البصرة، وكان بليغا لسنا مطبوع البلاغة مشهورا بذلك. حديثه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الأشربة أنه رخص له وهو سقيم أن ينبذ في جرة. وهو الذي قَالَ له معاوية: يا أزرق. قَالَ: البازي أزرق. قَالَ له: يا أحمر.
قَالَ: الذهب أحمر، وهو القائل لمعاوية- إذ سأله عن البلاغة- قال:
لا تخطىء ولا تبطئ.
(1237) صدي [1] بن عجلان بن وهب، أبو أمامة الباهلي،
غلبت عليه كنيته، ولا أعلم في اسمه اختلافا. كان يسكن حمص.
توفي سنة إحدى وثمانين، وهو ابن إحدى وتسعين سنة. ويقَالَ: مات سنة ست وثمانين.
قَالَ سفيان بن عيينة: كان أبو أمامة الباهلي آخر من بقى بالشام من أصحاب رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عمر: قد بقى بالشام بعده عبد الله بن بسر [2] ، هو آخر من مات بالشام من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. كان أبو أمامة الباهلي ممن روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأكثر. روى عنه جماعة من التابعين، منهم سليم بن عامر الخبائريّ، والقاسم [3] بن عبد الرحمن، وأبو غالب حزور، وشرحبيل بن مسلم، ومحمد بن زياد. وقد ذكرناه في الكنى بأتمّ من هذا.
__________
[1] بالتصغير- كما في التقريب.
[2] في أسد الغابة: عبد الله بن بشر.
[3] في ى: أبو عبد الرحمن.(2/736)
(1238) صرد بن عبد الله الأزدي.
قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد قومه، فأسلم وحسن إسلامه، وذلك في سنة عشر، وأمّره رسول الله صلّى الله على من أسلم من قومه، وأمره أن يجاهد بمن أسلم من قومه من يليه من أهل الشرك من قبائل اليمن. خبره بتمامه في المغازي.
(1239) صرمة [1] بن أبي أنس، اسم أبي أنس قيس بن صرمة بن مالك بن عدىّ ابن عامر بن غنم بن عدي بن النجار الأنصاري،
يكنى أبا قيس، غلبت عليه كنيته، وربما قَالَ فيه بعضهم: صرمة بن مالك، فنسبه إلى جده، وهو الذي نزلت في سببه وسبب عمر بن الخطاب رضي الله عنه [2] : «أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ 2: 187 إلى قوله تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا.. 2: 187. الآية» ، لقصة محفوظة في التفسير، وفي الناسخ والمنسوخ.
قَالَ [3] ابن إسحاق: كان رجلا قد ترهب في الجاهلية، ولبس المسوح، وفارق الأوثان، واغتسل من الجنابة، واجتنب الحائض [4] من النساء، وهم بالنصرانية، ثم أمسك عنها، ودخل بيتا له فاتخذه مسجدا لا يدخل عليه فيه طامث ولا جنب، وقال: أعبد رب إبراهيم، وأنا على دين إبراهيم. فلم يزل بذلك [5] حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فأسلم وحسن إسلامه، وهو شيخ كبير، وكان
__________
[1] في أسد الغابة: صرمة بن أنس. وفي القاموس: صرمة بن قيس وابن أنس وابن أبى أنس.
[2] سورة البقرة: 187.
[3] في أ: قاله أبو إسحاق عن البراء بن عازب، وذكره البخاري عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل، عن أبى إسحاق كان رجلا ...
[4] في أ: الحيض.
[5] في أ: كذلك.(2/737)
قوالا بالحق، يعظم الله في الجاهلية، ويقول أشعارا في ذلك حسنا، فذكر أشعارا منها قوله:
يقول أبو قيس وأصبح ناصحا ... ألا ما استطعتم من وصاياي [1] فافعلوا
وهي ستة أبيات قد ذكرتها في بابه من الكنى.
ومنها قوله أيضا:
سبحوا الله شرق كل صباح ... طلعت شمسه وكل هلال
وهي خمسة عشر بيتا قد ذكرت أكثرها في بابه في الكنى.
وذكر سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد قَالَ: سمعت عجوزا من الأنصار تقول: رأيت ابن عباس يختلف إلى صرمة بن قيس يتعلّم منه هذه الأبيات:
ثوى في قريش بضع عشرة حجة ... يذكر لو يلقى صديقا مواسيا [2]
ويعرض في أهل المواسم نفسه ... فلم ير من يؤوي ولم ير داعيا
فلما أتانا واستقرت به النوى ... وأصبح مسرورا بطيبة راضيا
وأصبح ما يخشى ظلامة ظالم [3] ... بعيد ولا يخشى من الناس باغيا
بذلنا له الأموال من جل مالنا ... وأنفسنا عند الوغى والتآسيا
نعادي الذي عادى من الناس كلهم ... جميعا وإن كان الحبيب المواتيا
ونعلم أن الله لا شيء غيره ... وأن كتاب الله أصبح هاديا
(1240) صرمة العذري [4] .
روى عنه ربيعة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سبي بني المصطلق وقصة العزل نحو حديث أبي سعيد الخدري في ذلك.
__________
[1] في أ: وصاتى.
[2] في أسد الغابة: مواتيا.
[3] في أسد الغابة: وأصبح لا يخشى عبارة واحد، قريبا.
[4] في أ. صرفة.(2/738)
(1241) الصعب بن جثامة بن قيس الليثي،
من بني عامر بن ليث، وهو أخو مسلم بن جثامة، كان ينزل ودان من أرض الحجاز.
مات في خلافة أبي بكر الصديق.
روى عنه عبد الله بن عباس، وشريح بن عبيد الحضرميّ.
(1242) صلصال [1] بن الديلمة،
سقط لأبي عمر فألحقه الفقيه أبو علي. وروى عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تزال أمتي في فسحة ... الحديث.
(1243) صلصل بن شرحبيل،
لا أقف على نسبه. له صحبة، ولا أعلم له رواية، وخبره مشهور في إرسال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياه إلى صفوان بن أمية وسبرة العنبري، ووكيع الدارمي، وعمرو بن المحجوب العامري، وعمرو بن الخفاجي من بني عامر، وهو أحد رسله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(1244) صلة بن الحارث الغفاري.
معدود في المصريين. وهو الّذي قال لسليم ابن عنز التجيبي- إذ قام يقص على الناس ويعظهم: ما تركنا عهد نبينا، ولا قطعنا أرحامنا حتى قمت أنت وأصحابك بين أظهرنا.
وحديثه هذا عند عبد الرحمن المقري، عن حيوة بن شريح، عن الحجاج ابن شداد الصنعاني، عن أبي صالح سعيد بن عبد الرحمن الغفاريّ- أنّ سليم ابن عنز [2] كان يقص على الناس، فَقَالَ له صلة بن الحارث الغفاريّ- وكان
__________
[1] هذه الترجمة كلها ليست في أ. وفي أسد الغابة، والإصابة: الصلصال بن الدلهمس.
[2] في أ: عتر.(2/739)
من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: والله ما تركنا عهد نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... وذكر الخبر.
(1245) الصنابح بن الأعسر الأحمسي،
له صحبة، وهو معدود في أهل الكوفة من الصحابة.
روى عنه قيس بن أبي حازم، لم يرو عنه غيره، وليس هو الصنابحي الذي روى عن أبي بكر الصديق الذي يروى عنه عطاء بن يسار في فضل الوضوء، وفي النهي عن الصلاة في الأوقات الثلاثة، وذلك [1] لا تصح له صحبة. وقد بينا القول فيه في كتاب التمهيد والاستذكار أيضا، وذكرناه أيضا في باب عبد الرحمن من هذا الكتاب، وهو الصنابحي، منسوب إلى قبيلة من اليمن. وهذا الصنابح اسم لا نسب، ونسبه في أحمس، وذلك تابعي، وهذا له صحبة، وذلك معدود في أهل الشام، وهذا كوفي له صحبة ورواية.
(1246) صواب،
رجل من الصحابة. وكان لا يضع خوانه إلا دعا يتيما أو يتيمين.
__________
[1] في أذاك، وفي أسد الغابة: ذلك.(2/740)
حرف الضاد
باب الضحاك
(1247) الضحاك بن أبي جبيرة،
[وقيل أبو جبيرة بن الضحاك [1]] ، روى عنه الشعبي، واختلف فيه على الشعبي، فَقَالَ حماد بن سلمة، عن داود بن أبي هند، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عن الضحاك بن أبي جبيرة، قَالَ: كانت الألقاب ...
وذكر الحديث.
وروى بشر بن المفضل، وإسماعيل بن علية، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن أبي جبيرة بن الضحاك، قَالَ: فينا نزلت [2] : وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ. 49: 11 [وذكر الحديث [3]] .
وَقَالَ قوم: إن الضحاك بن أبي جبيرة هو الضحاك بن خليفة المتقدم [4] ذكره، والله أعلم.
(1248) الضحاك بن حارثة بن زيد [بن حارثة [5]] بن ثعلبة بن عبيد بن عدىّ ابن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي.
شهد العقبة، ثم شهد بدرا.
(1249) الضحاك بن خليفة الأنصاري الأشهلي،
هو ابن خليفة بن ثعلبة بن عدىّ ابن كعب بن عبد الأشهل. شهد أحدا، وتوفي في آخر خلافة عمر بن الخطاب
__________
[1] ليس في أ.
[2] سورة الحجرات: 11.
[3] من أ.
[4] سيأتي بعد، على حسب ترتيبنا للكتاب.
[5] من أ.(2/741)
رضي الله عنه، وهو أبو ثابت بن الضحاك، وأبو أبي جبيرة [1] بن الضحاك، ولهما أخت تسمى نبيشة [2] ، وكلهم بنو الضحاك بن خليفة، وهو الذي تنازع مع محمد بن مسلمة في الساقية، وارتفعا إلى عمر، فَقَالَ عمر لمحمد بن مسلمة:
والله ليمرن بها ولو على بطنك.
وقيل [3] : إن أول مشاهده غزوة بني النضير، ولا أعلم له رواية.
(1250) الضحاك بن سفيان بن عوف بن كعب بن أبي بكر بن كلاب الكلبي،
يكنى أبا سعيد. معدود في أهل المدينة، كان ينزل باديتها. وقيل: كان نازلا بحرة [4] ، وولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على من أسلم من قومه، وكتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها، وكان قتل أشيم خطأ، وشهد بذلك الضحاك بن سفيان عند عمر بن الخطاب، فقضى به وترك رأيه.
وبعث رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سرية، وأمر عليهم الضحاك بن سفيان هذا، فذكره عباس بن مرداس في شعره، فقال:
إن الذين وفوا بما عاهدتهم ... جيش بعثت عليهم الضحاكا
أمرته ذرب السنان كأنه ... لما تكنفه [5] العدو يراكا
طورا يعانق باليدين وتارة ... يفرى الجماجم صارما [6] بتّاكا
__________
[1] في أ: جبير.
[2] في أ: بثينة.
[3] في أ: ويقال.
[4] في أ: بنجدة. وفي أسد الغابة: وكان ينزل في بادية المدينة، وقال ابن سعد: كان ينزل نجدا في موالي ضرية.
[5] في أسد الغابة والإصابة: لما تكشفه العدو.
[6] في أسد الغابة: حازما.(2/742)
وكان الضحاك بن سفيان الكلابي أحد الأبطال، وكان يقوم على رأس رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متوشحا سيفه، وكان يعد بمائة فارس وحده.
وله خبر عجيب مع بني سليم، ذكره أهل الأخبار: روى [1] الزبير بن بكار قَالَ: حدثتني ظمياء بنت عبد العزيز بن موالة بن كثيف [بن حجل بن خالد [2]] الكلابي، قالت: حَدَّثَنِي أبي عن جدي موءلة بن كثيف. قَالَ: حَدَّثَنِي أبي عن جدي موءلة بن كثيف بن جمل [3] بن خالد الكلابي أن الضحاك بن سفيان الكلابي كان سياف رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قائما على رأسه متوشحا بسيفه، وكانت بنو سليم في تسعمائة، فَقَالَ لهم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هل لكم في رجل يعدل مائة يوفيكم ألفا، فوافاهم بالضحاك بن سفيان. وكان رئيسهم، فَقَالَ عباس بن مرداس المعنى [4] المذكور في الخبر [5] :
نذود أخانا عن أخينا ولو نرى ... وصالا [6] لكنا الأقربين نتابع
نبايع بين الأخشبين وإنما ... يد الله بين الأخشبين تبايع
عشية ضحاك بن سفيان معتص ... لسيف رَسُول اللَّهِ والموت واقع
وروى عنه سعيد بن المسيب، والحسن البصري.
__________
[1] في أ: ذكر.
[2] من أ.
[3] في أ: جميل، وفي القاموس: حمل.
[4] في أ: بمعنى مذكور في الخبر.
[5] هذه الأبيات مضطربة مصحفة في ى، وقد صححناها من أ، ومن سيرة ابن هشام (4- 1. 1) .
[6] في أ: مهزا، وفي السيرة: مصالا.(2/743)
(1251) الضحاك بن عبد عمرو بن مسعود [بن كعب [1]] بن عبد الأشهل ابن حارثة بن دينار بن النجار الأنصاري.
شهد بدرا مع أخيه النعمان بن عبد عمرو وشهد أحدا.
(1252) الضحاك بن عرفجة السعدي التميمي،
أصيب أنفه يوم الكلاب، فاتخذ أنفا من فضة فأنتن، قَالَ: فسألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمرني أن أتخذ أنفا من ذهب. هكذا قَالَ عبد الله بن عرادة، عن عبد الرحمن بن طرفة، عن الضحاك بن عرفجة، وَقَالَ ثابت بن زيد أبو زيد، عن أبي الأشهب، عن عبد الرحمن بن طرفة، عَنْ أَبِيهِ طرفة، أنه أصيب أنفه يوم الكلاب، فذكر مثله سواء.
وَقَالَ ابن المبارك، عن جعفر بن حبان [2] ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابن طرفة عن [3] عرفجة عَنْ جَدِّهِ- يعني عرفجة- أنه أصيب أنفه يوم الكلاب ... مثله سواء. فقوم جعلوا القصة للضحاك، وقوم جعلوها لطرفة، وقوم جعلوها لعرفجة، وهو الأشبه عندي. والله أعلم. وقد تقدم في باب صخر بن قيس أنّ الأحنف ابن قيس أيضا اسمه الضحاك بن قيس.
(1253) الضحاك بن قيس بن خالد الأكبر بن وهب بن ثعلبة بن وائلة [4] ابن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر القرشي الفهرىّ،
يكنى أبا أنيس. وقيل
__________
[1] من أ.
[2] في أ: حيان.
[3] في أ: بن.
[4] في ى: وائل، والمثبت من أ، وأسد الغابة، وتهذيب التهذيب.(2/744)
أبو عبد الرحمن- قاله خليفة. والأول قول الواقدي. وهو أخو فاطمة بنت قيس، وكان أصغر سنا منها. يقَالُ: إنه ولد قبل وفاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسبع سنين ونحوها، وينفون سماعه من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والله أعلم.
كان على شرطة معاوية، ثم صار عاملا له على الكوفة بعد زياد، ولاه عليها معاوية سنة ثلاث وخمسين، وعزله سنة سبع، وولى مكانه عبد الرحمن ابن أم الحكم، وضمه إلى الشام، وكان معه حتى مات [معاوية [1]] ، فصلى عليه، وقام بخلافته حتى قدم يزيد بن معاوية، فكان مع يزيد وابنه معاوية إلى أن ماتا [2] ، ووثب مروان على بعض الشام، فبويع له، فبايع الضحاك بن قيس أكثر أهل الشام لابن الزبير، ودعا له، فاقتتلوا، وقتل الضحاك بن قيس، وذلك بمرج راهط.
ذكر المدائني في كتاب المكايد له، قَالَ: لما التقى مروان والضحاك بمرج راهط اقتتلوا، فَقَالَ عبيد الله بن زياد لمروان: إن فرسان قيس مع الضحاك ولا تنال منه ما تريد إلا بكيد، فأرسل إليه فاسأله الموادعة حتى تنظر في أمرك، على أنك إن رأيت البيعة لابن الزبير بايعت. ففعل، فأجابه الضحاك إلى الموادعة، وأصبح أصحابه قد وضعوا سلاحهم، وكفّوا عن القتال، فقال عبيد الله ابن زياد لمروان: دونك. فشد مروان ومن معه على عسكر الضحاك على غفلة
__________
[1] من أ.
[2] في أ: إلى مات يزيد، ومات بعده معاوية بن يزيد ووثب.(2/745)
وانتشار منهم، فقتلوا من قيس مقتلة عظيمة. وقتل الضحاك يومئذ. قَالَ: فلم يضحك رجال من قيس بعد يوم المرج حتى ماتوا.
وقيل: إن المكيدة من عبيد الله بن زياد كايد بها الضحاك، وَقَالَ له:
مالك والدعاء لابن الزبير، وأنت رجل من قريش، ومعك الخيل، وأكثر قيس، فادع لنفسك، فأنت أسن منه وأولى، ففعل الضحاك ذَلِكَ، فاختلف عليه الجند، وقاتله مروان فقتله. والله أعلم.
وكان يوم المرج حيث قتل الضحاك للنصف من ذي الحجة سنة أربع وستين.
روى عنه الحسن البصري، وتميم بن طرفة، ومحمد بن سويد الفهري، وميمون بن مهران، وسماك بن حرب، فحديث الحسن عنه في الفتن، وحديث تميم عنه في ذم الدنيا وإخلاص العمل للَّه عز وجل.
باب ضرار
(1254) ضرار بن الأزور بن مرداس بن حبيب بن عمرو بن كثير بن عمرو ابن شيبان الأسدي.
وقيل: ضرار بن الأزور، واسم الأزور مالك بن أوس بن جذيمة [1] بن ربيعة بن مالك بن ثعلبة [بن أسد [2]] بن دودان بن أسد، يكنى أبا الأزور الأسدي. ويقَالَ أبو بلال، والأول أكثر. كان فارسا شجاعا
__________
[1] هكذا في أ، وأسد الغابة، وفي ى: بن أنيس بن خزيمة. وفي الإصابة: بن أوس ابن خزيمة.
[2] من أ.(2/746)
شاعرا مطبوعا، استشهد يوم اليمامة، ولما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم قال:
تركت الخمور وضرب القداح ... واللهو تعللة [1] وانتهالا
فيا رب لا تغبنن صفقتي ... فقد بعت أهلي ومالي بدالا
ومنهم من ينشدها [2] :
خلعت القداح وعزف القيان ... والخمر أشربها والثمالا
وكري المحبر [3] في غمرة ... وجهدي على المشركين القتالا
وقالت جميلة بددتنا [4] ... وطرحت أهلك شتى شمالا
فيا رب لا أغبنن صفقتي ... فقد بعت أهلي ومالي بدالا
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما غبنت صفقتك يا ضرار. وهو الذي قتل مالك بن نويرة بأمر خالد بن الوليد سنة ثلاث عشرة في خلافة أبي بكر الصديق رضى الله عنه، ذكره ابن شهاب.
وضرار بن الأزور كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعثه إلى بني الصيداء وبعض بني الديل.
من حديثه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ لي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: احلب هذه الناقة ودع داعي [5] اللبن. قَالَ موسى بن عقبة، عن ابن شهاب: قتل ضرار بن الأزور يوم أجنادين
__________
[1] في أ: تقلبة.
[2] البيت الثاني من البيتين السابقين والبيت الأول من الأبيات الآتية ليسا في أ.
[3] المحبر: فرس ضرار بن الأزور- كما في اللسان. وفي الأصول كلها: المجبر.
[4] في أسد الغابة: شتتنا.
[5] في أ: دواعي.(2/747)
في خلافة أبي بكر، وَقَالَ غيره: توفي ضرار بن الأزور في خلافة عمر بالكوفة.
وذكر الواقدي قَالَ: قاتل ضرار بن الأزور يوم اليمامة قتالا شديدا حتى قطعت ساقاه جميعا، فجعل يحبو على ركبتيه ويقاتل، وتطؤه الخيل حتى غلبه الموت.
وقد قيل: مكث ضرار باليمامة مجروحا، ثم مات قبل أن يرتحل خالد بيوم.
قَالَ: وهذا أثبت عندي من غيره.
(1255) ضرار بن الخطاب بن مرداس بن كثير بن عمرو بن حبيب بن عمرو ابن شيبان [1] بن محارب بن فهر القرشي الفهري.
كان أبوه الخطاب بن مرداس رئيس بني فهر في زمانه، وكان يأخذ المرباع لقومه، وكان ضرار بن الخطاب يوم الفجار على بني محارب بن فهر، وكان من فرسان قريش وشجعانهم وشعرائهم المطبوعين المجودين حتى قالوا: ضرار ابن الخطاب فارس قريش وشاعرهم، وهو أحد الأربعة الذين وثبوا الخندق.
قَالَ الزبير بن بكار: لم يكن في قريش أشعر منه، ومن ابن الزبعري.
قَالَ الزبير: ويقدمونه على ابن الزبعى، لأنه أقل منه سقطا وأحسن صنعة.
قَالَ أبو عمر: كان ضرار بن الخطاب من مسلمة الفتح، ومن شعره في يوم الفتح قوله:
يا نبي الهدى إليك لجا ... حي قريش وأنت [2] خير لجاء
حين ضاقت عليهم سعة الأرض ... وعاداهم إله السماء
والتقت حلقنا البطان على القوم ... ونودوا بالصيلم الصلعاء
إن سعدا يريد قاصمة الظهر ... بأهل الحجون والبطحاء
__________
[1] في الإصابة: بن سفيان.
[2] هكذا في ى، وأسد الغابة، وفي أ، والإصابة: ولات حين.(2/748)
وتمام هذا الشعر في باب سعد بن عبادة من هذا الكتاب.
وَقَالَ ضرار بن الخطاب يوما لأبي بكر الصديق: نحن كنا لقريش خيرا منكم، أدخلناهم الجنة وأوردتموهم النار.
واختلف الأوس والخزرج فيمن كان أشجع يوم أحد، فمرّ بهم ضرار ابن الخطاب فقالوا: هذا شهدها، وهو عالم بها، فبعثوا إليه فتى منهم، فسأله عن ذَلِكَ، فَقَالَ: لا أدري ما أوسكم من خزرجكم، ولكني زوجت يوم أحد منكم أحد عشر رجلا من الحور العين.
باب ضمرة
(1256) ضمرة بن ثعلبة البهزي، ويقَالَ النصري.
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تزالون بخير ما لم تحاسدوا. روى عنه أبو بحريّة السكونيّ، ويحيى ابن جابر الطائي. ويعد في الشاميين.
(1257) ضمرة بن عمرو.
ويقَالَ ضمرة بن بشر. والأكثر يقولون:
ضمرة بن عمرو [بن كعب [1]] بن عدي الجهني. حليف لبني طريف من الخزرج.
وقيل: حليف لبني ساعدة من الأنصار. وَقَالَ موسى بن عقبة: هو مولى لهم، شهد بدرا، وقتل يوم أحد شهيدا.
(1258) ضمرة بن عياض الجهني،
حليف لبني سواد من الأنصار، شهد أحدا، وقتل يوم اليمامة شهيدا، وهو ابن عم عبد الله بن أنيس.
__________
[1] ليس في أسد الغابة.(2/749)
(1259) ضمرة بن العيص [1] بن ضمرة بن زنباع الخزاعي.
روى هشيم عن أبي بشير [2] ، عن سعيد بن جبير في قوله تعالى [3] : وَمن يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ 4: 100- قَالَ: كان رجل من خزاعة يقَالُ له ضمرة ابن العيص بن ضمرة بن زنباع لما أمروا بالهجرة كان مريضا، فأمر أهله أن يفرشوا له على سريره، ويحملوه إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: ففعلوا فأتاه الموت، وهو بالتنعيم، فنزلت هذه الآية.
وقد قيل في ضمرة هذا أبو ضمرة بن العيص هكذا. وقد ذكرنا من قَالَ ذَلِكَ في الكنى، والصحيح أنه ضمرة لا أبو ضمرة. وروينا عن يزيد بن أبي حكيم عن [الحكم بن [4]] أبان، قَالَ: سمعت عكرمة يقول: [اسم الرجل [4]] الذي خرج من بيته مهاجرا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ضمرة بن العيص. قَالَ عكرمة: طلبت اسمه أربع عشرة سنة حتى وقفت عليه [5] .
(1260) ضمرة بن غزية [6] بن عمرو بن عطية بن خنساء بن مبذول ابن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار،
شهد أحدا مع أبيه، وقتل يوم جسر أبي عبيد شهيدا.
باب ضميرة
1- ضميرة بن حبيب،
ويقَالَ ضميرة بن جندب، ويقَالَ ضميرة ابن أنس. خرج مهاجرا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، وقال لأهله:
اخرا من أرض المشركين إلى أرض المسلمين. فمات قبل أن يصل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، فنزلت: وَمن يَخْرُجْ من بَيْتِهِ مُهاجِراً ... 4: 100 الآية. قاله أشعث عن عكرمة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ويقَالَ: إن الذي نزلت فيه الآية ضمرة بن العيص. ويقَالَ: بل هو العيص بن ضمرة بن زنباع.
هذا قول سعيد بن جبير. وَقَالَ ابن جريج، عن عكرمة: هو جندب بن ضمرة الجندعي، هذا كله قد قيل في الذي نزلت فيه هذه الآية.
2- ضميرة بن سعد السلمي
ويقَالَ الضمري. هو جد زياد بن سعيد بن ضميرة. مخرج حديثه عن أهل المدينة وعداده فيهم. روى عنه ابنه سعد بن ضميرة من حديث محمد بن جعفر بن الزبير، عن زياد بن سعد بن ضميرة، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، في قصة محلم بن جثامة.
3- ضميرة بن أبي ضميرة
مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، له ولأبيه أبي ضميرة صحبة، وهو جد حسين بن عبد الله بن ضميرة.
يعد في أهل المدينة. ذكر ابن وهب قَالَ: أخبرني ابن أبي ذئب، عن حسين بن عبد الله بن ضميرة، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ ضميرة أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مر بأم ضميرة وهي تبكي فَقَالَ: ما يبكيك؟ أجائعة أنت أم عارية؟ قالت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فرق بيني وبين ابني. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يفرق بين والدة وولدها. ثم أرسل إلى الذي عنده ضميرة فابتاعه منه.
__________
[1] في أ: الفيض. وفي أسد الغابة، والإصابة: ابن أبى العيص. وقيل ابن العيص.
[2] في أ: أبى بشر.
[3] سورة النساء: 99.
[4] من أ.
[5] في أ: وقعت.
[6] في أسد الغابة: عرنة.(2/750)
باب الأفراد في حرف الضاد
(1261) ضماد الأزدي،
من أزد شنوءة، كان صديقا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجاهلية، وكان رجلا يتطبب ويرقى، ويطلب العلم، أسلم في أول الإسلام.
روى حديثه ابن عباس، وفيه خطبة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذكر حديثه يَحْيَى بن سعيد الأموي، عن ابن إسحاق، عن داود بن أبي هند، عن عمرو بن سعيد، عن سعيد بن جبير، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كان رجل من أزد شنوءة يقَالُ له ضماد، وكان يرقى ويداوي من الريح، فقدم مكة في أول الإسلام فذكر الحديث، قد كتبته في غير هذا الموضع بتمامه.
وروى مسلمة بن علقمة، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن جبير، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبو بكر بعثا، فمروا ببلاد صماد، فلما جاوزوا تلك الأرض وقف أميرهم فَقَالَ: أعزم على كل رجل أصاب شيئا من أهل هذه الأرض إلا رده. فقالوا: أصلح الله الأمير، ما أصبنا منها شيئا. قَالَ: وجاء رجل منهم بمطهرة فَقَالَ: إني أصبت هذه.
فَقَالَ: ارددها، إن هؤلاء قوم ضماد الذي بايع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [وشرف وكرم [1]] .
(1262) ضمام بن ثعلبة،
أحد بني سعد بن بكر السعدي، ويقَالَ التميمي، وليس بشيء، قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بعثه بنو سعد بن بكر وافدا. قيل:
__________
[1] ليس في أ.(2/751)
إن ذَلِكَ في سنة خمس، قاله محمد بن حبيب وغيره. وذكر ابن إسحاق قدوم ضمام بن ثعلبة ولم يذكر العام. وقيل: كان قدومه في سنة سبع. وقيل في سنة تسع، ذكره ابن هشام عن أبي عبيدة- فساءله عن الإسلام فأسلم، ثم رجع إليهم، فأسلموا، وفي حديثه وصف الإسلام ودعائمه، وأنه من أتى بها دخل الجنة.
روى حديثه ابن عباس، وأبو هريرة، وأنس بن مالك، وطلحة بن عبيد الله، ولم يسمه طلحة، كلها طرق صحاح، وقد ذكرتها في التمهيد.
ومن أكملها حديث ابن عباس قَالَ: بعثت بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم عليه، وأناخ بعيره على باب المسجد، ثم عقله ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالس في المسجد في أصحابه، وكان ضمام بن ثعلبة رجلا جعد الشعر [1] ذا غديرتين- قَالَ: فأقبل حتى وقف على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في أصحابه، فَقَالَ: أيكم ابن عبد المطلب؟
فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا ابن عبد المطلب. قَالَ: محمد؟ قَالَ:
نعم. قَالَ: يا بن عبد المطلب. أني سائلك ومغلظ عليك في المسألة، فلا تجدن في نفسك. قَالَ: لا أجد في نفسي، سل عما بدا لك. قَالَ: أنشدك باللَّه إلهك وإله من كان قبلك، وإله من هو كائن بعدك، الله أمرك أن نعبده [2] وحده لا نشرك [2] به شيئا، وأن نخلع هذه الأوثان التي كان آباؤنا يعبدون معه.
قَالَ: اللَّهمّ نعم. قَالَ: فأنشدك باللَّه إلهك وإله من كان قبلك، وإله من هو كائن بعدك، الله أمرك أن نصلي هذه الصلوات الخمس؟ قَالَ: اللَّهمّ نعم. قَالَ: ثم جعل
__________
[1] في أ: جلدا أشعر.
[2] الرواية في ابتاء الخطاب: تعبده ... لا تشرك به.(2/752)
يذكر فرائض الإسلام فريضة فريضة: الزكاة، والصيام، والحج، وشرائع الإسلام، كلها يناشده عند كل فريضة كما يناشده في التي قبلها. حتى إذا فرغ قَالَ: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول اللَّهِ، وسأؤدي هذه الفرائض، وأجتنب ما نهيتني عنه، لا أزيد ولا أنقص. قَالَ: ثم انصرف إلى بعيره، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: إن يصدق ذو العقيصتين يدخل الجنة. قَالَ: فأتى بعيره، فأطلق عقاله، ثم خرج حتى قدم على قومه، فاجتمعوا إليه، فكان أول ما تكلم به أن قَالَ: بئست اللات والعزى! قالوا: مه يا ضمام، اتق البرص، اتق الجذام، اتق الجنون. قَالَ: ويلكم! إنهما والله ما تضران وما تنفعان، وإن الله قد بعث رسولا، وأنزل عليه كتابا استنقذكم به مما كنتم فيه، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، وقد جئتكم من عنده بما آمركم به وأنهاكم عنه، قال: فو الله ما أمسى من ذَلِكَ اليوم في حاضرته من رجل ولا امرأة إلا مسلما.
قَالَ ابن عباس: فما سمعنا بوافد قط كان أفضل من ضمام بن ثعلبة.
وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ نُوَيْفِعٍ مَوْلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ- أَنَّ ضِمَامَ بْنَ ثَعْلَبَةَ أَخَا بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ لَمَّا أَسْلَمَ سَأَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فَرَائِضِ الإِسْلامِ، فَعَدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِنَّ، ثُمَّ الزَّكَاةَ، ثُمَّ صِيَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ حَجَّ الْبَيْتِ، ثُمَّ أَعْلَمَهُ بِمَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ، وَسَأَفْعَلُ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ. وَلا أَزِيدُ وَلا أَنْقُصُ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن يصدق ذو العقيصتين يدخل الجنة.(2/753)
حرف الطاء
باب طارق
(1263) طارق بن أشيم بن مسعود الأشجعي،
والد أبي مالك الأشجعي، واسم أبي مالك سعد بن طارق.
روى عنه ابنه أبو مالك. يعد في الكوفيين، ذكرته طائفة في الصحابة.
(1264) طارق بن زياد،
حديثه عند سماك بن حرب، عن ثوبان بن سلمة، عن طارق بن زياد، قَالَ قلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إن لنا كرما ونخلا ... الحديث.
(1265) طارق بن سويد الحضرمي [1] ،
ويقَالَ: سويد بن طارق. له صحبة.
حديثه في الشراب- يعني الخمر- حديث صحيح الإسناد.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قال حدثنا قاسم بن أصبغ، قال حدثنا أحمد ابن زُهَيْرٍ، [قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ [2]] ، قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ سُوَيْدٍ الْحَضْرَمِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ بِأَرْضِنَا أَعْنَابًا نَعْتَصِرُهَا، فَنَشْرَبُ مِنْهَا؟ قَالَ: لا. قُلْتُ: إِنَّا نَسْتَشْفِي مِنْهَا لِلْمَرِيضِ. قَالَ: لَيْسَ بالشفاء، ولكنه داء.
(1266) طارق بن شريك.
له حديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أخشى أن يكون مرسلا، لأنه قد روى عن فروة بن نوفل.
روى عنه زياد بن علاقة، وعبد الملك بن عمير. يعدّ في الكوفيين.
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: الأحمسي، ويقال الجعفي.
[2] من ت.(2/754)
(1267) طارق بن شهاب البجلي الكوفي،
أبو عبد الله، ينسب طارق بن شهاب ابن عبد شمس بن سلمة بن هلال بن عوف بن جشم- في أحمس من بجيلة، أدرك الجاهلية.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ [هُوَ الْخَشِنِيُّ [1]] ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ [2] ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ.
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، حَدَّثَنَا أحمد بن زهير، حدثنا عمرو ابن مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَغَزَوْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ [وَعُمَرَ [3]] .
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد بن عبد المؤمن، قال: حدثنا أحمد بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَغَزَوْتُ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ- ثَلاثًا وَثَلاثِينَ أَوْ ثَلاثًا وَأَرْبَعِينَ بَيْنَ غَزْوَةٍ وَسَرِيَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَمُخَارِقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَيْسٍ [4] ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شِبْلٍ وغيرهم.
__________
[1] ليس في ت.
[2] في ت: يسار.
[3] ليس في ت.
[4] في ت: ميسرة بدل قيس.(2/755)
(1268) طارق بن عبد الله المحاربي،
له صحبة، روى عنه جامع بن شدّاد، وربعي ابن حراش. يعد في الكوفيين.
(1269) طارق بن المرقع.
روى عنه عطاء وابنه عبد الله بن طارق، في صحبته نظر. أخشى أن يكون حديثه في موات الأرض مرسلا.
باب طفيل
(1270) الطفيل بن أبىّ بن كعب الأنصاري،
أمه بنت الطفيل بن عمرو الدوسي، كان يلقب أبا بطن، وكان صديقا لابن عمر.
روى عن عمر، ذكر ذَلِكَ الواقدي، وذكر أنه ولد على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(1271) الطفيل بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف بن قصي القرشي المطلبي،
شهد بدرا هو وأخواه: عبيدة بن الحارث، والحصين بن الحارث، وقتل أخوهما عبيدة بن الحارث ببدر، وسيأتي خبره في بابه إن شاء الله. وشهد الطفيل وحصين أحدا وسائر المشاهد مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ومات طفيل وحصين جميعا في سنة ثلاث وثلاثين. [وقيل: سنة إحدى وثلاثين [1]] ، وقيل سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة في عام واحد، مات الطفيل ثم تلاه الحصين بعده بأربعة أشهر.
(1272) الطفيل بن سخبرة [2] ، هو الطفيل بن عبد الله بن الحارث بن سخبرة القرشي.
__________
[1] ليس في ت.
[2] في التقريب: الطفيل بن سخبرة ويقال ابن عبد الله بن الحارث بن سخبرة- بفتح المهملة وسكون المعجمة ثم موحدة.(2/756)
قَالَ ابن أبي خيثمة: لا أدري من أي قريش هو. قَالَ: وهو أخو عائشة لأمها.
قَالَ أبو عمر رحمه الله: لَيْسَ من قريش، وإنما هو من الأزد. قَالَ الواقدي:
كانت أم رومان تحت عبد الله بن الحارث بن سخبرة بن جرثومة الخير بن عادية ابن مرة بن الأوس بن النمر [1] بن عثمان الأزدي، وكان قدم بها مكة فحالف أبا بكر قبل الإسلام، وتوفي عن أم رومان وقد ولدت له الطفيل، ثم خلف عليها أبو بكر، فولدت له عبد الرحمن وعائشة، فهما أخوا الطفيل هذا لأمه.
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: روى عن الطفيل هذا ربعي بن حراش، مِنْ حَدِيثِهِ عَنْهُ مَا رَوَاهُ سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، وَزَائِدَةُ، وَجَمَاعَةٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنِ الطُّفَيْلِ، وَكَانَ أَخَا عَائِشَةَ لأُمِّهَا أَنَّ رَجُلا رَأَى فِي الْمَنَامِ.
وَفِي حَدِيثِ زَائِدَةَ عَنِ الطُّفَيْلِ أَنَّهُ رَأَى فِي الْمَنَامِ أَنَّ قَائِلا يَقُولُ لَهُ مِنَ الْيَهُودِ:
نِعْمَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ، لَوْلا قَوْلُكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ، ثُمَّ رَأَى لَيْلَةً أُخْرَى رَجُلا مِنَ النَّصَارَى، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: لا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ، وَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِيهِ ثُمَّ مَا شَاءَ مُحَمَّدٌ.
(1273) الطّفيل بن سعد بن عمرو بن ثقف [2] الأنصاري،
شهد أحدا مع أبيه سعد بن عمرو، وقتل هو وأبوه يوم بئر معونة شهيدين.
(1274) الطفيل بن عمرو بن طريف بن العاص بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم ابن دوس الدوسي،
من دوس، أسلم وصدق النبي صلّى الله عليه وسلم بمكة،
__________
[1] في أسد الغابة: بين نمر.
[2] في ى: ثقيف.(2/757)
ثم رجع إلى بلاد قومه من أرض دوس، فلم يزل مقيما بها حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ وهو بخيبر بمن تبعه من قومه، فلم يزل مقيما مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى قبض صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم كان مع المسلمين حتى قتل باليمامة شهيدا.
وروى إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق قَالَ: قتل الطفيل بن عمرو الدوسي عام اليرموك في خلافة عمر بن الخطاب، وذكر المدائني عن أبي معشر أنه استشهد يوم اليمامة.
من حديثه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن دوسا قد عصت ... الحديث. حديثه عند أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ لَفْظًا مِنْهُ. قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ [1] بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي غَالِبٍ الْبَزَّارُ، بِالْفُسْطَاطِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَدْرٍ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا رِزْقُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَدِمَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ وَأَصْحَابُهُ، فَقَالُوا:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ دَوْسًا قَدْ عَصَتْ وَأَبَتْ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا، فَقُلْنَا: هَلَكَتْ دَوْسٌ.
فَقَالَ: اللَّهمّ اهْدِ دَوْسًا وَآتِ بِهِمْ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: كَانَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ يُقَالَ لَهُ ذُو النُّورِ، [ذَكَرَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الأَزْدِيِّ، عَنْ هشام ابن الْكَلْبِيِّ، قَالَ:
إِنَّمَا سُمِّيَ الطُّفَيْلُ ... إِلَى آخِرِ كلام ابن الكلبي] [2] .
__________
[1] في ت: عبيد الله.
[2] ليس في ت.(2/758)
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن الفضل، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ [1] قَالَ: حَدَّثَنَا الحارث بن أبي أسامة، عن محمد بن عمران الأزدي، عن هشام ابن الْكَلْبِيِّ، قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرِو بن طريف بن العاص بن ثعلبة بن سليم ابن فَهْمٍ ذَا النُّورِ، لأَنَّهُ وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول اللَّهِ، إِنَّ دَوْسًا قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِمُ الزِّنَا، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهمّ اهْدِ دَوْسًا. ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْعَثْنِي إِلَيْهِمْ، وَاجْعَلْ لِي آيَةً يَهْتَدُونَ بِهَا. فَقَالَ: اللَّهمّ نَوِّرْ لَهُ. فَسَطَعَ نُورٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَقُولُوا مُثْلَةَ، فَتَحَوَّلَتْ إِلَى طَرَفِ سَوْطِهِ، فَكَانَتْ تُضِيءُ فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ، فَسُمِّيَ ذَا النُّورِ. قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: للطفيل بن عمرو الدوسي في [معنى [2]] ما ذكره ابن الكلبي خبر عجيب في المغازي، ذكره الأموي في مغازيه، عن ابن الكلبي، عن أبي صالح، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عن ابن الطفيل بن عمرو الدوسي.
وذكره ابن إسحاق عن عثمان بن الحويرث، عن صالح بن كيسان، عن الطفيل ابن عمرو الدوسي، قَالَ: كنت رجلا شاعرا سيدا في قومي، فقدمت مكة فمشيت إلى رجالات قريش [3] ، فقالوا: يا طفيل، إنك امرؤ شاعر، سيد مطاع في قومك، وإنا قد خشينا أن يلقاك هذا الرجل فيصيبك ببعض حديثه، فإنما حديثه كالسحر، فاحذره أن يدخل عليك وعلى قومك ما أدخل علينا وعلى قومنا، فإنه يفرق بين المرء وابنه، وبين المرء وزوجه، وبين المرء وأبيه،
__________
[1] في ت: بن جرير.
[2] من ت.
[3] في أسد الغابة: فمشى إليه رجال من قريش.(2/759)
فو الله ما زالوا يحدثونني [في شأنه [1]] ، وينهونني أن أسمع منه حتى قلت: والله لا أدخل المسجد إلا وأنا ساد أذني، قَالَ: فعمدت إلى أذني فحشوتهما كرسفا [2] ، ثم غدوت إلى المسجد، فإذا برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قائما في المسجد. قَالَ:
فقمت منه قريبا، وأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله. قَالَ: فقلت في نفسي:
والله أن هذا للعجز [3] ، والله إني امرؤ ثبت، ما يخفى علي من الأمور حسنها ولا قبيحها، والله لأستمعن منه، فإن كان أمره رشدا أخذت منه، وإن كان غير ذَلِكَ اجتنبته. فَقَالَ: فقلت: بالكرسفة! فنزعتها من أذني، فألقيتها، ثم استمعت له، فلم أسمع كلاما قط أحسن من كلام يتكلم به. قَالَ: قلت- في نفسي: يا سبحان الله؟ ما سمعت كاليوم لفظا أحسن منه ولا أجمل. قَالَ:
ثم انتظرت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى انصرف فاتبعته، فدخلت معه بيته، فقلت له: يا محمد، إن قومك جاءوني، فقالوا كذا وكذا، فأخبرته بالذي قالوا، وقد أبى الله إلا أن أسمعني منك ما تقول، وقد وقع في نفسي أنه حق، فاعرض علي دينك، وما تأمر به، وما تنهى عنه. قَالَ: فعرض علي رَسُول اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم الإسلام فأسلمت، قلت: يا رَسُول اللَّهِ، إني أرجع إلى دوس، وأنا فيهم مطاع، وأنا داعيهم إلى الإسلام لعل الله أن يهديهم، فادع الله أن يجعل لي آية تكون لي عونا عليهم فيما أدعوهم إليه. فَقَالَ: اللَّهمّ اجعل له آية تعينه على ما ينوي من الخير. قَالَ: فخرجت حتى أشرفت على ثنية أهلي التي تهبطنى على حاضر دوس.
__________
[1] من ت.
[2] الكرسف: القطن.
[3] في ى: لمفخر.(2/760)
قَالَ: وأبي هناك شيخ كبير، وامرأتي ووالدتي. قَالَ: فلما علوت الثنية وضع الله بين عيني نورا يتراءاه الحاضر في ظلمة الليل، وأنا منهبط من الثنية. فقلت:
اللَّهمّ في غير وجهي، فإنّي أخشى أن يظنوا أنها مثلة لفراق دينهم، فتحول في رأس سوطي، فلقد رأيتني أسير على بعيري إليهم، وإنه على رأس سوطي كأنه قنديل معلق فيه حتى قدمت عليهم، فَقَالَ: فأتاني أبي فقلت: إليك عني، فلست منك ولست مني. قَالَ: وما ذاك يا بني؟ قَالَ: فقلت: أسلمت واتبعت دين محمد. فَقَالَ: أي بني، فإن ديني دينك، قَالَ: فأسلم وحسن إسلامه. ثم أتتني صاحبتي، فقلت: إليك عني، فلست منك ولست مني. قالت: وما ذاك بأبي وأمي أنت! قلت: أسلمت واتبعت دين محمد، فلست تحلين لي ولا أحل لك.
قالت: فديني دينك. قَالَ قلت: فاعمدي إلى هذه المياه فاغتسلي منها وتطهري وتعالي. قَالَ: ففعلت، ثم جاءت فأسلمت وحسن إسلامها، ثم دعوت دوسا إلى الإسلام، فأبت علي وتعاصت، ثم قدمت على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة، فقلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، غلب على دوس الزنا، والربا، فادع الله عليهم، فَقَالَ: اللَّهمّ اهد دوسا. ثم رجعت إليهم. قَالَ: وهاجر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة، فأقمت بين ظهرانيهم أدعوهم إلى الإسلام حتى استجاب لي منهم من استجاب، وسبقتني بدر، وأحد، والخندق، مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثم قدمت على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بثمانين أو تسعين أهل بيت من دوس إلى المدينة، فكنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فتح الله مكة، فقلت: يا رَسُول اللَّهِ، ابعثني إلى ذي الكفين صنم عمرو بن حممة حتى أحرقه. قال: أجل، فاخرج(2/761)
إليه فحرقه، قَالَ: فخرجت حتى قدمت عليه. قَالَ: فجعلت أوقد النار وهو يشتعل بالنار، واسمه ذو الكفّين، قال: وأنا أقول:
يا ذا الكفين لست من عبادكا [1] ... ميلادنا أكبر [2] من ميلادكا [2]
إني حشوت النار في فؤادكا [3]
ثم قدمت على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقمت معه حتى قبض.
قَالَ: فلما بعث أبو بكر بعثه إلى مسيلمة الكذاب خرجت، ومعي ابني مع المسلمين عمرو بن الطفيل، حتى إذا كنا ببعض الطريق رأيت رؤيا، فقلت لأصحابي: إني رأيت رؤيا عبروها. قالوا: وما رأيت؟ قلت: رأيت رأسي حلق، وأنه خرج من فمي طائر، وأن امرأة لقيتني وأدخلتني في فرجها، وكان ابني يطلبني طلبا حثيثا، فحيل بيني وبينه. قالوا: خيرا، فَقَالَ: أما أنا والله فقد أولتها.
أما حلق رأسي فقطعه، وأما الطائر فروحي، وأما المرأة التي أدخلتني في فرجها فالأرض تحفر لي وأدفن فيها، فقد رجوت أن أقتل شهيدا، وأما طلب ابني إياي فلا أراه إلا سيغدو في طلب الشهادة، ولا أراه يلحق في سفرنا هذا.
فقتل الطفيل شهيدا يوم اليمامة، وجرح ابنه، ثم قتل باليرموك بعد ذَلِكَ في زمن عمر بن الخطاب شهيدا.
(1275) الطفيل بن مالك بن النعمان بن خنساء.
وقيل: الطفيل بن النعمان بن خنساء الأنصاري السلمي، من بني سلمة، شهد العقبة، وشهد بدرا، وأحدا،
__________
[1] في ت، وأسد الغابة: من عبادك.
[2] في أسد الغابة: أقدم.
[3] في ت وأسد الغابة: ميلادك، فؤادك، وانظر شرح القاموس- مادة كف.(2/762)
وجرح بأحد ثلاثة عشر جرحا، وعاش حتى شهد الخندق، وقتل يوم الخندق، شهيدا، قتله وحشي بن حرب. وذكر موسى بن عقبة في البدريين الطفيل ابن النعمان بن الخنساء، والطفيل بن مالك بن خنساء رجلين.
(1276) الطفيل بن مالك،
مدني. قَالَ: طاف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين يديه أبو بكر، وهو يرتحز بأبيات أبي أحمد بن جحش المكفوف:
حبذا مكة من وادي ... بها أهلي وأولادي
بها أمشي بلا هادي الأبيات بتمامها. روى عنه عامر بن عبد الله بن الزبير.
باب طلحة
(1277) طلحة بن البراء بن عمير بن وبرة بن ثعلبة بن غنم بن سري بن سلمة ابن أنيف الأنصاري،
من بني عمرو بن عوف. هو الذي قَالَ فيه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ [1] مات وصلى عليه: اللَّهمّ ألق طلحة وأنت تضحك إليه وهو يضحك إليك. وكان لقى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو غلام، فجعل يلصق برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويقبل قدميه، ويقول: مرني بما أحببت يا رَسُول اللَّهِ فلا أعصي لك أمرا، فسر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأعجب به، ثم مرض ومات فصلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قبره ودعا له.
وروى حديثه حصين بن وحوح.
__________
[1] في ت: إذا.(2/763)
(1278) طلحة بن أبي حدرد الأسلمي.
حديثه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من أشراط الساعة أن يروا [1] الهلال يقولون: هو ابن ليلتين وهو ابن ليلة.
(1279) طلحة بن زيد الأنصاري.
آخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينه وبين الأرقم بن أبي الأرقم، أظنه أخا خارجة بن زيد بن أبي زهير.
(1280) طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ابن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي.
وأمه الحضرمية، اسمها الصعبة بنت عبد الله ابن عماد بن مالك بن ربيعة بن أكبر بن مالك بن عويف بن مالك بن الخزرج ابن إياد بن الصدف بن حضرموت بن كندة، يعرف أبوها عبد الله بالحضرمي.
ويقَالَ لها بنت الحضرمي. يكنى طلحة أبا محمد، يعرف بطلحة الفياض [2] .
وذكر أهل النسب أن طلحة اشترى مالا بموضع يقَالُ له بيسان، فَقَالَ له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنت إلا فياض، فسمي طلحة الفياض. ولما قدم طلحة المدينة آخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينه وبين كعب ابن مالك حين آخى بين المهاجرين والأنصار. قَالَ ابن إسحاق، وموسى بن عقبة عن ابن شهاب: لم يشهد طلحة بدرا، وقدم من الشام بعد رجوع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بدر.
وكلم [3] رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سهمه، فَقَالَ له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لك سهمك، قَالَ: وأجري يا رَسُول اللَّهِ؟ قال: وأجرك [4] .
__________
[1] في ت: تروا.
[2] في ت: يعرف بطلحة الخير وطلحة الفياض. وفي أ: ويعرف.
[3] في أ: فكلم.
[4] في ت: وأجرتى؟ قال: وأجرتك.(2/764)
قَالَ الزبير بن بكار: وكان [1] طلحة بن عبيد الله بالشام في تجارة حيث كانت وقعة بدر، وكان من المهاجرين الأولين، فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه، فلما قدم قَالَ: وأجري يا رَسُول اللَّهِ؟ قَالَ: وأجرك. قَالَ الواقدي: بعث رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل أن يخرج من المدينة إلى بدر طلحة بن عبيد الله، وسعيد بن زيد إلى طريق الشام يتجسسان الأخبار، ثم رجعا إلى المدينة، فقدماها يوم وقعة بدر.
قَالَ أبو عمر: شهد أحدا وما بعدها من المشاهد. قَالَ الزبير وغيره:
وأبلى طلحة يوم أحد بلاء حسنا، ووقى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنفسه، واتقى النبل عنه بيده حتى شلت إصبعه، وضرب الضربة في رأسه، وحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ظهره حتى استقل [2] على الصخرة، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اليوم أوجب [3] طلحة [يا أبا بكر [4]] . ويروى أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهض يوم أحد ليصعد صخرة، وكان ظاهر بين درعين فلم يستطع النهوض، فاحتمله طلحة بن عبيد الله فأنهضه حتى استوى عليها، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أوجب طلحة. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ شَلاءَ، وَقَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ شَهِدَ طَلْحَةُ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا، وَشَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ وَهُوَ أَحَدُ الْعَشْرَةِ المشهود لهم بالجنة وأحد الستة
__________
[1] في أ، ت: كان.
[2] في أسد الغابة، صعد.
[3] أوجب طلحة: عمل عملا أوجب له الجنة (النهاية) .
[4] ليس في أ: وهو في ت.(2/765)
الذين جعل عمر فيهم الشورى، وأخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ.
وَرُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى شَهِيدٍ يَمْشِي عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى طَلْحَةَ. ثُمَّ شَهِدَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يَوْمَ الْجَمَلِ مُحَارِبًا لِعَلِيٍّ، فَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ عَلِيًّا دَعَاهُ فَذَكَّرَهُ أَشْيَاءَ مِنْ سَوَابِقِهِ وَفَضْلِهِ، فَرَجَعَ طَلْحَةُ عَنْ قِتَالِهِ عَلَى نَحْوِ مَا صَنَعَ الزُّبَيْرِ، وَاعْتَزَلَ فِي بَعْضِ الصُّفُوفِ فَرُمِيَ بِسَهْمٍ، فَقَطَعَ مِنْ رِجْلِهِ عِرْقَ النَّسَا، فَلَمْ يَزَلْ دَمُهُ يَنْزِفُ حَتَّى مَاتَ.
ويقَالَ: إن السهم أصاب ثغرة نحره، وإن الذي رماه مروان بن الحكم بسهم فقتله. فَقَالَ: لا أطلب بثأري بعد اليوم. وذلك أن طلحة- فيما زعموا- كان ممن حاصر عثمان واستبد [1] عليه. ولا يختلف العلماء الثقات في أن مروان قتل طلحة يومئذ، وكان في حزبه.
روى عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن زيد، عن يَحْيَى بن سعيد، قَالَ:
قال طلحة يوم الجمل:
ندمت ندامة الكسعي لما ... شريت رضا بني جرم برغمي [2]
اللَّهمّ خذ مني لعثمان حتى يرضى
ومن [3] حديث صالح بن كيسان، وعبد الملك بن نوفل بن مساحق، والشعبي، وابن أبي ليلى بمعنى واحد: أن عليا رضي الله عنه قال في خطبته
__________
[1] هكذا في ى. وفي أ، ت: واشتد.
[2] في أ، ت: بنى حزم. وفي ى: بزعمي.
[3] من هنا إلى آخر الفقرة ليس في ت، وهو في أ.(2/766)
حين نهوضه إلى الجمل: إن الله عز وجل فرض الجهاد، وجعله [1] نصرته وناصره، وما صلحت دنيا ولا دين إلا به، وإني بليت [2] بأربعة: أدهى الناس، وأسخاهم طلحة، وأشجع الناس الزبير، وأطوع الناس في الناس عائشة، وأسرع الناس إلى فتنة يعلى بن أمية، والله ما أنكروا علي [شيئا [3]] منكرا، ولا استأثرت بمال، ولا ملت بهوى [4] ، وإنهم ليطلبون حقا تركوه، ودما سفكوه، ولقد ولوه دوني، وإن كنت شريكهم في الإنكار لما أنكروه، وما تبعة عثمان إلا عندهم، وإنهم لهم الفئة الباغية، بايعوني ونكثوا بيعتي، وما استأنوا [5] بي، حتى يعرفوا جوري من عدلي، وإني لراض بحجة الله عليهم وعلمه فيهم، وإني مع هذا لداعيهم ومعذر إليهم، فإن قبلوا فالتوبة مقبولة، والحق أولى ما انصرف [6] إليه، وإن أبوا أعطيتهم حد السيف، وكفى به شافيا من باطل وناصرا، والله إن طلحة، والزبير، وعائشة ليعلمون أني على الحق وأنهم مبطلون. وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه قَالَ: والله إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة، والزبير ممن قَالَ الله تعالى [7] : «وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ» 15: 47. وروى معاذ بن هشام، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قتادة، عن الجارود بن أبى سبرة
__________
[1] في ى: وجعل.
[2] في أ: وإني منيت.
[3] ليس في أ.
[4] في أ: إلى هوى.
[5] في أ: وما استكانوا في.
[6] في أ: ما صرف إليه.
[7] سورة الحجر، آية 47.
(م 23- الاستيعاب- ثان)(2/767)
قَالَ: نظر مروان بن الحكم إلى طلحة بن عبيد الله يوم الجمل فَقَالَ: لا أطلب بثأري بعد اليوم، فرماه بسهم فقتله.
وروى حصين عن عمرو بن جاوان قَالَ: سمعت الأحنف يقول: لما التقوا كان أول قتيل طلحة بن عبيد الله.
وروى حماد بن زيد، عن قرة بن خالد، عن ابن سيرين، قَالَ: رمي طلحة بن عبيد الله بسهم فأصاب ثغرة نحره. قَالَ: فأقر مروان أنه رماه.
وروى جويرية، عن يَحْيَى بن سعيد عن عمه قَالَ: رمى مروان طلحة بسهم، ثم التفت إلى أبان بن عثمان فَقَالَ: قد كفيناك بعض قتلة أبيك.
وذكر ابن أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أسامة، قَالَ حَدَّثَنَا إسماعيل بن أبي خالد، قَالَ حَدَّثَنَا قيس، قَالَ: رمى مروان بن الحكم يوم الجمل طلحة بسهم في ركبته.
قَالَ: فجعل الدم يسيل فإذا أمسكوه أمسك، وإذا تركوه سال. قَالَ فَقَالَ:
دعوه. قَالَ: وجعلوا إذا أمسكوا فم الجرح انتفخت ركبته، فَقَالَ: دعوه فإنما هو سهم أرسله الله تعالى، فمات فدفناه على شاطئ الكلأ. فرأى بعض أهله أنه أتاه في المنام، فَقَالَ: ألا تريحوني من هذا الماء، فإني قد غرقت- ثلاث مرات يقولها. قَالَ: فنبشوه فإذا هو أخضر كأنه السلق، فنزعوا عنه الماء، ثم استخرجوه، فإذا ما يلي الأرض من لحيته ووجهه قد أكلته الأرض، فاشتروا له دارا من دور آل أبي بكرة بعشرة آلاف درهم فدفنوه فيها.
[[1] قَالَ: وأخبرنا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس قال: كان
__________
[1] من هنا إلى آخر الفقرة ليس في ت، وهو في أ.(2/768)
مروان مع طلحة يوم الجمل، فلما اشتبكت الحرب قَالَ مروان: لا أطلب بثأري بعد اليوم. قَالَ: ثم رماه بسهم فأصاب ركبته، فما رقأ الدم حتى مات، وَقَالَ:
دعوه فإنما هو سهم أرسله الله] .
[حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ الوارث، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ مَرْوَانَ أَبْصَرَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَاقِفًا يَوْمَ الجمل، فقال:
لا أطلب بثأري بعد اليوم، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ فَأَصَابَ فَخِذَهُ فَشَكَّهَا بِسَرْجِهِ، فَانْتَزَعَ السَّهْمَ عَنْهُ، فَكَانُوا إِذَا أَمْسَكُوا الْجُرْحَ انْتَفَخَتِ الْفَخِذُ، فَإِذَا أَرْسَلُوهُ سَالَ.
فَقَالَ طَلْحَةُ: دَعُوهُ فَإِنَّهُ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ اللَّهِ تَعَالَى أَرْسَلَهُ، فَمَاتَ وَدُفِنَ، فَرَآهُ مَوْلًى لِي ثَلاثَ لَيَالٍ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّهُ يَشْكُو إِلَيْهِ الْبَرْدَ، فَنُبِشَ عَنْهُ، فَوَجَدُوا مَا يَلِي الأَرْضَ مِنْ جَسَدِهِ [2] مُخْضَرًّا وَقَدْ تَحَاصَّ شَعْرُهُ، فَاشْتَرُوا لَهُ دَارًا مِنْ دُورِ أَبِي بَكْرَةَ بِعَشْرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ، فدفنوه فيها] .
وحدثنا عبد الوارث، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا موسى ابن إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلا رَأَى فِيمَا يَرَى النَّائِمُ أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَوِّلُونِي عَنْ قَبْرِي، فَقَدْ آذَانِي الْمَاءُ، ثُمَّ رَآهُ أَيْضًا [حَتَّى رَآهُ [3]] ثَلاثَ لَيَالٍ، فَأَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَأَخْبَرَهُ فَنَظَرُوا فَإِذَا شِقُّهُ الَّذِي يَلِي الأَرْضَ قَدِ اخْضَرَّ [4] مِنَ نَزِّ الْمَاءِ، فَحَوَّلُوهُ. قَالَ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى الْكَافُورِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ [5] لَمْ يَتَغَيَّرْ إِلا عَقِيصَتُهُ فإنّها مالت عن موضعها.
__________
[1] هذه الفقرة أيضا ليست في ت، وهي في أ.
[2] في أ: من خده.
[3] من أ، ت.
[4] في أ، ت: الّذي يلي الأرض في الماء.
[5] في ت، أ: في عينيه.(2/769)
وقتل طلحة رضي الله عنه وهو ابن ستين سنة. وقيل: ابن اثنتين وستين سنة. وقيل: ابن أربع وستين سنة- يوم الجمل.
وكانت وقعة الجمل لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين.
وقيل: كانت سنه يوم قتل خمسا وسبعين، وما أظن ذَلِكَ صحيحا.
وكان طلحة رجلا آدم حسن الوجه كثير الشعر لَيْسَ بالجعد القطط ولا بالسبط، وكان لا يغير شعره، وسمع علي رضي الله عنه رجلا ينشده:
فتى كان يدنيه الغني من صديقه ... إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر
فَقَالَ: ذَلِكَ أبو محمد طلحة بن عبيد الله.
وذكر الزبير أنه سمع سفيان بن عيينة يقول، كانت غلة طلحة بن عبيد الله ألفا وافيا كلّ يوم. قال: والوافي وزنه وزن الدينار، وعلى ذَلِكَ وزن دراهم فارس التي تعرف بالبغلية.
(1281) طلحة بن عتبة الأنصاري،
من بني جحجبي، من الأوس، شهد أحدا، وقتل يوم اليمامة شهيدا.
(1282) طلحة بن عمرو النضري [1] .
حديثه عند أبي حرب بن أبي الأسود.
له صحبة. كان من أهل الصفة. وقد قيل فيه طلحة بن عبد الله [الطبري. وقيل:
فيه أبو طلحة [2]] .
(1283) طلحة بن مالك السلمي.
روى عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم إن من اقتراب الساعة هلاك العرب.
__________
[1] في ت: البصري.
[2] من ت.(2/770)
حديث عند سليمان بن حرب، عن محمد بن رزين، عن أمه، عن مولاه طلحة بن مالك [عن طلحة بن مالك [1]] هذا [2] .
حَدَّثَنَا خلف بن قاسم، قال حدثنا عبد الرحمن بْنُ عُمَرَ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ حَدَّثَنَا محمد بن رَزِينٍ. قَالَ. حَدَّثَتْنِي أُمِّي، قَالَتْ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ الْحُرَيْرِ، وَكَانَتْ أُمُّ الْحَرِيرِ إِذَا مَاتَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ اشْتَدَّ عَلَيْهَا فَقِيلَ لَهَا فِي ذَلِكَ، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ مَوْلايَ طَلْحَةَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: إن من اقتراب الساعة هلاك العرب.
(1284) طلحة بن معاوية بن جاهمة السلمي.
روى عنه ابنه محمد بن طلحة.
(1285) طلحة بن نضيلة [3] .
روى عنه القاسم بن مخيمرة.
(1286) طلحة، والد عقيل بن طلحة السلمي.
له صحبة فيما ذكر ابن شوذب.
روى عنه ابنه عقيل بن طلحة.
(1287) [طلحة،
غير منسوب، ذكره ابن إسحاق فيمن استشهد بخيبر من الأنصار.
قَالَ ابن إسحاق، وأوس بن القائد، وأنيف بن حبيب، وثابت بن أثلة، وطلحة، يعني أنهم استشهدوا كلهم بخيبر. هكذا ذكر طلحة غير منسوب] [4] .
باب طليب
(1288) طليب بن أزهر بن [عمرو بن [5]] عبد عوف [6] القرشي الزهري.
كان هو وأخوه مطلب بن أزهر من مهاجرة الحبشة، وبها ماتا جميعا، وهما أخوا عبد الرحمن ابن أزهر
__________
[1] من ت.
[2] في ى: بهذا.
[3] في هوامش الاستيعاب: بن نضلة، بحط كاتب الأصل في الهامش: نصيلة.
[4] من ت.
[5] من ت.
[6] في ت: ابن عوف.(2/771)
(1289) طليب بن عرفة بن عبد الله بن ناشب.
قدم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسمعه يقول: اتق الله في عسرك ويسرك. لم يرو عنه غير ابنه كليب [بن طليب [1]] ، وكليب ابنه مجهول. حديثه عند أبي قرة موسى بن طارق عن المثنى الأنصاري [2] ، عن كليب بن طليب بن عرفة بن عبد الله بن ناشب، عن أبيه.
(1290) طليب بن عمير بن وهب بن أبي كثير بن عبد بن قصي القرشي العبدي،
أمه أروى بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. يكنى أبا عدي.
وعبد بن قصي هو أخو عبد الدار بن قصي، وعبد مناف بن قصي، وعبد العزي بن قصي بن كلاب.
هاجر طليب بن عمير إلى أرض الحبشة، ثم شهد بدرا في قول ابن إسحاق، والواقدي، وقد سقط في بعض الروايات عن ابن إسحاق، وكان من خيار الصحابة.
قَالَ الزبير بن بكار: كان طليب بن عمير بن وهب من المهاجرين الأولين، وشهد بدرا، قتل بأجنادين شهيدا، لَيْسَ له عقب. وَقَالَ مصعب: قتل يوم اليرموك.
وذكر الواقدي قَالَ: حَدَّثَنَا موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أَبِيهِ قَالَ: أسلم طليب [3] بن عمير في دار الأرقم، ثم خرج ودخل على أمه، وهي أروى بنت عبد المطلب، فَقَالَ: اتبعت محمدا، وأسلمت للَّه عزّ وجل. فقالت
__________
[1] من ت.
[2] في ت: بن الصباح بدل الأنصاري.
[3] في ى: كليب، وهو تحريف.(2/772)
أمه: إن أحق من وازرت وعضدت ابن خالك. والله لو كنا نقدر على ما يقدر عليه الرجال لمنعناه، وذببنا عنه، وذكر تمام الخبر، وهو مذكور في باب أروى من كتاب النساء. [ويقَالَ طليب بن عمير أول من أهراق دما في سبيل الله، وقيل: بل سعد بن أبي وقاص [1]] .
باب طليحة
(1291) طليحة بن خويلد الأسدي.
ارتد بعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وادعى النبوة، وكان فارسا مشهورا بطلا، واجتمع عليه قومه، فخرج إليهم خالد بن الوليد في أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فانهزم طليحة وأصحابه، وقتل أكثرهم، وكان طليحة قد قتل هو وأخوه عكاشة بن محصن الأسدي [وثابت بن أقرم [2]] ، ثم لحق بالشام، فكان عند بني جفنة حتى قدم مسلما مع الحاج المدينة، فلم يعرض له أبو بكر، ثم قدم زمن عمر بن الخطاب، فَقَالَ له عمر: أنت قاتل الرجلين الصالحين- يعني ثابت بن أقرم، وعكاشة بن محصن، فَقَالَ: لم يهني الله بأيديهما وأكرمهما بيدي. فَقَالَ: والله لا أحبك أبدا. قَالَ: فمعاشرة [3] جميلة يا أمير المؤمنين. ثم شهد طليحة القادسية، فأبلى فيها بلاء حسنا.
وذكر ابن أَبِي شَيْبَةَ، عن ابن عيينة، عن عبد الملك بن عمير، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ مُقْرِنٍ: استشر واستعن في حربك بطليحة، وعمرو بن معديكرب، ولا تولهما من الأمر شيئا، فإن كل صانع أعلم بصناعته.
(1292) طليحة الديلي،
مذكور في الصحابة. لم أقف له على خبر.
__________
[1] ليس في ت.
[2] ليس في ت.
[3] في ت، فمحالفة.(2/773)
باب طهفة
(1293) طهفة [1] بن زهير النهدي.
وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم في سنة تسع حين وفد أكثر العرب، فكلمه بكلام فصيح، وأجابه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمثله، وكتب له كتابا إلى قومه بني نهد بن زيد. حديثه عند زهير ابن معاوية، عن ليث بن أبي سليم، عن حبّة العرنىّ.
(1294) طهفة الغفاري،
اختلف فيه اختلافا كثيرا، واضطرب فيه اضطرابا شديدا، فقيل: طهفة بن قيس بالهاء. وقيل. طخفة بن قيس بالحاء. وقيل طغفة بالغين. [وقيل [2] :] طقفة بالقاف والفاء. وقيل: قيس بن طخيفة [3] . وقيل:
يعيش بن طخفة عَنْ أَبِيهِ. وقيل عبد الله بن طخفة، عَنْ أَبِيهِ، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقيل طهفة، عن أبي ذر، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحديثهم كلهم واحد: كنت نائما في الصفة على بطني، فركضني رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برجله وَقَالَ: هذه نومة يبغضها الله. وكان من أصحاب الصفة. ومن أهل العلم من يقول: إن الصحبة لعبد الله ابنه، وإنه صاحب القصة. حديثه عند يَحْيَى بن أبى كثير، وعليه اختلفوا فيه.
__________
[1] في القاموس بفتح الطاء، والضبط من التقريب. وقد جاء في القاموس أنه ابن أبى زهير.
[2] ليس في ت.
[3] في ت: بن طفخة.(2/774)
باب طهمان
(1295) طهمان، مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
روى حديثه عطاء بن السائب في الصدقة، اختلف فيه، فقيل طهمان. [وقيل طهمان [1]] وقيل ذكوان، وقيل غير ذَلِكَ، وقد ذكرناه في غير هذا الموضع.
(1296) طهمان، مولى سعيد بن العاص.
حديثه عند إسماعيل بن أميّة بن عمرو ابن سعيد بن العاص، عن أبيه عن جده أن غلاما لهم يقَالُ له طهمان أعتقوا نصفه ... وذكر الحديث مرفوعا.
باب الأفراد في حرف الطاء
(1297) الطاهر بن أبي هالة، أخو هند،
وهالة بنو أبي هالة الأسدي التميمي، حليف بني عبد الدار بن قصي.
أمه خديجة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاملا على بعض اليمن.
ذكر سيف بن عمر، قَالَ: أَخْبَرَنَا جرير بن يزيد الجعفي، عن أبي بردة ابن أبي موسى، عن [أبي موسى [2]] ، قَالَ: بعثني رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خامس خمسة على أخلاف اليمن أنا، ومعاذ بن جبل، وخالد بن سعيد بن العاص، والطاهر بن أبي هالة، وعكاشة بن ثور، فبعثنا متساندين، وأمرنا أن تتياسر،
__________
[1] في القاموس: طهمان كسلمان- وبضم.
[2] من ت.(2/775)
وأن نيسر ولا نعسر، ونبشر ولا ننفر، وإذا قدم معاذ طاوعناه ولم نخالفه.
وذكر تمام الخبر في الأشربة.
(1298) طرفة بن عرفجة
أصيب أنفه يوم الكلاب، فاتخذ أنفا من ورق، فأنتن، فأذن له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يتخذ أنفا من ذهب، قاله ثابت بن زيد، عن أبي الأشهب، وخالفه ابن المبارك، فجعله لعرفجة وهو أصحّ.
(1299) طريفة بن حاجز [1]
مذكور فيهم، قَالَ سيف بن عمر: هو الذي كتب إليه أبو بكر الصديق في قتال الفجاءة السلمي الذي حرقه أبو بكر بالنار، فسار طريفة في طلب الفجاءة، وكان طريفة بن حاجز، وأخوه معن بن حاجز، مع خالد بن الوليد، وكان مع الفجاءة نجبة بن أبي الميثاء، فالتقى نجبة، وطريفة فتقاتلا، فقتل الله نجبة على الردة، ثم سار حتى لحق بالفجاءة السلمي، واسمه إياس ابن عبد الله بن عبد ياليل، فأسره، وأنفذه إلى أبي بكر، فلما قدم به عليه أوقد له نارا، وأمر به فقذف فيها حتى احترق.
(1300) طلق بن علي بن طلق بن عمرو.
ويقَالَ: طلق بن على [بن المنذر [2]] ابن قيس بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن عبد العزي بن سحيم بن مرة بن الدؤل بن حنيفة السحيمي الحنفي اليمامي، أبو علي. مخرج حديثه عن أهل اليمامة.
ويقَالَ طلق بن ثمامة، وهو والد قيس بن طلق اليمامي.
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا وتران في ليلة، وفي مس الذكر إنما هو بضعة منك [3] وفي الفجر أنه الفجر المعترض الأحمر.
__________
[1] بالراء في ت، وأسد الغابة. وفي ى، وشرح القاموس: حاجز بالزاي.
[2] ليس في ت.
[3] في ت: بضعتك.(2/776)
رَوَى مُلازِمُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ، وَأَخْبَرْنَاهُ أَنَّ بِأَرْضِنَا بَيْعَةً، وَقَالَ لَنَا: إِذَا قَدِمْتُمْ بَلَدَكُمْ فَاكْسَرُوا بَيْعَتَكُمْ، وَابْنُوهَا مَسْجِدًا، فَقَدِمْنَا بِلادَنَا وَكَسَرْنَا بَيْعَتَنَا وَاتَّخَذْنَاهَا مَسْجِدًا، وَنَضَحْنَاهَا بِمَاءِ فَضْلِ طَهُورِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ عِنْدَنَا فِي إِدَاوَةٍ تَمَضْمَضَ مِنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَجَّ [1] فِيهَا، وَأَمَرَنَا أَنْ نَنْضَحَ بِهَا الْمَسْجِدَ إِذَا بَنَيْنَاهُ فِي الْبَيْعَةِ، فَفَعَلْنَا ذَلِكَ، وَنَادَيْنَا فِيهِ بِالصَّلاةِ، وَرَاهِبُنَا رَجُلٌ من طىّ، فَلَمَّا سَمِعَ الأَذَانَ قَالَ عَوَّةُ حَقٍّ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ تَلْعَةً مِنْ تِلاعِنَا، فَلَمْ نَرَهُ بَعْدُ.
(1301) طليق بن سفيان بن أمية [2] بن عبد شمس بن عبد مناف،
مذكور في المؤلفة قلوبهم، هو وابنه حكيم بن طليق، [لا أعرفه بغير ذلك [3]] .
(1302) طيب بن البراء،
أخو أبي هند الداري لأمه، قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منصرفه من تبوك، وكان أحد الوفد الداريين فأسلم، وسمّاه رسول صلّى الله عليه وسلم عبد الله.
__________
[1] في ت: تم مج.
[2] في ى: بن أسيد. والمثبت من ت، وأسد الغابة.
[3] من ت.(2/777)
حرف الظاء
باب ظهير وظبيان
(1303) ظبيان بن كدادة [1] الإيادي،
ويقَالَ الثقفي، قدم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث طويل يرويه أهل الأخبار والغريب، فأقطعه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قطعة من بلاده، ومن قوله فيه:
فأشهد بالبيت العتيق وبالصفا ... شهادة من إحسانه متقبل
بأنك محمود لدينا مبارك ... وفي أمين صادق القول مرسل [2]
(1304) ظهير بن رافع بن عدي بن زيد بن جشم بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو،
وهو النبيت بن مالك بن الأوس، شهد العقبة الثانية، وبايع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بها، ولم يشهد بدرا، وشهد أحدا، وما بعدها من المشاهد، هو وأخوه مظهر بن رافع فيما قَالَ ابن إسحاق وغيره. وهو عمّ رافع ابن خديج، ووالد أسيد بن ظهير. قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: روى عنه رافع ابن خديج.
__________
[1] في ت: كداد. وفي الإصابة: كدادة.
[2] بعد هذا- أي في آخر حرف الظاء- في ت: تم الجزء الثاني من كتاب الاستيعاب بحمد الله وعونه وإحسانه.(2/778)
حرف العين
باب عاصم
(1305) عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح،
واسم أبي الأقلح قيس بن عصمة بن النعمان بن مالك بن أمية بن ضبيعة بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف ابن مالك بن أوس [1] الأنصاري، يكنى أبا سلمان [2] ، شهد بدرا، وهو الذي حمته الدبر وهي ذكور النحل، حمته من المشركين أن يجزوا [3] رأسه يوم الرجيع، حين قتله بنو لحيان- حي من هذيل.
وأحسن أسانيد خبره في ذَلِكَ، ما ذكره عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عمرو بن أبي سفيان الثقفي، عن أبي هريرة، قَالا: بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سرية عينا له، وأمر عليهم عاصم بن ثابت، وهو جد عاصم بن عمر بن الخطاب، فانطلقوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق بين عسفان ومكة، نزولا ذكروا لحي [4] من هذيل، يقَالُ لهم بنو لحيان، فتبعوهم في قريب من مائة رجل رام، فاقتصوا آثارهم حتى لحقوا بهم، فلما رآهم عاصم بن ثابت وأصحابه لجئوا إلى فدفد، وجاء القوم فأحاطوا بهم، وقالوا: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا ألا نقتل منكم رجلا. فَقَالَ عاصم بن ثابت: أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللَّهمّ فأخبر عنا رسولك. [فَقَالَ [5] :] فقاتلوهم فرموهم حتى
__________
[1] في س: بن الأوس.
[2] في س: أبا سليمان.
[3] في س: يجتزوا.
[4] في س: مروا بحي من هذيل.
[5] من س.(2/779)
قتلوا عاصما في سبعة نفر، وبقي زيد بن الدثنة، وخبيب بن عدي، ورجل آخر، فأعطوهم العهد والميثاق أن ينزلوا إليهم، فنزلوا إليهم، فلما استمكنوا منهم حلوا [1] أوتار قسيهم، فربطوهم، فَقَالَ الرجل الثالث الذي كان معهما: هذا أول الغدر، فأبى أن يصحبهم فجروه فأبى أن يتبعهم، وَقَالَ: إن لي في هؤلاء أسوة، فضربوا عنقه، وانطلقوا بخبيب بن عدي وزيد بن الدثنة حتى باعوهما بمكة.
وذكر خبر خبيب إلى صلبه. قَالَ: وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده ليحرقوه، وكان قتل عظيما من عظمائهم يوم بدر، فبعث الله مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم، فلم يقدروا منه على شيء، فلما أعجزهم قالوا: إن الدبر ستذهب إذا جاء الليل، حتى بعث الله عز وجل مطرا جاء بسيل فحمله، فلم يوجد، وكان قتل كبيرا منهم، فأرادوا رأسه، فحال الله بينهم وبينه.
ومن ولده الأحوص الشاعر، واسمه عبد الله بن محمد بن [عبد الله [2]] بن عاصم ابن ثابت بن أبي الأقلح.
قَالَ أبو عمر: رَوَى شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ شَهْرًا يَلْعَنُ رَعْلا وَذْكَوَانَ [3] وَبَنِي لَحْيَانَ.
وَقَالَ حسان بن ثابت الأنصاري [4] :
لعمري لقد شانت [5] هذيل بن مدرك ... أحاديث كانت في خبيب وعاصم
__________
[1] في س: خلعوا.
[2] من س.
[3] رعل وذكوان قبيلتان من قيس.
[4] ليس في ديوانه: الّذي بأيدينا.
[5] في ى: شابت.(2/780)
أحاديث لحيان ضلوا بقبحها [1] ... ولحيان ركابون شر الجرائم
في أبيات كثيرة مذكورة في المغازي لابن إسحاق.
(1306) عاصم بن حدرة [2] الأنصاري.
بصري. روى عنه الحسن قَالَ: دخلنا على عاصم بن حدرة فَقَالَ: ما أكل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على خوان قط.
حديثه عند سعيد بن بشر [3] ، عَنْ قَتَادَةَ، عن الحسن.
(1307) عاصم بن حصين بن مشمت الحماني.
[قيل [4]] : إنه وفد مع أبيه حصنين ابن مشمت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
روى عنه شعيب بن عاصم.
(1308) عاصم بن سفيان،
روى عنه ابنه قيس، لا يصح حديثه.
(1309) عاصم بن عدي بن الجد بن العجلان بن حارثة بن ضبيعة العجلاني ثم البلوي.
من بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، وأخوه معد بن عدي، حليف بني عبيد بن زيد، من بني عمرو بن عوف، يكنى أبا عبد الله، وقيل: أبا عمر، شهد بدرا وأحدا والخندق، والمشاهد كلها.
وقيل: لم يشهد بدرا بنفسه، لأن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رده عن بدر بعد أن خرج معه إليها إلى أهل مسجد الضرار لشيء بلغه عنهم وضرب له بسهمه وأجره.
وقيل: بل كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد استخلفه حين خرج إلى
__________
[1] في س، وأسد الغابة: بقبيحها.
[2] في أسد الغابة: بحاء مفتوحة ودال مهملة ساكنة ثم راء وهاء- قاله ابن ماكولا.
[3] في س: بشير.
[4] من س.(2/781)
بدر على قباء وأهل العالية، وضرب له بسهمه، فكان [كمن [1]] شهدها، وهو صاحب عويمر العجلاني الذي قَالَ له: سل لي يا عاصم عن ذَلِكَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث اللعان، وهو والد أبي البداح بن عاصم بن عدي.
توفي سنة خمس وأربعين، وقد بلغ قريبا من عشرين ومائة سنة، وكان عبد العزيز بن عمران يحدث عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: عاش عاصم بن عدي عشرين ومائة سنة، فلما حضرته الوفاة بكى أهله، فَقَالَ: لا تبكوا علي، فإنما فنيت فناء، وكان إلى القصر [2] ما هو.
وذكر موسى بن عقبة عاصم بن عدي وأخاه معن بن عدي فيمن شهد بدرا، قَالَ: وخرج عاصم بن عدي فيما زعموا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرده، فرجع من الروحاء. فضرب له بسهمه، ولهذا ذكره بعضهم في البدريين.
(1310) عاصم بن العكير [3] الأنصاري
حليف لبني عوف بن الخزرج. ذكره موسى بن عقبة فيمن شهد بدرا.
(1311) عاصم بن عمر بن الخطاب [بن نفيل القرشي العدوي [4]] ، أمه جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح أخت عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري.
وقد قيل:
إن أمه جميلة بنت عاصم، والأول أكثر، وكان اسمها عاصية فغير رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسمها وسماها جميلة.
ولد عاصم بن عمر قبل وفاة رَسُول اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم بسنتين،
__________
[1] من س.
[2] في ى: العصر.
[3] في أسد الغابة: العكير- بضم العين وفتح الكاف وتسكين الياء تحتها نقطتان ثم راء.
[4] من س.(2/782)
وخاصمت فيه أمه أباه عمر بن الخطاب إلى أبي بكر الصديق، وهو ابن أربع سنين.
وقد ذكر البخاري قَالَ: قَالَ لي أحمد بن سعيد، عن الضحاك عن [1] مخلد، عن سفيان، عن عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ- أن جدته خاصمت في جده، وهو ابن ثماني سنين.
وذكر مالك خبره ذَلِكَ في موطئه، ولم يذكر سنه، وكان عاصم بن عمر طويلا جسيما، يقَالُ: إنه كان في ذراعه ذراع ونحو من شبر، وكان خيرا فاضلا، يكنى أبا عمر.
ومات سنة سبعين قبل موت أخيه عبد الله بنحو أربع سنين، ورثه أخوه عبد الله بن عمر، فقال:
وليت المنايا كن خلفن عاصما ... فعشنا جميعا أو ذهبن بنا معه
وكان عاصم شاعرا حسن الشعر.
روى عبد الله بن المبارك، عن السري بن يَحْيَى، عن ابن سيرين، قَالَ:
قَالَ لي فلان- وسمى رجلا: ما رأيت أحدا من الناس إلا وهو لا بد أن يتكلم ببعض ما لا يريد، غير عاصم بن عمر. ولقد كان بينه وبين رجل ذات يوم شيء فقام وهو يقول:
قضى ما قضي فيما مضى، ثم لا يرى [2] ... له صبوة فيما بقي آخر الدهر
__________
[1] في ى: بن.
[2] في س: لا ترى.
(م 24- الاستيعاب- ثان)(2/783)
وروى ابن المبارك عن أسامة بن زيد، عن عبد الله بن سلمة [1] ، عن خالد بن أسلم قَالَ: آذى رجل عبد الله بن عمر بالقول فقيل له: ألا تنتصر منه؟ فَقَالَ:
إني وأخي عاصم لا نساب الناس.
وقد قيل: إن لعمر بن الخطاب ابنا يسمى عاصما، مات في خلافته، [ولا يصح [2]] . والله أعلم.
وعاصم هذا هو جد عمر بن عبد العزيز لأمه، أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب.
(1312) عاصم بن عمرو التميمي،
أخو القعقاع بن عمرو، [أدرك النبي صلى الله عليه وسلم [2]] فيما ذكره سيف بن عمرو، [و [2]] لا يصح لهما عند أهل الحديث صحبة ولا لقاء ولا رواية. والله أعلم.
وكان لهما بالقادسية مشاهد كريمة، ومقامات محمودة، وبلاء حسن.
(1313) عاصم بن عمرو بن خالد الليثي،
والد نصر بن عاصم. روى عنه ابنه نصر ابن عاصم.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيْلٌ لِهَذِهِ الأُمَّةِ مِنْ ذِي الأَسْتَاهِ. وَقَالَ مَرَّةً أخرى: ويل لأمتى من فلان
__________
[1] في س: بن أبى سلمة.
[2] من س.(2/784)
ذِي الأَسْتَاهِ» . وَقَالَ أَحْمَدُ: لا أَدْرِي أَسَمِعَ عَاصِمٌ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ لا.
(1314) عاصم بن قيس بن ثابت بن النعمان بن أمية بن امرئ القيس بن ثعلبة ابن عمرو بن عوف،
شهد بدرا وأحدا.
(1315) عاصم بن الأسلمي،
مدني روى عنه ابنه هاشم بن عاصم.
باب عامر
(1316) عامر بن الأضبط الأشجعي،
هو الذي قتلته سرية رَسُول اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يظنونه متعوذا يقول لا إله إلا الله، فوداه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لقاتله قولا عظيما، وَقَالَ: فهلا شققت عن قلبه، فأنزل الله فيه [1] :
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا، وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً» 4: 94. من حديث ابن عمر وحديث عبد الله بن أبي حدرد [2] الأسلمي وقد قيل:
إن المقتول يومئذ في تلك السرية مرداس بن نهيك.
(1317) عامر بن الأكوع،
وهو عامر بن سنان [الأنصاري [3]] عم سلمة بن عمرو بن الأكوع، استشهد عامر بن سنان يوم خيبر،
__________
[1] سورة النساء، آية 93.
[2] في ى: من حديث عبد ربه بن أبى صرد. والمثبت من س، وأسد الغابة.
[3] من س.(2/785)
قرأت على سعيد بن نصر أن قاسم بن أصبغ حدثهم، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا هاشم بن القاسم، حَدَّثَنَا عكرمة بن عمار، حَدَّثَنَا إياس بن سلمة بن الأكوع، قَالَ أخبرني أبي قَالَ: لما خرج عمي عامر ابن سنان إلى خيبر مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل يرتجز بأصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وفيهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجعل يسوق الركاب، وهو يقول:
باللَّه [1] لولا الله ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا
إن الذين قد بغوا علينا ... إذا أرادوا فتنة آبينا
ونحن عن فضلك ما استغنينا ... فثبت الأقدام إن لاقينا
وأنزل سكينة علينا
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من هذا؟ قالوا: عامر يا رَسُول اللَّهِ. قَالَ:
غفر لك ربك. قَالَ: وما استغفر لإنسان قط يخصه بالاستغفار إلا استشهد. قَالَ:
فلما سمع ذَلِكَ عمر بن الخطاب قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لو متعتنا بعامر، فاستشهد يوم خيبر قَالَ سلمة: وبارز عمّى يومئذ مرحبا اليهودي فقال مرحب.
قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
فَقَالَ عمى:
قد علمت خيبر أني عامر ... شاكي السلاح بطل مغامر
__________
[1] في س: تاللَّه. وفي أسد الغابة: باللَّه.(2/786)
واختلفا ضربتين، فوقع سيف مرحب في ترس عامر، ورجع سيفه على ساقه فقطع أكحله، فكانت فيها نفسه. قَالَ سلمة: فلقيت ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ فقالوا: بطل عمل عامر، قتل نفسه. [قَالَ سلمة [1]] : فجئت إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، بطل عمل عامر؟
فَقَالَ: من قَالَ ذَلِكَ؟ فقلت: ناس من أصحابك. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
لقد كذب من قَالَ ذَلِكَ، بل له أجره مرتين. قَالَ سلمة: ثم إن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرسلني إلى علي بن أبي طالب وَقَالَ: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، قَالَ: فجئت به أقوده أرمد، فبصق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عينيه، ثم أعطاه الراية، فخرج مرحب يخطر بسيفه، فقال:
قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
فَقَالَ علي رضي الله عنه:
أنا الذي سمتني أمي حيدرة ... كليث غابات كريه المنظرة [2]
أوفيهم [3] بالصاع كيل السندرة
ففلق رأس مرحب بالسيف، وكان الفتح على يديه.
__________
[1] من س.
[2] في اللسان: غليظ القصرة.
[3] في اللسان: أكيلكم. وفيه: اختلفوا في السندرة، فقال ابن الأعرابي وغيره: هو مكيال ضخم، أي أقتلكم قتلا واسعا كبيرا. وقيل السندرة امرأة كانت تبيع القمح وتوفى الكيل، أي أكيلكم كيلا وافيا.(2/787)
(1318) عامر بن أمية بن زيد بن الحسحاس بن مالك بن عدي بن غنم بن عدىّ ابن عامر بن غنم بن عدي بن النجار.
هو والد هشام بن عامر، شهد بدرا، واستشهد يوم أحد، لا أحفظ له رواية عن النبي صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقالت عائشة رضي الله عنها- إذ دخل عليها هشام بن عامر: نعم المرء كان عامرا.
[وهو الذي ذكره حسان في شعره [1]]
(1319) عامر بن أبي أمية،
أخو أم سلمة زوج النبي صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أسلم عام الفتح، وقد نسبناه عند ذكر أخيه عبد الله، وعند ذكر أخته أيضا، لا أحفظ له رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم.
روى عن أم سلمة. روى عنه سعيد بن المسيّب.
(1320) عامر بن البكير الليثي،
هذا قول ابن إِسْحَاق وغيره. وَقَالَ الواقدي وأبو معشر: ابن أبي البكير.
قَالَ أبو عمر: شهد بدرا هو وإخوته إياس بن البكير، وعاقل بن البكير، وخالد بن البكير، كلهم شهدوا بدرا وما بعدها من المشاهد، وأسلموا في دار الأرقم، وهم حلفاء بني عدي بن كعب، ولا أعلم لهم رواية.
وقتل عامر بن البكير يوم اليمامة شهيدا.
(1321) عامر بن ثابت حليف لبني جحجبي، من بني عمرو بن عوف،
شهد أحدا، وقتل يوم اليمامة شهيدا.
__________
[1] من س.(2/788)
(1322) عامر بن ثابت بن [1] أبي الأقلح الأنصاري،
أخو عاصم بن ثابت، هو الذي ولي ضرب عنق عقبة بن أبي معيط يوم بدر، أمره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقيل: بل قتله عاصم أخوه.
(1323) عامر بن ثابت بن سلمة بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف،
قتل يوم اليمامة شهيدا.
(1324) عامر بن الحارث الفهري [القرشي [2]] .
ويقَالَ: عمرو، شهد بدرا فيما ذكر موسى بن عقبة.
(1325) عامر بن حذيفة بن غانم بن عامر بن عبد الله بن عبيد بن عريج [3] بن عدىّ ابن كعب القرشي العدوي،
أبو جهم. هو مشهور بكنيته، واختلف في اسمه، فقيل عامر، وقيل عبيد، وقد ذكرناه في الكنى.
(1326) عامر الرامي،
ويقَالَ عامر الرام، أخو الخضر، والخضر قبيلة في قيس عيلان.
[وهم بنو مالك بن طريف بن خلف بن محارب بن خصفة بن قيس عيلان [4]] يقَالُ لهم الخضر. روى محمد بن إسحاق عن أبي [5] منظور، عن عامر الرامي أخي الخضر، قَالَ: إنا بأرض محارب إذ أقبلت رايات، وإذا رَسُول اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم ... فذكر الحديث.
__________
[1] في أسد الغابة: عامر بن ثابت بن قيس، وقيس هو أبو الأقلح الأنصاري.
[2] من س.
[3] في ى: عويج.
[4] ليس في س.
[5] هكذا في ى، وأسد الغابة، وفي س: بن منظور.(2/789)
(1327) عامر بن ربيعة [العنزي [1]] العدوي،
حليف لهم، وهو عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك بن ربيعة بن عامر بن سعد بن عبد الله بن الحارث بن رفيدة بن عنز بن وائل بن قاسط.
وقيل: عامر بن ربيعة بن مالك بن عامر بن ربيعة بن حجير بن سلامان بن هنب [2] بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد ابن عدنان.
وقيل. عامر بن ربيعة بن عامر بن مالك بن ربيعة بن حجير بن سلامان بن مالك بن ربيعة بن رفيدة بن عنز بن وائل [بن قاسط [3]] . هذا الاختلاف كله ممن [4] نسبه إلى عنز بن وائل بن قاسط، وعنز بن وائل هو أخو بكر وتغلب.
وَقَالَ أبو عبيدة معمر بن المثنى: عامر بن ربيعة العدوي حليف عمر بن الخطاب كان بدريا، وهو من ولد عنز بن وائل أخي بكر بن وائل، وعدد العنزيين في الأرض قليل.
وَقَالَ علي بن المديني: عامر بن ربيعة من عنز، هكذا قَالَ علي: عنز- بفتح النون- والأول عندهم أصح [5] من تسكين النون وهو الأكثر والله أعلم.
__________
[1] ليس في س.
[2] في أسد الغابة: ابن هنب.
[3] من س.
[4] في ى: فيمن.
[5] في أسد الغابة: قال على بن المديني: هو من عنز- بفتح النون والصحيح سكونها، وعنز قليل، وإنما عنزة- بالتحريك آخره هاء كثير.(2/790)
ومنهم من ينسبه إلى مذحج في اليمن، ولم يحتلفوا أنه حليف للخطاب بن نفيل، لأنه تبناه.
أسلم عامر بن ربيعة قديما بمكة. وهاجر إلى أرض الحبشة مع امرأته.
ثم هاجر إلى المدينة، وشهد بدرا وسائر المشاهد، وتوفي سنة ثلاث وثلاثين.
وقيل: سنة اثنتين وثلاثين. وقيل: سنة خمس وثلاثين بعد قتل عثمان بأيام.
يكنى أبا عبد الله.
روى عنه جماعة من الصحابة، منهم ابن عمر، وابن الزبير. وروى ابن وهب، عن مالك، عن يَحْيَى بن سعيد أنه سمع عبد الله بن عامر بن ربيعة يقول: قام عامر بن ربيعة يصلي من الليل حين [1] نشب الناس في الطعن على عثمان بن عفان رضي الله عنه. قَالَ: فصلى من الليل، ثم نام فأتى في المنام فقيل له:
قم فاسأل الله أن يعيذك من الفتنة التي أعاذ منها صالح عباده. فقام، فصلى ودعا.
ثم اشتكى فما خرج بعد إلا بجنازته.
(1328) عامر بن ساعدة بن عامر، أبو حثمة [2] الأنصاري الحارثي.
والد سهل ابن أبي حثمة. وقد قيل اسم أبي حثمة هذا عبد الله بن ساعدة، وكان أبو حثمة هذا دليل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يوم أحد.
(1329) عامر بن سلمة بن عامر البلوي،
حليف للأنصار، شهد بدرا [فيما ذكر موسى بن عقبة [3]] . قد قيل فيه عمرو بن سلمة.
__________
[1] في س: حيث.
[2] في أسد الغابة: أبو خيثمة.
[3] ليس في س.(2/791)
(1330) عامر بن شهر الهمداني،
ويقَالَ: الناعطي. ويقَالَ البكيلي. وكل ذَلِكَ في همدان. يكنى أبا شهر. وقيل: بل يكنى أبا الكنود [1] ، روى عنه الشعبي، لم يرو عنه غيره في علمي، يعد في الكوفيين.
ذكر سيف، قَالَ: أَخْبَرَنَا طلحة الأعلم، عن عكرمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
أول من اعترض على الأسود العنسي، وكابره عامر بن شهر الهمداني في ناحيته، وفيروز الديلمي وداذويه في ناحيتهما، ثم تتابع الذين كتب إليهم فيه، فامتثلوا بما أمروا به.
وكان عامر بن شهر الهمداني أحد عمال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على اليمن، ولست أحفظ له إلا حديثا واحدا حسنا، قَالَ: سمعت كلمتين: من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلمة، ومن النجاشي كلمة، سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: انظروا قريشا فخذوا من قولهم ودعوا فعلهم. وكنت عند النجاشي جالسا فجاءه ابن له من الكتاب، فقرأ آية من الإنجيل، فعرفتها وفهمتها، فضحكت، فَقَالَ: مم تضحك؟ أمن كتاب الله! فو الله إنه مما أنزل على عيسى ابن مريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على نبينا وعليه: إن اللعنة تكون في الأرض إذا كان أمراؤها الصبيان.
(1331) عامر بن الطفيل بن الحارث.
قَالَ وثيمة، قَالَ ابن إسحاق: كان وافد قومه إِلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر مقامه في الأزد وقت الردة يوصيهم بلزوم الإسلام ويحرضهم عليه. قَالَ: وذكره الترمذي في الصحابة أيضا.
(1332) عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث ابن فهر بن مالك [بن [1]] النضر بن كنانة القرشي الفهري أبو عبيدة،
__________
[1] في س، وأسد الغابة: أبا الكنوز، والمثبت من ى، والتقريب.(2/792)
غلبت عليه كنيته.
قَالَ الزبير: كان أبو عبيدة أهتم، وذلك أنه نزع الحلقتين اللتين دخلتا في وجه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المغفر يوم أحد، فانتزعت ثنيتاه فحسّنتا فاه، فيقال: إنه ما رئي أهتم قط أحسن من هتم أبي عبيدة.
وذكره بعضهم فيمن هاجر إلى أرض الحبشة، ولم يختلفوا في شهوده بدرا، والحديبية، وهو أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجنة، جاء ذكره فيهم في بعض الروايات، وفي بعضها ابن مسعود، وفي بعضها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم تختلف تلك الآثار في التسعة.
وكان أبو عبيدة يدعى في الصحابة القوي الأمين، لقول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأهل نجران: لأرسلن معكم القوي الأمين. ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لكل أمة أمين، وأمين أمتي أبو عبيدة بن الجراح. وَقَالَ فيه أبو بكر الصديق يوم السقيفة: لقد رضيت لكم أحد الرجلين، فبايعوا أيهما شئتم: عمر، وأبو عبيدة بن الجراح.
وَذَكَر ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْ أَصْحَابِي أَحَدٌ إِلا لَوْ شِئْتُ لَوَجَدْتُ عَلَيْهِ إِلا أَبَا عُبَيْدَةَ. وَذَكَرَ أَيْضًا عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: لَمَّا بَعَثَ عُمَرُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الشَّامِ، وَعَزَلَ خَالِدَ بْنَ الوليد قال
__________
[1] من س.(2/793)
خَالِدٌ: بُعِثَ عَلَيْكُمْ أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ. فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: خَالِدٌ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ. وَنِعْمَ فَتَى الْعَشِيرَةِ. وَذَكَرَ خَلِيفَةُ، عن معاذ، عن ابن عون، عن ابن سِيرِينَ، قَالَ: لَمَّا وَلِيَ عُمَرُ قَالَ: وَاللَّهِ لأَنْزِعَنَّ خَالِدًا حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ يَنْصُرُ دِينَهُ.
قَالَ: وأخبرنا علي وموسى، عن حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أَبِيهِ قَالَ: لما استخلف عمر كتب إلى أبي عبيدة: إني قد استعملتك وعزلت خالدا.
قَالَ خليفة: لما ولى عمر عزل خالدا، وولى أبو عبيدة حين فتح الشامات يزيد بن أبي سفيان على فلسطين، وشرحبيل ابن حسنة على الأردن، وخالد بن الوليد على دمشق، وحبيب بن مسلمة على حمص، ثم عزله وولّى عبد الله ابن قرط الثمالي، ثم عزله، وولى عبادة بن الصامت، ثم عزله، وولّى عبد الله ابن قرط. ثم وقع طاعون عمواس، فمات أبو عبيدة، واستخلف معاذ، ومات [1] معاذ، واستخلف يزيد بن أبي سفيان، فمات يزيد، واستخلف أخاه معاوية فأقره عمر.
وكان موت أبو عبيدة ومعاد ويزيد في طاعون عمواس، وكان طاعون عمواس بأرض الأردن وفلسطين سنة ثمان عشرة، مات فيه نحو خمسة وعشرين ألفا. ويقَالَ: إن عمواس قرية بين الرملة وبيت المقدس. وقيل إن ذَلِكَ كان لقولهم عم واس [2] ، ذكر ذَلِكَ الأصمعي، وكانت سن أبي عبيدة يوم توفى ثمانيا وخمسين سنة.
__________
[1] في س: فمات.
[2] في س: لقولهم عمر واس.(2/794)
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَارِثِ [1] ، حَدَّثَنَا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس أنّ أهل بحران قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْعَثْ مَعَنَا أَمِينًا، فَأَخَذَ بِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ وَقَالَ: هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ، مِنْ حَدِيثِ حذيفة وغيره.
(1333) عامر بن عبد عمرو،
ويقال عامر بن عمير أبو حبة البدري الأنصاري، من بني ثعلبة بن عمرو بن عوف بن سعد بن الأوس [2] ، غلب عليه أبو حبة البدري لشهوده بدرا، واختلف في اسمه كما ذكرنا، وهو مشهور بكنيته، وسنذكره في الكنى بأتم من هذا إن شاء الله تعالى. قَالَ ابْن إِسْحَاق: هُوَ أخو سعد بْن خيثمة لأمّه.
(1334) عامر بن عبد عمرو،
ويقال عامر بن عمرو، أبو حبة الأنصاري المازني البدري، اختلف في اسمه، وسنذكره في الكنى إن شاء الله.
(1335) عامر بن عبدة [3] ،
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الشيطان يأتي القوم في صورة الرجل يعرفون وجهه ولا يعرفون نسبه، فيحدثهم فيقولون:
حَدَّثَنَا فلان، ما اسمه؟ لَيْسَ يعرفونه. حديثه عند الأعمش عن المسيب بن رافع عنه.
__________
[1] في س: حرب.
[2] في س: بن عوف بن مالك بن الأوس. وفي أسد الغابة بن ثعلبة بن مالك بن عمرو ابن عوف بن مالك بن الأوس.
[3] في أسد الغابة: قال ابن ماكولا في عبدة- بفتح العين والباء عامر بن عبدة، أبو إياس. وقيل عبدة بسكون الباء.(2/795)
(1336) عامر بن عمرو المزني [1] ،
انفرد بحديثه أَبُو مُعَاوِيَةَ الضرير. ويقَالَ إنه أخطأ فيه، لأن يعلى بن عبيد قَالَ فيه عن هلال بن عامر، عن رافع بن عمرو.
وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ عن هلال بن عامر [2] ، عَنْ أبيه.
(1337) عامر بن غيلان بن سلمة الثقفي،
أسلم قبل أبيه وهاجر، ومات بالشام في طاعون عمواس، وأبوه يومئذ حي.
(1338) عامر بن فهيرة، مولى أبي بكر الصديق، أبو عمرو،
كان مولّدا من من مولدي الأزد، أسود اللون، مملوكا للطفيل بن عبد الله بن سخبرة، فأسلم، وهو مملوك، فاشتراه أبو بكر من الطفيل، فأعتقه، وأسلم قبل أن يدخل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دار الأرقم، وقبل أن يدعو فيها إلى الإسلام، وكان حسن الإسلام، وكان يرعى الغنم في ثور، يروح بها على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر في الغار، ذكر ذَلِكَ كله موسى بن عقبة وابن إسحاق عن ابن شهاب. وكان رفيق رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر في هجرتهما إلى المدينة، وشهد بدرا، وأحدا، ثم قتل يوم بئر معونة، وهو ابن أربعين سنة، قتله عامر بن الطفيل.
ويروى عنه أنه قَالَ: رأيت أول طعنة طعنتها عامر بن فهيرة نورا أخرج فيها [3] .
__________
[1] في س: المديني.
[2] في س: عمرو.
[3] في س: منها.(2/796)
وذكر ابن إسحاق، عن هشام بن عروة، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لما قدم عامر بن الطفيل على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ له: من الرجل الذي لما قتل رأيته رفع بين السماء والأرض، حتى رأيت السماء دونه، ثم وضع. فَقَالَ له: هو عامر ابن فهيرة. هكذا رواية يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، ورواية غيره عن ابن إسحاق، قَالَ: فحَدَّثَنِي هشام بن عروة عَنْ أَبِيهِ أن عامر بن الطفيل كان يقول: من رجل منهم لما قتل رأيته رفع بين السماء والأرض حتى رأيت السماء دونه؟ قالوا: عامر بن فهيرة. وذكر ابن المبارك، وعبد الرزاق جميعا، عن معمر، عن الزهري، عن عروة قَالَ: طلب عامر بن فهيرة [يومئذ [1]] في القتلى فلم يوجد. قَالَ عروة:
فيروون أن الملائكة دفنته أو رفعته.
وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: زَعَمَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ، فَلَمْ يُوجَدْ جَسَدُهُ حِينَ دَفَنُوا، فَيَرْوُونَ أَنَّ الْمَلائِكَةَ دَفَنَتْهُ.
وَكَانَتْ بِئْرُ مَعُونَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَ بِئْرِ مَعْوُنَةَ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا حَتَّى نَزَلَتْ [2] : «لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ» ، 3: 128 فَأَمْسَكَ عَنْهُمْ.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وجلّ: «لَيْسَ لَكَ من الْأَمْرِ شَيْءٌ» 3: 128 نَزَلَتْ فِي غَيْرِ هَذَا، وَذَكَرُوا فِيهَا وُجُوهًا ليس هذا موضعا لذكرها.
__________
[1] من س.
[2]- سورة آل عمران، آية 128.(2/797)
(1339) عامر بن قيس الأشعري.
أبو بردة، غلبت عليه كنيته، هو أخو أبي موسى الأشعري، وقد ذكرنا نسبه عند ذكر أخيه أبي موسى في العبادلة، وفي الكنى، وسيأتي ذكر أبي بردة هذا في بابه في الكنى.
من حديثه عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ اللَّهمّ اجعل فناء أمتي في سبيلك بالطعن والطاعون.
(1340) عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس،
أمه البيضاء بنت عبد المطلب. أسلم يوم الفتح، وبقي إلى خلافة عثمان، هو والد عبد الله بن عامر ابن كريز الذي ولاه العراق وخراسان.
(1341) عامر بن مخلد بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار،
شهد بدرا، وقتل يوم أحد شهيدا.
(1342) عامر بن مسعود الجمحي،
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة. روى عنه نمير بن عريب.
(1343) عامر بن هلال، أبو سيارة المتعي.
اختلف في اسمه، وقد ذكرناه في الكنى. يقَالَ: إنه من بني عبس بن حبيب، كتب له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتابا، وهو باق عند بني عمه وبني بنيه [في [1]] المتعيّين.
(1344) عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمير بن جابر بن حميس [1] بن جدي بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة الليثي، أبو الطفيل.
غلبت عليه كنيته، أدرك من حياة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثماني سنين، كان مولده عام أحد
__________
[1] في ى: عميس.(2/798)
ومات سنة مائة أو نحوها. ويقَالَ: إنه آخر من مات ممن رأى النبي صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقد روى نحو أربعة أحاديث، وكان محبا لعلي رضي الله عنه، وكان من أصحابه في مشاهده، وكان ثقة مأمونا يعترف بفضل الشيخين، إلا أنه كان يقدم عليا.
توفي سنة مائة من الهجرة، وقد ذكرناه في الكنى بأكثر من هذا [1] .
[وباللَّه التوفيق [2]] .
(1345) عامر بن أبي وقاص، واسم أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف ابن زهرة القرشي (الزهري [3] ) ،
كان من مهاجرة الحبشة، ولم يهاجر إليها سعد أخوه، أسلم بعد عشرة رجال.
باب عائذ
(1346) عائذ بن سعد [4] الجسري،
وفد على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- قاله الطبري.
(1347) عائذ بن عمرو بن هلال المزني، يكنى أبا هبيرة،
وكان ممن بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة، وكان من صالحي الصحابة، سكن البصرة، وابتنى بها دارا، وتوفي في إمرة عبيد الله بن زياد أيام يزيد بن معاوية.
__________
[1] في س: بأكثر من ذكره هاهنا.
[2] ليس في س.
[3] ليس في س.
[4] في أسد الغابة: سعيد.
(م 25- الاستيعاب- ثان)(2/799)
روى عنه الحسن، ومعاوية بن قرة، وعامر الأحول.
(1348) عائذ بن قرط السكوني.
شامي، روى عنه عمرو [1] بن قيس السكوني.
من حديث عائذ بن قرط عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: من صلى صلاة لم يتمّها زيد فيها من سبحاته حتى تتمّ.
(1349) عائذ بن ماعص بن قيس بن خلدة [2] بن عامر بن زريق الأنصاري [الزرقي [3]] ،
شهد بدرا مع أخيه معاذ، وقتل عائذ يوم اليمامة شهيدا في قول بعضهم.
وقيل: إنه قتل يوم بئر معونة شهيدا، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد آخى بين عائذ بن ماعص وبين سويبط بن حرملة.
(1350) عائذ الجعفي [4] .
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم. روى عنه الجعد ابن الصلت، ذكره البخاري، أخشى أن يكون حديثه مرسلا.
باب عائذ الله
(1351) عائذ الله بن سعد [5] المحاربي.
ويقَالَ عائذ [6] . مذكور فيمن وفد على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من محارب بن خصفة بن قيس.
(1352) عائذ الله بن عبد الله [7] الخولاني،
أبو إدريس، غلبت عليه كنيته، ولد عام حنين، وقد ذكرناه في الكنى بأكثر من هذا.
__________
[1] في ى. عمر، والمثبت من س، وأسد الغابة.
[2] في س: خالدة.
[3] من س.
[4] في أسد الغابة: عائذ بن أبى عائذ الجعفي.
[5] في أسد الغابة: بن سعيد.
[6] في أسد الغابة ويقال عائذ بن سعيد- غير مضاف إلى اسم الله عز وجل.
[7] في س: بن عبيد الله.(2/800)
وَقَالَ ابن شهاب: أخبرني أبو إدريس الخولاني، وكان من فقهاء أهل الشام.
وَقَالَ مكحول: ما أدركت مثل أبي إدريس الخولاني.
روى أبو إدريس عن عبادة وشداد [1] بن أوس، وحذيفة، وأبي الدرداء، وغيرهم. روى عنه الزهري وبسر [2] بن عبيد الله، وربيعة بن يزيد وغيرهم [3] .
باب عباد وعباد
(1353) عباد بن الأخضر [4] ،
أو ابن الأحمر. روى عن النبي صَلَّى الله وَسَلَّمَ أنه كان إذا أخذ مضجعه قرأ [5] : «قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ» 109: 1.
(1354) عباد بن بشر بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل الأنصاري الأشهلي.
قَالَ الواقدي: يكنى أبا بشر. وَقَالَ ابن عمارة: يكنى أبا الربيع.
وَقَالَ إبراهيم بن المنذر: عباد بن بشر يكنى أبا بشر، ويكنى أبا الربيع.
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: لا يختلفون أنه أسلم بالمدينة على يد [6] مصعب ابن عمير، وذلك قبل إسلام سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وشهد بدرا، وأحدا والمشاهد كلها، وكان فيمن قتل كعب بن الأشرف اليهودي، وكان من فضلاء الصحابة.
__________
[1] في س: وسواد.
[2] في س: وقيس.
[3] في ى: وغيره، والحمد للَّه تعالى.
[4] في أسد الغابة: ابن أخضر.
[5] سورة «الكافرون» .
[6] في س: على يدي.(2/801)
روى أنس بن مالك أن عصاه كانت تضيء له، إذ كان يخرج من عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى بيته ليلا، وعرض له ذَلِكَ مرة مع أسيد بن حضير، فلما افترقا أضاءت لكل واحد منهما عصاه.
وروى حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس قَالَ: كان عباد بن بشر ورجل آخر من الأنصار عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتحدثان في ليلة ظلماء حندس، فخرجا من عنده، فأضاءت عصا عباد بن بشر حتى انتهى عباد وذهب الآخر، فأضاءت عصا الآخر.
وَقَالَ أبو عمر: الآخر أسيد بن حضير على ما ذكرناه [1] ، وروينا ذَلِكَ من وجوه أخر.
حَدَّثَنَا أبو القاسم خلف بن قاسم [2] الحافظ، حَدَّثَنَا أبو الحسن على بن محمد ابن إسماعيل الطوسي [بمكة [3]] ، حَدَّثَنَا أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس، حَدَّثَنَا محمد بن إسماعيل البخاري، حَدَّثَنَا عبد العزيز بن عبد الله، عن إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن يَحْيَى بن عباد، عَنْ أَبِيهِ، عن عائشة، قالت:
ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد يعتد عليهم فضلا، كلهم من بني عبد الأشهل:
سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وعباد بن بشر. هكذا ذكر البخاري، ورواه الناس من طريق سلمة وغيره، عن ابن إسحاق، ذكره ابن جعفر الطبري، وأبو العباس محمد بن إسحاق السراج. حَدَّثَنَا محمد بن حميد، حَدَّثَنَا سلمة عن ابن إسحاق، عن يحيى ابن عباد بن الزبير، عَنْ أَبِيهِ، عن عائشة، قالت:
__________
[1] في س: على ما ذكرنا وروينا.
[2] في س: ابن القاسم.
[3] من س.(2/802)
كان في بني عبد الأشهل ثلاثة لم يكن بعد النبي صلى الله عليه وسلم من المسلمين أحد أفضل منهم: سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وعباد بن بشر. قال عباد ابن عبد الله: والله ما سماني أبى عبادا إلا به.
كان عباد بن بشر ممن قتل كعب بن الأشرف اليهودي الذي كان يؤذي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويحرض على أذاه. وَقَالَ عباد بن بشر في ذلك شعرا:
صرخت به فلم يعرض لصوتي ... ووافى [1] طالعا من رأس جدر
فعدت له فَقَالَ من المنادي ... فقلت أخوك عباد بن بشر
وهذي درعنا رهنا فخذها ... لشهر إن وفى أو نصف شهر
فَقَالَ معاشر سغبوا [2] وجاعوا ... وما عدلوا [3] الغنى من غير فقر
فأقبل نحونا يهوى سريعا ... وَقَالَ لنا لقد جئتم بأمر [4]
وفى أيماننا بيض جداد [5] ... مجردة [6] بها الكفار نفري
فعانقه ابن مسلمة المردي ... به [7] الكفار كالليث الهزبر
وشد بسيفه صلتا عليه ... فقطره أبو عبس بن جبر
فكان [8] الله سادسنا فأبنا ... بأنعم نعمة وأعز نصر
وجاء برأسه نفر كرام ... همو ناهيك [9] من صدق وبرّ
__________
[1] في س: وأوفى.
[2] في ى: شبعوا، والمثبت من س.
[3] في س: وما عدموا.
[4] في س: لأمر.
[5] في س: حداد.
[6] في س: مجربة.
[7] في ى: بها.
[8] في س: وكان.
[9] في ى: تاهوك.(2/803)
والذين قتلوا كعب بن الأشرف: محمد بن مسلمة، والحارث بن أوس، وعباد بن بشر، وأبو عبس بن جبر، وأبو نائلة سلكان بن وقش الأشهلي.
قَالَ ابن إسحاق: شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ عباد بن بشر، وقتل يوم اليمامة شهيدا، وكان له يومئذ بلاء وغناء، فاستشهد يومئذ وهو ابن خمس وأربعين سنة.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ [عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابن الزُّبَيْرِ [1]] عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تَهَجَّدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي، فَسَمِعَ صَوْتَ عَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ، فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، صَوْتُ عَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ هَذَا؟ قُلْتُ:
نَعَمْ. قَالَ: اللَّهمّ اغْفِرْ لَهُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن [2] ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ ثَابِتٍ الصَّيْدَلانِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عِمَارَةَ بْنِ حَفْصَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ الأَنْصَارِيِّ- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَنْتُمُ الشِّعَارُ وَالنَّاسُ الدِّثَارُ، فَلا أُوتَيَنَّ مِنْ قِبَلِكُمْ، قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله ابن مُصْعَبٍ الْخَطْمِيُّ، مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَهَذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الصَّامِتِ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: وَلا أَحْفَظُ لِعَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ غَيْرَ هَذَا الحديث.
(1355) عباد بن ثعلبة [3] .
ويقَالَ: عباد بن ثعلبة- بكسر العين، يد في الكوفيين.
__________
[1] من س.
[2] في س: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن.
[3] في أسد الغابة: عباد أبو ثعلبة.(2/804)
روى عنه ابنه ثعلبة، ولم يرو عنه غيره، حديثه في فضل الوضوء حديث حسن.
(1356) عباد بن الحارث بن عدي بن الأسود بن الأصرم بن جحجبي بن كلفة بن عوف.
يعرف بفارس ذي الخرق، فرس كان يقاتل عليه، شهد أحدا، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرسه ذي الخرق، وشهد عليه اليمامة، فقتل يومئذ شهيدا.
(1357) عباد بن خالد الغفاري.
هكذا بكسر العين. له صحبة ورواية، له حديثان عند عطاء بن السائب، عَنْ أَبِيهِ، عن خالد [1] بن عباد، عَنْ أَبِيهِ عباد بن خالد.
(1358) عباد بن الخشخاش.
ويقَالَ عبادة. وقد تقدم ذكره في باب عبادة.
(1359) عباد بن سهل بن مخرمة بن قلع بن حريش بن عبد الأشهل الأنصاري الأشهلي.
قتل يوم أحدا شهيدا، قتله صفوان بن أمية الجمحي.
(1360) عباد بن شرحبيل الغبري اليشكري،
رجل من بنى غبر بن يشكر ابن وائل.
وروى عنه جعفر بن أبي وحشية قصة لَيْسَ له غيرها أنه قَالَ: دخلت حائطا فأخذت سنبلا ففركته، فجاء صاحبه فضربني وأخذ ثوبي، فأتيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرت له ذَلِكَ، فدعاه ورد على ثوبي.
(1361) عباد بن شيبان.
قَالَ: خطبت إلى النبي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمامة بنت عبد المطلب فأنكحني، ولم يشهد. روى عنه ابناه: عيسى [2] بن عباد ويحيى ابن عبّاد.
__________
[1] في س: عن أبيه عن خالد.
[2] في س، والتهذيب: ابناه: إبراهيم بن عباد....(2/805)
(1362) عباد بن عبد العزى بن محصن بن عقيدة [1] بن وهب بن الحارث ابن جشم بن لؤي بن غالب،
كان يلقب الخطيم، لأنه ضرب على أنفه يوم الجمل.
ذكره ابن الكلبي من رواية الحارث بن أبي أسامة، عن محمد بن عمران الأسدي، عنه.
(1363) عباد بن عبيد بن التيهان،
شهد بدرا، ذكره الطّبرى.
(1364) عباد بن قيس بن عامر بن خلدة بن عامر بن زريق الزرقي الأنصاري،
شهد بدرا وأحدا بعد أن شهد العقبة.
(1365) عباد بن قيس بن عبسة.
ويقَالَ عيشة، بن أمية بن مالك بن عدى بن كعب ابن الخزرج بن الحارث بن الخزرج. شهد بدرا هو وأخوه سبيع بن قيس، وقتل يوم مؤتة شهيدا.
(1366) عباد بن قيظى الأنصاري الحارثي،
أخو عبد الله وعقبة ابني قيظي، وقتل هو وأخوه يوم جسر أبي عبيد، له صحبة.
(1367) عباد [2] بن ملحان بن خالد،
شهد أحدا، واستشهد يوم جسر أبى عبيد، قاله العدوي.
(1368) عباد بن نهيك الخطمي الأنصاري.
هو الذي أنذر بنى حارثة حين وجدهم يصلون إلى بيت المقدس، وأخبرهم أن القبلة قد حولت، فأتموا الركعتين الباقيتين نحو المسجد الحرام.
__________
[1] في س: عبد، والمثبت من ى، وأسد الغابة.
[2] هذه الترجمة ليست في س.(2/806)
باب عبادة
(1369) عبادة بن الأشيم [1] .
وفد على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكتب له كتابا، وأمره على قومه- ذكره ابن قانع في معجمه.
(1370) عبادة بن أوفى النميري،
شامي.
روى عنه مكحول، قيل: حديثه مرسل، لأنه يروي عن عمرو بن عبسة.
(1371) عبادة [بن الحسحاس، ويقَالَ ابن] [2] الخشخاش بن عمرو بن زمزمة الأنصاري.
حليف لهم، من بلي، قَالَ ابن إسحاق، وأبو معشر: عبادة بن الخشخاش بالخاء والشين المنقوطتين. وَقَالَ الواقدي: هو عبادة بن الخشخاش.
قَالَ: وهو ابن عم المجذر بن زياد وأخوه لأمه، ولم يختلفوا أنه من بلي بن عمرو ابن الحاف بن قضاعة.
شهد بدرا، وقتل يوم أحد شهيدا.
قَالَ ابن إسحاق: ودفن النعمان بن مالك والمجذّر بن زياد، وعبادة ابن الخشخاش في قبر واحد. ويقَالَ فيه عباد بن الخشخاش بلا هاء، والأكثر يقولون عبادة.
(1372) عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن [فهر بن [3]] ثعلبة بن غنم ابن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج الأنصاري السالمي،
يكنى
__________
[1] في أسد الغابة: ابن الأشيب.
[2] من س. وفي أسد الغابة: وقيل الخشخاش- بخاء وشينين معجمات. وقيل بحاءين وسينين مهملات.
[3] من س، وأسد الغابة.(2/807)
أبا الوليد. وَقَالَ الحزامي: أم عبادة بن الصامت قرة العين بنت عبادة بن نضلة ابن مالك بن العجلان، وكان عبادة نقيبا، وشهد العقبة الأولى والثانية والثالثة.
وآخى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبى مرثد الغنوي، وشهد بدرا والمشاهد كلها، ثم وجهه عمر إلى الشام قاضيا ومعلما، فأقام بحمص، ثم انتقل إلى فلسطين، ومات بها، ودفن بالبيت [1] المقدس، وقبره بها معروف إلى اليوم.
وقيل: إنه توفي بالمدينة، والأول أشهر وأكثر.
وقال ضمرة، عن رجاء بن أبي سلمة [2] : قبر عبادة بن الصامت بالبيت المقدس.
وَقَالَ ابن سعد: سمعت من يقول: إنه بقي حتى توفى في خلافة معاوية بالشام.
وَقَالَ الأوزاعي: أول من تولى قضاء فلسطين عبادة بن الصامت، وكان معاوية قد خالفه في شيء أنكره عليه عبادة في الصرف، فأغلظ له معاوية في القول، فقال له عبادة: لا أسا كنك بأرض واحدة أبدا، ورحل إلى المدينة. فَقَالَ له عمر:
ما أقدمك؟ فأخبره، فَقَالَ: ارجع إلى مكانك، فقبح الله أرضا لست فيها ولا أمثالك. وكتب إلى معاوية: لا إمرة لك على عبادة.
توفي عبادة بن الصامت سنة أربع وثلاثين بالرملة. وقيل بالبيت المقدس، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة.
__________
[1] في س: ببيت المقدس.
[2] في ى: عن رجال أبى سلمة- وهو تحريف.(2/808)
روى عنه من الصحابة أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وفضالة بن عبيد، والمقدام بن معديكرب، وأبو أمامة الباهلي، ورفاعة بن رافع، وأوس بن عبد الله الثقفي، وشرحبيل ابن حسنة، ومحمود بن الربيع، والصنابحي، وجماعة من التابعين.
(1373) عبادة بن عثمان بن خلدة بن مخلد بن عامر بن زريق الأنصاري الزرقي.
روى أنه مسح رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسه وبرك عليه. وأبوه له صحبة، وبابنه عبادة يكنى. وقد ذكره أبو عمر في باب سعد، وفي الكنى أيضا.
(1374) عبادة بن قرص الليثي،
ويقَالَ ابن قرط. والصواب عند أكثرهم قرص.
وروى عنه أبو قتادة العدوي، وحميد بن هلال.
وَقَالَ يونس بن عبيد، عن حميد بن هلال: أقبل عبادة بن قرص الليثي من الغزو، فلما كان بالأهواز لقيه الحرورية فقتلوه.
وَقَالَ أبو عبيدة والمدائني: في سنة إحدى وأربعين خرج سهم بن مالك بن غالب الهجيمي، ومعه الخطيم الباهلي، واسم الخطيم زيادة بن مالك بناحية جسر البصرة، فقتلوا عبادة بن قرص الليثي صاحب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبعث إليهم معاوية عبد الله بن عامر، فاستأمن سهم والخطيم فأمنهما، وقتل عدة من أصحابهما، ثم عزل معاوية ابن عامر في سنة خمس وأربعين، وولى زيادا، فقدم زياد البصرة، فقتل سهم بن غالب الهجيمي وصلبه، ثم قتل زياد أيضا الخطيم الباهلي الخارجي أحد بني وائل سنة تسع وأربعين.
(1375) عبادة بن قيس،
ويقَالَ فيه عباد بن قيس بن زيد بن أمية بن عامر بن(2/809)
عدى بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج. شهد بدرا وأحدا، والخندق، والحديبية، وخيبر، وقتل يوم مؤتة شهيدا. وقد ذكرناه في باب عباد.
(1376) عبادة الزرقي،
روى في صيد المدينة. روى عنه ابناه عبد الله وسعد، لا ترفع [1] صحبته.
باب عباس
(1377) عباس بن عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم ابن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج،
شهد بيعة العقبة الثانية.
قَالَ ابن إسحاق: كان ممن خرج إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو بمكة، وشهد بيعة العقبتين. وقيل: بل كان في النفر الستة من الأنصار الذين لقوا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة، فأسلموا قبل سائر الأنصار، وأقام مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ بها حتى هاجر إلى المدينة، فكان يقَالُ له مهاجري أنصاري.
قتل يوم أحد شهيدا، ولم يشهد بدرا، وآخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [حين هاجر إلى المدينة [2]] بينه وبين عثمان بن مظعون.
(1378) عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف،
عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكنى أبا الفضل بابنه الفضل بن العباس، وكان العباس أسن من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسنتين. وقيل بثلاث سنين. أمّه امرأة من النمر ابن قاسط وهى نتلة. وقيل نتيلة بنت خباب بن كليب بن مالك بن عمرو
__________
[1] في س: لا تدفع.
[2] ليس في س.(2/810)
ابن عامر بن زيد مناة بن عامر، وهو الضيحان بن سعد بن الخزرج بن تيم الله ابن النمر بن قاسط، هكذا نسبها الزبير وغيره.
وَقَالَ أبو عبيدة: هي بنت خباب [1] بن حبيب بن مالك بن عمرو بن عامر الضيحان [الأصغر بن زيد مناة بن عامر الضحيان [2]] الأكبر بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط ولدت لعبد المطلب العباس فأنجبت به، قَالَ: وهي أول عربية كست البيت الحرام الحرير والديباج وأصناف الكسوة. وذلك أن العباس ضل وهو صبي فنذرت إن وجدته أن تكسو البيت الحرام، فوجدته ففعلت ما نذرت وكان العباس في الجاهلية رئيسا في قريش، وإليه كانت عمارة المسجد الحرام والسقاية في الجاهلية، فالسقاية معروفة، وأما العمارة فإنه كان لا يدع أحدا يسب [3] في المسجد الحرام، ولا يقول فيه هجرا، يحملهم على عمارته في الخير، لا يستطيعون لذلك امتناعا، لأنه كان ملأ قريش قد اجتمعوا وتعاقدوا على ذَلِكَ، فكانوا له أعوانا عليه، وسلموا ذَلِكَ إليه. ذكر ذَلِكَ الزبير وغيره من العلماء بالنسب والخبر.
وَذَكَرَ ابْنُ السَّرَّاجِ قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ شِهَابٍ [4] ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ أَنَّ الْعَبَّاسَ عَمّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِمَّنْ خَرَجَ مع المشركين يوم بدر، فأسر فيمن
__________
[1] في س: حباب.
[2] ليس في س.
[3] في س: يستب.
[4] في س. بن هشام.(2/811)
أُسِرَ مِنْهُمْ، وَكَانُوا قَدْ شَدُّوا وَثَاقَهُ، فَسَهِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَلَمْ يَنَمْ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: مَا أَسْهَرَكَ [1] يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ فَقَالَ: أَسْهَرُ لأَنِينِ الْعَبَّاسِ. فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَأَرْخَى مِنْ وَثَاقِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم:
ما لي لا أَسْمَعُ أَنِينَ الْعَبَّاسِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا أَرْخَيْتُ مِنْ وَثَاقِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَافْعَلْ ذَلِكَ بِالأَسْرَى كُلِّهِمْ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: أَسْلَمَ الْعَبَّاسُ قَبْلَ فَتْحِ خَيْبَرَ، وَكَانَ يَكْتُمُ إِسْلامَهُ، وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ عِلاطٍ أَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا يَسُرُّهُ مَا يَفْتَحُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ أَظْهَرَ إِسْلامَهُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَشَهِدَ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ وَتَبُوكَ.
وقيل: إن إسلامه قبل بدر، وكان رضى الله عنه يكتب بأخبار المشركين إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، وكان المسلمون ينقوّون به بمكة، وكان يحب أن يقدم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن مقامك بمكة خير، فلذلك قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر:
من لقي منكم العباس فلا يقتله، فإنه إنما أخرج كارها. وكان العباس أنصر الناس لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أبى طالب، وحضر مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العقبة يشترط له على الأنصار، وكان على دين قومه يومئذ، وأخرج إلى بدر مكرها فيما زعم قوم، وفدى يومئذ عقيلا ونوفلا ابني أخويه أبى طالب والحارث من ماله، وولى السقاية بعد أبي طالب وقام بها، وانهزم الناس عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم حنين غيره وغير عمر،
__________
[1] في س: ما يسهرك.(2/812)
وعلي، وأبي سفيان بن الحارث. وقد قيل غير سبعة من أهل بيته، وذلك مذكور في شعر العباس الّذي يقول فيه:
ألا هل أتى عرسي مكري ومقدمي ... بوادي حنين والأسنة تشرع
وقولي إذا ما النفس جاشت لها قدى [1] ... وهام تدهدى [2] بالسيوف وأدرع
وكيف رددت الخيل وهى مغيرة ... بزوراء تعطى في اليدين وتمنع
وهو شعر مذكور في السير لابن إسحاق، وفيه:
نصرنا رَسُول اللَّهِ في الحرب سبعة ... وقد فر من قد فر عنه وأقشع
وثامننا لاقى الحمام بسيفه ... بما مسه في الله لا يتوجع
وَقَالَ ابن إسحاق: السبعة: علي، والعباس، والفضل بن العباس، وأبو سفيان بن الحارث، وابنه جعفر، وربيعة بن الحارث، وأسامة بن زيد، والثامن أيمن بن عبيد.
وجعل غير ابن إسحاق في موضع أبي سفيان عمر بن الخطاب، والصحيح أن أبا سفيان بن الحارث كان يومئذ معه لم يختلف فيه، واختلف في عمر.
وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكرم العباس بعد إسلامه ويعظمه ويجله.
ويقول: هذا عمي وصنو أبي، وكان العباس جواد مطعما وصولا للرحم ذا رأي حسن ودعوة مرجوّة. وروى على بن المدائني، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ التَّيْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَهْلٍ نَافِعُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وقاص، قال: قال
__________
[1] في س: قرى.
[2] في ى: وها تدعوين.(2/813)
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَجْوَدُ قُرَيْشٍ كَفًّا، وَأَوْصَلُهَا [رَحِمًا [1]] . وَرَوَى ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الثِّقَةِ- أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَمْ يَمُرَّ بِعُمَرَ وَلا بِعُثْمَانَ وَهُمَا رَاكِبَانِ إِلا نَزَلا حَتَّى يَجُوزَ الْعَبَّاسُ إِجْلالا لَهُ، وَيَقُولانِ: عَمُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرَوَى ابْنُ الْعَبَّاسِ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ إِذَا قَحَطَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ.
قَالَ أبو عمر: وكان سبب ذَلِكَ أن الأرض أجدبت إجدابا شديدا على عهد عمر زمن الرمادة، سنة سبع عشرة، فَقَالَ كعب: يا أمير المؤمنين، إن بني إسرائيل كانوا إذا أصابهم مثل هذا استسقوا بعصبة الأنبياء، فَقَالَ عمر: هذا عم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصنو أبيه، وسيد بني هاشم، فمشى إليه عمر، وشكا إليه ما فيه الناس [من القحط [2]] ، ثم صعد المنبر ومعه العباس، فَقَالَ:
اللَّهمّ إنا قد توجهنا إليك بعم نبينا وصنو أبيه، فاسقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين، ثم قَالَ عمر: يا أبا الفضل، قم فادع. فقام العباس. فَقَالَ بعد حمد الله تعالى والثناء عليه: اللَّهمّ إن عندك سحابا، وعندك ماء، فانشر السحاب، ثم أنزل الماء منه علينا، فاشدد به الأصل، وأدر به الضرع، اللَّهمّ إنك لم تنزل بلاء إلا بذنب، ولم تكشفه [3] إلا بتوبة، وقد توجه القوم إليك، فاسقنا الغيث، اللَّهمّ شفعنا في أنفسنا وأهلينا، اللَّهمّ إنا شفعنا بمن [4] لا ينطق من بهائمنا وأنعامنا، اللَّهمّ
__________
[1] ليس في س.
[2] ليس في س.
[3] في ى: ولم تكشف.
[4] في س: عمن.(2/814)
اسقنا سقيا وادعا نافعا، طبقا سحا عاما، اللَّهمّ إنا لا نرجو إلا إياك، ولا ندعو غيرك، ولا نرغب إلا إليك، اللَّهمّ إليك نشكو جوع كل جائع، وعرى كل عار، وخوف كل خائف، وضعف كل ضعيف ... في دعاء كثير. وهذه الألفاظ كلها لم تجيء في حديث واحد، ولكنها جاءت في أحاديث جمعتها واختصرتها، ولم أخالف شيئا منها. وفى بعضها: فسقوا والحمد الله. وفي بعضها قال: فأرخت السماء عز اليها، فجاءت بأمثال الجبال، حتى استوت الحفر بالآكام، وأخصبت الأرض، وعاش الناس.
