حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن مُحَمَّد بْن حصين، قال: حَدَّثَنِي أَبُو سعيد الكندي قَالَ: حَدَّثَنَا ابن إدريس، قال: سمعت أبي يذكر، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قال: قَالَ لي: إياس بْن معاوية: إياك وما يستتبع الناس من الكلام، وعليك بما تعرفه من القضاء.
حَدَّثَنِي علي بْن مُحَمَّد ابن أبي الشوارب، قال: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن يسار قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قال: ما خاصم سليمان الأعمش قط رجلاً من أصحابنا إِلَّا كان عليه القضاء، وأنه أتاني يوماً فخاصم إِلَى أبيه، وكان عليه حق، فأخذ برقبته فعضها فدار عليه القضاء.
أَخْبَرَنِي علي بْن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا إبراهيم، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قَالَ: قدم علينا عَبْد اللهِ بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز أميراً على الكوفة، فنزل الحيرة فأتيته، فقلت: هَلْ رأيت مسجدنا ? قال: لا؛ قلت: لو رأيته ما رأيت مسجداً أطول عماداً، ولا أوسع بلاداً منه؛ قلت: فهل رأيت قراناً ? قال: لا، قلت: لو رأيته ما رأيت لهم أمثلة، لا يدرك آخره أوله.
أَخْبَرَنَا علي بن، مُحَمَّد، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان، قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: قَالَ لي: عَبْد اللهِ بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز: ألا ترفع إليَّ حوائجَك ? فإنما يكفيك كتاب مثل هَذَا، فأقضى حوائجك، قلت له: أصلح الله الأمير ما سألت أحداً من الناس شيئاً استكثرته ولا الدنيء.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن خلف، قَالَ: أَخْبَرَنِي عبيد الله بْن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قال: قَالَ: ابن هبيرة: لا يصلح للقضاء إِلَّا الفهم الورع العالم.(3/50)
حَدَّثَنِي الفضل بْن الْحَسَن البصري، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الرحمن، قال: حَدَّثَنَا ابن فضيل، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قَالَ: سمعت الفرزدق يقول: ما رأيت أحداً أشر من عِمْرَان بْن حطان، كان أشعر الناس، قلت: كيف ? قال: لو أراد أن يقول ما قلت لقال، ونحن لا نقدر أن نقول كما قَالَ:.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الجبار بْن العلاء، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان، قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: أتى الفرزدق فجعل ينشد، فَقَالَ لَهُ عمارة بْن القعقاع بْن ناجية: يا أبا فراس أين الله? فقال: يا ابن أخي إنما هي كلمة واحدة فإذا هي قد هدمت ما ترى.
قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الجبار، حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ قال: يا أبا هريرة. وقال: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الجبار، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن ابن شُبْرُمَةَ، قَالَ: أتانا الفرزدق بالكوفة، فأهدينا إليه جزوراً، فَقَالَ: يا أبطر اجعل عقلها السيف ولا تكن مثل ابن المراغة يعني جريراً.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أبي الدنيا، قال: حَدَّثَنِي إسماعيل بْن حفص، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن فضيل، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قَالَ: قلت للكميت الأسدي الشاعر: إنك قلت في بني هاشم فأحسنت، وقد قلت في بني أمية أفضل مما قلت في بني هاشم. قَالَ: إني إِذَا قلت أحب أن أحسن.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن مُحَمَّد الزهري، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ قال: قَالَ: على رمضان قدداً قضوه قدا (؟؟؟) .
أَخْبَرَنَا أَبُو بكر الرمادي، قال. حَدَّثَنَا أَبُو إسحاق، الطالقاني، قال:(3/51)
حَدَّثَنَا جرير، قال: أظن ابن شُبْرُمَةَ حَدَّثَنِي، قال: قيل لطلحة بْن مصرف: ألا تنم ? قَالَ: إني أكره أن يسكن في بيتي مسلم.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، قال: حَدَّثَنَا عُمَر، قال: حَدَّثَنَا جرير، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الْحَسَنِ قال: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:ليملأن الله أيديكم من الأعاجم ثم يجعلهم أسداً لا يفرقون فيضربون رقابكم ويأكلون فيكم.
وقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:الحمى رائد الموت سجن الله في الأرض.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سعيد عَن أَحْمَد بْن بشير عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الْحَسَن، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:لا تحلفوا بآبائكم، ولا بالطواغيت، ولا تحلفوا إِلَّا بالله فإن الله لا يحلف إِلَّا به.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الأزدي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حميد، قَالَ: حَدَّثَنَا جرير عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الْحَسَن، قَالَ: أغيلمة حيارى ما لهم تعاقدوا إن أجبناهم لم يفهموا وإن سكتنا عنهم أسلمناهم إِلَى غي شديد لولا ما أخذ الله على العالم في علمه إن أجبناهم إِلَّا قليلاً.
وعن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الْحَسَنِ في قوله: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ [يوسف: 76} قال: ليس عالماً إِلَّا فوقه عالم، حتى رجع الأمر إِلَى الله عز وجل.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن أبي سعد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خيثمة، قَالَ: حَدَّثَنَا جرير، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الْحَسَن، قَالَ: بؤسا له رأي منكراً، فأنكر فركب أنكر منه.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الجبار، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الْحَسَن: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ [آل عِمْرَان:159} قَالَ: أما والله(3/52)
لقد علم أنه ليس به إليهم حاجة، ولكن أراد أن يستن به من بعده.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا عُثْمَان قَالَ: حَدَّثَنَا جرير وأراه عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الْحَسَن، لا بأس أن تحج المرأة التي لها محرم إِذَا حجت إِلَّا حجة الإسلام.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن حماد الذهلي، قَالَ: حَدَّثَنَا عيسى بْن راشد، قَالَ: سئل ابن شُبْرُمَةَ، عَن قول الله عز وجل: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ [فاطر: 32] فَقَالَ: الْحَسَن: الظالم لنفسه في النار، والمقتصد ناج، والسابق ناج.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو موسى الأنصاري قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بشير عَن ابن شُبْرُمَةَ عَن الْحَسَنِ: {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ [الرحمن:60} قال: هي للبر والفاجر.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن هشام عَن سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ. عَن الْحَسَنِ: {عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ [المزّمِّل:20} :لن تطيقوه.
أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزير الوراق، قَالَ: حَدَّثَنَا إسحاق بْن إسماعيل، قَالَ: حَدَّثَنَا جرير عَن ابن شُبْرُمَةَ، قَالَ: قَالَ: الْحَسَن لابن سيرين: سفعاً سفعاً ودفعاً دفعاً، عنا للخازم وأراك لأهل تعبير الرؤيا كأنك من آل يعقوب.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن الأصبهاني، قَالَ: حَدَّثَنَا شريك، قال: سمعت ابن شُبْرُمَةَ منذ ستين سنة، يذكر عَن الْحَسَنِ: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ [الشرح:4} قال: إِذَا ذكر معه.
حَدَّثَنِي ابن عَبْد الواحد قال: حَدَّثَنَا أَبُو بكر، قَالَ: حَدَّثَنَا شريك عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الْحَسَنِ، في قوله: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ [الشرح:1} لي فملىء حلماً وعلماً." وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ [2] الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ [3] وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ [الشرح:2- 4] بلى لا أذكر إِلَّا ذكرت.(3/53)
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى البرني، حَدَّثَنَا مسلم بْن إبراهيم، قال: حَدَّثَنَا وهيب، قال: حَدَّثَنَا بْن شُبْرُمَةَ، عَن سعيد بْن جبير، أنه دخل الكعبة فقرأ القرآن في ركعة.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل، قال: حَدَّثَنِي أَبُو مَعْمَر، وشريح، قال: حَدَّثَنَا هشام عَن ابن شُبْرُمَةَ، سئل سعيد بْن جبير، عَن نبيذ الزبيب، قَالَ: تلك الخمر نجانا شريح بعد موته.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، قال: حَدَّثَنَا ابن أَحْمَد قَالَ: حَدَّثَنَا جرير، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن سعيد بْن جبير، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: ما بين المشرق والمغرب قبلة.
حَدَّثَنِي محمود بْن مُحَمَّد المروزي، قَالَ: أَخْبَرَنَا حماد بْن موسى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد اللهِ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن سعيد بْن جبير، قَالَ: ما بالهما يغسلان قبل الشعر، فإذا كان الشعر لم يكن يغسلا يعني العارضين.
حَدَّثَنِي المخرمي، قال. حَدَّثَنَا أَبُو داود، عَن سيان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن سعيد نحوه. حَدَّثَنَا الرمادي، قَالَ: حَدَّثَنَا هاد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن فضيل، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن أبيه، قَالَ لي: تني كويت بكل بيت قلته فيه، فبلغ العظم أي لم أقذف محصنة ولم أنف رجلاً من أبيه.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن منصور الرمادي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن عيينة، قَالَ: كان ابن شُبْرُمَةَ يجالس ابن أبي نجيح، فسأله عَن المناسك وغيرها فيجيبه، فسأله يوماً عَن شيء فأجابه، وأسنده له، ثم سأله عَن شيء آخر، فأجابه فَقَالَ لَهُ: لم تعد قولك يا أبا يسار ? فَقَالَ لَهُ(3/54)
ابن نجيح: أنا لا أقول ولا أسوق إنما أخذتك بما سمعت.
قَالَ: عَبْد الرزاق: ولم يكن ابن شُبْرُمَةَ في الحج بشيء.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إسحاق الصغاني، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النضر، قَالَ: حَدَّثَنَا شعبة، عَن ابن شُبْرُمَةَ؛ قال: سمعت عُمَر بْن مرة فقال: سألت عنها سعيد ابن جبير، فقال: فرق يعني نصرانياً عنده نصرانية فتسلم.
حَدَّثَنِي الحارث قال: حَدَّثَنِي عَبْدُ العزيز بْن أبان، قال: حَدَّثَنَا شعبة عَن مغيرة، وابن شُبْرُمَةَ، قال: كان نقش خاتم إبراهيم: نحن بالله وله.
حَدَّثَنَا إسماعيل بْن إسحاق القاضي؛ قال: حَدَّثَنَا سليمان بْن حرب؛ قال: حَدَّثَنَا حماد بْن زيد، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قال: زوج رجل ابن أخيه أمة، فولدت فأراد أن يبيع ولده، فَقَالَ: ابن مسعود: ما ذاك لك، تبيع ولد ابن أخيك ? ثم قَالَ: وعم، قَالَ: سلمة بْن كهيل.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، قال: حَدَّثَنَا عثمان، قَالَ: حَدَّثَنَا جرير عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الحارث العكلي، في رجل ورث خمراً، قال: يجعل فِيْهِ الملح حتى يصير خلاً.
حفص بْن عُمَر الرماني، قال: حَدَّثَنَا ابن مهدي، قال: حَدَّثَنَا حماد ابن زيد، عَن ابن شُبْرُمَةَ عَن الحارث العكلي، عَن إبراهيم، قال: من ملك ذا رحم فهو حر، فقلت للحارث ما هَذَا ? فانتهينا إِلَى المحارم.
حَدَّثَنَا علي بْن حرب الموصلي؛ قال: حَدَّثَنَا قاسم، عَن الجرمي، عَن سُفْيَان عَن ابن شُبْرُمَةَ عَن الحارث العكلي، في الجارية تكون بين الرجلين فيطأها أحدهما، قال: عليه نصف قيمتها ولا عقل.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن أبي سعيد، عَن يعقوب الدوري، عَن هشيم، عَن(3/55)
ابن شُبْرُمَةَ، عَن الحارث كان يرى في الصداق شفعة.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ ابن أبي الدنيا، عَن كتاب عَبْد اللهِ بْن سعيد، عَن إدريس؛ قال: سمعت ابن شُبْرُمَةَ يقول: ما أحد أبر علي في علم من حماد.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ الأودي قال: حَدَّثَنَا أيوب الوزان، مسيب قال: حَدَّثَنَا أَبُو إسحاق الفزاري، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن شُبْرُمَةَ، عَن حماد؛ قال: قَالَ: عُمَر: إِذَا أخذت الأعراب لم أجز نكاحهم.
قال: وَحَدَّثَنَا المسيب، قال: حَدَّثَنَا إسحاق، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن حماد، سألت إبراهيم وسعيد بْن جبير، ومجاهداً عَن الصوم، في السفر فكلهم قال: إن صام فحسن، وإن أفطر فحسن.
حَدَّثَنِي عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الحكم؛ قال: حَدَّثَنَا حامد بْن يحيى قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ قال: حَدَّثَنِي طبيب لابن هبيرة أن نومة بالحيرة تعدل أشربة دواء.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حسان الأزرق؛ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بْن مهدي قال: حَدَّثَنَا حماد بْن زيد. عَن ابن شُبْرُمَةَ، قال: قَالَ: إبراهيم: إن العالم إِذَا نزل به في صلاته أمر نظر إِلَى أوثق الأمور فأخذ به.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل؛ قال: حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن عيسى؛ قال. حَدَّثَنَا جرير، قال: سمعت ابن شُبْرُمَةَ يقول: رحم الله إبراهيم رخص في النبيذ والأمة على غير ذلك.
حَدَّثَنَا إسماعيل بْن إسحاق، قال: حَدَّثَنَا سليمان بْن حرب قَالَ: حَدَّثَنَا حماد بْن يزيد عَن ابن شُبْرُمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مولى لنا، قال: قَالَ: إبراهيم: ما لرسولنا إِذَا أتاك لم يجدك، ومن الذي إِذَا لم يجدك قام معه فاشترى له(3/56)
حوائجه ? فقلت: ذاك فلان يا أبا عِمْرَان، إن جيراناً لنا يأمرونني بحوائجهم، لوددت أنهم قاسموني فكان يوم لهم ويوم لسوقي، قال: لا يزهد في ذلك، فإنه كان يُقَالُ: كل معروف صدقة".
قَالَ: فاتي بطعام فقمت، فقال: ادن كل، قلت: لا أريد قال: ادن، قلت: لا أريد؛ قَالَ: أقسمت، قلت: لا أريد، قَالَ: بر بيميني، قلت: ويمين هي ? قَالَ: نعم.
علي بْن سهل قَالَ: حَدَّثَنَا عفان، قال: حَدَّثَنَا شعبة؛ قال: سألت ابن شُبْرُمَةَ، عَن خاتم فِيْهِ فص يباع بأكثر من وزنه؟ قَالَ: كان إبراهيم يكرهه.
حَدَّثَنِي عَبْدُ الواحد؛ قال: حَدَّثَنَا عُثْمَان قال: حَدَّثَنَا جرير عَن ابن شُبْرُمَةَ عَن سبال، عَن عَائِشَة في قوله: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً [الانشقاق:8} قال: يعرفه ذنوبه ثم يتجاوز له عنها.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن العباس الكابلي؛ قال: حَدَّثَنَا زِيَاد بْن يحيى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عتاب، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُومكين، قال: لما هلك ابن عون بْن عَبْد اللهِ جاء ابن شُبْرُمَةَ، حتى دخل فوقف على دابة طويلاً فَقَالَ لَهُ حبيب ابن أبي ثابت: أن هَذَا لا يصلح ما نزل.
حَدَّثَنِي يعقوب بْن يوسف الطوعي قال: حَدَّثَنِي أَبُو مَعْمَر قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قال: قَالَ: عَبْد اللهِ لتميم بْن جذيم: إن استطعت أن تكون أنت المحدث فافعل.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن خلف، قال. حَدَّثَنَا عثمان، قال. حَدَّثَنَا جرير، قَالَ: سمعت ابن شُبْرُمَةَ، يقول: ليت هَذَا المجنون الذي يروي عَن طاوس في الرجل يحل للرجل فرج أمته أنه لا بأس به.
قال. وكرهه ابن شُبْرُمَةَ.(3/57)
حَدَّثَنَا علي بْن حرب الطائي، قال: حَدَّثَنَا بْن فضيل، قَالَ: سمعت ابن شُبْرُمَةَ يقول إِذَا بينت الحديث عَن علي أخذنا به وتركنا من سواه.
قَالَ: حماد بْن الْحَسَن حَدَّثَنِي أَبُو علي الحنفي، قال: حَدَّثَنَا قرة، قال. قَالَ لي: ابن شُبْرُمَةَ سمعت بدرع بني قفل فإن رجلاً منهم أصاب درعاً من القاسم، فجئ بها إِلَى علي فتشاهدوا عليه فلم يقبل شهادتهم لأن لهم فيها نصيباً فانطلق بالدرع فذهب بها.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنعَمْرو بْن أبي سعد، قال. حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حميد، قَالَ: قال: حَدَّثَنَا جرير، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قَالَ: كان عَبْد الرحمن بْن أبي نعيم يحرم من السنة إِلَى السنة فآذاه العمل فدعا ربه فوقعت كبة بين عينيه.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنعَمْرو قال. حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عِمْرَان الأخنسي، قَالَ: سألت مُحَمَّد بْن خضير، فحَدَّثَنِي قال: حَدَّثَنِي أبي، قال. دخل كدربرزبه الحارثي يعوده، وهو مبرسم، فتفل في أذنه فبرأ.
حَدَّثَنِي ابن أبي سعيد، قال. حَدَّثَنَا عثمان، قال. حَدَّثَنَا جرير، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قال. عاد علي رضي الله عنه صعصعة بْن صوحان، فَقَالَ لَهُ إنك ما علمت خفيف المؤنة حسن المعونة، فَقَالَ: صعصعة. وأنت والله ما علمت، إن الله في عينيك لعظيم، وإنك بذات الله لعليم.
حَدَّثَنِي ابن أبي سعيد، قال. حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن أبي شيبة، قال. حَدَّثَنَا جرير عَن ابن شُبْرُمَةَ قال: قَالَ: عَمْرو بْن العاص بين الأمور أمور، التقدم عليها يحسن، والتأخر عنها يحسن.
حَدَّثَنِي فضيل بْن مُحَمَّد الحاسب، قال. حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن منصور النحوي، قال: حَدَّثَنَا علي بْن عاصم، قال: حَدَّثَنَا ابن شُبْرُمَةَ، عَن بعض(3/58)
أصحابه، قال. بينما معاوية في نفر من أصحابه، ومنهم الأحنف بْن قيس، إِذ قَالَ: رجل: لو أن أبا سُفْيَان ولد الناس ولدهم حلماء! قَالَ: الأحنف: لكنه ولد الناس من هو عند الله خير من أبي سُفْيَان، ولدهم آدم أَبُو البشر، فكان فيهم العالم والسفيه والحليم، فَقَالَ: معاوية: يا أحنف إن كنت لأكره أن أراك خطيباً، قَالَ: الأحنف: يا معاوية إني كنت لأكره أن أراك أميراً، فلم يقل له معاوية شيئاً.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، قال. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن سعيد؛ قال: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن بشير، قال: حَدَّثَنَا ابن شُبْرُمَةَ، عَن عكرمة: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً [مريم: 24} قال: نهر.
وعن عكرمه في قوله: {الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [النور: 3} لا ينكحها إِلَّا وهو كذاك.
وعن عكرمة في قوله: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ [الأحزاب: 59} تدني الجلباب حتى لا يرى ثغرة نحرها.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن مُحَمَّد بْن حسن، قال: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن عَبْد اللهِ، قال: أَخْبَرَنَا هشام، قال: أَخْبَرَنَا ابن شُبْرُمَةَ، قال: أَخْبَرَنِي عَبْد العزيز بْن وكيع، قال: بعت جارية إِلَى أجل وأوجبتها له، فسألت عنه بعد، فقيل لي: إنه مفلس، فجاء يطلبها مني، فأبيت أن أدفعها إليها، فخاصمني إِلَى شريح، فقلت: إني بعت من هَذَا جارية إِلَى أجل، وإني سألت عنه فقيل لي: إنه مفلس لا شيء له، فجاء يطلبها مني. فَقَالَ: شريح: مالك حَيْثُ وضعته، فادفع إِلَى الرجل جاريته، فقلت: لا أدفعها إليه لأنه مفلس، وأخاف أن يذهب مالي، قَالَ لي: قم فالزمه ما بيني وبين أن أقوم بأن دفعها إليك، وإلا فأتني به قبل أن أقوم حتى أحبسه لك.
حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن علي بْن فضل بْن يزيد بْن صليح المروزي، قال:(3/59)
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يوسف الفريابي، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن عُمَر بْن عَبْد العزيز، في رجل زوج ابنته واشترط لنفسه قَالَ: هو لها.
حَدَّثَنَا سعد بْن نصر، قال: حَدَّثَنَا علي بْن عاصم، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ ابن شُبْرُمَةَ، قال: وفد جرير على عُمَر بْن عَبْد العزيز، فأبطأ عنه الإذن فنظر إِلَى عون بْن عَبْد اللهِ يدخل بغير إذن وعليه عمامة قد سدلها فقال:
يا أيها الرجل المرخي عمامته ... هَذَا زمانك إني قد مضى زمني
أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه ... أني لدى الباب كالمشدود في قرن
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن زنجويه، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزاق، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ: أن عُمَر بْن عَبْد العزيز قضى في ولي امرأة زوجها واشترط على زوجها شيئاً لنفسه، فقضى أنه من صداقها.
الشعبي
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الجبار أَبُو عُمَر التميمي، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن فضيل، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الشعبي، قال: آيتان في أهل الكتاب وآية فينا:
{وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة: 44} فينا.
و: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [المائدة: 45}
و: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [المائدة: 47} في أهل الكتاب.
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الجبار، قال: حَدَّثَنَا ابن فضيل، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قال: سألت الشعبي عَن القنوت قال: الصلاة كلها قنوت، قلت: فإنه بلغنا أن عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كان يقنت، قال: إن علياً كان يفعل ذلك في الحرب، إنما هلكتم حين دعا بعضكم على بعض.
حَدَّثَنَا إسماعيل بْن إسحاق، قال: حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد اللهِ، قال: حَدَّثَنَا(3/60)
سُفْيَان، قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: كان الشعبي يقول: اسقني أهون موجود، وأعظم مفقود يعني الماء.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن عُمَر بْن أبي سعد، قال: حَدَّثَنَا عثمان، قال: حَدَّثَنَا جرير، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قَالَ: سألنا الشعبي عَن هَذَا البيت:
بدلته الشمس من منبته ... برداً أبيض مصقول الأسر
فلم يدر ما رد وما رد عليه، فَقَالَ: كان الصبي في الجاهلية إِذَا أثغر أقبل بسنه على الشمس، فحذفها ثم قال: ابدليني خيراً منه.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا القاسم بْن يزيد بْن كليب، قال: حَدَّثَنَا ابن فضيل، قال: حَدَّثَنَا ابن شُبْرُمَةَ، قال: قَالَ: الشعبي: اليمين الغموس الذنب الذي لا يغفر.
وكنت عند الشعبي فأتى برجل قذف رجلاً أو نفاه أو (؟؟؟) ضربه الحد وعليه قميص ما أدري ما تحته.
حَدَّثَنَا حفص بْن عُمَر الرمالي، قال: حَدَّثَنَا يحيى بْن سعيد القطان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قال: سألت الشعبي عَن رجلين، كانت عندهما شهادة فجعل أحدهما قاضياً، فَقَالَ: شهدت شريحاً أتى فيها، فَقَالَ: ائت الأمير حتى أشهد لك.
حَدَّثَنَاه إسحاق بْن الْحَسَن، قال: حَدَّثَنَا أَبُو حذيفة، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الشعبي عَن شريح مثله.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا القاسم بْن يزيد، عَن ابن فضيل عَن ابن شُبْرُمَةَ، سألت الشعبي، عَن رجل، كان له على رجل مال فأشهد(3/61)
عليه شاهدين فاستقضى أحد الشاهدين، قَالَ: الشعبي: جاء رجل إِلَى شريح يخاصم في مثل هَذَا، وأنا عنده جالس، فأقام الرجل عليه شاهداً ثم قَالَ: لشريح: أنت شاهدي، فَقَالَ: شريح: ائت الأمير حتى أشهدلك.
وكنت أمشي مع الشعبي في السوق فبال بغل، فقال: ما عليك لو أصابك، فتباعدت.
وسألت الشعبي عَن الْقُبْلَةِ، فَقَالَ: هي تنقض الوضوء وتجرح الصوم.
أَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن مصعب البلخي، قال: حَدَّثَنَا علي بْن الصدر، قال: حَدَّثَنَا ابن فضيل، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قال: كنت أمشي مع الشعبي، فبال بغل فتنحيت فَقَالَ: الشعبي: ما يضرك ما أصابك، فَقَالَ: رجل لابن فضيل: يا أبا عَبْد الرحمن: هَذَا حَدَّثَنَاه وكيع، عَن سُفْيَان، عَن رجل عَن ابن شُبْرُمَةَ. فَقَالَ: ابن فضيل: أنا ذلك الرجل، كنت مع سُفْيَان عند النعمان بْن سالم الأسدي، فبال بغل فتنحى سُفْيَان فقلت له: ما يضرك.
حَدَّثَنِي ابن شُبْرُمَةَ، عَن الشعبي، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن قريش بْن إسحاق، قال: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن سعيد، قال: أَخْبَرَنَا ابن عيينة عَن ابن شُبْرُمَةَ، قال: سئل الشعبي عَن لحم الشيطان؟ فقال: إن وجدته فكله.
حَدَّثَنِي جعفر بْن أَحْمَد بْن سام وقال: حَدَّثَنَا يحيى بْن معين، قال: حَدَّثَنَا هشام، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الشعبي، قال: إنما النية في الطلاق فيما خفي، فأما ما ظهر فلا نية فيه.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن عُمَر بْن أبي سعد، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عقيل الطالقاني مُحَمَّد بْن حاجب، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرازق، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عمارة، أو عمارة عَن عمه عَبْد اللهِ بْن شُبْرُمَةَ، قال: جاء رجل إِلَى الشعبي في(3/62)
حاجة، فَقَالَ لَهُ: أَبُو من ? قال: أَبُو حركوس، قال: أما وجدت كنية غيرها ? انزعوا ثيابه، قال: إن رأيت أن تتركني إِلَى ساعة فلآتينك وأنا أجود أهل الكوفة كنية فتركه ساعة، ثم قال: أَبُو من ? قال: أَبُوعَمْرو، قال: انطلق راشداً.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن عَمْرٍو، قال: حَدَّثَنَا عبيد بْن أسباط بْن مُحَمَّد، قَالَ: حَدَّثَنَا مصعب بْن سلام، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الشعبي قال: من يعذرني من هَذَا الأعور ? يجيء بالليل فيتعلم مني، ويصبح بالنهار فيفسق، يعني إبراهيم.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إشكاب، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا هشيم، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قَالَ: سمعت الشعبي سئل عَن رجل طلق امرأته فتزوج في عدتها بأي العدتين تبدأ? قَالَ: الشعبي. تبدأ بالعدة من أحدثهما عهدا.
حَدَّثَنَا إسحاق بْن الْحَسَن قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حذيفة قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الشعبي، أنه قَالَ: في المرأة تحيض بعدما ذهب الوقت قال: تقضي تلك الصلاة.
قَالَ: وسمعت الشعبي يقول: لا نية فيما ظهر، إنما النية فيما غاب عنا" وذاك في الرجل يطلق إن فعل كذا وكذا فيفعله فيقول: إنما نويت كذا وكذا، ولم يكن سواء في الكلام، قَالَ: الشعبي: إنما نأخذ بما ظهر على القضاء وندع نيته.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن وهب الناقد، قال: حَدَّثَنَا سليمان بْن داود قال: حَدَّثَنَا ابن عيينة، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قال: مشيت مع الشعبي فاتكأ علي فقلت: احمل نفسك عني فلولا أن آخذ منك أكثر مما أعطيك ما احتملت(3/63)
ذاك وإنك من أهل اليمن، وأنا من مضر، فبينا نحن نمشي إِذ عرض لنا رجل، فقال: ما تقولون في محرمين اشتركا في صيد ? فقلت للشعبي: قل فيها، قَالَ: على كل واحد منهما كفارة، فتركته ولقيت حماداً فقلت: محرمان اشتركا في صيد سئل عنها عامر فَقَالَ: على كل واحد منهما كفارة. قال: أخطأ عامر؛ عليهما كفارة واحدة. فقال: لا نقبل من حماد شيئاً، فإنه يصرع.
فلقيت الحارث العكلي فقلت: مسألة سئل عنها الشعبي، فقال: على كل واحد منهما كفارة، وقَالَ: حماد: كفارة واحدة، قَالَ: أخطأ الشعبي، وأصاب حماد فقلت: أخطأت أنت وحماد، وأصاب الشعبي، قال: ولم؟ قلت: أنت قلت: ألا ترى أن الرجلين إِذَا قتلا الرجل كان على كل واحد منهما كفارة، ولقد قلت في الحارث:
لَعَمْرُك لا تلقي أخا مثل حارث ... إِذَا الخصم عند المعضلات الشدائد
حَدَّثَنِيه ابن أبي سعد، عَن أبي موسى، عَن ابن عيينة نحوه.
وقَالَ: في محرم أشار إِلَى صيد، وقتل آخر، وقَالَ: فيه، فاجتمعت أنا وسبال والحارث ومغيرة، فقلت لهم، فَقَالَ: الحارث مثل قول حماد وذكر مثله.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن حمزة بْن زِيَاد الطوسي، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، قَالَ: حَدَّثَنَا شعبة، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الشعبي قال: ما ذنبي إن كان الله فقأ عين هَذَا.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أبي سعد، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عبادة، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن ابن شُبْرُمَةَ قَالَ: قَالَ: الشعبي: إن سأل أمان الرجل قَالَ: نعم(3/64)
قَالَ: إنه لم يترك بعده مثله يعني إبراهيم.
حَدَّثَنِي ابن أبي سعد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن عباد، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن ابن شُبْرُمَةَ، قَالَ: كان إِذَا سئل الشعبي، قَالَ: إنما نحن في العيوق ولسنا في العنوق.
قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بْن صليح قَالَ: حَدَّثَنَا ابن فضيل عَن ابن شُبْرُمَةَ قَالَ: سمعت الشعبي يقول: ما كتبت سوداء في بيضاء قط ولا حَدَّثَنِي رجل بحديث ما أردت أن أعيده عليه.
وحَدَّثَنِي ابن أبي سعد قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو موسى لسائل أدل عليك ما قلت لأحد قط رد علي.
وقَالَ: الشعبي: ما جلست إِلَى قوم منذ كذا وكذا سنة فأفاضوا في حديث إِلَّا كنت أعلم به منهم ولا قلت لأحد قط رد علي ولقد حفظت من العلم ما لو سمعه رجل كان به عالماً.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن صالح بْن عَبْد الرحمن أَبُو بكر قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سلمة قَالَ: حَدَّثَنَا وهيب، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الشعبي، قال: يقضي، يعني في المرأة تحيض وقت كل صلاة.
حَدَّثَنَا علي بْن حرب الموصلي، قال: حَدَّثَنَا قاسم الجرمي، عَن سُفْيَان عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن شُبْرُمَةَ، عَن الشعبي أنه لم يكن يرى ببول البغل بأساً.
حَدَّثَنَا علي، قال: حَدَّثَنَا قاسم، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الشعبي، أنه سئل عَن لحم البغل، فقال: قد فصل البغل من الحمار.
حَدَّثَنَا علي، قال: حَدَّثَنَا قاسم الجرمي، عَن سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الشعبي، في رجل تيمم ثم أصاب الماء في الوقت، قال: يعيد.
حَدَّثَنَا علي قَالَ: حَدَّثَنَا قاسم قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن ابن شُبْرُمَةَ قَالَ: سمعت الشعبي يقول: لا نية فما ظهر، إنما النية فيما غاب عنا؛ في رجل طلق(3/65)
امرأته إن فعل كذا وكذا ففعله، ويقول: إنما نويت كذا وكذا لم يكن سماه في الكلام، قَالَ: الشعبي: إنما نأخذ بما ظهر بالقضاء وندع نيته.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أبي الدنيا، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أبيَعْمُر، قال: حَدَّثَنَا ابن شُبْرُمَةَ، قال: كنت عند الشعبي، فقضى بين اثنين فبصرته بعد فرجع إِلَى قولي.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إسحاق الصغاني، قال: حَدَّثَنَا أَبُو الجواب قَالَ: حَدَّثَنَا عمار بْن واقد، قَالَ ابن شُبْرُمَةَ:، عَن الشعبي، قال: إِذَا فرطت المرأة في صلاة حتى تحيض فعليها تلك الصلاة.
حَدَّثَنِي حمد بْن عَبْد الواحد، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الجبار بْن العلاء، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الشعبي، في قوله: {فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [المائدة: 95} قَالَ: بدنة.
حَدَّثَنَا إسحاق بْن الْحَسَن، قال: حَدَّثَنَا حذيفة، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، سمعت الشعبي يقول: إِذَا صلى بالتيمم فوجد الماء في الوقت لم يعد الصلاة.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن القاسم بْن جلاد، قال: حَدَّثَنَا الشعبي، عَن ابن عيينة، قال: ذكر عند الشعبي قوماً، فأثنى عليهم، فقال: ما رأيت قوماً أحسن تنادياً في مجلس ولا استماعاً من محدث منهم، إن كانوا لكما قَالَ: الشاعر:
مجالسهم قومي قضى في رجالهم ... ولا يحسنون القول إِلَّا تناديا
حَدَّثَنَا العباس بْن مُحَمَّد الدوري، قال: حَدَّثَنَا يحيى بْن معين، قال: حَدَّثَنَا يحيى بْن يمان، عَن سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الشعبي، في الرجل يتيمم، فيجد الماء في وقت، قال: لا يعيد.(3/66)
حَدَّثَنَا الصغاني، قال: حَدَّثَنَا معلى، قَالَ: حَدَّثَنَا هشيم قَالَ: حَدَّثَنَا مغيرة، عَن الشعبي عَن ابن ميسرة، أنه قال، في أمة أتت قوماً فزعمت أنها حرة فتزوجها رجل منهم فولدت له أولاداً فجاء مولاها فأقام البينة، قال: قَالَ: أَبُو ميسرة: مكان كل وصيف وصيفاً فريضة. قَالَ: قلت: وما وصيف فريضة قد خلبا وضرا، قال: وقَالَ: إبراهيم: على أبيهم قيمة ولدهم، ويهضم من القيمة شيئاً.
وأَخْبَرَنَا ابن شُبْرُمَةَ عَن الشعبي، مثل قول أبي ميسرة.
وقَالَ ابن شُبْرُمَةَ: عليه القيمة ولا يهضم عنه.
وقَالَ: أَبُو يونس، عَن الْحَسَنِ، قال: مكان كل رأس رأس مثله.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن خلف بْن عُمَر الكلاعي، قال: حَدَّثَنِي أبي، قال: حَدَّثَنِي شريك بْن عَبْد العزيز، قال: حَدَّثَنَا ابن شُبْرُمَةَ، عَن الشعبي، قال: لما قتلِعُمَرَ نقل على أم كلثوم في عدتها إِلَى منزله.
أَخْبَرَنَا الصغاني، قال: حَدَّثَنَا أَبُو الجواب، قال: حَدَّثَنَا عمار بْن زريق، عَن ابن شُبْرُمَةَ عَن الشعبي، قال: إِذَا فرطت المرأة في الصلاة حتى تحيض قضت تلك الصلاة.
قال: حَدَّثَنَا معلى، قال: حَدَّثَنَا هشيم. قال: حَدَّثَنَا ابن شُبْرُمَةَ،(3/67)
عَن الشعبي، قال: إن الرجل ليأخذ بلحيته وما بلغ رشده.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن منصور الرمادي؛ قال: حَدَّثَنَا يزيد بْن أبي حكيم، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قال: سمعت الشعبي يقول: إِذَا صلى بالتيمم لم يعد.
قال: وَحَدَّثَنَا يزيد، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان، قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: عَن الشعبي؛ عليه حج مكان حج يعني في المحصر.
حَدَّثَنَا الصغاني، قال: حَدَّثَنَا أَبُو نعيم قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ:، عَن الشعبي في الرجل يهل في الحج فحصر، قَالَ: عليه حجة مكان حجة.
حَدَّثَنَا الصغاني قال: حَدَّثَنَا ابن كنانة، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ؛ عَن الشعبي، قَالَ: على المحصر حج مكان حج، وعَمْرَةمكان عُمَرة.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن شاذان الجوهري، قال: حَدَّثَنَا معلى قال: حَدَّثَنَا هشيم قال: حَدَّثَنَا ابن شُبْرُمَةَ، قال: سمعت الشعبي يقول: إنما النية فيما خفي؛ فأما ما ظهر فلا نية فيه.
وقَالَ: أَخْبَرَنَا معلى، قال: حَدَّثَنَا هشيم، قال: أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن شُبْرُمَةَ، عَن الشعبي، ومغيرة، وإبراهيم، كانوا يقولون، في الأمة: إِذَا أعتقت فلها الخيار عَبْداً كان زوجها أم حراً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن خالد الكلاعي، قَالَ: أَخْبَرَنِي أبي، قال: حَدَّثَنَا سويد، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الشعبي، في الباز: إِذَا أكل فكل إنما علم بالأكل.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل، قال: حَدَّثَنَا مصعب بْن سلام، قال: حَدَّثَنَا ابن شُبْرُمَةَ، قال: كنت ألزم الشعبي، وأدع إبراهيم المخرمي. قال: حَدَّثَنَا يحيى بْن آدم، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الشعبي،(3/68)
قال: لا يعيد الذي يتيمم ثم يدرك الماء في الوقت.
حَدَّثَنَا المخرمي، قال: حَدَّثَنَا وكيع، عَن سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الشعبي، أنه كره أن تغطي المرأة وجهها، وهي محرمة.
حَدَّثَنَا المخرمي، قال: حَدَّثَنَا أَبُو نعيم، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الشعبي، في الذي يهل بالحج، قال: عليه حجة مكان حجة.
حَدَّثَنَا الجرجاني، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرازق، عَن مَعْمَر، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قَالَ: رأيت الشعبي جلد يهودياً في المسجد حداً.
أخبرت عَن عُثْمَان بْن زفر عَن حبان بْن علي، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قال: أراه عَن الشعبي، قال: قَالَ: شريح: اجتنب الدواء ما احتملت صحتك سقمك.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن إسحاق الصغاني، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الجواب، قَالَ: حَدَّثَنَا حماد بْن زريق، قَالَ: عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الشعبي في الرجل يهل بالحج، قَالَ: نثبت على إحرامه.
حَدَّثَنَا إسماعيل بْن إسحاق، قال: حَدَّثَنَا سليمان بْن حرب، قال: حَدَّثَنَا حماد بْن زيد، عَن أبي هاشم الواسطي، أن الشعبي، قال، في رجل يطلق امرأته، وهو مريض، قَالَ: ترثه في العدة، وبعد انقضاء العدة. فَقَالَ ابن شُبْرُمَةَ: تتزوج إِذَا انقضت عدتها، قال: نعم، قال: فإذا تزوجت فمات زوجها هَذَا ترث زوجين ? فرجع الشعبي.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد قَالَ: حَدَّثَنَا الصلت بْن مسعود قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوارث قال: حَدَّثَنَا ابن شُبْرُمَةَ عَن الشعبي في الرجل لا يجد الحرة فيزوج الأمة ثم يتزوج الحرة قال: لا تصلح له الأمة.(3/69)
حَدَّثَنَا إسحاق بْن الْحَسَن قال: حَدَّثَنَا أَبُو حذيفة قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن ابن شُبْرُمَةَ عَن الشعبي قال: إِذَا أحصر الرجل وقد أهل بالحج قال: عليه حج مكان حج.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن عَمْرو بْن أبي سعد قَالَ: حَدَّثَنَا سويد بْن سعيد قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن عيينة عَن ابن شُبْرُمَةَ وأبي عَن الشعبي قال: إنما سمي هوى لأنه يهوى بصاحبه في النار.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد قال: حَدَّثَنَا نصر بْن عَبْد الرحمن قال: حَدَّثَنَا أَحْمَد بشير قال: حَدَّثَنَا ابن شبرمة أظنه عَن الشعبي قال: بارز جرير مهران فقتله وجرير يقول:
أنا جرير كنيتي أَبُو عُمَر ... أضرب بالسيف وسعد في القصر
... فأخذ سلبه فقومت منطقته بثلاثين ألفاً فكتب في ذلك أميره إِلَى عُمَر بْن الخطاب فكتب عُمَر: ليس هَذَا من السلب الذي نعطاه ليس من السلاح ولا من الكراع فلم ينهبه إياه وجعله مغنماً.
وعن الشعبي في محرمين أشار أحدهما، وقتل الآخر قال: على كل واحد منهما بدنة أو جزاء، شك ابن قصير.
وعن الشعبي، في امرأة حاضت في وقت صلاة، قَالَ: تقضيها إِذَا طهرت قبل أن تصلي.
وعن الشعبي، في حذاء حذا نعلاً فأفسدها، قَالَ: يضمن.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُوسعيد قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن بشير، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن شُبْرُمَةَ عَن الشعبي في قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة: 184} قَالَ: كان الأغنياء يطعمون المسكين نصف صاع ولا يصومون حتى نزلت هذه الآية:(3/70)
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: 185} فعمت الغني والفقير.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد، قال. حَدَّثَنَا أَبُو أمية عَمْرو بْن هشام قَالَ: حَدَّثَنَا ابن فضيل عَن ابن شُبْرُمَةَ سألت الشعبي عَن الرجل يفوته التكبير خلف الإمام من التشريق قَالَ: يقوم فيقضي ثم يكبر.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد قال: حَدَّثَنَا ابن يسار وابن المتنبي قال: حَدَّثَنَا أَحْمَد عَن شعبة عَن ابن شُبْرُمَةَ سمعت الشعبي يقول: اختصم رجلان إِلَى شريح فأقر أحدهما ثم جحد فَقَالَ: شريح لصاحب الحق: أنت الأمين أشهد لك.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى البوني قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَر قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوارث قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُُ اللهِ بْن شُبْرُمَةَ قال: سأل رجل أبا وائل قَالَ: كان لنا أئمة إِذَا رفعوا رؤوسهم من السجود لا يكبرون ثم إن لنا إماماً يكبر إِذَا سجد وإذا رفع فَقَالَ: أَبُو وائل: يا ابن أخي إنها السنة ولكنها درست؛ فقال أَبُو وائل: وكان علي ابن أبي طالب وابن مسعود يفعلان ذلك.
حَدَّثَنِي إسحاق بْن الْحَسَن، قال: حَدَّثَنَا أَبُو حذيفة، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن شريح، قال: قلت له: ما يجوز للصبي يرتحل والده ? قال: ما أعلم، قلت له: ثلاثة، قال: هو أحق به من الوالي.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حميد، قال: حَدَّثَنَا جرير، عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن ابن بشير، عَن عِمْرَان بْن حصين، أنه كان يحب أن يقتني الأضحية ويقول: الله أولى بالغني والكرم.
وعن ابن شُبْرُمَةَ، قال: سألت ابن سيرين عَن مثله، فأجابني، فقلت: أرأيت إن كان كذا وكذا، فسكت فعجبت من جرأته في النوم ? وجبنه في اليقظة.
حَدَّثَنَا حمدان بْن علي الوراق، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن مسلمة،(3/71)
حَدَّثَنَا إسماعيل بْن إسحاق القاضي، قال: حَدَّثَنَا سليمان بْن حرب، قال: حَدَّثَنَا حماد بْن زيد، قال: حَدَّثَنَا ابن شُبْرُمَةَ، عَن إبراهيم، قَالَ: إن العالم إِذَا نزل به شيء في أمر صلاته، نظر إِلَى أوثق الأمور فأخذ به، ولم يصل صلاة ولم يدر أنمتَ أم لم تَنَمْ.
حَدَّثَنَا إسماعيل، فقال: حَدَّثَنَا سليمان، قال: حَدَّثَنَا حماد، عَن ابن شُبْرُمَةَ، أن إبراهيم قال: يهدم الطلاق الإيلاء ثم قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: ما يهدم، اللهم اغفرها لإبراهيم، قَالَ: الشعبي: هما فرسا رهان.
حَدَّثَنَا إسماعيل، قال: حَدَّثَنَا سليمان، قال: حَدَّثَنَا حماد، عَن ابن شُبْرُمَةَ عَن إبراهيم أنه قال، في رجل، هو يهودي وهو نصراني إن لم يفعل كذا وكذا فلم يفعل فقال: تعتق رقبة.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إسحاق الصغاني قال: حَدَّثَنِي مثنى بْن معاذ، قال: حَدَّثَنَا بشير بْن الفضل، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن شُبْرُمَةَ، قال: سئل إبراهيم عَن رجل وجد مع امرأة في بيت فقال. تزوجتها، فَقَالَ: إبراهيم: إِذَا لا يقام حد.
حَدَّثَنَا أَبُو الوليد مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن الوليد بْن بردة الأنطاكي: قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عيسى الطباع، قال: حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَان، عَن مَعْمَر، عَن ابن شُبْرُمَةَ عَن إبراهيم، قال: البيع يقطع الكراء.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن إسحاق، قال. حَدَّثَنَا عفان قال. حَدَّثَنَا شعبة. قال. سألت ابن شُبْرُمَةَ عَن خاتم فِيْهِ قص يباع بأكثر من وزنه، فقال: قَالَ: إبراهيم: لا بأس به.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل قال: حَدَّثَنِي عُثْمَان بْن مُحَمَّد، قال:(3/72)
حَدَّثَنَا جرير عَن ابن شُبْرُمَةَ قال: قيل لإبراهيم: إن الأعمى لا يكون له حياء. قَالَ: هَلْ رأيت الغليمة الضبيين ? قال: لا. قَالَ: لو رأيتهم لم تقل ذاك يعني مغيرة وسماك والقعقاع بْن زيد.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حسان الأزدي. قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بْن مهدي. قال: حَدَّثَنَا حماد بْن زيد عَن ابن شُبْرُمَةَ. قال: قَالَ: إبراهيم: إن العالم إِذَا نزل به أمر في صلاته نظر إِلَى أوثق الأمور فأخذ به.
حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن علي الأشناني قال: حَدَّثَنَا أَبُو جعفر النقيلي قال: حَدَّثَنَا مسكين بْن بكير قال: حَدَّثَنَا شعبة عَن ابن شُبْرُمَةَ عَن عَمْرَة بْن مرة عَن إبراهيم عَن الأسود أنه كان يقنت في الوتر في رمضان وغيره قبل الركوع.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إسحاق الصغاني قال: حَدَّثَنَا معاوية بْن عُمَر بْن إسحاق الفزاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن شُبْرُمَةَ عَن حماد فقال: سألت إبراهيم وسعيد بْن جبير وأبا الحجاج يعني مجاهداً عَن الصوم في السفر. فكلهم قال: حسن إن صام، حسن إن أفطر.
أَخْبَرَنِي أَبُو يعلى المنقري قَالَ: حَدَّثَنَا الأصمعي قال. سمعت حماد بْن يزيد يقول: لم أر فتى أفقه من ابن شُبْرُمَةَ.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد قال. حَدَّثَنَا الزهري قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن ابن شُبْرُمَةَ قال: قَالَ لي: الحجاج بْن أرطاة: كنا عند عَبْد اللهِ بْن عُمَربن عَبْد العزيز فقال: هَلْ لك أن تسألنا عَن شيء فنختلف فِيْهِ ? قال: قلت: إن هَذَا ليس يصلح.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد. قال. حَدَّثَنَا إسحاق بْن إبراهيم بْن حبيب قَالَ: حَدَّثَنَا(3/73)
يعتمر قَالَ: حَدَّثَنَا سالم يعني أبي ابن الدنيا. قَالَ: حَدَّثَنَا ابن شُبْرُمَةَ أن يوسف سأله عَن الرجل يبيع امرأته فقلت: بلغنا ذكر النِّسَاء فقال: إنما أخذتموهن بأمانة الله فهي عندنا أمانة جاء بها فضربه يوسف ضرباً أشد عليه من القطع.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن مُحَمَّد الأسدي قَالَ: حَدَّثَنَا ابن حميد قال. حَدَّثَنَا هارون بْن المغيرة عَن إسماعيل عَن حرب العكلي وابن شُبْرُمَةَ في الرجل يتزوج المرأة على الوصيفة ثم يطلقها قبل أن يدخل بها قال: عليه نصف قيمة الوصيفة.
وعن الحارث وابن شُبْرُمَةَ فيمن نامت به دابة في الطريق، فخلا عنها فأخذها رجل فأنفق عليها حتى برئت فجاء صاحبها فَقَالَ: يعطيه النفقة ويأخذ دابته.
وعن إسماعيل، عَن حماد، والحارث فيمن أودع وديعة فحرك بعضها، قالا: هو ضامن لها كلها.
وقَالَ: الْحَسَن: هو ضامن لما حرك، فإذا ردها فقد برىء.
وقَالَ ابن شُبْرُمَةَ: أرى أن يضمن ما حرك، فإذا ردها فقد برئ ولا أقبل قوله إنه رده إِلَّا ببينة.
حَدَّثَنِيه مُحَمَّد عَن ابن حميد عَن جرير عَن ابن شُبْرُمَةَ قَالَ: لا أرد شهادة مسلمة في الطلاق وكان يقضي به.
وعن جرير، قال: أعطى أَبُو العباس أو أَبُوجعفر ابنَ شُبْرُمَةَ مائة جريب فقبلها وأعطي سُفْيَان ألفي درهم فقبلها.
وحَدَّثَنَا مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن زياد، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن رقبة، سأل ابن شُبْرُمَةَ، أي شيء حد السكر ? قَالَ: إِذَا مادت قدماه،(3/74)
واختلط كلامه، قَالَ: ألم يسمع قول صاحبه: لا حد إِلَّا فيما إن غيبت العقل.
وحَدَّثَنَاه مُحَمَّد، عَن ابن حميد، عَن جرير عَن عُثْمَان بْن عَبْد اللهِ بْن شُبْرُمَةَ، قَالَ: شهدت مسجد الحرام وفيه عَبْد الواحد بْن بكر بْن عَبْد الملك قد خطب إِلَى عَبْدِ اللهِ بْن عُثْمَان ابنته، التي هي من فاطمة بنت الْحَسَن، فأصدقها بمائة ألف.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن حزبم، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن شريك، قال: حَدَّثَنَا عيسى بْن راشد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن شُبْرُمَةَ، عَن زيد بْن علي: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ [الرحمن: 60} قال: مستحلة بين البر والفاجر.
وعن ابن شُبْرُمَةَ في قوله: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً [سبأ: 13}
قَالَ: كانوا يعاقبون الليل.
حَدَّثَنِي داود بْن يحيى الدهقاني، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن فضيل، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، أن عَبْد اللهِ بْن شُبْرُمَةَ سأل عَبْد اللهِ بْن حسن عَن المحرم يُقَبِّلُ، قال: عليه دم، قَالَ: إن أمذى؟ قال: عليه دم أكثر من دم، قَالَ: أمن؟ ى قَالَ: عليه دم أكثر من دمين.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن خلف، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن ابن شبرمة، قال: قَالَ: ابن هبيرة: لا يصلح للقضاء إِلَّا الفهم العالم الورع.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن زنجويه، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يوسف الفريابي، عَن إبراهيم بْن أدهم، قال: سألت ابن شُبْرُمَةَ، عَن شيء وكانت عندي مسألة شديدة فأسرع للجواب فقلت له: انظر فيما بان، قَالَ: إِذَا وجدت الأثر ووضح لي الطريق لم أحبسك.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن مُحَمَّد بْن حسن، قَالَ: حَدَّثَنَا حامد بْن يحيى؛ قال: سمعت(3/75)
سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قال: قَالَ لي: محارب بْن دثار قَالَ: لم لا يستشير حين ولي القضاء؟ قَالَ: قلت: فيم أستشير ? فيما أحسن أو فيما لا أحسن ? قَالَ: فلو قَالَ لي: فيما تحسن لقلت: كيف أستشير فيما أحسن ? ولو قَالَ لي: فيما لا أحسن. لقلت: كيف أقضي فيما لا أحسن.
أَخْبَرَنِي خالد بْن عَمْرو الكلاعي، قَالَ: حَدَّثَنَا أبي قال: قَالَ: سويد بْن عَبْد العزيز قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: في رجل تزوج امرأة على دار فقبضت الدار ثم جاءت بقوم يدعون الدار، وأقاموا البينة فأخذت قال: يرجع بقيمة الدار.
حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن أبي الربيع الجرجاني، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق عَن مَعْمَر، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قال: من كانت نصيباً له في عَبْد، أو كاتبه لم يؤد إِلَى هؤلاء شيئاً إِلَّا أدى إِلَى هؤلاء مثله، فإذا أعتق ضمنه الذي كاتبه أو أعتقه.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أَحْمَد بْن عُمَر الوكيعي؛ قَالَ: حَدَّثَنَا أبي، قَالَ: حَدَّثَنَا يحيى بْن آدم؛ قَالَ: حَدَّثَنَا مفضل بْن مهلهل قَالَ: كان ابن شُبْرُمَةَ لا يرى بأساً أن يستأجر العَبْد بكذا وكذا وطعامه، ويقول: {وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ [البقرة: 233} .
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن خالد بْن عَمْرو الكلاعي، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، قَالَ: حَدَّثَنِي سويد بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن شُبْرُمَةَ قَالَ: دعانا صاحب الكوفة أنا وحماد فسألنا عَن الرجل يتزوج المرأة، ولا يقدر أن ينفق عليها، فَقَالَ:(3/76)
حماد: يفارقها: فقال: ما تقول ? قلت: سبحان الله إنما قَالَ: الله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً [الطلاق:7}
لا لذي فاقة؛ فغضب حماد؛ فقام فأبطأت أنا حتى ذهب مخافة أن يعاتبني، فلما خرجت إِذَا هو جالس خلف الباب، فَقَالَ لي: مغضباً: أعلمك وتخالفني؛ قلت: إني رأيت رأياً فقلته.
وذكر أَبُو عَمْرو الباهلي عَن الهشيم بْن عيد، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قَالَ: دخلت على امرأة من بني عَمْروبْن تميم، فقالت لي: من امرأتك؟ قلت: فلانة الفلانية، وعرضت بنفسها ثم أنشدت.
يرى صاحب النسوان يحسب أنهم ... سواء وبون بينهن بعِيْد
فمنهن جنات يفىء ظلالها ... ومنهن نيران فهن وقود
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن سعد الكراني؛ قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: أن أمراً منعه شكر كثير ما أوليه قليل منعه القليل الشكر.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن سعيد الزهري، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الوليد الدمشقي، قال: حَدَّثَنِي عمي مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْن بكار، قال: حَدَّثَنِي سليمان بْن جعفر ابن إبراهيم بْن علي بْن عَبْد اللهِ بْن جعفر بْن أبي طالب، وأمر علي بْن عَبْد اللهِ بْن جعفر، زينب بنت علي بْن أبي طالب، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ الزهري فقال: حَدَّثَنَا ابن شُبْرُمَةَ، قال: دخلت أنا وأَبُوْحَنِيْفَةَ على جعفر بْن مُحَمَّد فسلمت عليه، وكنت له صديقاً ثم أقبلت على جعفر(3/77)
فقلت: أمتع الله بك هَذَا رجل من أهل العراق له فقه، وعقل؛ فَقَالَ: جعفر: لعله الذي يقيس الدين برأيه، ثم أقبل علَيَّ فَقَالَ: النعمان بْن ثابت؟ فَقَالَ: أَبُوْحَنِيْفَةَ: نعم، أصلحك الله! فقال: اتق الله ولا تقس الدين برأيك، فإن أول من قاس إبليس إِذ أمره الله بالسجود لآدم؛ فقال: {أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ [الأعراف: 12} ثم قَالَ: له جعفر: هَلْ تحسن أن تقيس رأسك من جسدك ? فقال: لا؛ قال: فأَخْبَرَنِي عَن الملوحة في العينين، وعن المرارة في الأذنين، وعن الماء في المنخرين، وعن العذوبة في الشفتين، لأي شيء جعل ذلك ?
قال: لا أدري.
قَالَ: جعفر: الله عز وجل خلق العينين فجعلهما شحمتين، وجعل الملوحة فيها ضناً منه على ابن آدم ولولا ذلك لذابتا، فذهبتا، وجعل المرارة في الأذنين ضناً منه عليه، ولولا ذلك لهجمت الدواب، فأكلت دماغه، وجعل الماء في المنخرين ليصمد التنفس، وينزل ويجد منه الريح الطيبة من الريح الرديئة، وجعل العذوبة في الشفتين ليجد ابن آدم طعم لذة مطعمه ومشربه.
ثم قَالَ: له جعفر: أَخْبَرَنِي عَن كلمة أولها شرك، وآخرها إيمان.
قَالَ: لا أدري ?
قَالَ: لا إله إِلَّا الله،
ثم قَالَ لَهُ: أيما أعظم عند الله قتل النفس أو الزنا ?
قال: لا، قتل النفس
قَالَ: له جعفر: إن الله عز وجل قد رضى في قتل النفس بشاهدين ولم يقبل في الزنا إِلَّا بأربعة.
ثم قال: أيما أعظم عند الله الصوم أم الصلاة؟
قال: لا بل الصلاة؛ قال: فما بال
المرأة إِذَا حاضت تقضي الصيام، ولا تقضي الصلاة، اتق الله يا عَبْد اللهِ إنا نقف نحن وأنت غداً ومن خالفنا بين يدي الله جل وعز، فنقول: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ عليه السلام: ويقول أنت وأصحابك: قَالَ: سمعنا ورأينا، ففعل بنا وبكم ما يشاء.(3/78)
حَدَّثَنَا علي بْن حرب الموصلي؛ قال: حَدَّثَنَا ابن فضيل، قال: حَدَّثَنَا أبي؛ قال: كان ابن شُبْرُمَةَ والحارث العكلي، والقعقاع بْن يزيد، والمغيرة والضبي، يسمرون في الفقه حتى تنار الغداة، وزادني جعفر بْن مُحَمَّد عَن مُحَمَّد بْن الصباح عَن هشيم؛ قَالَ: فمر بهم أَبُو المغيرة فيقول: بهذه الساعة ? ما يكفيكم ما يكون منكم بالنهار حتى تذكروه هذه الساعة ?.
حَدَّثَنِي علي بن حرب؛ قَالَ: حَدَّثَنَا ابن فضيل؛ قال: سمعت ابن شُبْرُمَةَ يقول: اجتمعت أنا والحارث العكلي على مسألة لم يبال من خالفنا.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن وهب الناقد؛ قال: حَدَّثَنَا سليمان بْن داود؛ قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان؛ قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: لما مات الحارثي العكلي:
لَعَمْرُك لا تلقي أخا مثل الحارث ... لدى الخصم عند المعضلات الشدائد
حَدَّثَنَا علي بْن حرب؛ قال: حَدَّثَنَا قاسم بْن زيد المخرمي، عَن سُفْيَان عَن ابن شُبْرُمَةَ؛ عَن العكلي أن الجارية تكون بين الرجلين فيطأها أحدهماقَالَ: عليه نصف قيمتها ولا عقل.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن شاذان الجوهري؛ قَالَ: حَدَّثَنَا معلى، قَالَ: حَدَّثَنَا هشيم قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن شُبْرُمَةَ عَن الحارث في رجل تزوج امرأة على دار، قال: يأخذها الشفيع بصداق مثلا؛ قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: يأخذها بقيمتها.
أَخْبَرَنِي ابن شاذان؛ قال: حَدَّثَنَا معلى، قَالَ: حَدَّثَنَا وكيع عَن سُفْيَان عَن ابن شُبْرُمَةَ: عَن الحارث العكلي قَالَ: الملاعن إِذَا أكذب نفسه لم يضرب.
الجرجاني قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَر عَن ابن شُبْرُمَةَ، عَن الحارث العكلي في الذي يستقاد منه ثم يموت، قَالَ: يغرم ديته لأن النفس خطأ.(3/79)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن مسعود الأصبهاني قَالَ: حَدَّثَنَا بكر بْن بكار، قَالَ: حَدَّثَنَا شعبة؛ قَالَ: سألت الحكم، وحماد وابن شُبْرُمَةَ والبتي عَن رجل قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق، قالوا: إن تزوجها فهي طالق.
حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن حسين قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الحميد بْن بنان، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن زيد عَن ابن العلاء: سألت أبا هاشم وابن شُبْرُمَةَ عَن شهادة الأجير، فقال: شهادته جائزة.
فَقَالَ ابن شُبْرُمَةَ: يجوز شهادة المرأة لزوجها.
حَدَّثَنَا علي بْن حرب، قال: حَدَّثَنَا القاسم الجرمي، عَن سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، وابن أبي ليلى أنهما كانا يجيزان شهادة الرجل.
حَدَّثَنَا علي بْن حرب الموصلي، قال: حَدَّثَنَا القاسم الجرمي، عَن سُفْيَان وابن شُبْرُمَةَ، في الرجل يقضي غرماءه في مرضه بعضهم دون بعض، قَالَ: هو بين الغرماء، وهو قول ابن أبي ليلى.
حَدَّثَنَا علي بْن حرب، قَالَ: قال: حَدَّثَنَا قاسم، عَن سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قال في الرجل يشتري من متاع الرجل من الوديعة وغيرها، ويعلم أو لم يعلم لم يضر، وقَالَ ابن أبي ليلى: مثل ذلك.
حَدَّثَنَا علي بْن حرب، قال: حَدَّثَنَا قاسم الجرمي، عَن سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، في النصراني تسلم امرأته، قال: هو أحق بها(3/80)
ما دامت في العدة.
أَخْبَرَنَا علي بْن حرب، قال: حَدَّثَنَا زيد بْن أبي الزرقاء، عَن سُفْيَان عَن ابن شُبْرُمَةَ، قَالَ: أرسلت إِلَى بعض الولاة، وإِلَى حماد، في رجل تزوج ودخل بها، ثم عجز عَن النفقة والكسوة، فَقَالَ: حماد: يفرق بينهما، وقلت أنا: لا يفرق بينهما، وقول سُفْيَان قول ابن شُبْرُمَةَ.
حَدَّثَنَا إسحاق بْن الْحَسَن، قال: حَدَّثَنَا ابن حذيفة، وَحَدَّثَنَا ابن زنجويه؛ قَالَ:: حَدَّثَنَا الفريابي، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان؛ عَن ابن شُبْرُمَةَ، وابن أبي ليلى، في الرجل يقتل وله ولد صغير، قال: يستأني به.
حَدَّثَنَا أَبُو بكر بْن زنجويه، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يوسف، قَالَ: كان سُفْيَان وابن أبي ليلى، وابن شُبْرُمَةَ يقولون: اشترى ما لا يعلم، ثم استهلكه فقد جاز البيع وليس عليه شيء، وإذا علم فهو ضامن.
وحَدَّثَنَا إسحاق بْن الْحَسَن، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حذيفة، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، وابن أبي ليلى، كانا يأخذان اليمين مع الشهود، ويردان اليمين.
حَدَّثَنَا إسحاق، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حذيفة، قَالَ سُفْيَان: سأل ابن هبيرة(3/81)
ابن أبي ليلى، وابن شُبْرُمَةَ عَن خوارج خرجوا بتأول القرآن فقتلوا فأبطلوا الدماء.
وعن سُفْيَان في رجل أعتق مملوكاً، وهو مريض عليه دين يحيط برقبته، قَالَ: يسعى بقيمته للغرماء وبه يأخذ سُفْيَان.
حَدَّثَنَا علي بْن حرب، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد بْن أبي الزرقاء، عَن سُفْيَان، قَالَ: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: في الأجير يستأجر بطعام بطنه، قال: لا بأس به إنما هَذَا بمنزلة الظئر تستأجر للرضاع.
حَدَّثَنَا إسحاق بْن الْحَسَن، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حذيفة قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَان عَن ابن شُبْرُمَةَ أنه كان يقول في العبد إِذَا أذن له سيده في التجارة، ثم أفلس قَالَ: يستسعى ولا يباع.
وعن ابن شُبْرُمَةَ أنه قَالَ: في السفينة تؤجر في البحر فتنكسر وفيها المتاع، قال: لا يضمن.
وعن ابن شُبْرُمَةَ أنه قال: الرجل يستأجر الدابة فيجاوز بها، قَالَ: يغرم الكراء وعليه الضمان.
وعن ابن شُبْرُمَةَ؛ قَالَ: إِذَا أعطى الرجل امرأته عطية فلا يجوز حتى تقبضها.
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن زهير، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الفتح نصر بْن المغيرة، قال: قَالَ سُفْيَان: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: حديث الرجل ليس بشهادة.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن زنجويه، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزاق قال:(3/82)
أَخْبَرَنَا سُفْيَان، عَن ابن أبي ليلى، قَالَ: اجتمعت أنا وحماد وابن شُبْرُمَةَ عند أمير الكوفة، في امرأة أعطاها زوجها عطية، قَالَ ابن أبي ليلى: وحماد: قبضها إعلامه، هي في عياله. وقَالَ ابن شُبْرُمَةَ: ليس لها شيء حتى تقبضه. قَالَ سُفْيَان: قول ابن شُبْرُمَةَ أحب إلينا.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْن يزيد، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قَالَ: سألني أَبُو الزياد، عَن: {الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ [البقرة:237} فقلت: هو الزوج، وقَالَ: لا، هو الولي. فقلتُ: أرأيتَ إن تزوجها ثم طلقها قبل أن يمسها وقد فرض لها فأبت أن تعفو ?.
قال: وحَدَّثَنِي عَبْدُ الملك بْن شُعَيْب بْن الليث، قَالَ: حَدَّثَنِي ابن وهب، قَالَ: سمعت الليث بْن سعد، يحدث عَن ابن شُبْرُمَةَ، سألت ربيعة بْن أبي عَبْد الرحمن، عَن المرأة يطلقها زوجها، وهو مريض، قَالَ: ربيعة: ترثه ولو تزوجت عشرة أزواج فأنكر ذلك.
حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن أبي ربيعة قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَن ابن شُبْرُمَةَ، في رجل نحل ابنه ثلث أرضه، أو ربعها ولم تقاسمه إِلَّا بالفراق، قَالَ لَيْسَ له إِلَّا ما أخذ من الطعام.
وعن ابن شُبْرُمَةَ قَالَ: إِذَا سمي فجعل له مائة دينار من مائة فهو جائز فإن سمي ثلثاً أو ربعاً لم يجز حتى يقسمه، يعني في الرجل.
مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد قال: حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عَبْد اللهِ بْن الْحَسَن العنبري قال؛ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بْن مهدي بْن زيد، عَن ابن شُبْرُمَةَ، في رجل اشترى جراباً بثلاثين بثلاثين فوجد في ثوب منها عواراً ثمن عشرين ثوباً ?
قال: ردوه بثلاثين درهماً. فَقَالَ: في رجل اشترى أجربة بخمسمائة بخمسمائة بعضها ثياب فاستحق جريب منها؟ قَالَ: يرده بخمسمائة.(3/83)
قَالَ: حماد بْن زيد فأنكر ذلك عُثْمَان المتنبي، فأتيت أصحابنا، وقالوا: رده بقيمته من الثمن، فَقَالَ: عَبْد اللهِ بْن الْحَسَن في رجل اشترى كل ثوب بعشرة، فرأى في بعضها عواراً قال: رده بقيمته من المتاع.
وقَالَ: في رجلين اقتسما مائة جريب فأصاب هَذَا من الحصة ستين، وهَذَا أربعين، ثم باع كل جريب بكذا وكذا، قَالَ: يأخذان على قدر القيمة.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن خلف بْن عَمْرو الكلاعي، قال: حَدَّثَنِي أبي، قال: حَدَّثَنَا سويد بْن عَبْد العزيز، قال: سألت ابن شُبْرُمَةَ عَن الرجل يجامع امرأته وهي طاهر، ثم تحيض، قَالَ: تؤخر الغسل إِلَى طهرها.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن خالد بْن عَمْرو، قَالَ: أَخْبَرَنِي أبي، قال: حَدَّثَنَا سويد ابن عَبْد العزيز، قال: سئل ابن شُبْرُمَةَ، وأنا أسمع، عَن رجل صلى ولم يتشهد، قال: إِذَا ذكر الله أجزى عنه.
حَدَّثَنَا علي بْن سعد بْن شُعَيْب، قال: حَدَّثَنَا شبابة بْن سوار، قال: حَدَّثَنَا شعبة، قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: كل شيء يجب عليه فِيْهِ الوضوء، فإن عليه بذلك دماً.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن اسحاق الصغاني، قال: حَدَّثَنَا عفان، قال: حَدَّثَنَا شعبة، قال: سألت ابن شُبْرُمَةَ عَن قفيز حنطة بعشرين، دقيق؟ قَالَ: شيء من شيء لا بأس به.
قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن اسحاق قال: حَدَّثَنَا عفان قال: حَدَّثَنَا شعبة، قال: سألت ابن شُبْرُمَةَ، عَن خاتم فِيْهِ فص يباع بأكثر من وزنه، فقال: قَالَ: إبراهيم لا بأس به.(3/84)
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن خلف الكلاعي، أن أباه حدثه، عَن سويد بْن عَبْد العزيز، عَن ابن شُبْرُمَةَ، في الرهن يضيع إن كان أكثر، فهو بما فِيْهِ وإن كان أقل رد على المنقرض الفضل.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل؛ قال: حَدَّثَنِي أبي؛ قال: حَدَّثَنِي عَن حجاج عَن شعبة عَن ابن شُبْرُمَةَ. قال: لا يجوز شهادة الصبيان.
أخبر الصعابي، قال. أَخْبَرَنَا خلف، قال: قَالَ: شعبة سألت ابن شُبْرُمَةَ، فقال: ليس من تزويج الإسلام وكرهه يعني تزويج النهاريات.
الجرجاني، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزاق، قال: حَدَّثَنَا مَعْمَر، قَالَ: سألت عُثْمَان البتي عَن رجل نحل ابنا له سما معروفاً كان له في أرض، ولم يكن قاسم أصحابه، قال: إِذَا كان قد خرج من جميع حقه إليه فهو جائز، إِذَا كان يحوز مع شركاؤه، فإن لم يقتسم، قَالَ: مَعْمَر. وقَالَ ابن شُبْرُمَةَ: لا يجوز حتى يقتسم.
حَدَّثَنَا علي بْن حرب، قال: حَدَّثَنَا ابن فضيل، قال: سمعت ابن شُبْرُمَةَ سئل عَن التثويب في العشاء، قَالَ: هو أحسن ما ابتدعوا.
حَدَّثَنَا علي بْن حرب، قال: حَدَّثَنَا ابن فضيل، قال: رأيت ابن شُبْرُمَةَ غير مرة إِذَا فاته شيء من الصلاة قام يقضي ثم كبر.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن منصور الرمادي، قال: حَدَّثَنَا يزيد بْن أبي حكيم، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن ابن شُبْرُمَةَ، وابن أبي ليلى، في السفينة تؤاجر(3/85)
في البحر فتنكسر، وفيها متاع، قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: لم يضمن، وقَالَ: ابْن أبي ليلى كما قَالَ سُفْيَان: لا ضمان.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن زنجويه؛ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزاق، عَن مَعْمَر قَالَ: سألت ابن شُبْرُمَةَ عَن القاضي يرى الشيء فيستشير فِيْهِ عشرة كلهم من العلماء. قال: يقضي برأيه فيخطئ أعذر له عند الله من أن يخطئ برأيهم.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن خالد بْن عُمَر الكلاعي. قال: حَدَّثَنَا أبي. قَالَ: حَدَّثَنَا سويد بْن عَبْد العزيز قال: حَدَّثَنَا المغيرة، عَن حماد بْن أبي سليمان في رجل طلق امرأته ولم يدخل بها ثم جهل فوطئها. قال: لها نصف الصداق بالطلاق. ولها مهرها بدخوله بها فصار لها مهر ونصف مهر.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن خالد. قال: حَدَّثَنِي أبي. قال: حَدَّثَنَا سويد. قَالَ: سمعت ابن شُبْرُمَةَ يقول: لها مهر تام واحد.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن إسحاق الصغاني، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بْن الربيع بْن طارق قَالَ: أَخْبَرَنَا يحيى بْن أيوب، قال: سألت عَبْد اللهِ بْن شُبْرُمَةَ وابن جريج، عَن رجل أصدق امرأته مائتي دينار فتصدقت بها عليه فطلقها قبل أن يدخل بها: لا شيء عليه.
