةَ مِنَ الأَزْدِ. وَأُمُّ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ. وَقَدْ وَلَدَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحُظَيَّا. وَهِيَ رَيْطَةُ بِنْتُ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ وَأُمُّ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمٍ نُعْمُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ بْنِ وَائِلَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ شَيْبَانَ بْنِ محارب بن فهر. وَأُمُّهَا سَلْمَى بِنْتُ رَبِيعَةَ بْنِ وُهَيْبِ بْنِ ضباب بْن حجير بْن عَبْد بْن مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. وَأُمُّهَا خَدِيجَةُ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ. وَأُمُّهَا عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدَةَ بْنِ ذَكْوَانَ بْنِ غَاضِرَةَ بْنِ صَعْصَعَةَ. وَأُمُّ ضباب بْن حجير بْن عَبْد بْن معيص فَاطِمَةُ بِنْتُ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ. وَأُمُّ عَبِيدِ بْنِ عَوِيجِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ. وَقَدْ وَلَدَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -
__________
(1) انظر الحديث في: [السنن الكبرى (7/ 190) ، وإرواء الغليل (6/ 330) ، ومجمع الزوائد (8/ 214) ، والدر المنثور (3/ 294) ، والمطالب العالية (257) ، ودلائل النبوة (1/ 11) ، والبداية والنهاية (2/ 256) ، وتاريخ جرجان (361) ] .
(2) انظر الحديث في: [إرواء الغليل (6/ 333) ، والدر المنثور 3/ 294) ، وتفسير ابن كثير (4/ 177) ] .(1/51)
مَخْشِيَّةُ بِنْتُ كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو. وَأُمُّهَا عَاتِكَةُ بِنْتُ مُدْلِجِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ.
فَهَؤُلاءِ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَأُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ. وَهِيَ أَقْرَبُ الْفَوَاطِمِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُمُّهَا صَخْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ. وَأُمُّهَا تَخْمُرُ بِنْتُ عَبْدِ بْنِ قُصَيٍّ. وَأُمُّهَا سَلْمَى بِنْتُ عَامِرَةَ بْنِ عَمِيرَةَ بْنِ وَدِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ. وَأُمُّهَا عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَائِلَةَ بْنِ ظَرِبِ بْنِ عَيَاذَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ بَكْرِ بْنِ يَشْكُرَ بْنِ الْحَارِثِ وَهُوَ عُدْوَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ. وَيُقَالُ:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَرْبِ بْنِ وَائِلَةَ. وَأُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَائِلَةَ بْنِ ظَرِبٍ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَامِرِ بْنِ ظَرِبِ بْنِ عَيَاذَةَ. وَأُمُّ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ سُعْدَى بِنْتُ وَهْبِ بْنِ تَيْمِ بْنِ غَالِبٍ. وَأُمُّهَا عَاتِكَةُ بِنْتُ هِلالِ بْنِ وُهَيْبِ بْنِ ضَبَّةَ. وَأُمُّ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ عَاتِكَةُ بِنْتُ مُرَّةَ بْنِ هِلالِ بْنِ فَالِجِ بْنِ ذَكْوَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ بهثة بْن سُلَيْمِ بْن مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلانَ. وَهِيَ أَقْرَبُ الْعَوَاتِكِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُمُّ هِلالِ بْنِ فَالِجِ بْنِ ذَكْوَانَ فَاطِمَةُ بِنْتُ بُجَيْدِ بْنِ رُؤَاسِ بْنِ كِلابِ بْنِ رَبِيعَةَ. وَأُمُّ كِلابِ بْنِ رَبِيعَةَ مَجْدُ بِنْتُ تَيْمٍ الأَدْرَمِ بْنِ غَالِبٍ. وَأُمُّهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ. وَأُمُّ مُرَّةَ بْنِ هِلالِ بْنِ فَالِجٍ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَدِيِّ بْنِ سَهْمٍ مِنْ أَسْلَمَ وَهُمْ أُخْوَةُ خُزَاعَةَ. وَأُمُّ وُهَيْبِ بْنِ ضَبَّةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ عَاتِكَةُ بِنْتُ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ. وَأُمُّ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بن رزام بْنِ جَحْوَشِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ.
وَأُمُّ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ عَاتِكَةُ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ هُذَيْلِ بْنِ مُدْرِكَةَ. وَأُمُّ قُصَيِّ بْنِ كِلابٍ فَاطِمَةُ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ سَيْلٍ مِنَ الْجَدَرَةِ مِنَ الأَزْدِ. وَأُمُّ عبد مناف بن قصي حبى بنت حليل بْنِ حُبْشِيَّةَ الْخُزَاعِيُّ. وَأُمُّهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ نَصْرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ لُحَيٍّ مِنْ خُزَاعَةَ. وَأُمُّ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ مَاوِيَّةُ بِنْتُ كعب بن القين. وهو النعمان بن جسر بن شيع الله بن أسد بْن وبرة بْنِ تَغْلِبَ بْنِ حُلْوَانَ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ الْحَافِ بْنِ قُضَاعَةَ. وَأُمُّهَا عَاتِكَةُ بِنْتُ كَاهِلِ بْنِ عُذْرَةَ. وَأُمُّ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ عَاتِكَةُ بِنْتُ يَخْلُدَ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ.
وَأُمُّ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكٍ لَيْلَى بِنْتُ سَعْدِ بْنِ هُذَيْلِ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسِ بْنِ مُضَرَ.
وَأُمُّهَا سَلْمَى بِنْتُ طَابِخَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ. وَأُمُّهَا عَاتِكَةُ بِنْتُ الأَسَدِ بْنِ الْغَوْثِ.
قَالَ وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ غَيْرِ أَبِيهِ أَنَّ عَاتِكَةَ بِنْتَ عَامِرِ بْنِ الظَّرِبِ مِنْ أُمَّهَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أُمُّ برة بنت عوف بن عبيد بن عويج بن(1/52)
عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ أُمَيْمَةُ بِنْتُ مَالِكِ بْنِ غَنْمِ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ حُبْشِيِّ بْنِ عَادِيَةَ بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ طَابِخَةَ بْنِ لِحْيَانَ. وَأُمُّهَا قِلابَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ طَابِخَةَ بْنِ لِحْيَانَ. وَأُمُّهَا دَبُّ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ هُذَيْلٍ. وَأُمُّهَا لُبْنَى بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ نُمَيْرِ بْنِ أَسِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ. وَأُمُّهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَرْبِ بْنِ وَائِلَةَ. وَأُمُّهَا زَيْنَبُ بِنْتُ مَالِكِ بْنِ نَاضِرَةَ بْنِ غَاضِرَةَ بْنِ حُطَيْطِ بْنِ جُشَمِ بْنِ ثَقِيفٍ. وَأُمُّهَا عَاتِكَةُ بِنْتُ عَامِرِ بْنِ ظَرِبٍ. وَأُمُّهَا شَقِيقَةُ بِنْتُ مَعْنِ بْنِ مَالِكٍ مِنْ بَاهِلَةَ.
وَأُمُّهَا سَوْدَةُ بِنْتُ أَسِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ. فَهَؤُلاءِ الْعَوَاتِكُ وَهُنَّ ثلاث عشرة والفواطم وهن عشرة.
ذكر أمهات آباء رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ. وَأُمُّهَا صَخْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ. وَأُمُّهَا تَخْمُرُ بِنْتُ عَبْدِ بْنِ قُصَيٍّ. وَأُمُّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ سَلْمَى بِنْتُ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ لَبِيدِ بْنِ خِدَاشِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ. وَاسْمُ النَّجَّارِ تَيْمُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْخَزْرَجِ. وَأُمُّهَا عَمِيرَةُ بِنْتُ صَخْرِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ. وَأُمُّهَا سَلْمَى بِنْتُ عَبْدِ الأَشْهَلَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ دينار بن النجار. وأمها أثيلة بنت زعوراء بْنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ. وَأُمُّ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ عَاتِكَةُ بِنْتُ مُرَّةَ بْنِ هِلالِ بْنِ فَالِجِ بْنِ ذَكْوَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ بَهْثَةَ بْنِ سُلَيْمِ بْنِ مَنْصُورٍ. وَأُمُّهَا مَاوِيَّةُ. وَيُقَالُ صَفِيَّةُ بِنْتُ حَوْزَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ. وَأُمُّهَا رَقَاشُ بِنْتُ الأَسْحَمِ بْنِ مُنَبِّهِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ عَائِذِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ الْعَشِيرَةُ مِنْ مَذْحِجٍ. وَأُمُّهَا كَبْشَةُ بِنْتُ الرَّافِقِيِّ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْحَمَاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ.
وَأُمُّ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ حُبَّى بِنْتُ حَلِيلِ بْنِ حُبْشِيَّةَ بْنِ سَلُولِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنْ خُزَاعَةَ. وَأُمُّهَا هِنْدُ بِنْتُ عَامِرِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنْ خُزَاعَةَ. وَأُمُّهَا لَيْلَى بِنْتُ مَازِنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنْ خُزَاعَةَ. وَأُمُّ قُصَيِّ بْنِ كِلابٍ فَاطِمَةُ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ سَيْلٍ. وَهُوَ خَيْرُ بْنُ حمالة بن عوف بن عامر الجادر من الأَزْدِ. وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَنَى جِدَارَ الْكَعْبَةِ فَقِيلَ لَهُ الْجَادِرُ. وَأُمُّهَا(1/53)
ظَرِيفَةُ بِنْتُ قَيْسِ بْنِ ذِي الرَّأْسَيْنِ. وَاسْمُهُ أُمَيَّةُ بْنُ جُشَمِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْقَيْنِ بْنِ فَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلانَ. وَأُمُّهَا صَخْرَةُ بِنْتُ عَامِرِ بْنِ كَعْبِ بْنِ أَفْرَكَ بْنِ بُدَيْلِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَبْقَرِ بْنِ أَنْمَارٍ. وَأُمُّ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ هِنْدُ بِنْتُ سَرِيرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ. وَأُمُّهَا أُمَامَةُ بِنْتُ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ. وَأُمُّهَا هِنْدُ بِنْتُ دُودَانَ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ. وَأُمُّ مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ مَخْشِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَانَ بْنِ مُحَارِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ. وَأُمُّهَا وَحْشِيَّةُ بِنْتُ وَائِلِ بْنِ قَاسِطِ بْنِ هِنْبِ بْنِ أَفْصَى بْنِ دُعْمِيِّ بْنِ جَدِيلَةَ. وَأُمُّهَا مَاوِيَّةُ بِنْتُ ضُبَيْعَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نِزَارٍ. وَأُمُّ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ مَاوِيَّةُ بِنْتُ كَعْبِ بْنِ القين. وهو النعمان بن جسر بن شيع اللَّهِ بْنِ أَسَدِ بْنِ وَبَرَةَ بْنِ تَغْلِبَ بْنِ حُلْوَانَ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ الْحَافِ بْنِ قُضَاعَةَ. وَأُمُّهَا عَاتِكَةُ بِنْتُ كَاهِلِ بْنِ عُذْرَةَ. وَأُمُّ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ عَاتِكَةُ بِنْتُ يَخْلُدَ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ. وَهُوَ الْقَوْلُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ بَلْ أُمُّهُ سَلْمَى بِنْتُ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنْ خُزَاعَةَ.
وَأُمُّهَا أُنَيْسَةُ بِنْتُ شَيْبَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَكَابَةَ بْنِ صَعْبِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ. وَأُمُّهَا تُمَاضُرُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ دُودَانَ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ. وَأُمُّهَا رُهْمُ بِنْتُ كَاهِلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ. وَأُمُّ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ لَيْلَى بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ هُذَيْلِ بْنِ مُدْرِكَةَ. وَيُقَالُ بَلْ هِيَ لَيْلَى بِنْتُ سَعْدِ بْنِ هُذَيْلِ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسِ بن مضر. وَأُمُّهَا سَلْمَى بِنْتُ طَابِخَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ. وَأُمُّهَا عَاتِكَةُ بِنْتُ الأَسَدِ بْنِ الْغَوْثِ. وَأُمُّهَا زَيْنَبُ بِنْتُ رَبِيعَةَ بْنِ وَائِلَ بْنِ قَاسِطِ بْنُ هِنْبٍ. وَأُمُّ فِهْرِ بْنِ مَالِكٍ جَنْدَلَةُ بِنْتُ عَامِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مُضَاضِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكٍ مِنْ جُرْهُمَ. وَيُقَالُ: بَلْ هِيَ جَنْدَلَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ جَنْدَلَةَ بن مضاض بن الحارث. وليس بالأكبر. ابن عَوَانَةَ بْنِ عَامُوقَ بْنِ يَقْطُنَ مِنْ جُرْهُمَ. وَأُمُّهَا هِنْدُ بِنْتُ الظَّلِيمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ مِنْ جُرْهُمَ. وَأُمُّ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ عِكْرِشَةُ بِنْتُ عَدْوَانَ وَهُوَ الْحَارِثُ بْنُ عَمْرِو بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلانَ بْنِ مُضَرَ. وَأُمُّ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بَرَّةُ بِنْتُ مُرِّ بْنِ أُدِّ بْنِ طَابِخَةَ أُخْتُ تَمِيمِ بْنِ مُرٍّ. وَأُمُّ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ عَوَانَةُ وَهِيَ هِنْدُ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلانَ. وَأُمُّهَا دَعْدُ بِنْتُ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ.
وَأُمُّ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ سَلْمَى بِنْتُ أَسْلَمَ بْنِ الْحَافِ بْنِ قُضَاعَةَ. وَأُمُّ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ لَيْلَى وَهِيَ خِنْدِفُ بِنْتُ حُلْوَانَ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ الْحَافِ بْنِ قُضَاعَةَ. وَأُمُّهَا ضَرِيَّةُ بِنْتُ رَبِيعَةَ بْنِ نِزَارٍ. وَبِهَا سُمِّيَ مَاءُ ضَرِيَّةَ الَّذِي فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالنِّبَاجِ. وَأُمُّ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ الرَّبَابُ بِنْتُ حَيْدَةَ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ. وَأُمُّ مُضَرَ بْنِ نِزَارٍ سَوْدَةُ بِنْتُ عَكِّ بْنِ الرَّيْثِ بْنِ(1/54)
عَدْنَانَ بْنِ أُدَدَ. وَمَنْ يَنْتَسِبُ مِنْهُمْ إِلَى الْيَمَنِ يَقُولُ عَكُّ بْنُ عَدْثَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَصْرِ بْنِ زَهْرَانَ مِنَ الأُسْدِ. وَأُمُّ نِزَارِ بْنِ مَعَدٍّ مُعَانَةُ بِنْتُ جَوْشَمِ بْنِ جُلْهُمَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ بَرَّةَ بْنِ جُرْهُمَ. وَأُمُّهَا سَلْمَى بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ غَنْمٍ مِنْ لَخْمٍ. وَأُمُّ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ مَهْدَدُ بِنْتُ اللَّهُمِ بْنِ جَلْحَبَ بْنِ جُدَيْسِ بْنِ جَاثِرِ بْنِ أَرَمَ.
ذِكْرُ قُصَيِّ بْنِ كِلابٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ:
وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالُوا: تَزَوَّجَ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكٍ فَاطِمَةَ بِنْتَ سَعْدِ بْنِ سَيْلٍ وَاسْمُ سَيْلٍ خَيْرُ بْنُ حَمَالَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَامِرٍ. وَهُوَ الْجَادِرُ. وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَنَى جِدَارَ الْكَعْبَةِ. ابْنُ عَمْرِو بْنُ جُعْثُمَةَ بْنِ مُبَشِّرِ بْنِ صعب بْنِ مَالِكِ بْنِ نَصْرِ بْنِ الأَزْدِ. وَكَانَ جُعْثُمَةُ خَرَجَ أَيَّامَ خَرَجَتِ الأَزْدُ مِنْ مَأْرِبٍ. فَنَزَلَ فِي بَنِي الدَّيْلِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ فَحَالَفَهُمْ وَزَوَّجَهُمْ وَزَوَّجُوهُ فَوَلَدَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ سَعْدٍ لِكِلابِ بْنِ مُرَّةَ زُهْرَةَ بْنَ كِلابٍ. ثُمَّ مَكَثَتْ دَهْرًا. ثُمَّ وَلَدَتْ قُصَيًّا فَسُمِّيَ زَيْدًا. وَتُوُفِّيَ كِلابُ بْنُ مُرَّةَ وَقَدِمَ رَبِيعَةُ بْنُ حَرَامِ بْنِ ضِنَّةَ بْنِ عَبْدِ بْنِ كَبِيرِ بْنِ عُذْرَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدٍ أَحَدُ قُضَاعَةَ فَاحْتَمَلَهَا إِلَى بِلادِهِ مِنْ أَرْضِ عُذْرَةَ مِنْ أَشْرَافِ الشَّامِ إِلَى سَرْغٍ وَمَا دُونَهَا. فَتَخَلَّفَ زُهْرَةُ بْنُ كِلابٍ فِي قَوْمِهِ لِكِبَرِهِ وَحَمَلَتْ قُصَيًّا مَعَهَا لِصِغَرِهِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ فَطِيمٌ. فَسُمِّيَ قُصَيًّا لِتَقَصِّيهَا بِهِ إِلَى الشَّامِ. فَوَلَدَتْ لِرَبِيعَةَ رَزَّاحًا. وَكَانَ قُصَيُّ يُنْسَبُ إِلَى رَبِيعَةَ بْنِ حَرَامٍ فَنَاضَلَ رجلا من قضاعة يدعى رفيعا.
قَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ: وَهُوَ مِنْ عُذْرَةَ. فَنَضَلَهُ قُصَيٌّ فَغَضِبَ الْمَنْضُولُ فَوَقَعَ بَيْنَهُمَا شَرٌّ حَتَّى تَقَاوَلا وَتَنَازَعَا. فَقَالَ رُقَيْعٌ: أَلا تَلْحَقُ بِبَلَدِكَ وَقَوْمِكَ؟ فَإِنَّكَ لَسْتَ مِنَّا. فَرَجَعَ قُصَيٌّ إِلَى أُمِّهِ فَقَالَ: مَنْ أَبِي؟ فَقَالَتْ: أَبُوكَ رَبِيعَةُ. قَالَ: لَوْ كُنْتُ ابْنَهُ مَا نُفِيتُ.
قالت: أوقد قال هذا؟ فو الله مَا أَحْسَنَ الْجِوَارَ. وَلا حَفِظَ الْحَقَّ. أَنْتَ وَاللَّهِ يَا بُنَيَّ أَكْرَمُ مِنْهُ نَفْسًا وَوَالِدًا وَنَسَبًا وَأَشْرَفَ مَنْزِلا! أَبُوكَ كِلابُ بْنُ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ الْقُرَشِيُّ. وَقَوْمُكَ بِمَكَّةَ عِنْدَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَمَا حوله.
قال: فو الله لا أُقِيمُ هَهُنَا أَبَدًا! قَالَتْ: فَأَقِمْ حَتَّى يَجِيءَ إِبَّانُ الْحَجِّ فَتَخْرُجَ فِي حَاجِّ الْعَرَبِ فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكَ أَنْ يُصِيبَكَ بَعْضُ النَّاسِ. فَأَقَامَ. فَلَمَّا حَضَرَ ذَلِكَ بَعَثَتْهُ مَعَ قَوْمٍ مِنْ قُضَاعَةَ فَقَدِمَ مَكَّةَ. وَزُهْرَةُ يَوْمَئِذٍ حَيُّ. وَكَانَ أَشْعَرَ وَقُصَيٌّ أَشْعَرُ. فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ(1/55)
قُصَيٌّ: أَنَا أَخُوكَ. فَقَالَ: ادْنُ مِنِّي. وَكَانَ قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ وَكَبِرَ. فَلَمَسَهُ فَقَالَ: أَعْرِفُ وَاللَّهِ الصَّوْتَ وَالشَّبَهَ! فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْحَجِّ عَالَجَهُ الْقُضَاعِيُّونَ عَلَى الْخُرُوجِ مَعَهُمْ وَالرُّجُوعِ إِلَى بِلادِهِمْ فَأَبَى وَأَقَامَ بِمَكَّةَ. وَكَانَ رَجُلا جَلْدًا نَهْدًا نَسِيبًا فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ خَطَبَ إِلَى حليل بْن حبشية بْن سلول بْن كعب بْنِ عَمْرِو بْنِ رَبِيعَةَ وَهُوَ لُحَيٌّ الْخُزَاعِيُّ ابْنَتَهُ حُبَّى. فَعَرَفَ حُلَيْلٌ النَّسَبَ وَرَغِبَ فِيهِ فَزَوَّجَهُ. وَحُلَيْلٌ يَوْمَئِذٍ يَلِي أَمْرَ مَكَّةَ وَالْحُكْمَ فِيهَا وَحِجَابَةَ الْبَيْتِ. ثُمَّ هَلَكَ حُلَيْلٌ فَحَجَبَ الْبَيْتَ ابْنُهُ الْمُحْتَرِشُ. وَهُوَ أَبُو غُبْشَانَ.
وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَجْعَلُ لَهُ جُعْلا فِي كُلِّ مَوْسِمٍ. فَقَصَّرُوا بِهِ فِي بَعْضِ الْمَوَاسِمِ مَنَعُوهُ بَعْضَ مَا كَانُوا يُعْطُونَهُ. فَغَضِبَ فَدَعَاهُ قُصَيٌّ فَسَقَاهُ. ثُمَّ اشْتَرَى مِنْهُ الْبَيْتَ بِأَزْوَادٍ.
وَيُقَالُ بِزِقِّ خَمْرٍ. فَرَضِيَ وَمَضَى إِلَى ظَهْرِ مَكَّةَ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خِدَاشِ بْنِ أمية الكعبي عن أبيه قال: وحدثتني ثلمة بِنْتُ مُسْلِمٍ الأَسْلَمَيَّةُ عَنْ فَاطِمَةَ الْخُزَاعِيَّةِ. وَكَانَتْ قد أدركت أصحاب رسول الله.
ص. قَالا: لَمَّا تَزَوَّجَ قُصَيٌّ إِلَى حُلَيْلِ بْنِ حُبْشِيَّةَ ابْنَتَهُ حُبَّى وَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلادَهُ. قَالَ حُلَيْلٌ: إِنَّمَا وَلَدُ قُصَيٍّ وَلَدِي. هُمْ بَنُو ابْنَتِي. فَأَوْصَى بِوَلايَةِ الْبَيْتِ وَالْقِيَامِ بِأَمْرِ مَكَّةَ إِلَى قُصَيٍّ. وَقَالَ: أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ.
ثُمَّ رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الأَسْلَمَيِّ. وَهِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكَلْبِيِّ الأَوَّلِ. قَالُوا: وَيُقَالُ أَنَّهُ لَمَّا هَلَكَ حُلَيْلُ بْنُ حُبْشِيَّةَ. وَانْتَشَرَ وَلَدُ قُصَيٍّ. وَكَثُرَ مَالُهُ. وَعَظُمَ شَرَفُهُ. رَأَى أَنَّهُ أَوْلَى بِالْبَيْتِ وَأَمْرِ مَكَّةَ مِنْ خُزَاعَةَ وَبَنِي بَكْرٍ. وَأَنَّ قُرَيْشًا فَرَعَةُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَصَرِيحُ وَلَدِهِ. فَكَلَّمَ رِجَالا مِنْ قُرَيْشٍ وَبَنِي كِنَانَةَ وَدَعَاهُمْ إِلَى إِخْرَاجِ خُزَاعَةَ وَبَنِي بَكْرٍ مِنْ مَكَّةَ. وَقَالَ: نَحْنُ أَوْلَى بِهَذَا مِنْهُمْ. فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ وَتَابَعُوهُ. وَكَتَبَ قُصَيٌّ إِلَى أَخِيهِ ابْنِ أُمِّهِ رَزَّاحِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حَرَامٍ الْعُذْرِيِّ يَدْعُوهُ إِلَى نُصْرَتِهِ. فَخَرَجَ رَزَّاحُ وَخَرَجَ مَعَهُ إِخْوَتُهُ لأَبِيهِ حَنٌّ وَمَحْمُودٌ وَجُلْهُمَةُ فِيمَنْ تَبِعَهُ مِنْ قُضَاعَةَ حَتَّى قَدِمُوا مَكَّةَ. وَكَانَتْ صُوفَةُ. وَهُمُ الْغَوْثُ بْنُ مُرٍّ. يَدْفَعُونَ بِالنَّاسِ مِنْ عَرَفَةَ وَلا يَرْمُونَ الْجِمَارَ حَتَّى يَرْمِيَ رَجُلٌ مِنْ صُوفَةَ. فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَامِ فَعَلَتْ ذَلِكَ صُوفَةُ كَمَا كَانَتْ تَفْعَلُ. فَأَتَاهَا قُصَيٌّ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ قُرَيْشٍ وَكِنَانَةَ وَقُضَاعَةَ عِنْدَ الْعَقَبَةِ فَقَالُوا: نَحْنُ أَوْلَى بِهَذَا مِنْكُمْ. فَنَاكَرُوهُمْ. فَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا حَتَّى انْهَزَمَتْ صُوفَةُ. وَقَالَ رَزَّاحٌ: أَجِزْ قُصَيُّ. فَأَجَازَ النَّاسَ وَغَلَبَهُمْ عَلَى مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ(1/56)
ذَلِكَ. فَلَمْ تَزَلِ الإِفَاضَةُ فِي وَلَدِ قُصَيٍّ إِلَى الْيَوْمِ. وَنَدِمَتْ خُزَاعَةُ وَبَنُو بَكْرٍ فَانْحَازُوا عَنْهُ. فَأَجْمَعَ قُصَيٌّ لِحَرْبِهِمْ فَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا بِالأَبْطَحِ حَتَّى كَثُرَتِ الْقَتْلَى فِي الْفَرِيقَيْنِ. ثُمَّ تَدَاعَوْا إِلَى الصُّلْحِ وَحَكَّمُوا بَيْنَهُمْ يَعْمُرَ بْنَ عَوْفِ بْنِ كَعْبِ بْنِ لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ. فَقَضَى بَيْنَهُمْ بأن قصي بن كلاب أَوْلَى بِالْبَيْتِ وَأَمْرِ مَكَّةَ مِنْ خُزَاعَةَ. وَأَنَّ كُلَّ دَمٍ أَصَابَهُ قُصَيٌّ مِنْ خُزَاعَةَ وَبَنِي بَكْرٍ مَوْضُوعٌ يَشْدَخُهُ تَحْتَ قَدَمَيْهِ.
وَأَنَّ مَا أَصَابَتْ خُزَاعَةُ وَبَنُو بَكْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَبَنِي كِنَانَةَ فَفِيهِ الدِّيَةُ. وَأَنْ يُخَلَّى بَيْنَ قُصَيٍّ وَبَيْنَ الْبَيْتِ وَأَمْرِ مَكَّةَ. فَسُمِّيَ يَوْمَئِذٍ الشَّدَّاخُ لِمَا شَدَخَ مِنَ الدِّمَاءِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ عَنْ عَمَّتِهِ عَنْ أُمِّهَا كَرِيمَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ عَنْ أَبِيهَا قَالَ: لَمَّا فَرَغَ قُصَيٌّ وَنَفَى خُزَاعَةَ وَبَنِي بَكْرٍ عَنْ مَكَّةَ تَجَمَّعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ فَسُمِّيَتْ يَوْمَئِذٍ قُرَيْشًا لِحَالِ تَجَمُّعِهَا. وَالتَّقَرُّشُ: التَّجَمُّعُ. فَلَمَّا اسْتَقَرَّ أَمْرُ قُصَيٍّ انْصَرَفَ أَخُوهُ لأُمِّهِ رَزَّاحُ بْنُ رَبِيعَةَ الْعُذْرِيُّ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ إِخْوَتِهِ وَقَوْمِهِ.
وَهُمْ ثَلاثُمِائَةِ رَجُلٍ. إِلَى بِلادِهِمْ. فَكَانَ رَزَّاحٌ وَحَنٌّ يُوَاصِلانِ قُصَيًّا وَيُوَافِيَانِ الْمَوْسِمَ فَيَنْزِلانَ مَعَهُ فِي دَارِهِ وَيَرَيَانِ تَعْظِيمَ قُرَيْشٍ وَالْعَرَبِ لَهُ. وَكَانَ يُكْرِمُهُمَا وَيَصِلُهُمَا وَتُكْرِمُهُمَا قُرَيْشٌ لِمَا أَبْلَيَاهُمْ وَأَوْلَيَاهُمْ مِنَ الْقِيَامِ مَعَ قُصَيٍّ فِي حَرْبِ خُزَاعَةَ وَبَكْرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: إِنَّمَا سُمُّوا قُرَيْشًا لأَنَّ بَنِي فِهْرٍ الثَّلاثَةَ كَانَ اثْنَانِ مِنْهُمْ لأُمٍّ وَالآخَرُ لأُمٍّ أُخْرَى. فَافْتَرَقُوا فَنَزَلُوا مَكَانًا مِنْ تَهَمَةِ مَكَّةَ. ثُمَّ اجْتَمَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ. فَقَالَتْ بَنُو بَكْرٍ: لَقَدْ تَقَرَّشَ بَنُو جَنْدَلَةَ. وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ نَزَلَ مِنْ مُضَرَ مَكَّةَ خُزَيْمَةُ بْنُ مُدْرِكَةَ. وَهُوَ الَّذِي وَضَعَ لِهُبَلَ الصَّنَمِ مَوْضِعَهُ فَكَانَ يُقَالُ لَهُ صَنَمُ خُزَيْمَةَ. فَلَمْ يَزَلْ بَنُوهُ بِمَكَّةَ حَتَّى وَرِثَ ذَلِكَ فِهْرُ بْنُ مَالِكٍ. فَخَرَجَتْ بَنُو أَسَدٍ وَمَنْ كَانَ مِنْ كِنَانَةَ بِهَا فَنَزَلُوا مَنَازِلَهُمُ الْيَوْمَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وُلِدَ لِقُصَيِّ بْنِ كِلابٍ وَلَدُهُ كُلُّهُمْ مِنْ حُبَّى بِنْتِ حُلَيْلٍ عَبْدُ الدَّارِ بْنُ قُصَيٍّ. وَكَانَ بِكْرَهُ. وَعَبْدُ مَنَافِ بْنُ قُصَيٍّ.
وَاسْمُهُ الْمُغِيرَةُ. وَعَبْدُ الْعُزَّى بْنُ قُصَيٍّ. وَعَبْدُ بْنُ قُصَيٍّ. وَتَخْمُرُ بِنْتُ قُصَيٍّ. وَبَرَّةُ بِنْتُ قُصَيٍّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ قُصَيٌّ يَقُولُ: وُلِدَ لِي أَرْبَعَةُ رِجَالٍ. فَسَمَّيْتُ اثْنَيْنِ بِإِلَهِي. وَوَاحِدًا بِدَارِي. وَوَاحِدًا(1/57)
بِنَفْسِي. فَكَانَ يُقَالُ لِعَبْدِ بْنِ قُصَيٍّ عَبْدُ قُصَيٍّ. وَاللَّذَيْنِ سَمَّاهُمَا بَإِلَهِهِ عَبْدُ مَنَافٍ وَعَبْدُ الْعُزَّى. وَبِدَارِهِ عَبْدُ الدَّارِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَلْبِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالا: كَانَ قُصَيُّ بْنُ كِلابٍ أَوَّلَ وَلَدِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ. أَصَابَ مُلْكًا أَطَاعَ لَهُ بِهِ قَوْمُهُ. فَكَانَ شَرِيفَ أَهْلِ مَكَّةَ لا يُنَازَعُ فِيهَا. فَابْتَنَى دَارَ النَّدْوَةِ وَجَعَلَ بَابَهَا إِلَى الْبَيْتِ. فَفِيهَا كَانَ يَكُونُ أَمْرُ قُرَيْشٍ كُلُّهُ وَمَا أَرَادُوا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ حَرْبٍ أَوْ مَشُورَةٍ فِيمَا يَنُوبُهُمْ. حَتَّى إِنْ كَانَتِ الْجَارِيَةُ تَبْلُغُ أَنْ تُدَرَّعَ فَمَا يُشَقُّ دِرْعُهَا إِلا فِيهَا. ثُمَّ يُنْطَلَقُ بِهَا إِلَى أَهْلِهَا. وَلا يَعْقِدُونَ لِوَاءَ حَرْبٍ لَهُمْ وَلا مِنْ قَوْمٍ غَيْرِهِمْ إِلا فِي دَارِ النَّدْوَةِ.
يَعْقِدُهُ لَهُمْ قُصَيٌّ. وَلا يُعْذَرُ لَهُمْ غُلامٌ إِلا فِي دَارِ النَّدْوَةِ. وَلا تَخْرُجُ عِيرٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَيَرْحَلُونَ إِلا مِنْهَا. وَلا يَقْدَمُونَ إِلا نَزَلُوا فِيهَا تَشْرِيفًا لَهُ وَتَيَمُّنًا بِرَأْيِهِ وَمَعْرِفَةً بِفَضْلِهِ. وَيَتَّبِعُونَ أَمْرَهُ كَالدِّينِ الْمُتَّبَعِ لا يُعْمَلُ بِغَيْرِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدِ مَوْتِهِ. وَكَانَتْ إِلَيْهِ الْحِجَابَةُ وَالسِّقَايَةُ وَالرِّفَادَةُ وَاللِّوَاءُ وَالنَّدْوَةُ وَحُكْمُ مَكَّةَ كُلُّهُ. وَكَانَ يَعْشِرُ مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ سِوَى أَهْلِهَا. قَالَ: وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ دَارَ النَّدْوَةِ لأَنَّ قُرَيْشًا كَانُوا يَنْتَدُونَ فِيهَا. أَيْ يجتمعون للخير والشر. والندي: مجمع القوم إذ اجْتَمَعُوا. وَقَطَعَ قُصَيٌّ مَكَّةَ رِبَاعًا بَيْنَ قَوْمِهِ. فَأَنْزَلَ كُلَّ قَوْمٍ مِنْ قُرَيْشٍ مَنَازِلَهُمُ الَّتِي أَصْبَحُوا فِيهَا الْيَوْمَ. وَضَاقَ الْبَلَدُ وَكَانَ كَثِيرُ الشَّجَرِ الْعِضَاهِ وَالسَّلَمِ. فَهَابَتْ قُرَيْشٌ قَطْعَ ذَلِكَ فِي الْحَرَمِ. فَأَمَرَهُمْ قُصَيٌّ بِقَطْعِهِ. وَقَالَ: إِنَّمَا تَقْطَعُونَهُ لِمَنَازِلِكُمْ وَلِخُطَطِكُمْ. بَهْلَةُ اللَّهِ عَلَى مَنْ أَرَادَ فَسَادًا! وَقَطَعَ هُوَ بِيَدِهِ وَأَعْوَانُهُ فَقَطَعَتْ حِينَئِذٍ قُرَيْشٌ وَسَمَّتْهُ مُجَمِّعًا لِمَا جَمَعَ مِنْ أَمْرِهَا. وَتَيَمَّنَتْ بِهِ وَبِأَمْرِهِ. وَشَرَّفَتْهُ قُرَيْشٌ وَمَلَّكَتْهُ. وَأَدْخَلَ قُصَيٌّ بُطُونَ قُرَيْشٍ كُلَّهَا الأَبْطَحَ. فَسُمُّوا قُرَيْشَ الْبِطَاحِ. وَأَقَامَ بَنُو مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. وَبَنُو تَيْمٍ الأَدْرَمِ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ. وَبَنُو مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ. وَبَنُو الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ. بِظَهْرِ مَكَّةَ. فَهَؤُلاءِ الظَّوَاهِرُ لأَنَّهُمْ لَمْ يَهْبِطُوا مَعَ قُصَيٍّ إِلَى الأَبْطَحِ. إِلا أَنَّ رَهْطَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ. وَهُمْ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ. نَزَلُوا الأَبْطَحَ فَهُمْ مَعَ الْمُطَيَّبِينَ أَهْلِ الْبِطَاحِ. وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ ذَكْوَانُ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لِلضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ الْفِهْرِيِّ حِينَ ضَرَبَهُ:
فَلَوْ شَهِدَتْنِي مِنْ قُرَيْشٍ عِصَابَةٌ ... قُرَيْشُ الْبِطَاحِ لا قُرَيْشُ الظَّوَاهِرِ(1/58)
وَقَالَ حُذَافَةُ بْنُ غَانِمٍ الْعَدَوِيُّ لأَبِي لَهَبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
أَبُوكُمْ قُصَيٌّ كَانَ يُدْعَى مُجَمِّعًا ... بِهِ جَمَّعَ اللَّهُ الْقَبَائِلَ مِنْ فِهْرٍ
فَدُعِيَ قُصَيٌّ مُجَمِّعًا بِجَمْعِهِ قُرَيْشًا. وَبِقُصَيٍّ سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشًا. وَكَانَ يُقَالُ لَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ بَنُو النَّضْرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ سَأَلَ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ: مَتَى سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشًا؟ قَالَ: حِينَ اجْتَمَعَتْ إِلَى الْحَرَمِ مِنْ تَفَرُّقِهَا. فَذَلِكَ التَّجَمُّعُ التَّقَرُّشُ. فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: مَا سَمِعْتُ هَذَا. وَلَكِنْ سَمِعْتُ أَنَّ قُصَيًّا كَانَ يُقَالُ لَهُ الْقُرَشِيُّ. وَلَمْ تُسَمَّ قُرَيْشٌ قَبْلَهُ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: لَمَّا نَزَل قُصَيٌّ الْحَرَمَ وَغَلَبَ عَلَيْهِ فَعَلَ أَفْعَالا جَمِيلَةً فَقِيلَ لَهُ الْقُرَشِيُّ. فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ بِهِ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بن عبد الله بن أبي سَبْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ قَالَ: النَّضْرُ بْنُ كِنَانَةَ كَانَ يُسَمَّى الْقُرَشِيَّ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ الأَخْنَسِيِّ قَالَ: كَانَتِ الْحُمْسُ قُرَيْشٌ وَكِنَانَةُ وَخُزَاعَةُ وَمَنْ وَلَدَتْهُ قُرَيْشٌ مِنْ سَائِرِ الْعَرَبِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بِغَيْرِ هَذَا الإِسْنَادِ. أَوْ حَلِيفٌ لِقُرَيْشٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَالتَّحَمُّسُ أَشْيَاءُ أَحْدَثُوهَا فِي دِينِهِمْ تَحَمَّسُوا فِيهَا. أَيْ شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فِيهَا. فَكَانُوا لا يَخْرُجُونَ مِنَ الْحَرَمِ إِذَا حَجُّوا. فَقَصَّرُوا عَنْ بُلُوغِ الْحَقِّ. وَالَّذِي شَرَعَ اللَّهُ. تَبَارَكَ وَتَعَالَى. لإِبْرَاهِيمَ وَهُوَ مَوْقِفُ عَرَفَةَ. وَهُوَ مِنَ الْحِلِّ.
وكانوا لا يسلؤون السَّمْنَ وَلا يَنْسِجُونَ مَظَالَّ الشَّعْرِ. وَكَانُوا أَهْلَ الْقُبَابِ الْحُمُرِ مِنَ الأَدَمِ. وَشَرَعُوا لِمَنْ قَدِمَ مِنَ الْحَاجِّ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ مَا لَمْ يَذْهَبُوا إِلَى عَرَفَةَ. فَإِذَا رَجَعُوا مِنْ عَرَفَةَ لَمْ يَطُوفُوا طَوَافَ الإِفَاضَةِ بِالْبَيْتِ إِلا عُرَاةً أَوْ فِي ثَوْبَيْ أَحْمَسِيٍّ. وَإِنْ طَافَ فِي ثَوْبَيْهِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَلْبَسَهُمَا.
قال مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقُصَيٌّ أَحْدَثَ وَقُودَ النَّارِ بِالْمُزْدَلِفَةِ حِينَ وَقَفَ بِهَا حَتَّى(1/59)
يَرَاهَا مَنْ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ. فَلَمْ تَزَلْ تُوقَدُ تِلْكَ النَّارُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ. يَعْنِي لَيْلَةَ جَمْعٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَأَخْبَرَنِي كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَتْ تِلْكَ النَّارُ تُوقَدُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهِيَ تُوقَدُ إِلَى الْيَوْمِ. وَفَرَضَ قُصَيٌّ عَلَى قُرَيْشٍ السِّقَايَةَ وَالرِّفَادَةَ. فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِنَّكُمْ جِيرَانُ اللَّهِ. وَأَهْلُ بَيْتِهِ. وَأَهْلُ الْحَرَمِ. وَإِنَّ الْحَاجَّ ضِيفَانُ اللَّهِ. وَزُوَّارُ بَيْتِهِ. وَهُمْ أَحَقُّ الضَّيْفِ بِالْكَرَامَةِ. فَاجْعَلُوا لَهُمْ طَعَامًا وَشَرَابًا أَيَّامَ الْحَجِّ. حَتَّى يَصْدُرُوا عَنْكُمْ. فَفَعَلُوا. فَكَانُوا يُخْرِجُونَ ذَلِكَ كُلَّ عَامٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ خَرْجًا يَتَرَافَدُونَ ذَلِكَ فَيَدْفَعُونَهُ إِلَيْهِ فَيَصْنَعُ الطَّعَامَ لِلنَّاسِ أَيَّامَ مِنًى وَبِمَكَّةَ.
وصنع حِيَاضًا لِلْمَاءِ مِنْ أَدَمٍ فَيَسْقِي فِيهَا بِمَكَّةَ وَمِنًى وَعَرَفَةَ. فَجَرَى ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى قَوْمِهِ حَتَّى قَامَ الإِسْلامُ. ثُمَّ جَرَوْا فِي الإِسْلامِ عَلَى ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ.
فَلَمَّا كَبِرَ قُصَيٌّ وَرَقَّ. وَكَانَ عَبْدُ الدَّارِ بِكْرَهُ وَأَكْبَرَ وَلَدِهِ. وَكَانَ ضَعِيفًا وَكَانَ إِخْوَتُهُ قَدْ شَرُفُوا عَلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ قُصَيٌّ: أَمَا وَاللَّهِ يَا بُنَيَّ لأَلْحَقَنَّكَ بِالْقَوْمِ وَإِنْ كَانُوا قَدْ شَرُفُوا عَلَيْكَ. لا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْهُمُ الْكَعْبَةَ حَتَّى تَكُونَ أَنْتَ الَّذِي تَفْتَحُهَا لَهُ. وَلا تَعْقِدُ قُرَيْشٌ لِوَاءً لِحَرْبِهِمْ إِلا كُنْتَ أَنْتَ الَّذِي تَعْقِدُهُ بِيَدِكَ. وَلا يَشْرَبُ رَجُلٌ بِمَكَّةَ إِلا مِنْ سِقَايَتِكَ.
وَلا يَأْكُلُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَوْسِمِ طَعَامًا بِمَكَّةَ إِلا مِنْ طَعَامِكَ. وَلا تَقْطَعُ قُرَيْشٌ أَمْرًا مِنْ أُمُورِهَا إِلا فِي دَارِكَ. فَأَعْطَاهُ دَارَ النَّدْوَةِ وَحِجَابَةَ الْبَيْتِ وَاللِّوَاءَ وَالسِّقَايَةَ وَالرِّفَادَةَ وَخَصَّهُ بِذَلِكَ لِيُلْحِقَهُ بِسَائِرِ إِخْوَتِهِ. وَتُوُفِّيَ قُصَيٌّ فَدُفِنَ بِالْحَجُونِ. فَقَالَتْ تَخْمُرُ بِنْتُ قُصَيٍّ تَرْثِي أَبَاهَا:
طَرَقَ النَّعِيُّ بُعَيْدَ نَوْمِ الْهُجَّدِ ... فَنَعَى قُصَيًّا ذَا النَّدَى والسودد
فَنَعَى الْمُهَذَّبَ مِنْ لُؤَيٍّ كُلِّهَا ... فَانْهَلَّ دَمْعِي كَالْجُمَانِ الْمُفْرَدِ
فَأَرِقْتُ مِنْ حَزْنٍ وَهَمٍّ دَاخِلٍ ... أَرَقَ السَّلِيمِ لِوَجْدِهِ الْمُتَفَقِّدِ
ذِكْرُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا هلك قصي ابن كِلابٍ. قَامَ عَبْدُ مَنَافِ بْنُ قُصَيٍّ عَلَى أَمْرِ قُصَيٍّ بَعْدَهُ. وَأَمْرِ قُرَيْشٍ إِلَيْهِ. وَاخْتَطَ(1/60)
بِمَكَّةَ رُبَاعًا بَعْدَ الَّذِي كَانَ قُصَيٌّ قَطَعَ لِقَوْمِهِ. وَعَلَى عَبْدِ مَنَافٍ اقْتَصَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ. تَبَارَكَ وَتَعَالَى. عَلَيْهِ: «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» الشعراء: 214.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى النَّبِيِّ. ص: «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» الشعراء: 214. خَرَجَ حَتَّى عَلا [المروة ثم قال: يال فهر! فَجَاءَتْهُ قُرَيْشٌ فَقَالَ أَبُو لَهَبِ بْنُ عَبْدِ المطلب: هذه فهر عندك فقل.
فقال: يال غالب! فَرَجَعَ بَنُو مُحَارِبٍ وَبَنُو الْحَارِثِ ابْنَا فِهْرٍ. فقال: يال لؤي بْنِ غَالِبٍ! فَرَجَعَ بَنُو تَيْمٍ الأَدْرَمُ بْنُ غالب. فقال: يال كعب بْنِ لُؤَيٍّ! فَرَجَعَ بَنُو عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. فقال يال مرة بْنِ كَعْبٍ! فَرَجَعَ بَنُو عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ وَبَنُو سَهْمٍ وَبَنُو جُمَحٍ ابْنَا عَمْرِو بْنِ هُصَيْصِ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ. فقال: يال كلاب بْنِ مُرَّةَ! فَرَجَعَ بَنُو مَخْزُومِ بْنِ يَقْظَةَ بن مرة وبنو تيم ابن مرة. فقال: يال قصي! فرجع بنو زهرة بن كلاب. فقال: يال عبد مَنَافٍ! فَرَجَعَ بَنُو عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ وَبَنُو أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ. وَبَنُو عَبْدِ بْنِ قُصَيٍّ فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: هَذِهِ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ عِنْدَكَ فَقُلْ. فَقَالَ رسول الله. ص: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ أَنْذِرَ عَشِيرَتِي الأَقْرَبِينَ وَأَنْتُمُ الأَقْرَبُونَ مِنْ قُرَيْشٍ وَإِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ حَظًّا وَلا مِنَ الآخِرَةِ نَصِيبًا إِلا أَنْ تَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَأَشْهَدَ بِهَا لَكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ وَتَدِينَ لَكُمْ بِهَا الْعَرَبُ وَتَذِلَّ لَكُمْ بِهَا الْعَجَمُ. فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ! فَلِهَذَا دَعَوْتَنَا! فَأَنْزَلَ اللَّهُ:
«تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ» . يَقُولُ: خَسِرَتْ يَدًا أَبِي لَهَبٍ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَلَدَ عَبْدُ مَنَافِ بْنُ قُصَيٍّ سِتَّةَ نَفَرٍ. وَسِتَّ نِسْوَةٍ: الْمُطَّلِبَ بْنَ عَبْدِ مَنَافٍ. وَكَانَ أَكْبَرَهُمْ وَهُوَ الَّذِي عَقَدَ الْحِلْفَ لِقُرَيْشٍ مِنَ النَّجَاشِيِّ فِي مَتْجَرِهَا إِلَى أَرْضِهِ. وَهَاشِمَ بْنَ عَبْدِ مَنَافٍ وَاسْمُهُ عَمْرٌو. وَهُوَ الَّذِي عَقَدَ الْحِلْفَ لِقُرَيْشٍ مِنْ هِرَقْلَ لأَنْ تَخْتَلِفَ إِلَى الشَّامِ آمِنَةً. وَعَبْدَ شَمْسِ بْنَ عَبْدِ مَنَافٍ. وَتُمَاضُرَ بِنْتَ عَبْدِ مَنَافٍ. وَحَنَّةَ. وَقِلابَةَ. وَبَرَّةَ. وَهَالَةَ بَنَاتِ عَبْدِ مَنَافٍ. وَأُمُّهُمْ عَاتِكَةُ الْكُبْرَى بِنْتُ مُرَّةَ بْنِ هِلالِ بْنِ فَالِجِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ ذَكْوَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْن بهثة بْن سُلَيْمِ بْن مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفَةَ بن قيس بن عيلان بْنِ مُضَرَ. وَنَوْفَلَ بْنَ عَبْدِ مَنَافٍ. وَهُوَ الَّذِي عَقَدَ الْحِلْفَ لِقُرَيْشٍ مِنْ كِسْرَى إِلَى الْعِرَاقِ. وَأَبَا عَمْرِو بْنَ عَبْدِ مَنَافٍ. وَأَبَا عُبَيْدٍ دَرَج. وَأُمُّهُمْ وَاقِدَةُ بِنْتُ أَبِي عَدِيٍّ. وهو عامر بن عبدنهم بْنِ زَيْدِ بْنِ مَازِنِ بْنِ صَعْصَعَةَ. وَرَيْطَةَ بِنْتَ عَبْدِ مَنَافٍ وَلَدَتْ بَنِي هِلالِ بْنِ مُعَيْطٍ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ وَأُمُّهَا الثقفية.(1/61)
ذِكْرُ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ اسْمُ هَاشِمٍ عَمْرًا. وَكَانَ صَاحِبُ إِيلافِ قُرَيْشٍ. وَإِيلافُ قُرَيْشٍ دَأَبُ قُرَيْشٍ. وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الرِّحْلَتَيْنِ لِقُرَيْشٍ. تَرْحَلُ إِحْدَاهُمَا فِي الشِّتَاءِ إِلَى الْيَمَنِ وَإِلَى الْحَبَشَةِ إِلَى النَّجَاشِيِّ فَيُكْرِمُهُ وَيَحْبُوهُ. وَرِحْلَةً فِي الصَّيْفِ إِلَى الشَّأْمِ إِلَى غَزَّةَ وَرُبَّمَا بَلَغَ أَنْقَرَةَ فَيَدْخُلُ عَلَى قَيْصَرَ فَيُكْرِمُهُ وَيَحْبُوهُ. فَأَصَابَتْ قُرَيْشًا سَنَوَاتٌ ذَهَبْنَ بِالأَمْوَالِ. فَخَرَجَ هَاشِمٌ إِلَى الشَّأْمِ فَأَمَرَ بِخُبْزٍ كَثِيرٍ فَخُبِزَ لَهُ. فَحَمَلَهُ فِي الْغَرَائِرِ عَلَى الإِبِلِ حَتَّى وَافَى مَكَّةَ فَهَشَمَ ذَلِكَ الْخُبْزَ. يَعْنِي كَسَرَهُ وَثَرَدَهُ. وَنَحَرَ تِلْكَ الإِبِلَ. ثُمَّ أَمَرَ الطُّهَاةَ فَطَبَخُوا. ثُمَّ كَفَأَ الْقُدُورَ عَلَى الْجِفَانِ. فَأَشْبَعَ أَهْلَ مَكَّةَ. فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ الْحَيَا بَعْدَ السَّنَةِ الَّتِي أَصَابَتْهُمْ فَسُمِّيَ بِذَلِكَ هَاشِمًا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى فِي ذَلِكَ:
عَمْرُو الْعُلَى هَشَمَ الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ ... وَرِجَالُ مَكَّةَ مُسْنِتُونَ عِجَافُ
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: فَحَدَّثَنِي مَعْرُوفُ بْنُ الْخَرَّبُوذِ الْمَكِّيُّ قَالَ:
حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ آلِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَقَالَ وَهْبُ بْنُ عَبْدِ قُصَيٍّ فِي ذَلِكَ:
تَحَمَّلَ هَاشِمٌ مَا ضَاقَ عَنْهُ ... وَأَعْيَا أَنْ يَقُومَ بِهِ ابْنُ بِيضْ
أَتَاهُمْ بِالْغَرَائِرِ مُتْأَقَاتٍ ... مِنْ أَرْضِ الشَّامِ بِالْبُرِّ النَّفِيضْ
فَأَوْسَعَ أَهْلَ مَكَّةَ مِنْ هَشِيمٍ ... وَشَابَ الْخُبْزَ بِاللَّحْمِ الْغَرِيضْ
فَظَلَّ الْقَوْمُ بَيْنَ مُكَلَّلاتٍ ... مِنَ الشِّيزَاءِ حَائِرُهَا يُفِيضْ
قَالَ: فَحَسَدَهُ أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مناف بن قصي. وكان ذا مال.
أَنْ يَصْنَعَ صَنِيعَ هَاشِمٍ فَعَجَزَ عَنْهُ. فَشَمَتَ بِهِ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ. فَغَضِبَ وَنَالَ مِنْ هَاشِمٍ.
وَدَعَاهُ إِلَى الْمُنَافَرَةِ. فَكَرِهَ هَاشِمٌ ذَلِكَ لِسِنِّهِ وَقَدْرِهِ. فَلَمْ تَدَعْهُ قُرَيْشٌ وَأَحْفَظُوهُ. قَالَ:
فَإِنِّي أُنَافِرُكَ عَلَى خَمْسِينَ نَاقَةً سُودِ الْحَدَقِ تَنْحَرُهَا بِبَطْنِ مَكَّةَ وَالْجَلاءُ عَنْ مَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ. فَرَضِيَ أُمَيَّةُ بِذَلِكَ. وَجَعَلا بَيْنَهُمَا الْكَاهِنَ الْخُزَاعِيَّ. فَنَفَّرَ هَاشِمًا عَلَيْهِ. فَأَخَذَ هَاشِمٌ الإِبِلَ فَنَحَرَهَا. وَأَطْعَمَهَا مَنْ حَضَرَهُ. وَخَرَجَ أُمَيَّةُ إِلَى الشَّأمِ فَأَقَامَ بِهَا عَشْرَ سِنِينَ. فَكَانَتْ هَذِهِ أَوَّلَ عَدَاوَةٍ وَقَعَتْ بَيْنَ هَاشِمٍ وَأُمَيَّةَ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ(1/62)
وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ هَاشِمًا وَعَبْدَ شَمْسٍ وَالْمُطَّلِبَ وَنَوْفَل بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَجْمَعُوا أَنْ يَأْخُذُوا مَا بِأَيْدِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ مِمَّا كَانَ قُصَيٌّ جَعَلَ إِلَى عَبْدِ الدَّارِ مِنَ الْحِجَابَةِ وَاللِّوَاءِ وَالرِّفَادَةِ وَالسِّقَايَةِ وَالنَّدْوَةِ. وَرَأَوْا أَنَّهُمْ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمْ لِشَرَفِهِمْ عَلَيْهِمْ وَفَضْلِهِمْ فِي قَوْمِهِمْ. وَكَانَ الَّذِي قَامَ بِأَمْرِهِمْ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ. فَأَبَتْ بَنُو عَبْدِ الدَّارِ أَنْ تُسَلِّمَ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ. وَقَامَ بِأَمْرِهِمْ عَامِرُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ. فَصَارَ مَعَ بَنِي عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ بَنُو أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ وَبَنُو زُهْرَةَ بْنِ كِلابٍ وَبَنُو تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ وَبَنُو الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ. وَصَارَ مَعَ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بَنُو مَخْزُومٍ وَسَهْمٌ وَجُمَحُ وَبَنُو عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ. وَخَرَجَتْ مِنْ ذَلِكَ بَنُو عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَمُحَارِبُ بْنُ فِهْرٍ فَلَمْ يَكُونُوا مَعَ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ. فَعَقَدَ كُلُّ قَوْمٍ عَلَى أَمْرِهِمْ حِلْفًا مُؤَكَّدًا أَلا يَتَخَاذَلُوا وَلا يُسَلِّمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مَا بَلَّ بَحْرٌ صُوفَةً.
فَأَخْرَجَتْ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ وَمَنْ صَارَ مَعَهُمْ جَفْنَةً مَمْلُوءَةً طِيبًا فَوَضَعُوهَا حَوْلَ الْكَعْبَةِ ثُمَّ غَمَسَ القوم أيديهم فيها وتعهدوا وَتَعَاقَدُوا وَتَحَالَفُوا وَمَسَحُوا الْكَعْبَةَ بِأَيْدِيهِمْ تَوْكِيدًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ. فَسُمُّوا الْمُطَيَّبِينَ.
وَأَخْرَجَتْ بَنُو عَبْدِ الدَّارِ وَمَنْ كَانَ مَعَهُمْ جَفْنَةً مِنْ دَمٍ فَغَمَسُوا أَيْدِيَهُمْ فِيهَا وَتَعَاقَدُوا وَتَحَالَفُوا أَلا يَتَخَاذَلُوا مَا بَلَّ بَحْرٌ صُوفَةً. فَسُمُّوا الأَحْلافَ وَلَعَقَةَ الدَّمِ. وتهيأوا لِلْقِتَالِ وَعُبِّئَتْ كُلُّ قَبِيلَةٍ لِقَبِيلَةٍ. فَبَيْنَمَا النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ إِذْ تَدَاعَوْا إِلَى الصُّلْحِ إِلَى أَنْ يُعْطُوا بَنِي عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ السِّقَايَةَ وَالرِّفَادَةَ. وَتَكُونَ الْحِجَابَةُ وَاللِّوَاءُ وَدَارُ النَّدْوَةِ إِلَى بَنِي عَبْدِ الدَّارِ كَمَا كَانَتْ. فَفَعَلُوا وَتَحَاجَزَ النَّاسُ. فَلَمْ تَزَلْ دَارُ النَّدْوَةِ فِي يَدِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ حَتَّى بَاعَهَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ مِنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. فَجَعَلَهَا مُعَاوِيَةُ دَارَ الإِمَارَةِ. فَهِيَ فِي أَيْدِي الْخُلَفَاءِ إِلَى الْيَوْمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: فَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمُغِيرَةِ النَّوْفَلِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: فَاصْطَلَحُوا يَوْمَئِذٍ أَنْ وُلِّيَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ السِّقَايَةَ وَالرِّفَادَةَ. وَكَانَ رَجُلا مُوسِرًا. وَكَانَ إِذَا حَضَرَ الْحَجَّ قَامَ فِي قُرَيْشٍ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِنَّكُمْ جِيرَانُ اللَّهِ. وَأَهْلُ بَيْتِهِ. وَإِنَّهُ يَأْتِيكُمْ فِي هَذَا الْمَوْسِمِ زُوَّارُ اللَّهِ يُعَظِّمُونَ حُرْمَةَ بَيْتِهِ فَهُمْ ضَيْفُ اللَّهِ. وَأَحَقُّ الضَّيْفِ بِالْكَرَامَةِ ضَيْفُهُ. وَقَدْ خَصَّكُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ وَأَكْرَمَكُمْ بِهِ. وَحَفِظَ مِنْكُمْ أَفْضَلَ مَا حَفِظَ جَارٌ مِنْ جَارِهِ. فَأَكْرِمُوا ضَيْفَهُ وَزَوْرَهُ.(1/63)
يَأْتُونَ شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ بَلَدٍ عَلَى ضَوَامِرَ كَأَنَّهُنَّ الْقِدَاحُ. قَدْ أَزْحَفُوا وَتَفَلُوا وَقَمَلُوا وَأَرْمَلُوا فَاقْرُوهُمْ وَاسْقُوهُمْ. فَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُرَافِدُ عَلَى ذَلِكَ. حَتَّى أَنْ كَانَ أَهْلُ الْبَيْتِ لَيُرْسِلُونَ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ عَلَى قَدْرِهِمْ. وَكَانَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ يُخْرِجُ فِي كُلِّ عَامٍ مَالا كَثِيرًا. وَكَانَ قَوْمٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَهْلَ يَسَارَةٍ يَتَرَافَدُونَ. وَكَانَ كُلُّ إِنْسَانٍ يُرْسِلُ بِمِائَةِ مِثْقَالٍ هِرْقَلِيَّةٍ. وَكَانَ هَاشِمٌ يَأْمُرُ بِحِيَاضٍ مِنْ أَدَمٍ فَتُجْعَلُ فِي مَوْضِعِ زَمْزَمَ. ثُمَّ يَسْتَقِي فِيهَا الْمَاءَ مِنَ الْبِئَارِ الَّتِي بِمَكَّةَ فَيَشْرَبُهُ الْحَاجُّ. وَكَانَ يُطْعِمُهُمْ أَوَّلَ مَا يُطْعِمُ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ بِمَكَّةَ وَبِمِنًى وَجَمْعٍ وَعَرَفَةَ. وَكَانَ يُثْرِدُ لَهُمُ الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ. وَالْخُبْزَ وَالسَّمْنَ. وَالسَّوِيقَ وَالتَّمْرَ. وَيَجْعَلُ لَهُمُ الْمَاءَ فَيُسْقَوْنَ بِمِنًى. وَالْمَاءُ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ فِي حِيَاضِ الأَدَمِ. إِلَى أَنْ يَصْدُرُوا مِنْ مِنًى فَتَنْقَطِعُ الضِّيَافَةُ وَيَتَفَرَّقُ النَّاسُ لَبِلادِهِمْ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأسلمي قال: حدثني القاسم بن العباس عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: كَانَ هَاشِمٌ رَجُلا شَرِيفًا. وَهُوَ الَّذِي أَخَذَ الْحِلْفَ لِقُرَيْشٍ مِنْ قَيْصَرَ لأَنْ تَخْتَلِفَ آمِنَةً. وَأَمَّا مَنْ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَلَّفَهُمْ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ قُرَيْشٌ بَضَائِعَهُمْ وَلا كِرَاءَ عَلَى أَهْلِ الطَّرِيقِ. فَكَتَبَ لَهُ قَيْصَرُ كِتَابًا. وَكَتَبَ إِلَى النَّجَاشِيِّ أَنْ يُدْخِلَ قُرَيْشًا أَرْضَهُ. وَكَانُوا تُجَّارًا. فَخَرَجَ هَاشِمٌ فِي عِيرٍ لِقُرَيْشٍ فِيهَا تِجَارَاتٌ. وَكَانَ طَرِيقُهُمْ عَلَى الْمَدِينَةِ فَنَزَلُوا بِسُوقِ النَّبَطِ فَصَادَفُوا سُوقًا تَقُومُ بِهَا فِي السَّنَةِ يَحْشُدُونَ لَهَا. فَبَاعُوا وَاشْتَرَوْا وَنَظَرُوا إِلَى امْرَأَةٍ عَلَى مَوْضِعِ مُشْرِفٍ مِنَ السُّوقِ فَرَأَى امْرَأَةً تَأْمُرُ بِمَا يُشْتَرَى وَيُبَاعُ لَهَا. فَرَأَى امْرَأَةً حَازِمَةً جَلْدَةً مَعَ جَمَالٍ. فَسَأَلَ هَاشِمٌ عَنْهَا: أَأَيِّمٌ هِيَ أَمْ ذَاتُ زَوْجٍ؟ فَقِيلَ لَهُ: أَيِّمٌ كَانَتْ تَحْتَ أُحَيْحَةَ بْنِ الْجُلاحِ فَوَلَدَتْ لَهُ عَمْرًا وَمَعْبَدًا ثُمَّ فَارَقَهَا. وَكَانَتْ لا تَنْكِحُ الرِّجَالَ لِشَرَفِهَا فِي قَوْمِهَا حتى يشرطوا لَهَا أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فَإِذَا كَرِهَتْ رَجُلا فَارَقَتْهُ. وَهِيَ سَلْمَى بِنْتُ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ لَبِيدِ بْنِ خِدَاشِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ. فَخَطَبَهَا هَاشِمٌ فَعَرَفَتْ شَرَفَهُ وَنَسَبَهُ فَزَوَّجَتْهُ نَفْسَهَا وَدَخَلَ بِهَا. وَصَنَعَ طَعَامًا وَدَعَا مَنْ هُنَاكَ مِنْ أَصْحَابِ الْعِيرِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ. وَكَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلا مِنْ قُرَيْشٍ فِيهِمْ رِجَالٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَمَخْزُومٍ وَسَهْمٍ.
وَدَعَا مِنَ الْخَزْرَجِ رِجَالًا. وَأَقَامَ بِأَصْحَابِهِ أَيَّامًا. وَعَلِقَتْ سَلْمَى بِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَوَلَدَتْهُ وَفِي رَأْسِهِ شَيْبَةٌ فَسُمِّيَ شَيْبَةَ. وَخَرَجَ هَاشِمٌ فِي أَصْحَابِهِ إِلَى الشَّأمِ حَتَّى بَلَغَ غَزَّةَ فَاشْتَكَى. فَأَقَامُوا عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ فَدَفَنُوهُ بِغَزَّةَ وَرَجَعُوا بِتَرِكَتِهِ إِلَى وَلَدِهِ. وَيُقَالُ إِنَّ الذي(1/64)
رَجَعَ بِتَرِكَتِهِ إِلَى وَلَدِهِ أَبُو رُهْمِ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى الْعَامِرِيُّ. عَامِرُ بْنُ لُؤَيٍّ. وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلامٌ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَوْصَى هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ إِلَى أَخِيهِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ. فَبَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ يَدٌ وَاحِدَةٌ إِلَى الْيَوْمِ. وَبَنُو عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنُو نَوْفَلٍ ابْنَا عَبْدِ مَنَافٍ يَدٌ إِلَى الْيَوْمِ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَوَلَدَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَخَمْسَ نِسْوَةٍ: شَيْبَةَ الْحَمْدِ وَهُوَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ. وَكَانَ سَيِّدَ قُرَيْشٍ حَتَّى هَلَكَ. وَرُقَيَّةَ بِنْتَ هَاشِمٍ. مَاتَتْ وَهِيَ جَارِيَةٌ لَمْ تُبَرَّزْ. وَأُمُّهَا سَلْمَى بِنْتُ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ لَبِيدِ بْنِ خِدَاشِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النجار. وأخواهما لأمها عمرو ومعبد ابنا أحيحة ابن الْجُلاحِ بْنِ الْحَرِيشِ بْنِ جَحْجَبَا بْنِ كُلْفَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الأَوْسِ.
وَأَبَا صَيْفِيِّ بْنَ هَاشِمٍ. وَاسْمُهُ عَمْرٌو وَهُوَ أَكْبَرُهُمْ. وَصَيْفِيًّا. وَأُمُّهُمَا هِنْدُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ سَالِمِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ. وأخوهما لأُمِّهِمَا مَخْرَمَةُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ. وَأَسَدُ بْنُ هَاشِمٍ. وَأُمُّهُ قَيْلَةُ وَكَانَتْ تُلَقَّبُ الْجَزُورُ بِنْتُ عَامِرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَذِيمَةَ. وَهُوَ الْمُصْطَلِقُ مِنْ خُزَاعَةَ. وَنَضْلَةَ بْنَ هَاشِمٍ.
وَالشِّفَاءَ. وَرُقَيَّةَ. وَأُمُّهُمْ أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَدِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارِ بْنِ مَالِكِ بْنِ سَلامَانَ بْنِ سَعْدٍ مِنْ قُضَاعَةَ. وأخاهما لأُمِّهَا نُفَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى الْعَدَوِيُّ. وَعَمْرُو بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ جَذِيمَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. وَالضَّعِيفَةَ بِنْتَ هَاشِمٍ. وَخَالِدَةَ بِنْتَ هَاشِمٍ. وَأُمُّهَا أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ وَهِيَ وَاقِدَةُ بِنْتُ أَبِي عَدِيٍّ. وَيُقَالُ عُدَيٌّ. وَهُوَ عَامِرُ بن عبدنهم بْنِ زَيْدِ بْنِ مَازِنِ بْنِ صَعْصَعَةَ. وَحَنَّةَ بِنْتَ هَاشِمٍ. وَأُمُّهَا عُدَيُّ بِنْتُ حُبَيِّبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حُطَيْطِ بْنِ جُشَمِ بْنِ قَسِّيٍّ وَهُوَ ثَقِيفٌ.
قَالَ: وَكَانَ هَاشِمٌ يُكَنَّى أَبَا يَزِيدَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ كَانَ يُكَنَّى بِابْنِهِ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ. وَلَمَّا تُوُفِّيَ هَاشِمٌ رَثَاهُ وَلَدُهُ بِأَشْعَارٍ كَثِيرَةٍ. فَكَانَ مِمَّا قِيلَ فِيمَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ رِجَالِهِ. قَالَتْ خَالِدَةُ بِنْتُ هَاشِمٍ تَرْثِي أَبَاهَا. وَهُوَ شِعْرٌ فِيهِ ضَعْفٌ:
بَكَرَ النَّعِيُّ بِخَيْرِ من وطيء الْحَصَى ... ذِي الْمَكْرُمَاتِ وَذِي الْفِعَالِ الْفَاضِلِ
بِالسَّيِّدِ الْغَمْرِ السَّمَيْدَعِ ذِي النُّهَى ... مَاضِي الْعَزِيمَةِ غَيْرِ نِكْسٍ وَاغِلِ
زَيْنِ الْعَشِيرَةِ كُلِّهَا وَرَبِيعِهَا ... فِي الْمُطْبَقَاتِ وَفِي الزَّمَانِ الْمَاحِلِ
بِأَخِي الْمَكَارِمِ وَالْفَوَاضِلِ وَالْعُلَى ... عَمْرُو بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ غَيْرِ الْبَاطِلِ(1/65)
إِنَّ الْمُهَذَّبَ مِنْ لُؤَيٍّ كُلِّهَا ... بِالشَّأمِ بَيْنَ صَفَائِحٍ وَجَنَادِلِ
فَابْكِي عَلَيْهِ مَا بَقِيتِ بِعَوْلَةٍ ... فلقد رُزِئْتِ أَخَا نَدًى وَفَوَاضِلِ
وَلَقَدْ رُزِئْتِ قَرِيعَ فِهْرٍ كُلِّهَا ... وَرَئِيسِهَا فِي كُلِّ أَمْرٍ شَامِلِ
وَقَالَتِ الشِّفَاءُ بِنْتُ هَاشِمٍ تَرْثِي أَبَاهَا:
عَيْنُ جُودِي بِعَبْرَةٍ وَسُجُومِ ... وَاسْفَحِي الدَّمْعَ لِلْجَوَادِ الْكَرِيمِ
عَيْنُ وَاسْتَعْبِرِي وَسُحِّي وَجُمِّي ... لأَبِيكِ الْمُسَوَّدِ الْمَعْلُومِ
هَاشِمُ الْخَيْرِ ذِي الْجَلالَةِ وَالْمَجْدِ ... وَذِي الْبَاعِ وَالنَّدَى وَالصَّمِيمِ
وَرَبِيعٍ لِلْمُجْتَدِينَ وَحِرْزٍ ... وَلَزَازٍ لِكُلِّ أَمْرٍ عَظِيمٍ
شِمَّرِيٍّ نَمَاهُ لِلْعِزِ صَقْرٌ ... شَامِخُ الْبَيْتِ مِنْ سَرَاةِ الأَدِيمِ
شَيْظَمِيٍّ مُهَذَّبٍ ذِي فُضُولٍ ... أَرْيَحِيٍّ مِثْلِ الْقَنَاةِ وَسِيمِ
غَالِبِيٍّ سَمَيْدَعٍ أَحْوَذِيٍّ ... بَاسِقِ الْمَجْدِ مَضْرَحِيٍّ حَلِيمِ
صَادِقِ النَّاسِ فِي الْمَوَاطِنِ شَهْمٍ ... مَاجِدِ الْجَدِّ غَيْرِ نِكْسٍ ذَمِيمِ.
ذِكْرُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: كَانَ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ أَكْبَرَ مِنْ هَاشِمٍ وَمِنْ عَبْدِ شَمْسٍ. وَهُوَ الَّذِي عَقَدَ الْحِلْفَ لِقُرَيْشٍ مِنَ النَّجَاشِيِّ فِي مَتْجَرِهَا. وَكَانَ شَرِيفًا فِي قَوْمِهِ مُطَاعًا سَيِّدًا. وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُسَمِّيهِ الْفَيْضَ لِسَمَاحَتِهِ. فَوَلِيَ بَعْدَ هَاشِمٍ السِّقَايَةَ وَالرِّفَادَةَ. وَقَالَ فِي ذَلِكَ:
أَبْلِغْ لَدَيْكَ بَنِي هَاشِمٍ ... بِمَا قَدْ فَعَلْنَا وَلَمْ نؤمر
أقمنا لنسقي حجيج الحرام ... إذ تُرِكَ الْمَجْدُ لَمْ يُؤْثَرِ
نَسُوقُ الْحَجِيجَ لأَبْيَاتِنَا ... كَأَنَّهُمْ بَقَرٌ تُحْشَرِ
قَالَ: وَقَدِمَ ثَابِتُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ. وَهُوَ أَبُو حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ الشَّاعِرِ. مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فَلَقِيَ الْمُطَّلِبَ وَكَانَ لَهُ خَلِيلا. فَقَالَ لَهُ: لَوْ رَأَيْتَ ابْنَ أَخِيكَ شَيْبَةَ فِينَا لَرَأَيْتُ جَمَالا وَهَيْبَةً وَشَرَفًا. لَقَدْ نَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يُنَاضِلُ فِتْيَانًا مِنْ أَخْوَالِهِ فَيُدْخِلُ مِرْمَاتَيْهِ جَمِيعًا فِي مِثْلِ رَاحَتِي هَذِهِ وَيَقُولُ كُلَّمَا خَسَقَ: أَنَا ابْنُ عَمْرِو الْعُلَى. فَقَالَ الْمُطَّلِبُ: لا أُمْسِي حَتَّى أَخْرُجَ إِلَيْهِ فَأَقْدَمَ بِهِ. فَقَالَ ثَابِتٌ: مَا أَرَى سَلْمَى تَدْفَعُهُ إِلَيْكَ وَلا أَخْوَالَهُ. هُمْ(1/66)
أَضَنُّ بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَمَا عَلَيْكَ أَنْ تَدَعَهُ فَيَكُونَ فِي أَخْوَالِهِ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَقْدَمُ عَلَيْكَ إِلَى مَا هَهُنَا رَاغِبًا فِيكَ. فَقَالَ الْمُطَّلِبُ: يَا أَبَا أَوْسٍ مَا كُنْتُ لأَدَعَهُ هُنَاكَ وَيَتْرُكُ مَآثِرَ قَوْمِهِ وَسِطَتَهُ وَنَسَبَهُ وَشَرَفَهُ فِي قَوْمِهِ مَا قَدْ عَلِمْتَ. فَخَرَجَ الْمُطَّلِبُ فَوَرَدَ الْمَدِينَةَ فَنَزَلَ فِي نَاحِيَةٍ وَجَعَلَ يَسْأَلُ عَنْهُ حَتَّى وَجَدَهُ يَرْمِي فِي فَتَيَانٍ مِنْ أَخْوَالِهِ. فَلَمَّا رَآهُ عَرَفَ شِبْهَ أَبِيهِ فِيهِ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ وَضَمَّهُ إِلَيْهِ وَكَسَاهُ حُلَّةً يَمَانِيَةً وَأَنْشَأَ يَقُولُ:
عَرَفْتُ شَيْبَةَ وَالنَّجَّارُ قَدْ حَفَلَتْ ... أَبْنَاؤُهَا حَوْلَهُ بِالنَّبْلِ تَنْتَضِلُ
عَرَفْتُ أَجْلادَهُ مِنَّا وَشِيمَتَهُ ... فَفَاضَ مِنِّي عَلَيْهِ وَابِلٌ سَبَلُ
فَأَرْسَلَتْ سَلْمَى إِلَى الْمُطَّلِبِ فَدَعَتْهُ إِلَى النُّزُولِ عَلَيْهَا. فَقَالَ: شَأْنِي أَخَفُّ مِنْ ذَلِكَ. مَا أُرِيدُ أَنْ أَحُلَّ عُقْدَةً حَتَّى أَقْبِضَ ابْنَ أَخِي وَأَلْحِقَهُ بِبَلَدِهِ وَقَوْمِهِ. فَقَالَتْ: لَسْتُ بِمُرْسِلَتِهِ مَعَكَ. وَغَلَّظَتْ عَلَيْهِ. فَقَالَ الْمُطَّلِبُ: لا تَفْعَلِي فَإِنِّي غَيْرُ مُنْصَرَفٍ حَتَّى أَخْرُجَ بِهِ مَعِي. ابْنُ أَخِي قَدْ بَلَغَ وَهُوَ غَرِيبٌ فِي غَيْرِ قَوْمِهِ وَنَحْنُ أَهْلُ بَيْتٍ شَرُفَ قَوْمُنَا.
وَالْمُقَامُ بِبَلَدِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الْمُقَامِ هَهُنَا وَهُوَ ابْنُكِ حَيْثُ كَانَ. فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهُ غَيْرُ مُقَصِّرٍ حَتَّى يَخْرُجَ بِهِ اسْتَنْظَرَتْهُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ. وَتَحَوَّلَ إِلَيْهِمْ فَنَزَلَ عِنْدَهُمْ فَأَقَامَ ثَلاثًا ثُمَّ احْتَمَلَهُ وَانْطَلَقَا جَمِيعًا. فَأَنْشَأَ الْمُطَّلِبُ يَقُولُ كَمَا أَنْشَدَنِي هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ:
أَبْلِغْ بَنِي النَّجَّارِ إِنْ جِئْتُهُمْ ... أَنِّي مِنْهُمْ وَابْنُهُمْ وَالْخَمِيسِ
رَأَيْتُهُمْ قَوْمًا إِذَا جِئْتُهُمْ ... هَوَوْا لِقَائِي وَأَحَبُّوا حَسِيسِي
ثُمَّ رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ. قَالَ: وَدَخَلَ بِهِ الْمُطَّلِبُ مَكَّةَ ظُهْرًا. فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: هَذَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ. فَقَالَ: وَيْحَكُمْ! إِنَّمَا هُوَ ابْنُ أَخِي شَيْبَةُ بْنُ عَمْرٍو. فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: ابْنُهُ لَعَمْرِي! فَلَمْ يَزَلْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ مُقِيمًا بِمَكَّةَ حَتَّى أَدْرَكَ.
وَخَرَجَ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ تَاجِرًا إِلَى أَرْضِ الْيَمَنِ فَهَلَكَ بِرَدْمَانَ مِنْ أَرْضِ الْيَمَنِ.
فَوَلِيَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ بَعْدَهُ الرِّفَادَةَ وَالسِّقَايَةَ. فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ بِيَدِهِ يُطْعِمُ الْحَاجَّ وَيَسْقِيهِمْ فِي حِيَاضٍ مِنْ أَدَمٍ بِمَكَّةَ. فَلَمَّا سُقِيَ زَمْزَمَ تَرَكَ السَّقْيَ فِي الْحِيَاضِ بِمَكَّةَ وَسَقَاهُمْ مِنْ زَمْزَمَ حِينَ حَفَرَهَا. وَكَانَ يَحْمِلُ الْمَاءَ مِنْ زَمْزَمَ إِلَى عَرَفَةَ فَيَسْقِيهِمْ. وَكَانَتْ زَمْزَمُ سُقْيَا مِنَ اللَّهِ. أُتِيَ فِي الْمَنَامِ مَرَّاتٍ فَأُمِرَ بِحَفْرِهَا وَوُصِفَ لَهُ مَوْضِعُهَا فَقِيلَ لَهُ: احْفُرْ طَيْبَةَ. قَالَ: وَمَا طَيْبَةُ؟ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَتَاهُ فَقَالَ: احْفُرْ بَرَّةَ. قَالَ: وَمَا بَرَّةُ؟ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَتَاهُ وَهُوَ نَائِمٌ فِي مَضْجَعِهِ ذَلِكَ فَقَالَ: احْفُرِ الْمَضْنُونَةَ. قَالَ: وَمَا الْمَضْنُونَةُ؟ أَبِنْ لِي مَا تَقُولُ.
قَالَ: فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَتَاهُ فَقَالَ: احْفُرْ زَمْزَمَ. قَالَ: وَمَا زَمْزَمُ؟ قَالَ: لا تُنْزَحُ وَلا تُذَمُّ.(1/67)
تَسْقِي الْحَجِيجَ الأَعْظَمَ. وَهِيَ بَيْنَ الْفَرْثِ وَالدَّمِ عِنْدَ نَقْرَةِ الْغُرَابِ الأَعْصَمِ. قَالَ:
وَكَانَ غُرَابٌ أَعْصَمُ لا يَبْرَحُ عِنْدَ الذَّبَائِحِ مَكَانَ الْفَرْثِ وَالدَّمِ. وَهِيَ شِرْبٌ لَكَ وَلِوَلَدِكَ مِنْ بَعْدِكَ. قَالَ: فَغَدَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بِمِعْوَلِهِ وَمِسْحَاتِهِ مَعَهُ ابْنُهُ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَلَيْسَ لَهُ يَوْمَئِذٍ وَلَدٌ غَيْرَهُ. فَجَعَلَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَحْفِرُ بِالْمِعْوَلِ وَيَغْرِفُ بِالْمِسْحَاةِ فِي الْمِكْتَلِ فَيَحْمِلُهُ الْحَارِثُ فَيُلْقِيهِ خَارِجًا. فَحَفَرَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ الطَّوِيُّ فَكَبَّرَ وَقَالَ: هَذَا طَوِيُّ إِسْمَاعِيلَ. فَعَرَفَتْ قُرَيْشٌ أَنَّهُ قَدْ أَدْرَكَ الْمَاءَ فَأَتَوْهُ فَقَالُوا:
أَشْرِكْنَا فِيهِ. فَقَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ. هَذَا أَمْرٌ خُصِصْتُ بِهِ دُونَكُمْ فَاجْعَلُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ مَنْ شِئْتُمْ أُحَاكِمْكُمْ إِلَيْهِ. قَالُوا: كَاهِنَةَ بَنِي سَعْدٍ هُذَيْمَ. وَكَانَتْ بِمُعَانَ مِنْ أَشْرَافِ الشَّامِ.
فَخَرَجُوا إِلَيْهَا وَخَرَجَ مَعَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِشْرُونَ رَجُلا مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ. وَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ بِعِشْرِينَ رَجُلا مِنْ قَبَائِلِهَا. فَلَمَّا كَانُوا بِالْفَقِيرِ مِنْ طَرِيقِ الشَّامِ أَوْ حَذْوِهِ فَنِيَ مَاءُ الْقَوْمِ جَمِيعًا فَعَطِشُوا فَقَالُوا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ: مَا تَرَى؟ فَقَالَ: هُوَ الْمَوْتُ. فَلْيَحْفِرْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ حُفْرَةً لِنَفْسِهِ فَكُلَّمَا مَاتَ رَجُلٌ دَفَنَهُ أَصْحَابُهُ حَتَّى يَكُونَ آخِرُهُمْ رَجُلا وَاحِدًا فَيَمُوتَ ضَيْعَةً أَيْسَرُ مِنْ أَنْ تَمُوتُوا جَمِيعًا. فَحَفَرُوا ثُمَّ قَعَدُوا يَنْتَظِرُونَ الْمَوْتَ. فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: وَاللَّهِ إِنَّ إِلْقَاءَنَا بِأَيْدِينَا هَكَذَا لَعَجْزٌ. أَلا نَضْرِبُ فِي الأَرْضِ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَنَا مَاءً بِبَعْضِ هَذِهِ الْبِلادِ! فَارْتَحَلُوا. وَقَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَى رَاحِلَتِهِ فَرَكِبَهَا. فَلَمَّا انْبَعَثَتْ بِهِ انْفَجَرَ تَحْتَ خُفِّهَا عَيْنُ مَاءٍ عَذْبٍ. فَكَبَّرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَكَبَّرَ أَصْحَابُهُ وَشَرِبُوا جَمِيعًا. ثُمَّ دَعَا الْقَبَائِلَ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ: هَلُمُّوا إِلَى الْمَاءِ الرِّوَاءِ فَقَدْ سَقَانَا اللَّهُ. فَشَرِبُوا وَاسْتَقُوا وَقَالُوا: قَدْ قُضِيَ لَكَ عَلَيْنَا. الَّذِي سَقَاكَ هَذَا الْمَاءَ بِهَذِهِ الْفَلاةِ هُوَ الَّذِي سقاك زمزم. فو الله لا نُخَاصِمُكَ فِيهَا أَبَدًا! فَرَجَعَ وَرَجَعُوا مَعَهُ وَلَمْ يَصِلُوا إِلَى الْكَاهِنَةِ وَخَلُّوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَمْزَمَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ: أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ أُتِيَ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهُ: احْتَفِرْ. فَقَالَ:
أَيْنَ؟ فَقِيلَ لَهُ: مَكَانَ كَذَا وَكَذَا. فَلَمْ يَحْتَفِرْ. فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ: احْتَفِرْ عِنْدَ الْفَرْثِ عِنْدَ النَّمْلِ عِنْدَ مَجْلِسِ خُزَاعَةَ وَنَحْوِهِ. فَاحْتَفَرَ. فَوَجَدَ غَزَالا وَسِلاحًا وَأَظْفَارًا. فَقَالَ قَوْمُهُ لَمَّا رَأَوْا الْغَنِيمَةَ: كَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُغَازُوهُ. قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ نَذَرَ لَئِنْ وُلِدَ لَهُ عَشَرَةٌ لَيَنْحَرَنَّ أَحَدَهُمْ. فَلَمَّا وُلِدَ لَهُ عَشَرَةٌ وَأَرَادَ ذَبْحَ عَبْدِ اللَّهِ مَنَعَتْهُ بَنُو زُهْرَةَ وَقَالُوا: أَقْرِعْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَذَا وَكَذَا مِنَ الإِبِلِ. وَإِنَّهُ أَقْرَعَ فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَعَلَى الإِبِلِ مَرَّةً. قَالَ: لا(1/68)
أَدْرِي السَّبْعَ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ أَمْ لا؟ ثُمَّ صَارَ مِنْ أَمْرِهِ أَنْ تَرَكَ ابْنَهُ وَنَحَرَ الإِبِلَ.
ثُمَّ رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ. قَالَ: وَكَانَتْ جُرْهُمُ حِينَ أَحَسُّوا بِالْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ دَفَنُوا غَزَالَيْنِ وَسَبْعَةَ أَسْيَافٍ قَلْعِيَّةٍ وَخَمْسَةَ أَدْرَاعٍ سَوَابِغَ فَاسْتَخْرَجَهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ. وَكَانَ يَتَأَلَّهُ وَيُعَظِّمُ الظُّلْمَ وَالْفُجُورَ. فَضَرَبَ الْغَزَالَيْنِ صَفَائِحَ فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ. وَكَانَا مِنْ ذَهَبٍ. وَعَلَّقَ الأَسْيَافَ عَلَى الْبَابَيْنِ يُرِيدُ أَنْ يُحْرِزَ بِهِ خِزَانَةَ الْكَعْبَةِ.
وَجَعَلَ الْمِفْتَاحَ وَالْقُفْلَ مِنْ ذَهَبٍ.
وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الْغَزَالُ لِجُرْهُمَ. فَلَمَّا حَفَرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ زَمْزَمَ اسْتَخْرَجَ الْغَزَالَ وَسُيُوفًا قَلْعِيَّةً فَضَرَبَ عَلَيْهَا بِالْقِدَاحِ فَخَرَجَتْ لِلْكَعْبَةِ فَجَعَلَ صَفَائِحَ الذَّهَبِ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ. فَغَدَا عَلَيْهِ ثَلاثَةُ نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَسَرَقُوهُ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ أَبِي عَبْسٍ وَأَبِي الْمُقَوَّمِ وَغَيْرِهِمْ قَالُوا: وَكَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَحْسَنَ قُرَيْشٍ وَجْهًا وَأَمَدَّهُ جِسْمًا وَأَحْلَمَهُ حِلْمًا وَأَجْوَدَهُ كَفًّا وَأَبْعَدَ النَّاسِ مِنْ كُلِّ مُوبِقَةٍ تُفْسِدُ الرِّجَالَ. وَلَمْ يَرَهُ مَلِكٌ قَطُّ إِلا أَكْرَمَهُ وَشَفَّعَهُ. وَكَانَ سَيِّدَ قُرَيْشٍ حَتَّى هَلَكَ. فَأَتَاهُ نَفَرٌ مِنْ خُزَاعَةَ فَقَالُوا:
نَحْنُ قَوْمٌ مُتَجَاوِرُونَ فِي الدَّارِ. هَلُمَّ فَلْنُحَالِفْكَ. فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ وَأَقْبَلَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِي سَبْعَةِ نَفَرٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَالأَرْقَمِ بْنِ نَضْلَةَ بْنِ هَاشِمٍ وَالضَّحَّاكِ وَعَمْرٍو ابْنَيْ أَبِي صَيْفِيِّ بْنِ هَاشِمٍ. وَلَمْ يَحْضُرْهُ أَحَدٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَلا نَوْفَلٍ. فَدَخَلُوا دَارَ النَّدْوَةِ فَتَحَالَفُوا فِيهَا على التناصر والمؤاساة وَكَتَبُوا بَيْنَهُمْ كِتَابًا وَعَلَّقُوهُ فِي الْكَعْبَةِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِي ذَلِكَ:
سَأُوصِي زُبَيْرًا إِنْ تَوَافَتْ مَنِيَّتِي ... بِإِمْسَاكِ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي عَمْرِو
وَأَنْ يَحْفَظَ الْحِلْفَ الَّذِي سَنَّ شَيْخُهُ ... وَلا يُلْحِدَنَّ فِيهِ بِظُلْمٍ وَلا غَدْرِ
هم حفظوا الإل القديم وَحَالَفُوا ... أَبَاكَ فَكَانُوا دُونَ قَوْمِكَ مِنْ فِهْرٍ
قَالَ: فَأَوْصَى عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَى ابْنِهِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَأَوْصَى الزُّبَيْرُ إِلَى أَبِي طَالِبٍ. وَأَوْصَى أَبُو طَالِبٍ إِلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مخرمة الزهري عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ(1/69)
قال: كان عبد المطلب إِذَا وَرَدَ الْيَمَنَ نَزَلَ عَلَى عَظِيمٍ مِنْ عُظَمَاءِ حِمْيَرَ. فَنَزَلَ عَلَيْهِ مَرَّةً مِنَ الْمَرِّ فَوَجَدَ عِنْدَهُ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ قَدْ أُمْهِلَ لَهُ فِي الْعُمُرِ. وَقَدْ قَرَأَ الْكُتُبَ. فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ! تَأْذَنُ لِي أَنْ أُفَتِّشَ مَكَانًا مِنْكَ؟ قَالَ: لَيْسَ كُلُّ مَكَانٍ مِنِّي آذَنُ لَكَ فِي تَفْتِيشِهِ. قَالَ: إِنَّمَا هُوَ مَنْخَرَاكَ. قَالَ: فَدُونَكَ. قَالَ: فَنَظَرَ إِلَى يَارٍ. وَهُوَ الشَّعْرُ فِي مَنْخَرَيْهِ. فَقَالَ: أَرَى نُبُوَّةً وَأَرَى مُلْكًا. وَأَرَى أَحَدَهُمَا فِي بَنِي زُهْرَةَ. فَرَجَعَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَتَزَوَّجَ هَالَةَ بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة وَزَوَّجَ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ فَوَلَدَتْ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَ اللَّهُ فِي بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ النُّبُوَّةَ وَالْخِلافَةَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ وَضَعَ ذَلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي. قَالَ هِشَامٌ: وَأَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالا: كَانَ أَوَّلُ مَنْ خَضَبَ بِالْوَسْمَةِ من قريش بمكة عبد المطلب بْنَ هَاشِمٍ. فَكَانَ إِذَا وَرَدَ الْيَمَنَ نَزَلَ عَلَى عَظِيمٍ مِنْ عُظَمَاءِ حِمْيَرَ فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ! هَلْ لَكَ أَنْ تُغَيِّرَ هَذَا الْبَيَاضَ فَتَعُودَ شَابًّا؟ قَالَ: ذَاكَ إِلَيْكَ. قَالَ: فَأَمَرَ بِهِ فَخُضِبَ بِحِنَّاءٍ. ثُمَّ عُلِّيَ بِالْوَسْمَةِ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: زَوِّدُنَا مِنْ هذا. فزوده فَأَكْثَرَ. فَدَخَلَ مَكَّةَ لَيْلا ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْهِمْ بِالْغَدَاةِ كَأَنَّ شَعْرَهُ حَلَكُ الْغُرَابِ. فَقَالَتْ لَهُ نُتَيْلَةُ بِنْتُ جَنَابِ بْنِ كُلَيْبٍ أُمُّ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
يَا شَيْبَةَ الْحَمْدِ! لَوْ دَامَ هَذَا لَكَ كَانَ حَسَنًا. فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ:
لَوْ دَامَ لِي هَذَا السَّوَادُ حَمِدْتُهُ ... فَكَانَ بَدِيلا مِنْ شَبَابٍ قَدِ انْصَرَمَ
تَمَتَّعْتُ مِنْهُ وَالْحَيَاةُ قَصِيرَةٌ ... وَلا بُدَّ مِنْ مَوْتٍ. نُتَيْلَةُ. أَوْ هَرَمْ
وَمَاذَا الَّذِي يُجْدِي عَلَى الْمَرْءِ خَفْضُهُ ... وَنِعْمَتُهُ. يَوْمًا إِذَا عَرْشُهُ انْهَدَمْ
فَمَوْتٌ جَهِيزٌ عَاجِلٌ لا شَوًى لَهُ ... أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَقَالِهِمْ حَكَمْ
قَالَ: فَخَضَبَ أَهْلَ مَكَّةَ بِالسَّوَادِ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ يُقَالُ لَهُ ابْنُ أَبِي صَالِحٍ وَرَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الرِّقَةِ مَوْلًى لِبَنِي أَسَدٍ وَكَانَ عَالِمًا قَالا: تَنَافَرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ وَحَرْبُ بْنُ أُمَيَّةَ إِلَى النَّجَاشِيِّ الْحَبَشِيِّ فَأَبَى أَنْ يُنَفِّرَ بَيْنَهُمَا. فَجَعَلا بَيْنَهُمَا نُفَيْلَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَّاحِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ. فَقَالَ لِحَرْبٍ: يَا أَبَا عَمْرٍو أَتُنَافِرُ رَجُلا هُوَ أَطْوَلُ مِنْكَ هَامَةً. وَأَوْسَمُ مِنْكَ وَسَامَةً. وَأَقَلُّ مِنْكَ لامَةً. وَأَكْثَرُ مِنْكَ وَلَدًا. وَأَجْزَلَ مِنْكَ صَفَدًا. وَأَطْوَلُ منك(1/70)
مَذُودًا؟ فَنَفَّرَهُ عَلَيْهِ. فَقَالَ حَرْبٌ: إِنَّ مِنِ انْتِكَاثِ الزَّمَانِ أَنْ جَعَلْنَاكَ حَكَمًا.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ نَدِيمًا لِحَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ حَتَّى تَنَافَرَا إِلَى نُفَيْلِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى جَدِّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَلَمَّا نَفَّرَ نُفَيْلٌ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ تَفَرَّقَا. فَصَارَ حَرْبٌ نَدِيمًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي مِسْكِينٍ قَالَ: كَانَ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ مَاءٌ بِالطَّائِفِ يُقَالُ لَهُ ذُو الْهَرِمِ وَكَانَ فِي يَدَيْ ثَقِيفٍ دَهْرًا ثُمَّ طَلَبَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ مِنْهُمْ.
فَأَبَوْا عَلَيْهِ. وَكَانَ صَاحِبَ أَمْرِ ثَقِيفٍ جُنْدُبُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ حبيب بن الحارث بن مالك ابن حُطَيْطِ بْنِ جُشَمِ بْنِ ثَقِيفٍ. فَأَبَى عَلَيْهِ وَخَاصَمَهُ فِيهِ. فَدَعَاهُمَا ذَلِكَ إِلَى الْمُنَافَرَةِ إِلَى الْكَاهِنِ الْعُذْرِيِّ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ عُزَّى سَلَمَةَ. وَكَانَ بِالشَّامِ. فَتَنَافَرَا عَلَى إِبِلٍ سَمُّوهَا. فَخَرَجَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَمَعَهُ ابْنُهُ الْحَارِثُ. وَلا وَلَدَ لَهُ يَوْمَئِذٍ غَيْرَهُ. وَخَرَجَ جُنْدُبٌ فِي نَفَرٍ مِنْ ثَقِيفٍ. فَنَفِدَ مَاءُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَصْحَابِهِ. فَطَلَبُوا إِلَى الثَّقَفِيِّينَ أَنْ يَسْقُوهُمْ. فَأَبَوْا. فَفَجَّرَ اللَّهُ لَهُمْ عَيْنًا مِنْ تَحْتِ جِرَانِ بَعِيرِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
فَحَمِدَ اللَّهَ. عَزَّ وَجَلَّ. وَعَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنَّةٌ. فشربوا ريهم وحملوا حاجتهم. ونفذ مَاءُ الثَّقَفِيِّينَ فَبَعَثُوا إِلَى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَسْتَسْقُونَهُ فَسَقَاهُمْ. وَأَتَوُا الْكَاهِنَ فَنَفَّرَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ عَلَيْهِمْ. فأخذ عبد المطلب الإبل فنحرها. وأخذ ذا الهرم ورجع وقد فضله عليه وفضل قومه عَلَى قَوْمِهِ.
ذكر نذر عبد المطلب أن ينحر ابنه
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ شَيْبَةَ بْنِ نِصَاحٍ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَغَيْرِهِمْ. قَالُوا:
لَمَّا رَأَى عَبْدُ الْمُطَّلِبِ قِلَّةَ أَعْوَانِهِ فِي حَفْرِ زَمْزَمَ. وَإِنَّمَا كان يحفر وحده وابنه الحارث وهو بِكْرُهُ. نَذَرَ لَئِنْ أَكْمَلَ اللَّهُ لَهُ عَشَرَةَ ذُكُورٍ حَتَّى يَرَاهُمْ أَنْ يَذْبَحَ أَحَدَهُمْ. فَلَمَّا تَكَامَلُوا عَشَرَةً. فَهُمُ: الْحَارِثُ وَالزُّبَيْرُ وَأَبُو طَالِبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ وَحَمْزَةُ وَأَبُو لَهَبٍ وَالْغَيْدَاقُ وَالْمُقَوَّمُ وَضِرَارٌ وَالْعَبَّاسُ. جَمَعَهُمْ ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِنَذْرِهِ وَدَعَاهُمْ إِلَى الْوَفَاءِ لِلَّهِ بِهِ. فَمَا اخْتَلَفَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَقَالُوا: أَوْفِ بِنَذْرِكَ وَافْعَلْ مَا شِئْتَ. فَقَالَ: لِيَكْتُبْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمُ اسْمَهُ فِي قِدْحِهِ. فَفَعَلُوا. فَدَخَلَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ وَقَال لِلسَّادِنِ:(1/71)
اضْرِبْ بِقِدَاحِهِمْ. فَضَرَبَ. فَخَرَجَ قَدَحُ عَبْدِ اللَّهِ أَوَّلُهَا. وَكَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يُحِبُّهُ.
فَأَخَذَ بِيَدِهِ يَقُودُهُ إِلَى الْمَذْبَحِ وَمَعَهُ الْمُدْيَةُ. فَبَكَى بَنَاتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَكُنَّ قِيَامًا. وَقَالَتْ إِحْدَاهُنَّ لأَبِيهَا: أَعْذِرْ فِيهِ بِأَنْ تَضْرِبَ فِي إِبِلِكَ السَّوَائِمِ الَّتِي فِي الْحَرَمِ.
فَقَالَ لِلسَّادِنِ: اضْرِبْ عَلَيْهِ بِالْقِدَاحِ وَعَلَى عَشْرٍ مِنَ الإِبِلِ. وَكَانَتِ الدِّيَةُ يَوْمَئِذٍ عَشْرًا مِنَ الإِبِلِ. فَضَرَبَ. فَخَرَجَ الْقَدَحُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ. فَجَعَلَ يَزِيدُ عَشْرًا عَشْرًا. كُلُّ ذَلِكَ يَخْرُجُ الْقَدَحُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى كَمَلَتِ الْمِائَةُ. فَضَرَبَ بِالْقِدَاحِ فَخَرَجَ عَلَى الإِبِلِ.
فَكَبَّرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَالنَّاسُ مَعَهُ. وَاحْتَمَلَ بَنَاتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَخَاهُنَّ عَبْدَ اللَّهِ. وَقَدَّمَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ الإِبِلَ فَنَحَرَهَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَحَرَهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ خَلَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ كُلِّ مَنْ وَرَدَهَا مِنْ إِنَسِيٍّ أَوْ سَبُعٍ أَوْ طَائِرٍ لا يَذُبُّ عَنْهَا أَحَدًا وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا هُوَ وَلا أَحَدٌ مِنْ وَلَدِهِ شَيْئًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتِ الدِّيَةُ يَوْمَئِذٍ عَشْرًا مِنَ الإِبِلِ. وَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ دِيَةَ النَّفْسِ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ. فَجَرَتْ فِي قُرَيْشٍ وَالْعَرَبِ مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ. وأقرها رسول الله.
ص. عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُمَيْعٍ الزُّهْرِيُّ عَنِ ابْنٍ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبِ بْنِ رَبَاحٍ الأَشْعَرِيِّ حَلِيفِ بَنِي زُهْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أُمِّي رُقَيْقَةَ بِنْتَ أَبِي صَيْفِيِّ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ تُحَدِّثُ. وَكَانَتْ لِدَةَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. قَالَتْ: تَتَابَعَتْ عَلَى قُرَيْشٍ سِنُونَ ذَهَبْنَ بِالأَمْوَالِ وَأَشْفَيْنَ عَلَى الأَنْفُسِ. قَالَتْ: فَسَمِعْتُ قَائِلا يَقُولُ فِي الْمَنَامِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ الْمَبْعُوثَ مِنْكُمْ. وَهَذَا إِبَّانُ خُرُوجِهِ. وَبِهِ يَأْتِيكُمُ الْحَيَا وَالْخِصْبُ. فَانْظُرُوا رَجُلا مِنْ أَوْسَطِكُمْ نَسَبًا طُوَالا عِظَامًا أَبْيَضَ مَقْرُونَ الْحَاجِبَيْنِ أَهْدَبَ الأَشْفَارِ جَعْدًا سَهْلَ الْخَدَّيْنِ رَقِيقَ الْعِرْنِينِ. فَلْيَخْرُجْ هُوَ وَجَمِيعُ وَلَدِهِ. وَلْيَخْرُجْ مِنْكُمْ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ رَجُلٌ. فَتَطَهَّرُوا وَتَطَيَّبُوا ثُمَّ اسْتَلِمُوا الرُّكْنَ. ثُمَّ ارْقَوْا رَأْسَ أَبِي قُبَيْسٍ. ثُمَّ يَتَقَدَّمُ هَذَا الرَّجُلُ فَيَسْتَسْقِي وَتُؤَمِّنُونَ فَإِنَّكُمْ سَتُسْقَوْنَ. فَأَصْبَحَتْ فَقَصَّتْ رُؤْيَاهَا عَلَيْهِمْ. فَنَظَرُوا فَوَجَدُوا هَذِهِ الصِّفَةَ صِفَةَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ.(1/72)
وَخَرَجَ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ مِنْهُمْ رَجُلٌ. فَفَعَلُوا مَا أَمَرَتْهُمْ بِهِ. ثُمَّ عَلَوْا عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ وَمَعَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ غُلامٌ. فَتَقَدَّمَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَقَالَ: لا هُمَّ هَؤُلاءِ عَبِيدُكَ وَبَنُو عَبِيدِكَ.
وَإِمَاؤُكَ وَبَنَاتُ إِمَائِكَ. وَقَدْ نَزَلَ بِنَا مَا تَرَى. وَتَتَابَعَتْ عَلَيْنَا هَذِهِ السُّنُونَ فَذَهَبَتْ بِالظُّلُفِ وَالْخُفِّ وَأَشْفَتْ عَلَى الأَنْفُسِ. فَأَذْهِبْ عَنَّا الْجَدْبَ وَائْتِنَا بِالْحَيَا والخصب! فما برحوا حتى سالت الأدوية. وَبِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُقُوا. فَقَالَتْ رُقَيْقَةُ بِنْتُ أَبِي صَيْفِيِّ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ:
بِشَيْبَةِ الْحَمْدِ أَسْقَى اللَّهَ بَلْدَتَنَا ... وَقَدْ فَقَدْنَا الْحَيَا وَاجْلَوَّذَ الْمَطَرُ
فَجَادَ بِالْمَاءِ جَوْنِيُّ لَهُ سَبَلٌ ... دَانٍ فَعَاشَتْ بِهِ الأَنْعَامُ وَالشَّجَرُ
مَنًّا مِنَ اللَّهِ بِالْمَيْمُونِ طَائِرُهُ ... وَخَيْرِ مَنْ بُشِّرَتْ يَوْمًا بِهِ مُضَرُ
مُبَارَكِ الأَمْرِ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِهِ ... مَا فِي الأَنَامِ لَهُ عِدْلٌ وَلا خَطَرُ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ الْكَعْبِيُّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ وَكِيعِ بْنِ عُدُسٍ عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ: وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. قَالُوا: كَانَ النَّجَاشِيُّ قَدْ وَجَّهَ أَرْيَاطَ أَبَا أَصْحَمَ فِي أَرْبَعَةِ آلافٍ إِلَى الْيَمَنِ فَأَدَاخَهَا وَغَلَبَ عَلَيْهَا فَأَعْطَى الْمُلُوكَ وَاسْتَذَلَّ الْفُقَرَاءَ. فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْحَبَشَةِ يُقَالُ لَهُ أَبْرَهَةُ الأَشْرَمُ أَبُو يَكْسُومَ فَدَعَا إِلَى طَاعَتِهِ فَأَجَابُوهُ. فَقَتَلَ أَرْيَاطَ وَغَلَبَ عَلَى الْيَمَنِ. فَرَأَى النَّاسَ يَتَجَهَّزُونَ أَيَّامَ الْمَوْسِمِ لِلْحَجِّ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامَ. فَسَأَلَ: أَيْنَ يَذْهَبُ النَّاسُ؟ فَقَالَ: يَحُجُّونَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ بِمَكَّةَ. قَالَ: مِمَّ هُوَ؟ قَالُوا: مِنْ حِجَارَةٍ. قَالَ: وَمَا كِسْوَتُهُ؟ قَالُوا: مَا يَأْتِي مِنْ هَهُنَا.
الْوَصَائِلُ. قَالَ: وَالْمَسِيحِ لأَبْنِيَنَّ لَكُمْ خَيْرًا مِنْهُ! فَبَنَى لَهُمْ بَيْتًا عَمِلَهُ بِالرُّخَامِ الأَبْيَضِ وَالأَحْمَرِ وَالأَصْفَرِ وَالأَسْوَدِ وَحَلاهُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. وَحَفَّهُ بِالْجَوْهَرِ. وَجَعَلَ لَهُ أَبْوَابًا عَلَيْهَا صَفَائِحُ الذَّهَبِ. وَمَسَامِيرُ الذَّهَبِ. وَفَصَلَ بَيْنَهَا بِالْجَوْهَرِ. وَجَعَلَ فِيهَا يَاقُوتَةً حَمْرَاءَ عَظِيمَةً وَجَعَلَ لَهُ حِجَابًا. وَكَانَ يُوقِدُ فِيهِ بِالْمَنْدَلِيِّ. وَيُلَطِّخُ جَدْرَهُ بِالْمِسْكِ فَيَسْوَدُّ حَتَّى يَغِيبَ الْجَوْهَرُ. وَأَمَرَ النَّاسَ فَحَجُّوهُ. فَحَجَّهُ كَثِيرٌ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ سِنِينَ. وَمَكَثَ فِيهِ رِجَالٌ يَتَعَبَّدُونَ وَيَتَأَلَّهُونَ وَنَسَكُوا لَهُ. وَكَانَ نُفَيْلٌ الْخَثْعَمِيُّ يُوَرِّضُ لَهُ مَا يَكْرَهُ.(1/73)
فَأُمْهِلَ. فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةٌ مِنَ اللَّيَالِي لَمْ يَرَ أَحَدًا يَتَحَرَّكُ فَقَامَ فَجَاءَ بِعُذْرَةٍ فَلَطَّخَ بِهَا قِبْلَتَهُ وَجَمَعَ جِيَفًا فَأَلْقَاهَا فِيهِ. فَأُخْبِرَ أَبْرَهَةُ بِذَلِكَ فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا وَقَالَ: إِنَّمَا فَعَلَتْ هَذَا الْعَرَبُ غَضَبًا لِبَيْتِهِمْ. لأَنْقُضَنَّهُ حَجَرًا حَجَرًا! وَكَتَبَ إِلَى النَّجَاشِيِّ يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ وَيَسْأَلَهُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ بِفِيلِهِ مَحْمُودٍ. وَكَانَ فِيلا لَمْ يُرَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ عِظَمًا وَجِسْمًا وَقُوَّةً.
فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ الْفِيلُ سَارَ أَبْرَهَةُ بِالنَّاسِ وَمَعَهُ مَلِكُ حِمْيَرَ وَنُفَيْلُ بْنُ حَبِيبٍ الْخَثْعَمِيُّ. فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْحَرَمِ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالْغَارَةِ عَلَى نَعَمِ النَّاسِ. فَأَصَابُوا إِبِلا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَكَانَ نُفَيْلٌ صَدِيقًا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَكَلَّمَهُ فِي إِبِلِهِ فَكَلَّمَ نُفَيْلٌ أَبْرَهَةَ فَقَالَ:
أَيُّهَا الْمَلِكُ قَدْ أَتَاكَ سَيِّدُ الْعَرَبِ وَأَفْضَلُهُمْ وَأَعْظَمُهُمْ شَرَفًا يَحْمِلُ عَلَى الْجِيَادِ وَيُعْطِي الأَمْوَالَ وَيُطْعِمُ مَا هَبَّتِ الرِّيحُ. فَأَدْخَلَهُ عَلَى أَبْرَهَةَ. فَقَالَ لَهُ: حَاجَتُكَ؟ قَالَ: تَرُدُّ عَلَيَّ إِبِلِي.
قَالَ: مَا أَرَى مَا بَلَغَنِي عَنْكَ إِلا الْغُرُورُ وَقَدْ ظَنَنْتُ أَنَّكَ تُكَلِّمُنِي فِي بَيْتِكُمْ هَذَا الَّذِي هُوَ شَرَفُكُمْ! قَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: ارْدُدْ عَلَيَّ إِبِلِي وَدُونَكَ وَالْبَيْتَ فَإِنَّ لَهُ رَبًّا سَيَمْنَعُهُ! فَأَمَرَ بِرَدِّ إِبِلِهِ عَلَيْهِ. فَلَمَّا قَبَضَهَا قَلَّدَهَا النِّعَالَ وَأَشْعَرَهَا وَجَعَلَهَا هَدْيًا وَبَثَّهَا فِي الْحَرَمِ لِكَيْ يُصَابَ مِنْهَا شَيْءٌ فَيَغْضَبَ رَبُّ الْحَرَمِ. وَأَوْفَى عَبْدُ الْمُطَّلِبِ عَلَى حِرَاءٍ وَمَعَهُ عَمْرُو بْنُ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ وَمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ وَأَبُو مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ:
لا هُمَّ إِنَّ الْمَرْءَ يَمْنَعُ رَحْلَهُ ... فَامْنَعْ حِلالَكْ
لا يَغْلِبَنَّ صَلِيبُهُمْ وَمِحَالُهُمْ ... غَدْوًا مِحَالَكَ
إِنْ كُنْتَ تَارِكَهُمْ وَقِبْلَتَنَا ... فَأَمْرٌ مَا بَدَا لَكَ
قَالَ: فَأَقْبَلَتِ الطَّيْرُ مِنَ الْبَحْرِ أَبَابِيلَ مَعَ كُلِّ طَائِرٍ ثَلاثَةُ أَحْجَارٍ. حَجَرَانِ فِي رِجْلَيْهِ. وَحُجْرٌ فِي مِنْقَارَهِ. فَقَذَفَتِ الْحِجَارَةَ عَلَيْهِمْ لا تُصِيبُ شَيْئًا إِلا هَشَمَتْهُ وَإِلا نَفِطَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ. فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا كَانَ الْجُدَرِيُّ وَالْحَصْبَةُ وَالأَشْجَارُ الْمُرَّةُ فَأَهْمَدَتْهُمُ الْحِجَارَةُ وَبَعَثَ اللَّهُ سَيْلا أَتِيًّا فَذَهَبَ بِهِمْ فَأَلْقَاهُمْ فِي الْبَحْرِ. قَالَ: وَوَلَّى أَبْرَهَةُ وَمَنْ بَقِيَ مَعَهُ هُرَّابًا. فَجَعَلَ أَبْرَهَةُ يَسْقُطُ عُضْوًا عُضْوًا. وَأَمَّا مَحْمُودٌ الْفِيلُ. فِيلُ النَّجَاشِيِّ.
فَرَبَضَ وَلَمْ يَشْجُعْ عَلَى الْحَرَمِ فَنَجَا. وَأَمَّا الْفِيلُ الآخَرُ فَشَجُعَ فَحُصِبَ. وَيُقَالُ: كَانَتْ ثَلاثَةَ عَشَرَ فِيلا. وَنَزَلَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ مِنْ حِرَاءٍ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَجُلانِ مِنَ الْحَبَشَةِ فَقَبَّلا رَأْسَهُ وَقَالا لَهُ: أَنْتَ كُنْتَ أَعْلَمَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَلَدَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلا وَسِتَّ نِسْوَةٍ: الْحَارِثَ. وَهُوَ أَكْبَرُ(1/74)
وَلَدِهِ وَبِهِ كَانَ يُكَنَّى وَمَاتَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ. وَأُمُّهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ جُنَيْدِبِ بْنُ حُجَيْرِ بْنِ زَبَّابِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ سُوَاءَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ. وَعَبْدَ اللَّهِ أَبَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَالزُّبَيْرَ. وَكَانَ شَاعِرًا شَرِيفًا. وَإِلَيْهِ أَوْصَى عَبْدُ الْمُطَّلِبِ. وَأَبَا طَالِبٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ مَنَافٍ. وَعَبْدَ الْكَعْبَةِ. مَاتَ وَلَمْ يُعْقِبْ. وَأُمَّ حَكِيمٍ. وَهِيَ الْبَيْضَاءُ. وَعَاتِكَةَ.
وَبَرَّةَ. وَأُمَيْمَةَ. وَأَرْوَى. وَأُمُّهُمْ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ. وَحَمْزَةَ. وَهُوَ أَسَدُ اللَّهِ وَأَسَدُ رَسُولِهِ شَهِدَ بَدْرًا وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ. وَالْمُقَوَّمَ. وَحَجْلا وَاسْمُهُ الْمُغِيرَةُ. وَصَفِيَّةَ. وَأُمُّهُمْ هَالَةُ بِنْتُ وُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلابٍ. وَأُمُّهَا الْعَيِّلَةُ بِنْتُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ.
وَالْعَبَّاسَ. وَكَانَ شَرِيفًا عَاقِلا مَهِيبًا. وَضِرَارًا. وَكَانَ مِنْ فِتْيَانِ قُرَيْشٍ جَمَالا وَسَخَاءً.
وَمَاتَ أَيَّامَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلا عَقِبَ لَهُ. وَقُثَمَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لا عَقِبَ لَهُ. وَأُمُّهُمْ نُتَيْلَةُ بِنْتُ جَنَابِ بْنِ كُلَيْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَامِرٍ. وَهُوَ الضِّحْيَانُ بْنُ سَعْدِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ تَيْمِ اللَّهِ بْنِ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطِ بْنِ هِنْبِ بْنِ أَفْصَى بْنِ دُعْمِيِّ بْنِ جَدِيلَةَ بْنِ أَسَدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ. وَأَبَا لَهَبِ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْعُزَّى وَيُكَنَّى أَبَا عُتْبَةَ. كَنَّاهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَبَا لَهَبٍ لِحُسْنِهِ وَجَمَالِهِ. وَكَانَ جَوَادًا. وَأُمُّهُ لُبْنَى بِنْتُ هَاجَرَ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ ضَاطِرِ بْنِ حُبْشِيَّةَ بْنِ سَلُولِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ خُزَاعَةَ. وَأُمُّهَا هِنْدُ بنت عمرو بن كعب ابن سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ. وَأُمُّهَا السَّوْدَاءُ بِنْتُ زُهْرَةَ بْنِ كِلابٍ. وَالْغَيْدَاقَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَاسْمُهُ مُصْعَبٌ. وَأُمُّهُ مُمَنَّعَةُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ مُؤَمَّلِ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ مَشْنُوءِ بْنِ عَبْدِ بْنِ حَبْتَرِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ سَلُولِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ خُزَاعَةَ.
وَأَخُوهُ لأُمِّهِ عَوْفُ بْنُ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ.
قَالَ الْكَلْبِيُّ: فَلَمْ يَكُنْ فِي الْعَرَبِ بَنُو أَبٍ مِثْلَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَشْرَفَ مِنْهُمْ وَلا أَجْسَمَ. شُمَّ الْعَرَانِينَ. تُشَرَّبُ أُنُوفُهُمْ قَبْلَ شِفَاهُهُمْ. وَقَالَ فِيهِمْ قُرَّةُ بْنُ حَجْلِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
اعْدُدْ ضِرَارًا إِنْ عَدَدْتَ فَتَى نَدًى ... وَاللَّيْثَ حَمْزَةَ وَاعْدُدِ الْعَبَّاسَا
وَاعْدُدْ زُبَيْرًا وَالْمُقَوَّمَ بَعْدَهُ ... والصتم حجلا والفتى الرأاسا
وَأَبَا عُتَيْبَةَ فَاعْدُدْنَهُ ثَامِنًا ... وَالْقَرْمَ عَبْدَ مَنَافٍ وَالْجَسَّاسَا
وَالْقَرْمَ غَيْدَاقًا تَعُدُّ جَحَاجِحًا ... سَادُوا عَلَى رَغْمِ الْعَدُوِّ النَّاسَا(1/75)
وَالْحَارِثَ الْفَيَّاضَ وَلَّى مَاجِدًا ... أَيَّامَ نَازَعَهُ الْهُمَامُ الْكَاسَا
مَا فِي الأَنَامِ عُمُومَةٌ كَعُمُومَتِي ... خَيْرًا وَلا كَأُنَاسِنَا أُنَاسًا
قَالَ: فَالْعَقِبُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِلْعَبَّاسِ. وَأَبِي طَالِبٍ. وَالْحَارِثِ. وَأَبِي لَهَبٍ. وَقَدْ كَانَ لِحَمْزَةَ. وَالْمُقَوَّمِ. وَالزُّبَيْرِ. وَحَجْلٍ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَوْلادٌ لأَصْلابِهِمْ فَهَلَكُوا وَالْبَاقُونَ لَمْ يُعْقِبُوا. وَكَانَ الْعَدَدْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فِي بَنِي الْحَارِثِ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى بَنِي أَبِي طَالِبٍ ثُمَّ صَارَ فِي بَنِي الْعَبَّاسِ.
ذِكْرُ تَزَوُّجِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ أُمَّ رَسُول اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَمَّتِهِ أُمِّ بَكْرِ بِنْتِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ عَنْ أَبِيهَا قَالَ: وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ شِبْلٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالا: كَانَتْ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلابٍ فِي حِجْرِ عَمِّهَا وُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ. فَمَشَى إِلَيْهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بن هاشم ابن عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ بِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَبِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَخَطَبَ عَلَيْهِ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ فَزَوَّجَهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَخَطَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ ابْنَتَهُ هَالَةَ بِنْتَ وُهَيْبٍ عَلَى نَفْسِهِ فَزَوَّجَهُ إِيَّاهَا.
فَكَانَ تَزَوُّجُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ وَتَزَوُّجُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ.
فَوَلَدَتْ هَالَةُ بِنْتُ وُهَيْبٍ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَكَانَ حَمْزَةُ عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّسَبِ وَأَخَاهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ أَبِي الْفَيَّاضِ الْخَثْعَمِيِّ قَالا: لَمَّا تَزَوَّجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاثًا.
وَكَانَتْ تِلْكَ السُّنَّةَ عِنْدَهُمْ إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي أَهْلِهَا.
ذِكْرُ الْمَرْأَةِ الَّتِي عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ المطلب
وقد اختلف علينا فيها. فمنهم من يقول: كانت قتيلة بنت نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ(1/76)
عبد العزى بن قصي أخت ورقة بن نوفل. ومنهم من يقول: كانت فاطمة بنت مر الخثعمية. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ أَبِيهِ. وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ. قَالُوا جَمِيعًا: هِيَ قُتَيْلَةُ بِنْتُ نَوْفَلٍ أُخْتُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ. وَكَانَتْ تَنْظُرُ وَتَعْتَافُ. فَمَرَّ بِهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَدَعَتْهُ يَسْتَبْضِعُ مِنْهَا وَلَزِمَتْ طَرَفَ ثَوْبِهِ. فَأَبَى وَقَالَ: حَتَّى آتِيَكِ. وَخَرَجَ سَرِيعًا حَتَّى دَخَلَ عَلَى آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ فَوَقَعَ عَلَيْهَا. فَحَمَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ رَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى الْمَرْأَةِ فَوَجَدَهَا تَنْظُرُهُ. فَقَالَ: هَلْ لَكِ في الذي عرضت علي؟ فقالت: لا. مَرَرْتَ وَفِي وَجْهِكَ نُورٌ سَاطِعٌ ثُمَّ رَجَعْتَ وَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ النُّورُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَالَتْ مَرَرْتَ وَبَيْنَ عَيْنَيْكَ غُرَّةٌ مِثْلُ غُرَّةِ الْفَرَسِ وَرَجَعْتَ وَلَيْسَ هِيَ فِي وَجْهِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي عَرَضَتْ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَا عَرَضَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَهِيَ أُخْتُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي الْفَيَّاضِ الْخَثْعَمِيِّ قَالَ: مَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِامْرَأَةٍ مِنْ خَثْعَمٍ يُقَالُ لَهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ. وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ وَأَشَبِّهِ وَأَعَفِّهِ. وَكَانَتْ قَدْ قَرَأَتِ الْكُتُبَ. وَكَانَ شَبَابُ قُرَيْشٍ يَتَحَدَّثُونَ إِلَيْهَا. فَرَأَتْ نُورَ النُّبُوَّةِ فِي وَجْهِ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَتْ: يَا فَتَى مَنْ أَنْتَ؟ فَأَخْبَرَهَا. قَالَتْ:
هَلْ لَكَ أَنْ تَقَعَ عَلَيَّ وَأُعْطِيَكَ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ؟ فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَقَالَ:
أَمَّا الْحَرَامُ فَالْمَمَاتُ دُونَهُ ... وَالْحِلُّ لا حِلَّ فَأَسْتَبِينَهُ
فَكَيْفَ بِالأَمْرِ الَّذِي تَنْوِينَهُ؟
ثُمَّ مَضَى إِلَى امْرَأَتِهِ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ. فَكَانَ مَعَهَا. ثُمَّ ذَكَرَ الْخَثْعَمِيَّةَ وَجَمَالَهَا وَمَا عَرَضَتْ عَلَيْهِ. فَأَقْبَلَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَرَ مِنْهَا مِنَ الإِقْبَالِ عَلَيْهِ آخِرًا كَمَا رَآهُ مِنْهَا أَوَّلا. فَقَالَ:
هَلْ لَكِ فِيمَا قُلْتِ لِي؟ فقال: قد كان ذاك مَرَّةً فَالْيَوْمَ لا. فَذَهَبَتْ مَثَلا. وَقَالَتْ: أَيَّ شَيْءٍ صَنَعْتَ بَعْدِي؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى زَوْجَتِي آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ. قَالَتْ: إِنِّي وَاللَّهِ لَسْتُ بِصَاحِبَةِ رِيبَةٍ. وَلَكِنِّي رَأَيْتُ نُورَ النُّبُوَّةِ فِي وَجْهِكَ فَأَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ فِيَّ وَأَبَى اللَّهُ إلا أن(1/77)
يَجْعَلَهُ حَيْثُ جَعَلَهُ. وَبَلَغَ شَبَابَ قُرَيْشٍ مَا عَرَضَتْ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَتَأَبِّيهِ عَلَيْهَا. فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهَا. فَأَنْشَأَتْ تَقُولُ:
إِنِّي رَأَيْتُ مَخْيِلَةً عَرَضَتْ ... فَتَلأْلأَتْ بِحَنَاتِمِ الْقَطْرِ
فَلِمَائِهَا نُورٌ يُضِيءُ لَهُ ... مَا حَوْلَهُ كَإِضَاءَةِ الْفَجْرِ
وَرَأَيْتُهُ شَرَفًا أَبُوءُ بِهِ ... مَا كُلُّ قَادِحِ زَنْدِهِ يُورِي
لِلَّهِ مَا زُهْرِيَّةٌ سَلَبَتْ ... ثَوْبَيْكَ مَا اسْتَلَبَتْ وَمَا تَدْرِي
وَقَالَتْ أَيْضًا:
بَنِي هَاشِمٍ قَدْ غَادَرَتْ مِنْ أَخِيكُمْ ... أُمَيْنَةُ إِذْ لِلْبَاهِ يَعْتَلِجَانِ
كَمَا غَادَرَ الْمِصْبَاحَ بَعْدَ خُبُوِّهِ ... فَتَائِلُ قَدْ مِيثَتْ لَهُ بِدِهَانِ
وَمَا كُلُّ مَا يَحْوِي الْفَتَى مِنْ تِلادِهِ ... بِحَزْمٍ وَلا مَا فَاتَهُ لِتَوَانِ
فَأَجْمِلْ إِذَا طَالَبْتَ أَمْرًا فَإِنَّهُ ... سَيَكْفِيكَهُ جَدَّانِ يَصْطَرِعَانِ
سَيَكْفِيكَهُ إِمَّا يَدٌ مُقْفَعِلَّةٌ ... وَإِمَّا يَدٌ مَبْسُوطَةٌ بِبَنَانِ
وَلَمَّا قَضَتْ مِنْهُ أُمَيْنَةُ مَا قَضَتْ ... نَبَا بَصَرِي عَنْهُ وَكَلَّ لِسَانِي
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ. أَخْبَرَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا يَزِيدَ الْمَدَنِيَّ قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَبَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ خَثْعَمٍ فَرَأَتْ بَيْنَ عَيْنَيْهِ نُورًا سَاطِعًا إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَتْ: هَلْ لَكَ فِيَّ؟ قَالَ: نَعَمْ حَتَّى أَرْمِي الْجَمْرَةَ.
فَانْطَلَقَ فَرَمَى الْجَمْرَةَ. ثُمَّ أَتَى امْرَأَتَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ. ثُمَّ ذَكَرَ. يَعْنِي الْخَثْعَمِيَّةَ.
فَأَتَاهَا. فَقَالَتْ: هَلْ أَتَيْتَ امْرَأَةً بَعْدِي؟ قَالَ: نَعَمِ. امْرَأَتِي آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ. قَالَتْ: فَلا حَاجَةَ لِي فِيكَ. إِنَّكَ مَرَرْتَ وَبَيْنَ عَيْنَيْكَ نُورٌ سَاطِعٌ إِلَى السَّمَاءِ فَلَمَّا وَقَعْتَ عَلَيْهَا ذَهَبَ. فَأَخْبَرَهَا أَنَّهَا قَدْ حَمَلَتْ خَيْرَ أَهْلِ الأَرْضِ.
ذِكْرُ حَمْلِ آمِنَةَ بِرَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرًا
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمَّتِهِ قَالَتْ: كُنَّا نَسْمَعُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا حَمَلَتْ بِهِ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ كَانَتْ تَقُولُ: مَا شَعَرْتُ أَنِّي حَمَلْتُ بِهِ. وَلا وَجَدْتُ لَهُ ثُقْلَةً كَمَا تَجِدُ النِّسَاءُ. إِلا أَنِّي قَدْ أَنْكَرْتُ رَفْعَ حَيْضَتِي وَرُبَّمَا كَانَتْ تَرْفَعُنِي وَتَعُودُ. وَأَتَانِي آتٍ وَأَنَا بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ فَقَالَ: هَلْ شَعَرْتِ أَنَّكِ حَمَلْتِ؟ فَكَأَنِّي أَقُولُ مَا أَدْرِي. فَقَالَ: إنك(1/78)
قَدْ حَمَلْتِ بِسَيِّدِ هَذِهِ الأُمَّةِ وَنَبِيِّهَا. وَذَلِكَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ. قَالَتْ: فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَقَّنَ عِنْدِي الْحَمْلَ. ثُمَّ أَمْهَلَنِي حَتَّى إِذَا دَنَا وِلادَتِي أَتَانِي ذَلِكَ الآتِي فَقَالَ: قُولِي أُعِيذُهُ بِالْوَاحِدِ الصَّمَدِ مِنْ شَرِّ كُلِّ حَاسِدٍ. قَالَتْ: فَكُنْتُ أَقُولُ ذَلِكَ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِنِسَائِي.
فَقُلْنَ لِي: تُعَلِّقِي حَدِيدًا فِي عَضُدَيْكِ وَفِي عُنُقِكِ. قَالَتْ: فَفَعَلْتُ. قَالَتْ: فَلَمْ يَكُنْ تُرِكَ عَلَيَّ إِلا أَيَّامًا فَأَجِدُهُ قَدْ قُطِعَ. فَكُنْتُ لا أَتَعَلَّقُهُ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَتْ آمِنَةُ: لَقَدْ عَلِقْتُ بِهِ فَمَا وَجَدْتُ لَهُ مَشَقَّةً حَتَّى وَضَعْتُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ. أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الله قال: قالت أم النبي. ص: قَدْ حَمَلْتُ الأَوْلادَ فَمَا حَمَلْتُ سَخْلَةً أَثْقَلَ مِنْهُ. قَالَ:
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ: وَهَذَا مِمَّا لا يُعْرَفُ عِنْدَنَا وَلا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ. لَمْ تَلِدْ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ وَلا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ غَيْرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسٌ مَوْلَى عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: أُمِرَتْ آمِنَةُ وَهِيَ حَامِلٌ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُسَمِّيَهُ أَحْمَدَ.
ذِكْرُ وَفَاةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ قَالا: خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى الشَّامِ إِلَى غَزَّةَ فِي عِيرٍ مِنْ عِيرَاتِ قُرَيْشٍ يَحْمِلُونَ تِجَارَاتٍ. فَفَرَغُوا مِنْ تِجَارَاتِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا. فَمَرُّوا بِالْمَدِينَةِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَوْمَئِذٍ مَرِيضٌ. فَقَالَ: أَنَا أَتَخَلَّفُ عِنْدَ أَخْوَالِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ. فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ مَرِيضًا شَهْرًا. وَمَضَى أَصْحَابُهُ فَقَدِمُوا مَكَّةَ. فَسَأَلَهُمْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالُوا: خَلَّفْنَاهُ عِنْدَ أَخْوَالِهِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ وَهُوَ مَرِيضٌ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَكْبَرَ وَلَدِهِ الْحَارِثَ فَوَجَدَهُ قَدْ تُوُفِّيَ وَدُفِنَ فِي دَارِ النَّابِغَةِ. وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ. فِي الدَّارِ الَّتِي إِذَا دَخَلْتَهَا فَالدُّوَيْرَةُ عَنْ يَسَارِكِ. وَأَخْبَرَهُ أَخْوَالُهُ بِمَرَضِهِ. وَبِقِيَامِهِمْ عَلَيْهِ. وَمَا وَلُوا مِنْ أَمْرِهِ. وَأَنَّهُمْ قَبَرُوهُ.
فَرَجَعَ إِلَى أَبِيهِ فَأَخْبَرَهُ. فَوَجِدَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَإِخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ وَجْدًا شَدِيدًا. وَرَسُولُ(1/79)
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ حَمْلٌ. وَلِعَبْدِ اللَّهِ يَوْمَ تُوُفِّيَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ: هَذَا هُوَ أَثْبَتُ الأَقَاوِيلِ وَالرِّوَايَةُ فِي وَفَاةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَسِنِّهِ عِنْدَنَا.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: بَعَثَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ عَبْدَ اللَّهِ إِلَى الْمَدِينَةِ يَمْتَارُ لَهُ تَمْرًا فَمَاتَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرُ: وَالأَوَّلُ أَثْبَتُ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَقَدْ رُوِيَ لَنَا فِي وَفَاتِهِ وَجْهٌ آخَرُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالا: تُوُفِّيَ عَبْدُ الله بن عبد المطلب بعد ما أَتَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ شَهْرًا.
وَيُقَالُ سَبْعَةُ أَشْهُرٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَالأَوَّلُ أَثْبَتُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمْلٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: تَرَكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أُمَّ أَيْمَنَ وَخَمْسَةَ أَجْمَالٍ أَوَارِكٍ. يَعْنِي تَأْكُلُ الأَرَاكَ. وَقَطْعَةَ غَنَمٍ. فَوَرِثَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فكانت أُمُّ أَيْمَنَ تَحْضُنُهُ وَاسْمُهَا بَرَكَةُ. وَقَالَتْ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ تَرْثِي زَوْجَهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
عَفَا جَانِبُ الْبَطْحَاءِ مِنِ ابْنِ هَاشِمٍ ... وَجَاوَرَ لَحْدًا خَارِجًا فِي الْغَمَاغِمِ
دَعَتْهُ الْمَنَايَا دَعْوَةً فَأَجَابَهَا ... وَمَا تَرَكَتْ فِي النَّاسِ مِثْلَ ابْنِ هَاشِمٍ
عَشِيَّةَ رَاحُوا يَحْمِلُونَ سَرِيرَهُ ... تَعَاوَرَهُ أَصْحَابُهُ فِي التَّزَاحُمِ
فَإِنْ يَكُ غَالَتْهُ الْمَنَايَا وَرَيْبُهَا ... فَقَدْ كَانَ مِعْطَاءً كَثِيرَ التَّرَاحُمِ.
ذِكْرُ مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: وُلِدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الاثْنَيْنِ لِعَشْرِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ. وَكَانَ قُدُومُ أَصْحَابِ الْفِيلِ قَبْلَ ذَلِكَ لِلنِّصْفِ مِنَ الْمُحَرَّمِ. فَبَيْنَ الْفِيلِ وَبَيْنَ مَوْلِدِ رسول الله.
ص. خَمْسٌ وَخَمْسُونَ لَيْلَةً.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: كَانَ أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ الْمَدَنِيُّ يقول: ولد(1/80)
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الاثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الأَوَّلِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُورِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُلِدَ نَبِيُّكُمْ يَوْمَ الاثْنَيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ الْفَغْوَاءِ قَالَ: وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مَنَّاحٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الأَسْلَمِيُّ عَنِ ابْنَةِ أَبِي تَجْرَاةَ قَالَ: وَحَدَّثَنِي حُكَيْمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ. قَالُوا جَمِيعًا: وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْفِيلِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ. أَخْبَرَنَا يُونُسُ بن إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْفِيلِ. يَعْنِي عَامَ الْفِيلِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ أَخِيهِ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَمَّتِهِ أُمِّ بَكْرِ بِنْتِ الْمِسْوَرِ عَنْ أَبِيهَا قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَدَنِيُّ وَزِيَادُ بْنُ حَشْرَجٍ عَنْ أَبِي وَجْزَةَ قَالَ: وَحَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. أَنَّ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ قَالَتْ: لَقَدْ عَلِقْتُ بِهِ.
تَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا وَجَدْتُ لَهُ مَشَقَّةً حَتَّى وَضَعْتُهُ. فَلَمَّا فَصَلَ مِنِّي خَرَجَ مَعَهُ نُورٌ أَضَاءَ لَهُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ. ثُمَّ وَقَعَ عَلَى الأَرْضِ مُعْتَمِدًا عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ أَخَذَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَقَبَضَهَا وَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَقَعَ جَاثِيًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَخَرَجَ مَعَهُ نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ وَأَسْوَاقُهَا. حَتَّى رَأَيْتُ أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصْرَى.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ. أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أُمَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ: لَمَّا وَلَدَتْهُ خَرَجَ مِنِّي نُورٌ أَضَاءَ لَهُ قصور الشام.(1/81)
فَوَلَدَتْهُ نَظِيفًا. وَلَدْتُهُ كَمَا يُولَدُ السَّخْلُ مَا بِهِ قَذَرٌ. وَوَقَعَ إِلَى الأَرْضِ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى الأَرْضِ بِيَدِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ الْقِبْطِيَّةِ فِي مَوْلِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: قَالَتْ أُمُّهُ رَأَيْتُ كَأَنَّ شِهَابًا خَرَجَ مِنِّي أَضَاءَتْ لَهُ الأَرْضُ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا وَلَدَتْهُ أمه وضعته تحت برمة فانقلقت عَنْهُ. قَالَتْ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ شَقَّ بَصَرُهُ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ [عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: رَأَتْ أُمِّي حِينَ وَضَعَتْنِي سَطَعَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ بُصْرَى] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعْدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: قَالَ رسول الله. ص: رَأَتْ أُمِّي كَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا وُلِدَ وَقَعَ عَلَى كَفَّيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ شَاخِصًا بَصَرُهُ إِلَى السَّمَاءِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَطَاءٍ الْمَكِّيُّ. أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ الْعَدَنِيُّ. أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: وُلِدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَخْتُونًا مَسْرُورًا. قَالَ: وَأَعْجَبَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ وَحَظِيَ عِنْدَهُ. وَقَالَ: لَيَكُونَنَّ لابْنِي هَذَا شَأْنٌ. فَكَانَ لَهُ شَأْنٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمَّتِهِ قَالَتْ: وَلَمَّا وَلَدَتْ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْسَلَتْ إِلَى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَجَاءَهُ الْبَشِيرُ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْحِجْرِ مَعَهُ وَلَدُهُ وَرِجَالٌ مِنْ قَوْمِهِ. فَأَخْبَرَهُ أَنَّ آمِنَةَ وَلَدَتْ غُلامًا. فَسَّرَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ وَقَامَ هُوَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهَا. فَأَخْبَرَتْهُ بِكُلِّ مَا رَأَتْ وَمَا قِيلَ لَهَا وَمَا أُمِرَتْ بِهِ. قَالَ: فَأَخَذَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَأَدْخَلَهُ الْكَعْبَةَ وَقَامَ عِنْدَهَا يَدْعُو اللَّهَ وَيَشْكُرُ مَا أَعْطَاهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: وَأُخْبِرْتُ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ قَالَ يومئذ:(1/82)
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعْطَانِي ... هَذَا الْغُلامَ الطَّيِّبَ الأَرْدَانَ
قَدْ سَادَ فِي الْمَهْدِ عَلَى الْغِلْمَانِ ... أُعِيذُهُ بِالْبَيْتِ ذِي الأَرْكَانِ «1»
حَتَّى أَرَاهُ بَالِغَ الْبُنْيَانِ ... أُعِيذُهُ مِنْ شَرِّ ذِي شَنَآنِ
مِنْ حاسد مضطرب العنان.
ذكر أسماء الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكُنْيَتِهِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيِّ عَنْ سَهْلٍ مَوْلَى عُثَيْمَةَ أَنَّهُ كَانَ نَصْرَانِيًّا مِنْ أَهْلِ مَرِيسٍ. وَكَانَ يَقْرَأُ الإِنْجِيلَ.
فَذَكَرَ أَنَّ صِفَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الإِنْجِيلِ. وَهُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ اسْمُهُ أَحْمَدُ.
قَالَ: أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسٌ مَوْلَى عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: أُمِرَتْ آمِنَةُ وَهِيَ حَامِلٌ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُسَمِّيَهُ أَحْمَدَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ. وَاسْمُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو. أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. يَعْنِي ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ: أنه سمع علي بن أبي طالب. ع. يقول: [قال رسول الله. ص: سُمِّيتُ أَحْمَدَ] «2» .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَالْحَاشِرُ وَالْمَاحِي وَالْخَاتِمُ وَالْعَاقِبُ] «3» .
[قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي سِكَّةٍ من سكك
__________
(1) في المطبوعة: «أعيذه بالله ذي الأركان» ، والتصحيح من المنتظم (2/ 94 ب) .
(2) انظر الحديث في: [مصنف ابن أبي شيبة (11/ 434) ، والدر المنثور (6/ 214) ، وتفسير ابن كثير (2/ 78) ، وفتح الباري (1/ 439) ] .
(3) انظر الحديث في: [مسند أحمد بن حنبل (4/ 81، 84) ، وموارد الظمآن (2095) ، والمعجم الكبير للطبراني (2/ 138) ، ودلائل النبوة (1/ 125، 157) ] .(1/83)
الْمَدِينَةِ: أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَالْحَاشِرُ وَالْمُقَفِّي وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ] «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ. وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ أَبُو نُعَيْمٍ. وَكَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ. وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ. قَالُوا: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: سَمَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نفسه أسماء. منها ما [حفظنا. فقال ص: أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَالْمُقَفِّي وَالْحَاشِرُ وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ وَالتَّوْبَةِ وَالْمَلْحَمَةِ] «2» .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ. يَعْنِي ابْنَ مِغْوَلٍ. عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ أَنَا رَسُولُ الرَّحْمَةِ أَنَا رَسُولُ الْمَلْحَمَةِ أَنَا الْمُقَفِّي وَالْحَاشِرُ بُعِثْتُ بِالْجِهَادِ وَلَمْ أُبْعَثْ بِالزُّرَّاعِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى الأَشْجَعِيُّ. أَخْبَرَنَا مالك بن أنس عن ابن شهاب عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - قَالَ: لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءَ أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَأَنَا الْمَاحِي يَمْحُو اللَّهُ بِي الْكُفْرَ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمَيَّ وَأَنَا الْعَاقِبُ] «3» .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِثْلِهِ وَزَادَ: وَأَنَا الْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى أَبُو عُمَرَ صَاحِبُ اللُّؤْلُؤِ. أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدٍ. يَعْنِي ابْنَ أَبِي هِلالٍ. عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَقَالَ لَهُ: أَتُحْصِي أَسْمَاءَ رَسُولِ الله- صلى الله عليه وسلم -
__________
(1) انظر الحديث في: [مسند أحمد بن حنبل (5/ 405) ، ودلائل النبوة (1/ 123) ] .
(2) انظر الحديث في: [صحيح مسلم، الفضائل (26) ، ومسند أحمد (4/ 395) ، والمستدرك (2/ 604) ، والتاريخ الصغير للبخاري (1/ 10) ، والمعجم الصغير للطبراني (1/ 80) . وحلية الأولياء (5/ 100) ، ومصنف ابن أبي شيبة (11/ 458) ] .
(3) انظر الحديث في: [صحيح البخاري (4/ 225) ، ودلائل النبوة (1/ 154) ، والتمهيد (9/ 151، 152، 153) ، والشفا (1/ 448) ، وتفسير ابن كثير (5/ 382) ، وتاريخ أصبهان (2/ 152) .(1/84)
الَّتِي كَانَ جُبَيْرٌ. يَعْنِي ابْنَ مُطْعِمٍ. يَعُدُّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. هِيَ سِتَّةٌ: مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَخَاتَمٌ وَحَاشِرٌ وَعَاقِبٌ وَمَاحٍ. فَأَمَّا حَاشِرٌ فَبُعِثَ مَعَ السَّاعَةِ نَذِيرًا لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ.
وَأَمَّا الْعَاقِبُ فَإِنَّهُ عَقِبَ الأَنْبِيَاءَ. وَأَمَّا الْمَاحِي فَإِنَّ اللَّهَ مَحَا بِهِ سَيِّئَاتِ مَنِ اتَّبَعَهُ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ.
ص: يَا عِبَادَ اللَّهِ انْظُرُوا كَيْفَ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنِّي شَتْمَهُمْ وَلَعْنَهُمْ. يَعْنِي قُرَيْشًا. قَالُوا:
كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا وَأَنَا مُحَمَّدٌ] «1» .
ذِكْرُ كُنْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ يَسَارٍ. سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي فَإِنِّي أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ] » .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: لا تَجْمَعُوا اسْمِي وَكُنْيَتِي. أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ اللَّهُ يُعْطِي وَأَنَا أَقْسِمُ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ كَثِيرِ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ قَالَ:
وَمَحْلُوفُ أَبِي القاسم. يعني نفسه] .
__________
(1) انظر الحديث في: [موارد الظمآن (2104) ، وكنزل العمال (32168) ، والتاريخ الصغير للبخاري (1/ 11) ] .
(2) انظر الحديث في: [صحيح البخاري (1/ 38) ، (3/ 86) ، (4/ 103، 226) ، وصحيح مسلم، الآداب (1) ، (5) ، (7) ، (8) ، وسنن أبي داود (4965) ، وسنن ابن ماجة (3735) ، (3737) ، ومسند أحمد بن حنبل (2/ 248، 260، 270، 392، 457، 461، 470، 491، 499، 519) ، (3/ 114، 121، 189، 298، 301، 313، 369، 370، 385) ، وسنن الدارمي (2/ 294) ، والسنن الكبرى (9/ 308، 309) ، والأداب المفرد (836) ، (837) ، (839) ، ومصنف عبد الرزاق (19866) ، (19897) ، وحلية الأولياء (29518) ، والشفا (2/ 468) ] .(1/85)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ. أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ بِالْبَقِيعِ فَنَادَى رَجُلٌ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَالْتَفَتَ إليه النبي.
فقال: لم أعنك. [فقال: ص: سَمُّوا بِاسْمِي وَلا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي] «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ غُلامٌ فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا. فَغَضِبَتِ الأَنْصَارُ وَقَالُوا حَتَّى [نَسْتَأْمِرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ: قَدْ أَحْسَنَتِ الأَنْصَارُ. ثُمَّ قَالَ: تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي فَإِنَّمَا أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: سُئِلَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنِ الرَّجُلِ يَكْتَنِي بَأَبِي الْقَاسِمِ. فَأَخْبَرَنَا عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْيَشْكُرِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ اكْتَنَى بِأَبِي الْقَاسِمِ. فَقَالَتِ الأَنْصَارُ: مَا كُنَّا لِنُكَنِّيكَ بِهَا حَتَّى نَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ. فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فَقَالَ: تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي. قَالَ سَعِيدٌ: وَكَانَ قَتَادَةُ يَكْرَهُ أَنْ يَكْتَنِيَ الرَّجُلُ بِأَبِي الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ اسْمُهُ مُحَمَّدًا] «2» .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ. ص: لا تَجْمَعُوا بَيْنَ اسْمِي وَكُنْيَتِي] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ الضَّبِّيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لا تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَتَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي. نَهَى أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الاسْمِ وَالْكُنْيَةِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْبَلْخِيُّ. أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنِ ابْنِ عَجْلانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لا تَجْمَعُوا بَيْنَ اسمي وكنيتي] .
__________
(1) انظر الحديث في: [صحيح البخاري (3/ 86) ، (4/ 103، 226) ، (8/ 52، 53، 54) ، ومسند أحمد بن حنبل (3/ 170، 369) ، والسنن الكبرى (9/ 308) ، وفتح الباري (4/ 339) ، (10/ 571، 577، 578) ] .
(2) انظر الحديث في: [صحيح البخاري (1/ 38) ، (3/ 86) ، (4/ 103، 226) ، وصحيح مسلم، الأداب (1) ، (5) ، (7) ، (8) ، وسنن ابن ماجة (3735) ، (3737) ] .(1/86)
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ ثُوَيْرٍ عن مجاهد قال: قال رسول الله. ص: تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي] .
ذِكْرُ مَنْ أَرْضَعَ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَسْمِيَةِ إِخْوَتِهِ وَأَخَوَاتُه مِنَ الرَّضَاعَةِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ شَيْبَةَ عَنْ عَمِيرَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ بَرَّةَ بِنْتِ أَبِي تَجْرَاةَ قَالَتْ: أَوَّلُ مَنْ أَرْضَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُوَيْبَةُ بِلَبَنِ ابْنٍ لَهَا. يُقَالُ لَهُ مَسْرُوحٌ. أَيَّامًا قَبْلَ أَنْ تَقْدَمَ حَلِيمَةُ. وَكَانَتْ قَدْ أَرْضَعَتْ قَبْلَهُ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَأَرْضَعَتْ بَعْدَهُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الأَسَدِ الْمَخْزُومِيَّ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ ثُوَيْبَةُ مَوْلاةَ أَبِي لَهَبٍ قَدْ أَرْضَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَيَّامًا قَبْلَ أَنْ تَقْدَمَ حَلِيمَةُ. وَأَرْضَعَتْ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الأَسَدِ مَعَهُ. فَكَانَ أَخَاهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ ثُوَيْبَةَ كَانَ أَبُو لَهَبٍ أَعْتَقَهَا فَأَرْضَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ رَآهُ بَعْضُ أَهْلِهِ فِي النَّوْمِ بِشَرِّ حِيبَةٍ. فَقَالَ: مَاذَا لَقِيتَ؟ قَالَ أَبُو لَهَبٍ: لَمْ نَذُقْ بَعْدَكُمْ رَخَاءً. غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثُوَيْبَةَ. وَأَشَارَ إِلَى النُّقَيْرَةِ الَّتِي بَيْنَ الإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا مِنَ الأَصَابِعِ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصِلُهَا وَهُوَ بِمَكَّةَ. وَكَانَتْ خَدِيجَةُ تُكْرِمُهَا. وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مَمْلُوكَةٌ. وَطَلَبَتْ إِلَى أَبِي لَهَبٍ أَنْ تَبْتَاعَهَا مِنْهُ لِتُعْتِقَهَا. فَأَبَى أَبُو لَهَبٍ. فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ أَعْتَقَهَا أَبُو لَهَبٍ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَبْعَثُ إِلَيْهَا بِصِلَةٍ وَكِسْوَةٍ. حَتَّى جَاءَهُ خَبَرُهَا أَنَّهَا قَدْ تُوُفِّيَتْ سَنَةَ سَبْعٍ. مَرْجِعَهُ مِنْ خَيْبَرَ. فَقَالَ: مَا فَعَلَ ابْنُهَا مَسْرُوحٌ؟ فَقِيلَ: مَاتَ قَبْلَهَا وَلَمْ يَبْقَ مِنْ قَرَابَتِهَا أَحَدٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبَّاسٍ اللِّهْبِيِّ(1/87)
قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ أَنْ هَاجَرَ يَسْأَلُ عَنْ ثُوَيْبَةَ فَكَانَ يَبْعَثُ إِلَيْهَا بِالصِّلَةِ وَالْكِسْوَةِ حَتَّى جَاءَهُ خَبَرُهَا أَنَّهَا قَدْ مَاتَتْ. فَسَأَلَ: مَنْ بَقِيَ مِنْ قَرَابَتِهَا؟ قَالُوا: لا أَحَدَ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ] «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَانَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْضَعَتْهُمَا امْرَأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ. كَانَ حَمْزَةُ مُسْتَرْضَعًا لَهُ عِنْدَ قَوْمٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ. وَكَانَتْ أُمُّ حَمْزَةَ قَدْ أَرْضَعَتْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا وَهُوَ عِنْدَ أُمِّهِ حَلِيمَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الْمِصْرِيُّ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُسْلِمٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ. يَعْنِي أَخَاهُ الزُّهْرِيَّ. يَقُولُ: سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَتْ: قِيلَ لَهُ: أَيْنَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنَ ابْنَةِ حَمْزَةَ؟ أَوْ قِيلَ لَهُ: أَلا تَخْطُبُ ابْنَةَ حَمْزَةَ؟ قَالَ: إِنَّ حَمْزَةَ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ] «2» .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُرِيدَ عَلَى ابْنَةِ حَمْزَةَ فَقَالَ: إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ وَإِنَّهَا لا تَحِلُّ لِي وَإِنَّهُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ] «3» .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أن علي بن أبي طالب. ع. قَالَ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
__________
(1) نظر الحديث في: [المعجم الكبير للطبراني (3/ 152) ، وكنز العمال (33259) .
(2) انظر الحديث في: [صحيح مسلم، الرضاعة (14) ، والسنن الكبرى (7/ 453) ، والمعجم الصغير للطبراني (2/ 86) ، وسنن سعيد بن منصور (945) ، (946) ، (947) ] ..
(3) انظر الحديث في: [صحيح البخاري (5/ 180) ، (7/ 12) ، وسنن النسائي (6/ 100) ، ومسند أحمد بن حنبل (1/ 223، 275، 346) ، (6/ 309) ، والسنن الكبرى (8/ 6) ، والمعجم الكبير للطبراني (10/ 353) ، ومصنف ابن أبي شيبة (4/ 289، 290) ، وتفسير ابن كثير (7/ 341) ] .(1/88)
فِي ابْنَةِ حَمْزَةَ وَذَكَرْتُ لَهُ مِنْ جَمَالِهَا. فقال رسول الله. ص: إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ. أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا حَرَّمَ مِنَ النَّسَبِ] ؟.
[حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: ذَكَرْتُ ابْنَةَ حَمْزَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَقَالَ: هِيَ ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ] «1» .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ. أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ. ص: إِنَّا قَدْ حُدِّثْنَا أَنَّكَ نَاكِحٌ دُرَّةَ بِنْتَ أبي سلمة. فقال رسول الله. ص: أَعْلَى أُمِّ سَلَمَةَ؟ وَقَالَ: لَوْ أَنِّي لَمْ أَنْكَحْ أُمَّ سَلَمَةَ مَا حَلَّتْ لِي. إِنَّ أَبَاهَا أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عمر بن واقد الأسلمي. أخبرنا زكرياء بْنُ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ السَّعْدِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَ مَكَّةَ عَشْرُ نِسْوَةٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ يَطْلُبْنَ الرَّضَاعَ.
فَأَصَبْنَ الرَّضَاعَ كُلُّهُنَّ إِلا حَلِيمَةَ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ شِجْنَةَ بْنِ جَابِرِ بْنِ رِزَامِ بْنِ نَاصِرَةَ بْنِ فُصَيَّةَ بْنِ نَصْرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفَةَ بْنِ قيس بن عَيْلانَ بْنِ مُضَرَ وَكَانَ مَعَهَا زَوْجُهَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ مِلانَ بْنِ نَاصِرَةَ بْنِ فُصَيَّةَ بْنِ نَصْرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ وَيُكْنَى أَبَا ذُؤَيْبٍ وَوَلَدُهَا مِنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ. وَكَانَتْ تُرْضِعُهُ. وَأُنَيْسَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ وَجُدَامَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ وَهِيَ الشَّيْمَاءُ. وَكَانَتْ هِيَ الَّتِي تَحْضُنُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أُمِّهَا وَتُوَرِّكُهُ.
فَعُرِضَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَتْ تَقُولُ: يَتِيمٌ وَلا مَالَ لَهُ. وَمَا عَسَتْ أُمُّهُ أَنْ تَفْعَلَ؟ فَخَرَجَ النِّسْوَةُ وَخَلَّفْنَهَا. فَقَالَتْ حَلِيمَةُ لِزَوْجِهَا: مَا تَرَى؟ قَدْ خَرَجَ صَوَاحِبِي وَلَيْسَ بِمَكَّةَ غُلامٌ يُسْتَرْضَعُ إِلا هَذَا الْغُلامُ الْيَتِيمُ. فَلَوْ أَنَّا أَخَذْنَاهُ. فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ نَرْجِعَ إِلَى بِلادِنَا وَلَمْ نَأْخُذْ شَيْئًا. فَقَالَ لَهَا زَوْجُهَا: خُذِيهِ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ لَنَا فِيهِ خَيْرًا.
فَجَاءَتْ إِلَى أُمِّهِ فَأَخَذَتْهُ مِنْهَا فَوَضَعَتْهُ فِي حِجْرِهَا. فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ ثَدْيَاهَا حَتَّى يَقْطُرَا لَبَنًا.
فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى رُوِيَ. وَشَرِبَ أَخُوهُ. وَلَقَدْ كَانَ أَخُوهُ لا ينام من
__________
(1) انظر الحديث في: [صحيح البخاري (3/ 222) ، ومسند أحمد بن حنبل (1/ 114، 132) ، والمعجم الكبير للطبراني (3/ 151) ، وفتح الباري (5/ 253) ، (7/ 508) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (5/ 460) ] .(1/89)
الْغَرَثِ. وَقَالَتْ أُمُّهُ: يَا ظِئْرُ سَلِي عَنِ ابْنِكِ فَإِنَّهُ سَيَكُونُ لَهُ شَأْنٌ. وَأَخْبَرَتْهَا مَا رَأَتْ وَمَا قِيلَ لَهَا فِيهِ حِينَ وَلَدَتْهُ. وَقَالَتْ: قِيلَ لِي ثَلاثَ لَيَالٍ: اسْتَرْضِعِي ابْنَكِ فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ. ثُمَّ فِي آلِ أَبِي ذُؤَيْبٍ. قَالَتْ حَلِيمَةُ: فَإِنَّ أَبَا هَذَا الْغُلامِ الَّذِي فِي حِجْرِي أَبُو ذُؤَيْبٍ. وَهُوَ زَوْجِي. فَطَابَتْ نَفْسُ حَلِيمَةَ وَسُرَّتْ بِكُلِّ مَا سَمِعَتْ. ثُمَّ خَرَجَتْ بِهِ إِلَى مَنْزِلِهَا. فَحَدَجُوا أَتَانَهُمْ. فَرَكِبَتْهَا حَلِيمَةُ وَحَمَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ يَدَيْهَا وَرَكِبَ الْحَارِثُ شَارِفَهُمْ فَطَلَعَا عَلَى صَوَاحِبِهَا بِوَادِي السِّرَرِ. وَهُنَّ مُرْتِعَاتٌ وَهُمَا يَتَوَاهَقَانِ.
فَقُلْنَ: يَا حَلِيمَةُ مَا صَنَعْتِ؟ فَقَالَتْ: أَخَذْتُ وَاللَّهِ خَيْرَ مَوْلُودٍ رَأَيْتُهُ قَطُّ وَأَعْظَمَهُمْ بَرَكَةً.
قَالَ النِّسْوَةُ: أَهُوَ ابن عبد المطلب؟ قالت: نعم! قَالَتْ: فَمَا رَحَلْنَا مِنْ مَنْزِلِنَا ذَلِكَ حَتَّى رَأَيْتُ الْحَسَدَ مِنْ بَعْضِ نِسَائِنَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: وَذَكَرَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ حَلِيمَةَ لَمَّا خَرَجَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بِلادِهَا قَالَتْ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ:
أُعِيذُهُ بِاللَّهِ ذِي الْجَلالِ ... مِنْ شَرِّ مَا مَرَّ عَلَى الْجِبَالِ
حَتَّى أَرَاهُ حَامِلَ الْحِلالَ ... وَيَفْعَلُ الْعُرْفَ إِلَى الْمَوَالِي
وَغَيْرِهِمْ مِنْ حِشْوَةِ الرِّجَالِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَصْحَابِهِ قَالَ: مَكَثَ عِنْدَهُمْ سَنَتَيْنِ حَتَّى فُطِمَ.
وَكَأَنَّهُ ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ. فَقَدِمُوا بِهِ عَلَى أُمِّهِ زَائِرِينَ لَهَا. وَأَخْبَرَتْهَا حَلِيمَةُ خَبَرَهُ وَمَا رَأَوْا مِنْ بَرَكَتِهِ. فَقَالَتْ آمِنَةُ: ارْجِعِي بِابْنِي فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْهِ وَبَاءَ مَكَّةَ. فو الله لَيَكُونَنَّ لَهُ شَأْنٌ! فَرَجَعَتْ بِهِ. وَلَمَّا بَلَغَ أَرْبَعَ سِنِينَ كَانَ يَغْدُو مَعَ أَخِيهِ وَأُخْتِهِ فِي الْبَهْمِ قَرِيبًا مِنَ الْحَيِّ. فَأَتَاهُ الْمَلَكَانِ هُنَاكَ فَشَقَّا بَطْنَهُ وَاسْتَخْرَجَا عَلَقَةً سَوْدَاءَ فَطَرَحَاهَا وَغَسَلا بَطْنَهُ بِمَاءِ الثَّلْجِ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ. ثُمَّ وُزِنَ بِأَلْفٍ مِنْ أُمَّتِهِ فَوَزَنَهُمْ. فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ:
دَعْهُ. فَلَوْ وُزِنَ بِأُمَّتِهِ كُلِّهَا لَوَزَنَهُمْ! وَجَاءَ أَخُوهُ يَصِيحُ بِأُمِّهِ: أَدْرِكِي أَخِي الْقُرَشِيَّ! فَخَرَجَتْ أُمُّهُ تَعْدُو وَمَعَهَا أَبُوهُ فَيَجِدَانِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنْتَقَعَ اللَّوْنِ. فَنَزَلَتْ بِهِ إِلَى آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ وَأَخْبَرَتْهَا خَبَرَهُ وَقَالَتْ: إِنَّا لا نَرُدُّهُ إِلا عَلَى جَدْعِ آنُفِنَا. ثُمَّ رَجَعَتْ بِهِ أَيْضًا فَكَانَ عِنْدَهَا سَنَةً أَوْ نَحْوَهَا لا تَدَعُهُ يَذْهَبُ مَكَانًا بَعِيدًا. ثُمَّ رَأَتْ غَمَامَةً تُظِلُّهُ إِذَا وَقَفَ وَقَفَتْ. وَإِذَا سَارَ سَارَتْ. فَأَفْزَعَهَا ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ أَمْرِهِ. فَقَدِمَتْ بِهِ إِلَى أُمِّهِ لِتَرُدَّهُ وَهُوَ ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ فَأَضَلَّهَا فِي النَّاسِ فَالْتَمَسَتْهُ فَلَمْ تَجِدْهُ. فَأَتَتْ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ فَأَخْبَرَتْهُ. فَالْتَمَسَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يَجِدْهُ. فَقَامَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَقَالَ:(1/90)
لا هُمَّ أَدِّ رَاكِبِي مُحَمَّدَا ... أَدِّهْ إِلَيَّ وَاصْطَنِعْ عِنْدِي يَدَا
أَنْتَ الَّذِي جَعَلْتَهُ لِي عَضُدَا ... لا يُبْعِدِ الدَّهْرُ بِهِ فَيَبْعَدَا
أَنْتَ الَّذِي سَمَّيْتَهُ مُحَمَّدَا
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ كِنْدِيرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ أَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَإِذَا رَجُلٌ يَقُولُ:
رَبِّ رُدَّ إِلَيَّ رَاكِبِي مُحَمَّدَا ... رَدَّهْ إِلَيَّ وَاصْطَنِعْ عِنْدِي يَدَا
قَالَ قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ بَعَثَ بِابْنِ ابْنٍ لَهُ فِي طَلَبِ إِبِلٍ لَهُ وَلَمْ يَبْعَثْ بِهِ فِي حَاجَةٍ إِلا نَجَحَ. فَمَا لَبِثْنَا أَنْ جَاءَ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ وَقَالَ: لا أَبْعَثُ بِكَ فِي حَاجَةٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ الْقِبْطِيَّةِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْتَرْضَعًا فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عاصم الكلابي. أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أُمَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا دَفَعَتْهُ إِلَى السَّعْدِيَّةِ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ قَالَتْ لَهَا: احْفَظِي ابْنِي. وأخبرتها بما رَأَتْ. فَمَرَّ بِهَا الْيَهُودُ. فَقَالَتْ: أَلا تُحَدِّثُونِي عَنِ ابْنِي هَذَا فَإِنِّي حَمَلْتُهُ كَذَا وَوَضَعْتُهُ كَذَا وَرَأَيْتُ كَذَا كَمَا وَصَفَتْ أُمُّهُ. قَالَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ:
اقْتُلُوهُ. فَقَالُوا: أَيَتِيمٌ هُوَ؟ فَقَالَتْ: لا. هَذَا أَبُوهُ وَأَنَا أُمُّهُ. فَقَالُوا: لَوْ كَانَ يَتِيمًا لَقَتَلْنَاهُ! قَالَ: فَذَهَبَتْ بِهِ حَلِيمَةُ وَقَالَتْ: كِدْتُ أُخَرِّبُ أَمَانَتِي. قَالَ إِسْحَاقُ: وَكَانَ لَهُ أَخٌ رَضِيعٌ. قَالَ: فَجَعَلَ يَقُولُ لَهُ: أَتَرَى أَنَّهُ يَكُونُ بَعْثٌ؟ [فَقَالَ النَّبِيُّ. ص: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لآخُذَنَّ بِيَدِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلأَعْرِفَنَّكِ] . قَالَ: فَلَمَّا آمَنَ بَعْدَ مَوْتِ النبي.
ص. جَعَلَ يَجْلِسُ فَيَبْكِي وَيَقُولُ: إِنَّمَا أَرْجُو أَنْ يَأْخُذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَنْجُوَ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عمر. أخبرنا زكرياء بْنُ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ السَّعْدِيُّ عَنْ أَبِيهِ قال: قال رسول الله. ص: أَنَا أَعْرَبُكُمْ أَنَا مِنْ قُرَيْشٍ وَلِسَانِي لِسَانُ بني سعد بن بكر] «1» .
__________
(1) انظر الحديث في: [كشف الخفا (1/ 232) ، وكنز العمال (31884) ، والبداية والنهاية (2/ 477) ] .(1/91)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي سَعْدٍ قَالَ: قَدِمَتْ حَلِيمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - مَكَّةَ. وَقَدْ تَزَوَّجَ خَدِيجَةَ. فَتَشَكَّتْ جَدْبَ الْبِلادِ وَهَلاكَ الْمَاشِيَةِ. فَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَدِيجَةَ فِيهَا فَأَعْطَتْهَا أَرْبَعِينَ شَاةً وَبَعِيرًا مَوَقَّعًا لِلظَّعِينَةِ وَانْصَرَفَتْ إِلَى أَهْلِهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةٌ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ كَانَتْ أَرْضَعَتْهُ. فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَالَ: أُمِّي أُمِّي! وَعَمَدَ إِلَى رِدَائِهِ فَبَسَطَهُ لَهَا فَقَعَدَتْ عَلَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَمَّاسٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بن موسى السناني عَنْ عِيسَى بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سعد قال: جاءت ظئر النبي إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ وَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي ثِيَابِهَا وَوَضَعَهَا عَلَى صَدْرِهَا. قَالَ: وَقَضَى حَاجَتَهَا.
قَالَ: فَجَاءَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ وَقَالَ لَهَا: دَعِينِي أَضَعُ يَدَيَّ خَارِجًا مِنَ الثِّيَابِ. قَالَ: فَفَعَلَ وَقَضَى لَهَا حَاجَتَهَا. ثُمَّ جَاءَتْ إِلَى عُمَرَ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَابْنِ أَبِي سَبْرَةَ وَغَيْرِهِمْ قَالُوا: قَدِمَ وَفْدُ هَوَازِنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْجِعْرَانَةِ بعد ما قَسَّمَ الْغَنَائِمَ وَفِي الْوَفْدِ عَمُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الرَّضَاعَةِ أَبُو ثَرْوَانَ. فَقَالَ يَوْمَئِذٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِنَّمَا فِي هَذِهِ الْحَظَائِرِ مَنْ كَانَ يَكْفُلُكَ مِنْ عَمَّاتِكَ وَخَالاتِكَ وَحَوَاضِنِكَ. وَقَدْ حَضَنَّاكَ فِي حُجُورِنَا وَأَرْضَعْنَاكَ بِثَدْيِنَا. وَلَقَدْ رَأَيْتُكَ مُرْضَعًا فَمَا رَأَيْتُ مُرْضَعًا خَيْرًا مِنْكَ. وَرَأَيْتُكَ فَطِيمًا فَمَا رَأَيْتُ فَطِيمًا خَيْرًا مِنْكَ. ثُمَّ رَأَيْتُكَ شَابًّا فَمَا رَأَيْتُ شَابًّا خَيْرًا مِنْكَ. وَقَدْ تَكَامَلَتْ فِيكَ خِلالُ الْخَيْرِ. وَنَحْنُ مَعَ ذَلِكَ أَصْلُكَ وَعَشِيرَتُكَ. فَامْنُنْ عَلَيْنَا مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ! [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: قَدِ اسْتَأْنَيْتُ بِكُمْ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّكُمْ لا تَقْدَمُونَ] «1» . وَقَدْ قَسَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّبْيَ وَجَرَتْ فِيهِ السُّهْمَانُ. وَقَدِمَ عَلَيْهِ أربعة عشر رجلا من هوازن مسلمين وجاؤوا بِإِسْلامِ مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ. وَكَانَ رَأْسُ الْقَوْمِ وَالْمُتَكَلِّمُ أَبُو صُرَدٍ زُهَيْرُ بْنُ صُرَدٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا أَصْلٌ وَعَشِيرَةٌ. وَقَدْ أَصَابَنَا مِنَ الْبَلاءِ مَا لا يَخْفَى عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِنَّمَا فِي هَذِهِ الْحَظَائِرِ عَمَّاتُكَ وَخَالاتُكَ وَحَوَاضِنُكَ اللاتِي هُنَّ يَكْفُلْنَكَ. وَلَوْ أَنَّا مَلَحْنَا لِلْحَارِثِ بْنِ أَبِي شَمْرٍ أو للنعمان بن
__________
(1) انظر الحديث في: [فتح الباري (8/ 34) ] .(1/92)
[ذِكْرُ وَفَاةِ آمِنَةَ أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى الله عليه وسلم - ص]
الْمُنْذِرِ ثُمَّ نَزَلا مِنَّا بِمِثْلِ الَّذِي نَزَلْتَ بِهِ رَجَوْنَا عَطْفَهُمَا وَعَائِدَتَهُمَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمَكْفُولِينَ. وَيُقَالُ إِنَّهُ قَالَ يَوْمَئِذٍ أَبُو صُرَدٍ: إِنَّمَا فِي هَذِهِ الْحَظَائِرِ أَخَوَاتُكَ وَعَمَّاتُكَ وَخَالاتُكَ وَبَنَاتُ عَمِّكَ وَبَنَاتُ خَالاتِكَ وَأَبْعَدُهُنَّ قَرِيبٌ مِنْكَ. بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! إِنَّهُنَّ حَضَنَّكَ فِي حُجُورِهِنَّ وَأَرْضَعْنَكَ بِثُدَيِّهِنَّ وَتَوَرَّكْنَكَ عَلَى أَوْرَاكِهِنَّ. وَأَنْتَ خَيْرُ الْمَكْفُولِينَ. [فقال رسول الله. ص: إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ أَصْدَقُهُ وَعِنْدِي مَنْ تَرَوْنَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَفَأَبْنَاؤُكُمْ وَنِسَاؤُكُمْ أَحَبُّ إِلَيْكُمْ أَمْ أَمْوَالُكُمْ؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ خَيَّرْتَنَا بَيْنَ أَحْسَابِنَا وَأَمْوَالِنَا. وَمَا كُنَّا لِنَعْدِلَ بِالأَحْسَابِ شَيْئًا. فرد علينا أبناءنا ونساءنا. فقال النبي. ص: أما ما لي ولبني عبد المطلب فهو لَكُمْ وَأَسْأَلُ لَكُمُ النَّاسَ فَإِذَا صَلَّيْتُ بِالنَّاسِ الظُّهْرَ فَقُولُوا نَسْتَشْفِعُ بِرَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ وَبِالْمُسْلِمِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ.
فَإِنِّي سَأَقُولُ لَكُمْ مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ. وَسَأَطْلُبُ لَكُمْ إِلَى النَّاسِ. فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظُّهْرَ. قَامُوا فَتَكَلَّمُوا بِالَّذِي قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَدَّ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا كَانَ لَهُ وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَرَدَّ الْمُهَاجِرُونَ وَرَدَّ الأَنْصَارُ. وَسَأَلَ لَهُمْ قَبَائِلَ الْعَرَبِ فَاتَّفَقُوا عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ بِتَسْلِيمِهِمْ وَرِضَاهُمْ وَدَفْعِ مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ السَّبْيِ إِلا قَوْمًا تَمَسَّكُوا بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ فَأَعْطَاهُمْ إِبِلا عِوَضًا مِنْ ذَلِكَ.]
ذِكْرُ وَفَاةِ آمِنَةَ أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم -
قال: أخبرنا محمد بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قال:
وحدثنا هَاشِمُ بْنُ عَاصِمٍ الأَسْلَمِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. قَالُوا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أُمِّهِ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ. فَلَمَّا بَلَغَ سِتَّ سِنِينَ خَرَجَتْ بِهِ إِلَى أَخْوَالِهِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ بِالْمَدِينَةِ تَزُورُهُمْ بِهِ. وَمَعَهُ أُمُّ أَيْمَنَ تَحْضُنُهُ وَهُمْ عَلَى بَعِيرَيْنِ. فَنَزَلَتْ بِهِ فِي دَارِ النَّابِغَةِ. فَأَقَامَتْ بِهِ عِنْدَهُمْ شَهْرًا. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَذْكُرُ أُمُورًا كَانَتْ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ. لَمَّا نَظَرَ إِلَى أُطُمِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ عَرَفَهُ وَقَالَ: [كُنْتُ أُلاعِبُ أُنَيْسَةَ جَارِيَةً مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى هَذَا الأُطُمِ وَكُنْتُ مَعَ غِلْمَانٍ مِنْ أَخْوَالِي نُطَيِّرُ طَائِرًا كَانَ يَقَعُ عَلَيْهِ. وَنَظَرَ إِلَى الدَّارِ فَقَالَ: هَهُنَا نَزَلَتْ بِي(1/93)
أُمِّي وَفِي هَذِهِ الدَّارِ قُبِرَ أَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَحْسَنْتُ الْعَوْمَ فِي بئر بني عدي ابن النَّجَّارِ. وَكَانَ قَوْمٌ مِنَ الْيَهُودِ يَخْتَلِفُونَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَقَالَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَسَمِعْتُ أَحَدَهُمْ يَقُولُ: هُوَ نَبِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ وَهَذِهِ دَارُ هِجْرَتِهِ. فَوَعَيْتُ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ كَلامِهِ] . ثُمَّ رَجَعَتْ بِهِ أُمُّهُ إِلَى مَكَّةَ. فَلَمَّا كَانُوا بِالأَبْوَاءِ تُوُفِّيَتْ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ. فَقَبَرَهَا هُنَاكَ. فَرَجَعَتْ بِهِ أُمُّ أَيْمَنَ عَلَى الْبَعِيرَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدِمُوا عَلَيْهِمَا مَكَّةَ. وَكَانَتْ تَحْضُنُهُ مَعَ أُمِّهِ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ مَاتَتْ. [فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ بِالأَبْوَاءِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِمُحَمَّدٍ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَصْلَحَهُ وَبَكَى عِنْدَهُ. وَبَكَى الْمُسْلِمُونَ لِبُكَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ: أَدْرَكَتْنِي رَحْمَتُهَا فَبَكَيْتُ] «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ أَبُو غَسَّانَ. أَخْبَرَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: اسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ فَأُذِنَ لَهُ فَسَأَلَ الْمَغْفِرَةَ لَهَا فَأُبِيَ عَلَيْهِ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ أَبُو عَامِرٍ السُّوَائِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا فَتْحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ أَتَى جِذْمَ قَبْرٍ فَجَلَسَ إِلَيْهِ وَجَلَسَ النَّاسُ حَوْلَهُ. فَجَعَلَ كَهَيْئَةِ الْمُخَاطِبِ. ثُمَّ قَامَ وَهُوَ يَبْكِي.
فَاسْتَقْبَلَهُ عُمَرُ. وَكَانَ مِنْ أَجْرَأِ النَّاسِ عَلَيْهِ. فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا الَّذِي أَبْكَاكَ؟ فَقَالَ: هَذَا قَبْرُ أُمِّي سَأَلْتُ رَبِّي الزِّيَارَةَ فَأَذِنَ لِي وَسَأَلْتُهُ الاسْتِغْفَارَ فَلَمْ يَأْذَنْ لِي فَذَكَرْتُهَا فَرَقَقْتُ فَبَكَيْتُ. فَلَمْ يُرَ يَوْمًا كَانَ أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْ يَوْمَئِذٍ] .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَهَذَا غَلَطٌ وَلَيْسَ قَبْرُهَا بِمَكَّةَ وَقَبْرُهَا بِالأَبْوَاءِ.
ذِكْرُ ضَمِّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِ بعد وفاة أمه وذكر وفاة عَبْد المطلب ووصية أَبِي طالب بِرَسُولِ اللَّه- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بن عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
وَحَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ عَاصِمٍ الأَسْلَمِيُّ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَهْمٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ أَبِي
__________
(1) انظر الحديث في: [سنن أبي داود (3088) ، والسنن الكبرى (4/ 156) ] .(1/94)
نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ قَالَ:
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ. دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. قَالُوا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكُونُ مَعَ أُمِّهِ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ.
فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ قَبَضَهُ إِلَيْهِ جَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَضَمَّهُ وَرَقَّ عَلَيْهِ رِقَّةً لَمْ يَرِقَّهَا عَلَى وَلَدِهِ. وَكَانَ يُقَرِّبُهُ مِنْهُ وَيُدْنِيهِ. وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ إِذَا خَلا وَإِذَا نَامَ. وَكَانَ يَجْلِسُ عَلَى فِرَاشِهِ فَيَقُولُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِذَا رَأَى ذَلِكَ: دَعُوا ابْنِي إِنَّهُ لَيُؤْنِسُ مُلْكًا.
وَقَالَ قَوْمٌ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ: احْتَفِظْ بِهِ فَإِنَّا لَمْ نَرَ قَدَمًا أَشْبَهَ بِالْقَدَمِ الَّتِي فِي الْمَقَامِ مِنْهُ. فقال عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لأَبِي طَالِبٍ: اسْمَعْ مَا يَقُولُ هؤلاء. فكان أبو طالب يحتفظ به. وقال عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لأُمِّ أَيْمَنَ. وَكَانَتْ تَحْضُنُ رَسُولَ الله. ص: يَا بَرَكَةُ لا تَغْفَلِي عَنِ ابْنِي فَإِنِّي وَجَدْتُهُ مَعَ غِلْمَانٍ قَرِيبًا مِنَ السِّدْرَةِ. وَإِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَزْعُمُونَ أَنَّ ابْنِي هَذَا نَبِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ. وَكَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لا يَأْكُلُ طَعَامًا إِلا قَالَ: عَلَيَّ بِابْنِي. فَيُؤْتَى بِهِ إِلَيْهِ. فَلَمَّا حَضَرَتْ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ الْوَفَاةُ أَوْصَى أَبَا طَالِبٍ بِحِفْظِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحِيَاطَتِهِ. وَلَمَّا نَزَلَ بِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْوَفَاةُ قَالَ لِبَنَاتِهِ: ابْكِينَنِي وَأَنَا أَسْمَعُ.
فَبَكَتْهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِشِعْرٍ. فَلَمَّا سَمِعَ قَوْلَ أُمَيْمَةَ. وَقَدْ أَمْسَكَ لِسَانُهُ. جَعَلَ يُحَرِّكُ رَأْسَهُ أَيْ قَدْ صَدَقْتِ وَقَدْ كُنْتُ كَذَلِكَ. وَهُوَ قَوْلُهَا:
أَعَيْنَيَّ جُودَا بِدَمْعٍ دِرَرْ ... عَلَى طَيِّبِ الْخَيْمِ وَالْمُعْتَصَرْ
عَلَى مَاجِدِ الْجَدِّ وَارِي الزِّنَادِ ... جَمِيلِ الْمُحَيَّا عَظِيمِ الْخَطَرْ
عَلِي شَيْبَةَ الْحَمْدِ ذِي الْمَكْرُمَاتِ ... وَذِي الْمَجْدِ وَالْعِزِّ وَالْمُفْتَخَرْ
وَذِي الْحِلْمِ وَالْفَضْلِ فِي النَّائِبَاتِ ... كَثِيرِ الْمَكَارِمِ جَمِّ الْفَخَرْ
لَهُ فَضْلُ مَجْدٍ عَلَى قَوْمِهِ ... مُبِينٍ يَلُوحُ كَضَوْءِ الْقَمَرِ
أَتَتْهُ الْمَنَايَا فَلَمْ تُشْوِهِ ... بِصَرْفِ اللَّيَالِي وَرَيْبِ الْقَدَرْ
[قَالَ: وَمَاتَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَدُفِنَ بِالْحَجُونِ. وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَنَةً.
وَيُقَالُ: ابْنُ مِائَةٍ وَعَشْرِ سِنِينَ. وسئل رسول الله. ص: أَتَذْكُرُ مَوْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟
قَالَ: نَعَمْ أَنَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَمَانِي سِنِينَ. قَالَتْ أُمُّ أَيْمَنَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ يَبْكِي خَلْفَ سَرِيرِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَاتَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ قَبْلَ الْفِجَارِ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ.(1/95)
ذِكْرُ أَبِي طَالِبٍ وَضَمِّهِ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِ وَخُرُوجِهِ مَعَهُ إِلَى الشَّامِ فِي الْمَرَّةِ الأُولَى
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ.
دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. قَالُوا: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ قَبَضَ أَبُو طَالِبٍ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِ فَكَانَ يَكُونُ مَعَهُ. وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ لا مَالَ لَهُ. وَكَانَ يُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا لا يُحِبُّهُ وَلَدَهُ. وَكَانَ لا يَنَامُ إِلا إِلَى جَنْبِهِ. وَيَخْرُجُ فيخرج معه. وصب بِهِ أَبُو طَالِبٍ صَبَابَةً لَمْ يَصْبُ مِثْلَهَا بِشَيْءٍ قَطُّ. وَكَانَ يَخُصُّهُ بِالطَّعَامِ. وَكَانَ إِذَا أَكَلَ عِيَالُ أَبِي طَالِبٍ جَمِيعًا أَوْ فُرَادَى لَمْ يَشْبَعُوا. وَإِذَا أَكَلَ مَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبِعُوا. فَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُغَذِّيَهُمْ قَالَ: كَمَا أَنْتُمْ حَتَّى يَحْضُرَ ابْنِي. فَيَأْتِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَأْكُلُ مَعَهُمْ فَكَانُوا يُفْضِلُونَ مِنْ طَعَامِهِمْ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ لَمْ يَشْبَعُوا. فَيَقُولُ أَبُو طَالِبٍ: إِنَّكَ لَمُبَارَكٌ! وَكَانَ الصِّبْيَانُ يُصْبِحُونَ رُمْصًا شُعْثًا. وَيُصْبِحُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَهِينًا كَحِيلا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ الْقِبْطِيَّةِ قَالَ: كَانَ أَبُو طَالِبٍ تُوضَعُ لَهُ وِسَادَةٌ بِالْبَطْحَاءِ مَثْنِيَّةً يَتَّكِئُ عَلَيْهَا. فَجَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَسَطَهَا ثُمَّ اسْتَلْقَى عَلَيْهَا. قَالَ: فَجَاءَ أَبُو طَالِبٍ فَأَرَادَ أَنْ يَتَّكِئَ عَلَيْهَا فَسَأَلَ عَنْهَا فَقَالُوا: أَخَذَهَا ابْنُ أَخِيكَ. فَقَالَ: وَحِلِّ الْبَطْحَاءِ إِنَّ ابْنَ أَخِي هَذَا لَيُحْسِنُ بِنَعِيمٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ الْبَصْرِيُّ. أَخْبَرَنَا بن عَوْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ أَبُو طَالِبٍ تُلْقَى لَهُ وِسَادَةٌ يَقْعُدُ عَلَيْهَا. فَجَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ غُلامٌ.
فَقَعَدَ عَلَيْهَا. فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: وَإِلَهِ رَبِيعَةَ إِنَّ ابْنَ أَخِي لَيُحْسِنُ بِنَعِيمٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ: أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ أَوْ أَبَا طَالِبٍ. شَكَّ خَالِدٌ. قَالَ: لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ عَطَفَ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَكَانَ لا يُسَافِرُ سَفَرًا إِلا كَانَ مَعَهُ فِيهِ. وَإِنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ الشَّامِ فَنَزَلَ مَنْزِلَهُ فَأَتَاهُ فِيهِ رَاهِبٌ فَقَالَ: إِنَّ فِيكُمْ رَجُلا صَالِحًا. فَقَالَ: إِنَّ فِينَا مَنْ يَقْرِي الضَّيْفَ وَيَفُكُّ الأَسِيرَ وَيَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ. أَوْ نَحْوًا مِنْ هَذَا. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ فِيكُمْ رَجُلا صَالِحًا. ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ أَبُو هَذَا الْغُلامِ؟ قال: فقال ها أنا ذا وَلِيُّهُ. أَوْ قِيلَ هَذَا(1/96)
وَلِيُّهُ. قَالَ: احْتَفِظْ بِهَذَا الْغُلامِ وَلا تَذْهَبِ بِهِ إِلَى الشَّامِ. إِنَّ الْيَهُودَ حَسَدٌ. وَإِنِّي أَخْشَاهُمْ عَلَيْهِ. قَالَ: مَا أَنْتَ تَقُولُ ذَاكَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَقُولُهُ. فَرَدَّهُ. قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ مُحَمَّدًا! ثُمَّ إِنَّهُ مَاتَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ قالوا: لما بلغ رسول الله.
ص. اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. خَرَجَ بِهِ أَبُو طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ فِي الْعِيرِ الَّتِي خَرَجَ فِيهَا لِلتِّجَارَةِ وَنَزَلُوا بِالرَّاهِبِ بَحِيرَا. فَقَالَ لأَبِي طَالِبٍ فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا قَالَ. وَأَمَرَهُ أَنْ يَحْتَفِظَ بِهِ. فَرَدَّهُ أَبُو طَالِبٍ مَعَهُ إِلَى مَكَّةَ. وَشَبَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَبِي طَالِبٍ يَكْلَؤُهُ اللَّهُ وَيَحْفَظُهُ وَيَحُوطُهُ مِنْ أُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ وَمَعَايِبِهَا. لِمَا يُرِيدُ بِهِ مِنْ كَرَامَتِهِ. وَهُوَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ. حَتَّى بَلَغَ أَنْ كَانَ رَجُلا أَفْضَلَ قَوْمِهِ مُرُوءَةً. وَأَحْسَنَهُمْ خُلُقًا. وَأَكْرَمَهُمْ مُخَالَطَةً.
وَأَحْسَنَهُمْ جِوَارًا. وَأَعْظَمَهُمْ حِلْمًا وأَمَانَةً. وَأَصْدَقَهُمْ حَدِيثًا. وَأَبْعَدَهُمْ مِنَ الْفُحْشِ وَالأَذَى. وَمَا رُئِيَ مُلاحِيًا وَلا مُمَارِيًا أَحَدًا. حَتَّى سَمَّاهُ قَوْمُهُ الأَمِينَ. لِمَا جَمَعَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الأُمُورِ الصَّالِحَةِ فِيهِ. فَلَقَدْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ الأَمِينُ. وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ يَحْفَظُهُ وَيَحُوطُهُ وَيُعَضِّدُهُ وَيَنْصُرُهُ إِلَى أَنْ مَاتَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ اسْمُ أَبِي طَالِبٍ عَبْدُ مَنَافٍ. وَكَانَ لَهُ مِنَ الْوَلَدِ طَالِبُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِهِ. وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ أَخْرَجُوهُ وَسَائِرَ بَنِي هَاشِمٍ إِلَى بَدْرٍ كُرْهًا. فَخَرَجَ طَالِبٌ وَهُوَ يَقُولُ:
اللَّهُمَّ إِمَّا يَغْزُوَنَّ طَالِبْ ... فِي مِقْنَبٍ مِنْ هَذِهِ الْمَقَانِبْ
فَلْيَكُنِ الْمَغْلُوبُ غَيْرَ الْغَالِبْ ... وَلْيَكُنِ الْمَسْلُوبُ غَيْرَ السَّالِبْ
قَالَ: فَلَمَّا انْهَزَمُوا لَمْ يُوجَدْ فِي الأَسْرَى وَلا فِي الْقَتْلَى وَلا رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ وَلا يُدْرَى مَا حَالَهُ وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ. وَعَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَيُكَنَّى أَبَا يَزِيدَ. وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَالِبٍ فِي السِّنِّ عَشْرُ سِنِينَ. وَكَانَ عَالِمًا بِنَسَبِ قُرَيْشٍ. وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَقِيلٍ فِي السِّنِّ عَشْرُ سِنِينَ. وَهُوَ قَدِيمٌ فِي الإِسْلامِ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ.
وَقُتِلَ يَوْمَ مُؤْتَةَ شَهِيدًا. وَهُوَ ذُو الْجَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَ. وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَعْفَرٍ فِي السِّنِّ عَشْرُ سِنِينَ. وَأُمُّ هَانِئِ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ وَاسْمُهَا هِنْدٌ. وَجُمَانَةُ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ. وَرَيْطَةُ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَأَسْمَاءُ(1/97)
بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ. وَأُمُّهُمْ جَمِيعًا فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ.
وَطُلَيْقُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. وَأُمُّهُ عَلَّةُ. وَأَخُوهُ لأُمِّهِ الْحُوَيْرِثُ بْنُ أَبِي ذُبَابِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ الله.
ص. فَوَجَدَ عِنْدَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ وَأَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: يَا عَمِّ قُلْ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ. فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ قَالَ: وَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَيَقُولُ: يَا عَمِّ قُلْ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ. وَيَقُولانِ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ حَتَّى قَالَ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا: أَنَا عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. ثُمَّ مَاتَ. فَقَالَ رسول الله. ص: لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ. فَاسْتَغْفَرَ لَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد مَوْتِهِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: «مَا كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ» التوبة: 113] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ الْعُذْرِيِّ قَالَ: قَالَ أَبُو طَالِبٍ: يَا ابْنَ أَخِي وَاللَّهِ لَوْلا رَهْبَةُ أَنْ تَقُولَ قُرَيْشٌ دَهَرَنِي الْجَزَعُ فَيَكُونَ سُبَّةً عَلَيْكَ وَعَلَى بَنِي أَبِيكَ لَفَعَلْتُ الَّذِي تَقُولُ. وَأَقْرَرْتُ عَيْنَكَ بِهَا. لِمَا أَرَى مِنْ شُكْرِكَ وَوَجْدِكَ بِي وَنَصِيحَتِكَ لِي.
[ثُمَّ إِنَّ أَبَا طَالِبٍ دَعَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا سَمِعْتُمْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَمَا اتَّبَعْتُمْ أَمْرَهُ فَاتَّبِعُوهُ وَأَعِينُوهُ ترشدوا. فقال رسول الله. ص: أَتَأْمُرُهُمْ بِهَا وَتَدَعُهَا لِنَفْسِكَ؟ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: أَمَا لَوْ أَنَّكَ سَأَلْتَنِي الْكَلِمَةَ وَأَنَا صَحِيحٌ لَتَابَعْتُكَ عَلَى الَّذِي تَقُولُ. وَلَكِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُجَزَّعَ عِنْدَ الْمَوْتِ فَتَرَى قُرَيْشٌ أَنِّي أَخَذْتُهَا جَزَعًا وَرَدَدْتُهَا فِي صِحَّتِي] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو ابن دِينَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَوْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَزَلَتْ: «إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ» القصص: 56. فِي أَبِي طَالِبٍ.(1/98)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي الثَّوْرِيُّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: «وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ» الأنعام: 26. قَالَ: نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ يَنْهَى عَنْ أَذَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُؤْذَى وَيَنْأَى أَنْ يَدْخُلَ فِي الإِسْلامِ.
[قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَوْتِ أَبِي طَالِبٍ فَبَكَى ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَاغْسِلْهُ وَكَفِّنْهُ وَوَارِهِ. غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَرَحِمَهُ! قَالَ: فَفَعَلْتُ مَا قَالَ. وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَغْفِرُ لَهُ أَيَّامًا. وَلا يَخْرُجُ من بيته حتى نزل عليه جبريل. ع. بِهَذِهِ الآيَةِ: «مَا كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى» التوبة: 113. قال علي: وأمرني رسول الله.
ص. فَاغْتَسَلْتُ.]
[قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ قَالَ له رسول الله.
ص: رَحِمَكَ اللَّهُ وَغَفَرَ لَكَ لا أَزَالُ أَسْتَغْفِرُ لَكَ حَتَّى يَنْهَانِيَ اللَّهُ. قَالَ: فَأَخَذَ الْمُسْلِمُونَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَوْتَاهُمُ الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ مُشْرِكُونَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: «مَا كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى» التوبة: 113] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ أَبُو نُعَيْمٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ ناجية ابن كَعْبٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ.
يَعْنِي أَبَاهُ. قَالَ: اذْهَبْ فَوَارِهِ وَلا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي. فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ. فَأَمَرَنِي فَاغْتَسَلْتُ. ثُمَّ دَعَا لِي بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي مَا عُرِّضَ بِهِنَّ مِنْ شَيْءٍ] .
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالا:
أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ؟ فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ. قَالَ: نَعَمْ وَهُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ وَلَوْلا ذَلِكَ لَكَانَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ] .
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ تُوُفِّيَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَرِثْهُ جَعْفَرٌ وَلا عَلِيٌّ وَوَرِثَهُ طَالِبٌ وَعَقِيلٌ. وَذَلِكَ بِأَنَّهُ لا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ.(1/99)
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا زَالُوا كَافِّينَ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ أَبُو طَالِبٍ. يَعْنِي قريشا.
عن النبي ص.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: قَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَرْجُو لأَبِي طَالِبٍ؟ قَالَ: كُلُّ الْخَيْرِ أَرْجُو مِنْ رَبِّي] «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ لِلنِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ مِنْ حِينَ نُبِّئَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ بِضْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً.
وَتُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ بَعْدَهُ بِشَهْرٍ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ. وَهِيَ يَوْمَئِذٍ بِنْتُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.
فَاجْتَمَعَتْ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُصِيبَتَانِ: مَوْتُ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ. وَمَوْتُ أَبِي طَالِبٍ عَمِّهِ.
ذِكْرُ رِعْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْغَنَمَ بِمَكَّةَ
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلا قَدْ رَعَى الْغَنَمَ. قَالُوا:
وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَأَنَا] «2» .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ الْمَكِّيُّ قَالا: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ الْقُرَشِيُّ عَنْ جَدِّهِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: مَا بَعَثَ اللَّهُ. عَزَّ وَجَلَّ. نَبِيًّا إِلا رَاعِيَ الْغَنَمِ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَأَنَا رَعَيْتُهَا لأَهْلِ مَكَّةَ بِالْقَرَارِيطِ] «3» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا
__________
(1) انظر الحديث في: [كنز العمال (5871) ، (34444) ] .
(2) انظر الحديث في: [تفسير ابن كثير (5/ 471) ] .
(3)) انظر الحديث في: [صحيح البخاري (3/ 116) ، وفتح الباري (4/ 441) ، وسنن ابن ماجة (2149) ، والسنن الكبرى (6/ 118) ، والبداية والنهاية (2/ 295) ] .(1/100)
مِسْعَرٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: [مَرُّوا عَلَى النبي.
ص. بثمر الأراك. فقال رسول الله. ص: عَلَيْكُمْ بِمَا اسْوَدَّ مِنْهُ فَإِنِّي كُنْتُ أَجْتَنِيهِ إِذْ أَنَا رَاعِي الْغَنَمِ قَالُوا: يَا رَسُولَ الله ورعيتها؟ قال ص: نَعَمْ. وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلا قَدْ رَعَاهَا] «1» .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَجْنِي الْكَبَاثَ فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِالأَسْوَدِ مِنْهُ فَإِنَّهُ أَطْيَبُهُ فَإِنِّي كُنْتُ أَجْنِيهِ إِذْ كُنْتُ أَرْعَى الْغَنَمَ قُلْنَا: وَكُنْتَ تَرْعَى الْغَنَمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ: نَعَمْ. وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلا قَدْ رَعَاهَا] «2» .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ. أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ:
كَانَ بَيْنَ أَصْحَابِ الْغَنَمِ وَبَيْنَ أَصْحَابِ الإِبِلِ تَنَازُعٌ. فَاسْتَطَالَ عَلَيْهِمْ أَصْحَابُ الإِبِلِ.
قَالَ: فَبَلَغَنَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: بعث موسى. ع. وهو راعي غنم وبعث داود. ع. وَهُوَ رَاعِي غَنَمٍ. وَبُعِثْتُ وَأَنَا أَرْعَى غَنَمَ أَهْلِي بِأَجْيَادٍ] «3» .
ذِكْرُ حُضُورِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرْبَ الْفِجَارِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ. حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ الأَخْنَسِيِّ قَالَ: وَغَيْرَ هَؤُلاءِ أَيْضًا قَدْ حَدَّثَنِي بِبَعْضِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالُوا: كَانَ سَبَبُ حَرْبِ الْفِجَارِ أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ بَعَثَ بَلْطِيمَةً لَهُ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ لِلتِّجَارَةِ وَأَجَارَهَا لَهُ الرَّحَّالُ عُرْوَةُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ جَابِرِ بْنِ كِلابٍ. فَنَزَلُوا عَلَى مَاءٍ يُقَالُ لَهُ أُوَارَةُ. فوثب
__________
(1) انظر الحديث في: [دلائل النبوة (1/ 55) ، وحلية الأولياء (7/ 239) ] .
(2) انظر الحديث في: [صحيح البخاري (4/ 191) ، (7/ 0104، وصحيح مسلم، الأشربة (163) ، ومسند أحمد بن حنبل (3/ 326) ، ومجمع الزوائد (8/ 229) ، وفتح الباري (9/ 576) ] .
(3) انظر الحديث في: [فتح الباري (4/ 441) ، وابن المبارك (415) ، والكنى والأسماء للدولابي (1/ 92) ] .(1/101)
الْبَرَّاضُ بْنُ قَيْسٍ أَحَدُ بَنِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ. وَكَانَ خَلِيعًا. عَلَى عُرْوَةَ فَقَتَلَهُ وَهَرَبَ إِلَى خَيْبَرَ فَاسْتَخْفَى بِهَا. ولقي بشر بن خَازِمٍ الأَسَدِيَّ الشَّاعِرَ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ وَأَمَرَهُ أَنْ يُعْلِمَ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُدْعَانَ. وَهِشَامَ بْنَ الْمُغِيرَةِ. وَحَرْبَ بْنَ أُمَيَّةَ. وَنَوْفَلَ بْنَ مُعَاوِيَةَ الدِّيلِيَّ. وَبَلْعَاءَ بْنَ قَيْسٍ. فَوَافَى عُكَاظًا فَأَخْبَرَهُمْ فَخَرَجُوا مُوائِلِينَ مُنْكَشِفِينَ إِلَى الْحَرَمِ. وَبَلَغَ قَيْسًا الْخَبَرُ آخِرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ. فَقَالَ أَبُو بَرَاءٍ: مَا كُنَّا مِنْ قُرَيْشٍ إِلا فِي خَدْعَةٍ. فَخَرَجُوا فِي آثَارِهِمْ فَأَدْرَكُوهُمْ وَقَدْ دَخَلُوا الْحَرَمَ. فَنَادَاهُمْ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ يُقَالُ لَهُ الأَدْرَمُ بْنُ شُعَيْبٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَنَّ مِيعَادَ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ هَذِهِ اللَّيَالِي مِنْ قَابِلٍ.
وَإِنَّا لا نَأْتَلِي فِي جَمْعٍ. وَقَالَ:
لَقَدْ وَعَدْنَا قُرَيْشًا وَهْيَ كَارِهَةٌ ... بِأَنْ تَجِيءَ إِلَى ضَرْبٍ رَعَابِيلِ
قَالَ: وَلَمْ تَقُمْ تِلْكَ السَّنَةَ سُوقُ عُكَاظٍ. قَالَ: فَمَكَثَتْ قُرَيْشٌ وَغَيْرُهَا مِنْ كِنَانَةَ وَأَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ وَمَنْ لَحِقَ بِهِمْ مِنَ الأَحَابِيشِ. وَهُمُ: الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ وَعَضَلٌ وَالْقَارَةُ وَدِيشٌ وَالْمُصْطَلِقُ مِنْ خُزَاعَةَ لِحَلِفِهِمْ بِالْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ. سَنَةً يَتَأَهَّبُونَ لِهَذِهِ الْحَرْبِ. وَتَأَهَّبَتْ قَيْسُ عَيْلانَ. ثُمَّ حَضَرُوا مِنْ قَابِلٍ وَرُؤَسَاءُ قُرَيْشٍ عَبْدُ الله بن جدعان. وهشام بن المغيرة. وحرب بْنُ أُمَيَّةَ. وَأَبُو أُحَيْحَةَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ. وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ. وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ. وَمَعْمَرُ بْنُ حَبِيبٍ الْجُمَحِيُّ. وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ. وَخَرَجُوا مُتَسَانِدِينَ. وَيُقَالُ: بَلْ أَمْرُهُمْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ. وَكَانَ فِي قَيْسٍ أَبُو بَرَاءٍ عَامِرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرٍ. وَسُبَيْعُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ النَّصْرِيُّ. وَدُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ. وَمَسْعُودُ بْنُ مُعَتِّبٍ الثَّقَفِيُّ. وَأَبُو عُرْوَةَ بْنُ مَسْعُودٍ. وَعَوْفُ بْنُ أَبِي حَارِثَةَ الْمُرِّيُّ. وَعَبَّاسُ بْنُ رِعْلٍ السُّلَمِيُّ. فَهَؤُلاءِ الرُّؤَسَاءُ وَالْقَادَةُ. وَيُقَالُ: بَلْ كَانَ أَمْرُهُمْ جَمِيعًا إِلَى أَبِي بَرَاءٍ. وَكَانَتِ الرَّايَةُ بِيَدِهِ وَهُوَ سَوَّى صُفُوفَهُمْ. فَالْتَقَوْا فَكَانَتِ الدَّبْرَةُ أَوَّلَ النَّهَارِ لِقَيْسٍ عَلَى قُرَيْشٍ وَكِنَانَةَ وَمَنْ ضُوِيَ إِلَيْهِمْ.
ثُمَّ صَارَتِ الدَّبْرَةُ آخِرَ النَّهَارِ لِقُرَيْشٍ وَكِنَانَةَ عَلَى قَيْسٍ فَقَتَلُوهُمْ قَتْلا ذَرِيعًا. حَتَّى نَادَى عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ يَوْمَئِذٍ. وَإِنَّهُ لَشَابٌّ مَا كَمَلَتْ لَهُ ثَلاثُونَ سَنَةً. إِلَى الصُّلْحِ. فَاصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ عَدُّوا الْقَتْلَى وَوَدَتْ قُرَيْشٌ لِقَيْسٍ مَا قَتَلَتْ فَضْلا عَنْ قَتْلاهُمْ. وَوَضَعَتِ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا. فَانْصَرَفَتْ قُرَيْشٌ وَقَيْسٌ. [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَكَرَ الْفِجَارَ فَقَالَ: قَدْ حَضَرْتُهُ مَعَ عُمُومَتِي وَرَمَيْتُ فِيهِ بَأْسَهُمٍ وَمَا أُحِبُّ أَنِّي لَمْ أَكُنْ فَعَلْتُ] . فَكَانَ يَوْمَ حَضَرَ ابْنَ عِشْرِينَ سَنَةً. وَكَانَ الْفِجَارُ بَعْدَ الْفِيلِ بعشرين سنة.(1/102)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْفِجَارِ وَقَدْ حَضَرَهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَالَتِ الْعَرَبُ فِي الْفِجَارِ أَشْعَارًا كَثِيرَةً.
ذِكْرُ حُضُورِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِلْفَ الْفُضُولِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ يَقُولُ: كَانَ حِلْفُ الْفُضُولِ مُنْصَرِفَ قُرَيْشٍ مِنَ الْفِجَارِ. وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً.
قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَأَخْبَرَنِي غَيْرُ الضَّحَّاكِ قَالَ: كَانَ الْفِجَارُ فِي شَوَّالٍ وَهَذَا الْحِلْفُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ. وَكَانَ أَشْرَفَ حِلْفٍ كَانَ قَطُّ. وَأَوَّلُ مَنْ دَعَا إِلَيْهِ الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَاجْتَمَعَتْ بَنُو هَاشِمٍ وَزُهْرَةُ وَتَيْمُ فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ. فَصَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا فَتَعَاقَدُوا وَتَعَاهَدُوا بِاللَّهِ الْقَائِلِ: لَنَكُونَنَّ مَعَ الْمَظْلُومِ حَتَّى يُؤَدَّى إِلَيْهِ حَقُّهُ مَا بَلَّ بَحْرٌ صُوفَةً. وَفِي التَّآسِي فِي الْمَعَاشِ. فَسَمَّتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ الْحِلْفَ حِلْفَ الْفُضُولِ.
[قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِحِلْفٍ حَضَرْتُهُ بِدَارِ ابْنِ جُدْعَانَ حُمْرَ النَّعَمِ وَأَنِّي أَغْدِرُ بِهِ. هَاشِمٌ وَزُهْرَةُ وَتَيْمٌ تَحَالَفُوا أَنْ يَكُونُوا مَعَ الْمَظْلُومِ مَا بَلَّ بَحْرٌ صُوفَةً وَلَوْ دُعِيتُ بِهِ لأَجَبْتُ وَهُوَ حِلْفُ الْفُضُولِ] .
قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَلا نَعْلَمُ أَحَدًا سَبَقَ بَنِي هَاشِمٍ بِهَذَا الْحِلْفِ.
ذِكْرُ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الشَّأمِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ شَيْبَةَ عَنْ عَمِيرَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أُمِّ سَعْدٍ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ نَفِيسَةَ بِنْتِ مُنْيَةَ أُخْتِ يَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ قَالَتْ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً قَالَ لَهُ أَبُو طَالِبٍ: أَنَا رَجُلٌ لا مَالَ لِي وَقَدِ اشْتَدَّ الزَّمَانُ عَلَيْنَا. وَهَذِهِ عِيرُ قَوْمِكَ وَقَدْ حَضَرَ خُرُوجُهَا(1/103)
إِلَى الشَّامِ وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ تَبْعَثُ رِجَالا مِنْ قَوْمِكَ فِي عِيرَاتِهَا. فَلَوْ جِئْتَهَا فَعَرَضْتَ نَفْسَكَ عَلَيْهَا لأَسْرَعَتْ إِلَيْكَ. وَبَلَغَ خَدِيجَةَ مَا كَانَ مِنْ مُحَاوَرَةِ عَمِّهِ لَهُ. فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَقَالَتْ لَهُ: أَنَا أُعْطِيكَ ضِعْفَ مَا أُعْطِي رَجُلا مِنْ قَوْمِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ. حَدَّثَنِي أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ: قَالَ أَبُو طَالِبٍ: يَا ابْنَ أَخِي قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ خَدِيجَةَ اسْتَأْجَرَتْ فُلانًا بِبَكْرَيْنِ وَلَسْنَا نَرْضَى لَكَ بِمِثْلِ مَا أَعْطَتْهُ. فَهَلْ لَكَ أَنْ تُكَلِّمَهَا؟ قَالَ: مَا أَحْبَبْتَ! فَخَرَجَ إِلَيْهَا فَقَالَ: هَلْ لَكِ يَا خَدِيجَةُ أَنْ تَسْتَأْجِرِي مُحَمَّدًا؟ فَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّكِ اسْتَأْجَرْتِ فُلانًا بِبَكْرَيْنِ. وَلَسْنَا نَرْضَى لِمُحَمَّدٍ دُونَ أَرْبَعِ بِكَارٍ. قَالَ: فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: لَوْ سَأَلْتَ ذَاكَ لِبَعِيدٍ بَغِيضٍ فَعَلْنَا. فَكَيْفَ وَقَدْ سَأَلْتَ لِحَبِيبٍ قَرِيبٍ؟
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ شَيْبَةَ عَنْ عَمِيرَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أُمِّ سَعْدِ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ نَفِيسَةَ بِنْتِ مُنْيَةَ قَالَتْ: قَالَ أَبُو طَالِبٍ: هَذَا رِزْقٌ قَدْ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ. فَخَرَجَ مَعَ غُلامِهَا مَيْسَرَةَ وَجَعَلَ عُمُومَتُهُ يُوصُونَ بِهِ أَهْلَ الْعِيرِ حَتَّى قَدِمَا بُصْرَى مِنَ الشَّامِ. فَنَزَلا فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ. فَقَالَ نُسْطُورٌ الرَّاهِبُ: مَا نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي. ثُمَّ قَالَ لِمَيْسَرَةَ: أَفِي عَيْنَيْهِ حُمْرَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ لا تُفَارِقُهُ. قَالَ: هُوَ نَبِيُّ وَهُوَ آخِرُ الأَنْبِيَاءِ. ثُمَّ بَاعَ سِلْعَتَهُ فَوَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ تَلاحٍ فَقَالَ لَهُ: احْلِفْ بِاللاتِ والعزى.
[فقال رسول الله. ص: مَا حَلَفْتُ بِهِمَا قَطُّ وَإِنِّي لأَمُرُّ فَأُعْرِضُ عَنْهُمَا] . فَقَالَ الرَّجُلُ:
الْقَوْلُ قَوْلُكَ. ثُمَّ قَالَ لِمَيْسَرَةَ: هَذَا وَاللَّهِ نَبِيٌّ تَجِدُهُ أَحْبَارُنَا مَنْعُوتًا فِي كُتُبِهِمْ. وَكَانَ مَيْسَرَةُ إِذَا كَانَتِ الْهَاجِرَةُ وَاشْتَدَّ الْحَرُّ يَرَى مَلَكَيْنِ يُظِلانِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الشَّمْسِ. فَوَعَى ذَلِكَ كُلَّهُ مَيْسَرَةُ. وَكَانَ اللَّهُ قَدْ أَلْقَى عَلَيْهِ الْمَحَبَّةَ مِنْ مَيْسَرَةَ. فَكَانَ كَأَنَّهُ عَبْدٌ لَهُ. وَبَاعُوا تِجَارَتَهُمْ وَرَبِحُوا ضِعْفَ مَا كَانُوا يَرْبَحُونَ. فَلَمَّا رَجَعُوا فَكَانُوا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ قَالَ مَيْسَرَةُ: يَا مُحَمَّدُ انْطَلِقْ إِلَى خَدِيجَةَ فَأَخْبِرْهَا بِمَا صَنَعَ اللَّهُ لَهَا عَلَى وَجْهِكَ. فَإِنَّهَا تَعْرِفُ لَكَ ذَلِكَ. فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى دَخَلَ مَكَّةَ فِي سَاعَةِ الظَّهِيرَةِ وَخَدِيجَةُ فِي عُلَيَّةٍ لَهَا فَرَأَتْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عَلَى بَعِيرِهِ وَمَلَكَانِ يُظِلانِ عَلَيْهِ. فَأَرَتْهُ نِسَاءَهَا فَعَجَبْنَ لِذَلِكَ. وَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَبَّرَهَا بِمَا رَبِحُوا فِي وَجْهِهِمْ. فَسُرَّتْ بِذَلِكَ. فَلَمَّا دَخَلَ مَيْسَرَةُ عَلَيْهَا أَخْبَرَتْهُ بِمَا رَأَتْ. فَقَالَ مَيْسَرَةُ: قَدْ رَأَيْتُ هَذَا مُنْذُ خَرَجْنَا مِنَ الشَّامِ. وَأَخْبَرَهَا بِمَا قَالَ الرَّاهِبُ نُسْطُورٌ وَبِمَا قَالَ الآخَرُ(1/104)
الَّذِي خَالَفَهُ فِي الْبَيْعِ. وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتِجَارَتِهَا فَرَبِحَتْ ضِعْفَ مَا كَانَتْ تَرْبَحُ. وَأَضْعَفَتْ لَهُ ضِعْفَ مَا سَمَّتْ لَهُ.
ذِكْرُ تَزْوِيجِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ
قَالَ: أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ شَيْبَةَ عَنْ عَمِيرَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أُمِّ سَعْدِ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ نَفِيسَةَ بِنْتِ مُنْيَةَ قَالَتْ: كَانَتْ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ امْرَأَةً حَازِمَةً.
جَلْدَةً. شَرِيفَةً. مَعَ مَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَا مِنَ الْكَرَامَةِ وَالْخَيْرِ. وَهِيَ يَوْمَئِذٍ أَوْسَطُ قُرَيْشٍ نَسَبًا.
وَأَعْظَمُهُمْ شَرَفًا. وَأَكْثَرُهُمْ مَالا. وَكُلُّ قَوْمِهَا كَانَ حَرِيصًا عَلَى نِكَاحِهَا لَوْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ. قَدْ طَلَبُوهَا وَبَذَلُوا لَهَا الأَمْوَالَ. فَأَرْسَلَتْنِي دَسِيسًا إِلَى مُحَمَّدٍ بَعْدَ أَنْ رَجَعَ فِي عِيرِهَا مِنَ الشَّامِ. فَقُلْتُ: [يَا مُحَمَّدُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزَوَّجَ؟ فَقَالَ: مَا بِيَدِي مَا أَتَزَوَّجُ بِهِ. قُلْتُ:
فَإِنْ كُفِيتَ ذَلِكَ وَدُعِيتَ إِلَى الْجَمَالِ وَالْمَالِ وَالشَّرَفِ وَالْكَفَاءَةِ أَلا تُجِيبُ؟ قَالَ: فَمَنْ هِيَ؟ قُلْتُ: خَدِيجَةُ. قَالَ: وَكَيْفَ لِي بِذَلِكَ؟ قَالَتْ قُلْتُ: عَلَيَّ. قَالَ: فَأَنَا أَفْعَلُ. فَذَهَبْتُ فَأَخْبَرْتُهَا. فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أَنِ ائْتِ لَسَاعَةِ كَذَا وَكَذَا. وَأَرْسَلَتْ إِلَى عَمِّهَا عَمْرِو بْنِ أَسَدٍ لِيُزَوِّجَهَا. فَحَضَرَ وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عُمُومَتِهِ. فَزَوَّجَهُ أَحَدُهُمْ. فَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَسَدٍ: هَذَا الْبِضْعُ لا يُقْرَعُ أَنْفُهُ. وَتَزَوَّجَهَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وهو ابْنُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً. وَخَدِيجَةُ يَوْمَئِذٍ بِنْتُ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وُلِدَتْ قَبْلَ الْفِيلِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَعَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالُوا: إِنَّ عَمَّهَا عَمْرَو بْنَ أَسَدٍ زَوَّجَهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّ أَبَاهَا مَاتَ قَبْلَ الْفِجَارِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: زَوَّجَ عَمْرُو بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَوْمَئِذٍ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَمْ يَبْقَ لأَسَدٍ لِصُلْبِهِ يَوْمَئِذٍ غَيْرُهُ. وَلَمْ يَلِدْ عَمْرُو بْنُ أَسَدٍ شَيْئًا.(1/105)
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشِ بْنِ عَجْلانَ. أَخْبَرَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبِي يَذْكُرُ أَنَّ أَبَا مِجْلَزٍ حَدَّثَ أَنَّ خَدِيجَةَ قَالَتْ لأُخْتِهَا: انْطَلِقِي إِلَى مُحَمَّدٍ فَاذْكُرِينِي لَهُ. أَوْ كَمَا قَالَتْ. وَإِنَّ أُخْتَهَا جَاءَتْ فَأَجَابَهَا بما شاء الله. وأنهم تواطؤوا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ أَبَا خَدِيجَةَ سُقِيَ مِنَ الْخَمْرِ حَتَّى أَخَذَتْ فِيهِ.
ثُمَّ دَعَا مُحَمَّدًا فَزَوَّجَهُ. قَالَ: وَسُنَّتْ عَلَى الشَّيْخِ حُلَّةٌ. فَلَمَّا صَحَا قَالَ: مَا هَذِهِ الْحُلَّةُ؟ قَالُوا: كَسَاكَهَا خَتَنُكَ مُحَمَّدٌ. فَغَضِبَ وَأَخَذَ السِّلاحَ وَأَخَذَ بَنُو هَاشِمٍ السِّلاحَ وَقَالُوا: مَا كَانَتْ لَنَا فِيكُمْ رَغْبَةٌ. ثُمَّ أَنَّهُمُ اصْطَلَحُوا بَعْدَ ذَلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بِغَيْرِ هَذَا الإِسْنَادِ أَنَّ خَدِيجَةَ سَقَتْ أَبَاهَا الْخَمْرَ حَتَّى ثَمِلَ. وَنَحَرَتْ بَقَرَةً. وَخَلَّقَتْهُ بِخَلُوقٍ. وَأَلْبَسَتْهُ حُلَّةً حِبَرَةً. فَلَمَّا صَحَا قَالَ: مَا هَذَا الْعَقِيرُ؟ وَمَا هَذَا الْعَبِيرُ؟ وَمَا هَذَا الْحَبِيرُ؟ قَالَتْ: زَوَّجْتَنِي مُحَمَّدًا. قَالَ: مَا فَعَلْتُ! أَنَا أَفْعَلُ هَذَا وَقَدْ خَطَبَكِ أَكَابِرُ قُرَيْشٍ فَلِمَ أَفْعَلُ؟
قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَنَا غَلَطٌ وَوَهْلٌ. وَالثَّبْتُ عِنْدَنَا الْمَحْفُوظُ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ أَبَاهَا خُوَيْلِدَ بْنَ أَسَدٍ مَاتَ قَبْلَ الْفِجَارِ. وَأَنَّ عَمَّهَا عَمْرَو بْنَ أَسَدٍ زَوَّجَهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ذِكْرُ أَوْلادِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَسْمِيَتِهِمْ
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ أَوَّلُ مَنْ وُلِدَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ الْقَاسِمُ. وَبِهِ كَانَ يُكَنَّى. ثُمَّ وُلِدَ لَهُ زَيْنَبُ. ثُمَّ رُقَيَّةُ. ثُمَّ فَاطِمَةُ. ثُمَّ أُمُّ كُلْثُومٍ. ثُمَّ وُلِدَ لَهُ فِي الإِسْلامِ عَبْدُ اللَّهِ فَسُمِّيَ الطَّيِّبَ. وَالطَّاهِرَ. وَأُمُّهُمْ جَمِيعًا خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ. وَأُمُّهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ زَائِدَةَ بْنِ الأَصَمِّ بْنِ هَرِمِ بْنِ رَوَاحَةَ بْنِ حُجْرِ بْنِ عَبْدِ بْنِ مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ مَاتَ مِنْ وَلَدِهِ الْقَاسِمُ. ثُمَّ مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بِمَكَّةَ. فَقَالَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ: قَدِ انْقَطَعَ وَلَدُهُ فَهُوَ أَبْتَرُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ. تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ» الكوثر: 3.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عمرو بن سلمة الهذلي بن سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قال: مات القاسم وهو ابن سنتين.(1/106)
قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَتْ سَلْمَى مَوْلاةُ صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ تُقَبِّلُ خَدِيجَةَ فِي وِلادِهَا. وَكَانَتْ تَعِقُّ عَنْ كُلِّ غُلامٍ بِشَاتَيْنِ. وَعَنِ الْجَارِيَةِ بِشَاةٍ. وَكَانَ بَيْنَ كُلِّ وَلَدَيْنِ لَهَا سَنَةٌ. وَكَانَتْ تَسْتَرْضِعُ لَهُمْ وَتُعِدُّ ذَلِكَ قَبْلَ ولادها.
ذكر إبراهيم بن رَسُولِ اللَّهِ. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ بَعَثَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُقَوْقِسِ الْقِبْطِيِّ صَاحِبِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَكَتَبَ مَعَهُ إِلَيْهِ كِتَابًا يَدْعُوهُ فِيهِ إِلَى الإِسْلامِ. فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ قَالَ خَيْرًا. وَأَخَذَ الْكِتَابَ. فَكَانَ مَخْتُومًا. فَجَعَلَهُ فِي حُقٍّ مِنْ عَاجٍ. وَخَتَمَ عَلَيْهِ. وَدَفَعَهُ إِلَى جَارِيَةٍ لَهُ. وَكَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَوَابَ كِتَابِهِ. وَلَمْ يُسْلِمْ. وَأَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةَ وَأُخْتَهَا سِيرِينَ وَحِمَارَهُ يَعْفُورَ وَبَغْلَتَهُ دُلْدُلَ وَكَانَتْ بَيْضَاءَ. وَلَمْ يَكُ فِي الْعَرَبِ يَوْمَئِذٍ غَيْرُهَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَعِيدٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ: كَانَتْ مَارِيَةُ مِنْ حَفْنٍ مِنْ كُورَةِ أَنْصِنَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بن عمر. أخبرنا يعقوب بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْجَبُ بِمَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ.
وَكَانَتْ بَيْضَاءَ جَعْدَةً جَمِيلَةً. فَأَنْزَلَهَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأختها عَلَى أُمِّ سُلَيْمِ بِنْتِ مِلْحَانَ فَدَخَلَ عَلَيْهِمَا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعرض عليهما الإسلام فأسلمتا.
فوطئ مَارِيَةَ بِالْمِلْكِ. وَحَوَّلَهَا إِلَى مَالٍ لَهُ بِالْعَالِيَةِ. كَانَ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ. فَكَانَتْ فِيهِ فِي الصَّيْفِ وَفِي خُرَافَةِ النَّخْلِ. فَكَانَ يَأْتِيهَا هُنَاكَ. وَكَانَتْ حَسَنَةَ الدِّينِ. وَوَهَبَ أُخْتَهَا سِيرِينَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ الشَّاعِرِ. فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ.
وَوَلَدَتْ مَارِيَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غُلامًا فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمُ. وَعَقَّ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِشَاةٍ يَوْمَ سَابِعِهِ. وَحَلَقَ رَأْسَهُ فَتَصَدَّقَ بِزِنَةِ شَعْرِهِ فِضَّةً عَلَى الْمَسَاكِينِ. وَأَمَرَ بِشَعَرِهِ فَدُفِنَ فِي الأَرْضِ. وَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ. وَكَانَتْ قَابِلَتُهَا سَلْمَى مَوْلاةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَجَتْ إِلَى زَوْجِهَا أَبِي رَافِعٍ فَأَخْبَرَتْهُ بِأَنَّهَا قَدْ وَلَدَتْ غُلامًا. فَجَاءَ أَبُو رَافِعٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَشَّرَهُ. فَوَهَبَ لَهُ عَبْدًا. وَغَارَ نِسَاءُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاشْتَدَّ عَلَيْهِنَّ حِينَ رُزِقَ مِنْهَا الولد.(1/107)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَبَ مَارِيَةَ وَكَانَتْ قد ثقلت على نساء النبي.
ص. وَغِرْنَ عَلَيْهَا وَلا مِثْلَ عَائِشَةَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَوَلَدَتْهُ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا وُلِدَ إِبْرَاهِيمُ جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا إِبْرَاهِيمَ!] . [قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَصْبَحَ فَقَالَ: إِنَّهُ وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غُلامٌ وَإِنِّي سَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ. أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنِ الحسن قال: قال رسول الله. ص: إِنَّهُ وُلِدَ لِي الْبَارِحَةَ غُلامٌ فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لَمَّا وَلَدَتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ إِبْرَاهِيمَ: أَعْتَقَ أُمَّ إِبْرَاهِيمَ وَلَدُهَا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ قَالَ: لَمَّا وُلِدَ إِبْرَاهِيمُ تَنَافَسَتْ فِيهِ نِسَاءُ الأَنْصَارِ أَيَّتُهُنَّ تُرْضِعُهُ. فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أُمِّ بُرْدَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ بْنِ زَيْدِ بْنِ لَبِيدِ بْنِ خِدَاشِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ. وَزَوْجُهَا الْبَرَاءُ بْنُ أَوْسِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْجَعْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ مَبْذُولِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ. فَكَانَتْ تُرْضِعُهُ وَكَانَ يَكُونُ عِنْدَ أَبَوَيْهِ فِي بَنِي النَّجَّارِ وَيَأْتِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّ بُرْدَةَ فَيَقِيلُ عِنْدَهَا وَيُؤْتَى بِإِبْرَاهِيمَ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ.
أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غُلامٌ فَسَمَّيْتُهُ بِأَبِي إِبْرَاهِيمَ] . قَالَ: ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى أُمِّ سَيْفٍ امْرَأَةِ قَيْنٍ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ أَبُو سَيْفٍ. فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَبِعْتُهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى أَبِي سَيْفٍ وَهُوَ يَنْفُخُ بِكِيرِهِ. وَقَدِ امْتَلأَ الْبَيْتُ(1/108)
دُخَانًا. فَأَسْرَعْتُ فِي الْمَشْيِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي سَيْفٍ.
فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَيْفٍ أَمْسِكْ. جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمْسَكَ. وَدَعَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِالصَّبِيِّ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بن إبراهيم الأسدي بن عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كَانَ إِبْرَاهِيمُ مُسْتَرْضَعًا لَهُ فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ. فَكَانَ يَأْتِيهِ ونَجِيءُ مَعَهُ. فَيَدْخُلُ الْبَيْتَ وَإِنَّهُ لَيُدَخِّنُ. قَالَ: وَكَانَ ظِئْرُهُ قَيْنًا فَيَأْخُذُهُ فَيُقَبِّلُهُ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا وُلِدَ إِبْرَاهِيمُ جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيَّ فَقَالَ: انْظُرِي إِلَى شَبَهِهِ بِي. فَقُلْتُ: مَا أَرَى شبها! فقال رسول الله. ص: أَلا تَرَيْنَ إِلَى بَيَاضِهِ وَلَحْمِهِ؟ فَقُلْتُ: إِنَّهُ مَنْ قُصِرَ عَلَيْهِ اللِّقَاحُ ابْيَضَّ وَسَمِنَ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ. عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ. مِثْلَهُ إِلا أَنَّهُ قَالَ: قَالَتْ مَنْ سُقِيَ أَلْبَانَ الضَّأْنِ سَمِنَ وَابْيَضَّ] .
قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِطْعَةُ غَنَمٍ تَرُوحُ عَلَيْهِ وَلَبَنُ لِقَاحٍ لَهُ فَكَانَ جِسْمُهُ وَجِسْمُ أُمِّهِ مَارِيَةَ حَسَنًا.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ. دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ. فَلَمَّا مَاتَ دَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الَّذِي تَنْهَى النَّاسَ عَنْهُ! مَتَى يَرَكَ الْمُسْلِمُونَ تَبْكِي يَبْكُوا. قَالَ: فَلَمَّا شُرِيَتْ عَنْهُ عَبْرَتُهُ. قَالَ:
إِنَّمَا هَذَا رُحْمٌ وَإِنَّ مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ. إِنَّمَا نَنْهَى النَّاسَ عَنِ النِّيَاحَةِ وَأَنْ يُنْدَبَ الرَّجُلُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ. ثُمَّ قَالَ: لَوْلا أَنَّهُ وَعْدٌ جَامِعٌ وَسَبِيلٌ مِئْتَاءٌ وَأَنَّ آخِرَنَا لاحِقٌ بِأَوَّلِنَا لَوَجِدْنَا عَلَيْهِ وَجْدًا غَيْرَ هَذَا وَإِنَّا عَلَيْهِ لَمَحْزُونُونَ تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ ولا نقول ما
__________
(1) انظر الحديث في: [صحيح مسلم، الفضائل (62) ، وصحيح البخاري (7/ 108) ، وسنن أبي داود (3126) ، ومسند أحمد بن حنبل (3/ 194) ، والسنن الكبرى (4/ 69) ، ومصنف عبد الرزاق (7983) ، (7984) ، ودلائل النبوة (5/ 430) ، وفتح الباري (9/ 589) ] .(1/109)
يُسْخِطُ الرَّبَّ وَفَضْلُ رَضَاعِهِ فِي الْجَنَّةِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ وَالنَّضْرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو الْمُغِيرَةِ قَالا:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: [أَخَذَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِي فَانْطَلَقَ بِي إِلَى النَّخْلِ الَّذِي فِيهِ إِبْرَاهِيمُ. فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ. فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ. فَقُلْتُ لَهُ:
أَتَبْكِي يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَوَلَمْ تَنْهَ عَنِ الْبُكَاءِ؟ قَالَ: إِنَّمَا نَهَيْتُ عَنِ النَّوْحِ عَنْ صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ. صَوْتٌ عِنْدَ نِعْمَةٍ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَمَزَامِيرُ شَيْطَانٍ. وَصَوْتٌ عِنْدَ مُصِيبَةٍ خَمْشُ وُجُوهٍ وَشَقُّ جُيُوبٍ وَرَنَّةُ شَيْطَانٍ. قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرِ فِي حَدِيثِهِ: إِنَّمَا هَذَا رَحْمَةٌ وَمَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ. يَا إِبْرَاهِيمُ لَوْلا أَنَّهُ أَمْرٌ حَقٌّ وَوَعْدٌ صَادِقٌ وَأَنَّهَا سَبِيلٌ مَأْتِيَّةٌ وَأَنَّ أُخْرَانَا سَتَلْحَقُ أُولانَا لَحَزَنَّا عَلَيْكَ حُزْنًا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا وَإِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بن دكين. أخبرنا محمد بن راشد عن محكول أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ فِي السُّوقِ فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ وَمَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ. فَقَالَ: أَتَبْكِي وَقَدْ نَهَيْتَ عَنِ الْبُكَاءِ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا نَهَيْتُ عَنِ النِّيَاحَةِ وَأَنْ يُنْدَبَ الْمَيِّتُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ وَإِنَّمَا هَذِهِ رَحْمَةٌ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِنَّ الْقَلْبَ سَيَحْزُنُ وَإِنَّ الْعَيْنَ سَتَدْمَعُ وَلَنْ نَقُولَ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ. وَلَوْلا أَنَّهُ وَعْدٌ صَادِقٌ وَيَوْمٌ جَامِعٌ لاشْتَدَّ وَجْدُنَا عَلَيْكَ وَإِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ!] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بن داود. أخبرنا ابن لهيعة عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَكَى عَلَى إِبْرَاهِيمَ ابْنِهِ. فَصَرَخَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَنَهَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَقَالَ: رَأَيْتُكَ تبكي. فقال رسول الله. ص: الْبُكَاءُ مِنَ الرَّحْمَةِ وَالصُّرَاخُ مِنَ الشَّيْطَانِ] «1» .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ. أَخْبَرَنَا الأَجْلَحُ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ قَالَ رسول الله. ص: لَوْلا أَنَّهُ أَجَلٌ مَعْدُودٌ وَوَقْتٌ مَعْلُومٌ لَجَزِعْنَا عليك أشد
__________
(1) انظر الحديث في: [كنز العمال (42415) ] .(1/110)
مِمَّا جَزِعْنَا. الْعَيْنُ تَدْمَعُ وَالْقَلْبُ يَحْزَنُ وَلا نَقُولُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِلا مَا يُرْضِي الرَّبَّ وَإِنَّا عَلَيْكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ!] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا أَبَانُ. أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ ابْنَ نَبِيِّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُوُفِّيَ فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ: إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ وَلا نَقُولُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِلا خَيْرًا. وَإِنَّا عَلَيْكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ! وَقَالَ: تَمَامُ رَضَاعِهِ فِي الْجَنَّةِ] «1» .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ قَالَ:
لما توفي إبراهيم قال رسول الله. ص: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ ابْنِي وَإِنَّهُ مَاتَ فِي الثَّدْيِ وَإِنَّ لَهُ لَظِئْرَيْنِ تُكْمِلانِ رَضَاعَهُ فِي الْجَنَّةِ] «2» .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ رسول الله. ص: إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ تَسْتَكْمِلُ لَهُ بَقِيَّةَ رَضَاعِهِ] «3» .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَهِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ ثَابِتٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: أَمَا إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ] «4» .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ. أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ يَكِيدُ بِنَفْسِهِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فَدَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فقال رسول الله. ص: تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلا نَقُولُ إِلا مَا يُرْضِي رَبَّنَا. وَاللَّهِ يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّا بك لمحزونون] «5» !.
__________
(1) انظر الحديث في: [صحيح البخاري (2/ 105) ، وشرح السنة (5/ 429) ، ومشكاة المصابيح (1722) ] .
(2) انظر الحديث في: [صحيح مسلم، الفضائل (63) ، ومسند أحمد (3/ 112) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (1/ 295) ، والبداية والنهاية (5/ 310) ] .
(3) انظر الحديث في: [مسند أحمد بن حنبل (4/ 300، 302) ، والمستدرك (4/ 38) ، ودلائل النبوة (5/ 431) ، (7/ 289) ، وفتح الباري (10/ 577، 579) ، والبعث والنشور للبيهقي (230) ، ومصنف ابن أبي شيبة (3/ 379) ، 13/ 74) ] .
(4) انظر الحديث في: [مصنف ابن أبي شيبة (3/ 379) ] .
(5) انظر الحديث في: [صحيح مسلم، الفضائل (62) ، وأبي داود، الجنائز باب (28) ، وابن ماجة (1589) ، والسنن الكبرى (4/ 69) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (1/ 295) ، (3/ 211) ] .(1/111)
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ الْبَصْرِيُّ. أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ وَقَالَ: تَمَامُ رَضَاعِهِ فِي الْجَنَّةِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ عَنْ إسرائيل بن يونس عن جابر عن عامر عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ الْقِبْطِيَّةِ. وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا. وَقَالَ: إِنَّ لَهُ ظِئْرًا تُتِمُّ رَضَاعَهُ فِي الْجَنَّةِ وَهُوَ صِدِّيقٌ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ ابْنُ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ عَنِ الْبَرَاءِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ تَسْتَتِمُّ بَقِيَّةَ رَضَاعِهِ. وَقَالَ: إِنَّهُ صِدِّيقٌ شَهِيدٌ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَيَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّبُوذَكِيُّ قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: لا أَدْرِي. رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى إِبْرَاهِيمَ. لَوْ عَاشَ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَجْلانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَبَّرَ عَلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ أَرْبَعًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ حِينَ مَاتَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ يَقُولُ: إِنَّ لابْنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُتَوَفَّى لَمُرْضِعَةً فِي الْجَنَّةِ أَوْ ظِئْرًا. شَكَّ مِسْعَرٌ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ. يَعْنِي الأَعْمَشَ.
عَنْ مُسْلِمٍ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا. فَقَالَ النبي. ص: ادْفِنُوهُ فِي الْبَقِيعِ فَإِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ. قَالَ: وَكَانَ مِنْ جَارِيَةٍ لَهُ قِبْطِيَّةٍ] «1» .
__________
(1) انظر الحديث في: [مسند أحمد (4/ 297) ، ومصنف عبد الرزاق (14013) ، وكنز العمال (32218) ] .(1/112)
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ دُفِنَ بِالْبَقِيعِ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ. ثُمَّ أَتْبَعَهُ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ يُخْبِرُنِي أَنَّ قَبْرَ إِبْرَاهِيمَ إِذَا انْتَهَيْتَ إِلَى الْبَقِيعِ فَجُزْتَ أَقْصَى دَارٍ عَنْ يَسَارِكَ تَحْتَ الْكِبَا الَّذِي خَلْفَ الدَّارِ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى الأَشْجَعِيُّ. أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَاشِمِيُّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ دَفَنَ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: هَلْ مِنْ أَحَدٍ يَأْتِي بِقِرْبَةٍ؟ فَأَتَى رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِقِرْبَةِ مَاءٍ. فَقَالَ: رُشَّهَا عَلَى قَبْرِ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ: وَقَبْرُ إِبْرَاهِيمَ قَرِيبٌ مِنَ الطَّرِيقِ. وَأَشَارَ إِلَى قَرِيبٍ مِنْ دَارِ عَقِيلٍ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: لَمَّا سُوِّيَ جَدَثُهُ كَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى كَالْحَجَرِ فِي جَانِبِ الْجَدَثِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يُسَوِّي بِإِصْبَعِهِ وَيَقُولُ: إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلا فَلْيُتْقِنْهُ فَإِنَّهُ مِمَّا يُسَلِّي بِنَفْسِ الْمُصَابِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ بُرْدٍ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كَانَ عَلَى شَفِيرِ قَبْرِ ابْنِهِ فَرَأَى فُرْجَةً فِي اللَّحْدِ. فَنَاوَلَ الْحَفَّارَ مَدَرَةً وَقَالَ: إِنَّهَا لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ وَلَكِنَّهَا تُقِرُّ عَيْنَ الْحَيِّ] «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ وَتُوُفِّيَ ذَلِكَ الْيَوْمَ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ مات إبراهيم. فقال رسول الله. ص:
إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ. عَزَّ وَجَلَّ. وَلا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ فَإِذَا رأيتموهما فعليكم بالدعاء حتى ينكشفا] «2» .
__________
(1) انظر الحديث في: [كنز العمال (42403) ] .
(2) انظر الحديث في: [صحيح البخاري (2/ 44، 46، 49) ، (4/ 132) ، (7/ 40، 182) ، وصحيح مسلم، الكسوف (1) ، (3) ، (17) ، (21) ، (29) ، والنسائي (1243، 127، 131، 132، 138، 146، 153) ، وأبي داود، الكسوف باب (1) ، (2) ، (15) ، وابن ماجة (1261) ، (262) ، ومسند أحمد (1/ 298، 358) ، (2/ 159) ، (3/ 318) ، (4/ 298) ، (5/ 37، 60، 428) ، (6/ 354) ، والسنن الكبرى (3/ 320، 321، 326، 337، 338، 340، 341) ، والشمائل (167) ، وفتح الباري (2/ 529، 536، 540، 546، 547) ، (9/ 298) ، (10/ 255) ] .(1/113)
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرحمن ابن الْغَسِيلِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ النَّاسُ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ. فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بعد أيها النَّاسُ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاةِ أَحَدٍ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى الْمَسَاجِدِ. وَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَبْكِي وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ! قَالَ:
إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَخْشَعُ الْقَلْبُ وَلا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ. وَاللَّهِ يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ! وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا. وَقَالَ: إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا. [قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ دَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْمُعِزِّيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْتَ أَحَقُّ مَنْ عَرَفَ لِلَّهِ حقه! فقال رسول الله. ص: تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ. لَوْلا أَنَّهُ وَعْدٌ صَادِقٌ وَوَعْدٌ جَامِعٌ وَأَنَّ الآخِرَ لاحِقٌ بِالأَوَّلِ لَوَجِدْنَا عَلَيْكَ يَا إِبْرَاهِيمُ أَشَدَّ مِنْ وَجْدِنَا. وَإِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ!] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أُمِّهِ سِيرِينَ قَالَتْ: حَضَرْتُ مَوْتَ إِبْرَاهِيمَ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّمَا صِحْتُ أَنَا وَأُخْتِي مَا يَنْهَانَا. فَلَمَّا مَاتَ نَهَانَا عَنِ الصِّيَاحِ. وَغَسَّلَهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ. وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - والعباس جالسان. ثم فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ وَالْعَبَّاسُ جَالِسٌ إِلَى جَنْبِهِ. وَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهِ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ. وَأَنَا أَبْكِي عِنْدَ قَبْرِهِ مَا يَنْهَانِي أَحَدٌ. وَخَسَفَتِ الشَّمْسُ ذَلِكَ الْيَوْمَ. فَقَالَ النَّاسُ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ. [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: إنها لا(1/114)
تَخْسِفُ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ. وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فُرْجَةً فِي اللَّبِنِ فَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُسَدَّ. فَقِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: أَنَّهَا لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ وَلَكِنْ تُقِرُّ عَيْنَ الْحَيِّ.
وَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا عَمِلَ عَمَلا أَحَبَّ اللَّهُ أَنْ يُتْقِنَهُ. وَمَاتَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ لِعَشْرِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ عَشْرٍ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ قَالَ: تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَنِي مَازِنٍ عِنْدَ أُمِّ بردة. [فقال رسول الله. ص: إِنَّ لَهُ مُرْضِعَةً تُتِمُّ رَضَاعَهُ فِي الْجَنَّةِ.
وَحُمِلَ مِنْ بَيْتِ أُمِّ بُرْدَةَ عَلَى سَرِيرٍ صَغِيرٍ. وَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْبَقِيعِ.
فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. أَيْنَ نَدْفِنُهُ؟ قَالَ: عِنْدَ فَرَطِنَا عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ] . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَعْطَى أُمَّ بُرْدَةَ قِطْعَةَ نَخْلٍ نَاقَلَتْ بِهَا بَعْدَ مَالِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ الأَسْوَدِ الأَسَدِيِّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَاصِمٍ الْحَكَمِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَجَرٍ فَوُضِعَ عِنْدَ قَبْرِهِ وَرُشَّ عَلَى قَبْرِهِ الْمَاءُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ يُحَدِّثُ عَمِّي. يَعْنِي الزُّهْرِيَّ.
[قَالَ: قَالَ رسول الله. ص: لَوْ عَاشَ إِبْرَاهِيمُ لَوَضَعْتُ الْجِزْيَةَ عَنْ كُلِّ قِبْطِيٍّ] «1» .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى أَبُو صالح البزار قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ جَابِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ مَكْحُولا يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا مَاتَ: لَوْ عَاشَ مَا رَقَّ لَهُ خَالٌ] .
ذِكْرُ حُضُورِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَدْمَ قُرَيْشٍ الْكَعْبَةَ وبناءها
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو الْهُذَلِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ عَنْ أَبِي غطفان عن ابن
__________
(1) انظر الحديث في: [كنز العمال (32206) ، (35557) ] .(1/115)
عَبَّاسٍ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ.
دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. قَالُوا: كَانَتِ الْجُرْفُ مُطِلَّةً عَلَى مَكَّةَ. وَكَانَ السَّيْلُ يَدْخُلُ مِنْ أَعْلاهَا حَتَّى يَدْخُلُ الْبَيْتَ فَانْصَدَعَ فَخَافُوا أَنْ يَنْهَدِمَ. وَسُرِقَ مِنْهُ حِلْيَةٌ وَغَزَالٌ مِنْ ذَهَبٍ كَانَ عَلَيْهِ دُرٌّ وَجَوْهَرٌ. وَكَانَ مَوْضُوعًا بِالأَرْضِ. فَأَقْبَلَتْ سَفِينَةٌ فِي الْبَحْرِ فِيهَا رُومٌ. وَرَأْسُهُمْ بَاقُومُ. وَكَانَ بَانِيًا. فَجَنَحَتْهَا الرِّيحُ إِلَى الشُّعَيْبَةِ. وَكَانَتْ مَرْفَأَ السُّفُنِ قِبَلَ جُدَّةَ. فَتَحَطَّمَتِ السَّفِينَةُ. فَخَرَجَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى السَّفِينَةِ فَابْتَاعُوا خَشَبَهَا وَكَلَّمُوا الرُّومِيَّ بَاقُومَ فَقَدِمَ مَعَهُمْ. وَقَالُوا: لَوْ بَنَيْنَا بَيْتَ رَبِّنَا.
فَأَمَرُوا بِالْحِجَارَةِ تُجْمَعُ وَتُنَقَّى الضَّوَاحِي مِنْهَا. فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْقُلُ مَعَهُمْ.
وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً. وَكَانُوا يَضَعُونَ أُزْرَهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ. وَيَحْمِلُونَ الْحِجَارَةَ. فَفَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلُبِطَ بِهِ وَنُودِيَ: عَوْرَتُكَ. فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا نُودِيَ. فَقَالَ لَهُ أَبُو طَالِبٍ: يَا ابْنَ أَخِي اجْعَلْ إِزَارَكَ عَلَى رَأْسِكَ. [فَقَالَ: مَا أَصَابَنِي ما أصابني إلا في تعدي] . فما رؤيت لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَوْرَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ. فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى هَدْمِهَا قَالَ بَعْضُهُمْ: لا تُدْخِلُوا فِي بِنَائِهَا مِنْ كَسْبِكُمْ إِلا طَيِّبًا. لَمْ تَقْطَعُوا فِيهِ رَحِمًا. وَلَمْ تَظْلِمُوا فِيهِ أَحَدًا. فَبَدَأَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بِهَدْمِهَا. وَأَخَذَ الْمِعْوَلَ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهَا يَطْرَحُ الْحِجَارَةَ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَمْ تُرَعْ إِنَّمَا نُرِيدُ الْخَيْرَ. فَهَدَمَ وَهَدَمَتْ مَعَهُ قُرَيْشٌ. ثُمَّ أَخَذُوا فِي بِنَائِهَا. وَمَيَّزُوا الْبَيْتَ. وَأَقْرَعُوا عَلَيْهِ. فَوَقَعَ لِعَبْدِ مَنَافٍ وَزُهْرَةَ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ الأَسْوَدِ إِلَى رُكْنِ الْحِجْرِ وَجْهُ الْبَيْتِ. وَوَقَعَ لِبَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَبَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ مَا بَيْنَ رُكْنِ الْحِجْرِ إِلَى رُكْنِ الْحِجْرِ الآخَرِ. وَوَقَعَ لِتَيْمٍ وَمَخْزُومٍ مَا بَيْنَ رُكْنِ الْحِجْرِ إِلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ. وَوَقَعَ لِسَهْمٍ وَجُمَحٍ وَعَدِيٍّ وَعَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ إِلَى الرُّكْنِ الأَسْوَدِ. فَبَنَوْا. فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى حَيْثُ يُوضَعُ الرُّكْنُ مِنَ الْبَيْتِ قَالَتْ كُلُّ قَبِيلَةٍ نَحْنُ أَحَقُّ بِوَضْعِهِ. وَاخْتَلَفُوا حَتَّى خَافُوا الْقِتَالَ. ثُمَّ جَعَلُوا بَيْنَهُمْ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ فَيَكُونُ هُوَ الَّذِي يَضَعُهُ. وَقَالُوا: رَضِينَا وَسَلَّمْنَا. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ. فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: هَذَا الأَمِينُ قَدْ رَضِينَا بِمَا قَضَى بَيْنَنَا. ثُمَّ أَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ. فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رِدَاءَهُ وَبَسَطَهُ فِي الأَرْضِ. ثُمَّ وَضَعَ الرُّكْنَ فِيهِ. [ثُمَّ قَالَ: لِيَأْتِ مِنْ كُلِّ رُبُعٍ مِنْ أَرْبَاعِ قُرَيْشٍ رَجُلٌ] .
فَكَانَ فِي رُبُعِ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ. وَكَانَ فِي الرُّبُعِ الثَّانِي أَبُو زَمْعَةَ. وَكَانَ فِي الرُّبُعِ الثَّالِثِ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ الْمُغِيرَةِ. وَكَانَ فِي الرُّبُعِ الرَّابِعِ قَيْسُ بْنُ عَدِيٍّ. ثُمَّ قال(1/116)
رسول الله. ص: لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِزَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا الثَّوْبِ ثُمَّ ارْفَعُوهُ جَمِيعًا.
فَرَفَعُوهُ. ثُمَّ وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ فِي مَوْضِعِهِ ذَلِكَ. فَذَهَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ لِيُنَاوِلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَرًا يَشُدُّ بِهِ الرُّكْنَ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: لا. وَنَحَّاهُ.
وَنَاوَلَ الْعَبَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَرًا فَشَدَّ بِهِ الرُّكْنَ. فَغَضِبَ النَّجْدِيُّ حَيْثُ نُحِّيَ.
[فَقَالَ النبي. ص: إِنَّهُ لَيْسَ يَبْنِي مَعَنَا فِي الْبَيْتِ إِلا مِنَّا] . قَالَ: فَقَالَ النَّجْدِيُّ: يَا عَجَبًا لِقَوْمٍ أَهْلِ شَرَفٍ وَعُقُولٍ وَسِنٍّ وَأَمْوَالٍ عَمَدُوا إِلَى أَصْغَرِهِمْ سِنًّا. وَأَقَلِّهِمْ مَالا.
فَرَأَسُوهُ عَلَيْهِمْ فِي مَكْرُمَتِهِمْ وَحِرْزِهِمْ كَأَنَّهُمْ خَدَمٌ لَهُ. أَمَا وَاللَّهِ لَيَفُوتَنَّهُمْ سَبْقًا وَلَيَقْسِمُنَّ بَيْنَهُمْ حُظُوظًا وَجُدُودًا! وَيُقَالُ إِنَّهُ إِبْلِيسُ. فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ:
إِنَّ لَنَا أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ ... فِي الْحُكْمِ وَالْعَدْلِ الَّذِي لا نُنْكِرُهُ
وَقَدْ جَهَدْنَا جَهْدَهُ لِنَعْمُرَهُ ... وَقَدْ عَمَرْنَا خَيْرَهُ وَأَكْثَرَهُ
فَإِنْ يَكُنْ حَقًّا فَفِينَا أَوْفَرَهُ
ثُمَّ بَنَوْا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَوْضِعِ الْخَشَبِ. فَكَانَ خَمْسَةَ عَشَرَ جَائِزًا سَقَفُوا الْبَيْتَ عَلَيْهِ. وَبَنَوْهُ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ. وَأَخْرَجُوا الْحِجْرَ مِنَ الْبَيْتِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَطَاءٍ عَنِ الحارث ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ عَائِشَةَ قالت: [قال رسول الله. ص: إِنَّ قَوْمَكِ اسْتَقْصَرُوا مِنْ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ وَلَوْلا حَدَاثَةُ عَهْدِهِمْ بِالشِّرْكِ أَعَدْتُ فِيهِ مَا تَرَكُوا مِنْهُ فَإِنْ بَدَا لِقَوْمِكِ مِنْ بَعْدِي أَنْ يَبْنُوهُ فَهَلُمِّي أُرِيكِ مَا تَرَكُوا مِنْهُ] . فَأَرَاهَا قَرِيبًا مِنْ سَبْعِ أَذْرُعٍ فِي الْحِجْرِ. قَالَتْ: [وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِهِ: وَلَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ مَوْضُوعَيْنِ فِي الأَرْضِ شَرْقِيًّا وَغَرْبِيًّا. أَتَدْرِينَ لِمَ كَانَ قَوْمُكِ رَفَعُوا بَابِهَا؟ فَقُلْتُ لَهُ: لا أَدْرِي. قَالَ:
تَعَزُّزًا أَلا يَدْخُلَهَا إِلا مَنْ أَرَادُوا] . وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا كَرِهُوا أَنْ يَدْخُلَ يَدَعُونَهُ حَتَّى إِذَا كَادَ أَنْ يَدْخُلَ دَفَعُوهُ حَتَّى يَسْقُطَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ قُرَيْشًا يَفْتَحُونَ الْبَيْتَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ. فَكَانَ حُجَّابُهُ يَجْلِسُونَ عَلَى بَابِهِ. فَيَرْقَى الرَّجُلُ فَإِذَا كَانُوا لا يُرِيدُونَ دُخُولَهُ دُفِعَ فَطُرِحَ. فَرُبَّمَا عَطِبَ. وَكَانُوا لا يَدْخُلُونَ الْكَعْبَةَ بِحِذَاءٍ يُعَظِّمُونَ ذَلِكَ. يَضَعُونَ نِعَالَهُمْ تَحْتَ الدَّرَجِ.(1/117)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سبرة عن خالد ابن رَبَاحٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ عَنِ ابْنِ مَرْسَا مَوْلًى لِقُرَيْشٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَقُولُ: كَسَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حَجَّتِهِ الْبَيْتَ الْحِبَرَاتِ.
ذِكْرُ نُبُوَّةِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُلَيَّةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى كُنْتَ نَبِيًّا؟ فَقَالَ النَّاسُ: مَهْ مه. فقال رسول الله. ص: دَعُوهُ كُنْتُ نَبِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ] «1» .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعُمَرُ بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنِ ابْنِ أَبِي الْجَدْعَاءِ قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى كُنْتَ نَبِيًّا؟ قَالَ: إِذْ آدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو هِلالٍ. أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ أَنَّ رَجُلا سأل رسول الله. ص: مَتَى كُنْتَ نَبِيًّا؟
قَالَ: بَيْنَ الرُّوحِ وَالطِّينِ مِنْ آدَمَ] .
[أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا إسرائيل بن يونس عن جابر عن عامر قال: قال رجل للنبي. ص: مَتَى اسْتُنْبِئْتَ؟ فَقَالَ: وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ حِينَ أُخِذَ مِنِّي الْمِيثَاقُ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بن سوار أبو العلاء الخراساني. أخبرنا ليث بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ هلال السلمي عن عرباض ابن سَارِيَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: [سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ وَسَأُخْبِرُكُمْ مِنْ ذَلِكَ دَعْوَةَ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَبِشَارَةَ عِيسَى بِي وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ] . وَكَذَلِكَ أُمَّهَاتُ النَّبِيِّينَ يرين. وإن أم رسول الله.
ص. رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْهُ نُورًا أَضَاءَتْ لَهَا مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ. أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ عَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّ النَّبِيَّ.
ص. قَالَ: أَنَا دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ. قَالَ وَهُوَ يرفع القواعد من البيت: «رَبَّنا وَابْعَثْ
__________
(1) انظر الحديث في: [حلية الأولياء (7/ 122) ] .(1/118)
فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ» . البقرة: 129 حَتَّى أَتَمَّ الآيَةَ] .
[أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عُمَرَ ابن أَبِي أَنَسٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الأَنْصَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: أَنَا دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَبَشَّرَ بِي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ] «1» .
[أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ بَدْءُ أَمْرِكَ؟ قَالَ: دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَبَشَّرَ بِي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ] .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو هِلالٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: كُنْتُ أَوَّلَ النَّاسِ فِي الْخَلْقِ وَآخِرَهُمْ فِي الْبَعْثِ] «2» .
ذِكْرُ عَلامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أن يوحى إِلَيْهِ
[حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ. وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ معدان قال: قيل لرسول الله. ص: أَخْبِرْنَا عَنُ نَفْسِكَ.
قَالَ: نَعَمْ أَنَا دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ وَبَشَّرَ بِي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ وَرَأَتْ أُمِّي حِينَ وَضَعَتْنِي خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ وَاسْتُرْضِعْتُ فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ. فَبَيْنَمَا أَنَا مَعُ أَخِي خَلْفَ بُيُوتِنَا نَرْعَى بَهْمًا أَتَانِي رَجُلانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بَيَاضٌ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءٍ ثَلْجًا فَأَخَذَانِي فَشَقَّا بَطْنِي فَاسْتَخْرَجَا قَلْبِي فَشَقَّاهُ فَاسْتَخْرَجَا مِنْهُ عَلَقَةً سَوْدَاءَ فَطَرَحَاهَا ثُمَّ غَسَلا بَطْنِي وَقَلْبِي بِذَلِكَ الثَّلْجِ ثُمَّ قَالَ زِنْهُ بِمِائَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ. فَوَزَنُونِي بِهِمْ فَوَزَنْتُهُمْ. ثُمَّ قَالَ زِنْهُ بِأَلْفٍ مِنْ أُمَّتِهِ. فَوَزَنُونِي بِهِمْ فَوَزَنْتُهُمْ. ثُمَّ قال دعه فلو وزنته بأمته لوزنها] «3» .
__________
(1) انظر الحديث في: [تهذيب تاريخ ابن عساكر (1/ 39) ، وتفسير الطبري (1/ 435) ، والدر النثور (1/ 139) ، (5/ 207) ، ودلائل النبوة (1/ 69) ، والبداية والنهاية (2/ 275) ] .
(2) انظر الحديث في: [الشفا (1/ 466) ، والدر المنثور (5/ 184) ، وزاد المسير (6/ 305) ] .
(3) انظر الحديث في: [كشف الخفا (1/ 336) ، وكنز العمال (35479) ] .(1/119)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ أَخِيهِ قَالَ: لَمَّا وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَقَعَ إِلَى الأَرْضِ وَقَعَ عَلَى يَدَيْهِ رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَبَضَ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ بِيَدِهِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَجُلا مِنْ لِهْبٍ فَقَالَ لِصَاحِبٍ لَهُ: انْجُهُ لَئِنْ صَدَقَ الْفَأْلُ لَيَغْلِبَنَّ هَذَا الْمَوْلُودُ أَهْلَ الأَرْضِ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ بن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَأَتَاهُ آتٍ فَأَخَذَهُ فَشَقَّ بَطْنَهُ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً فَرَمَى بِهَا وَقَالَ: هَذِهِ نَصِيبُ الشَّيْطَانِ مِنْكَ. ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ لأَمَهُ. فَأَقْبَلَ الصِّبْيَانُ إِلَى ظِئْرِهِ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ! قُتِلَ مُحَمَّدٌ! فَاسْتَقْبَلَتْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد انْتَقَعَ لَوْنُهُ. قَالَ أَنَسٌ: فَلَقَدْ كُنَّا نَرَى أَثَرَ الْمَخِيطِ فِي صَدْرِهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَتْ حَلِيمَةُ قَدِمَ مَعَهَا زَوْجُهَا وَابْنٌ لَهَا صَغِيرٌ تُرْضِعُهُ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَأَتَانٌ قَمْرَاءُ وَشَارِفٌ لَهُمْ عَجْفَاءُ قَدْ مَاتَ سَقْبُهَا مِنَ الْعَجَفِ لَيْسَ فِي ضِرْعِ أُمِّهِ قَطْرَةُ لَبَنٍ. فَقَالُوا:
نُصِيبُ وَلَدًا نُرْضِعُهُ. وَمَعَهَا نِسْوَةٌ سَعْدِيَّاتٌ. فَقَدِمْنَ فَأَقَمْنَ أَيَّامًا. فَأَخَذْنَ وَلَمْ تَأْخُذْ حَلِيمَةُ. وَيُعْرَضُ عَلَيْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يَتِيمٌ لا أَبَ لَهُ. حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ ذَلِكَ أَخَذَتْهُ وَخَرَجَ صَوَاحِبُهَا قَبْلَهَا بِيَوْمٍ. فَقَالَتْ آمِنَةُ: يَا حَلِيمَةُ اعْلَمِي أَنَّكِ قَدْ أَخَذْتِ مَوْلُودًا لَهُ شَأْنٌ. وَاللَّهِ لَحَمَلْتُهُ فَمَا كُنْتُ أَجِدُ مَا تَجِدُ النِّسَاءُ مِنَ الْحَمْلِ. وَلَقَدْ أُتِيتُ فَقِيلَ لِي:
إِنَّكِ سَتَلِدِينَ غُلامًا فَسَمِّيهِ أَحْمَدَ وَهُوَ سَيِّدُ الْعَالَمِينَ. وَلَوَقَعَ مُعْتَمِدًا عَلَى يَدَيْهِ رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ. قَالَ: فَخَرَجَتْ حَلِيمَةُ إِلَى زَوْجِهَا فَأَخْبَرَتْهُ. فَسُّرَ بِذَلِكَ. وَخَرَجُوا عَلَى أَتَانِهِمْ مُنْطَلِقَةً. وَعَلَى شَارِفِهِمْ قَدْ دَرَّتْ بِاللَّبِنِ. فَكَانُوا يَحْلِبُونَ مِنْهَا غَبُوقًا وَصَبُوحًا. فَطَلَعَتْ عَلَى صَوَاحِبِهَا. فَلَمَّا رَأَيْنَهَا قُلْنَ: مَنْ أَخَذْتِ؟ فَأَخْبَرَتْهُنَّ. فَقُلْنَ:
وَاللَّهِ إِنَّا لَنَرْجُو أَنْ يَكُونَ مُبَارَكًا. قَالَتْ حَلِيمَةُ: قَدْ رَأَيْنَا بَرَكَتَهُ. كُنْتُ لا أَرْوِي ابْنِي عَبْدَ اللَّهِ وَلا يَدَعُنَا نَنَامُ مِنَ الْغَرَثِ. فَهُوَ وَأَخُوهُ يَرْوَيَانِ مَا أَحَبَّا وَيَنَامَانِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ لَرَوِيَ. وَلَقَدْ أَمَرَتْنِي أُمُّهُ أَنْ أَسْأَلَ عَنْهُ. فَرَجَعَتْ بِهِ إِلَى بِلادِهَا. فَأَقَامَتْ بِهِ حَتَّى قَامَتْ سُوقُ عُكَاظٍ. فَانْطَلَقَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى تَأْتِيَ بِهِ إِلَى عَرَّافٍ مِنْ هُذَيْلٍ يُرِيهُ النَّاسُ صِبْيَانَهُمْ. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ صَاحَ: يَا مَعْشَرَ هُذَيْلٍ! يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ! فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ مِنْ أَهْلِ الْمَوْسِمِ. فَقَالَ: اقْتُلُوا هَذَا الصَّبِيَّ! وَانْسَلَّتْ بِهِ حَلِيمَةُ. فَجَعَلَ النَّاسُ(1/120)
يَقُولُونَ: أَيَّ صَبِيٍّ؟ فَيَقُولُ: هَذَا الصَّبِيُّ! وَلا يَرَوْنَ شَيْئًا قَدِ انْطَلَقَتْ بِهِ أُمُّهُ. فَيُقَالُ لَهُ: مَا هُوَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ غُلامًا. وَآلِهَتِهِ لَيَقْتُلَنَّ أَهْلَ دِينِكُمْ. وَلَيُكَسِّرَنَّ آلِهَتَكُمْ. وَلَيَظْهَرَنَّ أَمْرُهُ عَلَيْكُمْ. فَطُلِبَ بِعُكَاظٍ فَلَمْ يُوجَدْ. وَرَجَعَتْ بِهِ حَلِيمَةُ إِلَى مَنْزِلِهَا. فَكَانَتْ بَعْدُ لا تَعْرِضُهُ لِعَرَّافٍ وَلا لأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: جَعَلَ الشَّيْخُ الْهُذَلِيُّ يَصِيحُ: يَا لَهُذَيْلٍ! وَآلِهَتِهِ إِنَّ هَذَا لَيَنْتَظِرُ أَمْرًا مِنَ السَّمَاءِ. قَالَ: وَجَعَلَ يُغْرِي بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ دَلِهَ فَذَهَبَ عَقْلُهُ حَتَّى مَاتَ كَافِرًا.
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَتْ حَلِيمَةُ تَطْلُبُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ بَدَتِ الْبَهْمُ تَقِيلُ. فَوَجَدَتْهُ مَعَ أُخْتِهِ. فَقَالَتْ: فِي هَذَا الْحَرِّ! فَقَالَتْ أُخْتُهُ: يَا أُمَّهْ مَا وَجَدَ أَخِي حَرًّا. رَأَيْتُ غَمَامَةً تُظِلُّ عَلَيْهِ إِذَا وَقَفَ وَقَفَتْ. وَإِذَا سَارَ سَارَتْ مَعَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي نَجِيحٌ أَبُو مَعْشَرٍ قَالَ: كَانَ يُفْرَشُ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ فِرَاشٌ وَيَأْتِي بَنُوهُ فَيَجْلِسُونَ حَوَالَيِ الْفِرَاشِ يَنْتَظِرُونَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ. وَيَأْتِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ غُلامٌ جَفْرٌ. حَتَّى يَرْقَى الْفِرَاشَ فَيَجْلِسَ عَلَيْهِ.
فَيَقُولُ أَعْمَامُهُ: مَهْلا يَا مُحَمَّدُ عَنْ فِرَاشِ أَبِيكَ. فَيَقُولُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِذَا رَأَى ذَلِكَ مِنْهُ:
إِنَّ ابْنِي لَيُؤْنِسُ مُلْكًا. أَوْ أَنَّهُ لَيُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِمُلْكٍ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ قَالَ: كُنْتُ بِذِي الْمَجَازِ وَمَعِي ابْنُ أَخِي. يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَدْرَكَنِي الْعَطَشُ فَشَكَوْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا ابْنَ أَخِي قَدْ عَطِشْتُ. وَمَا قُلْتُ لَهُ ذَاكَ وَأَنَا أَرَى أَنَّ عِنْدَهُ شَيْئًا إِلا الْجَزَعُ. قَالَ: فَثَنَى وَرِكَهُ ثُمَّ نَزَلَ فَقَالَ: يَا عَمِّ أَعَطِشْتَ؟ قَالَ قُلْتُ:
نَعَمْ. قَالَ: فَأَهْوَى بِعَقِبِهِ إِلَى الأَرْضِ فَإِذَا بِالْمَاءِ. فَقَالَ: اشْرَبْ يَا عَمِّ قَالَ: فَشَرِبْتُ.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ: أَرَادَ أَبُو طَالِبٍ المسير إلى الشام. فقال له النبي. ص: أَيْ عَمِّ إِلَى مَنْ تُخَلِّفُنِي هَهُنَا فَمَا لِي أُمٌّ تَكْفُلُنِي وَلا أَحَدٌ يُؤْوِينِي] . قَالَ: فَرَقَّ لَهُ. ثُمَّ أَرْدَفَهُ خَلْفَهُ.
فَخَرَجَ بِهِ فَنَزَلُوا عَلَى صَاحِبِ دَيْرٍ. فَقَالَ صَاحِبُ الدَّيْرِ: مَا هَذَا الْغُلامُ مِنْكَ؟ قَالَ:
ابْنِي. قَالَ: مَا هُوَ بِابْنِكِ وَلا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ أَبٌ حَيُّ. قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: لأَنَّ وجهه(1/121)
وَجْهُ نَبِيٍّ وَعَيْنَهُ عَيْنُ نَبِيٍّ. قَالَ: وَمَا النَّبِيُّ؟ قَالَ: الَّذِي يُوحَى إِلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ فَيُنْبِئُ بِهِ أَهْلَ الأَرْضِ. قَالَ: اللَّهُ أَجَلُّ مِمَّا تَقُولُ. قَالَ: فَاتَّقِ عَلَيْهِ الْيَهُودَ. قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى نَزَلَ بِرَاهِبٍ أَيْضًا صَاحِبِ دَيْرٍ. فَقَالَ: مَا هَذَا الْغُلامُ مِنْكَ؟ قَالَ: ابني. قال: ما هو بابنك وما ينبغي أَنْ يَكُونَ لَهُ أَبٌ حَيُّ. قَالَ: وَلِمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لأَنَّ وَجْهَهُ وَجْهُ نَبِيٍّ وَعَيْنَهُ عَيْنُ نَبِيٍّ. قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ. اللَّهُ أَجَلُّ مِمَّا تَقُولُ. وَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي أَلا تَسْمَعُ مَا [يَقُولُونَ؟ قَالَ: أَيْ عَمِّ لا تُنْكِرْ لِلَّهِ قُدْرَةً] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ دِينَارٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ: وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالُوا: لَمَّا خَرَجَ أَبُو طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ وَخَرَجَ معه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَرَّةِ الأُولَى. وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً.
فَلَمَّا نَزَلَ الرَّكْبُ بُصْرَى مِنَ الشَّامِ. وَبِهَا رَاهِبٌ يُقَالُ لَهُ بَحِيرَا فِي صَوْمَعَةٍ لَهُ. وَكَانَ عُلَمَاءُ النَّصَارَى يَكُونُونَ فِي تِلْكَ الصَّوْمَعَةِ يَتَوَارَثُونَهَا عَنْ كِتَابٍ يَدْرُسُونَهُ. فَلَمَّا نَزَلُوا بَحِيرَا وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَمُرُّونَ بِهِ لا يُكَلِّمُهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْعَامُ. وَنَزَلُوا مَنْزِلا قَرِيبًا مِنْ صَوْمَعَتِهِ قَدْ كَانُوا يَنْزِلُونَهُ قَبْلَ ذَلِكَ كُلَّمَا مَرُّوا. فَصَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا ثُمَّ دَعَاهُمْ. وَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى دُعَائِهِمْ أَنَّهُ رَآهُمْ حِينَ طَلَعُوا وَغَمَامَةً تُظِلُّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - من بين القوم حَتَّى نَزَلُوا تَحْتَ الشَّجَرَةِ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى تِلْكَ الْغَمَامَةِ أَظَلَّتْ تِلْكَ الشَّجَرَةَ وَاخْضَلَّتْ أَغْصَانُ الشَّجَرَةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ اسْتَظَلَّ تَحْتَهَا. فَلَمَّا رَأَى بَحِيرَا ذَلِكَ نَزَلَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ وَأَمَرَ بِذَلِكَ الطَّعَامِ فَأُتِيَ بِهِ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ. فَقَالَ: إِنِّي قَدْ صَنَعْتُ لَكُمْ طَعَامًا يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ. وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تَحْضَرُوهُ كُلُّكُمْ. وَلا تُخَلِّفُوا مِنْكُمْ صَغِيرًا وَلا كَبِيرًا. حُرًّا وَلا عَبْدًا. فَإِنَّ هَذَا شَيْءٌ تُكْرِمُونِي بِهِ. فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ لَكَ لَشَأْنًا يَا بَحِيرَا. مَا كُنْتَ تَصْنَعُ بِنَا هذا. فما شأنك اليوم؟ قال: فإنني أَحْبَبْتُ أَنْ أُكْرِمَكُمْ وَلَكُمْ حَقٌّ. فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ وَتَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ لِحَدَاثَةِ سِنِّهِ. لَيْسَ فِي الْقَوْمِ أَصْغَرُ مِنْهُ فِي رِحَالِهِمْ. تَحْتَ الشَّجَرَةِ. فَلَمَّا نَظَرَ بَحِيرَا إِلَى الْقَوْمِ فَلَمْ يَرَ الصِّفَةَ الَّتِي يَعْرِفُ وَيَجِدُهَا عِنْدَهُ. وَجَعَلَ يَنْظُرُ وَلا يَرَى الْغَمَامَةَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْقَوْمِ. ويراها متخلفة على رأس رسول الله.
ص. قَالَ بَحِيرَا: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ لا يَتَخَلَّفَنَّ مِنْكُمْ أَحَدٌ عَنْ طَعَامِي. قَالُوا: مَا تَخَلَّفَ أَحَدٌ إِلا غُلامٌ هُوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ سِنًّا فِي رِحَالِهِمْ. فَقَالَ: ادْعُوهُ فَلْيَحْضُرْ طَعَامِي فَمَا أَقْبَحَ أَنْ تَحْضُرُوا وَيَتَخَلَّفَ رَجُلٌ وَاحِدٌ مَعَ أَنِّي أُرَاهُ مِنْ أَنْفَسِكُمْ. فَقَالَ الْقَوْمُ: هُوَ وَاللَّهِ أَوْسَطُنَا نَسَبًا وَهُوَ ابْنُ أَخِي هَذَا الرَّجُلِ. يَعْنُونَ أَبَا طَالِبٍ. وَهُوَ مِنْ وَلَدِ عبد المطلب.(1/122)
فَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: وَاللَّهِ إِنْ كَانَ بِنَا لَلُؤْمٌ أَنْ يَتَخَلَّفَ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْ بَيْنِنَا. ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ فَاحْتَضَنَهُ وَأَقْبَلَ بِهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ عَلَى الطَّعَامِ.
وَالْغَمَامَةُ تَسِيرُ عَلَى رَأْسِهِ. وَجَعَلَ بَحِيرَا يَلْحَظُهُ لَحْظًا شَدِيدًا. وَيَنْظُرُ إِلَى أَشْيَاءَ فِي جَسَدِهِ قَدْ كَانَ يَجِدُهَا عِنْدَهُ مِنْ صِفَتِهِ. فَلَمَّا تَفَرَّقُوا عَنْ طَعَامِهِمْ قَامَ إِلَيْهِ الرَّاهِبُ فَقَالَ:
[يَا غُلامُ أَسْأَلُكَ بِحَقِّ اللاتِ وَالْعُزَّى أَلا أَخْبَرْتَنِي عَمَّا أَسْأَلُكَ. فَقَالَ رَسُولُ الله. ص:
لا تسألني باللات والعزى فو الله مَا أَبْغَضْتُ شَيْئًا بُغْضَهُمَا! قَالَ: فَبِاللَّهِ أَلا أَخْبَرْتَنِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ. قَالَ: سَلْنِي عَمَّا بَدَا لَكَ. فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ حَالِهِ حَتَّى نَوْمِهِ. فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُخْبِرُهُ فَيُوَافِقُ ذَلِكَ مَا عِنْدَهُ. ثُمَّ جَعَلَ يَنْظُرُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ] .