قَالَ أبو عمر: هذا والله الوسيلة إلى الله عز وجل والمكان منه.
وَقَالَ حسان بن ثابت في ذلك [1] :
سأل الإمام وقد تتابع جدبنا [2] ... فسقى الغمام بغرة العباس
عم النبي وصنو والده الذي ... ورث النبي بذاك دون الناس
أحيا الإله به البلاد فأصبحت ... مخضرة الأجناب بعد الياس
وقال الفضل بن عباس بن عتبة بن أبى لهب:
بعمي سقى الله الحجاز وأهله ... عشية يستسقي بشيبته عمر
توجّه بالعباس في الجدب راغبا ... فما كر حتى جاء بالديمة المطر
وروينا من وجوه، عن عمر- أنه خرج يستسقى، وخرج معه بالعباس، فَقَالَ: اللَّهمّ أنا نتقرب إليك بعم نبيك ونستشفع به، فاحفظ فيه نبيك كما حفظت الغلامين لصلاح أبيهما، وأتيناك مستغفرين ومستشفعين. ثم أقبل
__________
[1] ليست هذه الأبيات في الديوان الّذي بأيدينا.
[2] في س: جهدنا.
(م 26- الاستيعاب- ثان)(2/815)
على الناس فَقَالَ [1] : «اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً» 71: 10- 12.
ثم قام العباس وعيناه تنضحان، فطالع [2] عمر، ثم قَالَ: اللَّهمّ أنت الراعي لا تهمل الضالة، ولا تدع الكسير بدار مضيعة، فقد ضرع الصغير، ورق الكبير، وارتفعت الشكوى، وأنت تعلم السر وأخفى، اللَّهمّ فأغثهم بغياثك من قبل أن يقنطوا فيهلكوا، فإنه لا ييأس من روحك إلا القوم الكافرون. فنشأت طريرة من سحاب، فَقَالَ الناس: ترون ترون! ثم تلاءمت واستتمت ومشت [3] فيها ريح، ثم هرت ودرّت، فو الله ما يرحوا حتى اعتلوا الجدار [4] ، وقلصوا المآزر، وطفق الناس بالعباس يمسحون أركانه، ويقولون: هنيئا لك ساقي الحرمين.
قَالَ ابن شهاب: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرفون للعباس فضله، ويقدمونه ويشاورونه ويأخذون برأيه، واستسقى به عمر فسقي.
وَقَالَ الحسن بن عثمان: كان العباس جميلا أبيض بضا ذا ضفيرتين، معتدل القامة. وقيل: بل كان طوالا.
وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار، عَنْ جَابِرٍ. قَالَ: أَرَدْنَا أَنْ نَكْسُوَ الْعَبَّاسَ حِينَ أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَمَا أَصَبْنَا قَمِيصًا يَصْلُحُ عَلَيْهِ إِلا قَمِيصَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ.
وَتُوُفِّيَ الْعَبَّاسُ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لاثْنَتَيْ عشرة ليلة خلت من رجب. وقيل:
__________
[1] سورة هود، آية 52.
[2] في س: فطال.
[3] في س: وتمشت.
[4] في س: حتى اعتلقوا الحذاء.(2/816)
بَلْ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ قَبْلَ قَتْلِ عُثْمَانَ بِسَنَتَيْنِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ وَدُفِنَ بالبقيع، وهو ابن ثمان وثمانين سنة. وقيل ابْنُ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ. أَدْرَكَ فِي الإِسْلامِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ سَنَةً وَفِي الْجَاهِلِيَّةِ سِتًّا وَخَمْسِينَ سَنَةً.
وَقَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: كَانَتْ وَفَاةُ الْعَبَّاسِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ، وَدَخَلَ قَبْرَهُ ابْنُهُ عَبْدُ الله بن عباس.
(1379) العباس بن مرداس بن أبي عامر بن حارثة [1] بن عبد بن عبس بن رفاعة ابن الحارث [بن حيي بن الحارث [2]] بن بهثة بن سليم السلمي،
يكنى أبا الفضل، وقيل أبا الهيثم. أسلم قبل فتح مكة بيسير، وكان مرداس أبوه شريكا ومصافيا لحرب بن أمية، وقتلتهما جميعا الجن، وخبرهما معروف عند أهل الأخبار.
وذكروا أن ثلاثة نفر ذهبوا على وجوههم، فهاموا ولم يوجدوا، ولم يسمع لهم بأثر: طالب بن أبي طالب، وسنان بن حارثة، ومرداس بن أبي عامر:
أبو عباس [بن مرداس [3]] .
وكان عباس بن مرداس من المؤلفة قلوبهم، وممن حسن إسلامه منهم، ولما أعطى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المؤلفة قلوبهم من سبي حنين [الأقرع ابن حابس وعيينة بن حصن [3]] مائة مائة من الإبل، ونقص طائفة من المائة، منهم عباس بن مرداس، جعل عباس بن مرداس يقول- إذا لم يبلغ به من العطاء ما بلغ بالأقرع بن حابس وعيينة بن حصن [4] :
__________
[1] في س: بن جارية.
[2] ليس في س.
[3] من س.
[4] الطبقات: 4- 16.(2/817)
أتجعل نهبي ونهب العبيد ... بين عيينة والأقرع
فما كان حصن ولا حابس ... يفوقان مرداس في مجمع
وما كنت دون امرئ منهما ... ومن تضع اليوم لا يرفع
وقد كنت في القوم ذا تدرأ ... فلم أعط شيئا ولم أمنع
فصالا أفائل أعطيتها [1] ... عديد قوائمها الأربع
وكانت نهابا تلافيتها ... بكري على المهر في الأجرع
وإيقاظي القوم أن يرقدوا ... إذا هجع الناس لم أهجع
وفى رواية ابن عقبة، وابن إسحاق: إلا أفائل أعطيتها. والذي في الأصل [2] هو سفيان بن عيينة عن عمرو [3] بن سعيد بن مسروق، عن أبيه، عن عباية ابن رفاعة، عن رافع بن خديج. ورواية ابن إسحاق أيضا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اذهبوا فاقطعوا عني لسانه، فأعطوه حتى رضي، وكان شاعرا محسنا مشهورا بذلك.
وروي أن عبد الملك بن مروان قَالَ يوما، وقد ذكروا الشعراء في الشجاعة، فَقَالَ: أشجع الناس في الشعر عباس بن مرداس، حيث يقول:
أقاتل في الكتيبة لا أبالي ... أحتفي كان فيها أم سواها
وله في يوم حنين أشعار حسان، ذكر كثيرا منها ابن إسحاق، ومنها قوله، وهو من جيد [4] قوله في ذلك:
__________
[1] في س والطبقات: إلا أفائل من حربة.
[2] في س: وفي رواية: سفيان.
[3] في س: عمر.
[4] في س. وهو من جيدها.(2/818)
ما بال عينك فيها عائر سهر ... مثل الحماطة [1] أغضى فوقها الشفر
عين أقاد بها [2] من شوقها أرق ... فالماء يغمرها طورا وينحدر
كأنه نظم در عند ناظمه ... تقطع السلك منه فهو منتثر
يا بعد منزل من ترجو مودته ... ومن أتى دونه الصمان [3] والحفر
دع ما تقدم من عهد الشباب فقد ... ولى الشباب وجاء الشيب والذعر
واذكر بلاء سليم في مواطنها ... وفي سليم لأهل الفخر مفتخر
في شعر مطول مذكور في المغازي في حنين.
ومن قوله المستحسن:
جزى الله خيرا خيرنا لصديقه ... وزوده زادا كزاد أبي سعد
وزوده صدقا وبرا ونائلا ... وما كان في تلك الوفادة من حمد
وهو القائل:
يا خاتم النباء إنك مرسل ... بالحق كل هدى السبيل هداكا
إن الإله بنى عليك محبة ... في خلقه ومحمدا سماكا
وكان عباس بن مرداس ممن حرم الخمر في الجاهلية، وكان ممن حرم الخمر في الجاهلية أيضا أبو بكر الصديق، وعثمان بن مظعون، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وقيس بن عاصم، وحرمها قبل هؤلاء عبد المطلب بن هاشم، وعبد الله بن جدعان، وشيبة بن ربيعة، وورقة بن نوفل، والوليد بن
__________
[1] في ى. الحمامة. والحماط: شجر خشن الملمس الواحدة حماطة (اللسان) .
[2] في س: تأوبها من شجوها.
[3] في س: الصفوان.(2/819)
المغيرة، وعامر بن الظرب، ويقَالَ هو أول من حرمها في الجاهلية على نفسه.
ويقَالَ: بل عفيف بن معديكرب العبدي.
كان عباس بن مرداس ينزل بالبادية بناحية البصرة. روى عنه ابنه كنانة بن عباس.
باب عبد
(1380) عبد بن جحش بن رئاب الأسدي،
من بني أسد بن خزيمة، تقدم [1] ذكر نسبه إلى أسد عند أخيه عبد الله بن جحش، يكنى عبد هذا أبا أحمد، غلبت عليه كنيته، وعرف بها، هو حليف حرب بن أمية، كان ممن هاجر إلى أرض الحبشة، وهو من المهاجرين الأولين، صهر رَسُول الله صلّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد ذكرناه في الكنى بأتم من هذا.
(1381) عبد، أبو حدرد الأسلمي،
هو مشهور بكنيته. واختلف في اسمه، فقيل سلامة، وأكثرهم يقولون عبد. يعد في المدنيين، وهو والد عبد الله بن أبى حدرد، ووالد أم الدرداء، وسنذكر خبره في الكنى.
(1382) عبد بن زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب القرشي العامري،
أمّه عاتكة بنت الأحنف ابن علقمة من بني معيص بن عامر بن لؤي، كان شريفا سيدا من سادات الصحابة، هو أخو سودة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبيها. وأخوه لأبيه أيضا عبد الرحمن بن زمعة ابن وليدة زمعة الذي تخاصم فيه عبد بن زمعة مع سعد.
وقد ذكرناه [1] في باب عبد الرحمن. وأخوه لأمه قرظة بن عبد عمرو بن نوفل ابن عبد مناف.
__________
[1] سيأتي على حسب الترتيب الجديد للكتاب.(2/820)
(1383) عبد بن قوال بن قيس بن وقش بن ثعلبة بن طريف،
شهد أحدا، والمشاهد بعده، حتى قتل يوم الطائف شهيدا، قاله العدوي.
(1384) عبد بن قيس بن عامر بن خالد بن عامر بن زريق الأنصاري الزرقي،
شهد العقبة، ثم شهد بدرا.
(1385) عبد، المزني، والد يزيد بن عبد.
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم. قيل إنه مرسل.
باب عبدة
(1386) عبدة بن حزن النصري،
كوفي، يكنى أبا الوليد. روى عنه أبو إسحاق.
السبيعي، مختلف في حديثه، ومنهم من يجعله مرسلا لروايته عن ابن مسعود ورواية مسلم البطين، والحسن بن [1] سعد عنه، وَقَالَ البخاري: عبدة بن حزن النصري من بني نصر معاوية، أبو الوليد، أدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(1387) عبدة بن مغيث بن الجد بن عجلان الأنصاري،
حليف لهم، البلوي، شهد أحدا، وابنه شريك بن عبدة يقَالُ له شريك ابن سحماء صاحب اللعان، نسب إلى أمه.
__________
[1] في أسد الغابة: والحسن بن مسلم.(2/821)
باب عبد الرحمن
(1388) عبد الرحمن بن أبزى [1] الخزاعي، مولى نافع بن عبد الحارث الخزاعي.
سكن الكوفة، واستعمله علي على خراسان، وأدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصلى خلفه.
أكثر رواياته عن عمر، وأبي بن كعب، وَقَالَ فيه عمر بن الخطاب:
عبد الرحمن بن أبزى ممن رفعه الله بالقرآن. وروى عنه ابناه: سعيد، وعبد الله، وروى عنه أيضا محمد بن أبي المجالد. روى شعبة عن الحسن بن عمران، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: صليت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكان لا يتم التكبير.
(1389) عبد الرحمن بن أزهر بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث [2] ابن زهرة القرشي الزهري، ابن أخي عبد الرحمن بن عوف،
شهد مع رسول الله اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حنينا، يكنى أبا جبير [3] .
روى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن، ومحمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، وابنه عبد الحميد بن عبد الرحمن بن أزهر، وابن شهاب الزهري، وأروى الناس عنه الزهري، وقد غلط فيه من جعله ابن عم عبد الرحمن بن عوف، وَقَالَ فيه عبد الرحمن بن أزهر بن عبد عوف [4] .
__________
[1] أبزى كسكرى- كما في شرح القاموس.
[2] في الإصابة: ابن عبد الحارث.
[3] في ى: أبا جابر، والمثبت من س، وأسد الغابة، والتقريب.
[4] في س: عبد يغوث.(2/822)
(1390) عبد الرحمن بن الأشيم [1] الأنماري.
ويقَالَ الأنصاري. وأظنه حليفا لهم، له صحبة. روى عنه سلمة بن وردان أنه كان لا يغير شيبه. فيمن ذكر من الصحابة أنه رآهم لا يغيرون الشيب، قد ذكرتهم في باب مالك بن أوس بن الحدثان.
(1391) عبد الرحمن بن بجيد [2] الأنصاري،
أنكر على سهل بن أبى حثمة حديثه في القسامة، وهو ممن أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع عنه فيما أحسب، وفى صحبته نظر، إلا أنه روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمنهم من يقول: إن حديثه مرسل، ومنهم من لا يقول ذَلِكَ، ويروي عن جدته أم بجيد.
روى عنه محمد بن إبراهيم بن الحارث، وسعيد المقبري، وكان الرحمن بن بجيد هذا يذكر بالعلم.
(1392) عبد الرحمن بن بديل بن ورقاء الخزاعي.
قَالَ ابن الكلبي: كان هو وأخوه عبد الله رسولي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أهل اليمن، وشهدا جميعا صفين.
(1393) عبد الرحمن بن بشير.
ويقَالَ فيه بشر. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل علي رضى الله عنه. روى عنه الشعبي.
[وروى عنه محمد بن سيرين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قالوا يا رَسُول اللَّهِ، قد عرفنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قَالَ: قولوا اللَّهمّ
__________
[1] هكذا في ى، وفي س، وأسد الغابة: أشيم.
[2] بموحدة وجيم- مصغر، كما في التقريب.(2/823)
صل على محمد ... الحديث. رواه ابن عون، وهشام بن حسان، عن ابن سيرين عنه [1]] .
(1394) عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق،
يكنى أبا عبد الله. وقيل: بل يكنى أبا محمد بابنه محمد الذي يقَالُ له أبو عتيق، والد عبد الله بن أبي عتيق. وأدرك أبو عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة هو وأبوه وجده وأبو جده رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ولد أبو عتيق محمد بن عبد الرحمن قبل موت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأم عبد الرحمن أم رومان بنت الحارث بن غنم الكنانية، فهو شقيق عائشة. وشهد عبد الرحمن بن أبى بكر بدرا وأحدا مع قومه كافرا، ودعا إلى البراز، فقام إليه أبوه ليبارزه فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ له: متعنا [2] بنفسك، ثم أسلم وحسن إسلامه، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم في هدنة الحديبية. هذا قول أهل السيرة. قالوا [3] : كان اسمه عبد الكعبة فغير رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسمه وسماه عبد الرحمن.
وذكر الزبير، عن سفيان بن عيينة، عن علي بن زيد بن جدعان أن عبد الرحمن بن أبي بكر خرج في فئة [4] من قريش هاجروا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل الفتح- قَالَ: وأحسبه قَالَ: إن معاوية كان منهم- وكان
__________
[1] من س.
[2] في س: متعني.
[3] في س: قال.
[4] في س، والإصابة: فتية.(2/824)
عبد الرحمن بن أبي بكر من أشجع رجال قريش، وأرماهم بسهم، وحضر اليمامة مع خالد بن الوليد فقتل سبعة من كبارهم، شهد له بذلك جماعة عند خالد بن الوليد، وهو الذي قتل محكم اليمامة بن طفيل [1] ، رماه بسهم في نحره فقتله فيما ذكر جماعة من أهل السير: ابن إِسْحَاق وغيره. وكان محكم اليمامة قد سد ثلمة من الحصن فدخل المسلمون من تلك الثلمة، وكان عبد الرحمن أسن ولد أبي بكر.
قَالَ الزبير: وكان امرأً صالحا. وكانت فيه دعابة.
قَالَ الزبير: حَدَّثَنِي عبد الله بن نافع الصائغ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عَنْ أَبِيهِ أن عمر بن الخطاب نفل عبد الرحمن بن أبي بكر ليلى بنت الجودي، حين فتح دمشق، وكان قد رآها قبل ذَلِكَ، فكان يشبب بها، وله فيها أشعار، وخبره معها مشهور عند أهل الأخبار.
قَالَ أبو عمر رحمه الله: وشهد الجمل مع أخته عائشة، وكان أخوه محمد يومئذ مع علي رضى الله عنه.
قَالَ الزبير: وحَدَّثَنِي عبد الله بن نافع بن ثابت الزبيري. قَالَ: قعد معاوية على المنبر يدعو [2] إلى بيعة يزيد، فكلمه الحسين بن علي، وابن الزبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر، فكان كلام ابن أبي بكر: أهرقلية، إذا مات كسرى كان كسرى مكانه؟ لا نفعل والله أبدا. وبعث إليه معاوية بمائة ألف درهم بعد أن أبى البيعة ليزيد، فردها عليه عبد الرحمن، وأبى أن يأخذها وقال:
__________
[1] في س: محكم اليمامة طفيلا.
[2] في س: فدعا.(2/825)
أبيع ديني بدنياي، فخرج إلى مكة فمات بها قبل أن تتم البيعة ليزيد بن معاوية.
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: يقولون: إن عبد الرحمن بن أبي بكر مات فجاءة بموضع يقَالُ له الحبشي [1] على نحو عشرة أميال من مكة، وحمل إلى مكة فدفن بها، ويقَالَ: إنه توفي في نومة نامها. ولما اتصل خبر موته بأخته عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها ظعنت من المدينة حاجة حتى وقفت على قبره- وكانت شقيقته- فبكت عليه وتمثلت [2] :
وكنا كندماني جذيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
فلما تفرقنا كأني ومالكا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
أما والله لو حضرتك لدفنتك حيث مت مكانك، ولو حضرت [3] ما بكيتك. ويقَالَ: إنه لم يدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعة ولا أب وبنوه إلا أبو قحافة، وابنه أبو بكر، وابنه عبد الرحمن بن أبي بكر، وابنه أبو عتيق محمد بن عبد الرحمن والله أعلم.
وكانت وفاة عبد الرحمن بن أبى بكر سنة ثلاث وخمسين. وقيل سنة خمس وخمسين بمكة، والأول أكثر.
(1395) عبد الرحمن بن ثابت بن الصامت بن عدي بن كعب بن عبد الأشهل.
__________
[1] في ياقوت: حبشي- بالضم ثم السكون والشين معجمة والياء مشددة: جبل بأسفل مكة بنعمان الأراك.
[2] ياقوت- مادة حبشي.
[3] في س: ولو حضرتك.(2/826)
صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وتوفي أبوه ثابت بن الصامت قديما في الجاهلية.
(1396) عبد الرحمن بن جبر بن عمرو بن زيد بن جشم بن حارثة بن الحارث ابن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس، أبو عبس الأنصاري،
غلبت عليه كنيته، شهد بدرا وكانت سنه إذ شهدها ثمانيا وأربعين [سنة [1]] أو نحوها.
[و [1]] يقال: إنه كان يكتب بالعربي قبل الإسلام، وكان فيمن قتل كعب بن الأشرف، وكان كعب بن الأشرف وأبو رافع بن أبي الحقيق اليهوديان يؤذيان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأذن الله في قتلهما، وذلك قبل نزول سورة براءة.
توفي أبو عبس بن جبر الأنصاري سنة أربع وثلاثين، وهو ابن سبعين سنة.
روى عنه عباية [2] بن رفاعة بن رافع بن خديج.
(1397) عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كان ابن عشر سنين حين قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم. قَالَ مصعب: يكنى أبا محمد، وقد روينا ذَلِكَ عن مالك رحمه الله، وهو الشريد الذي رثى عمر [له [3]] وسماه بذلك.
(1398) عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة، يكنى أبا يَحْيَى. قَالَ إبراهيم بن المنذر:
ولد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ومات سنة ثمان وستين.
__________
[1] من س.
[2] في التقريب: بفتح أوله والموحدة الخفيفة وبعد الألف تحتانية خفيفة.
[3] من س.(2/827)
(1399) عبد الرحمن بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم،
عم سعيد بن المسيب القرشي المخزومي. قتل يوم اليمامة شهيدا، لم يذكره موسى بن عقبة، وكان للمسيب بن حزن بن أبي وهب إخوة، منهم عبد الرحمن هذا، والسائب، وأبوه معبد، بنو حزن، كلهم أدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسنه ومولده، ولا أعلم أنهم حفظوا عنه ولا رووا، والله أعلم.
وقد روى المسيب وأبوه حزن عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
(1400) عبد الرحمن ابن حسنة،
أخو شرحبيل ابن حسنة، له صحبة، أمهما مولاة لعمر بن حبيب بن حذافة بن جمح. اختلف في اسم أبيهما وفى نسبه، وفي ولائه على ما نذكره [1] في باب شرحبيل، لم يرو عن عبد الرحمن ابن حسنة غير زيد بن وهب.
(1401) عبد الرحمن بن حنبل [2] ،
أخو كلدة بن حنبل، كان هو وأخوه كلدة ابن حنبل أخوي صفوان بن أمية لأمه، أمهما صفية بنت معمر بن خبيب بن وهب الجمحي، كان أبوهما قد سقط من اليمن إلى مكة، وقد مضى [3] ذكره في باب كلدة بن حنبل، ولا أعلم لعبد الرحمن هذا رواية، وهو القائل في عثمان بن عفان رضى الله عنه [لما أعطى مروان خمسمائة ألف من خمس إفريقية [4]] .
__________
[1] ذكر قبل هذا على حسب ترتيبنا للكتاب.
[2] في أسد الغابة: ابن الحنبل.
[3] سيأتي على حسب ترتيب الكتاب الجديد.
[4] ليس في س.(2/828)
وأحلف باللَّه جهد اليمين [1] ... ما ترك الله أمرا [2] سدى
ولكن جعلت [3] لنا فتنة ... لكي نبتلى بك أو تبتلى
دعوت الطريد فأدنيته ... خلافا لما سنه المصطفى
ووليت قرباك أمر العباد ... خلافا لسنة من قد مضى
وأعطيت مروان خمس الغنيمة ... آثرته وحميت الحمى
ومالا أتاك به الأشعري ... من الفيء أعطيته من دنا
فإن الأمينين قد بينا ... منار الطريق عليه الهدى
فما أخذا درهما غيلة ... ولا قسما درهما في هوى
(1402) عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بن المغيرة القرشي المخزومي،
أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يحفظ عنه، ولا سمع عنه، وأبوه خالد بن الوليد من كبار الصحابة وجلتهم، وكان عبد الرحمن من فرسان قريش وشجعانهم، وكان له فضل وهدى حسن وكرم، إلا أنه كان منحرفا عن علي وبني هاشم مخالفة لأخيه المهاجر بن خالد، وكان أخوه المهاجر محبا لعلي، وشهد معه الجمل وصفين، وشهد عبد الرحمن صفين مع معاوية، ثم إنه لما أراد معاوية البيعة ليزيد خطب أهل الشام، وَقَالَ لهم: يا أهل الشام، إنه قد كبرت سني، وقرب أجلي، وقد أردت أن أعقد لرجل يكون نظاما لكم، وإنما أنا رجل منكم فأروا [4]
__________
[1] في أسد الغابة: أقسم باللَّه رب العباد.
[2] في س: شيئا.
[3] في أسد الغابة: خلقت.
[4] في س: فارتأوا.(2/829)
رأيكم، فأصفقوا واجتمعوا، وقالوا: رضينا عبد الرحمن بن خالد، فشق ذَلِكَ على معاوية، وأسرها في نفسه. ثم إن عبد الرحمن مرض فأمر معاوية طبيبا عنده يهوديا- وكان عنده مكينا- أن يأتيه فيسقيه سقية يقتله بها، فأتاه فسقاه فانحرق بطنه، فمات، ثم دخل أخوه [1] المهاجر بن خالد دمشق مستخفيا هو وغلام له، فرصدا ذَلِكَ اليهودي، فخرج ليلا من عند معاوية، فهجم عليه ومعه قوم هربوا عنه، فقتله المهاجر، وقصته هذه مشهورة عند أهل السير والعلم بالآثار والأخبار اختصرناها [2] ، ذكرها عمر بن شبة في أخبار المدينة وذكرها غيره. وقد جاءت لعبد الرحمن [3] بن خالد رواية عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فيها سماع، والله أعلم.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي هَزَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّهُ احْتَجَمَ فِي رَأْسِهِ وَبَيْنِ كَتِفَيْهِ، فَقِيلَ:
مَا هَذَا؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَهْرَاقَ مِنْهُ هَذِهِ الدِّمَاءَ فَلا يَضُرُّهُ أَلا يَتَدَاوَى بِشَيْءٍ.
(1403) عبد الرحمن بن خباب السلمي.
روي عنه حديث واحد في فضل عثمان، رواه عنه فرقد أبو طلحة. يعد في أهل البصرة، وقد قيل: إنه عبد الرحمن بن خباب بن الأرتّ، وليس بشيء.
(1404) عبد الرحمن بن خبيب الجهني،
حَدِيثُهُ عِنْدَ عبد الرحمن بن نافع الصائغ،
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: في ترجمة المهاجر بن خالد أن فاعل ذلك خالد بن المهاجر ابن خالد (70) .
[2] في س: اختصرتها.
[3] في س: عن عبد الرحمن.(2/830)
عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا عَرِفَ الْغُلامُ يَمِينَهُ مِنْ شِمَالِهِ فَمُرُوهُ بِالصَّلاةِ. لا يُعْرَفُ هَذَا بِغَيْرِ هَذَا الإِسْنَادِ، أَحْسِبُهُ إِنْ صَحَّ هَذَا أَخَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خبيب.
(1405) عبد الرحمن بن خراش الأنصاري،
يكنى أبا ليلى، شهد مع علي صفين.
(1406) عبد الرحمن بن خنبش [1] التميمي.
وقيل فيه عبد الله. والصحيح عبد الرحمن. روى عنه أبو التياح [2] ، يعد في البصريين.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَأَنْبَأَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالا: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَنْبَشٍ- وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ كَادَتْهُ الشَّيَاطِينُ؟ قَالَ: تَحَادَرَتْ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينُ مِنَ الأَوْدِيَةِ وَالْجِبَالِ، يُرِيدُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيهِمْ شَيْطَانٌ مَعَهُ شُعْلَةُ نَارٍ يُرِيدُ أَنْ يَحْرِقَهُ بِهَا، فَلَمَّا رَآهُمْ وَجِلَ وَجَاءَ جبريل عليه السلام فقال. يا محمد، قُلْ. قَالَ: وَمَا أَقُولُ؟
قَالَ: قُلْ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلا فَاجِرٌ، مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَبَرَأَ وَذَرَأَ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الأَرْضِ وَمَا بَرَأَ، وَمِنْ شر ما يخرج منها، ومن شرفتن اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلا طارقا يطرق بخير، يا رحمان، فطفئت
__________
[1] خنبش- بمعجمة، ثم نون، ثم موحدة بوزن جعفر- كما في الإصابة.
[2] أبو التياح- بفتح أوله وتشديد التحتانية وآخره مهملة اسمه يزيد بن حميد- كما في التقريب.(2/831)
نَارُ الشَّيْطَانِ، وَهَزَمَهُمُ اللَّهُ. وَسِيَاقُ [1] الْحَدِيثِ لِلْبَزَّارِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ:
لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَنْبَشٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا عَلِمْتُ.
(1407) عبد الرحمن بن أبي درهم الكندي،
مذكور في الصحابة. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاستغفار.
(1408) عبد الرحمن، أبو راشد الأزدي،
وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال [له [2]] : ما اسمك؟ فَقَالَ: عبد العزي. قَالَ: أبو من؟ قَالَ: أبو مغوية.
قَالَ: كلا، ولكنك عبد الرحمن أبو راشد. قَالَ: فمن هذا معك؟ قَالَ:
مولاي، قَالَ: ما اسمه؟ قَالَ: قيوم. قَالَ: كلا، ولكنه عبد القيوم، أبو عبيدة.
(1409) عبد الرحمن بن ربيعة الباهلي،
أخو سلمان بن ربيعة [الباهلي [3]] ، يعرف بذي النور، أدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسنه ولم يسمع منه، ولا روى عنه، كان أسن من أخيه سلمان، وكان يعرف بذي النور. ذكر سيف عن مجالد، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لما وجه عمر سعدا إلى القادسية جعل على قضاء الناس عبد الرحمن بن ربيعة الباهلي ذا النور، وجعل إليه الأقباض وقسمة الفيء، ثم استعمل عمر عبد الرحمن بن ربيعة على الباب والأبواب وقتال الترك، وقتل ذو النور هذا ببلنجر [4] في خلافة عثمان بعد ثمان سنين مضين منها.
__________
[1] في س: ومساق.
[2] من س.
[3] من س.
[4] مدينة ببلاد الخزر خلف باب الأبواب قالوا فتحها عبد الرحمن بن ربيعة (ياقوت) .(2/832)
(1410) عبد الرحمن بن ربيعة بن كعب الأسلمي.
مدني. روى عنه أبو سلمة ابن عبد الرحمن بن عوف.
(1411) عبد الرحمن بن رقيش بن رئاب بن يعمر الأسدي.
شهد أحدا، هو أخو يزيد بن رقيش.
(1412) عبد الرحمن بن الزبير [1] بن باطا [2] القرظي،
هو الذي قالت فيه امرأته تميمة بنت وهب: إنما معه مثل هدبة الثوب، وكان تزوجها بعد رفاعة ابن سموأل، فاعترض عنها، ولم يستطع أن يمسها، فشكته إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فذكر حديث العسيلة ...
(1413) عبد الرحمن بن زمعة القرشي العامري،
هو ابن وليدة زمعة الذي قضى فيه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن الولد للفراش وللعاهر الحجر، حين تخاصم فيه أخوه عبد بن زمعة مع سعد بن أبي وقاص، لم يختلف النسابون لقريش:
مصعب، والزبير، والعدوي، فيما ذكرنا، قالوا: وأمه أمة كانت لأبيه يمانية، وأبوه زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي. وأخته سودة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ الزبير:
ولعبد الرحمن عقب وهم بالمدينة.
(1414) عبد الرحمن بن زهير الأنصاري،
يكنى أبا خلاد. روى عنه أبو فروة، وليس إسناده بالقوي.
(1415) عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي،
وأمّه لبابة
__________
[1] في أسد الغابة: الزبير- والد عبد الرحمن- بفتح الزاى. وفي التقريب كأمير.
[2] في ى: باطيا. والمثبت من التقريب، والتهذيب.(2/833)
بنت أبي لبابة بن عبد المنذر، أتى به أبو لبابة إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ له: ما هذا منك يا أبا لبابة؟ فَقَالَ: ابن بنتي يا رَسُول اللَّهِ. قَالَ: ما رأيت مولودا قط أصغر خلقا منه، فحنكه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومسح رأسه ودعا له بالبركة. قال: فما رئي عبد الرحمن بن زيد قط في قوم إلا فرعهم طولا. قَالَ مصعب: كان عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب فيما زعموا أطول الرجال وأتمهم.
(1416) عبد الرحمن بن ساعدة الأنصاري الساعدي،
سأل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هل في الجنة خيل؟ يختلف في حديثه.
(1417) عبد الرحمن بن السائب بن أبي السائب،
أخوه عبد الله بن السائب، قتل يوم الجمل، واختلف في إسلام أبيه السائب على ما ذكرناه في بابه.
(1418) عبد الرحمن بن سبرة الأسدي،
روى عنه الشعبي، له ولأبيه صحبة، وفيه وفي عبد الرحمن بن سبرة الجعفي نظر.
(1419) عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي، واسم أبي سبرة زيد بن مالك.
معدود في الكوفيين، وكان اسمه عزيرا [1] فسماه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبد الرحمن، وَقَالَ: أحب الأسماء إلى الله: عبد الله، وعبد الرحمن. هو والد خيثمة بن عبد الرحمن. روى عنه الشعبي، وابنه خيثمة بن عبد الرحمن. وقد ذكرنا أبا سبرة وأخاه سبرة بن أبي سبرة في بابيهما من هذا الكتاب، ونسبنا أبا سبرة في بابه [والحمد للَّه [2]]
(1420) عبد الرحمن بن سعد بن المنذر،
ويقَالَ عبد الرحمن بن عمرو بن سعد
__________
[1] في ى: عزيزا.
[2] من س.(2/834)
ابن المنذر بن سعد بن خالد بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج، أبو حميد الساعدي.
وغلبت عليه كنيته. واختلف في اسمه فَقَالَ البخاري: اسمه منذر. وَقَالَ أحمد بن زهير: سمعت أحمد بن حنبل يقول اسمه عبد الرحمن بن سعد بن المنذر.
قَالَ أبو عمر. يعد في أهل المدينة. روى عنه جماعة من أهلها، وتوفي في آخر خلافة معاوية.
(1421) عبد الرحمن [بن سعيد الصرم [1]] المخزومي،
هو عبد الرحمن بن سعيد [2] بن يربوع. كان اسمه الصرم فسماه رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبد الرحمن. وقد قيل: إن أباه سعيدا هو الذي كان اسمه الصرم، فغير رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسمه وسماه سعيدا، وهذا هو الأولى [3] ، والله أعلم.
(1422) عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي،
يكنى أبا سعيد، أسلم يوم فتح مكة. وصحب النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه، ثم غزا خراسان في زمن عثمان، وهو الذي افتتح سجستان، وكابل، وَقَالَ خليفة: وفى سنة اثنتين وأربعين وجه عبد الله بن عامر عبد الرحمن بن سمرة إلى سجستان، فخرج إليها ومعه في تلك الغزاة الحسن بن أبي الحسن، والمهلب بن أبي صفرة، وقطري بن الفجاءة، فافتتح كورا من كور سجستان، وكان قد ولاه ابن عامر سجستان سنة ثلاث وثلاثين، فلم يزل بها حتى اضطرب أمر عثمان، فخرج عنها، واستخلف رجلا من بنى يشكر، فأخرجه أهل سجستان، ثم عاد إليها بعد، على ما ذكرنا، ثم رجع إلى البصرة فسكنها، وإليه تنسب سكة ابن سمرة بالبصرة، وتوفي بها سنة إحدى وخمسين. روى عنه الحسن وغيره.
__________
[1] ليس في س.
[2] في ى: سيف. والمثبت من س، وأسد الغابة.
[3] في س: الأصح.(2/835)
(1423) عبد الرحمن بن سنة [1] الأسلمي،
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الإسلام بدأ غريبا ... الحديث. في الإسناد عنه ضعف.
(1424) عبد الرحمن بن سهل الأنصاري،
يقَالُ: إنه شهد بدرا، وكان له فهم وعلم. ذكر ابن عيينة، قَالَ: حدثني يَحْيَى بن سعيد، قَالَ: سمعت القاسم بن محمد يقول، جاءت إلى أبى بكر جدتان فأعطى السدس أم الأم دون أم الأب، فَقَالَ له عبد الرحمن بن سهل، رجل من الأنصار من بنى حارثة قد شهد بدرا:
يا خليفة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أعطيته التي لو ماتت لم يرثها، وتركت التي لو ماتت ورثها، فجعله أبو بكر بينهما. قَالَ أبو عمر: هو أخو عبد الله المقتول بخيبر، وهو الذي بدأ [2] بالكلام في قتل أخيه قبل عميه حويصة ومحيصة.
فَقَالَ له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كبر كبر، وروى عنه محمد بن كعب القرظي أنه غزا. فمرت به روايا تحمل خمرا فشقها برمحه، وَقَالَ: إن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهانا أن ندخل الخمر بيوتنا وأسقيتنا.
(1425) عبد الرحمن بن شبل الأنصاري،
له صحبة. روى عنه تميم بن محمود، أبو راشد الحبراني. وأخوه عبد الله بن شبل له أيضا صحبة.
[1426) عبد الرحمن بن صبيحة التيمي.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: ولد على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحج مع أبى بكر رضي الله عنه، وروى عنه. وله دار بالمدينة عند أصحاب الأقفاص] [3] .
(1427) عبد الرحمن بن صفوان بن أمية القرشي الجمحيّ.
يعدّ في المكيين.
__________
[1] في أسد الغابة: سنة- بالسين المهملة المفتوحة والنون المشددة.
[2] في س: بدر.
[3] من س.(2/836)
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استعار سلاحا من أبيه صفوان بن أمية.
روى عنه ابن أبى مليكة.
(1428) عبد الرحمن بن صفوان، أو صفوان بن عبد الرحمن،
كذا روى حديثه على الشك. روى عنه مجاهد، وأكثر الرواة يقولون فيه عبد الرحمن بن صفوان، وأظنه عبد الرحمن بن صفوان بن قدامة، فاللَّه أعلم.
ذكر سنيد عن جرير، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد قَالَ: كان رجل من المهاجرين يقَالُ له عبد الرحمن بن صفوان [بن قدامة [1]] ، وكان له في الإسلام بلاء حسن، وكان صديقا للعباس بن عبد المطلب، فلما كان فتح مكة جاء بأبيه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بايعه على الهجرة، فأبى، وَقَالَ: لا هجرة بعد الفتح، فأتى العباس وهو في السقاية، فَقَالَ:
يا أبا الفضل، أتيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأبي ليبايعه على الهجرة، فأبى. فقام العباس معه وما عليه رداء، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قد علمت ما بيني وبين فلان، فأتاك [2] بأبيه لتبايعه على الهجرة، فأبيت. فَقَالَ: إنه لا هجرة [بعد الفتح [3]] . فَقَالَ العباس: أقسمت عليك لتبايعنه، فَقَالَ: ها أبررت قسم عمي، ولا هجرة بعد الفتح.
(1429) عبد الرحمن بن صفوان بن قدامة التيمي،
كان اسمه عبد العزى، فسماه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبد الرحمن، وكان قدم مع أبيه صفوان ومع أخيه عبد الله على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأبوه صفوان بن قدامة له صحبة، يعد في أهل المدينة.
__________
[1] ليس في س.
[2] في س: وأتاك.
[3] من س.(2/837)
(1430) عبد الرحمن بن عائش الحضرمي،
يعد في أهل الشام يختلفون في حديثه.
روى عنه خالد بن اللجلاج، وأبو سلام الحبشي، لا تصحّ له صحبة، لأن حديثه مضطرب، رواه الوليد بن مسلم، عن ابن جابر، عن خالد بن اللجلاج، عن عبد الرحمن بن عائش، قَالَ: سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يقل فيه سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير الوليد بن مسلم. ورواه الأوزاعي وصدقه ابن خالد، عن ابن جابر، عن خالد عن عبد الرحمن بن عائش، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يقولا سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد رواه ابن جابر أيضا عن أبي سلام [هذا [1]] عن عبد الرحمن بن عائش، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ورواه يَحْيَى بن أبي كثير عن أبي سلام ممطور الحبشي، عن عبد الرحمن بن عائش، عن مالك بن يخامر، عن معاذ بن جبل، وهذا هو الصحيح عندهم. قاله البخاري وغيره. وَقَالَ فيه أبو قلابة، عن خالد بن اللجلاج، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فغلط.
(1431) عبد الرحمن بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم،
ولد على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقتل بإفريقية شهيدا هو وأخوه معبد بن العباس في زمن عثمان بن عفان مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح، هذا قول مصعب وغيره، وَقَالَ ابن الكلبي: قتل عبد الرحمن بن العباس بالشام.
(1432) عبد الرحمن بن عبد الله بن ثعلبة، أبو عقيل البلوي،
حليف بنى جحجبى ابن كلفة [2] بن عمرو بن عوف من الأنصار، وكان اسمه في الجاهلية عبد العزى،
__________
[1] ليس في س.
[2] بضم الكاف وبفتح كما في القاموس.(2/838)
فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن عدو الأوثان، شهد بدرا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقتل يوم اليمامة شهيدا، قاله الواقدي. ونسبه محمد بن حبيب، فَقَالَ: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن ثبحان [1] بن عامر بن أنيس [2] البلوي، من ولد فرار بن بلي بن عمران بن الحاف بن قضاعة.
(1433) عبد الرحمن بن عبد القاري،
والقارة هم بنو الهون بن خزيمة، أخو أسد وكنانة. ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، لَيْسَ له منه سماع ولا له عنه رواية.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: هو صحابي، وذكره في كتاب الطبقات في جملة من ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وَقَالَ: كان مع عبد الله بن الأرقم على بيت المال في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وذكر ابن إسحاق عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن بن عبد القاري قَالَ: كنت على بيت المال زمن عمر بن الخطاب. وهو من جلة تابعي المدينة وعلمائها. توفي سنة إحدى وثمانين، وهو ابن ثمان وسبعين سنة. وقيل: توفي سنة ثمانين وهو ابن ثمان وسبعين.
وَقَالَ الواقدي: مات عبد الرحمن بن القاري عن ثمان وسبعين، وكان يكنى أبا محمد.
(1434) عبد الرحمن بن عبيد الله بن عثمان القرشي التيمي، أخو طلحة بن عبيد الله له صحبة. قتل يوم الجمل، وذلك في جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، وفيها قتل طلحة أخوه رضي الله تعالى عنهما.
(1435) عبد الرحمن بن عتبة بن عويم بن ساعدة،
لا تصح له صحبة ولا رواية.
__________
[1] في ى: بن النجار، والمثبت من س، وأسد الغابة.
[2] في س: بن مالك بن عامر بن أنيف. وفي أسد الغابة: بن عامر بن مالك بن عامر بن جشم.(2/839)
(1436) عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشي التيمي،
ابن أخي طلحة بن عبيد الله، أسلم يوم الحديبية.
وقيل: بل أسلم يوم الفتح، قتل مع ابن الزبير بمكة في يوم واحد، وكان له من الولد معاذ، وعثمان، رويا عنه. وروى عنه محمد بن المنكدر، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب. من حديثه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية، فسلك [1] بين الشجرتين اللتين في المروة مصعدا. ومن حديثه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن لقطة الحاج. وَقَالَ محمد بن سعد: يقَالُ لعبد الرحمن ابن عثمان هذا: شارب الذهب.
(1437) عبد الرحمن بن عديس البلوي،
مصري، شهد الحديبية. ذكر أسد ابن موسى، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، قَالَ: كان عبد الرحمن بن عديس البلوي ممن بايع تحت الشجرة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو عمر: هو كان الأمير على الجيش القادمين من مصر إلى المدينة الذين حصروا عثمان وقتلوه.
قالوا: توفي عبد الرحمن بن عديس بالشام سنة ست وثلاثين. روى عنه جماعة من التابعين بمصر منهم أبو الحصين الحجري، واسمه الهيثم بن شفي [2] .
وروى عنه أبو ثور الفهمي.
(1438) عبد الرحمن بن عرابة الجهني،
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشفعة. روى عنه معاذ بن عبد الله بن خبيب.
__________
[1] في س: سلك.
[2] في س: شفا. وفي التقريب: وزن «على» في الأصح.(2/840)
(1439) عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي. [1]
قبيلة من اليمن نسب إليها أبو عبد الله، كان مسلما على عهد رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقصده، فلما انتهى إلى الجحفة لحقه الخبر بموته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهو معدود في كبار التابعين.
روى عن أبي بكر، وعمر، وبلال، وعبادة بن الصامت، وكان فاضلا، وكان عبادة كثير الثناء عليه.
حدثنا خلف بن قاسم، قال: حدثنا أبو الميمون، حدثنا أبو زرعة، حدثنا دحيم، حدثنا أبو مسهر، قَالَ: كتب إلي ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، قَالَ: قلت للصنابحي: هاجرت؟ قَالَ: خرجت من اليمن فقدمنا الجحفة ضحى، فمر بنا راكب، فقلنا: ما وراءك؟ قَالَ: قبض رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منذ خمس. قَالَ أبو الخير: فقلت له: لم يفتك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بخمس. هكذا ذكر أبو مسهر، عن ابن لهيعة، وَقَالَ العقبي [2] ، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن الصنابحي إنه قيل له:
متى هاجرت؟ قَالَ: منذ توفي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلقيني رجل بالجحفة، فقلت: ما الخبر يا عبد الله؟ قَالَ: أي والله خبر طويل، أو قَالَ: خبر جليل، دفن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أول من أمس.
روى عنه عطاء بن يسار، وأبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني.
(1440) عبد الرحمن بن أبي عقيل بن مسعود الثقفي.
اختلف في نسبه.
وأجمعوا أنه من ولد قيس بن منبه بن بكر بن هوازن، وقيس هو ثقيف.
ولعبد الرحمن هذا صحبة ورواية، روى عنه عبد الرحمن بن علقمة الثقفي،
__________
[1] في التهذيب: عسيلة بمهملة مصغرا.
[2] في س: القعنبي.(2/841)
وقد ذكر قوم عبد الرحمن بن علقمة هذا في الصحابة، ولا تصح له صحبة.
[والله أعلم [1]] ، وصحبة عبد الرحمن بن أبي عقيل صحيحة. وقد روى عنه أيضا هشام بن المغيرة الثقفي.
(1441) عبد الرحمن بن علقمة الثقفي.
روى عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ أن وفد ثقيف قدموا عليه. وفي سماعه عنه نظر، وهو الّذي ذكرناه في باب عبد الرحمن ابن أبي عقيل.
(1442) عبد الرحمن بن علي الحنفي،
روى [2] عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث أبي مسعود فيمن لا يقيم صلبه في ركوعه وسجوده.
(1443) عبد الرحمن الأكبر ابن عمر بن الخطاب،
أخو عبد الله بن عمر وحفصة بنت عمر لأبيهما وأمهما، وأمهم زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب، أخت عثمان بن مظعون. هو أبو بهيش [3] . وبهيش لقب، واسمه عبد الله بن عبد الرحمن ابن عمر، وأبوه عبد الرحمن بن عمر هذا أدرك بسنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يحفظ عنه.
وعبد الرحمن بن عمر الأوسط، هو أبو شحمة، هو الذي ضربه عمرو بن العاص بمصر في الخمر، ثم حمله إلى المدينة، فضربه أبوه أدب الوالد، ثم مرض ومات بعد شهر، هكذا يرويه معمر عن الزهري، عن سالم، عن أبيه.
وأما أهل العراق فيقولون: إنه مات تحت سياط عمر، وذلك غلط.
وَقَالَ الزبير: أقام عليه عمر حدّ الشراب فمرض ومات.
__________
[1] من س.
[2] في هوامش الاستيعاب: هذا خطأ، والصواب فيه عن عبد الرحمن بن على عن أبيه على (71) .
[3] في س: بيهس، وبيهس.(2/842)
وعبد الرحمن بن عمر الأصغر هو أبو المجبّر، اسمه أيضا عبد الرحمن ابن [عبد الرحمن بن [1]] عمر بن الخطاب، إنما سمي المجبر لأنه وقع وهو غلام فتكسر، فأتى به إلى عمته حفصة أم المؤمنين، فقيل لها: انظري إلى ابن أخيك المكسر. فقالت: لَيْسَ [والله [2]] بالمكسر، ولكنه المجبر، هكذا ذكره العدوي وطائفة. وَقَالَ الزبير: هلك عبد الرحمن الأصغر، وترك ابنا صغيرا أو حملا، فسمته حفصة بنت عمر عبد الرحمن ولقبته المجبر، لعل الله يجبره.
[1444) عبد الرحمن بن عمرو بن غزية الأنصاري،
ذكره أبو عمر في باب أخيه الحارث بن عمرو] [3] .
(1445) عبد الرحمن بن أبي عميرة.
وَقَالَ الوليد بن مسلم: عبد الرحمن ابن عمرة أو عميرة المزني. وقيل: [4] عبد الرحمن بن أبي عمير المزني.
وقيل عبد الرحمن بن عمير أو عميرة القرشي، حديثه مضطرب، لا يثبت في الصحابة، وهو شامي. روي عن ربيعة بن يزيد عنه أنه سمع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ... وذكر معاوية اللَّهمّ اجعله هاديا مهديا، واهده واهد به، ومنهم من يوقف حديثه هذا ولا يرفعه، ولا يصح مرفوعا عندهم [5] .
وروى عنه أيضا القاسم أبو عبد الرحمن مرفوعا: لا عدوى ولا هام ولا صفر. وروى عنه [علي بن زيد مرسلا [6]] عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في فضل
__________
[1] من س، وأسد الغابة.
[2] من س.
[3] ليست هذه الترجمة في س.
[4] في س: عبد الرحمن بن عميرة الأزدي. ويقال عبد الرحمن بن أبى عميرة المزني.
وقيل: عبد الرحمن بن عمير أو عميرة القرشي. وفي أسد الغابة ترجمتان: إحداهما لعبد الرحمن بن أبى عمرة، والأخرى لعبد الرحمن بن أبى عميرة.
[5] في س: ولا يصح إسناده والله أعلم.
[6] في س: روى عنه جبير بن نفير.(2/843)
قريش، وحديثه منقطع الإسناد مرسل. لا تثبت أحاديثه، ولا تصح صحبته.
(1446) عبد الرحمن بن العوام بن خويلد بن أسد،
أخو الزبير بن العوام.
أسلم عام الفتح، وصحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ الزبير: كان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن.
استشهد يوم اليرموك، وقتل ابنه عبد الله بن عبد الرحمن يوم الدار.
قَالَ أبو عبد الله العدوي في كتاب النسب له: بسبب عبد الرحمن هذا هجا حسان آل الزبير بن العوام، قَالَ: وهذا هو الثبت، ولا يصح قول من قَالَ:
إن ذَلِكَ بسبب عبد الله بن الزبير.
(1447) عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث [1] بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي [بن غالب [2]] القرشي الزهري،
يكنى أبا محمد، كان اسمه في الجاهلية عبد عمرو، وقيل عبد الكعبة، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن. أمه الشفاء بنت عوف بن عبد بن [1] الحارث بن زهرة.
ولد بعد الفيل بعشر سنين، وأسلم قبل أن يدخل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دار الأرقم، وكان من المهاجرين الأولين، جمع الهجرتين جميعا: هاجر إلى أرض الحبشة، ثم قدم قبل الهجرة، وهاجر إلى المدينة، وآخى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع، وشهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى دومة الجندل إلى
__________
[1] في الإصابة: بن عبد الحارث.
[2] من س.(2/844)
كلب وعممه بيده، وسدلها [1] بين كتفيه، وَقَالَ له: سر باسم الله، وأوصاه بوصاياه لأمراء سراياه. ثم قَالَ له: إن فتح الله عليك فتزوج بنت مليكهم، أو قَالَ: بنت شريفهم.
وكان الأصبغ بن ثعلبة الكلبي شريفهم، فتزوج بنته تماضر بنت الأصبغ، وهي أم ابنه أبي سلمة الفقيه.
قَالَ الزبير: وأم ابنه محمد الذي كان يكنى به. ولد في الإسلام، وابنه سالم الأكبر مات قبل الإسلام، وابنته أم القاسم ولدت في الجاهلية، أم هؤلاء الثلاثة أم كلثوم بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس. وأمّ إبراهيم، وحميد وإسماعيل أم كلثوم بنت عقبة بن معيط. وأم عروة بجيرة بنت هانئ ابن قبيصة، من بني شيبان. قتل عروة بن عبد الرحمن بن عوف بإفريقية. وأم سالم الأصغر سهلة بنت سهيل بن عمرو العامري، أخوه لأمه محمد بن أبي حذيفة.
وأم أبي بكر بن عبد الرحمن بن عوف أم حكيم بنت قارظ بن خالد بن عبيد ابن كنانة. وأم عبد الله الأكبر. يكنى أبا عثمان، قتل أيضا بإفريقية، والقاسم، أمهما بنت أنس بن رافع الأنصاري من بني عبد الأشهل، هي أمهما جميعا.
قَالَ: وعبد الله الأصغر هو أبو سلمة الفقيه. وعبد الرحمن بن عبد الرحمن ابن عوف أمه أسماء بنت سلامة بن مخرمة بن جندب [2] ، من بني نهشل بن دارم. ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف أمه سبية [3] من بهز وسهيل بن عبد الرحمن بن عوف أمه مجد بنت يزيد بن سلامة الحميري. وعثمان بن عبد الرحمن
__________
[1] في س: وأسدلها.
[2] في س: جندل.
[3] في ى: نفيسة.(2/845)
ابن عوف أمه غزال بنت كسرى، من سبي سعد بن أبي وقاص يوم المدائن.
وجويرية بنت عبد الرحمن بن عوف زوج المسور بن مخرمة، أمها بادية بنت غيلان بن سلمة الثقفي. ومحمد، ومعن، وزيد، بنو عبد الرحمن بن عوف، أمهم سهلة الصغري بنت عاصم بن عدىّ العجلاني، هذا كله قول الزبير بن بكار.
وكان عبد الرحمن بن عوف أحد العشرة الذين شهد لهم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجنة، وأحد الستة الذين جعل عمر الشورى فيهم، وأخبر أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم توفي وهو عنهم راض.
وصلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلفه في سفرة، وروى عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: عبد الرحمن بن عوف [سيد من سادات المسلمين، وروى عنه عليه السلام أنه قَالَ: عبد الرحمن بن عوف [1]] أمين في السماء وأمين في الأرض. أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا [2] الْقَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُعَلَّى الْجَزَرِيُّ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عِمْرَانَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، قَالَ لأَصْحَابِ الشُّورَى: هل لكم أن أختار لكم وأنتفى مِنْهَا، قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ رَضِيَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: أَنْتَ أَمِينٌ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ وَأَمِينٌ فِي أَهْلِ الأَرْضِ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَمِينَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم على نسائه.
__________
[1] من س.
[2] في س: أحمد بن قاسم.(2/846)
وروى عبد الملك بن عمير عن قبيصة بن جابر قَالَ: دخلت على عمر، وعن يمينه رجل كأنه قلب فضة، وهو عبد الرحمن بن عوف، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كان رجلا طويلا فيه جنأ، أبيض مشربا بالحمرة، حسن الوجه رقيق البشرة، ولا يغير لحيته ولا رأسه.
وروينا عن سهلة بنت عاصم زوجه قالت: كان عبد الرحمن بن عوف أبيض أعين أهدب الأشفار أقنى [الأصابع [1]] طويل النابين الأعليين، ربما أدمى شفتيه، له جمة، ضخم الكفين، غليظ الأصابع، جرح يوم أحد إحدى وعشرين جراحة، وجرح في رجله، وكان يعرج منها.
قَالَ أبو عمر: كان تاجرا مجدودا في التجارة، وكسب مالا كثيرا، وخلف ألف بعير وثلاثة آلاف شاة، ومائة فرس ترعى بالبقيع، وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضحا، فكان يدخل منه [2] قوت أهله سنة.
وروى ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن ابن عوف، قَالَ: صالحنا امرأة عبد الرحمن بن عوف التي طلقها في مرضه من ثلث الثمن بثلاثة وثمانين ألفا.
وقد روى غير ابن عيينة في هذا الخبر أنها صولحت بذلك عن ربع الثمن من ميراثه.
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ، عَنْ طَارِقٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْهَيَّاجِ قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهمّ قِنِي شُحَّ نَفْسِي. فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقَالُوا: هَذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عوف.
__________
[1] ليس في س.
[2] في س: من ذلك (م 28- الاستيعاب- ثان)(2/847)
وَرَوَى عَنْهُ أَنَّهُ أَعْتَقَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ثَلاثِينَ عَبْدًا. وَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ بَكَى بُكَاءً شَدِيدًا، فَسُئِلَ عَنْ بُكَائِهِ، فَقَالَ: إِنَّ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ كَانَ خَيْرًا مِنِّي، تُوُفِّيَ عَلَى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ، وَإِنَّ حمزة ابن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كَانَ خَيْرًا مِنِّي لَمْ نَجِدْ لَهُ كَفَنًا، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ عُجِّلَتْ لَهُ طَيِّبَاتُهُ فِي حَيَاةِ [1] الدُّنْيَا، وَأَخْشَى أَنْ أَحْتَبِسَ [2] عَنْ أَصْحَابِي بِكَثْرَةِ مَالِي.
وذكر ابن سنجر، عن دحيم بن فديك، وذكره ابن السراج. قال:
حدثنا محمد بن الصباح، حَدَّثَنَا علي بن ثابت جميعا، عن ابن أبى ذئب، عن مسلم ابن جندب، عن نوفل بن إياس الهذلي، قَالَ: كان عبد الرحمن بن عوف لنا جليسا، وكان نعم الجليس، وإنه انقلب بنا ذات يوم حتى دخلنا منزله، ودخل فاغتسل، ثم خرج فجلس معنا، فأتينا بقصعة فيها خبز ولحم، ولما وضعت بكى عبد الرحمن ابن عوف، فقلنا له: ما يبكيك يا أبا محمد؟ قَالَ: مات رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يشبع هو وأهل بيته من خبز الشعير، ولا أرانا أخرنا [لهذا [3]] لما هو خير لنا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حمدان، حدثنا عبد الله ابن أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَ: دَخَلَ عَلَيْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَالَتْ: فَقَالَ يَا أُمَّهْ، قَدْ خِفْتُ أَنْ يُهْلِكَنِيَ كَثْرَةُ مَالِي، أَنَا أَكْثَرُ قُرَيْشٍ مَالا. قَالَتْ:
يَا بُنَيَّ، أَنْفِقْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم يقول: إن من أصحابى
__________
[1] في س: في حياته.
[2] في س: أحبس،
[3] من س.(2/848)
مَنْ لا يَرَانِي بَعْدَ أَنْ أُفَارِقَهُ، فَخَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَلَقِيَ عُمَرَ، وَأَخْبَرَهُ، فَجَاءَ عُمَرُ فَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: باللَّه مِنْهُمْ أَنَا؟ فَقَالَتْ: لا والله، ولن أبرئ أحدا بعدك [أبدا [1]] .
وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ مِنْ حَدِيثِ [زَيْدِ [2]] بْنِ أَبِي أَوْفَى- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخَى بَيْنَ عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو وَضَّاحٍ [3] ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عليها عبد الرحمن بن عوف. فقال: يَا أُمَّهْ، قَدْ خَشِيتُ أَنْ يُهْلِكَنِيَ كَثْرَةُ مالي، أنا أكثر قريش كلهم مَالا. قَالَتْ: يَا بُنَيَّ، تَصَدَّقْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إِنَّ مِنْ أَصْحَابِي مَنْ لا يَرَانِي بَعْدَ أَنْ أُفَارِقَهُ. فَخَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَلَقِيَ عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَقَالَ لَهَا: باللَّه مِنْهُمْ أَنَا؟ قَالَتْ: لا. وَلَنْ أَقُولَ لأَحَدٍ بَعْدَكَ. هَكَذَا رَوَاهُ الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ.
وَرَوَاهُ عَاصِمُ بْنُ [أَبِي النَّجُودِ عَنْ [4]] أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنْ أَصْحَابِي مَنْ لا أَرَاهُ وَلا يَرَانِي بَعْدَ أَنْ أَمُوتَ أَبَدًا. قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، فَأَتَاهَا يَشْتَدُّ وَيُسْرِعُ، فَقَالَ: أُنْشِدُكِ باللَّه أَنَا مِنْهُمْ؟ قَالَتْ: لا. وَلَنْ أَبْرِئَ بَعْدَكَ أحدا أبدا. ذكره احمد بن حنبل.
__________
[1] ليس في س.
[2] ليس في س.
[3] في س: ابن وضاح.
[4] ليس في س.(2/849)
قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمٍ [عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ [1]] توفي عبد الرحمن بن عوف سنة إحدى وثلاثين. وقيل سنة اثنتين وثلاثين، وهو ابن خمس وسبعين سنة بالمدينة.
وروى عن أبي سلمة أنه قَالَ: توفي أبي وهو ابن اثنتين وسبعين سنة بالمدينة، ودفن بالبقيع، وصلى عليه عثمان، هو أوصى بذلك.
وَقَالَ إبراهيم بن سعد: كانت سن عبد الرحمن بن عوف ثمانيا وسبعين سنة.
(1448) عبد الرحمن بن عويم بن ساعدة الأنصاري،
أحد بني أمية بن زيد، ولد على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما ذكر الواقدي.
(1449) عبد الرحمن بن غنم الأشعري،
جاهلي، كان مسلما على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يره، ولم يفد عليه، ولازم معاذ بن جبل منذ بعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى اليمن إلى أن مات في خلافة عمر، يعرف بصاحب معاذ، لملازمته له، وسمع من عمر بن الخطاب، وكان [من [1]] أفقه أهل الشام، وهو الذي فقه عامة التابعين بالشام، وكانت له جلالة وقدر، وهو الذي عاتب أبا هريرة، وأبا الدرداء بحمص إذ انصرفا من عند علي رضي الله عنه رسولين لمعاوية، وكان مما قَالَ لهما: عجبا منكما، كيف جاز عليكما ما جئتما به، تدعوان عليا أن يجعلها شورى، وقد علمتما أنه قد بايعه المهاجرون والأنصار، وأهل الحجاز والعراق، وأن من رضيه خير ممن كرهه، ومن بايعه حير ممن لم يبايعه.
__________
[1] من س.(2/850)
وأي مدخل لمعاوية في الشورى، وهو من الطلقاء الذين لا تجوز لهم الخلافة، وهو وأبوه من رءوس الأحزاب، فندما على مسيرهما وتابا منه بين يديه رضي الله تعالى عنهم.
ومات عبد الرحمن بن غنم سنة ثمان وسبعين. روى عنه أبو إدريس الخولاني وجماعة من تابعي أهل الشام.
(1450) عبد الرحمن بن قتادة السلمي،
شامي. روى عنه حديث مضطرب الإسناد، يرويه عنه راشد بن سعد.
(1451) عبد الرحمن بن أبي قراد الأسلمي [1] ،
له صحبة، روى عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ حديثا واحدا في آداب الوضوء إنه كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أراد حاجته أبعد. وحديثا آخر في الوضوء: وله أحاديث. يعد في أهل الحجاز، وروى عنه أبو جعفر الخطميّ عمير بن يزيد، وعمارة بن خزيمة، والحارث ابن الفضيل.
(1452) عبد الرحمن بن قرط الثمالي،
مذكور في الصحابة، أظنّه أخا عبد الله ابن قرط. روى عن عبد الرحمن بن قرط مسكين بن ميمون مؤذن الرملة حديثا في الإسراء. وروى عنه عروة بن رويم، وسليم بن عامر.
(1453) عبد الرحمن بن قيظي بن [قيس بن [2]] لوذان بن ثعلبة بن عدي ابن مجدعة بن حارثة.
شهد أحدا مع أبيه قيظي. وقتل يوم اليمامة شهيدا.
(1454) عبد الرحمن بن كعب المازني الأنصاري،
أبو ليلى، شهد بدرا، ومات
__________
[1] في أسد الغابة: الأسلمي.
[2] من س.(2/851)
سنة أربع وعشرين، وهو أحد البكاءين الذين لم يقدروا على التحمل في غزوة تبوك، فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون.
[وقد مر ذكر أخيه عبد الله بن كعب ونسبه [1]] .
(1455) عبد الرحمن بن محيريز.
حديثه في كيفية رفع الأيدي في الدعاء عندنا مرسل، ولا وجه لذكره في الصحابة إلا على ما شرطنا فيمن ولد على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد ذكره فيهم العقيلي وما أتى له بشاهد فيما ذكر، وقد قيل فيه عبد الله بن محيريز، وكان فاضلا.
(1456) عبد الرحمن بن مربع الأنصاري،
أخو عبد الله بن مربع الأنصاري الحارثي لأبيه وأمه. شهد أحدا وما بعدها من المشاهد، وقتل يوم جسر أبي عبيد شهيدا، هما أخوا زيد بن مربع، ومرارة بن مربع.
(1457) عبد الرحمن بن مرفع السلمي.
سكن مكة والمدينة. روى عنه أبو يزيد المدني.
(1458) عبد الرحمن بن معاذ بن جبل الأنصاري،
قد تقدم نسبه [1] عند ذكر أبيه رضي الله عنهما.
توفي مع أبيه في الطاعون، وكان فاضلا، واختلفوا فيه فمنهم من أنكر أن يكون ولد لمعاذ بن جبل ولد على ما ذكرنا [2] في بابه، والله أعلم.
وَقَالَ الزبير: عبد الرحمن بن معاذ بن جبل مات بالشام في الطاعون، وكان آخر من بقي من بني أدى بن سعد أخي سلمة بن سعد بن الخزرج انقرضوا، وعداده في بنى سلمة.
__________
[1] من س، وعبد الله سيأتي.
[2] سيأتي على حسب ترتيب الكتاب الجديد.(2/852)
(1459) عبد الرحمن بن معاذ بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشي التيمي،
ابن عم طلحة بن عبيد الله، روى عنه محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي قَالَ: حَدَّثَنِي عبد الرحمن بن معاذ، وكان من أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بمنى فذكر الخطبة وفيها:
أن ارموا الجمار بمثل حصى الخذف. وقد قيل في هذا الحديث، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن رجل من قومه من بني تيم يقال له معاذ بن عثمان، أو عثمان بن معاذ: أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلم الناس مناسكهم، فذكر أنه قال: ارموا الجمرة بمثل حصني الخذف.
(1460) عبد الرحمن بن معقل،
صاحب الدثنية. حديثه في الضبع والأرنب والثعلب لَيْسَ بالقوي.
(1461) عبد الرحمن بن مل [1] .
ويقَالَ فيه ابن ملي. أبو عثمان النهدي، ونسبوه عبد الرحمن بن مل بن عمرو بن عدي بن وهب [ابن ربيعة [2]] ابن سعد بن خزيمة بن كعب بن رفاعة بن مالك بن نهد، ونهد هو ابن زيد [ابن بشر بن محمود [3]] بن أسلم بن الحاف بن قضاعة، لم ير النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسئل: هل أدركت رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، أسلمت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأديت إليه ثلاث صدقات، ولم ألقه، وغزوت على عهد عمر غزوات.
__________
[1] في التهذيب: بلام ثقيلة والميم مثلثة.
[2] ليس في س.
[3] في س: بن ليث بن سواء.(2/853)
قَالَ أبو عمر رحمه الله: شهد فتح القادسية، وجلولاء، وتستر، ونهاوند، واليرموك، وأذربيجان، ومهران، ورستم. ويقَالَ: إنه عاش في الجاهلية أزيد من ستين سنة وفي الإسلام مثل ذَلِكَ، وكان يقول: بلغت نحوا من ثلاثين ومائة سنة فما منّا شيء إلا وقد عرفت النقص فيه إلا أملي فإنه كما كان.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، عَنْ بَقِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، قَالَ: سَأَلَ صُبَيْحٌ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ، وَأَنَا أَسْمَعُ، فَقَالَ لَهُ: هَلْ أَدْرَكْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم؟ قال: نعم أسلمت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأديت إليه ثلاث صدقات، ولم ألقه، وغزوت على عَهْدِ [1] عُمَرَ غَزَوَاتٍ، شَهِدْتُ فَتْحَ الْقَادِسِيَّةِ، وَجَلُولاءَ، وَتُسْتَرَ، وَنَهَاوَنَدَ، وَالْيَرْمُوكَ، وَأَذْرَبِيجَانَ، وَمِهْرَانَ، وَرُسْتُمَ، فَكُنَّا نَأْكُلُ السَّمْنَ، وَنَتْرُكُ الْوَدَكَ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الظُّرُوفِ، فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ يَسْأَلُ عَنْهَا- يَعْنِي طَعَامَ الْمُشْرِكِينَ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، حَدَّثَنَا أحمد بن زهير، حدثنا موسى ابن إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا حَمَلْنَا حَجَرًا عَلَى بَعِيرٍ نَعْبُدُه فَرَأَيْنَا أَحْسَنَ مِنْهُ أَلْقَيْنَاهُ، وَأَخَذْنَا الَّذِي هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ، وَإِذَا سَقَطَ الْحَجَرُ عَنِ الْبَعِيرِ قُلْنَا: سَقَطَ إِلَهُكُمْ، فَالْتَمِسُوا حَجَرًا. وَبِهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ يَقُولُ: أَتَتْ عَلَيَّ ثَلاثُونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ أَوْ نَحْوُهَا، وَمَا مِنِّي شَيْءٌ إِلا وَقَدْ عَرَفْتُ النَّقْصَ فِيهِ إِلا أَمَلِي، فَإِنِّي أَرَى أَمَلِي كَمَا كَانَ.
__________
[1] في س: على يد.(2/854)
قَالَ أحمد بن زهير: حَدَّثَنَا الحارث بن شريح، قَالَ: حَدَّثَنَا معتمر بن سليمان، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كان أبو عثمان النهدي يركع ويسجد حتى يغشى عليه. ومات أبو عثمان النهدي سنة مائة، رحمة الله عليه.
وذكر عمرو بن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا معتمر بن سليمان، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سمعت أبا عثمان النهدي يقول: أدركت الجاهلية فما سمعت صوت صنج ولا بربط ولا مزمار أحسن من صوت أبي موسى الأشعري بالقرآن، وإن كان ليصلي بنا صلاة الصبح، فنود لو قرأ بالبقرة من حسن صوته. فحدثت به يَحْيَى بن سعيد فاستحسنه واستعادنيه غير مرة، وَقَالَ: كم عند معتمر عَنْ أَبِيهِ، عن أبي عثمان؟
قلت: مائة. قَالَ: عندي منها ستون [1] .
(1462) عبد الرحمن بن يزيد بن جارية بن مجمع بن العطاف [2] بن ضبيعة بن زيد بن مالك الأنصاري المدني،
من بني عمرو بن عوف أخو مجمع، أمه جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح. ولد على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وله عنه رواية، ويروي عن عمه مجمع بن جارية. وَقَالَ إبراهيم بن المنذر: ولد عبد الرحمن ابن يزيد بن جارية في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. توفي سنة ثلاث وتسعين، يكنى أبا محمد.
قَالَ أبو عمر: إنما يحفظ له رواية عن عمه، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَعْلَبَةَ الأَنْصَارِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ الأَنْصَارِيِّ، مِنْ بَنِي عَمْرِو بن عوف يقول: سمعت عمى
__________
[1] في س: خمسون.
[2] في س: بن عطاف.(2/855)
مُجَمِّعُ بْنُ جَارِيَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: يَقْتُلُ ابْنُ مَرْيَمَ الدَّجَّالَ بِبَابِ لُدٍّ [1] .
(1463) عبد الرحمن بن يزيد بن رافع الأنصاري،
ويقَالَ ابن يزيد بن راشد.
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياكم والحمرة [2] فإنها زينة الشيطان. بصري، روى عنه الحسن.
(1464) عبد الرحمن بن يعمر الديلي،
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحج عرفات ... الحديث. ولم يروه غيره، ولم يرو عنه غير بكير بن عطاء، ورواه عن بكير بن عطاء شعبة والثوري.
[1465) عبد الرحمن الأسود بن عبد يغوث الزهري.
قال الواقدي:
ولد على عهد النبي صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، روى عن أبي بكر، وعمر رضي الله عنهما، وله دار بالمدينة، عند أصحاب الغرابيل والقفاف] [3] .
(1466) عبد الرحمن الخطمي،
مدني. روى عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ في الميسر. روى عنه ابنه موسى بن عبد الرحمن.
(1467) عبد الرحمن المزني.
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أصحاب الأعراف أنهم [قوم] [3] قتلوا في سبيل الله، وكانوا لآبائهم عصاة، فمنعوا الجنة لمعصية آبائهم [4] ، ومنعوا النار لقتلهم في سبيل الله. روى عنه ابنه عمر، لم يرو عنه غيره. وقد قيل اسم أبيه محمد، وهو الصواب إن شاء الله تعالى وله ابن آخر يسمى عبد الرحمن.
(تم الجزء الثاني ويليه الثالث، وأوله بقية حرف العين)
__________
[1] لد: قرية قربت بيت المقدس من نواحي فلسطين (ياقوت) .
[2] في س: والخمرة.
[3] ليس في س.
[4] في س: لمعصيتهم إياهم.(2/856)
[المجلد الثالث]
[تتمة حرف العين]
باب عبد الله
(1468) عبد الله بْن أَبِي بْن خَلَف القرشي الْجُمَحِيّ،
أسلم عام الْفَتْح، وقتل يَوْم الجمل.
(1469) عبد الله بْن الأرقم بْن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة ابن كلاب القرشي الزُّهْرِيّ،
أسلم عام الْفَتْح، وكتب للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لأبي بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، واستكتبه أيضا عُمَر رضى الله عنه، واستعمل على بيت المال خلافة عُمَر كلها وسنتين من خلافة عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَتَّى استعفاه من ذَلِكَ فأعفاه.
وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عن عبد الله ابن الزبير- أن رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ اسْتَكْتَبَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الأَرْقَمِ، فَكَانَ يجيب عنه الملوك، وبلغ أَمَانَتِهِ عِنْدَهُ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُهُ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى بَعْضِ الْمُلُوكِ، فَيَكْتُبَ، وَيَأْمُرُهُ أَنْ يُطَيِّنَهُ وَيَخْتِمَهُ وَمَا يَقْرَؤُهُ لأَمَانَتِهِ عِنْدَهُ.
وقال ابْن إِسْحَاق: كَانَ زَيْد بْن ثَابِت يكتب الوحي، ويكتب إِلَى الملوك أيضا، وَكَانَ إذا غاب عَبْد اللَّهِ بْن الأرقم وزيد بْن ثَابِت، واحتاج أن يكتب إِلَى بعض أمراء الأجناد أو الملوك أو إِلَى إنسان بقطيعة- أمر من حضر أن يكتب لَهُ إِلَى بعض أمرائه.
وروى ابْن الْقَاسِم، عَنْ مَالِك قَالَ: بلغني أَنَّهُ ورد على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتاب، فَقَالَ: من يجيب عني؟ فَقَالَ عَبْد اللَّهِ بْن الأرقم: أنا، فأجاب (ظهر الاستيعاب ج 3- م 1)(3/865)
عَنْهُ وأتى بِهِ إِلَيْهِ، فأعجبه وأنفذه، وَكَانَ عُمَر حاضرا، فأعجبه ذَلِكَ من عَبْد اللَّهِ ابْن الأرقم، فلم يزل ذَلِكَ لَهُ فِي نفسه يَقُول: أصاب مَا أراده رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما ولى عُمَر استعمله على بيت المال.
وَرَوَى ابْن وَهْب، عَنْ مَالِك قَالَ: بلغني أن عُثْمَان أجاز عَبْد اللَّهِ ابْن الأرقم- وَكَانَ لَهُ على بيت المال- بثلاثين ألفا، فأبى أن يقبلها، هكذا قَالَ مَالِك. وَرَوَى سُفْيَان بْن عُيَيْنَة عَنْ عَمْرو بْن دينار أن عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ استعمل عَبْد اللَّهِ بْن الأرقم على بيت المال، فأعطاه عُثْمَان ثلاثمائة درهم، فأبى عَبْد اللَّهِ أن يأخذها، وَقَالَ: إنما عملت للَّه، وإنما أجري على الله.
وَرَوَى أشهب، عَنْ مَالِك أن عُمَر بْن الخطاب رضى الله عَنْهُ كَانَ يَقُول: مَا رأيت أحدا أخشى للَّه من عَبْد اللَّهِ بْن الأرقم، قَالَ: وَقَالَ عُمَر لعبد الله بْن الأرقم: لو كَانَ لك مثل سابقة القوم مَا قدمت عليك أحدا.
(1470) عبد الله بْن الأسود السدوسي، قَالَ قَتَادَة:
هاجر من رَبِيعَة أربعة:
بشير بْن الخصاصية، وَعَمْرو بْن ثعلب، وعبد الله بْن أسود، والفرات بْن حيان.
حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ دعا لهم بالبركة فِي التمر. مخرج حديثه عَنْ ولده. وقيل: إنه وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد بني سدوس.
(1471) عَبْد اللَّهِ بن الأعور.
وقيل عَبْد اللَّهِ بْن الأطول الحرمازي [1] المازني.
قيل اسم الأعور أو الأطول عَبْد اللَّهِ، هُوَ من بني مازن بْن عَمْرو بْن تميم، وَهُوَ الأعشي الشاعر المازني، كانت عنده امرأة يقال لها معاذة، فخرج يمير
__________
[1] بكسر الحاء المهملة وسكون الراء وفي آخرها زاي، كما في اللباب.(3/866)
أهله من هجر، فهربت امرأته بعده ناشزة عَلَيْهِ، فعاذت برجل منهم، يقال لَهُ مطرف بْن نهصل، فجعلها خَلَف ظهره، فلما قدم الأعشى لم يجدها فِي بيته، وأخبر أَنَّهَا نشزت، وأنها عاذت بمطرف بْن نهصل، فأتاه، فقال له: يا بن عم، عندك امرأتي معاذة فادفعها إلي، فَقَالَ: ليست عندي، ولو كانت عندي لم أدفعها إليك، وَكَانَ مطرف أعز منه، فخرج حَتَّى أتى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعاذ بِهِ، وأنشأ يَقُول [1] :
يا سيد الناس [2] وديان العرب ... أشكو [3] إليك ذربة من الذرب
كالذئبة العسلاء في كل السرب [4] ... خرجت أبغيها الطعام فِي رجب
فخلفتني بنزاع وحرب [5] ... أخلفت العهد ولطت بالذنب
وهن شر غالب لمن غلب
فقال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هن شر غالب لمن غلب. وشكا إِلَيْهِ امرأته وما صنعت وأنها عِنْدَ رجل منهم يقال لَهُ مطرف بْن نهصل، فكتب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مطرف: انظر امرأة هَذَا معاذة، فادفعها إِلَيْهِ، فأتاه بكتاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقرئ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهَا: يَا معاذة، هَذَا كتاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيك، وأنا دافعك إِلَيْهِ. فقالت: خذ لي العهد والميثاق وذمة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألا يعاقبني فيما صنعت، فأخذ لهما ذلك، ودفعها إليه، فأنشأ يقول:
__________
[1] اللسان. مادة ذرب.
[2] في أسد الغابة: يا مالك الناس.
[3] في أسد الغابة: إني لقيت، وفي اللسان: إليك أشكو.
[4] في رواية: كالذئبة العسقل في ظل السرب.
[5] في ى: وهرب، وليس هذا الشطر في اللسان.(3/867)
لعمرك مَا حبي معاذة بالذي ... يغيره الواشي ولا قدم العهد
ولا سوء مَا جاءت به إذ أزالها [1] ... غواة رجالٍ إذ ينادونها بعدي
(1472) عبد الله بْن أقرم بْن زَيْد الخزاعي،
معدود فِي أهل المدينة. رَوَى عَنْهُ ابنه عُبَيْد الله بْن عَبْد اللَّهِ بْن أقرم.
(1473) عبد الله بْن أَبِي أمامة أسعد بْن زرارة الأنصاري.
روى عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ. وقد تقدم نسبه فِي باب أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ أَبُو كَثِير الأَنْصَارِيّ.
(1474) عبد الله بْن أَبِي أُمَيَّة بْن الْمُغِيرَة بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن مخزوم،
أخو أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أمه عاتكة بِنْت عبد المطلب بْن هاشم، يقال لأبيه أَبِي أُمَيَّة زاد الركب. وزعم ابْن الكلبي أن أزواد الركب ثلاثة:
زمعة بْن الأسود بْن المطلب بْن عبد مناف، قتل يوم بدر كافرا، ومسافر ابْن أَبِي عَمْرو بْن أُمَيَّة، وَأَبُو أُمَيَّة بن المغيرة المخزومي، وهو أشهر هم بذلك، هكذا قَالَ ابْن الكلبي والزبير، وقالا: إنما سموا أزواد الركب، لأنهم كانوا إذا سافر معهم أحد كَانَ زاده عليهم.
قال مصعب والعدوي: لا تعرف قريش زاد الركب إلا أَبَا أُمَيَّة بْن الْمُغِيرَة وحده، وَكَانَ عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي أُمَيَّة شديدا على المسلمين مخالفا مبغضا، وَهُوَ الَّذِي قَالَ [2] : لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً 17: 90 أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ ... 17: 93 الآية. وكان شديد العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم،
__________
[1] في أسد الغابة: إذ أزلها.
[2] سورة الإسراء، آية 90(3/868)
ثُمَّ أَنَّهُ خرج مهاجرا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلقيه بالطريق بين السقيا والعرج وَهُوَ يريد مكة عام الْفَتْح، فتلقاه فأعرض عَنْهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مرة، فدخل على أخته وسألها أن تشفع لَهُ، فشفعت لَهُ أخته أم سَلَمَة، وهي أخته لأبيه، فشفعها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأسلم وحسن إسلامه، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة مسلما، وشهد حنينا والطائف، ورمي يَوْم الطائف بسهم فقتله، ومات يومئذ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ لَهُ المخنث فِي بيت أم سَلَمَة: يَا عَبْد اللَّهِ، إن فتح الله عليكم الطائف غدا فأنى أدلك على امرأة غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان.
وزعم مُسْلِم بْن الْحَجَّاج أن عُرْوَة بْن الزُّبَيْر رَوَى عَنْهُ أَنَّهُ رأى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي فِي بيت أم سَلَمَة فِي ثوب واحد، ملتحفا بِهِ، مخالفا بين طرفيه.
وذلك غلط، وإنما الَّذِي رَوَى عَنْهُ عُرْوَة ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي أُمَيَّة.
(1475) عبد الله بْن أَبِي أُمَيَّة بْن وَهْب،
حليف بني أَسَد بْن عبد العزى بْن قصي، وَابْن أختهم، قتل بخيبر شهيدا. ذكره الْوَاقِدِيّ، ولم يذكره ابْن إِسْحَاق.
(1476) عبد الله بْن أنس،
أَبُو فاطمة الأسدي. رَوَى عَنْهُ زهرة بْن معبد، أَبُو عُقَيْل.
(1477) عبد الله بْن أنيس [1] الجهني،
ثُمَّ الأَنْصَارِيّ، حليف بني سَلَمَة. قَالَ ابْن إِسْحَاق: هُوَ من قضاعة حليف لبني سواد، من بني سَلَمَة. وقال الواقدي:
__________
[1] بضم الهمزة- في التقريب.(3/869)
هُوَ من البرك بْن وبرة أخو كلب بْن وبرة فِي قضاعة، حليف لبني سواد من بني سَلَمَة. وَقَالَ غيرهما: هُوَ من جهينة حليف الأنصار. وقيل: هُوَ من الأنصار.
وَقَالَ الكلبي: عَبْد اللَّهِ بْن أنيس صاحب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ عَبْد اللَّهِ بْن أنيس بْن أسعد بْن حرام بْن حَبِيب بْن مَالِك بْن غنم بْن كعب بن تيم ابن نفاثة بْن إِيَاس بْن يربوع بْن البرك بْن وبرة، أخي، كلب بْن وبرة، والبرك ابن وبرة دخل فِي جهينة. قَالَ ابْن الكلبي: كَانَ عَبْد اللَّهِ بْن أنيس مهاجريا أنصاريا عقبيا، وشهد أحدا وما بعدها، يكنى أَبَا يَحْيَى.
رَوَى عَنْهُ أَبُو أمامة، وجابر بْن عَبْد اللَّهِ، وَرَوَى عَنْهُ من التابعين بسر ابن سَعِيد، وبنوه: عطية، وَعَمْرو وضمرة، وعبد الله، بنو عَبْد اللَّهِ بْن أنيس، وَهُوَ الَّذِي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عَنْ ليلة القدر، وَقَالَ لَهُ: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنِّي شاسع الدار، فمرني بليلة أنزل لَهَا. فَقَالَ: أنزل ليلة ثلاث وعشرين. وتعرف تلك الليلة بليلة الجهني بالمدينة، وَهُوَ أحد الذين كسروا آلهة بني سَلَمَة.
توفى سنة أربع وخمسين، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
(1478) عبد الله بْن أَبِي أوفى الأسلمي،
واسم أَبِي أوفى علقمة بن خالد بن الحارث ابن أَسَد بْن رفاعة بْن ثعلبة بْن هوازن بن أسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو ابن عَامِر. هُوَ أخو زَيْد بْن أَبِي أوفى، يكنى أَبَا مُعَاوِيَة. وقيل: أَبَا إِبْرَاهِيم.
وقيل: أبا محمد. شهد الحديبيّة وخيبر وما بعد ذَلِكَ من المشاهد، ولم يزل بالمدينة حَتَّى قبض رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ تحول إِلَى الكوفة. وَهُوَ آخر من بقي بالكوفة من أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مات سنة سبع وثمانين بالكوفة، وَكَانَ ابتنى بها دارا فِي أسلم، وَكَانَ قد كف بصره، وقيل: بل مات(3/870)
بالكوفة سنة ست وثمانين. وَذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى سَاعِدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى ضَرْبَةً، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ؟ فَقَالَ: ضُرِبْتُهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ. فَقُلْتُ: شَهِدْتُ مَعَهُ حُنَيْنًا؟ قَالَ:
نَعَمْ، وَقَبْلَ [1] ذَلِكَ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ، أَبُو قَطَنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ الشَّجَرَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، وَكَانَتْ أَسْلَمُ ثُمُنَ الْمُهَاجِرِينَ يومئذ.
(1479) عبد الله ابْن بحينة [2]
وهي أمه بحينة بنت الحارث بن عبد المطلب ابن عبد مناف. قَالَ الْوَاقِدِيّ: يكنى أَبَا مُحَمَّد، وأبوه مَالِك بْن القشب [3] الأزدي، من أزد شنوءة، كَانَ حليفا لبني المطلب بْن عبد مناف. وله صحبة أيضا، وقد ذكرناه فِي باب مَالِك من هَذَا الكتاب، والحمد للَّه. وقد قيل فِي أَبِيهِ مَالِك ابْن بحينة، وَهُوَ وهم وغلط، وإنما بحينة امرأته، وأم ابنه عَبْد اللَّهِ، وَكَانَ عَبْد اللَّهِ ابْن بحينة ناسكا فاضلا صائم الدهر، وَكَانَ ينزل بطن ريم [4] ، على ثلاثين ميلا من المدينة. مات فِي عمل مَرَوَان الآخر على المدينة أيام مُعَاوِيَة.
(1480) عبد الله بْن بدر الجهني،
مدني، كَانَ اسمه عبد العزى فسماه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، وَهُوَ أحد الذين حملوا راية جهينة يَوْم الفتح، يكنى
__________
[1] في أسد الغابة: وقيل غير ذلك.
[2] بموحدة ومهملة مصغرا- كما في التقريب.
[3] بكسر القاف وسكون المعجمة بعدها (التقريب) .
[4] بطن رئم- بكسر أوله وهمز ثانية وسكونه. وقيل بالياء غير مهموزة (ياقوت)(3/871)
أَبَا بعجة بابنه بعجة. رَوَى عَنْهُ ابنه بعجة، لم يرو عَنْهُ غيره، وَرَوَى عَنْ بعجة يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير وَأَبُو حَازِم. ومات بعجة قبل الْقَاسِم بْن مُحَمَّد، وله ابْن يقال لَهُ مُعَاوِيَة بْن بعجة، رَوَى عنه الدّراوردى.
(1481) عبد الله بْن بديل بْن ورقاء بْن عبد العزى بْن رَبِيعَة الخزاعي،
أسلم مع أَبِيهِ قبل الْفَتْح، وشهد حنينا والطائف، وَكَانَ سيد خزاعة، وخزاعة عيبة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقيل: بل هُوَ وأخوه من مسلمة الْفَتْح، والصحيح أَنَّهُ أسلم قبل الْفَتْح، وشهد حنينا والطائف وتبوك- قاله الطبري وغيره وَكَانَ لَهُ قدر وجلالة. قتل هُوَ وأخوه عَبْد الرَّحْمَنِ بْن بديل بصفين، وَكَانَ يومئذ على رجالة علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. كَانَ من وجوه الصحابة، وَهُوَ الَّذِي صَالِح [أهل [1]] أصبهان مع عَبْد اللَّهِ بْن عَامِر، وكان على مقدمته، وذلك فِي زمن عُثْمَان سنة تسع وعشرين من الهجرة. قال الشَّعْبِيّ، كَانَ عبد الله ابن بديل فِي صفين عَلَيْهِ درعان وسيفان، وَكَانَ يضرب أهل الشام ويقول:
لم يبق إلا الصبر والتوكل ... ثم التمشي فِي الرعيل الأول
مشى الجمالة [2] فِي حياض المنهل ... والله يقضي مَا يشاء ويفعل
فلم يزل يضرب بسيفه حَتَّى انتهى إِلَى مُعَاوِيَة، فأزاله عَنْ موقفه، وأزال أصحابه الذين كانوا معه، وَكَانَ مع مُعَاوِيَة يومئذ عَبْد اللَّهِ بن عامر واقفا، فأقبل
__________
[1] من أسد الغابة.
[2] في ى: الجمالة، وفي أسد الغابة والإصابة: الجمال.(3/872)
أصحاب مُعَاوِيَة على ابْن بديل يرمونه بالحجارة حتى أثخنوه، وقتل رحمه الله.
فأقبل إِلَيْهِ مُعَاوِيَة وعبد الله بْن عَامِر معه، فألقى عَلَيْهِ عَبْد اللَّهِ بْن عَامِر عمامته غطى بها وجهه، وترحم عَلَيْهِ. فَقَالَ مُعَاوِيَة: اكشفوا عَنْ وجهه، فَقَالَ لَهُ ابْن عَامِر:
والله لا يمثل بِهِ وفي روح، وَقَالَ مُعَاوِيَة: اكشفوا عَنْ وجهه، فقد وهبناه لك.
ففعلوا، فَقَالَ مُعَاوِيَة: هَذَا كبش القوم ورب الكعبة، اللَّهمّ أظفر بالأشتر، والأشعث بْن قَيْس، والله مَا مثل هَذَا إلا كما قال الشاعر:
أخو الحرب إن عضت بِهِ الحرب عضها ... وإن شمرت يوما بِهِ الحرب شمرا
كليث هزبرٍ كَانَ يحمي ذماره ... رمته المنايا قصدها فتقطرا
ثم قَالَ مُعَاوِيَة، إن نساء خزاعة لو قدرت أن تقاتلني فضلا عَنْ رجالها لفعلت.
وَحَدَّثَنَا خَلَف بْن قَاسِم، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بن عمر الجوهري، حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج، حدثنا يحيى بن سُلَيْمَان، قَالَ: حَدَّثَنِي نَصْر بْن مزاحم، حَدَّثَنَا عمر بْن سَعْد، حَدَّثَنَا مَالِك بْن أعين، عَنْ زَيْد بْن وَهْب الجهني أن عَبْد اللَّهِ بْن بديل قام يَوْم صفين فِي أصحابه، فخطب، فحمد الله وأثنى عَلَيْهِ، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ألا إن مُعَاوِيَة أدعى مَا ليس لَهُ، ونازع الأمر أهله، ومن ليس مثله، وجادل بالباطل ليدحض بِهِ الحق، وصال عليكم بالأحزاب والأعراب، وزين لهم الضلالة، وزرع فِي قلوبهم حب الفتنة، ولبس عليهم الأمر، وأنتم- والله- على الحق، على نور من ربكم وبرهان مبين، فقاتلوا الطغاة الجفاة، قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ ... 9: 14 وتلا الآية [1] .
__________
[1] سورة التوبة، آية 15(3/873)
قاتلوا الفئة الباغية الذين نازعوا الأمر أهله، وقد قاتلتموهم مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، فو الله مَا هم فِي هَذِهِ بأزكى ولا أتقى ولا أبر، قوموا إِلَى عدو الله وعدوكم، رحمكم الله
(1482) عبد الله بْن بسر المازني،
من مازن بْن مَنْصُور، يكنى أَبَا بسر، وقيل:
يكنى أَبَا صَفْوَان. هُوَ أخو الصماء، مات بالشام سنة ثمانين، وَهُوَ ابْن أربع وتسعين، وَهُوَ آخر من مات بالشام بحمص من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ. رَوَى عَنْهُ الشاميون، منهم خَالِد بْن معدان، وَيَزِيد بْن خمير، وسليم بْن عَامِر، وراشد بن سعد، وأبو الزاهرية، ولقمان بن عامر، ومحمد ابن زِيَاد. يقال: إنه ممن صَلَّى القبلتين.
(1483) عبد الله بْن بسر النصري،
رَوَى عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. روى عنه ابنه عبد الواحد، وَرَوَى عَنْهُ عُمَر [1] بْن روبة.
(1484) عبد الله بْن أَبِي بَكْر الصديق رضى الله عَنْهُمَا،
أمه وأم أَسْمَاء واحدة، امرأة من بني عَامِر بْن لؤي، سمى [2] أَبِيهِ، شهد عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي بَكْر الطائف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرمي بسهم، رماه بِهِ أَبُو محجن الثقفي فيما ذكر الْوَاقِدِيّ، فدمل جرحه حَتَّى انتقض به فمات منه [3] في أول خلافة أَبِيهِ، وذلك فِي شوال من سنة إحدى عشرة، وَكَانَ إسلامه قديما، ولم يسمع لَهُ بمشهد إلا شهوده الْفَتْح وحنينا والطائف، والله أعلم.
__________
[1] في ى: عمرو، والمثبت من التقريب.
[2] لأن اسم أبى بكر عبد الله.
[3] في ى: عنه، والمثبت من أسد الغابة.(3/874)
وَكَانَ قد ابتاع الحلة التي أرادوا دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بتسعة دنانير، ليكفن فيها، فلما حضرته الوفاة قَالَ: لا تكفنوني فيها، فلو كَانَ فيها خير كفن فيها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ودفن بعد الظهر، وصلى عَلَيْهِ أبوه، ونزل فِي قبره عُمَر، وطلحة، وعبد الرحمن أخوه، رَضِيَ اللَّهُ عنهم.
(1475) عبد الله بْن ثَابِت الأَنْصَارِيّ،
هُوَ أَبُو أسيد، وقيل أَبُو أسيد، والصواب بالفتح، رَوَى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلوا الزيت وادهنوا بِهِ، وسنذكره فِي الكنى إن شاء الله تعالى.
رَوَى عَنْهُ الشَّعْبِيّ حديثه هَذَا، وَرَوَى عَنْهُ حديثا آخر عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قراءة كتب أهل الكتاب. ويقال: إن عَبْد اللَّهِ بْن ثَابِت الأَنْصَارِيّ هَذَا هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ أَبُو الطفيل. وقد قيل: إن أَبَا أسيد الأَنْصَارِيّ هَذَا اسمه ثَابِت، خادم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديثه مضطرب فِيهِ.
(1476) عبد الله بْن ثَابِت الأَنْصَارِيّ، أَبُو الربيع،
توفي على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي حياته. حديثه فِي الموطأ وغيره، وَهُوَ الَّذِي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: غلبنا عليك يا أَبَا الربيع. ومالك أحسن الناس سياقة لحديثه ذَلِكَ فِي الإسناد والمتن، إلا أن ابْن جريج وإن لم يقم إسناده فقد أتى فِيهِ بألفاظ حَسَّان غير خارجة عَنْ معنى حديث مَالِك وزاد فِيهِ. وكفنه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قميصه، وَقَالَ لجبير بْن عَتِيك إذ نهى النساء عَنِ البكاء عَلَيْهِ:
دعهن يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ فليبكين أَبَا الربيع مَا دام بينهن ... الحديث.(3/875)
(1477) عبد الله بْن ثعلبة بْن خزمة بْن أصرم بن عمرو بن عمارة [1] البلوي،
حليف لبني عوف بْن الخزرج، من الأنصار، شهد بدرا هُوَ وأخوه بحاث بْن ثعلبة وقيل بحّات، وقيل بجاب.
(1478) عبد الله بْن ثعلبة بْن صغير [2] .
ويقال ابْن أَبِي صغير العذري. من بني عذرة، قد نسبت أباه فِي بابه من هَذَا الكتاب، حليف لبني زهرة، يكنى أَبَا مُحَمَّد. ولد قبل الهجرة بأربع سنين.
وتوفي سنة تسع وثمانين، وَهُوَ ابْن ثلاث وتسعين. وقيل سنة سبع وثمانين، وَهُوَ ابْن ثلاث وثمانين. وقيل: إنه ولد بعد الهجرة وإن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابْن أربع سنين. وقيل سنة سبع، وإنه أتى بِهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فمسخ على وجهه ورأسه زمن الْفَتْح.
وَقَالَ سُفْيَان بْن إِبْرَاهِيم: هُوَ ابْن أخت لنا. وقال الواقدي: مات عبد الله ابن ثعلبة بن صعير الزُّهْرِيّ حليف لهم من بني عذرة سنة تسع وثمانين، وَهُوَ يومئذ ابْن ثلاث وثمانين. قال أبو عمر رحمه الله: روى عنه ابن شهاب، وعبد الحميد ابن جعفر.
(1479) عبد الله بْن ثوب [3] ، أَبُو مُسْلِم الخولاني،
غلبت عَلَيْهِ كنيته. قَالَ شرحبيل بْن مُسْلِم: أتى أَبُو مُسْلِم الخولاني المدينة وقد قبض النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واستخلف أَبُو بَكْر، وَكَانَ فاضلا عابدا ناسكا، لَهُ فضائل مشهورة، وهو
__________
[1] في أسد الغابة: وعمارة بتشديد الميم.
[2] صعير- بمهملتين مصغرا- التقريب
[3] بضم المثلثة وفتح الواو بعدها موحدة- التقريب، وفي هوامش الاستيعاب، في الأصل ثوب بتشديد الواو فتحرر (63) .(3/876)
من كبار التابعين. وسنذكره فِي الكنى بأتم من هَذَا، وإن كَانَ ليس بصاحب، لأنه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم إلا أَنَّهُ شرطنا فيمن كَانَ مسلما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1480) عبد الله بْن جَابِر البياضي،
رَوَى عَنْهُ عقبة بْن أَبِي عَائِشَة فِي وضع اليمنى على اليسرى فِي الصلاة.
(1481) عبد الله بْن جَابِر العبدي،
من عبد القيس، مذكور فِي الصحابة.
(1482) عبد الله بْن جُبَيْر الخزاعي،
يعد فِي الكوفيين. روى عنه سماك ابن حرب. وقد قيل: إن حديثه مرسل، وعبد الله بْن جُبَيْر هَذَا هُوَ الَّذِي يروي عن أبى الفيل.
(1483) عبد الله بْن جُبَيْر بْن النعمان بْن أُمَيَّة بْن امرئ القيس.
وامرؤ القيس اسمه البرك بن ثعلبة بن عمرو بن عوف الأَنْصَارِيّ، شهد العقبة، ثُمَّ شهد بدرا، وقتل يَوْم أحد شهيدا، وَكَانَ يومئذ أميرا على الرماة، ولا أعلم لَهُ رواية عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ أخو خوات بْن جُبَيْر بْن النعمان لأبيه وأمه.
(1484) عبد الله بن جحش، ابن رئاب بْن يعمر بْن صبرة بْن مُرَّةَ بن كثير ابن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي،
أمه أميمة بِنْت عبد المطلب، وَهُوَ حليف لبني عبد شمس. وقيل: حليف لحرب بْن أُمَيَّة. أسلم- فيما ذكر الْوَاقِدِيّ- قبل دخول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دار الأرقم، وَكَانَ هُوَ وأخوه أَبُو أَحْمَد عبد بْن جَحْش من المهاجرين الأولين ممن هاجر الهجرتين، وأخوهما عُبَيْد الله بْن جَحْش تنصر بأرض الحبشة، ومات بها نصرانيا، وبانت(3/877)
منه امرأته أم حبيبة بِنْت أَبِي سُفْيَان، فتزوجها النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأختهم زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأم حبيبة وحمنة، وسيأتي ذكر كل واحد منهم فِي موضعه من هَذَا الكتاب إن شاء الله تعالى.
وَكَانَ عَبْد اللَّهِ ممن هاجر إِلَى أرض الحبشة مع أخويه: أبى أحمد، وعبيد الله ابن جَحْش، ثُمَّ هاجر إِلَى المدينة، وشهد بدرا، واستشهد يَوْم أحد، يعرف بالمجدع فِي الله، لأنه مثل بِهِ يَوْم أحد وقطع أنفه. روى مجاهد، عن زياد ابن عِلاقَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَهُمْ وَقَالَ: لأَبْعَثَنَّ عَلَيْكُمْ رَجُلا لَيْسَ بِخَيْرِكُمْ، وَلَكِنَّهُ أَصْبَرُكُمْ لِلْجُوعِ وَالْعَطَشِ، فَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ.
وروى عَاصِم الأحول، عَنِ الشَّعْبِيّ أَنَّهُ قَالَ: أول لواء عقده رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلعبد الله بْن جَحْش حليف لبني أُمَيَّة.
وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: بل لواء عُبَيْدَة بْن الْحَارِث. وَقَالَ المدائني: بل لواء حَمْزَة.
وعبد الله بْن جَحْش هَذَا هُوَ أول من سن الخمس من الغنيمة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قبل أن يفرض الله الخمس، فأنزل الله تعالى بعد ذَلِكَ آية الخمس، وإنما كَانَ قبل ذَلِكَ المرباع. قَالَ الْوَاقِدِيّ، عَنْ أشياخه: كَانَ فِي الجاهلية المرباع، فلما رجع عَبْد اللَّهِ بْن جَحْش من سريته خمس مَا غنم، وقسم سائر الغنيمة، فكان أول من خمس فِي الإسلام، ثُمَّ أنزل الله تعالى [1] : وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ... 8: 41 الآية.
وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ عن ابن قسيط [2] ، عن إسحاق
__________
[1] سورة الأنفال، آية 41.
[2] بقاف ومهملتين مصغرا، واسمه يزيد بن عبد الله (التقريب)(3/878)
ابن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ قَالَ لَهُ يَوْمَ أُحُدٍ:
أَلا تَأْتِي فَنَدْعُوا اللَّهَ، فَجَلَسُوا فِي ناحية، فدعا سعد، وقال: يارب، إِذَا لَقِيتُ الْعَدُوَّ غَدًا فَلَقِّنِي رَجُلا شَدِيدًا بَأْسُهُ، شَدِيدًا حَرْدُهُ، أُقَاتِلُهُ فِيكَ، وَيُقَاتِلُنِي، ثُمَّ ارْزُقْنِي عَلَيْهِ الظَّفْرَ حَتَّى أَقْتُلَهُ، وَآخُذَ سَلَبَهُ، فَأَمَّنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ، ثُمَّ قَالَ:
اللَّهمّ ارْزُقْنِي غَدًا رَجُلا شَدِيدًا بَأْسُهُ، شَدِيدًا حَرْدُهُ، أُقَاتِلُهُ فِيكَ وَيُقَاتِلُنِي فَيَقْتُلَنِي، ثُمَّ يَأْخُذُنِي فَيَجْدَعُ أَنْفِي وَأُذُنِي، فَإِذَا لَقِيتُكَ قُلْتَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، فِيمَ جُدِعَ أَنْفُكَ وَأُذُنُكَ؟ فَأَقُولُ: فِيكَ وَفِي رَسُولِكَ، فَتَقُولُ: صَدَقْتَ.
قَالَ سَعْدٌ: كَانَتْ دَعْوَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ خَيْرًا مِنْ دَعْوَتِي، لَقَدْ رَأَيْتُهُ آخِرَ النَّهَارِ وَإِنَّ أُذُنَهُ وَأَنْفَهُ مُعَلَّقَانِ جَمِيعًا فِي خَيْطٍ.
وذكر الزُّبَيْر فِي الموفقيات أن عَبْد اللَّهِ بْن جَحْش انقطع سيفه يَوْم أحد، فأعطاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عرجون نخلة، فصار فِي يده سيفا، يقال إن قائمته منه، وَكَانَ يسمى العرجون، ولم يزل يتناول حَتَّى بيع من بغا التركي بمائتي دينار، ويقولون: إنه قتله يَوْم أحد أَبُو الحكم بْن الأخنس بْن شريق الثقفي، وَهُوَ يَوْم قتل ابْن نيف وأربعين سنة.
قَالَ الْوَاقِدِيّ: دفن هُوَ وحمزة فِي قبر واحد، وولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تركته، فاشترى لابنه مالا بخير.
وذكر الزُّبَيْر، قَالَ: حَدَّثَنَا علي بْن صَالِح، عَنِ الْحَسَن بْن زَيْد أَنَّهُ قَالَ: قاتل الله ابْن هِشَام مَا أجرأه على الله! دخلت عَلَيْهِ يوما مع أَبِي فِي هَذِهِ الدار- يعنى دار مَرَوَان- وقد أمره هِشَام أن يفرض للناس، فدخل عَلَيْهِ ابْن لعبد الله(3/879)
ابن جَحْش المجدع أنفه فِي الله، فانتسب لَهُ، وسأله الفريضة فلم يجبه بشيء، ولو كَانَ أحد يرفع إِلَى السماء كَانَ ينبغي لَهُ أن يرفع بمكان أَبِيهِ، ثُمَّ دخل عَلَيْهِ ابْن أَبِي بجراة وهم أهل بيت من كندة وقفوا بمكة، فَقَالَ ابْن أَبِي بجراة: صاحبت عمّك عمارة ابن الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة فِي سفره. فَقَالَ لَهُ: لينفعنك ذَلِكَ اليوم، ففرض لَهُ ولأهل بيته.
وذكر السَّاجِيُّ فِي «كِتَابِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ» لَهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الأعمش، عن عمرو ابن مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: اسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَسَارَى بَدْرٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ. روى عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن جَحْش سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص. وَرَوَى عَنْهُ سَعِيد بْن المسيب، ولم يسمع منه.
(1485) عبد الله بْن الجد بْن قَيْس بْن صَخْر بْن خنساء،
من بني سَلَمَة، شهد بدرا وأحدا.
(1486) عبد الله بْن أَبِي الجدعاء التميمي،
ويقال الكناني، ويقال العبدي. رَوَى عَنْهُ عَبْد اللَّهِ بْن شقيق حديثا مرفوعا فِي الساعة.
(1487) عبد الله بْن جراد العقيلي.
روى عنه يعلى بن الأشدق، وَهُوَ عمه، ولا يعرف بغير رواية يعلي بْن الأشدق عَنْهُ، ويعلي بْن الأشدق ليس عندهم بالقويّ.
(1488) عبد الله بن جعفر بن أبي طالب القرشي الهاشمي،
يكنى أَبَا جَعْفَر. ولدته أمه أَسْمَاء بِنْت عميس بأرض الحبشة، وَهُوَ أول مولود ولد في الإسلام بأرض(3/880)
الحبشة، وقدم مع أَبِيهِ المدينة، وحفظ عَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى عَنْهُ.
وتوفي بالمدينة سنة ثمانين، وَهُوَ ابْن تسعين سنة. وقيل: إنه توفي سنة أربع أو خمس وثمانين، وَهُوَ ابْن ثمانين سنة، والأول عندي أولى. وعليه أكثرهم أَنَّهُ توفى سنة ثمانين، وصلى عَلَيْهِ أبان بْن عُثْمَان، وَهُوَ يومئذ أمير المدينة، وذلك العام يعرف بعام الجحاف لسيل كَانَ بمكة أجحف بالحاج، وذهب بالإبل، وعليها الحمولة.
وَكَانَ عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَر كريما، جوادا ظريفا، خليقا عفيفا سخيا يسمى بحر الجود، ويقال: إنه لم يكن فِي الإسلام أسخى منه، وَكَانَ لا يرى بسماع الغناء بأسا.
رَوَى أن عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَر كَانَ إذا قدم على مُعَاوِيَة أنزله داره، وأظهر لَهُ من بره وإكرامه مَا يستحقه، فكان ذَلِكَ يغيظ فاختة بنت قرظة بن عبد عمرو ابن نوفل بْن عبد مناف زوجة مُعَاوِيَة، فسمعت ليلة غناءً عِنْدَ عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَر، فجاءت إِلَى مُعَاوِيَة، وقالت: هلم فاسمع مَا فِي منزل هَذَا الرجل الَّذِي جعلته بين لحمك ودمك. قَالَ: فجاء مُعَاوِيَة فسمع وانصرف، فلما كَانَ فِي آخر الليل سمع مُعَاوِيَة قراءة عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَر، فجاء فأنبه فاختة، فَقَالَ: اسمعي مكان مَا أسمعتني، ويقولون: إن أجواد العرب فِي الإسلام عشرة. فأجواد أهل الحجاز عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَر، وعبيد الله بْن عَبَّاس بْن عبد المطلب، وسعيد بْن الْعَاص.
وأجود أهل الكوفة عتاب بْن ورقاء أحد بني رباح بْن يربوع، وأسماء بن خارجة(3/881)
ابن حصن الفزاري، وعكرمة بْن ربعي الفياض أحد بني تيم الله بْن ثعلبة، وأجواد أهل البصرة عَمْرو بْن عُبَيْد الله بْن مَعْمَر، وطلحة بْن عَبْد اللَّهِ بْن خَلَف الخزاعي ثُمَّ أحد بني مليح وَهُوَ طَلْحَة الطلحات، وعبيد الله بْن أَبِي بكرة، وأجواد أهل الشام خَالِد بْن عُبَيْد الله بْن خَالِد بْن أَسَد بْن أَبِي الْعَاص بْن أُمَيَّة بن عبد شمس.
وليس فِي هؤلاء كلهم أجود من عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَر، ولم يكن مُسْلِم يبلغ مبلغه فِي الجود، وعوتب فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إن الله عودني عادة، وعودت الناس عادة، فأنا أخاف إن قطعتها قطعت عني.
ومدحه نصيب فأعطاه إبلا وخيلا وثيابا ودنانير ودراهم، فقيل لَهُ: تعطى لهذا الأسود مثل هَذَا؟ فَقَالَ: إن كَانَ أسود فشعره أبيض. ولقد استحق بما قَالَ أكثر مما نال، وهل أعطيناه إلا مَا يبلى ويفنى، وأعطانا مدحا يروى، وثناء يبقى.
وقد قيل: إن هَذَا الخبر إنما جرى لعبد الله بْن جَعْفَر مع عَبْد اللَّهِ بْن قَيْس الرقيات. وأخباره فِي الجود كثيرة جدا. رَوَى عَنْهُ ابناه إِسْمَاعِيل، ومعاوية، وَأَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن علي، وَالْقَاسِم بْن مُحَمَّد، وعروة بْن الزُّبَيْر، وسعد بْن إِبْرَاهِيم الأكبر، والشعبي، ومورق العجلي، وعبد الله بْن شداد، والحسن بْن سَعْد، وعباس بْن سَهْل بْن سَعْد، وغيرهم.
(1489) عبد الله بْن أَبِي الجهم بْن حذيفة بْن غانم القرشي العدوي،
أسلم يَوْم فتح مكة، وخرج إِلَى الشام غازيا، وقتل بأجنادين شهيدا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
(1890) عبد الله بْن جهيم الأَنْصَارِيّ، أَبُو جهيم،
رَوَى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم(3/882)
أَنَّهُ قَالَ: لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عَلَيْهِ لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه. كناه مَالِك فِي حديثه وسماه وَكِيع وَابْن عُيَيْنَة فِي ذَلِكَ الحديث، رَوَى عَنْهُ بسر بْن سَعِيد. يقال: إنه ابْن أخت أَبِي بْن كَعْب.
وقد قيل: إنه ابْن أخي الحارث بن الصمة أو ابن عمه. والله أعلم.
(1491) عبد الله بْن الْحَارِث بن جزء بن عبد الله بن معديكرب بن عمرو ابن عسم [1] بْن عَمْرو بْن عويج بْن عَمْرو بْن زبيد الزبيدي،
حليف أَبِي وداعة السهمي. سكن مصر، وتوفي بها بعد أن عُمَر طويلا، وكانت وفاته بعد الثمانين.
وقيل: سنة ثمان أو سبع وثمانين. وقيل سنة خمس وثمانين. هو ابن أخى محمية ابن جزء الزبيدي. رَوَى عَنْهُ جماعة من المصريين منهم يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب.
(1492) عبد الله بْن الْحَارِث بْن أَبِي رَبِيعَة القرشي الْمَخْزُومِيّ،
ذكروه فِي الصحابة، ولا يصح عندي ذكره فيهم، وحديثه عندي مرسل. والله أعلم. حديثه عِنْدَ ابْن جريج، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن أُمَيَّة، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن الْحَارِث بْن أَبِي رَبِيعَة، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قطع يد السارق. وأظنه هُوَ عَبْد اللَّهِ بْن الْحَارِث، ابْن عَبْد اللَّهِ بْن عَيَّاش بْن أَبِي رَبِيعَة الْمَخْزُومِيّ، أخو عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الْحَارِث، فانظر فِيهِ فإن كَانَ هُوَ فحديثه مرسل لا شك فِيهِ.
(1493) عبد الله بْن الْحَارِث، أَبُو رفاعة العدوي.
وهو من بنى عدىّ ابن عبد مناة بن أدبن طابخة، أخي مزينة، هُوَ مشهور بكنيته، واختلف فِي اسمه، فقيل: عَبْد اللَّهِ بْن الْحَارِث. وقيل: تميم بْن أسيد، وقد ذكرناه فِي الكنى. روى عنه حميد بن هلال.
__________
[1] في أسد الغابة: ابن عسم. وقيل عصم.(3/883)
(1494) عبد الله بْن الْحَارِث بْن زَيْد بْن صفوان بن صباح، الصّباحي الضيّى.
وصباح هُوَ ابْن طريف بْن زَيْد بْن عَمْرو بْن عَامِر بْن رَبِيعَة بْن كَعْب بن ربيعة ابن ثعلبة بْن سَعْد بْن ضبة بْن أد. وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فسماه عبد الله. ونسبه ابْن الكلبي، وَمُحَمَّد بْن حَبِيب. وَقَالَ مُحَمَّد بْن حَبِيب: وصباح أيضا فِي عنزة، وفي عبد القيس، وفي قضاعة. قَالَ أَبُو عمر: قد ذكرنا ذَلِكَ فِي كتاب «القبائل [1] » والحمد للَّه.
(1495) عبد الله بْن الْحَارِث بْن أَبِي ضرار الخزاعي.
هُوَ أخو جويرية بِنْت الْحَارِث زوج النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قدم على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فداء أسارى بني المصطلق، وغيب فِي بعض الطريق ذودا كن معه، وجارية، سوداء، فكلم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فداء الأسارى، فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نعم، فما جئت بِهِ؟ قَالَ: مَا جئت بشيء. قَالَ: فأين الذود والجارية السوداء التي غيبت بموضع كذا؟ قَالَ: أشهد أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وأنك رَسُول الله، والله مَا كَانَ معي أحد، ولا سبقني إليك أحد، فأسلم، فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لك الهجرة حَتَّى تبلغ برك الغماد.
(1496) عبد الله بْن الْحَارِث بْن عبد المطلب بْن هاشم.
كَانَ يسمى عبد شمس، فسماه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد اللَّهِ، مات بالصفراء [2] في حياة رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فدفنه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قميصه، وَقَالَ لَهُ: سَعِيد أدركته السعادة. ذكره مصعب وغيره.
(1497) عبد الله بْن الْحَارِث بْن عَمْرو بْن مؤمل القرشي العدوي.
ولد على عهد
__________
[1] وارجع إلى ذلك أيضا في اللباب- الصباحي.
[2] من ناحية المدينة.(3/884)
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحنكه، لا صحبة لَهُ، من ولده أَبُو بَكْر [1] محمد ابن عبد الله بن الحارث بن عمرو بن مؤمل، كَانَ يرى رأي الخوارج، وَكَانَ قد جاء مع عَبْد اللَّهِ بْن يَحْيَى الْكِنْدِيّ الَّذِي يقال لَهُ طالب الحق يَوْم قديد يقاتل قومه.
(1498) عبد الله بْن الْحَارِث بْن عويمر الأَنْصَارِيّ،
روى عنه محمد بن نافع ابن عجير.
(1499) عبد الله بْن الْحَارِث بْن قَيْس بْن عدي بن سعد بن سهم القرشي السهمي،
كذا نسبه ابْن الكلبي، وَقَالَ فِيهِ الْوَاقِدِيّ، وابن إسحاق: ابن عدي بن سعيد ابن سهم. كَانَ من مهاجرة الحبشة، وَكَانَ شاعرا، وَهُوَ الَّذِي يدعى المبرق لبيت قاله، وَهُوَ:
إذا أنا لم أبرق فلا يسعني ... من الأرض بر ذو فضاء ولا بحر
وفيها يَقُول:
وتلك قريش تجحد الله ربها ... كما جحدت عاد ومدين والحجر
وقتل عَبْد اللَّهِ بْن الْحَارِث بْن قَيْس يَوْم الطائف شهيدا هُوَ وأخوه السائب ابْن الْحَارِث بْن قَيْس، كذا قَالَ الزُّبَيْر وطائفة. وقد قيل: إنه قتل باليمامة شهيدا هُوَ وأخوه أَبُو قيس، والله أعلم.
(1500) عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الْحَارِث بْن عبد المطلب القرشي الهاشمي،
وأمه هند بِنْت أَبِي سُفْيَان بْن حرب بْن أُمَيَّة بْن عبد شمس. ولد على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فحنّكه،
__________
[1] في ى: من ولده أبو بكر بن محمد، والصواب من أسد الغابة.(3/885)
ودعا لَهُ، يكنى أَبَا مُحَمَّد، ويلقب ببة، وإنما لقب بِهِ لأن أمه كانت ترقصه وهو طفل وتقول:
لأنكحن ببه ... جارية خدبه
مكرمة محبه
وهو الَّذِي اصطلح عَلَيْهِ أهل البصرة عِنْدَ موت يَزِيد، فبايعوه، حَتَّى يتفق الناس على إمام. سكن البصرة، ومات بعمان سنة أربع وثمانين. قَالَ علي بْن المديني:
رَوَى عَبْد اللَّهِ بْن الْحَارِث بْن نوفل بْن الْحَارِث بْن عبد المطلب عَنْ عُمَر، وعثمان، وعلي، والعباس، وصفوان بْن أُمَيَّة، وَابْن عَبَّاس، وأم هانئ، وكعب، وسمع منهم كلهم. وروى عَنِ ابْن مَسْعُود ولم يسمع منه، وَكَانَ ثقة. قَالَ أَبُو عُمَر رحمه الله: أجمعوا على أَنَّهُ ثقة فيما رَوَى، لم يختلفوا فِيهِ. رَوَى عَنْهُ عَبْد الْمَلِكِ بْن عُمَيْر، وَيَزِيد بْن أَبِي زِيَاد، وبنوه: عَبْد اللَّهِ، وعبيد الله، وإسحاق.
(1501) عبد الله بْن الْحَارِث بْن هِشَام الْمَخْزُومِيّ،
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم يقال [1] : إنه حديثه مرسل، ولا صحبة لَهُ، والله أعلم إلا أَنَّهُ ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1502) عبد الله بْن حارثة بْن النعمان الأَنْصَارِيّ،
لَهُ صحة ورواية. وأبوه حارثة ابن النعمان من كبار الصحابة، وقد ذكرناه.
(1503) عبد الله بْن حَازِم.
ذكره أَبُو عَبْد اللَّهِ الحاكم فِي الصحابة الذين نزلوا بخراسان، وَقَالَ: إنه مدفون بخراسان بنيسابور برستاق جوين [2] .
__________
[1] في أسد الغابة: يقال إن.
[2] جوين: اسم كورة على طريق القوافل من بسطام إلى نيسابور، تشتمل على مائة وثمانين قرية (ياقوت) .(3/886)
(1504) عبد الله بْن حبشي [1] الخثعمي،
سكن مكة. رَوَى فِي فضائل الأعمال وفي قطع السدر. رَوَى عَنْهُ عُبَيْد بْن عُمَيْر، وسعيد [2] بْن مُحَمَّد بْن جُبَيْر بْن مطعم.
(1505) عبد الله بْن أَبِي حبيبة [3] الأدرع الأَنْصَارِيّ،
من بني عبد الأشهل، لَهُ صحبة.
ويقال عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي حبيبة من بني عَمْرو بْن عوف بْن مَالِك بْن الأوس. رَوَى عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى فِي نعليه.
(1506) عبد الله بْن أَبِي حدرد الأسلمي،
يكنى أَبَا مُحَمَّد، توفي سنة إحدى وسبعين. واختلف فِي اسم أَبِي حدرد. وقد ذكرنا ذَلِكَ فِي موضعه من هَذَا الكتاب.
(1507) عبد الله [4] بْن أَبِي حدرد الأسلمي.
يكنى أَبَا مُحَمَّد، واسم أَبِي حدرد سلامة بْن [عُمَيْر بْن [5]] أَبِي سلامة بْن هوازن بْن أسلم. وقيل عبيد [6] ابن عُمَيْر بْن أَبِي سلامة بْن سَعْد، من ولد عبس بْن هوازن بْن أسلم بْن أفصى ابن حارثة بْن عُمَيْر بْن عَامِر. أول مشاهد عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي حدرد الأسلمي هَذَا الحديبية ثُمَّ خيبر وما بعدها.
مات فِي زمن مصعب بْن الزُّبَيْر، هَذَا قول خليفة. وقال الواقدي: مات عبد الله بن أَبِي حدرد الأسلمي سنة إحدى وسبعين، وَهُوَ يومئذ ابْن إحدى وثمانين، وكذلك قَالَ يَحْيَى بْن عَبْد اللَّهِ بْن بكير، وإبراهيم بْن المنذر. وَقَالَ ضمرة بْن رَبِيعَة: قتل مصعب سنة إحدى وسبعين، وفيها مات عَبْد اللَّهِ
__________
[1] بضم المهملة وسكون الموحدة، بعدها معجمة، ثم ياء ثقيلة (التقريب) .
[2] في أسد الغابة: ومحمد بن جبير.
[3] في أسد الغابة: واسم أبى حبيبة لأدرع.
[4] هذه الترجمة تكرير لسابقتها، وفيها توسع.
[5] من أسد الغابة.
[6] في أسد الغابة، عبد.(3/887)
ابن أَبِي حدرد. يعد فِي أهل المدينة. قد رَوَى عَنْهُ ابنه القعقاع وغيره، وقد أنكر بعضهم صحبته وروايته. وَقَالَ: إن أحاديثه مرسلة، ومن قَالَ هَذَا فقد جهل مكانه.
وقد أمره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على سراياه واحدة بعد أخرى.
ذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الأَحْمَرِ، عَنْ محمد بن إسحاق، عن زيد ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي، عن أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ، فَلَقِيَنَا عَامِرُ بْنُ الأَضْبَطِ، فَحَيَّانَا بِتَحِيَّةِ الإِسْلامِ، فَنَزَعْنَا، وَحَمَلَ عَلَيْهِ مُحَلَّمُ بْنُ جَثَّامَةَ فَقَتَلَهُ، وذكر تمام الخبر، وكذلك رواه يَحْيَى بْن سَعِيد الأموي، وَمُحَمَّد بْن سَلَمَة، عَنِ ابْن إِسْحَاق بإسناده مثله.
ورواه عَبْد اللَّهِ بْن إدريس، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن جَعْفَر ابن الزُّبَيْر، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي حدرد الأسلمي، قَالَ: كنت فِي سرية بعثها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى إضم: واد من أودية أشجع. وَهَذِهِ الروايات كلها تدل على صحبة عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي حدرد. وقد قيل: إن القعقاع بْن عَبْد اللَّهِ ابْن أَبِي حدرد لَهُ صحبة. وأما إنكار من أنكر أن يكون لعبد الله بْن أَبِي حدرد صحبة لروايته عَنْ أَبِيهِ فليس بشيء. وقد رَوَى ابْن عُمَر وغيره، عَنْ أَبِيهِ، وعن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكذلك ليس قول من قَالَ: إنه لم يذكر فيمن رَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيّ من الصحابة، لأنه لم يصح عَنِ الزُّهْرِيّ سماع منه، وسنذكره فِي باب من اسم أَبِيهِ من العبادلة على السين إن شاء الله تعالى.
(1508) عبد الله بْن حُذَافَة بْن قَيْس بْن عدي بن سعد [1] بن سهم القرشي السهمي،
يكنى أَبَا حُذَافَة، كناه الزُّهْرِيّ، أسلم قديما، وكان من المهاجرين الأولين،
__________
[1] في ى: سعيد.(3/888)
هاجر إِلَى أرض الحبشة الهجرة الثانية مع أخيه قيس بن حذافة في قول بن إِسْحَاق والواقدي، ولم يذكره مُوسَى، وَأَبُو معشر. وَهُوَ أخو أَبِي الأخنس بْن حُذَافَة، وخنيس بْن حُذَافَة الَّذِي كَانَ زوج حفصة قبل النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يقال:
إنه شهد بدرا، ولم يذكره ابن إسحاق في البدريين. رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بن حذافة ابن قَيْسٍ السَّهْمِيُّ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ، وَكَانَتْ فِيهِ دُعَابَةٌ.
قال أَبُو عُمَر: كَانَ عَبْد اللَّهِ بن حذافة رسول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كسرى بكتاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يدعوه إِلَى الإسلام، فمزق كسرى الكتاب، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهمّ مزق ملكه. وَقَالَ: إذا مات كسرى فلا كسرى بعده. قَالَ الْوَاقِدِيّ: فسلط الله على كسرى ابنه شيرويه فقتله ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادى سنة سبع.
وعبد الله بْن حُذَافَة هَذَا هُوَ القائل لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قَالَ: سلوني عما شئتم: من أَبِي؟ فَقَالَ: أبوك حُذَافَة بْن قَيْس. فقالت لَهُ أمه: مَا سمعت بابن أعق منك، أمنت أن تكون أمك قارفت مَا تقارف نساء أهل الجاهلية فتفضحها على أعين الناس! فَقَالَ: والله لو ألحقني بعبد أسود للحقت بِهِ. وكانت فِي عَبْد اللَّهِ بْن حُذَافَة دعابة معروفة.
ذَكَرَ الزُّبَيْرُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ سعد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ حَلَّ حِزَامَ راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ حَتَّى كَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقَعُ. قَالَ ابْنُ وهب:(3/889)
فَقُلْتُ لِلَيْثٍ: لِيُضْحِكَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَانَتْ فِيهِ دُعَابَةٌ، قَالَ اللَّيْث: وَكَانَ قد أسره الروم في زمن عمر بن الخطاب رضى الله عَنْهُ، فأرادوه على الكفر، فعصمه الله حَتَّى أنجاه منهم.
ومات فِي خلافة عُثْمَان. قَالَ الزُّبَيْر: هكذا قَالَ ابْن وَهْب، عَنِ اللَّيْث:
حل حزام راحلة رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يكن لابن وَهْب علم بلسان العرب، وإنما تقول العرب لحزام الراحلة غرضة إذا ركب بها على رحل، فإن ركب بها على جمل فهي بطان، وإن ركب بها على فرس فهي حزام، وإن ركب بها على رحل أنثى فهو وضين.
قال أَبُو عُمَر: شاهد ذَلِكَ مَا روي أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه سار فِي بعض حجاته، فلما أتى وادي محسر ضرب فِيهِ راحلته حَتَّى قطعته وَهُوَ يرتجز [1] :
إليك تعدو قلقا وضينها ... مخالفا دين النصارى دينها
معترضا فِي بطنها جنينها ... قد ذهب الشحم الَّذِي يزينها
ومن دعابة عَبْد اللَّهِ بْن حُذَافَة أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه أمره على سرية، فأمرهم أن يجمعوا حطبا ويوقدوا نارا، فلما أوقدوها أمرهم بالقحم فيها، فأبوا، فَقَالَ لهم: ألم يأمركم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بطاعتي؟ وَقَالَ: من أطاع أميري فقد أطاعني؟ فقالوا: مَا آمنا باللَّه واتبعنا رسوله إلا لننجو من النار.
فصوب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعلهم وَقَالَ: لا طاعة لمخلوق فِي معصية الخالق. قَالَ الله تعالى [2] : وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ. 4: 29 وهو حديث صحيح الإسناد مشهور.
__________
[1] اللسان- وضن.
[2] سورة النساء، آية 28.(3/890)
قال خليفة بْن خياط: وفي سنة تسع عشرة أسرت الروم عَبْد اللَّهِ بْن حُذَافَة السهمي. وَقَالَ ابْن لهيعة: توفى عَبْد اللَّهِ بن حذافة السهمي بمصر، ودفن في مقبرتها.
رَوَى عَنْهُ من المدنيين مَسْعُود بْن الحكم، وَأَبُو سَلَمَة، وسليمان بْن سنان.
وَرَوَى عَنْهُ من الكوفيين أَبُو وائل. وَمِنْ حَدِيثِهِ مَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ صَلَّى، فَجَهَرَ بِصَلاتِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: ناج ربّك بقراءتك يا بن حُذَافَةَ، وَلا تُسْمِعْنِي، وَأَسْمِعْ رَبَّكَ.
(1509) عبد الله ابن أم حرام، أَبُو أَبِي الأَنْصَارِيّ.
وأمه أم حرام، هي زوج عبادة بْن الصامت، يعرف بربيب عبادة، وَكَانَ خيرا فاضلا، قد صَلَّى القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وَهُوَ عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن زيد بن قيس ابن زيد بن سواد بن مالك بن غنم بْن مَالِك بْن غنم بْن النجار. وبعضهم يَقُول فِيهِ: عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي ابْن أم حرام، وَهُوَ خطأ من قائله، وإنما هُوَ أَبُو أَبِي. من حديثه عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: أكرموا الخبز.
(1510) عبد الله بْن حريث البكري،
قَالَ: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أي الأعمال أفضل؟ قَالَ: إسباغ الوضوء، والصلاة لوقتها. روت عَنْهُ ابنته بهية.
(1511) عبد الله بْن حكل الأزدي، شامي.
روى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عقر دار الإسلام الشام. رَوَى عَنْهُ خَالِد بْن معدان.
(1512) عبد الله بْن حكيم بْن حزام القرشي الأسدي.
صحب النبيّ صلى الله(3/891)
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ وأبوه حكيم بْن حزام، وإخوته: هشام، وخالد، ويحيى، بنو حكيم ابن حزام، وَكَانَ إسلامهم يَوْم الْفَتْح. وقتل عَبْد اللَّهِ بْن حكيم هَذَا يَوْم الجمل مع عَائِشَة، وَهُوَ كَانَ صاحب لواء طَلْحَة والزبير بْن العوام يومئذ رَضِيَ اللَّهُ عنهم.
(1513) عبد الله بْن حكيم الكناني.
من أهل اليمن، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فِي حجة الوداع: اللَّهمّ اجعلها حجة لا رياء فيها ولا سمعة.
(1514) عبد الله بْن أَبِي الحمساء العامري،
من بني عَامِر بْن صعصعة. يعد فِي أهل البصرة. ويقال سكن مكة. حديثه عِنْدَ عَبْد اللَّهِ بْن شقيق، عَنْ أَبِيهِ، عَنْهُ. من حديثه أَنَّهُ قَالَ: بعت بيعا من النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل أن يبعث.
(1515) عبد الله بْن الحمير الأشجعي،
من بني دهمان، حليف لبني خنساء بن سنان من الأنصار. شهد بدرا مع أخيه خارجة، وشهد أحدا رضى الله عنه.
(1516) عبد الله بْن حنطب الْمَخْزُومِيّ.
لَهُ صحبة، رَوَى عَنْهُ المطلب مرفوعا فِي فضائل قريش وفضل أَبِي بَكْر وَعُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وحديثه مضطرب الإسناد لا يثبت.
(1517) عبد الله بْن حَنْظَلَة بْن أَبِي عَامِر الراهب.
يقال لَهُ ابْن الغسيل، لأن أباه حَنْظَلَة غسيل الملائكة، قد مضى ذكره فِي باب الحاء. ويقال له عبد الله ابن الراهب، ينتسب إِلَى جده، وَهُوَ عَبْد اللَّهِ بْن حَنْظَلَة بْن الراهب، والراهب هُوَ أَبُو عَامِر، واسمه عبد عَمْرو بْن صيفي، قد نسبناه فِي باب ابنه حَنْظَلَة الغسيل، غسيل الملائكة. وذكرنا طرفا من خبره وخبر أَبِي عَامِر أَبِيهِ هناك، وأما عَبْد اللَّهِ ابْن حَنْظَلَة فولد على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.(3/892)
قال إِبْرَاهِيم بْن المنذر: عَبْد اللَّهِ بْن حَنْظَلَة بْن أَبِي عَامِر يكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ توفي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وهو ابن سبع، وقد رآه وَرَوَى عَنْهُ.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: كَانَ خيرا فاضلا مقدما فِي الأنصار. ومن حديثه مَا رواه إِبْرَاهِيم بْن سَعْد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، عَنْ مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن حبان، قَالَ: قلت لعبيد الله بْن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر: أرأيت وضوء عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر لكل صلاة عمن أخذه؟ قَالَ: حدثته أَسْمَاء بِنْت زَيْد بْن الخطاب أن عَبْد اللَّهِ بْن حَنْظَلَة حدثها أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بالوضوء عِنْدَ كل صلاة، فلما شق عَلَيْهِ أمر بالسواك، وَكَانَ عَبْد اللَّهِ بْن حَنْظَلَة يتوضأ لكل صلاة.
قَالَ أَبُو عُمَر رحمه الله: رَوَى عَنْهُ ابْن أَبِي مليكة، وضمضم بْن جوس، وأسماء بِنْت زَيْد بْن الخطاب. وَرَوَى عَنْهُ من الصحابة قَيْس بْن سَعْد بْن عبادة أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الرجل أحق بالصلاة فِي منزله.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد ابن زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، حدثنا عبد الله بن عمر، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: دِرْهَمُ رِبًا أَشَدُّ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ زَنْيَةً. قال أَبُو عُمَر رحمه الله: أحاديثه عندي مرسلة.
وقتل عَبْد اللَّهِ بْن حَنْظَلَة يَوْم الحرة سنة ثلاث وستين، وكانت الأنصار قد بايعته يومئذ، وبايعت قريش عَبْد اللَّهِ بْن مطيع، وَكَانَ عُثْمَان بْن محمد(3/893)
ابْن أَبِي سُفْيَان قد أوفده إِلَى يَزِيد بْن مُعَاوِيَة، فلما قدم على يَزِيد حباه وأعطاه، وَكَانَ عَبْد اللَّهِ فاضلا فِي نفسه، فرأى منه مَا لا يصلح. فلم ينتفع بما وَهْب لَهُ، فلما انصرف خلعه فِي جماعة أهل المدينة، فبعث إِلَيْهِ مُسْلِم بْن عقبة، فكانت الحرة.