حَدَّثَنَا الجرجاني قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَر عَن ابن شُبْرُمَةَ في المرأة تهب لزوجها شيئاً قبل أن يدخل عليها فإنه جائز. قَالَ مَعْمَر: ولا أعلم أن أحداً يختلف فيه.
حَدَّثَنَا الجرجاني قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق قال: حَدَّثَنَا مَعْمَر عَن ابن شُبْرُمَةَ في المرأة تهب لزوجها قال: يستحلف بالله ما وهبت له بطيب نفسها ثم يرد غليها مالها. قال: فأما المرأة إِذَا تركت زوجها شيئاً قبل أن يدخل عليها(3/86)
فإنه جائز قَالَ: مَعْمَر ولا أعلم أن أحداً يختلف فيه.
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إسحاق الرقي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الربيع العتكي قال: حَدَّثَنَا حماد بن زيد قال: قلت لابن شُبْرُمَةَ: رجل جعل أمر امرأته بيدها؟ قَالَ: إن اختارت نفسها فواحدة بائن. قَالَ: قلت: فإن ردَّت الأمرَ إليه؟ قَالَ: لا شيء.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ الأزدي قَالَ: حَدَّثَنَا علي بْن حسين الدرهمي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قتيبة قَالَ: حَدَّثَنَا هشام قَالَ: سألت الحكم وابن شُبْرُمَةَ عَن الراهن والمرتهن إِذَا اختلفا؟ قَالَ: الحكم: القول قول المرتهن. قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: القول قول الراهن.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إسحاق الصغاني قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حميد قَالَ: أَخْبَرَنَا جرير قَالَ: كان ابن شُبْرُمَةَ إِذَا جاءت قضية من قبل يحيى بْن سعيد الأنصاري فيها شاهد ويمين لم يزل يعوق فيها حتى يردها.
أَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن جرير قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الربيع قَالَ: حَدَّثَنَا حماد بْن زيد قَالَ: قلت لابن شُبْرُمَةَ: ما تقول في رجل جعل أمر امرأته بيدها؟ قَالَ: إن اختارت نفسها فواحدة بائن. قَالَ: قلت: فإن ردت الأمر إليه؟ قَالَ: فلا شيء.
حَدَّثَنَا علي بْن آدم بْن بلال الِعُمَرَي قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن عيينة قَالَ: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: إنما هما ملتان الإسلام ملة والكفر ملة.
حَدَّثَنَا الصغاني قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بكر قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد الله عَن سُفْيَان عَن ابن شُبْرُمَةَ قَالَ: إِذَا اكرى الدابة فجاوز ففيه الكراء والضمان.(3/87)
حَدَّثَنَا مُحَمَّد ابن عَبْد الملك بْن زنجويه قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يوسف الفريابي قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن أدهم قَالَ: سألت ابن شُبْرُمَةَ عَن مثله فقلت: انظر فيها رحمك الله! فَقَالَ: إِذَا وضح لي الطريق ووجدت الابن لم أجبك.
حَدَّثَنَا حمدان بْن علي الوراق قَالَ: حَدَّثَنَا سليمان بْن حرب قَالَ: حَدَّثَنَا حماد بْن زيد قَالَ: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: من المسائل مسائل لا ينبغي للرجل أن يسأل عنها ولا للمسئول أن يجيب عنها.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْن عُثْمَان قَالَ: حَدَّثَنَا عبيدة بْن سليمان عَن حسن بْن صليح إن ابن شُبْرُمَةَ وابن أبي ليلى وربيعة الرأي قالوا في رجلين كان بينهما كيس فِيْهِ ألف درهم فَقَالَ: أحدهما: الكيس كله لي وقَالَ: الآخر: نصفه لي. قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: قد أقر صاحب النصف بالنصف لصاحبه فليس له فِيْهِ شيء والنصف الباقي بينهما. وقَالَ ابن أبي ليلى: يقسم الألف على ألف وخمسمائة فلصاحب الجميع ثلثا الألف ولصاحب النصف ثلث الألف. وقَالَ: ربيعة: هو بينهما نصفين.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن بشير المريدي قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بْن يونس قَالَ: حَدَّثَنَا ابن إدريس قَالَ: رأيت ابن شُبْرُمَةَ يختصم إليه النصارى في الخمر فيحكم بينهم.
حَدَّثَنِي علي بْن إسماعيل قَالَ: حَدَّثَنَا يوسف قَالَ: حَدَّثَنَا جرير قَالَ: سمعت ابن شُبْرُمَةَ يقول: أحكم على الغائب كما أحكم عَلى الحاضر.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن سعيدحَدَّثَنَا أَحْمَد ابن بشير قَالَ: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: الإجارة أضمنها على وجه واتركها على وجه فما كان من قبل فلا ضمان عليه وما كان من قبله ضمينه.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا عثمان، قَالَ: حَدَّثَنَا جرير عَن ابن شُبْرُمَةَ(3/88)
قال: من سمعت حجته مرة ثم هرب أتبعته القضاء. أَخْبَرَنِي مُحَمَّد، قَالَ: حَدَّثَنَا عثمان، قال: حَدَّثَنَا جرير، قال: كان ابن شُبْرُمَةَ لا يمسح عليهما، ولا يشرب النبيذ، ولا يتوضأ من تور يصب عليه من إبريق.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا كثير بْن عبيد الحذاء، قال: حَدَّثَنَا بقية عَن الضحاك بْن حمزة عَن ابن شُبْرُمَةَ، وابن أبي ليلى وأبي حنيفة، ومنصوربن زاذان، في الصيد يأخذه الكلب فيدعه صاحبه، بمعيه الكلب وهو يقدر على ذبحه؟ قالوا: لا يؤكل.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن مُحَمَّد الأزدي، قال: حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن أبي شيبة، قال:حَدَّثَنَا أبي، قَالَ: سمعت ابن شُبْرُمَةَ سئل عَن رجل، قال: كل حل حرام، فقال: حرمت عليه امرأته: {فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ [البقرة: 230} .
قَالَ: وَحَدَّثَنَا عثمان، قَالَ: حَدَّثَنَا أبي عَن ابن شُبْرُمَةَ، أنه قضى على رجل بقضية، فَقَالَ: هَذَا قضاء شبرمي لا قضاء الأدعياء.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن مُحَمَّد، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بْن يونس، قَالَ: حَدَّثَنَا مطرف بْن مازن، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَر عَن الزهري، وابن شُبْرُمَةَ قالا: إِذَا قال: إن لم نبعك فأنت حر، ثم باعه: عتق.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إسحاق الصغاني، قَالَ: حَدَّثَنَا يحيى بْن مطيع بْن طالب ابن زيد بْن خليدة، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن فضيل قَالَ: رأيت ابن شُبْرُمَةَ أتي بشاهد زور فضرب في المسجد.(3/89)
أَخْبَرَنَا علي بْن مُحَمَّد بْن أبي الشوارب، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن يسار قَالَ: قَالَ سُفْيَان: كان رزق ابن شُبْرُمَةَ وهو على القضاء مائة درهم.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن المفضل، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن سعيد، قَالَ: سمعت ابن عيينة يقول: كان ابن شُبْرُمَةَ يفتي ويتكلم، فإذا جاءت الدماء امسك الإخبار.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن علي المخرمي قَالَ: حَدَّثَنَا علي بْن حجر عَنْ عَبْدِ العزيز بْن حصين، قَالَ: كتب ابن شُبْرُمَةَ عهداً لأبي سعد النعال على قضاء بعد الكور فلما وقع العهد إليه تكلم بكلمة أنكرها ابن شُبْرُمَةَ، فقال:
نحن بنو ضبة أصحاب الجمل ... ردوا علينا شيخنا ثم نحل
رد علينا عهدنا فأخذ منه عهده.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الحرث بْن عقبة، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يحيى العدني قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان، قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ:
إذا قلت جدوا في العبادة واصبروا ... أصروا وقالوا للخصومة أفضل
زاد علي بْن مُحَمَّد، عَن إبراهيم بْن يسار، عَن ابن عيينة بيتاً به آخر:
خلافاً لأصحاب النبي وبدعة ... وهم بسبيل الحق أعمى وأجهل
حَدَّثَنِي جعفر بْن عَبْد اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سعيد بْن يحيى عَن أبيه قَالَ: قالوا لابن شُبْرُمَةَحَدَّثَنَا تؤجر، فقال:
يمنونني الأجر العظيم وليتني ... نجوت كفافاً لا علي ولا ليا
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الحارث بْن عقبة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يحيى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان، قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ:
إن الخصوم لدى بين مسلم ... لقضاء متبع لحكم الأحاكم(3/90)
والد متبع هواه مصمم ... وأبل لا يرضى بقول العالم
حَدَّثَنِي ابن أبي سعد، عَن إبراهيم بْن المنذر، عَن ابن عيينة، قال: قَالَ لي: ابن شُبْرُمَةَ: إني والله ما قلت هكذا ولكني قلت برغم أنف القاسم ولكن استحييت، يعني القاسم بْن عَبْد الرحمن المسعودي، وكان مستقضى على الكوفة.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أبي الدنيا، قال: حَدَّثَنَا يوسف، قَالَ: حَدَّثَنَا جرير عَن ابن شُبْرُمَةَ أنه قال:
حتى متى لا نرى عدلاً نسر به ... ولا يدال على قوم بما ظلموا
سر وآخره دنيا مولية ... لبئس ما منعوا لو أنهم علموا
حَدَّثَنِي عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الحكم، قال: حَدَّثَنَا حامد بْن يحيى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان، قَالَ: سئل ابن شُبْرُمَةَ عَن مسألة فلم يصب فيها، فَقَالَ لَهَا نوح بْن دراج: تثبت فيها انظر فيها، تثبت فيها فعلم أنه لم يصب، فَقَالَ: ردوا على الرجل فردوه عليه فأنشأ يقول:
كادت تزل بنا من حالق قدم ... لولا تداركها نوح بْن دراج
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن القاسم بْن مهرويه، قال: حَدَّثَنِي أَبُو زيد قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عاصم عَن مُحَمَّد بْن عمارة ابن أخي ابن شُبْرُمَةَ قَالَ: كتب ابن شُبْرُمَةَ إِلَى الحجاج بْن أرطاة:
تنادوا له هَلْ من خصيم ودونه ... خصوم كثير والرياء قبيح
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن القاسم، قال: حَدَّثَنَا أَبُوزيد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عاصم عَن ابن أخي ابن شُبْرُمَةَ قَالَ: كتب ابن شُبْرُمَةَ إِلَى عَمْرو بْن عبيد:
الأمر يا عَمْرو بالمعروف مفترض ... والقائمون به لله أنصار(3/91)
فحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل، قَالَ: حَدَّثَنِي إسحاق بْن إبراهيم، قَالَ: حَدَّثَنَا الأحوص بْن جواب، قَالَ: حَدَّثَنَا أشياخ الحي، قالوا: كتب عَمْرو بْن عبيد إِلَى ابن شُبْرُمَةَ يحثه على الجهاد والأمر بالمعروف، والنهي عَن المنكر فكتب ابن شُبْرُمَةَ إليه.
الأمر يا عَمْرو بالمعروف نافلة ... والقائمون به لله أنصار
والتاركون له عجزاً لهم عذر ... واللائمون له يا عَمْرو أشرار
الأمر والنهي لا بالسيف تشهره ... على الخليقة إن القتل إضرار
أَخْبَرَنِي جعفر بْن مُحَمَّد قَالَ: حَدَّثَنَا قتيبة بْن سعيد قال. حَدَّثَنَا سُفْيَان قال. قَالَ ابن شُبْرُمَةَ:
أقضي بما في كتاب الله مفترضاً ... وبالنظائر أقضي والمقاييس
أَخْبَرَنَا أَبُو خالد زيد بْن مُحَمَّد المهلبي قَالَ: زعم ابن المعذل عَن المعذل بْن غيلان عَن أبيه قَالَ: إني لبالكناسة يوماً وقد قدم ذو الرمة الكوفة فهو واقف على ناقته ينشد الناس قصيدته:
أمنزلتي مي سلام عليكما ... على النأي والنائي يود وينصح
فمر فيها حتى أتى على قوله:
إذا غير اليأس المحبين لم يكد ... رسيس الهوى من حب مية يبرح(3/92)
وقَالَ: في الناس عَبْد اللهِ بْن شُبْرُمَةَ يا ذا الرمة أراه قد برح فحرك ذو الرمة شفتيه ثم قال: فرجعت إِلَى أبي الحكم البختري فأخبرته فقال. أخطأ ذو الرمة وأخطأ ابن شُبْرُمَةَ أما ذو الرمة فأخطأ حين رجع. وأما ابن شُبْرُمَةَ فأخطأ حين أنكر عليه إنما أراد قول الله: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا [النور: 40} وإنمامعناها: لم يرها ولم يكد.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن زكريا قال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن الضحاك، عَن الهيثم، قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: لعيسى ابن موسى يوم أضحى: قبل الله منك الفرض والسنة واستقبل بك الخير والنعمة.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن صعصة قال حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عباد قال حَدَّثَنَا حاتم قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ:
وأرسلت دلوي في دلاء كثيرة ... فأبن ملاء غير دلوي كما هيا
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن شبيب قَالَ: حَدَّثَنِي إبراهيم بْن المنذر قال. أَخْبَرَنَا أَبُو خزيمة مزاحم بْن زفر بْن أكثم؛ قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: لعَبْد اللهِ بْن علي:(3/93)
وقل لأخي مكاشرة وضغن ... سعرت الحرب بين بني أبيكا
وأورثت الضغائن من بنيهم ... بني أبنائهم وبني بنيكا
فلو شاورتني وقبلت رأيي ... لسرت لهم بسيرة أوليكا
وأقررت الملامة حَيْثُ حلت ... ولم تعرض لملك بني أبيكا
كأنك قد أصابك سهم غرب ... وأسلمك العداة من أبعديكا
حَدَّثَنَا إسماعيل بْن إسحاق القاضي، قال: حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد اللهِ، قال: سمعت سُفْيَان، قَالَ: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ:
لو شئت كنت ككور في تعَبُّده ... أو كابن طارق حول البيت في الحرم
قد حال دون لذيذ العيش خوفهما ... وسارعا في طلاب الفوز والكرم
قَالَ سُفْيَان: فحدثت به ابن المبارك، قَالَ: ابن المبارك: فحدثت به شعبة، فقال: لو كنت في مقبرة بني شكر لا أتيتك حتى أسمعه منك.
وزادني ابن أبي سعد عَن صلت الجحدري، عَن ابن عيينة، عَن ابن شُبْرُمَةَ، قال: فَقَالَ لي: ابن هبيرة من كور ? قال: قلت صحبنا فكان الناس إِذَا نزلوا منزلاً تبوأ مكاناً لصلاته، فلم يزل يصلي حتى يرتقع الناس، وبتنا بالنجف في ليلة مطيرة قرة، فلم يزل في الخباء يصلي حتى أصبح، قال: قَالَ لي: فأين طارق ? قال: قلت: لو أن إنساناً اكتفى بالتراب لا اكتفى بالتراب.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن عُمَر بْن أبي سعد الوراق، قال. حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عِمْرَان، قال: حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن عَبْد الرحمن النخعي، قال: كان ابن شُبْرُمَةَ إِذَا أتى رجلاً في حاجة فقضى حاجته قال:
لا زلت مرغوباً إليك ومجزلاً ... لدى شرف أعيت عليه مذاهبه(3/94)
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن عُمَر، حَدَّثَنَا عُثْمَان ابن أبي شيبة، قال: حَدَّثَنَا ابن فضيل، قال: سمعت ابن شُبْرُمَةَ يقول:
ليوشك أن يحول الموت بيني ... وبين جوار بيتك والطواف
فكم من طائف رث رغيباً ... رهيباً بين منتعل وحاف
أتاك الراغبون إليك سعياً ... يسوقون المقلدة الصواف
قَالَ: يريد الصافين.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن عُمَر قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عباد، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ:
إذا قلت جدوا في العبادة واصبروا ... أصروا وقالوا للخصومة أفضل
خلافاً لأصحاب النبي وبدعة ... وهم بسبيل الحق أعمى وأجهل
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد الوراق، قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن صالح، قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن سماعة التميمي، قال: قَالَ: أَبُو يوسف القاضي: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ:
فيا ليت شعري من يبين بعد ما ... يمكن لي في حفرة اللحد مضجع
وعن وصل إخوان أتى الموت دونهم ... أيرعون ذاك الوصل أو يتقطع
فما وصل الإخوان مثل محافظ ... من القوم مرعى الأمانة مقنع
قَالَ: مُحَمَّد بْن عِمْرَان بْن دثار، قَالَ: أَبُو جعفر الضبي أملى عليَّ أَبُو الحارث الضبي قَالَ: تكلم ابن شُبْرُمَةَ، في ابن عم له وجأ إنساناً بحديدة فقيل له: يا أبا شُبْرُمَةَ تكلم في صاحب حديدة فقال:
لا يخذل المولى لأول عثرة ... عسى في اختبال السن أن يتحكما
فيذهب عنه الجهل أو يستعيده ... لعريض قوم مثله أن يحتما
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان قَالَ: أنشدني يزيد بْن مُحَمَّد لابن شُبْرُمَةَ في ابن أبي ليلى:(3/95)
توفيت في الإحسان جهدي وطاقتي ... إِلَى ابن أبي ليلى فأعقبني ذما
فوالله ما آسى على ما فعلته ... ولكن عجز الرأي يحدث لي هما
حَدَّثَنِي إبراهيم بْن إسحاق الصالحي قال: أنشد إبراهيم بْن المنذر الخزامي لابن شُبْرُمَةَ:
رأيت فقه رجال في قلانسهم ... وفي ثيابهم الفحشاء والريب
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن علي بْن حمزة العلوي، قَالَ: أنشدنا رماد أَبُو غسان، قَالَ: أنشدنا أَبُو اليقطان لابن شُبْرُمَةَ:
وجدت المدينة إِذ جئتها ... خراباً من العلم إِلَّا قليلا
وقَالَ: مُحَمَّد بْن عِمْرَان بْن زِيَاد حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أبي مالك الغنوي، قَالَ: حَدَّثَنِي أخي، قَالَ: لما مات القعقاع بْن معَبْد، وكان على شرطة الكوفة حضر جنازته عيسى بْن موسى والناس، فجاء ابن شُبْرُمَةَ على حمار له أسود، فنزل وهو يقول:
قد هدني موت قعقاع وأحزنني ... فمن لنا في تميم مثل قعقاع
قَالَ: فَقَالَ: أبي يجيبه على المكان:
إن يبقك الله في ذا الحي من مضر ... فسوف يخلف فيهم مثل قعقاع
هَذَا ابن ورقاء عتاب فدونكه ... في إرث مجد رحيب الذرع والباع
عف السريرة محض في ضريبته ... فللرعية فاختره وللراعي
قَالَ: فولاه عيسى الشرطة.
قَالَ: القاضي: هَذَا هو عتاب بْن خالد بْن عتاب بْن ورقاء.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن عُمَر، حَدَّثَنِي الضبي، عَن هاشم بْن مُحَمَّد عَن ابن فضيل، قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ:
ما في القضاء شفاعة لمخاصم ... عند اللبيب ولا الفقيه الحاكم(3/96)
أهون على ما قد قضيت بسنة ... أو بالكتاب برغم أنف الراغم
وقضيت فيما لم أجد أثراً به ... بنظائر معروفة ومعالم
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن عَمْرو، قال: حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن مُحَمَّد، قال: قَالَ: حَدَّثَنَا ابن فضيل، قال: سمعت ابن شُبْرُمَةَ يقول:
إذا قضيت بمر الحق مجتهداً ... أهون علي بما قَالَ: الضغابيس
أَخْبَرَنِي ابن أبي عثمان، عَن الْحَسَنِ بن هارون، عَن مزاحم بْن زفر، قال: خرج ابن شُبْرُمَةَ ذات يوم من القصر فقام إليه أَبُوْحَنِيْفَةَ ومعه ابن عم لابن شُبْرُمَةَ يستعين به، ويستزيده فَقَالَ لَهُ أَبُوْحَنِيْفَةَ: تخوفت أن يكون كما قَالَ: الأول:
من الناس من يغشى الأباعد نفعه ... ويشقى به حتى الممات أقاربه
هَذَا فلان، وقرابته وحقه، قد جفوته، فَقَالَ ابن شُبْرُمَةَ: وأراك تروي الشعر قال: نعم! ومن شعرك أروي حَيْثُ تقول:
أقضي بما في كتاب الله مجتهداً ... وبالنظائر أقضي والمقاييس
إذا قضيت بمر الحق مجتهداً ... فلست أجهل أقوال الضغابيس
وقَالَ: الْحَسَن بْن هارون أيضاً أَخْبَرَنِي أَبُو خريمة بْن مزاحم بْن زفر قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن حسين التميمي، قَالَ: كان رجل منا يأتي ابن شُبْرُمَةَ يناله، فأطال الاختلاف إليه حتى دخل عليه ذات يوم فقال:
أقول له لما تبين شخصه ... أما لبني عم لديك نصيب
فَقَالَ لَهُ ابن شُبْرُمَةَ: بكر على الغداة ففعل، فأدخله على عيسى بْن موسى، فولاه قطائع السواد، ومسلحتها فكان أصحاب القطايع يسألون في حوائجهم وقطعانهم من يشفعون به عليه، فيُقَالُ: هو من ناحية ابن شُبْرُمَةَ فيستشفعون به، فجعلت كتب ابن شُبْرُمَةَ تأتيه في حوائج الناس،(3/97)
فكلما ورد عليه كتابه قال: وما أنا وابن شُبْرُمَةَ ? فبلغه ذلك فغضب ودخل على عيسى، فَقَالَ لَهُ: إن الرجل الذي أشرت به قد أتاني عنه ما أكره، وقد أنهيت ذلك إليك فرفع عيسى رأسه إِلَى إسحاق الأزرق فَقَالَ لَيْسَ لك قطعة في السواد ? قَالَ: بلى. قَالَ: فدونك الرجل اكتب إِلَى وكيلك في قطيعتك يعامله حتى تعرف أمانته من خيانته، فعامله على ألف دينار فدخل عيسى على إسحاق، فأعلمه أنه قد قبض من وكيله الألف دينار، وعامله على قطيعته، فبعث إليه عيسى رسولاً، فقدم به عليه وأمر به فضرب خمسة وسبعين سوطاً، وأقيم على المسطبة، فخرج عليه ابن شُبْرُمَةَ، وهو عليها، فوقف ناحية وقال: يا غلام اذهب إليه فقل له يقول لك ابن شُبْرُمَةَ:
بلى لكم عندي جوامع جمة ... وضرب لمن خان الأمير صليب
جواباً لقوله: أنشدني طلحة بْن عَبْد اللهِ التيمي، قال: أنشدني أَبُو عَبْد الرحمن العلائي لابن شُبْرُمَةَ:
يا خليلي إنما الخمر ذنب ... وأَبُو جعدة الطلاء المريب
ونبيذ الزبيب ما اشتد منه ... فهو للخمر والطلاء نسيب
حرمت هذه فلا شك فيها ... ولهَذَا معرة وذنوب
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن عَمْرو، قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عِمْرَان، قال: حَدَّثَنِي يحيى بْن السري العائدي، قال: مدح رؤبة بْن العجاج ابن شُبْرُمَةَ فقال:
لما سألت الناس أين المكرمه ... والعز والجرثومة المقدمه
وابن فاروق الأمور المبهمه ... تتابع الناس على ابن شبرمه(3/98)
فأعطاه مائة درهم، وأعطاه رءوسهم مائة درهم.
حَدَّثَنِي عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الحكم، قال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أَحْمَد ابن مزيد عَن الهيثم بْن عدي، قال: لما ولي عَبْد اللهِ بْن شُبْرُمَةَ القضاء ركب لحاجة له، فلما أراد النزول عَن البغل وثبت قدمه، فحمل إِلَى منزله في محفة فدخل الناس يعودونه، ودخلت فيمن دخل عليه، فدخل عليه رجل من بني سليط يكنى أبا المثنى، فلما رآه ابن شُبْرُمَةَ قال: مرحباً ههنا ارتفع فرفعه معه على السرير فأنشأ ابن المثنى يقول:
أفول غداة أتاني الخبير ... فدس أحاديثه هيثمه
لك الويل من مخبر ما يقول ... أبن لي وعد عَن الحمحمه
فَقَالَ: خرجت وقاضي العراق ... منفكة رجله مؤلمه
فقلت وضاقت عليّ البلاد ... وخفت المجللة المعظمه
فغزوان حر وأم الوليد ... إن الله عافى أبا شبرمه
جزاء لمعروفه عندنا ... وما عتق عَبْد له أو أمه
قَالَ: الهيثم فلم أزل من غزوان وأم الوليد في عجب وهو جاري، ما أعرف له عَبْد ولا أمة، فلما خرج قلت لأبي المثنى: ما غزوان وأم الوليد ? فَقَالَ: استر على سنوران في البيت.
وزعم لي ابن أبي سعد، عَن مُحَمَّد لابن عِمْرَان الضبي، أن يحيى بْن نوفل الحميري، قَالَ: هذه الأبيات. وقَالَ: يحيى بْن نوفل في ابن شُبْرُمَةَ:
لما رأيت الدهر قد ... أزمت بواحده الأوازم
وتتابعت في الأهل والم ... ال المصيبات العظائم(3/99)
ونفى الكرى عني جوى ... هم أجنته الحيازم
قلبت بالعزم الأمو ... ر لتكفيف الهم العزائم
فذكرت أن أخا السما ... حة والمواصلة المداوم
والحافظ الحرمات م ... ني حَيْثُ شيعت المحارم
قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: الموف ... ق إن بعد الحق ظالم
أنف أبي لا يقر ... بأن تورده المظالم
فصل إِذَا شغب الألد ... وفيض الحجج المخاصم
لا ينثني لملامة ... إن لامه في الحق لائم
يقظان في طلب العلا ... إِذ غيره عَن تلك نائم
وسماحة جداً إِذَا از ... دحمت حدود القوم زاحم
من آل حسان الذي ... ن هم الذوائب والدعائم
المانعون المستجير ... بهم إِذَا ما عاد حارم
حتى يؤديه العهود ... مسلماً والعرض سالم
لم يقبلوا خيساً ولم ... يشتمهم بالغدر شائم
فهم وإن رغمت لذا ... ك أنوف أقوام رواغم
أهل الحملة حين يف ... دح من تحملها المغارم
والمشرب العذب الذي ... يروي بحمته الحوائم
وهم الأساة الفاصلون ... إِذَا تنافرت الأقادم
وهم المساميح الصرا ... جيح المساعير المطاعم
في العام لا تحنو على ... أولادها فِيْهِ الروائم
وإذا معد حصلت ... فهم من الريش القوادم
وهم إِذَا ما الحرب شب ... ضرامها الأسد الضراغم(3/100)
قوم حصونهم عتاق الخي ... ل والبيض الصوارم
تلك المكارم والمآ ... ثر حين تعتد المكارم
لا يرجون مالاً وما ... ل الدين والدنيا الدراهم
وأنشدنا عَبْد اللهِ بْن الْحَسَن عَن ابن شُبْرُمَةَ:
حتى متى أنت، في دنياك مشتغل ... وعامل الله عَن دنياه مشغول
وقَالَ ابن شُبْرُمَةَ:
ليس بالعين يبصر الحكم كم من ... فاتح العين قلبه مشدود
غيرته عجوزه ثم قالت ... خالف الناس فالخلاف يزيد
وقَالَ: عقبة بْن مكرم الضبي:
بلوتك في الأمور أبا نعيم ... فنعم أخو الشدائد والرخاء
إذا قَالَ: الوفاء لحال دهر ... فأنت هناك من أهل الوفاء
(هَذَا آخر الجزء الثالث من الأصل والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا مُحَمَّد النبي وآله أجمعين، يتلوه في الجزء الرابع: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن القاسم بْن مهرويه، قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ اليعقوبي، قَالَ: حَدَّثَنَا الهيثم بْن عتبي قال: قيل لابن شُبْرُمَةَ من أشعر الناس، قال: الفرزدق.(3/101)
الجزء الرابع من كتاب أخبار القضاة
تأليف: القاضي أبي بكر مُحَمَّد بْن خلف بْن حيان بْن صدقة وكيع، لأَحْمَد بْن يعقوب الأصبهاني
فيه:
تمام أخبار قضاة الكوفة
تمام أخبار عَبْد اللهِ بْن شُبْرُمَةَ
مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن أبي ليلى
غيلان بْن جامع المحاربي
الحجاج بْن عاصم المحاربي
منصور بْن المعتمر
ابن أبي ليلى الثانية
عَبْد الرحمن بْن عَبْد اللهِ بْن عيسى بْن أبي ليلى
شريك بْن عَبْد اللهِ
القاسم بْن معن
نوح بْن دراج
حفص ابن عبان البجعي
الْحَسَن بْن زِيَاد اللؤلؤي
عاصم بْن عامر البجلي
إسماعيل بْن حماد بْن أبي حنيفة
بكر بْن عَبْد الرحمن بْن عَبْد اللهِ
عثمان بْن مُحَمَّد المسروري
جعفر بْن عَبْد الرحمن بْن عمار الرحمي
أَحْمَد بْن بديل السامي
إبراهيم بْن أبي ليلى بْن إسحاق ابن إبراهيم
زلبي العبس
القاسم بْن منصور التميمي
إبراهيم بْن إسماعيل ثانية
أَبُو خارم عَبْد الحميد بْن عَبْد العزيز
الْحَسَن بْن إسماعيل الموصلي
قضاة أهل الشام
أَبُو الدَّرْدَاء فضالة بْن عبيد الأنصاري
النعمان بْن بشير
بلال بْن أبي الدَّرْدَاء
أَبُو إدريس الخولاني
زرعة بْن ثوب المقري
عَبْد اللهِ بْن عامر النحمي
عَبْد الرحمن بْن قيس العقلي
عَبْد الرحمن بْن الحسحام العذري
صالح بْن عَبْد اللهِ العبسي
نمير بْن أوس الأشعري
يزيد بْن أبي ملك الهمداني
الحرث بْن مُحَمَّد الأشعري
مُحَمَّد بْن لبيد الأسلمي
عَبْد الرحمن بْن عَمْرو الأوزاعي
زِيَاد بْن أبي ليلى العياني(3/102)
خلافة بني هاشم
كلثوم بْن عَبْد اللهِ الحكمي
سالم بْن عَبْد اللهِ المجازي
المساور الخراساني
تمام بْن يزيد الأزدي
سلمة بْن عُمَر العنبلي
يحيى بْن حمزة
عَبْد الرحمن بْن يزيد بْن أبي علك
عُمَر بْن أبي بكر
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
وحسبنا الله ونعم الوكيل)
تمام أخبار ابن شُبْرُمَةَ
حَدَّثَنِي القاسم بْن مهرويه: قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ اليعقوبي قَالَ: حَدَّثَنِي الهيثم قال: قيل لابن شُبْرُمَةَ من أشعر الناس قال: الفرزدق، فقيل له إن أردنا الجاهليين فقال: وهل كان أجهل منه.
حَدَّثَنِي عَبْدُ بْن عَمْرو بْن أبي سعد قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن علي بْن سويد الأهوازي قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الملك بْن مروان بْن قيراط قَالَ: حَدَّثَنَا ابن فضيل عَن ابن شُبْرُمَةَ قال: جاءني شيطان الفرزدق في النوم فَقَالَ: تقتلني تكون أشعر الناس قلت فلا فذهب وتركني.
أَخْبَرَنِي ابن أبي الدنيا قال: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَر قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن ابن شُبْرُمَةَ قال: وقف علينا الفرزدق فقلنا له: أي الشراب أعجب إليك؟ قال: أقربه إِلَى الثمنين فسقيناه ماء.
أَخْبَرَنِي ابن أبي سعد عَن مُحَمَّد بْن عِمْرَان عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن يعقوب عَن سُفْيَان عَن ابن شُبْرُمَةَ قَالَ: قدم علينا الفرزدق وكنا أخواله وقدم جرير على قيس وكانت أحزابه فأهدت قيس لجرير جزراً فحمل عليها طعاماً وبعث به إِلَى أهله وأهديت إِلَى الفرزدق جزراً فَقَالَ: باليطة اجعل عليها السفر.(3/103)
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن صعصعة قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عباد قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان قال: سمعت ابن شُبْرُمَةَ يقول: ما أعرفني لجيد الشعر حَيْثُ يقول:
أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا ... وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا
وإن كانت النعماء فهم جزوبها ... وإن أنعموا لا كدروها ولا كدوا
وإن قَالَ: مولاهم على كل حادث ... من الأمر ردوا فضل أحلامكم ردوا
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد الوراق قال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن عُمَر الهيتي قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن إبراهيم قال: دخل ابن شُبْرُمَةَ الكوفة فنظر إِلَى حائك يصنع وهو يتمثل:
فرعاء تسحب من قيام فرعها ... وتغيب فِيْهِ وهو حثل أسحم
وكأنها فِيْهِ نهار مشرق ... وكأنه ليل عليها مظلم
فَقَالَ ابن شُبْرُمَةَ: له: عندك من هَذَا شيء؟ قَالَ: نعم.
ثم أنشده:
أخطط في ظهر الحصير كأنني ... أسير يخاف القتل والهم يفرج
ألا ربما ضاق الفضاء بأهله ... وأمكن من بين الأسنة مخرج
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن أبي سعد أن مُحَمَّد بْن حميد حدثهم قال: حَدَّثَنَا جرير قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ:
كن للأقارب ما حييت مواسياً ... ولدى الجوار تحية وسلاما
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن عُمَر قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن يحيى القشيري قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حسان قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الربيع البجلي قال: كان ابن شُبْرُمَةَ وجماعة يسمرون عند عيسى بْن موسى فربما أخر عنهم الإذن وربما أمروا بالانصراف قبل أن يصلوا وكان لعيسى حاجب يدعى عياضاً فَقَالَ ابن شُبْرُمَةَ:(3/104)
إذا نحن أعتمنا ومال بنا الكرى ... أتانا بإحدى الراحتين عياض
أي بإذن أو بانصراف.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن عَمْرو بْن بشير قال: وحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عِمْرَان عَن الْحَسَنِ النخعي عَن أبيه قال: جاءت امرأة إِلَى ابن شُبْرُمَةَ فقالت: يا ابن شُبْرُمَةَ إني امرأة من العرب مات رجالي وكثر عمالي فعمدت إِلَى كل ذخيرة من سوار وقلب وغيره فبعته واشتريت جارية نائحة تأتينا بالخمسة والستة وما فِيْهِ سد الخلة فنحن نتقوت ذاك ونعرف ذاك وسوء طعمته فلما كان في صدر هَذَا اليوم بعث القعقاع إليها فحبسها فإن رأيت أن تكون عند ظني بك قال: بالحب والكرامة يا غلام امض معها إِلَى القعقاع فأخرج جاريتها ولابن شُبْرُمَةَ باب لداره لا تعلم المرأة وهي تخاطب أخرى وتقول:
بمثلي دافعي يا عَمْرو إِذَا ... ما اعتادني السفر المعوز
وكأن ابن شُبْرُمَةَ تلهف عليها وكره أن يردها بعد ما أخرجها.
قَالَ الضَّبِّيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أبي مالك الغنوي قال: اعتل ابن شُبْرُمَةَ فدخل علية هذيل الأشجعي يعوده فقال:
إذا مرض القاضي مرضنا بأسرنا ... وإن صح لم يسمع لنا بمريض
أَخْبَرَنِي ابن أبي سعد عَن الضبي قال: حَدَّثَنِي عبيد بْن الْحَسَن الأسدي قَالَ: أنشد ابن شُبْرُمَةَ قول قيس بْن ذريح:
لقد كان فيها للأمانة موضع ... وللكف مرتاد وللعين منظر
وللحائم الصديان ري بقربها ... وللطرف المشتاق خمر ومسكر
فقيل له ما بقي شيء ? قَالَ: بلى بقي المواقعة.
حَدَّثَنِي طلحة بْن عَبْد اللهِ التيمي قال: حَدَّثَنَا ابن عَبْد الرحمن القاضي(3/105)
حَدَّثَنِي أَبُو عَبْد الرحمن العلاني قال: كان ابن شُبْرُمَةَ يسمى أصحاب المسائل الهداهد فسأل عَن رجل فلم يحمد عنده فتقدم إليه الرجل في شهادة فلم يقبلها فَقَالَ::لِمَ لَمْ تقبل شهادتي؟ فقال:
سألت فلم تعجل وعم سؤالنا ... فكم من عريف لطخته الهداهد
قَالَ: وكان ربما تمثل عند القضية:
قضاء شبرمي ... ليس ترداد المسائل
وأَخْبَرَنِي عَبْد الرحمن بْن عَمْرو عَن العقري عَن الهيثم قَالَ: أنشدت ابن شُبْرُمَةَ قول جرير:
تمنى رجال من تميم لي الردى ... وما ذاد عَن أحسابهم ذائد مثلي
فَقَالَ ابن شُبْرُمَةَ: بلى والله أنا أعطيتها الأموال وحركها على الأعمال.
حَدَّثَنِي ابن أبي سعد قال: حَدَّثَنَا علي بْن الجعدقَالَ: قيل لابن شُبْرُمَةَ إنك سيد أهل المصر قال: فأنا إذاً كما قَالَ: الشاعر.
خلت الديار فسدت غير مسوّد ... ومن الشقاء تفردي بالسودد
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن عَمْرو عَن مُحَمَّد بْن عِمْرَان قال: سمعت أبا عَبْد اللهِ الديداني يقول: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: لعيسى بْن موسى بْن عَبْد اللهِ البهستاني المحتسب:
أبى العدا في الناس عدل العرا ... ق بأن يقتل الزور لا المحتسب
يَعْمُر عدو لأهل النفا ... ق وأهل المعاصي وأهل الريب
فَقَالَ: الديداني: وقَالَ ابن شُبْرُمَةَ: لعيسى بْن موسى واستعمل مالك بْن الضحاك على بارق سما ونهر الملك فشكاه أهل عمله ورفعوا عليه فعزله فقال:(3/106)
بنا ملل عَن قول واش وحاسد ... بلا ثبت عند الأمير بهالك
فجد يا ولي العهد منك بنعمة ... ومن وإفضال علينا بمالك
قَالَ: الضبي وحَدَّثَنِي عُثْمَان بْن أبي مالك الختني قَالَ: حَدَّثَنَا إسماعيل ابن حماد بْن أبي حنيفة قَالَ: سأل عيسى بْن موسى ابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ وأوهم ابن أبي ليلى فَقَالَ ابن شُبْرُمَةَ:
لم يطيقوا أن ينزلوا ونزلنا ... وأخو الحرب من أطلق النزولا
ثم سألهما بعد عَن مسألة فأخطأ ابن شُبْرُمَةَ وأصاب ابن أبي ليلى.
فَقَالَ ابن أبي ليلى:
وابن اللبون إِذَا مالز في قرن ... لم يستطع صولة الترك القناعيس
حَدَّثَنِي ابن أبي سعد عَن مُحَمَّد بْن عِمْرَان الضبي قال: وحَدَّثَنِي يزيد ابن سليمان الضبي قال: قَالَ: بعض الشعراء:
كادت تزل بنا من حالق قدم ... لولا تداركها نوح بْن دراج
قَالَ: الشاعر:
إن القيامة فيما أحسب اقتربت ... إِذ صار قاضينا نوح بْن دراج
نفاه يخبر عنه أنه رجل ... ما إن عدا بين بيوم ولا حاج
بيوم نبت والحاج الشوك.
ولا رباه بألبان اللقاح أب ... ولا توطأه فصلان فرياج
وقَالَ: مُحَمَّد بْن عِمْرَان فيما حَدَّثَنِي ابن أبي سعد حَدَّثَنِي أَبُو عَبْد اللهِ الديداني قَالَ: لما زفر ابن أبي شُبْرُمَةَ ومعه المبتلي:
وأخ يسر بأن أقدم قبله ... ولعله قبلي وإلا لاحقي
وكأنني وأخا نقدم لليلي ... فرسا رهان لاحق بالسابق
مات ابن شُبْرُمَةَ سنة خمس وأربعين ومات ابن أبي ليلى والأعمش بْن(3/107)
جعفر بْن مُحَمَّد سنة ثمان وأربعين فلما حَدَّثَنِي ابن أبي سعد عَن الضبي عَنْ عَبْدِ المؤمن الزعفراني عَنْ عَبْدِ السلام بْن حرب.
أَخْبَرَنَا حماد بْن إسحاق الموصلي عَن أبيه عَن السكوني مُحَمَّد بْن الفضل قال: كان رجل من أهل الكوفة يُقَالُ لَهُ: أَبُو السمح يختلفَإِلَى ابن شُبْرُمَةَ يطلب العلم فتزوج عيسى بْن موسى الجريرية من الجرير فَقَالَ: عيسى لابن شُبْرُمَةَ: انظر لي رجلاً يقدر يحملها إلي وكان بالحيرة عيسى فأرسل أبا السمح يحملها فَقَالَ: مساور الوراق:
بينما نحن نرتجي لأبي السم ... ح طبيباً ببلخ تستز والفراتا
إذ أتانا على الرفاق بعهد ... ليته قبل عهده كان ماتا
وزعم مُحَمَّد بْن إسحاق الكندي أن الْحَسَن بْن هارون حدثهم عَن ابن خزيمة مزاحم بْن زفر قَالَ: أنشدني:
اغسل يديك جميعاً ثم أنقهما ... غسل الجنابة من خير ابن غراء
كم قد رأيت له من جبة خلق ... كانت لنباش قبر أو لحذاء
مركوبه برقاع غير واحدة ... قد كان يقطع فيها الصيف رسماء
إذا تقبض لي فيها ذكرت به ... عصفور أرمن في حانوت قلاء
أبروا إِلَى الله مما كان دنسه ... للقاضيين كما يبرأ من الداء
يعني ابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ.
حَدَّثَنِي يحيى بْن أَحْمَدبن خالد عَن أبيه عَن أبي الجواب الضبي قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: في ابن أبي ليلى:
وكيف ترجي لقضاء القضا ... ولم تعرف الحكم في نفسكا
وتزعم أنك لابن الجلاح ... وهيهات دعواك من أصلكا
أَخْبَرَنَا حماد بْن إسحاق عَن أبيه قال: ذكر قضاء ابن الوليد عَن ابن(3/108)
عَمْرو المديني ما رأيت جريراً اعتذر من هجاه إِلَّا ضبة فإنه قال:
يا ضب أو لا حلقة مهجوتكم ... جميعاً ولكني عتبت على بكر
فلا تؤيسوا بيني وبينكم الثرى ... فإنكم بيني وبينكم ستر
حَدَّثَنِي جعفر بْن أَحْمَد بْن سلم قَالَ: حَدَّثَنِي يحيى بْن معين قَالَ: حَدَّثَنَا الأبار قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: الصبر بالتصبر ومن بالغ في الخصومة أثم ومن قضى عنها خصم.
وقَالَ ابن شُبْرُمَةَ: خصص عيسى بْن موسى على سعيد بْن كاتم مولى عُمَر بْن حريث:
قل للأمير هداك المليك ... تول الحكومة في مذنب
تول الحكومة في فاسق ... حبيب المآكل والمشرب
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن عَمْرو عَن عُمَر بْن عبيدة عَن أبي عاصم قال ابن شُبْرُمَةَ لرجل: لا نصبر عليك بكبد سوداء فتضربه.
قال: حَدَّثَنَا خلاد بْن يزيد قَالَ عَمْرو: دخل ابن شُبْرُمَةَ وابن أبي ليلى على المهدي فخلع أحدهما نعليه واحتبى الآخر والمهدي ولي عهد فخرج مغضباً وقَالَ: للربيع: أما ترى ما صنع هَذَان؟ فأقبل على ابن شُبْرُمَةَ فَقَالَ: يا أعرابي يا كلب. وأقبل علي ابن أبي ليلى فَقَالَ: يا دعي. قَالَ ابن شُبْرُمَةَ:، فهان علي ما قَالَ لي: حين قَالَ: لابن أبي ليلى: يا دعي.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن سعد الكرابي، قَالَ: حَدَّثَنَا سهل بْن مُحَمَّد، قَالَ: حَدَّثَنَا الأصمعي عَن ابن عيينة عَن ابن شُبْرُمَةَ قال: استعمل عامل على اليمن وجعلت معه كالوزير وفرضت لي دنينيرات فما دريت من أين آخذها حتى طلبت في أن تجعل في خربة يهودي باليمن.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن منصور الرمادي قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزاق عَن مَعْمَر قال: لما انصرف ابن شُبْرُمَةَ عَن القضاء وخرج، شيعة الناس وكنت(3/109)
فيمن شيعه فلما انصرف الناس وأفردني وإياه المسيرقَالَ لي: يا أبا عروة أَحْمَد الله إليك ما استحدثت ثوباً مذ وليت القضاء من حلال فأما الحرام فلا سبيل إليه.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن الْحَسَن عَن النميري عَن أبي عاصم عَن ابن أخي شُبْرُمَةَ وهو مُحَمَّد بْن عمارة عَن ابن شُبْرُمَةَ قال: لقد رأيتني وأنا بالكوفة ثلاثة أحوج، مني ومن ابن أبي ليلى ومن الحجاج بْن أرطاة وما بها اليوم ثلاثة أهنأ منا.
حَدَّثَنِي ابن أبي سعد عَن النميري عَن بكر بْن عَبْد اللهِ بْن عاصم قال: حَدَّثَنِي صاحب هذه الدار قَالَ: خرجنا أنا وابن شُبْرُمَةَ والحجاج بْن أرطاة وابن أبي ليلى إِلَى الشام نطلب عملاً فلم نجد عملاً إِلَّا مشغولاً برجل فقلنا: ارجعوا واستعملوا الأراجيف وانتظروا دولة تكون.
أَخْبَرَنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بْن صالح قال: حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن زفر قَالَ: حَدَّثَنَا حيان بْن علي عَن ابن شُبْرُمَةَ قَالَ: ما لبس الرجال لباساً أزين من العربية ولا لبس النِّسَاء لباساً أزين من السحم.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن زنجويه قال: حَدَّثَنَا الحميدي قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان قَالَ: سمعت ابن شُبْرُمَةَ يقول: ما بين العذيب إِلَى حلوان جذوة الدنيا.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن عَمْرو قال: حَدَّثَنِي هارون بْن مُحَمَّد الحراني قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أبي شيخ قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: لأهل البصرة: لنا أخلاق ملوك المدائن وسخاء أهل السواد وظرف أهل الحيرة ولكم سفه السند وبخل الخوز وحمق أهل عمان.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن عُمَر بْن أبي سعد قال: حَدَّثَنَا أَبُو هاشم الرفاعي قَالَ: حَدَّثَنِي جهينة القطان مولى ابن شُبْرُمَةَ قَالَ: سمعت ابن شُبْرُمَةَ يقول:(3/110)
نعم الرجل أَبُو هشام يعني مغيرة بْن مقسم الضبي إِلَّا أنه يشرب النبيذ حتى تحمر أذناه. قَالَ: قلت إنه كأني أعذره قَالَ: أليس يراه الشاطر فيقتدي به.
حَدَّثَنِي أَبُو قبيصة الضبي مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن بْن عمارة بْن القعقاع بْن شُبْرُمَةَ عَن النبيذ فَقَالَ: إن شربته خفت تحريم من حرمه وإن لم أشربه لم أحب تحليل من حلله.
وأَخْبَرَنِي ابن أبي سعد عَن ابن أبي دثار عَن الهيثم بْن يعل الضبي قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: كان الطرماح بْن حكيم لنا جليساً فافتقدناه لننظر ما دهاه فلما كنا قريباً من منزله إِذَا نحن بنعيش عليه مطرف خز أخضر فقلنا من هَذَا قالوا الطرماح فَقَالَ: بعضنا لبعض ما استجاب الله له حَيْثُ يقول:
وإني لمقتاد جوادي فقاذف ... به وبنفسي العام إحدى المقاذف
لأكسب مالاً أو أزول إِلَى غنى ... من الله يكفيني عذاب الخلائف
أحاذر أن يعترني وسط شنوة ... نزور بني تعز حمام المتالف
فيا رب إن حانت وفاتي فلا تكن ... على سرجع يعلى بخضر المطارف
ولكن يصحن شهيداً عصبة ... يصابون في فج من الأرض جانف
فوارس من شيبان ألف بينهم ... تقي الله وقافون عند المراجف
إذا فارقوا دنياهم فارقوا الأذى ... وصاروا إِلَى موعود ما في المصاحف
ولكن قبري بطن نسر بقلة ... بجو السماء في نسور عوائف
حَدَّثَنِي عَن مُحَمَّد بْن حميد عَن جرير عَن ابن شُبْرُمَةَ قَالَ: قضى على بعض الفواد فَقَالَ: إياك والله لئن هربت لأتبعنك القضاء وقَالَ: لخصمه خذ منه كميلاً أو وكيلا.(3/111)
وأيضاً عَن ابن شُبْرُمَةَ قال: لأن أستعمل خائناً بصيراً بالعمل أحب إلي أن أستعمل ضعيفاً لا يبصر العمل.
حَدَّثَنِي أَبُو قبيصة الضبي مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن بْن عمارة بْن القعقاع ابن شُبْرُمَةَ بْن الطفيل قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بْن مُحَمَّد قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: لقد أخذت غلاماً حية بسجستان فهشت قدمه فصدعت جبينه.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مهاجر قال: حَدَّثَنَا ابن عيينة قال: قَالَ: سمعت ابن شُبْرُمَةَ يقول: الفقير أولى ما خدمته. وحَدَّثَنِيه ابن أبي الدنيا عَن مُحَمَّد بْن عباد مثله.
وحدثت عَن هارون بْن معروف عَن ابن عيينة قال: سمعت ابن شُبْرُمَةَ يقول قميص بثلاثين إِلَى الأربعين وطيلسان بمائة. وأَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن الْحَسَن عَن النميري عَن أبي عاصم عَن مُحَمَّد بْن عمارة قال: كان لابن شُبْرُمَةَ بغل يدفع دفعاً فقيل له لو اتخذت برذوناً فقال: هَذَا أشبه بالسنان.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أبي سعد قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عِمْرَان قَالَ: حَدَّثَنِي هاشم بْن مُحَمَّد الهلالي قَالَ: حَدَّثَنِي جدي سعيد بْن خيثم قال: بيع متاع ابن شُبْرُمَةَ بعد موته بسبعة عشر درهماً.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن قال: حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن أبي شيبة قَالَ: حَدَّثَنَا أبي عَن ابن شُبْرُمَةَ قال: قضى على رجل بقضية فقال: هَذَا قضاء شبرمي لا قضاء الأدعياء.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إسحاق الصغاني قال: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يونس قَالَ: حَدَّثَنَا مندل قَالَ: سألت ابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ عَن الداري فقالا خمر.(3/112)
حَدَّثَنَا الصغاني قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بْن الربيع بْن طارق قَالَ: حَدَّثَنَا يحيى بْن أيوب قَالَ: سألت ابن شُبْرُمَةَ وابن جريج عَن رجل أصدق امرأته مائتي دينار فتصدقت عليه بها فطلقها قبل أن يدخل بها فقالا ليس عليه شيء.
حَدَّثَنَا الصغاني قال: حَدَّثَنَا شريح بْن يونس قَالَ: حَدَّثَنَا هشيم عَن ابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ قالا: إِذَا كان أوصى بعتق مملوك كان له بدئ به وإذا قال: أعتقوا عني فمن الثلث.
حَدَّثَنَا الصغاني قال: حَدَّثَنَا يحيى بْن أبي بكير قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن عييثة قَالَ: سمعت ابن شُبْرُمَةَ وابن أبي ليلى يقولان: إِذَا أوصى بفرع شيء لم يوصي بأصله فلا تجوز الوصية.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن سعيد بْن الكراني قال: حَدَّثَنِي أَبُو الأسود عَن الْحَسَنِ بْن هارون قَالَ: حَدَّثَنَا زكريا بْن زِيَاد النحوي قال: كان أشياخنا يقولون جالس العلماء فإنك إن أصبت حمدوك وإن أخطأت علموك وإن جهلت لم يعنفوك ولا تجالس الجهال فإنك إن أصبت لم يحمدوك وإن أخطأت لم يعلموك وإن جهلت عنفوك وإن شهدوا لك لم ينفعوك.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان قال: حَدَّثَنِي أَبُو الأسود أَحْمَد بْن القاسم سهل قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن صالح العجلي قال: كلم رجل من أصحاب ابن شُبْرُمَةَ ابن شُبْرُمَةَ في حاجة ليكلم أبا مسلم فيها فقال: إن أبا مسلم قد كلمته في مثل هَذَا فلم يقض حاجتي واعتذر ابن شُبْرُمَةَ إِلَى الرجل فأبى أن يقبل عذره وذمه فَقَالَ: حسان بْن علي العنزي إن أمراً منعه شكر كثير أوليته قليل منعه لقليل الشكر. قال: فَقَالَ ابن شُبْرُمَةَ: هَذَا والله رجل أهل الكوفة بعد قليل.(3/113)
وحدثت عَن الثوري عَن ابن عيينة قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: دخلت على أبي مسلم والمصحف في حجره وقد عرض السيف على فخذه فَقَالَ: يا ابن شُبْرُمَةَ هو والله ما ترى هلك أو ملك.
وقَالَ: ابن عيينة: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: لما دخلت عليه قَالَ: من الرجل ? قلت: من ضبة. قال: اضربا عنقه، قلت: لست من ضبة البصرة أنا من ضبة الكوفة، قَالَ: كل والله رديء خليا عنه.
حَدَّثَنِيه عَن أبي سعيد عَن مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْن طهمان عَن أبيه قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: فذكر مثل الأول، قال: فذكرت قول الفرزدق:
إِلَى ولم أترك على الأرض حية ... ولا نائحاً إِلَّا استميس عقورها
حَدَّثَنِي جعفر بْن مُحَمَّد قَالَ: حَدَّثَنَا مزاحم بْن سعيد قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن المبارك قَالَ: حَدَّثَنَا رباح بْن زيد أن ابن شُبْرُمَةَ قَالَ: في رجل يقول غلامي هَذَا لك ما عشت فإذا مت فهو حر فهو لفلان قَالَ: يختلف هَذَا عندي لأن العتق لا يرد ولا يرجع فِيْهِ فهو جائز إِذَا مات هَذَا، وأما إِذَا قَالَ: هو لفلان بعدك فإن ملك الأول يقطع عَن الآخر أنه يرجع في هَذَا إن شاء.
أَخْبَرَنِي جعفر قَالَ: حَدَّثَنَا مزاحم قال: أَخْبَرَنَا عَبْد اللهِ بْن المبارك قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان قال: كان حماد وابن أبي ليلى يقولان: إِذَا أعطى الرجل امرأته عطية ولم تقبض بعد أن يعلم فهو جائز لها لأنها في عياله. قال: وكان ابن شُبْرُمَةَ يقول: لا حتى تقبض وقول ابن شُبْرُمَةَ أحب إِلَى سُفْيَان.
أَخْبَرَنِي جعفر قال: أَخْبَرَنَا مزاحم قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَان عَن ابن شُبْرُمَةَ قَالَ: أسأله عَن بينة فإن أنفق احتساباً لم أعطه شيئاً(3/114)
وإن كان أنفق لغير ذلك أعطيته نفقته إِلَى أن يسعى الغلام فإذا سعى لم يكن للمنفق عليه شيء لأن نفقته لمنفعة الغلام.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن أبي الربيع الجرجاني قال: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق عَن مَعْمَر عَن ابن شُبْرُمَةَ قال: إِذَا قَالَ: الرجل لعَبْده: أنت حر على أن تخدمني عشر سنين فله شرطه.
وعن مَعْمَر عَن ابن شُبْرُمَةَ وغيره قالوا: ليس هَذَا الشرط بشيء، يعني في رجل قَالَ: لرجل: كاتب عَبْدك هَذَا فإن عجز عَن شيء من كتابته فعلي.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن علي قال: حَدَّثَنِي أَبُو الطاهر الشترجي قَالَ: أَخْبَرَنَا وهب قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَان بْن عيينة عَن ابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ قالا: إِذَا قَالَ: الرجل: يوم أشتري هَذَا الغلام أو أبيعه فهو -يعني- حر قالا: إن اشتراه أو باعه فهو على ما قال، فقيل لابن شُبْرُمَةَ: لم تقول ذلك في البيع؟ قال: ليس بقول إِذَا مت ففلان حر فهو مثله.
أَخْبَرَنِي الحسين بْن مصعب قال: حَدَّثَنَا عباد بْن يعقوب قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن فضيل قَالَ: رأيت سُفْيَان وشهد جنازة أم جار لنا ههنا قَالَ: فلما كبر الإمام الأربع انفتل سُفْيَان فأخذ ابن شُبْرُمَةَ بثوبه وقَالَ: ابتدعت والله يا سُفْيَان ابتدعت والله يا سُفْيَان فما رد عليه شيئاً.
أَخْبَرَنِي حسين بْن مُحَمَّد البجلي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُمَر بْن وليد قَالَ: حَدَّثَنَا يحيى بْن آدم قَالَ: حَدَّثَنَا قيس قَالَ: سألت بْن شُبْرُمَةَ عَن رجل قَالَ: في مرضه، ما قَالَ: فلان أنه له فهو علي مصدق فصدقوه وأعطوه، فقال: يصدق ما بينه وبين الثلث، قَالَ: يحيى: نستحسنه.(3/115)
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن أبي الربيع قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزاق عَن مَعْمَر عَن قتادة قال: إِذَا كاتب العَبْد وامرأته وشرط حيكما على ميتكما فمات أحدهما فهو على الباقي منهما. وإن ماتت الأم فهو على ولدها.
أَخْبَرَنَاالْحَسَن أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق قالا: أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَن حماد وابن شُبْرُمَةَ وغيرهما من أهل الكوفة فقالوا: ليس هَذَا بشيء. مالك يحمل عَن مالك.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن إسحاق الصغاني قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الصباح قال: حَدَّثَنَا إسماعيل ابن زكريا عَن مالك بْن معزل عَن أبي حمزة قال: دخل ابن شُبْرُمَةَ والشعبي والْحَسَن على ابن هبيرة وهو يومئذ أمير فسلم الشعبي والْحَسَن عليه بالإمرة وقَالَ ابن شُبْرُمَةَ: هكذا كان يسلم على رسول الله.
قَالَ: الصغاني: رأيت في كتاب أبي عبيد بخطه وقالوا عَن ابن عيينة عَن ابن شُبْرُمَةَ فمن ليس له وارث قال: ليس له أن يوصي بماله إنما له الثلث لأن المسلمين يعقلون عنه.
أَخْبَرَنَا الصغاني قال: حَدَّثَنَا قبيصة قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان ابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ قالا: الشفعة على رءوس الرجال.
أَخْبَرَنِي جعفر بْن مُحَمَّد قال: حَدَّثَنَا عُثْمَان قال: جرير عَن مغيرة قال: أول من سأل عَن الشهود في السر ابن شُبْرُمَةَ.
أَخْبَرَنِي جعفر قال: حَدَّثَنَا موسى بْن السندي الجرجاني قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النضر قَالَ: حَدَّثَنَا الأشجعي عَن مسعر بْن كدام قال: شهد رجل عند ابن شُبْرُمَةَ فَقَالَ: بم تشهد ? فقال:
شهدت بأن التمر بالزبد طيب ... وأن الثريد الأنبجاني صالح
فَقَالَ ابن شُبْرُمَةَ: وأنا أشهد: قَالَ: أَبُو النضر: عرف أنها شهادة زور.(3/116)
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن مُحَمَّد بْن حسن قال: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن عَبْد اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي هشيم أن ابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ كانا يجيزان شهادة الرجل.
حَدَّثَنَا الرمادي قال: حَدَّثَنَا يزيد بْن أبي حكيم قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن ابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ أنهما قالا: الشفعة على رءوس الرجال.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن عَمْرو قال: حَدَّثَنِي سُفْيَان بْن وكيع قَالَ: حَدَّثَنَا ابن عيينة قال: سمعت ابن شُبْرُمَةَ يقول: اتق الله تقوى بعد بر.
حَدَّثَنِي سليمان بْن أيوب المدائني، أَبُو أيوب قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سلام قَالَ: حَدَّثَنِي خلاد بْن يزيد عَن إسماعيل المكي قال: ركبني دين ألف درهم فضقت بها فكلمت ابن شُبْرُمَةَ وكان على أمر عيسى بْن موسى فقلت: إن وجدت لي على الأمير مدخلاً فلعلي أقضي ديني هَذَا قَالَ: فكتب إِلَى أبي: قدكلمت الأمير فزعم أنه يقضي دينك ويضمك إِلَى بيته" فخرجت إِلَى الكوفة فأول من لقيني ابن المقفع فقال: ما أقدمك فأخبرته وقلت له بما كتب إِلَيَّ ابن شُبْرُمَةَ فَقَالَ لي: أمعلم كبار بعد هذه السن وهذه الحال أما والله لو كنت عربياً ما رضى لك بهَذَا.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مسلم قال: قَالَ سُفْيَان: سأل بعض الأمراء ابن شُبْرُمَةَ: ما هذه الأحاديث التي تحدثها عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: كتاب كان عندنا حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة قال: حَدَّثَنَا ابن عيينة عَن ابن شُبْرُمَةَ قال: مر سليمان بطائر وهو يزق فراخه ويعلمهم الطيران فَقَالَ: الطائر ليت سليمان يجلس جلسة حتى أدخل فراخي فجلس سليمان فلما أدخل الطائر فراخه أخذ الماء بمنقاره فجعل يرش الطريق لسليمان شكراً لما صنع به.(3/117)
حَدَّثَنَا إسماعيل بْن إسحاق القاضي قال: حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد اللهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان قال: ذكر عند ابن شُبْرُمَةَ:
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
فَقَالَ ابن شُبْرُمَةَ: يأتي بها من لم تزود ومن تزود.
دعابة اهـ.
وأَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن أبي سعد عَن النميري عَن علي بْن إسماعيل بْن هيثم عَن ابن شُبْرُمَةَ قال: زوجت ابناً لي على ألفي درهم وليست عندي فجعلت أفكر حتى ذكرت أبا أيوب المرزباني فأتيته فقلت: إني زوجت ابناً لي على ألفي درهم ولا والله ما هي عندي قَالَ: فهي لك عندنا فجزيته خيراً وذهبت أقوم فَقَالَ: اجلس؛ فإذا أعطيت المهر فلا تريد أن تعمل طعاماً؟ قَالَ: قلت: بلى قَالَ: ولك ألفان، قال: فذهبت أقوم فَقَالَ: فما تريد جهازاً؟ قلت: بلى قَالَ: ولك ألفان. قَالَ: وذهبت أقوم قَالَ: فما تريد خادماً؟ قلت: بلى قَالَ: ولك ألفان. قَالَ: فذهبت أقوم قَالَ: مكانك فالشيخ لا يريد أن يحدث شيئاً قَالَ: قلت: بلى قَالَ: فلك ألفان. قَالَ: فذهبت أقوم فَقَالَ: مكانك أما تريد كذا، فجعل يذكرني حتى انصرفت والله من عنده بخمسين ألف درهم.
حَدَّثَنِي عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الحكم قال: حَدَّثَنَا حامد بْن يحيى قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن ابن شُبْرُمَةَ قال: قَالَ لي: عيسى بْن موسى: لتلين شرطة الكوفة كذا وكذا فإن زياداً قَالَ: إني لست أقدر على الغثيثة حتى أبطل اللحم الحي.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن صعصعة قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عنان قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ:، قَالَ لي: ابن هبيرة قبله ما بد من أن تعمل لي على شرطة الكوفة فلما ألح علي قلت أما والله حتى تندب ظهري وتطيل حبسي فلا.(3/118)
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أبي سعد قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عباد قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان قال: قَالَ: سمعت ابن شُبْرُمَةَ يقول للوصافي قد كتبناك في العمال يقال: من يستعملني أما لا يسألني أحد شيئاً إِلَّا أعطيته.
حَدَّثَنِي عَبْدُ العزيز بْن عَبْد اللهِ الهاشمي الإمام قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ القدوس بن أزهر الحجبي عَن ابن عيينة قَالَ: جلسناإِلَى ابن شُبْرُمَةَ أيام ولي أَبُوالعباس الخلافة فخرج ابن أبي ليلى من عند أبي العباس فجلس ابن أبي ليلى في مجلس لم يكن له بمجلس وابن شُبْرُمَةَ في صدر المجلس.
فحَدَّثَنِي أَحْمَد ابن أبي خيثمة قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن سلام قَالَ: قيل لابن شُبْرُمَةَ ارتفع إِلَى الصدر قال: حَيْثُ قعدت فأنا صدر.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرو بْن مُحَمَّد قَالَ: حَدَّثَنَا ابن عيينة عَن ابن شُبْرُمَةَ قال: كان يجالسني مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن مولى آل طلحة فقالوا إنه يستسره فقلت: امنعوه.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن عَمْرو بْن بشر قال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن مروان بن معاوية الفزاري قال: أَخْبَرَنَا أبي قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: كان يزيد بْن عَمْرو بْن هبيرة حاسداً لولد أسماء بْن خارجة وذاك أني كنت أسمر عندهم وقل ليلة إِلَّا وأنا أذكر له ما يمنع الأمير أصلحه الله من آل أسماء بْن خارجة أن يتزوج بهم وأن يتزوج منهم ولده فيقول: إن لي فيهم رأياً؛ قَالَ: يقول أبي: وما كان أبعد ابن هبيرة لو رام ذاك من آل أسماء بْن خارجة أن يفعلوا، قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: فلما أكثرت عليه قَالَ: اسكت كأنك لا تحسن إِلَّا هَذَا قال: فكففت فجرت بيني وبينه ليلة مفاخرة فقلت: إن أذن لي الأمير فاخرته قَالَ: هات قال:
قلت جئني بمثل لقيط بْن زرارة جئني بمثل معَبْد بْن زرارة جئني بمثل عطارد بْن حاجب جئني بمثل فلان وفلان(3/119)
من تميم وضبة قال: أفرغت ? قَالَ: نعم فطرح آباءه ناحية فلم يذكرهم وقَالَ: أجئك بهم ثم أجئك بهم ثم لا تقدر أن تنكرهم ولا تدفعهم جئني بمثل بدر بْن عُمَر فحَدَّثَنِي بمثل حذيفة بْن بدر جئني بمثل حصن بْن حذيفة جئني بمثل عيينة بْن حصن كابراً عَن كابر يسودون ويشرفون ويحجبون قَالَ: قلت: فما منع الأمير أصلحه الله منهم. قال: قَالَ: فعليَّ أن أفعل، أوكما قال.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أبي سعد قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عِمْرَان قَالَ: حَدَّثَنِي الوليد ابن عُثْمَان القرشي قال: قضى ابن شُبْرُمَةَ على يزيد بْن مزيد فتذمر وتكلم فَقَالَ ابن شُبْرُمَةَ: لعل نجاد سيفك المعلق بعنقك معزل من نفسك، إن ههنا لأقواماً لو رأوا حقاً بيناً لتركوك خلف أعقابهم.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير قَالَ: أَخْبَرَنَا سليمان بْن أبي شيخ قال: كان ابن شُبْرُمَةَ وابن أبي ليلى يغدوان على عيسى بْن موسى فمر ابن أبي ليلى على ليث بْن سليم وهو يؤذن ويقول: الصلاة خير من النوم" وقد أسفر جداً، فَقَالَ ابن أبي ليلى: النوم الساعة خير من الصلاة هَذَا الوقت فَقَالَ لَهُ ليث: الحق فإن صاحبك قد سبقك.
حَدَّثَنِي طلحة بْن عَبْد اللهِ بْن مُحَمَّد بْن إسماعيل التيمي قال: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْد الرحمن العلائي قَالَ: حَدَّثَنِي أبي قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن أبي غالب قَالَ: حَدَّثَنَا هشام قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: وضعت ثلاثة أشياء لم يعمل بها أحد ممن بقي بعدي، المسألة عَن الشهود في السر، وإثبات الحجج، وتخلية الشهود.
حَدَّثَنَا أَبُو يعلى المنقري قال: حَدَّثَنَا الأصمعي عَن حماد بْن زيد قال: ما رأيت كوفياً أفقه من ابن شُبْرُمَةَ.
وحَدَّثَنَا أَبُو بكر الرمادي قال: حَدَّثَنَا مسدد عَن ابن داود قال: سمعت سُفْيَان يقول فقهاؤنا: ابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ.(3/120)
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة: حَدَّثَنَا أَبُو الفتح قَالَ: قَالَ سُفْيَان: قالوا لابن شُبْرُمَةَ: نراك معجباً برأيك قَالَ: لو لم أعجب به لم أقض به.
حَدَّثَنَا الرمادي قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزاق قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَر قَالَ: قَالَ: أَبُو الزناد لابن شُبْرُمَةَ: منا خرج العلم. قَالَ: فَقَالَ لَهُ ابن شُبْرُمَةَ: فمتى يؤوب.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن عَمْرو بْن أبي سعد قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُوموسى الأنصاري قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان قال: سألوا ابن شُبْرُمَةَ بأي شيء تعرف السكران يا أبا شُبْرُمَةَ؟ قال: إِذَا مادت رجلاه واختلط كلامه، فَقَالَ لي: رجل: لم تسمع حديث صاحبك.