ثُمَّ كَشَفَ عَنْ ظَهْرِهِ فَرَأَى خَاتَمَ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ عَلَى مَوْضِعِ الصِّفَةِ الَّتِي عِنْدَهُ. قَالَ:
فَقَبَّلَ مَوْضِعَ الْخَاتَمِ. وَقَالَتْ قُرَيْشٌ: إِنَّ لِمُحَمَّدٍ عِنْدَ هَذَا الرَّاهِبِ لَقَدْرًا. وَجَعَلَ أَبُو طَالِبٍ. لِمَا يَرَى مِنَ الرَّاهِبِ. يَخَافُ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ. فَقَالَ الرَّاهِبُ لأَبِي طَالِبٍ: مَا هَذَا الْغُلامُ مِنْكَ؟ قَالَ أَبُو طَالِبٍ: ابْنِي. قَالَ: مَا هُوَ بِابْنِكَ. وَمَا يَنْبَغِي لِهَذَا الْغُلامِ أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ حَيًّا. قَالَ: فَابْنُ أَخِي. قَالَ: فَمَا فَعَلَ أَبُوهُ؟ قَالَ: هَلَكَ وَأُمُّهُ حُبْلَى بِهِ.
قَالَ: فَمَا فَعَلَتْ أُمُّهُ؟ قَالَ: تُوُفِّيَتْ قَرِيبًا. قَالَ: صَدَقْتَ. ارْجِعْ بِابْنِ أَخِيكَ إلى بلده واحذر عليه اليهود. فو الله لَئِنْ رَأَوْهُ وَعَرَفُوا مِنْهُ مَا أَعْرِفُ لَيَبْغُنَّهُ عَنَتًا. فَإِنَّهُ كَائِنٌ لابْنِ أَخِيكَ هَذَا شَأْنٌ عَظِيمٌ نَجِدُهُ فِي كُتُبِنَا وَمَا رُوِّينَا عَنْ آبَائِنَا. وَأَعْلَمُ أَنِّي قَدْ أَدَّيْتُ إِلَيْكَ النَّصِيحَةَ. فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ تِجَارَاتِهِمْ خَرَجَ بِهِ سَرِيعًا. وَكَانَ رِجَالٌ مِنْ يَهُودَ قَدْ رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَرَفُوا صِفَتَهُ. فَأَرَادُوا أَنْ يَغْتَالُوهُ فَذَهَبُوا إِلَى بَحِيرَا فَذَاكَرُوهُ أَمْرَهُ فَنَهَاهُمْ أَشَدَّ النَّهْيِ وَقَالَ لَهُمْ: أَتَجِدُونَ صِفَتَهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا لَكُمْ إِلَيْهِ سَبِيلٌ.
فَصَدَّقُوهُ وَتَرَكُوهُ. وَرَجَعَ بِهِ أَبُو طَالِبٍ فَمَا خَرَجَ بِهِ سَفَرًا بَعْدَ ذَلِكَ خَوْفًا عَلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَشْعَرِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى. قَالَ الرَّاهِبُ لأَبِي طَالِبٍ: لا تَخْرُجَنَّ بِابْنِ أَخِيكَ إِلَى مَا هَهُنَا فَإِنَّ الْيَهُودَ أَهْلُ عَدَاوَةٍ. وَهَذَا نَبِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ. وَهُوَ مِنَ الْعَرَبِ.
وَالْيَهُودُ تَحْسُدُهُ تُرِيدُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. فَاحْذَرْ عَلَى ابْنِ أَخِيكَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ شَيْبَةَ عَنْ عَمِيرَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ اللَّهِ بن كعب ابن مَالِكٍ عَنْ أُمِّ سَعْدِ بِنْتِ سَعْدٍ عَنْ نَفِيسَةَ بِنْتِ مُنْيَةَ أُخْتِ يَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ قَالَتْ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَلَيْسَ لَهُ بمكة اسم إلا الأمين. لما تكامل من(1/123)
خِصَالِ الْخَيْرِ. فَقَالَ لَهُ أَبُو طَالِبٍ: يَا ابْنَ أَخِي أَنَا رَجُلٌ لا مَالَ لِي وَقَدِ اشْتَدَّ الزَّمَانُ عَلَيْنَا وَأَلَحَّتْ عَلَيْنَا سُنُونَ مُنْكَرَةٌ وَلَيْسَتْ لَنَا مَادَّةٌ وَلا تِجَارَةٌ. وَهَذِهِ عِيرُ قَوْمِكَ قَدْ حَضَرَ خُرُوجُهَا إِلَى الشَّامِ. وَخَدِيجَةُ ابْنَةُ خُوَيْلِدٍ تَبْعَثُ رِجَالا مِنْ قَوْمِكَ فِي عِيرَاتِهَا. فَلَوْ تَعَرَّضْتَ لَهَا. وَبَلَغَ خَدِيجَةَ ذَلِكَ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ وَأَضْعَفَتْ لَهُ مَا كَانَتْ تُعْطِي غَيْرَهُ.
فَخَرَجَ مَعَ غُلامِهَا مَيْسَرَةَ حَتَّى قَدِمَا بُصْرَى مِنَ الشَّامِ. فَنَزَلا فِي سُوقِ بُصْرَى فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ قَرِيبًا مِنْ صَوْمَعَةِ رَاهِبٍ مِنَ الرُّهْبَانِ يُقَالُ لَهُ نُسْطُورٌ. فَاطَّلَعَ الرَّاهِبُ إِلَى مَيْسَرَةَ.
وَكَانَ يَعْرِفُهُ قَبْلَ ذَلِكَ. فَقَالَ: يَا مَيْسَرَةُ مَنْ هَذَا الَّذِي نَزَلَ تَحْتَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ؟ فَقَالَ مَيْسَرَةُ: رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ. فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ: مَا نَزَلَ تَحْتَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ قَطُّ إِلا نَبِيٌّ. ثُمَّ قَالَ: فِي عَيْنَيْهِ حُمْرَةٌ؟ قَالَ مَيْسَرَةُ: نَعَمْ لا تُفَارِقُهُ. قَالَ الرَّاهِبُ: هُوَ هُوَ آخِرُ الأَنْبِيَاءِ. يَا لَيْتَ أَنِّي أُدْرِكُهُ حِينَ يُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ! ثُمَّ حَضَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُوقَ بُصْرَى فَبَاعَ سِلْعَتَهُ الَّتِي خَرَجَ بِهَا وَاشْتَرَى غَيْرَهَا. فَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ اخْتِلافٌ فِي شَيْءٍ. [فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: احْلِفْ بِاللاتِ وَالْعُزَّى. فَقَالَ رَسُولُ الله.
ص: مَا حَلَفْتُ بِهِمَا قَطُّ وَإِنِّي لأَمُرُّ فَأُعْرِضُ عَنْهُمَا] . قَالَ الرَّجُلُ: الْقَوْلُ قَوْلُكَ. ثُمَّ قَالَ لِمَيْسَرَةَ. وَخَلا بِهِ: يَا مَيْسَرَةُ هَذَا وَاللَّهِ نَبِيٌّ! وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَهُوَ تَجِدُهُ أَحْبَارُنَا فِي كُتُبِهِمْ مَنْعُوتًا. فَوَعَى ذَلِكَ مَيْسَرَةُ. ثُمَّ انْصَرَفَ أَهْلُ الْعِيرِ جَمِيعًا. وَكَانَ مَيْسَرَةُ يَرَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا كَانَتِ الْهَاجِرَةُ وَاشْتَدَّ الْحَرُّ يَرَى مَلَكَيْنِ يُظِلانِهِ مِنَ الشَّمْسِ وَهُوَ عَلَى بَعِيرِهِ. قَالُوا: كَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَلْقَى عَلَى رَسُولِهِ الْمَحَبَّةَ مِنْ مَيْسَرَةَ. فَكَانَ كَأَنَّهُ عَبْدٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا رَجَعُوا فَكَانُوا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ انْطَلِقْ إِلَى خَدِيجَةَ فَاسْبِقْنِي فَأَخْبِرْهَا بِمَا صَنَعَ اللَّهُ لَهَا عَلَى وَجْهِكَ. فَإِنَّهَا تَعْرِفُ ذَلِكَ لَكَ. فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فِي سَاعَةِ الظَّهِيرَةِ وَخَدِيجَةُ فِي عُلِّيَّةٍ لَهَا مَعَهَا نِسَاءٌ فِيهِنَّ نَفِيسَةُ بِنْتُ مُنْيَةَ. فَرَأَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ دَخَلَ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى بَعِيرِهِ وَمَلَكَانِ يُظِلانِ عَلَيْهِ. فَأَرَتْهُ نِسَاءَهَا فَعَجَبْنَ لِذَلِكَ. وَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَبَّرَهَا بِمَا رَبِحُوا فِي وَجْهِهِمْ. فَسُرَّتْ بِذَلِكَ. فَلَمَّا دَخَلَ مَيْسَرَةُ عَلَيْهَا أَخْبَرَتْهُ بِمَا رَأَتْ. فَقَالَ مَيْسَرَةُ: قَدْ رَأَيْتُ هَذَا مُنْذُ خَرَجْنَا مِنَ الشَّامِ. وَأَخْبَرَهَا بِقَوْلِ الرَّاهِبِ نُسْطُورٍ وَمَا قَالَ الآخَرُ الَّذِي خَالَفَهُ فِي الْبَيْعِ. وَرِبَحَتْ فِي تِلْكَ الْمَرَّةِ ضِعْفَ مَا كَانَتْ تَرْبَحُ. وَأَضْعَفَتْ لَهُ ضِعْفَ مَا سَمَّتْ لَهُ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ عَنِ النَّضْرِ أَبِي عُمَرَ الْخَزَّازِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ(1/124)
عَبَّاسٍ قَالَ: أَوَّلُ شَيْءٍ رَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ النُّبُوَّةِ أَنْ قِيلَ لَهُ اسْتَتِرْ وَهُوَ غُلامٌ. فَمَا رُئِيَتْ عَوْرَتُهُ مِنْ يَوْمَئِذٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ امْرَأَةٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ ذَاكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّهِ عَنْ بَرَّةَ ابْنَةِ أَبِي تَجْرَاةَ قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَرَادَ اللَّهُ كَرَامَتَهُ وَابْتِدَاءَهُ بِالنِّبُوَّةِ. كَانَ إِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ أَبْعَدَ حَتَّى لا يَرَى بَيْتًا وَيُفْضِيَ إِلَى الشِّعَابِ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ. فَلا يَمُرُّ بِحَجَرٍ وَلا شَجَرَةٍ إِلا قَالَتْ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَكَانَ يَلْتَفِتُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ وَخَلْفَهُ فَلا يَرَى أَحَدًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. أَخْبَرَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ مُنْذِرٍ قَالَ: قَالَ الرَّبِيعُ. يَعْنِي ابْنَ خُثَيْمٍ: كَانَ يُتَحَاكَمُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ الإِسْلامِ. ثُمَّ اخْتُصَّ فِي الإِسْلامِ. قَالَ رَبِيعُ حَرْفٍ وَمَا حَرْفٌ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ آمَنَهُ. أَيْ أَنَّ اللَّهَ آمَنَهُ عَلَى وَحْيِهِ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ بَنِي غِفَارٍ قَرَّبُوا عِجْلا لَهُمْ لِيَذْبَحُوهُ عَلَى بَعْضِ أَصْنَامِهِمْ فَشَدُّوهُ. فَصَاحَ: يَا ذريح. أَمْرٌ نَجِيحٌ.
صَائِحٌ يَصِيحُ. بِلِسَانٍ فَصِيحٍ. بِمَكَّةَ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. قَالَ: فنظروا فإذا النبي.
ص. قَدْ بُعِثَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عن حسين ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ أَيْمَنَ قَالَتْ: كَانَ بِبُوَانَةَ صَنَمٌ تَحْضُرُهُ قريش تعظمه. تنسك له النسائك. ويحلقون رؤوسهم عِنْدَهُ. وَيَعْكُفُونَ عِنْدَهُ يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ. وَذَلِكَ يَوْمًا فِي السَّنَةِ. وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ يَحْضُرُهُ مَعَ قَوْمِهِ. وَكَانَ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَحْضُرَ ذَلِكَ الْعِيدَ مَعَ قَوْمِهِ فَيَأْبَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ. حَتَّى رَأَيْتُ أَبَا طَالِبٍ غَضِبَ عَلَيْهِ. وَرَأَيْتُ عَمَّاتِهِ غَضِبْنَ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ أَشَدَّ الْغَضَبِ. وَجَعَلْنَ يَقُلْنَ: إِنَّا لَنَخَافُ عَلَيْكَ مِمَّا تَصْنَعُ مِنِ اجْتِنَابِ آلِهَتِنَا. وَجَعَلْنَ يَقُلْنَ: مَا تُرِيدُ يَا مُحَمَّدُ أَنْ تَحْضُرَ لِقَوْمِكَ عِيدًا وَلا تُكْثِرَ لَهُمْ جَمْعًا. قَالَتْ: فَلَمْ يزالوا(1/125)
بِهِ حَتَّى ذَهَبَ فَغَابَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْنَا مَرْعُوبًا فَزِعًا. فَقَالَتْ لَهُ عَمَّاتُهُ: مَا دَهَاكَ؟ قَالَ: إِنِّي أَخْشَى أَنْ يَكُونَ بِي لَمَمٌ. فَقُلْنَ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَبْتَلِيَكَ بِالشَّيْطَانِ [وَفِيكَ مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ مَا فِيكَ. فَمَا الَّذِي رَأَيْتَ؟ قَالَ: إِنِّي كُلَّمَا دَنَوْتُ مِنْ صَنَمٍ مِنْهَا تَمَثَّلَ لِي رَجُلٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ يَصِيحُ بِي وَرَاءَكَ يَا مُحَمَّدُ لا تَمَسَّهُ! قَالَتْ: فَمَا عَادَ إِلَى عِيدٍ لَهُمْ حَتَّى تَنَبَّأَ.] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ تُبَّعٌ الْمَدِينَةَ وَنَزَلَ بِقَنَاةٍ فَبَعَثَ إِلَى أَحْبَارِ الْيَهُودِ فَقَالَ: إِنِّي مُخَرِّبٌ هَذَا الْبَلَدَ حَتَّى لا تَقُومَ بِهِ يَهُودِيَّةٌ وَيَرْجِعَ الأَمْرُ إِلَى دِينِ الْعَرَبِ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ سَامُولُ الْيَهُودِيُّ. وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَعْلَمُهُمْ: أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّ هَذَا بَلَدٌ يَكُونُ إِلَيْهِ مُهَاجَرُ نَبِيٍّ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ مَوْلِدُهُ مَكَّةُ اسْمُهُ أَحْمَدُ. وَهَذِهِ دَارُ هِجْرَتِهِ. إِنَّ مَنْزِلَكَ هَذَا الَّذِي أَنْتَ بِهِ يَكُونُ بِهِ مِنَ الْقَتْلَى وَالْجِرَاحِ أَمْرٌ كَبِيرٌ فِي أَصْحَابِهِ وَفِي عَدُوِّهِمْ. قَالَ تُبَّعٌ: وَمَنْ يُقَاتِلُهُ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ نَبِيٌّ كَمَا تَزْعُمُونَ؟ قَالَ: يَسِيرُ إِلَيْهِ قَوْمُهُ فَيَقْتَتِلُونَ هَهُنَا. قَالَ: فَأَيْنَ قَبْرُهُ؟ قَالَ: بِهَذَا الْبَلَدِ. قَالَ:
فَإِذَا قُوتِلَ لِمَنْ تَكُونُ الدَّبْرَةُ؟ قَالَ: تَكُونُ عَلَيْهِ مَرَّةً وَلَهُ مَرَّةً. وَبِهَذَا الْمَكَانِ الَّذِي أَنْتَ بِهِ تَكُونُ عَلَيْهِ. وَيُقْتَلُ بِهِ أَصْحَابُهُ مَقْتَلَةً لَمْ يُقْتَلُوا فِي مَوْطِنٍ. ثُمَّ تَكُونُ الْعَاقِبَةُ لَهُ.
وَيَظْهَرُ فَلا يُنَازِعُهُ هَذَا الأَمْرَ أَحَدٌ. قَالَ: وَمَا صِفَتُهُ؟ قَالَ: رَجُلٌ لَيْسَ بِالْقَصِيرِ وَلا بِالطَّوِيلِ. فِي عَيْنَيْهِ حُمْرَةٌ. يَرْكَبُ الْبَعِيرِ. وَيَلْبَسُ الشَّمْلَةَ. سَيْفُهُ عَلَى عَاتِقِهِ لا يُبَالِي مَنْ لاقَى أَخًا أَوِ ابْنَ عَمٍّ أَوْ عَمًّا حَتَّى يَظْهَرَ أَمْرُهُ. قَالَ تُبَّعٌ: مَا إِلَى هَذَا الْبَلَدِ مِنْ سَبِيلٍ.
وَمَا كَانَ لِيَكُونَ خَرَابُهَا عَلَى يَدَيَّ. فَخَرَجَ تُبَّعٌ مُنْصَرِفًا إِلَى الْيَمَنِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَاطَا. وَكَانَ أَعْلَمَ الْيَهُودِ. يَقُولُ: إِنِّي وَجَدْتُ سِفْرًا كَانَ أَبِي يَخْتِمُهُ عَلَيَّ. فِيهِ ذِكْرُ أَحْمَدَ نَبِيٍّ يَخْرُجُ بِأَرْضِ الْقَرَظِ صِفَتُهُ كَذَا وَكَذَا. فَتَحَدَّثَ بِهِ الزُّبَيْرُ بَعْدَ أَبِيهِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُبْعَثْ. فَمَا هُوَ إِلا أَنْ سَمِعَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ خَرَجَ بِمَكَّةَ حَتَّى عَمَدَ إِلَى ذَلِكَ السِّفْرِ فَمَحَاهُ وَكَتَمَ شَأْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ لَيْسَ بِهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ يَهُودُ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ وَفَدَكٍ وَخَيْبَرَ يَجِدُونَ صِفَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَهُمْ قُبَيْلَ أَنْ يُبْعَثَ. وَأَنَّ دَارَ هِجْرَتِهِ بِالْمَدِينَةِ. فَلَمَّا وَلَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -(1/126)
قَالَتْ أَحْبَارُ الْيَهُودِ: وُلِدَ أَحْمَدُ اللَّيْلَةَ. هَذَا الْكَوْكَبُ قَدْ طَلَعَ. فَلَمَّا تَنَبَّى قَالُوا:
قَدْ تَنَبَّى أَحْمَدُ. قَدْ طَلَعَ الْكَوْكَبُ الَّذِي يَطْلُعُ. كانوا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ وَيُقِرُّونَ بِهِ وَيَصِفُونَهُ إِلا الْحَسَدَ وَالْبَغْيَ ...
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ نَمْلَةَ بْنِ أَبِي نَمْلَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ يَهُودُ بَنِي قُرَيْظَةَ يدرسون ذكر رسول الله.
ص. فِي كُتُبِهِمْ وَيُعَلِّمُونَهُ الْوِلْدَانَ بِصِفَتِهِ وَاسْمِهِ وَمُهَاجَرِهِ إلينا. فلما ظهر رسول الله.
ص. حَسَدُوا وَبَغَوْا وَقَالُوا لَيْسَ بِهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ أَنَّ إِسْلامَ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعِيدٍ وَأُسَيْدِ بْنِ سَعْيَةَ وَأَسَدِ بْنِ عُبَيْدِ ابْنِ عَمِّهِمْ إِنَّمَا كَانَ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ الْهَيِّبَانِ أَبِي عُمَيْرٍ.
قَدِمَ ابْنُ الْهَيِّبَانِ. يَهُودِيٌّ مِنْ يَهُودِ الشَّامِ. قُبَيْلَ الإِسْلامِ بِسَنَوَاتٍ. قَالُوا: وَمَا رَأَيْنَا رَجُلا لا يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ خَيْرًا مِنْهُ. وَكَانَ إِذَا حُبِسَ عَنَّا الْمَطَرُ احْتَجْنَا إِلَيْهِ. نَقُولُ لَهُ: يَا ابْنَ الْهَيِّبَانِ اخْرُجْ فَاسْتَسْقِ لَنَا. فَيَقُولُ: لا حَتَّى تُقَدِّمُوا أَمَامَ مَخْرَجِكُمْ صَدَقَةً.
فَنَقُولُ: وَمَا نُقَدِّمُ؟ فَيَقُولُ: صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ عَنْ كُلِّ نَفْسٍ. فَنَفْعَلُ ذَلِكَ فَيَخْرُجُ بِنَا إِلَى ظَهْرِ وادينا. فو الله لَنْ نَبْرَحُ حَتَّى تَمُرَّ السَّحَابُ فَتُمْطِرَ عَلَيْنَا. فَفَعَلَ ذَلِكَ بِنَا مِرَارًا. كُلَّ ذَلِكَ نُسْقَى. فَبَيْنَا هُوَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إِذْ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ. فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ مَا الَّذِي تَرَوْنَ أَنَّهُ أَخْرَجَنِي مِنْ أَرْضِ الْخَمْرِ وَالْخَمِيرِ إِلَى أَرْضِ الْبُؤْسِ وَالْجُوعِ؟
قَالُوا: أَنْتَ أَعْلَمُ يَا أَبَا عُمَيْرٍ! قَالَ: إِنَّمَا قَدِمْتُهَا أَتَوَكَّفُ خُرُوجَ نَبِيٍّ قَدْ أَظَلَّكُمْ زَمَانُهُ.
وَهَذَا الْبَلَدُ مُهَاجَرُهُ. وَكُنْتُ أَرْجُو أَنْ أُدْرِكَهُ فَأَتَّبِعَهُ. فَإِنْ سَمِعْتُمْ بِهِ فَلا تُسْبَقُنَّ إِلَيْهِ. فَإِنَّهُ يَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَيَسْبِي الذَّرَارِيَّ وَالنِّسَاءَ. فَلا يَمْنَعُكُمْ هَذَا مِنْهُ. ثُمَّ مَاتَ. فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي فِي صَبِيحَتِهَا فُتِحَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ. قَالَ لَهُمْ ثَعْلَبَةُ وَأُسَيْدٌ ابْنَا سَعْيَةَ وَأَسَدُ بْنُ عُبَيْدٍ فِتْيَانٌ شَبَابٌ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ. وَاللَّهِ إِنَّهُ الرَّجُلُ الَّذِي وَصَفَ لَنَا أَبُو عُمَيْرِ بْنُ الْهَيِّبَانِ. فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاتَّبِعُوهُ. قَالُوا: لَيْسَ بِهِ. قالوا: بلى والله إنه لهو هو.
نزلوا وَأَسْلَمُوا وَأَبَى قَوْمُهُمْ أَنْ يُسْلِمُوا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ صَنَمٍ بِبُوَانَةَ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ رَسُولُ الله.
ص. بِشَهْرٍ. فَنَحَرْنَا جُزْرًا. فَإِذَا صَائِحٌ يَصِيحُ مِنْ جَوْفٍ وَاحِدَةٍ: اسْمَعُوا إِلَى(1/127)
الْعَجَبِ. ذَهَبَ اسْتِرَاقُ الْوَحْيِ وَنُرْمَى بِالشُّهُبِ. لِنَبِيٍّ بِمَكَّةَ اسْمُهُ أَحْمَدُ. مُهَاجَرُهُ إِلَى يَثْرِبَ. قَالَ: فَأَمْسَكْنَا وَعَجِبْنَا. وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْنَا فِي عِيرٍ لَنَا إِلَى الشَّامِ. فَلَمَّا كُنَّا بَيْنَ الزَّرْقَاءِ وَمُعَانٍ وَقَدْ عَرَّسْنَا مِنَ اللَّيْلِ إِذَا بِفَارِسٍ يَقُولُ: أَيُّهَا النُّيَّامُ هُبُّوا فَلَيْسَ هَذَا بِحِينِ رُقَادٍ. قَدْ خَرَجَ أَحْمَدُ. وَطُرِّدَتِ الْجِنُّ كُلَّ مُطَّرَّدٍ. فَفَزِعْنَا وَنَحْنُ رُفْقَةٌ جَرَّارَةٌ كُلُّهُمْ قَدْ سَمِعَ هَذَا.
فَرَجَعْنَا إِلَى أَهْلِينَا. فَإِذَا هُمْ يَذْكُرُونَ اخْتِلافًا بِمَكَّةَ بَيْنَ قُرَيْشٍ بِنَبِيٍّ خَرَجَ فِيهِمْ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ اسْمُهُ أَحْمَدُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْحَكَمِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَامِرِ ابن رَبِيعَةَ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ يَقُولُ: أَنَا أَنْتَظِرُ نَبِيًّا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَلا أراني أدركه. وأنا أؤمن بِهِ وَأُصَدِّقُهُ وَأَشْهَدُ أَنَّهُ نَبِيٌّ. فَإِنْ طَالَتْ بِكَ مُدَّةٌ فَرَأَيْتَهُ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ. وَسَأُخْبِرُكَ مَا نَعْتُهُ حَتَّى لا يَخْفَى عَلَيْكَ.
قُلْتُ: هَلُمَّ! قَالَ: هُوَ رَجُلٌ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلا بِالْقَصِيرِ وَلا بِكَثِيرِ الشَّعْرِ وَلا بِقَلِيلِهِ.
وَلَيْسَتْ تُفَارِقُ عَيْنَيْهِ حُمْرَةٌ. وَخَاتَمُ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ. وَاسْمُهُ أَحْمَدُ. وَهَذَا الْبَلَدُ مَوْلِدُهُ وَمَبْعَثُهُ. ثُمَّ يُخْرِجُهُ قَوْمُهُ مِنْهُ وَيَكْرَهُونَ مَا جَاءَ بِهِ حَتَّى يُهَاجِرَ إِلَى يَثْرِبَ فَيَظْهَرَ أَمْرُهُ.
فَإِيَّاكَ أَنْ تُخْدَعَ عَنْهُ فَإِنِّي طُفْتُ الْبِلادَ كُلَّهَا أَطْلُبُ دِينَ إِبْرَاهِيمَ. فَكُلُّ مَنْ أَسْأَلُ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ يَقُولُونَ هَذَا الدِّينُ وَرَاءَكَ. وَيَنْعَتُونَهُ مِثْلَ مَا نَعَتُّهُ لَكَ.
وَيَقُولُونَ لَمْ يَبْقَ نَبِيٌّ غَيْرُهُ. قَالَ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ: فلما أسلمت أخبرت رسول الله.
ص. قَوْلَ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو وَأَقْرَأْتُهُ مِنْهُ السَّلامَ. فَرَدَّ ع وَرَحَّمَ عَلَيْهِ [وَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُهُ فِي الْجَنَّةِ يَسْحَبُ ذُيُولا] .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَيْفٍ الْقُرَشِيُّ عَنْ إسماعيل بن مجالد عن مجالد الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ: شَامَمْتُ النَّصْرَانِيَّةَ وَالْيَهُودِيَّةَ فَكَرِهْتُهُمَا. فَكُنْتُ بِالشَّامِ وَمَا وَالاهُ حَتَّى أَتَيْتُ رَاهِبًا فِي صَوْمَعَةٍ. فَوَقَفْتُ عَلَيْهِ. فَذَكَرْتُ لَهُ اغْتِرَابِي عَنْ قَوْمِي وَكَرَاهَتِي عِبَادَةَ الأَوْثَانِ وَالْيَهُودِيَّةَ وَالنَّصْرَانِيَّةَ. فَقَالَ لِي: أَرَاكَ تُرِيدُ دِينَ إِبْرَاهِيمَ! يَا أَخَا أَهْلِ مَكَّةَ إِنَّكَ لَتَطْلُبُ دِينًا مَا يُؤْخَذُ الْيَوْمَ بِهِ. وَهُوَ دِينُ أَبِيكَ إِبْرَاهِيمَ. كَانَ حَنِيفًا لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا.
كَانَ يُصَلِّي وَيَسْجُدُ إِلَى هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي بِبِلادِكَ. فَالْحَقْ بِبَلَدِكَ. فَإِنَّ نَبِيًّا يُبْعَثُ مِنْ(1/128)
قَوْمِكَ فِي بَلَدِكَ يَأْتِي بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ بِالْحَنِيفِيَّةِ. وَهُوَ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَغَيْرِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَكَنَ يَهُودِيٌّ بِمَكَّةَ يَبِيعُ بِهَا تِجَارَاتٍ. فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ وُلِدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قُرَيْشٍ: هَلْ كَانَ فِيكُمْ مِنْ مَوْلُودٍ هَذِهِ اللَّيْلَةَ؟ قَالُوا: لا نَعْلَمُهُ. قَالَ: أَخْطَأْتُ وَاللَّهِ حَيْثُ كُنْتُ أَكْرَهُ. انْظُرُوا يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ وَأَحْصُوا مَا أَقُولُ لَكُمْ: وُلِدَ اللَّيْلَةَ نَبِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ أَحْمَدُ الآخِرُ. فَإِنْ أَخْطَأَكُمْ فَبِفِلَسْطِينَ. بِهِ شَامَةٌ بَيْنَ كَتِفَيْهِ سَوْدَاءُ صَفْرَاءُ فِيهَا شَعَرَاتٌ مُتَوَاتِرَاتٌ. فَتَصَدَّعَ الْقَوْمُ مِنْ مَجَالِسِهِمْ وَهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْ حَدِيثِهِ. فَلَمَّا صَارُوا فِي مَنَازِلِهِمْ ذَكَرُوا لأَهَالِيهِمْ. فَقِيلَ لِبَعْضِهِمْ: وُلِدَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ اللَّيْلَةَ غُلامٌ فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا. فَالْتَقَوْا بَعْدُ مِنْ يَوْمِهِمْ فَأَتَوْا الْيَهُودِيَّ فِي مَنْزِلِهِ فَقَالُوا: أَعَلِمْتَ أَنَّهُ وُلِدَ فِينَا مَوْلُودٌ؟ قَالَ: أَبْعَدُ خَبَرِي أَمْ قَبْلَهُ؟ قَالُوا: قَبْلَهُ وَاسْمُهُ أحمد. قال: فاذهبوا بنا إليه.
فخرجوا معه حتى دخلوا على أمه. فأخرجته إليهم. فرأى الشَّامَةَ فِي ظَهْرِهِ. فَغُشِيَ عَلَى الْيَهُودِيِّ ثُمَّ أفاق. فقالوا: وَيْلَكَ! مَا لَكَ؟ قَالَ: ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَخَرَجَ الْكِتَابُ مِنْ أَيْدِيهِمْ. وَهَذَا مَكْتُوبٌ يَقْتُلُهُمْ وَيَبُزُّ أَخْبَارَهُمْ. فَازَتِ الْعَرَبُ بِالنِّبُوَّةِ.
أَفَرَحْتُمْ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ؟ أَمَا وَاللَّهِ لَيَسْطَوَنَّ بِكُمْ سَطْوَةً يَخْرُجُ نَبَؤُهَا مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ معن أبي زكرياء الْعَجْلانِيِّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الأَخْنَسِ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ الْعَرَبِ فَزِعَ لرمي النجوم ثقيف. فأتوا عمرو ابن أُمَيَّةَ فَقَالُوا: أَلَمْ تَرَ مَا حَدَثَ؟ قَالَ: بَلَى. فَانْظُرُوا فَإِنْ كَانَتْ مَعَالِمُ النُّجُومِ الَّتِي يُهْتَدَى بِهَا وَيُعْرَفُ بِهَا أَنْوَاءُ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ انْتَثَرَتْ فَهُوَ طَيُّ الدُّنْيَا وَذَهَابُ هَذَا الْخَلْقِ الَّذِي فِيهَا. وَإِنْ كَانَتْ نُجُومًا غَيْرَهَا فَأَمْرٌ أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا الْخَلْقِ وَنَبِيٌّ يُبْعَثُ فِي الْعَرَبِ فَقَدْ تُحُدِّثَ بِذَلِكَ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ محمد عن أبي زكرياء الْعَجْلانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: أَوْحَى اللَّهُ إِلَى يَعْقُوبَ أَنِّي أَبْعَثُ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ مُلُوكًا وَأَنْبِيَاءَ حَتَّى أَبْعَثَ النَّبِيَّ الْحَرَمِيَّ الَّذِي تَبْنِي أُمَّتُهُ هَيْكَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَهُوَ خَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ. وَاسْمُهُ أَحْمَدُ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُجَاهِدٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنِ(1/129)
الشعبي قال في مجلة إبراهيم. ص: أَنَّهُ كَائِنٌ مِنْ وَلَدِكَ شُعُوبٌ وَشُعُوبٌ حَتَّى يَأْتِيَ النَّبِيُّ الأُمِّيُّ الَّذِي يَكُونُ خَاتَمَ الأَنْبِيَاءِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الْقَافْلانِيِّ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أُمِرَ إِبْرَاهِيمُ بِإِخْرَاجِ هَاجَرَ حُمِلَ عَلَى الْبُرَاقِ. فَكَانَ لا يَمُرُّ بِأَرْضٍ عَذْبَةٍ سَهْلَةٍ إِلا قَالَ:
انْزِلْ هَاهُنَا يَا جِبْرِيلُ. فَيَقُولُ: لا. حَتَّى أَتَى مَكَّةَ. فَقَالَ جِبْرِيلُ: انْزِلْ يَا إِبْرَاهِيمُ.
قَالَ: حَيْثُ لا ضَرْعَ وَلا زَرْعَ؟ قَالَ: نَعَمْ هَاهُنَا يَخْرُجُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ ذُرِّيَّةِ ابْنِكَ الَّذِي تَتِمُّ بِهِ الْكَلِمَةُ الْعُلْيَا.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ:
لَمَّا خَرَجَتْ هَاجَرُ بِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ تَلَقَّاهَا مُتَلَقٍّ فَقَالَ: يَا هَاجَرُ إِنَّ ابْنَكَ أَبُو شُعُوبٍ كَثِيرَةٍ. وَمِنْ شُعَبِهِ النَّبِيُّ الأُمِّيُّ سَاكِنُ الْحَرَمِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ كَعْبَ بْنَ أَسَدٍ قَالَ لِبَنِي قُرَيْظَةَ حِينَ نَزَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حِصْنِهِمْ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ تَابِعُوا الرجل فو الله إِنَّهُ النَّبِيُّ. وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ أَنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَأَنَّهُ الَّذِي كُنْتُمْ تَجِدُونَهُ فِي الْكُتُبِ. وَأَنَّهُ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى. وَأَنَّكُمْ لَتَعْرِفُونَ صِفَتَهُ. قَالُوا: هُوَ بِهِ وَلَكِنْ لا نُفَارِقُ حُكْمَ التَّوْرَاةِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مجاهد عن محمد بن إسحاق عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْتَ الْمِدْرَاسِ [فَقَالَ: أَخْرِجُوا إِلَيَّ أَعْلَمَكُمْ. فَقَالُوا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صُورِيَا. فَخَلا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَنَاشَدَهُ بِدِينِهِ وَبِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِمْ وَأَطْعَمَهُمْ مِنَ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى وَظَلَّلَهُمْ بِهِ مِنَ الْغَمَامِ: أَتَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ وَإِنَّ الْقَوْمَ لَيَعْرِفُونَ مَا أَعْرِفُ. وَإِنَّ صِفَتَكَ وَنَعْتَكَ لَبَيِّنٌ فِي التَّوْرَاةِ. وَلَكِنَّهُمْ حَسَدُوكَ. قَالَ: فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْتَ؟ قَالَ:
أَكْرَهُ خِلافَ قَوْمِي. وَعَسَى أَنْ يَتَّبِعُوكَ وَيُسْلِمُوا فَأُسْلِمَ] .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ وَغَيْرِهِمَا قَالُوا: قَدِمَ وَفْدُ نَجْرَانَ. وَفِيهِمْ أَبُو الْحَارِثِ بْنُ عَلْقَمَةَ بْنِ رَبِيعَةَ. لَهُ عِلْمٌ بِدِينِهِمْ وَرِئَاسَةٌ. وَكَانَ أَسْقُفَهُمْ وَإِمَامَهُمْ وَصَاحِبَ مِدْرَاسِهِمْ وَلَهُ فِيهِمْ قَدْرٌ. فَعَثَرَتْ بِهِ بَغْلَتُهُ. فَقَالَ أَخُوهُ: تَعِسَ الأَبْعَدُ. يُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَبُو(1/130)
الْحَارِثِ: بَلْ تَعِسْتَ أَنْتَ. أَتَشْتِمُ رَجُلا مِنَ الْمُرْسَلِينَ؟ إِنَّهُ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى وَإِنَّهُ لَفِي التَّوْرَاةِ! قَالَ: فَمَا يَمْنَعُكَ مِنْ دِينِهِ؟ قَالَ: شَرَّفَنَا هَؤُلاءِ الْقَوْمُ وَأَكْرَمُونَا وَمَوَّلُونَا وَقَدْ أَبَوْا إِلا خِلافَهُ. فَحَلَفَ أَخُوهُ أَلا يَثْنِي لَهُ صَعَرًا حَتَّى يَقْدَمَ الْمَدِينَةَ فَيُؤْمِنَ بِهِ. قَالَ: مَهْلا يَا أَخِي فَإِنَّمَا كُنْتُ مَازِحًا. قَالَ: وَإِنْ. فَمَضَى يَضْرِبُ رَاحِلَتَهُ وَأَنْشَأَ يَقُولُ:
إِلَيْكَ يَغْدُو قَلِقًا وَضِينُهَا ... مُعْتَرِضًا فِي بَطْنِهَا جَنِينُهَا
مُخَالِفًا دِينَ النَّصَارَى دِينُهَا
قَالَ: فَقَدِمَ وَأَسْلَمَ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْعَبْدِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَتْ قُرَيْشٌ النَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَلْقَمَةَ وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ وَغَيْرَهُمَا إِلَى يَهُودَ يَثْرِبَ وَقَالُوا لَهُمْ: سَلُوهُمْ عَنْ مُحَمَّدٍ. فَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَقَالُوا:
أَتَيْنَاكُمْ لأَمْرٍ حَدَثَ فِينَا. مِنَّا غُلامٌ يَتِيمٌ حَقِيرٌ يَقُولُ قَوْلا عَظِيمًا يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ الرَّحْمَنِ.
وَلا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ إِلا رَحْمَانَ الْيَمَامَةِ. قَالُوا: صِفُوا لَنَا صِفَتَهُ. فَوَصَفُوا لَهُمْ. قَالُوا:
فَمَنْ تَبِعَهُ مِنْكُمْ؟ قَالُوا: سَفَلَتُنَا. فَضَحِكَ حَبْرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ: هَذَا النَّبِيُّ الَّذِي نَجْدُ نَعْتَهُ وَنَجِدُ قَوْمَهُ أَشَدَّ النَّاسِ لَهُ عَدَاوَةً.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عِيَاضِ بْنِ جُعْدُبَةَ عَنْ حَرَامِ بْنِ عُثْمَانَ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَدِمَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ مِنَ الشَّامِ تَاجِرًا فِي أَرْبَعِينَ رَجُلا مِنْ قَوْمِهِ. فَرَأَى رُؤْيَا أَنَّ آتِيًا أَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّ نَبِيًّا يَخْرُجُ بِمَكَّةَ يَا أَبَا أُمَامَةَ فَاتَّبِعْهُ. وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّكُمْ تَنْزِلُونَ مَنْزِلا فَيُصَابُ أَصْحَابُكَ فَتَنْجُو أَنْتَ وَفُلانٌ يُطْعَنُ فِي عَيْنِهِ. فَنَزَلُوا مَنْزِلا فَبَيَّتَهُمُ الطَّاعُونُ فَأُصِيبُوا جَمِيعًا غَيْرَ أَبِي أُمَامَةَ وَصَاحِبٍ لَهُ طُعِنَ فِي عَيْنِهِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ وَغَيْرِهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ أَنَّ خَالِدَ ابن سَعِيدٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ظُلْمَةً غَشِيَتْ مَكَّةَ حَتَّى مَا أَرَى جَبَلا وَلا سَهْلا. ثُمَّ رَأَيْتُ نُورًا يَخْرُجُ مِنْ زَمْزَمَ مِثْلَ ضَوْءِ الْمِصْبَاحِ كُلَّمَا ارْتَفَعَ عَظُمَ وَسَطَعَ حَتَّى ارْتَفَعَ فَأَضَاءَ لِي أَوَّلَ مَا أَضَاءَ الْبَيْتَ. ثُمَّ عَظُمَ الضَّوْءُ حَتَّى مَا بَقِيَ مِنْ سَهْلٍ وَلا جَبَلٍ إِلا وَأَنَا أَرَاهُ. ثُمَّ سَطَعَ فِي السَّمَاءِ. ثُمَّ انْحَدَرَ حَتَّى أَضَاءَ لِي نَخْلَ يَثْرِبَ فِيهَا الْبُسُرُ. وَسَمِعْتُ قَائِلا يَقُولُ فِي الضَّوْءِ: سُبْحَانَهُ سُبْحَانَهُ تَمَّتِ الْكَلِمَةُ وَهَلَكَ ابْنُ مَارِدٍ بِهَضَبَةِ الْحَصَى بَيْنَ أَذْرُحَ وَالأَكَمَةِ. سَعِدَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ. جَاءَ نَبِيُّ الأُمِّيِّينَ.(1/131)
وَبَلَغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ. كَذَّبَتْهُ هَذِهِ الْقَرْيَةُ. تُعَذَّبُ مَرَّتَيْنِ. تَتُوبُ فِي الثَّالِثَةِ. ثَلاثَ بَقِيَتْ.
ثِنْتَانِ بِالْمَشْرِقِ وَوَاحِدَةٌ بِالْمَغْرِبِ. فَقَصَّهَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ عَلَى أَخِيهِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ.
فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتَ عَجَبًا وَإِنِّي لأَرَى هَذَا أَمْرًا يَكُونُ فِي بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِذْ رَأَيْتَ النُّورَ خَرَجَ مِنْ زَمْزَمَ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ قَالَ: قَالَ ابْنَ عَبَّاسٍ: أَوْحَى اللَّهُ إِلَى بَعْضِ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: اشْتَدَّ غَضَبِي عَلَيْكُمْ مِنْ أَجْلِ مَا ضَيَّعْتُمْ مِنْ أَمْرِي. فَإِنِّي حَلَفْتُ لا يَأْتِيكُمُ رُوحُ الْقُدُسِ حَتَّى أَبْعَثَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ الَّذِي يَأْتِيهِ رُوحُ الْقُدُسِ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: قَدِمَ كَاهِنٌ مَكَّةَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ وَقَدْ قَدِمَتْ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ظِئْرُهُ إِلَى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَكَانَتْ تَأْتِيهِ بِهِ فِي كُلِّ عَامٍ. فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْكَاهِنُ مَعَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اقْتُلُوا هَذَا الصَّبِيَّ. فَإِنَّهُ يَقْتُلُكُمْ وَيُفَرِّقُكُمْ. فَهَرَبَ بِهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ. فَلَمْ تَزَلْ قُرَيْشٌ تَخْشَى مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ الْكَاهِنُ حَذَّرَهُمْ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُجَاهِدٍ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ فِي بَنِي النَّجَّارِ يُقَالُ لَهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ كَانَ لَهَا تَابِعٌ مِنَ الْجِنِّ. فَكَانَ يَأْتِيهَا. فَأَتَاهَا حِينَ هَاجَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَانْقَضَّ عَلَى الْحَائِطِ. فَقَالَتْ: مَا لَكَ لَمْ تَأْتِ كَمَا كُنْتَ تَأْتِي؟ قَالَ: قَدْ جَاءَ النَّبِيُّ الَّذِي يُحَرِّمُ الزِّنَا وَالْخَمْرَ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ وَرْقَاءَ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُحِرَ الْجِنُّ وَرُمُوا بِالْكَوَاكِبِ. وَكَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ يَسْتَمِعُونَ. لِكُلِّ قَبِيلٍ مِنَ الْجِنِّ مَقْعَدٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ. فَأَوَّلُ مَنْ فَزِعَ لِذَلِكَ أَهْلُ الطَّائِفِ فَجَعَلُوا يَذْبَحُونَ لآلِهَتِهِمْ مَنْ كَانَ لَهُ إِبِلٌ أَوْ غَنْمٌ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى كَادَتْ أَمْوَالُهُمْ تَذْهَبُ. ثُمَّ تَنَاهَوْا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَلا تَرَوْنَ مَعَالِمَ السَّمَاءِ كَمَا هِيَ لَمْ يَذْهَبْ مِنْهَا شَيْءٌ! وَقَالَ إِبْلِيسُ: هَذَا أَمْرٌ حَدَثَ فِي الأَرْضِ. ائْتُونِي مِنْ كُلِّ أَرْضٍ بِتُرْبَةٍ. فَكَانَ يُؤْتَى بِالتُّرْبَةِ فَيَشُمُّهَا وَيُلْقِيهَا. حَتَّى أُتِيَ بِتُرْبَةِ تِهَامَةَ فَشَمَّهَا وَقَالَ: هَاهُنَا الْحَدَثُ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عبد العزى(1/132)
عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ الْوَحْي يُسْتَمَعُ. وَكَانَ لامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ تَابِعٌ. فَأَتَاهَا يَوْمًا وَهُوَ يَصِيحُ: جَاءَ أَمْرٌ لا يُطَاقُ. أَحْمَدُ حَرَّمَ الزِّنَا. فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالإِسْلامِ مُنِعُوا الاسْتِمَاعَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو الْهُذَلِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَضَرْتُ مَعَ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِي صَنَمَنَا سُوَاعَ وَقَدْ سُقْنَا إِلَيْهِ الذَّبَائِحَ.
فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ قَرَّبَ إِلَيْهِ بَقَرَةً سَمِينَةً فَذَبَحْتُهَا عَلَى الصَّنَمِ. فَسَمِعْنَا صَوْتًا مِنْ جَوْفِهَا:
الْعَجَبُ الْعَجَبُ كُلَّ الْعَجَبِ. خُرُوجُ نَبِيٍّ بَيْنَ الأَخَاشِبِ يُحَرِّمُ الزِّنَا. وَيُحَرِّمُ الذَّبْحَ لِلأَصْنَامِ. وَحُرِسَتِ السَّمَاءُ. وَرُمِينَا بِالشُّهُبِ فَتَفَرَّقْنَا. وَقَدِمْنَا مَكَّةَ فَسَأَلْنَا فَلَمْ نَجِدْ أَحَدًا يُخْبِرُنَا بِخُرُوجِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى لَقِينَا أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ فَقُلْنَا: يَا أَبَا بَكْرٍ. خَرَجَ أَحَدٌ بِمَكَّةَ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ يُقَالُ لَهُ أَحْمَدُ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ. فَقَالَ: نَعَمْ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ. ثُمَّ دَعَانَا إِلَى الإِسْلامِ. فَقُلْنَا: حَتَّى نَنْظُرَ مَا يَصْنَعُ قَوْمُنَا. وَيَا لَيْتَ أَنَّا أَسْلَمْنَا يَوْمَئِذٍ. فَأَسْلَمْنَا بَعْدَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ عن عبد الله ابن سَاعِدَةَ الْهُذَلِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ صَنَمِنَا سُوَاعَ وَقَدْ جَلَبْتُ إِلَيْهِ غَنَمًا لِي مِائَتَيْ شَاةٍ قَدْ كَانَ أَصَابَهَا جَرَبٌ. فَأَدْنَيْتُهَا مِنْهُ أَطْلُبُ بَرَكَتَهُ. فَسَمِعْتُ مُنَادِيًا مِنْ جَوْفِ الصَّنَمِ يُنَادِي: قَدْ ذَهَبَ كَيَدُ الْجِنِّ وَرُمِينَا بِالشُّهُبِ لِنَبِيٍّ اسْمُهُ أَحْمَدُ. قَالَ: قُلْتُ عُبِّرْتُ وَاللَّهِ.
فَأَصْرِفُ وَجْهَ غَنَمِي مُنْحَدِرًا إِلَى أَهْلِي. قَالَ: فَلَقِيتُ رَجُلا فَخَبَّرَنِي بِظُهُورِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الشَّامِيِّ عَنْ أَشْيَاخِهِ قَالُوا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حِجْرِ أَبِي طَالِبٍ. وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ قَلِيلَ الْمَالِ. كَانَتْ لَهُ قِطْعَةٌ مِنْ إِبِلٍ فَكَانَ يُؤْتَى بِلَبَنِهَا. فَإِذَا أَكَلَ عِيَالُ أَبِي طَالِبٍ جَمِيعًا أَوْ فُرَادَى لَمْ يَشْبَعُوا. وَإِذَا أَكَلَ مَعَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبِعُوا. فَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُطْعِمَهُمْ قَالَ: أَرْبِعُوا حَتَّى يَحْضُرَ ابْنِي. فَيَحْضُرُ فَيَأْكُلُ مَعَهُمْ فَيَفْضُلُ مِنْ طَعَامِهِمْ. وَإِنْ كَانَ لَئِنْ شَرِبَ أَوَّلَهُمْ ثُمَّ يُنَاوِلُهُمْ فَيَشْرَبُونَ فَيُرْوَوْنَ مِنْ آخِرِهِمْ. فَيَقُولُ أَبُو طَالِبٍ: إِنَّكَ لَمُبَارَكٌ! وَكَانَ يُصْبِحُ الصِّبْيَانُ شُعْثًا رُمْصًا. وَيُصْبِحُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَدْهُونًا مَكْحُولا.
قَالَتْ أُمُّ أَيْمَنَ: مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَكَا. صَغِيرًا وَلا كَبِيرًا. جُوعًا وَلا عَطَشًا. كَانَ يَغْدُو فَيَشْرَبُ مِنْ زَمْزَمَ فَأَعْرِضُ عليه الغذاء فَيَقُولُ: لا أُرِيدُهُ. أَنَا شَبْعَانُ.(1/133)
ذِكْرُ مَنْ تَسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِمُحَمَّدٍ رَجَاءَ أَنْ تُدْرِكَهُ النُّبُوَّةُ لِلَّذِي كَانَ مِن خبرها
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَيْفٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: كَانَتِ الْعَرَبُ تَسْمَعُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمِنَ الْكُهَّانِ أَنَّ نَبِيًّا يُبْعَثُ مِنَ الْعَرَبِ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ. فَسَمَّى مَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ مِنَ الْعَرَبِ وَلَدَهُ مُحَمَّدًا طَمَعًا فِي النُّبُوَّةِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: سُمِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ خُزَاعِيِّ بْنِ حُزَابَةَ مِنْ بَنِي ذَكْوَانَ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ طَمَعًا فِي النُّبُوَّةِ. فَأَتَى أَبْرَهَةَ بِالْيَمَنِ فَكَانَ مَعَهُ عَلَى دِينِهِ حَتَّى مَاتَ. فَلَمَّا وَجُهَ قَالَ أَخُوهُ قَيْسُ بْنُ خُزَاعِيٍّ:
فَذَلِكُمْ ذُو التَّاجِ مِنَّا مُحَمَّدٌ ... وَرَأَيْتُهُ فِي حَوْمَةِ الْمَوْتِ تَخْفِقُ
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ بْنِ السَّكَنِ الْعُرَنِيِّ قَالَ:
كَانَ فِي بَنِي تَمِيمٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ مُجَاشِعٍ. وَكَانَ أُسْقُفًا. قِيلَ لأَبِيهِ: إِنَّهُ يَكُونُ لِلْعَرَبِ نَبِيٌّ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ. فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا. وَمُحَمَّدٌ الْجُشَمِيُّ فِي بَنِي سُوَاءَةَ. وَمُحَمَّدٌ الأُسَيِّدِيُّ. وَمُحَمَّدٌ الْفُقَيْمِيُّ سَمُّوهُمْ طَمَعًا فِي النُّبُوَّةِ.
ذِكْرُ عَلامَاتِ النُّبُوَّةِ بَعْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى الله عليه وسلم -
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ بِالْحَجُونِ. وَهُوَ مُكْتَئِبٌ حَزِينٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَرِنِي الْيَوْمَ آيَةً لا أُبَالِي مَنْ كَذَّبَنِي بَعْدَهَا مِنْ قَوْمِي. فَإِذَا شَجَرَةٌ مِنْ قِبَلَ عَقَبَةِ الْمَدِينَةِ. فَنَادَاهَا فَجَاءَتْ تَشُقُّ الأَرْضَ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَيْهِ فَسَلَّمَتْ عَلَيْهِ. ثُمَّ أَمَرَهَا فَرَجَعَتْ. فَقَالَ: مَا أُبَالِي مَنْ كَذَّبَنِي بَعْدَهَا مِنْ قَوْمِي] «1» .
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مُسَافِرًا فَذَهَبَ يُرِيدُ أَنْ يَتَبَرَّزَ أَوْ يَقْضِيَ حَاجَتَهُ. فَلَمْ يَجِدْ شيئا يتوارى
__________
(1) انظر الحديث في: [المطالب العالية (3837) ، (3838) ، والشفا (1/ 79) ، ودلائل النبوة (6/ 13) ، ومجمع الزوائد (9/ 10) ] .(1/134)
بِهِ مِنَ النَّاسِ. [فَرَأَى شَجَرَتَيْنِ بَعِيدَتَيْنِ. فَقَالَ لابْنِ مَسْعُودٍ: اذْهَبْ فَقُمْ بَيْنَهُمَا فَقُلْ لَهُمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمَا أَنْ تَجْتَمِعَا حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ وَرَاءَكُمَا. فَذَهَبَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ لَهُمَا. فَأَقْبَلَتْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الأُخْرَى فَقَضَى حَاجَتَهُ وَرَاءَهُمَا] .
[حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلا. فَقَالَ لِي: ائْتِ تَيْنِكَ الأَشَاءَتَيْنِ فَقُلْ لَهُمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُكُمَا أَنْ تَجْتَمِعَا. فَأَتَيْتُهُمَا فَقُلْتُ لَهُمَا ذَلِكَ. فَوَثَبَتْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الأُخْرَى فَاجْتَمَعَتَا. فَخَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتَتَرَ فَقَضَى حَاجَتَهُ. ثُمَّ وَثَبَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إِلَى مَكَانِهَا] » .
[أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبَانَ الْوَرَّاقُ. أَخْبَرَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَاذَانَ عَنْ أُمِّ سَعْدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْتِي الْخَلاءَ فَلا يُرَى مِنْكَ شَيْءٌ مِنَ الأَذَى! فَقَالَ: أَوَمَا عَلِمْتِ يَا عَائِشَةُ أَنَّ الأَرْضَ تَبْتَلِعُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الأَنْبِيَاءِ فَلا يُرَى مِنْهُ شَيْءٌ؟] .
[أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو عِمْرَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله. ص: بَيْنَا أَنَا قَاعِدٌ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ دَخَلَ جِبْرِيلُ فَوَكَزَ بَيْنَ كَتِفَيَّ فَقُمْتُ إِلَى شَجَرَةٍ فِيهَا مِثْلُ وَكْرَيِ الطَّيْرِ فَقَعَدَ فِي وَاحِدَةٍ وَقَعَدْتُ فِي أُخْرَى فَسَمَتْ فَارْتَفَعَتْ حَتَّى سَدَّتِ الْخَافِقَيْنِ وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَمَسَّ السَّمَاءَ لَمَسَسْتُ وَأَنَا أُقَلِّبُ طَرْفِي فَالْتَفَتُّ إِلَى جِبْرِيلَ فَإِذَا هُوَ كَأَنَّهُ حِلْسٌ لاطِئٌ فَعَرَفْتُ فَضْلَ عِلْمِهِ بِاللَّهِ وَفُتِحَ لِي بَابُ السَّمَاءِ فَرَأَيْتُ النُّورَ الأَعْظَمَ وَلَطَّ دُونِي الْحِجَابُ رَفْرَفُهُ الدُّرُّ وَالْيَاقُوتُ ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ مَا شَاءَ أَنْ يُوحِيَ] «2» .
أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ الإِيَادِيُّ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ إِيَاسٍ أَبُو مَسْعُودٍ الْجُرَيْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يُحْرَسُ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: «وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» المائدة: 67. قَالَتْ:
__________
(1) انظر الحديث في: [سنن ابن ماجة (339) ، ومسند أحمد بن حنبل (4/ 172) ، ومجمع الزوائد (9/ 6) ] .
(2) انظر الحديث في: [فتح الباري (8/ 609) ، ومجمع الزوائد (1/ 75) ، وشعب الإيمان (155) ، (159) ، وحلية الأولياء (2/ 316) ] .(1/135)
فَأَخْرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأْسَهُ مِنَ الْقُبَّةِ لَهُمْ [فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ انْصَرِفُوا عَصَمَنِي اللَّهُ مِنَ النَّاسِ] .
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[قَالَ: إِنَّا مَعْشَرَ الأَنْبِيَاءِ تَنَامُ أَعْيُنُنَا وَلا تَنَامُ قُلُوبُنَا] «1» .
[أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ. أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: تَنَامُ عَيْنَايَ وَلا يَنَامُ قَلْبِي] «2» .
أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَعْوَرُ عَنْ لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ:
[رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ جِبْرِيلَ عِنْدَ رَأْسِي وَمِيكَائِيلَ عِنْدَ رِجْلَيَّ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اضْرِبْ لَهُ مَثَلا. فَقَالَ: اسْمَعْ سَمِعَتْ أُذُنُكَ واعْقِلْ عَقَلَ قَلْبُكَ. إِنَّمَا مَثَلُكَ وَمَثَلُ أُمَّتِكَ مَثَلُ مَلِكٍ اتَّخَذَ دَارًا ثُمَّ بَنَى فِيهَا بَيْتًا ثُمَّ جَعَلَ فِيهَا مَائِدَةً ثُمَّ بَعَثَ رَسُولا يَدْعُو النَّاسَ إِلَى طَعَامِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَابَ الرَّسُولَ وَمِنْهُمْ مَنْ تَرَكَهُ. فَاللَّهُ هُوَ الْمَلِكُ وَالدَّارُ هِيَ الإِسْلامُ وَمَنْ دَخَلَ الإِسْلامَ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ أَكَلَ مَا فِيهَا] .
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - لا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَيَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ. فَأَهْدَتْ إِلَيْهِ يَهُودِيَّةٌ شَاةً مَصْلِيَّةً فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا هُوَ وَأَصْحَابُهُ. [فَقَالَتْ: إِنِّي مَسْمُومَةٌ. فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ فَإِنَّهَا قَدْ أَخْبَرَتْ أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ. قَالَ: فَرَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ. قَالَ: فَمَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قالت: أردت أَنْ أَعْلَمَ إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضْرُرْكَ. وَإِنْ كُنْتَ مَلِكًا أَرَحْتُ النَّاسَ مِنْكَ. قَالَ: فَأَمَرَ بِهَا فَقُتِلَتْ] .
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حُضَيْنٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - رجلين فِي بَعْضِ أَمْرِهِ فَقَالا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ما معنا ما نتزوده. [فَقَالَ: ابْتَغِيَا لِي سِقَاءً. فَجَاءَاهُ بِسِقَاءٍ. قَالَ: فأمرنا فملأناه ثم أوكأه
__________
(1) انظر الحديث في: [الاستذكار لابن عبد البر (1/ 99) ، والتمهيد (5/ 108) ] .
(2) انظر الحديث في: [صحيح البخاري (4/ 232) ، وأبي داود في الطهارة، الباب (80) ، وموارد الظمآن (2124) ، ومصنف عبد الرزاق (3864) ، ومسند أحمد بن حنبل (2/ 251) ، 438) ] .(1/136)
وَقَالَ: اذْهَبَا حَتَّى تَبْلُغَا مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ اللَّهَ سَيَرْزُقُكُمَا. قَالَ: فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا ذَلِكَ الْمَكَانَ الَّذِي أَمَرَهُمَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَانْحَلَّ سِقَاؤُهُمَا فَإِذَا لَبَنٌ وَزُبْدُ غَنَمٍ.
فَأَكَلا وَشَرِبَا حَتَّى شِبَعَا] .
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو النَّضْرٍ الْكِنَانِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ قَالَ:
حَدَّثَنِي شَهْرٌ. يَعْنِي ابْنَ حَوْشَبٍ. قَالَ: وَحَدَّثَ أَبُو سَعِيدٍ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ فِي غَنِيمَةٍ لَهُ يَهُشُّ عَلَيْهَا فِي بَيْدَاءِ ذِي الْحُلَيْفَةِ إِذْ عَدَا عَلَيْهِ ذِئْبٌ فَانْتَزَعَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ. فَجَهْجَأَهُ الرَّجُلُ وَرَمَاهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى اسْتَنْقَذَ مِنْهُ شَاتَهُ. ثُمَّ إِنَّ الذِّئْبَ أَقْبَلَ حَتَّى أَقْعَى مُسْتَثْفِرًا بِذَنَبِهِ مُقَابِلَ الرَّجُلِ فَقَالَ: أَمَا اتَّقَيْتَ اللَّهَ أَنْ تَنْزِعَ مِنِّي شَاةً رَزَقْنِيهَا اللَّهُ؟ قَالَ الرَّجُلُ: تَالَلَّهِ مَا سَمِعْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ! قَالَ الذِّئْبُ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَعْجَبُ؟ قَالَ:
أَعْجَبُ مِنْ مُخَاطَبَةِ الذِّئْبِ إِيَّايَ! قَالَ الذِّئْبُ: قَدْ تَرَكْتَ أَعْجَبَ مِنْ ذلك. ها ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ فِي النَّخَلاتِ يُحَدِّثُ النَّاسَ بِمَا خَلا. وَيُحَدِّثُهُمْ بِمَا هُوَ آتٍ. وَأَنْتَ هَهُنَا تَتْبَعُ غَنَمَكَ! فَلَمَّا أَنْ سَمِعَ الرَّجُلُ قَوْلَ الذِّئْبِ سَاقَ غَنَمَهُ يَحُوزُهَا حَتَّى أَدْخَلَهَا قُبَاءَ قَرْيَةِ الأَنْصَارِ فَسَأَلَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَادَفَهُ فِي مَنْزِلِ أَبِي أَيُّوبَ [فأخبره خبر الذئب. قال رسول الله. ص: صَدَقْتَ. احْضَرِ الْعَشِيَّةَ فَإِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ اجْتَمَعُوا فَأَخْبِرْهُمْ ذَلِكَ. فَفَعَلَ. فَلَمَّا أَنْ صَلَّى الصَّلاةَ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ أَخْبَرَهُمُ الأَسْلَمِيُّ خَبَرَ الذِّئْبِ. قَالَ رسول الله. ص: صَدَقَ صَدَقَ صَدَقَ. تِلْكَ الأَعَاجِيبُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ. قَالَهَا ثَلاثًا. أَمَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَنْ يَغِيبَ عَنْ أَهْلِهِ الرَّوْحَةَ أَوِ الْغَدْوَةَ ثُمَّ يُخْبِرَهُ سَوْطُهُ أَوْ عَصَاهُ أَوْ نَعْلُهُ بِمَا أَحْدَثَ أَهْلُهُ مِنْ بَعْدِهِ] .
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ قَالَ: حَدَّثَنِي شَهْرٌ.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِفِنَاءِ بَيْتِهِ بِمَكَّةَ جَالِسًا إِذْ مَرَّ بِهِ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ. فَكَشَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - فقال له رسول الله. ص: أَلا تَجْلِسُ؟ قَالَ: بَلَى. فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْتَقْبِلَهُ. فَبَيْنَمَا هُوَ يُحَدِّثُهُ إِذْ شَخَصَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَظَرَ سَاعَةً إِلَى السَّمَاءِ. فَأَخَذَ يَضَعُ بَصَرَهُ حَتَّى وَضَعَهُ عَلَى يَمِينِهِ فِي الأَرْضِ. فَتَحَرَّفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ جَلِيسِهِ عُثْمَانَ إِلَى حَيْثُ وَضَعَ بَصَرَهُ.
فَأَخَذَ يُنْغِضُ رَأْسَهُ كَأَنَّهُ يَسْتَفْقِهُ مَا يُقَالُ لَهُ. وَابْنُ مَظْعُونٍ يَنْظُرُ. فَلَمَّا قَضَى حَاجَتَهُ وَاسْتَفْقَهُ مَا يُقَالُ لَهُ. وَشَخَصَ بَصَرُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى السَّمَاءِ كَمَا شَخَصَ أَوَّلَ مَرَّةٍ. فَأَتْبَعَهُ بَصَرَهُ حَتَّى تَوَارَى فِي السَّمَاءِ. فَأَقْبَلَ عَلَى عُثْمَانَ بِجِلْسَتِهِ الأُولَى. فَقَالَ(1/137)
[عُثْمَانُ: يَا مُحَمَّدُ فِيمَا كُنْتُ أُجَالِسُكَ وَآتِيكَ مَا رَأَيْتُكَ تَفْعَلُ كَفِعْلِكَ الْغَدَاةَ. قَالَ: وَمَا رَأَيْتَنِي فَعَلْتُ؟ قَالَ: رَأَيْتُكَ تَشْخَصُ بَصَرَكَ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ وَضَعْتَهُ عَلَى يَمِينِكَ فَتَحَرَّفْتَ إِلَيْهِ وَتَرَكْتَنِي. فَأَخَذْتَ تُنْغِضُ رَأْسَكَ كَأَنَّكَ تَسْتَفْقِهُ شَيْئًا يُقَالُ لَكَ. قَالَ:
أَوَفَطِنْتَ لِذَاكَ؟ قَالَ عُثْمَانُ: نعم. قال: فقال رسول الله. ص: أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ آنِفًا وَأَنْتَ جَالِسٌ. قُلْتُ: رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا قَالَ لَكَ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. قَالَ عُثْمَانُ: فَذَلِكَ حِينَ اسْتَقَرَّ الإِيمَانَ فِي قَلْبِي وَأَحْبَبْتُ مُحَمَّدًا] .
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أخبرنا عبد الحميد بن بهرام. أخبرنا شهر قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: حَضَرَتْ عِصَابَةٌ مِنَ الْيَهُودِ. يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ حَدِّثْنَا عَنْ خِلالٍ نَسْأَلْكَ عَنْهُنَّ لا يَعْلَمُهُنَّ إِلا نَبِيٌّ. قَالَ: سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ وَلَكِنِ اجْعَلُوا لِي ذِمَّةَ اللَّهِ وَمَا أَخَذَ يَعْقُوبُ عَلَى بَنِيهِ لَئِنْ أَنَا حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا فَعَرَفْتُمُوهُ لَتُبَايِعُنِّي عَلَى الإِسْلامِ. قَالُوا: فَذَلِكَ لَكَ. قَالَ: فَسَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ. قَالُوا: أَخْبِرْنَا عَنْ أَرْبَعِ خِلالٍ نَسْأَلْكَ عَنْهُنَّ. أَخْبِرْنَا أَيَّ الطَّعَامِ حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ. وَأَخْبِرْنَا كَيْفَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مِنْ مَاءِ الرَّجُلِ. وَكَيْفَ يَكُونُ الذَّكَرُ مِنْهُ وَكَيْفَ تَكُونُ الأُنْثَى. وَأَخْبِرْنَا كَيْفَ هَذَا النَّبِيُّ الأُمِّيُّ فِي النَّوْمِ وَمَنْ وَلِيُّهُ مِنَ الْمَلائِكَةِ. قَالَ:
فَعَلَيْكُمْ عَهْدُ اللَّهِ لَئِنْ أَنَا أَخْبَرْتُكُمْ لَتُبَايِعُنِّي. فَأَعْطُوهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ. قَالَ:
فَأَنْشُدُكُمْ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ إِسْرَائِيلَ يَعْقُوبَ مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا وَطَالَ سَقَمُهُ مِنْهُ فَنَذَرَ لِلَّهِ نَذْرًا لَئِنْ شَفَاهُ اللَّهُ مِنْ سَقَمِهِ لَيُحَرِّمَنَّ أَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ وَأَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ. فَكَانَ أَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ لُحْمَانُ الإِبِلِ وَأَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ أَلْبَانُهَا؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ. قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَاءَ الرَّجُلِ أَبْيَضُ غَلِيظٌ وَأَنَّ مَاءَ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ رَقِيقٌ فَأَيُّهُمَا عَلا كَانَ لَهُ الْوَلَدُ وَالشَّبَهُ بِإِذْنِ اللَّهِ. وَإِنْ عَلا مَاءُ الرَّجُلِ عَلَى مَاءِ الْمَرْأَةِ كَانَ ذَكَرًا بِإِذْنِ اللَّهِ. وَإِنْ عَلا مَاءُ الْمَرْأَةِ عَلَى مَاءِ الرَّجُلِ كَانَ أُنْثَى بِإِذْنِ اللَّهِ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ. قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ الأُمِّيَّ تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلا يَنَامُ قَلْبُهُ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ. قَالُوا: أَنْتَ الآنَ فَحَدِّثْنَا مَنْ وَلِيُّكَ مِنَ الْمَلائِكَةِ فَعِنْدَهَا نُجَامِعُكَ أَوْ نُفَارِقُكَ. قَالَ: [فَإِنَّ وَلِيِّيَّ جِبْرِيلُ وَلَمْ يُبْعَثْ نَبِيٌّ(1/138)
قَطُّ إِلا هُوَ وَلِيُّهُ.] قَالُوا: فَعِنْدَهَا نُفَارِقُكَ. لَوْ كَانَ وَلِيُّكَ سِوَاهُ مِنَ الْمَلائِكَةِ لَتَابَعْنَاكَ وَصَدَّقْنَاكَ. قَالَ: فَمَا يَمْنَعُكُمْ مِنْ أَنْ تُصَدِّقُوهُ؟ قَالُوا: إِنَّهُ عَدُوُّنَا. فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ.
جَلَّ ثَنَاؤُهُ: «قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ» البقرة:
97. إِلَى قَوْلِهِ: «كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ» البقرة: 101. فَعِنْدَ ذَلِكَ بَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ.
[أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ. يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ. عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: زَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعْدًا فَقَالَ عِنْدَهُ. فَلَمَّا أَبْرَدُوا جاؤوا بحمار لهم أعرابي قطوف قال: فوطؤوا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَطِيفَةٍ عَلَيْهِ. فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَرَادَ سَعْدٌ أَنْ يُرْدِفَ ابْنَهُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَرُدَّ الحمار. فقال رسول الله. ص: إِنْ كُنْتَ بَاعِثَهُ مَعِي فَاحْمِلْهُ بَيْنَ يَدَيَّ. قَالَ: لا بَلْ خَلْفَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فقال رسول الله. ص: أَهْلُ الدَّابَّةِ هُمْ أَوْلَى بِصَدْرِهَا. قَالَ سَعْدٌ: لا أَبْعَثُهُ مَعَكَ وَلَكِنْ رُدَّ الْحِمَارَ. قَالَ: فرده وهو هملاج فريغ مَا يُسَايَرُ] .
[أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ ثَابِتٍ. يَعْنِي الْبُنَانِيَّ. قَالَ:
اجْتَمَعَ الْمُنَافِقُونَ فَتَكَلَّمُوا بَيْنَهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: إِنَّ رِجَالا مِنْكُمُ اجْتَمَعُوا فَقَالُوا كَذَا وَقَالُوا كَذَا فَقُومُوا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ وَأَسْتَغْفِرُ لَكُمْ. فَلَمْ يَقُومُوا فَقَالَ: مَا لَكُمْ؟
قُومُوا فَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ وَأَسْتَغْفِرُ لَكُمْ. ثَلاثَ مَرَّاتٍ. فَقَالَ: لَتَقُومُنَّ أَوْ لأُسَمِّيَنَّكُمْ بِأَسْمَائِكُمْ! فَقَالَ: قُمْ يَا فُلانُ. قَالَ: فَقَامُوا خَزَايَا مُتَقَنِّعِينَ] .
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: إِنِّي لَقَائِمٌ عِنْدَ الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ. إِذْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَسْجِدِ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ حُبِسَ الْمَطَرُ وَهَلَكَتِ الْمَوَاشِي فَادْعُ الله أن يسقينا. فرفع رسول الله.
ص. يَدَيْهِ. وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ. فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ السَّحَابِ. فَوَبِلَتْنَا حَتَّى رَأَيْتُ الرَّجُلَ الشَّدِيدَ تَهُمُّهُ نَفْسُهُ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ. قَالَ: فَمُطِرْنَا سَبْعًا لا تُقْلِعُ حَتَّى الْجُمُعَةِ الثَّانِيَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ. فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ وَحُبِسَ السِّفَارُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرْفَعَهَا عَنَّا. فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلا عَلَيْنَا! قَالَ:] فَتَقَوَّرَ مَا فَوْقَ رُءُوسِنَا مِنْهَا حَتَّى كَأَنَّا فِي إِكْلِيلٍ يُمْطَرُ مَا حَوْلَنَا وَلا نُمْطَرُ.
[أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: جَعَلَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ طُعَيِّمًا لَهَا ثُمَّ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: اذْهَبْ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَادْعُهُ وَأَسِرَّهُ إِلَى(1/139)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فجاءفقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلانَةَ قَدْ صَنَعَتْ طُعَيِّمًا وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلنَّاسِ: أَجِيبُوا أَبَا فُلانٍ] . قَالَ: فَجِئْتُ وَمَا تَكَادُ تُتْبِعُنِي رِجْلايَ لِمَا تَرَكْتُ عِنْدَ أَهْلِي. وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ جَاءَ بِالنَّاسِ. قَالَ:
فَقُلْتُ لامْرَأَتِي قَدِ افْتَضَحْنَا! هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ جَاءَ بِالنَّاسِ مَعَهُ. قَالَتْ: أَوَمَا أَمَرْتُكَ أَنْ تُسِرَّ ذَلِكَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ. قَالَتْ: فَرَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم. فجاؤوا حتى ملأوا البيت وملأوا الْحُجْرَةَ وَكَانُوا فِي الدَّارِ. وَجِيءَ بِمِثْلِ الْكَفِّ فَوُضِعَتْ. فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَبْسُطُهَا فِي الإِنَاءِ وَيَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ قَالَ: ادْنُوا فَكُلُوا فَإِذَا شَبِعَ أَحَدُكُمْ فَلْيُخَلِّ لِصَاحِبِهِ. قَالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَقُومُ وَالآخَرُ يَقْعُدُ حَتَّى مَا بَقِيَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلا شَبِعَ. ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي أَهْلَ الْحُجْرَةِ. فَجَعَلَ يَقْعُدُ قَاعِدٌ وَيَقُومُ قَائِمٌ حَتَّى شَبِعُوا. ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي أَهْلَ الدَّارِ. فَصَنَعُوا مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ:
وَبَقِيَ مِثْلُ مَا كَانَ فِي الإِنَاءِ. قال: فقال رسول الله. ص: كُلُوا وَأَطْعِمُوا جِيرَانَكُمْ.
[حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: قُلْتُ لأَنَسٍ: يَا أَبَا حَمْزَةَ حَدِّثْنَا مِنْ هَذِهِ الأَعَاجِيبِ شَيْئًا شَهِدْتَهُ وَلا تُحَدِّثْهُ عَنْ غَيْرِكَ. قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - صَلاةَ الظُّهْرِ يَوْمًا ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى قَعَدَ عَلَى الْمَقَاعِدِ الَّتِي كَانَ يَأْتِيهِ عَلَيْهَا جِبْرِيلُ فَجَاءَ بِلالٌ فَنَادَى بِالْعَصْرِ. فَقَامَ كُلُّ مَنْ كان له بالمدينة أهل يقضي الحاجة ويصبب مِنَ الْوَضُوءِ. وَبَقِيَ رِجَالٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينِ لَيْسَ لَهُمْ أَهْلٌ بِالْمَدِينَةِ. فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَدَحٍ أَرْوَحَ فِيهِ مَاءٌ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَفَّهُ فِي الإِنَاءِ. فَمَا وَسِعَ الإِنَاءُ كَفَّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّهَا. فَقَالَ بِهَؤُلاءِ الأَرْبَعِ فِي الإِنَاءِ ثُمَّ قَالَ: ادنوا فتوضأوا. ويده في الإناء. فتوضأوا حَتَّى مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلا تَوَضَّأَ. قَالَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ كَمْ تُرَاهُمْ؟ قَالَ: مَا بَيْنَ السَّبْعِينَ وَالثَّمَانِينَ!] أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَخَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا بِمَاءٍ فَأُتِيَ بِهِ فِي قَدَحٍ رَحْرَاحٍ.
قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ فِيهِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْبُعُ مِنْ أَصَابِعِهِ كَأَنَّهُ الْعُيُونُ. فَشَرِبْنَا. قَالَ أَنَسٌ:
فَحَزَرْتُ الْقَوْمَ مَا بَيْنَ السَّبْعِينَ إِلَى الثَّمَانِينَ. إِلا أَنَّ خَالِدًا قَالَ: فَجَعَلَ القوم يتوضؤون.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال:(1/140)
[حضرت الصلاة فقام جيران المسجد يتوضؤون. وَبَقِيَ مَا بَيْنَ السَّبْعِينَ إِلَى الثَّمَانِينَ.
فَكَانَتْ مَنَازِلُهُمْ بَعِيدَةً. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِخْضَبٍ فِيهِ مَاءٌ مَا هُوَ بِمَلآنَ فَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِيهِ وَجَعَلَ يَصُبُّ عَلَيْهِمْ وَيَقُولُ: تَوَضَّئُوا. حَتَّى تَوَضَّئُوا كُلُّهُمْ. وَبَقِيَ فِي الْمِخْضَبِ نَحْوٌ مِمَّا كَانَ فِيهِ] .
[أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ. أَخْبَرَنَا حَزْمُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ قَالَ:
سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ لِبَعْضِ مَخَارِجِهِ وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ. فَانْطَلَقُوا يَسِيرُونَ. فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلَمْ يَجِدِ الْقَوْمُ ما يتوضؤون بِهِ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَجِدُ مَا نَتَوَضَّأُ بِهِ. وَرُئِيَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ كَرَاهِيَةَ ذَلِكَ. فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَجَاءَ بِقَدَحٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ يَسِيرٍ. فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَوَضَّأَ مِنْهُ ثُمَّ مَدَّ أَصَابِعَهُ الأَرْبَعَ عَلَى الْقَدَحِ ثُمَّ قَالَ: هَلُمُّوا. فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ حَتَّى بَلَغُوا مَا يُرِيدُونَ مِنَ الْوضُوءِ. فَسُئِلَ: كَمْ بَلَغُوا؟ فَقَالَ: سَبْعِينَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ] .
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ أَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ. أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمْنَا الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً وَعَلَيْهَا خَمْسُونَ شَاةً مَا تُرْوِيهَا. فَقَعَدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جَبَاهَا. فَإِمَّا بَزَقَ.
وَإِمَّا دَعَا. فَجَاشَتْ فَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا.
[أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ الأَزْدِيُّ. أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ أَبَانَ بْنِ بِشْرٍ عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. أَخْبَرَنَا نَافِعٌ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي زُهَاءِ أَرْبَعِمِائَةِ رَجُلٍ فَنَزَلَ بِنَا عَلَى غَيْرِ مَاءٍ. فَكَأَنَّهُ اشْتَدَّ عَلَى النَّاسِ. وَرَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَزَلَ فَنَزَلُوا. إِذْ أَقْبَلَتْ عَنْزٌ تَمْشِي حَتَّى أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحَدَّدَةَ الْقَرْنَيْنِ. قَالَ:
فَحَلَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَأَرْوَى الْجُنْدَ وَرُوِيَ. قَالَ ثُمَّ قَالَ: يَا نَافِعُ امْلِكْهَا وَمَا أَرَاكَ تَمْلُكُهَا. قَالَ: فَلَمَّا قَالَ لِي رسول الله. ص: وَمَا أَرَاكَ تَمْلِكُهَا. قَالَ:
فَأَخَذْتُ عُودًا فَرَكَزْتُهُ فِي الأَرْضِ. قَالَ: وَأَخَذْتُ رِبَاطًا فَرَبَطْتُ الشَّاةَ فَاسْتَوْثَقْتُ مِنْهَا.
قَالَ: وَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَامَ النَّاسُ وَنِمْتُ. قَالَ: فَاسْتَيْقَظْتُ فَإِذَا الْحَبْلُ مَحْلُولٌ وَإِذَا لا شَاةَ. قَالَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرْتُهُ. قَالَ قُلْتُ: الشَّاةُ ذَهَبَتْ. قَالَ:
فقال لي رسول الله. ص: يَا نَافِعُ أَوَمَا أَخْبَرْتُكَ أَنَّكَ لا تَمْلِكُهَا؟ إِنَّ الَّذِي جَاءَ بِهَا هُوَ الَّذِي ذَهَبَ بها] .(1/141)
أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ وَأَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَبُو الْعَبَّاسِ الْخُرَاسَانِيَّانِ قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا المطلب بن حنطب الْمَخْزُومِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزَاةٍ. فَأَصَابَ النَّاسَ مَخْمَصَةٌ فَاسْتَأْذَنَ النَّاسُ رسول الله.
ص. فِي نَحْرِ بَعْضِ ظَهْرِهِمْ وَقَالُوا: يُبَلِّغُنَا اللَّهُ بِهِ. فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد هَمَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فِي نَحْرِ بَعْضِ ظَهْرِهِمْ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ بِنَا إِذَا نُحِرَ لَقِينَا الْقَوْمَ غَدًا جِيَاعًا رِجَالا. وَلَكِنْ إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَدْعُوَ النَّاسَ بِبَقَايَا أَزْوَادِهِمْ فَتَجْمَعَهَا ثُمَّ تَدْعُو اللَّهَ فِيهَا بِالْبَرَكَةِ. فَإِنَّ اللَّهَ سَيُبَلِّغُنَا بِدَعْوَتِكَ. أَوْ سَيُبَارِكُ لَنَا فِي دَعَوْتِكَ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِبَقَايَا أَزْوَادِهِمْ. فَجَعَلَ النَّاسُ يَجِيئُونَ بِالْحَثْيَةِ مِنَ الطَّعَامِ وَفَوْقَ ذَلِكَ. وَكَانَ أَعْلاهُمْ مَنْ جَاءَ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ. فَجَمَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ثُمَّ قَامَ فَدَعَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوَ ثُمَّ دَعَا الْجَيْشَ بِأَوْعِيَتِهِمْ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَحْثُوا. فَمَا بقي في الجيش وعاء إلا ملؤوه وَبَقِيَ مِنْهُ. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ [فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ لا يَلْقَى اللَّهَ عَبْدٌ يُؤْمِنُ بِهِمَا إِلا حُجِبَتْ عَنْهُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ] .
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ. يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ. عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشِيَّةً فَقَالَ: [إِنَّكُمْ تَسْرُونَ عَشِيَّتَكُمْ هَذِهِ وَلَيْلَتَكُمْ وَتَأْتُونَ الْمَاءَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدَا. فَانْطَلَقَ النَّاسُ لا يَلْوِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. فَإِنِّي لأَسِيرُ إِلَى جَنْبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ ابْهَارَّ اللَّيْلُ. إِذْ نَعَسَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَالَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَدَعَمْتُهُ. يَعْنِي أَسْنَدْتُهُ. مِنْ غَيْرِ أَنْ أُوقِظَهُ. فَاعْتَدَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ ثُمَّ سِرْنَا. ثُمَّ تَهَوَّرَ اللَّيْلُ فَنَعَسَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَالَ عَلَى رَاحِلَتِهِ مَيْلَةً أُخْرَى فَدَعَمْتُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ أُوقِظَهُ. فَاعْتَدَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ ثُمَّ سِرْنَا حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ مَالَ مَيْلَةً هِيَ أَشَدُّ مِنَ الْمَيْلَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ حَتَّى كَادَ أَنْ يَنْجَفِلَ فَدَعَمْتُهُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ:
مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: مَا زَالَ هَذَا مَسِيرِي مِنْكَ مُنْذُ اللَّيْلَةِ. قَالَ: حَفِظَكَ اللَّهُ بِمَا حَفِظْتَ نَبِيَّهُ بِهِ. ثُمَّ قَالَ: أَتُرَانَا نَخْفَى عَلَى النَّاسِ؟ هَلْ تَرَى مِنْ أَحَدٍ؟ كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُعَرِّسَ.
قَالَ قُلْتُ: هَذَا رَاكِبٌ. ثُمَّ قُلْتُ: هَذَا رَاكِبٌ. فَاجْتَمَعْنَا وَكُنَّا سَبْعَةَ رَكَبَةٍ. فَمَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الطَّرِيقِ فَوَضَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ: احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلاتَنَا. فَكَانَ أَوَّلَ مَا اسْتَيْقَظَ هُوَ بِالشَّمْسِ فَقُمْنَا فَزِعِينَ. قَالَ: ارْكَبُوا. فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ(1/142)
نَزَلَ فَدَعَا بِمِيضَأَةٍ كَانَتْ مَعِي فِيهَا مَاءٌ فَتَوَضَّأْنَا وُضُوءًا دُونَ وُضُوءٍ وَبَقِيَ فِيهَا شَيْءٌ من ماء. فقال النبي. ص: يَا أَبَا قَتَادَةَ احْفَظْ عَلَيْنَا مِيضَأَتَكَ هَذِهِ فَإِنَّهُ سَيَكُونُ لَهَا نَبَأٌ. ثُمَّ نُودِيَ بِالصَّلاةِ فَصَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ كَمَا كَانَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ. ثُمَّ قَالَ: ارْكَبُوا. فَرَكِبْنَا. فَجَعَلَ بَعْضُنَا يَهْمِسُ إِلَى بَعْضٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ.
ص: مَا هَذَا الَّذِي تَهْمِسُونَ دُونِي؟ قَالَ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَفْرِيطُنَا فِي صَلاتِنَا. قَالَ فَقَالَ: أَمَا لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ؟ إِنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ وَلَكِنَّ التَّفْرِيطَ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلاةِ الأُخْرَى فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّ حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا. فَإِذَا كَانَ الْغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا. ثُمَّ قَالَ: مَا تَرَوْنَ النَّاسَ صَنَعُوا؟ ثُمَّ قَالَ: أَصْبَحَ النَّاسُ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ: رَسُولُ اللَّهِ يَعِدُكُمْ لَمْ يَكُنْ لِيُخْلِفَكُمْ. فَقَالَ النَّاسُ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَإِنْ تُطِيعُوا أَبَا بَكْرِ وَعُمَرَ تَرْشُدُوا. فَانْتَهَيْنَا إِلَى النَّاسِ حِينَ حَمِيَ كُلُّ شَيْءٍ. أَوْ قَالَ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ. وَهُمْ يَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْنَا عَطَشًا. قَالَ: لا هَلَكَ عَلَيْكُمْ. فَنَزَلَ فَقَالَ: أَطْلِقُوا لِي غُمَرِي. يَعْنِي بِالْغُمَرِ الْقَعْبُ الصَّغِيرُ. وَدَعَا بالميضاة فجعل النبي ص. يَصُبُّ وَأَسْقِيهِمْ. فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ مَا فِيهَا تكابوا. فقال النبي. ص: أَحْسِنُوا الْمِلْءَ فَكُلُّكُمْ سَيُرْوَى. قَالَ: فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُبُّ وَأَسْقِيهِمْ حَتَّى مَا بَقِيَ غَيْرِي وَغَيْرُهُ. قَالَ: فَصَبَّ. وَقَالَ:
اشْرَبْ. قَالَ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لا أشرب حتى تشرب. فقال النبي. ص: إِنَّ سَاقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ. قَالَ: فَشَرِبْتُ وَشَرِبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:] فَأَتَى النَّاسُ الْمَاءَ جَامِّينَ رُوَاءً. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ: إِنِّي لَفِي مَسْجِدِكُمْ هَذَا الْجَامِعِ أُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ. إِذْ قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: انْظُرْ أَيُّهَا الْفَتَى. انْظُرْ كَيْفَ تُحَدِّثُ. فَإِنِّي أَحَدُ الرَّكْبِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ. قَالَ: قُلْتُ يَا أَبَا نُجَيْدٍ فَأَنْتَ أَعْلَمُ. قَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ:
قُلْتُ مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ: فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِحَدِيثِكُمْ. حَدِّثِ الْقَوْمَ. قَالَ: فَحَدَّثْتُ الْقَوْمَ.
فَقَالَ عِمْرَانُ: وَقَدْ شَهِدْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَمَا شَعَرْتُ أَنَّ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ حَفِظَهُ كَمَا حَفِظْتُهُ.
حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْغَطَفَانِيُّ. أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: بِمَ كُنْتَ نَبِيًّا؟ قَالَ:
أَرَأَيْتَ إِنْ دَعَوْتُ شَيْئًا مِنَ النَّخْلَةِ فَأَجَابَنِي أَتُؤْمِنُ بِي؟ قَالَ: نَعَمْ. فَدَعَاهُ فَأَجَابَهُ فَآمَنَ بِهِ وأسلم.(1/143)
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَصَابَنَا عَطَشٌ بِالْحُدَيْبِيَةِ فَجَهَشْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ يَدَيْهِ تَوْرٌ فِيهِ مَاءٌ فَقَالَ بِأَصَابِعِهِ هَكَذَا فِيهِ. وَقَالَ: خُذُوا بِاسْمِ اللَّهِ. قَالَ: فَجَعَلَ الْمَاءُ يَتَخَلَّلُ مِنْ أَصَابِعِهِ كَأَنَّهَا عُيُونٌ فَوَسِعَنَا وَكَفَانَا. وَقَالَ حُصَيْنٌ فِي حَدِيثِهِ: فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْمِقْدَادِ قَالَ: أَقْبَلْتُ أَنَا وَصَاحِبَانِ لِي قَدْ ذَهَبَتْ أَسْمَاعُنَا وَأَبْصَارُنَا مِنَ الْجَهْدِ. قَالَ: فَجَعَلْنَا أَنْفُسَنَا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ أَحَدٌ يَقْبَلُنَا. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَانْطَلَقَ بِنَا إِلَى أَهْلِهِ. قَالَ: فَإِذَا ثَلاثَةُ أعنز.
[فقال رسول الله. ص: احْتَلِبُوا هَذَا اللَّبَنَ بَيْنَنَا] . قَالَ: فَكُنَّا نَحْتَلِبُ فَيَشْرَبُ كُلُّ إِنْسَانٍ نَصِيبَهُ. وَنَرْفَعُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصِيبَهُ. قَالَ: فَيَجِيءُ مِنَ اللَّيْلِ فَيُسَلِّمُ تَسْلِيمًا لا يُوقِظُ نَائِمًا وَيُسْمِعُ الْيَقْظَانَ. ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ فَيُصَلِّي. ثُمَّ يَأْتِي شَرَابَهُ فَيَشْرَبُهُ.
قَالَ: فَأَتَانِي الشَّيْطَانُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: مُحَمَّدٌ يَأْتِي الأَنْصَارَ فَيُتْحِفُونَهُ وَيُصِيبُ عِنْدَهُمْ.
مَا بِهِ حَاجَةٌ إِلَى هَذِهِ الْجَرْعَةِ فَاشْرَبْهَا. قَالَ: مَا زَالَ يُزَيِّنُ لِي حَتَّى شَرِبْتُهَا. فَلَمَّا وَغَلَتْ فِي بَطْنِي وَعَرَفَ أَنَّهُ لَيْسَ إِلَيْهَا سَبِيلٌ نَدَّمَنِي قَالَ: وَيْحَكَ مَا صَنَعْتَ! شَرِبْتَ شَرَابَ مُحَمَّدٍ فَيَجِيءُ فَلا يَرَاهُ فَيَدْعُو عَلَيْكَ فَتَهْلَكَ. فَتَذْهَبُ دُنْيَاكَ وَآخِرَتُكَ. قَالَ: وَعَلَيَّ شَمْلَةٌ مِنْ صُوفٍ كُلَّمَا رُفِعَتْ عَلَى رَأْسِي خَرَجَتْ قَدَمَايَ. وَإِذَا أُرْسِلَتْ عَلَى قَدَمَيَّ خَرَجَ رَأْسِي. قَالَ: وَجَعَلَ لا يَجِيئُنِي نَوْمٌ. قَالَ: وَأَمَّا صَاحِبَايَ فَنَامَا. [فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ.
ص. فَسَلَّمَ كَمَا كَانَ يُسَلِّمُ. ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى. وَأَتَى شَرَابَهُ فَكَشَفَ عَنْهُ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ شَيْئًا. قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ. قُلْتُ الآنَ يَدْعُو عَلَيَّ فَأَهْلَكُ. فَقَالَ:
اللَّهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِي وَاسْقِ مَنْ سَقَانِي! قَالَ: فَعَمَدْتُ إِلَى الشَّمْلَةِ فَشَدَدْتُهَا عَلَيَّ وَأَخَذْتُ الشَّفْرَةَ فَانْطَلَقْتُ إِلَى الأَعْنُزِ أَجُسُّهُنَّ أَيَّتُهُنَّ أَسْمَنُ فَأَذْبَحُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَإِذَا هُنَّ حُفَّلٌ كُلُّهُنَّ. فَعَمَدْتُ إِلَى إِنَاءٍ لآلِ محمد ما كانوا يطمعون أَنْ يَحْلِبُوا فِيهِ.
فَحَلَبْتُ فِيهِ حَتَّى عَلَتْهُ الرَّغْوَةُ. ثُمَّ جِئْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَمَا شَرِبْتُمْ شَرَابَكُمُ اللَّيْلَةَ يَا مِقْدَادُ؟ قَالَ قُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَنِي.
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْرَبْ. فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَنِي. فَأَخَذْتُ مَا بَقِيَ فَشَرِبْتُ. فَلَمَّا عَرَفْتُ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَدْ رُوِيَ وَأَصَابَتْنِي دَعْوَتُهُ ضَحِكْتُ حَتَّى أُلْقِيتُ إلى الأرض. قال(1/144)
رسول الله. ص: إِحْدَى سَوْءَاتِكَ يَا مِقْدَادُ. قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ مِنْ أَمْرِي كَذَا وَصَنَعَتْ كذا. فقال رسول الله. ص: مَا كَانَتْ هَذِهِ إِلا رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ. أَفَلا كُنْتَ أَدْنَيْتَنِي فَتُوقِظَ صَاحِبَيْكَ هَذَيْنِ فَيُصِيبَانِ مِنْهَا؟ قَالَ قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُبَالِي إِذْ أَصَبْتَهَا وَأَصَبْتُهَا مَعَكَ مَنْ أَصَابَهَا مِنَ النَّاسِ] .
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ أَبُو خَيْثَمَةَ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: مَا أَعْتَرِفُ لأَحَدٍ أَسْلَمَ قَبْلِي. أَتَانِي رَسُولُ الله.
ص. وَأَنَا فِي غَنَمِ أَهْلِي فَقَالَ: أَفِي غَنَمِكَ لَبَنٌ؟ قَالَ قُلْتُ: لا. قَالَ: فَأَخَذَ شَاةً فَلَمَسَ ضَرْعَهَا فَأَنْزَلَتْ. فَمَا أَعْتَرِفُ لأَحَدٍ أَسْلَمَ قَبْلِي.
[أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَيْفٍ الْقُرَشِيُّ عَنْ أَبِي زكرياء الْعَجْلانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ وَعَنْ علي بن مجاهد عن محمد بن إسحاق عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. فَلَمَّا رَآنِي مُقْبِلا قَالَ لِي: دُرْ خَلْفِي. وَطَرَحَ رِدَاءَهُ فَرَأَيْتُ الْخَاتَمَ وَقَبَّلْتُهُ. ثُمَّ دُرْتُ إِلَيْهِ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ. فَقَالَ:
كَاتِبْ. فَكَاتَبْتُ عَلَى ثَلاثِمِائَةِ وَدِيَّةٍ عَالِقَةٍ وَأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً من ذهب. فقال رسول الله.
ص: أَعِينُوا أَخَاكُمْ. فَكَانَ الرَّجُلُ يَأْتِي بِالْوَدِيَّةِ وَالثِّنْتَيْنِ وَالثَّلاثِ حَتَّى جَمَعُوا لِي ثَلاثَمِائَةٍ. فَقُلْتُ: كَيْفَ لِي بِعُلُوقِهَا؟ فَقَالَ لِي: انْطَلِقْ فَفَقِّرْ لَهَا بِيَدِكَ. فَفَقَّرْتُ لَهَا ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَجَاءَ مَعِي فَوَضَعَهَا بِيَدِهِ. فَمَا أَخْلَفَتْ مِنْهَا وَاحِدَةٌ وَبَقِيَ الذَّهَبُ. فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ أُتِيَ بِمِثْلِ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ مِنْ ذَهَبٍ صَدَقَةً فَقَالَ: أَيْنَ الْعَبْدُ الْمُكَاتِبُ الْفَارِسِيُّ؟ فَقُمْتُ فَقَالَ: خُذْ هَذِهِ فَأَدِّ مِنْهَا. فَقُلْتُ: وَكَيْفَ تَكْفِينِي هَذِهِ! فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لِسَانَهُ عَلَيْهَا. فَوَزَنْتُ مِنْهَا أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً وَبَقِيَ عِنْدِي مِثْلُ مَا أَعْطَاهُمْ] .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الصَّلْتِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ أَبِي صَخْرٍ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَتَلَقَّانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشِي. فَمَرَّ بِيَهُودِيٍّ وَمَعَهُ سِفْرٌ فِيهِ التَّوْرَاةُ يَقْرَؤُهَا عَلَى ابْنِ أَخٍ لَهُ مَرِيضٍ بَيْنَ يَدَيْهِ.
[فقال النبي. ص: يَا يَهُودِيُّ نَشَدْتُكَ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَفَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَتَجِدُ فِي تَوْرَاتِكَ نَعْتِي وَصِفَتِي وَمَخْرَجِي؟ فَأَوْمَأَ بِرَأْسِهِ أَنْ لا. فَقَالَ ابْنُ أَخِيهِ: لَكِنِّي أَشْهَدُ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى. وَفَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. إِنَّهُ لَيَجِدُ نَعْتَكَ وَزَمَانَكَ وَصِفَتَكَ وَمَخْرَجَكَ فِي كِتَابِهِ. وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّكَ(1/145)
رسول الله. فقال النبي. ص: أَقِيمُوا الْيَهُودِيَّ عَنْ صَاحِبِكُمْ. وَقُبِضَ الْفَتَى. فَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَجَنَّهُ] .
[أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي جُمَحٍ قَالَ: لَمَّا أَتَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّ مَعْبَدٍ قَالَ: هَلْ مِنْ قِرًى؟ قَالَتْ: لا. قَالَ: فَانْتَبَذَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ.
وَرَاحَ ابْنُهَا بِشُوَيْهَاتٍ فَقَالَ لأُمِّهِ: مَا هَذَا السَّوَادُ الَّذِي أَرَى مُنْتَبِذًا؟ قَالَتْ: قَوْمٌ طَلَبُوا الْقِرَى فَقُلْتُ مَا عِنْدَنَا قِرًى. فَأَتَاهُمُ ابْنُهَا فَاعْتَذَرَ وَقَالَ: إِنَّهَا امْرَأَةٌ ضَعِيفَةٌ. وَعِنْدَنَا مَا تَحْتَاجُونَ إليه. فقال رسول الله. ص: انْطَلِقْ فَأْتِنِي بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِكَ. فَجَاءَ فَأَخَذَ عَنَاقًا. فَقَالَتْ أُمُّهُ: أَيْنَ تَذْهَبُ؟ قَالَ: سَأَلانِي شَاةً. قَالَتْ: يَصْنَعَانِ بِهَا مَاذَا؟ قَالَ: مَا أَحَبَّا. فَمَسَحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَرْعَهَا وَضَرَّتَهَا فَتَحَفَّلَتْ. فَحَلَبَ حَتَّى مَلأَ قَعْبًا وَتَرْكَهَا أَحْفَلَ مَا كَانَتْ وَقَالَ: انْطَلِقْ بِهِ إِلَى أُمِّكَ وَأْتِنِي بِشَاةٍ أُخْرَى مِنْ غَنَمِكَ. فَأَتَى أُمَّهُ بِالْقَعْبِ فَقَالَتْ: أَنَّى لَكَ هَذَا؟ قَالَ: مِنْ لَبَنِ الْفُلانَةِ. قَالَتْ: وَكَيْفَ وَلَمْ تَقْرِ سَلا قَطُّ؟
أَظُنُّ هَذَا وَاللاتِ الصَّابِئَ الَّذِي بِمَكَّةَ! وَشَرِبَتْ مِنْهُ. ثُمَّ جَاءَهُ بِعَنَاقٍ أُخْرَى. فَحَلَبَهَا حَتَّى مَلأَ الْقَعْبِ ثُمَّ تَرَكَهَا أَحْفَلَ مَا كَانَتْ ثُمَّ قَالَ: اشْرَبْ. فَشَرِبَ. ثُمَّ قَالَ: جِئْنِي بِأُخْرَى. فَأَتَاهُ بِهَا. فَحَلَبَ وَسَقَى أَبَا بَكْرٍ. ثُمَّ قَالَ: جِئْنِي بِأُخْرَى. فَأَتَاهُ بِهَا.
فَحَلَبَ ثُمَّ شَرِبَ وَتَرَكَهُنَّ أَحْفَلَ مَا كُنَّ] .
[أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: بَيْنَا رسول الله.
ص. فِي مَسْجِدِهِ إِذْ أَقْبَلَ جَمَلٌ نَادٌّ حَتَّى وَضَعَ رَأْسَهُ فِي حِجْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - وجرجر.
فقال النبي. ص: إِنَّ هَذَا الْجَمَلَ يَزْعُمُ أَنَّهُ لِرَجُلٍ وَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَنْحَرَهُ فِي طَعَامٍ عَنْ أَبِيهِ الآنَ فَجَاءَ يَسْتَغِيثُ. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا جَمَلُ فُلانٍ. وَقَدْ أَرَادَ بِهِ ذَلِكَ. فَدَعَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّجُلَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ. فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ بِهِ. فَطَلَبَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لا يَنْحَرَهُ. فَفَعَلَ] .
[أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ حُبَابِ بْنِ مُوسَى السَّعِيدِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قال علي. رضي الله عَنْهُ: بِتْنَا لَيْلَةً بِغَيْرِ عَشَاءٍ. فَأَصْبَحْتُ فَخَرَجْتُ ثم رجعت إلى فاطمة. ع. وَهِيَ مَحْزُونَةٌ. فَقُلْتُ: مَا لَكِ؟ فَقَالَتْ: لَمْ نَتَعَشَّ الْبَارِحَةَ وَلَمْ نَتَغَدَّ الْيَوْمَ وَلَيْسَ عِنْدَنَا عَشَاءٌ. فَخَرَجْتُ فَالْتَمَسْتُ فَأَصَبْتُ مَا اشْتَرَيْتُ طَعَامًا وَلَحْمًا بِدِرْهَمٍ. ثُمَّ أَتَيْتُهَا بِهِ فَخَبَزَتْ وَطَبَخَتْ. فَلَمَّا فَرَغَتْ مِنْ إِنْضَاجِ الْقِدْرِ قَالَتْ: لَوْ أَتَيْتَ أَبِي فَدَعَوْتَهُ. فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُضْطَجِعٌ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ يَقُولُ: أَعُوذُ(1/146)
بِاللَّهِ مِنَ الْجُوعِ ضَجِيعًا! فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ. عِنْدَنَا طَعَامٌ فَهَلُمَّ! فَتَوَكَّأَ عَلَيَّ حَتَّى دَخَلَ وَالْقِدْرُ تَفُورُ. فَقَالَ: اغْرِفِي لِعَائِشَةَ. فَغَرَفْتُ فِي صَحْفَةٍ. ثُمَّ قَالَ: اغْرِفِي لِحَفْصَةَ. فَغَرَفْتُ فِي صَحْفَةٍ حَتَّى غَرَفْتُ لِجَمِيعِ نِسَائِهِ التِّسْعِ. ثُمَّ قَالَ:
اغْرِفِي لأَبِيكِ وَزَوْجِكِ. فَغَرَفْتُ. فَقَالَ: اغْرِفِي فَكُلِي. فَغَرَفْتُ ثُمَّ رَفَعْتُ الْقِدْرَ وَإِنَّهَا لَتَفِيضُ فَأَكَلْنَا مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ] .
[أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عياض بن جعدبة الليثي عن نَافِعٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خديجة وَهُوَ بِمَكَّةَ فَاتَّخَذَتْ لَهُ طَعَامًا. ثُمَّ قَالَ لعلي. رضي الله عَنْهُ: ادْعُ لِي بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَدَعَا أَرْبَعِينَ. فَقَالَ لِعَلِيٍّ: هَلُمَّ طَعَامَكَ. قَالَ عَلِيٌّ: فَأَتَيْتُهُمْ بِثَرِيدَةٍ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ لِيَأْكُلُ مِثْلَهَا. فَأَكَلُوا مِنْهَا جَمِيعًا حَتَّى أَمْسَكُوا. ثُمَّ قَالَ: اسْقِهِمْ. فَسَقَيْتُهُمْ بِإِنَاءٍ هُوَ رِيُّ أَحَدِهِمْ. فَشَرِبُوا مِنْهُ جَمِيعًا حَتَّى صَدَرُوا. فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: لَقَدْ سَحَرَكُمْ مُحَمَّدٌ. فَتَفَرَّقُوا وَلَمْ يَدْعُهُمْ. فَلَبِثُوا أَيَّامًا. ثُمَّ صَنَعَ لَهُمْ مِثْلَهُ. ثُمَّ أمرني فجمعتهم فطعموا. ثم قال لهم. ص: مَنْ يُؤَازِرُنِي عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهُ وَيُجِيبُنِي عَلَى أَنْ يَكُونَ أَخِي وَلَهُ الْجَنَّةُ: فَقُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَإِنِّي لأَحْدَثُهُمْ سِنًّا وَأَحْمَشُهُمْ سَاقًا. وَسَكَتَ الْقَوْمُ. ثُمَّ قَالُوا: يَا أَبَا طَالِبٍ أَلا تَرَى ابْنَكَ؟ قَالَ: دَعُوهُ فَلَنْ يَأْلُوَ ابْنَ عَمِّهِ خَيْرًا] .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَغَيْرِهِ أَنَّ عَيْنَ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ أُصِيبَتْ فَسَالَتْ عَلَى خَدِّهِ. فَرَدَّهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ. فَكَانَتْ أصح عينيه وَأَحْسَنَهُمَا.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَيَزِيدَ بْنِ رُومَانَ وَإِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ عُكَّاشَةَ بْنَ مِحْصَنٍ انْقَطَعَ سَيْفُهُ فِي يَوْمِ بَدْرٍ. فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَذْلا مِنْ شَجَرَةٍ. فَعَادَ فِي يَدِهِ سَيْفًا صَارِمًا صَافِيَ الْحَدِيدَةِ شَدِيدَ الْمَتْنِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ إِلَى خَشَبَةٍ كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ. فَلَمَّا صُنِعَ الْمِنْبَرُ فَصَعِدَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَنَّتِ الْخَشَبَةُ. فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاحْتَضَنَهَا فَسَكَنَتْ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَغَيْرِهِ أَنَّ سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكٍ(1/147)
رَكِبَ فِي طَلَبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - بعد ما اسْتَقْسَمَ بِالأَزْلامِ أَيَخْرُجُ أَمْ لا يَخْرُجُ. فَكَانَ يَخْرُجُ لَهُ أَنْ لا يَخْرُجَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. فَرَكِبَ فَلَحِقَهُمْ. فَدَعَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَرْسَخَ قَوَائِمُ فَرَسِهِ فَرَسَخَتْ. فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ. ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُطْلِقَ فَرَسِي فأرد عنك. [فقال النبي.
ص: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ صَادِقًا فَأَطْلِقْ لَهُ فَرَسَهُ. فَخَرَجَتْ قَوَائِمُ فَرَسِهِ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا تَكَاتَبَتْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَدْفَعُوا إِلَيْهِمْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانُوا تَكَاتَبُوا أَلا يُنْكِحُوهُمْ وَلا يَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ. وَلا يَبِيعُوهُمْ وَلا يَبْتَاعُوا مِنْهُمْ. وَلا يُخَالِطُوهُمْ فِي شَيْءٍ وَلا يُكَلِّمُوهُمْ. فَمَكَثُوا ثَلاثَ سِنِينَ فِي شِعْبِهِمْ مَحْصُورِينَ إِلا مَا كَانَ مِنْ أَبِي لَهَبٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمْ. وَدَخَلَ مَعَهُمْ بَنُو الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ. فَلَمَّا مَضَتْ ثَلاثُ سِنِينَ أَطْلَعُ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى أَمْرِ صَحِيفَتِهِمْ. وَأَنَّ الأَرَضَةَ قَدْ أَكَلَتْ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ جَوْرٍ أَوْ ظُلْمٍ. وَبَقِيَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ. فَذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأَبِي طَالِبٍ. فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: أَحَقٌّ مَا تُخْبِرُنِي يَا ابْنَ أَخِي؟ قَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ! قَالَ: فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو طالب لإخوته. فقالوا: مَا ظَنُّكَ بِهِ؟ قَالَ: فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ:
وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِي قَطُّ. قَالَ: فَمَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تَلْبَسُوا أَحْسَنَ مَا تَجِدُونَ مِنَ الثِّيَابِ ثُمَّ تَخْرُجُونَ إِلَى قُرَيْشٍ فَنَذْكُرُ ذَلِكَ لَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُمُ الْخَبَرُ. قَالَ: فَخَرَجُوا حَتَّى دَخَلُوا الْمَسْجِدَ. فَصَمَدُوا إِلَى الْحِجْرِ وَكَانَ لا يَجْلِسُ فِيهِ إِلا مَسَّانُ قُرَيْشٍ وَذَوُو نُهَاهُمْ. فَتَرَفَّعَتْ إِلَيْهِمُ الْمَجَالِسُ يَنْظُرُونَ مَاذَا يَقُولُونَ. فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: إِنَّا قَدْ جِئْنَا لأَمْرٍ فَأَجِيبُوا فِيهِ بِالَّذِي يُعْرَفُ لَكُمْ. قَالُوا: مَرْحَبًا بِكُمْ وَأَهْلا وَعِنْدَنَا مَا يَسُرُّكَ فَمَا طَلَبْتَ؟ قَالَ: إِنَّ ابْنَ أَخِي قَدْ أَخْبَرَنِي وَلَمُ يَكْذِبْنِي قَطُّ أَنَّ اللَّهَ سَلَّطَ عَلَى صَحِيفَتِكُمُ الَّتِي كَتَبْتُمُ الأَرَضَةَ فَلَمَسَتْ كُلَّ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ جَوْرٍ أَوْ ظُلْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ وَبَقِيَ فِيهَا كُلُّ مَا ذُكِرَ بِهِ اللَّهُ. فَإِنْ كَانَ ابْنُ أَخِي صَادِقًا نَزَعْتُمْ عَنْ سُوءِ رَأْيِكُمْ. وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمْ فَقَتَلْتُمُوهُ أَوِ اسْتَحْيَيْتُمُوهُ إِنْ شِئْتُمْ. قَالُوا: قَدْ أَنْصَفْتَنَا. فَأَرْسَلُوا إِلَى الصَّحِيفَةِ. فَلَمَّا أتي بها قال أبو طالب: اقرؤوها. فَلَمَّا فَتَحُوهَا إِذَا هِيَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أُكِلَتْ إِلا مَا كَانَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ فِيهَا. قَالَ: فَسُقِطَ فِي أَيْدِي الْقَوْمِ ثُمَّ نَكَسُوا على رؤوسهم. فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: هَلْ تَبَيَّنَ لَكُمْ أَنَّكُمْ أَوْلَى بِالظُّلْمِ وَالْقَطِيعَةِ وَالإِسَاءَةِ؟ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ. وَتَلاوَمَ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى مَا صَنَعُوا بِبَنِي هَاشِمٍ. فَمَكَثُوا غَيْرَ كَثِيرٍ. وَرَجَعَ أَبُو طَالِبٍ إِلَى الشِّعْبِ وَهُوَ يَقُولُ: يا معشر قريش(1/148)
علا م نُحْصَرُ وَنُحْبَسُ وَقَدْ بَانَ الأَمْرُ؟ ثُمَّ دَخَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بَيْنَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَالْكَعْبَةِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ انْصُرْنَا مِمَّنْ ظَلَمَنَا. وَقَطَعَ أَرْحَامَنَا. وَاسْتَحَلَّ مِنَّا مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنَّا! ثُمَّ انْصَرَفُوا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ خَبَرٍ جَاءَ إِلَى الْمَدِينَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَانَ لَهَا تَابِعٌ فَجَاءَ فِي صُورَةِ طَائِرٍ حَتَّى وَقَعَ عَلَى حَائِطِ دَارِهِمْ. فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: انْزِلْ حَدِّثْنَا وَنُحَدِّثُكَ وَتُخْبِرُنَا وَنُخْبِرُكَ. قَالَ: إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ بِمَكَّةَ نَبِيٌّ حَرَّمَ عَلَيْنَا الزِّنَا وَمَنَعَ مِنَّا الْقَرَارَ.
ذِكْرُ مَبْعَثِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا بُعِثَ بِهِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ السُّدِّيَّ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: «وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى» الضحى: 7. قَالَ: كَانَ عَلَى أَمْرِ قَوْمِهِ أَرْبَعِينَ عَامًا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ جَمِيعًا عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً. يَعْنِي مِنْ مَوْلِدِهِ.
أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأَرْبَعِينَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو مَعْمَرٍ الْمِنْقَرِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِبٍ الْبَاهِلِيُّ أَنَّهُ شَهِدَ الْعَلاءَ بْنَ زِيَادٍ الْعَدَوِيَّ يَسْأَلُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ بِسِنٍّ أَيِّ الرِّجَالِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذْ بُعِثَ؟ قَالَ: كَانَ ابْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً.
قَالَ: ثُمَّ كَانَ مَاذَا؟ قَالَ: كَانَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ. قَالَ: هَذَا قَوْلُ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ وَلَمْ يَكُنْ يَقُولُهُ غَيْرُهُ.
أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ الْعَمِّيُّ. أَخْبَرَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ. وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ الأَزْدِيُّ. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الله عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ. وَأَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ سَائِبٍ الْخُرَاسَانِيُّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ أَنَّ رسول(1/149)
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ النُّبُوَّةُ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَكَانَ مَعَهُ إِسْرَافِيلُ ثَلاثَ سِنِينَ.
ثُمَّ عُزِلَ عَنْهُ إِسْرَافِيلُ وَأُقْرِنَ بِهِ جِبْرِيلُ عَشْرَ سِنِينَ بِمَكَّةَ وَعَشْرَ سِنِينَ مُهَاجَرُهُ بِالْمَدِينَةِ.
فَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ: لَيْسَ يَعْرِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا أَنَّ إِسْرَافِيلَ قُرِنَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّ عُلَمَاءَهُمْ وَأَهْلَ السِّيرَةِ مِنْهُمْ يَقُولُونَ لَمْ يُقْرَنْ بِهِ غَيْرُ جِبْرِيلَ مِنْ حِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ إِلَى أَنْ قُبِضَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى يَقُولُ: الْقَرْنُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ عَامًا. قَالَ: فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَرْنٍ كَانَ الْعَامُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا سَالِمُ بْنُ الْعَلاءِ الأَنْصَارِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: [قال رسول الله. ص: بُعِثْتُ إِلَى الأَحْمَرِ وَالأَسْوَدِ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: الأَحْمَرُ النَّاسُ وَالأَسْوَدُ الْجِنُّ] «1» .
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ عَنْ عَوْفٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قال رسول الله.
[ص: أَنَا رَسُولُ مَنْ أَدْرَكْتُ حَيًّا وَمَنْ يُولَدُ بَعْدِي] «2» .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ. حَدَّثَنِي أبو عتبة إسماعيل بن عباس عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ معدان قال: [قال رسول الله. ص: بُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لِي فَإِلَى الْعَرَبِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لِي فَإِلَى قُرَيْشٍ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لِي فَإِلَى بَنِي هَاشِمٍ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لِي فَإِلَيَّ وَحْدِي] «3» .
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أُرْسِلْتُ إِلَى النَّاسِ كافة وبي ختم النبيون] «4» .
__________
(1) انظر الحديث في: [مسند أحمد بن حنبل (4/ 166) ، (5/ 145) ، وموارد الظمآن (200) ، والشفا (1/ 134، 330) ، وتفسير ابن كثير (6/ 100، 506) ، وزاد المسير (1/ 365) ] .
(2) انظر الحديث في: [كنز العمال (31885)) ] .
(3) انظر الحديث في: [مسند أحمد بن حنبل (3/ 304) ، والسنن الكبرى (2/ 433) ، وتفسير ابن كثير (2/ 112، 281) ، (3/ 489) ، (4/ 397) ، (6/ 101، 506، 512) ، والمعجم الكبير للطبراني (12/ 413) ، وفتح الباري (1/ 439) ، والدر المنثور (5/ 237) ] .
(4) انظر الحديث في: [السنن الكبرى للبيهقي (2/ 433، 434) ] .(1/150)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ:
[سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: إِنِّي خَاتَمُ أَلْفِ نَبِيٍّ أَوْ أَكْثَرَ] «1» .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمَكِّيُّ. أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ [قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله. ص: بُعِثْتُ عَلَى إِثْرِ ثَمَانِيَةِ آلافٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ. مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ آلافِ نَبِيٍّ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ] «2» .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ. أَخْبَرَنَا بُرْدٌ الْحَرِيرِيُّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ [قَالَ: قَالَ رسول الله. ص: بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ] «3» .
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ عَنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ صَالِحَ الأَخْلاقِ] «4» .
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خالد قال: [قال رسول الله.
ص: تَعْلَمُونَ أَنِّي رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ بُعِثْتُ لِرَفْعِ قَوْمٍ وَوَضْعِ آخَرِينَ] «5» .
أَخَبْرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ. أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ الله.
ص: أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة] .
__________
(1) انظر الحديث في: [مسند أحمد (3/ 79) ، والمستدرك (2/ 597) ، ومجمع الزوائد (7/ 346) ، وتفسير ابن كثير (2/ 426) ، والدر المنثور (5/ 535) ، والبداية والنهاية (2/ 152) ، وكنز العمال (32281) ] .
(2) انظر الحديث في: [حلية الأولياء (3/ 162) ، والبداية والنهاية (2/ 152) ، وتفسير ابن كثير (2/ 424) ] .
(3) انظر الحديث في: [مسند أحمد بن حنبل (5/ 266) ، وتفسير ابن كثير (1/ 312) ، (3/ 489) ، (4/ 178، (509) ، (5/ 452) ، وتاريخ بغداد (7/ 209) ، والدر المنثور (1/ 140، 249) ] .
(4) انظر الحديث في: [السنن الكبرى (10/ 192) ، ومكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا (23) ، ومسند أحمد بن حنبل (2/ 381) ، والأدب المفرد (273) ، ومصنف ابن أبي شيبة (11/ 500) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (5/ 438) ] .
(5) انظر الحديث في: [كنز العمال (32097) ] .(1/151)
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى الأَشْجَعِيُّ. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ.
[ص. قَالَ: إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ حُسْنَ الأَخْلاقِ] .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَمَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ. وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ. وَذَكَرَ قَوْمًا قَدِ اسْتَكْبَرُوا. فَقَالَ: إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هِلالٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا مَنَعُوا مِنِّي أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ] .
ذكر اليوم الذي بعث فيه رسول الله ص.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُورِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ أَبِي حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نُبِّئَ نَبِيُّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الاثْنَيْنِ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ الْكُوفِيُّ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
اسْتَنْبَأَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الاثْنَيْنِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: نَزَلَ الْمَلَكُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ.
ص. بِحِرَاءٍ يَوْمَ الاثْنَيْنِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَرَسُولُ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَجِبْرِيلُ الَّذِي كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ بِالْوَحْيِ.
ذِكْرُ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَبُو سُفْيَانَ الْعَبْدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
«وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ» البقرة: 253. قَالَ: هُوَ جِبْرِيلُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ(1/152)
الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ. فَكَانَ لا يَرَى رُؤْيَا إِلا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ. قَالَتْ: فَمَكَثَ عَلَى ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ. وَحُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلْوَةُ فَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهَا. وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ يَتَحَنَّثُ فِيهِ اللَّيَالِي ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ. ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ بَأَجْيَادٍ إِذْ رَأَى مَلَكًا وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى فِي أُفُقِ السَّمَاءِ يَصِيحُ: يَا مُحَمَّدُ. أَنَا جِبْرِيلُ. يَا مُحَمَّدُ. أَنَا جِبْرِيلُ. فَذُعِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ذَلِكَ. وَجَعَلَ يَرَاهُ كُلَّمَا رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ. فَرَجَعَ سَرِيعًا إِلَى خَدِيجَةَ فَأَخْبَرَهَا خَبَرَهُ وَقَالَ: [يَا خَدِيجَةُ وَاللَّهِ مَا أَبْغَضْتُ بُغْضَ هَذِهِ الأَصْنَامِ شَيْئًا قَطُّ وَلا الْكُهَّانِ وَإِنِّي لأَخْشَى أَنْ أَكُونَ كَاهِنًا. قَالَتْ: كَلا يَا ابْنَ عَمِّ لا تَقُلْ ذَلِكَ. فَإِنَّ اللَّهَ لا يَفْعَلُ ذَلِكَ بِكَ أَبَدًا. إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ وَتُؤَدِّي الأَمَانَةَ. وَإِنَّ خُلُقَكَ لَكَرِيمٌ. ثُمَّ انْطَلَقَتْ إِلَى] وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ. وَهِيَ أَوَّلُ مَرَّةٍ أَتَتْهُ. فَأَخْبَرَتْهُ مَا أَخْبَرَهَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ وَرَقَةُ:
وَاللَّهِ إِنَّ ابْنَ عَمِّكِ لَصَادِقٌ. وَإِنَّ هَذَا لَبِدْءُ نُبُوَّةٍ. وَإِنَّهُ لَيَأْتِيهِ النَّامُوسُ الأَكْبَرُ. فَمُرِيهِ أَنْ لا يَجْعَلَ فِي نَفْسِهِ إِلا خَيْرًا.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: يَا خَدِيجَةُ إِنِّي أَرَى ضَوْءًا وَأَسْمَعُ صَوْتًا. لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ كَاهِنًا. فَقَالَتْ: إِنَّ اللَّهَ لا يَفْعَلُ بِكَ ذَلِكَ يَا ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ. إِنَّكَ تَصْدُقُ الْحَدِيثَ وَتُؤَدِّي الأَمَانَةَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ] .
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ. قَالَ يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: أَحْسَبُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: يَا خَدِيجَةُ إِنِّي أَسْمَعُ صَوْتًا وَأَرَى ضوءا وإني أخشى أن يكون في جَنَنٌ. فَقَالَتْ: لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَفْعَلَ بِكَ ذَلِكَ يَا ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ. ثُمَّ أَتَتْ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ. فَقَالَ: إِنْ يَكُ صَادِقًا فَهَذَا نَامُوسٌ مِثْلُ نَامُوسِ مُوسَى. فَإِنْ يُبْعَثْ وَأَنَا حَيٌّ فَسَأُعَزِّرَهُ وَأَنْصُرَهُ وأؤمن به] .(1/153)
ذِكْرُ أَوَّلِ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَمَا قِيلَ لَهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ رَاشَدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ بَعْضَ عُلَمَائِنَا يَقُولُ: كَانَ أَوَّلُ مَا أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ. ص:
«اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ» العلق: 1- 5. فَهَذَا صَدْرُهَا الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ حِرَاءٍ. ثُمَّ نَزَلَ آخِرُهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا شَاءَ اللَّهُ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قال: أول سورة أنزلت على النبي. ص: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ» العلق: 1.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي غَطَفَانَ بْنِ طَرِيفٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ بِحِرَاءٍ مَكَثَ أَيَّامًا لا يَرَى جِبْرِيلَ. فَحَزِنَ حُزْنًا شَدِيدًا حَتَّى كَانَ يَغْدُو إِلَى ثَبِيرٍ مَرَّةً وَإِلَى حِرَاءٍ مَرَّةً يُرِيدُ أَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ مِنْهُ. فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَلِكَ عَامِدًا لِبَعْضِ تِلْكَ الْجِبَالِ إِلَى أَنْ سَمِعَ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ. فَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
صَعِقًا لِلصَّوْتِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا جِبْرِيلُ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ مُتَرَبِّعًا عَلَيْهِ يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا وَأَنَا جِبْرِيلُ. قَالَ: فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَقَدْ أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ وَرَبَطَ جَأْشَهُ. ثُمَّ تَتَابَعَ الْوَحْيُ بَعْدُ وَحَمِيَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقَرْقَسَانِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ [أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قِيلَ لِي يَا مُحَمَّدُ لِتَنَمْ عَيْنُكَ وَلْتَسْمَعْ أذنك وليع قلبك.
قال النبي. ص: فَنَامَتْ عَيْنِي وَوَعَى قَلْبِي وَسَمِعَتْ أُذُنِيَ] .
ذِكْرُ شِدَّةِ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَى النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بن مسلم. أخبرنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ وَحُمَيْدٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ كُرِبَ لَهُ وَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ(1/154)
قَالَ: كَانَ إِذَا أُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وقذ لِذَلِكَ سَاعَةً كَهَيْئَةِ السَّكْرَانِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي أَرْوَى الدَّوْسِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ الْوَحْيَ يَنْزِلُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ. فَتَرْغُو وَتَفْتِلُ يَدَيْهَا حَتَّى أَظُنَّ أَنَّ ذِرَاعَهَا تَنْقَصِمُ. فَرُبَّمَا بَرَكَتْ وَرُبَّمَا قَامَتْ مُوَتِّدَةً يَدَيْهَا حَتَّى يُسَرَّى عَنْهُ مِنْ ثُقْلِ الْوَحْيِ. وَإِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ.
أَخْبَرَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[كَانَ يَقُولُ: كَانَ الْوَحْيُ يَأْتِينِي عَلَى نَحْوَيْنِ: يَأْتِينِي بِهِ جِبْرِيلُ فَيُلْقِيهِ عَلَيَّ كَمَا يُلْقِي الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ فَذَلِكَ يَتَفَلَّتُ مِنِّي. وَيَأْتِينِي فِي شَيْءٍ مِثْلِ صَوْتِ الْجَرَسِ حَتَّى يُخَالِطَ قَلْبِي فَذَاكَ الَّذِي لا يَتَفَلَّتُ مِنِّي] .
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ قَالَ: [يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الوحي؟ فقال رسول الله.
ص: أَحْيَانًا يَأْتِينِي فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ فَيُفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ مَا قَالَ. وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ. قَالَتْ عَائِشَةُ: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْي فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيُفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا] .
أَخْبَرَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ التَّيْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْي يُعَالِجُ مِنْ ذَلِكَ شِدَّةً.
قَالَ: كَانَ يَتَلَقَّاهُ وَيُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ كَيْ لا يَنْسَاهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: «لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ
» القيامة: 16. لتعجل بأخذه. «إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ
» القيامة:
17. إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نَجْمَعَهُ فِي صَدْرِكَ. قال: قرآنه أن يقرأه. قال: «فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ
» القيامة: 18. قَالَ: أَنْصِتْ. «إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ» القيامة: 19. أَنْ نُبَيِّنَهُ بِلِسَانِكَ. قَالَ: فَانْشَرَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا عفان بن مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: «لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ
» القيامة: 16- 17. قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً يُحَرِّكُ بِهِ شَفَتَيْهِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ. تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ
» القيامة: 16- 17. عَلَيْنَا جَمْعُهُ فِي صَدْرِكَ ثُمَّ تَقْرَؤُهُ.(1/155)
قال: «فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ
» القيامة: 18. قَالَ: اسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ. قَالَ: «ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ» القيامة: 19. قَالَ: ثُمَّ عَلَيْنَا أن تقرأه. قال: فكان رسول الله.
ص. بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ لَهُ فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ كَمَا أُقْرِئَهُ.
ذِكْرُ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ إِلَى الإِسْلامِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا جَارِيَةُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إن يَصْدَعَ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. وَأَنْ يُنَادِيَ النَّاسَ بِأَمْرِهِ. وَأَنْ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ. فَكَانَ يَدْعُو مِنْ أَوَّلِ مَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ النُّبُوَّةُ ثَلاثَ سِنِينَ مُسْتَخْفِيًا إِلَى أَنْ أُمِرَ بِظُهُورِ الدُّعَاءِ.
أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ. أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدٍ: ومَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الإِسْلامِ سِرًّا وَجَهْرًا. فَاسْتَجَابَ لِلَّهِ مَنْ شَاءَ مِنْ أَحْدَاثِ الرِّجَالِ وَضُعَفَاءِ النَّاسِ حَتَّى كَثُرَ مَنْ آمَنَ بِهِ وَكُفَّارُ قُرَيْشٍ غَيْرُ مُنْكِرِينَ لِمَا يَقُولُ. فَكَانَ إِذَا مَرَّ عَلَيْهِمْ فِي مَجَالِسِهِمْ يُشِيرُونَ إِلَيْهِ أَنَّ غُلامَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَيُكَلَّمُ مِنَ السَّمَاءِ. فَكَانَ ذَلِكَ حَتَّى عَابَ اللَّهُ آلِهَتَهُمُ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا دُونَهُ. وَذَكَرَ هَلاكَ آبَائِهِمُ الَّذِينَ مَاتُوا عَلَى الْكُفْرِ. فَشَنِفُوا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ ذَلِكَ وَعَادَوْهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أُنْزِلَتْ: «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» الشعراء: 214. [صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الصَّفَا فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: مُحَمَّدٌ عَلَى الصَّفَا يَهْتِفُ. فَأَقْبَلُوا وَاجْتَمَعُوا فَقَالُوا: مَا لَكَ يَا مُحَمَّدُ؟
قَالَ: أَرَأَيْتُكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلا بِسَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ أَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي؟ قَالُوا: نَعَمْ أَنْتَ عِنْدَنَا غَيْرُ مُتَّهَمٍ وَمَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا قَطُّ. قَالَ: فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ يَا بَنِي زُهْرَةَ. حَتَّى عَدَّدَ الأَفْخَاذَ مِنْ قُرَيْشٍ. إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُنْذِرَ عَشِيرَتِي الأَقْرَبِينَ. وَإِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ الدُّنْيَا مَنْفَعَةً وَلا(1/156)
مِنَ الآخِرَةِ نَصِيبًا إِلا أَنْ تَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. قَالَ: يَقُولُ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ! أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ. تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ» السُّورَةَ كُلَّهَا] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ مَوْهَبٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: لَمَّا أَظْهَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الإِسْلامَ وَمَنْ مَعَهُ وَفَشَا أَمْرُهُ بِمَكَّةَ وَدَعَا بَعْضُهُمْ بَعْضًا. فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو نَاحِيَةً سِرًّا. وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ مِثْلَ ذَلِكَ. وَكَانَ عُثْمَانُ مِثْلَ ذَلِكَ. وَكَانَ عُمَرُ يَدْعُو عَلانِيَةً. وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ. فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ مِنْ ذَلِكَ. وَظَهَرَ مِنْهُمْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَسَدُ وَالْبَغْيُ. وَأَشْخَصَ بِهِ مِنْهُمْ رِجَالٌ فَبَادَوْهُ وَتَسَتَّرَ آخَرُونَ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الرَّأْيِ إِلا أَنَّهُمْ يُنَزِّهُونَ أَنْفُسَهُمْ عَنِ الْقِيَامِ وَالإِشْخَاصِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ أَهْلَ الْعَدَاوَةِ وَالْمُبَادَاةِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ يَطْلُبُونَ الْخُصُومَةَ وَالْجَدَلَ: أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ. وَأَبُو لَهَبِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَالأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ. وَالْحَارِثُ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ. وَهُوَ ابْنُ الْغَيْطَلَةِ وَالْغَيْطَلَةُ أُمُّهُ. وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ.
وَأُمَيَّةُ وَأُبَيٌّ ابْنَا خَلَفٍ. وَأَبُو قَيْسِ بْنُ الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ. وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ. وَمُنَبِّهُ بْنُ الْحَجَّاجِ. وَزُهَيْرُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ. وَالسَّائِبُ بْنُ صَيْفِيِّ بْنِ عَابِدٍ.
وَالأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ. وَالْعَاصُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ. وَالْعَاصُ بْنُ هَاشِمٍ. وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ. وَابْنُ الأَصْدَى الْهُذَلِيُّ. وَهُوَ الَّذِي نَطَحَتْهُ الأَرْوَى. وَالْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ. وَعَدِيُّ بْنُ الْحَمْرَاءِ. وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا جِيرَانَهُ. وَالَّذِينَ كَانَتْ تَنْتَهِي عَدَاوَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِمْ: أَبُو جَهْلٍ. وَأَبُو لَهَبٍ. وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ. وَكَانَ عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ أَهْلَ عَدَاوَةٍ وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يُشْخِصُوا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كَانُوا كَنَحْوِ قُرَيْشٍ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَلَمْ يُسْلِمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلا أَبُو سُفْيَانَ وَالْحَكَمُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عن أبيه عن عائشة قالت: [قال رسول الله. ص: كُنْتُ بَيْنَ شَرِّ جَارَيْنِ. بَيْنَ أَبِي لَهَبٍ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ إِنْ كَانَا لَيَأْتَيَانِ بِالْفُرُوثِ فَيَطْرَحَانِهَا عَلَى بَابِي حَتَّى إِنَّهُمْ لَيَأْتُونَ بِبَعْضِ مَا يَطْرَحُونَ مِنَ الأَذَى فَيَطْرَحُونَهُ عَلَى بَابِي. فَيَخْرُجُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَيَقُولُ: يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَيُّ جِوَارٍ هَذَا! ثُمَّ يُلْقِيهِ بِالطَّرِيقِ] .(1/157)
ذِكْرُ مَمْشَى قُرَيْشٍ إِلَى أَبِي طَالِبٍ فِي أَمْرِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ لُوطٍ النَّوْفَلِيُّ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ: وحدثني عَائِذُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عن أبيه عن عبد الله ابن ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ الْعُذْرِيِّ. دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ.
قَالُوا: لَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ ظُهُورَ الإِسْلامِ وَجُلُوسَ الْمُسْلِمِينَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ سَقَطَ فِي أَيْدِيهِمْ. فَمَشُوا إِلَى أَبِي طَالِبٍ حَتَّى دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا: أَنْتَ سَيُّدُنَا وَأَفْضَلُنَا فِي أَنْفُسِنَا. وَقَدْ رَأَيْتَ هَذَا الَّذِي فَعَلَ هَؤُلاءِ السُّفَهَاءُ مَعَ ابْنِ أَخِيكَ مِنْ تَرْكِهِمْ آلِهَتَنَا وطعنهم علينا وتسفيههم أحلامنا. وجاؤوا بِعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَقَالُوا: قَدْ جِئْنَاكَ بِفَتَى قُرَيْشٍ جَمَالا وَنَسَبًا وَنَهَادَةً وَشِعْرًا نَدْفَعُهُ إِلَيْكَ فَيَكُونُ لَكَ نَصَرُهُ وَمِيرَاثُهُ وَتَدْفَعُ إِلَيْنَا ابْنَ أَخِيكَ فَنَقْتُلُهُ. فَإِنَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ لِلْعَشِيرَةِ وَأَفْضَلُ فِي عَوَاقِبِ الأُمُورِ مَغَبَّةً.
قَالَ أَبُو طَالِبٍ: وَاللَّهِ مَا أَنْصَفْتُمُونِي. تُعْطُونَنِي ابْنَكُمْ أَغْذُوهُ لَكُمْ وَأُعْطِيكُمُ ابْنَ أَخِي تَقْتُلُونَهُ؟ مَا هَذَا بِالنَّصَفِ. تَسُومُونَنِي سَوْمَ الْعَرِيرِ الذَّلِيلِ! قَالُوا: فَأَرْسِلْ إِلَيْهِ فَلْنُعْطِهِ النَّصَفَ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَبُو طَالِبٍ. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي هَؤُلاءِ عُمُومَتُكَ وَأَشْرَافُ قَوْمِكَ وَقَدْ أَرَادُوا يُنْصِفُونَكَ. [فَقَالَ رَسُولُ الله. ص: قُولُوا أَسْمَعْ. قَالُوا: تَدَعَنَا وَآلِهَتَنَا. وَنَدَعُكَ وَإِلَهَكَ. قَالَ أَبُو طَالِبٍ: قَدْ أَنْصَفَكَ الْقَوْمُ فَاقْبَلْ منهم. فقال رسول الله. ص: أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَعْطَيْتُكُمْ هَذِهِ هَلْ أَنْتُمْ مُعْطِيَّ كَلِمَةً إِنْ أَنْتُمْ تَكَلَّمْتُمْ بِهَا مَلَكْتُمْ بِهَا الْعَرَبَ وَدَانَتْ لَكُمْ بِهَا الْعَجَمُ؟ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: إِنَّ هَذِهِ لَكَلِمَةٌ مُرْبِحَةٌ. نَعَمْ وَأَبِيكَ لَنَقُولَنَّهَا وَعَشَرَ أَمْثَالِهَا. قَالَ: قُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. فَاشْمَأَزُّوا] وَنَفَرُوا مِنْهَا وَغَضِبُوا وَقَامُوا وَهُمْ يَقُولُونَ: اصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ. إِنَّ هَذَا لِشَيْءٌ يُرَادُ.