(1518) عبد الله بْن حَوَالَةَ،
نسبه الْوَاقِدِيّ فِي بني عَامِر بْن لؤي. وَقَالَ الهيثم ابْن عدي: هُوَ من الأزد، وَهُوَ الأشهر فِي ابْن حَوَالَةَ أَنَّهُ أزدي، ويشبه أن يكون حليفا لبني عَامِر بْن لؤي، يكنى أَبَا حَوَالَةَ، نزل الشام. رَوَى عَنْهُ من أهلها أَبُو إدريس الخولاني، وجبير بْن نُفَيْر، ومرثد بْن وداعة، وغيرهم. وقدم مصر فروى عَنْهُ من أهلها رَبِيعَة بْن لقيط التجيبي.
وتوفي بالشام سنة ثمانين. رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عُمَرَ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوَالَةَ، قَالَ: تَذَاكَرْنَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَقْرَ وَالْغِنَى وَقِلَّةَ الشَّيْءِ، فَقَالَ: أَنَا لِكَثْرَةِ الشَّيْءِ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ مِنْ قِلَّتِهِ، وَرَوَى فِي فضل الشام أحاديث.
(1519) عبد الله بْن خباب بْن الأرت.
ولد فِي زمن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسماه عَبْد اللَّهِ، وكناه أبوه أَبَا عَبْد اللَّهِ، ذكره الخطيب.
(1520) عَبْد اللَّهِ بْن خبيب الجهني،
حليف للأنصار، مدني. رَوَى عَنْهُ ابنه مُعَاذ.
(1521) عبد الله بْن الخريت
أدرك الجاهلية، ذكره يُونُس بْن بكير عَنْ مُحَمَّد ابْن إِسْحَاق، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي نَجِيح، عَنْ عَبْد الله بن عبيد(3/894)
ابن عُمَيْر، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن حريت، وَكَانَ قد أدرك الجاهلية، قَالَ: لم يكن من فخذ إلا ولهم ناد معلوم فِي المسجد الحرام يجلسون فِيهِ. ذكر خبرا طويلا فِي المغازي.
(1522) عبد الله بْن خَلَف الخزاعي،
أَبُو طَلْحَة الطلحات، كَانَ كاتبا لعمر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ على ديوان البصرة، لا أعلم لَهُ صحبة، وفي ذَلِكَ نظر.
(1523) عبد الله بْن خنيس [1] .
ويقال عَبْد الرَّحْمَنِ. وَهُوَ أصح. وقد ذكرناه فِي باب عَبْد الرَّحْمَنِ.
(1524) عبد الله بْن الديان [2] ،
اسمه يَزِيد بْن قطن بْن زِيَاد بْن الْحَارِث بْن مَالِك بْن رَبِيعَة بْن كَعْب، كَانَ اسمه عبد الحجر بْن الديان، فلما وفد على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفد بني الْحَارِث بْن كَعْب قَالَ لَهُ: من أنت؟ قَالَ: أنا عبد الحجر. فَقَالَ: بل أنت عَبْد اللَّهِ، وكانت ابنته عَائِشَة تحت عُبَيْد الله بْن الْعَبَّاس، قتل أباها وولديها بسر بْن أرطاة، وذكر ذَلِكَ أَبُو جَعْفَر الطبري وغيره.
(1525) عَبْد الله بْن رَافِع بْن سويد بْن حرام بن الهيثم بن ظفر الأنصاري الظفري،
شهد أحدا.
(1526) عبد الله بْن ربيع بْن قَيْس بْن عَمْرو بْن عباد بْن الأبجر،
والأبجر هُوَ خدرة [3] بن عوف بن الحارث بن الخزرج الأَنْصَارِيّ الخزرجي، شهد بدرا بعد أن شهد العقبة.
(1527) عبد الله بْن رَبِيعَة بْن الأغفل العامري،
من بنى عامر بن صعصعة،
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: خنيش- بالنون والياء والشين المعجمة (64)
[2] في الإصابة عبد الله بن عبد المدان، واسمه عمرو بن الديان، وفي أسد الغابة:
ابن الديان، واسم الديان يزيد بن قطن.
[3] بضم الخاء وسكون الدال (التبصير) . (الاستيعاب ج 3- م 2)(3/895)
وقد على النبي صلى الله عليه وسلم مع عَامِر بْن الطفيل، وَرَوَى قصة عَامِر بتمامها، وقول النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهمّ أهلك عامرا. مخرج حديثه عَنْ أهل البصرة.
(1528) عبد الله بْن أَبِي رَبِيعَة بْن الْمُغِيرَة بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن مخزوم القرشي الْمَخْزُومِيّ.
أخو عَيَّاش بْن أَبِي رَبِيعَة، يكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ، وَكَانَ اسمه فِي الجاهلية بجيرا، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، وفيه يقول ابن الزبعري:
بجير ابْن ذي الرمحين قرب مجلسي ... وراح علينا فضله غير عاتم [1]
واختلف فِي اسم أَبِيهِ أَبِي رَبِيعَة، فقيل: اسمه عَمْرو بْن الْمُغِيرَة. وقيل:
بل اسمه حذيفة بْن الْمُغِيرَة. وقيل: بل اسمه كنيته، والأكثر على أن اسم أَبِي رَبِيعَة عَمْرو بْن الْمُغِيرَة بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن مخزوم.
كَانَ عَبْد اللَّهِ من أشراف قريش فِي الجاهلية، أسلم يَوْم الْفَتْح، وَكَانَ من أحسن قريش وجها، وَهُوَ الَّذِي بعثته قريش مع عَمْرو بْن الْعَاص إِلَى النجاشي فِي مطالبة أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين كانوا عنده بأرض الحبشة.
وَقَالَ بعض أهل العلم بالخبر والنسب: إنه الَّذِي استجار يَوْم الْفَتْح بأم هانئ بِنْت أَبِي طالب، وَكَانَ مع الْحَارِث بْن هِشَام، وأراد علي قتلهما، فمنعته [2] منهما أم هانئ، ثُمَّ أتت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته بذلك، فَقَالَ: قد أجرنا من أجرت. هو أخو عَيَّاش بْن أَبِي رَبِيعَة لأبيه وأمه، وأمهما أَسْمَاء بنت مخرمة من
__________
[1] في ى: غانم. والمثبت من أسد الغابة، وعتم عن الشيء: أبطأ.
[2] في ى: فمنعت منهما (ظهر الاستيعاب ج 3- م 2)(3/896)
بني مخزوم، قيل: من بني نهشل بْن دارم، وأخوهما لأمهما أَبُو جهل بْن هِشَام، وَهُوَ والد عَمْرو بْن عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي رَبِيعَة الشاعر، ووالد الْحَارِث بْن عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي رَبِيعَة عامل ابْن الزُّبَيْر على البصرة، الَّذِي سماه أهل البصرة القباع، وَكَانَ فاضلا خلاف أخيه. ذكر الزُّبَيْر أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولى عَبْد اللَّهِ ابْن أَبِي رَبِيعَة هَذَا الجند ومخاليفها، فلم يزل واليا عليها حَتَّى قتل عمر.
وَقَالَ هُوَ وغيره: إن عُمَر ولى على اليمن- صنعاء والجند- عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي رَبِيعَة، ثُمَّ ولى عُثْمَان فولاه ذَلِكَ أيضا، فلما حصر عُثْمَان جاء لينصره فسقط عَنْ راحلته بقرب مكة فمات.
يعد فِي أهل المدينة، ومخرج حديثه عنهم. من حديثه عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنما جزاء السلف الحمد والوفاء. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ أَنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّمَا جَزَاءُ الْقَرْضِ الْحَمْدُ وَالْوَفَاءُ. ويقولون: إنه لم يرو عَنْهُ غير ابنه إِبْرَاهِيم.
(1529) عبد الله بْن رَبِيعَة [1] السُّلَمِيّ.
كوفي، رَوَى عَنْهُ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي ليلى.
قَالَ الحكم: لَهُ صحبة، وغيره ينفي ذَلِكَ، ويقولون حديثه مرسل. وذكر إِسْمَاعِيل ابْن إِسْحَاق، عَنْ علي بْن المديني، قَالَ: عَبْد اللَّهِ بْن رَبِيعَة السُّلَمِيّ لَهُ صحبة.
قَالَ أَبُو عُمَر: لَهُ رواية عَنِ ابْن مَسْعُود. وعبيد بْن خَالِد، ومعاذ بن جبل رضى الله عنهم.
__________
[1] في أسد الغابة: ربيعة- بضم الراء، وفتح الباء الموحدة، وتشديد الياء تحتها نقطتان.(3/897)
(1530) عبد الله بْن رواحة بْن ثعلبة بْن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس الأكبر بْن مَالِك الأغر بْن ثعلبة بْن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأَنْصَارِيّ الخزرجي،
يكنى أَبَا مُحَمَّد، أحد النقباء، شهد العقبة، وبدرا، وأحدا، والخندق، والحديبية، وعمرة القضاء، والمشاهد كلها إلا الْفَتْح وما بعده، لأنه قتل يَوْم مؤتة شهيدا. وَهُوَ أحد الأمراء فِي غزوة مؤتة، وأحد الشعراء المحسنين الذين كانوا يردون الأذى عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفيه وفي صاحبيه: حَسَّان، وكعب بْن مَالِك نزلت [1] : إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا الله كَثِيراً ... 26: 227 الآية وكانت غزوة مؤتة التي استشهد فيها عَبْد اللَّهِ بْن رواحة فِي جمادى من سنة ثمان بأرض الشام.
رَوَى عَنْهُ من الصحابة ابْن عَبَّاس، وَأَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهم، ذكر ابْن وَهْب، عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد، قَالَ: كَانَ عَبْد اللَّهِ بْن رواحة أول خارج إِلَى الغزو وآخر قافل.
وَذَكَرَ ابْنُ إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: لَمَّا تُوُدِّعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فِي حِينِ خُرُوجِهِ إِلَى مُؤْتَةَ دَعَا لَهُ الْمُسْلِمُونَ وَلِمَنْ مَعَهُ أَنْ يَرُدَّهُمُ الله سالمين، فقال ابن رواحة [2] :
لكنني أَسْأَلُ الرَّحْمَنَ مَغْفِرَةً ... وَضَرْبَةً ذَاتَ فَرْغٍ تَقْذِفُ الزَّبَدَا
أَوْ طَعْنَةً بِيَدَيْ حَرَّانَ مُجْهِزَةً ... بِحَرْبَةٍ تَنْفُذُ الأَحْشَاءَ وَالْكَبِدَا
حَتَّى يَقُولُوا إِذَا مَرُّوا عَلَى جَدَثِي ... يَا أَرْشَدَ اللَّهِ مَنْ فَازَ [3] وقد رشدا
__________
[1] سورة الأحزاب، آية 21
[2] الطبري: 3- 107
[3] في أسد الغابة، والطبري: من غاز.(3/898)
وذكر عَبْد الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْن عُيَيْنَة، قَالَ: وَقَالَ ابْن رواحة يَوْم مؤتة يخاطب نفسه [1] :
أقسمت باللَّه لتنزلنه ... طائعة [2] أو لتكرهنه
فطالما [3] قد كنت مطمئنه ... جعفر مَا أطيب ريح الجنه
وروى هِشَام، عَنْ قَتَادَة، قَالَ: جعلوا يودعون عَبْد اللَّهِ بْن رواحة حين توجه إِلَى مؤتة، ويقولون: ردك الله سالما، فجعل يَقُول: لكنني أسأل الرحمن مغفرة. وذكر الأبيات الثلاثة، فلما كان عند القتال قال:
أقسمت باللَّه لتنزلنّه ... طائعة أو لتكرهنه
ما لي أراك تكرهين الجنه ... وقبل ذا مَا كنت مطمئنه
وفي رواية ابن هشام زيادة:
إن أجلب الناس وشدوا الرنه ... هل أنت إلا نطفة فِي شنه
قال: وَقَالَ أيضا [4] :
يَا نفس إن لم تقتلي تموتي ... هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنيت فقد أعطيت ... إن تفعلي فعلهما هديت
يعني صاحبيه زيدا وجعفرا، ثُمَّ قاتل حينا ثُمَّ نزل، فأتاه ابْن عم لَهُ بعرق [5] من لحم، قَالَ: شد بهذا ظهرك، فإنك قد لقيت في أيامك هذه
__________
[1] سيرة ابن هشام: 3- 434.
[2] في السيرة: لتنزلنّ أو لتكرهنه.
[3] في السيرة والطبري: قد طالما قد كنت.
[4] السيرة: 3- 435.
[5] العرق: العظم الّذي عليه بعض اللحم.(3/899)
ما لقيت. فأخذه من يده فانتهس منه نهسة، ثُمَّ سمع الحطمة فِي الناس، فَقَالَ:
وأنت فِي الدنيا! فألقاه من يده، ثُمَّ أخذ بسيفه، فتقدم فقاتل حَتَّى قتل رحمة الله تعالى عَلَيْهِ.
وَرَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: مَا سَمِعْتُ أَحَدًا أَجْرَأَ وَلا أَسْرَعَ شِعْرًا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُ يَوْمًا: قُلْ شِعْرًا تَقْتَضِيهِ السَّاعَةُ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْكَ، فانبعث مكانه يقول:
إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيكَ الْخَيْرَ أَعْرِفُهُ ... وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنْ مَا خَانَنِي الْبَصَرُ
أَنْتَ النَّبِيُّ وَمَنْ يحرم شفاعته ... يوم الحساب لقد أزرى به الْقَدَرُ
فَثَبَّتَ اللَّهُ مَا آتَاكَ مِنْ حَسَنٍ ... تَثْبِيتَ مُوسَى وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَأَنْتَ فَثَبَّتَكَ الله يا بن رَوَاحَةَ. قَالَ هِشَام بْن عُرْوَة: فثبته الله عز وجل أحسن الثبات، فقتل شهيدا، وفتحت لَهُ الجنة فدخلها. وفي رواية ابْن هِشَام:
إني تفرست فيك الخير نافلة ... فراسةً خالفت فيك الَّذِي نظروا
أنت النَّبِيّ ومن يحرم نوافله ... والوجه منك فقد أزرى بِهِ القدر
وقصته مع زوجته فِي حين وقع على أمته مشهورة، رويناها من وجوه صحاح، وذلك أَنَّهُ مشى ليلة إِلَى أمة لَهُ فنالها، وفطنت لَهُ امرأته فلامته، فجحدها.
وكانت قد رأت جماعة لَهَا، فقالت لَهُ: إن كنت صادقا فاقرأ القرآن فالجنب لا يقرأ القرآن، فقال:(3/900)
شهدت بأن وعد الله حق ... وأن النار مثوى الكافرينا
وأن العرش فوق الماء حق ... وفوق العرش رب العالمينا
وتحمله ملائكة غلاظ ... ملائكة الإله مسومينا
فقالت امرأته: صدق الله، وكذبت عيني، وكانت لا تحفظ القرآن ولا تقرءوه.
وروينا من وجوه من حديث أَبِي الدرداء، قَالَ: لقد رأيتنا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بعض أسفاره فِي اليوم الحار الشديد حَتَّى أن الرجل ليضع من شدة الحر يده على رأسه، وما فِي القوم صائم إلا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعبد الله بْن رواحة.
(1531) عبد الله بْن رئاب،
رَوَى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديثه عندي مرسل، رواه مَعْمَر، عَنْ كَثِير بْن سويد، عَنْهُ.
(1532) عبد الله بْن زائدة بْن الأصم،
هُوَ ابْن أم مكتوم [1] القرشي العامري الأعمى. هكذا قَالَ قَتَادَة: ابْن أم مكتوم عَبْد اللَّهِ بْن زائدة. وَقَالَ غيره:
عَبْد اللَّهِ بْن قَيْس بْن زائدة. وسنذكره فِي موضعه، وقد تقدم ذكره فِي صدر العبادلة [2] .
(1533) عبد الله بْن الزبعري بْن قَيْس بْن عدي بْن سَعْد بْن سهم القرشي السهمي الشاعر.
أمه عاتكة بِنْت عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن وَهْب بْن حُذَافَة بْن جمح، كَانَ من أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلى أصحابه بلسانه ونفسه، وَكَانَ من أشعر الناس وأبلغهم. يقولون: إنه أشعر قريش قاطبة.
__________
[1] في أسد الغابة: وهو المعروف بابن أم مكتوم.
[2] سيأتي بعد.(3/901)
قال مُحَمَّد بْن سلام: كَانَ بمكة شعراء، فأبدعهم شعرا عَبْد اللَّهِ بْن الزبعري.
قَالَ الزُّبَيْر: كذلك يَقُول رواة قريش، إنه كَانَ أشعرهم فِي الجاهلية، وأما مَا سقط إلينا من شعره، وشعر ضرار بْن الخطاب فضرار عندي أشعر منه وأقل سقطا.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: كَانَ يهاجي حَسَّان بْن ثَابِت، وكعب بْن مَالِك، ثُمَّ أسلم عَبْد اللَّهِ الزبعري عام الْفَتْح بعد أن هرب يَوْم الْفَتْح إِلَى نجران، فرماه حَسَّان بْن ثابت ببيت واحد، فما زاده عليه [1] :
لا تعد من رجلا أحلك بغضه ... نجران فِي عيش أجد أثيم [2]
فلما بلغ ذَلِكَ ابْن الزبعري قدم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأسلم وحسن إسلامه، واعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبل عذره، ثُمَّ شهد مَا بعد الْفَتْح من المشاهد.
ومن قوله بعد إسلامه للنبي عَلَيْهِ السلام معتذرا [3] :
يا رسول المليك، إن لساني ... راتق مَا فتقت إذ أنا بور
إذ أجاري [4] الشيطان فِي سنن الغي ... أنا فِي ذاك [5] خاسر مثبور
يشهد السمع والفؤاد بما قلت ... ونفسي الشهيد وهي [6] الخبير
إن مَا جئتنا بِهِ حق صدقٍ ... ساطع نوره مضيء منير
__________
[1] سيرة ابن هشام: 4- 38.
[2] في أسد الغابة: لئيم.
[3] سيرة ابن هشام: 4- 39.
[4] في السيرة: أبارى.
[5] في السيرة، وأسد الغابة: ومن مال ميله مثبور، ومثبور: هالك.
[6] في أسد الغابة: فنفس الشهيد أنت النذير.(3/902)
جئتنا باليقين والصدق والبر ... وفي الصدق واليقين السرور
أذهب الله ضلة الجهل عنا ... وأتانا الرخاء والميسور
في أبيات لَهُ.
والبور: الضال الهالك، وَهُوَ لفظ للواحد والجمع.
وقال أيضا:
سرت الهموم بمنزل السهم ... إذ كن بين الجلد والعظم
ندما على مَا كَانَ من زللٍ ... إذ كنت فِي فتن من الإثم
حيران يعمه فِي ضلالته ... مستوردا لشرائع الظلم
عمه يزينه بنو جمحٍ ... وتوازرت فِيهِ بنو سهم
فاليوم آمن بعد قسوته ... عظمى، وآمن بعده لحمي
لمحمدٍ ولما يجيء بِهِ ... من سنة البرهان والحكم
في قصيدة لَهُ يمدح بها النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وله فِي مدحه أشعار كثيرة ينسخ بها مَا قد مضى من شعره فِي كفره، منها قوله [1] :
منع الرقاد بلابل وهموم ... والليل معتلج الرواق بهيم
مما أتاني أن أَحْمَد لامني ... فيه، فبت كأنني محموم
يا خير من حملت على أوصالها ... عيرانة [2] سرح اليدين غشوم
إني لمعتذر إليك من التي ... أسديت إذ أنا فِي الضلال أهيم
أيام تأمرني بأغوى خطة ... سهم، وتأمرني بها مخزوم
وأمد أسباب الهوى ويقودني ... أمر الغواة وأمرهم مشئوم
__________
[1] السيرة: 4- 39.
[2] عيرانة: الناقة التي تشبه العير، وهو الحمار الوحشي في شدته ونشاطه.(3/903)
فاليوم آمن بالنبي مُحَمَّد ... قلبي ومخطئ هَذِهِ محروم
مضت العداوة وانقضت أسبابها ... وأتت [1] أواصر بيننا وحلوم
فاغفر [2] فدى لك والدي كلاهما ... وارحم فإنك راحم مرحوم
وعليك من سمة [3] المليك علامة ... نور أغر وخاتم مختوم
أعطاك بعد محبةٍ برهانه ... شرفا وبرهان الإله عظيم
(1534) عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب بْن هاشم القرشي الهاشمي،
وأمه عاتكة ابنة أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عِمْرَان بْن مخزوم، لا عقب لَهُ، وقتل يَوْم أجنادين فِي خلافة أَبِي بَكْر شهيدا، ووجد عنده [4] عصبة من الروم قد قتلهم، ثُمَّ أثخنته الجراح، فمات.
ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ، قَالَ: أَوَّلُ قَتِيلٍ قُتِلَ مِنَ الرُّومِ يَوْمَ أَجْنَادِينَ بَرَزَ بِطَرِيقٍ مُعَلَّمٍ يَدْعُو إِلَى الْبِرَازِ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَاخْتَلَفَا ضَرَبَاتٍ، ثُمَّ قَتَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِسَلَبِهِ، ثُمَّ بَرَزَ آخَرُ يَدْعُوهُ إِلَى الْبِرَازِ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَتَشَاوَلا [5] بِالرُّمْحَيْنِ سَاعَةً، ثُمَّ صَارَا إِلَى السَّيْفَيْنِ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ فَضَرَبَهُ، وَهُوَ دَارِعٌ عَلَى عَاتِقِهِ، وَهُوَ يَقُولُ:
خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
فأثبته وقطع سيفه الدرع، وأسرع فِي منكبه، ثُمَّ ولى الرومي منهزما، فهزم
__________
[1] في السيرة: ودعت.
[2] في السيرة: فاعف.
[3] في السيرة: من علم.
[4] في أسد الغابة: حوله.
[5] تشاول القوم: إذا تناول بعضهم بعضا بالرماح (اللسان- شول) .(3/904)
عَلَيْهِ عَمْرو بْن الْعَاص لا يبارز، وَقَالَ عَبْد اللَّهِ: إِنِّي والله مَا أجدني أصبر، فلما اختلطت السيوف، وأخذ بعضها بعضا وجد فِي ربضة [1] من الروم وعشرة حوله قتلى وَهُوَ مقتول بينهم، وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول لَهُ: ابْن عمي وحبي. ومنهم من يروي أَنَّهُ كَانَ يَقُول لَهُ: ابْن أمي. لا أحفظ لَهُ رواية عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، روت عَنْهُ أختاه ضباعة، وأم الحكم ابنتا الزُّبَيْر بْن عبد المطلب، وكانت سنه يَوْم توفي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوا من ثلاثين سنة.
(1535) عبد الله بْن الزُّبَيْر بْن العوام بْن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي.
يكنى أَبَا بَكْر. وَقَالَ بعضهم فِيهِ أَبُو بكير، ذكر ذَلِكَ أَبُو أَحْمَد الحاكم الْحَافِظ فِي كتابه فِي الكنى. والجمهور من أهل السير وأهل الأثر على أن كنيته أَبُو بَكْر، وله كنية أخرى، أَبُو خبيب. وكان أسن ولده. وخبيب هُوَ صاحب عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ الَّذِي مات من ضربه، إذ كَانَ عُمَر واليا على المدينة للوليد، وَكَانَ الْوَلِيد قد أمره بضربه، فمات من أدبه ذَلِكَ، فوداه عُمَر بعده.
قَالَ أَبُو عُمَر: كناه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باسم جده أَبِي أمه أبى بكر الصديق، وسمّاه باسمه. هاجرت أمه أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْر من مكة، وهي حامل بابنها عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر، فولدته فِي سنة اثنتين من الهجرة بعشرين شهرا من التاريخ. وقيل: إنه ولد فِي السنة الأولى، وَهُوَ أول مولود فِي الإسلام من المهاجرين بالمدينة.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ، حَدَّثَنَا الدُّولابِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ
__________
[1] ربضه: جماعة (القاموس) .(3/905)
أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، قَالَتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ [1] ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلْتُ بِقُبَاءٍ، فَوَلَدْتُهُ بِقُبَاءٍ. ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْتُهُ فِي حِجْرِهِ، فَدَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ، فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: ثُمَّ حَنَّكَهُ بِالْخُبْزَةِ، ثُمَّ دَعَا لَهُ، وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، وَكَانَ أَوَّلُ مَوْلُودٍ فِي الإِسْلامِ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ. قَالَتْ: فَفَرِحُوا بِهِ فَرَحًا شَدِيدًا، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قِيلَ لَهُمْ: إِنَّ الْيَهُودَ قَدْ سَحَرَتْكُمْ فَلا يُولَدُ لَكُمْ.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَيْمُونٍ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُرَيْكٍ الْمَكِّيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ الله ابن الزُّبَيْرِ، قَالَ: سُمِّيتُ بِاسْمِ جَدِّي أَبِي بَكْرٍ، وَكُنِّيتُ بِكُنْيَتِهِ. وشهد الجمل مع أَبِيهِ وخالته، وكان شهما دكرا شرسا ذا أنفة، وكانت لَهُ لسانة وفصاحة، وَكَانَ أطلس [2] ، لا لحية لَهُ، ولا شعر فِي وجهه.
وَقَالَ علي بْن زَيْد الجدعاني: كَانَ عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر كَثِير الصلاة، كَثِير الصيام، شديد البأس، كريم الجدات والأمهات والخالات، إلا أَنَّهُ كانت فِيهِ خلال لا تصلح معها الخلافة، لأنه كَانَ بخيلا، ضيق العطاء، سيء الخلق، حسودا، كَثِير الخلاف، أخرج مُحَمَّد ابْن الحنفية، ونفى عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس إِلَى الطائف.
قَالَ علي بْن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا زال الزُّبَيْر يعد منا- أهل البيت- حَتَّى نشأ عَبْد اللَّهِ. وبويع لعبد الله بْن الزُّبَيْر بالخلافة سنة أربع وستين، هَذَا قول أَبِي معشر. وقال المدائني: بويع لَهُ بالخلافة سنة خمس وستين، وَكَانَ
__________
[1] متم: دنا ولادها (القاموس) .
[2] الأطلس: الأسود كالحبشى.(3/906)
قبل ذَلِكَ لا يدعى باسم الخلافة، وكانت بيعته بعد موت مُعَاوِيَة بْن يَزِيد، واجتمع على طاعته أهل الحجاز، واليمن، والعراق، وخراسان، وحج بالناس ثماني حجج، وقتل رحمه الله فِي أيام عَبْد الْمَلِكِ يَوْم الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى. وقيل جمادى الآخرة، سنة ثلاث وسبعين، وَهُوَ ابْن ثنتين وسبعين سنة، وصلب بعد قتله بمكة، وبدأ الْحَجَّاج بحصاره من أول ليلة من ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين، وحج بالناس الْحَجَّاج فِي ذَلِكَ العام، ووقف بعرفة وعليه درع ومغفر، ولم يطوفوا بالبيت فِي تلك الحجة، فحاصره ستة أشهر وسبعة عشر يوما إِلَى أن قتل فِي النصف من جمادى الآخرة، سنة ثلاث وسبعين.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن الحجاج، حدثنا يحيى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأجلح، عن هشام ابن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ قَبْلُ قَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِعَشْرَةِ أَيَّامٍ دَخَلَ عَلَى أُمِّهِ أَسْمَاءَ، وَهِيَ شَاكِيَةٌ، فَقَالَ لَهَا: كَيْفَ تَجِدِينَكِ يَا أَمَهْ؟
قَالَتْ: مَا أَجِدُنِي إِلا شَاكِيَةً. فَقَالَ لَهَا: إِنَّ فِي الْمَوْتِ لَرَاحَةً. فَقَالَتْ لَهُ:
لَعَلَّكَ تَمَنَّيْتَهُ لِي. مَا أُحِبُّ أَنْ أَمُوتَ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى أَحَدِ طَرَفَيْكَ، إِمَّا إِنْ قُتِلْتَ فَأَحْتَسِبُكَ، وَإِمَّا ظَفَرْتَ بِعَدُوِّكَ فَتَقَرَّ عَيْنِي.
قَالَ عُرْوَةُ: فالتفت إلي عَبْد اللَّهِ فضحك، فلما كَانَ فِي اليوم الَّذِي قتل [1] فِيهِ دخل عليها فِي المسجد فقالت لَهُ: يَا بني، لا تقبلن منهم خطة تخاف فيها على نفسك الذل مخافة القتل، فو الله لضربة سيف فِي عز خير من ضربة سوط فِي المذلة. قَالَ: فخرج، وقد جعل لَهُ مصراع عِنْدَ الكعبة، فكان تحته، فأتاه رجل من قريش، فَقَالَ لَهُ: ألا نفتح لك باب الكعبة فتدخلها! فَقَالَ عَبْد اللَّهِ:
__________
[1] الطبري: 7- 205(3/907)
من كل شيء تحفظ أخاك إلا من نفسه، والله لو وجدوكم تحت أستار الكعبة لقتلوكم، وهل حرمة المسجد إلا كحرمة البيت، ثم تمثل:
ولست بمبتاع الحياة بسبةٍ ... ولا مرتق من خشية الموت سلما
قال: ثُمَّ شد عَلَيْهِ أصحاب الْحَجَّاج، فَقَالَ: أين أهل مصر؟ فقالوا: هم هؤلاء من هَذَا الباب- لأحد أبواب المسجد، فَقَالَ لأصحابه: كسروا أغماد سيوفكم، ولا تميلوا عني، فإني فِي الرعيل الأول. قَالَ: ففعلوا، ثُمَّ حمل عليهم، وحملوا معه، وَكَانَ يضرب بسيفين، فلحق رجلا فضربه، فقطع يده، وانهزموا، فجعل يضربهم حَتَّى أخرجهم من باب المسجد، فجعل رجل أسود يسبه. فَقَالَ لَهُ: اصبر يَا بْن حام. ثُمَّ حمل عَلَيْهِ فصرعه. قَالَ: ثُمَّ دخل عَلَيْهِ أهل حمص من باب بني شيبة. فَقَالَ: من هؤلاء؟ فقالوا: أهل حمص، فشد عليهم، وجعل يضربهم حَتَّى أخرجهم من باب المسجد، ثُمَّ انصرف، وهو يقول:
لو كَانَ قرني واحدا لكفيته ... أوردته الموت وذكيته
قال: ثُمَّ دخل عَلَيْهِ أهل الأردن من باب آخر، فَقَالَ: من هؤلاء؟ فقيل:
أهل الأردن، فجعل يضربهم بسيفه حَتَّى أخرجهم من المسجد، ثم انصرف، وهو يقول:
لا عهد لي بغارةٍ مثل السيل ... لا ينجلي قتامها حَتَّى الليل
قال: فأقبل عَلَيْهِ حجر من ناحية الصفا، فضربه بين عينيه، فنكس رأسه، وهو يقول:
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا يقطر الدم(3/908)
هكذا تمثل بِهِ ابْن الزُّبَيْر. قَالَ: وحماه موليان لَهُ، أحدهما يَقُول:
العبد يحمي ربه ويحتمي.
قَالَ: ثُمَّ اجتمعوا عَلَيْهِ، فلم يزالوا يضربونه حَتَّى قتلوه ومولييه جميعا، ولما قتل كبر أهل الشام، فَقَالَ عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر: المكبرون عَلَيْهِ يَوْم ولد خير من المكبرين عَلَيْهِ يَوْم قتل.
وقال يَحْيَى بْن حرملة: دخلت مكة بعد ما قتل ابْن الزُّبَيْر بثلاثة أيام، فإذا هُوَ مصلوب، فجاءت أمه- امرأة عجوز طويلة مكفوفة البصر تقاد، فقالت للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل! فَقَالَ لَهَا الْحَجَّاج: المنافق! فقالت:
والله مَا كَانَ منافقا، ولكنه كَانَ صواما برا. قَالَ: انصرفي، فإنك عجوز قد خرفت. قالت: لا والله مَا خرفت، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: يخرج من ثقيف كذاب ومبير. أما الكذاب قد رأيناه، وأما المبير فأنت المبير. قال أَبُو عُمَر: الكذاب فيما يقولون المختار بْن أَبِي عُبَيْد الثقفي.
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْخَزَّازِ، عَنْ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ:
كُنْتُ أَوَّلُ مَنْ بَشَّرَ أَسْمَاءَ بِنُزُولِ ابْنِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مِنَ الْخَشَبَةِ، فَدَعَتْ بِمِرْكَنٍ وَشَبِّ يَمَانٍ. وَأَمَرَتْنِي بِغَسْلِهِ، فَكُنَّا لا نَتَنَاوَلُ عُضْوًا إِلا جَاءَ مَعَنَا، فكنا نغسل العضو ونضعه في أكفانه، وتتناول الْعُضْوَ الآخَرَ، حَتَّى فَرَغْنَا مِنْهُ، ثُمَّ قَامَتْ فَصَلَّتْ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ تَقُولُ قَبْلَ ذَلِكَ: اللَّهمّ لا تمتنى حتى تقرّ عيني بحثته، فَمَا أَتَتْ عَلَيْهَا جُمْعَةٌ حَتَّى مَاتَتْ.(3/909)
قَالَ أَبُو عُمَر رحمه الله: رحل عُرْوَة بْن الزُّبَيْر إِلَى عَبْد الْمَلِكِ بْن مَرَوَان.
فرغب إِلَيْهِ فِي إنزاله من الخشبة، فأسعفه، فأنزل، ثُمَّ كَانَ مَا وصف ابْن أَبِي مليكة، وَقَالَ علي بْن مُجَاهِد: قتل مع ابْن الزُّبَيْر مائتان وأربعون رجلا إن منهم لمن سال دمه فِي جوف الكعبة.
وَرَوَى عِيسَى، عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: ابْنُ الزُّبَيْرِ كَانَ أَفْضَلُ مِنْ مَرَوَانَ. وَكَانَ أَوْلَى بِالأَمْرِ مِنْ مَرَوَانَ وَمِنَ ابْنِهِ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بن يحيى، حدثنا أحمد بن سعيد، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ابن النُّعْمَانِ بِالْقَيْرَوَانِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مروان البغدادي بالإسكندرية، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: مَكَثَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ الله ابن الزُّبَيْرِ بَعْدَ قَتْلِ أَبِيهِ حَوْلا لا يَسْأَلُ أَحَدًا لِنَفْسِهِ شَيْئًا إِلا الدُّعَاءَ لأَبِيهِ وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْعَلاءِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ، قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ: إِذَا مَرَّ ابْنُ عُمَرَ فَأَرُونِيهِ، فَلَمَّا مَرَّ ابْنُ عُمَرَ قَالُوا: هَذَا ابْنُ عُمَرَ.
فَقَالَتْ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تَنْهَانِي عَنْ مَسِيرِي؟ قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلا قَدْ غَلَبَ عَلَيْكِ، وَظَنَنْتُ أَنَّكِ لا تُخَالِفِينَهُ- يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ. قَالَتْ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ نَهَيْتَنِي مَا خَرَجْتُ.
(1536) عبد الله بْن زغب [1] الإيادي.
قَالَ أَبُو زُرْعَة الدِّمَشْقِيّ: لَهُ صحبة.
(1537) عبد الله بن زمعة بن الأسود بن عبد المطلب بْن أَسَد بْن عبد العزى ابْن قصي القرشي الأسدي.
أمه قريبة [2] بِنْت أَبِي أُمَيَّة أخت أم سَلَمَة أم المؤمنين،
__________
[1] بضم الزاى المعجمة، وسكون الغين المعجمة (التقريب) .
[2] الضبط من القاموس.(3/910)
كَانَ من أشراف قريش، وَكَانَ يأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، يعد في أهل المدينة.
وَرَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، وعروة بْن الزُّبَيْر، فحديث أَبِي بَكْر عَنْهُ أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مروا أَبَا بَكْر فليصل بالناس. وروى عَنْهُ عُرْوَة ثلاثة أحاديث: أحدها- أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر النساء فَقَالَ: يضرب أحدكم المرأة ضرب العبد، ثُمَّ يضاجعها من آخر يومه! والثاني- أَنَّهُ ذكر الضرطة فوعظهم فيها، فَقَالَ: لم يضحك أحدكم مما يفعل. والثالث- أَنَّهُ ذكر ناقة صَالِح، فَقَالَ: انبعث لَهَا رجل عزيز عارم [1] منيع فِي رهطه مثل أَبِي زمعة فِي قومه. وربما جمع هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ هَذِهِ الأحاديث الثلاثة فِي حديث واحد.
وأبو زمعة هَذَا هُوَ الأسود بْن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي، كني بابنه زمعة، وقتل زمعة بْن الأسود، وأخوه عُقَيْل بْن الأسود يَوْم بدر كافرين، وأبوهما الأسود، كان أحد المستهزءين الذين قَالَ الله تعالى فيهم [2] :
إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ 15: 95.
ذكروا أن جبريل رمى فِي وجهه بورقة فعمي، وكانت تحت عَبْد اللَّهِ بْن زمعة زينب بِنْت أَبِي سَلَمَة، وهي أم بنته، وابنه يَزِيد بْن عَبْد اللَّهِ بْن زمعة، قتله مسرف [3] بْن عقبة صبرا يَوْم الحرة، وذلك أَنَّهُ أتى بِهِ مسرف بْن عقبة أسيرا.
__________
[1] عارم: خبيث شرير (النهاية) .
[2] سورة الحجر، آية 95.
[3] هكذا في ى، وفي أسد الغابة: مسلم بن عقبة.
(م 4- الاستيعاب- ثالث)(3/911)
فقال لَهُ: بايع على أنك خول لأمير المؤمنين، يَعْنِي يَزِيد، يحكم فِي دمك ومالك.
فقال: أبايعه على الكتاب والسنة، وأنا ابْن عم أمير المؤمنين، يحكم فِي دمي وأهلي ومالي، وَكَانَ صديقا ليزيد وصفيا لَهُ، فلما قَالَ ذَلِكَ قَالَ مسرف: اضربوا عنقه، فوثب مَرَوَان فضمه إِلَيْهِ لما كَانَ يعرف بينه وبين يَزِيد. فقال مَرَوَان:
نعم يبايعك على مَا أحببت، وقال مسرف: والله لا أقبله أبدا. وقال: إن تنحى عَنْهُ مَرَوَان وإلا فاقتلوهما معا، فتركه مَرَوَان، وضربت عنق يَزِيد بن عبد الله ابن زمعة، وقتل يومئذ إخوته فِي القتال، فيقال: إنه قتل لعبد الله بْن زمعة يَوْم الحرة بنون. ومن ولد عَبْد اللَّهِ بْن زمعة كَثِير بْن عَبْد اللَّهِ بْن زمعة، وَهُوَ جد أَبُو البختري، والقاضي وَهْب بْن وَهْب بْن كَثِير بْن عَبْد اللَّهِ بْن زمعة.
ذَكَرَ الزُّبَيْرُ عَنْ عَمِّهِ مُصْعَبٍ، حَدَّثَنِي أبو البختري قال: قال لي مصعب ابن ثَابِتٍ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: وَهْبُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَبْدٍ الْكَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: فَمَا لَكَ لا تَقُولُ كَثِيرًا؟ لَعَلَّكَ كَرِهْتَ ذَلِكَ، أَتَدْرِي مَنْ سَمَّاهُ كَثِيرًا؟
جَدَّتُهُ أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
(1538) عبد الله بْن زِيَاد [1] بْن عَمْرو بْن زمزمة بْن عَمْرو البلوي، هُوَ المجذر بْن زِيَاد.
وقيل لَهُ المجذر، لأنه كَانَ مجذر الخلق، وَهُوَ الغليظ، وغلب عَلَيْهِ وعرف بِهِ، ولذلك ذكرناه فِي باب الميم. شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقتل يَوْم أحد شهيدا.
(1539) عَبْد اللَّهِ بْن زَيْد بْن ثعلبة بْن عَبْد اللَّهِ بْن زيد، من بنى جشم بن الحارث ابن الخزرج الأَنْصَارِيّ الخزرجي الحارثي،
من بني الْحَارِث بْن الخزرج، وَقَالَ عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد الأَنْصَارِيّ: ليس فِي آبائه ثعلبة، وإنما هُوَ عبد الله بن زيد
__________
[1] في هامش القاموس: بن زياد.(3/912)
بن عبد ربه بن زَيْد بْن الْحَارِث، وثعلبة بْن عبد ربه هُوَ عم عَبْد اللَّهِ، وأخو زَيْد، فأدخلوه فِي نسبه، وذلك خطأ.
شهد العقبة، وشهد بدرا وسائر المشاهد مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم، وهو الّذي أرى الأذان فِي النوم فأمر بِهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلالا على مَا رآه عَبْد اللَّهِ بْن زَيْد هَذَا، وكانت رؤياه ذَلِكَ فِي سنة إحدى بعد بناء رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسجده، يكنى أَبَا مُحَمَّد، وكانت معه راية بني الْحَارِث بْن الخزرج يَوْم الْفَتْح.
توفي بالمدينة سنة ثنتين وثلاثين وَهُوَ ابْن أربع وستين، وصلى عَلَيْهِ عُثْمَان، وَرَوَى عَنْهُ سَعِيد بْن المسيب، وعبد الرحمن بْن أَبِي ليلى، وابنه مُحَمَّد بْن عبد الله ابن زيد.
(1540) عبد الله بْن زَيْد بْن عَاصِم بْن كَعْب بْن عَمْرو بْن عوف بْن المبذول بْن عَمْرو بْن غنم بْن مازن الأَنْصَارِيّ المازني،
من بني مازن بْن النجار، يعرف بابن أم عُمَارَة، ولم يشهد بدرا، وَهُوَ الَّذِي قتل مسيلمة الكذاب فيما ذكر خليفة ابن خياط وغيره، وَكَانَ مسيلمة، قد قتل أخاه حَبِيب بْن زَيْد، وقطعه عضوا عضوا على مَا قد ذكرناه فِي بابه من هَذَا الكتاب، فقضى الله أن شارك أخوه عَبْد اللَّهِ بْن زَيْد فِي قتل مسيلمة.
قال خليفة: اشترك وحشي بْن حرب، وعبد الله بْن زَيْد فِي قتل مسيلمة، رماه وحشي بْن حرب بالحربة، وضربه عَبْد اللَّهِ بْن زَيْد بالسيف، فقتله، وقتل عَبْد اللَّهِ بْن زَيْد يَوْم الحرة، وكانت الحرة سنة ثلاث وستين، وَهُوَ صاحب(3/913)
حديث الوضوء، روى عَنْهُ سَعِيد بْن المسيب، وَابْن أخيه عباد بْن تميم بْن زَيْد ابن عَاصِم، ويحيى بْن عُمَارَة بْن أَبِي حسن.
(1541) عبد الله بْن سابط بْن أَبِي حميضة [1] بن عمرو بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي الْجُمَحِيّ مكي.
روى عَنْهُ ابنه عَبْد الرَّحْمَنِ، ومن قَالَ عَبْد الرَّحْمَنِ ابْن سابط نسبه إِلَى جده. وإنما هُوَ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبْد اللَّهِ بْن سابط، من كبار التابعين، أكثر مَا يأتي ذكره ابْن سابط غير منسوب، أو عَبْد الرَّحْمَنِ بْن سابط إذا رَوَى عَنْهُ من رأيه أو من غير رأيه شيء، وَأَبُو عَبْد اللَّهِ لَهُ صحبة فِي قول من حكينا قوله.
وقد زعم بعض أهل النسب أن عَبْد اللَّهِ وعبد الرحمن ابني سابط أخوان، لا صحبة لهما، وأنهما جميعا كانا فقيهين وقال الزُّبَيْر وعمه مصعب: عَبْد الرَّحْمَنِ بْن سابط، أمه وأم أخوته: عَبْد اللَّهِ، وربيعة، وموسى، وفراس، وعبيد الله، وإسحاق، والحارث، أم مُوسَى بِنْت الأعور، واسمه خَلَف بْن عَمْرو بْن وَهْب بْن حُذَافَة بْن جمح، واسمها تماضر.
قال: وَكَانَ عَبْد الرَّحْمَنِ فقيها.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: هُوَ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبْد اللَّهِ بْن سابط من كبار التابعين وفقهائهم. حدث عَنْهُ ابْن جريج ونظراؤه، وأبوه عَبْد اللَّهِ بْن سابط مذكور فِي الصحابة من بني جمح فِي قريش، مَعْرُوف الصحبة، مشهور النّسب.
(1542) عَبْد اللَّهِ بْن ساعدة.
أخو عويم [2] بْن ساعدة الأنصاري. مدني. روى
__________
[1] في القاموس: أبو خميصة، بالخاء والصاد. أو هو بالضاد المعجمة والحاء المهملة.
[2] عويم كزبير (القاموس) .(3/914)
عَنْهُ مُسْلِم بْن جندب أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: من كانت لَهُ غنم فليسر بها عَنِ المدينة، فإن المدينة أقل أرض الله مطرا.
(1543) عبد الله بْن السائب بْن أَبِي السائب.
واسم أَبِي السائب صيفي من عائذ [1] ابن عبد الله بن عمر [2] بن مخزوم القرشي، الْمَخْزُومِيّ، القارئ، يكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ، وقيل: أَبَا السائب، يعرف بالقارئ [3] أخذ عَنْهُ أهل مكة القراءة، وعليه قرأ مُجَاهِد وغيره من قراء أهل مكة، سكن مكة، وتوفي بها قبل قتل ابْن الزُّبَيْر بيسير. وقيل: إنه مولى مجاهد. وقيل: إن مجاهدا مولى قَيْس بْن السائب، وسنذكر ذَلِكَ فِي باب قَيْس إن شاء الله تعالى.
حدثني خلف بن قاسم، وعلي بن إبراهيم، قالا: حدثنا الحسن بن رشيق، حدثنا علي بن سَعِيد بْن بشير، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن الْقَاسِم بْن أَبِي بزة، قَالَ: سمعت عكرمة بْن سُلَيْمَان بْن عَامِر يَقُول: قرأت على إِسْمَاعِيل بْن عَبْد اللَّهِ بْن قسطنطين مولى بني الميسرة موالي الْعَاص بْن هِشَام، قَالَ لي: قرأت على عَبْد اللَّهِ بْن كَثِير مولى بني عَلْقَمَة أَنَّهُ قرأ على مُجَاهِد بْن جبر أَبِي الْحَجَّاج مولى عَبْد اللَّهِ بْن السائب الْمَخْزُومِيّ. وقال هِشَام بْن مُحَمَّد الكلبي: وَكَانَ شُرَيْك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية عَبْد اللَّهِ بْن السائب، وَقَالَ الْوَاقِدِيّ:
كان شريك رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي الجاهلية السائب بْن أَبِي السائب، وَقَالَ غيرهما: كَانَ شُرَيْك رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم في الجاهلية قيس ابن السائب. وقد جاء بذلك كله الأثر، اختلف فيه على مجاهد. ومن حديث
__________
[1] في هامش التهذيب: كذا في الأصل، ولكن في الخلاصة عابد- بباء موحدة.
[2] هكذا في ى، وأسد الغابة، والتهذيب. وفي الإصابة: عمرو.
[3] في أسد الغابة: القاري: من قارة قبيلة مشهورة ينسب إليها. فتكون النسبة إليها قارى بالتشديد، وليس كذلك، وإنما هو عبد الله من بنى مخزوم وليس من القارة، وهو بالهمز- قاله أبو عمر.(3/915)
عَبْد اللَّهِ بْن السائب هَذَا قَالَ: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصبح بمكة، فافتتح سورة المؤمنين، فلما أتى على ذكر مُوسَى وهارون أخذته سعلة فركع.
(1544) عبد الله بْن السائب بْن عُبَيْد بْن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بْن عبد مناف.
ذكره الكلبي فيمن صحب النبي صلى الله عليه وسلم.
(1545) عبد الله بْن سبرة الجهني.
سمع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: إن الله ينهاكم عَنْ قيل وَقَالَ، وكثرة السؤال، وإضاعة المال. وروى عَنْهُ ابنه مُسْلِم بْن عَبْد اللَّهِ بْن سبرة. يعد فِي أهل البصرة.
(1546) عبد الله بْن سبرة الهمداني.
ويقال العبدي. من عبد القيس، رَوَى عَنْهُ مُحَمَّد بْن سَعْد.
(1547) عبد الله بْن سراقة بْن المعتمر بْن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بْن كَعْب القرشي العدوي،
شهد بدرا هُوَ وأخوه عَمْرو بْن سراقة فِي قول ابْن إِسْحَاق. وقال مُوسَى بْن عقبة، وَأَبُو معشر: لم يشهد عَبْد اللَّهِ بْن سراقة بدرا، وشهد أحدا وما بعدها من المشاهد.
(1548) عبد الله بْن سرجس [1] الْمُزْنِيّ،
ويقال الْمَخْزُومِيّ، أظنه حليفا لهم، بصري.
روى عَنْهُ عَاصِم الأحول، وقتادة، قال عَاصِم الأحول: عَبْد اللَّهِ بْن سرجس رأى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يكن لَهُ صحبة.
وقال أَبُو عُمَر: لا يختلفون فِي ذكره فِي الصحابة، ويقولون: لَهُ صحبة على مذهبهم فِي اللقاء والرؤية والسماع، وأما عَاصِم الأحول فأحسبه أراد الصحبة التي يذهب إليها العلماء، وأولئك قليل.
__________
[1] بفتح المهملة، وسكون الراء، وكسر الجيم، بعدها مهملة (التقريب) .(3/916)
(1549) عبد الله بْن سَعْد الأزدي.
شامي، رَوَى عَنْهُ خَالِد بْن معدان مرفوعا:
إن [1] الله تعالى أعطاني فارس وأمدني بحمير.
(1550) عبد الله بْن سَعْد الأسلمي.
مزني، حَدِيثُهُ عِنْدَ الْوَاقِدِيِّ، عن هشام ابن عَاصِمٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ الأَسْلَمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ الأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ مَا لا تُطْوَى بِالنَّهَارِ.
(1551) عبد الله بْن سَعْد الأَنْصَارِي،
عم حرام بْن حكيم، حديثه عِنْدَ أهل الشام، يقال: إنه شهد القادسية، وَكَانَ يومئذ على مقدمة الجيش، رَوَى عَنْهُ حرام بْن حكيم، وخالد بْن معدان.
(1552) عبد الله بْن سَعْد بْن خيثمة الأَنْصَارِيّ الأوسي.
وله ولأبيه ولجده صحبة، وقد ذكرناهما. قتل أبوه يَوْم بدر، وقتل جده يَوْم أحد. وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ رَبَاحِ بْنِ أَبِي مَعْرُوفٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عبد الله ابن سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ الأَنْصَارِيَّ، أَشَهِدْتَ أُحُدًا مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: نَعَمْ، وَأَنَا رَدِيفُ أَبِي. وقد قيل: إنه شهد بدرا، وَعُمَر، وَرَوَى عَنْهُ.
وذكر الفاكهي، قَالَ حَدَّثَنَا يعقوب بْن حميد، قَالَ: حَدَّثَنَا بشر بْن السري، عَنْ رباح بْن أَبِي مَعْرُوف، عَنِ الْمُغِيرَة بْن حكيم، قَالَ: كنا مع عَبْد اللَّهِ بْن سَعْد بْن خيثمة، فجاء رجل فطاف بالبيت، ثُمَّ صَلَّى فِي وجه الكعبة ركعتين، ثُمَّ التزم، وذكر الخبر، قَالَ الْمُغِيرَة: فقلت لعبد الله بْن سَعْد: أشهدت بدرا؟ قَالَ: نعم، والعقبة رديفا خَلَف أَبِي. قال أَبُو عُمَر: هكذا قَالَ: أشهدت بدرا؟ وَابْن الْمُبَارَك أحفظ وأضبط، والله أعلم.
__________
[1] في أسد الغابة: إن الله عز وجل أعطاني فارس ونساءهم وأبناءهم وسلاحهم وأموالهم وأعطانى الروم وأبناءهم وسلاحهم وأمدّنى بحمير.(3/917)
(1553) عبد الله بن سعد بن أبي السرح بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بْن لؤي القرشي العامري،
يكنى أَبَا يَحْيَى، كذا قَالَ ابْن الكلبي فِي نسبه حَبِيب بْن جذيمة بالتخفيف [1] . وقال مُحَمَّد بْن حَبِيب:
حَبِيب بالتشديد، وكذا قَالَ أَبُو عُبَيْدَة.
أسلم قبل الْفَتْح، وهاجر، وَكَانَ يكتب الوحي لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ارتد مشركا، وصار إِلَى قريش بمكة، فَقَالَ لهم: إِنِّي كنت أصرف محمدا حيث أريد، كَانَ يملي علي: «عَزِيزٌ حَكِيمٌ» ، 2: 209 فأقول: أو عليم حكيم؟ فيقول: نعم، كل صواب. فلما كَانَ يَوْم الْفَتْح أمر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتله، وقتل عَبْد اللَّهِ بْن خطل، ومقيس بْن حبابة، ولو وجدوا تحت أستار الكعبة، ففر عَبْد اللَّهِ بْن سَعْد بْن أَبِي السرح إِلَى عُثْمَان، وَكَانَ أخاه من الرضاعة، أرضعت أمه عُثْمَان، فغيبه عُثْمَان حَتَّى أتى بِهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بعد ما اطمأن أهل مكة، فاستأمنه لَهُ، فصمت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طويلا، ثُمَّ قَالَ:
نعم. فلما انصرف عُثْمَان قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن حوله: مَا صمت إلا ليقوم إِلَيْهِ بعضكم فيضرب عنقه. وقال رجل من الأنصار: فهلا أومأت إلي يَا رَسُول اللَّهِ؟ فَقَالَ: إن النَّبِيّ لا ينبغي أن يكون لَهُ خائنة الأعين. وأسلم عَبْد اللَّهِ بْن سَعْد بْن أَبِي السرح أيام الْفَتْح، فحسن إسلامه، فلم يظهر منه شيء ينكر عَلَيْهِ بعد ذَلِكَ، وَهُوَ أحد النجباء العقلاء الكرماء من قريش، ثُمَّ ولاه عُثْمَان بعد ذَلِكَ مصر فِي سنة خمس وعشرين، وفتح على يديه إفريقية
__________
[1] في أسد الغابة: حبيب- بضم الحاء المهملة وتخفيف الياء تحتها نقطتان- قاله ابن الكلبي وابن ماكولا وغيرهما. وقال ابن الكلبي: ثقله حسان للحاجة، وقال ابن حبيب هو بتشديد الياء.(3/918)
سنة سبع وعشرين، وَكَانَ فارس بني عَامِر بْن لؤي المعدود فيهم، وَكَانَ صاحب ميمنة عَمْرو بْن الْعَاص فِي افتتاحه وفي حروبه هناك كلها. وولى حرب مصر لعثمان أيضا، فلما ولاه عمان، وعزل عنها عَمْرو بْن الْعَاص جعل عَمْرو بْن الْعَاص يطعن على عُثْمَان أيضا، ويؤلب عَلَيْهِ، ويسعى فِي إفساد أمره، فلما بلغه قتل عُثْمَان وَكَانَ معتزلا بفلسطين قَالَ: إِنِّي إذا نكأت قرحةً أدميتها، أو نحو هَذَا.
حدثنا خلف بن قاسم، حدثنا الحسن بن رشيق، حدثنا الدولابي، حدثنا أبو بكر الوجيهي [1] ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ الْوَجِيهِ، قَالَ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ انْتُقِضَتِ الإِسْكَنْدَرِيَّةُ، فَافْتَتَحَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَقَتَلَ الْمُقَاتِلَةَ، وَسَبَى الذُّرِّيَةَ، فَأَمَرَ عُثْمَانُ بِرَدِّ السَّبْيِ الَّذِينَ سُبُوا مِنَ الْقُرَى إِلَى مَوَاضِعِهِمْ لِلْعَهْدِ الَّذِي كَانَ لَهُمْ، وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ نَقْضُهُمْ، وَعَزَلَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَوَلَّى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، وَكَانَ ذَلِكَ بَدْءُ الشَّرِّ بَيْنَ عُثْمَانَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ.
وأما عَبْد اللَّهِ بْن سَعْد بْن أَبِي سرح فافتتح إفريقية من مصر سنة سبع وعشرين، وغزا منها الأساود من أرض النوبة سنة إحدى وثلاثين، وَهُوَ [الَّذِي [2]] هادنهم الهدنة الباقية إِلَى اليوم، وغزا الصواري [فِي البحر [2]] من أرض الروم سنة أربع وثلاثين، ثُمَّ قدم على عُثْمَان. واستخلف على مصر السائب بن هشام ابن عَمْرو العامري، فانتزى [3] عَلَيْهِ مُحَمَّد بْن أَبِي حذيفة بْن عُتْبَة بْن رَبِيعَة، فخلع السائب، وتأمر على مصر، ورجع عَبْد اللَّهِ بْن سَعْد من وفادته، فمنعه ابْن أَبِي حذيفة من دخول الفسطاط فمضى إِلَى عسقلان، فأقام بها حتى قتل
__________
[1] بفتح الواو وكسر الجيم وسكون الياء تحتها نقطتان وفي آخرها الهاء (اللباب) .
[2] من أسد الغابة.
[3] في أسد الغابة: فظهر عليه محمد بن أبي حذيفة.(3/919)
عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وقيل: بل أقام بالرملة حَتَّى مات، فارا من الفتنة، ودعا ربه فَقَالَ: اللَّهمّ اجعل خاتمة عملي صلاة الصبح، فتوضأ ثُمَّ صَلَّى الصبح، فقرأ فِي الركعة الأولى بأم القرآن والعاديات، وفي الثانية بأم القرآن وسورة، ثُمَّ سلم عَنْ يمينه، وذهب يسلم عَنْ يساره، فقبض الله روحه، ذكر ذَلِكَ كله يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب وغيره، ولم يبايع لعلي ولا لمعاوية، وكانت وفاته قبل اجتماع الناس على مُعَاوِيَة، وقيل: إنه توفي بإفريقية، والصحيح أَنَّهُ توفي بعسقلان سنة ست أو سبع وثلاثين.
(1554) عبد الله بْن السعدي.
واختلف فِي اسم السعدي، فقيل: قدامة بْن وقدان وقيل عَمْرو بن وقدان، وقد تقدم ذكره [1] ونسه في بنى لؤيّ، يكنى أَبَا مُحَمَّد.
توفي سنة سبع وخمسين.
(1555) عبد الله بْن السعدي [2]
اختلف فِي اسم السعدي أَبِيهِ، فقيل قدامة ابْن وقدان. وقيل عَمْرو بْن وقدان، وَهُوَ الصواب عِنْدَ أهل العلم بنسب قريش وَهُوَ وقدان بْن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي القرشي العامري، يكنى أَبَا مُحَمَّد، توفي سنة سبع وخمسين، وإنما قيل لأبيه السعدي، لأنه استرضع لَهُ فِي بني سَعْد بْن بَكْر، وقد تقدم ذكره.
(1556) عبد الله بْن سَعِيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بْن عبد مناف،
كَانَ اسمه فِي الجاهلية الحكم، فسماه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد اللَّهِ، وأمره أن يعلم الكتابة بالمدينة، وَكَانَ كاتبا محسنا، قتل يَوْم بدر شهيدا. وقيل: بل قتل يوم مؤتة شهيدا. وَقَالَ أَبُو معشر: استشهد يَوْم اليمامة رَضِيَ الله عنه.
__________
[1] سيأتي على حسب ترتيب الكتاب الجديد.
[2] هذه الترجمة هي التي تقدمت باختصار.(3/920)
(1557) عبد الله بْن سُفْيَان الأزدي.
شامي، روى عن النبي صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصيام.
(1578) عبد الله بْن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب القرشي الهاشمي.
واسم أَبِي سُفْيَان الْمُغِيرَة. رَوَى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما قدست أمة لا يؤخذ لضعيفها حقه من قويها غير متضيع. رواه عَنْهُ سماك بْن حرب. وقد رَوَى هَذَا الحديث عَنْ أَبِيهِ. وأي ذَلِكَ كَانَ فقد رأى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ معه مسلما بعد الْفَتْح.
(1559) عبد الله بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي،
كان من مهاجرة الحبشة هُوَ وأخوه هبار بْن سُفْيَان.
قال ابْن إِسْحَاق: قتل عَبْد اللَّهِ بْن سُفْيَان بْن عبد الأسد يَوْم اليرموك.
(1560) عَبْد اللَّهِ الثقفي، والد سُفْيَان بْن عَبْد اللَّهِ الثقفي، مدني. من حديثه عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم المتشبّع بما لم يعط كلابس ثوبي زور. روى عَنْهُ ابنه سُفْيَان.
(1561) عبد الله بْن سلام بْن الْحَارِث الإسرائيلي، ثُمَّ الأَنْصَارِيّ،
يكنى أَبَا يُوسُف، وَهُوَ من ولد يُوسُف بْن يعقوب صَلَّى الله عليهما، كَانَ حليفا للأنصار. يقال كَانَ حليفا للقواقلة [1] من بني عوف بْن الخزرج، وَكَانَ اسمه فِي الجاهلية الحصين، فلما أسلم سماه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد اللَّهِ، وتوفي بالمدينة فِي خلافة مُعَاوِيَة سنة ثلاث وأربعين، وَهُوَ أحد الأحبار، أسلم إذ قدم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم المدينة.
__________
[1] في القاموس: القوقل: اسم أبى بطن من الأنصار، وهم القواقلة.(3/921)
قال عَبْد اللَّهِ بْن سلام: خرجت فِي جماعة من أهل المدينة لننظر إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حين دخوله المدينة، فنظرت إِلَيْهِ وتأملت وجهه، فعلمت أَنَّهُ ليس بوجه كذاب، وَكَانَ أول شيء سمعته منه: أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلامٍ. وشهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بْن سلام بالجنة. وَرَوَى أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عُمَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ يَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ: إِنَّهُ عَاشِرُ عَشَرَةٍ فِي الْجَنَّةِ. وقد ذكرنا هَذَا الخبر بإسناده فِي باب أَبِي الدرداء، وَهُوَ حديث حسن الإسناد صحيح، وروى ابْن وَهْب، وَأَبُو مسهر، وجماعة عَنْ مَالِك بْن أنس، عَنْ أَبِي النَّضْر، عَنْ عَامِر بْن سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول لأحد يمشي على وجه الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بْن سلام. وهذا أيضا حديث ثَابِت صحيح لا مقال فِيهِ لأحد.
وقال بعض المفسرين- فِي قول الله عز وجل [1] : وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ- 46: 10 هو عَبْد اللَّهِ بْن سلام. وقد قيل فِي قول الله عز وجل [2] : وَمن عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ- 13: 43 إنه عَبْد اللَّهِ بْن سلام. وأنكر ذَلِكَ عكرمة والحسن، وقالا: كيف يكون ذلك والسورة مكية وإسلام عَبْد اللَّهِ بْن سلام كَانَ بعد؟
__________
[1] سورة الأحقاف، آية 10.
[2] سورة الرعد، آية 45.(3/922)
قَالَ أَبُو عُمَر رحمه الله: وكذلك سورة الأحقاف مكية، فالقولان جميعا لا وجه لهما عِنْدَ الاعتبار، إلا أن يكون فِي معنى قوله [1] : فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ من قَبْلِكَ. 10: 94 وقد تكون السورة مكية، وفيها آيات مدنية، كالأنعام وغيرها. وقال أَيُّوب، عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِين، قَالَ: نبئت أن عَبْد اللَّهِ بْن سلام قَالَ: سيكون بينكم وبين قريش قتال، فإن أدركني القتال وليس فِي قوة فاحملوني على سرير حَتَّى تضعوني بين الصفين.
(1562) عبد الله بْن سلامة بْن عُمَيْر الأسلمي،
هُوَ عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي حدرد.
كان من وجوه أصحاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ ممن يؤمر [2] على السرايا، وقد تقدم ذكره [3] . وأنكر أَبُو أَحْمَد الحاكم الْحَافِظ أن يكون لَهُ صحبة وسماع عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: الصحبة والرواية لأبيه، فغلط ووهم، والله أعلم. وقال المدائني: عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي حدرد، يكنى أَبَا مُحَمَّد، وتوفى سنة إحدى وسبعين، وَهُوَ ابْن إحدى وثمانين.
(1563) عبد الله بْن سَلَمَة العجلاني البلوي، ثُمَّ الأَنْصَارِيّ،
حليف لبني عَمْرو بْن عوف، وَهُوَ عَبْد اللَّهِ بْن سَلَمَة بْن مَالِك بْن الْحَارِث بْن عدي بْن الجد بْن العجلان ابن ضبعة، من بلي، شهد بدرا، وقتل يَوْم أحد شهيدا، قتله عَبْد اللَّهِ بْن الزبعري فيما ذكر ابْن إِسْحَاق وغيره. وقال فِيهِ إِبْرَاهِيم بْن سَعْد، عَنِ ابْن إِسْحَاق: عَبْد الله ابن سلمة بكسر اللام [4] ، ولذلك ذكره الدار قطنى فِي المؤتلف والمختلف من الأسماء، قال أَبُو عُمَر: قتل يَوْم أحد شهيدا، وحمل هُوَ والمجذّر بن زياد على
__________
[1] سورة يونس، آية 94.
[2] في أسد الغابة: يؤمره.
[3] صفحة 887.
[4] في أسد الغابة: قال الدار قطنى وابن ماكولا: هو سلمة- بكسر اللام.(3/923)
ناصح واحد فِي عباءة واحدة، فعجب الناس لهما، فنظر إليهما رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ساوى بينهما عملهما. وقال مُوسَى بْن عقبة: عَبْد اللَّهِ بْن سَلَمَة بْن مَالِك بْن الْحَارِث بْن زَيْد من بني العجلان الأَنْصَارِيّ، شهد بدرا، ولم يقل:
إنه من بلي حليف لهم، قصر على ذَلِكَ، وبنو العجلان البلويون كلهم حلفاء بني عَمْرو بْن عوف.
(1564) عبد الله بْن أَبِي سليط،
كَانَ أبوه بدريا، وفي صحبة عَبْد اللَّهِ نظر، وَهُوَ مدني، رَوَى فِي النهي عَنْ لحوم الحمر الأهلية.
(1565) عبد الله بْن سندر،
أَبُو الأسود، رَوَى عَنْهُ رَبِيعَةُ بْنُ لَقِيطٍ، وَأَبُو الْخَيْرِ الْيَزَنِيُّ، حَدِيثُهُ عِنْدَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْهُ، فِي الْقَبَائِلِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: غِفَارٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ. وله حديث آخر أن أباه كان عبد لزنباع الجذامي فخصاه وجدعه، فأنى النَّبِيّ عَلَيْهِ السلام، وأخبره، فأغلظ لزنباع القول.
(1566) عبد الله بْن سَهْل الأَنْصَارِيّ،
ذكره ابْن إِسْحَاق، وَابْن عقبة، فيمن شهد بدرا من الأنصار، ثُمَّ من بني عبد الأشهل، وحلفائهم. قال ابْن هِشَام:
عَبْد اللَّهِ بْن سَهْل هَذَا هُوَ أخو زعوراء بْن عبد الأشهل. قال: ويقال طنه من غسان حليف لبني عبد الأشهل. وقال ابْن إِسْحَاق: قتل ابْن سَهْل هَذَا يَوْم الخندق شهيدا، ونسبه بعضهم فَقَالَ: عَبْد اللَّهِ بن سهل بن زيد بن عامر بن عمرو بن جشم ابن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس.
(1567) عبد الله بْن سَهْل الأَنْصَارِيّ الحارثي،
أخو عَبْد الرَّحْمَنِ وَابْن أخي حويصة ومحيصة، وَهُوَ المقتول بخيبر الَّذِي ورد فِي قضيته القسامة.(3/924)
(1568) عبد الله بْن سهيل بْن عَمْرو بْن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤي القرشي العامري،
يكنى أَبَا سهيل، هاجر إِلَى أرض الحبشة الهجرة الثانية فِي قول ابْن إِسْحَاق، وَمُحَمَّد بْن عُمَر، ثُمَّ رجع إِلَى مكة، فأخذه أبوه وأوثقه عنده، وفتنه فِي دينه، ثُمَّ خرج مع أَبِيهِ سهيل بْن عَمْرو يَوْم بدر، وَكَانَ يكتم أباه إسلامه، فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا امحاز من المشركين، وهرب إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسلما، وشهد معه بدرا والمشاهد كلها، وَكَانَ من فضلاء الصحابة، وَهُوَ أحد الشهود فِي صلح الحديبية، وَهُوَ أسن من أخيه أَبِي جندل، وَهُوَ الَّذِي أخذ الأمان لأبيه يوم الفتح، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ، أَبِي تؤمنه؟
فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، هُوَ آمن بأمان الله، فليظهر ثُمَّ قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم حوله: من رأى سهيل بْن عَمْرو فلا يشد إِلَيْهِ النظر.
فلعمري إن سهيلا لَهُ عقل وشرف، وما مثل سهيل جهل الإسلام، ولقد رأى مَا كَانَ يوضع فِيهِ أَنَّهُ لم يكن بنافعه، فخرج عَبْد اللَّهِ إِلَى أَبِيهِ فأخبره مقالة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ سهيل: كَانَ والله برا صغيرا وكبيرا.
واستشهد عَبْد اللَّهِ بْن سهيل بْن عَمْرو يَوْم اليمامة سنة اثنتي عشرة، وَهُوَ ابْن ثمان وثلاثين سنة. قال الْوَاقِدِيّ في تسمية من شهد بدرا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
من بني مَالِك بْن حسل بْن عَامِر بْن لؤي: عَبْد اللَّهِ بْن سهيل بْن عَمْرو، وَقَالَ فِي موضع آخر: يكنى أَبَا سهيل.
(1569) عبد الله بْن سويد الحارثي [1] الأَنْصَارِيّ،
أحد بني حارثة، لَهُ صحبة، حديثه عِنْدَ ابْن شهاب، عَنْ ثعلبة بْن أَبِي مَالِك- عَنْهُ. فِي العورات الثلاث.
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: قال عبد الغنى: الجاري- بالجيم (68) .(3/925)
(1570) عبد الله بْن شبل الأَنْصَارِيّ،
رَوَى عَنْهُ أبو راشد الحبرانى [1] ، هو أخو عَبْد الرَّحْمَنِ بْن شبل، لَهَا جميعا صحبة، ورواية، [مذكور فيمن نزل حمص من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابْن عِيسَى: عَبْد اللَّهِ بْن شبل الأَنْصَارِيّ كَانَ أحد النقباء، بلغني أَنَّهُ مات فِي إمارة مُعَاوِيَة [2]]
(1571) عبد الله بْن شبيل الأحمسي،
فِي صحبته نظر، قدم سنة ثمان وعشرين غازيا أذربيجان فِي زمن عُثْمَان فأعطوه الصلح الَّذِي كَانَ صالحهم عَلَيْهِ حذيفة.
(1572) عبد الله بْن الشخير [3] بْن عوف بْن كَعْب بْن وقدان الحرشي [4] ثُمَّ العامري،
من الحريش، وهم بطن من بني عَامِر بْن صعصعة، لَهُ صحبة ورواية.
يعد فِي البصريين، هُوَ والد مطرف الفقيه، وأخيه يَزِيد أَبِي العلاء.
(1573) عبد الله بْن شداد بْن الهاد اللَّيْثِيّ العتواري،
ولد على عهد رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ من أهل العلم. روى عن عمر، وعلى، وعن أبيه شداد ابن الهاد، وسيأتي [5] ذكر أَبِيهِ فِي موضعه من هَذَا الكتاب إن شاء الله تعالى.
روى عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن شداد هَذَا الشَّعْبِيّ، وَإِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن سَعْد، وغيرهما.
(1574) [عبد الله بن شريح بْن هانئ بْن يَزِيد الحارثي. قدم أبوه شريح على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسأله عَنْ ولده لحديث ذكره أَبُو عُمَر فِي باب أَبِيهِ [2]] .
(1575) عبد الله بْن شريك بن أنس بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل الأنصاري الأشهلي.
شهد أحدا مع أَبِيهِ شُرَيْك بْن أنس.
__________
[1] في س: الحراني.
[2] ليس في س.
[3] بكسر الشين وتشديد الخاء المعجمتين (التقريب) .
[4] بفتح الحاء المهملة وفتح الراء، وآخره معجمة والإصابة واللباب، وفي هوامش الاستيعاب:
قوله الحريشيّ ثم العامري غير مستقيم، وكان ينبغي أن يقول: العامري ثم الحرشيّ (68) .
[5] سبق صفحه 695.(3/926)
(1576) عبد الله بْن شهاب بْن عَبْد اللَّهِ بْن الْحَارِث بْن زهرة بْن كلاب القرشي الزُّهْرِيّ،
وَهُوَ جد ابْن شهاب الزُّهْرِيّ الفقيه.
قال الزُّبَيْر: هما أخوان، عَبْد اللَّهِ الأكبر، وعبد الله الأصغر ابنا شهاب بْن عَبْد اللَّهِ بْن الْحَارِث بْن زهرة [بْن كلاب] [1] ، كَانَ اسم عَبْد اللَّهِ بْن شهاب الأكبر عبد الجان، فسماه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد اللَّهِ. كان من المهاجرين إلى إِلَى أرض الحبشة، ومات بمكة قبل الهجرة إِلَى المدينة، وأخوه عَبْد اللَّهِ بْن شهاب الأصغر، شهد أحدا مع المشركين، ثُمَّ أسلم بعد.
[وهو جد مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن عُبَيْد الله بْن عَبْد اللَّهِ بْن شهاب الفقيه] [2] قَالَ ابْن إِسْحَاق: هُوَ الَّذِي شج رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه.
وَابْن قميئة جرح وجنته، وعتبة كسر رباعيته. وحكى الزبير، عن عبد الرحمن ابن عَبْد اللَّهِ بْن عَبْد الْعَزِيزِ الزُّهْرِيّ، قَالَ: مَا بلغ أحد الحلم من ولد عُتْبَة بْن أَبِي وَقَّاص إلا بخر أو هتم، لكسر عُتْبَة رباعية رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقيل: إن عَبْد اللَّهِ بْن شهاب الأصغر هُوَ جد الزُّهْرِيّ من قبل أمه، وأما جده من قبل أَبِيهِ فهو عَبْد اللَّهِ بْن شهاب الأكبر، وإن عَبْد اللَّهِ الأصغر هُوَ الَّذِي هاجر إِلَى أرض الحبشة، ثُمَّ قدم مكة، فمات بها قبل الهجرة.
وقد رَوَى أن ابْن شهاب قيل لَهُ: شهد جدك بدرا؟ قَالَ: شهدها من ذَلِكَ الجانب- يَعْنِي مع المشركين، والله أعلم أي جديه أراد.
(1577) عبد الله بْن صَفْوَان بْن أُمَيَّة الْجُمَحِيّ.
وروى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى الله عليه وسلم
__________
[1] ليس في س.
[2] من س. (الاستيعاب ج 3- م 3)(3/927)
أَنَّهُ قَالَ: ليغزون هَذَا البيت جيش يخسف بهم بالبيداء. منهم من جعله مرسلا، ومنهم من أدخله فِي المسند. روى عَنْهُ جماعة منهم أُمَيَّة بْن عَبْد اللَّهِ بْن صَفْوَان.
قتل عَبْد اللَّهِ بْن صَفْوَان فِي يَوْم واحد مع ابْن الزُّبَيْر، سنة ثلاث وسبعين، وبعث الْحَجَّاج برأسه، وبرأس ابْن الزُّبَيْر، ورأس عُمَارَة بْن عَمْرو بْن حزم، إِلَى المدينة، فنصبوها، وجعلوا يقربون رأس ابْن صَفْوَان إِلَى رأس ابْن الزُّبَيْر كأنه يساره، يلعبون [1] بذلك، ثم بعثوا برءوسهم إِلَى عَبْد الْمَلِكِ، وصلب جثة ابْن الزُّبَيْر على ثنية أهل المدينة عِنْدَ المقابر
(1578) عبد الله بْن صَفْوَان الخزاعي،
ذكره بعضهم فِي الرواة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ: لَهُ صحبة، وَهُوَ عندي مجهول لا يعرف.
(1579) عبد الله بْن صَفْوَان بْن قدامة التميمي.
قدم مع أَبِيهِ صَفْوَان بْن قدامة على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعه أخوه، وَكَانَ اسمه عبد نهم، فسماه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد اللَّهِ، وأخوه عَبْد الرَّحْمَنِ [2] بْن صَفْوَان.
(1580) عبد الله بْن ضمرة الْبَجَلِيّ.
مخرج حديثه عَنْ قوم من ولده. روى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فضل جَرِير الْبَجَلِيّ قوله صَلَّى الله عليه وسلم: إذا أتاكم كريم قول فأكرموه من ولده صابر بْن سَالِم بْن حميد بن يزيد بن عبد الله ابن ضمرة.
(1581) عبد الله بْن طارق بْن عَمْرو بْن مَالِك البلوي.
حليف لبني ظفر من الأنصار، شهد بدرا، وأحدا، وَهُوَ أحد النفر الستة الذين بعثهم رسول الله صلى الله إِلَى رهط من عضل والقارة، فِي آخر سنة ثلاث من الهجرة، ليفقهوهم
__________
[1] في أسد الغابة: يسخرون بذلك.
[2] في أسد الغابة: فسماهما عبد الله وعبد الرحمن، وكان اسماهما عبد نهم وعبد العزى.
(ظهر الإستيعاب ج 3- م 3)(3/928)
فِي الدين، ويعلموهم القرآن، وشرائع الإسلام، فخرجوا معهم حَتَّى إذا كانوا بالرجيع- وَهُوَ ماء لهذيل بناحية الحجاز- استصرخوا عليهم هذيلا، وغدروا بهم، فقاتلوا حَتَّى قتلوا، وهم: عَاصِم بْن ثابت، ومرثد بن أبى مرثد، وخبيب ابن عدي، وخالد بْن البكير، وزيد بْن الدثنة، وعبد الله بْن طارق، فأما مرثد، وخالد، وعاصم فقاتلوا حَتَّى قتلوا، وأما خبيب، وعبد الله، وزيد فلانوا ورقوا ورغبوا فِي الحياة، فأعطوا بأيديهم، فأسروا، ثُمَّ خرجوا بهم إِلَى مكة، حَتَّى إذا كانوا بالظهران انتزع عَبْد اللَّهِ بْن طارق يده من القران، وأخذ سيفه، واستأخر عَنِ القوم، فرموه بالحجارة حَتَّى قتلوه. قبره بالظهران، وقد ذكره حَسَّان فِي شعره الّذي يرنى بِهِ أصحاب الرجيع: عاصم بْن ثَابِت، ومرثد ابن أَبِي مرثد، ومن ذكر معهما، فَقَالَ: [1]
وابن الدثنة وَابْن طارق [2] منهم ... وافاه ثُمَّ حمامه المكتوب
وأول هذا الشعر:
صَلَّى الإله على الذين تتابعوا ... يوم الرجيع فأكرموا وأثيبوا
(1582) عبد الله بْن أَبِي طَلْحَة الأنصاري،
واسم أبي طلحة زيد بن سهل، ولد عَبْد اللَّهِ على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبعثت بِهِ أمه أم سُلَيْم ابنها [3] أنس بْن مَالِك إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحنكه بتمرة، ودعا لَهُ، وسماه عَبْد اللَّهِ. قال أنس بْن مَالِك: فما كَانَ فِي الأنصار ناشى أفضل منه.
وقال علي بْن المديني: سمعت سُفْيَان بْن عُيَيْنَة يَقُول: ولد لعبد الله بْن أَبِي طَلْحَة عشر ذكور كلهم قراء القرآن.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: أكثر العلم وأشهرهم بِهِ إِسْحَاق بْن عَبْد اللَّهِ بن أبى طلحة
__________
[1] ديوانه: 28
[2] في الديوان: وابن لطارق وابن دثنة.
[3] هو أخو عبد الله بن أبى طلحة لأمه.(3/929)
شيخ مَالِك رحمة الله عَلَيْهِ، وشهد عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي طَلْحَة مع علي رضى الله عَنْهُ صفين، رَوَى عَنْهُ ابناه إِسْحَاق وعبد الله.
(1583) عبد الله بْن طهفة الغفاري.
يقال لَهُ ولأبيه صحبة، والأمر فِي ذَلِكَ مختلف مضطرب جدا، وَهُوَ من أصحاب الصفة.
(1584) عبد الله بْن عَامِر البلوي،
حليف لبني ساعدة من الأنصار، شهد بدرا.
(1585) عبد الله بْن عَامِر بْن رَبِيعَة العدوي،
حليف لهم، كنيته أَبُو مُحَمَّد، واختلف فِي نسب أَبِيهِ عَامِر بْن رَبِيعَة، فنسب إِلَى نزار، ونسب إِلَى مذحج فِي اليمن، قد ذكرنا [1] ذَلِكَ عِنْدَ ذكرنا لَهُ فِي بابه من كتابنا هَذَا، ولم يختلف فِي أَنَّهُ حليف للخطاب بْن نفيل، وعبد الله بْن عَامِر هَذَا هُوَ عَبْد اللَّهِ بْن عَامِر بْن رَبِيعَة الأكبر، صحب هُوَ وأبوه النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واستشهد يَوْم الطائف مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
(1586) عبد الله بن عَامِر بْن رَبِيعَة الأصغر،
ولد على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقيل: فِي سنة ست من الهجرة وحفظ عَنْهُ وَهُوَ صغير، وتوفي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ ابْن أربع سنين أو خمس سنين. وأمه وأم [2] أخيه المتقدم ذكره ليلى بِنْت أَبِي حثمة [بْن غانم [3]] بْن عبد الله بن عبيد ابن عويج بْن عدي بْن كَعْب. وأبوهما عَامِر بْن رَبِيعَة من كبار الصحابة، حليف للخطاب بْن نفيل. وعبد الله بْن عَامِر هَذَا هو القائل يرثى زيد بن عمر
__________
[1] سيأتي على حسب الترتيب الجديد للكتاب.
[2] في أسد الغابة: وأمه أم أخيه.
[3] ليس في أسد الغابة.(3/930)
ابن الخطاب، وَكَانَ قتل فِي حرب كانت بين عدي بْن كَعْب جناها بنو أَبِي جهيم ابن أبى حذيفة وابن مطيع:
إن عديا ليلة البقيع ... تكشفوا عَنْ رجل صريع
مقاتلٍ [1] فِي الحسب الرفيع ... أدركه شؤم بني مطيع
وقال الْبُخَارِيّ: قَالَ لنا أَبُو اليمان: حَدَّثَنَا شعيب، عَنِ الزُّهْرِيّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بْن عَامِر بْن رَبِيعَة- وَكَانَ من أكبر بني عدي قال أَبُو عُمَر: نسبه إِلَى حلفه، وكذلك كانوا يفعلون. رَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ، عَنْ زِيَادٍ مَوْلًى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: جَاءَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَارِنَا، وَكُنْتُ أَلْعَبُ، فَقَالَتْ أُمِّي: يَا عَبْدَ اللَّهِ، تَعَالَ أُعْطِكَ، فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيَهُ؟ قَالَتْ: أَرَدْتُ أَنْ أُعْطِيَهُ تَمْرًا. قَالَ: أَمَا أَنَّكِ لَوْ لَمْ تَفْعَلِي كتبت عليك كذبة. وتوفى عبد الله بن عامر بن ربيعة سنة خمس وثمانين، يكنى أبا محمد.
(1587) عبد الله بْن عَامِر بْن كريز بْن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصي القرشي العبشمي،
ابْن خال عُثْمَان بْن عَفَّان. أم عُثْمَان أروى بِنْت كريز، وأمها وأم عَامِر بْن كريز البيضاء أم حكيم بِنْت عبد المطلب. وأم عَبْد اللَّهِ بْن عامر ابن رَبِيعَة دجاجة بِنْت أَسْمَاء بْن الصلت، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ فأتى بِهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صغير، فَقَالَ: هَذَا شبهنا [2] ، وجعل يتفل عَلَيْهِ ويعوذه، فجعل عَبْد اللَّهِ يتسوغ [3] ريق رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم،
__________
[1] في ى: مقابل
[2] في أسد الغابة: يشبهنا.
[3] في أسد الغابة: يبتلع ريق رسول الله.(3/931)
فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنه لمسقى، فكان لا يعالج أرضا إلا ظهر لَهُ الماء. قيل: لما أتي بعبد الله بْن عَامِر بْن كريز إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لبني عبد شمس: هَذَا أشبه بنا منه بكم، ثُمَّ تفل فِي فِيهِ، فازدرده، فَقَالَ: أرجو أن يكون مسقيا، فَكَانَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
وقد أتي عبد المطلب بْن هاشم بأبيه عَامِر بْن كريز وَهُوَ ابْن ابنته أم حكيم البيضاء، فتأمله عبد المطلب، وَقَالَ: مَا ولدنا ولدا أحرص منه، وكانت أم حكيم البيضاء بِنْت عبد المطلب بْن هاشم تحت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، فولدت لَهُ عامرا أَبَا عَبْد اللَّهِ بْن عَامِر هَذَا. وقد رَوَى عَبْد اللَّهِ بْن عَامِر هَذَا عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما أظنه سمع منه ولا حفظ عَنْهُ.
ذَكَرَ الْبَغَوِيُّ، عَنْ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَرِيزٍ، قالا:
قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. رواه موسى ابن هارون الحمّال، عن معصب بإسناده سواء. قال الزُّبَيْر وغيره: كَانَ عَبْد اللَّهِ بْن عَامِر سخيا، كريما حليما، مَيْمُون النقيبة، كَثِير المناقب، هُوَ افتتح خراسان، وقتل كسرى فِي ولايته، وأحرم من نيسابور شكرا الله تعالى، وَهُوَ الَّذِي عمل السقايات بعرفة.
قال صَالِح بْن الوجيه، وخليفة بْن خياط: وفي سنة تسع وعشرين عزل عُثْمَان أَبَا مُوسَى الأشعري عَنِ البصرة، وعثمان بْن أَبِي الْعَاص عَنْ فارس، وجمع ذَلِكَ كله لعبد الله بْن عَامِر بْن كريز. وقال صَالِح: وَهُوَ ابن أربع وعشرين سنة.(3/932)
وقال أَبُو اليقظان: قدم ابْن عَامِر البصرة واليا عليها، وَهُوَ ابْن أربع أو خمس وعشرين سنة، ولم يختلفوا انه افتتح أطراف فارس كلها، وعامة خراسان وأصبهان وحلوان وكرمان، وَهُوَ الَّذِي شق نهر البصرة، ولم يزل واليا لعثمان على البصرة إلى أن قتل عُثْمَان رضى الله عَنْهُ، وَكَانَ ابْن عمته، لأن أم عُثْمَان أروى بِنْت كريز، ثُمَّ عقد لَهُ مُعَاوِيَة على البصرة، ثُمَّ عزله عنها، وَكَانَ أحد الأجواد، أوصى إِلَى عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر، ومات قبله بيسير، وَهُوَ الَّذِي يَقُول فِيهِ زِيَاد يرثيه:
فإن الَّذِي أعطى العراق ابْن عامرٍ ... لربي الَّذِي أرجو لستر مفاقري
وفيه يَقُول زِيَاد الأعجم:
أخ لك لا تراه الدهر إلا ... على العلات بساما جوادا
أخ لك مَا مودته بمزقٍ ... إذا مَا عاد فقر أخيه عادا
سألناه الجزيل فما تلكا ... وأعطى فوق منيتنا وزادا
وأحسن ثُمَّ أحسن ثُمَّ عدنا ... فأحسن ثُمَّ عدت لَهُ فعادا
مرارا مَا رجعت إله إلا ... تبسم ضاحكا وثنى الوسادا
(1588) عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بْن عبد مناف بْن قصي القرشي الهاشمي.
يكنى أَبَا الْعَبَّاس، ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، وَكَانَ ابْن ثلاث عشرة سنة إذ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، هَذَا قول الْوَاقِدِيّ والزبير. قال الزُّبَيْر وغيره من أهل العلم بالسير والخبر: ولد عَبْد الله ابن الْعَبَّاس فِي الشعب قبل خروج بني هاشم منه، وذلك قبل الهجرة بثلاث(3/933)
سنين. وَرُوِّينَا مِنْ وُجُوهٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عَشْرِ سِنِينَ، وَقَدْ قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ يَعْنِي الْمُفَصَّلَ. هَذِهِ رواية أَبِي بشر عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر. وقد رَوَى عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنَا خَتِينٌ أَوْ قَالَ مَخْتُونٌ. وَلا يَصِحُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. قَالَ عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال أَبِي: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. وقال الزُّبَيْرِيّ:
يروى عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ فِي حجة الوداع: وكنت يومئذ قد ناهزت الحلم.
قال أَبُو عُمَر: وما قاله أهل السير والعلم بأيام الناس عندي أصح، والله أعلم، وَهُوَ قولهم إنّه ابْن عَبَّاس كَانَ ابْن ثلاث عشرة سنة يَوْم توفي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ومات عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس بالطائف سنة ثمان وستين فِي أيام ابْن الزُّبَيْر، وَكَانَ ابْن الزُّبَيْر قد أخرجه من مكة إِلَى الطائف، ومات بها وَهُوَ ابْن سبعين سنة، وقيل ابْن إحدى وسبعين سنة. وقيل: ابْن أربع وسبعين سنة، وصلى عَلَيْهِ مُحَمَّد ابْن الحنفية، وكبر عَلَيْهِ أربعا، وَقَالَ: اليوم مات رباني هَذِهِ الأمة، وضرب على قبره فسطاطا.
وروى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وجوه أَنَّهُ قَالَ لعبد الله بن عباس:(3/934)
اللَّهمّ علمه الحكمة وتأويل القرآن، وفي بعض الروايات: اللَّهمّ فقّهه في الدين.
علمه التأويل. وفي حديث آخر: اللَّهمّ بارك فِيهِ، وانشر منه، واجعله من عبادك الصالحين. وفي حديث آخر اللَّهمّ زده علما وفقها. وهي كلها أحاديث صحاح.
وقال مُجَاهِد عَنِ ابْن عَبَّاس: رأيت جبرئيل عِنْدَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرتين، ودعا لي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحكمة مرتين.
وكان عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يحبه ويدنيه ويقربه ويشاوره مع أجلة الصحابة. وكان عُمَر يَقُول: ابْن عَبَّاس فتى الكهول، لَهُ لسان قئول، وقلب عقول. وروى عَنْ مسروق عَنِ ابْن مَسْعُود أَنَّهُ قَالَ: نعم ترجمان القرآن ابْن عَبَّاس، لو أدرك أسناننا مَا عاشره منا رجل.
وقال ابْن عُيَيْنَة، عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ قَالَ: مَا سمعت فتيا أحسن من فتيا ابْن عَبَّاس، إلا أن يَقُول قائل: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وروي مثل هَذَا عَنِ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد. قال طاوس: أدركت نحو خمسمائة من أصحاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا ذاكروا ابْن عَبَّاس فخالفوه لم يزل يقررهم حَتَّى ينتهوا إِلَى قوله. وقال يَزِيد بْن الأصم: خرج مُعَاوِيَة حاجا، معه ابْن عَبَّاس، فكان لمعاوية موكب، ولابن عَبَّاس موكب ممن يطلب العلم.
وَرَوَى شُرَيْكٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ قَالَ:
كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قُلْتُ: أَجْمَلُ النَّاسِ. فَإِذَا تَكَلَّمَ قُلْتُ: أفَصْحُ النَّاسِ. وَإِذَا تَحَدَّثَ قُلْتُ: أَعْلَمُ النَّاسِ.
وَذَكَرَ الْحُلْوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ. حَدَّثَنَا شَقِيقٌ(3/935)
أَبُو وَائِلٍ، قَالَ: خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، وَهُوَ عَلَى الْمَوْسِمِ، فَافْتَتَحَ سُورَةَ النُّورِ، فَجَعَلَ يَقْرَأَ وَيُفَسِّرَ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: مَا رَأَيْتُ وَلا سَمِعْتُ كَلامَ رَجُلٍ مِثْلِهِ، وَلَوْ سَمِعَتْهُ فَارِسُ، وَالرُّومُ، وَالتُّرْكُ، لأَسْلَمَتْ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْن آدم، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عَنْ شقيق مثله.
وقال عَمْرو بْن دينار: مَا رأيت مجلسا أجمع لكل خير من مجلس ابْن عَبَّاس:
الحلال، والحرام، والعربية، والأنساب، وأحسبه قَالَ: والشعر.
وقال أَبُو الزناد، عَنْ عُبَيْد الله بْن عَبْد اللَّهِ، قَالَ: مَا رأيت أحدا كَانَ أعلم بالسنة، ولا أجل رأيا، ولا أثقب نظرا من ابْن عَبَّاس، ولقد كَانَ عُمَر يعده للمعضلات مع اجتهاد عُمَر ونظره للمسلمين.
وقال الْقَاسِم بْن مُحَمَّد: مَا رأيت فِي مجلس ابْن عَبَّاس باطلا قط، وما سمعت فتوى أشبه بالسنة من فتواه، وَكَانَ أصحابه يسمونه البحر، ويسمونه الحبر.
قال عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي بْن أَبِي زَيْد الهلالي:
ونحن ولدنا الْفَضْل والحبر بعده ... عنيت أَبَا الْعَبَّاس ذا الْفَضْل والندى
وقال أَبُو عَمْرو بْن العلاء: نظر الحطيئة إِلَى ابْن عَبَّاس فِي مجلس عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ غالبا عَلَيْهِ، فَقَالَ: من هَذَا الَّذِي برع الناس بعلمه، ونزل عنهم بسنه، قَالُوا: عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس، فَقَالَ فِيهِ أبياتا منها:
إِنِّي وجدت بيان المرء نافلةً ... تهدى لَهُ ووجدت العىّ كالصمم
والمرء يفنى ويبقى سائر الكلم ... وقد يلام الفتى يوما ولم يلم(3/936)
وفيه يقول حسان بن ثابت رضي الله عنه [1] :
إذا مَا ابْن عباسٍ بدا لك وجهه ... رأيت لَهُ فِي كل أحواله فضلا
إذا قَالَ لم يترك مقالا لقائلٍ ... بمنتظماتٍ [2] لا ترى بينها فصلا
كفى وشفى مَا فِي النفوس فلم يدع ... لذي إربةٍ فِي القول جدا ولا هزلا
سموت إِلَى العليا بغير مشقةٍ ... فنلت ذراها لا دنيا ولا وغلا
خلقت خليقا للمودة والندى ... فليجا ولم تخلق كهاما ولا جهلا
ويروى أن مُعَاوِيَة نظر إِلَى ابْن عَبَّاس يوما يتكلم، فأتبعه بصره، وقال متمثّلا:
إذا قَالَ لم يترك مقالا لقائلٍ ... مصيبٍ ولم يثن اللسان على هجر
يصرف بالقول اللسان إذا انتحى ... وينظر فِي أعطافه نظر الصقر
وروى أن عَبْد اللَّهِ بْن صَفْوَان بْن أُمَيَّة مر يوما بدار عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس بمكة، فرأى جماعة من طالبي الفقه، ومر بدار عُبَيْد الله بْن عَبَّاس، فرأى فيها جماعة ينتابونها للطعام، فدخل على ابْن الزُّبَيْر. فقال لَهُ: أصبحت والله كما قال الشاعر:
فإن تصبك من الأيام قارعة ... لم نبك منك عليه دنيا ولا دين
قال: وما ذاك يَا أعرج؟ قَالَ: هذان ابنا عَبَّاس، أحدهما يفقه الناس والآخر يطعم الناس، فما أبقيا لك مكرمة، فدعا عَبْد اللَّهِ بْن مطيع. وقال: انطلق إِلَى ابني عَبَّاس، فقل لهما: يَقُول لكما أمير المؤمنين: اخرجا عني، أنتما ومن أصغى إليكما من أهل العراق، وإلا فعلت وفعلت. فقال عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس لابن الزبير:
__________
[1] ديوان: 359.
[2] في الديوان: بملتقطات.(3/937)
والله مَا يأتينا من الناس إلا رجلان: رجل يطلب فقها، ورجل يطلب فضلا، فأي هذين تمنع؟ وَكَانَ بالحضرة أَبُو الطفيل عَامِر بْن واثلة الكناني، فجعل يَقُول:
لا در درّ الليالي كيف تضحكنا ... منهما خطوب أعاجيب وتبكينا
ومثل مَا تحدث الأيام من عبرٍ ... في ابْن الزُّبَيْر عَنِ الدنيا تسلينا
كنا نجيء ابْن عَبَّاس فيسمعنا ... فقها ونكسبنا أجرا ويهدينا
ولا يزال عُبَيْد الله مترعةً ... جفانه مطعما ضيفا ومسكينا
فالبر والدين والدنيا بدارهما ... ننال منها الَّذِي نبغي إذا شينا
إن النَّبِيّ هُوَ النور الَّذِي كشطت ... به عمايات ماضينا وباقينا
ورهطه عصمة فِي دينه لهم ... فضل علينا وحق واجب فينا
ففيم تمنعنا منهم وتمنعهم ... منّا وتؤذيهم فينا وتؤدينا
ولست بأولاهم بِهِ رحما ... يا بْن الزُّبَيْر ولا أولى بِهِ دينا
لن يؤتي الله إنسانا ببغضهم ... في الدين عزا ولا فِي الارض تمكينا
وكان ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قد عمي فِي آخر عمره. وروى عَنْهُ أَنَّهُ رأى رجلا مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يعرفه، فسأل النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ رسول الله صلى اللَّهِ عَلَيْهِ وسلم: أرأيته؟ قَالَ: نعم. قال: ذَلِكَ جبرئيل، أما إنك ستفقد بصرك، فعمي بعد ذَلِكَ فِي آخر عمره، وَهُوَ القائل فِي ذَلِكَ فيما روي عَنْهُ من وجوه:
إن يأخذ الله من عيني نورهما ... ففي لساني وقلبي منهما نور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخلٍ ... وفي فمي صارم كالسيف مأثور(3/938)
يروى أن طائرا أبيض خرج من قبره فتأولوه علمه خرج إِلَى الناس.
ويقال: بل دخل قبره طائر أبيض وقيل: إنه بصره فِي التأويل.
وقال الزُّبَيْر: مات ابْن عَبَّاس بالطائف، فجاء طائر أبيض، فدخل فِي نعشه حين حمل، فما رئي خارجا منه.
شهد عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس مع علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الجمل وصفين والنهروان، وشهد معه الْحَسَن والحسين وَمُحَمَّد بنوه، وعبد الله وقثم ابنا الْعَبَّاس، وَمُحَمَّد وعبد الله وعون بنو جَعْفَر بْن أَبِي طالب. والمغيرة بن نوفل بن الحارث ابن عبد المطلب، وعقيل بْن أَبِي طالب، وعبد الله بن ربيعة بن الحارث ابن عبد المطلب.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد ابن الْحُسَيْنِ الصُّوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: كَانَ نَاسٌ يَأْتُونَ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي الشِّعْرِ وَالأَنْسَابِ، وَنَاسٌ يَأْتُونَ لأَيَّامِ الْحَرْبِ وَوَقَائِعَهَا، وَنَاسٌ يَأْتُونَ لِلْعِلْمِ وَالْفِقْهِ، مَا مِنْهُمْ صِنْفٌ إِلا يُقْبِلُ عَلَيْهِمْ بِمَا شاءوا.
(1589) عبد الله بْن عبد الأسد بْن هِلال بن عبد الله بن عمرو [1] بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي الْمَخْزُومِيّ،
أَبُو سَلَمَة زوج أم سَلَمَة قبل النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أمه برة بِنْت عبد المطلب بْن هاشم.
قال ابْن إِسْحَاق: أسلم بعد عشرة أنفس، فكان الحادي عشر من المسلمين، هاجر مع زوجته أم سَلَمَة إِلَى أرض الحبشة. قال مصعب الزبيري: أول من
__________
[1] في أسد الغابة: ابن عمر(3/939)
هاجر إِلَى أرض الحبشة أَبُو سَلَمَة بْن عبد الأسد، ثُمَّ شهد بدرا، وَكَانَ أخا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واخا حَمْزَة من الرضاعة، أرضعته ثويبة مولاة أَبِي لهب، أرضعت حَمْزَة ثُمَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَبَا سَلَمَة، واستخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة حين خرج إِلَى غزوة العشيرة، وكانت فِي السنة الثانية من الهجرة.
توفي أَبُو سَلَمَة فِي جمادى الآخرة سنة ثلاث من الهجرة، وَهُوَ ممن غلبت عَلَيْهِ كنيته، وَكَانَ عِنْدَ وفاته قَالَ: اللَّهمّ اخلفني فِي أهلي بخير، فأخلفه [1] رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على زوجته أم سَلَمَة، فصارت أما للمؤمنين، وصار رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ربيب بنيه: عُمَر، وسلمة، وزينب.
(1590) عبد الله بْن عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي ابْن سلول الأَنْصَارِيّ،
من بني عوف ابْن الخزرج. وسلول امرأة من خزاعة هي أم أَبِي بن مالك [بن الحارث ابن عُبَيْد [2]] بْن سَالِم بْن غنم بْن عَمْرو [3] بْن الخزرج. وسالم بْن غنم يعرف بالحبلى، لعظم بطنه، ولبني الحبلى شرف فِي الأنصار، وَكَانَ اسمه الْحُبَاب، فسماه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد اللَّهِ، وَكَانَ أبوه عبد الله بن أبىّ ابن سلول يكنى أَبَا الْحُبَاب، بابنه الْحُبَاب، وَكَانَ رأس المنافقين، وممن تولى كبر الإفك فِي عَائِشَة، وابنه عَبْد اللَّهِ هَذَا من فضلاء الصحابة وخيارهم، شهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان أبوه عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي من أشراف الخزرج، وكانت الخزرج قد اجتمعت
__________
[1] في أسد الغابة: خلفه.
[2] من أسد الغابة.
[3] في أسد الغابة: بن عوف.(3/940)
على أن يتوجوه، ويسندوا أمرهم إِلَيْهِ قبل مبعث النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما جاء الله بالإسلام نفس على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النبوة، وأخذته العزة، فلم يخلص الإسلام، وأضمر النفاق حسدا وبغيا، وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِي غزوة تبوك [1] : لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ. 63: 8 فقال ابنه لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هُوَ الذليل يَا رَسُول اللَّهِ، وأنت العزيز، وَقَالَ لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن أذنت لي فِي قتله قتلته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتحدث الناس أَنَّهُ يقتل أصحابه، ولكن بر أباك وأحسن صحبته. فلما مات سأله ابنه الصلاة عَلَيْهِ، فنزلت [2] : «وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً، وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ» . 9: 84 وسأله أن يكسوه قميصه يكفن فِيهِ، لعله يخفف عَنْهُ، ففعل.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، حَدَّثَنَا الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ مَاتَ أَبُوهُ، فَقَالَ:
أَعْطِنِي قَمِيصَكَ أُكَفِّنَهُ فِيهِ، وَصَلِّ عَلَيْهِ، وَاسْتَغْفِرْ لَهُ، فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ، وَقَالَ: إِذَا فَرَغْتُمْ فَآذِنُونِي، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ جَذَبَهُ عُمَرُ، وَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ نَهَى اللَّهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَنَا بَيْنَ خَيْرَتَيْنِ:
اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ. 9: 80 فَصَلَّى عَلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وجل: وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ... 9: 84 الآية. فترك الصلاة عليهم.
__________
[1] سورة المنافقون، آية 8.
[2] سورة التوبة، آية 84.(3/941)
قال أبو عمر: كان رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يثني على عَبْد اللَّهِ ابن عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي هَذَا، واستشهد عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي يَوْم اليمامة فِي خلافة أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا سنة اثنتي عشرة. وروت عَنْهُ عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
(1591) عبد الله بْن عَبْد اللَّهِ الأعشى المازني.
قد تقدم [1] ذكره فِي باب العبادلة بأن أباه عَبْد اللَّهِ يعرف بالأعور. ويعرف بالأطول أيضا. روى عَنْهُ معن بْن ثعلبة، وصدقة المازني والد طيلسة بْن صدقة.
(1592) عبد الله بْن عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي أُمَيَّة الْمَخْزُومِيّ،
ابْن أخي أم سَلَمَة زوج النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذكره جماعة من المؤلفين، وفيه نظر.
روى عَنْهُ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر، وَمُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن ثوبان. ولا تصح لَهُ صحبة عنده، لصغره، ولكنا ذكرناه على شرطنا. روايته عَنْ أم سَلَمَة، وقد ذكرنا أباه فِي بابه.
(1593) عَبْد اللَّهِ بْن عَبْد اللَّهِ بْن هِلال،
أو عُبَيْد بْن هِلال، ويقال ابْن عبد هِلال [2] ، رأى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صغير، وحفظ عَنْهُ أَنَّهُ برك عَلَيْهِ، قَالَ: فما أنسى برد يد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على يافوخي، وَكَانَ يقوم الليل ويصوم النهار.
(1594) عبد الله بْن عَبْد الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيّ الأشهلي.
له صحبة ورواية. من حديثه عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلَّى [بنا فِي مسجد [3]] بني عبد الأشهل، رَوَى عَنْهُ إِسْمَاعِيل بن أبى حبيبة.
__________
[1] صفحة 866.
[2] في س: عبد الله بن عبد بن هلال.
[3] من أسد الغابة.(3/942)
(1595) عَبْد اللَّهِ بْن عَبْد الرَّحْمَنِ،
أَبُو رويحة الخثعمي. مذكور فِي الكنى.
(1596) عبد الله بْن عبد المدان.
وعبد المدان اسمه عَمْرو بْن الديان، والديان اسمه يَزِيد بْن قطن بْن زِيَاد بْن الْحَارِث بْن مَالِك بْن رَبِيعَة بْن كَعْب بْن الْحَارِث بْن كَعْب الحارثي.
قال الطبري: وفد على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد بني الْحَارِث بْن كَعْب، فَقَالَ: من أنت؟ قَالَ: أنا عبد الحجر [1] . قَالَ: أنت عَبْد اللَّهِ، فأسلم. وكانت ابنته عَائِشَة عِنْدَ عُبَيْد الله بْن الْعَبَّاس، وهي التي قتل ولديها بسر ابن أرطاة.
(1597) عبد الله بْن عَبْد الْمَلِكِ.
وقيل عَبْد اللَّهِ بْن مَالِك، ويقال عَبْد اللَّهِ بْن عبد بْن مَالِك بْن عَبْد اللَّهِ بْن ثعلبة بْن غفار بْن مليل، يعرف بأبي اللحم الغفاري.
روى عَنْهُ مولاه عُمَيْر. قيل: إنما قيل له أبي اللحم، لأنه كان لا يأكل مَا ذبح على النصب فِي الجاهلية. وقيل: بل قيل لَهُ ذَلِكَ لأنه كَانَ لا يأكل اللحم ويأباه. وقيل اسم أَبِي اللحم الحويرث، وقد ذكرناه [2] . قتل أَبِي اللحم يَوْم حنين.
(1598) عبد الله بْن عبد مناف بْن النعمان بْن سنان بْن عُبَيْد بن عدىّ بن غنم ابن كَعْب بْن سَلَمَة الأَنْصَارِيّ،
شهد بدرا، وأحدا، يكنى أَبَا يَحْيَى.
(1599) عبد الله بْن عبد.
ويقال عبد بْن عبد، أَبُو الْحَجَّاج الثمالي. ويقال:
عَبْد اللَّهِ بْن عائذ الثمالي، وثمالة فِي الأزد، يعد فِي الشاميين.
رَوَى عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَائِذٍ الأَسَدِيُّ. حَدِيثَهُ عِنْدَ بقية بن الوليد، عن
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: عبد الحجر- بكسر الحاء وسكون الجيم. وقال ابن الكلبي والطبري بفتحهما.
[2] صفحة 135.(3/943)
أبي مريم، عن الهيثم بن مالك الطائي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ الأَزْدِيِّ، عَنْ أَبِي الْحَجَّاجِ الثُّمَالِيِّ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ الْقَبْرُ لِلْمَيِّتِ حين يوضع فيه: ويحك يا بن آدَمَ! مَا غَرَّكَ بِي! أَلَمْ تَعْلَمْ أَنِّي بيت الفتنة، وبيت الظلمة، وبيت الوحدة، وبيت الدُّودِ! مَا غَرَّكَ بِي إِذْ كُنْتَ تَمُرُّ بِي فَدَّادًا [1] ! قَالَ: فَإِنْ كَانَ مُصْلِحًا أَجَابَ عنه مجيب القبر، فيقول: أرأيت أن كان يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ؟ فَيَقُولُ الْقَبْرُ: إِنِّي إِذَنْ أَعُودُ عَلَيْهِ خَضِرًا [2] ، وَيَعُودُ جَسَدُهُ عَلَيْهِ نُورًا، وَيَصْعَدُ بِرُوحِهِ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ. قال ابن عائذ: فقلت: يا أبا الحجاج، ما الفداد؟ قال: الذي يقدم رجلا ويؤخر أخرى، كمشيتك يَا بْن أخي أحيانا، وَهُوَ يتلبس يومئذ ويتهيأ. وله حديث آخر رواه عَنْهُ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي عوف الجرشي.
(1600) عبد الله بْن عبس،
ويقال: ابْن عبيس، والأكثر يقولون عبد الله ابن عبس الأَنْصَارِيّ الخزرجي، ليس لعبد الله بْن عبس عقب، وَهُوَ من بني عدي بْن كَعْب بْن الخزرج، شهد بدرا وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وليس هَذَا من أَبِي عبس بْن جُبَيْر، ينسب هَذَا خزرجي، وَأَبُو عبس أوسي، إلا أنهما من الأنصار جميعا.
(1601) عبد الله بْن عبيس.
شهد بدرا، ولم ينسبوه، وقالوا: هُوَ من حلفاء بني الْحَارِث بْن الخزرج.
(1602) عبد الله بْن عُتْبَة، أَبُو قَيْس الذكواني.
مدني، رَوَى عَنْهُ سَالِم بْن عَبْد اللَّهِ بن عمرو.
__________
[1] قيل: أراد ذا أمل كبير (النهاية) .
[2] خضرا: نعما غضة (النهاية) .(3/944)
(1603) عبد الله بْن عُتْبَة بْن مَسْعُود الهذلي،
ابْن أخي عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود، وذكره العقيلي فِي الصحابة فغلط، وإنما هُوَ تابعي من كبار التابعين بالكوفة، هو والد عُبَيْد الله بْن عَبْد اللَّهِ بْن عُتْبَة الفقيه المدني الشاعر، شيخ ابْن شهاب، استعمله عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. روى عَنْهُ ابنه عُبَيْد الله [1] بْن عَبْد اللَّهِ، وحميد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عوف، وَمُحَمَّد بْن سِيرِين، وعبد الله بْن معبد الذماري، وَرَوَى عَنْهُ ابنه حَمْزَة بْن عَبْد اللَّهِ بْن عُتْبَة، قَالَ: أذكر أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضع يده على رأسي.
وذكره الْبُخَارِيّ فِي التابعين، وإنما ذكره العقيلي فِي الصحابة لحديث حَدَّثَهُ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ جَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَخِي زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي نَحْوًا مِنْ ثَمَانِينَ رَجُلا، مِنْهُمُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عرفطة، وأبو موسى الأشعري، وعثمان بن مطعون، فَقَالَ جَعْفَرٌ: أَنَا خَطِيبُكُمُ الْيَوْمَ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ فِينَا رَسُولا، وَأَمَرَنَا أَلا نسجد لأحد إلا الله، وَأَمَرَنَا بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ ...
وَسَاقَ الْحَدِيثَ.
قال أَبُو عُمَر: ولو صح هَذَا الحديث لثبتت بِهِ هجرة عَبْد اللَّهِ بْن عُتْبَة إِلَى أرض الحبشة، ولكنه وهم وغلط، والصحيح فِيهِ أن أبا إسحاق رواه عن عبد الله ابن عُتْبَة، عَنِ ابْن مَسْعُود قَالَ: بعثنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي، ونحن نحو من ثمانين رجلا منهم ابْن مسعود، وجعفر بن أبى طالب ... وساق
__________
[1] في أسد الغابة: ابنه عبد الله.(3/945)
الحديث. ولعل الوهم أن يكون دخل على من قَالَ ذَلِكَ لما فِي الحديث منهم ابْن مَسْعُود، وليس يشكل عِنْدَ أحد من أهل هَذَا الشأن أن عَبْد اللَّهِ بْن عُتْبَة ليس ممن أدرك الهجرة إِلَى النجاشي، ولا كَانَ يومئذ مولودا، والله أعلم، ولكنه ولد فِي حياة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأتى بِهِ فمسحه بيده ودعا لَهُ.
وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ، عَنْ وَكِيع، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ وَفَضْلٌ ابْنَا عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالا: حَدَّثَتْنَا أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ جَدَّتِهَا، وَكَانَتْ أُمُّ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ لِسَيِّدِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ: أَيُّ شَيْءٍ تَذْكُرُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: أَذْكُرُ أَنَّنِي غُلامٌ خُمَاسِيٌّ أَوْ سُدَاسِيٌّ [1] أَجْلَسَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حِجْرِهِ، وَمَسَحَ عَلَى وَجْهِي، وَدَعَا لِي وَلِذُرِّيَّتِي بِالْبَرَكَةِ.
(1604) عبد الله بْن عُتْبَة،
أحد بني نفيل، كَانَ فيمن أشار إِلَى فروة بْن هبيرة بلزوم الإسلام- قاله وثيمة، عَنِ ابْن إِسْحَاق
(1605) عبد الله بْن عَتِيك الأَنْصَارِيّ.
من بني عَمْرو بْن عوف. قد تقدم [2] ذكر نسبه عِنْدَ ذكر أخيه جَابِر بْن عَتِيك. وعبد الله هَذَا هُوَ الَّذِي قتل أَبَا رَافِع بْن أَبِي الحقيق اليهودي بيده، وَكَانَ فِي بصره شيء، فنزل تلك الليلة عَنْ درج أَبِي رَافِع بعد قتله إياه، فوثب فكسرت رجله، فاحتمله أصحابه حينا، فلما وصل إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح رجله، قَالَ: فكأني لم أشتكها قط،
__________
[1] علام خماسي: طوله خمسة أشبار. قال في القاموس: ولا يقال سداسي ولا ساعي لانه إذا بلع ستة أشبار فهو رجل.
[2] صفحة 222.(3/946)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لَهُ وللذين توجهوا معه فِي قتل ابْن أَبِي الحقيق، إذ رآهم مقبلين، وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه على المنبر يحطب، فلما رآهم قَالَ:
أفلحت الوجوه. واستشهد عَبْد اللَّهِ بْن عَتِيك يَوْم اليمامة، وأظنه وأخاه شهد بدرا، ولم يختلف أن عَبْد اللَّهِ بْن عَتِيك شهد بدرا، قَالَ ابْن الكلبي وأبوه: إنه شهد صفين مع علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فإن كَانَ هَذَا صحيحا فلم يقتل يَوْم اليمامة.
وقد قيل: إنه ليس بأخ لجابر بْن عَتِيك، وإن أخا جَابِر هُوَ الْحَارِث، والأول أكثر، والله أعلم، لأن الرهط الذين قتلوا ابْن أَبِي الحقيق خزرجيون، والذين قتلوا كعب بن الأشرف أو سيون، كذا قَالَ ابْن إِسْحَاق وغيره، ولم يختلفوا فِي ذَلِكَ، وَهُوَ يصحح قول من قَالَ: إن عَبْد اللَّهِ بْن عَتِيك ليس من الأوس، ولا هُوَ أخو جَابِر بْن عَتِيك، وقد نسب فِي قول خليفة عَبْد اللَّهِ ابن عتيك هذا: عبد الله بن عتيك بْن قَيْس بْن الأسود بْن مري بْن كَعْب بْن غنم بْن سَلَمَة بْن سَعْد بْن علي بْن أَسَد بْن ساردة بْن زيد بن جشم بن الخزرج، مهد أحدا، وقتل يَوْم اليمامة شهيدا، وَرَوَى عَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1606) عبد الله بْن عُثْمَان الأسدي،
من بني أَسَد بن خزيمة حليف لبني عوف ابن الخزرج، قتل يَوْم اليمامة شهيدا.
(1607) عبد الله بْن عدي الأَنْصَارِيّ،
رَوَى عَنْهُ عُبَيْد الله بْن عدي بْن الخيار أَنَّهُ شهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورجل يستأذنه فِي قتل رجل من المنافقين، فَقَالَ لَهُ: أليس يشهد أن لا إله إلا الله ... الحديث. كذا قَالَ مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيّ، عَنْ عُبَيْد الله بْن عدي بْن الخيار، عَنْ عبيد الله بن عدىّ الأنصاري،(3/947)
وتابعه جماعة من أصحاب ابْن شهاب، فقالوا فِيهِ، عَنِ ابْن شهاب، عَنْ عُبَيْد الله بْن عدي بْن الخيار: إن رجلا من الأنصار أخبرهم ... وذكروا قصة الرجل الَّذِي جاء يستأذن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قتل رجل من المنافقين.
وقد جعل بعض الناس هَذَا وَالَّذِي قبله واحدا، وذلك غلط خطأ، والصواب مَا ذكرنا، وباللَّه توفيقنا.
(1608) عبد الله بْن عدي بْن الحمراء القرشي الزُّهْرِيّ،
من أنفسهم. وقيل:
إنه ثقفي حليف لهم، يكني أَبَا عُمَر. وقيل أَبَا عَمْرو، وَقَالَ الْبُخَارِيّ: عَبْد اللَّهِ بْن عدي بْن الحمراء أَبُو عَمْرو.
قال أَبُو عُمَر: لَهُ صحبة ورواية، يعد فِي أهل الحجاز، كَانَ ينزل فيما بين قديد [1] وعسفان [2] .
قال الطبري: هُوَ قرشي زهري من أنفسهم، وذكره فيمن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من بني زهرة.
وقال غيره: ليس من أنفسهم، وذكروا أن شريقا والد الأخنس بْن شريق اشترى عبدا، فأعتقه وأنكحه ابنته، فولدت لَهُ عَبْد اللَّهِ، وَعُمَر، ابني عدي بْن الحمراء.
وقال إِسْمَاعِيل بْن إِسْحَاق القاضي: عَبْد الله بن عدىّ بن الحمراء، قرشىّ
__________
[1] قديد: اسم موضع قرب مكة (ياقوت) .
[2] عسفان: من مكة على مرحلتين.(3/948)
زهري، هُوَ الَّذِي سمع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحزورة [1] قوله فِي فضل مكة، وليس هُوَ عَبْد اللَّهِ بْن عدي بْن الخيار.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله تعالى: رَوَى عَنْهُ أَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّد بْن جُبَيْر بْن مطعم، وَحَدِيثُهُ عند الزهري عند أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِالْحَزْوَرَةِ فِي سُوقِ مَكَّةَ، وَهُوَ يَقُولُ لِمَكَّةَ: وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، وَلَوْ أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ. هذا لفظ ابْن وَهْب، عَنْ يونس ابن زيد، بن ابْن شهاب، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَة بْن عبد الرحمن أنّ عبد الله ابن عدي بْن الحمراء أخبره أَنَّهُ سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف ...
فذكره حرفا بحرف.
(1609) عبد الله بْن عرفطة بْن عدي بْن أُمَيَّة بْن خدارة [2] بْن عوف بْن النجار ابن الخزرج الأَنْصَارِيّ،
شهد بدرا، وَكَانَ ممن هاجر إلى أرض الحبشة مع جعفر ابن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، هُوَ حليف لبني الْحَارِث بْن الخزرج.
(1610) عبد الله بْن عكيم [3] الجهني،
يكنى أَبَا معبد، اختلف فِي سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم. من حديثه عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من علق شيئا وكل
__________
[1] حزورة- بالفتح ثم السكون وفتح الواو وراء وهاء. قال الدار قطنى: كذا صوابه والمحدثون يفتحون الزاى ويشددون الواو، وهو تصحيف. وكانت الحزورة سوق مكة.
وقد دخلت في المسجد لما زيد فيه (ياقوت) .
[2] في أسد الغابة: قاله أبو عمر، وجعله ابن مندة وأبو نعيم من بنى خدرة، وهل الغلط إنما وقع من الكاتب والله أعلم. وفي تاج العروس: خدارة- بالضم أخو خدرة من الأنصار، ومنهم أبو مسعود الخدارى الصحابي- كذا ضبطه ابن عبد البر في الاستيعاب. وابن دريد في الاشتقاق، وقال ابن إسحاق هو جدارة بالجيم المكسورة (مادة خدر) .
[3] عكيم- بالتصغير، كما في التقريب.(3/949)
إِلَيْهِ. وهو القائل: جاءنا كتاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أرض جهينة قبل وفاته بشهر: ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب. يعد فِي الكوفيين.
روى عَنْهُ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي ليلى وهلال الوزّان.
(1611) عبد الله بْن عَمَّار،
رَوَى عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وحديثه مرسل روى عَنْهُ عَبْد اللَّهِ بْن يربوع.
(1612) عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي،
أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ، قد بلغنا فِي نسبه عِنْدَ ذكر أَبِيهِ. أمه وأم أخته حفصة- زينب بِنْت مظعون بْن حَبِيب الْجُمَحِيّ، أسلم مع أَبِيهِ وَهُوَ صغير لم يبلغ الحلم. وقد قيل: إن إسلامه كَانَ قبل إسلام أَبِيهِ، ولا يصح. وكان عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر ينكر ذَلِكَ.
وأصح من ذَلِكَ قولهم: إن هجرته كانت قبل هجرة أَبِيهِ، واجتمعوا أَنَّهُ لم يشهد بدرا، واختلف فِي شهوده أحدا، والصحيح أن أول مشاهده الخندق.
وقال الْوَاقِدِيّ: كَانَ عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر يَوْم بدر ممن لم يحتلم، فاستصغره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورده، وأجازه يَوْم أحد. ويروى عَنْ نَافِع أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ردّه يوم أحد، لانه كَانَ ابْن أربع عشرة سنة، وأجازه يوم الخندق، وَهُوَ ابْن خمس عشرة.
وقد روي حديث نَافِع على الوجهين جميعا، وشهد الحديبية، وَقَالَ بعض أهل السير: إنه أول من بايع يومئذ، ولا يصح، والصحيح أن من بايع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحديبية تحت الشجرة بيعة الرضوان أَبُو سنان [1] الأسدي. وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: أَدْرَكَ ابْنُ عُمَرَ الْفَتْحَ، وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً- يَعْنِي فَتْحَ مكة.
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: الصواب سنان بن أبى سنان الأسدي. وأما أبو سنان فمات يوم بنى قريظة قبل الحديبيّة.(3/950)
وكان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ من أهل الورع والعلم، وَكَانَ كَثِير الإتباع لآثار رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. شديد التحري والاحتياط والتوقي فِي فتواه، وكل مَا يأخذ بِهِ نفسه، وَكَانَ لا يتخلف عَنِ السرايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ كَانَ بعد موته مولعا بالحج قبل الفتنة، وفي الفتنة، إِلَى أن مات، ويقولون: إنه كَانَ من أعلم الصحابة بمناسك الحج.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجه حفصة بِنْت عُمَر: إن أخاك عَبْد اللَّهِ رجل صَالِح لو كَانَ يقوم من الليل، فما ترك ابْن عُمَر بعدها قيام الليل.
وكان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لورعه قد أشكلت عَلَيْهِ حروب علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وقعد عَنْهُ، وندم على ذَلِكَ حين حضرته الوفاة، وسنذكر ذَلِكَ فِي آخر الباب إن شاء الله تعالى.
وَذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ قُسَيْطٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ الرَّقِّيُّ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ تِلْكَ الْمَشَاهِدِ، فَقَالَ: كَفَفْتُ يَدِي، فَلَمْ أُقْدِمْ، وَالْمُقَاتِلُ عَلَى الْحَقِّ أَفْضَلُ.
وقال جَابِر بْن عَبْد اللَّهِ: مَا منا أحد إلا مالت بِهِ الدنيا، ومال بها، مَا خلا عُمَر وابنه عَبْد اللَّهِ.
وقال مَيْمُون بْن مهران: ما رأيت أورع من ابْن عُمَر، ولا أعلم من ابْن عَبَّاس. وروى ابْن وَهْب، عَنْ مَالِك، قَالَ: بلغ عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر ستا وثمانين سنة، وأفتى فِي الإسلام ستين سنة، ونشر نَافِع عَنْهُ علما جما.
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الدِّيلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحميد(3/951)
ابن صُبَيْحٍ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ، عَنْ أَبِيهِ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَرَوَانَ بْنَ الْحَكَمِ دَخَلَ فِي نفر على عبد الله بن عمر بعد ما قُتِلَ عُثْمَانُ، فَعَرَضُوا عَلَيْهِ أَنْ يُبَايِعُوا لَهُ، قَالَ: وَكَيْفَ لِي بِالنَّاسِ؟ قَالَ: تُقَاتِلُهُمْ وَنُقَاتِلُهُمْ مَعَكَ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيَّ أَهْلُ الأَرْضِ إِلا أَهْلُ فَدَكٍ مَا قَاتَلْتُهُمْ. قَالَ: فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ وَمَرْوَانُ يَقُولُ:
وَالْمُلْكُ بَعْدُ أَبِي لَيْلَى لِمَنْ غَلَبَا
قال أَبُو عُمَر: مات عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بمكة سنة ثلاث وسبعين، لا يختلفون فِي ذَلِكَ، بعد قتل ابْن الزُّبَيْر بثلاثة أشهر أو نحوها. وقيل: لستة أشهر. وكان أوصى أن يدفن فِي الحل، فلم يقدر على ذَلِكَ من أجل الْحَجَّاج، ودفن بذي طوى فِي مقبرة المهاجرين، وَكَانَ الْحَجَّاج قد أمر رجلا فسم زج رمح، وزحمه فِي الطريق ووضع الزج فِي ظهر قدمه، وذلك أن الْحَجَّاج خطب يوما وأخر الصلاة، فَقَالَ ابْن عُمَر: إن الشمس لا تنتظرك، فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاج: لقد هممت أن أضرب الَّذِي فِيهِ عيناك. قَالَ: إن تفعل فإنك سفيه مسلط. وقيل: إنه أخفى قوله ذَلِكَ عَنِ الْحَجَّاج، ولم يسمعه، وَكَانَ يتقدم فِي المواقف بعرفة وغيرها إِلَى المواضع التي كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقف بها، فكان ذَلِكَ يعز على الْحَجَّاج، فأمر الْحَجَّاج، رجلا معه حربة يقال: إنها كانت مسمومة، فلما دفع الناس من عرفة لصق بِهِ ذَلِكَ الرجل، فأمر الحربة على قدمه، وهي فِي غرز راحلته، فمرض منها أياما، فدخل عَلَيْهِ الْحَجَّاج يعوده، فَقَالَ لَهُ: من فعل بك يَا أَبَا الرحمن؟ فَقَالَ:
مَا تصنع بِهِ؟ قَالَ: قتلني الله إن لم أقتله. قَالَ: مَا أراك فاعلا، أنت الَّذِي أمرت الَّذِي بخسني بالحربة. فَقَالَ: لا تفعل يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ. وخرج عنه. وروى(3/952)
أَنَّهُ قَالَ للحجاج- إذ قَالَ لَهُ: من فعل بك- قَالَ: أنت الَّذِي أمرت بإدخال السلاح فِي الحرم، فلبث أياما، ثُمَّ مات، وصلى عَلَيْهِ الْحَجَّاج.
حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مَعْمَرٍ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الحجاج ابن رِشْدِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ يَحْيَى بْنُ سليمان الجعفي، قال: حدثنا أسباط ابن مُحَمَّدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ [1] ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: مَا آسَى عَلَى شيء إلا أني لم أقاتل مع علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ.
وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْوَرْدِ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سياه، عن حبيب ابن أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا أَجِدُنِي آسَى عَلَى شَيْءٍ فَاتَنِي مِنَ الدُّنْيَا إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية مع عَلِيٍّ.
وَذَكَرَ أَبُو زَيْدٍ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ- حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ: مَا أَجِدُ فِي نَفْسِي مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا شَيْئًا، إِلا أَنِّي لَمْ أُقَاتِلِ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
وقال: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَد، حَدَّثَنَا عبد الجبار بْن الْعَبَّاس، عَنْ أَبِي العنبس، عَنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي الجهم، قَالَ: سمعت ابْن عُمَر يَقُول: مَا آسى على شيء إلا تركي قتال الفئة الباغية مع على.
__________
[1] بكسر المهملة بعدها تحتانية خفيفة (التقريب) .(3/953)
(1613) عبد الله بْن عَمْرو بْن بجرة [1] بْن خَلَف بْن صداد بْن عَبْد اللَّهِ بْن قرط ابن رزاح بن عدي بن كعب القرشي العدوي.
أسلم يوم الفتح، وقتل يوم اليمامة شهيدا، ولا أعلم لَهُ رواية، ذكره ابْن إِسْحَاق وَابْن عقبة فيمن استشهد يَوْم اليمامة من بني عدي بْن كَعْب، وَقَالَ أَبُو معشر: هم بيت من أهل اليمن تبناهم بجرة ابن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدىّ.
(1614) عبد الله بْن عَمْرو الْجُمَحِيّ،
مدني، رَوَى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كَانَ يأخذ من شاربه وظفره يَوْم الجمعة. روى عَنْهُ إِبْرَاهِيم بْن قدامة الْجُمَحِيّ.
فِيهِ نظر.
(1615) عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام بن كعب بن غنم [بْن كَعْب [2]] بْن سَلَمَة الأَنْصَارِيّ،
يكنى أَبَا جابر، ذكره ابن إسحاق عن معبد ابن كَعْب، عَنْ أَبِيهِ كَعْب، أَنَّهُ قَالَ فِي حديث ذكره، وأنا أنظر إِلَى عَبْد اللَّهِ ابن عَمْرو بْن حرام، فقلت: يَا أَبَا جَابِر.
كان نقيبا، وشهد العقبة ثُمَّ بدرا، وقتل يوم أحد شهيدا، قتله أسامة الأعور ابن عُبَيْد، وقيل: بل قتله سُفْيَان بْن عبد شمس أَبُو أَبِي الأعور السُّلَمِيّ، وصلى عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل الهزيمة، وَهُوَ أول قتيل قتل من المسلمين يومئذ، ودفن هُوَ وَعَمْرو بْن الجموح فِي قبر واحد، كَانَ عَمْرو بْن الجموح على أخته هند بِنْت عَمْرو بْن حرام، هُوَ والد جَابِر بْن عَبْد اللَّهِ. روى عَنْهُ ابنه جَابِر قَالَ: رأيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتختم فِي يمينه. وَذَكَرَ ابن عيينة. عن ابن المتكدر، قال: سمعت جابرا يقول: جيء بأبي
__________
[1] في أسد الغابة وهوامش الاستيعاب: بجرة- بضم الباء وسكون الجيم
[2] ليس في أسد الغابة.(3/954)
يَوْمَ أُحُدٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ، فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَذَهَبْتُ أَكْشِفُ عَنْ وَجْهِهِ، فَنَهَانِي قَوْمٌ، فَسَمِعُوا صَوْتَ صَائِحَةٍ، فَقِيلَ: ابْنَةُ عَمْرٍو [1] أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلا تَبْكِي [2] مَا زَالَتِ الْمَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قُتِلَ أَبِي يَوْمَ أُحُدٍ، وَجُدِعَ أَنْفُهُ، وَقُطِعَتْ أُذُنَاهُ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَحِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ قَبْرَهُ، فَدُفِنَ مَعَ اثْنَيْنِ فِي قَبْرِهِ، فَجَعَلَتِ ابْنَتَهُ تَبْكِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا زَالَتِ الْمَلائِكَةُ تُظِلُّهُ حَتَّى رُفِعَ. قَالَ: فَحَفَرَتْ لَهُ قَبْرًا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَحَوَّلَتْهُ إِلَيْهِ، فَمَا أَنْكَرَتْ مِنْهُ شَيْئًا، إِلا شَعَرَاتٍ مِنْ لِحْيَتِهِ كَانَتْ مَسَّتْهَا الأَرْضُ.
وَرَوَى طَلْحَةُ بْنُ خِرَاشٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: لَقِيَنِي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا جابر، ما لي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا مُهْتَمًّا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتُشْهِدَ أَبِي، وَتَرَكَ عِيَالا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ. قَالَ: أَفَلا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَحْيَا أَبَاكَ، وَكَلَّمَهُ كِفَاحًا [3] ، وَمَا كَلَّمَ أَحَدًا قَطُّ إِلا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، فَقَالَ: يَا عَبْدِي، تَمَنَّ أُعْطِكَ.
قَالَ: يَا رَبِّ، تَرُدَّنِي إِلَى الدُّنْيَا فَأُقْتَلُ فِيكَ ثَانِيَةً، فَقَالَ الرَّبُّ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّهُ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لا يُرْجَعُونَ، قَالَ: يَا رَبِّ، فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى [4] : وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ 3: 169.
__________
[1] في أسد الغابة: فجعلت فاطمة بنت عمرو.
[2] في أسد الغابة: فقال رسول الله: تبكين أَوْ لا تبكيه مَا زالت الملائكة تظله.
[3] كفاحا: مواجهة ليس بينهما حجاب ولا رسول (النهاية) .
[4] سورة آل عمران، 169.(3/955)
ذكره بقي بْن مخلد، قَالَ حَدَّثَنَا دحيم، حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إِبْرَاهِيم، قَالَ: سمعت طَلْحَة بْن خِرَاش يذكره. قال أَبُو عُمَر رحمه الله: مُوسَى بْن إِبْرَاهِيم هَذَا هُوَ مُوسَى بن إبراهيم ابن كَثِير بْن بشير بْن الفاكه الأَنْصَارِيّ المدني، وطلحة بْن خِرَاش أنصاري أيضا من ولد خِرَاش بْن الصمة، وكلاهما مدني ثقة.
وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ، عن عبد الله بن محمد ابن عُقَيْلٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَعَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ أَحْيَا أَبَاكَ؟ فَقَالَ لَهُ: تَمَنَّ. قَالَ: أَتَمَنَّى أَنْ أُرَدَّ إِلَى الدُّنْيَا فَأُقْتَلُ. قَالَ: فَإِنِّي قَضَيْتُ أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لا يُرْجَعُونَ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: لَمَّا جِيءَ بِأَبِي يَوْمَ أُحُدٍ، وَجَاءَتْ عَمَّتِي تَبْكِي عَلَيْهِ، قَالَ: فَجَعَلْتُ أَبْكِي، وَجَعَلَ الْقَوْمُ يَنْهَوْنِي، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ.
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَنْهَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ابْكُوهُ أَوْ لا تَبْكُوهُ، فو الله مَا زَالَتِ الْمَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى دَفَنْتُمُوهُ.
(1616) عبد الله بْن عَمْرو الحضرمي، حليف بني أُمَيَّة.
قال الْوَاقِدِيّ: ولد على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. روى عن عُمَر بْن الخطاب.
(1617) عبد الله بْن عَمْرو بْن الطفيل،
ذي النور، الأزدي، ثُمَّ الدوسي. قال الْحَسَن بْن عُثْمَان: كَانَ من فرسان المسلمين وأهل الشدة والنجدة، واستشهد يَوْم أجنادين سنة ثلاث عشرة.