حَدَّثَنِي طلحة بْن عَبْد اللهِ التيمي قال: حَدَّثَنِي العلائي قَالَ: حَدَّثَنِي أبي قال: كان قاضياً باليمن يعني ابن شُبْرُمَةَ فلما عزل فقدم الكوفة قَالَ: لمولى له: ما تسمع الناس يقولون؟ قال: يقولون: إنك خنت المال. قَالَ: نحن لم نخن شيئاً ويقولون غير هَذَا، ثم سأله بعد فقال: ما تسمع ?قَالَ: يقولون إنك لم تخن. قَالَ: ألم أقل لك؟.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أبي سعد قَالَ: حَدَّثَنَا بْن أبي سعد قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عِمْرَان قَالَ: حَدَّثَنِي طاهر بْن الحسين الحسحاس عَن المعلى بْن هلال قَالَ: سمعت بْن شُبْرُمَةَ يقول: أفضل الصبر التصبر ومن بالغ في الخصومة أثم ومن قصر فيها خصم ومن لزم العفاف هانت عليه الملوك والسرر ولا يصدع بالحق من هاله غضب الرجال.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة قَالَ: حدثت عَن مُحَمَّد بْن فضيل عَن ابن شُبْرُمَةَ أنه كان يقول لبنيه وبنى أخيه: لا تجالسوا السفلة فيجترئوا عليكم فإن هذه الزط ليسوا بأشجع الرجال فإنما تجترئون على الأسد لكثرة ما ترونها.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير قال: حَدَّثَنَا أَبُو الفتح نصر بْن المغيرة قَالَ: قَالَ:(3/121)
سُفْيَان: لقي ابن شُبْرُمَةَ جابر الجعفي فَقَالَ: ما يمنعك أن تستشير ? قال: أستشير فيما أعلم أو فيما لا أعلم فلو قَالَ: فيما تعلم فقلت فلم أستشير فيما أعلم ولو قَالَ: فيما لا تعلم لقلت لم أقضي بما لا أعلم.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن عَمْرو قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عِمْرَان قَالَ: حَدَّثَنِي أبي عِمْرَان بْن زِيَاد قال: كان ابن شُبْرُمَةَ يقول يا حارثة هان عذابي حتى أقوم إِلَى بلائي.
حَدَّثَنَا طلحة بْن عَبْد اللهِ الطلحي قَالَ: حَدَّثَنِي العلائي قَالَ: قَالَ: رجل من أهل البصرة لابن شُبْرُمَةَ نحن أفقه أو أنتم فَقَالَ: نحن أطلب لأحاديث القضاء وأنتم أطلب لأحاديث البكاء.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أبي سعد قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو موسى الأنصاري قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان قَالَ: أقام ابن شُبْرُمَةَ بمكة ثلاث سنين فَقَالَ: أحب أن أطوف إِذَا أتيت مكة يوم النحر ولم أكن طفت طوافين.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير عَن سليمان بْن أبي شيخ قال: حَدَّثَنِي حجر بْن عَبْد الجبار قال: كان ابن شُبْرُمَةَ يجلس عند عيسى بْن موسى فينزع نعليه فيجعلهما تحت قدمه فرآه عيسى يفعل ذلك فَقَالَ: لصاحبه قل لهَذَا ينحى قذره عنا.
حَدَّثَنِي طلحة بْن عَبْد اللهِ التيمي عَن عافية بْن شبيب بْن خاقان قَالَ: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: لرجل استضعفه أنت والله حجة خصمك وسلاح عدوك وفريسة قومك.
حَدَّثَنِي طلحة بْن عَبْد اللهِ عَن عافية بْن شبيب قال: كان ابن شُبْرُمَةَ يقول مبيت ليلة بالحيرة أفضل من شربة بيادر طوس.
حَدَّثَنِي أَبُو الأحوص القاضي مُحَمَّد بْن الهيثم قال: حَدَّثَنَا نعيم بْن حماد سمعت سُفْيَان بْن عيينة يقول سمعت ابن شُبْرُمَةَ يقول: رفع إلينا قَالَ: أو جاءنا مال للقسمة فما دعوت إليه أحداً إِلَّا أجابني إِلَّا جرير الضبي.(3/122)
وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مهاجر بْن موسى قَالَ: حَدَّثَنَا نعيم بْن حماد عَن ابن المبارك قَالَ: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: عجبت من الذي يحتمي من الطعام مخافة الداء كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة النار.
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن زهير قال: أَخْبَرَنَا سليمان بْن أبي شيخ قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَان الحميري قال: قَالَ عيسى بْن موسى لابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ: أسألكما عَن الرجل فتخبراني عنه بخبر فإذا بلوناه فاستعملناه لم نجده كذلك! قالا: لو سألت عنه أيها الأمير غيرَنا في ذلك الوقت لأخبرك بمثل ما أَخْبَرَنَاك ولكنها الدنيا تعرض لهم فيغترون، قَالَ: صدقتما.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الفتح قال: قَالَ سُفْيَان: اختلف ابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ في النبط؛ فَقَالَ ابن شُبْرُمَةَ: هؤلاء النبط إنما هم رقيق. وقَالَ ابن أبي ليلى: فإن كانوا رقيقاً للمسلمين فإني قد أعتقت نصيبي.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن حماد، قَالَ: حَدَّثَنَا إسحاق بْن إسماعيل، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان قَالَ: كلم عَمْرو بْن عبيدٍ ابنَ شُبْرُمَةَ في التعزير، قَالَ عَمْرو: كان الْحَسَن لا يرى التعزير، قَالَ سُفْيَان: فلقيت ابن شُبْرُمَةَ فَقَالَ: وجدت عليه حجة من القرآن، قَالَ الله تعالى: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ [النِّسَاء: 34} .
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يوسف التغلبي قال: قَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ: أخبروني عَن سُفْيَان بْن عيينة قَالَ: حدثت ابن شُبْرُمَةَ بحديث ابْن عَبَّاس: من فر من اثنتين فقد فر ومن لم فلم يفر" قَالَ: أما أنا فأرى الأمر بالمعروف والنهي عَن المنكر فمثل هَذَا لا يعجز الرجل عَن اثنتين يأمرهما وينهاهما.
أَخْبَرَنِي إبراهيم ابن أبي عُثْمَان عَن مُحَمَّدبْن عِمْرَان الضبي عَن عمار بْن أبي مالك الختني عَن إسماعيل بْن حماد بْن أبي حنيفة قَالَ: كانت دعوى(3/123)
ابن شُبْرُمَةَ طينة إِلَى العمال يذهب بها الرجل فيأتي معه العامل فرد الطينة مرة رجل فبعث من أتى به فأتى به وقد قربت بغلته إليه ليركبها، فَقَالَ ابن شُبْرُمَةَ: رددت الطينة مرتين، خففت عنكم البون ورفعت عنكم الأعوان، رددت الطينة لأضربك ضرباً يكون السوط أحد أكفانك.
قَالَ الضَّبِّيُّ: وحَدَّثَنِي العباس بْن هاشم عَن ابن فضيل فيما احفظ قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ لابن أخيه عُثْمَان بْن عَبْد اللهِ: تعمل على الحيرة فإنها صلح صالح عليها خالد بْن الوليد.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير قال: سمعت يحيى بْن معين يقول: مات ابن شُبْرُمَةَ سنة أربع وأربعين وقَالَ مُحَمَّدبْن عِمْرَان: وهو ابن ست وثمانين.
أَخْبَرَنِي أبي عُثْمَان عَن الضبي عَن شيخ يكنى أبا عَمْرو قال: دخل ابن شُبْرُمَةَ على عيسى بْن موسى يوم فطر فَقَالَ لَهُ: قبل الله منك الفرض والسنة واستقبل بك الخير والنعمة.
قال: وولي عيسى بْن موسى ابن شُبْرُمَةَ لما قدم من سجستان المظالم وولي ابن أبي ليلى القضاء.
حَدَّثَنَا إسماعيل ابن إسحاق قال: حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد اللهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: كان عيسى بْن موسى يسألنا عَن الرجل فنقول: هو من جمال المحافل.
حَدَّثَنَا إسماعيل قال: حَدَّثَنَا علي قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان قال: كان ابن شُبْرُمَةَ يقو لفلان: ليس من جمال المحافل إنما هو من الزوامل.
ابن أبي سعد عَن عُثْمَان عَن جرير قال: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: إِذَا عظمت الحلقة فإنما هو نداء أو نجاء.
أَخْبَرَنِي ابن أبي زهير بْن أبي عُثْمَان عَن مُحَمَّد بْن صدقة الجيلاني عَن(3/124)
شريح بْن يزيد الحضرمي عَن عيينة بْن سعد بْن غنم الكلاعي أنه سمع عَبْد اللهِ بْن شُبْرُمَةَ يقول: اتهموا الناس فيما لا يعلمون.
أَخْبَرَنِي محمود بْن مُحَمَّد المروزي قال: حَدَّثَنَا الجارود بْن معاذ قَالَ: حَدَّثَنَا خالد بْن زِيَاد قَالَ: سألت ابن شُبْرُمَةَ عَنْ رَجُلٍ قَبَّلَ ابْنَتَهُ فَأَمْنَى؟ قَالَ: إن كان أراد منها ما أراد من أمها فقد حرمت عليه أمها، وإلا فذلك من عمل الشيطان لا تحرم.
أَخْبَرَنَا عَبْد الرحمن بْن مُحَمَّد بْن منصور الحارثي قال: حَدَّثَنَا أبي قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوارث قَالَ: حَدَّثَنَا ليث عَن الشعبي قال: الصلاة وزن وكيل فمن وفى وفى له ومن نقص نقص له.
أَخْبَرَنَا أَبُو سعد قال: حَدَّثَنَا أبي قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوارث قَالَ: حَدَّثَنَا ابن شُبْرُمَةَ عَن سالم بْن أبي الجعد قَالَ مثل قول الشعبي.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن علي البزار قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن قدامة الجوهري قَالَ: سمعت سُفْيَان قَالَ: سأل رقبة ابن شُبْرُمَةَ بأي شيء تعرف السكران ? قال: إِذَا اختلط كلامه ومادت رجلاه.
أَخْبَرَنَا الرمادي قال: حَدَّثَنَا يزيد بْن أبي حكيمحَدَّثَنَا سُفْيَان قال: كان حماد وابن أبي ليلى يقول إِذَا أعطى الرجل امرأته عطية ولم تقبضها بعد أن يعلمها فهو جائز لأنها في عياله قَالَ سُفْيَان: وكان ابن شُبْرُمَةَ يقول: لا تقبض وقول ابن شُبْرُمَةَ أحب إِلَى سُفْيَان.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد السلام بْن سليمان الغفاري قال: حَدَّثَنِي العباس ابن الفضيل الربعي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حسان الضبي قَالَ: حَدَّثَنِي ابن شُبْرُمَةَ، قَالَ: بكرت على أبي جعفر المنصور ذات يوم وقد خرج عليه مُحَمَّد بْن(3/125)
عَبْد اللهِ بْن حسن فبعث إليه بعيسى بْن موسى فقتله فما مضى لذلك أيام حتى جاء البريد بخروج إبراهيم بْن عَبْد اللهِ فدخلت إليه وأنا أريد أن أشير عليه أن يصير إِلَى الكوفة وأخبره بمثل أهل الكوفة إِلَى هَذَا البيت، وذلك أنه لم يبق منبر إِلَّا وقد دعا لإبراهيم عليه إِلَّا منبر الكوفة ومنبر مدينة السلام فدخلت عليه في الغلس وهو قاعد على حصيرإِلَى شقة مسورة عليها دراعة سوداء كدروانية وعمامة وسيف في محرابه وعليه قميص له قب ورداء سوسي قد صبغه بشيء من ورس فحانت مني التفاتة فإذا في جانب البيت منارة عليها قنديل عليه مكبة، قَالَ: فملت إليه فإذا ابن عياش المتوف، وإذا هيلانة جاريته فلما فرغ من سبحته التفت فنظر إِلَى هيلانة فقال: ما فكرتك بالخنا ? فقالت: يا أمير المؤمنين إن هاتين العروسين اللتين جاء بهما إسحاق الأزرق من الكوفة الميمنية والطلحية قد ساءت ظنونهما وخبثت أنفسهما إِذ لم تدعهما فتنظر إليهما وتبسط من آمالهما، فقال: أحسا بالخنا، والله لا أطعم الطعام الطيب ولا أشرب الشراب البارد حتى أعلم رأسي في يد إبراهيم أو رأس إبراهيم في يدي ? فالتفت فإذا ابن عياش يتبسم، فقال: ما هَذَا التبسم يا ابن عياش ? قال: يا أمير المؤمنين ذكرت بيت الأخطل في عَبْد الملك. قال: وما هو ? قَالَ: قوله:
قوم إِذَا حاربوا شدوا مآزرهم ... دون النِّسَاء ولو باتوا بأطهار
فقال: يا مسيب، إِذَا خرج ابن عياش فادفع إليه رزقهم.
قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: وسمرت مع أبي جعفر ليلة وعنده إسماعيل وعَبْد الصمد وصالح وسليمان بنو علي فتذاكروا الأكفاء من قريش، فَقَالَ لَهُ إسماعيل:يا أمير المؤمنين إِذَا ضيقنا في الذكور واتسعنا في الإناث(3/126)
خفنا بوار الأيامي، وقدروي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: اللهم إني أعوذ بك من بوار الأيم فَإِلَى من ترى من يتقبل بناتنا من بطون قريش يا عم ? فقال:
عَبْد شمس كان يتلو هاشماً ... وهما بعد لأم ولأب
ثم التفت إِلَى المنصور فقال: يا ابن شُبْرُمَةَ، أكفاؤنا أعداؤنا.
حَدَّثَنِي الحسين بْن مُحَمَّد بْن مصعب، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُمَر بْن وليد قال: زعم قبيصة عَن عباد عَن السماك قال: سمعت ابن شُبْرُمَةَ أو قَالَ: ابن أبي ليلى: قد والله حططنا في أهوائهم وأكلنا من ألوانهم.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن حفص، قَالَ: حَدَّثَنَا عباد ابن شُبْرُمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يعقوب، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن فضيل قال: كان ابن شُبْرُمَةَ لا يشرب النبيذ ولا يمسح على الخفين.
وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حفص قَالَ: وَحَدَّثَنَا حماد قَالَ: وَحَدَّثَنَا ابن فضيل قال: كنت أرى ابن شُبْرُمَةَ يجئ فيقوم في ميمنة المسجد وحده تحت الحائط، فإن اتصل الصف به قام مكانه، وإن لم يتصل حتى يركع الإمام أسرع حتى يجئ فيكون مع الصف.
حَدَّثَنَا الجرجاني قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزاق عَن مَعْمَر أن عُمَر بْن عَبْد الحميد بعث إِلَى رجل من أهل الجند يستعمله على القضاء فدخل على ابن شُبْرُمَةَ وأنا عنده فَقَالَ لَهُ: أنا بعثت إليك لأمر عظيم عظيم، فجعل يعظم له القضاء، فَقَالَ لَهُ: فأي شيء أهون من القضاء ? قال: أفلا أسألك عَن شيء منه يسير ? ما تقول في رجل ضرب شاة حاملاً حتى ألقت ما في بطنها ? قال: فما رد عليه حرفاً، لم يدر ما يقول، فَقَالَ لَهُ ابن شُبْرُمَةَ: اذهب إِلَى أهلك، أردنا أن نبلوك في رأس المائة قبل أن نبلوك(3/127)
من العشرين، فلما مضى قلت: ما تقول يا أبا شُبْرُمَةَ فيها ? قال: تقوم حاملاً وغير حامل ويغرم ما بينهما.
حَدَّثَنَا الجرجاني قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزاق عَن مَعْمَر عَن قتادة في رجل أمرتُهُ أن يشتري لي بمائة فاشترى له بمائة وعشرة ثم هلك، قال: ذهبت زيادة هَذَا ورأس مال هَذَا، قَالَ مَعْمَر: وسألت ابن شُبْرُمَةَ فقال: يضمنه كله.
وعن مَعْمَر عَن ابن شُبْرُمَةَ في المأمونية والمنقلة والجائفة: لا قود فيهن ولا قود في كسر عظم ولا في لطمة ولكن أعطه من ماله بلطمته.
وعن ابن شُبْرُمَةَ في رجل فقأ عين رجل ثم عمى، قال: إن كان رفع إِلَى السلطان فقضى عليه فالقصاص عَن عينه، وإن عمي قبل أن يقضي عليه فليس له شيء، وكذلك القاتل يموت أو يقتل بعد ما يقضي عليه.
وعن ابن شُبْرُمَةَ قال: إِذَا نقصتِ الرِّجْل عَن صاحبها فأعطاه بحساب ما نقصت أو زادت على طولها فأعطاه بحساب ذلك.
وعن ابن شُبْرُمَةَ: كان لا يرى للمرأة عفواً.
وعن ابن شُبْرُمَةَ في الحدود: لا يقبل عفو صاحبها إِذَا بلغت السلطان ولكن العفو في الدية أو القصاص.
وعن شُبْرُمَةَ قال: من اشترى جارية فوضعها على يدي رجل يشتريها فماتت قبل أن تحيض فهي من مال البائع.
وعن مَعْمَر بْن طاوس عَن أبيه قال: من ابتاع شيئاً وبت به فأراد المبتاع أن يقبضه فَقَالَ الْبَائِعُ: لا أعطيكه حتى تقبضني، فهلك، فهو من(3/128)
مال البائع لأنه ارتهنه، فإن قال: خذ متاعك، فقال: دعه حتى أرسل إليك من يقبضه، فهلك، فهو من مال المبتاع، قَالَ مَعْمَر: فإن سكتا جميعاً فإن حماداً وابن شُبْرُمَةَ وغيرهما لا يورثه شيئاً حتى يقبضه.
وعن مَعْمَر عَن ابن شُبْرُمَةَ قال: في الماء شفعة. قَالَ مَعْمَر: فلم يعجبني ما قال.
وعن مَعْمَر عَن قتادة: إِذَا بعت عَبْداً به عيب، ثم حدث عند المبتاع عيب آخر جاز على المبتاع.
قَالَ مَعْمَر: قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: يرد على البائع ويعطيه ما حدث عنده من العيب.
وعن مَعْمَر والثوري عَن ابن شُبْرُمَةَ قال: إِذَا قَالَ: أيهم ثبت أخذت بجميع حقي، ولا نأخذ إِلَّا بالخمض. قَالَ ابن شُبْرُمَةَ: فإن قال: كل واحد منهما كفيل صاحبه فهو جائز.
مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن بْن أبي ليلى
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير بْن حرب، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يزيد، قَالَ: سمعت أبا بكر بْن عياش يقول: بعث يوسف بْن عُمَر إِلَى ابن أبي ليلى يستقضيه على الكوفة وكانوا لا يولون إِلَّا عربياً أو مولى، فَقَالَ لَهُ: أعربي أو مولى عُمَر بْن أبي ليلى؟ فَقَالَ: أصابتنا يد في الجاهلية، فقال: لو كذبتني في نفسك ما صدقتك في غيرك، لم يزل العرب يصيبها في الجاهلية، فقد وليتك القضاء بين أهل الكوفة وأجريت عليك مائة درهم في الشهر، فاجلس لهم بالغداة والعشي فإنما أنت أجير للمسلمين.
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن زهير، قَالَ: حَدَّثَنَا سليمان بْن أبي شيخ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَان، قال: أول من استقضى يوسف بْن عُمَر على الكوفة: ابن(3/129)
أبي ليلى وأجرى عليه مائة وخمسين درهماً في كل شهر.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بْن يونس، قَالَ: قَالَ سُفْيَان: قَالَ يوسف بْن عُمَر لابن أبي ليلى: أنما أنت أجير للمسلمين فابرز للناس غدوة وعشية.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عثمان، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يحيى الحارثي العكندي قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن الأجلح أن يوسف بْن عُمَر قَالَ لمقرن: اطلب لي رجلاً يصلح للقضاء وليكن عاقلاً صليتاً قَالَ: فحَدَّثَنِي مقرن قال: سألت فماوجدت الخير يصح إِلَّا على مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن بْن أبي ليلى والقاسم بن الوليد الهمداني فبعثت إليهما فقلت: إن الأمير سألني رجلاً للقضاء، وقد وقع الخير عليكما فما رأيكما ? فبكيا وقالا: أعفنا من هَذَا، فقلت: إنما كنت أرى هَذَا معروفاً، فأما إِذَا وقع منكما على الخوف وانصرفا فلما كان من الغد جاءني ابن أبي ليلى فقال: فكرت فيما قلت ولي عيال، وقد رأيت أن أرحل فيه، قَالَ: قلت: اغد إِلَى الحيرة فإني غاد إِلَى الأمير، فحضر، فلما دخلت على يوسف قَالَ لي: أين الرجل ? قلت: بالباب، قَالَ: أدخلوه، وكان ابن أبي ليلى جميلاً فصيحاً، فَقَالَ لَهُ يوسف: ممن الرجل ? قال: من اليمن، قال: من أي بطن ? قال: من الأنصار، قال: فأنت موضع لحاجتنا، ما رأيك في القضاء ? فقلت: أعمل بما رأيت، قال: وقد وليتك قضاء الكوفة وأجريت عليك مائتي درهم، واقعد للناس بالغداة والعشي، إِلَّا أن يستغنوا، قال: فإن رأى الأمير أن يبعث معي حرساً حتى يقعدني في المسجد الأعظم ليراه الناس فيكون أجل(3/130)
لي، قال: يا فلان اركب معه. قَالَ مقرن: ثم قَالَ لي: أراد ابن أبي ليلى أن يخبر الناس أنه مجنون، قال: فأسر يونس بناحية ابن أبي ليلى وقربه (؟؟؟) .
حَدَّثَنِي أَبُو العباس أَحْمَد بْن الشاه البزار قال: حَدَّثَنَا يحيى بْن معين، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَر بْن عَبْد الرحمن الأبار عَن أبي ليلى قال: دخلت على عطاء فجعل يسألني، فأنكر بعض من كان عنده! فقال: ما تنكرون! هو أعلم مني.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن منصور الرمادي، قَالَ: حَدَّثَنَا مسدد، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بن داود عَن سليمان بْن سافري قال: سألت منصور بْن المعتمر: من أفقه أهل الكوفة ? قال: قاضينا هَذَا، يعني ابن أبي ليلى.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن منصور، قَالَ: حَدَّثَنَا مسدد قَالَ: حَدَّثَنَا ابن داود، قَالَ: سمعت سُفْيَان يقول: فقهاؤنا ابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عباد قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن يزيد بْن أبي زياد، قال: ذكرت لعَبْد اللهِ بْن الحارث بن أبي ليلى، فقال: أشتهي أن تجيئني به، فجئت به، فذاكره، فَقَالَ عَبْد اللهِ: ما ظننت أنه بقي في الناس مثل هَذَا ?
فأَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن سعد الكراني قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن مُحَمَّد الزهري قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان، قال: قَالَ عَبْد اللهِ بْن الحارث: ما شعرت أن النِّسَاء يلدن مثل هَذَا ? كأنه يريد ابن أبي ليلى.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن علي المقرىء، قَالَ: حَدَّثَنَا بكر بْن خلف بْن بشر، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد بْن أبي الحكم عَن شعبة قال: قلت لابن أبي ليلى:(3/131)
حفظت عَن أبيك شيئاً ? قال: لا، إِلَّا أنه كان له تيس يطرق جيرانه.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة، قَالَ: حَدَّثَنِي سليمان بْن زِيَاد الثقفي عَن أخيه يحيى بْن زياد، قال: قرأت في ديوان الحجاج: وممن قتل مع ابن الأشعث عَبْد الرحمن بْن أبي ليلى مولى الأنصار.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن الصيرفي، قَالَ: حَدَّثَنَا مسدد عَن يحيى بْن سعيد قال: قَالَ سُفْيَان: لقد كان ابن أبي ليلى معاويي.
حَدَّثَنِي عَبْدُ العزيز بْن عَبْد اللهِ الإمام، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ القدوس ابن إبراهيم الحجي عَن ابن عيينة قال: جلست إِلَى ابن شُبْرُمَةَ أيام ولي أَبُو العباس الخلافة، فخرج ابن أبي ليلى من عند أبي العباس وقد تحلقنا مع ابن شُبْرُمَةَ وكان يعارضه، فجلس ابن أبي ليلى في مجلس لم يكن له بمجلس وابن شُبْرُمَةَ في صدر المجلس فقال: أنا صدر المجلس حيثما كنت.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يحيى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن داود، قال: قَالَ ابن أبي ليلى لرجل: صليت مقاليدك يا مدائني في مسألة ذكرت.
حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن صالح أن الرجل عاصم الأحول، قلت لابن داود: وعاصم كان أكبر من أبي ليلى ? قال: نعم.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير، قال: رأيت في كتاب علي بْن المديني عَن يحيى بْن سعيد قال: كان ابن أبي ليلى سيئ الحفظ.(3/132)
حَدَّثَنِي أَحْمَد، قال: سمعت يحيى بْن معين يقول: ابن أبي ليلى ليس بذاك.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير، قَالَ: أَخْبَرَنَا حفص بْن عتاب عَن ابن أبي ليلى قال: لا يفقه الرجل في الحديث حتى يأخذ منه ويدع.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يحيى، قَالَ: حَدَّثَنَا داود، قَالَ: سمعت حسن بْن صالح بعد ذكر ابن أبي ليلى فقال: إن كان لوزاناً للكلام، قَالَ عَبْدُ اللهِ: وقد رأيت ذلك منه.
حَدَّثَنِي أَبُو عقيل الأسدي يحيى بْن حبيب بْن إسماعيل بْن عَبْد اللهِ ابن حبيب بْن أبي ثابت قال: حَدَّثَنَا إسحاق بْن منصور السلولي قال: سمعت الْحَسَن بْن صالح يقول: كان ابن أبي ليلى لا يجيز شهادة الرافضة.
أَخْبَرَنَا أَبُو سعيد أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن سعيد القطان، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد بْن الحارث، قَالَ: حَدَّثَنِي معتمر بْن سليمان عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن المبارك عَن مُحَمَّد بْن أبي ليلى قاضي الكوفة أنه كان يرد الجارية من أكل الطين.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل قال: وجدت في كتاب أبي بخطه: حَدَّثَنَا حميد بْن عَبْد الرحمن قال: سمعت حسيناً يعني ابن صالح يقول: كان ابن أبي ليلى ينظر إِلَى نقش الخاتم فإذا خفي عليه أخرجه إِلَى الضوء فإذا تبين له أمضاه، قال: وكان يمده فإذا انسل لم يجزه يعني كتاب القاضي إِلَى القاضي.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل قال: حَدَّثَنِي شجاع بْن مجالد قَالَ: حَدَّثَنَا هشيم قال: أتيت ابن أبي ليلى بكتاب من أبي شيبة في حق كان بالشام لنا، فقبل الكتاب مني ولم يسألني عليه البينة وكتب لي بحقنا ذلك إِلَى الشام.(3/133)
فحَدَّثَنِي أحوص بْن المفضل قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي: أول من سأل البينة على كتاب القاضي إِلَى القاضي ابن أبي ليلى، فأعجب ذلك سواراً وقال: قد كنت أذهب إليه، فكرهت أن أحدث شيئاً لم يكن فأخذ به سوار.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير وإبراهيم ابن أبي عُثْمَان عَن سليمان بْن أبي شيخ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن مُحَمَّد بْن نزار عَن عمه علي بْن نزار قال: أمرني ابن أبي ليلى وهو على القضاء أن أسأل عَن امرأة شهدت عنده، فسألت عنها، فقيل لي: إنها ترى رأي الخوارج ولها عبادة، فأعلمته، فقال: ذلك أجود لشهادتها.
حدثت عَن مُحَمَّد بْن حميد عَن جرير قال: كان ابن أبي ليلى لا يخرج إِلَى مجلس الحكم حتى يتغذى ويشرب ثلاثة أقداح نبيذ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أزهر بْن عيسى عَن علي بْن الجعد قال: قَالَ: عيسى بْن موسى لابن أبي ليلى إني أريد أن أحرم النبيذ بالكوفة قَالَ: إنك لا تطيق ذاك قال: ولم ? قال: لأنه أفتاهم به فقيههم وقعبه لهم طبيبهم يعني ابن مسعود وابن الحر.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير قَالَ: حَدَّثَنَا سليمان بْن أبي شيخ قَالَ: حَدَّثَنَا مغيرة ابن حمزة بْن المغيرة قال: دعانا ابن أبي ليلى لي ولأبي، حمزة بْن المغيرة فدفع إلينا ألفي دينار لقوم فقال: تكون عندكم. فقلت: لا نقبلها إِلَّا بضمان، قَالَ ابن أبي ليلى: لست أدفع إِلَّا وديعة ولكن آمر بالكيس فيفتح فَقَالَ لَهُ: إنا إن أخذناها بغير ضمان لم يطب لنا ربحها، فلم نقبله فرفعه إِلَى خالد ابن حوش وهو من خير رجل في الكوفة فذهب المال عنده حتى(3/134)
شده ابن أبي ليلى إِلَى اسطوانة.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان عَن سليمان بْن منصور قال: كان ابن أبي ليلى حين خرج إبراهيم بْن عَبْد اللهِ على أبي جعفر يتمثل كثيراً ببيت جرير يتقرب إِلَى أبي جعفر بذلك:
وابن اللبون إِذَا مالز في قرن ... لم يستطع صولة الترك القناعيس
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان عَن سليمان بْن منصور قال: حَدَّثَنَا بعض الكوفيين قال: قدم قوم من أهل الكوفة إمامهم إِلَى ابن أبي ليلى فقالوا: إنه لا يقنت بنا في صلاة الصبح فَقَالَ لَهُ ابن أبي ليلى: إما قنت بهم وإلا اعتزلهم.
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن زهير قال: حَدَّثَنَا يوسف بْن بهلول قَالَ: حَدَّثَنَا ابن إدريس قال: رأيت ابن أبي ليلى يضرب الحدود في المساجد.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة قال: حَدَّثَنَا أَبُو الفتح قال: قَالَ سُفْيَان: سمعت جعفر بْن مُحَمَّد قال: قَالَ ابن أبي ليلى: وليت القضاء منذ كذا وكذا ما قضيت إِلَّا بما يسعني.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان قال: حَدَّثَنَا سليمان بْن أبي شيخ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الحكم عَن عوانة قال: كنت أخاصم إِلَى ابن أبي ليلى، قَالَ لي يوماً: لقد تمنيتك، ههنا أم ولد لرجل سندية ليس يفهم بالعربية فأريد أن يفهما فقلت له: إن عُمَر أخي أرطن بالسندية مني فدعاه ابن أبي ليلى فقال: قل لهذه إن مال اليتامى لا يترك في أيدي النِّسَاء ولا بد من إخراجه من يدك إِلَى رجل ثقة. فَقَالَ لَهَا: يقول لك القاضي: والله لئن لم تمكنيني من نفسك لأفعلن بك ولأفعلن فصرخت فَقَالَ لَهُ ابن أبي ليلى: مالها، قَالَ: هي من بلدة يعظمون السلطان فعظمت أمرك(3/135)
عندها فقال: لا ترد هَذَا من أمرك بهَذَا؟ قل لها ما قلت لك فأعاد عليها فصرخت وأنا أفهم ما يقول لها، فقلت: القود القود يا عُمَر خذ بيدي فلما قمنا قلت: ويلك إنما أردت أن تفضحني عند القاضي فجعل يضحك ويقول: دع الخبيث.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان عَن مُحَمَّد بْن يحيى الحجري قال: حَدَّثَنِي ابن الأجلح قال: سمعت ابن أبي ليلى يقول: كان الناس يختصمون في الحقوق على الجهل وكل واحد يريد أن يدفع الحق إِلَى صاحبه فكان القاضي بينهما مثل المفتي فيتقدم إِلَيَّ الخصمان فإذا توجه القضاء على أحدهما فأمرتهما أن يعود القياس لا يخرج مما ينفقه فيفتح من الظلم ما يفسد على ما أردت أن أقضي به فيصيران إلي فيتحاجان فأستقبل النظر يأتيه قَالَ ابن أبي ليلى: والناس اليوم إنما هم بغاة.
أَخْبَرَنِيَعْمُر بْن مُحَمَّد بْن أبي الحكم بْن جناد عَن عطاء بْن مسلم قَالَ: كنت عند ابن أبي ليلى فشهد عنده رجل بشهادة فَقَالَ: اكتبوا شهادته ثم نظر إِلَى شعره مصففاً على جبينه فَقَالَ: تصفف شعرك ? ردوا شهادته، فقال: إن لي عذراً، قال. وما عذرك ? قال: إن برأسي سجاع فأنا أفاديها بهَذَا الشعر. قال: لا بأس اكتبوا شهادته، ثم نظر فإذا أظفاره فيها آثار الحناء فَقَالَ لَهُ: تخضب يدك بالحناء ? ردوا شهادته، فقال: إن لي عذراً، قال: وما هو ? قَالَ: إن لي أباً شيخاً فأنا أخضبه، قال: لا بأس اكتبوا شهادته، ثم ولي فنظر في قفاه فإذا ثوبه يجره فَقَالَ لَهُ: تجر ثوبك ? ردوا شهادته، قال: إن لي عذراً، قال: وما عذرك ? قال: إنا ثلاثة إخوة في حالنا بعض الضعف وإنا قطعنا هَذَا القميص على أوسطنا يتجمل به إِذَا خرج وإني إِذَا لبسته أنا أجره، قال: لا بأس اكتبوا شهادته.(3/136)
أَخْبَرَنِي عَبْد الواحد بْن أبي الأزهر قال: حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن خليد الكندي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عيسى الطباع قال: سمعت مُحَمَّد بْن الْحَسَن الهمداني يقول: كانت دار عُمَر بْن حريث رهناً إن لم يقبضها لِدَيْنٍ ذهبت قال: سمعت مُحَمَّد بْن الْحَسَن يقول ذهبت عنهم فردها ابن أبي ليلى إِلَى الميراث.
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن أبي خيثمة قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بْن يونس قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان قَالَ: قَالَ ابن أبي ليلى: يثغر الغلام في سبع سنين ويحتلم في أربع عشرة سنة وينتهي طوله إِلَى إحدى وعشرين ويتكامل عقله إِلَى ثمان وعشرين ثم التجارب بعد ذلك.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن مُحَمَّد وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن نصر عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سعيد عَن ابن يمان قال: كان ابن أبي ليلى لا يجيز شهادة من لا يشرب النبيذ.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن مُحَمَّد بْن حسن قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بْن زيادة قَالَ: حَدَّثَنَا هشيم قال: أتيت ابن أبي ليلى بكتاب من أبي شيبة في حق كان لنا بالشام فقبل الكتاب ولم يسألني عليه البينة وكتب لنا بحقنا إِلَى الشام.
وذكر ابن شيبة إبراهيم بْن أبي بكر أن حسن بْن عطية حدثهم عَن حسن بْن صالح قال: شهدت ابن أبي ليلى وشهد عنده رجل على شهادة رجل قَالَ ابن أبي ليلى: أين الذي شهد؟ قال: هو بالسواد ولما استفهم ابن أبي ليلى فَقَالَ: أبالسواد ? قَالَ: نعم، قَالَ: قم فاكتب شهادتك.
حَدَّثَنِي الحسين بْن مُحَمَّد بْن مصعب البجلي قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن سعيد قال: أَخْبَرَنِي ابن فضيل قَالَ: رأيت ابن أبي ليلى أتى بامرأة لها زوجان يأتيها هَذَا بالنهار وهَذَا بالليل فعزره في المسجد وقَالَ لزوجها الأول: خذ بيد امرأتك.(3/137)
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن خالد بْن عُمَر الكلاعي قال: حَدَّثَنِي أبي قَالَ: حَدَّثَنَا سويد بْن عَبْد العزيز قال: حَدَّثَنِي ابن أبي ليلى في رجل استأجر بعيراً فحمل عليه المكترى أكثر مما سمى أو جاز به قال: إن مات فعليه ثمنه وإن سلم فله بحساب ما زاد.
أخبرت عَن أبي عَبْد الرحمن المقري عَن ابن عيينة قال: شهد رجل عند ابن أبي ليلى فغدا ثم شهد عنده فَقَالَ لصاحب المسائل: سل عنه فقد أصابه فقر لعله قد تغير.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل قال: حَدَّثَنَا يوسف قَالَ: سمعت جريراً يقول: كان ابن أبي ليلى يخضب بالحمرة بالحناء ثم خضب بعد بالسواد.
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن زهير قال: قَالَ لنا المدائني: مات ابن أبي ليلى سنة ثمان وأربعين ومائة.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن حنبل قال: حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن حماد قَالَ: حَدَّثَنَا طلحة أَبُو مُحَمَّد قَالَ: سمعت أشياخنا يقولون: مات ابن أبي ليلى سنة تسع وأربعين ومائة.
حَدَّثَنَا أَحْمَد قال: سمعت أَحْمَد بْن حنبل يقول: الأعمش وابن أبي ليلى وزكريا بْن أبي زائدة سنة ثمان وأربعين ومائة يعني ماتوا.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الحارث الخزاز عَن أبي الْحَسَن المدائني قال: تزوج أَبُو المزاحم بْن أبي وجرة السعدي امرأة فتسرت عليه فاختصموا إِلَى ابن أبي ليلى فَقَالَ ابن أبي وجرة:
يا أيها القاضي القليل وهمه ... والحاكم العدل السريع فهمه
إنك من غسان قدماً نعلمه ... وذروة البيت المنيف دعمه
قد علم المظلوم أن لا تسلمه ... فظالم يأتيك أن ستفطمه
وإن هذي ذات خصم تظلمه ... تبتدع التحري أو تعلمه
لا تحسبن الحق شيئاً تزعمه(3/138)
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن زهير قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يزيد قَالَ: سمعت ابن براد يقول: تقدم أَبُو دلامة الشاعر إِلَى ابن أبي ليلى يشهد عنده فَقَالَ أَبُو دلامة:
إن الناس غطوني تغطيت عندهم ... وإن بحثوا عني ففيهم مباحث
وإن حفروا بئري حفرت بآرهم ... ليعلم قوم كيف أصل النبائث
فَقَالَ المشهود له: كم لك عليه؟ قَالَ: كذا وكذا قال: وجه إلينا العشية فخذهاولا تعد يا أبا دلامة تشهد.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يزيد قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يعقوب الهمداني قال: تقدم ابن أبي وده إِلَى ابن أبي ليلى فَقَالَ لَهُ ابن أبي ليلى: يا حفص من الذي يقول؟:
ألا يا كف حفاص ... فما تنفك قافزة
تظل اليوم والليـ ... لة في كفك مرتزه
فلا تحبس بها الندما ... ن واشرب قهوة مزه
قال: أنا، قَالَ: تقول مثل هَذَا وتشهد عندي.
أنشدني أَحْمَد بْن أبي خيثمة لبكر بْن مصعب المري في مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن ابن أبي ليلى:
ألا يا طالباً الأمـ ... ـرة والأمرة تستحلى
ألا تخطب إن كنـ ... ت تريد الملك والدنيا
إِلَى القاضي الذي أصبـ ... ح بالكوفة لا يعصى
ولا تمنعك صغراه ... إِذَا لم تدرك الكبرى
فأياً منه ما نلت ... فما أحراك أن تحظى
وأن تدرك ما أصبحـ ... ت من ملك له تسعى
فإني يا أمين اللـ ... ـه وابن المصطفى مؤسا(3/139)
يولون امرأ حكماً ... وقد أبلي الذي أبلى
ومن شرع الإرجا ... ء بل أول من أرجا
فما زال به فعـ ... لك حتى استحكم العظما
وحتى انتحل الزو ... ر وعادى عمه كسرى
وحتى قذف الأسـ ... لم والأنصار لا ترمى
بقول كاذب فِيْهِ ... مبين كاذب الدعوى
وإن غدا أباً تدعى ... له فوق أبي ليلى
فحَدَّثَنِي الذي قال ... فإن الحق لا يخفى
وإلا فاضرب العَبْد ... فقد أوطاكم القشوى
فهل خبرت في النا ... س بقاض قبله مولى
فذكر حماد بْن إسحاق الموصلي عَن أبيه قَالَ: أنشدني هذه الأبيات في ابن أبي ليلى السكوني مُحَمَّد بْن الفضل بْن الهذيل الأشجعي وزاد فيها بعد قوله:
فإن تدرك ما أملـ ... ت من ملك له تسعى
فكل من ذوى صهر ... فقد أمر واستغنى
ألا من مبلغ عني ... رسولاً ناصحاً عيشا
بأن الذنب إن عيـ ... ب ومثل الذنب لا يرعى
وإن الذنب ملعون ... إِذَا استسليته استسلى
فإني يا أمين اللـ ... ـه وابن المصطفى مؤسا
وأنتم عصبة الديـ ... ن وكهف العروة الوثقى
تولون امرأ حكماً ... وقد أبلاكم إبلا
وقد باعكم بيعاً ... بأدنى المطمع الأدنى
وما أنتم من الأولا ... د يطربن أبي يطرا(3/140)
ثم مر في الأبيات.
وقَالَ يحيى بْن نوفل يهجوه:
مُحَمَّد يا حكم المسلميـ ... ين وقاضينا الغوي الكريما
أذكرك الله رب السما ... ء أكان أَبُوكم يسار حميما
وأَخْبَرَنَا حماد بْن إسحاق عَن أبيه عَن السكوني قال: كان ابن أبي ليلى يشفع لأحبابه إِلَى عيسى فيولون الأعمال. فَقَالَ يحيى بْن نوفل- ويُقَالُ: هذيل الأشجعي-:
بنات أبي ليلى عهود معدة ... فدونك فانكح بعضهن وخذ عهدا
فإنك إن تظهر ببنت مُحَمَّد ... تصب ألف ألف من شفاعته بعدا
وتعلم علماً ليس بالظن ... (؟؟؟) إِذَا رد به غردا
وقَالَ مُحَمَّدبْن عِمْرَان بْن زِيَاد: حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن طاهر قَالَ: حَدَّثَنِي المعلى بْن هلال قال: بعث المنصور إِلَى ابن أبي ليلى ليكتب له مقاتلة أهل الكوفة وفرسانهم من أهل الشرف فأتاه رجل من بني سهل فَقَالَ لَهُ ابن ليلى: أقم البينة على نفسك فغضب وقَالَ: لا يُقَالُ هَذَا لمثلي وولي، فقيل لابن أبي ليلى: إنه شاعر وإنا لا نأمنه عليك فبعث في أثره فرد فَقَالَ: قد عرفت نسبك فهل قلت شيئاً؟ قَالَ: نعم ولم أذكر نسباً ولا حرمة، قَالَ: فما قلت ? قَالَ: قلت:
فإن يك قاضينا خفيفاً دماغه ... فما شحمه في بطنه بقليل
أَخْبَرَنَا أَبُو سعد عَبْد الرحمن بْن مُحَمَّد الحارثي قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عِمْرَان بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن بْن أبي ليلى قَالَ: حَدَّثَنِي أبي قَالَ: لما قدم أَبُوْحَنِيْفَةَ شهد عليه جماعة فأقر أن القرآن مخلوق.
قال: قَالَ لي مُحَمَّدبْن عِمْرَان:(3/141)
وأَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن نافع مؤذن مسجد القاسم بْن معن قال: كتب ابن أبي ليلى إِلَى أبي جعفر وهو بالمدينة بما قَالَ أَبُوْحَنِيْفَةَ وبما شهد به عليه وإقراره؛ فكتب أَبُو جعفر: إن هو رجع وإلا فاضرب عنقه وحرقه بالنار. قال: فتاب أَبُوْحَنِيْفَةَ ورجع عَن قوله في القرآن.
قَالَ لي مُحَمَّد ابن عِمْرَان: فحَدَّثَنِي وكيع قال: لما كان من الغد قَالَ له ابن أبي ليلى: يا أبا حنيفة من خلقك ? قال: الله؛ قال: فمن خلق لسانك ? قال: الله؛ قال: فمن خلق منطقك ? قال: الله، قال: خصمت يا أبا حنيفة! قال: صدقت، قال: فأي شيء تقول ? قال: أتوب إِلَى الله وأرجع، فبعث معه بْن أبي ليلى أمينين من أمنائه موثوقاً بهما على حلقة حلقة من حلق المسجد يقولان: إن أبا حنيفة قال: إن القرآن مخلوق، فإنه قد تاب ورجع، فإن سمعتموه يقول بشيء من هَذَا فارفعوا ذلك إلي.
قَالَ: وأمر به عيسى بْن موسى حرسيا، فقال: لا تدعه يفتي في المسجد، فكان أَبُوْحَنِيْفَةَ إِذَا صلى قَالَ له الحرسي: قم إِلَى منزلك، فيقول: دعني أسبح، فيقول: لا ولا كلمة، فلا يدعه حتى يقيمة، فلما قدم إِلَى مُحَمَّد بْن سليمان جمع أصحابه وكلمه، فأذن له فجلس في المسجد.
حَدَّثَنِي ابن أبي سعد قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الحسين بْن مُحَمَّد النخعي قال: حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عبيد بْن أبي ليلى قال: قَالَ: مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن بْن أبي ليلى تغديت عند أبي جعفر وقد ولاني الفتيا، فأتى بصحفة مصببة فيها مثال رأس فَقَالَ لي: خذ أيها الرجل من هَذَا، فجعلت أضرب بيدي إِلَى الشيء فإذا وضعته في فمي لم أحتج إِلَى مضغه بسيل، فلما فرغنا جعل يلعق بيده الصحفة ويلحسها، فقال: يا مُحَمَّد، تدري ما تأكل ? قلت:(3/142)
لا يا أمير المؤمنين! قَالَ: هَذَا مخ الثنيتان معقود بالسكر الطبرزد؛ تدري بكم تقوم الصحفة ? قلت لا يا أمير المؤمنين! قال. بثلثمائة وبضعة عشر، أتدري لم لحستها ? هذه صفحة رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما أطلب البركة بذلك، فلما خرج ابن أبي ليلى من عنده، رفع رأسه إلي مع الحاجة فقال: يا ربيع، لقد أكل الشيخ عندنا أكلة لا يفلح بعدها أبدأ.
غيلان بْن جامع المحاربي
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان عَن مُحَمَّد بْن يحيى الحجري عَن ابن الأجلح عَن ابن أبي ليلى قال: دخل الضحاك بْن قيس الخارجي واحد الكوفة فأقام بها سنتين، فقدمت إليه فَقَالَ لَهُ أعوانه: هَذَا من أعوان الظالمين، قال: ما تقول ? قلت: أجبرت على القضاء وأنك أمير المؤمنين وأنت لا تجبر الناس، وهأنذا بين يديك. قال: إنك تكاتب الأحزاب وتكاتب أهل الشام ? قلت: نعم، قَالَ: ولم ? قلت: لأن ثم إخوة لك ولنا من أهل الدين فيكتبون يشكون فاكتب بنصرهم وعونهم. قال: فما ينقمون عليه من ذا! قد وليتك القضاء، فأقام على القضاء.
قال: وكادوا يقتلونني مرتين، أما المرة الأولى فنجوت، وأما المرة الثانية فتقدم إِلَى رجلان يختصمان في امرأة، أحدهما يذهب مذهب الضحاك والآخر من المسلمين، هَذَا يدعي أنها زوجته فسألتها، فقالت: إن هَذَا منافق وإني احتجت إِلَى هَذَا من أصحاب أمير المؤمنين يعني الضحاك، قال: قلت إن قضيت بين هذين قتلت وأمسكت بطني وقلت للغلام: ارفع القمطر وانصرفوا حتى أنظر في ذا، فلم يعودوا إلي، قَالَ ابن أبي ليلى: فقلت: أنا على شرف القتل، قَالَ:(3/143)
فدخلت على الضحاك، فبينا أنا أتغدى معه إِذ قلت: يا أمير المؤمنين، ما تقول فيمن صد عَن المسجد الحرام ولم يحج قط ? قال: كافر بالله، قلت: هَذَا يفخر علي بالرزق الذي يجري ولم يحج قط، أفتأذن لي ? قال: سبحان الله أو يحل لي أن أمنعك ? ولكن عجل على المسير، قلت في نفسي: لا والله لا قدمت الكوفة وهو بها، فخرجت إِلَى مكة وخرج الضحاك قبل أن أقدم.
وأَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن زهير عَن سليمان بْن أبي شيخ قال: غلب الضحاك بْن قيس الشيباني الخارجي على الكوفة فولي غيلان بْن جامع المحاربي.
وهكذا قَالَ أَبُو هشام قال: أمر الضحاك ابن قيس الشيباني الخارجي ابن أبي ليلى أن يجيز شهادة العبيد فيمن معهم فهرب إِلَى مكة فولت الخوارج غيلان بْن جامع المحاربي.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو كريب، قَالَ: سمعت أبا بكر بْن عياش يقول: كنا في مسجد محارب وأَبُو حصين فجاء غيلان ابن جامع الذي كان قاضياً، فَقَالَ: سل أبا حصين أكان شريح يجيز شهادة الأعمى ? فسألته فغضب وقال: تسألني وهَذَا قاضي معنا ?
قَالَ أَبُو بكر: منعه الخوارج، فقلت: إنما أريده صالحاً مسنداً وغيره.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يزيد قَالَ: سمعت أبا بكر ابن عياش يقول: دخل الضحاك بْن قيس الكوفة يوم مات أَبُو إسحاق الشيعي.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن منصور الرمادي، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن أبي حكيم قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن داود بْن أبي هند قَالَ: دعانا ابن هبيرة فسألنا عَن رجل اعترف ثم نكل، قال: قَالَ: قلت أنا: إِذَا اعترف مرة قطع. وقَالَ ابن أبي ليلى: إِذَا شهد مرتين قطعته، وقَالَ غيلان: يترك إِذَا نكل.(3/144)
الحجاج بْن عاصم المحاربي
قَالَ أَبُو هشام: فلما قدم يزيد بْن عُمَر بْن هبيرة عزل غيلان بْن جامع وولي الحجاج بْن عاصم المحاربي حتى مات.
وهكذا أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل عَن عُثْمَان بْن أبي شيبة عَن إسماعيل بْن أبان الوراق عَن القاسم بْن معن قال: ثم الحجاج بْن عاصم بعد غيلان بْن جامع.
قَالَ: أَبُو بكر: وقد روى شعبة بْن الحجاج عَن الحجاج ابن عاصم.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الجنيد قَالَ: حَدَّثَنَا بديل بْن المجير قَالَ: أنبأنا شعبة عَن الحجاج بْن عاصم؛
[ح] وأَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن اشكاب، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصمد بْن عَبْد الوارث، قَالَ: حَدَّثَنَا شعبة عَن الحجاج المحاربي عَن أبي الأسود عَن عَمْرو بْن حريث قال: صليت خلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقرأ: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ [15] الْجَوَارِ الْكُنَّسِ [التكوير: 15-16] .
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سنان القزاز، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصمد بْن عَبْد الوارث قَالَ: حَدَّثَنَا شعبة عَن الحجاج عَن أبيه وكان قد حج مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: حَدَّثَنِي رجل من أصحاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: حَدَّثَنِي رجل من أصحابه أراه عَبْد اللهِ بْن مسعود أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إن شدة الحر من فور جهنم؛ فأبردوا بالصلاة.
منصور بْن المعتمر
قَالَ أَبُوهشام: فلما مات الحجاج بْن عاصم وولي ابن هبيرة منصوربن المعتمر فجلس عشرين يوماً إِذَا جاءه الخصمان قال: لا علم لي بأمركما، فعزل.
حَدَّثَنَا إسماعيل بْن إسحاق القاضي قال: حَدَّثَنَا نصر بْن علي قال:(3/145)
حَدَّثَنَا حسين بْن عروة قَالَ: سمعت حماد بْن زيد يقول: يعجبني ممن دعي إِلَى القضاء أن يفعل كما فعل منصور بْن المعتمر فإنه ولي القضاء فلم يمتنع وجلس لهم فأتاه رجلان فنظر بينهما فحكم، وأتاه رجلان فقال: حتى أشاور في أمركما، وأتاه رجلان فقال: ليس لي بهَذَا علم، فضجوا حتى عزل.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن موسى القيسي عَن سليمان بْن أبي شيخ قال: كان عَبْد الملك بْن بشير العجلي على الكوفة من قبل يزيد بْن عُمَر بْن هبيرة فولي منصور بْن المعتمر قضاء الكوفة وأكرهه على ذلك فجلس فلم يتكلم حتى قام وهرب إِلَى السواد، وذلك في آخر سلطان بني أمية.
سمعت مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن الصيرفي يقول: قيل لوكيع: إنهم يُكْرِهُوْنَكَ قَالَ: يفعل (؟؟؟) كما يفعل منصور بْن المعتمر لما ولاه ابن هبيرة.
فحَدَّثَنِي أَبُو جعفر مُحَمَّد بْن صالح قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حواس الحنفي قَالَ: سمعت أبا بكر بْن عياش يقول: كتب معي منصور بْن المعتمر من السواد إِلَى أمه وكانت أم ولد فخرجت إلي وكان هارباً طلب للقضاء فقالت لي: تطلب القضاء وتهرب؛ قَالَ: قلت: ابنك أعلم منك اسكتي.
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن زهير وأَحْمَد بْن منصور الرمادي قالا: حَدَّثَنَا الأخنس عَن أبي بكر بْن عياش قال: كانت أمه فظة غليظة فتصيح به: يا منصور يريدك ابن هبيرة على القضاء، فيأتي وهو واضع لحيته على صدره ما يرفع رأسه إليها.
حَدَّثَنِي أَبُو إبراهيم الزهري عَن سعيد عَن أبي بكر بْن عياش قال: لقيت منصور بْن المعتمر بأسفل الفرات وقد هرب من ابن هبيرة لما أراده على القضاء، فَقَالَ لي: إيت أمي فاقرأ عليها السلام وقل لها:(3/146)
هو سالم صالح" فأتيت أمه وكانت عجوزاً طويلة سمراء، فقلت لها، فقالت: يفر من القضاء ويجالس العلوج والأنباط وهي غضبانة من ذلك.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن أبي زرعة، قَالَ: حَدَّثَنَا أبي قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَر بْن علي قَالَ: لما ولي منصور القضاء أبى أن يدخل فِيْهِ فوكل به أمير الكوفة فأجلسه للناس وكان الخصمان يجيئان فيقصان القصة، فيقول: سمعت كلامكما، وفهمت قضيتكما، ولا علم لي بالقضاء بينكما، ثم يسكت.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنِي الحسين بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا غفار قَالَ: سمعت أبا عوانة يقول: لما جلس منصور القاضي كان يأتيه الرجل فيقص عليه فيقول له: قد فهمت ما قلت ولا أدري الجواب فيه، فَقَالَ الأمير الذي ولاه: وإن هَذَا الأمر لا يصلح إِلَّا أن يعين عليه شهوة.
أَخْبَرَنِي جعفر بْن مُحَمَّد، قَالَ: حَدَّثَنِي عباس العلوي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد ابن محبوب، قَالَ: سمعت أبا عوانة يقول: أراد ابن هبيرة منصور بْن المعتمر على القضاء فامتنع عليه فأكرهه، فلما أكرهه قعد وكان الخصمان يجلسان بين يديه فيتكلمان بحجتهما فإذا فرغا قَالَ لهما: قد سمعت ما قلتما وما أحسن أن أجيبكما، ففعل ذلك مرة أو مرتين، فلما رأى ذلك عزله. قَالَ أَبُو بكر: ومنصوربن المعتمر أَبُو عتاب صاحب علم الكوفة وأستاذهم.
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن منصور الرمادي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزاق قال: كان مَعْمَر يقول: حَدَّثَنَا منصور عَن إبراهيم عَن الأسود عَنْ عَبْدِ اللهِ، ثم يقول: هَذَا السند العربي.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن الصيرفي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن عبيد الطنافسي(3/147)
يقول: كان سُفْيَان الثوري إِذَا أخذ في حديث منصور قال: حَدَّثَنَا أَبُو عتاب وَحَدَّثَنَا أَبُو عتاب. حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن زهير، قَالَ: حَدَّثَنِي قيس بْن معاذ، قَالَ: حَدَّثَنَا بشر بْن المفضل قَالَ: لقيت سُفْيَان الثوري بمكة فقال: ما خلفت بعدي بالكوفة أمر على الحديث من منصور بْن المعتمر.
حَدَّثَنِي أَحْمَد قَالَ: سمعت يحيى بْن معين يقول: منصور أثبت من الحكم ابن عيينة.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن حماد، قَالَ: حَدَّثَنَا طلحة أَبُو مُحَمَّد قَالَ: سمعت أشياخنا يقولون: مات منصور سنة ثلاث وثلاثين ومائة.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إسحاق الصغاني قال: حَدَّثَنَا أَبُو معاوية غسان بْن المفضل العلائي قَالَ: حَدَّثَنِي يحيى بْن سعيد عَن الثوري قال: لو رأيت منصور بْن المعتمر لقلت: يموت الساعة.
ابن أبي ليلى الثانية
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن زهير عَن سليمان بْن أبي صبيح قال: فلما جاء بنو العباس أعادوا ابن أبي ليلى وكذلك ابن شُبْرُمَةَ.
ومات ابن شُبْرُمَةَ سنة أربع وأربعين فيما حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير عَن يحيى بْن معين، وقيل: سنة خمس وأربعين، ومات ابن أبي ليلى سنة ثمان وأربعين.
عَبْد الرحمن بْن عَبْد اللهِ بْن عيسى بْن عَبْد الرحمن بْن أبي ليلى
وهو عبيد بْن بنت مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن زهير، قَالَ: حَدَّثَنَا سليمان بْن أبي شيخ قَالَ: ثم ولى أَبُو جعفر بعد موت ابن أبي ليلى: عَبْد الرحمن بْن عَبْد اللهِ بْن عيسى فمات، فولي جعفر شريك بْن عبيد الله.(3/148)
وكذا قَالَ: أَبُو هشام أيضاً: ابن أبي ليلى لما مات استقضى أَبُو جعفر:
عَبْد الرحمن بْن عَبْد اللهِ بْن عيسى حتى مات،
ثم استقضى أَبُو جعفر: شريك بْن عَبْد اللهِ فعزله عيسى بْن موسى واستقضى القاسم بْن معن، ولا أعلم لعَبْد الرحمن رواية، وأكثر الرواية لأبيه بكر بْن عَبْد الرحمن.
وقد أَخْبَرَنِي يحيى بْن إسماعيل البجلي في كتابه أن الْحَسَن بْن إسماعيل البجلي حدثهم قال: حَدَّثَنَا مطلب بْن زيد قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد القاضي عَن مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن بْن أبي ليلى عَن عطية عَن أبي سعيد الخدري أنه قال: لما سد أَبُواب المسجد ذهب علي رضي الله عنه ليخرج فأخذ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده فَقَالَ: إن هَذَا المسجد لا يحل لأحد أن يجنب فِيْهِ غيري وغيرك لا أعلم له رواية غير هَذَا.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن الحسين بْن سعيد بْن عُثْمَان الخزاز، قَالَ: حَدَّثَنَا أبي، قَالَ: حَدَّثَنَا المطلب بْن زِيَاد عَن عبيد القاضي وهو عبيد بْن عَبْد اللهِ بْن عيسى عَن مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن بْن أبي ليلى عَن عطية عَن أبي سعيد عَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله.
شريك بْن عَبْد اللهِ النخعي
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن علي المقري، قَالَ: نسب لنا علي بْن شُبْرُمَةَ الحارثي شريك بْن عَبْد اللهِ فقال: هو شريك بْن عَبْد اللهِ بْن أبي شريك وهو الحارثي بْن أوس بْن الحارث بْن الأعزل بْن وهب بْن سعيد بْن مالك من النخع.
وحَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أبي خثيمة، قَالَ: حَدَّثَنَا يحيى بْن معين، قَالَ: حَدَّثَنَا عباد بْن العوام، قَالَ: أَخْبَرَنَا شريك بْن عَبْد اللهِ بْن سنان قال: سمعت يحيى(3/149)
ابن معين يقول: ولد شريك بْن عَبْد اللهِ سنة ست وتسعين، وقال: غيره: وتوفي سنة تسع وسبعين ومائة.
أَخْبَرَنَا أَبُو سعيد عَبْد الرحمن بْن مُحَمَّد الحارث، قَالَ: حَدَّثَنَا موسى بْن داود، قَالَ: حَدَّثَنَا من سمع عمار بْن رزيق، قال: كنت عند المغيرة فكان يأتيه شريك وسُفْيَان والْحَسَن بْن صالح وقيس بْن الربيع، فَقَالَ المغيرة: ما من هؤلاء أحد أعقل من شريك.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن الْحَسَن عَن النميري قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو نعيم، قَالَ: لما دعا أَبُو جعفر شريكاً ليوليه القضاء قَالَ: ممن أنت؟ قَالَ: من النخع، قَالَ: مالي وللنخع، ثم قال: تلي مذحج، يريد أن بني الحارث بْن كعب منهم، ثم قال: قد وليتك قضاء الكوفة، قَالَ: يا أمير المؤمنين إني إنما أنظر في الصلاة والصوم، فأما القضاء فلا أحسنه، قال: اذهب وإلا وجهتك إِلَى اكشام والطاز بند قَالَ: يا أمير المؤمنين إني لا أحسنه قال: اذهب فأنفذ ما أحسنت وتكتب إلي فيما لا تحسن.
أَخْبَرَنِي إبراهيم ابن أبي عثمان. قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو خالد يزيد بْن يحيى ابن يزيد، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، قَالَ: مر شريك القاضي بالمستنير بْن عَمْرو النخعي، فجلس إليه فَقَالَ: يا أبا عَبْد اللهِ، من أدبك؟ قال: أدبتني نفسي والله، ولدت ببخارى من أرض خراسان، فحملني ابن عم لنا حتى طرحني عند بني عم لي بنهر صرصر، فكنت أجلس إِلَى معلم لهم تعلق بقلبي يعلم القرآن؛ فجئت إِلَى شيخهم فقلت: يا عماه الذي كنت تجري علي ها هنا أجره علي بالكوفة أعرف بها السنة والجماعة وقومي، ففعل؛ قَالَ: فكنت بالكوفة أضرب اللبن وأبيعه فأشتري دفاتر وطروساً فأكتب(3/150)
فيها العلم والحديث ثم طلب الفقه فقلت: ما نرى ? فَقَالَ المستنير بْن عَمْرو لولده: قد سمعتم قول ابن عمكم وقد أكثرت عليكم، فلا أراكم تفلحون فِيْهِ فليؤدب كل رجل نفسه ثم من أحسن فلها، ومن أساء فعليها.
قَالَ أَبُو خالد الأسلمي: وبنو عم شريك الذين بنهر صرصر، يُقَالُ لهم اليوم: بنوكردي من آل جساس.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان عَن سليمان بْن أبي شيخ قَالَ: حَدَّثَنِي المغيرة بْن مطرف ابن المطرف قال: قَالَ لي شريك: أرسل إِلَيَّ أَبُو جعفر فدخلت عليه، فقال ل: ي أين ولدت ? قلت بفرغانة. قَالَ: فأين نشأت؟ قلت: بهَذَا السواد وكنت آتي المصر أتعلم القرآن فيه. قال: فقد وليتك المصر الذي كنت تعلم القرآن فِيْهِ. قلت: يا أمير المؤمنين! لا علم لي بالقضاء، قال: قد بلغني ما صنعت بعيسى، وايم الله ما أنا كعيسى، يا ربيع يكون عندك حتى يقبل، قَالَ: فقمت مع الربيع فَقَالَ لي: ليس يدعك أوتقبل ولا بد لك من ذلك، فأجبت، فأدخلني عليه وقال: يا أمير المؤمنين قد قبل، فَقَالَ لي أَبُو جعفر: قد بلغني عنك صرامة فازدد. قلت: فأعتمد عليك ? قَالَ: نعم. فقدمت الكوفة وعليها مُحَمَّد بْن سليمان بن علي، فتقدم إِلَيَّ كاتبه حماد بْن موسى، ولا أعرفه، فقضيت عليه وقلت: سلم، فقال: لا أسلم، فحبسته. فأتى مرة يخبرني أن مُحَمَّد بْن سليمان قد أطلقه وأنه كاتبه. فقلت: هذه أول وهلة، وإن ضعفت فيها لم أزل ضعيفاً، فختمت قمطري وقمت فدخلت عليه فقلت: إن أمير المؤمنين أمرني أن أعتمد عليه لتقوى بذلك أحكامي، وإنك أضعفتها: أخرجت رجلاً من حبسي والله لئن لم تردده لا يكون وجهي إِلَّا إِلَى أمير المؤمنين من بساطك(3/151)
فطلب إلي فأبيت أن أجيبه، فرده إِلَى الحبس فكان صاحبه هو الذي كلمني فِيْهِ فأخرجه.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير ومُحَمَّد بْن موسى القيسي، قالا: حَدَّثَنَا سليمان بْن أبي شيخ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن صالح بْن مسلم قَالَ: كان شريك وهو على قضاء الكوفة خرج يتلقى الخيزران، فبلغ قرية يُقَالُ لها: شاهي وأبطأت الخيزران، فأقام ثلاثاً ينتظرها ويبس خبزه، فجعل يبله، فَقَالَ الغلام منهال الغنوي:
فإن كان الذي قد قلت حقاً ... بأن قد أكرهوك على القضاء
فما لك موضع في كل يوم ... تلقى من يحج من النِّسَاء
مقيم في قرى شاهي ثلاثاً ... بلا زاد سوى كسر وماء
وزادني إبراهيم الصالحي في هذه الأبيات:
وفي تشييع خالص غير وان ... ويومي بالسلام إِلَى سناء
فأي الناس أفحش منك حرصاً ... وأظنن منك في باب الرياء
وزادني النميري:
تركت الفقه حين كسبت مالاً ... وتشمير الإزار مع الرداء
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن البراء المديني قَالَ: حَدَّثَنِي يزيد وجعفر ابنا مُحَمَّد بْن الراسيان قالا: حَدَّثَنَا أَبُو نعيم قال: هجا رجل شريكاً فقال:
فهلا فررت وهلا اغتربت ... إِلَى بلدة أرضها المحشر
كما فر سُفْيَان من قومه ... إِلَى بلد الله والمشعر
فلاذ برب له مانع ... ومن يحفظ الله لا يخفر
أراك ركنت إِلَى الأزرقيّ ... ولبس العمامة والممطر
وقد طرحوا لك حتى لقطت ... كما لقط الطير في الأندر(3/152)
ثم يقول أَبُو نعيم: انظروا ما يصنع بهَذَا شريك.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن زهير قال: حَدَّثَنِي سليمان بْن أبي شيخ، قَالَ: حَدَّثَنِي يحيى بْن سعيد الأموي قال: كنت عند الْحَسَن بْن عمارة حين بلغه أن شريكاً هرب من قضاء الأهواز فَقَالَ: الخبيث استصغر قضاء الأهواز.
أنشدني مُحَمَّد بْن موسى عَن سليمان بْن أبي شيخ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن صالح قال: قَالَ: العلاء بْن المنهال:
فليت أبا شريك كان حياً ... فنقصر حين ينصره شريك
ويترك من تدر به علينا ... إِذَا ما قيل: هَذَا هو أَبُوك
أنشدني إبراهيم بْن إسحاق الصالحي للعلاء في شريك:
لكلبُ الناس إن فكرت فِيْهِ ... أضر عليك من كلب الكلاب
لأن الكلب لا يؤذي صديقاً ... وإن صديق هَذَا في عذاب
ويأتي حين يأتي في ثياب ... مخرمة على رجل مصاب
فأخزى الله أثواباً عليه ... وأخزى الله ما تحت الثياب
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن الْحَسَن عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عبيدة قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ ابن عبيد الله بْن العباس بْن مُحَمَّد، قَالَ: حَدَّثَنِي إسحاق بْن عيسى، قَالَ: لما ولي المنصور شريكاً قضاء الكوفة أتى أبي فَقَالَ لَهُ: استعف لي أمير المؤمنين فَقَالَ لَهُ: إني لأعزل من ذاك، إن أمير المؤمنين لا يرد عَن عزماته. فلما توفي المنصور وولي المهدي قَالَ له أبي: إنك كنت سألتني أن أستعفي لك أمير المؤمنين فأبيتُ عليك، وأمير المؤمنين ألين جانباً وأحرى أن يجيبنا إِلَى ما نسأله، فإن شئت استعفيته، فقال: أما الآن فإني أكره شماتة الأعداء.(3/153)
وقَالَ جعفر بْن مُحَمَّد بْن عمار: ولي المهدي شريكاً مع القضاء صلاة الكوفة وأحداثها، فولي على شرطته إسحاق بْن الصباح.
وقَالَ أَبُو هشام: سمعت يحيى بْن آدم يقول: لما ولي شريك القضاء كان من دعا له أو أثنى عليه زبره، فلما خبر القضاء جعل من يدعو له يسكت، ومن يثني عليه، فيقول: الدعاء الدعاء.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير عَن سعدويه قال: ذكر لعباد بْن العوام رجل ولي القضاء من عفافه وصلاحه، فَقَالَ عباد: من ظن أنه يلي لهؤلاء شيئاً فيخلون بينه وبين العدل فبئسما ظن.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان عَن سليمان بْن أبي شيخ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرحمن بْن شريك، قَالَ: جاءت أم شريك من خراسان فرآها أعرابي وهي على حمار وشريك بين يديها وهو صبي فَقَالَ الأعرابي: إنك لتحملين جندلة من الجنادل.
حَدَّثَنَا الحسين بْن جعفر البرجمي، قَالَ: حَدَّثَنَامنجاب قَالَ: سمعت شريكاً يتمثل بهَذَاالبيت:
تعدو الذئاب على من لا كلاب له ... وتتقى مربض المستدفئ الحامي
حَدَّثَنَا العباس بْن مُحَمَّد الدوري، قَالَ: حَدَّثَنَا يحيى بْن معين، قَالَ: حَدَّثَنِي منجاب، قَالَ: قَالَ رجل لشريك: كيف أصبحت يا أبا عَبْد اللهِ ? قال: أصبحت شاكياً غير شاك لله.
حَدَّثَنِي الحسين بْن جعفر البرجمي، قَالَ: حَدَّثَنَا منجاب، قَالَ: سمعت شريكاً يتمثل:
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ... فلم يبق إِلَّا صورة اللحم والدم(3/154)
وكائن ترى من صامت لك معجب ... زيادته أو نقصه في التكلم
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير قَالَ: سمعت يحيى بْن أيوب قال: كنا عند شريك ابن عَبْد اللهِ يوماً فظهر من أصحاب الحديث جفاء فانتهر بعضهم، فَقَالَ لَهُ رجل. يا أبا عَبْد اللهِ، لو رفقت! فوضع شريك يده على ركبة الشيخ وقَالَ: الساعون على الدين.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن أبي شيخ قال: قَالَ شريك لبعض إخوانه: أكرهت على أحد الرزق.
حَدَّثَنِي الحسين بْن جعفر البرجمي، قَالَ: حَدَّثَنَا منجاب، قَالَ: حَدَّثَنِي طلق بْن همام قَالَ: كان شريك إِذَا دخل الحمام ضرب عليه ستارة.
حَدَّثَنِي جعفر بْن مُحَمَّد بْن شاكر الصائغ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نعيم النخعي، قَالَ: سمعت شريكاً يقول: ترى أصحاب الحديث هؤلاء ليس يطلبونه لله، إنما يتظرفون به.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن حمزة العلوي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُوعُثْمَان المازني، قَالَ: حَدَّثَنِي إبراهيم بْن عَبْد الرحمن بْن مهدي عَن أبيه، قَالَ: حَدَّثَنِي شريك بْن عَبْد اللهِ، قَالَ: سعى ابْن الربيع إِلَى المهدي وزعم أني رافضي، قَالَ: فأرسل إلي فأُخِذت أخذاً عنيفاً وعلى كُمِّهِ لاطئة وكساء أبيض وخفان، فدخلت عليه فسلمت، فقال: لا سلم الله عليك! قَالَ: قلت يا أمير المؤمنين إن الله يقول: {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء: 86} فو الله ما حييتني بأحسن من تحيتي ولا رددتها علي، قال: ألم أوطئ الرجالَ عقبيك وأنت رافضي ملعون! قَالَ: قلت: يا أمير المؤمنين مثلك لا يمن بمعروفه، وأما قولك: إني رافضي، فإن كان الرافضي مَنْ أَحَبَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ(3/155)
وَسَلَّمَ وفاطمة وعلياً والْحَسَنَ والحسينَ صلوات الله عليهم أجمعين، فأنا أشهد الله وأشهدك أني رافضي أتبعهم يا أمير المؤمنين. قال: معاذ الله، ثم قَالَ: ما أحسبنا إِلَّا وقد روعناك، هاتوا بدرة، فأتوا ببدرة فدفعت إلي فحملها على عنقي، فلما خرجت قَالَ لي الربيع: كيف رأيت ? قَالَ: قلت: إِذَا شئتَ فَعُدْ.