وَيُقَالُ: الْمُتَكَلِّمُ بِهَذَا عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ. وَقَالُوا: لا نَعُودُ إِلَيْهِ أَبَدًا. وَمَا خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُغْتَالَ مُحَمَّدٌ. فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ فُقِدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَاءَ أَبُو طَالِبٍ وَعُمُومَتُهُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَلَمْ يَجِدُوهُ. فَجَمَعَ فِتْيَانًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ثُمَّ قَالَ:
لِيَأْخُذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ حَدِيدَةً صَارِمَةً ثُمَّ لِيَتَّبِعُنِي إِذَا دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ. فَلْيَنْظُرْ كُلُّ فَتًى مِنْكُمْ فَلْيَجْلِسْ إِلَى عَظِيمٍ مِنْ عُظَمَائِهِمْ فِيهِمُ ابْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ. يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ. فَإِنَّهُ لَمْ يَغِبْ عَنْ شَرٍّ إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ قَدْ قُتِلَ. فَقَالَ الْفِتْيَانُ: نَفْعَلُ. فَجَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَوَجَدَ أَبَا طَالِبٍ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ. فَقَالَ: يَا زَيْدُ أَحْسَسْتَ ابْنَ أَخِي؟ قَالَ: نَعَمْ كُنْتُ مَعَهُ(1/158)
آنِفًا. فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: لا أَدْخُلُ بَيْتِي أَبَدًا حَتَّى أَرَاهُ. فَخَرَجَ زَيْدٌ سَرِيعًا حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وَهُوَ فِي بَيْتٍ عِنْدَ الصَّفَا وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ يتحدثون. فأخبره الخبر. فجاء رسول الله ص. إِلَى أَبِي طَالِبٍ. فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي أَيْنَ كُنْتَ؟ أَكُنْتَ فِي خَيْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: ادْخُلْ بَيْتَكَ. فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو طَالِبٍ غدا النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَوَقَفَ بِهِ عَلَى أَنْدِيَةِ قُرَيْشٍ. وَمَعَهُ الْفِتْيَانُ الْهَاشِمِيُّونَ وَالْمُطَّلِبِيُّونَ. فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ هَلْ تَدْرُونَ مَا هَمَمْتُ بِهِ؟ قَالُوا: لا. فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ. وَقَالَ لِلْفِتْيَانِ:
اكْشِفُوا عَمَّا فِي أَيْدِيكُمْ. فَكَشَفُوا. فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَعَهُ حَدِيدَةٌ صَارِمَةٌ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ قَتَلْتُمُوهُ مَا بَقَّيْتُ مِنْكُمْ أَحَدًا حَتَّى نَتَفَانَى نَحْنُ وَأَنْتُمْ. فَانْكَسَرَ الْقَوْمُ وَكَانَ أَشَدَّهُمُ انْكِسَارًا أَبُو جَهْلٍ.
ذِكْرُ هِجْرَةِ مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - إلى أرض الحبشة فِي المرة الأولى
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: لَمَّا كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ وَظَهَرَ الإيمان وتحدث به ثار ناس كَثِيرٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ بِمَنْ آمَنَ مِنْ قَبَائِلِهِمْ فَعَذَّبُوهُمْ وَسَجَنُوهُمْ وَأَرَادُوا فِتْنَتَهُمْ عن دينهم. [فقال لهم رسول الله.
ص: تَفَرَّقُوا فِي الأَرْضِ. فَقَالُوا: أَيْنَ نَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: هَهُنَا. وَأَشَارَ إِلَى الْحَبَشَةِ.] وَكَانَتْ أَحَبَّ الأَرْضِ إِلَيْهِ أَنْ يُهَاجِرَ قِبَلِهَا. فَهَاجَرَ نَاسٌ ذَوُو عَدَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ مَنْ هَاجَرَ مَعَهُ بِأَهْلِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ. حَتَّى قَدِمُوا أَرْضَ الْحَبَشَةِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الظَّفَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ الْهُذَلِيُّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْفُضَيْلِ قَالا: فَخَرَجُوا مُتَسَلِّلِينَ سِرًّا وَكَانُوا أَحَدَ عَشَرَ رَجُلا وَأَرْبَعَ نِسْوَةٍ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الشُّعَيْبَةِ مِنْهُمُ الرَّاكِبُ وَالْمَاشِي وَوَفَّقَ الله تعالى للمسلمين ساعة جاؤوا سَفِينَتَيْنِ لِلتُّجَّارِ حَمَلُوهُمْ فِيهِمَا إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ بِنِصْفِ دِينَارٍ. وَكَانَ مَخْرَجُهُمْ فِي رَجَبٍ مِنَ السَّنَةِ الْخَامِسَةِ مِنْ حِينَ نُبِّئَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ فِي آثارهم حتى جاؤوا الْبَحْرَ حَيْثُ رَكِبُوا فَلَمْ يُدْرِكُوا مِنْهُمْ أَحَدًا. قَالُوا: وَقَدِمْنَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ فَجَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ جَارٍ أَمِنَّا عَلَى دِينِنَا وَعَبَدْنَا اللَّهَ لا نُؤْذَى وَلا نَسْمَعُ شَيْئًا نَكْرَهُهُ.(1/159)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ قَالَ: تَسْمِيَةُ الْقَوْمِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ:
عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ مَعَهُ امْرَأَتُهُ رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - وأبو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ مَعَهُ امْرَأَتُهُ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو. وَالزُّبَيْرُ بْنُ العوام بن خويلد بن أسد. ومصعب ابن عُمَيْرِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفِ بْنِ عبد عوف ابن عَبْدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ. وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ بْنِ هِلالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَخْزُومٍ مَعَهُ امْرَأَتُهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ. وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ الْجُمَحِيُّ. وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ الْعَنَزِيُّ حَلِيفُ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ مَعَهُ امْرَأَتُهُ لَيْلَى بِنْتُ أَبِي حَثْمَةَ. وَأَبُو سَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى الْعَامِرِيُّ. وَحَاطِبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ. وَسُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ.
ذِكْرُ سَبَبِ رُجُوعِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَرْضِ الحبشة
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ فَضَالَةَ الظَّفَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حنطب قالا: رأى رسول الله.
ص. مِنْ قَوْمِهِ كَفًّا عَنْهُ. فَجَلَسَ خَالِيًا فَتَمَنَّى فَقَالَ: لَيْتَهُ لا يَنْزِلُ عَلَيَّ شَيْءٌ يُنَفِّرُهُمْ عَنِّي! وَقَارَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْمَهُ وَدَنَا مِنْهُمْ وَدَنَوْا مِنْهُ. فَجَلَسَ يَوْمًا مَجْلِسًا فِي نَادٍ مِنْ تِلْكَ الأَنْدِيَةِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ: «وَالنَّجْمِ إِذا هَوى» النجم: 1. حَتَّى إِذَا بَلَغَ: «أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى» النجم: 19- 20. أَلْقَى الشَّيْطَانُ كَلِمَتَيْنِ عَلَى لِسَانِهِ: تِلْكَ الْغَرَانِيقُ الْعُلَى. وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى. فَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِمَا. ثُمَّ مَضَى فَقَرَأَ السُّورَةَ كُلَّهَا وَسَجَدَ وَسَجَدَ الْقَوْمُ جَمِيعًا وَرَفَعَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ تُرَابًا إِلَى جَبْهَتِهِ فَسَجَدَ عَلَيْهِ. وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا لا يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ. وَيُقَالُ: إِنَّ أَبَا أُحَيْحَةَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ أَخَذَ تُرَابًا فَسَجَدَ عَلَيْهِ رَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ. وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا. فَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ إِنَّمَا الَّذِي رَفَعَ التُّرَابَ الْوَلِيدُ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ أَبُو أُحَيْحَةَ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ كِلاهُمَا جَمِيعًا فَعَلَ ذَلِكَ. فَرَضُوا بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالُوا: قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَيَخْلُقُ وَيَرْزُقُ. وَلَكِنَّ آلِهَتَنَا هَذِهِ تَشْفَعُ لَنَا عِنْدَهُ. وَأَمَّا إِذْ جَعَلْتَ لَهَا نَصِيبًا فَنَحْنُ مَعَكَ. فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -(1/160)
مِنْ قَوْلِهِمْ حَتَّى جَلَسَ فِي الْبَيْتِ. فَلَمَّا أمسى أتاه جبريل. ع. فَعَرَضَ عَلَيْهِ السُّورَةَ. فَقَالَ جِبْرِيلُ: جِئْتُكَ بِهَاتَيْنِ الكلمتين. فقال رسول الله. ص: قُلْتُ عَلَى اللَّهِ مَا لَمْ يَقُلْ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: «وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا» الإسراء: 73. إِلَى قَوْلِهِ: «ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً» الإسراء: 96.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بكر ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: فَشَتْ تِلْكَ السَّجْدَةُ فِي النَّاسِ حَتَّى بَلَغَتْ أَرْضَ الْحَبَشَةِ. فَبَلَغَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ قَدْ سَجَدُوا وَأَسْلَمُوا حَتَّى إِنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ وَأَبَا أُحَيْحَةَ قَدْ سَجَدَا خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ الْقَوْمُ: فَمَنْ بَقِيَ بِمَكَّةَ إِذَا أَسْلَمَ هَؤُلاءِ؟ وَقَالُوا: عَشَائِرُنَا أَحَبُّ إِلَيْنَا. فَخَرَجُوا رَاجِعِينَ حَتَّى إِذَا كَانُوا دُونَ مَكَّةَ بِسَاعَةٍ مِنْ نَهَارٍ لَقُوا رَكْبًا مِنْ كِنَانَةَ فَسَأَلُوهُمْ عَنْ قُرَيْشٍ وَعَنْ حَالِهِمْ. فَقَالَ الرَّكْبُ: ذَكَرَ مُحَمَّدٌ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ فَتَابَعَهُ الْمَلأُ. ثُمَّ ارْتَدَّ عَنْهَا فَعَادَ لِشَتْمِ آلِهَتِهِمْ وَعَادُوا لَهُ بِالشَّرِّ. فَتَرَكْنَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ. فَأْتَمَرَ الْقَوْمُ فِي الرُّجُوعِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ ثُمَّ قَالُوا: قد بلغنا ندخل فنظر مَا فِيهِ قُرَيْشٌ وَيُحْدِثُ عَهْدًا مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أبي بكر ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: دَخَلُوا مَكَّةَ وَلَمْ يَدْخُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلا بِجِوَارٍ. إِلا ابْنَ مَسْعُودٍ فَإِنَّهُ مَكَثَ يَسِيرًا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَكَانُوا خَرَجُوا فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ فَأَقَامُوا شَعْبَانَ وَشَهْرَ رَمَضَانَ وَكَانَتِ السَّجْدَةُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَقَدِمُوا فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ.
ذِكْرُ الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: وَحَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ جَبِيرَةَ الأَشْهَلِيُّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ:
سَمِعْتُ شَيْخًا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُمَحِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ قَالُوا: لَمَّا قَدِمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مَكَّةَ مِنَ الْهِجْرَةِ الأُولَى اشْتَدَّ عَلَيْهِمْ قَوْمُهُمْ وَسَطَتْ بِهِمْ عَشَائِرُهُمْ وَلَقُوا مِنْهُمْ أذى(1/161)
شَدِيدًا. فَأَذِنَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخُرُوجِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ مَرَّةً ثَانِيَةً.
فَكَانَتْ خَرْجَتُهُمُ الآخِرَةُ أَعْظَمَهَا مَشَقَّةً وَلَقُوا مِنْ قُرَيْشٍ تَعْنِيفًا شَدِيدًا وَنَالُوهُمْ بِالأَذَى.
وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمْ مَا بَلَغَهُمْ عَنِ النَّجَاشِيِّ مِنْ حُسْنِ جِوَارِهِ لَهُمْ. فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَهِجْرَتُنَا الأُولَى وَهَذِهِ الآخِرَةُ إِلَى النَّجَاشِيِّ وَلَسْتَ مَعَنَا؟ [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ.
ص: أَنْتُمْ مُهَاجِرُونَ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيَّ. لَكُمْ هَاتَانِ الْهِجْرَتَانِ جَمِيعًا] . قَالَ عُثْمَانُ:
فَحَسْبُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَكَانَ عِدَّةُ مَنْ خَرَجَ فِي هَذِهِ الْهِجْرَةِ مِنَ الرِّجَالِ ثَلاثَةٌ وَثَمَانِينَ رَجُلا. وَمِنَ النِّسَاءِ إِحْدَى عَشَرَةَ امْرَأَةً قُرَشِيَّةً. وَسَبْعٌ غَرَائِبُ. فَأَقَامَ الْمُهَاجِرُونَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ عِنْدَ النَّجَاشِيِّ بِأَحْسَنِ جِوَارٍ. فَلَمَّا سَمِعُوا بِمُهَاجَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ رَجَعَ مِنْهُمْ ثَلاثَةٌ وَثَلاثُونَ رَجُلا. وَمِنَ النِّسَاءِ ثَمَانِي نِسْوَةٍ. فَمَاتَ مِنْهُمْ رَجُلانِ بِمَكَّةَ. وَحُبِسَ بِمَكَّةَ سَبْعَةُ نَفَرٍ. وَشَهِدَ بَدْرًا مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلا. فَلَمَّا كَانَ شَهْرُ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ مِنْ هِجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
إِلَى النَّجَاشِيِّ كِتَابًا يَدْعُوهُ فِيهِ إِلَى الإِسْلامِ. وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ. فَلَمَّا قُرِئَ عَلَيْهِ الْكِتَابُ أَسْلَمَ وَقَالَ: لَوْ قَدَرْتُ أَنْ آتِيَهُ لأَتَيْتُهُ. وَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَنْ يُزَوِّجَهُ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ. وَكَانَتْ فِيمَنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ مَعَ زَوْجِهَا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ فَتَنَصَّرَ هُنَاكَ وَمَاتَ. فَزَوَّجَهُ النَّجَاشِيُّ إِيَّاهَا وَأَصْدَقَ عَنْهُ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ. وَكَانَ الَّذِي وَلِيَ تَزْوِيجَهَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ. وَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ مَنْ بَقِيَ عِنْدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَيَحْمِلُهُمْ. فَفَعَلَ وَحَمَلَهُمْ فِي سَفِينَتَيْنِ مَعَ عمرو بن أمية الضمري. فأرسوا بِهِمْ إِلَى سَاحِلِ بُولا وَهُوَ الْجَارُ. ثُمَّ تَكَارُوا الظَّهْرَ حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَيَجِدُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ. فَشَخَصُوا إِلَيْهِ فَوَجَدُوهُ قَدْ فَتَحَ خَيْبَرَ. فَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُدْخِلُوهُمْ فِي سُهْمَانِهِمْ. فَفَعَلُوا.
ذِكْرُ حَصْرِ قُرَيْشٍ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَنِي هَاشِمٍ في الشعب
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الْحَضْرَمِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَحَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أبي(1/162)
بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ. دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. قَالُوا:
لَمَّا بَلَغَ قُرَيْشًا فِعْلُ النَّجَاشِيِّ لِجَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ وَإِكْرَامِهِ إِيَّاهُمْ كَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَغَضِبُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَتَبُوا كِتَابًا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ أَلا يُنَاكِحُوهُمْ. وَلا يُبَايِعُوهُمْ. وَلا يُخَالِطُوهُمْ. وَكَانَ الَّذِي كَتَبَ الصَّحِيفَةَ مَنْصُورُ بْنُ عِكْرِمَةَ الْعَبْدَرِيُّ. فَشُلَّتْ يَدُهُ. وَعَلَّقُوا الصَّحِيفَةَ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ كَانَتْ عِنْدَ أُمِّ الْجُلاسِ بِنْتِ مُخَرِّبَةَ الْحَنْظَلِيَّةِ خَالَةِ أَبِي جَهْلٍ. وَحَصَرُوا بَنِي هَاشِمٍ فِي شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ لَيْلَةَ هِلالِ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ مِنْ حين تنبى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَانْحَازَ بَنُو الْمُطَّلِبِ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ إِلَى أَبِي طَالِبٍ فِي شِعْبِهِ مَعَ بَنِي هَاشِمٍ. وَخَرَجَ أَبُو لَهَبٍ إِلَى قُرَيْشٍ فَظَاهَرَهُمْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ.
وَقَطَعُوا عَنْهُمُ الْمِيرَةَ وَالْمَادَّةَ. فَكَانُوا لا يَخْرُجُونَ إِلا مِنْ مَوْسِمٍ إِلَى مَوْسِمٍ حَتَّى بَلَغَهُمُ الْجَهْدُ وَسُمِعَ أَصْوَاتُ صِبْيَانِهِمْ مِنْ وَرَاءِ الشِّعْبِ. فَمِنْ قُرَيْشٍ مَنْ سَرَّهُ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ سَاءَهُ وَقَالَ: انْظُرُوا مَا أَصَابَ مَنْصُورَ بْنَ عِكْرِمَةَ. فَأَقَامُوا فِي الشِّعْبِ ثَلاثَ سِنِينَ. ثُمَّ أَطْلَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ عَلَى أمر صحيفتهم وأن الأرضة قد أكلت ما كَانَ فِيهَا مِنْ جَوْرٍ وَظُلْمٍ وَبَقِيَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ زِيَادِ بْنِ فَيَّاضٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: كَتَبَتْ قُرَيْشٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كِتَابًا وَخَتَمُوا عَلَيْهِ ثَلاثَةَ خَوَاتِيمَ.
فَأَرْسَلَ اللَّهُ. عَزَّ وَجَلَّ. عَلَى الصَّحِيفَةِ دَابَّةً فَأَكَلَتْ كُلَّ شَيْءٍ إِلا اسْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَعِكْرِمَةَ قَالا: أُكِلَ كُلُّ شَيْءٍ كَانَ فِي الصَّحِيفَةِ إِلا بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ. وَكَانَتِ الصَّحِيفَةُ عِنْدَ جَدِّهِ. قَالَ: أُكِلَ كُلُّ شَيْءٍ كَانَ فِي الصَّحِيفَةِ مِنْ قَطِيعَةٍ غَيْرَ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ. رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الأَوَّلِ. قَالَ: فَذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأَبِي طَالِبٍ. فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو طَالِبٍ لإِخْوَتِهِ وَخَرَجُوا إِلَى الْمَسْجِدِ. فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ لِكُفَّارِ قُرَيْشٍ: إِنَّ ابْنَ أَخِي قَدْ أَخْبَرَنِي وَلَمُ يَكْذِبْنِي قَطُّ أَنَّ اللَّهَ قَدْ سَلَّطَ عَلَى صَحِيفَتِكُمُ الأَرَضَةَ فَلَحَسَتْ كُلَّ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ جَوْرٍ أَوْ ظُلْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ وَبَقِيَ فِيهَا كُلُّ مَا ذُكِرَ بِهِ اللَّهُ. فَإِنْ كَانَ ابْنُ أَخِي صَادِقًا نزعتم عن(1/163)
سُوءِ رَأْيِكُمْ. وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمْ فَقَتَلْتُمُوهُ أَوِ اسْتَحْيَيْتُمُوهُ. قَالُوا: قَدْ أَنْصَفْتَنَا.
فَأَرْسَلُوا إِلَى الصَّحِيفَةِ فَفَتَحُوهَا فَإِذَا هِيَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَقَطَ في أيديهم ونكسوا على رؤوسهم. فقال أبو طالب: علا م نُحْبَسُ وَنُحْصَرُ وَقَدْ بَانَ الأَمْرُ؟ ثُمَّ دَخَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بَيْنَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَالْكَعْبَةِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ انْصُرْنَا مِمَّنْ ظَلَمَنَا وَقَطَعَ أَرْحَامَنَا.
وَاسْتَحَلَّ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنَّا. ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى الشِّعْبِ. وَتَلاوَمَ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى مَا صَنَعُوا بِبَنِي هَاشِمٍ. فِيهِمْ: مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ. وَعَدِيُّ بْنُ قَيْسٍ. وَزَمْعَةُ بْنُ الأَسْوَدِ. وَأَبُو البختري بْنُ هَاشِمٍ. وَزُهَيْرُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ. وَلَبِسُوا السِّلاحَ ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ. فَأَمَرُوهُمْ بِالْخُرُوجِ إِلَى مَسَاكِنِهِمْ فَفَعَلُوا. فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَعَرَفُوا أَنْ لَنْ يُسْلِمُوهُمْ. وَكَانَ خُرُوجُهُمْ مِنَ الشِّعْبِ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ:
مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَهْلُهُ فِي الشِّعْبِ سَنَتَيْنِ. وَقَالَ الْحَكَمُ: مَكَثُوا سِنِينَ.
ذِكْرُ سَبَبِ خروج رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إِلَى الطَّائِفِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحِ بْنِ دِينَارٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْمُنْذِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قال: وحدثنا محمد بن عبد الله عن أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ قَالُوا: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ وَخَدِيجَةُ بنت خويلد. وكان بينهما شهر وخمس أَيَّامٍ. اجْتَمَعَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُصِيبَتَانِ فَلَزِمَ بَيْتَهُ وَأَقَلَّ الْخُرُوجَ وَنَالَتْ مِنْهُ قُرَيْشٌ مَا لَمْ تَكُنْ تَنَالُ ولا تطمع به. فبلغ ذلك أبو لَهَبٍ فَجَاءَهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ امْضِ لِمَا أَرَدْتَ وَمَا كُنْتَ صَانِعًا إِذْ كَانَ أَبُو طَالِبٍ حَيًّا فَاصْنَعْهُ. لا وَاللاتِ لا يُوصَلُ إِلَيْكَ حَتَّى أَمُوتَ! وَسَبَّ ابْنُ الْغَيْطَلَةِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُو لَهَبٍ فَنَالَ مِنْهُ. فَوَلَّى وَهُوَ يَصِيحُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ صَبَأَ أَبُو عُتْبَةَ! فَأَقْبَلَتْ قُرَيْشٌ حَتَّى وَقَفُوا عَلَى أَبِي لَهَبٍ. فَقَالَ: مَا فَارَقْتُ دِينَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَلَكِنِّي أَمْنَعُ ابْنَ أَخِي أَنْ يُضَامَ حَتَّى يَمْضِيَ لِمَا يُرِيدُ. قَالُوا: قَدْ أَحْسَنْتَ وَأَجْمَلْتَ وَوَصَلْتَ الرَّحِمَ. فَمَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَلِكَ أَيَّامًا يَذْهَبُ وَيَأْتِي لا يَعْتَرِضُ لَهُ أَحَدٌ مِنْ قُرَيْشٍ. وَهَابُوا أَبَا لَهَبٍ. إِلَى أَنْ جَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ وَأَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ إِلَى أَبِي لَهَبٍ فَقَالا لَهُ:
أَخْبَرَكَ ابْنُ أَخِيكَ أَيْنَ مَدْخَلُ أَبِيكَ؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو لَهَبٍ: يَا مُحَمَّدُ أَيْنَ مَدْخَلُ عبد(1/164)
الْمُطَّلِبِ؟ قَالَ: مَعَ قَوْمِهِ. فَخَرَجَ أَبُو لَهَبٍ إِلَيْهِمَا فَقَالَ: قَدْ سَأَلْتُهُ فَقَالَ مَعَ قَوْمِهِ.
فَقَالا: يَزْعُمُ أَنَّهُ فِي النَّارِ. [فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَيَدْخُلُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ النَّارَ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله. ص: نَعَمْ. وَمَنْ مَاتَ عَلَى مِثْلِ مَا مَاتَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ دَخَلَ النَّارَ] . فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: وَاللَّهِ لا بَرِحْتُ لَكَ عَدُوًّا أَبَدًا. وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ فِي النَّارِ! فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ هُوَ وَسَائِرُ قُرَيْشٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ تَنَاوَلَتْ قُرَيْشٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاجْتَرَءُوا عَلَيْهِ فَخَرَجَ إِلَى الطَّائِفِ وَمَعَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ. وَذَلِكَ فِي لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ عَشْرٍ مِنْ حِينَ نُبِّئَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بِغَيْرِ هَذَا الإِسْنَادِ. فَأَقَامَ بِالطَّائِفِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ لا يَدَعُ أَحَدًا مِنْ أَشْرَافِهِمْ إِلا جَاءَهُ وَكَلَّمَهُ. فَلَمْ يُجِيبُوهُ وَخَافُوا عَلَى أَحْدَاثِهِمْ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ اخْرُجْ مِنْ بَلَدِنَا وَالْحِقْ بِمُجَابِكَ مِنَ الأَرْضِ. وَأَغْرَوْا بِهِ سُفَهَاءَهُمْ. فَجَعَلُوا يَرْمُونَهُ بِالْحِجَارَةِ حتى إن رجلي رسول الله.
ص. لَتَدْمِيَانِ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَقِيهِ بِنَفْسِهِ. حَتَّى لَقَدْ شُجَّ فِي رَأْسِهِ شِجَاجٌ. فَانْصَرَفَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من الطائف رَاجِعًا إِلَى مَكَّةَ وَهُوَ مَحْزُونٌ لَمْ يَسْتَجِبْ لَهُ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَلا امْرَأَةٌ. فَلَمَّا نَزَلَ نَخْلَةَ قَامَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَصُرِفَ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ. سَبْعَةٌ مِنْ أَهْلِ نَصِيبِينَ. فَاسْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ الْجِنِّ وَلَمْ يَشْعُرْ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
حَتَّى نَزَلَتْ عَلَيْهِ: «وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ» الأحقاف: 29. فَهُمْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَانُوا صُرِفُوا إِلَيْهِ بِنَخْلَةَ. وَأَقَامَ بِنَخْلَةَ أَيَّامًا. فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ: كَيْفَ تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ. يَعْنِي قُرَيْشًا. وَهُمْ أَخْرَجُوكَ؟ [فَقَالَ: يَا زَيْدُ إِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ لِمَا تَرَى فَرَجًا وَمَخْرَجًا وَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرٌ دِينَهُ وَمُظْهِرٌ نَبِيَّهُ. ثُمَّ انْتَهَى] إِلَى حِرَاءٍ.
فَأَرْسَلَ رَجُلا مِنْ خُزَاعَةَ إِلَى مُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ: أَدْخُلُ فِي جِوَارِكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. وَدَعَا بَنِيهِ وَقَوْمَهُ فَقَالَ: تَلَبَّسُوا السِّلاحَ وَكُونُوا عِنْدَ أَرْكَانِ الْبَيْتِ فَإِنِّي قَدْ أَجَرْتُ مُحَمَّدًا.
فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. فَقَامَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَنَادَى: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ مُحَمَّدًا فَلا يَهْجُهُ أَحَدٌ مِنْكُمْ. فَانْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَانْصَرَفَ إِلَى بَيْتِهِ. وَمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ وَوَلَدُهُ مُطِيفُونَ بِهِ.(1/165)
ذِكْرُ الْمِعْرَاجِ وَفَرْضِ الصَّلَوَاتِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ وَغَيْرِهِ مِنْ رِجَالِهِ قَالُوا: كَانَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْأَلُ رَبَّهُ أَنْ يُرِيَهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ. فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ السَّبْتِ لِسَبْعَ عَشَرَةَ خَلَتْ مِنْ شهر رَمَضَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَمَانِيَةَ عَشْرَ شَهْرًا. وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
نَائِمٌ فِي بَيْتِهِ ظُهْرًا. أَتَاهُ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ فَقَالا: انْطَلِقْ إِلَى مَا سَأَلْتَ اللَّهَ. فَانْطَلَقَا بِهِ إِلَى مَا بَيْنَ الْمَقَامِ وَزَمْزَمَ. فَأُتِيَ بِالْمِعْرَاجِ فَإِذَا هُوَ أَحْسَنُ شَيْءٍ مَنْظَرًا. فَعَرَجَا بِهِ إِلَى السماوات سَمَاءً سَمَاءً. فَلَقِيَ فِيهَا الأَنْبِيَاءَ. وَانْتَهَى إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى. وَأُرِيَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ. قَالَ رَسُولُ الله. ص: [ولما انْتَهَيْتُ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ لَمْ أَسْمَعْ إِلا صَرِيفَ الأَقْلامِ. وَفُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ. وَنَزَلَ جبريل. ع. فَصَلَّى بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَوَاتِ فِي مَوَاقِيتِهَا.]
ذِكْرُ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَيْتِ المقدس
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. قَالَ مُوسَى: وَحَدَّثَنِي أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ:
وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلٍ عَنْ أُمِّ هَانِئِ ابْنَةِ أَبِي طَالِبٍ. وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عن زكرياء بْنِ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَغَيْرِهِمْ أَيْضًا قَدْ حَدَّثَنِي. دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. قَالُوا:
أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ. مِنْ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى بيت المقدس. قال [رسول الله. ص: حُمِلْتُ عَلَى دَابَّةٍ بَيْضَاءَ بَيْنَ الْحِمَارِ وَبَيْنَ الْبَغْلَةِ فِي فَخْذَيْهَا جَنَاحَانِ تَحْفِزُ بِهِمَا رِجْلَيْهَا. فَلَمَّا دَنَوْتُ لأَرْكَبَهَا شَمَسَتْ فَوَضَعَ جِبْرِيلُ يَدَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهَا ثُمَّ قَالَ: أَلا تَسْتَحْيِينَ يَا بُرَاقُ مِمَّا تَصْنَعِينَ؟
وَاللَّهِ مَا رَكِبَ عَلَيْكِ عبد الله قَبْلَ مُحَمَّدٍ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْهُ! فَاسْتَحْيَتْ حَتَّى ارْفَضَّتْ عَرَقًا ثُمَّ قَرَّتْ حَتَّى رَكِبْتُهَا فَعَمِلَتْ بِأُذُنَيْهَا وَقَبَضَتِ الأَرْضَ حَتَّى كَانَ مُنْتَهَى وَقْعِ حَافِرِهَا طَرُفَهَا وَكَانَتْ طَوِيلَةَ الظَّهْرِ طَوِيلَةَ الأُذُنَيْنِ. وَخَرَجَ مَعِيَ جِبْرِيلُ لا يَفُوتُنِي وَلا أَفُوتُهُ حَتَّى انْتَهَى بِي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. فَانْتَهَى الْبُرَاقُ إِلَى مَوْقِفِهِ الَّذِي كَانَ يَقِفُ(1/166)
فَرَبَطَهُ فِيهِ. وَكَانَ مَرْبِطُ الأَنْبِيَاءِ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَرَأَيْتُ الأَنْبِيَاءَ جُمِعُوا لِي فَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى فَظَنَنْتُ أَنَّهُ لا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ إِمَامٌ فَقَدَّمَنِي جِبْرِيلُ حَتَّى صَلَّيْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَسَأَلْتُهُمْ فَقَالُوا: بُعِثْنَا بِالتَّوْحِيدِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فُقِدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَتَفَرَّقَتْ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَطْلُبُونَهُ وَيَلْتَمِسُونَهُ. وَخَرَجَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَتَّى بَلَغَ ذَا طُوًى فَجَعَلَ يَصْرُخُ: يَا مُحَمَّدُ يَا محمد! فأجابه رسول الله. ص: لَبَّيْكَ! قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي عَنَّيْتَ قَوْمَكَ مُنْذُ اللَّيْلَةِ فَأَيْنَ كُنْتَ؟ قَالَ:
أَتَيْتُ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. قَالَ: فِي لَيْلَتِكَ! قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: هَلْ أَصَابَكَ إِلا خَيْرٌ؟
قَالَ: مَا أَصَابَنِي إِلا خَيْرٌ] . وَقَالَتْ أُمُّ هَانِئِ ابْنَةُ أَبِي طَالِبٍ: مَا أُسْرِيَ بِهِ إِلا مِنْ بَيْتِنَا.
نَامَ عِنْدَنَا تِلْكَ اللَّيْلَةِ صَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ نَامَ. فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَنْبَهْنَاهُ لِلصُّبُحِ. فَقَامَ فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ قَالَ: [يَا أُمَّ هَانِئٍ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَكُمُ الْعِشَاءَ كَمَا رَأَيْتِ بِهَذَا الْوَادِي ثُمَّ قَدْ جِئْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَصَلَّيْتُ فِيهِ ثُمَّ صَلَّيْتُ الْغَدَاةَ مَعَكُمْ. ثُمَّ قَامَ لِيَخْرُجَ فَقُلْتُ: لا تُحَدِّثْ هَذَا النَّاسَ فَيُكَذِّبُوكَ وَيُؤْذُوكَ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لأُحَدِّثُنَّهُمْ. فَأَخْبَرَهُمْ.
فَتَعَجَّبُوا وَقَالُوا: لَمْ نَسْمَعْ بِمِثْلِ هَذَا قَطُّ! وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِجِبْرِيلَ: يَا جِبْرِيلُ إِنَّ قَوْمِي لا يُصَدِّقُونَنِي. قَالَ: يُصَدِّقُكَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ الصِّدِّيقُ. فَأَتَيْتُ نَاسًا كَثِيرًا كَانُوا قَدْ صَلُّوا وَسَلَّمُوا وَقُمْتُ في الحجر فخيل إلى بيت المقدس فطفقت أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَمْ لِلْمَسْجِدِ مِنْ بَابٍ؟ وَلَمْ أَكُنْ عَدَدْتُ أَبْوَابَهُ. فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهَا وَأَعُدُّهَا بَابًا بَابًا وَأُعْلِمُهُمْ وَأَخْبَرْتُهُمْ عَنْ عِيرَاتٍ لَهُمْ فِي الطَّرِيقِ وَعَلامَاتٍ فِيهَا فَوَجَدُوا ذَلِكَ كَمَا أَخْبَرْتُهُمْ] . وَأَنْزَلَ اللَّهُ. عَزَّ وَجَلَّ. عَلَيْهِ: «وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ» الإسراء: 60. قَالَ: كَانَتْ رُؤْيَا عَيْنٍ رَآهَا بِعَيْنِهِ.
أَخْبَرَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي الْحِجْرِ وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِي عَنْ مَسْرَايَ فَسَأَلُونِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ أُثْبِتْهَا فَكُرِبْتُ كَرْبًا مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ فَرَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيَّ أَنْظُرُ إِلَيْهِ مَا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلا أَنْبَأْتُهُمْ بِهِ. وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ فَإِذَا مُوسَى قَائِمٌ يُصَلِّي فَإِذَا رَجُلٌ ضَرِبٌ جَعْدٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ وَإِذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَائِمٌ يُصَلِّي أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ قَائِمٌ يُصَلِّي أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ. يَعْنِي نَفْسَهُ. فَحَانَتِ الصَّلاةُ فَأَمَمْتُهُمْ. فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلاةِ قَالَ لِي قَائِلٌ: يَا مُحَمَّدُ هَذَا(1/167)
مَالِكٌ صَاحِبُ النَّارِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَبَدَأَنِي بِالسَّلامِ] .
ذِكْرُ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبَائِلَ الْعَرَبِ فِي المواسم
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَيُّوبُ بْنُ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ وَيَزِيدَ بْنِ رُومَانَ. وَغَيْرِ هَؤُلاءِ أَيْضًا قَدْ حَدَّثَنِي.
قَالُوا: أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ ثَلاثَ سِنِينَ مِنْ أَوَّلِ نُبُوَّتِهِ مُسْتَخْفِيًا. ثُمَّ أَعْلَنَ فِي الرَّابِعَةِ فَدَعَا النَّاسَ إِلَى الإِسْلامِ عَشْرَ سِنِينَ. يُوَافِي الْمَوَاسِمَ كُلَّ عَامٍ يَتَّبِعُ الْحَاجَّ فِي مَنَازِلِهِمْ فِي الْمَوَاسِمِ بِعُكَاظٍ وَمَجَنَّةَ وَذِي الْمَجَازِ يَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يَمْنَعُوهُ حَتَّى يُبَلِّغَ رِسَالاتِ رَبِّهِ وَلَهُمُ الْجَنَّةُ. فَلا يَجِدُ أَحَدًا يَنْصُرُهُ وَلا يُجِيبُهُ. حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْأَلُ عَنِ الْقَبَائِلِ وَمَنَازِلِهَا قَبِيلَةً قَبِيلَةً [وَيَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ تُفْلِحُوا وَتَمْلِكُوا بِهَا الْعَرَبَ وَتَذِلَّ لَكُمُ الْعَجَمُ وَإِذَا آمَنْتُمْ كُنْتُمْ مُلُوكًا فِي الْجَنَّةِ] . وَأَبُو لَهَبٍ وَرَاءَهُ يَقُولُ: لا تُطِيعُوهُ فَإِنَّهُ صَابِئٌ كَاذِبٌ. فَيَرُدُّونَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَقْبَحَ الرَّدِّ. وَيُؤْذُونَهُ وَيَقُولُونَ: أُسْرَتُكَ وَعَشِيرَتُكَ أَعْلَمُ بِكَ حَيْثُ لَمْ يَتَّبِعُوكَ. وَيُكَلِّمُونَهُ وَيُجَادِلُونَهُ وَيُكَلِّمُهُمْ وَيَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَيَقُولُ: [اللَّهُمَّ لَوْ شِئْتَ لَمْ يَكُونُوا هَكَذَا] . فَكَانَ مَنْ سُمِّيَ لَنَا مِنَ الْقَبَائِلِ الَّذِينَ أَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَعَاهُمْ وَعَرَضَ نَفْسَهُ عَلَيْهِمْ: بَنُو عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ. وَمُحَارِبُ بْنُ خَصَفَةَ. وَفَزَارَةُ. وَغَسَّانُ. وَمُرَّةُ. وَحَنِيفَةُ. وَسُلَيْمٌ. وَعَبْسٌ.
وَبَنُو نَضْرٍ. وَبَنُو الْبُكَاءِ. وَكِنْدَةُ. وَكَلْبٌ. وَالْحَارِثُ بْنُ كَعْبٍ. وَعُذْرَةُ. وَالْحَضَارِمَةُ.
فَلَمْ يَسْتَجِبْ مِنْهُمْ أَحَدٌ.
ذِكْرُ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ: وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أُمِّ سَعْدِ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ رَبِيعٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ:
وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي(1/168)
أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ نَافِعِ أَبِي مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: وَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ. دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. قالوا: أقام رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ مَا أَقَامَ يَدْعُو الْقَبَائِلَ إِلَى اللَّهِ وَيَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَيْهِمْ كُلَّ سَنَةٍ بِمَجَنَّةَ وَعُكَاظٍ وَمِنًى أَنْ يُؤْوُوهُ حَتَّى يُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ وَلَهُمُ الْجَنَّةُ. فَلَيْسَتْ قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ تَسْتَجِيبُ لَهُ وَيُؤْذَى وَيُشْتَمُ حَتَّى أَرَادَ اللَّهُ إِظْهَارَ دِينِهِ وَنَصْرَ نَبِيِّهِ وَإِنْجَازَ مَا وَعْدَهُ. فَسَاقَهُ إِلَى هَذَا الْحَيِّ مِنَ الأَنْصَارِ لِمَا أَرَادَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْكَرَامَةِ. فَانْتَهَى إِلَى نفر منهم وهم يحلقون رؤوسهم. فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ. فَاسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فَأَسْرَعُوا وَآمَنُوا وَصَدَّقُوا وَآوَوْا وَنَصَرُوا وَوَاسَوْا. وَكَانُوا وَاللَّهِ أَطْوَلَ النَّاسِ أَلْسِنَةً. وَأَحَدَّهُمْ سُيُوفًا. فَاخْتُلِفَ عَلَيْنَا فِي أَوَّلِ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الأَنْصَارِ وَأَجَابَ فَذَكَرُوا الرَّجُلَ بِعَيْنِهِ. وَذَكَرُوا الرَّجُلَيْنِ. وَذَكَرُوا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَوَّلَ مِنَ السِّتَّةِ. وَذَكَرُوا أَنَّ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ثَمَانِيَةُ نَفَرٍ. وَكَتَبْنَا كُلَّ ذَلِكَ. وَذَكَرُوا أَنَّ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الأَنْصَارِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَيْسِ. خَرَجَا إِلَى مَكَّةَ يَتَنَافَرَانِ إِلَى عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَقَالَ لَهُمَا: قَدْ شَغَلَنَا هَذَا الْمُصَلِّي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ. يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: وَكَانَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَأَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ يَتَكَلَّمَانِ بِالتَّوْحِيدِ بِيَثْرِبَ. فَقَالَ ذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ لأَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ حِينَ سَمِعَ كَلامَ عُتْبَةَ: دُونَكَ هَذَا دِينُكَ. فَقَامَا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَعَرَضَ عَلَيْهِمَا الإِسْلامَ فَأَسْلَمَا ثُمَّ رَجَعَا إِلَى الْمَدِينَةِ. فَلَقِيَ أَسْعَدُ أَبَا الْهَيْثَمِ بْنَ التَّيِّهَانِ فَأَخْبَرَهُ بِإِسْلامِهِ وَذَكَرَ لَهُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ.
ص. وَمَا دَعَا إِلَيْهِ. فَقَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ: فَأَنَا أَشْهَدُ مَعَكَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ. وَأُسْلِمُ.
وَيُقَالُ: أَنَّ رَافِعَ بْنَ مَالِكٍ الزُّرَقِيَّ وَمُعَاذَ بْنَ عَفْرَاءَ خَرَجَا إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرَيْنِ فَذُكِرَ لَهُمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَيَاهُ. فَعَرَضَ عَلَيْهِمَا الإِسْلامَ فَأَسْلَمَا. فَكَانَا أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ. وَقَدِمَا الْمَدِينَةَ. فَأَوَّلُ مَسْجِدٍ قُرِئَ فِيهِ الْقُرْآنُ بِالْمَدِينَةِ مَسْجِدُ بَنِي زُرَيْقٍ.
وَيُقَالُ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ فَمَرَّ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ نُزُولٍ بِمِنًى ثَمَانِيَةُ نَفَرٍ. مِنْهُمْ: مِنْ بَنِي النَّجَّارِ مُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ وَأَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ. وَمِنْ بَنِي زُرَيْقٍ رَافِعُ بْنُ مَالِكٍ وَذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ. وَمِنْ بَنِي سَالِمٍ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَزِيدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ. وَمِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلَ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ بَلِيٍّ. وَمِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ. فَعَرَضَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -(1/169)
الإسلام فأسلموا. [وقال لهم رسول الله. ص: تَمْنَعُونَ لِي ظَهْرِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّي؟ فَقَالُوا:] يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ مُجْتَهِدُونَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ. نَحْنُ. فَاعْلَمْ. أَعْدَاءٌ مُتَبَاغِضُونَ. وَإِنَّمَا كَانَتْ وَقْعَةُ بُعَاثٍ. عَامَ الأَوَّلِ. يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِنَا اقْتَتَلْنَا فِيهِ فَإِنْ تَقْدَمَ وَنَحْنُ كَذَا لا يَكُونُ لَنَا عَلَيْكَ اجْتِمَاعٌ. فَدَعْنَا حَتَّى نَرْجِعَ إِلَى عَشَائِرِنَا لَعَلَّ اللَّهَ يُصْلِحُ ذَاتَ بَيْنِنَا. وَمَوْعِدُكَ الْمَوْسِمُ الْعَامَ الْمُقْبِلَ.
وَيُقَالُ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَوْسِمِ الذي لقي فيه الستة النفر مِنَ الأَنْصَارِ. فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: أَحُلَفَاءُ يَهُودٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الإِسْلامَ وَتَلا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ فَأَسْلَمُوا. وَهُمْ: مِنْ بَنِي النَّجَّارِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَعَوْفُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَفْرَاءَ. وَمِنْ بَنِي زُرَيْقٍ رَافِعُ بْنُ مَالِكٍ. وَمِنْ بَنِي سَلَمَةَ قُطْبَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ حَدِيدَةَ. وَمِنْ بَنِي حَرَامِ بْنِ كَعْبٍ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ نَابِئٍ. وَمِنْ بَنِي عُبَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ سَلَمَةَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِئَابٍ. لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُمْ أَحَدٌ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ:
هَذَا عِنْدَنَا أَثْبَتُ مَا سَمِعْنَا فِيهِمْ وَهُوَ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي زكرياء بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: هَؤُلاءِ السِّتَّةُ فِيهِمْ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ. ثُمَّ رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى الأَوَّلِ. قَالُوا: ثُمَّ قَدِمُوا إِلَى الْمَدِينَةِ فَدَعَوْا قَوْمَهُمْ إِلَى الإِسْلامِ فَأَسْلَمَ مَنْ أَسْلَمَ. وَلَمْ يَبْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الأَنْصَارِ إِلا فِيهَا ذِكْرٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كثيرا.
ذِكْرُ الْعَقَبَةِ الأُولَى الاثْنَيْ عَشَرَ
لَيْسَ فِيهِمْ عِنْدَنَا اخْتِلافٌ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الظَّفَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عسيلة الصنابحي عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالُوا: لَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ مِنَ الْعَامِ الَّذِي لَقِيَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّفَرَ السِّتَّةَ لَقِيَهُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلا بَعْدَ ذَلِكَ بعام. وهي العقبة الأولى. من بني زريق أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ. وَعَوْفٌ وَمُعَاذٌ وَهُمَا ابْنَا الْحَارِثِ. وَهُمَا ابْنَا عَفْرَاءَ. وَمِنْ بَنِي زُرَيْقٍ ذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَيْسِ وَرَافِعُ بْنُ مَالِكٍ. وَمِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَيَزِيدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ عَوْفٍ عَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ. وَمِنْ بَنِي سَلَمَةَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ نَابِئٍ.(1/170)
وَمِنْ بَنِي سَوَّادٍ قُطْبَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ حديدة. فهؤلاء عشرة من الخزرج. والأوس رَجُلانِ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ مِنْ بَلِيٍّ حَلِيفٌ فِي بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلَ. وَمِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ. فَأَسْلَمُوا وَبَايَعُوا عَلَى بَيْعَةِ النِّسَاءِ. عَلَى أَنْ لا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا نَسْرِقَ وَلا نَزْنِيَ وَلا نَقْتُلَ أَوْلادَنَا وَلا نَأْتِيَ بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِيهِ بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا وَلا نَعْصِيَهُ فِي مَعْرُوفٍ. قَالَ: فَإِنْ وَفَّيْتُمْ فَلَكُمُ الْجَنَّةُ وَمَنْ غَشِيَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا كَانَ أَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ. وَلَمْ يُفْرَضْ يَوْمَئِذٍ الْقِتَالُ. ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَظْهَرَ اللَّهُ الإِسْلامَ. وَكَانَ أَسْعَدُ بْنُ زرارة يجمع بِالْمَدِينَةِ بِمَنْ أَسْلَمَ. وَكَتَبَتِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ إِلَى رسول الله. ص: ابْعَثْ إِلَيْنَا مُقْرِئًا يُقْرِئُنَا الْقُرْآنَ. فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ الْعَبْدَرِيَّ فَنَزَلَ عَلَى أَسْعَدَ بن زرارة فكان يقرئهم القرآن. فروى بعضهم أن مصعبا كان يجمع به ثُمَّ خَرَجَ مَعَ السَّبْعِينَ حَتَّى وَافَوُا الْمَوْسِمَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ذِكْرُ الْعَقَبَةِ الآخِرَةِ وَهُمُ السَّبْعُونَ الَّذِينَ بَايَعُوا رسول الله ص.
أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَهْلِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ قَالَ: وَحَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ قَالَ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ وَيَزِيدَ بْنِ رُومَانَ.
دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثٍ بَعْضٍ. قَالُوا: لَمَّا حَضَرَ الْحَجُّ مَشَى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِينَ أَسْلَمُوا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ يَتَوَاعَدُونَ الْمَسِيرَ إِلَى الْحَجِّ وَمُوَافَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالإِسْلامُ يَوْمَئِذٍ فَاشٍ بِالْمَدِينَةِ. فَخَرَجُوا وَهُمْ سَبْعُونَ يَزِيدُونَ رَجُلا أَوْ رَجُلَيْنِ فِي خَمَرِ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ وَهُمْ خَمْسُمِائَةٍ. حتى قدموا على رسول الله.
ص. مَكَّةَ. فَسَلَّمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ وَعَدَهُمْ مِنًى وَسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَيْلَةَ النَّفْرِ الأَوَّلِ إِذَا هَدَأَتِ الرِّجْلُ أَنْ يُوَافُوهُ فِي الشِّعْبِ الأَيْمَنِ إِذَا انْحَدَرُوا مِنْ مِنًى بِأَسْفَلِ(1/171)
الْعَقَبَةِ حَيْثُ الْمَسْجِدُ الْيَوْمَ. وَأَمَرَهُمْ أَنْ لا يُنْبِهُوا نَائِمًا وَلا يَنْتَظِرُوا غَائِبًا. قَالَ: فَخَرَجَ الْقَوْمُ بَعْدَ هَدْأَةٍ يَتَسَلَّلُونَ الرَّجُلُ وَالرِّجْلانِ وَقَدْ سَبَقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَعَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ غَيْرَهُ. فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ طَلَعَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَافِعُ بْنُ مَالِكٍ الزُّرَقِيُّ. ثُمَّ تَوَافَى السَّبْعُونَ وَمَعَهُمُ امْرَأَتَانِ. قَالَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ: فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ إِنَّكُمْ قَدْ دَعَوْتُمْ مُحَمَّدًا إِلَى مَا دَعَوْتُمُوهُ إِلَيْهِ. وَمُحَمَّدٌ مِنْ أَعَزِّ النَّاسِ فِي عَشِيرَتِهِ. يَمْنَعُهُ وَاللَّهِ مِنَّا مَنْ كَانَ عَلَى قَوْلِهِ. وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنَّا عَلَى قَوْلِهِ يَمْنَعُهُ لِلْحَسَبِ وَالشَّرَفِ. وَقَدْ أَبَى مُحَمَّدٌ النَّاسَ كُلَّهُمْ غَيْرَكُمْ. فَإِنْ كُنْتُمْ أَهْلَ قُوَّةٍ وَجَلَدٍ وَبَصَرٍ بِالْحَرْبِ وَاسْتِقْلالٍ بِعَدَاوَةِ الْعَرَبِ قَاطِبَةً تَرْمِيكُمْ عَنْ قَوْسٍ واحدة. فارتأوا رأيكم وأتمروا بَيْنَكُمْ وَلا تَفْتَرِقُوا إِلا عَنْ مَلإٍ مِنْكُمْ وَاجْتِمَاعٍ. فَإِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ أَصْدَقُهُ. فَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ: قَدْ سَمِعْنَا مَا قُلْتَ وَإِنَّا وَاللَّهِ لَوْ كَانَ فِي أَنْفُسِنَا غَيْرُ مَا تَنْطِقُ بِهِ لَقُلْنَاهُ وَلَكِنَّا نُرِيدُ الْوَفَاءَ وَالصِّدْقَ وَبَذْلَ مُهَجِ أَنْفُسِنَا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَتَلا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَرَغَّبَهُمْ فِي الإِسْلامِ وَذَكَرَ الَّذِي اجْتَمَعُوا لَهُ. فَأَجَابَهُ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ بِالإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْنَا فَنَحْنُ أَهْلُ الْحَلْقَةِ وَرِثْنَاهَا كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ. وَيُقَالُ إِنَّ أَبَا الْهَيْثَمِ بْنَ التَّيِّهَانِ كَانَ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ وَأَجَابَ إِلَى مَا دَعَا إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَدَّقَهُ. وَقَالُوا: نَقْبَلُهُ عَلَى مُصِيبَةِ الأَمْوَالِ وَقَتْلِ الأَشْرَافِ.
وَلَغَطُوا. فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المطلب وهو آخذ بيد رسول الله. ص: أَخْفُوا جَرْسَكُمْ فَإِنَّ عَلَيْنَا عُيُونًا. وَقَدِّمُوا ذَوِي أَسْنَانِكُمْ. فَيَكُونُونَ هُمُ الَّذِينَ يَلُونَ كَلامَنَا مِنْكُمْ. فَإِنَّا نَخَافُ قَوْمَكُمْ عَلَيْكُمْ. ثُمَّ إِذَا بَايَعْتُمْ فَتَفَرَّقُوا إِلَى مَحَالِّكُمْ. فَتَكَلَّمَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ فَأَجَابَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. ثُمَّ قَالَ: ابْسُطْ يَدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ ضَرَبَ عَلَى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ. وَيُقَالُ أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَ عَلَى يَدِهِ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ. وَيُقَالُ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ. ثُمَّ ضَرَبَ السَّبْعُونَ كُلُّهُمْ عَلَى يَدِهِ وَبَايَعُوهُ.
[فَقَالَ رسول الله. ص: إِنَّ مُوسَى أَخَذَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ اثْنَيْ عشر نقيبا فلا يجدن أَحَدٌ فِي نَفْسِهِ أَنْ يُؤْخَذَ غَيْرُهُ فَإِنَّمَا يَخْتَارُ لِي جِبْرِيلُ. فَلَمَّا تَخَيَّرَهُمْ قَالَ لِلنُّقَبَاءِ: أَنْتُمْ كُفَلاءُ عَلَى غَيْرِكُمْ كَكَفَالَةِ الْحَوَارِيِّينَ لِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَنَا كَفِيلٌ عَلَى قَوْمِي] . قَالُوا:
نَعَمْ. فَلَمَّا بَايَعَ الْقَوْمَ وَكَمَلُوا صَاحَ الشَّيْطَانُ عَلَى الْعَقَبَةِ بِأَبْعَدِ صَوْتٍ سُمِعَ: يَا أَهْلَ الأَخَاشِبِ. هَلْ لَكُمْ فِي مُحَمَّدٍ وَالصُّبَاةِ مَعَهُ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى حَرْبِكُمْ؟ [فَقَالَ رَسُولُ(1/172)
الله. ص: انْفَضُّوا إِلَى رِحَالِكُمْ] . فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَئِنْ أَحْبَبْتَ لَنَمِيلَنَّ عَلَى أَهْلِ مِنًى بِأَسْيَافِنَا. وَمَا أَحَدٌ عَلَيْهِ سَيْفٌ تِلْكَ اللَّيْلَةَ غيره. [فقال رسول الله. ص: إِنَّا لَمْ نُؤْمَرْ بِذَلِكَ فَانْفَضُّوا إِلَى رِحَالِكُمْ] .
فَتَفَرَّقُوا إِلَى رِحَالِهِمْ. فَلَمَّا أَصْبَحَ الْقَوْمُ غَدَتْ عَلَيْهِمْ جُلَّةُ قُرَيْشٍ وَأَشْرَافُهُمْ حَتَّى دَخَلُوا شِعْبَ الأَنْصَارِ فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ. إِنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّكُمْ لَقِيتُمْ صَاحِبَنَا الْبَارِحَةَ وَوَاعَدْتُمُوهُ أَنْ تُبَايِعُوهُ عَلَى حَرْبِنَا. وَايْمُ اللَّهِ مَا حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ أَبْغَضُ إِلَيْنَا أَنْ تَنْشَبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ الْحَرْبُ مِنْكُمْ. قَالَ: فَانْبَعَثَ مَنْ كَانَ هُنَاكَ مِنَ الْخَزْرَجِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَحْلِفُونَ لَهُمْ بِاللَّهِ مَا كَانَ هَذَا وَمَا عَلِمْنَا. وَجَعَلَ ابْنُ أُبَيٍّ يَقُولُ: هَذَا بَاطِلٌ وَمَا كَانَ هَذَا وَمَا كَانَ قَوْمِي لِيَفْتَاتُوا عَلَيَّ بِمِثْلِ هَذَا. لَوْ كُنْتُ بِيَثْرِبَ مَا صَنَعَ هَذَا قَوْمِي حَتَّى يُؤَامِرُونِي. فَلَمَّا رَجَعَتْ قُرَيْشٌ مِنْ عِنْدِهِمْ رَحَلَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ فَتَقَدَّمَ إِلَى بَطْنِ يَأْجَجَ وَتَلاحَقَ أَصْحَابُهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَجَعَلَتْ قُرَيْشٌ تَطْلُبُهُمْ فِي كُلِّ وَجْهٍ وَلا تَعَدَّوْا طُرُقَ الْمَدِينَةِ. وَحَزَّبُوا عَلَيْهِمْ. فَأَدْرَكُوا سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ. فَجَعَلُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ بِنِسْعَةٍ وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ وَيَجُرُّونَ شَعْرَهُ. وَكَانَ ذَا جُمَّةٍ. حَتَّى أَدْخَلُوهُ مَكَّةَ. فَجَاءَهُ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ وَالْحَارِثُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فَخَلَّصَاهُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ. وَاتَّمَرَتِ الأَنْصَارُ حِينَ فَقَدُوا سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ أَنْ يَكُرُّوا إِلَيْهِ. فَإِذَا سَعْدٌ قَدْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ. فَرَحَلَ الْقَوْمُ جَمِيعًا إِلَى الْمَدِينَةِ.
ذكر مقام رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ مِنْ حِينِ تنبأ إلى الهجرة
أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزل عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ.
أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: حدثتني عائشة. رضي الله عَنْهَا. وَابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ.(1/173)
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ النَّبِيَّ.
ص. أَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرًا. وَخَرَجَ مِنْهَا فِي صَفَرٍ. وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سلمة. أخبرنا عمار ابن أَبِي عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. سَبْعَ سِنِينَ يَرَى الضَّوْءَ وَالنُّورَ وَيَسْمَعُ الصَّوْتَ. وَثَمَانِي سِنِينَ يُوحَى إِلَيْهِ.
زَادَ عَفَّانُ فِي حَدِيثِهِ: وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. أَخْبَرَنَا الْعَلاءُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ المنهال بن عمرو عن سعيد ابن جُبَيْرٍ أَنَّ رَجُلا أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَنَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشْرًا بِمَكَّةَ وَعَشْرًا بِالْمَدِينَةِ. فَقَالَ: مَنْ يقول ذاك؟ لقد أنزل بِمَكَّةَ عَشْرًا وَخَمْسًا. يَعْنِي سِنِينَ أَوْ أَكْثَرَ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ أَبِي رجاء قال: سمعت الحسن وقرأ:
«وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا» الإسراء: 106. قَالَ:
كَانَ اللَّهُ يُنَزِّلُ بِهَا الْقُرْآنَ بَعْضَهُ قَبْلَ بَعْضٍ لِمَا عَلِمَ أَنَّهُ سَيَكُونُ فِي النَّاسِ وَيُحَدَّثُ. لَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً. أُنْزِلَ عَلَيْهِ ثَمَانِي سِنِينَ بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَعَشْرَ سِنِينَ بِالْمَدِينَةِ.
أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
أَقَامَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ بَعْدَ أَنْ بُعِثَ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً يُوحَى إِلَيْهِ ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ.
أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عباده. أخبرنا زكرياء بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ وَمُوسَى بْنُ دَاوُدَ وموسى بن إسماعيل قالوا: أخبرنا حماد ابن سَلَمَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً يُوحَى إِلَيْهِ.
ذِكْرُ إِذْنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُسْلِمِينَ فِي الْهِجْرَةِ إلى المدينة
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ(1/174)
أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَعَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالا: لَمَّا صَدَرَ السَّبْعُونَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَابَتْ نَفْسُهُ وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مَنَعَةً وَقَوْمًا أَهْلَ حَرْبٍ وَعِدَّةٍ وَنَجْدَةٍ.
وَجَعَلَ الْبَلاءَ يَشْتَدُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ لِمَا يَعْلَمُونَ مِنَ الْخُرُوجِ فَضَيَّقُوا عَلَى أَصْحَابِهِ وَتَعَبَّثُوا بِهِمْ وَنَالُوا مِنْهُمْ مَا لَمْ يَكُونُوا يَنَالُونَ مِنَ الشَّتْمِ وَالأَذَى. فَشَكَا ذَلِكَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْتَأْذَنُوهُ فِي الْهِجْرَةِ. [فَقَالَ: قَدْ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ.
أُرِيتُ سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لابَتَيْنِ. وَهُمَا الْحَرَّتَانِ. وَلَوْ كَانَتِ السُّرَاةُ أَرْضَ نَخْلٍ وَسِبَاخٍ لَقُلْتُ هِيَ هِيَ. ثُمَّ مَكَثَ أَيَّامًا ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ مَسْرُورًا فَقَالَ: قَدْ أُخْبِرْتُ بِدَارِ هِجْرَتِكُمْ وَهِيَ يَثْرِبُ. فَمَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ فَلْيَخْرُجْ إِلَيْهَا] . فَجَعَلَ الْقَوْمُ يَتَجَهَّزُونَ وَيَتَوَافَقُونَ وَيَتَوَاسُونَ وَيَخْرُجُونَ وَيُخْفُونَ ذَلِكَ. فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ ثُمَّ قَدِمَ بَعْدَهُ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ مَعَهُ امْرَأَتُهُ لَيْلَى بِنْتُ أَبِي حَثْمَةَ. فَهِيَ أَوَّلُ ظَعِينَةٍ قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ. ثُمَّ قَدِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْسَالا فَنَزَلُوا عَلَى الأَنْصَارِ فِي دُورِهِمْ. فَآوَوْهُمْ وَنَصَرُوهُمْ وَآسُوهُمْ. وَكَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ يَؤُمُّ الْمُهَاجِرِينَ بِقُبَاءَ قبل أن يقدم رسول الله.
ص. فَلَمَّا خَرَجَ الْمُسْلِمُونَ فِي هِجْرَتِهِمْ إِلَى الْمَدِينَةِ كَلِبَتْ قُرَيْشٌ عَلَيْهِمْ وَحَرَبُوا وَاغْتَاظُوا عَلَى مَنْ خَرَجَ مِنْ فِتْيَانِهِمْ. وَكَانَ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعَقَبَةِ الآخِرَةِ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ. فَلَمَّا قَدِمَ أَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ إِلَى قُبَاءَ خَرَجُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ حَتَّى قَدِمُوا مَعَ أَصْحَابِهِ فِي الْهِجْرَةِ. فَهُمْ مُهَاجِرُونَ أَنْصَارِيُّونَ. وَهُمْ: ذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَيْسِ. وَعُقْبَةُ بْنُ وَهْبِ بْنِ كِلْدَةَ. والعباس بن عباده ابن نَضْلَةَ. وَزِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ. وَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ جَمِيعًا إِلَى الْمَدِينَةِ. فَلَمْ يَبْقَ بِمَكَّةَ مِنْهُمْ إِلا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ. وَعَلِيٌّ. أَوْ مَفْتُونٌ مَحْبُوسٌ. أَوْ مَرِيضٌ. أَوْ ضَعِيفٌ عَنِ الْخُرُوجِ.
ذِكْرُ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ إِلَى المدينة للهجرة
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ:
وحدثني ابن أبي داود بن الحصين بن أَبِي غَطَفَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَحَدَّثَنِي قدامة ابن مُوسَى عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ علي بن(1/175)
أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ. دخل حديث بعضهم في حديث بعض. قالوا: لَمَّا رَأَى الْمُشْرِكُونَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ حَمَلُوا الذَّرَارِيَّ وَالأَطْفَالَ إِلَى الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ عَرَفُوا أَنَّهَا دَارُ مَنَعَةٍ وَقَوْمُ أَهْلِ حَلْقَةٍ وَبَأْسٍ.
فَخَافُوا خُرُوجَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاجْتَمَعُوا فِي دَارِ النَّدْوَةِ. وَلَمْ يَتَخَلَّفْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْحِجَى مِنْهُمْ لِيَتَشَاوَرُوا فِي أَمْرِهِ. وَحَضَرَهُمْ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ شَيْخٍ كَبِيرٍ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ مُشْتَمِلٍ الصَّمَّاءَ فِي بَتٍّ. فَتَذَاكَرُوا أَمْرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَشَارَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِرَأْيٍ. كُلُّ ذَلِكَ يَرُدُّهُ إِبْلِيسُ عَلَيْهِمْ وَلا يَرْضَاهُ لَهُمْ. إِلَى أَنْ قَالَ أَبُو جَهْلٍ: أَرَى أَنْ نَأْخُذَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ غُلامًا نَهْدًا جَلِيدًا. ثُمَّ نُعْطِيَهُ سَيْفًا صَارِمًا فَيَضْرِبُونَهُ ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ. فَيَتَفَرَّقُ دَمُهُ فِي الْقَبَائِلِ. فَلا يَدْرِي بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ بَعْدَ ذَلِكَ مَا تَصْنَعُ. قَالَ: فَقَالَ النَّجْدِيُّ: لِلَّهِ دَرُّ الْفَتَى! هَذَا وَاللَّهِ الرَّأْيُ وَإِلا فَلا. فَتَفَرَّقُوا عَلَى ذَلِكَ وَأَجْمَعُوا عَلَيْهِ. وَأَتَى جِبْرِيلُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ وَأَمَرَهُ أَنْ لا يَنَامَ فِي مَضْجَعِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ. [وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ. عَزَّ وَجَلَّ.
قَدْ أَذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ. فَقَالَ أَبُو بكر: الصحابة يا رسول الله؟ فقال رسول الله.
ص: نَعَمْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَخُذْ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي إِحْدَى رَاحِلَتَيَّ هَاتَيْنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: بِالثَّمَنِ] . وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ اشْتَرَاهُمَا بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ نَعَمِ بَنِي قُشَيْرٍ. فَأَخَذَ إِحْدَاهُمَا وَهِيَ الْقَصْوَاءُ. وَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَبِيتَ فِي مَضْجَعِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ. فَبَاتَ فِيهِ عَلِيٌّ وَتَغَشَّى بُرْدًا أَحْمَرَ حَضْرَمِيًّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنَامُ فِيهِ. وَاجْتَمَعَ أُولَئِكَ النَّفْرُ مِنْ قُرَيْشٍ يَتَطَلَّعُونَ مِنْ صِيرِ الْبَابِ وَيَرْصُدُونَهُ يُرِيدُونَ ثِيَابَهُ وَيَأْتَمِرُونَ أَيُّهُمْ يَحْمِلُ عَلَى الْمُضْطَجِعِ صَاحِبَ الْفِرَاشِ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِمْ وَهُمْ جُلُوسٌ عَلَى الْبَابِ. فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنَ الْبَطْحَاءِ فَجَعَلَ يَذَرُهَا عَلَى رؤوسهم ويتلو: «يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ» يس: 1- 2. حتى بلغ: «وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ» يس: 10. وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ قَائِلٌ لَهُمْ: مَا تَنْتَظِرُونَ؟ قَالُوا:
مُحَمَّدًا. قَالَ: خِبْتِمْ وَخَسِرْتُمْ. قَدْ وَاللَّهِ مَرَّ بِكُمْ وذر على رؤوسكم التُّرَابَ. قَالُوا:
وَاللَّهِ مَا أَبْصَرْنَاهُ! وَقَامُوا يَنْفُضُونَ التراب عن رؤوسهم. وَهُمْ: أَبُو جَهْلٍ. وَالْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ. وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ. وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ. وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ. وَابْنُ الْغَيْطَلَةِ. وَزَمْعَةُ بْنُ الأَسْوَدِ. وَطُعَيْمَةُ بْنُ عَدِيٍّ. وَأَبُو لَهَبٍ. وَأُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ. وَنُبَيْهٌ(1/176)
وَمُنَبِّهٌ ابْنَا الْحَجَّاجِ. فَلَمَّا أَصْبَحُوا قَامَ عَلِيٌّ عَنِ الْفِرَاشِ فَسَأَلُوهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَقَالَ: لا عِلْمَ لِي بِهِ. وَصَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى مَنْزِلِ أَبِي بَكْرٍ. فَكَانَ فِيهِ إِلَى اللَّيْلِ. ثُمَّ خَرَجَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ فَمَضِيَا إِلَى غَارِ ثَوْرٍ فَدَخَلاهُ. وَضَرَبَتِ الْعَنْكَبُوتُ عَلَى بَابِهِ بِعِشَاشٍ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ. وَطَلَبَتْ قُرَيْشٌ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشَدَّ الطَّلَبِ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى بَابِ الْغَارِ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ عَلَيْهِ الْعَنْكَبُوتَ قَبْلَ مِيلادِ محمد. فانصرفوا.
أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عَوْنُ بْنُ عَمْرٍو الْقَيْسِيُّ أَخُو رِيَاحٍ الْقَيْسِيِّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ الْمَكِّيُّ قَالَ: أَدْرَكْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ. وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ. وَالْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ فَسَمِعْتُهُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الْغَارِ أَمَرَ اللَّهُ شَجَرَةً فَنَبَتَتْ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَتَرَتْهُ. وَأَمَرَ اللَّهُ الْعَنْكَبُوتَ فَنَسَجَتْ عَلَى وَجْهِهِ فَسَتَرَتْهُ. وَأَمَرَ اللَّهُ حَمَامَتَيْنِ وَحْشِيَّتَيْنِ فَوَقَعَتَا بِفَمِ الْغَارِ. وَأَقْبَلَ فَتَيَانُ قُرَيْشٍ. مِنْ كُلِّ بَطْنٍ رَجُلٌ. بِأَسْيَافِهِمْ وَعِصِيِّهِمْ وَهِرَاوَاتِهِمْ حَتَّى إِذَا كَانُوا مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْرَ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا. نَظَرَ أَوَّلُهُمْ فَرَأَى الْحَمَامَتَيْنِ فَرَجَعَ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: مَا لَكَ لَمْ تَنْظُرْ فِي الْغَارِ؟ قَالَ: رَأَيْتُ حَمَامَتَيْنِ وَحْشِيَّتَيْنِ بِفَمِ الْغَارِ فَعَرَفْتُ أَنْ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ. قَالَ: فَسَمِعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلَهُ فَعَرَفَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ دَرَأَ عَنْهُ بِهِمَا. فَسَمَّتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِنَّ وَفَرَضَ جَزَاءَهُنَّ وَانْحَدَرْنَ فِي حَرَمِ اللَّهِ. رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى الأَوَّلِ. قَالُوا: وَكَانَتْ لأَبِي بَكْرٍ مَنِيحَةُ غَنَمٍ يَرْعَاهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ. وَكَانَ يَأْتِيهِمْ بِهَا لَيْلا فَيَحْتَلِبُونَ فَإِذَا كَانَ سَحَرٌ سَرَحَ مَعَ النَّاسِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: وَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَبَّ الْجِهَازِ. وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا فَأَوْكَتْ بِهِ الْجِرَابَ. وَقَطَعَتْ أُخْرَى فَصَيَّرَتْهُ عِصَامًا لِفَمِ الْقِرْبَةِ. فَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ. وَمَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بكر فِي الْغَارِ ثَلاثَ لَيَالٍ. يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ. وَاسْتَأْجَرَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلا مِنْ بَنِي الدِّيلِ هَادِيًا خِرِّيتًا يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُرَيْقِطٍ. وَهُوَ عَلَى دِينِ الْكُفْرِ. وَلَكِنَّهُمَا أَمِنَاهُ. فَارْتَحَلا وَمَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ. فَأَخَذَ بِهِمُ ابْنُ أُرَيْقِطٍ يَرْتَجِزُ. فَمَا شَعَرَتْ قُرَيْشٌ أَيْنَ وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى سَمِعُوا صَوْتًا مِنْ جِنِّيٍّ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ. وَلا يُرَى شَخْصُهُ:
جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ ... رَفِيقَيْنِ قَالا خَيْمَتَيْ أَمِّ مَعْبَدِ
هُمَا نَزَلا بِالْبِرِّ وَارْتَحَلا بِهِ ... فَقَدْ فَازَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ
أَخْبَرَنَا الْحَارِثُ قَالَ: حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا. مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْبَزَّازُ وَغَيْرُهُ قَالُوا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ. وَيُكَنَّى أَبَا أَحْمَدَ(1/177)
السُّكَّرِيَّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ وَهْبٍ الْمَذْحِجِيُّ عَنِ الْحُرِّ بْنِ الصَّيَّاحِ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا هَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ. وَدَلِيلُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُرَيْقِطٍ اللَّيْثِيُّ. فَمَرُّوا بِخَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّةِ. وَكَانَتِ امْرَأَةً جَلْدَةً. بَرْزَةً. تَحْتَبِي وَتَقْعُدُ بِفِنَاءِ الْخَيْمَةِ. ثُمَّ تَسْقِي وَتُطْعِمُ.
فَسَأَلُوهَا تَمْرًا أَوْ لَحْمًا يَشْتَرُونَ. فَلَمْ يُصِيبُوا عِنْدَهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. وَإِذَا الْقَوْمُ مُرْمِلُونَ مُسْنِتُونَ. فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَوْ كَانَ عِنْدَنَا شَيْءٌ مَا أَعْوَزَكُمُ الْقِرَى. فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
إلى شَاةٍ فِي كَسْرِ الْخَيْمَةِ فَقَالَ: مَا هَذِهِ الشَّاةُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ؟ قَالَتْ: هَذِهِ شَاةٌ خَلَّفَهَا الْجَهْدُ عَنِ الْغَنَمِ. فَقَالَ: هَلْ بِهَا مِنْ لَبَنٍ؟ قَالَتْ: هِيَ أَجْهَدُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: أَتَأْذَنِينَ لِي أَنْ أَحْلِبَهَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي. إِنْ رَأَيْتَ بِهَا حَلْبًا! فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالشاة فمسح ضرعها وذكر اللَّهِ وَقَالَ: [اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهَا فِي شَاتِهَا! قَالَ:] فَتَفَاجَتْ وَدَرَّتْ وَاجْتَرَّتْ.
فَدَعَا بِإِنَاءٍ لَهَا يربض الرهط فحلب فيه ثجا حتى غلبه الثُّمَالِ فَسَقَاهَا فَشَرِبَتْ حَتَّى رَوَيَتْ [وَسَقَى أَصْحَابَهُ حَتَّى رَوَوْا وَشَرِبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخِرَهُمْ وَقَالَ: سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ] . فَشَرِبُوا جَمِيعًا عَلَلا بَعْدَ نَهَلٍ حَتَّى أَرَاضُوا. ثُمَّ حَلَبَ فِيهِ ثَانِيًا عَوْدًا عَلَى بَدْءٍ فَغَادَرَهُ عِنْدَهَا ثُمَّ ارْتَحُلُوا عَنْهَا. فَقَلَّمَا لَبَثَتْ أَنْ جَاءَ زوجها أبو معبد يسوق أعنزا حيلا عِجَافٌا هَزْلَى مَا تُسَاوَقُ. مُخُّهُنَّ قَلِيلٌ لا نِقْيَ بِهِنَّ. فَلَمَّا رَأَى اللَّبَنَ عَجِبَ وَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا وَالشَّاةُ عَازِبَةٌ وَلا حَلُوبَةَ فِي الْبَيْتِ؟ قَالَتْ: لا وَاللَّهِ إِلا أَنَّهُ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ مُبَارَكٌ كَانَ مِنْ حديثه كيت وكيت. قال: والله لأَرَاهُ صَاحِبَ قُرَيْشٍ الَّذِي يُطْلَبُ. صِفِيهِ لِي يَا أُمَّ مَعْبَدٍ. قَالَتْ: رَأَيْتُ رَجُلا ظَاهِرَ الْوَضَاءَةِ. مُتَبَلِّجَ الْوَجْهِ. حَسَنَ الْخُلُقِ. لَمْ تَعِبْهُ ثَجْلَةٌ وَلَمْ تُزْرِ بِهِ صَعْلَةٌ. وَسِيمٌ قَسِيمٌ. فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ. وَفِي أَشْفَارِهِ وَطْفٌ. وَفِي صَوْتِهِ صَحَلٌ. أَحْوَرُ أَكْحَلُ أَزَجُّ أَقْرَنُ. شَدِيدُ سَوَّادِ الشَّعْرِ. فِي عُنُقِهِ سَطَعٌ. وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَافَةٌ. إِذَا صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ. وَإِذَا تَكَلَّمَ سَمَا وَعَلاهُ الْبَهَاءُ وَكَأَنَّ مَنْطِقَهُ خَرَزَاتُ نَظْمٍ يَتَحَدَّرْنَ. حُلْوُ الْمِنْطَقِ. فَصْلٌ. لا نَزْرَ وَلا هَذْرَ. أَجْهَرُ النَّاسِ وَأَجْمَلُهُ مِنْ بَعِيدٍ.
وَأَحْلاهُ وَأَحْسَنَهُ مِنْ قَرِيبٍ. رَبْعَةٌ لا تَشْنَؤُهُ مِنْ طُولٍ وَلا تَقْتَحِمُهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ. غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ. فَهُوَ أَنْضَرُ الثَّلاثَةِ مَنْظَرًا. وَأَحْسَنُهُمْ قَدْرًا. لَهُ رُفَقَاءُ يَحُفُّونَ بِهِ. إِذَا قَالَ اسْتَمَعُوا لِقَوْلِهِ. وَإِذَا أَمَرَ تَبَادَرُوا إِلَى أَمْرِهِ. مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ. لا عَابِثَ وَلا مُفَنِّدَ. قَالَ:
هَذَا وَاللَّهِ صَاحِبُ قُرَيْشٍ الَّذِي ذُكِرَ لَنَا مِنْ أَمْرِهِ مَا ذُكِرَ. وَلَوْ كُنْتُ وَافَقْتُهُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ لالْتَمَسْتُ أَنْ أَصْحَبَهُ. وَلأَفْعَلَنَّ إِنْ وَجَدْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلا. وَأَصْبَحَ صَوْتٌ بمكة عاليا(1/178)
بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ يَسْمَعُونَهُ وَلا يَرَوْنَ مَنْ يَقُولُ. وَهُوَ يَقُولُ:
جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ ... رَفِيقَيْنِ حَلًا خَيْمَتَيْ أَمِّ مَعْبَدِ
هُمَا نَزَلا بِالْبِرِّ وَارْتَحَلا بِهِ ... فَأَفْلَحَ مَنْ أمسى رفيق محمد
فيا لقصي مَا زَوَى اللَّهُ عَنْكُمْ ... بِهِ مِنْ فِعَالٍ لا يُجَازَى وَسُودَدِ
سَلُوا أُخْتَكُمْ عَنْ شَاتِهَا وَإِنَائِهَا ... فَإِنَّكُمُ إِنْ تَسْأَلُوا الشَّاةَ تَشْهَدِ
دَعَاهَا بِشَاةٍ حَائِلٍ فَتَحَلَّبَتْ ... لَهُ بِصَرِيحٍ ضَرَّةُ الشَّاةِ مُزْبِدِ
فَغَادَرَهُ رَهْنًا لَدَيْهَا لِحَالِبٍ ... تُدِرُّ بِهَا فِي مَصْدَرٍ ثُمَّ مَوْرِدِ
وَأَصْبَحَ الْقَوْمُ قَدْ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ. وَأَخَذُوا عَلَى خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ حتى لحقوا النبي.
ص. قَالَ: فَأَجَابَهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ:
لَقَدْ خَابَ قَوْمٌ غَابَ عَنْهُمْ نَبِيُّهُمْ ... وَقُدِّسَ مَنْ يَسْرِي إِلَيْهِمْ وَيَغْتَدِي
تَرَحَّلَ عَنْ قَوْمٍ فَزَالَتْ عُقُولُهُمْ ... وَحَلَّ عَلَى قَوْمٍ بِنُورٍ مُجَدَّدِ
وَهَلْ يَسْتَوِي ضُلالُ قَوْمٍ تَسَلَّعُوا ... عَمًى وَهُدَاةٌ يَهْتَدُونَ بِمُهْتَدِ؟
نَبِيٌّ يَرَى مَا لا يَرَى النَّاسُ حَوْلَهُ ... وَيَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ فِي كُلِّ مَشْهَدِ
فَإِنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مَقَالَةَ غَائِبِ ... فَتَصْدِيقُهَا فِي ضَحْوَةِ الْيَوْمِ أَوْ غَدِ
لِتَهْنَ أَبَا بَكْرٍ سَعَادَةُ جَدِّهِ ... بِصُحْبَتِهِ. مَنْ يُسْعِدُ اللَّهُ يَسْعَدِ
وَيَهْنِ بَنِي كَعْبٍ مَكَانَ فَتَاتِهِمْ ... وَمَقْعَدُهَا لِلْمُسْلِمِينَ بِمَرْصَدِ
قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: فَبَلَغَنَا أَنَّ أُمَّ مَعْبَدٍ هَاجَرَتْ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَسْلَمَتْ. وَكَانَ خُرُوجُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْغَارِ لَيْلَةَ الاثْنَيْنِ لأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ فَقَالَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ بِقُدَيْدٍ. فَلَمَّا رَاحُوا مِنْهَا عَرَضَ لَهُمْ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ. فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَسَخَتْ قَوَائِمُ فَرَسِهِ. فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُطْلِقَ فَرَسِي وَأَرْجِعُ عَنْكَ وَأَرُدُّ مَنْ وَرَائِي. فَفَعَلَ. فَأُطْلِقَ وَرَجَعَ فَوَجَدَ النَّاسَ يَلْتَمِسُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: ارْجِعُوا فَقَدِ اسْتَبْرَأْتُ لَكُمْ مَا هَهُنَا وَقَدْ عَرَفْتُمْ بَصَرِي بِالأَثَرِ. فَرَجَعُوا عَنْهُ. أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ فَعَرَضَ لَهُمَا سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ فَسَاخَتْ فَرَسُهُ. فَقَالَ: يَا هَذَانِ ادْعُوَا لِي اللَّهَ وَلَكُمَا أَلا أَعُودَ. فَدَعَوَا اللَّهَ فَعَادَ فَسَاخَتْ فَقَالَ:
ادْعُوَا لِي اللَّهَ وَلَكُمَا أَلا أَعُودَ. قَالَ: وَعَرَضَ عَلَيْهِمَا الزَّادَ وَالْحِمْلانِ فَقَالا: أَكْفِنَا نَفْسَكَ. فَقَالَ: قد كفيتكماها.(1/179)
ثُمَّ رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى الأَوَّلِ. قَالَ: وَسَلَكَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الْخَرَّارِ ثُمَّ جَازَ ثَنِيَّةَ الْمَرَةِ ثُمَّ سَلَكَ لَقْفًا ثُمَّ أَجَازَ مَدْلَجَةَ لَقْفٍ ثُمَّ اسْتَبْطَنَ مَدْلَجَةَ مِجَاجٍ ثُمَّ سَلَكَ مِرْجَحَ مِجَاجٍ ثُمَّ بَطْنَ مِرْجَحٍ ثُمَّ بَطْنَ ذَاتِ كَشْدٍ ثُمَّ على الحدائد ثم على الأَذَاخِرَ ثُمَّ بَطْنَ رِيغٍ فَصَلَّى بِهِ الْمَغْرِبَ ثم ذا سلم ثم أعدا مَدْلَجَةَ ثُمَّ الْعُثَانَيَّةَ ثُمَّ جَازَ بَطْنَ الْقَاحَةِ ثُمَّ هَبَطَ الْعَرْجَ ثُمَّ سَلَكَ فِي الْجَدَوَاتِ ثُمَّ فِي الْغَابِرِ عَنْ يَمِينِ رَكُوبَةَ ثُمَّ هَبَطَ بَطْنَ الْعَقِيقِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْجِثْجَاثَةِ. فَقَالَ: [مَنْ يَدُلُّنَا عَلَى الطَّرِيقِ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَلا يَقْرَبِ الْمَدِينَةَ؟] فَسَلَكَ عَلَى طَرِيقِ الظَّبْيِ حَتَّى خَرَجَ عَلَى الْعُصْبَةِ. وكان المهاجرون قد استبطأوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الْقُدُومِ عَلَيْهِمْ. فَكَانُوا يَغْدُونَ مَعَ الأَنْصَارِ إِلَى ظَهْرِ حَرَّةِ الْعُصْبَةِ فَيَتَحَيَّنُونَ قُدُومَهُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ. فَإِذَا أَحْرَقَتْهُمُ الشَّمْسُ رَجَعُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ.
فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يوم الاثْنَيْنِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ وَيُقَالُ لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ. جَلَسُوا كَمَا كَانُوا يَجْلِسُونَ. فَلَمَّا أَحْرَقَتْهُمُ الشَّمْسُ رَجَعُوا إِلَى بُيُوتِهِمْ. فَإِذَا رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ يَصِيحُ عَلَى أُطُمٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا بَنِي قَيْلَةَ هَذَا صَاحِبَكُمْ قَدْ جَاءَ. فخرجوا. فإذا رسول الله.
ص. وَأَصْحَابُهُ الثَّلاثَةُ. فَسُمِعَتِ الرَّجَّةُ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَالتَّكْبِيرُ. وَتَلَبَّسَ الْمُسْلِمُونَ السِّلاحَ. فَلَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى قُبَاءَ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ يُذَكِّرُ النَّاسَ. وَجَاءَ الْمُسْلِمُونَ يُسَلِّمُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ. وَهُوَ الثَّبْتُ عِنْدَنَا. وَلَكِنَّهُ كَانَ يَتَحَدَّثُ مَعَ أَصْحَابِهِ فِي مَنْزِلِ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ. وَكَانَ يُسَمَّى مَنْزِلَ الْعُزَّابِ. فَلِذَلِكَ قِيلَ نَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ. أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَانَ رَدِيفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَخْتَلِفُ إِلَى الشَّامِ فَكَانَ يُعْرَفَ. وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يُعْرَفُ. فَكَانُوا يَقُولُونَ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ هَذَا الْغُلامُ بَيْنَ يَدَيْكَ؟ فَقَالَ: هَذَا يَهْدِينِي السَّبِيلَ. فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ نزلا الحرة. وبعث إلى الأنصار فجاؤوا فَقَالُوا: قُومَا آمِنِينَ مُطْمَئِنِّينَ. قَالَ: فَشَهِدْتُهُ يَوْمَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَيْنَا.
فَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا قَطُّ كَانَ أَحْسَنَ وَلا أَضْوَأَ مِنْ يَوْمِ دَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَيْنَا. وَشَهِدْتُهُ يَوْمَ مَاتَ فَمَا رَأَيْتُ قَطُّ يَوْمًا كَانَ أَقْبَحَ وَلا أَظْلَمَ مِنْ يَوْمِ مَاتَ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ أَبِي وَهْبٍ مَوْلَى أبي(1/180)
هُرَيْرَةَ قَالَ: رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَاءَ أَبِي بَكْرٍ نَاقَتَهُ. قَالَ: فَكُلَّمَا لَقِيَهُ إِنْسَانٌ قَالَ:
مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: بَاغٍ أَبْغِي. فَقَالَ: مَنْ هَذَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: هَادٍ يَهْدِينِي.
أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ أَضَاءَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ.
أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: جَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي إِلَى الْمَدِينَةِ. فِي الْهِجْرَةِ فَمَا رَأَيْتُ أَشَدَّ فَرَحًا مِنْهُمْ بِشَيْءٍ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى سَمِعْتُ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ وَالإِمَاءَ يَقُولُونَ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ قَدْ جَاءَ قَدْ جَاءَ!.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - مصعب ابن عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَجَعَلا يُقْرِئَانِ النَّاسَ الْقُرْآنَ. قَالَ: ثُمَّ جَاءَ عَمَّارٌ وَبِلالٌ وَسَعْدٌ.
قَالَ: ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ. قَالَ: ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ النَّاسَ فَرِحُوا بِشَيْءٍ قَطُّ فَرَحَهُمْ بِهِ حَتَّى رَأَيْتَ الْوَلائِدَ وَالصِّبْيَانَ يَقُولُونَ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ قَدْ جَاءَ! فَمَا قَدِمَ حَتَّى قَرَأْتُ: «سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى» الأَعْلَى: 1.
وَسُوَرًا مِنَ الْمُفَصَّلِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَوْفُ بْنُ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ. وَقِيلَ:
قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لأَنْظُرَ إِلَيْهِ. قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا وَجْهُهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ. قَالَ: فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ يَتَكَلَّمُ بِهِ أَنْ [قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصِلُوا الأَرْحَامَ وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ وَادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ] .
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ. أَخْبَرَنَا أَبُو التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَزَلَ فِي عُلْوِ الْمَدِينَةِ فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ. فَأَقَامَ أَرْبَعَ عَشَرَةَ لَيْلَةً. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مَلإٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ فجاؤوه مُتَقَلِّدِينَ سُيُوفَهُمْ. قَالَ أَنَسٌ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - وأبو بَكْرٍ رِدْفُهُ. وَمَلأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ حَتَّى أُلْقِيَ بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ.(1/181)
أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْمَرٍ الْمِنْقَرِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ. قَالَ:
وَأَبُو بَكْرٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ وَنَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَابٌّ لا يُعْرَفُ. قَالَ: فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ؟ فَيَقُولُ: هَذَا الرَّجُلُ يَهْدِينِي السَّبِيلَ. قَالَ: فَيَحْسِبُ الْحَاسِبُ أَنَّمَا يَهْدِيهِ الطَّرِيقَ. وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيلَ الْخَيْرِ. قَالَ:
وَالْتَفَتَ أَبُو بكر فإذا هو بفارس لَحِقَهُمْ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَذَا فَارِسٌ قَدْ لَحِقَ بِنَا. قَالَ:
[فَالْتَفَتَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ. قال: فَصَرَعَتْهُ فَرَسُهُ ثُمَّ قَامَتْ تُحَمْحِمُ. قَالَ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مُرْنِي بِمَا شِئْتَ. قَالَ فَقَالَ: قِفْ مَكَانَكَ فَلا تَتْرُكَنَّ أَحَدًا يَلْحَقُ بِنَا. قَالَ:] فَكَانَ أَوَّلُ النَّهَارِ جَاهِدًا عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان آخِرُ النَّهَارِ مَسْلَحَةً لَهُ. قَالَ: فَنَزَلَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَانِبَ الْحَرَّةِ وبعث إلى الأنصار.
فجاؤوا نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمُوا عَلَيْهِمَا وَقَالُوا: ارْكَبَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ. قَالَ: فَرَكِبَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ وَحَفُّوا حَوْلَهُمَا بِالسِّلاحِ. قَالَ: فَقِيلَ فِي الْمَدِينَةِ جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ! جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ! فَاسْتَشْرَفُوا نَبِيَّ اللَّهِ يَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: جَاءَ نبي الله. ص! قَالَ: فَأَقْبَلَ يَسِيرُ حَتَّى نَزَلَ إِلَى جَنْبِ دَارِ أَبِي أَيُّوبَ. قَالَ: فَإِنَّهُ لَيُحَدِّثُ أَهْلَهُ إِذْ سَمِعَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ وَهُوَ فِي نَخْلٍ لأَهْلِهِ يَخْتَرِفُ لَهُمْ. فَعَجِلَ أَنْ يَضَعَ الَّتِي يَخْتَرِفُ فِيهَا. فَجَاءَ وَهِيَ مَعَهُ فَسَمِعَ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ. [فَقَالَ نبي الله. ص: أَيُّ بُيُوتِ أَهْلِنَا أَقْرَبُ؟ قَالَ فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَذِهِ دَارِي وَهَذَا بَابِي. قَالَ فَقَالَ: اذْهَبْ فَهَيِّئْ لَنَا مَقِيلا. قَالَ: فَذَهَبَ فَهَيَّأَ لَهُمَا مَقِيلا ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَدْ هَيَّأْتُ لَكُمَا مَقِيلا. قُومَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ فَقِيلا] .
قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى الأَوَّلِ. قَالُوا: أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِبَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ يَوْمَ الاثْنَيْنِ. وَالثُّلاثَاءِ. وَالأَرْبِعَاءِ. وَالْخَمِيسِ. وَخَرَجَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَجَمَّعَ فِي بَنِي سَالِمٍ. وَيُقَالُ: أَقَامَ بِبَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ارْتِفَاعَ النَّهَارِ دَعَا رَاحِلَتَهُ وَحَشَدَ الْمُسْلِمُونَ وَتَلَبَّسُوا بِالسِّلاحِ وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاقَتَهُ الْقَصْوَاءَ وَالنَّاسُ مَعَهُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ فَاعْتَرَضَتْهُ الأَنْصَارُ لا يَمُرُّ بِدَارٍ مِنْ دُورِهِمْ إِلا قَالُوا: هَلُمَّ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِلَى الْقُوَّةِ وَالْمَنَعَةِ وَالثَّرْوَةِ. فَيَقُولُ لَهُمْ خَيْرًا وَيَدْعُو لَهُمْ وَيَقُولُ:
[إِنَّهَا مَأْمُورَةٌ فَخَلُّوا سَبِيلَهَا] . فَلَمَّا أَتَى مَسْجِدَ بَنِي سَالِمٍ جَمَعَ بِمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ مِائَةٌ.(1/182)
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَارِي قَالَ: حَدَّثَنِي مُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ أَنَّهُ سَمِعَ شُرَحْبِيلَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ قُبَاءَ اعْتَرَضَتْ لَهُ بَنُو سَالِمٍ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَأَخَذُوا بِخِطَامِ رَاحِلَتِهِ. هَلُمَّ إِلَى الْعَدَدِ وَالْعُدَّةِ وَالسِّلاحِ وَالْمَنَعَةِ. فَقَالَ: [خَلُّوا سَبِيلَهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ] . ثُمَّ اعْتَرَضَتْ لَهُ بَنُو الْحَارِثِ بْنُ الْخَزْرَجِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ. ثُمَّ اعْتَرَضَتْ لَهُ بَنُو عَدِيٍّ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ. حَتَّى بَرَكَتْ حَيْثُ أَمَرَهَا اللَّهُ.
قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى الأَوَّلِ. قَالَ: ثُمَّ ركب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نَاقَتَهُ وَأَخَذَ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ حَتَّى جَاءَ بَلْحُبْلَى ثُمَّ مَضَى حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمَسْجِدِ فَبَرَكَتْ عِنْدَ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَ النَّاسُ يُكَلِّمُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النُّزُولِ عَلَيْهِمْ. وَجَاءَ أَبُو أَيُّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ كُلَيْبٍ فَحَطَّ رَحْلَهُ فَأَدْخَلَهُ مَنْزِلَهُ. فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[يَقُولُ: الْمَرْءُ مَعَ رَحْلِهِ!] وَجَاءَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ فَأَخَذَ بِزِمَامِ رَاحِلَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَكَانَتْ عِنْدَهُ. وَهَذَا الثَّبْتُ. قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: فَأَوَّلُ هَدِيَّةٍ دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ الله.
ص. فِي مَنْزِلِ أَبِي أَيُّوبَ هَدِيَّةٌ دَخَلْتُ بِهَا إِنَاءٌ قَصْعَةٌ مَثْرُودَةٌ فِيهَا خُبْزٌ وَسَمْنٌ وَلَبَنٌ فَقُلْتُ: أَرْسَلَتْ بِهَذِهِ الْقَصْعَةِ أُمِّي. فَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ! وَدَعَا أَصْحَابَهُ فَأَكَلُوا. فَلَمْ أَرْمِ الْبَابَ حَتَّى جَاءَتْ قَصْعَةُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ثَرِيدٌ وَعِرَاقٌ. وَمَا كَانَ مِنْ لَيْلَةٍ إِلا وَعَلَى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الثَّلاثَةُ وَالأَرْبَعَةُ يَحْمِلُونَ الطَّعَامَ يَتَنَاوَبُونَ ذَلِكَ. حَتَّى تَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَنْزِلِ أَبِي أَيُّوبَ وَكَانَ مُقَامُهُ فيه سبعة أشهر. وبعث رسول الله.
ص. مِنْ مَنْزِلِ أَبِي أَيُّوبَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَأَبَا رَافِعٍ وَأَعْطَاهُمَا بَعِيرَيْنِ وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ إِلَى مَكَّةَ فَقَدِمَا عَلَيْهِ بِفَاطِمَةَ وَأُمِّ كُلْثُومٍ ابْنَتِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ زَوْجَتَهُ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. وَكَانَتْ رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وَسَلَّمَ - قَدْ هَاجَرَ بِهَا زَوْجُهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ قَبْلَ ذَلِكَ. وَحَبَسَ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَحَمَلَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ امْرَأَتَهُ أُمَّ أَيْمَنَ مَعَ ابْنِهَا أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. وَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ مَعَهُمْ بِعِيَالِ أَبِي بَكْرٍ فِيهِمْ عَائِشَةُ فَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَأَنْزَلَهُمْ فِي بَيْتِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ.
ذِكْرِ مُؤَاخَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَحَدَّثَنَا(1/183)
مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالُوا: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ.
وَآخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ. آخَى بَيْنَهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَالْمُؤَاسَاةِ وَيَتَوَارَثُونَ بَعْدَ الْمَمَاتِ دُونَ ذَوِي الأَرْحَامِ. وَكَانُوا تِسْعِينَ رَجُلا. خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينِ.
وَخَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِنَ الأَنْصَارِ. وَيُقَالُ: كَانُوا مِائَةً. خَمْسُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينِ. وَخَمْسُونَ مِنَ الأَنْصَارِ. وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ بَدْرٍ. فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ بَدْرٍ وَأَنْزَلَ الله تعالى: «وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» الأنفال: 75.
فَنَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ مَا كَانَ قَبْلَهَا. وَانْقَطَعَتِ الْمُؤَاخَاةُ فِي الْمِيرَاثِ. وَرَجَعَ كُلُّ إِنْسَانٍ إِلَى نَسَبِهِ وَوَرِثَهُ ذَوُو رَحِمِهِ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَالَفَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ فِي دَارِ أَنَسٍ.
ذِكْرُ بِنَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَسْجِدَ بِالْمَدِينَةِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: بَرَكَتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ مَوْضِعِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَوْمَئِذٍ يُصَلِّي فِيهِ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ مِرْبَدًا لِسَهْلٍ وَسُهَيْلٍ. غُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ. وَكَانَا فِي حِجْرِ أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْغُلامَيْنِ فَسَاوَمَهُمَا بِالْمِرْبَدِ لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا. فَقَالا: بَلْ نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى ابْتَاعَهُ مِنْهُمَا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَقَالَ غَيْرُ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ: فَابْتَاعَهُ مِنْهُمَا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ.
قَالَ وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ: وَأَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُعْطِيَهُمَا ذَلِكَ. وَكَانَ جِدَارًا مُجَدَّرًا لَيْسَ عَلَيْهِ سَقْفٌ. وَقِبْلَتُهُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَكَانَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ بَنَاهُ فَكَانَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ فِيهِ وَيُجَمِّعُ بِهِمْ فِيهِ الْجُمُعَةَ قَبْلَ مَقْدَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِالنَّخْلِ الَّذِي فِي الْحَدِيقَةِ وبالغرقد الَّذِي فِيهِ أَنْ يُقْطَعَ. وَأَمَرَ بِاللَّبِنِ فَضُرِبَ. وَكَانَ فِي الْمِرْبَدِ قُبُورٌ جَاهِلِيَّةٌ فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنُبِشَتْ. وَأَمَرَ بِالْعِظَامِ أَنْ تُغَيَّبَ. وَكَانَ فِي الْمِرْبَدِ مَاءٌ مُسْتَنْجَلٌ فَسَيَّرُوهُ حَتَّى ذَهَبَ. وَأَسَّسُوا الْمَسْجِدَ فَجَعَلُوا طُولَهُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ إِلَى مُؤَخَّرِهِ مِائَةَ ذِرَاعٍ. وَفِي هَذَيْنِ الْجَانِبَيْنِ مِثْلُ ذَلِكَ فَهُوَ مُرَبَّعٌ. وَيُقَالُ: كَانَ(1/184)
أَقَلَّ مِنَ الْمِائَةِ. وَجَعَلُوا الأَسَاسَ قَرِيبًا مِنْ ثَلاثَةِ أَذْرُعٍ عَلَى الأَرْضِ بِالْحِجَارَةِ ثُمَّ بَنَوْهُ بِاللَّبِنِ. وَبَنَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ. وَجَعَلَ يَنْقِلُ مَعَهُمُ الْحِجَارَةَ بِنَفْسِهِ وَيَقُولُ:
[اللَّهُمَّ لا عَيْشَ إِلا عَيْشُ الآخِرَةِ ... فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَةِ
] وَجَعَلَ يَقُولُ:
هَذَا الْحِمَالُ لا حِمَالَ خَيْبَرْ ... هَذَا أَبَرُّ. رَبَّنَا. وَأَطْهَرْ
وَجَعَلَ قِبْلَتَهُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَجَعَلَ لَهُ ثَلاثَةَ أَبْوَابٍ: بَابًا فِي مُؤَخَّرِهِ. وَبَابًا يُقَالُ لَهُ بَابُ الرَّحْمَةِ. وَهُوَ الْبَابُ الَّذِي يُدْعَى بَابُ عَاتِكَةَ. وَالْبَابُ الثَّالِثُ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو الْبَابُ الَّذِي يَلِي آلَ عُثْمَانَ. وَجَعَلَ طُولَ الْجِدَارِ بَسْطَةً.
وَعُمُدَهُ الْجُذُوعَ. وَسَقْفَهُ جَرِيدًا. فَقِيلَ لَهُ: أَلا تَسْقِفُهُ؟ فَقَالَ: [عَرِيشٌ كَعَرِيشِ مُوسَى خُشَيْبَاتٌ وَثُمَامٌ. الشَّأْنُ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ] . وَبَنَى بُيُوتًا إِلَى جَنْبِهِ بِاللَّبِنِ وَسَقَفَهَا بِجُذُوعِ النَّخْلِ وَالْجَرِيدِ. فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْبِنَاءِ بَنَى بِعَائِشَةَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي بَابُهُ شَارِعٌ إِلَى الْمَسْجِدِ. وَجَعَلَ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ فِي الْبَيْتِ الآخَرِ الَّذِي يَلِيهِ إِلَى الْبَابِ الَّذِي يَلِي آلَ عُثْمَانَ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ. وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ. ثُمَّ إِنَّهُ أمر بالمسجد فأرسل إلى الملإ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ فَجَاؤُوهُ. فَقَالَ:
ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا. قَالُوا: لا وَاللَّهِ لا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلا إِلَى اللَّهِ. قَالَ أَنَسٌ:
فَكَانَتْ فِيهِ قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ. وَكَانَ فِيهِ نَخْلٌ. وَكَانَتْ فِيهِ خِرَبٌ. فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِالنَّخْلِ فَقُطِعَ. وَبِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ. وَبِالْخِرَبِ فَسُوِّيَتْ. قَالَ: فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةً وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ حِجَارَةً. وَكَانُوا يَرْتَجِزُونَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُمْ وَهُوَ يَقُولُ:
اللَّهُمَّ لا خَيْرَ إِلا خَيْرُ الآخِرَةِ ... فَانْصُرِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَةِ
[قَالَ أَبُو التَّيَّاحِ: فَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الْهُذَيْلِ أَنَّ عَمَّارًا كَانَ رَجُلا ضَابِطًا وَكَانَ يَحْمِلُ حجرين حجرين فقال رسول الله. ص: وَيْهًا ابْنَ سُمَيَّةَ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ] .
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ مَعْمَرَ بْنَ رَاشِدٍ يُحَدِّثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمْ يَبْنُونَ الْمَسْجِدَ:
هَذَا الْحِمَالُ لا حِمَالَ خَيْبَرْ ... هَذَا أَبَرُّ. ربنا. وأطهر(1/185)
قَالَ: فَكَانَ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا مِنَ الشَّعْرِ إِلا قَدْ قِيلَ قَبْلَهُ أَوْ نَوَى ذَاكَ إِلا هَذَا.
ذِكْرُ صَرْفِ الْقِبْلَةِ عَنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى الْكَعْبَةِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَخْنَسِيِّ وَعَنْ غَيْرِهِمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ صَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُصْرَفَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ: [يَا جِبْرِيلُ وَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ صَرَفَ وَجْهِي عَنْ قِبْلَةِ يَهُودَ فَقَالَ جِبْرِيلُ: إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَادْعُ رَبَّكَ وَسَلْهُ.] وَجَعَلَ إِذَا صَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ. فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ:
«قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها» البقرة: 144. فَوُجِّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ إِلَى الْمِيزَابِ. وَيُقَالُ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ فِي مَسْجِدِهِ بِالْمُسْلِمِينَ ثُمَّ أُمِرَ أَنْ يُوَجِّهَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَاسْتَدَارَ إِلَيْهِ وَدَارَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ.
وَيُقَالُ: بَلْ زَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّ بِشْرِ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ فِي بَنِي سَلِمَةَ فَصَنَعَتْ لَهُ طَعَامًا. وَحَانَتِ الظُّهْرُ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَصْحَابِهِ رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ أُمِرَ أَنْ يُوَجِّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَاسْتَدَارَ إِلَى الْكَعْبَةِ وَاسْتَقْبَلَ الْمِيزَابَ. فَسُمِّيَ الْمَسْجِدُ مَسْجِدُ الْقِبْلَتَيْنِ. وَذَلِكَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ لِلنِّصْفِ مِنْ رَجَبٍ عَلَى رَأْسِ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا. وَفُرِضَ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي شَعْبَانَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهَذَا الثَّبْتُ عِنْدَنَا.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب أن رسول الله.
ص. صَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ أَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ حُوِّلَ إِلَى الْكَعْبَةِ قَبْلَ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دكين. أخبرنا هير عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ رَسُولَ الله.
ص. قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا. وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ. وَأَنَّهُ صَلاهَا أَوْ صَلَّى صَلاةَ الْعَصْرِ وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ. فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ صَلَّى مَعَهُ فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ فَقَالَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِبَلَ مَكَّةَ. فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ البيت.(1/186)
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَنَزَلَتْ: «قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ» البقرة: 144. فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ بِقُومٍ وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ وَقَدْ صَلُّوا رَكْعَةً. فَنَادَى: أَلا إِنَّ الْقِبْلَةَ قَدْ حُوِّلَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ. فَمَالُوا إِلَى الْكَعْبَةِ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ. أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَصَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ. أَخْبَرَنَا زِيَادُ بْنُ عِلاقَةَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ أَوْسٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: صَلَّيْنَا إِحْدَى صَلاتَيِ الْعَشِيِّ فَقَامَ رَجُلٌ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَنَحْنُ فِي الصَّلاةِ فَنَادَى: إِنَّ الصَّلاةَ قَدْ وُجِّهَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ. فَتَحَوَّلَ أَوِ انْحَرَفَ إِمَامُنَا نَحْوَ الْكَعْبَةِ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِمَكَّةَ يُصَلِّي نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه. وبعد ما هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا. ثُمَّ وُجِّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: مَا خَالَفَ نَبِيٌّ نَبِيًّا قَطُّ فِي قِبْلَةٍ وَلا فِي سُنَّةٍ إِلا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَقْبَلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ مِنْ حَيْثِ قَدِمَ الْمَدِينَةَ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ قَرَأَ «شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً» الشورى: 13.
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ. أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ. أَوْ قَالَ عَلَى أَخْوَالِهِ مِنَ الأَنْصَارِ. وَأَنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا. وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ. وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلاةٍ صَلاهَا الْعَصْرَ. وَصَلاهَا مَعَهُ قَوْمٌ. فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ فَقَالَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِبَلَ مَكَّةَ. فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ. وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ يُحَوَّلَ قِبَلَ الْبَيْتِ. وَكَانَتِ الْيَهُودُ قَدْ أَعْجَبُهُمْ. إِذْ كَانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ.(1/187)
وأهل الكتاب. فلما ولى جهة قِبَلَ الْبَيْتِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ.
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ. أَخْبَرَنَا أبو إسحاق عن الْبَرَاءِ فِي حَدِيثِهِ هَذَا أَنَّهُ مَاتَ عَلَى الْقِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ قِبَلَ الْبَيْتِ رِجَالٌ وَقُتِلُوا فَلَمْ نَدْرِ مَا يَقُولُ فِيهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: «وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ» البقرة: 143.
ذِكْرُ الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ الْمُسْتَوْرِدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ جَارِيَةَ عَنْ أَبِي غَزِيَّةَ. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالُوا: لَمَّا صُرِفَتِ الْقِبْلَةُ إِلَى الْكَعْبَةِ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسْجِدَ قُبَاءَ فَقَدَّمَ جِدَارَ المسجد إلى موضعه اليوم وأسسه [وقال رسول الله.
ص: جِبْرِيلُ يَؤُمُّ بِيَ الْبَيْتَ] . وَنَقَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ الْحِجَارَةَ لِبِنَائِهِ.
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ مَاشِيًا. [وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: مَنْ تَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوضُوءَ ثُمَّ جَاءَ مَسْجِدَ قُبَاءَ فَصَلَّى فِيهِ كَانَ لَهُ أَجْرُ عُمْرَةٍ] . وَكَانَ عُمَرُ يَأْتِيهِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ. وَقَالَ: لَوْ كَانَ بِطَرَفٍ مِنَ الأَطْرَافِ لَضَرَبْنَا إِلَيْهِ أَكْبَادَ الإِبِلِ.
وَكَانَ أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ يَقُولُ: هُوَ الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى. وَكَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُونَ: هُوَ مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ. أَخْبَرَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: «لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى» التوبة: 108. قَالَ: مَسْجِدُ قُبَاءَ.
أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ ابن عمر: دخل رسول الله.
ص. مَسْجِدَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَهُوَ مَسْجِدُ قُبَاءَ. قَالَ: فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ رِجَالُ الأَنْصَارِ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَدَخَلَ مَعَهُ صُهَيْبٌ. فَسَأَلْتُ صُهَيْبًا: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْنَعُ إِذَا كَانَ يُسَلَّمُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: كَانَ يُشِيرُ بِيَدِهِ.
أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ. حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الاثْنَيْنِ إِلَى قُبَاءَ.(1/188)
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ سَالِمٍ أَوْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءَ رَاكِبًا وَمَاشِيًا.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْتِي قُبَاءَ مَاشِيًا وَرَاكِبًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ. يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ. عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءَ فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى قُبَاءَ فَقَامَ يُصَلِّي فَجَاءَتْهُ الأَنْصَارُ تُسَلِّمُ عَلَيْهِ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَقُلْتُ لِبِلالٍ: كَيْفَ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرُدُّ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: يُشِيرُ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ وَهُوَ يُصَلِّي.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَمَّتِهِ أُمِّ بَكْرِ بِنْتِ الْمِسْوَرِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: لَوْ كَانَ مَسْجِدُ قُبَاءَ فِي أُفُقٍ مِنَ الآفَاقِ لَضَرَبْنَا إِلَيْهِ أَكْبَادَ الإِبِلِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو الأَبْرَدِ مَوْلَى بَنِي خَطْمَةَ عن أسد بْنِ ظُهَيْرٍ. وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: مَنْ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءَ فَصَلَّى فِيهِ كَانَ كَعُمْرَةٍ] .
ذِكْرُ الأَذَانِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ الْقَارِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: وَحَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالُوا: كان الناس في عهد النبي.
ص. قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ بِالأَذَانِ يُنَادِي مُنَادِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلاةُ جَامِعَةٌ. فَيَجْتَمِعُ النَّاسُ. فَلَمَّا صُرِفَتِ الْقِبْلَةُ إِلَى الْكَعْبَةِ أُمِرَ بِالأَذَانِ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَهَمَّهُ أَمْرُ الأَذَانِ وَأَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَشْيَاءَ يَجْمَعُونَ بِهَا النَّاسَ لِلصَّلاةِ فَقَالَ بَعْضُهُمُ البوق وقال(1/189)
بَعْضُهُمُ النَّاقُوسُ. فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ نَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْخَزْرَجِيُّ فَأُرِيَ فِي النَّوْمِ أَنَّ رَجُلا مَرَّ وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ وَفِي يَدِهِ نَاقُوسٌ. قَالَ فَقُلْتُ: أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ؟ فَقَالَ:
مَاذَا تُرِيدُ بِهِ؟ فَقُلْتُ: أُرِيدُ أَنْ أَبْتَاعَهُ لِكَيْ أَضْرِبَ بِهِ لِلصَّلاةِ لِجَمَاعَةِ النَّاسِ. [قَالَ: فَأَنَا أُحَدِّثُكَ بِخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ ذَلِكَ. تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ. أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ. حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ. اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ.
فَأَتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ. فقال لَهُ: قُمْ مَعَ بِلالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا قِيلَ لَكَ وَلْيُؤَذِّنْ بِذَلِكَ. فَفَعَلَ. وَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي رَأَى. فَقَالَ رسول الله. ص: فَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَذَلِكَ أَثْبَتُ] . قَالُوا: وَأُذِّنَ بِالأَذَانِ. وَبَقِيَ يُنَادَى فِي النَّاسِ الصَّلاةَ جَامِعَةً لِلأَمْرِ يَحْدُثُ فَيَحْضُرُونَ لَهُ يُخْبَرُونَ بِهِ مِثْلَ فَتْحٍ يقرأ أو أمر يؤمرون. فَيُنَادَى الصَّلاةَ جَامِعَةً. وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ وقت صلاة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ. أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ قَالَ:
اسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ فِي الأَذَانِ [فَقَالَ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَبْعَثَ رِجَالا فَيَقُومُونَ عَلَى آطَامِ الْمَدِينَةِ فَيُؤْذِنُونَ النَّاسَ بِالصَّلاةِ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَنْقُسُوا] . قَالَ: فَأَتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ أَهْلَهُ فَقَالُوا: أَلا نُعَشِّيكَ؟ قَالَ: لا أَذُوقُ طَعَامًا فَإِنِّي قد رأيت نبي الله.
ص. قَدْ أَهَمَّهُ أَمْرُهُ لِلصَّلاةِ. فَنَامَ فَرَأَى فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَجُلا عَلَيْهِ ثِيَابٌ خَضِرٌ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى سَقْفِ الْمَسْجِدِ فَأَذَّنَ ثُمَّ قَعَدَ قعدة ثم قام فأقام الصلاة. فَأَمَرَهُ أَنْ يُعَلِّمَ بِلالا فَفَعَلَ. قَالَ: فَأَقْبَلَ النَّاسُ لَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ. وَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: [يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ الذي رأى. فقال له نبي الله. ص: فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَنِيَ؟ قَالَ: اسْتَحْيَيْتُ لَمَّا رَأَيْتُنِي قَدْ سُبِقْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ] .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ. أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ شَيْئًا يَجْمَعُ بِهِ النَّاسَ لِلصَّلاةِ فَذُكِرَ عِنْدَهُ الْبُوقُ وَأَهْلُهُ فَكَرِهَهُ. وَذُكِرَ النَّاقُوسُ وَأَهْلُهُ فَكَرِهَهُ. حَتَّى أُرِيَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الأَذَانَ. وَأُرِيَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ. فَأَمَّا عُمَرُ فَقَالَ: إِذَا أَصْبَحْتُ أَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّا الأَنْصَارِيُّ فَطَرَقَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ اللَّيْلِ فَأَخْبَرَهُ. وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلالا فَأَذَّنَ بِالصَّلاةِ. وَذَكَرَ أَذَانَ النَّاسِ الْيَوْمَ. قَالَ:(1/190)
فَزَادَ بِلالٌ فِي الصُّبْحِ: الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ. فَأَقَرَّهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَتْ فِيمَا أُرِيَ الأَنْصَارِيُّ.
ذِكْرُ فَرْضِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَصَلاةِ الْعِيدَيْنِ وَسُنَّةِ الأُضْحِيَّةِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ رُبَيْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالُوا: نزل فرض شهر رمضان بعد ما صُرِفَتِ الْقِبْلَةُ إِلَى الْكَعْبَةِ بِشَهْرٍ فِي شَعْبَانَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ مُهَاجَرِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في هَذِهِ السَّنَةِ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ. وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الزَّكَاةُ فِي الأَمْوَالِ. وَأَنْ تُخْرَجَ عَنِ الصغير والكبير. والحر والعبد. والذكر والأنثى. صاع من تمر. أو صاع من شعير. أو صاع مِنْ زَبِيبٍ. أَوْ مُدَّانِ مِنْ بُرٍّ. وَكَانَ يَخْطُبُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ فَيَأْمُرُ بِإِخْرَاجِهَا قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى وَقَالَ: [أَغْنُوهُمْ. يَعْنِي الْمَسَاكِينَ. عَنْ طَوَافِ هَذَا الْيَوْمِ] . وَكَانَ يَقْسِمُهَا إِذَا رَجَعَ. وَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلاةَ الْعِيدِ يَوْمَ الْفِطْرِ بِالْمُصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ. وَصَلَّى الْعِيدَ يَوْمَ الأَضْحَى. وَأَمَرَ بِالأُضْحِيَّةِ. وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ يُضَحِّي فِي كُلِّ عَامٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنِ الأُضْحِيَّةِ فَقَالَ: أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ لا يَدَعُ الأَضْحَى. ثُمَّ رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الأَوَّلِ. قَالُوا: وَكَانَ يُصَلِّي الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلا إِقَامَةٍ. وَكَانَتْ تُحْمَلُ الْعَنَزَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ. وَكَانَتِ الْعَنَزَةُ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَدِمَ بِهَا مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ فَأَخَذَهَا مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ عَنِ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عن النبي.
ص. أَنَّهُ كَانَتْ تُحْمَلُ لَهُ عَنَزَةٌ يَوْمَ الْعِيدِ يُصَلِّي إِلَيْهَا. ثُمَّ رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ. قَالُوا: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا ضَحَّى اشْتَرَى كَبْشَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ. فَإِذَا صَلَّى وَخَطَبَ أُتِيَ بِأَحَدِهِمَا وَهُوَ قَائِمٌ فِي مُصَلاهِ فَذَبَحَهُ بيده بالمدينة ثُمَّ يَقُولُ: [اللَّهُمَّ هَذَا عَنْ أُمَّتِي جَمِيعًا مَنْ شَهِدَ لَكَ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لِي(1/191)
بِالْبَلاغِ. ثُمَّ يُؤْتَى بِالآخَرِ فَيَذْبَحُهُ هُوَ عَنْ نَفْسِهِ بِيَدِهِ ثُمَّ يَقُولُ: هَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ. فَيَأْكُلُ] هُوَ وَأَهْلُهُ مِنْهُ وَيُطْعِمُ الْمَسَاكِينَ. وَكَانَ يَذْبَحُ عِنْدَ طَرَفِ الزُّقَاقِ عِنْدَ دَارِ مُعَاوِيَةَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَذَلِكَ تَصْنَعُ الأَئِمَّةُ عِنْدَنَا بِالْمَدِينَةِ.
ذِكْرُ مَنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: وَحَدَّثَنِي غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَيْضًا بِبَعْضِ ذَلِكَ قَالُوا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ فِي الْمَسْجِدِ قَائِمًا فَقَالَ: [إِنَّ الْقِيَامَ قَدْ شَقَّ عَلَيَّ] . فَقَالَ لَهُ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ: أَلا أَعْمَلُ لَكَ مِنْبَرًا كَمَا رَأَيْتُ يُصْنَعُ بِالشَّامِ؟ فَشَاوَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ فَرَأَوْا أَنْ يَتَّخِذَهُ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: إِنَّ لِي غُلامًا يُقَالُ لَهُ كِلابٌ أَعْمَلُ النَّاسِ. [فقال رسول الله. ص: مُرْهُ أَنْ يَعْمَلَهُ. فَأَرْسَلَهُ إِلَى أَثْلَةٍ بِالْغَابَةِ فَقَطَعَهَا. ثُمَّ عَمِلَ مِنْهَا دَرَجَتَيْنِ وَمَقْعَدًا. ثُمَّ جَاءَ بِهِ فَوَضَعَهُ فِي مَوْضِعِهِ الْيَوْمَ. فَجَاءَهُ رسول الله.
ص. فَقَامَ عَلَيْهِ وَقَالَ: مِنْبَرِي هَذَا عَلَى تُرْعَةٍ مِنْ تُرَعِ الْجَنَّةِ وَقَوَائِمُ مِنْبَرِي رَوَاتِبُ فِي الْجَنَّةِ. وَقَالَ: مِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي. وَقَالَ: مَا بين منبري وبيتي مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ] .
وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأَيْمَانَ عَلَى الْحُقُوقِ عِنْدَ منبره و [قال: مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي كَاذِبًا وَلَوْ عَلَى سِوَاكِ أَرَاكٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ] . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا صَعِدَ عَلَى الْمِنْبَرِ سَلَّمَ. فَإِذَا جَلَسَ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ. وَكَانَ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ وَيَجْلِسُ جَلْسَتَيْنِ. وَكَانَ يُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ وَيُؤَمِّنُ النَّاسُ. وَكَانَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا يَخْطُبُ عَلَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَكَانَتْ مِنْ شَوْحَطٍ. وَكَانَ إِذَا خَطَبَ اسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ بِوُجُوهِهِمْ وَأَصْغَوْا بِأَسْمَاعِهِمْ وَرَمَقُوهُ بِأَبْصَارِهِمْ. وَكَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ. وَكَانَ لَهُ بُرْدٌ يَمَنِيٌّ طُولُهُ سِتُّ أَذْرُعٍ فِي ثَلاثِ أَذْرُعٍ وَشِبْرٍ.
وَإِزَارٌ مِنْ نَسْجِ عُمَانَ طُولُهُ أَرْبَعُ أَذْرُعٍ وَشِبْرٍ فِي ذِرَاعَيْنِ وَشِبْرٍ. فَكَانَ يَلْبَسَهُمَا فِي الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ الْعِيدِ ثُمَّ يُطْوَيَانِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ ابْنُ أُخْتِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ:
حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يقوم يوم الْجُمُعَةَ إِذَا خَطَبَ إِلَى خَشَبَةٍ ذَاتِ فَرْضَتَيْنِ. قَالَ: أَرَاهَا مِنْ دَوْمٍ. وَكَانَتْ فِي مُصَلاهِ فَكَانَ يَتَّكِئُ إِلَيْهَا. فَقَالَ لَهُ(1/192)
أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِنَّ النَّاسَ قَدْ كَثُرُوا فَلَوِ اتَّخَذْتَ شَيْئًا تَقُومُ عَلَيْهِ إِذَا خَطَبْتَ يَرَاكَ النَّاسُ؟ فَقَالَ: مَا شِئْتُمْ. قَالَ سَهْلٌ: وَلَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ إِلا نَجَّارٌ وَاحِدٌ ذهبت أَنَا وَذَاكَ النَّجَّارُ إِلَى الْخَافِقَيْنِ فَقَطَعْنَا هَذَا الْمِنْبَرَ مِنْ أَثْلَةٍ. قَالَ: [فَقَامَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَنَّتِ الْخَشَبَةُ. فَقَالَ النبي. ص: أَلا تَعْجَبُونَ لِحَنِينِ هَذِهِ الْخَشَبَةِ] ؟ فَأَقْبَلَ النَّاسُ وَفَرِقُوا مِنْ حَنِينِهَا حَتَّى كَثُرَ بُكَاؤُهُمْ. فَنَزَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَتَاهَا فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَسَكَنَتْ. فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَا فَدُفِنَتْ تَحْتَ مِنْبَرِهِ أَوْ جُعِلَتْ فِي السَّقْفِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَارِي عَنْ عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قُطِعَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثُ دَرَجَاتٍ مِنْ طَرْفَاءِ الْغَابَةِ. وَأَنَّ سَهْلا حَمَلَ خَشَبَةً مِنْهُنَّ حَتَّى وَضَعَهَا فِي مَوْضِعِ الْمِنْبَرِ.
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُومُ إِلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ مَنْصُوبٍ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى إِذَا بَدَا لَهُ أَنْ يَتَّخِذَ الْمِنْبَرَ شَاوَرَ ذَوِي الرَّأْيِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَرَأَوْا أَنْ يَتَّخِذَهُ. فَاتَّخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ. فَلَمَّا فَقَدَهُ الْجِذْعُ حَنَّ حَنِينًا أَفْزَعَ النَّاسَ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ فَقَامَ إِلَيْهِ وَمَسَّهُ فَهَدَأَ. ثُمَّ لَمْ يُسْمَعْ لَهُ حَنِينٌ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي إِلَى جِذْعٍ إِذْ كَانَ الْمَسْجِدُ عَرِيشًا. فَكَانَ يَخْطُبُ إِلَى ذَلِكَ الْجِذْعِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: يَا [رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ أَنْ أَعْمَلَ لَكَ مِنْبَرًا تَقُومُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَرَاكَ النَّاسُ وَتُسْمِعَهُمْ خُطْبَتَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ] . فَصُنِعَ لَهُ ثَلاثُ دَرَجَاتٍ هُنَّ اللاتِي عَلَى الْمِنْبَرِ أَعْلَى الْمِنْبَرِ. فَلَمَّا صُنِعَ الْمِنْبَرُ وَوُضِعَ فِي مَوْضِعِهِ وَأَرَادَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يَقُومَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَمَرَّ إِلَيْهِ. فَخَارَ الْجِذْعُ حَتَّى تَصَدَّعَ وَانْشَقَّ. فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ حَتَّى سَكَنَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمِنْبَرِ. وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَّى إِلَى ذَلِكَ الْجِذْعِ. فَلَمَّا هُدِمَ الْمَسْجِدُ وَغُيِّرَ أَخَذَ ذَلِكَ الْجِذْعَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَكَانَ عِنْدَهُ فِي دَارِهِ حَتَّى بَلِيَ وَأَكَلَتْهُ الأَرَضَةُ وَعَادَ رُفَاتًا.
أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. أَخْبَرَنَا عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ عَنِ ابْنِ(1/193)
عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ. فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ فَتَحَوَّلَ إِلَيْهِ حَنَّ الْجِذْعُ حَتَّى أَتَاهُ فَاحْتَضَنَهُ. [فَقَالَ: لَوْ لَمْ أَحْتَضِنْهُ لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ] «1» .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْحَارِثِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ يَسْأَلُ عَنِ الْمِنْبَرِ مِنْ أَيِّ عُودٍ هُوَ. فَقَالَ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى فُلانَةَ. امْرَأَةٍ سَمَّاهَا. فَقَالَ: [مُرِي غُلامَكِ النَّجَّارَ يَعْمَلْ لِي أَعْوَادًا أُكَلِّمُ النَّاسَ عَلَيْهَا] . فَعَمِلَ هَذِهِ الثَّلاثَ الدَّرَجَاتِ مِنْ طَرْفَاءِ الْغَابَةِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَوُضِعَتْ هَذَا الْمَوْضِعَ. قَالَ سَهْلٌ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلَ يَوْمٍ جَلَسَ عَلَيْهِ كَبَّرَ فَكَبَّرَ النَّاسُ خَلْفَهُ. ثُمَّ رَكَعَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ. ثُمَّ رَفَعَ فَنَزَلَ الْقَهْقَرَى فَسَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ. ثُمَّ عَادَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ. فَصَنَعَ فِيهَا كَمَا صَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى. فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: [أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي وَلِتَعَلَّمُوا صَلاتِي] .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَفْصُ بن عبيد الله بن أنس بن مالك الأَنْصَارِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَ الْمَسْجِدُ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسْقُوفًا عَلَى جُذُوعٍ مِنْ نَخْلٍ. فَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا خَطَبَ يَقُومُ إِلَى جِذْعٍ مِنْهَا. فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ فَكَانَ عَلَيْهِ. قَالَ: فَسَمِعْنَا لِذَلِكَ الْجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ الْعِشَارِ حَتَّى جَاءَهُ النبي - صلى الله عليه وسلم -
فوضع يده عَلَيْهِ فَسَكَنَ.
[أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مِنْبَرِي هَذَا عَلَى تُرْعَةٍ مِنْ تُرَعِ الْجَنَّةِ «2» . قَالَ: وَالتُّرْعَةُ الْبَابُ] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ إِنَّ الْمِنْبَرَ عَلَى تُرْعَةٍ مِنْ تُرَعِ الْجَنَّةِ. قَالَ سَهْلٌ: أَتَدْرُونَ مَا التُّرْعَةُ؟ قَالُوا: نَعَمْ. الْبَابُ. قَالَ: نَعَمْ هُوَ الباب.
__________
(1) انظر الحديث في: [سنن ابن ماجة (1415) ، ومسند أحمد بن حنبل (1/ 249، 267، 363) ، وسنن الدارمي (1/ 19) ، والمعجم الكبير للطبراني (12/ 187) ، والبداية والنهاية (6/ 154، 147، 148) ] .
(2) انظر الحديث في: [مسند أحمد بن حنبل (2/ 360، 450، 543) ، (2/ 340) ، والمطالب العالية (3902) ، والمعجم الكبير للطبراني (6/ 174) ، 237) ، ومجمع الزوائد (4/ 9) ] .(1/194)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي] «1» .
[أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: قَوَائِمُ مِنْبَرِي رَوَاتِبُ فِي الْجَنَّةِ] «2» .
[أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ. أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِسْطَاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ.
ص: لا يَحْلِفُ رَجُلٌ عَلَى يَمِينٍ آثِمَةٍ عِنْدَ هَذَا الْمِنْبَرِ إِلا تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وَلَوْ عَلَى سِوَاكٍ أَخْضَرَ] «3» .
[أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ يَزِيدَ أَبِي يُونُسَ الضَّمْرِيِّ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أبا هريرة يقول: قال رسول الله. ص: لا يَحْلِفُ أَحَدٌ عِنْدَ هَذَا الْمِنْبَرِ. أَوْ عِنْدَ مِنْبَرِي. عَلَى يَمِينٍ آثِمَةٍ وَلَوْ عَلَى سِوَاكٍ رَطْبٍ إِلا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ] .
[أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ القاري أنه أنظر إلى ابن عمر.
__________
(1) انظر الحديث في: [صحيح البخاري (2/ 77) ، (3/ 29) ، (8/ 151) ، (9/ 129) ، وصحيح مسلم، الحج، باب (92) ، حديث (500) ، (502) ، وسنن الترمذي (3915) ، (3916) ، وسنن النسائي (2/ 53) ، ومسند أحمد بن حنبل (2/ 236، 376، 438، 466، 533) ، (3/ 4) ، (4/ 39، 40) ، والسنن الكبرى للبيهقي (5/ 247) ، وفتح الباري (4/ 99، 100) ، (11/ 465) ، (13/ 309) ] .
(2) انظر الحديث في: [مسند أحمد بن حنبل (6/ 289، 292، 318) ، والسنن الكبرى (5/ 247، 248) ، والمستدرك (3/ 232) ، وموارد الظمآن (1034) ، وحلية الأولياء (7/ 248) ] .
(3) انظر الحديث في: [سنن أبي داود (3246) ، والسنن الكبرى (10/ 176) ، ومسند أحمد (3/ 344) ، وسنن ابن ماجة (2326) ] .(1/195)
وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَقْعَدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْمِنْبَرِ ثُمَّ وَضَعَهَا عَلَى وَجْهِهِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْحَارِثِيُّ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ قَالا:
أَخْبَرَنَا أَبُو مَوْدُودٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ. مَوْلًى لِهُذَيْلٍ. عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ قَالَ: رَأَيْتُ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا خَلا الْمَسْجِدُ أَخَذُوا بِرُمَّانَةِ الْمِنْبَرِ الصَّلْعَاءِ الَّتِي تَلِي الْقَبْرَ بِمَيَامِنِهِمْ ثُمَّ اسْتَقْبَلُوا الْقِبْلَةَ يَدْعُونَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: ذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الصَّلْعَاءَ وَلَمْ يَذْكُرْهَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ.
ذِكْرِ الصُّفَّةِ وَمَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي وَاقِدُ بْنُ أَبِي يَاسِرٍ التَّمِيمِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الصُّفَّةِ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ.
ص. لا مَنَازِلَ لَهُمْ. فَكَانُوا يَنَامُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - في الْمَسْجِدِ وَيَظَلُّونَ فِيهِ مَا لَهُمْ مَأْوًى غَيْرَهُ. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ بِاللَّيْلِ إِذَا تَعَشَّى فَيُفَرِّقُهُمْ عَلَى أَصْحَابِهِ وَتَتَعَشَّى طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى جَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْغِنَى.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ فِي قَوْلِهِ. جَلَّ ثَنَاؤُهُ: «لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» البقرة: 273. قَالَ: هُمْ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ وَكَانُوا لا مَسَاكِنَ لَهُمْ بِالْمَدِينَةِ وَلا عَشَائِرَ فَحَثَّ اللَّهُ عَلَيْهِمُ النَّاسَ بِالصَّدَقَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ ثَلاثِينَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ يُصَلُّونَ خَلْفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليس عَلَيْهِمْ أُرْدِيَةٌ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ فِرَاسٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ:
سَمِعْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ قَالَ: رَأَيْتُ ثَلاثِينَ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يُصَلُّونَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الأُزُرِ. أَنَا مِنْهُمْ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خُوطٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليلة فَقَالَ: ادْعُ لِي أَصْحَابِي. يَعْنِي(1/196)
أَهْلَ الصُّفَّةِ فَجَعَلْتُ أَتَّبِعُهُمْ رَجُلا رَجُلا فَأُوقِظُهُمْ حتى جمعتهم فجئنا باب رسول الله.
ص. فَاسْتَأْذَنَّا فَأُذِنَ لَنَا فَوَضَعَ لَنَا صَحْفَةً فِيهَا صَنِيعٌ مِنْ شَعِيرٍ وَوَضَعَ عَلَيْهَا يَدَهُ وَقَالَ:
خُذُوا بِاسْمِ اللَّهِ. فَأَكَلْنَا مِنْهَا مَا شِئْنَا. قَالَ: ثُمَّ رَفَعْنَا أَيْدِيَنَا. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ الله.
ص. حِينَ وُضِعَتِ الصَّحْفَةُ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا أَمْسَى فِي آلِ مُحَمَّدٍ طَعَامٌ لَيْسَ شَيْئًا تَرَوْنَهُ. فَقُلْنَا لأَبِي هُرَيْرَةَ: قَدْرُ كَمْ حِينَ فَرَغْتُمْ؟ قَالَ: مِثْلُهَا حِينَ وُضِعَتْ إِلا أَنَّ فِيهَا أَثَرَ الأَصَابِعِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنْتُ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ كَانَ لَيُغْشَى عَلَيَّ فِيمَا بَيْنَ بَيْتِ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ مِنَ الْجُوعِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: كُنْتُ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْبَانُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَعِيشَ بْنِ قَيْسِ بْنِ طِهْفَةَ الْغِفَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ.
ذِكْرُ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الجنائز
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كُنَّا مَقْدَمَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ إِذَا حَضَرَ مِنَّا الْمَيِّتُ أَتَيْنَاهُ فَأَخْبَرْنَاهُ فَحَضَرَهُ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ حَتَّى إِذَا قُبِضَ انْصَرَفَ وَمَنْ مَعَهُ وَرُبَّمَا قَعَدَ حَتَّى يُدْفَنَ وَرُبَّمَا طَالَ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حَبْسِهِ. فَلَمَّا خَشِينَا مَشَقَّةَ ذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ لِبَعْضٍ: وَاللَّهِ لَوْ كُنَّا لا نُؤْذِنُ النَّبِيَّ بِأَحَدٍ حَتَّى يُقْبَضَ فَإِذَا قُبِضَ آذَنَّاهُ فَلَمْ تَكُنْ لِذَلِكَ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِ وَلا حُبِسَ. قَالَ: فَفَعَلْنَا ذَلِكَ.