(1618) عبد الله بْن عَمْرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو ابن هصيص [1] بْن كَعْب بْن لؤي القرشي السهمي،(3/956)
يكنى أَبَا مُحَمَّد. وقيل: يكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ. وقيل أَبُو نصير، وهي غريبة. وأما ابْن معين فَقَالَ: كنيته أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ، والأشهر أَبُو مُحَمَّد. أمه ريطة بِنْت منبه بْن الْحَجَّاج السهمية، ولم يفته أبوه فِي السن إلا باثنتي عشرة، ولد لعمرو: عَبْد اللَّهِ، وَهُوَ ابْن اثنتي عشرة سنة. أسلم قبل أَبِيهِ، وَكَانَ فاضلا حافظا عالما، قرأ الكتاب [2] واستأذن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أن يكتب حديثه، فأذن لَهُ، قَالَ: يا رسول الله أكتب كل مَا أسمع منك فِي الرضا والغضب؟ قَالَ: نعم، فإني لا أقول إلا حقا. وقال أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا كَانَ أحد أحفظ لحديث رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مني إلا عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو، فإنه كَانَ يعي بقلبه، وأعي بقلبي، وَكَانَ يكتب وانا لا أكتب، استأذن رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسلم في ذَلِكَ، فأذن لَهُ.
وَرَوَى شفي [3] الأصبحي، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن الْعَاص، قَالَ: حفظت عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألف مثل.
وكان يسرد الصوم، ولا ينام بالليل، فشكاه أبوه إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن لعينك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، قم ونم وصم وأفطر. صم ثلاثة أيامٍ من كل شهرٍ، فذلك صيام الدهر، فَقَالَ: إِنِّي أطيق أكثر من ذَلِكَ، فلم يزل يراجعه فِي الصيام حَتَّى قَالَ لَهُ: لا صوم أفضل من صوم دَاوُد، وَكَانَ يصوم يوما ويفطر يوما. فوقف عبد الله عند ذلك، وتمادى عليه.
__________
[1] في الإصابة: هضيض، وهو خطأ.
[2] في أسد الغابة: قرأ القرآن والكتب المتقدمة.
[3] بالفاء- مصغرا- ابن ماتع بمثناة، الأصبحي.(3/957)
ونازل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضا فِي ختم القرآن، فَقَالَ: اختمه فِي شهر، فَقَالَ: أني أطيق أفضل من ذَلِكَ، فلم يزل يراجعه حَتَّى قَالَ: لا تقرأه فِي أقل من سبع. وبعضهم يَقُول فِي حديثه هَذَا: أقل من خمس، والأكثر على أَنَّهُ لم ينزل من سبع، فوقف عِنْدَ ذَلِكَ، واعتذر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ من شهوده صفين، واقسم أَنَّهُ لم يرم فيها برمح ولا سهم، وأنه إنما شهدها لعزمة أَبِيهِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وأن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: أطع أباك. حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن عمرو الجوهري، حدثنا أحمد ابن مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ [1] بْنُ نَاصِحٍ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عَمْرٍو الْجُمَحِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه كان يقول: ما لي ولصفين! ما لي وَلِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ! وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي مِتُّ قَبْلَ هَذَا بِعَشْرِ سِنِينَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَمَا وَاللَّهِ مَا ضَرَبْتُ فِيهَا بِسَيْفٍ، وَلا طَعَنْتُ بِرُمْحٍ، وَلا رَمَيْتُ، بِسَهْمٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَحْضَرْ شَيْئًا مِنْهَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ ذَلِكَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، إِلا أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَتْ بِيَدِهِ الرَّايَةَ يَوْمَئِذٍ، فَنَدِمَ نَدَامَةً شَدِيدَةً عَلَى قِتَالِهِ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَجَعَلَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتُوبُ إِلَيْهِ.
وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عَمْرٍو الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، إن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: ما لي وقتال المسلمين وَلِصِفِّينَ، لوددت أني مت قبله بعشر سنين، أما والله على ذلك ما رميت بسهم، ولا طعنت ترمح، ولا ضربت بسيف ... وذكره إِلَى آخره.
واختلف فِي وقت وفاته، فَقَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل: مات عَبْد اللَّهِ بن عمرو
__________
[1] في س: الخطيب.(3/958)
ابن الْعَاص ليالي الحرة، فِي ولاية يَزِيد بْن مُعَاوِيَة، وكانت الحرة يَوْم الأربعاء لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة ثلاث وستين. وقال غيره: مات بمكة سنة سبع وستين، وَهُوَ ابْن اثنتين وسبعين سنة. وقال غيره: مات سنة ثلاث وسبعين. وقال يَحْيَى بْن عَبْد اللَّهِ بْن بكير: مات بأرضه بالسبع [1] من فلسطين سنة خمس وستين. وقيل: إن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن الْعَاص توفي سنة خمس وخمسين بالطائف. وقيل: إنه مات بمصر سنة خمس وستين، وَهُوَ ابْن اثنتين وسبعين سنة.
(1619) عبد الله بن عمرو بن قيس بن زيد بن سواد بن مالك بن غنم ابن النجار،
أَبُو أَبِي، ابن أم حرام. وغلب عَلَيْهِ ابْن [أم [2]] حرام، وقد تقدم [3] ذكره فِي صدر العبادلة، وَهُوَ ابْن خالة أنس بْن مَالِك، أمه أم حرام بِنْت ملحان، وربيب [4] عبادة بْن الصامت. عمر حَتَّى رَوَى عنه إبراهيم ابن أَبِي عبلة [5] . يعد فِي الشاميين.
(1620) عبد الله بْن عَمْرو بْن مليل.
لَهُ صحبة.
(1621) عبد الله بْن عَمْرو بْن وقدان،
يقال لَهُ: عَبْد اللَّهِ بْن السعدي، واسم أبيه السعدي عَمْرو بْن وقدان بْن عبد شمس بْن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل ابن عَامِر بْن لؤي القرشي العامري، قيل لأبيه السعدي، لأنه استرضع لَهُ فِي بني سَعْد بن بكر.
__________
[1] السبع- بلفظ العدد المؤنث: ناحية في فلسطين، بين بيت المقدس والسكرك، فيه سبع أيار، سمى الموضع بذلك، وكان ملكا لعمرو بن العاص أقام به لما اعتزل الناس.
وأكثر الناس يروى هذا بفتح الباء (ياقوت) .
[2] من أسد الغابة.
[3] صفحة 891.
[4] في أسد الغابة: أمه أم حرام بنت ملحان امرأة عبادة بن الصامت فهو ريب عبادة.
[5] بسكون الموحدة، واسمه شمر- بكسر المعجمة ابن يقطان الشامي (التقريب) .
(الاستيعاب ج 3 م 4)(3/959)
توفى عبد الله بن السعدي سنة سبع وخمسين، يكنى أَبَا مُحَمَّد.
(1622) عبد الله بْن عَمْرو بْن هِلال الْمُزْنِيّ،
والد عَلْقَمَة وبكر ابني عَبْد اللَّهِ الْمُزْنِيّ، هو أحد البكاءين الذين نزلت فيهم [1] : وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ ... 9: 92 الآية. وكانوا ستة نفر، رَوَى عَنْهُ ابنه عَلْقَمَة وَابْن بريدة، لَهُ صحبة ورواية، وَكَانَ ابنه بَكْر من أجلة أهل البصرة، وَكَانَ يقال: الْحَسَن شيخها، وبكر فتاها.
(1623) عبد الله بْن عَمْرو بْن وَهْب بْن ثعلبة بْن وقش بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة الأنصاري،
الساعدي، قتل يوم أحد شهيدا. قال أَبُو عُمَر رحمه الله: كل من كَانَ من بني طريف فهو من رهط سَعْد بْن مُعَاذ.
(1624) عبد بْن عُمَيْر الأشجعي،
سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إذا خرج عليكم خارج يشق عصا المسلمين ويفرق جمعهم فاقتلوه، ما أستثني أحدا.
(1625) عبد الله بْن عُمَيْر الأَنْصَارِيّ الخطمي،
من بنى خطمة بن جشم بن مالك ابن الأوس. روى عَنْهُ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر، يعد فِي أهل المدينة، وَكَانَ أعمى يؤم قومه بني خطمة، وجاهد مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أعمى.
(1626) عبد الله بْن عُمَيْر السدوسي،
حديثه عِنْدَ عَمْرو بْن سُفْيَان بْن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَيْر السدوسي، عن أبيه، عن جده.
(1627) عبد الله بن عُمَيْر بْن عدي بْن أُمَيَّة بْن خدارة [2] بن عوف بن الحارث بن الخزرج الأنصاري،
__________
[1] سورة التوبة، آية 93.
[2] انظر الحاشية رقم 2 صفحة 949. وفي هوامش الاستيعاب: عند ابن إسحاق والطبري فيه: جدارة بجيم مكسورة (ظهر الاستيعاب ج 3- م(3/960)
شهد بدرا فِي قول جميعهم، ولم يعرفه ابْن عُمَارَة، ولا ذكره فِي كتابه فِي أنساب الأنصار.
(1628) عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة،
واسم أَبِي رَبِيعَة عَمْرو بْن الْمُغِيرَة بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن مخزوم، ولد بأرض الحبشة، يكنى أَبَا الْحَارِث، حفظ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه. وَرَوَى عَنْ عُمَر وغيره، فما رَوَى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: دخل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعض بيوت آل أَبِي رَبِيعَة، إما لعيادة مريض، أو لغير ذَلِكَ، فقالت لَهُ أَسْمَاء بِنْت مخربة [1] التميمية [وكانت تكنى] أم الجلاس، وهي أم عَيَّاش بْن أَبِي رَبِيعَة: يَا رَسُول اللَّهِ، ألا توصيني؟ فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أم الجلاس، ائتي إِلَى أختك مَا تحبين أن تأتي إليك، ثم أتي رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ بصبي من ولد عَيَّاش فذكرت أم الجلاس لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرضا بالصبي، فأخذه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وجعل يرقيه ويتفل عَلَيْهِ، وجعل الصبي يتفل على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجعل بعض أهل البيت ينتهر الصبي ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكفهم عَنْ ذَلِكَ. روى عَنْهُ ابنه الْحَارِث بْن عَبْد اللَّهِ، ونافع مولى عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر
(1629) عبد الله بْن غالب اللَّيْثِيّ،
من كبار الصحابة، بعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بعثٍ سنة اثنتين من الهجرة.
(1630) عبد الله بْن غنام البياضي،
حديثه عِنْدَ رَبِيعَة بْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن عنبسة، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن غنام، أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: من قَالَ حين يصبح: اللَّهمّ مَا أصبح بي من نعمةٍ فمنك وحدك لا شريك لك،
__________
[1] في أسد الغابة: مخرمة، والضبط من تاج العروس، والطبقات: 8- 222.(3/961)
لك الحمد، ولك الشكر، فقد أدى شكر يومه، ومن قَالَ ذَلِكَ حين يمشي فقد أدى شكر ليلته.
(1631) عبد الله بْن فَضَالَة اللَّيْثِيّ،
أَبُو عَائِشَة، روى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ولدت في الجاهلية فعق أبي عني بفرس. وهو إسناد ليس بالقائم. واختلف فِي إتيانه النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فروى مسلمة بن علقمة، عن داود بن أبي هند، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن عَبْد اللَّهِ فَضَالَة، أَنَّهُ أتى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ورواه خَالِد الواسطي، عَنْ زُهَيْر بْن أَبِي إِسْحَاق، عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هند، عَنْ أَبِي حرب بْن أَبِي الأسود. عن عَبْد اللَّهِ بْن فَضَالَة، عَنْ أَبِيهِ، وَهُوَ أصح إن شاء الله تعالى، ولا يختلف فِي صحبة أَبِيهِ فَضَالَة، وقد ذكرناه [1] في بابه، والحمد الله تعالى.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ أَبُو عَاصِمٍ الضَّرِيرُ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ اللَّيْثِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ الْحَدَثَانِ اللَّيْثِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَضَالَةَ، قَالَ: وُلِدْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَعَقَّ أَبِي عَنِّي بِفَرَسٍ. قال خليفة: كَانَ عَبْد اللَّهِ بْن فَضَالَة اللَّيْثِيّ على قضاء البصرة، يكنى أَبَا عَائِشَة.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: مَا رواه عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو عندهم مرسل، على أَنَّهُ قد أتى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد رآه.
(1632) عبد الله بْن قارب الثقفي،
ويقال: عَبْد اللَّهِ بْن مأرب، والصحيح قارب.
حَدِيثُهُ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَيْرَةَ، عن وهب بن عبد الله بن قارب، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: يرحم الله المحلّقين [2] ... الحديث.
__________
[1] سيذكر بعد على حسب الترتيب الجديد للكتاب.
[2] المحلقون: الذين حلقوا شعورهم في الحج أو العمرة (النهاية) .(3/962)
(1633) عبد الله ب أَبِي قحافة، أَبُو بَكْر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
كان اسمه فِي الجاهلية عبد الكعبة، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عَبْد اللَّهِ. هذا قول أهل النسب: الزُّبَيْرِيّ وغيره، واسم أَبِيهِ أَبِي قحافة: عُثْمَان بْن عامر بن عمرو ابْن كعب بْن سعد بْن تيم بْن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بْن فهر القرشي التيمي. وأمه أم الخير بنت صخر بن عامر بن كعب بن سَعْد بْن تيم بْن مُرَّةَ واسمها: سلمى. قال مُحَمَّد بْن سلام: قلت لابن دأب: من أم أَبِي بَكْر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؟ فَقَالَ: أم الخير، هَذَا اسمها.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: لا يختلفون أن أَبَا بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شهد بدرا بعد مهاجرته مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مكة إِلَى المدينة، وأنه لم يكن رفيقه من أصحابه فِي هجرته غيره، وَهُوَ كَانَ مؤنسه فِي الغار إِلَى أن خرج معه مهاجرين. وهو أول من أسلم من الرجال فِي قول طائفة من أهل العلم بالسير والخبر، وأول من صَلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر أولئك. وكان يقال لَهُ عتيق واختلف العلماء فِي المعنى الَّذِي قيل لَهُ به عتيق. فقال الليث ابن سَعْد وجماعة معه: إنما قيل لَهُ عتيق لجماله وعتاقة وجهه. وقال مصعب الزُّبَيْرِيّ وطائفة من أهل النسب: إنما سمى أَبُو بَكْر عتيقا لأنه لم يكن فِي نسبه شيء يعاب بِهِ. وقال آخرون: كَانَ لَهُ أخوان، أحدهما يسمى عتيقا.
مات عتيق قبله، فسمي باسمه.
وقال آخرون: إنما سمي عتيقا لأن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: من سره أن ينظر إلى عتيق من النار، فلينظر إلى هذا، فسمى عتيقا بذلك.(3/963)
وحدثنا خَلَف بْن قَاسِم، حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُون الْبَجَلِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَة الدِّمَشْقِيّ، وَحَدَّثَنِي عَبْد الْوَارِثِ بْن سُفْيَان واللفظ لَهُ، وحديثه أتم. قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: إِنِّي لَفِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأصحابه بِالْفِنَاءِ، وَبَيْنِي وَبَيْنَهُمُ السِّتْرُ إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ ينظر إلى عتيق من النار، فلينظر إلى هَذَا. قَالَتْ: وَإِنَّ اسْمَهُ الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ أَهْلُهُ لَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَامِرِ بن عمرو.
وحدثني خلف بن قائم، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُوسٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَيْخٌ لَنَا، حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَوْ سُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ كَانَ أَوَّلُ إِسْلامًا؟ فَقَالَ: أَمَا سَمِعْتَ قول حسان [1] :
إِذَا تَذَكَّرْتَ شَجْوًا مِنْ أَخِي ثِقَةٍ ... فَاذْكُرْ أَخَاكَ أَبَا بَكْرٍ بِمَا فَعَلا
خَيْرُ الْبَرِيَّةِ أَتْقَاهَا وَأَعْدَلُهَا [2] ... بَعْدَ النَّبِيِّ وَأَوْفَاهَا بِمَا حَمَلا
وَالثَّانِيَ التَّالِيَ الْمُحْمُودُ مَشْهَدُهُ [3] ... وَأَوَّلُ النَّاسِ مِمَّنْ [4] صَدَّقَ الرُّسُلا
ويروى أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لحسان: هل قلت فِي أَبِي بكرٍ شيئا؟ قَالَ: نعم، وأنشده هذه الأبيات، وفيها بيت رابع وهي:
والثاني اثنين فِي الغار المنيف وقد ... طاف العدو به إذ صعّدوا الجبلا
__________
[1] ديوانه: 299
[2] في الديوان: وأرأفها.
[3] في الديوان: شيمته.
[4] في الديوان: وأول الناس طرا.(3/964)
فسر النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك، فَقَالَ: أحسنت يَا حَسَّان. وقد رَوَى فيها بيت خامس:
وَكَانَ حب رَسُول اللَّهِ قد علموا ... خير [1] البرية لم يعدل بِهِ رجلا
وروى شُعْبَة عَنْ عَمْرو بْن مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيم النخعي. قال: أَبُو بَكْر أول من أسلم. واختلف فِي مكث رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أَبِي بَكْر فِي الغار، فقيل: مكثا فِيهِ ثلاثا، يروي ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِد. وقد رَوَى فِي حديث مرسل أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مكثت مع صاحبي فِي الغار بضعة عشر يوما، مَا لنا طعام إلا ثمر البرير- يَعْنِي الأراك، وَهَذَا غير صحيح عِنْدَ أهل العلم بالحديث، والأكثر على مَا قاله مُجَاهِد. والله أعلم. وروى الجريري عَنْ أَبِي نَضْرَة، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْر لعلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أنا أسلمت قبلك.. في حديث ذكره، فلم ينكر عَلَيْهِ ومما قيل فِي أَبِي بَكْر رَضِيَ الله عنه قول أبى الهيثم ابن التيهان فيما ذكروا:
وإني لأرجو أن يقوم بأمرنا ... ويحفظه الصديق والمرء من عدي
أولاك خيار الحي فهر بْن مالكٍ ... وأنصار هَذَا الدين من كل معتدى
وقال فيه أبو محجن الثقفي:
وسميت صديقا، وكل مهاجرٍ ... سواك يسمى باسمه غير منكر
سبقت إلى الإسلام والله شاهد ... وكنت جليسا بالعريش المشهر
وبالغار إذ سميت بالغار صاحبا ... وكنت رفيقا للنّبيّ المطهّر
__________
[1] في الديوان: من البرية.(3/965)
وسمي الصديق لبداره إِلَى تصديق رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كل مَا جاء بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقيل: بل قيل لَهُ الصديق [لتصديقه لَهُ [1]] فِي خبر الإسراء. وقد ذكرنا الخبر بذلك فِي غير هَذَا الموضع.
وكان فِي الجاهلية وجيها رئيسا من رؤساء قريش، وإليه كانت الأشناق فِي الجاهلية، والأشناق: الديات، كَانَ إذا حمل شيئا قالت فِيهِ قريش: صدقوه وأمضوا حمالته، وحمالة من قام معه أَبُو بَكْر، وإن احتملها غيره خذلوه ولم يصدقوه.
وأسلم على يد أَبِي بَكْر: الزُّبَيْر، وعثمان، وطلحة، وعبد الرحمن بْن عوف.
وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَهُ أَرْبَعُونَ أَلْفًا أَنْفَقَهَا كُلَّهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا نفعني مال مَا نفعني مال أَبِي بكرٍ» . وأعتق أَبُو بَكْر سبعة كانوا يعذبون فِي الله، منهم: بلال، وعامر بْن فهيرة.
وفي حديث التخيير، قال على: فكان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ المخير، وَكَانَ أَبُو بَكْر أعلمنا بِهِ.
[وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوا لي صاحبي، فإنكم قلتم لي: كذبت، وَقَالَ لي: صدقت [2]] . وقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي كلام البقرة والذئب: «آمنت
__________
[1] من ش.
[2] ليس في ش.(3/966)
بهذا أنا وَأَبُو بَكْر وَعُمَر، وما هما ثُمَّ علما بما كانا عَلَيْهِ من اليقين والإيمان. وقال عَمْرو بْن الْعَاص: يَا رَسُول اللَّهِ، من أحب الناس إليك؟ قَالَ: عَائِشَة، قلت: من الرجال؟ قَالَ: أبوها. وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ آمَنِ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلا لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلا، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلامِ، لا تَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلا خَوْخَةُ أَبِي بَكْرٍ. رَوَى [سُفْيَانُ [1]] بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُمْ قَالُوا لَهَا: مَا أَشَدَّ مَا رَأَيْتِ الْمُشْرِكِينَ بَلَغُوا مِنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: كَانَ الْمُشْرِكُونَ قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَتَذَاكَرُوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يَقُولُ فِي آلِهَتِهِمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ دخل رسول الله صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ، فَقَامُوا إِلَيْهِ، وَكَانُوا إِذَا سَأَلُوهُ عَنْ شَيْءٍ صَدَّقَهُمْ، فَقَالُوا: أَلَسْتَ تَقُولُ فِي آلِهَتِنَا كَذَا وَكَذا؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَتَشَبَّثُوا بِهِ بِأَجْمَعِهِمْ، فَأَتَى الصَّرِيخُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقِيلَ لَهُ: أَدْرِكْ صَاحِبَكَ. فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَوَجَدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: وَيْلَكُمْ، أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ، وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ؟ قَالَ: فَلُهُّوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَقْبَلُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ يَضْرِبُونَهُ. قَالَتْ:
__________
[1] من ش.(3/967)
فَرَجَعَ إِلَيْنَا، فَجَعَلَ لا يَمَسُّ شَيْئًا مِنْ غَدَائِرِهِ [1] إِلا جَاءَ مَعَهُ وَهُوَ يَقُولُ: تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ.
وروينا من وجوه، عَنْ أَبِي أمامة الباهلي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرو بْن عبسة، قَالَ: أتيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ نازل بعكاظ، فقلت: يَا رَسُول اللَّهِ، من اتبعك على هَذَا الأمر؟ قَالَ: حر وعبد: أَبُو بكرٍ، وبلال. قَالَ:
فأسلمت عِنْدَ ذَلِكَ.. فذكر الحديث.
أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّاهَرْتِيُّ [2] الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ الْبَغْدَادِيُّ، أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، قَالَ:
حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ حَدَّثَهُ، قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي الْغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدُهُمْ يَنْظُرُ إِلَى قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ.
فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا. وروينا أن رجلا من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي مجلس فِيهِ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر الصديق: والله مَا كَانَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم من موطن إلا وعلي معه فِيهِ. فقال الْقَاسِم: يَا أخي، لا تحلف. قال: هلم. قال: بلى، مَا ترده [3] . قال الله تعالى [4] : ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما في الْغارِ 9: 40.
__________
[1] في ش: عذارة.
[2] في ى: الباهرى، وهو خطأ، صوابه من ش، واللباب.
[3] في ش: قال: ما لا ترده.
[4] سورة التوبة، آية 1 4(3/968)
واستخلفه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على [أمته [1]] من بعده، بما أظهر من الدلائل البينة على محبته فِي ذَلِكَ، وبالتعريض الَّذِي يقوم مقام التصريح، ولم يصرح بذلك لأنه لم يؤمر فِيهِ بشيء، وَكَانَ لا يصنع شيئا فِي دين الله إلا بوحي، والخلافة ركن من أركان الدين. وَمِنَ الدَّلائِلِ الْوَاضِحَةِ [2] عَلَى مَا قُلْنَا مَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قَالا: حدثنا أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بن سلمة الخزاعي، وأخبرنا أحمد ابن عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ بِمِصْرَ. وَحَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُزْنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن محمد ابن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَتْهُ عَنْ شَيْءٍ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ فَلَمْ أَجِدْكَ، تَعْنِي الْمَوْتَ. فَقَالَ لَهَا رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أن لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ. قال الشافعي: فِي هَذَا الحديث دليل على أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أَبُو بَكْر.
وَرَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ الأَسْوَدِ، قَالَ. كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلِيلٌ، فَدَعَاهُ بِلالٌ إِلَى الصَّلاةِ، فَقَالَ لَنَا: مُرُوا مَنْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ.
قَالَ: فَخَرَجْتُ فَإِذَا عُمَرُ فِي النَّاسِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ غَائِبًا، فَقُلْتُ: قُمْ يَا عُمَرُ، فَصَلِّ بِالنَّاسِ، فَقَامَ عُمَرُ، فَلَمَّا كَبَّرَ سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته،
__________
[1] من ش.
[2] في ش: ومن الدليل الواضح.(3/969)
وَكَانَ مُجْهِرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَأَيْنَ أَبُو بَكْرٍ؟ يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ. فَبَعَثَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَجَاءَهُ بَعْدَ أَنْ صَلَّى عُمَرُ تِلْكَ الصَّلاةَ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ طُولَ عِلَّتِهِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهَذَا أَيْضًا وَاضِحٌ فِي ذَلِكَ.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا إسماعيل ابن إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ [1] ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مَوْلًى لِرِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، [عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ [2]] ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْتَدُوا باللذين مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ، وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، وَيَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالا: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْعَوَّامِ، [قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَحْمَدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي الْعَوَّامِ [3]] ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَالِدٍ [4] عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كَانَ رُجُوعُ الأَنْصَارِ يَوْمَ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ بِكَلامٍ قَالَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَنْشَدْتُكُمُ اللَّهَ. هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بالناس؟ قالوا: اللَّهمّ نعم.
__________
[1] في ش: سعد.
[2] من ش.
[3] من ش.
[4] في ش: ابن أبى خالد.(3/970)
قَالَ: فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يُزِيلَهُ عَنْ مَقَامٍ أَقَامَهُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
فَقَالُوا: كُلُّنَا لا تَطِيبُ نَفْسُهُ، وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ.
وَرَوَى إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: اجْعَلُوا إِمَامَكُمْ خَيْرَكُمْ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جَعَلَ إِمَامَنَا خَيْرَنَا بَعْدَه.
وَرَوَى الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادَةَ، قَالَ: قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرِضَ لَيَالِيَ وَأَيَّامًا يُنَادِي بِالصَّلاةِ فَيَقُولُ:
مُرُوا أَبَا بَكرٍ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرْتُ فَإِذَا الصَّلاةُ عَلَمُ الإِسْلامِ، وَقِوَامُ الدِّينِ، فَرَضَيْنَا لِدُنْيَانَا مَنْ رَضِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِدِينِنَا، فَبَايَعْنَا أَبَا بَكْرٍ. وقد ذكرنا هَذَا الخبر وكثيرا مثله فِي معناه عِنْدَ قول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مروا أَبَا بكرٍ فليصل بالناس، وأوضحنا ذَلِكَ فِي التمهيد، والحمد للَّه.
وكان أَبُو بَكْر يَقُول: أنا خليفة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكذلك كَانَ يدعى: يَا خليفة رَسُول اللَّهِ. وكان عُمَر يدعى خليفة أَبِي بَكْر صدرا من خلافته حَتَّى تسمى بأمير المؤمنين لقصة سنذكرها فِي بابه، إن شاء الله تعالى.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بن حكم [يعرف بابن البغوي [1]]
__________
[1] ليس في ش.(3/971)
أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُشَمِيُّ [1] ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لأَبِي بَكْرٍ: يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ، قَالَ: لَسْتُ بِخَلِيفَةِ اللَّهِ. [قَالَ [2]] : وَلَكِنِّي أَنَا خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ، وَأَنَا رَاضٍ بِذَلِكَ.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ وعلى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُصَيْرٍ [3] أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ حَسَّانٍ الصَّيْدَلانِيُّ، حَدَّثَنَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ. وَرَوَى مُحَمَّد ابْن الحنفية، وعبد خير، وَأَبُو جحيفة، [عَنْ علي [4]] مثله. وكان علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُول: سبق رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وثنى أَبُو بَكْر، وثلث عُمَر، ثُمَّ حفتنا [5] فتنة يعفو الله فيها عمن يشاء. وقال عبد خير: سمعت عليا يَقُول: رحم الله أَبَا بَكْر، كَانَ أول من جمع بين اللوحين. وروينا عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَر بْن أَبِي طالب من وجوه أَنَّهُ قَالَ: ولينا أَبُو بَكْر فخير خليفة، أرحمه بنا وأحناه علينا. وقال مسروق: حب أَبِي بَكْر وَعُمَر ومعرفة فضلهما من السنة.
__________
[1] في ش: الجمحيّ.
[2] ليس في ش.
[3] في ش: ابن بشر.
[4] من ش.
[5] في ش: خبطتنا.(3/972)
وكان أَبُو بَكْر رجلا نحيفا أبيض خفيف العارضين أجنأ [1] ، لا تستمسك [2] أزرته، تسترخي عَنْ حقوبه، معروق الوجه، غائر العينين، ناتىء الجبهة، عاري الأشاجع، هكذا وصفته ابنته عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عنها، وبويع لَهُ بالخلافة فِي اليوم الَّذِي مات فِيهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سقيفة بني ساعدة، ثُمَّ بويع البيعة العامة يَوْم الثلاثاء من غد ذَلِكَ اليوم، وتخلف عَنْ بيعته سَعْد ابن عبادة، وطائفة من الخزرج، وفرقة من قريش، ثُمَّ بايعوه بعد غير سَعْد.
وقيل: إنه لم يتخلف عَنْ بيعته يومئذ أحد من قريش وقيل: إنه تخلف عَنْهُ من قريش: علي، والزبير، وطلحة، وخالد بْن سَعِيد بْن الْعَاص، ثُمَّ بايعوه بعد. وقد قيل: إن عليا لم يبايعه إلا بعد موت فاطمة، ثُمَّ لم يزل سامعا مطيعا لَهُ يثني عَلَيْهِ ويفضله حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَأَبُو قَطَنٍ، وأبو عبادة [3] ، وَيَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ، واللفظ ليزيد- قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ [4] بْنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ جَحْلٍ [5] ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لا يُفَضِّلُنِي أَحَدٌ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ إِلا جَلَدْتُهُ حَدَّ الْمُفْتَرِي. حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن عمر، حدثنا أحمد بن محمد
__________
[1] أجنأ: مشرف كاهله على صدره (القاموس) .
[2] في ى: لا يستمسك.
[3] في ش: وأبو عباد.
[4] في ش: أبو عبيد.
[5] بفتح الجيم وسكون المهملة (التقريب) .(3/973)
ابن الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِين، قَالَ: لَمَّا بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَبْطَأَ عَلِيٌّ عَنْ بَيْعَتِهِ، وَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ: مَا أَبْطَأَ بِكَ عَنِّي! أَكَرِهْتَ إِمَارَتِي؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا كَرِهْتُ إِمَارَتَكَ، وَلَكِنِّي آلَيْتُ أَلا أَرْتَدِي رِدَائِي إِلا إِلَى صَلاةٍ حَتَّى أَجْمَعَ الْقُرْآنَ. قال ابن سِيرِين: فبلغني أَنَّهُ كتب [1] على تنزيله، ولو أصيب ذَلِكَ الكتاب لوجد فِيهِ علم كَثِير.
وذكر عَبْد الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَر، عَنْ أَيُّوب، عَنْ عكرمة، قَالَ: لما بويع لأبي بَكْر تخلّف على عَنْ بيعته، وجلس فِي بيته، فلقيه عُمَر، فَقَالَ: تخلفت عَنْ بيعة أَبِي بَكْر؟ فَقَالَ: إِنِّي آليت بيمين حين قبض رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألا أرتدي بردائي إلا إِلَى الصلاة المكتوبة حَتَّى أجمع القرآن، فإني خشيت أن ينفلت. ثُمَّ خرج فبايعه. وقد ذكرنا جمع عليّ القرآن في بابه أيضا من عير هذا الوجه، الحمد للَّه.
وَذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ [2] ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، قَالَ: لَمَّا بُويِعَ لأَبِي بَكْرٍ جَاءَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: غَلَبَكُمْ عَلَى هَذَا الأَمْرَ أَرْذَلُ بَيْتٍ فِي قُرَيْشٍ، أَمَا وَاللَّهِ لأَمْلأَنَّهَا خَيْلا وَرِجَالا. قَالَ: فَقَالَ عَلِيٌّ:
مَا زِلْتَ عَدُوًّا لِلإِسْلامِ وَأَهْلِهِ، فَمَا ضَرَّ ذَلِكَ الإِسْلامَ وَأَهْلَهُ شَيْئًا، وَإِنَّا رَأَيْنَا أَبَا بَكْرٍ لَهَا أهلا، وهذا الخبر مما رواه عبد الرزاق، عن ابن المبارك
__________
[1] في ش: كتبه.
[2] بكسر أوله وسكون المعجمة وفتح الواو (التقريب) .(3/974)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو [1] الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُسَيْرٍ [2] ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ [3] بْنُ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ ابن أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ- أَنَّ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ كانا حين بويع لأبي بكر يدخلان على فاطمة فيشاورانها ويتراجعان في أمرهم، فبلغ ذلك عمر، فدخل عليها عمر، فقال: يا بنت رَسُولِ الله، مَا كَانَ مِنَ الْخَلْقِ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ أَبِيكِ، وَمَا أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيْنَا بَعْدَهُ مِنْكِ، وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ هَؤُلاءِ النَّفَرِ يَدْخُلُونَ عَلَيْكِ، وَلَئِنْ بَلَغَنِي لأَفْعَلَنَّ وَلأَفْعَلَنَّ. ثُمَّ خَرَجَ وَجَاءُوهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ: إِنَّ عُمَرَ قَدْ جَاءَنِي وَحَلَفَ لَئِنْ عُدْتُمْ لَيَفْعَلَنَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَيَفِيَنَّ بِهَا، فَانْظُرُوا فِي أَمْرِكُمْ، وَلا تَرْجِعُوا إِلَيَّ. فَانْصَرَفُوا فَلَمْ يَرْجِعُوا حَتَّى بَايَعُوا لأَبِي بَكْرٍ. وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ خَالِدَ بْنَ سَعِيدٍ لَمَّا قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَبَّصَ بِبَيْعَتِهِ [لأَبِي بَكْرٍ [4]] شَهْرَيْنِ، وَلَقِيَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَقَالَ:
يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، لَقَدْ طِبْتُمْ نَفْسًا عَنْ أَمْرِكُمْ يَلِيَهُ غَيْرُكُمْ، فَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يَحْفَلْ بِهَا، وَأَمَّا عُمَرُ فَاضْطَغَنَهَا [5] عَلَيْهِ، فَلَمَّا بَعَثَ أَبُو بَكْرٍ خَالِدَ بْنَ سَعِيدٍ أَمِيرًا عَلَى رَبْعٍ مِنْ أَرْبَاعِ الشَّامِ، وَكَانَ أَوَّلُ من استعمل عليها، فجعل عمر يقول:
__________
[1] في ش: عمر.
[2] في ش: بشر.
[3] في ش: عبيد الله.
[4] من ش.
[5] في ى: فاصطفاه.(3/975)
أَتُؤَمِّرُهُ [1] . وَقَدْ قَالَ مَا قَالَ، فَلَمْ يَزَلْ بِأَبِي بَكْرٍ حَتَّى عَزَلَهُ، وَوَلَّى يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَقَالَ ابْن أَبِي عزة القرشي الجمحيّ:
شكرا لمن هُوَ بالثناء خليق ... ذهب اللجاج وبويع الصديق
من بعد مَا ركضت بسعدٍ بغله [2] ... ورجا رجاءً دونه العيوق
جاءت بِهِ الأنصار عاصب رأسه ... فأتاهم الصديق والفاروق
وأبو عُبَيْدَة والذين إليهم ... نفس المؤمل للبقاء تتوق
كنا نقول لَهَا [3] علي والرضا ... عمر، وأولاهم بتلك عتيق
فدعت قريش باسمه فأجابها ... إن المنوه باسمه الموثوق
وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الدُّولابِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ ابْنِ صَيَّادٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْتَجَّتْ مَكَّةُ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ أَبُو قُحَافَةَ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا:
قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قَالَ: أَمْرٌ جَلَلٌ! قَالَ: فَمَنْ وَلِيَ بَعْدَهُ؟
قَالُوا: ابْنُكَ قَالَ: فَهَلْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ، وَبَنُو الْمُغِيرَةِ؟
قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى اللَّهُ، وَلا مُعْطِي لِمَا مَنَعَهُ اللَّهُ. ومكث أَبُو بَكْر فِي خلافته سنتين وثلاثة أشهر إلا خمس ليالٍ. وقيل: سنتين وثلاثة أشهر وسبع ليال.
__________
[1] في ش: أتوا مرة.
[2] في ش: نعله.
[3] في س: لنا.(3/976)
وقال ابن إسحاق: توفي أبو بكر على رأس سنتين وثلاثة أشهر وسبع ليال.
وقال ابن إسحاق: توفي أبو بكر على رأس سنتين وثلاثة أشهر واثنتي عشرة ليلة من متوفى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال غيره: وعشرة أيام.
وَقَالَ غيره أيضا: وعشرين يوما، فقام بقتال أهل الردة وظهر من فضل رأيه فِي ذَلِكَ وشدته مع لينه مَا لم يحتسب، فأظهر الله بِهِ دينه، وقتل على يديه وببركته كل من ارتد عَنْ دين الله، حَتَّى ظهر أمر الله وهم كارهون.
واختلف فِي السبب الَّذِي مات منه، فذكر الْوَاقِدِيّ أَنَّهُ اغتسل فِي يَوْم بارد فحم، ومرض خمسة عشر يوما. قال الزُّبَيْر بْن بكار: كَانَ بِهِ طرف من السل. وروى عن سلام بْن أَبِي مطيع أَنَّهُ سم، والله أعلم.
واختلف أيضا فِي حين وفاته، فَقَالَ ابْن إِسْحَاق: توفي يَوْم الجمعة، لتسع ليال بقين من جمادى الآخرة، سنة ثلاث عشرة. وقال غيره من أهل السير:
مات عشي يَوْم الاثنين. وقيل ليلة الثلاثاء. وقيل عشي يَوْم الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة. هذا قول أكثرهم. وأوصى أن تغسله أَسْمَاء بِنْت عميس زوجته، فغسلته، وصلى عَلَيْهِ عُمَر بْن الخطاب، ونزل فِي قبره عُمَر وعثمان وطلحة وعبد الرحمن ابن أَبِي بَكْر ودفن ليلا فِي بيت عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عنها مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولا يختلفون أن سنه انتهت إِلَى حين وفاته ثلاثا وستين سنة إلا مَا لا يصح، وأنه استوفى بخلافته بعد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان نقش خاتمه: نعم القادر الله، فيما ذكر الزُّبَيْر بْن بكار، وَقَالَ غيره:
كَانَ نقش خاتمه: عبد ذليل لرب جليل.
وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَأَلَنِي عَبْدُ الملك بن مروان(3/977)
فَقَالَ: أَرَأَيْتَ هَذِهِ الأَبْيَاتَ الَّتِي تُرْوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ؟ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُ لَمْ يَقُلْهَا، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ- أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَقُلْ بَيْتَ شِعْرٍ فِي الإِسْلامِ حَتَّى مَاتَ، وَأَنَّهُ كَانَ قَدْ حَرَّمَ الْخَمْرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، هُوَ وَعُثْمَانُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
(1634) عبد الله بْن قرط الثمالي الأزدي،
كَانَ اسمه فِي الجاهلية شيطانا، فسماه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد اللَّهِ. حديثه عِنْدَ أهل الشام. روى عَنْهُ غضيف [1] بْن الْحَارِث، وعبد الرحمن بْن عُبَيْد، وعبيد الله بْن يَحْيَى، وولاه أَبُو عُبَيْدَة بْن الجراح مرتين على حمص، فلم يزل عليها حَتَّى توفي أَبُو عُبَيْدَة.
وروى عَنْهُ أيضا عَمْرو بْن قَيْس السكوني، ومسلم بْن عَبْد اللَّهِ الأزدي.
رَوَى ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عبد الله ابن قُرْطٍ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَفْضَلُ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمُ الْقَرِّ، قَالَ: هُوَ يَوْمٌ يَسْتَقِرُّ فِيهِ النَّاسُ بِمِنًى.
(1635) عبد الله بْن قريط [2] الزيادي،
قدم مع خَالِد بْن الْوَلِيد فِي وفد بني الْحَارِث بْن كَعْب، فأسلموا، وذلك فِي سنة عشر.
(1636) عبد الله بْن قَيْس بْن خَالِد [بْن خلدة [3]] بْن الْحَارِث بْن سواد بن مالك ابن غنم بن مالك بن النجار،
شهد بدرا، وذكر مُحَمَّد بْن سَعْد، عَنْ عَبْد اللَّهِ ابن مُحَمَّد [4] بْن عُمَارَة الأَنْصَارِيّ أَنَّهُ قتل يَوْم أحد شهيدا، وأنكر محمد بن عمر [5]
__________
[1] بالضاد المعجمة مصغر- ويقال بالطاء المهملة (التقريب) .
[2] في هوامش الاستيعاب: قوله ابن قريط وهم، وإنما هو عبد الله بن قراد. وقول أبى عمر قريط تصحيف.
[3] من أسد الغابة والإصابة.
[4] في أسد الغابة: عن محمد بن عبد الله بن عمارة.
[5] يعنى الواقدي.(3/978)
ذَلِكَ، وَقَالَ: بل عاش وشهد المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفي فِي خلافة عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
(1637) عَبْد الله بْن قَيْس الخزاعي.
وقيل الأسلمي. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أبتاع من رجل من بني غفار سهمه بخيبر ببعير. وله حديث آخر.
رَوَى عَنْهُ شريح بْن عُبَيْد.
(1638) عبد الله بْن قَيْس بْن زائدة بْن الأصم بْن هرم بْن رواحة بن حجر [1] بن عبد ابن معيص بن عامر بن لؤي القرشي العامري،
هُوَ ابْن أم مكتوم الأعمى، على اختلاف فِي اسمه، لأن أكثرهم يقولون اسمه عَمْرو، وقد ذكرناه فِي باب عَمْرو [2] مجود الذكر، وقد تقدم أيضا ذكره فِي موضعين من هَذَا الكتاب فِي العبادلة، والحمد للَّه تعالى.
(1639) عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار [3] بْن حرب بْن عَامِر الأشعري،
أَبُو مُوسَى، قد نسبناه فِي الكنى.
هو من ولد الأشعر بن أدد بن زيد بن كهلان، وقيل: هُوَ من ولد الأشعر بْن سبأ أخي حمير بْن سبأ، وأمه ظبية بِنْت وَهْب بْن عك. ذكر الْوَاقِدِيّ أن أبا موسى قدم مكة، فحالف سعيد بن الْعَاص بْن أُمَيَّة أَبَا أحيحة، وَكَانَ قدومه مع إخوته فِي جماعة من الأشعريين، ثُمَّ أسلم وهاجر إِلَى أرض الحبشة. وقال ابْن إِسْحَاق: هُوَ حليف آل عُتْبَة بْن رَبِيعَة، وذكره فيمن هاجر من حلفاء بني عبد شمس إِلَى أرض الحبشة. وقالت طائفة من أهل العلم بالنسب والسير:
__________
[1] في الإصابة: بن حمير بن معيص.
[2] سيأتي بعد على حسب ترتيب الكتاب الجديد.
[3] في ى: حضارة، والمثبت من أسد الغابة والتقريب. وهو بفتح المهملة وتشديد الضاد المعجمة.(3/979)
إن أَبَا مُوسَى لما قدم مكة، وحالف سَعِيد بْن الْعَاص انصرف إِلَى بلاد قومه، ولم يهاجر إِلَى أرض الحبشة، ثُمَّ قدم مع إخوته، فصادف قدومه قدوم السفينتين من أرض الحبشة.
قال أبو عمر: الصحيح أن أَبَا مُوسَى رجع بعد قدومه مكة ومحالفة من حالف من بني عبد شمس إِلَى بلاد قومه، فأقام بها حَتَّى قدم مع الأشعريين نحو خمسين رجلا فِي سفينة، فألقتهم الريح إِلَى النجاشي بأرض الحبشة، فوافقوا خروج جَعْفَر وأصحابه منها، فأتوا معهم، وقدمت السفينتان معا: سفينة الأشعريين وسفينة جَعْفَر وأصحابه- على النبي صلى الله عليه وسلم في حين فتح خيبر.
وقد قيل: إن الأشعريين إذ رمتهم الريح إِلَى النجاشي أقاموا بها مدة، ثُمَّ خرجوا فِي حين خروج جَعْفَر، فلهذا ذكره ابْن إِسْحَاق فيمن هاجر إِلَى أرض الحبشة. والله أعلم.
ولاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مخاليف اليمن: زبيد وذواتها إِلَى الساحل، وولاه عُمَر البصرة فِي حين عزل الْمُغِيرَة عنها إِلَى صدر من حلافة عُثْمَان، فعزله عُثْمَان عنها، وولاها عَبْد اللَّهِ بْن عَامِر بْن كريز، فنزل أَبُو مُوسَى حينئذ بالكوفة وسكنها، فلما دفع أهل الكوفة سعيد بن العاص ولوا أبا موسى، وكتبوا إِلَى عُثْمَان يسألونه أن يوليه، فأقره عُثْمَان على الكوفة إِلَى أن مات، وعزله علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عنها، فلم يزل واجدا منها على علي، حَتَّى جاء منه مَا قَالَ حذيفة، فقد رَوَى فِيهِ لحذيفة كلام كرهت ذكره، والله يغفر لَهُ. ثم كَانَ من أمره يَوْم الحكمين مَا كَانَ.
ومات بالكوفة فِي داره بها. وقيل: إنه مات بمكة سنة أربع وأربعين.(3/980)
وقيل سنة خمسين. وقيل سنة اثنتين وخمسين وَهُوَ ابْن ثلاث وستين، كَانَ من أحسن الناس صوتا بالقرآن. قال فِيهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لقد أوتى أَبُو مُوسَى مزمارا من مزامير آل دَاوُد. سئل علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ موضع أَبِي مُوسَى من العلم، فَقَالَ: صبغ فِي العلم صبغة.
(1640) عبد الله بْن قَيْس بْن صَخْر بْن حرام بْن رَبِيعَة بْن عدي بْن غنم بن كعب ابن سَلَمَة الأَنْصَارِيّ،
شهد بدرا هُوَ وأخوه معبد بْن قَيْس عِنْدَ ابْن إِسْحَاق وعند غيره. ولم يذكره مُوسَى بْن عقبة فِي البدريين، وأجمعوا أَنَّهُ شهد أحدا.
(1641) عبد الله بْن قَيْس بْن صرمة بْن أَبِي أنس،
استشهد يَوْم بئر معونة، قاله العذري.
(1642) عبد الله بن قيظي بن قيس بن لوذان بن ثعلبة بن عدىّ بن مجدعة ابن حارثة الأَنْصَارِيّ،
شهد أحدا، وقتل يَوْم جسر أَبِي عُبَيْد مع أخويه: عقبة وعباد، شهداء، رَضِيَ اللَّهُ عنهم.
(1643) عبد الله بْن كَعْب بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عَمْرو بْن غنم بْن مازن النجار الأَنْصَارِيّ المازني،
شهد بدرا، وَكَانَ على غنائم النَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وسلم يَوْم بدر، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وَكَانَ على خمس النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غيرها. يكنى أَبَا الْحَارِث. وقيل يكنى أَبَا يَحْيَى. كانت وفاته بالمدينة سنة ثلاثين، وصلى عَلَيْهِ عُثْمَان بْن عَفَّان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ أخو أَبِي ليلى المازني.
(1644) عبد الله بْن كَعْب المرادي،
قتل يَوْم صفين: وَكَانَ من أصحاب علي رَضِيَ اللَّهُ عنهم.
(1645) عبد الله بْن كليب بْن رَبِيعَة الخولاني،
كَانَ اسمه ذؤيبا، فسماه(3/981)
رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، له خبر عجيب، قد ذكرته فِي باب الذال [1] .
(1646) عبد الله بْن مَالِك ابْن بحينة [2] الأزدي،
أَبُو مُحَمَّد، حليف لبني المطلب. وأبوه مَالِك بْن القشب الأزدي، من أزد شنوءة، وبحينة أمه، وهي بنت الحارث ابن المطلب بْن عبد مناف بْن قصي. وقيل: بل أمه أزدية من أزد شنوءة، وَهُوَ أزدي أيضا حليف لبني المطلب بْن عبد مناف.
حدثنا عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُثْمَان بْن إِسْحَاق، حَدَّثَنَا علي بْن المديني، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بْن مَالِك بْن القشب، وأمه بحينة، وَهُوَ حليف لبني المطلب، وبحينة من أزد شنوءة، وَهُوَ أيضا من الأزد.
قال أَبُو عُمَر: كَانَ منزل عَبْد اللَّهِ ابْن بحينة بموضع يدعى بطن رئم [3] مسيرة يَوْم من المدينة.
روى عَنْهُ الأعرج، وحفص بْن عَاصِم، وابنه علي بْن عَبْد اللَّهِ ابْن بحينة وقد قيل: إن بحينة أم أَبِيهِ مَالِك، والأول أصح.
توفي ابْن بحينة فِي آخر خلافة مُعَاوِيَة.
(1647) عبد الله بْن مَالِك الأوسي الأَنْصَارِيّ،
من الأوس، حجازي. روى حديثه الزُّهْرِيّ فِي جلد الأمة إذا زنت. اختلف على الزُّهْرِيّ فِيهِ اختلافا كثيرا.
__________
[1] صفحة 464 من هذا الكتاب.
[2] بحينة كجهينة- كما في القاموس.
[3] رئم- بكسر أوله وهمز ثانيه وسكونه. وقيل بالياء غير مهموزة. وهو واد لمزينة قرب المدينة. وقيل: بطن ريم (ياقوت) .(3/982)
(1648) عبد الله بْن مَالِك الغافقي،
مصري، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعمر: إذا توضأت [1] وأنت جنب أكلت وشربت، ولا تقرأ ولا تصل حَتَّى تغتسل.. حديثه عِنْدَ ابْن لهيعة، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن سُلَيْمَان، عَنْ ثعلبة بْن أَبِي الكنود، عَنْهُ.
(1649) عبد الله بْن مَالِك،
أَبُو كاهل الأحمسي البجلي. هكذا يقول إسماعيل ابن أَبِي خَالِد، عَنْ أخيه، عن أَبِي كاهل عَبْد اللَّهِ بْن مَالِك، والأكثر على أن اسم أَبِي كاهل قَيْس بْن عائذ.
(1650) عبد الله بْن مبشر،
فارق هوازن حين أرادوا الرجوع عَنِ الإسلام أيام الردة، قاله وثيمة عَنِ ابْن إِسْحَاق.
(1651) عبد الله بْن مُحَمَّد،
رجل من أهل اليمن، رَوَى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لعائشة: احتجبي من النار ولو بشق تمرةٍ. روى عَنْهُ عَبْد اللَّهِ بْن قرط.
وعبد الله بْن قرط يعد فِي الصحابة.
(1652) عبد الله بْن محيريز،
ذكره العقيلي فِي الصحابة، فَقَالَ: حَدَّثَنَا جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا فِهْرُ بْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ [2] ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: إذا سألتم الله فاسألوه بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ، وَلا تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا. هكذا ذكره العقيلي في الصحابة بهذا الحديث.
__________
[1] في أسد الغابة: وأنا جنب أكلت وشربت ولا أصلى ولا أقرأ القرآن.
[2] مثل كتابة- كما في القاموس.(3/983)
وهذا الحديث رواه إِسْمَاعِيل بْن علية. وعبد الوهاب الثقفي، عَنْ أَيُّوب، عَنْ أَبِي قلابة أن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محيريز قَالَ: إذا سألتم الله ...
الحديث. مثله سواء من قول ابْن محيريز، وقالوا فِيهِ أيضا: عَبْد الرَّحْمَنِ، لا عَبْد اللَّهِ.
وقد رَوَى عَنْ خَالِد الحذاء فِي هَذَا الحديث عَبْد الرَّحْمَنِ أيضا، كما قَالَ أَيُّوب، ولا يصح عندي مَا ذكره العقيلي فِي ذَلِكَ. وعبد الله بْن محيريز رجل مشهور شريف من أشراف قريش، من بني جمح، سكن الشام، وكانت لَهُ ثُمَّ جلالة فِي الدين والعلم. يروي عَنْ عبادة بْن الصامت، وَأَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ، وَأَبِي محذورة، ومعاوية.
روى عَنْهُ الزُّهْرِيّ، ومكحول، وَمُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن حيان، فهذه منزلة ابْن محيريز وموضعه فأما أن تكون لَهُ صحبة فلا، ولا يشكل أمره على أحد من العلماء.
رَوَى زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مُحَيْرِيزٍ يَقُولُ: اللَّهمّ إِنِّي أَسْأَلُكَ ذِكْرًا خَامِلا.
وَذَكَرَ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: قَالَ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ:
كُنَّا فِي مَجْلِسِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، إِذْ أَتَانَا ابْنُ عُمَرَ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ ابْنُ مُحَيْرِيزٍ: إِنِّي لأَعُدُّ بَقَاءَهُ أَمَانًا لأَهْلِ الأَرْضِ. قال رجاء: والله وأنا أيضا، كنت أعد بقاء ابْن محيريز أمانا لأهل الأرض.
ومات سَعِيد بْن المسيب، وَابْن محيريز، وإبراهيم النخعي فِي ولاية(3/984)
الْوَلِيد بْن عَبْد الْمَلِكِ، وكانت ولاية الْوَلِيد من سنة ست وثمانين إلي سنة تسعين.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن زهير، حدثنا الهيثم ابن خَارِجَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَيْلَةَ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَرَوْنَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَمَانًا، وَإِنَّا نَرَى ابْنَ مُحَيْرِيزٍ فينا أمانا.
(1653) عبد الله بْن محرمة بْن عبد العزى، بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر ابن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي،
القرشي، العامري، يكنى أَبَا مُحَمَّد فِي قول الْوَاقِدِيّ. أمه أم نهيك بِنْت صَفْوَان، من بني مَالِك بْن كنانة. آخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينه وبين فروة بْن عَمْرو بْن ودقة البياضي. كَانَ من المهاجرين الأولين، وشهد بدرا، وسائر المشاهد.
وقال الْوَاقِدِيّ: هاجر عَبْد اللَّهِ بْن مخرمة العامري الهجرتين جميعا، ولم يذكره ابْن إِسْحَاق فيمن هاجر الهجرة الأولى، وَقَالَ: إنه هاجر الهجرة الثانية مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ ابْن ثلاثين سنة، واستشهد يَوْم اليمامة سنة اثنتي عشرة، وَهُوَ ابْن إحدى وأربعين سنة. ومن ولده نوفل بْن مساحق بْن عَبْد اللَّهِ بْن مخرمة. روى عَنْهُ أَنَّهُ دعا الله عز وجل ألا يميته حَتَّى يرى فِي كل مفصل منه ضربة فِي سبيل الله. فضرب يَوْم اليمامة فِي مفاصله.
واستشهد، وَكَانَ فاضلا عابدا.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن محمد بن علي، قال، حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الله(3/985)
ابن يُونُسَ، قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمُزْنِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَتَيْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَخْرَمَةَ صَرِيعًا يَوْمَ الْيَمَامَةِ، فَوَقَفْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ ابن عُمَرَ، هَلْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ؟ قَلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَاجْعَلْ فِي هَذَا الْمِجَنِّ مَاءً لَعَلِّي أُفْطِرُ عَلَيْهِ. قَالَ: فَأَتَيْتُ الْحَوْضَ وَهُوَ مَمْلُوءٌ مَاءً فَضَرَبْتُهُ بِحَجَفَةٍ مَعِي. ثُمَّ اغْتَرَفْتُ فِيهِ فَأَتَيْتُ بِهِ فَوَجَدْتُهُ قَدْ قَضَى نَحْبَهُ. رَضِيَ اللَّهُ عنه.
(1654) عبد الله بْن مربع الأَنْصَارِيّ،
رَوَى عَنْهُ يَزِيد بْن شيبان، قَالَ: أتانا ابْن مربع الأنصاري، فقال: أنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليكم، يَقُول لكم: كونوا على مشاعركم هَذِهِ، فإنكم على إرثٍ من إرث أبيكم إِبْرَاهِيم.
اختلف فِيهِ، فقيل يَزِيد بْن مربع. وقيل زيد بن مربع. وقيل عبد الله ابن مربع [1] .
(1655) عبد الله بْن مربع بْن قيظي بْن عمرو بن زيد بن جشم بن حارثة ابن الْحَارِث الأَنْصَارِيّ الحارثي،
شهد أحدا والخندق، وشهد سائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقتل يَوْم جسر أَبِي عُبَيْد.
وقد رَوَى عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. هُوَ أخو عَبْد الرَّحْمَنِ بْن مربع ابن قيظي، وقتلا جميعا يَوْم جسر أَبِي عُبَيْد، ولهما أخوان لأبيهما وأمهما: أحدهما زَيْد، والآخر مرارة، صحبا النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يشهدا أحدا، وَكَانَ أبوهما مربع بْن قيظي منافقا، وَكَانَ أعمى، وَهُوَ الَّذِي سلك النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حائطة فِي حين خرج إِلَى أحد، فجعل يحثو التراب فِي وجوه المسلمين، ويقول: إن كنت نبيا فلا تدخل حائطي.
__________
[1] الضبط من التقريب، وأسد الغابة. وفي هوامش الاستيعاب: لعله الآتي بعده.(3/986)
(1656) عبد الله بْن المستورد الأسدي، مصري.
روى عَنْهُ مُوسَى بْن وردان، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الله جعل أصحابي أمانا لأمتي، فإذا هلكوا قرب لأمتي مَا وعدوا. فِي إسناده مقال. رواه ابْن لهيعة، عن موسى.
(1657) عبد الله بْن مسعدة.
وقيل [1] ابْن مَسْعُود بْن قَيْس الفزاري، يعرف بصاحب الجيوش، لأنه كَانَ أميرا عليها فِي غزوة الروم لمعاوية. روى عَنْهُ عُثْمَان بْن أَبِي سُلَيْمَان يعد فِي الشاميين.
(1658) عبد الله بْن مَسْعُود بْن عَمْرو بْن عُمَيْر،
عم جُبَيْر بْن أَبِي جبير، أخو أبى عبيد ابن مَسْعُود الثقفي. استشهد مع أخيه فِي الجسر، قاله ابْن المديني.
(1659) عبد الله بْن مَسْعُود بْن غافل- بالغين المنقوطة والفاء- ابْن حَبِيب بن شمخ ابن فار بْن مخزوم بْن صاهلة بْن كاهل بن الحارث بن تميم [2] بن سعد بن هذيل ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر،
أبو عبد الرحمن بن الهذلي، حليف بني زهرة، وَكَانَ أبوه مَسْعُود بْن غافل قد حالف فِي الجاهلية عَبْد الله بن الحارث ابن زهرة، وأم عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود أم عبد بِنْت عبد ود بْن سواء بْن قريم ابن صاهلة من بني هذيل أيضا، وأمها زهرية قيلة بِنْت الْحَارِث بْن زهرة.
كان إسلامه قديما فِي أول الإسلام فِي حين أسلم سَعِيد بْن زَيْد وزوجته فاطمة بِنْت الخطاب قبل إسلام عُمَر بزمان، وَكَانَ سبب إسلامه أَنَّهُ كَانَ يرعى غنما لعقبة بْن أَبِي معيط، فمر بِهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأخذ شاة حائلا من تلك الغنم، فدرت عَلَيْهِ لبنا غزيرا.
وَمِنْ إِسْنَادِ حَدِيثِهِ هَذَا مَا رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عياش وغيره، عن عاصم ابن أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنِ ابن مسعود. قال: كنت أرعى غنما
__________
[1] في الإصابة: وقيل ابن مسعدة بن مسعود بن قيس، كذا نسبه ابن عبد البر.
[2] في الإصابة: تيم.(3/987)
لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، فَمَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي: يَا غُلامُ، هَلْ مِنْ لَبَنٍ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، وَلَكِنَّنِي مُؤْتَمَنٌ. قَالَ: فَهَلْ مِنْ شَاةٍ حَائِلٍ لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا الْفَحْلُ؟ فَأَتَيْتُهُ بِشَاةٍ فَمَسَحَ صرعها، فَنَزَلَ لَبَنٌ فَحَلَبَهُ فِي إِنَاءٍ وَشَرِبَ وَسَقَى أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ قَالَ لِلضَّرْعِ: اقْلِصْ [1] فَقَلَصَ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ بَعْدَ هَذَا فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا الْقَوْلِ، فَمَسَحَ رَأْسِي، وَقَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَإِنَّكَ عَلِيمٌ مُعَلَّمٌ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: ثُمَّ ضَمَّهُ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ يَلِجُ عَلَيْهِ وَيُلْبِسَهُ نَعْلَيْهِ، وَيَمْشِي أَمَامَهُ، وَيَسْتُرُهُ إِذَا اغْتَسَلَ، وَيُوقِظَهُ إِذَا نَامَ. وقال لَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذنك علي أن ترفع الحجاب، وأن تسمع سوادي [2] حَتَّى أنهاك، وَكَانَ يعرف فِي الصحابة بصاحب السواد والسواك، شهد بدرا والحديبية، وهاجر الهجرتين جميعا: الأولى إِلَى أرض الحبشة، والهجرة الثانية من مكة إِلَى المدينة، فصلى القبلتين، وشهد لَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجنة فيما ذكر فِي حديث العشرة بإسناد حسن جيد.
حدثنا عبد الله بن محمد، قال حدثنا ابْنُ جَامِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنِ ابْنِ ظَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِرَاءٍ، فَذَكَرَ عَشَرَةً فِي الْجَنَّةِ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عوف، وسعد بن مالك، وسعيد ابن زَيْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عنهم.
__________
[1] افلص: اجتمع (النهاية) .
[2] السواد- بكسر السرار. قال ابو عبيدة: ويجوز الضم. يقال: ساودت الرجل مساودة إذا ساررته (النهاية) .(3/988)
وَرَوَى مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَإِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ كُنْتُ مُؤَمِّرًا أَحَدًا- وَفِي رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ مُسْتَخْلِفًا أَحَدًا- مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ لأَمَّرْتُ- وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاسْتَخْلَفْتُ ابْنَ أم عبد. وقال رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رضيت لأمتي مَا رضي لَهَا ابْن أم عبدٍ، وسخطت لأمتي مَا سخط لَهَا ابْن أم عبدٍ. وَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اهدوا هدي عَمَّار، وتمسكوا بعهد ابْن أم عبدٍ. وَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رجل عَبْد اللَّهِ أو رجلا عَبْد اللَّهِ فِي الميزان أثقل من أحدٍ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أبو بكر بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عن مغيرة، عن أم موسى، قالت: سَمِعْتُ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ يَقُولُ: أَمَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ أَنْ يَصْعَدَ شَجَرَةً فَيَأْتِيَهُ بِشَيْءٍ مِنْهَا، فَنَظَرَ أَصْحَابُهُ إِلَى حَمُوشَةِ [1] سَاقَيْهِ، فَضَحِكُوا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا يُضْحِكُكُمْ؟ لَرِجْلا عَبْدِ اللَّهِ فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ أُحُدٍ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: استقرءوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ، فَبَدَأَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، يَقُولُ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ، فَبَدَأَ بِهِ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وأتى ابن كعب، وسالم مولى أبى حذيفة.
__________
[1] حموشة: دقة (النهاية) .(3/989)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْمَعَ الْقُرْآنَ غَضًّا فَلْيَسْمَعْهُ من ابن أم عبد. وبعضهم يرويه: من أراد أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ على قراءة ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ. حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زائدة، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بين أبى بكر وعمرو عبد اللَّهِ يُصَلِّي، فَافْتَتَحَ بِالنِّسَاءِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ. ثُمَّ قَعَدَ يَسْأَلَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: سَلْ تُعْطَهُ، وَقَالَ فِيمَا سَأَلَ: اللَّهمّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إيمانا لا يرتد، ونعيما لا ينفد، وَمُرَافَقَةَ نَبِيِّكَ- يَعْنِي مُحَمَّدًا- فِي أَعْلَى جَنَّةِ الْخُلْدِ. فأتى عُمَر عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود يبشره، فوجد أَبَا بَكْر خارجا قد سبقه، فَقَالَ: إن فعلت فقد كنت سباقا للخير. وَكَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رجلا قصيرا نحيفا يكاد طوال الرجال يوازونه جلوسا، وَهُوَ قائم، وكانت لَهُ شعرة تبلغ أذنيه. وَكَانَ لا يغير شيبه.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا الحسن بن رشيق الدولابي، حدثنا عثمان ابن عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا شُرَيْكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَتَلْتُ أَبَا جَهْلٍ. قَالَ: باللَّه الَّذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ، لأَنْتَ قَتَلْتُهُ! قُلْتُ: نَعَمْ، فَاسْتَخَفَّهُ الْفَرَحُ، ثُمَّ قَالَ: انْطَلِقْ فَأَرِنِيهِ.
قَالَ: فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى قُمْتُ بِهِ عَلَى رَأْسِهِ. فَقَالَ: الْحَمْدُ للَّه الَّذِي أَخْزَاكَ(3/990)
هَذَا فِرْعَوْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ، جُرُّوهُ إِلَى الْقَلِيبِ [1] . قَالَ: وَقَدْ كُنْتُ ضَرَبْتُهُ بِسَيْفِي فَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ، فَأَخَذْتُ سَيْفَهُ فَضَرَبْتُهُ بِهِ حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَنَفَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيْفَهُ. وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ أَبِي وَائِلٍ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: إِنِّي لأَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَمَا أَنَا بِخَيْرِهِمْ، وَمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ سُورَةٌ وَلا آيَةٌ إِلا وَأَنَا أَعْلَمُ فيما زلت وَمَتَى نَزَلَتْ قَالَ أَبُو وَائِلٍ: فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ حذيفة: لقد علم المحفظون [2] من أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم أنّ عبد الله ابن مَسْعُود كَانَ من أقربهم وسيلة وأعلمهم بكتاب الله.
وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ، سَمِعَ حذيفة يحلف باللَّه ما أعلم أحد أَشْبَهَ دَلا وَهَدْيًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حِينِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَلَقَدْ عَلِمَ الْمُحَفِّظُونَ [2] مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مِنْ أَقْرَبِهِمْ وَسِيلَةً إِلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
قال علي: وقد رَوَى هَذَا الحديث الأَعْمَش، عَنْ أَبِي وائل، عَنْ حذيفة، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْد، حَدَّثَنَا الأَعْمَش، عَنْ شقيق، قَالَ: سمعت حذيفة يَقُول: إن أشبه الناس هديا ودلا وسمتا بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود من حين يخرج إِلَى أن يرجع، لا أدري مَا يصنع فِي بيته، ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن عَبْد اللَّهِ من أقربهم عِنْدَ الله وسيلة يَوْم القيامة.
قَالَ علي: وقد رواه عَبْد الرَّحْمَنِ بْن يَزِيد، عَنْ حذيفة، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن سَعِيد وَمُحَمَّد بْن جَعْفَر قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَة عَنْ أَبِي إِسْحَاق، قَالَ سمعت عبد الرحمن
__________
[1] القليب: البئر.
[2] في ى، والإصابة: المحفوظون.
(الاستيعاب ج 3- م 5)(3/991)
ابن يَزِيد قَالَ: قلت لحذيفة: أَخْبَرَنَا برجل قريب السمت والهدي والدل من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نلزمه، فَقَالَ: مَا أعلم أحدا أقرب سمتا ولا هديا ولا دلا من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يواريه جدار بيته من ابْن أم عبد.
وَرَوَى وَكِيع وَجَمَاعَةُ مَعَهُ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، قَالَ قَالَ لِي عبد الله ابن عَبَّاسٍ: أَيَّ الْقِرَاءَتَيْنِ نَقْرَأُ؟ قُلْتُ: الْقِرَاءَةَ الأُولَى قِرَاءَةَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ؟ فَقَالَ:
أَجَلْ، هِيَ الآخِرَةُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كان يعرض القرآن على جبرئيل فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَضَهُ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ، فَحَضَرَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ، فَعَلِمَ مَا نُسِخَ مِنْ ذَلِكَ وَمَا بُدِّلَ.
وَرَوَى أَبُو مُعَاوِيَةَ وَغَيْرُهُ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ وَهُوَ بِعَرَفَاتٍ، فَقَالَ: جِئْتُكَ من الكوفة وتركت بهار حلا يَحْكِي الْمُصْحَفَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ، فَغَضِبَ عُمَرُ غَضَبًا شَدِيدًا، وَقَالَ: وَيْحَكَ! وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ. قَالَ: فَذَهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ الْغَضَبُ، وَسَكَنَ، وَعَادَ إِلَى حَالِهِ.
وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ مِنَ النَّاسِ أَحَدًا هُوَ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ، وَذَكَرَ تَمَامَ الْخَبَرِ.
وبعثه عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الكوفة مع عَمَّار بْن يَاسِر، وكتب إليهم: إِنِّي قد بعثت إليكم بعمار بْن يَاسِر أميرا وعبد الله بن مسعود معلما ووزيرا.
وهما من النجباء من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أهل بدر، فاقتدوا بهما، واسمعوا من قولهما، وقد آثرتكم بعبد الله بْن مَسْعُود على نفسي. وَقَالَ فيه عمر: كنيف مليء علما.(3/992)
وسئل علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ قوم من الصحابة، منهم عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود، فَقَالَ: أما ابْن مَسْعُود فقرأ القرآن، وعلم السنة، وكفى بذلك. وروى الأَعْمَش، عَنْ شقيق أَبِي وائل، قَالَ: لما أمر عُثْمَان فِي المصاحف بما أمر قام عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود خطيبا، فَقَالَ: أيأمروني أن أقرأ القرآن على قراءة زَيْد بْن ثَابِت، وَالَّذِي نفسي بيده لقد أخذت من فِي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سبعين سورة، وإن زَيْد بْن ثَابِت لذو ذؤابة يلعب بِهِ الغلمان، والله مَا نزل من القرآن شيء إلا وأنا أعلم فِي أي شيء نزل، وما أحد أعلم بكتاب الله مني ولو أعلم أحدا تبلغنيه الإبل أعلم بكتاب الله مني لأتيته، ثُمَّ استحيى مما قَالَ، فَقَالَ: وما أنا بخيركم. قال شقيق: فقعدت فِي الحلق، فيها أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فما سمعت أحدا أنكر ذَلِكَ عَلَيْهِ ولا رد مَا قَالَ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ دُلَيْمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: لَمَّا بَعَثَ عُثْمَانُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يَأْمُرُهُ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْمَدِينَةِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ، وَقَالُوا: أَقِمْ وَلا تَخْرُجْ، وَنَحْنُ نَمْنَعُكَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ شَيْءٌ تَكْرَهُهُ مِنْهُ. فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ لَهُ عَلَيَّ طَاعَةً، وَأَنَّهَا سَتَكُونُ أُمُورٌ وَفِتَنٌ، لا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَوَّلُ مَنْ فَتَحَهَا، فر الناس، وخرج إِلَيْهِ. وروى عَنِ ابْن مَسْعُود أَنَّهُ قَالَ حين نافر الناس عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
مَا أحب أني رميت عُثْمَان بسهم.
وقال بعض أصحابه: مَا سمعت ابْن مَسْعُود يَقُول فِي عُثْمَان شيئا قط، وسمعته يَقُول: لئن قتلوه لا يستخلفون بعده مثله. ولما مات ابْن مَسْعُود نعى إِلَى أَبِي الدرداء، فَقَالَ: مَا ترك بعد مثله. ومات ابْن مَسْعُود رحمه الله بالمدينة سنة(3/993)
اثنتين وثلاثين، ودفن بالبقيع، وصلى عَلَيْهِ عُثْمَان. وقيل: بل صَلَّى عَلَيْهِ الزُّبَيْر، ودفنه ليلا بإيصائه بذلك إِلَيْهِ، ولم يعلم عُثْمَان بدفنه، فعاتب الزُّبَيْر على ذَلِكَ، وَكَانَ يَوْم توفي ابْن بضعٍ وستين سنة.
حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّادٌ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَبَيْنَ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
(1660) عبد الله بْن أَبِي مطرف الأزدي،
حديثه فِي الشاميين، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من تخطى الحرمتين فاضربوا وسطه بالسيف. وصدقه ابْن عَبَّاس. حديثه هَذَا عِنْدَ رفدة [1] بْن قضاعة، عَنْ صَالِح بْن راشد عَنْهُ، ويقولون: إن رفدة بْن قضاعة غلط فِيهِ، ولم يصح عندي قول من قَالَ ذَلِكَ.
(1661) عبد الله بْن مطيع بْن الأسود القرشي العدوي.
قد ذكرنا أباه فِي موضعه من هَذَا الكتاب. روي عَنْ مطيع بْن الأسود أَنَّهُ قَالَ: رأيت فِي المنام أَنَّهُ أهدى إلي جراب تمر، فذكرت ذَلِكَ للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: تلد امرأتك غلاما، فولدت عَبْد اللَّهِ بْن مطيع، فذهبت بِهِ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عُمَر: عَبْد اللَّهِ بْن مطيع هَذَا هُوَ الَّذِي أمره أهل المدينة حين أخرجوا بني أُمَيَّة منها. قال الْوَاقِدِيّ: إنما كَانَ أميرا على قريش دون غيرها.
__________
[1] بكسر الراء وسكون الفاء (التقريب) .(3/994)
قال الزُّبَيْر: كَانَ عَبْد اللَّهِ بْن مطيع من جلة قريش شجاعة وجلدا، وقتل مع ابْن الزُّبَيْر، وَكَانَ هرب يَوْم الحرة، ولحق بمكة، فلما حصر الْحَجَّاج ابْن الزُّبَيْر جعل عبد الله بن مطيع يقاتل، ويقول:
أنا الَّذِي فررت يَوْم الحره ... والحر لا يفر إلا مره
يا حبذا الكرة بعد الفره ... لأجزين كرةً بفره
(1662) عبد الله بْن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمع القرشي الْجُمَحِيّ.
يكنى أَبَا مُحَمَّد، هاجر إِلَى أرض الحبشة ثُمَّ شهد بدرا وكذا سائر إخوته:
عُثْمَان، وقدامة، والسائب كلهم هاجر إِلَى أرض الحبشة، وشهد بدرا فيما ذكر العدوي.
وأما ابْن إِسْحَاق فذكر فِي البدريين عُثْمَان بْن مظعون، وابنه السائب بْن عُثْمَان وأخويه: قدامة، وعبد الله بْن مظعون. وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: توفي عَبْد اللَّهِ بْن مظعون سنة ثلاثين وَهُوَ ابْن ستين سنة. لا أحفظ لأحد من بني مظعون رواية إلا لقدامة.
(1663) عبد الله بْن مُعَاوِيَة الغاضري،
شامي، لَهُ صحبة. روى عنه جبير ابن نُفَيْر.
(1664) عبد الله بْن أَبِي معقل الأَنْصَارِيّ،
شهد أحدا مع أَبِيهِ. وقد ذكرنا أباه فِي الكنى، والحمد للَّه.
(1665) عبد الله بْن المعمر [1] العبسي،
لَهُ صحبة، وَهُوَ ممن تخلف عَنْ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قتال أهل البصرة.
(1666) عبد الله بْن معية [2] السوائي.
كَانَ قد أدرك الجاهلية، وزعم بعضهم أَنَّهُ شهد فتح الطائف. روى عَنْهُ سَعِيد بْن المسيّب.
__________
[1] في الإصابة: بن المعتم- بضم الميم وسكون المهملة وفتح المثناة وتشديد الميم. وقال ابن عبد البر: ابن المعمر فصحفه.
[2] معية- بالتصغير، ويقال عبيد الله، والسوائي- بضم المهملة (التقريب) . وفي هوامش الاستيعاب: وذكر في باب عبيد الله.(3/995)
(1667) عبد الله بْن مغفل [1] بْن عبد غنم.
ويقال ابن عبد نهم [2] بن عفيف بن أسحم بْن رَبِيعَة بْن عداء [3] بْن عدي بْن ثعلبة بْن ذؤيب بْن سَعْد بْن عدّاء بن عثمان ابن عَمْرو الْمُزْنِيّ، وولد عُثْمَان بْن عَمْرو بْن أد بْن طابخة هم مزينة، نسبوا إِلَى أمهم مزينة بِنْت كلب بْن وبرة. كان من أصحاب الشجرة. سكن المدينة، ثُمَّ تحول عنها إِلَى البصرة، وابتنى بها دارا قرب المسجد الجامع. يكنى أَبَا سَعِيد وقيل أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ. وقيل: يكنى أَبَا زِيَاد.
توفي بالبصرة سنة ستين، وصلى عَلَيْهِ أَبُو برزة، روى عَنْهُ جماعة من التابعين بالكوفة والبصرة، أروى الناس عَنْهُ الْحَسَن. قال الْحَسَن: كَانَ عَبْد اللَّهِ بْن مغفل أحد العشرة الذين بعثهم إلينا عُمَر يفقهون الناس، وَكَانَ من نقباء أصحابه، وَكَانَ لَهُ سبعة أولاد.
وَذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، قَالَ: أَوَّلُ مَنْ دَخَلَ مِنْ بَابِ مَدِينَةِ تُسْتَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ الْمُزْنِيُّ، يَعْنِي يَوْمَ فَتْحِهَا.
وَذَكَرَ السَّرَّاجُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الدِّيلِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ عَنْتَرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: إِنِّي لآخُذُ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ الَّتِي بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَهَا أُظِلُّهُ بِهَا قَالَ: فَبَايَعْنَاهُ عَلَى أَلا نَفِرَّ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ أَسْبَاطِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عن الأعمش، عن
__________
[1] مغفل- بمعجمة وفاء ثقيلة (التقريب) .
[2] نهم- بفتح النون وسكون الهاء (التقريب) .
[3] في هوامش الاستيعاب:
قال الدار قطنى: عداء. وقال فيه الطبري: عدا بكسر العين وتخفيف الدال.(3/996)
إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: إِنِّي لَمِمَّنْ يَرْفَعُ أَغْصَانَ الشَّجَرَةِ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ.
(1668) عبد الله بْن مغنم الْكِنْدِيّ،
ويقال ابْن المعتمر: رَوَى عَنْهُ سُلَيْمَان بْن شهاب العبسي، لَهُ حديث واحد فِي الدجال، لا أعرف لَهُ غيره.
(1669) عبد الله بن أم مكتوم الأعمى القرشي العامري [1] ،
لم يختلفوا أنه من بنى عامر ابن لؤي، واسم أمه أم مكتوم عاتكة بِنْت عَبْد اللَّهِ بْن عنكثة بْن عَامِر بْن مخزوم.
واختلفوا فِي اسم أَبِيهِ، فَقَالَ بعضهم: هُوَ عَبْد اللَّهِ بْن زائدة بْن الأصم، وقال آخرون:
هُوَ عَبْد اللَّهِ بْن قَيْس بْن مَالِك بْن الأصم بْن رواحة بْن صخر بن عبد بن معيص ابن عَامِر بْن لؤي القرشي العامري، كَانَ قديم الإسلام بمكة وهاجر إِلَى المدينة.
واختلف فِي وقت هجرته إليها، فقيل: كَانَ ممن قدم المدينة مع مصعب بْن عُمَيْر قبل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الواقدي: قدمها بعد بدر بيسير، فنزل دار القراء، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة يستخلفه عليها فِي أكثر غزواته. وسنذكر خبره فِي باب عَمْرو، فإن أكثر أهل الحديث يَقُول اسم ابْن أم مكتوم عَمْرو ابْن أم مكتوم، وَقَالَ مصعب الزبيري: أبوه قيس بن زائدة ابن الأصم، ولم يقل فِي اسمه عَبْد اللَّهِ ولا عمرو. وقال الزبيري: هو عمرو بن قيس ابن زائدة بْن الأصم وَهُوَ قول مُوسَى بْن عقبة. وقال سَلَمَة بْن فضل، عَنِ ابْن إِسْحَاق: هُوَ عَبْد اللَّهِ بْن شريح بْن قَيْس بْن زائدة بْن الأصم بْن هرم بن رواحة ابن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بْن لؤي. وهكذا قَالَ علي بْن المديني والحسين ابن واقد ابْن أم مكتوم عَبْد اللَّهِ بْن شريح. وقال قَتَادَة: هُوَ عَبْد اللَّهِ بْن زائدة وأظنه نسبه إِلَى جده. وقال مُحَمَّد بْن سَعْد كاتب الْوَاقِدِيّ: أما أهل المدينة فيقولون
__________
[1] في الإصابة ذكره في عمرو بن أم مكتوم. وقال في اسمه عمرو أكثر، ثم قال: وهو ابن خال خديجة أم المؤمنين.(3/997)
اسمه عَبْد اللَّهِ، وأهل العراق يقولون اسمه عمرو. قال: ثم أجمعوا على أنه ابن قيس ابن زائدة بْن الأصم.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: لم يجمعوا لما ذكرنا عَنِ ابْن إسحاق وعلى بن المديني.
قال أبو عمر: وَكَانَ يؤذن لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع بلال، وشهد القادسية فيما يقولون، وباقي خبره يأتي فِي باب عَمْرو.
(1670) عبد الله بْن المنتفق اليشكري.
فِي صحبته نظر. وروى عنه ابنه المغيرة ابن عَبْد اللَّهِ اليشكري خبرا فِي يَوْم الدار.
قال أَبُو عُمَر: ثُمَّ وجدنا يُونُس بْن أَبِي إِسْحَاق قد رَوَى عَنِ الْمُغِيرَة بْن عَبْد اللَّهِ اليشكري عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أتى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسأله. وخالفه مُحَمَّد بْن جحادة فرواه عَنِ الْمُغِيرَة بْن عَبْد اللَّهِ اليشكري، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رجل من بني قَيْس يقال لَهُ ابْن المنتفق. قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم. وفي هَذَا الحديث صحة لقائه ورؤيته وجهل اسمه.
(1671) عبد الله بْن منيب الأزدي.
رَوَى عَنْهُ ابنه منيب. قال: تلا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [1] : «كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شأن» فقلنا: مَا ذَلِكَ الشأن؟ فَقَالَ:
يغفر ذنبا ويفرج كربا، ويرفع قوما، ويضع آخرين. أخشى أن يكون حديثه مرسلا.
(1672) عبد الله بْن أَبِي ميسرة بْن عوف بْن السباق بْن عبد الدار بْن قصي.
قتل مع عُثْمَان يَوْم الدار فيما ذكر العدوي، وفي صحبته نظر.
(1673) عبد الله بْن النَّضْر السُّلَمِيّ.
رَوَى عَنْهُ أبو بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يموت لأحدٍ من المسلمين ثلاثة من الولد فيحتسبهم إلا كانوا لَهُ جنةً من النار. فقالت امرأة: يَا رَسُول اللَّهِ، أو اثنان؟ قَالَ: أو اثنان. وَهُوَ مجهول لا يعرف، ولا أعلم لَهُ غير هَذَا الحديث.
__________
[1] سورة الرحمن، آية 29.(3/998)
وقد ذكروه فِي الصحابة، وفيه نظر. ومنهم من يَقُول فِيهِ مُحَمَّد. ومنهم من يَقُول فِيهِ أَبُو النَّضْر، كل ذَلِكَ قَالَ فِيهِ أصحاب مَالِك. وبعضهم يَقُول فِيهِ: ابْن النَّضْر، لا يسميه. وأما ابْن وَهْب فجعل الحديث لأبى بكر بن محمد ابن عَمْرو بْن حزم، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن عامر الأسلمي، وما أعلم في المؤطإ رجلا مجهولا غير هَذَا.
(1674) عبد الله بْن النعمان بْن بلذمة [1] .
قَالَ ابْن هِشَام: ويقال بلدمة، وبلذمة بالذال المنقوطة: هُوَ ابْن عم أَبِي قَتَادَة الأَنْصَارِيّ، شهد بدرا ولم يشهدها أَبُو قَتَادَة، وشهد أحدا.
(1675) عبد الله بْن نُعَيْم الأَنْصَارِيّ،
أخو عاتكة بِنْت نُعَيْم، لَهُ صحبة.
(1676) عبد الله بْن أَبِي نملة الأَنْصَارِيّ.
ذكره العقيلي فِي الصحابة، وأما أبوه أَبُو نملة فصحبته وروايته معروفة.
(1677) عبد الله بْن نوفل بْن الْحَارِث بْن عبد المطلب القرشي الهاشمي،
يكنى أَبَا مُحَمَّد. قال الْوَاقِدِيّ: أدرك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ولم يحفظ عنه شيئا.
ومات سنة أربع وثمانين. وقال العدوي: قتل يَوْم الحرة، وذلك سنة ثلاث وستين، وَهُوَ أخو الْحَارِث بْن نوفل، وَكَانَ عَبْد اللَّهِ بْن نوفل يشبه بالنبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
(1678) عبد الله بْن الهبيب بْن أهيب بْن سحيم السعدي اللَّيْثِيّ.
من بني سَعْد ابْن لَيْث، حليف لبني عبد شمس. وقيل: حليف لبني أَسَد بْن خزيمة، قتل يَوْم خيبر [2] شهيدا.
__________
[1] بلذمة- بفتح الموحدة والمعجمة. وقيل بضمين ومهملة (الإصابة، وأسد الغابة، وهوامش الاستيعاب) .
[2] في س: يوم أحد.(3/999)
(1679) عبد الله بن هشام بن عثمان بن عمرو القرشي التيمي،
هو جدّ زهرة ابن معبد. يعد فِي أهل الحجاز، ذهبت بِهِ أمه زينب بِنْت حميد إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صغير، فمسح رأسه، ودعا لَهُ، ولم يبايعه لصغره.
(1680) عبد الله بْن هِلال بْن عَبْد اللَّهِ بْن هَمَّام الثقفي،
رَوَى عَنْهُ عُثْمَان بْن الأسود، يعد فِي المكيين، حديثه عندهم مرسل، لم يذكر فِيهِ سماع ولا رواية.
(1681) عبد الله بْن [1] هلال المزني.
حديثه عند كثير بن عبد الله بن عمرو ابن عوف الْمُزْنِيّ، عَنْ بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن هِلال الْمُزْنِيّ صاحب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: ليس لأحد بعدنا أن يحرم بالحج ثُمَّ يفسخ حجه فِي عمرةٍ.
(1682) عبد الله بْن وقدان القرشي.
يعرف بالسعدي، لأنه كَانَ مسترضعا فِي بني سَعْد بْن بَكْر، وقدم على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في وفد بني سَعْد، وقد ذكرناه فِي مواضع من هَذَا الكتاب. روى عَنْهُ كبار التابعين بالشام: أَبُو إدريس الخولاني، وعبد الله بْن محيريز، ومالك بْن يخامر، وغيرهم.
(1683) عبد الله بْن الْوَلِيد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بْن عُمَر بْن مخزوم،
وَهُوَ ابْن أخي خَالِد بْن الْوَلِيد، وَكَانَ أبوه الْوَلِيد بْن الْوَلِيد أسن من خَالِد، وأقدم إسلاما، وسيأتي ذكره في بابه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
كان اسم عَبْد اللَّهِ هذا الوليد بن الْوَلِيد بْن الْوَلِيد، فأتي بِهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ غلام، فَقَالَ: مَا اسمك يَا غلام؟ فَقَالَ: الْوَلِيد بْن الوليد ابن الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة، فَقَالَ: لقد كادت بنو مخزوم أن تجعل الوليد ربّا.
__________
[1] في أسد الغابة: ابن أبي هلال(3/1000)
ولكن أنت عَبْد اللَّهِ. ومن شعر لأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ترثي أباه الْوَلِيد بْن الْوَلِيد [بْن الْمُغِيرَة] [1] :
مثل الوليد بن الوليد ... أبي الوليد كفى العشيره [2]
وسنذكر الأبيات فِي باب أَبِيهِ الْوَلِيد بْن الْوَلِيد إن شاء تعالى.
(1684) عبد الله بْن يَاسِر، أخو عَمَّار بْن يَاسِر،
قد ذكرنا نسبه [3] فِي باب عَمَّار، وفي باب يَاسِر أبيهما. له ولأبيه يَاسِر صحبة، وأما عَمَّار فمن كبار الصحابة، ومات يَاسِر وابنه عَبْد اللَّهِ بمكة مسلمين، وكانوا كلهم ممن عذب فِي الله تعالى.
(1685) عبد الله بْن يَزِيد الخطمي الأَنْصَارِيّ،
من الأوس، كوفي. يروي عَنْهُ عدي بْن ثَابِت عَنِ [4] البراء بْن عازب، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهو جد عدي بْن ثَابِت، وَهُوَ عَبْد اللَّهِ بْن يَزِيد بْن يَزِيد بْن حصن بن عمرو بن الحارث ابن خطمة بْن جشم [5] بْن مَالِك بْن الأوس الخطمي الأَنْصَارِيّ الأوسي. شهد الحديبية، وَهُوَ ابْن سبع عشرة سنة، وَكَانَ أميرا على الكوفة، وشهد مع علي صفين والجمل والنهروان.
قال ابْن إِسْحَاق: خطمة من ولد مَالِك بْن الأوس، ويروي عَنْهُ أَبُو بردة ابْن أَبِي موسى.
(1686) عبد الله بن أَبُو الْحَجَّاج الثمالي:
رَوَى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى الله عليه وسلم، حديثه
__________
[1] ليس في س.
[2] في ى: العشير.
[3] سيأتي على حسب ترتيب الكتاب الجديد.
[4] في ى: بن.
[5] في س: بن جميع.(3/1001)
عند أبى بكر أبي مريم، عن الهيثم بن مالك الطائي، عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عائذ الأزدي، عَنْهُ.
(1687) عبد الله،
يلقّب حمارا، له صحبة، يعد فِي أهل المدينة، حَدِيثُهُ عند زيد ابن أسلم، عن أبيه.
(1688) عبد الله الخولاني،
والد أَبِي إدريس الخولاني، لَهُ صحبة ورواية، رَوَى عَنْهُ أَبُو إدريس، وقد تقدّم [1] ذكره.
(1689) عبد الله الخولاني،
والد أَبِي إدريس الخولاني، شامي، لَهُ صحبة، واسم أَبِي إدريس عائذ الله بْن عَبْد اللَّهِ.
(1690) عبد الله السدوسي،
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثه عِنْدَ عُمَر [2] ابْن شقيق السدوسي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده عَبْد اللَّهِ السدوسي.
(1691) عبد الله الصّنانجى.
رَوَى عَنْهُ عَطَاء بْن يسار. واختلف على عطاء، فبعضهم قال: عن عبد الله الصنانجى. وبعضهم قَالَ: عَنْهُ، عَنْ أَبِي عَبْد اللَّهِ الصّنانجى، وَهُوَ الصواب إن شاء اللَّه تعالى.
أَبُو عبد الله الصّنانجى من كبار التابعين، واسمه عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عسيلة، ولم يلق النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسنذكر [3] خبره فِي باب عَبْد الرَّحْمَنِ. وعبد الله الصّنانجى غير مَعْرُوف فِي الصحابة. وقد اختلف قول ابْن معين فِيهِ، فمرةً قَالَ:
حديثه مرسل، ومرة قال: عبد الله الصنانجى الَّذِي يروي عَنْهُ المدنيون يشبه أن يكون لَهُ صحبة. والصواب عندي أَنَّهُ أَبُو عَبْد اللَّهِ، لا عَبْد اللَّهِ على مَا ذكرناه.
__________
[1] سيأتي بعده.
[2] في س: عمرو.
[3] ذكر قبل.(3/1002)
(1692) عبد الله ذو البجادين الْمُزْنِيّ.
هُوَ عَبْد اللَّهِ بْن عبد نهم، هُوَ عم عَبْد الله ابن مغفل، سمي ذا البجادين لأنه حين أراد المسير إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعطته أمه بجادا لَهَا- وَهُوَ كساء شقه باثنين، فاتزر بواحد منهما، وارتدى بالآخر.
وقال ابْن هِشَام: إنما سمي ذا البجادين لأنه كَانَ ينازع إِلَى الإسلام فيمنعه قومه من ذَلِكَ ويضيقون عَلَيْهِ حَتَّى تركوه فِي بجاد لَهُ ليس عَلَيْهِ غيره، والبجاد الكساء الغليظ الجافي، فهرب منهم إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما كَانَ قريبا منه شق بجاده باثنين فاتزر بواحد واشتمل بالآخر. ثم أتى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقيل لَهُ ذو البجادين لذلك. وخبره أكمل من هَذَا. وكانت أمه قد سلطت عَلَيْهِ قومه فجردوه طمعا منها أن يبقى معها ولا يهاجر. ومات فِي عصر النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه عَمْرو بْن عوف الْمُزْنِيّ. وعمرو بْن عوف أيضا لَهُ صحبة.
ذكر ابْن إِسْحَاق قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم التميمي أن عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود كَانَ يحدث، قَالَ: قمت فِي جوف الليل وأنا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غزوة تبوك. قَالَ: فرأيت شعلة من نار فِي ناحية العسكر، قَالَ: فاتبعتها أنظر إليها، فإذا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وَعُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وإذا عَبْد اللَّهِ ذو البجادين المزني قدمت وإذا هم قد حفروا لَهُ ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حفرته، وَأَبُو بَكْر وَعُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يدليانه إِلَيْهِ، وَهُوَ يَقُول: أدليا إلي أخاكما.
فدلياه إِلَيْهِ، فلما حناه لشقه قَالَ: اللَّهمّ إِنِّي قد أمسيت راضيا عَنْهُ فارض عَنْهُ. قال يَقُول عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود: يَا ليتني كنت صاحب الحفرة.(3/1003)
(1693) عبد الله الْمُزْنِيّ،
والد بَكْر وعلقمة، بصري، قد تقدّم ذكره.
(1694) عبد الله،
رجل من عدي، كَانَ اسمه السائب، فسماه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد اللَّهِ. روى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ضمان الدين نحو حديث أَبِي قَتَادَة. وفي حديثه: ديناران كيتان. هو عِنْدَ ابْن لهيعة، عَنْ أَبِي قبيل [1] ، يعد في المصريين.
(1695) عبد الله [2] اليربوعي،
روت عَنْهُ ابنته جمرة بِنْت عَبْد اللَّهِ، قالت:
ذهب بي أَبِي إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذكره أَبُو عُمَر مدرجا فِي باب ابنته من النساء.
(1696) عبد الله [3] ، أ
بو هُرَيْرَةَ صاحب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اختلف فِي اسمه واسم أَبِيهِ اختلافا كثيرا، فرأينا ذكره وذكر مَا قيل فِي اسمه واسم أَبِيهِ فِي الكنى، لأنه غلبت عَلَيْهِ كنيته، ويأتي ذكره فِي الكنى أتم [4] من هَذَا إن شاء الله تعالى.
باب الأفراد فِي العبادلة
(1697) عابد الله [بْن سَعْد [5]] المحاربي
من ولد محارب بْن خصفة [6] بْن قَيْس وفد على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم. ويقال فيه عائذ الله.
__________
[1] بفتح القاف وكسر الموحدة.
[2] هذه الترجمة ليست في س.
[3] في هامش س: الّذي صححه النووي أن اسمه عبد الرحمن
[4] في س: مجودا إن شاء الله.
[5] من س.
[6] محركة- كما في القاموس.(3/1004)
(1698) عبد الجد بْن رَبِيعَة بْن حجر.
سمع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حديث ذكره يقول وهو يخاطب عيينة ابن حصن: الحياء رزقه أهل اليمن وحرمه قومك.
(1698) عبد خير بْن يَزِيد بْن مُحَمَّد الهمداني.
أبو عُمَارَة، أدرك زمن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يسمع منه، وَهُوَ معدود فِي أصحاب علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ من كبارهم، ثقة مأمون.
قال عَبْد الْمَلِكِ بْن سلع: قلت لعبد خير: يَا أَبَا عَمَّار، لقد كبرت، فكم أتى عليك؟ قَالَ: عشرون ومائة سنة، قلت: فهل تذكر من أمر الجاهلية شيئا؟ قَالَ: نعم، أذكر أن أمي طبخت قدرا لَهَا، فقلت: أطعمينا، فقالت:
حتى يجيء أبوكم، فجاء أَبِي، فَقَالَ: أتانا كتاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهانا عَنْ لحوم الميتة، فذكر لَهُ أَنَّهَا كانت لحم ميتة فأكفاناها [1] .
وروى عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أذكر أنا كنا باليمن، فأتانا كتاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجمع الناس إِلَى خير واسع ... في حديث ذكره.
(1699) عبد ربه بْن حق، ويقال عبد رب بْن حق بْن أوس بْن ثعلبة بْن طريف ابن الخزرج بْن ساعدة الأَنْصَارِيّ الساعدي،
شهد بدرا، ذكره مُوسَى بْن عقبة فِي البدريين من بني ساعدة بْن كَعْب بْن الخزرج، فَقَالَ: عبد رب بن حق ابن قوال. وقال ابْن إِسْحَاق: اسمه عَبْد اللَّهِ بن حق. وقال أبو عمارة [2] :
__________
[1] في س: فكفأناها.
[2] في س: وقال عمارة.(3/1005)
هُوَ عبد رب بْن حق بْن أوس بْن ثعلبة بْن وقش بْن ثعلبة بْن طريف ابن الخزرج بْن ساعدة.
(1700) عبد العزيز بْن بدر بْن زَيْد بْن مُعَاوِيَة بْن خشان بْن سعد [1] ابن وديعة بْن مبذول بْن عدي [2] بْن عثم [3] بْن الربعة الربعي القضاعي.
وفد على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال له: ما اسمك؟ قَالَ: عبد العزى، فغير عَلَيْهِ السلام اسمه، وسماه عَبْد الْعَزِيزِ، وذكره ابْن الكلبي فِي نسب قضاعة.
[1701) عبد عَمْرو بْن كَعْب بْن عبادة،
يعرف بالأصم، ذكره ابْن الكلبي فيمن وفد إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بني البكاء مع مُعَاوِيَة بْن ثور وابنه بشر [4]] .
(1702) عبد عوف بْن عبد الْحَارِث بْن عوف بْن خشيش،
أَبُو حَازِم الأحمسي، من أحمس بْن الغوث، هُوَ والد قَيْس بْن أَبِي حَازِم. روى عَنْهُ ابنه قَيْس ابْن أَبِي حَازِم، وَهُوَ مشهور بكنيته، ويقال اسمه عوف، وقد ذكرناه فِي الكنى.
(1703) عبد قَيْس بْن لاي بْن عصيم،
حليف لبني ظفر من الأنصار، لا أعرف نسبه فِي العرب، شهد أحدا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(1704) عبد المطلب بْن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي،
__________
[1] في أسد الغابة: أسعد.
[2] في أسد الغابة: بن مبذول بن عثم.
[3] في س: غنم.
[4] من س وفي الإصابة: يذكر في الأصم وفي عبد الله بن كعب.(3/1006)
أمه أم الحكم بِنْت الزُّبَيْر بْن عبد المطلب بْن هاشم، كَانَ فيما ذكر أهل السير على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلا [1] ، ولم يغير رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسمه فيما علمت. سكن المدينة، ثُمَّ انتقل إِلَى الشام فِي خلافة عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ونزل دمشق، وابنتي بها دارا، ومات فِي إمرة يَزِيد، وأوصى إِلَى يَزِيد، فقبل وصيته.
روى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث منها: من آذى الْعَبَّاس فقد آذاني، إن عم الرجل صنو أَبِيهِ، في حديث فِيهِ طول. روى عَنْهُ عَبْد اللَّهِ بْن الْحَارِث.
(1705) عبد الملك بْن عباد بْن جَعْفَر.
سمع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: أول من أشفع له في أمّتى أهل المدينة، وأهل مكة، والطائف [2] . روى عَنْهُ الْقَاسِم بن حبيب.
(1706) عبد يا ليل بْن عَمْرو بْن عُمَيْر الثقفي،
كَانَ وجها من وجوه ثقيف، وَهُوَ الَّذِي أرسلته [3] ثقيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي إسلامهم وبيعتهم، وبعثت معه لذلك خمسة رجالٍ، إذ أبى أن يمضي وحده خوفا مما صنعوا بعروة ابن مَسْعُود، وهم عُثْمَان بْن أَبِي الْعَاص، وأوس بْن عوف، ونمير بْن خرشة، والحكم بْن عَمْرو، وشرحبيل بْن غيلان بْن سَلَمَة، فأسلموا كلهم، وحسن إسلامهم، وانصرفوا إِلَى قومهم ثقيف، فأسلمت بأسرها.
(1707) عبد يا ليل بْن ناشب [بْن غيرة [4]] اللَّيْثِيّ،
من بني سَعْد بْن لَيْث. حليف لبني عدي بْن كعب، شهد بدرا. توفى فِي أخر خلافة عُمَر، وَكَانَ شيخا كبيرا [5] .
__________
[1] في أسد الغابة: قاله الزبير. وقيل كان غلاما. والله أعلم.
[2] في س، وأسد الغابة: وأهل الطائف.
[3] في س: بعثته.
[4] من أسد الغابة، وفي هوامش الاستيعاب: هذا وهم من أبى عمر وغيره وإنما عبد يا ليل هذا جد عاقل بن البكير (73) .
[5] في أسد الغابة: قلت: لا أعرف في بنى سعد بن ليث عبد يا ليل بن ناشب إلا جد إياس وخالد وعاقل بن البكير بن عبد يا ليل.(3/1007)
باب عبس
(1708) عبس بْن عَامِر بْن عدي بْن نابي بن عمرو بن سواد بن غنم بن كعب ابن سَلَمَة الأَنْصَارِيّ،
شهد العقبة، ثُمَّ شهد بدرا وأحدا عند جميعهم.
(1709) عبس الغفاري،
ويقال عابس. وهو الأكثر، شامي، روى عنه أبو أمامة الباهلي، وروى عنه أهل الكوفة، منهم حنش الْكِنْدِيّ، وعكيم الْكِنْدِيّ، ويروى زاذان عنه، وعن عكيم، عنه.
باب عُبَيْد الله
(1710) عبيد الله بْن الأسود السدوسي.
قَالَ: خرجت إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وفد بني سدوس.
(1711) عبيد الله بْن التيهان بْن مَالِك،
أخو أَبِي الهيثم بْن التيهان، وأخو أَبِي نَصْر [1] بْن التيهان، وأخو عُبَيْد بْن التيهان، شهد أحدا، ومنهم من يَقُول فِي عُبَيْد عَتِيك بْن التّيهان.
(1712) عبيد الله بْن سُفْيَان بْن عبد الأسد القرشي الْمَخْزُومِيّ.
قتل يَوْم اليرموك شهيدا، لا أعلم لَهُ رواية، وَهُوَ أخو مُعَاوِيَة [2] بْن سفيان.
(1713) عبيد الله بْن شقير [3] بْن عبد الأسد بْن هِلال [بْن عَبْد اللَّهِ [4]] بْن عَمْرو ابن مخزوم،
قتل يوم اليرموك شهيدا.
__________
[1] في س: نصير
[2] في س، وأسد الغابة: أخو هبار بن سفيان.
[3] وأسد الغابة: قلت: لا شك أن أبا عمر وهم فيه فإنه قد ذكر عبيد الله بن سفيان بالسين المهملة والفاء، وذكر هذه الترجمة بالشين المعجمة والقاف. وذكر عبيد الله بْن سُفْيَان بْن عبد الأسد وذكر في الجميع أنه قتل يوم اليرموك. وسفيان بن عبد الأسد مشهور، وأما شقير- بالقاف والفاء فلا يعرف. فلا يعرف، وفي هوامش الاستيعاب: هو عبيد الله بن سفيان (72) .
[4] ليس في س.(3/1008)
(1714) عبيد الله بْن ضمرة [1] [بْن هود [2]] الحنفي اليمامي.
روى عنه ابنه المنهال ابن عُبَيْد الله، لا يصح حديثه، وقد قيل فِيهِ النخعي، ولا يعرف.
(1715) عبيد الله بْن الْعَبَّاس بْن عبد المطلب بْن هاشم القرشي الهاشمي
أمه لبابة بِنْت الْحَارِث بْن حزن الهلالية، يكنى أَبَا مُحَمَّد، رأى النَّبِيّ صَلَّى الله عليه وسلم، وسمع منه، وحفظ عنه، وَكَانَ أصغر سنا من أخيه عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس، يقال: كَانَ بينهما فِي المولد سنة، استعمله علي بْن أَبِي طالب على اليمن، وأمره على الموسم، فحج بالناس سنة ست وثلاثين وسنة سبع وثلاثين، فلما كَانَ سنة ثمان وثلاثين بعثه أيضا على الموسم، وبعث مُعَاوِيَة فِي ذَلِكَ العام يَزِيد بْن شجرة الرهاوي [3] ليقيم الحج، فاجتمعا فسأل كل واحد منهما صاحبه أن يسلم لَهُ، فأبى واصطلحا على أن يصلي بالناس شيبة بْن عُثْمَان.
وفي هَذَا الخبر اختلاف بين أهل السير، منهم من جعله لقثم بْن الْعَبَّاس، وَقَالَ خليفة: في عام أربعين بعث مُعَاوِيَة بسر بْن أرطاة العامري إِلَى اليمن، وعليها عُبَيْد الله بْن الْعَبَّاس، فتنحى عُبَيْد الله، وأقام بسر عليها، فبعث عليّ جارية ابن قدامة السعدي، فهرب بسر، ورجع عُبَيْد الله بْن عَبَّاس، فلم يزل عليها حَتَّى قتل علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: قد ذكرنا [4] مَا أحدثه بسر بن أرطاة في طفلي عبيد الله ابن عَبَّاس فِي حين دخوله اليمن فِي باب بسر، وعسى الله أن يغفر لَهُ، فإنه يغفر
__________
[1] في أسد الغابة: قال أبو عمر: وقال ابن مندة: عبيد الله بن صبرة بن هوذة بالصاد المهملة والباء الموحدة. وهوذة بالذال المعجمة وآخره هاء. وأما هود فلا يعرف في حنيفة.
[2] من أسد الغابة.
[3] بضم الراء وفتح الهاء (اللباب) .
[4] صفحة 160(3/1009)
مَا دون الشرك لمن يشاء. وَكَانَ عُبَيْد الله بْن عَبَّاس أحد الأجواد، وَكَانَ يقال:
من أراد الجمال والفقه والسخاء فليأت دار الْعَبَّاس، الجمال للفضل، والفقه لعبد الله، والسخاء لعبيد الله.
ومات عُبَيْد الله بْن الْعَبَّاس فيما قَالَ خليفة سنة ثمان وخمسين، وكذلك قَالَ أَحْمَد بْن مُحَمَّد وأيوب.
وقال الْوَاقِدِيّ، والزبير: توفي عُبَيْد الله بْن عَبَّاس بالمدينة فِي أيام يَزِيد بْن مُعَاوِيَة وَقَالَ مصعب: مات باليمين، والأول أصح. وقال الْحَسَن بْن عُثْمَان:
مات عُبَيْد الله بْن الْعَبَّاس سنة سبع وثمانين فِي خلافة عَبْد الْمَلِكِ.
(1716) عبيد الله بْن عبيد بْن التيهان.
ويقال عُبَيْد الله بْن عَتِيك بْن التيهان، وهو ابْن أخي أَبِي الهيثم بْن التيهان، قتل يَوْم اليمامة شهيدا.
(1717) عبيد الله بْن عدي بْن الخيار بْن عدي بْن نوفل بْن عبد مناف القرشي النوفلي.
ولد على عهد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومات فِي زمن الْوَلِيد بْن عَبْد الْمَلِكِ، وله دار بالمدينة عِنْدَ دار علي بْن أَبِي طالب، وَرَوَى عَنْ عُمَر وعثمان، وهو الّذي روى عن عيد اللَّهِ بْن عدي الأَنْصَارِيّ- أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاءه رجل يستأذنه فِي قتل رجل من المنافقين. فقال: أليس يشهد أن لا إله إلا الله! فَقَالَ: بلى، ولا شهادة لَهُ.. الحديث [1] إِلَى آخره
(1718) عبيد الله بْن عُمَر بْن الخطاب.
ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، ولا أحفظ لَهُ روايةً عَنْهُ ولا سماعا منه، وَكَانَ من أنجاد قريش وفرسانهم، وهو القائل:
__________
[1] في أسد الغابة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أولئك الذين نهاني الله عنهم.(3/1010)
أنا عُبَيْد الله سماني عُمَر ... خير قريشٍ من مضى ومن غبر
حاشا نبي الله والشيخ الاغر
قتل عُبَيْد الله بْن عُمَر بصفين مع مُعَاوِيَة، وَكَانَ على الخيل يومئذ، ورثاه أَبُو زَيْد الطائي، وقصته فِي قتل الهرمزان وجفينة وبنت أَبِي لؤلؤة فيها اضطراب.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن عمر الجوهري، حدثنا أحمد ابن مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى، وعبد الرحمن بن يعقوب، وسعيد ابن رُسْتُمَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عمرو بن دينار، عن الحسن ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قِيلَ لِعَلِيٍّ: هَذَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَلَيْهِ جِبَّةُ خَزٍّ، وَفِي يَدِهِ سِوَاكٌ، وَهُوَ يَقُولُ: سَيَعْلَمُ غَدًا عَلِيٌّ إِذَا الْتَقَيْنَا! فَقَالَ عَلِيٌّ:
دَعُوهُ فَإِنَّمَا دَمُهُ دَمُ عُصْفُورٍ. وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ، حدثنا عبد الله، حدثنا أحمد، حدثني إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: أُصِيبَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَوْمَ صِفِّينَ، فَاشْتَرَى مُعَاوِيَةُ سَيْفَهُ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى عَبْدِ الله ابن عُمَرَ. قال جويرية: فقلت لنافع: هُوَ سيف عُمَر الَّذِي كَانَ لَهُ؟ قَالَ: نعم قلت: فما كانت حليته؟ قَالَ: وجدوا فِي نعله [1] أربعين درهما.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: خرج عُبَيْد الله بْن عُمَر بصفين فِي اليوم الَّذِي قتل فِيهِ، وجعل امرأتين لَهُ بحيث تنظران إِلَى فعله، وهما أَسْمَاء بِنْت عطارد بْن الحاجب التميمي، وبحرية بِنْت هانئ بْن قبيصة الشيباني، فلما برز شدت عَلَيْهِ ربيعة،
__________
[1] النعل: حديدة في أسفل غمد السيف (القاموس) .(3/1011)
فتثبت [1] بينهم، وقتلوه، وَكَانَ على رَبِيعَة يومئذ زياد بن خصفة [2] التميمي، فقط عُبَيْد الله بْن عَمْرو ميتا قرب فسطاطه ناحية منه، وبقي طنب من طنب الفسطاط لا وتد لَهُ، فجروا عُبَيْد الله بْن عُمَر إِلَى الفسطاط، وشدوا الطنب برجله شدا، وأقبلت امرأتاه حَتَّى وقفتا عَلَيْهِ، فبكتا وصاحتا، فخرج زِيَاد بْن خصفة [2] فقيل لَهُ: هَذِهِ بحرية بِنْت هانئ بْن قبيصة. فقال: مَا حاجتك يا بنت أخي؟
فقالت: زوجي قتل، تدفعه إلي. فقال: نعم، فخذيه فجاءت ببغل فحملته عَلَيْهِ، فذكروا أن يديه ورجليه خطتا الأرض من فوق البغل، ورثاه كعب ابن جعيل، وهجاه الصلتان العبدي.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ [3] ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ عُبَيْدَ الله ابن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قُتِلَ بِصِفِّينَ، وَأَنَّ رَجُلا ضَرَبَ أَطْنَابَ فُسْطَاطِهِ بِأَوْتَادٍ، فَعَجَزَ مِنْهَا وَتَدٌ، فَأَخَذَ رَجِلَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَرَبَطَهُ حَتَّى أَصْبَحَ.
وروى ابْن وَهْب، عَنِ السري بْن يَحْيَى، عَنِ الْحَسَن- أن عبيد الله ابن عُمَر قتل الهرمزان بعد أن أسلم، وعفا عَنْهُ عُثْمَان، فلما ولي علي خشي على نفسه، فهرب إِلَى مُعَاوِيَة، فقتل بصفين [4] .
(1719) عبيد الله بْن كَثِير، والد مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله.
روى عَنْهُ ابنه مُحَمَّد فِي الخمر من حديث سُلَيْمَان بْن بلال، عَنْ سهيل بن أبى صالح، ولا يصحّ،
__________
[1] في س: فنشب بينهم
[2] في ى: خصيفة. والمثبت من هوامش الاستيعاب، وفيها: هو تيمى من تيم اللات، لا تميمى (72) .
[3] في س: أحمد بن يحيى.
[4] في هامش س: كذا في الأصل.(3/1012)
وَمُحَمَّد وأبوه عُبَيْد الله مجهولان، وإنما الحديث لسهيل، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(1720) عبيد الله بْن محصن.
رَوَى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من أصبح منكم آمنا فِي سربه معافى فِي جسمه، معه قوت يومه، فكأنما حيزت لَهُ الدنيا منهم من جعل هذا الحديث مرسلا، وأكثرهم يصح صحبة عبيد الله ابن محصن هَذَا، فجعله مسندا.
(1721) عبيد الله بْن مُسْلِم القرشي.
ويقال فِيهِ الحضرمي [1] . مذكور فِي الصحابة، لا أقف على نسبه فِي قريش، وفيه نظر.
روى عَنْهُ حُصَيْن، وقد قيل: إنه عبد بْن مُسْلِم الَّذِي رَوَى عَنْهُ حُصَيْن، فإن كَانَ فهو أسدي، أَسَد قريش.
(1722) عبيد الله بْن مَعْمَر بْن عُثْمَان بْن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بْن مُرَّةَ القرشي التيمي.
صحب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ من أحدث أصحابه سنا، كذا قَالَ بعضهم. وهذا غلط، ولا يطلق على مثله أَنَّهُ صحب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لصغره، ولكنه رآه، ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غلام، واستشهد بإصطخر [2] مع عَبْد اللَّهِ بْن عَامِر بْن كريز، وَهُوَ ابْن أربعين سنة، وَكَانَ على مقدمة الجيش يومئذ.
روى عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مَا أعطى الله أهل بيتٍ الرفق إلا نفعهم، ولا منعوه إلّا ضرّهم.
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: جعلهما أبو عمر واحدا، وهما اثنان ذكرهما البخاري وابن أبى حاتم. والقرشي منهما له صحبة. والحضرميّ لم يذكرا له صحبة (72) .
[2] بكسر الهمزة وسكون الخاء المعجمة: بلدة بفارس (ياقوت) .(3/1013)
روى عَنْهُ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر وَمُحَمَّد بْن سيرين، وهو القائل لمعاوية:
إذا أنت لم ترخ الإزار تكرما ... على الكلمة العوراء من كل جانب
فمن ذا الَّذِي نرجو لحقن دمائنا ... ومن ذا الَّذِي نرجو لحمل النوائب
وابنه عُمَر بْن عُبَيْد الله بْن مَعْمَر أحد أجواد العرب وأنجادها، وَهُوَ الَّذِي قتل أَبَا فديك الحروري، وَهُوَ الَّذِي مدحه العجاج بأرجوزته التي يَقُول فيها:
قد جبر الدين الإله فجبر
وفيها يقول:
لقد سما ابْن معمرٍ حين اعتمر ... [مقرا بعيدا من بعيدٍ وصبر [1]]
وكان عُمَر بْن عُبَيْد الله يلي الولايات، وشهد مع عَبْد الرَّحْمَنِ بْن سمرة فتح كابل، وَهُوَ صاحب الثغرة، كَانَ قاتل عليها حَتَّى أصبح. وله مناقب صالحة، وَكَانَ سبب موت عُمَر هَذَا أن أبن أخيه عُمَر بْن مُوسَى خرج مع الأَشْعَث، فأخذه الْحَجَّاج، فبلغ ذَلِكَ عُمَر وَهُوَ بالمدينة، فخرج يطلب فِيهِ إِلَى عَبْد الْمَلِكِ، فلما بلغ موضعا يقال لَهُ ضمير على خمسة عشر ميلا من دمشق بلغه أن الْحَجَّاج ضرب عنقه، فمات كمدا عَلَيْهِ، فقال الفرزدق يرثيه [2] :
يا أيها الناس لا تبكوا على أحدٍ ... بعد الَّذِي بضميرٍ وافق القدرا [3]
وكان سن عُمَر بْن عُبَيْد الله حين مات ستين سنة، وَهُوَ مولى أَبِي النَّضْر سَالِم شيخ مَالِك، وأخوه عُثْمَان بْن عَبْد اللَّهِ، قتله شبيب الحروري وأصحابه.
__________
[1] ليس في س.
[2] ياقوت- ضمر.
[3] في ى: القدر. والمثبت من ياقوت، وس.(3/1014)
(1723) عبيد الله بْن معية السوائي،
من بني سواءة بْن عَامِر بْن صعصعة، أدرك الجاهلية، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، سكن الطائف.
وله حديث واحد رواه عَنْهُ سَعِيد بْن السائب، وإبراهيم بْن ميسرة.
(1724) عبيد الله [1] بْن أَبِي مُلَيْكَة التميمي،
والد عَبْد اللَّهِ الفقيه. ذكره صاحب الوحدان، وَرَوَى لَهُ من رواية ابنه عَنْهُ أَنَّهُ سأل النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أمه فَقَالَ: إنها كانت أبر شيء وأوصله وأحسنه صنيعا، فهل نرجو لَهَا؟ فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هل وأدت؟ قَالَ: نعم. قال: هي فِي النار.
باب عُبَيْد
(1725) عبيد بْن أوس بْن مَالِك بْن سواد بْن كَعْب الأَنْصَارِيّ الظفري.
يكنى أَبَا النعمان، من الأوس، شهد بدرا. يقال لَهُ مقرن، لأنه قرن أربعة أسرى يَوْم بدر، هُوَ الَّذِي أسر عُقَيْل بْن أَبِي طالب يومئذ، ويقال: إنه أسر الْعَبَّاس، ونوفلا، وعقيلا، وقرنهم فِي حبل [2] ، وأتى بهم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لقد أعانك عليهم ملك كريم، وسماه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقرنا. وبنو سَلَمَة يدعون أن أَبَا اليسر كَعْب بْن عَمْرو آسر الْعَبَّاس، وكذلك قَالَ ابْن إِسْحَاق.
(1726) عبيد بْن التيهان بْن مَالِك بْن عَمْرو بْن جشم بْن الْحَارِث بن الخزرج ابن عَمْرو،
وَهُوَ النبيت [3] بْن مَالِك بْن أوس الأنصاري، أخو أبى الهيثم بن
__________
[1] ليست هذه الترجمة في س.
[2] في س: بحبل.
[3] في ى: النبيب. والمثبت من س.(3/1015)
التيهان الأَنْصَارِيّ، هكذا كَانَ ينسبه عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن عُمَارَة الأَنْصَارِيّ.
وأما ابْن إِسْحَاق، وموسى بْن عقبة، وَمُحَمَّد بْن عُمَر، وَأَبُو معشر، فإنهم كانوا يخالفونه فِي نسبه، ويقولون: عُبَيْد وأخوه الهيثم بْن [1] التيهان من حلفاء بني عبد الأشهل. وليس من نفس الأنصار، وكانوا ينسبونهما إِلَى بلي بْن عَمْرو ابن الحاف بْن قضاعة، وَكَانَ ابْن إِسْحَاق، وَمُحَمَّد بْن عُمَر الْوَاقِدِيّ، يقولان:
هُوَ عُبَيْد بْن التيهان، وأما مُوسَى بْن عقبة، وَأَبُو معشر، وعبد الله بْن مُحَمَّد بْن عُمَارَة فإنهم كانوا يقولون: هُوَ عُبَيْد [2] بْن التيهان. وعبيد بْن التيهان [هَذَا [3]] أحد السبعين الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار ليلة العقبة الثانية، شهد بدرا، وقتل يَوْم أحد شهيدا، قتله عكرمة بْن أَبِي جهل.
(1727) عبيد بْن حذيفة بْن غانم، أَبُو جهم القرشي العدوي.
صاحب الخميصة.
ويقال عَامِر بْن حذيفة. وقد ذكرناه فِي الكنى بأتم من هذا.
(1728) عبيد بْن خَالِد السُّلَمِيّ البهزي [4] ،
ويقال عبدة بْن خَالِد، وعبيد بْن خَالِد، وصوابه عُبَيْد [مهاجري [5]] ، يكنى أَبَا عَبْد اللَّهِ، كناه خليفة [بْن خياط] ، سكن الكوفة، وَرَوَى عَنْهُ جماعة من الكوفيين، منهم سَعْد ابْن عُبَيْدَة، وتميم بْن سَلَمَة. شهد صفين مع علي رَضِيَ الله عنه.
(1729) عبيد بْن دحى [6] الجهضمي،
بصري، سكن البصرة، لم يرو عنه إلّا ابنه
__________
[1] في س: أبناء.. وليسا ...
[2] في ى: عتيك.
[3] من أسد الغابة.
[4] في أسد الغابة: ثم البهزي.
[5] ليس في س.
[6] في أسد الغابة: جعله ابن مندة وأبو نعيم رحى- بالراء. وقال أبو نعيم، وقيل دحى، وفي الإصابة: رحى، بمهملتين مصغرا الجهضمي ويقال الجهنيّ، ويقال في أبيه دحى، بالدال بدل الراء. ومنهم من قال في أبيه صيفي.(3/1016)
يَحْيَى بْن عُبَيْد، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يتبوأ لبوله كما يتبوأ لمنزله.
(1730) عبيد بْن زَيْد بْن عَامِر بْن العجلان بْن عَمْرو بْن عَامِر بْن زريق الزرقي،
شهد بدرا، وأحدا.
(1731) عبيد بْن سُلَيْم بْن ضبيع [1] بْن عَامِر بْن مجدعة بْن جشم بْن حارثة،
شهد أحدا، يعرف بعبيد السهام. قال الْوَاقِدِيّ: سألت ابْن أَبِي حبيبة، لم سمي عُبَيْد السهام؟ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي دَاوُد بْن الحصن [2] ، قَالَ: كَانَ قد اشترى من سهام خيبر ثمانية عشرة سهما، فسمى عُبَيْد السهام.
(1732) عبيد بْن صَخْر بْن لوذان الأَنْصَارِيّ،
كَانَ ممن بعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاملا إِلَى اليمن. روى عَنْهُ يُوسُف بْن سَهْل الأَنْصَارِيّ.
ذَكَرَ سَيْفٌ، عَنْ سَهْلِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنَ صَخْرِ ابن لَوْذَانَ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: عَهِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عُمَّالِهِ عَلَى الْيَمَنِ فِي الْبَقَرِ فِي كُلِّ ثَلاثِينَ تَبِيعٌ [3] ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ، وَلَيْسَ فِي الأَوْقَاصِ [4] بَيْنَهُمَا شَيْءٌ.
(1733) عبيد بْن عازب،
أخو البراء بْن عازب. هو جدّ عدىّ بن ثابت.
__________
[1] هكذا في ى، والإصابة، وفي س، وأسد الغابة: ضبع.
[2] في س، وأسد الغابة: الحصين.
[3] التبيع: ولد البقرة في الأولى (القاموس) .
[4] الأوقاص في الصدقة: ما بين الفريضتين (القاموس) .(3/1017)
روى [عَنْهُ [1]] فِي الوضوء والحيض. شهد عُبَيْد بن عازب، وأخوه البراء ابن عازب مع علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مشاهده كلّها.
(1734) عبيد بْن أَبِي عُبَيْد الأَنْصَارِيّ،
من بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس، شهد بدرا، وأحدا، والخندق مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(1735) عبيد بْن عَمْرو الكلابي.
من بني كلاب بْن رَبِيعَة بْن عَامِر بْن صعصعة. له حديث واحد. قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة، يسبغ الوضوء. وقد قيل فِي هَذَا عُبَيْدَة [2] بْن عَمْرو.
(1736) عبيد بْن عُمَيْر بْن قَتَادَة بْن سَعْد بْن عَامِر بْن جندع اللَّيْثِيّ،
ثُمَّ الجندعي.
يكنى أَبَا عَاصِم، قاص أهل مكة. ذكر الْبُخَارِيّ أَنَّهُ رأى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وذكره مُسْلِم بْن الْحَجَّاج فيمن ولد على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وهو معدود فِي كبار التابعين، سمع عُمَر بْن الخطاب، وعبد الله بن عمرو ابن الْعَاص، وعائشة أم المؤمنين رَضِيَ اللَّهُ عنهم، ولأبيه عُمَيْر بْن قَتَادَة صحبة.
وقد ذكرناه والحمد للَّه [3] .
(1737) عبيد بْن قشير المصري [4] .
حديثه مرفوع: إياكم والسرية التي إن لقيت فرت، وإن غنمت غلت، رَوَى عَنْهُ لهيعة بْن عقبة.
(1738) عبيد بْن مخمر، أَبُو أُمَيَّة المعافري.
له صحبة فيما ذكر أَبُو سَعِيد بْن يُونُس فِي تاريخه. قال: وشهد فتح مصر. رَوَى عَنْهُ أبو قبيل.
__________
[1] ليس في س
[2] في س: وقد قيل فِي هَذَا عُبَيْدَة بْن عَمْرو وعبيد بن عمرو.
[3] سيذكر فيما بعد، على حسب الترتيب الجديد للكتاب
[4] في أسد الغابة: مضري.(3/1018)
(1739) عبيد بْن مُسْلِم الأسدِي،
قَالَ عباد بْن العوام، عَنْ حُصَيْن [1] بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، قَالَ: سمعت عُبَيْد بْن مُسْلِم، وله صحبة، قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس من مملوك يطيع الله و [يطيع [2]] سيده إلا كَانَ لَهُ أجران.
(1740) عبيد بْن المعلي بْن لوذان بْن حارثة الأَنْصَارِيّ.
قتل يَوْم أحد شهيدا، قتله عكرمة بْن أَبِي جهل.
(1741) عبيد بْن معية السوائي.
ويقال عُبَيْد الله، وقد تقدم ذكره [3] .
(1742) عبيد بْن وَهْب، أَبُو عَامِر الأشعري،
هُوَ مشهور بكنيته رَوَى عَنْهُ ابنه عَامِر. قتل يَوْم أوطاس [4] ، وذلك سنة ثمان من الهجرة، وقد ذكرناه في الكنى يأتمّ من هَذَا، يقال: إنه قتله دريد بْن الصمة، ولا يصح، وقد أوضحنا خبره فِي باب كنيته من كتاب الكنى.
(1743) عبيد الأنصاري، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه عبد الله ابن بريدة، له صحبة.
(1744) عبد الأَنْصَارِيّ،
أيضا. قال: أعطاني عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مالا مضاربة. حديثه فِي الكوفيين عِنْدَ أَبِي نُعَيْم [5] ، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن حميد بْن عُبَيْد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده. فيه، وفي الَّذِي قبله وبعده نظر.
(1745) عبيد القاري،
رجل من بني خطمة من الأنصار، رَوَى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وروى عنه زيد بن إسحاق.
__________
[1] في س: قال عباد بن حصين.
[2] من س
[3] صفحة 1015
[4] أوطاس: واد في ديار هوازن كانت فيه وقعة حنين (ياقوت) .
[5] في س: عند نعيم.(3/1019)
(1746) عبيد رجل من الصحابة،
رَوَى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الإيمان.
حديثه عِنْدَ حَمَّاد بْن سَلَمَة، عَنْ أَبِي سنان، عَنِ الْمُغِيرَة بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عُبَيْد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده، مرفوعا.
(1747) عبيد مولى النبي صلى الله عليه وسلم،
روى عنه سُلَيْمَان التيمي، ولم يسمع منه، بينهما رجل.
باب عبيدة
(1748) عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف بن قصي القرشي المطلبي، يكنى أبا الْحَارِث.
وقيل: يكنى أَبَا مُعَاوِيَة، كَانَ أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر سنين، وَكَانَ إسلامه قبل دخول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دار الأرقم بن أبى الأرقم، وقيل أن يدعو فيها، وكان هجرته إِلَى المدينة مع أخويه الطفيل والحصين بْن الْحَارِث بْن المطلب ومعه مسطح بْن أثاثة بن عبّاد ابن المطلب، وتركوا على عَبْد اللَّهِ بْن سَلَمَة العجلاني، وَكَانَ لعبيدة بْن الْحَارِث قدر ومنزلة عِنْدَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إِسْحَاق: أول سرية بعثها رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم مع عبيدة ابن الْحَارِث فِي ربيع الأول سنة اثنتين فِي ثمانين راكبا. ويقال فِي ستين من المهاجرين، ليس فيها من الأنصار أحد، وبلغ سيف البحر حَتَّى بلغ ماءً بالحجاز بأسفل ثنية المرّة [1] ، فلقي بها جمعا من قريش، ولم يكن فيهم قتال، غير أنّ
__________
[1] ثنية المرة، بفتح الميم وتخفيف الراء. وفي حديث سرية عبيدة بن الحارث.... حتى بلغ ماء فالحجاز بأسفل ثنية المرة (ياقوت) .(3/1020)
سَعْد بْن مَالِك رمي بسهم يومئذ، فكان أول سهم رمي بِهِ فِي الإسلام.
وانصرف بعضهم عَنْ بعض. كذا قَالَ ابْن إِسْحَاق: راية عُبَيْدَة أول رايةٍ عقدها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الإسلام، ثُمَّ شهد عُبَيْدَة بْن الْحَارِث بدرا، فكان لَهُ فيها غناء عظيم، ومشهد كريم، وَكَانَ أسن المسلمين يومئذ، قطع عُتْبَة بْن رَبِيعَة رجله يومئذٍ. وقيل: بل قطع رجله شيبة بْن رَبِيعَة فارتث منها، فمات بالصفراء على ليلةٍ من بدر.
ويروى أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما نزل بأصحابه بالتاربين [1] قَالَ لَهُ أصحابه: إنا نجد ريح المسك. قال: وما يمنعكم؟ وهاهنا قبر أَبِي مُعَاوِيَة [2] . وقيل: كَانَ لعبيدة بْن الْحَارِث يَوْم قتل ثلاث وستون سنة، وَكَانَ رجلا مربوعا حسن الوجه.
(1749) عُبَيْدَة بْن خَالِد.
قَالَ أَبُو عُمَر رحمه الله: لم أجد فِي الصحابة عُبَيْدَة- بضم العين- إلا عُبَيْدَة بْن الْحَارِث المطلبي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. إلا أن الدار قطنى ذكر فِي المؤتلف [والمختلف [3]] عُبَيْدَة بْن خَالِد المحاربي. قال وَقَالَ بعضهم فِيهِ ابْن خَلَف له صحبة، حديثه عِنْدَ أشعث بْن سُلَيْم أَبِي الشعثاء [4] . واختلف عَلَيْهِ فِيهِ، فَقَالَ سُلَيْمَان بْن قرم، عَنْ أشعث بْن سُلَيْم، عَنْ عمته، عَنْ عُبَيْدَة بْن خَلَف، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال شيبان: عَنْ أشعث، عَنْ عمته، عَنْ عم أبيها، عَنْ عُبَيْدَة بْن خَالِد. وقال غيرهما: عَنْ أشعث، عن عمته، عن أبيها [5] .
__________
[1] لم أقف عليه
[2] في س: قبر عبيدة.
[3] من س.
[4] في س: عند أشعث أبي الشعثاء، وهو أشعث بن سليم.
[5] في س: عن أبيه.(3/1021)
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: هَذَا مَا ذكره الدار قطنى، ولم يذكر اختلافا فِي أَنَّهُ عُبَيْد- بضم العين وفتح الباء، وإنما ذكر الاختلاف فِي الإسناد، وفي اسم أَبِيهِ. وذكر ابْن أَبِي حَاتِم عَنْ أَبِيهِ فِي كتابه الكبير عُبَيْدَة بْن خَالِد- بفتح العين وكسر الباء، وَقَالَ: ابْن خَالِد، بلا اختلاف، وما قاله فهو الصواب. وما قاله سُلَيْمَان بْن قرم فخطأ لا شك فِيهِ. والذي قاله شيبان فِي اسم أَبِيهِ [خَالِد [1]] ، صحيح. [وأما ضم العين وفتحها فاللَّه أعلم. وابن أبى حاتم أصحاب إن شاء الله [2]] .
(1750) عبيدة [3] بْن هبار [4] ،
قَالَ ابْن الكلبي: كَانَ من فرسان مذحج، وفد على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
باب عَبِيدَة
(1751) عَبِيدَة الأملوكي.
ويقال المليكي [5] ، شامي. روى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: يَا أهل القرآن لا توسدوا القرآن. روى عَنْهُ المهاجر بْن حَبِيب، وسعيد بْن سويد.
(1752) عبيدة بْن جَابِر بْن مُسْلِم الهجيمي.
له صحبة، ولأبيه أيضا، وقد ذكرناه.
(1753) عبيدة بْن خَالِد الحنظلي،
من بني حَنْظَلَة بْن مَالِك بْن زَيْد مناة بْن تميم.
وقيل المحاربي. وقيل: هُوَ عم عمة أشعث بْن سُلَيْم، وَهُوَ ابْن أَبِي الشعثاء، حديثه عِنْدَ الأَشْعَث، عَنْ عمته، عَنْهُ. وَقِيلَ عَنِ الأَشْعَثِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، عَنْ عَمَّتِهِ، عَنْ عَمِّهَا عُبَيْدَةَ بْنِ خالد، عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لَهُ: ارْفَعْ إِزَارَكَ، فَإِنَّهُ أَنْقَى وأتقى. وذكره الدار قطنى فِي باب عُبَيْدَة- بالضم- فلم يصنع شيئا، وقال
__________
[1] من س.
[2] من س.
[3] هذه الترجمة ليست في س
[4] في أسد الغابة: بن مالك بن همام.
[5] في هوامش الاستيعاب: الأملوكي من حمير. والمليكي في قريش (72) .(3/1022)
فِيهِ ابْن خَلَف أو ابْن خَالِد، وخلف غلط، قد ذكره الْبُخَارِيّ، وَابْن أَبِي حَاتِم، عَنْ أَبِيهِ عُبَيْدَة- بفتح العين- ابْن خَالِد، وَهُوَ الصواب [1] إن شاء الله.
(1754) عبيدة بْن عَمْرو [2] السلماني.
أَبُو مُسْلِم، ويقال أَبُو عُمَر، صاحب ابْن مَسْعُود، قَالَ: أسلمت وصليت قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنين، ولم أره. رواه الثقات عَنِ ابْن سِيرِين، عَنْهُ. لا يعد فِي الصحابة إلا بما ذكرنا.
هُوَ من كبار أصحاب ابْن مَسْعُود الفقهاء، وَهُوَ من أصحاب علي أيضا.
(1755) عبيدة بْن عَمْرو الكلابي،
قَالَ: رأيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ فأسبغ الوضوء، حديثه عِنْدَ سَعِيد بْن خثيم، عَنْ جدته رَبِيعَة [3] بِنْت عِيَاض عَنْهُ.