أَخْبَرَنِي طلحة بْن عَبْد اللهِ بْن مُحَمَّد بْن إسماعيل التيمي قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَد ابن إبراهيم بْن إسماعيل بْن داود، قال: تناظر عَبْد اللهِ بْن مصعب وشريك بين يدي المهدي فلم يدرك عَبْد اللهِ شريكاً لتبحره، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: مثل هَذَا يطأ بساط أمير المؤمنين ? قَالَ شريك: فمن يطأ بساط أمير المؤمنين ? والله إني لقارئ للقرآن عالم به وبالتعبير، راوية للحديث والفقه، وإني لرجل من العرب متوسط في قوس. فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: إنك تشتم أبا بكر وعُمَر، فَقَالَ شريك: والله ما استحللت ذلك من الزبير، فكيف أستحله من أبي بكر وعُمَر.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن بكر بْن خالد، قَالَ: سمعت داود بْن راشد يقول: سمعت منصور بْن أبي بكر بْن أبي مزاحم يقول: اجتمع عند أبي عَبْد اللهِ الحسين بْن يزيد، الْحَسَنُ وناس من أهل المدينة فتذاكروا النبيذ فأجمعوا على تحريمه، ودخل شريك فجلس فَقَالَ أَبُو عبيد الله لشريك: يا أبا عَبْد اللهِ ما تقول في النبيذ ? فقال: لا بأس به.
حَدَّثَنَا أَبُو إسحاق عَن عَمْرو بْن ميمون قال: قَالَ عُمَر: نأكل هَذَا اللحم الغليظ ونشرب عليه النبيذ نقطعه في بطوننا، فَقَالَ: الْحَسَن بْن زيد: ما سمعنا بهَذَا، فَقَالَ لَهُ شريك: أجل والله، شغلك الجلوس على الطنافس(3/156)
في صدور المجالس أن تسمع بهَذَا، قَالَ: ثم سكت وسكتوا. قَالَ أَبُو عَبْد اللهِ لشريك: تحدث يا أبا عبيد الله! قَالَ شريك: أهل الحديث أشد صيانة للحديث من أن يعرضوه للتكذيب.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن بكر، قَالَ: حَدَّثَنِي رجل من أهل نيسابور عَن الْحَسَنِ بْن قحطبة قال: غدوت على المهدي بغلس فدخلت عليه فسلمت فرد السلام وما قَالَ لي: اقعد، ثم قَالَ للخادم: انظر من بالباب ? قال: شريك، قال: علي بجراب السيوف، قَالَ الْحَسَن: فاشتملتني رعدة ثم قال: ائذن له فدخل شريك فسلم فلم يرد عليه السلام، ثم قال: قتلني الله إن لم أقتلك، قال: ولم ذاك يا أمير المؤمنين ? قال: رأيت في النوم أني مقبل عليك أكلمك وأنت تجيني من قفاك، فأرسلت إِلَى المعبر فقال: هَذَا رجل يطأ بساطك مخالفاً لك. فَقَالَ لَهُ شريك: إن رؤياك ليست رؤيا يوسف بْن يعقوب، وإن الدماء لا تستحل بالأحلام، قال: فنكس المهدي ساعة ثم قَالَ: بيده هكذا: أي اخرج، ثم أقبل عليَّ المهديُّ فكلمني ثم خرجت، فإذا شريك واقف فَقَالَ لي: أما رأيت ما أراد أن يصنع هَذَا بنا ? فقلت: لله درك، ما ظننت أنني أبقى حتى أرى في الدنيا مثلك.
حَدَّثَنِي أَبُو العيناء مُحَمَّد بْن القاسم قال: سمعت علي بْن صالح صاحب المصلي يقول: دخل شريك على المهدي فأراد أن يعجزه فقال: يا غلام أعطني عوداً، قال: فجاء بالعود الذي يغني به، فلما رآه المهدي استحيي من شريك، ثم قال: هَذَا أخذه صاحب العسس البارحة فأحببت أن يكون كسره بحضرتك، ثم قال: يا أبا عَبْد اللهِ، ما تقول فيمن أمر بأمر فخالف إِلَى غيره، فتلف الشيء ? قال: يضمن، قَالَ: فقال: يا غلام(3/157)
اضمن ثمن العود.
أَخْبَرَنَا سليمان بْن الربيع بْن هشام المهدي، قَالَ: حَدَّثَنَا الحارث بْن إدريس أن شريكاً دخل على هارون في أول ولايته وعنده أَبُو يوسف يتحاور الكلام، فدخل أَبُو يوسف في كلامهما يريد أن ينقص شريكاً، فَقَالَ شريك: يا يعقوب:
هم سمنوا كلباً ليأكل لحمهم ... ولو أخذوا بالحزم ما سمنوا الكلبا
حَدَّثَنَا أَبُو سعد الحارثي عَبْد الرحمن بْن مُحَمَّد بْن منصور، قَالَ: حَدَّثَنَا الأصمعي قال: قَالَ شريك النخعي: قلت لأمير المؤمنين: فلان أكتبه في الوجوه ? قال: ألا قلت: أكتبه في القراء ? قال: هي أصبغهما عليه.
أَخْبَرَنِي طلحة بْن عَبْد اللهِ أَبُو إسحاق التيمي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن إبراهيم بْن إسماعيل بْن داود، قَالَ: ولي المهدي شريك بْن عَبْد اللهِ القسم بالكوفة وهو يومئذ قاض عليها يقسم فأعطى العربي اثني عشر، وأعطى المولى ثمانية، وأعطى من حسن إسلامه أربعة فضج الموالي والعجم من ذلك، فجعل يسأم العجم ويسأمونه ويغيظهم ويتقونه، ثم كلمه الموالي، فَقَالَ لَهُم: أرأيتم أنتم ما حجتكم علي ? قالوا: فضلت العرب علينا بأربعة، قال: هذه أربعة أخذتها من النبط فأعطيها العرب ولم أنقصكم أنتم شيئاً.
وكان شريك دعا عيينة القارئ ليقسم معه فَقَالَ لَهُ: هَذَا ظلم ولست أدخل فيه، قَالَ: لتفعلن أو لأؤدبنك، فقال: حَدَّثَنَا شريك بإسناد لم يحفظه أَحْمَد قال: قَالَ علي بْن أبي طالب رضي الله عنه: أنه ولى توزيع القسم من أهل هَذَا المصر رجل فغضب بين الموالي والعجم والعرب لغير وشدة، قَالَ: اذهب فلا حاجة لنا في معونتك.
فأَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان عَن سليمان بْن أبي شيخ عَن علي بْن(3/158)
عَبْد الرحمن الشيباني قال: كنت بالكوفة حين قسم شريك المال الذي خرج إليه من الخليفة فأعطى العرب ثمانية وأعطى الموالي أربعة ولم يعط النبط شيئاً، فغضبت الموالي وسئموه، فَقَالَ لَهُم: إنما كان نصيبكم من هَذَا المال أربعة والعرب أربعة والنبط أربعة فأخذت ما كان نصيب النبط فأعطيته العرب فأَبُوا أن يقبلوه منه.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة قَالَ: قرأت على غسان بْن المفضل العلائي قَالَ: قَالَ علي بْن صالح: كان شريك بالكوفة أيام المهدي قاضياً فشكاه أَبُو يوسف وعافية إِلَى المهدي وابن علاثة وقالوا: إنه لا ينفذ كتبنا ولا يلتفت إلينا، فجمع بينهم المهدي فأقبل شريك وكان قد شرب نبيذاً يصدمهم (؟؟؟) فَقَالَ لعافية: لقد رأيته سكراناً موضع عرفتني فِيْهِ نبيذاً حتى سكر، (؟؟؟) وحقر أبا يوسف في كلامه وقَالَ لابن علاثة: من أنت ومتى كنت ومتى تعلمت ? فلما خرجوا قَالَ له الطوسي: يا شيخ، لقد كنت حسن المنازعة جيد الكلام، فَقَالَ شريك- وكان عليه قباء أسود قَالَ علي: وما رأيته قط إِلَّا في قباء-: يا شيخ، أتزعم في طولك وعرضك أبي لا أستحل السواد، فماذا الذي علي أليس سواداً استحييت لطولك وعرضك.
وذكر مُحَمَّدبْن عِمْرَان بْن زِيَاد قال: سمعت مُحَمَّد بْن عُمَر يقول: كان أَبُو سيف وعافية الأودي يحسدان شريكاً ويقعان به ويعيبانه عند الخليفة، وإذا حضر لم يشقا غباره ولم يتكلما معه، فقالا له: إنه فاطمي يرى شق عصا المسلمين والخروج على الأئمة، ودخل شريك على نفيه، ذلك، قَالَ له هارون: زعموا أنك فاطمي، فقال، والله إني لأحب فاطمة وأبا فاطمة(3/159)
وزوج فاطمة وابني فاطمة أفتبغضهم ? قَالَ: لا، قال: فما ذكر العزم في مجلسك يا أمير المؤمنين، قَالَ هارون: صدق ما ذكركم العزم. فَقَالَ شريك:ما هَذَان وهَذَا المجلس؟ أما هَذَا فرأينا أباه فلاسا يعني أبا يوسف، وأما هَذَا فرأيته رائضاً بالأمس، فحدثت علي بْن حكيم بهَذَا الحديث فقال: إنما كان عاملاً على رستاق في حداثته.
حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرو بْن أبي عروة الغفاري، قَالَ: حَدَّثَنِي علي بْن آدم عَنْ عَبْدِ السلام بْن حارث قال: قلت لشريك: هَلْ لك في أخٍ لك تعوده ? قال: من هو ? قلت: مالك بْن مغول، قال: ليس لي بأخ من أزري على علي وعمار.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن سعيد الحمال، قَالَ: سمعت أبا نعيم يقول: قَالَ شريك لمالك بْن مغول: ويح، دع عماراً لا تذكره بخير ولا بشر. فَقَالَ لَهُ مالك بْن مغول: أتريد تشركني ? قَالَ: فَقَالَ شريك: الآن وقعت في الزلل.
حَدَّثَنَا ابن يحيى الناقد، قال: سمعت أبا تمام يقول: سمعت شريكاً يقول: إن أبغض الخلق إِلَى الله من أساء وأبغض من أحسن.
حَدَّثَنَا علي بْن حرب الموصلي، قَالَ: حَدَّثَنَا إسماعيل بْن ذبان الطائي، قال: قَالَ رجل لشريك في شيء من أمر أبي بكر وعُمَر، فقال: ما علمنا بعلي حتى صعد المنبر فقال: خير هذه الأمة بعد نبيها أَبُو بكر وعُمَر، فكنا نقول لعلي: كذبت، قلنا لعلي: صدقت.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْن نوفل الكوفي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بْن مُحَمَّد الفسطاطي عَن عباد أبي غسان قَالَ: قَالَ شريك: ما وجدنا أحداً يفضل(3/160)
علياً على أبي بكر وعُمَر إِلَّا مفتضحاً فيما سوى ذلك، منهم مغيرة وأَبُو الخطايا وفلان وفلان.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم السعدي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدَّثَنَا موسى بْن طالب عَن أبيه قَالَ: قلت لشريك: يا أبا عَبْد اللهِ إني في ناحية ما يمكنني أن أذكر فضل أبي بكر وعُمَر، قال: صاحبك الهم، ما أدركت أحداً يفضل على أبي بكر وعُمَر علياً إِلَّا أصلبته مفتضحاً، قلت: يا أبا عَبْد اللهِ إني لي قرابة من الرافضة أعطيهم من الزكاة ? قال: لا.
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن أبي خيثمة، قال، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يزيد، قَالَ: سمعت حمدان بْن الأصبهاني قال: كنت عند شريك فأتاه بعض ولد المهدي فاستند إِلَى الحائط فسأله عَن حديث فلم يلتفت إليه وأقبل علينا، وأعاد فعاد بمثل ذلك، فَقَالَ: تستخف بأولاد الخلافة ? قال: لا ولكن العلم أزين عند أهله من أن يضيعوه؛ قَالَ: فجثا على ركبتيه ثم سأله، فَقَالَ شريك: هكذا يطلب العلم.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة قَالَ: أَخْبَرَنَا سليمان بْن أبي شيخ قال: قَالَ موسى بْن عيسى لشريك: يا أبا عَبْد اللهِ عزلوك عَن القضاء. فقال: ما رأينا قاضياً عزل قَالَ: هم الملوك يعزلون ويخلعون. يعرض أن أباه خلع.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أبي علي وابن أبي خيثمة قَالَ: حَدَّثَنَا سليمان بْن أبي شيخ، قَالَ: حَدَّثَنَا إسحاق بْن القصار وكان من أصحاب الحديث وغيره أن القاسم بْن معن حضر شريك بْن عَبْد اللهِ عند موسى بْن عيسى، فَقَالَ القاسم لشريك: ما تقول في رجل رمى رجل بسهم فقتله، فقال: يرمى بسهم فيقتل؛ قَالَ له القاسم: فإن لم يقتله أيرمى بآخر ? قال: نعم،(3/161)
قال: أفنتخذه غرضاً ? فَقَالَ لَهُ شريك: لم تموق (؟؟؟) فَقَالَ القاسم: يا عَبْد اللهِ هَذَا ميدان لا نجاريك فيه، أنت فِيْهِ سابق يعني البذاء.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن القاسم بْن خلاد، قَالَ: حَدَّثَنِي العتبي قَالَ: قَالَ رجل لشريك: يا أبا عَبْد اللهِ، ما تقول في النبيذ ? قال: اشرب منه ما وافقك ودع منه ما جنى عليك، وذمه إِذَا ذمه الناس، ولا تنصره فبئس المنصور والله هو.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن إسحاق الموصلي قَالَ: فحدث شريك يوماً عند أبي عبيد الله بحديث فَقَالَ عافية القاضي: ما سمعنا هَذَا الحديث، فَقَالَ شريك: وما يضر عالماً إن جهل جاهل.
أَخْبَرَنَا سليمان بْن الربيع بْن هشام المهدي، قَالَ: حَدَّثَنَا الحارث بْن إدريس قال: كنا عند شريك وعنده عصابة، فجاء غلام عليه صوف فتخطى حتى جلس إِلَى جانب شريك، فَقَالَ شريك: ممن أنت؟ فانتهى إِلَى الأنصار، فَقَالَ شريك:
لئن فخرت بآباء مضوا سلفاً ... لقد صدقت ولكن بئسما ولدوا
حَدَّثَنِي طلحة بْن عَبْد اللهِ التيمي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن إبراهيم بْن إسماعيل بْن داود، قَالَ موسى بْن عيسى لشريك: بلغني أنك تورث بني البنات، قَالَ: نعم. قَالَ: إني لأظنك زنديقاً! قال: الزنديق يشرب الخمر وينكح حرم أبيه ولم أفعل أنا ذاك قط، فكيف أكون زنديقاً ? قَالَ: غضبت يا أبا عَبْدِ اللهِ ? قال: إنك لم تَعْنِ غيري.
وذكر مسلم بْن جنادة عَن أبي نعيم قال: كان شريك لا يجيز شهادة الرافضة ولا المرجئة، قَالَ: أَبُو نعيم ونظر شريك إِلَى رجل يُقَالُ له: زكريا(3/162)
ابن يحيى فَقَالَ لَهُ شريك: ألست الذي يقول: الصلاة ليست من الإيمان في شيء؛ ارجع فلا شهادة لك عندي.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن القاسم بْن خلاد، قَالَ: سمعت العيني يقول: تحدث شريك يوماً ببغداد في دار المهدي بفضائل لعلي بْن أبي طالب فأكثر، فلما قام قَالَ: له رجل من الكوفيين: يا أبا عَبْد اللهِ جئت اليوم بالدر، قَالَ: بماذا ? قَالَ: بفضائل علي، قَالَ: فكيف لا أتحدث بفضائل رجل كان يشبه بِعُمَر بْن الخطاب فأفسدوا والله عليه كلما سمع.
وأَخْبَرَنَا عَبْد اللهِ بْن سليمان الطلحي جارنا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن ابن هانئ أَبُو نعيم النخعي عَن حفص بْن غياث، قال: كان شريك يقول من زعم أنه كان في الشورى خير من عُثْمَان فقد خون أصحاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: الطلحي: فحدثت به عَبْد اللهِ بْن داود الجرمي فَقَالَ: رحم الله عُثْمَان ورحم الله شريكاً أنا أقول كما قال.
وبلغني عَن زيد بْن أخرم من عَبْد اللهِ بْن داود قَالَ: سمعت سُفْيَان يقول: أي رجل أفسدوا يعني شريكاً وحدثت عَن داود بْن رشيد عَن عباد بْن عمار قَالَ: قدم علينا مَعْمَر وشريك فتركنا مَعْمَراً وكتبنا عَن شريك قلت له: لم ? قال: كان أرجح عندنا منه.
وحدثت عَن أبي همام عَن علي بْن الْحَسَن بْن سُفْيَان عَن ابن المبارك قال: بقي بالعراق رجلان: شريك وشعبة؛ فلما بلغ سُفْيَان أن شريكاً استقضى قال: أي رجل أفسدوا.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة، قَالَ: حَدَّثَنَا سليمان بْن أبي شيخ. قَالَ: حَدَّثَنِي أبي قَالَ: قل لأبي شيبة القاضي: قد ولي شريك قضاء الكوفة،(3/163)
قَالَ: الحمد لله الذي لم يجعله من أصحاب حماد إنه لوفد أبا بكر أصحاب حماد وأنتم ما تنكرون.
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن أبي حسن قَالَ: أَخْبَرَنِي سليمان بْن أبي شيخ قَالَ: كان لشريك كاتب يُقَالُ له: أَبُو إسرائيل وهو أسن من شريك، فجاء شريك يوماً إِلَى مجلس القضاء. وقام يركع فدنا رجل من الكاتب فسأله عَن شيء من أمر القاضي، قال: متى يجلس أو نحو ذلك، فانفتل شريك، فَقَالَ: ضع قلمنا والحق بأهلك، فغضب أَبُو إسرائيل وقال: ما شيء أغيظ إلي من قوله ضع قلمنا، ليت ذلك القلم في عينيه.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة قَالَ: أَخْبَرَنَا سليمان بْن أبي شيخ، قَالَ: حَدَّثَنِي يحيى بْن سعيد الأموي قَالَ: كنت عند الْحَسَن بْن عمارة حين بلغه أن شريكاً هرب من قضاء الأهواز فَقَالَ: الخبيث استصغر قضاء الأهواز.
وبلغني عَن زيد بْن أخرم عَن داود قَالَ: سمعت شريكاً وقيل له: لم ترد شهادة فلان قال: كان ينافر فلاناً.
قَالَ ابن داود: ودعانا مجاشع ودعا حسناً وعلياً ابني صالح وشريكاً فأكلوا فطلب شريك نبيذاً فلم يكن عندهم فبعث إِلَى أهله، فأتوه فبعث فشرب، فتكلموا يومئذ ولم يتبين فيما تكلموا فاستعلاهم شريك.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن الْحَسَن عَن النصيري قَالَ: قَالَ إسماعيل بْن حماد بْن القاسم بْن معن قال: كنت أرى شريكاً يغضب على الخصم، فأعجب من غضبه وأقول: أمره نافذ وقوله جائز ففيم الغضب؟ فلما وليت القضاء جعلت أكلم الخصوم فلا أغضب فإذا ورد علي الأمر لا أعرفه غضبت فإذا(3/164)
شريك إنما كان يغضب مما يرد عليه مما لا يعرف الجواب فيه.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة عَن سليمان بْن أبي شيخ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي قال: دخلت سكة البريد بواسط في حاجة لي فلما خرجت تلقاني شريك على دابة من دواب البريد معه حرسي على دابة أخرى فدخل السكة، فرجعت فسلمت عليه فعرضت عليه الحاجة فقال: إن كان بينك وبين صاحب البريد معرفة فكلمه يحبسني ما قدر عليه، فإن هَذَا الحرسي قد أتعبني، فكلمه فحبسه ثلاثة أيام والحرسي يعجله حتى حمله بعد ثلاث، فمضى به إِلَى الأهواز فأجلسه على القضاء، فجلس فجعل لا يتكلم حتى قام فهرب واختفى، ويُقَالُ: إنه اختفى عند الوالي وهو مُحَمَّد بْن الْحَسَن العَبْدي.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان عَن سليمان بْن أبي شيخ، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن نوح النخعي وكان من أعوان شريك قال: قدم ابن إدريس إِلَى شريك في وصية. فأمر به إِلَى الحبس والحبس يومئذ في دار بلال، فالتفت إِلَى شريك وهو يذهب به إِلَى الحبس يقول: الحكم فيَّ كذا وكذا يفتيه، فَقَالَ لَهُ شريك: أفت بهَذَا أهل دار بلال.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة قَالَ: حَدَّثَنِي عبيد بْن إسحاق العطار قال: قَالَ رجل لشريك: يا أبا عَبْد اللهِ، ما تقول في التعزية عند القبر وقد عزى الرجل قبل ذلك ? فضحك شريك وقال: هَذَا ينبغي أن يشهد بالموافاة يعني بمجيئه.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان عَن ظفر بْن سهل قَالَ: قَالَ شريك: الجوع يمص الداء.(3/165)
وأَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان عَن ابن شيخ، قال: كان عُمَر بْن صالح الحنفي وأصحابه أصحاب خصومات ولبس، فكانوا يتقدمون إِلَى شريك فغدا لهم شاهداً، فَقَالَ لَهُ عُمَر: إن ابن مدان صاحب الصلاة فقدموه ليشهد لهم مرات فَقَالَ لَهُم شريك: حجوا الآن على هَذَا واعتمروا.
قَالَ ابن أبي شيخ: جاء رجل إِلَى شريك وهو على القضاء بكيس فَقَالَ: إن رجلاً من أهل خراسان خلف عندي هَذَا وأول عبيه (؟؟؟) وخرج للحج فلم يرجع قَالَ: فتريد ماذا ? قَالَ: تصيره عند بعض أصحابك إِلَى أن يجىء صاحبه، فَقَالَ لَهُ شريك: بلغك أني مأوى الضالة! وأبى أن يقبله.
قَالَ ابن أبي شيخ: وكان بالكوفة رجل يتولى لكندة، يُقَالُ له: أسد وكان قهرمان إسحاق ابن الصباح وكان يذهب بنفسه حداً فتقدم إِلَى شريك في شهادة فَقَالَ لَهُ شريك: المنى، قَالَ النبطي: قَالَ: شريك غليظ الكبد مثل صاحبه يعني إسحاق بْن الصباح، وإنما أراد شريك أن يقول لكبدي فراطنه بالنبطية. وسبطه.
حَدَّثَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان عَن سليمان بْن أبي شيخ قَالَ: حَدَّثَنِي إسماعيل بْن حماد عَن أبي حنيفة قال: قلت لمُحَمَّد بْن الْحَسَن الشيباني: أما ترى قول الناس في شريك مع كثرة خطئه وخطله فقال: ويحك أهل الكوفة كلهم معهم، فغضب لهذه العرب معهم فهم معه، ويتبع لهؤلاء الموالي الحمقى فهم معه.(3/166)
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن الْحَسَن عَن النميري، قَالَ: تقدم إِلَى شريكٍ مُحَمَّدُ بْن الصباح وحماد بْن أبي حنيفة فشهدوا عنده بشهادة، فلما نظر إليهما قد أقبلا قَالَ: ها هنا ها هنا إلي" يرفعهما في المجلس، فعلم أنه قد رد شهادتهما فانثنى مُحَمَّد منصرفاً وجلس حماد بين يديه فَقَالَ: بأي شيء تستحل رد شهادتنا ? قال: بتصدرك وتصدر أبيك في هَذَا المسجد تدعوان إِلَى البدع وخلاف سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان قال: حَدَّثَنِي عَبْدُ بْن إسماعيل الهباري، قَالَ: حَدَّثَنِي من أصدق قال: كنا نزولاً في علو شريك في أسفل العراق، فكان ربما أرسل إلينا في الحاجة يريدها فانصرف يوماً من عند الخليفة وقد غلف لحيته بالغالية فأرسل إلينا يطلب قارورة واسعة الرأس وأشرفت عليه، وإذا هو يسلت الغالية في القارورة وكان بخيلاً، قَالَ: فأجازه بعشرة آلاف درهم، فأرسل إلينا يطلب نطعاً فوجهنا به إليه ثم أشرفت عليه فإذا هو قد أخرجها وجعلها في النطع ونام عليها ثم رد ما في الأكياس بعد.
قال: خلَّفَ شريكٌ ثلثمائة ألف درهم، وما فيها دينار واحد.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن موسى القيسي، قَالَ: حَدَّثَنَا سليمان بْن أبي شيخ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرو بْن سليمان العطار، قَالَ: قدمت الكوفة أثبت عند شريك داراً لنا في بني تميم فقدمت إليه شاهدين: كاملاً أبا العلاء وهو رئيس بني تميم، وميمون الزعفراني وكان يتولى بني تميم وله ابن يُقَالُ له: غصن يتفقه من أصحاب أبي حنيفة فلما قعدا أقبل شريك على كامل فقال: كيف أنتم يا أبا! كيف الحي? ثم أقبل على ميمون فَقَالَ: أبا القاسم بْن مسافح من أبيه يقول بالبطة كيف أنت؟ ما جاء بك? يعني أنه نبطي ليس له ولاء فاستحيا ميمون وتغير وجهه.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن الْحَسَن عَن النميري قال: ابتاع شريك من رجل(3/167)
مملوكاً جارية أو غلاماً وكرهه فرده بعيب، فَقَالَ لَهُ البائع: لا ترده، فأنا أربح لك فِيْهِ دنانير، قال: أو تفعل ? قَالَ: نعم، قَالَ: فكرهه وهب ولم يعرضه فدعا به شريك فقال: ألم تقل إنك تربحه فِيْهِ قال: بلى قد قلت ذلك، قَالَ: فأين الربح ? قال: ما عرضته، فعرضه فعلم شريك أنه قد وجب عليه فنظر إِلَى ذلك الرجل يكلم رجلاً، فَقَالَ لَهُ شريك بالنبطية: ازداهر من أربا، يعني الأسد.
وأَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان عَن ابن أبي شيخ، قَالَ: حَدَّثَنِي بعض الكوفيين قال: قَالَ رجل لشريك: رجل لا يرى القنوت في الفجر، فأراد ألا يقنت فيها فقنت، فَقَالَ شريك: أراد أن يخطئ فأصاب.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن الْحَسَن عَن النميري عَن عبيد الله بْن عامر قال: كان شريك لا يخرج إِلَى مجلس القضاء حتى يأكل ويشرب ثلاثة أقداح، فَقَالَ لَهُ وليد المنادي الذي كان ينادي له: أيها القاضي اسقني من نبيذك لأنظر كيف هو، فغداه معه وسقاه ثلاثة أقداح ثم غدا إِلَى المسجد فجلس وقَالَ له: يا وليد ادع فلان بْن فلان، فدعا فجعل الابن للأب والأب للابن، وجاء خصمان فَقَالَ شريك: يا وليد جأ عنقه، فوجأ عنق الآخر فَقَالَ: يا وليد انطلق فنم في أصل تلك السارية وإلا والله جلدتك الحد.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة قَالَ: سمعت الْحَسَن بْن حماد يقول: مات شريك وأنا شاهد بالكوفة سنة سبع وسبعين ومائة.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن الْحَسَن عَن النميري أن أعرابياً قدم على شريك فسأله عَن حديث بريرة، فقال:
أتيتك ممتاراً من العلم بلغة ... لمن ليس يدري أي رجليه أطول(3/168)
يظن بأن الحمل في العطف نائب ... وأن الذي في داخل البئر جردل
فإن كان حظى من حديثك ما أرى ... فمن عُمَر نوح ما أرى منك أرذل
قَالَ النميري: وقَالَ عَبْد اللهِ بْن المبارك:
يا جاعل الدين له مأرباً ... يصطاد أموال المساكين
لا تبع الدين بدنيا كما ... يفعل ضلال الرهابين
احتلت للدنيا ولذاتها ... بحيلة تذهب بالدين
فصرت مجنوناً بها بعدما ... كنت دواء للمجانين
أرزوا بابك وألقوك في ... لزوم أَبُواب السلاطين
تقول أكرهت وماذا الذي ... زلّ حمار العلم في الطين
وبلغني عَن عمير بْن هياج بْن سعيد الهمداني ابن أخي مجالد قال: كنت في صحابة شريك فأتته يوماً وهو في منزله فخرج في فرو ليس تحته قميص عليه كساء فقلت: قد أضحيت عَن مجلس الحكم، فَقَالَ: غسلت ثيابي أنتظر جفوفها، فجلسنا نتذاكر باب العَبْد يتزوج بغير إذن سيده، وكانت الخيزران قد وجهت رجلاً من النصارى على الطراز بالكوفة وكتبت إِلَى عيسى بْن موسى لا تعص له أمراً، فخرج من زقاق النخع عليه خز وطيلسان على برذون فاره ورجل بين يديه مكتوف وهو يقول: واغوثا بالله ثم بالقاضي، وإذا آثار السياط في ظهره فسلم على القاضي فَقَالَ لَهُ: له أنا رجل أعمل الوشى وأجرة مثلي مائة في الشهر، أخذني هَذَا منذ أربعة أشهر فأجلسني في طراز يجري علي القوت وعلي عيال قد ضاعوا فأفلت اليوم منه فلحقني ففعل بظهري ما ترى، فقال: يا نصراني اجلس(3/169)
مع خصمك قَالَ: أصلحك الله هَذَا من خدم السيدة فمر به إِلَى الحبس، قال: قم ويلك فاجلس معه، فقام فجلس معه، فقال: هذه الآثار التي بظهره من أثرها ? قَالَ: أصلحك الله إنما ضربته أصواتاً بيدي وهو يستحق أكثر من ذلك، فدخل شريك داره وأخرج سوطه، ثم ضرب بيده إِلَى مجامع ثوب النصراني، ثم قَالَ للرجل: انطلق إِلَى أهلك، ثم رفع السوط فجعل يقول: يا طبجي قدمن فاجمل والله لا تضرب المسلمين أبداً فهم أعوانه أن يخلصوه من يده، فَقَالَ: من هنا من فتيان الحي خلا هؤلاء فاذهبوا بهم إِلَى الحبس، فهربوا وجعل النصراني يبكي ويقول: ستعلم من ألقى السوط من يده؟ وقال: يا أبا حفص، ما تقول في العَبْد يتزوج بغير إذن مواليه وأخذ فيما كنا فيه، وقام النصراني فَقَالَ لَهُ: أخاف عاقبة هَذَا الأمر، قال: اسكت من أعز أمر الله أعزه، فذهب النصراني إِلَى عيسى بْن موسى فشكا إليه فقال: لا والله ما أتعرض لشريك، ومضى النصراني إِلَى بغداد فلم يعد.
[قضاؤه على الأمير موسى بن عيسى في حائط المرأة الجريرية]
وقَالَ عُمَر بْن هياج: أتت شريكاً امرأة من ولد جرير بْن عَبْد اللهِ وهو في مجلس الحكم فقالت: أنا بالله ثم بالقاضي، أنا امرأة من ولد جريرورددت الكلام فقال: إيها عنك الآن، من ظلمك ? قالت: الأمير موسى بْن عيسى، كان لي بستان على شاطئ الفرات ورثته عَن آبائي وفيه نخل، فقسمته بيني وبين إخوتي وبنيت حائطاً وجعلت فِيْهِ فارساً يحفظ النخل، فاشترى الأمير من إخوتي حقوقهم وسامني أن أبيع فأبيت. فلما كان في هذه الليلة بعث بخمسمائة فاعل فقلعوا الحائط فأصبحت لا أعرف من محلتي شيئاً فختم طينة ثم قَالَ لها: امضي إِلَى بابه حتى يحضر معك، فجاءت المرأة بالطين فأخذها الحاجب ودخل(3/170)
على موسى فأعلمه فبعث بصاحب الشرطة إليه وقال: يا سبحان الله، امرأة ادعت دعوى لم تصح أعديتها علي! فقال له صاحب الشرطة: أعفني، فأبى فخرج وأمر غلامه أن يتقدم إِلَى الحبس بفراش وغيره فأدى الرسالة إِلَى شريك، فَقَالَ: خذوا بيده فَقَالَ: قد تقدمت بما أحتاج إليه وعلمت أنك ستفعل، وبلغ الخبر موسى، فوجه محاجيه فقال: هَذَا من ذاك ما على الرسول، فألحقه بصاحبه فبعث إِلَى إسحاق بْن الصباح وجماعة من الوجوه فَقَالَ: امضوا إليه فقد استخف بي، فمضى وهو جالس في مسجده بعد العصر فلما أدوا الرسالة قَالَ: مالي لا أراكم جئتم في غبرة من الناس من ههنا من فتيان الحي يأخذ كل رجل بيد رجل إِلَى الحبس قالوا: أنت جاد ? قال: حقاً، حتى لا يمشوا برسالة ظالم، فركب موسى إِلَى الحبس ليلاً فأخرجهم فبلغ شريكاً، فختم القمطر وتوجه إِلَى بغداد، فركب موسى في موكبه فلحقه بقنطرة الكوفة فجعل يناشده الله ويقول: تسببت وانظر إخوانك تحبسهم قال: نعم لأنهم مشوا لك في أمر لم يجب أن يمشوا فِيْهِ ولست براجع أو يردوا إِلَى الحبس جميعاً، وإلا مضيت إِلَى أمير المؤمنين فاستعفيته، فأمر بردهم إِلَى الحبس وجاء السجان فأخبره ثم أمر أعوانه أن يردوا موسى إِلَى مجلس الحكم وجلس له وللجريرية، ثم أخرج أولئك من الحبس وحكم عليه برد حائطها ثم قام فأجلسه إِلَى جنبه وقال: السلام عليك أيها الأمير.
حَدَّثَنِي فضل بْن الْحَسَن المصري، قَالَ: حَدَّثَنَا سليمان بْن أبي شيخ، قَالَ: حَدَّثَنَا يحيى بْن سعيد الأموي، قَالَ: سمعت شريكاً أرسل إِلَى إسحاق بْن الصباح فَقَالَ لَهُ: القضاء لي بحذافيره، وإنما أنتم على المحارم.
حَدَّثَنِي الحسين بْن مُحَمَّد بْن مصعب، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عثمان، قَالَ:(3/171)
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عيسى الوابصي قَالَ: سمعت شريكاً يقول: ما سألتهم درهماً قط حتى نبذوني.
حَدَّثَنِي الحسين بْن مُحَمَّد بْن موسى: فإنما ركب إليه شامتاً فلما دخل عليه قال: يا أبا عَبْد اللهِ لقد اغتممنا بعزلك، قال: إن الخلفاء تخلع وتعزل إن الخلفاء تخلع وتعزل.
حَدَّثَنَا الحسين بْن مُحَمَّد بْن مصعب، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مسلم، قَالَ:سمعت شريكاً يقول: جاء جعفر الأحمر فشهد عند شريك، فلما شهد قال: يا أبا عَبْد اللهِ كيف أنت؟ كيف الحال ?.
حَدَّثَنَا الحسين، قَالَ: حَدَّثَنَا قاسم بْن وهب قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو غسان عَن دبيس الملائي قَالَ: قلت لشريك: قد أهلكت الناس في الدادي (؟؟؟) فَقَالَ: إن كنت لا أرد شهادتهم إن سألوني عَن الخليفة وألحق لنجاز يريدون به دفع الربح وقالوا: لو أرادوا النفي بما ألحقت لأفسدته عليهم.
حَدَّثَنِي إدريس (؟؟؟) إِلَى شريك في دين له عليه، فَقَالَ ابن إدريس لشريك: إنه ربا، فَقَالَ لَهُ شريك: حين أخذته لم يكن ربا، فلما أردت أن تعطيه صار ربا اقض بهَذَا في حاكة الزعافر لا يؤديها إِلَّا من الحبس، قَالَ: ثم قال: خذ بيده فأرده في حلق المسجد فقال: هَذَا عَبْد اللهِ بْن إدريس زعم أنه يأكل الربا فرايته يدرر به في المسجد.
حَدَّثَنِي حسين بْن مُحَمَّد البجلي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُمَر بْن الوليد، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سعيد، قَالَ: حَدَّثَنَا حفص بْن غياث، قَالَ: كنت عند شريك(3/172)
على بابه، إِذ جاء رجلان فَقَالَ: أحدهما: أيما شريك ? فأومأت إليه: هَذَا شريك: فقال: هَذَا عَبْدي، وهو يدعى الحربة، فقال: أعطه كفيلاً ويعطيك كفيلاً حتى تأتيا المجلس، فَقَالَ: عَبْدي وأعطيه كفيلاً ورفع صوته على شريك، فَقَالَ: نعم تعطيه كفيلاً وما أراك إِلَّا ظالماً، قال: لا والله ما أنا بظالم ولا والدي بظالم، قال: ومن أنت ? قَالَ: أنا فلان ابن فلان ابن فلان ابن عمار بْن ياسر، قَالَ: حفص فرأيت شريكاً استرخى وتواضع فعلمت أن السعية قد نجحت فيه، وقَالَ: رحم الله عماراً وكلمه بكلام لين وأخبره أنه كذا يفعل.
وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي بْن خلف العطار عَن أبيه قال: قَالَ: رجل لشريك ما تقول في رجل سهى يقنت في صلاة الصبح فَقَالَ: شريك هَذَا سهى فأصاب.
وبلغني عَن منصور بْن أبي مزاحم قَالَ: قَالَ: الربيع بين يدي المهدي لشريك: قد بلغني أنك حبيت أمير المؤمنين، فَقَالَ لَهُ شريك مه لا تقولن ذاك! لو فعلنا ذاك لأتاك نصيبك.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن يحيى ثعلب، قَالَ: ذكر الأصمعي قال: شهد رجل عند شريك بشهادة فَقَالَ: المشهود عليه: إن هَذَا يشرب النبيذ، قَالَ: نعم وأنا الذي أقول:
إذا ما النفس جاشت ... فارمها بالمنجنيق
بثلاث من نبيذ ... ليس بالحلو الرقيق
يدفع المعدة دفعاً ... ثم يجري في العروق
قال: قم يا شيخ فاثبت شهادتك فقد أجزناها.
وحَدَّثَنَا حماد بْن إسحاق الموصلي قال: أنشدني مُحَمَّد بْن عُمَر الجرجاني(3/173)
لشريك بْن عَبْد اللهِ في إسحاق بْن الصباح حين ولي الكوفة:
صلى وصام لدنيا كان يطلبها ... فمن أصاب فلا صلى ولا صاما
قَالَ: ويُقَالُ: إن شريكاً لم يقل قط غير هَذَا البيت.
[اعتذار عن تولي القضاء ثم قبوله بشروط]
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن زكريا بْن دينار، قال: حَدَّثَنَا علي بْن الْحَسَن الشبرمي ابن أخت شريك لما دعا المهدي شريكاً ليوليه القضاء قَالَ لَهُ شَرِيْكٌ: لا أصلح لذلك. قال: ولم ? قَالَ: إن بي نتناً، قال: عليك بمضغ اللبان قال: إني حديد قَالَ: قد فرض لك أمير المؤمنين فالوذجة توفرك، قال: إني أمرؤ أقضي على الوارد والصادر، قَالَ: اقض علي وعلى ولدي؛ قال: فاكفني حاشيتك، قال: قد فعلت.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن زكريا بْن دينار، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إبراهيم مولى بني هاشم، قَالَ: دخل شريك على هارون الرشيد في يوم الشك، والفقهاء عنده، فلم يزالوا جلوساً إِلَى أن زالت الشمس فرفع الخبر إِلَى هارون إن الهلال لم يره أحد وبين يديه تفاح فطرح إِلَى كل رجل منهم تفاحة فأكلوا، وطرح إِلَى شريك فلم يأكل، فَقَالَ أَبُو يوسف: يا أمير المؤمنين، إنه يخالفك وقد أبى أن يأكل، قال: يا أمير المؤمنين هو والله خالفك وأصحابه، إنما أنت إمام ونحن رعية، وإذا أفطرت أنت أفطرنا، وليس لنا أن نتقدمك، قال: صدق شريك ثم أكل هارون وأكل شريك.
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن علي صاحب الأوزان، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو همام، قَالَ: كان سعيد بْن عَبْد الرحمن الجمحي قاضياً وكان ينزل السبت فجاء قوم فشهدوا على ضرار أنه زنديق، قال: قد أبحت دمه فمن شاء فليقتله، فَقَالَ شريك: ماذا تقول ? قال: ينادى على ضرار قال: الساعة خلفته عند(3/174)
يحيى بْن خالد أراد أن يعلمهم أنه عندهم وهم ينادون عليه.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن علي، قَالَ: سمعت أبا عَبْد الرحمن بْن عَبْد اللهِ بْن عُمَر يقول: سمعت إسماعيل الطلحي يحدث عَنْ عَبْدِ الرحمن بْن شريك قال: جاء كتاب أبي جعفر إِلَى أبي وهو في مجلس القضاء ففتحه فقرأ:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ، من عَبْد اللهِ أبي جعفر أمير المؤمنين إِلَى شريك بْن عَبْد اللهِ.
فَقَالَ الذي جاء به: اقرأ، فصاح به: يا أحمق الناس، وأنت تصلح لهَذَا الأمر ? أقرأ عليك كتابي تعرف ما فيه.
قَالَ: يفرغ الآخر من كلامه وقَالَ للخصوم: انصرفوا، وقَالَ لَيْسَ هَذَا يوم قضاء، وثبت مكانه حتى الظهر ودخل فتوضأ، ثم خرج فصلى العصر وثبت مكانه حتى صلى العشاء، ثم دخل فقال: أستخير الله ثلاثاً ثم قَالَ: لابنته: أشعلي النار، فلما توجهت النار قَالَ: أستخير الله ثلاثاً، ثم ألقاه وبكى وقال: والله لو فعلتُ ما كان إِلَّا النار النار النار. فما أَخْبَرَنَا في شيء مما كان فِيْهِ حتى مات.
القاسم بْن معن
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير، قَالَ: حَدَّثَنَا سليمان بْن أبي شيخ قَالَ: عزل شريك عَبْد اللهِ وولي القاسم بْن معن، عزله موسى بْن المهدي.
أَخْبَرَنِي إبراهيم ابن أبي عُثْمَان قال: حَدَّثَنِي أَبُو بشر القاسم بْن مهراويه قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن أبي يعقوب الكاتب قال: كان القاسم بْن معن من أشد الناس افتناناً في الآداب كلها، وكانت له مروءة، فكان لا يعدم أصحابه منه البر الكثير من باكورة وغيرها في كل يوم يحمل إليهم نوع من الفاكهة أو من خبيصة أو من فالوذجة أو ضرب من هذه الضروب، فإذا لم يكن عنده شيء بعث إليهم بمنٍّ مبتلة مبردة، فعلموا أن ليس عنده شيء غيرها، فبينما أصحابه عنده يوماً في أول باكورة الرطب إِذَا أتى برطب كثير، فوضع بين أصحابه فجعلوا يأكلونه ورجل منهم يأكل(3/175)
من الرطب ويلقي النوى بين يدي صاحبه الذي يليه، فالتفت القاسم إِلَى غلامه وقال: يا غلام، هات الكيس فجىء به فقال: أعد النوى بين يدي صاحبه وأعط كل رجل بين يديه لكل نواة درهمين، فَقَالَ الرجل: جعلت فداك، أنا كنت آكل وألقي النوى بين يدي صاحبي، قال: قد رأيت ذاك فهو الذي جلب عليك هَذَا.
قَالَ: وكان القاسم بْن معن يناظر في الحديث أهله وفي الرأي أهله وفي الشعر أهله وفي الأخبار أهلها وفي الكلام أهله، فَقَالَ لأصحاب الشعر: أنا والله أستريح إليكم فاجعلوا مناظرتكم إياي بعقب أصحاب الحديث حتى تغسلوا عني وضرهم.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الجهم النحوي، قَالَ: حَدَّثَنَا يحيى بْن زِيَاد الفراء، قَالَ: حَدَّثَنِي القاسم بْن معن عَن الأعمش قال: قلت لأبي وائل: أشهدت صفين ? قَالَ: نعم، وينسب الصفون، قَالَ: الفراء وكان القاسم بْن معن يعني بمثل هَذَا وأشباهه.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة، قَالَ: حَدَّثَنَا سليمان بْن أبي شيخ قَالَ: حَدَّثَنِي حجر بْن عَبْد الجبار، قَالَ: قيل للقاسم بْن معن: أترضى أن تكون من غلمان أبي حنيفة ? قال: ما جلس الناس إِلَى أحد أنفع من مجالسة أبي حنيفة.
أَخْبَرَنَا عَبْد اللهِ بْن أبي الدنيا، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عَبْد الأعلى الشيباني، قَالَ: أَخْبَرَنِي شيخ من أهل الكوفة قَالَ: أقبل أَبُو التلاد يوماً من عند القاسم بْن معن فقيل له: من أين أقبلت ? قال: من عند القاضي القاسم بْن(3/176)
معن، صادفت والله هناك باباً مغلوقاً وعلماً موبوقاً وطعاماً طاعوماً وشراباً عوماً، يعني المرىء السريع.
أَخْبَرَنَا حماد بْن إسحاق الموصلي قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن كناسة عَن القاسم بْن معن قال: دعاني عيسى بْن موسى ليوليني القضاء فدخلت عليه وأنا هائب له فسلمت عليه بالإمرة فأشار إِلَى موضع فجلست فيه، فَقَالَ لي: دعوتك لخيراً، قال: فهان والله علي حتى صار في عيني أدق من شعرة لما رأيت من لحنه فأحتبيت فقال: تحتبي في مجلسي يا غلام أطلق حبوته" ففعل الغلام فقلت: لا عدمنا تأديب الأمير، فَقَالَ: إني أريد أن أوليك القضاء، فقلت: لا أستقيم له، قَالَ: إن أبيت ضربتك خمسة وسبعين سوطاً، قال: فقلت في نفسي ما يجىء بعد الخير إِلَّا شر منه، قلت: وتفعل إن لم نفعل قال: نعم قلت: فإني قبلت فوليت القضاء.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو خالد الأسلمي يزيد بْن يحيى بْن زيد قال: كان القاسم يقسم أرزاقه إِذَا جاءته ولا يستحل أن يأخذ رزقاً.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن زهير قَالَ: حَدَّثَنِي سليمان بْن أبي شيخ قال: قَالَ ابن حسان للقاسم بْن معن:
يا أيها العادل الموفق والقا ... سم الأرامل الصدقه
ماذا ترى في عجائز وزوج ... أمسين يشكون قلة النفقه
ما إن لهن الغداة من نشب ... يعرف إِلَّا قطيفة خلقه
بنات تسعين قد خرفن فما ... يفصلن بين الشواء والمرقه
فمن لولا انتظارهن دنا ... نيرك قطعن بعد في سرقه
فَقَالَ الْقَاسِمُ بْن معن: إنه يوجب علينا دنانير لا يجعلها دراهم(3/177)
وأمر له بدنانير.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن الْحَسَن عَن النميري قال: كان بالكوفة رجل يدعى طربالاً ثم أفتى، فَقَالَ الْقَاسِمُ بْن معن:
إنما خيم البلاء علينا ... حين أفتى في مصرنا طربال
ارقب الشمسَ أن تجىء من المغـ ... رب أو أن يروعك الدجال
قال: ونازع رجل طربالاً وكان الرجل قبيح الوجه، فقال: أما يشهد على من زنى بالكفر، ولا على من سرق، فقال: لا أشهد بالكفر إِلَّا على من زعم أن الله خلقك في أحسن تقويم.
وأَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن عُمَر بْن أبي سعد، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدبْن عِمْرَان قَالَ: حَدَّثَنِي إسحاق بْن إبراهيم بْن حرملة التيمي، قال: قَالَ علي بْن حرملة: رأيت القاسم بْن معن يديم النظر إِلَى رقعة في قمطره فتلطفت للنظر إليها، وإذا فيها:
الرفق يبلغ بالرفيق ولا ... ينفك يتعب أهله الخرق
والكيس أنجح في الأمور ولا ... يبرا وإن داويته الحمق
ما صحة أبداً بنافعة ... حتى يصح الدين والخلق
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عثمان، قَالَ: حَدَّثَنَا سليمان بْن منصور، قَالَ: حَدَّثَنَا إسماعيل بْن حماد بْن أبي حنيفة قال: أنشد رجل القاسم بْن معن شعراً، فَقَالَ الْقَاسِمُ: ويحك، شعرك هَذَا أرز بارد في الشتاء.
أَخْبَرَنَا حماد بْن إسحاق الموصلي، قَالَ: حَدَّثَنِي ابن كناسة قال: كان القاسم بْن معن من رجال الشاس، وكان يحكم الحكم وهو عليل، فدخلت عليه امرأة وهو تحت قطيفة فحكم عليها، فقال: ما رأيت ميتاً يقضي(3/178)
بين الأحياء قبلك، فَقَالَ لَهَا: اخرجي إِلَى الرجل من حقه ودعي حياتي وموتي.
قَالَ حماد: وحَدَّثَنِي بعض أصحابنا قال: كان القاسم بْن معن سمع منادياً ينادي حماس بْن نامل فتمثل القاسم بقول حماس نامل وكان لصاً:
أعيا عليك الناس في كل رحلة ... رحلت لها إِلَّا حماس بْن نامل
بصير بمشي الرائحين عشية ... يلبون بين الأنعمين وعاقل
ثم قال: اجلس يا حماس بْن نامل، فنظر إِلَى أمره.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة. قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يزيد، قَالَ: حَدَّثَنِي ابن براد عَن القاسم بْن معن قال: رأيت داود الطائي يكلم أبا حنيفة في مسألة من المدبر، وكان داود من أبصر الناس بالنحو، فَقَالَ لأبي حنيفة: في حال حروريتها وحال أموّتها، قال: وجعل أَبُوْحَنِيْفَةَ لا يفهم.
وأَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة عَن مُحَمَّد بْن يزيد، قَالَ: حَدَّثَنِي ابن براد قَالَ: حَدَّثَنِي القاسم بْن معن، قَالَ: انطلقت أنا وداود الطائي نريد الحجاج بن أرطاة، فَقَالَ داود: اللهم هيئ لنا من ابن أرطاة أحاديث في القضاء جياداً، فَقَالَ لَهُ الحجاج: الكلام كلام عربي، والوجه وجه نبطي، فَقَالَ لَهُ داود: إن قومي ليعرفون نسبي، وما أدعى لغير أبي.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة ومُحَمَّد بْن موسى وإبراهيم بْن أبي عُثْمَان قَالَ: حَدَّثَنَا سليمان بْن أبي شيخ قَالَ: حَدَّثَنِي إسحاق بْن القصار الكوفي أن القاسم بْن معن حضر شريكاً عند موسى بْن عيسى فَقَالَ لَهُ: ما تقول يا أبا عَبْد اللهِ في رجل رمى رجلاً بسهم فقتله ? قَالَ: يرمى بسهم فيقتل فَقَالَ لَهُ القاسم: فإن لم يقتله يرمى بآخر ? قال: نعم، قَالَ: أفنتخذه غرضاً ? فَقَالَ لَهُ شريك: لم (؟؟؟) تموق فَقَالَ الْقَاسِمُ: هَذَا يا أبا عَبْد اللهِ ميدان لا نجاريك فيه، أنت فِيْهِ سابق، يعني البذاء.(3/179)
وأَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن الْحَسَن عَن النميري قال: قَالَ إسماعيل بْن حماد عَن القاسم بْن معن: كنت أرى شريكاً يغضب على الخصم فأعجب من غضبه، فأقول: أمره نافذ وقوله جائز ففيم الغضب? فلما وليت القضاء جعلت أكلم الخصوم بلا غضب، فإذا ورد علي الأمر لا أعرفه غضبت، فإذا شريك إنما كان يغضب مما كان يرد عليه مما لا يعرف الجواب عنه.
وذكر مُحَمَّدبْن عِمْرَان الضبي عَن مُحَمَّد بْن موسى الطلحي، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي قال: لما قدم الرشيد الحيرة أقام أربعين يوماً فلم يأته القاسم بْن معن فَقَالَ لَهُ الفضل: يا أمير المؤمنين قدمت منذ أربعين يوماً لم يبق أحد من أشرافها وقضاتها إِلَّا وقد وقف على بابك إِلَّا هَذَا القاضي قال: ما أعرفني أي شيء تريد ? تريد أن أعزله، ولا والله لا أعزله.
وقَالَ ابن عِمْرَان حَدَّثَنِي أبي، قَالَ: قَالَ لي القاسم بْن معن: لما دخلت على عيسى -أو قَالَ: موسى- هبته، فَقَالَ: إنك امرؤ ذا شرف فهان علي حتى كان كالأرض التي يطؤها.
وقَالَ: النميري: ضربه عيسى بْن موسى عشرين سوطاً لأنه امتنع عليه من القضاء.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان عَن سليمان بْن منصور، عَنْ عَبْدِ اللهِ ابن صالح، قال: نازع القاسم بْن معن قوم من ربيعة في ضيعة، فجهد القاسم أن يصلح الأمر بينه وبينهم، فامتنعوا عليه، فقيل له: إن ربيعة تطيع حيان بْن علي العنزي فلو أرسلت إليه كفاك أمرهم، فأرسل إِلَى حيان يسأل أن يكفيه أمرهم، فأرسل إليه حيان فدعاهم فَقَالَ لَهُم: افعلوا كذا فأجابوه وأصلح الأمر للقاسم.(3/180)
وأَخْبَرَنِي ابن أبي عُثْمَان عَن يحيى بْن خازم عَن علي بْن صالح، قَالَ: حَدَّثَنِي إسماعيل بْن حماد قَالَ: قلت للكسائي: القاسم بْن معن قد قدمتموه في العلم والنسب والفضل، فحجج النحو كيف صرتم تأخذونها عنه، قال: تجمع لنا في القاسم ثلاث لا تجتمع في غيره: الحفظ لما يسمع، والعلم بما يعي، والصدق فيما يؤدي.
قَالَ علي بْن صالح: وأخبرت الأصمعي بولادات من ولادات باهلة، فقال: من أخبرك بهَذَا ? قلت: القاسم بْن معن، قَالَ: هيهات ما مع القاسم لعب.
قَالَ علي بْن صالح: أَخْبَرَنِي القاسم بْن معن أن أبا العباس أمير المؤمنين حين قام أمره أن يكتب له من نوادر الشعر، فكتبت له هذه الأبيات من قول الشماخ:
ليس بما ليس به بأس باس ... ولا يضر المرء ما قَالَ الناس
وكان للقاسم بْن معن خازن يُقَالُ له: عداس فزعم عبيد الله بْن يعقوب الكاتب أن إسماعيل بْن حماد بْن أبي حنيفة حدثه قال: سمعت القاسم بْن معن يقول: إن أقرَّ ما أكون عيناً وأرخاه بالاً لَحِيْنَ يضربُ عدَّاسٌ على رأسي بالطنبور، قلت: وكيف ذاك ? قَالَ: حذار عليه لئلا يخرج إِلَى الدساكر يشرب فيقتل؛ وكان والله كما حدث، خرج يشرب فقتل.
أَخْبَرَنِي حماد بْن إسحاق الموصلي، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن كناسة، قال: خوصم رجل في ساباط منخفض يضر بالمارة إِلَى القاسم بْن معن، فحكم على صاحبه بهدمه، وكان للقاسم رواشين عالية، فَقَالَ لَهُ الرجل: فلم بنيت بدارك رواشين خارجة في الطريق ? قال: تلك لا تضر بالمارة ولا تضر(3/181)
بفارس إِذَا مر تحتها برمحه وبناؤك مضر بمن يمر تحته ومع ذاك فلا يعيرني أحد به بعدك، ثم أمر بعض القوام على رأسه فقال: جئ بفعلة فاهدم في منزلي أولاً ثم اهدم في منزله.
نوح بْن دراج
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن زهير عَن سليمان بْن أبي شيخ قال: مات القاسم بْن معن، فولي هارون نوح بْن دراج. حَدَّثَنَا العباس بْن مُحَمَّد الدوري قال: سمعت يحيى بْن معين يقول: نوح بْن دراج كذاب خبيث، قضى سنين وهو أعمى.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان عَن مُحَمَّد بْن يحيى الحجري قال: كان ليحيى بْن خالد في نوح بْن دراج رأى، فولاه القضاء، وكان نوح قد نظر، وكان يميل إِلَى قول ابن أبي ليلى وما ينقد الناس عليه في شيء.
أَخْبَرَنِي حماد بْن إسحاق الموصلي عَن أبيه عَن الهيثم بْن عدي قال: جاءت مسألة إِلَى ابن شُبْرُمَةَ، فَقَالَ: لنوح بْن دراج: أجب فيها يا نوح فأجاب فأصاب، فَقَالَ ابن شُبْرُمَةَ:
كادت تزل بها من حالق قدم ... لولا تداركها نوح بْن دراج
لما رأى هفوة القاضي أخرجها ... من معدن الحكم نوح أي إخراج
فأَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن أبي سعد عَن مُحَمَّدبْن عِمْرَان الضبي عَن يزيد بْن سليمان الضبي، قال: قَالَ: بعض الشعراء:
إن القيامة فيما أحسب اقيربت ... إِذ صار قاضينا نوح بْن دراج
قفاه يخبر عنه أنه رجل ... ما إن غذى بين تنوم ولا حاج
ولا غذاه بألبان اللقاح أب ... ولا توطأه فصلان فرياج(3/182)
فأَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن الحسين عَن النميري قَالَ: حَدَّثَنَا علي بْن عبيد، قَالَ: جاء قائل هَذَا الشعرإِلَى شريك فَقَالَ لَهُ شريك: من عند نوح بْن دراج ? قال: فلان الجلاد وفلان الأبزاري، فَقَالَ شريك: من عند نوح بْن دراج من القضاة ? فَقَالَ: ابن دراغا فقال: ابن دراغا! قالوا: نعم، قال: ذهبت والله العرب الذين كانوا إِذَا غضبوا هزءوا.
حَدَّثَنِي إبراهيم بْن إسحاق الحارثي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عِمْرَان ما شاء الله قَالَ: صلى بنا مُحَمَّد بْن بشر العَبْدي يوماً فلما سلم قال: لا تلوموني أسهو وأنا أنظر إِلَى نوح بْن دراج في مجلس عَبْد اللهِ بْن مسعود.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن الْحَسَن عَن النميري عَن أبي يحيى الزهري قال: قَالَ بْن عَبْد العزيز بْن الماجشون لابن صندل وهو مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن دينار:
إن كنت تطلب علماً نافعاً وهدىً ... فاقصد ليوسف ثم اقصد لحجاج
لا تعدلن بهم ذا فطنة أبداً ... قاضي القضاة ولا نوح بْن دراج
أَخْبَرَنِي هارون بْن مُحَمَّد عَن سليمان بْن أبي شيخ قال: قَالَ صباح الموسوس: كتب إلي نوح بْن دراج وهو على قضاء الكوفة يقول لي: مرحباً بك يا صباح ولا تعطي شيئاً، فأتيته يوماً فقلت:
أروح بتسليم عليك وأغتدي ... فحسبك بالتسليم مني تقاضيا
قال: قضيت حاجتك يا صباح وأمر لي بثلاثين درهماً.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سنان القزاز، قَالَ: حَدَّثَنَا يوماً أَبُو عاصم النبيل عَن سُفْيَان عَن مغيرة عَن أبي نعيم قال: خذ وإن أعطاك سكات (؟؟؟) . فَقَالَ لَهُ أبوحفص القلاس: سُفْيَان عَن منصور، فَقَالَ أَبُو عاصم: يا عَمْرويه:(3/183)
كادت تزل بنا من حالق قدم ... لولا تداركنا نوح بْن دراج
حفص بْن غياث النخعي
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة عَن سليمان بْن أبي شيخ قال: عزل هارون نوحَ بْن دراج وولي حفص بْن غياث.
سمعت حميد بْن الربيع الجزار يحدث قال: جيء بابن إدريس وحفص بْن غياث ووكيع بْن الجراح إِلَى هارون يوليهم القضاء.
فأما ابن إدريس فدخل يمشي مشية المفلوج ثم قَالَ: السلام عليكم وطرح نفسه، فَقَالَ هارون: ليس في هَذَا فضل وأخرجه.
وأما وكيع فإنه قَالَ له: تلي لي القضاء ? فَقَالَ: يا أمير المؤمنين وأشار بسبابته إِلَى عينه: ما أبصرت بها منذ سنة، فظن هارون أنه يعني عينه وإنما عني وكيع سبابته، فقال: هَذَا عذر.
وأما حفص بْن غياث فإنه قَالَ لَهُ: علي دين ولي عيال، فإن كفيتني وأعفيتني وإلا وليت، قال: بلى، فولاه القضاء.
وأَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة قال: حَدَّثَنِي سليمان بْن أبي شيخ، قَالَ: قَالَ وكيع: أهل الكوفة اليوم بخير؛ أميرهم داود بْن عيسى، وقاضيهم حفص بْن غياث ومحتسبهم حفص الدورقي.
وذكر مُحَمَّد بْن علي الوراق عَن وليد بْن أبي بدر، قَالَ: سمعت وكيعاً يقول لما عزل حفص عَن القضاء: ذهبت القضاة بعد حفص.
وقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هشام عَن يحيى بْن آدم قال: رأيت حفص بْن غياث بعد أن ولي القضاء يبكي وقال: جاءوني وقد جعلت في هَذَا الأمر، ما ظننت أحداً يقربني.
قَالَ يحيى: ودفع إلي حفص دراهم وقَالَ لي:(3/184)
اقسمها وانظر فلاناً وأعطه ورده، فإنه لم يأتنا منذ دخلنا في هَذَا الأمر وما أظنه تركنا إِلَّا لله.
قَالَ يحيى: وجاءت أمي تسلم على حفص وهي تريد الخروج إِلَى مكة فدفع إليها دراهم وقال: تبرين بها عجائز الحي.
أَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن بْن شهم، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوهاب بْن نادم قَالَ: رأيت هارون الرشيد يساير حفص بْن غياث بجبانة الكوفة وعلى حفص كساء قز كان في يومٍ شاتٍ، قد اشتمل على ثيابه به وهارون مقبل عليه وتحت حفص حمار لجامه ليف.
وأَخْبَرَنِي جعفر بْن مُحَمَّد بْن حسن، قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْن عمار يقول: كنت بالكوفة وحج هارون وقد بكرت إِلَى حفص بْن غياث فركب بغلته ومضيت معه، حتى ترك القنطرة وأقبل هارن ونزل حفص عَن بغلته فقبل يده ثم ركب وسايره، فشكا إليه ديناً وتخلف أرزاقه، ثم انصرف فما أمسى حتى بعث إليه بخمسين ألف درهم. قَالَ ابن عمار: فسمعت عُمَر بْن حفص يقول: ما أمسينا من اليوم الثاني وعندنا منها إِلَّا ألفا درهم وجه بها كلها حفص إِلَى إخوانه وقضاء دينه.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد ابن أبي خيثمة، قَالَ: حَدَّثَنَا سليمان بْن أبي شيخ قال: كان حفص بْن غياث قاضي الكوفة إِذَا وامروه في يتيمة زوجها؛ قَالَ لقيَّامه: سل عنه؛ فإن كان رافضياً فلا تزوجه، فإنه يطلق ثلاثاً ويقيم عليها، وإن كان يعاقر النبيذ فلا تزوجه، فإنه يسكر ويطلق ويقيم عليها.
وقَالَ أَبُو سعيد الأشج: سمعت حفص بْن غياث يقول: ما يدع النبيذ إِلَّا مرتداً إِلَّا أن يكون ممن لا يتهم.(3/185)
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يزيد قَالَ: سمعت حفص بْن غياث يقول: إن من صنع الله للقاضي أن يموت على غير قضاء، فمات حفص وهو على غير القضاء.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن يزيد يقول: سمعت أبا بكر ابن عياش يقول: ما كان في هؤلاء الشباب الذين يأتوننا أحسن هدياً من حفص بْن غياث.
قال: وسمعت وكيعاً يقول: أتيناه فعدناه وكذا صنعنا بشريك عدناه فلم يعد.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن زهير، قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن يزيد يقول: قَالَ حفص بن غياث: صرنا مثل الأعمش لا يتكلم بشيء إِلَّا كتبوه.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أبي داود المنادي، قَالَ: سمعت حفص بْن غياث يقول: أتينا الأعمش وعليه فرو، فقال: نعلمهم الصمت ونعلمهم الكلام، تدرون ما قالت الأذن ? قالت الأذن: لولا أخشى الجواب لطلت كما طال الكساء.
قَالَ أَبُو بكر: وهو حفص بْن غياث بْن طلق بْن معاوية بْن الحارث بن ثعلبة وكان معاوية ممن شهد القادسية من أصحاب الخطط.
كذا أَخْبَرَنِي ابن أبي خيثمة قال: حَدَّثَنَا عُمَر بْن حفص بْن غياث.
وأَخْبَرَنِي الحارث ابن أبي أسامة عَن مُحَمَّد بْن سعد عَن ابن الكلبي قال: هو حفص بْن غياث ابن طلق بْن معاوية بْن مالك بْن الحارث بْن ثعلبة بْن عامر بْن ربيعة بْن عامر بْن خيثمة بْن وهبيل بْن سعد بْن مالك بْن النخع.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن شاكر بْن جعفر قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَر بْن حفص بْن غياث قَالَ: حَدَّثَنَا أبي قال: أمرني طلق بْن معاوية أن أعطى السائل شيئاً،(3/186)
فَقَالَ لي سلم بْن عَبْد الرحمن: أعطه بيمينك، وحفص كبير يحفظ مثل هَذَا.
حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مصعب البجلي قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُمَر بْن وليد قال: حَدَّثَنِي إبراهيم النخعي قال: كنت عند حفص بْن غياث فكلمه رجل بشيء فتراجعا كلاماً فأمر به حفص إِلَى السجن، قَالَ: قلت له: يا أبا عُمَر، أما سمعت ما قَالَ الشعبي؟! قَالَ: وما قَالَ? قلت: قال:
ليست الأحلام في حين الرضا ... إنما الأحلام في حين الغضب
قال: صدق، وأمر أن يرد الرجل من السجن.
حَدَّثَنِي جعفر بْن مُحَمَّد بْن شاكر قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَر بْن حفص بْن غياث، قَالَ: حَدَّثَنَا أبي، قَالَ: أمرني جدي طلق بْن معاوية، قَالَ لي سلم بْن عَبْد الرحمن: أعطه بيمينك وحفص كبير يحفظ مثل هَذَا.
حَدَّثَنِي الحسين بْن مصعب، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُمَر بْن حفص، قَالَ: سأل مسافر الغماري أبي عَن حديث فسكت، فأعاد عليه مسافر المسألة فَقَالَ لَهُ أبي: أما تكره أن أقول لك: لا.
سمعت مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن الصيرفي يقول: حَدَّثَنِي بعض الكوفيين قال: لما ولي حفص القضاء كان يجري عليه ثلثمائة درهم، وكان له صاحبان قد واخاهما، فكان يأخذ مائة ويدفع إِلَى كل واحد من ذينك مائة.
أَخْبَرَنِيَعْمُر بْن أبي جعفر عَن أبي المسكين، قَالَ: حَدَّثَنِي طلق بْن عياش، قال: جاء رجل إِلَى حفص فَقَالَ لَهُ: أصلحك الله إنه قد جرى بيني وبين امرأتي كلام فقالت لي: يا نذل، فقلت لها: إن كنت نذلاً فأنت طالق ثلاثاً، وقد خفت أن تكون قد حرمت علي فأي شيء النذل ? قَالَ: أتشتم أصحاب مُحَمَّد عليه السلام ? قَالَ: لا قال: فلست بنذل.(3/187)
قَالَ: وأَخْبَرَنِي طلق بْن غنام، قَالَ: جاءت امرأة من بني عجل لها هيبة إِلَى حفص فقالت له: أصلح الله القاضي إني امرأة من بني عجل ولي مال ولي ابن عم هو عصبي وقد خطب إِلَيَّ نفسي؛ فلم أر أن أتزوجه إِلَّا بأمرك فزوجنيه؛ فَقَالَ لي: يا طلق امض معها إِلَى بني عجل فاسأل عَن الرجل فإن لم يكن سكيراً ولا رافضياً فزوجه إياها؛ فمضيت معها إِلَى بني عجل فسألت عنه فوجدته بريئاً من السكر والترفض؛ فزوجته إياها ورجعت إِلَى حفص فقلت له: لِمَ قلتَ: إن لم يكن سكيراً ولا رافضياً فزوجه ? قال: يا طلق إن السكران يطلق ولا يعلم؛ والرافضي يطلق ولا يعبأ بالطلاق. قَالَ القاضي: وقد ذكرت حفص بْن غياث في قضاء مدينة السلام بأكثر من هَذَا.
الْحَسَن بْن زِيَاد اللؤلؤي مولى النخع
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن زهير عَن سليمان بْن أبي شيخ قال: ثم ولى ابن زبيدة الْحَسَن بْن زِيَاد اللؤلؤي.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان عَن مُحَمَّد بْن يحيى الحجري قاضي المدائن قال: كان الْحَسَن بْن زِيَاد قد حفظ وولي القضاء ههنا يعني بالكوفة فلم يحمل واكترى رجلاً يقرأ عليه كتب نفسه، قال: وكنت أجالسه أنا وعمار بْن أبي مالك الخيثمي ووليد بْن حماد.
وأَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن علي بْن حمزة العلوي؛ قَالَ: حَدَّثَنَا سليمان بْن أبي شيخ؛ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سعيد الرأي الوليد بْن كثير: قدم عَبْد الرحمن بْن أبي الزناد الكوفة فقلت للحسن اللؤلؤي: أنت رجل لك علم وهَذَا عَبْد الرحمن بْن أبي الزناد وهو من علماء أهل المدينة فلو لقيته ? قَالَ: فاذهب بنا إليه؛ فأتيناه؛ فَقَالَ(3/188)
الْحَسَن: مالكم تروون أشياء عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن أصحابه ثم تخالفونها؟! قال: إنا نروي ما يؤخذ به وما لا يؤخذ به ليعرف الاختلاف، فَقَالَ لَهُ: إنك إِذَا ملأت جرابك من الباطل لم تر للحق فِيْهِ موضعاً.
حَدَّثَنَا العباس بْن مُحَمَّد الدوري قَالَ: سمعت يحيى بْن معين يقول: حسن اللؤلؤي كذاب.
وأَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن العباس عَن مُحَمَّد بْن حميد؛
وأَخْبَرَنِي أَبُو بكر بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن الحميد وداود بْن علي عَن أبي بكر كلاهما عَن الْحَسَنِ بْن زِيَاد أمراً قبيحاً.
وحَدَّثَنِي أَحْمَد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا محمود بْن غيلان؛ قال: قلت ليزيد ابن هارون: ما تقول في الْحَسَن بْن زِيَاد اللؤلؤي?فقال: أو مسلم هو ?.