قَالَ: فَكُنَّا نُؤْذِنُهُ بِالْمَيِّتِ بَعْدَ أَنْ يَمُوتَ فَيَأْتِيَهُ فَيُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَيَسْتَغْفِرَ لَهُ. فَرُبَّمَا انْصَرَفَ عِنْدَ ذَلِكَ وَرُبَّمَا مَكَثَ حَتَّى يُدْفَنَ الْمَيِّتُ. فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا حِينًا. ثُمَّ قَالُوا: وَاللَّهِ لَوْ أَنَّا لَمْ نُشْخِصْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَمَلْنَا الْمَيِّتَ إِلَى مَنْزِلِهِ حَتَّى نُرْسِلَ إِلَيْهِ فَيُصَلِّيَ عَلَيْهِ عِنْدَ بَيْتِهِ لَكَانَ ذَلِكَ أَرْفَقَ بِهِ وَأَيْسَرَ عَلَيْهِ. قَالَ: فَفَعَلْنَا ذَلِكَ.(1/197)
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَمِنْ هُنَاكَ سُمِّيَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مَوْضِعَ الْجَنَائِزِ لأَنَّ الْجَنَائِزَ حُمِلَتْ إِلَيْهِ. ثُمَّ جَرَى ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ النَّاسِ فِي حَمْلِ جَنَائِزِهِمْ وَالصَّلاةِ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إِلَى الْيَوْمِ.
ذِكْرُ بِعْثَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرُّسُلَ بِكُتُبِهِ إِلَى الملوك يدعوهم إلى الْإِسْلَام وما كتب بِهِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لناس مِن العرب وغيرهم
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سبرة عن الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَحَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ جَدَّتِهِ الشِّفَاءِ قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ عَنْ أَهْلِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. قَالُوا: إِنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رَجَعَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ أَرْسَلَ الرُّسُلَ إِلَى الْمُلُوكِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ وَكَتَبَ إِلَيْهِمْ كُتُبًا. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ الله إن الملوك لا يقرأون كِتَابًا إِلا مَخْتُومًا. فَاتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ. فَصُّهُ مِنْهُ. نَقْشُهُ ثَلاثَةَ أَسْطُرٍ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. وَخَتَمَ بِهِ الْكُتُبَ. فَخَرَجَ سِتَّةُ نَفَرٍ مِنْهُمْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. وَذَلِكَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ. وَأَصْبَحَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانِ الْقَوْمِ الَّذِينَ بَعَثَهُ إِلَيْهِمْ.
فَكَانَ أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ إِلَى النَّجَاشِيِّ وَكَتَبَ إِلَيْهِ كِتَابَيْنِ يَدْعُوهُ فِي أَحَدِهِمَا إِلَى الإِسْلامِ وَيَتْلُو عَلَيْهِ الْقُرْآنَ. فَأَخَذَ كِتَابَ رَسُولِ الله.
ص. فَوَضَعَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ. وَنَزَلَ مِنْ سَرِيرِهِ فَجَلَسَ عَلَى الأَرْضِ تَوَاضُعًا. ثُمَّ أَسْلَمَ وَشَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ وَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَسْتَطِيعُ أَنْ آتِيَهُ لأتيته. وكتب إلى رسول الله.
ص. بِإِجَابَتِهِ وَتَصْدِيقِهِ وَإِسْلامِهِ. عَلَى يَدَيْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَفِي الْكِتَابِ الآخَرِ يَأْمُرُهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ. وَكَانَتْ قَدْ هَاجَرَتْ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ مَعَ زَوْجِهَا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ الأَسَدِيِّ فَتَنَصَّرَ هُنَاكَ وَمَاتَ.(1/198)
وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْكِتَابِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ بِمَنْ قِبَلَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَيَحْمِلَهُمْ.
فَفَعَلَ. فَزَوَّجَهُ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَصْدَقَ عَنْهُ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ. وَأَمَرَ بِجِهَازِ الْمُسْلِمِينَ وَمَا يُصْلِحُهُمْ. وَحَمَلَهُمْ فِي سَفِينَتَيْنِ مَعَ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ. وَدَعَا بِحُقٍّ مِنْ عَاجٍ فَجَعَلَ فِيهِ كِتَابَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: لَنْ تَزَالَ الْحَبَشَةُ بِخَيْرٍ مَا كَانَ هَذَانِ الْكِتَابَانِ بَيْنَ أَظْهُرِهَا.
قَالُوا: وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِحْيَةَ بْنَ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيَّ. وَهُوَ أَحَدُ السِّتَّةِ. إِلَى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلامِ وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى لِيَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ. فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَيْهِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِحِمْصَ. وَقَيْصَرُ يَوْمَئِذٍ مَاشٍ فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَيْهِ: إِنْ ظَهَرَتِ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ أَنْ يَمْشِيَ حَافِيًا مِنْ قُسْطَنْطِينِيَّةَ إِلَى إِيلِيَاءَ فَقَرَأَ الْكِتَابَ وَأَذَّنَ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ هَلْ لَكُمْ فِي الْفَلاحِ وَالرُّشْدِ. وَأَنْ يُثْبَتَ لَكُمْ مُلْكُكُمْ وَتَتَّبِعُونَ مَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ؟ قَالَتِ الرُّومُ:
وَمَا ذَاكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ؟ قَالَ: تَتَّبِعُونَ هَذَا النَّبِيَّ الْعَرَبِيَّ. قَالَ: فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ وَتَنَاحَزُوا وَرَفَعُوا الصَّلِيبَ. فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ ذَلِكَ مِنْهُمْ يَئِسَ مِنْ إِسْلامِهِمْ وَخَافَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ وَمُلْكِهِ فَسَكَّنَهُمْ ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا قُلْتُ لَكُمْ مَا قُلْتُ أَخْتَبِرُكُمْ لأَنْظُرَ كَيْفَ صَلابَتُكُمْ فِي دِينِكُمْ. فَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكُمُ الَّذِي أُحِبُّ. فَسَجَدُوا لَهُ.
قَالُوا: وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ السَّهْمِيَّ. وَهُوَ أَحَدُ السِّتَّةِ.
إِلَى كِسْرَى يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلامِ وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُرِئَ عَلَيْهِ. ثُمَّ أَخَذَهُ فَمَزَّقَهُ. فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
اللَّهُمَّ مَزِّقْ مُلْكَهُ! وَكَتَبَ كِسْرَى إِلَى بَاذَانَ عَامِلِهِ عَلَى الْيَمَنِ أَنِ ابْعَثْ مِنْ عِنْدِكَ رَجُلَيْنِ جَلْدَيْنِ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي بِالْحِجَازِ فَلْيَأْتِيَانِي بِخَبَرِهِ. فَبَعَثَ بَاذَانُ قَهْرَمَانَهُ وَرَجُلا آخَرَ وَكَتَبَ مَعَهُمَا كِتَابًا. فَقَدِمَا الْمَدِينَةَ فَدَفَعَا كِتَابَ بَاذَانَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَعَاهُمَا إِلَى الإِسْلامِ وَفَرَائِصُهُمَا تُرْعَدُ وَقَالَ: ارْجِعَا عَنِّي يَوْمَكُمَا هَذَا حَتَّى تَأْتِيَانِي الْغَدَ فَأُخْبِرَكُمَا بِمَا أُرِيدُ. فَجَاءَاهُ مِنَ الْغَدِ. فَقَالَ لَهُمَا:
أَبْلِغَا صَاحِبَكُمَا أَنَّ رَبِّي قَدْ قَتَلَ رَبَّهُ كِسْرَى فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ لِسَبْعِ سَاعَاتٍ مَضَتْ مِنْهَا. وَهِيَ لَيْلَةُ الثُّلاثَاءِ لِعَشْرِ لَيَالٍ مَضَيْنَ مِنْ جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ سَبْعٍ. وَأَنَّ اللَّهَ.
تَبَارَكَ وَتَعَالَى. سَلَّطَ عَلَيْهِ ابْنَهُ شِيرَوَيْهِ فَقَتَلَهُ. فَرَجَعَا إِلَى بَاذَانَ بِذَلِكَ فَأَسْلَمَ هُوَ وَالأَبْنَاءُ الَّذِينَ بِالْيَمَنِ.(1/199)
قَالُوا: وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ اللَّخْمِيَّ. وَهُوَ أَحَدُ السِّتَّةِ. إِلَى الْمُقَوْقَسِ صَاحِبِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ عَظِيمِ القبط يدعوه إلى الإسلام وكتب كِتَابًا. فَأَوْصَلَ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَرَأَهُ وَقَالَ لَهُ خَيْرًا. وَأَخَذَ الْكِتَابَ فَجَعَلَهُ فِي حُقٍّ مِنْ عَاجٍ وَخَتَمَ عَلَيْهِ وَدَفَعَهُ إِلَى جَارِيَتِهِ. وَكَتَبَ إِلَى النبي. ص: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ نَبِيًّا قَدْ بَقِيَ وَكُنْتُ أَظُنُّ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِالشَّامِ. وَقَدْ أَكْرَمْتُ رَسُولَكَ. وَبَعَثْتُ إِلَيْكَ بِجَارِيَتَيْنِ لَهُمَا مَكَانٌ فِي الْقِبْطِ عَظِيمٌ. وَقَدْ أَهْدَيْتُ لَكَ كِسْوَةً وَبَغْلَةً تَرْكَبُهَا. وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا وَلَمْ يُسَلِّمْ. فَقَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَدِيَّتَهُ. وَأَخَذَ الْجَارِيَتَيْنِ مَارِيَةَ أُمَّ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُخْتَهَا سِيرِينَ وَبَغْلَةً بَيْضَاءَ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَرَبِ يَوْمَئِذٍ غيرها وهي دلدل. و [قال رسول الله. ص: ضَنَّ الْخَبِيثُ بِمُلْكِهِ وَلا بَقَاءَ لِمُلْكِهِ. قَالَ حَاطِبٌ] :
كَانَ لِي مُكْرِمًا فِي الضِّيَافَةِ وَقِلَّةِ اللُّبْثِ بِبَابِهِ. مَا أَقَمْتُ عِنْدَهُ إِلا خَمْسَةَ أَيَّامٍ.
قَالُوا: وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ الأَسَدِيَّ. وَهُوَ أَحَدُ السِّتَّةِ. إِلَى الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيِّ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلامِ وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا. قَالَ شُجَاعٌ: فَأَتَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ بِغَوْطَةِ دِمَشْقَ. وَهُوَ مَشْغُولٌ بِتَهْيِئَةِ الإِنْزَالِ وَالأَلْطَافِ لِقَيْصَرَ. وَهُوَ جَاءٍ مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ. فَأَقَمْتُ عَلَى بَابِهِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً فَقُلْتُ لِحَاجِبِهِ: إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِ. فَقَالَ: لا تَصِلُّ إِلَيْهِ حَتَّى يَخْرُجَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا. وَجَعَلَ حَاجِبُهُ. وَكَانَ رُومِيًّا اسْمُهُ مُرَى. يَسْأَلُنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكُنْتُ أُحَدِّثُهُ عَنْ صِفَةِ رسول الله.
ص. وَمَا يَدْعُو إِلَيْهِ. فَيَرِقَّ حَتَّى يَغْلِبَهُ الْبُكَاءُ وَيَقُولُ: إِنِّي قَدْ قَرَأْتُ الإِنْجِيلَ فَأَجِدُ صِفَةَ هَذَا النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَيْنِهِ فأنا أؤمن بِهِ وَأُصَدِّقُهُ وَأَخَافُ مِنَ الْحَارِثِ أَنْ يَقْتُلَنِي. وَكَانَ يُكْرِمُنِي وَيُحْسِنُ ضِيَافَتِي. وَخَرَجَ الْحَارِثُ يَوْمًا فَجَلَسَ وَوَضَعَ التَّاجَ عَلَى رَأْسِهِ. فَأَذِنَ لِي عَلَيْهِ. فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَرَأَهُ ثُمَّ رَمَى بِهِ وَقَالَ: مَنْ يُنْتَزِعُ مِنِّي مُلْكِي؟ أَنَا سَائِرٌ إِلَيْهِ وَلَوْ كَانَ بِالْيَمَنِ جِئْتُهُ. عَلَيَّ بِالنَّاسِ! فَلَمْ يَزَلْ يَفْرِضُ حَتَّى قَامَ.
وَأَمَرَ بِالْخُيُولِ تُنْعِلُ. ثُمَّ قَالَ: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ مَا تَرَى. وَكَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ يُخْبِرُهُ خَبَرِي وَمَا عَزَمَ عَلَيْهِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ قَيْصَرُ: أَلا تَسِيرُ إِلَيْهِ وَالْهَ عَنْهُ وَوَافِنِي بِإِيلِيَاءَ. فَلَمَّا جَاءَهُ جَوَابُ كِتَابِهِ دَعَانِي فَقَالَ: مَتَى تُرِيدُ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى صَاحِبِكَ؟ فَقُلْتُ: غَدَا. فَأَمَرَ لِي بِمِائَةِ مِثْقَالٍ ذَهَبٍ. وَوَصَّلَنِي مُرَى. وَأَمَرَ لِي بِنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَقَال: أَقْرِئْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنِّي السَّلامَ.
فَقَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرْتُهُ. [فَقَالَ: بَادَ مُلْكُهُ! وَأَقْرَأْتُهُ مِنْ مُرَى السَّلامَ وَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قال. فقال رسول الله. ص: صَدَقَ] . وَمَاتَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي شِمْرٍ عَامَ الفتح.(1/200)
قَالُوا: وَكَانَ فَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو الْجُذَامِيُّ عَامِلا لِقَيْصَرَ عَلَى عُمَانَ مِنْ أَرْضِ الْبَلْقَاءِ.
فَلَمْ يَكْتُبْ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمَ فَرْوَةُ وَكَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِسْلامِهِ وَأَهْدَى لَهُ. وَبَعَثَ مِنْ عِنْدِهِ رَسُولا مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهُ مَسْعُودُ بْنُ سَعْدٍ. فَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ.
ص. كِتَابَهُ وَقَبِلَ هَدِيَّتَهُ. وَكَتَبَ إِلَيْهِ جَوَابَ كِتَابِهِ. وأجاز مسعودا باثنتي عشرة أوقية ونش. وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ.
قَالُوا: وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلِيطَ بْنَ عَمْرٍو الْعَامِرِيَّ. وَهُوَ أَحَدُ السِّتَّةِ. إِلَى هَوْذَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلامِ وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا. فَقَدِمَ عَلَيْهِ وَأَنْزَلَهُ وَحَبَاهُ.
وَقَرَأَ كِتَابَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَدَّ رَدًّا دون رد. وكتب إلى النبي. ص: مَا أَحْسَنَ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ وَأَجْمَلَهُ. وَأَنَا شَاعِرُ قَوْمِي وَخَطِيبُهُمْ. وَالْعَرَبُ تَهَابُ مَكَانِي. فَاجْعَلْ لِي بَعْضَ الأَمْرِ أَتَّبِعْكَ. وَأَجَازَ سَلِيطَ بْنَ عَمْرٍو بِجَائِزَةٍ وَكَسَاهُ أَثْوَابًا مِنْ نَسْجِ هَجَرَ. فَقَدِمَ بِذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَخْبَرَهُ عَنْهُ بِمَا قَالَ. وَقَرَأَ كِتَابَهُ وَقَالَ: [لَوْ سَأَلَنِي سَيَابَةً مِنَ الأَرْضِ مَا فَعَلْتُ. بَادَ وَبَادَ مَا فِي يَدَيْهِ!] فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنْ عَامِ الْفَتْحِ جَاءَهُ جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ.
قَالُوا: وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عمرو بن الْعَاصِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ إِلَى جَيْفَرَ وَعَبْدٍ ابْنِي الْجُلَنْدَى. وَهُمَا مِنَ الأَزْدِ. وَالْمَلِكُ مِنْهُمَا جَيْفَرُ. يَدْعُوهُمَا إِلَى الإِسْلامِ. وَكَتَبَ مَعَهُ إِلَيْهِمَا كِتَابًا وَخَتَمَ الْكِتَابَ. قَالَ عَمْرٌو: فَلَمَّا قَدِمْتُ عُمَانَ عَمَدْتُ إِلَى عَبْدٍ. وَكَانَ أَحْلَمَ الرَّجُلَيْنِ وَأَسْهَلَهُمَا خُلُقًا. فَقُلْتُ: إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
إِلَيْكَ وَإِلَى أَخِيكَ. فَقَالَ: أَخِي الْمُقَدَّمُ عَلَيَّ بِالسِّنِّ وَالْمُلْكِ. وَأَنَا أُوصِلُكَ إِلَيْهِ حَتَّى يَقْرَأَ كِتَابَكَ. فَمَكَثْتُ أَيَّامًا بِبَابِهِ. ثُمَّ إِنَّهُ دَعَانِي فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ الْكِتَابَ مَخْتُومًا. فَفَضَّ خَاتَمَهُ وَقَرَأَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى آخِرِهِ. ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى أَخِيهِ فَقَرَأَهُ مِثْلَ قِرَاءَتِهِ. إِلا أَنِّي رَأَيْتُ أَخَاهَ أَرَقَّ مِنْهُ. فَقَالَ: دَعْنِي يَوْمِي هَذَا وَارْجِعْ إِلَيَّ غَدًا. فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ رَجَعْتُ إِلَيْهِ. قَالَ: إِنِّي فَكَّرْتُ فِيمَا دَعَوْتَنِي إِلَيْهِ. فَإِذَا أَنَا أَضْعَفُ الْعَرَبِ إِذَا مَلَّكْتُ رَجُلا مَا فِي يَدِي. قُلْتُ: فَإِنِّي خَارِجٌ غَدًا. فَلَمَّا أَيْقَنَّ بِمَخْرَجِي أَصْبَحَ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ. فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَأَجَابَ إِلَى الإِسْلامِ هُوَ وَأَخُوهُ جَمِيعًا وَصَدَّقَا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَلَّيَا بَيْنِي وَبَيْنَ الصَّدَقَةِ وَبَيْنَ الْحُكْمِ فِيمَا بَيْنَهُمْ. وَكَانَا لِي عَوْنًا عَلَى مَنْ خَالَفَنِي. فَأَخَذْتُ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَرَدَّدْتُهَا فِي فُقَرَائِهِمْ. فَلَمْ أَزَلْ مُقِيمًا فِيهِمْ حَتَّى بَلَغَنَا وَفَاةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -(1/201)
قَالُوا: وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنْصَرَفَهُ مِنَ الْجِعْرَانَةِ الْعَلاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى الْعَبْدِيِّ وَهُوَ بِالْبَحْرَيْنِ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلامِ وَكَتَبَ إِلَيْهِ كِتَابًا. فَكَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - بِإِسْلامِهِ وَتَصْدِيقِهِ. وَإِنِّي قَدْ قَرَأْتُ كِتَابَكَ عَلَى أَهْلِ هَجَرَ فَمِنْهُمْ مَنْ أَحَبَّ الإِسْلامَ وَأَعْجَبَهُ وَدَخَلَ فِيهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ. وَبِأَرْضِي مَجُوسٌ وَيَهُودُ فَأَحْدِثْ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ أَمْرَكَ. فَكَتَبَ إليه رسول الله. ص: «إِنَّكَ مَهْمَا تُصْلِحُ فَلَنْ نَعْزِلَكَ عَنْ عَمَلِكَ. وَمَنْ أَقَامَ عَلَى يَهُودِيَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ فَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ» . وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى مَجُوسِ هَجَرَ يَعْرِضُ عَلَيْهِمُ الإِسْلامَ. فَإِنْ أَبَوْا أُخِذَتْ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ.
وَبِأَنْ لا تُنْكَحُ نِسَاؤُهُمْ وَلا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ أَبَا هُرَيْرَةَ مَعَ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ وَأَوْصَاهُ بِهِ خَيْرًا.
وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْعَلاءِ فَرَائِضَ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالثِّمَارِ وَالأَمْوَالِ.
فَقَرَأَ الْعَلاءُ كِتَابَهُ عَلَى النَّاسِ وَأَخَذَ صَدَقَاتِهُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ الطَّائِيُّ قال: أنبأنا مجالد بن سعيد وزكرياء بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْتُبُ كَمَا تَكْتُبُ قُرَيْشٌ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ. حَتَّى نَزَلَتْ عَلَيْهِ: «ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها» هود: 41.
فَكَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ. حَتَّى نَزَلَتْ عَلَيْهِ: «قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ» الإسراء:
110. فَكَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ. حَتَّى نَزَلَتْ عَلَيْهِ: «إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» النمل: 30. فَكَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَلْهَمُ بْنُ صَالِحٍ وَأَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ الأَسْلَمِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ وَالزُّهْرِيِّ قَالَ: وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ فِرَاسٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ.
دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لأَصْحَابِهِ: وَافُونِي بِأَجْمَعِكُمْ بِالْغَدَاةِ. وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ حُبِسَ فِي مُصَلاهُ قَلِيلا يُسَبِّحُ وَيَدْعُو. ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَبَعَثَ عِدَّةً إِلَى عِدَّةٍ وَقَالَ لَهُمُ: [انْصَحُوا لِلَّهِ فِي عِبَادِهِ فَإِنَّهُ مَنِ اسْتُرْعِيَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ النَّاسِ ثُمَّ لَمْ يَنْصَحْ لَهُمْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ. انْطَلِقُوا وَلا تَصْنَعُوا كَمَا صَنَعَتْ رُسُلُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فَإِنَّهُمْ أَتَوُا الْقَرِيبَ وَتَرَكُوا الْبَعِيدَ فَأَصْبَحُوا.
يَعْنِي الرُّسُلَ. وَكُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانِ الْقَوْمِ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: هَذَا أَعْظَمُ مَا كَانَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي أَمْرِ عباده] .(1/202)
قَالَ: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ كِتَابًا يُخْبِرُهُمْ فِيهِ بِشَرَائِعِ الإِسْلامِ وَفَرَائِضِ الصَّدَقَةِ فِي الْمَوَاشِي وَالأَمْوَالِ وَيُوصِيهِمْ بِأَصْحَابِهِ وَرُسُلِهِ خَيْرًا. وَكَانَ رَسُولُهُ إِلَيْهِمْ معاذ بن جبل ومالك بن مرارة - صلى الله عليه وسلم - وَيُخْبِرُهُمْ بِوُصُولِ رَسُولِهِمْ إِلَيْهِ وَمَا بَلَّغَ عَنْهُمْ.
قالوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى عِدَّةٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ سَمَّاهُمْ. مِنْهُمُ:
الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ كُلالٍ. وَشُرَيْحُ بْنُ عَبْدِ كُلالٍ. وَنُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ كُلالٍ. وَنُعْمَانُ قَيْلُ ذِي يَزِنَ. وَمَعَافِرٌ. وَهَمْدَانُ. وَزُرْعَةُ ذِي رُعَيْنٍ. وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ مِنْ أَوَّلِ حِمْيَرَ. وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا الصَّدَقَةَ وَالْجِزْيَةَ فَيَدْفَعُوهُمَا إِلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَمَالِكِ بْنِ مُرَارَةَ. وَأَمَرَهُمْ بِهِمَا خَيْرًا. وَكَانَ مَالِكُ بْنُ مُرَارَةَ رَسُولَ أَهْلِ الْيَمَنِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِسْلامِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مَالِكَ بْنَ مُرَارَةَ قَدْ بَلَّغَ الْخَبَرَ وَحَفِظَ الْغَيْبَ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَنِي مُعَاوِيَةَ مِنْ كِنْدَةَ بِمِثْلِ ذَلِكَ.
قالوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَنِي عَمْرٍو مِنْ حِمْيَرَ يَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ.
وَفِي الْكِتَابِ: وَكَتَبَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى جَبَلَةَ بْنِ الأَيْهَمِ مَلِكِ غَسَّانَ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلامِ. فَأَسْلَمَ وَكَتَبَ بِإِسْلامِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً وَلَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا حَتَّى كَانَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَبَيْنَمَا هُوَ فِي سُوقِ دِمَشْقَ إِذْ وطيء رَجُلا مِنْ مُزَيْنَةَ. فَوَثَبَ الْمُزَنِيُّ فَلَطَمَهُ. فَأُخِذَ وَانْطُلِقَ بِهِ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ. فَقَالُوا: هَذَا لَطَمَ جَبَلَةَ. قَالَ: فَلْيَلْطِمْهُ. قَالُوا: وَمَا يُقْتَلُ؟ قَالَ: لا. قَالُوا: فَمَا تُقْطَعُ يَدُهُ؟ قَالَ:
لا. إِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ. تَبَارَكَ وَتَعَالَى. بِالْقَوَدِ. قَالَ جَبَلَةُ: أَوَتَرَوْنَ أَنِّي جَاعِلٌ وَجْهِي نِدًّا لِوَجْهِ جَدْيٍ جَاءَ مِنْ عُمْقٍ! بِئْسَ الدِّينُ هَذَا! ثُمَّ ارْتَدَّ نَصْرَانِيًّا وَتَرَحَّلَ بِقَوْمِهِ حَتَّى دَخَلَ أَرْضَ الرُّومِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ فَشَقَّ عَلَيْهِ وَقَالَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: أَبَا الْوَلِيدِ. أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ صَدِيقَكَ جَبَلَةَ بْنَ الأَيْهَمِ ارْتَدَّ نَصْرَانِيًّا؟ قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَلِمَ؟ قَالَ:
لَطَمَهُ رَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ. قَالَ: وَحُقَّ لَهُ. فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ فَضَرَبَهُ بِهَا.
قَالُوا: وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيَّ إِلَى ذِي الْكُلاعِ بْنِ نَاكُورَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ تُبَّعٍ وَإِلَى ذِي عَمْرٍو يَدْعُوهُمَا إِلَى الإِسْلامِ فَأَسْلَمَا وَأَسْلَمَتْ ضَرِيبَةُ بِنْتُ أَبْرَهَةَ بْنِ الصَّبَّاحِ امْرَأَةُ ذِي الْكُلاعِ. وَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ.
ص. وَجَرِيرٌ عِنْدَهُمْ. فَأَخْبَرَهُ ذُو عَمْرٍو بِوَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَجَ جَرِيرٌ إِلَى الْمَدِينَةِ.(1/203)
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَعْدِي كَرِبَ بْنِ أَبْرَهَةَ أَنَّ لَهُ مَا أَسْلَمَ عَلَيْهِ مِنْ أَرْضِ خَوْلانَ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأَسْقُفِ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ والأساقفة نَجْرَانَ وَكَهَنَتِهِمْ وَمَنْ تَبِعَهُمْ وَرُهْبَانِهِمْ أَنَّ لَهُمْ عَلَى مَا تَحْتِ أَيْدِيهِمْ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ مِنْ بِيَعِهِمْ وَصَلَوَاتِهِمْ وَرَهْبَانِيَّتِهِمْ. وَجُوَارُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لا يُغَيَّرَ أَسْقُفٌ عَنْ أَسْقُفِيَّتِهِ. وَلا رَاهِبٌ عَنْ رَهْبَانِيَّتِهِ. وَلا كَاهِنٍ عَنْ كَهَانَتِهِ. وَلا يُغَيَّرَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِهِمْ. وَلا سُلْطَانِهِمْ. وَلا شَيْءٍ مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ مَا نَصَحُوا وَأَصْلَحُوا فِيمَا عَلَيْهِمْ غَيْرَ مُثْقِلِينَ بِظُلْمٍ وَلا ظَالِمِينَ. وَكَتَبَ الْمُغِيرَةُ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَبِيعَةَ بْنِ ذِي مَرْحَبٍ الْحَضْرَمِيِّ وَإِخْوَتِهِ وَأَعْمَامِهِ أَنَّ لَهُمْ أَمْوَالَهُمْ وَنِحَلَهُمْ وَرَقِيقَهُمْ وَآبَارَهُمْ وَشَجَرَهُمْ وَمِيَاهَهُمْ وَسَوَاقِيَهُمْ وَنَبْتَهُمْ وَشَرَاجِعَهُمْ بِحَضْرَمَوْتَ. وَكُلَّ مَالٍ لآلِ ذِي مَرْحَبٍ. وَأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ فِي ثِمَارِهِمْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّهُ لا يَسْأَلُهُ أَحَدٌ عَنْهُ. وَأَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ بَرَاءٌ مِنْهُ. وَأَنَّ نَصْرَ آلِ ذِي مَرْحَبٍ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَأَنَّ أَرْضَهُمْ بَرِيئَةٌ مِنَ الْجَوْرِ. وَأَنَّ أَمْوَالَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ وَزَافِرَ حَائِطَ الْمَلِكِ الَّذِي كَانَ يَسِيلُ إِلَى آلِ قَيْسٍ وَأَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ جَارٌ عَلَى ذَلِكَ. وَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ.
قالوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ أَسْلَمَ مِنْ حَدَسٍ مِنْ لَخْمٍ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ. وَأَعْطَى حَظَّ اللَّهِ وَحَظَّ رَسُولِهِ. وَفَارَقَ الْمُشْرِكِينَ. فَإِنَّهُ آمِنٌ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ. وَمَنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ فَإِنَّ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ مُحَمَّدٍ رَسُولِهِ مِنْهُ بَرِيئَةٌ. وَمَنْ شَهِدَ لَهُ مُسْلِمٌ بِإِسْلامِهِ فَإِنَّهُ آمِنٌ بِذِمَّةِ مُحَمَّدٍ وَإِنَّهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِخَالِدِ بْنِ ضِمَادٍ الأَزْدِيِّ أَنَّ لَهُ مَا أَسْلَمَ عَلَيْهِ مِنْ أَرْضِهِ عَلَى أَنْ يُؤْمِنَ بِاللَّهِ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا. وَيَشْهَدَ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. وَعَلَى أَنْ يُقِيمَ الصَّلاةَ. وَيُؤْتِيَ الزَّكَاةَ. وَيَصُومَ شَهْرَ رَمَضَانَ. وَيَحُجَّ الْبَيْتَ. وَلا يَأْوِيَ مُحْدِثًا.
وَلا يَرْتَابَ. وَعَلَى أَنْ يَنْصَحَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ. وَعَلَى أَنْ يُحِبَّ أَحِبَّاءَ اللَّهِ. وَيُبْغِضَ أَعْدَاءَ اللَّهِ. وَعَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ أَنْ يَمْنَعَهُ مِمَّا يَمْنَعُ مِنْهُ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَأَهْلَهُ. وَأَنَّ لِخَالِدٍ الأَزْدِيِّ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ النَّبِيِّ إِنْ وَفَّى بِهَذَا. وَكَتَبَ أُبَيٌّ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حَيْثُ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ عَهْدًا يُعَلِّمُهُ فِيهِ شَرَائِعَ الإِسْلامِ وَفَرَائِضَهُ وَحُدُودَهُ. وَكَتَبَ أبي.(1/204)
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنُعَيْمِ بْنِ أَوْسٍ أَخِي تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ لَهُ حَبْرَى وَعَيْنُونَ بِالشَّامِ قَرْيَتَهَا كُلَّهَا سَهْلَهَا وَجَبَلَهَا وَمَاءَهَا وَحَرْثَهَا وَأَنْبَاطَهَا وَبَقَرَهَا. وَلِعَقِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ. لا يُحَاقُّهُ فِيهَا أَحَدٌ. وَلا يَلِجُهُ عَلَيْهِمْ بِظُلْمٍ. وَمَنْ ظَلْمَهُمْ وَأَخَذَ مِنْهُمْ شَيْئًا فَإِنَّ عَلَيْهِ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. وَكَتَبَ عَلِيٌّ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْحُصَيْنِ بْنِ أَوْسٍ الأَسْلَمِيِّ أَنَّهُ أَعْطَاهُ الْفُرْغَيْنِ وَذَاتِ أَعْشَاشٍ لا يُحَاقُّهُ فِيهَا أَحَدٌ. وَكَتَبَ عَلِيٌّ.
قالوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَنِي قُرَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ النَّبْهَانِيِّينَ أَنَّهُ أَعْطَاهُمُ الْمِظَلَّةَ كُلَّهَا أَرْضَهَا وَمَاءَهَا وَسَهْلَهَا وَجَبَلَهَا حِمًى يَرْعُونَ فِيهِ مَوَاشِيَهُمْ. وَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَنِي الضِّبَابِ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ لَهُمْ سَارِبَةً وَرَافِعَهَا. لا يُحَاقُّهُمْ فِيهَا أَحَدٌ مَا أَقَامُوا الصَّلاةَ. وَآتَوُا الزَّكَاةَ. وَأَطَاعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ. وَفَارَقُوا الْمُشْرِكِينَ. وَكَتَبَ الْمُغِيرَةُ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَزِيدَ بْنِ الطُّفَيْلِ الْحَارِثِيِّ أَنَّ لَهُ الْمَضَّةَ كُلَّهَا. لا يُحَاقُّهُ فِيهَا أَحَدٌ مَا أَقَامَ الصَّلاةَ. وَآتَى الزَّكَاةَ. وَحَارَبَ الْمُشْرِكِينَ. وَكَتَبَ جُهَيْمُ بْنُ الصَّلْتِ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَنِي قَنَانِ بْنِ ثَعْلَبَةَ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ أَنَّ لَهُمْ مَجَسًّا وَأَنَّهُمْ آمِنُونَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ. وَكَتَبَ الْمُغِيرَةُ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعَبْدِ يَغُوثَ بْنِ وَعْلَةَ الْحَارِثِيِّ أَنَّ لَهُ مَا أَسْلَمَ عَلَيْهِ مِنْ أَرْضِهَا وَأَشْيَائِهَا. يَعْنِي نَخْلَهَا. مَا أَقَامَ الصَّلاةَ. وَآتَى الزَّكَاةَ. وَأَعْطَى خُمُسَ الْمَغَانِمِ فِي الْغَزْوِ. وَلا عُشْرَ وَلا حُشْرَ. وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ قَوْمِهِ. وَكَتَبَ الأَرْقَمُ بْنُ أَبِي الأَرْقَمِ الْمَخْزُومِيُّ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَنِي زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الْحَارِثِيِّينَ أَنَّ لَهُمْ جَمَّاءَ وَأَذْنِبَةَ. وَأَنَّهُمْ آمِنُونَ مَا أَقَامُوا الصَّلاةَ. وَآتَوُا الزَّكَاةَ. وَحَارَبُوا الْمُشْرِكِينَ. وَكَتَبَ عَلِيٌّ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَزِيدَ بْنِ الْمُحَجَّلِ الْحَارِثِيِّ أَنَّ لَهُمْ نَمِرَةً وَمِسَاقَيْهَا وَوَادِيَ الرَّحْمَنِ مِنْ بَيْنِ غَابَتِهَا. وَأَنَّهُ عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَنِي مَالِكٍ وَعَقَبِهِ لا يُغْزَوْنَ وَلا يُحْشَرُونَ. وَكَتَبَ الْمُغِيرَةُ بن شعبة.(1/205)
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَيْسِ بْنِ الْحُصَيْنِ ذِي الْغُصَّةِ أَمَانَةً لِبَنِي أَبِيهِ بَنِي الْحَارِثِ وَلِبَنِي نَهْدٍ أَنَّ لَهُمُ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ. لا يُحْشَرُونَ وَلا يُعْشَرُونَ مَا أَقَامُوا الصَّلاةَ. وَآتَوُا الزَّكَاةَ. وَفَارَقُوا الْمُشْرِكِينَ. وَأَشْهَدُوا عَلَى إِسْلامِهِمْ وَأَنَّ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقًّا لِلْمُسْلِمِينَ. قَالَ: وَكَانَ بنو نهد حلفاء بَنِي الْحَارِثِ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَنِي قَنَانِ بْنِ يَزِيدَ الْحَارِثِيِّينَ أَنَّ لَهُمْ مِذْوَدًا وَسَوَاقِيَهُ مَا أَقَامُوا الصَّلاةَ. وَآتَوُا الزَّكَاةَ. وَفَارَقُوا الْمُشْرِكِينَ. وَأَمَّنُوا السَّبِيلَ. وَأَشْهَدُوا عَلَى إِسْلامِهِمْ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَاصِمِ بْنِ الْحَارِثِ الْحَارِثِيِّ أَنَّ لَهُ نَجْمَةً مِنْ رَاكِسٍ لا يُحَاقُّهُ فِيهَا أَحَدٌ. وَكَتَبَ الأَرْقَمُ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لبنى معلوية بْنِ جَرْوَلٍ الطَّائِيِّينَ لِمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ. وَأَقَامَ الصَّلاةَ. وَآتَى الزَّكَاةَ. وَأَطَاعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَأَعْطَى مِنَ الْمَغَانِمِ خُمُسَ اللَّهِ وَسَهْمَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفَارَقَ الْمُشْرِكِينَ. وَأَشْهَدَ عَلَى إِسْلامِهِ. أَنَّهُ آمِنٌ بِأَمَانِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَأَنَّ لَهُمْ مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ وَالْغَنَمَ مَبِيتَةٌ. وَكَتَبَ الزبير بن العوام. قالوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَامِرِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ جُوَيْنٍ الطَّائِيِّ أَنَّ لَهُ وَلِقَوْمِهِ طَيِّئٍ مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ مِنْ بِلادِهِمْ وَمِيَاهِهِمْ مَا أَقَامُوا الصَّلاةَ. وَآتَوُا الزَّكَاةَ.
وَفَارَقُوا الْمُشْرِكِينَ. وَكَتَبَ الْمُغِيرَةُ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَنِي جُوَيْنٍ الطَّائِيِّينَ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ. وَأَقَامَ الصَّلاةَ. وَآتَى الزَّكَاةَ. وَفَارَقَ الْمُشْرِكِينَ. وَأَطَاعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. وَأَعْطَى مِنَ الْمَغَانِمِ خُمُسَ اللَّهِ وَسَهْمَ النَّبِيِّ. وَأَشْهَدَ عَلَى إِسْلامِهِ. فَإِنَّ لَهُ أَمَانَ اللَّهِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.
وَأَنَّ لَهُمْ أَرْضَهُمْ وَمِيَاهَهُمْ. وَمَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ. وَغَدْوَةَ الْغَنَمِ مِنْ وَرَائِهَا مَبِيتَةٌ. وَكَتَبَ الْمُغِيرَةُ. قَالَ: يَعْنِي بِغَدْوَةِ الْغَنَمِ قَالَ: تَغْدُو الْغَنَمُ بِالْغَدَاةِ فَتَمْشِي إِلَى اللَّيْلِ. فَمَا خَلَّفَتْ مِنَ الأَرْضِ وَرَاءَهَا فَهُوَ لَهُمْ. وَقَوْلُهُ مَبِيتَةٌ يَقُولُ: حَيْثُ بَاتَتْ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لبنى مَعْنٍ الطَّائِيِّينِ أَنَّ لَهُمْ مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ مِنْ بِلادِهِمْ وَمِيَاهِهِمْ. وَغَدْوَةِ الْغَنَمِ مِنْ وَرَائِهَا مَبِيتَةٌ. مَا أَقَامُوا الصَّلاةَ. وَآتَوُا الزَّكَاةَ.
وَأَطَاعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ. وَفَارَقُوا الْمُشْرِكِينَ. وَأَشْهَدُوا عَلَى إِسْلامِهِمْ. وَأَمَّنُوا السَّبِيلَ.
وَكَتَبَ الْعَلاءُ وَشَهِدَ.(1/206)
قالوا: وكتب رسول الله. ص: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ إِلَى بَنِي أَسَدٍ. سَلامٌ عَلَيْكُمْ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ. أَمَّا بَعْدُ. فَلا تَقْرَبُنَّ مِيَاهَ طَيِّئٍ وَأَرْضَهُمْ فَإِنَّهُ لا تَحِلُّ لَكُمْ مِيَاهُهُمْ وَلا يَلِجَنَّ أَرْضَهُمْ إِلا مَنْ أَوْلَجُوا وَذِمَّةُ مُحَمَّدٍ بَرِيئَةٌ مِمَّنْ عَصَاهُ وَلْيَقُمْ قُضَاعِيُّ بْنُ عَمْرٍو. وَكَتَبَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ. قَالَ:
وَقُضَاعِيُّ بْنُ عَمْرٍو مِنْ بَنِي عُذْرَةَ وَكَانَ عَامِلا عَلَيْهِمْ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كِتَابًا لِجُنَادَةَ الأَزْدِيِّ وَقَوْمِهِ وَمَنْ تَبِعَهُ. مَا أَقَامُوا الصَّلاةَ. وَآتَوُا الزَّكَاةَ. وَأَطَاعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ. وَأَعْطَوْا مِنَ الْمَغَانِمِ خُمُسَ اللَّهِ وَسَهْمَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفَارَقُوا الْمُشْرِكِينَ. فَإِنَّ لهم ذمة الله وذمة محمد بن عبد اللَّهِ. وَكَتَبَ أُبَيٌّ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى سَعْدِ هُذَيْمٍ مِنْ قُضَاعَةَ وَإِلَى جُذَامَ كِتَابًا وَاحِدًا يُعَلِّمُهُمْ فِيهِ فَرَائِضَ الصَّدَقَةِ. وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَدْفَعُوا الصَّدَقَةَ وَالْخُمُسَ إِلَى رَسُولَيْهِ أُبَيٍّ وَعَنْبَسَةَ أَوْ مَنْ أَرْسَلاهُ. قَالَ: وَلَمْ يُنْسَبَا لَنَا.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لبنى زُرْعَةَ وَبَنِي الرَّبْعَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ أَنَّهُمْ آمِنُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ. وَأَنَّ لَهُمُ النَّصْرَ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُمْ أَوْ حَارَبَهُمْ إِلا فِي الدِّينِ وَالأَهْلِ. وَلأَهْلِ بَادِيَتِهِمْ مَنْ بَرَّ مِنْهُمْ وَاتَّقَى مَا لِحَاضِرَتِهِمْ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَنِي جُعَيْلٍ مِنْ بَلِيٍّ أَنَّهُمْ رَهْطٌ مِنْ قُرَيْشٍ. ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ. لَهُمْ مِثْلُ الَّذِي لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِمْ. وَأَنَّهُمْ لا يُحْشَرُونَ وَلا يُعْشَرُونَ. وَأَنَّ لَهُمْ مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ. وَأَنَّ لَهُمْ سِعَايَةَ نَصْرٍ وَسَعْدِ بْنِ بَكْرٍ وَثُمَالَةَ وَهُذَيْلٍ. وَبَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ عَاصِمُ بْنُ أَبِي صَيْفِيٍّ. وَعَمْرُو بْنُ أَبِي صَيْفِيٍّ. وَالأَعْجَمُ بْنُ سُفْيَانَ. وَعَلِيُّ بْنُ سَعْدٍ. وَشَهِدَ عَلَى ذَلِكَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ. قَالَ:
وَإِنَّمَا جَعَلَ الشُّهُودَ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ لأَنَّهُمْ حُلَفَاءُ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ.
وَيَعْنِي لا يُحْشَرُونَ مِنْ مَاءٍ إِلَى مَاءٍ فِي الصَّدَقَةِ. وَلا يُعْشَرُونَ يَقُولُ فِي السَّنَةِ إِلا مَرَّةً.
وَقَوْلُهُ إِنَّ لَهُمْ سِعَايَةً يَعْنِي الصَّدَقَةَ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأَسْلَمَ مِنْ خُزَاعَةَ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ. وَأَقَامَ الصَّلاةَ. وَآتَى الزَّكَاةَ. وَنَاصَحَ فِي دِينِ اللَّهِ. أَنَّ لَهُمُ النَّصْرَ عَلَى مَنْ دَهَمَهُمْ بِظُلْمٍ.(1/207)
وَعَلَيْهِمْ نَصْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا دَعَاهُمْ. وَلأَهْلِ بَادِيَتِهِمْ مَا لأَهْلِ حَاضِرَتِهِمْ. وَأَنَّهُمْ مُهَاجِرُونَ حَيْثُ كَانُوا. وَكَتَبَ الْعَلاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ وَشَهِدَ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَوْسَجَةَ بْنِ حَرْمَلَةَ الْجُهَنِيَّ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا مَا أَعْطَى الرسول عَوْسَجَةَ بْنَ حَرْمَلَةَ الْجُهَنِيَّ مِنْ ذِي الْمَرْوَةِ.
أَعْطَاهُ مَا بَيْنَ بَلْكَثَةَ إِلَى الْمَصْنَعَةِ إِلَى الْجَفَلاتِ إِلَى الْجَدِّ جَبَلِ الْقِبْلَةِ لا يُحَاقُّهُ أَحَدٌ.
وَمَنْ حَاقَّهُ فَلا حَقَّ لَهُ وَحَقُّهُ حَقٌّ. وَكَتَبَ عُقْبَةُ وَشَهِدَ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَنِي شَنْخٍ مِنْ جُهَيْنَةَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا مَا أَعْطَى مُحَمَّدٌ النَّبِيُّ بَنِي شَنْخٍ مِنْ جُهَيْنَةَ. أَعْطَاهُمْ مَا خَطُّوا مِنْ صُفَيْنَةَ وَمَا حَرَثُوا. ومَنْ حَاقَّهُمْ فَلا حَقَّ لَهُ وَحَقُّهُمْ حق. كتب الْعَلاءُ بْنُ عُقْبَةَ وَشَهِدَ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَنِي الْجُرْمُزِ بْنِ رَبِيعَةَ وَهُمْ مِنْ جُهَيْنَةَ أَنَّهُمْ آمِنُونَ بِبِلادِهِمْ. وَلَهُمْ مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ. وَكَتَبَ الْمُغِيرَةُ.
قالوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمْرِو بْنِ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ وَبَنِي الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ وَبَنِي الْجُرْمُزِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ. وَأَقَامَ الصَّلاةَ. وَآتَى الزَّكَاةَ. وَأَطَاعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. وأعطى الْغَنَائِمِ الْخُمُسَ وَسَهْمَ النَّبِيِّ الصَّفِيِّ. وَمَنْ أَشْهَدَ عَلَى إِسْلامِهِ. وَفَارَقَ الْمُشْرِكِينَ.
فَإِنَّهُ آمِنٌ بِأَمَانِ اللَّهِ وَأَمَانِ مُحَمَّدٍ. وَمَا كَانَ مِنَ الدَّيْنِ مَدُونَةٌ لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِرَأْسِ الْمَالِ وَبَطَلَ الرِّبَا فِي الرَّهْنِ. وَأَنَّ الصَّدَقَةَ فِي الثِّمَارِ الْعُشْرُ. وَمَنْ لَحِقَ بِهِمْ فَإِنَّ لَهُ مِثْلَ مَا لَهُمْ. قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبِلالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ أَنَّ لَهُ النَّخْلَ وَجَزَعَةَ شَطْرِهِ ذَا الْمَزَارِعِ وَالنَّخْلِ. وَأَنَّ لَهُ مَا أَصْلَحَ بِهِ الزَّرْعَ مِنْ قَدَسٍ. وَأَنَّ لَهُ الْمَضَّةَ وَالْجَزَعَ وَالْغِيلَةَ إِنْ كَانَ صَادِقًا. وَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ. فَأَمَّا قَوْلُهُ جَزْعَةٌ فَإِنَّهُ يَعْنِي قَرْيَةً. وَأَمَّا شَطْرُهُ فَإِنَّهُ يَعْنِي تُجَاهَهُ. وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: «فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ» البقرة: 149. يَعْنِي تُجَاهَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ مِنْ قَدَسٍ. فَالْقَدَسُ الْخُرْجُ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ آلَةِ السَّفَرِ. وَأَمَّا الْمَضَّةُ فَاسْمُ الأَرْضِ.
قالوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بُدَيْلِ وَبُسْرِ وَسَرَوَاتِ بَنِي عَمْرٍو: أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي لَمْ آثَمْ مَالَكُمْ وَلَمْ أَضَعْ فِي جَنْبِكُمْ. وَإِنَّ أَكْرَمَ أَهْلِ تِهَامَةَ عَلَيَّ وَأَقْرَبَهُمْ رَحِمًا مِنِّي أَنْتُمْ وَمَنْ تَبِعَكُمْ مِنَ الْمُطَيَّبِينَ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَدْ أَخَذْتُ لِمَنْ هَاجَرَ مِنْكُمْ مِثْلَ مَا(1/208)
أَخَذْتُ لِنَفْسِي وَلَوْ هَاجَرَ بِأَرْضِهِ إِلا سَاكِنَ مَكَّةَ إِلا مُعْتَمِرًا أَوْ حَاجًّا فَإِنِّي لَمْ أَضَعْ فِيكُمْ مُنْذُ سَالَمْتُ وَأَنَّكُمْ غَيْرُ خَائِفِينَ مِنْ قِبَلِي وَلا مُحْصَرِينَ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ عَلْقَمَةُ بْنُ عُلاثَةَ وَابْنَا هَوْذَةَ وَهَاجَرَا وَبَايَعَا عَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ عِكْرِمَةَ وَأَنَّ بَعْضَنَا مِنْ بَعْضٍ فِي الْحَلالِ وَالْحَرَامِ وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُكُمْ وَلَيُحِبَّنَّكُمْ رَبُّكُمْ. قَالَ: وَلَمْ يَكْتُبْ فِيهَا السَّلامَ لأَنَّهُ كَتَبَ بِهَا إليهم قبل أن ينزل ع. وَأَمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلاثَةَ فَهُوَ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثة بن عوف بن الأحوص بن جعفر بْنِ كِلابٍ. وَابْنَا هَوْذَةَ الْعَدَّاءُ وَعَمْرٌو ابْنَا خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ. وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ عِكْرِمَةَ فَإِنَّهُ عِكْرِمَةُ بْنُ خَصَفَةَ بْنَ قَيْسِ بْنِ عَيْلانَ. وَمَنْ تَبِعَكُمْ مِنَ الْمُطَيَّبِينَ فَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ. وَبَنُو زُهْرَةَ. وَبَنُو الْحَارِثِ بْنِ فِهْرِ. وَتَيْمُ بْنُ مُرَّةَ. وَأَسَدُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ عَامِرِ بْنِ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ أَعْطَاهُمْ مَا بَيْنَ الْمِصْبَاعَةِ إِلَى الزِّحِّ وَلِوَابَةَ. يَعْنِي لِوَابَةَ الْخَرَّارِ. وَكَتَبَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ. قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ. لَعَنَهُ اللَّهُ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلامِ. وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُسَيْلِمَةُ جَوَابَ كِتَابِهِ.
وَيَذْكُرُ فِيهِ أَنَّهُ نَبِيٌّ مِثْلُهُ. وَيَسْأَلَهُ أَنْ يُقَاسِمَهُ الأَرْضَ. وَيَذْكُرُ أَنَّ قُرَيْشًا قَوْمٌ لا يَعْدِلُونَ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: الْعَنُوهُ لَعَنَهُ اللَّهُ! وَكَتَبَ إِلَيْهِ: بَلَغَنِي كِتَابُكَ الْكَذْبُ وَالافْتِرَاءُ عَلَى اللَّهِ وَأَنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى. قَالَ: وَبَعَثَ بِهِ مَعَ السَّائِبِ بْنِ الْعَوَّامِ أَخِي الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَلَمَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ السُّلَمِيِّ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ أَنَّهُ أَعْطَاهُ مَدْفَوًّا. لا يُحَاقُّهُ فِيهِ أَحَدٌ. وَمَنْ حَاقَّهُ فَلا حَقَّ لَهُ وَحَقُّهُ حَقٌّ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيِّ أَنَّهُ أَعْطَاهُ مَدْفَوًّا.
فَمَنْ حَاقَّهُ فَلا حَقَّ لَهُ. وَكَتَبَ الْعَلاءُ بْنُ عُقْبَةَ وَشَهِدَ.
قالوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِهَوْذَةَ بْنِ نُبَيْشَةَ السُّلَمِيِّ ثُمَّ مِنْ بَنِي عُصَيَّةَ أَنَّهُ أَعْطَاهُ مَا حَوَى الْجَفْرُ كُلُّهُ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلأَجَبِّ. رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ. أَنَّهُ أَعْطَاهُ فَالِسًا.
وَكَتَبَ الأَرْقَمُ.(1/209)
قالوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَاشِدِ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ أَنَّهُ أَعْطَاهُ غَلْوَتَيْنِ بِسَهْمٍ. وَغَلْوَةً بِحَجَرٍ بُرْهَاطٍ. لا يُحَاقُّهُ فِيهَا أَحَدٌ. وَمَنْ حَاقَّهُ فَلا حَقَّ لَهُ وَحَقُّهُ حَقٌّ.
وَكَتَبَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ. قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَرَامِ بْنِ عَبْدِ عَوْفٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ أَنَّهُ أَعْطَاهُ إِذَا مَا وَمَا كَانَ لَهُ مِنْ شَوَاقٍ. لا يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَظْلِمَهُمْ وَلا يَظْلِمُونَ أَحَدًا. وَكَتَبَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ.
قالوا: وكتب رسول الله. ص: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا مَا حَالَفَ عَلَيْهِ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ رُخَيْلَةَ الأَشْجَعِيُّ. حَالَفَهُ عَلَى النَّصْرِ وَالنَّصِيحَةِ مَا كَانَ أَحَدٌ مَكَانَهُ مَا بَلَّ بَحْرٌ صُوفَةً. وَكَتَبَ عَلِيٌّ.
قالوا: وكتب رسول الله. ص: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ إِنِّي أَعْطَيْتُهُ شَوَاقَ أَعْلاهُ وَأَسْفَلَهُ لا يُحَاقُّهُ فِيهِ أَحَدٌ.
وَكَتَبَ عَلِيٌّ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِجَمِيلِ بْنِ رِزَامٍ الْعَدَوِيِّ أَنَّهُ أَعْطَاهُ الرَّمْدَاءَ لا يُحَاقُّهُ فِيهَا أَحَدٌ. وَكَتَبَ عَلِيٌّ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحُصَيْنِ بْنِ نَضْلَةَ الأَسَدِيِّ أَنَّ لَهُ آرَامًا وَكِسَّةَ. لا يُحَاقُّهُ فِيهَا أَحَدٌ. وَكَتَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَنِي غِفَارٍ أَنَّهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ. وَأَنَّ النَّبِيَّ عَقَدَ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ. وَلَهُمُ النَّصْرُ عَلَى مَنْ بَدَأَهُمْ بِالظُّلْمِ. وَأَنَّ النَّبِيَّ إِذَا دَعَاهُمْ لِيَنْصُرُوهُ أَجَابُوهُ وَعَلَيْهِمْ نُصْرَةُ إِلا مَنْ حَارَبَ فِي الدِّينِ. مَا بَلَّ بَحْرٌ صُوفَةً. وَأَنَّ هَذَا الْكِتَابَ لا يَحُولُ دُونَ إِثْمٍ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَنِي ضَمْرَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ أَنَّهُمْ آمِنُونَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ. وَأَنَّ لَهُمُ النَّصْرَ عَلَى مَنْ دَهَمَهُمْ بِظُلْمٍ. وَعَلَيْهِمْ نَصْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا بَلَ بَحْرٌ صُوفَةً. إِلا أَنْ يُحَارِبُوا فِي دِينِ اللَّهِ. وَأَنَّ النَّبِيَّ إِذَا دَعَاهُمْ أَجَابُوهُ. عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ ذِمَّةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَلَهُمُ النَّصْرُ عَلَى مَنْ بَرَّ مِنْهُمْ وَاتَّقَى.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْهِلالِ صَاحِبِ الْبَحْرَيْنِ: سِلْمٌ أَنْتَ فَإِنِّي(1/210)
أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَدْعُوكَ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَتُطِيعُ وَتَدْخُلُ فِي الْجَمَاعَةِ فَإِنَّهُ خَيْرٌ لَكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أسيبختَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ صَاحِبِ هَجَرَ: إِنَّهُ قَدْ جَاءَنِي الأَقْرَعُ بِكِتَابِكَ وَشَفَاعَتِكَ لِقَوْمِكَ وَإِنِّي قَدْ شَفَّعْتُكَ وَصَدَّقْتُ رَسُولَكَ الأَقْرَعَ فِي قَوْمِكَ فَأَبْشِرْ فِيمَا سَأَلْتَنِي وَطَلَبْتَنِي بِالَّذِي تُحِبُّ وَلَكِنِّي نَظَرْتُ أَنْ أُعَلِّمَهُ وَتَلْقَانِي.
فَإِنْ تَجِئْنَا أُكْرِمْكَ وَإِنْ تَقْعُدْ أُكْرِمْكَ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي لا أَسْتَهْدِي أَحَدًا وَإِنْ تُهْدِ إِلَيَّ أَقْبَلْ هَدِيَّتَكَ وَقَدْ حَمِدَ عُمَّالِي مَكَانَكَ. وَأُوصِيكَ بِأَحْسَنِ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ مِنَ الصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَقَرَابَةِ الْمُؤْمِنِينَ. وَإِنِّي قَدْ سَمَّيْتُ قَوْمَكَ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ فَمُرْهُمْ بِالصَّلاةِ وَبِأَحْسَنِ الْعَمَلِ وَأَبْشِرْ. وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلَى قَوْمِكَ الْمُؤْمِنِينَ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أَهْلِ هَجَرَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ بِاللَّهِ وَبِأَنْفُسِكِمْ أَلا تَضِلُّوا بَعْدَ أَنْ هُدِيتُمْ وَلا تَغْوُوا بَعْدَ أَنْ رُشِدْتُمَ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَنِي وَفْدُكُمْ فَلَمْ آتِ إِلَيْهِمْ إِلا مَا سَرَّهُمْ وَلَوْ أَنِّي اجْتَهَدْتُ فِيكُمْ جُهْدِي كُلَّهُ أَخْرَجْتُكُمْ مِنْ هَجَرَ فَشَفَّعْتُ غَائِبَكُمْ وَأَفْضَلْتُ عَلَى شَاهِدِكُمْ فَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ أَتَانِي الَّذِي صَنَعْتُمْ وَإِنَّهُ مَنْ يُحْسِنْ مِنْكُمْ لا أَحْمِلْ عَلَيْهِ ذَنْبَ الْمُسِيءِ فَإِذَا جَاءَكُمْ أُمَرَائِي فَأَطِيعُوهُمْ وَانْصُرُوهُمْ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ وَفِي سَبِيلِهِ. وَإِنَّهُ مَنْ يَعْمَلْ مِنْكُمْ صَالِحَةً فَلَنْ تَضِلَّ عِنْدَ اللَّهِ وَلا عِنْدِي.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ رُسُلِي قَدْ حَمَدُوكَ وَإِنَّكَ مَهْمَا تُصْلِحْ أُصْلِحْ إِلَيْكَ وَأَثِبْكَ عَلَى عَمَلِكَ وَتَنْصَحْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَالسَّلامُ عَلَيْكَ.. وَبَعَثَ بِهَا مَعَ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى كِتَابًا آخَرَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ قُدَامَةَ وَأَبَا هُرَيْرَةَ فَادْفَعْ إِلَيْهِمَا مَا اجْتَمَعَ عِنْدَكَ مِنْ جِزْيَةِ أَرْضِكَ وَالسَّلامُ. وَكَتَبَ أُبَيٌّ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَدْ بَعَثْتُ إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى مَنْ يَقْبِضْ مِنْهُ مَا اجْتَمَعَ عِنْدَهُ مِنَ الْجِزْيَةِ فَعَجِّلْهُ بِهَا وَابْعَثْ مَعَهَا مَا اجْتَمَعَ عِنْدَكَ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالْعُشُورِ وَالسَّلامُ. وَكَتَبَ أُبَيٌّ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى ضغاطرَ الأَسْقُفِّ: سَلامٌ عَلَى مَنْ آمَنَ.(1/211)
أَمَّا عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ فَإِنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَوْحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الزكية وإني أؤمن بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ. وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى. قَالَ: وَبَعَثَ بِهِ مَعَ دِحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيِّ.
قالوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَنِي جَنْبَةَ وَهُمْ يَهُودُ بِمَقْنَا وإلى أهل مقنا.
وَمَقْنَا قَرِيبٌ مِنْ أَيْلَةَ: أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ نَزَلَ عَلَيَّ أَيُّتُكُمْ رَاجِعِينَ إِلَى قَرْيَتِكُمْ فَإِذَا جَاءَكُمْ كِتَابِي هَذَا فَإِنَّكُمْ آمِنُونَ لَكُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ غَافِرٌ لَكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَكُلَّ ذُنُوبِكُمْ وَإِنَّ لَكُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ لا ظُلْمَ عَلَيْكُمْ وَلا عِدًى وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ جَارُكُمْ مِمَّا مَنَعَ مِنْهُ نَفْسَهُ فَإِنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ بَزَّكُمْ وَكُلَّ رَقِيقٍ فِيكُمْ وَالْكُرَاعَ وَالْحَلْقَةَ إِلا مَا عَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ أَوْ رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ رُبُعَ مَا أَخْرَجَتْ نَخْلُكُمْ وَرُبُعَ مَا صَادَتْ عُرُوكُكُمْ وَرُبُعَ مَا اغْتَزَلَ نِسَاؤُكُمْ وَإِنَّكُمْ بَرِئْتُمْ بَعْدُ مِنْ كُلِّ جِزْيَةٍ أَوْ سُخْرَةٍ فَإِنْ سَمِعْتُمْ وَأَطَعْتُمْ فَإِنَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ أَنْ يُكْرِمَ كَرِيمَكُمْ وَيَعْفُوَ عَنْ مُسِيئِكُمْ.
أَمَّا بَعْدُ فَإِلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ مَنْ أَطْلَعَ أَهْلَ مَقْنَا بِخَيْرٍ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَمَنْ أَطْلَعَهُمْ بِشْرٍ فَهُوَ شَرٌّ لَهُ وَأَنْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ أَمِيرٌ إِلا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَوْ مِنْ أَهْلِ رَسُولِ اللَّهِ وَالسَّلامُ.
أَمَّا قَوْلُهُ أَيَّتُكُمْ يَعْنِي رُسُلَهُمْ. وَلِرَسُولِ اللَّهِ بَزُّكُمْ يَعْنِي بَزَّهُمُ الَّذِي يُصَالِحُونَ عَلَيْهِ فِي صُلْحِهِمْ وَرَقِيقِهِمْ. وَالْحَلْقَةُ مَا جَمَعَتِ الدَّارُ مِنْ سِلاحٍ أَوْ مَالٍ. وَأَمَّا عُرُوكُكُمْ.
فَالْعُرُوكُ خَشَبٌ تُلْقَى فِي الْبَحْرِ يَرْكَبُونَ عَلَيْهَا فَيُلْقُونَ شِبَاكَهُمْ يَصِيدُونَ السَّمَكَ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى يُحَنَّةَ بْنِ رُوبَةَ وَسَرَوَاتِ أَهْلِ أَيْلَةَ: سَلْمٌ أَنْتُمْ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ لأُقَاتِلَكُمْ حَتَّى أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ فَأَسْلِمْ أَوْ أَعْطِ الْجِزْيَةَ وَأَطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَرُسُلَ رَسُولِهِ وَأَكْرِمْهُمْ وَاكْسُهُمْ كِسْوَةً حَسَنَةً غَيْرَ كِسْوَةِ الْغُزَّاءِ. وَاكْسُ زَيْدًا كِسْوَةً حَسَنَةً فَمَهْمَا رَضِيَتْ رُسُلِي فَإِنِّي قَدْ رَضِيتُ وَقَدْ عُلِمَ الْجِزْيَةَ. فَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَأْمَنَ الْبَرُّ وَالْبَحْرُ فَأَطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُمْنَعُ عَنْكُمْ كُلُّ حَقٍّ كَانَ لِلْعَرَبِ وَالْعَجَمِ إِلا حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ رَسُولِهِ وَإِنَّكَ إِنْ رَدَدْتَهُمْ وَلَمْ تُرْضِهِمْ لا آخُذُ مِنْكُمْ شَيْئًا حَتَّى أُقَاتِلَكُمْ فَأَسْبِيَ الصَّغِيرَ وَأَقْتُلَ الكبير فإني رسول الله بالحق أؤمن بِاللَّهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَبِالْمَسِيحِ ابْنِ مَرْيَمَ أَنَّهُ كلمة الله وإني أؤمن بِهِ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَأْتِ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّكُمُ الشَّرُّ فَإِنِّي قَدْ أَوْصَيْتُ رُسُلِي بِكُمْ وَأَعْطِ حَرْمَلَةَ ثَلاثَةَ أَوْسُقٍ شَعِيرًا وَإِنَّ حَرْمَلَةَ شَفَعَ لَكُمْ وَإِنِّي لَوْلا اللَّهُ وَذَلِكَ لَمْ أُرَاسِلْكُمْ شَيْئًا حَتَّى تَرَى(1/212)
الْجَيْشَ وَإِنَّكُمْ إِنْ أَطَعْتُمْ رُسُلِي فَإِنَّ اللَّهَ لَكُمْ جَارٌ وَمُحَمَّدٌ وَمَنْ يَكُونُ مِنْهُ وَإِنَّ رسلي شرحبيل وأبي وَحَرْمَلَةَ وَحُرَيْثَ بْنَ زَيْدٍ الطَّائِيَّ فَإِنَّهُمْ مَهْمَا قَاضُوكَ عَلَيْهِ فَقَدْ رَضِيتُهُ وَإِنَّ لَكُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ. وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ إِنْ أَطَعْتُمْ. وَجَهِّزُوا أَهْلَ مَقْنَا إِلَى أَرْضِهِمْ.
قالوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِجُمَّاعٍ كَانُوا فِي جَبَلِ تِهَامَةَ قَدْ غَصَبُوا الْمَارَّةَ مِنْ كِنَانَةَ وَمُزَيْنَةَ وَالْحَكَمِ وَالْقَارَّةِ وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنَ الْعَبِيدِ. فَلَمَّا ظَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَفَدَ مِنْهُمْ وفد عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَتَبَ لهم رسول الله. ص: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ لَعِبَادِ اللَّهِ الْعُتَقَاءِ إِنَّهُمْ إِنْ آمَنُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَعَبْدُهُمْ حُرٌّ وَمَوْلاهُمْ مُحَمَّدٌ وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِنْ قَبِيلَةٍ لَمْ يُرَدَّ إِلَيْهَا وَمَا كَانَ فِيهِمْ مِنْ دَمٍ أَصَابُوهُ أَوْ مَالٍ أَخَذُوهُ فَهُوَ لَهُمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دَيْنٍ فِي النَّاسِ رُدَّ إِلَيْهِمْ وَلا ظُلْمَ عَلَيْهِمْ وَلا عُدْوَانَ وَإِنَّ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ مُحَمَّدٍ وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ. وَكَتَبَ أُبَيُّ بن كعب. قالوا: وكتب رسول الله. ص: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا كِتَابٌ مِنْ محمد رسول الله لبني غاديا أنَّ لَهُمُ الذِّمَّةَ وَعَلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ وَلا عَدَاءَ وَلا جَلاءَ. اللَّيْلُ مَدٌّ وَالنَّهَارُ شَدٌّ. وَكَتَبَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ. قَالُوا: وَهُمْ قَوْمٌ مِنْ يَهُودَ. وَقَوْلُهُ مَدٌّ. يَقُولُ:
يَمُدُّهُ اللَّيْلُ وَيَشُدُّهُ النَّهَارُ لا يَنْقُضُهُ شَيْءٌ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ الله. ص: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِبَنِي عَرِيضٍ طُعْمَةٌ مِنْ رسول الله عشرة أَوْسُقٍ شَعِيرًا فِي كُلِّ حَصَادٍ وَخَمْسِينَ وَسَقًا تَمْرًا يُوَفَّوْنَ فِي كُلِّ عَامٍ لِحِينِهِ لا يُظْلَمُونَ شَيْئًا. وَكَتَبَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ. قَالَ: وبنو عَرِيضٍ قَوْمٌ مِنْ يَهُودَ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إبراهيم الأسدي بن عُلَيَّةَ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي الْعَلاءِ قَالَ:
كُنْتُ مَعَ مُطَرِّفٍ فِي سُوقِ الإِبِلِ فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ بِقِطْعَةِ أَدِيمٍ أَوْ جِرَابٍ فَقَالَ: مَنْ يَقْرَأُ؟ أَوْ قَالَ: أَفِيكُمْ مَنْ يَقْرَأُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ أَنَا أَقْرَأُ. فَقَالَ: دُونَكَ هَذَا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كَتَبَهُ لِي. فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ لِبَنِي زُهَيْرِ بْنِ أُقَيْشٍ حَيٌّ مِنْ عُكْلٍ أَنَّهُمْ إِنْ شَهِدُوا أَنْ لا إله إلا الله وأن محمدا رسول اللَّهِ وَفَارَقُوا الْمُشْرِكِينَ وَأَقَرُّوا بِالْخُمُسِ فِي غَنَائِمِهِمْ وَسَهْمِ النَّبِيِّ وَصَفِيِّهِ فَإِنَّهُمْ آمِنُونَ بِأَمَانِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ أَوْ بَعْضُهُمْ: [أَسَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ شَيْئًا تُحَدِّثْنَاهُ؟ قَالَ:(1/213)
نَعَمْ. قَالُوا: فَحَدِّثْنَا رَحِمَكَ اللَّهُ. قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنْ وَحَرِ الصَّدْرِ فَلْيَصُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ وَثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ. فَقَالَ] لَهُ الْقَوْمُ أَوْ بَعْضُهُمْ:
أَسَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ: أَرَاكُمْ تَخَافُونَ أَنْ أَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَاللَّهِ لا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا الْيَوْمَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ. أَخْبَرَنَا لُوطُ بْنُ يَحْيَى الأَزْدِيُّ قَالَ: كَتَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أَبِي ظَبْيَانَ الأَزْدِيِّ مِنْ غَامِدٍ يَدْعُوهُ وَيَدْعُو قَوْمَهُ إِلَى الإِسْلامِ. فَأَجَابَهُ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ بِمَكَّةَ. مِنْهُمْ: مِخْنَفٌ. وَعَبْدُ اللَّهِ. وَزُهَيْرُ بَنُو سُلَيْمٍ.
وَعَبْدُ شَمْسِ بْنُ عَفِيفِ بْنِ زُهَيْرٍ. هَؤُلاءِ بِمَكَّةَ. وَقَدِمَ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ الْجَحِنُ بْنُ الْمُرَقَّعِ.
وَجُنْدَبُ بْنُ زُهَيْرٍ. وَجُنْدَبُ بْنُ كَعْبٍ. ثُمَّ قَدِمَ بَعْدُ مَعَ الأَرْبَعِينَ الْحَكَمُ مِنْ مُغَفَّلٍ.
فَأَتَاهُ بِمَكَّةَ أَرْبَعُونَ رَجُلا وَكَتَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأَبِي ظَبْيَانَ كِتَابًا. وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ.
وَأَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ.
أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: حَدَّثَنِي جَمِيلُ بْنُ مَرْثَدٍ قَالَ: وَفَدَ رَجُلٌ مِنَ الأَجَئِيِّينَ يُقَالُ لَهُ حَبِيبُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا: هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِحَبِيبِ بْنِ عَمْرٍو أَخِي بَنِي أَجَإٍ وَلِمَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِهِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ أَنَّ لَهُ مَالَهُ وَمَاءَهُ. مَا عَلَيْهِ حَاضَرُهُ وَبَادِيهِ. عَلَى ذَلِكَ عَهْدُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي بحتر من طيّئ قَالَ:
وَفَدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَلِيدُ بْنُ جَابِرِ بْنِ ظَالِمِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَتَّابِ بْنِ أَبِي حَارِثَةَ ابن جُدِّيِّ بْنِ تَدُولَ بْنِ بُحْتُرٍ فَأَسْلَمَ وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا هُوَ عِنْدَ أَهْلِهِ بِالْجَبَلَيْنِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ عَنْ أَبِي معشر عن يزيد بن رومان ومحمد ابن كَعْبٍ وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ عِيَاضِ بْنِ جُعْدُبَةَ اللَّيْثِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَعَنْ غَيْرِهِمْ قَالُوا: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى سِمْعَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ قُرَيْطِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ كِلابٍ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْسَجَةَ الْعُرَنِيِّ فَرَقَّعَ بِكِتَابِهِ دَلْوَهُ. فَقِيلَ لَهُمْ بَنُو الرَّاقِعِ. ثُمَّ أَسْلَمَ سِمْعَانُ وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ:
أَقِلْنِي كَمَا أَمَّنْتَ وَرْدًا وَلَمْ أَكُنْ ... بِأَسْوَأَ ذَنْبًا إِذْ أَتَيْتُكَ مِنْ وَرْدِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنْ أبي(1/214)
إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ أَنَّ الْعُرَنِيَّ أَتَاهُ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَقَّعَ بِهِ دَلْوَهُ. فَقَالَتْ لَهُ ابْنَتُهُ: مَا أَرَاكَ إِلا سَتُصِيبُكَ قَارِعَةٌ. أَتَاكَ كِتَابُ سَيِّدِ الْعَرَبِ فَرَقَّعْتَ بِهِ دَلْوَكَ! فَمَرَّ بِهِ جَيْشٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتَبَاحُوا كُلَّ شَيْءٍ لَهُ. فَأَسْلَمَ وَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ.
[فَقَالَ له رسول الله. ص: مَا أَصَبْتَ مِنْ مَالٍ قَبْلَ أَنْ يَقْسِمَهُ الْمُسْلِمُونَ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ زَامِلِ بْنِ عَمْرٍو الْجُذَامِيِّ قَالَ: كَانَ فَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو الْجُذَامِيُّ عَامِلا لِلرُّومِ عَلَى عَمَّانَ مِنْ أَرْضِ الْبَلْقَاءِ. أَوْ عَلَى مُعَانَ. فَأَسْلَمَ وَكَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِسْلامِهِ وَبَعَثَ بِهِ مَعَ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهُ مَسْعُودُ بْنُ سَعْدٍ وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِبَغْلَةٍ بَيْضَاءَ وَفَرَسٍ وَحِمَارٍ. وَأَثْوَابِ لِينٍ.
وَقَبَاءِ سُنْدُسٍ مُخَوَّصٍ بِالذَّهَبِ. فَكَتَبَ إليه رسول الله. ص: مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى فَرْوَةَ بْنِ عَمْرٍو. أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ قَدِمَ عَلَيْنَا رَسُولُكَ وَبَلَّغَ مَا أَرْسَلْتَ بِهِ وَخَبَّرَ عَمَّا قِبَلَكُمْ وَأَتَانَا بِإِسْلامِكَ وَأَنَّ اللَّهَ هَدَاكَ بِهُدَاهُ إِنْ أَصْلَحْتَ وَأَطَعْتَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَأَقَمْتَ الصَّلاةَ وَآتَيْتَ الزَّكَاةَ. وَأَمَرَ بِلالا فَأَعْطَى رَسُولَهُ مَسْعُودَ بْنَ سَعْدٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا. قَالَ:
وَبَلَغَ مَلِكَ الرُّومِ إِسْلامُ فَرْوَةَ فَدَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: ارجع عن دينك نملك. قَالَ: لا أُفَارِقُ دِينَ مُحَمَّدٍ وَإِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّ عِيسَى قَدْ بَشَّرَ بِهِ وَلَكِنَّكَ تَضِنُّ بِمُلْكِكَ. فَحَبَسَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهُ فَقَتَلَهُ وَصَلَبَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَدُوسٍ قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ: أَمَّا بَعْدُ فَأَسْلِمُوا تَسْلَمُوا.
قَالَ قَتَادَةُ: فَمَا وجدوا رجلا يقرؤه حَتَّى جَاءَهُمْ رَجُلٌ مِنْ بَنِي ضُبَيْعَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَقَرَأَهُ. فَهُمْ يُسَمَّوْنَ بَنِي الْكَاتِبِ. وَكَانَ الَّذِي أَتَاهُمْ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ظَبْيَانُ بْنُ مَرْثَدٍ السَّدُوسِيُّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعْتَمِرٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يُقَالُ لَهُ عَطَاءٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلْمَانَ قَالَ: أَرَانِي ابْنٌ لِسُعَيْرِ بْنِ عَدَّاءٍ كِتَابًا مِنْ رسول الله. ص:
مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى السُّعَيْرِ بْنِ عداء إني قد أخفرتك الرحيح وَجَعَلْتُ لَكَ فَضْلَ بَنِي السَّبِيلِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عياض عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ(1/215)
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْحَارِثِ وَمَسْرُوحٍ وَنُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ كُلالٍ مِنْ حِمْيَرَ: سَلْمٌ أَنْتُمْ مَا آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ بَعَثَ مُوسَى بِآيَاتِهِ وَخَلَقَ عِيسَى بِكَلِمَاتِهِ قَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى اللَّهُ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ عِيسَى ابْنُ اللَّهِ. قَالَ: وَبَعَثَ بِالْكِتَابِ مَعَ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ وَقَالَ: إِذَا جِئْتَ أَرْضَهُمْ فَلا تَدْخُلَنَّ لَيْلا حَتَّى تُصْبِحَ ثُمَّ تَطَهَّرْ فَأَحْسِنْ طَهُورَكَ وَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَسَلِ اللَّهَ النَّجَاحَ وَالْقَبُولَ وَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَخُذْ كِتَابِي بِيَمِينِكَ وَادْفَعْهُ بِيَمِينِكَ فِي أَيْمَانِهِمْ فَإِنَّهُمْ قَابِلُونَ وَاقْرَأْ عَلَيْهِمْ: «لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ» البينة: 1. فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْهَا فَقُلْ آمَنُ مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ. فَلَنْ تَأْتِيَكَ حُجَّةٌ إِلا دُحِضَتْ وَلا كِتَابٌ زخرف إلا ذهب نوره. وهم قارءون عَلَيْكَ فَإِذَا رَطَنُوا فَقُلْ تَرْجِمُوا وَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ. اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ. الله يجمع بيننا وإليه المصير. فَإِذَا أَسْلَمُوا فَسَلْهُمْ قُضُبَهُمُ الثَّلاثَةَ الَّتِي إِذَا حَضَرُوا بِهَا سَجَدُوا. وَهِيَ مِنَ الأَثْلِ قَضِيبٌ مُلَمَّعٌ بِبَيَاضٍ وَصُفْرَةٍ وَقَضِيبٌ ذُو عُجَرٍ كَأَنَّهُ خَيْزُرَانُ وَالأَسْوَدُ الْبَهِيمُ كَأَنَّهُ مِنْ سَاسِمَ. ثُمَّ أَخْرِجْهَا فَحَرِّقْهَا بِسُوقِهِمْ. قَالَ عَيَّاشٌ: فَخَرَجْتُ أَفْعَلُ مَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى إِذَا دَخَلْتُ إِذَا النَّاسُ قَدْ لَبِسُوا زِينَتَهُمْ. قَالَ: فَمَرَرْتُ لأَنْظُرَ إِلَيْهِمْ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى سُتُورٍ عِظَامٍ عَلَى أَبْوَابِ دُورٍ ثَلاثَةٍ.
فَكَشَفْتُ السِّتْرَ وَدَخَلْتُ الْبَابَ الأَوْسَطَ. فَانْتَهَيْتُ إِلَى قَوْمٍ فِي قَاعَةِ الدَّارِ فَقُلْتُ: أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ. وَفَعَلْتُ مَا أَمَرَنِي. فَقَبِلُوا. وَكَانَ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالُوا بِالإِسْنَادِ الأَوَّلِ: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى عَبْدِ الْقَيْسِ: مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى الأَكْبَرِ بْنِ عَبْدِ الْقَيْسِ أَنَّهُمْ آمِنُونَ بِأَمَانِ اللَّهِ وَأَمَانِ رَسُولِهِ عَلَى مَا أَحْدَثُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْقُحَمِ وَعَلَيْهِمُ الْوَفَاءُ بِمَا عَاهَدُوا وَلَهُمْ أَنْ لا يُحْبَسُوا عَنْ طَرِيقِ الْمِيرَةِ وَلا يُمْنَعُوا صَوْبَ الْقَطْرِ وَلا يُحْرَمُوا حَرِيمَ الثِّمَارِ عِنْدَ بُلُوغِهِ وَالْعَلاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ أَمِينُ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى بَرِّهَا وَبَحْرِهَا وَحَاضِرِهَا وَسَرَايَاهَا وَمَا خَرَجَ مِنْهَا وَأَهْلُ الْبَحْرَيْنِ خُفَرَاؤُهُ مِنَ الضَّيْمِ وَأَعْوَانُهُ عَلَى الظَّالِمِ وَأَنْصَارُهُ فِي الْمَلاحِمِ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ لا يُبَدِّلُوا قَوْلا وَلا يُرِيدُوا فُرْقَةً وَلَهُمْ عَلَى جُنْدِ الْمُسْلِمِينَ الشَّرِكَةُ فِي الْفَيْءِ وَالْعَدْلِ فِي الْحُكْمِ وَالْقَصْدُ فِي السِّيَرَةِ حكم لا تبديل له في الفريقين كِلَيْهِمَا وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ يَشْهَدُ عَلَيْهِمْ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى أَقْيَالِ حَضْرَمَوْتَ وَعُظَمَائِهِمْ. كَتَبَ إِلَى(1/216)
زُرْعَةَ وَقَهْدٍ وَالْبَسِّيِّ وَالْبُحَيْرِيِّ وَعَبْدِ كُلالٍ وَرَبِيعَةَ وَحَجَرَ. وَقَدْ مَدَحَ الشَّاعِرُ بَعْضَ أَقْيَالِهِمْ فَقَالَ:
أَلا إِنَّ خَيْرَ النَّاسِ كُلِّهِمُ قَهْدُ ... وَعَبْدُ كُلالٍ خَيْرُ سَائِرِهِمْ بَعْدُ
وَقَالَ آخَرُ يَمْدَحُ زُرْعَةَ:
أَلا إِنَّ خَيْرَ النَّاسِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ ... لَزُرْعَةُ أَنْ كَانَ الْبُحَيْرِيُّ أَسْلَمَا
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى نفاثة بن فروة الدئلي مَلِكِ السَّمَاوَةِ. قَالُوا:
وَكَتَبَ إِلَى عُذْرَةَ فِي عَسِيبٍ وَبَعَثَ بِهِ مَعَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ فَعَدَا عَلَيْهِ وَرَدُ بْنُ مِرْدَاسٍ أَحَدُ بَنِي سَعْدِ هُذَيْمَ فَكَسَّرَ الْعَسِيبَ وَأَسْلَمَ وَاسْتُشْهِدَ مَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فِي غَزْوَةِ وَادِي الْقُرَى أَوْ غَزْوَةِ الْقَرَدَةِ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُطَرِّفِ بْنِ الْكَاهِنِ الْبَاهِلِيِّ: هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِمُطَرِّفِ بْنِ الْكَاهِنِ وَلِمَنْ سَكَنَ بَيْشَةَ مِنْ بَاهِلَةَ أَنَّ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا بَيْضَاءَ فِيهَا مُنَاخُ الأَنْعَامِ وَمُرَاحٌ فَهِيَ لَهُ. وَعَلَيْهِمْ فِي كُلِّ ثَلاثِينَ مِنَ الْبَقَرِ فَارِضٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ عَتُودٌ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ مِنَ الإِبِلِ ثَاغِيَةٌ مُسِنَّةٌ وَلَيْسَ لِلْمُصَدِّقِ أَنْ يُصَدِّقَهَا إِلا فِي مَرَاعِيهَا وَهُمْ آمِنُونَ بِأَمَانِ اللَّهِ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَهْشَلِ بْنِ مَالِكٍ الْوَائِلِيِّ مِنْ بَاهِلَةَ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِنَهْشَلِ بْنِ مَالِكٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ بَنِي وَائِلٍ لِمَنْ أَسْلَمَ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَأَطَاعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَأَعْطَى مِنَ الْمَغْنَمِ خُمْسَ اللَّهِ وَسَهْمَ النَّبِيِّ وَأَشْهَدَ عَلَى إِسْلامِهِ وَفَارَقَ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُ آمِنٌ بأمان الله وبرئ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ مِنَ الظُّلْمِ كُلِّهِ وَأَنَّ لَهُمْ أَنْ لا يُحْشَرُوا وَلا يُعْشَرُوا وَعَامِلُهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. وَكَتَبَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِثَقِيفٍ كِتَابًا أَنَّ لَهُمُ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى مَا كَتَبَ لَهُمْ. وَكَتَبَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ وَشَهِدَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ. وَدَفَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكِتَابَ إِلَى نُمَيْرِ بْنِ خَرَشَةَ. قَالُوا: وَسَأَلَ وَفْدُ ثَقِيفٍ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَنْ يُحَرِّمَ لَهُمْ وَجًّا. فَكَتَبَ لَهُمْ: هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ. إِنَّ عِضَاهَ وَجٍّ وَصَيْدَهُ لا يُعْضَدُ فَمَنْ وُجِدَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ فَيُبَلَّغُ النَّبِيُّ وَهَذَا أَمْرُ النَّبِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَسُولِ اللَّهِ. وَكَتَبَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ: بِأَمْرِ النَّبِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ(1/217)
فَلا يَتَعَدَّيَنَّهُ أَحَدٌ فَيَظْلِمَ نَفْسَهُ فِيمَا أَمَرَ به رَسُولُ اللَّهِ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَعِيدِ بْنِ سُفْيَانَ الرَّعْلِيِّ: هَذَا مَا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعِيدَ بْنَ سُفْيَانَ الرَّعْلِيَّ. أَعْطَاهُ نَخْلَ السُّوَارِقِيَّةِ وَقَصْرَهَا لا يُحَاقُّهُ فِيهَا أَحَدٌ وَمَنْ حَاقَّهُ فَلا حَقَّ لَهُ وَحَقُّهُ حَقٌّ. وَكَتَبَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ: هَذَا مَا أَعْطَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
عُتْبَةَ بْنَ فَرْقَدٍ. أَعْطَاهُ مَوْضِعَ دَارٍ بِمَكَّةَ يَبْنِيهَا مِمَّا يَلِي الْمَرْوَةَ فَلا يُحَاقُّهُ فِيهَا أَحَدٌ وَمَنْ حَاقَّهُ فَإِنَّهُ لا حَقَّ لَهُ وَحَقُّهُ حَقٌّ. وَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَلَمَةَ بْنِ مَالِكٍ السُّلَمِيِّ: هَذَا مَا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلَمَةَ بْنَ مَالِكٍ السُّلَمِيَّ. أَعْطَاهُ مَا بَيْنَ ذَاتِ الحناظي إلى ذات الأساود لا يُحَاقُّهُ فِيهَا أَحَدٌ. شَهِدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَحَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَنِي جَنَابٍ مِنْ كَلْبٍ: هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ لِبَنِي جَنَابٍ وَأَحْلافِهِمْ وَمَنْ ظَاهَرَهُمْ عَلَى إِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالتَّمَسُّكِ بِالإِيمَانِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَعَلَيْهِمْ فِي الْهَامِلَةِ الرَّاعِيَةِ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ غَيْرَ ذَاتِ عَوَارٍ وَالْحَمُولَةُ الْمَائِرَةُ لَهُمْ لاغِيَةٌ وَالسَّقْيُ الرِّوَاءُ وَالْعَذْيُ مِنَ الأَرْضِ يُقِيمُهُ الأَمِينُ وَظِيفَةً لا يُزَادُ عَلَيْهِمْ. شَهِدَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ وَدِحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيُّ.
قالوا: وكتب رسول الله. ص: هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِمَهْرِيِّ بْنِ الأَبْيَضِ عَلَى مَنْ آمَنَ مِنْ مَهْرَةَ أَنَّهُمْ لا يُؤْكَلُونَ وَلا يُغَارُ عَلَيْهِمْ وَلا يُعْرَكُونَ وَعَلَيْهِمْ إِقَامَةُ شَرَائِعِ الإِسْلامِ فَمَنْ بَدَّلَ فَقَدْ حَارَبَ اللَّهَ وَمَنْ آمَنَ بِهِ فَلَهُ ذمة الله وذمة رسوله.
اللقطة مؤداة والسارحة منداة والتفث السيئة والرفث الفسوق. وكتب محمد بْنُ مَسْلَمَةَ الأَنْصَارِيُّ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِخَثْعَمَ: هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِخَثْعَمَ مِنْ حَاضِرٍ بِبَيْشَةَ وَبَادِيَتِهَا أَنَّ كُلَّ دَمٍ أَصَبْتُمُوهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَنْكُمْ مَوْضُوعٌ وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْكُمْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا فِي يَدِهِ حَرْثٌ مِنْ خِبَارٍ أَوْ عَزَازٌ تَسْقِيهِ السَّمَاءُ أَوْ يَرْوِيهِ اللَّثَى فَزَكَا عُمَارَةً فِي غَيْرِ أَزِمَةٍ وَلا حَطْمَةٍ فَلَهُ نَشْرُهُ وَأَكْلُهُ وَعَلَيْهِمْ فِي كُلِّ سَيْحٍ الْعُشْرُ وَفِي كُلِّ غَرْبٍ نِصْفُ الْعُشْرِ. شَهِدَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمَنْ حَضَرَ.
قالوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِوَفْدِ ثُمَالَةَ وَالْحُدَّانِ: هَذَا كِتَابٌ مِنْ محمد(1/218)
رَسُولِ اللَّهِ لِبَادِيَةِ الأَسْيَافِ وَنَازِلَةِ الأَجْوَافِ مِمَّا حَازَتْ صُحَارَ لَيْسَ عَلَيْهِمْ فِي النَّخْلِ خِرَاصٌ وَلا مِكْيَالٌ مُطْبِقٌ حَتَّى يُوضَعَ فِي الْفَدَاءِ وَعَلَيْهِمْ فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَوْسَاقٍ وَسْقٌ.
وَكَاتِبُ الصَّحِيفَةِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ. شَهِدَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَارِقٍ مِنَ الأَزْدِ: هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رسول الله لبارق أن لا تجذ ثِمَارُهُمْ وَأَنْ لا تُرْعَى بِلادُهُمْ فِي مَرْبَعٍ ولا مصيف إلا بمسألة من بارق ومن مر بهم من المسلمين في عرك أو جَدْبٍ فَلَهُ ضِيَافَةُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ. فَإِذَا أَيْنَعَتْ ثمارهم فلابن السبيل اللقاط يوسع بطنه من غَيْرِ أَنْ يَقْتَثِمَ. شَهِدَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجراح وحذيفة بن اليمان. وكتب أبي بن كعب. قال: الْجَدْبُ أَنْ لا يَكُونَ مَرْعَى. وَالْعَرَكُ أَنْ تُخَلِّيَ إِبِلَكَ فِي الْحَمْضِ خَاصَّةً فَتَأْكُلَ مِنْهُ حَاجَتَهَا. وَيَقْتَثِمَ يَحْمِلُ مَعَهُ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِوَائِلِ بْنِ حُجْرٍ لَمَّا أَرَادَ الشُّخُوصَ إِلَى بِلادِهِ.
قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْتُبْ لِي إِلَى قَوْمِي كتابا. فقال رسول الله. ص: اكْتُبْ لَهُ يَا مُعَاوِيَةُ إِلَى الأَقْيَالِ الْعَبَاهِلَةِ لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ. وَالصَّدَقَةَ عَلَى التَّيْعَةِ السَّائِمَةِ لِصَاحِبِهَا التَّيْمَةُ لا خِلاطَ وَلا وِرَاطَ وَلا شِغَارَ وَلا جَلَبَ وَلا جَنَبَ وَلا شِنَاقَ وَعَلَيْهِمُ الْعَوْنُ لِسَرَايَا الْمُسْلِمِينَ وَعَلَى كُلِّ عَشَرَةٍ مَا تَحْمِلُ الْعِرَابُ مَنْ أَجْبَأَ فَقَدْ أَرْبَى. وَقَالَ وَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْتُبْ لِي بِأَرْضِي الَّتِي كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَشَهِدَ لَهُ أَقْيَالُ حِمْيَرَ وَأَقْيَالُ حَضْرَمَوْتَ. فَكَتَبَ لَهُ: هذا كتاب من محمد النبي لوائل بن حُجْرٍ قَيْلِ حَضْرَمَوْتَ وَذَلِكَ أَنَّكَ أَسْلَمْتَ وَجَعَلْتُ لك ما في يديك من الأرضين والحصون وَأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْكَ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ وَاحِدٌ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ ذَوَا عَدْلٍ وَجَعَلْتُ لَكَ أن لا تظلم فيها ما قام الدين وَالنَّبِيُّ وَالْمُؤْمِنُونَ عَلَيْهِ أَنْصَارٌ. قَالُوا: وَكَانَ الأَشْعَثُ وَغَيْرُهُ مِنْ كِنْدَةَ نَازَعُوا وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ في واد بحضرموت فَادَّعُوهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فكتب به رسول الله.
ص. لِوَائِلِ بْنِ حُجْرٍ.
قَالُوا: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأَهْلِ نَجْرَانَ: هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ لأَهْلِ نَجْرَانَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ حُكْمُهُ فِي كُلِّ ثَمَرَةٍ صَفْرَاءَ أَوْ بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ أَوْ رَقِيقٍ فَأَفْضَلَ عَلَيْهِمْ وَتَرَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَى أَلْفَيْ حُلَّةٍ حُلَلِ الأَوَاقِي فِي كُلِّ رَجِبٍ أَلْفُ حُلَّةٍ وَفِي كُلِّ صَفَرٍ أَلْفُ حُلَّةٍ كُلُّ حُلَّةٍ أُوقِيَّةً فَمَا زَادَتْ حُلَلُ الْخَرَاجِ أَوْ نَقَصَتْ عَلَى الأَوَاقِي فَبِالْحِسَابِ وَمَا قَبَضُوا مِنْ دُرُوعٍ أَوْ خَيْلٍ أَوْ رِكَابٍ أَوْ عَرْضٍ أُخِذَ مِنْهُمْ فَبِالْحِسَابِ وَعَلَى نَجْرَانَ مَثْوَاةُ رُسُلِي عِشْرِينَ يَوْمًا فَدُونَ ذَلِكَ وَلا تُحْبَسُ رُسُلِي فَوْقَ(1/219)
شَهْرٍ وَعَلَيْهِمْ عَارِيَّةُ ثَلاثِينَ دِرْعًا وَثَلاثِينَ فَرَسًا وَثَلاثِينَ بَعِيرًا إِذَا كَانَ بِالْيَمَنِ كَيَدٌ وَمَا هَلَكَ مِمَّا أَعَارُوا رُسُلِي مِنْ دُرُوعٍ أَوْ خَيْلٍ أَوْ رِكَابٍ فَهُوَ ضَمَانٌ عَلَى رُسُلِي حَتَّى يُؤَدُّوهُ إِلَيْهِمْ وَلِنَجْرَانَ وَحَاشِيَتِهِمْ جِوَارُ اللَّهِ وذمة محمد النبي رسول الله على أنفسهم وَمِلَّتِهِمْ وَأَرْضِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَغَائِبِهِمْ وَشَاهِدِهِمْ وَبِيَعِهِمْ وَصَلَوَاتِهِمْ لا يُغَيِّرُوا أُسْقُفًا عَنْ أُسْقُفِيَّتِهِ وَلا رَاهِبًا عَنْ رَهْبَانِيَّتِهِ وَلا وَاقِفًا عَنْ وَقْفَانِيَّتِهِ وَكُلُّ مَا تَحْتِ أَيْدِيهِمْ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَلَيْسَ رِبًا وَلا دَمَ جَاهِلِيَّةٍ وَمَنْ سَأَلَ مِنْهُمْ حَقًّا فَبَيْنَهُمُ النَّصْفُ غَيْرَ ظَالِمِينَ وَلا مَظْلُومِينَ لِنَجْرَانَ وَمَنْ أَكَلَ رِبًا مِنْ ذِي قَبْلَ فَذِمَّتِي مِنْهُ بَرِيئَةٌ وَلا يُؤَاخَذُ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِظُلْمِ آخَرَ وَعَلَى مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ جِوَارُ اللَّهِ وَذِمَّةُ النَّبِيِّ أَبَدًا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنْ نَصَحُوا وَأَصْلَحُوا فِيمَا عَلَيْهِمْ غَيْرَ مُثْقَلِينَ بِظُلْمٍ. شَهِدَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَغَيْلانُ بْنُ عَمْرٍو وَمَالِكُ بْنُ عَوْفٍ النَّصْرِيُّ وَالأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَالْمُسْتَوْرِدُ بْنُ عَمْرٍو أَخُو بَلِيٍّ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَعَامِرٌ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ دُومَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ لأُكَيْدِرَ هَذَا الْكِتَابَ. وَجَاءَنِي بِالْكِتَابِ فَقَرَأْتُهُ وَأَخَذْتُ مِنْهُ نُسْخَتَهُ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا كِتَابٌ مِنْ محمد رسول الله لأُكَيْدِرَ حِينَ أَجَابَ إِلَى الإِسْلامِ وَخَلَعَ الأَنْدَادَ وَالأَصْنَامَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ سَيْفِ اللَّهِ فِي دُومَةِ الْجَنْدَلِ وَأَكْنَافِهَا أَنَّ لَهُ الضَّاحِيَةَ مِنَ الضَّحْلِ وَالْبَوْرِ وَالْمَعَامِيَ وَأَغْفَالَ الأَرْضِ وَالْحَلْقَةَ وَالسِّلاحَ وَالْحَافِرَ وَالْحِصْنَ وَلَكُمُ الضَّامِنَةُ مِنَ النَّخْلِ وَالْمَعِينُ مِنَ الْمَعْمُورِ وَبَعْدَ الْخُمُسِ لا تُعْدَلُ سَارِحَتُكُمْ وَلا تُعَدُّ فَارِدَتُكُمْ وَلا يُحْظَرُ عَلَيْكُمُ النَّبَاتُ وَلا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ إِلا عُشْرُ الثَّبَاتِ. تُقِيمُونَ الصَّلاةَ لِوَقْتِهَا وَتُؤْتُونَ الزَّكَاةَ بِحَقِّهَا. عَلَيْكُمْ بِذَاكَ الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ وَلَكُمْ بِذَلِكَ الصِّدْقُ وَالْوَفَاءُ. شَهِدَ اللَّهُ وَمَنْ حَضَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: الضَّحْلُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ. وَالْمَعَامِي الأَعْلامُ مِنَ الأَرْضِ مَا لا حَدَّ لَهُ.
وَالضَّامِنَةُ مَا حَمَلَ مِنَ النَّخْلِ. وَقَوْلُهُ لا تُعْدَلُ سَارِحَتُكُمْ. يَقُولُ: لا تُنَحَّى عَنِ الرَّعْيِ.
وَالْفَارِدَةُ مَا لا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ. وَالأَغْفَالُ مَا لا يُقَالُ عَلَى حَدِّهِ مِنَ الأَرْضِ. وَالْمَعِينُ الْمَاءُ الْجَارِي. وَالثَّبَاتُ النَّخْلُ الْقَدِيمُ الَّذِي قَدْ ضَرَبَ عُرُوقُهُ فِي الأَرْضِ وَثَبَتَ. قَالَ:
وكانت دومة وأيلة وتيماء قد خافوا لَمَّا رَأَوْا الْعَرَبَ قَدْ أَسْلَمَتْ. قَالَ: وَقَدِمَ يُحَنَّةُ بْنُ رُوبَةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ مَلِكَ أَيْلَةَ وَأَشْفَقَ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا بَعَثَ إِلَى أُكَيْدِرَ. وَأَقْبَلَ وَمَعَهُ أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر ومن جربا وأذرح(1/220)
فَأَتَوْهُ فَصَالَحَهُمْ وَقَطَعَ عَلَيْهِمْ جِزْيَةً مَعْلُومَةً وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا أَمَنَةٌ مِنَ اللَّهِ وَمُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ لِيُحَنَّةَ بْنِ رُوبَةَ وَأَهْلِ أَيْلَةَ لِسُفُنِهِمْ وَسَيَّارَتِهِمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ لَهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ وَلِمَنْ كَانَ مَعَهُمْ مِنْ أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر ومن أَحْدَثَ حَدَثًا فَإِنَّهُ لا يَحُولُ مَالُهُ دُونَ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ طَيِّبَةٌ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنَ النَّاسِ وَأَنَّهُ لا يَحِلُّ أَنْ يُمْنَعُوا مَاءً يَرِدُونَهُ وَلا طَرِيقًا يُرِيدُونَهُ مِنْ بَرٍّ وَبَحْرٍ. هَذَا كتاب جهيم بن الصلت وشرحبيل بن حَسَنَةَ بِإِذْنِ رَسُولِ اللَّهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الظَّفَرِيُّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى يُحَنَّةَ بْنِ رُوبَةَ يَوْمَ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلِيبًا مِنْ ذَهَبٍ وَهُوَ مَعْقُودُ النَّاصِيَةِ. فَلَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَفَّرَ وَأَوْمَأَ بِرَأْسِهِ. فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنِ ارْفَعْ رَأْسَكَ. وَصَالَحَهُ يَوْمَئِذٍ وَكَسَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُرْدَ يمنه وأمر بإنزاله عند بلال. قال: ورأيت أكيدر حِينَ قَدِمَ بِهِ خَالِدٌ وَعَلَيْهِ صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ وَعَلَيْهِ الدِّيبَاجُ ظَاهِرًا. قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى الأَوَّلِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَنَسَخْتُ كِتَابَ أَهْلِ أَذْرُحَ فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ لأَهْلِ أَذْرُحَ أَنَّهُمْ آمِنُونَ بِأَمَانِ اللَّهِ وَمُحَمَّدٍ وَأَنَّ عَلَيْهِمْ مِائَةَ دِينَارٍ فِي كُلِّ رَجَبٍ وَافِيَةً طَيِّبَةً وَاللَّهُ كَفِيلٌ عَلَيْهِمْ بِالنُّصْحِ وَالإِحْسَانِ لِلْمُسْلِمِينَ وَمَنْ لَجَأَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْمَخَافَةِ وَالتَّعْزِيرِ إِذَا خَشُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ آمِنُونَ حَتَّى يُحَدِّثَ إِلَيْهِمْ مُحَمَّدٌ قَبْلَ خُرُوجِهِ. يَعْنِي إِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ. قَالَ: وَوَضَعَ رسول الله.
ص. الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ أَيْلَةَ ثَلاثَمِائَةِ دِينَارٍ كُلَّ سنة. وكانوا ثلاثمائة رجل.
قَالَ: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأَهْلِ جَرْبَا وَأَذْرُحَ: هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ لأَهْلِ جَرْبَا وَأَذْرُحَ أَنَّهُمْ آمِنُونَ بِأَمَانِ اللَّهِ وَأَمَانِ مُحَمَّدٍ وَأَنَّ عَلَيْهِمْ مِائَةَ دِينَارٍ فِي كُلِّ رَجَبٍ وَافِيَةً طَيِّبَةً وَاللَّهُ كفيل عليهم.
قَالَ: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأَهْلِ مَقْنَا أَنَّهُمْ آمِنُونَ بِأَمَانِ اللَّهِ وَأَمَانِ مُحَمَّدٍ وَأَنَّ عَلَيْهِمْ رُبُعَ غُزُولِهِمْ وَرُبُعَ ثِمَارِهِمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا صَالِحٌ مولى التؤمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صالح أهل مقنا على أخذ ثِمَارِهِمْ وَرُبُعِ غُزُولِهِمْ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَأَهْلُ مَقْنَا يَهُودٌ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ وَأَهْلُ جَرْبَا وَأَذْرُحَ يَهُودٌ أَيْضًا. وَقَوْلُهُ طَيِّبَةً. يَعْنِي مِنَ الْخَلاصِ أَيْ ذَهَبٌ خَالِصٌ. وَقَوْلُهُ خُرُوجُهُ. يَعْنِي إِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ.(1/221)
ذكر وفادات الْعَرَبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَفْدُ مُزَيْنَةَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ وَفَدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - من مُضَرَ أَرْبَعُمِائَةٍ مِنْ مُزَيْنَةَ. وَذَلِكَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ. فَجَعَلَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
الْهِجْرَةَ فِي دَارِهِمْ [وَقَالَ: أَنْتُمْ مُهَاجِرُونَ حَيْثُ كُنْتُمْ فَارْجِعُوا إِلَى أَمْوَالِكُمْ. فَرَجَعُوا إِلَى بِلادِهِمْ] «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو مِسْكِينٍ وأبو عبد الرحمن العجلاني قَالا: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - نفر من مزينة منهم خزاعي بن عبدنهم فَبَايَعَهُ عَلَى قَوْمِهِ مُزَيْنَةَ. وَقَدِمَ مَعَهُ عَشَرَةٌ مِنْهُمْ فِيهِمْ بِلالُ بْنُ الْحَارِثِ. وَالنُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ. وَأَبُو أَسْمَاءَ. وَأُسَامَةُ. وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ بُرْدَةَ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دُرَّةَ. وَبِشْرُ بْنُ الْمُحْتَفِرِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ وَقَالَ غَيْرُ هِشَامٍ: وَكَانَ فِيهِمْ دُكَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ. وَعَمْرُو بْنُ عَوْفٍ. قَالَ وَقَالَ هِشَامٌ فِي حَدِيثِهِ: ثُمَّ إِنَّ خُزَاعِيًّا خَرَجَ إِلَى قَوْمِهِ فَلَمْ يَجِدْهُمْ كَمَا ظَنَّ فَأَقَامَ. [فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَالَ: اذْكُرْ خُزَاعِيًّا وَلا تَهْجُهُ] . فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
أَلا أَبْلِغْ خُزَاعِيًّا رَسُولا ... بِأَنَّ الذَّمَّ يَغْسِلُهُ الْوَفَاءُ
وَأَنَّكَ خَيْرُ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرٍو ... وَأَسْنَاهَا إِذَا ذُكِرَ السَّنَاءُ
وَبَايَعْتَ الرَّسُولَ وكان خيرا ... إلى خير وأداك الثراء
__________
(1) انظر: [مسند أحمد بن حنبل (4/ 55) ، وفتح الباري (13/ 41) ، والبداية والنهاية (5/ 41) ، والمعجم الكبير للطبراني (7/ 26) ] .(1/222)
فَمَا يُعْجِزْكَ أَوْ مَا لا تُطِقْهُ ... مِنَ الأَشْيَاءِ لا تَعْجِزْ عَدَاءُ
قَالَ: وَعَدَاءُ بَطْنُهُ الَّذِي هُوَ مِنْهُ. قَالَ: فَقَامَ خُزَاعِيٌّ فَقَالَ: يا قوم خَصَّكُمْ شَاعِرُ الرَّجُلِ فَأُنْشِدُكُمُ اللَّهَ. قَالُوا: فَإِنَّا لا نَنْبُو عَلَيْكَ. قَالَ: وَأَسْلَمُوا وَوَافَدُوا عَلَى النبي.
ص. فَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِوَاءَ مُزَيْنَةَ يَوْمَ الْفَتْحِ إِلَى خُزَاعِيٍّ. وَكَانُوا يَوْمَئِذٍ أَلْفَ رَجُلٍ. وَهُوَ أَخُو الْمُغَفَّلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ وَأَخُو عَبْدِ اللَّهِ ذِي الْبِجَادَيْنِ.
وَفْدُ أَسَدٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالا: قَدِمَ عَشَرَةُ رَهْطٍ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فِي أَوَّلِ سَنَةِ تِسْعٍ. فِيهِمْ حَضْرَمِيُّ بْنُ عَامِرٍ. وَضِرَارُ بْنُ الأَزْوَرِ. وَوَابِصَةُ بْنُ مَعْبَدٍ. وَقَتَادَةُ بْنُ الْقَايِفِ. وَسَلَمَةُ بْنُ حُبَيْشٍ. وَطَلْحَةُ بْنُ خُوَيْلِدٍ.
وَنَقَادَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفٍ. فَقَالَ حَضْرَمِيُّ بْنُ عَامِرٍ: أَتَيْنَاكَ نَتَدَرَّعُ اللَّيْلَ الْبَهِيمَ. فِي سَنَةٍ شَهْبَاءَ. وَلَمْ تَبْعَثْ إِلَيْنَا بَعْثًا. فَنَزَلَتْ فِيهِمْ: «يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا» الحجرات:
17.
وَكَانَ مَعَهُمْ قَوْمٌ مِنْ بَنِي الزِّنْيَةِ. وَهُمْ بَنُو مَالِكِ بْنِ مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ دُودَانَ بْنِ أَسَدٍ. فَقَالَ [لَهُمْ رسول الله. ص: أَنْتُمْ بَنُو الرِّشْدَةِ] . فَقَالُوا: لا نَكُونُ مِثْلَ بَنِي مُحَوَّلَةَ. يَعْنُونَ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفَانَ «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ النَّخَعِيُّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَقَادَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفِ بْنِ عَمِيرَةَ بْنِ مُرِّيِّ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ الأَسَدِيِّ: يَا نَقَادَةُ ابْغِ لِي نَاقَةً حَلْبَانَةً رَكْبَانَةً وَلا تُولِهِهَا عَلَى وَلَدٍ. فَطَلَبَهَا فِي نَعَمِهِ. فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا. فَوَجَدَهَا عِنْدَ ابْنِ عَمٍّ لَهُ يُقَالُ لَهُ سِنَانُ بْنُ ظَفِيرٍ فَأَطْلَبَهُ إِيَّاهَا. فَسَاقَهَا نَقَادَةُ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمسح ضَرْعَهَا وَدَعَا نَقَادَةَ. فَحَلَبَهَا حَتَّى إِذَا بَقَّى فِيهَا بَقِيَّةً مِنْ لَبَنِهَا قَالَ: أَيْ نَقَادَةُ اتْرُكْ دَوَاعِيَ اللَّبَنِ. فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَقَى أَصْحَابَهُ مِنْ لَبَنِ تلك الناقة وسقى
__________
(1) انظر: [تهذيب تاريخ ابن عساكر (7/ 95) ، والدر المنثور (6/ 514) ، ومصنف ابن أبي شيبة (12/ 205) ] .(1/223)
نَقَادَةَ سُؤْرَهُ وَقَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهَا مِنْ نَاقَةٍ وَفِيمَنْ مَنَحَهَا. قَالَ نَقَادَةُ قُلْتُ: وَفِيمَنْ جَاءَ بِهَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: وَفِيمَنْ جَاءَ بِهَا] «1» .
وَفْدُ تَمِيمَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو قَالا: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشْرَ بْنَ سُفْيَانَ.
وَيُقَالُ النَّحَّامُ الْعَدَوِيُّ. عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي كَعْبٍ مِنْ خُزَاعَةَ فَجَاءَ وَقَدْ حَلَّ بِنَوَاحِيهِمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ جُنْدُبِ بْنِ الْعَنْبَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ. فَجَمَعَتْ خُزَاعَةُ مَوَاشِيَهَا لِلصَّدَقَةِ.
فَاسْتَنْكَرَ ذَلِكَ بَنُو تَمِيمٍ وَأَبَوْا وَابْتَدَرُوا الْقِسِّيَّ وَشَهَرُوا السُّيُوفَ. فَقَدِمَ الْمُصَدِّقُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ: مَنْ لِهَؤُلاءِ الْقَوْمِ؟ فَانْتَدَبَ لَهُمْ عُيَيْنَةَ بْنَ بَدْرٍ الْفَزَارِيَّ.
فَبَعَثَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في خمسين فارسا مِنَ الْعَرَبِ لَيْسَ فِيهِمْ مُهَاجِرِيٌّ وَلا أَنْصَارِيٌّ. فَأَغَارَ عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ فَأَخَذَ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلا وَإِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً وَثَلاثِينَ صَبِيًّا فَجَلَبَهُمْ إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَدِمَ فِيهِمْ عِدَّةٌ مِنْ رُؤَسَاءِ بَنِي تَمِيمٍ. عُطَارِدُ بْنُ حَاجِبٍ. وَالزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ.
وَقَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ. وَقَيْسُ بْنُ الْحَارِثِ. وَنُعَيْمُ بْنُ سَعْدٍ. وَالأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ. وَرِيَاحُ بْنُ الْحَارِثِ. وَعَمْرُو بْنُ الأَهْتَمِ.
وَيُقَالُ: كَانُوا تِسْعِينَ أَوْ ثَمَانِينَ رَجُلا. فَدَخَلُوا الْمَسْجِدَ وَقَدْ أَذَّنَ بِلالٌ بِالظُّهْرِ.
وَالنَّاسُ يَنْتَظِرُونَ خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعجلوا واستبطؤوه فَنَادَوْهُ: يَا مُحَمَّدُ اخْرُجْ إِلَيْنَا. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأقام بلال. فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظُّهْرَ ثُمَّ أَتَوْهُ.
فَقَالَ الأَقْرَعُ: يَا مُحَمَّدُ ائذن لي فو الله إِنَّ جَهْدِي لَزَيْنٌ وَإِنَّ ذَمِّي لَشَيْنٌ. [فَقَالَ له رسول الله. ص: كَذَبْتَ ذَلِكَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَلَسَ.
وَخَطَبَ خَطِيبُهُمْ وَهُوَ عُطَارِدُ بْنُ حَاجِبٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ: أَجِبْهُ. فَأَجَابَهُ. ثُمَّ قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ ائْذَنْ لِشَاعِرِنَا. فَأَذِنَ لَهُ. فَقَامَ الزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ فَأَنْشَدَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: أَجِبْهُ. فَأَجَابَهُ بِمِثْلِ شَعْرِهِ] .
فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَخَطِيبُهُ أَبْلَغُ مِنْ خَطِيبِنَا. وَلَشَاعِرُهُ أَشْعُرُ مِنْ شَاعِرِنَا. وَلَهُمْ أَحْلَمُ مِنَّا.
وَنَزَلَ فِيهِمْ: «إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ»
__________
(1) انظر: [حلية الأولياء (8/ 196) ] .(1/224)
الحجرات: 4. وَقَالَ [رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ: هَذَا سَيِّدُ أَهْلِ الْوَبَرِ] . وَرَدَّ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأَسْرَى وَالسَّبْيَ. وَأَمَرَ لَهُمْ بِالْجَوَائِزِ كَمَا كَانَ يُجِيزُ الْوَفْدَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ شَيْخٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي النَّجَّارِ قَالَتْ: أَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْوَفْدِ يَوْمَئِذٍ يَأْخُذُونَ جَوَائِزَهُمْ عِنْدَ بِلالٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا. قَالَتْ: وَقَدْ رَأَيْتُ غُلامًا أَعْطَاهُ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ أَصْغَرُهُمْ خَمْسَ أَوَاقٍ.
يَعْنِي عَمْرَو بْنَ الأَهْتَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جُنَاحٍ أَخُو بَنِي كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ قَالَ: وَفَدَ سُفْيَانُ بْنُ الْعُذَيْلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَصَادِ بْنِ مَازِنِ بْنِ ذُؤَيْبِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَأَسْلَمَ. فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ قَيْسٌ: يَا أَبَتِ دَعْنِي آتِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَكَ. قَالَ: سَنَعُودُ.
قَالَ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جُنَاحٍ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ قَالَ: قَالَ غُنَيْمُ بْنُ قَيْسِ بْنِ سُفْيَانَ: أَشْرَفَ عَلَيْنَا رَاكِبٌ فَنَعَى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ. فَنَهَضْنَا مِنَ الأَحْوَيَةِ فقلنا: بأبينا وأمنا رسول الله. ص! وَقُلْتُ:
أَلا لِيَ الْوَيْلُ عَلَى مُحَمَّدِ ... قَدْ كُنْتُ فِي حَيَاتِهِ بِمُقْعَدِ
وَفِي أَمَانٍ مِنْ عدو معتدي
قَالَ: وَمَاتَ قَيْسُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ الْعُذَيْلِ زَمَنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ مَعَ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ بِالْبَحْرَيْنِ. فَقَالَ الشَّاعِرُ:
فَإِنْ يَكُ قَيْسٌ قَدْ مَضَى لِسَبِيلِهِ ... فَقَدْ طَافَ قَيْسٌ بِالرَّسُولِ وَسَلَّمَا
وَفْدُ عَبْسٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الشَّغَبِ عِكْرِشَةُ بْنُ أَرْبَدَ الْعَبْسِيُّ وَعِدَّةٌ مِنْ بني عبس قالوا: وفد على رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِسْعَةُ رَهْطٍ مِنْ بَنِي عَبْسٍ. فَكَانُوا مِنَ الْمُهَاجِرِينِ الأَوَّلِينَ. مِنْهُمْ: مَيْسَرَةُ بْنُ مَسْرُوقٍ.
وَالْحَارِثُ بْنُ الرَّبِيعِ وَهُوَ الْكَامِلُ. وَقَنَانُ بْنُ دَارِمٍ. وَبِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عُبَادَةَ. وَهَدْمُ بْنُ مَسْعَدَةَ. وَسِبَاعُ بْنُ زَيْدٍ. وَأَبُو الْحِصْنِ بْنُ لُقْمَانَ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكٍ.(1/225)
وَفَرْوَةُ بْنُ الْحُصَيْنِ بْنِ فَضَالَةَ. فَأَسْلَمُوا. [فَدَعَا لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْرٍ وَقَالَ:
ابْغُونِي رَجُلا يَعْشِرُكُمْ أَعْقِدْ لَكُمْ لِوَاءً] . فَدَخَلَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ. فَعَقَدَ لَهُمْ لِوَاءً وَجَعَلَ شِعَارَهَمْ يَا عَشَرَةُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمَّارُ بن عبد الله بن عبس الدِّئَلِيُّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أُذَيْنَةَ اللَّيْثِيِّ قَالَ: بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن عِيرًا لِقُرَيْشٍ أَقْبَلَتْ مِنَ الشَّامِ.
فَبَعَثَ بَنِي عَبْسٍ فِي سَرِيَّةٍ وَعَقَدَ لَهُمْ لِوَاءً. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نَقْسِمُ غَنِيمَةً إِنْ أَصَبْنَاهَا وَنَحْنُ تِسْعَةٌ؟ [قَالَ: أَنَا عَاشِرُكُمْ] . وَجَعَلَتِ الْوُلاةُ اللِّوَاءَ الأَعْظَمَ لِوَاءَ الْجَمَاعَةِ. وَالإِمَامُ لِبَنِي عَبْسٍ لَيْسَتْ لَهُمْ رَايَةٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ اللَّيْثِيُّ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَدِمَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ مِنْ بَنِي عَبْسٍ عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إِنَّهُ قَدِمَ عَلَيْنَا قُرَّاؤُنَا فَأَخْبَرُونَا أَنَّهُ لا إِسْلامَ لِمَنْ لا هِجْرَةَ لَهُ وَلَنَا أَمْوَالٌ وَمَوَاشٍ هِيَ مَعَاشُنَا.
فَإِنْ كَانَ لا إِسْلامَ لِمَنْ لا هِجْرَةَ لَهُ بِعْنَاهَا وَهَاجَرْنَا. [فَقَالَ رسول الله.
ص: اتَّقُوا اللَّهَ حَيْثُ كُنْتُمْ فَلَنْ يَلِتَكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كُنْتُمْ بِصَمَدٍ وَجَازَانَ.
وَسَأَلَهُمْ عَنْ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ. فَقَالُوا: لا عَقِبَ لَهُ. فَقَالَ: نَبِيٌّ ضَيَّعَهُ قَوْمُهُ. ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ حَدِيثَ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ.]
وَفْدُ فَزَارَةَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ عَنْ أَبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من تَبُوكَ. وَكَانَتْ سَنَةَ تِسْعٍ. قَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ بَنِي فَزَارَةَ بَضْعَةَ عَشَرَ رَجُلا. فِيهِمْ خَارِجَةُ بْنُ حِصْنٍ. وَالْحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ. وهو أصغرهم. على ركاب عجاف. فجاؤوا مُقِرِّينَ بِالإِسْلامِ. وَسَأَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بِلادِهِمْ. فَقَالَ أَحَدُهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْنَتَتْ بِلادُنَا. وَهَلَكَتْ مَوَاشِينَا.
وَأَجْدَبَ جَنَابُنَا. وَغَرَثَ عِيَالُنَا. فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ. فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمِنْبَرَ وَدَعَا [فَقَالَ: اللَّهُمَّ اسْقِ بِلادَكَ وَبَهَائِمَكَ وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيِّتَ. اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا مَرِيعًا مُطْبِقًا وَاسِعًا عَاجِلا غَيْرَ آجِلٍ نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ. اللَّهُمَّ اسْقِنَا سُقْيَا رَحْمَةٍ لا سُقْيَا عَذَابٍ وَلا هَدْمٍ وَلا غَرَقٍ وَلا مُحْقٍ. اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَانْصُرْنَا عَلَى الأَعْدَاءِ! فَمَطَرَتْ] فَمَا رَأَوْا السَّمَاءَ سِتًّا. فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمِنْبَرَ فَدَعَا فَقَالَ:(1/226)
[اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلا عَلَيْنَا. عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ. قَالَ:
فَانْجَابَتِ السَّمَاءُ عَنِ الْمَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ.]
وَفْدُ مُرَّةَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيُّ عَنْ أَشْيَاخِهِمْ قَالُوا: قَدِمَ وَفْدُ بَنِي مُرَّةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرْجِعَهُ مِنْ تَبُوكَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ. وَهُمْ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلا. رَأْسُهُمُ الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِنَّا قَوْمُكَ وَعَشِيرَتُكَ. وَنَحْنُ قَوْمٌ مِنْ بَنِي لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ. [فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ تَرَكْتَ أَهْلَكَ؟ قَالَ: بِسُلاحٍ وَمَا وَالاهَا. قَالَ: وَكَيْفَ الْبِلادُ؟ قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّا لَمُسْنِتُونَ. فَادْعُ الله لنا. فقال رسول الله. ص: اللَّهُمَّ اسْقِهِمُ الْغَيْثَ. وَأَمَرَ] بِلالا أَنْ يُجِيزَهُمْ. فَأَجَازَهُمْ بِعَشْرِ أَوَاقٍ. عَشْرِ أَوَاقٍ فِضَّةٍ. وَفَضَّلَ الْحَارِثَ بْنَ عَوْفٍ أَعْطَاهُ اثْنَتَي عَشْرَةَ أُوقِيَّةً. وَرَجَعُوا إِلَى بِلادِهِمْ فَوَجَدُوهَا قَدْ مُطِرَتْ فِي الْيَوْمِ الَّذِي دَعَا لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَفْدُ ثَعْلَبَةَ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْجِعْرَانَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ قَدِمْنَا عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ وَقُلْنَا: نَحْنُ رُسُلُ مَنْ خَلْفَنَا مِنْ قَوْمِنَا. وَنَحْنُ وَهُمْ مُقِرُّونَ بِالإِسْلامِ. فَأَمَرَ لَنَا بِضِيَافَةٍ وَأَقَمْنَا أَيَّامًا ثُمَّ جِئْنَاهُ لِنَوَدِّعَهُ. فَقَالَ لِبِلالٍ: أَجِزْهُمْ كَمَا تُجِيزُ الْوَفْدَ. فَجَاءَ بِنَقَرٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَعْطَى كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا خَمْسَ أَوَاقٍ. قَالَ لَيْسَ عِنْدَنَا دَرَاهِمُ. فَانْصَرَفْنَا إِلَى بِلادِنَا.
وَفْدُ مُحَارِبٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ مُحَارِبٍ سَنَةَ عَشْرٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهُمْ عَشَرَةُ نَفَرٍ. مِنْهُمْ:
سَوَاءُ بْنُ الْحَارِثِ. وَابْنُهُ خُزَيْمَةُ بْنُ سَوَاءٍ. فَأُنْزِلُوا دَارَ رَمْلَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ. وَكَانَ بِلالٌ(1/227)
يَأْتِيهِمْ بِغَدَاءٍ وَعَشَاءٍ. فَأَسْلَمُوا وَقَالُوا: نَحْنُ عَلَى مَنْ وَرَاءَنَا. وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فِي تِلْكَ المواسم أفظ ولا أغلظ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُمْ. وَكَانَ فِي الْوَفْدِ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَعَرَفَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَبْقَانِي حَتَّى صَدَّقْتُ بِكَ! [فقال رسول الله.
ص: إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ بِيَدِ اللَّهِ] . وَمَسَحَ وَجْهَ خُزَيْمَةَ بْنِ سَوَاءٍ فَصَارَتْ لَهُ غُرَّةٌ بَيْضَاءُ.
وَأَجَازَهُمْ كَمَا يُجِيزُ الْوَفْدَ. وَانْصَرَفُوا إِلَى أَهْلِهِمْ.
وَفْدُ سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نمر عن كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَتْ بَنُو سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ ضِمَامَ بْنَ ثَعْلَبَةَ. وَكَانَ جَلْدًا أَشْعُرَ ذَا غَدِيرَتَيْنِ. وَافِدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقْبَلَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَهُ فَأَغْلَظَ فِي الْمَسْأَلَةِ. سَأَلَهُ عَمَّنْ أَرْسَلَهُ وَبِمَا أَرْسَلَهُ. وَسَأَلَهُ عَنْ شَرَائِعِ الإِسْلامِ. فَأَجَابَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ مُسْلِمًا قَدْ خَلَعَ الأَنْدَادَ وَأَخْبَرَهُمْ بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ وَنَهَاهُمْ عَنْهُ.
فَمَا أَمْسَى فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي حَاضِرِهِ رَجُلٌ وَلا امْرَأَةٌ إِلا مُسْلِمًا. وَبَنُوا الْمَسَاجِدَ وَأَذَّنُوا بِالصَّلَوَاتِ.
وَفْدُ كِلابٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ شَيْبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ بَنِي كِلابٍ فِي سَنَةِ تِسْعٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمْ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلا فِيهِمْ لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ. وَجَبَّارُ بْنُ سَلْمَى.
فَأَنْزَلَهُمْ دَارَ رَمْلَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ. وَكَانَ بَيْنَ جَبَّارٍ وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ خُلَّةٌ. فَبَلَغَ كَعْبًا قُدُومُهُمْ فَرَحَّبَ بِهِمْ وَأَهْدَى لِجَبَّارٍ وَأَكْرَمَهُ. وَخَرَجُوا مَعَ كعب فدخلوا على رسول الله.
ص. فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِسَلامِ الإِسْلامِ وَقَالُوا: إِنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ سُفْيَانَ سَارَ فِينَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَبِسُنَّتِكَ الَّتِي أَمَرْتَهُ. وَإِنَّهُ دَعَانَا إِلَى اللَّهِ فَاسْتَجَبْنَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ. وَإِنَّهُ أَخَذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَرَدَّهَا عَلَى فُقَرَائِنَا.(1/228)
وَفْدُ رُؤَاسِ بْنِ كِلابٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ. أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ الرُّؤَاسِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي نُفَيْعٍ طَارِقِ بْنِ عَلْقَمَةَ الرُّؤَاسِيِّ قَالَ: قَدِمَ رَجُلٌ مِنَّا يُقَالُ لَهُ عَمْرُو بْنُ مَالِكِ بْنِ قَيْسِ بْنِ بُجَيْدِ بْنُ رُؤَاسِ بْنِ كِلابِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَأَسْلَمَ ثُمَّ أَتَى قَوْمَهُ فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلامِ. فَقَالُوا: حَتَّى نُصِيبَ مِنْ بَنِي عَقِيلِ بْنِ كَعْبٍ مِثْلَ مَا أَصَابُوا مِنَّا. فَخَرَجُوا يُرِيدُونَهُمْ. وَخَرَجَ مَعَهُمْ عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ فَأَصَابُوا فِيهِمْ. ثُمَّ خَرَجُوا يَسُوقُونَ النَّعَمَ. فَأَدْرَكَهُمْ فَارِسٌ مِنْ بَنِي عَقِيلٍ يُقَالُ لَهُ رَبِيعَةُ بْنُ الْمُنْتَفِقِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَقِيلٍ وَهُوَ يَقُولُ:
أَقْسَمْتُ لا أَطْعَنُ إِلا فَارِسًا ... إِذَا الْكُمَاةُ لَبِسُوا الْقَوَانِسَا
قَالَ أَبُو نُفَيْعٍ: فَقُلْتُ نَجَوْتُمْ يَا مَعْشَرَ الرَّجَّالَةِ سَائِرَ الْيَوْمِ. فَأَدْرَكَ الْعُقَيْلِيُّ رَجُلا مِنْ بَنِي عُبَيْدِ بْنِ رُؤَاسٍ. يُقَالُ لَهُ الْمُحْرِسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رُؤَاسٍ. فَطَعَنَهُ فِي عَضُدِهِ فَاخْتَلَّهَا. فَاعْتَنَقَ الْمُحْرِسُ فَرَسَهُ وَقَالَ: يَا آلَ رُؤَاسٍ! فَقَالَ رَبِيعَةُ: رُؤَاسٌ خَيْلٌ أَوْ أُنَاسٌ؟ فَعَطَفَ عَلَى رَبِيعَةَ عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ. قَالَ: ثُمَّ خَرَجْنَا نَسُوقُ النَّعَمَ. وَأَقْبَلَ بَنُو عَقِيلٍ فِي طَلَبِنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى تُرَبَةَ. فَقَطَعَ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ وَادِي تُرَبَةَ. فَجَعَلَتْ بَنُو عَقِيلٍ يَنْظُرُونَ إِلَيْنَا وَلا يَصِلُونَ إِلَى شَيْءٍ. فَمَضَيْنَا. قَالَ عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ: فَأَسْقَطَ فِي يَدَيَّ وَقُلْتُ قَتَلْتُ رَجُلا وَقَدْ أَسْلَمْتُ وَبَايَعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَشَدَدْتُ يَدِيَّ فِي غُلٍّ إِلَى عُنُقِي ثُمَّ خَرَجْتُ أُرِيدُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ بَلَغَهُ ذَلِكَ. [فَقَالَ: لَئِنْ أَتَانِي لأَضْرِبَنَّ مَا فَوْقَ الْغُلِّ مِنْ يَدِهِ] . قَالَ: فَأَطْلَقْتُ يَدِيَّ ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَأَعْرَضَ عَنِّي. فَأَتَيْتُهُ عَنْ يَمِينِهِ فَأَعْرَضَ عَنِّي. فَأَتَيْتُهُ عَنْ يَسَارِهِ فَأَعْرَضَ عَنِّي. فَأَتَيْتُهُ مِنْ قِبَلَ وَجْهِهِ [فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الرَّبَّ لَيُتَرَضَّى فَيَرْضَى فَارْضَ عَنِّي. رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ. قَالَ: قَدْ رَضِيتُ عَنْكَ] .
وَفْدُ عَقِيلِ بْنِ كَعْبٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ. أَخْبَرَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَقِيلٍ عَنْ أَشْيَاخِ قَوْمِهِ قَالُوا: وَفَدَ مِنَّا مِنْ بَنِي عَقِيلٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَبِيعُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ خَفَاجَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَقِيلٍ. وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَعْلَمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ ربيعة بن(1/229)
عَقِيلٍ. وَأَنَسُ بْنُ قَيْسِ بْنِ الْمُنْتَفِقِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَقِيلٍ. فَبَايِعُوا وَأَسْلَمُوا وَبَايَعُوهُ عَلَى مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ فَأَعْطَاهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَقِيقَ عَقِيقَ بَنِي عَقِيلٍ. وَهِيَ أَرْضٌ فِيهَا عُيُونٌ وَنَخْلٌ. وَكَتَبَ لَهُمْ بِذَلِكَ كِتَابًا فِي أَدِيمٍ أَحْمَرَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا مَا أَعْطَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَبِيعًا وَمُطَرَّفًا وَأَنَسًا. أَعْطَاهُمُ الْعَقِيقَ مَا أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَسَمِعُوا وَأَطَاعُوا. وَلَمْ يُعْطِهِمْ حَقًّا لِمُسْلِمٍ. فَكَانَ الْكِتَابُ فِي يَدِ مُطَرِّفٍ. قَالَ: وَوَفَدَ عَلَيْهِ أَيْضًا لَقِيطُ بْنُ عَامِرِ بْنِ عَقِيلٍ وَهُوَ أَبُو رَزِينٍ. فَأَعْطَاهُ مَاءً يُقَالُ لَهُ النَّظِيمُ وَبَايَعَهُ عَلَى قَوْمِهِ. قَالَ: وَقَدِمَ عَلَيْهِ أَبُو حَرْبِ بْنُ خُوَيْلِدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَقِيلٍ. فَقَرَأَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقُرْآنَ وَعَرَضَ عَلَيْهِ الإِسْلامَ. فَقَالَ: أَمَا وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ لَقِيتَ اللَّهَ أَوْ لَقِيتَ مَنْ لَقِيَهُ. وَإِنَّكَ لَتَقُولُ قَوْلا لا نُحْسِنُ مِثْلَهُ. وَلَكِنِّي سَوْفَ أَضْرِبُ بِقِدَاحِي هَذِهِ عَلَى مَا تَدْعُونِي إِلَيْهِ وَعَلَى دِينِي الَّذِي أَنَا عَلَيْهِ. وَضَرَبَ بِالْقِدَاحِ فَخَرَجَ عَلَيْهِ سَهْمُ الْكُفْرِ ثُمَّ أَعَادَهُ فَخَرَجَ عَلَيْهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. فقال لرسول الله. ص: أَبَى هَذَا إِلا مَا تَرَى. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَخِيهِ عِقَالِ بْنِ خُوَيْلِدٍ فَقَالَ لَهُ: قَلَّ خَيْسُكَ! هَلْ لَكَ فِي مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَدْعُو إِلَى دِينِ الإِسْلامِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَقَدْ أَعْطَانِي الْعَقِيقَ إِنْ أَنَا أَسْلَمْتُ؟ فَقَالَ لَهُ عِقَالٌ: أَنَا وَاللَّهِ أُخِطُّكَ أَكْثَرَ مِمَّا يُخِطُّكَ مُحَمَّدٌ! ثُمَّ رَكِبَ فَرَسَهُ وَجَرَّ رُمْحَهُ عَلَى أَسْفَلِ الْعَقِيقِ فَأَخَذَ أَسْفَلَهُ وَمَا فِيهِ مِنْ عَيْنٍ. ثُمَّ إِنَّ عِقَالا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فَعَرَضَ عَلَيْهِ الإِسْلامَ وَجَعَلَ يَقُولُ لَهُ: [أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّ هُبَيْرَةَ بْنَ النُّفَاضَةِ نِعْمَ الْفَارِسُ يَوْمَ قَرْنَيْ لَبَانٍ. ثُمَّ قَالَ: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ الصَّرِيحَ تَحْتَ الرَّغْوَةِ. ثُمَّ قَالَ لَهُ الثَّالِثَةَ: أَتَشْهَدُ؟] قَالَ: فَشَهِدَ وَأَسْلَمَ. قَالَ: وَابْنُ النُّفَاضَةِ هُبَيْرَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عُبَادَةِ بْنِ عَقِيلٍ. وَمُعَاوِيَةُ هُوَ فَارِسُ الْهَرَّارِ. وَالْهَرَّارُ اسْمُ فَرَسِهِ. وَلَبَانٌ هُوَ مَوْضِعٌ. خَيْسُكَ خَيْرُكَ. قَالُوا: وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحُصَيْنُ بْنُ الْمُعَلَّى بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَقِيلٍ وَذُو الْجَوْشَنِ الضِّبَابِيُّ فَأَسْلَمَا.
وَفْدُ جَعْدَةَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَقِيلٍ قَالَ: وفد إلى رسول الله.
ص. الرُّقَادُ بْنُ عَمْرِو بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ جَعْدَةَ بْنِ كَعْبٍ. وَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْفَلْجِ ضَيْعَةٍ وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا. وهو عندهم.(1/230)
وَفْدُ قُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَقِيلٍ. وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ قَالا: وَفَدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - نَفَرٌ مِنْ قُشَيْرٍ. فِيهِمْ ثَوْرُ بْنُ عُرْوَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ قُشَيْرٍ فَأَسْلَمَ. فَأَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطِيعَةً وَكَتَبَ لَهُ بِهَا كِتَابًا.