باب عتاب
(1756) عتاب بْن أسيد [4] بْن أَبِي العيص بْن أُمَيَّة بْن عبد شمس القرشي الأموي،
يكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ. وقيل: أَبُو مُحَمَّد أسلم يَوْم فتح مكة، واستعمله النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على مكة عام الْفَتْح حين خروجه إِلَى حنين، فأقام للناس الحج تلك السنة، وهي سنة ثمان، وحج المشركون على مَا كانوا عَلَيْهِ، وعلى نحو ذَلِكَ أقام أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ للناس الحج سنة تسع، حين أردفه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعلي بْن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وأمره أن ينادي ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، وأن يبرأ إِلَى كل ذي عهد من عهده. [5]
__________
[1] في الإصابة: ويقال بضم أوله، والأشهر عبيد بلا هاء.
[2] في أسد الغابة: وقيل ابن قيس. والسلماني بسكون اللام، ويقال بفتحها كما في التقريب وهوامش الاستيعاب.
[3] في س، وأسد الغابة: ربعية.
[4] بفتح الهمزة- كما في الإصابة.
[5] ارجع إلى أحكام القرآن: 884.
(الاستيعاب ج 3- م 6)(3/1023)
وأردفه بعلي بْن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يقرأ على الناس سورة براءة، فلم يزل عتاب أميرا على مكة حَتَّى قبض رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأقره أَبُو بَكْر عليها، فلم يزل إِلَى أن مات. وكانت وفاته- فيما ذكر الْوَاقِدِيّ- يَوْم مات أبو بكر الصديق رضي الله عنه، قَالَ: ماتا فِي يَوْم واحد، وكذلك يَقُول ولد عتّاب.
وَقَالَ مُحَمَّد بْن سلام وغيره: جاء نعي أبى بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى مكة يَوْم دفن عتاب بْن أسيد بها، وَكَانَ رجلا صالحا خيرا فاضلا. وأما أخوه خَالِد بْن أسيد فذكر مُحَمَّد بْن إِسْحَاق السَّرَّاج، قَالَ: سمعت عَبْد الْعَزِيزِ بْن مُعَاوِيَة من ولد عتاب بْن أسيد، ونسبه إِلَى عتاب بْن أسيد- يَقُول: مات خَالِد بْن أسيد، وَهُوَ أخو عتاب بْن أسيد لأبيه وأمه، يَوْم فتح مكة قبل دخول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة. روى عَمْرو بْن أَبِي عوف قَالَ: سمعت عتاب بْن أسيد يَقُول- وَهُوَ يخطب مسندا ظهره إِلَى الكعبة يحلف: مَا أصبت فِي الَّذِي بعثني عَلَيْهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ثوبين كسوتهما مولاي كيسان.
وحدث عَنْهُ سَعِيد بْن المسيب، وعطاء بْن أَبِي رباح، ولم يسمعا منه.
(1757) عتاب بْن سُلَيْم بْن قَيْس بْن خَالِد القرشي التيمي.
أسلم يَوْم فتح مكة، وقتل يَوْم اليمامة شهيدا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
(1758) عتاب بْن شمير [1] الضبي،
لَهُ صحبة، رَوَى عَنْهُ ابنه مجمع بْن عتاب، قال ابْن أَبِي خيثمة: وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من بنى ضبة عتّاب ابن شمير. رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: حدّثنا عبد الصمد بن جابر
__________
[1] في أسد الغابة: شمير- بضم الشين المعجمة وفتح الميم. وفي الإصابة: وقيل:
نمير- بالنون.
(ظهر الاستيعاب ج 3- م 6)(3/1024)
ابن رَبِيعَةَ الضَّبِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُجَمِّعِ بْنِ عَتَّابِ بْنِ شُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَلِي إِخْوَةٌ، فَأَذْهَبُ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يُسْلِمُونَ، فَآتِيكَ بِهِمْ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن هُمْ أَسْلَمُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُمْ، وَإِنْ أَبَوْا فَإِنَّ الإِسْلامَ وَاسِعٌ عَرِيضٌ. وَالْحَمْدُ للَّه تَعَالَى.
باب عتبة
(1759) عتبة بْن أسيد بْن جارية الثقفي،
أَبُو بصير، مشهور بكنيته، مات على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسنذكره فِي الكنى إن شاء الله تعالى.
(1760) عتبة بْن ربيع بْن رَافِع بْن مُعَاوِيَة [1] بْن عُبَيْد بْن ثعلبة بْن عبد الأبجر [2] ،
وَهُوَ خدرة، الْخُدْرِيّ الأَنْصَارِيّ قتل يَوْم أحد شهيدا.
(1761) عتبة بْن رَبِيعَة بْن خَالِد بْن مُعَاوِيَة البهراني،
حليف للأنصار [3] . اختلف فِي شهوده بدرا، وكذا قَالَ ابْن إِسْحَاق البهراني. وقال ابْن هِشَام: هُوَ بهزي، من بهز بْن سُلَيْم.
(1762) عتبة بن أبي سفيان [4] بن حرب بن أمية،
أخو معاوية بن أبى سفيان ابن حرب.
ولد على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يكنى أَبَا الْوَلِيد، ولاه عمر ابن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الطائف وصدقاتها، ثُمَّ ولاه مُعَاوِيَة مصر حين مات عَمْرو بْن العاص، فأقام عليها سنة.
__________
[1] في أسد الغابة: بن رافع بن عبيد،
[2] في ى: بن عبد الأبحر. ونراه تحريفا.
[3] في أسد الغابة: حليف للأوس.
[4] في أسد الغابة: واسمه صخر بن حرب.(3/1025)
توفي بها، ودفن فِي مقبرتها، وذلك سنة أربعين، وَكَانَ فصيحا خطيبا، يقال: إنه لم يكن فِي بني أُمَيَّة أخطب منه. خطب أهل مصر يوما وَهُوَ والٍ عليها، فَقَالَ: يَا أهل مصر، خف على ألسنتكم مدح الحق ولا تأتونه، وذم الباطل وأنتم تفعلونه، كالحمار يحمل أسفارا يثقل حملها، ولا ينفعه علمها، وإني لا أداوي داءكم إلا بالسيف، ولا أبلغ السيف مَا كفاني السوط، ولا أبلغ السوط مَا صلحتم [1] بالدرة، وأبطئ عَنِ الأولى إن لم تسرعوا إِلَى الآخرة، فالزموا مَا ألزمكم الله لنا تستوجبوا مَا فرض الله لكم علينا. وَهَذَا يَوْم ليس فِيهِ عقاب ولا بعده عتاب.
وقد قيل: إنّ عتبة بن أَبِي سُفْيَان توفي سنة ثلاث وأربعين.
(1763) عتبة بْن عَبْد اللَّهِ بْن صَخْر بْن خنساء الأَنْصَارِيّ.
شهد العقبة وبدرا.
(1764) عتبة بْن غَزَوَان بْن جَابِر.
ويقال عُتْبَة بْن غَزَوَان بْن الحارث بن جابر ابن وَهْب [2] بْن نسيب [3] بْن زَيْد بْن مَالِك بن الحارث بن عوف بن مازن بن مَنْصُور بْن عكرمة بْن خصفة بْن قَيْس عيلان بْن مضر بْن نزار المازني. حليف لبني نوفل بْن عبد مناف بْن قصي يكنى أَبَا عَبْد اللَّهِ. وقيل: أَبَا غَزَوَان.
كان إسلامه بعد ستة رجال، فهو سابع سبعة فِي إسلامه. وقد قَالَ ذَلِكَ فِي خطبته بالبصرة: ولقد رأيتني مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سابع سبعة، مَا لنا طعام إلا ورق الشجر، حَتَّى قرحت أشداقنا. هاجر فِي أرض الحبشة وَهُوَ ابْن أربعين سنة، ثُمَّ قدم على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بمكة، وأقام معه حَتَّى هاجر إِلَى المدينة مع المقداد بْن عَمْرو، ثُمَّ شهد بدرا والمشاهد كلها، وَكَانَ يوم قدم
__________
[1] في س: ما صلحتم على الدرة.
[2] في أسد الغابة والتهذيب: وهيب.
[3] الضبط من س.(3/1026)
المدينة ابْن أربعين سنة، وَكَانَ أول من نزل البصرة من المسلمين، وَهُوَ الَّذِي اختطها، وَقَالَ لَهُ عُمَر- لما بعثه إليها: يَا عُتْبَة، إِنِّي أريد أن أوجهك لتقاتل بلد الحيرة، لعلّ الله سبحانه يفتحها عليه، فسر عليك بركة الله تعالى ويمنه، واتق الله مَا استطعت، واعلم أنك ستأتي حومة [1] العدو. وأرجو أن يعينك الله عليهم، ويكفيكهم، وقد كتبت إِلَى العلاء بْن الحضرمي أن يمدك بعرفجة بْن هرثمة [2] ، وَهُوَ ذو مجاهدة للعدو، وذو مكايدة شديدة، فشاوره، وادع إِلَى الله عز وجل، فمن أجابك فاقبل منه، ومن أبى فالجزية عَنْ يد مذلة وصغار، وإلا فالسيف فِي غير هوادة، واستنفر من مررت بِهِ من العرب، وحثهم على الجهاد، وكابد العدو، واتق الله ربك.
فافتتح عُتْبَة بْن غَزَوَان الأبلة، ثُمَّ اختط مسجد البصرة، وأمر محجن بْن الأدرع، فاختط مسجد البصرة الأعظم، وبناه بالقصب، ثُمَّ خرج عُتْبَة حاجا، وخلف مجاشع بْن مَسْعُود، وأمره أن يسير إِلَى الفرات، وأمر الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة أن يصلي بالناس، فلم ينصرف عُتْبَة من سفره ذَلِكَ فِي حجته حَتَّى مات، فأقر عُمَر الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة على البصرة.
وكان عُتْبَة بْن غَزَوَان قد استعفى عُمَر عَنْ ولايتها، فأبى أن يعفيه، فَقَالَ:
اللَّهمّ لا تردني إليها، فسقط عَنْ راحلته، فمات سنة سبع عشرة، وَهُوَ منصرف من مكة إِلَى البصرة، بموضع يقال لَهُ معدن بني سُلَيْم [3]- قاله ابْن سَعْد ويقال:
بل مات بالربذة [4] سنة سبع عشرة- قاله المدائني. وقيل: بل مات عُتْبَة بْن غَزَوَان سنة خمس عشرة وَهُوَ ابْن سبع وخمسين سنة بالمدينة.
__________
[1] في ى: حرمة.
[2] في ى: بن خزيمة.
[3] من أعمال المدينة على طريق نجد (ياقوت) .
[4] الرَّبَذَة: قرية من قرى المدينة على ثلاثة أميال (ياقوت) .(3/1027)
وكان رجلا طوالا. وقيل: إنه مات فِي العام الَّذِي اختط فِيهِ البصرة، وذلك فِي سنة أربع عشرة، وسنه مَا ذكرنا، وأما قول من قَالَ: إنه مات بمرو- فليس بشيء، والله أعلم بالصحيح من هَذِهِ الأقوال.
والخطبة [1] التي خطبها عُتْبَة بْن غَزَوَان محفوظة عِنْدَ العلماء، مروية مشهورة من طرق، منها مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْرُورٍ الْعَسَّالُ بِالْقَيْرَوَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُعَتِّبٍ، قَالَ: حدثنا الحسين ابن الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ هِلالٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عُمَيْرٍ الْعَدَوِيُّ، قَالَ. خَطَبَنَا عُتْبَةُ بْنُ غَزَوَانَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِصِرْمٍ، وَوَلَّتْ حَذَّاءً [2] .
وَإِنَّمَا بَقِيَ مِنْهَا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الإِنَاءِ. وَأَنْتُمْ مُنْتَقِلُونَ عَنْهَا إِلَى دَارٍ لا زَوَالَ لَهَا، فَانْتَقِلُوا [مِنْهَا [3]] بِخَيْرِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ، فَإِنَّهُ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْحَجَرَ يُلْقَى مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ، فَيَهْوِي سَبْعِينَ عَامًا لا يُدْرِكُ لَهَا قَعْرًا [4] ، وَاللَّهِ لَتُمْلأَنَّ، فَعَجِبْتُمْ، وَلَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ عَامًا، وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهَا يَوْمٌ، وَلِلْبَابِ كَظِيظٌ مِنَ الزِّحَامِ. وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي وَأَنَا سَابِعُ سَبْعَةٍ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، ما لنا طَعَامٌ إِلا وَرَقُ الشَّجَرِ، حَتَّى تَقَرَّحَتْ أَشْدَاقُنَا، فالتقط بردة فاشتققتها بنى وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، فَأْتَزَرْتُ بِبَعْضِهَا وَأْتَزَرَ بِبَعْضِهَا، فَمَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ مِنَّا وَاحِدٌ إِلا وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى مِصْرٍ مِنَ الأَمْصَارِ.
وَإِنِّي أَعُوذُ باللَّه أَنْ أَكُونَ فِي نَفْسِي عَظِيمًا وعند الناس صغيرا، فإنّها لم تكن
__________
[1] من هنا إلى آخر الخطبة ليس في س.
[2] أي خفيفة سريعة (النهاية) .
[3] من أسد الغابة.
[4] في أسد الغابة: سبعين خريفا لا يبلغ قعرها.(3/1028)
نُبُوَّةٌ إِلا تَنَاسَخَتْ، حَتَّى تَكُونَ عَاقِبَتُهَا مُلْكًا، وَسَتَبْلُونَ الأُمَرَاءَ، أَوْ قَالَ:
سَتُجَرِّبُونَ الأُمَرَاءَ بَعْدِي.
(1765) عتبة بْن فَرْقَد السُّلَمِيّ،
أَبُو عَبْد اللَّهِ، لَهُ صحبة ورواية، كَانَ أميرا لعمر بْن الخطاب على بعض فتوحات العراق. رَوَى سُلَيْمَان التيمي، عَنْ أَبِي عُثْمَان النهدي، قَالَ: جاءني كتاب عُمَر، ونحن مع عُتْبَة بْن فَرْقَد، وينسبونه عتبة ابن يربوع [1] بْن حَبِيب بْن مَالِك، وَهُوَ فَرْقَد بن أسعد بن رفاعة بن الحارث ابن بهثة بْن سُلَيْم السُّلَمِيّ، وأمه آمنة بِنْت عمر [2] بن علقمة بن المطلب ابن عبد مناف.
حَدَّثَنَا [سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا [3]] ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عبد الرحمن، قال: حدثني أُمُّ عَاصِمٍ امْرَأَةُ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ، قَالَتْ: كُنَّا عِنْدَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ ثَلاثَ نِسْوَةٍ مَا مِنَّا وَاحِدَةٌ إِلا وَهِيَ تَجْتَهِدُ فِي الطِّيبِ لِتَكُونَ أَطْيَبَ رِيحًا مِنْ صَاحِبَتِهَا، وَمَا يمسّ عتبة ابن فَرْقَدٍ طِيبًا إِلا أَنْ يَلْتَمِسَ دُهْنًا، وَكَانَ أَطْيَبُ رِيحًا مِنَّا. فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أَصَابَنِي الشَّرَى عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْعَدَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَتَجَرَّدْتُ، وَأَلْقَيْتُ ثِيَابِي عَلَى عَوْرَتِي، فَنَفَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَفِّهِ، ثُمَّ دَلَّكَ بِهَا الأُخْرَى، ثُمَّ أَمَرَّهُمَا عَلَى ظَهْرِي وَبَطْنِي، فَعَبَقَ بِي مَا تَرَوْنَ. وَرَوَى شُعْبَةُ، عن حصين، عن امرأة عتبة ابن فَرْقَدٍ- أَنَّ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَتَيْنِ.
__________
[1] قال ابن سعد: يربوع هو فرقد.
[2] في س: عمرو.
[3] من س.(3/1029)
(1766) عتبة بْن أَبِي لهب، واسم أَبِي لهب عبد العزى بْن عبد المطلب بْن هاشم القرشي الهاشمي.
أسلم هُوَ وأخوه مُعَتِّب يَوْم الْفَتْح، وكانا قد هربا، فبعث الْعَبَّاس فيهما، فأتى بهما فأسلما، فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهما ودعا لهما، وشهدا معه حنينا والطائف، ولم يخرجا عَنْ مكة ولم يأتيا المدينة، ولهما عقب عِنْدَ أهل النسب رَضِيَ اللَّهُ عنهما.
(1767) عتبة بْن مَسْعُود الهذلي،
حليف لبني زهرة، أخو عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود شقيقه. وقد قيل: بل أمه امرأة من هذيل أيضا، غير أم عَبْد اللَّهِ، والأكثر أَنَّهُ أخوه لأبيه وأمه، وقد جرى من ذكر نسبه إِلَى هذيل فِي باب أخيه مَا أغنى عن ذكره هاهنا [1] . يكنى عُتْبَة بْن مَسْعُود أَبَا عَبْد اللَّهِ. هاجر مع أخيه عبد الله ابن مَسْعُود إِلَى أرض الحبشة الهجرة الثانية، ثُمَّ قدم المدينة، فشهد أحدا، وما بعدها من المشاهد. رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: مَا عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَنَا بِأَفْقَهَ مِنْ عُتْبَةَ، وَلَكِنَّ عُتْبَةَ مَاتَ سَرِيعًا، كذا قَالَ مَعْمَر.
وقال ابْن عُيَيْنَة: سمعت ابْن شهاب يَقُول: مَا كَانَ عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود بأقدم صحبةً من أخيه عُتْبَة بْن مَسْعُود، ولكن عُتْبَة مات قبله. ولما مات عُتْبَة بْن مَسْعُود بكى عَلَيْهِ أخوه عَبْد اللَّهِ، فقيل لَهُ: أتبكي؟ قَالَ: نعم، أخي فِي النسب، وصاحبي مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأحب الناس إلي إلا مَا كَانَ من عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
ومات عُتْبَة بْن مَسْعُود بالمدينة، وصلى عَلَيْهِ عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ الله عنه
__________
[1] صفحة 987(3/1030)
[وقال المسعودي: مات عُتْبَة بْن مَسْعُود قبل أخيه عَبْد اللَّهِ حين خلافة عُمَر بْن الخطاب، وصلى عَلَيْهِ عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ الله عنه] [1]
(1768) عتبة بْن الندر [2] ،
وَهُوَ عُتْبَة بْن عبد السُّلَمِيّ، له صحبة، كَانَ اسمه عتلة [3] ، فغير رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسمه فسمّاه عتبة.
وروى محمد بن ابو الْقَاسِمِ الطَّائِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُتْبَةَ [بْنِ عَبْدٍ [4]] عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ [لِيَ [4] النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا اسْمُكَ؟ قُلْتُ: عَتَلَةُ. قَالَ:
أَنْتَ عُتْبَةُ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: شَهِدَ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدٍ خَيْبَرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ- يعنى الحكم ابن نَافِعٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: كَانَ اسْمُ عُتْبَةَ بْنَ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ نُشْبَةَ، فَسَمَّاهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عتبة.
وروى أَحْمَد بْن حَنْبَل، عَنِ ابْن الْمُغِيرَة أَنَّهُ حدثه، قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَان بْن عَمْرو- أن عُتْبَة بْن عبد كَانَ اسمه نشبة، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عُتْبَة. يكنى أَبَا الْوَلِيد.
توفي سنة سبع وثمانين فِي أيام الْوَلِيد بْن عَبْد الْمَلِكِ وَهُوَ ابْن أربع وتسعين سنة. يعد فِي الشاميين. روى عَنْهُ جماعة من تابعي أهل الشام، منهم خالد ابن معدان، وعبد الرحمن بْن عَمْرو [5] السُّلَمِيّ، وكثير بْن مُرَّةَ، وراشد ابْن سَعْد، وَأَبُو عَامِر الألهاني، وروى عَنْهُ أيضا علي بْن رباح المصري.
__________
[1] ليس في س.
[2] الندر- بضم النون وتشديد الدال المفتوحة- الإصابة.
[3] في أسد الغابة: عتلة- بفتح العين وسكون التاء فوقها نقطتان- قاله ابن ماكولا.
وقال عبد الغنى: عتلة- يعنى بفتحتين.
[4] من س.
[5] في س: وعبد الرحمن بن عبد.(3/1031)
قال الْوَاقِدِيّ: عُتْبَة بْن عبد السُّلَمِيّ آخر من مات بالشام من أصحاب النبي صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد قيل: إن عُتْبَة بْن الندر غير عُتْبَة بْن عبد، وليس ذَلِكَ بشيء، والصواب مَا ذكرنا إن شاء الله تعالى، ولم يختلفوا أنّ عتبة ابن عبد سلمى، وان عُتْبَة بْن الندر سلمى، وأن خَالِد بْن معدان رَوَى عَنْ كل واحد منهما. قال أَبُو حَاتِم الرازي: عُتْبَة بْن الندر سلمى شامي، لَهُ صحبة، رَوَى عَنْهُ خَالِد بْن معدان، وعلي بْن رباح اللخمي.
وذكر فِي باب آخر عُتْبَة بْن عبد، فَقَالَ: عُتْبَة بْن عبد السُّلَمِيّ أَبُو الْوَلِيد، شامي لَهُ صحبة. روى عَنْهُ خَالِد بْن معدان، وعبد الرحمن بْن عَمْرو السُّلَمِيّ.
وقال ابنه عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي حَاتِم: رَوَى عَنْهُ كَثِير بْن مُرَّةَ، ولقمان بْن عَامِر الوصابي، وراشد بْن سَعْد، وَأَبُو عَامِر الألهاني، وعبد الله بْن عائذ الألهاني، وشرحبيل بْن شفعة [1] ، وحبيب بْن عُبَيْد، وعبد الرحمن بْن أَبِي عوف الجرشي، وابنه يَحْيَى، وَأَبُو الْمُثَنَّى الأملوكي، وعامر بْن زَيْد البكالي. هذا كله ذكره فِي باب عُتْبَة بْن عبد، ولم يذكر فِي باب عُتْبَة بْن الندر أَنَّهُ رَوَى عَنْهُ غير رجلين:
خَالِد بْن معدان، وعلي بْن رباح، وفي ذَلِكَ نظر، لأنّ الأغلب [2] عندي ما ذكرت لك.
__________
[1] الضبط من التقريب.
[2] في ى: لأن غلب عندي، وهو تحريف، وفي س: إلا أن الأغلب عندي، والمثبت من أسد الغابة.(3/1032)
باب عثمان
(1769) عثمان بْن حنيف بْن واهب بْن العكيم بْن ثعلبة بْن الْحَارِث بْن مجدعة الأَنْصَارِيّ،
من بني عمرو بن عوف بن مالك بْن الأوس. أخو سَهْل ابْن حنيف، يكنى أَبَا عَمْرو، وقيل: أَبَا عَبْد اللَّهِ، عمل لعمر ثُمَّ لعلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وولاه عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مساحة الأرضين وجبابتها، وضرب الخراج والجزية على أهلها، وولاه علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ البصرة فأخرجه طَلْحَة والزبير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حين قدما البصرة، ثُمَّ قدم علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فكانت وقعة الجمل، فلما خرج علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ من البصرة ولّاها عبد الله ابن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
ذكر العلماء بالأثر والخبر أن عُمَر بْن الخطاب استشار الصحابة فِي رجل يوجه إِلَى العراق، فأجمعوا جميعا على عُثْمَان بْن حنيف وقالوا: إن تبعثه على [1] أهم من ذَلِكَ فإن لَهُ بصرا وعقلا ومعرفةً وتجربة، فأسرع عُمَر إِلَيْهِ، فولاه مساحة أرض [2] العراق، فضرب عُثْمَان على كل جريب من الأرض يناله الماء غامرا وعامرا درهما وقفيزا، فبلغت جباية سواد الكوفة قبل أن يموت عُمَر بعام مائة ألف ألف [ونيفا [3]] . ونال عُثْمَان بْن حنيف فِي نزول عسكر طَلْحَة والزبير البصرة مَا زاد فِي فضله، ثُمَّ سكن عُثْمَان بْن حنيف الكوفة وبقي إلى زمان معاوية.
__________
[1] في س: إلى.
[2] في س: مساحة أهل العراق.
[3] من س.(3/1033)
(1770) عثمان بْن رَبِيعَة بْن أهبان بْن وَهْب بْن حُذَافَة بْن جمح القرشي الْجُمَحِيّ،
كَانَ من مهاجرة الحبشة فِي قول ابْن إِسْحَاق وحده وَقَالَ الْوَاقِدِيّ:
ابنه نبيه بْن عُثْمَان هُوَ الَّذِي هاجر إِلَى أرض الحبشة.
(1771) عثمان بْن طَلْحَة بْن أَبِي طَلْحَة القرشي العبدري.
واسم أبي طلحة عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي. قتل أبو طلحة وعمّه عثمان ابن أَبِي طَلْحَة جميعا يَوْم أحد كافرين، قتل حَمْزَة عُثْمَان، وقتل علي طَلْحَة مبارزة، وقتل يَوْم أحد أيضا مسافع بْن طَلْحَة، والجلاس بْن طَلْحَة، والحارث بْن طَلْحَة، وكلاب بْن طَلْحَة، كلهم إخوة عُثْمَان بْن طَلْحَة. هؤلاء قتلوا كفارا يَوْم أحدٍ: قتل عَاصِم بْن ثَابِت بْن أَبِي الأقلح رجلين منهم، مسافعا والجلاس، وقتل الزُّبَيْر كلاب بْن طَلْحَة، وقتل قزمان الْحَارِث بْن طَلْحَة، وهاجر عُثْمَان بْن طَلْحَة إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكانت هجرته فِي هدنة الحديبية مع خَالِد بْن الْوَلِيد، فلقيا عَمْرو بْن الْعَاص مقبلا من عِنْدَ النجاشي يريد الهجرة، فاصطحبوا جميعا، حَتَّى قدموا على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين رآهم: رمتكم مكة بأفلاذ كبدها- يَقُول: إنهم وجوه أهل مكة- فأسلموا، ثُمَّ شهد عُثْمَان بْن طَلْحَة فتح مكة، فدفع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مفاتيح [1] الكعبة إِلَيْهِ وإلى شيبة بْن عُثْمَان بْن أَبِي طَلْحَة، وَقَالَ: خذاها خالدة تالدة لا ينزعها [يَا بني أَبِي طلحة [2]] منكم إلا ظالم. ثم نزل عُثْمَان بْن طَلْحَة المدينة، فأقام بها إِلَى وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ انتقل إِلَى مكة فسكنها حَتَّى مات بها فِي أول خلافة مُعَاوِيَة سنة اثنتين وأربعين، وقيل:
إنه قتل يوم أجنادين [3] .
__________
[1] في س: مفتاح.
[2] ليس في س.
[3] في التقريب: وأبطل ذلك العسكري.(3/1034)
(1772) عثمان بْن أَبِي الْعَاص بْن بشر بْن عبد بْن دهمان [1] الثقفي،
يكنى أَبَا عَبْد اللَّهِ. استعمله رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الطائف، فلم يزل عليها حياة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخلافة أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وسنتين من خلافة عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ثُمَّ عزله عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وولاه سنة خمس عشرة على عمان والبحرين، وسار [2] إِلَى عمان، ووجه أخاه الحكم بْن أَبِي الْعَاص إِلَى البحرين، وسار هُوَ إِلَى توج ففتحها ومصرها، وقتل ملكها شهرك [3] ، وذلك سنة إحدى وعشرين.
وَقَالَ زِيَاد الأعلم: قدم علينا أَبُو مُوسَى بكتاب عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فقرأه علينا: من عَبْد اللَّهِ عُمَر أمير المؤمنين إِلَى عُثْمَان بْن أَبِي الْعَاص، سلام [عليك [4]] ، أما بعد فإنّي قد أمددتك بعبد الله بْن قَيْس، فإذا التقيتما فعثمان الأمير، وتطاوعا، [والسلام [5]] .
وَكَانَ عُثْمَان بْن أَبِي الْعَاص يغزو سنوات فِي خلافة عُمَر، وعثمان يغزو صيفا، فيرجع فيشتو بتوج، وعلى يديه كَانَ فتح إصطخر الثانية سنة سبع وعشرين.
وقيل: بل افتتح إصطخر عَبْد اللَّهِ بْن عَامِر سنة تسع وعشرين، فأقطعه عثمان ابن عَفَّان اثني عشر ألف جريب.
سكن عُثْمَان بْن أَبِي الْعَاص البصرة.
ومات فِي خلافة مُعَاوِيَة، وأولاده وعقبه أشراف. وَرَوَى عَنْهُ أهلها وأهل المدينة أيضا، والحسن أروى الناس عَنْهُ. وقد قيل: إنه لم يسمع عَنْهُ. وعثمان
__________
[1] في أسد الغابة: وقيل عبد دهمان.
[2] في س: صار.
[3] في س: سهرك- بالسين.
[4] ليس في س
[5] من س.(3/1035)
ابن أَبِي الْعَاص كَانَ سبب إمساك ثقيف عَنِ الردة حين ارتدت العرب [1] ، لأنه قَالَ لهم- حين هموا بالردة: يَا معشر ثقيف، كنتم آخر الناس إسلاما، فلا تكونوا أول الناس ردة. وهو القائل: الناكح مغترس، فلينظر أين يضع غرسه، فإن عرق السوء لا بد أن ينزع [2] ولو بعد حين.
(1773) عثمان بْن عَامِر،
أَبُو قحافة القرشي التيمي، والد أَبِي بَكْر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قد تقدم ذكر نسبه عِنْدَ ذكر ابنه أَبِي بَكْر. أسلم أَبُو قحافة يَوْم فتح مكة، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنِي قَاسِمٌ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إسحاق ابن مهران، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ عَامَ الْفَتْحِ لِيُبَايِعَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَأَنَّهَا ثَغَامَةٌ- يَعْنِي شَجَرَةً [3]- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ وَجَنِّبُوهُ السَّوَادَ. وَقَالَ قَتَادَة: هُوَ أول مخضوب فِي الإسلام. وعاش أَبُو قحافة إِلَى خلافة عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ومات سنة أربع عشرة وَهُوَ ابْن سبع وتسعين سنة، وكانت وفاة ابنه قبله، فورث منه السدس، فرده على ولد أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
(1774) عثمان بْن عَبْد الرَّحْمَنِ التيمي،
قَالَ الْحَسَن بْن عُثْمَان: مات عُثْمَان ابن عَبْد الرَّحْمَنِ، ويكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ، توفى سنة أربع وسبعين، وله صحبة.
(1775) عثمان بْن عبد غنم بْن زُهَيْر بْن أَبِي شداد بن ربيعة بن هلال القرشي الفهري،
__________
[1] العبارة في س: كان سبب إمساك ثقيف في حين ردة العرب عن الردة.
[2] في س: لا بدّ ينزع.
[3] هي شجرة نبيض كأنها الثلج (النهاية) .(3/1036)
كَانَ قديم الإسلام، من مهاجرة الحبشة فِي قول جميعهم، وقال هشام ابن الكلبي: هُوَ عَامِر بْن عبد غنم.
(1776) عثمان بن عبيد الله بن عثمان القرشي التيمي،
أخو طَلْحَة بْن عُبَيْد الله، أسلم، وهاجر وصحب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا أحفظ لَهُ رواية. ومن ولده مُحَمَّد بْن طلحة بن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عُثْمَان بْن عُبَيْد الله، كَانَ أعلم الناس بالنسب والمغازي، وقد رَوَى عَنْهُ الحديث.
(1777) عثمان بْن عُثْمَان بْن الشريد بْن سويد بْن هرمي بْن عَامِر بْن مخزوم.
كان من مهاجرة الحبشة، شهد بدرا، وقتل يَوْم أحد شهيدا، وَهُوَ المعروف بشماس. وكذلك ذكره ابْن إِسْحَاق، فَقَالَ الشماس بْن عُثْمَان، [ونسبه كما ذكرنا [1]] . وقال ابْن هِشَام: اسم شماس عُثْمَان [بْن عُثْمَان [1]] . وإنما سمى شماسا لأن شماسا من الشمامسة قدم مكة فِي الجاهلية كَانَ جميلا، فعجب الناس من جماله، فَقَالَ عُتْبَة بْن رَبِيعَة- وَكَانَ خال شماس: أنا آتيكم بشماس أحسن منه، فأتى بابن أخته عُثْمَان بْن عُثْمَان، فسمى شماسا من يومئذ، وغلب ذَلِكَ عَلَيْهِ، وكذلك قَالَ الزُّبَيْر كقول ابْن هِشَام، ونسب ذَلِكَ إِلَى ابْن شهاب وغيره.
(1778) عثمان بْن عَفَّان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصي القرشي الأموي،
يكنى أَبَا عَبْد اللَّهِ، وَأَبَا عَمْرو، كنيتان مشهورتان لَهُ. وأبو عُمَر وأشهرهما. قيل: إنه ولدت لَهُ رقية ابنة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابنا، فسماه عَبْد اللَّهِ، واكتنى بِهِ، ومات ثُمَّ ولد لَهُ عَمْرو، فاكتني بِهِ إِلَى أن مات رحمه الله. وقد قيل: إنه كَانَ يكنى أبا ليلى.
__________
[1] من س.(3/1037)
ولد فِي السنة السادسة بعد الفيل. أمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب ابن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، وأمها البيضاء أم حكيم بِنْت عبد المطلب عمة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هاجر إِلَى أرض الحبشة فارا بدينه مع زوجته رقية بِنْت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ أول خارج إليها، وتابعه سائر المهاجرين إِلَى أرض الحبشة، ثُمَّ هاجر الهجرة الثانية إِلَى المدينة، ولم يشهد بدرا لتخلفه على تمريض زوجته رقية- كانت عليلة فأمره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتخلف عليها، هكذا ذكره ابْن إِسْحَاق.
وقال غيره: بل كَانَ مريضا بِهِ الجدري، فَقَالَ له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ارجع، وضرب لَهُ بسهمه وأجره. فهو معدود فِي البدريين لذلك، وماتت رقية فِي سنة اثنتين من الهجرة حين أتى خبر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما فتح الله عَلَيْهِ يَوْم بدر.
وأما تخلفه عَنْ بيعة الرضوان بالحديبية فلأن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ وجهه إِلَى مكة فِي أمرٍ لا يقوم بِهِ غيره من صلح قريش، على أن يتركوا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والعمرة، فلما أتاه الخبر الكاذب بأن عُثْمَان قد قتل جمع أصحابه، فدعاهم إِلَى البيعة، فبايعوه على قتال أهل مكة يومئذ، وبايع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عُثْمَان حينئذ بإحدى يديه الأخرى، ثُمَّ أتاه الخبر بأن عُثْمَان لم يقتل، وما كان سبب بيع الرضوان إلا مَا بلغه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قتل عُثْمَان وروينا عَنِ ابْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ: يد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعثمان خير من يد عُثْمَان لنفسه. فهو أيضا معدود فِي أهل الحديبية من أجل مَا ذكرناه.(3/1038)
زوجه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابنتيه: رقية ثُمَّ أم كلثوم، واحدةً بعد واحدة، وَقَالَ: إن [1] كَانَ عندي غيرهما لزوجتكها. وثبت عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: سألت ربي عز وجل ألا يدخل النار أحدا صاهر إلي أو صاهرت إِلَيْهِ. وقال سَهْل بْن سَعْد: ارتج أحد، وَكَانَ عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْر، وَعُمَر، وعثمان، فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اثبت، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان. وَهُوَ أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة الذين جعل عمر فيهم الشورى، وأخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وهو عنهم راضٍ.
رَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كنا نقول على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أبو بكر، ثم عمر، ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ سَكَتَ، فَقِيلَ: هَذَا فِي التَّفْضِيلِ. وَقِيلَ فِي الْخِلافَةِ. وقيل للمهلب بْن أَبِي صفرة: لم قيل لعثمان ذا النورين؟ قَالَ: لأنه لم يعلم أن أحدا أرسل سترا على ابنتي نبي غيره.
وقال ابْن مَسْعُود- حين بويع بالخلافة: بايعنا خيرنا ولم نأل. وقال على ابن أَبِي طالب: كَانَ عُثْمَان أوصلنا للرحم، وَكَانَ من الذين آمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَالله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ. 5: 93 واشترى عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بئر رومة، وكانت ركية [2] ليهودي يبيع المسلمين ماءها، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: من يشترى رومة فيجعلها
__________
[1] في س: لو كان عندي.
[2] الركية: البئر.(3/1039)
للمسلمين يضرب بدلوه فِي دلائهم، وله بها مشرب فِي الجنة، فأتى عُثْمَان اليهودي فساومه بها، فأبى أن يبيعها كلها، فاشترى نصفها باثني عشر ألف درهم. فجعله للمسلمين، فَقَالَ لَهُ عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إن شئت جعلت على نصيبي قرنين [1] ، وإن شئت فلي يَوْم ولك يَوْم. قَالَ: بل لك يَوْم ولي يَوْم. فكان إذا كَانَ يَوْم عُثْمَان استقى المسلمون مَا يكفيهم يومين: فلما رأى ذَلِكَ اليهودي قَالَ: أفسدت علي ركيتي، فاشتر النصف الآخر، فاشتراه بثمانية آلاف درهم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يَزِيد فِي مسجدنا، فاشترى عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ موضع خمس سوار، فزاده فِي المسجد. وجهز جيش العسرة بتسعمائة وخمسين بعيرا، وأتم الألفين بخمسين فرسا، وجيش العسرة كَانَ فِي غزوة تبوك.
وذكر أَسَد بْن مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هِلال الراسبي، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَة، قَالَ: حمل عُثْمَان فِي جيش العسرة على ألف بعير وسبعين فرسا.
قال: وَحَدَّثَنَا [2] أَبُو هِلال، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سِيرِين أن عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يحيي الليل بركعة يقرأ القرآن فيها كله.
قال: وَأَخْبَرَنَا سلام بْن مسكين، قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن سِيرِين يَقُول:
قالت امرأة عُثْمَان- حين أطافوا بِهِ يريدون قتله: إن تقتلوه أو تتركوه فإنه كان يحيى الليل بركعة يجمع فيها القرآن.
حدثنا ضَمْرَةُ، [عَنِ السُّدِّيِّ [3]] ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى، عن ابن سيرين،
__________
[1] في س: قريتين.
[2] في س: وحدثني.
[3] ليس في س.(3/1040)
قَالَ: كَثُرَ الْمَالُ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ حَتَّى بِيعَتْ جَارِيَةٌ بِوَزْنِهَا، وَفَرَسٌ بِمَائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، ونحلة بِأَلْفِ دِرْهَمٍ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَقَدْ عَتِبُوا [1] عَلَى عُثْمَانَ أَشْيَاءَ، وَلَوْ فَعَلَهَا عُمَرُ مَا عَتِبُوا عَلَيْهِ [2] .
قَالَ: وَحَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَامَ إِلَى عُثْمَانَ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ فَقَالَ: يَا عُثْمَانُ، إِنَّكَ قَدْ رَكِبْتَ بِالنَّاسِ الْمَهَامِهَ [3] وَرَكِبُوهَا مِنْكَ، فَتُبْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِيَتُوبُوا. قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ، فَقَالَ: وإنك لهناك يا بن النَّابِغَةِ! ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَقَالَ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، اللَّهمّ إِنِّي أَوَّلُ تَائِبٍ إِلَيْكَ.
وأخبرنا مبارك بْن فَضَالَة، قَالَ: سمعت الْحَسَن يَقُول: سمعت عُثْمَان يخطب وَهُوَ يَقُول: يا أيها الناس، مَا تنقمون علي! وما من يَوْم إلا وأنتم تقسمون فِيهِ خيرا. قال الْحَسَن: وشهدت مناديا ينادى: يا أيها الناس، اغدوا على أعطياتكم، فيغدون، ويأخذونها وافية [4] . يا أيها الناس، اغدوا على أرزاقكم فيأخذونها وافية، حَتَّى والله سمعته أذناي يَقُول: اغدوا على كسواتكم، فيأخذون الحلل.
واغدوا على السمن والعسل. قال الْحَسَن: أرزاق دارة وخير كَثِير، وذات بين حسن، مَا على الأرض مؤمن إلا يوده وينصره ويألفه، فلو صبر الأنصار على الأثرة لوسعهم مَا كانوا فِيهِ من العطاء والرزق، ولكنهم لم يصبروا، وسلّوا
__________
[1] في س: عيبوا
[2] في س: لو فعلها عمر ما عتبوها عليه.
[3] في س وهوامش الاستيعاب والطبقات: 3- 47: النهابير. والنهابر: المهالك، ويقال: غشيت بى النهابير، أي حملتني على أمور شديدة صعبة. وواحد النهابير نهبور، والنهابر مقصور منه، كأن واحده نهبر (النهاية) .
[4] في س: وافرة.(3/1041)
السيف مع من سل، فصار عَنِ الكفار مغمدا، وعلى المسلمين مسلولا إِلَى يَوْم القيامة.
وكان عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رجلا ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير، حسن الوجه، رقيق البشرة، كبير اللحية عظيمها، أسمر اللون، كَثِير الشعر، ضخم الكراديس، بعيد مَا بين المنكبين، كَانَ يصفر لحيته ويشد أسنانه بالذهب.
وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَبْدِ الملك بن عمير، عن موسى ابن طَلْحَةَ، قَالَ: أَتَيْنَا عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا نَسْأَلُهَا عَنْ عُثْمَانَ، فَقَالَتْ: اجْلِسُوا أُحَدِّثُكُمْ عَمَّا جِئْتُمْ لَهُ: إِنَّا عَتَبْنَا عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي ثَلاثِ خِصَالٍ [1]- وَلَمْ تَذْكُرُهُنَّ- فَعَمَدُوا إِلَيْهِ حَتَّى إِذَا مَاصُّوهُ [2] كَمَا يُمَاصُّ الثَّوْبُ بِالصَّابُونِ اقْتَحَمُوا عَلَيْهِ الْفِقُرَ [3] الثَّلاثَةَ: حُرْمَةَ الْبَلَدِ الْحَرَامِ، وَالشَّهْرِ الْحَرَامِ، وَحُرْمَةَ الْخِلافَةِ، وَلَقَدْ قتلوه وإنه لمن أوصلهم للرحمن وَأَتْقَاهُمْ لِرَبِّهِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ [4] قَالا: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد ابن أَسَدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْرُورٍ الْعَسَّالُ [5] ، حَدَّثَنَا أحمد بن معتب، حدثنا
__________
[1] في س: خلال.
[2] الموص: الغسل بالأصابع، أرادت أنهم استتابوه عما نقموا منه، فلما أعطاهم ما طلبوا قتلوه (النهاية) .
[3] في ى: الفقم، والمثبت من س. والفقر- بالكسر- جمع فقرة، وهي خرزات الظهر، ضربتها مثلا لما ارتكب منه، لأنها موضع الركوب، أرادت أنهم انتهكوا فيه أربع حرم: حرمة البلد، وحرمة الخلافة، وحرمة الشهر، وحرمة الصحبة والصهر. وقال الأزهري: هي الفقر- جمع فقرة، وهي الأمر العظيم الشنيع (النهاية) .
[4] في س: أخبرنا أحمد بن محمد، قال قاسم بن أصبغ.
[5] في ى: الغسال، والمثبت من س.(3/1042)
الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن المبارك، أَنْبَأَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ جَدِّتَهُ أَخْبَرَتْهُ- وَكَانَتْ خَادِمَةً لِعُثْمَانَ- قَالَتْ: كَانَ عُثْمَانُ رضى الله عنه [لا يقيم و [1]] لا يُوقِظُ نَائِمًا مِنْ أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَجِدَهُ يَقْظَانًا فَيَدْعُوهُ فَيُنَاوِلُهُ وَضُوءَهُ، وَكَانَ يَصُومُ الدَّهْرَ.
وَذَكَرَ أَسَدٌ، أَنْبَأَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ إسماعيل بن أبى خالد، عن قيس ابن أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادْعُوا لِي بَعْضَ أَصْحَابِي، فَقُلْتُ: أَبُو بَكْرٍ؟ قَالَ: لا. فقلت: عمر؟ قال: لا. فقلت:
بن عَمِّكَ عَلِيٌّ؟ قَالَ: لا فَقُلْتُ: عُثْمَانُ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَلَمَّا جَاءَ قَالَ لِي بِيَدِهِ، فَتَنَحَّيْتُ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَارِّهِ، وَلَوْنُ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَتَغَيَّرُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الدَّارِ وَحُصِرَ قِيلَ لَهُ: أَلا تُقَاتِلْ؟ قَالَ: لا، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا، وَأَنَا صَابِرٌ نَفْسِي [2] عَلَيْهِ.
وذكر المعتمر بْن سُلَيْمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي نَضْرَة، عَنْ أَبِي سَعِيد مولى أَبِي أسيد، قَالَ: أشرف عليهم عُثْمَان وَهُوَ محصور، فَقَالَ: السلام عليكم. فمارّ عَلَيْهِ أحد. فَقَالَ: أنشدكم الله، هل تعلمون أني اشتريت بئر رومة من مالي، وجعلت فِيهِ رشائي كرشاء رجلٍ من المسلمين؟ فقيل: نعم. قال: فعلام تمنعوني عَنْ مائها، وأفطر على الماء المالح، ثُمَّ قَالَ: أنشدكم الله، هل تعلمون أني اشتريت كذا وكذا من أرضٍ فزدته فِي المسجد، فهل علمتهم أن أحدا منع أن يصلي فِيهِ قبلي! قَالَ ابْن عُمَر: أذنب عُثْمَان ذنبا عظيما يَوْم التقى الجمعان بأحد، فعفا الله
__________
[1] ليس في س.
[2] الطبقات: 3- 46.(3/1043)
عَنْهُ عز وجل، وأذنب فيكم ذنبا صغيرا فقتلتموه. وسئل ابْن عُمَر عَنْ علي وعثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ للسائل: قبحك الله! تسألنى عن رجلين كلاهما خير متّى، تريد أن أغصّ من أحدهما وأرفع من الآخر.
وقال علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: من تبرأ من دين عُثْمَان فقد تبرأ من الإيمان، والله مَا أعنت على قتله، ولا أمرت ولا رضيت. وبويع لعثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بالخلافة يَوْم السبت غرة المحرم سنة أربع وعشرين بعد دفن عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بثلاثة أيام باجتماع الناس عَلَيْهِ. وقتل بالمدينة لعثمان عشرة أو سبع عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين من الهجرة، ذكره المدائني، عَنْ أَبِي معشر، عَنْ نَافِع.
وقال المعتمر عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عُثْمَان النهدي: قتل عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي وسط أيام التشريق. وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: قتل عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ على رأس إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهرا واثنين وعشرين يوما من مقتل عُمَر بْن الخطاب، وعلى رأس خمس وعشرين سنة من متوفى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال الْوَاقِدِيّ: قتل عُثْمَان يَوْم الجمعة لثمان ليالٍ خلت من ذي الحجة يَوْم التلبية [1] سنة خمس وثلاثين. وقد قيل: إنه قتل يَوْم الجمعة لليلتين بقيتا من ذي الحجة.
وقد رَوَى ذَلِكَ عَنِ الْوَاقِدِيّ أيضا.
وقال الْوَاقِدِيّ: وحاصروه تسعة وأربعين يوما. وَقَالَ الزُّبَيْر: حاصروه شهرين وعشرين يوما، وَكَانَ أول من دخل الدار عَلَيْهِ مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر، فأخذ بلحيته، فَقَالَ لَهُ: دعها يَا بْن أخي، والله لقد كان أبوك يكرمها، فاستحيا وخرج، ثم
__________
[1] في س: يوم التروية.(3/1044)
دخل رومان بْن سرحان- رجل أزرق قصير محدود، عداده فِي مراد، وَهُوَ من ذي أصبح، معه خنجر فاستقبله بِهِ، وَقَالَ: على أي دين أنت يَا نعثل [1] ؟
فَقَالَ عُثْمَان: لست بنعثل، ولكني عُثْمَان بْن عَفَّان، وأنا على ملة إِبْرَاهِيم حنيفا مسلما، وما أنا من المشركين. قال: كذبت، وضربه على صدغه الأيسر، فقتله فخرّ، وأدخلته امرأته نائلة بينها وبين ثيابها، وكانت امرأة جسيمة، ودخل رجل من أهل مصر معه السيف مصلتا، فَقَالَ: والله لأقطعن أنفه، فعالج المرأة فكشفت عن ذراعيها، وقبضت على السيف، فقطع إبهامها، فقالت لغلام لعثمان- يقال لَهُ رباح ومعه سيف عُثْمَان: أعني على هَذَا وأخرجه عني. فضربه الغلام بالسيف فقتله، وبقي عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يومه مطروحا إِلَى الليل، فحمله رجال على بابٍ ليدفنوه، فعرض لهم ناس ليمنعوهم من دفنه، فوجدوا قبرا قد كَانَ حفر لغيره، فدفنوه فِيهِ، وصلى عَلَيْهِ جُبَيْر بْن مطعم.
واختلف فيمن باشر قتله بنفسه، فقيل: مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر ضربه بمشقص.
وقيل: بل حبسه محمد بن أبى بكر وأسعده [2] غيره، كان الَّذِي قتله سودان بْن حمران [3] . وقيل: بل ولي قتله رومان اليمامي. وقيل: بل رومان رجل من بني أَسَد بْن خزيمة. وقيل: [بل] إن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر أخذ بلحيته فهزها، وَقَالَ:
مَا أغنى عنك مُعَاوِيَة، وما أغنى عنك ابْن أَبِي سرح، وما أغنى عنك ابْن عَامِر، فقال: يَا بْن أخى أرسل لحيتي، فو الله إنك لتجبذ لحية كانت تعز على أبيك، وما كَانَ أبوك يرضى مجلسك هَذَا مني. فيقال: إنه حينئذ تركه وخرج عَنْهُ. ويقال:
إنه حينئذ أشار إِلَى من كَانَ معه، فطعنه أحدهم وقتلوه. والله أعلم.
__________
[1] كان أعداء عثمان يسمونه نعثلا تشبيها برجل من مصر كان طويل اللحية اسمه نعثل.
وقيل النعثل الشيخ الأحمق وذكر الضباع (النهاية) .
[2] في س: وأشعره غيره.
[3] الضبط من الطبقات: 3- 51.(3/1045)
وأكثرهم يروي أن قطرة أو قطرات من دمه سقطت على المصحف على قوله جل وعلا [1] : فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم.
وَقَالَ أَسَدٌ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا كِنَانَةُ مَوْلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، قَالَ: شَهِدْتُ مَقْتَلَ عُثْمَانَ، فَأُخْرِجَ مِنَ الدار أمامى أربعة من شبان قريش ملطّخين [2] بِالدَّمِ مَحْمُولِينَ، كَانُوا يَدْرَءُونَ [3] عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ، وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ.
وقال مُحَمَّد بْن طَلْحَة: فقلت لَهُ: هل ندى مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بشيء من دمه؟ قَالَ:
مُعَاذ الله! دخل عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَان: يَا بْن أخي، لست بصاحبي. وكلمه بكلام، فخرج ولم يند بشيء من دمه، قَالَ: فقلت لكنانة: من قتله؟ قَالَ: قتله رجل من أهل مصر، يقال لَهُ جبلة بْن الأيهم. ثم طاف بالمدينة ثلاثا يَقُول:
أنا قاتل نعثل.
وروى سَعِيد المقبري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: إِنِّي لمحصور مع عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الدار. قَالَ: فرمي رجل منا، فقلت: يَا أمير المؤمنين، الآن طاب الضراب، قتلوا منا رجلا، قَالَ: عزمت عليك يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إلا رميت سيفك، فإنما تراد نفسي، وسأقي المؤمنين بنفسي. قال أَبُو هُرَيْرَةَ: فرميت سيفي، لا أدري أين هُوَ حَتَّى الساعة. وكان معه فِي الدار من يريد الدفع عَنْهُ: عَبْد الله ابن عُمَر، وعبد الله بْن سلام، وعبد الله بن الزبير، والحسن بن على،
__________
[1] سورة البقرة، آية 137.
[2] في س: مضرجين بالدم.
[3] في س: يذودون.(3/1046)
وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَمُحَمَّد بْن حاطب، وزيد بْن ثَابِت رَضِيَ اللَّهُ عنهم، ومروان بْن الحكم فِي طائفة من الناس، منهم الْمُغِيرَة بْن الأخنس فيومئذ قتل الْمُغِيرَة بْن الأخنس.
قتل قبل قتل عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَذَكَرَ ابْنُ السَّرَّاجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ الْمِصْرِيِّينَ عَلَى عُثْمَانَ، فَلَمَّا ضَرَبُوهُ خَرَجْتُ أَشْتَدُّ حَتَّى مَلأْتُ فُرُوجِي عَدْوًا، حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ فِي نَحْوِ عَشَرَةٍ، عَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَ:
وَيْحَكَ! مَا وَرَاءَكَ! قُلْتُ: قَدْ وَاللَّهِ فُرِغَ مِنَ الرَّجُلِ، فَقَالَ: تَبًّا لَكُمْ آخِرَ الدَّهْرِ! فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ [1] ، حَدَّثَنَا الأَعْنَاقِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ [2] ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُلْقِيَ عَلَى الْمَزْبَلَةِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ أَتَاهُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلا، فِيهِمْ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَجَدِّي، فَاحْتَمَلُوهُ، فَلَمَّا صَارُوا بِهِ إِلَى الْمَقْبَرَةِ لِيَدْفِنُوهُ نَادَاهُمْ قَوْمٌ مِنْ بَنِي مَازِنٍ: وَاللَّهِ لَئِنْ دَفَنْتُمُوهُ هُنَا لَنُخْبِرَنَّ النَّاسَ غَدًا، فَاحْتَمَلُوهُ، وَكَانَ عَلَى بَابٍ، وَإِنَّ رَأْسَهُ عَلَى الْبَابِ لَيَقُولُ: طَقٍ طَقٍ، حَتَّى صَارُوا [3] بِهِ إِلَى حَشِّ كَوْكَبٍ [4] ، فَاحْتَفَرُوا لَهُ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ بِنْتُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَعَهَا مِصْبَاحٌ فِي جَرَّةٍ، فَلَمَّا أَخْرَجُوهُ لِيَدْفِنُوهُ صاحت، فقال
__________
[1] في س: محمد بن مطرف.
[2] في س: عبد الملك.
[3] في س: ساروا.
[4] حش كوكب- بفتح أوله وتشديد ثانيه ويضم أوله أيضا، وكوكب الّذي أضيف إليه اسم رجل من الأنصار، وهو عند بقيع الغرقد اشتراه عثمان وزاده في البقيع. ولما قتل القى فيه ثم دفن في جنبه (ياقوت) . وسيأتي بعد نحو هذا التفسير.(3/1047)
لها ابن الزبير: والله لئن لم تَسْكُتِي لأَضْرِبَنَّ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاكِ، قَالَ: فَسَكَتَتْ فَدُفِنَ، قَالَ مَالِك: وَكَانَ عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يمر بحش كوكب فيقول: إنه سيدفن هاهنا رجل صَالِح.
أَخْبَرَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُفَسِّرِ بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غياث، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوا عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَمُنِعُوا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ- أَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ: دَعُوهُ، وَقَدْ صَلَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ، وَصَلَّى رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
واختلف فِي سنه حين قتلوه، فَقَالَ ابْن إِسْحَاق: قتل وَهُوَ ابْن ثمانين سنة.
وقال غيره: قتل وَهُوَ ابْن ثمان وثمانين سنة. وقيل: بن تسعين سنةً، وَقَالَ قَتَادَة:
قتل عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ ابْن ست وثمانين سنة. وقال الْوَاقِدِيّ: لا خلاف عندنا أَنَّهُ قتل وَهُوَ ابْن اثنتين وثمانين سنة. وهو قول أَبِي اليقظان. ودفن ليلا بموضعٍ يقال لَهُ حش كوكب، وكوكب: رجل من الأنصار، والحش: البستان.
وكان عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قد اشتراه وزاده فِي البقيع، فكان أول من دفن فِيهِ، وحمل على لوح سرا.
وقد قيل: إنه صَلَّى عَلَيْهِ عَمْرو بْن عُثْمَان ابنه وقيل: بل صَلَّى عَلَيْهِ حكيم بْن حزام. وقيل: المسور بْن مخرمة. وقيل: كانوا خمسة أو ستة، وهم جُبَيْر بْن مطعم، وحكيم بْن حزام. وَأَبُو جهم بْن حذيفة، وتيار بْن مكرم، وزوجتاه:
نائلة، وأم البنين بِنْت عُيَيْنَة، ونزل فِي القبر أَبُو جهم وجبير، وكان حكيم(3/1048)
و [زوجتاه [1]] أم البنين ونائلة يدلونه، فلم دفنوه، غيبوا قبره، رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ.
قال ابْن إِسْحَاق: كانت ولايته اثنتي عشرة سنة إلا اثني عشر يوما.
وقال غيره: كانت خلافته إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهرا وأربعة عشر يوما. وقيل: ثمانية عشر يوما. قال حسان بن ثابت الأنصاري [2] :
من سره الموت صرفا لا مزاج لَهُ ... فليأت مأدبة [3] في دار عثمان
وفيها:
ضحوا بأشمط عنوان السجود بِهِ. ... يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
وهذا البيت يختلف فِيهِ، ينسب إلى غيره، وقال بعضهم: هو لعمران ابن حطان، وفيها:
صبرا فدى لكم أمي وما ولدت ... قد ينفع الصبر في المكروه أحيانا
ليسمعنّ وشيكا فِي دياركم [4] ... الله أكبر يَا ثارات عثمانا
وزاد فِيهِ أهل الشام أبياتا لم أر لذكرها وجها.
وقال حَسَّان بْن ثَابِت رضى الله عنه أيضا [5] :
إن تمس دار بني [6] عَفَّان موحشةً ... باب صريع وباب مخرق [7] خرب
فقد يصادف باغي الخير حاجته ... فيها ويأوي [8] إليها الجود والحسب
__________
[1] ليس في س.
[2] ديوانه: 409
[3] في الديوان: مأسدة
[4] في س، والديوان: ديارهم.
[5] ديوانه: 22، الطبري: 5- 150
[6] في الديوان: دار ابن أروى منه خالية.
[7] س: محرق
[8] في الطبري: ويهوى.(3/1049)
وله أيضا [1] :
قتلتم ولي الله فِي جوف داره ... وجئتم بأمرٍ جائرٍ غير مهتدي
فلا ظفرت أيمان قومٍ تعاونوا [2] ... على قتل عُثْمَان الرشيد المسدد
وَقَالَ كَعْب بْن مَالِك رَضِيَ الله عنه:
يا للرجال لأمر هاج لي حزنا ... لقد عجبت لمن يبكي على الدمن [3]
إني رأيت قتيل الدار مضطهدا ... عُثْمَان يهدى إِلَى الأجداث فِي كفن
يَا قاتل الله قوما كَانَ أمرهم ... قتل الإمام الزكي الطيب الردن
مَا قاتلوه [4] على ذنبٍ ألم بِهِ ... إلا الَّذِي نطقوا زورا ولم يكن
ومما ينسب لكعب بْن مَالِك، وقال مصعب: هي لحسان، وَقَالَ عمر بن شبة:
هي الوليد بن عقبة [بن أبى معيط [5]] :
فكف يديه ثُمَّ أغلق بابه ... وأيقن أن الله ليس بغافل
وَقَالَ لأهل الدار لا تقتلوهم ... عفا الله عَنْ ذنب امرئ لم يقاتل
فكيف رأيت الله ألقى عليهم ... العداوة والبغضاء بعد التواصل
وكيف رأيت الخير أدبر بعده ... على الناس إدبار السحاب الحوافل
وقال حميد بن ثور الهلالي:
إن الخلافة لما أظعنت ظعنت ... من يثربٍ إذ غير الهدى سلكوا
__________
[1] الديوان: 102
[2] في الديوان: تضاهرت.
[3] في ى: الزمن.
[4] في ى: ما قتلوه.
[5] ليس في س.(3/1050)
صارت إِلَى أهلها منهم ووارثها ... لما رأى الله فِي عُثْمَان مَا انتهكوا
وقال الْقَاسِم بن أمية بن أبى الصلت:
لعمري لبئس الذبح ضحيتم به ... وخنتم رسول الله صلى اللَّهِ فِي قتل صاحبه
وقالت زينب بِنْت العوام:
وعطشتم عُثْمَان فِي جوف داره ... شربتم كشرب الهيم شرب حميم
فكيف بنا أم كيف بالنوم بعد ما ... أصيب ابْن أروى وَابْن أم حكيم
وقالت ليلى الأخيلية:
قتل ابْن عَفَّان الإمام ... وضاع أمر المسلمينا
وتشتتت سبل الرشاد ... لصادرين وواردينا
فانهض معاوي نهضةً ... تشفى بها الداء الدفينا
أنت الَّذِي من بعده ... ندعو أمير المؤمنينا
وقال أيمن بْن خزيمة [1] :
ضحوا بعثمان فِي الشهر الحرام ضحى ... وأي [2] ذبحٍ حرامٍ ويلهم ذبحوا
وأي سنة كفر سن أولهم ... وباب شرٍّ على سلطانهم فتحوا
ماذا أرادوا أضل الله سعيهم ... بسفك ذاك الدم الزاكي الَّذِي سفحوا
والأشعار فِي ذَلِكَ كثيرة جدا يطول بها الكتاب.
وكان عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شيخا جميلا [رقيق البشرة أسمر اللون، كبير الكراديس، واسع مَا بين المنكبين، كثير شعر الرأس، أصلع [3]] طويل
__________
[1] في س: أيمن بن جهم.
[2] في س: فأى.
[3] ليس في س.(3/1051)
اللحية، حسن الوجه. وَقَالَ سَعِيد بْن زَيْد: لو أن أحدا انقضّ لما فعل بعثمان كان كَانَ حقيقا أن ينقض.
وقال ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لو اجتمع الناس على قتل عُثْمَان لرموا بالحجارة كما رمي قوم لوط.
وقال عَبْد اللَّهِ بْن سلام: لقد فتح الناس على أنفسهم بقتل عُثْمَان باب فتنة لا ينغلق عنهم إِلَى قيام الساعة.
وقال بعض بني نهشل أو مجاشع [1] :
لعمر أبيك فلا تكذبن ... لقد ذهب الخير إلا قليلا
لقد سفه الناس فِي دينهم ... وخلى ابْن عَفَّان شرا طويلا
أخبرنا عَبْد الرحمن بن يحيى، حدثنا أحمد بن سعيد، حدثنا أحمد بن إسحاق ابن إِبْرَاهِيم [2] بْن النعمان، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي بْن مَرَوَان، حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل، حَدَّثَنَا حماد بن سلمة، حدثنا علي بن زيد بْن جدعان، قَالَ لي سَعِيد بْن المسيب:
انظر إِلَى وجه هَذَا الرجل، فنظرت فإذا هُوَ مسود الوجه، فَقَالَ: سله عَنْ أمره. فقلت: حسبي أنت، حَدَّثَنِي. قال: إن هَذَا كَانَ يسب عليا وعثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فكنت أنهاه فلا ينتهي، وقلت: اللَّهمّ هَذَا يسب رجلين قد سبق لهما مَا تعلم. اللَّهمّ إن كَانَ يسخطك مَا يَقُول فيهما فأرني بِهِ آية، فاسود وجهه كما ترى.
__________
[1] في الطبري: نسب هذا الشعر إلى الحباب بن يزيد المجاشعي عم الفرزدق- الجزء الخامس صفحة 151
[2] في س: حدثنا إسحاق بن إبراهيم.(3/1052)
حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل ابْن إسحاق، قال: حدثنا علي بن المديني، قال: حَدَّثَنَا المعتمر بْن سُلَيْمَان، قَالَ:
سمعت حميدا الطويل قَالَ: قيل لأنس بْن مَالِك: إن حب علي وعثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لا يجتمعان فِي قلبٍ واحدٍ. فقال أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كذبوا والله، لقد اجتمع حبهما في قلوبنا.
(1779) عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو ابن هصيص القرشي الْجُمَحِيّ،
يكنى أَبَا السائب. وأمه سخيلة بِنْت العنبس بْن أهبان بْن حُذَافَة بْن جمح، وهي أم السائب وعبد الله. وقال ابْن إِسْحَاق: أسلم عُثْمَان بْن مظعون بعد ثلاثة عشر رجلا، وهاجر الهجرتين، وشهد بدرا. وقال ابْن إِسْحَاق، وسالم أَبُو النَّضْر: كَانَ عُثْمَان بْن مظعون أول رجل مات بالمدينة من المهاجرين بعد ما رجع من بدر، وَقَالَ غيرهما: كَانَ أول من تبعه إِبْرَاهِيم بْن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وروي من وجوه من حديث عَائِشَة وغيرها أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل عُثْمَان بْن مظعون بعد مَا مات.
توفي سنة اثنتين من الهجرة، وقيل بعد اثنين وعشرين شهرا من مقدم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة. وقيل: إنه مات على رأس ثلاثين شهرا من الهجرة بعد شهوده بدرا، فلما غسل وكفن قبل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين عينيه، فلما دفن قَالَ: نعم السلف هُوَ لنا عُثْمَان بْن مظعونٍ. ولما توفي إِبْرَاهِيم ابْن النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحق بالسلف الصالح، عثمان بن مظعون.(3/1053)
وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال ذَلِكَ حين توفيت زينب ابنته رَضِيَ اللَّهُ عنها قَالَ: الحقي بسلفنا الخير عُثْمَان بْن مظعونٍ. وأعلم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قبره بحجر، وكان يزوره. قال سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص: رد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التبتل على عُثْمَان بْن مظعون ولو أذن لَهُ لاختصينا. وكان عابدا مجتهدا من فضلاء الصحابة، وقد كَانَ هُوَ وعلي بْن أَبِي طالب وأبو ذر رَضِيَ اللَّهُ عنهم هموا أن يختصوا ويتبتلوا، فنهاهم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ. ونزلت فيهم [1] :
لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا ... 5: 93 الآية.
وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [2] ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: كَانَ أَوَّلُ مَنْ دُفِنَ بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَرًا عِنْدَ رَأْسِهِ وَقَالَ: هَذَا قَبْرُ فَرَطِنَا. وقد قيل: إن عثمان ابن مظعون توفي بعد مقدم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بستة أشهرٍ، وَهَذَا إنما يكون بعد مقدمه من غزوة بدرٍ، لأنه لم يختلف فِي أَنَّهُ شهدها، وَكَانَ ممن حرم الخمر فِي الجاهلية.
وَذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُلَيْطٍ [3] .
قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ أَحَدُ مَنْ حَرَّمَ الْخَمْرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَالَ: لا أَشْرَبُ شَرَابًا يُذْهِبُ عَقْلِي وَيُضْحِكُ بِي مَنْ هُوَ أَدْنَى مِنِّي، وَيَحْمِلُنِي عَلَى أَنْ أَنْكِحَ كَرِيمَتِي. فَلَمَّا حُرِّمَتِ الْخَمْرُ أَتَى وَهُوَ بِالْعَوَالِي فَقِيلَ لَهُ: يَا عثمان. قد حرّمت
__________
[1] سورة المائدة، آيه 96
[2] في س: بن عبيد الله.
[3] في س: سابط.(3/1054)
الْخَمْرُ. فَقَالَ: تَبًّا لَهَا! قَدْ كَانَ بَصَرِي فِيهَا [1] ثَاقِبًا. قال أَبُو عُمَر: فِي هَذَا نظر، لأن تحريم الخمر عِنْدَ أكثرهم بعد أحد.
قال مصعب الزُّبَيْرِيّ: أول من دفن بالبقيع عُثْمَان بْن مظعون أَبُو السائب.
رَوَتْ عَائِشَةُ بِنْتُ قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ، عَنْ أَبِيهَا، عَنْ أَخِيهِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ- أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَتَشُقُّ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ فِي الْمَغَازِي، أَفَتَأْذَنُ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي الْخِصَاءِ فَأَخْتَصِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: لا، ولكن عليك يا بن مَظْعُونٍ بِالصِّيَامِ فَإِنَّهُ مَجْفَرَةٌ [2] . وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَهُ عَنْ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ حِينَ مَاتَ، فَانْكَبَّ عَلَيْهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَكَأَنَّهُمْ رَأَوْا أَثَرَ الْبُكَاءِ فِي عَيْنِهِ، ثُمَّ حَنَى [3] عَلَيْهِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَرَأَوْهُ يَبْكِي، ثُمَّ حَنَى عَلَيْهِ الثَّالِثَةَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَلَهُ شَهِيقٌ، فَعَرَفُوا أَنَّهُ يَبْكِي، فَبَكَى الْقَوْمُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَهْ، إِنَّمَا هَذَا مِنَ الشَّيْطَانِ، ثُمَّ قَالَ: اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ، أَذْهِبْ عليك [4] أبا السائب، فقد حرجت مِنْهَا وَلَمْ تَلَبَّسْ مِنْهَا بِشَيْءٍ. وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ [5] بْنِ يَحْيَى الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا بزيد بن هارون، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن على ابن يَزِيدَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عباس، قال: لما مات عثمان بن
__________
[1] في س: بها.
[2] مجفرة: قاطع للنكاح (هوامش الاستيعاب) .
[3] في س: جثا.
[4] في أسد الغابة: عنك.
[5] في س: بن عبد الرحمن.
(الاستيعاب ج 3- م 7)(3/1055)
مَظْعُونٍ قَالَتِ امْرَأَتُهُ: هَنِيئًا لَكَ الْجَنَّةُ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ غَضَبٍ، وَقَالَ: مَا يُدْرِيكِ؟ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَارِسُكَ [1] وَصَاحِبُكَ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي. فَأَشْفَقَ النَّاسُ عَلَى عُثْمَانَ، فَلَمَّا مَاتَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحقي بسلفنا الخير، عثمان ابن مَظْعُونٍ، فَبَكَى النِّسَاءُ، فَجَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُسْكِتُهُنَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَهْلا يَا عُمَرُ! ثُمَّ قَالَ: إِيَّاكُنَّ وَنَعِيقَ الشَّيْطَانِ، فَمَا كَانَ مِنَ الْعَيْنِ فَمِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنَ الرَّحْمَةِ، وَمَا كَانَ مِنَ الْيَدِ وَاللِّسَانِ فَمِنَ الشَّيْطَانِ. اختلف الروايات فِي المرأة قَالَ لَهَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وما يدريك حين شهدت لعثمان بْن مظعون بالجنة، وقالت لَهُ: طبت هنيئا لك الجنة أَبَا السائب- على ثلاث نسوة، فقيل: كانت امرأته أم السائب، وقيل أم العلاء، الأنصارية، وَكَانَ نزل عليها، وقيل: كانت أم خارجة بن زيد. ورثته امرأته، فقالت:
يَا عين جودي بدمعٍ غير ممنون ... على رزية [2] عُثْمَان بْن مظعون
على امرئ كَانَ فِي رضوان خالقه ... طوبى لَهُ من فقيد الشخص مدفون
طاب البقيع لَهُ سكنى وغرقده ... وأشرقت أرضه من بعد تفتين [3]
وأورث القلب حزنا لا انقطاع لَهُ ... حَتَّى الممات وما ترقى له شونى
(1780) عثمان بْن مُعَاذ التيمي القرشي،
أو مُعَاذ [4] بن عثمان، كذا روى
__________
[1] في س: فارسك.
[2] في س: رزئية
[3] في أسد الغابة: تعيين.
[4] في س: أبو معاذ.
(ظهر الاستيعاب ج 3- م 7)(3/1056)
حَدِيثَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ [1] ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن رجل من قومه من بني تيم يقال له معاذ بن عثمان أو عثمان بن معاذ- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ارموا الجمار بمثل حَصَى الْخَذْفِ.
باب عدي
(1781) عدي بْن حَاتِم بْن عَبْد اللَّهِ الطائي،
مهاجري، يكنى أَبَا طريف، وينسبونه عدي بْن حَاتِم بْن عَبْد اللَّهِ بْن سَعْد بْن الحشرج [2] بْن امرئ القيس بن عدىّ ابن رَبِيعَة بْن جرول بْن ثعل بْن عَمْرو بْن الغوث بْن طي بْن أدد بْن زَيْد بْن كهلان، إلا أنهم يختلفون فِي بعض الأسماء إِلَى طي. قدم عدي على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شعبان من سنة سبع.
قال الْوَاقِدِيّ: قدم عدي بْن حَاتِم على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شعبان سنة عشر، وخبره فِي قدومه على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خبر عجيب فِي حديث حسن صحيح، من رواية قَتَادَة، عَنِ ابْن سِيرِين، ثُمَّ قدم على أَبِي بَكْر الصديق بصدقات قومه فِي حين الردة، ومنع قومه فِي طائفة [3] معهم من الردة بثبوته على الإسلام وحسن رأيه، وَكَانَ سيدا [4] شريفا فِي قومه، خطيبا حاضر الجواب، فاضلا كريما. روى عَنْ عدي بْن حَاتِم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:
مَا دخل وقت صلاة قط إلا وأنا أشتاق إليها.
وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بن زكريا النيسابورىّ،
__________
[1] في س: بن عيينة عن ابن قيس.
[2] في س: حشرج.
[3] في س: وطائفة.
[4] في س: سريا.(3/1057)
حدثنا أبو العلاء محمد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ جَنَّادٍ الْحَلَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: مَا دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ إِلا وَسَّعَ لِي أَوْ تَحَرَّكَ لِي، وَقَدْ دَخَلْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا فِي بَيْتِهِ وَقَدِ امْتَلأَ مِنْ أَصْحَابِهِ فَوَسَّعَ لِي حَتَّى جَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ.
وأتاه الشاعر سَالِم بْن دارة الغطفاني، واسم أَبِيهِ دارة مسافع، فَقَالَ لَهُ:
قد مدحتك يَا أَبَا طريف؟ فَقَالَ لَهُ عدي: أمسك عليك يَا أخي حَتَّى أخبرك بمالي [فتمدحني على حسبه [1]] ، لي ألف صائنة وألفا درهم وثلاثة أعبد وفرسي هَذِهِ حبيس [2] فِي سبيل الله عز وجل، فقل، فَقَالَ:
تحن قلوصي فِي معدٍّ وإنما ... تلاقي الربيع فِي ديار بني ثعل
وأبغي [3] الليالي من عدي بْن حَاتِم ... حساما كلون الملح سل من الخلل
أبوك جواد مَا يشق غباره ... وأنت جواد ليس تعذر بالعلل
فإن تتقوا شرا فمثلكم اتقى ... وإن تفعلوا خيرا فمثلكم فعل
وحديث الشَّعْبِيّ أن عدي بْن حَاتِم قَالَ لعمر بْن الخطاب إذ قدم عَلَيْهِ:
مَا أظنك تعرفني. فقال: كيف لا أعرفك؟ وأول صدقة بيضت وجه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صدقة طي! أعرفك، آمنت إذ كفروا، وأقبلت إذ أدبروا، ووفيت إذ غدروا.
ثُمَّ نزل عدي بْن حَاتِم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الكوفة وسكنها، وشهد مع على
__________
[1] من س.
[2] في س: حبس.
[3] في س: وابقى.(3/1058)
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الجمل، وفقئت عينه يومئذ، ثُمَّ شهد أيضا مع علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صفين والنهروان.
ومات بالكوفة سنة سبع وستين فِي أيام المختار. وقيل: مات سنة ثمان [وستين [1]] . وقيل: بل مات عدي بْن حَاتِم سنة تسع وستين، وَهُوَ ابْن مائة وعشرين سنة.
روى عَنْهُ جماعة من البصريين والكوفيين، منهم: هَمَّام بْن الْحَارِث، وعامر الشَّعْبِيّ، وتميم بْن طرفة، وعبد الله بْن معقل [بْن مقرن [2]] ، والسري بْن قطري، وَأَبُو إِسْحَاق الهمداني، وخيثمة بْن عَبْد الرَّحْمَنِ.
(1782) عدي بْن رَبِيعَة،
أدرك النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من مسلمة الْفَتْح، وأظنه عدي بْن رَبِيعَة بْن عبد العزى بْن عبد شمس بْن عبد مناف، ابْن عم أَبِي الْعَاص بْن الربيع.
(1783) عدي بْن الزغباء،
ويقال ابْن أَبِي الزغباء، واسم أَبِي الزغباء سنان بْن سبيع بْن ثعلبة بْن رَبِيعَة [3] الجهني، من جهينة، حليف لبني النجار، من الأنصار، وَقَالَ مُوسَى بْن عقبة: عدي بْن الزغباء حليف لبني مَالِك بْن النجار، من جهينة، شهد بدرا، وأحدا، والخندق، وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتوفي في خلافة عمر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: وَهُوَ الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ عينا مع بسيس [4] بْن عَمْرو الجهني يتجسسان لَهُ عير أَبِي سُفْيَان بْن حرب في قصة بدر.
__________
[1] من س.
[2] ليس في س.
[3] في هوامش الاستيعاب: ثعلبة بن زمرة بن بذيل (87) .
[4] ويقال فيه بسبس- كجعفر- وبسبسة: التاج مادة بس.(3/1059)
(1784) عدي [1] بْن زَيْد الأَنْصَارِيّ
ذكره الْبَزَّار فِي المقلين من الصحابة، وَرَوَى حديثه، فَقَالَ: عَنْ عدي بْن زَيْد. وكانت لَهُ صحبة، وَقَالَ: حمى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كل ناحية من المدينة بريدا فِي بريد.
(1785) عدي بْن عميرة الحضرمي،
ويقال الْكِنْدِيّ، كوفي. روى عنه قيس ابن حَازِم أَنَّهُ سمع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: من استعملناه على عملنا فكتمنا مخيطا فما فوقه فهو غلول [2] يأتي بِهِ يَوْم القيامة رَوَى عَنْهُ أخوه العرس [3] بْن عميرة.
(1786) عدىّ بن [4] فروة،
ويقال: هُوَ عدي بْن عميرة بْن فروة بْن زرارة بْن الأرقم، من كنده، أَبُو فروة، أصله من الكوفة وبها كَانَ سكناه، وانتقل إِلَى حران. قيل:
هُوَ الأول، وَهُوَ عِنْدَ أكثرهم غير الأول، كذلك قَالَ أَبُو حَاتِم وغيره.
وَهَذَا هُوَ والد عدي بْن عدي الفقيه الْكِنْدِيّ صاحب عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ فيما قَالَ الْبُخَارِيّ، وخالفه غيره، فجعله ابْن الأول.
وَقَالَ أَحْمَد بْن زُهَيْر: ليس هُوَ من ولد هَذَا ولا هَذَا، وجعل إياه [5] رجلا ثالثا، رَوَى عَنْ هَذَا رجل يقال لَهُ العرس، وَرَوَى رجاء بْن حيوة عَنْ عدىّ ابن عدي بْن عميرة بْن فروة، عَنْ أَبِيهِ، قال الواقدي: توفى عدىّ بن عميرة ابن زرارة بالكوفة سنة أربعين، أظنه الأول، والله أعلم.
(1787) عدي بْن قَيْس السهمي،
ذكره بعضهم فِي المؤلّفة قلوبهم، وهذا لا يعرف.
__________
[1] هذه الترجمة ليست في س.
[2] الغلول: الخيانة في المغنم، والسرقة من الغنيمة (النهاية) .
[3] بضم العين وسكون الراء- كما في التقريب. وفيه: قيل عميرة أمه، واسم أبيه قيس بن سعيد بن الأرقم. وقال أبو حاتم: هما اثنان.
[4] في أسد الغابة والتهذيب: عدي بن عدي بن فروة.
[5] في س: أباه.(3/1060)
(1788) عدي بْن مُرَّةَ بْن سراقة بْن خباب بن عدىّ بن الجلد بْن العجلان
من بلي بْن قضاعة، حليف لبني عَمْرو بْن عوف، قتل يَوْم خيبر شهيدا، طعن بين ثدييه بالحربة فمات.
(1789) عدي بن نضلة،
هكذا قال ابن إسحاق والواقدي، وقال هشام ابن مُحَمَّد: عدي بْن نضيلة بْن عبد العزى بن حرثان بن عوف بن عبيد بن عويج ابن كَعْب القرشي العدوي، هاجر هُوَ وابنه النعمان بْن عدي إِلَى أرض الحبشة، ومات بها عدي بْن نضلة، وَهُوَ أول من ورث [1] فِي الإسلام، ورثه بالإسلام ابنه النعمان.
(1790) عدي بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بْن قصي القرشي الأسدي،
أخو ورقة بْن نوفل، أمه آمنة بِنْت [نوفل بْن [2]] جَابِر بْن سُفْيَان، أخت تأَبَّط شرا الفهمي، ذكر ذَلِكَ الزُّبَيْر.
أسلم عدي بْن نوفل عام الْفَتْح، ثُمَّ عمل لعمر بْن الخطاب، وعثمان بْن عَفَّان رَضِيَ اللَّهُ عنهم، على حضرموت.
(1791) عدي بْن هَمَّام بْن مُرَّةَ الْكِنْدِيّ،
أَبُو عائذ، قَالَ ابْن الكلبي: وفد على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
(1792) عدي الجذامي [3] ،
رمى امرأته بحجر فقتلها ولم يرد قتلها، فتبع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [بتبوك [4]] ، فقص عَلَيْهِ أمره، فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تعقلها ولا ترثها، حديثه هَذَا عِنْدَ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن حرملة، سمع رجلان من جذام عَنْ رجل منهم يقال له عدي.
__________
[1] في س: موروث.
[2] ليس في س
[3] في أسد الغابة: يقال له عدي بن زيد الجذامي.
[4] من س.(3/1061)
باب العرس
(1793) العرس [1] بْن عميرة الْكِنْدِيّ،
أخو عدي بْن عميرة الْكِنْدِيّ، حديثه عِنْدَ أهل الشام، رَوَى عَنْهُ ابْن أخيه عدي بْن عدي بْن عميرة الْكِنْدِيّ، وصاحب عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ، ورجاء بْن حيوة، ذكره أَبُو حَاتِم فِي الأفراد، ولم يذكر العرس غيره.
(1794) العرس بْن قَيْس بْن سَعِيد بْن الأرقم بْن النعمان الْكِنْدِيّ،
مذكور فِي الصحابة، لا أعرفه.
وقيل: مات فِي فتنة ابْن الزُّبَيْر.
باب عرفجة
(1795) عرفجة بْن أسعد بْن صَفْوَان التيمي.
أصيب أنفه بوم الكلاب فِي الجاهلية فاتخذ أنفا من ورق فأنتن عَلَيْهِ، فأمره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يتخذ أنفا من ذهب. بصري.
رَوَى عَنْهُ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن طرفة. واختلف فِي حديثه هَذَا على مَا ذكرناه فيما مضى من كتابنا هَذَا.
(1796) عرفجة بْن خزيمة [2] ،
الَّذِي قَالَ فِيهِ عُمَر لعتبة بْن غَزَوَان- وقد أمده بِهِ- شاوره، فإنه ذو مجاهدة للعدوّ ومكابدة.
__________
[1] الضبط من الإصابة والتقريب.
[2] في الاصابة: هريمة.(3/1062)
(1797) عرفجة بْن شريح الْكِنْدِيّ،
ويقال الأشجعي، ويقال عرفجة الأسلمي، وَقَالَ أَحْمَد بْن زُهَيْر: عرفجة الأسلمي [1] غير عرفجة بْن شريح الْكِنْدِيّ، قَالَ أَبُو عُمَر: ليس هُوَ عندي كما قَالَ أَحْمَد بْن زُهَيْر. والله أعلم بالصواب.
وقد اختلف فِي اسم أَبِي عرفجة هَذَا اختلافا كثيرا، فقيل: عرفجة بْن شريح، [وقيل: صريح [2]] ، وقيل: ابْن ذريح- بالذال. وقيل: ابْن ضريح- بالضاد، وقيل ابْن شراحيل [3] .
قَالَ علي بْن المديني: قَالَ شُعْبَة: عرفجة فلم ينسبه، وَقَالَ فِيهِ أَبُو عوانة:
عرفجة بْن شريح. وَقَالَ فيه يزيد بن مردانبه: عرفجة بن شريح [4] ، وكلهم يروي حديثه هَذَا عَنْ زِيَاد بْن علاقة عَنْهُ.
وقال أَبُو بَكْر الأثرم: قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ أَحْمَد بْن حَنْبَل فِي حديث عرفجة، فَقَالَ بعضهم: عرفجة بْن صريح، وَقَالَ بعضهم: ابْن شريح.
قَالَ أَبُو عُمَر: لَهُ حديث واحد عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سمعه يَقُول: ستكون هنات وهنات، فمن رأيتموه يفرق أمر أمة محمدٍ- وهم جميع- فاقتلوه كائنا من كَانَ من الناس. وَهُوَ حديث صحيح من حديث أهل البصرة، رواه عَنْ عرفجة زِيَاد بْن علاقة، ورواه عَنْ زِيَاد بْن علاقة جماعة، واتفق فيه أبو عوانة والنعمان ابن راشد على عرفجة بْن شريح،
ولا أعلم لعرفجة هَذَا غير هَذَا الحديث.
وقد رَوَى عَنْهُ أَبُو حَازِم الأشجعي وَأَبُو يعفور وقدان العبدي. وَقَدَ رَوَى زِيَادُ بْنُ عِلاقَةَ أَيْضًا، عَنْ قُطْبَةَ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عَرْفَجَةَ الأَشْجَعِيِّ- قال: صلّى بنا رسول
__________
[1] في س: الأشجعي.
[2] ليس في س.
[3] وزاد في أسد الغابة: طريح- بالطاء، وشريك.
[4] في س: ضريح.(3/1063)
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الْفَجْرِ، ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ: وُزِنَ أَصْحَابُنَا اللَّيْلَةَ، وُزِنَ أَبُو بَكْرٍ فَوَزَنَ، ثُمَّ وُزِنَ عُمَرُ فَوَزَنَ، [ثُمَّ وُزِن [1]] عُثْمَانُ فَخَفَّ، وَهُوَ رَجُلٌ صَالِحٌ. لا أدرى عرفجة هذا هو عرفجة ابن شريح أو غيره.
باب عرفطة
(1798) عرفطة بْن الْحُبَاب بْن حَبِيب الأزدي،
حليف لبني أُمَيَّة، أبو أوفى ابن عرفطة. ذكره مُوسَى بْن عقبة فيمن استشهد يَوْم الطائف من بني أُمَيَّة.
(1799) عرفطة بْن نهيك [2] ،
لَهُ صحبة.
باب عُرْوَة
(1800) عروة بْن أَبِي أثاثة [3] ،
ويروى ابْن أثاثة- بْن عبد العزّى بن حرثان ابن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بْن كَعْب، كَانَ من مهاجرة الحبشة، لا، أعلم لَهُ رواية، وَهُوَ أخو عَمْرو بْن الْعَاص لأمه، ويقال فِيهِ عَمْرو بْن أَبِي أثاثة، فإن عروة هَذَا قديم الإسلام بمكة، لم يذكره ابْن إِسْحَاق فيمن هاجر إِلَى أرض الحبشة، وذكره مُوسَى بْن عقبة، وَأَبُو معشر، والواقدي.
(1801) عروة بْن أَسْمَاء بْن الصلت،
حليف لبني عَمْرو بْن عوف، ذكره مُحَمَّد بْن الْوَاقِدِيّ فِي أصحاب بئر معونة، وَقَالَ: حَدَّثَنِي مصعب بْن الثابت [4] عَنْ أَبِي الأسود، عَنْ عُرْوَة، قَالَ: حرض المشركون يوم بئر معونة بعروة
__________
[1] من س.
[2] نهيك- بوزن عظيم- كما في التقريب.
[3] في الاصابة: ابانة.
[4] في س، والتقريب: بن ثابت.(3/1064)
ابن الصلت أن يؤمنوه فأبى، وَكَانَ ذا خلة لعامر بْن الطفيل مع أن قومه بني سُلَيْم حرضوا على ذَلِكَ فأبى، وَقَالَ: لا أقبل لهم [فِي ذَلِكَ [1]] أمانا، ولا أرغب بنفسي عَنْ مصارعهم، ثُمَّ تقدم فقاتل حَتَّى قتل [شهيدا [1]] .
(1802) عروة بن عياض، بن أبي الجعد البارقي.
وبارق فِي الأزد، يقال: إن البارق جبل نزله بعض الأزديين، فنسبوا إِلَيْهِ. استعمل عُمَر بْن الخطاب عُرْوَة الْبَارِقِيّ هَذَا على قضاء الكوفة، وضم إِلَيْهِ سلمان [2] بْن رَبِيعَة، وذلك قبل أن يستقضي شريحا.
يعد عُرْوَة الْبَارِقِيّ فِي الكوفيين، رَوَى عَنْهُ قَيْس بْن أَبِي حَازِم، والشعبي، وَأَبُو إِسْحَاق، والعيزار بْن حريث، وشبيب بْن غرقدة الْبَارِقِيّ، قَالَ علي بْن المديني: من قَالَ فِيهِ عُرْوَة بْن الْجَعْد فقد أخطأ، وإنما هُوَ عُرْوَة بْن أَبِي الْجَعْد.
قال: وَكَانَ غندر- مُحَمَّد بْن جَعْفَر- يهم فِيهِ، فيقول عُرْوَة بْن الْجَعْد.
أَخْبَرَنَا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ، وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عِيَاضِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْبَارِقِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ. وَأَخْبَرَنَا سُفْيَان، عَنْ شبيب بْن غرقدة، سمعه عَنْ عُرْوَة الْبَارِقِيّ، قَالَ:
سمعت رَسُول الله صلى الله عليه يقول: الخير معقود بنواصي الخيل.
__________
[1] ليس في س.
[2] في ى: سليمان. والمثبت من س، وأسد الغابة.(3/1065)
وَأَخْبَرَنَا سُفْيَان، عَنْ شبيب بْن غرقدة، قَالَ: رأيت فِي دار عُرْوَة بْن أَبِي الْجَعْد سبعين فرسا رغبة فِي رباط الخيل.
(1803) عروة بْن مُرَّةَ بْن سراقة الأَنْصَارِيّ،
من الأوس. قتل يَوْم خيبر شهيدا.
(1804) عروة بْن مَسْعُود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بْن عوف بْن ثقيف،
واسمه قَيْس بْن منبه بْن بَكْر بْن هوازن [بْن مَنْصُور [1]] ابن عكرمة بْن خصفة بْن قَيْس عيلان الثقفي، أَبُو مَسْعُود، وقيل أَبُو يعفور، شهد صلح الحديبية.
قَالَ ابْن إِسْحَاق: لما انصرف رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الطائف اتبع أثره عُرْوَة بْن مَسْعُود بْن مُعَتِّب حَتَّى أدركه قبل أن يصل إِلَى المدينة فأسلم، وسأل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يرجع إِلَى قومه بالإسلام، فَقَالَ له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن فعلت فإنّهم قاتلوك. فقال: يَا رَسُول اللَّهِ، أنا أحب إليهم من أبصارهم [2] ، وَكَانَ فيهم محببا مطاعا، فخرج يدعو قومه إِلَى الإسلام، فأظهر دينه رجاء ألا يخالفوه لمنزلته فيهم، فلما أشرف على قومه [3] .
وقد دعاهم إِلَى دينه- رموه بالنبل من كل وجه فأصابه سهم فقتله.
وقيل لعروة: مَا ترى فِي دمك؟ قَالَ: كرامة أكرمني الله بها، وشهادة ساقها الله إلي، فليس فِي إلا مَا فِي الشهداء الذين قتلوا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
__________
[1] من س.
[2] في س: من إنشادهم.
[3] في س: فلما أشرف عليه قومه.(3/1066)
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل أن يرتحل عنكم. قَالَ: فزعموا أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مثله فِي قومه مثل صاحب يس فِي قومه. وَقَالَ فِيهِ عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شعرا يرثيه، وَقَالَ قَتَادَة فِي قول الله عز وجل [1] : لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ من الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ. 43: 31 قالها الوليد ابن المغيرة. قال: لو كان ما يقول مُحَمَّد حقا أنزل علي القرآن أو على عُرْوَة بْن مَسْعُود الثقفي. قَالَ: والقريتان مكة والطائف. وقال مُجَاهِد: هُوَ عُتْبَة بْن رَبِيعَة من مكة وَابْن عبد ياليل الثقفي من الطائف، والأكثر قول قَتَادَة، والله أعلم. وَكَانَ عُرْوَة يشبه بالمسيح عَلَيْهِ السلام فِي صورته.
أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ [2] ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: عُرِضَ عَلَيَّ الأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، فَإِذَا مُوسَى ضَرْبٌ مِنَ الرِّجَالِ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَهًا صَاحِبُكُمْ، يَعْنِي نَفْسِي- صلى الله عليه وسلم، ورأيت جبرئيل عَلَيْهِ السَّلامُ، فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شبها دحية الكلبي [3] .
(1805) عروة بْن مضرس بْن أوس بْن حارثة بْن لام الطائي،
لَهُ صحبه، يعد فِي الكوفيين، روى عنه الشعبي.
__________
[1] سورة الزخرف، آية 31
[2] في س: المؤذن.
[3] إلى هنا ينتهى الجزء الثاني من النسخة التي رمزت إليها بالحرف س.(3/1067)
(1806) عروة بْن مُعَتِّب [1] الأَنْصَارِيّ،
رَوَى عَنْهُ الْوَلِيد بْن عَامِر اليزني، حديثه عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صاحب الدابة أحق بصدرها.
(1807) عروة أَبُو غاضرة الفقيمي،
من بني فقيم بْن التميمي، حديثه عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دين الله يسر. رَوَى عَنْهُ ابنه غاضرة.
باب عصمة
(1808) عصمة بْن أبير [2] التيمي [3] ،
من بني تيم بْن عبد مناة، وَهُوَ تيم الرباب، وفد على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإسلام قومه بني تيم بْن عبد مناة. نسبه ابْن الكلبي، فَقَالَ: عصمة بْن أبير بْن زَيْد بْن عَبْد اللَّهِ بْن صريم بْن وائلة من تيم الرباب، وَكَانَ ممن شهد قتال سجاح فِي أيام أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَ على عبد مناة يومئذ.
(1809) عصمة بْن الحصين،
وربما نسب إِلَى جده، فقيل عصمة بْن وبرة ابن خالد بن العجلان الأنصاري، من بني عوف بْن الخزرج، شهد هُوَ وأخوه هبيل بْن وبرة بدرا فيما ذكر مُوسَى بْن عقبة، والواقدي، وابن عمارة، ولم يذكره ابن إسحاق ولا أَبُو معشر، وَقَالَ إِبْرَاهِيم بْن المنذر، عن عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة، عن هشام بن عروة، عن أَبِيهِ، قَالَ: فيمن شهد بدرا: هبيل وعصمة ابنا وبرة، من بني عوف بْن الخزرج.
__________
[1] في الإصابة: حكى ابن ماكولا الخلاف في أبيه هل هو بالمعجمة والمثلثة آخره.
بالمهملة وآخره موحدة.
[2] أبير- بضم الهمزة وفتح الباء الموحدة وسكون الياء تحتها نقطتان، وآخره راء أسد الغابة) .
[3] في س: التميمي.(3/1068)
(1810) عصمة بْن السرح [1]
قَالَ: شهدت مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حنينا، رَوَى عَنْهُ [ابنه [2]] عَبْد اللَّهِ بْن عصمة.
(1811) عصمة بْن قَيْس الهوزني،
ويقال: السُّلَمِيّ، لَهُ صحبة، كَانَ يتعوذ باللَّه من فتنة المشرق، فقيل لَهُ: فكيف فتنة المغرب؟ قَالَ: تلك أعظم وأعظم رَوَى عَنْهُ الأزهر بْن عَبْد اللَّهِ الهوزني. اختلف فِي لفظ حديثه هَذَا، فَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ. حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ الْعِجْلِيُّ [3] ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَزْهَرَ الْهَوْزَنِيُّ، عَنْ عِصْمَةَ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ كَانَ يَتَعَوَّذُ باللَّه مِنْ فِتْنَةِ الْمَغْرِبِ. هكذا قال الوليد ابن أَزهَر. وَرَوَى غَيْرُهُ عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الأَزْهَرُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ عِصْمَةَ بْنِ قَيْسٍ السُّلَمِيِّ- أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟
فَقَالَ: عَصِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ، فَقَالَ: بَلْ أَنْتَ عصمة بن قيس.
(1812) عصمة بْن مَالِك الخطمي الأَنْصَارِيّ،
لَهُ صحبة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ظهر المؤمن حمى. رَوَى عَنْهُ ابن موهب.
(1813) عصمة الأَنْصَارِيّ،
حليف لبني مَالِك بْن النجار، وَهُوَ من أشجع، ذكره مُوسَى بْن عقبة فيمن شهد بدرا.
__________
[1] في أسد الغابة: وذكره أبو أحمد العسكري، فقال عصمة بن السرج- بالجيم، وهو بالجيم أيضا في الإصابة.
[2] من س.
[3] في س: البجلي.(3/1069)
باب عصيمة
(1814) عصيمة الأسدي،
من بني أَسَد بْن خزيمة، حليف لبني مازن بْن النجار، شهد بدرا.
(1815) عصيمة الأشجعي،
حليف لبني سواد بْن مَالِك بن غنم بن مالك بن النجار، شهد بدرا وأحدا وما بعدهما من المشاهد. وتوفي فِي خلافة مُعَاوِيَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
باب عطية
(1816) عطية بْن بسر [1] المازني،
ويقال الهلالي، شامي. هو أخو عبد الله ابن بسر [1] . روى عَنْهُ مكحول حديث عكاف بْن وداعة.
(1817) عطية بْن عازب بْن عَفِيف النضري [2] ،
قَالُوا: لَهُ صحبة. وقد رَوَى عَنْ عَائِشَة رَضِيَ الله عنها.
(1818) عطية بْن عُرْوَة السعدي،
ويقال: عطية بْن عَامِر [3] ، والأول أكثر، يكنى أَبَا مُحَمَّد، من بني سَعْد بْن بَكْر. رَوَى عَنْهُ أهل اليمن وأهل الشام. هُوَ جد عُرْوَة بْن مُحَمَّد بْن عطية.
أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فطيس،
__________
[1] في س: يسير. وفي أسد الغابة: بسر- بضم الباء الموحدة، وبالسين المهملة.
[2] في الإصابة: بصرى.
[3] هكذا بالأصول، وفي أسد الغابة عطية بن عامر، وعطية بن عروة رجلان. وقال فيه: عطية بن عامر. وقيل عقبة بن عامر.(3/1070)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ الْبَجَلِيُّ الدِّمَشْقِيّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاتِمٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُنَاسٍ من بنى سعد ابن بَكْرٍ، وَكُنْتُ أَصْغَرَ الْقَوْمِ، فَخَلَّفُونِي فِي رِحَالِهِمْ، ثُمَّ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَضَى حَوَائِجَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ بَقِيَ منكم أحد؟ قالوا: يا رسول الله، غُلامٌ مِنَّا خَلَّفْنَاهُ فِي رِحَالِنَا، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَبْعَثُوا بِي إِلَيْهِ، فَأَتُونِي، فَقَالُوا [لِي [1]] :
أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: مَا أَغْنَاكَ اللَّهُ، فَلا تَسْأَلِ النَّاسَ شَيْئًا، فَإِنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا هِيَ الْمُنْطِيَةُ، وَالْيَدُ السُّفْلَى هِيَ الْمُنْطَاةُ، وَإِنَّ مَالَ اللَّهِ مَسْئُولٌ وَمَنْطِيٌّ. فَكَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلُغَتِنَا. وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ [2] ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ الصَّيْدَلانِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: عَطِيَّةُ بْنُ عُرْوَةَ السَّعْدِيُّ هُوَ الَّذِي رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ. وهو من بني سَعْد بْن بَكْر جد عُرْوَة بْن مُحَمَّد بْن عطية.
قال أَبُو عُمَر: عُرْوَة بْن مُحَمَّد بْن عطية، كَانَ أميرا لمروان بْن مُحَمَّد على الخيل، وَهُوَ الَّذِي قتل أَبَا حَمْزَة الخارجي، وقتل طالب الحق الأعور القائم باليمن.
(1819) عطية بْن نويرة بْن عَامِر بْن عطية بْن عَامِر بْن بياضة الأَنْصَارِيّ الزرقي،
ثُمَّ البياضي، شهد بدرا.
__________
[1] ليس في س.
[2] في س بن محمد بن عثمان(3/1071)
(1820) عطية القرظي،
لا أقف على اسم أَبِيهِ، وأكثر مَا يجيء هكذا عطية القرظي. كان من سبي بني قريظة، ووجد يومئذ [ممن [1]] لم ينبت، فخلي سبيله.
رَوَى عَنْهُ مُجَاهِد، وعبد الملك بْن عُمَيْر، وكثير بْن السائب، إلا أَنَّهُ ليس فِي حديث كَثِير بْن السائب تصريح باسمه، وأرواهم عَنْهُ عَبْد الْمَلِكِ بن عمير، وعن عبد الملك ابن عُمَيْر اشتهر حديثه، وبه عرف.
باب عقبة
(1821) عقبة مولى جبر بْن عَتِيك الأَنْصَارِيّ،
قَالَ: شهدت أحدا مع مولاي، فضربت رجلا من المشركين، فقلت: خذها وأنا الغلام الفارسي، فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: هلا قلت: خذها وأنا الغلام الأَنْصَارِيّ! حديثه عِنْدَ داود ابن الحصين، عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عقبة، عَنْ أبيه.
(1822) عقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف بن قصي القرشي النوفلي،
يكنى أَبَا سروعة [2] فيما قَالَ مصعب. قَالَ الزُّبَيْر: وَهُوَ قول أهل الحديث.
وأما أهل النسب فإنهم يقولون: إن عقبة هَذَا هُوَ أخو أَبِي سروعة، وإنما أسلما جميعا يَوْم الْفَتْح، وعقبة هَذَا حجازي مكي، قَالَ الزُّبَيْر: هو الّذي قتل خبيب ابن عدي، لَهُ حديث واحد مَا أحفظ لَهُ غيره فِي شهادة امرأةٍ على الرضاع.
رواه عنه عبيد بن أبي مريم وابن أبي ملكية، وقيل: إن ابْن أَبِي مُلَيْكَة لم يسمع منه، وإن بينهما عُبَيْد بْن أَبِي مَرْيَم. وَقَالَ بعض أهل النسب: أَبُو سروعة وعقبة [ابن الحارث [3]] أخوان.
__________
[1] ليس في س.
[2] الضبط من القاموس.
[3] من س.(3/1072)
وحدثنا عبد الوارث، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا أبي، حدثنا يعقوب بن إِبْرَاهِيم، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِي [1] إِسْحَاق، قَالَ: حدثنا عبد الله ابن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي حُسَيْن [2] الْمَكِّيّ، عَنْ عقبة بْن الْحَارِث أَبِي سروعة.
وقيل: بل كَانَ أخاه لأمه، وَهُوَ أثبت عِنْدَ مصعب، وأصح من هَذَا كله مَا رواه سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، عَنْ عَمْرو بْن دينار أَنَّهُ سمع جَابِر بْن عَبْد اللَّهِ الأَنْصَارِيّ يَقُول:
الذي قتل خبيبا أبو سروعة عقبة بن الْحَارِث بْن عَامِر بْن نوفل.
(1823) عقبة بْن رَبِيعَة الأَنْصَارِيّ،
حليف لبني عوف بْن الخزرج، شهد بدرا فيما ذكر موسى بن عقبة.
(1824) عقبة بْن عَامِر بْن عبس الجهني، من جهينة بْن زَيْد بْن سود بْن أسلم ابن عَمْرو بْن الحاف بْن قضاعة.
وقد اختلف فِي هَذَا النسب على مَا ذكرنا فِي «كتاب القبائل» والحمد للَّه. يكنى أَبَا حَمَّاد: وقيل: أَبَا أسيد. وقيل أَبَا عَمْرو، وقيل أَبَا سَعْد [3] . وقيل أَبَا الأسود، وقيل أَبَا عمّار. وقيل أبا عامر ذكر خليفة ابن خياط قَالَ: قتل أَبُو عَامِر عقبة بْن عَامِر الجهني يَوْم النهروان شهيدا، وذلك سنة ثمان وثلاثين، وَهَذَا غلط منه، وفي كتابه بعد: وفي سنة ثمان وخمسين توفي عقبة بْن عَامِر الجهني قَالَ أَبُو عُمَر: سكن عقبة بْن عَامِر مصر، وَكَانَ واليا عليها، وابتنى بها دارا، وتوفي فِي [آخر [4]] خلافة مُعَاوِيَة، رَوَى عَنْهُ من الصحابة جَابِر، وَابْن عباس، وأبو أمامه. ومسلمة بن مخلّد، [5]
__________
[1] في ى: عن ابن إسحاق.
[2] في س: أبى حسن.
[3] في س: أبا سعاد.
[4] ليس في س.
[5] في ى خلدة.(3/1073)
وأما رواته من التابعين فكثير. قَالَ [ابْن [1]] عَبَّاس: سمعت يَحْيَى بْن معين يَقُول: عقبة بْن عَامِر الجهني كنيته أَبُو حَمَّاد. وكذلك قال ابن لهيعة.
(1825) عقبة عَامِر بْن نابي بْن زَيْد بْن حرام [بْن كَعْب بْن غنم بْن سَلَمَة بْن كَعْب [2]] الأَنْصَارِيّ الخزرجي السُّلَمِيّ.
شهد بدرا بعد شهوده العقبة الأولى.
ثُمَّ شهد أحدا فأعلم بعصابةٍ خضراء فِي مغفره. شهد الخندق وسائر المشاهد. وقتل يَوْم اليمامة شهيدا.
(1826) عقبة بْن عثمان بن خلدة بن مخلد بن عامر بْن زريق الأَنْصَارِيّ الزرقي،
شهد بدرا هُوَ وأخوه أَبُو عبادة، وسعد بْن عُثْمَان. قَالَ ابْن إِسْحَاق: وقد كَانَ الناس انهزموا عَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم- يعني يَوْم أحد- حَتَّى انتهى بعضهم إِلَى المنقى [3] دون الأعوص [4] ، وفر عُثْمَان بْن عَفَّان، وعقبة بن عثمان، وسعد بْن عُثْمَان- أخوان من الأنصار- حَتَّى بلغوا الجبل مما يلي الأعوص، فأقاموا بِهِ ثلاثا، ثُمَّ رجعوا إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فزعموا أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ [لهم [5]] لقد ذهبتم بها عريضةً
(1827) عقبة بْن عَمْرو بْن ثعلبة، أَبُو مَسْعُود الأَنْصَارِيّ،
من بني الْحَارِث بْن الخزرج، هُوَ مشهور بكنيته، ويعرف بأبي مَسْعُود البدري، لأنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يسكن
__________
[1] من س
[2] ليس في س.
[3] في ى: المنفع، وهو تحريف، صوابه من س، ومعجم البلدان. وفي ياقوت: المنقى:
بين أحد والمدينة، قَالَ ابْن إِسْحَاق: وقد كَانَ الناس انهزموا عن رسول الله يوم أحد، حتى انتهى بعضهم إلى المتقى دون الأعوس.
[4] الأعوص: على أميال من المدينة يسيرة (ياقوت) .
[5] من س.(3/1074)
بدرا. [قَالَ مُوسَى بْن عقبة، عَنِ ابْن شهاب: إنه لم يشهد بدرا [1]] ، وَهُوَ قول ابْن إِسْحَاق.
قَالَ ابْن إِسْحَاق: كَانَ أَبُو مَسْعُود أحدث من شهد العقبة سنا، ولم يشهد بدرا، وشهد أحدا وما بعدها من المشاهد، وقالت طائفة: قد شهد أَبُو مَسْعُود بدرا، وبذلك قَالَ الْبُخَارِيّ، فذكره فِي البدريين، ولا يصح شهوده بدرا.
مات أَبُو مَسْعُود سنة إحدى أو اثنتين وأربعين. قيل: مات أيام علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وقيل: بل كانت وفاته بالمدينة فِي خلافة مُعَاوِيَة، وَكَانَ قد نزل الكوفة وسكنها، واستخلفه علي فِي خروجه إِلَى صفين عليها [فلم يف لَهُ رحمة الله عليهما [2]] .
(1828) عقبة بْن قيظي بْن قَيْس بْن لوذان بن ثعلبة بن عدي بن مجدعة بن حارثة الأَنْصَارِيّ الحارثي.
شهد مع أَبِيهِ وأخيه عبد الله أحدا، وقتل عقبة وعبد الله يَوْم جسر أبى عبيد، شهيدين، وقتل معهما أخو هما عباد بْن قيظي، ولم يشهد عباد أحدا.
(1829) عقبة بْن مَالِك اللَّيْثِيّ بصري،
لَهُ صحبة، ورواية، لَهُ حديث واحد، رواه عَنْهُ بشر بْن عَاصِم أخو نَصْر بْن عَاصِم.
(1830) عقبة بْن نَافِع بْن عبد قَيْس الفهري.
ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ. لا تصح لَهُ صحبة. كَانَ ابْن خالة عَمْرو بْن الْعَاص، ولاه عَمْرو بْن الْعَاص إفريقية وَهُوَ على مصر، فانتهى إِلَى لواتة [3] ومزاتة، فأطاعوا ثم كفروا،
__________
[1] ليس في س.
[2] من س.
[3] لواتة: قبيلة من البربر (ياقوت) .(3/1075)
فغزاهم من سنته. فقتل وسبي، وذلك فِي سنة إحدى وأربعين، وافتتح فِي سنة اثنتين وأربعين غدامس [1] فقتل وسبي، وافتتح فِي سنة ثلاث وأربعين كور السودان [2] ، وافتتح ووّان؟ وهي من حيز برقة من بلاد إفريقية، وافتتح عامة بلاد البربر، وَهُوَ الَّذِي اختط القيروان، وذلك فِي زمن مُعَاوِيَة، فالقيروان اليوم حيث اختطها عقبة بْن نَافِع، وَكَانَ مُعَاوِيَة بْن حديج [3] قد اختط القيروان بموضع يدعى اليوم بالقرن [4] ، فنهض إِلَيْهِ عقبة فلم يعجبه، فركب بالناس إِلَى موضع القيروان اليوم. وَكَانَ واديا كَثِير الأشجار، غيضة، مأوى للوحوش والحيات، [واختط القيروان فِي ذَلِكَ الموضع [5]] ، فأمر بقطع ذَلِكَ وحرقه، فاختط القيروان، وأمر الناس بالبنيان.
وَقَالَ خليفة بْن خياط: وفي سنة خمسين وجه مُعَاوِيَة عقبة بْن نَافِع إِلَى إفريقية، فاختط القيروان، وأقام بها ثلاث سنين.
وَرَوَى مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَلْقَمَة، عَنْ يَحْيَى بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن حاطب، قَالَ:
لما افتتح عقبة بْن نَافِع إفريقية وقف على القيروان، فَقَالَ: يَا أهل الوادي، إنا حالون إن شاء الله تعالى [بِهِ] فاظعنوا- ثلاث مرات، قَالَ: فما رأينا حجرا ولا شجرا إلا تخرج من تحته حية أو دابة حَتَّى هبط بطن الوادي، ثُمَّ قَالَ: انزلوا بسم الله.
وقتل عقبة بْن نَافِع سنة ثلاث وستين بعد أن غزا السوس القصوى،
__________
[1] غدامس: مدينة بالمغرب.
[2] في س: كورا من كور السودان.
[3] في ى: خديج. والمثبت من س، وياقوت.
[4] ليس في س.
[5] في س: العرق.(3/1076)
قتله [1] كسيلة بن لمرم [2] الأودي، وقتل معه أَبَا المهاجر دينار، وَكَانَ كسيلة نصرانيا. ثُمَّ قتل كسيلة فِي ذَلِكَ العام أو فِي العام الَّذِي يليه، قتله زُهَيْر بْن قَيْس البلوي، ويقولون: إن عقبة بْن نَافِع كَانَ مستجاب الدعوة. فاللَّه أعلم.
(1831) عقبة بن تمر [3] الهمداني.
وفد على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وفد همدان.
(1832) عقبة بْن وهب،
ويقال ابْن أَبِي وَهْب، بْن رَبِيعَة بْن أَسَد بن صهيب ابن مالك بن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة. شهد بدرا، هو وأخوه شجاع بْن وَهْب، وهما حليفان لبني عبد شمس.
(1833) عقبة بْن وَهْب بْن كلدة الغطفاني،
حليف لبني سالم بن غنم بن عوف ابن الخزرج، شهد العقبتين وبدرا، قَالَ ابْن إِسْحَاق، وَكَانَ أول من أسلم من الأنصار، ولحق رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فلم يزل هنالك حَتَّى خرج رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مكة إِلَى المدينة مهاجرا، فهاجر معه، فكان يقال لَهُ مهاجري أنصاري، شهد بدرا وأحدا، وقيل: إن عقبة بْن وَهْب هَذَا [هُوَ [4]] الَّذِي نزع الحلقتين من وجنتي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم أحد.
وقيل: بل نزعهما أَبُو عُبَيْدَة. وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: قَالَ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي الزناد: نرى [5] أنهما جميعا [6] عالجاهما، فأخرجاهما، من وجنتي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
__________
[1] في ياقوت: كان مقتله سنة 63.
[2] كسيلة- بفتح الكاف، وكسر السين المهملة، ولمرم- بفتح اللام والراء وبينهما ميم ساكنة، وآخره ميم (أسد الغابة) . وفي س: لهزم.
[3] في أسد الغابة والإصابة: وقيل ابن امر.
[4] من س.
[5] في س: أبى الزياد.
[6] في س: هما جميعا عالجاها.(3/1077)
باب عقيل
(1834) عقيل بْن أَبِي طالب [1] بْن عبد المطلب بْن هاشم القرشي [الهاشمي [2]] ،
يكنى أَبَا يَزِيد. روينا أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا يَزِيد، إِنِّي أحبك حبين: حبا لقرابتك مني، وحبا لما كنت أعلم من حب عمي إياك. قدم عُقَيْل البصرة، ثُمَّ الكوفة، ثُمَّ أتى الشام، وتوفى فِي خلافة مُعَاوِيَة، وله دار بالمدينة مذكورة.
مِنْ حَدِيثِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أنه قال: يجزئ مُدٌّ لِلْوُضُوءِ وَصَاعٌ لِلْغُسْلِ- رواه يَزِيد بْن أَبِي زِيَاد، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن عُقَيْل، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده. ومن حديثه أيضا: كنا نؤمر بأن نقول: بارك الله لكم، وبارك عليكم، ولا نقول بالرفاء والبنين- رواه عَنْهُ الْحَسَن بْن أَبِي الْحَسَن. وَقَالَ العدوي: كَانَ عُقَيْل قد أخرج [3] إِلَى بدر مكرها، ففداه عمه الْعَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ثُمَّ أتى مسلما قبل الحديبية، وشهد غزوة مؤتة، وَكَانَ أكبر [4] من أخيه جَعْفَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بعشر سنين، وَكَانَ جَعْفَر أسن من علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بعشر سنين، وَكَانَ عُقَيْل أنسب قريش وأعلمهم بأيامها، وَقَالَ: ولكنه كَانَ مبغضا إليهم، لأنه كَانَ يعد مساويهم، قال: وكانت لَهُ طنفسة تطرح لَهُ فِي مسجد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويصلي عليها، ويجتمع إِلَيْهِ فِي علم النسب وأيام العرب، وَكَانَ أسرع الناس جوابا، وأحضرهم مراجعة فِي القول، وأبلغهم فِي ذلك.
__________
[1] في أسد الغابة: واسم أبى طالب: عبد مناف.
[2] من س.
[3] في س: خرج.
[4] في س: أسن.(3/1078)
قال: وَحَدَّثَنِي ابْن الكلبي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِح، عَنِ ابْن عَبَّاس، قَالَ: كَانَ فِي قريش أربعة يتحاكم إليهم، ويوقف عِنْدَ قولهم- يَعْنِي فِي علم النسب: عُقَيْل بْن أَبِي طالب، ومخرمة بْن نوفل الزُّهْرِيّ، وَأَبُو جهم بْن حذيفة العدوي، وحويطب بْن عبد العزّى العامري. زاد غيره: كان عقيل أكثرهم ذكرا لمثالب قريش، فعادوه لذلك، وقالوا فيه بالباطل، ونسبوه إلى الحمق، واختلفوا عَلَيْهِ أحاديث مزورة، وَكَانَ مما أعانهم على ذَلِكَ مغاضبته لأخيه علي، وخروجه إِلَى مُعَاوِيَة، وإقامته معه. ويزعمون أن مُعَاوِيَة قَالَ يوما بحضرته: هَذَا لولا علمه بأني خير لَهُ من أخيه لما أقام عندنا وتركه. فقال عُقَيْل: أخي خير لي فِي ديني، وأنت خير لي فِي دنياي، وقد آثرت دنياي، وأسأل الله تعالى خاتمة الخير.
(1835) عقيل بْن مقرن الْمُزْنِيّ،
يكنى أَبَا حكيم، أخو النعمان بْن مقرن، وسويد ومعقل، وكانوا سبعة من بني مقرن، كلهم قدم على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحبه، وقد ذكرنا [1] الخبر فِي ذَلِكَ فِي باب النعمان بْن مقرن. قال الْوَاقِدِيّ:
وممن نزل الكوفة من الصحابة: عُقَيْل بْن مقرن- أَبُو حكيم. وقال الْبُخَارِيّ:
عُقَيْل بْن مقرن أَبُو حكيم الْمُزْنِيّ. وكذلك قال أحمد بن سعيد الدارميّ.
__________
[1] سيأتي على حسب الترتيب الجديد للكتاب.(3/1079)
باب عكاشة
(1836) عكاشة بْن ثور بْن أصغر [1] القرشي،
كَانَ عاملا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على السكاسك [2] ، والسكون، وبني مُعَاوِيَة من كندة. ذكره سيف فِي كتابه، ولا أعرفه بغير هذا.
(1837) عكاشة بْن محصن بْن حرثان بْن قَيْس بن مرة بن كثير [3] بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي،
حليف لبني أُمَيَّة، يكنى أَبَا محصن، كَانَ من فضلاء الصحابة، شهد بدرا وأبلى فيها بلاء حسنا، وانكسر سيفه، فأعطاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عرجونا أو عودا، فصار بيده سيفا يومئذ، وشهد أحدا، والخندق، وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وتوفي فِي خلافة أَبِي بَكْر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَوْم بزاخة، قتله خويلد الأسدي، يَوْم قتل ثَابِت بْن أقرم فِي الردة، هكذا قَالَ جمهور أهل السير فِي أخبار أهل الردة، إلا سُلَيْمَان التيمي، فإنه ذكر أن عكاشة قتل فِي سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني خزيمة، فقتله طليحة، وقتل ثَابِت بْن أقرم، ولم يتابع سُلَيْمَان التيمي على هَذَا القول. وقصة عكاشة مشهورة فِي الردة.
وكان عكاشة يَوْم توفي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْن أربع وأربعين سنة، وقتل بعد ذَلِكَ بسنة. وقال ابْن سَعْد: سمعت بعضهم يشدد الكاف فِي عكاشة، وبعضهم يخففها [4] ، وَكَانَ من أجمل الرجال. روى عَنْهُ من الصحابة أبو هريرة،
__________
[1] في س: أصعر- بالعين.
[2] السكاسك: علم لاسم القبيلة التي نسب إليها.
[3] في س: كبير. وفي الإصابة- بكير- بضم الموحدة.
[4] مع ضم الكاف في الحالين.(3/1080)
وَابْن عَبَّاس. روي عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وجوه أَنَّهُ قَالَ: يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا لا حساب عليهم. فقال عكاشة بْن محصن:
يَا رَسُول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فقال [لَهُ [1]] : أنت منهم، ودعا لَهُ.
فقام رجل آخر، فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ، ادع الله لي أن يجعلني منهم، قال:
سبقك بها عكاشة. وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ بِالْمَوْسِمِ، فَرَاثَتْ [2] عَلَيَّ أُمَّتِي، ثُمَّ رَأَيْتُهُمْ فَأَعْجَبَتْنِي كَثْرَتُهُمْ قَدْ مَلَئُوا السَّهْلَ وَالْجَبَلَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَرَضِيتَ! قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَبِّ. قَالَ: فَإِنَّ لَكَ مَعَ هَؤُلاءِ سَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، هُمُ الَّذِينَ لا يَسْتَرْقُونَ [3] ، وَلا يَكْتَوُونَ، وَلا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ.
فقال عكاشة بْن محصن: يَا رَسُول اللَّهِ، ادع الله أن يجعلني منهم: فَقَالَ: أنت منهم، ودعا لَهُ. فقام رجل آخر، فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ، ادع الله أن يجعلني منهم. فقال:
سبقك بها عكاشة. قال أَبُو عُمَر: قَالَ بعض أهل العلم: إن ذَلِكَ الرجل كَانَ منافقا، فأجابه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمعاريض من القول. وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يكاد يمنع شيئا يسأله إذا قدر عليه.
__________
[1] من س.
[2] راثت: أبطأت.
[3] في س: لا يسترقون.(3/1081)
باب عكرمة
(1838) عكرمة بْن أَبِي جهل،
واسم أَبِي جهل عَمْرو بْن هِشَام بْن الْمُغِيرَة بْن عَبْد الله بن عمر [1] بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي الْمَخْزُومِيّ.
كَانَ أَبُو جهل يكنى أَبَا الحكم، فكناه رسول الله صلي الله عليه وسلم أَبَا جهل، فذهبت.
كان عكرمة شديد العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية هُوَ وأبوه، وَكَانَ فارسا مشهورا، هرب حين الْفَتْح، فلحق باليمن، ولحقت بِهِ امرأته أم حكيم بِنْت الْحَارِث بْن هِشَام، فأتت بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما رآه قَالَ: مرحبا بالراكب المهاجر، فأسلم، وذلك سنة ثمان بعد الْفَتْح، وحسن إسلامه، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحابه: إن عكرمة يأتيكم، فإذا رأيتموه فلا تسبوا أباه، فإن سب الميت يؤذي الحي. ولما أسلم عكرمة شكا قولهم [عكرمة بْن أَبِي جهل [2]] ، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقولوا عكرمة بْن أَبِي جهل، وَقَالَ: لا تؤذوا الأحياء بسب الأموات. وكان عكرمة مجتهدا فِي قتال المشركين مع المسلمين، استعمله رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام حج على هوازن يصدقها. ووجهه أَبُو بَكْر إِلَى عمان، وكانوا ارتدوا، فظهر عليهم، ثُمَّ وجهه أبو بكر إلى اليمن، وولى عثمان حذيفة القلعاني،
__________
[1] في س والإصابة: بن عمرو بن مخزوم.
[2] من س.(3/1082)
ثُمَّ لزم عكرمة الشام مجاهدا حَتَّى قتل يَوْم اليرموك فِي خلافة عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، هَذَا قول ابْن إِسْحَاق.
واختلف فِي ذَلِكَ قول الزُّبَيْر، فمرةً قَالَ: قتل يَوْم اليرموك شهيدا.
وقال فِي موضع آخر: استشهد عكرمة يَوْم أجنادين ... وقيل: إنه قتل يَوْم مرج الصفر، [وكانت أجنادين ومرج الصفر [1]] فِي عام واحد سنة ثلاث عشرة فِي خلافة أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وقال الْحَسَن [2] بْن عُثْمَان الزيادي:
استشهد من المسلمين بأجنادين ثلاثة عشر رجلا، منهم عكرمة بْن أَبِي جهل، وَهُوَ ابْن اثنتين وستين سنة. وأجنادين من أرض فلسطين بين الرملة وأبيات جبرين، ويقال جبرون.
ذَكَرَ الزُّبَيْرُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ- قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عِكْرِمَةُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي خَيْرَ شَيْءٍ تَعْلَمُهُ حَتَّى أَقُولَهُ [3] فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: شَهَادَةُ أَنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. فَقَالَ عِكْرِمَةُ: أَنَا أَشْهَدُ بِهَذَا، وَأُشْهِدُ بِذَلِكَ مَنْ حَضَرَنِي، وَأَسْأَلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لِي، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: وَاللَّهِ لا أَدَعُ نَفَقَةً كُنْتُ أُنْفِقُهَا فِي صَدٍّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِلا أَنْفَقْتُ ضِعْفَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلا قِتَالا قَاتَلْتُهُ إِلا قَاتَلْتُ ضِعْفَهُ، وَأُشْهِدُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
ثُمَّ اجْتَهَدَ فِي الْعِبَادَةِ حَتَّى قُتِلَ زَمَنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالشَّامِ.
__________
[1] من س.
[2] في ى: الحسين.
[3] في ى: أقول.(3/1083)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ [1] ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَرِيرٍ [2] ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بن مسلمة، حدثنا إبراهيم ابن يوسف، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهُ: مَرْحَبًا بِالرَّاكِبِ الْمُهَاجِرِ، قَالَ:
فَقُلْتُ: مَا أَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: قُلْ أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. وذكر معنى حديث الضحاك بْن عُثْمَان عَنْ أَبِيهِ.
وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ، قَالَ:
اسْتُشْهِدَ بِالْيَرْمُوكِ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَأَتَوْا بِمَاءٍ وَهُمْ صَرْعَى، فَتَدَافَعُوهُ، كُلَّمَا دُفِعَ إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ قَالَ: اسْقِ فُلانًا حَتَّى مَاتُوا وَلَمْ يَشْرَبُوهُ. قال: طلب عكرمة الماء، فنظر إِلَى سهيل ينظر إِلَيْهِ، فَقَالَ: ادفعه [3] إِلَيْهِ، فنظر سهيل إِلَى الْحَارِث ينظر إِلَيْهِ، فَقَالَ: ادفعه [3] إِلَيْهِ، فلم يصل إِلَيْهِ حَتَّى ماتوا.
وذكر هَذَا الخبر مُحَمَّد بْن سعد، عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ الأَنْصَارِيّ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو يُونُس القشيري، قَالَ: حَدَّثَنِي حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت، فذكر القصة إلا أَنَّهُ جعل مكان سهيل بْن عَمْرو عَيَّاش بْن أبى ربيعة. قال محمد ابن سَعْد: فذكرت هَذَا الحديث لمحمد بْن عُمَر فأنكره، وَقَالَ: هَذَا وهم، روينا عَنْ أصحابنا من أهل العلم والسيرة- أن [4] عكرمة بْن أَبِي جهل قتل يَوْم أجنادين شهيدا فِي خلافة أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لا خلاف بينهم في ذلك.
__________
[1] في س: أحمد بن محمد.
[2] في س: محمد بن جرير.
[3] في س: ادفعوه.
[4] الطبقات: 5- 329، 7- 126(3/1084)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عن بقي، قال: حدثنا أبو بكر ابن أَبِي شَيْبَةَ، أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لا أَنْزِلُ مَقَامًا قُمْتُهُ لأَصُدَّ بِهِ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِلا قُمْتُ مِثْلَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تعالى، ولا أترك نفقة أنفقها لأَصُدَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِلا أَنْفَقْتُ مِثْلَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْيَرْمُوكِ نَزَلَ فَتَرَجَّلَ فَقَاتَلَ قِتَالا شَدِيدًا، فَقُتِلَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَوُجِدَ بِهِ بضع وسبعون من بين طعنة وصربة ورمية.
(1839) عكرمة بْن عَامِر بْن هاشم بْن عبد مناف بْن عبد الدار بْن قصي القرشي العبدي،
هُوَ الَّذِي باع دار الندوة من مُعَاوِيَة بمائة ألف. وهو معدود فِي المؤلفة قلوبهم.
باب العلاء
(1840) العلاء بْن جارية الثقفي،
أحد المؤلفة قلوبهم. كَانَ من وجوه ثقيف.
(1841) العلاء بْن الحضرمي،
ويقال اسم الحضرمي عَبْد اللَّهِ بْن عماد [1] .
ويقال عَبْد اللَّهِ بْن عمار. ويقال عَبْد اللَّهِ بْن ضمار [2] . ويقال عَبْد اللَّهِ بْن [عُبَيْدَة بْن ضمار بْن مَالِك [3]] بْن عميرة أو عُبَيْدَة بْن مَالِك، ونسبه بعضهم فقال: هو العلاء ابن عَبْد اللَّهِ بْن عَمَّار [4] بْن أكبر بْن رَبِيعَة بْن مَالِك بْن أكبر بْن عويف بْن مَالِك بْن الخزرج، [من بني إياد] [5] بن الصّدف. وقد قيل: الحضرميّ والد
__________
[1] في أسد الغابة: عباد.
[2] في ى: الضمار.
[3] من س
[4] في أسد الغابة: عباد.
[5] ليس في س وفي ى: بن إياد بن الصدف.(3/1085)
العلاء هُوَ عَبْد اللَّهِ بْن عَمَّار [1] بْن سُلَيْمَان بْن أكبر. وقيل عماد بْن مَالِك ابن أكبر.
قال الدار قطنى: وزعم الأملوكي أَنَّهُ عَبْد اللَّهِ بْن عباد فصحف، ولا يختلفون أَنَّهُ من حضرموت حليف بني أُمَيَّة، ولاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البحرين، وتوفي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عليها، فأقره أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي خلافته كلها عليها، ثُمَّ أقره عُمَر. وتوفي فِي خلافة عُمَر سنة أربع عشرة. وقال الْحَسَن بْن عُثْمَان: توفي العلاء بْن الحضرمي سنة إحدى وعشرين واليا على البحرين، فاستعمل عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مكانه أَبَا هُرَيْرَةَ. وَقَدْ رَوَى الأَنْصَارِيُّ، عَنِ ابْنِ عَوْفٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَلَّى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الْبَحْرَيْنَ، وَهَذَا لا يعرفه أهل السير. وقال أَبُو عُبَيْدَة: مات أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، والعلاء محاصر لأهل الردة، فأقره عُمَر وحينئذ بارز البراء بْن مَالِك مرزبان الزارة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث العلاء بْن الحضرمي إِلَى المنذر بن ساوى [العبديّ [2]] مالك البحرين، ثُمَّ ولاه على البحرين إذ فتحها الله عَلَيْهِ، وأقره عليها أَبُو بَكْر، ثُمَّ ولاه عُمَر البصرة، فمات قبل أن يصل إليها بماءٍ من مياه بني تميم سنة أربع عشرة، وَهُوَ أول من نقش خاتم الخلافة.
وأخوه عَامِر بْن الحضرمي قتل يَوْم بدر كافرا. وأخوهما [3] عَمْرو بْن الحضرمي أول قتيل من المشركين قتله مُسْلِم، وَكَانَ ماله أول مال خمس. قتل يَوْم النخلة [هُوَ [4]] وأختهم الصعبة بِنْت الحضرمي، كانت تحت أَبِي سُفْيَان بْن حرب، فطلقها، فخلف عليها عُبَيْد الله بْن عُثْمَان التيمي، فولدت لَهُ طَلْحَة بن عبيد الله.
__________
[1] في س: عماد.
[2] ليس في س.
[3] في ى: وأخوه.
[4] ليس في س.(3/1086)
قال ذَلِكَ كله ابْن الكلبي وَكَانَ يقال: إن العلاء بْن الحضرمي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ مجاب الدعوة، وإنه خاض البحر بكلمات قالها ودعا بها، وذلك مشهور عَنْهُ. وكان لَهُ أخ يقال لَهُ مَيْمُون الحضرمي، وَهُوَ صاحب البئر التي بأعلى مكة التي تعرف ببئر مَيْمُون، وَكَانَ حفرها فِي الجاهلية.
(1842) العلاء بْن خباب،
ذكروه فِي الصحابة، وما أظنه سمع من النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم روى عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: من أكل الثوم فلا يقربن المسجد- رَوَى عَنْهُ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن حابس: ويقال فِيهِ أيضا العلاء بْن عَبْد الله ابن خبّاب.
(1843) العلاء بْن سبع [1] ،
رَوَى عَنْهُ السائب بْن يَزِيد، قوله فِيهِ نظر، لأنه قد قيل: إنه العلاء بْن الحضرمي
(1844) العلاء بْن عَمْرو الأَنْصَارِيّ.
لَهُ صحبة، شهد مع علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صفين.
باب عَلْقَمَة
(1845) علقمة بْن الحويرث [2] الغفاري،
حديثه عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: زنا العين النّظر. ذكره خليفة بْن خياط، عَنْ فضيل [3] بْن سُلَيْمَان النميري، عَنْ مُحَمَّد بْن مطرف، عَنْ جده، عَنْ عَلْقَمَة بْن الحويرث، عَنِ النَّبِيّ [4] صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
__________
[1] في ى سبيع. والمثبت من س، أسد الغابة، والإصابة
[2] في أسد الغابة: وقيل ابن الحارث.
[3] في أسد الغابة: الفضل بن سليمان.
[4] في س: من أصحاب النبي. وفي أسد الغابة: وكانت له صحبة.
(الاستيعاب ج 3- م 8)(3/1087)
(1846) علقمة بْن رمثة البلوي،
يعد فِي أهل مصر، رَوَى عَنْهُ زُهَيْر بْن قَيْس البلوي.
(1847) علقمة بْن سُفْيَان الثقفي،
ويقال: عَلْقَمَة بْن سهيل. وَقَالَ ابْن إِسْحَاق:
وفي حديثه ذَلِكَ عَنْ عطية بْن سُفْيَان اضطرب [1] فِيهِ هَذَا الاضطراب، ولا يعرف هَذَا الرجل فِي الصحابة رضى الله عنهم.
(1848) علقمة بْن علاثة بْن عوف بْن الأحوص بن جعفر بن كلاب بن ربيعة ابن عَامِر بْن صعصعة الْكِنْدِيّ العامري.
من المؤلفة قلوبهم، وَكَانَ سيدا فِي قومه، حليما عاقلا، ولم يكن فِيهِ ذاك الكرم.
(1849) علقمة بْن الفغواء [2] الخزاعي.
كَانَ دليل رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم إلى تبوك. روى عَنْهُ ابنه عَبْد اللَّهِ، هُوَ أخو عَمْرو بن الغفواء، [زاد الطبري:
وَكَانَ يسكن باب أَبِي شرحبيل، وَهُوَ بين ذي خشب والمدينة، وَكَانَ يأتي المدينة كثيرا [3]] .
(1850) علقمة بْن ناجية الخزاعي، مدني.
سكن البادية. لَهُ حديث واحد مخرجه [4] عَنْ ولده.
(1851) علقمة بْن نضلة بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَلْقَمَة الكندي،
ويقال الكناني.
سكن مكة، رَوَى عَنْهُ عُثْمَان بْن أَبِي سُلَيْمَان.
(1852) علقمة بْن وَقَّاص اللَّيْثِيّ،
ولد على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيما ذكر الْوَاقِدِيّ، توفي فِي زمن [5] عَبْد الْمَلِكِ بالمدينة. وله دار في بنى ليث.
__________
[1] في ى: اضطراب. وفي س: فاضطرب.
[2] في أسد الغابة، والقاموس: وقيل ابن أبى الفغواء بفاء ثم غين.
[3] ليس في س.
[4] في ى: مخرج.