وحَدَّثَنِي أَحْمَد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن رافع، قال: كان الْحَسَن ابن زِيَاد يرفع رأسه قبل الإمام ويسجد قبله وسمعته يقول: أليس قد جاء الحديث من قطع سدرة صوب رأسه في النار، فمن قطع نخلة صوب رأسه مرتين.
عاصم بْن عامر البجلي
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن الْحَسَن عَن النميري عَن جعفر بْن مُحَمَّد بْن عمار، قال: ثم كانت الفتنة فاستقضى عاصم بْن عامر البجلي ولم يذكر هَذَا في القضاء أحد غير جعفر، وقد حدث.
حَدَّثَنِي عنه أَبُو عَمْرو ابن أبي عروة قال: حَدَّثَنَا عاصم بْن عامر البجلي قال: حَدَّثَنَا حماد بْن سلمة عَن أيوب(3/189)
عَن ابن سيرين، عَن عبيدة أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلب عقبة بْن أبي معيط إِلَى سدرة؛ وأحاديث غير هَذَا.
إسماعيل بْن حماد بْن أبي حنيفة
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن زهير عَن سليمان بْن أبي شيخ، قال: عزل مُحَمَّد بْن زبيدة الْحَسَن بْن زياد، وولي إسماعيل بْن حماد بْن أبي حنيفة، وقد ذكرت أخباره في قضاة البصرة، وقد ولي مدينة السلام أيضاً وواسطاً فلم أذكر أخباره فيهما.
بكر بْن عَبْد الرحمن بْن عَبْد اللهِ بْن عيسى بْن عَبْد الرحمن بْن أبي ليلى
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن زهير عَن سليمان بْن أبي شيخ قال: ولي حميد الطوسي بكر بْن عَبْد الرحمن فلم يزل قاضياً حتى خرج المأمون إِلَى بلاد الروم فعزل وبكر بْن عَبْد الرحمن ممن حمل عنه الحديث.
وحَدَّثَنَا عنه المشايخ وحدث أَبُو كريب عنه وغيره، وعنده أصناف عَن قيس بْن الربيع وعن شريك، وراوية عَن الْحَسَنِ بْن صالح حدث عنه بحديث ما رواه غيره.
حَدَّثَنَا به مُحَمَّد بْن إشكاب قَالَ: حَدَّثَنِي بكر بْن عَبْد الرحمن قاضي الكوفة قال: حَدَّثَنَا حسن بْن صالح عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عقيل عَن جابر، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عَن النوح.
وعنده نسخة عَن عيسى بْن المختار عَن أبي ليلى أحاديث حسان سمعناها من الكوفيين عنه ليست إِلَّا عنده. حدث بعضها عنه أَبُو كريب وأَبُو بكر بْن أبي عطية وغيرهما.(3/190)
غسان بْن مُحَمَّد المروزي
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن زهير عَن سليمان بْن أبي شيخ قال: ثم ولى المعتصم بعد بكر بْن عَبْد الرحمن، غسانَ بْن مُحَمَّد المروزي.
وأَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل قال: أملى عليَّ عُثْمَان بْن أبي شيبة تسمية قضاة الكوفة قال: وغسان، لا رحمه الله كان يمتحن الناس وكان غسان من أهل خراسان من أصحاب أَحْمَد بْن أبي دواد ولا أعلمه حمل عنه العلم.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن يوسف بْن مسلم بن الهيثم مولى عيسى بْن موسى قال: حَدَّثَنِي غسان بْن مُحَمَّد المروزي القاضي قال: حَدَّثَنَا النضر بْن شميل عَن ابن عون عَن ابن سيرين عَن عبيدة: أنه سئل عَن ثلاث مسائل فنسي ابن سيرين واحدة ونسي ابن عون واحدة ونسيت أنا الأخرى.
وقَالَ الْقَاسِمُ بْن أَحْمَد الكاتب أَبُو الْحَسَن: كان مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن ابن عيسى بْن موسى على صلاة الكوفة، وصالح بْن يحيى الحرسي على أحداثها، وغسان بْن مُحَمَّد على قضائها.
وكان إبراهيم بْن أبي بكر بْن عياش يلزم المسجد الجامع في جماعة من نظرائه فيهم ابن أبي معاوية المزين وهناد، وكان لا يغشى الولاة ونازع ابناً له يدعى سالماً رجلاً في السلف وتفضيلهم، فادعى الرجل علي سالم أنه ذكر عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فقال: كان عادياً قتالاً للنفس الحرام غير مستحق للخلافة، فشهد عليه بذلك رجلان لم يشهدا عند قاض قط، أحدهما يعلم الحمام لأصحاب الحمام، فأمر غسان فجلس سالم في مجلس يعرف بالزاوية(3/191)
فلبث أياماً ثم أحضر جماعة من الفقهاء فيهم يحيى بْن عَبْد الحميد الحماني، وقطنة بْن العلاء، والوليد بْن حماد، وبنو أبي شيبة، وأحضر سالماً وخصمه وعدل الشاهدين عليه، وقَالَ للفقهاء: ما ترون ? وحضر جماعة من العباسيين والطالبيين فَقَالَ قطبة: اقتله ودمه في عنقي، وقَالَ وليد بْن حماد: هَذَا جزاء مثله لأنه إنما قَالَ ما قَالَ عناداً لِرَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ووقيعة فيه. فأقبل عليه يحيى بْن عَبْد الحميد وقال: يا سالم أرأيت هذه المقالة التي حكيت عنك في علي لو ثبتت عندك على رجل قالها في أبي بكر أو عُمَر أو عُثْمَان ما كنت موجباً عليه ? قَالَ: هَذَا القول ? قال: نعم هَذَا القول، قال: القتل والإحراق" فأقبل على غسان فَقَالَ: أصلح الله القاضي قد أوجب على نفسه شيئاً لا نوجبه عليه؛ وقد جعل الله أبا بكر وعُمَر وعثمان وعلياً في مكان واحد لهم الفضل جميعاً، فَقَالَ يعقوب بن موسى بْن عيسى وكان المتولي للكلام من العباسيين: إن الفضل وإن كان لهم جميعاً فوالله ما نقر أنهم خير من صاحبنا ولكنا نقول إنهم أفضل، فَقَالَ مُحَمَّد بْن جعفر بْن مُحَمَّد بْن زيد بْن علي بْن حسين: معاذ الله أن يطلع الله عل أنا نقر لك ولا نسلم هذه، بل الفضل والخير مقصوران على بني هاشم وعلى هَذَا الرجل؛ فوثب غسان وقد اجتمع على باب المسجد عالم من الناس كلهم متشوف إِلَى قتله، فَقَالَ سالم لغسان: إني مقتول، ثم أقبل على العباسيين فقال: دمي في أعناقكم، فأقبل عليه الوليد بْن حماد فقال: لعنة الله عليك وعلى أبيك فإنكما تجنيان على أنفسكما هَذَا وأمثاله.
وبعث غسان إِلَى صالح بْن يحيى الحرسي فوجه خليفته ففرق الجماعة وخرج غسان من المسجد حتى صار إِلَى الحذائين وحضر آل معن بْن زائدة ومُحَمَّد بْن أسد بْن يزيد بْن(3/192)
مزيد، وقَالَ مصعب بْن حتام: العجليون للتسع (؟؟؟) .
فأَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن راشد أنه دس إِلَى الجالد دراهم كثيرة على أن يبالغ في ضربه وجيء بسير موثوق فِيْهِ فضرب سبعة وعشرين سوطاً وأحدث في ثوبه وكملت له ثلاثون وجعل جميع من حضر يصبح بالجالد: أوجع قطع الله يدك أوجع الكافر. ثم أمر به غسان إِلَى الحبس؛ فَقَالَ أَبُو بلال الأشعري:
يا سالم الجهل لا تجزع لفادحة ... أخنت عليك فقد أهملت ما صلحا
من يركب الجهل يركب مركباً وعراً ... إِذَا أراد به قصد الهدى جمحا
قد كنت في غفلة عما ابتليت به ... حتى جحدت رسول الله ما منحا
جحدت حق أمير المؤمنين أبي ... سبطي مُحَمَّد المرضي ما كدحا
لم يشتهر بعلي في المقالة إِلَّا ... وقد جب الإسلام مطرحا
لوكان غيرك فيما قدركبت به ... وقَالَ ما قلت عند الضرب ماسلحا
هذي العقوبة في الدنيا معجلة ... وآجل لعلي أجر ما قدحا
ياقاضي الحق كم من مدغل ظهرت ... آراؤه مذ فضحت الجهل فافتضحا
تركت سالم لا تظما جوارحه ... بالذل مغتبقاً بالضرب مصطبحا
أذللته فتركت الكفر منقمعاً ... من بعدما كان ينزو بيننا فرحا
وأَخْبَرَنِي الحسين بْن مُحَمَّد بْن مصعب البجلي، قَالَ: حَدَّثَنَا البكائي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الحسين بْن مصعب قال: كنت عند غسان القاضي فذكر أهل الكوفة فكأنه وضع منهم فقلت: أصلح القاضي لا تفعل، فإن خالي حَدَّثَنِي أنه رأى في دار البطيخ مشايخ عليهم الصدر والعمايم، يعد أحدهم الرمان والسفرجل فيقول: ثلاثون أربعون خمسون فَقَالَ: يا أبا جعفر(3/193)
حدثك خالك بهَذَا ? قال: فلم أسمعه بعد ذلك ذكر أهل الكوفة.
جعفر بْن مُحَمَّد بْن عمار البرجمي
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة عَن سليمان بْن أبي شيخ قَالَ: عزل المتوكل غسان بْن مُحَمَّد وولي جعفر بْن مُحَمَّد بْن عمار البرجمي سنة خمس وثلاثين ومائتين، وقد ولي جعفر بْن مُحَمَّد البرجمي قضاء واسط وولي قضاء القضاة بسر من رأى، وقد قيل في جعفر بْن مُحَمَّد بْن عمار أشعار وكان صلباً في القضاء.
بلغني أن صاحب البريد أراد أن يحضر معه فَقَالَ لَهُ من أنت قَالَ: بعث بي أجلس معك؛ فقال: أنت متصفح وجوه حرم المسلمين وختم القمطر وقام، فبلغ ذلك الخليفة فأرسل إليه فولاه قضاء القضاة. أنشدني إبراهيم بْن أبي عامر قال: أنشدني مُحَمَّد بْن نوفل التميمي لنفسه في جعفر بْن مُحَمَّد بْن عمار قصيدة أولها:
وقفت على ربع بكوفان مقفراً ... أسائله والربع ليس بمخبر
وهي طويلة فيها:
فلا تعجلن إن غير الدهر لمني ... فأعجب من هَذَاك دعوة جعفر
لقد عاش دهراً جعفر بْن مُحَمَّد ... وما ينتمي إِلَّا للألم معشر
وقد كان عمار إِذَا ما نسبته ... إِلَى جده الحجام لم يتكبر
وفيها هجاء ردئ.
ولعَمْرو بْن أَحْمَد بْن يزيد القاضي فِيْهِ هجاء كثير منه:
هبك كما قلت من تميم ... فمن تميم لذي الفخار
بل أنت من خروع مخوف ... ليس بنسع ولا نضار
آباؤك الزط حين تنمي ... فلا تحامي على نزار
تحكم بالجور حين تقضي ... فكيف لا تسقط السواري(3/194)
قم بها هي ما هناه ... وتجبه الخصم بانبهار
قابلك الشهر بالرزايا ... والعزل والبؤس والسوار
وقَالَ أَبُو السري أَحْمَد بْن بديل اليامي فيه:
قالوا عجبت وكيف لا أتعجب ... قاض يعربد في القضاء ويغضب
يا من يكاثر بالرجال عَن القرى ... ليلاً فيشتم أهلها ويضرب
ويقول للأعلاج عندي موضع ... فتحولوا بجميعكم لا ترهبوا
ما يفعل العشاق هَذَا كله ... ولربما خافوا الإله وراقبوا
فأبى الأعنة والدعى كلاهما ... إني أراك على الكرام تعصب
وإذا ظفرت فذلة أدنيته ... والشكل يألف شكله ويقرب
وإذا وقفت بنا هناه تقولها ... أيقنت إنك يا هناه مذبذب
أنت الدعي مقابل ومدابر ... شهدت بذلك عصبة لا تكذب
وقال:
أتطمع لا أبالك في تميم ... كذبت ورب زمزم والحطيم
عليك رقاعة يا بْن الرفاعي ... فإن رفاعة مأوى الزنيم
جبلت على محبة كل نذل ... لئيم الأصل مفري الأديم
وتحمد من ثراه بغير مال ... وتبغض كل ذي شرف قديم
وفي هذي الفعال لنا دليل ... على خبث المغاس والأروم
وإنك قد صحبت الفقر دهراً ... بأنكد صحبة الرجل القديم
وقلدت القضاء بغير فقه ... فأنت مذمم عند الخصوم
فمن يرجي لمثلك يا دعى ... عليك لعائن الله العظيم(3/195)
وقَالَ: عَمْرو بْن أَحْمَد بْن بديل يمدح جعفر بْن مُحَمَّد بعدهما:
سأشكر جعفراً وأقول فِيْهِ ... مقالة صادق فيما يقول
جبلت على العفاف وكل فضل ... وجه الناس خيرهم القليل
ووليت القضاء فخير وال ... على الأحكام ليس له عدول
وسرت كسيرة الِعُمَرَين حتى ... أنار الحق واتضح السبيل
وأضحى الناس في دعة وخفض ... ومات الجور وانقضت الدحول
وميز بينهم قاض عليهم ... بما يأنى إِذَا جهل الجهول
وما يخشى بعدلك قول زور ... وكيف ونحن في نعم تجول
وأنك ناب حنظلة جميعاً ... وباعك في العلي الباع الطويل
جزاك الله من قاض جميلاً ... فكل فعالك الْحَسَن الجميل
وأَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن الْحَسَن عَن النميري قال: كان أيوب بْن الْحَسَن بْن موسى ابن جعفر بْن سليمان عاملاً على صلاة الكوفة. وأحداثها للمتوكل، وجعفر ابن مُحَمَّد بْن عمار على القضاء، فكان ربما أمروه بالصلاة إِذَا اعتل وكان كثير العلل من نقرس كان به، فكان جعفر يصلي بهم ويدعو لأيوب على المنبر بالتأمين له، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّد بْن نوفل التميمي:
فما عجب أن تطلع الشمس بكرة ... من الغرب إِذ تعلو على ظهر منبر
ولولا أناه الله جل ثناؤه ... لضجت الدنيا بجري مدمر
إذا جعفر رام الفخار فقل له ... عليك بْن ذي الموسى بموساك فافخر
فقد كان عمار إِذَا ما نسبته ... إِلَى جده الحجام لم يتكبر
أَحْمَد بْن بديل الشامي
ثم ولي أَحْمَد بْن بديل بْن قريش بْن بديل الشامي وكان صليباً عفيفاً،(3/196)
قد كتب الحديث عَن الناس، وكانت له سن عالية، قدم علينا بغداد سنة أربع وخمسين ومائتين فكتبنا عنه، وخرج إِلَى سر من رأى فولي قضاء الجبل فلم يزل عليها إِلَى أن مات.
[يرفض بيع ضيعة يتيم للأمير]
أَخْبَرَنِي جعفر بْن حمدون وغير واحد سمعوا عبيد الله بْن سليمان بْن وهب يقول: كنت مع موسى بْن بغا بالجبل فمررنا بضيعة فاستحسنها موسى وقَالَ لي: اشتريها وكانت في يد أَحْمَد بْن بديل فوجهت إليه في بيعها فقال: لاسبيل إِلَى ذلك هي ليتيم وهو موسر وهي مغلة فأرغبته وزدته فأبى فقلت له: إنها للأمير موسى بْن بغا فَقَالَ لي: إنها لله رب العالمين هَلْ هو إِلَّا العزل، قال: فأخبرت موسى فقال: لا تعرض له. وكان إِذَا جاء بعد ذلك أكرمه ورفع مجلسه وأراح عليه في أرزاقه.
وحدث أحاديث غلط في بعضها كتبت عنه ببغداد في سنة أربع وخمسين ومائتين هذه الأحاديث، فيها:
عن حفص بْن غياث عَن الأعمش عَن ابن أبي الزبير عَن جابر أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لتأخذ أمتي مناسكها لعلي لا ألقاهم بعد عامي هَذَا" وبلغني أنه حدث به بسر من رأى عَن حفص عَن ابن جريج وهو الصواب.
وحَدَّثَنَا أيضاً عَن حفص عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَر عَن نافع عَن ابن عُمَر أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ في ركعتي المغرب بـ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون: 1} و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص: 1} .
وهَذَا لا يعرف ولا تعرف له علة وإنما حدث أَبُو معاوية الضرير عَن عبيد الله عَن نافع عَن ابن عُمَر أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ في المغرب بـ: {الَّذِينَ كَفَرُوا [البينة: 1} حدث به عَن أبي معاوية يحيى بْن معين وأَبُو عمار المروزي حَدَّثَنِيه جعفر الطيالسي عَن يحيى بْن معين وأصحابنا عَن أبي عمار. وقيل: إن أبا معاوية غلط في رفعه.
فحَدَّثَنَا ابن بديل أيضاً عَن(3/197)
أبي أمامة عَن مجالد عَن الشعبي عَن مسروق عَن عَائِشَة حديث خرافة وهَذَا معروف من حديث أبي عقيل الثقفي عَن مجالد ولا يعرف عَن أبي أمامة.
وأحاديث غير هَذَا.
وكان إن شاء الله صدوقاً.
إبراهيم بْن إسحاق بْن إبراهيم بْن أبي العنبس
ثم ولي بعد أَحْمَد بْن بديل إبراهيم بْن إسحاق بْن إبراهيم بْن أبي العنبس وكان قبل ذلك يكتب لجعفر بْن مُحَمَّد بْن عمار.
سمعت مشايخ أهل الكوفة وثقاتهم يذكرون عفته وصلاحه، ثم صرف وولي قضاء مدينة المنصور بمدينة السلام في سنة ثلاث وخمسين ومائتين وحدث ها هنا وكتبت عنه، ثم أعيد إِلَى الكوفة وقد ذكرته في قضاء مدينة المنصور.
القاسم بْن منصور التميمي
... ثم ولي القاسم بْن منصور التميمي قضاء الكوفة، وكان عفيفاً، ثم صرف وولي قضاء الجانب الشرقي من مدينة السلام في سنة خمس وخمسين ومائتين.
ولاه المهدي عند صرفه إسماعيل بْن إسحاق عَن القضاء، وضربه أخاه حماد بْن إسحاق لأشياء ادعيت عليه، ثم صرف القاسم بْن منصور وتقلد قضاء الري فمات بها.
وكان قد سمع من العلم طرفاً ومن الآداب رواية عَن أبي مسهر الدمشقي وعن أبي معلم، وقد ذكرته في قضاء مدينة السلام.
ثم ولي بعد القاسم بْن منصور، إبراهيمُ بْن إسحاق بْن أبي العنبس ثانية فلم يزل قاضياً بها إِلَى أن مات في سنة خمس أو ست وسبعين ومائتين.
[أَبُو خازم عَبْد الحميد بْن عَبْد العزيز بْن خازم]
ثم ولي بعده أَبُو خازم عَبْد الحميد بْن عَبْد العزيز بْن خازم ثم ولي قضاء المدينة الشرقية من مدينة السلام، وأقر على القضاء بالكوفة إِلَى أن توفي سنة اثنتين وسبعين ومائتين.
وكان ينتمي إِلَى السكون من كندة،(3/198)
وكان صليباً فقيهاً، وكان قبل ذلك يلي قضاء دمشق والأردن وفلسطين وكان إِذَا كان مقيماً ببغداد يستخلف على قضاء الكوفة، فاستخلف جماعة منهم سعيد بْن أَحْمَد بْن حنبل والْحَسَن بْن علي بْن حرب الرقي، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمار بْن أبي مالك الختني وأبا حسين مُحَمَّد بْن الْحَسَن الوادعي.
[أَبُو عَبْد اللهِ الحسين بْن إسماعيل الضبي،"ابن المحاملي"]
ثم ولي بعده أَبُو عَبْد اللهِ الحسين بْن إسماعيل الضبي المعروف بابن المحاملي من أهل العلم والفقه والحديث والعفة وأقام ببغداد واستخلف على قضاء الكوفة مُحَمَّد بْن أبي خازم رجلاً من أهل البصرة، ثم صرفه واستعمل بعده رجلاً يُقَالُ: له عَمْرو بْن ذاذان.
ذكر قضاة أهل الشام-دمشق
أَبُو الدَّرْدَاء رضي الله عنه
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن عَمْرو بْن أبي سعد قال: حَدَّثَنِي داود بْن رشيد، قال: حَدَّثَنَا الوليد بْن مسلم، قَالَ: حَدَّثَنَا خالد بْن يزيد بْن أبي مالك عَن أبيه أن أبا الدَّرْدَاء كان يقضي على أهل دمشق وأنه لما حضر أبا معاوية عائداً له فَقَالَ لَهُ: من ترى لهَذَا الأمر بعدك؟ قال: فضالة بْن عبيد.
وأَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معدان الثقفي قال: حَدَّثَنَا أَبُو الحكم، القاسم بْن مروان قال: حَدَّثَنَا أَبُو مسهر عَن سعيد ابن عَبْد العزيز قال: كان أَبُو الدَّرْدَاء قاضي الجند في زمن عُمَر وعثمان ومات قبل عثمان، أدرك السب يعني الوقيعة.
[قضاء أبي الدرداءفي فرس]
حَدَّثَنِي إسماعيل بْن إسحاق قال: حَدَّثَنَا سليمان بْن حرب قال: حَدَّثَنَا حماد بْن يزيد عَن عطاء بْن السائب عَنْ عَبْدِ الرحمن بْن أبي ليلى قال: شهدت أبا الدَّرْدَاء واختصم إليه رجلان في فرس فجاء كل رجل بنسابة(3/199)
له وأنه نتجها، فقال: ما يصلح هؤلاء الناس إِلَّا سلسلة كسلسلة داود، وكان إِذَا أتاه الخصمان تدلت فأخذت بعين الظالم، قَالَ: وقضاه بينهما.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن منصور الرمادي قال: حَدَّثَنَا أسود بْن عامر قال: حَدَّثَنَا جرير بْن خازم عَن يحيى بْن سعيد قال: استعمل أَبُو الدَّرْدَاء على القضاء فأصبح قوم يهنئونه، فَقَالَ: تهنئونني بالقضاء وقد جعلت على رأسي مهراة منزلها أبعد من عدن أبين لو يعلم الناس ما في القضاء لأخذوا رغبة عنه وكراهة له.
[مراجعة القضاء]
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل قال: حَدَّثَنِي مصعب بْن عَبْد اللهِ الزبيري قال: حَدَّثَنِي مالك بْن أنس عن يحيى بْن سعيد أن أبا الدَّرْدَاء كتب إِلَى سليمان الفارسي: أن هلم إِلَى الأرض المقدسة"
فكتب إليه سليمان: إن الأرض لا تقدس أحداً وإنما يقدس الإنسان عمله، وقد بلغني أنك جعلت طبيباً، فإن كنت تبرئ فنعماَّ لك وإن كنت متطبباً فاحذر أن تقتل إنساناً فتدخل النار".
فكان أَبُو الدَّرْدَاء إِذَا قضى بين اثنين ثم أدبرا عنه نظر إليها وقال: متطبب والله ارجعا إِلَيَّ، أعيدا عليَّ قضيتكما.
حَدَّثَنِي أَبُو إبراهيم الزهري قال: حَدَّثَنَا دحيم قال: حَدَّثَنَا سويد بْن عَبْد العزيز عَن الأوزاعي، عَن سليمان بْن حبيب، قال: مات أَبُو الدَّرْدَاء قبل عُثْمَان بسنتين.
فضالة بْن عبيد الأنصاري
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد الثقفي قال: حَدَّثَنِي الهيثم بْن مروان عَن أبي مسهر، عَن سعيد بْن عَبْد العزيز قال: ثم ولي فضالة بْن عبيد القضاء حتى مات(3/200)
في خلافة معاوية وحضر معاوية جنازته فحمل بجانب السرير ثم صاح بابنه بزيد: أعفني واعلم أنك لن تحمل مثله بعده.
قَالَ أَبُو مسهر: وهو آخر من مات ممن بايع بيعة الرضوان.
وكان معاوية يستخلفه على الشام حين مضى إِلَى صفين.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن عَمْرو بْن أبي سعد قال: حَدَّثَنَا أَبُو داود بْن رشيد قال: حَدَّثَنَا الوليد بْن مسلم قال: حَدَّثَنَا خالد بْن يزيد بْن أبي مالك عَن أبيه قال: لما توفى أَبُو الدَّرْدَاء قَالَ معاوية: والله ما حابيتك بها ولكن استترت بك من النار فاستتر منها ما استطعت.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إسحاق الصغاني قال: حَدَّثَنَا هشام بْن عمار قال: حَدَّثَنَا صدقة بْن خالد قال: حَدَّثَنَا بشر بْن أنس العذري قال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرحيم ابن الحسحاس العذري القاضي قال: كنت عند فضالة بْن عبيد الأنصاري فأتاه رجل بسارق يحمل سرقته، فَقَالَ لَهُ فضالة: لعلك وجدتها لعلك التقطتها، فَقَالَ لَهُ الرجل: إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ [البقرة: 156] إنه ليلقنه قال: إي والله أصلحك الله لوجدتها، فخلى فضالة سبيله.
النعمان بْن بشير
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن معدان قَالَ: حَدَّثَنَا الهيثم بْن مروان قال: حَدَّثَنَا أَبُو مظهر قال: حَدَّثَنَا سعيد بْن عَبْد العزيز قال: ثم ولي بعد فضالة النعمان بْن بشير.
وقَالَ الوليد بْن مسلم، فيما أَخْبَرَنِي ابن أبي ليلى سعد عَن داود بْن رشيد عنه قال: ولي بعد فضالة أَبُو إدريس النعمان بْن بشير يكنى أبا عَبْد اللهِ، كذا أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن هارون الفلاس.
بلال بْن أبي الدَّرْدَاء
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معدان قال: حَدَّثَنَا الهيثم بْن مروان قال:(3/201)
حَدَّثَنَا أَبُو مسهر عَن سعيد بْن عَبْد العزيز قال: ثم ولي بعد النعمان بْن بشير بلال بْن أبي الدَّرْدَاء، وكان خليفة لعَبْد الملك على دمشق، يصلي بهم ويقضي بينهم.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْن المبارك المخرمي قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مصعب قال: حَدَّثَنَا أَبُو بكر بْن أبي مريم عَن خالد بْن مُحَمَّد عَن مالك بْن أبي الدَّرْدَاء عَن أبيه قال: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:حبك الشيء يعمي ويصم.
أَبُو إدريس الخولاني عابد الله بْن عَبْد اللهِ
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معدان الثقفي قال: حَدَّثَنَا الهيثم بْن مروان قال: حَدَّثَنَا أَبُو مسهر عَن سعيد بْن عَبْد العزيز قال: ثم ولي عَبْد الملك بن مروان بعده أبا إدريس الخولاني، فلم يزل حتى عزل.
قَالَ أَبُو مسهر: حَدَّثَنَا سعد قال: قَالَ أَبُو إدريس: ما عزلوني حتى أردت.
فحَدَّثَنِي الفضيل بْن الْحَسَن البصري قال: حَدَّثَنَا أَبُو مسهر قال: سمعت سعيد بْن عَبْد العزيز يقول: ولد أَبُو إدريس الخولاني عام حنين.
زرعة بْن أيوب المعري
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معدان قال: حَدَّثَنَا الهيثم بْن مروان قال: حَدَّثَنَا أَبُو مسهر عَن سعيد بْن عَبْد العزيز قال: ثم ولي في خلافة الوليد زرعة بْن أيوب المعري.
وذكر أنه كان لا يأخذ على القضاء رزقاً، وكان عطاؤه مائتي دينار. وكذا قَالَ الوليد بْن مسلم فيما أَخْبَرَنِي ابن أبي سعد عَن داود بْن رشيد عنه.(3/202)
عَبْد اللهِ بْن أبي عامر اليحصبي
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معدان الثقفي قَالَ: حَدَّثَنَا الهيثم بْن مروان قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مسهر عَن سعيد بْن عَبْد العزيز قال: ثم ولي بعد زرعة بْن أيوب، عَبْد اللهِ بْن عامر اليحصبي.
وعَبْد اللهِ بْن عامر مقرئ أهل الشام، أخذت عنه القراءة والعدد، ويُقَالُ: إن قراءته قراءة عُثْمَان بْن عفان.
كذا أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن يوسف بْن خالد التغلبي قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن أَحْمَد بْن ذكوان الدمشقي قَالَ: حَدَّثَنَا أيوب بْن هيثم القارئ عَن يحيى بْن الحارث الرمادي أنه أخذ القراءة عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عامر اليحصبي وأسندها إِلَى عُثْمَان بْن عفان وذكر القرآن سورة سورة إِلَى آخر القرآن.
وإِلَى عَبْدِ اللهِ ابن عامر ينسب عدد أهل الشام أيضاً.
عَبْد الرحمن بْن قيس العقيلي
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معدان قَالَ: حَدَّثَنَا الهيثم بْن مروان قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مسهر عَن سعيد بْن عَبْد العزيز قال: ثم ولي عَبْد الرحمن بْن قيس العقيلي بعد ابن عامر فلا يعرف له حديثاً.
عَبْد الرحمن بْن الحسحاس العذري
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معدان قال: حَدَّثَنَا الهيثم بْن مروان قال: حَدَّثَنَا أَبُو مسهر عَن سعيد بْن عَبْد العزيز قال: ولي عَبْد الرحمن بْن الحسحاس العذري بعد عَبْد الرحمن بْن قيس.
وأَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن عُمَر بْن أبي سعد عَن داود بْن رشيد عَن الوليد ابن مسلم؛ قَالَ: وولي عَبْد الرحمن بْن الحسحاس العذري قضاء دمشق لعُمَر(3/203)
بْن عَبْد العزيز.
وقَالَ سعيد بْن عَبْد العزيز: ولي خلافة سليمان بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز ثم عزله عُمَر عَن القضاء وولاه دمشق بعد عَبْد اللهِ بْن عَبْد الرحمن بن الحكم الثقفي.
صالح بْن عَبْد اللهِ العبسي
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معدان الثقفي قَالَ: حَدَّثَنَا الهيثم بْن مروان قال: حَدَّثَنَا أَبُو مسهر عَن سعيد بْن عامر بْن عَبْد العزيز قَالَ: ثم ولي في خلافة يزيد بْن عَبْد الملك، صالح بْن عَبْد اللهِ العبسي.
وصالح من أهل دارنا ولا يعرف له إسناداً.
نمير بْن أوس الأشعري
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معدان قال: حَدَّثَنَا الهيثم بْن مروان قال: حَدَّثَنَا أَبُو مسهر عَن سعيد بْن عَبْد العزيز قال: ثم ولي بعد صالح بْن عَبْد اللهِ: نمير بْن أوس الأشعري في خلافة هشام.
وكذا أَخْبَرَنِي ابْن أبي سعد عَن داود بْن رشيد عَن الوليد بْن مسلم، قال: ثم نمير بْن أوس في خلافة هشام.
قَالَ سعيد بْن عَبْد العزيز: فلم يزل قاضياً حتى ذهب بصره.
حَدَّثَنِي جعفر بْن مكرم وأَبُوقلابة -واللفظ لجعفر بْن مكرم- قال: حَدَّثَنَا وهب بْن جرير قال: حَدَّثَنَا أبي قال: سمعت عَبْد اللهِ بْن قداد يحدث عَن النميربْن أوس عَن مالك بْن مسروح عَن عامر بْن أبي عامر الأشعري عَن أبيه قال: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:نعم الحي الأزد والأشعريون لا يفرون من القتال ولا يتكلمون، هم مني وأنا منهم، فَقَالَ لَهُ معاوية: إنما قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:هم مني وإلي" فقال: ليس هكذا حَدَّثَنِي أبي. قال: أنت أعلم بحديث أبيك.(3/204)
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ الأزدي قال: حَدَّثَنَا ثور بْن خليد قال: حَدَّثَنَا عُمَر بْن عَبْد العزيزعَن الأوزاعي قال: ورثت امرأة من مملوك ثمناً فتصدقت بذلك الثمن على زوجها قبل أن تقاسم ورثة زوجها الأول فجعل زوجها الآخر حظه منه من بعده حراً، فكتب بذلك نمير بْن أوس إِلَى هشام، فكتب إليه يأمره أن يقومه ثم يجعله من مال زوجها، ويضمن لشركائهم حظهم فيه.
قال: وَحَدَّثَنَا محمود قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَر عَن الأوزاعي قال: وكتب نمير أيضاً إِلَى هشام في رجل جعل لطائفة من رقيق كانوا بينه وبين ورثة أبيه، العتق من بعده قبل أن تقاسمه. فكتب إليه بمثل كتابه الأول.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن إسحاق الصغاني قال: وَحَدَّثَنَا أَبُو مسهر قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد بْن عَبْد العزيز أن نمير بْن أوس القاضي كان يقبل شهادة جناح مولى الوليد يقول: لا نتهمه.
حَدَّثَنَا الصغاني قال: حَدَّثَنَا عُمَر بْن سعيد قال: حَدَّثَنَا سعيد بْن عَبْد العزيز أن نمير بْن أوس قضى في وصية رجل من أهل دمشق يُقَالُ له: قائد مولى أمَعْمَر بنت مروان، أوصى أن مماليكه أمهات أولاد، فأعتق مماليكه وجعل لهم أمهات أولادهم ووافقه مكحول على ذلك.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن خالد بْن عَمْرو الحمصي قال: حَدَّثَنِي أبي قال: حَدَّثَنَا أسود بْن عَبْد العزيز قال: حَدَّثَنَا عمار بْن عمار أن مكحولاً ونميراً كانا لا يجيزان شهادة الرجل إِذَا أشهده الرجل على وصية لا يقرأها عليه وتكون الوصية مختومة.
حَدَّثَنِي علي بْن عَبْد اللهِ القيسي قال: حَدَّثَنَا معاوية بْن صليح قال: حَدَّثَنَا(3/205)
أَبُو مسهر قال: حَدَّثَنَا المنذر بْن نافع قال: كنت أقوم على رأس هشام فكتب إليه نمير بْن أوس يستعفيه عَن القضاء ويذكر ضعف بدنه فقال: دلوا أمير المؤمنين على قاض. فقالوا: يحيى بْن يحيى فقال: ذلك أرفع من القضاء ذلك صاحب متين.
قالوا: يزيد بْن يزيد بْن جابر. قال: ذلك رجل شغله أمير المؤمنين مع أبيه.
قالوا يزيد بْن أبي مالك. قال: اكتب له عهده قال: فخرجت فلقيته في الطريق فأعلمته بذلك فسر به.
حَدَّثَنَا عباس بْن عَبْد اللهِ الباكتاني قال: حَدَّثَنَا زيد بْن يحيى قال: حَدَّثَنَا ابن زيد قَالَ: سمعت نمير بْن أوس يقول: قَالَ أَبُو موسى لقومه: يا معشر الأشعريين إياكم والدور والمزارع فإنها أوشك لا تلائمكم وعليكم بالخيل والرماح الطوال والمعز في السفر فإنما تزول معكم حيثما زلتم.
يزيد بْن أبي مالك الهمداني
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معدان قال: حَدَّثَنَا الهيثم بْن مروان قال: حَدَّثَنَا أَبُو مسهر عَن سعيد بْن عَبْد العزيز قال: ثم ولي يزيد بْن أبي مالك مكان نمير بْن أوس.
وهكذا أَخْبَرَنِي ابْن أبي سعد عَن داود بْن رشيد عَن الوليد بْن مسلم. قال: ثم ولي يزيد بْن أبي مالك صاحب فقه أهل دمشق، وعنه أخذوا ترتيب الديات والشجاج. وله رواية كثيرة.
الحارث بْن مُحَمَّد الأشعري
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معدان قال: حَدَّثَنَا الهيثم بْن مروان قال: حَدَّثَنَا أَبُو مسهر عَن سعيد بْن عَبْد العزيز قال: لما استخلف الوليد بْن يزيد عزل يزيد بْن أبي ملك وولي الحارث بْن مُحَمَّد الأشعري فلم يزل حتى مات في أيام يزيد بْن الوليد.
هكذا أَخْبَرَنِي بْن أبي سعد عَن داود بْن رشيد(3/206)
عَن الوليد بْن مسلم قال: ثم الحارث بْن مُحَمَّد الأشعري بعد يزيد بْن أبي ملك.
أَخْبَرَنِي علي بْن عَبْد اللهِ القيسي قال: حَدَّثَنَا علي بْن سهل الرملي قال: حَدَّثَنَا ضمرة قال: حَدَّثَنَا الحكم بْن سليمان بْن أبي غيلان الخيثمي قال: كتبِعُمَر بْن عَبْد العزيز: أكثر الله فينا من ضريب الحارث بْن مُحَمَّد الأشعري.
عَبْد الرحمن بْن عَمْرو الأوزاعي أَبُو عَمْرو
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معدان عَن الهيثم بْن مروان عَن أبي مسهر عَن سعيد بن عَبْد العزيز أن يزيد بْن الوليد ولي عَبْد الرحمن بْن عَمْروالأوزاعي بعد موت الحارث بْن مُحَمَّد، فجلس مجلساً ثم استعفى فأعفى.
زِيَاد بْن أبي ليلى الغساني
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معدان قال: حَدَّثَنَا الهيثم بْن مروان قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مسهر عَن سعيد قال: وولي زِيَاد بْن أبي ليلى الغساني فلم يزل حتى قتل بالغوطة في أيام زامل وأقام الجند أيام مروان بْن مُحَمَّد وليس له قاض فأقضى زامل بْن عَمْرو يقضي بين الناس ثم عزله.
مُحَمَّد بْن لبيد الأسلمي
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معدان عَن الهيثم بْن مروان عَن أبي مسهر عَن سعيد: ثم ولي مُحَمَّد بْن لبيد الأسلمي فلم يزل حتى هرب مروان بْن مُحَمَّد.
حَدَّثَنِي علي بْن عَبْد اللهِ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن العباس الطائي قال: حَدَّثَنَا أَبُو حفص عَمْرو بْن أبي مسلمة قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن لبيد قال: حَدَّثَنَا هشام بْن الغار قال: حَدَّثَنَا حيان أَبُو النضر قَالَ: دخلت مع واثلة بْن الأسقع على يزيد بْن الأسود فَقَالَ واثلة: سمعتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: يقول الله تعالى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِيْ بِيْ.(3/207)
خلافة بني هاشم
كلثوم بْن عَبْد اللهِ الحكمي
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معدان الثقفي قال: حَدَّثَنَا الهيثم بْن مروان أَبُو الحكم الدمشقي قال: حَدَّثَنَا أَبُو مسهر عَن سعيد بْن عَبْد العزيز قال: ثم أفضى الأمر إِلَى بني هشام فولوا قضاء الجند كلثوم بْن عَبْد اللهِ الحكمي ثم عزل وولي مُحَمَّد بْن الأسلمي فهلك.
سالم بْن عَبْد اللهِ المحاربي
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معدان قال: حَدَّثَنَا الهيثم بْن مروان قال: حَدَّثَنَا أَبُو مسهر عَن سعيد: ثم ولي سالم بْن عَبْد اللهِ المحاربي في خلافة أبي العباس.
أَخْبَرَنِي علي بْن عَبْد اللهِ القيسي قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن بن الأشعث قال: حَدَّثَنَا أَبُو مسهر قال: حَدَّثَنَا خالد بْن يزيد عَن سالم بن عَبْد اللهِ المحاربي عَن سليمان بْن حبيب عَن أبي أمامة عَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما من عَبْد مسلم يصرع صرعة من مرض إِلَّا بعث منها طاهراً.
المساور الخراساني
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معدان قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مسهر عَن سعيد قَالَ: ثم ولي القضاء في خلافة أبي جعفر رجل من أهل خراسان ولاه ابْن الأشعث ولم يسمه.
فأَخْبَرَنِي ابن أبي الأسعد عَن داود بْن رشيد عَن الوليد بْن مسلم قال: ثم المساور الخراساني لأبي جعفر.
ثمامة بْن يزيد الأزدي
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معدان قَالَ: حَدَّثَنَا الهيثم بْن مروان قال: حَدَّثَنَا أَبُو مسهر عَن سعيد قال: ثم ولي صليح بْن علي [بن] ثمامة بْن يزيد(3/208)
الأزدي ثم عزله.
وهكذا أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن أبي سعد عَن داود بْن رشيد عَن الوليد بْن مسلم قَالَ: ثم ثمامة بْن يزيد الأزدي.
النضر بْن شفى
حَدَّثَنِي طلحة بْن عَبْد اللهِ التيمي قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْد الرحمن العلائي قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حذيفة عَبْد اللهِ بْن مروان الفزاري عَن وليد بْن مسلم قَالَ: كان المقانع رفع من القضاة أربعة في زمن أبي جعفر: مُحَمَّدبْن عِمْرَان بالمدينة وابن أبي ليلى بالكوفة وسوار بْن عَبْد اللهِ بالبصرة والنضر بْن شفى بحمص. فسألنا عَن نضر بْن شفى فَقَالَ: يماني.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن حيان الحمصي قَالَ: حَدَّثَنَا بقية بْن الوليد قَالَ: حَدَّثَنِي الفرج يعني ابن فضالة عَن النضر بْن شفي عَن عِمْرَان بْن سليم عَن عُمَر بْن الخطاب قَالَ: من استعمل فاجراً وهو يعلم أنه فاجر فهو فاجر مثله.
ابن قنبل بْن كثير
حَدَّثَنِي أَبُو العباس أَحْمَد بْن علي الأبار قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مقابل الكوفي عَن إبراهيم بْن أيوب قَالَ: ولي على حمص قاض وكان طويل اللحية وكانت كنيته أَبُو المعشق ونقش خاتمه: ثبت الحب ودام وعلى الله التمام.
حَدَّثَنِيه مُحَمَّد بْن مُحَمَّد قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي الأهوازي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حصين الرازي عَن مُحَمَّد بْن سعيد عَن مروان الظافر، قَالَ: دخل هارون الرشيد إِلَى حمص فدعا قاضيها فَقَالَ: ما اسمك ? قَالَ: غزيل قَالَ: ما كنيتك ? قَالَ: أَبُو المعشق قال: ما كتبت على خاتمك قال: ثبت الحب ودام، وعلى الله التمام، قال: فعزله هارون وقال: لا ألوم أهل حمص أن يخرجوا علي إِذَا كان قاضيهم مثلك.(3/209)
سليمان بْن حبيب المحاربي وأبي حبيب الحارث بْن مجهر
حَدَّثَنَا الصغاني قال: حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن الربيع قَالَ: حَدَّثَنَا مخلد بْن الحسين عَن الأوزاعي عَن سليمان بْن حبيب المحارب، وكان قاضياً لِعُمَرَ بْن عَبْد العزيز قال: كتب أَبُو عِمْرَان: أخوك لا تتبين ما صنع في ماله فإنما هو ماله يصنع به ما شاء.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حسان الأزرق قال: حَدَّثَنَا الوليد بْن مسلم قَالَ: حَدَّثَنَا كلثوم بْن زِيَاد عَن سليمان بْن حبيب المحاربي قال: أمرنيَعْمُر بْن عَبْد العزيز في مواريث المجوس أن أورثهم من قبل الحلال وأسقط له الحرام.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إسحاق الصغاني قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن يوسف السبتي قَالَ: حَدَّثَنَا كلثوم بْن زِيَاد قال: أدركت أبا ثابت سليمان بْن حبيب المحاربي وكان قاضي أمة مُحَمَّد ثلاثين سنة يقضي باليمين مع الشاهد.
وقال: حَدَّثَنَا داود بْن رشيد قَالَ: حَدَّثَنَا الوليد عَن كلثوم بْن زِيَاد أنه سمع سليمان بْن حبيب يقضي أنه إِذَا دخل بها فلها أن تأخذه بالآجل.
حَدَّثَنِي الصغاني قال: حَدَّثَنَا أَبُو اليمان قَالَ: حَدَّثَنَا صفوان قَالَ: كتب عَبْد الملك بْن مروان إِلَى سليمان بْن حبيب قاضي حمص ليلة: كيف عقوبة اللوطي ? فكتب إليه أن عليه أن يرمي بالحجارة كما رجم قوم لوط. إن الله عز وجل قَالَ: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ [الحجر: 74} فقبل عَبْد الملك ذلك منه وحسنه من رأيه.
وأَبُو حبيب هو الحارث بْن مجمر.
الصغاني قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو اليمان قال: حَدَّثَنَا صفوان عَن أبي حبيب الحارث ابن مجمر القاضي أن عُمَر بْن الخطاب قال: لا يزاد السارق في القطع(3/210)
على قطع يده ورجله من خلاف، وإن سرق بعد ذلك استودع السجن وقال: إن لأستحيي من الله ألا أدع له يداً يستنجى بها ويتوضأ بها للصلاة.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن الحسين قال: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الرحمن بْن بكار، قَالَ: حَدَّثَنَا الوليد بْن مسلم قال: سألت كلثوم بْن زِيَاد عمن اشترى دابة فغزا عليها أرض الحرب فوجد بها عيباً يرد من مثله في القضاء.
فحَدَّثَنِي عَن سليمان بْن حبيب أنه كان يقضي فيمن اشترى دابة فسافر عليها فوجد بها عيباً يرد من مثله؛ إن رآه في أرض السلم لم يزل عنها فإن ركبها بعد رؤية العيب فقد وجبت عليه، وإن رأى العيب في أرض الحرب أتى بها إمام الجيش أو قاضيهم. فأوقفه على عيبها فيكتبه القاضي واليوم الذي أتاه بها والمنزل وأذن له في ركوبها، وجعلها من تابعها وجعل عليه كراء مثلها إِلَى أن يخرج من أرض الحرب أو قَالَ: إِلَى أن يقدم بها على صاحبها.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا الوليد قال: وَحَدَّثَنَا أَبُو عَمْرو عَن ابن شهاب الزهري وسليمان بْن حبيب: أنهما أفتيا في رجل وجد ركزة طرف منارة ذهب مكللة بالجوهر حفر عنها رجل في خربة باللاذقية من ساحل حمص فبينا هو يحفر عما قد بدا منها عما لم يكن الأول أبدى منها، ثم جاءهما ثالث فَقَالَ: أشركاني وإلا دللت عليكما، فقالا: اجلس فاحفر فحفروا جميعاً، حتى إِذَا أبدوا عما بقي منها جاء رابع فخوفهم فأشركوه فأمر الزهري وسليمان بْن حبيب أن يرفع خمسها جميعاً، ثم ينقل الأول منها عما كان بدا له قبل أن يأتي الثاني، ثم جعلا الأول والثاني شريكين فيما حفرا عنه وأبديا منها قبل أن يأتيهما الثالث، ثم جعلا الأول والثاني والثالث شركاء فيما أبدوا منها ما بقى، ولم يجعلا للرابع شيئاً.(3/211)
حَدَّثَنِي الكراني قال: حَدَّثَنَا أَبُو حاتم قَالَ: حَدَّثَنَا الأصمعي قال: حَدَّثَنِي الجوسق المديني قال: قَالَ رجل لهشام بْن عَبْد الملك:
أيؤكل مالي بعد عشرين حجة ... وبعد قرون قد مضت وقرون
وبعد قضاء من أبيك من احنوى ... وأحرز مالاً بعد عشر سنين
فَقَالَ هشام لسليمان بْن حبيب وكان قاضيه: ما يقول ? قال: رفع إلي قضية إن يكن صدق فيها فالقضاء عليك قال: أرح عليه حقه، أي اردده عليه.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن خالد بْن عَمْرو الكلاعي قال: حَدَّثَنَا أبي قال: حَدَّثَنَا بقية بْن صفوان بْن عَمْرو عَن أبي حبيب القاضي أن رجلاً طلق امرأته عدد الحصا فَقَالَ لَهُ أَبُو حبيب: يأخذ ثلاثاً وسائرهن في كذا وكذا من الأبعد.
حَدَّثَنَا مربع قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن مزيد الدمشقي قال: حَدَّثَنَا صدقة ابن عَبْد اللهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن علي القرشي قَالَ: حَدَّثَنِي سليمان بْن حبيب المحاربي، قَالَ: حَدَّثَنِي أسود بْن أثرم المحاربي قال: قلت: يا رسول الله أوصني قَالَ: تملك يدك. قلت: فما أملك إِذَا لم أملك يدي ? قَالَ: تملك لسانك قال: فماذا أملك إِذَا لم أملك لساني ? قَالَ: لا تبسط يدك إِلَّا في خير ولا يقل لسانك إِلَّا معروفاً.
يزيد بْن خليفة اليحصبي
حَدَّثَنِي عَبْدُ الواحد بْن عَبْد اللهِ قال: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الوهاب، قَالَ: حَدَّثَنَا أبي قَالَ: حَدَّثَنَا ابن عياش عَن بشر بْن عَبْد اللهِ عَن المشيخة: أن رجلاً أكل لحم إنسان عام القسطنطينية، وعنده جثث إنسان فأتى(3/212)
به مسلمة بْن عَبْد الملك فبعث به إِلَى القاضي يزيد بْن خليفة اليحصبي، فقال: أمة جاعت فأكل بعضها بعضاً لا عقوبة عليه.
وذكر أَبُو داود السجستاني عَن مُحَمَّد بْن داود بْن صبيح عَنْ عَبْدِ اللهِ بن عَبْد الجبار، عَن الحكم بْن الوليد الوحاطي: أن الحارث بْن مُحَمَّد كان قاضي حمص
ثم فقده عَبْد الأعلى بْن عدي
ثم عد قوماً
ثم عَبْد الرحمن ابن أبي عوف الحراني
ثم يحيى بْن جابر الطائي
وقَالَ ابن عوف: كان الحارث بْن عبيدة من فقهاء الجند قاضي حمص.
أَخْبَرَنِي علي بْن عَبْد اللهِ قال: حَدَّثَنِي أَبُو هاشم الأنطاكي قَالَ: حَدَّثَنَا يحيى بْن صالح قال: سمعت عُمَر بْن حبيش قال: هو عُمَر بْن أبي علي الرجبي ولي قضاء حمص يقول: سمعنا من مبشر بْن عَبْد اللهِ ثم إنه أتى بكر بْن أبي مريم فقرأ علينا ما كان من حديثه، وماحَدَّثَنَا به مبشر. فقلنا له: إن هَذَا من حديث مبشر فبكى ثم قال: ما كنت أظن أني أبقى حتى يستجيز أحد مثل هَذَا.
فلسطين
عَبْد اللهِ بْن موهب
حَدَّثَنِي عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الحكم قَالَ: حَدَّثَنِي أيوب بْن مُحَمَّد الوراق قَالَ: حَدَّثَنَا سمرة عَن رجاء بْن أبي سلمة قال: كانت لي حاجة إِلَى رجاء بْن حيوة فلقيته فقال: ولي الأميرُ عَبْدَ اللهِ بْن موهب القضاء، ولو خيرت بين أن أحمل إِلَى حفرتي وبين ما ولي ابن موهب لاخترت أن أحمل إِلَى حفرتي فقلت: إن الناس يتحدثون أنك أشرت به، قال: صدقوا نظرت للعامة ولم أنظر له.(3/213)
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ الأزدي قال: حَدَّثَنَا محمود بْن خالد قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد قال: سمعت الأوزاعي يحدث أن ابن موهب اختصم إليه رجلان رجل داعر ورجل لا يعلم منه إِلَّا خيراً، فادعى عليه فقضى ابْن موهب أن يحلف بالله ما ادعى عليه إِلَّا حقاً، ثم أحلف الآخر.
أَخْبَرَنِي جعفر بْن مُحَمَّد قال: حَدَّثَنَا أَبُو الأصبع مُحَمَّد بْن سماعة قَالَ: حَدَّثَنَا ضمرة عَن رجاء بْن أبي شمر عَن يزيد بْن عَبْد اللهِ بْن موهب قال: من أحب المال والشرف وخاف الرؤساء لم يعدل.
قَالَ رجاء: وكانوا إِذَا خوفوا يزيد بْن عَبْد اللهِ بْن موهب قال: قول ليس في ديننا، يعني فرية كانت لهم، خير وريث أرجع إليه.
وزعم الموصلي أن عبادة كان على قضاء الأردن فاختصم إليه رجلان فأهدى له أحدهما قُلَّة عسل فقبلها منه، فلما تقدم إليه ثانية قضى عليه فلما ولي قال: يا فلان ذهبت القلة.
قَالَ ابن عوف: كان مُحَمَّد بْن حمير قاضياً على العجم بحمص، وقاضي أرمينية أثبت منه أَبُو حبوة.
وقَالَ سليمان بْن عَبْد الحميد البهراني: سمعت قيس بْن عيسى يقول: ولي الوليد بْن عَبْد الملك جد بْن عَمْرو بْن قيس: حمص.
حواس بْن صالح
حَدَّثَنِي عَبْدُ الواحد بْن عَبْد اللهِ قال: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الوهاب قَالَ: حَدَّثَنَا أبي قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن عَبْد الرحمن قَالَ: حَدَّثَنَا حواس بْن صالح قاضي تدمر قال: سألت نافعاً عَن الرجل ينظر إِلَى فرج امرأته قَالَ: نعم إن شاء وتجعله.(3/214)
أفريقية
ابن أنعم
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبيَعْمُر قال: حَدَّثَنِي سليمان بْن منصور الخزاعي قَالَ: حَدَّثَنَا سليمان بْن زِيَاد الثقفي قال: قدم ابن أنعم الإفريقي قاضي إفريقية على أبي جعفر فَقَالَ لَهُ: استرحت يابن أنعم من وقوفك على باب هشام وذوي هشام ? فقال: يا أمير المؤمنين ما رأيت شيئاً أنكره على باب هشام وذوي هشام وقد رأيته في مسيري هَذَا إليك. فَقَالَ لَهُ أَبُو جعفر: إنا لا نجد من نوليه ممن نرضى. فقال: يا أمير المؤمنين إنما الملك بمنزلة السوق يجلب إليه ما ينفق عنده. فقال: صدقت.
الوليد بْن سلمة قاضي الأردن
ضعيف الحديث جداً.
حَدَّثَنَا عنه مُحَمَّد بْن إسحاق الصغاني قال: حَدَّثَنَا الوليد ابن سلمة قَالَ: حَدَّثَنِي ابن أبي ذئب عَن سعيد بْن أبي سعد المنقري عَن أبيه عَن أبي سعيد الخدري: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: مباكرة بالمشط يذهب بالوباء.
وهَذَا باطل.
وحَدَّثَنَا الصغاني أيضاً قال: حَدَّثَنَا الوليد بْن سلمة أَبُو العباس قَالَ: حَدَّثَنِي سعيد بْن عُثْمَان الحذائي عَن حكيم بْن نافع قال: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كنز الله الأعظم الزيت.
وهَذَا باطل.
وحَدَّثَنَا عنه عباس الدوري قال: حَدَّثَنَا الوليد بْن سلمة قَالَ: حَدَّثَنَا ابن صهبان عَن نافع عَن ابن عُمَر أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: سرعة المشي تذهب بهاء الوجه.
وهَذَا باطل.
والوليد بْن سلمة ضعيف مهين مثل أبي البختري.(3/215)
الأندلس
حدثت عَن خالد المدائني عَن الليث بْن سعد قال: ولي معاوية بْن صالح قضاء الأندلس فكره ذاك وقعد في بيته فدخل عليه عَبْد اللهِ بْن أبي جعفر وعَمْرو بْن الحارث فأمراه أن يقبل ذلك ويلي القضاء فإنه إن فعل ذلك وقضى بينهم بعدل لم يدرك أحد من الغزاة في البحر ولا مرابطي سواحله فضله. فولى بعد فيهم:
عُمَر بْن شراحيل
ومُحَمَّد بْن حازم المعافري؛ قضاة على الأندلس.
حران
ابْن أبي عميرة
أَخْبَرَنِي حماد بْن إسحاق الموصلي قال: قرأت على أبي أن مسلم بْن مسلم حدثه أنه كان بحران فتى يُقَالُ له: شراحيل وكان يغشى ابن أبي عميرة قاضي حران ويتحدث إليه وكان إلفاً لكاتبه فَقَالَ شراحيل للكاتب عشية خميس: لو مضينا إِلَى كونتية فسمعنا فيها بقية يومنا وليلتنا ثم صرنا إِلَى منازلنا فلا يعلم القاضي ولا يفتقدنا إِلَى بعد الجمعة، فخرجنا وكانت على ميلين من حران فدخلا وشربا وسمعا وتفقدهما القاضي في المغرب والعشاء والصبح، فلما لم يرهما بعث إِلَى كاتبه فلم يأته واعتل عليه لما كان به، فبعث إليه لا بد من أن تجىء لأمر من حضر فتحسى من الزيت وضمد صدغيه وخرج حتى دخل عليه، فَقَالَ لَهُ القاضي: كأني بك وشراحيل قد صليتما العصر معي، فقلتما نمضي إِلَى كونتيه نسمع من غنائها، ولا يفتقدنا القاضي إِلَى بعد الجمعة فجعل يدفع ذاك فَقَالَ القاضي:(3/216)
فإني أقسم عليك إِلَّا صدقتني، فقال: قد كان والله ذاك. قال: فهل مر بكما صوت تشتهيانه قال: نعم، قال: أفكررتماه إِلَى الصبح ? قال: لا، قال: أما إنكما لو فعلتما لما طرتما إِلَّا في الهواء ولا مشيتما إِلَّا على الماء أو قَالَ: لطرتما في الهواء أو مشيتما على الماء.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن علي بْن خلف العطار قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين بْن داود بْن أبي الكرام الجعفري قال: قَالَ خزيم بْن أبي عَمْرَة قاضي الجزيرة: قدمت المدينة فلقيت عدة من قريش فرأيت عَبْد اللهِ بْن الْحَسَن يذهب بنفسه، وكلمت زيد بْن علي بْن الحسين فقلت حين كلمته: هَذَا رجل العرب والعجم والجن والإنس.
سليمان بْن علاثة
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن أَحْمَد بْن موسى في كتابه قال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الوهاب ابن عَبْد الصمد قال: حَدَّثَنَا أبي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قبيصة سُفْيَان كاتب إياس بْن معاوية قال: شهدت سليمان بْن علاثة يقضي في الرقيق فعرف غلامه ويشهد له الشهود أنه سرق، فقبضه الذي شهد له، فيقول الذي كان الغلام في يده: أنا اشتريته منه فإنه إن هو ذهب لم أقدر على أن أخاصم صاحبي، ولم تشهد لي بينتي إِلَّا على رؤيته، فيقول: اقترضه منه اشتره منه! أواستأجره أو استعره!. فإن أبى العارف أن يبيعه دفعه إليه.
وكان ابن علاثة إِذَا شهد الشهود بمصر، والغلام بمصر آخر، يقول للذي معه الغلام: ادفعه إليه واستوثق منه حتى يحدده إِلَى شهوده فإن قَالَ: الآخر: نفقة غلامي عليه، فيقول: اشرط عليه نفقته وعليه إن لم يكن له.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن أَحْمَد قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوارث قَالَ: حَدَّثَنَا أبي قَالَ:(3/217)
حَدَّثَنَا أَبُو قبيصة عَن سليمان بْن علاثة أنه كان يبعث إِلَى ابن قبيصة بالغلام فيقول: قومه على خبره ولا تقومه على منظره. أي إنه خياطاً أو صباغاً أو كذا وكذا.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن أَحْمَد قال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الوارث قَالَ: حَدَّثَنِي أبي عَن أبي قبيصة قال، كان سليمان يقول: الصداق العاجل والآجل إِذَا دخل بها فزعمت أنه لم يدفع إليها شيئاً من العاجل إِذَا قامت البينة على الأصل، فعليه أن يأتي بالبراءة أنه برىء منه. وكان يقول: الآجل حال إِذَا شاءت آخذته به.
قال: وكان ابن علاثة يستحلف على الإباق: بالله ما أبق عَبْدك ولا تعلمه أبق عند غيرك.
وكان إِذَا اختصم إليه في ذلك يقول: ولست لصاحبك وليس بالذي يفصل بينهما، ولكن يرددهما حتى يصطلحا.
وكان ابن علاثة يقول في الرجل يموت وعليه دين: إِذَا أقام المطالب البينة بالأصل فعلى الآخرين أن يأتوا بالبراءة،.
وكان ابن علاثة يقول في الرجل يموت وعليه الدين إِلَى أجل قد حل دينه فيقول الورثة: نحن نضمن لك إِلَى الأجل، فيقول: لا أدري ما يحدث.
قال: وكان ابن علاثة يقول: مال إنسان في يديه لا ينزع إِلَّا ببينة ولا يسأل من أين هو لك ?. لكن يسأل المدعي البينة على ما ادعى.
قَالَ: وكان ابن علاثة يقول في الرجل يبيع البيع ويقول للمشتري: لا يتعدى الأمر بيمينه إن شهدت الشهود فله أن يبيع إِلَّا أن يتبين له أنه ما رأوه يحسن معه ما يعطي الوفاء.
قَالَ: وكان ابن علاثة يقول في الرجل يشتري السلعة فيظهر بها داء(3/218)
فيعرضها إن هو عرضها عَن غير رضا فليس ذاك بالذي توجبها عليه، ويمينه بالله ما عرضها على البيع عَن رضاه.
قَالَ: وشهد رجل عند ابن علاثة فقال: هات من يزكيك، قال: هَذَا يعرفني" الرجل قاعد عنده، فَقَالَ لَهُ: ما تقول؟ فسكت، فَقَالَ للرجل: أيدك الله ما تعلم مني ? قال: أما إن نشدتني بالله فإنك جار المسجد ولم أرك تصلي فيه، فأبطل شهادته.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن أَحْمَد عَنْ عَبْدِ الوارث قال: حَدَّثَنِي أبي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قبيصة قال: شهد رجل عند ابن علاثة من وجوه أهل الشام، فَقَالَ المشهود عليه: إنه لا تجوز شهادته علي، إنه لم يحج قط، قَالَ لَهُ: أما حججت ? قَالَ لكاتبه: اكتب هَذَا فلان بْن فلان موسر في المال ثابت في الدار ابن ستين سنة لم يحج ببيت الله عز وجل قط، وأبطل شهادته.
الموصل
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن منصور الرمادي قال: حَدَّثَنَا أَبُو المنذر إسماعيل بْن عُمَر قَالَ: حَدَّثَنَا يونس بْن أبي إسحاق قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو السفر عَن عقيل بْن عَبْد الرحمن الخولاني قاضي الموصل قال: حدثتني عمتي وكانت تحت عقيل بن أبي طالب، قالت: دخلت على علي بْن أبي طالب وهو جالس على برذعة حمار مبتلة.
علي بْن مسهر
حَدَّثَنِي إبراهيم بْن علي العدوي قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الغفار بْن عَبْد اللهِ بْن الزبير قَالَ: حَدَّثَنَا علي بْن مسهر قال: قَالَ لي المهدي حين ولاني: ما تقول في شهادة الزور ? قال: قلت يا أمير المؤمنين فيها أقاويل، قول شريح: يؤتى(3/219)
به حيه فيُقَالُ لهم: إن هَذَا قد شهد بالزور فاعرفوه، وقول عُمَر بْن الخطاب فإنه كان يضرب أربعين ويحلق رأسه ويسود وجهه ويطاف به ويطال حبسه. فَقَالَ: خذ بقول عُمَر، أما علمت أن الله وضع الحق على لسان عُمَر.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة قَالَ: سمعت مصعباً يقول، وعلي بْن مسهر ابن عمير بْن عاصم بْن حصن بْن عَبْد اللهِ بْن مرة بْن ربيعة بْن حارثة بْن تيم بْن الحرث بْن مالك بْن عَبْد بْن خزيمة بْن لؤي بْن غالب، كان على قضاء الموصل راوية عَن هشام بْن عروة.:
علي بْن الفضيل الذي حدث معه.
وأَبُو حبوة أيضاً ولي قضاء الثغور الجزرية.
عُمَر بْن صدقة قاضي أنطاكية.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن الْحَسَن الحراني قال: حَدَّثَنَا إسماعيل بْن رجاء الضبي قَالَ: حَدَّثَنَا معقل بْن عبيد الله عَن عدي بْن عدي قال: قَالَ: شريح بْن عَبْد اللهِ قاضي الجزيرة: كنا في قرية لنا من نصيبين فكنا نجمع في قريتنا.
ذكر قضاة مصر منذ افتتحت
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الهيثم بْن صالح التميمي قال: أَخْبَرَنِي أَبُو القاسم علي بْن الْحَسَن بْن خلف بْن قديد الأزدي المصري قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بْن عَبْد اللهِ بْن عَبْد الحكم قال: كان أول قاض استقضى بمصر في الإسلام كما ذكر سعيد بْن عفير: قيس بْن أبي العاص السهمي، فمات فكتبِعُمَر بْن الخطاب إِلَى عَمْرو بْن العاص أن يستقضى كعب بْن يسار بن ضبة العبسي.
وقَالَ: ابن أبي مريم وهو ابن بنت خالد بْن سنان العبسي الذي يروى أنه تنبأ في الفترة بين رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين عيسى بْن(3/220)
مريم عليه السلام وأبي كعب أن يقبل القضاء وقال: قضيت في الجاهلية ولا أعود إليه في الإسلام.
قَالَ ابن عفير: حَدَّثَنَا ابن لهيعة قال: كان قيس بْن أبي العاص بمصر ولاه عَمْرو بْن العاص، وقد قيل إن أول من استقضى بمصر كعب بْن ضبة بكتاب عُمَر، ولم يقبل. والله أعلم.
قَالَ ابن عَبْد الحكم: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن يزيد المقري قَالَ: حَدَّثَنَا حيوة بن شريح قَالَ: أَخْبَرَنِي الضحاك بْن شرحبيل الغافقي أن عمار بْن سعد النجيبي أخبرهم أن عُمَر بْن الخطاب كتب إِلَى عَمْرو بْن العاص أن يجعل كعب بْن ضبة على القضاء فأرسل إليه عَمْرو فأقرأه كتاب أمير المؤمنين فَقَالَ كعب: والله لا ينجيه الله من أمر الجاهلية وما كان فيها من الهلكة ثم يعود فيها أبداً إِذ نجاه الله منها، فأبى أن يقبل القضاء فتركه عَمْرو.
وقَالَ ابن عفير: كان حكماً في الجاهلية، وخطة كعب بْن ضبة بمصر بسوق بربر في الدار التي تعرف بدار النخلة.
قَالَ: ثم ولي سليمان بْن عنز اليحصبي القضاء في أيام معاوية بْن أبي سُفْيَان وقد أدرك عُمَر بْن الخطاب وسمع خطبته بالجابية قَالَ: وجعل إليه القصص والقضاء جميعاً.
قَالَ ابن عَبْد الحكم: فأَخْبَرَنَا المقري قَالَ: حَدَّثَنَا حيوة ابن شريح قَالَ: حَدَّثَنَا الحجاج بْن شَدَّاد الصغاني أن أبا صالح سعيد بْن عَبْد الرحمن الغفاري أخبره أن سليمان بْن عنز كان يقضي على الناس وهو قائم، فَقَالَ لَهُ صلت بْن الحارث الغفاري وهو من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما تركنا عهد نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا قطعنا أرحامنا حتى قمت أنت وأصحابك بين أظهرنا.(3/221)
وكان سليمان بْن عنز بْن العيار حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إسحاق الصغاني قال: حَدَّثَنَا أصبغ بْن الفرج قَالَ: أَخْبَرَنَا بْن وهب عَن بكير بْن مضر قال: كان سليمان ابن عنز يختم القرآن كل ليلة ثلاث مرات.
فأَخْبَرَنِي الصغاني قال: أَخْبَرَنَا أَبُو عبيد عَن ابن أبي مريم عَن بكير بْن مضر قَالَ: كان سليمان بْن عنز يختم القرآن كل ليلة ثلاث مرات ويجامع أهله ثلاث مرات.
فأَخْبَرَنِي الصغاني قال: أَخْبَرَنَا أَبُو عبيد عَن أبي مريم عَن بكير بْن مضر قَالَ: فلما مات قالت أهله: رحمك الله لقد أرضيت ربك وأرضيت أهلك.
وأَخْبَرَنِي بْن الهيثم بْن صالح عَن علي بْن الْحَسَن عَنْ عَبْدِ الرحمن بْن عَبْد اللهِ عَن سعيد بْن الحكم عَن ضمام عَن سليمان بْن عنز قال: خرجت من الاسكندرية أحسبه قَالَ: حين قدمت من البحر ودخلت في عبابه فنفذت فِيْهِ سبعاً فلولا أني خشيت أن أضعف لأتممت عشراً.
وقَالَ ابن عَبْد الحكم: حَدَّثَنَا النضر بْن عَبْد الجبار عَن لهيعة عَن الحارث بْن يزيد عَن علي بْن رباح قال: قَالَ ل: سليم بْن عنز: إِذَا لقيت أبا هريرة فأقرئه مني السلام، وأخبره أني قد دعوت له ولأمه، فلقيته فأخبرته فَقَالَ: وأنا قد دعوت له ولأمه.
وقَالَ ابن عَبْد الحكم: حَدَّثَنَا أبي قَالَ: حَدَّثَنَا بكر بْن مضر عَن عبيد الله بْن زحر عَن الهيثم بْن خالد عَن ابن عمه سليمان بْن عنز قال: لقينا كريب ابن أبرهة راكباً وراءه غلام له يمشي فقلنا: أبا رشدين! ألا حملت الغلام ? قال: كيف أحمل علجاً مثل هَذَا ? قَالَ: أفلا يحدث وصيفاً صغيراً تحمله وراءك؟! قال: ما فعلت، أفلا أمرت الغلام يتقدم أمامك ? حتى تلحقه ?(3/222)
قال: ما فعلت، قال: فإني سمعت أبا الدَّرْدَاء يقول: ما يزال العَبْد يزداد من الله بعداً كلما مشى خلفه.
ثم ولي مسلمة بْن مخلد البلد وجمعت له مصر والمغرب وهو أول من جمع ذلك له فولي السائب بْن هشام بْن عَمْرو أحد بني مالك بْن جبيل شرطته ثم عزله بمسلمة بْن مخلد، وولي عابس بْن سعيد المرادي الشرطة ثم جمع له القضاء مع الشرطة وهو صاحب كوم عابس الذي بفسطاط مصر.
وهو الذي يقول فِيْهِ الشاعر:
أحن إِلَى الاسكندرية إن لي ... بها إخوة في الدين أهل منافس
أَبُو الحرث القاضي وأشهب منهم ... إماماً هدى في سنة وتنافس
أَبُو الحارث الليث بْن سعد، وأشهب بْن عَبْد العزيز القيسي.
وقد أحدثت للروم فيها كنيسة ... أطاعته للعين حق الجواسس
فيا ليتها قد صيرت بمشورتي ... حوى صفصفا كالقاع من كوم عابس
قَالَ: فلم يزل عابس بْن سعيد على القضاء حتى دخل مروان بْن الْحَسَن مصر وكان مدخله كما قَالَ أَبُو بكير عَن الليث بْن سعيد في سنة خمس وستين، فَقَالَ: أين قاضيكم؟ فدعى له عابس بْن سعيد وكان أمياً لا يكتب فَقَالَ لَهُ مروان: أجمعت كتاب الله ? قال: لا، قَالَ: وأحكمت الفرائض? قال: لا، قال: فلم تقضي بين الناس ? قال: أقضي بما أعلم وأسأل عما جهلت. قال: أنت القاضي.