وَمِنْهُمْ حَيْدَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُشَيْرٍ. وَذَلِكَ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَبَعْدَ حُنَيْنٍ. وَمِنْهُمْ قُرَّةُ بْنُ هُبَيْرَةَ بْنِ سَلَمَةَ الْخَيْرِ بْنِ قُشَيْرٍ فَأَسْلَمَ. فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَسَاهُ بُرْدًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى قَوْمِهِ. أَيْ يَلِي الصَّدَقَةَ. فَقَالَ قُرَّةُ حِينَ رَجَعَ:
حَبَاهَا رَسُولُ اللَّهِ إِذْ نَزَلَتْ بِهِ ... وَأَمْكَنَهَا مِنْ نَائِلٍ غَيْرِ مُنْفَدِ
فَأَضْحَتْ بِرُوضِ الْخَضِرِ وَهِيَ حَثِيثَةٌ ... وَقَدْ أَنْجَحَتْ حَاجَاتِهَا مِنْ مُحَمَّدِ
عَلَيْهَا فَتًى لا يُرْدِفُ الذَّمَّ رَحْلَهُ ... تَرُوكٌ لأَمْرِ الْعَاجِزِ الْمُتَرَدِّدِ
وَفْدُ بَنِي الْبَكَّاءِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْبَكَّائِيِّ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحْرِزُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ الْجَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْبَكَّائِيِّ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالا: وَفَدَ مِنْ بَنِي الْبَكَّاءِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَةَ تِسْعٍ ثَلاثَةُ نَفَرٍ: مُعَاوِيَةُ بْنُ ثَوْرِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الْبَكَّاءِ. وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ مِائَةِ سَنَةٍ. وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ بِشْرٌ. وَالْفُجَيْعُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَنْدَحِ بْنِ الْبَكَّاءِ. وَمَعَهُمْ عَبْدُ عَمْرٍو الْبَكَّائِيِّ. وَهُوَ الأَصَمُّ. فَأَمَرَ لهم رسول الله.
ص. بِمَنْزِلٍ وَضِيَافَةٍ. وَأَجَازَهُمْ وَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ. وَقَالَ معاوية للنبي. ص: إِنِّي أَتَبَرَّكُ بِمَسِّكَ. وَقَدْ كَبِرْتُ وَابْنِي هَذَا بَرٌّ بِي فَامْسَحْ وَجْهَهُ. فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَجْهَ بِشْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَأَعْطَاهُ أَعْنُزًا عُفْرًا وَبَرَّكَ عَلَيْهِنَّ. قَالُ الْجَعْدُ: فَالسَّنَةُ رُبَّمَا أَصَابَتْ بَنِي الْبَكَّاءِ وَلا تُصِيبُهُمْ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ ثَوْرِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الْبَكَّاءِ:
وَأَبِي الَّذِي مَسَحَ الرَّسُولُ بِرَأْسِهِ ... وَدَعَا لَهُ بِالْخَيْرِ وَالْبَرَكَاتِ
أَعْطَاهُ أَحْمَدُ إِذْ أَتَاهُ أَعْنُزًا ... عُفْرًا نَوَاجِلَ لَيْسَ بِاللِّجِبَاتِ
يَمْلآنِ وَفْدَ الْحَيِّ كُلَّ عَشِيَّةٍ ... وَيَعُودُ ذَاكَ الْمِلْءُ بِالْغَدَوَاتِ
بُورِكْنَ مِنْ مَنْحٍ وَبُورِكَ مَانِحًا ... وَعَلَيْهِ مِنِّي مَا حَيِيتُ صلاتي(1/231)
أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْفُجَيْعِ كِتَابًا: مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ لِلْفُجَيْعِ وَمَنْ تَبِعَهُ وَأَسْلَمَ وَأَقَامَ الصَّلاةَ. وَآتَى الزَّكَاةَ. وَأَعْطَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَأَعْطَى مِنَ الْمَغَانِمِ خُمُسَ اللَّهِ. وَنَصَرَ النَّبِيَّ وَأَصْحَابَهُ. وَأَشْهَدَ عَلَى إِسْلامِهِ. وَفَارَقَ الْمُشْرِكِينَ. فَإِنَّهُ آمِنٌ بِأَمَانِ اللَّهِ وَأَمَانِ مُحَمَّدٍ. قَالَ هِشَامٌ: وَسَمَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ عَمْرٍو الأَصَمَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَكَتَبَ لَهُ بِمَائِهِ الَّذِي أَسْلَمَ عَلَيْهِ ذِي الْقَصَّةِ. وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ أَصْحَابِ الظُّلَّةِ. يَعْنِي الصُّفَّةَ صُفَّةَ الْمَسْجِدِ.
وَفْدُ كِنَانَةَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ مُجَاهِدٍ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَعِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ عن عَاصِمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَتَادَةَ وَعَنْ يَزِيدَ بن عياض بن جعدبة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ وَعَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلابَةَ. فِي رِجَالٍ آخَرِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِيمَا ذَكَرُوا مِنْ وُفُودِ الْعَرَبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: وَفَدَ وَاثِلَةُ بْنُ الأَسْقَعِ اللَّيْثِيُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَجَهَّزُ إِلَى تَبُوكَ فَصَلَّى مَعَهُ الصُّبْحَ. فَقَالَ لَهُ: [مَا أَنْتَ وَمَا جَاءَ بِكَ وَمَا حَاجَتُكَ؟ فَأَخْبَرَهُ عَنْ نَسَبِهِ وَقَالَ: أتيتك لأؤمن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ. قَالَ: فَبَايِعْ عَلَى مَا أَحْبَبْتُ وَكَرِهْتُ] . فَبَايَعَهُ وَرَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَأَخْبَرَهُمْ. فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ: وَاللَّهِ لا أُكَلِّمُكَ كَلِمَةً أَبَدًا. وَسَمِعَتْ أُخْتُهُ كَلامَهُ فَأَسْلَمَتْ وَجَهَّزَتْهُ. فَخَرَجَ رَاجِعًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدَهُ قَدْ صَارَ إِلَى تَبُوكَ. فَقَالَ: مَنْ يَحْمِلُنِي عَقِبَهُ وَلَهُ سَهْمِي؟ فَحَمَلَهُ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ حَتَّى لَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَهِدَ مَعَهُ تَبُوكَ. وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدِرَ. فَغَنِمَ فَجَاءَ بِسَهْمِهِ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ. فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ وَسَوَّغَهُ إِيَّاهُ وَقَالَ: إِنَّمَا حَمَلْتُكَ لِلَّهِ.
وفد بني عبد بن عدي
قالوا: وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وفد بني عبد بن عدي. وفيهم الحارث بن أُهبان وعُويمر بن الأخرم وحبيب وربيعة ابنا مُلة ومعهم رهط من قومهم. فقالوا: يا محمد نحن أهل الحرم وساكنه وأعز من به ونحن لا نريد قتالك. ولو قاتلت غير قريش(1/232)
قاتلنا معك ولكنا لا نقاتل قريشًا. وإنا لنحبك ومن أنت منه. فإن أصبت منا أحدًا خطأ فعليك ديته. وإن أصبنا أحدًا من أصحابك فعلينا ديته. [فقال: نعم. فأسلموا.]
وفد أشجع
قالوا: وقدمت أشجع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الخندق. وهم مائة رأسهم مسعود بن رخيلة. فنزلوا شعب سلع. فخرج إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأمر لهم بأحمال التمر. فقالوا: يا محمد لا نعلم أحدًا من قومنا أقرب دارا منك منا. ولا أقل عددًا. وقد ضقنا بحربك وبحرب قومك. فجئنا نوادعك. فوادعهم. ويقال بل قدمت أشجع بعد ما فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من بني قريظة. وهم سبعمائة. فوادعهم ثم أسلموا بعد ذلك.
وفد باهلة
قالوا: وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - مطرف بن الكاهن الباهلي بعد الفتح وافدًا لقومه فأسلم وأخذ لقومه أمانًا. وكتب له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابا فيه فرائض الصدقات. ثم قدم نهشل بن مالك الوائلي من باهلة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وافدًا لقومه فأسلم. وكتب له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولمن أسلم من قومه كتابًا فيه شرائع الإسلام. وكتبه عثمان بن عفان. رضي الله عنه.
وفد سليم
قالوا: وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - رجل من بني سُليم يقال له قيس بن نسيبة.
فسمع كلامه وسأله عن أشياء فأجابه ووعى ذلك كله. وَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الإسلام فأسلم. ورجع إلى قومه بني سليم فقال: قد سمعت ترجمة الروم. وهينمه فارس. وأشعار العرب. وكهانة الكاهن. وكلام مقاول حمير. فما يشبه كلام محمد شيئًا من كلامهم. فأطيعوني وخذوا بنصيبكم منه. فلما كان عام الفتح خرجت بنو سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فلقوه بقديد وهم تسعمائة. ويقال كانوا ألفا. فيهم العباس بن مرداس وأنس بن عياض بن رعل وراشد بن عبد ربه. فأسلموا وقالوا:(1/233)
اجعلنا في مقدمتك. واجعل لواءنا أحمر. وشعارنا مقدم. ففعل ذلك بهم. فشهدوا معه الفتح والطائف وحُنينًا.
وَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - راشد بن عبد ربه رهاطًا وفيها عين يقال لها عين الرسول. وكان راشد يسدن صنمًا لبني سليم. فرأي يومًا ثعلبين يبولان عليه فقال:
أرب يبول الثعلبان برأسه! ... لقد ذل من بالت عليه الثعالب
[ثم شد عليه فكسره. ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ له: ما أسمك؟ قال:
غاوي بن عبد العزي. قال: أنت راشد بن عبد ربه. فاسلم وحسن أسلامه وشهد الفتح مع النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: خير قري عربية خيبر. وخير بني سليم راشد. وعقد له على قومه] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ مِنْ بَنِي الشَّرِيدِ قَالَ: وَفَدَ رَجُلٌ مِنَّا يُقَالُ لَهُ قِدْرُ بْنُ عَمَّارٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ فَأَسْلَمَ وَعَاهَدَهُ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِأَلْفٍ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى الْخَيْلِ وَأَنْشَدَ يَقُولُ:
شَدَدْتُ يَمِينِي إِذْ أَتَيْتُ مُحَمَّدًا ... بِخَيْرِ يَدٍ شُدَّتْ بِحُجْزَةِ مِئْزَرِ
وَذَاكَ امْرُؤٌ قَاسَمْتُهُ نِصْفَ دِينِهِ ... وَأَعْطَيْتُهُ أَلْفَ امْرِئٍ غَيْرَ أَعْسَرِ
ثُمَّ أَتَى إِلَى قَوْمِهِ فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ فَخَرَجَ مَعَهُ تِسْعُمِائَةٍ وَخَلَّفَ فِي الْحَيِّ مِائَةً.
فَأَقْبَلَ بِهِمْ يُرِيدُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ. فَأَوْصَى إِلَى ثَلاثَةِ رَهْطٍ مِنْ قَوْمِهِ إِلَى الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ وَأَمَّرَهُ عَلَى ثَلاثِمِائَةٍ. وَإِلَى جَبَّارِ بْنِ الْحَكَمِ. وَهُوَ الْفَرَّارُ الشَّرِيدِيُّ.
وَأَمَّرَهُ عَلَى ثَلاثِمِائَةٍ. وَإِلَى الأَخْنَسِ بْنِ يَزِيدَ وَأَمَّرَهُ عَلَى ثَلاثِمِائَةٍ. وَقَالَ: ائْتُوا هَذَا الرَّجُلَ حَتَّى تَقْضُوا الْعَهْدَ الَّذِي فِي عُنُقِي. ثُمَّ مَاتَ. فَمَضَوْا حَتَّى قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[فَقَالَ: أَيْنَ الرَّجُلُ الْحَسَنُ الْوَجْهِ الطَّوِيلُ اللِّسَانِ الصَّادِقُ الإِيمَانِ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعَاهُ اللَّهُ فَأَجَابَهُ. وَأَخْبَرُوهُ خَبَرَهُ. فَقَالَ: أَيْنَ تَكْمِلَةُ الأَلْفِ الَّذِينَ عَاهَدَنِي عَلَيْهِمْ؟ قَالُوا: قَدْ خَلَّفَ مِائَةً بِالْحَيِّ مَخَافَةَ حَرْبٍ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَنِي كِنَانَةَ. قَالَ: ابْعَثُوا إِلَيْهَا فَإِنَّهُ لا يَأْتِيكُمْ فِي عَامِكُمْ هَذَا شَيْءٌ تَكْرَهُونَهُ فَبَعَثُوا إِلَيْهَا فَأَتَتْهُ بِالْهَدَّةِ وَهِيَ مِائَةٌ عَلَيْهَا الْمُنَقَّعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَمَلِ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ بَهْثَةَ بْنِ سُلَيْمٍ. فَلَمَّا سَمِعُوا وَئِيدَ الْخَيْلِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُتِينَا. قَالَ: لا بَلْ لَكُمْ لا عَلَيْكُمْ. هَذِهِ سُلَيْمُ بْنُ مَنْصُورٍ قَدْ جَاءَتْ!] فَشَهِدُوا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْفَتْحَ وحنينا.(1/234)
وَلِلْمُنَقَّعِ يَقُولُ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ الْقَائِدُ:
الْقَائِدُ الْمِائَةَ الَّتِي وَفَّى بِهَا ... تِسْعَ الْمِئِينَ فَتَمَّ أَلْفٌ أَقْرَعُ
وَفْدُ هِلالِ بْنِ عَامِر
[قال: رجع الحديث إلى حديث على بن محمد القرشي. قالوا: وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - نفر من بني هلال فيهم عبد عوف بن أصرم بن عمرو بن شعيبة بن الهزم من رؤيبة فسأله عن أسمه فأخبره فقال: أنت عبد الله] . وأسلم. فقال رجل من ولده:
جدي الذي اختارت هوازن كلها ... إلى النبي عبد عوف وافدا
[ومنهم قبيصة بن المخارق قال: يا رسول الله إني حملت عن قومي حمالة فأعني فيها. قال: هي لك في الصدقات إذا جاءت] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ. أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ كِلابٍ الْجَعْفَرِيُّ عَنْ أَشْيَاخٍ لِبَنِي عَامِرٍ قَالُوا: وَفَدَ زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ بُجَيْرِ بْنِ الْهُزَمِ بْنِ رُؤَيْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلالِ بْنِ عَامِرٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا دَخَلَ الْمَدِينَةَ تَوَجَّهَ إِلَى مَنْزِلِ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ خَالَةُ زِيَادٍ أُمَّهُ غُرَّةَ بِنْتِ الْحَارِثِ. وَهُوَ يَوْمَئِذٍ شَابٌّ.
فَدَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عِنْدَهَا. فَلَمَّا أَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَضِبَ فَرَجَعَ. فَقَالَتْ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا ابْنُ أُخْتِي! فَدَخَلَ إِلَيْهَا ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ وَمَعَهُ زِيَادٌ فَصَلَّى الظُّهْرَ. ثُمَّ أَدْنَى زِيَادًا فَدَعَا لَهُ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ حَدَرَهَا عَلَى طَرَفِ أَنْفِهِ.
فَكَانَتْ بَنُو هِلالٍ تَقُولُ: مَا زِلْنَا نَتَعَرَّفُ الْبَرَكَةَ فِي وَجْهِ زِيَادٍ. وَقَالَ الشَّاعِرُ لِعَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ:
يَا ابْنَ الَّذِي مَسَحَ النَّبِيُّ بِرَأْسِهِ ... وَدَعَا لَهُ بِالْخَيْرِ عِنْدَ الْمَسْجِدِ
أعني زيادا لا أريد سواءه ... من عائر أَوْ مُتْهِمٍ أَوْ مُنْجِدِ
مَا زَالَ ذَاكَ النُّورُ فِي عِرْنِينِهِ ... حَتَّى تَبَوَّأَ بَيْتَهُ فِي الْمُلْحَدِ
وَفْدُ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ
قَالَ: ثُمَّ رجع الحديث إلى مُحَمَّد بْن عَلِيّ الْقُرَشِيّ. قَالُوا: وقدم عامر بْن(1/235)
الطفيل بْن مالك بْن جَعْفَر بْن كلاب وأربد بْن ربيعة بْن مالك بْن جَعْفَر عَلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ عامر: يا مُحَمَّد ما لي إن أسلمت؟ [فَقَالَ: لك ما للمسلمين وعليك ما عَلَى المسلمين. قَالَ: أتجعل لي الأمر مِن بعدك؟ قَالَ: لَيْسَ ذاك لك ولا لقومك. قَالَ: أفتجعل لي الوبر ولك المدر؟ قَالَ: لا ولكني أجعل لك أعنة الخيل فإنك امرؤ فارس. قَالَ: أوليست لي؟ لأملأنها عليك خيلًا ورجالًا! ثُمَّ وليا. فَقَالَ رَسُول الله. ص: اللهم اكفنيهما. اللهم واهد بني عامر وأغن الْإِسْلَام عَن عامر. يعني ابن الطفيل. فسلط اللَّه. تبارك وتعالى. عَلَى عامر داء فِي رقبته فاندلع لسانه فِي حنجرته كضرع الشاه فمال إلى بيت امْرَأَة مِن بني سلول وَقَالَ: غدة كغدة البكر وموت فِي بيت سلولية. وأرسل اللَّه عَلَى أربد صاعقة فقتلته. فبكاه لبيد بْن ربيعة. وكان فِي ذَلِكَ الوفد عَبْد اللَّه الشخير أَبُو مطرف فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ أَنْتَ سَيِّدُنَا وَذُو الطَّوْلِ علينا.
فَقَالَ: السيد اللَّه لا يستهوينكم الشيطان] .
قالوا: وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علقمة بْن علاثة بْن عوف بْن الأحوص بْن جَعْفَر بْن كلاب وهوذة بْن خالد بْن ربيعة وابنه. وكان عُمَر جالسا إلى جنب رسول الله.
[ص. فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ: أوسع لعلقمة. فأوسع لَهُ. فجلس إلى جنبه. فقص عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شرائع الْإِسْلَام وقرأ عَلَيْهِ قرآنا. فَقَالَ: يا مُحَمَّد إن ربك لكريم وقد آمنت بك وبايعت عَلَى عكرمة بْن خصفة أخي قيس. وأسلم هوذة وابنه وابن أخيه وبايع هوذة عَلَى عكرمة أيضا] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْعَبْدِيِّ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ بَنِي عَامِرٍ وَكُنْتُ مَعَهُمْ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَجَدْنَاهُ بِالأَبْطَحِ فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ [فَقَالَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قُلْنَا:
بَنُو عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ. قَالَ: مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْكُمْ] . وَحَضَرَتِ الصَّلاةُ فَقَامَ بِلالٌ فَأَذَّنَ وَجَعَلَ يَسْتَدِيرُ فِي أَذَانِهِ. ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِنَاءٍ فِيهِ فَتَوَضَّأَ وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ مِنْ وَضُوئِهِ فَجَعَلْنَا لا نألو أَنْ نَتَوَضَّأَ مِمَّا بَقِيَ مِنْ وَضُوئِهِ. ثُمَّ أَقَامَ بِلالٌ الصَّلاةَ فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ حَضَرَتِ الْعَصْرُ فَقَامَ بِلالٌ فَأَذَّنَ فَجَعَلَ يَسْتَدِيرُ فِي أَذَانِهِ. فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ.(1/236)
وَفْدُ ثَقِيفٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيِّ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ قَالَ: لَمْ يَحْضُرْ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ وَلا غَيْلانُ بْنُ سَلَمَةَ حِصَارَ الطَّائِفِ. كَانَا بِجُرَشَ يَتَعَلَّمَانِ صَنْعَةَ الْعَرَّادَاتِ وَالْمَنْجَنِيقِ والدبابات فقدما وقد انصرف رسول الله.
ص. عَنِ الطَّائِفِ فَنَصَبَا الْمَنْجَنِيقَ وَالْعَرَّادَاتِ وَالدَّبَّابَاتِ وَأَعَدَّا لِلْقِتَالِ. ثُمَّ أَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِ عُرْوَةَ الإِسْلامَ وَغَيَّرَهُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ فَخَرَجَ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلم. ثُمَّ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخُرُوجِ إِلَى قَوْمِهِ لِيَدْعُوَهُمْ إِلَى الإِسْلامِ فَقَالَ: [إِنَّهُمْ إِذًا قَاتِلُوكَ. قَالَ: لأَنَا أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَبْكَارِ أَوْلادِهِمْ. ثُمَّ اسْتَأْذَنَهُ الثَّانِيَةَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ فَاخْرُجْ] . فَخَرَجَ فَسَارَ إِلَى الطَّائِفِ خَمْسًا فَقَدِمَ عِشَاءً فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَجَاءَ قَوْمُهُ فَحَيُّوهُ بِتَحِيَّةِ الشِّرْكِ. فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِتَحِيَّةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ السَّلامِ. وَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلامِ. فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ يَأْتَمِرُونَ بِهِ. فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ أَوْفَى عَلَى غُرْفَةٍ لَهُ فَأَذَّنَ بِالصَّلاةِ فَخَرَجَتْ ثَقِيفٌ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ. فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَالِكٍ يُقَالُ لَهُ أَوْسُ بْنُ عَوْفٍ فَأَصَابَ أَكْحُلَهُ فَلَمْ يَرْقَأْ دَمُهُ. وَقَامَ غَيْلانُ بْنُ سَلَمَةَ وَكِنَانَةُ بْنُ عَبْدِ يَالِيلَ وَالْحَكَمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ وَوُجُوهُ الأَحْلافِ فَلَبِسُوا السِّلاحَ وَحَشَدُوا. فَلَمَّا رَأَى عُرْوَةُ ذَلِكَ قَالَ:
قَدْ تَصَدَّقْتُ بِدَمِي عَلَى صَاحِبِهِ لأُصْلِحَ بِذَاكَ بَيْنَكُمْ. وَهِيَ كَرَامَةٌ أَكْرَمَنِي اللَّهُ بِهَا وَشَهَادَةٌ سَاقَهَا اللَّهُ إِلَيَّ. وَقَالَ: ادْفُنُونِي مَعَ الشُّهَدَاءِ الَّذِينَ قُتِلُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَمَاتَ فَدَفَنُوهُ مَعَهُمْ. وَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَبَرُهُ [فَقَالَ: مَثَلُهُ كَمَثَلِ صَاحِبِ يَاسِينَ دَعَا قَوْمَهُ إِلَى اللَّهِ فَقَتَلُوهُ] . وَلَحِقَ أَبُو الْمَلِيحِ بْنُ عُرْوَةَ وَقَارَبُ بْنُ الأَسْوَدِ بْنِ مَسْعُودٍ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمَا. وسأل رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالا: تَرَكْنَاهُ بِالطَّائِفِ. فَقَالَ: [خَبِّرُوهُ أَنَّهُ إِنْ أَتَانِي مُسْلِمًا رَدَدْتُ إِلَيْهِ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَأَعْطَيْتَهُ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ] . فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ. وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَكْفِيكَ ثَقِيفًا أَغِيرُ عَلَى سَرْحِهِمْ حَتَّى يَأْتُوكَ مُسْلِمَيْنِ. فَاسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِهِ وَالْقَبَائِلِ. فَكَانَ يُغِيرُ عَلَى سَرْحِ ثَقِيفٍ وَيُقَاتِلُهُمْ. فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ ثَقِيفٌ مَشَوْا إِلَى عَبْدِ يَالِيلَ وَاتَّمَرُوا بَيْنَهُمْ أَنْ يَبْعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَرًا مِنْهُمْ وَفْدًا.
فَخَرَجَ عَبْدُ يَالِيلَ وَابْنَاهُ كِنَانَةُ وَرَبِيعَةُ وَشُرَحْبِيلُ بْنُ غَيْلانَ بْنِ سَلَمَةَ وَالْحَكَمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ وَهْبِ بْنِ مُعَتِّبٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ وَأَوْسُ بْنُ عَوْفٍ وَنُمَيْرُ بْنُ خَرَشَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَسَارُوا فِي سَبْعِينَ رَجُلا وَهَؤُلاءِ السِّتَّةُ رُؤَسَاؤُهُمْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانُوا جَمِيعًا بضعة(1/237)
عَشَرَ رَجُلا. وَهُوَ أَثْبَتُ. قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: إِنِّي لَفِي رِكَابِ الْمُسْلِمِينَ بِذِي حُرُضٍ. فَإِذَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ تَلَقَّانِي يَسْتَخْبِرُنِي. فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ خَرَجْتُ أَشْتَدُّ أُبَشِّرُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقُدُومِهِمْ. فَأَلْقَى أَبَا بكر الصديق. رضي الله عَنْهُ. فَأَخْبَرْتُهُ بِقُدُومِهِمْ. فَقَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لا تَسْبِقْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَبَرِهِمْ! فَدَخَلَ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسُرَّ بِمَقْدِمِهِمْ. وَنَزَلَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِنَ الأَحْلافِ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَأَكْرَمَهُمْ. وَضَرَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ كَانَ فِيهِمْ مِنْ بَنِي مَالِكٍ قُبَّةً فِي الْمَسْجِدِ. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْتِيهِمْ كُلَّ لَيْلَةٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ فَيَقِفُ عَلَيْهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ حَتَّى يُرَاوِحَ بَيْنَ قَدَمَيْهِ. وَيَشْكُو قُرَيْشًا وَيُذْكُرُ الْحَرْبَ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ. ثُمَّ قَاضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَقِيفًا عَلَى قَضِيَّةٍ. وَعُلِّمُوا الْقُرْآنَ. وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ. وَاسْتَعْفَتْ ثَقِيفٌ مِنْ هَدْمِ اللاتِ وَالْعُزَّى فَأَعْفَاهُمْ. قَالَ الْمُغِيرَةُ: فَكُنْتُ أَنَا هَدَمْتُهَا. قَالَ الْمُغِيرَةُ: فَدَخَلُوا فِي الإِسْلامِ فَلا أَعْلَمُ قَوْمًا مِنَ الْعَرَبِ بَنِي أَبٍ وَلا قَبِيلَةً كَانُوا أَصَحَّ إِسْلامًا وَلا أَبْعَدَ أَنْ يُوجَدَ فِيهِمْ غِشٌّ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ مِنْهُمْ.
وُفُودُ رَبِيعَةَ- عَبْدِ الْقَيْسِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي قُدَامَةُ بْنُ مُوسَى عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُمَّانَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالا: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ عِشْرُونَ رَجُلا مِنْهُمْ.
فَقَدِمَ عَلَيْهِ عِشْرُونَ رَجُلا رَأْسُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ الأَشَجُّ. وَفِيهِمُ الْجَارُودُ وَمُنْقِذُ بْنُ حَيَّانَ. وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ الأَشَجِّ. وَكَانَ قُدُومُهُمْ عَامَ الْفَتْحِ. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَؤُلاءِ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ. قَالَ: [مَرْحَبًا بِهِمْ نِعْمَ الْقَوْمُ عَبْدُ الْقَيْسِ! قَالَ: وَنَظَرَ رسول الله.
ص. إِلَى الأُفُقِ صَبِيحَةَ لَيْلَةَ قَدِمُوا وَقَالَ: لَيَأْتِيَنَّ رَكْبٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يُكْرَهُوا عَلَى الإِسْلامِ قَدْ أَنْضُوا الرِّكَابَ وَأَفْنُوا الزَّادَ. بِصَاحِبِهِمْ عَلامَةٌ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ الْقَيْسِ أَتَوْنِي لا يَسْأَلُونِي مالا هم خير أهل المشرق. قال: فجاؤوا في ثيابهم ورسول الله.
ص. فِي الْمَسْجِدِ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ. وَسَأَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ. ص: أَيُّكُمْ عَبْدُ اللَّهِ الأَشَجُّ! قَالَ: أَنَا يَا رسول الله. وَكَانَ رَجُلا دَمِيمًا. فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنَّهُ لا يُسْتَسْقَى فِي مُسُوكِ الرِّجَالِ إِنَّمَا يُحْتَاجُ مِنَ الرَّجُلِ إِلَى أَصْغَرَيْهِ لِسَانِهِ وَقَلْبِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: فِيكَ خَصْلَتَانِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَمَا هُمَا؟ قَالَ: الْحِلْمُ(1/238)
وَالأَنَاةُ. قَالَ: أَشَيْءٌ حَدَثَ أَمْ جُبِلْتُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: بَلْ جُبِلْتَ عَلَيْهِ] . وَكَانَ الْجَارُودُ نَصْرَانِيًّا فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الإِسْلامِ فَأَسْلَمَ. فَحَسُنَ إِسْلامُهُ. وَأَنْزَلَ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ فِي دَارِ رَمْلَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ. وَأَجْرَى عَلَيْهِمْ ضِيَافَةً. وَأَقَامُوا عَشَرَةَ أَيَّامٍ.
وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ الأَشَجُّ يُسَائِلُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْفِقْهِ وَالْقُرْآنِ. وَأَمَرَ لهم بِجَوَائِزَ.
وَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ الأَشَجَّ فَأَعْطَاهُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا. وَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَجْهَ مُنْقِذِ بْنِ حَيَّانَ. وفد بَكْر بْن وائل
قَالَ: ثم رجع الحديث إلى حديث محمد بن عَلِيّ الْقُرَشِيّ بإسناده الأول.
قَالُوا: وقدم وفد بَكْر بْن وائل عَلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ رَجُل منهم: هَل تعرف قس بْن ساعدة؟ [فَقَالَ رَسُول الله. ص: لَيْسَ هُوَ منكم هذا رَجُل مِن إياد تحنف فِي الجاهلية فوافى عكاظ والناس مجتمعون فيكلمهم بكلامه الَّذِي حفظ عَنْهُ] . وكان فِي الوفد بشير بْن الخصاصية. وَعَبْد اللَّه بْن مرثد. وحسان بْن حوط. وَقَالَ رَجُل مِن وُلِدَ حسان:
أَنَا ابن حسان بْن حوط وَأَبِي ... رسول بَكْر كلها إلى النَّبِيّ
قَالُوا: وقدم معهم عَبْد اللَّه بْن أسود بْن شهاب بْن عوف بْن عَمْرو بْن الحارث بن سدوس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان ينزل اليمامة. فباع ما كَانَ لَهُ مِن مال باليمامة وهاجر وَقَدِمَ عَلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بجراب مِن تمر فدعا لَهُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالبركة.
وَفْدُ تَغْلِبَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي سبرة عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ - وَفْدُ بَنِي تَغْلِبَ سِتَّةَ عَشَرَ رَجُلا مُسْلِمِينَ وَنَصَارَى عَلَيْهِمْ صُلُبُ الذَّهَبِ. فَنَزَلُوا دَارَ رَمْلَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ.
فَصَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّصَارَى عَلَى أَنْ يُقِرَّهُمْ عَلَى دِينِهِمْ عَلَى أَنْ لا يُصْبِغُوا أَوْلادَهُمْ فِي النَّصْرَانِيَّةِ. وَأَجَازَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ بِجَوَائِزِهِمْ.(1/239)
وَفْدُ حَنِيفَةَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ يزيد بن رومان. قال محمد بن سعد: وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ عَنْ مَنْ سَمَّى مِنْ رِجَالِهِ قَالُوا: قَدِمَ وَفْدُ بَنِي حَنِيفَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَضْعَةَ عَشَرَ رَجُلا. فِيهِمْ رَحَّالُ بْنُ عُنْفُوَةَ وَسَلْمَى بْنُ حَنْظَلَةَ السُّحَيْمِيُّ. وَطَلْقُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ قَيْسٍ. وَحُمْرَانُ بْنُ جَابِرٍ مِنْ بَنِي شَمِرٍ. وَعَلِيُّ بْنُ سِنَانٍ. وَالأَقْعَسُ بْنُ مَسْلَمَةَ. وَزَيْدُ بْنُ عَبْدِ عَمْرٍو.
وَمُسَيْلَمَةُ بْنُ حَبِيبٍ. وَعَلَى الْوَفْدِ سَلْمَى بْنُ حَنْظَلَةَ. فَأُنْزِلُوا دَارَ رَمْلَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ.
وَأُجْرِيَتْ عَلَيْهِمْ ضِيَافَةٌ. فَكَانُوا يُؤْتَوْنَ بِغَدَاءٍ وَعَشَاءٍ مَرَّةً خُبْزًا وَلَحْمًا وَمَرَّةً خُبْزًا وَلَبَنًا وَمَرَّةً خُبْزًا وَسَمْنًا وَمَرَّةً تَمْرًا نُثِرَ لَهُمْ. فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَشَهِدُوا شَهَادَةَ الْحَقِّ. وَخَلَّفُوا مُسَيْلِمَةَ فِي رِحْلِهِمْ. وَأَقَامُوا أَيَّامًا يَخْتَلِفُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ رَحَّالُ بْنُ عُنْفُوَةَ يَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ مِنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. فَلَمَّا أَرَادُوا الرُّجُوعَ إِلَى بِلادِهِمْ أَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجَوَائِزِهِمْ خَمْسُ أواق لكل رَجُلٍ.
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا خَلَّفْنَا صَاحِبًا لَنَا فِي رِحَالِنَا يُبْصِرُهَا لَنَا. وَفِي رِكَابِنَا يَحْفَظُهَا عَلَيْنَا. فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[بِمِثْلِ مَا أَمَرَ بِهِ لأَصْحَابِهِ وَقَالَ: لَيْسَ بِشَرِّكُمْ مَكَانًا لِحِفْظِهِ رِكَابَكُمْ وَرِحَالَكُمْ] . فَقِيلَ ذَلِكَ لمُسَيْلِمَةَ. فَقَالَ: عَرَفَ أَنَّ الأَمْرَ إِلَيَّ مِنْ بَعْدِهِ.
وَرَجَعُوا إِلَى الْيَمَامَةِ وَأَعْطَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ فِيهَا فَضْلُ طَهُورٍ. فَقَالَ:
إِذَا قَدِمْتُمْ بَلَدَكُمْ فَاكْسِرُوا بِيعَتَكُمْ وَأَنْضَحُوا مَكَانَهَا بِهَذَا الْمَاءِ وَاتَّخِذُوا مَكَانَهَا مَسْجِدًا.
فَفَعَلُوا. وَصَارَتِ الإِدَاوَةُ عِنْدَ الأَقْعَسِ بْنِ مَسْلَمَةَ. وَصَارَ الْمُؤَذِّنُ طَلْقُ بْنُ عَلِيٍّ. فَأَذَّنَ فَسَمِعَهُ رَاهِبُ الْبَيْعَةِ فَقَالَ: كَلِمَةُ حَقٍّ. وَدَعْوَةُ حَقٍّ! وَهَرَبَ. فَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ وَادَّعَى مُسَيْلِمَةُ. لَعَنَهُ اللَّهُ. النُّبُوَّةَ. وَشَهِدَ لَهُ الرَّحَّالُ بْنُ عُنْفُوَةَ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أَشْرَكَهُ فِي الأَمْرِ فَافْتَتَنَ النَّاسُ بِهِ.
وَفْدُ شَيْبَانَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَّانَ أَخُو بَنِي كَعْبٍ مِنْ بَلْعَنْبَرَ أَنَّهُ حَدَّثَتْهُ جَدَّتَاهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ عُلَيْبَةَ وَدُحَيْبَةُ بِنْتُ عُلَيْبَةَ حَدَّثَتَاهُ عَنْ حَدِيثِ قَيْلَةَ بِنْتِ مَخْرَمَةَ. وَكَانَتَا رَبِيبَتَيْهَا. وَقَيْلَةُ جَدَّةُ أَبِيهِمَا أُمُّ أُمِّهِ. أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ حَبِيبِ بْنِ أَزْهَرَ أَخِي بَنِي جَنَابٍ. وَأَنَّهَا وَلَدَتْ لَهُ النِّسَاءَ. ثُمَّ تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ الإِسْلامِ فَانْتَزَعَ بَنَاتِهَا مِنْهَا(1/240)
عَمُّهُنَّ أَثْؤُبُ بْنُ أَزْهَرَ. فَخَرَجَتْ تَبْتَغِي الصَّحَابَةَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فِي أَوَّلِ الإِسْلامِ. فَبَكَتْ جُوَيْرِيَةُ مِنْهُنَّ حُدَيْبَاءُ. وَكَانَتْ أَخَذَتْهَا الْفُرْصَةُ. عَلَيْهَا سُبَيِّجٌ مِنْ صُوفٍ. قَالَ: فَذَهَبَتْ بِهَا مَعَهَا. فَبَيْنَا هُمَا تُرْتِكَانِ الجمل إذ انتفجت الأرنب. فقالت الحديباء القصية: وَاللَّهِ لا يَزَالُ كَعْبُكِ أَعْلَى مِنْ كَعْبِ أَثْؤُبَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَبَدًا! ثُمَّ سَنَحَ الثَّعْلَبُ فَسَمَّتْهُ بِاسْمٍ نَسِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَّانَ. ثُمَّ قَالَتْ فِيهِ مِثْلَ مَا قَالَتْ فِي الأَرْنَبِ. فَبَيْنَمَا هُمَا تُرْتِكَانِ الْجَمَلَ إِذْ بَرَكَ الْجَمَلُ. فَأَخَذْتُهُ رِعْدَةٌ. فَقَالَتِ الْحُدَيْبَاءُ: أَدْرَكَتْكِ وَالأَمَانَةِ أَخْذَةُ أَثْؤُبِ. فَقُلْتُ وَاضْطُرِرْتُ إِلَيْهَا: وَيْحَكِ فَمَا أَصْنَعُ؟ فَقَالَتِ:
اقْلِبِي ثِيَابَكِ ظُهُورَهَا لِبُطُونِهَا. وَادَّحْرِجِي ظَهْرَكِ لِبَطْنِكِ. وَاقْلِبِي أَحْلاسَ جَمَلِكِ. ثُمَّ خَلَعْتَ سُبَيِّجَهَا فَقَلَبَتْهُ. ثُمَّ ادَّحْرَجَتْ ظَهْرَهَا لِبَطْنِهَا. فَلَمَّا فَعَلْتُ مَا أَمَرَتْنِي بِهِ انْتَفَضَ الْجَمَلُ ثُمَّ قَامَ فَفَاجَ وَبَالَ. فَقَالَتْ: أَعِيدِي عَلَيْكِ أَدَاتَكِ. فَفَعَلْتُ. ثُمَّ خَرَجْنَا نُرْتِكُ.
فَإِذَا أَثْؤُبُ يَسْعَى وَرَاءَنَا بِالسَّيْفِ صَلْتًا. فَوَأَلْنَا إِلَى حِوَاءٍ ضَخْمٍ. قَدْ أَرَاهُ حِينَ أَلْقَى الْجَمَلَ إِلَى رَوَاقِ الْبَيْتِ الأَوْسَطِ جَمَلا ذَلُولا. وَاقْتَحَمْتُ دَاخِلَهُ وَأَدْرَكَنِي بِالسَّيْفِ.
فَأَصَابَتْ ظُبَتُهُ طَائِفَةً مِنْ قُرُونِي. ثُمَّ قَالَ: أَلْقِي إِلَيَّ بِنْتَ أَخِي يَا دِفَارُ! فَرَمَيْتُ بِهَا إِلَيْهِ فَجَعَلَهَا عَلَى مَنْكَبِهِ فَذَهَبَ بِهَا. وَكَانَتْ أَعْلَمَ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ. وَخَرَجْتُ إِلَى أُخْتٍ لِي نَاكِحٍ فِي بَنِي شَيْبَانَ أَبْتَغِي الصَّحَابَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهَا لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي تَحْسَبُنِي نَائِمَةً إِذْ جَاءَ زَوْجُهَا مِنَ السَّامِرِ فَقَالَ: وَأَبِيكِ لَقَدْ وَجَدْتُ لِقَيْلَةَ صَاحِبَ صَدْقٍ. فَقَالَتْ أُخْتِي: مَنْ هُوَ؟ قَالَ: حُرَيْثُ بْنُ حَسَّانَ الشَّيْبَانِيُّ غَادِيًا. وَافِدَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَا صَبَاحٍ. فَغَدَوْتُ إِلَى جَمَلِي وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قَالا.
فَشَدَدْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ نَشَدْتُ عَنْهُ فَوَجَدْتُهُ غَيْرَ بَعِيدٍ. فَسَأَلْتُهُ الصُّحْبَةَ فَقَالَ: نَعَمْ وَكَرَامَةٌ.
وَرِكَابُهُمْ مُنَاخَةٌ. فَخَرَجْتُ مَعَهُ صَاحِبَ صِدْقٍ. حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ صَلاةَ الْغَدَاةِ. وَقَدْ أُقِيمَتْ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ وَالنُّجُومُ شَابِكَةٌ فِي السَّمَاءِ.
وَالرِّجَالُ لا تَكَادُ تَعَارَفُ مَعَ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ. فَصَفَفْتُ مَعَ الرِّجَالِ وَكُنْتُ امْرَأَةً حَدِيثَةَ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ. فَقَالَ لِي الرَّجُلُ الَّذِي يَلِينِي مِنَ الصَّفِّ: امْرَأَةٌ أَنْتِ أَمْ رَجُلٌ؟ فَقُلْتُ: لا بَلِ امْرَأَةٌ. فَقَالَ: إِنَّكِ قَدْ كِدْتِ تَفْتِنِينِي. فَصَلِّي مَعَ النِّسَاءِ وَرَاءَكَ. وَإِذَا صَفٌّ مِنْ نِسَاءٍ قَدْ حَدَثَ عِنْدَ الْحُجُرَاتِ لَمْ أَكُنْ رَأَيْتُهُ حِينَ دَخَلْتُ. فَكُنْتُ فِيهِنَّ حَتَّى إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ دَنَوْتُ فَجَعَلْتُ إِذَا رَأَيْتُ رَجُلا ذَا رُوَاءٍ وَذَا قِشْرٍ طَمَحَ إِلَيْهِ بَصَرِي لأَرَى رَسُولَ الله.
ص. فَوْقَ النَّاسِ. حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ وَقَدِ ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ(1/241)
الله. [فقال رسول الله. ص: وَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ] . وَعَلَيْهِ. تَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْمَالٌ مُلَبَّبَتَيْنِ كَانَتَا بِزَعْفَرَانٍ فَقَدْ نُفِّضَتَا. وَمَعَهُ عَسِيبُ نَخْلَةٍ مَقْشُورٌ غَيْرُ خَوْصَتَيْنِ مِنْ أَعْلاهُ. وَهُوَ قَاعِدٌ الْقُرْفُصَاءَ. فَلَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَخَشِّعًا فِي الْجَلْسَةِ أَرْعَدْتُ مِنَ الْفَرَقِ. فَقَالَ جَلِيسُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. أَرْعَدَتِ الْمِسْكِينَةُ. [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيَّ وَأَنَا عِنْدَ ظَهْرِهِ: يَا مِسْكِينَةُ عَلَيْكِ السَّكِينَةُ] . فَلَمَّا قَالَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذْهَبَ اللَّهُ مَا كَانَ أُدْخِلَ قَلْبِي مِنَ الرُّعْبِ. وَتَقَدَّمَ صَاحِبِي أَوَّلَ رَجُلٍ. فَبَايَعَهُ عَلَى الإِسْلامِ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْمِهِ. ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَنِي تَمِيمٍ بِالدَّهْنَاءِ لا يُجَاوِزُهَا إِلَيْنَا مِنْهُمْ إِلا مُسَافِرٌ أَوْ مُجَاوِرٌ. [فَقَالَ: يَا غُلامُ اكْتُبْ لَهُ بِالدَّهْنَاءِ. فَلَمَّا رَأَيْتُهُ أَمَرَ لَهُ بِأَنْ يَكْتُبَ لَهُ بِهَا شُخِصَ بِي وَهِيَ وَطَنِي وَدَارِي. فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَمْ يَسْأَلْكَ السَّوِيَّةَ مِنَ الأَرْضِ إِذْ سَأَلَكَ. إِنَّمَا هَذِهِ الدَّهْنَاءُ عِنْدَكَ مُقَيَّدُ الْجَمَلِ وَمَرْعَى الْغَنَمِ. وَنِسَاءُ تَمِيمٍ وَأَبْنَاؤُهَا وَرَاءَ ذَلِكَ! فَقَالَ: أَمْسِكْ يَا غُلامُ.
صَدَقَتِ الْمِسْكِينَةُ. الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ يَسَعُهُمَا الْمَاءُ وَالشَّجَرُ وَيَتَعَاوَنَانِ عَلَى الْفَتَّانِ] . فَلَمَّا رَأَى حُرَيْثٌ أَنْ قَدْ حِيلَ دُونَ كِتَابِهِ ضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى وَقَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأَنْتِ كَمَا قِيلَ حَتْفَهَا تَحْمِلُ ضَأْنٌ بِأَظْلافِهَا. فَقُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ إِنْ كُنْتَ لَدَلِيلا فِي الظَّلْمَاءِ. جَوَّادًا بِذِي الرَّحْلِ. عَفِيفًا عَنِ الرَّفِيقَةِ. حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وَلَكِنْ لا تَلُمْنِي عَلَى حَظِّي إِذْ سَأَلْتَ حَظَّكَ. فَقَالَ: وَمَا حَظُّكِ فِي الدَّهْنَاءِ لا أَبَا لَكِ؟ فَقُلْتُ: مُقَيَّدُ جَمَلِي تَسْأَلُهُ لِجَمَلِ امْرَأَتِكَ؟ فَقَالَ: لا جَرَمَ إِنِّي أُشْهِدُ رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي لَكِ أَخٌ مَا حَيِيتُ إِذْ أَثْنَيْتِ هَذَا عَلَيَّ عِنْدَهُ. فَقُلْتُ: إِذْ بَدَأْتُهَا فلن أضيعها.
[فقال رسول الله. ص: أَيُلامُ ابْنُ ذِهِ أَنْ يَفْصِلَ الْخُطَّةَ وَيَنْتَصِرَ من وراء الحجرة؟ فَبَكَيْتُ ثُمَّ قُلْتُ: قَدْ وَاللَّهِ كُنْتُ وَلَدَتْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَازِمًا. فَقَاتَلَ مَعَكَ يَوْمَ الرَّبَذَةِ. ثُمَّ ذَهَبَ يُمِيرُنِي مِنْ خَيْبَرَ. فَأَصَابَتْهُ حُمَّاهَا وَتَرَكَ عَلَيَّ النِّسَاءَ. فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تَكُونِي مِسْكِينَةً لَجَرَرْنَاكِ الْيَوْمَ عَلَى وَجْهِكِ. أَوْ لَجُرِرْتِ عَلَى وَجْهِكِ.
شَكَّ عَبْدُ اللَّهِ. أَيُغْلَبُ أُحَيْدُكُمْ أَنْ يُصَاحِبَ صُوَيْحِبَهُ فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا فَإِذَا حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْهُ اسْتَرْجَعَ؟ ثُمَّ قَالَ: رَبِّ أَنِسْنِي مَا أَمْضَيْتَ وَأَعِنِّي عَلَى مَا أَبْقَيْتَ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ أُحَيْدَكُمْ لَيَبْكِي فَيَسْتَعْبِرُ إِلَيْهِ صُوَيْحِبُهُ. فَيَا عِبَادَ اللَّهِ لا تُعَذِّبُوا إِخْوَانَكُمْ. وَكَتَبَ لَهَا فِي قِطْعَةٍ مِنْ أَدِيمٍ أَحْمَرَ لِقَيْلَةَ وَلِلنِّسْوَةِ بَنَاتِ قَيْلَةَ أَنْ لا يُظْلَمْنَ حَقًّا. وَلا يُكْرَهْنَ عَلَى مُنْكِحٍ. وَكُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٍ لَهُنَّ نُصَيْرٌ. أَحْسِنَّ وَلا تُسِئْنَ] .(1/242)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي حَبَّانُ بْنُ عامر. وَكَانَ جَدِّي أَبَا أُمِّي. عَنْ حَدِيثِ حَرْمَلَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. جَدِّهِ أَبِي أُمِّهِ الْكَعْبِيِّ مِنْ كَعْبِ بَلْعَنْبَرَ. قَالَ: وَحَدَّثَتْنِي جَدَّتَايَ صَفِيَّةُ بِنْتُ عُلَيْبَةَ وَدُحَيْبَةُ بِنْتُ عُلَيْبَةَ. وَكَانَ جَدُّهُمَا حَرْمَلَةَ. أَنَّ حَرْمَلَةَ خَرَجَ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ عِنْدَهُ حَتَّى عَرَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ ارْتَحَلَ. قَالَ: فَلُمْتُ نَفْسِي فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لا أَذْهَبُ حَتَّى أَزْدَادَ مِنَ الْعِلْمِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقْبَلْتُ حَتَّى قُمْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَأْمُرُنِي أَعْمَلُ؟ [فَقَالَ: يَا حَرْمَلَةُ ائْتِ الْمَعْرُوفَ وَاجْتَنِبِ الْمُنْكَرَ. وَانْصَرَفْتُ حَتَّى أَتَيْتُ رَاحِلَتِي. ثُمَّ رَجَعْتُ حَتَّى قُمْتُ مَقَامِي أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ. ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَأْمُرُنِي أَعْمَلُ؟ فَقَالَ: يَا حَرْمَلَةُ ائْتِ الْمَعْرُوفَ وَاجْتَنِبِ الْمُنْكَرَ وَانْظُرِ الَّذِي تُحِبُّ أُذُنُكَ إِذَا قُمْتَ مِنْ عِنْدِ الْقَوْمِ أَنْ يَقُولُوهُ لَكَ فَأْتِهِ وَالَّذِي تَكْرَهُ أَنْ يَقُولُوهُ لَكَ إِذَا قُمْتَ مِنْ عِنْدِهِمْ فَاجْتَنِبْهُ] .
وِفَادَاتُ أَهْلِ الْيَمَنِ وَفْدُ طَيِّئٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حدثني أبو بكر بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِي عُمَيْرٍ الطَّائِيِّ. وَكَانَ يَتِيمَ الزُّهْرِيِّ. قَالَ: وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ.
أَخْبَرَنَا عُبَادَةُ الطَّائِيُّ عَنْ أَشْيَاخِهِمْ. قَالُوا: قَدِمَ وَفْدُ طَيِّئٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلا. رَأْسُهُمْ وَسَيِّدُهُمْ زَيْدُ الْخَيْرِ. وَهُوَ زَيْدُ الْخَيْلِ بْنُ مُهَلْهِلٍ مِنْ بَنِي نَبْهَانَ. وَفِيهِمْ وَزَرُ بْنُ جَابِرِ بْنِ سَدُوسِ بْنِ أَصْمَعَ النَّبْهَانِيُّ. وَقَبِيصَةُ بْنُ الأَسْوَدِ بْنِ عَامِرٍ مِنْ جَرْمِ طَيِّئٍ. وَمَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَيْبَرِيٍّ مِنْ بَنِي مَعْنٍ. وَقُعَيْنُ بْنُ خُلَيْفِ بْنِ جَدِيلَةَ. وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي بَوْلانَ. فَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ فَعَقَدُوا رَوَاحِلَهُمْ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ. ثُمَّ دَخَلُوا فَدَنَوْا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الإِسْلامَ فَأَسْلَمُوا. وَجَازَهُمْ بِخَمْسِ أَوَاقٍ فِضَّةٍ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ. وَأَعْطَى زَيْدَ الْخَيْلِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا. [وَقَالَ رسول الله. ص: مَا ذُكِرَ لِي رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلا رَأَيْتُهُ دُونَ مَا ذُكِرَ لِي إِلا مَا كَانَ مِنْ زَيْدٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ كُلَّ مَا فِيهِ!] وَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
زَيْدَ الْخَيْرِ وَقَطَعَ لَهُ فَيْدَ وَأَرْضِينَ. فَكَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ كِتَابًا. وَرَجَعَ مَعَ قَوْمِهِ. فَلَمَّا كَانَ بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ الْفَرْدَةُ مَاتَ هُنَاكَ. فَعَمَدَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى كُلِّ مَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ لَهُ بِهِ فَخَرَّقَتْهُ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ بَعَثَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ إِلَى الْفُلْسِ. صَنَمِ(1/243)
طَيِّئٍ. يَهْدِمُهُ وَيَشِنُّ الْغَارَاتِ. فَخَرَجَ فِي مِائَتَيْ فَرَسٍ فَأَغَارَ عَلَى حَاضِرِ آلِ حَاتِمٍ.
فَأَصَابُوا ابْنَةَ حَاتِمٍ فَقَدِمَ بِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَبَايَا مِنْ طَيِّئٍ. وَفِي حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الَّذِي أَغَارَ عَلَيْهِمْ وَسَبَى ابْنَةَ حَاتِمٍ مِنْ خَيْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ.
ثُمَّ رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى الأَوَّلِ. قَالَ: وَهَرَبَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ مِنْ خَيْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
حَتَّى لَحِقَ بِالشَّامِ. وَكَانَ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ. وَكَانَ يَسِيرُ فِي قَوْمِهِ بِالْمِرْبَاعِ. وَجُعِلَتِ ابْنَةُ حَاتِمٍ فِي حَظِيرَةٍ بِبَابِ الْمَسْجِدِ. وَكَانَتِ امْرَأَةً جَمِيلَةً جَزْلَةً. فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَقَامَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: هَلَكَ الْوَالِدُ وَغَابَ الْوَافِدُ فَامْنُنْ عَلَيَّ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ! [قَالَ: مَنْ وَافِدُكِ؟ قَالَتْ: عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ. فَقَالَ: الْفَارُّ مِنَ اللَّهِ وَمِنْ رَسُولِهِ! وَقَدِمَ وَفْدٌ مِنْ قُضَاعَةَ مِنَ الشَّامِ. قَالَتْ: فَكَسَانِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَعْطَانِي نَفَقَةً وَحَمَلَنِي. وَخَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ عَلَى عَدِيٍّ فَجَعَلْتُ أَقُولُ لَهُ: الْقَاطِعُ الظَّالِمُ. احْتَمَلْتَ بِأَهْلِكِ وَوَلَدِكَ وَتَرَكْتَ بَقِيَّةَ وَالِدِكَ. فَأَقَامَتْ عِنْدَهُ أَيَّامًا وَقَالَتْ لَهُ: أرى أن تلحق برسول الله.
ص. فَخَرَجَ عَدِيٌّ حَتَّى قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ.
فَقَالَ: مَنِ الرَّجُلُ؟ قَالَ: عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ. فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى بَيْتِهِ وَأَلْقَى لَهُ وِسَادَةً مَحْشُوَّةً بِلِيفٍ وَقَالَ: اجْلِسْ عَلَيْهَا. فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الأَرْضِ. وَعَرَضَ عَلَيْهِ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ عَدِيٌّ. وَاسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى صَدَقَاتِ قَوْمِهِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: حَدَّثَنِي جَمِيلُ بْنُ مَرْثَدٍ الطَّائِيُّ مِنْ بَنِي مَعْنٍ عَنْ أَشْيَاخِهِمْ. قَالُوا: قَدِمَ عَمْرُو بْنُ الْمُسَبِّحِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَصْرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ ثَوْبِ بْنِ مَعْنٍ الطَّائِيُّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً. فَسَأَلَهُ عَنِ الصَّيْدِ فَقَالَ: كُلْ مَا أَصْمَيْتَ وَدَعْ مَا أَنْمَيْتَ] . وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ لَهُ امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ حَجَرِ. وَكَانَ أَرْمَى الْعَرَبِ:
رُبَّ رَامٍ مِنْ بَنِي ثُعَلٍ ... مُخْرِجٍ كَفَّيْهِ مِنْ سُتُرِهْ
وَفْدُ تُجِيبَ
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ تُجِيبَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سَنَةَ تِسْعٍ. وَهُمْ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلا. وَسَاقُوا مَعَهُمْ صَدَقَاتِ أَمْوَالِهِمُ الَّتِي فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. فَسُّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -(1/244)
بِهِمْ وَقَالَ: مَرْحَبًا بِكُمْ! وَأَكْرَمَ مَنْزِلَهُمْ وَحَبَاهُمْ. وَأَمَرَ بِلالا أَنْ يُحْسِنَ ضِيَافَتَهُمْ وَجَوَائِزَهُمْ. وَأَعْطَاهُمْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يُجِيزُ بِهِ الْوَفْدَ. وَقَالَ: هَلْ بَقِيَ مِنْكُمْ أَحَدٌ؟ قَالُوا: غُلامٌ خَلَّفْنَاهُ عَلَى رِحَالِنَا وَهُوَ أَحْدَثُنَا سِنًّا. قَالَ: أَرْسِلُوهُ إِلَيْنَا فَأَقْبَلَ الْغُلامُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنِّي امْرُؤٌ مِنْ بَنِي أَبْنَاءِ الرَّهْطِ الَّذِينَ أَتَوْكَ آنِفًا فَقَضَيْتُ حَوَائِجَهُمْ فَاقْضِ حَاجَتِي. قَالَ: وَمَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: تَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَغْفِرَ لِي وَيَرْحَمَنِي وَيَجْعَلَ غِنَايَ فِي قَلْبِي. فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَاجْعَلْ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ. ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِمِثْلِ مَا أَمَرَ بِهِ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. فَانْطَلَقُوا رَاجِعِينَ إِلَى أَهْلِيهِمْ. ثُمَّ وَافَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الْمَوْسِمِ بِمِنًى سِتَّةَ عَشَرَ. فَسَأَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْغُلامِ.
فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا مِثْلَهُ أَقْنَعَ مِنْهُ بِمَا رَزَقَهُ الله. فقال رسول الله. ص: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ نَمُوتَ جَمِيعًا] .
وَفْدُ خَوْلانَ
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ خَوْلانَ. وَهُمْ عَشَرَةُ نَفَرٍ. فِي شَعْبَانَ سَنَةَ عَشْرٍ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ مُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَمُصَدِّقُونَ بِرَسُولِهِ. وَنَحْنُ عَلَى مَنْ وَرَاءَنَا مِنْ قَوْمِنَا. وَقَدْ ضَرَبْنَا إِلَيْكَ الإبل. فقال رسول الله. ص: مَا فَعَلَ عَمُّ أَنَسٍ؟ صَنَمٌ لَهُمْ. قَالُوا: بِشَرٍّ وَعْرٍ. أَبْدَلَنَا اللَّهُ بِهِ مَا جِئْتَ بِهِ. وَلَوْ قَدْ رَجَعْنَا إِلَيْهِ هَدَمْنَاهُ. وَسَأَلُوا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ. فَجَعَلَ يُخْبِرُهُمْ بِهَا وَأَمَرَ مَنْ يُعَلِّمُهُمُ الْقُرْآنَ وَالسُّنَنَ. وَأُنْزِلُوا دَارَ رَمْلَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ. وَأَمَرَ بِضِيَافَةٍ فَأُجْرِيَتْ عَلَيْهِمْ. ثم جاؤوا بَعْدَ أَيَّامٍ يُوَدِّعُونَهُ فَأَمَرَ لَهُمْ بِجَوَائِزَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشٍّ. وَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَلَمْ يَحِلُّوا عُقْدَةً حَتَّى هَدَمُوا عَمَّ أَنَسٍ.
وَحَرَّمُوا مَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَحَلُّوا مَا أَحَلَّ لَهُمْ.]
وَفْدُ جُعْفِيٍّ
[قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ قَيْسٍ الْجُعْفِيِّ قَالا: كَانَتْ جُعْفِيُّ يُحَرِّمُونَ الْقَلْبَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَوَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
رَجُلانِ مِنْهُمْ. قَيْسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ شَرَاحِيلَ مِنْ بَنِي مُرَّانَ بْنِ جُعْفِيٍّ. وَسَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مَشْجَعَةَ بْنِ الْمُجَمِّعِ. وَهُمَا أَخَوَانِ لأُمٍّ. وَأُمُّهُمَا مُلَيْكَةُ بِنْتُ الْحُلْوِ بْنِ مَالِكٍ مِنْ بَنِي(1/245)
حَرِيمِ بْنِ جُعْفِيٍّ. فَأَسْلَمَا. فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ الله. ص: بَلَغَنِي أَنَّكُمْ لا تَأْكُلُونَ الْقَلْبَ؟ قَالا: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنَّهُ لا يَكْمُلُ إِسْلامُكُمْ إِلا بِأَكْلِهِ. وَدَعَا لَهُمَا بِقَلْبٍ فَشُوِيَ. ثُمَّ نَاوَلَهُ سَلَمَةَ بْنَ يَزِيدَ. فَلَمَّا أَخَذَهُ أُرْعِدَتْ يَدُهُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله. ص:
كُلْهُ. فَأَكَلَهُ] وَقَالَ:
عَلَى أَنِّي أَكَلْتُ الْقَلْبَ كَرْهًا ... وَتَرْعَدُ حِينَ مَسَّتْهُ بَنَانِي
قَالَ: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَيْسِ بْنِ سَلَمَةَ كِتَابًا نُسْخَتُهُ: كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِقَيْسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ شَرَاحِيلَ أَنِّي اسْتَعْمَلْتُكَ عَلَى مُرَّانَ وَمَوَالِيهَا وَحَرِيمٍ وَمَوَالِيهَا وَالْكِلابِ وَمَوَالِيهَا مَنْ أَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَصَدَّقَ مَالَهُ وَصَفَّاهُ. قَالَ:
الْكِلابُ أَوْدٌ. وَزُبَيْدٌ. وَجُزْءُ بْنُ سَعْدِ الْعَشِيرَةِ. وَزَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ. وَعَائِذُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ.
وَبَنُو صَلاءَةَ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ. قَالَ: ثُمَّ قَالا: [يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمَّنَا مُلَيْكَةَ بِنْتِ الْحُلْوِ كَانَتْ تَفُكُّ الْعَانِيَ وَتُطْعِمُ الْبَائِسَ وَتَرْحَمُ الْمِسْكِينَ. وَإِنَّهَا مَاتَتْ وَقَدْ وَأَدَتْ بُنَيَّةً لَهَا صَغِيرَةً فما حالها؟ قال: الوائدة والموؤودة فِي النَّارِ. فَقَامَا مُغْضَبَيْنِ. فَقَالَ: إِلَيَّ فَارْجِعَا! فَقَالَ: وَأُمِّي مَعَ أُمِّكُمَا. فَأَبَيَا وَمَضَيَا وَهُمَا يَقُولانِ: وَاللَّهِ إِنَّ رَجُلا أَطْعَمَنَا الْقَلْبَ. وَزَعَمَ أَنَّ أُمَّنَا فِي النَّارِ. لأَهْلٌ أَنْ لا يُتَّبَعَ! وَذَهَبَا. فَلَمَّا كَانَا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ لَقِيَا رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُ إِبِلٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ فَأَوْثَقَاهُ وَطَرَدَا الإِبِلَ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَعَنَهُمَا فِيمَنْ كَانَ يَلْعَنُ فِي قَوْلِهِ: لَعَنِ اللَّهُ رِعْلا وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَلِحْيَانَ وَابْنَيْ مليكة بن حَرِيمٍ وَمُرَّانَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُعْفِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَشْيَاخِهِمْ قَالُوا: وَفَدَ أَبُو سَبْرَةَ وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الذُّؤَيْبِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ ذُهْلِ بْنِ مُرَّانَ بْنِ جُعْفِيٍّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ ابْنَاهُ سَبْرَةُ وَعَزِيزٌ.
[فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَزِيزٍ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: عَزِيزٌ. قَالَ: لا عَزِيزَ إِلا اللَّهُ.
أَنْتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ] . فَأَسْلَمُوا. وَقَالَ لَهُ أَبُو سَبْرَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بِظَهْرِ كَفِّي سِلْعَةٌ قَدْ مَنَعْتَنِي مِنْ خِطَامِ رَاحِلَتِي. فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَدَحٍ فَجَعَلَ يَضْرِبُ بِهِ عَلَى السِّلْعَةِ وَيَمْسَحُهَا. فَذَهَبَتْ. فَدَعَا له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وَلابْنَيْهِ. وَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقْطِعْنِي وَادِيَ قَوْمِي بِالْيَمَنِ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ حُرْدَانُ. فَفَعَلَ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ أَبُو خَيْثَمَةَ بْنُ عبد الرحمن.(1/246)
وَفْدُ صُدَاءٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حدثني شيخ من بلمصطلق عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا انْصَرَفَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ بَعَثَ قَيْسَ بْنَ عُبَادَةَ إِلَى نَاحِيَةِ الْيَمَنِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَطَأَ صُدَاءَ. فَعَسْكَرَ بِنَاحِيَةِ قَنَاةَ فِي أَرْبَعِمِائَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَقَدِمَ رَجُلٌ مِنْ صُدَاءَ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ الْبَعْثِ فَأُخْبِرَ بِهِمْ. فَخَرَجَ سَرِيعًا حَتَّى وَرَدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: جِئْتُكَ وَافِدًا عَلَى مَنْ وَرَائِي. فَارْدُدِ الْجَيْشَ وَأَنَا لَكَ بِقَوْمِي. فَرَدَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدِمَ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسة عَشَرَ رَجُلا فَأَسْلَمُوا وَبَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ وَرَجَعُوا إِلَى بِلادِهِمْ. فَفَشَا فِيهِمُ الإِسْلامُ. فَوَافَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِائَةُ رَجُلٍ مِنْهُمْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ عَنْ زِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَبْعَثُ إِلَى قَوْمِي جَيْشًا. فَارْدُدِ الْجَيْشَ وَأَنَا لَكَ بِقَوْمِي.
فَرَدَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَقَدِمَ قَوْمِي عَلَيْهِ. فَقَالَ: يَا أَخَا صُدَاءٍ إِنَّكَ لَمُطَاعٌ فِي قَوْمَكِ. قَالَ قُلْتُ: بَلْ مِنَ اللَّهِ وَمِنْ رَسُولِهِ. قَالَ: وَهُوَ الَّذِي أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فِي سَفَرٍ أَنْ يؤذن ثُمَّ جَاءَ بِلالٌ لِيُقِيمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: إِنَّ أَخَا صُدَاءٍ قَدْ أَذَّنَ وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ] .
وَفْدُ مُرَادٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَدِمَ فَرْوَةُ بْنُ مُسَيْكٍ الْمُرَادِيُّ وَافِدًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُفَارِقًا لِمُلُوكِ كِنْدَةَ وَمُتَابِعًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ.
وَكَانَ يَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ وَفَرَائِضَ الإِسْلامِ وَشَرَائِعَهُ. وَأَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً. وَحَمَلَهُ عَلَى بَعِيرٍ نَجِيبٍ. وَأَعْطَاهُ حُلَّةً مِنْ نَسْجِ عُمَانَ. وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى مُرَادٍ وَزُبَيْدٍ وَمَذْحِجٍ وَبَعَثَ مَعَهُ خَالِدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَلَى الصَّدَقَاتِ. وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا فِيهِ فَرَائِضُ الصَّدَقَةِ. وَلَمْ يَزَلْ عَلَى الصَّدَقَةِ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -(1/247)
وَفْدُ زُبَيْدٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ قال: قدم عمر بن معديكرب الزُّبَيْدِيُّ فِي عَشَرَةِ نَفَرٍ مِنْ زُبَيْدٍ الْمَدِينَةَ. فَقَالَ: مَنْ سَيِّدُ أَهْلِ هَذِهِ الْبَحْرَةِ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ؟ فَقِيلَ لَهُ: سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ. فَأَقْبَلَ يَقُودُ رَاحِلَتَهُ حَتَّى أَنَاخَ بِبَابِهِ. فَخَرَجَ إِلَيْهِ سَعْدٌ فَرَحَّبَ بِهِ وَأَمَرَ بِرَحْلِهِ فَحُطَّ وَأَكْرَمَهُ وَحَبَاهُ. ثُمَّ رَاحَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فَأَسْلَمَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ.
وَأَقَامَ أَيَّامًا. ثُمَّ أَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجَائِزَةٍ وَانْصَرَفَ إِلَى بِلادِهِ وَأَقَامَ مَعَ قَوْمِهِ عَلَى الإِسْلامِ. فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ارْتَدَّ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الإِسْلامِ وَأَبْلَى يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ وَغَيْرِهَا.
وَفْدُ كِنْدَةَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ:
قَدِمَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَضْعَةَ عَشَرَ رَاكِبًا مِنْ كِنْدَةَ. فَدَخَلُوا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسْجِدَهُ قَدْ رَجَّلُوا جُمَمَهُمْ وَاكْتَحَلُوا. وَعَلَيْهِمْ جِبَابُ الْحِبَرَةِ قَدْ كَفُّوهَا بِالْحَرِيرِ. وَعَلَيْهِمُ الدِّيبَاجُ ظَاهِرٌ مُخَوَّصٌ بِالذَّهَبِ. وَقَالَ لَهُمْ رسول الله. ص:
[أَلَمْ تُسْلِمُوا؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ فَمَا بَالُ هَذَا عَلَيْكُمْ! فَأَلْقُوهُ. فَلَمَّا أَرَادُوا الرُّجُوعَ إِلَى بلادهم أَجَازَهُمْ بِعَشْرِ أَوَاقٍ عَشْرِ أَوَاقٍ. وَأَعْطَى الأَشْعَثَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً.]
وَفْدُ الصَّدِفِ
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الصَّدَفِيِّ عَنْ آبَائِهِ قَالُوا: قَدِمَ وَفْدُنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -
وهم بَضْعَةَ عَشَرَ رَجُلا عَلَى قَلائِصَ لَهُمْ فِي أُزُرٍ وَأَرْدِيَةٍ. فَصَادَفُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فِيمَا بَيْنَ بَيْتِهِ وَبَيْنَ الْمِنْبَرِ. فَجَلَسُوا وَلَمْ يُسَلِّمُوا. فَقَالَ: مُسْلِمُونَ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: فَهَلا سَلَّمْتُمْ؟ فَقَامُوا قِيَامًا فَقَالُوا: السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ! قَالَ:
وَعَلَيْكُمُ السَّلامُ! اجْلِسُوا. فَجَلَسُوا وَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَوْقَاتِ الصَّلاةِ فأخبرهم بها.](1/248)
وَفْدُ خُشَيْنٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ عَنْ مِحْجَنِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: قَدِمَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَتَجَهَّزُ إِلَى خَيْبَرَ فَأَسْلَمَ وَخَرَجَ مَعَهُ فَشَهِدَ خَيْبَرَ. ثُمَّ قَدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ سَبْعَةُ نَفَرٍ مِنْ خُشَيْنٍ فَنَزَلُوا عَلَى أَبِي ثَعْلَبَةَ فَأَسْلَمُوا وَبَايَعُوا وَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ.
وَفْدُ سَعْدِ هُذَيْمٍ
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي عُمَيْرٍ الطَّائِيِّ عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَافِدًا فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي فَنَزَلْنَا نَاحِيَةً مِنَ الْمَدِينَةِ ثُمَّ خَرَجْنَا نَؤُمُّ الْمَسْجِدَ فَنَجِدُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي عَلَى جَنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ. فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قُلْنَا: مِنْ بَنِي سَعْدِ هُذَيْمٍ. فَأَسْلَمْنَا وَبَايَعْنَا ثُمَّ انْصَرَفْنَا إِلَى رِحَالِنَا. فَأَمَرَ بِنَا فَأُنْزِلْنَا وَضُيِّفْنَا. فأقمنا ثلاث. ثُمَّ جِئْنَاهُ نُوَدِّعُهُ فَقَالَ: أَمِّرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدَكُمْ. وَأَمَرَ بِلالا فَأَجَازَنَا بِأَوَاقٍ مِنْ فِضَّةٍ. وَرَجَعْنَا إِلَى قَوْمِنَا فَرَزَقَهُمُ اللَّهُ الإِسْلامَ.]
وَفْدُ بَلِيٍّ
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدٍ. مَوْلًى لِبَنِي مَخْزُومٍ. عَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ الْبَلَوِيِّ قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ قَوْمِي فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعٍ فَأَنْزَلْتُهُمْ فِي مَنْزِلِي بِبَنِي جَدِيلَةَ ثُمَّ خَرَّجْتُهُمْ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ فِي بَيْتِهِ فِي الْغَدَاةِ. فَقَدِمَ شَيْخُ الْوَفْدِ أَبُو الضِّبَابِ فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَكَلَّمَ. وَأَسْلَمَ الْقَوْمُ وسألوا رسول الله.
ص. عَنِ الضِّيَافَةِ وَعَنْ أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ. فَأَجَابَهُمْ. ثُمَّ رَجَعْتُ بِهِمْ إِلَى مَنْزِلِي فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأتي بِحِمْلِ تَمْرٍ يَقُولُ: اسْتَعِنْ بِهَذَا التَّمْرِ. قَالَ: فَكَانُوا يَأْكُلُونَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ. فَأَقَامُوا ثَلاثًا. ثم جاؤوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوَدِّعُونَهُ. فَأَمَرَ لَهُمْ بِجَوَائِزَ كَمَا كَانَ يُجِيزُ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ. ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى بِلادِهِمْ.](1/249)
وَفْدُ بَهْرَاءَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ عَنْ عَمَّتِهِ عَنْ أُمِّهَا كَرِيمَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ قَالَتْ: سَمِعْتُ أُمِّي ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ تَقُولُ: قَدِمَ وَفْدُ بَهْرَاءَ مِنَ الْيَمَنِ وَهُمْ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلا. فَأَقْبَلُوا يَقُودُونَ رَوَاحِلَهُمْ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى بَابِ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو بِبَنِي جَدِيلَةَ. فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ الْمِقْدَادُ فَرَحَّبَ بِهِمْ وَأَنْزَلَهُمْ فِي مَنْزِلٍ مِنَ الدَّارِ. وَأَتَوُا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمُوا وَتَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وأقاموا أياما. ثم جاؤوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوَدِّعُونَهُ فَأَمَرَ بِجَوَائِزِهِمْ وَانْصَرَفُوا إِلَى أَهْلِهِمْ.
وَفْدُ عُذْرَةَ
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِسْطَاسٍ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ الْعُذْرِيِّ قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ آبَائِي. قَالُوا: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَفَرٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَفْدُنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلا. فِيهِمْ حَمْزَةُ بْنُ النُّعْمَانِ الْعُذْرِيُّ. وَسُلَيْمٌ وَسَعْدٌ ابْنَا مالك. ومالك ابن أَبِي رِيَاحٍ. فَنَزَلُوا دَارَ رَمْلَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ النجارية. ثم جاؤوا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَلَّمُوا بِسَلامِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَقَالُوا: نَحْنُ إِخْوَةُ قُصَيٍّ لأُمِّهِ.
وَنَحْنُ الَّذِينَ أَزَاحُوا خُزَاعَةَ وَبَنِي بَكْرٍ عَنْ مَكَّةَ. وَلَنَا قَرَابَاتٌ وَأَرْحَامٌ. فَقَالَ رَسُولُ الله.
ص: مَرْحَبًا بِكُمْ وَأَهْلا. مَا أَعْرَفَنِي بِكُمْ. مَا مَنَعَكُمْ مِنْ تَحِيَّةِ الإِسْلامِ؟. قَالُوا:
قَدِمْنَا مُرْتَادِينَ لِقَوْمِنَا. وَسَأَلُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ فَأَجَابَهُمْ فِيهَا.
وَأَسْلَمُوا وَأَقَامُوا أَيَّامًا ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ. فَأَمَرَ لَهُمْ بِجَوَائِزَ كَمَا كَانَ يُجِيزُ الْوَفْدَ.
وَكَسَا أَحَدَهُمْ بُرْدًا] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: حَدَّثَنِي شَرْقِيُّ بْنُ الْقُطَّامِيِّ عَنْ مُدْلِجِ بْنِ الْمِقْدَادِ بْنِ زَمِلٍ الْعُذْرِيِّ قَالَ: وَحَدَّثَنِي بِبَعْضِهِ أَبُو زُفَرَ الْكَلْبِيُّ قالا: وفد زمل ابن عَمْرٍو الْعُذْرِيُّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ بِمَا سَمِعَ مِنْ صَنَمِهِمْ فَقَالَ: ذَلِكَ مُؤْمِنٌ مِنَ الْجِنِّ. فَأَسْلَمَ وَعَقَدَ لَهُ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - لواء عَلَى قَوْمِهِ. فَشَهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ. ثُمَّ شَهِدَ بِهِ الْمَرْجَ فَقُتِلَ. وَأَنْشَأَ يقول حين وفد على النبي. ص:]
إِلَيْكَ رَسُولَ اللَّهِ أَعْمَلْتُ نَصَّهَا ... أُكَلِّفُهَا حُزْنًا وَقَوْزًا مِنَ الرَّمَلِ
لأَنْصُرَ خَيْرَ النَّاسِ نَصْرًا مُؤَزَّرًا ... وَأَعْقِدَ حَبْلا مِنْ حِبَالِكَ فِي حَبْلِي(1/250)
وَأَشْهَدَ أَنَّ اللَّهَ لا شَيْءَ غَيْرُهُ ... أَدِينُ لَهُ مَا أَثْقَلَتْ قَدَمِي نَعْلِي
وَفْدُ سَلامَانَ
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ: وَجَدْتُ فِي كُتُبِ أَبِي أَنَّ حَبِيبَ بْنَ عَمْرٍو السَّلامَانِيَّ كَانَ يُحَدِّثُ.
قَالَ: قَدِمْنَا وَفْدَ سَلامَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ سَبْعَةٌ. فَصَادَفْنَا رسول الله.
ص. خَارِجًا مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَى جَنَازَةٍ دُعِيَ إِلَيْهَا. فَقُلْنَا: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ: وَعَلَيْكُمْ. مَنْ أَنْتُمْ؟ قُلْنَا: نَحْنُ مِنْ سَلامَانَ قَدِمْنَا لِنُبَايِعَكَ عَلَى الإِسْلامِ.
وَنَحْنُ عَلَى مَنْ وَرَاءَنَا مِنْ قَوْمِنَا. فَالْتَفَتَ إِلَى ثَوْبَانَ غُلامِهِ فَقَالَ: أَنْزِلْ هَؤُلاءِ الْوَفْدَ حَيْثُ يَنْزِلُ الْوَفْدُ. فَلَمَّا صَلَّى الظُّهْرَ جَلَسَ بَيْنَ الْمِنْبَرِ وَبَيْتِهِ فَتَقَدَّمْنَا إِلَيْهِ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ أَمْرِ الصَّلاةِ. وَشَرَائِعِ الإِسْلامِ. وَعَنِ الرُّقَى. وَأَسْلَمْنَا. وَأَعْطَى كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا خَمْسَ أَوَاقٍ.
وَرَجَعْنَا إِلَى بِلادِنَا. وَذَلِكَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ عَشْرٍ.]
وَفْدُ جُهَيْنَةَ
[قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَدَنِيُّ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ وَفَدَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْعُزَّى بْنُ بَدْرِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْجُهَنِيُّ مِنْ بَنِي الرَّبْعَةِ بْنِ رَشْدَانَ بْنِ قَيْسِ بْنِ جُهَيْنَةَ. وَمَعَهُ أَخُوهُ لأُمِّهِ أَبُو رَوْعَةَ. وَهُوَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعَبْدِ الْعُزَّى: أَنْتَ عَبْدُ اللَّهِ. وَلأَبِي رَوْعَةَ: أَنْتَ رَعْتَ الْعَدُوَّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَقَالَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: بَنُو غَيَّانَ. قَالَ:
أَنْتُمْ بَنُو رَشْدَانَ. وَكَانَ اسْمُ وَادِيهِمْ غَوًى فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُشْدًا. وَقَالَ لِجَبَلَيْ جُهَيْنَةَ الأَشْعَرِ وَالأَجْرَدِ: هُمَا مِنْ جِبَالِ الْجَنَّةِ لا تَطَؤُهُمَا فِتْنَةٌ. وَأَعْطَى اللِّوَاءَ يَوْمَ الْفَتْحِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَدْرِ. وَخَطَّ لَهُمْ مَسْجِدَهُمْ. وَهُوَ أَوَّلُ مَسْجِدٍ خُطَّ بِالْمَدِينَةِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ مِنْ بَنِي دَهْمَانَ عَنْ أَبِيهِ. وَقَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: قال عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ الْجُهَنِيُّ: كَانَ لَنَا صَنَمٌ وَكُنَّا نُعَظِّمُهُ. وَكُنْتُ سَادِنَهُ. فَلَمَّا سَمِعْتُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَسَرْتُهُ وَخَرَجْتُ حَتَّى أَقْدَمَ الْمَدِينَةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمْتُ وَشَهِدْتُ شَهَادَةَ الْحَقِّ. وَآمَنْتُ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ حَلالٍ وَحَرَامٍ. فَذَلِكَ حِينَ أقول:(1/251)
شَهِدْتُ بِأَنَّ اللَّهَ حَقٌّ. وَإِنَّنِي ... لآلِهَةِ الأَحْجَارِ أَوَّلُ تَارِكِ
وَشَمَّرْتُ عَنْ سَاقِي الإِزَارَ مُهَاجِرًا ... إِلَيْكَ أَجْوَبُ الْوَعْثَ بَعْدَ الدَّكَادِكِ
لأَصْحُبَ خَيْرَ النَّاسِ نَفْسًا وَوَالِدًا ... رَسُولَ مَلِيكِ النَّاسِ فَوْقَ الْحَبَائِكِ
قَالَ: ثُمَّ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى قَوْمِهِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ. فَأَجَابُوهُ إِلا رَجُلا وَاحِدًا رَدَّ عَلَيْهِ قَوْلَهُ. فَدَعَا عَلَيْهِ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ. فَسَقَطَ فُوهُ. فَمَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْكَلامِ وَعَمِيَ وَاحْتَاجَ.
وَفْدُ كَلْبٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو الْكَلْبِيُّ عَنْ عَمِّهِ عُمَارَةَ بْنِ جُزْءٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مَاوِيَّةَ مِنْ كَلْبٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو لَيْلَى بْنُ عَطِيَّةَ الكلبي عن عمه قالا: قال عَمْرِو بْنُ جَبَلَةَ بْنِ وَائِلِ بْنِ الْجُلاحِ الْكَلْبِيُّ:
شَخَصْتُ أَنَا وَعَاصِمٌ. رَجُلٌ مِنْ بَنِي رَقَاشٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ. حَتَّى أَتَيْنَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَعَرَضَ عَلَيْنَا الإِسْلامَ فَأَسْلَمْنَا. وَقَالَ: أَنَا النَّبِيُّ الأُمِّيُّ الصَّادِقُ الزَّكِيُّ وَالْوَيْلُ كُلَّ الْوَيْلِ لِمَنْ كَذَّبَنِي وَتَوَلَّى عَنِّي وَقَاتَلَنِي. وَالْخَيْرُ كُلَّ الْخَيْرِ لِمَنْ أَوَانِي وَنَصَرَنِي وَآمَنَ بِي وَصَدَّقَ قُولِي وَجَاهَدَ مَعِي. قَالا: فَنَحْنُ نُؤْمِنُ بِكَ وَنُصَدِّقُ قَوْلَكَ. فَأَسْلَمْنَا. وَأَنْشَأَ عَبْدُ عَمْرٍو يَقُولُ:
أَجَبْتُ رَسُولَ اللَّهِ إِذْ جَاءَ بِالْهُدَى ... وَأَصْبَحْتُ بَعْدَ الْجَحْدِ بِاللَّهِ أَوْجَرَا
وَوَدَّعْتُ لَذَّاتِ الْقِدَاحِ وَقَدْ أُرَى ... بِهَا سَدِكًا عُمْرِي وَلِلَّهْوِ أَصْوُرَا
وَآمَنْتُ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ مَكَانُهُ ... وَأَصْبَحْتُ لِلأَوْثَانِ مَا عِشْتُ مُنْكِرَا
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي صَالِحٍ. رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ.
عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيِّ قَالَ: وَفَدَ حَارِثَةُ بْنُ قَطَنِ بْنِ زَائِرِ بْنِ حِصْنِ بْنِ كَعْبِ ابن عُلَيْمٍ الْكَلْبِيُّ وَحَمَلُ بْنُ سَعْدَانَةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ مُغَفَّلِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُلَيْمٍ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلما. فَعَقَدَ لِحَمَلِ بْنِ سَعْدَانَةَ لِوَاءً فَشَهِدَ بِذَلِكَ اللِّوَاءَ صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ. وَكَتَبَ لِحَارِثَةَ بْنِ قَطَنٍ كِتَابًا فِيهِ: هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لأَهْلِ دُومَةِ الْجَنْدَلِ وَمَا يَلِيهَا مِنْ طَوَائِفِ كَلْبٍ مَعَ حَارِثَةَ بْنِ قَطَنٍ. لَنَا الضَّاحِيَةُ مِنَ الْبَعْلِ وَلَكُمُ الضَّامِنَةُ مِنَ النَّخْلِ. عَلَى الْجَارِيَةِ الْعُشْرُ وَعَلَى الْغَائِرَةِ نِصْفُ الْعُشْرُ. لا تُجْمَعُ سَارِحَتُكُمْ وَلا تُعْدَلُ فَارِدَتُكُمْ. تُقِيمُونَ الصَّلاةَ لِوَقْتِهَا وَتُؤْتُونَ الزَّكَاةَ بِحَقِّهَا. لا يحظر(1/252)
عَلَيْكُمُ النَّبَاتُ وَلا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ عُشْرُ الْبَتَاتِ. لَكُمْ بِذَلِكَ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ وَلَنَا عَلَيْكُمُ النُّصْحُ وَالْوَفَاءُ وَذِمَّةُ اللَّهِ وَرَسُولِهُ. شَهِدَ اللَّهُ وَمَنْ حَضَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَفْدُ جَرْمٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ. أَخْبَرَنَا سَعْدُ بْنُ مُرَّةَ الْجَرْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَفَدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - رَجُلانِ مِنَّا يُقَالُ لأَحَدِهِمَا الأَصْقَعُ بْنُ شُرَيْحِ بْنِ صُرَيْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمِيرَةَ بْنِ الْهُونِ بْنِ أَعْجَبَ بْنِ قُدَامَةَ بْنِ جُرْمِ بْنِ رَيَّانَ بْنِ حُلْوَانَ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ الْحَافِ بْنِ قُضَاعَةَ. والآخر هوذة بن عمرو بن يزيد بْنِ عَمْرِو بْنِ رِيَاحٍ فَأَسْلَمَا. وَكَتَبَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كتابًا. قَالَ: فَأَنْشَدَنِي بَعْضُ الْجَرْمِيِّينَ شِعْرًا. قَالَهُ عَامِرُ بْنِ شُرَيْحٍ. يَعْنِي الأَصْقَعَ:
وَكَانَ أَبُو شُرَيْحٍ الْخَيِّرُ عَمِّي ... فَتَى الْفِتْيَانِ حَمَّالَ الْغَرَامَهْ
عَمِيدَ الْحَيِّ مِنْ جَرْمٍ إِذَا مَا ... ذَوُو الآكَالِ سَامُونَا ظُلامَهْ
وَسَابَقَ قَوْمَهُ لَمَّا دَعَاهُمْ ... إِلَى الإِسْلامِ أَحْمَدُ مِنْ تِهَامَهْ
فَلَبَّاهُ وَكَانَ لَهُ ظَهِيرًا ... فَرَفَّلَهُ عَلَى حَيَّيْ قُدَامَهْ
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا مِسْعَرُ بْنُ حَبِيبٍ. أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ الْجَرْمِيُّ أَنَّ أَبَاهُ وَنَفَرًا مِنْ قَوْمِهِ وَفَدُوا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَسْلَمَ النَّاسُ.
وَتَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَقَضُوا حَوَائِجَهُمْ. فَقَالُوا لَهُ: مَنْ يُصَلِّي بِنَا أَوْ لَنَا؟ فَقَالَ: لِيُصَلِّ بِكُمْ أَكْثَرُكُمْ جَمْعًا أَوْ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ. قَالَ: فجاؤوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَسَأَلُوا فِيهِمْ فَلَمْ يَجِدُوا فِيهِمْ أَحَدًا أَكْثَرَ أَخْذًا أَوْ جَمَعَ مِنَ الْقُرْآنِ أَكْثَرَ مِمَّا جَمَعْتُ أَوْ أَخَذْتُ. قَالَ: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلامٌ عَلَيَّ شَمْلَةٌ. فَقَدَّمُونِي فَصَلَّيْتُ بِهِمْ. فَمَا شَهِدْتُ مَجْمَعًا مِنْ جَرْمٍ إِلا وَأَنَا إِمَامُهُمْ إِلَى يَوْمِي هَذَا. قَالَ يَزِيدُ قَالَ مِسْعَرٌ: وَكَانَ يُصَلِّي عَلَى جَنَائِزِهِمْ وَيَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِهِمْ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عارف بن الفضل. أخبرنا حماد بن زياد عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ أَبُو زَيْدٍ الْجَرْمِيُّ قَالَ: كُنَّا بِحَضْرَةِ مَاءٍ مَمَرُّ النَّاسِ عَلَيْهِ. وَكُنَّا نَسْأَلُهُمْ مَا هَذَا الأَمْرُ فَيَقُولُونَ: رَجُلٌ زَعَمَ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَأَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ. وَأَنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيْهِ كَذَا وَكَذَا. فَجَعَلْتُ لا أَسْمَعُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إِلا حَفِظْتُهُ كَأَنَّمَا يُغْرَى فِي صَدْرِي بِغِرَاءٍ. حَتَّى جَمَعْتُ فِيهِ قُرْآنًا كَثِيرًا. قَالَ:
وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلامِهَا الْفَتْحَ. يَقُولُونَ: انْظُرُوا فَإِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ صَادِقٌ وَهُوَ نَبِيٌّ.(1/253)
فَلَمَّا جَاءَتْنَا وَقْعَةُ الْفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلامِهِمْ. فَانْطَلَقَ أَبِي بِإِسْلامِ حِوَائِنَا ذَلِكَ وَأَقَامَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُقِيمَ. قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ فَلَمَّا دَنَا مِنَّا تَلَقَّيْنَاهُ. فَلَمَّا رَأَيْنَاهُ قَالَ: جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ حَقًّا. ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُ يَأْمُرُكُمْ بِكَذَا وَكَذَا.
وينهاكم عن كذا وكذا. وأن تصلوا كذا في حين وكذا. وَصَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا. وَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ. وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا. قَالَ: فَنَظَرَ أَهْلُ حِوَائِنَا فَمَا وَجَدُوا أَحَدًا أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي لِلَّذِي كُنْتُ أَحْفَظُهُ مِنَ الرُّكْبَانِ. قَالَ: فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَكُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ وَأَنَا ابْنُ سِتِّ سِنِينَ. قَالَ: وَكَانَ عَلَيَّ بُرْدَةٌ كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي. فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَيِّ: أَلا تُغَطُّونَ عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ؟ قَالَ: فَكَسُونِي قَمِيصًا مِنْ مَعْقَدِ الْبَحْرَيْنِ. قَالَ: فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ أَشَدَّ مِنْ فَرَحِي بِذَلِكَ الْقَمِيصِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. أَخْبَرَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ الْجَرْمِيِّ قَالَ: كُنْتُ أَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ فَيُقْرِئُونِي الآيَةَ فَكُنْتُ أَؤُمُّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ قَالَ: ذَهَبَ أَبِي بِإِسْلامِ قَوْمِهِ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُمْ: يَؤُمُّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا. قَالَ: فَكُنْتُ أَصْغَرَهُمْ فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ. فَقَالَتِ امْرَأَةٌ:
غَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ. فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ مَا فَرِحْتُ بِذَلِكَ الْقَمِيصِ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ قَوْمِي مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: إِنَّهُ قَالَ: لِيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قِرَاءَةً لِلْقُرْآنِ. قَالَ:
فَدَعَوْنِي فَعَلَّمُونِي الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ. قَالَ: فَكُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ وَعَلَيَّ بُرْدَةٌ مَفْتُوقَةٌ. فَكَانُوا يَقُولُونَ لأَبِي: أَلا تُغَطِّي عَنَّا اسْتَ ابْنِكَ؟] .
وَفْدُ الأَزْدِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ الْكَعْبِيُّ عَنْ مُنِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَزْدِيِّ قَالَ: قَدِمَ صُرَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَزْدِيُّ فِي بَضْعَةَ عَشَرَ رَجُلا مِنْ قَوْمِهِ وَفْدًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَزَلُوا عَلَى فَرْوَةَ بْنِ عَمْرٍو فَحَيَّاهُمْ وَأَكْرَمَهُمْ. وَأَقَامُوا عِنْدَهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ. وَكَانَ صُرَدٌ أَفْضَلَهُمْ فَأَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِهِ.(1/254)
وَأَمَرَهُ أَنْ يُجَاهِدَ بِهِمْ مَنْ يَلِيهِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنْ قَبَائِلِ الْيَمَنِ. فَخَرَجَ حَتَّى نَزَلَ جُرَشَ. وَهِيَ مَدِينَةٌ حَصِينَةٌ مُغَلَّقَةٌ. وَبِهَا قَبَائِلُ مِنَ الْيَمَنِ قَدْ تَحَصَّنُوا فِيهَا. فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلامِ فَأَبَوْا. فَحَاصَرَهُمْ شَهْرًا وَكَانَ يُغِيرُ عَلَى مَوَاشِيهِمْ فَيَأْخُذُهَا. ثُمَّ تَنَحَّى عَنْهُمْ إِلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ شَكَرٌ. فَظُنُّوا أَنَّهُ قَدِ انْهَزَمَ. فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ. فَصَفَّ صُفُوفَهُ فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ هُوَ وَالْمُسْلِمُونَ. فَوَضَعُوا سُيُوفَهُمْ فِيهِمْ حَيْثُ شَاءُوا. وَأَخَذُوا مِنْ خَيْلِهِمْ عِشْرِينَ فَرَسًا. فَقَاتَلُوهُمْ عَلَيْهَا نَهَارًا طَوِيلا. وَكَانَ أَهْلُ جُرَشَ بَعَثُوا إلى رسول الله.
ص. رَجُلَيْنِ يَرْتَادَانِ وَيَنْظُرَانِ. فَأَخْبَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُلْتَقَاهُمْ وَظُفْرِ صُرَدٍ بِهِمْ. فَقَدِمَ رَجُلانِ عَلَى قَوْمِهِمَا فَقَصَّا عَلَيْهِمُ الْقِصَّةَ. فَخَرَجَ وَفْدُهُمْ حَتَّى قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فَأَسْلَمُوا فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكُمْ أَحْسَنَ النَّاسِ وجُوهًا وَأَصْدَقَهُ لِقَاءً وَأَطْيَبَهُ كَلامًا وَأَعْظَمَهُ أَمَانَةً! أَنْتُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْكُمْ. وَجَعَلَ شِعَارَهُمْ مَبْرُورًا وَحَمَّى لَهُمْ حِمًى حَوْلَ قَرْيَتِهِمْ عَلَى أَعْلامٍ مَعْلُومَةٍ.]
وَفْدُ غَسَّانَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ مُحَمَّدِ ابن بُكَيْرٍ الْغَسَّانِيِّ عَنْ قَوْمِهِ غَسَّانَ قَالُوا: قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ عَشْرٍ. الْمَدِينَةَ. وَنَحْنُ ثَلاثَةُ نَفَرٍ. فَنَزَلْنَا دَارَ رَمْلَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ. فَإِذَا وُفُودُ الْعَرَبِ كُلُّهُمْ مُصَدِّقُونَ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْنَا فِيمَا بَيْنَنَا: أَيَرَانَا شَرَّ مَنْ يَرَى مِنَ الْعَرَبِ! ثُمَّ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمْنَا وَصَدَّقْنَا وَشَهِدْنَا أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ حَقٌّ. وَلا نَدْرِي أَيَتْبَعُنَا قَوْمُنَا أَمْ لا. فَأَجَازَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجَوَائِزَ وَانْصَرَفُوا رَاجِعِينَ. فَقَدِمُوا عَلَى قَوْمِهِمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ. فَكَتَمُوا إِسْلامَهُمْ حَتَّى مَاتَ مِنْهُمْ رَجُلانِ مُسْلِمَيْنِ. وَأَدْرَكَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَامَ الْيَرْمُوكِ فَلَقِيَ أَبَا عُبَيْدَةَ فَخَبَّرَهُ بِإِسْلامِهِ فَكَانَ يُكْرِمُهُ.
وَفْدُ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْمَخْزُومِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -
خالد بن الوليد في أَرْبَعِمِائَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ عَشْرٍ إِلَى بَنِي الْحَارِثِ بِنَجْرَانَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ قَبْلَ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ ثَلاثًا. فَفَعَلَ فَاسْتَجَابَ(1/255)
لَهُ مَنْ هُنَاكَ مِنْ بَلْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ وَدَخَلُوا فِيمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ. وَنَزَلَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ يُعَلِّمُهُمُ الإِسْلامَ وَشَرَائِعَهُ وَكِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وبعث بِهِ مَعَ بِلالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ يُخْبِرُهُ عَمَّا وَطِئُوا وَإِسْرَاعِ بَنِي الْحَارِثِ إِلَى الإِسْلامِ. فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى خَالِدٍ أَنْ: بَشِّرْهُمْ وَأَنْذِرْهُمْ وَأَقْبِلْ وَمَعَكَ وَفْدُهُمْ. فَقَدِمَ خَالِدٌ وَمَعَهُ وَفْدُهُمْ. مِنْهُمْ قَيْسُ بْنُ الْحُصَيْنِ ذُو الْغُصَّةِ. وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَدَانِ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَدَانِ. وَيَزِيدُ بْنُ الْمُحَجَّلِ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُرَادٍ. وَشَدَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَنَانِيُّ. وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَأَنْزَلَهُمْ خَالِدٌ عَلَيْهِ. ثُمَّ تَقَدَّمَ خَالِدٌ وَهُمْ مَعَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فَقَالَ: مَنْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَأَنَّهُمْ رِجَالُ الْهِنْدِ؟] فَقِيلَ: بَنُو الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ. فَسَلَّمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَهِدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَأَجَازَهُمْ بِعَشْرِ أَوَاقٍ. وَأَجَازَ قَيْسَ بْنَ الْحُصَيْنِ بِاثْنَتَيْ عَشْرَةُ أُوقِيَّةٍ وَنَشٍّ وَأَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ. ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فِي بَقِيَّةِ شَوَّالٍ.
فَلَمْ يَمْكُثُوا بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ إِلا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ كَثِيرًا دَائِمًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَدِمَ عَبْدَةُ بْنُ مُسْهِرٍ الْحَارِثِيُّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ مِمَّا خَلَّفَ وَرَأَى فِي سَفَرِهِ فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُخْبِرُهُ عنها ثم قال [له رسول الله. ص: أَسْلِمْ يَا ابْنَ مُسْهِرٍ. لا تَبِعْ دِينَكَ بِدُنْيَاكَ. فَأَسْلَمَ.]
وَفْدُ هَمْدَانَ
[قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هَانِئِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ لأَيٍّ الْهَمْدَانِيُّ ثُمَّ الأَرْحَبِيُّ عَنْ أشياخهم قالوا: قدم قيس بن مالك ابن سَعْدِ بْنِ لأَيٍّ الأَرْحَبِيُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِمَكَّةَ فَقَالَ: يا رسول الله أتيتك لأؤمن بك وأنصرك. فقال ص: مَرْحَبًا بِكَ. أَتَأْخُذُونِي بِمَا فِيَّ يَا مَعْشَرَ هَمْدَانَ. قَالَ:
نَعَمْ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! قَالَ: فَاذْهَبْ إِلَى قَوْمِكَ فَإِنْ فَعَلُوا فَارْجِعْ أَذْهَبْ مَعَكَ. فَخَرَجَ قَيْسٌ إِلَى قَوْمِهِ فَأَسْلَمُوا وَاغْتَسَلُوا فِي جَوْفِ الْمِحْوَرَةِ وَتَوَجَّهُوا إِلَى الْقِبْلَةِ. ثُمَّ خَرَجَ بِإِسْلامِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: قَدْ أَسْلَمَ قَوْمِي وَأَمَرُونِي أن آخذك. فقال النبي. ص: نِعْمَ وَافِدُ الْقَوْمِ قَيْسٌ!. وَقَالَ: وَفَّيْتَ وَفَّى اللَّهُ بِكَ! وَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ](1/256)
وَكَتَبَ عَهْدَهُ عَلَى قَوْمِهِ هَمْدَانَ أَحْمُورِهَا وَغَرْبِهَا وَخَلائِطِهَا وَمَوَالِيهَا أَنْ يَسْمَعُوا لَهُ وَيُطِيعُوا وَأَنَّ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ مَا أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ. وَأَطْعَمَهُ ثَلاثَمِائَةٍ فَرَقٍ مِنْ خَيْوَانَ. مِائَتَانِ زَبِيبٌ وَذُرَةٌ شَطْرَانِ وَمِنْ عِمْرَانَ الْجَوْفِ مِائَةُ فَرَقٍ بُرٍّ. جَارِيَةٌ أَبَدًا مِنْ مَالِ اللَّهِ. قَالَ هِشَامٌ: الْفَرَقُ مِكْيَالٌ لأَهْلِ الْيَمَنِ. وَأَحْمُورُهَا قُدَمُ. وَآلُ ذِي مَرَّانٍ. وَآلُ ذِي لَعْوَةٍ. وَأَذْوَاءُ هَمْدَانَ. وَغَرْبُهَا أَرْحُبُ. وَنِهْمٌ. وَشَاكِرٌ. وَوَادِعَةُ. وَيَامٌ.
وَمُرْهِبَةُ. وَدَالانُ. وَخَارِفُ. وَعُذَرُ. وَحَجُورٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَشْيَاخِ قَوْمِهِ قَالُوا: عرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَفْسَهُ بِالْمَوْسِمِ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ مِنْ أَرْحَبَ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بن قيس ابن أُمِّ غَزَالٍ فَقَالَ:
هَلْ عِنْدَ قَوْمِكَ مِنْ مَنَعَةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَعَرَضَ عَلَيْهِ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ. ثُمَّ إِنَّهُ خَافَ أَنْ يَخْفِرَهُ قَوْمُهُ فَوَعَدَهُ الْحَجَّ مِنْ قَابِلَ ثُمَّ وَجَّهَ الْهَمْدَانِيُّ يُرِيدُ قَوْمَهُ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُبَيْدٍ يُقَالُ لَهُ ذُبَابٌ. ثُمَّ إِنَّ فِتْيَةً مِنْ أَرْحَبَ قَتَلُوا ذُبَابًا الزُّبَيْدِيَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَيْفٍ الْقُرَشِيُّ عَمَّنْ سَمَّى مِنْ رِجَالِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا: قَدِمَ وَفْدُ هَمْدَانَ عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم مُقَطَّعَاتُ الْحِبَرَةِ مُكَفَّفَةٌ بِالدِّيبَاجِ. وَفِيهِمْ حَمْزَةُ بْنُ مَالِكٍ مِنْ ذِي مِشْعَارٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: نِعْمَ الْحَيُّ هَمْدَانُ مَا أَسْرَعَهَا إِلَى النَّصْرِ وَأَصْبَرَهَا عَلَى الْجَهْدِ وَمِنْهُمْ أَبْدَالُ وَأَوْتَادُ الإِسْلامِ. فَأَسْلَمُوا وَكَتَبَ لَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كِتَابًا بِمِخْلافِ خَارِفٍ. وَيَامٍ. وَشَاكِرٍ.
وَأَهْلِ الْهَضْبِ. وَحِقَافِ الرَّمْلِ مِنْ هَمْدَانَ لِمَنْ أَسْلَمَ.
وَفْدُ سَعْدِ الْعَشِيرَةِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو كِبْرَانَ الْمُرَادِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ هَانِئِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ الْجُعْفِيِّ قَالَ: لَمَّا سَمِعُوا بِخُرُوجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَثَبَ ذُبَابٌ. رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَنَسِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ الْعَشِيرَةِ. إِلَى صَنَمٍ كَانَ لِسَعْدِ الْعَشِيرَةِ يُقَالُ لَهُ فَرَّاضٌ فَحَطَّمَهُ. ثُمَّ وَفَدَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمَ وَقَالَ:
تَبِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ إِذْ جَاءَ بِالْهُدَى ... وَخَلَّفْتُ فَرَّاضًا بِدَارِ هَوَانٍ
شَدَدْتُ عَلَيْهِ شِدَّةً فَتَرَكْتُهُ ... كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَالدَّهْرُ ذُو حِدْثَانِ(1/257)
فَلَمَّا رَأَيْتُ اللَّهَ أَظْهَرَ دِينَهُ ... أَجَبْتُ رَسُولَ اللَّهِ حِينَ دَعَانِي
فَأَصْبَحْتُ لِلإِسْلامِ مَا عِشْتُ نَاصِرًا ... وَأَلْقَيْتُ فِيهَا كُلْكُلِي وَجِرَانِي
فَمَنْ مُبَلِّغٌ سَعْدَ الْعَشِيرَةِ أَنَّنِي ... شَرَيْتُ الَّذِي يَبْقَى بِآخَرَ فَانِ؟
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ النَّخَعِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذُبَابٍ الأَنَسِيُّ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِصِفِّينَ فَكَانَ لَهُ غِنَاءٌ.
وَفْدُ عَنْسٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو زُفَرٍ الْكَلْبِيُّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ عَنْسِ بْنِ مَالِكٍ مِنْ مَذْحِجٍ قَالَ: كَانَ مِنَّا رَجُلٌ وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَاهُ وَهُوَ يَتَعَشَّى. فَدَعَاهُ إِلَى الْعَشَاءِ فَجَلَسَ. فَلَمَّا تَعَشَّى أَقْبَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فَقَالَ:
أَتَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؟ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. فَقَالَ: أَرَاغِبًا جئت أم راهبا؟ فقال: أما الرغبة فو الله ما في يديك مال. وأما الرهبة فو الله إِنَّنِي لَبِبَلَدٍ مَا تَبْلُغُهُ جُيُوشُكَ. وَلَكِنِّي خُوِّفْتُ فخفت.
وقيل لي آمن بالله فآمنت. فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْقَوْمِ فَقَالَ: رُبَّ خَطِيبٍ مِنْ عَنْسٍ! فَمَكَثَ يَخْتَلِفُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ جَاءَهُ يُوَدِّعُهُ فَقَالَ لَهُ رسول الله.
ص: اخْرُجْ. وَبَتِّتْهُ وَقَالَ: إِنْ أَحْسَسْتَ شَيْئًا فَوَائِلْ إِلَى أَدْنَى قَرْيَةٍ] . فَخَرَجَ فَوُعِكَ فِي بَعْضِ الطريق فوائل أَدْنَى قَرْيَةٍ فَمَاتَ. رَحِمَهُ اللَّهُ. وَاسْمُهُ رَبِيعَةُ.
وَفْدُ الدَّارِيِّينَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ. وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَلْبِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ رَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ الْجُذَامِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالا: قَدِمَ وفد الداريين على رسول الله.
ص. مُنْصَرَفَهُ مِنْ تَبُوكَ. وَهُمْ عَشَرَةُ نَفَرٍ. فِيهِمْ تَمِيمٌ وَنُعَيْمٌ ابْنَا أَوْسِ بْنِ خَارِجَةَ بْنِ سَوَّادِ بْنِ جَذِيمَةَ بْنِ دَرَّاعِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الدَّارِ بْنِ هَانِئِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ نُمَارَةَ بْنِ لَخْمٍ.
وَيَزِيدُ بْنُ قَيْسِ بْنِ خَارِجَةَ. وَالْفَاكِهُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ جَبَلَةَ بْنِ صَفَّارَةَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ صَفَّارَةُ. وَقَالَ هِشَامٌ صَفَّارُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ دَرَّاعِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الدَّارِ. وَجَبَلَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ(1/258)
صَفَّارَةَ. وَأَبُو هِنْدٍ وَالطَّيِّبُ ابْنَا ذَرٍّ. وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَزِينِ بْنِ عِمِّيتِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ دَرَّاعِ.
وَهَانِئُ بْنُ حَبِيبٍ. وَعَزِيزٌ وَمُرَّةُ ابْنَا مَالِكِ بْنِ سَوَّادِ بْنِ جَذِيمَةَ. فَأَسْلَمُوا. وَسَمَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الطَّيِّبَ عَبْدَ اللَّهِ وَسَمَّى عَزِيزًا عَبْدَ الرَّحْمَنِ. وَأَهْدَى هَانِئُ بْنُ حَبِيبٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاوِيَةَ خَمْرٍ وَأَفْرَاسًا وَقَبَاءً مُخَوَّصًا بِالذَّهَبِ. فَقَبِلَ الأَفْرَاسَ وَالْقَبَاءَ وَأَعْطَاهُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَقَالَ: مَا أَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: [انْتَزِعِ الذَّهَبَ فَتُحَلِّيَهُ نِسَاءَكَ أَوْ تَسْتَنْفِقَهُ ثُمَّ تَبِيعَ الدِّيبَاجَ فَتَأْخُذَ ثَمَنَهُ] . فَبَاعَهُ الْعَبَّاسُ مِنْ رَجُلٍ مِنْ يَهُودَ بِثَمَانِيَةِ آلافِ دِرْهَمٍ. وَقَالَ تَمِيمٌ: لَنَا جِيرَةٌ مِنَ الرُّومِ لَهُمْ قَرْيَتَانِ يُقَالُ لإِحْدَاهُمَا حَبْرَى. وَالأُخْرَى بَيْتُ عَيْنُونَ. فَإِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ الشَّامَ فَهَبْهُمَا لِي. قَالَ: فَهُمَا لَكَ. فَلَمَّا قَامَ أَبُو بَكْرٍ أَعْطَاهُ ذَلِكَ. وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا. وَأَقَامَ وَفْدُ الدَّارِيِّينَ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَوْصَى لَهُمْ بِحَادِ مِائَةِ وَسْقٍ.
وَفْدُ الرَّهَاوِيِّينَ. حَيٍّ مِنْ مَذْحِجٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ التَّيْمِيِّ قَالَ: قَدِمَ خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلا مِنَ الرَّهَاوِيِّينَ. وَهُمْ حَيٌّ مِنْ مَذْحِجٍ. عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَةَ عَشْرٍ. فَنَزَلُوا دَارَ رَمْلَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ. فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَتَحَدَّثَ عِنْدَهُمْ طَوِيلا. وَأَهْدُوا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَدَايَا. مِنْهَا فَرَسٌ يُقَالُ لَهُ الْمِرْوَاحُ. وَأَمَرَ بِهِ فَشُوِّرَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَعْجَبَهُ. فَأَسْلَمُوا وَتَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَالْفَرَائِضَ.
وَأَجَازَهُمْ كَمَا يُجِيزُ الْوَفْدَ. أَرْفَعَهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا. وَأَخْفَضَهُمْ خَمْسَ أَوَاقٍ. ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى بِلادِهِمْ. ثُمَّ قَدِمَ مِنْهُمْ نَفَرٌ فَحَجُّوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأوصى لهم بحاد مِائَةِ وَسْقٍ بِخَيْبَرَ فِي الْكَتِيبَةِ جَارِيَةٍ عَلَيْهِمْ وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا. فَبَاعُوا ذَلِكَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَلْبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ هِزَّانَ بْنِ سَعِيدٍ الرَّهَاوِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَفَدَ مِنَّا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عَمْرُو بْنُ سُبَيْعٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمَ فَعَقَدَ لَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لواء. فَقَاتَلَ بِذَلِكِ اللِّوَاءِ يَوْمَ صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ. وقال في إتيانه النبي. ص:
إِلَيْكَ رَسُولَ اللَّهِ أَعْمَلْتُ نَصَّهَا ... تَجُوبُ الْفَيَافِيَ سَمْلَقًا بَعْدَ سَمْلَقِ
عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ أَكْلَفَهَا السَّرَى ... تَخُبُّ بِرَحْلِي مَرَّةً ثُمَّ تُعْنِقِ(1/259)
فَمَا لَكِ عِنْدِي رَاحَةٌ أَوْ تَلَجْلَجِي ... بِبَابِ النَّبِيِّ الْهَاشِمِيِّ الْمُوَفَّقِ
عَتَقْتِ إِذًا مِنْ رِحْلَةٍ ثُمَّ رِحْلَةٍ ... وَقَطْعِ دَيَامِيمَ وَهَمٍّ مُؤَرَّقِ
قَالَ هِشَامٌ: التَّلَجْلُجُ أَنْ تَبْرُكَ فَلا تَنْهَضُ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
فَمَنْ مُبَلِّغُ الْحَسْنَاءِ أَنَّ حَلِيلَهَا ... مَصَادُ بْنُ مَذْعُورٍ تَلَجْلَجَ غَادِرًا؟
وَفْدُ غَامِدٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا: قَدِمَ وَفْدُ غَامِدٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَهْرِ رَمَضَانَ. وَهُمْ عَشَرَةٌ. فَنَزَلُوا بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ.
ثُمَّ لَبِسُوا مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِمْ. ثُمَّ انْطَلَقُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَأَقَرُّوا بِالإِسْلامِ. وَكَتَبَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كِتَابًا فِيهِ شَرَائِعُ الإِسْلامِ. وَأَتَوْا أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَعَلَّمَهُمْ قُرْآنًا. وَأَجَازَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا يُجِيزُ الْوَفْدَ وَانْصَرَفُوا.
وَفْدُ النَّخَعِ
[قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَشْيَاخِ النَّخَعِ قَالُوا: بَعَثَتِ النَّخَعُ رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَافِدَيْنِ بِإِسْلامِهِمْ. أَرْطَاةَ بْنَ شَرَاحِيلَ بْنِ كَعْبٍ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّخَعِ. وَالْجُهَيْشَ. وَاسْمُهُ الأَرْقَمُ. مِنْ بَنِي بَكْرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ النَّخَعِ. فَخَرَجَا حَتَّى قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم -
فعرض عَلَيْهِمَا الإِسْلامَ فَقَبِلاهُ. فَبَايَعَاهُ عَلَى قَوْمِهِمَا. فَأَعْجَبَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
شَأْنُهُمَا وَحُسْنُ هَيْئَتِهِمَا. فَقَالَ: هَلْ وَرَاءَكُمَا مِنْ قَوْمِكُمَا مِثْلُكُمَا؟ قَالا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ خَلَّفْنَا مِنْ قَوْمِنَا سَبْعِينَ رَجُلا كُلُّهُمْ أَفْضَلُ مِنَّا. وَكُلُّهُمْ يَقْطَعُ الأَمْرَ وَيُنْفِذُ الأَشْيَاءَ. مَا يُشَارِكُونَنَا فِي الأَمْرِ إِذَا كَانَ. فَدَعَا لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِقَوْمِهِمَا بِخَيْرٍ. وَقَالَ:
اللَّهُمَّ بَارِكْ فِي النَّخَعِ! وَعَقَدَ لأَرْطَاةَ لِوَاءً عَلَى قَوْمِهِ. فَكَانَ فِي يَدَيْهِ يَوْمَ الْفَتْحِ وَشَهِدَ بِهِ الْقَادِسِيَّةَ فَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ فَأَخَذَهُ أَخُوهُ دُرَيْدٌ فَقُتِلَ. رَحِمَهُمَا اللَّهُ. فَأَخَذَهُ سَيْفُ بْنُ الْحَارِثِ مِنْ بَنِي جَذِيمَةَ فَدَخَلَ بِهِ الْكُوفَةَ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: كَانَ آخِرُ مَنْ قَدِمَ مِنَ الْوَفْدِ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَفْدُ النَّخَعِ. وَقَدِمُوا مِنَ الْيَمَنِ لِلنِّصْفِ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ إِحْدَى(1/260)
عَشْرَةَ. وَهُمْ مِائَتَا رَجُلٍ. فَنَزَلُوا دَارَ رَمْلَةَ بنت الحارث ثم جاؤوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مُقِرِّينَ بِالإِسْلامِ وَقَدْ كَانُوا بَايَعُوا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ بِالْيَمَنِ فَكَانَ فِيهِمْ زُرَارَةُ بْنُ عَمْرٍو. قَالَ:
أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: هُوَ زُرَارَةُ بْنُ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَدَّاءٍ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا.
وَفْدُ بَجِيلَةَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ سَنَةَ عَشْرٍ الْمَدِينَةَ وَمَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ رَجُلا. [فَقَالَ رَسُولُ الله. ص: يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْفَجِّ مِنْ خَيْرِ ذِي يَمَنٍ عَلَى وَجْهِهِ مَسْحَةُ مَلَكٍ. فَطَلَعَ جَرِيرٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَمَعَهُ قَوْمُهُ فَأَسْلَمُوا وَبَايَعُوا. قَالَ جَرِيرٌ:
فَبَسَطَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَايَعَنِي وَقَالَ: عَلَى أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَتُقِيمَ الصَّلاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَنْصَحَ الْمُسْلِمَ وَتُطِيعَ الْوَالِيَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا. فَقَالَ: نَعَمْ. فَبَايَعَهُ. وَقَدِمَ قَيْسُ بْنُ عَزْرَةَ الأَحْمَسِيُّ فِي مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلا مِنْ أحمس الله. وكان يقال لهم ذاك في الجاهلية. فقال لهم رسول الله. ص:
وَأَنْتُمُ الْيَوْمَ لِلَّهِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبِلالٍ: أَعْطِ رَكْبَ بَجِيلَةَ وَابْدَأْ بِالأَحْمَسِيِّينَ.
فَفَعَلَ. وَكَانَ نُزُولُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى فَرْوَةَ بْنِ عَمْرٍو الْبَيَاضِيِّ. وكان رسول الله.
ص. يُسَائِلُهُ عَمَّا وَرَاءَهُ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ الإِسْلامَ وَأَظْهَرَ الأَذَانَ فِي مَسَاجِدِهِمْ وَسَاحَاتِهِمْ. وَهَدَّمَتِ الْقَبَائِلُ أَصْنَامَهَا الَّتِي كَانَتْ تُعْبَدُ. قَالَ: فَمَا فَعَلَ ذُو الْخَلَصَةِ؟ قَالَ: هُوَ عَلَى حَالِهِ قَدْ بَقِيَ. وَاللَّهُ مُرِيحٌ مِنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ.
ص. إِلَى هَدْمِ ذِي الْخَلَصَةِ وَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً. فَقَالَ: إِنِّي لا أَثْبَتُ عَلَى الْخَيْلِ. فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصَدْرِهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا! فَخَرَجَ فِي قَوْمِهِ. وَهُمْ زُهَاءَ مِائَتَيْنِ. فَمَا أَطَالَ الْغَيْبَةَ حتى رجع. فقال رسول الله. ص: هَدَمْتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ. وَأَخَذْتُ مَا عَلَيْهِ وَأَحْرَقْتُهُ بِالنَّارِ. فَتَرَكْتُهُ كَمَا يَسُوءُ مَنْ يَهْوَى هَوَاهُ.
وَمَا صَدَّنَا عَنْهُ أَحَدٌ. قَالَ: فَبَرَّكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا.]
وَفْدُ خَثْعَمَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُجَاهِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ(1/261)
وَعِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ عِيَاضِ بْنِ جُعْدُبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ وَعَنْ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. يَزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ.
قَالُوا: وَفَدَ عَثْعَثُ بْنُ زَحْرٍ وَأَنَسُ بْنُ مُدْرِكٍ فِي رِجَالٍ مِنْ خَثْعَمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم -
بعد ما هَدَمَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ذَا الْخَلَصَةِ. وَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ مِنْ خَثْعَمَ. فَقَالُوا: آمَنَّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. فَاكْتُبْ لَنَا كِتَابًا نَتَّبِعُ مَا فِيهِ. فَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا شَهِدَ فِيهِ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمَنْ حَضَرَ.
وفد الأشعرين
قَالُوا: وقدم الأشعرون عَلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهم خمسون رجلا. فيهم أَبُو مُوسَى الأشعري. وإخوة لهم ومعهم رجلان مِن عك. وقدموا فِي سفن فِي البحر وخرجوا بجدة. فلما دنوا مِن المدينة جعلوا يقولون: غدا نلقى الأحبة. محمدا وحزبه. ثُمَّ قدموا فوجدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفره بخيبر. ثم لقوا رسول الله.
[ص. فبايعوا وأسلموا. فقال رسول الله. ص: الأشعرون فِي النّاس كصرة فيها مسك] .
وَفْدُ حَضْرَمَوْتَ
قَالُوا: وقدم وفد حضرموت مَعَ وفد كندة عَلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهم بنو وليعة ملوك حضرموت حمدة ومخوس ومشرح وأبضعة فأسلموا. وَقَالَ مخوس: يا رسول اللَّه ادع اللَّه أن يذهب عني هذه الرتة مِن لساني. فدعا لَهُ وأطعمه طعمة مِن صدقة حضرموت. وقدم وائل بْن حجر الحضرمي وافدا عَلَى النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: جئت راغبا فِي الْإِسْلَام والهجرة. فدعا لَهُ ومسح رأسه. ونودي ليجتمع الناس: الصلاة جامعة. سرورا بقدوم وائل بْن حجر. وَأَمَرَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معاوية بْن أَبِي سُفْيَان أن ينزله. فمشى معه ووائل راكب. فَقَالَ لَهُ معاوية: ألق إلي نعلك. قَالَ: لا. إني لم أكن لألبسها وقد لبستها. قَالَ: فأردفني. قَالَ: لست مِن أرداف الملوك. قَالَ: إن الرمضاء قد أحرقت قدمي. قَالَ: امش فِي ظل ناقتي كفاك بِهِ شرفا. ولما أراد الشخوص إلى بلاده كتب له رسول الله. ص: هذا كتاب من محمد النبي لوائل بن حجر قِيلَ حضرموت: إنك أسلمت وجعلت لك ما فِي يديك مِن الأرضين والحصون(1/262)
وأن يُؤْخَذُ مِنْكَ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ وَاحِدٌ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ ذو عدل. وجعلت لك أن لا تظلم فيها ما قام الدين والنبي والمؤمنون عَلَيْهِ أنصار.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ. مَوْلًى لِبَنِي هَاشِمٍ. عَنِ ابْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ مِنْ وَلَدِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: وفد مخوس بن معديكرب بْنِ وَلِيعَةَ فِيمَنْ مَعَهُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ثُمَّ خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ فَأَصَابَ مِخْوَسًا اللَّقْوَةُ. فَرَجَعَ مِنْهُمْ نَفَرٌ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَيِّدُ الْعَرَبِ ضَرَبَتْهُ اللَّقْوَةُ. فادللنا على دوائه. [فقال رسول الله. ص: خُذُوا مِخْيَطًا فَاحْمُوهُ فِي النَّارِ ثُمَّ اقْلِبُوا شَفْرَ عَيْنِهِ فَفِيهَا شِفَاؤُهُ وَإِلَيْهَا مَصِيرُهُ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا قُلْتُمْ حِينَ خَرَجْتُمْ مِنْ عِنْدِي!] فَصَنَعُوهُ بِهِ فَبَرَأَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُهَاجِرٍ الْكِنْدِيُّ قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ ثُمَّ مِنْ تِنْعَةَ يُقَالُ لَهَا تَهْنَاةُ بِنْتُ كُلَيْبٍ صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كِسْوَةً ثُمَّ دَعَتِ ابْنَهَا كُلَيْبَ بْنَ أَسَدِ بْنِ كُلَيْبٍ فَقَالَتِ: انْطَلِقْ بِهَذِهِ الْكِسْوَةِ إِلَى النَّبِيِّ.
ص. فَأَتَاهُ بِهَا وَأَسْلَمَ. فَدَعَا لَهُ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ وَلَدِهِ يُعَرِّضُ بِنَاسٍ مِنْ قَوْمِهِ:
لَقَدْ مَسَحَ الرَّسُولُ أَبَا أَبِينَا ... وَلَمْ يَمْسَحْ وُجُوهَ بَنِي بَحِيرِ
شَبَابُهُمْ وَشَيْبُهُمْ سَوَاءٌ ... فَهُمْ فِي اللُّؤْمِ أَسْنَانُ الْحَمِيرِ
وَقَالَ كُلَيْبٌ حِينَ أَتَى النبي. ص:
مِنْ وَشْزِ بِرْهَوْتَ تَهْوِي بِي عَذَافِرُهُ ... إِلَيْكَ يَا خَيْرَ مَنْ يَحْفَى وَيَنْتَعِلُ
تَجُوبُ بِي صَفْصَفًا غُبْرًا مَنَاهِلُهُ ... تَزْدَادُ عَفْوًا إِذَا مَا كَلَّتِ الإِبِلُ
شَهْرَيْنِ أَعْمَلُهَا نَصًّا عَلَى وَجَلٍ ... أَرْجُو بِذَاكَ ثَوَابَ اللَّهِ يَا رَجُلُ
أَنْتَ النَّبِيُّ الَّذِي كُنَّا نُخَبَّرُهُ ... وَبَشَّرَتْنَا بِكَ التَّوْرَاةُ وَالرُّسُلُ
[قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ. أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ وَحُجْرٌ ابْنَا عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ قَالَ: وَفَدَ وَائِلُ بْنُ حُجْرِ بْنِ سَعْدٍ الْحَضْرَمِيُّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَدَعَا لَهُ وَرَفَّلَهُ عَلَى قَوْمِهِ ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ أَتَاكُمْ مِنْ حَضْرَمَوْتَ. وَمَدَّ بِهَا صَوْتَهُ. رَاغِبًا فِي الإِسْلامِ! ثُمَّ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: انْطَلِقْ بِهِ فَأَنْزِلْهُ مَنْزِلا بِالْحَرَّةِ. قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَانْطَلَقْتُ بِهِ وَقَدْ أَحْرَقَتْ رِجْلَيَّ الرَّمْضَاءُ فَقُلْتُ: أَرْدِفْنِي. قَالَ: لَسْتَ مِنْ أَرْدَافِ الْمُلُوكِ. قُلْتُ:
فَأَعْطِنِي نَعْلَيْكَ أَتَوَقَّى بِهِمَا مِنَ الْحَرِّ. قَالَ: لا يَبْلُغُ أَهْلَ الْيَمَنِ أَنَّ سُوقَةً لبس نعل(1/263)
مَلِكٍ. وَلَكِنْ إِنْ شِئْتَ قَصَّرْتُ عَلَيْكَ نَاقَتِي فَسِرْتَ فِي ظِلِّهَا. قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْبَأْتُهُ بِقَوْلِهِ فَقَالَ: إِنَّ فِيهِ لَعُبَيَّةً مِنْ عُبَيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ. فَلَمَّا أَرَادَ الانْصِرَافَ كَتَبَ لَهُ كِتَابًا.]
وفد أزد عمان
ثم رجع الحديث إلى حديث علي بن محمد. قالوا: أسلم أهل عمان فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - العلاء بن الحضرمي ليعلمهم شرائع الإسلام ويصدق أموالهم. فخرج وفدهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم أسد بن يبرح الطاحي. فلقوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسألوه أن يبعث معهم رجلا يقيم أمرهم. فقال مخربة العبدي.
واسمه مدرك بن خوط: ابعثني أليهم. فإن لهم علي منة. أسروني يوم جنوب فمنوا علي. فوجهه معهم إلى عمان. وقدم بعضهم سلمة بن عياذ الأزدي في ناس من قومه فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عما يعبد وما يدعو إليه. فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ادع الله أن يجمع كلمتنا وألفتنا. فدعا لهم. وأسلم سلمة ومن معه.
وفد غافق
[قالوا: وقدم جليحة بن شجار بن صحار الغافقي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رجال من قومه فقالوا: يا رسول الله نحن الكواهل من قومنا. وقد أسلمنا. وصدقاتنا محبوسة بأفنيتنا. فقال: لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم. فقال عوز بن سرير الغافقي: آمنا بالله واتبعنا الرسول.]
وفد بارق
قالوا: وقدم وفد بارق على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاهم إلى الإسلام فأسلموا وبايعوا. وكتب لهم رسول الله. ص: هذا كتاب من محمد رسول الله لبارق: لا تجز ثمارهم ولا ترعى بلادهم في مربع ولا مصيف إلا بمسألة من بارق. ومن مر بهم من المسلمين في عرك أو جدب فله ضيافة ثلاثة أيام. وإذا أينعت ثمارهم فلابن السبيل اللقاط يوسع بطنه مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْتَثِمَ. شَهِدَ أَبُو عُبَيْدَةَ بن الجراح وحذيفة بن اليمان. وكتب أبي بن كعب.(1/264)
وفد دوس
قالوا: لما أسلم الطفيل بن عمرو الدوسي دعا قومه فأسلموا. وقدم معه منهم المدينة سبعون أو ثمانون أهل بيت. وفيهم أبو هريرة وعبد الله بن أزيهر الدوسي.
وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ. فساروا إليه فلقوه هناك. فذكر لنا أن رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -
قسم لهم من غنيمة خيبر. ثم قدموا معه المدينة فقال الطفيل بن عمير: يا رسول الله لا تفرق بيني وبين قومي فأنزلهم حرة الدجاج. وقال أبو هريرة في هجرته حين خرج من دار قومه:
يا طولها من ليلة وعناءها ... على أنها من بلدة الكفر نجت
[وقال عبد الله بن أزيهر: يا رسول الله إن لي في قومي سطة ومكانا فاجعلني عليهم. فقال رسول الله. ص: يا أخا دوس إن الإسلام بدا غريبا وسيعود غريبا فمن صدق الله نجا ومن ال إلى غير ذلك هلك. إن أعظم قومك ثوابا أعظمهم صدقا ويوشك الحق أن يغلب الباطل] .
وفد ثمالة والحدان
قالوا: قدم عبد الله بن علس الثمالي ومسلية بن هزان الحداني على رسول الله.
ص. في رهط من قومهما بعد فتح مكة فأسلموا وبايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قومهم وكتب لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كتابًا بما فرض عليهم من الصدقة في أموالهم.
كتبه ثابت بن قيس بن شماس. وشهد فيه سعد بن عبادة ومحمد بن مسلمة.
وفد أسلم
قالوا: قدم عميرة بن أفصى في عصابة من أسلم فقالوا: قد آمنا بالله ورسوله واتبعنا منهاجك فاجعل لنا عندك منزلة تعرف العرب فضيلتها. فإنا إخوة الأنصار ولك علينا الوفاء والنصر في الشدة والرخاء. فقال رسول الله. ص: أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها. وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأسلم ومن أسلم من قبائل العرب ممن يسكن السيف والسهل كتابا فيه ذكر الصدقة والفرائض في المواشي. وكتب الصحيفة ثابت بن قيس بن شماس. وشهد أبو عبيدة بن الجراح وعمر بن الخطاب.(1/265)
وَفْدُ جُذَامَ
قَالُوا: قدم رفاعة بْن زيد بْن عمير بن معبد الجذامي ثُمَّ أحد بني الضبيب عَلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الهدنة قبل خيبر وأهدى لَهُ عبدا وأسلم. فكتب له رسول اللَّه.
ص. كتابا: هذا كتاب من محمد رسول الله لرفاعة بْن زيد إلى قومه ومن دخل معهم يدعوهم إلى اللَّه فمن أقبل ففي حزب اللَّه ومن أبى فله أمان شهرين. فأجابه قومه وأسلموا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ رَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ عَنِ ابْنِ قَيْسِ بْنِ نَاتِلٍ الْجُذَامِيِّ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ جُذَامَ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نُفَاثَةَ يُقَالُ لَهُ فَرْوَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ النَّافِرَةِ بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِسْلامِهِ. وَأَهْدَى لَهُ بَغْلَةً بَيْضَاءَ. وَكَانَ فَرْوَةُ عَامِلا لِلرُّومِ عَلَى مَا يَلِيهِمْ مِنَ الْعَرَبِ. وَكَانَ مَنْزِلُهُ مُعَانَ وَمَا حَوْلَهَا مِنْ أَرْضِ الشَّامِ. فَلَمَّا بَلَغَ الرُّومَ إِسْلامُهُ طَلَبُوهُ حَتَّى أَخَذُوهُ فَحَبَسُوهُ عِنْدَهُمْ. ثُمَّ أَخْرَجُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ فَقَالَ:
أَبْلِغْ سَرَاةَ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّنِي ... سِلْمٌ لِرَبِّي أَعْظُمِي وَمُقَامِي
فَضَرَبُوا عُنُقَهُ وَصَلَبُوهُ.
وَفْدُ مَهْرَةَ
رجع الحديث إلى حديث عَلِيّ بْن مُحَمَّد. قَالُوا: قدم وفد مَهْرَة عليهم مهري بْن الأبيض. فعرض عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْإِسْلَام فأسلموا. ووصلهم وكتب لهم: هذا كتاب مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِمَهْرِيِّ بْنِ الأَبْيَضِ عَلَى مِن آمن بِهِ مِن مَهْرَة ألا يؤكلوا ولا يعركوا وعليهم إقامة شرائع الْإِسْلَام فمن بدل فقد حارب ومن آمن بِهِ فله ذمة الله وذمة رسوله. اللقطة مؤداة والسارحة منداة والتفث السيئة والرفث الفسوق. وكتب مُحَمَّد بْن مسلمة الْأَنْصَارِيّ. قال: يعني بقوله لا يؤكلون أي لا يغار عليهم.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرُ بْنُ عِمْرَانَ الْمَهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ. قَالُوا: وَفَدَ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل مِنْ مَهْرَةَ يُقَالُ لَهُ زُهَيْرُ بْنُ قِرْضِمِ بْنِ الْعُجَيْلِ بْنِ قَبَاثِ بْنِ قَمْوَمَيِّ بْنِ نقلان العبدي بن الآمِرِيِّ بْنِ مَهْرِيِّ بْنِ حَيْدِانَ بْنِ عَمْرِو بن(1/266)
الْحَافِ بْنِ قُضَاعَةَ مِنَ الشِّحْرِ. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُدْنِيهِ وَيُكْرِمُهُ لِبُعْدِ مَسَافَتِهِ.
فَلَمَّا أَرَادَ الانْصِرَافَ ثَبَّتَهُ وَحَمَلَهُ وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا. فَكِتَابُهُ عِنْدَهُمْ إِلَى الْيَوْمِ.
وَفْدُ حِمْيَرَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صُهْبَانَ عَنْ زَامِلِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ شِهَابِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَوْلانِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ حِمْيَرَ أَدْرَكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَفَدَ عَلَيْهِ قَالَ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَالِكُ بْنُ مُرَارَةَ الرَّهَاوِيُّ رَسُولُ مُلُوكِ حِمْيَرَ بِكِتَابِهِمْ وَإِسْلامِهِمْ. وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ. فَأَمَرَ بِلالا أَنْ يُنْزِلَهُ وَيُكْرِمَهُ وَيُضَيِّفَهُ. وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كُلالٍ وَإِلَى نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ كُلالٍ وَإِلَى النُّعْمَانِ قَيْلِ ذِي رُعَيْنٍ وَمَعَافِرٍ وَهَمْدَانَ: أَمَّا بَعْدُ ذَلِكُمْ فَإِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ وَقَعَ بِنَا رَسُولُكُمْ مَقْفَلَنَا مِنْ أَرْضِ الرُّومِ فَبَلَّغَ مَا أَرْسَلْتُمْ وَخَبَّرَ عَمَّا قِبَلَكُمْ وَأَنْبَأَنَا بِإِسْلامِكُمْ وَقَتْلِكُمُ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ هَدَاكُمْ بِهُدَاهُ إِنْ أَصْلَحْتُمْ وَأَطَعْتُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَأَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَأَعْطَيْتُمْ مِنَ الْمَغْنَمِ خُمُسَ اللَّهِ وَخُمُسَ نَبِيِّهِ وَصَفِيَّهُ وَمَا كُتِبَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الصَّدَقَةِ.
وفد نجران
رجع الحديث إلى حديث عَلِيّ بْن مُحَمَّد الْقُرَشِيّ. قَالُوا: وكتب رَسُول اللَّهِ.
ص. إلى أهل نجران. فخرج إِلَيْهِ وفدهم أربعة عشر رجلا مِن أشرافهم نصارى.
فيهم العاقب. وهو عَبْد المسيح. رَجُل مِن كندة. وأبو الحارث بْن علقمة. رَجُل مِن بني ربيعة. وأخو كرز. والسيد وأوس ابنا الحارث. وزيد بْن قيس. وشيبة. وخويلد.