[5] في س: في خلافة عبد الملك.
(ظهر الاستيعاب ج 3- م 8)(3/1088)
باب على
(1853) علي بْن الحكم السُّلَمِيّ،
أخو مُعَاوِيَة بْن الحكم. له صحبة، أظنه عليها السُّلَمِيّ جد خديج بْن سدرة بْن علي السُّلَمِيّ، من أهل قباء.
(1854) علي بْن شيبان بْن محرز بْن عَمْرو،
من بني الدؤل بْن حنيفة، يكنى أَبَا يَحْيَى. سكن اليمامة، رَوَى عَنْهُ ابنه عَبْد الرَّحْمَنِ.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُفَسِّرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُلازِمُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حدثنا عبد الله ابن بَدْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ، قَالَ: صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَحَ بِمُؤَخِّرِ عَيْنِهِ إِلَى رَجُلٍ لا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَلَمَّا قَضَى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاةَ قَالَ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ، لا صَلاةَ لامْرِئٍ لا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.
(1855) علي بْن أَبِي طالب رضى الله عنه بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن قصي القرشي الهاشمي،
يكنى أَبَا الْحَسَن. واسم أَبِيهِ- أَبَا طالب- عبد مناف وقيل: اسمه كنيته. والأول أصح، وَكَانَ يقال لعبد المطلب شيبة الحمد، واسم هاشم عَمْرو، واسم عبد مناف الْمُغِيرَة، واسم قصي زَيْد وأم علي بن أبي طالب فاطمة بنت أسد بن هاشم بْن عبد مناف، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي، توفيت مسلمةً قبل الهجرة، وقيل: إنها هاجرت، وسيأتي ذكرها فِي بابها من كتاب النساء إن شاء الله تعالى.(3/1089)
كان علي أصغر ولد أَبِي طالب، وكان أصغر من جَعْفَر بعشر سنين، وَكَانَ جَعْفَر أصغر من عُقَيْل بعشر سنين، وَكَانَ عُقَيْل أصغر من طالب بعشر سنين، وَرَوَى- عَنْ سلمان، وَأَبِي ذر، والمقداد، وخباب، وجابر، وَأَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ، وزيد بْن الأرقم- أن علي بْن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أول من أسلم، وفضله هؤلاء على غيره.
وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: أول من آمن باللَّه وبرسوله محمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الرجال علي بْن أَبِي طالب. وهو قول ابْن شهاب، إلا انه قَالَ: من الرجال بعد خديجة، وهو قول الجميع فِي خديجة.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ [1] عَبْدِ اللَّهِ الدَّقَّاقُ، قَالَ حَدَّثَنَا مُفَضَّلُ [2] بْنُ صَالِحٍ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لِعَلِيٍّ أَرْبَعُ خِصَالٍ لَيْسَتْ لأَحَدٍ غَيْرُهُ: هُوَ أَوَّلُ عَرَبِيٍّ وَعَجَمِيٍّ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الَّذِي كَانَ لِوَاؤُهُ مَعَهُ فِي كُلِّ زَحْفٍ، وَهُوَ الَّذِي صَبَرَ مَعَهُ يَوْمَ فَرَّ عَنْهُ غَيْرُهُ، وَهُوَ الَّذِي غَسَّلَهُ وَأَدْخَلَهُ قَبْرَهُ.
وقد مضى فِي باب أَبِي بَكْر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذكر من قَالَ: إن أَبَا بَكْر أول من أسلم.
وروي عَنْ سلمان [الفارسي [3]] أَنَّهُ قَالَ: أول هَذِهِ الأمة ورودا على نبيها عَلَيْهِ الصلاة والسلام الحوض، أولها إسلاما: علي بن أبى طالب رضى الله عنه.
__________
[1] في س: حدثنا على بن عبد الله أبو هفان.
[2] في س: معقل.
[3] من س.(3/1090)
وقد رَوَى هَذَا الحديث مرفوعا، عَنْ سلمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: أول هَذِهِ الأمة ورودا على الحوض أولها إسلاما: علي بْن أَبِي طالبٍ. ورفعه أولى، لأن مثله لا يدرك بالرأي.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي صَادِقٍ [1] ، عَنْ حَنَشِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ عُلَيْمٍ [2] الْكِنْدِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوَّلُكُمْ وُرُودًا عَلَى الْحَوْضِ أَوَّلُكُمْ إسلاما: علي بن أبي طالب رضي الله عَنْهُ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ عَمْرِو ابن مَيْمُونٍ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال لعلى ابن أَبِي طَالِبٍ: أَنْتَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي. وَبِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ خَدِيجَةَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قال. حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ [3] بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ خديجة رضى الله عنهما.
__________
[1] أبو صادق الأزدي مسلم بن نذير. وفي التهذيب والتقريب: ابن يزيد، وقيل اسمه عبد الله بن ناجذ ويروى عن أبى هريرة وعنه الحكم بن عتيبة وسلمة بن كهيل (هامش ى) .
[2] عليم- بضم أوله، مصغر.
[3] في س: يحيى بن حماد.(3/1091)
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: هَذَا إسناد لا مطعن فِيهِ لأحدٍ لصحته وثقة نقلته، وَهُوَ يعارض مَا ذكرناه عَنِ ابْن عَبَّاس فِي باب أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
والصحيح فِي أمر أَبِي بَكْر أَنَّهُ أول من أظهر إسلامه، كذلك قَالَ مُجَاهِد وغيره، قَالُوا: ومنعه قومه. وقال ابْن شهاب، وعبد الله بْن مُحَمَّد بْن عُقَيْل، وقتادة وَأَبُو إِسْحَاق: أول من اسلم من الرجال علي. واتفقوا على أن خديجة أول من آمن باللَّه ورسوله وصدقه فيما جاء بِهِ ثُمَّ علي بعدها.
وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ مِثْلَ ذَلِكَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، قال: حدثنا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العزيز ابن مُحَمَّدٍ الدراوَرْديّ، قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو [1] مَوْلَى عَفْرَةَ، قَالَ: سُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ عَنْ أول من أسلم: على أَوْ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! عَلِيٌّ أَوَّلُهُمَا إِسْلامًا، وَإِنَّمَا شُبِّهَ عَلَى النَّاسِ لأَنَّ عَلِيًّا أَخْفَى إِسْلامَهُ مِنْ أَبِي طَالِبٍ، وَأَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ فَأَظْهَرَ إِسْلامَهُ، وَلا شَكَّ أَنَّ عَلِيًّا [عِنْدَنَا [2]] أَوَّلُهُمَا إِسْلامًا.
وذكر الْحَسَن بْن علي الحلواني فِي كتاب المعرفة له، قال: حدثنا عبد الله ابن صالح، قال: حدثنا الليث بن سعد، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن- أنه بلغه أن علي بن أبي طالب والزبير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أسلما، وهما ابنا ثماني سنين.
هكذا يَقُول أَبُو الأسود يتيم عُرْوَة. وذكره أيضا ابْن أَبِي خيثمة، عَنْ قتيبة ابن سَعِيد، عَنِ اللَّيْث بْن سَعْد، عَنْ أَبِي الأسود. وذكره عمر بن شبّة، عن
__________
[1] في س: عمر.
[2] ليس في س.(3/1092)
الخزاعي [1] ، عَنِ ابْن وَهْب، عَنِ اللَّيْث، عَنْ أَبِي الأسود، قَالَ اللَّيْث: وهاجرا وهما ابنا ثمان عشرة سنة، ولا أعلم أحدا قَالَ بقول أَبِي الأسود هَذَا.
قال الْحَسَن الحلواني: وَحَدَّثَنَا عَبْد الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَر، عَنْ قَتَادَة، عَنِ الْحَسَن، قَالَ: أسلم علي رَضِيَ الله عنه وهو ابن خمس عشرة سنة.
[وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ سَهْلٍ، قَالَ: حدثنا أبو الحسن على بن محمد ابن إِسْمَاعِيلَ الطُّوسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ السَّرَّاجُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حدثنا معمر، عن قتادة، عن الحسن، قال: أَسْلَمَ عَلِيٌّ- وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ- وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ أَوْ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً. قَالَ ابْن وَضَّاح: مَا رأيت أحدا قط أعلم بالحديث من محمد ابن مَسْعُود، ولا أعلم بالرأي من سحنون] [2] .
وقال ابْن إِسْحَاق: أول ذكر آمن باللَّه ورسوله علي بْن أَبِي طالب وَهُوَ يومئذ ابْن عشر سنين.
[قَالَ أَبُو عُمَر: قيل: أسلم علي وَهُوَ ابْن ثلاث عشرة سنة، وقيل:
ابْن اثنتي عشرة سنة. وقيل: ابْن خمس عشرة. وقيل: ابْن ست عشرة، وقيل ابْن عشر. وقيل ابْن ثمان [3]] .
ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، عَنِ الْمَدَائِنِيِّ، عَنِ ابْنِ جُعْدُبَةَ [4] ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ: أَسْلَمَ عَلِيٌّ وهو ابن ثلاث عشرة سنة.
__________
[1] في س: الجذامي، وكانت في الأصل الحلواني فأشار عليها وكتب في الهامش الجذامي وفوقها علامة الصحة.
[2] ليس في س.
[3] ليس في س.
[4] بضم الجيم، وسكون العين، وضم الدال، واسمه يزيد عباس.(3/1093)
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بن يحيى بن طلحة، عن عمه موسى بن طلحة، قال: كان على ابن أَبِي طَالِبٍ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عِدَادًا وَاحِدًا.
[وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن محمد بن عبد المؤمن، قال: حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ الْخُطَبِيُّ [1] ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هجين أبو عمرو، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانَ، عَنْ مَعْرُوفٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فِي سن واحدة [2]] [قال: وَأَخْبَرَنَا الْحِزَامِيُّ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، قَالَ: أَسْلَمَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَهُمَا ابْنَا ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً [3]] .
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ فِي جَامِعِهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ قَالُوا:
أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ خَدِيجَةَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ [4] عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً. وَحَدَّثَنَا مَعْمَر، عَنْ عُثْمَان الخوزي [5] ، عَنْ مقسم، عَنِ ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أول من أسلم علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وذكر أبو زيد عمر بن شبة، قال: حدثنا سريج بْن النعمان، قَالَ: حَدَّثَنَا الفرات بْن السائب، عَنْ مَيْمُون بْن مِهْرَان، عَنِ ابْن عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أسلم علي بْن أَبِي طالب وَهُوَ ابْن ثلاث عشرة سنة، وتوفي وَهُوَ ابْن ثلاث وستين سنة.
__________
[1] في ى: الخطى. والمثبت مضبوطا من اللباب.
[2] ليس في س.
[3] من س.
[4] في س: وهو ابن ثمان عشرة سنة.
[5] في س: الجريريّ.(3/1094)
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: هَذَا أصح مَا قيل فِي ذَلِكَ.
وقد روي عَنِ ابْن عُمَر من وجهين جيدين. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ، عَنِ الأَجْلَحِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ حَبَّةَ بْنِ الْجُوَيْنِ [1] [الْعُرَنِيِّ] [2] ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: لَقَدْ عَبَدْتُ اللَّهَ قَبْلَ أَنْ يَعْبُدَهُ أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ خَمْسَ سِنِينَ. وروى شُعْبَة عَنْ سَلَمَة بْن كهيل، عَنْ حبة العرني قَالَ: سمعت عليا يَقُول: أنا أول من صَلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال سالم بن أنى الْجَعْد: قلت لابن الحنفية: أَبُو بَكْر كَانَ أولهم إسلاما؟ قَالَ: لا.
وروى مُسْلِم الملائي، عَنْ أنس بْن مَالِك، قَالَ: استنبئ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الأثنين وصلى على يَوْم الثلاثاء.
وقال زَيْد بْن أرقم: أول من آمن باللَّه بعد رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب. وروى حديث زَيْد بْن أرقم من وجوه ذكرها النسائي، وأسد بْن مُوسَى، وغيرهما، منها مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، حدثنا أحمد ابن زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ الأَنْصَارِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إسحاق
__________
[1] في س: جوين.
[2] ليس في س.(3/1095)
قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الأَشْعَثِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بن إياس، عن [1] عَفِيفٍ الْكِنْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ لي: كنت امرأ تَاجِرًا، فَقَدِمْتُ الْحَجَّ، فَأَتَيْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ المطلب لأبتاع منه بعض التجارة، وكان امرأ تاجرا، فو الله إِنِّي لَعِنْدَهُ بِمِنًى إِذْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ خَبْءٍ [2] قَرِيبٍ مِنْهُ، فَنَظَر إِلَى الشَّمْسِ، فَلَمَّا رَآهَا قَدْ مَالَتْ قَامَ يُصَلِّي. قَالَ: ثُمَّ خَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنْ ذَلِكَ الْخَبْءِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَقَامَتْ خَلْفَهُ تُصَلِّي، ثُمَّ خَرَجَ غُلامٌ قَدْ [3] رَاهَقَ الْحُلُمَ مِنْ ذَلِكَ الْخَبْءِ، فَقَامَ مَعَهُمَا يُصَلِّي، فَقُلْتُ لِلْعَبَّاسِ: مَنْ هَذَا يَا عَبَّاسُ؟ قَالَ: هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنُ أَخِي. قلت: من هذا الْمَرْأَةُ؟ قَالَ: هَذِهِ امْرَأَتُهُ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ. قُلْتُ: مَنْ هَذَا الْفَتَى؟ قَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ابْنُ عَمِّهِ. قُلْتُ: مَا هَذَا الَّذِي يَصْنَعُ؟ قَالَ: يُصَلِّي، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَلَمْ يَتَّبِعْهُ فِيمَا ادَّعَى إِلا امْرَأَتُهُ وَابْن عَمِّهِ هَذَا الْغُلامُ، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَيُفْتَحُ عَلَيْهِ كُنُوزُ كِسْرَى وَقَيْصَرَ. وكان عَفِيف يَقُول: إنه قد أسلم بعد ذَلِكَ، وحسن إسلامه، لو كان الله رزقني الإسلام يومئذ فأكون ثانيا مع علي. وقد ذكرنا هَذَا الحديث من طرق فِي باب عَفِيف الْكِنْدِيّ من هَذَا الكتاب، والحمد للَّه.
وقال علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صليت مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كذا وكذا لا يصلي معه غيري إلا خديجة، واجمعوا على أَنَّهُ صَلَّى القبلتين، وهاجر، وشهد بدرا والحديبية، وسائر المشاهد، وأنه أبلى ببدر وبأحد وبالخندق
__________
[1] في ى: بن، وهو تحريف.
[2] الخبء: كل شيء غائب مستور (النهاية) .
[3] في س: حين.(3/1096)
وبخيبر بلاءً عظيما، وأنه أغنى فِي تلك المشاهد، وقام فيها المقام السكريم. وكان لواء رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده فِي مواطن كثيرة، وَكَانَ يَوْم بدر بيده على اختلاف فِي ذَلِكَ. ولما قتل مصعب بْن عُمَيْر يَوْم أحد، وَكَانَ اللواء بيده دفعه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وقال مُحَمَّد بْن إسحاق: شهد علي بْن أَبِي طالب بدرا، وَهُوَ ابْن خمس وعشرين سنة وَرَوَى [ابْنُ [1]] الْحَجَّاجِ بْنُ أَرْطأَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّايَةَ يَوْمَ بَدْرٍ إِلَى عَلِيٍّ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً. ذكره السَّرَّاج فِي تاريخه. ولم يتخلف عَنْ مشهد شهده رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم مد قدم المدينة، إلا تبوك، فإنه خلفه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة وعلى عياله بعده فِي غزوة تبوك، وَقَالَ لَهُ. أنت مني بمنزلة هارون من مُوسَى، إلا أَنَّهُ لا نبي بعدي. وروى قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أنت مني بمنزلة هارون من مُوسَى» جماعة من الصحابة، وَهُوَ من أثبت الآثار وأصحها، رواه عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص. وطرق حديث سَعْد فِيهِ كثيرة جدا قد ذكرها ابْن أَبِي خيثمة وغيره، ورواه ابْن عَبَّاس، وَأَبُو سَعِيد الْخُدْرِيّ، وأم سَلَمَة، وأسماء بِنْت عميس، وجابر بْن عَبْد اللَّهِ، وجماعة يطول ذكرهم. حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُفَسِّرِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيٍّ، قَالَتْ: سَمِعْتُ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ تقول: سمعت رسول الله
__________
[1] ليس في س.(3/1097)
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِعَلِيٍّ: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أَنَّهُ لَيْسَ بَعْدِي نَبِيٌّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حدثنا قاسم، قال: حدثنا أحمد بن زهير، قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ حَدَّثَنَا نُمَيْرٌ [1] ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: أَنْتَ أَخِي وَصَاحِبِي. وَحَدَّثَنَا عبد الوارث، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ الْقَنَّادُ [2] ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَزْدِيُّ، عَنْ معروف ابن خَرَّبُوذَ [3] ، عَنْ زِيَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ عُمَرُ جَعَلَهَا شُورَى بَيْنَ عَلِيٍّ، وَعُثْمَانَ. وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعْدٍ، فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ: أُنْشِدُكُمُ اللَّهَ، هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ- إِذْ آخَى بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ- غَيْرِي! قَالُوا: اللَّهمّ لا. قَالَ: وروينا من وجوه عَنْ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُول: أنا عَبْد اللَّهِ، وأخو رَسُول اللَّهِ، لا يقولها أحد غيري إلا كذاب. قال أَبُو عُمَر: آخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين المهاجرين [بمكة [4]] ، ثُمَّ آخى بين المهاجرين والأنصار [بالمدينة [4]] ، وَقَالَ في كل واحدة منهما
__________
[1] في س: ابن نمير.
[2] بفتح القاف وتشديد النون (اللباب) .
[3] في س: حرموذ- وهو تحريف في المخطوطة. وخربوذ- بفتح الخاء وتشديد الراء وبسكونها ثم موحدة مضمومة وواو ساكنة وذال معجمة (التقريب والتاج) .
[4] من س.(3/1098)
لعلي: أنت أخي فِي الدنيا والآخرة، وآخى بينه وبين نفسه، فلذلك كَانَ هَذَا القول [وما أشبه من علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ [1]] ، وَكَانَ معه على حراء حين تحرك، فَقَالَ لَهُ: أثبت حراء فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد. وكان عَلَيْهِ يومئذ العشرة المشهود لهم بالجنة، وزوجه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سنة اثنتين من الهجرة ابنته فاطمة سيدة نساء أهل الجنة مَا خلا مَرْيَم بِنْت عِمْرَان. وقال لَهَا: زوجك [2] سيد فِي الدنيا والآخرة، وإنه أول أصحابي إسلاما، وأكثرهم علما، وأعظمهم حلما. قالت أَسْمَاء بِنْت عميس: فرمقت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين اجتمعا جعل يدعو لهما، ولا يشرك فِي دعائهما أحدا غيرهما، وجعل يدعو لَهُ كما دعا لَهَا. وَرَوَى بُرَيْدَةَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَجَابِرٌ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ- يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ، اللَّهمّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ. وبعضهم لا يَزِيد على «من كنت مولاه فعلي مولاه» . وَرَوَى سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَبُرَيْدَةُ الأَسْلَمِيُّ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بن عمر، وعمران بن الحصين، وسلمة ابن الأَكْوَعِ، كُلُّهُمْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ: لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، ويحبّه الله ورسوله، ليس بفرّار،
__________
[1] ليس في س.
[2] في س. زوجتك سيدا.(3/1099)
يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ دَعَا بِعَلِيٍّ وَهُوَ أَرْمَدُ، فَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَفَتَحَ [اللَّهُ [1]] عَلَيْهِ. وَهَذِهِ كُلُّهَا آثَارٌ ثَابِتَةٌ. وبعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى اليمن وَهُوَ شاب ليقضي بينهم، فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنِّي لا أدري مَا القضاء، فضرب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده صدره، وَقَالَ: اللَّهمّ اهد قلبه، وسدد لسانه، قَالَ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فو الله مَا شككت بعدها فِي قضاء بين اثنين. ولما نزلت [2] : إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً 33: 33 دعا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاطمة، وعليا، وحسنا، وحسينا رَضِيَ اللَّهُ عنهم فِي بيت أم سَلَمَة وَقَالَ: اللَّهمّ [إن] هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. وروى طائفة من الصحابة أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق. وكان علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُول: والله إنه لعهد النَّبِيّ الأمي [إلي] أَنَّهُ لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق. وقال لَهُ رَسُول الله صلى الله وَسَلَّمَ: يَا علي، ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن غفر الله لك، مع أنك مغفور لك؟ قَالَ: قلت: بلى. قَالَ: لا إله إلا الله الحليم العليم، لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب العرش
__________
[1] من س.
[2] سورة الأحزاب، آية 33(3/1100)
الكريم. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يهلك فيك رجلان: محب مفرط [1] ، وكذاب مفترٍ. وقال لَهُ: تفترق فيك أمتي كما افترقت بنو إسرائيل فِي عِيسَى. وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من أحب عليا فقد أحبني. ومن أبغض عليا فقد أبغضني، ومن آذى عليا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن سعيد، حدثنا إسحاق ابن إِبْرَاهِيمَ بْنِ النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَرَوَانَ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ [2] ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قِيلَ لأَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ يَوْمَ بَدْرٍ: مَعَ أَحَدِكُمَا جِبْرَئِيلُ وَمَعَ الآخَرِ مِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ، مَلَكٌ يَشْهَدُ الْقِتَالَ وَيَقِفُ فِي الصَّفِّ [3] ، وقد رَوَى أن جبرئيل، وميكائيل عليهما السلام مع علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. والأول أصح إن شاء الله تعالى.
رَوَى قَاسِمٌ وَابْنُ الأَعْرَابِيِّ جَمِيعًا، قَالا: حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن الْبِرْتِيُّ [4] الْقَاضِي، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: أَقْبَلْنَا مِنْ بَدْرٍ فَفَقَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَادَتِ الرِّفَاقُ بَعْضُهَا بَعْضًا: أَفِيكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
فَوَقَفُوا حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَدْنَاكَ! فَقَالَ: إِنَّ أَبَا الْحَسَنِ وجد مغصا [5] في بطنه فتخلّفت عليه.
__________
[1] في س: مطر.
[2] في س: حدثنا نعيم.
[3] في س: يقف في الصفوف.
[4] بكسر الباء الموحدة وسكون الراء، وفي آخرها التاء المثناة من فوق (الباب) .
[5] في النهاية هو بالتسكين: وجع في المعى، والعامة تحركه.(3/1101)
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابه. وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أصحابه: أقضاهم علي بْن أَبِي طالبٍ. وقال عُمَر بْن الخطاب: علي أقضانا، وَأَبِي أقرؤنا، وإنا لنترك أشياء من قراءة أَبِي.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرِو [1] بْنِ صَفْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا عمر بن ابن حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ:
إِنَّ الْمُغِيرَةَ حَلَفَ باللَّه مَا أَخْطَأَ عَلِيٌّ فِي قَضَاءٍ قَضَى بِهِ قَطُّ. فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: لَقَدْ أَفْرَطَ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ ابن زُهَيْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ [2] ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ [3] ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو فَرْوَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى، قَالَ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَلِيٌّ أَقْضَانَا.
وقال أَحْمَد بْن زُهَيْر، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن عُيَيْنَة، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْن عَبَّاس، قَالَ قَالَ عُمَر: علي أقضانا. قال أحمد ابن زُهَيْر: حَدَّثَنَا عُبَيْد الله بْن عُمَر القواريري، حَدَّثَنَا مؤمل بْن إِسْمَاعِيل، حَدَّثَنَا سُفْيَان الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيّب، قال: كان عمر
__________
[1] في ى: عبد الرحمن بن عمر، والصواب من س، والتقريب.
[2] في س: حدثنا ابن أبى خيثمة.
[3] التبوذكي- بفتح التاء فوقها نقطتان وضم الباء الموحدة بعدها واو ساكنة، ثم ذال معجمة مفتوحة (اللباب) .(3/1102)
يتعوذ باللَّه من معضلة ليس لَهَا أَبُو حسن. وقال فِي المجنونة التي أمر برجمها وفي التي وضعت لستة أشهر، فأراد عُمَر رجمها- فَقَالَ لَهُ علي: إن الله تعالى يَقُول [1] : وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ... الحديث. وَقَالَ لَهُ: إن الله رفع القلم عَنِ المجنون ... الحديث، فكان عُمَر يَقُول: لولا عليّ لهلك عمر. وقد روى مثل هذه القصة لعثمان مع ابن عبّاس، وعن على أخذها ابن عبّاس، والله أعلم [وروى عبد الرحمن بن أذينة الغنوي، عَنْ أَبِيهِ أذينة بْن مسلمة، قَالَ:
أتيت عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فسألته: من أين أعتمر؟ فَقَالَ: إيت عليا فسله، فذكر الحديث ... وفيه قَالَ عُمَر: مَا أجد لك إلا مَا قَالَ علي.
وسأل شريح بْن هانئ عَائِشَة أم المؤمنين رَضِيَ اللَّهُ عنها عَنِ المسح على الخفين، فقالت: إيت عليا فسله] [2] .
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طَالِبٍ.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ: وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: مَا كَانَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يقول: سلوني غير على بن طالب رضى الله تعالى عنه.
__________
[1] سورة الأحقاف، آية 15
[2] من س.(3/1103)
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عبدة بن سليمان، عن عبد الملك ابن أَبِي سُلَيْمَانَ، قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَكَانَ فِي أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ أَعْلَمُ مِنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لا وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن سعيد الأصفهاني، قال: حدثنا معاوية ابن هِشَامٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ قُلَيْبٍ، عَنْ جُبَيْرٍ [1] ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: مَنْ أَفْتَاكُمْ بِصَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ قَالُوا: عَلِيٌّ. قَالَتْ: أَمَا إِنَّهُ لأَعْلَمُ النَّاسِ بِالسُّنَّةِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا فُضَيْلٌ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَيْكٍ، عَنْ مَيْسَرَةَ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قَالَ: كُنَّا إِذَا أَتَانَا الثَّبْتُ عَنْ عَلِيٍّ لَمْ نَعْدِلْ بِهِ.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ: حدثنا محمد بن السَّرِيِّ إِمْلاءً بِمِصْرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو [2] بْنُ هَاشِمٍ الْجَنْبِيُّ [3] ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ أعطى على ابن أَبِي طَالِبٍ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْعِلْمِ، وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ شَارَكَكُمْ فِي الْعُشْرِ الْعَاشِرِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عن حبيب ابن الشَّهِيدِ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: أَقْضَانَا عَلِيٌّ، وَأَقْرَؤُنَا أُبَيٌّ. وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حدثنا ابن أبى زائدة، عن أبيه،
__________
[1] في س: حسرة.
[2] في ى: عمر.
[3] في ى: الخشنيّ. والمثبت من التقريب.(3/1104)
عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ أَقْضَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَأَبُو زُبَيْدٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ: أَعْلَمُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِالْفَرَائِضِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
وقال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن آدم قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن عَيَّاش، عَنْ مغيرة، قَالَ:
ليس أحد منهم أقوى قولا فِي الفرائض من علي. قال: وَكَانَ الْمُغِيرَة صاحب الفرائض.
وفيما أَخْبَرَنَا [1] شيخنا أَبُو الأصبع عِيسَى بْن سَعْد بْن سَعِيد [2] المقرئ أحد معلّمى القرآن رحمه الله، قَالَ: أَنْبَأَنَا الْحَسَن [3] بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قَاسِم [4] المقرئ، قراءةً عَلَيْهِ فِي منزله [5] ببغداد، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن [يَحْيَى بن [6]] موسى بن العباس بن مجاهد المقري فِي مسجده، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد الدوري، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن معين، قَالَ: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن زرّ بن حبيش، قال [7] : جاس رجلان يتغديان، مع أحدهما خمسة أرغفة، ومع الآخر ثلاثة أرغفة، فلما وضعا الغداء بين أيديهما مر بهما رجل فسلم، فقالا: اجلس للغداء، فجلس، وأكل معهما، واستوفوا فِي أكلهم الأرغفة الثمانية، فقام الرجل وطرح إليهما [8] ثمانية دراهم، وَقَالَ: خذا [9] هَذَا عوضا مما أكلت لكما ونلته من طعامكما، فتنازعا [10] ، وَقَالَ صاحب الخمسة الأرغفة:
__________
[1] في س: وفيما أجاز لنا.
[2] في س: بن سعيد بن سعدان.
[3] في س: أبو الحسن.
[4] في س: بن مقسم.
[5] في ى: وصوله.
[6] ليس في س.
[7] في هامش س هنا: حكاية عن سيدنا الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.
[8] في س: لهما.
[9] في س: خذاها.
[10] في ى: فنزعا.(3/1105)
لي خمسة دراهم، ولك ثلاث. فَقَالَ صاحب الثلاثة الأرغفة: لا أرضى إلا أن تكون الدراهم بيننا نصفين. وارتفعا إِلَى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقصا عَلَيْهِ قصتهما، فَقَالَ لصاحب الثلاثة الأرغفة: قد عرض عليك صاحبك مَا عرض، وخبزه أكثر من خبزك، فارض بثلاثة. فقال:
لا والله، لا رضيت منه إلا بمر الحق، فقال علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ليس لك فِي مر الحق إلا درهم واحد وله سبعة. فقال الرجل: سبحان الله يَا أمير المؤمنين! وَهُوَ يعرض علي ثلاثة فلم أرض، وأشرت علي بأخذها فلم أرض، وتقول لي الآن: إنه لا يجب فِي مر الحق إلا درهم واحد. فَقَالَ لَهُ علي: عرض عليك صاحبك الثلاثة صلحا، فقلت: لم أرض إلا بمر الحق، ولا يجب لك بمر [1] الحق إلا واحد. فقال [لَهُ] الرجل: فعرفني بالوجه فِي مر الحق حَتَّى أقبله، فَقَالَ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أليس للثمانية الأرغفة أربعة وعشرون ثلثا أكلتموها وأنتم ثلاثة أنفس، ولا يعلم الأكثر منكم أكلا، ولا الأقل، فتجعلون فِي أكلكم على السواء! قَالَ: بلى. قال: فأكلت أنت ثمانية أثلاث، وإنما لك تسعة أثلاث، وأكل صاحبك ثمانية أثلاثٍ، وله خمسة عشر ثلثا، أكل منها ثمانية ويبقى لَهُ سبعة، وأكل لك واحدا من تسعة، فلك واحد بواحدك، وله سبعة [بسبعته] [2] . فقال لَهُ الرجل: رضيت الآن. روى عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أذينة العبديّ، عن أبيه أذينة بْن سَلَمَة العبدي، قَالَ:
أتيت عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فسألته: من أين أعتمر؟ فَقَالَ: إيت عليا فاسأله ... وذكر الحديث. وفيه وَقَالَ عُمَر: مَا أجد لك إلا ما قال على.
__________
[1] في س: في مر الحق.
[2] من س.(3/1106)
وسأل شريح ابن هانئ عَائِشَة أم المؤمنين رَضِيَ اللَّهُ عنها عَنِ المسح على الخفين، فقالت: إيت عليا فاسأله ... وذكر الحديث [1]] .
وَرَوَى مَعْمَرٌ، عَنْ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: شهدت عليا يخطب، وهو يقول: سلوني، فو الله لا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلا أَخْبَرْتُكُمْ، وَسَلُونِي عن كتاب الله، فو الله مَا مِنْ آيَةٍ إِلا وَأَنَا أَعْلَمُ أَبِلَيْلٍ نَزَلَتْ أَمْ بِنَهَارٍ، أَمْ فِي سَهْلٍ أَمْ فِي جَبَلٍ. وقال سَعِيد بْن عَمْرو [بْن سَعِيد [1]] بْن الْعَاص: قلت لعبد الله بْن عياش ابن أَبِي رَبِيعَة: يَا عم، لو كَانَ صغو الناس إِلَى علي! فَقَالَ: يَا بْن أخي، إن عليا عَلَيْهِ السلام كَانَ لَهُ مَا شئت من ضرس قاطع فِي العلم، وَكَانَ لَهُ البسطة فِي العشيرة، والقدم فِي الإسلام، والصهر لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والفقه فِي المسألة [2] ، والنجدة فِي الحرب، والجود فِي الماعون.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بن يوسف، قال: حدثنا يحيى بن مالك بْنِ عَابِدٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ الْبَغْدَادِيُّ بِمِصْرَ، قَالَ: حدثنا أبو بكر [3] محمد بن الحسن بن دُرَيْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعُكْلِيُّ، عَنِ الْحِرْمَازِيِّ، [عَنْ [4]] رَجُلٍ مِنْ هَمْدَانَ، قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ لِضَرَارٍ الصَّدَائِيِّ [5] : يَا ضَرَّارُ، صِفْ لِي عَلِيًّا.
قَالَ: أَعْفِنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: لَتَصِفَنَّهُ. قَالَ: أَمَا إِذْ لا بُدَّ مِنْ وَصْفِهِ فَكَانَ وَاللَّهِ بَعِيدَ الْمَدَى، شَدِيدَ الْقُوَى، يَقُولُ فَصْلا [6] ، ويحكم عدلا، يتفجّر العلم من
__________
[1] ليس في س.
[2] س: في السنة.
[3] في ى: أبو بكر بن محمد.
[4] من س.
[5] الأمالي: 2- 147
[6] في ى: فضلا.(3/1107)
جَوَانِبِهِ، وَتَنْطِقُ الْحِكْمَةُ مِنْ نَوَاحِيهِ. ويستوحش [1] من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل ووحشته، وَكَانَ غزير العبرة، طويل الفكرة، يعجبه من اللباس مَا قصر، ومن الطعام مَا خشن. وكان فينا كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه، وينبئنا إذا استنبأناه. ونحن والله- مع تقريبه إيانا وقربه منا- لا نكاد نكلمه هيبا لَهُ. يعظم أهل الدين، ويقرب المساكين، لا يطمع القوي فِي باطله، ولا ييئس الضعيف من عدله. وأشهد [أَنَّهُ [2]] لقد رأيته فِي بعض مواقفه، وقد أرخى الليل سدوله [3] ، وغارت نجومه، قابضا على لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، ويقول: يَا دنيا غري غيري، ألي تعرّضت أم إلى تشوّفت! هيهات هيهات! قد باينتك ثلاثا لا رجعة فيها، فعمرك قصير، وخطرك قليل. آهٍ من قلة الزاد، وبعد السفر، ووحشة الطريق. فبكى.
مُعَاوِيَة وَقَالَ: رحم الله أَبَا الْحَسَن، كَانَ [4] والله كذلك، فكيف حزنك عَلَيْهِ يَا ضرار؟ قَالَ: حزن من ذبح ولدها [5] وَهُوَ فِي حجرها. وكان مُعَاوِيَة يكتب فيما ينزل بِهِ ليسأل لَهُ علي بْن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ ذَلِكَ، فلما بلغه قتله قَالَ: ذهب الفقه والعلم بموت ابْن أَبِي طالب. فقال لَهُ أخوه عُتْبَة: لا يسمع هَذَا منك أهل الشام. فقال لَهُ: دعني عنك.
وروى أَبُو سَعِيد الْخُدْرِيّ وغيره، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: تمرق مارقة فِي حين اختلافٍ من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق وقال
__________
[1] في س، والأمالي: يستوحش.
[2] ليس في س.
[3] في ى: سدلته.
[4] في الأمالي: فلقد كان كذلك.
[5] في س، والأمالي: واحدها في حجرها.(3/1108)
طاوس: قيل لابن عَبَّاس: أَخْبَرَنَا عَنْ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبرنا عَنْ أَبِي بَكْر. قال: كَانَ والله خيرا كله مع حدة كانت فِيهِ. قلنا: فعمر؟
قَالَ: كَانَ والله كيسا حذرا، كالطير الحذر الَّذِي قد نصب لَهُ الشرك، فهو يراه، ويخشى أن يقع فِيهِ، مع العنف وشدة السير. قلنا: فعثمان؟ قَالَ: كَانَ والله صواما قواما من رجل غلبته رقدته. قلنا: فعلي؟ قال: كان والله قد مليء علما وحلما من رجل غرته سابقته وقرابته، فقلما أشرف على شيءٍ من الدنيا إلا فاته. فقيل: إنهم يقولون: كان محدودا. فقال: أتم تقولون ذَلِكَ.
وَرَوَى الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَقْرَأَ مِنْ عَلِيٍّ، صَلَّيْنَا خَلْفَهُ، فَقَرَأَ بَرْزَخًا [1] ، فَأَسْقَطَ حَرْفًا، ثُمَّ رَجَعَ فَقَرَأَهُ، ثُمَّ عَادَ إِلَى مَكَانِهِ.
فسر أهل اللغة البرزخ هَذَا بأنه كَانَ بين الموضع الَّذِي [كَانَ [2]] يقرأ فِيهِ وبين الموضع الَّذِي كَانَ أسقط منه الحرف، ورجع إِلَيْهِ- قرآن كَثِير. قالوا والبرزخ: مَا بين الشيئين، وجمعه برازخ. والبرزخ: مَا بين الدنيا والآخرة.
وسئل ابْن مَسْعُود عَنِ الوسوسة فَقَالَ: هي برزخ بين الشك واليقين. وقد ذكرنا فِي باب أَبِي بَكْر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ إنما كَانَ تأخر علي عَنْهُ تلك الأيام، لجمعه القرآن.
وَرَوَى مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب
__________
[1] في النهاية: ومنه في حديث على أنه صلى بقوم فأسوى برزخا، أي أسقط في قراءته من ذلك الموضع إلى الموضع الّذي كان انتهى إليه من القرآن.
[2] ليس في س.(3/1109)
قال: قال رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوَفْدِ ثَقِيفٍ حِينَ جَاءَهُ: لَتُسْلِمُنَّ أَوْ لأَبْعَثَنَّ رَجُلا مِنِّي- أَوْ قَالَ: مِثْلُ نَفْسِي- فَلَيَضْرِبُنَّ أَعْنَاقَكُمْ، وَلَيَسْبِيَنَّ ذَرَارِيكُمْ، وَلَيَأْخُذَنَّ أَمْوَالَكُمْ. قال عمر: فو الله مَا تَمَنَّيْتُ الإِمَارَةَ إِلا يَوْمَئِذٍ، وَجَعَلْتُ أَنْصِبُ صَدْرِي لَهُ رَجَاءَ أَنْ يَقُولَ: هُوَ هَذَا. قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فأخذ بيده ثم قال: هو هذا، [هُوَ هَذَا [1]] . وَرَوَى عَمَّارٌ الدُّهْنِيُّ [2] ، عن أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: مَا كُنَّا نَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ إِلا بِبُغْضِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وسئل الْحَسَن بْن أَبِي الْحَسَن الْبَصْرِيّ عَنْ علي بْن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: كَانَ علي والله سهما صائبا من مرامي الله على عدوه، ورباني هَذِهِ الأمة، وذا فضلها، وذا سابقتها، وذا قرابتها من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لم يكن بالنومة [3] عَنْ أمر الله، ولا بالملومة فِي دين الله، ولا بالسروقة لمال الله، أعطى القرآن عزائمه ففاز منه برياضٍ مونقة، ذَلِكَ علي بْن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَا لكع.
وسئل أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن علي بْن الْحُسَيْن، عن صفة عليّ رضى الله عنه
__________
[1] من س.
[2] الدهني- بضم الدال المهملة، وسكون الهاء، وفي آخرها نون. وهو عمار بن معاوية (اللباب) .
[3] في ى: اللومة. والنومة بالتحريك: الخامل الذكر الّذي لا يؤبه له. وقيل النومة- بالتحريك: الكثير النوم. وأما الخامل الّذي لا يؤبه له فهو بالتسكين. وقيل لعلى: ما النومة! قال: الّذي يسكت في الفتنة فلا يبدو منه شيء (النهاية) .(3/1110)
فَقَالَ: كَانَ رجلا آدم شديد الأدمة، مقبل [1] العينين عظيمهما، دا بطن، أصلع، ربعة إِلَى القصر، لا يخضب.
وقال أَبُو إِسْحَاق السبيعي [2] : رأيت عليا أبيض الرأس واللحية. وقد روي أَنَّهُ ربما خضب وصفر لحيته. وكان علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يسير فِي الفيء مسيرة أَبِي بَكْر الصديق فِي القسم، إذا ورد عَلَيْهِ مال لم يبق منه شيئا إلا قسمه، ولا يترك فِي بيت المال منه إلا مَا يعجز عَنْ قسمته فِي يومه ذَلِكَ. ويقول:
يَا دنيا غري غيري. ولم يكن يستأثر من الفيء بشيء، ولا يخص بِهِ حميما، ولا قريبا، ولا يخص بالولايات إلا أهل الديانات والأمانات، وإذا بلغه عَنْ أحدهم [3] خيانة كتب إِلَيْهِ: قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ [4] من رَبِّكُمْ، 10: 57 فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ 7: 85 بالقسط، وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ، 7: 85 وَلا تَعْثَوْا في الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ. 26: 183 بَقِيَّتُ الله خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. 11: 86 وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ. 11: 86 إذا أتاك كتابي هَذَا فاحتفظ بما فِي يديك من أعمالنا [5] حَتَّى نبعث إليك من يتسلمه منك، ثُمَّ يرفع طرفه إِلَى السماء، فيقول: اللَّهمّ إنك تعلم إِنِّي لم أمرهم بظلم خلقك، ولا بترك حقك. وخطبه ومواعظه ووصاياه لعماله إذ كَانَ يخرجهم إِلَى أعماله كثيرة مشهورة، لم أر التعرض لذكرها، لئلا يطول الكتاب، وهي حَسَّان كلها.
__________
[1] في س: ثقيل.
[2] بفتح السين المهملة وكسر الباء الموحدة وبعدها ياء معجمة باثنتين من تحتها ساكنة وفي آخرها عين مهملة. وفي س: ضبط بضم السين.
[3] في س: وإذا بلغته عن أحد خيانة.
[4] في س: بنية.
[5] في س: عملنا.(3/1111)
وقد ثبت عَنِ الْحَسَن بْن علي من وجوهٍ أَنَّهُ قَالَ: لم يترك أَبِي إلا ثمانمائة درهم أو سبعمائة [فضلت [1]] من عطائه، كَانَ يعدها لخادم يشتريها لأهله.
وأما تقشفه فِي لباسه ومطعمه فأشهر من هَذَا كله، وباللَّه التوفيق والعصمة. حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حدثنا عبد الله بن عمر الجوهري، حدثنا أحمد بن محمد ابن الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ. قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَجْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا خَرَجَ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ غَلِيظٌ دَارِسٌ إِذَا مَدَّ كُمَّ قَمِيصِهِ بَلَغَ إِلَى الظُّفْرِ، وَإِذَا أَرْسَلَهُ صَارَ إِلَى نِصْفِ السَّاعِدِ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الخراساني أبو الهيثم، قال: حدثنا أبحر بْنُ جُرْمُوزٍ. عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنَ الْكُوفَةِ وَعَلَيْهِ قِطْرِيَّتَانِ [2] مُتَّزِرًا بِالْوَاحِدَةِ مُتَرَدِّيًا بِالأُخْرَى، وَإِزَارُهُ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، وَهُوَ يَطُوفُ فِي الأَسْوَاقِ، وَمَعَهُ دُرَّةٌ، يَأْمُرُهُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَحُسْنِ الْبَيْعِ، وَالْوَفَاءِ بِالْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ.
وَبِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غَنِيَّةَ [3] ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التيمي، عن مجمع التيمي،
__________
[1] من س.
[2] في س، وأسد الغابة: قطريان. وفي النهاية: هو ضرب من البرود فيه حمرة، ولها أعلام فيها بعض الخشونة. وقيل هي حلل جياد تحمل من قبل البحرين. وقال الأزهري: في أعراض البحرين قرية يقال لها فطر، وأحسب الثياب الفطرية نسبت إليها، فكسروا القاف للنسبة، وخففوا (النهاية- قطر) .
[3] في ى: عتة، والصواب من س، والتقريب. وغنبة- بفتح المعجمة وكسر النون وتشديد التحتانية (التقريب) .(3/1112)
أَنّ عَلِيًّا قَسَّمَ مَا فِي بَيْتِ الْمَالِ بين المسلمين، ثم أمر به فكلس ثُمَّ صَلَّى فِيهِ، رَجَاءَ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، وَحَامِدُ بْنُ يَحْيَى، قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ:
حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَ عَلَى عَلِيٍّ مَالٌ مِنْ أَصْبَهَانَ، فَقَسَّمَهُ سَبْعَةَ أَسْبَاعٍ، وَوَجَدَ فِيهِ رَغِيفًا، فَقَسَّمَهُ سَبْعَ كِسَرٍ، فَجَعَلَ [1] عَلَى كُلِّ جُزْءٍ كِسْرَةً، ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطِي أَوَّلا. وأخباره فِي مثل هَذَا من سيرته لا يحيط بها كتاب.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا محمد ابن عَبْدِ السَّلامِ الْخُشَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ العباس ابن فَرَجٍ [2] الرِّيَاشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بن مخلد [3] ومعاذ بن العلاء [أخى عَمْرِو بْنِ الْعَلاءِ [4]] عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ:
مَا أَصَبْتُ مِنْ فَيْئِكُمْ إِلا هَذِهِ الْقَارُورَةَ، أَهْدَاهَا إِلَيَّ الدِّهْقَانُ، ثُمَّ نزل إِلَى بيت المال، ففرق كل مَا فيه، ثم جعل يقول:
أفلح من كانت لَهُ قوصره ... يأكل منها كل يَوْمٍ مره
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ. حَدَّثَنَا وَكِيع، حَدَّثَنَا أَبُو سِنَانٍ، عَنْ عَنْتَرَةَ الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ يَأْخُذُ فِي الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ مِنْ أَهْلِ كُلِّ صِنَاعَةٍ مِنْ صِنَاعَتِهِ وعمل
__________
[1] في س: وجعل.
[2] س: الفرج.
[3] س: عن معاذ بن العلاء
[4] ليس في س(3/1113)
يَدِهِ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْ أَهْلِ الإِبَرِ [الإِبَرِ [1]] وَالْمَسَالِّ [2] وَالْخُيُوطِ وَالْحِبَالِ، ثُمَّ يُقَسِّمُهُ بَيْنَ النَّاسِ، وَكَانَ لا يَدَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَالا يَبِيتُ فِيهِ حَتَّى يُقَسِّمَهُ، إِلا أَنْ يَغْلِبَهُ فِيهِ شُغْلٌ، فَيُصْبِحُ إِلَيْهِ وَكَانَ يَقُولُ: يَا دنيا لا تغريني، غرّي غيري، وينشد:
هَذَا جَنَايَ وَخِيَارُهُ فِيهِ ... وَكُلُّ جَانٍ يَدُهُ إِلَى فِيهِ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عن أبى حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي سَيْفِي هَذَا؟ فَلَوْ كَانَ عِنْدِي ثَمَنُ إِزَارٍ مَا بِعْتُهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: نُسَلِّفُكَ [3] ثَمَنَ إِزَارٍ. قال عَبْد الرَّزَّاقِ: وكانت بيده الدنيا كلها إلا مَا كَانَ من الشام. وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ وَلَّوْا عَلِيًّا فَهَادِيًا مَهْدِيًّا. قِيلَ لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ: سَمِعْتَ هَذَا مِنَ الثَّوْرِيِّ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنَا النُّعْمَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَيَحْيَى بْنُ الْعَلاءِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، حَدَّثَنَا خلف بن قاسم، قال:
حدثنا عبد الله بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن الحجاج، قال: حدثنا سفيان ابن بِشْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عن يزيد بن زياد، عن إسحاق ابن كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلِيٌّ مُخْشَوْشِنٌ فِي ذات الله.
__________
[1] ليس في س.
[2] في د: والمال
[3] ش: أنا أسلفك.(3/1114)
وروى وكيع، عَنْ علي بْن صَالِح، عَنْ عطاء، قَالَ: رأيت على علي قميص كرابيس [1] غير غسيل.
حَدَّثَنَا وَكِيع، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَجْلَحِ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، قَالَ:
رَأَيْتُ على عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَمِيصًا رَازِيًا إِذَا أَرْخَى كُمَّهُ بَلَغَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ، وَإِذَا أَطْلَقَهُ صَارَ إِلَى الرُّسْغِ وفضائله لا يحيط بها كتاب، وقد أكثر الناس من جمعها، فرأيت الاختصار منها على [2] النكت التي تحسن المذاكرة بها، وتدل على مَا سواها من أخلاقه وأحواله وسيرته رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن عمر، حدثنا أحمد بن محمد ابن الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ الأَوْدِيِّ، قَالَ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَهُمْ ثَلاثُ طَبَقَاتٍ:
أَهْلُ دِينٍ يُحِبُّونَ عَلِيًّا، وَأَهْلُ دُنْيَا يُحِبُّونَ مُعَاوِيَةَ، وَخَوَارِجُ.
وقال أَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْمَاعِيل بْن إِسْحَاق القاضي: لم يرو فِي فضائل أحدٍ من الصحابة بالأسانيد الحسان مَا روي فِي فضائل علي بْن أَبِي طالب. وكذلك [قَالَ [3]] أَحْمَد بْن شعيب بْن علي النسائي [4] رحمه الله. وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ [5] بْنُ زَكَرِيَّا، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ [6] ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يحيى، قالوا: أخبرنا أحمد بن سعيد
__________
[1] في النهاية: من كرابيس. قال: هي جمع كرباس وهو القطن (كربس) .
[2] في ى: إلى
[3] من س
[4] بفتح النون والسين. وبعد الألف همزة وياء النسب. وهذه النسبة إلى مدينة بخراسان يقال لها نسا. وينسب إليها أيضا نسوى (اللباب) . وفي س: النسوي.
[5] : س محمد.
[6] س: بن عبد الرحمن.(3/1115)
ابن حَزْمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مَرَوَانُ بن عبد الملك، قال: سمعت هارون ابن إِسْحَاقَ يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: مَنْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ رضي الله عنهم، وعرف لعلي سابقته وفضله فهو صَاحِبُ سُنَّةٍ، وَمَنْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ وَعُثْمَانُ وَعَرِفَ لِعُثْمَانَ سَابِقَتَهُ وَفَضْلَهُ فَهُوَ صَاحِبُ سُنَّةٍ، فَذَكَرْتُ لَهُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ يقولون: أبو بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم ويسكتون، فتكلّم فيهم بكلام غليظ.
[رَوَى الأَصَمُّ، عَنْ عَبَّاسٍ الدُّورِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ عَلِيٌّ، هَذَا مَذْهَبُنَا وَقَوْلُ أَئِمَّتِنَا [1]] .
وكان يَحْيَى بْن معين يَقُول: أَبُو بَكْر، وَعُمَر، وعلي، وعثمان.
قال أَبُو عُمَر: من قَالَ بحديث ابْن عُمَر: كنا نقول على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بَكْر، ثُمَّ عُمَر، ثُمَّ عُثْمَان ثُمَّ نسكت- يَعْنِي فلا نفاضل- وَهُوَ الَّذِي أنكر ابْن معين، وتكلم فِيهِ بكلام غليظ، لأن القائل بذلك قد قَالَ بخلاف مَا اجتمع عَلَيْهِ أهل السنة من السلف والخلف من أهل الفقه والأثر: أن عليا أفضل الناس بعد عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهَذَا مما لم يختلفوا فِيهِ، وإنما اختلفوا فِي تفضيل علي وعثمان.
واختلف السلف أيضا فِي تفضيل علي وأبى بَكْر، وفي إجماع الجميع الَّذِي وصفنا دليل على أن حديث ابْن عُمَر وهم وغلط، وأنه لا يصح معناه، وإن كَانَ إسناده صحيحا، ويلزم من قَالَ بِهِ أن يَقُول بحديث جابر وحديث أبى سعيد:
__________
[1] ليس في س.(3/1116)
كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم لا يقولون بذلك، فقد ناقضوا، وباللَّه التوفيق.
ويروى من وجوه، عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت، عَنِ ابْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ: مَا آسى على شيء إلا أني لم أقاتل مع على الفئة الباغية.
وقال الشَّعْبِيّ: مَا مات مسروق حتى تاب إلى الله عن تخلّفه عن القتال مع علي. ولهذه الأخبار طرق صحاح قد ذكرناها فِي موضعها. وروى من حديث علي، ومن حديث ابْن مَسْعُود، ومن حديث أَبِي أَيُّوب الأَنْصَارِيّ أَنَّهُ أمر بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. وروى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَا وجدت إلا القتال أو الكفر بما أنزل الله، يَعْنِي- والله أعلم- قوله تعالى: [1] وَجاهِدُوا في الله حَقَّ جِهادِهِ 22: 78 وما كَانَ مثله. وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بن عمر الدار قطنى فِي الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ سَيَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا آسَى عَلَى شَيْءٍ، إِلا عَلَى أَلا أَكُونَ قَاتَلْتُ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ عَلَى صَوْمِ الْهَوَاجِرِ.
قال أَبُو عُمَر: وقف جماعة من أئمة أهل السنة والسلف فِي علي وعثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فلم يفضلوا أحدا منهما [2] على صاحبه، منهم مَالِك بْن أنس، ويحيى بْن سَعِيد القطان، وأما اختلاف السلف فِي تفضيل علي فقد ذكر ابْن أَبِي خيثمة فِي كتابه من ذَلِكَ مَا فِيهِ كفاية، وأهل السنة اليوم على ما ذكرت لك من
__________
[1] سورة الحج، آية 87
[2] في هامش س هنا: مطلب- وقف جماعة في على وعثمان رضى الله عنها.(3/1117)
تقديم أَبِي بَكْر فِي الْفَضْل على عُمَر، وتقديم عُمَر على عُثْمَان، وتقديم عُثْمَان على علي رَضِيَ اللَّهُ عنهم، وعلى هَذَا عامة أهل الحديث من زمن أَحْمَد بْن حَنْبَل إلا خواص من جلة الفقهاء وأئمة العلماء، فإنهم على مَا ذكرنا عَنْ مَالِك ويحيى القطان، وَابْن معين، فهذا مَا بين أهل الفقه والحديث فِي هَذِهِ المسألة، وهم أهل السنة. وأما اختلاف سائر المسلمين فِي ذَلِكَ فيطول ذكره، وقد جمعه قوم، وقد كَانَ بنو أُمَيَّة ينالون منه، وينقصونه، فما زاده الله بذلك إلا سموا وعلوا ومحبةً عِنْدَ العلماء.
وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبيد المحاربي، قال: حدثنا عبد العزيز ابن أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قِيلَ لِسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: إِنَّ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ يُرِيدُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْكَ لِتَسُبَّ عَلِيًّا عِنْدَ الْمِنْبَرِ. قَالَ: كَيْفَ أَقُولُ؟ قَالَ: تَقُولُ أَبَا تُرَابٍ.
فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا سَمَّاهُ بِذَلِكَ إِلا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: قُلْتُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ يَا أَبَا الْعَبَّاسِ؟ قَالَ: دَخَلَ عَلِيٌّ عَلَى فَاطِمَةَ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا فَاضْطَجَعَ فِي صَحْنِ الْمَسْجِدِ، قَالَ: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَ: أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟ قَالَتْ: هُوَ ذَاكَ مُضْطَجِعٌ فِي الْمَسْجِدِ، قَالَ: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَهُ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ ظَهْرِهِ، وَخَلُصَ التُّرَابَ إِلَى ظَهْرِهِ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ ظَهْرِهِ، ويقول: اجلس أبا تراب، فو الله مَا سَمَّاهُ بِهِ إِلا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهِ مَا كَانَ اسْمٌ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْهُ. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنًا لَهُ يتنقص عَلِيًّا، فَقَالَ: إِيَّاكَ وَالْعَوْدَةَ إِلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ بنى مروان شتموه ستّين سنة، فلم بزده اللَّهُ بِذَلِكَ إِلا رِفْعَةً، وَإِنَّ الدِّينَ لَمْ يَبْنِ شَيْئًا فَهَدَمَتْهُ الدُّنْيَا.
وَأَنَّ الدُّنْيَا لَمْ تبن شيئا إلى عاودت [1] على ما بنت فهدمته.
__________
[1] س: عادت.(3/1118)
[حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ مِنْ كِتَابِي، وَهُوَ يَنْظُرُ فِي كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ قاسم: وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ الصَّائِغُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، قَالا: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَمْشِي مَعَ عُمَرَ يَوْمًا إِذْ تَنَفَّسَ نَفَسًا ظَنَنْتُ أَنَّهُ قُدْ قُضِبَتْ [1] أَضْلاعُهُ، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! وَاللَّهِ مَا أَخْرَجَ مِنْكَ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إلا أمر عظيم.
فقال: ويحك يا بن عَبَّاسٍ! مَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ بِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت: ولم وأنت بحمد الله قادر أن تضع ذَلِكَ مكان الثقة؟ قال: إني أرك تقول: إن صاحبك أولى الناس بها- يَعْنِي عليا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قلت: أجل، والله إِنِّي لأقول ذَلِكَ فِي سابقته وعلمه وقرابته وصهره. قال: إنه كما ذكرت، ولكنه كَثِير الدعابة. فقلت: فعثمان؟ قال: فو الله لو فعلت لجعل بني أَبِي معيط على رقاب الناس، يعملون فيهم بمعصية الله، والله لو فعلت لفعل، ولو فعل لفعلوه، فوثب الناس عَلَيْهِ فقتلوه. فقلت: طَلْحَة بْن عُبَيْد الله؟ قَالَ: الأكيسع! هُوَ أزهى من ذَلِكَ، مَا كَانَ الله ليراني، أوليه أمر أمة مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ على مَا هُوَ عَلَيْهِ من الزهو. قلت: الزُّبَيْر بْن العوام؟ قَالَ: إذا يلاطم الناس فِي الصاع والمد. قلت: سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص؟ قَالَ: ليس بصاحب ذَلِكَ، ذاك صاحب مقنب [2] يقاتل بِهِ. قلت: عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عوف؟ قَالَ: نعم الرجل ذكرت، ولكنه ضعيف عَنْ ذلك، والله، يا بن عباس، ما يصلح لهذا الأمر
__________
[1] قضبت: قطعت (القاموس) .
[2] في النهاية: إنما يكون في مقنب من مقانبكم. المقنب- بالكسر: جماعة الخيل والفرسان.
وقيل: هو دون المائة، يريد أنه صاحب حرب وجيوش وليس بصاحب هذا الأمر (النهاية) (الاستيعاب ج 3- م 9)(3/1119)
إلا القوي فِي غير عنف، اللين فِي غير ضعف، الجواد فِي غير سرف، الممسك فِي غير بخل. قَالَ ابْن عَبَّاس: كَانَ عُمَر والله كذلك.
وفي حديث آخر، عَنِ ابْن عَبَّاس- أن عُمَر ذكر لَهُ أمر الخلافة واهتمامه بها، فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس: أين أنت عَنْ علي؟ قَالَ: فِيهِ دعابة. قال: فأين أنت والزبير؟ قَالَ: كَثِير الغضب يسير الرضا. فقال: طَلْحَة؟ قَالَ: فِيهِ نخوة- يَعْنِي كبرا. قَالَ: سَعْد؟ قَالَ: صاحب مقنب خيل. قال: فعثمان؟ قَالَ:
كلف بأقاربه. قال: عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عوف؟ قَالَ: ذَلِكَ رجل لين- أو قَالَ ضعيف. وفي رواية أخرى، قَالَ فِي عَبْد الرَّحْمَنِ: ذَلِكَ الرجل لو وليته جعل خاتمه فِي إصبع امرأته.
وَرَوَى سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ، قَالَ قَالَ عُمَرُ: مَا يَمْنَعُكُمْ إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلُ يَخْزَنُ أَعْرَاضَ النَّاسِ أَنْ تُعَرِّفُونِي بِهِ؟
قَالُوا: نَخَافُ سَفَهَهُ وَشَرَّهُ. قَالَ: ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَكُونُوا شُهَدَاءَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ الدينَوَريّ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ ابن الْعَلاءِ وَمُحَمَّدُ بْنُ هَيَّاجٍ، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يوسف، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، فَكُنْتُ فِيمَنْ سَارَ مَعَهُ، فَأَقَامَ عَلَيْهِمْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، لا يُجِيبُونَهُ إِلَى شَيْءٍ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، وأمره أن يقفل خالد (ظهر الاستيعاب ج 3- م 9)(3/1120)
وَمَنِ اتَّبَعَهُ إِلا مَنْ أَرَادَ الْبَقَاءَ مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَيَتْرُكُهُ، قَالَ الْبَرَاءُ: فَكُنْتُ فِيمَنْ قَعَدَ [1] مَعَ عَلِيٍّ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى أَوَائِلِ الْيَمَنِ بَلَغَ الْقَوْمَ الْخَبَرُ، فَجُمِعُوا لَهُ، فَصَلَّى بِنَا عَلِيٌّ الْفَجْرَ، فَلَمَّا فَرِغَ صَفَفْنَا صَفًّا وَاحِدًا، ثُمَّ تَقَدَّمَ بَيْنَ أَيْدِينَا فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْهِمْ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَأَسْلَمَتْ هَمْدَانُ كُلُّهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ عَلِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَهُ خَرَّ سَاجِدًا، ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ السَّلامُ عَلَى هَمْدَانَ، وَتَتَابَعَ أَهْلُ الْيَمَنِ عَلَى الإِسْلامِ] [2] . بويع لعلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بالخلافة يَوْم قتل عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، واجتمع على بيعته المهاجرون والأنصار، وتخلف عَنْ بيعته منهم نفر، فلم يهجهم، ولم يكرههم وسئل عنهم فَقَالَ: أولئك قوم قعدوا عَنِ الحق، ولم يقوموا مع الباطل. وفي رواية أخرى: أولئك قوم خذلوا الحق، ولم ينصروا الباطل. وتخلف أيضا عَنْ بيعته مُعَاوِيَة، ومن معه فِي جماعة أهل الشام، فكان منهم فِي صفين بعد الجمل مَا كَانَ، تغمد الله جميعهم بالغفران، ثُمَّ خرجت عَلَيْهِ الخوارج وكفروه، وكل من كَانَ معه، إذ رضي بالتحكيم بينه وبين أهل الشام، وقالوا لَهُ: حكمت الرجال فِي دين الله، والله تعالى يَقُول [3] : إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ 6: 57، ثم اجتمعوا، وشقوا عصا المسلمين، ونصبوا راية الخلاف، وسفكوا الدماء، وقطعوا السبل، فخرج إليهم بمن معه، ورام مراجعتهم [4] ، فأبوا إلا القتال.
فقاتلهم بالنهروان، فقتلهم، واستأصل جمهورهم، ولم ينج إلا اليسير منهم،
__________
[1] ى: عقب.
[2] ما بين القوسين ليس في س.
[3] سورة الأنعام، آية 57
[4] س: رجعتهم.(3/1121)
فانتدب لَهُ من بقاياهم عَبْد الرَّحْمَنِ بْن ملجم [1] ، قيل التجوبي، وقيل السكوني، وقيل الحميري. قَالَ الزُّبَيْر: تجوب رجل من حمير، كَانَ أصاب دما فِي قومه، فلجأ إِلَى مراد فَقَالَ لهم: جئت إليكم أجوب البلاد، فقيل لَهُ: أنت تجوب.
فسمي بِهِ فهو اليوم في مراد، وهو رهط بعد الرَّحْمَنِ بْن ملجم المرادي ثُمَّ التجوبي، وأصله من حمير، ولم يختلفوا أَنَّهُ حليف لمراد وعداده فيهم، وَكَانَ فاتكا ملعونا، فقتله ليلة الجمعة لثلاث عشرة. وقيل لإحدى عشرة ليلة خلت من رمضان وقيل: بل بقيت من رمضان سنة أربعين.
وقال شاعرهم:
علاه بالعمود أخو تجوبٍ ... فأوهى الرأس منه والجبينا
وقال أَبُو الطفيل، وزيد بْن وَهْب، والشعبي: قتل علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لثمان عشرة ليلة مضت من رمضان. وقيل: فِي أول ليلة من العشر الأواخر.
واختلف فِي موضع دفنه، فقيل: دفن فِي قصر الإمارة بالكوفة. وقيل:
بل دفن فِي رحبة الكوفة. وقيل: دفن بنجف الحيرة: موضع بطريق الحيرة وروى عن أبى جعفر أنّ قبر على رضى الله عنه جهل موضعه.
واختلف أيضا فِي مبلغ سنة يَوْم مات، فقيل: سبع وخمسون. وقيل: عثمان وخمسون وقيل: ثلاث وستون، قاله أَبُو نُعَيْم وغيره. واختلفت الرواية فِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بْن علي بْن الْحُسَيْن، فروي عَنْهُ أن عليا قتل وَهُوَ ابْن ثلاث وستين.
وَرَوَى عَنْهُ ابْن خمس وستين، وروي عَنْهُ ابْن ثمان وخمسين. وَرَوَى ابْن جريج، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن [عُمَر بْن [2]] علي أن علي بْن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عنه
__________
[1] في هامش س: لعنه الله.
[2] من س.(3/1122)
قتل وَهُوَ ابْن ثلاث أو أربع وستين سنة. وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر وستة أيام. وقيل: ثلاثة أيام. وقيل: أربعة عشر يوما. وقالت عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عنها، لما بلغها قتل علي: لتصنع العرب مَا شاءت، فليس لَهَا أحد ينهاها.
وأحسن مَا رأيت فِي صفة علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ ربعة من الرجال إِلَى القصر مَا هُوَ، أدعج العينين، حسن الوجه، كأنه القمر ليلة البدر حسنا، ضخم البطن، عريض المنكبين، شئن الكفين [عتدا [1]] أغيد، كأن عنقه إبريق فضةٍ، أصلع ليس فِي رأسه شعر إلا من خلفه، كبير اللحية، لمنكبه مشاش كمشاش السبع الضاري، لا يتبين عضده من ساعده، قد أدمجت إدماجا، إذا مشى تكفأ، وإذا أمسك بذراع رجل أمسك بنفسه فلم يستطع أن يتنفس، وَهُوَ إِلَى السمن مَا هُوَ، شديد الساعد واليد، وإذا مشى للحرب هرول، ثبت الجنان، قوي شجاع، مَنْصُور على من لاقاه.
وكان سبب [2] قتل ابْن ملجم لَهُ أَنَّهُ خطب امرأةً من بني عجل بْن لجيم يقال لَهَا قطام، كانت ترى رأي الخوارج، وَكَانَ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قد قتل أباها وإخوتها بالنهروان، فلما تعاقد الخوارج على قتل علي وَعَمْرو بْن الْعَاص ومعاوية ابن أَبِي سُفْيَان، وخرج منهم ثلاثة نفر لذلك كَانَ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن ملجم هُوَ الَّذِي اشترط قتل علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فدخل الكوفة عازما على ذَلِكَ، واشترى لذلك سيفا بألف، وسقاه السم فيما زعموا حَتَّى لفظه، وكان في خلال ذلك يأتى
__________
[1] ليس في س: والعتد: الشديد التام الخلق.
[2] هنا في هامش س: سبب قتل ابن ملجم لعنه الله لأمير المؤمنين كرم الله وجهه.(3/1123)
عليا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يسأله ويستحمله، فيحمله، إِلَى أن وقعت عينه على قطام، وكانت امرأةً رائعةً جميلةً، فأعجبته ووقعت بنفسه [1] فخطبها، فقالت: آليت ألا أتزوج إلا على مهرٍ لا أريد سواه. فقال: وما هُوَ؟ فقالت: ثلاثة آلاف، وقتل علي بْن أَبِي طالب. فقال: والله لقد قصدت لقتل علي بْن أَبِي طالب والفتك بِهِ، وما أقدمني هَذَا المصر غير ذَلِكَ، ولكني لما رأيتك آثرت تزويجك. فقالت: ليس إلا الَّذِي قلت لك. فقال لَهَا: وما يغنيك أو مَا يغنيني منك [2] قتل علي وأنا أعلم إِنِّي إن قتلته لم أفلت؟ فقالت: إن قتلته ونجوت فهو الَّذِي أردت، تبلغ شفاء نفسي ويهنئك العيش معي، وإن قتلت فما عِنْدَ الله خير من الدنيا وما فيها. فقال لَهَا: لك مَا اشترطت. فقالت لَهُ: إِنِّي سألتمس من يشد ظهرك. فبعثت إِلَى ابْن عم لَهَا يقال لَهُ وردان بْن مجالد، فأجابها، ولقي ابْن ملجم شبيب بْن بجرة الأشجعي، فَقَالَ: يَا شبيب، هل لك فِي شرف الدنيا والآخرة؟ قَالَ: وما هُوَ؟ قَالَ: تساعدني على قتل علي بْن أَبِي طالب، قَالَ لَهُ:
ثكلتك أمك! لقد جئت شيئا إدا! كيف نقدر على ذَلِكَ؟ قَالَ: إنه رجل لا حرس لَهُ، يخرج إِلَى المسجد منفردا ليس لَهُ من يحرسه فنكمن [3] لَهُ فِي المسجد، فإذا خرج إِلَى الصلاة قتلناه، فإن نجونا نجونا، وإن قتلنا سعدنا بالذكر فِي الدنيا وبالجنة فِي الآخرة. فقال: ويلك! إن عليا ذو سابقة فِي الإسلام مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والله مَا تنشرح نفسي لقتله. فقال: ويحك، إنه حكم الرجال فِي دين الله عز وجل، وقتل إخواننا الصالحين، فنقتله ببعض من قتل، فلا تشكن في دينك.
__________
[1] ى: لنفسه.
[2] س: عنك.
[3] ى: فنتكمن.(3/1124)
فأجابه، وأقبلا حَتَّى دخلا على قطام وهي معتكفة فِي المسجد الأعظم فِي قبة ضربتها لنفسها، فدعت لهم، وأخذوا سيوفهم، وجلسوا قبالة السدة [1] التي يخرج منها علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فخرج علي لصلاة الصبح فبدره شبيب فضربه فأخطأه، وضربه عَبْد الرَّحْمَنِ بْن ملجم على رأسه، وَقَالَ: الحكم للَّه يَا علي لا لك ولا لأصحابك، فَقَالَ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فزت ورب الكعبة، لا يفوتنكم الكلب. فشد الناس عَلَيْهِ من كل جانب، فأخذوه، وهرب شبيب خارجا من باب كندة.
وقد اختلف [2] فِي صفة أخذ ابْن ملجم، فلما أخذ قَالَ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
أجلسوه، فإن مت فاقتلوه ولا تمثلوا بِهِ، وإن لم أمت فالأمر إلي فِي العفو أو القصاص. واختلفوا أيضا هل ضربه فِي الصلاة أو قبل الدخول فيها؟ وهل استخلف من أتم بهم الصلاة أو هُوَ أتمها؟ والأكثر أَنَّهُ استخلف جعدة بْن هبيرة، فصلى بهم تلك الصلاة، والله أعلم.
وَرَوَى ابْنُ الْهَادِي، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لِعَلِيٍّ: مَنْ أَشْقَى الأَوَّلِينَ؟ قَالَ: الَّذِي عَقَرَ النَّاقَةَ- يَعْنِي نَاقَةَ صَالِحٍ.
قَالَ: صَدَقْتَ، فَمَنْ أَشْقَى الآخَرِينَ؟ قَالَ: لا أَدْرِي. قَالَ: الَّذِي يَضْرِبُكَ عَلَى هَذَا- يَعْنِي يَافُوخَهُ. وَيُخَضِّبُ هَذِهِ- يَعْنِي لِحْيَتَهُ. روى الأَعْمَش، عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت، عَنْ ثعلبة الحماني أَنَّهُ سمع على
__________
[1] السدة: باب الدار
[2] س: اختلفوا.(3/1125)
بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: وَالَّذِي فلق الحبة، وبرأ النسمة لتخضبن هَذِهِ- يَعْنِي لحيته، من دم هَذَا- يَعْنِي رأسه. وذكر النسائي، من حديث عَمَّار بْن يَاسِر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ لعلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أشقى الناس الَّذِي عقر الناقة، وَالَّذِي يضربك على هَذَا- ووضع يده على رأسه حَتَّى يخضب هَذِهِ- يَعْنِي لحيته. وذكره الطبري وغيره أيضا، وذكره ابْن إِسْحَاق فِي السير وَهُوَ مَعْرُوف من رواية مُحَمَّد بْن كَعْب القرظي، عَنْ يَزِيد بْن جشم، عَنْ عَمَّار بْن يَاسِر.
وذكره ابْن أَبِي خيثمة من طرق، وَكَانَ قَتَادَة يَقُول: قتل علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ على غير مالٍ احتجبه، ولا دنيا أصابها.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ الشَّيْخُ الصَّالِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، حدثنا أحمد بن خالد، حدثنا إسحاق بن إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أيوب، عن ابن سِيرِين، عَنْ عُبَيْدَةَ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا رَأَى ابْنَ مُلْجَمٍ قَالَ:
أريد حياته [1] ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك مِنْ مُرَادٍ
وكان علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كثيرا مَا يَقُول: مَا يمنع أشقاها، أو مَا ينتظر أشقاها أن يخضب هَذِهِ من دم هذا، يقول: والله ليخضبن هَذِهِ من دم هَذَا- ويشير إِلَى لحيته ورأسه- خضاب دم لا خضاب عطر ولا عبير.
__________
[1] س: حباءه.(3/1126)
وَذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ النبيل وموسى بن إسماعيل، عن سكين ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَبْدِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ: جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ يَسْتَحْمِلُ عَلِيًّا فحمله، ثم قال:
أُرِيدُ حَيَاتَهُ [1] وَيُرِيدُ قَتْلِي ... عَذِيرِي مِنْ خَلِيلِيَ مِنْ مُرَادٍ
[أَمَا إِنَّ هَذَا قَاتِلِي [2]] . قِيلَ: فَمَا يَمْنَعُكَ مِنْهُ؟ قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَقْتُلْنِي بَعْدُ.
وأتى علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فقيل لَهُ: إن ابْن ملجم يسم سيفه. ويقول: إنه سيفتك بك فتكةً يتحدث بها العرب. فبعث إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: لم تسم سيفك؟ قَالَ:
لعدوي وعدوك. فخلى عَنْهُ، وَقَالَ: مَا قتلني بعد. وقال أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ: أتيت الْحَسَن بْن علي فِي قصر أَبِيهِ، وَكَانَ يقرأ علي، وذلك فِي اليوم الَّذِي قتل فِيهِ علي، فَقَالَ لي: إنه سمع أباه فِي ذَلِكَ السحر يَقُول لَهُ: يَا بنى، وَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الليلة فِي نومة نمتها، فقلت: يَا رَسُول اللَّهِ، ماذا لقيت من أمتك من الأود واللدد؟ قَالَ: ادع الله عليهم، فقلت: اللَّهمّ أبدلني بهم خيرا منهم، وأبدلهم بي من هُوَ شر مني، ثُمَّ أتيته وجاء مؤذنه يؤذنه بالصلاة، فخرج فاعتوره الرجلان، فأما أحدهما فوقعت ضربته فِي الطاق، وأما الآخر فضربه فِي رأسه، وذلك فِي صبيحة يَوْم الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان صبيحة بدر.
[أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن محمد ابن سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ هَمْدَانَ بْنِ ثَابِتٍ، حدثنا على بن إبراهيم بن المعلى،
__________
[1] س: حباءه.
[2] من س.(3/1127)
حدثنا زيد بن عمرو بن البختري، حَدَّثَنَا غِيَاثُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ] [1] ، حَدَّثَنَا [2] أَبُو رَوْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: جُمِعَ الأَطِبَّاءُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ جُرِحَ، وَكَانَ أَبْصَرُهُمْ بِالطِّبِّ أَثِيرُ [3] بْنُ عَمْرٍو السَّكُونِيُّ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ أَثِيرُ بْنُ عُمْرِيَا [4] ، وَكَانَ صَاحِبُ كِسْرَى [5] يَتَطَبَّبُ، وَهُوَ الَّذِي يُنْسَبُ إِلَيْهِ صَحَرَاءُ أَثِيرٍ، فَأَخَذَ أَثِيرُ [3] رِئَةَ شَاةٍ حَارَّةٍ، فَتَتَبَّعَ عِرْقًا مِنْهَا، فَاسْتَخْرَجَهُ فَأَدْخَلَهُ [6] فِي جِرَاحَةِ عَلِيٍّ، ثُمَّ نَفَخَ الْعِرْقَ فَاسْتَخْرَجَهُ، فَإِذَا عَلَيْهِ بَيَاضُ الدِّمَاغِ، وَإِذَا الضَّرْبَةُ قَدْ وَصَلَتْ إِلَى أُمِّ رَأْسِهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اعْهَدْ عَهْدِكَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ. وفي ذَلِكَ يَقُول عِمْرَان ابن حطان الخارجي [7] :
يَا ضربة من تقي [8] مَا أراد بها ... إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إِنِّي لأذكره حينا فأحسبه ... أوفى البرية عِنْدَ الله ميزانا
وقال بَكْر بْن حَمَّاد التَّاهَرْتِيّ [9] معارضا له في ذلك:
قل لابن ملجم والأقدار غالبة ... هدمت ويلك للإسلام أركانا
قتلت أفضل من يمشي على قدمٍ ... وأول الناس إسلاما وإيمانا
وأعلم الناس بالقرآن ثُمَّ بما ... سن الرسول [10] لنا شرعا وتبيانا
صهر النَّبِيّ ومولاه وناصره ... أضحت مناقبه نورا وبرهانا
__________
[1] ليس في س.
[2] في س: روى أبو روق عبد الله بن مالك.
[3] في ؤ: كثير. والمثبت من س، وياقوت، والقاموس.
[4] في ؤ: عمرو.
[5] في س: كرسي.
[6] في س: ثم أدخله. وفي ياقوت: وأدخله
[7] في س: لا رحمه الله
[8] في س: كمي
[9] في ؤ: القاهري، وآراه تحريفا.
[10] في ؤ: سن رسولنا شرعا.(3/1128)
وكان منه علي رغم الحسود لَهُ ... ما كَانَ [1] هارون من مُوسَى بْن عمرانا
وكان فِي الحرب سيفا صارما ذكرا ... ليثا إذا لقي الأقران أقرانا
ذكرت قاتله والدمع منحدر ... فقلت سبحان رب الناس سبحانا
أبى لأحسبه مَا كَانَ من بشرٍ ... يخشى المعاد ولكن كَانَ شيطانا
أشقى مرادا إذا عدت قبائلها ... وأخسر الناس عِنْدَ الله ميزانا
كعاقر الناقة الأولى التي جلبت ... على ثمود بأرض الحجر خسرانا
قد كَانَ يخبرهم أن سوف يخضبها ... قبل المنية أزمانا فأزمانا
فلا عفا الله عَنْهُ مَا تحمله ... ولا سقى قبر عِمْرَان بْن حطانا
لقوله فِي شقي ظل مجترما ... وبال مَا ناله ظلما وعدوانا
يَا ضربة من تقي مَا أراد بها ... إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
بل ضربة من غوى أوردته لظى ... فسوف يلقي بها الرحمن غضبانا [2]
كأنه لم يرد قصدا بضربته ... إلا ليصلي عذاب الخلد نيرانا
أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، إجازة، [قال: [3]] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق السراج، حدثنا محمد بن أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقٍ، قَالَ: جَاءَ نَاسٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالُوا: جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ. فَقَالَ: سَلُوا عَمَّا شِئْتُمْ. فَقَالُوا. أَيُّ رَجُلٍ كَانَ أَبُو بَكْرٍ؟ فَقَالَ: كَانَ خَيْرًا كُلُّهُ- أَوْ قَالَ: كَانَ كَالْخَيْرِ كُلِّهِ، عَلَى حِدَّةٍ كَانَتْ فِيهِ. قَالُوا، فَأَيُّ رَجُلٍ كَانَ عمر؟ قال: كان كالطائر الحذر الّذي
__________
[1] في س: مكان.
[2] في س: مخلدا قد أتى الرحمن عصيانا.
[3] من س.(3/1129)
يَظُنُّ أَنَّ لَهُ فِي كُلِّ طَرِيقٍ شَرَكًا. قَالُوا: فَأَيُّ رَجُلٍ كَانَ عُثْمَانُ؟ قَالَ: رَجُلٌ أَلْهَتْهُ نَوْمَتُهُ عَنْ يَقَظَتِهِ. قَالُوا: فَأَيُّ رَجُلٍ كان عليّ؟ قال: كان قد مليء جَوْفُهُ حِكَمًا وَعِلْمًا وَبَأْسًا وَنَجْدَةً مَعَ قَرَابَتِهِ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ يَظُنُّ أَلا يَمُدَّ يَدَهُ إِلَى شَيْءٍ إِلا نَالَهُ، فَمَا مَدَّ يَدَهُ إِلَى شَيْءٍ فَنَالَهُ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدراوَرْديّ، عَنْ عُمَرَ مَوْلَى عَفْرَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ لأَهْلِ الشُّورَى: للَّه دَرُّهُمْ إِنْ وَلُّوهَا الأُصَيْلَعَ [1] ! كَيْفَ يَحْمِلُهُمْ عَلَى الْحَقِّ، وَلَوْ كَانَ السَّيْفُ عَلَى عُنُقِهِ. فَقُلْتُ: أَتَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلا تُوَلِّيَهُ؟ قَالَ: إِنْ لَمْ أَسْتَخْلِفْ فَأَتْرُكُهُمْ فَقَدْ تَرَكَهُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي.
وروى رَبِيعَة بْن عُثْمَان، عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب القرظي، قَالَ: كَانَ ممن جمع القرآن على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حي عُثْمَان بن عفان، وعلى ابن أَبِي طالب، وعبد الله بْن مَسْعُود من المهاجرين، وسالم مولى أَبِي حذيفة بْن عُتْبَة بْن رَبِيعَة مولى لهم ليس من المهاجرين.
وَرَوَى أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ أُكَيْلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي عَلْقَمَةُ: تَدْرِي مَا مَثَلُ عَلِيٍّ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ؟ قُلْتُ: مَا مَثَلُهُ؟
قَالَ: مَثَلُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، أَحَبَّهُ قَوْمٌ حَتَّى هَلَكُوا فِي حُبِّهِ، وَأَبْغَضَهُ قَوْمٌ حَتَّى هَلَكُوا فِي بُغْضِهِ.
قال أَبُو عُمَر: أكيل هَذَا هُوَ أكيل أَبُو حكيم، كوفي، مؤذن مسجد إبراهيم النخعي.
__________
[1] في س: الأصلع.(3/1130)
روى عَنْ سويد بْن غفلة، والشعبي، والنخعي، وإبراهيم التيمي. وجواب التيمي. روى عَنْهُ إِسْمَاعِيل بْن خَالِد وجماعة من الجلة.
[وقال قَاسِم بْن ثَابِت صاحب كتاب الدلائل: أنشدني مُحَمَّد بْن عَبْد السَّلامِ الحسيني فِي قتل علي عليه السلام:
عدا على ابن أَبِي طالبٍ ... فاغتاله بالسيف أشقى مراد
شلت يداه وهوت أمه ... أن أمررت لَهُ تحت السواد
عز على عينيك لو انصرفت ... ما أخرجت بعد أيدي العباد
لأنت قناة الدين واستأثرت ... بالغي أفواه الكلاب العوادي] [1]
ومما قيل في ابن ملجم وقطام [2] :
فلم أر مهرا ساقه ذو سماحةٍ ... كمهر قطامٍ من فصيح وأعجم
ثلاثة آلاف وعبد وقينة ... وضرب على بالحسام المصمم
فلا مهر أغلى من علي وإن علا ... ولا فتك إلا دون فتك ابْن ملجم
وقال بَكْر بن حماد:
وهز علي بالعراقين لحيةً ... مصيبتها جلت على كل مُسْلِم
وقال سيأتيها من الله حادث ... ويخضبها أشقى البرية بالدم
فباكره بالسيف شلت بمينه ... لشؤم قطامٍ عِنْدَ ذاك ابْن ملجم
فيا ضربةً من خاسرٍ ضل سعيه ... تبوأ منها مقعدا فِي جهنم
ففاز أمير المؤمنين بحظه ... وإن طرقت فيها [3] الخطوب بمعظم
__________
[1] ما بين القوسين ليس في س، والأبيات لم نجد لها مرجعا آخر.
[2] الطبري: 6- 87
[3] في س: فيه.(3/1131)
ألا إنما الدنيا بلاء وفتنة ... حلاوتها شيبت بصابٍ وعلقم
وقال أَبُو الأسود الدؤلي- وأكثرهم يرويها لأم الهيثم بِنْت العريان النخعية [1] ، أولها:
ألا يَا عين ويحك أسعدينا ... ألا تبكى أمير المؤمنينا
تبكي أم كلثومٍ عَلَيْهِ ... بعبرتها وقد رأت اليقينا
ألا قل للخوارج حيث كانوا ... فلا قرت عيون الشامتينا
أفي شهر الصيام فجعتمونا ... بخير الناس طرا أجمعينا
قتلتم خير من ركب المطايا ... وذللها ومن ركب السفينا
ومن لبس النعال ومن حذاها ... ومن قرأ المثاني والمئينا
فكل مناقب الخيرات فِيهِ ... وحب رسول رب العالمينا
لقد علمت قريش حيث كانت [2] ... بأنك خيرها حسبا ودينا
وإذا استقبلت وجه أَبِي حسينٍ ... رأيت البدر فوق [3] الناظرينا
وكنا قبل مقتله بخيرٍ ... نرى مولى رَسُول اللَّهِ فينا [4]
يقيم الحق لا يرتاب فِيهِ ... ويعدل فِي العدا والأقربينا
وليس بكاتمٍ علما لديه ... ولم يخلق من المتجبرينا
كأن الناس إذ فقدوا عليا ... نعام حار فِي بلد سنينا
فلا تشمت مُعَاوِيَة بْن صخرٍ ... فإن بقية الخلفاء فينا
__________
[1] الطبري: 6- 87
[2] في أسد الغابة: حيث كانوا.
[3] في س: راق.
[4] في الكامل (2- 152) :
وكنا قبل مهلكه زمانا ... نرى نجوى رسول الله فينا(3/1132)
وقال الفضل بن عباس بن عتبة بن أبى لهب:
مَا كنت أحسب أن الأمر منصرف ... عن هاشمٍ ثُمَّ منها عَنْ أَبِي الْحَسَن [1]
أليس أول من صَلَّى لقبلتكم [2] ... وأعلم الناس بالقرآن والسنن
[وزاد أبو الفتح:
وآخر الناس عهدا بالنبي ومن ... جبريل عون لَهُ فِي الغسل والكفن [3]]
من فِيهِ مَا فيهم [4] لا تمترون بِهِ ... وليس فِي القوم مَا فِيهِ من الْحَسَن
ومن أبيات لخزيمة بن ثابت بصفّين:
كل خير يزينهم فهو فِيهِ ... وله دونهم خصال تزينه
وقال إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد الحميري من شعر له:
سائل قريشا بِهِ إن كنت ذا عمهٍ ... من كَانَ أثبتها فِي الدين أوتادا
من كَانَ أقدم [5] إسلاما وأكثرها ... علما وأطهرها أهلا وأولادا
من وحد الله إذ كانت مكذبة ... تدعو مع الله أوثانا وأندادا
من كَانَ يقدم فِي الهيجاء إن نكلوا ... عنها وإن يبخلوا فِي أزمةٍ جادا
من كَانَ أعدلها حكما وابسطها ... علما وأصدقها وعدا وإيعادا
إن يصدقوك فلن يعدوا أَبَا حسنٍ ... إن أنت لم تلق للأبرار حسادا
إن أنت لم تلق أقواما ذوي صلفٍ ... وذا عنادٍ لحق الله جحّادا
__________
[1] في س، وأسد الغابة: عن أبى حسن.
[2] في س، وأسد الغابة: لقبلته.
[3] ليس في س.
[4] في أسد الغابة: ما فيه.
[5] في س: من كان أقدمها سلما.(3/1133)
(1856) علي بْن طلق بْن عَمْرو،
حنفي أيضا يمامي، أظنه والد طلق بْن علي الحنفي اليمامي. وقد ذكرنا طلق [1] بْن علي فِي بابه من هَذَا الكتاب، وقد ذكرنا مَا رواه ومن رَوَى عَنْهُ، وأما علي بْن طلق فإنما يروي عَنْهُ مُسْلِم بْن سلام.
(1857) علي بْن أَبِي الْعَاص بْن الربيع بْن عبد العزى بْن عبد شمس بْن عبد مناف،
واسم أَبِي الْعَاص لقيط، وقد ذكرناه فِي بابه.
أم علي بْن أَبِي الْعَاص بْن الربيع زينب بِنْت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مسترضعا فِي بني غاضرة، فضمه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ، وأبوه يومئذ مشرك، وَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من شاركني فِي شيء فأنا أحق بِهِ [2] منه، وأيما كافر شارك مسلما فِي شيءٍ فالمسلم أحق بِهِ منه. وتوفي علي بْن أَبِي الْعَاص هَذَا وقد ناهز الحلم، وَكَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أردفه على راحلته يَوْم الْفَتْح، فدخل مكة وَهُوَ رديف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
(1858) علي بن عُبَيْد الله بْن الْحَارِث بْن رحضة بْن عامر بن رواحة بن حجر بن عبد ابن معيص بْن عَامِر بْن لؤي.
أدرك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ولا أعلم له رواية.
قتل يَوْم اليمامة شهيدا، وَكَانَ إسلامه يَوْم فتح مكة.
(1859) علي بْن عدي بْن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس بْن عبد مناف
ولاه عُثْمَان بْن عَفَّان مكة حين ولى الخلافة. قتل يَوْم الجمل، لا تصح لَهُ عندي صحبة، ولا أعلم لَهُ رواية، وإنما ذكرناه على شرطنا فيمن ولد بمكة أو المدينة بين أبوين مسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
__________
[1] صفحة 776 (القسم الثاني)
[2] في س: من شارك في بنى فأنا أحق بهم منه.(3/1134)
باب عمار
(1860) عمار بْن زِيَاد بْن السَّكَن بْن رَافِع،
قتل يَوْم بدر، قاله ابْن الكلبي، كذا قَالَ فِي النسخة التي طالعتها، وقد ذكر أَبُو عُمَر عُمَارَة بْن زِيَاد بْن السَّكَن قتل يَوْم أحدٍ شهيدا، ولعله أخوه.
(1861) عمار بْن غيلان بْن سَلَمَة الثقفي،
أسلم هُوَ وأخوه عَامِر قبل أبيهما، ومات عَامِر فِي طاعون عمواس، ولا أدري متى مات عَمَّار.
(1862) عمار بْن مُعَاذ،
أَبُو نملة الأَنْصَارِيّ، من الأوس، يروي عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، وقولوا:
آمنا باللَّه وكتبه ورسله ... الحديث. هو مشهور بكنيته، وسنذكره فِي الكنى إن شاء الله تعالى.
(1863) عمار بْن يَاسِر بن مالك بن كناية بْن قَيْس بْن حُصَيْن العنسي،
ثُمَّ المذحجي، قد رفعناه فِي نسبه إِلَى عنس بْن مَالِك بْن أدد بْن زَيْد فِي باب أَبِيهِ يَاسِر من هَذَا الكتاب، يكنى أَبَا اليقظان حليف لبني مخزوم، كذا قَالَ ابْن شهاب وغيره وقال مُوسَى بْن عقبة، عَنِ ابْن شهاب: وممن شهد بدرا عَمَّار بْن يَاسِر حليف لبني مخزوم، وَقَالَ الْوَاقِدِيّ، وطائفة من أهل العلم بالنسب والخبر: إن ياسرا والد عَمَّار عرني [1] قحطاني مذحجي، من عنس فِي مذحج، إلا أن ابنه
__________
[1] عرني- بضم العين وفتح الراء وبعدها نون- وهذه النسبة إلى عرنة بن نذير بطن من بجيلة (اللباب) .(3/1135)
عمار ولي لبني مخزوم، لأن أباه ياسرا تزوج أمّ لبعض بنى مخزوم، فولدت له لَهُ عمارا، وذلك أن ياسرا والد عَمَّار قدم مكة مع أخوين لَهُ- أحدهما يقال لَهُ الْحَارِث، والثاني مَالِك، فِي طلب أخ لهم رابع، فرجع الْحَارِث ومالك إِلَى اليمن، وأقام ياسر بمكة، فخالف أَبَا حذيفة بْن الْمُغِيرَة بْن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بْن مخزوم، فزوجه أَبُو حذيفة أمة لَهُ يقال لَهَا سمية بِنْت خياط [1] ، فولدت لَهُ عمارا، فأعتقه أَبُو حذيفة، فمن هَذَا هُوَ عَمَّار مولى لبني مخزوم، وأبوه عرني كما ذكرنا لا يختلفون فِي ذَلِكَ، وللحلف والولاء اللذين بين بني مخزوم وبين عَمَّار وأبيه يَاسِر كَانَ اجتماع بني مخزوم إِلَى عُثْمَان حين نال من عَمَّار غلمان عُثْمَان مَا نالوا من الضرب، حَتَّى انفتق لَهُ فتق فِي بطنه، ورغموا وكسروا ضلعا من أضلاعه، فاجتمعت بنو مخزوم وقالوا: والله لئن مات لا قتلنا بِهِ أحدا غير عُثْمَان. وقد ذكرنا فِي باب يَاسِر وفي باب سمية، مَا يكمل بِهِ علم ولاء عَمَّار ونسبه.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: كَانَ عَمَّار وأمه سمية ممن عذب فِي الله، ثُمَّ أعطاهم عَمَّار مَا أرادوا بلسانه، واطمأن بالإيمان قلبه، فنزلت فِيهِ [2] : «إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ» . 16: 106 وهذا مما اجتمع أهل التفسير عَلَيْهِ.
وهاجر إِلَى أرض الحبشة، وصلى القبلتين، وَهُوَ من المهاجرين الأولين، ثُمَّ شهد بدرا والمشاهد كلها، وأبلى ببدرٍ بلاء حسنا، ثُمَّ شهد اليمامة، فأبلى فيها أيضا، ويومئذ قطعت أذنه.
وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ:
__________
[1] في الإصابة: بمعجمة مضمومة وموحدة ثقيلة ويقال بمثناة تحتانية وقيل بنت خبط- بفتح أوله- بغير ألف.
[2] سورة النحل، آية 106(3/1136)
رَأَيْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ يَوْمَ الْيَمَامَةِ عَلَى صَخْرَةٍ وَقَدْ أَشْرَفَ يَصِيحُ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أَمِنَ الْجَنَّةِ تَفِرُّونَ! أَنَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، هَلَمُّوا إِلَيَّ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى أُذُنِهِ قَدْ قُطِعَتْ فَهِيَ تُدَبْدِبُ [1] وَهُوَ يُقَاتِلُ أَشَدَّ الْقِتَالِ. وَكَانَ فيما ذكر الْوَاقِدِيّ طويلا أشهل بعيد مَا بين المنكبين.
قال إِبْرَاهِيم بْن سَعْد: بلغنا أن عَمَّار بْن يَاسِر قَالَ: كنت تربا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سنه لم يكن أحد أقرب بِهِ سنا مني.
رَوَى سُفْيَانُ، عَنْ قَابُوسِ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ [2] : أَوَمن كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ في النَّاسِ 6: 122 قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ [2] كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها 6: 122. قَالَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ. وقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن عمارا مليء إيمانا إِلَى مشاشه [3] .
ويروى: إِلَى أخمص قدميه. وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبَانٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَاءُ أَنْ أَقُولَ فِيهِ إِلا قُلْتُ إِلا عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ، فَإِنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ملي عمار إيمانا إلى أخمص قدميه.
__________
[1] تدبدب: لها صوت في حركتها.
[2] سورة الأنعام، آية 122.
[3] المشاشة- بضم الميم: رأس العظم الممكن المضغ، جمعه مشاش.(3/1137)
قَالَ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أبزى: شهدنا مع علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صفين فِي ثمانمائة- من بايع بيعة الرضوان، قتل منهم ثلاثة وستون، منهم عَمَّار بْن يَاسِر.
أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أَشَاءُ أَنْ أَقُولَ فِيهِ إِلا قُلْتُ إِلا عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ حُشِيَ مَا بَيْنَ أُخْمُصِ قَدَمَيْهِ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ إِيمَانًا. ومن حديث خَالِد بْن الْوَلِيد أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: من أبغض عمارا أبغضه الله تعالى. قال خَالِد: فما زلت أحبه من يومئذ.
وروي من حديث أنس عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اشتاقت الجنة إِلَى علي، وعمارٍ، وسلمان، وبلالٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهم. ومن حديث علي بْن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جاء عَمَّار يستأذن على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوما، فعرف صوته، فَقَالَ: مرحبا بالطيب المطيب ائذنوا لَهُ. وروى الأَعْمَش، عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ، قَالَ: شهدنا مع علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صفين، فرأيت عَمَّار بْن يَاسِر لا يأخذ فِي ناحيةٍ ولا وادٍ من أودية صفين إلا رأيت أصحاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتبعونه، كأنه علم لهم. وسمعت عمارا يَقُول يومئذ لهاشم بْن عقبة: يَا هاشم، تقدم [1] ، الجنة تحت الأبارقة [2] ، اليوم ألقى
__________
[1] في أسد الغابة: يا هاشم، تفر من الجنة، الجنة تحت البارقة.
[2] في النهاية، وأسد الغابة: البارقة، وهي السيوف.(3/1138)
الأحبة: محمدا وحزبه. والله لو هزمونا [1] حَتَّى يبلغوا بنا سعفات هجر [2] لعلمنا أنا على الحق وأنهم على الباطل، ثم قال:
نحن ضربناكم على تنزيله ... فاليوم نضربكم على تأويله
ضربا يزيل الهام عَنْ مقيله ... ويذهل الخليل عَنْ خليله
أو يرجع الحق إِلَى سبيله
قَالَ: فلم أر أصحاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قتلوا فِي موطن مَا قتلوا يومئذ.
وقال أَبُو مَسْعُود وطائفة لحذيفة حين احتضر وأعيد ذكر الفتنة: إذا اختلف الناس بمن تأمرنا؟ قَالَ: عليكم بابن سمية، فإنه لن يفارق الحق حَتَّى يموت، أو قَالَ: فإنه يدور مع الحق حيث دار. وبعضهم يرفع هَذَا الحديث عَنْ حذيفة.
وروى الشَّعْبِيّ، عَنِ الأحنف بْن قَيْس فِي خبر صفين قَالَ: ثُمَّ حمل عَمَّار فحمل عَلَيْهِ ابْن جزء السكسكي، وَأَبُو الغادية الفزاري، فأما أَبُو الغادية فطعنه، وأما ابْن جزء فاحتز رأسه ... وذكر تمام الحديث، وقد ذكرته فيما خرجت من طرق حديث عَمَّار: تقتلك الفئة الباغية. وَرَوَى وَكِيع، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ:
لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَمَّارٍ يَوْمَ صِفِّينَ وَاسْتَسْقَى فَأَتَى بِشَرْبَةٍ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَ، فَقَالَ:
الْيَوْمُ أَلْقَى الأَحِبَّةَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّ آخِرَ شَرْبَةٍ تَشْرَبُهَا مِنَ الدُّنْيَا شَرْبَةَ لَبَنٍ، ثُمَّ استسقى، فأتته امرأة طويلة اليدين بإناء فِيهِ
__________
[1] في أسد الغابة: لو ضربونا.
[2] في أسد الغابة: حتى يبلغوا بنا شعاب هجر.
وفي س: شعقات هجر. وشعقة كل شيء أعلاه.(3/1139)
ضياح [1] من لبن، فَقَالَ عَمَّار- حين شربه: الحمد للَّه، الجنة تحت الأسنة، ثُمَّ قَالَ: والله لو ضربونا حَتَّى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا أن مصلحينا على الحق وأنهم على الباطل، ثُمَّ قاتل حَتَّى قتل.
رَوَى شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ [2] ، قَالَ: قَرَأْتُ كِتَابَ عُمَرَ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ عَمَّارًا أميرا، وعبد الله بن مسعود معلما ووزيرا، وهما من النجباء من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَطِيعُوا لَهُمَا، وَاقْتَدُوا بِهِمَا، فَإِنِّي قَدْ آثَرْتُكُمْ بِعَبْدِ اللَّهِ عَلَى نَفْسِي أَثَرَةً قال أَبُو عُمَر رحمه الله: إنما قَالَ عُمَر فِي عَمَّار وَابْن مَسْعُود، وهما من النجباء من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحديث علي بْن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- والله أعلم- مِنْ رِوَايَةِ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ وَغَيْرِهِ، عَنْ كَثِيرٍ أَبِي إِسْمَاعِيلَ، من عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُلَيْلٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلا أُعْطِيَ سَبْعَةَ نُجَبَاءٍ وُزَرَاءٍ وَرُفَقَاءٍ، وَإِنِّي أُعْطِيتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: حمزة، وجعفر، وأبو بكر، وعمر، وعلي، والحسن، وَالْحُسَيْنُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَسَلْمَانُ، وَعَمَّارٌ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَحُذَيْفَةُ، وَالْمِقْدَادُ، وَبِلالٌ. وتواترت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: تقتل عَمَّار الفئة الباغية. وهذا من إخباره بالغيب وأعلام نبوته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ من أصح الأحاديث.
وكانت صفين فِي ربيع الآخر سنة سبع وثلاثين، ودفنه على رضى الله عنه
__________
[1] الضياح: اللبن الرقيق الممزوج.
[2] في س: المضرب.(3/1140)
فِي ثيابه ولم يغسله. وروى أهل الكوفة أَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِ، وَهُوَ مذهبهم فِي الشهداء إنهم لا يغسلون، ولكنهم يصلى عليهم. وكانت سن عَمَّار يَوْم قتل نيفا على تسعين، وقيل: ثلاثا وتسعين. وقيل إحدى وتسعين. وقيل اثنتين وتسعين سنة.
باب عُمَارَة
(1864) عمارة بْن أحمر المازني،
مذكور فِي الصحابة، لا أقف له على رواية.
(1865) عمارة بْن أوس بْن زَيْد بْن ثعلبة بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مَالِك بْن النجار الأَنْصَارِيّ الكوفي.
روى عَنْهُ زياد بن علاقة.
(1866) عمارة بْن حزم بْن زَيْد بْن لوذان بن عمرو بن عبد عوف بن غنم بن مالك ابن النجار الأَنْصَارِيّ الخزرجي.
كان من السبعين الذين بايعوا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة العقبة فِي قول جميعهم، وآخى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين محرز بْن نضلة، شهد بدرا ولم يشهدها أخوه عمرو بن حزم. وشهد عمارة ابن حزم أيضا أحدا، والخندق، وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت معه راية بني مَالِك بْن النجار فِي غزوة الْفَتْح، وخرج مع خَالِد لقتال أهل الردة، فقتل باليمامة شهيدا، ولهما أخ [ثالث] مَعْمَر بْن حزم [الأَنْصَارِيّ لا رواية لَهُ ومن ولد مَعْمَر بْن حزم] [1] أَبُو طوالة عبد الله بن عبد الرحمن ابن مَعْمَر بْن حزم الأَنْصَارِيّ، شيخ مَالِك بْن أنس.
(1867) عمارة بْن أَبِي حسن المازني الأَنْصَارِيّ.
جد عَمْرو بْن يَحْيَى بْن عُمَارَة شيخ مَالِك. له صحبة ورواية وأبوه: أَبُو حسن، كَانَ عقبيا بدريا.
__________
[1] من س.(3/1141)
(1868) عمارة بْن حَمْزَة بْن عبد المطلب بْن هاشم.
أمّه خولة بنت قيس، من بني مَالِك بْن النجار، وبه كَانَ يكنى حَمْزَة بْن عبد المطلب. وقيل:
إن حَمْزَة كَانَ يكنى بابنه يعلي بْن حَمْزَة. وقيل: كانت لَهُ كنيتان، أَبُو يعلى، وَأَبُو عُمَارَة، بابنيه يعلى وعمارة، ولا عقب لحمزة فيما ذكروا. توفي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ولعمارة ولد حمزة يعلى أعوام، ولا أحفظ لواحدٍ منهما رواية.
(1869) عمارة بْن رويبة [1] الثقفي،
من بني جشم بْن ثقيف، كوفي. رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَارَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السُّبَيْعِيُّ، وَحُصَيْنٌ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ.
مِنْ حَدِيثِهِ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَنْ يَلِجَ النَّارَ امْرُؤٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا.
(1870) عمارة بْن زعكرة [2] الْكِنْدِيّ،
يكنى أَبَا عدي، سمع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: قَالَ الله تبارك وتعالى: عبدي الَّذِي هُوَ عبدي حقا الَّذِي يذكرني وإن كَانَ ملاقيا قرنه. ليس لَهُ غير هَذَا الحديث. هُوَ شامي، رَوَى عَنْهُ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عائذ اليحصبي.
(1871) عمارة بْن زِيَاد بْن السَّكَن بْن رَافِع بْن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل الأَنْصَارِيّ الأشهلي،
قتل يَوْم أحد شهيدا، ووجد بِهِ أربعة عشر جرحا، فوسده رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدمه، فما زال يتوسّدها حتى
__________
[1] براء وموحدة- مصغر (التقريب) .
[2] بفتح الزاى وسكون المهملة (التقريب) .(3/1142)
مات. وذكر الطبري قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين غشيه القوم، يَعْنِي يَوْم أحد: من رجل يشري منا نفسه. فَحَدَّثَنَا أَبُو حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ:
حَدَّثَنِي الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ عَمْرِو ابن يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ، قَالَ: فَقَامَ زِيَادُ بْنُ السكن في نفر خمسة من الأنصار- وبعض النَّاسِ يَقُولُونَ: إِنَّما هُوَ عُمَارَةُ بْنُ زِيَادِ بْنِ السَّكَنِ- فَقَاتَلُوا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلا رَجُلا، يُقْتَلُونَ دُونَهُ، حَتَّى صَارَ آخِرُهُمْ زِيَادٌ أَوْ عُمَارَةُ بْنُ زياد ابن السَّكَنِ، فَقَاتَلَ حَتَّى أثبتته الجراحة، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَدْنُوهُ مِنِّي، فَأَدْنَوْهُ مِنْهُ، فَوَسَّدَهُ قَدَمَهُ، فَمَاتَ وَخَدُّهُ عَلَى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1872) عمارة بْن شبيب السبائي [1] ، مذكور فِي الصحابة.
رَوَى عَنْهُ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ الحبلي [2] ، يعد فِي أهل مصر.
(1873) عمارة بْن عُبَيْد الخثعمي.
ويقال عُمَارَة بْن عُبَيْد الله. رجل من خثعمٍ.
روى عَنْهُ دَاوُد بْن أَبِي هند أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فذكر حديثا حسنا فِي الفتن، ويقال: إن بينه وبين دَاوُد بْن أَبِي هند رجلا من أهل الشام.
(1874) عمارة بْن عقبة الغفاري،
من بني غفار بْن مليل. قتل يَوْم خيبر شهيدا، رمي يومئذ بسهم فمات.
__________
[1] شبيب- بفتح المعجمة وموحدتين. السبانى- بفتح المهملة والموحدة (التقريب) .
قال في التقريب: ويقال فيه عمار.
[2] الضبط من س.(3/1143)
(1875) عمارة بْن عقبة بْن أَبِي معيط.
واسم أبي معيط أبان بن أبي عمرو، واسم أبي عمرو ذكوان بن أمية بن عبد شمس بْن عبد مناف. وكان عُمَارَة، والوليد، وخالد- بنو عقبة بْن أَبِي معيط- من مسلمة الفتح.
(1876) عمارة بْن عُمَيْر الأَنْصَارِيّ.
رَوَى عَنْهُ أَبُو يَزِيد المدني، يختلف فِيهِ.
وقد ذكرنا ذَلِكَ فِي ذكرنا عَمْرو [1] بْن عُمَيْر والاختلاف فِيهِ.
(1877) عمارة والد مدرك بْن عُمَارَة- لم يرو عَنْهُ غير ابنه مدرك.
حديثه فِي الخلوق أَنَّهُ لم يبايعه حَتَّى غسل يديه منه. يعد فِي أهل البصرة.
باب عُمَر
(1878) عمر بْن الخطاب- أمير المؤمنين رضى الله عنه- ابن نقيل بْن عبد العزى بْن رباح بْن عَبْد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بْن كَعْب القرشي العدوي، أَبُو حفص.
أمه حنتمة بِنْت هاشم بْن الْمُغِيرَة بْن عَبْد الله بن عمر ابن مخزوم.
وقالت طائفة فِي أم عُمَر: حنتمة بِنْت هِشَام بْن الْمُغِيرَة. ومن قَالَ ذَلِكَ فقد أخطأ، ولو كانت كذلك لكانت أخت أَبِي جهل بْن هِشَام، والحارث بْن هِشَام بْن الْمُغِيرَة، وليس كذلك، وإنما هي ابنة عمهما، فإن هاشم بْن الْمُغِيرَة وهشام بْن الْمُغِيرَة أخوان، فهاشم والد حنتمة أم عُمَر، وهشام والد الْحَارِث وَأَبِي جهل، وهاشم بْن الْمُغِيرَة هَذَا جد عُمَر لأمه، كَانَ يقال له ذو الرّمحين.
__________
[1] سيأتي على حسب الترتيب الجديد للكتاب.(3/1144)
ولد عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة. وَرَوَى أُسَامَة بْن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده، قَالَ: سمعت عُمَر يَقُول: ولدت بعد الفجار الأعظم بأربع سنين.
قال الزُّبَيْر: وَكَانَ عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ من أشراف قريش، وإليه كانت السفارة فِي الجاهلية، وذلك أن قريشا كانت إذا وقعت بينهم حرب وبين غيرهم بعثوا سفيرا. وإن نافرهم منافر، أو فاخرهم مفاخر رضوا بِهِ بعثوه منافرا ومفاخرا.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: ثُمَّ أسلم بعد رجالٍ سبقوه. وَرَوَى ابْنُ مَعِينٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ هِلالِ بْنِ يَسَافٍ. قَالَ: أَسْلَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ أَرْبَعِينَ رَجُلا وَإِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً.
قال أَبُو عُمَر: فكان إسلامه عزا ظهر بِهِ الإسلام بدعوة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهاجر، فهو من المهاجرين الأولين، وشهد بدرا وبيعة الرضوان، وكل مشهد شهده رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتوفي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ عَنْهُ راضٍ، وولي الخلافة بعد أَبِي بَكْر، بويع لَهُ بها يَوْم مات أَبُو بكر رضى الله عنه باستخلافه لَهُ سنة ثلاث عشرة، فسار بأحسن سيرة وأنزل نفسه من مال الله بمنزلة رجلٍ من الناس، وفتح الله لَهُ الفتوح بالشام، والعراق، ومصر، وَهُوَ دون الدواوين فِي العطاء، ورتب الناس فِيهِ على سوابقهم، كَانَ لا يخاف فِي الله لومة لائم، وَهُوَ الَّذِي نور شهر الصوم بصلاة الإشفاع فِيهِ، وأرخ التاريخ من الهجرة الَّذِي بأيدي الناس إِلَى اليوم، وَهُوَ أول من سمى بأمير المؤمنين، لقصة نذكرها هنا إن شاء الله تعالى.(3/1145)
وهو أول من اتخذ الدرة، وَكَانَ نقش خاتمه «كفى بالموت واعظا يَا عُمَر» وَكَانَ آدم شديد الأدمة، طوالا، كث اللحية، أصلع أعسر يسر، يخضب بالحناء والكتم [1] ، [وَقَالَ أنس: كَانَ أَبُو بَكْر يخضب بالحناء والكتم، وَكَانَ عُمَر يخضب بالحناء بحتا. قال أَبُو عُمَر: الأكثر أنهما كانا يخضبان.
وقد روي عَنْ مُجَاهِد- إن صح- أن عُمَر بْن الخطاب كَانَ لا يغير شيبته] [2] .
هكذا ذكره زر بْن حبيش وغيره، بأنه كَانَ آدم شديد الأدمة [وَهُوَ الأكثر عِنْدَ أهل العلم بأيام الناس وسيرهم وأخبارهم] ، ووصفه أَبُو رجاء العطاردي، وَكَانَ مغفلا، فَقَالَ: كَانَ عُمَر بْن الخطاب طويلا جسيما أصلع شديد الصلع، أبيض شديد حمرة العينين، فِي عارضه خفة، سبلته [3] كثيرة الشعر فِي أطرافها صهبة.
قَدْ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سالم بن عبد الله بن عمر، عن أَبِيهِ قَالَ: إِنَّما جَاءَتْنَا الأَدَمَةُ مِنْ قِبَلِ أَخْوَالِي بَنِي مَظْعُونٍ، وَكَانَ أَبْيَضُ، لا يَتَزَوَّجُ لِشَهْوَةٍ إِلا لِطَلَبِ الْوَلَدِ، وعاصم بْن عُبَيْد الله لا يحتج بحديثه ولا بحديث الْوَاقِدِيّ.
وزعم الْوَاقِدِيّ أن سمرة عُمَر وأدمته إنما جاءت من أكله الزيت عام الرمادة. وهذا منكر من القول. وأصح مَا فِي هَذَا الباب- والله أعلم- حديث سُفْيَان الثوري، عَنْ عَاصِم بْن بهدلة، عَنْ زر بْن حبيش، قال: رأيت عمر شديد الأدمة.
__________
[1] الكتم- محركة: نبت يخلط بالحناء ويخضب به الشعر.
[2] من س. وسيجيء في رواية أخرى.
[3] السبلة- محركة: ما على الشارب من الشعر، أو طرفه، أو مجتمع الشاربين أو ما على الذقن إلى طرف اللحية كلها أو مقدمها خاصة (القاموس) .(3/1146)
قال أنس: كَانَ أَبُو بَكْر يخضب بالحناء والكتم، وَكَانَ عُمَر يخضب بالحناء بحتا. قال أَبُو عُمَر: إنهما كانا يخضبان. وقد روي عَنْ مُجَاهِد- إن صح- أن عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ لا يغير شيبه. قال شُعْبَة، عَنْ سماك، عَنْ هِلال بْن عَبْد اللَّهِ: رأيت عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رجلا آدم ضخما، كأنه من رجال سدوس فِي رجليه روح [1] .
ومن حديث ابْن عُمَر أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم ضرب صدر عمر ابن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حين أسلم ثلاث مرات، وَهُوَ يَقُول: اللَّهمّ أخرج مَا فِي صدره من غل، وأبدله إيمانا- يقولها ثلاثا. ومن حديث ابْن عُمَر أيضا قَالَ:
قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن الله جعل الحق على لسان عُمَر وقلبه، ونزل القرآن بموافقته فِي أسرى بدر، وفي الحجاب، وفي تحريم الخمر، وفي مقام إِبْرَاهِيم. وروي من حديث عقبة بْن عَامِر وَأَبِي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: لو كَانَ بعدي نبي لكان عُمَر. وَرَوَى سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ كَانَ فِي الأُمَمِ قَبْلَكُم مُحَدِّثُونَ، فَإِنْ يَكُنْ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ أَحَدٌ فَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. ورواه أَبُو داود الطيالسي، عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
__________
[1] الأروح: الّذي يتداني عقباه إذا مشى (الإصابة) .(3/1147)
وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ وَحَمْزَةَ ابني عبد الله بن عمر، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ حَتَّى رَأَيْتَ الرَّيَّ يَخْرُجُ مِنْ أَظْفَارِي، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ. قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَلِكَ؟ قَالَ: الْعِلْمُ. ورواه مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيّ، عَنْ سَالِم، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كنا نحدث أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت ... وذكر مثله سواء.
وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ فِيهَا دَارًا- أَوْ قَالَ قَصْرًا- وَسَمِعْتُ فِيهِ ضَوْضَأَةً [1] ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ. فَظَنَنْتُ أَنِّي أَنَا هُوَ، فَقُلْتُ: مَنْ هُوَ؟ فَقِيلَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَلَوْلا غِيرَتُكَ يَا أَبَا حَفْصٍ لدخلته.
فبكى عمر، أَعَلَيْكَ يَغَارُ؟ أَوْ قَالَ: أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بن سعد، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَأَيْتُنِي فِي الْمَنَامِ وَالنَّاسُ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ، وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ مِنْهَا إِلَى كَذَا وَمِنْهَا إِلَى كَذَا، وَمَرَّ عَلَيَّ عُمَرُ ابن الْخَطَّابِ يَجُرُّ قَمِيصَهُ. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: الدِّينُ.
هكذا رواه إِبْرَاهِيم بْن سَعْد فيما حدث بِهِ عَنْهُ الطَّيَالِسِيّ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَجَّاجٍ الزَّيَّاتُ الطَّبَرَانِيُّ، حدثنا الحسن بن محمد المدني،
__________
[1] ضوضاة: هكذا في كل الأصول.(3/1148)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حَنِيفٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ- أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ وَالنَّاسُ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ، وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ إِلَى الثَّدْيِ، وَمِنْهَا دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ عمر ابن الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ. قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: الدِّينُ. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: خير الناس بعد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْر، ثُمَّ عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وقال رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر. وروى أبو معاوية، عن الأعمش، عن أَبِي صَالِحٍ، عَنْ مَالِكٍ الدَّارِ قَالَ:
أَصَابَ النَّاسَ قَحْطٌ فِي زَمَنِ عُمَرَ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَسْقِ لأُمَّتِكَ فَإِنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا. قَالَ: فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ، وَقَالَ: إِيتِ عُمَرَ فَمُرْهُ أَنْ يَسْتَسْقِي لِلنَّاسِ، فَإِنَّهُمْ سَيُسْقَوْنَ، وَقُلْ لَهُ: عَلَيْكَ الْكِيسَ الْكِيسَ [1] . فَأَتَى الرَّجُلُ عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ، فَبَكَى عُمَرُ، وَقَالَ: يَا رَبِّ، مَا آلُو إِلا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ، يَا رَبِّ، مَا آلُو إِلا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ وقال ابْن مَسْعُود: مَا زلنا أعزة منذ أسلم عُمَر.
وقال حذيفة: كَانَ علم الناس كلهم قد درس فِي علم عُمَر.
وقال ابْن مَسْعُود: لو وضع علم أحياء العرب فِي كفة ميزان، ووضع علم
__________
[1] الكيس: العقل.(3/1149)
عمر في كفة لرجح علم عمر. لقد كانوا يرون أَنَّهُ ذهب بتسعة أعشار العلم، ولمجلس كنت أجلسه مع عُمَر أوثق فِي نفسي من عمل سنة.
وذكر عَبْد الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَر، قَالَ: لو أن رجلا قَالَ: عُمَر أفضل من أَبِي بكرٍ مَا عنفته، وكذلك لو قَالَ: علي أفضل من أَبِي بَكْر وَعُمَر لم أعنفه إذا ذكر فضل الشيخين وأحبهما وأثنى عليهما بما هما أهله. فذكرت ذَلِكَ لوكيع فأعجبه واشتهاه. قال: يدل على أن أَبَا بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أفضل من عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سبقه لَهُ إِلَى الإسلام.
وما رَوَى عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: رأيت فِي المنام كأني وزنت بأمتي فرجحت، ثُمَّ وزن أَبُو بَكْر فرجح، ثُمَّ وزن عُمَر فرجح، وفي هَذَا بيان واضح فِي فضله على عُمَر. وقال عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا سابقت أَبَا بَكْر إِلَى خير قط إلا سبقني إِلَيْهِ، ولوددت أني شعرة فِي صدر أَبِي بَكْر.
وذكر سيف بْن عُمَر، عَنْ عُبَيْدَة بْن مُعَتِّب، عَنْ إِبْرَاهِيم النخعي، قال:
أول من ولى شيئا من أمور المسلمين عُمَر بْن الخطاب، ولاه أَبُو بَكْر القضاء، فكان أول قاض فِي الإسلام. وَقَالَ: اقض بين الناس، فإني فِي شغل، وأمر ابْن مَسْعُود بعس المدينة.
وأما القصة التي ذكرت فِي تسمية عُمَر نفسه أمير المؤمنين، فذكر الزُّبَيْر، قَالَ:
قَالَ عُمَر لما ولي: كَانَ أَبُو بَكْر يقال لَهُ خليفة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكيف يقال لي خليفة خليفة رَسُول اللَّهِ، يطول هَذَا! قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة:
أنت أميرنا، ونحن المؤمنون. فأنت أمير المؤمنين. قال: فذاك إذن.(3/1150)
قال أَبُو عُمَر: وأعلى من هَذَا فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا خَلَف بْن قَاسِم، حَدَّثَنَا أبو أحمد ابن الْحُسَيْن بْن جَعْفَر بْن إِبْرَاهِيم، حَدَّثَنَا أَبُو زكريا يَحْيَى بْن أَيُّوب بْن بادي [1] العلاف، حَدَّثَنَا عُمَر بْن خَالِد، حَدَّثَنَا يعقوب بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، عَنْ مُوسَى بْن عقبة، عَنِ الزُّهْرِيّ أن عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ سأل أَبَا بَكْر بْن سُلَيْمَان بْن أَبِي خيثمة، لأي شيء كَانَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يكتب: من خليفة رَسُول اللَّهِ؟
وَكَانَ عُمَر يكتب: من خليفة أَبِي بَكْر؟ ومن أول من كتب عَبْد اللَّهِ أمير المؤمنين؟ فَقَالَ: حدثتني الشفاء- وكانت من المهاجرات الأول- أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه كتب إِلَى عامل العراق أن ابعث إلي برجلين جلدين نبيلين، أسألهما عَنِ العراق وأهله. فبعث إِلَيْهِ عامل العراق لبيد بْن رَبِيعَة العامري، وعدي بْن حَاتِم الطائي، فلما قدما المدينة أناخا راحلتيهما بفناء المسجد، ثُمَّ دخلا المسجد، فإذا هما بعمرو بْن الْعَاص، فقالا لَهُ: استأذن لنا على أمير المؤمنين يَا عَمْرو؟ فَقَالَ عَمْرو: أنتما والله أصبتما باسمه، نحن المؤمنون وَهُوَ أميرنا. فوثب عَمْرو، فدخل على عُمَر، فَقَالَ:
السلام عليك يَا أمير المؤمنين. فقال عُمَر: مَا بدا لك فِي هَذَا الاسم؟ يعلم الله لتخرجن مما قلت أو لأفعلن. قال: إن لبيد بْن رَبِيعَة وعدي بْن حَاتِم قدما فأناخا راحلتيهما بفناء المسجد، ثُمَّ دخلا المسجد، وقالا لي: استأذن لنا يَا عَمْرو على أمير المؤمنين، فهما والله أصابا اسمك، أنت الأمير، ونحن المؤمنون. قال: فجرى الكتاب من يومئذ.
قال أَبُو عُمَر: وكانت الشفاء جدة أَبِي بَكْر، وروينا من وجوه أن عمر
__________
[1] في ى: نادى وهو تحريف (الاستيعاب ج 3- م 10)(3/1151)
ابن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يرمي الجمرة، فأتاه جمر فوقع على صلعته، فأدماه، وثمة رجل من بني لهب، فَقَالَ: أشعر أمير المؤمنين، لا يحج بعدها. قَالَ: ثُمَّ جاء إِلَى الجمرة الثانية، فصاح رجل: يَا خليفة رَسُول اللَّهِ.
فقال: لا يحج أمير المؤمنين بعد عامه هَذَا. فقتل عُمَر بعد رجوعه من الحج.
قال مُحَمَّد بْن حَبِيب: لهب- مكسورة اللام: قبيلة من قبائل الأزد، تعرف فيها العيافة والزجر.
قال أَبُو عُمَر: قتل عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سنة ثلاث وعشرين من ذي الحجة، طعنه أَبُو لؤلؤة فيروز غلام الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة لثلاث بقين من ذي الحجة- هكذا قَالَ الْوَاقِدِيّ. وغيره قَالَ: لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين.
وَرَوَى سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيِّ، قَالَ: قُتِلَ عُمَرُ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ لأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَكَانَتْ خِلافَتُهُ عَشَرَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ.
وقال أَبُو نُعَيْم: قتل عُمَر بْن الخطاب يَوْم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، وكانت خلافته عشر سنين ونصفا.
أَخْبَرَنَا عبد الوارث، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: قَتَلَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضى الله (ظهر الاستيعاب ج 3- م 10)(3/1152)
عَنْهُ، فَطَعَنَ مَعَهُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلا، فَمَاتَ سِتَّةٌ، وَقَالَ: فَرَمَى عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ بُرْنُسًا، ثُمَّ بَرَكَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَآهُ أَنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَحَرَّكَ وَجَأَ نَفْسَهُ [1] فَقَتَلَهَا.
ومن أحسن شيء يروى فِي مقتل عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وأصحه مَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ سَهْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ، قال: حدثنا أحمد بن سليمان، قال: حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عن أبى إسحاق، عن عمرو ابن مَيْمُونَ، قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ يَوْمَ طُعِنَ، وَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَكُونَ فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ إِلا هَيْبَتُهُ، وَكَانَ رَجُلا مَهِيبًا، فَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَعَرَضَ لَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ- غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ- فَفَاجَأَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ تَسْتَوِي الصُّفُوفُ، ثُمَّ طَعَنَهُ ثَلاثَ طَعَنَاتٍ، فَسَمِعْتُ عُمَرَ وَهُوَ يَقُولُ: دُونَكُمُ الْكَلْبَ، فَإِنَّهُ قَتَلَنِي، وَمَاجَ النَّاسُ وَأَسْرَعُوا إِلَيْهِ، فَجُرِحَ ثَلاثَةُ عَشَرَ رَجُلا، فَانْكَفَأَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ فَاحْتَضَنَهُ، فَمَاجَ النَّاسُ بَعْضَهُمْ فِي بَعْضٍ، حَتَّى قَالَ قَائِلٌ: الصَّلاةَ عِبَادَ اللَّهِ، طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَقَدَّمُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَصَلَّى بِنَا بِأَقْصَرِ سُورَتَيْنِ فِي الْقُرْآنِ: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ 110: 1. وإِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ 108: 1. وَاحْتُمِلَ عُمَرُ وَدَخَلَ عَلَيْهِ النَّاسُ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، اخْرُجْ فَنَادِ فِي النَّاسِ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ: أَعَنْ مَلأٍ مِنْكُمْ هَذَا! فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ:
أَيُّهَا النَّاسُ. أَعَنْ مَلأٍ منكم هذا؟ فقالوا: معاذ الله! والله
__________
[1] في أسد الغابة: فلما ظن أنه مأخوذ نحر نفسه. وفي ى: وجاء.(3/1153)
مَا عَلِمْنَا وَلا اطَّلَعْنَا. وَقَالَ: ادْعُوا لِيَ الطَّبِيبَ، فَدُعِيَ الطَّبِيبُ، فَقَالَ:
أَيُّ الشَّرَابِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: النَّبِيذُ، فَسُقِيَ نَبِيذًا، فَخَرَجَ مِنْ بَعْضِ طَعَنَاتِهِ، فَقَالَ النَّاسُ: هَذَا دَمُ صَدِيدٍ. قَالَ: اسْقُونِي لَبَنًا، فَخَرَجَ مِنَ الطَّعْنَةِ، فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ: لا أَرَى أَنْ تُمْسِيَ، فَمَا كُنْتَ فَاعِلا فَافْعَلْ. وذكر تمام الخبر فِي الشورى، وتقديمه لصهيب فِي الصلاة، وقوله فِي علي عَلَيْهِ السلام:
إن ولوها الأَجْلَح سلك بهم الطريق الأَجْلَح المستقيم- يَعْنِي عليا. وقوله فِي عُثْمَان وغيره. فَقَالَ لَهُ ابْن عُمَر: مَا يمنعك أن تقدم عليا؟ قَالَ: أكره أن أحملها حيا وميتا.
وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ عَامِرِ بن عبد الله ابن الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: غَدَوْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى السُّوقِ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى يَدِي، فَلَقِيَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ- غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ- فَقَالَ:
أَلا تُكَلِّمُ مولاي يضع عنى من حراجى! قَالَ: كَمْ خَرَاجُكَ؟ قَالَ: دِينَارٌ.
قَالَ: مَا أَرَى أَنْ أَفْعَلَ، إِنَّكَ لَعَامِلٌ مُحْسِنٌ، وَمَا هَذَا بِكَثِيرٍ. ثُمَّ قَالَ لَهُ عُمَرُ: أَلا تَعْمَلْ لِي رَحًى؟ قَالَ: بَلَى. فَلَمَّا وَلَّى قَالَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ: لأَعْمَلَنَّ لَكَ رَحًى يَتَحَدَّثُ بِهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. قَالَ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي قَوْلُهُ.
قَالَ: فَلَمَّا كَانَ فِي النِّدَاءِ لِصَلاةِ الصُّبْحِ خَرَجَ عُمَرُ إِلَى النَّاسِ يُؤْذِنَهُمْ لِلصَّلاةِ.
قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: وَأَنَا فِي مُصَلايَ وَقَدِ اضْطَجَعَ لَهُ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو لُؤْلُؤَةَ، فَضَرَبَهُ بِالسِّكِّينِ سِتَّ طَعَنَاتٍ إِحْدَاهُنَّ تَحْتَ سُرَّتِهِ وَهِيَ قَتَلَتْهُ، فَصَاحَ عُمَرُ:
أَيْنَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ؟ فَقَالُوا: هُوَ ذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: تَقَدَّمْ(3/1154)
فَصَلِّ بِالنَّاسِ، فَتَقَدَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَصَلَّى بِالنَّاسِ، وقرأ في الركعتين ب «قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ» 112: 1. وقُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ 109: 1. وَاحْتَمَلُوا عُمَرَ فَأَدْخَلُوهُ مَنْزِلَهُ، فَقَالَ لابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ: اخْرُجْ فَانْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي. قَالَ: فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقَالَ:
مَنْ قَتَلَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالُوا: أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، فَرَجَعَ فَأَخْبَرَ عُمَرَ، فَقَالَ: الْحَمْدُ للَّه الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ قَتْلِي بِيَدِ رَجُلٍ يُحَاجِّنِي بِلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَذَكَرَ الْخَبَرَ فِي الشُّورَى بِتَمَامِهِ.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بن قاسم، حدثنا الحسن بن رشيق، حدثنا الدُّولابِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُجَاهِدٍ، قَالَ: اخْتُلِفَ عَلَيْنَا فِي شَأْنِ أَبِي لُؤْلُؤَةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ مَجُوسِيًّا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ نَصْرَانِيًّا، فَحَدَّثَنَا أَبُو سِنَانٍ سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ، قَالَ: كَانَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ أَزْرَقَ نَصْرَانِيًّا، وَجَأَهُ بِسِكِّينٍ لَهُ طَرَفَانِ، فَلَمَّا جُرِحَ عُمَرُ جُرِحَ مَعَهُ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلا فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ أُخِذَ، فَلَمَّا أُخِذَ قَتَلَ نَفْسَهُ.
واختلف فِي سن عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْم مات، فقيل: توفي وَهُوَ ابْن ثلاث وستين سنة كسن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسن أَبِي بَكْر حين توفيا، رَوَى ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، ومن قول الشعبي. وروى عبيد الله ابن عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: تُوُفِّيَ عُمَرُ وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً(3/1155)
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ- أَنَّ عُمَرَ قُبِضَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً. وقال قَتَادَة توفي وَهُوَ ابْن اثنين وخمسين.
وقيل: مات وَهُوَ ابْن ستين. وقيل: مات وَهُوَ ابْن ثلاث وستين.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حدثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا علي بن الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ، عَنْ زائدة ابن قُدَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: حدثنا أبو بردة، عن عوف ابن مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ أَنَّهُ رَأَى فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ النَّاسَ جُمِعُوا، فَإِذَا فِيهِمْ رَجُلٌ فَرَعَهُمْ، فَهُوَ فَوْقَهُمْ بِثَلاثَةِ أَذْرُعٍ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: عُمَرُ. قُلْتُ:
لِمَ؟ قَالُوا: لأَنَّ فِيهِ ثَلاثَ خِصَالٍ، إِنَّهُ لا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ. وَإِنَّهُ خَلِيفَةٌ مُسْتَخْلَفٌ، وَشَهِيدٌ مُسْتَشْهِدٌ. قَالَ: فَأَتَى إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَصَّهَا عَلَيْهِ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ فَدَعَاهُ لِيُبَشِّرَهُ. قَالَ: فَجَاءَ عُمَرُ، فَقَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ: اقْصُصْ رُؤْيَاكَ. قَالَ: فَلَمَّا بَلَغَتُ «خَلِيفَةٌ مُسْتَخْلَفٌ» زَبَرَنِي [1] عُمَرُ، وَانْتَهَرَنِي، وَقَالَ:
اسْكُتْ، تَقُولُ هَذَا وَأَبُو بَكْرٍ حَيٌّ! قَالَ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ، وَوَلِيَ عُمَرُ مَرَرْتُ بِالْمَسْجِدِ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ. قَالَ: فَدَعَانِي، وَقَالَ: اقْصُصْ رُؤْيَاكَ، فَقَصَصْتُهَا. فَلَمَّا قُلْتُ: إِنَّهُ لا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ. قَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَنِي اللَّهُ مِنْهُمْ. قَالَ: فَلَمَّا قُلْتُ: خَلِيفَةٌ مُسْتَخْلَفٌ. قَالَ: قَدِ اسْتَخْلَفَنِي اللَّهُ، فَسَلْهُ أَنْ يُعِينَنِي عَلَى مَا وَلانِي. فَلَمَّا ذَكَرْتُ: شَهِيدٌ مُسْتَشْهِدٌ قَالَ: أَنَّى لِي بِالشَّهَادَةِ وَأَنَا بَيْنَ أُظْهُرِكُمْ تَغْزُونَ وَلا أَغْزُو! ثُمَّ قَالَ: بَلَى يَأْتِي اللَّهُ بِهَا أَنَّى شَاءَ.