قَالَ: كتب إِلَى مسلمة ومسلمة يومئذ والي البلد يأمره بالبيعة ليزيد فأتى مسلمة الكتاب وهو بالإسكندرية فكتب إِلَى السائب بْن هشام وهو على شرطته يومئذ بذلك، فبايع الناس إِلَّا عَبْد اللهِ بْن عَمْرو(3/223)
ابن العاص فأعاد مسلمة الكتاب فلم يفعل، فَقَالَ مسلمة: من لعَبْد اللهِ فَقَالَ: عامر بْن سعيد: أنا، فقدم الفسطاط فبعث إِلَى عَبْدِ اللهِ بْن عَمْرو فلم يأته، فدعى بالنار والحطب ليحرق عليه قصره فأتى فبايع، فلم يزل عابس على القضاء والشرطة إِلَى أن توفي في أيام عَبْد العزيز بْن مروان سنة ثمان وستين.
ويُقَالُ: بل كتب مسلمة بن مخلد إِلَى السائب بْن هشام في أخذ بيعة عَبْد اللهِ بْن عَمْرو ليزيد بعد موت معاوية فيما زعم ابن بكير عَن ابن لهيعة عَن أبي قنبل قال: لما توفي معاوية واستخلف يزيد كره عَبْد اللهِ بْن عَمْرو أن يبايع يزيدبْن معاوية، ومسلمة بالإسكندرية، فبعث إليه مسلمة كريب بْن أبرهة وعامر بْن سعيد، فدخلا عليه ومعهما سليمان بْن عنز وهو يومئذ قاض، وقام فوعظ عَبْد اللهِ بْن عَمْرو فقال: والله لأنا أعلم بأمر يزيد منكم، وإني لأول الناس أخبر معاوية أنه يستخلفه، ولكن أردت أن يلي هو بيعتي، وقَالَ لكريب: أتدري ما مثلك ? إنما مثلك مثل قصر عظيم في صحراء عشية بأس قد أصابهم الحر فدخلوا يستظلون فِيْهِ فإذا هو ملاء من مجالس الناس، وإن ضربك بالعرب في كريب بْن أبرهة وليس عندك شيء. وأما أنت يا عابس بْن سعيد فبعت آخرتك بدنياك، وأما أنت يا سليمان بْن عنز فكنت قاضياً فكان معك ملكان يعنيان بك ويذكرانك. ثم صرت قاضياً ومعك شيطانان يزيغانك عَن الحق ويفتنانك.
قَالَ: ثم ولي عَبْد العزيز بْن مروان بشير بْن النضر المري القضاء. وزعم وهب الله بْن راشد أَبُو زرعة الحجري عَن حيوة بْن شريح(3/224)
عَن جعفر بْن ربيعة أن بشير بْن النضر كان قاضياً قبل ابن حجيرة في زمان عَبْد العزيز بْن مروان.
ذكر محمود بْن عَبْد اللهِ بْن الحكم عَن أبي زرعة قال: ثم ولي عَبْد الرحمن بْن حجيرة الخولاني وهو ابن حجيرة الأكبر وقد لقي أبا هريرة وأبا سعيد الخدري.
وروى عنه الناس فزعم عَبْد الرحمن ابن أبي السمح عَن أبي الليث العلائي بْن عاصم القاص أن ابن حجيرة الأكبر كان مع عَبْد العزيز بْن مروان على القضاء والقصص وبيت المال، فكان يأخذ رزقه في القضاء مائتي دينار وفي القصص مائتي دينار وفي بيت المال مائتي دينار وجائزة مائتي دينار وعطارة مائتي دينار. فكان يأخذ في السنة ألف دينار، فلم يكن يحول عليه الحول وعنده ما يجب فِيْهِ الزكاة فلم يزل على القضاء حتى مات في سنة ثلاث وثمانين. ويُقَالُ: بل ولي سنة ثلاث وثمانين، ومات سنة خمس وثمانين.
روى ابن لهيعة عَن عبيد الله بْن المغيرة أن رجلاً سأل ابْن عَبَّاس عَن مسألة فَقَالَ: تسألوني وفيكم ابن حجيرة ?
وروى الليث بْن سعد عَن ابن لهيعة عَن موسى بْن وردان أن سعيدبن المسيب قَالَ لَهُ: اقرأ على ابن حجيرة السلام ومره فَلْيَنْهَ أهلَ بلدِهِ عَن الربا، فإنه قد ذكر لي أنه بها كثير.
ثم ولي القضاء مالك بْن شراحيل الخولاني في سنة ثلاث وثمانين، وهو صاحب مسجد مالك بفسطاط مصر، وكان الحجاج يرسل إليه في كل سنة بحلة وثلاثة آلاف درهم، فلم يزل على القضاء حتى مات.
ثم ولي القضاء يونس بْن عطية الحضرمي وجمع له الشرطة والقضاء(3/225)
فلم يزل قاضياً حتى مات سنة ست وثمانين.
وزعم بعض المشيخة أن أوساً،ابْن أخي يونس بْن عطية ولي القضاء بعد عمه يونس بْن عطية.
ثم ولي عَبْد الرحمن بْن معاوية بن خديج الكندي، وجمع له القضاء والشرطة،فلم يزل على ذلك حتى توفي عَبْد العزيز بْن مروان.
وقَالَ سعيد بْن عيسى بْن بليد وغيره: كان الطاعون قد وقع بالفسطاط فنزل بحلوان داخلاً في الصحراء في موضع منها يُقَالُ له: أَبُو قرقون وهوراس التي احتفرها عَبْد العزيز بْن مروان وساقها إِلَى نخله التي غرسها بحلوان، فكان ابن خديج يرسل إِلَى عَبْدِ العزيز في كل يوم بخبر ما يحدث في البلد من موت أو غيره؛ فأرسل إليه ذات يوم رسولاً فأتاه فَقَالَ عَبْد العزيز: ما اسمك ? فَقَالَ: أَبُو طالب فثقل ذلك على عَبْد العزيز وغاظه فَقَالَ عَبْد العزيز: أسألك عَن اسمك فتقول: أَبُو طالب. ما اسمك ? فقال: مدرك، فتطير عَبْد العزيز بذلك وخرج فمرض في مخرجه ذلك ومات هناك، فحمل في البحر يراد به الفسطاط فاشتدت به الريح فلم يبلغ الفسطاط حتى تغير، فأنزل في بعض خصوص ساحل مريس، فغسل فِيْهِ وأخرجت هناك جنازته، وأخرج معه بالمجامر فيها العود لما كان تغير من ريحه.
وأوصى عَبْد العزيز أن يمر بجنازته إِذَا مات على منزل خباب وكان له صديقاً وكان خباب قد توفي قبل عَبْد العزيز فمر بجنازة عَبْد العزيز على بابه وقد خرج عيال خباب فلبسوا السواد ووقفوا على الباب صائحات، ثم أتبعنه إِلَى المقبرة. وخباب صاحب قصر خباب الذي بفسطاط مصر وقد كان نصيب الشاعر قدم على عَبْد العزيز في مرضه فاستأذن عليه(3/226)
فقيل له هو مغمور، فقال: استأذنوا لي فإن أذن فذاك وكان لنصيب ناحية من عَبْد العزيز فأذن له فلما رأى شدة مرضه قال:
ونعود سيدنا وسيد غيرنا ... ليت التشكي كان بالعوّاد
لو كان يقبل فدية لفديته ... بالمصطفى من طارفي وتلادي
فلما سمع عَبْد العزيز قوله فتح عينيه وأمر له بألف دينار واستبشر بذلك آل عَبْد العزيز وفرحوا به ثم مات. وكانت وفاته فيما ذكر بْن بكير عَن الليث ليلة الاثنين لاثنتي عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ست وثمانين.
وفي ذلك يقول الفرزدق:
يا أيها المتمني أن تكون فتى ... مثل ابن ليلى فقد خلا لك السبلا
اذكر ثلاث خصال قد عرفن له ... هَلْ سب من أحد أو سب أو بخلا
لو يضرب الناس أقصاهم وأولهم ... في شفة الأرض حتى يحزموا الإبلا
يبغون أفضل أهل الأرض لم يجدوا ... مثل الذي غيروا في لحده رجلا
فلما توفي عَبْد العزيز أمر عَبْد الملك على مصر عُمَر بْن مروان، قال: فأقام شهراً إِلَّا ليلة ثم صرف.
وولي عَبْد اللهِ بْن عَبْد الملك وهو صاحب مسجد عَبْد اللهِ الذي بفسطاط مصر وإليه ينسب فأراد عزل ابْن خديج فاستحيي أن يعزله من غير شيء، ولم يجد عليه مقالاً ولا متعلقاً فولاه مرابطة الإسكندرية.
وولي القضاء والشرطة عِمْرَان بْن عَبْد الرحمن بْن شرحبيل بْن حسنة فلم يزل على ذلك إِلَّا سنة تسع وثمانين فغضب عليه عَبْد اللهِ بْن عَبْد الملك في شيء لم يسلم لنا، فحبسه في بيت وأمر أن يقطع له ثوب من قراطيس ويكتب فِيْهِ عيوبه ثم يلبسه ويوقف للناس حتى يرجع من مخرجه.(3/227)
وولي عَبْد الأعلى بْن خالد بْن ثابت الهمي مكانه وخرج عَبْد اللهِ بْن عَبْد الملك إِلَى وسيم، وكانت لرجل من القبط فسأل عَبْد اللهِ أن يأتيه إِلَى منزله ويجعل له مائة ألف دينار فخرج إليه عَبْد اللهِ بْن عَبْد الملك، وقَالَ ابن عفير: إنما كان مخرج عَبْد اللهِ إِلَى أبي النمرس مع رجل من الكتاب يُقَالُ له: ابن حنظلة؛ فأتى عَبْد اللهِ للعزل وولاية قرة بْن شريك العبسي وهو هنالك. قَالَ ابن عفير: فلما بلغه قام ليلبس سراويله فلبسه منكوساً وقدم قرة بْن شريك على ثلاثة من البريد فدخل المسجد فركع في المحراب ثم تربع فجلس وقعد أحد الرجلين إِلَى جنبه وقام الآخر على رأسه فأتى إِلَى عَبْدِ الأعلى بْن خالد رجل من شرطة المسجد وقَالَ له: قدم رجل على ثلاثة من البريد حتى نزل بباب المسجد ثم دخل المحراب فركع ثم تربع فجلس، فأتاه ابن رفاعة فسلم عليه بغير الإمرة فَقَالَ لَهُ قرة: على أي شيء من العلم أنت ? قال: نعم على الشرط، قَالَ: اذهب فاختم على الديوان قال: إن كنت على الخراج فإن هَذَا ليس إلينا، قال: اذهب كما تؤمر. قال: السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله فَقَالَ قرة: ممن أنت ? فقال: من فهم. قَالَ قرة:
لن تجد الفهمي إِلَّا محافظاً ... على الخلق الأعلى وبالحق عالما
سأثني على فهم ثناء يسرها ... يوافي به أهل القرى والمواسما
وأقره على عمله.
أَخْبَرَنَا القاسم بْن مُحَمَّد بْن الحرث الخزاعي المروزي قال: أَخْبَرَنَا سهل بْن يحيى بْن مُحَمَّد قَالَ: حَدَّثَنَا أبي عَنْ عَبْدِ العزيز بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز أن عُمَر بْن عَبْد العزيزكتب إِلَى عُمَر بْن الوليد بْن عَبْد الملك: إن أظلم مني(3/228)
وأترك لعهد الله من استعمل قرة بْن شريك على مصر يأكل المال الحرام ويسفك الدم الحرام.
وأَخْبَرَنِيَعْمُر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الحكم في إسناد له أن عُمَر بْن عَبْد العزيز قال: الحجاج بْن يوسف على العراق! ومُحَمَّد بْن يوسف على اليمن! وقرة بن شريك على مصر! امتلأت الأرض والله جورا.
ثم ولي القضاء عَبْد اللهِ بْن عَبْد الرحمن بْن حجيرة الخولاني وهو ابن حجيرة الأصغر ثم عزل في سنة ثلاث وتسعين.
وزعم بعض أهل البلدان أن ابن حجيرة لما ولي القصص بلغ ذلك أباه وهو ببيت المقدس قال: الحمد لله ذكر أبي وذكر. ولما بلغه أنه ولي القضاء قال: إنا لله هلك ابني وأهلك.
ثم ولي عباس بْن عَبْد اللهِ الأزدي ثم السلامي ابنه ولاية القضاء، وهو عامل لأسامة بْن زيد التنوخي على الهراء، فلم يزل على القضاء حتى صرف عنه في سنة ثمان وتسعين، ورد ابن حجيرة على القضاء ثم صرف عنه، ورد عباس بْن عَبْد اللهِ فلم يزل قاضياً حتى صرف عنه سنة مائة.
ثم ولي عَبْد اللهِ بْن خداش ثم صرف عَن القضاء سنة اثنتين ومائة
ثم ولي يحيى بْن ميمون الحضرمي وقد روى عنه عُمَر بْن الحارث وابن لهيعة وغيرهما. وروى هو عَن سهل بْن سعد.
حَدَّثَنِي عَبْدُ الرحمن بْن زكريا بْن عَبْد الرحمن قال: حَدَّثَنَا نضر بْن عَبْد الرحمن قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن الحباب عَن عباس بْن عقبة الحضرمي قَالَ: أَخْبَرَنَا يحيى بْن ميمون الحضرمي قاضي مصر قَالَ: حَدَّثَنِي سهل بْن سعد قال: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:من انتظر الصلاة فهو في الصلاة ما لم يحدث.
وبلغني عَن أهل مصر أنه لم يكن محموداً في ولايته.(3/229)
وقَالَ ابن عَبْد الحكم عَن ابن بكير: سمعت المفضل بْن فضالة يقول: كان بئس القاضي.
ثم ولي يزيد بْن عَبْد اللهِ بْن خداش ثم صرف.
ثم ولي الحماد بْن خالد المدلجي قاضياً بها سنة. ثم توفي سنة خمس عشرة ومائة وكان محموداً جميل المذهب.
ثم ولي توبة بْن نمر الحضرمي وتوبة بْن نمر من خيار القضاة.
قَالَ ابن عَبْد الحكم: عَن سعيد بْن غفير عَن المفضل بْن فضالة قَالَ: لما ولي توبة بْن نمر القضاء دعا امرأته فَقَالَ لَهَا: كيف علمتِ صحبتي ? قالت: جزاكَ الله من عشير خيراً. قال: قد علمتِ ما بلينا به من أمر المسلمين فأنت الطلاق، فصاحت فقال: إن كلمتيني في حكم أو ذكرتيني به؛ فإن كانت لترى دوابه قد احتاجت الماء فلا تأمر بها حتى تمد خوفاً في أن تدخل عليه في يمينه شيئاً.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن إسحاق الصغاني قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الملك بْن صالح قَالَ: حَدَّثَنِي الليث بْن سعد عَن عَمْرو بْن الحارث عَن توبة بْن نمر عَن جعفر بْن الدمشقي عَن القاسم مولى عَبْد الرحمن عَن أبي أمامة الباهلي قال: أعتق رجل في وصيته ستة أرؤس لم يكن له مال غيرهم، فبلغ ذلك رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتغيظ عليه ثم أسهم بينهم فأخرج ثلاثة.
أَخْبَرَنِي الصغاني قال: حَدَّثَنَا أَبُو صالح وابن بكير قالا: حَدَّثَنَا الليث بْن سعد عَن توبة بْن نمر عَن عُمَر بْن عَبْد العزيز إِذَا شرط الرجل لامرأته ألا يخرجها من بلده ثم بدا له فهي مع زوجها.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن علي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الطاهر قَالَ: حَدَّثَنَا ابن وهب قَالَ:(3/230)
أَخْبَرَنِي بْن لهيعة أن توبة بْن نمر قاضي مصر كان يقضي بيمين صاحب الحق مع شاهده في الشيء اليسير.
وقَالَ أَبُو داود السجستاني: سمعت قتيبة بْن سعيد يقول: توبة بْن نمر قاضي مصر بنته تحت ابن لهيعة.
قَالَ ابن عَبْد الحكم: تولى توبة بْن نمر ما شاء الله ثم استعفى، فقيل له: فأشر علينا برجل نوليه قال: كاتبي جبيربن نعيم.
ثم ولى جرير بْن نعيم الحضرمي ثم استعفى فصرف سنة ثمان وعشرين ومائة.
أَخْبَرَنِي حسن بْن علي قال: حَدَّثَنَا خلف بْن سالم قَالَ: حَدَّثَنَا زيد بْن الحباب قَالَ: حَدَّثَنِي عباس بْن عقبة قال: أَخْبَرَنِي جبير بْن نعيم عَن ابْن الزبير عَن جابر أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: العشر عشر الأضحى والوتر يوم عرفة والشفيع يوم النحر.
أَخْبَرَنَا إبراهيم الزهري أَحْمَد بن سعد بْن إبراهيم بْن سعد بْن أبي بكير عَن ابن لهيعة عَن جبير بْن نعيم القاضي عَن سهل بْن معاذ بْن أنس عَن أبيه عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الذكر يفضل على الصدقة في سبيل الله.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن علي قال: حَدَّثَنَا أَبُو الطاهر قَالَ: حَدَّثَنَا بْن وهب عَن الليث بْن سعد عَن جبير بْن نعيم أنه كان يقضي فمن اعترف لرجل بحق عليه ثم ادعى أنه قضاه إياه لا يثبت عنده أنه يلزمه ما اعترف به من ذلك.
وكان يقول: من أقر عندنا بشيء ألزمناه إياه.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْن الحارث قال. حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الرحمن،(3/231)
وَحَدَّثَنَا عمي قَالَ: حَدَّثَنَا الليث بْن سعد أن جبير بْن نعيم كان يصلي بهم في قيام رمضان وأنه قرأ: {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ [الانشقاق: 1} فسجد فيها.
ثم ولي عَبْد الرحمن بْن سالم بْن أبي سالم الجيشاني فلم يزل على القضاء إِلَى دخول المسودة فصرف عَن القضاء، واستعمل على الخراج.
ثم رد جبير بْن نعيم فلم يزل قاضياً حتى صرف في سنة خمس وثلاثين ومائة.
وكان سبب صرفه فيما ذكر ابن بكير أن رجلاً من الجند قذف رجلاً فخاصمه إليه وثبت عليه شاهداً واحداً، فأمر بحبس الجندي إِلَى أن يثبت الرجل شاهدا آخر فأرسل أَبُو عون عَبْد الملك بْن يزيد فأخرج الجندي من الحبس، فاعتزل جبير وجلس في بيته وترك الحكم، فأرسل إليه أَبُو عون فقال: لا حتى ترد الجندي إِلَى مكانه، فلم يرد ولم يحل عزمه، فقالوا: فأشر علينا برجل نوليه، فقال: كاتبي غوث بْن سليمان.
فولى غوث بْن سليمان بْن زِيَاد بْن نعيم الحضرمي فلم يزل قاضياً حتى خرج مع صالح بْن علي إِلَى الرصافة سنة أربع وأربعين وقد روى عَن غوث بْن سليمان أحاديث وتأتي أخباره في ولايته الثانية.
ثم ولي أَبُو خزيمة إبراهيم بْن زيد من حمير، وسماء الحارث بْن مسكين، قَالَ أَبُو خزيمة عَبْد اللهِ بْن ظريف: يُقَالُ إن جرير بْن خازم حدث عنه، وكان من خيار المسلمين وكان سبب ولايته أن أبا عون شاور في رجل يوليه القضاء. ويقال: بل صالح بْن علي فأشير عليه بثلاثة نفر: حيوة بْن شريح وأبي خزيمة وعَبْد اللهِ بْن عباس الغساني. وكان أَبُوخزيمة يومئذبالاسكندرية فاستحضر ثم أتى بهم إليه. فكان أول من نوظر حيوة بْن شريح فامتنع فدعى له بالسيف والنطع فلما رأى ذلك حيوة أخرج مفتاحاً كان معه فَقَالَ: هَذَا مفتاح بيتي ولقد اشتقت(3/232)
إِلَى معادي، فلما رأوا عزمه تركوه، فَقَالَ لَهُم حيوة: لا تظهروا ما كان من إبائي إِلَى أصحابي فيفعلوا مثل ما فعلتُ فنحى حنوه.
وسمعت مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن الصيرفي يقول: سمع منادٍ بمصر من السماء: لولا رجال ركع وبهائم رتع وحيوة ابن شريح لصب عليكم العذاب صباً.
وقَالَ عَبْدُ اللهِ بْن الحكم: قَالَ ابن المبارك: ما ذكر لي أحد بفضل فرأيته إِلَّا رأيته دون ما ذكر لي عنه إِلَّا حيوة بْن شريح وابن عون.
ورجع الحديث. قال: ثم دعى بأبي خزيمة فعرض عليه القضاء فامتع فدعى له بالسيف والنطع فضعف قلب الشيخ ولم يحمل ذلك فأجاب إِلَى القضاء فاستقضى فأجرى عليه في كل شهر عشرة دنانير وكان لا يأخذ ليوم الجمعة رزقاً، ويقول إنما أنا أجير المسلمين، فإذا لم أعمل لهم لم آخذ متاعهم.
وقَالَ الحارث بْن مسكين: أنكر أصحاب أَبُو خزيمة عليه دخوله في القضاء فلما رأوا استقامته قالوا: هو خير منا اختير ولم نختر.
وأَخْبَرَنِي بعض أهل مصر أنه رأى رقعة في رق في الديوان: رد أَبُو خزيمة إبراهيم بْن زيد القاضي لبيت المال خمسة دراهم ليوم لم يجلس فِيْهِ للقضاء.
وبلغني أنه قيل لحيوة بْن شريح: ولي أَبُو خزيمة القضاء قال حيوة: أَبُو خزيمة خير مني اختير فصح وقال: كان أَبُو خزيمة يعمل الأرسان ويبيعها قبل أن يلي القضاء فمر به رجل من أهل الاسكندرية وهو في مجلس(3/233)
الحكم فقال: لأختبرن أبا خزيمة فوقف عليه فقال: يا أبا خزيمة احتجت إِلَى رسن لفرسي فقام أَبُو خزيمة إِلَى منزله فأخرج رسناً فباعه ثم جلس.
وأَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد التميمي عَن علي بْن الْحَسَن عَنْ عَبْدِ الرحمن بْن عَبْد اللهِ قال: سمعت أبا عَبْد اللهِ بْن عَبْد الحكم يقول: كان أَبُو فرشة المرادي صديقاً لأبي خزيمة فمر به ذات يوم فسلم عليه فلم يكن منه ما كان يعرف، وكان أَبُو خرشنة قد خوصم إليه في جدار فاشتد ذلك على أَبُو [؟] خرشنة فشكى ذلك إِلَى بعض قرائبه فَقَالَ لَهُ: إن اليوم الاثنين أو الخميس وهو صائم، فإذا صلى المغرب ادخل استأذن عليه، ففعل أَبُو خرشنة قَالَ: فدخلت عليه وبين يديه ثريد عدس فسلم عليه فرد عليه كما كان يعرف، وقَالَ لَهُ: ما جاء بك فأخبره أَبُو خرشنة فَقَالَ: ما كان ذلك إِلَّا أن خصمك خفت أن يرى سلامي فيكسره ذلك عَن بعض حجته، قَالَ أَبُو خرشنة: فإني أشهدك أن الجدار له.
قَالَ: وحَدَّثَنِي بعض مشايخ البلد أن يزيد بْن حاتم وهو يومئذ والي البلد جاء إِلَى أبي خزيمة في منزله فخرج إليه إِلَى باب داره وألقيت ليزيد بْن حاتم صفة سرحة فجلس عليها حتى قضى حاجته ثم انصرف، وكلم أَبُو خزيمة في ذلك فقال: لم يكن في منزلي شيء يجلس عليه فخرجت إليه.
وقَالَ أَبُو الطاهر، أَحْمَد بْن عُمَر بْن السرح: دفع بعض بني مسكين إِلَى أبي خزيمة في شيء من أمر حبسهم وقد كان بعض القضاة نظر فكأن أبا خزيمة لم ير إنفاذ ذلك فكتب إليه: إِذَا نحن لم ننتفع بقول القضاة قَبْلَكَ عندك، كذلك لا ننتفع بقولك عند القضاة بعدك، فأنفذ ذلك.(3/234)
وخرج أَبُو خزيمة يوماً من المسجد فلم يواف دابته فعرض عليه رجل من أهل البلد أن يركب فأبى وعزم عليه آخر دابته فركب فَقَالَ لَهُ الأول فَقَالَ: رأيت في اللجام حلية من فضة.
ثم استعفى أَبُو خزيمة فأعفى وجعل مكانه عَبْد اللهِ بْن بلال الحضرمي ويُقَالُ: بل غوثا الذي كان استخلفه حين شخص إِلَى أمير المؤمنين أبي جعفر في سنة أربع وأربعين ومائة.
وكان يجلس للناس في المسجد الأبيض ثم قدم غوث فأقره خليفة له يحكم بين الناس، فلما مات ركب غوث إِلَى منزله فضم الديوان والودائع التي كانت قبله وغير ذلك، فزعموا أن بنت عَبْد اللهِ بْن بلال صاحت يومئذ واغوثاه.
وقَالَ يحيى بْن عَبْد اللهِ بْن بكير: لم يزل أَبُو خزيمة على القضاء حتى قدم غوث من الصائفة، فعزل أَبُوخزيمة ورد غوث على القضاء.
ويُقَالُ: إن غوثا حين شخص إِلَى العراق جعل على القضاء أَبُو خزيمة فلم يزل على القضاء حتى توفي سنة أربع وخمسين ومائة.
وقَالَ بعض أهل مصر: كان ابن خديج يومئذ بالعراق، قَالَ: دخلت على أمير المؤمنين أبي جعفر فقال: يا ابن خديج لقد توفي ببلدك رجل أصيبت به العامة، قال: قلت: يا أمير المؤمنين ذاك إذاً أَبُو خزيمة، قال: نعم فمن ترى أن نولي القضاء بعده ? قلت: أَبُو معدان اليحصبي يا أمير المؤمنين. قال: ذاك رجل أصم ولا يصلح للقاضي أن يكون أصم. قال: قلت: فابن لهيعة يا أمير المؤمنين، قال: ابن لهيعة على ضعف فِيْهِ فأمر بتوليته وأجرى عليه في كل شهر ثلاثين ديناراً. وهو أول قاض قضى على مصر أجرى عليه ذلك باستقضاء خليفة، وإنما كان ولاة البلد يولون القضاة، فلم يزل قاضياً حتى صرف سنة أربع وتسعين ومائة.(3/235)
وأَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن علي قال: حَدَّثَنَا أَبُو الطاهر قَالَ: حَدَّثَنَا ابن وهب قال: قَالَ لي ابن لهيعة: أنا قضيت باليمين مع الشاهد.
قَالَ القاضي: وابن لهيعة من أهل الحديث والفقه تغير وذهبت كتبه وساء حفظه ولقن ما ليس من حديثه.
توفي أَبُو لهيعة يوم الأحد في النصف من شهر ربيع الأول سنة أربع وتسعين ومائة.
وهو عَبْد اللهِ بْن لهيعة بْن عقبة الحضرمي، يكنى أبا عَبْد الرحمن.
وقد ولى موسى بْن علي بْن رباح اللخمي الإمرة والنظر في الحقوق فأَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن الصيرفي عمن أخبره أن موسى بْن علي لما ولي لم يتحاكموا إليه تمنى الناس أن يرى أحدهم بغير ظالم أو بغير طالب بغير حق فتناصفوا بينهم.
وحَدَّثَنِي أَبُو إبراهيم الرهوي قال: سمعت يحيى بْن عَبْد اللهِ بْن بكير يقول: رأيت موسى بْن علي يخطب على منبر مصر، فإذا خطب قَالَ: شيخ من مشايخنا ما تقول النائحة ?
وولي إسماعيل بْن اليسع الكوفي وعزل في سنة سبع وستين ومائة.
وكان محموداً عند أهل البلد إِلَّا أنه كان يذهب مذهب أبي حنيفة. ولم يكن أهل البلد يعرفون ذاك.
وكان سبب عزله فيما زعم عَبْد اللهِ بْن عَبْد الحكم: أن الليث بْن سعد كتب فِيْهِ إِلَى أمير المؤمنين: يا أمير المؤمنين إنك بليتنا برجل يكبد سنة رسول الله بين أظهرنا مع أنا ما علمنا في الدينار والدرهم إِلَّا خيراً.
فكتب بعزله ورد غوث بْن سليمان على القضاء فلم يزل حتى توفي في جمادي الآخرة سنة ثمان وستين ومائة.(3/236)
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن (؟؟؟) التميمي عَن علي بْن الْحَسَن بْن خلف عَنْ عَبْدِ الرحمن بْن عَبْد الحكم عَن حماد بْن منصور بْن أبي رجاء قال: قدمتنا امرأة من الريف وغوث قاض في محفة فوافت غوث بْن سليمان عند السراجين رائحاً إِلَى المسجد فشكت إليه أمرها وأخبرته بحاجتها، فنزل عَن دابته في حوانيت السراجين ولم يبلغ المسجد وكتب لها بحاجتها، وركب إِلَى المسجد فانصرفت المرأة وهي تقول: أصابت والله أمك حين سمتك غوثا، أنت غوث عند اسمك.
فلما مات غوث ولي القضاء المفضل بْن فضالة بْن عبيد الغساني، ثم عزل في سنة تسع وستين ومائة. وكان هو أول القضاة بمصر طول الكتب وكان أحد فضلاء الناس وخيارهم. وعنده علم كثير حدث وحمل عنه.
وقَالَ بعض أهل مصر: لقيه رجل بعد أن عزل فَقَالَ: حسبك الله قضيت علينا بالباطل. فَقَالَ لَهُ المفضل: لكن الذي قضيت له يطيب الثناء.
ثم ولي أَبُو الطاهر الأعرج عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن أبي بكر بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن حزم الأنصاري وكان محموداً في ولايته.
وأَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن جعفر بْن مصعب الزبيري عَن جده عَن ابن القداح أن عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بن أبي بكر ولي قضاء بغداد. ثم ولي بعد ذلك قضاء مصر.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الهيثم عَن علي بْن الْحَسَن عَن ابن عَبْد الحكم عَن أبيه قال: فكتب إليه صاحب البريد: أنك تبطئ بالجلوس قَالَ: فكتب إليه أَبُو الطاهر إن كان أمير المؤمنين أمرك وإلا فإن في أكفك وبرذوانك ما يشغلك عَن أمر العامة. ثم استعفى فأعفى في سنة أربع وسبعين ومائة. قالوا: فأشر علينا برجل" فأشار عليهم بالمفضل بْن فضالة.
فولى المفضل ثانية فزعم أَبُو داود السجستاني قال: سمعت سليمان بْن(3/237)
داود المهري يقول: المفضل بْن فضالة ولي قضاءنا مرتين.
وقَالَ سليمان بْن داود: أَخْبَرَنَا إدريس بْن يحيى وابن بكير قالا: سأل الله المفضل بْن فضالة أن يذهب عنه الأمل فبقي كأنه لحم موضوع أو شبيه بذا. قَالَ: فقيل له: أي شيء عملت؛ سل الله أن يقيلك، فسأل الله عز وجل فأقاله.
قَالَ ابن بكير: فرأيته وأَخْبَرَنِي من رآه بعد ما أسن يخرج إِلَى الحيرة يغرس الفسيل أو النوى ويرجو أن يأكل من ثمرها.
وقَالَ أَحْمَد بْن سعيد الهمداني: لم يرو ابن وهب عَن مفضل بْن فضالة كان منه إِلَى ابن وهب شيء وهو على القضاء.
بلغني عَن الحارث بْن مسكين أنه قال: كان المفضل بْن فضالة ربما ركب بنفسه حتى ينظر إليه، وكان ثم قسام يقسم للناس وكان قد جعل للقسام لكل مائة دينار دينارين، فما نقص من المائة فبحساب ما نقص وما زاد على المائة إِلَى ثلاثين ألفاً. وما كان من شيء فليس له إِلَّا دينارين فشكا القسام إليه وقال: لا يكفيني فقال: ما أصنع قل إن شئت زدتك مما يجري علي من أرزاقي، قَالَ الحارث: فزاده مما يجري عليه من أرزاقه.
قَالَ الحارث بْن مسكين: رأيت المفضل بْن فضالة إِذَا صلى الجمعة جلس إِلَى صلاة العصر في المسجد فإذا صلى العصر خلا في ناحية المسجد وحده فلا يزال يدعو حتى تغرب الشمس.
ثم ولي مُحَمَّد بْن مسروق الكندي من أهل الكوفة، قالوا: ولم يكن بالمحمود في ولايته وكان فِيْهِ تجبر وعتو، فلم يزل على القضاء إِلَى سنة أربع وثمانين ومائة ثم خرج إِلَى العراق فاستخلف إسحاق بْن الفرات فلم يزل على القضاء إِلَى جعفر سنة أربع وثمانين ومائة، ثم عزل. وقد حدث مُحَمَّد بْن مسروق الكندي وعنده أحاديث فيها نكير.(3/238)
وحدث إسحاق بْن الفرات أيضاً.
ثم ولي عَبْد الرحمن بْن عَبْد اللهِ بْن المجبر بْن عَبْد الرحمن بْن عُمَر بْن الخطاب وعزل في جمادى الأولى سنة أربع وتسعين ومائة.
وقد كان قوم تظلموا منه ووقعوا فِيْهِ إِلَى الرشيد، فقال: انظروا في الديوان كم ولي من آل عُمَر بْن الخطاب قضى في أيامي فنظروا فلم يجدوا غيره. فقال: لا والله لا أعزله أبداً.
ثم ولي بعده هاشم بْن أبي بكر البكري.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن مصعب الزبيري عَن جده قال: ولي مصر هاشم بْن أبي بكر بْن عَبْد الرحمن بْن أبي بكر بْن عَبْد اللهِ بْن عَبْد الرحمن بْن أبي بكر الصديق.
قَالَ ابن الحكم: فآذى أصحاب العمري وبالغ في مكروههم وكان يذهب مذهب أصحاب أبي حنيفة، فلم يزل على القضاء حتى توفي في أول محرم سنة ست وتسعين ومائة.
وحدث هاشم بْن أبي بكرحَدَّثَنَا أَبُو الأحوص القاضي عَن يحيى بْن سليمان الجعفي عنه بحديث.
ثم ولي إبراهيم بْن البكاء ولاه جابر بْن الأشعث وهو يومئذ والي البلد. فلم يزل كذلك حتى وثب بجابر فقتل.
وولي مكانه عباد بْن مُحَمَّد فعزل ابن البكاء وولي لهيعة بْن عيسى الحضرمي بْن أخي عَبْد اللهِ بْن لهيعة فلم يزل والياً حتى قدم المطلب عَبْد الملك بْن مالك في أول سنة ثمان وتسعين، فعزل لهيعة بْن عيسى وولي الفضل بْن غانم وكان المطلب قدم به معه من العراق فأقام سنة أو نحوها ثم غضب عليه المطلب فعزله وولي لهيعة بْن عيسى فلم يزل قاضياً حتى توفي في ذي القعدة سنة أربع ومائتين.
فولي السري بْن الحكم بعد مشاورة أهل البلد إبراهيم ابن إسحاق القارئ حليف بني زهرة، وجمع له القضاء والقصص وكان(3/239)
رجل صدق ثم استعفى بشيء أنكره فأعفى.
فولى مكانه إبراهيم بْن الجراح وكان يذهب إِلَى قول أصحاب أبي حنيفة. ولم يكن بالمذموم أول ولايته حتى قدم ابنه عليه أول ولايته من العراق فتغيرت حاله وفسدت أحكامه، فلم يزل قاضياً إِلَى سنة إحدى عشرة ومائتين، فدخل عَبْد اللهِ بْن طاهر البلد فعزله.
وولى عيسى بْن المنكدر بْن مُحَمَّد بْن المنكدر وخرج إبراهيم ابن الجراح إِلَى العراق فمات. فأجرى عَبْد اللهِ بْن طاهر على عيسى بْن المنكدر أربعة آلاف درهم في الشهر. وهو أول قاض أجرى عليه ذلك وأجازه بألف دينار، فلما قدم المعتصم مصر في سنة أربع عشرة ومائتين كلمه فِيْهِ ابن أبي داود فأمره فوقف عَن الحكم ثم أشخص إِلَى العراق فمات.
وبقيت مصر بغير قاض حتى ولي المأمون هارون بْن عَبْد اللهِ أبا يحيى الزهري القضاء فقدم البلد لعشر ليال بقين في شهر رمضان سنة سبع عشرة ومائتين، وكان محموداً عفيفاً محبباً في أهل البلد وقد كتبت أخباره في أخبار قضاة بغداد فلم يزل على القضاء إِلَى شهر ربيع الأول سنة ست وعشرين ومائتين، فكتب إليه أن يمسك عَن الحكم وكان قد نقل مكانه علي بْن أبي داود.
وقدم أَبُو الوزير والياً على خراج مصر وقدم معه بكتاب ولاية ابن أبي الليث على القضاء فلم يزل قاضياً إِلَى يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة خلت من شعبان سنة خمس وثلاثين ومائتين فعزل وحبس.
وبقيت مصر بغير قاض وكان ابن أبي الليث رجل سوء.
ثم ولي أَبُو عَمْرو الحارث بْن مسكين في جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين ومائتين جاءته ولاية القضاء وهو بالاسكندرية فلم يزل قاضياً حتى صرف يوم الجمعة لسبع ليال بقين من شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعين(3/240)
ومائتين.
فولي أَبُو سعيد عَبْد الرحمن، إبراهيمَ بْن دحيم بْن الهيثم جاءته ولايته بالرملة فتوفي قبل أن يصير إِلَى مصر سنة خمس وأربعين ومائتين.
ودحيم من أهل الحديث المتقدمين.
فولي بعده أَبُو بكرة بكار بْن قتيبة من ولد أبي بكرة صاحب رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودخل البلد يوم الجمعة لثمان ليال خلون من جمادي الآخرة سنة ست وأربعين ومائتين فلم يزل قاضياً إِلَى أن حبسه أَحْمَد بْن طولون ومات في حبسه.
ثم ولي بعده مُحَمَّد بْن عَبْده يكنى أبا عَبْد اللهِ العباداني.
وولي بعده أَحْمَد بن عُثْمَان أَبُو زرعة الدمشقي.
ثم ولي بعده علي بْن الحسين بْن حارث يكنى أبا عَبْد اللهِ من أهل الكرخ.
ذكر قضاة بغداد وأخبارهم ومن روى عنه الحديث منهم
يحيى بْن سعيد الأنصاري
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن زهير بْن حرب قَالَ: قرأت على أبي عَبْد الرحمن العلائي المفضل بْن غسان عَن علي بْن صالح الحاجب قال: لما قدم أَبُو جعفر المنصور بغداد ومعه الْحَسَن بْن عمارة على المظالم وكان يحيى بْن سعيد الأنصاري قاضي أبي العباس فأقره أَبُو جعفر.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن شبيب أَبُو سعيد قال: حَدَّثَنِي يحيى بْن مُحَمَّد بْن طلحة ابن عَبْد اللهِ بْن عَبْد الرحمن بْن أبي الصديق قال: حَدَّثَنِي سليمان بْن بلال قال: كان يحيى بْن سعيد قد ضاق واشتدت حاله حتى جلس في البيت فبينا هو على ذلك إِذ جاءه كتاب أبي العباس يأمره بالخروج إليه، فكنت أنا الذي جهزته ووكلني بالقيام على أهله والنفقة عليهم، فلما خرجنا من داره(3/241)
وهو يريد العراق، كان أول ما لقينا جنازة قد طلعت فتغير وجهي لذلك، فَقَالَ: كأنك تطيرت فقلت: نعم، فَقَالَ: فلا تفعل فوالله لئن صدقنا الفأل لينعشن الله أمري، فكان كما قال، فأصاب خيراً وبعث إلي بقضاء دينه وقَالَ لي وأنا معه: ما من شيء إِلَّا وقد علمته.
قَالَ سليمان بْن بلال: ثم جاءني كتابه بعد ما استقضى قد كتب:
قلت لك ما من شيء إِلَّا وقد علمته فأقسم لك بالله لأول خصمين جلسا بين يدي في أمر لا والله ما سمعت فِيْهِ بشيء. فإذا جاءك كتابي هَذَا فاسأل ربيعة بْن أبي عَبْد الرحمن عَن كذا وعن كذا، ولا تخبره أني كتبت إليك تسأله فجئت ربيعة فسألته فَقَالَ: صاحبك كتب إليك يسألني عَن هَذَا ? قال: فكأني أمسكت. قال: فإني أسألك وقال: لا أجيبك حتى تخبرني، فأخبرته فأجابني.
وكتب إِلَى يحيى بْن سعيد بذلك. فَقَالَ مُحَمَّد بْن صالح العدوي: كان سبب إشخاص ربيعة بْن أبي عَبْد الرحمن إِلَى العراق أن يحيى بْن سعيد لما استقضى قال: كنت أظن أن بمجالستي لسعيد بْن المسيب وللقاسم وإياس بالمدينة لا يجلس بين يدي خصمان فأعيي بأمرهما، حتى كان أول الخصمين جلسا بين يدي فإذا أمر أحتاج فِيْهِ إِلَى نظر واستخراج، فدخلت على أبي جعفر فذكرت له ذلك وقلت: إن بالمدينة رجلاً من موالي قريش يُقَالُ له: ربيعة بْن أبي عَبْد الرحمن لا غنى بي عنه فبعث إليه فجاء.
حَدَّثَنِي سليمان بْن أبي أيوب أَبُو أيوب المدائني قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سلام الجمحي قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن القاسم الهاشمي قال: كان يحيى بْن سعيد خفيف الحال فاستقضاه أَبُو جعفر فارتفع شأنه فلم يتغير حاله، فقيل له في ذلك فقال: من كانت نفسه واحدة لم يغيره المال ولا الإقتار.(3/242)
قَالَ القاضي: وهو يحيى بْن سعيد بْن قيس بْن عَمْرو بْن سهل بْن ثعلبة بْن الحارث بْن زيد بْن ثعلبة بْن عَمْرو بْن مالك بْن النجار.
وَحَدَّثَنَا أَحْمَد بْن أبي منصور الرمادي وعباس الدوري قالا: حَدَّثَنَا سليمان بْن حارث قَالَ: حَدَّثَنَا حماد بْن زيد قَالَ: قدم أيوب من المدينة فقيل له: من أفقه من تركت بالمدينة ? قال: ما تركت بها أفقه من يحيى بْن سعيد.
حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد الزعفراني قال: حَدَّثَنَا زيد بْن الحباب قَالَ: حَدَّثَنِي معاوية بْن صالح قاضي الأندلس قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مريم قَالَ: سمعت أبا هريرة يقول: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:القضاء في الأنصار.
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن جعفر بْن منصور الرمادي قال: حَدَّثَنَا يحيى بْن عَبْد اللهِ بْن بكير قَالَ: حَدَّثَنِي إبراهيم بْن أبي زرعة قال: قَالَ لي ابن أبي لهيعة: قدم علينا أَبُو الأسود، قَالَ يحيى: لا أعلمه إِلَّا قَالَ: سنة أربع وثلاثين ومائة؛ فقيل له: من تعدون في الفتيا بعد ربيعة في المدينة؟ قَالَ: يحيى بْن سعيد بالهاشمية وفتى من أصبح يُقَالُ له مالك بْن أنس.
حَدَّثَنَا أيوب عَن الرمادي قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن صالح قَالَ: حَدَّثَنَا الليث بْن سعد عَن سعيد بْن عَبْد الرحمن الجمحي قال: ما رأيت أحداً أقرب شبهاً من أبي شهاب من يحيى بْن سعيد، ولولا ابن شهاب لذهب كثير من العلم.
قَالَ القاضي: وليحيى بْن سعيد فقه كثير وروايات وأحاديث مسندة وسمع من أنس بْن مالك وأسند عنه أحاديث صالحة من أصحهاما:
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إسماعيل السهمي قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ العزيز بْن أبي خازم قَالَ: سمعت يحيى بْن سعيد يقول: سمعت أنس بْن مالك يقول: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ألا أخبركم بخير دور الأنصار قالوا: بلى قَالَ: دور بني النجار ثم دور بني ساعدة.(3/243)
حَدَّثَنَا جعفر بْن مُحَمَّد أَبُو عَبْد اللهِ الريالي قال: حَدَّثَنَا بذاك ابن المجبر قَالَ: حَدَّثَنَا شعبة قال: سمعت يحيى بْن سعيد يقول: أَخْبَرَنِي أنس بْن مالك قال: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:في كل دور الأنصار خير.
قَالَ القاضي: وقضى يحيى بْن سعيد لبني أمية أيامَ الوليد بْنِ عَبْدِ الملك بالمدينة واستقضاه يوسف بْن مُحَمَّدبْن يوسف الثقفي وقضى لأبي جعفر المنصور.
وقَالَ أَحْمَد بْن حنبل عَن عيينة قَالَ: كان أيوب السختياني معجباً بيحيى بْن سعيد وقَالَ: اكتب لي عيون حديثه.
ثم أخبرت أن الرقعة سقطت منه فأخبرت عَن سعيد بْن داود الزبيري قَالَ: حَدَّثَنِي مالك بْن أنس قال: سمعت يحيى بْن سعيد يقول: وددت أن أكتب كلما أسمع وكان ذلك أحب إلي من أن يكون لي مثل مالي.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد المقدمي قال: حَدَّثَنَا ابن أبي أويس قَالَ: سمعت مالك بْن أنس يقول: قَالَ لي يحيى بْن سعيد: أكتب لي أحاديث من أحاديث أبي شهاب أرويها عنك، فكتبتها له قال: قلت: فسمعها منك؟ قَالَ: كان أفقه من ذاك.
وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الوليد البشري قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوهاب الثقفي قال: سمعت يحيى بْن سعيد يقول: أَخْبَرَنِي مالك بْن أنس عَن ابن شهاب عَنْ عَبْدِ اللهِ والْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن علي، عَن علي أن النَّبِيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عَن المتعة.
أَخْبَرَنِي حسن الحروي عَن الحارث بْن مسكين عَنْ عَبْدِ الرحمن بْن القاسم بْن بلال قَالَ: حَدَّثَنِي يحيى بْن سعيد أنه كان بإفريقية فأردت حاجة من حوائج الدنيا، فدعوت فيها واجتهدت ثم ندمت ألا يكون ذلك في حاجة من حوائج الآخرة، فشكوت ذلك إِلَى رجل كنت أجالسه(3/244)
فقال: لا تكره ذاك فقد بارك الله في حاجة أذن فيها بالدعاء.
أخبرت عَن ابن أبي الأسود عَنْ عَبْدِ الرحمن بْن مهدي عَن وهب قال: قدمت المدينة فما رأيت بها أحداً إِلَّا يعرف وينكر؛ إِلَّا يحيى بْن سعيد ومالك بْن أنس.
الْحَسَن بْن عمارة
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن زهير أنه قرأ على المفضل بْن غسان عَن علي بْن صالح قال: واستقضى أَبُو جعفر، على بغداد: الْحَسَنَ بْنَ عمارة أياماً.
قَالَ القاضي: والْحَسَن بْن عمارة مولى لبجيلة، له رواية كثيرة ويضعف في الحديث.
حَدَّثَنِي عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الحكم قال: حَدَّثَنَا محمود بْن غيلان قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو داود الطيالسي قال: قلت لشعبة: أي شيء قَالَ الْحَسَن بْن عمارة ? فقال: قلت للحكم: أصَلَّى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قتلي أحد ? قَالَ: لم يصل على قتلي أحد.
وقَالَ: الْحَسَن بْن عمارة عَن الحكم عَن سعيد بْن جبير عَن ابْن عَبَّاس أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى عليهم.
قَالَ شعبة: وقلت للحكم: ما تقول في أولاد الزنا ? من ذكره عَن علي ? فقال: بذكر من حديث الْحَسَن البصري.
وقَالَ الْحَسَن بْن عمارة عَن الحكم عَن يحيى بْن الجزار عَن علي.
وحَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة قال: أَخْبَرَنَا بْن أبي زرمة قال: أَخْبَرَنِي أبي عَن عَبْدان عَن أبيه عَن شعبة قال: روى الْحَسَن بْن عمارة عَن الحكم عَن(3/245)
يحيى الجزار عَن علي سبعة أحاديث، فلقيته-أراه قَالَ: الحكم- فسألته عنها فقال: ما حدثت بشيء منها.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن خيثمة قال: حَدَّثَنَا ابن أبي زرمة قال: أَخْبَرَنَا أبي عَن عَبْدان قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن عيينة قال: كنت إِذَا سمعت الْحَسَن بْن عمارة يروي عَن الزهري وعَمْرو بْن دينار جعلت أصبعي في أذني.
وقرأ علينا صالح بْن أَحْمَد بْن حنبل في كتاب علي بْن المدائني إِلَى أَحْمَد بْن حنبل وسمعه صالح منه، قَالَ علي: حَدَّثَنَا يحيى بْن سعيد الطلحي القطان قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عمارة عَنْ عَبْدِ الملك بْن ميسرة عَن سعيد بْن جبير عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيما أحرزه المشركون من أموال المسلمين.
قَالَ يحيى بْن سعيد: فذكرت هَذَا الحديث لمسعود بْن كدام فقال: هو من حديث عَبْد الملك بْن ميسرة وقد سمعته ولم أتقنه.
قَالَ علي: فأعدت على يحيى قلت: عَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ? قَالَ: أكثر علمي، قال: وسمعت يحيى يحدث عَن مسعر قال: رأيت الأعمش يملي على الْحَسَن بْن عمارة.
أَخْبَرَنَا أَبُو إبراهيم الزهري أَحْمَد بْن سعيد قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن داود الحذائي قَالَ: سمعت عيسى بْن يونس يقول: قَالَ الْحَسَن بْن عمارة لمسعر بْن كدام: كم تحتاج أنت وعيالك في كل سنة? قال: ستمائة درهم. قال: فكان يعطيه كل سنة ستمائة درهم.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن زهير قَالَ: حَدَّثَنَا ابن أبي زرمة قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَان قال: ذكر يوماً عَبْد اللهِ بْن المبارك الْحَسَن بْن عمارة، وذكر عنه حديثاً(3/246)
عَن الحكم عَن إبراهيم، ثم قَالَ عَبْد اللهِ بْن المبارك: لهَذَا أعز من الكبريت الأحمر، ثم قَالَ: لكأن هَذَا الحديث لم يدخل في مسامعي قط.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن زهير قَالَ: سمعت يحيى بْن معين يقول: الْحَسَن بْن عمارة ليس حديثه بشيء.
أَخْبَرَنَا أَبُو خالد المهلبي يزيد بْن مُحَمَّد قال: حَدَّثَنِي إسحاق بْن إبراهيم الموصلي قَالَ: حَدَّثَنِي السندي بْن شاهك قال: كنت قائماً على رأس المنصور وعنده الْحَسَن بْن عمارة فَقَالَ المنصور له: تحدث ? فقال: حَدَّثَنِي أَبُو أمير المؤمنين أنه حج مع أبيه عام حج عَبْد الملك بْن مروان فإذا امرأة تطوف قد فرقت النِّسَاء فسمت إليها عيون الناس فلحق بها عُمَربن أبي ربيعة وأخبرها أنه عُمَر وأنه قد خامر قلبه منها شيء فزجرته فلم يزجر فقالت لولي لها: اخرج معي إِذَا خرجت من المسجد، فلما رآها عُمَر حاد عنها، فأنشدت تسمعه:
تعدو الذئاب على من لا كلاب له ... وتتقى حوزة المستدفئ الحامي
فَقَالَ المنصور: قد سمعت هَذَا من أبي ووددت أن ذوات الخدور جميعاً تسمعنه.
وأَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن زهير بْن حرب أنه قرأ على المفضل بْن غسان عَن علي بْن صالح قال: لما ولي الْحَسَن بْن عمارة القضاء كان صلباً فجرى بينه وبين أبي أيوب المرزباني كلام بين يدي أبي جعفر، فَقَالَ لَهُ أَبُو أيوب: لهممت أن أجأ أنفك! فأخذ الْحَسَن بلحية أبي أيوب المرزباني وقال: لو هممت بذاك لدققت أنفك.
وجرى بين عيسى بْن موسى وعيسى بْن علي كلام في ضياعهما بكسكر، فَقَالَ أَبُو جعفر: اجعلا بينكما الْحَسَن بْن عمارة، فَقَالَ عيسى(3/247)
ابن علي أخاف جوره؛ فَقَالَ جعفر: أتخاف من الْحَسَن جوراً وقد أخذ بلحية أبي أيوب وهم بدق أنفه وهو يعرف حاله عندي ?.
وقَالَ أَبُو جعفر لأبي أيوب: شأنك والْحَسَن فقد صيرت أمره إليك فافعل به ما رأيت، فلم يعرض له أَبُو أيوب، فكان في القضاء أياماً.
وبعث المنصور بْن عَبْد اللهِ بْن مُحَمَّد بْن صفوان الجمحي إِلَى مكة من يقدم به عليه، فقدم فولي وضم الْحَسَن إِلَى المهدي فبعث أَبُو جعفر أسلم ليعرف حال المهدي في مجلسه، وكان يبعث إليه في الشيء أحياناً، وإنما يريد أن يعرف خبره فرآه أسلم مقبلاً على مقاتل بْن سليمان فأخبره بذلك فَقَالَ أَبُو جعفر: يا بني إنه بلغني إقبالك على مقاتل فسرني، وإنك إنما تعمل غداً بما تسمع اليوم فلا تقبل على مقاتل وأقبل على الْحَسَن بْن عمارة، وآخر قد سماه أظنه مُحَمَّد بْن إسحاق أو غيره، فَقَالَ: مقاتل. وحدثه الْحَسَن بْن عمارة يوماً بحديث في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [الروم:27} فَقَالَ: لأن الإعادة أيسر على العامل من الابتداء، فَقَالَ مقاتل: إن هَذَا يروي الشرك بالإسناد إنه لم يرض أن يجعله هيناً عليه في الأول حتى جعله هيناً عليه في الثاني. قَالَ مقاتل: كله على الله هين وأنه هو أهون عليه عندكم، أما عَبْد اللهِ فليس بشيء؛ الابتداء والإعادة عليه سواء.
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن يحيى قَالَ: سمعت عَبْد اللهِ بْن داود وذكر الْحَسَن بْن عمارة فقال: كان صدوقاً داهية، وكان هو ومسعر لا يتكلم في مجلس الْحَسَن ولا يحدث فلو كان غير ما يقول الْحَسَن لم يكن مسعر ينصحه فيما بينه وبينه ويقول ليس هكذا أودع ذا، وإن لم يفعل لم يخلص مودته.(3/248)
عَبْد اللهِ بْن مُحَمَّد بْن صفوان الجمحي
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن زهير أنه قرأ على المفضل بْن غسان عَن علي بْن صالح قال: وقدم عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد بْن صفوان الجمحي من مكة فولاه أَبُو جعفر القضاء فلم يزل على القضاء إِلَى أن مات المنصور، فولاه المهدي مدينة الرسول عليه السلام: حربها وصلاتها وعزله عَن قضاء بغداد.
وكان سبب اتصاله بالمهدي فيما حَدَّثَنِي هارون بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك عَن زبير بْن أبي بكر عَن خالد بْن وضاح أن عبيد الله بْن مُحَمَّد بْن صفوان قال: حملت ديناً بعسكر المهدي، فركب المهدي يوماً فصار بين أبي عبيد الله وعُمَر بْن بزيع وتحتي دابة ضعيفة وأنا وراءه في الموكب فَقَالَ لأبي عبيد الله ولِعُمَرَ: أنشداني البيت. قلت: تعرفانه فَقَالَ أَبُو عبيد الله: قول امرئ القيس:
وما ذرفت عيناك إِلَّا لتضربي ... بسهميك في أعشار قلب مقتل
وقَالَ عُمَر بْن بزيع: قول كثير:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما ... تمثل لي ليلى بكل سبيل
قَالَ: ما صنعتما شيئاً، فناديته من وراء: عندي ما تريد يا أمير المؤمنين. قال: الحق، قلت: لا تجاول، قَالَ: احملوه على حقة فحملت على دابة من دوابه، ثم لحقت به فقلت: بيت الأحوص
إذا قلتُ إني مشتف بلقائها ... فجم التلاقي بيننا زادني سقما
قال: أحسن، اقضوا دينه.
قَالَ زبير: وأم عبيد الله بْن مُحَمَّد بْن صفوان، أم المعتمر بنت مسلم بن ربيعة الكناني.(3/249)
وأَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أَبُو (؟) عُثْمَان عَن سليمان بْن أبي شيخ، قال: كان ببغداد قاض جمحي مكي فتقدم إليه رجل وقدم رجلاً فادعى عليه فأنكر فأحلفه فأبى، فقال: إني أحلفك ثلاثاً فإن لم تحلف حكمت عليك، فقال: ثلاثة له فأبى، فقضى عليه، فقال الرجل: أنا أحلف، فقال: هيهات بعد ما فرت الهرةُ سُدَّت الكُوَّة.
أَخْبَرَنِي إسحاق بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أبان النخعي قَالَ: حَدَّثَنِي ابن معقل بْن إبراهيم بْن وداعة عَن أبيه قال: كنت ببغداد في مسجد الجامع في خلافة أبي جعفر إِذ تعرض الخلق إِلَى مجلس القاضي الجمحي، وقد أمره أَبُو جعفر أن يجلس للحسن ولِمُحَمَّد بْن إسحاق بْن عَبْد العزيز. فجلس القاضي الزهري وجاء الْحَسَن فجلس بين يديه مجلس الخصوم، وجاء مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز ليجلس إِلَى جنب الْحَسَن، فكأن الْحَسَن تقذره، فأقبل على مولى له يُقَالُ له: ابن البواب فقال: تعال فاجلس بيني وبين هَذَا الرجس، فأقبل أخ لمُحَمَّد بْن عَبْد العزيز فَقَالَ لَهُ: سنذله. فَقَالَ للحسن بْن زيد: بابن أم رقرق ومأسور النزق تزعم أن في السماء إلهاً وفي الأرض إلهاً ولاك أمير المؤمنين فجحدت نعمته ونعمة آبائه وأردت الخروج عليه. قَالَ: فنظر إليه الْحَسَن ولم يكلمه، ثم التفت إِلَى القاضي وهو ينشد:
وليس ينصف أن أسب مقاعساً ... بآبائي الشم الكرام الحضارم
ولكن نصفا لو سببت وسبني ... بنو عَبْد شمس من قريش وهاشم
أولئك آبائي فجئني بمثلهم ... فأعتد أن أهجو كليباً بدارم
قَالَ: فتركهما الجمحي يتماعنان ساعة ثم أقبل على الزهري فقال: هات ما تقول، قَالَ: جلدني مائة سوط وأنا قاضي المدينة وحرق قضاياي وعلقها(3/250)
في عنقي وأقامني على الناس فَقَالَ للحسن: ما تقول ? قال: صدق قد فعلت ذاك به، قال: فما حجتك في إقرارك. قَالَ: فأخرج كتاباً من ردنه وقال: كتب إِلَى أمير المؤمنين أن أفعل ذلك به. قَالَ الجمحي: هات الكتاب قَالَ: ما كنت لأدفع حجتي إليك، ولكن إن أحببت أن تنسخه مليته عليك، فَقَالَ الجمحي للزهري: قد احتج بأن أمير المؤمنين كتب إليه وليس ههنا أمر دون لقاء أمير المؤمنين، ثم نهض فدخل على أبي جعفر فقال: يا أمير المؤمنين كان وكان، فقال: لا والله ما كتبت إليه، وقد أعجبتني صرامته يرد الْحَسَن على المدينة ويعزل الزهري عَن القضاء.
ثم:
مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْن علاثة الكلابي وعافية بْن يزيد الأودي
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن زهير أنه قرأ على المفضل بْن غسان عَن علي بْن صالح قال: ثم ولي المهديُّ مُحَمَّدَ بْن عَبْد اللهِ بْن علاثة الكلابي يكنى أبا اليسر ولاه المهدي القضاء بعسكرالمهدي، وولى معه عافية بْن يزيد الأودي.
قَالَ ابن سعيد: فأَخْبَرَنِي علي بْن الجعد قَالَ: رأيتهما جميعاً يقضيان في المسجد الجامع بالرصافة هَذَا في أدناه. وهَذَا في أقصاه.
فأَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن زهير قال: كان عافية بْن يزيد يصحب مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بن علاثة فأدخله على المهدي فاستقضاه المهدي معه بعسكر المهدي، وكذلك كانت قصة يعقوب بْن داود مع أبي عَبْد اللهِ، أنه أدخله على المهدي ليعرض عليه، فَقَالَ علي بْن الجليل الكوفي في ذلك:
عجباً لتصريف الأمـ ... ور مسرة وكراهيه
قرنت بيعقوب بْن دا ... ود حبال معاويه(3/251)
وعدت علي ابن علاثة ... القاضي بواثق عافيه
أدخلته فعلا عليـ ... ـك كذاك سوم الناسيه
يعني معاوية بْن عَبْد اللهِ بْن يسار أَبُو عَبْد اللهِ:
وأخذت حقك جاهداً ... بتمسك المتراخيه
يعقوب ينظر في الأمو ... ر وأنت تبعد ناحيه
قَالَ القاضي: وكان زِيَاد بْن عَبْد اللهِ بْن علاثة يخلف أخاه على القضاء بعسكر المهدي.
وزعم ابن صالح لمدة استعان بِعُمَر بْن حبيب العدوي ينظر في أمور الناس بالشرقية. ثم ولي رياسة في أيام المهدي.
وذكرأَبُوزيد عَن أبي عاصم النبيل قال: حَدَّثَنِي ابن علاثة القاضي أن الجن تحاكموا إِلَى أبيه في دية. قَالَ: فأمر بصور فصورت الإبل ثم جعلها ديتهم فرضوا بذلك.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معدان الثقفي قال: حَدَّثَنَا معاوية بْن صالح قال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن سوار قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو صفية الأعراب من بلعنبر قال: خاصمت ببغداد إِلَى عافية القاضي ابن قثم العباس في أرض باليمامة وثبوا عليها، وكان الذي شهد عليه القثميون منقذ بْن عجلان من قومه فناديت بأعلى صوتي:
يا أهل بغداد لقيت الداهيه ... حكم بْن عجلان على القاضيه
القثميون بأكل ماليه ... لم يدعو داري ولا عقاريه
إني شيخ من أقاصي العاليه ... مهتضم الجيب قليل الباغيه
ولي بنات كلهن غاديه ... لو يعلم المهدي كيف حاليه
لجبر المجهود من عياليه ... الله يكفيني وعدل عافيه(3/252)
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن يوسف الأزدي قال: حَدَّثَنِي الأزدي قَالَ: حَدَّثَنِي الرياشي قال: حَدَّثَنَا أَبُو الحكم عَن الفضل بْن الربيع قال: قَالَ: أَبُو دلامة لعافية القاضي:
فمن كنت أفرق من جوره ... فليس أخافك يا عافيه
فما أدحض الله لي حجة ... ولا خيب الله لي قافيه
فَقَالَ: أشكوك إِلَى أمير المؤمنين قال: إذاً يعزلك قال: لم ? قال: لأنك لا تعرف الهجاء من المديح.
حَدَّثَنِي العباس بْن مُحَمَّد الدوري قال: سمعت يحيى معين يقول عافية القاضي ثقة. حَدَّثَنِي بشير بْن موسى قَالَ: حَدَّثَنَا موسى بْن داود الضبي قال: حَدَّثَنَا عافية بْن يزيد بْن أبي ليلى عَن الحكم عَن البراء كذا قَالَ: لم يدخل بينهما أحداً أن النَّبِيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كان يرفع يديه إِذَا افتتح الصلاة ثم لا يعود.
أَبُو بكر بْن عَبْد اللهِ بْن أبي سبرة
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة عَن موسى الزبيري قال: استقضى موسى الهادي أبا بكر بْن أبي سبرة ثم عزله وولى أبا يوسف. قَالَ: القاضي: وأَبُو بكر ضعيف الحديث.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل قال: سمعت أبي يقول قَالَ: حجاج ابن مُحَمَّد أتيت أبا بكر بْن عَبْد اللهِ بْن أبي سبرة فقلت: هذه أحاديث حَدَّثَنَا بها عنك ابن جريج فقال: نعم عندي سبعون ألفاً في الحلال والحرام.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أزهر بْن عيسى قال: حَدَّثَنِي سليمان الشاذكوني قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزاق قال: أمر معن بْن زائدة لأبي بكر بْن عَبْد اللهِ بْن أبي(3/253)
سبرة بأربعة آلاف دينار، فلما قبضها قال: إن لله خزائن وإنك من خزائنة.
أَبُو يوسف يعقوب بْن إبراهيم
أول من فرق القضاء في الجانبين موسى الهادي، ولما توفى المهدي ولي موسى أبا يوسف يعقوب بْن إبراهيم بْن حبيب بْن سعد بْن بجير بْن معاوية بْن فحافة بْن بلبل بْن سدوس بْن عَبْد مناف بْن أبي أسامة بْن سمحة بْن سعد بْن عَبْد اللهِ بْن قداد بْن ثعلبة بْن معاوية بْن زيد بْن الغوث ابن بجيلة. وأم سعد بْن بجير حبنة بنت مالك من بني عَمْرو بْن عوف.
وسعد بْن حبنة من أصحاب رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان فيمن عرض عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم أحد مع رافع بْن خديج وابن عُمَر.
حَدَّثَنَا عباس بْن مُحَمَّد الدوري قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بشر العَبْدي قال: حَدَّثَنَا إسماعيل بْن أبي خالد عَن أم خنيس قالت: دخلت أنا وعَمْرَة بنت رواحة على عُمَر حين طعن نعوده فسمعته يقول: إني قد أقمت لكم الطرق فلا تعوجوها.
قَالَ عباس: سمعت يحيى بْن معين يقول: احتبس عمه أَبُو يوسف القاضي فولى موسى أبا يوسف على قضاء الجانب الغربي وولي سعيد بْن عَبْد الرحمن الجمحي على الجانب الشرقي مكان عافية بْن يزيد.
فأَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان عَن يحيى بْن عَبْد الصمد قال: خوصم موسى أميرالمؤمنين إِلَى أبي يوسف في بستانه، فكان الحكم في الظاهر لأمير المؤمنين وكان الأمر على خلاف ما يظهر من الحكم. فَقَالَ أمير المؤمنين: ما صنعتَ في الأمر الذي نتنازع إليك فِيْهِ ? قال: خصم أمير المؤمنين يسألني أن أحلف أمير المؤمنين أن شهوده شهدوا على(3/254)
حق، فَقَالَ: موسى. وترى ذاك قال: قد كان ابن أبي ليلى يراه. قال: فاردد البستان عليه. وإنما احتال عليه أَبُو يوسف.
أَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أبي معشر أن أباه حدثه قال: كان أَبُو يوسف مستملى أبي معشر بالحيرة.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إشكاب قال: حَدَّثَنَا عُمَر بْن حفص بْن غياث قَالَ: سمعت أبي يقول: كان الحجاج بْن أرطاة لا يملى علينا، وكان يعقوب أَبُو يوسف يسأله؛ فإذا قام الحجاج قام الناس إِلَى يعقوب فأملى عليهم عَن ظهر قلب قَالَ حفص: وكنت أنا لا أكتب إِلَّا ما وقع في ألواحي.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن حماد بْن المبارك المقري قال: سألت يحيى بْن معين عَن أبي يوسف فقال: حسن الحديث وليس له بحث.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة قال: قرأت على المفضل بْن غسان عَن علي بْن صالح: استقضى أَبُو يوسف لموسى فكان يقضي في كل شيء وموسى يترك الموضع المسمى بالجلد، وأَبُو يوسف يقضي بباب موسى في كل شيء. وعُمَر بْن حبيب يقضي في السرقة فكان أول من قضى عليه أَبُو يوسف منارة كان قدمه إليه عيسى وثبت على منارة، فادعى أنه أخذ ماله، فقضى على منارة، وكان شريك بالكوفة، فشكاه أَبُو يوسف وعافية إِلَى المهدي وقالوا: إنه لا ينفذ كتبنا ولا يلتفت إلينا، فهَذَا يدل على أن أبا يوسف استقضى في أيام المهدي لموسى على بابه.
قَالَ علي بْن صالح: وقد كان أَبُو يوسف خرج معنا مع موسى أيام المهدي إِلَى جرجان أخبر سلام صاحب المظالم المهدي أنه شخص مع موسى وأن كتبه عند ابنه يوسف ويستأمر المهدي إِلَى من يدفع فَقَالَ المهدي: أليس ابنه كافياً مجزياً ? قال: بلى، قال: فقد وليناه القضاء مكان أبيه،(3/255)
فكان يوسف قاضياً أيام المهدي ونحن بجرجان وكانت كتبه تأتينا إِلَى جرجان وهو على القضاء، فنفر بينهما أَبُو يوسف فبعث إليه مرة بشراء قد اشتراه إِلَى يوسف فَقَالَ لي أَبُو يوسف: انظر في هَذَا الشراء وقد أشهد فِيْهِ يوسف جماعة أصحابنا وسماهم علي، فقلت له: ما أرى بأساً فَقَالَ: هَذَا فاسد، يكتب شراء باسمي وأنا غائب قَالَ: كأنهم يومئذ لم يكونوا نظروا هَذَا النظر.
قَالَ علي: وما أعلم أحداً بقي اليوم يعلم أن يوسف بْن أبي يوسف كان قاضياً أيام المهدي غيري، فلما استخلف موسى وقدم بغداد كان قاضيه أَبُو يوسف في جميع بغداد وعُمَر بْن حبيب في الشرقية ولم يزل يوسف قاضياً حتى مات، وكان أبويوسف يسافر مع الرشيد ويوسف يقضي بمدينة السلام. والرشيد ولي أبا يوسف قضاء القضاة.
وأَخْبَرَنَا أَبُو بكر الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أبي معشر قال: حَدَّثَنِي أبي قَالَ: لما أدخل أَبُو يوسف النبيذ الذي يُقَالُ له: الجمهوري وهو الذي يطبخ حتى يذهب بثلثيه ثم يصب عليه الماء ثم يطبخ ثم ينزل. قَالَ أبي: فكأن الناس قد أنكروا هَذَا على أبي يوسف وتكلموا فيه.
قَالَ: وكان رجل من الزهاد يأتي مجلس أبي معشر فربما ذكر هَذَا من قول أبي يوسف فعابه وتكلم فيه. فحضر يوماً مجلس أبي معشر يوسف بْن أبي يوسف وتكلم. قَالَ الشيخ قبل أن يجلس أَبُو معشر للحديث، ثم جلس أَبُو معشر فأعاد الشيخ ذكر أبي يوسف قَالَ يوسف وكان أعور، وأقبل على الشيخ فَقَالَ: يا هَذَا أتعرفني ? قال: لا، فَقَالَ: فأنا ابن الشيخ الذي عبت منذ اليوم ونقصت فغفر الله لنا ولك، فَقَالَ لَهُ الشيخ: لقد كنت أرى أن قولي هَذَا ديانة والله لا ذكرت أباك بعد يومي هَذَا بسوء أبداً، فأقبل على أبي معشر فَقَالَ لي: يا بني هَذَا الأعور سيد.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن عُثْمَان قال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن عَبْد الكريم أَبُو(3/256)
عَبْد اللهِ الحواري قال: كان يوسف بْن أبي يوسف عفيفاً مأموناً صدوقاً قرأ عليه أَبُو يوسف أكثر كتبه، وكان أعلم بتدبير القضاء وأضبط له من أبي يوسف، ولم يكن له اقتناع في النظر ولا الحفظ.