وخالد. وعمرو. وَعُبَيْد اللَّه. وفيهم ثلاثة نفر يتولون أمورهم. والعاقب. وهو أميرهم وصاحب مشورتهم والذي يصدرون عَن رأيه. وأبو الحارث. أسقفهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مدراسهم. والسيد. وهو صاحب رحلتهم. فتقدمهم كرز أخو أَبِي الحارث وهو يَقُولُ:
إليك تغدو قلقا وضينها ... معترضا في بطنها جنينها
مخالفا دين النصارى دينها(1/267)
فقدم عَلَى النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قدم الوفد بعده. فدخلوا المسجد عليهم ثياب الحبرة. وأردية مكفوفة بالحرير. فقاموا يصلون فِي المسجد نحو المشرق. [فَقَالَ رَسُول اللَّهِ. ص: دعوهم. ثُمَّ أتوا النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأعرض عَنْهُمْ ولم يكلمهم.
فَقَالَ لهم عثمان: ذَلِكَ مِن أجل زيكم هذا. فانصرفوا يومهم ذَلِكَ. ثُمَّ غدوا عَلَيْهِ بزي الرهبان فسلموا عَلَيْهِ. فرد عليهم ودعاهم إلى الْإِسْلَام. فأبوا وكثر الكلام والحجاج بينهم. وتلا عليهم القرآن. وقال رسول الله. ص: إن أنكرتم ما أقول لكم فهلم أباهلكم] . فانصرفوا عَلَى ذَلِكَ. فغدا عَبْد المسيح ورجلان مِن ذوي رأيهم عَلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: قد بدا لنا أن لا نباهلك فاحكم علينا بما أحببت نعطك ونصالحك. فصالحهم عَلَى ألفي حلة. ألف فِي رجب. وألف فِي صفر. أوقية كل حلة مِن الأواقي. وعلى عارية ثلاثين درعا. وثلاثين رمحا. وثلاثين بعيرا.
وثلاثين فرسا. إن كَانَ باليمن كيد. ولنجران وحاشيتهم جوار اللَّه وذمة محمد النبي رسول الله على أنفسهم وملتهم وأرضهم وأموالهم وغائبهم وشاهدهم وبيعهم. لا يغير أسقف عَن سقيفاه. ولا راهب عَن رهبانيته. ولا واقف عَن وقفانيته. وأشهد عَلَى ذَلِكَ شهودا. منهم أَبُو سُفْيَان بْن حرب. والأقرع بْن حابس. والمغيرة بْن شعبة. فرجعوا إلى بلادهم فلم يلبث السيد والعاقب إلا يسيرا حتى رجعا إلى النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - فأسلما وأنزلهما في دار أَبِي أيّوب الْأَنْصَارِيّ. وأقام أهل نجران عَلَى ما كتب لهم بِهِ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى قبضه اللَّه. صلوات اللَّه عَلَيْهِ ورحمته ورضوانه وسلامه. ثُمَّ ولي أَبُو بَكْر الصديق فكتب بالوصاة بهم عند وفاته. ثُمَّ أصابوا ربا فأخرجهم عُمَر بْن الْخَطَّاب مِن أرضهم وكتب لهم: هذا ما كتب عُمَر أمير المؤمنين لنجران مِن سار منهم إنه آمن بأمان اللَّه لا يضرهم أحد مِن المسلمين. وفاء لهم بما كتب لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بَكْر. أما بعد فمن وقعوا بِهِ مِن أمراء الشأم وأمراء العراق فليوسعهم مِن جريب الأرض. فما اعتملوا مِن ذَلِكَ فهو لهم صدقة وعقبة لهم بمكان أرضهم لا سبيل عليهم فِيهِ لأحد ولا مغرم.
أما بعد فمن حضرهم مِن رَجُل مُسْلِم فلينصرهم عَلَى مِن ظلمهم. فإنهم أقوام لهم الذمة وجزيتهم عَنْهُمْ متروكة أربعة وعشرين شهرا بعد أن تقدموا ولا يكلفوا إلا مِن ضيعتهم الّتي اعتملوا غير مظلومين ولا معنوف عليهم. شهد عثمان بْن(1/268)
عفان. ومعيقب بْن أَبِي فاطمة. فوقع ناس منهم بالعراق فنزلوا النجرانية الّتي بناحية الكوفة.
وَفْدُ جَيْشَانَ
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: بَلَغَنِي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: قَدِمَ أَبُو وَهْبٍ الْجَيْشَانِيُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ فَسَأَلُوهُ عَنْ أَشْرِبَةٍ تَكُونُ بِالْيَمَنِ. قَالَ: فَسَمُّوا لَهُ البتع من العسل والمزر من الشعير. [فقال رسول الله.
ص: هَلْ تَسْكَرُونَ مِنْهَا؟ قَالُوا: إِنْ أَكْثَرْنَا سَكِرْنَا. قَالَ: فَحَرَامٌ قَلِيلُ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ. وَسَأَلُوهُ عَنِ الرَّجُلِ يَتَّخِذُ الشَّرَابَ فَيَسْقِيهِ عُمَّالَهُ. فَقَالَ رسول الله. ص:
كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ] .
وَفْدُ السِّبَاعِ
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ عُبَادَةَ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ بِالْمَدِينَةِ فِي أَصْحَابِهِ أَقْبَلَ ذِئْبٌ فَوَقَفَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَوَى بين يديه. [فقال رسول الله. ص: هَذَا وَافِدُ السِّبَاعِ إِلَيْكُمْ فَإِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ تَفْرِضُوا لَهُ شَيْئًا لا يَعْدُوهُ إِلَى غَيْرِهِ وَإِنْ أَحْبَبْتُمْ تَرَكْتُمُوهُ وَتَحَرَّزْتُمْ مِنْهُ فَمَا أَخَذَ فَهُوَ رِزْقُهُ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَطِيبُ أَنْفُسُنَا لَهُ بِشَيْءٍ. فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَصَابِعِهِ. أَيْ خَالِسْهُمْ. فَوَلَّى وَلَهُ عَسَلانِ.](1/269)
ذِكْرُ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي فَرْوَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَأَلَ كَعْبَ الأَحْبَارِ: كَيْفَ تَجِدُ نَعْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّوْرَاةِ؟ فَقَالَ: نَجِدُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. مَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ. وَمُهَاجَرُهُ إِلَى طَابَةَ. وَيَكُونُ مُلْكُهُ بِالشَّامِ. لَيْسَ بِفَحَّاشٍ وَلا بِصَخَّابِ فِي الأَسْوَاقِ. وَلا يُكَافِئُ بِالسَّيِّئَةِ. وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ.
أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: قَالَ كَعْبٌ: إِنَّ نَعْتَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّوْرَاةِ مُحَمَّدٌ عَبْدِي الْمُخْتَارُ. لا فَظَّ وَلا غَلِيظَ وَلا صَخَّابَ فِي الأَسْوَاقِ. وَلا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ. وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ. مَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ. وَمُهَاجَرُهُ بِالْمَدِينَةِ. وَمُلْكُهُ بِالشَّامِ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: إِنَّا نَجْدُ فِي التَّوْرَاةِ مُحَمَّدٌ النَّبِيُّ الْمُخْتَارُ لا فَظَّ وَلا غَلِيظَ. وَلا صَخَّابَ فِي الأَسْوَاقِ. وَلا يَجْزِي السَّيِّئَةَ السَّيِّئَةَ. وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ صِفَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّوْرَاةِ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ» . أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ.
لَيْسَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ. وَلا صَخِبٍ بِالأَسْوَاقِ. وَلا يَجْزِي السَّيِّئَةَ بِالسَّيِّئَةِ. وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ. وَلَنْ أَقْبِضَهُ حَتَّى أُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْمُتَعَوِّجَةَ. بِأَنْ يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. فَيَفْتَحَ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلْفًا. فَبَلَّغُوا ذَلِكَ كَعْبًا فَقَالَ: صَدَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ أَلا إِنَّهَا بِلِسَانِهِمْ أَعْيُنًا عَمُومِيِّينَ وَآذَانًا صَمُومِيِّينَ وَقُلُوبًا غَلُوفِيِّينَ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ. حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّ يَهُودِيًّا قَالَ: مَا كَانَ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ نَعْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّوْرَاةِ إِلا رَأَيْتُهُ إِلا الْحِلْمَ. وَإِنِّي أَسْلَفْتُهُ ثَلاثِينَ دِينَارًا إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. فَتَرَكْتُهُ حَتَّى إِذَا بَقِيَ مِنَ(1/270)
الأَجَلِ يَوْمٌ أَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ اقْضِ حَقِّي فَإِنَّكُمْ مَعَاشِرَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَطْلٌ.
فَقَالَ عُمَرُ: يَا يَهُودِيُّ الْخَبِيثُ أَمَا وَاللَّهِ لَوْلا مَكَانُهُ لَضَرَبْتُ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاكَ! [فَقَالَ رسول الله. ص: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا حَفْصٍ. نَحْنُ كُنَّا إِلَى غَيْرِ هَذَا مِنْكَ أَحْوَجَ إِلَى أَنْ تَكُونَ أَمَرْتَنِي بِقَضَاءِ مَا عَلَيَّ وَهُوَ إِلَى أَنْ تَكُونَ أَعَنْتَهُ فِي قَضَاءِ حَقِّهِ أَحْوَجُ. قَالَ: فَلَمْ يَزِدْهُ جَهْلِي عَلَيْهِ إِلا حِلْمًا. قَالَ: يَا يَهُودِيُّ إِنَّمَا يَحِلُّ حَقُّكَ غَدًا. ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا حَفْصٍ اذْهَبْ بِهِ إِلَى الْحَائِطِ الَّذِي كَانَ سَأَلَ أَوَّلَ يَوْمٍ فَإِنْ رَضِيَهُ فَأَعْطِهِ كَذَا وَكَذَا صَاعًا وَزِدْهُ لِمَا قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا صَاعًا فَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَاعْطِهِ ذَلِكَ مِنْ حَائِطِ كَذَا وَكَذَا] .
فَأَتَى بِي الْحَائِطَ فَرَضِيَ تَمْرَهُ. فَأَعْطَاهُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا أَمَرَهُ مِنَ الزِّيَادَةِ.
قَالَ: فَلَمَّا قَبَضَ الْيَهُودِيُّ تَمْرَهُ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ. مَا حَمَلَنِي عَلَى مَا رَأَيْتَنِي صَنَعْتُ يَا عُمَرُ إِلا أَنِّي قَدْ كُنْتُ رَأَيْتُ فِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صِفَتَهُ فِي التَّوْرَاةِ كُلَّهَا إِلا الْحِلْمَ. فَاخْتَبَرْتُ حِلْمَهُ الْيَوْمَ فَوَجَدْتُهُ عَلَى مَا وُصِفَ فِي التَّوْرَاةِ. وَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ هَذَا التَّمْرَ وَشَطْرَ مَالِي فِي فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ. فَقَالَ عُمَرُ فَقُلْتُ: أَوْ بَعْضِهِمْ.
فَقَالَ: أَوْ بَعْضِهِمْ. قَالَ: وَأَسْلَمَ أَهْلُ بَيْتِ الْيَهُودِيِّ كُلُّهُمْ إِلا شَيْخًا كَانَ ابْنَ مِائَةِ سَنَةٍ فَعَسَا عَلَى الْكُفْرِ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ. وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ وَشُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالا: أَخْبَرَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَمُلَيْحٌ: أَخْبَرَنَا هِلالٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ صِفَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّوْرَاةِ فَقَالَ: أَجَلْ وَاللَّهِ إِنَّهُ مَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِصِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً» الأحزاب: 45. وَهِيَ فِي التَّوْرَاةِ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ. أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ. لَيْسَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ وَلا صَخَّابٍ بِالأَسْوَاقِ. وَلا يَدْفَعُ السَّيِّئَةَ بِالسَّيِّئَةِ. وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ. وَلَنْ أَقْبِضَهُ حَتَّى أُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ. بِأَنْ يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. فَيَفْتَحَ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا. وَآذَانًا صُمًّا. وَقُلُوبًا غُلْفًا. بِأَنْ يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. قَالَ عَطَاءٌ فِي حَدِيثِ فُلَيْحٍ: ثُمَّ لَقِيتُ كَعْبًا فَسَأَلْتُهُ فَمَا اخْتَلَفَ فِي حَرْفٍ إِلا أَنَّ كَعْبًا يَقُولُ بِلُغَتِهِ أَعْيُنًا عَمُومًى. وَآذَانًا صَمُومًى. وَقُلُوبًا غَلُوفًى.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ بَحِيرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ(1/271)
عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَيْسَ بِوَاهِنٍ ولا كسيل يفتح أعينا كانت عمياء. وَيُسْمِعُ آذَانًا كَانَتْ صُمًّا. وَيَخْتُنُ قُلُوبًا كَانَتْ غُلْفًا. وَيُقِيمُ سُنَّةً كَانَتْ عَوْجَاءَ. حَتَّى يُقَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ. أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ نَعْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ الْكُتُبِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. لَيْسَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ. وَلا صَخُوبٍ في الأسواق. ولا يجزي بالسيئة مثلها. ولكن يَعْفُو وَيَصْفَحُ. أُمَّتُهُ الْحَمَّادُونَ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابن عباس: فاسألوا أهل الذكر. قَالَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ إِنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: «إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى» البقرة: 159 الآيَةَ قَالَ: هُمُ الْيَهُودُ كَتَمُوا مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمْ يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ. قَالَ: «وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ» البقرة: 159. قَالَ: مِنْ مَلائِكَةِ اللَّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكْتُوبٌ فِي الإِنْجِيلِ لا فَظَّ وَلا غَلِيظَ. وَلا صَخَّابَ فِي الأَسْوَاقِ. ولا يجزي بالسيئة مثلها. ولكن يعفو ويصفح.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيِّ عَنْ سَهْلٍ مَوْلَى عُتَيْبَةَ أَنَّهُ كَانَ نَصْرَانِيًّا مِنْ أَهْلِ مَرِيسٍ. وَأَنَّهُ كَانَ يَتِيمًا فِي حِجْرِ أُمِّهِ وَعَمِّهِ. وَأَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ الإِنْجِيلَ. قَالَ: فَأَخَذْتُ مُصْحَفًا لِعَمِّي فَقَرَأْتُهُ حَتَّى مَرَّتْ بِي وَرَقَةٌ. فَأَنْكَرْتُ كِتَابَتَهَا حِينَ مَرَّتْ بِي وَمَسِسْتُهَا بِيَدِي. قَالَ: فَنَظَرْتُ فَإِذَا فَصُولُ الْوَرَقَةِ مُلْصَقٌ بِغِرَاءٍ. قَالَ: فَفَتَقْتُهَا فَوَجَدْتُ فِيهَا نَعْتَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لا قَصِيرَ وَلا طَوِيلَ. أَبْيَضُ. ذُو ضَفِيرَيْنِ. بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمٌ. يُكْثِرُ الاحْتِبَاءَ. وَلا يَقْبَلُ الصَّدَقَةَ. وَيَرْكَبُ الْحِمَارَ وَالْبَعِيرَ. وَيَحْتَلِبُ الشَّاةَ. وَيَلْبَسُ قَمِيصًا مَرْقُوعًا. وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ بَرِئَ مِنَ الْكِبْرِ. وَهُوَ يَفْعَلُ ذَلِكَ. وَهُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ اسْمُهُ أَحْمَدُ. قَالَ سَهْلٌ: فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى هَذَا مِنْ ذِكْرِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَ عَمِّي. فَلَمَّا رَأَى الْوَرَقَةَ ضَرَبَنِي وَقَالَ: مَا لَكَ وَفَتْحِ هَذِهِ الْوَرَقَةِ وَقِرَاءَتِهَا؟ فَقُلْتُ: فِيهَا نَعْتُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْمَدُ. فَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ.(1/272)
ذِكْرُ صِفَةِ أَخْلاقِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: سُئِلَتْ عَائِشَةُ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنِي رَجُلٌ.
حَدَّثَنِي مَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَ لَهَا: حَدِّثِينِي بِأَخْلاقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: أَلَسْتَ رَجُلا عَرَبِيًّا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ قُلْتُ: بَلَى. قَالَتْ: فَإِنَّ الْقُرْآنَ خُلُقُهُ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ:
أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ قُلْتُ: بَلَى. قَالَتْ: فَإِنَّ خُلُقَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقُرْآنُ. قَالَ قَتَادَةُ: وَإِنَّ الْقُرْآنَ جَاءَ بِأَحْسَنِ أَخْلاقِ النَّاسِ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَهْطًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اجْتَمَعُوا فَقَالُوا: لَوْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَسَأَلْنَاهُنَّ عَمَّا نَحَلُوا عَلَيْهِ. يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْعَمَلِ لَعَلَّنَا أَنْ نَقْتَدِيَ بِهِ. فَأَرْسَلُوا إِلَى هَذِهِ ثُمَّ هَذِهِ. فَجَاءَ الرَّسُولُ بِأَمْرٍ وَاحِدٍ: إِنَّكُمْ تُسْأَلُونَ عَنْ خُلُقِ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَخُلُقُهُ الْقُرْآنُ. وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَبِيتُ يُصَلِّي وَيَنَامُ وَيَصُومُ وَيُفْطِرُ وَيَأْتِي أَهْلَهُ. أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - أحسن الناس خلقا «1» .
__________
(1) انظر: [صحيح البخاري (8/ 55) ، وصحيح مسلم، المساجد باب (48) ، حديث (267) ، والأداب، الباب (5) ، حديث (30) ، والفضائل باب (13) ، حديث (55) ، ومسند أحمد بن حنبل (3/ 212، 270) ، (6/ 236) ، والسنن الكبرى (2/ 436) ، (3/ 66) ، (5/ 203) ، (9/ 910) ، وفتح الباري (10/ 582) ، ودلائل النبوة (1/ 313) ، والصمت وآداب اللسان لابن أبي الدنيا (321) ، والتواضع والخمول (163) ] .(1/273)
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ قَالا: أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ كَيْفَ كَانَ خُلُقُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا. لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا وَلا صَخَّابًا فِي الأَسْوَاقِ. وَلا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ مِثْلَهَا. وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ. أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ حَدَّثَهُ عن خارجة بن زيد ابن ثَابِتٍ قَالَ: دَخَلَ نَفَرٌ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَقَالُوا: حَدِّثْنَا عَنْ أَخْلاقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَقَالَ: مَاذَا أُحَدِّثُكُمْ؟ كُنْتُ جَارَهُ. فَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَكَتَبْتُهُ لَهُ.
وَكَانَ إِذَا ذَكَرْنَا الدُّنْيَا ذَكَرَهَا مَعَنَا. وَإِذَا ذَكَرْنَا الطَّعَامَ ذَكَرَهُ مَعَنَا. أَفَكُلُّ هَذَا أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ؟.
أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا حارثة ابن أَبِي الرِّجَالِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سُئِلَتْ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا خَلا فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ أَلْيَنَ النَّاسِ وَأَكْرَمَ النَّاسِ. وَكَانَ رَجُلا مِنْ رِجَالِكُمْ إِلا أَنَّهُ كَانَ ضَحَّاكًا بَسَّامًا «1» .
أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ قَالُوا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ. قَالَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ فِي حَدِيثِهِ: وَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ خَرَجَ فَصَلَّى. وَقَالَ عَفَّانُ فِي حَدِيثِهِ: وَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ قَامَ إِلَى الصَّلاةِ. قَالَ شُعْبَةُ: وَفِي الصَّحِيفَةِ خَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ. وَحَفِظَ شُعْبَةُ قام إلى الصلاة.
__________
(1) انظر: [فتح الباري (10/ 461) ، ومكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا (396) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (1/ 340) ، والبداية والنهاية (6/ 52) ] .(1/274)
أَخْبَرَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قِيلَ لِعَائِشَةَ مَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: مَا يَصْنَعُ أَحَدُكُمْ. يُرَقِّعُ ثَوْبَهُ وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ. وَأَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ.
أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى كِلاهُمَا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ: مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ وَيَعْمَلُ مَا تَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ.
أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِلابِيُّ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْنَعُ فِي أَهْلِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ. فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ. وَرُبَّمَا قَالَتْ: قَامَ. تَعْنِي بِالْمِهْنَةِ.
فِي خِدْمَةِ أَهْلِهِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْخُرَاسَانِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْفُرَافِصَةِ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ.
ص. يَعْمَلُ عَمَلَ الْبَيْتِ وَأَكْثَرُ مَا يَعْمَلُ الْخَيَاطَةُ «1» .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة قَالَتْ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَيْسَرُ مِنَ الآخَرِ إِلا اخْتَارَ الَّذِي هُوَ الأَيْسَرُ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى الأَشْجَعِيُّ وَمُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالا: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَمْرَيْنِ إِلا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا. فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ. وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَفْسِهِ إِلا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةَ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ.
أَخْبَرَنَا محمد بن مصعب القرقساني. أخبرنا الأوزاعي عن الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. أَخْبَرَنَا
__________
(1) انظر: [كنز العمال (18520) ] .(1/275)
مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ وَنُعْمَانُ. قَالَ عَفَّانُ أَوْ أَحَدُهُمَا. عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ.
رضي الله عَنْهَا. قَالَتْ: مَا لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْلِمًا مِنْ لَعْنَةٍ تُذْكَرُ. وَلا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا يُؤْتَى إِلَيْهِ إِلا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرُمَاتُ اللَّهِ. وَلا ضَرَبَ بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ إِلا أَنْ يَضْرِبَ بِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَلا سُئِلَ شَيْئًا قَطُّ فَمَنَعَهُ إِلا أَنْ يُسْأَلَ مَأْثَمًا. فَإِنَّهُ كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ.
وَلا خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا. وَقَالَتْ: كَانَ إِذَا كَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِجِبْرِيلَ يُدَارِسُهُ كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة. رضي الله عَنْهَا. قَالَتْ: مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَادِمًا لَهُ وَلا امْرَأَةً وَلا ضَرَبَ بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ إِلا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خادما ولا امرأة بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ إِلا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَلا خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلا كَانَ أَحَبُّهُمَا إِلَيْهِ أَيْسَرَهُمَا حَتَّى يَكُونَ إِثْمًا. فَإِذَا كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنَ الإِثْمِ. وَلا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ يُؤْتَى إِلَيْهِ حَتَّى تُنْتَهَكَ حُرُمَاتُ اللَّهِ فَيَكُونَ هُوَ يَنْتَقِمُ لَهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عروة عن عائشة. رضي الله عَنْهَا.
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ.
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَضْرِبِ امْرَأَةً وَلا خَادِمًا وَلا ضَرَبَ بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ إِلا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عُتْبَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا. وَكَانَ إذا كره الشيء عرفناه في وجهه «1» .
__________
(1) انظر: [صحيح البخاري (4/ 230) ، (8/ 32، 35) ، وصحيح مسلم في الفضائل، الباب 16، حديث (67) ، ومسند أحمد بن حنبل (3/ 71، 91) ، والسنن الكبرى (10/ 192، 199) ، ودلائل النبوة (1/ 316) ، والشمائل (192) ، ومكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا (81) ، والبداية والنهاية (6/ 43) ] .(1/276)
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُوسَى بْنُ دَاوُدَ وَهِشَامُ بْنُ سَعِيدٍ الْبَزَّازُ قَالُوا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ مُوسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عبيد ابن عُمَيْرٍ وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أُتِيَ فِي غَيْرِ حَدٍّ إِلا عَفَا عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ. وَأَخْبَرَنَا خالد بن مخلد البجلي عن منكدر ابن مُحَمَّدٍ. وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ الْمَكِّيُّ. أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ. يَعْنِي الزَّنْجِيَّ. حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ. كُلُّهُمْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. قَالَ: شَهِدْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: مَا سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا قَطُّ فَقَالَ لا.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَلاءِ الْخَفَّافُ وَخَالِدُ بْنُ طَهْمَانَ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يَكَادُ يَقُولُ لِشَيْءٍ لا. فَإِذَا هُوَ سُئِلَ فَأَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ قَالَ نَعَمْ. وَإِذَا لَمْ يُرِدْ أَنْ يَفْعَلَ سَكَتَ. فَكَانَ قَدْ عُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ وَمُوسَى بْنُ داود الضبي قالا: أخبرنا إبراهيم ابن سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ. وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ. فَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقُرْآنَ. فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ «1» .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو الْبَصْرِيُّ وَمُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالا:
أَخْبَرَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِلالٍ. وَهُوَ هِلالُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ وَابْنُ أَبِي هِلالِ بْنُ عَلِيٍّ.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبابا ولا فحاشا ولا لعانا. كان
__________
(1) انظر: [صحيح البخاري (1/ 5) ، (3/ 33) ، (4/ 137، 229) ، (8/ 16) ، وصحيح مسلم، الفضائل (48) ، (50) ، ومسند أحمد بن حنبل (1/ 363) ، والسنن الكبرى (4/ 305) ، ومكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا (385) ] .(1/277)
يَقُولُ لأَحَدِنَا عِنْدَ الْمُعَاتَبَةِ: [مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ؟] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ مَوْلَى عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: [كَانَتْ خَصْلَتَانِ لا يَكِلُهُمَا إِلَيَّ أَحَدٌ:
الْوُضُوءُ مِنَ اللَّيْلِ حِينَ يَقُومُ. وَالسَّائِلُ يَقُومُ حَتَّى يُعْطِيَهُ] .
أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ ابن صَالِحٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُرَ خَارِجًا مِنَ الْغَائِطِ قَطُّ إِلا تَوَضَّأَ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جحش. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْجِبُهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْ مِخْضَبٍ لِي صُفْرٍ «1» .
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سوار أبو العلاء الخراساني. أخبرنا ليث بن سعد أن معاوية ابن صَالِحٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا حَمْزَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ عائشة. رضي الله عَنْهَا. قَالَتْ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا. وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَفْسِهِ مِنْ أَحَدٍ قَطُّ إِلا أَنْ يُؤْذَى فِي اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ. وَلا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكِلُ صَدَقَتَهُ إِلَى غَيْرِ نَفْسِهِ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَضَعُهَا فِي يَدِ السَّائِلِ. وَلا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَلَ وَضُوءَهُ إِلَى غَيْرِ نَفْسِهِ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يُهَيِّئُ وَضُوءَهُ لِنَفْسِهِ حَتَّى يَقُومَ مِنَ اللَّيْلِ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْكَبُ الْحِمَارَ. وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ «2» .
أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَاضِي أَهْلِ الْكُوفَةِ. حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُسْلِمٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يُجِيبُ دَعْوَةَ الْعَبْدِ.
أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه كان يجيب دعوة العبد.
__________
(1) انظر: [كنز العمال (17849) ] .
(2) انظر: [شرح السنة (12/ 126) ، والزهد لابن المبارك (353) ] .(1/278)
أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْكَبُ الْحِمَارَ. وَيُرْدِفُ بَعْدَهُ. وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنِ ابْنِ عَجْلانَ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: كَانَتْ فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِصَالٌ لَيْسَتْ فِي الْجَبَّارِينَ. كَانَ لا يَدْعُوهُ أَحْمَرُ وَلا أَسْوَدُ مِنَ النَّاسِ إِلا أَجَابَهُ. وَكَانَ رُبَّمَا وَجَدَ تَمْرَةً مُلْقَاةً فَيَأْخُذُهَا فَيَهْوِي بِهَا إِلَى فِيهِ وَإِنَّهُ لَيَخْشَى أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ. وَكَانَ يَرْكَبُ الْحِمَارَ عُرْيًا لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ مُسْلِمٍ مَوْلَى الشَّعْبِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكِبَ حِمَارًا عُرْيًا «1» .
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبْعِيُّ. أَخْبَرَنَا الأَحْوَصُ بْنُ حُكْمٍ عَنْ رَاشِدِ بن سعد المقرئي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أَجَابَ دَعْوَةَ عَبْدٍ.
أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مسلم عن أنس ابن مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ «2» .
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُسْلِمٍ الأَعْوَرِ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَعُودُ الْمَرِيضَ. وَيَشْهَدُ الْجَنَازَةَ. وَيَرْكَبُ الْحِمَارَ. وَيَأْتِي دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ. وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَوْمَ خَيْبَرَ عَلَى حِمَارٍ خِطَامُهُ لِيفٌ «3» .
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ حَبِيبٍ الْعَدَوِيُّ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْعُدُ عَلَى الأَرْضِ. وَيَأْكُلُ عَلَى الأَرْضِ. وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ وَيَقُولُ: [لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذراع لأجبت ولو أهدي إلي
__________
(1) انظر: [المستدرك (1/ 61) ، وكنز العمال (18144) ] .
(2) انظر: [المستدرك (2/ 266) ، وسنن ابن ماجة (2296) ، ومصنف ابن أبي شيبة (3/ 164) ، وحلية الأولياء (7/ 312) ] .
(3) انظر: [المستدرك (2/ 466) ، وشرح السنة (13/ 41) ، ودلائل النبوة (4/ 204) ، ومكارم الإخلاق (62) ، والبداية والنهاية (4/ 184) .(1/279)
كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ] . وَكَانَ يَعْقِلُ شَاتَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُقَاتِلِ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ:
أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ «1» . وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجْلِسُ مُحْتَفِزًا] .
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ فَأَخْبَرُوهُمْ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لا آكُلُ اللَّحْمَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَصُومُ وَلا أُفْطِرُ. [فَحَمِدَ اللَّهَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: ما بال أقوام كَذَا وَكَذَا؟ لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي] » .
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ كَانَ أَكْثَرَهَا نِسَاءً.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الْخُرَاسَانِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ أَنَّ الْحَسَنَ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: هَذَا نَبِيِّي هَذَا خِيَارِي ائْتَسُوا بِهِ وَخُذُوا فِي سُنَّتِهِ وَسَبِيلِهِ. لَمْ يَكُنْ تُغْلَقُ دُونَهُ الأَبْوَابُ. وَلا تَقُومُ دونه الحجبة. وَلا يُغْدَى عَلَيْهِ بِالْجِفَانِ. وَلا يُرَاحُ عَلَيْهِ بها. يجلس بِالأَرْضِ. وَيَأْكُلُ طَعَامَهُ بِالأَرْضِ.
وَيَلْبَسُ الْغَلِيظَ. وَيَرْكَبُ الْحِمَارَ. وَيُرْدِفُ بَعْدَهُ. وَيَلْعَقُ أَصَابِعَهُ. [وَكَانَ يَقُولُ: مَنْ يَرْغَبْ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي] .
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ. أَخْبَرَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ قُلْتُ لِجَابِرِ بن سمرة: أكنت تجالس رسول الله. ص؟ قَالَ: نَعَمْ. فَكَانَ طَوِيلَ الصَّمْتِ وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَتَنَاشَدُونَ الأَشْعَارَ وَيَذْكُرُونَ أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فيضحكون ويتبسم رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا ضَحِكُوا.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ:
__________
(1) انظر: [كشف الخفا (1/ 17) ، والزهد لابن المبارك (2/ 53) ، ومصنف عبد الرزاق (19543) ، (1954) ، والأحاديث الصحيحة (544) ، وشرح السنة (13/ 248) ] .
(2) انظر: [سنن النسائي (6/ 60) ، والبداية والنهاية (1/ 440) ] .(1/280)
جَالَسْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ مَرَّةٍ فَكَانَ أَصْحَابُهُ يَتَنَاشَدُونَ الأَشْعَارَ فِي الْمَسْجِدِ وَأَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَرُبَّمَا تَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا محمد بن معاوية النيسابوري. أخبرنا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ تَبَسُّمًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَجْوَدَ وَلا أَنْجَدَ وَلا أَشْجَعَ وَلا أَوْضَأَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ:
سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشْجَعَ النَّاسِ وَأَحْسَنَ النَّاسِ وَأَجْوَدَ النَّاسِ. قَالَ: فَزِعَ أهل المدينة ليلة. قَالَ: فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِبَلَ الصَّوْتِ فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ سَبَقَهُمْ وَهُوَ يَقُولُ: [لَنْ تُرَاعُوا! وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ. قَالَ: فَجَعَلَ يَقُولُ لِلنَّاسِ: لَنْ تُرَاعُوا!] وَقَالَ: وَجَدْنَاهُ بَحْرًا أَوْ إِنَّهُ لَبَحْرٌ. يَعْنِي الْفَرَسَ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكِبَ فرسا فاستحضره. [فقال رسول الله. ص: وجدناه بحرا] «1» ..
__________
(1) انظر: [صحيح البخاري (4/ 27، 47) ، ومسلم فضائل (48) ، ومسند أحمد (3/ 149، 163، 185) ، والسنن الكبرى (9/ 170) ، ومصنف عبد الرزاق (20738) ، (20910) ، ومكارم الأخلاق (58) ] .(1/281)
ذِكْرُ مَا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْقُوَّةِ عَلَى الْجِمَاعِ
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله. ص: [أَتَانِي جِبْرِيلُ بِقِدْرٍ فَأَكَلْتُ مِنْهَا فَأُعْطِيتُ قُوَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلا فِي الْجِمَاعِ] «1» .
أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:
أُعْطِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِضْعَ أَرْبَعِينَ رَجُلا وَأُعْطِيَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِضْعَ ثَمَانِينَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَعْمَرٍ عن ابن طاووس عن طاووس قَالَ: أُعْطِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُوَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلا فِي الْجِمَاعِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْعَسْقَلانِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ رُكَانَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ صَارَعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[وسمعت النبي.
ص. يَقُولُ: فَرْقُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ الْعَمَائِمُ عَلَى الْقَلانِسِ] «2» .
ذِكْرُ إِعْطَائِهِ الْقَوَدَ مِنْ نَفْسِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو. يَعْنِي ابْنَ دِينَارٍ. عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ أَتَاهُ رَجُلٌ يَسْتَأْدِيهِ عَلَى أَمِيرٍ ضَرَبَهُ. فَأَرَادَ عُمَرُ أَنْ يُقِيدَهُ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: أَتُقِيدُهُ مِنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: إِذًا لا نَعْمَلُ لَكَ عَلَى عَمَلٍ. قَالَ: لا
__________
(1) انظر: [كشف الخفا (1/ 200) ، حلية الأولياء (8/ 376) ، وكنز العمال (1/ 4485) ، (31897) ، (31896) ] .
(2) انظر: [سنن أبي داود، اللباس، الباب (14) ، وسنن الترمذي (1784) ، والمستدرك (3/ 452) ، والمعجم الكبير للطبراني (5/ 68) ، والتاريخ الكبير (1/ 82) ] .(1/282)
أُبَالِي أَلا أُقِيدَ مِنْهُ. وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْطِي الْقَوَدَ مِنْ نَفْسِهِ. قَالَ: أَفَلا نُرْضِيهِ؟ قَالَ: أَرْضُوهُ إِنْ شِئْتَ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - أَقَادَ مِنْ خَدْشٍ مِنْ نَفْسِهِ أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: أَقَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ نَفْسِهِ. وَأَقَادَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ نَفْسِهِ. وَأَقَادَ عُمَرُ مِنْ نَفْسِهِ.
بَابُ صِفَةِ كَلامِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ.
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يَسْرُدُ سَرْدَكُمْ هَذَا. يَتَكَلَّمُ بِكَلامٍ فَصْلٍ. يَحْفَظُهُ مَنْ سَمِعَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخًا يَقُولُ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَ فِي كَلامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرْتِيلٌ وَتَرْسِيلٌ «1» .
بَابُ صِفَةِ قِرَاءَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صلاته وغيرها وحسن صوته- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:
كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُعْرَفُ بِتَحْرِيكِ لِحْيَتِهِ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ قال: أخبرنا ابن جريح عن ابن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كَانَتْ قِرَاءَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فَوَصَفْتُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. قَالَ: فَوَصَفَتْ حَرْفًا حَرْفًا.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حازم قال: سمعت قتادة قال: سألت
__________
(1) انظر: [السنن الكبرى (3/ 207) ، ومسند أحمد (6/ 257) ، والصمت لابن أبي الدنيا (683) ] .(1/283)
أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ قُلْتُ: كَيْفَ كَانَتْ قراءة رسول الله. ص؟ قَالَ: كَانَ يَمُدُّ صَوْتَهُ مَدًّا «1» .
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ. أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالا:
أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ قَالَ سُئِلَ أَنَسٌ: كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ رَسُولِ اللَّهِ. ص؟ قَالَ: كَانَتْ مَدًّا. ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. يَمُدُّ بِسْمِ اللَّهِ. وَيَمُدُّ الرَّحْمَنَ. وَيَمُدُّ الرَّحِيمَ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ. أَخْبَرَنَا الْحُسَامُ بْنُ مِصَكٍّ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا قَطُّ إِلا بَعَثَهُ حَسَنَ الْوَجْهِ حَسَنَ الصَّوْتِ. حَتَّى بَعَثَ نَبِيَّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَعَثَهُ حَسَنَ الْوَجْهِ. حَسَنَ الصَّوْتِ. وَلَمْ يَكُنْ يُرَجِّعُ وَلَكِنْ كَانَ يَمُدُّ بَعْضَ الْمَدِّ.
أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ الْعِرْقِ. أَخْبَرَنَا الطَّيِّبُ بْنُ سَلْمَانَ. حَدَّثَتْنَا عَمْرَةُ قَالَتْ:
سمعت عائشة. رضي الله عَنْهَا. تَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاثٍ «2» .
ذِكْرُ صِفَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خُطْبَتِهِ
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا خَطَبَ النَّاسَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ. وَرَفَعَ صَوْتَهُ. وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ. كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ. صَبَّحَتْكُمْ أَوْ مَسَّتْكُمْ. ثُمَّ يَقُولُ:
بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ! وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوسْطَى. [ثُمَّ يَقُولُ: أَحْسَنُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ. مَنْ مَاتَ وَتَرَكَ مَالا فَلأَهْلِهِ وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ] «3» .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ وقتيبة بن سعد قالا: أخبرنا عبد الله بن
__________
(1) انظر: [سنن النسائي، الافتتاح الباب (80) ، وسنن ابن ماجة (1353) ، ومصنف ابن أبي شيبة (2/ 520) ، ومسند أحمد بن حنبل (3/ 131، 192، 289) ، والسنن الكبرى (2/ 52) ] .
(2) انظر: [أخلاق النبي صلى الله عليه وسلّم (260) ، وكنز العمال (260) ] .
(3) انظر: [صحيح مسلم الجمعة، الباب (13) ، رقم (43) ، وسنن ابن ماجة (45) ، والسنن الكبرى (3/ 206) ، وشرح السنة (4/ 254) ، وإرواء الغليل (1/ 38) ، (3/ 74)) ] .(1/284)
لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخْطُبُ بِمِخْصَرَةٍ فِي يَدِهِ «1» .
ذِكْرُ حُسْنِ خُلُقِهِ وَعِشْرَتِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عَاصِمٍ. يَعْنِي الأَحْوَلَ. عَنْ عَوْسَجَةَ بْنِ الرَّمَّاحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ عَنِ ابن مسعود قال: [قال رسول الله. ص: اللَّهُمَّ كَمَا حَسَّنْتَ خَلْقِي فَحَسِّنْ خُلُقِي] «2» .
أَخْبَرَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ التَّيْمِيُّ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَهُوَ يَقُولُ: [إِنَّ نَبِيَّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ أَخْلاقًا] «3» .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرحمن الجماني عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ قَالا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ أَطْلَقَ كُلَّ أَسِيرٍ. وَأَعْطَى كُلَّ سَائِلٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ:
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْبِرَ النَّاسِ عَلَى أَوْزَارِ النَّاسِ «4» .
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: مَا كَانَ خُلُقٌ أَبْغَضَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْكَذِبِ. وَمَا اطَّلَعَ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَيَبْخَلُ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنْ أحدث توبة.
__________
(1) انظر: [مجمع الزوائد (2/ 187) ، وشرح السنة (4/ 243) ، والأحاديث الضعيفة (2/ 81) ] .
(2) انظر: [الدر المنثور (2/ 73) ، وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلّم (171) ، وفتح الباري (10/ 456) ، وإرواء الغليل (1/ 113) ، وعمل اليوم والليلة لابن السني (160) ، وكشف الخفا (127) ] .
(3) انظر: [الدر المنثور (1/ 185) ، وتاريخ بغداد (9/ 225) ، وكنز العمال (18060) ] .
(4) انظر: [كنز العمال (17818) ] .(1/285)
أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ الْقَاسِمِ وَسَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ زَيْدٍ الثَّعْلَبِيُّ عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا لَقِيَهُ الرَّجُلُ فَصَافَحَهُ لَمْ يَنْزَعْ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَنْزَعُهَا وَلا يَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنْ وَجْهِهِ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَصْرِفُهُ. وَلَمْ يُرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُقَدِّمًا رُكْبَتَيْهِ بَيْنَ يَدَيْ جَلِيسٍ لَهُ قَطُّ «1» .
أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ. أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنْ أَبِي دِرْهَمٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ مَوْلًى لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشْرَ سِنِينَ. وَشَمَمْتُ الْعِطْرَ كُلَّهُ. فَلَمْ أَشُمَّ نَكْهَةً أَطْيَبَ مِنْ نَكْهَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
إِذَا لَقِيَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَامَ مَعَهُ. فَلَمْ يَنْصَرِفْ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَنْصَرِفُ عَنْهُ. وَإِذَا لَقِيَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَتَنَاوَلَ يَدَهُ نَاوَلَهَا إِيَّاهُ. فَلَمْ يَنْزَعْ يَدَهُ مِنْهُ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَنْزِعُ يَدَهُ مِنْهُ. وَإِذَا لَقِيَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فَتَنَاوَلَ أُذُنَهُ نَاوَلَهَا إِيَّاهُ. ثُمَّ لَمْ يَنْزَعْهَا عَنْهُ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَنْزَعُهَا عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مبارك قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا أَتَاهُ رَجُلٌ فَرَأَى فِي وَجْهِهِ بِشْرًا أَخَذَ بِيَدِهِ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ سَعِيدٍ المقبري قال: كان النبي.
ص. إِذَا عَمِلَ عَمَلا أَثْبَتَهُ وَلَمْ يُكَوِّنْهُ يَعْمَلُ بِهِ مَرَّةً وَيَدَعَهُ مَرَّةً «2»
ذِكْرُ صِفَتِهِ فِي مَشْيِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَعْوَرُ وَمُوسَى بْنُ دَاوُدَ عَنْ أبي إسرائيل عن سيار أبي
__________
(1) انظر: [السنن الكبرى (10/ 192) ، ومعاني الآثار (6/ 54) ، ودلائل النبوة (1/ 320) ، وشرح السنة (3/ 254) ، ومشكاة المصابيح (5824) ، وكنز العمال (18660) ، وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلّم (38) ] .
(2) انظر: [صحيح مسلم، صلاة المسافرين، الباب (18) ، حديث (141) ، وسنن أبي داود، التطوع الباب (28) ، وسنن النسائي، الباب (13) ، القبلة، والسنن الكبرى (2/ 485) ، وكنز العمال (18380) ، وتفسير ابن كثير (3/ 526) ، (8/ 254) ] .(1/286)
الْحَكَمِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - إذا مشى مَشَى مَشْيَ السُّوقِيِّ لَيْسَ بِالْعَاجِزِ وَلا الْكَسْلانِ «1» .
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في جَنَازَةٍ. فَكُنْتُ إِذَا مَشَيْتُ سَبَقَنِي. فَالْتَفَتُّ إِلَى رَجُلٍ إِلَى جَنْبِي فَقُلْتُ: تُطْوَى لَهُ الأَرْضُ وَخَلِيلِ إِبْرَاهِيمَ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عبد الله بن وهب. حدثني الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يَلْتَفِتُ إِذَا مَشَى. وَكَانَ رُبَّمَا تَعَلَّقَ رِدَاؤُهُ بِالشَّجَرَةِ أَوْ بِالشَّيْءِ فَلا يَلْتَفِتُ. وَكَانُوا يَضْحَكُونَ وَكَانُوا قَدْ أَمِنُوا الْتِفَاتَهُ «2» .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ الْبَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْوَضِينِ بن عطاء عن يزيد بن مثرد قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا مَشَى أَسْرَعَ حَتَّى يُهَرْوِلَ الرَّجُلُ وَرَاءَهُ فَلا يُدْرِكُهُ «3» .
أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ الْخُرَاسَانِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ. حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي فِي وَجْهِهِ. وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَسْرَعَ فِي مَشْيِهِ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَأَنَّ الأَرْضَ تُطْوَى لَهُ. إِنَّا لَنُجْهَدُ وَهُوَ غَيْرُ مُكْتَرِثٍ.
. ذِكْرُ صِفَتِهِ فِي مَأْكَلِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَإِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى فِي حَدِيثِهِ عَنْ أَبِيهِ
__________
(1) انظر: [مسند أحمد (1/ 328) ، ومجمع الزوائد (88/ 281) ] .
(2) انظر: [مجمع الزائد (9/ 17) ] .
(3) انظر: [صحيح البخاري (7/ 93) ، وسنن أبي داود (3769) ، ومسند أحمد بن حنبل (4/ 308، 309) ، والسنن الكبرى (7/ 283) ، وسنن الدارمي (2/ 106) ، ومشكاة المصابيح (4168) ، وشرح السنة (11/ 286) ، ومسند الحميدي (891) ، وحلية الأولياء (7/ 256)) ] .(1/287)
قال: ما رؤي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل مُتَّكِئًا قَطُّ. وَلا يَطَأُ عَقِبَهُ رِجْلانِ.
أَخْبَرَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مَنْصُورٍ. يَعْنِي ابْنَ الْمُعْتَمِرِ. وَأَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ. كِلاهُمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جحيفة يقول:
[قال رسول الله. ص: لا آكُلُ مُتَّكِئًا] .
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَخَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّةَ يَأْكُلُ مُتَّكِئًا فَقَالَ لَهُ: [يَا مُحَمَّدُ أكل الملوك! فجلس رسول الله. ص] .
[أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَلَكٌ لَمْ يَأْتِهِ قَبْلَهَا وَمَعَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ الْمَلَكُ. وَجِبْرِيلُ صَامِتٌ: إِنَّ رَبَّكَ يُخَيِّرُكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ نَبِيًّا مَلِكًا أَوْ نَبِيًّا عَبْدًا. فَنَظَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى جِبْرِيلَ كَالْمُسْتَأْمِرِ لَهُ. فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ تواضع. فقال رسول الله. ص: بَلْ نَبِيًّا عَبْدًا] «1» .
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَزَعَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْكُلْ مُنْذُ قَالَهَا مُتَّكِئًا حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا.
أَخْبَرَنَا هاشم بن القاسم. أخبرنا أبو معشر عن سعيد المقبري عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. [أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا: يَا عَائِشَةُ لَوْ شِئْتُ لَسَارَتْ مَعِيَ جِبَالُ الذَّهَبِ.
أَتَانِي مَلَكٌ. وَإِنَّ حُجْزَتَهُ لَتُسَاوِي الْكَعْبَةَ. فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يُقْرِئُ عَلَيْكَ السَّلامَ وَيَقُولُ لَكَ إِنْ شِئْتَ نَبِيًّا مَلِكًا وَإِنْ شِئْتَ نَبِيًّا عَبْدًا. فَأَشَارَ إِلَيَّ جِبْرِيلُ ضَعْ نَفْسَكَ فَقُلْتُ نَبِيًّا عَبْدًا. قَالَتْ: وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ لا يَأْكُلُ مُتَّكِئًا وَيَقُولُ: آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدَ] «2» .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ قِرَاءَةً عَلَى ابْنِ جُرَيْجٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَنَّ ابْنَ كَعْبِ بْنَ عُجْرَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْكُلُ بِثَلاثِ أصابع. قال هشام: بالإبهام والتي تليها
__________
(1) انظر: [المعجم الكبير للطبراني (10/ 350) ، والزهد لابن المبارك (264) ] .
(2) انظر: [حلية الأولياء (7/ 262) ، ومجمع الزوائد (9/ 19) ، وشرح السنة (13/ 248) ، وكنز العمال (32028) ، (32030) ، ومشكاة المصابيح (5835) ، وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلّم (197) ] .(1/288)
وَالْوسْطَى. قَالَ: ثُمَّ رَأَيْتُهُ يَلْعَقُ أَصَابِعَهُ الثَّلاثَ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَمْسَحَهَا. قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَهَا. فَلَعِقَ قَبْلُ الْوسْطَى ثُمَّ الَّتِي تَلِيهَا ثُمَّ الإِبْهَامَ.
أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ [النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: عَرَضَ عَلَيَّ رَبِّي لِيَجْعَلَ لِي بَطْحَاءَ مَكَّةَ ذَهَبًا فَقُلْتُ لا يَا رَبِّي وَلَكِنِّي أَشْبَعُ يَوْمًا وَأَجُوعُ يَوْمًا. وَقَالَ ثَلاثًا أَوْ نَحْوَ ذَا. فَإِذَا جُعْتُ تَضَرَّعْتُ إِلَيْكَ وَذَكَرْتُكَ وَإِذَا شَبِعْتُ حَمِدْتُكَ وَشَكَرْتُكَ] «1» .
ذِكْرُ مَحَاسِنِ أَخْلاقِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ. أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ وَأَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَاجَةٍ. فَرَأَيْتُ صِبْيَانًا فَقَعَدْتُ مَعَهُمْ. فَجَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَلَّمَ عَلَى الصِّبْيَانِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ. أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ جُدْعَانَ عَنْ جَدَّتِهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْسَلَ وَصِيفَةً لَهُ فَأَبْطَأَتْ. فَقَالَ:
[لَوْلا الْقِصَاصُ لأَوْجَعْتُكَ بِهَذَا السِّوَاكِ] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مِنْدَلٌ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشْرَ سِنِينَ فَمَا رَأَيْتُهُ قَطُّ أَدْنَى رُكْبَتَيْنِ مِنْ رُكْبَةِ جَلِيسِهِ. وَلا صَافَحَهُ إِنْسَانٌ فَنَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَنْصَرِفُ. وَمَا قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ كَذَا وَكَذَا. وَلا قَالَ أَلا صَنَعْتَ كَذَا وَكَذَا. وَلَقَدْ شَمِمْتُ الْعِطْرَ فَمَا شَمِمْتُ رِيحَ شَيْءٍ أَطْيَبَ رِيحًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلا أَصْغَى إِلَيْهِ رَجُلٌ فَنَحَّى رَأْسَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَتَنَحَّى عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ
__________
(1) انظر: [سنن الترمذي (23477) ، ومسند أحمد (5/ 254) ، والمعجم الكبيرللطبراني (8/ 245) ، والزهد لابن المبارك (2/ 54) ، وشرح السنة (14/ 246) ، ومشكاة المصابيح (5190) ، وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلّم (267) ، وتفسير ابن كثير (5/ 118) ، والبداية والنهاية (3/ 152) ] .(1/289)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يَتَمَثَّلُ بِهَذَا الْبَيْتِ:
كَفَى بِالإِسْلامِ وَالشَّيْبِ لِلْمَرْءِ نَاهِيًا
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
كَفَى الشَّيْبُ وَالإِسْلامُ لِلْمَرْءِ نَاهِيًا
وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ:
كَفَى بِالإِسْلامِ وَالشَيْبِ لِلْمَرْءِ نَاهِيًا
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا عَلَّمَكَ الشِّعْرَ. وَمَا يَنْبَغِي لَكَ! «1» أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ. أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ:
سُئِلَتْ عَائِشَةُ. رضي الله عَنْهَا: هَلْ سَمِعْتِ رَسُولَ اللَّهِ يَتَمَثَّلُ شِعْرًا قَطُّ؟ قَالَتْ: كَانَ أَحْيَانًا إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ يَقُولُ:
وَيَأْتِيكِ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ يُرَدِّدِ «2»
أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ. أَخْبَرَنَا وَاصِلٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الْجَهْضَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَبَوَّأُ لِبَوْلِهِ كَمَا يَتَبَوَّأُ لِمَنْزِلِهِ «3» .
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ. وَأَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ.
أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ. جَمِيعًا عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ. عَنْ أَبِيهِ قال: سمعت عائشة. رضي الله عَنْهَا. تُقْسِمُ بِاللَّهِ مَا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يَبُولُ قَائِمًا مُنْذُ نَزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ وَخَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي مريم عَنْ حَبِيبِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا دَخَلَ المرفق لبس حذاءه وغطى رأسه «4» .
__________
(1) انظر: [كنز العمال (18452) ، وزاد المسير (7/ 34) ، وتفسير ابن كثير (6/ 574) ، وتفسير القرطبي (10/ 152) ] .
(2) انظر: [مصنف ابن أبي شيبة (8/ 506، 524) ، ومجمع الزوائد (18/ 128) ، وكنز العمال (18450) ، (18451) ، وكشف الخفا (2/ 473، 481) ] .
(3) انظر: [مجمع الزوائد (1/ 204) ، والمطالب العالية (36) ، وكنز العمال (17880) ] .
(4) انظر: [كنز العمال (17876) ] .(1/290)
أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُبَيْرَةَ عَنْ حَنَشٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[كَانَ يَخْرُجُ يُهْرِيقُ الْمَاءَ فَيَتَمَسَّحُ بِالتُّرَابِ فَأَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْمَاءَ مِنْكَ قَرِيبٌ! فَيَقُولُ: وَمَا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَبْلُغُهُ] «1» .
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ عَنْ مَوْلًى لِعَائِشَةَ قَالَ قَالَتْ عائشة. رضي الله عَنْهَا: مَا نَظَرْتُ إِلَى فَرْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - قط. وَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ فَرْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - قط. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ السَّلامِ بْنِ حَرْبٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - إذا أَتَى الْغَائِطَ لَمْ يَرْفَعْ ثِيَابَهُ حَتَّى يَدْنُوَ من المكان الذي يريد.
ذِكْرُ صَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ أَنَّهُ سَمِعَ الْمُغِيرَةِ بْنَ شُعْبَةَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُومُ حَتَّى تَرِمَ رِجْلاهُ أَوْ قَدَمَاهُ «2» . فَيُقَالُ لَهُ فَيَقُولُ: أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟] «3» .
[أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى كَانَ أَكْثَرُ صَلاتِهِ وَهُوَ قَاعِدٌ. وَكَانَ يَقُولُ:
أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قل] «4» .
__________
(1) انظر: [إحياء علوم الدين (4/ 437) ، وإتحاف السادة المتقين (10/ 437) ] .
(2) انظر: [تاريخ بغداد (4/ 331) ، والترغيب والترهيب (1/ 426) ] .
(3) قوله صلى الله عليه وسلّم: «أفلا أكون عبدا شكورا» انظره في: [صحيح البخاري (2/ 63) ، (6/ 169) ، (8/ 124) ، وصحيح مسلم، صفات المنافقين (79) ، (80) ، (81) ، وسنن الترمذي (412) ، وسنن النسائي (3/ 219) ، وسنن ابن ماجة (1419) ، (1420) ، ومسند أحمد (4/ 251، 255) ، (6/ 115) ، والسنن الكبرى (2/ 497) ، (3/ 16) ، (7/ 39) ، والمعجم الكبير للطبراني (1/ 71، 118) ، وصحيح ابن خزيمة (1182) ، (1183) ، (1184) ] .
(4) انظر: [صحيح مسلم، المسافرين (215) ، (218) ، ومسند أحمد (6/ 165) ، وكشف الخفا (1/ 53) ، وتفسير ابن كثير (8/ 254) ] .(1/291)
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ أَنَسٌ يَتَنَفَّسُ فِي الإِنَاءِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا. وَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ الله.
ص. كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الإِنَاءِ ثَلاثًا.
[أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو عِصَامٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلاثًا وَيَقُولُ: هُوَ أَهْنَأُ وَأَمْرَأُ وَأَبْرَأُ] «1» .
قَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلاثًا.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ عَنْ مِنْدَلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ عَنْ سُمِّيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا عَطَسَ غَضَّ صَوْتَهُ وَغَطَّى وَجْهَهُ «2» .
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: [إِنَّا مَعْشَرَ الأَنْبِيَاءِ أُمِرْنَا أَنْ نُؤَخِّرَ سُحُورَنَا وَنُعَجِّلَ إِفْطَارِنَا وَأَنْ نُمْسِكَ أَيْمَانَنَا عَلَى شَمَائِلِنَا فِي صَلاتِنَا] «3» .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي فَزَارَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ قَالَ: مَا رُئِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَثَاوِبًا فِي صَلاةٍ قَطُّ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَا رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَنَازَةٍ قَطُّ.
أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا شَهِدَ جَنَازَةً أَكْثَرَ الصُّمَاتَ. وَأَكْثَرَ حديث نفسه.
__________
(1) انظر: [صحيح البخاري (7/ 146) ، وصحيح مسلم، لأشربة، الباب (16) ، حديث (122) ، وسن الترمذي (1884) ، وسنن ابن ماجة (416) ، ومسند أحمد بن حنبل 4/ 118، 119، 185) ، والمستدرك (4/ 138) ، ومجمع الزوائد (5/ 18، 81) ، ومصنف ابن أبي شيبة (8/ 31) ، والشمائل (109) ، وفتح الباري (10/ 93) ، وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلّم (195) ، (222) ، (223) ، وحلية الأولياء (8/ 377) ، (9/ 57) ] .
(2) انظر: [البداية والنهاية (9/ 250) ، وتاريخ أصفهان (2/ 48) ] .
(3) انظر: [المعجم الكبير للطبراني (11/ 7، 199) ، وتاريخ جرجان (146) ] .(1/292)
وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّمَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِأَمْرِ الْمَيِّتِ وما يرد عليه وما هو مسؤول عَنْهُ «1» .
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ عَنِ الأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي عَوْنٍ وَرَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ وَعَنْ أَبِيهِ قَالُوا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا صَلَّى وَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا أَبَانُ. أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ. حَدَّثَتْنِي صَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ» .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ الأَوْدِيُّ. سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَذْكُرُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بِتُّ عِنْدَ مَيْمُونَةَ خَالَتِي. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَاغْتَسَلَ. فَأُتِيَ بِمِنْدِيلٍ فَلَمْ يَمَسَّهُ وَجَعَلَ يَقُولُ بِيَدِهِ هَكَذَا. قَالَ: يَعْنِي يَنْفُضُهَا.
[أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا خَلادٌ الصَّفَّارُ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ. وَقَالَ: بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي.
وَأَدْخَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ ذَقَنِهِ كَأَنَّهُ يَرْفَعُ لِحْيَتَهُ إِلَى السَّمَاءِ.]
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ العلاء عن إياس بن جعفر الحنفي قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ لَهُ خِرْقَةٌ يَتَنَشَّفُ بِهَا عِنْدَ الْوُضُوءِ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ السَّكَنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شعبة قال: أخبرنا الأشعث بن سليمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي كُلِّ شَيْءٍ. فِي طُهُورِهِ وَفِي تَرَجُّلِهِ وَفِي تَنَعُّلِهِ «3» .
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَذْبَحُ أُضْحِيَّتَهُ بِيَدِهِ وَيُسَمِّي فِيهَا «4» .
حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ. أَخْبَرَنَا يحيى بن أبي كثير.
__________
(1) انظر: [كنز العمال (18511) ] .
(2) انظر: [سنن أبي داود (92) ، ومسند أحمد بن حنبل (3/ 219، 303) ، (6/ 234، 249، 280) ، وشرح السنة (2/ 54) ، وكنز العمال (17863) ، ومعاني الآثار (2/ 49) ] .
(3) انظر: [صحيح البخاري (1/ 116) ، (7/ 89، 199) ، وصحيح مسلم، الطهارة، الباب (19) ، حديث (66) ، وفتح الباري (9/ 526) ، وسنن أبي داود (4140) ، ومسند أحمد بن حنبل (6/ 94، 147) ، ومشكاة المصابيح (400) ، وشرح السنة (1/ 423) ] .
(4) انظر: [كنز العمال (18115) ] .(1/293)
حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ أَنَّ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ نَبِيُّ الله.
ص. لا يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصْلِيبٌ إِلا نَقَضَهُ «1» .
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ. أَخْبَرَنَا سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا أَشْفَقَ مِنَ الْحَاجَةِ. يَعْنِي يَنْسَاهَا. رَبَطَ فِي خِنْصَرِهِ أَوْ فِي خَاتَمِهِ الْخَيْطَ «2» .
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَصُومُ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ «3» .
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أنس أن النبي.
ص. كَانَ يَصُومُ حَتَّى يُقَالَ قَدْ صَامَ وَيُفْطِرُ حتى يقال قد أفطر «4» .
حدثنا شريح بْنُ النُّعْمَانِ. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بن أنس عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُفْطِرُ يَوْمَ الفطر على تمرات ثم يغدو «5» .
__________
(1) انظر: [سنن أبي داود، اللباس الباب (46) ، وكنز العمال (9888) ] .
(2) انظر: [كنز العمال (18454) ، والكنى والأسماء للدولابي (2/ 18) ، والموضوعات لابن الجوزي (3/ 73) ، والدر المنتثرة (186) ، واللآلئ المصنوعة (2/ 152) ، وكشف الخفا (1/ 509) ] .
(3) انظر: [سنن أبي داود، الصيام الباب (59) ، وسنن النسائي، الصيام الباب (69) ، وسنن ابن ماجة (1750) ، ومسند أحمد (5/ 205، 206، 209) ، (6/ 278) ، وسنن الدارمي (2/ 20) ، ومجمع الزوائد (3/ 117) ، والمعجم الكبير للطبراني (10/ 19) ، ومصنف ابن أبي شيبة (3/ 42) ، والترغيب والترهيب (2/ 124، 125) ، ومشكاة المصابيح (2055) ، وأمالي الشجري (1/ 272) ، وكنز العمال (18073) ، (24560) ، (24577) ] .
(4) انظر: [صحيح البخاري (3/ 50) ، وصحيح مسلم، الصيام باب (34) ، حديث (173) ، (175) ، (176) ، (179) ، (180) ، وسنن الترمذي (768) ، وسنن النسائي، الصيام الباب (34) ، وسنن ابن ماجة (1710) ، ومسند أحمد بن حنبل (6/ 39) ، والسنن الكبرى (4/ 292) ، ومسند الحميدي (173) ، ومصنف عبد الرزاق (7859) ، وشرح السنة (6/ 365) ، وفتح الباري (4/ 236) ، وأمالي الشجري (1/ 262) ] .
(5) انظر: [السنن الكبرى (3/ 282) ، والسمتدرك (1/ 294) ، ومصنف ابن أبي شيبة (2/ 160) ] .(1/294)
أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَمَّاسٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أبي محمد عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يَقْعُدُ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ حَتَّى يُضَاءَ لَهُ بِالسِّرَاجِ «1» .
[أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ أَنَّ رَجُلا سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ يَقُولُ: خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: قُومُوا نَسْتَغِيثُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنِ هذا المنافق! فقال رسول الله. ص: لا يُقَامُ لِي إِنَّمَا يُقَامُ لِلَّهِ] «2» .
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَقِيلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُؤْتَى لَهُ بِالْبَاكُورَةِ فَيُقَبِّلُهَا وَيَضَعُهَا عَلَى عينه ويقول:
[اللهم أَرَيْتَنَا أَوَّلَهُ فَأَرِنَا آخِرَهُ!] «3» .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ أَوْ أَبِي أسيد قال: قال رسول الله. ص: إِذَا سَمِعْتُمُ الْحَدِيثَ عَنِّي تَعْرِفُهُ قُلُوبُكُمْ وَتَلِينُ لَهُ أَشْعَارُكُمْ وَأَبْشَارُكُمْ وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْكُمْ قَرِيبٌ فَأَنَا أَوْلاكُمْ بِهِ. وَإِذَا سَمِعْتُمُ الْحَدِيثَ عَنِّي تُنْكِرُهُ قُلُوبُكُمْ وَتَنْفِرُ مِنْهُ أَشْعَارُكُمْ وَأَبْشَارُكُمْ وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْكُمْ بَعِيدٌ فَأَنَا أَبْعَدُكُمْ مِنْهُ] «4» .
ذِكْرُ قَبُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - الْهَدِيَّةَ وَتَرْكِهِ الصَّدَقَةَ
أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُلَيْكِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابن عباس عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. أَنَّ رَسُولَ
__________
(1) انظر: [كنز العمال (18480) ، (18720) ، والأحاديث الضعيفة (708) ] .
(2) انظر: [مسند أحمد (5/ 317) ، ومجمع الزوائد (8/ 40) ، وكنز العمال (25477) ] .
(3) انظر: [مشكاة المصابيح (3032) ، وعمل اليوم والليلة لابن السني (275) ، وأذكار النووي (277) ] .
(4) انظر: [مسند أحمد بن حنبل (5/ 425) ، (3/ 497) ، وموارد الظمآن (92) ، وتفسير ابن كثير (3/ 486) ، (4/ 275) ، ومجمع الزوائد (1/ 149) ] .(1/295)
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَلا يَقْبَلُ الصَّدَقَةَ «1» .
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَلا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ «2» .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقَرْقَسَانِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مريم عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ الرَّحَبِيِّ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أُتِيَ بِالشَّيْءِ قَالَ: أَهَدِيَّةٌ أَوْ صَدَقَةٌ؟ فَإِنْ قِيلَ صَدَقَةٌ لَمْ يَأْكُلْ. وَإِنْ قِيلَ هَدِيَّةٌ أَكَلَ. قَالَ: فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنَ الْيَهُودِ بِجَفْنَةٍ مِنْ ثَرِيدٍ. فَقَالَ: هَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ؟ فَقَالُوا: هَدِيَّةٌ. فَأَكَلَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: جَلَسَ مُحَمَّدٌ جِلْسَةَ الْعَبْدِ. فَفَهِمَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: وَأَنَا عَبْدٌ وَأَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ] «3» .
[أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ. أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أُتِيَ بِشَيْءٍ قال: أصدقة أَوْ هَدِيَّةٌ؟ فَإِنْ قَالُوا صَدَقَةٌ صَرَفَهَا إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ. وَإِنْ قَالُوا هَدِيَّةٌ أَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ ثُمَّ دَعَا أَهْلَ الصُّفَّةِ إِلَيْهَا] .
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ سَأَلَ عَنْهُ فَإِنْ قِيلَ هَدِيَّةٌ أَكَلَ. وَإِنْ قِيلَ صَدَقَةٌ قَالَ: كُلُوا. وَلَمْ يَأْكُلْ] «4» .
[أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا مُعَرِّفُ بْنُ وَاصِلٍ السَّعْدِيُّ. حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ بِنْتُ طَلْقٍ. امْرَأَةٌ مِنَ الْحَيِّ. سَنَةَ تِسْعِينَ عَنْ جَدِّي أَبِي عَمِيرَةَ رُشَيْدِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ فَجَاءَ رَجُلٌ بِطَبَقٍ عَلَيْهِ تَمْرٌ فَقَالَ: مَا هَذَا أَصَدَقَةٌ أَمْ هَدِيَّةٌ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: بَلْ صَدَقَةٌ. فَقَالَ: قَدِّمْهَا إِلَى الْقَوْمِ. قَالَ: وَالْحَسَنُ يَتَعَفَّرُ بَيْنَ يَدَيْهِ. فَأَخَذَ تَمْرَةً فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ. فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَدْخَلَ إِصْبَعَهُ فِي فِيهِ فَانْتَزَعَ التَّمْرَةَ ثُمَّ قَذَفَهَا. ثُمَّ قَالَ: إِنَّا آلَ مُحَمَّدٍ لا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ] .
أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعِيدٍ الْبَزَّازُ. أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أيوب الحضرمي. حدثني
__________
(1) انظر: [مسند أحمد بن حنبل (2/ 359) ، (4/ 189) ، (5/ 437) ] .
(2) انظر: [سنن أبي داود (4512) ] .
(3) انظر: [مسند أحمد (5/ 5) ] .
(4) انظر: [مسند أحمد (2/ 302، 305، 338، 406) ] .(1/296)
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ صَاحِبُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: كَانَتْ أُخْتِي تَبْعَثُنِي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بِالْهَدِيَّةِ فَيَقْبَلُهَا.
أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعِيدٍ. أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَلا يَقْبَلُ الصَّدَقَةَ.
أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ وَمَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وعبد الله بن صالح قالوا: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ ثُوَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ مَالِكٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيٍّ. قَالَ: أَهْدَى كِسْرَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَبِلَ مِنْهُ. وَأَهْدَتْ لَهُ الْمُلُوكُ فَقَبِلَ مِنْهُمْ.
أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ [أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ وَلَوْ دُعِيتُ. يَعْنِي إِلَى ذِرَاعٍ.
لأَجَبْتُ] .
[أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالا: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ زُهَيْرٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيَّ حدثه أن رسول الله.
ص. قَالَ: لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ لأَجَبْتُ وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ لَقَبِلْتُ] .
[أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
دَخَلَ على عائشة. رضي الله عَنْهَا. فَأُتِيَ بِطَعَامٍ لَيْسَ فِيهِ لَحْمٌ. فَقَالَ: أَلَمْ أَرَ عِنْدَكُمْ بُرْمَةً؟ قَالُوا: بَلَى. تُصُدِّقَ به على بَرِيرَةَ. وَأَنْتَ لا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ. فَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يُتَصَدَّقْ بِهِ عَلَيَّ وَلَوْ أَطْعَمْتُمُونِي لأَكَلْتُ] «1» .
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَفِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ عَلَى بَرِيرَةَ صَدَقَةٌ.
وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ. يَعْنِي مِنْهَا.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيَّ الصَّدَقَةَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِي] «2» .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -
__________
(1) انظر: [صحيح البخاري (7/ 11، 61) ، وصحيح مسلم، العتق (14) ، وسنن النسائي، الطلاق الباب (30) ، والسنن الكبرى (10/ 428) ، وسنن السنائي (6/ 162) ، ومسند أحمد (6/ 178) ، والسنن الكبرى (6/ 184) ، ومعاني الآثار للطحاوي (2/ 12) ] .
(2) انظر: [كنز العمال (16513) ] .(1/297)
قَالَ: إِنِّي لأَرَى التَّمْرَةَ مُلْقَاةٌ فِي بَيْتِي أَشْتَهِيهَا فَيَمْنَعُنِي مِنْ أَكْلِهَا مَخَافَةَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ] «1» .
[أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَمْرَةٍ مَطْرُوحَةٍ في الطريق فقال: لولا أنني أَخْشَى أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لأَكَلْتُهَا. قَالَ: وَمَرَّ ابْنُ عُمَرَ بِتَمْرَةٍ مَطْرُوحَةٍ فَأَكَلَهَا] .
[أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَائِمًا فَتَحَرَّكَ مِنَ اللَّيْلِ فَوَجَدَ تَمْرَةً تَحْتَ جَنْبِهِ. فَأَخَذَهَا فَأَكَلَهَا. ثُمَّ جَعَلَ يَتَضَوَّرُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ وَلا يَأْتِيهِ النَّوْمُ.
فَذَكَرَ ذَلِكَ لِبَعْضِ نِسَائِهِ فَقَالَ: إِنِّي وَجَدْتُ تَمْرَةً تَحْتَ جَنْبِي فَأَكَلْتُهَا ثُمَّ تَخَوَّفْتُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ] «2» .
[أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بن المغيرة قال: قال رسول الله. ص: يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِنَّ الصَّدَقَةَ أَوْسَاخُ النَّاسِ فَلا تَأْكُلُوهَا وَلا تَعْمَلُوا عَلَيْهَا] «3» .
ذِكْرُ طَعَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا كان يعجبه منه
أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة.
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْجِبُهُ الْحُلْوُ وَالْعَسَلُ «4» .
أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي. أخبرنا همام عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا خَيَّاطٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَدْ دَعَاهُ فَأَتَاهُ بِخُبْزِ شَعِيرٍ وإهالة سنخه فإذا
__________
(1) انظر: [منحة المعبود (839) ، وحلية الأولياء (6/ 252) ، وكنز العمال (1659) ] .
(2) انظر: [مسند أحمد (2/ 183، 193) ، والبداية والنهاية (6/ 96) ، والمستدرك (2/ 14) ، ومجمع الزوائد (3/ 89) ، وكنز العمال (16538) ] .
(3) انظر: [كنز العمال (16533) ] .
(4) انظر: [صحيح البخاري (7/ 143، 159) ، وفتح الباري (10/ 78، 139، 140) ، وكنز العمال (18222) ، وتفسير القرطبي (4/ 502) ] .(1/298)
فِيهَا قَرْعٌ فَجَعَلْتُ أَرَاهُ يُعْجِبُهُ الْقَرْعُ. فَجَعَلْتُ أُقَدِّمُهُ قُدَّامَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَنَسٌ: فَلَمْ أَزَلْ يُعْجِبُنِي الْقَرْعُ مُنْذُ رَأَيْتُهُ يُعْجِبُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ. أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ. أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُعْجِبُهُ الدُّبَّاءُ. أَوْ قَالَ الْقَرْعُ «1» .
أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْبَلْخِيُّ. أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي طَالُوتَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَهُوَ يَأْكُلُ الْقَرْعَ وَهُوَ يَقُولُ: يَا لَكِ شُجَيْرَةً مَا أحبك إلي لِحُبِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِيَّاكِ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَ عِنْدَنَا دُبَّاءٌ آثَرْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ وَإِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى قَالا: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْكُلُ قِثَّاءً بِرُطَبٍ «2» .
أَخْبَرَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ التَّيْمِيُّ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قال:
قالت عائشة. رضي الله عَنْهَا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْتِي الْقِدْرَ فَيَأْخُذُ الذِّرَاعَ مِنْهَا فَيَأْكُلُهَا. ثُمَّ يُصَلِّي وَلا يَتَوَضَّأُ وَلا يُمَضْمِضُ «3» .
أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو السَّكَنِ الْبَلْخِيُّ. أَخْبَرَنَا الْجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله.
ص. أَكَلَ كَتِفًا. ثُمَّ قَامَ فَتَمَضْمَضَ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
أَخْبَرَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ. حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
كَانَتْ أُمُّ حَكِيمِ بِنْتُ الزُّبَيْرِ مِمَّا تَهْدِي الشَّيْءَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - كذلك قَالَ: فَدَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ فَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ كَتِفًا. قَالَ: فَجَعَلَتْ تَسْحَاهَا وَالنَّبِيُّ يَأْكُلُ. ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى ولم يتوضأ.
__________
(1) انظر: [مسند أحمد بن حنبل (3/ 279) ، وشرح السنة (11/ 305) ] .
(2) انظر: [سنن أبي داود (3835) ، وسنن الترمذي (1844) ، وشرح السنة (11/ 329) ، والشمائل (101) ، وكنز العمال (18169) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (6/ 82) ، وتاريخ بغداد (12/ 369) ] .
(3) انظر: [مسند أحمد بن حنبل (6/ 266) ] .(1/299)
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَحْمًا وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
[أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَمَّتِهِ سَلْمَى عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: ذَبَحْتُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَاةً. فَقَالَ: يَا أَبَا رَافِعٍ نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ. فَنَاوَلْتُهُ. ثُمَّ قَالَ: نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ. فَنَاوَلْتُهُ. ثُمَّ قَالَ: نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ. قَالَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَلْ لِلشَّاةِ إِلا ذِرَاعَانِ؟ فَقَالَ: لَوْ سَكَتَّ لَنَاوَلْتَنِي مَا دَعَوْتُ بِهِ] «1» .
أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ. أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرُّطَبِ وَالطَّبِيخِ «2» .
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ أَخُوهُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ أَحَبُّ الطَّعَامِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الثَّرِيدَ مِنَ الْخُبْزِ وَالثَّرِيدَ مِنَ التَّمْرِ يَعْنِي الْحَيْسَ «3» .
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. حَدَّثَنَا عَبَّادٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كَانَ يُعْجِبُهُ الثُّفْلُ. يَعْنِي الثَّرِيدَ «4» .
[أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنْ علي بن الأقمر قال: كان النبي.
ص. يَأْكُلُ تَمْرًا فَإِذَا مَرَّ بِحَشَفَةٍ أَمْسَكَهَا فِي يَدِهِ. فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: أَعْطِنِي هَذِهِ الَّتِي بَقِيَتْ. قَالَ: إِنِّي لَسْتُ أَرْضَى لَكُمْ مَا أَسْخَطُهُ لِنَفْسِي] «5» .
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَارِي عَنْ عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سعيد عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ أُهْدِيَ لَهُ صَحْفَةٌ نَقِيُّ. يَعْنِي حُوَّارَى. فَقَالَ: مَا هَذَا؟ إن هذا
__________
(1) انظر: [مسند أحمد بن حنبل (6/ 8) ، ومجمع الزوائد (8/ 311.
(2) انظر: [أخلاق النبي صلى الله عليه وسلّم (217) ] .
(3) انظر: [سنن أبي داود (7383) ، ومشكاة المصابيح (4220) ، وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلّم (193) ، (201) ، (211) ] .
(4) انظر: [مسند أحمد بن حنبل (3/ 220) ، والمستدرك (4/ 115، 116) ، ومشكاة المصابيح (4217) ، وكنز العمال (18210.
(5) انظر: [حلية الأولياء (7/ 256) ] .(1/300)
الطَّعَامَ مَا رَأَيْتُهُ! قَالَ: مَا كَانَ يَأْكُلُهُ النبي. ص؟ قال: لا ولا رآه بعينه. قال: إنما كَانَ يُطْحَنُ لَهُ الشَّعِيرُ فَيُنْفَخُ نَفْخَتَيْنِ ثُمَّ يُصْنَعُ لَهُ فَيَأْكُلُهُ.
أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لا ينخل لي الدقيق بعد مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْكُلُ.
[أَخْبَرَنَا الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى قَالا: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنِ الرُّبَيِّعِ وبنت مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ قَالَتْ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقِنَاعٍ مِنْ رُطَبٍ وَأَجْرٍ زُغْبٍ. قَالَتْ: فَأَكَلَ مِنْهُ وَأَعْطَانِي مِلْءَ كَفِّهِ حُلِيًّا أَوْ ذَهَبًا وَقَالَ: تَحَلِّي بِهِ] .
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يستعذب لَهُ الْمَاءُ مِنَ السُّقْيَا «1» .
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ. أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَبَقٌ مِنْ رُطَبٍ. فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَأَخَذَ يُنَاوِلُنِي قبضة قُبْضَةً. يُرْسِلُ بِهِ إِلَى نِسَائِهِ. وَأَخَذَ قُبْضَةً مِنْهَا فَأَكَلَهَا وَيُلْقِي النَّوَى بِشِمَالِهِ. فَمَرَّتْ بِهِ دَاجِنَةٌ فَنَاوَلَهَا فَأَكَلْتُ.
ذِكْرُ مَا كَانَ يَعَافُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الطعام والشراب
[أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ. أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ أَبِي رُهْمٍ السَّمَاعِيِّ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ حَدَّثَهُ قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ كُنْتَ تُرْسِلُ إِلَيَّ بِالطَّعَامِ. فَإِذَا رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِكَ وَضَعْتُ يَدَيَّ فِيهِ. حَتَّى كَانَ هَذَا الطَّعَامُ الَّذِي أرسلت له إِلَيَّ فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَرَ فِيهِ أَثَرَ أَصَابِعِكَ. فقال رسول الله. ص:
أَجَلْ إِنَّ فِيهِ بَصَلا فَكَرِهْتُ أَنْ آكُلَهُ مِنْ أَجْلِ الْمَلَكِ الَّذِي يَأْتِينِي وَأَمَّا أَنْتُمْ فكلوه] «2» .
__________
(1) انظر: [مشكاة المصابيح (4284) ، وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلّم (227) ، (228) ، وشرح السنة (11/ 383) ] .
(2) انظر: [مسند أحمد (5/ 420) ، ومعاني الآثار (4/ 239) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (5/ 41) ، ودلائل النبوة (2/ 510) ، والمعجم الكبير للطبراني (4/ 150) ] . [أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى عَنْ سُوَيْدٍ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَصْعَةٍ فِيهَا ثُومٌ. فَوَجَدَ رِيحَ الثُّومِ فَكَفَّ يَدَهُ فَكَفَّ مُعَاذٌ يَدَهُ فَكَفَّ القوم أيديهم فقال لهم: ما لكم؟ فَقَالُوا: كَفَفْتَ يَدَكَ فَكَفَفْنَا أَيْدِيَنَا.
فَقَالَ رَسُولُ الله. ص: كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لا تُنَاجُونَ] .
[أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَخْرٍ قَالَ:
أُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسويق لوز فقال لهم رسول الله. ص: أَخِّرُوهُ هَذَا شَرَابُ الْمُتْرَفِينَ] «1» .
[أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حيوة بن شريح عن عمرو بْنِ مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِسَوِيقٍ مِنْ سَوِيقِ اللُّوزِ. فَلَمَّا خِيفَ لَهُ قَالَ: مَاذَا؟ قَالُوا: سَوِيقُ اللُّوزِ. قَالَ: أَخِّرُوهُ عَنِّي هَذَا شَرَابُ الْمُتْرَفِينَ] .
[أَخْبَرَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَمِيدِ عَنْ وَاقِدٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْخَيَّاطِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمْنٌ وَأَقْطٌ وَضَبٌّ. قَالَ: فَأَكَلَ مِنَ السَّمْنِ وَالأَقْطِ. قَالَ ثُمَّ قَالَ لِلضَّبِّ: إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ مَا أَكَلْتُهُ قَطُّ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَأْكُلْهُ. فَقَالَ:
فَأُكِلَ عَلَى خِوَانِهِ] .
[أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنِ البراء ابن عَازِبٍ عَنْ ثَابِتِ بْنِ وَدِيعَةَ الأَنْصَارِيِّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أُتِيَ بِضَبٍّ فَقَالَ: أُمَّةٌ مُسِخَتْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ!] «2» .
[أخبرنا سعيد بن سليمان. أخبرنا خالد بن عبد الله عن حصين عن زيد بن وهب عن ثابت بن يزيد بن وديعة قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأصبنا ضبابا فشويناها. فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها بضب. فأخذ عودا فجعل يعد أصابعه. فقال: مسخت أمه من بني إسرائيل دواب في الأرض فلا أدري أي دواب هي. قال: فلم يأكله ولم ينه عنه] «3» .
(1) انظر: [الزهد لابن المبارك (2) ، (55) ، والزهد لأحمد (6) ] .
(2) انظر: [مسند أحمد بن حنبل (4/ 320) ، والمعجم الكبير للطبراني (2/ 74) ] .
(3) انظر: [مسند أحمد بن حنبل (5/ 21) ، وكنز العمال (10947) ، (20948) ، والمعجم الكبير للطبراني (7/ 223، 224) ، والسنن الكبرى (9/ 325) ] . [أخبرنا سعيد بن سليمان. أخبرنا عباد بن العوام عن الشيباني عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينما هو عند ميمونة إذ قربت إليه خوانا عليه لحم ضب. فلما أراد أن يأكل قالت ميمونة: يا رسول الله تدري ما هذا؟ قال:
لا. قالت: هذا لحم ضب. قال: هذا لحم لم آكله. وعنده الفضل بن عباس وخالد بن الوليد وامرأة أخرى. فقال له خالد: يا رسول الله أحرام هو؟ قال: لا.
وقال: كلوا. فأكل الفضل وخالد والمرأة. وقالت ميمونة: أما أنا فلا آكل من شيء لم يأكل منه رسول الله. ص] «1» .
[أخبرنا إسحاق بن عيسى. أخبرنا حماد بن سلمة عن أبي المهزم قال: سمعت أبا هريرة يقول: أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبعة أضب في جفنة وقد صب عليها سمن فقال: كلوا. ولم يأكل. فقالوا: يا رسول الله أنأكل ولا تأكل؟ فقال: إني أعافها] .
[أخبرنا إسحاق بن عيسى. أخبرنا حماد بن سلمة عن بشر بن حرب عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بضب فقال: اقلبوه لظهره. فقلبوه. ثم قال: اقلبوه لبطنه. فقلبوه. فقال: تاه سبط من بني إسرائيل ممن غضب الله عليه.
فإن يك فهو هذا! فإن يك فهو هذا!] .
[أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن علي بن زيد. حدثني عمران بن أبي حرملة عن ابن عباس قال: دخلت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا وخالد بن الوليد على ميمونة بنت الحارث. فقالت: ألا أطعمكم من هدية أهدتها لنا أم عقيق؟ فقال: بلى.
فجيء بضبين مشويين فتبزق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له خالد بن الوليد: كأنك تقذره؟
قال: أجل. قالت: ألا أسقيكم من لبن أهدته لنا؟ قال: بلى. قال: فجيء بإناء من لبن فشرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا عن يمينه وخالد عن شماله. فقال لي: اشرب هو لك وإن شئت آثرت به خالدا. فعلمت ما كنت لأوثر بسؤرك علي أحدا. فقال رسول الله. ص: من أطعمه الله طعاما فليقل اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه. ومن سقاه الله لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه. فإنه ليس شيء يجزي من الطعام والشراب غير اللبن] .
(1) انظر: [صحيح مسلم، الصيد (47) ، ومسند أحمد (1/ 326) ، والسنن الكبرى (9/ 324) ، وفتح الباري (9/ 664) ، والمعجم الكبير للطبراني (12/ 245) ] .(1/301)
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسَ. سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَهْدَتْ أُمُّ حُفَيْدٍ خَالَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
سَمْنًا وَأَقِطًا وَأَضُبًّا. فَأَكَلَ مِنَ السَّمْنِ وَالأَقِطِ وَتَرَكَ الأَضُبَّ تَقَذُّرًا. قَالَ: وَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُؤْكَلْ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ وَوَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: نَادَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: كَيْفَ تَقُولُ فِي الضَّبِّ؟ قَالَ: لَسْتُ بِآكِلِهِ وَلا مُحَرِّمِهِ] .
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ. أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: أُتِيَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِضَبٍّ فَقَالَ: إِنَّا قَوْمٌ قَرَوِيُّونَ وَإِنَّا نَعَافُهُ] .
ذِكْرُ مَا حُبِّبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ النساء والطيب
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا سَلامُ أَبُو الْمُنْذِرِ عن ثابت عن أنس عن النبي.
ص. قَالَ: حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ. وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاةِ] «1» .
[أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ صَاحِبُ الْبَصْرِيِّ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله. ص: مَا أَحْبَبْتُ مِنْ عَيْشِ الدُّنْيَا إِلا الطِّيبَ وَالنِّسَاءَ] «2» .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونٍ قَالَ: مَا نَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عَيْشِ الدُّنْيَا إِلا الطِّيبَ وَالنِّسَاءَ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا. قَالَتْ: كَانَ يُعْجِبُ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الدُّنْيَا ثَلاثَةُ أَشْيَاءَ:
__________
(1) انظر: [سنن النسائي (7/ 61) ، وعشرة النساء (1) ، ومسند أحمد بن حنبل (3/ 128) ، 285) ، وتلخيص الحبير (3/ 116) ، وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلّم (98) ، (229) ، وكشف الخفا (1/ 405) ، والمستدرك (2/ 160) ] .
(2) انظر: [كنز العمال (17346) ] .(1/304)
الطِّيبُ وَالنِّسَاءُ وَالطَّعَامُ. فَأَصَابَ اثْنَتَيْنِ وَلَمْ يُصِبْ وَاحِدَةً. أَصَابَ النِّسَاءَ وَالطِّيبَ وَلَمْ يُصِبِ الطَّعَامَ «1» .
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ قَيْسٍ الْحَضْرَمِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ: لَمْ يُصِبْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ النساء والطيب.
أخبرنا عفان بن مسلم. أخبرنا أَبُو هِلالٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: مَا كَانَ شَيْءٌ أَعْجَبَ إِلَى نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ الْخَيْلِ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ غَفْرًا بَلِ النِّسَاءُ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو سَلَمَةَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ صَاحِبُ الْبَصْرِيِّ. أَخْبَرَنَا يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ أن أنس بن مالك قَالَ: كُنَّا نَعْرِفُ خُرُوجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرِيحِ الطِّيبِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَنْسِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْرَفُ بِرِيحِ الطِّيبِ إِذَا أَقْبَلَ «2» .
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ. حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ أَنَسًا كَانَ لا يَرُدُّ الطِّيبَ. وَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لا يَرُدُّ الطِّيبَ «3» .
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ. يَعْنِي ابْنَ فَضَالَةَ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُرِضَ عَلَيْهِ طَيِّبٌ قَطُّ فَرَدَّهُ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ الْمَكِّيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: يَا أُمَّهْ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يَتَطَيَّبُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ بِذِكَارَةِ الطِّيبِ. قُلْتُ: وَمَا ذِكَارَةُ الطِّيبِ؟ قَالَتِ: الْمِسْكُ وَالْعَنْبَرُ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخْتَارِ عن موسى
__________
(1) انظر: [الأسرار المرفوعة للقاري (77) ] .
(2) انظر: [مصنف ابن أبي شيبة (9/ 25) ، وكنز العمال (298) ، والبداية والنهاية (6/ 30) ، وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلّم (100) ] .
(3) انظر: [صحيح البخاري (3/ 205) ، (7/ 211) ، وسنن الترمذي (789) ، ومسند أحمد بن حنبل (3/ 133، 261) ، ومشكاة المصابيح (3017) ، وشرح السنة (12/ 87) ، وكنز العمال (18291) ، وفتح الباري (5/ 209) ، (10/ 371) ، والشمائل (110) ، وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلّم (99) ، (230) ، وحلية الأولياء (9/ 46) ، وتاريخ أصفهان (1/ 175) ] .(1/305)
ابن أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَهُ سُكٌّ يَتَطَيَّبُ مِنْهُ «1» .
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ خُلَيْدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قال: ذكروا المسك عند النبي. [ص. فَقَالَ: أَوَلَيْسَ مِنْ أَطْيَبِ الطِّيبِ؟] .
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لابْنِ عُمَرَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنِّي رَأَيْتُكَ تَسْتَحِبُّ هَذَا الْخَلُوقَ.
فَقَالَ: كَانَ أَحَبَّ الطِّيبِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: كَانَ إِذَا اسْتَجْمَرَ يَجْعَلُ الْكَافُورَ عَلَى الْعُودِ ثُمَّ يَسْتَجْمِرُ بِهِ وَيَقُولُ هكذا كان رسول الله.
ص. يَسْتَجْمِرُ.
ذِكْرُ شِدَّةِ الْعَيْشِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم -
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَالْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ قَالا: أَخْبَرَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ.
أَخْبَرَنَا هِلالُ بْنُ خَبَّابٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَبِيتُ اللَّيَالِيَ الْمُتَتَابِعَةَ طَاوِيًا وَأَهْلُهُ لا يَجِدُونَ عَشَاءً. قَالَ: وَكَانَ عَامَّةُ خُبْزِهِمُ الشَّعِيرَ «2» .
[أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو هَاشِمٍ صَاحِبُ الزَّعْفَرَانِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ فاطمة. ع.
جَاءَتْ بِكَسْرَةِ خُبْزٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْكِسْرَةُ يَا فَاطِمَةُ؟ قَالَتْ: قُرْصٌ خَبَزْتُهُ فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَتَيْتَكَ بِهَذِهِ الْكِسْرَةِ. فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ أَوَّلُ طَعَامٍ دَخَلَ فَمَ أَبِيكِ مُنْذُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ!] «3» .
أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي طَلِيقٍ أُمِّ
__________
(1) انظر: [كنز العمال (18290) ، وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلّم (98) ] .
(2) انظر: [سنن الترمذي (2360) ، وسنن ابن ماجة (3347) ، ومسند أحمد (1/ 255، 34) ، والشمائل (87) ، وكنز العمال (18416) ، والزهد لأحمد (30) ، وأمالي الشجري (2/ 207) ] .
(3) انظر: [المعجم الكبير للطبراني (1/ 232) ، وكنز العمال (16680) ] .(1/306)
الْحُصَيْنِ قَالَتْ: حَدَّثَنِي حَبَّانُ بْنُ جَزْءٍ أَبُو بَحْرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كَانَ يَشُدُّ صُلْبَهُ بِالْحَجَرِ مِنَ الْغَرَثِ «1» .
أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: بَيْنَمَا عَائِشَةُ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. تُحَدِّثُنِي ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ بَكَتْ فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكِ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَتْ: مَا مَلأْتُ بَطْنِي مِنْ طَعَامٍ فَشِئْتُ أَنْ أَبْكِيَ إِلا بَكَيْتُ.
أَذَكَرُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْجَهْدِ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. وَهِيَ تَبْكِي. فَقُلْتُ:
يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَا يُبْكِيكِ؟ قَالَتْ: مَا أَشْبَعُ فَأَشَاءُ أَنْ أَبْكِيَ إِلا بَكَيْتُ. وَذَلِكَ لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ تَأْتِي عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مَا يَشْبَعُ مِنْ خُبْزِ بُرٍّ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَسْوَدِ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ غَدَاءً وَعَشَاءً مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ ثَلاثًا مِنْ خُبْزِ بُرٍّ حَتَّى قُبِضَ. وَمَا رُفِعَ عَنْ مَائِدَتِهِ كِسْرَةٌ فَضْلا حَتَّى قُبِضَ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ يَمُرُّ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِلالٌ ثُمَّ هِلالٌ ثُمَّ هِلالٌ لا يُوقَدُ فِي شَيْءٍ مِنْ بُيُوتِهِ نَارٌ لا لِخُبْزٍ وَلا لِطَبِيخٍ. قَالُوا: بِأَيِّ شَيْءٍ كَانُوا يَعِيشُونَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: بِالأَسْوَدَيْنِ التَّمْرِ وَالْمَاءِ. قَالَ: وَكَانَ لَهُ جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ. جَزَاهُمُ اللَّهُ خَيْرًا. لَهُمْ مَنَائِحُ يُرْسِلُونَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ لَبَنٍ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ: مَا كَانَ يَفْضُلُ عَنْ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُبْزُ الشَّعِيرِ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَمْسَى في آل محمد
__________
(1) انظر: [كنز العمال (18415) ] .(1/307)
صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ. وَإِنَّهَا لَتِسْعَةُ أَبْيَاتٍ. وَاللَّهِ مَا قَالَهَا اسْتِقْلالا لَرِزْقِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ تَأَسَّى بِهِ أُمَّتُهُ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا عَبَّادٌ عَنْ هِلالٍ. أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ يَأْتِي عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّيَالِي مَا يَجِدُونَ فِيهَا عَشَاءً.
أَخْبَرَنَا محمد بن عمر الأسلمي. أخبرنا ابن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ بَعْضِ بَنِي الْوَلِيدِ مَوْلَى الأَخْنَسِيِّينَ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عَلَى طَعَامٍ لَنَا فِي مَخْرَجٍ لَنَا طَلَعَ عَلَيْنَا أَبُو هُرَيْرَةَ فَرَحَّبْنَا بِهِ وَقُلْنَا: هَلُمَّ. قَالَ: لا وَاللَّهِ لا أَذُوقُهُ. مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَشْبَعْ هُوَ وَلا أَهْلُهُ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ.
أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ عَائِشَةَ.
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: مَا شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ. وَلا رَفَعْنَا لَهُ فَضْلَ طَعَامٍ عَنْ شِبَعٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ. إِلا أَنْ نَرْفَعَهُ لِغَائِبٍ. فَقِيلَ لَهَا: مَا كَانَتْ مَعِيشَتُكُمْ؟ قَالَتِ: الأَسْوَدَانِ الْمَاءُ وَالتَّمْرُ. وَقَالَتْ: وَكَانَ لَنَا جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ لَهُمْ رَبَائِبُ يَسْقُونَنَا مِنْ لَبَنِهَا. جَزَاهُمُ اللَّهُ خَيْرًا.
أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ثَلاثًا مِنْ خُبْزِ بُرٍّ حَتَّى قُبِضَ. وَمَا رُفِعَتْ عَنْ مَائِدَتِهِ كِسْرَةٌ فَضْلا حَتَّى قُبِضَ.
أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ. أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ يَوْمَيْنِ تِبَاعًا فَصَاعِدًا إِلا مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا مُطِيعٌ. حَدَّثَنِي كُرْدُوسٌ التَّغْلِبِيُّ عَنْ عَائِشَةَ.
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. أَنَّهَا ذَكَرَتْ أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ لَمْ يَشْبَعُوا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةَ مِنْ طَعَامِ بُرٍّ حَتَّى مَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَبِيلِهِ.
أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. وَأَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ يَأْتِي عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
شَهْرٌ لا نَخْبِزُ فِيهِ. قَالَ قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا كَانَ يَأْكُلُ رَسُولُ الله. ص؟ فقالت:(1/308)
كَانَ لَنَا جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ. جَزَاهُمُ اللَّهُ خَيْرًا. كَانَ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْ لَبَنٍ يُهْدُونَ مِنْهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ عن نَوْفَلِ بْنِ إِيَاسَ الْهُذَلِيِّ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ لَنَا جَلِيسًا وَكَانَ نِعْمَ الْجَلِيسُ. وَإِنَّهُ انْقَلَبَ بِنَا ذَاتَ يَوْمٍ حَتَّى إِذَا دَخَلْنَا بَيْتَهُ وَدَخَلَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَجَلَسَ مَعَنَا وَأَتَانَا بِجَفْنَةٍ فِيهَا خُبْزٌ وَلَحْمٌ فَلَمَّا وُضِعَتْ بَكَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: فَارَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدُّنْيَا وَلَمْ يَشْبَعْ هُوَ وَلا أَهْلُ بَيْتِهِ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ. وَلا أُرَانَا أَخَّرْنَا لِهَذَا لِمَا هُوَ خَيْرٌ لَنَا.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ يَقُولُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا شَبِعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الْكِسَرِ الْيَابِسَةِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا وَأَصْبَحْتُمْ تَهْدُرُونَ بِالدُّنْيَا. وَنَقَرَ بِأَصَابِعِهِ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عَقِيلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَمُرُّ بِالْمُغِيرَةِ بْنِ الأَخْنَسِ وَهُوَ يُطْعِمُ الطَّعَامَ فَقَالَ: مَا هَذَا الطَّعَامُ؟ قَالَ: خُبْزُ النَّقِيِّ وَاللَّحْمُ السَّمِينُ. قَالَ: وَمَا النَّقِيُّ؟ قَالَ: الدَّقِيقُ. فَتَعَجَّبَ أَبُو هُرَيْرَةَ ثُمَّ قَالَ: عَجَبًا لَكَ يَا مُغِيرَةُ! رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبَضَهُ اللَّهُ. عَزَّ وَجَلَّ. وَمَا شَبِعَ مِنَ الْخُبْزِ وَالزَّيْتِ مَرَّتَيْنِ فِي يَوْمٍ وَأَنْتَ وَأَصْحَابُكَ تَهْدُرُونَ هَهُنَا الدُّنْيَا بَيْنَكُمْ. وَنَقَرَ بِإِصْبَعِهِ يَقُولُ كَأَنَّهُمْ صِبْيَانٌ.
أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ. أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ. أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُجْمَعْ لَهُ غَدَاءٌ وَلا عَشَاءٌ مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ إِلا عَلَى ضَفَفٍ.
أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ. أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مَعْدَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: شَهِدْتُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِيمَةً مَا فِيهَا خُبْزٌ وَلا لَحْمٌ.
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ. أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ. أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ قَالَ: كنا نأتي أنس ابن مَالِكٍ وَخَبَّازُهُ قَائِمٌ. فَقَالَ يَوْمًا: كُلُوا فَمَا أَعْلَمُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَغِيفًا مُرَقَّقًا بِعَيْنِهِ حَتَّى لَحِقَ بِرَبِّهِ. وَلا شَاةً سَمِيطًا قَطُّ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: مَا اجْتَمَعَ فِي بَطْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَعَامَانِ فِي يَوْمٍ قَطُّ.(1/309)
إِنْ أَكَلَ لَحْمًا لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ. وَإِنْ أَكَلَ تَمْرًا لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ. وَإِنْ أَكَلَ خُبْزًا لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ.
وَكَانَ رَجُلا مِسْقَامًا. وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَنْعَتُ لَهُ فَيَتَدَاوَى بِمَا تَنْعَتُ لَهُ الْعَرَبُ. وَكَانَتِ الْعَجَمُ تَنْعَتُ لَهُ فَيَتَدَاوَى.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَشْبَعْ مَرَّتَيْنِ فِي يَوْمٍ مِنْ خبز الشعير. قالت: وإن كان ليهدي بنا قِنَاعٌ فِيهِ تَمْرٌ فِيهِ كَعْبٌ مِنْ إِهَالَةٍ فَنَفْرَحُ بِهِ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدٍ. يَعْنِي ابْنَ هِلالٍ. قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَرْسَلَ أَبُو بَكْرٍ قَائِمَةَ شَاةٍ لَيْلا فَقَطَّعْتُ وَأَمْسَكَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ قَطَّعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمْسَكْتُ عَلَيْهِ. قَالَ فَقِيلَ لَهَا: عَلَى غَيْرِ مِصْبَاحٍ؟ قَالَتْ عَائِشَةُ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: لَوْ كَانَ عِنْدَنَا مِصْبَاحٌ لائْتَدَمْنَا بِهِ. كَانَ يَأْتِي عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ شَهْرٌ مَا يَخْبِزُونَ خُبْزًا. وَلا يَطْبُخُونَ قِدْرًا. قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِصَفْوَانَ. فَقَالَ: كَانَ يَأْتِي عَلَيْهِمُ الشَّهْرَانِ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي نَضْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. تَقُولُ: إِنِّي لَجَالِسَةٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فِي الْبَيْتِ. فَأَهْدَى لَنَا أَبُو بَكْرٍ رِجْلَ شَاةٍ. فَإِنِّي لأُقَطِّعُهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ظُلْمَةِ الْبَيْتِ. فَقَالَ لَهَا قَائِلٌ: أَمَا لَكُمْ سِرَاجٌ؟ فَقَالَتْ: لَوْ كَانَ لَنَا مَا يُسْرَجُ بِهِ أَكَلْنَاهُ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو جَمِيعٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ. رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ. رَضِيَ الله عَنْهَا. قَالَتْ: أَتَتْنَا لَيْلَةً قَائِمَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي بَكْرٍ.
تَعْنِي مَسْلُوخًا. فَأَنَا أَمْسِكُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُقَطِّعُ. أَوِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْسِكُ عَلَيَّ وَأَنَا أُقَطِّعُ. فَقَالَ لَهَا رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَمَا كَانَ عِنْدَكُمْ حِينَئِذٍ مِصْبَاحٌ؟ قَالَتْ: لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا مِصْبَاحًا أَكَلْنَاهُ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو صَخْرٍ حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: لَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا شَبِعَ مِنْ خُبْزٍ وَزَيْتٍ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَسُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سماك(1/310)
سَمِعَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَذْكُرُ مَا فُتِحَ عَلَى النَّاسِ.
فَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْتَوِي يَوْمَهُ مِنَ الْجُوعِ مَا يَجِدُ مِنَ الدَّقَلِ مَا يَمْلأُ بِهِ بَطْنَهُ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُهُ وَهُوَ يَخْطُبُ يَقُولُ: احْمَدُوا اللَّهَ فَرُبَّمَا أَتَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْيَوْمَ يَظَلُّ يَلْتَوِي مَا يَشْبَعُ مِنَ الدَّقَلِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دكين والحسن بن موسى قالا: أخبرنا زهير عَنْ سِمَاكٍ قَالَ:
سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: مَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ نَبِيُّكُمْ يَشْبَعُ مِنَ الدَّقَلِ. وَمَا تَرْضَوْنَ دُونَ أَلْوَانِ التَّمْرِ وَالزُّبْدِ. قَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى فِي حَدِيثِهِ: وَأَلْوَانِ الثِّيَابِ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمَازِنِيُّ أَبُو دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ زَيْدٍ الْمَدَنِيُّ. حَدَّثَنِي وَالِدِي قَالَ: دَخَلْنَا على عائشة. رضي الله عَنْهَا.
فَقُلْنَا: سَلامٌ عَلَيْكِ يَا أُمَّهْ! فَقَالَتْ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ! ثُمَّ بَكَتْ. فَقُلْنَا: مَا بُكَاؤُكِ يَا أُمَّهْ؟
قَالَتْ: بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ يَأْكُلُ مِنْ أَلْوَانِ الطَّعَامِ حَتَّى يَلْتَمِسَ لِذَلِكَ دَوَاءً يُمْرِئُهُ.
فَذَكَرْتُ نَبِيَّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَاكَ الَّذِي أَبْكَانِي. خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَمْلأْ بَطْنَهُ فِي يَوْمٍ مِنْ طَعَامَيْنِ. كَانَ إِذَا شَبِعَ مِنَ التَّمْرِ لَمْ يَشْبَعْ مِنَ الْخُبْزِ. وَإِذَا شَبِعَ مِنَ الْخُبْزِ لَمْ يَشْبَعْ مِنَ التَّمْرِ. فَذَاكَ الَّذِي أَبْكَانِي.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: أَدْرَكَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فَأَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ! فَقَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّي عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ! فَقُلْتُ: لَبَّيْكِ! فَقَالَتْ: وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَنَمْكُثُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً مَا نُوقِدُ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَارٍ مِصْبَاحًا وَلا غَيْرَهُ. فَقُلْتُ: يَا أُمَّهْ فَبِمَ كُنْتُمْ تَعِيشُونَ؟ فَقَالَتْ:
بِالأَسْوَدَيْنِ التَّمْرِ وَالْمَاءِ.
أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. أَخْبَرَنَا بِسْطَامٌ. يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ. عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ قَالَ أَبِي: لَقَدْ غَبَرْنَا مَعَ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا لَنَا طَعَامٌ إِلا الأَسْوَدَانِ. ثُمَّ قَالَ لِي: هَلْ تَدْرِي مَا الأَسْوَدَانِ؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: التَّمْرُ وَالْمَاءُ.(1/311)
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا مُصْعَبُ بْنُ سُلَيْمَانَ الزُّهْرِيُّ. سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَهُوَ يَقُولُ: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَمْرٌ فَأَخَذَ يَهْدِيهِ. قَالَ: ثُمَّ رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ مِنْهُ مُقْعِيًا مِنَ الْجُوعِ.
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ. أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ بَعَثَتْ مَعَهُ بِقِنَاعٍ عَلَيْهِ رُطَبٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَجَعَلَ يَقْبِضُ الْقَبْضَةَ فَيَبْعَثُ بِهَا إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ. ثُمَّ أَكْلَ أَكْلَ رَجُلٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَشْتَهِيهِ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا أَبَانُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أنس أن يهوديا دعا النبي.
ص. إِلَى خُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ فَأَجَابَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عن منصور ابن صَفِيَّةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا شَبِعْنَا مِنَ الأَسْوَدَيْنِ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَخَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ قَالا: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
أَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّهِ صَفِيَّةَ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ شَبِعَ النَّاسُ مِنَ الأَسْوَدَيْنِ التَّمْرِ وَالْمَاءِ.
أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ الأَعَزِّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ سَمِعَهُ يَقُولُ: مَا شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شُبْعَتَيْنِ فِي يَوْمٍ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ الْوَرَّاقُ. أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَا رُفِعَ مِنْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْءٌ قَطُّ. وَلا حُمِلَتْ مَعَهُ طِنْفِسَةٌ يَجْلِسُ عَلَيْهَا.
أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. أَخْبَرَنَا فَرْقَدُ السِّنْجِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ادَّهَنَ بِزَيْتٍ غَيْرِ مُقَتَّتٍ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ. حَدَّثَنِي شَهِيدٌ. حَدَّثَتْنِي أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُوُفِّيَ يَوْمَ تُوُفِّيَ ودرعه مرهونة عند رجل من اليهود بوسق مِنْ شَعِيرٍ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قُلْتُ لِسَهْلٍ: أكانت المناخل على عهد النبي. ص؟ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ مُنْخُلا فِي ذَاكَ الزَّمَانِ. وَمَا أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الشَّعِيرَ مَنْخُولا حَتَّى فَارَقَ(1/312)
الدُّنْيَا. قَالَ قُلْتُ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ قَالَ: كُنَّا نَطْحَنُهَا ثُمَّ نَنْفُخُ قِشْرَهَا فَيَطِيرُ مَا طَارَ. وَنَسْتَمْسِكُ مَا اسْتَمْسَكَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَافِعٍ يُخْبِرُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ: لَقَدْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ مُنْخُلٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا فَائِدٌ عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ جَدَّتِهِ سَلْمَى قَالَتْ: مَا كَانَ لَنَا مُنْخُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا كُنَّا نَنْسِفُ الشَّعِيرَ إِذَا طُحِنَ نَسْفًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ ثَابِتٍ عَنِ ابْنِ دُومَانَ أَنَّ رَسُولَ الله.
ص. وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَأْكُلُونَ الشَّعِيرَ غَيْرَ مَنْخُولٍ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أَبُو مَعْشَرٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ] ! «1» .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى كَانَ أَكْثَرُ طَعَامِهِ خُبْزَ الشَّعِيرِ وَالتَّمْرَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: رُئِيَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُبَّاءٌ فَقِيلَ: مَا تَصْنَعُونَ بِهِ؟ قَالُوا:
نُكَثِّرُ بِهِ الطَّعَامَ. قَالَ غَيْرُ مَنْصُورٍ: نَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْعِيَالِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْوَالِبِيِّ. أَخْبَرَنِي الأَعْرَجُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجُوعُ. قُلْتُ لأَبِي هُرَيْرَةَ: وَكَيْفَ ذَلِكَ الجوع! قال: لكثرة من يغشاه وأضيافه. قوم يَلْزَمُونَهُ لِذَلِكَ. فَلا يَأْكُلُ طَعَامًا أَبَدًا إِلا وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ وَأَهْلُ الْحَاجَةِ يَتَتَبَّعُونَ مِنَ الْمَسْجِدِ. فَلَمَّا فَتْحَ اللَّهُ خَيْبَرَ. اتَّسَعَ النَّاسُ بَعْضَ الاتِّسَاعِ. وَفِي الأَمْرِ بَعْدُ ضِيقٌ. وَالْمَعَاشُ شَدِيدٌ. هِيَ بِلادُ ظَلَفٍ لا زَرْعَ فِيهَا. إِنَّمَا طَعَامُ أَهْلِهَا التَّمْرُ وَعَلَى ذَلِكَ أَقَامُوا. قَالَ مخرمة بن سليمان:
__________
(1) انظر: [سنن النسائي (8/ 263) ، وسنن أبي داود (1547) ، وسنن ابن ماجة (3354) ، وكشف الخفا (1/ 220) ، وتفسير القرطبي (7/ 395) ، وكنز العمال (3689) ، ومشكاة المصابيح (2469) ، والترغيب والترهيب (4/ 10) ، والدر المنثور (4/ 123) ، ومصنف عبد الرزاق (19636) ، وموارد الظمآن (2444) ، وشرح السنة (5/ 170) ] .(1/313)
وَكَانَتْ جَفْنَةُ سَعْدٍ تَدُورُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنْذُ يَوْمَ نَزَلَ الْمَدِينَةَ فِي الْهِجْرَةِ إِلَى يَوْمِ تُوُفِّيَ. وَغَيْرُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ مِنَ الأَنْصَارِ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ. فَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرًا. يَتَوَاسُونَ. وَلَكِنَّ الْحُقُوقَ تَكْثُرُ. وَالْقُدَّامُ يَكْثُرُونَ. وَالْبِلادُ ضَيِّقَةٌ لَيْسَ فِيهَا مَعَاشٌ. إِنَّمَا تَخْرُجُ ثَمَرَتُهُمْ مِنْ مَاءٍ ثَمِرٍ يَحْمِلُهُ الرِّجَالُ عَلَى أَكْتَافِهِمْ أَمِ الإِبِلُ وَالإِبِلُ أَكَلَ ذَلِكَ. وَرُبَّمَا أَصَابَ نَخْلَهُمُ الْقُشَامُ. فَيُذْهِبُ ثَمَرَتَهُمْ تِلْكَ السَّنَةِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي الزِّنَادِ يَقُولُ: كُلُّ مَا اشْتَدَّ مِنَ الأَمْرِ فَهُوَ ظَلَفٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: الْقُشَامُ شَيْءٌ يُصِيبُ الْبَلَحَ بِمِثْلِ الْجُدَرِيِّ فَيُقَيَّرُ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ عن المقدام ابن معديكرب عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَا مَلأَ آدَمَيُّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ. حَسْبُ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ] «1» .
ذكر صفة خلق رَسُول اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا يَعْلَى وَمُحَمَّدُ ابْنَا عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيَّانِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الأَسَدِيُّ عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ يَحْيَى الأَنْصَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ أَنَّهُ سَأَلَ عَلِيًّا وَهُوَ مُحْتَبٍ بِحَمَائِلِ سَيْفِهِ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ عَنْ نَعْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصِفَتِهِ. [فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبْيَضَ اللَّوْنِ.
مُشْرَبًا حُمْرَةً. أَدْعَجَ الْعَيْنِ. سَبِطَ الشَّعْرِ. كَثَّ اللِّحْيَةِ. سَهْلَ الْخَدِّ. ذَا وَفْرَةٍ. دَقِيقَ الْمَسْرُبَةِ. كَأَنَّ عُنُقَهُ إِبْرِيقُ فِضَّةٍ. لَهُ شَعْرٌ مِنْ لَبَّتِهِ إِلَى سُرَّتِهِ يَجْرِي كَالْقَضِيبِ. لَيْسَ فِي بَطْنِهِ وَلا صَدْرِهِ شَعْرٌ غَيْرِهِ. شَثْنَ الْكَفِّ وَالْقَدَمَ. إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَدِرُ مِنْ صَبَبٍ. وَإِذَا قَامَ كَأَنَّمَا يَنْقَلِعُ مِنْ صَخْرٍ. إِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا. كَأَنَّ عَرَقَهُ فِي وَجْهِهِ اللُّؤْلُؤُ.
وَلَرِيحُ عَرَقِهِ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ الأَذْفَرِ. لَيْسَ بِالْقَصِيرِ وَلا بِالطَّوِيلِ. وَلا بِالْعَاجِزِ وَلا اللَّئِيمِ. وَلَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلا بعده مثله. ص] «2» .
__________
(1) انظر: [سنن الترمذي (2380) ، والمستدرك (4/ 331) ، وسنن ابن ماجة (3349) ، وإرواء الغليل (7/ 41) ، وأمالي الشجري (2/ 209) ، وفتح الباري (9/ 528) ، وموارد الظمآن (1348) ، وتفسير القرطبي (7/ 192) ، وتفسير ابن كثير (3/ 403) ] .
(2) انظر: [دلائل النبوة (1/ 274) ، ومصنف عبد الرزاق (20491) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (1/ 320) ، وكنز العمال (18566) ، (18571) ، والبداية والنهاية (6/ 21) ] .(1/314)
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ وَالْحَسَنُ بْنُ مُوسَى قَالُوا قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ. قَالَ: [كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَخْمَ الْهَامَةِ. عَظِيمَ الْعَيْنَيْنِ. أَهْدَبَ الأَشْفَارِ. مُشْرَبَ الْعَيْنَيْنِ حُمْرَةً. كَثَّ اللِّحْيَةِ. أَزْهَرَ اللَّوْنِ. إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ كَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صُعُدٍ. وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا. شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ] «1» .
[أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالا: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ. أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ. قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالطَّوِيلِ وَلا بِالْقَصِيرِ. ضَخْمَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ. شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ. مُشْرَبَ اللَّوْنِ حُمْرَةً. ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ. طَوِيلَ الْمَسْرُبَةِ. إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ تَكَفُّؤًا كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ. لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ مثله. ص] .
[أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ الْحُدَّانِيُّ. حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ خَالِدٍ التَّمِيمِيُّ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَازِنٍ الرَّاسِبِيِّ أَنَّ رَجُلا قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: انْعَتْ لَنَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صِفْهُ لَنَا. قَالَ: كَانَ لَيْسَ بِالذَّاهِبِ طُولا وَفَوْقَ الرَّبْعَةِ. إِذَا جَاءَ مَعَ الْقَوْمِ غَمَرَهُمْ. أَبْيَضَ شَدِيدَ الْوضْحِ. ضَخْمَ الْهَامَةِ. أَغَرَّ. أَبْلَجَ. أَهْدَبَ الأَشْفَارِ. شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ. إِذَا مَشَى تَقَلَّعَ كَأَنَّمَا يَنْحَدِرُ مِنْ صَبَبٍ. كَأَنَّ الْعَرَقَ فِي وَجْهِهِ اللُّؤْلُؤُ. لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ مِثْلَهُ] .
[أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْحَكَمُ بْنُ مُوسَى قَالا: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ وَلَدِ عَلِيٍّ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ إِذَا نعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: لَمْ يَكُنْ بِالطَّوِيلِ الْمُمَغِّطِ. وَلا بِالْقَصِيرِ الْمُتَرَدِّدِ. كَانَ رَبْعَةً مِنَ الْقَوْمِ. وَلَمْ يَكُنْ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلا السَّبْطِ. كَانَ جَعْدًا رَجِلا. وَلَمْ يَكُنْ بِالْمُطَهَّمِ وَلا الْمُكَلْثَمُ وَكَانَ فِي وَجْهِهِ تَدْوِيرٌ أَبْيَضُ مُشْرَبٌ أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ. أَهْدَبَ الأَشْفَارِ. جَلِيلَ الْمُشَاشِ وَالْكَتِدِ. أَجْرَدَ. ذَا مَسْرُبَةٍ. شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ. إِذَا مَشَى تَقَلَّعَ كَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صَبَبٍ. وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ مَعًا. بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ. وَهُوَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ.
أَجْوَدَ النَّاسِ كَفًّا. وَأَجْرَأَ النَّاسِ صَدْرًا. وَأَصْدَقَ الناس لهجة. وأوفى الناس بذمة.
__________
(1) انظر: [مسند أحمد (1/ 151) ، ومجمع الزوائد (8/ 272) ، والبداية والنهاية (6/ 27) ] .(1/315)
وَأَلْيَنَهُمْ عَرِيكَةً. وَأَكْرَمَهُمْ عِشْرَةً. مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ. وَمَنْ خَالَطَهُ مَعْرِفَةً أَحَبَّهُ. يَقُولُ نَاعِتُهُ: لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ مِثْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -]
[أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قِيلَ لِعَلِيٍّ: يَا أَبَا حَسَنٍ انْعَتْ لَنَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: كَانَ أَبْيَضَ مُشْرَبٌ بَيَاضُهُ حُمْرَةً. أَهْدَبَ الأَشْفَارِ. أَسْوَدَ الْحَدَقَةِ.
لا قَصِيرًا وَلا طَوِيلا. وَهُوَ إِلَى الطُّوَلِ أَقْرَبُ. عَظِيمَ الْمَنَاكِبِ. فِي صَدْرِهِ مَسْرُبَةٌ. لا جَعْدٌ وَلا سَبْطٌ. شَثْنَ الْكَفِّ وَالْقَدَمِ. إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ كَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صُعُدٍ. كَأَنَّ الْعَرَقَ فِي وَجْهِهِ اللُّؤْلُؤُ. لَمْ أر قبله ولا بعده مثله. ص] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْيَمَنِ. فَإِنِّي لأَخْطُبُ يَوْمًا عَلَى النَّاسِ وَحَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ وَاقِفٌ فِي يَدِهِ سِفْرٌ يَنْظُرُ فِيهِ. فَنَادَى إِلَيَّ فَقَالَ: صِفْ لَنَا أَبَا الْقَاسِمِ! فَقَالَ عَلِيٌّ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ بِالْقَصِيرِ وَلا بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ. وَلَيْسَ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلا بِالسَّبْطِ. هُوَ رَجِلُ الشَّعْرِ أَسْوَدُهُ.
ضَخْمُ الرَّأْسِ. مُشْرَبٌ لَوْنُهُ حُمْرَةً. عَظِيمُ الْكَرَادِيسِ. شَثْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ. طَوِيلُ الْمَسْرُبَةِ. وَهُوَ الشَّعْرُ الَّذِي يَكُونُ فِي النَّحْرِ إِلَى السُّرَّةِ. أَهْدَبُ الأَشْفَارِ. مَقْرُونُ الْحَاجِبَيْنِ. صَلْتُ الْجَبِينِ. بَعِيدُ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ. إِذَا مَشَى يَتَكَفَّأُ كَأَنَّمَا يَنْزِلُ مِنْ صَبَبٍ. لَمْ أَرَ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَمْ أَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ. قَالَ عَلِيٌّ ثُمَّ سَكَتُّ. فَقَالَ لِي الْحَبْرُ: وَمَاذَا؟
قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا مَا يَحْضُرُنِي. قَالَ الْحَبْرُ: فِي عَيْنَيْهِ حُمْرَةٌ. حَسَنُ اللِّحْيَةِ. حَسَنُ الْفَمِ.
تَامُّ الأُذُنَيْنِ. يُقْبِلُ جَمِيعًا وَيُدْبِرُ جَمِيعًا. فَقَالَ عَلِيٌّ: هَذِهِ وَاللَّهِ صِفَتُهُ! قَالَ الْحَبْرُ:
وَشَيْءٌ آخَرُ. فَقَالَ عَلِيٌّ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ الْحَبْرُ: وَفِيهِ جَنَأٌ. قَالَ عَلِيٌّ: هُوَ الَّذِي قُلْتُ لَكَ كَأَنَّمَا يَنْزِلُ مِنْ صَبَبٍ. قَالَ الْحَبْرُ: فَإِنِّي أَجِدُ هَذِهِ الصِّفَةَ فِي سِفْرِ آبَائِي وَنَجِدُهُ يُبْعَثُ مِنْ حَرَمِ اللَّهِ وَأَمْنِهِ وَمَوْضِعِ بَيْتِهِ ثُمَّ يُهَاجِرُ إِلَى حَرَمٍ يُحَرِّمُهُ هُوَ وَيَكُونُ لَهُ حُرْمَةٌ كَحُرْمَةِ الْحَرَمِ الَّذِي حَرَّمَ اللَّهُ. وَنَجِدُ أَنْصَارَهُ الَّذِينَ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ قَوْمًا مِنْ وَلَدِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ أَهْلَ نَخْلٍ وَأَهْلَ الأَرْضِ قَبْلَهُمْ يَهُودُ. قَالَ قَالَ عَلِيٌّ: هو هو! وهو رسول الله. ص! فَقَالَ الْحَبْرُ: فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ نَبِيُّ اللَّهِ وَأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى النَّاسِ كَافَّةً. فَعَلَى ذَلِكَ أَحْيَا وَعَلَيْهِ أَمُوتُ وَعَلَيْهِ أُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ: فَكَانَ يَأْتِي عَلِيًّا فَيُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ وَيُخْبِرُهُ بِشَرَائِعِ الإِسْلامِ. ثُمَّ خَرَجَ عَلِيٌّ وَالْحَبْرُ هُنَالِكَ حَتَّى مَاتَ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ مُؤْمِنٌ(1/316)
بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَدِّقُ بِهِ] .
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى الأَشْجَعِيُّ. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ. وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ كِلاهُمَا عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَبْعَةً مِنَ الرِّجَالِ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلا بِالْقَصِيرِ. وَلَيْسَ بِالأَبْيَضِ الأَمْهَقِ وَلا بِالآدَمَ. وَلَيْسَ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلا بِالسَّبْطِ «1» .
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَالْحَسَنُ بْنُ مُوسَى قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عن أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَزْهَرَ اللَّوْنِ إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ. وَمَا مَسِسْتُ دِيبَاجَةً وَلا حَرِيرَةً وَلا شَيْئًا قَطُّ أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلا شَمِمْتُ مِسْكَةً وَلا عَنْبَرَةً مَا أَطْيَبَ مِنْ رِيحِهِ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ قَالَ قَالَ أَنَسٌ: مَا مَسِسْتُ قَطُّ حَرِيرَةً وَلا خَزَّةً أَلْيَنَ مِنْ كف رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلا شَمِمْتُ رَائِحَةً قَطُّ مِسْكَةً وَلا عَنْبَرَةً أَطْيَبَ رَائِحَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَخَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالا: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْمَرَ وَمَا شَمِمْتُ مِسْكَةً وَلا عَنْبَرَةً أَطْيَبَ رِيحًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «2» .
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَخْمَ الْقَدَمَيْنِ كَثِيرَ الْعَرَقِ. لَمْ أَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا مِنْدَلٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كان رسول الله.
ص. لَيْسَ بِالْقَصِيرِ وَلا بِالطَّوِيلِ «3» .
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ. أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ. أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَوْ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - ضخم الكفين. ضخم القدمين.
__________
(1) انظر: [صحيح البخاري (4/ 228) ، ومسند أحمد (3/ 240) ، ودلائل النبوة (1/ 201، 250) ] .
(2) انظر: [مسند أحمد (3/ 259، 267) ، والبداية والنهاية (6/ 16.
(3) انظر: [مسند أحمد (1/ 127) ، ودلائل النبوة (1/ 251) ، والبداية والنهاية (6/ 19، 21) ] .(1/317)
حَسَنَ الْوَجْهِ. لَمْ أَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ «1» .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ وَمُوسَى بْنُ دَاوُدَ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِيبٍ عَنْ صالح بن أبي صالح مولى التوأمة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَنْعَتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبْحُ الذِّرَاعَيْنِ. أَهْدَبُ أَشْفَارِ الْعَيْنَيْنِ. بَعِيدُ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ. يُقْبِلُ جَمِيعًا وَيُدْبِرُ جَمِيعًا.
بِأَبِي وَأُمِّي لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا وَلا صَخَّابًا فِي الأَسْوَاقِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قُدَامَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجُمَحِيِّ عَنْ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى عَنْ محمد بن سعيد بن الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ إِذَا رَأَى أَحَدًا مِنَ الأَعْرَابِ أَوْ أَحَدًا لَمْ يَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
أَلا أصف لكم النبي. ص؟ كَانَ شَثْنَ الْقَدَمَيْنِ. هَدِبَ الْعَيْنَيْنِ. أَبْيَضَ الْكَشْحَيْنِ.
يُقْبِلُ مَعًا وَيُدْبِرُ مَعًا. فِدًى لَهُ أَبِي وَأُمِّي! مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ.
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى وَمُوسَى بْنُ دَاوُدَ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي يُونُسَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي فِي جَبْهَتِهِ. وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَسْرَعَ فِي مِشْيَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَأَنَّمَا الأَرْضُ تُطْوَى لَهُ.
إِنَّا نُجْهِدُ أَنْفُسَنَا وَإِنَّهُ لَغَيْرُ مُكْتَرِثٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَثْنَ الْقَدَمَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ. ضَخْمَ السَّاقَيْنِ.
عَظِيمَ السَّاعِدَيْنِ. ضَخْمَ الْمَنْكِبَيْنِ. بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ. رَحِبَ الصَّدْرِ. رَجِلَ الرَّأْسِ. أَهْدَبَ الْعَيْنَيْنِ. حَسَنَ الْفَمِ. حَسَنَ اللِّحْيَةِ. تَامَّ الأُذُنَيْنِ. رَبْعَةً مِنَ الْقَوْمِ. لا طَوِيلا وَلا قَصِيرًا. أَحْسَنَ النَّاسِ لَوْنًا. يُقْبِلُ مَعًا وَيُدْبِرُ مَعًا. لَمْ أَرَ مِثْلَهُ وَلَمْ أَسْمَعْ بِمِثْلِهِ «2» .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ. وَأَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ مُسْلِمٍ مَوْلَى ابْنَةِ قَارِظٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ حَدَّثَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَقُولُ حَدَّثَنِيهِ: أَهْدَبُ الشِّفْرَيْنِ. أَبْيَضُ الْكَشْحَيْنِ. إِذَا أَقْبَلَ أَقْبَلَ جَمِيعًا. وَإِذَا أَدْبَرَ أَدْبَرَ جَمِيعًا. لم تر عيني مثله ولن تراه.
__________
(1) انظر: [مسند أحمد (3/ 125) ، ودلائل النبوة (1/ 243) ، وفتح الباري (10/ 357) ] .
(2) انظر: [صحيح البخاري (7/ 208) ، والبداية والنهاية (6/ 23) ] .(1/318)
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي يُونُسَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَا رأيت أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي فِي جَبْهَتِهِ. وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَسْرَعَ مَشْيًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَأَنَّ الأَرْضَ تُطْوَى لَهُ.
وَإِنَّا لَنُجْهَدُ أَنْ نُدْرِكَهُ وَإِنَّهُ لَغَيْرُ مُكْتَرِثٍ.
أَخْبَرَنَا قُدَامَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ. حَدَّثَتْنِي أُمِّي فَاطِمَةُ بِنْتُ مُضَرَ عَنْ جَدِّهَا خَشْرَمِ بْنِ بَشَّارٍ أَنَّ رَجُلا مِنْ بَنِي عَامِرٍ أَتَى أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ فَقَالَ: يَا أَبَا أُمَامَةَ إِنَّكَ رَجُلٌ عَرَبِيُّ إِذَا وَصَفْتَ شَيْئًا شَفَيْتَ مِنْهُ. فَصِفْ لِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى كَأَنِّي أَرَاهُ. فَقَالَ أَبُو أُمَامَةَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلا أَبْيَضَ تَعْلُوهُ حُمْرَةٌ. أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ. أَهْدَبَ الأَشْفَارِ. ضَخْمَ الْمَنَاكِبِ. أَشْعَرَ الذِّرَاعَيْنِ وَالصَّدْرِ. شَثْنَ الأَطْرَافِ. ذَا مَسْرُبَةٍ. فِي الرِّجَالِ أَطْوَلُ مِنْهُ. وَفِي الرِّجَالِ أَقْصَرُ مِنْهُ. عَلَيْهِ سَحُولِيَّتَانِ. إِزَارَهُ تَحْتَ رُكْبَتَيْهِ بِثَلاثِ أَصَابِعَ أَوْ أَرْبَعٍ. إِذَا تَعَطَّفَ بِرِدَائِهِ لَمْ يُحِطْ بِهِ. فَهُوَ مُتَأَبِّطُهُ تَحْتَ إِبْطِهِ. إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ حَتَّى يَمْشِي فِي صُعُودٍ. وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا. بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ. قَالَ الْعَامِرِيُّ: قَدْ وَصَفْتَ لِي صِفَةً لَوْ كَانَ فِي جَمِيعِ النَّاسِ لَعَرَفْتُهُ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ:
سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَلِيعَ الْفَمِ مَنْهُوسَ الْعَقِبِ «1» .
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ وَوَصَفَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَوَجْهُهُ مِثْلُ السَّيْفِ؟ فَقَالَ جَابِرٌ: مِثْلُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرُ مُسْتَدِيرٌ! أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرْبُوعًا بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ.
قَالَ عَفَّانُ فِي حَدِيثِهِ: يَبْلُغُ شَعْرُهُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ. عَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ «2» .
__________
(1) انظر: [صحيح مسلم، الفضائل باب (27) ، حديث (97) ، ومسند أحمد (5/ 103) ، وسنن الترمذي (3647) ، والشمائل (11) ، (23) ، ودلائل النبوة (1/ 210، 245) ، والبداية والنهاية (6/ 20) ] .
(2) انظر: [صحيح البخاري (4/ 228) ، (7/ 197) ، والشمائل (20) ، وشرح السنة (3/ 224) ، ودلائل النبوة (1/ 222) ، ومشكاة المصابيح (5783) ، والبداية والنهاية (6/ 13، 26) ، وفتح الباري (10/ 503) ] .(1/319)
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّهُ وَصَفَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: بَعِيدُ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ. لَيْسَ بِالْقَصِيرِ وَلا بِالطَّوِيلِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ رَجُلا سَأَلَ الْبَرَاءَ:
أَلَيْسَ كَانَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ السَّيْفِ؟ قَالَ: لا. مِثْلُ الْقَمَرِ! أخبرنا هوذة بن خليفة. أخبرنا عوف عن يزيد الفارسي قال: رأيت رسول الله.
ص. فِي النَّوْمِ زَمَنَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى الْبَصْرَةِ. قَالَ فَقُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال ابْنُ عَبَّاسٍ: [فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ: إِنَّ الشَّيْطَانَ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَشَبَّهَ بِي فَمَنْ رَآنِي فِي النَّوْمِ فَقَدْ رَآنِي. فَهَلْ] تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْعَتَ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي قَدْ رَأَيْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ أَنْعَتُ لَكَ رَجُلا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ. جِسْمُهُ وَلَحْمُهُ أَسْمَرُ إِلَى الْبَيَاضِ. حَسَنُ الْمَضْحَكِ. أَكْحَلُ الْعَيْنَيْنِ. جَمِيلُ دَوَائِرِ الْوَجْهِ. قَدْ مَلأَتْ لِحْيَتُهُ مَا لَدُنْ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ. وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى صُدْغَيْهِ حَتَّى كَادَتْ تَمْلأُ نَحْرَهُ. قَالَ عَوْفٌ: وَلا أَدْرِي مَا كَانَ مَعَ هَذَا مِنَ النَّعْتِ. قَالَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْ رَأَيْتَهُ فِي الْيَقَظَةِ مَا اسْتَطَعْتَ أَنْ تَنْعَتَهُ فَوْقَ هَذَا.
[أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: إِنِّي رَأَيْتُ عِيسَى وَمُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ. فَأَمَّا عِيسَى فَجَعْدٌ أَحْمَرُ عَرِيضُ الصَّدْرِ. وَأَمَّا مُوسَى فَآدَمُ جَسِيمٌ سَبْطٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ الزُّطِّ. فَقَالُوا لَهُ: إِبْرَاهِيمُ؟ فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ. يَعْنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
نَفْسَهُ] .
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ. حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لا يَلْتَفِتُ إِلا جميعا وإذا مشى مَشَى مُجْتَمِعًا لَيْسَ فِيهِ كَسَلٌ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِيُّ قَالَ: كُنْتُ أَطُوفُ مَعَ أَبِي طُفَيْلٍ بِالْبَيْتِ فَقَالَ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرِي. قَالَ قُلْتُ: رَأَيْتَهُ؟ قَالَ:
نَعَمْ. قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ صِفَتُهُ؟ فَقَالَ: كَانَ أبيض مليحا مقصدا «1» .
__________
(1) انظر [صحيح مسلم، الفضائل (99) ، ومسند أحمد (5/ 454) ، ومشكاة المصابيح (5785) ، ودلائل النبوة (6/ 501) ، والشمائل (14) ] .(1/320)
أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ الأَزْدِيُّ. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ قُلْتُ لَهُ: رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ. ص؟ قَالَ: نَعَمْ. كَانَ أَبْيَضَ مَلِيحَ الْوَجْهِ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَجْوَدَ وَلا أَنْجَدَ وَلا أَشْجَعَ وَلا أَوْضَأَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي قال: حدثني بكير عن مِسْمَارٍ عَنْ زِيَادٍ مَوْلَى سَعْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ هَلْ خَضَبَ رَسُولُ الله. ص؟ فَقَالَ: لا وَلا هَمَّ بِهِ. قَالَ: كَانَ شَيْبُهُ فِي عَنْفَقَتِهِ وَنَاصِيَتِهِ. وَلَوْ أَشَاءُ أَعُدُّهَا لَعَدَدْتُهَا. قُلْتُ: فَمَا صِفَتُهُ؟
قَالَ: كَانَ رَجُلا لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلا بِالْقَصِيرِ وَلا بِالأَبْيَضِ الأَمْهَقِ وَلا بِالآدَمَ وَلا بِالسَّبْطِ وَلا بِالْقَطِيطِ. وَكَانَتْ لِحْيَتُهُ حَسَنَةً. وَجَبِينُهُ صَلْتًا مُشْرَبًا بِحُمْرَةٍ. شَثْنَ الأَصَابِعِ. شَدِيدَ سَوَادِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ. ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَسَارِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ «1» .
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَشْعَثَ. يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمٍ.
قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخًا مِنْ بَنِي كِنَانَةَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَصَفَهُ فَقَالَ: أَبْيَضَ مَرْبُوعًا كَأَحْسَنِ الرِّجَالِ وَجْهًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ زُبَيْدٍ عَنْ بَشِيرٍ مَوْلَى الْمَأْرَبِيِّينَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبْيَضَ مُشْرَبًا بِحُمْرَةٍ. شَثْنَ الأَصَابِعِ.
لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلا بِالْقَصِيرِ. وَلا بِالسَّبْطِ وَلا بِالْجَعْدِ. إِذَا مَشَى هَرْوَلَ النَّاسُ وَرَاءَهُ. وَلا تَرَى مِثْلَهُ أَبَدًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي شَيْبَانُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ. فَمَا أَنْسَى شِدَّةَ بَيَاضِ وَجْهِهِ. وَشِدَّةَ سَوَادِ شَعْرِهِ. إِنَّ مِنَ الرِّجَالِ لِمَنْ هُوَ أَطْوَلُ مِنْهُ وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ أَقْصَرُ مِنْهُ. يَمْشِي وَيَمْشُونَ. قلت لخولة
__________
(1) انظر: [سنن الدارقطني (1/ 356) ، ومصنف ابن أبي شيبة (1/ 299) ، وسنن أبي داود استفتاح الصلاة، الباب (74) ] .(1/321)
أُمِّي: فَمَنْ هَذَا؟ قَالَتْ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُلْتُ: مَا كَانَتْ ثِيَابُهُ؟ قَالَتْ: مَا أَحْفَظُ ذَلِكَ الآنَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أُمِّ هِلالٍ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ بَطْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطُّ إِلا ذَكَرْتُ الْقَرَاطِيسَ الْمَثْنِيَّةَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ. أَخْبَرَنِي أيوب بن خالد عمن أَخْبَرَهُ أَنَّهُ ذَكَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ قَالُ: فَمَا رَأَيْتُ رَجُلا مِثْلَهُ مُتَجَرِّدًا كَأَنَّهُ فِلْقَةُ قَمَرٍ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَحْسَنَ الْبَشَرِ قَدَمًا.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ الزُّبَيْرِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يَفْتَرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى حَتَّى يُرَى ظَاهِرُهَا أَسْوَدُ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - شَدِيدَ الْبَطْشِ «1» .
أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ. يَعْنِي ابْنَ حَازِمٍ. أَخْبَرَنَا أَبِي. سَمِعْتُ الْحَسَنَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - أَجْوَدَ النَّاسِ. وَأَشْجَعَ النَّاسِ. وَأَحْسَنَ النَّاسِ. أَبْيَضَ أَزْهَرَ.
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُصُّ مِنْ شَارِبِهِ. قَالَ وَقَالَ عِكْرِمَةُ: وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ مِنْ قَبْلِهِ يَقُصُّ مِنْ شَارِبِهِ.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَوْفٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يَضْحَكُ إِلا تَبَسُّمًا وَلا يَلْتَفِتُ إِلا جَمِيعًا «2» .
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ. أخبرنا أبو سليمان عن رجل عن
__________
(1) انظر: [كنز العمال (18408) ، وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلّم (59) ] .
(2) انظر: [سنن الترمذي (3645) ، ومسند أحمد بن حنبل (5/ 97، 105) ، والمستدرك (2/ 606) ، ومصنف ابن أبي شيبة (9/ 114) ، والشمائل (114) ، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (1/ 322) ] .(1/322)
عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يَلْتَفِتُ إِلا جَمِيعًا.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا الْحُسَامُ بْنُ مِصَكٍّ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا قَطُّ إِلا بَعَثَهُ حَسَنَ الْوَجْهِ. حَسَنَ الصَّوْتِ. حَتَّى بَعَثَ نَبِيَّكُمْ. فَكَانَ حَسَنَ الْوَجْهِ حَسَنَ الصَّوْتِ. وَلَمْ يَكُنْ يُرَجِّعُ. وَكَانَ يَمُدُّ بَعْضَ الْمَدِّ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ. أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: إِنِّي قَدْ بَدَنْتُ فَلا تُبَادِرُونِي بِالْقِيَامِ فِي الصَّلاةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ] «1» .
أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضِ أَبُو ضَمْرَةَ عَنْ هِشَامِ بن عروة عن أبيه عن عائشة. رضي اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يُصَلِّي شَيْئًا مِنْ صَلاتِهِ وَهُوَ جَالِسٌ. فَلَمَّا دَخَلَ فِي السِّنِّ جَعَلَ يَجْلِسُ حَتَّى إِذَا بَقِيَ مِنَ السُّورَةِ أَرْبَعُونَ آيَةً أَوْ ثَلاثُونَ آيَةً قَامَ فَقَرَأَهَا ثُمَّ سَجَدَ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ الْفَرَّاءُ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَقْرَمَ الْخُزَاعِيُّ. حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ كَانَ مَعَ أَبِيهِ بِالْقَاعِ مِنْ عَزَّةَ فَمَرَّ بِنَا رَكْبٌ فَأَنَاخُوا نَاحِيَةَ الطَّرِيقِ. فَقَالَ لِي أَبِي: وَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَإِذَا فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَصَلَّيْتُ مَعَهُمْ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عُفْرَتَيْ إِبْطَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا سَجَدَ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاجِدًا مُخَوِّيًا فَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِيبٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا سَجَدَ يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ «2» .
أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ. أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا سجد جافى يديه حتى
__________
(1) انظر: [صحيح ابن خزيمة (1594) ، ومصنف ابن أبي شيبة (2/ 438) ، والمعجم الكبير للطبراني (2/ 143) ، ومجمع الزوائد (2/ 78) ، والسنن الكبرى (2/ 93) ] .
(2) انظر: [مسند أحمد (1/ 233، 362، 365) ، (4/ 193) ، ومجمع الزوائد (2/ 125، 132) ] .(1/323)
يَرَى مَنْ خَلْفَهُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ «1» .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامِ بْنِ نَافِعٍ قَالَ:
أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كَانَ إِذَا سَجَدَ يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ كَشْحِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ سَاجِدٌ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - إِذَا سَجَدَ يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ.
أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ. أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: وَصَفَ لَنَا الْبَرَاءَ فَاعْتَمَدَ عَلَى كَفَّيْهِ وَرَفَعَ لِي عَجِيزَتَهُ وَقَالَ: هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يسجد.
أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْغَسَّانِيِّ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ حَكِيمِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ.
ص. يَسْجُدُ فِي أَعْلَى جَبْهَتِهِ مَعَ قُصَاصِ الشَّعْرِ.
[أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ. أَخْبَرَنَا جَمِيعُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِجْلِيُّ. حَدَّثَنِي رَجُلٌ بِمَكَّةَ عَنِ ابْنٍ لأَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: سَأَلْتُ خَالِي هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيَّ. وكان وصافا. عن حلية رسول الله.
ص. وَأَنَا أَشْتَهِي أَنْ يَصِفَ لِي مِنْهَا شَيْئًا أَتَعَلَّقُ بِهِ. فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَخْمًا مُفَخَّمًا. يَتَلأْلأُ وَجْهُهُ تَلأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ. أَطْوَلَ مِنَ الْمَرْبُوعِ. وَأَقْصَرَ مِنَ الْمُشَذَّبِ. عَظِيمَ الْهَامَةِ. رَجِلَ الشَّعْرِ إِنِ انْفَرَقَتْ عَقِيصَتُهُ فُرِّقَ وَإِلا فَلا. يُجَاوِزُ شَعْرُهُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ إِذَا هُوَ وَفَّرَهُ. أَزْهَرَ اللَّوْنِ. وَاسِعَ الْجَبِينِ. أَزَجَّ الْحَوَاجِبِ. سَوَابِغَ فِي غَيْرِ قُرُنٍ. بَيْنَهُمَا عِرْقٌ يُدِيرُهُ الْغَضَبُ. أَقْنَى الْعِرْنَيْنِ. لَهُ نُورٌ تَعْلُوهُ يَحْسِبُهُ مَنْ لَمْ يَتَأَمَّلْهُ أَشُمَّ. كَثَّ اللِّحْيَةِ. ضَلِيعَ الْفَمِ. مُفْلَجَ الأَسْنَانِ. دَقِيقَ الْمَسْرُبَةِ. كَأَنَّ عُنُقَهُ جِيدُ دُمْيَةٍ في صفاء الفضة. معتدل الخلق. بادن متماسك. سَوَاءَ الْبَطْنِ وَالصَّدْرِ. عَرِيضَ الصَّدْرِ. بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ. ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ. أَنْوَرَ الْمُتَجَرِّدِ. مَوْصُولَ ما بين اللبة
__________
(1) انظر: [مشكاة المصابيح (890) ، وشرح السنة (3/ 146) ، وكنز العمال (17895) ، (22232) ، والتاريخ الكبير (2/ 63) ، وحلية الأولياء (4/ 100) ] .(1/324)
وَالسُّرَّةِ بِشَعْرٍ يَجْرِي كَالْخَطِّ. عَارِي الثَّدْيَيْنِ وَالْبَطْنِ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ. أَشْعَرَ الذِّرَاعَيْنِ وَالْمَنْكِبَيْنِ وَأَعَالِي الصَّدْرِ. طَوِيلَ الزَّنْدَيْنِ. رَحْبَ الرَّاحَةِ. سَبْطَ الْقَصَبِ. شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ. سَائِلَ الأَطْرَافِ. خُمْصَانَ الأَخْمَصَيْنِ. مَسِيحَ الْقَدَمَيْنِ يَنْبُو عَنْهُمَا الْمَاءُ. إِذَا زَالَ زَالَ قَلْعًا. يَخْطُو تَكَفُّؤًا. وَيَمْشِي هَوْنًا. ذَرِيعَ الْمِشْيَةِ. إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ. وَإِذَا أَلْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا. خَافِضَ الطَّرْفِ. نَظَرُهُ إِلَى الأَرْضِ أَطْوَلُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ. يَعْنِي جُلَّ نَظَرِهِ الْمُلاحَظَةُ. يَسْبِقُ أَصْحَابَهُ. يَبْدُرُ مَنْ لَقِيَ بِالسَّلامِ. قَالَ قُلْتُ:
صِفْ لِي مَنْطِقَهُ. قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَوَاصِلا لِلأَحْزَانِ. دَائِمَ الْفِكْرَةِ.
لَيْسَتْ لَهُ رَاحَةٌ. لا يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ. طَوِيلَ السَّكْتِ. يَفْتَتِحُ الْكَلامَ. وَيَخْتِمُهُ بِأَشْدَاقِهِ. وَيَتَكَلَّمُ بِجَوَامِعِ الْكَلامِ. فَضْلٌ لا فُضُولَ وَلا تَقْصِيرَ. دَمِثًا لَيْسَ بِالْجَافِي وَلا الْمَهِينِ. يُعَظِّمُ النِّعْمَةَ وَإِنْ دَقَّتْ لا يَذِمُّ مِنْهَا شَيْئًا. لا يَذِمُّ ذَوَاقًا وَلا يَمْدَحُهُ. لا تُغْضِبُهُ الدُّنْيَا وَمَا كَانَ لَهَا فَإِذَا تُعُوطِيَ الْحَقَّ لَمْ يَعْرِفْهُ أَحَدٌ. وَلَمْ يَقُمْ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ حَتَّى يَنْتَصِرَ لَهُ. لا يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ وَلا يَنْتَصِرُ لَهَا. إِذَا أَشَارَ أَشَارَ بِكَفِّهِ كُلَّهَا وَإِذَا تَعَجَّبَ قَلَّبَهَا. وَإِذَا تَحَدَّثَ اتَّصَلَ بِهَا. يَضْرِبُ بِرَاحَتِهِ الْيُمْنَى بَاطِنَ إِبْهَامِهِ الْيُسْرَى. وَإِذَا غَضِبَ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ. وَإِذَا فَرِحَ غَضَّ طَرْفَهُ. جُلُّ ضَحِكُهُ التَّبَسُّمُ. وَيَفْتِرُّ عَنْ مِثْلِ حُبِّ الْغَمَامِ.
قَالَ: فَكَتَمْتُهَا الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ زَمَانًا. ثُمَّ حَدَّثْتُهُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَمَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ وَوَجَدْتُهُ قَدْ سَأَلَ أَبَاهُ عَنْ مُدْخَلِهِ وَمَجْلِسِهِ وَمُخْرَجِهِ وَشَكْلِهِ فَلَمْ يَدَعْ مِنْهُ شَيْئًا] .
[قَالَ الْحُسَيْنُ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ دُخُولِ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: كان دُخُولُهُ لِنَفْسِهِ مَأْذُونًا لَهُ فِي ذَلِكَ. فَكَانَ إِذَا أَوَى إِلَى مَنْزِلِهِ جَزَّأَ دُخُولَهُ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ. جُزْءًا لِلَّهِ. وَجُزْءًا لأَهْلِهِ. وَجُزْءًا لِنَفْسِهِ. ثُمَّ جَزَّأَ جُزْءَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ. فَيُسْرِدُ ذَلِكَ عَلَى الْعَامَّةِ بِالْخَاصَّةِ. وَلا يَدَّخِرُ عَنْهُمْ شَيْئًا. وَكَانَ مِنْ سِيرَتِهِ فِي جُزْءِ الأُمَّةِ إِيثَارُ أَهْلِ الْفَضْلِ نَادِيَهُ وَقَسْمَهُ عَلَى قَدْرِ فَضْلِهِمْ فِي الدِّينِ. فَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَةِ. وَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَتَيْنِ. وَمِنْهُمْ ذُو الْحَوَائِجِ. فَيَتَشَاغَلُ بِهِمْ وَيَشْغَلُهُمْ فِيمَا أَصْلَحَهُمْ وَالأُمَّةَ مِنْ مَسْأَلَتِهِ عَنْهُمْ وَإِخْبَارِهِمْ بِالَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ وَيَقُولُ: لِيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ وَأَبْلِغُونِي حَاجَةَ مَنْ لا يَسْتَطِيعُ إِبْلاغِي حَاجَتَهُ. فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ سُلْطَانًا حَاجَةَ مَنْ لا يَسْتَطِيعُ إِبْلاغَهَا إِيَّاهُ ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. لا يُذْكَرُ عِنْدَهُ إِلا ذَلِكَ وَلا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ غَيْرَهُ. يَدْخُلُونَ رُوَّادًا وَلا يَفْتَرِقُونَ إِلا عَنْ ذَوَاقٍ. وَيُخْرِجُونَ أَدِلَّةً] .
[قَالَ: فَسَأَلْتُهُ عَنْ مُخْرَجِهِ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ. فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -(1/325)
يَخْزُنُ لِسَانَهُ إِلا مِمَّا يُعِينُهُمْ وَيُؤَلِّفَهُمْ وَلا يُفَرِّقُهُمْ. أَوْ قَالَ يُنَفِّرُهُمْ. وَيُكْرِمُ كَرِيمَ كُلِّ قَوْمٍ وَيُولِيهِ عَلَيْهِمْ. وَيَحْذَرُ النَّاسَ وَيَحْتَرِسُ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْوِيَ عَنْ أَحَدٍ بَشَرَهُ وَلا خُلُقَهُ. وَيَتَفَقَّدُ أَصْحَابَهُ وَيَسْأَلُ النَّاسَ عَمَّا فِي النَّاسِ. وَيُحَسِّنُ الْحَسَنَ وَيُقَوِّيهِ. وَيُقَبِّحُ الْقَبِيحَ وَيُوهِنُهُ. مُعْتَدِلُ الأَمْرِ غَيْرَ مُخْتَلِفٍ. لا يَغْفُلُ مَخَافَةَ أَنْ يَغْفُلُوا. لِكُلِّ حَالٍ عِنْدَهُ عَتَادٌ. لا يقصر عن الحق ولا يجوزه الدين. يَلُونَهُ مِنَ النَّاسِ خِيَارُهُمْ. أَفْضَلُهُمْ عِنْدَهُ أَعَمُّهُمْ نَصِيحَةً. وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً أَحْسَنُهُمْ مُؤَاسَاةً وَمُؤَازَرَةً] .
[قَالَ: فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَجْلِسِهِ. فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يَجْلِسُ وَلا يَقُومُ إِلا عَلَى ذِكْرٍ. لا يُوطِنُ الأَمَاكِنِ وَيَنْهَى عَنْ إِيطَانِهَا. وَإِذَا انْتَهَى إِلَى قَوْمٍ جَلَسَ حَيْثُ انْتَهَى بِهِ الْمَجْلِسُ وَيَأْمُرُ بِذَلِكَ. يُعْطِي كُلَّ جُلَسَائِهِ بِنَصِيبِهِ. لا يَحْسَبُ جَلِيسُهُ أَنَّ أَحَدًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْهُ. مَنْ جَالَسَهُ أَوْ قَاوَمَهُ فِي حَاجَةٍ صَابَرَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُنْصَرَفُ. وَمَنْ سَأَلَهُ حَاجَةً لَمْ يَرُدَّهُ إِلا بِهَا أَوْ بِمَيْسُورٍ مِنَ الْقَوْلِ. قَدْ وَسِعَ النَّاسَ مِنْهُ بَسْطُهُ وَخُلُقُهُ.
فَصَارَ لَهُمْ أَبًا وَصَارُوا فِي الْحَقِّ عِنْدَهُ سَوَاءً. مَجْلِسُهُ مَجْلِسُ حِلْمٍ وَحَيَاءٍ وَصَبْرٍ وَأَمَانَةٍ لا تُرْفَعُ فِيهِ الأَصْوَاتُ وَلا تُؤَبَّنُ فِيهِ الْحُرَمُ وَلا تُنْثَى فَلَتَاتُهُ مُتَعَادِلِينَ يَتَفَاضَلُونَ فِيهِ بِالتَّقْوَى.
مُتَوَاضِعِينَ يُوَقِّرُونَ فِيهِ الْكَبِيرَ وَيَرْحَمُونَ فِيهِ الصَّغِيرَ. وَيُؤْثِرُونَ ذَا الْحَاجَةِ. وَيَحْفَظُونَ أَوْ يَحُوطُونَ الْغَرِيبَ] .
[قَالَ قُلْتُ: كَيْفَ كَانَتْ سِيرَتُهُ فِي جُلَسَائِهِ؟ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَائِمَ الْبِشْرِ. سَهْلَ الْخُلُقِ. لَيِّنَ الْجَانِبِ. لَيْسَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ وَلا صَخَّابٍ وَلا فَحَّاشٍ وَلا عَيَّابٍ. يَتَغَافَلُ عَمَّا لا يَشْتَهِي. وَلا يَدْنَسُ مِنْهُ وَلا يُجْنِبُ فِيهِ. قَدْ تَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلاثٍ:
الْمِرَاءِ. وَالإِكْثَارِ. وَمِمَّا لا يَعْنِيهِ. وَتَرَكَ النَّاسَ مِنْ ثَلاثٍ. كَانَ لا يَذِمُّ أَحَدًا وَلا يُعَيِّرُهُ.
وَلا يَطْلُبُ عَوْرَتَهُ. وَلا يَتَكَلَّمُ إِلا فِيمَا رَجَا ثَوَابَهُ. إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطَّيْرُ. فَإِذَا سَكَتَ تَكَلَّمُوا وَلا يَتَنَازَعُونَ عِنْدَهُ. مَنْ تَكَلَّمَ أَنْصَتُوا لَهُ حَتَّى يَفْرُغَ حَدِيثُهُمْ عِنْدَهُ. حَدِيثُ أَوَّلِيَّتِهِمْ يَضْحَكُ مِمَّا يَضْحَكُونَ مِنْهُ. وَيَتَعَجَّبُ مِمَّا يَتَعَجَّبُونَ مِنْهُ. وَيَصْبِرُ لِلْغَرِيبِ عَلَى الْجَفْوَةِ فِي مَنْطِقِهِ وَمَسْأَلَتِهِ حَتَّى إِذَا كَانَ أَصْحَابُهُ لَيَسْتَجْلِبُونَهُمْ. وَيَقُولُ: إِذَا رَأَيْتُمْ طَالِبَ الْحَاجَةِ يَطْلُبُهَا فَأَرْدِفُوهُ. وَلا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلا مِنْ مُكَافِئٍ. وَلا يَقْطَعُ عَنْ أَحَدٍ حَدِيثَهُ حَتَّى يَجُوزَ فَيَقْطَعُهُ بِنَهْي أَوْ قِيَامٍ] .
[قَالَ: فَسَأَلْتُهُ كَيْفَ كَانَ سُكُوتُهُ. قَالَ: كَانَ سُكُوتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَرْبَعٍ: عَلَى الْحِلْمِ. وَالْحَذَرِ. وَالتَّقْرِيرِ. وَالتَّفَكُّرِ. فَأَمَّا تَقْرِيرُهُ فَفِي تَسْوِيَةِ النَّظَرِ(1/326)
وَالاسْتِمَاعِ مِنَ النَّاسِ. وَأَمَّا تَذَكُّرُهُ أَوْ تَفَكُّرُهُ فَفِيمَا يَبْقَى وَيَفْنَى. وَجَمَعَ الْحِلْمَ وَالصَّبْرَ وَكَانَ لا يُغْضِبُهُ شَيْءٌ وَلا يَسْتَنْفِرُهُ. وَجُمِعَ لَهُ الْحَذَرُ فِي أَرْبَعٍ: أَخَذِهِ بِالْحُسْنَى لِيُقْتَدَى بِهِ. وَتَرْكِهِ الْقَبِيحَ لِيُتَنَاهَى عَنْهُ. وَاجْتِهَادِهِ الرَّأْيَ فِيمَا أَصْلَحَ أُمَّتَهُ. وَالْقِيَامِ فِيمَا جَمَعَ لِهَمِّ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.]
ذِكْرُ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ كَتِفَيْ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سماك أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ وَصَفَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: وَرَأَيْتُ خَاتَمَهُ عِنْدَ كَتِفَيْهِ مِثْلَ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ تُشْبِهُ جِسْمَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ سِمَاكٍ.
حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ قَالَ: رَأَيْتُ الْخَاتَمَ الَّذِي فِي ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلْعَةً مِثْلَ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يَقُولُ: نَظَرْتُ إِلَى الْخَاتَمِ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَأَنَّهُ بَيْضَةٌ.
[أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ. أَخْبَرَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ. أَخْبَرَنَا عِلْبَاءُ بْنُ أَحْمَرَ عَنْ أَبِي رمثة قال: قال لي رسول الله. ص: يَا أَبَا رِمْثَةَ ادْنُ مِنِّي امْسَحْ ظَهْرِي. فَدَنَوْتُ فَمَسَحَتْ ظَهْرَهُ ثُمَّ وَضَعَتْ أَصَابِعِي عَلَى الْخَاتَمِ فَغَمَزْتُهَا. قُلْنَا لَهُ: وَمَا الْخَاتَمُ؟ قَالَ:
شَعْرٌ مُجْتَمِعٌ عِنْدَ كَتِفَيْهِ] .
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُشَيْرٍ. حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رَهْطٍ مِنْ مُزَيْنَةَ فبايعته وإن قميصه لمطلق ثم أدخلت يدي فِي جَيْبِ قَمِيصِهِ فَمَسِسْتُ الْخَاتَمَ.
[أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ وَخَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ. فَدُرْتُ مِنْ خَلْفِهِ فَعَرَفَ الَّذِي أُرِيدُهُ. فَأَلْقَى الرِّدَاءَ عَنْ ظَهْرِهِ. فَنَظَرْتُ إِلَى الْخَاتَمِ عَلَى بَعْضِ الْكَتِفِ مِثْلَ الْجُمْعِ. قَالَ حَمَّادٌ: جُمْعُ الْكَفِّ. وَجَمَعَ حَمَّادٌ كَفَّهُ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ. حَوْلَهُ خِيلانٌ كَأَنَّهَا الثَّآلِيلُ. ثُمَّ جِئْتُ فَاسْتَقْبَلْتُهُ فَقُلْتُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا(1/327)
رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: وَلَكَ! فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَسْتَغْفِرُ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ وَلَكُمْ. وَتَلا الآيَةَ: «وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ» محمد: 19. هَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. وَأَمَّا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ فَقَالَ: ثُمَّ جِئْتُ حَتَّى أَسْتَقْبِلَهُ.
فَقُلْتُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ. ثُمَّ أَجْمَعَا عَلَى آخِرِ الْحَدِيثِ أَيْضًا] .
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَسَعْدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ. حَدَّثَنِي إِيَادُ بْنُ لَقِيطٍ عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي نَحْوَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَنَظَرَ أَبِي إِلَى مِثْلِ السِّلْعَةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كَأَطَبِّ الرِّجَالِ أَلا أُعَالِجُهَا لَكَ؟ فَقَالَ: لا. طَبِيبُهَا الَّذِي خَلَقَهَا] .
[أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ. حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا فِي كَتِفِهِ مِثْلَ بَعْرَةِ الْبَعِيرِ أَوْ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا أُدَاوِيكَ مِنْهَا؟ فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ نَتَطَبَّبُ. فَقَالَ: يُدَاوِيهَا الَّذِي وَضَعَهَا] «1» .
[أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعِي ابْنِي فَقَالَ: أَتُحِبُّهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: لا يَحْنَى عَلَيْكَ وَلا تَحْنَى عَلَيْهِ. فَالْتَفَتُّ فَإِذَا خَلْفَ كَتِفَيْهِ مِثْلَ التُّفَّاحَةِ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُدَاوِي فَدَعْنِي حَتَّى أَبُطَّهَا وَأُدَاوِيهَا. قَالَ: طَبِيبُهَا الَّذِي خَلَقَهَا] » .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعِي ابْنٌ لِي فَقُلْتُ: يَا ابْنِي هَذَا نَبِيُّ اللَّهِ. فَلَمَّا رَآهُ أَرْعَدَ مِنْ هَيْبَتِهِ. فَلَمَّا انْتَهَيْتُ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي طَبِيبٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ أَطِبَّاءَ وَكَانَ أَبِي طَبِيبًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَعْرُوفًا ذَلِكَ لَنَا. فَأْذَنْ لِي فِي الَّتِي بَيْنَ كَتِفَيْكَ فَإِنْ كَانَتْ سِلْعَةً بَطَطْتُهَا فَشَفَى اللَّهُ نَبِيَّهُ. فَقَالَ: لا طَبِيبَ لَهَا إلا الله. وهي مثل بيضة الحمامة]
__________
(1) انظر: [مسند أحمد (2/ 226) ] .
(2) انظر: [سنن أبي داود، الترجل باب (18) ، مسند أحمد بن حنبل (2/ 227، 228) ، (4/ 163) ، وموارد الظمآن (15022) ، والبداية والنهاية (6/ 32) ] .
.(1/328)
ذِكْرُ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شعر يَضْرِبُ مَنْكِبَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ وَهِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَصِفُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: كَانَ شَعْرُهُ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ما رأيت مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَحْسَنَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّ جُمَّتَهُ لَتَضْرِبُ قَرِيبًا مِنْ مَنْكِبَيْهِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَجْمَلَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَرَجِّلا فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ. شَعْرُهُ قَرِيبٌ مِنْ عَاتِقَيْهِ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالا: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ. أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ قَالَ قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: كيف كان شعر رسول الله. ص؟ فَقَالَ: كَانَ شَعْرًا رَجِلا لَيْسَ بِالسَّبْطِ وَلا بِالْجَعْدِ. زَادَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ بَيْنَ أُذُنَيْهِ وَعَاتِقِهِ «1» .
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لا يُجَاوِزُ شَعْرُهُ أُذُنَيْهِ «2» .
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شُعْرٌ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: يَبْلُغُ مَنْكِبَيْهِ.
وَقَالَ عَمْرٌو: يَضْرِبُ مَنْكِبَيْهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أخبرنا معمر عن ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ شَعْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ.
أخبرنا الفضل بن دكين. أخبرنا مندل عن حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ.
ص. لَيْسَ بِالْجَعْدِ وَلا بِالسَّبْطِ. شَعْرُهُ إِلَى أَنْصَافِ أذنيه.
__________
(1) انظر: [صحيح مسلم، الفضائل الباب (26) ، حديث (94) ] .
(2) انظر: [مسند أحمد (3/ 142) ] .(1/329)
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يُجَاوِزُ شَعْرُهُ أُذُنَيْهِ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ منصور قالوا:
أخبرنا عبيد الله بن إياد بْنِ لَقِيطٍ عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
شَيْءٌ لا يُشْبِهُ النَّاسَ. فَرَأَيْتُهُ فَإِذَا هُوَ بَشَرٌ لَهُ وَفْرَةٌ.
أَخْبَرَنَا يَعْلَى وَمُحَمَّدُ ابْنَا عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيَّانِ عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ يَحْيَى الأَنْصَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ وَصَفَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: كان ذَا وَفْرَةٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَتْ عائشة رضي الله عَنْهَا: كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوْقَ الْوَفْرَةِ وَدُونَ الْجُمَّةِ «1» .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيُّ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
كَانَتْ لَهُ لِمَّةٌ تُغَطِّي شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍ وأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ. أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ: رَأَيْتُ فِيَ رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَفَائِرَ أَرْبَعًا.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدِمَ مَكَّةَ وَلَهُ أَرْبَعُ غَدَائِرَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْمَكِّيُّ. أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَهُ أَرْبَعُ غَدَائِرَ. تَعْنِي شَعْرَهُ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ الْبَصْرِيُّ. أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ. حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يسدلون أشعارهم وكان المشركون يفرقون رؤوسهم. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يحب موافقة أهل الكتاب فيما
__________
(1) انظر: [دلائل النبوة (1/ 219) ، ومشكل الآثار (4/ 321) ، وكنز العمال (1829) ، وسنن أبي داود، الباب (9) من الترجل) ] .(1/330)
لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ. فَسَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاصِيَتَهُ ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ عَنِ الأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ وَعَنْ أَبِيهِ حَكِيمِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْرِقُ وَيَأْمُرُ بِالْفِرْقِ وَيَنْهَى عَنِ السَّكَيْنِيَّةِ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى الأَشْجَعِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى قَالا: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ: سَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاصِيَتَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالا: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثَّرَ. يَعْنِي الشَّعْرَ وَاللِّحْيَةَ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: كَثِيرُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ.
أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ سَأَلَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ غُسْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَغْرِفُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثَ غَرَفَاتٍ. فَقَالَ حَسَنٌ: إِنَّ شَعْرِي كَثِيرٌ. يَعْنِي حَسَنٌ نَفْسَهُ. فَقَالَ جَابِرٌ: يَا ابْنَ أَخِي شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان أَكْثَرَ مِنْ شَعْرِكَ وَأَطْيَبَ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: رَأَيْتُ وَهْبَ بْنَ كَيْسَانَ يَسْجُدُ عَلَى قُصَاصِ شَعْرِهِ. فَقُلْتُ: يَا أَبَا نُعَيْمٍ أَمْكِنْ جَبْهَتَكَ مِنَ الأَرْضِ. قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يقول: ورأيت رسول الله.
ص. يَسْجُدُ عَلَى قُصَاصِ شَعْرِهِ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ شَعْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ شَعْرًا أَشْبَهَ بِشَعْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ شَعْرِ قَتَادَةَ. فَفَرِحَ يَوْمَئِذٍ قَتَادَةُ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْحَلاقُ يَحْلُقُهُ وَقَدْ أَطَافَ بِهِ أَصْحَابُهُ مَا يُرِيدُونَ أَنْ يَقَعَ شَعْرُهُ إِلا فِي يَدِي رَجُلٍ.(1/331)
ذِكْرُ شَيْبِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو حَمْزَةَ اللَّيْثِيُّ وَمُعَاذٌ الْعَنْبَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالُوا: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ قَالَ: سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ هَلْ خَضَبَ رَسُولُ اللَّهِ. ص؟ فَقَالَ: مَا شَانَهُ اللَّهُ بِالشَّيْبِ وَمَا كَانَ فِيهِ مِنَ الشَّيْبِ مَا يُخْضَبُ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَيَزِيدُ فِي حَدِيثِهِمَا: إِنَّمَا كَانَتْ شَعَرَاتٌ فِي مُقَدَّمِ لِحْيَتِهِ. وَأَشَارَ حُمَيْدٌ بِيَدِهِ إِلَى مُقَدَّمِ لِحْيَتِهِ. وَفَعَلَ ذَلِكَ يَزِيدُ. وَقَالَ مُعَاذٌ فِي حَدِيثِهِ: وَلَمْ يَبْلُغِ الشَّيْبُ الَّذِي كَانَ بِهِ عِشْرِينَ شَعْرَةً.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ قَالَ: قِيلَ لأَنَسِ بن مالك: أكان رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْضِبُ؟ قَالَ: كَانَ شَمَطُهُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ. لَمْ يَبْلُغْ مَا فِي لِحْيَتِهِ مِنَ الشَّيْبِ عِشْرِينَ شَعْرَةً. قَالَ زُهَيْرٌ: وَأَصْغَى حُمَيْدٌ إِلَى رَجُلٍ عَنْ يَمِينِهِ قَالَ سَبْعَ عَشْرَةَ. وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى عَنْفَقَتِهِ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ قِيلَ لأَنَسٍ: هَلْ شَابَ رَسُولُ الله. ص؟ فَقَالَ: مَا شَانَهُ اللَّهُ بِالشَّيْبِ. مَا كَانَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ إِلا سَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ ثَمَانِي عَشْرَةَ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ عَنْ خِضَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ير مِنَ الشَّيْبِ مَا يُخْضَبُ. قَالَ سُلَيْمَانُ فِي حَدِيثِهِ: إِنَّمَا كَانَ شَمَطَاتٍ فِي لِحْيَتِهِ وَلَوْ شِئْتُ عَدَدْتَهُنَّ.
وَقَالَ عَارِمٌ فِي حَدِيثِهِ: لَوْ شِئْتُ لَعَدَدْتُ شَيْبَهُ.
أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ. أَخْبَرَنَا رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءُ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَخَضَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟
فَقَالَ: لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ شَيْءٌ فِي صُدْغَيْهِ.
أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ:
سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قُلْتُ: هَلْ خضب رسول الله. ص؟ قَالَ: لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ خَضَبَ. قَالَ: فَجِئْتُ يَوْمَئِذٍ فَاخْتَضَبْتُ.(1/332)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَخْضِبْ قَطُّ. إِنَّمَا كَانَ الْبَيَاضُ فِي مُقَدَّمِ لِحْيَتِهِ فِي الْعَنْفَقَةِ قَلِيلا وَفِي الرَّأْسِ نَبْذٌ يَسِيرٌ لا يَكَادُ يُرَى. قَالَ الْمُثَنَّى مَرَّةً:
وَالصُّدْغَيْنِ.
أَخْبَرَنَا محمد بن الصباح. أخبرنا إسماعيل بن زكرياء عَنْ عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْضِبُ؟ قَالَ: لَمْ يَبْلُغِ الْخِضَابَ. كَانَتْ فِي لِحْيَتِهِ شُعَيْرَاتٌ بِيضٌ.
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. أَخْبَرَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ:
سُئِلَ جابر بن سمرة: أشاب رسول الله. ص؟ فَقَالَ: مَا كَانَ فِي رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَلِحْيَتِهِ شَيْبٌ إِلا شَعَرَاتٌ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ إِذَا ادَّهَنَ وَارَاهُنَّ الدُّهْنُ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ شَيْبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: كَانَ إِذَا دَهَنَ رَأْسَهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ. وَإِذَا لَمْ يَدْهُنْ تَبَيَّنَ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - قَدْ شَمِطَ مُقَدَّمُ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ. فَكَانَ إِذَا دَهَنَهُ وَمَشَّطَهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ. وَإِذَا شَعِثَ رَأْسُهُ تَبَيَّنَ.
[أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ جِرَاحٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ عَنْ يُوسُفَ بْنِ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ أَنَّ حَجَّامًا أَخَذَ مِنْ شَارِبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَأَى شَيْبَةً فِي لِحْيَتِهِ. فَأَهْوَى إِلَيْهَا فَأَمْسَكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ وَقَالَ: مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الإِسْلامِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ] .
[أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ وَيَحْيَى بْنُ عُقْبَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدًا. يَعْنِي سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ. هل خضب رسول الله. ص؟ فَقَالَ: مَا كَانَ بَلَغَ ذَلِكَ] .
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَشْعَثَ. يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمٍ.
قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخًا مِنْ بَنِي كِنَانَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْشِي فِي سُوقِ ذِي الْمَجَازِ جَعْدًا أَسْوَدَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.(1/333)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ. حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ عَنْ زِيَادٍ مَوْلَى سَعْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ هَلْ خَضَبَ رسول الله. ص؟ فَقَالَ: لا. وَلا هَمَّ بِهِ.
قَالَ: كَانَ شَيْبُهُ فِي عَنْفَقَتِهِ وَنَاصِيَتِهِ لَوْ أَشَاءُ أَعُدُّهَا عَدَدْتُهَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عقبة بن أَبِي عَائِشَةَ الأَسْلَمِيِّ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَهْمٍ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ دَهْرٍ الأَسْلَمِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ شيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فِي عَنْفَقَتِهِ وَنَاصِيَتِهِ. حَزَرْتُهُ يَكُونُ ثَلاثِينَ شَيْبَةً عَدَدًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ زُبَيْدٍ عَنْ بَشِيرٍ مَوْلَى الْمَازِنِيِّينَ قَالَ:
سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ: هَلْ خَضَبَ رسول الله. ص؟ فَقَالَ: لا. مَا كَانَ شَيْبُهُ يَحْتَاجُ إِلَى الْخِضَابِ. كَانَ وَضَحَ فِي عَنْفَقَتِهِ وَنَاصِيَتِهِ وَلَوْ أَرَدْنَا أَنْ نُحْصِيَهَا أَحْصَيْنَاهَا.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنَّ جَرِيرَ بْنَ عُثْمَانَ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ: أَشَيْخًا كَانَ النَّبِيُّ. ص؟ قَالَ: كَانَ فِي عَنْفَقَتِهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ. أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عُثْمَانَ الرَّحَبِيُّ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بِشْرٍ. صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْخًا؟ قَالَ: كَانَ أَشَبَّ مِنْ ذَلِكَ. وَلَكِنْ كَانَ فِي لِحْيَتِهِ. وَرُبَّمَا قَالَ فِي عَنْفَقَتِهِ. شَعَرَاتٌ بِيضٌ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَالْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ وَمُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَهَذَا مِنْهُ أَبْيَضُ. وَوَضَعَ زُهَيْرٌ يَدَهُ عَلَى عَنْفَقَتِهِ. قِيلَ لأَبِي جُحَيْفَةَ: مَنْ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ؟
قَالَ: أَبْرِي النَّبْلَةَ وَأُرَيِّشُهَا.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ وَهْبٍ السُّوَائِيِّ. وَهُوَ أَبُو جُحَيْفَةَ. قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَأَيْتُ بَيَاضًا مِنْ تَحْتِ شَفَتِهِ السُّفْلَى مِثْلَ مَوْضِعِ إِصْبَعِ الْعَنْفَقَةِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَابَتْ عَنْفَقَتُهُ.
أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: شَهِدْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ. وَنَظَرَ إِلَى الصَّلْتِ. بَيَّنَ زُبَيْدٌ وَشَمَطٌ سَائِلٌ عَلَى عَنْفَقَتِهِ. فَقَالَ مُحَمَّدٌ: هَكَذَا كَانَ شَمَطُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَائِلا عَلَى عَنْفَقَتِهِ. فَفَرِحَ الصَّلْتُ بِذَلِكَ فَرَحًا شَدِيدًا. [أَخْبَرَنَا يَعْلَى بن عبيد. أخبرنا حجاج بن دينار بن مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ قَالَ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ أَسْرَعَ إِلَيْكَ الشَّيْبُ! قَالَ: شَيَّبَتْنِي «الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ» وَأَخَوَاتُهَا] .
[أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرَى فِي رَأْسِكَ شَيْبًا! قَالَ: مَا لي لا أشيب وأنا اقرأ هودا و «إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ] » ؟.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي عَلِيٍّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رجلا قال للنبي. ص: أَنَا أَكْبَرُ مِنْكَ مَوْلِدًا. وَأَنْتَ خَيْرٌ مِنِّي وأفضل. فقال رسول الله. ص: شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا وَمَا فُعِلَ بِالأُمَمِ قَبْلِي] «1» .
[أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَرَاكَ قَدْ شِبْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: شيبتني هود والواقعة والمرسلات و «عَمَّ يَتَساءَلُونَ» و «إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ] » «2» .
[أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالا: أَخْبَرَنَا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ النبي. ص: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ أَسْرَعَ إِلَيْكَ الشَّيْبُ! فَقَالَ: أَجَلْ شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا. قَالَ عَطَاءٌ: أخواتها «اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ» القمر:
1. والْمُرْسَلاتِ. و «إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ» الشمس: 1] .
__________
(1) انظر: [المعجم الكبير للطبراني (17/ 287) ، ودلائل النبوة (1/ 358) ، والشمائل (27) ، والدر المنثور (3/ 319) ، (6/ 153) ، ومصنف عبد الرزاق (5997) ، والبداية والنهاية (6/ 69) ، وكنز العمال (2586) ، (2587) ، (2589) ، (2591) ، (3592) ، (4092) ، والأحاديث الصحيحة (2/ 678، 679) ، وتفسير ابن كثير (4/ 236) ، وتفسير القرطبي (9/ 1، 107) ، وأمالي الشجري (2/ 241) ، وحلية الأولياء (4/ 350) ، وشرح السنة (14/ 373) ] .
(2) انظر: [سنن الترمذي (3297) ، والمستدرك (2/ 343) ، ودلائل النبوة (1/ 358) ، ومصنف ابن أبي شيبة (10/ 554) ، وشرح السنة (14/ 372) ، ومجمع الزوائد (7/ 37) ، ومشكاة المصابيح (5354) ، والدر المنثور (3/ 319) ، والشمائل (27) ، والمطالب العالية (3650) ، وكنز العمال (2588) ، والأحاديث الصحيحة (955) ، وتفسير القرطبي (9/ 1) ، وتفسير ابن كثير (4/ 236) ، (7/ 487) ، والبداية والنهاية (6/ 69) ] .(1/334)
[أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ أَخْبَرَنَا مَسْعُودُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ:
قيل للنبي. ص: شِبْتَ وَعَجَّلَ عَلَيْكَ الشَّيْبُ! فَقَالَ: شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا أَوْ ذَوَاتُهَا] .
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو الأَحْوَصِ. أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا شيبك؟ قال: هود والواقعة والْمُرْسَلاتِ و «عَمَّ يَتَساءَلُونَ» و «إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ] » .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ قَالُوا: لَقَدْ أَسْرَعَ إِلَيْكَ الشَّيْبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا] .
[أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ أَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: بَيْنَمَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ جَالِسَانِ فِي نَحْرِ الْمِنْبَرِ. إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَعْضِ بُيُوتِ نِسَائِهِ يَمْسَحُ لِحْيَتَهُ وَيَرْفَعُهَا فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا. قَالَ أَنَسٌ: وَكَانَتْ لِحْيَتُهُ أَكْثَرَ شَيْبًا مِنْ رَأْسِهِ. فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِمَا سَلَّمَ. قَالَ أَنَسٌ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلا رَقِيقًا. وَكَانَ عُمَرُ رَجُلا شَدِيدًا. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِأَبِي وَأُمِّي لَقَدْ أَسْرَعَ فِيكَ الشَّيْبُ! فَرَفَعَ لِحْيَتَهُ بِيَدِهِ وَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَتَرَقْرَقَتْ عَيْنَا أبي بكر. ثم قال رسول الله. ص: أَجَلْ شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِأَبِي وَأُمِّي وَمَا أَخَوَاتُهَا؟
قَالَ: الْواقِعَةُ والْقارِعَةُ و «سَأَلَ سائِلٌ» و «إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ» . قَالَ أَبُو صَخْرٍ:
فَأَخْبَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ ابْنَ قُسَيْطٍ. فَقَالَ: يَا أَحْمَدُ مَا زِلْتُ أَسْمَعُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَشْيَاخِي. فَلِمَ تَرَكْتَ الْحَاقَّةُ وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ] ! ..
ذِكْرُ مَنْ قَالَ خَضَبَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا سَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ. أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَأَخْرَجَتْ إِلَيْنَا صُرَّةً فِيهَا شَعْرٌ مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَخْضُوبًا بِالْحِنَّاءِ. قَالَ عَفَّانُ وَيُونُسُ فِي حَدِيثِهِمَا وَالْكَتَمِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا نصير بن أبي الأَشْعَثِ عَنْ ابْنِ مَوْهَبٍ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَرَتْهُ شَعْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحمر.(1/336)
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا مَعْقِلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ:
عِنْدِي مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَخْضُوبٌ مَصْبُوغٌ فِي سِكَّةٍ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالا: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ.
أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ. قَالَ يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: كَانَ لَنَا جُلْجُلٌ مِنْ ذَهَبٍ. فَكَانَ النَّاسُ يَغْسُلُونَهُ وَفِيهِ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: فَتَخْرُجُ مِنْهُ شَعَرَاتٌ قَدْ غُيِّرَتْ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْحَكَمٍ قَالَ: رَأَيْتُ عِنْدَ آلِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ شَعَرَاتٍ مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَصْبُوغَةً بِالْحِنَّاءِ.
أَخْبَرَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى. أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: رَأَيْتُ شعرا من شعره. يعني النبي.
ص. فَإِذَا هُوَ أَحْمَرُ. فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقِيلَ لِي احْمَرَّ مِنَ الطِّيبِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا كَهْمَسٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ قِيلَ لَهُ: هَلْ خَضَبَ رسول الله. ص؟ قَالَ: نَعَمْ.
أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: شَمِطَ عَارِضَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَضَبَهُ بِحِنَّاءٍ وَكَتَمٍ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ إِيَادٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي رِمْثَةَ أَنَّهُ وَصَفَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: ذُو وَفْرَةٍ وَبِهَا رَدْعٌ مِنْ حِنَّاءٍ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لابْنِ عُمَرَ: أَرَاكَ تُغَيِّرُ لِحْيَتَكَ! قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُغَيِّرُ لِحْيَتَهُ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ. أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُهُ وَهُوَ يُحَدِّثُ أَبِي قَالَ: جِئْتُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَقُلْتُ: رَأَيْتُكَ لا تُغَيِّرُ لِحْيَتَكَ إِلا بِهَذِهِ الصُّفْرَةِ. قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يصنع ذَاكَ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ(1/337)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالْخَلُوقِ وَيُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَفِّرُ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ عَنِ الأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الثُّمَالِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يغير لِحْيَتَهُ بِمَاءِ السِّدْرِ. وَيَأْمُرُ بِتَغْيِيرِ الشَّعْرِ مُخَالَفَةً للأعاجم «1» .
ذِكْرُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ فِي تَغْيِيرِ الشَّيْبِ وَكَرَاهَةِ الْخِضَابِ بالسواد
[أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: غَيِّرُوا الشَّيْبَ وَلا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى] «2» .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عن الزبير قال قال رسول الله. ص: غَيِّرُوا الشَّيْبَ وَلا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ] .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
غَيِّرُوا الشَّيْبَ وَلا تَشَبَّهُوا باليهود] .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنِ الأَجْلَحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: إِنَّ أَحْسَنَ مَا غَيَّرْتُمْ بِهِ الشَّيْبَ الْحِنَّاءُ وَالْكَتَمُ] .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الأَجْلَحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: أَحْسَنُ مَا غَيَّرْتُمْ بِهِ الشَّيْبَ الْحِنَّاءُ وَالْكَتَمُ] «3» .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. حَدَّثَنِي كَهْمَسٌ. حَدَّثَنِي عبد الله بن بريدة
__________
(1) انظر: [كنز العمال (17428) ] .
(2) انظر: [صحيح مسلم، اللباس (78) ، (79) ، وسنن أبي داود، الترجل باب (18) ، وسنن النسائي، الزينة، الباب (15) ، ومسند أحمد (2/ 499) ، (3/ 338) ، والسنن الكبرى (7/ 310) ] .
(3) انظر: [الكنى والأسماء للدولابي (2/ 7) ، ومجمع الزوائد (5/ 160) ، وتهذيب ابن عساكر (2/ 53) ] .(1/338)
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: إِنَّ أَحْسَنَ مَا غَيَّرْتُمْ بِهِ الشَّيْبَ الْحِنَّاءُ وَالْكَتَمُ] «1» .
[أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - قَالَ: إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ] «2» .
[أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ] .
[أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ. حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ قَالَ رسول الله. ص: كَيْفَ تَصْنَعُ الْيَهُودُ بِشَيْبِهَا؟ قَالُوا: لا يُغَيِّرُونَهُ بِشَيْءٍ. قَالَ: فَخَالِفُوهُمْ فَإِنَّ أَمْثَلَ مَا غَيَّرْتُمْ بِهِ الشَّيْبَ الْحِنَّاءُ وَالْكَتَمُ] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ الأَنْصَارَ دَخَلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - ورؤوسهم وَلِحَاهُمْ بِيضٌ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُغَيِّرُوا. قَالَ: فَرَاحَ النَّاسُ بَيْنَ أَحْمَرَ وَأَصْفَرَ.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: سَأَلَ سَعِيدٌ. يَعْنِي ابْنَ أَبِي عَرُوبَةَ. عَنِ الْخِضَابِ. فَأَخْبَرَنَا عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: من كان مغيرا لا بد فاخضبوا بالحناء والكتم] .
__________
(1) انظر: [سنن النسائي (8/ 139، 140) ، وسنن أبي داود (4025) ، وسنن الترمذي (1753) ، وسنن ابن ماجة (3622) ، ومسند أحمد بن حنبل (5/ 147، 154، 156، 169) ، والسنن الكبرى (7/ 310) ، ومشكاة المصابيح (4451) ، وشرح السنة (12/ 91) ، ومصنف عبد الرزاق (20174) ، والدر المنثور (1/ 115) ، وتاريخ بغداد (8/ 35) ، وموارد الظمآن (1475) ، وكنز العمال (17312) ، (17321) ، والمعجم الكبير للطبراني (11/ 258) ، ومصنف ابن أبي شيبة (8/ 244) ] .
(2) انظر: [صحيح البخاري (4/ 207) ، (7/ 207) ، وصحيح مسلم، اللباس، وسنن النسائي (8/ 185) ، وسنن أبي داود (4203) ، ومسند أحمد (2/ 240، 309، 401) ، والسنن الكبرى (7/ 309) ، وكنز العمال (17311) ، ومصنف عبد الرزاق (20175) ، والأحاديث الصحيحة (513) ، وشرح السنة (12/ 89) ، والدر المنثور (1/ 115) ، ومشكاة المصابيح (4423) ، وتهذيب ابن عساكر (4/ 200، 2311) ، وفتح الباري (10/ 354) ، وتاريخ بغداد (12/ 366) ] .(1/339)
أَخْبَرَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْرَهُ تَغْيِيرَ الشَّيْبِ.
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ وَهْبٍ القرشي عن بني طاووس عن أبيهم طاووس عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ قَدْ خَضَبَ بِالْحِنَّاءِ.
قَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا! ثُمَّ مَرَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ بَعْدَهُ قَدْ خَضَبَ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. فَقَالَ: هَذَا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا! قَالَ: مَرَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ قَدْ خَضَبَ بِالصُّفْرَةِ. فَقَالَ: هَذَا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ] !.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جريج عن ابن شهاب قال قال النبي. ص: غَيِّرُوا بِالأَصْبَاغِ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَحَبُّهَا إِلَيَّ أَحْلَكُهَا] .
[أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ. أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ. أَخْبَرَنَا الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ حَدَّثَ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ خِضَابِ السَّوَادِ] .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: قَوْمٌ يَخْضِبُونَ بِالسَّوَادِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ لا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ] «1» .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَامِرٍ رَفَعَهُ قَالَ: قال رسول الله. ص: إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى مَنْ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ] «2» .
[أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ. أَخْبَرَنَا نَاهِضُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ مُوسَى بْنِ دِينَارٍ. مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ. عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلا أَسْوَدَ الشَّعْرِ قَدْ رَآهُ بِالأَمْسِ أَبْيَضَ الشَّعْرِ قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا فُلانٌ. قَالَ: بَلْ أَنْتَ شَيْطَانٌ] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا رَاشِدٌ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحِمَّانِيُّ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ مَلْعُونٌ مَنْ غَيَّرَهَا بِالسَّوَادِ. يَعْنِي اللِّحْيَةَ.
__________
(1) انظر: [سنن النسائي، الباب (15) من الزينة) ] .
(2) انظر: [كنز العمال (17331) ] .(1/340)
أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: سُئِلَ عَطَاءٌ عَنْ خِضَابِ الْوَسْمَةِ. فَقَالَ: هُوَ مِمَّا أَحْدَثَ النَّاسُ. قَدْ رَأَيْتُ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ خَضَبَ بِالْوَسْمَةِ. وَمَا كَانُوا يَخْتَضِبُونَ إِلا بِالْحِنَّاءِ. والكتم. وهذه الصفرة.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ اطَّلَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - بالنورة
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالا: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ لَيْثٍ أَبِي الْمَسْرَفِيِّ. قَالَ الْفَضْلُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ. وَقَالَ مُوسَى عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اطَّلَى بِالنُّورَةِ وَلِيَ عَانَتَهُ وَفَرْجَهُ بِيَدِهِ «1» .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ. أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ عَنْ حَبِيبٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا اطَّلَى وَلِيَ عَانَتَهُ بِيَدِهِ «2» .
أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ صَالِحٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ وَسُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اطَّلَى بِالنُّورَةِ وَلِيَ عَانَتَهُ بِيَدِهِ.
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ وَمُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو هَاشِمٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - تنور.
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ وَحَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مَا تَنَوَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلا أَبُو بَكْرٍ وَلا عُمَرُ وَلا عُثْمَانُ. قَالَ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ فِي حَدِيثِهِ: وَلا الْخُلَفَاءُ. وَقَالَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ فِي حَدِيثِهِ: وَلا الْحَسَنُ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَتَنَوَّرْ. وَلا أَبُو بَكْرٍ. وَلا عُمَرُ. وَلا عُثْمَانُ.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ حَنْظَلَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: مِنَ الْفِطْرَةِ قص الأظفار والشارب وحلق العانة] .
__________
(1) انظر: [كنز العمال (18315) ] .
(2) انظر: [تفسير القرطبي (2/ 101) ، والدر المنثور (1/ 114) ، ومصنف ابن أبي شيبة (1/ 111) ، ومصنف عبد الرزاق (1127) ] .(1/341)
ذِكْرُ حِجَامَةِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ. وَأَمَرَ لَهُ بِصَاعَيْنِ. وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ ضَرِيبَتِهِ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ عَنِ الْوَازِعِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَخْرَجَ إِلَيْنَا أَبُو طَيْبَةَ الْمَحَاجِمَ لِثَمَانِي عَشْرَةَ رَمَضَانَ نَهَارًا. فَقُلْتُ: أَيْنَ كُنْتَ؟ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْجُمُهُ.
أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَسُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ وَخَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ الله.
ص. دَعَا أَبَا طَيْبَةَ فَحَجَمَهُ ثُمَّ سَأَلَهُ: كَمْ خَرَاجُكَ؟ قَالَ: ثَلاثَةُ أَيْصُعٍ. فَوَضَعَ عَنْهُ صَاعًا.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْجَوَّابِ بْنُ الأَحْوَصِ بْنِ جَوَّابٍ الضبي. أخبرنا عمار بن زريق عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فقال: كَمْ خَرَاجُكَ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا. فَوَضَعَ عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ وَلَمْ يَنْهَهُ.
[أَخْبَرَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ. مَوْلًى كَانَ لِبَعْضِ الأَنْصَارِ. فَأَعْطَاهُ صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَكَلَّمَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ ضَرِيبَتِهِ. قَالَ وَقَالَ:
الْحِجَامَةُ مِنْ أَفْضَلِ دَوَائِكُمْ] .
أَخْبَرَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَعْطَاهُ أَجْرَهُ وَلَوْ كَانَ خَبِيثًا لَمْ يُعْطِهِ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ بِالْقَاحَةِ وَهُوَ صَائِمٌ.
أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ بَابٍ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عن أبي عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ فَغُشِيَ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ. فَلِذَلِكَ كُرِهَتِ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ.(1/342)
أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ بَابٍ عَنْ دَاوُدَ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: حَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدٌ لِبَنِي بَيَاضَةَ. قِالَ فَقَالَ: كَمْ خَرَاجُكَ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَوَضَعَ عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ.
قَالَ: وَلَمْ يُعْطِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْرَهُ «1» .
[أَخْبَرَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ التَّيْمِيُّ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَا حَجَّامًا فَحَجَمَهُ بِمَحَاجِمِ مِنْ قُرُونٍ. وَجَعَلَ يَشْرُطُهُ بِطَرَفِ شَفْرَةٍ. قَالَ: فَدَخَلَ أَعْرَابِيُّ فَرَآهُ وَلَمْ يَكُنْ يَدْرِي مَا الْحِجَامَةُ. قَالَ فَفَزِعَ فَقَالَ: يَا رسول الله علا م تُعْطِي هَذَا يَقْطَعُ جِلْدَكَ! قَالَ فَقَالَ رَسُولُ الله. ص: هَذَا الْحَجْمُ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْحَجْمُ؟ قَالَ: هُوَ خَيْرُ مَا تَدَاوَى بِهِ النَّاسُ] .
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ الْبَجَلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبٌ عن أبي طاووس عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ وَاشْتَطَّ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ سَعِيدٍ الْبَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ. أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ سَعِيدٍ. وَأَخْبَرَنِي زيد بْنُ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ فِي الْمَسْجِدِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُورِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ فِي الْمَسْجِدِ.
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ. أخبرنا ثابت بن زيد عَنْ هِلالِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ مِنْ أَكْلَةٍ أَكَلَهَا. مِنْ شَاةٍ سَمَّهَا امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ. فَلَمْ يَزَلْ شَاكِيًا.
أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ بَابٍ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: احْتَجَمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مُحْرِمٌ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا أَبُو جعفر الرازي. وأخبرني أحمد بن
__________
(1) انظر: [مجمع الزوائد (4/ 94) ، ومصنف ابن أبي شيبة (6/ 266، 267) ، وكنز العمال (28486) ، والشمائل (194) ، وفتح الباري (4/ 460) ] .(1/343)
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ عَنْ مِنْدَلٍ كِلاهُمَا عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ صَائِمٌ مُحْرِمٌ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ الْبَجَلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ أَبِي السَّوَّارِ السُّلَمِيِّ. أَخْبَرَنَا أَبُو حَاضِرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ بِالْقَاحَةِ وَهُوَ مُحْرِمٌ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا عَبَّادٌ عَنْ هِلالِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ وَهُوَ محرم.
أخبرنا الحكم بن موسى والقاسم بن خارجة. أخبرنا يحيى بن حمزة عن النعمان بن المنذر عن عطاء ومجاهد وطاووس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ مِنْ وَجَعٍ. وَسُئِلَ: أَتَسَوَّكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ قَالَ: نَعَمْ.
أَخْبَرَنَا الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى قَالا: أَخْبَرَنَا جرير بن حازم عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحْتَجِمُ ثَلاثًا. عَلَى الأَخْدَعَيْنِ ثِنْتَيْنِ وَعَلَى الْكَاهِلِ وَاحِدَةً.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: أَخْبَرَنَا لَيْثٌ عَنْ عَقِيلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْمَكَانِ النَّاتِئِ مِنَ الرَّأْسِ فَوْقَ الْيَافُوخِ فَقَالَ: هَذَا مَوْضِعُ مِحْجَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي كَانَ يَحْتَجِمُ. قَالَ عَقِيلٌ:
وَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُسَمِّيهَا الْمُغِيثَةَ.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمٍ الْعِجْلِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هِزَّانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّهُ كَانَ يَحْتَجِمُ عَلَى هَامَتِهِ وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ. فَقَالُوا: أَيُّهَا الأَمِيرُ مَا هَذِهِ الْحِجَامَةُ؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كَانَ يَحْتَجِمُهَا. وَقَالَ: مَنْ أَهْرَاقَ مِنْهُ هَذِهِ الدِّمَاءَ فَلا يضره ألا يتداوى بشيء لشيء] «1» .
__________
(1) انظر: [سنن أبي داود، الباب (4) من الطب، وسنن ابن ماجة (3484) ، والسنن الكبرى (9/ 340) ، ومشكاة المصابيح (4542) ، وكنز العمال (18357) ، وتهذيب ابن عساكر (2/ 227) ] .(1/344)
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحْتَجِمُ اثْنَتَيْنِ فِي الأَخْدَعَيْنِ وَوَاحِدَةً فِي الْكَاهِلِ. وَكَانَ يَأْمُرُ بِالْوِتْرِ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ. أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَحْتَجِمُ ثِنْتَيْنِ فِي الأَخْدَعَيْنِ وَوَاحِدَةً فِي الْكَاهِلِ «1» .
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ عَنِ الأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ.
وَرَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ وَسَطَ رَأْسِهِ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَسَطِ رَأْسِهِ وَكَانَ يُسَمِّيهَا مُنْقِذًا.
[أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا لَيْثٌ. يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ. عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ دَخَلَ على النبي.
ص. وَهُوَ يَحْتَجِمُ فِي الْقَمَحْدُوَةِ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَبِي كَبْشَةَ لِمَ احْتَجَمْتَ وَسَطَ رَأْسِكَ؟
فَقَالَ رسول الله. ص: يَا ابْنَ حَابِسٍ إِنَّ فِيهَا شِفَاءً مِنْ وَجَعِ الرَّأْسِ وَالأَضْرَاسِ وَالنُّعَاسِ وَالْمَرَضِ وَأَشُكُّ فِي الْجُنُونِ لَيْتَ يَشُكُّ] .
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ. يَعْنِي أَبَا حَفْصٍ الْعَبْدِيَّ. عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ فِي رَأْسِهِ. وَأَمَرَ أصحابه أن يحتجموا في رؤوسهم.
[أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ عَنْ أَبَانَ عَنْ أنس قال قال رسول الله. ص: الْحِجَامَةُ فِي الرَّأْسِ هِيَ الْمُغِيثَةُ. أَمَرَنِي بِهَا جِبْرِيلُ حِينَ أَكَلْتُ طَعَامَ الْيَهُودِيَّةِ] «2» .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: خَيْرُ ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري] «3» .
__________
(1) انظر: [مشكاة المصابيح (4546) ، وشرح السنة (12/ 149) ، والترغيب والترهيب (4/ 314) ، وكنز العمال (18355) ، والشمائل (195) ] .
(2) انظر: [كنز العمال (28107) ] .
(3) انظر: [مسند أحمد (3/ 107، والسنن الكبرى (9/ 337، 339) ، والمستدرك (2/ 208) ، والمعجم الكبير للطبراني (7/ 222) ، وفتح الباري (10/ 151) ، وكنز العمال (28135) ، (35186) ، والأحاديث الصحيحة (1053) ، (1054) ] .(1/345)
[أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا سَلامُ بْنُ سَلْمٍ الطَّوِيلُ عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله. ص: لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مَا مَرَرْتُ بِمَلإٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِلا قَالُوا يَا مُحَمَّدُ مُرْ أُمَّتَكَ بِالْحِجَامَةِ] .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ. رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَا مَرَرْتُ بِمَلَكٍ. أَوْ قَالَ بِالْمَلإِ الأَعْلَى. شَكَّ الرَّبِيعُ. إِلا أَمَرُونِي بِالْحِجَامَةِ] «1» .
[أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا سَلامُ بْنُ سَلْمٍ عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يسار قال قال رسول الله. ص: الحجامة يوم الثلثاء لِسَبْعَ عَشْرَةَ مِنَ الشَّهْرِ دَوَاءٌ لَدَاءِ السَّنَةِ] «2» .
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا هَيَّاجُ بْنُ بِسْطَامٍ. أَخْبَرَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَاذَانَ عَنْ أُمِّ سَعْدٍ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُ بِدَفْنِ الدَّمِ إِذَا احْتَجَمَ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ: ادْفِنْهُ لا يَبْحَثُ عَنْهُ كَلْبٌ] «3» .
[أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: إِنَّمَا كُرِهَتِ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ لأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ فَغُشِيَ عَلَيْهِ] .
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ. وَفِي حَدِيثِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: فَنَافَقَ عِنْدَ ذَلِكَ رَجُلٌ.
[أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يستعط بالسمسم ويغسل رأسه بالسدر] .
__________
(1) انظر: [الدر المنثور (4/ 155) ] .
(2) انظر: [تنزيه الشريعة (2/ 359) ، ومشكاة المصابيح (4574) ، (4575) ، وكنز العمال (29108) ، وفتح الباري (12/ 39) ، والموضوعات (3/ 214) ، واللآلئ المصنوعة (2/ 225) ، والضعفاء لابن عدي (3/ 1148) ] .
(3) انظر: [كنز العمال (2861) ] .(1/346)
ذِكْرُ أَخْذِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ شَارِبِهِ
حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لابْنِ عُمَرَ: رَأَيْتُكَ تَحْفِي شَارِبَكَ! قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحْفِي شَارِبَهُ.
أخبرنا الفضل بن دكين. أخبرنا مندل عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَشْيَاخٍ لَهُمْ قَالُوا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْخُذُ الشَّارِبَ مِنْ أَطْرَافِهِ.
[أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بن سهل عن عبيد الله ابن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: جَاءَ مَجُوسِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَعْفَى شَارِبَهُ وَأَحْفَى لِحْيَتَهُ فَقَالَ: مَنْ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: رَبِّي. قَالَ: لَكِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُحْفِيَ شَارِبِي وَأُعْفِيَ لِحْيَتِي] .
ذِكْرُ لِبَاسِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَمَا رُوِيَ فِي البياض
[أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. وَأَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى.
أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. جَمِيعًا عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي السَّخْتِيَانِيِّ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: عَلَيْكُمْ بِالْبَيَاضِ مِنَ الثِّيَابِ فَلْيَلْبَسْهَا أَحْيَاؤُكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فِي حَدِيثِهِ: فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ] «1» .
[أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْحَكَمِ وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ.
وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ عَنْ عمرة بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: الْبَسُوا الثِّيَابَ الْبِيضَ فَإِنَّهَا أطهر وأطيب وكفنوا فيها موتاكم] «2» .
__________
(1) انظر: [سنن السنائي (8/ 205) ، وكنز العمال (41110) ] .
(2) انظر: [مسند أحمد (5/ 13، 17، 18، 19) ، والمستدرك (1/ 354) ، (4/ 185، والمعجم الكبير للطبراني (7/ 216) ، (12/ 66) ، ومصنف عبد الرزاق (6199) ، وحلية الأولياء (4/ 378) ، وشرح السنة (12/ 18) ، ومشكاة المصابيح (4337) ، وتاريخ أصفهان (1/ 310) ، ومصنف ابن أبي شيبة (3/ 266) ] .(1/347)
[أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالا: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: الْبَسُوا الثِّيَابَ الْبِيضَ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ] «1» .
[أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ عَنْ أَبِي قِلابَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: إِنَّ مِنْ أَحَبِّ ثِيَابِكُمْ إِلَى اللَّهِ الْبَيَاضَ فَصَلُّوا فِيهَا وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ] .
الْحُمْرَةُ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الأَجْلَحِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَحْسَنَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ وَصَفَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ عَلَيْهِ حُلَّةً حَمْرَاءَ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِنَ ذِي لِمَّةٍ أَحْسَنَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ. أَخْبَرَنَا عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالأَبْطَحِ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ.
فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ لَهُ حَمْرَاءُ. وَحُلَّةٌ عَلَيْهِ حَمْرَاءُ. قَالَ: وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَرِيقِ سَاقَيْهِ.
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا الصَّعْقُ بْنُ حَزْنٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشِ الأَسَدِيِّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ مُرَادٍ يُقَالُ لَهُ صَفْوَانُ بْنُ عَسَّالٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وهو متكئ عَلَى بُرْدٍ لَهُ أَحْمَرَ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْبَسُ بُرْدَهُ الأَحْمَرَ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَشْعَثَ بن سليم قال سمعت
__________
(1) انظر: [المعجم الكبير للطبراني (18/ 266) ، ومجمع الزوائد (5/ 128) ، وكنز العمال (41118) ] .(1/348)
شَيْخًا مِنْ كِنَانَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَحْمَرَانِ.
[أَخْبَرَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ. أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَلْبَسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بُرْدَهُ الأَحْمَرَ وَيَعْتَمُّ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ] .
الصُّفْرَةُ:
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ: أَتَانَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَضَعْنَا لَهُ غُسْلا فَاغْتَسَلَ. ثُمَّ أَتَيْنَاهُ بِمِلْحَفَةٍ وَرْسِيَّةٍ فَاشْتَمَلَ بِهَا. فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَثَرِ الْوَرْسِ عَلَى عُكَنِهِ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ قَالَ: كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِلْحَفَةٌ مُوَرَّسَةٌ. فَإِذَا دَارَ عَلَى نِسَائِهِ رَشَّهَا بِالْمَاءِ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: رَأَيْتُ مِلْحَفَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَصْبُوغَةً بِوَرْسٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عن زكرياء بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ عَنْ رُكَيْحِ بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ:
رُبَّمَا صُبِغَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَمِيصُهُ وَرِدَاؤُهُ وَإِزَارُهُ بِزَعْفَرَانٍ وَوَرْسٍ ثُمَّ يَخْرُجُ فِيهَا.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يصبغ ثيابه بالزعفران. قميصه ورداءه وَعِمَامَتَهُ «1» .
أَخْبَرَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُخْبِرُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رِدَاءً وَعِمَامَةً مَصْبُوغَيْنِ بِالْعَبِيرِ. قَالَ مُصْعَبٌ: وَالْعَبِيرُ عِنْدَنَا الزَّعْفَرَانُ.
أَخْبَرَنَا خَلادُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ. حَدَّثَنِي أبي عن زيد بن أسلم
__________
(1) انظر: [مصنف ابن أبي شيبة (8/ 185) ، والحاوي (2/ 196) ] .(1/349)
قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْبُغُ ثِيَابَهُ كُلَّهَا بِالزَّعْفَرَانِ حَتَّى الْعِمَامَةَ «1» .
أَخْبَرَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ. أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ. لا أَدْرِي عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَمْ لا. قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَفِّرُ ثِيَابَهُ «2» .
أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْبُغُ ثِيَابَهُ كُلَّهَا بِالزَّعْفَرَانِ حَتَّى الْعِمَامَةَ.
الخضرة:
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادٍ. حَدَّثَنِي إياد بن لقيط عن أبي رمثة قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وعليه بردان أخضران.
أَخْبَرَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ عَنِ ابْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَطُوفُ بِالْبَيْتِ مُضْطَبِعًا بِبُرْدٍ أَخْضَرَ.
الصُّوفُ:
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالُوا: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عائشة. رضي الله عَنْهَا. فَأَخْرَجَتْ إِلَيْنَا إِزَارًا غَلِيظًا مِمَّا يُصْنَعُ بِالْيَمَنِ وَكِسَاءً مِنْ هَذِهِ الْمُلَبَّدَةِ.
فَأَقْسَمَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُبِضَ فِيهَا.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عائشة. رضي الله عَنْهَا. قَالَتْ: جُعِلَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بُرْدَةً سَوْدَاءَ مِنْ صُوفٍ فَلَبِسَهَا. فَذَكَرَتْ بَيَاضَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَوَادَهَا. فَلَمَّا عَرِقَ فِيهَا وَجَدَ مِنْهَا رِيحَ الصُّوفِ تَعْنِي فَقَذَفَهَا. وَكَانَ تُعْجِبُهُ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْمَكِّيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ فُلانِ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - صَلَّى فِي مَسْجِدِ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ فِي كِسَاءٍ يَلْتَفُّ بِهِ يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَيْهِ يَقِيهِ برد الحصى.
__________
(1) انظر: [التمهيد (2/ 181) ، والحاوي (2/ 196.
(2) انظر: [السنن الكبرى (7/ 310) ، والحاوي (2/ 196) ] .(1/350)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ مَشْيَخَةِ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي مَسْجِدِ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ مُلْتَحِفًا بِكِسَاءٍ. فَكَانَ يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى الْكِسَاءِ يَقِيهِ بَرْدَ الْحَصَى إِذَا سَجَدَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَخَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ فِيهَا حَاشِيَتَاهَا. قَالَ سَهْلٌ: وَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ؟ قَالُوا:
الشَّمْلَةُ. قَالَ: نَعَمْ هِيَ الشَّمْلَةُ. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَسَجْتُ هَذِهِ الْبُرْدَةَ بِيَدِي فَجِئْتُ بِهَا أَكْسُوكَهَا. قَالَ: فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحْتَاجًا إِلَيْهَا. فَخَرَجَ عَلَيْنَا وَإِنَّهَا لإِزَارُهُ. فَجَسَّهَا فُلانُ ابن فُلانٍ. لِرَجُلٍ مِنَ الْقَوْمِ سَمَّاهُ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَ هَذِهِ الْبُرْدَةِ اكْسُنِيهَا! فَقَالَ: نَعَمْ. فَجَلَسَ مَا شَاءَ اللَّهُ فِي الْمَجْلِسِ ثُمَّ رَجَعَ. فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَوَاهَا ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ. كَسِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحْتَاجًا إِلَيْهَا ثُمَّ سَأَلْتَهُ إِيَّاهَا وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لا يَرُدُّ سَائِلا! فَقَالَ الرَّجُلُ: وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ إِيَّاهَا لأَلْبَسَهَا. وَلَكِنْ سَأَلْتُهُ إِيَّاهَا لِتَكُونَ كَفَنِي يَوْمَ أَمُوتُ. قَالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ يَوْمَ مَاتَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ قَالَ: أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا أَسْمَاءُ جُبَّةً مِنْ طَيَالِسَةٍ لَهَا لَبِنَةُ شِبْرٍ مِنْ دِيبَاجٍ كَسْرَوَانِيٍّ وَفُرُوجُهَا مَكْفُوفَةٌ بِهِ. فَقَالَتْ: هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَلْبَسُهَا. فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ. فلما توفيت عائشة. رضي الله عَنْهَا. قَبَضْتُهَا.
فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرِيضِ مِنَّا إِذَا اشْتَكَى.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ حَبِيبٍ الْعَدَوِيُّ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَلْبَسُ الصُّوفَ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فَصَلَّى فِي مِرْطِ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ. مِرْطٍ وَاللَّهِ. تَعْنِي مِنْ صُوفٍ. يَعْنِي لا كَثِيفٌ وَلا لين.(1/351)
السَّوَادُ وَالْعَمَائِمُ:
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ مُسَاوِرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ النَّاسَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي الْفَضْلِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَتْ عِمَامَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوْدَاءَ.
أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَمَّنْ سَمِعَ الْحَسَنَ يَقُولُ: كَانَتْ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوْدَاءَ تُسَمَّى الْعُقَابُ. وَعِمَامَتُهُ سَوْدَاءَ.
أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ. حدثني يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: كَانَتْ رَايَاتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
سُودًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُورِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَيْوَانَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا سَجَدَ رَفَعَ الْعِمَامَةَ عَنْ جَبْهَتِهِ «1» .
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا مِنْدَلٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ رَسُولَ الله.
ص. تَوَضَّأَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ. فَرَفَعَ عِمَامَتَهُ عَنْ رَأْسِهِ وَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ.
أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو شَيْبَةَ الْوَاسِطِيُّ عَنْ طَرِيفِ بْنِ شِهَابٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْتَمُّ وَيُرْخِي عِمَامَتَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ الْعَبْدِيُّ. حَدَّثَنِي الدَّرَاوَرْدِيُّ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا اعتم سدل عمامته بين كتفيه «2» .
__________
(1) انظر: [كنز العمال (17896) ] .
(2) انظر: [سنن الترمذي (1736) ، والسنن الكبرى (1/ 469) ، وشرح السنة (12/ 37) ، ومشكاة المصابيح (4338) ، وفتح الباري (10/ 273) ، وكنز العمال (18269) ، والشمائل (56) ، والأحاديث الصحيحة (717) ، والبداية والنهاية (6/ 7) ] .(1/352)
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ أَبِي صَخْرٍ عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِمَامَةٌ مُعَلَّمَةٌ. فَقَطَعَ عَلَمَهَا ثُمَّ لَبِسَهَا.
الْحِبَرَةُ:
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ قَالَ قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَيُّ اللِّبَاسِ كَانَ أَحَبَّ وَأَعْجَبَ إِلَى رسول الله. ص؟ قَالَ: الْحِبَرَةُ.
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلالٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى هِشَامٍ. يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ. بُرْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حِبَرَةٍ لَهُ حَاشِيَتَانِ.
السُّنْدُسُ وَالْحَرِيرُ الَّذِي لَبِسَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمّ تركه
[أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَهْدَى مَلِكُ الرُّومِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْتَقَةً مِنْ سُنْدُسٍ فَلَبِسَهَا. فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى يَدَيْهَا تَذَبْذَبَانِ مِنْ طُولِهِمَا. فَجَعَلَ الْقَوْمُ يَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ مِنَ السَّمَاءِ؟ فَقَالَ: وما تعجبون منها؟ فو الذي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ مِنْدِيلا مِنْ مَنَادِيلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْهَا! ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إِلَى جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
فلبسها. فقال النبي. ص: إِنِّي لَمْ أُعْطِكَهَا لِتَلْبَسَهَا. قَالَ: فَمَا أَصْنَعُ بِهَا؟ قَالَ:
ابْعَثْ بِهَا إِلَى أَخِيكَ النَّجَاشِيِّ] .
[أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ: أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرُّوجٌ. يَعْنِي قُبَاءَ حَرِيرٍ. فَلَبِسَهُ ثُمَّ صَلَّى فِيهِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا كَالْكَارِهِ لَهُ ثُمَّ قَالَ: لا يَنْبَغِي هذا للمتقين] «1» .
__________
(1) انظر: [صحيح البخاري (1/ 105) ، (7/ 186) ، وصحيح مسلم، الباب (2) ، حديث (23) من اللباس، وسنن النسائي، الباب (18) من القبلة، ومسند أحمد (4/ 149) ، والسنن الكبرى (2/ 423) ، والمعجم الكبير للطبراني (17/ 276) ، وشرح السنة (2/ 234) ، وفتح الباري (1/ 485) ، (10/ 269) ] .(1/353)
[أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلامٌ فَنَظَرَ إِلَى أَعْلامِهَا نَظْرَةً فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلاتِي وَأْتُونِي بِأَنْبَجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ] » .
[أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بن أبي علقمة عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: أَهْدَى أَبُو الْجَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
خَمِيصَةً شَامِيَّةً لَهَا عَلَمٌ. فَشَهِدَ فِيهَا الصَّلاةَ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: رُدُّوا هَذِهِ الْخَمِيصَةَ عَلَى أَبِي جَهْمٍ فَإِنِّي نَظَرْتُ إِلَى عَلَمِهَا فِي الصَّلاةِ فَكَادَ يَفْتِنُنِي] «2» .
[أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رسول الله.
ص. لَبِسَ خَمِيصَةً لَهَا عَلَمٌ ثُمَّ أَعْطَاهَا أَبَا جَهْمٍ وَأَخَذَ مِنْ أَبِي جَهْمٍ أَنْبَجَانِيًّا. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلِمَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: إِنِّي نَظَرْتُ إِلَى عَلَمِهَا فِي الصَّلاةِ] .
ذِكْرُ أَصْنَافِ لِبَاسِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا وَطُولِهَا وَعَرْضِهَا
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَإِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ يَوْمًا أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيُّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ. فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً. قَالَ أَنَسٌ: حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عُنُقِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أَثَّرَتْ بِهِ حَاشِيَةُ الثَّوْبِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ. فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ. قَالَ: فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ له بعطاء.
__________
(1) انظر: [صحيح البخاري (1/ 104) ، (7/ 109) ، وصحيح مسلم، مساجد (62) ، وسنن أبي داود (4052) ، والسنن الكبرى (2/ 423) ، وشرح السنة (2/ 432) ، (3/ 256) ، ومشكاة المصابيح (757) ] .
(2) انظر: [السنن الكبرى (2/ 349) ] .(1/354)
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُسْلِمٍ الأَعْوَرِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ قَمِيصُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُطْنًا. قَصِيرَ الطُّوَلِ قَصِيرَ الْكُمَّيْنِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ مُوسَى الْمُعَلِّمِ عَنْ بُدَيْلٍ قَالَ: كَانَ كُمُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الرُّسْغِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ. حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ طُولَ رِدَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعُ أَذْرُعٍ. وَعَرْضَهُ ذِرَاعَانِ وَشِبْرٌ.
أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ. أَخْبَرَنَا ابن لهيعة عن محمد ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ ثَوْبَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي كَانَ يَخْرُجُ فيه إلى الوفد ورداءه حَضْرَمِيُّ. طُولُهُ أَرْبَعُ أَذْرُعٍ. وَعَرْضُهُ ذِرَاعَانِ وَشِبْرٌ.
فَهُوَ عِنْدَ الْخُلَفَاءِ قَدْ خَلِقَ وَطَوُوهُ بِثَوْبٍ يَلبَسُونَهُ يَوْمَ الأَضْحَى وَالْفِطْرِ.
أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُرَّةَ مَوْلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ. أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْبَسُ قَمِيصًا قَصِيرَ الْيَدَيْنِ وَالطُّولِ «1» .
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: كُنْتُ مع عمر. رضي الله عَنْهُ. فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ عَنْهُ قَالَ فَقَالَ: رَأَيْتُ أَبَا الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَآمِيَّةٌ ضَيِّقَةُ الْكُمَّيْنِ.
صِفَةُ أُزُرَتِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَرْخِي الإِزَارَ مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَرْفَعُهُ مِنْ وَرَائِهِ «2» .
أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى مَوْلَى الأَسْلَمِيِّينَ عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ إِذَا اتَّزَرَ أَرْخَى مُقَدَّمَ إِزَارِهِ حَتَّى تَقَعَ حَاشِيَتَاهُ عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ وَيَرْفَعُ الإِزَارَ مِمَّا وَرَاءَهُ. قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ تَأْتَزِرُ هَكَذَا؟ قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يأتزر هذه الأزرة.
__________
(1) انظر: [سنن ابن ماجة (3577) ] .
(2) انظر: [كنز العمال (18277) ، والأحاديث الصحيحة (1238) ] .(1/355)
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ رَجُلٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْتَزِرُ تَحْتَ سُرَّتِهِ وَتَبْدُو سُرَّتُهُ. وَرَأَيْتُ عُمَرَ يَأْتَزِرُ فَوْقَ سُرَّتِهِ.
ذِكْرُ قَنَاعَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثَوْبِهِ وَلِبَاسِهِ الْقَمِيصَ وَمَا كَانَ يَقُولُ إذا لبس ثوبًا عَلَيْهِ
أَخْبَرَنَا خَلادُ بْنُ يَحْيَى الْمَكِّيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكْثِرُ الْقِنَاعَ حَتَّى تُرَى حَاشِيَةَ ثَوْبِهِ كَأَنَّهُ ثَوْبُ زَيَّاتٍ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبَانَ الرَّقَاشِيِّ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يُكْثِرُ التَّقَنُّعَ بِثَوْبِهِ حَتَّى كَأَنَّ ثَوْبَهُ ثَوْبُ زَيَّاتٍ أَوْ دَهَّانٍ «1» .
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُشَيْرٍ. حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رَهْطٍ مِنْ مُزَيْنَةَ. فَبَايَعْتُهُ وَإِنَّ قَمِيصَهُ لَمُطْلَقٌ. ثُمَّ أَدْخَلْتُ يَدَيَّ مِنْ جَيْبِ قَمِيصِهِ فَمَسِسْتُ الْخَاتَمَ. قَالَ عُرْوَةُ: فَمَا رَأَيْتُ مُعَاوِيَةَ وَابْنَهُ فِي شِتَاءٍ وَلا حَرٍّ إِلا مُطْلِقَيْ أَزْرَارَهُمَا لا يَزُرَّانِ أَبَدًا.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ إِيَاسَ الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ قَمِيصًا أَوْ إِزَارًا أَوْ عِمَامَةً. وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ] «2» .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أخبرنا سفيان عن ابن أبي ليلة عَنْ عِيسَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا لَبِسَ ثَوْبًا. أَوْ قَالَ: إذا
__________
(1) انظر: [فتح الباري (7/ 235) ] .
(2) انظر: [سنن الترمذي (1767) ، وسنن أبي داود، الباب (10) من اللباس، ومسند أحمد (3/ 30، 50) ، والسمتدرك (4/ 192) ، ومصنف ابن أبي شيبة (10/ 44) ، وكنز العمال (18267) ، وفتح الباري (10/ 303) ] .(1/356)
لَبِسَ أَحَدُكُمْ ثَوْبًا فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِي حَيَاتِي] «1» .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ إِلَى مَكَّةَ فَأَجَارَهُ أَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ. حَمَلَهُ عَلَى سَرْجِهِ وَرَدَفَهُ حَتَّى قَدِمَ بِهِ مَكَّةَ. فَقَالَ: يَا ابْنَ عَمِّ أَرَاكَ مُتَخَشِّعًا! أَسْبِلْ إِزَارَكَ كَمَا يُسْبِلُ قَوْمُكَ. قَالَ: هَكَذَا يَأْتَزِرُ صَاحِبُنَا إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ. قَالَ: يَا ابْنَ عَمِّ طُفْ بِالْبَيْتِ. قَالَ: إِنَّا لا نَصْنَعُ شَيْئًا حَتَّى يَصْنَعَ صَاحِبُنَا وَنَتْبَعَ أَثَرَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ العلاء عن إياس بن جعفر الحنفي قال: كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِرْقَةٌ إِذَا تَوَضَّأَ تَمَسَّحَ بِهَا.
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ. أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَرَى حُلَّةً. وَإِمَّا قَالَ ثَوْبًا. بِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ أُوقِيَّةً.
أَخْبَرَنَا الفضل بن عاصم عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَرَى حُلَّةً بِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ أُوقِيَّةً.
[أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ عَبْدِ السَّلامِ بْنِ حَرْبٍ. حَدَّثَنِي مُوسَى الْحَارِثِيُّ فِي زَمَنِ بَنِي أُمَيَّةَ قَالَ: وُصِفَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الطَّيْلَسَانُ فَقَالَ: هَذَا ثَوْبٌ لا يُؤَدَّى شُكْرُهُ] «2» .
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: كَانَ بُرْدُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رِدَاؤُهُ ثَمَنُهُ دِينَارٌ.
ذِكْرُ صَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ولبسه إياه
حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَمُوسَى بْنُ دَاوُدَ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيِّ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ الله عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَأَى رسول الله ص.
__________
(1) انظر: [الدر المنثور (4/ 162) ، وكنز العمال (44018) ] .
(2) انظر: [فتح الباري (7/ 235) ، (10/ 275) ] .(1/357)
يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَتَّقِي بِفُضُولِهِ حَرَّ الأَرْضِ وَبَرْدَهَا.
أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ. أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أنه قال: آخر صلاة صَلاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ الْقَوْمِ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا مِنْدَلٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قال: صلى النبي.
ص. فِي مَرَضِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ قَاعِدًا.
أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَقَامَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ. فَقُلْنَا: أَتُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَرِدَاؤُكَ موضوع؟ فقال: نعم رأيت رسول الله.
ص. يُصَلِّي هَكَذَا.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ قَالَتْ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِهِ فِي مَرَضِهِ. فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ. الْمَغْرِبَ. فَقَرَأَ والْمُرْسَلاتِ. مَا صَلَّى بَعْدَهَا صَلاةً حَتَّى قُبِضَ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فِي بَيْتِهِ مُلْتَحِفًا بِهِ.
أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيِّ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُلْتَحِفًا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ قَالَ قُلْنَا لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: صَلِّ بِنَا كَمَا رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي. قَالَ: فَأَخَذَ مِلْحَفَةً فَشَدَّهَا مِنْ تَحْتِ ثُنْدُؤَتِهِ وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُهُ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ رَأَى جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ. وَأَنَّ جَابِرًا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ.(1/358)
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنَا عَمْرٌو أَنَّ الزُّبَيْرَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ رَأَى جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ وَعِنْدَهُ ثِيَابُهُ. قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: قَالَ جَابِرٌ إِنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْنَعُ ذَلِكَ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ عِيَاضِ بْنِ يزيد بن جعدبة. أخبرنا زيد ابن حَسَنٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي إِزَارٍ مُؤْتَزِرًا بِهِ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ غَيْلانَ بْنِ جَامِعٍ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ ابْنٍ لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَمَّنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ يَحْيَى الْخُشَنِيِّ.
أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى بِنَا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ وَخَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ عُمَرُ فِيهِ. وَفِيهِ قَالَ: نَعَمْ يَعْنِي الْجَنَابَةَ وَالصَّلاةَ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِهِ وَهُوَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا اللَّيْثٌ. حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سُوَيْدِ ابن قَيْسٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهُ سَأَلَ أُخْتَهُ أُمَّ حَبِيبَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُهَا فِيهِ.
فَقَالَتْ: نَعَمْ إِذَا لَمْ يَرَ فِيهِ أَذًى.
ذِكْرُ ضِجَاعِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَافْتِرَاشِهِ
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ(1/359)
عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: كَانَ ضِجَاعُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَدَمٍ مَحْشُوًّا لِيفًا «1» .
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ. أَخْبَرَنَا حَارِثَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَى جَدَّتِي عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَتْ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ قَالَتْ: أَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَلَيْهِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاقِدٌ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَرْضِ إِلا حَصِيرٌ. وَقَدْ أَثَّرَ بِجَنْبِهِ. وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ مَحْشُوَّةً لِيفًا وَعَلَى رَأْسِهِ أُهَبٌ مُعَلَّقَةٌ فِيهَا رِيحٌ.
[أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: دَخَلَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ عَلَيَّ. فَرَأَتْ فِرَاشَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبَاءَةً مَثْنِيَّةً. فَانْطَلَقَتْ فَبَعَثَتْ إِلَيْهِ بِفِرَاشٍ حَشْوُهُ صُوفٌ.
فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فقال: مَا هَذَا؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فُلانَةُ الأَنْصَارِيَّةُ دَخَلَتْ عَلَيَّ فَرَأَتْ فِرَاشِكَ فَذَهَبَتْ فَبَعَثَتْ بِهَذَا. فَقَالَ: رُدِّيهِ. فَلَمْ أَرُدَّهُ. وَأَعْجَبَنِي أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِي. حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا عَائِشَةُ لَوْ شِئْتُ لأَجْرَى اللَّهُ مَعِي جِبَالَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ] .
[أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ عَنْ أُمِّ شَبِيبٍ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. أَنَّهَا كَانَتْ تَفْرِشُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبَاءَةً مَثْنِيَّةً. فَجَاءَ لَيْلَةً وَقَدْ رَبَّعَتْهَا فَنَامَ عَلَيْهَا فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ مَا لِفِرَاشِي اللَّيْلَةَ لَيْسَ كَمَا كَانَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَبَّعْتُهَا لَكَ! قَالَ: فَأَعِيدِيهِ كَمَا كَانَ] .
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ.
حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ أَنَّ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لا يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصْلِيبٌ إِلا نَقَضَهُ.
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِهِ فَرَأَيْتُهُ مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ.
[أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ. أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ زِيَادٍ الْهِلالِيُّ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ جُنْدُبِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ: أَصَابَتِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - أشاءة نخلة فأدمت
__________
(1) انظر: [سنن ابن ماجة (4151) ، ومسند أحمد (6/ 48، 207، 212) ، وفتح الباري (11/ 292) ] .(1/360)
إِصْبَعَهُ فَقَالَ: مَا هِيَ إِلا إِصْبَعٌ دَمِيَتْ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتُ. قَالَ: فَحُمِلَ فَوُضِعَ عَلَى سَرِيرٍ مَرْمُولٍ بِشُرُطٍ. وَوُضِعَ تَحْتَ رَأْسِهِ مِرْفَقَةٌ مِنْ أَدَمٍ مَحْشُوَّةً بِلِيفٍ. فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ وَقَدْ أَثَّرَ الشَّرِيطُ بِجَنْبِهِ فَبَكَى عُمَرُ. فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَكَرْتُ كِسْرَى وَقَيْصَرَ يَجْلِسُونَ عَلَى سُرَرِ الذَّهَبِ وَيَلْبَسُونَ السُّنْدُسَ وَالإِسْتَبْرَقَ. أَوْ قَالَ الْحَرِيرَ وَالإِسْتَبْرَقَ. فَقَالَ: أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونَ لَكُمُ الآخِرَةُ وَلَهُمُ الدُّنْيَا؟ قَالَ: وَفِي الْبَيْتِ أُهَبٌ لَهَا رِيحٌ. فَقَالَ: لَوْ أَمَرْتَ بِهَذِهِ فَأُخْرِجَتْ. فَقَالَ: لا. مَتَاعُ الْحَيِّ. يَعْنِي الأَهْلَ] .
[أَخْبَرَنَا عمرو بن عاصم الكلابي. أَخْبَرَنَا أَبُو الأَشْهَبِ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ قَالَ: دَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَآهُ عَلَى حَصِيرٍ أَوْ سَرِيرٍ. أَبُو الأَشْهَبِ شَكَّ. قَالَ: أُرَاهُ قَدْ أَثَّرَ بِجَنْبِهِ. قَالَ: وَفِي الْبَيْتِ أُهَبٌ عَطَنَةٌ. قَالَ: فَبَكَى عُمَرُ. فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا عُمَرُ؟ قَالَ: أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ وَكِسْرَى وَقَيْصَرُ عَلَى أَسِرَّةِ الذَّهَبِ. قَالَ: يَا عُمَرُ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الآخِرَةُ؟] .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: دَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى ضِجَاعٍ مِنْ أَدَمٍ. قَالَ الْفَضْلُ فِي حَدِيثِهِ: مَحْشُوٍّ لِيفًا. لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا. وَزَادَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: وَفِي الْبَيْتِ أُهَبٌ مُلْقَاةٌ. فَبَكَى عُمَرُ. فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا عُمَرُ؟ قَالَ: أَبْكِي أَنَّ كِسْرَى فِي الْخَزِّ وَالْقَزِّ وَالْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَقَيْصَرَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَأَنْتَ نَجِيبُ اللَّهِ وَخَيْرَتُهُ كَمَا أَرَى! قَالَ: لا تَبْكِ يَا عُمَرُ فَلَوْ أَشَاءُ أَنْ تَسِيرَ الْجِبَالُ ذَهَبًا لَسَارَتْ. وَلَوْ أَنَّ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ ذُبَابٍ مَا أَعْطَى كَافِرًا مِنْهَا شَيْئًا] .
[أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالا: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
عَلَى حَصِيرٍ فَأَثَّرَ الْحَصِيرُ بِجِلْدِهِ. فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ جَعَلْتُ أَمْسَحُ عَنْهُ وَأَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا آذَنْتَنَا نَبْسُطُ لَكَ عَلَى هَذَا الْحَصِيرِ شَيْئًا يَقِيكَ منه؟ فقال رسول الله. ص: ما لي وللدنيا وما أنا والدنيا. ما أَنَا وَالدُّنْيَا إِلا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرْكَهَا] .
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ:
دَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَلَى خَصَفَةٍ أَوْ حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَتْ بِهِ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سنان بن(1/361)
سَعْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِ أَبِي طَلْحَةَ يُصَلِّي عَلَى بِسَاطٍ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سلمة عن إسحاق بن عبد ابن أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ عَلَى حَصِيرٍ قَدْ تَغَيَّرَ مِنَ الْقَدَمِ. قَالَ: وَنَضَّحَهُ بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ فَسَجَدَ عَلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ يُونُسَ بْنِ الْحَارِثِ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرْوٌ وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ تَكُونَ لَهُ فَرْوَةٌ مَدْبُوغَةٌ يُصَلِّي عَلَيْهَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عُثْمَانَ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَبِي لَيْلَى الْكِنْدِيِّ عن رب هذه الدار جرير أو أبي جرير قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَخْطُبُ بِنَا. فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى مِيرَكَتِهِ. فَإِذَا مَسْكُ ضَائِنَةٍ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ سَعِيدٍ. يَعْنِي الْمَقْبُرِيَّ. قَالَ:
كَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَصِيرٌ يَفْتَرِشُهُ بِالنَّهَارِ فَإِذَا كَانَ الليل احتجر حُجْرَةً مِنَ الْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ.
[أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ يُحَدِّثُ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتَّخَذَ فِي الْمَسْجِدِ حُجْرَةً مِنْ حَصِيرٍ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا لَيَالِي. فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ ثُمَّ فَقَدُوا صَوْتَهُ لَيْلَةً فَظُنُّوا أَنَّهُ قَدْ نَامَ. فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَتَنَحْنَحُ لِيَخْرُجَ إِلَيْهِمْ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: مَا زَالَ بِكُمُ الَّذِي أَرَى مِنْ صَنِيعِكُمْ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُكْتُبَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ مَا قُمْتُمْ بِهِ.
فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ. إِنَّ أَفْضَلَ صَلاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلا المكتوبة] «1» .
__________
(1) انظر: [صحيح البخار (8/ 34) ، (9/ 117) ، وصحيح مسلم صلاة المسافرين، الباب (29) ، حديث (213) ، (214) ، وسنن النسائي (3/ 198) ، ومسند أحمد بن حنبل (5/ 182، 187) ، والسنن الكبرى (3/ 109) ، ومشكل الآثار (1/ 250) ، ومشكاة المصابيح (1295) ، وفتح الباري (13/ 264) ، وإرواء الغليل (2/ 190) ] .(1/362)
ذِكْرُ الْخُمْرَةِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّي عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أخبرنا عفان بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ. أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ عَنْ أَبِي قِلابَةَ قَالَ: دَخَلْتُ بَيْتَ أُمِّ سَلَمَةَ فَسَأَلْتُ ابْنَةَ ابْنِهَا أُمَّ كُلْثُومٍ عَنْ مُصَلَّى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَأَرَتْنِي الْمَسْجِدَ. فَإِذَا فِيهِ خُمْرَةٌ. فَأَرَدْتُ أَنْ أُنَحِّيَهَا فَقَالَتْ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ «1» .
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عن الألندق بْنِ قَيْسٍ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ.
[أَخْبَرَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ التَّيْمِيُّ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ. رَضِيَ الله عنها. قال رسول الله.
ص: نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ مِنَ الْمَسْجِدِ. قَالَتْ قُلْتُ: إِنِّي حائض. قال: إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ] «2» .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ. أَخْبَرَنَا زَائِدَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ لِلْجَارِيَةِ: نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ. فَقَالَتْ: إِنَّهَا حَائِضٌ. فَقَالَ: إِنَّ حَيْضَتَهَا لَيْسَتْ فِي يَدِهَا. فَقَالَتْ عَائِشَةُ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَرَادَ أَنْ نَبْسُطَهَا فَيُصَلِّي عليها] .
__________
(1) انظر: [سنن أبي داود، الصلاة باب (91) ، وسنن الترمذي (331) ، وسنن النسائي، الباب (44) من المساجد، وسنن ابن ماجة (1028) ، ومسند أحمد بن حنبل (1/ 269، 309، 320، 358) ، (2/ 92، 98) ، (6/ 179، 209، 249، 302، 330، 331، 335، 337) ، والسنن الكبرى (2/ 421) ، 3/ 107) ، ومجمع الزوائد (2/ 56، 57) ، ومصنف ابن أبي شيبة (1/ 398) ، وشرح السنة (2/ 439) ] .
(2) انظر: [سنن أبي داود (261) ، وسنن الترمذي (134) ، وسنن ابن ماجة (632) ، ومسند أحمد (2/ 45، 70، 86، 112، 245) ، (6/ 101، 106، 110، 114، 160، 179، 214) ، والسنن الكبرى (1/ 186) ، وسنن الدارمي (1/ 197) ، ومجمع الزوائد (2/ 28، 282، 283) ، ومصنف ابن أبي شيبة (2/ 365) ، ومشكاة المصابيح (549) ، والتمهيد (3/ 171) ، وشرح السنة (2/ 133) ، والمطالب العالية (211) ، ومصنف عبد الرزاق (1258) ] .(1/363)
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: يَا عَائِشَةُ نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ مِنَ الْمَسْجِدِ. قَالَتْ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي حَائِضٌ. قَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِكِ] «1» .
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَهِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى الْخُمْرَةِ.
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ. وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا عَبَّادُ ابن الْعَوَّامِ. جَمِيعًا عَنِ الشَّيْبَانِيِّ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ.
ذِكْرُ خَاتَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذَّهَبِ
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ وَأَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَأَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَأَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ.
أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَأَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَخَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَأَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بن مخلد الشيباني عن المغيرة عن ابن زِيَادٍ الْمَوْصِلِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَأَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ. أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ. وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ. أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. قال: اتخذ رسول الله.
[ص. خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ. فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَعَهُ وَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ أَلْبَسُ هَذَا الْخَاتَمَ وَأَجْعَلُ فَصَّهُ مِنْ بَاطِنِ كَفِّي. فَرَمَى بِهِ وَقَالَ: وَاللَّهِ لا ألبسه أبدا.
__________
(1) انظر: [السنن الكبرى (1/ 189) ] .(1/364)
وَنَبَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخَاتَمَ. فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ] «1» .
[أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَرِيكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دينار عن طاووس. وَأَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: سَمِعْتُ طَاوُسًا يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ. فَبَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمًا نَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: لَهُ نَظْرَةٌ وَلَكُمْ أُخْرَى. ثُمَّ خَلَعَهُ فَرَمَى بِهِ وَقَالَ: لا أَلْبَسُهُ أَبَدًا] .
[أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَخَتَّمُ فِي يَسَارِهِ بِخَاتَمٍ مِنْ ذَهَبٍ. فَخَرَجَ عَلَى النَّاسِ فَطَفِقُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ. فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى خِنْصَرِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَرَمَى بِهِ] .
أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ.
ذِكْرُ خَاتَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْفِضَّةِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَأَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
إِلَى قَيْصَرَ. أَوْ إِلَى الرُّومِ. وَلَمْ يَخْتِمْهُ. فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ كِتَابَكَ لا يَقْرَأُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَخْتُومًا.
فَاتَّخَذَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتما مِنْ فِضَّةٍ. فَنَقَشَهُ وَنَقَشَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعجلِيُّ قَالُوا: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ. وَأَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ.
أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ. زَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. قَالَ: سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: هَلِ اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خاتما؟ فَقَالَ: نَعَمْ. أَخَّرَ لَيْلَةً الْعِشَاءَ الآخِرَةَ إِلَى قَرِيبٍ مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ.
فَلَمَّا صَلَّى أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلُّوا وناموا ولم تزالوا في صلاة ما
__________
(1) انظر: [سنن النسائي، الباب (77) من الزينة، ومسند أحمد (2/ 107، 110، 119) ، وفتح الباري (11/ 537) ] .(1/365)
انْتَظَرْتُمُوهَا. قَالَ أَنَسٌ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ الآنَ إِلَى وَمِيضِ خَاتَمِهِ فِي يَدِهِ. وَرَفَعَ أَنَسٌ يَدَهُ الْيُسْرَى] .
[أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ. أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اصْطَنَعَ خَاتَمًا كُلَّهُ مِنْ فِضَّةٍ وَقَالَ: لا يَصْنَعُ أَحَدٌ عَلَى صِفَتِهِ] .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ وَمُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالا: أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ. أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال: كَانَ خَاتَمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ فِضَّةٍ كُلُّهُ.
فَصَّهُ مِنْهُ. قَالَ زُهَيْرٌ: فَسَأَلْتُ حُمَيْدًا عَنِ الْفَصِّ كَيْفَ هُوَ فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ لا يَدْرِي كَيْفَ هُوَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الْبَصْرِيُّ وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالا: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ. حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خاتما مِنْ وَرِقٍ فَصُّهُ حَبَشِيٌّ. قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ فِي حَدِيثِهِ: نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ وَمُوسَى بْنُ دَاوُدَ الضَّبِّيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ رَأَى فِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ يَوْمًا وَاحِدًا. فَصَنَعَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ وَرِقٍ فَلَبِسُوهَا. فَطَرَحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاتَمَهُ فَطَرَحَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ. فَكَانَ فِي يَدِهِ. ثُمَّ كَانَ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَهُ. ثُمَّ كَانَ فِي يَدِ عُمَرَ بَعْدَهُ. ثُمَّ كَانَ فِي يَدِ عُثْمَانَ حَتَّى وَقَعَ فِي بِئْرِ أَرِيسٍ. نَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ نَقَشَ فِيهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.
فَجَعَلَ فَصَّهُ فِي بَطْنِ كَفِّهِ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَعَطَاءٌ قَالا: كَانَ خَاتَمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ فِضَّةٍ. وَكَانَ نَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ خَاتَمُ(1/366)
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِضَّةً وَفِيهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.
[أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ. حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بن محمد عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَرَحَ خَاتَمَهُ الذَّهَبَ. ثُمَّ تَخَتُّمَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ فَجَعَلَهُ فِي يَسَارِهِ] .
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي عَزَّةَ عَنْ عَامِرٍ قَالَ:
كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ فِضَّةٍ.
ذِكْرُ خَاتَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَلْوِيِّ عَلَيْهِ فِضَّةٌ
أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الرَّازِيُّ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ فَرْقَدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ خَاتَمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيدًا مَلْوِيًّا عَلَيْهِ فِضَّةٌ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ خَاتَمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان مِنْ حَدِيدٍ مَلْوِيُّ عَلَيْهِ فِضَّةٌ. غَيْرَ أَنَّ فَصَّهُ بَادٍ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ عَنْ سَعِيدٍ أَنَّ خَالِدَ بْنَ سَعِيدٍ أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَفِي يَدِهِ خَاتَمٌ لَهُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله. ص: مَا هَذَا الْخَاتَمُ؟ فَقَالَ:
خَاتَمٌ اتَّخَذْتُهُ. فَقَالَ: اطْرَحْهُ إِلَيَّ. فَطَرَحَهُ. فَإِذَا خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ مَلْوِيُّ عَلَيْهِ فِضَّةٌ.
فَقَالَ: مَا نَقْشُهُ؟ فَقَالَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَبِسَهُ.
فَهُوَ الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ الْمَكِّيُّ. أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: دَخَلَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ حِينَ قَدِمَ مِنَ الْحَبَشَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَا هَذَا الْخَاتَمُ فِي يَدِكَ يَا عَمْرُو؟ قَالَ: هَذِهِ حَلْقَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَمَا نَقْشُهَا؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَتَخَتَّمَهُ فَكَانَ فِي يَدِهِ حَتَّى قُبِضَ. ثُمَّ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى قُبِضَ. ثُمَّ فِي يَدِ عُمَرَ حَتَّى قُبِضَ. ثُمَّ لَبِسَهُ عُثْمَانُ. فَبَيْنَا هُوَ يَحْفِرُ بِئْرًا لأَهْلِ الْمَدِينَةِ. يُقَالُ لَهَا بِئْرُ أَرِيسٍ. فَبَيْنَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى شَفَتِهَا يَأْمُرُ بِحَفْرِهَا سَقَطَ الْخَاتَمُ فِي الْبِئْرِ. وَكَانَ عُثْمَانُ يُكْثِرُ إِخْرَاجَ خَاتَمَهُ مِنْ يَدِهِ وَإِدْخَالَهُ. فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَقْدِرُوا عليه.(1/367)
[ذكر نقش خاتم رسول الله. ص]
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ الأَوْدِيُّ. أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: كَانَ فِي خاتم رسول الله. ص: بِسْمِ اللَّهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ. أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَقْشُهُ ثَلاثَةُ أَسْطُرٍ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. مُحَمَّدٌ فِي سَطْرٍ وَرَسُولٌ فِي سَطْرٍ. وَاللَّهُ فِي سَطْرٍ.
[أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بن مالك قَالَ: اصْطَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاتَمًا. فَقَالَ: إِنَّا قَدِ اصْطَنَعْنَا خَاتَمًا وَنَقَشْنَا فِيهِ نَقْشًا فَلا يَنْقُشْ عَلَيْهِ أَحَدٌ] «1» .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ جريج. أخبرني الحسن بن مسلم عن طاووس قال قالت قريش للنبي. ص: إِنَّ النَّاسَ هَاهُنَا كَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْعَجَمَ لا يُجْرُونَ عِنْدَهُمْ كِتَابًا إِلا وَعَلَيْهِ طَابَعٌ. فَكَانَ هُوَ الَّذِي هَاجَهُ عَلَى أَنِ اتَّخَذَ خَاتَمَهُ. وَنَقَشَ فِيهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. وَقَالَ: لا يَنْقُشْ أَحَدٌ عَلَى نَقْشِ خَاتَمِي] «2» .
أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أنس قَالَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ «3» .
[أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ عَنِ الْمُبَارَكِ عَنِ الْحَسَنِ قال: قال رسول الله. ص: إِنِّي قَدِ اتَّخَذْتُ خَاتَمًا فَلا يَتَخَلَّفْ عَلَيْهِ أَحَدٌ. قَالَ: وَكَانَ نَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ] .
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: سُئِلَ الْحَسَنُ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ فِي خَاتَمِهِ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ فَيَدْخُلُ بِهِ الْخَلاءَ. فَقَالَ: أَوَلَمْ يَكُنْ فِي خَاتَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ؟ يَعْنِي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.
أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الرَّازِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ. وَأَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بن
__________
(1) انظر: [مسند أحمد (3/ 101) ] .
(2) انظر: [مشكاة المصابيح (4383) ، وكنز العمال (17291) ] .
(3) انظر: [صحيح البخاري (4/ 101) ، (7/ 203) ، دلائل النبوة (7/ 276) ، وفتح الباري (10/ 328) ، ومصنف ابن أبي شيبة (8/ 270) ، وشرح السنة (1/ 379) ] .(1/368)
دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنِي شَرِيكٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَسَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ. وَأَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالا: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - محمد رَسُولُ اللَّهِ.
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ:
كان نقش خاتم النبي. ص: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو خَلْدَةَ قَالَ قُلْتُ لأَبِي الْعَالِيَةِ: مَا كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ نَبِيِّ اللَّهِ. ص؟ قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ ثُمَّ الْحَقُّ الْحَقُّ بَعْدَهُ. مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.
[أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ حَدَّثَهُ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ لَمَّا قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - إِلَيْهَا قَدِمَ وَفِي يَدِهِ خَاتَمٌ مِنْ وَرِقٍ نَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: مَا هَذَا الْخَاتَمُ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَكْتُبُ إِلَى النَّاسِ فَأَفْرَقُ أَنْ يُزَادَ فِيهَا وَيُنْقَصَ مِنْهَا فَاتَّخَذْتُ خَاتَمًا أَخْتِمُ بِهِ. قَالَ: وَمَا نَقْشُهُ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله. فقال رسول الله. ص: آمَنَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ مُعَاذٍ حَتَّى خَاتَمُهُ! ثُمَّ أَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَخَتَّمَهُ.]
ذِكْرُ مَا صَارَ إِلَيْهِ أَمْرُ خَاتَمِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبِي. حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.
حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي يَدِهِ حَتَّى مَاتَ. وَفِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ حَتَّى مَاتَا. ثُمَّ كَانَ فِي يَدِ عُثْمَانَ سِتَّ سِنِينَ. فَلَمَّا كَانَ فِي السِّتِّ الْبَاقِيَةِ كُنَّا مَعَهُ عَلَى بِئْرِ أَرِيسٍ وَهُوَ يُحَرِّكُ خَاتَمَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي يَدِهِ فَوَقَعَ فِي الْبِئْرِ. فَطَلَبْنَاهُ مَعَ عُثْمَانَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهِ.
[أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ: كَانَ خَاتَمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. فَلَمَّا أَخَذَهُ عُثْمَانُ سَقَطَ فَهَلَكَ فَنَقَشَ عَلِيٌّ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. نَقْشَهُ] .
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سيرين أَنَّ خَاتَمَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَقَطَ مِنْ يَدِ عُثْمَانَ فَابْتُغِيَ فَلَمْ يوجد.(1/369)
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو يَحْيَى الرَّازِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْعَلُ فَصَّ خَاتَمِهِ مِمَّا يَلِي بَطْنَ كَفِّهِ.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي رَافِعٍ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ. فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ. فَذَكَرَ أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ «1» .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ عَنْ رُبَيْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ. وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ شَدَّادٍ أن النبي.
ص. كَانَ يَلْبَسُ خَاتَمَهُ فِي يَسَارِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ. أَخْبَرَنَا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: مَا تَخَتَّمَ رَسُولُ اللَّهِ.
ص. حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ. وَلا أَبُو بَكْرٍ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ. وَلا عُمَرُ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ. وَلا عُثْمَانُ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ. ثُمَّ ذَكَرَ ثَلاثَةً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ذِكْرُ نَعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لِنَعْلِهِ قِبَالانِ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ محمد بن علي
__________
(1) انظر: [سنن أبي داود (4226) ، وسنن الترمذي (1744) ، وسنن ابن ماجة (3647) ، وسنن السنائي، الباب (45) من الزينة، ومسند أحمد (1/ 204، 205) ، والمعجم الكبير للطبراني (8/ 91) ، ومجمع الزوائد (5/ 153) ، ومصنف ابن أبي شيبة (8/ 286) ، ومشكاة المصابيح (4391) ، (4392) ، والمشائل (8) ، وفتح الباري (10/ 326) ، وشرح السنة (12/ 67، 68) ، وكنز العمال (17400) ، (17402) ، (17412) ، (18309) ، (18311) ، وأخلاق النبي (124) ، (125) ، (126) ، (129) ، والبداية والنهاية (6/ 5) ، (10/ 121) ، وحلية الأولياء (7/ 103) ] .(1/370)
أَخْرَجَ لَهُمْ نَعْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَرَانِي مُعَقَّبَةً مِثْلَ الْحَضْرَمِيَّةِ لَهَا قِبَالانِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: كَانَتْ نَعْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا زِمَامَانِ شِرَاكُهُمَا مَثْنِيُّ فِي الْعُقْدَةِ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعُمَرُ بْنُ عَاصِمٍ قَالا: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَتْ نَعْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا قِبَالانِ. قَالَ عَفَّانُ فِي حَدِيثِهِ: مِنْ سِبْتٍ. أَيْ لَيْسَ عَلَيْهَا شَعْرٌ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: رَأَيْتُ نَعْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُخَصَّرَةً مُعَقَّبَةَ مُلَسَّنَةً لَهَا قِبَالانِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ قَالَ: أَمَرَ أَنَسٌ وَأَنَا عِنْدَهُ فَأُخْرِجَ نَعْلا لَهَا قِبَالانِ. فَسَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ يَقُولُ: هَذِهِ نَعْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أخبرنا هاشم بن القاسم. أخبرنا شعبة عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ رَأَى نَعْلَيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتَا مُقَابَلَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: ذَهَبْتُ بِنَعْلَيَّ أُشَرِّكُهُمَا بِمَكَّةَ. قَالَ: أَظُنُّهُ سَنَةَ مِائَةٍ أَوْ عَشْرٍ وَمِائَةٍ. فَأَتَيْتُ حَذَّاءً لِيُشَرِّكَهُمَا. قَالَ:
وَلَهُمَا قِبَالانِ. قَالَ فَقُلْتُ: شَرِّكْهُمَا. قَالَ فَقَالَ: أَلا أُشَرِّكُهُمَا كَمَا رَأَيْتُ نَعْلَيْ رَسُولِ الله. ص؟ قَالَ قُلْتُ: وَأَيْنَ رَأَيْتَهُمَا؟ قَالَ: عِنْدَ فَاطِمَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ قُلْتُ: شَرِّكْهُمَا. قَالَ: فَشَرَّكَهُمَا فَجَعَلَ أُذَنْيَهُمَا عَلَى الْيَمِينِ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: أَتَيْتُ حَذَّاءً بِمَكَّةَ فَقُلْتُ لَهُ: شِرِّكْ لِي نَعْلِي. فَقَالَ: إِنَّ شِئْتَ شَرَّكْتُهُمَا عَلَى الْيَمِينِ كَمَا رَأَيْتُ نَعْلَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ لَهُ: وَأَيْنَ رَأَيْتَهُمَا؟ قَالَ: رَأَيْتُهُمَا عِنْدَ فَاطِمَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ قُلْتُ لَهُ: شَرِّكْهُمَا كَمَا رَأَيْتَ نَعْلَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَشَرَّكَهُمَا كِلْتَيْهِمَا عَلَى الْيَمِينِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ. وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ جَمِيعًا عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَنْ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ حريث ورأى(1/371)
نَاسًا لا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ فَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي فِي نَعْلَيْنِ مَخْصُوفَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنْ زِيَادِ بْنِ فَيَّاضٍ عَنْ رَجُلٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْنِ مَخْصُوفَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ قَالَ: أَخْبَرَنِي أعرابي لنا قال: رأيت نعل نبيكم.
ص. مَخْصُوفَةً.
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ. وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ. وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ.
قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَمِّعٍ الأَنْصَارِيُّ. أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ قَالَ: قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ: مَا أَدْرَكْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ. ص؟ قَالَ: رَأَيْتُهُ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي حَافِيًا وَنَاعِلا. وَيَنْصَرِفُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ. وَيَصُومُ فِي السَّفَرِ وَيُفْطِرُ. وَيَشْرَبُ قَائِمًا وَقَاعِدًا.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ عَنِ الأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ:
صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنْتَعِلا وَحَافِيًا وَقَائِمًا وَقَاعِدًا. وَكَانَ يَنْصَرِفُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ.
[أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي نَعَامَةَ السَّعْدِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي إِذْ وَضَعَ نَعْلَيْهِ عَلَى يَسَارِهِ. فَأَلْقَى النَّاسُ نِعَالَهُمْ. فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلاةَ قَالَ: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ؟ قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ فَأَلْقَيْنَا. فَقَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا أَوْ أَذًى فَمَنْ رَأَى. يَعْنِي فِي نَعْلِهِ. قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُمَا ثُمَّ لِيُصَلِّ فيهما] «1» .
__________
(1) انظر: [سنن أبي داود، الباب (89) من الصلاة، والسنن الكبرى (2/ 402) ، ونصب الراية (1/ 208) ، وشرح السنة (2/ 92) ، ومشكاة المصابيح (766) ، وإرواء الغليل (1/ 314) ، تفسير القرطبي (11/ 174) ] .(1/372)
[أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: كَانَ أَكْثَرُ صَلَوَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَعْلَيْهِ. قَالَ: فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنَّ فِيهِمَا شَيْئًا. فَخَلَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعْلَيْهِ. فَخَلَعُوا نِعَالَهُمْ. فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ لَهُمْ: لِمَ خَلَعْتُمْ؟ قَالُوا: رَأَيْنَاكَ خَلَعْتَ فَخَلَعْنَا. قَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا شَيْئًا] .
أَخْبَرَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ التَّيْمِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: نَزَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
نَعْلَيْهِ فِي الصَّلاةِ. فَلَمَّا رَآهُ النَّاسُ قَدْ طَرَحَ نَعْلَيْهِ طَرَحُوا نِعَالَهُمْ. قَالَ: فَلَمَّا رَآهُمْ قَدْ طَرَحُوا نِعَالَهُمْ لَبِسَ نَعْلَيْهِ. فَمَا رُئِيَ نَازِعًا نَعْلَيْهِ بَعْدُ.
[أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن المبارك قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ قَالَ: انْقَطَعَ شِرَاكُ نعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَوَصَلَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَرِيرٍ فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ. فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ قَالَ لَهُمْ: انْزَعُوا هَذَا وَاجْعَلُوا الأَوَّلَ مَكَانَهُ. قِيلَ: كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إِنِّي كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَأَنَا أُصَلِّي] «1» .
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ. أَخْبَرَنِي الأَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ فِي طُهُورِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَنَعْلِهِ «2» . قَالَ عَفَّانُ فِي حَدِيثِهِ قَالَ: ثُمَّ سَأَلْتُهُ بَعْدُ بِالْكُوفَةِ. فَقَالَ: التَّيَمُّنُ مَا اسْتَطَاعَ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْتَعِلُ قَائِمًا وَقَاعِدًا. وَيَشْرَبُ قَائِمًا وَقَاعِدًا. وَيُتَقَبَّلُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لابْنِ عُمَرَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَرَاكَ تَسْتَحِبُّ هَذِهِ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ. قَالَ:
إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يلبسها ويتوضأ فيها.
__________
(1) انظر: [كنز العمال (20085) ] .
(2) انظر: [مسند أحمد (6/ 202) ، وأخلاق لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (261) ] .(1/373)
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُهُ وَهُوَ يُحَدِّثُ أَبِي قَالَ: جِئْتُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَقُلْتُ لَهُ:
رَأَيْتُكَ لا تَلْبَسُ مِنَ النِّعَالِ إِلا السِّبْتِيَّةَ. فَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُ ذَلِكَ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ. أَخْبَرَنَا الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: كَانَ أَنَسٌ صَاحِبَ نَعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِدَاوَتِهِ.
ذِكْرُ خُفِّ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا دَلْهَمُ بْنُ صَالِحٍ. حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ صَاحِبَ الْحَبَشَةِ أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُفَّيْنِ سَاذَجَيْنِ.
فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ دَلْهَمِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ حُجَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّجَاشِيَّ أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُفَّيْنِ أَسْوَدَيْنِ سَاذَجَيْنِ.
فَلَبِسَهُمَا وَمَسَحَ عَلَيْهِمَا.
ذِكْرُ سِوَاكِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ أَوْ غَيْرُهُ عَنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَتْنَا أُمُّ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لا يَرْقُدُ لَيْلا وَلا نَهَارًا فَيَسْتَيْقِظُ إِلا تَسَوَّكَ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ «1» .
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ أَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ الْبَصْرِيُّ. أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ شَدَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ السِّوَاكُ قَدْ أَحْفَى لِثَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حُرَّةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُوضَعُ له السواك من الليل. وكان
__________
(1) انظر: [سنن أبي داود (57) ، ومسند أحمد (6/ 121، 160) ، ومصنف ابن أبي شيبة (1/ 169) ، وشرح السنة (1/ 396) ، ومشكاة المصابيح (383) ، والدر المنثور (1/ 113) ، وكنز العمال (8248) ] .(1/374)
اسْتَأْنَفَ السِّوَاكَ فَكَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ اسْتَاكَ. ثُمَّ تَوَضَّأَ. ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ.
ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِي رَكَعَاتٍ. ثُمَّ أَوْتَرَ.
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عن غيلان بن جرير عن أبي هريرة عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَسْتَنُّ بِمِسْوَاكٍ بِيَدِهِ. وَالْمِسْوَاكُ فِي فِيهِ. وَهُوَ يَقُولُ: عَا عَا. كَأَنَّهُ يَتَهَوَّعُ.
أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ. أَخْبَرَنَا الْحُسَامُ بْنُ مِصَكٍّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ:
اسْتَاكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجَرِيدِ رُطَبٍ وَهُوَ صَائِمٌ. فَقِيلَ لِقَتَادَةَ: إِنَّ أُنَاسًا يَكْرَهُونَهُ.
قَالَ: اسْتَاكَ وَاللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجَرِيدِ رُطَبٍ وَهُوَ صَائِمٌ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مِنْدَلٌ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسَافِرُ بِالسِّوَاكِ.
ذِكْرُ مُشْطِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِكْحَلَتِهِ وَمِرْآتِهِ وَقَدَحِهِ
أخبرنا الفضل بن دكين. أخبرنا مندل عن ابن جريج قال: كان لرسول الله.
ص. مُشْطُ عَاجٍ يَتَمَشَّطَ بِهِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا مِنْدَلٌ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسَافِرُ بِالْمُشْطِ وَالْمِرْآةِ وَالدُّهْنِ وَالسِّوَاكِ وَالْكُحْلِ «1» .
أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ رَبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكْثِرُ دُهْنَ رَأْسِهِ وَيُسَرِّحُ لِحْيَتَهُ بِالْمَاءِ «2» .
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِكْحَلَةٌ يَكْتَحِلُ بِهَا عِنْدَ النَّوْمِ ثَلاثًا فِي كُلِّ عَيْنٍ.
__________
(1) انظر: [تفسير القرطبي (7/ 198) ] .
(2) انظر: [شرح السنة (12/ 82) ، والحاوي (2/ 19) ، ومشكاة المصابيح (4445) ، وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلّم (173) ، والأحاديث الصحيحة (720) ، وتفسير القرطبي (7/ 198) ، والشمائل (23) ] .(1/375)
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْتَحِلُ فِي عَيْنِهِ الْيُمْنَى ثَلاثَ مَرَّاتٍ وَالْيُسْرَى مَرَّتَيْنِ «1» .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ وَمُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالا: أَخْبَرَنَا حِبَّانُ عَنْ مُحَمَّدِ ابن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَكْتَحِلُ بِالإِثْمِدِ وَهُوَ صَائِمٌ «2» .
[أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ. أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ. وَأَخْبَرَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ. أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ خُثَيْمٍ الْمَكِّيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال قال رسول الله. ص: عَلَيْكُمْ بِالإِثْمِدِ فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ «3» . قَالَ سُرَيْجٌ فِي حَدِيثِهِ: وَإِنَّهُ مِنْ خَيْرِ أَنْجَالِكُمْ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا مِنْدَلٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: أَهْدَى الْمُقَوْقَسُ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -
قدح زجاج كَانَ يَشْرَبُ فِيهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. حَدَّثَنَا مِنْدَلٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ:
كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدَحُ زُجَاجٍ فَكَانَ يَشْرَبُ فِيهِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عن حميد قال: رأيت قدح النبي.
ص. عِنْدَ أَنَسٍ فِيهِ فِضَّةٌ. أَوْ قَدْ شُدَّ بِفِضَّةٍ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ قَالَ: ذُكِرَ لِي أَنَّهُ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُغْتَسَلٌ مِنْ صُفْرٍ.
ذِكْرُ سُيُوفِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا محمد بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ
__________
(1) انظر: [شرح السنة (12/ 119) ، والأحاديث الصحيحة (6333) ، وإرواء الغليل (1/ 119) ] .
(2) انظر: [السنن الكبرى (4/ 262) ، ومجمع الزوائد (3/ 167) ، وكنز العمال (18084) ] .
(3) انظر: [سنن ابن ماجة (3495) ، (3496) ، وسنن الترمذي (1757) ، والسنن الكبرى (4/ 261) ، (9/ 346) ، وشرح السنة (12/ 118) ، والشمائل (49) ] .(1/376)
ابن سُهَيْلٍ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ فِي الْهِجْرَةِ بِسَيْفٍ كَانَ لأَبِي مَأْثُورٍ.
يَعْنِي أَبَاهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَنِمَ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ مِثْلَهُ فَأَقَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْمَهُ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَأَحْمَدُ ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالُوا: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: أَخْرَجَ إِلَيْنَا عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ سَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا قَبِيعَتُهُ مِنْ فِضَّةٍ. وَإِذَا حَلْقَتُهُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْحَمَائِلُ مِنْ فِضَّةٍ وَسِلْسِلَتُهُ. فَإِذَا هُوَ سَيْفٌ قَدْ نَحِلَ. كَانَ لِمُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ السَّهْمِيِّ أَصَابَهُ يَوْمَ بَدْرٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُورِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ الله ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَنَفَّلَ سَيْفًا لِنَفْسِهِ يَوْمَ بَدْرٍ يُقَالُ لَهُ ذُو الْفَقَارِ. وَهُوَ الَّذِي رَأَى فِيهِ الرُّؤْيَا يَوْمَ أُحُدٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ قَالَ: بَلَغَنِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. أَنَّ اسْمَ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذُو الْفَقَارِ وَاسْمَ رَايَتِهِ الْعِقَابُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ: أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ سِلاحِ بَنِي قَيْنُقَاعَ ثَلاثَةَ أَسْيَافٍ.
سَيْفٌ قَلَعِيُّ. وَسَيْفٌ يُدْعَى بَتَّارًا. وَسَيْفٌ يُدْعَى الْحَتْفَ. وَكَانَ عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْمِخْذَمُ وَرَسُوبٌ أَصَابَهُمَا مِنَ الْفُلْسِ.
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ أَخْبَرَنَا خُصَيْفٌ عَنْ مُجَاهِدٍ وَزِيَادُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالا: كَانَ سَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْفِيًّا لَهُ قَرْنٌ «1» .
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: قَرَأْتُ فِي جَفْنِ سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذِي الْفَقَارِ: الْعَقْلُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. وَلا يُتْرَكْ مُفَرَّحٌ فِي الإِسْلامِ. وَالْمُفَرَّحُ يَكُونُ فِي الْقَوْمِ لا يُعْلَمُ لَهُ مَوْلًى. وَلا يُقْتَلْ مُسْلِمٌ بكافر.
__________
(1) انظر: [الكنى والأسماء للدولابي (2/ 76) ، وأخلاق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (140) ، (141) ] .(1/377)
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ. أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ. وَأَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ وَالأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالا:
أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَتْ قَبِيعَةُ سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فِضَّةً.
قَالَ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ فِي حَدِيثِهِ: وَكَانَتْ نَعْلُ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِضَّةً.
وَقَبِيعَتُهُ فِضَّةً. وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ حِلَقُ فِضَّةٍ.
أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وعبد الوهاب بن عطاء قالا: أخبرنا هشام الدَّسْتُوَائِيُّ.
أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ: كَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ فِضَّةٍ.
[أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ. أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ نَعْلُ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحِلَقُهُ وَقِبَاعَتُهُ مِنْ فِضَّةٍ] «1» .
ذِكْرُ درع رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ: أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ سِلاحِ قَيْنُقَاعَ دِرْعَيْنِ. دِرْعٌ يُقَالُ لَهَا السَّعْدِيَّةُ. وَدِرْعٌ يُقَالُ لَهَا فِضَّةٌ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُمَرَ عَنْ جعفر بن محمود عن محمد ابن مَسْلَمَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ دِرْعَيْنِ. دِرْعَهُ ذَاتَ الْفُضُولِ.
وَدِرْعَهُ فِضَّةً. وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ خَيْبَرَ دِرْعَيْنِ. ذَاتَ الْفُضُولِ. وَالسَّعْدِيَّةَ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: أَخْرَجَ إِلَيْنَا عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ دِرْعَ رَسُولِ اللَّهِ.
ص. فَإِذَا هِيَ يَمَانِيَةٌ رُقَيْقَةٌ ذَاتُ زَرَافَيْنِ. إِذَا عُلِّقَتْ بِزَرَافِينِهَا لَمْ تَمَسَّ الأَرْضَ. وَإِذَا أُرْسِلَتْ مَسَّتِ الأَرْضَ.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ. وأخبرنا خالد ابن خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ جَمِيعًا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ فِي دِرْعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَلَقَتَانِ مِنْ فِضَّةٍ عِنْدَ مَوْضِعٍ. قَالَ عَبْدُ الله: الثدي. وقال خالد:
__________
(1) انظر: [سنن النسائي، الباب (115) من الزينة) ] .(1/378)
الصَّدْرِ. وَحَلَقَتَانِ خَلْفَ ظَهْرِهِ مِنْ فِضَّةٍ. قَالَ خَالِدٌ فِي حَدِيثِهِ عَنْ جَعْفَرٍ. قَالَ أَبِي:
فَلَبِسْتُهَا فَخَطَّتْ فِي الأَرْضِ] .
[أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ. حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَهَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِرْعًا لَهُ عِنْدَ أَبِي الشَّحْمِ الْيَهُودِيِّ. رَجُلٌ مِنْ بَنِي ظُفُرٍ. فِي شَعِيرٍ] .
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَتْ: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّ دِرْعَهُ لَمَرْهُونَةٌ. قَالَ يَزِيدُ فِي حَدِيثِهِ: بِثَلاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ فِي حَدِيثِهِ: بِسِتِّينَ صَاعًا.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمِثْلِهِ. وَزَادَ أَحَدُهُمَا رِزْقًا لِعِيَالِهِ.
أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ. أَخْبَرَنَا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ.
حَدَّثَتْنِي أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُوُفِّيَ يَوْمَ تُوُفِّيَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ بِوَسْقِ شَعِيرٍ.
ذِكْرُ تُرْسِ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ مَكْحُولا يَقُولُ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُرْسٌ فِيهِ تِمْثَالُ رَأْسِ كَبْشٍ فَكَرِهَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَانَهُ. فَأَصْبَحَ وَقَدْ أَذْهَبَهُ اللَّهُ.
ذِكْرُ أَرْمَاحِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِسِيِّهِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ: أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ سِلاحِ بَنِي قَيْنُقَاعَ ثَلاثَةَ أَرْمَاحٍ.
وَثَلاثَ قِسِّيٍّ. قَوْسٌ اسْمُهَا الرَّوْحَاءُ. وَقَوْسٌ شَوْحَطٌ تُدْعَى الْبَيْضَاءُ. وَقَوْسٌ صَفْرَاءُ تُدْعَى الصَّفْرَاءُ مِنْ نَبْعٍ.(1/379)
ذِكْرُ خَيْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَوَابِّهِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَوَّلُ فَرَسٍ مَلِكَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَسٌ ابْتَاعَهُ بِالْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ بِعَشْرِ أَوَاقٍ. وَكَانَ اسْمُهُ عِنْدَ الأَعْرَابِيِّ الضِّرْسُ. فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّكْبَ.
فَكَانَ أَوَّلُ مَا غَزَا عَلَيْهِ أُحُدًا لَيْسَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ فَرَسٌ غَيْرَهُ. وَفَرَسٌ لأَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ يُقَالُ لَهُ مُلاوَحٌ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَسٌ يُدْعَى السَّكْبُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ علقمة بن أبي عَلْقَمَةَ قَالَ: بَلَغَنِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. أَنَّ اسْمَ فَرَسِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّكْبُ وَكَانَ أَغَرَّ مُحَجَّلا طَلِقَ الْيَمِينِ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْحُرِّيتِ عَنْ أَبِي لَبِيدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: رَاهَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهَا سَيْحَةُ.
فَجَاءَتْ سَابِقَةً. فَهَشَّ لِذَلِكَ وَأَعْجَبَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَسٌ يُدْعَى الْمُرْتَجِزُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنِ الْمُرْتَجِزِ. فَقَالَ: هُوَ الْفَرَسُ الَّذِي اشْتَرَاهُ. يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الأَعْرَابِيِّ الَّذِي شَهِدَ لَهُ فِيهِ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ. وَكَانَ الأَعْرَابِيُّ مِنْ بَنِي مُرَّةَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أُبَيُّ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ:
كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدِي ثَلاثَةُ أَفْرَاسٍ: لِزَازٌ. وَالظِّرْبُ. وَاللُّحَيْفُ. فَأَمَّا لِزَازٌ فَأَهْدَاهُ لَهُ الْمُقَوْقَسُ. وَأَمَّا اللُّحَيْفُ فَأَهْدَاهُ لَهُ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي الْبَرَاءِ فَأَثَابَهُ عَلَيْهِ فَرَائِضَ مِنْ نَعَمِ بَنِي كِلابٍ. وَأَمَّا الظَّرِبُ فَأَهْدَاهُ لَهُ فَرْوَةُ بْنُ عُمَيْرٍ الْجُذَامِيُّ. وَأَهْدَى تَمِيمٌ الدَّارِيُّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَسًا يُقَالُ لَهُ الْوَرْدُ. فَأَعْطَاهُ عُمَرَ. فَحَمَلَ عليه عمر. رضي الله عَنْهُ. فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَوَجَدَهُ يُبَاعُ.
[أَخْبَرَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى. أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ(1/380)