__________
[1] زبرني: منعني واتهرني.(3/1156)
أَنْبَأَنَا سَعِيدُ بْنُ سَيِّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ الدَّيْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَلَى عُمَرَ قَمِيصًا أَبْيَضَ، وَقَالَ: جَدِيدٌ قَمِيصُكَ أَمْ غَسِيلٌ؟ قَالَ: بَلْ غَسِيلٌ. قَالَ:
الْبِسْ جَدِيدًا، وَعِشْ حَمِيدًا، وَمِتْ شَهِيدًا، وَيَرْزُقُكَ اللَّهُ قُرَّةَ عَيْنٍ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، قَالَ: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وروى مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيّ قَالَ: صَلَّى عُمَر على أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حين مات، وصلى صُهَيْب على عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قَالَ فِي انصرافه من حجته التي لم يحج بعدها: الحمد للَّه ولا إله إلا الله، يعطي من يشاء مَا يشاء، لقد كنت بهذا الوادي- يَعْنِي ضجنان [1]- أرعى إبلا للخطاب، وَكَانَ فظا غليظا يتعبني إذا عملت، ويضربني إذا قصرت، وقد أصبحت وأمسيت، وليس بيني وبين الله أحد أخشاه، ثُمَّ تمثل:
لا شيء مما ترى تبقى بشاشته ... يبقى الإله ويودي المال والولد
لم تغن عَنْ هرمز يوما خزائنه ... والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا
ولا سُلَيْمَان إذ تجري الرياح لَهُ ... والجن والإنس فيما بينها برد
أين الملوك التي كانت لعزتها ... من كل أوبٍ إليها وافد يفد
حوض هنالك مورود بلا كذبٍ ... لا بد من ورده يوما كما وردوا
وروينا عَنْ عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي حين احتضر ورأسه فِي حجر ابنه عبد الله:
ظلوم لنفسي غير أني مُسْلِم ... أصلي الصلاة كلها وأصوم
__________
[1] ضجنان: جبل بينه وبين مكة خمسة وعشرون ميلا، وهو محرك. وابن دريد يسكن جيمه (ياقوت) .(3/1157)
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ- أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهَا أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَذَنَ لأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْجُجْنَ فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ- قَالَتْ: فَلَمَّا ارْتَحَلَ مِنَ الْخَطْمَةِ أَقْبَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مُتَلَثِّمٌ، فَقَالَ، وَأَنَا أَسْمَعُ:
أَيْنَ كَانَ مَنْزِلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ قَائِلٌ- وَأَنَا أَسْمَعُ: هَذَا كَانَ مَنْزِلُهُ، فَأَنَاخَ فِي مَنْزِلِ عُمَرَ، ثُمَّ رَفَعَ عَقِيرَتَهُ يَتَغَنَّى:
عَلَيْكَ سَلامٌ مِنْ أَمِيرٍ وَبَارَكَتْ ... يَدُ اللَّهِ فِي ذَاكَ الأَدِيمِ الْمُمَزَّقِ
فَمَنْ يَجْرِ أَوْ يركب جناحي نعامة ... ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق
قضيت أمورا ثم غادرت بعدها ... بواثق فِي أَكْمَامِهَا لَمْ تُفَتَّقِ
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لِبَعْضِ أَهْلِي: أَعْلِمُونِي مَنْ هَذَا الرَّجُلُ؟ فَذَهَبُوا فَلَمْ يَجِدُوا فِي مَنَاخِهِ أَحَدًا قَالَتْ عَائِشَةُ: فو الله إِنِّي لأَحْسَبُهُ مِنَ الْجِنِّ. فَلَمَّا قُتِلَ عُمَرُ قَالَ النَّاسُ هَذِهِ الأَبْيَاتُ لِلشَّمَّاخِ بْنِ ضِرَارٍ، أَوْ لأَخِيهِ مُزَرِّدٍ.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: كانوا إخوة ثلاثة كلهم شاعر.
وَرَوَى مسعر، عن عبد الملك بن عمير، عن عروة، عن عائشة قالت:
ناحت الجن على عُمَر قبل أن يقتل بثلاث فقالت:
أبعد قتيلٍ بالمدينة أظلمت [1] ... لَهُ الأرض تهتز العضاة بأسوق
__________
[1] في أسد الغابة: أصبحت.(3/1158)
جزى الله خيرا من إمامٍ وباركت ... يد الله فِي ذاك الأديم الممزق
فمن يسع أو يركب جناحي نعامة ... ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق
قضيت أمورا ثم غادرت بعدها ... بوائق فِي أكمامها لم تفتق
فما كنت أخشى أن يكون وفاته [1] ... بكفى سبتني أزرق العين مطرق [2]
ويروى بكفى سبنت، والسبنتى: النمر الجريء. وقد تمد السبنتاء.
والمطرق: الحنق، قال الملتمس:
فأطرق إطراق الشجاع ولو يرى ... مساغا لنابيه الشجاع لصمّما [3]
(1879) عمر بْن سراقة بْن المعتمر بْن أنس القرشي العدوي.
شهد بدرا هُوَ وأخوه عَبْد اللَّهِ بْن سراقة. وقال مصعب فِيهِ: عَمْرو بن سراقة.
(1880) عمر بْن سَعْد،
أَبُو كبشة الأنماري، هُوَ مشهور بكنيته، وقد قيل: إن اسم أَبِي كبشة سَعْد بْن عَمْرو، والأول أصح. يعد فِي أهل الشام، وأكثر حديثه عندهم. وقد روى عنه الكوفيون.
(1881) عمر بْن سُفْيَان بْن عبد الأسد بْن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم،
أخو الأسود بْن سُفْيَان، وهبار بْن سُفْيَان، كَانَ ممن هاجر إِلَى أرض الحبشة.
(1882) عمر بْن أَبِي سَلَمَة بْن عبد الأسود بن هلال بن عبد الله بن عمر بْن مخزوم القرشي الْمَخْزُومِيّ،
ربيب رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أمه أم سلمة المخزومية أم المؤمنين، يكنى أَبَا حفص. ولد فِي السنة الثانية من الهجرة بأرض الحبشة.
__________
[1] في أسد الغابة: مماته.
[2] السبنتى: النمر. وقيل الأسد.
والبيت منسوب في اللسان إلى الشماخ في رثاء عمر بن الخطاب. قال: قال ابن بري:
البيت لمزرد أخى الشماخ (سبت)
[3] اللسان- صمم.(3/1159)
وقيل: إنه كَانَ يَوْم قبض رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْن تسع سنين، وشهد مع علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الجمل، واستعمله علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ على فارس والبحرين.
وتوفي بالمدينة فِي خلافة عَبْد الْمَلِكِ بْن مَرَوَان سنة ثلاث وثمانين. حفظ عَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى عَنْهُ أحاديث. وروى عَنْهُ سَعِيد بْن المسيب، وَأَبُو أمامة بْن سَهْل بْن حنيف، وعروة بن الزبير.
(1883) عمر بْن عُمَيْر بْن عدي بْن نابي الأَنْصَارِيّ السُّلَمِيّ.
هو ابْن عم ثعلبة بْن غنمة بْن عدي بْن نابي، وَابْن عم غنم بْن عَامِر بْن عدي، شهد مشاهد مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(1884) عمر بْن عوف النخعي.
مذكور فِي حديث ابْن السعدي، وذلك أن مَالِك بْن يخامر [1] رَوَى عَنِ ابْن السعدي أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: لا تنقطع الهجرة ما دام الكفار يقاتلون. فقال مُعَاوِيَة، وَعُمَر بْن عوف النخعي، وعبد الله بْن عَمْرو بْن الْعَاص: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الهجرة هجرتان، إحداهما أن تهجر السيئات، والأخرى أن تهاجر إِلَى الله ورسوله.
(1885) عمر بْن يَزِيد الكعبي الخزاعي.
قَالَ: كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان مما حفظت من كلامه قَالَ: أسلم سالمها الله من كل آفةٍ إلا الموت، فإنه لا يسلم منه معترف بِهِ ولا غيره. وغفار غفر الله لهم ولا حي أفضل من الأنصار.
__________
[1] يخامر- بفتح التحتانية والمعجمة وكسر الميم (التقريب) .(3/1160)
باب عمرو
(1886) عمرو بْن أَبِي أثاثة بْن عبد العزى بن حرثان بن عوف بن عبيد بن عويج [1] بْن عدي بْن كَعْب.
كَانَ من مهاجرة الحبشة، وأمه النابغة بِنْت حرملة.
فهو أخو عَمْرو بْن الْعَاص لأمه.
(1887) عمرو بْن الأحوص بْن جَعْفَر بْن كلاب الْجُشَمِيّ [2] الكلابي.
اختلف فِي نسبه. هُوَ والد سُلَيْمَان بْن عَمْرو. وَرَوَى عَنْهُ ابنه سُلَيْمَان بْن عَمْرو بْن الأحوص. حديثه عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خطبته فِي حجة الوداع وفي رمي الجمار أيضا، يقال: إنه شهد حجة الوداع مع أمه وامرأته، وحديثه فِي الخطبة عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صحيح.
(1888) عمرو بْن أحيحة بْن الجلاح [3] الأَنْصَارِيّ،
ذكره ابْن أَبِي حَاتِم عَنْ أَبِيهِ فيمن رَوَى عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة. قال: وسمع من خزيمة ابن ثَابِت.
روى عَنْهُ عَبْد اللَّهِ بْن علي بْن السائب، وَهَذَا لا أدري مَا هُوَ، لأن عمرو ابن أحيحة هُوَ أخو عبد المطلب بْن هاشم لأمه، وذلك أن هاشم بْن عبد مناف كانت تحته سلمى بِنْت زَيْد من بني عدي بْن النجار، فمات عنها، فخلف عليها بعده أحيحة بْن الجلاح، فولدت لَهُ عَمْرو بن أحيحة، فهو أخو عبد المطلب
__________
[1] في أسد الغابة: عرمج.
[2] بضم الجيم وفتح المعجمة (التقريب) .
[3] أحيحة- بمهملتين مصغره والجلاح بضم الجيم وتخفيف اللام (التهذيب) .(3/1161)
لأمه. هذا قول أهل النسب والخبر، وإليهم يرجع فِي مثل هَذَا، ومحال أن يروي عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن خزيمة بْن ثَابِت من كَانَ فِي السن والزمن اللذين وصفت. وعساه أن يكون حفيدا لعمرو بْن أحيحة يسمى عمرا فنسب إِلَى جده. وإلا فما ذكره ابْن أَبِي حَاتِم وهم لا شك فِيهِ وباللَّه التوفيق.
(1889) عمرو بْن أخطب،
أَبُو زَيْد الأَنْصَارِيّ. هو مشهور بكنيته، يقال:
إنه من بني الْحَارِث بْن الخزرج، غزا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غزوات، ومسح رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم على رأسه، ودعا له بالجمال، فيقال: إنه بلغ مائة سنة ونيفا، وما فِي رأسه ولحيته إلا نبذ من شعر أبيض، هو جدّ عزرة ابن ثَابِت. روى عَنْهُ أنس بْن سِيرِين، وَأَبُو الخليل، وعلباء بْن أحمر، وتميم بْن حويص، وأبو نهيك، وسعيد بْن قطن.
(1890) عمرو بْن أراكة [1] الثقفي،
سمع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهى عَنِ المثلة، ويأمر بالصدقة، يعد في البصريين.
(1891) [عمرو بْن أُمَيَّة بْن أَسَد بْن عبد العزى بْن قصي القرشي الأسدي.
هاجر إِلَى أرض الحبشة ومات بها] [2] .
(1892) عمرو بْن أُمَيَّة بْن خويلد بْن عَبْد اللَّهِ بْن إِيَاس بْن عُبَيْد [3] بْن ناشرة بْن كَعْب بْن جدي بْن ضمرة الضمري،
من بني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن علي ابن كنانة، يكنى أَبَا أُمَيَّة، وروى الأوزاعي، عَنْ يحيى بن أبى كثير، قال: حدثني
__________
[1] في أسد الغابة: وقيل ابن أبى أراكه.
[2] من س.
[3] في التهذيب: بن عبد بن ناشر.(3/1162)
أَبُو قلابة الجرمي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو المهاجر، قال: حدثني أبو أمية عمرو ابن أمية الضمريّ.
(1892) عمرو بْن الأهتم التميمي المقري، أَبُو ربعي.
والأهتم أبوه، واسمه سنان ابْن خَالِد بْن سمي. ويقال: إنه سنان بْن سمي [1] بْن سنان بن خالد بن منقر ابن عُبَيْد بْن الْحَارِث، وَهُوَ مقاعس بْن عَمْرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة ابن تميم. ويقال: إن قَيْس بْن عَاصِم ضربه بقوس فهتم فمه، فسمي بالأهتم، وقال خليفة بْن خياط- بعد أن نسبه النسب الَّذِي ذكرناه: كَانَ أبوه الأهتم وَهُوَ سنان بْن خَالِد من بني منقر مهتوما من سنه. قال: وَقَالَ أَبُو اليقظان: أم عَمْرو بْن الأهتم بِنْت فدكي بْن أعبد [2] [بْن الأهتم [3]] ، ويكنى عَمْرو بْن الأهتم أَبَا ربعي. قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وافدا فِي وجوه قومه من بني تميم، فأسلم، وذلك فِي سنة تسعٍ من الهجرة، وَكَانَ فيمن قدم معه الزبرقان بْن بدر، وقيس بْن عَاصِم، ففخر الزبرقان، فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ، أنا سيد تميم، والمطاع فيهم، والمجاب فيهم، آخذ لهم بحقوقهم، وأمنعهم من الظلم، وَهَذَا يعلم ذَلِكَ- يَعْنِي عَمْرو بْن الأهتم.
فقال عَمْرو: إنه لشديد العارضة، مانع لجانبه، مطاع فِي أدانيه. فقال الزبرقان: لقد كذب يَا رَسُول اللَّهِ، وما منعه من أن يتكلم إلا الحسد.
فقال عَمْرو: أنا أحسدك! فو الله إنك لئيم الخال، حديث المال، أحمق
__________
[1] في س: ويقال سنان أبو سمى.
[2] في س: أم عمرو بن الأهتم اسمها منة بنت فدكي.
[3] ليس في س.(3/1163)
الولد، مبغّض في العشيرة، فو الله مَا كذبت فِي الأولى، ولقد صدقت فِي الثانية، فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن من البيان لسحرا. وروي أن قدومه على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ، وفي وفد تميم سبعون أو ثمانون رجلا، فيهم الأقرع بْن حابس، والزبرقان بْن بدر، وعطارد ابن حاجب، وقيس بْن عَاصِم، وَعَمْرو بْن الأهتم، وهم الذين نادوا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وراء الحجرات، وخبرهم طويل. ثُمَّ أسلم القوم، وبقوا بالمدينة مدةً يتعلمون القرآن والدين، ثُمَّ أرادوا الخروج إِلَى قومهم، فأعطاهم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكساهم، وَقَالَ: أما بقي منكم أحد! وَكَانَ عَمْرو بْن الأهتم فِي ركابهم. فقال قَيْس بْن عَاصِم- وَهُوَ من رهط عَمْرو، وقد كَانَ مشاحنا لَهُ: لم يبق منا أحد إلا غلام حدث فِي ركابنا، وأزرى بِهِ، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل مَا أعطاهم، فبلغ عمرا مَا قَالَ قَيْس، فقال له عمرو:
ظللت مفترش العلياء [1] تشتمني ... عند النَّبِيّ فلم تصدق ولم تصب
إن تبغضونا فإن الروم أصلكم ... والروم لا تملك البغضاء للعرب
فإن سؤددنا عود وسؤددكم ... مؤخر عِنْدَ أصل العجب والذنب
وكان خطيبا جميلا، يدعى المكحل لجماله، بليغا شاعرا محسنا، يقال: إن شعره كَانَ حللا منتشرة، وَكَانَ شريفا فِي قومه، وَهُوَ القائل:
ذريني فإن البخل يَا أم هيثم [2] ... لصالح أخلاق الرجال سروق
__________
[1] في الإصابة: الهلباء. قال ابن فتحون: أراد بالهلباء ابنته فإنّها لكثيرة الشعر.
وأنشدها ابن عبد البر: العلياء فنسب إلى تصحيفه.
[2] في أسد الغابة: يا أم هاشم. وفي س: يا أم مالك. وانظر المفضليات: 123.(3/1164)
وفيها يَقُول:
لعمرك مَا ضاقت بلاد بأهلها ... ولكن أخلاق الرجال تضيق
وقد ذكرنا الأبيات بتمامها فِي كتاب «بهجة المجالس» ، وذكرنا خبره مع الزبرقان بألفاظٍ مختلفة عِنْدَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كتاب «التمهيد» .
من ولده خَالِد بْن صَفْوَان بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن الأهتم.
(1893) عَمْرو بْن أوس بْن عتيك بن عمرو بن عبد الأعلم بن عامر بن زعوراء ابن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بْن مَالِك بْن الأوس.
شهد أحدا، والخندق، وما بعد ذَلِكَ من المشاهد مع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وقتل يوم جسر أَبِي عُبَيْد شهيدا
(1894) عمرو بْن أَبِي أويس بْن سَعْد بْن أَبِي سرح بْن الحارث بن حذيفة ابن نَصْر بْن مَالِك بْن حسل القرشي العامري.
قتل يَوْم اليمامة شهيدا.
(1895) عمرو بْن إِيَاس بْن زَيْد بْن جشم.
قَالَ ابْن إِسْحَاق: وَهُوَ رجل من اليمن حليف للأنصار، شهد بدرا، وأحدا. وقال ابْن هِشَام: عَمْرو بْن إِيَاس هَذَا يقال إنه أخو ربيع بْن إِيَاس وورقة [1] بْن إِيَاس.
(1796) عمرو بْن إِيَاس الأَنْصَارِيّ،
من بني سَالِم بْن عوف، قتل يوم أحد شهيدا، لم يذكره ابن إسحاق.
(1897) عمرو بْن بلال الأَنْصَارِيّ،
ويقال عَمْرو بْن عمير، وقد ذكرنا
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: بخط كاتب الأصل في الهامش: وذفة بالذال. قال فيه في حرف الواو: وصوابه ودفة بالدال وهي الروضة.(3/1165)
الاختلاف فِيهِ، ليس لَهُ غير هَذَا الحديث الَّذِي ذكرنا. شهد عَمْرو بْن بلال صفين مع علي بن أبي طالب رضى الله عَنْهُ. قال ابْن الكلبي:
وَكَانَ من المهاجرين.
(1898) عمرو بْن تغلب العبدي.
من عبد القيس ويقال: إنه من النمر بْن قاسط، يعد فِي أهل البصرة. رَوَى عَنْهُ الْحَسَن بْن أبى الحسن، والحكم ابن الاعرج، يقال: هُوَ من أهل جؤاثي [1] .
حَدَّثَنَا [أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا [2]] مَسْلَمَةُ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ تَغْلِبَ، قَالَ: لَقَد قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَةً مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا حُمْرَ النَّعَمِ، أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ، فَأَعْطَى قَوْمًا، وَمَنَعَ قَوْمًا، وَقَالَ: إِنَّا لَنُعْطِي قَوْمًا نَخْشَى هَلَعَهُمْ وَجَزَعَهُمْ، وَأَكِلُ قَوْمًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الإِيمَانِ، وَمِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ. وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَالٍ، فَأَعْطَى قَوْمًا وَمَنَعَ آخَرِينَ، فَبَلَغَهُ أَنَّهُمْ عَتَبُوا، فَقَالَ: إِنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ وَأَمْنَعُ الرَّجُلَ، وَالَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الَّذِي أُعْطِي، أعطى
__________
[1] جؤاثاء- بالضم وبين الألفين ثاء مثلثة يمد ويقصر: حصن لعبد القيس بالبحرين (ياقوت) .
[2] من س.(3/1166)
أَقْوَامًا لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْجَزَعِ وَالْهَلَعِ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْغِنَاءِ وَالْخَيْرِ [1] ، وَمِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ. قَالَ عَمْرٌو: فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُمْرَ النَّعَمِ.
وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ وَيُونُسُ وَحُمَيْدٌ، عَنِ الْحَسَنِ- أَنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: جَاءَنَا اللَّيْلَةُ شَيْءٌ فَآثَرْنَا بِهِ قَوْمًا خَشِينَا هَلَعَهُمْ وَجَزَعَهُمْ، وَوَكَّلْنَا قَوْمًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الإِيمَانِ، مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ. وكان عَمْرو بْن تغلب يَقُول: مَا يسرني بها حمر النعم.
أنبأنا أَحْمَد بْن عُمَر [2] ، حَدَّثَنَا علي بْن مُحَمَّد بْن بندار، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم ابْن شاذان، حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن السكري، حدثنا أبو يعلى زكريا ابن يَحْيَى بْن خلاد، حَدَّثَنَا الأصمعي، حَدَّثَنَا الصعق بن حزن، عن قتادة، قال: هاجر من بَكْر بْن وائل أربعة: رجلان من بني سدوس: الأسود بن ابن عبد الله من أهل اليمامة، وبشير بن الخصاصية، وعمرو بن تغلب من النمر ابن قاسط، وفرات بن حيان من بني عجل.
(1899) عمرو بْن ثَابِت بْن وقش بْن زغبة بْن زعوراء بْن عبد الأشهل الأَنْصَارِيّ.
استشهد يَوْم أحد، وَكَانَ ابْن أخت حذيفة بْن اليمان، أمه ليا [3] بِنْت اليمان. وهو الَّذِي قيل إنه دخل الجنة، ولم يصل للَّه سجدة فيما ذكره الطبري. وفيه نظر.
__________
[1] في س: من الغنى والخير.
[2] في ى: عمرو.
[3] في س: ليلى. وفي هوامش الاستيعاب: بخط كاتب الأصل في الهامش ما لفظه ليلى عن الطبراني والعدوي.(3/1167)
(1900) عمرو بْن ثبي
قَالَ، سيف بْن عُمَر [1] عَنْ رجاله: هُوَ أول من أشار على النعمان بْن مقرن حين استشار أهل الرأي فِي مناجزة أهل نهاوند، وَكَانَ عَمْرو بْن ثبي من أكبر الناس سنا يومئذ.
(1901) عمرو بْن ثعلبة الجهني،
حديثه عِنْدَ الوضاح بْن سَلَمَة الجهني، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرو بْن ثعلبة الجهني- أَنَّهُ حين أسلم مسح رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجهه [2] ودعا له بالبركة.
(1902) عمرو بن ثعلبة بن وهب بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر بن غم بْن عدي بْن النجار،
أَبُو حكيم أو حكيمة الأَنْصَارِيّ، هُوَ مشهور بكنيته. شهد بدرا وأحدا.
(1903) عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سَلَمَة الأَنْصَارِيّ السُّلَمِيّ،
من بني جشم بْن الخزرج. شهد العقبة، ثُمَّ شهد بدرا، وقتل يَوْم أحد شهيدا، ودفن هُوَ وعبد الله بْن عَمْرو بْن حرام فِي قبرٍ واحدٍ، وكانا صهرين، وَكَانَ عَمْرو بْن الجموح أعرج فقيل لَهُ يَوْم أحد: والله مَا عليك من حرج، لأنك أعرج، فأخذ سلاحه وولى، وَقَالَ: والله إِنِّي لأرجو أن أطأ بعرجتي هَذِهِ فِي الجنة. فلما ولى أقبل على القبلة وَقَالَ: اللَّهمّ ارزقني الشهادة، ولا تردني إِلَى أهلي خائبا، فلما قتل يَوْم أحد جاءت زوجته هند بِنْت عَمْرو بْن حرام فحملته، وحملت أخاها عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو
__________
[1] هكذا في س، وأسد الغابة، وفي ى: عمرو.
[2] في أسد الغابة: مسح رأسه.(3/1168)
ابن حرام على بعير، ودفنا جميعا فِي قبرٍ واحدٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نفسي بيده إن منكم لمن لو أقسم على الله لأبره، منهم عَمْرو بْن الجموح. ولقد رأيته يطأ فِي الجنة بعرجته. وقيل: إن عَمْرو بْن الجموح وابنه خلاد بْن عَمْرو بْن الجموح حملا جميعا على المشركين حين انكشف المسلمون، فقتلا جميعا. وذكره [1] الغلابي، عَنِ الْعَبَّاس بْن بكار، عَنْ أَبِي بَكْر الهذلي، عَنِ الزُّهْرِيّ والشعبي.
قال الغلابي: وأخبرناه أَيْضًا ابْنُ عَائِشَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالُوا: قَدِمَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: مَنْ سَيِّدُكُمْ؟ فَقَالُوا:
الجد بن قيس على بخل فيه. فقال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى [2] مِنَ الْبُخْلِ؟ بَلْ سَيِّدُكُمْ الْجَعْدُ الأَبْيَضُ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ وقال شاعر الأنصار في ذلك:
وَقَالَ رَسُول اللَّهِ- والحق قوله ... لمن قَالَ منا: من تسمون سيدا
فقالوا لَهُ: جد بْن قيسٍ على التي ... نبخله فيها وإن كَانَ أسودا
فتى مَا تخطى خطوةً لدنيةٍ ... ولا مد فِي يومٍ إِلَى سوءةٍ يدا
فسود عَمْرو بْن الجموح لجوده ... وحق لعمرو بالندى أن يسودا
إذا جاءه السؤال أذهب [3] ماله ... وَقَالَ: خذوه إنه عائد غدا
فلو كنت يَا جد بْن قيسٍ على التي ... على مثلها عمرو لكنت مسوّدا
__________
[1] في س: وذكر.
[2] في ى: أدوا. وفي النهاية: وأي داء أدوى من البخل، أي أي عيب أقبح منه والصواب أدوا بالهمز، ولكن هكذا يروى.
[3] في س: أنهب ماله.(3/1169)
هكذا ذكره الغلابي، وكذلك ذكره أَبُو خليفة الْفَضْل بْن الْحُبَاب الْجُمَحِيّ القاضي بالبصرة، عَنْ عُبَيْد الله بْن عَمْرو بْن مُحَمَّد بْن حفص التيمي المعروف بابن عَائِشَة، عَنْ بشر بْن المفضل، عَنِ ابْن شبرمة، عَنِ الشَّعْبِيّ، إلا أَنَّهُ ذكر الشعر عَنِ ابْن عَائِشَة لبعض الأنصار ولم يذكره فِي إسناده عَنِ الشَّعْبِيّ.
وَقَدْ رَوَى حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ابن جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ سَيِّدُكُمْ يَا بَنِي سَلَمَةَ؟ قالوا: الجد بن قيس على بخل فيه.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى [1] مِنَ الْبُخْلِ؟ بَلْ سَيِّدُكُمُ الأَبْيَضُ الْجَعْدُ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ.
وذكره الكديمي، عَنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي الأسود، عَنْ حميد بْن الأسود، عَنْ حجاج الصواف، عَنْ أَبِي الزُّبَيْر، عَنْ جَابِر، قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا بني عَمْرو بْن سَلَمَة، من سيدكم؟ فذكر مثله سواء.
وأما ابْن إِسْحَاق ومعمر فذكرا عَنِ الزُّهْرِيّ هذه القصة لبشر بن البراء ابن معرور على مَا ذكرناه فِي باب بشر [2] بْن البراء بْن معرور.
وَذَكَرَ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَاتِمٍ الْهَرَوِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عن حجاج، عن أبى الزبير، عن
__________
[1] في ى: أدوأ.
[2] صفحة 167(3/1170)
جَابِرٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبَنِي سَلَمَةَ: مَنْ سَيِّدُكُمْ يَا بَنِي سَلَمَةَ؟ قَالُوا: جَدُّ بْنُ قَيْسٍ، عَلَى أَنَّا نُبَخِّلُهُ، قَالَ: فَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنَ الْبُخْلِ! بَلْ سَيِّدُكُمْ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ. وكان على أصنامهم فِي الجاهلية، وَكَانَ يولم على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تزوّج.
(1904) عمرو بْن الْحَارِث،
ويقال: عَامِر بْن الْحَارِث بْن زُهَيْر بْن أَبِي شداد بْن رَبِيعَة بن هلال بن مالك بن ضبة [1] بن الْحَارِث بْن فهر القرشي الفهري، كَانَ قديم الإسلام بمكة، وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية فِي قول ابْن إِسْحَاق والواقدي، ولم يذكره ابْن عقبة ولا أَبُو معشر فيمن هاجر إِلَى أرض الحبشة، وذكره ابْن عقبة في البدريين.
(1905) عمرو بْن الْحَارِث بْن أَبِي ضرار [2] بْن عائذ بْن مَالِك بْن خزيمة،
وَهُوَ المصطلق بْن سَعْد بْن كَعْب بْن عَمْرو، وَهُوَ خزاعة المصطلقي الخزاعي، أخو جويرية بِنْت الْحَارِث بْن أَبِي ضرار بْن عائذ زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. روى عنه أبو وائل شقيق بْن سَلَمَة، وَأَبُو إِسْحَاق السبيعي.
حدثنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ. وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، حدثنا الحارث ابن أَبِي أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَنْبَأَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ خَتَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أخى
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: الصواب هلال بن أهيب بن ضبة.
[2] بكسر المعجمة (التقريب) .(3/1171)
امْرَأَتِهِ، قَالَ: تاللَّه مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مَوْتِهِ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا، وَلا عَبْدًا وَلا أَمَةً وَلا شَيْئًا إِلا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ وَسِلاحَهُ، وَأَرْضًا تَرَكَهَا صدقة.
(1906) عمرو بْن حريث بْن عَمْرو بْن عُثْمَان بن عبد الله بن عمرو [1] بن مخزوم القرشي الْمَخْزُومِيّ،
يكنى أَبَا سَعِيد، رأى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسمع منه، مسح برأسه، ودعا لَهُ بالبركة، وخط لَهُ بالمدينة دارا بقوس وقيل: قبض النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْن اثنتي عشرة سنة.
نزل الكوفة وابتنى بها دارا وسكنها. وولده بها، وزعموا أَنَّهُ أول قرشي اتخذ بالكوفة دارا، وَكَانَ لَهُ فيها قدر وشرف، وَكَانَ قد ولي إمارة الكوفة ومات بها سنة خمس وثمانين، وَهُوَ أخو سَعِيد بْن حريث.
من حديث عَمْرو بْن حريث عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رآه يصلي في نعلين مخصوفتين
(1907) عمرو بْن حزم بْن زَيْد بْن لوذان الخزرجي الْبُخَارِيّ،
من بني مَالِك بْن النجار. من ينسبه [2] فِي بني مَالِك بْن النجار يَقُول: عَمْرو بْن حزم بْن لوذان بْن عَمْرو بْن [عبد بْن] [3] عوف بْن غنم بْن مَالِك بْن النجار الأَنْصَارِيّ. ومنهم من ينسبه فِي بني مَالِك بْن جشم بْن الخزرج.
ومنهم من ينسبه فِي بني ثعلبة بْن زَيْد بْن مناة بْن حَبِيب بْن عبد حارثة بن
__________
[1] في س: عمر.
[2] في ى: ومنهم من ينسبه. وفي س: ومن نسبه.
[3] من س. وفي أسد الغابة: بن عبد عون.(3/1172)
مَالِك. أمه من بني ساعدة، يكنى أَبَا الضحاك، لم يشهد بدرا فيما يقولون. أول مشاهده الخندق، واستعمله رسول الله صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أهل نجران، وهم بنو الْحَارِث بْن كَعْب، وَهُوَ ابْن سبع عشرة سنة، ليفقههم فِي الدين، ويعلم القرآن، ويأخذ صدقاتهم، وذلك سنة عشر بعد أن بعث إليهم خَالِد بْن الْوَلِيد، فأسلموا، وكتب لَهُ كتابا فِيهِ الفرائض والسنن والصدقات والديات ومات بالمدينة سنة إحدى وخمسين. وقيل: سنة ثلاث وخمسين.
وقد قيل: إن عَمْرو بْن حزم توفي في خلافة عمر بن الخطاب رضي اللَّهُ عَنْهُ بالمدينة. وروى عَنْ عَمْرو بْن حزم ابنه مُحَمَّد. وروى عَنْهُ أيضا النَّضْر بْن عَبْد اللَّهِ السُّلَمِيّ، وزياد بْن نُعَيْم الحضرميّ
(1908) عمرو بْن الحكم القضاعي، ثُمَّ القيني.
بعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاملا على بني القين. لا أعرفه بغير ذَلِكَ، فلما ارتد بعض عمال قضاعة كَانَ عَمْرو بْن الحكم وامرؤ القيس بْن الأصبغ ممن ثبت على دينه.
(1909) عمرو بْن الحمق [1] بْن الكاهن بْن حَبِيب الخزاعي،
من خزاعة عِنْدَ أكثرهم. ومنهم من ينسبه فيقول: هُوَ عَمْرو بْن الحمق، والحمق هُوَ سَعْد بْن كَعْب، هاجر إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد الحديبية. وقيل:
بل أسلم عام حجة الوداع، والأول أصح. صحب النبيّ صلى الله عليه وسلم
__________
[1] الحمق- بكسر المهملة وكسر الميم بعدها قاف. والكاهن- بالنون. وانظر الطبقات:
6- 15، وفي التقريب. وقال: كاهل.(3/1173)
وحفظ عَنْهُ أحاديث، وسكن الشام، ثُمَّ انتقل إِلَى الكوفة فسكنها.
وروى عَنْهُ جُبَيْر بْن نُفَيْر، ورفاعة بْن شداد، وغيرهما. وكان ممن سار إِلَى عُثْمَان. وهو أحد الأربعة الذين دخلوا عَلَيْهِ الدار فيما ذكروا، ثُمَّ صار من شيعة علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وشهد معه مشاهده كلها: الجمل، والنهروان، وصفين، وأعان حجر بْن عدي، ثُمَّ هرب فِي زمن زِيَاد إِلَى الموصل، ودخل غارا فنهشته حية فقتلته، فبعث إِلَى الغار فِي طلبه، فوجد ميتا، فأخذ عامل الموصل رأسه، وحمله إِلَى زِيَاد، فبعث بِهِ زِيَاد إِلَى مُعَاوِيَة، وَكَانَ أول رأس حمل فِي الإسلام من بلد إِلَى بلد. وكانت وفاة عَمْرو بْن الحمق الخزاعي سنة خمسين. وقيل: بل قتله عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عُثْمَان الثقفي، عم عَبْد الرَّحْمَنِ بن أم الحكم سنة خمسين.
(1910) عمرو بْن خارجة بْن المنتفق [1] الأسدي حليف أَبِي سُفْيَان بْن حرب.
سكن الشام. وروى عَنْهُ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن غنم، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سمعه يَقُول فِي خطبته: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارثٍ، والولد للفراش، وللعاهر الحجر. وَرَوَى عَنْهُ شهر بْن حوشب.
(1911) عمرو بْن أَبِي خزاعة، ليس بالمعروف.
روى عَنْهُ مكحول في صحبته نظر.
(1912) عمرو بْن خَلَف بْن عُمَيْر بْن جدعان القرشي التيمي.
هو المهاجر
__________
[1] المنتفق- بضم الميم وسكون النون وفتح المثناة وكسر الفاء ويقال: (الخلاصة والمعنى) .(3/1174)
ابن قنفذ بْن عُمَيْر. والمهاجر اسمه عَمْرو. وقنفذ اسمه خَلَف، غلب على كل واحدٍ منهما لقبه. وقد ذكرت [1] المهاجر فِي باب الميم بما يغني عَنْ ذكره هاهنا، لأنه لا يعرف إلا بالمهاجر.
(1913) عمرو بْن رَافِع الْمُزْنِيّ،
قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم النّحر بعد الظهر على بغلته البيضاء، وعلى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رديفه.
(1914) عَمْرو بْن رئاب بْن مهشم بْن سَعِيد بْن سهم القرشي السهمي،
يقال لَهُ أيضا عُمَيْر. كان من مهاجرة الحبشة، وقتل بعين التمر مع خالد ابن الوليد.
[1915) عمرو بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس الأَنْصَارِيّ.
ذكره ابْن عقبة فِي البدريين] [2] .
(1916) عمرو بْن سَالِم بْن كلثوم الخزاعي،
حجازي، رَوَى حديثه المكيون حيث خرج مستنصرا من مكة إِلَى المدينة حَتَّى أدرك رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فأنشأ يقول:
يَا رب [3] إِنِّي ناشد محمدا ... حلف أَبِيهِ وأبينا الأتلدا
إن قريشا أخلفتك الموعدا ... ونقضوا ميثاقك المؤكّدا
وزعموا أن لست تدعوا أحدا ... وهم أذلّ وأقلّ عددا
__________
[1] سيأتي على حسب الترتيب الجديد للكتاب.
[2] من س.
[3] في أسد الغابة: لاهم ... حلف أبينا وأبيه ...(3/1175)
قد [1] جعلوا لي بكداء [2] رصدا ... فادع [3] عباد الله يأتوا مددا
فيهم رَسُول اللَّهِ قد تجردا ... أبيض مثل البدر ينمو صعدا
إن سيم خسفا وجهه تربدا ... في فيلقٍ كالبحر يجري مزبدا
قد قتلونا بالصعيد هجدا ... نتلو القرآن ركعا وسجدا
ووالدا كنا وكنت [4] الولدا ... ثمت أسلمنا ولم ننزع يدا
فانصر رَسُول اللَّهِ [5] نصرا أبدا
فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا نصرني الله إن لم أنصر بني كعبٍ.
(1917) عمرو بْن سراقة بْن المعتمر بْن أنس بْن أداة بْن رزاح [6] بن عبد الله ابن قرط بْن رزاح بْن عدي القرشي العدوي.
شهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها مع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. وتوفي في خلافة عُثْمَان هُوَ وأخوه عَبْد اللَّهِ بْن سراقة.
(1918) عمرو بْن أَبِي سرح بْن رَبِيعَة بْن هلال بن أهيب [7] بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك القرشي الفهري،
يكنى أَبَا سَعِيد، كَانَ من مهاجرة الحبشة، هُوَ وأخوه وَهْب بْن أَبِي سرح، وشهدا جميعا بدرا، هكذا قال
__________
[1] في ى: وقد.
[2] في س: جعلوا لي في كداء.
[3] في س: فادعوا.
[4] في س: وأنت. وفي أسد الغابة: كنت لنا أبا وكنا ولدا.
[5] في س: فانصر هداك الله.
[6] في س: رياح. وانظر الطبقات 3- 281. وفي الإصابة: بن رياح
[7] في أسد الغابة: بن مالك.(3/1176)
مُوسَى بْن عقبة وَمُحَمَّد بْن إِسْحَاق: عَمْرو بن أبى سرح، وكذلك قال هشام ابن مُحَمَّد وَقَالَ الْوَاقِدِيّ، وَأَبُو معشر: هُوَ مَعْمَر بْن أَبِي سرح، وقالا:
شهد بدرا، وأحدا، والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومات بالمدينة سنة ثلاثين فِي خلافة عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، ذكره الطبري رحمه الله.
(1919) عمرو بْن سَعِيد بْن الْعَاص بْن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي.
كان ممن هاجر الهجرتين جميعا هُوَ وأخوه خالد ابن سَعِيد بْن الْعَاص إِلَى أرض الحبشة، ثُمَّ إِلَى المدينة، وقدما معا على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان إسلام خَالِد بْن سَعِيد قبل إسلام أخيه عَمْرو بيسير، وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية مع امرأته فاطمة بِنْت صَفْوَان الكنانية.
وقال الْوَاقِدِيّ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عُمَرَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بن عقبة، عن أم خالد بنت خالد بْنِ سَعِيدٍ، قَالَتْ: قَدِمَ عَلَيْنَا عَمِّي عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ أَرْضَ الْحَبَشَةِ بَعْدَ مَقْدَمِ [1] أَبِي بيسير، فلم يزل هما لك حَتَّى حُمِلَ فِي السَّفِينَتَيْنِ مَعَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدِمُوا عَلَيْهِ وَهُوَ بِخَيْبَرَ سَنَةَ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، فَشَهِدَ عَمْرٌو، مع النبي صلى الله عليه وسلم، الفتح، وَحُنَيْنًا، وَالطَّائِفَ، وَتَبُوكَ، فَلَمَّا خَرَجَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى الشَّامِ كَانَ فِيمَنْ خَرَجَ، فَقُتِلَ يَوْم أَجْنَادِينَ شهيدا.
__________
[1] في ى: تقدم، والمثبت من س.(3/1177)
وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأُمَوِيِّ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَدِمَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ مَعَ أَخِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ إِلَى حَلَقَةٍ فِي يَدِهِ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْحَلَقَةُ فِي يَدِكَ؟ قَالَ: هَذِهِ حَلَقَةٌ صَنَعْتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: فَمَا نَقْشُهَا؟ قَالَ:
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: أَرِنِيهِ. فَتَخَتَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَهَى أَنْ يَنْقُشَ أَحَدٌ عَلَيْهِ، وَمَاتَ وَهُوَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ أَخَذَهُ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ، فَكَانَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ أَخَذَهُ عُمَرُ فَكَانَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ أَخَذَهُ عُثْمَانُ فَكَانَ فِي يَدِهِ عَامَّةَ خِلافَتِهِ حَتَّى سَقَطَ مِنْهُ فِي بِئْرِ أَرِيَسٍ.
واستعمل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْرو بْن سَعِيد على قرى عربية، منها تبوك، وخيبر، وفدك. وقتل عَمْرو بْن سَعِيد مع أخيه أبان بْن سَعِيد بأجنادين سنة ثلاثة عشرة، هكذا قَالَ الْوَاقِدِيّ، وأكثر أهل السير. وقال ابْن إِسْحَاق: قتل عَمْرو بْن سَعِيد بْن الْعَاص يَوْم اليرموك ولم يتابع ابْن إِسْحَاق على ذَلِكَ، والأكثر على أَنَّهُ قتل بأجنادين. وقد قيل: إنه قتل يَوْم مرج الصفر، وكانت أجنادين ومرج الصفر فِي جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة.
(1920) عمرو بْن سُفْيَان بْن عبد شمس بْن سَعْد بْن قائف بْن الأوقص السُّلَمِيّ،
هُوَ أَبُو الأعور السُّلَمِيّ، غلبت عَلَيْهِ كنيته. كان مع مُعَاوِيَة بصفين، وعليه كَانَ مدار حروب مُعَاوِيَة يومئذ. قال ابن أبى حاتم: أبو الأعور عمرو ابن سُفْيَان أدرك الجاهلية، ليست لَهُ صحبة، وحديثه عن النبي صلى الله(3/1178)
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسل: إنما أخاف على أمتي شحا مطاعا، وهوى متبعا، وإماما ضالا. وكان من أصحاب مُعَاوِيَة. كذا ذكره ابْن أَبِي حَاتِم، لم يجعل لَهُ صحبة، وَهُوَ الصواب، وذكره هناك كَثِير. روى عَنْهُ عَمْرو البكالي.
من حديثه عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ: إنما أخاف على أمتي شحا مطاعا، وهوى متبعا، وإماما ضالا، وسيأتي ذكره فِي الكنى.
(1921) عمرو بْن سُفْيَان المحاربي،
رَوَى عَنْهُ فِي نبيذ الجر أَنَّهُ حرام. يعد فِي الشاميين
(1922) عمرو بْن سَلَمَة بْن قَيْس الجرمي.
يكنى أَبَا بريد [1] ، أدرك زمان النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ يؤم قومه على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنه كَانَ أقرأهم للقرآن، وَكَانَ أخذه عَنْ قومه، وعمن كَانَ يمر بِهِ من عِنْدَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد قيل: إنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أَبِيهِ، ولم يختلف فِي قدوم أَبِيهِ على رسول الله صلى الله عليه وسلم. نزل عَمْرو بْن سَلَمَة البصرة. وروى عَنْهُ أَبُو قلابة، وعاصم الأحول، ومسعر بْن حَبِيب الجرمي، وَأَبُو الزُّبَيْر الْمَكِّيّ، وأيوب السختياني.
(1923) عمرو بْن سمرة،
مذكور فِي الصحابة، أظنه الَّذِي قطعت يده فِي السرقة، إذ أمر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقطعها، فَقَالَ: الحمد للَّه الّذي طهّرنى عنك.
__________
[1] أبو يريد- بالموحدة والراء، ويقال بالتحتانية والزاى (التقريب) وفي أسد الغابة:
يريد- بضم الباء الباء الموحدة وفتح الراء المهملة.(3/1179)
(1924) عمرو بْن سَهْل الأَنْصَارِي،
سمع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صلة الرحم: صلة الرحم مثراة فِي المال، محبة فِي الأهل، منسأة فِي الأجل.
(1925) عمرو بْن شأس بْن عُبَيْد بْن ثعلبة،
من بني دودان بْن أَسَد بْن خزيمة الأسدي. له صحبة ورواية. هو ممن شهد الحديبية، وممن اشتهر بالبأس والنجدة. وكان شاعرا مطبوعا. يعد فِي أهل الحجاز. ومن نسبه يَقُول: هُوَ عَمْرو بْن شأس بْن عُبَيْد بْن ثعلبة بْن رويبة بْن مَالِك بْن الْحَارِث بْن سَعْد بْن ثعلبة بْن دودان بْن أَسَد بْن خزيمة. قد قيل التميمي من بني مجاشع بْن دارم، وإنه كَانَ فِي الوفد الذين قدموا من بني تميم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والأول أصح وأكثر، وأشعاره فِي امرأته أم حَسَّان وابنه عرار بْن عَمْرو، مشهورة حَسَّان، ومن قوله فيها وفي عرار ابنه وكانت تؤذيه وتظلمه:
أرادت عرارا بالهوان ومن برد ... عرارا لعمري بالهوان لقد ظلم
فإن كنت مني أو تريدين صحبتي ... فكوني له كالسمن ربت بِهِ الأدم [1]
ويروي:
فكوني لَهُ كالسمن ربت لَهُ الأدم
وهو شعر مجود عجيب، وفيه يَقُول:
وإن عرارا إن يكن غير واضحٍ ... فإنّي أحب الجون ذا المنكب العمم
__________
[1] اللسان- مادة رب. وفي ى، وأسد الغابة: كالشمس. ورواية اللسان: كالسمن رب له الأدم، وفي س: رببه. ورب أديمه: أي طلى برب التمر لأن النحى إذا أصلح بالرب طابت رائحته ومنع السمن من غير أن يفسد طعمه أو ريحه (اللسان) .(3/1180)
ويروى عرار- بالفتح، وعرار- بالكسر. والعرار- بالفتح:
شجر. والعرار- بالكسر: صياح الظلم، وَكَانَ عرار ابنه أسود من أمةٍ سوداء، وكانت امرأته أم حَسَّان السعدية تعيره بِهِ وتؤذي عرارا وتشتمه، فلما أعياه أمرها، ولم يقدر على إصلاحها فِي شأن عرار طلقها، ثُمَّ تبعتها نفسه، وله فيها أشعار كثيرة. وعرار هَذَا هُوَ الَّذِي وجهه الْحَجَّاج برأس عبد الرحمن ابن مُحَمَّد بْن الأَشْعَث إِلَى عَبْد الْمَلِكِ، وكتب معه بالفتح كتابا، فجعل عَبْد الْمَلِكِ يقرأ كتاب الْحَجَّاج، فكلما شك فِي شيءٍ سأل عَنْهُ عرارا فأخبره، فعجب عَبْد الْمَلِكِ من بيانه وفصاحته مع سواده فتمثل:
وإن عرارا إن يكن غير واضح ... فإني أحب الجون ذا المنكب العمم [1]
فضحك عرار، فقال عبد الملك: مالك تضحك! فَقَالَ: أتعرف عرارا يَا أمير المؤمنين الَّذِي قيل فِيهِ هَذَا الشعر؟ قَالَ: لا. قال: فأنا هُوَ. فضحك عَبْد الْمَلِكِ، ثُمَّ قَالَ: حظ وافق كلمة، وأحسن جائزته، ووجهه. هكذا ذكر بعض أهل الأخبار أن هَذَا الخبر كَانَ فِي حين بعث الْحَجَّاج برأس ابْن الأَشْعَث إِلَى عَبْد الْمَلِكِ.
وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبُو محمد عبد الله بن جعفر ابن الْوَرْدِ، حَدَّثَنَا أَبُو حُمَيْدٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ خَلادٍ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْعُتْبِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَتَبَ الحجاج كتابا إلى عبد الملك ابن مَرْوَانَ يَصِفُ لَهُ فِيهِ أَهْلَ الْعِرَاقِ وَمَا ألفاهم عليه من الاختلاف،
__________
[1] في س: إذ المنطق.(3/1181)
وَمَا يَكْرَهَ مِنْهُمْ، وَعَرَّفَهُ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنَ التَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ، وَيَسْتَأْذِنُهُ أَنْ يُودِعَ قُلُوبَهُمْ مِنَ الرَّهْبَةِ، وَمَا يَخِفُّونَ بِهِ إِلَى الطَّاعَةِ. وَدَعَا رَجُلا مِنْ أَصْحَابِهِ كَانَ يَأْنَسُ بِهِ، فَقَالَ لَهُ: انْطَلِقْ بِهَذَا الْكِتَابِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلا يَصِلَنَّ مِنْ يَدِكَ إِلا إِلَى يَدِهِ، فَإِذَا قَبَضَهُ فَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ. فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ، وَجَعَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ كُلَّمَا شَكَّ فِي شَيْءٍ اسْتَفْهَمَهُ، فَوَجَدَهُ أَبْلَغَ مِنَ الْكِتَابِ، فَقَالَ عبد الملك:
وإن عرارا إن يكن غير واضح ... فإني أُحِبُّ الْجَوْنَ ذَا الْمَنْكِبِ الْعَمَمْ
فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَتَدْرِي مَنْ يُخَاطِبُكَ؟ قَالَ: لا.
فَقَالَ: أَنَا وَاللَّهِ عِرَارٌ، وَهَذَا الشِّعْرُ لأَبِي، وَذَلِكَ أَنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَأَنَا مُرْضَعٌ، فَتَزَوَّجَ أَبِي امْرَأَةً، فَكَانَتْ تُسِيءُ وِلايَتِي، فقال أبى:
فإن كنت مني أو تريدين صحبتي ... فكوني لَهُ كَالسَّمْنِ رُبَّتْ لَهُ [1] الأَدَمْ
وَإِلا فَسِيرِي سَيْرَ رَاكِبِ نَاقَةٍ ... تَيَمَّمَ غَيْثًا [2] لَيْسَ فِي سَيْرِهِ أَمَمْ
أَرَادَتْ عِرَارًا بِالْهَوَانِ وَمَنْ يُرِدْ ... عِرَارًا لَعَمْرِي بِالْهَوَانِ لَقَدْ ظُلِمْ
وَإِنَّ عِرَارًا إن يكن غير واضح ... فإني أحب الجون ذَا الْمَنْطِقِ الْعَمَمْ
وعمرو بْن شأس هُوَ القائل:
إذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا ... كفى لمطايانا بوجهك هاديا
أليس تريد [3] العيس خفة أذرعٍ ... وإن كنّ حسرى [4] أن تكون أماميا
__________
[1] في س: به.
[2] في س: خبتا.
[3] في س: يزيد.
[4] في ى: جسرى.(3/1182)
وكان ابْن سِيرِين يحفظ هَذَا الشعر وينشد منه الأبيات، وَهُوَ شعر حسن، يفتخر فِيهِ بخندف على قَيْس.
قال أَبُو عَمْرو الشيباني: جهد عَمْرو بْن شأس أن يصلح بين امرأته فلم يمكنه ذاك، فطلقها ثُمَّ ندم ولام نفسه، فقال:
تذكر ذكرى أم حَسَّان فاقشعر ... على دبرٍ لما تبين مَا ائتمر
تذكرتها وهنا وقد حال دونها ... رعان وقيعان بها الماء والشجر
فكنت كذات البو [1] لما تذكرت ... لها ربعا حنت لمعهده سحر
وذكر الشعر وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شَأْسٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سفيان، حدثنا قاسم ابْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا أبى، حدثنا يعقوب بن إبراهيم ابن سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ مَعْقِلِ بن سنان، عن عبد الله بن نيار، عَنْ عَمْرِو بْنِ شَاسٍ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ آذَيْتَنِي. فَقُلْتُ: مَا أُحِبُّ أَنْ أُوذِيكَ. فَقَالَ: مَنْ آذَى عَلِيًّا فَقَدْ آذَانِي. قَالَ أَحْمَد بْن زُهَيْر: وأخبرناه مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل، حَدَّثَنَا مَسْعُود بن سعد، حدثنا محمد بن إسحاق، عن الفضل بن معقل بن سنان، عن عبد الله بن نيار، عن عمرو بن شاس، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
__________
[1] في ى: وأسد الغابة: البر.
(الاستيعاب ج 3- م 11)(3/1183)
(1926) عمرو بْن شرحبيل لَهُ صحبة،
لا أقف على نسبه، وليس هو عمرو ابن شرحبيل الهمداني أَبُو ميسرة صاحب ابْن مَسْعُود.
(1927) عمرو بْن شُعْبَة الثقفي
ذكر فِي الصحابة، ولا أعرف لَهُ خبرا.
(1928) عمرو بْن صليع [1] المحاربي.
قَالَ الْبُخَارِيّ: لَهُ صحبة.
(1929) عمرو بْن الطفيل بْن عَمْرو بْن طريف الدوسي،
أسلم أبوه، ثُمَّ أسلم بعد، وشهد عَمْرو بْن الطفيل مع أَبِيهِ اليمامة، فقطعت يده يومئذ، وقتل باليرموك شهيدا.
(1930) عمرو بْن طلق [2] بْن زَيْد بْن أُمَيَّة بْن سنان بْن كَعْب بْن غنم بْن سواد الأَنْصَارِيّ السُّلَمِيّ،
شهد بدرا فِي قول أكثرهم، ولم يذكره موسى ابن عقبة في البدريين.
(1931) عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بْن سَعِيد [3] بْن سهم بْن عَمْرو بْن هصيص بْن كَعْب بْن لؤي القرشي السهمي،
يكنى أَبَا عَبْد اللَّهِ، ويقال أَبُو مُحَمَّد.
وأمه النابغة بِنْت حرملة سبية من بني جلان بْن عنزة [4] بْن أَسَد بْن رَبِيعَة بْن نزار. وأخوه لأمه عَمْرو بْن أثاثة العدوي، كَانَ من مهاجرة الحبشة، وعقبة بْن نَافِع بْن عبد قَيْس بْن لقيط من بني الْحَارِث بْن فهر، وزينب بِنْت عَفِيف بْن أَبِي الْعَاص، أم هؤلاء، وأم عَمْرو واحدة، وهي بِنْت حرملة سبية من عنزة، وذكروا أَنَّهُ جعل لرجل ألف درهم على أن يسأل عمرو بن العاص عن أمه
__________
[1] في ى، وأسد الغابة: صليع. وفي التقريب: صليع بمهملتين مصغره
[2] في ى: خلف.
[3] الضبط من س.
[4] عنزة- بفتح المهملة والنون.
(ظهر الاستيعاب ج 3- م 11)(3/1184)
وَهُوَ على المنبر، فسأله فَقَالَ: أمي سلمى بِنْت حرملة تلقب النابغة من بني عنزة، ثُمَّ أحد بني جلان، أصابتها رماح العرب، فبيعت بعكاظ، فاشتراها الفاكه من الْمُغِيرَة، ثُمَّ اشتراها منه عَبْد اللَّهِ بْن جدعان، ثُمَّ صارت إِلَى الْعَاص بْن وائل، فولدت لَهُ، فأنجبت، فإن كَانَ جعل لك شيء فخذه.
قيل: إن عَمْرو بْن الْعَاص أسلم سنة ثمان قبل الْفَتْح. وقيل: بل أسلم بين الحديبية وخيبر، ولا يصح، والصحيح مَا ذكره الْوَاقِدِيّ وغيره أن إسلامه كَانَ سنة ثمان، وقدم هُوَ وخالد بْن الْوَلِيد، وعثمان بن طلحة لمدينة مسلمين، فلما دخلوا على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونظر إليهم قَالَ:
قد رمتكم مكة بأفلاذ كبدها. وكان قدومهم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مهاجرين بين الحديبية وخيبر.
وذكر الْوَاقِدِيّ قَالَ: وفي سنة ثمان قدم عَمْرو بْن الْعَاص مسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أسلم عِنْدَ النجاشي، وقدم معه عُثْمَان بْن طَلْحَة وخالد بْن الْوَلِيد، قدموا المدينة فِي صفر سنة ثمانٍ من الهجرة.
وقيل: إنه لم يأت من أرض الحبشة إلا معتقدا للإسلام، وذلك أن النجاشي كَانَ قَالَ: يَا عَمْرو، كيف يعزب عنك أمر ابْن عمك! فو الله إنه لرسول الله حقا. قال: أنت تقول ذَلِكَ؟ قَالَ: إي والله فأطعني فخرج من عنده مهاجرا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأسلم قبل عام خيبر.
والصحيح أَنَّهُ قدم على رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ فِي سنة ثمانٍ، قبل الْفَتْح بستة أشهر هُوَ وخالد بْن الْوَلِيد، وعثمان بْن طَلْحَة، وَكَانَ هم(3/1185)
بالإقبال إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حين انصرافه من الحبشة، ثُمَّ لم يعزم لَهُ إِلَى الوقت الَّذِي ذكرنا. والله اعلم.
وأمره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على سريةٍ نحو الشام، وَقَالَ لَهُ:
يَا عَمْرو، إِنِّي أريد أن أبعثك فِي جيشٍ يسلمك الله ويغنمك، وأرغب لك من المال رغبة صالحة. فبعثه إِلَى أخوال أَبِيهِ الْعَاص بْن وائل من بلي يدعوهم إلى الإسلام ويستغفرهم إِلَى الجهاد، فشخص عَمْرو إِلَى ذَلِكَ الوجه، فكان قدومه إِلَى المدينة فِي صفر سنة ثمانٍ، ووجهه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جمادى الآخرة سنة ثمانٍ فيما ذكره الْوَاقِدِيّ وغيره إِلَى السلاسل من بلاد قضاعة فِي ثلاثمائة.
وكانت أم والد عَمْرو من بلي، فبعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أرض بلي وعذرة، يستألفهم بذلك، ويدعوهم إِلَى الإسلام، فسار حَتَّى إذا كَانَ على ماء بأرض جذام يقال لَهُ السلاسل، وبذلك سميت تلك الغزوة ذات السلاسل، فخاف فكتب إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من تلك الغزوة يستمده، فأمده بجيشٍ من مائتي فارس من المهاجرين والأنصار أهل الشرف، فيهم أَبُو بَكْر وَعُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وأمر عليهم أَبَا عُبَيْدَة، فلما قدموا على عَمْرو قَالَ: أنا أميركم، وإنما أنتم مددي. وقال [1] أَبُو عُبَيْدَة:
بل أنت أمير من معك، وأنا أمير من معي، فأبى عَمْرو، فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَة:
يَا عمرو، إنّ رسول الله صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عهد إلي: إذا قدمت على عمرو،
__________
[1] في س: فقال.(3/1186)
فتطاوعا، ولا تختلفا، فإن خالفتني أطعتك. قال عَمْرو: فإني أخالفك، فسلم لَهُ أَبُو عُبَيْدَة، وصلى خلفه فِي الجيش كله، وكانوا خمسمائة.
وولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْرو بْن الْعَاص على عمان، فلم يزل عليها حَتَّى قبض رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعمل لعمر وعثمان ومعاوية، وَكَانَ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد ولاه بعد موت يَزِيد بْن أَبِي سُفْيَان فلسطين والأردن، وولى مُعَاوِيَة دمشق وبعلبك والبلقاء، وولى سَعِيد بْن عَامِر بْن خذيم حمص، ثُمَّ جمع الشام كلها لمعاوية، وكتب إِلَى عَمْرو بْن الْعَاص، فسار إِلَى مصر، فافتتحها، فلم يزل عليها واليا حَتَّى مات عُمَر، فأقره عُثْمَان عليها أربع سنين أو نحوها، ثُمَّ عزله عنها، وولاها عَبْد اللَّهِ بْن سَعْد العامري.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا الحسن بن رشيق، حدثنا الدولابي، حدثنا أبو بَكْرٍ الْوَجِيهِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ الْوَجِيهِ، قَالَ: وَفِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ انْتَقَضَتِ الإِسْكَنْدَرِيَّةُ، فَافْتَتَحَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَقَتَلَ الْمُقَاتَلَةَ، وسبى الذرية، فأمر عثمان برد السبي الذين سُبُوا مِنَ الْقُرَى إِلَى مَوَاضِعِهِمْ لِلْعَهْدِ الَّذِي كَانَ لَهُمْ، وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ نَقْضُهُمْ، وَعَزَلَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَوَلَّى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ الْعَامِرِيُّ، وَكَانَ ذَلِكَ بد، الشرّ بين عمرو وعثمان.
قال أَبُو عُمَر: فاعتزل عَمْرو فِي ناحية فلسطين، وَكَانَ يأتي المدينة أحيانا، ويطعن فِي خلال ذَلِكَ على عُثْمَان، فلما قتل عُثْمَان سار إلى معاوية(3/1187)
باستجلاب مُعَاوِيَة لَهُ، وشهد صفين معه، وَكَانَ منه بصفين وفي التحكيم مَا هُوَ عِنْدَ أهل العلم بأيام الناس معلوم، ثُمَّ ولاه مصر، فلم يزل عليها إِلَى أن مات بها أميرا عليها، وذلك فِي يَوْم الفطر سنة ثلاث وأربعين.
وقيل سنة اثنتين وأربعين. وقيل سنة ثمان وأربعين. وقيل سنة إحدى وخمسين. والأول أصح.
وكان لَهُ يَوْم مات تسعون سنة، ودفن بالمقطم من ناحية الْفَتْح [1] ، وصلى عَلَيْهِ ابنه عَبْد اللَّهِ، ثُمَّ رجع فصلى بالناس صلاة العيد، وولي مكانه، ثُمَّ عزله مُعَاوِيَة، وولى أخاه عُتْبَة بْن أَبِي سُفْيَان، فمات عُتْبَة بعد سنة أو نحوها، فولى مسلمة بْن مخلد.
وكان عَمْرو بْن الْعَاص من فرسان قريش وأبطالهم فِي الجاهلية مذكورا بذلك فيهم، وَكَانَ شاعرا حسن الشعر، حفظ عَنْهُ الكثير فِي مشاهد شتى.
ومن شعره فِي أبياتٍ لَهُ يخاطب عُمَارَة بْن الوليد بن المغيرة عند النجاشي:
إذا المرء لم يترك طعاما يحبه ... ولم ينه قلبا غاويا حيث يمما
قضى وطرا منه وغادر سبةً ... إذا ذكرت أمثالها تملأ الفما
وكان عَمْرو بْن الْعَاص أحد الدهاة [فِي أمور الدنيا] [2] المقدمين فِي الرأي والمكر والدهاء، وَكَانَ عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إذا استضعف رجلا فِي رأيه وعقله قَالَ: أشهد أن خالقك وخالق عَمْرو واحد، يريد خالق الأضداد.
__________
[1] في س: من ناحية الفج.
[2] من س.(3/1188)
ولما حضرته الوفاة قَالَ: اللَّهمّ إنك أمرتني فلم آتمر، وزجرتني فلم أنزجر، ووضع يده فِي موضع الغل، وَقَالَ: اللَّهمّ لا قوي فأنتصر، ولا بريء فأعتذر، ولا مستكبر بل مستغفر، لا إله إلا أنت. فلم يزل يرددها حَتَّى مات.
حَدَّثَنَا خَلَف بْن الْقَاسِم، حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن رَشِيق، حَدَّثَنَا الطحاوي، حَدَّثَنَا الْمُزْنِيّ، قَالَ: سمعت الشافعي يَقُول: دخل ابْن عَبَّاس على عَمْرو بْن الْعَاص فِي مرضه فسلم عَلَيْهِ، وَقَالَ: كيف أصبحت يَا أَبَا عَبْد اللَّهِ؟ قَالَ:
أصلحت من دنياي قليلا، وأفسدت من ديني كثيرا، فلو كَانَ الَّذِي أصلحت هُوَ الَّذِي أفسدت، وَالَّذِي أفسدت هُوَ الَّذِي أصلحت لفزت، ولو كَانَ ينفعني أن أطلب، طلبت، ولو كَانَ ينجيني أن أهرب هربت، فصرت كالمنجنيق بين السماء والأرض. لا أرقى بيدين، ولا أهبط برجلين، فعظني بعظةٍ أنتفع بها يَا بْن أخي. فقال لَهُ ابْن عَبَّاس: هيهات يَا أَبَا عَبْد اللَّهِ! صار ابْن أخيك أخاك، ولا نشاء أن أبكى [1] إلا بكيت، كيف يؤمن [2] برحيل من هُوَ مقيم؟ فَقَالَ عَمْرو: على حينها من حين ابْن بضع وثمانين سنة، تقنطني من رحمة ربي، اللَّهمّ إن ابْن عَبَّاس يقنطني من رحمتك، فخذ مني حَتَّى ترضى. قال ابْن عَبَّاس: هيهات يَا أَبَا عَبْد اللَّهِ! أخذت جديدا، وتعطى خلقا. فَقَالَ عَمْرو: مَا لي ولك يَا بْن عَبَّاس! مَا أرسل كلمة إلا أرسلت نقيضها.
__________
[1] في س: ولا تشاء أن تبكى.
[2] في س: يؤمر،(3/1189)
أخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْرُورٍ الْعَسَّالُ بِالْقَيْرَوَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُعَتِّبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنِ شَمَّاسَةَ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ الْوَفَاةُ بَكَى، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ: لِمَ تَبْكِي، أَجَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ؟ قَالَ: لا، وَاللَّهِ، وَلَكِنْ لِمَا بَعْدَهُ. فَقَالَ لَهُ: قُدْ كُنْتَ عَلَى خَيْرٍ، فَجَعَلَ يُذَكِّرُهُ صُحْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفُتُوحَهُ الشَّامَ، فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: تَرَكْتُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ شَهَادَةَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، إِنِّي كُنْتُ عَلَى ثَلاثَةِ أَطْبَاقٍ لَيْسَ مِنْهَا طَبَقٌ إِلا عَرَفْتُ نَفْسِي فِيهِ، وَكُنْتُ أَوَّلَ شَيْءٍ كَافِرًا، فَكُنْتُ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَوْ مِتُّ يَوْمَئِذٍ وَجَبَتْ لِيَ النَّارُ. فَلَمَّا بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنْتُ أَشَدَّ النَّاسِ حَيَاءً مِنْهُ، فَمَا مُلِئَتْ عَيْنِي مِنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم حياء مِنْهُ، فَلَوْ مِتُّ يَوْمَئِذٍ قَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لِعَمْرٍو. أَسْلَمَ وَكَانَ عَلَى خَيْرٍ، وَمَاتَ عَلَى خَيْرِ أَحْوَالِهِ، فَتُرْجَى لَهُ الْجَنَّةُ، ثُمَّ تَلَبَّسْتُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالسُّلْطَانِ وَأَشْيَاءَ، فَلا أَدْرِي أَعَلَيَّ أَمْ لِي؟ فَإِذَا مِتُّ فَلا تَبْكِيَنَّ عَلَيَّ بَاكِيَةٌ، وَلا يَتْبَعُنِي مَادِحٌ [1] . وَلا نَارٌ، وَشُدُّوا عَلَيَّ إِزَارِي، فَإِنِّي مُخَاصَمٌ، وَشُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا، فَإِنَّ جَنْبِيَ الأَيْمَنِ لَيْسَ بِأَحَقَ بِالتُّرَابِ مِنْ جَنْبِيَ الأَيْسَرِ، وَلا تَجْعَلَنَّ فِي قَبْرِي خشبة ولا حجرا، وإذا وواريتموني فَاقْعُدُوا عِنْدِي قَدْرَ نَحْرِ جَزُورٍ وَتَقْطِيعِهَا [بَيْنَكُمْ [2]] أستانس بكم.
__________
[1] في أسد الغابة: نائحة.
[2] ليس في س.(3/1190)
وروى أَبُو هُرَيْرَةَ وعمارة بْن حزم جميعا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: ابنا الْعَاص مؤمنان: عَمْرو، وهشام
(1932) عمرو بْن عَبْد اللَّهِ الأَنْصَارِي،
لا أعرفه أكثر من أَنَّهُ رَوَى قَالَ:
رأيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكل كتف شاة، ثُمَّ قام فتمضمض، وصلى، ولم يتوضأ. فيه نظر، ضعف الْبُخَارِيّ إسناده.
(1933) عمرو بْن عَبْد اللَّهِ الضبابي.
ذكره ابْن إِسْحَاق فِي الوفد الَّذِي قدموا فِي سنة عشر مع خَالِد بن الْوَلِيد على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأسلموا مع بني الْحَارِث بْن كَعْب، وذكره الواقدي.
(1934) عمرو بْن عَبْد اللَّهِ القاري.
ويقال عَمْرو بْن القاري. وهو من القارة قَالَ خليفة: هُوَ من بني غالب بْن أثيع بْن الهون بْن خزيمة بْن مدركة، ثُمَّ من بني القارة بْن الديش. وقال الزُّبَيْر: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أثيع بْن الهون هُوَ القارة، ولم يختلفوا فِي أثيع أن الثاء قبل الياء، وعمر وَهُوَ جد عُبَيْد الله بْن عِيَاض، حَدِيثُهُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَمْرِو بْنِ الْقَارِي أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ يَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ، وَذَلِكَ بَعْدَ مَا رَجَعَ مِنَ الْجِعْرَانَةَ، وَقَسَمَ الْغَنَائِمَ، وَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي مَالا كَثِيرًا، وَيَرِثُنِي كَلالَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ: لا. قال: فبثلثيه؟ قال: لا.
قال: فثلثه؟ قَالَ: نَعَمْ- وَذَلِكَ كَثِيرٌ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِيهِ،(3/1191)
عَنْ جَدِّهِ عَمْرِو بْنِ الْقَارِي أَنَّهُ سَمِعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إِنْ مَاتَ سَعْدٌ بِمَكَّةَ فَادْفِنْهُ هَاهُنَا، وَأَشَارَ نَحْوَ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ. وذكر حديث الوصية أن ذَلِكَ كَانَ عام الْفَتْح كما قَالَ ابْن عيينة.
(1935) عمرو بن عبد الله بن أبى قيس العامري،
من بنى عامر بن لؤيّ، قتل يوم الجمل.
(1936) عمرو بْن عبد نهم الأسلمي،
هُوَ الَّذِي دلّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطريق يَوْم الحديبية، فِيهِ نظر.
(1937) عمرو بْن عبسة [1] بْن عَامِر [2] بْن خَالِد السُّلَمِيّ،
يكنى أَبَا نَجِيح، ويقال أَبُو شعيب، وينسبونه عمرو بن عبسة بن عامر بن خالد بْن غاضرة بْن [3] عتاب بْن امرئ القيس بْن بهثة بْن سُلَيْم أسلم قديما فِي أول الإسلام، وروينا عَنْهُ من وجوه أَنَّهُ قَالَ: ألقي فِي روعي أن عبادة الأوثان باطل، فسمعني رجل وأنا أتكلم بذلك، فَقَالَ: يَا عَمْرو، إن بمكة رجلا يَقُول كما تقول. قال: فأقبلت إِلَى مكة أول مَا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ مستخف، فقيل لي: إنك لا تقدر عَلَيْهِ إلا بالليل حين يطوف، فنمت بين يدي الكعبة، فما شعرت إلا بصوته بهلّل، فخرجت إِلَيْهِ فقلت: من أنت؟ فَقَالَ: أنا نبي الله فقلت: وما نبي الله؟ فَقَالَ: رَسُول اللَّهِ. فقلت: بم أرسلك؟ قَالَ: أن تعبد الله وحده لا تشرك بِهِ شيئا، وتكسر الأوثان،
__________
[1] عبسة- بعين وموحدة مفتوحتين.
[2] في الطبقات (7- 125) : بن عبسة بن خالد بن حذيفة بن عمرو بن حلف.
[3] في هوامش الاستيعاب: وغاضرة بن عتاب لا يعرف، وإنما هو غاضرة بن خفاف.
والأول تصحيف لا محالة (75) .(3/1192)
وتحقن الدماء. قلت: ومن معك على هَذَا؟ قَالَ: حر وعبد يَعْنِي أَبَا بَكْر، وبلالا. فقلت: أبسط يدك أبايعك، فبايعته على الإسلام. قال: فلقد رأيتني وأنا ربع [1] الإسلام. قال. وقلت: أقيم معك يَا رَسُول اللَّهِ؟ قَالَ: لا، ولكن الحق بقومك، فإذا سمعت أني قد خرجت فاتبعني قَالَ: فلحقت بقومي، فمكثت دهرا منتظرا خبره حَتَّى أتت رفقة من يثرب، فسألتهم عَنِ الخبر، فقالوا: خرج مُحَمَّد من مكة إِلَى المدينة، قَالَ: فارتحلت حَتَّى أتيته. فقلت:
أتعرفني؟ قال: نعم، أنت الرجل الَّذِي أتيتنا بمكة. وذكر الخبر طويلا.
يعد عَمْرو بْن عبسة فِي الشاميين. روى عَنْهُ أَبُو أمامة الباهلي، وَرَوَى عَنْهُ كبار التابعين بالشام، منهم شرحبيل بن السمط، وسليم بن عامر، وضمرة ابن حَبِيب، وغيرهم.
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ، وَخَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حدثنا جعفر بن محمد الفرياني، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَلاءِ الزُّبَيْدِيُّ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عمرو السّيبانى [2] ، عَنْ أَبِي سَلامٍ الْحَبَشِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشَّيْبَانِيِّ- أنهما سمعا أبا أمامة الباهلي يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْسَةَ، قَالَ: رَغِبْتُ عَنْ آلِهَةِ قَوْمِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَرَأَيْتُ أَنَّهَا آلِهَةٌ بَاطِلَةٌ، يَعْبُدُونَ الْحِجَارَةَ، وَالْحِجَارَةُ لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ. قَالَ: فَلَقِيتُ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ أَفْضَلِ الدِّينِ، فَقَالَ: يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ مَكَّةَ يَرْغَبُ عَنْ آلِهَةِ قَوْمِهِ وَيَدْعُو إِلَى غَيْرِهَا، وَهُوَ يَأْتِي بِأَفْضَلِ الدِّينِ، فَإِذَا سَمِعْتَ بِهِ فَاتَّبِعْهُ فَلَمْ يَكُنْ لِي همّ إلا مكة أسأل هل حديث فيها أمر؟ فيقولون: لا. فأنصرف
__________
[1] ربع الإسلام: رابع من أسلم.
[2] في الأصول: الشيباني. والتصحيح من هوامش الاستيعاب واللباب.(3/1193)
إِلَى أَهْلِي، وَأَهْلِي مِنَ الطَّرِيقِ غَيْرُ بَعِيدٍ، فَأَعْتَرِضُ الرُّكْبَانَ خَارِجِينَ مِنْ مَكَّةَ، فَأَسْأَلُهُمْ هَلْ حَدَثَ فِيهَا حَدَثٌ؟ فَيَقُولُونَ: لا. فَإِنِّي لَقَاعِدٌ عَلَى الطَّرِيقِ يَوْمًا إِذْ مَرَّ بِي رَاكِبٌ، فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ؟ فَقَالَ: مِنْ مَكَّةَ قُلْتُ: هَلْ فِيهَا مِنْ خَبَرٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، رَجُلٌ رَغِبَ عَنْ آلِهَةِ قَوْمِهِ، ثُمَّ دَعَا إِلَى غَيْرِهَا قُلْتُ: صَاحِبِي الَّذِي أُرِيدُهُ، فَشَدَدْتُ رَاحِلَتِي، وَجِئْتُ مَكَّةَ، وَنَزَلْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ أَنْزِلُ فِيهِ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَوَجَدْتُهُ مُسْتَخْفِيًا، وَوَجَدْتُ قُرَيْشًا إِلْبًا عَلَيْهِ، فَتَلَطَّفْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ ثُمَّ قُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: نَبِيٌّ قُلْتُ: وَمَا النَّبِيُّ؟ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ. قُلْتُ: وَمَنْ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: اللَّهُ. قُلْتُ: بِمَ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: أَنْ تُوصَلَ الأَرْحَامُ، وَتُحْقَنَ الدِّمَاءَ، وَتُؤَمَّنَ السُّبُلُ، وَتُكْسَرَ الأَوْثَانَ، وَتَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَلا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا فَقُلْتُ: نَعَمْ مَا أُرْسِلْتَ بِهِ! أُشْهِدُكَ أَنِّي قَدْ آمَنْتُ بِكَ وَصَدَّقْتُكَ أَمْكُثُ مَعَكَ أَمْ تَأْمُرُنِي أَنْ آتِيَ أَهْلِي؟ قَالَ: قَدْ رَأَيْتَ كَرَاهِيَةَ النَّاسِ بِمَا جِئْتُ بِهِ، فامكث في أهلك، فإذا سمعت أبى قَدْ خَرَجْتُ مَخْرَجًا فَاتَّبِعْنِي فَلَمَّا سَمِعْتُ بِهِ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ مَرَرْتُ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هَلْ تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، أَنْتَ السُّلَمِيُّ الَّذِي جِئْتَنِي بِمَكَّةَ، فَعَلْتَ لِي كَذَا، وَقُلْتَ كَذَا، وذكر تمام الخبر.
(1938) عمرو بن عثمان بن [عمرو بن] [1] بن كعب بن سعد بن تيم بن مُرَّةَ القرشي التيمي،
أمه هند امرأة من بني لَيْث بْن بَكْر، وَكَانَ من مهاجرة الحبشة. قتل بالقادسية مع سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص فِي خلافة عُمَر بْن الخطاب. وليس له عقب
__________
[1] من س.(3/1194)
(1939) عمرو بْن أَبِي عَمْرو [1] بْن شداد الفهري، من بنى الحارث بن فهر ابن مَالِك،
ثُمَّ من بني ضبة، يكنى أَبَا شداد. شهد بدرا، ومات سنة ست وثلاثين. قال الْوَاقِدِيّ فِي تسمية من شهد بدرا: من بني الْحَارِث بْن فهر ثُمَّ من بني ضبة عَمْرو بْن أَبِي عَمْرو، شهدها وهو ابن ثنتين وثلاثين سنة، ومات سنة ست وثلاثين، يكنى أبا شداد.
(1940) عمرو بْن عُمَيْر.
مختلف فِيهِ، فيقال عَمْرو بْن عُمَيْر كما ذكرنا، ويقال عَامِر بْن عُمَيْر. ويقال عُمَارَة بْن عُمَيْر. ويقال عَمْرو بْن بلال.
ويقال عَمْرو الأَنْصَارِيّ، وَهَذَا الاختلاف كله فِي حديث واحد، قَالَ: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: وجدت ربي ماجدا كريما، أعطاني مع كل رجلٍ من السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب- أعطاني مع كل واحد منهم سبعين ألفا، فقلت: يَا رب، أمتي لا تسع هَذَا. فَقَالَ: أكملهم لك من الأعراب وَهُوَ حديث فِي إسناده اضطراب.
(1941) عمرو بْن عنمة بْن عدي بْن نابي [من بني سَلَمَة] [2] الأَنْصَارِيّ السُّلَمِيّ الخزرجي،
شهد بيعة العقبة مع أخيه ثعلبة بْن عنمة، وَهُوَ أحد البكاءين الذين نزلت فيهم [3] : وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ ... 9: 92 الآية.
__________
[1] في س: عمرو بن شداد وفي الطبقات (3- 304) : بن أبى عمر بن ضبة بن فهر من محارب بن فهر. ويكنى أبا شداد. وقال موسى بن عقبة: عمرو بن الحارث.
[2] ليس في س.
[3] سورة التوبة، آية 93(3/1195)
(1942) عمرو بْن عوف الأَنْصَارِيّ. حليف لبني عَامِر بْن لؤي،
شهد بدرا. ويقال لَهُ عُمَيْر. وقال ابْن إِسْحَاق: هُوَ مولى سهيل بْن عَمْرو العامري. سكن المدينة، لا عقب لَهُ. روى عَنْهُ المسور بْن مخرمة حديثا واحدا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس البحرين.
(1943) عمرو بْن عوف الْمُزْنِيّ.
وَهُوَ عَمْرو بْن عوف بْن زَيْد بْن مليحة.
ويقال ملحة بْن عَمْرو بْن بَكْر [بْن أفرك] [1] بْن عُثْمَان بْن عمرو بن أدّ ابن طابخة بْن إلياس بْن مضر، وكل من كَانَ من ولد عَمْرو بْن أد بْن طابخة فهم ينسبون إِلَى أمهم مزينة بِنْت كلب بْن وبرة. كان عَمْرو بْن عوف الْمُزْنِيّ قديم الإسلام، يقال: إنه قدم مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، ويقال: إن أول مشاهده الخندق، وكان أحد البكاءين الذين قَالَ الله تعالى فيهم [2] : تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ من الدَّمْعِ ... 9: 92 الآية.
له منزل بالمدينة، ولا يعرف حي من العرب لهم مجالس بالمدينة غير مزينة.
وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ كثير بن عبد الله بن عمرو بن عَوْفٍ الْمُزْنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَصَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا.
سكن المدينة ومات بها فِي آخر خلافة مُعَاوِيَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، ويكنى أَبَا عَبْد اللَّهِ، حكاه الْوَاقِدِيّ. مخرج حديثه عَنْ ولده، هم ضعفاء عِنْدَ أهل الحديث، وَهُوَ جد كَثِير بْن عَبْد اللَّهِ بن عمرو بن عوف.
__________
[1] ليس في س.
[2] سورة المائدة، آية 86(3/1196)
(1944) عمرو بْن غزية بْن عَمْرو بْن ثعلبة بن خنساء بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار الأنصاري المازني،
شهد العقبة، ثُمَّ شهد بدرا، وَهُوَ والد الْحَجَّاج بْن عَمْرو بْن غزية وإخوته، وهم: الْحَارِث، وعبد الرحمن، وزيد، [وسعيد] [1] وأكبرهم الْحَارِث. وله صحبة، واختلف فِي صحبة الْحَجَّاج، ولم تصح لغيرهما من ولده صحبة. والله أعلم.
(1945) عمرو بْن غيلان الثقفي.
حديثه عِنْدَ أهل الشام ليس بالقوي، يكنى أَبَا عَبْد اللَّهِ، وأبوه غيلان بْن سَلَمَة، لَهُ صحبة، سيأتي ذكره في بابه وابنه عبد الله ابن عَمْرو بْن غيلان من كبار رجال مُعَاوِيَة، قد ولاه البصرة بعد موت زِيَاد حين عزل عنها سمرة [2] ، فأقام أميرها ستة أشهر، ثم عزله، وولّاها عبيد الله ابن زِيَاد، فلم يزل واليها حَتَّى مات، فأقره يزيد.
(1946) عمرو بْن الفغواء [3] بْن عُبَيْد بْن عَمْرو بن مازن الخزاعي،
أخو علقمة ابن الفغواء. روى عَنْهُ ابنه عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو، وحديثه عِنْدَ ابْن إِسْحَاق.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، وَيَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قَالُوا:
حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عِيسَى بْنِ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْفَغْوَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَنِي بِمَالٍ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ يُقَسِّمُهُ في قريش بمكة بعد
__________
[1] ليس في س.
[2] هو سمرة بن جندب- كما في أسد الغابة.
[3] الفغواء- بفاء مفتوحة وغين معجمة.(3/1197)
الْفَتْحِ، قَالَ: الْتَمَسَ صَاحِبًا قَالَ: فَجَاءَنِي عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ، فَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تُرِيدُ الْخُرُوجَ، وَأَنَّكَ تَلْتَمِسُ صَاحِبًا. قُلْتُ: أَجَلْ. قَالَ: فَأَنَا لَكَ صَاحِبٌ.
قَالَ: فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: وَجَدْتُ صَاحِبًا. وكان رسول الله صلى الله عليه قَالَ لِي: إِذَا وَجَدْتَ صَاحِبًا فَآذِنِّي. قَالَ: فَقَالَ: مَنْ؟ قُلْتُ:
عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ قال: فقال: إِذَا هَبَطْتَ بِلادَ قَوْمِهِ فَاحْذَرْهُ، فَإِنَّهُ قَدْ قَالَ الْقَائِلُ: أَخُوكَ الْبَكْرِيُّ وَلا تَأْمَنْهُ.
(1946) عمرو بْن قَيْس بْن زائدة بْن الأصم،
والأصم هُوَ جندب بْن هرم بْن رواحة بْن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي القرشي العامري هو ابن أم مكتوم المؤذن، وأمه أم مكتوم، واسمها عاتكة بِنْت عَبْد اللَّهِ بْن عنكثة بْن عَامِر بْن مخزوم.
واختلف فِي اسم ابْن أم مكتوم، فقيل عَبْد اللَّهِ على مَا ذكرناه فِي العبادلة.
وقيل: عَمْرو، وَهُوَ الأكثر عِنْدَ أهل الحديث، وكذلك قَالَ الزُّبَيْر ومصعب قَالُوا: وَهُوَ ابْن خال خديجة بِنْت خويلد أخي أمها، وَكَانَ ممن قدم المدينة مع مصعب بْن عُمَيْر قبل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال الْوَاقِدِيّ: قدمها بعد بدر بيسير، واستخلفه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المدينة ثلاث عشرة مرة فِي غزواته: فِي غزوة الأبواء، وبواط، وذي العشيرة، وخروجه إِلَى ناحية جهينة فِي طلب كرز بْن جَابِر، وفي غزوة السويق، وغطفان، وأحد، وحمراء الأسد، ونجران، وذات الرقاع، واستخلفه حين سار إِلَى بدر، ثُمَّ رد أَبَا لبابة واستخلفه عليها، واستخلف عَمْرو بْن أم مكتوم أيضا في خروجه(3/1198)
إِلَى حجة الوداع، وشهد ابْن أم مكتوم فتح القادسية، وَكَانَ معه اللواء يومئذ، وقتل شهيدا بالقادسية.
وقال الْوَاقِدِيّ: رجع ابْن أم مكتوم من القادسية إِلَى المدينة، فمات، ولم يسمع لَهُ بذكر بعد عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو عُمَر: ذكر ذَلِكَ جماعة من أهل السير والعلم [بالنسب] [1] والخبر. وأما رواية قَتَادَة، عَنْ أنس، أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استخلف ابْن أم مكتوم على المدينة مرتين فلم يبلغه مَا بلغ غيره، والله أعلم.
(1947) عمرو [2] بْن قيس بن زيد بن سواد بن مالك بْن غنم الأَنْصَارِيّ النجاري،
شهد بدرا فِي قول أَبِي معشر، وَمُحَمَّد بْن عُمَر الْوَاقِدِيّ، وعبد الله بن محمد ابن عُمَارَة، ولا خلاف فِي أَنَّهُ قتل يَوْم أحد شهيدا هُوَ وابنه قَيْس بْن عَمْرو، يقال: إنه قتله نوفل بن معاوية الدّئليّ، واختلف فِي شهود ابنه قَيْس بْن عَمْرو بدرا كالاختلاف فِي أَبِيهِ، وقالوا جميعا: شهد أحدا وقتل يومئذ.
(1948) عمرو بْن قَيْس بْن مالك بن كعب بن عبد الأشهل بن حارثة بْن دينار بْن النجار.
قتل يَوْم أحد شهيدا، يكنى أَبَا حمام [3] .
(1949) عمرو بْن كَعْب اليامي [4] .
بطن من همدان. يقال: إنه جد طلحة ابن مصرف. وقال بعض أصحاب الحديث: إن جد طلحة بن مصرف صخر ابن عَمْرو. وقال غيره: كَعْب بْن عَمْرو، فاللَّه أعلم.
__________
[1] من س.
[2] الطبقات: 3- 57
[3] في هوامش الاستيعاب: قال ابن دريد: ومنهم أبو خارجة، وهو عمرو بن قيس، شهد بدر (ورقة 75) .
[4] في ى: اليمامي.(3/1199)
(1950) عمرو بْن مَالِك بْن قَيْس بْن بجيد الرواسي [1] .
كوفي. وفد على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أَبِيهِ مَالِك بْن قَيْس، فأسلما. وقال قوم: إن الصحبة لأبيه مَالِك بْن قَيْس بْن بجيد بْن رواس. واسم رواس الْحَارِث بْن كلاب بْن رَبِيعَة بْن عَامِر بْن صعصعة.
(1951) عمرو بْن محصن بْن حرثان [2] بن قيس بن مرة بن كثير بن غنم ابن دودان بْن أَسَد بْن خزيمة،
أخو عكاشة بْن محصن، شهد أحدا.
(1952) عمرو بْن مُرَّةَ بْن عبس [3] بْن مَالِك الجهني.
أحد بني غطفان بن قيس ابن جهينة. ويقال: الجهني. ويقال: الأسدي. ويقال: الأزدي.
والأكثر الجهني. وهذا الأصح إن شاء الله تعالى. يكنى أَبَا مَرْيَم. أتى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلم، وَقَالَ: آمنت بكل مَا جئت بِهِ من حلال وحرام، وإن أرغم ذَلِكَ كثيرا من الأقوام ... في حديث طويل ذكره.
كان إسلامه قديما، وشهد مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكثر المشاهد.
ومات فِي خلافة مُعَاوِيَة. ومن حديثه عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيما والٍ أو قاضٍ أغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة أغلق الله أبواب السماء دون حاجته وخلته ومسكنته. وله حديث فِي أعلام النبوة. روى عَنْهُ جماعة، منهم الْقَاسِم بْن مخيمرة، وعيسى بْن طَلْحَة.
(1953) عمرو بْن مُرَّةَ [4] ،
رَوَى الحديث الَّذِي جرى فِيهِ ذكر صفوان ابن أمية.
__________
[1] في التهذيب: الراسبي.
[2] في ى: حدثان.
[3] في هوامش الاستيعاب: بخط كاتب الأصل في الهامش: عبيس (ورقة 77) .
[4] في س: قرة.(3/1200)
(1954) عمرو بْن المسبح [1] .
ويقال: ابْن المسبح بْن كعب بن طريف ابن عصر [2] الثعلي الطائي، من بني ثعل بْن عمرو بن غوث [3] بن طى.
قَالَ الطبري: عاش عَمْرو بْن المسبح مائة وخمسين سنة، ثُمَّ أدرك النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووفد إِلَيْهِ، وأسلم، قَالَ: وَكَانَ أرمى العرب، وله يقول امرؤ القيس:
رب رامٍ من بني ثعلٍ ... مخرجٍ كفيه من قتره [4]
(1955) عمرو بْن مطرف، أو مطرف بْن عَلْقَمَة بْن عَمْرو بْن ثقف الأَنْصَارِيّ،
قتل يَوْم أحد شهيدا.
(1956) عمرو بْن مُعَاذ بْن النعمان الأَنْصَارِيّ الأشهلي،
من بني عبد الأشهل، شهد مع أخيه سَعْد بْن مُعَاذ بدرا، وقتل يَوْم أحد شهيدا، لا عقب لَهُ، قتله ضرار بْن الخطاب، وَكَانَ لَهُ يَوْم قتل اثنان وثلاثون سنة.
(1957) عمرو بْن معبد بْن الأزعر بْن زَيْد بن العطاف بن ضبيعة بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بْن مَالِك بْن الأوس الأَنْصَارِيّ الضبيعي،
شهد بدرا.
ويقال فِيهِ عُمَيْر [5] بْن معبد. والأكثر يقولون عَمْرو بْن معبد. كذلك ذكره ابْن إسحاق وغيره.
(1958) عمرو بن معديكرب الزبيدي.
يكنى أَبَا ثور، قدم على رَسُول الله
__________
[1] المسبح- بضم الميم وفتح السين وكسر الباء الموحدة (أسد الغابة) .
وفي هوامش الاستيعاب: مسيح- بفتح الياء وتشديدها. وذكر ابن دريد في الاشتقاق مسيح- فعيل من مسح.
[2] عصر- بفتح العين والصاد- أسد الغابة.
[3] في س: عوف.
[4] في ى: من ستره. وفي الديوان: متلج كفيه في قتره (123) .
[5] كذا ذكره في الطبقات (3- 34) .(3/1201)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وفد زبيد فأسلم، وذلك فِي سنة تسع. وقال الْوَاقِدِيّ:
فِي سنة عشر. وقد رَوَى عَنِ ابْن إِسْحَاق بعض أهل المغازي مثل ذَلِكَ.
وذكر الطبري، عن ابن حميد، عن سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد الله ابن أَبِي بَكْر: قدم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم عمرو بن معديكرب فِي وفد زبيد فأسلم، وذكر لَهُ خبرا طويلا مع قَيْس بْن المكشوح [1] .
قال أَبُو عُمَر: أقام بالمدينة برهة، ثُمَّ شهد عامة الفتوح بالعراق، وشهد مع أَبِي عُبَيْد بْن مَسْعُود، ثُمَّ شهد مع سَعْد، وقتل يَوْم القادسية. وقيل:
بل مات عطشا يومئذ، وَكَانَ فارس العرب مشهورا بالشجاعة، يقال فِي نسبه: عمرو بن معديكرب بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن عَاصِم [2] بن عمرو ابن زبيد الأصغر، وَهُوَ منبه بْن رَبِيعَة بْن سَلَمَة بْن مازن بْن رَبِيعَة بْن منبه ابن زبيد الأكبر بْن الْحَارِث بْن صعب بْن سعد العشيرة بن مذحج بن أدد ابن زَيْد بْن كهلان بْن سبأ.
وقيل: بل مات عمرو بن معديكرب سنة إحدى وعشرين بعد أن شهد وقعة نهاوند مع النعمان بْن مقرن، وشهد فتحها، وقاتل يومئذ حَتَّى كَانَ الْفَتْح، وأثبتته الجراحات يومئذٍ، فحمل فمات بقرية من قرى نهاوند يقال لها روذة [3] فقال بعض شعرائهم:
__________
[1] في الطبقات (5- 383) : واسم مكشوح هبيرة بن عبد يغوث.
[2] في س، والطبقات: عصم.
[3] روذة- بضم أوله وسكون ثانيه وذال معجمة، وآخره هاء: محلة بالري (ياقوت) .(3/1202)
لقد غادر الركبان يَوْم تحملوا ... بروذة شخصا لا جبانا ولا غمرا
فقل لزبيدٍ بل لمذحج كلها ... رزئتم أَبَا ثورٍ قريعكم عمرا
من حديثه عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: علمنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التلبية: لبيك اللَّهمّ، لبيك، لا شُرَيْك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك، والملك لا شُرَيْك لك ... فِي حديث طويل ذكره.
قال شرحبيل بْن القعقاع: سمعت عمرو بن معديكرب يَقُول: لقد رأيتنا من قريب ونحن إذا حججنا في الجاهلية نقول:
لبيك تعظيما إليك عذرا ... هذي زبيد قد أتتك قسرا
تعدو بها مضمرات شزرا ... يقطعن خبتا وجبالا وعرا
قد تركوا الأوثان خلوا صفرا
فنحن والحمد للَّه نقول اليوم كما علمنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكره.
أَنْبَأَنَا [1] خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بن رشيق، حدثنا محمد بن رمضان ابن شَاكِرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، وخالد بن سعيد ابن الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِلَى الْيَمَنِ، وَقَالَ: إِذَا اجْتَمَعْتُمَا فَعَلَى أَمِيرٍ، وَإِنِ افْتَرَقْتُمَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا أَمِيرٌ، فَاجْتَمَعَا، وَبَلَغَ عَمْرَو بْنَ معديكرب
__________
[1] في س: أخبرنا.(3/1203)
مَكَانَهُمَا، فَأَقْبَلَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُمَا قَالَ: دَعُونِي حَتَّى آتِيَ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ، فَإِنِّي لَمْ أُسَمَّ لأَحَدٍ قَطُّ إِلا هَابَنِي، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُمَا نَادَى:
أَنَا أَبُو ثور، أنا عمرو بن معديكرب. فَابْتَدَرَاهُ عَلِيٌّ وَخَالِدٌ، وَكِلاهُمَا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: خَلِّنِي وَإِيَّاهُ وَيَفْدِيهِ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ. فَقَالَ عَمْرٌو إِذْ سَمِعَ قَوْلَهُمَا:
الْعَرَبُ تَفْزَعُ مِنِّي [1] ، وَأَرَانِي لِهَؤُلاءِ جزرا [2] ، فانصرف عنهما. وكان عمرو بن معديكرب شاعرا محسنا، ومما يستحسن من شعره قوله:
إذا لم تستطع شيئا فدعه ... وجاوزه إِلَى مَا تستطيع
وشعره هَذَا من مذهبات القصائد أوله:
أمن ريحانة الدَّاعِي السَّميعُ ... يُؤَرِّقُنِي وَأَصْحَابِي هُجُوعُ
ومما يستجاد أيضا من شعره قوله:
أعاذل عدتي بدني ورمحي ... وكل مقلصٍ سلس القياد
أعاذل إنما أقى شبابي ... إجابتي الصريخ إِلَى المنادي
مع الأبطال حَتَّى سل جسمي ... وأقرح [3] عاتقي حمل النجاد
ويبقى بعد حلم القوم حلمي ... ويفنى قبل زاد القوم زادي
وفيها [يقول] [4] :
تمنّى أن يلاقينى قييس ... وددت فأينما منى ودادي
__________
[1] في س: لي.
[2] في س: جزرة.
[3] في ى وأسد الغابة: وأقرع.
[4] من س.(3/1204)
فمن ذا عاذري من ذي سفاهٍ ... يرود بنفسه شر المراد
أريد حياته [1] ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد
في أبيات لَهُ كثيرة من هَذِهِ. وتروى هَذِهِ الأبيات لابن دريد بْن الصمة أيضا، وهي لعمرو بْن معديكرب أكثر وأشهر. والله أعلم.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد بن عبد الله بن محمد بن عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا بَقِيٌّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى النعمان بن مقرن استشر واستعن في حربك بطليحة وعمرو بن معديكرب، ولا تولّهما من مِنَ الأَمْرِ شَيْئًا، فَإِنَّ كُلَّ صَانِعٍ هُوَ أعلم بصناعته.
(1959) عمرو بْن مَيْمُون الأودي.
أَبُو عَبْد اللَّهِ، أدرك النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصدق إِلَيْهِ، وَكَانَ مسلما فِي حياته وعلى عهده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال عَمْرو بْن مَيْمُون: قدم علينا مُعَاذ الشام فلزمته، فما فارقته حَتَّى دفنته، ثُمَّ صحبت ابْن مَسْعُود. وهو معدود في كبار التابعين من الكوفيين، وَهُوَ الَّذِي رأى الرجم فِي الجاهلية من القردة إن صح ذَلِكَ، لأن رواته مجهولون.
وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ عَنْ نُعَيْمٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونَ الأَوْدِيِّ مُخْتَصَرًا، قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً زَنَتْ فَرَجَمُوهَا- يَعْنِي الْقِرَدَةَ- فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ. ورواه عباد بْن العوام، عَنْ حُصَيْن، كما رواه هشيم
__________
[1] س: حباءه.(3/1205)
مختصرا، وأما القصة بطولها فإنها تدور على عبد الملك بن مسلم، عن عيسى ابن حطان، وليسا ممن يحتج بهما، وَهَذَا عِنْدَ جماعة أهل العلم منكر إضافة الزنا إِلَى غير مكلف، وإقامة الحدود فِي البهائم، ولو صح لكانوا من الجن، لأن العبادات فِي الجن والإنس دون غيرهما، وقد كَانَ الرجم في التوراة.
وروى أن عَمْرو بْن مَيْمُون حج ستين مَا بين حج وعمرة، ومات سنة خمس وسبعين.
(1960) عمرو بْن النعمان بْن مقرن بْن عائذ الْمُزْنِيّ.
له صحبة. وكان أبوه من جلة الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عنهم.
(1961) عمرو بْن نعيمان.
روى عنه عبد الرحمن بن أبي ليلى.
(1962) عمرو بْن يثربي.
ضمري، كَانَ يسكن خبت الجميش [1] من سيف البحر، أسلم عام الْفَتْح، وصحب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واستقضاه عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا على البصرة.
(1963) عمرو بْن يعلى الثقفي،
رَوَى عَنْهُ عَمْرو بْن دينار، له صحبة.
(1964) عمرو البكالي [2] .
لَهُ صحبة ورواية، هُوَ من بنى بكال بن دعمي ابن سَعْد بْن عوف بْن عدي بْن مَالِك بْن زَيْد بْن كهلان، هكذا نسبه خليفة فِي الصحابة، يكنى أَبَا عُثْمَان. روى عَنْهُ أَبُو تميمة الهجيمي، ومعدان بْن طَلْحَة اليعمري، يعد فِي أهل البصرة، وقد عده قوم في أهل الشام.
__________
[1] علم الصحراء بين مكة والمدينة (ياقوت) . وفي هوامش الاستيعاب: الخبت المفازة.
والجميش الّذي لا نبت به (ورقة 78) .
[2] بكسر الباء الموحدة وفتح الكاف المخففة وفي آخرها اللام (اللباب) .(3/1206)
حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد بن زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْجَرِيرِيُّ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرًا الْبِكَالِيَّ- وَكَانَ مِنْ أَفْضَلِ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وروى الْبُخَارِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النعمان، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن زَيْد، عَنْ سَعِيد الجريري، عَنْ أَبِي تميمة، قَالَ: قدمت الشام، فإذا الناس على رجل.
قلت: من هَذَا؟ قَالُوا: أفقه من بقي من أصحاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذَا عَمْرو البكالي وأصابعه مقطوعة. قلت: مَا ليده؟ قَالُوا: قطعت يده يَوْم اليرموك. رضى الله عنه.
(1965) عمرو الثمالي [1] .
رَوَى عَنْهُ شهر بْن حوشب، قَالَ: بعث معي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهدي تطوع [2] ، وَقَالَ: إن عطب منها شيء فانحره، ثُمَّ اصبغ نعله فِي دمه، ثُمَّ اضرب بِهِ على صفحته، وخل بين الناس وبينه.
(1966) عمرو العجلاني،
رَوَى عَنْهُ ابنه عَبْد الرَّحْمَنِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تستقبل القبلة بغائط أو بول.
(1967) عمرو مولى خباب،
رَوَى عَنْهُ حديث واحد بإسناد غير مستقيم.
__________
[1] في أسد الغابة: وقيل: اليماني والثمالي- بضم الثاء المثلثة وفتح الميم وفي آخرها اللام.
[2] في أسد الغابة: تطوعا.(3/1207)
(1968) عمرو أَبُو مَالِك الأشعري،
هُوَ مشهور بكنيته. روى عنه عطاء ابن يسار وغيره قد ذكرناه فِي الكنى.
باب عمران
(1969) عمران بْن حُصَيْن بْن عُبَيْد بْن خَلَف بْن عبد نهم بْن سَالِم [1] بْن غاضرة بْن سلول بْن حبشية [2] بْن سلول بْن كَعْب بْن عَمْرو الخزاعي الكعبي،
يكنى أَبَا نجيد بابنه نجيد بْن عِمْرَان.
أسلم أَبُو هُرَيْرَةَ وعمران بْن حُصَيْن عام خيبر. وقال خليفة: استقضى عَبْد اللَّهِ بْن عَامِر عِمْرَان بن حصين على البصرة، فأقام قاضيا يسيرا، ثم استعفى فأعفاه.
وكان من فضلاء الصحابة وفقهائهم، يَقُول عَنْهُ أهل البصرة: إنه كَانَ يرى الحفظة [3] وكانت تكلمه حَتَّى اكتوى.
قال مُحَمَّد بْن سِيرِين: أفضل من نزل البصرة من أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِمْرَان بْن حُصَيْن، وَأَبُو بكرة.
سكن عِمْرَان بْن حُصَيْن البصرة، ومات بها سنة ثنتين وخمسين فِي خلافة مُعَاوِيَة. روى عَنْهُ جماعة من تابعي أهل البصرة والكوفة.
__________
[1] في الطبقات: بن عبد نهم بن خريبة بن جهمة بن غاضرة (7- 4) .
[2] في الطبقات: بن حبشية بن كعب.
[3] في الطبقات: سقى بطن ابن عمران ثلاثين سنة كل ذلك يعرض عليه الكي فيأبى أن يكتوى.(3/1208)
(1970) عمران بن عاصم الضبعي،
والد أبى جمرة [1] الضبعي صاحب ابْن عَبَّاس، واسم أَبِي جمرة نَصْر بْن عِمْرَان. ذكروه فِي الصحابة، ومنهم من لم يصحح لَهُ صحبة، كَانَ عِمْرَان هذا قاضيا بالبصرة. روى عنه أَبُو جمرة، وقتادة، وَأَبُو التياح، وغيرهما، روايته عَنْ عِمْرَان بْن حُصَيْن.
(1971) عمران بْن ملحان،
ويقال عِمْرَان بْن عَبْد اللَّهِ. ويقال عِمْرَان بْن تيم [2] ، أَبُو رجاء العطاردي. أدرك الجاهلية، ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه. واختلف هل كَانَ إسلامه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقيل:
إنه أسلم بعد الْفَتْح، والصحيح أَنَّهُ أسلم بعد المبعث.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أحمد، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيَّ، قَالَ: سَمِعْنَا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي مَالٍ لَنَا فَخَرَجْنَا هِرَابًا. قَالَ:
فَمَرَرْتُ بِقَوَائِمِ ظَبْيٍ فَأَخَذْتُهَا وَبَلَلْتُهَا. قَالَ: وَطَلَبْتُ فِي غِرَارَةٍ لَنَا، فَوَجَدْتُ كَفَّ شَعِيرٍ فَدَقَقْتُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، ثُمَّ أَلْقَيْتُهُ فِي قِدْرٍ، ثُمَّ وَدَجْتُ بَعِيرًا لَنَا فَطَبَخْتُهُ، فَأَكَلْتُ أَطْيَبَ طَعَامٍ أَكَلْتُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قُلْتُ: يَا أَبَا رَجَاءٍ، مَا طَعْمُ الدَّمِ.
قَالَ: حُلْوٌ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَمِيلٍ، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا نصر بن على، حدثنا الأصمعي،
__________
[1] في س، وأسد الغابة: أبو حمزة. والضبط من التقريب.
[2] في الطبقات: وقال آخر: اسمه عطارد بن برز (7- 100) .(3/1209)
حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ، قَالَ قُلْتُ لأَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ: مَا تَذْكُرُ؟ قَالَ:
قَتْلَ بِسْطَامَ بْنِ قَيْسٍ. قال الأصمعي: قتل بسطام بن قيس قبل الإسلام بقليل.
قال: وأنشدنى أبو رجاء العطاردي:
وخر على الألاءة [1] لم يوسد ... كأن جبينه سيف صقيل
قال أَبُو عُمَر: وَهَذَا البيت من شعر ابْن غنمة فِي بسطام بْن قيس. ومن شعره ذلك قوله فيه [2] :
لك المرباع منها والصفايا ... وحكمك فِي النشيطة والفضول
إذا قاست بنو زَيْد بْن عمروٍ ... ولا يوفي ببسطامٍ قتيل
وخر على الألاءة لم يوسد ... كَانَ جبينه سيف صقيل
وقد قيل: إن قتل بسطام كَانَ بعد مبعث النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يعد أَبُو رجاء فِي كبار التابعين، روايته عَنْ عُمَر وعلي وَابْن عَبَّاس وسمرة رضى الله عنهم. وكان ثقة. روى عَنْهُ أَيُّوب السختياني وجماعة. أخبرنا عَبْد الْوَارِثِ بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أَحْمَد بْن زُهَيْر، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَة المنقري، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَارِث الكرماني، وَكَانَ ثقة، قَالَ: سمعت أَبَا رجاء يَقُول:
أدركت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنا شاب أمرد. قَالَ: ولم أر ناسا كانوا أضل من العرب، وكانوا يجيئون بالشاة البيضاء فيعبدونها، فيجىء، الذئب فيذهب بها، فيأخذون أخرى مكانها فيعبدونها، وإذا رأوا صخرة
__________
[1] في الطبقات: ألاءة. والألاء: شجر. والبيت في اللسان منسوب لابن غنمة.
[2] اللسان- مادة ربع.(3/1210)
حسنة جاءوا بها وذهبوا يصلون إليها. فإذا رأوا صخرة أحسن من تلك رموها، وجاءوا بتلك يعبدونها. وكان أَبُو رجاء يَقُول: بعث النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا أرعى الإبل على أهلي وأريش وأبري، فلما سمعنا بخروجه لحقنا بمسيلمة. وكان أَبُو رجاء رجلا فِيهِ غفلة، وكانت لَهُ عبادة، وَعُمَر عمرا طويلا أزيد من مائة وعشرين سنة، مات سنة خمس ومائة فِي أول خلافة هِشَام بْن عَبْد الْمَلِكِ. ذكر الهيثم بْن عدي، عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَيَّاش، قَالَ: اجتمع فِي جنازة أَبِي رجاء العطاردي الْحَسَن الْبَصْرِيّ، والفرزدق الشاعر، فَقَالَ الفرزدق للحسن: يَا أَبَا سَعِيد، يقولون الناس: اجتمع فِي هَذِهِ الجنازة خير الناس وشرّ الناس. فقال الحسن: أنت خيرهم وشر كثيرهم [1] ، لكن مَا أعددت لهذا اليوم؟ قَالَ: شهادة أن لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورسوله، ثم انصرف الفرزدق، فقال:
ألم تر أن الناس مات كبيرهم ... وقد كان قبل البعث بعث محمّدا
ولم يغن عَنْهُ عيش سبعين حجةً ... وستين لما بات غير موسد
إِلَى حفرةٍ غبراء يكره وردها ... سوى أَنَّهَا مثوى وضيع وسيد
ولو كَانَ طول العمر يخلد واحدا ... ويدفع عَنْهُ عيب عمرٍ عمرد [2]
لكان الَّذِي راحوا بِهِ يحملونه ... مقيما ولكن ليس حي بمخلد
نروح ونغدو والحتوف أمامنا ... يضعن لنا حتف الردى كل مرصد
وقد قَالَ لي ماذا تعد لما ترى ... فقيه إذا مَا قَالَ غير مفنّد
__________
[1] في أسد الغابة: لست بخيرهم ولست بشرهم ولكن ...
[2] عمرو: طويل. وفي ى: ممرد.(3/1211)
فقلت لَهُ: أعددت للبعث وَالَّذِي ... أراد بِهِ أني شهيد بأحمد
وأن لا إله غير ربي هُوَ الَّذِي ... يميت ويحيي يَوْم بعثٍ وموعد
وأن لا إله غير ربي هُوَ الَّذِي ... يميت ويحيي يَوْم بعثٍ وموعد
وَهَذَا [1] الَّذِي أعددت لا شيء غيره ... وإن قلت لي أكثر من الخير وازدد
فَقَالَ لقد أعصمت بالخير كله ... تمسك بهذا يَا فرزدق ترشد
باب عمير
(1972) عمير، مولى آبي اللحم،
قد تقدم [2] ذكر مولاه آبي اللحم الغفاري، شهد عُمَيْر مولى آبي اللحم مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتح خيبر.
وسمع منه وحفظ. وَرَوَى عَنْهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بن زيد بن مهاجر ابن قُنْفُدٍ [3] ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، إِلا أَنَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ [4] ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى أَبِي اللَّحْمِ قَالَ: جِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحُنَيْنٍ وَعِنْدَهُ الْمَغَانِمُ، وَأَنَا عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِي. فَقَالَ: تَقَلَّدِ السَّيْفَ، فَتَقَلَّدْتُهُ، فَوَقَعَ فِي الأَرْضِ، فَأَعْطَانِي مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ.
(1973) عمير بْن أَسَد الحضرمي.
شامي، رَوَى عَنْهُ جُبَيْر بْن نُفَيْر- مرفوعا- فِي الكذب أَنَّهُ خيانة.
(1974) عمير بْن أوس بْن عَتِيك بْن عَمْرو بن عبد الأشهل،
ويقال
__________
[1] في س: فهذا.
[2] صفحة 135.
[3] في ى: سعد. والمثبت من س، وأسد الغابة.
[4] في أسد الغابة: أبو بهية.(3/1212)
ابْن عبد الأعلم فِيهِ وفي أخيه الأَنْصَارِيّ الأشهلي، قتل يَوْم اليمامة شهيدا، وَكَانَ قد شهد أحدا، وما بعدها من المشاهد. هو أخو مالك بن أوس.
(1975) عمير والد [1] بهيسة،
قالت قَالَ قلت: يَا رسول الله، ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قَالَ: الماء والملح. قال أَبُو عُمَر: زيادة الملح فِي هَذَا الحديث غير محفوظة.
(1976) عمير بْن جَابِر بْن غاضرة بْن أشرس الْكِنْدِيّ،
لَهُ صحبة.
(1977) عمير بْن جودان العبدي،
رَوَى عَنْهُ مُحَمَّد بْن سِيرِين وابنه أشعث ابن عُمَيْر، ليست لَهُ صحبة، وحديثه عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسل عِنْدَ أكثرهم، ومنهم من يصحح صحبته، وقد تقدم.
(1978) عمير بْن الْحَارِث بْن ثعلبة بْن الْحَارِث بْن حرام بْن كَعْب.
وكان مُوسَى بْن عقبة يقول: عمير بن الحارث بن لبدة بن ثعلبة بن الحارث بن حرام، شهد العقبة، وبدرا، وأحدا فِي قول جميعهم.
(1979) عمير بْن حَبِيب بْن حباشة.
ويقال ابْن خماشة الأَنْصَارِيّ الخطمي.
هو جد أَبِي جَعْفَر الخطمي، يقال: إنه ممن بايع تحت الشجرة. وينسبونه عُمَيْر بْن حَبِيب بْن خماشة أو حباشة بْن جويبر بْن غيان [2] بْن عَامِر بْن خطمة [من الأنصار] [3] ، رَوَى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
(1980) عمير بْن حرام بْن عَمْرو بْن الجموح [بن زيد] [4] بن حرام بن كعب.
__________
[1] في أسد الغابة أبو بهيسة، حديثه ...
[2] في ى: عنان. وفي س: عيان. وفي الطبقات: جويبر بن عبيد بن غيان بن عامر. وفي أسد الغابة: بن جويبر بن عبد بن عنان.
[3] ليس في س.
[4] من الطبقات: وفي أسد الغابة بن يزيد.(3/1213)
شهد بدرا فيما ذكر الْوَاقِدِيّ، وَابْن عُمَارَة، ولم يذكره موسى ابن عقبة، ولا ابْن إِسْحَاق، ولا أَبُو معشر في البدريين.
(1981) عمير بْن الحمام [1] بْن الجموح بْن زَيْد بْن حرام الأَنْصَارِيّ السُّلَمِيّ.
شهد بدرا، وقتل بها شهيدا، قتله خَالِد بْن الأعلم، وَكَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد آخى بينه وبين عُبَيْدَة بْن الْحَارِث، فقتلا يَوْم بدر جميعا.
وقيل: إنه أول قتيل قتل من الأنصار فِي الإسلام. وذكر ابْن إِسْحَاق فِي خبره عَنْ يَوْم بدرٍ قَالَ: ثُمَّ خرج رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إلى الناس فحرّضهم، ونفل كل امرئ منهم مَا أصاب. وقال: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل، فيقتل صابرا محتسبا، مقبلا غير مدبر، إلا أدخله الله الجنة. فقال عُمَيْر بْن الحمام- أحد بني سَلَمَة، وفي يده ثمرات يأكلهن:
بخ بخ! فما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء، فقذف التمر من يده، وأخذ السيف، فقاتل القوم حَتَّى قتل، وهو يقول:
ركضا إِلَى الله بغير زاد ... إلا التقى وعمل المعاد
والصبر فِي الله على الجهاد ... وكلّ زاد عرضة النقاد
غير التقى والبر والرشاد
(1982) عمير بْن رئاب بْن حذيفة [2] بْن مهشم.
هذا قول ابْن الكلبي.
وقال الْوَاقِدِيّ: هُوَ عُمَيْر بْن رئاب بْن حُذَافَة بْن سَعِيد [3] بْن مهشم القرشي السهمي، كَانَ من مهاجرة الحبشة، واستشهد بعين التمر تحت راية خَالِد بْن الْوَلِيد رَضِيَ الله عنه.
__________
[1] بضم المهملة وتخفيف الميم (الإصابة) .
[2] في الطبقات: بن حذافة بن سعيد بن سهم.
[3] سعيد بالتصغير (الإصابة) .(3/1214)
(1983) عمير بن سعيد بْن عُبَيْد [1] بْن النعمان الأَنْصَارِيّ،
من بني عمرو ابن عوف [2] ، كَانَ يقال لَهُ نسيج وحده، غلب ذَلِكَ عَلَيْهِ وعرف بِهِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ للجلاس، وَكَانَ على أمه إذ قَالَ الجلاس: إن كَانَ مَا يَقُول مُحَمَّد حقا فلنحن شر من الحمير. فقال عُمَيْر: فاشهد أَنَّهُ صادق، وأنك شر من الحمار. فقال لَهُ الجلاس: اكتمها علي يَا بني. فقال: لا والله، ونمى بها إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يكتمها، وَكَانَ لعمير كالأب ينفق عَلَيْهِ، فدعا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجلاس فعرفه بما قَالَ عُمَيْر، فحلف الجلاس أَنَّهُ مَا قَالَ. قال: فنزلت [3] : يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ ... 9: 74 إِلَى قوله: فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ 9: 74. فقال الجلاس: أتوب إِلَى الله. وكان قد آلى ألا ينفق على عُمَيْر، فراجع النفقة عَلَيْهِ توبة منه. قال عُرْوَة بْن الزُّبَيْر: فما زال عُمَيْر فِي علياء بعد. هكذا ذكره ابْن إِسْحَاق وغيره هَذَا الخبر.
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ هَذَا الْخَبَرَ، فَقَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ جريج، عن هشام ابن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَتْ أُمُّ عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ عِنْدَ الْجُلاسِ بْنِ سُوَيْدٍ، فَقَالَ الْجُلاسُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ: إِنْ كَانَ مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ حَقًّا لَنَحْنُ شَرٌّ مِنَ الْحَمِيرِ، فَسَمِعَهَا عُمَيْرٌ فَقَالَ: وَاللَّهِ، إِنِّي لأَخْشَى إِنْ لم أرفعها إلى النبي، صلى
__________
[1] في ى: عمير، والمثبت من س، وأسد الغابة، والطبقات، والإصابة.
[2] في أسد الغابة: جعل ابن الكلبي سعد بن عبيد بن قيس بن عمرو بن زيد غير سعد والد عمير بن سعد جعلهما يجتمعان في عمرو بن زيد.
[3] سورة التوبة، آية 75 (ظهر الاستيعاب ج 3- م 12)(3/1215)
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْزِلَ الْقُرْآنُ، وَأَنْ أُخْلَطَ بِخَطِيئَةٍ، وَلَنِعْمَ الأَبُ هُوَ لِي.
فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُلاسَ. فَعَرَفَهُ وَهُمْ يَتَرَحَّلُونَ، فَتَحَالَفَا، فَجَاءَ الْوَحْيُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَكَتُوا، فَلَمْ يَتَحَرَّكْ أَحَدٌ، وَكَذَلِكَ كَانُوا يَفْعَلُونَ لا يَتَحَرَّكُونَ إِذَا نَزَلَ الْوَحْيُ، فَرُفِعَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فقال: يحلفون باللَّه ما قالوا ...
إلى: فإن يتوبوا يك خبرا لهم. فَقَالَ الْجُلاسُ: اسْتَتِبْ لِي رَبِّي، فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، وَأَشْهَدُ لَقَدْ صَدَقَ. وأما قوله تعالى [1] : وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ من فَضْلِهِ. 9: 74 فقال عُرْوَة: كَانَ مولى للجلاس قتل فِي بين عَمْرو بْن عوف، فأبى بنو عَمْرو بْن عوف أن يعقلوه، فلما قدم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة جعل عقله على بني عَمْرو بْن عوف. قال عُرْوَة:
فما زال عُمَيْر فيها بعلياء حَتَّى مات. قال ابْن جريج: وأخبرت عَنِ ابْن سِيرِين قَالَ: فما سمع عُمَيْر من الجلاس شيئا يكرهه بعدها.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حسان، عن ابن سِيرِينَ، قَالَ:
لَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُذُنِ عُمَيْرٍ، فَقَالَ: وَفَّتْ أُذُنُكَ يَا غُلامُ، وَصَدَّقَكَ رَبُّكَ وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد ولى عُمَيْر بْن سَعْد هَذَا على حمص قبل سَعِيد بْن عَامِر بْن خذيم أو بعده.
وزعم أهل الكوفة أن أَبَا زَيْد الذي جمع القرآن على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسمه سَعْد، وأنه والد عُمَيْر هَذَا. وخالفهم غيرهم فِي ذَلِكَ فقالوا: اسم أَبِي زَيْد الَّذِي جمع القرآن قيس بن السكن.
__________
[1] سورة التوبة، آيه 74.
(ظهر الاستيعاب ج 3- م 12)(3/1216)
سكن عُمَيْر بْن سَعْد هَذَا الشام، ومات بها، رَوَى عَنْهُ راشد بْن سَعْد، وحبيب بن عبيد، وجماعة.
(1984) عمير والد سَعِيد بْن عُمَيْر الأَنْصَارِيّ،
كَانَ بدريا. روى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: من صَلَّى علي من أمتي صلاةً مخلصا من قلبه صَلَّى الله عَلَيْهِ عشرا. حديثه هَذَا عِنْدَ وَكِيع، عن سَعْد بْن سَعِيد التغلبي، عَنْ سَعِيد بْن عُمَيْر الأَنْصَارِيّ، عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ بدريا. يعد في الكوفيين.
(1985) عمير بْن سَلَمَة الضمري.
لَهُ صحبة. معدود فِي أهل المدينة، وقد بينا فِي كتاب «التمهيد» معنى رواية مَالِك، إذ جعل حديثه عن عمير بن سليم بن البهزي. والصحيح أَنَّهُ لعمير بْن سَلَمَة، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والبهزي كَانَ صائد الحمار. ولم يختلفوا فِي صحبة عُمَيْر بن سلمة.
(1986) عمير بْن عَامِر بْن مَالِك بْن الخنساء بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بْن النجار، أَبُو دَاوُد الأَنْصَارِيّ المازني،
شهد بدرا، وَهُوَ مشهور بكنيته. قد ذكرناه في الكنى.
(1987) عمير [1] بْن عدي الخطمي.
إمام بني خطمة وقارئهم الأعمى، وَرَوَى عدي بْن عُمَيْر، فإن كَانَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ زَيْد بْن إِسْحَاق فهو الَّذِي قتل أخته لشتمها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبعدها الله. قال أبو عمر:
__________
[1] ليست هذه الترجمة في س.(3/1217)
هما عندي واحد. قال ابْن الدباغ: هُوَ عُمَيْر بْن عدي بْن خرشة بْن أُمَيَّة ابن عَامِر بْن خطمة، شهد أحدا وما بعدها من المشاهد، وَكَانَ ضعيف البصر، وقد حفظ طائفةً من القرآن فسمي بالقارئ، وَكَانَ يؤم بني خطمة، هَذَا قول ابْن القداح.
وأما الْوَاقِدِيّ وأهل المغازي فيقولون: لم يشهد أحدا ولا الخندق لضرر بصره، ولكنه قديم الإسلام، صحيح النية، وَكَانَ هُوَ وخزيمة بْن الثابت يكسران أصنام بني خطمة، وَكَانَ عُمَيْر قتل عصماء بِنْت مَرَوَان، وكانت تحض على الفتك برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فوجأها عُمَيْر بْن عدي بسكين تحت ثديها فقتلها، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره، وَقَالَ: إِنِّي لأتقي تبعة إخوتها. فقال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تخفهم. وقال الهجري: هي عصماء بِنْت مَرَوَان من بني عَمْرو بْن عوف، قتلها عُمَيْر سنة اثنتين من الهجرة، قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تنتطح فيها عنزان فِي دار بني خطمة. وكان أول من أسلم منهم عُمَيْر بْن عدي، وَهُوَ الَّذِي يدعى القاري. وقد ذكر ابْن الكلبي وَأَبُو عُبَيْد عدي بْن خرشة الشاعر فِي بني خطمة، ولا شك أن عميرا هَذَا ولده.
(1988) عمير بْن عَمْرو الأَنْصَارِيّ،
ويقال الأزدي. والد أَبِي بَكْر بْن عُمَيْر، بصري. ولم يرو عَنْهُ غير ابنه أَبِي بَكْر بْن عُمَيْر، حديثه صحيح الإسناد عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: إن الله وعدني أن يدخل الجنة من أمتي مائة ألفٍ [1] ... الحديث.
__________
[1] في أسد الغابة: ثلاثمائة ألف بغير حساب.(3/1218)
(1989) عمير بْن عوف، مولى لسهيل بْن عَمْرو العامري.
يكنى أَبَا عَمْرو، هَذَا قول مُوسَى بْن عقبة وَأَبِي معشر الْوَاقِدِيّ، وَكَانَ ابْن إِسْحَاق يَقُول:
عَمْرو [1] بْن عوف، ولم يختلفوا أَنَّهُ من مولدي مكة. شهد بدرا وأحدا والخندق وما بعدها من المشاهد مع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال الواقدي- فِي تسمية من شهد بدرا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
عُمَيْر مولى سهيل بن عمرو. وقال في موضع آخر: يكنى أَبَا عَمْرو، كَانَ من مولدي مكة، مات فِي خلافة عُمَر بْن الخطاب وصلى عليه عمر.
(1990) عمير بْن فهد، ويقال عُمَيْر بْن سَعْد بْن فهد العبدي، من عبد القيس.
ويقال [2] عُمَيْر بْن جودان العبدي، رَوَى عَنْهُ ابنه أشعث بْن عُمَيْر فِي الأشربة.
(1991) عمير بْن قتادة بن سعد الليثي، سكن مكة،
لم يرو عَنْهُ غير ابنه عُبَيْد بْن عُمَيْر، لَهُ صحبة ورواية.
أَنْبَأَنَا عبد الرحمن بن يحيى، حدثنا أحمد بن سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجَوْزَجَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ، حَدَّثَنَا جُنْدُبُ بْنُ سَوَّادٍ [3] ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ- أَنَّهُ حَدَّثَهُ- وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ- أَنَّ رَجُلا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْكَبَائِرِ، فَقَالَ:
هُنَّ تِسْعٌ: الشِّرْكُ باللَّه، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزّحف، وقذف المحصنات.
__________
[1] في ى: عمر.
[2] وكذلك ذكر في أسد الغابة.
[3] في هوامش الاستيعاب: بخط كاتب الأصل في الهامش ما لفظه: المعروف حرب ابن شداد (ورقة 72) .(3/1219)
وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، وَاسْتِحْلالُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ قِبْلَتِكُمْ أحياء وأمواتا
(1992) عمير ذو مران القيل بْن أفلح بْن شراحيل بن ربيعة،
وهو ناعط ابن مرثد الهمداني، كتب إِلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلم، وَهُوَ جد مجالد بْن سَعِيد بْن عُمَيْر الناعطي الهمداني.
(1993) عمير بْن معبد بْن الأزعر [1] من بني ضبيعة بْن زَيْد،
هكذا قَالَ فِيهِ مُوسَى بْن عقبة. وقال ابْن إِسْحَاق: هُوَ عَمْرو بْن معبد بْن الأزعر [1] شهد بدرا وأحدا والخندق وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وَهُوَ أحد المائة الصابرة يَوْم حنين- ذكره مُوسَى بْن عقبة فِي البدريين.
(1994) عمير بْن نويم.
يعد فِي الكوفيين، حَدِيثُهُ عِنْدَ شُعْبَةَ وَمِسْعَرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ غَالِبِ بْنِ أَبْجَرَ [2] ، وَعُمَيْرِ بْنِ نُوَيْمٍ أنهما سألا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَنَا مِنْ أَمْوَالِنَا شَيْءٌ إِلا الْحُمُرُ الأَهْلِيَّةُ. فَقَالَ: أَطْعِمُوا أَهْلِيكُمْ مِنْ سَمِينِ أَمْوَالِكُمْ، فَإِنِّي إِنَّمَا قَذِرْتُ لَكُمْ جَوَّالَ الْقَرْيَةِ. أخبرني بِهِ علي بْن إِبْرَاهِيم بْن حمويه، حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن رَشِيق، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن هاني النحوي، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بْن سَلَمَة الأفطس، حَدَّثَنَا مِسْعَر بْن كِدَام وشعبة، قَالا: حَدَّثَنَا عُبَيْد الله بْن الْحَسَن، فذكره بإسناده
__________
[1] في ى: الأزهر.
[2] في أسد الغابة: بن الحر.(3/1220)
(1995) عمير بْن ودقة
[1] أحد المؤلفة قلوبهم، لم يبلغه [2] رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مائة من الإبل من غنائم حنين، لا هُوَ ولا قَيْس بْن مخرمة، ولا عَبَّاس بْن مرداس، ولا هِشَام بْن عَمْرو، ولا سَعِيد بْن يربوع، وسائر المؤلفة قلوبهم، أعطاهم مائة مائة.
(1996) عمير بْن أَبِي وَقَّاص،
واسم أَبِي وَقَّاص مالك بن وهيب [3] بن عبد مناف ابن زهرة أخو سَعْد بْن وَقَّاص القرشي الزُّهْرِيّ. قتل يَوْم بدر شهيدا، قتله عَمْرو بْن عبد ود.
وقال الْوَاقِدِيّ: كَانَ عُمَيْر بْن أَبِي وَقَّاص قد استصغره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم بدر، وأراد أن يرده فبكى، ثُمَّ أجازه بعد، فقتل يومئذ وَهُوَ ابْن ست عشرة سنة.
(1997) عمير بْن وَهْب بْن خَلَف بْن وَهْب بْن حُذَافَة بْن جمح،
يكنى أَبَا أُمَيَّة، كَانَ لَهُ قدر وشرف فِي قريش، وشهد بدرا كافرا، وَهُوَ القائل لقريش يومئذ فِي الأنصار [4] : إِنِّي أرى وجوها كوجوه الحيات، لا يموتون ظمأ أو يقتلون [منا] [5] أعدادهم، فلا تتعرضوا لهم بهذه الوجوه التي كأنها المصابيح. فقالوا لَهُ: دع هَذَا عنك، وحرش بين القوم، فكان أول من رمى بنفسه عَنْ فرسه بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنشب [6] الحرب. وكان من أبطال قريش وشيطانا من شياطينها،
__________
[1] في س: وذفة.
[2] في أسد الغابة: لم يبلغ به.
[3] في أسد الغابة: أهيب.
[4] في أسد الغابة: عن الأنصار.
[5] ليس في س.
[6] في س: وأنشأ.(3/1221)
وَهُوَ الَّذِي مشى حول عسكر النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من نواحيه، ليحزر [1] عددهم يَوْم بدر، وأسر ابنه وَهْب بْن عُمَيْر يومئذ، ثُمَّ قدم عُمَيْر المدينة يريد الفتك برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخبره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [2] [بما جرى بينه وبين صَفْوَان بْن أُمَيَّة فِي قصده إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة حين انصرافه من بدر ليفتك بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وضمن لَهُ صَفْوَان على ذَلِكَ أن يؤدي عَنْهُ دينه، وأن يخلفه فِي أهله وعياله، ولا ينقصهم شيئا مَا بقوا.
فلما قدم المدينة وجد عُمَر على الباب فلببه، ودخل بِهِ على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ، هَذَا عُمَيْر بْن وَهْب شيطان من شياطين قريش، مَا جاء إلا ليفتك بك. فقال: أرسله يَا عُمَر. فأرسله، فضمه النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ، وكلمه، وأخبره بما جرى بينه وبين صَفْوَان، فأسلم وشهد شهادة الحق، ثُمَّ انصرف إِلَى مكة ولم يأت صفوان] ، وشهد أحدا، وشهد فتح مكة. وقيل: إن عُمَيْر بْن وَهْب أسلم بعد وقعة بدر، وشهد أحدا مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعاش إِلَى صدر من خلافة عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ والد وَهْب بْن عُمَيْر، وإسلامه كَانَ قبله بيسير، وَهُوَ أحد الأربعة الذين أمد بهم عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَمْرو بْن الْعَاص بمصر، وهم: الزُّبَيْر ابن العوام، وعمير بْن وَهْب الْجُمَحِيّ، وخارجة بْن حُذَافَة، وبسر بْن أرطاة.
وقيل: المقداد موضع بسر.
__________
[1] يحزر: يقدر.
[2] في س: فأسلم، وما بعد ذلك من أول القوس ليس في س.(3/1222)
وقد قيل: إن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسط أيضا لعمير بْن وَهْب رداءه، وَقَالَ: الخال والد. ولا يصح إسناده، وبسط الرداء لوهب بْن عُمَيْر أكثر وأشهر.
وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حميد، عن عبد الله بن عمرو ابن أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ مَكَّةَ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ نَزَلَ بِأَهْلِهِ، لَمْ يَقِفْ بِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، فَأَظْهَرَ الإِسْلامَ، وَدَعَا إِلَيْهِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ صَفْوَانَ، فَقَالَ: قَدْ عَرَفْتُ حِينَ لَمْ يَبْدَأْ بِي قَبْلَ مَنْزِلِهِ أَنَّهُ قَدِ ارْتَكَسَ [1] وَصَبَأَ، فَلا أُكَلِّمَهُ أبدا، ولا أنفعه ولا عياله بنافعة، فوقف عَلَيْهِ عُمَيْرٌ وَهُوَ فِي الْحِجْرِ، وَنَادَاهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَيْرٌ: أَنْتَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا، أَرَأَيْتَ الَّذِي كُنَّا عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ حجر والذبح له! أهذا دين! أشهد أن لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَلَمْ يُجِبْهُ صَفْوَانُ بِكَلِمَةٍ.
(1998) عمير الخطمي القاري.
من بني خطمة من الأنصار، رَوَى عنه زيد ابن إِسْحَاق، وَكَانَ عُمَيْر هَذَا أعمى، كانت لَهُ أخت تشتم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقتلها، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أبعدها الله.
باب عوف
(1999) عوف بْن أثاثة بْن عباد بْن عبد المطلب بْن عبد مناف بْن قصي.
يكنى أَبَا عباد. وقيل: يكنى أَبَا عَبْد اللَّهِ، قاله مُحَمَّد، عمر الواقدي.
__________
[1] الارتكاس: الارتداد.(3/1223)
وهو المعروف بمسطح، شهد بدرا. وتوفي سنة أربع وثلاثين، وَهُوَ ابْن ست وخمسين سنة.
وقد قيل: إنه شهد صفين مع علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ الأكثر، فذكرناه فِي باب الميم، لأنه غلب عَلَيْهِ مسطح، واسمه عوف لا اختلاف فِي ذَلِكَ.
وأمه- فيما قَالَ ابْن شهاب فِي حديث الإفك- أم مسطح بنت أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف، واسمها سلمى [بِنْت صَخْر بْن عَامِر] [1] ، وأمها ريطة بِنْت صَخْر بْن عَامِر خالة أَبِي بَكْر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وقال:
فِي آخر الحديث، عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عنها لما [2] أنزل الله تعالى براءتي.
قَالَ أَبُو بَكْر- وَكَانَ ينفق على مسطح لقرابته ولفقره: والله لا أنفق على مسطح بعد الَّذِي قاله لعائشة، فأنزل الله عز وجل [3] : وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ ... 24: 22 الآية» . فقال أَبُو بَكْر: والله إِنِّي لأحب أن يغفر الله لي. فرجع إِلَى مسطح النفقة التي كَانَ ينفق عَلَيْهِ وَقَالَ: والله لا أنزعها منه أبدا.
وذكر الأموي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْن إِسْحَاق [4] قَالَ قَالَ أَبُو بَكْر رضى الله عنه لمسطح:
يا عوف ويحك هلا قلت عارفة ... من الكلام ولم تتبع بها طمعا
وأدركتك حياءً [5] معشر أنف ... ولم تكن قاطعا يا عوف منقطعا
__________
[1] من س.
[2] في س: فلما.