قَالَ القاضي: وقد حمل عَن أبي يوسف الحديث.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل وغيره، عَن أَحْمَد بْن منيع عَن يوسف بْن أبي يوسف عَن الوليد بْن عيسى بْن أبي بردة عَن أبي موسى قال: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:يدفع يوم القيامة رجل من اليهود أو النصارى إِلَى المسلم فيُقَالُ: هَذَا فداؤك من النار.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل وغيره عَن أَحْمَد بْن منيع عَن يوسف بْن أبي يوسف قال: حَدَّثَنَا أَبُو بشر بْن إسحاق عَن ابن أبي بردة عَن أبيه عَن أبي موسى عَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله.
وزعم الطوسي أن أبا يعقوب الخريمي سمع يوم مات أَبُو يوسف رجلاً يقول: اليوم مات الفقه، فقال:
يا ناعي الفقه إِلَى أهله ... أن مات يعقوب وما تدري
لم يمت الفقه ولكنه ... حول من صدر إِلَى صدر
ألقاه يعقوب إِلَى يوسف ... فزال من طيب إِلَى طهر
فهو مقيم فإذا ما نوى ... حل وحل الفقه في قبر
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إشكاب قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبا يوسف وذكر بشر المريسي فقال: جيئوني بشاهدين يشهدان أنه تكلم في القرآن والله لأملأن ظهره وبطنه بالسياط.
وحَدَّثَنَا إسحاق بْن إبراهيم بْن عَبْد الرحمن أَبُو يعقوب لؤلؤ قال: أَخْبَرَنِي إسحاق بْن عَبْد الرحمن عَن الْحَسَنِ بْن أبي مالك عَن أبي يوسف(3/257)
قال: أول من قَالَ: القرآن ليس بمخلوق: أَبُوْحَنِيْفَةَ.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إشكاب قال: حَدَّثَنِي أبي والهيثم بْن خارجة قالا: سمعنا أبا يوسف يقول: بخراسان صنفان ما على الأرض شر منهما المقاتلية والجهمية.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان قال: حَدَّثَنِي الفضل بْن سعيد بْن سلم عَن أبيه قال: قلت لأبي يوسف: أكان أَبُوْحَنِيْفَةَ يرى رأي جهم ? قال: نعم، قلت فأين أنت منه؟ قال: لا أين، قلت: وكيف وأنت من أصحابه؟ قال: كان أَبُوْحَنِيْفَةَ رجلاً قد أوتي فهماً، فكنا نأتيه وكان لنا مدرساً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن أبي خيثمة قال: حَدَّثَنَا سليمان بْن أبي شيخ قال: أَخْبَرَنَا أَبُو سُفْيَان الحميري عَن علي بْن حرملة قال: كان أَبُو يوسف يقول في دبر صلواته: اللهم اغفر لي ولوالدي ولأبي حنيفة.
أَخْبَرَنِي علي بْن إشكاب قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبا يوسف يقول: من طلب العلم بالكلام تزندق، ومن طلب المال بالكيمياء افتقر، ومن طلب الحديث بالغرائب كذب.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إسحاق الصغاني قال: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن مُحَمَّد الشافعي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إدريس الشافعي عَن ابن أخي السمري عَن أبي يوسف قال: العلم بالكلام جهل.
حَدَّثَنِي علي بْن إشكاب قَالَ: سمعت أبي يقول: سمعت أبا يوسف يقول: يا قوم أريدوا بفعلكم الله، فإني لم أجلس مجلساً قط أنوي فِيْهِ أن أتواضع إِلَّا لم أقم حتى أعلوهم ولم أجلس مجلساً قط أنوي فِيْهِ أن أعلوهم إِلَّا لم أقم حتى أفتضح.
حَدَّثَنِي الأحوص بْن المفضل بْن غسان قال: حَدَّثَنِي أبي قال: قَالَ(3/258)
مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ الأنصاري: كنا عند أبي يوسف في دار أبيه فجاء رجل تاجر حتى جلس عند أسكفة الباب، فقال: إن هَذَا قد أبى أن يدفع إلي ما أمر أن يدفعه إلي، فَقَالَ الآخر: فإني قد دفعت إليه ما كان في يدي، قَالَ الآخر: قِبَلَه ثلثمائة كر من شعير لم يدفعها إلي، قَالَ الآخر: قد دفعت إليه ما كان في يدي، فَقَالَ لَهُ أَبُو يوسف: فاحلف لقد أخذت إليه الثلثمائة كر قال: فجعل يراده حتى أعادها عليه ثلاث مرات، فقال: اشهدوا أني قد قضيت عليه بثلثمائة كر، قَالَ الآخر: فإني أحلف، قال: فَقَالَ ابنه يوسف: أراد بعد الحكم. قَالَ: فقلت: يا أبا يوسف لو قلت له: إني راد عليك هَذَا القول ثلاث مرات فإن فعلتَ وإلا حكمتُ عليك. قال: فنظر.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان عَن يحيى بْن عَبْد الصمد قال: سمعت شولة بْن الحكم يقول: كان أَبُو يوسف ربما وجهني مع الذمي إِلَى البيعة والكنيسة أستحلفه فيها.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن هارون الوراق قَالَ: سأل سعيد الجرشي أبا يوسف القاضي ما يقول في السواد؟ قال: النور في السواد يعني إن نور العينيين في الناظر فرضى بذلك الجرشي فظن أنه من مدح لباس السواد.
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إسماعيل السهمي قال: حَدَّثَنِي مطرف الأصم قال: قدم هارون المدينة ومعه أَبُو يوسف فبعث إِلَى مالك بْن أنس: يأمرك أمير المؤمنين أن تخرج إليه، فكتب إليه مالك: يا أمير المؤمنين إني رجل عليل فإن رأى أمير المؤمنين أن يكتب إلي بما أراد فعل، فأراد أن يكتب إليه، فَقَالَ لَهُ أَبُو يوسف: ابعث إليه حتى يجىء إليك فبعث إليه فجاءه(3/259)
في دار مروان وقد هيئ لكل إنسان مجلس فهيئ لمالك مجلسه الذي له فَقَالَ لَهُ أَبُو يوسف: ما ترى في رجل حلف ألا يصلي نافلة أبداً، قَالَ: يضرب ويحبس حتى يصلي، قَالَ: فجاء هارون فَقَالَ لَهُ أَبُو يوسف: يا أمير المؤمنين إني سألت مالكاً عَن كذا وكذا فَقَالَ كذا فَقَالَ لَهُ هارون: وترى ذلك يا أبا عَبْد اللهِ? قال: لا، قَالَ أَبُو يوسف: أليس أفتيتني بذلك ? قال: بلى ولكن أبا يوسف رجل عراقي إن أفتيته بترك النافلة يفتي الناس بترك الفريضة، وأنت لا أخافك على ذلك، فلما خرج مالك خرج معه أَبُو يوسف يتوكأ عليه ومالك يقول له: ارجع حتى بلغه منزله.
سمعت مُحَمَّدَ بْن عَبْد الرحمن الصيرفي يقول: سمعت أبا مُحَمَّد الزهري يقول: قدم هارون الرشيد المدينة فقعد في المسجد وقعد معه أَبُو يوسف، وبعث إِلَى مالك بْن أنس قال: فجعل أولاد أصحاب رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدخلون أربعة أربعة، فيقول هارون: أفيهم هو؟ فيقولون: لم يجئ بعد، حتى دخل مالك متوكئاً على رجل من ولد أبي بكر وآخر من ولد علي، فلما نظر إليه هارون قال: إن الرجل ليعظمه أهل بلده، قَالَ: فسلم وجلس فَقَالَ لَهُ هارون: يا أبا عَبْد اللهِ أجب يعقوب فيما يسألك عنه، قال: يا أمير المؤمنين ليس من أهل العلم أنشدك بالله هَلْ لرَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقف يأخذ منه فيجعله حَيْثُ أراد الله، قَالَ هارون: نعم، قال: فأنشدك الله هَلْ لِعُمَرَ وقف قَالَ: اللهم نعم، قَالَ: فهَذَا يزعم أن الوقف باطل، فالتفت هارون إِلَى أبي يوسف مغضباً فَقَالَ: ما تقول؟ قال: كان صاحبنا لا يراه وأنا أراه، قَالَ: فَقَالَ لَهُ مالك: ما تقول في الإمام يجهر بعرفة أو يخافت ? قَالَ: فَقَالَ أَبُو يوسف: يجهر، قَالَ: أسأل الله ألا(3/260)
يهديك والله يا أمير المؤمنين إن السقايات بالمدينة يبينون هَذَا ويلك إنما هي ظهر وعصر فَقَالَ لَهُ يعقوب: ما تقول في رجل بعث مع رجل دينارين ورجل ديناراً فخلطها فلما قدم فتحها فأصاب دينارين فَقَالَ: مالك أما واحد فهو لصاحب الاثنين لا شك فيه، وواحد فِيْهِ شك فيشاطرانه.
قَالَ أَبُو جعفر: وقد حَدَّثَنِي بمسائل غير هذه لم أحفظ منها غير هاتين.
أَخْبَرَنِي أَبُو إسماعيل مُحَمَّد بْن إسماعيل السلمي ومُحَمَّد بْن العباس الكابلي قالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ العزيز بْن عَبْد اللهِ الأويسي قال: حَدَّثَنِي مالك بن أنس قال: بلغني أن أبا يوسف جاءه إنسان فَقَالَ: إني حلفت بطلاق امرأتي لأشترين جارية وذلك يشتد علي لمكان زوجتي ومنزلتها عندي فَقَالَ لَهُ أَبُو يوسف: فاشتر سفينة فهي جارية.
حدثت عَن القاسم بْن مُحَمَّد المروزي عَن اليأس بْن الكامل عَن ابن المبارك قال: لما مات فلان الخليفة خلف جواري فرهة فأراد ابنه وطء جارية منهن فقالت: إني لا أحل لك إن أباك وطئني، فذهب وهو يقول:
أرى ماء وبي عطش شديد ... ولكن لا سبيل إِلَى الورود
أما يكفيك أنك تملكيني ... وأن الناس كلهم عبيدي
وأنك لو قطعت يدي ورجلي ... لقلت من الهوى أحسنت زيدي
ثم دعا أبا يوسف فسأله عَن ذلك، فقال: ليس كلما قالت الجارية يقبل منها فأجازه بجائزة عظيمة وكناه بأبي المفرج.
أَخْبَرَنِي جعفر بْن مُحَمَّد قال: سمعت إسحاق بْن راهويه يقول: سمعت يحيى بْن آدم يقول: رد شريك شهادة أبي يوسف فقيل له: أترد شهادته؟ فَقَالَ: ألا أرد شهادته وهو يقول: إن الصلاة ليس من الإيمان ?(3/261)
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان قال: حَدَّثَنِي إبراهيم بْن الربيع بْن سليمان الكلابي من بني الوحيد قَالَ: كان عَبْدوس بْن عبيدة بْن أبي اليمان العقيلي اختصم هو وابن خالته خنيس بْن ساعدة العقيلي إِلَى أبي يوسف القاضي ببغداد فذهب عَبْدوس فأحضر شهوداً وسماهم على أسماء أئمة المساجد المعدلين فلما شهدوا عند أبي يوسف سأل عنهم فعدلوا، وذلك سراً، وكذلك كانوا يعدلون في السر فجاء خنيس حينئذ إِلَى أولئك الشهود المشهورين الأئمة فجعل يلقى الرجل فيقول: يا عَبْد اللهِ لم شهدت علي فيقول: لا والله ما شهدت عليك ولا أعرفك ولا أعرف عَبْدوساً. فذهب خنيس إِلَى أبي يوسف فأخبره فقال: أحضروهم، فتبين أَبُو يوسف أنهم ليس بأولئك الذين شهدوا، فأمر بعَبْدوس فحمل ثم ضرب خمسين درة، فَقَالَ عَبْدوس في أبي يوسف قصيدة طويلة أحفظ منها:
مركب الناس ثنايا قسمت ... وأَبُو يوسف مركوب العرب
وكذا المركوب من قلته ... قَالَ: من حالب هَذَا لا حلب
أشبه الناس وجهاً وقفا ... ورعينات بشيطان اللعب
ويرى الخنزير في جفنه ... كوز فقاع إِذَا حل وثب
فإذا أقعى على منبره ... خلته القرد إِذَا القرد صلب
قال: وبلغني أن هارون كان إِذَا رأى قصر أبي يوسف وهو يمشي قال: قاتل الله الرقي.
قَالَ علي بْن الخليل الكوفي، في أبي يوسف في قصيدة:
دعوت له بشبوط ... يرى بظهره حدبا
فَقَالَ: أما لجارك من ... طعام يذهب السغبا(3/262)
أصب لأخيك يربوعاً ... وضبا واترك اللعبا
وقام إليه ساقينا ... بكأس ينظم الحببا
معتقة مروقة ... تسلى هم من شربا
فأمسكها براحته ... فلما شمها قطبا
وإلا لا تسلسلها ... وقَالَ: أصب لنا حلبا
وأمسك أنفه عنها ... وقام مولياً هربا
يريد الشيح والقيصو ... م كي يستوجب السبا
وقد أبصرته زمناً ... يحب الظرف والأدبا
فصار تشبهاً بالقو ... م جلفاً جافياً خشبا
إذا ذكر الثريد بكا ... وأبدا الشوق والطربا
وليس ضميره في القلـ ... ب إِلَّا التين والعنبا
يروح بنسبة المولى ... وشيخ تدعى العربا
فلا هَذَا ولا هَذَا ... ك يدركه إِذَا طلبا
أيرغب عَن بني كسرى ... وما عَن مثلهم رغبا
جحدت أباك نسبته ... وترجو أن تفيد أبا
أَخْبَرَنِي أَبُو السهل الرازي أَحْمَد بْن مُحَمَّد القاضي قال: حَدَّثَنَا علي بن الجعد قال: سمعت أبا يوسف يقول: قَالَ لي يحيى بْن خالد: كل شيء تحسن غير مجالسة الملوك فإنه لا علم لك بأيام الناس، قَالَ: فجلست في البيت شهراً ونظرت في أيام الناس فحفظت أمراً عظيماً، ثم أتيت يحيى بن خالد فتذاكرنا فَقَالَ لي: كأنك لا تحسن شيئاً إِلَّا هَذَا أكنت تستره ?.(3/263)
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن القاسم بْن مهرويه قال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن طاهربن أَحْمَد الزبيري قال: كان رجل يجلس إِلَى أبي يوسف القاضي فيطيل الصمت فَقَالَ لَهُ أَبُو يوسف: ألا تسأل ألا تتحدث ? قال: بلى قَالَ: متى يفطر الصائم ? قال: إِذَا غربت الشمس، قال: فإن لم تغرب الشمس إِلَى نصف الليل ? قال: فتبسم أَبُو يوسف وتمثل ببيتي الخطفي جد جرير:
عجبت لإزراء العيى بنفسه ... وصمت الذي قد كان بالعلم أعلما
وفي الصمت ستر للعيى وإنما ... صحيفة لب المرء أن يتكلما
قَالَ أَبُو يزيد عُمَر بْن شبة: حَدَّثَنِي رجاء بْن سلمة قال: سمعت الأصمعي يقول: أَبُو يوسف دعى، فقلت: إن مثلك لا يقول دعى إِلَّا في أمر صحيح فَقَالَ: أنا رأيته فلاساً؛ قال: فذكرت ذلك لعَبْد اللهِ بْن داود فَقَالَ: كذب الأصمعي أنا أسن منه وأنا جار أبي يوسف بيت بيت أعرفه مع معرفتي بنفسي، ما رأيته قط إِلَّا نبيلاً يركب الدواب وما رأيته قط فلاساً.
أَخْبَرَنِي الحرث بْن مُحَمَّد بْن أبي أسامة عَن مُحَمَّد بْن سعد عَن مُحَمَّد بْن عُمَر قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَر بْن حماد بْن أبي حنيفة أن أبا يوسف توفي سنة اثنتين وثمانين ومائة في شهر ربيع الآخر.
سعيد بْن عَبْد الرحمن الجمحي
استقضاه موسى المهدي على الجانب الشرقي، وتوفي سعيد بْن عَبْد الرحمن فيما:
أَخْبَرَنِي عَبْد اللهِ بْن مُحَمَّد بْن سعيد عَن يحيى بْن أيوب قَالَ: مات سعيد ابن عَبْد الرحمن سنة أربع وتسعين ومائة.
قَالَ يحيى: وولد سنة سبع وخمسين ومائة.
وقَالَ مُحَمَّد بْن سعيد: توفي سعيد بْن عَبْد الرحمن سنة ست وتسعين ومائة.(3/264)
أَخْبَرَنِي الأحوص بْن المفضل عَن أبيه قال: ذكر يحيى بْن معين سعيد بن عَبْد الرحمن الجمحي فقال: كان من الثقات؛ وقد روى عَن مسلم بْن عروة.
قَالَ العلائي: وكان يحيى بْن أيوب يفضله جداً. ويذكر حاله وقدره وعفافه. قال: وهوصاحب ضرار الذي أباح دمه وقال: من لقيه فليقتله فعن أمري قتله.
أَخْبَرَنِي الأحوص بن المفضل قال: حَدَّثَنِي أبي قَالَ: حَدَّثَنِي الزبيري قال: سأل هارون أمير المؤمنين أبي عَبْد اللهِ بْن شُعَيْب عَن سعيد بْن عَبْد الرحمن وهو يومئذ قاضيه فقال: يا أمير المؤمنين إني أحسب سعيد بْن عَبْد الرحمن لو دخل المسجد فنظر إِلَى رجل وامرأة على فاحشة ما ظن بهما إِلَّا خيراً لبعده من الآفات.
الحسين بْن الْحَسَن بْن عطية بْن سعيد بْن جبارة العوفي
استقضاه هارون على الجانب الشرقي وكان من صحابة المهدي.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سعيد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عطية بْن سعد بن جبارة العوفي قال: حَدَّثَنِي عمي الحسين بْن الْحَسَن بْن عطية العوفي، قال: دخلت على المهدي أمير المؤمنين وعنده عيسى بْن موسى وعيسى بْن علي بْن عَبْد اللهِ بْن عباس فَقَالَ لي المهدي: يا عوفي حَدَّثَنِي بمسير أبي عَبْد اللهِ الجدلي وجدك عطية بْن سعيد العوفي إِلَى بني هاشم حين حصرهم عَبْد اللهِ بْن الزبير، فحدثه بمسيرهما إليهم قال: فَقَالَ عيسى بْن علي وعيسى بْن موسى: صدق أمير المؤمنين هكذا سمعنا أشياخنا يتحدثون. فَقَالَ لي عيسى بْن موسى: أَخْبَرَنِي يا عوفي عَن مولى كان لنا مع جدك وأبي عَبْد اللهِ في هَذَا المسير، فقلت له: من هو ? قَالَ: ابن حسنة. قال: لا أعرفه(3/265)
باسم أمه، ولكني أعرفه: مولى لبني هاشم يُقَالُ له: الْحَسَن بْن حماد كان له بلاء في هَذَا المسير، فَقَالَ لَهُ المهدي: فكما كانوا فكذا يكون لكم.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن سعد العوفي قال: حَدَّثَنِي أبي عَن عمه الحسين بْن الْحَسَن قَالَ: قَالَ لي هارون أمير المؤمنين يوماً وأنا عنده والعباس بْن مُحَمَّد وأَبُو البختري ومشيخة بني هاشم: يا عوفي حَدَّثَنِي بمسيرة جدك وأبي عَبْد اللهِ الجدلي إِلَى بني هاشم حين حصرهم ابن الزبير، قَالَ: فحدثته الحديث فقال: من كان مع جدي من ولد علي بْن أبي طالب ? قال: مُحَمَّد بْن الحنفية قَالَ: صدقت.
حَدَّثَنِي العوفي عَن أبيه قال: حَدَّثَنِي يحيى بْن جعفر السراج قَالَ: كنت عند عَبْد الصمد بْن علي وعنده أَحْمَد بْن إسماعيل بْن علي وطالب بْن الْحَسَن أخو العوفي، فَقَالَ عَبْد الصمد لأَحْمَد بْن إسماعيل: هَلْ تعرف بلاء العوفي وبلاء جده عطية بْن سعيد العوفي عندنا أهل البيت وتعرف هَذَا الجالس ? يعني طالباً أخا العوفي فقال: نعم هَذَا أخو العوفي القاضي، قَالَ: فحدثته بمسير أبي عَبْد اللهِ الجدلي وعطية العوفي إِلَى جماعة بني هاشم أيام حصرهم ابن الزبير حتى استنقذهم من ابن الزبير أرادهم أن يبايعوه فامتنعوا منه وهم بوادي ابن عَبْد اللهِ بْن عباس بالطائف.
حَدَّثَنِي العوفي عَن أبيه عَن عمه قال: كنت عند عَبْد الصمد بْن علي إِذ جاءه سليمان ويعقوب وعيسى بنو أبي جعفر المنصور فسلموا وجلسوا، فَقَالَ لَهُم عَبْد الصمد: هَلْ تعرفون هَذَا الشيخ? قالوا: نعم هَذَا العوفي القاضي، قال: فهل تعرفون بلاء جده عند جماعة بني هاشم ? قالوا: لا، قَالَ: فحدثهم بمسير أبي عَبْد اللهِ وعطية إِلَى ابْن عَبَّاس وابن الحنفية، ثم قَالَ(3/266)
لهم: اعرفوا بلاء جده عندكم أهل البيت، فلما قاموا قَالَ لي: يا عوفي إنما حدثتهم ببلاء جدك عندهم أهل البيت ليعرفوا قدرك وحقك وأن حالك عندنا لست كحال غيرك. أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان قال: قَالَ لي: الحواري عَبْد اللهِ بْن عَبْد الكريم أَبُو عَبْد اللهِ: كان العوفي كثير الرواية عَن أبي حنيفة، عنده ما ليس عند مُحَمَّد، وكان سليماً معقلاً، وكان يجتمع في مجلسه قوم يتناظرون فيدعو بدفتر فينظر فِيْهِ ثم يلقى المسائل ويقول للواحد: أخطأت أو أصبت من الدفتر.
سمعت مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن الصيرفي يقول: تقدمت امرأة إِلَى العوفي القاضي فجعلت تدعي على خصمها ويستفهمها، فلما أكثر قالت له يا شيخ طالت لحيتك وعظمت غفلتك. والله ما رأيت ميتاً يقضي بين الأحياء غيرك. فكتب بها صاحب الخبر إِلَى الرشيد فصرفه.
أَخْبَرَنِي يزيد بْن مُحَمَّد أَبُو خالد المهلبي قال: حَدَّثَنِي بشر بْن أبي عيينة قال: كانت زبيدة أم جعفر تمازح راشد الخناق في رسائلها كثيراً فبعثت إليه يوماً تعيب مواليه من المهلب فبعث إليها راشد لولا موالي لكنت امرأة العوفي القاضي، فأرسلت إليه. قبحك الله أردت أن تعميني بلحيته.
عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن أبي بكر بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن حزم
أَخْبَرَنَا الحرث بْن مُحَمَّد بْن أبي أسامة في كتاب الطبقات عَن مُحَمَّد بْن معدان بْن عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن حزم. وأمه: أمة الوهاب بنت عَبْد اللهِ بْن عَبْد اللهِ بْن حنظلة بْن أبي عامر بْن الراهب، ويكنى أبا طاهر.(3/267)
استقضاه هارون على عسكر المهدي ومات فصلى عليه هارون ودفن في مقابر العباسة بنت المهدي.
عون بْن عَبْد اللهِ المسعودي
ثم استقضى عون بْن عَبْد اللهِ بْن عون بْن عتبة بْن مسعود وهو أَبُو حمزة بْن عون المسعودي المحدث بالكوفة.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان قال: حَدَّثَنِي أَبُو يعلى حمزة بْن عون بن عَبْد اللهِ بْن عون بْن عتبة بْن مسعود قال: مات أبي سنة ثلاث وتسعين ومائة.
وسمع من الأعشم ومالك والطبقة.
وفي هذه السنة توفى الرشيد.
ثم:
مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْن المثنى الأنصاري
ثم استقضى مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْن المثنى بْن عَبْد اللهِ بْن أنس بْن مالك الأنصاري.
وهو أحد الفقهاء، يكنى أبا عَبْد اللهِ وقد تقدمت أخباره في قضاة البصرة وعزله مُحَمَّد بْن هارون المخلوع عَن القضاء وولاه المظالم.
سمعت مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن الصيرفي يقول: شهدت مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ الأنصاري وقد شهد عنده رجل فسأل عنه فعدل فقال: ائتني بمن يشهد لك ظاهراً فجاء إِلَى القاضي بقدرعشرين نفساً، فشهدوا له بالعدالة فأجاز شهادته. وكان استقضاه مُحَمَّد بعد موت هارون. وكان ينزل في شارع الزرادين.
ثم:
إسماعيل بْن حماد بْن أبي حنيفة
ثم استقضى إسماعيل بْن حماد بْن أبي حنيفة وقد تقدمت أخباره في قضاء البصرة.(3/268)
ثم
أَبُو البختري وهب بْن وهب الأنصاري
ثم استقضى أَبُو البختري وهب بْن وهب بْن كثير بْن عَبْد اللهِ بْن ربيعة بعد إسماعيل بْن حماد وقد تقدمت أخباره في قضاة المدينة.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة قال: أَخْبَرَنَا مصعب بْن عَبْد اللهِ قال: أم أبي البختري عَبْدة بنت علي بْن يزيد بْن ركانة بْن عَبْد يزيد بْن هاشم بْن المطلب بْن عَبْد مناف، وأمها من بيت عقيل بْن أبي طالب.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة قال: سمعت أبي يقول: لو اجترأت أن أقول لرجل يكذب عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقلت: أَبُو البختري.
سعد بْن إبراهيم بْن سعد بْن إبراهيم بْن عَبْد الرحمن بْن عوف
أَخْبَرَنِي الحارث بْن أبي أسامة في كتاب الطبقات عَن مُحَمَّد بْن سعد بْن سعد بْن إبراهيم بْن سعد بْن إبراهيم بْن عَبْد الرحمن بْن عوف كان على قضاء الجانب الشرقي. فلما قام بالأمر في الفتنة منصور بْن المهدي وقد دعى له على المنابر بالخلافة وسمى المرتضى عزل سعد بْن إبراهيم عَن القضاء فلحق سعد بالْحَسَن بْن سهل فولاه الْحَسَن قضاء عسكره.
وهَذَا في سنة إحدى ومائتين. وتوفي في آخرها بالمنزل.
وقد حمل عَن مُحَمَّد بْن إبراهيم علم كثير. فكتبنا عَن ولده عَبْد اللهِ وأَحْمَد ابني سعد.
ثم:
قتيبة بْن زِيَاد الخراساني
كان قاضياً في أيام المنصور وإبراهيم بْن المهدي وهو الذي استتيب بشر المريسي في أيامه.
سمعت مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن الصيرفي يحكي أنه كان حاضراً في المسجد(3/269)
الجامع بالرصافة، وقد اجتمع الناس وجلس فِيْهِ ابن زِيَاد للناس، وأقيم بشر على صندوق من صناديق المصاحف عند باب الخدم، وقام المستمليان أَبُو سليم عَبْد الرحمن بْن يونس مستملى ابن عيينة وهارون بْن موسى مستملى يزيد بْن هارون يذكران أن أمير المؤمنين إبراهيم المهدي أمر قاضيه قتيبة بْن زِيَاد أن يستتيب بشر بْن غياث المعروف بالمريسي من أشياء عدداها فيها ذكر القرآن وغيره، وأنه تائب، قال: فرفع بشر صوته يقول: معاذ الله معاذ الله إني لست بتائب. وكثر الناس عليه حتى كادوا يقتلونه. فأدخل إِلَى باب الخدم وتفرق الناس.
ثم:
مُحَمَّد بْن عُمَر الواقدي
ثم قدم المأمون سنة أربع ومائتين مدينة السلام فوجه إِلَى الْحَسَن بْن سهل أن يشخص إليه مُحَمَّد بْن عُمَر الواقدي فأشخصه فاستقضاه على الجانب الشرقي وأكرمه، وأمره أن يصلي الجمعة بالناس في مسجد الرصافة.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان قال: حَدَّثَنِي سليمان بْن أبي شيخ قال: حَدَّثَنِي مصعب الزبيري قال: كلمت الواقدي في رجل من أهل المدينة يوكله ببعض هذه الوكلات مما يكون فِيْهِ رزق، فأرسل إليه بصرة فيها مائة درهم أو قَالَ: مصعب مائتا درهم فقلت ليتني والله ما كلمته فيه، ثم لقيته فقلت: الرجل الذي كلمتك فِيْهِ لم أكلمك أن تصله، وإنماكلمتك أن توكله. فقال: فأي شيء ينفق إِلَى أن أوكله ? وكان كريماً.
حَدَّثَنِي أَبُو سهل الرازي عَن مُحَمَّد بْن سعد كاتب الواقدي قال: رآني الواقدي مهموماً فَقَالَ لي: لا تغتم فإن الرزق يأتي من حَيْثُ لا تحتسب، أملقت مرة حتى بعت برذوني، فاستبطأني يحيى بْن خالد،(3/270)
فاعتذرت إليه فوقف على حالي فأمر لي بخمسمائة دينار، فصرت بها إِلَى البيت، فأنا في تفريقها في قضاء الدين، وعلى العيال، إِذ طرقني رجل من المدينة قد قطع عليه الطريق من ولد أبي بكر فشكا إلي حاله فدفعت إليه ما فضل، ولم أبتع برذوناً فتأخرت عَن يحيى بْن خالد، فأرسل إلي، فقال: قد أزحنا العلة، فأخبرته الخبر فوجه إِلَى البكري فسأله عَن حاله، فقال: نعم أخذت الدنانير منه، فلما صرت بها إِلَى منزلي جاءني فلان الأنصاري فشكا إلي فدفعتها إليه، قال: فوجه يحيى إِلَى الأنصاري فأخبره الخبر، فعجب يحيى من الكرم ثم أمر لي بألف دينار وللبكري بمثلها ولزوجي بخمسمائة. لغمها حين دفعت الدنانير إِلَى البكري.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن سعد الكراني قال: قَالَ الواقدي: حَدَّثَنَا يحيى بْن خالد أن جحي قَالَ: في حزيران ما أخلفها للمطر لو كانت مغيمة قال: فضحك فأمر لي بعشرين ألف درهم.
الواقدي من المتسعين في العلم توفى فيما أَخْبَرَنِي الحارث بْن أبي أسامة عَن مُحَمَّد بْن سعد في ذي الحجة سنة سبع ومائتين، ودفن في مقابر الخيزران وهو ابن ثمان وسبعين سنة، وصلى عليه مُحَمَّد بْن سماعة وولد سنة ثلاثين ومائة.
أَبُو عُمَر مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن المخزومي
لما توفي مُحَمَّد بْن عُمَر الواقدي في المحرم سنة ثمان ومائتين، استقضى المأمون أَبُاعُمَر مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن المخزومي قاضي مكة، وصرفه في شهر ربيع الآخر من هذه السنة.
وكان سبب صرفه أن عَبْد اللهِ بْن العباس بْن الْحَسَن بْن عبيد الله بْن العباس بْن علي بْن أبي طالب وجماعة(3/271)
من الطالبيين نصبوا له العداوة وذكروا للمأمون أنه أعان بمكة على دماء أصحاب المأمون وضرب بين الناس فلم يزل المأمون يدافعهم بصرفه ويعدهم بذلك إِلَى أن ألحوا عليه، فدس إليه من يشير عليه أن يستعفي فاستعفى فأعفاه وخلع عليه.
بلغني أن المأمون ألح على أبيَعْمُر المخزومي في الاستعفاء فقال: لا أفعل، قَالَ له المأمون: لم ? قال: لأن هَذَا الرزق قوت عيالي؛ فلا أكون أنا سبب قطعه عنهم، إن أحببت أنت أن تصرفني فاصرفني.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن الوليد الكرابيسي قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن المخزومي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن المخزومي عَن ابن جرير عَن عطاء عَن ابْن عَبَّاس: أن النَّبِيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل في مصلاه.
وزعم زبير بْن بكار: أنه مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن بْن أبي سلمة بْن سُفْيَان ابن عَبْد الأسد بْن هلال بْن عَبْد اللهِ بْن عُمَر بْن مخزوم. واستقضاه موسى الهادي على مكة. وأقره الرشيد حتى كان المأمون، فولاه قضاء بغداد أشهراً ثم صرفه. ثم
بشر بْن الوليد الكندي أَبُو الوليد
استقضاه المأمون في شهر ربيع الآخر سنة ثمان ومائتين. وهو من كبار أصحاب الرأي. حمل عنه من علمهم شيء كثير. وحدث في أعز أيامه عَن الناس، وكان مسلماً صبياً عفيفاً.
أَخْبَرَنِي بعض من يخبر أن يحيى بْن أكثم كان قاضي القضاة في أيامه فشهد عنده رجلان على شهادة فأعلم بشراً عدالتهما وسأله أن يسمع منهما، فسمع منهما بشر، وسأل عنهما فحمد أحدهما ولم يحمد الآخر، فشكاه(3/272)
يحيى إِلَى المأمون وقال: لم يقبل من تعديل رجل، فدعاه المأمون فقال: يا أمير المؤمنين يحيى قاضيك، فلينفذ القضاء ويعفيني. فَقَالَ لَهُ المأمون: ولم؟ قال: لأني سألته عَن الشاهدين فحمد أحدهما ولم يحمد الآخر. قال: فقد زكاه يحيى. قال: يا أمير المؤمنين كيف أقبل تزكية من لو شهد عندي لم أجزه ? فغضب المأمون فصرفه، وأفرد يحيى في القضاء مع قضاء القضاة.
وأَخْبَرَنِي أَبُو خالد المهلبي قال: حَدَّثَنِي عُمَر بْن عُثْمَان الأنيسي القاضي قال: كنا يوماً في دار المأمون فمر بنا إبراهيم بْن غياث حدث اشترى المأمون ولاءه وأعده للقضاء فقال بشر بْن الوليد: قد رأينا قاضياً دنيئاً وقاضياً مأفوناً وقاضياً لوطياً أصم، وما رأينا قاضياً مؤاجراً. ثم:
يحيى بْن أكثم التميمي
استقضاه المأمون على قضاء القضاة، ثم خرج مع المأمون فاستخلف على الجانب الشرقي جعفر بْن عيسى بْن عَبْد اللهِ بْن الْحَسَن بْن أبي الحسين البصري ويعرف بالْحَسَني فأشخص المأمون الْحَسَني إليه واستخلف مكانه أبا يحيى هارون بْن عبيد الله الزهري، ثم عزل الزهري وأعاد الْحَسَني. ثم خرج المأمون إِلَى فم الصلح إِلَى الْحَسَن بْن سهل يشبب بتومان ابنته، وخرج معه يحيى بْن أكثم فاستخلف على بغداد عيسى بْن أبان بْن صدقة فيما أَخْبَرَنِي الحارث بْن أبي أسامة عَن مُحَمَّد بْن سعد وقد قدمت أخبار يحيى بْن أكثم في قضاة البصرة وأما جعفر بْن عيسى الْحَسَني فقد حمل عنه شيء من الحديث يسير.
حَدَّثَنِي الأحوص مُحَمَّد بْن نصر الأبرص، قال: حَدَّثَنَا جعفر بْن عيسى الْحَسَني القاضي قَالَ: حَدَّثَنَا رشيد بْن سعد عَن معاوية بْن صالح عَن جعفر(3/273)
بْن مُحَمَّد عَن عكرمة عَن ابْن عَبَّاس قال: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:من قَالَ: جزى الله عنا مُحَمَّداً ما هو أهله أتعب سبعين كاتباً ألف صباح.
وأما أَبُو يحيى الزهري هارون بْن عَبْد اللهِ فكان من الفقهاء على مذهب أهل المدينة من أصحاب مالك بْن أنس المشهورين به، ومن أهل الأدب الكبير الواسع.
أنشدني أَحْمَد بْن أبي خيثمة قال: أنشدنا زبير لأبي يحيى الزهري:
هل الشوق إِلَّا أن يحن غريب ... وأن يستطيل العهد وهو قريب
أرى الشوق يدعوني إِلَى من أوده ... وللشوق داع مسمع ومجيب
سقى الله أكناف المدينة إنه ... يحل بها شخص إلي حبيب
وإني ون شطت بي الدار عنهم ... إليهم لمشتاق الفؤاد طروب
وقائلة ما بال جسمك شاحباً ... وأهون ما بي أن يكون شحوب
فقلت له: افي الصدر مني حرارة ... تقطع أنفاسي لها وتذوب
إذا ما تذكرت الحجاز وأهله ... فللعين من فيض الدموع غروب
وقَالَ: عَبْد اللهِ بْن شُعَيْب الزبيري القاضي: أنشدني أَبُو يحيى الزهري لنفسه:
أمسى مشيبك للفارق سابغاً ... ورددت من عهد الشباب ودائعا
وشركت وصل الغانيات وطالما ... غاضبت فيهن العواذل طائعا
ولقد لبست من الشباب غضارة ... ونضارة لو كان ذلك راجعا
أزمان يصغي للصبا وحديثه ... سمعاً يميل إِلَى الغواية سامعا
فدع الغواني والشباب وذكره ... كم موضعاً في الغي أصبح نازعا(3/274)
والله فاخش وخف ذنوبك عنده ... يوم الحساب وكن لنفسك رادعا
لا تعط نفسك ما تريد ولا تكن ... فيما يضرك إن دعيت مسارعا
لا تمس عَبْداً للمطامع ولتكن ... للفضل متبوعاً ولا تك نابعا
كن للعشيرة في الأمور إِذَا عرت ... كهفاً وعنها في الأمور مدافعا
لا تحسدن نبيهها واخشع له ... خير من أن تلقى لآخر خاضعا
سهل له فيما يريد طريقه ... حتى يكون برفعة لك رافعا
فمتى تنل حظاً يكن لك حظه ... وتكون فِيْهِ مفارقاً ومجامعا
وإذا نشا لك ناشئ فانهض به ... وامنعه من ضيم يكن لك مانعا
حافظ عليه واتخذه عدة ... سيفاً إِذَا لقى الكريهة قاطعا
أكثر صديقك ما استطعت فما به ... ضرر إِذَا ما لم يكن لك نافعا
داو العداوة من عدوك بالتقى ... واحذر عدوك دانياً أو شاسعا
وإذا دعاك إِلَى الرجوع وشاءه ... فارجع له وليلف سربك واسعا
إلا الحسود فإن تلك عداوة ... يبدي الرضا ويكون سماً ناقعا
فاصبر عليه فليس فِيْهِ حيله ... وليطلعنّ طوالعاً وطوالعا
قَالَ: وأنشدني أَبُو يحيى الزهري لنفسه حين انصرف عَن أبي داود:
أيام معروفك ما لم يعن ... بالصبر أحوال وأحوال
فاصبر لها واصبر لمكروهها ... إن للذي يدبر إقبال
ورب أمر مرتج بابه ... عليه أن يفتح أقفال
ضاق بذي الحيلة في فتحه ... حيلته والمرء محتال
ثم تلقاه مفاتيحه ... من حَيْثُ لم يخطر به البال
والرزق فاطلبه على أنه ... قيل له وقت وآجال(3/275)
وليس يبطئ عنك في وقته ... ولا له عَن ذاك إعجال
فلا تقم عَبْداً على مطمع ... فربما أخلفك الحال
والفقر خير فاعلمنّ من غنى ... يكون فِيْهِ لك إذلال
والمال للمكثر شين إِذَا ... لم يك منه إفضال
والحر خير حَيْثُ أمسى ولا ... يمنعه من ذاك إقلال
وقَالَ: أَبُو يحيى:
ماذا على الحي يوم البين لو رتعوا ... أو وصلوا من حبال البين ما قطعوا
بل لم ينالوا أسيراً في الديار ولو ... نالوه لم يصنعوا في ذاك ما صنعوا
أما رأيت حمول الحي باكرة ... يحيها جذل بالبين مندفع
ناديت ليلى ولا ليلى يودعني ... منها السلام فكاد القلب ينصدع
يا ليل أهلك أحموني زيارتكم ... والدار واحدة والشمل مجتمع
فالآن مر على العيش بعدكم ... فلست بالعيش بعد اليوم أنتفع
هل الزمان الذي قد مر مرتجع ... أم هَلْ يرد على ذي الغولة الجزع
قالت سليمى علاك الشيب من كبر ... والشيب أهون ما لم يأتك الصلع
يا سلم إني وإن شيب يفزعني ... رحب اليدين بما حملت مضطلع
لا يطرأ الشر لي إني لمفرجه ... ولا أرى لصروف الدهر أختشع
قد جربتني صروف الدهر فاعترفت ... صلب القناة صبوراً كيفما يقع
نزه الخلائق لا يقتادني طمع ... إن اللئيم الذي يقتاده الطمع
هذي وجائر قوم ظل يشتمني ... كالكلب ينبح حيناً ثم ينقمع
تركته معرضاً لي واستهنت به ... إِذ لم يكن فِيْهِ لي ري ولا شبع
لا واضعاً غضبي في غير موضعه ... ولا انتصاري إِذَا ما نالي الفزع
ولا ألين لقوم خاضعاً لهم ... ولا أكافيهم بالشر إن جمعوا
حلماً بحلم وجهلاً إن هم جهلوا ... إني كذلك ما آتي وما أدع(3/276)
وزعم أَبُو زيد. قال: حَدَّثَنِي أَبُو يحيى الزهري قَالَ: أنشدت عَبْد الملك ابن عَبْد العزيز:
ولما رأيت البين منها فجاءة ... وأهون للمكروه أن يتوقعا
ولم يبق إِلَّا أن يودع ظاعن ... مقيماً وتدري غيره أو مودعا
نظرت إليه نظرة فرأيتها ... وقد أبرزت من جانب الخدر أصبعا
وقلت له قالها رجل من بني قشير, فقال: والله لقد أحسن فقلت أن قلتها في طريقي إليك. قال: قد والله عرفت فيها الضعف حين أنشدتني. ثم
شُعَيْب بْن سهل الرازي
ويكنى بأبي صالح توفي جعفر بْن عيسى الْحَسَني في شهر رمضان سنة تسع عشرة ومائتين في أول أيام المعتصم. وولي شُعَيْب بْن سهل. وكان قد جعل إليه الصلاة بالناس في مسجد الرصافة وكان يمتحن الناس فوثبت عليه العامة في سنة سبع وعشرين ومائتين فأحرقوا باب داره وانتهبوا منزله، وأرادوا نفسه فهرب منهم. وتوفي المعتصم بالله وقام الواثق. ثم
عبيد الله بْن أَحْمَد بْن غالب
عزل الواثق شُعَيْب بْن سهل البرازي في النصف من المحرم سنة ثمان وعشرين واستقضى مكانه عَبْد اللهِ بْن أَحْمَد بْن غالب مولى الربيع الحاجب وإِلَى جده تنسب سويقة غالب بالكرخ وراء قطيعة الربيع، وكان من أصحاب ابن أبي دواد. ثم
عَبْد السلام بْن عَبْد الرحمن بْن صخر الرقي
عزل المتوكل عَبْد اللهِ بْن أَحْمَد بْن غالب في سنة أربع وثلاثين ومائتين واستقضى عَبْد السلام بْن عَبْد الرحمن بْن صخر من ولد وابصة بْن معَبْد(3/277)
الأسدي وكان قبل ذلك على قضاء الرقة. وبعد أن صرف عَن بغداد ولي قضاء الرقة أيضا. وكان رجلاً صالحاً حدث عَن أبيه بأحاديث فيها نكير.
وحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مُحَمَّد العطار قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ السلام بْن عَبْد الرحمن ابن صخر قَالَ: حَدَّثَنِي أبي عَن شيبان عَن حصين بْن عَبْد الرحمن عَن هلال ابن يساف عَن وابصة بْن معَبْد، قال: حدثتني أم قيس بنت محصن أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أسن وحمل اللحم اتخذ عوداً في مصلاه يعتمد عليه.
بلغني لما أراد جعفر بْن عَبْد الواحد أن يولي عَبْد السلام ديار مصر النائية، ألقى عليه مسألة بعد مسألة فأخطأ، فَقَالَ لَهُ: بأي شيء وليت ديار مصر وبغداد ? قَالَ: بالفقه، قال: فأنت تخطئ في هذه المسائل، قَالَ: فانظر في قضاياي إن أخطأت فيها شيئاً لك أشاور فيها، وهذه لم أشاور فيها، قال: خذ عهدك وامض.
سوار بْن عَبْد اللهِ بْن سوار بْن عَبْد اللهِ العنبري
عزل المتوكل عَبْد السلام بْن عَبْد الرحمن في سنة سبع وثلاثين ومائتين واستقضى مكانه سوار بْن عَبْد اللهِ يكنى أبا عَبْد اللهِ من أهل الأدب والفصاحة والمروة يقول الشعر.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن إسحاق الصالحي قال: سمعت سوار بْن عَبْد اللهِ يقول: حج معنا أَبُو نواس فبينا نحن بمكة إِذ قَالَ لي: يا أبا عَبْد اللهِ اسمع أبياتاً قلتها. قلت: وتلك في مثل هَذَا الموضع ? قَالَ: زاحمني غلام من بني عَبْد الدار عند الحجر فقلت:(3/278)
وعاشقان التف خداهما ... عند التثام الحجر الأسود
فالتقيا من غير أن يأثما ... كأنما كانا على موعد
لولا دفاع الناس إياهما ... لما استفاقا آخر المسند
يفعل في المسجد ما لم يكن ... يفعله الأبرار في المسجد
قال: قلت أخزاك الله.
أَخْبَرَنِي الحسين بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن بْن عبيد بْن فهم قال: دخلت الحمام وفي سوار بْن عَبْد اللهِ، فأنشدت بيتاً فَقَالَ لي: هَذَا الشعر لي يا فتى! ثم أنشدني:
سلبن عظامي لحمها فتركها ... عوادي في أخلافها تتكسر
وأخلين منها مخها فكأنها ... قوارير في أجوافها الريح تصفر
إذا سمعت ذكر الفراق تراعدت ... مفاصلها خوفاً لما تتنظر
خذي بيدي ثم ارفعي الثوب فانظري ... بلى جسدي لكنني أتستر
وأَخْبَرَنِي إبراهيم بْن إسحاق الصالحي قال: قَالَ لي: سوار بْن عَبْد اللهِ وصفني مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْن طاهر للمتوكل، فمضيت إليه فلم أجد عنده ما أحب؛ فتوجهت إِلَى بغداد فبدأت بمُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ، فَقَالَ لي: ما صنعت يا أبا عَبْد اللهِ فقلت:
رجعنا سالمين كما بدأنا ... وقد عظمت غنيمة سالمينا
وما تدرين أي الأمر خير ... أما تهوين أم ما تكرهينا
وأَخْبَرَنِي إبراهيم بْن إسحاق قال. رأيت رجلاً له شيعة من السلطان يكلم سوار بْن عَبْد اللهِ في قضية قضى بها عليه ويتهدده، وسوار ساكت، فلما فرغ الرجل من كلامه قَالَ: سوار:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً ... أبشر بطول سلامة يا مربع(3/279)
ثم رده على ذلك. وقد حدث سوار بحديث يصلح عَن المعتمر بْن سليمان والياس. ثم
إسماعيل بْن إسحاق بْن إسماعيل بْن حماد بْن زيد
توفي سوار بْن عَبْد اللهِ في سنة ست وأربعين ومائتين، وولي إسمعيل ابن إسحاق بْن حماد بْن زيد يكنى أبا إسحاق وكان عفيفاً صليباً فهماً من أهل العلم والحديث، من الفقهاء على مذهب مالك بْن أنس يعتل ويحتج؛ وعمل كتباً وحملها الناس.
قَالَ لي أَبُو حازم القاضي: ما خرج من البصرة قاض أسير من إسماعيل بْن إسحاق وبكار بْن قتيبة الذي قضى على مصر فلم يزل إسماعيل بْن إسحاق قاضياً على عسكر المهدي إِلَى سنة خمس وخمسين ومائتين. فولي الخلافة المهتدي مُحَمَّد بْن الواثق بالله، فضرب حماد بْن إسحاق ابن إسماعيل بْن حماد بْن زيد بسرمراي بين يديه، وأطافه على بغل بسرمراي، ونفاه إِلَى الأهواز بشيء بلغه عنه من مكاتبة الموفق بالله أيام كان بمكة وكان حماد من أهل العلم ممن يحفظ الحديث، ومن الفقهاء على مذهب مالك، وعمل كتباً، وكان يحضر مجلس المهتدي وغيره مع الفقهاء، وهو أسن من إسماعيل بسنتين. وأَبُوهما إسحاق بْن إسماعيل صاحب المأمون ويحيى بْن أكثم. وكان أخرج هو وابن أبي دواد مع المعتصم يستتبن. وأَبُوهما إسحاق بْن إسماعيل مع المعتصم ولي مصر، فكان إسحاق على المظالم بمصر في أيام المأمون وقد سمع من جده حماد بْن زيد. وصرف إسماعيل بْن إسحاق عَن القضاء.(3/280)
القاسم بْن منصور التميمي
واستعمل القاسم بْن منصور التميمي ستة أشهر أو نحوها. ثم قتل المهتدي بالله، واستخلف المعتمد على الله فأقدم حماد بْن إسحاق من الأهواز وأعاد إسماعيل بْن إسحاق على القضاء في سنة ست وخمسين ومائتين ولم يزل على القضاء إِلَى سنة ثمان وخمسين ومائتين.
أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى البرني
فنقل إسماعيل بْن إسحاق إِلَى الجانب الغربي بأسره، وولى أَحْمَد ابن مُحَمَّد بْن عيسى البرني الجانبي الشرقي من مدينة السلام، نقل عَن قضاء المدينة الشرقية إِلَى الجانب الشرقي. وكان البرني عفيفاً صلباً جباراً من الفقهاء بمذهب الكوفيين، ومن أصحاب يحيى بْن أكثم. قد ولي قبل ذلك قضاء واسط والمدينة الشرقية وحمل عنه في آخر أيامه حديث كثير، وكان يروي كتب مُحَمَّد بْن الْحَسَن عَن أبي سليمان الجوزجاني.
ولاية إسماعيل بْن إسحاق الثانية
فلم يزل البرني على قضاء الجانب الشرقي، وإسماعيل بْن إسحاق على قضاء الجانب الغربي، إِلَى سنة اثنتين وثمانين ومائتين. ثم جمعت بغداد بأسرها لإسحاق بْن إسماعيل. وولى البرني قضاء المدائن والنهروان وغيرها من السواد. فلم يزل إسماعيل بْن إسحاق قاضياً على بغداد إِلَى أن توفي في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين ومائتين، فمكثت بغداد بغير قاض أشهراً.(3/281)
ثم فرق المعتصم بالله القضاء ببغداد فاستعمل على الجانب الشرقي يوسف بْن يعقوب بْن إسماعيل بْن حماد، وكان صلباً عفيفاً بلغ سناً عالية وحمل عنه علم كثير من المسند وغيره، فلم يزل يوسف بْن يعقوب قاضياً على الجانب الشرقي من مدينة السلام إِلَى سنة ست وتسعين ومائتين، ثم صرف عَن القضاء فيها.
وولي عَبْد اللهِ بْن علي بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن أبي الشوارب مكانه، ثم فلج عَبْد اللهِ بْن علي واستخلف المقتدر بالله، ابنه مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ في صفر سنة إحدى وثلثمائة.
وولي القضاء على هاتين الناحيتين أَبُو عُمَر مُحَمَّد بْن يوسف بْن يعقوب بْن إسماعيل بْن حماد بْن زيد.
أخبار قضاة الجانب الغربي من مدينة السلام
قضاة مدينة المنصور
قد ذكرنا أمر:
الْحَسَن بْن عمارة
ومُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْن علاثة
بعد عبيد الله بْن مُحَمَّد بْن صفوان فاستخلف
أَبُو يوسف يعقوب بْن إبراهيم على قضاء مدينة المنصور:
يوسف بْن أبي يوسف
وقد تقدم ذكره. توفي يوسف بْن أبي يوسف في رجب سنة اثنتين وتسعين ومائة.
واستقضى مكانه مُحَمَّد بْن سماعة التميمي، وكان من أصحاب أبي يوسف ومُحَمَّد بْن الْحَسَن حمل عنهما، فلم يزل مُحَمَّد بْن سماعة قاضياً إِلَى أن ضعف بصره فعزله المأمون وضم عمله إِلَى إسماعيل بْن حماد بْن أبي حنيفة، وكان على قضاء الشرقية.
وتوفي مُحَمَّد بْن سماعة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين
ثم عزل المأمون إسماعيل بْن حماد فاستقضى بشر بْن الوليد الجندي وقد تقدم ذكره.
ثم عزل المأمون بشر بْن الوليد وضم عمله إِلَى عَبْدِ الرحمن بْن إسحاق(3/282)
ابن إبراهيم بْن سلمة مولى بني ضبة وكان على قضاء المدينة الشرقية، وكان عَبْد الرحمن بْن إسحاق بْن إبراهيم من أصحاب الرأي مترفاً جماعاً للمال يرى برأي جهم بْن صفوان.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان عَن المدائني قال: ولي عَبْد الرحمن بْن إسحاق قضاء الرقة ولا علم له بشيء من الفقه، ثم قدم إِلَى بغداد فولاه المأمون قضاء الجانب الغربي وكان سبب ذاك عَبْد اللهِ بْن طاهر، فولي عَبْد الرحمن وكتب له كتب أصحاب الرأي، وعثمان بعد يحفظ الحديث فحفظ منه شيئاً صالحاً.
ثم عزل عَبْد الرحمن بْن إسحاق في صفر سنة ثمان وعشرين ومائتين، واستقضى الواثق الْحَسَن بْن علي بْن الجعد مولى أم سلمة المخزومية، امرأة أبي العباس.
حَدَّثَنِي الحرث بْن أبي أسامة قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سعد قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرحمن بْن إسحاق بْن إبراهيم بْن سلمة القاضي قال: جاءني علي بْن الجعد بسجل ابنه يعتقه من أم سلمة بشهادة جدي إبراهيم بْن سلمة ورجل ممن كان يدخل عليها، وكان الْحَسَن بْن علي بْن الجعد سرياً ذا مروءة ولي وأَبُوه حي.
أَخْبَرَنِي إبراهيم الحربي قال: لما عزل عَبْد الرحمن بْن إسحاق وولي الْحَسَن ابن علي بْن الجعد، ادعى الناس على عَبْد الرحمن بْن إسحاق دعاوي فوجه إليه الْحَسَن بْن علي: قَالَ: إبراهيم: فرأيته في المسجد جالساً كما تقدم خصم له إِلَى الْحَسَن بْن علي قام معه عَبْد الرحمن. فتقدم في يوم واحد بضع عشرة مرة أو كما قال.
أنشدنا مُحَمَّد بْن أزهر بْن عيسى قال: أنشدني عتاهية بْن أبي العتاهية(3/283)
لنفسه في الْحَسَن بْن علي بْن الجعد:
اسعد بحظك لا يزال حظيظاً ... كان المليك لما ملكت حفيظا
كملت محاسنك الرقاق بلطفها ... وأرى الحجاب على الصديق غليظا
ثم توفي الْحَسَن بْن علي بْن الجعد في أيام المتوكل فاستقضى مكانه أَحْمَد ابن مُحَمَّد بْن سماعة، وكان عفيفاً في نفسه، ولكن ولده غلبوا عليه، وكان لا يعدل الشهود ظاهراً. أمر الناس أن يشهدوا عنده، ثم يسأل عنهم سراً ويجيز شهادتهم، ولا يعلم من منهم جازت شهادته.
ثم صرف المعتز بالله أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سماعة فاستقضى مكانه إبراهيم ابن إسحاق بْن أبي العنبس قاضي الكوفة وقد تقدم ذكره فرأيته في سنة ثلاث وخمسين ومائتين على قضاء مدينة المنصور.
وحَدَّثَنَا مجالس إملاء كتبناها عنه.
ثم صرف ابن أبي العنبس، ورد إِلَى قضاء الكوفة، واستقضى مكانه أَحْمَد بْن يحيى بْن أبي يوسف، وكان على غير مذهب من تقدم من القضاة حكى عنه انحراف في لذاته فصرف.
وولي مكانه عُمَر بْن عَبْد الرحمن بْن عَبْد اللهِ بْن عَبْد العزيز الِعُمَرَي وكان شيخاً يصفر لحيته، فولى شيئاً يسيراً ثم أعيد أَحْمَد بْن يحيى بْن أبي يوسف، فلم يزل على القضاء إِلَى أن ولي إسماعيل بْن إسحاق الجانب الغربي بأسره، في سنة اثنتين وستين ومائتين.
وولي أَحْمَد بْن يحيى الأهواز، ثم عزل عنها ووجه به إِلَى خراسان فمات بالري.
ولما توفي إسماعيل بْن إسحاق في سنة ثنتين وثمانين ومائتين وفرق القضاء، ولي قضاء مدينة المنصور: علي بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن(3/284)
أبي الشوارب، في شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وثمانين، وتوفي في شوال من هذه السنة.
وحدث على مُحَمَّد بسرمراي وبغداد وسمع من أبي الوليد الطيالسي ونظرائه، فاستقضى مكانه أَبُو عُمَر مُحَمَّد بْن يوسف ابن يعقوب بْن إسماعيل بْن حماد بْن يزيد. ثم نقل إِلَى قضاء المدينة في جمادي الآخرة سنة اثنتين وتسعين ومائتين.
واستقضى على مدينة المنصور عَبْد اللهِ بْن علي بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن أبي الشوارب فلم يزل عليها إِلَى شهر ربيع الآخر سنة ست وتسعين ومائتين، فنقل إِلَى قضاء الشرقية والجانب الشرقي وأعمال مُحَمَّد بْن يوسف.
وولي قضاء مدينة المنصور أَحْمَد بْن إسحاق بْن بهلول بْن حسان التنوخي يكنى أبا جعفر في شهر ربيع الآخر سنة ست وتسعين ومائتين، وهو من أهل العلم والحديث والفقه والأدب وحدث أَبُوه بحديث كثير. وروى عَن جده الحديث، وكان له أخ يُقَالُ: له بهلول بْن إسحاق بالأنبار يحدث ويخطب على منبرها، وحدث أَحْمَد بْن إسحاق بحديث صالح حمل عنه ذلك وهو من أهل الفقه والأمانة إن شاء الله.
ذكر قضاة الشرقية
أول قاضي قضى على الشرقية:
عُمَر بْن حبيب العدوي
وقد تقدم ذكره في قضاة البصرة ثم عزل عُمَر بْن حبيب عَن القضاء بالشرقية
واستقضى:
نوح بْن دراج
وقد تقدم ذكره في قضاة الكوفة وتوفيَعْمُر بْن حبيب بالبصرة سنة ست ومائتين
ثم عزل نوح بْن دراج وقد تقدم ذكره في قضاة الكوفة.
توفي حفص بْن غياث بالكوفة سنة أربع وتسعين ومائة. ثم عزل حفص بْن غياث
واستقضى مكانه:
أسد بْن عَمْرو البجلي(3/285)
حَدَّثَنِي عباس الدوري قال: سمعت يحيى بْن معين يقول: أسد بْن عَمْرو القاضي لا بأس به، أنكر عيينة فأعطاه القمطر وقال: قد أنكرت عيني والله لا أقضي لكم أبداً.
قَالَ: يحيى رحمه الله أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان عَن سليمان بْن أبي شيخ قال: كان أسد بْن عَمْرو على قضاء واسط فخرج في إصلاح طريق مكة من واسط والنظر إليه، فلما رجع قال: رأيت قبلة أهل واسط ردية جداً، وتبين لي ذاك حين خرجت بتحرف فيها. فَقَالَ: قوم من أهل واسط: هَذَا رافضي، فقيل لهم: ويحكم هَذَا من أصحاب أبي حنيفة، كيف يكون رافضياً ? وأسد بْن عَمْرو يكنى أبا المنذر.
وعلي بْن ظبيان العبسي
عزل أسد بْن عَمْرو واستقضى مكانه علي بْن ظبيان العبسي، ثم ولاه هارون بعد قضاء القضاة.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن زهير قال: حَدَّثَنِي سليمان بْن أبي شيخ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن ثابت مولى بني عبس، كوفي قال: كتبت إِلَى علي بْن ظبيان وهو ببغداد قاضي: بلغني أنك تجلس للحكم على بوري، وقد كان من كان قبلك من القضاة يجلسون على الوطاء ويكتبون، فكتب إني لأستحي أن يجلس بين يدي رجلان حران مسلمان على بوري وأنا على وطاء لست أجلس إِلَّا على ما يجلس عليه الخصوم.
وبلغني أن وكيعاً قَالَ لأبي علي بْن ظبيان: كم مكث ابنك على القضاء ? قَالَ: سبع سنين. قال: ما كان عليه لو صبر، وكان هارون يخرجه إِذَا خرج إِلَى المواضع وتوفي بقرقليس سنة اثنتين وتسعين ومائة. كما أَخْبَرَنِي(3/286)
الحارث بْن أبي أسامة عَن مُحَمَّد بْن أبي سعد عَن مُحَمَّد بْن عُمَر.
وبلغني عَن مصعب الزبيري؛ أن رجلاً جاء إليه وهو بالرقة مع هارون يستعديه على عيسى بْن جعفر، فكتب إليه ابن ظبيان:
أما بعد!
أبقى الله الأمير وحفظه وأتم نعمته عليه أتاني رجل فذكر أنه فلان بْن فلان فإن له على الأمير خمسمائة ألف درهم، فإن رأى الأمير أبقاه الله أن يحضر مجلس الحكم، أو يوكل وكيلاً يناظر خصمه فعل ودفع الكتاب إِلَى الرجل فأتى باب عيسى فأوصل الكتاب فرجع إِلَى القاضي فأخبره فكتب إليه:
أبقاك الله وحفظك وأمتع بك، حضر رجل يُقَالُ له: فلان بْن فلان ذكر أن له عليك حقاً، فصر معه إِلَى مجلس الحكم، أووكيلك إن شاء الله.
ووجه بالكتاب مع عونين من أعوانه فحضر باب عيسى ودفعا الكتاب إليه، فغضب ورمى به فأحضر القاضي فكتب إليه:
حفظك الله وأبقاك وأمتع بك لا بد من أن تصير أنت وخصمك إِلَى مجلس الحكم فإن أبيت أنهيت أمرك إِلَى أمير المؤمنين أن شاء الله.
ووجه الكتاب مع رجلين من أصحابه، فدفعا الكتاب إِلَى عيسى فلم يقرأه ورمى به فأبلغاه فختم القمطر وقعد في بيته، فبلغ الرشيد الخبر فدعاه فسأله، فأخبره فَقَالَ لإبراهيم بْن عُثْمَان: صر إِلَى باب عيسى فاختم أَبُوابه كلها ولا تخرجن أحداً منها. ولا يدخل حتى يخرج إِلَى الرجل من حقه أو يصير إِلَى الحاكم، فأحاط إبراهيم بداره خمسين فارساً، وغلقت أَبُوابه فظن عيسى أن الرشيد يريد قتله وما يدري ما سبب ذلك، وارتفع صراخ النِّسَاء، فأخبره بخبر ابن ظبيان، فأحضر خمسمائة ألف من ساعته(3/287)
وأمر أن يدفع إِلَى الرجل، فجاء إبراهيم فأخبر الرشيد فقال: إِذَا قبض الرجل ماله فتحت أَبُوابه. ثم
علي بْن حرملة التيمي
ولما توفي علي بْن ظبيان استقضى على الشرقية: علي بْن حرملة التيمي من تيم الرباب من أصحاب أبي حنيفة.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن موسى عَن سليمان بْن أبي شيخ قال: حَدَّثَنَا إسماعيل ابن حماد بْن أبي حنيفة قال: قَالَ لي: علي بْن حرملة وكان مع هارون بالري من شهد على هلال شوال فَقَالَ: هارون لأبي البختري: أليس أخبرتني أن عُمَر بْن الخطاب كان يقول: إِذَا رؤى الهلال قبل الزوال فهو لليلة الماضية وإذا رؤي بعد الزوال فهو لليلة المستقبلة ? فقال: لا فقال: بلى والله لقد حَدَّثَنِي به في البستان: فقلت: يا أمير المؤمنين هو قول عُمَر وبه يأخذ أَبُوْحَنِيْفَةَ. قَالَ: إسماعيل: فكرهت أن أرد على علي بْن حرملة وقد أخطأ، إنما كان يأخذ أَبُوْحَنِيْفَةَ بحديث أبي وائل: أتانا كتاب عُمَر ونحن بخانقين إِذَا رأيتم الهلال فلا تفطروا حتى يشهد رجلان مسلمان أنهما رأياه بالأمس.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن موسى قال: حَدَّثَنَا سليمان بْن أبي شيخ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَان الحميري عَن علي بْن حرملة قال: قلنا لشيخ من بني تميم لم فضلتم الفرزدق على جرير ? قال: لقوله:
بأي رشاء يا جرير وماتح ... تدليت في حومات تلك القماقم
فضلناه بهَذَا وأشباهه.
وقد ولي علي بْن حرملة قضاء القضاء: ثم أعيد على الشرقية عُمَر بْن حبيب.(3/288)
مُحَمَّد بْن أبي رجاء
ثم قدم المأمون فاستقضى مُحَمَّد بْن أبي رجاء الخراساني منزل مدينة المنصور من أهل الرأي.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان عَن أبي عَبْد اللهِ الحواري قال: كان مُحَمَّد بْن أبي رجاء من أعلم أصحاب أبي يوسف بالحساب والدقائق، وكان حسن المقايسة حسن الإدخال، وكل شيء.
قَالَ: ابن سماعة كتبنا إِلَى مُحَمَّد ابن أبي رجاء بالرقة، هو من إدخال ابن أبي رجاء عليهم. وفي كتب ابن سماعة ذكره إِلَّا أنه لم يكن له علم بالأصول.
أنشدني عَبْد اللهِ بْن أبي الدنيا قَالَ: أنشدني مُحَمَّد بْن أبي رجاء - قَالَ: أَبُو بكر وليس هو القاضي عندي-:
المرء يجمع والزمان يفرق ... ويظل يرتق والخطوب تخرق
ولمن يعادي عاقلاً خير له ... من أن يكون له صديق أحمق
فارغب بنفسك أن تصادق أحمقاً ... إن الصديق على الصديق يصدق
وزن الكلام إِذَا نطقت فإنما ... يبدي العقول أو العيوب المنطق
مات مُحَمَّد بْن أبي رجاء سنة سبع ومائتين، في جمادي، فضم عمله إِلَى مُحَمَّد بْن أبي سماعة.
عكرمة بْن طارق السرخسي
استعفى مُحَمَّد بْن سماعة سنة ثمان ومائتين، واستقضى المأمون مكانه عكرمة بْن طارق السرخسي من أصحاب أبي يوسف.
حَدَّثَنِي جعفر بْن مُحَمَّد الفريابي قال: حَدَّثَنَا مزاحم بْن سعيد المروزي قَالَ: حَدَّثَنَا يعقوب بْن إبراهيم أَبُو يوسف عَن مُحَمَّد بْن إسحاق عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن أبي بكر: أن أم رسول الله توفيت ورَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن ست سنين بالأَبُواء.(3/289)
ثم عزل عكرمة بْن طارق في سنة أربع وعشرين ومائتين: فاستقضى مكانه:
إسماعيل بْن حماد بْن أبي حنيفة
وقد تقدم ذكره ثم عزل إسماعيل بْن حماد، فاستقضى مكانه:
عَبْد الرحمن بْن إسحاق
وقد تقدم ذكره ثم عزل الواثق عَبْد الرحمن بْن إسحاق سنة ثمان وعشرين ومائتين واستقضى مكانه:
عَبْد اللهِ بْن مُحَمَّد بْن أبي يزيد الخليجي
نسبته في سواد لبسته ... أشبه شيء بلون خلقته
كأنني بالحبال قد نصبوا ... فِيْهِ الخليجي فوق بغلته
أكرم به من فتى مناسبة ... بين أجاوينه وقصعته
ما عذب الله أمّة سلفت ... فيما سمعنا بمثل صورته
يصطلح الناس حين يقعد للحك ... م فراراً من هول طلعته
لو لم يدنفه كف قانصه ... لطار منها على رعيته
كان المجان ببغداد، ونقبوا الموضع الذي يجلس فِيْهِ بالشرقية، ويستند إليه حتى انسرقت شانه وتحدث الناس بذلك، وكان فِيْهِ كبروتيه. وكان من أصحاب ابن أبي دواد يمتحن الناس جاءته امرأة مُحَمَّد بْن معاوية الأنماطي المعروف بابن فالح المحدث فقالت: إن زوجي لا يقول بقول أمير المؤمنين في القرآن، ففرق بينه وبينها، ولكنه كان يضبط صفته.
أَخْبَرَنِي إبراهيم ابن أبي عُثْمَان عَن الحواري: أن ابن الخليجي كان قد ولي مظالم الجبل، ثم أخبر ابن أبي دواد المعتصم أنه مستقل بالقضاء، واستشهد ابن الجهم في مال عظيم فلم يقبله، وكان حين ولي قضاء الشرقية يظهر العفة.(3/290)
حيان بْن بشر الأسدي
عزل الخليجي واستقضى حيان بْن بشر الأسدي فأمر أن يقيم الخليجي للناس فأقامه في مسجد الشرقية فادعيت عليه دعاوي، وكان حيان بْن بشر رجلاً صالحاً كتب الناس عنه الحديث، ولي سنة سبع وثلاثين ومائتين. وتوفي سنة ثمان وثلاثين ومائتين.
مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْن المؤذن
لما توفي حيان بْن بشر، استقضى مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ من أهل السواد وكان من أهل الرأي، ولي قضاء المدائن.
أنشدني أَبُو مالك الأيادي قال: أنشدني حامد الضرير المدائني يمدح ابن المكبر السمرقندي، وكان على معونة المدائن، ويهجو مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ ابن المؤذن وكان قاضيها:
يا راكباً إما رحلت ميمماً ... باب الخليفة والخطوب تنوب
فاقصد لخير الناس فاهتف باسمه ... يا من إليه يلجأ المكروب
يا أَحْمَد بْن أبي دواد إنما ... بك نستجير إِذَا تلم خطوب
واقر السلام على الإمام وقل له ... والرأي منه مخطئ ومصيب
إن الأمير مُحَمَّد بْن مكبر ... في مثل دهرك في الولاة غريب
لو كان قاضينا على مثل الذي ... أمسى عليه يفرج المكروب
لا تنس أن بعضده وبفخذه ... بعض الهنات لخصره مكتوب
أَبُو حسان الزيادي الْحَسَن بْن عثمان
استقضى أَبُو حسان الزيادي الْحَسَن بْن عُثْمَان بعد مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ(3/291)
المؤذن، وكان أَبُو حسان فهماً قد عمل الكتب وكان عالماً بأيام الناس، وحدث وكتب الناس عنه علماً كثيراً، وكان كريماً واسعاً.
حَدَّثَنِي أَبُو سهل الرازي القاضي قال: حَدَّثَنِي أَبُو حسان الزيادي قال: جاءني رجل من أهل خراسان فأودعني بدرة دراهم، فأخذتها مضمومة ثم سرقت بما فيها، وكان قد عزم على الخروج إِلَى مكة. ثم بدا له فعاد فطلبها مني فاعتمدت وقلت له: تعود غداً. ثم فزعت إِلَى الله ودعوته وركبت بغلتي في الغلس ولا أدري أين أتوجه ? وعبرت الجسر وأخذت نحو المخرم وما في نفسي أحد أقصده فاستقبلني رجل راكب، وقَالَ لي: إليك بعثت. قلت ومن بعث بك ? قال: دينار بْن عَبْد اللهِ، فأتيته وهو جالس فَقَالَ لي: ما حالك ? قلت: وما ذاك ? قال: ما نمت الليلة إِلَّا أتاني آت فَقَالَ لي: أَبُو حسان! قال: فحدثته حديثي، فدعا بعشرين ألف درهم فدفعهما إلي فرجعت فصليت في مسجدي الغداة، وجاء الرجل فقضيته وأنفقت الباقي.
حَدَّثَنِي أَبُو مالك الإيادي قال: مات أَبُو حسان الزيادي سنة ثلاث وأربعين ومائتين، وله تسع وثمانون سنة وأشهر، ومات هو وحسن ابن علي بْن الجعد في وقت واحد.
أنشدني ابن أبي حكيم لنفسه:
سر بالكرخ والمدينة قوم ... مات في جمعة لهم قاضيان
لهف نفسي على الزيادي منهم ... ثم لهفي على فتى الفتيان
أَبُو هشام مُحَمَّد بْن يزيد الرفاعي
استقضى أَبُو هشام مُحَمَّد بْن يزيد بْن رفاعة في سنة ثلاث وأربعين(3/292)
ومائتين. ومات أَبُو هشام في سنة تسع وأربعين ومائتين.
واستقضى مكانه:
أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى البرني
ثم ولي:
إسماعيل بْن إسحاق
بعد البرني في سنة ثمان وخمسين ومائتين. جمع له الجانب الغربي. ثم توفي إسماعيل بْن إسحاق في سنة اثنتين وثمانين ومائتين. ثم ولي:
أَبُو خازم عَبْد الحميد بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد الحميد بْن خازم
في سنة ثلاث وثمانين ومائتين. وهو ينتمي إِلَى كندة من الفقهاء بمذهب أهل العراق بصرى. ولي قبل ذاك قضاء دمشق وفلسطين، فولي قضاء الكوفة وقد تقدم ذكره في قضاة الكوفة. ثم توفي أَبُو خازم في سنة اثنتين وتسعين ومائتين.
ونقل:
أَبُو عَمْرو مُحَمَّد بْن يوسف بْن يعقوب
عن قضاء مدينة المنصور إِلَى الشرقية وقد تقدم ذكره ثم صرف أَبُو عَمْرو مُحَمَّد بْن يوسف في شهر ربيع الآخر سنة ست وتسعين ومائتين.
وقلد:
عَبْد اللهِ بْن علي بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن أبي الشوارب
قضاء الشرقية. والجانب الشرقي، من مدينة السلام، وأعمال مُحَمَّد بْن يوسف بهرموق والدبيس، وطريق خراسان والمدائن والهروانات والروابي، وما يسقي الفرات، وإليه قضاء سر من رأى، وطريق الموصل. وعظم أمره فمكث منذ وقت تقلد قضاء هذه النواحي إِلَى أن أصابه الفالج فاستخلف على عمله ابنه:
مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ
فلم يزل والياً إِلَى غرة صفر سنة إحدى وثلاثمائة ثم صرف فأعيد:
مُحَمَّد بْن يوسف
على قضاء الشرقية والجانب الشرقي من مدينة السلام والمدائن والهروانات وسقى الفرات من طريق الكوفة.(3/293)
فمكث مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بعد أن صرف نحو أربعين يوماً، ثم توفي ومكث عَبْد اللهِ بْن علي بعد وفاته نيفاً وتسعين يوماً ثم توفى في رجب سنة إحدى وثلثمائة.
وخلفه على الأعمال التي بقيت في يده، ابن له يُقَالُ لَهُ:
الْحَسَن بْن عَبْد اللهِ بْن علي.
أخبار قضاء القضاة بسر من رأى وبغداد
أول من ولي قضاء القضاة ببغداد، أَبُو يوسف يعقوب بْن إبراهيم.
ثم علي بْن ظبيان.
ثم علي بْن حرملة التيمي
ثم يحيى بْن أكثم وقد تقدم ذكرهم أولاً.
ثم ولي أَحْمَد بْن أبي دواد بْن جرير الإيادي قضاء القضاة للمعتصم والواثق وبعض أيام المتوكل. وكان يمتحن الناس في القرآن ويضرب ويقتل عليه وأفسد الخلفاء في هَذَا الوقت في المذهب.
وكان أول سبب دخوله على المأمون ما:
حَدَّثَنِي به أَبُو العيناء مُحَمَّد بْن القاسم قال: جاء رسول المأمون إِلَى يحيى بْن أكثم ومعه جلساؤه ومنهم ابن أبي دواد أن ائتني أنت ومن في مجلسك فقاموا إليه، وقام ابن أبي دواد في طيلسان ونعل، فاعترض في الكلام وخلى بقلب المأمون فَقَالَ: من يكون الرجل ? قال: رجل من إباد، قال: وما أخرك عَن مجلسي والاتصال بي ? قال: حبسه القدر وبلوغ الكتاب أجله. قال: لا، اعلمن ما كان لي مجلس نظر لا تشهده، فشق ذاك على يحيى بْن أكثم فلما ولي المعتصم مصر قَالَ: المأمون ليحيى بْن أكثم: انظر لأخي رجلاً فطناً يسدده إِذَا سها ويؤنسه إِذَا خلى ويجمعه إِذَا ظهر. قال: لا أعرفه إِلَّا واحداً أنت به ضنين، قال: ومن هو ? قال: ابن أبي دواد قال: تفجعني به قال: تؤثر أخاك، فأذن له، على نفس تنزع إليه.(3/294)
فأَخْبَرَنِي أَبُو العيناء قال: سمعت ابن أبي دواد يقول: خرجت مع المعتصم فما سرنا إِلَّا منزلين حتى قَالَ لي: المعتصم: رأيت في ليلتي هذه بأني متعمم بالشمس وكأن القمر في حجري، فقلت له: أمسك عليك ولا نسمعها منك؛ فإنها مفسرة قال: فطردنا عَن الخلافة والله يسوقها إلينا.
أَخْبَرَنِي أَبُو العيناء قال: سمعت ابن أبي دواد يقول: دخلت على المأمون وفي يده كأس من شراب في آخر أيامه، فقال: ما تقول في أبي بكر وعُمَر ? فقلت: إماماً عدل. قال: أنت تقول ذاك ? قال: قلت: فأنت والله تقوله. إِذَا وفقك الله. قال: إنك عندي لحلال الدم. قال: قلت: والله إن لدمي أحرم عليك مما في يديك. قال: فقلت لابن أبي دواد: سبحان الله خليفة يجاوب هذه المجاوبة، وهو سكران ? قال: وكان وقت الظهر ولم يكن العصر أي كان أول شرابه.
أَخْبَرَنِي أَبُو العيناء قال: حَدَّثَنِي أَبُو يعقوب بْن سليمان بْن أبي جعفر قال: دخل ابن أبي دواد على المأمون يوماً فقال: ما أكلت يا أَحْمَد ? قال: أكلت خبزاً ولبناً، قال: سبحان الله رجل مرطوب مشرب حمرة رقيق الجلدة يأكل اللبن ? ترياق يا غلام! فأني به فأكثر له منه، ثم قَالَ: لغلامه: اذهب به فأضجعه وألق عليه المطارف، فإذا ارفض عرقاً فأتني به.
حَدَّثَنِي موسى بْن جعفر أخو نفس الكاتب قال: كان أَحْمَد ابن أبي دواد حين ولي المعتصم الخلافة عادي الأفشين وحرض عليه المعتصم وكان جسوراً مقداماً لا يبالي ما يصنع، فلم يزل يخبر المعتصم(3/295)
بأن الأفشين على دين المجوسية وأنه كاتب المرزبان حتى عصني، وأنه ... وأنه ... حتى أوغر قلب المعتصم على الأفشين، وهم به بعد أخذ المرزبان، فجمع بينه وبينه.
وأَخْبَرَنِي موسى بْن جعفر أخو نفس قال: كنت حاضراً والمعتصم خلف سوق الأفشين، وابن أبي دواد والقواد حضور، فأقيم المرزبان فضرب بالسياط بين يدي الأفشين، قال: فرأيت المرزبان يصيح آب يطلب الماء فلم يسق، فسمعت المعتصم يقول: يا كفار يطلب رجل في هذه الحال الماء فلا يسقى! فسقوه الماء فلم يكن إِلَّا ساعة حتى مات. ونوظر الأفشين، فَقَالَ: المعتصم: هاتوا احتجوا عليه، فَقَالَ: ابن أبي دواد: كاتب المرزبان يا أمير المؤمنين. فَقَالَ: الأفشين: أنتم قلتم لي كاتبه وأطمعه فإنك ملك وهو ملك ففعلت. قَالَ: ابن أبي دواد: هو يعَبْد الأصنام وهو أغلف، وأخرج من خزائنه تماثيل. فَقَالَ: الأفشين: هذه سماجات يلعب بها كما يلعب العجم، قال: فأخرج ابن أبي دواد حقة فيها سم من خزائنه، ودعا برجل فاستحلفه أنه أمره أن يسم المعتصم. فحلف الرجل؛ فاستحل المعتصم دمه وقتله.
قَالَ: وكان سبب العداوة بين ابن أبي دواد وبين الأفشين: أن الأفشين أراد قتل أبي دلف القاسم بْن عيسى فاستجار بابن أبي دواد فجاء إِلَى الأفشين برسالة من المعتصم: يقول لك أمير المؤمنين قد بلغني أنك تريد أن تحدث على القاسم بْن عبسي حادثة. ووالله لئن فعلت لأقتلنك. ولم يكن المعتصم أرسله ولا قَالَ: له شيئاً. فرهب الأفشين أن يقتل(3/296)
أبا دلف وجاء ابن أبي دواد إِلَى المعتصم فقال: يا أمير المؤمنين، قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليس الكذاب من أصلح بين الناس فَقَالَ: خيراً ونما خيراً وقد أديت عنك رسالة أحييت بها أهل بيت من المسلمين، وكففت بها أسياف خلق من العرب.
بلغني أن الأفشين هم بقتل القاسم بْن عيسى، فأديت عنك إليه كذا وكذا، فحقنت دم الرجل، ونعشت عياله، وكففت غضبان عجلان ومن تبعها أن تغضب له، ويشق عليك منها ما تغتم به، والرجل في يديك. فَقَالَ: المعتصم: قد أحسنت. ووجه إِلَى القاسم بْن عيسى فخلصه من يده وأطلقه. فوجه الأفشين إِلَى ابن أبي دواد: لا تأتني ولا تقربني! فَقَالَ: للرسول: تؤدي عني كما أديت إلي? قَالَ: نعم، فَقَالَ لَهُ: قل له ما آتيك تعززاً من ذلة ولا تكثراً من قلة، وإنما رفعتك دولة فإن جئتك فلها وإن قعدت فعنك. وكان قتل المرزبان والغضب على الأفشين بسر من رأى، سنة خمس وعشرين ومائتين في آخرها.
قَالَ: أَبُو العيناء ما رأيت رئيساً قط أنطق من ابن أبي دواد.
قَالَ: المازني حين قدم من البصرة حَدَّثَنِي عَن البصرة، قال: عَن أيها ? قال: من فيضها إِلَى صحرائها.
وأَخْبَرَنِي عيسى بْن أبي عباد الكاتب ثابت بْن يحيى قال: لما وقع الحريق في الكرخ قَالَ: ابن أبي دواد للمعتصم: يا أمير المؤمنين هَلْ لك في مكرمة لم يسبقك غليها خليفة ويعجز خليفة عَن أن يقتدي بك ? قال:(3/297)
تخلف على التجار ما احترق لهم فينتشر الصوت، ويبلغ العدو سعة المال عندك وبذلك إياه؛ فيرهبك في أقاصي الأرض. قال: وكم ? قال: عشرة ألف ألف، وتجمعها في وقت قليل، قال: أفعل؛ فأمر له فحملت مع ابن أبي دواد، وانحدر إِلَى مدينة السلام.
فأَخْبَرَنِي عيسى بْن أبي عباد قال: رأيته جالساً في مسجد مدينة المنصور والقضاة والفقهاء حوله، وإسحاق بْن إبراهيم صاحب الشرطة قائم، والناس والبدر مصبوبة، والصيارف معهم الشواهين والقضاة يستحلفون الناس على ما ذهب لهم. فمن حلف دفع إليه ما يحلف عليه، قال: فوالله لقد حلف قوم ولم يذهب لهم ما حلفوا عليه. وداوم الجلوس نحو جمعة حتى فرق المال، وانصرف إِلَى سر من رأى، وقيل بل كان المال خمسة ألف ألف. وذلك في سنة خمس وعشرين ومائتين.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان قال: قَالَ: مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن الكوفي سألت ابن أبي دواد حاجة، فإني يوماً عنده وخرج الناس والدواة بيني وبينه فجذبتها وكتبت على رأس الثلث:
كفاك مذكراً وجهي بأمري ... وحسبك أن أراك وأن تراني
فقضى حاجتي.
وقَالَ: يعقوب بْن إسحاق الكندي: كنا عند ابن أبي دواد فذكر الهشامي صاحب الجزيرة بالأندلس فقال: كان متوارياً عندي أربعة أشهر.
قَالَ: أَبُو خالد المهلبي: فحدثت المتوكل بهَذَا فَقَالَ: قد كان الناس يقولون إنه يميل إِلَى الأموية، وكان فصيحاً شاعراً.
أنشدني جرير بْن أَحْمَد بْن أبي دواد، قال: أنشدني أبي لنفسه:(3/298)
سر من را أسر من بغداد ... فارم بغداد عامداً ببعاد
حبذا مسرحاتها ليس تخلو ... أبداً من طريدة وطراد
وديار كأنما نسج الده ... ر عليها محبر الأبراد
واذكر المشرف المطل من الت ... ل على الصادرين والوراد
وإذا روح الرعاة فلا تن ... س تداعى فراقد الأولاد
يا ابن عم النبي لا أنس إِلَّا ... حَيْثُ خيمت من جمع البلاد
أنت نور الربيع تفتقر الأر ... ض إليه لحاضر ولباد
فإذا خيمت ركابك أرضاً ... أزعجت خيفة قلوب العباد
زدتها فاستزدت بهجة دنيا ... ك فوافيتما على ميعاد
أنشدني أَبُو مالك قال: أنشدني أبي لنفسه يرثي أَحْمَد بْن شهاب الأنباري كاتبه:
إن المشيب نعى إليّ شبابي ... وجدت بموتي ميتة الأتراب
طوراً أعاد وتارة أنا عائد ... أو دافن حباً من الأحباب
فَإِلَى متى ألقى وأسمع ناعياً ... أوشك بقرع يد المنية بابي
لا بد من موت وبعث بعده ... ومواقف تخشى وعرض كتاب
وجلا فيا حزناً لبعد مسافتي ... وقليل زادي واقتراب ذهابي
أنشدني جرير قال: أنشدني أَبُو حسان الزيادي قال: أنشدني أَبُوك لنفسه:
أعاينت في طول من الأرض أو عرض ... كبغداد داراً إنها جنة الأرض(3/299)
صفا العيش في بغداد واخضرعوده ... وعيش سواهاغيرصاف ولاغض
تنام بها عين الغريب ولا أبت ... غريباً بأرض السلم يطمع في الغمض
لقد منيت بالبغض مني وبالقلى ... وما أصبحت أهلاً لهجر ولا بغض
أَخْبَرَنِي جرير قال: سمعت أبي يقول قَالَ: المأمون لأبي: ما اسم أبيك ? قال: قلت هو اسمه أَبُو دواد بْن جرير شاعر خطيب كان أَحْمَد ابن أبي دواد يستخلف ابنه أبا الوليد على القضاء. ثم فلج أَحْمَد بْن أبي دواد فمكث أَبُو الوليد على القضاء سنة سبع وثلاثين ومائتين، فأشخص المتوكل إليه يحيى بْن أكثم إِلَى سر من رأى وولاه قضاء القضاة وعزل أبا الوليد وأخذت أمواله وأموال أبي دواد.
وكان الواثق فيما أَخْبَرَنِي الحرث بْن أبي أسامة قبل ذاك تغير لابن أبي دواد وذلك في سنة ثلاثين ومائتين، ووقف أصحابه للناس في المدن فصحح عليهم الناس الخيانة والفجور بكل بلد. وأطلق الواثق بعض من كان في السجون ممن حبس ابن أبي دواد ونادى مناد في أسواق بغداد في ستة أنفس من أصحابه أحدهم قرابة لابن أبي دواد من جاء بواحد منهم فله مائة ألف درهم، وفي سنة سبع وثلاثين أخذ المتوكل كل أمواله. ورده وابنه إِلَى بغداد، فدخل بغداد في شعبان ثم توفي بعد ذلك.
أنشدني أَبُو خالد يزيد بْن مُحَمَّد المهلبي لنفسه:
تزوّد من معاشك للمعاد ... وتقوى الله فاعلم خير زاد(3/300)
ولا تجمع من الدنيا كثيراً ... فبعض الجمع أسرع للنفاد
وقل لمطالب الدنيا رويداً ... أما وعظتك في ابن أبي دواد
أقام يدير الآفاق حيناً ... ويصطنع الصنائع في العباد
فأصلح أمره عشرين عاماً ... فكان صلاحه سبب الفساد
فبدل من فوائده الرزايا ... وكان الأولياء هم الأعادي
فحسبك من صروف الدهر دينا ... مواعظ لو توافق ذا فؤادي
وقد مدحت الشعراء ابن أبي دواد وهجوه بشعر كثير جداً. فممن مدحه أَبُو تمام الطائي وعلي بْن الجهم، ثم هجاه علي بْن الجهم. وكان مُحَمَّد بْن عَبْد الملك يعاديه، ويطعن في نسبه ويهجوه بشعر ينفيه من إياد.
وذكر إسحاق الموصلي قال: كنت يوماً عند الواثق وهو بالنجف فدخل عليه أَحْمَد بْن أبي دواد فقعدنا نتحدث ولم يكن خرج الواثق بعد، فَقَالَ لي أَحْمَد: أعجبني بيتان! قلت: أنشدني فما أعجبك ففيه السرور. فأنشدني:
ولي نظرة لو كان بحبل ناظر ... بنظرته أنثى لقد حبلت مني
فإن لدت ما بين تسعة شهر ... إِلَى نظرتي ابناً فإن ابنها إبني
فقلت أجاد.
ولكن أنشدك بيتين أرجو أن تستحسنهما وأنشدته:
ولما رمت بالطرف غيري ظننتها ... كما آثرت بالطرف تؤثر بالقلب
وإني بها في كل حال لواثق ... ولكن سوء الظن من شدة الحب
قَالَ: أحسنت والله وخرج الواثق فَقَالَ: لنا: فيم أنتما ? فحَدَّثَنَاه فأمر لكل واحد منا بجائزة وخلع.
أنشدني جرير بْن أَحْمَد بْن أبي دواد قال: كتب عَبْد الرحمن بْن عَبْد اللهِ(3/301)
ابن عَائِشَة إِلَى أبي الوليد أخي:
أبا الوليد والكريم يسعف ... ويعتفي بصحبه ويلطف
قد رهن السيف وبيع المصحف ... وغلق الرهن وقل المسلف
إذكار حال لا السؤال الملحف
فأقرأه أبي فقال: ليس هَذَا إلحاف! هَذَا خمش الوجوه، ليس هَذَا تعريض. وكان أَبُو الوليد نحيلاً.
أَخْبَرَنِي أَبُو خالد المهلبي قال: حَدَّثَنِي المستعين قال: بلغني أن أبا الوليد ابن أبي دواد شكا إِلَى خبازه نفاذ الخبز فَقَالَ لَهُ: إنما أخبز شيئاً يسيراً لا يملأ التنور، فأمر ببراشيخ يقطع نصف التنور.
قَالَ: أَبُو خالد: وحَدَّثَنِي عباس بْن جرير قال: حَدَّثَنِي أَبُو حسان الزيادي قال: كنا يوماً ببغداد مع أبي الوليد بْن أبي دواد، وعلى المائدة أرغفة بعدد الرجال، فدخل قوم فدعا لهم بخبز فأتى بأرغفة على عددهم، ثم احتجنا إِلَى خبز فصاح يا غلمان هاتوا خبزاً! فلم يأتوا بشيء، ثم عاد فلم يأتوا بشيء، ثم عاد فلم يأتوا بشيء، فقلت أنا لأسهل: ويلكم إن لم يكن حواري فهاتوا من أخباز العيال، فلم يأتوا بشيء، فأكلنا ورفعت المائدة وقمنا، فقلت للغلمان ويلكم يأمركم أَبُو الوليد أن تأتوا بخبز فلم تأتوا وقلنا هاتوا من خبز العيال فلم تأتوا فقالوا: ليس يعطينا العيال من خبزهم لأنهم قد أخذ منهم غير مرة فلم يرد عليهم.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن أبي زهير عَن زبير قَالَ: بعث إِلَى المتوكل: بيعة ولاة(3/302)
العهود قد كتبها أَبُو الوليد بْن أبي دواد فيها: هَذَا ما أشهد عليه عَبْد اللهِ جعفر الإمام المتوكل في صحة من عقله وجواز من أمره، فقلت له: من كتب هَذَا الكتاب ? أمير المؤمنين يناظر فيمن يبايع له حتى يقول في صحة عقله وجواز أمره ?
لقد جاء مروان بْن مُحَمَّد من أرمينية إِلَى الشام لم يحفظ الناس بسيفه في بيت شعر قاله يزيد بْن الوليد:
فإن أقتل أنا وولي عهدي ... فمروان أمير المؤمنينا
ثم غضب المتوكل على يحيى بْن أكثم ونفاه إِلَى مكة، واستقضى:
جعفر بْن عَبْد الواحد بْن جعفر
بن سليمان بْن علي بْن عَبْد اللهِ بْن العباس بْن عَبْد المطلب، ثم صرف وولي:
جعفر بْن مُحَمَّد بْن عمار البرجمي
ثم ولي:
مُحَمَّد بْن رزين البصري
ثم:
الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك
بن أبي الشوارب بْن عَبْد اللهِ بْن أبي عُثْمَان بْن عَبْد اللهِ بْن خالد بْن أسد بْن أبي العيص بْن أمية بْن عَبْد شمس.
صرف الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أبي الشوارب ثم ولي:
عَبْد الرحمن بْن نايل بْن نجيح
ثم أعيد:
الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أبي الشوارب
ثم توفي فولي أخوه:
علي بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن أبي الشوارب
وكان ممن ولي قضاء سر من رأى من هؤلاء ولم يرسم بقضاء القضاة
مُحَمَّد بْن رزين
وعَبْد الرحمن بْن نايل
فقط ثم اضطرب أمر علي بْن مُحَمَّد بْن أبي الشوارب في قضاء قضاة عامة أيام المعتمد، إِلَى إن توفي إسماعيل بْن إسحاق فجئ به وقلد قضاء مدينة المنصور ثم توفي.
قضاة النواحي المتفرقة
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن زنجويه قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزاق بْن همام ابن نافع قال: قلت لمَعْمَر إن أبي أَخْبَرَنِي أن وهب بْن منبه ولي القضاء في(3/303)
زمن عُمَر بْن عَبْد العزيز فلم يحمد نعمته. فتبسم ثم قَالَ لي: قولاً كانه يرفع صوته قد ولي الْحَسَن القضاء في زمن عُمَر بْن عَبْد العزيز فلم يحمد فهمه.
عاصم بْن سليمان الأحول
ولي قضاء المدائن
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن منصور الرمادي قَالَ: حَدَّثَنَا داود بْن رشيد قَالَ: حَدَّثَنِي ابن بشير بْن مجالد قال: رأيت عاصم الأحول على قضاء المدائن فخرج عليه بزكان له أسود وله شعره، وقمطره في يده حتى جلس على برى، وأعنز له ترعى بين يديه، فإن جاء إنسان يخاصم إليه نظر في حاجته وإلا فهو مقبل على أعنزه.
وقَالَ: الموصلي: كان عاصم الأحول حسن الخلق والمداراة، فمر ذات يوم رجل من أبناء الدهاقين فعرض عليه الغداء فنزل فتغدى، فلما أراد الخروج لمح في بيته طنبوراً فمضت للفتى أيام ثم أتاه ليشهد بشهادة، فَقَالَ: جئت لأشهد، قال: ما فعل طنبورك لأعلمن ما رأيتك ها هنا.
حماد بْن دليل قاضي المدائن
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَبْد الكريم الحواري قال: كان حماد بْن دليل أَبُو زيد قاضي المدائن أيام هارون، فكتب إليه: أن توصى بنقص أبي يعقوب بْن حميد التاجر، فامتنع ثم عوود فامتنع، فآذوه ببعض اللفظ فترك القضاء وهرب إِلَى مكة وحج هارون ومعه يحيى بْن خالد فبينما هو يطوف بالبيت إِذ نظر إِلَى أبي زيد يطوف، فأخذ بعضده وقال: هربت من أمر لو شئنا أن نقتله لقتلناه.(3/304)
يحيى بْن يَعْمُر بخراسان
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن سعد القطان قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصمد ابن عَبْد الوارث قَالَ: سمعت أبي يحدث قال: حَدَّثَنِي عَمْرو بْن حكيم الواسطي قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن بريدة قال: اختصم إِلَى يحيى بْن يَعْمُر رجلان مسلم ويهودي فورث المسلم من الكافر، فقيل له فقال: حَدَّثَنَا أَبُو الأسود أن رجلاً حدثه عَن معاذ بْن جبل أنه ورثه وقَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: الإيمان يزيد ولا ينقص.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بْن مُحَمَّد الحارثي قال: حَدَّثَنَا معاذ بْن هشام عَن أبيه عَن قتادة قال: قَالَ: كثير بْن أبي كثير لسعيد بْن المسيب إن يحيى بْن يَعْمُر يفتي بخراسان: أن الرجل إِذَا اشترى أضحيته ودخل العشر لم يأخذ من شعره ولا من أظفاره وقَالَ: سعيد بْن المثيب: قد أحسن. كان أصحاب رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعلون أو يقولون ذلك.
حَدَّثَنَا إسماعيل بْن إسحاق قال: حَدَّثَنَا سليمان بْن حرب وحَدَّثَنِي الصغاني قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن عُمَر قَالَ: حَدَّثَنَا حماد بْن زيد قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ المجيد بْن وهب: أنه شهد يحيى بْن يَعْمُر بخراسان واختصم إليه رجلان في فرس، فأجاز شهادة رجل واحد مع يمين الطالب.
حَدَّثَنَا عيسى بْن مُحَمَّد بْن عيسى المروزي قال: حَدَّثَنَا عُمَر بْن مُحَمَّد بْن الحسين قَالَ: حَدَّثَنَا أبي قَالَ: حَدَّثَنَا عيسى بْن موسى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن كيسان قال: رأيت يحيى بْن يَعْمُر يقضي بين الخصوم في مجلس قضائه وإذا قام عنه ماشياً وراكباً وفي منزله.
حَدَّثَنَا عباس الدوري قال: حَدَّثَنَا يحيى بْن معين قَالَ: حَدَّثَنَا الفضل(3/305)
ابن حبيب السراج قَالَ: حَدَّثَنَا النضر بْن إسحاق السلمي قال: كتب أبي إِلَى أمي بطلاقها ثم ندم، فَقَالَ لَهُ يحيى بْن يَعْمُر الحقه فخذه.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن مُحَمَّد بْن حسن قال: حَدَّثَنَا أَبُو بكر بْن خلاد قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بْن أبي روح رجل من الأزد يُقَالُ: له عَبْد الرحمن قال: رأيت يحيى بْن يَعْمُر يقضي في المسجد.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل قال: حَدَّثَنَا زِيَاد بْن أيوب قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نميلة قَالَ: حَدَّثَنَا البلخي بْن إياس وسعيد بْن أبي حكيم قالا: رأينا يحيى بْن يَعْمُر يقضي في السوق راكباً.
عَبْد اللهِ بْن بريدة بخراسان
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن موسى القيسي قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عاصم بْن عمير بْن عقبة قال: حَدَّثَنِي جدي عمير بْن عقبة قال: رأيت عَبْد اللهِ بْن بريدة على حمار يطوف القرى يقضي بين الناس.
الحسين بْن واقد قاضي مرو
حَدَّثَنَا الرمادي قال: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن سفويه قَالَ: حَدَّثَنَا علي بْن الْحَسَن ابن شقيق قال: قلت لابن المبارك إن الحسين بْن واقد إِذَا قام من مجلس القضاء دخل السوق فاشترى لحماً لعياله وحمله بنفسه، قال: فَقَالَ: ابن المبارك ومن لنا بمثل الحسين.
وكان:
أَبُوعُثْمَان عَمْرو بْن سالم قاضي مرو
حَدَّثَنَا حمزة بْن العباس المروزي قال: أَخْبَرَنَا عَبْدان قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حمزة قال: سمعت إبراهيم الصائغ يحدث عَن أبي عُثْمَان قاضي أهل(3/306)
مرو قال: الصلاة في الخوف ركعة.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: حَدَّثَنَا أبي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نميلة يحيى بْن واضح قَالَ: حَدَّثَنَا أبي قال: رأيت أبا عُثْمَان عَمْرو بْن سالم يقضي على باب داره.
حَدَّثَنِي عيسى بْن مُحَمَّد بْن عيسى المروزي قال: حَدَّثَنَا عُمَر بْن مُحَمَّد بْن الحسين قَالَ: حَدَّثَنَا أبي قَالَ: حَدَّثَنَا عيسى بْن موسى قَالَ: حَدَّثَنَا عيسى الأزرق عَن عَمْرو بْن سالم أبي عُثْمَان الأنصاري أنه كان نقش خاتمه: إن عَمْرو بْن سالم يخاف إن عصى ربه عذاب يوم عظيم.
أَخْبَرَنِي الحارث بْن مُحَمَّد قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العزيز بْن أبان قَالَ: حَدَّثَنَا يونس بْن أبي إسحاق قَالَ: حَدَّثَنِي مزاحم قاضي خراسان قال: سألت أبا جعفر مُحَمَّد بْن علي عَن جوائز العمال فَقَالَ: لك المهني ولهم المأثم.
قضاة واسط
قَالَ الموصلي: كان:
مُحَمَّد بْن المستنير
على قضاء واسط، فتقدم إليه رجل بخصمه قال: ادع بيتك فَقَالَ: تعال يا أبا الدئب ويا أبا الزعفران ويا أبا صلابة ويا أبا الياسمين! قَالَ: انطلق قبحك الله ولم يسمع منه.
وقَالَ الموصلي ولي:
أَبُو السكينة زِيَاد بْن مالك السمراي
قضاء واسط أيام الحجاج ويزيد ابن المهلب وأمر العراق خمسين سنة، فتقدم إليه رجل فقال: هات بينتك ? فتقدم إليه رجل على أذنه ريحانه: قال: بم تشهد ? قَالَ: بكذا وكذا، قَالَ: فما على أذنك ? قال: ريحانة فشمها وأعادها على أذنه، قال: قم فلا شهادة لك.(3/307)
أَبُو شيبة إبراهيم بْن عثمان
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن يوسف بْن مسلم ابن الهيثم قَالَ: حَدَّثَنِي مسعود قَالَ: كان أَبُو شيبة لحانا، فَقَالَ: يوماًحَدَّثَنَا أبي إسحاق عَن هبيرة فَقَالَ لَهُ رجل: يا أبا شيبة لو كان لحنك من الذنوب كان من الكبائر.
قال: وأتى أَبُو شيبة رجل يستفتيه، فَقَالَ: بأي شيء يكفر الرجل يمينه ? فقال: بخبزاً بدقيقاً بسويقاً، فَقَالَ لَهُ الرجل: يا أبا شيبة ترك الكفارة أيسر من هَذَا اللحن.
أَخْبَرَنِي إبراهيم عَن سلمان بْن أبي شيخ قال: حَدَّثَنَا صالح بْن سليمان قال: شهد عند أبي شيبة القاضي شهود على سعيد بْن حسين مولى عَبْد القيس فلقي سعيد بْن حسين ابن بيدا هرمز وكان يسأل لأبي شيبة عَن الشهود فقال: اتق الله وتثبت في المسألة عَن الشهود الذين شهدوا علي، فسكت عنه وأتى أبا شيبة فأخبره فلما جلس أَبُو شيبة أمر الذي يقوم على رأسه، يدعو سعيد بْن حسين، فدعاه فَقَالَ لَهُ ما دعاك إِلَى من استقام لي منذ نيف وعشرين سنة: تفسده الآن علي قَالَ: إنما قلت له اتق الله وتثبت في الشهود الذين شهدوا علي. فَقَالَ: أَبُو شيبة هكذا قَالَ: نصيب:
وكنت إِذَا ما جئتها قلت يا اسلمي ... وما كان في قولي اسلمي ما يضيرها
ثم حبسه ثلاثاً أدباً له.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفضل البصري قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن معاذ قَالَ: حَدَّثَنَا أبي(3/308)
قَالَ: كتبت إِلَى شعبة أسأله عَن أبي شيبة قاضي واسط، فكتب إلي: لا تكتب عنه شيئاً ومزق كتابي.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن موسى قال: حَدَّثَنِي سليمان بْن أبي شيخ قَالَ: حَدَّثَنَا صلة بْن سليمان قال: سمعت شعبة يقول لمُحَمَّد بْن أبي شيبة القاضي أَبُوك يحدث عَن الحكم ? قَالَ: نعم، قَالَ: أنا رأيته عند الحكم وفي أذنه قرط وشنف وهو غلام، فقلت: من هَذَا ? قَالَ: ابن أخت.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن علي بْن حمزة العلوي قال: حَدَّثَنِي عيسى بْن إسماعيل عَن العتبي عَن أبيه قَالَ: قَالَ موسى بْن عيسى لأبي شيبة: مالك لا تعودني فيمن يعودني ? قال: أصلحك الله إني إن أتيتك فأدنيتني فتنتني وإن باعدتي أحزنتني وليس عندي ما أخافك عليه، ولا عندك ما أرجوه منك، فلأي شيء آتيك.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن موسى عَن ابن أبي شيخ عَن أبيه أبي شيخ قَالَ: استكتب أَبُو شيبة يزيد بْن هارون حين ولي قضاء واسط، فلما خرج المبيضة، خرج يزيد معهم، ولزم أَبُو شيبة منزله، فلما سكن الأمر ظهر أَبُو شيبة فكلم في يزيد، فَقَالَ: لا تكتب لي، وقد تبيضت فاستكتب محرراً.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة قال: أَخْبَرَنَا سليمان بْن أبي شيخ قَالَ: كان لواسط رجل يكنى أبا الليث، تحول إِلَى البصرة بعد، وما كان فيمن رفع على أبي شيبة القاضي، فدخلوا على المهدي فتكلم أَبُو الليث في أبي شيبة فكان فيما قال: يغدو إِلَى نزهته ويبيع اللبن برغوته وتفوته الركعة فلا يقضيها، وكان لأبي شيبة بقرات تحلب ويباع لبنها، وكان عُمَر القصير يرد علي بْن الليث، وكان معهم أَبُو مَعْمَر رجل من أهل الشام(3/309)
انتقل إِلَى البصرة فَقَالَ: فِيْهِ عُمَر القصير: يا أمير المؤمنين إن هَذَا يسكر، وذكر كلاماً ضحك منه المهدي، وكان الذي يسعى على أبي شيبة: علي بْن عاصم، وكان أَبُو شيبة قبل ذلك وفد على المهدي ومعه جماعة فيهم مُحَمَّد بْن يزيد الواسطي وغيره، فزاده المهدي في أرزاقه وأجازه فذكر الذين معه، فَقَالَ المهدي له: سمهم فأبى فصاروا له عداء وذموه، فلما كان بعد ذلك من أمر صالح بْن داود أخي يعقوب بْن داود ما كان بواسط، لقيه علي بْن عاصم ومعه جماعة فيهم مُحَمَّد بْن يزيد قدمه علي بْن عاصم، قَالَ: هؤلاء يجزونك عنه، فَقَالَ: أفيكم هشيم ? قالوا: لا، قَالَ له علي بْن عاصم: هؤلاء فوق هشيم، فكتب قولهم ودفع ذلك فوجه المهدي رجلان يسألان عنه، فكتب حسن بْن علي بْن عاصم إِلَى أبيه يخبره بأنه قد فارقهما على لقائه والقول عنه؛ فجعل علي بْن عاصم يرسل إليهما من يذمه، فانصرف بذلك، فكتب في إشخاصه وشخص معه قوم يمدحونه وقوم يذمونه، فعزله المهدي، وقَالَ: لا نستبعد هَذَا الشيخ، فولاه قضاء القضاة وكانت أرزاق أَبُو شيبة في كل شهر مائة وخمسين درهماً، ثلاثين لكتابه وأعوانه ثم ولاه المهدي فصارت ثلثمائة، ثم صارت بعد ذلك أربعمائة وثمانين.
حتى:
ولي سيف بْن جابر
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة عَن ابن أبي شيخ قال: حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَان الحميري عَن أبيه قَالَ: كتب معي أَبُو شيبة كتاباً إِلَى ابن أبي ليلى، وكتاباً إِلَى ابن شُبْرُمَةَ، فلقيت ابن أبي ليلى على باب عيسى بْن موسى فدفعت إليه الكتاب فلم يقبله، فقلت ليس هو في الحكم إنما هو وصلك به، قَالَ: لا أقبله إِلَّا في مجلس الحكم، وأتيت ابن شُبْرُمَةَ فرأيت رجلاً عربياً(3/310)
سألني عنك وعن الناس، قال: قَالَ: فما صنعت بكتاب ابن أبي ليلى، قَالَ: اعترضت به الزاب فرميت به فيه.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة قال: حَدَّثَنَا سليمان قَالَ: حَدَّثَنِي أبي قَالَ: قَالَ: أَبُو شيبة أسر ما يكون العَبْد بالدنيا يأتيه الموت! قال: فكان أَبُو شيبة كذلك، أسر ماكان في الدنيا، طرق ليلاً وجد علة فأصبح ميتاً.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن موسى عَن سليمان بْن أبي شيخ قال: حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَان الحميري: قال: قدم رجل بكتاب ابن أبي ليلى على أبي شيبة قصه على الحجاج بْن دينار، فَقَالَ لَهُ الحجاج بْن دينار ما أعرف هَذَا الرجل فأجلني فأجله ومضى من يومه إِلَى الكوفة وجاء إِلَى الشاهد فدعاه إِلَى ابن أبي ليلى فقدمه فأدى عليه حقاً، فَقَالَ: الشاهد ما أعرف هَذَا الرجل ? فَقَالَ لَهُ الحجاج: اثبت إقراره أنه لا يعرفني، أنا الحجاج بْن دينار الذي قضيت علي بشهادتك فَقَالَ: الشاهد إنما أشهدني رجل قَالَ: الحجاج بْن دينار فأما هَذَا فما أشهد عليه بشيء فأخذ كتاب ابن أبي ليلى إِلَى أبي شيبة بإبطال ذلك وفسخه.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن موسى قَالَ: حَدَّثَنَا سليمان بْن أبي شيخ قَالَ: حَدَّثَنِي أبي أَبُو شيخ عَن أبي شيبة القاضي قَالَ: قيل له إن شريكاً ولي قضاء الكوفة. قال: الحمد لله الذي لم يجعله من أصحاب حماد إنه لو قد أتاكم من أصحاب حماد رأيتم ما تنكرون.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن علي قال: حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن أبي شيبة قال: حَدَّثَنَا معاوية بْن ميسرة قَالَ: رأيت أبا شيبة يكتب عند الحكم بْن عيينة الحديث في القراطيس.(3/311)
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن زهير قال: أَخْبَرَنَا سليمان بْن أبي شيخ قال: روى هشام عَن عُمَر بْن موسى بْن وجيه وكان واسطياً ينزل دار الرصاص وهو من حمير ولي قضاء واسط في أول زمن بني العباس، ولاه الهيثم بْن زِيَاد الخزاعي، والهيثم أول من ولى لبني العباس في أيام أبي العباس ثم وجه عيسى بْن موسى من الكوفة أيام أبي جعفر أبا شيبة إبراهيم بْن عُثْمَان على القضاء، فأقام بها ثمانية وعشرين سنة، ثم عزله المهدي، ثم ولي بعده سلمة بْن صالح وهو سلمة الأحمر.
قَالَ: أَبُو بكر وكيع: وسلمة بْن صالح ضعيف الحديث جداً.
حَدَّثَنَا عنه إبراهيم بْن محمر قَالَ: حَدَّثَنَا سلمة بْن صالح الأحمر قال: حَدَّثَنَا أَبُو إسحاق عَن الأسود وحماد عَن إبراهيم عَن الأسود عَن عَائِشَة قالت: إن كنت لأدخل مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شعاره وأنا حائض ما علي إِلَّا إزار ولكن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان أملككم لأربه.
قَالَ: ابن أبي شيخ: وكان سلمة يزعم أنه مولى فولي القضاء عشر سنين ثم شخص في أمره إِلَى بغداد أيام هارون خالد بْن عَبْد اللهِ الطحان وهشيم ومُحَمَّد بْن يزيد ويزيد بْن هارون وأبان الطحان حتى أشخص وجمع بينهم وعزل. ثم ولي بعده:
أسد بْن عَمْرو البجلي
أربع سنين ثم خرج إِلَى الكوفة عَن غير عزل. ثم ولي بعده:
علي بْن حرملة التيمي
تيم الرباب، قَالَ: القاضي وقد تقدم ذكر هذين في قضاة بغداد.
قَالَ: ابن أبي شيخ: ثم ولي بعده:
سعد بْن إبراهيم بْن سعد الزهري
سماه أَبُو البختري ثم ولي بعده:
عَبْد العزيز بْن أبان القرشي
من ولد سعيد ابن العاص.(3/312)
حَدَّثَنِي ابن أبي خيثمة قال: سمعت يحيى بْن معين يقول: عَبْد العزيز ابن أبان وضع أحاديث عَن سُفْيَان الثوري لم تكن.
قَالَ ابن أبي شيخ: ثم ولي بعده:
أَبُو الموفق سيف بْن جابرالجهني
ولاه طاهر فلما كان أيام أبي السرايا أخرج إِلَى بغداد. ثم ولي:
الْحَسَن بْن سهل
القاسم بْن سويد
من أصحاب أبي يوسف ثم عزل ورد المأمون:
سيف بْن جابر
ثم ولي:
أَبُو تمام إسرائيل النهري
فأقام سنة ثم خرج إِلَى البصرة فاستعفى.
قَالَ وكيع: وهو إسرائيل بْن مُحَمَّد قاضي الرحاب، كذا حَدَّثَنِي العباس بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن الأنصاري عَن أبيه.
قَالَ: ابن أبي شيخ: ثم ولي بعده:
جعفر بْن مُحَمَّد بْن عمار البرجمي
فولى سبع عشر سنة ثم عزل.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عُثْمَان عَن سليمان بْن أبي شيخ قال: جاء رجل إِلَى أبي الموفق سيف بْن جابر فأغلظ له فحبسه، فكلمته فِيْهِ وقلت إن هَذَا الرجل إنما حبسته لنفسك، فإن رأيت أن تخرجه، فقال: لنفسي لا والله ولو شتمني، فأنا على غير القضاء ما قلت له شيئاً، ولكني حبسته للمسلمين، لأن القاضي إِذَا وهن وهنت أحكامه، فكان ذلك راجعاً على المسلمين. قال: وكان أَبُو الموفق يكره القضاء ويقول: لولاي مسلحة خير منه. فقلت له: إنك إن نويت أن تدفع عَن القضاء من لا يستخلفه، وجرت أن تكون مصيباً مأجوراً. قال: ما أعلمك إِلَّا أن قد سهلت علي.(3/313)
قَالَ سليمان: كان أَبُو الموفق على القضاء بواسط، فقال: لا يقربني أحد إِلَّا يوم الجمعة، فَقَالَ لي: عَبْد العزيز الكوفي: أنا لا أشهد عنده إِلَّا يدخلني في غير الجمعة، فقلت ذاك لأبي الموفق فقال: صدق هو لا يشهد عندي ولكن يراه الناس داخلاً إلي وخارجاً من عندي، فيهدون إليه والله لأمنعن منه الأطباق.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة قال: سمعت يحيى بْن معين يقول: كنا عند عَبْد العزيز بْن أبان، فحَدَّثَنَا عَن فطر بحديث ابْن عَبَّاس قَالَ: السابع من بني العباس يلبس الخضرة ويعدل ويفعل فعدد أشياء من أمر المأمون فوثب عليه أَحْمَد بْن حنبل فأخذ الصحيفة من يده وإذا في أعلاها كتاب عتيق أصفر، وفي أسفلها كتاب أصفر عتيق، بينهما فصل هَذَا الحديث في ذلك الفصل بكتاب طري، فخرج إِلَى الكوفة ثم كتب إلينا: لو تركتموني لحدثتكم بأحاديث فقلت حسبنا هَذَا.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن موسى قال: حَدَّثَنَا سليمان بْن أبي شيخ قال: رأيت جبلة بْن عَمْرو بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْن سعيد بْن العاص عند وكيع وهو يأكل رطب دقل فَقَالَ لي: وكيع: هَذَا ابن عم قاضيكم، يعني عَبْد العزيز ابن أبان، وكان يومئذ على قضاء واسط.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة عَن سليمان بْن أبي شيخ قال: ثم ولى بعد جعفر بْن مُحَمَّد بْن عمار:
عثمان بْن سعيد بْن سلمة بْن عُثْمَان بْن مقسم البرني
أقام بها ثلاث سنين. قَالَ: القاضي: وهو أَبُو أَحْمَد بْن عُثْمَان البرني ولي أَحْمَد قضاء الري وقزوين وزنجان وأبهر. ثم ولي حلوان وماسندان ثم ولي الأنبار ثم ولي أصبهان.
قَالَ: ابن أبي شيخ: ثم ولي بعد عُثْمَان البرني:
أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى السري
في سنة ثمان وثلاثين ومائتين.(3/314)
قَالَ سلمان: أخذت أول هَذَا مما لم أدرك عَن أبي سُفْيَان الحميري وأصحابنا.
قَالَ: وكيع ثم ولي بعد السري:
البزيعي
ثم ولي:
موسى بْن إسحاق بْن موسى
بن عَبْد اللهِ بْن يزيد الخطمي. ثم:
مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الجدوعي
ثم:
موسى بْن إسحاق ثانية
ثم:
عَبْد الرحمن بْن مُحَمَّد
بن برزخ. ثم:
موسى ابن إسحاق ثالثة
ثم دخل الزنج واسط ثم أعيدت واسط فوليها:
عَبْد اللهِ بْن أَحْمَد الطيالسي
ثم:
مُحَمَّد بْن أَحْمَد المقدمي
ثم:
مُحَمَّد بْن حماد
ثم:
يوسف بْن يعقوب
ثم صرف يوسف فوليها:
أَحْمَد بْن عُمَر بْن شريح
ثم:
الأحوص بْن المفضل
ثم:
مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْن أبي الشوارب
ثم:
مُحَمَّد بْن أَحْمَد التركماني
ثم:
إبراهيم بْن جعفر بْن إبراهيم
بن جعفر بْن جابر. ثم:
أَبُو عُمَر مُحَمَّد بْن يوسف
استخلف عليها عبيد الله بْن صالح بْن أَحْمَد.
ابن العداء الكندي
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن موسى قَالَ: حَدَّثَنَا ابن أبي شيخ قال: حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَان الحميري قال: ولي القضاء بواسط لابن هبيرة ابن العداء الكندي فتقدم رجل إِلَى ابن هبيرة فَقَالَ: أصلح الله الأمير إن قاضيك هَذَا يرتشي، قَالَ: ارتشى منك ? قال: نعم. فدعا ابن هبيرة بحلة فَقَالَ: ارشه هذه، حتى أنظر يقبلها ففعل، وراح ابن العداء على ابن هبيرة فيها فعزله.
هاشم بْن بلال الحبشي
حَدَّثَنَا أَبُو بكر بْن زنجويه قال: حَدَّثَنَا أَبُو مسهر قال: حَدَّثَنَا سهل بْن هاشم بْن بلال وكان أَبُوه ولي قضاء واسط أيام بني أمية.(3/315)
العدوي
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن علي العدوي قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الغفار بْن عَبْد اللهِ وقال: حَدَّثَنَا علي بْن مسهر قال: قَالَ لي: المهدي حين ولاني: ما تقول في شاهد الزور ? قلت: يا أمير المؤمنين فيها أقاويل، قول شريح يؤتى به حيه فيُقَالُ: لهم إن هَذَا شهد بالزور فاعرفوه، وغير ذلك. وأما عُمَر بْن الخطاب فإنه كان يقول يضرب أربعين ويحلق رأسه ويسود وجهه ويطاف به ويطال حبسه. قال: خذ بقول عُمَر. أما علمت أن الله وضع الحق على لسان عُمَر.
أشياء من أخبار القضاة نوادر
أَخْبَرَنَا القاسم بْن مُحَمَّد بْن الحرث المروزي سنة ثلاث وخمسين ومائتين قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن يحيى الصائغ عَن علي بْن حجر قال: كان على أهل الري قاض يكنى أبا حرزة فاختصم إليه قوم في عقد من لؤلؤ وجوهر، فوضع بين يدي القاضي وهم يختصمون، فأخذ القاضي خرزة منها فوضعها في فِيْهِ ثم استرطها وأعرابي ينظر ففطن له فقال:
دعوت رب شُعَيْب أن ينجيني ... من كورة يبعر الياقوت قاضيها
إن الذي كان أوعاها فأخرجها ... دلت علي غدرات كان يخفيها
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن موسى بْن الْحَسَن بْن الفرات الكاتب أَبُو العباس قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَر بْن شيبة في إسناد لم يحفظه قال: بلغ عَبْد الملك بْن مروان أن قاضياً له ارتشى، فكتب إليه:
إذا رشوة حلت ببيت تولجت ... لتدخل فِيْهِ والأمانة فيه(3/316)
سعت هربا منها وولت كأنها ... تولى حليم عَن جواب سفيه
حَدَّثَنِي أَبُو مالك الأيادي قال: بلغني أن عَبْد اللهِ بْن خالد قاضي أصفهان كان قد جعل في خاتمه طيناً من بان أو مسك، فكان إِذَا أتته المرأة تستعديه، ختم لها خاتمه يريد أن تجد رائحته.
قال: وقضى عَبْد اللهِ بْن خالد بشهادة مخنث وعطسة اختصم إليه قوم في شيء فأقاموا شهادة مخنث فقال: ما أرى هَذَا يكذب، وعطس إنسان في المجلس فقال: وهَذَا شاهد آخر فقضى به.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن سليمان الراوية، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حاتم أَبُو نضر عَن الأصمعي قال: قدم إِلَى قاض من القضاة امرأة قبيحة الوجه، حسنة المنتقبة، وزوجها معها، فلما رآها القاضي في نقابها حلت بعينه، فالتفت إِلَى زوجها فقال: يتزوج أحدكم المرأة لا يحسن عشرتها، ففطن الزوج فضرب يده إِلَى نقابها فسفرها فَقَالَ: القاضي: شكوى مظلوم ووجه ظالم خذ بيدها.
وقَالَ: ابن أخي الأصمعي عَن عمه قال: زعم خلف الأحمر أنه سأل قاضي ميدان أتضرب أحداً? قَالَ: من استضعفته ضربته.
وحَدَّثَنِي طلحة بْن عَبْد اللهِ الطلحي قال: حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن إبراهيم بْن إسماعيل قال: رفع إِلَى المأمون أن قاضي جبل يقص رءوس الخصوم. فوقع في رقعتهم مزين إن شاء الله.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أبي خيثمة: أن عَبْد الرحمن أخا علي بْن مسهر هو الذي قَالَ: لهارون يا أمير المؤمنين، فعم القاضي قاضي جبل أثنى على نفسه.
إبراهيم الحربي عَن مُحَمَّد بْن منصور قاضي الأهواز قال: كلم(3/317)
أَبُو يوسف في عَبْد الرحمن بْن مسهر، فكتب عهده ثم تخوف أن يوليه لأنه لم يكن يراه يخوض في الفقه، فتركه شهراً ثم ذكروا يوماً عند أبي يوسف خطأ القضاة. فَقَالَ: عَبْد الرحمن بْن مسهر أنا أعجب من قاضي يخطئ، فَقَالَ: أَبُو يوسف: وكيف إِذَا ولي الرجل القضاء فأتاه الخصمان في أمر مثل الشمس، أمضاه فإذا أشكل عليه ردهما إِلَى المجلس الآخر وفي الناس مثلك وأشباهك، فتوجه وتشاور وتبحث فمن المحال أن يعيي عليه الحق. قال: فَقَالَ لَهُ أَبُو يوسف فأين كنت عَن هَذَا منذ شهر، خذ عهدك من الطاق واعمل على هَذَا.
قَالَ: أَبُو إبراهيم الزهري: حَدَّثَنَا الحروري قال: حَدَّثَنَا أَبُو حفص قَالَ: أَخْبَرَنِي سعيد بْن بشير قال: كنت عند الزبير بْن عدي وكان قاضياً على فارس، فقال: اللهم أسمعنا رعدة نحمدك عليها، قَالَ: سعيد فما يرحمنا حتى جاء الرعد وجاء المطر.
وعن سعيد بْن بشير قال: قَالَ لي: الزبير بْن عدي: ألا أعجبك ? اختصم إلي رجلان قضيت على أحدهما باليمين فحلف فما فرغ قال: أزيدك قلت ما شئت، فحلف ثلاثاً فعاش ثلاثة أيام ثم مات، عاش لكل يمين يوماً.
وقَالَ: الموصلي: قدم رجل رجلاً إِلَى أبي ضمضم القاضي؛ فادعى أنه ذبح شاة له، فَقَالَ: أَبُو ضمضم: قوماً. فإن الأمير أمرنا ألا تقضي في الدماء.
حَدَّثَنِي أَبُو بكر بْن أبي الدنيا قال: سمعت علي بْن الجعد يقول: ولي أَبُو يوسف العلاء بْن هارون أخا يزيد بْن هارون يكنى بأبي يعلى قضاء الأنبار، فاستعفى ورجع بالقمطر، ومضى إِلَى فلسطين. قَالَ القاضي:(3/318)
وهَذَا الرجل حدث عنه جماعة منهم ضمرة بْن ربيعة.
حَدَّثَنَا علي بْن سعيد بْن قتيبة: قَالَ: حَدَّثَنَا ضمرة بْن ربيعة عَن العلاء ابن هارون عَن ابن عون عَن حفصة بنت سيرين عَن أم رابح بنت صليح عَن سلمان بْن عامر الضبي قال: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: صدقتك على المسكين صدقة وهي على ذي الرحم اثنتان لأنها صدقة وصلة.
وحدث عنه علي بْن الجعد أيضاً بحديث ابن عون عَن ابن سيرين.
حديث جعدة السلمي مع عُمَر
قَالَ: أَبُو بكر وكيع: أظن أن ابن أبي الدنيا حَدَّثَنِيه عَن علي.
غرائب
حَدَّثَنَا أَحْمَدبن مُحَمَّدبن معدان قال: أظن عقيل بْن يحيى الطهراني حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين بْن حفص قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هانئ القاضي واسمه إسماعيل بْن خليفة قَالَ: حَدَّثَنَاسُفْيَان الثوري عَن هشام بْن عروة عَن أبيه عَن عَائِشَة قال: قَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن بالله.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن معدان قال: حَدَّثَنَا إسماعيل بْن عَبْد اللهِ بْن مسعود قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن أيوب عَن ابن هانئ واسمه إسماعيل بْن خليفة عَن سُفْيَان عَن عُمَر بْن يعلى أَبُو مرة عَن أبيه عَن جده قال: أتينا النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي يدي خاتم من ذهب فَقَالَ: أتؤدي زكانه ? قلت وفيه زكاة ? قَالَ: النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جمرة عظيمة.
قضاة الأهواز
أَخْبَرَنِي عَبْدان بْن موسى الأهوازي في كتابه: أنه سمع زيد بْن الجريش(3/319)
يقول سمعت أبا همام يقول ولي:
أشعث بْن سوار
قضاء الأهواز فصلى بهم الجمعة فقرأ: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى [النجم: 1] فلم يسجد فيها ولم يسجد من خلفه.
قَالَ: عَبْدان وجد في ديوان القضاء بسوق الأهواز كتاب فيه: هَذَا ما قضى به
سالم بْن أبي سالم
سنة مائة أو إحدى ومائة، وهَذَا في أيامَعْمَر بْن عَبْد العزيز.
وولي:
هدبة بْن المنهال بْن عَمْرو الأسدي
قضاء الأهواز.
ثم ولي:
عَمْرو ابن الوليد الأعصف
قضاء الأهواز، ولاه مُحَمَّد بْن سليمان بْن علي. وولي بعده رجل يُقَالُ لَهُ:
ابن مسلح
وولي:
طاهر بْن الحسين عَمْرو بْن النضر البزار
سنة ست وتسعين ومائة.
ثم عزله المأمون وولي رجلاً يُقَالُ لَهُ:
علي بْن روح
وولي:
إسرائيل بْن مُحَمَّد أَبُو تمام
وولي:
يحيى بْن عَبْد الرحمن الأرحبي
الذي تحدث عنه أَبُو كريب، ومُحَمَّد بْن عُمَر ابن هياج. وولي:
مُحَمَّد بْن حماد الخراساني
ولي بضع عشرة سنة ومات فولي:
الحسين بْن النضر الأهوازي
سنة عشرين ومائتين ثم ولي:
عَبْد الصمد بْن رزق الله
ثم عزل وولي:
علي بْن الْحَسَن الأشعر
في آخر خلافة الواثق. ثم ولي:
مُحَمَّد بْن منصور
ثم عزل وولي:
الكليبي
ثم رد:
مُحَمَّد بْن منصور
إِلَى سنة أربعين. ثم أشخص إِلَى سر من رأى ثم أعيد. ثم ولي:
مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن العنبري
ابن أخي سوار, ثم ولي:
أَبُو سهل الرازي
ثم عزل. وولي:
مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن أبي سويد
ثم عزل: وولي:
مُحَمَّد بْن زِيَاد الثقفي
ثم ولي:
عَبْد الرحيم بْن عَبْد اللهِ العنبري
ثم عزل. وولي:
موسى بْن(3/320)
إسحاق الأنصاري
ثم عزل، وولي:
أَحْمَد بْن يحيى بْن أبي يوسف
ثم عزل، ورد:
موسى بْن إسحاق
ثم عزل. وولي:
علي بْن مسلمة الزعفراني
ثم مات، فولي:
علي بْن مُحَمَّد بْن بشار الحباني
نصف العمل والنصف:
بدر بْن الهيثم الكوفي
ثم ولي:
أَحْمَد بْن مُحَمَّد النخعي
ثم:
موسى بْن إسحاق
ثم
أَحْمَد بْن عُمَر بْن شريح
ثم:
الأحوص بْن المفضل
ثم
مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْن أبي الشوارب
واستخلف مُحَمَّد بْن الضحاك ابن أبي عاصم وغيره. ثم
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن بكير
النصف و:
مُحَمَّد بْن عيسى بْن إبراهيم الضرير
النصف، ثم جمع العمل لـ:
مُحَمَّد بْن خلف وكيع
واستخلف جماعة
ويُقَالُ: إن:
عَمْرو بْن صالح الزهري
كان على سرف، يروى عَن أشعث بْن سوار وعَبْد الملك بْن أبي سليمان وغيرهما. وولي:
موسى بْن داود الضبي
تستر
وولي:
الصلت بْن مسعود الجحدري
تستر
وذكر أن رجلاً يكنى بـ"أبي قحطويه" ولي جنديسابور وكان جاهلاً له نوادر.
أَخْبَرَنِي عَبْدان في كتابه قَالَ: أَخْبَرَنِي الخليل بْن يَعْمُر الجنديسابوري وغيره من مشايخهم أنه رفع إليه امرأة ورجل ادعت المرأة الدخول وأنكر الزوج، فدعا بورقة سلق فوضعها على يده فَقَالَ: أنا ضارب فإن انشقت الورقة فقد دخل بها.
ولما دخل جنديسابور جلس في أسفل أكمة يبول حتى نزل البول على رجليه. وسكر فعزل. ثم ولي ثانية فجمعهم فَقَالَ: هَذَا عهدي وهو أني لحق كذا كذا كلمة سفه. قَالَ: أَبُو يوسف ولاه.
وولي بعده:
ابن أبي الورقاء
جنديسابور والسوس. وولي نهر تيري:
أَحْمَد بْن أوفى
يروى عنه عَن شعبة وعن سُفْيَان بْن أبي الورقاء جنديسابور والسوس.(3/321)
أَخْبَرَنِي عَبْدان في كتابه قال: أَخْبَرَنِي سهل بْن شيبان والنضر بْن يزيد أنهما حضراه، وتقدم إليه رجلان، فادعى أحدهما مالا على الآخر فأنكره المدعي عليه، فسأل المدعي يمينه فأحلفه فلما قَالَ لَهُ: قل والله ابتدأ فقال: والله، ثم قَالَ: وأزيدك أيها القاضي الطالب الغالب، فخر ميتاً وحمل.
تم كتاب أخبار القضاة والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على رسوله سيدنا مُحَمَّد النبي وآله الطيبين الطاهرين.
ووافق الفراغ منه يوم الأربعاء سابع وعشرون صفر سنة خمس وخمسين وخمسمائة. (1)
__________
(1) . هنا تم الكتاب أخبارالقضاة كما صرح به هنا، ولكن ورد في المطبوع زيادات وهي شبه الفهارس وهي كما يلي:
((قضاة النواحي المتفرقة
عامر بْن سليمان الأحول: قضاء المدائن حماد بْن دليل: المدائن،يحيى بْن يَعْمُر: خراسان، عَبْد اللهِ بْن بريدة: خراسان، الْحَسَن بْن واقد: مرو، عَمْرو بْن سالم: مرو، مُحَمَّد بْن المبشر: واسط، أَبُو السكينة وفاء ابن وهب: واسط، أَبُو شيبة إبراهيم بْن عثمان: واسط، سلمة بْن صالح: واسط، أسد بْن عُمَر البجلي: واسط، علي بْن حرملة التيمي،سعد بْن إبراهيم بْن سعد الزهري،عَبْد العزيز بْن أبان القرشي، أَبُو التوفيق سيف بْن جابر الجهني،أَبُو همام إسرائيل،جعفر بْن مُحَمَّد بْن عمار، عُمَر بْن سعيد،أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى الوريقي،موسى بْن إسحاق بْن موسى،مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الجدوعي،موسى بْن إسحاق ثانية،عَبْد الرحمن ابن مُحَمَّد بْن روح،موسى بْن إسحاق ثالثة،عَبْد اللهِ بْن أَحْمَد الطنافسي(3/322)
مُحَمَّد بْن أَحْمَد المقدسي،مُحَمَّد بْن حماد،يوسف بْن يعقوب، أَحْمَد بْن عُمَر بْن شريح،الأحوص بْن المفضل،مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْن أبي الشوارب،مُحَمَّد بْن أَحْمَد البرداني،،إبراهيم بْن جعفر، أَبُو عُمَر مُحَمَّد بْن يوسف بْن العداء الكندي،هاشم بْن بلال الحبشي العدوي.
الأهواز
أشعث بْن سوار،عَمْرو بْن الوليد أَبُو مصلح، عُمَر بْن النضر،علي بْن روح،إسرائيل بْن مُحَمَّد،يحيى بْن عَبْد الرحمن،مُحَمَّد بْن عُمَر بْن هياج،مُحَمَّد بْن حماد الخراساني، الْحَسَن بْن النضر الأهوازي،عَبْد الصمد بْن رزق الله،علي بْن الحسين الأشقر،مُحَمَّد بْن منصور،الكليبي،مُحَمَّد بْن منصور،مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن الِعُمَرَي،أَبُو سهل الرازي،مُحَمَّد بْن إبراهيم،مُحَمَّد بْن زِيَاد الثقفي، عَبْد الرحمن بْن عَبْد اللهِ العنبري،موسى بْن إسحاق،أَحْمَد بْن يحيى بْن أبي يوسف،موسى بْن إسحاق،علي بْن سلمة الزعفراني،علي بْن مُحَمَّد بْن بشار،أَحْمَد بْن يحيى بْن أبي يوسف،أَحْمَد بْن مُحَمَّد النخعي،مُحَمَّد بْن الضحاك،مُحَمَّد بْن خلف وكيع، عُمَر بْن صالح،موسى بْن داود الضبي، الصلت بْن مسعود: تستر، ابن مخطوبة: جند يسابور، ابن أبي الورقاء: السوس
أَحْمَد بْن أبي أوفى: نهر تيري.
قضاة الشرقية
عُمَر بْن حبيب العدوي، نوح بْن دراج،حفص بْن غياث،أسد بْن عُمَر البجلي، علي بْن ظبيان العبسي،علي بْن حرملة التيمي، عُمَر بْن حبيب ثانية،مُحَمَّد بْن أبي رجاء،عكرمة بْن طارق السرخسي،إسماعيل بْن حماد،(3/323)
عَبْد الرحمن بْن إسحاق،عَبْد اللهِ بْن مُحَمَّد بْن أبي زيد،حسان بْن بشر الأسدي،مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْن المؤذن،أَبُو حسان الرمادي،أَبُو هشام الرفاعي،أَحْمَد بْن مُحَمَّد البرني،إسماعيل بْن إسحاق،أَبُو خازم،أَبُو عُمَر مُحَمَّد بْن يوسف،عَبْد اللهِ بْن علي بْن مُحَمَّد بْن أبي الشوارب أَبُو عُمَر ثانية
أخبار قضاة القضاة بسر من رأى وبغداد
أَبُو يوسف،علي بْن ظبيان،علي بْن حرملة،يحيى بْن أكثم،أَحْمَد ابن أبي دواد، أَبُو الوليد بْن أَحْمَد بْن أبي دواد،جعفر بْن عَبْد الواحد،جعفر بْن مُحَمَّد بْن عمار،مُحَمَّد بْن رزين البصري،الحسين بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك ابن أبي الشوارب،عَبْد الرحمن بْن وائل، الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أبي الشوارب أيضاً،مُحَمَّد بْن هاشم،مُحَمَّد بْن إسماعيل، أَبُو زرعة بْن عُثْمَان،أَبُو حفص عُمَر الحلبي
أَحْمَد بْن العباس،أَبُو زرعة ثانية
ما حفظناه من أخبار القضاة من نواحي الشام وفلسطين وأفريقية والحرم
وما يلي ذلك متفرقاً إِذ لم يقع إلينا أمرهم على التأليف، عِمْرَان بْن سليم،النضر بْن شفي،سليمان بْن حبيب المحاربي،أَبُو حبيب الحارث بْن مُحَمَّد يزيد بْن خليفة اليحصبي.
فلسطين
عَبْد اللهِ بْن موهب،جواس بْن صلاح، ابن أنعم الإفريقي: قاضي أفريقية، الوليد بْن سلمة قاضي الأردن، معاوية بْن صالح،(3/324)
الأندلس
عَمْرو بْن شراحيل، مُحَمَّد بْن خازم المعافري، ابن أبيَعْمُرة: قاضي حران.
الموصل
عَبْد الرحمن الخولاني، علي بْن مسهر،علي بْن الفضيل،أَبُو حيوة قاضي الصخور الجزرية،عَمْرو بْن صدقة: قاضي انطاكية.
ذكر قضاة مصر منذ افتتحت
قيس بْن أبي العاص السهمي،كعب بْن يسار بْن ضبة العبسي،سليم بْن عُمَر النخعي،عابس بْن سعيد المرادي،بشير بْن النضر البرني،عَبْد الرحمن بْن حجرة الخولاني،يونس بْن عطية،أوس بْن أخي يونس بْن عطية،عَبْد الرحمن بْن معاوية بْن خديج، عِمْرَان بْن عَبْد الرحمن بْن شرحبيل،عَبْد الأعلى بْن خالد بْن ثابت الفهمي،عَبْد اللهِ بْن عَبْد الرحمن بْن حجرة،عياض بْن عَبْد اللهِ الأزدي،الخيار بْن خالد المدلجي،عَبْد اللهِ بْن عَبْد الرحمن ثانية،عياض بْن عَبْد اللهِ ثانية،يحيى بْن ميمون الحضرمي
يزيد بْن عَبْد اللهِ بْن خداش الحضرمي،جبر بْن نعيم الحضرمي،عَبْد الرحمن بْن سالم،جبر بْن نعيم ثانية،ابن لهيعة، إسماعيل بْن اليسع الكوفي،عون بْن سليمان ثانية،المفضل بْن فضالة،مُحَمَّد بْن مروان الكندي،عَبْد الرحمن بْن عَبْد اللهِ بْن المجبر،هاشم بْن أبي بكر البكري،إبراهيم بْن أبي النضر،لهيعة بْن عيسى الحضرمي،إبراهيم بْن إسحاق القاري،إبراهيم بْن الجراح،عيسى بْن المنكدر بْن(3/325)
مُحَمَّد بْن المنكدر،سرور بْن عَبْد اللهِ الزهري،ابن أبي الليث،الحارث بْن مسكين،عَبْد الرحمن بْن إبراهيم بْن رحيم
أَبُو بكرة،مُحَمَّد بْن عقدة،أَبُو زرعة الدمشقي،علي بْن الحسين بْن حرب.
قضاة بغداد
يحيى بْن سعيد الأنصاري، الحسين بْن عمارة،مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ ابن علاثة الكلابي، أَبُو يوسف يعقوب بْن إبراهيم: الجانب الغربي،سعيد ابن عَبْد الرحمن الجمحي: الجانب الشرقي، الْحَسَن بْن الْحَسَن بْن زرعة،عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن أبي بكر بْن عَمْرو بْن جرير،عون بْن عَبْد اللهِ المسعودي،مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ الأنصاري،إسماعيل بْن حماد بْن أبي حنيفة،أَبُو البختري وهب بْن وهب الأنصاري /سعد بْن إبراهيم،قتيبه بْن أبي زِيَاد الخراساني،مُحَمَّد بْن عُمَر الواقدي،أَبُو عُمَر مُحَمَّد بْن عيد، يحيى بْن أكثم،أَبُو يحيى الزهري،أَبُو الوليد،شُعَيْب بْن سهل الرازي،،بشير بْن الوليد الكندي،عبيد الله بْن أَحْمَد بْن غالب،عَبْد السلام بْن أَحْمَد بْن غالب،سوار بْن عَبْد اللهِ بْن سوار العنبري،إسماعيل بْن إسحاق بْن إسماعيل بْن حماد بْن زيد،القاسم بْن منصور، أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى البرني،إسماعيل بْن إسحاق ثانية.
أخبار قضاة الجانب الغربي من مدينة السلام قضاة مدينة المنصور
الْحَسَن بْن عمارة،مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْن علاثة،عبيد الله،يوسف بْن أبي يوسف،مُحَمَّد بْن سماعة،إبراهيم بْن أبيَعْمُر،عَبْد الرحمن بْن إسحاق.. تم الجزء الثالث من أخبار القضاة وبه تم الكتاب.(3/326)