[3] سورة النور، آية 22
[4] في س: أبى إسحاق.
[5] في س: حميا معشر.(3/1224)
أما [1] حزنت من الأقوام إذ حسدوا ... ولا تقول ولو عاينته قذعا [2]
لما رميت حصانا غير مقرفةٍ ... أمينة الجيب لم تعلم [3] لَهَا خضعا
فيمن رماها وكنتم معشرا أفكا ... فِي سيّئ القول من لفظ الخنا شرعا [4]
فأنزل الله وحيا فِي براءتها ... وبين عوفٍ وبين الله مَا صنعا
فإن أعش أجز عوفا من مقالته ... شر الجزاء إذا ألفيته هجعا [5]
قال الشَّعْبِيّ: كَانَ أَبُو بَكْر شاعرا، وَكَانَ عُمَر شاعرا، وَكَانَ علي أشعر الثلاثة.
(2000) عوف بْن الْحَارِث،
أَبُو حَازِم الْبَجَلِيّ الأحمسي. ويقال فِيهِ عبد عوف، هُوَ والد قَيْس بْن أَبِي حَازِم، وقد ذكرناه فِي الكني، والله أعلم.
(2001) عوف [الأَنْصَارِيّ،
يقال عوف] [6] بْن سَلَمَة بْن سلامة بْن وقش.
مدني. مخرج حديثه يدور على إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي حبيبة [7] الأشهلي، عَنْ عوف بْن سَلَمَة بْن عوف الأَنْصَارِيّ، عَنْ أَبِيهِ سَلَمَة، عَنْ أَبِيهِ عوف، عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الأنصار. إسناده كله ضعيف، ليس لَهُ غيره.
مخرج حديثه عَنْ ولده.
(2002) عوف بْن عفراء.
وَهُوَ عوف بْن الْحَارِث بْن رفاعة بن الحارث بن سواد بن [مالك بن] [8] غنم بن مالك بن النجار الأنصاري. شهد بدرا مع
__________
[1] في س: لما.
[2] في أ: فزعا.
[3] في أ: يعلم.
[4] في س: سرعا.
[5] في س: تبعا.
[6] من س.
[7] في أسد الغابة: بن أبى حبيب.
[8] ليس في م.(3/1225)
أخويه مُعَاذ ومعوذ. وأمهم عفراء بِنْت عُبَيْد بن ثعلبة بن عبيد بن ثعلبة بن غنم ابن مَالِك بْن النجار. وقتل عوف ومعوذ أخوه يَوْم بدر شهيدين.
ويقال عوذ بْن عفراء، والأول أكثر. وقيل: إن عوف بْن عفراء ممن شهد العقبتين. وقيل: إنه أحد الستة ليلة العقبة الأولى.
(2003) عوف بْن مَالِك بْن أَبِي عوف الأشجعي.
يكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ.
ويقال أَبُو حَمَّاد. ويقال أَبُو عُمَر. وأول مشاهده خيبر، وكانت معه راية أشجع يَوْم الْفَتْح.
سكن الشام وَعُمَر، ومات فِي خلافة عَبْد الْمَلِكِ بْن مَرَوَان سنة ثلاث وسبعين.
روى عَنْهُ جماعة من التابعين، منهم يَزِيد بْن الأصم، وشداد بْن عَمَّار، وجبير بْن نُفَيْر وغيرهم. وروى عَنْهُ من الصحابة أَبُو هُرَيْرَةَ.
باب عويمرٍ
(2004) عويمر بْن أبيض العجلاني الأَنْصَارِيّ.
صاحب اللعان. [قَالَ الطبري:
عويمر بْن الْحَارِث بْن زَيْد بن حارثة بن الجلد العجلاني، هو لذي رمى زوجته بشريك بْن سحماء، فلاعن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينهما، وذلك فِي شعبان سنة تسعٍ من الهجرة، وَكَانَ قدم تبوك فوجدها حبلى، ثُمَّ قَالَ بعد ذَلِكَ: وعاش ذَلِكَ المولود سنتين ثُمَّ مات، وعاشت أمّه بعده يسيرا] [1] .
__________
[1] ما بين القوسين ليس في س، وهو في أسد الغابة منقولا عن الطبري أيضا (4- 158)(3/1226)
(2005) عويمر بْن أشقر بْن عوف الأَنْصَارِيّ.
قيل: إنه من بني مازن، شهد بدرا، يعد من أهل المدينة.
(2006) عويمر [1] بْن عَامِر،
ويقال عويمر بْن قَيْس بن زيد. [وقيل: عويمر ابن ثعلبة بْن عَامِر بْن زَيْد بْن قَيْس بْن] [1] أُمَيَّة بْن [مَالِك بْن عَامِر بْن] [2] عدى بن كعب بن الخزرج بن الحارث بْن الخزرج، أَبُو الدرداء الأَنْصَارِيّ، هُوَ مشهور بكنيته.
وقد قيل فِي نسبه عويمر بْن زَيْد بْن قَيْس بْن عَائِشَة [3] بْن أُمَيَّة بن مالك ابن عامر بن عدي بن كعب بن الخزرج بْن الْحَارِث بْن الخزرج.
وقيل: إن اسمه عَامِر، وصغر، فقيل: عويمر. وقال ابْن إِسْحَاق:
أَبُو الدرداء عويمر بْن ثعلبة من بني الْحَارِث بْن الخزرج. وقال إِبْرَاهِيم بْن المنذر: أَبُو الدرداء اسمه عويمر بْن ثعلبة بْن زَيْد بْن قَيْس بْن عَائِشَة [2] بْن أُمَيَّة بْن مَالِك بْن عَامِر بْن عدي بْن كَعْب بْن الخزرج. ومن قَالَ فِيهِ عويمر ابن قَيْس يزعم أن اسمه عَامِر، وأن عويمرا لقب. ومن قَالَ فِيهِ عَامِر بْن مَالِك فليس بشيء. والصحيح مَا ذكرنا إن شاء الله تعالى.
وأمه محبة بِنْت واقد بْن عَمْرو بْن الإطنابة بْن عَامِر بْن زَيْد مناة ابن مَالِك بْن ثعلبة بْن كَعْب. وقيل: أمه واقدة بِنْت واقد بْن عَمْرو بْن الإطنابة. شهد أحدا وما بعدها من المشاهد. وقد قيل: إنه لم يشهد أحدا
__________
[1] الطبقات: 7- 117.
[2] ليس في س.
[3] في أ: عبسة. والمثبت من الطبقات، وس.(3/1227)
لأنه تأخر إسلامه، وشهد الخندق وما بعدها من المشاهد. كان أَبُو الدرداء أحد الحكماء العلماء والفضلاء.
حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُفَسِّرِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ [1] ، حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إدريس الخولاني، عن يزيد بن عميرة، قال: لما حضرت معاذا الوفاة قيل له: يا أبا عبد الرحمن، أَوْصِنَا. قَالَ: أَجْلِسُونِي، إِنَّ الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ مَكَانَهُمَا مَنِ ابْتَغَاهُمَا وَجَدَهُمَا- يَقُولُهَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ- الْتَمِسُوا العلم عند أربعة رهط: عند عويمر أبى الدَّرْدَاءِ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ الَّذِي كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
إِنَّهُ عَاشِرُ عَشَرَةٍ فِي الْجَنَّةِ. وقال الْقَاسِم بْن مُحَمَّد: كَانَ أَبُو الدرداء من الذين أوتوا العلم. قال أَبُو مسهر: ولا أعلم أحدا نزل دمشق من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أَبِي الدرداء، وبلال مؤذن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ووائلة بْن الأسقع، ومعاوية. قال: ولو نزلها أحد سواهم مَا سقط علينا.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عن [2] أَبِي حَسَّانٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مُسْلِمٍ حَدَّثَهُ عن أبى الدرداء، قال: قال رسول
__________
[1] في س: سعد.
[2] في س: بن.(3/1228)
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَا فَرَطُكُمْ على الحوض فلا ألفينّ مَا نُوزِعْتُ فِي أَحَدِكُمْ فَأَقُولُ: هَذَا مِنِّي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ بَعْدَكَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَلا يجعلني مِنْهُمْ. قَالَ: لَسْتَ مِنْهُمْ، فَمَاتَ قَبْلَ قَتْلِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِسَنَتَيْنِ.
وقالت طائفة من أهل الأخبار: إنه مات بعد صفين سنة ثمان أو تسع وثلاثين. والأكثر والأشهر والأصح عِنْدَ أهل الحديث أَنَّهُ توفي فِي خلافة عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بعد أن ولاه مُعَاوِيَة قضاء دمشق. [وقيل: إن عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ولاه قضاء دمشق. وقيل: بل ولاه عُثْمَان والأمير مُعَاوِيَة] [1] وَرَوَى الْوَلِيدُ بن مسلم، عن سعيد بن عبد العزيز، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [2] ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَشْعَرِيِّ، قَالَ: مَاتَ أَبُو الدَّرْدَاءِ قَبْلَ قَتْلِ عُثْمَانَ.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: حَكِيمُ أُمَّتِي أَبُو الدَّرْدَاءِ عُوَيْمِرٌ.
قال أَبُو عُمَر: لَهُ حكم مأثورة مشهورة، منها قوله: وجدت الناس أخبر تقل [3] . ومنها: من يأت أبواب السلطان يقوم [4] ويقعد. ووصف الدنيا فأحسن، فمن قوله فيها: الدنيا دار كدر [5] ، ولن ينجو منها إلا أهل الحذر، وللَّه فيها علامات يسمعها الجاهلون، ويعتبر بها العالمون، ومن علاماته فيها أن حفها بالشبهات، فارتطم فيها أهل الشهوات، ثُمَّ أعقبها بالآفات، فانتفع بذلك أهل العظات، ومزج حلالها بالمئونات وحرامها
__________
[1] ليس في س.
[2] في س: عبيد الله.
[3] في هوامش الاستيعاب: لفظه لفظ الأمر ومعناه الخبر، أي أن من جربهم رماهم بالمقت لخبث سرائرهم وقلة إنصافهم (ورقة 8) .
[4] في س: يقم.
[5] في س: الكدر.(3/1229)
بالتبعات، فالمثري فيها تعب، والمقل فيها نصب.... في كلمات أكثر من هَذَا.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ عُمَرَ] [1] ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ [2] ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ وَلَّى أَبَا الدَّرْدَاءِ عَلَى الْقَضَاءِ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ الْقَاضِي خَلِيفَةَ الأَمِيرِ إِذَا غَابَ. ومات أَبُو الدرداء رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سنة اثنتين وثلاثين بدمشق. وقيل: سنة إحدى وثلاثين، ويأتي ذكره فِي الكنى بأكثر من هذا.
(2007) عويمر الهذلي.
لَهُ حديث واحد فِي المرأتين اللتين ضربت إحداهما بطن الأخرى، فألقت جنينا وماتت.
باب عَيَّاش
(2008) عياش بْن أَبِي ثور.
له صحبة، ولاه عمر بن الخطاب رضي اللَّهُ عَنْهُ البحرين قبل قدامة رَضِيَ اللَّهُ عنه.
(2009) عياش بن أبي ربيعة
واسم أبي ربيعة عمرو بن المغيرة بن عبد الله ابن عُمَر بْن مخزوم، يكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ وقيل: يكنى أَبَا عَبْد اللَّهِ هو أخو أَبِي جهل بْن هِشَام لأمه، أمهما أم الجلاس، واسمها أسماء بنت
__________
[1] من س.
[2] في س: أبو. مسهر(3/1230)
مخربة [1] بْن جندل بْن أبير [2] بْن نهشل بن دارم. [هو] [3] أخو عبد الله ابن أَبِي رَبِيعَة لأبيه وأمه. كان إسلامه قديما قبل أن يدخل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دار الأرقم. وهاجر عَيَّاش رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى أرض الحبشة مع امرأته أَسْمَاء بِنْت [4] سَلَمَة بْن مخربة، وولد لَهُ بها ابنه عَبْد اللَّهِ، ثُمَّ هاجر إِلَى المدينة فجمع [بين] [5] الهجرتين، ولم يذكر مُوسَى بْن عقبة، ولا أَبُو معشر عَيَّاش بْن أَبِي رَبِيعَة فيمن هاجر إِلَى أرض الحبشة.
قال الزُّبَيْر: كَانَ عَيَّاش بْن أَبِي رَبِيعَة قد هاجر إِلَى المدينة حين هاجر عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فقدم عَلَيْهِ أخواه لأمه: أَبُو جهل، والحارث ابنا هِشَام، فذكرا له أنّ أمه حلف ألا يدخل رأسها دهن ولا تستظل حَتَّى تراه، فرجع معهما فأوثقاه رباطا وحبساه بمكة، فكان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو لَهُ.
قال: وأمه أم عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي رَبِيعَة أَسْمَاء بِنْت مخربة بْن جندل بن أبير [2] ابن نهشل بْن دارم، وهي أم الْحَارِث وَأَبِي جهل ابني هِشَام بْن الْمُغِيرَة.
وكان هِشَام بْن الْمُغِيرَة قد طلقها فتزوجها أخوه أَبُو ربيعة بن المغيرة.
قال أَبُو عُمَر: قنت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهرا يدعو للمستضعفين بمكة، ويسمي منهم الْوَلِيد بْن الْوَلِيد، وسلمة بْن هِشَام، وعياش بْن أَبِي رَبِيعَة.
والخبر بذلك من أصحّ أخبار الآحاد.
__________
[1] في أسد الغابة: مخرمة.
[2] في أ: أثير. والمثبت من س، وأسد الغابة.
[3] من س.
[4] في س: بنت أبي سلمة. وفي هوامش الاستيعاب: بنت سلمة صوابه (ورقة 86)
[5] ليس في س.(3/1231)
وذكر مُحَمَّد بْن سعد [قَالَ:] [1] حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يُونُسَ الْقُشَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ أَنَّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَالْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ، وَعِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ قُتِلُوا يَوْمَ الْيَرْمُوكَ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ [2] .
وقال أَبُو جَعْفَر الطبري: مات عَيَّاش بْن أَبِي رَبِيعَة بمكة.
قال أَبُو عُمَر: رَوَى عَيَّاش بْن أَبِي رَبِيعَة عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تزال هَذِهِ الأمة بخيرٍ مَا عظموا هَذِهِ الحرمة حق تعظيمها- يَعْنِي الكعبة والحرم، فإذا ضيعوها هلكوا. رَوَى عَنْهُ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن سابط، ويقولون: إنه لم يسمع منه، وإنه أرسل حديثه عَنْهُ. وروى عَنْهُ نَافِع مرسلا أيضا. وروى عَنْهُ ابنه عَبْد اللَّهِ بْن عَيَّاش سماعا منه.
باب عياضٍ
(2010) عياض بْن الْحَارِث التيمي.
عم مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن الْحَارِث التيمي، مدني، لَهُ صحبة. رَوَى عَنْهُ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم.
(2011) عياض بْن حمار [3] بْن أَبِي حمار [3] بْن ناجية بْن عقال بن محمد بن سفيان ابن مجاشع المجاشعي التميمي [4] ،
هكذا نسبه خليفة.
سكن البصرة. روى عَنْهُ مطرف، وَيَزِيد ابنا عَبْد الله بن الشخير.
__________
[1] من س.
[2] وانظر الطبقات 4- 96
[3] في أسد الغابة: بن حماد بن أبى حماد، وهو تحريف.
[4] في أ: التيمي. والمثبت من س، وأسد الغابة، ومجاشع من بنى تميم كما في الاشتقاق.(3/1232)
والحسن، وَأَبُو التياح، وَكَانَ صديقا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قديما، وَكَانَ إذا قدم مكة لا يطوف إلا فِي ثياب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنه كَانَ من الجملة الذين لا يطوفون إلا في ثوب أحمسى.
(2012) عياض بْن زُهَيْر بْن أَبِي شداد بْن ربيعة بن هلال بن وهيب [1] ابن ضبة بْن الْحَارِث بْن فهر القرشي الفهري.
يكنى أَبَا سَعْد. كَانَ من مهاجرة الحبشة، وشهد بدرا، ذكره إِبْرَاهِيم بْن سَعْد، عَنْ أَبِي إِسْحَاق فِي البدريين. وذكره ابْن عقبة فِي البدريين أيضا، وذكره خليفة والواقدي أيضا فِي البدريين.
وتوفي عِيَاض بْن زُهَيْر الفهري هَذَا بالشام سنة ثلاثين. وهو عم عِيَاض ابن غنم. والله أعلم.
وذكر خليفة بْن خياط عِيَاض بْن زُهَيْر هَذَا ونسبه كما ذكرنا. قال:
ويقال عِيَاض بْن غنم، مَعْرُوف بالفتوح بالشام، ولم يذكر الزُّبَيْر عِيَاض بْن زُهَيْر فِي بني فهر، ولا ذكره عمه، وقد ذكره غيرهما، وقد جوده الْوَاقِدِيّ فَقَالَ: عِيَاض بْن غنم [ابْن أخي عِيَاض بْن زُهَيْر] [2] ذكر في عياض ابن زُهَيْر. وقال خليفة: ليس يعرف أهل النسب عِيَاض بْن غنم. قال:
وَهُوَ مَعْرُوف فِي الفتوحات بالشام.
(2013) عياض بْن عَمْرو الأشعري.
كوفي. روى عَنْهُ الشعبي، وسماك
__________
[1] في س: وهب وفي أسد الغابة: أهبب.
[2] من س.(3/1233)
ابن حرب، وذكر إِسْمَاعِيل بْن إِسْحَاق، عَنْ علي بْن المديني، قَالَ: عِيَاض الأشعري هُوَ عِيَاض بن عمرو.
(2014) عياض بن عنم بْن زُهَيْر بْن أَبِي شداد بْن رَبِيعَة بن هلال بن وهيب [1] ابن ضبة القرشي الفهري.
أسلم قبل الحديبية، وشهدها فيما ذكر الْوَاقِدِيّ وَقَالَ الْحَسَن بْن عُثْمَان: عِيَاض بْن غنم هُوَ ابْن عم أَبِي عُبَيْدَة بْن الجراح. قال:
ويقال: إنه كَانَ ابْن امرأته. وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ اسْتُخْلِفَ ابْنُ خَالِهِ أَوِ ابْنُ [2] عَمِّهِ عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ أَحَدُ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ، فَأَقَرَّهُ عُمَرُ وَقَالَ: مَا أَنَا بِمُبَدِّلٍ أَمِيرًا أَمَّرَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ. قَالَ: ثُمَّ تُوُفِّيَ عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ فَأَمَّرَ عُمَرُ مَكَانَهُ سَعِيدَ بْنَ عَامِرِ بْنِ خُرَيْمٍ.
قال أَبُو عُمَر: عِيَاض بْن غنم لا أعلم خلافا أَنَّهُ افتتح عامة بلاد الجزيرة والرقة، وصالحه وجوه أهلها. وزعم بعضهم أن كتاب الصلح باسمه باقٍ عندهم إِلَى اليوم، وَهُوَ أول من اجتاز الدرب إِلَى الروم فيما ذكر الزُّبَيْر، وَكَانَ شريفا فِي قومه، وقد ذكره ابْن الرقيات فيمن ذكره من أشراف قريش فَقَالَ:
عِيَاض [3] وما عِيَاض بْن غنمٍ ... كان من خير من أجن النساء
قال الْحَسَن بْن عُثْمَان وغيره: مات عِيَاض بْن غنم بالشام سنة عشرين، وهو ابن ستين سنة.
__________
[1] في س: وهب.
[2] في س: وابن.
[3] في س: وعياض.(3/1234)
[وقال الطبري: وكانت عنده أم الحكم بِنْت أَبِي سُفْيَان. وقال الْبُخَارِيّ:
هُوَ عامل عُمَر بالشام، ومات فِي زمان عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عنه] [1] وقال على ابن المديني: عِيَاض بْن غنم كَانَ أحد الولاة باليرموك.
(2015) عياض الأَنْصَارِيّ.
لَهُ حديث واحد. رَوَى عَنْهُ عبد الملك بن عمير.
(2016) عياض الثقفي.
والد عَبْد اللَّهِ بْن عِيَاض. روى عَنْهُ ابنه عَبْد اللَّهِ أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنى هوازن بحنين فِي اثني عشر ألفا، يعد فِي أهل الطائف.
باب الأفراد فِي حرف العين
(2017) عابس الغفاري.
ويقال عبس، وقد تقدم فِي باب عبس [2] .
(2018) عاقل بْن البكير بْن عبد ياليل بْن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناه بن كنانة،
حليف بني عدي بْن كَعْب بْن لؤي.
شهد بدرا هُوَ وإخوته: عَامِر، وإياس، وخالد: بنو البكير حلفاء بني عدي.
قتل عاقل ببدر شهيدا، قتله مَالِك بْن زُهَيْر الخطمي [3] ، وَهُوَ ابْن أربع وثلاثين سنة، وَكَانَ اسمه غافلا، فلما أسلم سماه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاقلا وَكَانَ من أول من أسلم وبايع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم في دار الأرقم.
__________
[1] ليس في س.
[2] صفحة 1008.
[3] في أسد الغابة: الجشمي.(3/1235)
(2019) عتبان بْن مَالِك بْن عَمْرو بْن العجلان،
الأَنْصَارِيّ السالمي، ثُمَّ من بني عوف بْن الخزرج. شهد بدرا، ولم يذكره ابْن إِسْحَاق فيمن ذكره من البدريين، وذكره غيره فيما قَالَ ابْن هِشَام، وَكَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أعمى ذهب بصره على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويقال: كَانَ ضرير البصر، ثُمَّ عمي بعد، ومات فِي خلافة معاوية. روى عنه أنس ابن مَالِك، ومحمود بْن الربيع. يعد فِي أهل المدينة.
(2020) عتيك بْن التيهان.
ويقال عُبَيْد [1] بْن التيهان. قد ذكرنا [2] [من قَالَ] [3] ذَلِكَ فِي باب عُبَيْد. هو أخو أَبِي الهيثم بْن التيهان الأنصاري، [شهد بدرا وقتل يوم أحد شهيدا. وقيل: بل قتل بصفين فاللَّه أعلم] [2] .
قَالَ ابْن هِشَام: ويقال ابْن التيهان والتيهان بالتخفيف- والتثقيل، مثل ميت وميت.
(2021) عثامة بْن قَيْس الْبَجَلِيّ.
مذكور فِي الصحابة، وفي صحبته عندي نظر، لأني لم أجد شيئا يدل عليها.
(2022) عثم بْن الربعة [4] الجهني.
وفد على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ اسمه عبد العزى، فغيره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
(2023) عجير بْن عبد يَزِيد بْن هاشم بْن المطلب بْن عبد مناف القرشي المطلبي،
أخو ركانة بْن عبد يَزِيد. كَانَ ممن بعثه عُمَر فيمن أقام أعلام الحرم، وَكَانَ من مشايخ قريش وجلتهم.
__________
[1] في أسد الغابة: عتيد. ثم نقل ما جاء هنا
[2] صفحة 1015
[3] من س
[4] في هوامش الاستيعاب: هذا وهم من وجهين الأول أن هذا الشخص اسمه: غثم- بالغين المعجمة والثاء المثلثة. الثاني أنه قديم، والّذي وفد على النبي من جهينة (ورقة 89) وقد ضبط ربعة فيه بفتح الباء.(3/1236)
(2024) العداء بْن خَالِد بْن هوذة بْن رَبِيعَة بْن عَمْرو بْن عَامِر بْن صعصعة.
وربيعة هُوَ أنف الناقة. بصري، أسلم بعد الْفَتْح وحنين، وليس هُوَ من بني أنف الناقة الذين مدحهم الحطيئة، وَهُوَ القائل: قاتلنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلم يظهرنا الله ولم ينصرنا، ثُمَّ أسلم فحسن إسلامه.
من حديثه أَنَّهُ اشترى من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غلاما وكتب عَلَيْهِ عهدة، وهي عِنْدَ أهل الحديث محفوظةً، رَوَاهَا عَبَّادُ بْنُ لَيْثٍ الْبَصْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ أَبِي وَهْبٍ [1] ، عَنِ الْعَدَّاءِ بن خالد، عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ أَنَّهُ ابْتَاعَ مِنْهُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً، فَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا: اشْتَرَى الْعَدَّاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدًا أَوْ أَمَةً لا دَاءَ وَلا غَائِلَةَ وَلا خِبْثَةَ [2] ، بَيْعَ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُنْدَارٍ الْقَزْوِينِيُّ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّكَّرِيُّ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ خَلادٍ أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الشَّحَّامُ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، عَنِ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: أَلا أُقْرِئُكَ كِتَابًا كَتَبَهُ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا فِيهِ مَكْتُوبٌ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا اشْتَرَى الْعَدَّاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، اشْتَرَى مِنْهُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً- شَكَّ عُثْمَانُ- مُبَايَعَةَ [3] الْمُسْلِمِ أَوْ بَيْعَ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ،
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: صوابه عبد المجيد أبى وهب أو عبد المجيد بن وهب، لأن عبد المجيد بن وهب يكنى أبا وهب (ورقة 89) .
[2] أراد بالخبثة: الحرام. والخبثة: نوع من أنواع الخبيث، أراد أنه عبد رقيق لا أنه من قوم لا يحل سبيهم (النهاية- خبث) .
[3] في س: بياعة.(3/1237)
لا دَاءَ وَلا غَائِلَةَ وَلا خِبْثَةَ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: سَأَلْتُ سَعِيدَ [1] بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ عَنِ الْغَائِلَةِ، فَقَالَ: الإِبَاقُ وَالسَّرِقَةُ وَالزِّنَا، وَسَأَلْتُهُ عَنِ الْخِبْثَةِ فَقَالَ: بَيْعُ أَهْلِ عَهْدٍ الْمُسْلِمِينَ.
(2025) عرابة بْن أوس بْن قيظي بْن عَمْرو بْن زيد بن جشم بن حارثة ابن الْحَارِث،
من بني مَالِك بْن أوس، كَانَ أبوه أوس بْن قيظي بْن عَمْرو من كبار المنافقين أحد القائلين [2] : إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وما هي بعورة.
وذكر ابن إسحاق والوافدى أن عرابة بْن أوس استصغره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم أحد، فرده فِي تسعة نفر منهم: عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو [3] ، وزيد بْن ثَابِت، والبراء بْن عازب، وعرابة بْن أوس، وَأَبُو سَعِيد الْخُدْرِيّ.
كَانَ عرابة سيدا من سادات قومه كريما. ذكر المبرد وَابْن قتيبة أن الشماخ خرج يريد المدينة فلقيه عرابة بْن أوس، فسأله عما أقدمه المدينة، فَقَالَ: أردت أن أمتار لأهلي، وَكَانَ معه بعيران فأوقرهما لَهُ عرابة تمرا وبرا، وكساه، وأكرمه، فخرج عَنِ المدينة وامتدحه بالقصيدة التي يقول فيها [4] :
رأيت عرابة الأوسي يسمو ... إلى الخيرات منقطع القرين
إذا مَا راية رفعت لمجدٍ ... تلقاها عرابة باليمين
إذا بلغتني وحملت رحلي ... عرابة فاشرقي بدم الوتين
(2026) العرباض بْن سارية السُّلَمِيّ،
يكنى أَبَا نَجِيح كَانَ من أهل الصفة
__________
[1] في س: خالد بن سعيد.
[2] سورة الأحزاب، آيه 13
[3] في س: عمر.
[4] ديوانه 96(3/1238)
سكن الشام، ومات بها سنة خمس وسبعين. وقيل: بل مات فِي فتنة ابْن الزُّبَيْر. رَوَى عَنْهُ من الصحابة أَبُو رهم وَأَبُو أمامة. وَرَوَى عَنْهُ جماعة من تابعي أهل الشام.
(2027) عريب المليكي
رَوَى عَنْهُ ابنه عَبْد اللَّهِ بْن عريب. ليس حديثه بالقائم فِي تفسير قول الله عز وجل [1] : الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً. 2: 274 قال: في الخيل.
(2028) عس العذري [2] مذكور فِي الصحابة.
رَوَى عَنْهُ مطرف [3] أَبُو شعيب الوادي من وادي القرى.
(2029) عسعس بْن سلامة الْبَصْرِيّ التميمي.
رَوَى عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه الحسن البصري، والأزرق بن قيس الحارثي. يقولون حديثه مرسل، وإنه لم يسمع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكنيته أَبُو صفرة ويقال أَبُو صفيرة. مِنْ حَدِيثِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنِ الأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَسْعَسَ بن سلامة يقول: إنّ رجلا من
__________
[1] سورة البقرة 274 آية 274
[2] في س: العدوي. وفي أسد الغابة: العذري، وقيل الغفاريّ. ثم قال: أخرجه ابن مندة وأبو عمر كذا في عس. وأخرجه أبو عمر أيضا في عنيز، وقد اختلف فيه، فقال الأمير أبو نصر: وأما عنتر- بفتح العين المهملة وسكون النون وفتح التاء المعجمة باثنتين من فوقها فهو عنتر العذري له صحبة. قال عبد الغنى بن سعيد: وقيل عس العذري- بالسين.
وقيل إنه أصح من عنتر. وأما أبو عمر فرأيته في كتاب الاستيعاب في عدة نسخ صحاح لا مزيد على صحتها عنيز- بضم العين وفتح النون وآخره زاي بعد الياء تحتها نقطتان وعلى حاشية الكتاب كذا قال أبو عمر (3- 408) .
[3] في س: مطير.(3/1239)
أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْجَبَلَ لِيَتَعَبَّدَ فَفُقِدَ فَطُلِبَ فَجِيءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَعْتَزِلَ فَأَتَعَبَّدُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تَفْعَلْهُ أَوْ لا يَفْعَلْهُ [1] أَحَدٌ مِنْكُمْ- ثَلاثَ مَرَّاتٍ- فَلَصَبْرُ أَحَدِكُمْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ فِي بَعْضِ مَوَاطِنِ الإِسْلامِ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَتِهِ خَالِيًا أَرْبَعِينَ عَامًا.
(2030) عصام المزني [2] ،
لَهُ صحبة. من حديثه عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا بعث سرية قَالَ: إذا رأيتم مسجدا أو سمعتم مؤذنا فلا تقتلوا أحدا. رَوَى عَنْهُ ابنه عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عصام.
(2031) عطاء الشيبي القرشي،
العبدري، من بني شيبة روى عنه فطر ابن خليفة. في صحبته نظر.
(2032) عطاء.
قَالَ: سمعت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: قابلوا [3] النعال. حَدِيثُهُ عِنْدَ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
قابلوا النِّعَالَ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: يُقَالُ فِي تَفْسِيرِهِ اجْعَلُوا لِلنَّعْلِ قُبَالَيْنِ [4] ، وَلا أَدْرِي أَهُوَ الَّذِي قبله أم لا.
(2033) عطارد بْن حاجب بْن زرارة بْن عدس التميمي.
وفد على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طائفة من وجوه قومه، فيهم الأقرع بن حابس،
__________
[1] في س: ولا يفعله.
[2] في س: المرادي.
[3] قابلوا النعال: اعملوا لها قبالا.
[4] القبال: زمام النعل. وهو السير الّذي يكون بين الإصبعين.(3/1240)
والزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم، وعمرو بْن الأهتم، والحتات بْن يَزِيد، وغيرهم، فأسلموا، وذلك فِي سنة تسع. وَكَانَ سيدا فِي قومه وزعيمهم.
وقيل: بل قدموا على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم في سنة عشر والأول أصح.
(2034) عفان بْن البجير [1] السُّلَمِيّ
مذكور فيمن نزل حمص من أصحاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. روى عَنْهُ جُبَيْر بْن نُفَيْر، وخالد بْن معدان.
(2035) عفير بْن أَبِي عفير الأَنْصَارِيّ.
لَهُ حديث: واحد قَالَ لَهُ أَبُو بَكْر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا عفير، مَا سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول فِي الود؟ قَالَ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: الود يتوارث والعداوة تتوارث
(2036) عفيف [2] الْكِنْدِيّ.
ويقال له عفيف بن قيس بن معديكرب الكندي.
ويقال عفيف بن معديكرب. ويقال: إن عفيفا الْكِنْدِيّ الَّذِي لَهُ الصحبة غير عفيف بن معديكرب الَّذِي يروى عَنْ عُمَر وقيل: إنهما واحد.
ولا يختلفون أن عفيفا الْكِنْدِيّ لَهُ صحبة. رَوَى عَنْهُ ابناه يَحْيَى وإياس أحاديث، منها نزوله على الْعَبَّاس فِي أول الإسلام، حديث حسن جدا.
حدثنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا أحمد بن زهير بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي الأَشْعَثَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن إياس بن عفيف الكندي، عن أبيه، عن جده عفيف الكندي
__________
[1] في ى: الهجيز. والمثبت من س، وأسد الغابة. وفي هوامش الاستيعاب بالموحدة في الأصل مضبوط بالموحدة والنون (ورقة 89) .
[2] في هوامش الاستيعاب: عفيف لقب، واسمه شرحبيل.(3/1241)
قال: كنت امرأ تَاجِرًا، فَقَدِمْتُ الْحَجَّ، فَأَتَيْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ المطلب، فو الله إِنِّي لَعِنْدَهُ يَوْمًا إِذْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ خِبَاءٍ قَرِيبٍ مِنْهُ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ، فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ زَالَتْ قَامَ يُصَلِّي ثُمَّ خَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنْ ذَلِكَ الْخِبَاءِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقَامَتْ خَلْفَهُ تُصَلِّي، فَقُلْتُ لِلْعَبَّاسِ: مَنْ هَذَا يَا أَبَا الْفَضْلِ؟ قَالَ:
هَذَا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن أَخِي. فَقُلْتُ: مَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ؟ قَالَ:
خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ زَوْجَتُهُ. ثُمَّ خَرَجَ غُلامٌ حِينَ رَاهَقَ الْحُلُمَ مِنْ ذَلِكَ الْخِبَاءِ، فَقَامَ يُصَلِّي مَعَهُ، فَقُلْتُ: وَمَنْ هَذَا الْفَتَى؟ قَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ابْنُ عَمِّهِ. قُلْتُ:
فَمَا هَذَا الَّذِي يَصْنَعُ؟ قَالَ: يُصَلِّي وَيَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَلَمْ يَتَّبِعْهُ عَلَى أَمْرِهِ إِلا امْرَأَتُهُ وَابْنُ عَمِّهِ هَذَا الْفَتَى، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَتُفْتَحُ عَلَيْهِ كُنُوزُ كِسْرَى وَقَيْصَرَ قَالَ: وَكَانَ عَفِيفٌ يَقُولُ- وَقَدْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَسُنَ إسلامه: لو كان الله رزقني الإسلام يومئذ كُنْتُ ثَانِيًا مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
وَحَدَّثَنِي خَلَف بْن قَاسِم قراءة مني عَلَيْهِ قال: حدثنا أبو أحمد بن عبد الله ابن مُحَمَّد بْن ناصح بْن الْمُغِيرَة بْن المفسر [1] بمصر قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن علي بْن سَعِيد القاضي الدِّمَشْقِيّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن معين، قَالَ: حَدَّثَنَا يعقوب بْن إِبْرَاهِيم بْن سَعْد قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْن إِسْحَاق، فذكره بإسناده سواء إِلَى آخره.
وقد روي هَذَا الحديث أيضا من وجه آخر عَنْ عَفِيف الْكِنْدِيّ رواه سَعِيد بْن خثيم [2] الهلالي، عَنْ أَسَد بْن عَبْد اللَّهِ، عَنْ يَحْيَى بن عفيف، عن أبيه، عن جده عفيف الْكِنْدِيّ. رواه عَنْ سَعِيد بْن خثيم جماعة منهم عَبْد الرَّحْمَنِ بْن صَالِح الأزدي، وَأَبُو غسان مالك بن إسماعيل.
__________
[1] في ى: بن المغيرة.
[2] بمعجمة ومثلثة مصغر (التقريب) .(3/1242)
قرأت على [أَبِي] [1] عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد يوسف أن أبا يعقوب [2] يوسف ابن أَحْمَد حدثهم بمكة.
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبَلْخِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُوسَى الْعُقَيْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أَسْبَاطٍ، قَالَ: حدثنا أبو عسان مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ خثيم الهلالي، عن أسد بن عبد الله الْبَجَلِيِّ، عَنِ ابْنِ يَحْيَى بْنِ عَفِيفٍ [عَنْ أَبِيهِ] [3] عَنْ جَدِّهِ عَفِيفٍ، قَالَ: جِئْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى مَكَّةَ فَنَزَلْتُ عَلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْكَعْبَةِ وَقَدْ حَلَّقَتِ الشَّمْسُ وَارْتَفَعَتْ إِذْ جَاءَ شَابٌّ حَتَّى دَنَا مِنَ الْكَعْبَةِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَانْتَصَبَ قَائِمًا مُسْتَقْبِلَهَا، إِذْ جَاءَ غُلامٌ حَتَّى قَامَ عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ لَمْ أَلْبَثْ إِلا يَسِيرًا حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَامَتْ مِنْ خَلْفِهِمَا، ثُمَّ رَكَعَ الشَّابُّ وَرَكَعَ الْغُلامُ وَرَكَعَتِ الْمَرْأَةُ، ثُمَّ رَفَعَ الشَّابُّ رَأْسَهُ وَرَفَعَ الْغُلامُ وَرَفَعَتِ الْمَرْأَةُ، ثُمَّ خَرَّ الشَّابُّ سَاجِدًا وَخَرَّ الْغُلامُ وَخَرَّتِ الْمَرْأَةُ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: تَدْرِي مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنُ أَخِي، وَهَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَهَذِهِ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ زَوْجَةُ ابْنِ أَخِي، إِنَّ ابْنَ أَخِي هَذَا حَدَّثَنَا أَنَّ رَبَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَمَرَهُ بِهَذَا الدِّينَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ، وَلا وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَحَدًا عَلَى هَذَا الدِّينِ غَيْرَ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ. قَالَ عفيف: فتمنيت أن أكون رابعهم.
__________
[1] من س.
[2] في ى: أبا يعقوب بن يوسف، والمثبت من س.
[3] ليس في س.(3/1243)
(2037) عقيب بْن عَمْرو،
أخو سَهْل [1] بْن عَمْرو بن عدي بن زيد بن جشم بن حارثة الأَنْصَارِيّ الحارثي، شهد أحدا، وَكَانَ لعقيب هَذَا ابْن يقال لَهُ سَعْد، يكنى أَبَا الْحَارِث، صحب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واستصغره يَوْم أحد فرده، ولم يشهد أحدا.
(2038) عكاف بْن وداعة الهلالي.
يعد فِي الشاميين. رَوَى عَنْهُ عطية بْن بسر [2] المازني، حديثه فِي الترغيب فِي النكاح. ولا يعرف إلا بِهِ.
وفي إسناده مقال، وَهُوَ مشهور عِنْدَ أهل الشام.
(2039) عكراش [3] بْن ذؤيب بْن حرقوص بْن جعدة بْن عَمْرو المري،
يكنى أَبَا الصهباء، سكن البصرة، لَهُ حديث واحد. روى عَنْهُ ابنه عُبَيْد الله بْن عكراش أَنَّهُ قدم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصدقات قومه بني مرة، فَقَالَ لَهُ: من أنت؟ فَقَالَ: أنا عكراش بْن ذؤيب.
فَقَالَ لَهُ: ارفع فِي النسب. فَقَالَ: ابْن حرقوص بْن جعدة بْن عَمْرو بْن النزال بْن مُرَّةَ بْن عُبَيْد، وَهَذِهِ صدقات قومي بني مرة بن عُبَيْد. قَالَ:
فأمر بها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوسمت بميسم الصدقة، وضمت إِلَى إبل الصدقة.
(2040) علاقة بْن صحار السليطي.
هُوَ ابْن عم خارجة بْن الصلت، رَوَى عنه خارجة بن الصلت.
__________
[1] في ى: سهيل. والمثبت من س، وأسد الغابة.
[2] في ى، وأسد الغابة: بشر. والصواب من س، والتقريب.
[3] بكسر أوله وسكون الكاف.(3/1244)
(2041) علباء السُّلَمِيّ، يعد فِي أهل المدينة.
لَهُ حديث واحد يرويه عبد الحميد ابن جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحَكَمِ [1] الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِلْبَاءَ السُّلَمِيِّ، قَالَ: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا عَلَى شِرَارِ الْخَلْقِ. وَيَرْوِيهِ بَعْضُ الرُّوَاةِ: لا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا عَلَى حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ.
(2042) علبة بْن زَيْد الحارثي الأنصاري،
من بنى حارثة. يعد فِي أهل المدينة، رَوَى عَنْهُ محمود بن لبيد، وهو أحد البكاءين الذين تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا مَا ينفقون.
(2043) علس بْن الأسود الْكِنْدِيّ.
ذكره الطبري فيمن وفد على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأسلم هُوَ وأخوه سَلَمَة بْن الأسود.
(2044) عليفة بْن عدي بن عمرو بن مالك بن عمر [2] بْن مَالِك بْن علي بْن بياضة الأَنْصَارِيّ،
شهد بدرا، كذلك قَالَ ابْن هِشَام: عليفة- بالعين وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: خليفة- بالخاء.
(2045) عنبة بْن سهيل بْن عَمْرو.
وقد قيل عُتْبَة، ولا يصح. والصحيح أَنَّهُ عنبة، كذلك ذكره الزُّبَيْر بْن بكار عَنْ عمه مصعب، هُوَ أخو أَبِي جندل بْن سهيل، أسلم عنبة بْن سهيل بْن عَمْرو مع أَبِيهِ، واستشهدا جميعا معا بالشام قَالَ الزُّبَيْر عَنْ عمه: كانت فاختة بنت عنبة بن سهيل تحت
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: صوابه ابن الحكم (ورقة 89) .
[2] في س: في عمرو.(3/1245)
عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الْحَارِث بْن هِشَام- وهي أم أبنه الفقيه أَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَنِ وأم إخوته عُمَر، وعثمان، وعكرمة، وخالد [1] ، وَمُحَمَّد:
بني عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الْحَارِث بْن هشام. وعبد الرحمن وفاختة هما الشريدان، سمّاهما بذلك عُمَر بْن الخطاب، وَقَالَ: زوجوا الشريد الشريدة، فتزوج عَبْد الرَّحْمَنِ فاختة، وأقطعهما عُمَر بالمدينة خطة، وأوسع لهما، فقيل لَهُ:
أكثرت لهما، فَقَالَ: عسى الله أن ينشر منهما، فنشر الله منهما ولدا كثيرا رجالا ونساءً.
(2046) عنيز العذري.
ويقال الغفاري. أقطعه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرضا بوادي القرى فهي تنسب إِلَيْهِ، وسكنها إِلَى أن مات. ويقال فِي هَذَا عس [2] وقد ذكرناه.
(2047) عنترة السُّلَمِيّ.
ثُمَّ الذكواني، حليف لبني سواد بْن غنم بن كعب ابن سَلَمَة من الأنصار، شهد بدرا، هكذا قَالَ ابْن هِشَام. وَقَالَ ابْن إِسْحَاق وَابْن عقبة فِي عنترة هَذَا: هُوَ مولى سُلَيْم بْن عَمْرو بْن حديدة الأَنْصَارِيّ، شهد بدرا، وقتل يَوْم أحد شهيدا، قتله نوفل بْن مُعَاوِيَة الديلي. [وقيل:
بل قتل بصفين، والله أعلم] [3] . وَقَالَ فِي موضع آخر من كتابه: عنترة مولى الأنصار قتل يَوْم أحد شهيدا، فجعله ابْن هِشَام من بني سُلَيْم حليفا للأنصار، وجعله ابْن عقبة وَابْن إِسْحَاق مولى للأنصار.
__________
[1] في ى: وخلف.
[2] انظر هامش صفحة 1239
[3] ليس في س.(3/1246)
(2048) عنمة [1] والد إِبْرَاهِيم بْن عنمة الْمُزْنِيّ.
لَهُ صحبة. رَوَى عَنْهُ ابنه إِبْرَاهِيم، وَمُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن الْحَارِث، ذكره أَبُو سَعِيد بْن يونس في المصريين.
(2049) عوذ ابن عفراء.
وهي أمه، وَهُوَ عوذ بْن الْحَارِث، قد نسبناه فِي باب أخيه مُعَاذ، وباب أخيه معوذ أيضا، ونسبنا أمه هنالك [أيضا] [2] .
وعوذ ومعوذ ابنا عفراء هما ضربا يَوْم بدر أبا جهل فأثبتاه، فوقع صريعا، وعطف عليهما أَبُو جهل [3] فقتلهما. وقيل: بل قاتل يومئذ حَتَّى قتل، وأجهز على أَبِي جهل عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود، هكذا قَالَ بعضهم عوذ، وإنما هُوَ عوف على مَا ذكرنا، وباللَّه التوفيق.
(2050) عون بْن جَعْفَر بْن أَبِي طالب.
ولد على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أمه وأم أخويه [4] : عَبْد اللَّهِ، وَمُحَمَّد بني جَعْفَر بْن أَبِي طالب- أَسْمَاء بِنْت عميس الخثعمية. واستشهد عون بْن جَعْفَر وأخوه مُحَمَّد بْن جَعْفَر بتستر، ولا عقب لَهُ.
(2051) عويف بْن الأضبط [5] الديليّ.
ويقال عويث [6] والأكثر عويف
__________
[1] في أسد الغابة: وقد ذكرناه في عثمة- بالثاء المثلثة، فإن أبا نعيم أخرجه كذلك وحده، وأخرجه ابن مندة وأبو عمر عنمة- بالنون، والله أعلم، وهو الصواب (4- 152) .
[2] من س.
[3] هكذا، ولعله عكرمة بن أبى جهل (هامش ى) .
[4] في ى: إخوته.
[5] في أسد الغابة: واسم الأضبط ربيعة بن أبير.
[6] في الإصابة: عوث- ولكنه قال بمثلثة بدل الفاء.
(ظهر الاستيعاب ج 3- م 11)(3/1247)
ابن الأضبط بْن ربيع بْن الأضبط بْن أبير [1] بْن نهيك بْن خزيمة [2] بْن عدي بْن الديل. قاله ابْن الكلبي. أسلم عام الحديبية فيما قاله ابْن الكلبي.
وَقَالَ غيره: استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم في خروجه إلى الحديبية على المدينة.
(2052) عويم بْن ساعدة بْن عائش [3] بْن قَيْس بْن النعمان بْن زَيْد بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بْن عَمْرو بْن عوف،
يكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ.
وَكَانَ ابْن إِسْحَاق يَقُول فِي نسبه: عويم بن ساعدة بن صلجعة [4] ، وإنه من بلي بْن عَمْرو بْن الحاف بْن قضاعة حليف لبني أُمَيَّة بْن زَيْد، ولم يذكر ذَلِكَ غيره. شهد عويم العقبتين جميعا فِي قول الْوَاقِدِيّ. وغيره يَقُول:
شهد العقبة الثانية مع السبعين من الأنصار، وشهد بدرا وأحدا والخندق.
ومات فِي حياة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: بل مات فِي خلافة عُمَر بْن الخطاب بالمدينة، وَهُوَ ابْن خمس أو ست وستين سنة.
(2053) عياذ [5] بْن عبد عَمْرو الأسدي.
حديثه عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صفة خاتم النبوة كأنه ركبة عنز حديثه عِنْدَ أبى عاصم النبيل،
__________
[1] في ى: أثير. والمثبت من الإصابة وأسد الغابة. وقد جاء في الإصابة: أبير- بموحدة مصغرا (3- 45) ، وهكذا في س، وأسد الغابة.
[2] في س: جذيمة. وفي الإصابة: حذيمة.
[3] هكذا في ى، س، وأسد الغابة. وفي التقريب: عابس، وقال بموحدة ومهملتين، وقال في أسد الغابة: وقال ابن مندة: عويم بن ساعدة بن حابس- بالحاء وآخر سين مهملة، وهو تصحيف، وإنما هو عائش (4- 158) .
[4] في أسد الغابة: صلعجة.
[5] بفتح أوله وتشديد ثانيه وآخره معجمة- الإصابة (3- 46) .
(ظهر الاستيعاب ج 3- م 11)(3/1248)
قَالَ: حَدَّثَنَا بشر بْن صحار بْن معارك بْن بشر بْن عياذ بْن عبد عَمْرو [عَنْ معارك بْن بشر عَنْ عياذ بْن عَمْرو] [1] الأسدي أَنَّهُ سمع معارك بْن بشر بْن عياذ أن عياذ بْن عبد عَمْرو حدثه أَنَّهُ أتى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحدثه، وَكَانَ تبعه قبل فتح مكة، ودعا لَهُ قَالَ: فرأيت خاتم النبوة، وحمله على ناقة، فلم تزل معه حَتَّى قتل عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وقدم بها العراق. وفي غير هَذِهِ الرواية أن عياذا هَذَا قَالَ: فرأيت خاتم النبوة كأنه ركبة عنز [2] .
(2054) عيسى بْن عُقَيْل الثقفي
قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بابن لي بِهِ لمم اسمه حَازِم، فسماه عَبْد الرَّحْمَنِ. لم يرو عَنْهُ إلا زِيَاد ابن علاقة.
(2055) عيينة [3] بْن حصن بْن حذيفة بْن بدر الفزاري.
يكنى أَبَا مَالِك.
أسلم بعد الْفَتْح. وقيل: قبل الْفَتْح، وشهد الْفَتْح مسلما، وَهُوَ من المؤلفة قلوبهم، وَكَانَ من الأعراب الجفاة فَذَكَرَ سُنَيْدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عن إبراهيم، قال: جاء عيينة بن حصن إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ عَائِشَةُ فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ- وَذَلِكِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَابُ- قَالَ: هَذِهِ عَائِشَةُ قَالَ: أَفَلا أَنْزِلُ لَكَ عَنْ أُمِّ الْبَنِينَ فَتَنْكِحَهَا! فَغَضِبَتْ
__________
[1] من أسد الغابة: وفي س: بن معارك بن بشر بن عبد عمرو الأزدي أنه سمع معارك بن بشر.
[2] قال الأمير أبو نصر: وأخرجه ابن مندة وأبو نعيم في عباد- بالباء الموحدة أيضا والله أعلم. (أسد الغابة 4- 161) .
[3] في هوامش الاستيعاب: عينية لقب، واسمه حذيفة.(3/1249)
عَائِشَةُ وَقَالَتْ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا أَحْمَقٌ مُطَاعٌ- يَعْنِي فِي قَوْمِهِ.
وفي غير هَذِهِ الرواية فِي هَذَا الخبر أَنَّهُ دخل على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بغير إذن، فقال له رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: وأين الإذن؟
فَقَالَ: مَا استأذنت على أحد من مضر. وكانت عَائِشَة مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالسة- فَقَالَ: من هَذِهِ الحميراء؟ فَقَالَ: أم المؤمنين قَالَ:
أفلا أنزل لك عَنْ أجمل منها! فقالت عَائِشَة: من هَذَا يَا رَسُول اللَّهِ؟ قَالَ:
هَذَا أحمق مطاع، وَهُوَ على مَا ترين سيد قومه. قال أَبُو عُمَر: كَانَ عُيَيْنَة يعد فِي الجاهلية من الجرارين يقود عشرة آلاف، وتزوج عُثْمَان بْن عَفَّان ابنته، فدخل عَلَيْهِ يوما فأغلظ له، فقال له عثمان: لو كَانَ عُمَر مَا أقدمت عَلَيْهِ بهذا. فَقَالَ: إن عُمَر أعطانا فأغنانا وأخشانا فأتقانا.
وَرَوَى أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن أَبِي وائل، قَالَ:
سمعت عُيَيْنَة بْن حصن يَقُول لعبد الله: أنا ابْن الأشياخ الشم. فَقَالَ لَهُ عَبْد اللَّهِ: ذاك يُوسُف بْن يعقوب بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم. فسكت. وَكَانَ لَهُ ابْن أخ لَهُ دين وفضل. قَالَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، عَنِ الزُّهْرِيّ: كَانَ جلساء عمر بن الخطاب أهل القرآن شبابا وكهولا، فجاء عيينة الفزاري، وكان له ابن أخ من جلساء عمر يقال له الحر [1] بن قيس، فقال لابن
__________
[1] في س: أبجر.(3/1250)
أخيه: ألا تدخلني على هذا الرجل؟ فقال: إني أخاف أن تتكلم بكلام لا ينبغي. فقال: لا أفعل. فأدخله على عمر، فقال: يا بن الخطاب، والله مَا تقسم بالعدل، ولا تعطي الجزل. فغضب عمر غضبا شديدا حتى هم أن يوقع بِهِ. فَقَالَ لَهُ ابْن أخيه: يَا أمير المؤمنين، إن الله عز وجل يَقُول فِي [محكم] [1] كتابه [2] : خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ 7: 199.
وإن هذا من الجاهلين. قال: فخلى عنه عمر، وكان وقافا عند كتاب الله عز وجل.
__________
[1] ليس في س.
[2] سورة الأعراف، آية 198(3/1251)
حرف الغين
باب غالب
(2056) غالب بْن أبجر الْمُزْنِيّ.
ويقال غالب بْن ديخ [1] ولعله جده، يعد فِي الكوفيين رَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلٍ [2] ، كَذَا قَالَ شُرَيْكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ غَالِبِ بْنِ دِيخٍ وَقَالَ غَيْرُهُ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ [3] مَعْقِلٍ، عَنْ غَالِبِ بْنِ أَبْجَرَ- وَالْحَدِيثُ وَاحِدٌ- فِي الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا كَرِهْتُ لَكُمْ جَوَّالَ الْقَرْيَةِ.
(2057) غالب بْن عَبْد اللَّهِ،
ويقال ابْن عُبَيْد الله. والأكثر يقولون فِيهِ ابْن عَبْد اللَّهِ اللَّيْثِيّ. ويقال الكلبي. والصواب غالب بْن عَبْد اللَّهِ بْن مِسْعَر اللَّيْثِيّ بعثه النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ستين راكبا إِلَى بني الملوح بالكديد، وكانوا قد قتلوا أصحاب بشير بْن سويد، وأمره أن يغير عليهم، فخرج، فَقَالَ جندب بْن مَالِك: كنت فِي سريته فقتلنا واستقنا النعم، وذلك عِنْدَ أهل السير فِي سنة خمس. وَهُوَ الَّذِي بعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الْفَتْح ليسهل لَهُ الطريق. رَوَى عَنْهُ قطر بْن عبيد الله [4] .
__________
[1] ديخ- بكسر الدال بعدها تحتانية ثم معجمة (التقريب) .
[2] في ى: مغفل. والمثبت من س. وفي هوامش الاستيعاب. صوابه عبد الرحمن بن معقل (9)
[3] في ى: أبى. وهو تحريف.
[4] في ى: فطر بن عبد الله. والمثبت من س. وفي الإصابة: قطن بن عبد الله.(3/1252)
باب غزية
(2058) غزية بْن الْحَارِث الأسلمي.
ويقال الأَنْصَارِيّ المازني. ويقال الخزاعي. رَوَى عَنْهُ عَبْد اللَّهِ بْن رَافِع مولى أم سَلَمَة. لَهُ صحبة. وحديثه صحيح عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ قَالَ: لا هجرة بعد الْفَتْح، إنما هو الجهاد والنية [1] .
(2059) غزية بن عمرو بن عطية بن خنساء بن مبذول بن عمرو بن [غنم بن] [2] مازن بْن النجار الأَنْصَارِيّ المازني.
شهد أحدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
باب غطيف
(2060) غطيف [3] بْن الْحَارِث الثمالي.
ذكره ابْن أَبِي خيثمة فِي الصحابة، وذكره أَبُو أَحْمَد الحاكم فِي كتاب الكنى. قَالَ أَبُو أَسْمَاء: غضيف بْن الْحَارِث السكوني. ويقال الثمالي. ويقال الأزدي. شامي أدرك النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذكر لَهُ حديث مُعَاوِيَة بْن صَالِح، قَالَ: أخبرنى يونس ابن سيف، عَنْ غضيف بْن الْحَارِث، قَالَ: مهما نسيت من أشياء فإني لم أنس أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع [4] يده اليمنى على اليسرى فِي الصلاة.
__________
[1] في الإصابة: إنما هي ثلاث: الجهاد والسنة والجنة.
[2] من الإصابة وأسد الغابة.
[3] في س: غضيف.
[4] في س: ويده اليمنى ...(3/1253)
(2061) غطيف-
ويقال: غضيف [1]- بْن الْحَارِث الْكِنْدِيّ. ويقال:
السكوني [2] لَهُ صحبة. يعد فِي أهل الشام. يختلف فيه. روى عنه يونس ابن سيف فَقَالَ: عَنْ غطيف بْن الْحَارِث، أو الْحَارِث بْن غطيف. وَقَالَ غيره: عطيف بْن الْحَارِث، ولم يشك. وَقَالَ العقيلي: يقال: غطيف الْكِنْدِيّ، وَأَبُو غطيف. ويقال: غضيف، وَهُوَ الصحيح.
(2062) غطيف بْن الْحَارِث الْكِنْدِيّ آخر.
والد عِيَاض بْن غطيف، تفرد بالرواية عَنْهُ ابنه عِيَاض فيما ذكر الأزدي الموصلي. فِيهِ وفي الَّذِي قبله نظر، والاضطراب فِي ذَلِكَ كَثِير جدا.
باب الأفراد فِي حرف الغين
(2063) غرفة [3] بْن الْحَارِث الْكِنْدِيّ،
يكنى أَبَا الْحَارِث. سكن مصر، لَهُ صحبة ورواية، من حديثه مَا رواه ابْن الْمُبَارَك قَالَ: أَخْبَرَنِي حرملة بْن عِمْرَان، قَالَ: حَدَّثَنِي كَعْب بْن عَلْقَمَة أن غرفة بْن الْحَارِث الْكِنْدِيّ- وكانت لَهُ صحبة من النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سمع نصرانيا يشتم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فضربه ودق أنفه، فرفع إِلَى عَمْرو بْن الْعَاص، فَقَالَ لَهُ: إنا قد أعطيناهم العهد. فَقَالَ لَهُ غرفة: مُعَاذ الله أن نعطيهم العهد
__________
[1] في الإصابة: غضيف- بالتصغير- ويقال غطيف- بالطاء المهملة بدل الضاد المعجمة والأول أثبت.
[2] في التقريب: ويقال الثمالي.
[3] في الإصابة: ذكر ابن فتحون أن أبا عمر ضبطه بسكون الراء، قال: وضبطه الدار قطنى وغيره بالتحريك (3- 182) . وفي القاموس: بالتحريك. وفي التقريب: ومنهم من ذكره بالمهملة.(3/1254)
على أن يظهروا شتم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إنما أعطيناهم العهد على أن نخلي بينهم وبين كنائسهم يقولون فيها مَا بدا لهم، وألا نحملهم مَا لا يطيقون، وإن أرادهم عدو قاتلنا دونهم، وعلى أن نخلي بينهم وبين أحكامهم، إلا أن يأتونا راضين بأحكامنا، فنحكم فيهم بحكم الله عز وجل، وحكم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن اغتنوا عنا لم نعرض لهم. فَقَالَ عَمْرو: صدقت.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الأَزْدِيِّ، عَنْ غُرْفَةَ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: شَهِدْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم في حجة الْوَدَاعِ، وَأُتِيَ بِبُدْنٍ، فَقَالَ: ادْعُوا لِي أَبَا حَسَنٍ، فَدُعِيَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: خُذْ بِأَسْفَلِ الْحَرْبَةِ، وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَعْلاهَا، ثُمَّ طَعَنَا بِهَا الْبُدْنَ، فَلَمَّا رَكِبَ بَغْلَتَهُ أَرْدَفَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَذَكَرَهُ الْخَوْلانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ عِمْرَانَ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ، قَالَ: كَانَ غُرْفَةُ بْنُ الْحَارِثِ لَهُ صُحْبَةٌ، وَقَاتَلَ مَعَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ فِي الرِّدَّةِ. روى عَنْهُ عَبْد اللَّهِ بْن الْحَارِث الأزدي، وكعب بْن عَلْقَمَة.
(2064) غسان العبدي.
والد يَحْيَى بْن غسان، قدم على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وفد عبد القيس. إسناد حديثه فِي الأشربة والأوعية مضطرب.
(2065) غنام،
رجل من الصحابة مذكور فِي أهل بدر رضوان الله تعالى عليهم، وَابْن غنام مذكور فِي الصحابة الرواة عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.(3/1255)
حديثه عِنْدَ رَبِيعَة بْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن عنبسة، عَنْهُ، من حديث سُلَيْمَان بْن بلال.
(2066) غيلان بْن سَلَمَة [1] بْن شرحبيل الثقفي.
أسلم يَوْم الطائف، وَكَانَ عنده عشر نسوة، فأمره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يتخير منهن أربعا رَوَى حديثه عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر من رواية مَعْمَر، عَنِ ابْن شهاب، عَنْ سَالِم، عَنْ أَبِيهِ، ولم يتابع مَعْمَر على هَذَا الإسناد.
وقيل: قد رَوَى عَنْ غيلان هَذَا بشر بْن عَاصِم، ومن نسب غيلان بْن سَلَمَة قَالَ: هُوَ غيلان بْن سَلَمَة بْن معتب [2] بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن قيس، وهو ثقيف. وأمه سبيعة بِنْت عبد شمس.
أسلم بعد فتح الطائف، ولم يهاجر، وَكَانَ أحد وجوه ثقيف ومقدميهم، وَهُوَ ممن وفد على كسرى، وخبره معه عجيب، قَالَ:
كسرى ذات يَوْم: أي ولدك أحب إليك؟ قَالَ: الصغير حَتَّى يكبر، والمريض حَتَّى يبرأ، والغائب حَتَّى يئوب. فَقَالَ كسرى: زه! مَالِك ولهذا الكلام! هَذَا كلام الحكماء، وأنت من قوم جفاة لا حكمة فيهم، فما غذاؤك؟ قَالَ: خبز البر. قَالَ: هَذَا العقل من البر، لا من اللبن والتمر. وَكَانَ شاعرا محسنا. توفي غيلان بْن سَلَمَة فِي آخر خلافة عُمَر رَضِيَ الله عنه.
__________
[1] في أسد الغابة والإصابة: بن سلمة بن معتب بن مالك. ثم قال في الإصابة: وسمى أبو عمر جده شرحبيل.
[2] في ى: مغيث. والمثبت من أسد الغابة والإصابة والطبقات: 5- 371 وفي هوامش الاستيعاب: صوابه معتب.(3/1256)
حرف الفاء
باب الفاكه
(2067) الفاكه بْن بشير [1] .
كذا قَالَ ابْن إِسْحَاق. وَقَالَ ابْن هِشَام:
الفاكه بْن بشر بْن الفاكه بْن زَيْد بن خلدة بن عامر بن زريق الأنصاري الزرقي، من بني جشم بْن الخزرج، شهد بدرا.
(2068) الفاكه بْن سَعْد بْن جُبَيْر الأَنْصَارِيّ.
من الأوس. رَوَى عَنْهُ عُمَارَة بْن خزيمة. وَرَوَى أَبُو جَعْفَرٍ الْخَطْمِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ الْفَاكِهِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن جده أن رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَوْمَ عَرَفَةَ، وَيَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الأَضْحَى. قَالَ: وَكَانَ الْفَاكِهُ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالْغُسْلِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ وقد قيل: إن الفاكه ابن سَعْد مهاجري، كذا قَالَ ابْن الكلبي. قَالَ: ثم شهد صفين مع علي رضي الله عَنْهُ، وقتل بصفين رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
باب فرات
(2069) فرات بن ثعلبة البهراني.
شامي. قَالَ بعضهم: حديثه مرسل.
رَوَى عَنْهُ ضمرة والمهاجر ابنا حَبِيب وسليم بْن عَامِر الخبائري [2] . وَرَوَى عَنْهُ ممن لم يسمع منه خصيف، وعبد الكريم الجزري.
__________
[1] في الإصابة وأسد الغابة: بشر، وفي الطبقات: نسر (3- 129) .
[2] في أسد الغابة: الجبائرى.(3/1257)
(2070) فرات بن حيّان [1] بن ثعلبة بن العجليّ.
من بنى عجل بن لجيم [2] ابن سَعْد [3] بْن علي بْن بَكْر بْن وائل بْن قاسط، حليف لبني سهم، هاجر إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه حارثة بْن مضرب [4] ، وحنظلة بْن الربيع، يعد فِي الكوفيين. روينا عَنْ قَتَادَة قَالَ: هاجر من بَكْر بْن وائل أربعة: رجلان من بني سدوس: أَسَد بْن عَبْد اللَّهِ- من أهل اليمامة، وبشير بن الخصاصية، وعمرو بن تغلب بن النمر بن قاسط، وفرات بن حيان- من بني عجل وَرَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ [4] ، عَنْ فُرَاتِ بْنِ حَيَّانَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِهِ- وَكَانَ عَيْنًا لأَبِي سُفْيَانَ- فَمَرَّ بِحَلِيفٍ لَهُ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ. فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ يَقُولُ: إِنِّي مُسْلِمٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ فِيكُمْ رِجَالا نَكِلُهُمْ إِلَى إِيمَانُهُمْ، مِنْهُمْ فُرَاتُ بْنُ حَيَّانَ.
وبعث رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرات بْن حيان العجلي إِلَى ثمامة بْن أثال فِي قتل مسيلمة وقتاله. وَذَكَرَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ مَخْلَدِ بْنِ قَيْسٍ الْعِجْلِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ فُرَاتِ بْنِ حَيَّانَ، قَالَ: خَرَجَ فُرَاتٌ وَالرُّحَّالُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ عِنْدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لَضِرْسُ أَحَدِكُمْ فِي النَّارِ أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ، وَإِنَّ مَعَهُ لَقَفَا غَادِرٍ. فبلغنا ذَلِكَ، فما أمنا حتى صنع
__________
[1] في التقريب: بالتحتانية، ابن عطية بن عبد العزى.
[2] في د: نحيم، وهو تحريف.
[3] في الإصابة: ووقع في سياق نسبه عند أبي عمر: سعد بدل صعب وهو وهم.
[4] بتشديد الراء المكسورة قبلها معجمة (التقريب) .(3/1258)
الرحال مَا صنع، ثُمَّ قتل فخر أَبُو هُرَيْرَةَ وفرات بْن حيان ساجدين للَّه عز وجل.
باب فرقد
(2071) فرقد العجلي الربعي.
ويقال التميمي العنبري. يذكر فِي الصحابة، ذهبت بِهِ أمه أمامة إِلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت لَهُ ذوائب، فمسح بيده عَلَيْهِ وبرك ودعا له.
(2072) فرقد.
أدرك النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وطعم على مائدته الطعام.
ذكره الْبُخَارِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سلام، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مِهْرَان الكرماني، قَالَ: رأيت فَرْقَد صاحب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وطعمت معه، وَكَانَ قد أكل على مائدة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
باب فروة
(2073) فروة بْن عَمْرو [1] بْن الناقدة الجذامي ثُمَّ النفاثي [2] ،
كتب بإسلامه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ موضعه بعمان من أرض فلسطين، وَكَانَ عاملا للروم على فلسطين وما حولها، وعلى مَا يليه من العرب.
(2074) فروة بْن عَمْرو بن ودقة [2] بن عبيد بن عامر بن بياضة البياضي الأنصاري.
__________
[1] في الإصابة: ابن عامر. وقيل ابن عمرو. وقيل ابن نفاثة. وقيل ابن نباته. وقيل ابن نعامة.
[2] في اللباب: النفاتي- بالتاء. ثم قال: والّذي أعرفه بالثاء المثلثة. وهو الصحيح (2- 233) . (3) في الطبقات: وذفة.(3/1259)
شهد العقبة، وشهد بدرا، وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآخى رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ بينه وبين عَبْد اللَّهِ بْن مخرمة العامري. حَدِيثُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يَجْهَرُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ. قَالَهُ مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أَبِي حَازِمٍ التَّمَّارِ، عَنِ الْبَيَاضِيِّ، وَلَمْ يُسَمِّهِ فِي الْمُوَطَّأِ. وكان ابْن وَضَّاح وَابْن مزين يقولان: إنما سكت مَالِك عَنِ اسمه لأنه كَانَ ممن أعان على قتل عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو عُمَر: هَذَا لا يعرف، ولا وجه لما قالاه فِي ذَلِكَ، ولم يكن لقائل هَذَا علم بما كَانَ من الأنصار يَوْم الدار، وقد خولف مَالِك رحمه الله فِي حديثه ذَلِكَ، رواه حَمَّاد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم، عَنْ أَبِي حَازِم، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم يقله حَمَّاد. والقول قول مَالِك، ولم يختلف فِي اسم البياضي هَذَا، وأما بياضة فِي الأنصار فهو بياضة ابن عَامِر بْن زريق بْن عدي بْن عبد بن حارثة بن مالك بن عضب بن جشم ابن الخزرج.
(2075) فروة بْن مَالِك الأشجعي
رَوَى عَنْهُ أَبُو إِسْحَاق السبيعي، حديثه مضطرب لا يثبت وقد قيل فِيهِ: فروة بْن نوفل، وفروة بْن نوفل من الخوارج، خرج على الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة فِي صدر خلافة مُعَاوِيَة مع المستورد، فبعث إليهم الْمُغِيرَة خيلا، فقتلوه سنة خمس وأربعين، وقد قيل فِيهِ فروة بْن معقل الأشجعي، وَهُوَ أيضا من الخوارج، إلا أَنَّهُ اعتزلهم(3/1260)
فِي النهروان. والله أعلم. فإن كَانَ فروة بْن معقل الأشجعي فلا صحبة لَهُ، ولا لقاء ولا رواية، وإنما رَوَى عَنْ أَبِيهِ، وعن عَائِشَة. رَوَى عَنْهُ أَبُو إِسْحَاق الهمداني، وهلال بْن يساف، وشريك بْن طارق
(2076) فروة بْن مجالد.
مولى اللخميين، من أهل فلسطين. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأكثرهم يجعلون حديثه مرسلا. رَوَى عَنْهُ حَسَّان بْن عطية، والمغيرة بْن الْمُغِيرَة، وَكَانَ فروة هَذَا معدودا من الأبدال [1] مستجاب الدعوة.
(2077) فروة بْن مسيك [2] ،
ويقال فروة بْن مسيكة- ومسيك أكثر- ابْن الْحَارِث بْن سَلَمَة بْن الْحَارِث بْن كريب الغطيفي [3] ثُمَّ المرادي. أصله من اليمن، قدم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سنة تسع فأسلم.
وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: قدم فروة بْن مسيك المرادي على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل قدوم عمرو بن معديكرب- يعنى فِي سنة عشر. وذكر الطبري، عَنْ حميد، عَنْ سَلَمَة، عَنْ إِسْحَاق، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي بَكْر قَالَ: قدم فروة بْن مسيك المرادي على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مفارقا لملوك كندة مباعدا لهم.
قال أَبُو عُمَر: وانتقل فروة بْن مسيك إِلَى الكوفة فِي زمن عُمَر، فسكنها، رَوَى عَنْهُ الشَّعْبِيّ، وَأَبُو سبرة النخعي، وسعيد بْن أبيض، أَبُو هاني المرادي [4] . حديثه فِي سبإ حديث حسن، وكان من وجوه
__________
[1] في القاموس: الأبدال قوم بهم يقيم الله عز وجل الأرض (بدل) .
[2] بمهملة مصغر (التقريب) .
[3] بمعجمة مصغر (التقريب) .
[4] في التقريب: المرادي، أبو هاني المأربي.(3/1261)
قومه، وَكَانَ شاعرا محسنا، وأنشد لَهُ ابْن إِسْحَاق فِي السير شعرا حسنا.
(2078) فروة بْن النعمان.
ويقال: فروة بْن الْحَارِث بْن النعمان بْن يساف الأَنْصَارِيّ الخزرجي. من بني مَالِك بْن النجار. قتل يَوْم اليمامة شهيدا، وَكَانَ قد شهد أحدا، وما بعدها من المشاهد.
(2079) فروة الجهني.
شامي، لَهُ صحبة، رَوَى عَنْهُ بسر مولى مُعَاوِيَة أَنَّهُ سمعه فِي عشرة من الصحابة يقولون، إذ رأوا الهلال: اللَّهمّ اجعل شهرنا الماضي خير شهر وخير عاقبة، وأدخل علينا شهرنا هَذَا بالسلامة واليمن والإيمان والعافية والرزق الْحَسَن.
باب فَضَالَة
(2080) فضالة بْن عُبَيْد بْن ناقد [1] بْن قَيْس بْن صُهَيْب بن الأصرم بن جحجبي بن كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بْن الأوس الأَنْصَارِيّ العمري الأوسي،
يكنى أَبَا مُحَمَّد. أول مشاهده أحد، ثُمَّ شهد المشاهد كلها، ثُمَّ انتقل إِلَى الشام، وسكن دمشق وبنى بها دارا، وَكَانَ فيها قاضيا لمعاوية، ومات بها وقبره بها مَعْرُوف إِلَى اليوم.
وكان مُعَاوِيَة استقضاه فِي حين خروجه إِلَى صفين، وذلك أن أَبَا الدرداء لما حضرته الوفاة قَالَ لَهُ مُعَاوِيَة: من ترى لهذا الأمر؟ فقال: فضالة ابن عُبَيْد، فلما مات أرسل إِلَى فَضَالَة بْن عبيد فولّاه القضاء، وقال له:
__________
[1] في ى، والإصابة: نافذ، والمثبت من التقريب، والإصابة، والطبقات.(3/1262)
أما إِنِّي لم أحبك بها، ولكني استترت بك عَنِ النار فاستر. ثم أمره مُعَاوِيَة على الجيش، فغزا الروم فِي البحر، وسبي بأرضهم.
رَوَى ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ [1] تَمَّامَ بْنَ شُفَيٍّ الْهَمْدَانِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ بِأَرْضِ الرُّومِ فَتُوُفِّيَ صَاحِبٌ لَنَا، فَأَمَرَنَا فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ بِقَبْرِهِ فَسُوِّيَ، ثُمَّ قَالَ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِتَسْوِيَتِهَا.
وتوفي فَضَالَة بْن عُبَيْد فِي خلافة مُعَاوِيَة، فحمل مُعَاوِيَة سريره، وَقَالَ لابنه عَبْد اللَّهِ: أعني يَا بني، فإنك لا تحمل بعده مثله أبدا. وكانت وفاته رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سنة ثلاث وخمسين. وقد قيل: إنه توفي فِي آخر خلافة مُعَاوِيَة وقيل: إنه مات سنة تسع وستين. والأول أصح إن شاء الله تعالى.
(2081) فضالة بْن هِلال الْمُزْنِيّ.
مذكور فيمن رَوَى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسمع منه، ذكره علي بن عمر.
(2082) فضالة بْن هند الأسلمي،
يعد فِي أهل المدينة. روى عنه عبد الرحمن ابن حرملة.
(2083) فضالة اللَّيْثِيّ [2] .
اختلف فِي اسم أَبِيهِ، فقيل فَضَالَة بْن عَبْد اللَّهِ اللَّيْثِيّ. وقيل فَضَالَة بْن وَهْب بْن بحرة بْن يَحْيَى [3] بْن مالك الأكبر الليثي.
__________
[1] في الإصابة: ثمامة.
[2] في الإصابة: قال البغوي: وقيل هو ابن عبد الله، وقيل ابن وهب.
[3] في الإصابة: بن بحير.(3/1263)
وقال بعضهم: الزهراني فأخطأ، والزهراني غير اللَّيْثِيّ، والزهراني تابعي يعد فَضَالَة اللَّيْثِيّ فِي أهل البصرة، حديثه عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: حافظ على العصرين، يَعْنِي الصبح [1] والعصر. رَوَى عَنْهُ ابنه عَبْد الله.
(2084) فضالة غير منسوب.
مذكور فِي موالي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا أعرفه بغير ذَلِكَ. قيل: إنه مات بالشام.
باب فيروز
(2085) فيروز الديلمي.
يكنى أَبَا عَبْد اللَّهِ. وقيل: أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ ويقال لَهُ الحميري لنزوله بحمير، وَهُوَ من أبناء فارس، من فرس صنعاء.
وقد قيل: إن هؤلاء الأبناء ينسبون فِي بني ضبة، وَكَانَ ممن وفد على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحديثه عَنْهُ فِي الأشربة حديث صحيح، وَهُوَ قاتل الأسود العنسي الكذاب الَّذِي ادعى النبوة فِي أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكروا أن زادويه، وقيس بْن مكشوح، وفيروز الديلمي دخلوا عَلَيْهِ فحطم فيروز عنقه وقتله.
حَدَّثَنَا خلف بن قاسم، حدثنا الحسن بن رشيق، حدثنا أبو بشر الدّولانى، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو عُمَيْرٍ [2] النَّحَّاسُ، وَمُؤَمَّلُ بْنُ إِهَابٍ [3] ، وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ الصَّيْدَلانِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ أبى
__________
[1] هكذا في الأصول
[2] في ى: أبو عمرو والمثبت من س، والتقريب.
[3] بكسر أوله وبموحدة (التقريب) .(3/1264)
زُرْعَةَ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ فَيْرُوزَ، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بِرَأْسِ الأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ الْكَذَّابِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِمْتَ مِنْ أَيْنَ نَحْنُ؟ وَمِمَّنْ نَحْنُ؟
فَقَالَ: أَنْتُمْ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ. قَالَ الدولابي: كَانَ قتل الأسود بصنعاء سنة إحدى عشرة قبل وفاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال أَبُو عُمَر: لم يتابع ضمرة على قوله عَنِ الشيباني، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن الديلمي، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قدم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برأس الأسود العنسي الكذاب أحد. وقد رَوَى حديث فيروز الديلمي فِي قدومه على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحديثه فِي الأشربة، عَنِ الشيباني، عن عبد الله بن الديلمي، عن أَبِيهِ- جماعة لم يذكر واحد منهم فِيهِ أَنَّهُ قدم برأس الأسود العنسي الكذاب. وأهل العلم لا يختلفون أن الأسود العنسي الكذاب المتنبي بصنعاء قتل فِي سنة إحدى عشرة. ومنهم من يَقُول فِي خلافة أَبِي بَكْر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وليس ذَلِكَ عندي بشيء.
والصحيح أَنَّهُ قتل قبل وفاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأتاه خبره وَهُوَ مريض مرضه الَّذِي مات منه، وقد أوضحنا ذَلِكَ فِي غير هَذَا الموضع والحمد للَّه.
ولا خلاف أن فيروز الديلمي ممن قتل الأسود بْن كَعْب العنسي المتنبي.
ومات فِي خلافة عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. روى عَنْهُ أبناء: الضحاك، وعبد الله.
وقيل: إن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كناه بأبي عَبْد الله.(3/1265)
وَذَكَرَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ سَهْلِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ سَهْلِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: أَوَّلُ رِدَّةٍ كَانَتْ مِنَ الأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ، وَاسْمُهُ عَبْهَلَةُ بْنُ كَعْبٍ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ ذُو الْخِمَارِ، لأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ الَّذِي يَأْتِيهِ ذُو خِمَارٍ. ومسيلمة اسمه ثمامة بْن قَيْس، وَكَانَ يقال لَهُ رحمان، لأن الَّذِي كَانَ يأتيه يزعمه رحمان. وطليحة بْن خويلد الأسدي كَانَ يقال: إن الَّذِي يأتيه ذو النون. وكلهم ظهر قبل وفاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ سَيْفٌ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الشَّنَوِيُّ [1] ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَتَى الْخَبَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ السَّمَاءِ اللَّيْلَةَ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا الأَسْوَدُ الْكَذَّابُ الْعَنْسِيُّ، فَخَرَجَ لِيُبَشِّرَنَا، فَقَالَ: قُتِلَ الأَسْوَدُ الْبَارِحَةَ، قَتَلَهُ رَجُلٌ مُبَارَكٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ مُبَارَكِينَ. قِيلَ: وَمَنْ قَتَلَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: فَيْرُوزُ الدَّيْلَمِيُّ. وقيل: كَانَ بين خروج الأسود العنسي بكهف خبان [2] إِلَى أن قتل نحو أربعة أشهر، وَكَانَ قبل ذَلِكَ مستترا. وقيل:
كَانَ بين أول أمره وآخره ثلاثة أشهر.
(2086) فيروز الهمداني الوادعي.
مولى عَمْرو بْن عَبْد اللَّهِ الوادعي، أدرك الجاهلية والإسلام، وَهُوَ جد يَحْيَى بْن زكريا بن أبى زائدة بن ميمون ابن فيروز الهمداني الكوفي. وأبو زائدة والد زكريا وجدّ يحيى بن زكريا ابن أبى زائدة، اسمه كنيته.
__________
[1] منسوب إلى شنوءة (اللباب) .
[2] خبان: قرية باليمن في واد يقال له وادي خبان قرب نخران، وهي قرية الأسود الكذاب (ياقوت) .(3/1266)
باب الأفراد فِي حرف الفاء
(2087) فتح [1] بْن دحرج رَوَى عَنْهُ وَهْب بْن منبه.
في إدراكه نظر، وَالَّذِي عندي أَنَّهُ لا يصح لَهُ ذكر فِي الصحابة، وحديثه مرسل، وروايته عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعن يعلي بْن أُمَيَّة أيضا، والله أعلم.
قال أَبُو عُمَر: هكذا ذكره قوم بالتاء والحاء غير المعجمة وذكره عبد الغني بْن سَعِيد فِي «المؤتلف والمختلف» فَقَالَ: إنما هُوَ فنج بالنون والجيم.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ فِيمَا أَجَازَهُ لَنَا وَأَذِنَ لَنَا فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ- قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْوَرْدِ، قَالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْعَلافُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ الصَّنَعَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي فَنَّجٌ قَالَ: كُنْتُ أَعْمَلُ فِي الرَّشَادِ [2] أُعَالِجُ فِيهَا، فَلَمَّا قَدِمَ يَعْلَى- وَهُوَ ابْنُ أُمَيَّةَ- أَمِيرًا عَلَى الْيَمَنِ جَاءَ مَعَهُ بِرِجَالٍ، فَجَاءَنِي رَجُلٌ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَهُ وَأَنَا فِي الزَّرْعِ أَصْرِفُ الْمَاءَ فِيهِ، وَفِي كُمِّهِ جَوْزٌ، فَجَلَسَ عَلَى سَاقَيْهِ وَهُوَ يَكْسِرُ مِنْ ذَلِكَ الْجَوْزِ وَيَأْكُلُ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَيَّ، فَقَالَ:
يَا فَارِسِيُّ، هَلُمَّ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَقَالَ لِي: يَا فَنَّجٌ، أَتَأْذَنُ لِي فَأَغْرِسُ من
__________
[1] في أسد الغابة: فنج بن دحرج. وقيل ابن يزحج وقيل اسمه فتح بالتاء، وقبل بالباء والحاء المهملة، والأول أصح. وفي الإصابة: فنج بفتح أوله وتشديد النون بعدها جيم ابن دحرج ويقال: مدجج بجيمين.
[2] في الإصابة: في أهل الدينار.(3/1267)
هَذَا الْجَوْزِ عَلَى هَذَا الْمَاءِ! فَقَالَ لَهُ فَنَّجٌ: مَا يَنْفَعُنِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ:
سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مَنْ نَصَبَ شَجَرَةً فَصَبَرَ عَلَى حِفْظِهَا وَالْقِيَامِ عَلَيْهَا حَتَّى تُثْمِرَ كَانَ لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ يُصَابُ مِنْ ثَمَرِهَا صَدَقَةٌ عِنْدَ اللَّهِ. قال لَهُ فنج: أنت سمعت هَذَا من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: نعم يَا فنج؟ فأنا أضمنها للَّه عز وجل، فغرز جوزة ثُمَّ سار قَالَ حامد:
فهي ثَمَّ يؤكل منها إِلَى اليوم. هذا لفظ أبى يوسف.
(2088) الفجيع [1] بْن عَبْد اللَّهِ بْن جندح العامري، من بني عَامِر بْن صعصعة، سكن الكوفة.
روى عَنْهُ وَهْب بْن عقبة البكائي.
(2089) فديك الزبيدي [2] ،
حجازي، لَهُ صحبة. حَدِيثُهُ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ فُدَيْكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ فُدَيْكٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا فُدَيْكُ، أَقِمِ الصَّلاةَ وَآتِ الزَّكَاةَ، وَاهْجُرِ السُّوءَ، وَاسْكُنْ مِنْ أَرْضِ قَوْمِكَ حيث شئت.
(2090) فراس بْن حابس [3] ،
أظنه من بني العنبر. قدم على رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ فِي وفد بني تميم.
(2091) فراس بْن النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف ابن عبد الدار.
هاجر إِلَى أرض الحبشة. ذكره ابْن إِسْحَاق ولم يذكره ابْن عقبة. وقتل فراس بْن النَّضْر يَوْم اليرموك شهيدا رَضِيَ الله عنه.
__________
[1] بالجيم مصغر (التقريب) .
[2] في هوامش الاستيعاب: فديك العقيلي.
[3] في هوامش الاستيعاب: فراس هذا هو الأقرع بن حابس (ورقة 90) .(3/1268)
(2092) الفراسي،
ويقال فراس، وَهُوَ من بني فراس [1] بْن مَالِك بْن كنانة، حَدِيثُهُ عِنْدَ أَهْلِ مصر أن رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ لا بُدَّ سَائِلا فَاسْأَلِ الصَّالِحِينَ. وله حديث آخر مثل حديث أَبِي هُرَيْرَةَ فِي البحر: هُوَ الطهور ماؤه الحل ميتته. كلاهما يرويه اللَّيْث بْن سَعْد، عَنْ جَعْفَر بْن رَبِيعَة، عَنْ بَكْر بْن سوادة، عَنْ مُسْلِم بْن مخشي [2] ، عَنِ الفراسى. ومنهم من يقول: عن مسلم ابن مخشي، عَنِ ابْن الفراسي، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم. يعد في أهل مصر، ومخرج حديثه عنهم.
(2093) الفضل بْن الْعَبَّاس بْن عبد المطلب بْن هاشم بْن عبد مناف القرشي الهاشمي.
يكنى أَبَا عَبْد اللَّهِ. وقيل: بل يكنى أَبَا مُحَمَّد. أمه أم الْفَضْل لبابة الصغرى بِنْت الْحَارِث بْن حزن الهلالية، من بني هلال بن عامر بْن صعصعة بْن مُعَاوِيَة، أخت ميمونة زوج النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهي أم إخوته على مَا ذكرنا [3] فِي باب تمام من هَذَا الكتاب.
غزا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حنينا، وشهد معه حجة الوداع، وشهد غسله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وهو الّذي كان يصب الماء على علي يومئذ.
واختلف فِي وقت وفاة الْفَضْل فقيل: أصيب فِي يَوْم أجنادين في خلافة
__________
[1] في اللباب: من بنى فراس، وهو فراس بن غنم بن مالك.
[2] بفتح الميم وسكون المعجمة بعدها معجمة مكسورة وياء النسب (التقريب) .
[3] صفحة 195.(3/1269)
أبي بكر الصديق رضي الله عنه في سنة ثلاث عشرة وقيل: بل قتل يَوْم مرج الصفر، وذلك أيضا سنة ثلاث عشرة، إلا أن الأمير كَانَ يَوْم مرج الصفر خَالِد بْن الْوَلِيد، وبأجنادين كانوا أربعة أمراء: عَمْرو بْن الْعَاص، وَأَبُو عُبَيْدَة، وَيَزِيد بْن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة، كل على جنده وقد قيل: إن عَمْرو بْن الْعَاص كَانَ عليهم جميعا يومئذ. وقد قيل: مات الْفَضْل فِي طاعون عمواس بالشام سنة ثمان عشرة. وقيل: إنه قتل يَوْم اليرموك سنة خمس عشرة فِي خلافة عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَ أجمل الناس وجها، لم يترك ولدا إلا أم كلثوم، تزوجها الْحَسَن بْن علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، ثُمَّ فارقها، فتزوجها أَبُو مُوسَى الأشعري. روى عَنْهُ أخوه عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس، وروى عَنْهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
(2094) الفضيل بْن النعمان الأَنْصَارِيّ،
من بني سَلَمَة، قتل بخيبر شهيدا فيما ذكر ابْن إِسْحَاق. قال مُحَمَّد بْن سَعْد: هكذا وجدناه فِي غزوة خيبر، وطلبناه فِي نسب بني سَلَمَة فلم نجده. قال: ولا أحسبه إلا وهما فِي الكتاب، وإنما أراد الطفيل بْن النعمان بْن خنساء بْن سنان. والله أعلم.
(2095) الفلتان [1] بْن عَاصِم الجرمي.
ويقال المنقري. والصواب الجرمي.
قال خليفة: وممن روى عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ من جرم بْن رياب بْن ثعلبة بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة الفلتان بْن عَاصِم الجرمي.
قال أَبُو عُمَر: هُوَ خال كليب بْن شهاب الجرمي، والد عَاصِم بْن كليب وحديثه عنده. يعد الكوفيين.
__________
[1] الفلتان- محركة (القاموس) .(3/1270)
(2096) فويك [1] ،
هكذا بالواو ضبطناه. قدم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعيناه مبيضتان لا يبصر بهما شيئا، فسأله مَا أصابه! فَقَالَ: كنت أمرن جملا لي، فوقعت على بيض حية فأصيب بصري، فنفث رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عينه، فأبصر لوقته، قَالَ: فأنا رأيته يدخل الخيط فِي الإبرة، وإنه لابن ثمانين سنة، وإن عينيه مبيضتان. ذكره ابْن أَبِي شيبة، عَنْ مُحَمَّد بْن بشر العبدي، عَنْ عَبْد الْعَزِيزِ بْن عُمَر، عَنْ رجل من سلامان بْن سَعْد، عَنْ أمه أن خالها حَبِيب بْن فويك حدثها أن أباه فويكا خرج إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكر الحديث.
__________
[1] في الإصابة: وقيل فريك- بالراء. وقيل الدال. وقيل فويك بالواو (3- 195) .(3/1271)
حرف القاف
باب الْقَاسِم
(2097) القاسم بْن مخرمة بْن المطلب،
أخو قَيْس بْن مخرمة، أعطاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولأخيه الصلت مائة وسق من خيبر. وأمهما بِنْت مَعْمَر بْن أُمَيَّة بْن عَامِر من بني بياضة، وأم قَيْس أخيهما أم ولد، ولا أعلم للقاسم ولا للصلت رواية. والله أعلم.
(2098) قاسم، مولى أَبِي بَكْر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
له صحبة ورواية.
باب قبيصة
(2099) قبيصة [1] بْن برمة [2] الأسدي.
قَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كم مات لك من الولد؟ قَالَ: ثلاثة بنين. قَالَ: قد احتظرت من النار بحظار شديد. هو والد يَزِيد بْن قبيصة. وقد قيل: إن حديثه مرسل، لأنه يروي عَنِ ابْن مَسْعُود والمغيرة بْن شُعْبَة رَضِيَ اللَّهُ عنهم.
(2100) قبيصة بْن ذؤيب [3] الخزاعي هُوَ قبيصة بْن ذؤيب بْن حلحلة بن عمرو بن كليب بن أصرم،
قد رفعنا فِي نسب أَبِيهِ إِلَى خزاعة في بابه من هذا الكتاب [4] .
__________
[1] بفتح أوله، وكسر الموحدة (التقريب) .
[2] في الإصابة: بموحدة مضمومة أوله وسكون الراء- وتردد فيه ابن حبان هل هو بالموحدة أو بالمثلثة (3- 214) .
[3] بالمعجمة مصغر (التقريب) .
[4] صفحة 464.(3/1272)
ولد قبيصة بْن ذؤيب فِي أول سنة من الهجرة. وقيل: ولد عام الْفَتْح، يكنى أَبَا إِسْحَاق. وقد قيل: أَبَا سَعِيد. روى عن أبى الدرداء، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وزيد بْن ثَابِت، وجماعة من الصحابة. رَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيّ، ورجاء بْن حيوة، ومكحول. وكان ابْن شهاب إذا ذكر قبيصة بْن ذؤيب قَالَ:
كَانَ من علماء هَذِهِ الأمة.
توفي سنة ست [1] وثمانين، وله ست وثمانون سنة. هَذَا على قول من قَالَ: ولد عام الهجرة. ويقال: إنه أتى بِهِ النبي صلى الله عليه وسلم فدعا له قَالَ أَبُو عُمَر: كَانَ لَهُ فقه وعلم، وَكَانَ على خاتم عَبْد الْمَلِكِ بْن مَرَوَان.
(2101) قبيصة بْن المخارق بْن عَبْد اللَّهِ بْن شداد الهلالي.
من بنى هلال ابن عَامِر بْن صعصعة، يكنى أَبَا بشر، نزل البصرة. روى عَنْهُ أَبُو عُثْمَان النهدي، وكنانة بْن نُعَيْم، وَأَبُو قلابة، وابنه قطن بْن قبيصة.
(2102) قبيصة بْن وَقَّاص السُّلَمِيّ.
سكن البصرة. روى عَنْهُ حديث واحد لم يحدث بِهِ غير أَبِي الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيِّ، عَنْ أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُمَارَةَ صَاحِبُ الزَّعْفَرَانِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ وَقَّاصٍ مَرْفُوعًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: سيكون عَلَيْكُمْ أُمَرَاءٌ يُؤَخِّرُونَ الصَّلاةَ ... فذكر الحديث فِي جواز الصلاة خَلَف أئمة الجور مَا صلوا إلى القبلة
(2103) قبيصة السُّلَمِيّ
يروى عَنْهُ عُقَيْل بْن طَلْحَة، وفيه نظر.
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: بخط كاتب الأصل في الهامش ما لفظه سنة سبع (ورقة 92)(3/1273)
باب قتادة
(2104) قتادة بْن أوفى.
ويقال قَتَادَة بْن أَبِي أوفى التميمي له صحبة.
روى عَنْهُ ابنه إِيَاس بْن قَتَادَة. وروى عَنِ ابنه إِيَاس أبو جمرة الضبعي وَكَانَ إِيَاس قاضي الري
(2105) قتادة بْن عَيَّاش الجرشي،
والد هِشَام بْن قَتَادَة الرهاوي. روى عَنْهُ ابنه هِشَام أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودعه فِي خروجه إِلَى سفر، فَقَالَ: زودك الله التقوى، وغفر ذنبك، ووجهك للخير حيث كنت، وعقد لَهُ لواء
(2106) قتادة بْن ملحان [1] القيسي.
لَهُ صحبة. روى عنه ابنه عبد الملك ابن قَتَادَة ويقال: إن شُعْبَة أخطأ فِي اسمه إذ قَالَ فِيهِ: منهال [2] بْن ملحان قَالَ الْبُخَارِيّ: حديث هَمَّام أصح من حديث شُعْبَة- يَعْنِي فِي ذَلِكَ.
ومنهال بْن ملحان لا يعرف فِي الصحابة، والصواب قَتَادَة بْن ملحان القيسي، تفرد بالرواية عَنْهُ ابنه عَبْد الْمَلِكِ بْن قَتَادَة. يعد فِي البصريين.
(2107) قتادة بْن النعمان.
بن زيد بن عامر بن سواد بْن كَعْب، وكعب هُوَ ظفر بْن الخزرج بْن عَمْرو بْن مَالِك بْن الأوس الظفري الأنصاري.
__________
[1] بكسر الميم وسكون اللام بعدها مهملة (التقريب) .
[2] في أسد الغابة: ورواه- الحديث- شعبة عَنْ أنس بْن سيرين عَنْ عبد الملك بن منهال أو ملحان- والصواب ملحان (4- 195) .(3/1274)
يكنى أَبَا عَمْرو. وقيل أَبُو عُمَر. وقيل أَبُو عَبْد اللَّهِ. عقبي، شهد بدرا والمشاهد كلها، وأصيبت عينه يَوْم بدر. وقيل يَوْم الخندق، وقيل يَوْم أحد، فسالت حدقته، فأرادوا قطعها، ثُمَّ أتوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدفع حدقته بيده حَتَّى وضعها موضعها، ثُمَّ غمزها براحته، وَقَالَ: اللَّهمّ اكسها جمالا، فجاءت وإنها لأحسن عينيه وما مرضت بعده.
قال أَبُو عُمَر: الأصح- والله أعلم- أن عين قَتَادَة أصيبت يَوْم أحد.
رَوَى عَبْدُ الله بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أُصِيبَتْ عَيْنُ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَكَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَهَا بِيَدِهِ فَرَدَّهَا. فَكَانَتْ أَحْسَنَ عَيْنَيْهِ وَأَحَدَّهُمَا نَظَرًا. وقال عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ: كنا نتحدث أَنَّهَا تعلقت بعرق فردها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال: اللَّهمّ اكسها جمالا. وذكر الأصمعي، عَنْ أَبِي معشر المدني، قَالَ: وفد أَبُو بَكْر بْن مُحَمَّد ابن عَمْرو بْن حزم بديوان أهل المدينة إِلَى عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ- رجل من ولد قَتَادَة بْن النعمان، فلما قدم عَلَيْهِ قَالَ له ممّن الرجل؟ فقال:
أنا ابْن الَّذِي سالت على الخد عينه ... فردت بكف المصطفى أحسن الرد
فعادت كما كانت لأول أمرها ... فيا حسن مَا عين ويا حسن مَا رد
فقال عُمَر بْن عبد العزيز رحمة الله عليه:
تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادت بعد أبوالا(3/1275)
وقال عبد الله بن محمد بن عمارة: إن قَتَادَة بْن النعمان رميت عينه يَوْم أحد فسالت حدقته على وجهه، فأتى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رَسُول اللَّهِ، إن عندي امرأة أحبها وإن هي رأت عيني خشيت أن تقذرني، فردها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاستوت، وكانت أقوى عينيه وأصحهما. وكانت معه يَوْم الْفَتْح راية بني ظفر، وَكَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ من فضلاء الأنصار وكانت وفاته فِي سنة ثلاث وعشرين. وقيل سنة أربع وعشرين، وهو ابن خمس وستين سنة، وصلى عليه عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ونزل فِي قبره أَبُو سَعِيد الْخُدْرِيّ، وَهُوَ أخوه لأمه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
ومن حديث أَبِي سَلَمَة، عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج ذات ليلة لصلاة العشاء، وهاجت الظلمة من السماء، وبرقت برقة، فرأى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَادَة بْن النعمان، فَقَالَ:
قَتَادَة! قَالَ: نعم، يَا رَسُول اللَّهِ، علمت أن شاهد الصلاة الليلة قليل، فأحببت أن أشهدها. فقال لَهُ: إذا انصرفت فأتني فلما انصرف أعطاه عرجونا، وَقَالَ لَهُ: خذها فسيضيء أمامك عشرا وخلفك عشرا. وقتادة هَذَا هُوَ جد عَاصِم بْن عُمَر بْن قَتَادَة المحدث النسابة، رَوَى عَنْ قَتَادَة بْن النعمان أخوه لأمه أَبُو سَعِيد الْخُدْرِيّ حديث قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 112: 1 تعدل ثلث القرآن. وقتادة بْن النعمان هَذَا هو الّذي كان يقرؤها وكان(3/1276)
يتقالها [1] وعليه مخرج ذَلِكَ الحديث، وله فِي قصة نزول [2] : وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ 4: 107 في بني أبيرق من الأنصار فضيلة كبيرة.
وحديثه بذلك مشهور فِي السير، وفي كتب تفسير القرآن.
باب قدامة
(2108) قدامة بْن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، القرشي الْجُمَحِيّ،
يكنى أَبَا عَمْرو. وقيل أَبَا عُمَر. والأول أشهر وأكثر.
أمه امرأة من بني جمح، وَهُوَ خال عَبْد اللَّهِ وحفصة ابني عُمَر بْن الخطاب.
وكانت تحته صفية بنت الخطاب أخت عمر بن الخطاب. هاجر إِلَى أرض الحبشة مع أخويه: عُثْمَان بْن مظعون، وعبد الله بْن مظعون، ثُمَّ شهد بدرا وسائر المشاهد، واستعمله عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ على البحرين، ثُمَّ عزله، وولى عُثْمَان بْن أَبِي الْعَاص.
وكان سبب عزله مَا رواه مَعْمَر عَنِ ابْن شهاب، قال: أخبرنى عبد الله ابن عَامِر بْن رَبِيعَة أن عُمَر بْن الخطاب استعمل قدامة بْن مظعون على البحرين- وَهُوَ خال عَبْد اللَّهِ وحفصة ابني عُمَر بْن الخطاب، فقدم الجارود سيد عبد القيس على عُمَر بْن الخطاب من البحرين، فَقَالَ: يَا أمير المؤمنين، إن قدامة شرب فسكر، وإني رأيت حدا من حدود الله حقا علي أن أرفعه إليك. فَقَالَ عُمَر: من يشهد معك؟ فَقَالَ: أَبُو هُرَيْرَةَ. فدعي أَبُو هُرَيْرَةَ
__________
[1] تقاله: رآه ليلا.
[2] سورة النساء، آية 106.(3/1277)
فَقَالَ: بم تشهد؟ فَقَالَ: لم أره يشرب، ولكني رأيته سكران يقيء، فَقَالَ عُمَر: لقد تنطعت فِي الشهادة. ثم كتب إِلَى قدامة أن يقدم عَلَيْهِ من البحرين. فقدم، فَقَالَ الجارود لعمر: أقم على هَذَا كتاب الله. فقال عُمَر:
أخصيم أنت أم شهيد؟ فَقَالَ: شهيد. فقال: قد أديت شهادتك. قال:
فصمت الجارود، ثُمَّ غدا على عُمَر فَقَالَ: أقم على هَذَا حد الله. فقال عُمَر: مَا أراك إلا خصيما، وما شهد معك إلا رجل واحد. فقال الجارود:
إِنِّي أنشدك الله! قَالَ عُمَر: لتمسكن لسانك أو لأسوءنك فَقَالَ: يَا عُمَر، أما والله مَا ذَلِكَ بالحق أن يشرب الخمر ابْن عمك وتسوءني. فقال أَبُو هُرَيْرَةَ:
إن كنت تشك فِي شهادتنا فأرسل إِلَى ابنة الْوَلِيد فسلها- وهي امرأة قدامة. فأرسل عُمَر إِلَى هند بِنْت الْوَلِيد ينشدها. فأقامت الشهادة على زوجها، فَقَالَ عُمَر لقدامة: إِنِّي حادك. فقال: لو شربت، كما يقولون، مَا كَانَ لكم أن تحدوني. فقال عُمَر: لم؟ قَالَ قدامة: قَالَ الله عز وجل [1] :
لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ... 5: 93 الآية. قال عُمَر: أخطأت التأويل، إنك إذا اتقيت الله اجتنبت مَا حرم عليك، ثُمَّ أقبل عُمَر على الناس فَقَالَ:
ماذا ترون فِي جلد قدامة؟ فقالوا: لا نرى أن تجلده مَا كَانَ مريضا.
فسكت على ذَلِكَ أياما، ثُمَّ أصبح يوما، وقد عزم على جلده، فَقَالَ لأصحابه: مَا ترون فِي جلد قدامة؟ فَقَالَ القوم: مَا نرى أن تجلده مَا كان
__________
[1] سورة المائدة، آية 96.(3/1278)
وجعا. فقال عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لأن يلقى الله وَهُوَ تحت السياط أحب إلي من أن ألقاه وَهُوَ فِي عنقي. إيتوني بسوط تام. فأمر عُمَر بقدامة فجلده، فغاضب عُمَر قدامة، وهجره، فحج عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وقدامة معه مغاضبا لَهُ، فلما قفلا من حجهما ونزل عُمَر بالسقيا نام، فلما استيقظ من نومه قَالَ: عجلوا علي بقدامة، فو الله لقد أتاني آتٍ فِي منامي فَقَالَ: سَالِم قدامة، فإنه أخوك، فعجلوا علي بِهِ، فلما أتوه أَبِي أن يأتي، فأمر بِهِ عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إن أبى أن يجروه، فكلمه عُمَر، واستغفر لَهُ، فكان ذَلِكَ أول صلحهما.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن محمد، حدثنا أحمد بن خالد، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَيُّوبَ بْنَ أَبِي تَمِيمَةَ، قَالَ: لَمْ يُحَدَّ فِي الْخَمْرِ أحد من أهل بدر إلا قدامة ابن مَظْعُونٍ.
وتوفي قدامة سنة ست وثلاثين، وَهُوَ ابن ثمان وستين سنة.
(2109) قدامة الكلابي.
ويقال العامري، وَهُوَ قدامة بْن عبد الله بن عمار ابن مُعَاوِيَة الكلابي، من بني كلاب بْن رَبِيعَة بْن عَامِر بْن صعصعة، يكنى أَبَا عَبْد اللَّهِ، أسلم قديما، سكن مكة ولم يهاجر، وشهد حجة الوداع، وأقام بركية فِي البدو من بلاد نجد وسكنها.
روى عَنْهُ أيمن بْن نابل [1] ، وحميد بْن كلاب فأما حديث أيمن عَنْهُ فإنه قَالَ: رأيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرمي الجمرة يَوْم النحر على ناقة صهباء لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك. وأما حديث حميد بْن كلاب فإنه قَالَ عَنْهُ:
إنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة وعليه حلة حبرة. لا أحفظ لَهُ غير هذين الحديثين.
__________
[1] بنون وموحدة (التقريب) .
(ظهر الاستيعاب ج 3- م 11)(3/1279)
باب قرة
(2110) قرة بْن إِيَاس [1] بْن رئاب الْمُزْنِيّ.
سكن البصرة، وداره بها بحضرة العوقة [2] . لم يرو عَنْهُ غير ابنه مُعَاوِيَة بْن قرة. وَهُوَ جد إِيَاس بْن مُعَاوِيَة بْن قرة الحكيم الذكي [3] قاضي البصرة. ويقال لَهُ قرة بْن الأعز.
حدثنا خَلَف بْن قَاسِم، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن محبوب، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن أَبِي شيبة، حَدَّثَنَا شبابة بْن سوار، عَنْ شُعْبَة، عَنْ مُعَاوِيَة بْن قرة، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أتى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد حلب وصر. وقرة هَذَا قتلته الأزارقة:
وذلك أن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عبيس بْن كريز القرشي العبشمي خرج فِي زمن مُعَاوِيَة فِي نحو من عشرين ألفا يقاتلون الأزارقة ومعه أخوه مسلم بن عبيس [4] ابن كريز، وهما ابنا عم عَبْد اللَّهِ بْن عَامِر بْن كريز- وَكَانَ فِي العسكر قرة بْن إِيَاس الْمُزْنِيّ، وابنه مُعَاوِيَة بْن قرة. وقتل قرة فِي ذَلِكَ اليوم، وقتل عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عبيس، وأخوه مُسْلِم، قتل عَبْد الرَّحْمَنِ نَافِع بْن الأزرق، وقتل يومئذ مُعَاوِيَة بْن قرة قاتل أَبِيهِ، وَكَانَ عَبْد الرَّحْمَنِ بن عبيس قد استعمله عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ على كرمان.
(2111) قرة بْن حُصَيْن بْن فَضَالَة العبسي.
أحد التسعة العبسيين الذين قدموا على رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فأسلموا.
__________
[1] في التقريب: ابن هلال. وفي الإصابة وأسد الغابة: بن هلال بن رئاب.
[2] عوقة: محلة بالبصرة (ياقوت) .
[3] في أسد الغابة: المزني.
[4] بمهملتين وموحدة مصغر (الإصابة) .
(ظهر الاستيعاب ج 3- م 11)(3/1280)
(2112) قرة بْن دعموص بْن رَبِيعَة بْن عوف النميري،
من بني نمير بن عامر بن صعصعة، بصري، استغفر لَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ قدم إِلَيْهِ مع قَيْس بْن عَاصِم، والحارث بْن شريح. روى عَنْهُ مولاه، وَرَوَى عَنْهُ أيضا عائذ بْن ربيعة بن قيس.
(2113) قرة بْن عُتْبَة الأَنْصَارِيّ الأشهلي حليف لهم.
قتل يَوْم أحد شهيدا.
(2114) قرة بْن هبيرة بْن عَامِر بْن سَلَمَة الخير بْن قشير بن كعب بن ربيعة ابن عَامِر بْن صعصعة القشيري.
وفد على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهُ: يَا رسول الله، الحمد الله، إنا كنا نعبد الآلهة لا تنفعنا ولا تضرنا. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نعم ذا عقلا. وقرة هَذَا هُوَ جد الصمة القشيري الشاعر، وأحد الوجوه الوفود من العرب على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
باب قطبة
(2115) قطبة بْن جزي [1] .
ويقال ابْن جَرِير. يكنى أَبَا الحويصلة. له صحبة ورواية عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. روى عَنْهُ مقاتل [2] بن معدان. حديثه
__________
[1] في الإصابة (3- 228) : وضبط آباه بفتح المهملة وآخره زاي. وضبطه بعضهم بضم الجيم وفتح الزاى.
[2] في أسد الغابة: روى عنه مقاتل بن معدان. ذكره في حريز- بفتح الحاء وكسر الراء وبعد الياء زاي والله أعلم (4- 205) .(3/1281)
عِنْدَ عِمْرَانَ بْنِ جَرِيرٍ [1] ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْهُ- أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَنَا أُبَايِعُكَ عَلَى نَفْسِي وعلى الحويصلة ابنتي- وبها كان يكنى- على الإِسْلامِ الْوَثِيقِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، لَوْ كَذَبْتَ عَلَى اللَّهِ خَدَعَكَ اللَّهُ. قال أَبُو حَاتِم الرازي: هُوَ أول من افتتح الأبلة.
(2116) قطبة بْن عَامِر بْن حديدة الأَنْصَارِيّ.
يكنى أبا زيد. ويقال قطبة ابن عَمْرو بْن حديدة. قَالَ ابْن إِسْحَاق: هُوَ قطبة بْن عَامِر بْن حديدة بْن عَمْرو بن سواد بن غنم بن كعب بن سَلَمَة الخزرجي، شهد العقبة الأولى والثانية، ولم يختلفوا فِي ذَلِكَ، وشهد بدرا وأحدا والمشاهد كلّها مع رسول الله صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكانت معه راية بني سَلَمَة يَوْم الْفَتْح، وجرح يَوْم أحد تسع جراحات. وقال أَبُو معشر: رمي قطبة بْن عَامِر يَوْم بدر بحجر بين الصفين، ثُمَّ قَالَ: لا أفر حَتَّى يفر هَذَا الحجر. وقال الْوَاقِدِيّ فِي تسمية من شهد بدرا مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الأنصار: من بني سواد بْن غنم بْن كَعْب بْن سَلَمَة، ثُمَّ من بني حديدة قطبة بْن عَمْرو بْن حديدة، يكنى أَبَا زَيْد، توفي زمن عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
(2117) قطبة بْن عبد عَمْرو بْن مَسْعُود بْن عبد الأشهل بْن حارثة بْن دينار.
قتل يَوْم بئر معونة شهيدا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
(2118) قطبة بْن قَتَادَة السدوسي.
هُوَ الَّذِي استخلفه خَالِد بْن الْوَلِيد على البصرة فِي سنة اثنتي عشرة، ثُمَّ سار إِلَى السواد، رَوَى عَنْهُ مقاتل.
__________
[1] في س: حدير.(3/1282)
(2119) قطبة بْن مَالِك الثعلي.
ويقال الثعلبي- وهو الصواب، من بني ثعلبة. ويقال الذبياني، كوفي. روى عَنْهُ زِيَاد بْن علاقة، ويقال هُوَ عم زيادة بْن علاقة. وقال لي خَلَف بْن الْقَاسِم، عَنْ أَبِي علي بْن السَّكَن: أَنَّهُ قَالَ: سمعت ابْن عقدة يَقُول: قطبة بْن مَالِك من بني ثعل، وصوابه الثعلي قال ابْن السَّكَن: والناس يخالفونه ويقولون: الثعلبي.
باب القعقاع
(2120) القعقاع [1] بن عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي.
روى عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ أَنَّهُ سمعه يَقُول: تمعددوا [2] واخشوشنوا وامشوا حفاةً.
رواه عَنْهُ سَعِيد المقبري. وروى القعقاع هَذَا أيضا عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مر بناس من أسلم وهم يتناضلون. قَالَ: ارموا يَا بني إِسْمَاعِيل:
فإن أباكم كَانَ راميا، ارموا وأنا مع ابْن الأكوع ... الحديث.
للقعقاع ولأبيه جميعا صحبة، وقد ضعف بعضهم صحبة القعقاع، لأن حديثه لا يأتي إلا من طريق عَبْد اللَّهِ بْن سَعِيد بْن أَبِي سَعِيد، وَهُوَ ضعيف.
(2121) القعقاع بْن عَمْرو التميمي.
قَالَ: شهدت وفاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما رواه سيف بْن عُمَر، عَنْ عَمْرو بْن تميم، عَنْ أبيه، عنه.
__________
[1] في أسد الغابة: القعقاع بن أبى حدرد. ويقال هو القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد (4- 207) .
[2] يقال تمعدد الغلام: إذا شب وغلظ. وقيل: معناه دعوا التنعم وزي العجم (النهاية) .(3/1283)
قال ابْن أَبِي حَاتِم: وسيف متروك الحديث، فبطل مَا جاء من ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو عُمَر: هُوَ أخو عَاصِم بْن عَمْرو التميمي، وَكَانَ لهما البلاء الجميل، والمقامات المحمودة فِي القادسية لهما ولهاشم بْن عُتْبَة، وَعَمْرو بْن معديكرب.
(2122) الققاع بْن معبد بْن زرارة التميمي،
أحد وفد بني تميم، أشار أَبُو بَكْر بإمارته على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأشار عُمَر بإمارة الأقرع بْن حابس التميمي فِي حين قدوم وفد بني تميم، فَقَالَ أَبُو بَكْر:
مَا أردت إلا خلافي، وتماريا، فنزلت [1] : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ... 49: 1 الآية، من حديث عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر رَضِيَ الله عنهما.
باب قيس
(2123) قيس بْن جحدر الطائي:
وفد على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَهُوَ جد الطرماح الشاعر، وَهُوَ الطرماح بْن حكيم بْن نُفَيْر بن قيس ابن جحدر.
(2124) قيس بْن الْحَارِث الأسدي.
قَالَ: أسلمت وعندي ثماني نسوة، فذكرت ذَلِكَ لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فقال: اختر منهنّ أربعا.
__________
[1] سورة الحجرات، آية 1.(3/1284)
روى حديثه ابْن أَبِي ليلى والكلبي جميعا عَنْ حميضة [1] بْن الشمرذل عَنْهُ.
قال ابْن أَبِي خيثمة: الشمرذل- بالذال [2]- هُوَ الرجل الطويل.
(2125) قيس بْن الْحَارِث بْن عدي بْن جشم بْن مجدعة بْن حارثة.
وَهُوَ عم البراء بْن عازب. كان مُحَمَّد بْن عُمَر الْوَاقِدِيّ يَقُول: هُوَ قَيْس بْن محرث، وذكر أَنَّهُ أول من قتل، بعد ما ولوا يَوْم أحد من المسلمين مع طائفة من الأنصار، وأحاط بهم المشركون فلم يفلت منهم أحد، وضاربهم قَيْس حَتَّى قتل منهم عدة، ثُمَّ لم يقتلوه إلا بالرماح، نظموه نظما وَهُوَ يقاتلهم بالسيف، فوجد بِهِ أربع عشرة طعنة قد جافته عشر ضربات فِي بدنه. قال ابْن سَعْد: قَالَ عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن عُمَارَة: لا أعرف هَذِهِ الصفة فِي قَيْس بْن الْحَارِث بْن عدي، وإنما حكاها مُحَمَّد بْن عُمَر، عَنْ قَيْس بْن محرث، ولعله غير قيس ابن الْحَارِث. فأما قَيْس بْن الْحَارِث فإنه قتل يَوْم اليمامة شهيدا.
(2126) قيس بْن أَبِي حَازِم الأحمسي،
من ولد أحمس بْن الغوث بْن أنمار ابن أراش، يكنى أَبَا عَبْد اللَّهِ، جاهلي إسلامي، لم ير النبي صلى الله عليه وسلم فِي عهده، وصدق إِلَى مصدقه، وَهُوَ من كبار التابعين، شهد أَبَا بَكْر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وسمع منه، وَرَوَى عَنْهُ، وعن جميع العشرة إلا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عوف فإنه لم يحفظ لَهُ عَنْهُ شيء، واسم أَبِيهِ- أَبِي حَازِم- عوف بْن الْحَارِث [3] ، وقيل: عبد عوف بن الحارث.
__________
[1] حميضة- بالضاد المعجمة مصغر (التقريب) .
[2] هو بالدال المهملة في التقريب. وهو بوزن السفرجل.
[3] في الطبقات: بن عبد الحارث بن عوف (6- 44) .(3/1285)
وروينا عَنْ قَيْس بْن أَبِي حَازِم أَنَّهُ قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأبايعه، فوجدته قد قبض وَأَبُو بَكْر قائم مقامه، فأطاب الثناء، وأطال البكاء. وروينا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: دخلنا على أَبِي بَكْر رَضِيَ الله عنه في مرصه، وأسماء بِنْت عميس عِنْدَ رأسه تروح عَنْهُ ومات قَيْس بْن أَبِي حَازِم سنة ثمان أو سبع وتسعين، وَكَانَ يخضب بالصفرة، وربما لبس الخز، وَكَانَ عثمانيا.
(2127) قيس بْن حُذَافَة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم القرشي السهمي.
كان من مهاجرة الحبشة هُوَ وأخوه عَبْد اللَّهِ بْن حُذَافَة.
(2128) قيس بْن الحصين الحارثي.
من بني الْحَارِث بْن كَعْب. هو قَيْس بْن يَزِيد بْن شداد، يقال لَهُ: ابْن ذي الغصة، وفد على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكتب لَهُ كتابا إِلَى قومه. لم يذكره الْبُخَارِيّ وقال الدار قطنى:
لَهُ صحبة. وقد ذكره ابْن إِسْحَاق فِي القوم الذين قدموا مع خَالِد بْن الْوَلِيد على رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني الْحَارِث بْن كَعْب، ونسبه [1] ، فَقَالَ: قَيْس بْن الحصين بْن يَزِيد بْن. قنان بْن ذي الغصة، وذكر إسلامهم، وذلك فِي سنة عشر.
(2129) قيس بْن خرشة القيسي،
من بني قَيْس بْن ثعلبة، لَهُ صحبة، أراد عُبَيْد الله بْن زِيَاد قتله، لأنه كَانَ شديدا على الولاة قوالا بالحق، فلما أعد لَهُ العذاب لمراجعته إياه فاضت نفسه قبل أن يصيبه بشيء، وخبره فِي ذَلِكَ عجيب.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بن قاسم، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عمر، قال: أخبرنا
__________
[1] انظر الطبقات (5- 385) .(3/1286)
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِي أَبُو الرَّبِيعِ، وَأَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ- أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ الثَّقَفِيَّ، قَالَ: اصْطَحَبَ قَيْسُ بْنُ خَرَشَةَ وَكَعْبَ الْكِتَابِيِّينَ [1] حَتَّى إِذَا بَلَغَا صِفِّينَ وَقَفَ كَعْبٌ، ثُمَّ نَظَرَ سَاعَةً، فَقَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، لَيُهرِقَنَّ بِهَذِهِ الْبُقْعَةِ مِنْ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ شَيْءٌ لَمْ يُهرَقْ بِبُقْعَةٍ مِنَ الأَرْضِ فَغَضِبَ قَيْسٌ، ثُمَّ قَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ مَا هَذَا، فَإِنَّ هَذَا من العيب الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهِ. فَقَالَ كَعْبٌ: مَا مِنْ شِبْرٍ مِنَ الأَرْضِ إِلا وَهُوَ مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ- مَا يَكُونُ عَلَيْهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: وَمَن قَيْس بْن خرشة؟ فَقَالَ لَهُ رجل:
تقول: ومن قَيْس بْن خرشة! وما تعرفه، وَهُوَ رجل من أهل بلادك؟ قَالَ:
والله مَا أعرفه. قَالَ: فإن قَيْس بْن خرشة قدم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أبايعك على مَا جاءك من الله، وعلى أن أقول بالحق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا قَيْس، عسى إن مر بك الدهر أن يليك بعدي ولاة لا تستطيع أن تقول لهم الحق. قَالَ قَيْس: لا والله، لا أبايعك على شيء إلا وفيت بِهِ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا لا يضرك بشر. قال:
فكان قَيْس يعيب زيادا وابنه عُبَيْد الله بْن زِيَاد من بعده، فبلغ ذلك عبيد الله ابن زِيَاد، فأرسل إِلَيْهِ، فَقَالَ: أنت الَّذِي تفتري على الله وعلى رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فَقَالَ: لا والله، ولكن إن شئت أخبرتك بمن يفترى على الله
__________
[1] في ى: ذو الكتابين.(3/1287)
وعلى رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: ومن هُوَ؟ قَالَ: من ترك العمل بكتاب الله وسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: ومن ذلك! قال:
أنت وأبوك، والّذي أمر كما. قال: وأنت الَّذِي تزعم أَنَّهُ لا يضرك بشر؟
قَالَ: نعم قال: لتعلمن اليوم أنك كاذب، إيتوني بصاحب العذاب، فمال قَيْس عِنْدَ ذَلِكَ فمات- رحمة الله تعالى عَلَيْهِ.
(1230) قيس بْن الخشخاش العنبري،
قدم مع أَبِيهِ وأخيه عُبَيْد بْن الخشخاش على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكتب لهم كتاب أمان، وأسلموا ورجعوا إِلَى قومهم.
(2131) قيس بْن زَيْد بْن عامر بن سواد بن كعب،
وهو ظفر الأَنْصَارِيّ الظفري، من أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم.
(2132) قيس بْن زَيْد، بصري.
رَوَى عَنْهُ أَبُو عِمْرَان الجوني، يقال: إن حديثه مرسل، ليست له صحبة.
(2133) قيس بْن السائب بْن عويمر بْن عائذ بْن عِمْرَان بْن مخزوم القرشي الْمَخْزُومِيّ.
مكي، هُوَ مولى مُجَاهِد بْن جبر صاحب التفسير، وله ولاء مُجَاهِد، كَانَ شُرَيْك رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الجاهلية. روى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شريكي فِي الجاهلية، فكان خير شُرَيْك، لا يداري ولا يماري. ويروى: لا يشاري ولا يماري. هذا أصح مَا قيل فِي ذَلِكَ إن شاء الله تعالى. وزعم ابْن الكلبي أن الَّذِي قَالَ ذَلِكَ القول(3/1288)
هُوَ عَبْد اللَّهِ بْن السائب بْن أَبِي السائب. وَقَالَ غيره: بل كَانَ شُرَيْك رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السائب بْن أَبِي السائب. وقال غيره: بل كَانَ ذَلِكَ السائب السائب بْن عويمر والد قَيْس هَذَا. قال مُجَاهِد:
فِي مولاي قَيْس بْن السائب نزلت هَذِهِ الآية [1] : وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ 2: 184 فأفطر وأطعم عَنْ كل يَوْم مسكينا. وكان عَبْد اللَّهِ بْن كَثِير يَقُول: مُجَاهِد مولى عَبْد اللَّهِ بْن السائب، وعنه أخذ ابْن كثير القراءة.
(2134) قيس بن سعد بن عبادة بن دليم بْن حارثة الأَنْصَارِيّ الخزرجي.
قد نسبنا أباه فِي بابه [2] ، فأغنى ذَلِكَ عَنِ الرفع فِي نسبه هاهنا، يكنى أَبَا الْفَضْل وقيل أَبَا عَبْد اللَّهِ. وقيل أَبَا عَبْد الْمَلِكِ. أمه فكيهة بِنْت عُبَيْد بْن دليم بْن حارثة. قال الْوَاقِدِيّ: كَانَ قَيْس بْن سَعْد بْن عبادة من كرام أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأسخيائهم ودهاتهم. قال أَبُو عُمَر: كَانَ أحد الفضلاء الجلة، وأحد دهاة العرب وأهل الرأي والمكيدة فِي الحروب مع النجدة والبسالة والسخاء والكرم، وَكَانَ شريف قومه غير مدافع، هُوَ وأبوه وجده. صحب قَيْس بْن سَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وأبوه وأخوه سَعِيد بْن سَعْد بْن عبادة. وَقَالَ أنس بْن مَالِك:
كَانَ قَيْس بْن سَعْد بْن عبادة من النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكان صاحب الشرطة من الأمير، وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية يَوْم فتح مكة إذ نزعها من أَبِيهِ لشكوى قَيْس بْن سَعْد يومئذ. وقد قيل:
إنه أعطاها الزُّبَيْر. ثم صحب قَيْس بْن سَعْد علي بْن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عنه،
__________
[1] سورة البقرة، آية 84.
[2] صفحة 594.(3/1289)
وشهد معه الجمل وصفين والنهروان هُوَ وقومه، ولم يفارقه حَتَّى قتل، وَكَانَ قد ولاه على مصر فضاق بِهِ مُعَاوِيَة وأعجزته فِيهِ الحيلة، وكايد فِيهِ عليا، ففطن علي بْن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بمكيدته فلم يزل بِهِ الأَشْعَث وأهل الكوفة حَتَّى عزل قيسا، وولى مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر، ففسدت عَلَيْهِ مصر.
وروى سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، عَنْ عَمْرو بْن دينار، قَالَ: قَالَ قَيْس بْن سَعْد: لولا الإسلام لمكرت مكرا لا تطيقه العرب. ولما أجمع الْحَسَن على مبايعة مُعَاوِيَة خرج عَنْ عسكره، وغضب، وبدر منه فِيهِ قول خشن أخرجه الغضب، فاجتمع إِلَيْهِ قومه، فأخذ لهم الْحَسَن الأمان على حكمهم، والتزم لهم مُعَاوِيَة الوفاء بما اشترطوه، ثُمَّ لزم قَيْس المدينة، وأقبل على العبادة حَتَّى مات بها سنة ستين رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وقيل: سنة تسع وخمسين في آخر خلافة معاوية، وَكَانَ رجلا طوالا سناطا [1] .
وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: خَرَجْنَا فِي بَعْثٍ كَانَ عَلَيْهِمْ قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَنَحَرَ لَهُمْ تِسْعَ رَكَائِبَ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِنَّ الْجُودَ مِنْ شِيمَةِ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَيْتِ. وهو القائل: اللَّهمّ ارزقني حمدا ومجدا.
فإنه لا حمد إلا بفعال، ولا مجد إلّا بمال.
__________
[1] السناط- بالكسر، وبالضم: لا لحية له أصلا أو الخفيف العارض. أو لحيته في الذقن وما بالعارضين شيء (اللسان) .(3/1290)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عن عبد الله بن يونس، عن بقي، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: كَانَ قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ مَعَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ، وَمَعَهُ خَمْسَةُ آلافٍ قَدْ حَلَقُوا رُءُوسَهُمْ بعد ما مَاتَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَتَبَايَعُوا عَلَى الْمَوْتِ. فَلَمَّا دَخَلَ الْحَسَنُ فِي بَيْعَةِ مُعَاوِيَةَ أَبَى قَيْسٌ أَنْ يَدْخُلَ، وَقَالَ لأَصْحَابِهِ: مَا شِئْتُمْ، إِنْ شِئْتُمْ جَالَدْتُ بِكُمْ حَتَّى يَمُوتَ الأَعْجَلُ مِنَّا، وَإِنْ شِئْتُمْ أَخَذْتُ لَكُمْ أَمَانًا. فَقَالُوا: خُذْ لَنَا أَمَانًا، فأخذ لهم أن لهم كذا وكذا، وألا يعاقبوا بشيء، وانه رجل منهم، ولم يأخذ لنفسه خاصة شيئا، فلما ارتحل نحو المدينة ومضى بأصحابه جعل ينحر لهم كل يَوْم جزورا حَتَّى بلغ.
وروى عَبْد اللَّهِ بْن الْمُبَارَك، عَنْ جويرية، قَالَ: كتب مُعَاوِيَة إِلَى مَرَوَان: أن اشتر دار كَثِير بْن الصلت منه، فأبى عَلَيْهِ، فكتب مُعَاوِيَة إِلَى مَرَوَان: أن خذه بالمال الَّذِي عَلَيْهِ، فإن جاء بِهِ، وإلا بع عَلَيْهِ داره.
فأرسل إِلَيْهِ مَرَوَان فأخبره، وَقَالَ: إِنِّي أؤجلك ثلاثا، فإن جئت بالمال، وإلا بعت عليك دارك. قال: فجمعها إلا ثلاثين ألفا، فَقَالَ: من لي بها؟
ثُمَّ ذكر قَيْس بْن سَعْد بْن عبادة فأتاه فطلبها منه فأقرضه، فجاء بها إِلَى مَرَوَان، فلما رآه أَنَّهُ قد جاءه بها ردها إِلَيْهِ ورد عَلَيْهِ داره، فرد كَثِير الثلاثين ألفا على قَيْس، فأبى أن يقبلها قال ابْن المبارك: فزعم لي سفيان ابن عُيَيْنَة، عَنْ مُوسَى بْن أَبِي عِيسَى- أن رجلا استقرض من قَيْس بْن(3/1291)
سَعْد بْن عبادة ثلاثين ألفا، فلما ردها عَلَيْهِ أبى أن يقبلها، وَقَالَ: إنا لا نعود فِي شيء أعطيناه. وهو القائل بصفين:
هَذَا اللواء الَّذِي كنا نحف بِهِ ... مع النَّبِيّ وجبريل لنا مدد
مَا ضر من كانت الأنصار عيبته ... ألا يكون لَهُ من غيرهم أحد
قوم إذا حاربوا طالت أكفهم ... بالمشرفية حَتَّى يفتح البلد
وقصته مع العجوز التي شكت إِلَيْهِ أَنَّهُ ليس فِي بيتها جرد. فقال:
مَا أحسن مَا سألت! أما والله لأكثرن جرذان بيتك، فملأ بيتها طعاما وودكا وإداما- مشهورة صحيحة. وكذلك خبره أَنَّهُ توفي أبوه عَنْ حمل لم يعلم بِهِ، فلما ولد- وقد كَانَ سَعْد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قسم ماله فِي حين خروجه من المدينة بين أولاده، فكلم أَبُو بَكْر وَعُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي ذَلِكَ قيسا، وسألاه أن ينقض مَا صنع سَعْد من تلك القسمة، فَقَالَ:
نصيبي للمولود، ولا أغير مَا صنع أَبِي ولا أنقضه- خبر صحيح من رواية الثقات أيضا.
روى عنه جماعة من الصحابة وجماعة من التابعين، وَهُوَ معدود فِي المدنيين.
ذكر الزُّبَيْر بْن بكار أن قَيْس بْن سَعْد بْن عبادة، وعبد الله بْن الزُّبَيْر، وشريحا القاضي، لم يكن فِي وجوههم شعرة ولا شيء من لحية. وذكر غير الزُّبَيْر أن الأنصار كانت تقول: لوددنا أن نشتري لقيس بْن سَعْد لحية بأموالنا. وَكَانَ مع ذَلِكَ جميلا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.(3/1292)
قال أَبُو عُمَر: خبره فِي السراويل عِنْدَ مُعَاوِيَة كذب وزور مختلق ليس لَهُ إسناد، ولا يشبه أخلاق قَيْس ولا مذهبه فِي مُعَاوِيَة، ولا سيرته فِي نفسه، ونزاهته، وهي حكاية مفتعلة وشعر مزور، والله أعلم.
ومن مشهور أخبار قَيْس بْن سَعْد بْن عبادة أَنَّهُ كَانَ لَهُ مال كَثِير ديونا على الناس، فمرض واستبطأ عواده، فقيل لَهُ: إنهم يستحيون من أجل دينك، فأمر مناديا ينادي: من كَانَ لقيس بْن سَعْد عَلَيْهِ دين فهو لَهُ. فأتاه الناس حَتَّى هدموا درجة كانوا يصعدون عليها إِلَيْهِ- ذكر هَذَا الخبر صاحب كتاب «الموثق» وغيره.
(2135) قيس بْن السَّكَن بن قيس [1] .
بن زعوراء بن حرام بن جندب ابن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، أَبُو زَيْد الأَنْصَارِيّ الخزرجي، غلبت عَلَيْهِ كنيته. قَالَ مُوسَى عقبة، عَنِ ابْن شهاب: أَبُو زَيْد قَيْس بْن السَّكَن من بني عدي بْن النجار، شهد بدرا، ولا عقب لَهُ، وقتل يَوْم جسر أَبِي عُبَيْد شهيدا. ويقال: إنه أحد الأربعة الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم، زَيْد بْن ثَابِت، ومعاذ بْن جبل، وَأَبِي بْن كَعْب، وَأَبُو زَيْد هَذَا. قال أبو عمر: إنا أريد بهذا الحديث الأنصار، وقد جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ جماعة منهم عُثْمَان بْن عَفَّان، وعلي، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عَمْرو بْن الْعَاص، وسالم مولى أَبِي حذيفة- رضى الله عنهم.
__________
[1] في الإصابة: ابن السكن بن زعوراء. وقيل ابن السكن. وزعوراء قيس آخر (3- 240) ، ونسبه في الطبقات كما هنا (3- 70) .(3/1293)
(2136) قيس بْن سلع [1] الأَنْصَارِيّ.
حديثه قَالَ: ضرب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صدري، وَقَالَ: أنفق يَا قَيْس ينفق الله عليك. روى عَنْهُ نَافِع أو رَافِع مولى حمنة بِنْت شجاع، يعد فِي أهل المدينة، حجازي وقال بعضهم فِيهِ [2] : قَيْس بْن الأسلع، وليس بشيء.
(2137) قيس بن أبي صعصعة.
واسم أبي صعصعة عمرو بن زيد بن عوف ابن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بْن النجار الأَنْصَارِيّ المازني، شهد العقبة، وشهد بدرا، وكان رسول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد جعله على الساقة يومئذ، ثُمَّ شهد أحدا، لا يوقف لَهُ على وقت وفاة.
(2138) قيس بْن صعصعة [3] .
لا أعرف نسبه. حديثه عِنْدَ ابْن لهيعة، عَنْ حبان [4] بْن واسع، عَنْ أَبِيهِ واسع بْن حبان [4] ، عَنْ قَيْس بْن صعصعة، قَالَ: قلت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي كم أقرأ القرآن.. الحديث.
(2139) قيس بْن طخفة،
كَانَ من أصحاب الصفة، يختلف فِيهِ اختلافا كثيرا، وقد ذكرنا ذَلِكَ فِي باب طخفة.
(1240) قيس بْن عَاصِم بْن سنان بْن خَالِد بْن منقر بْن عُبَيْد بْن الْحَارِث،
والحارث هُوَ مقاعس بْن عَمْرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بْن تميم المنقري التميمي. يكنى أَبَا علي وقيل: يكنى أَبَا طَلْحَة. وقيل: أَبُو قبيصة.
__________
[1] بفتحتين (الإصابة: 3- 240) .
[2] رواه في الطبقات ابن الأسلع (7- 53) .
[3] في هوامش الاستيعاب: بخط ابن سيد الناس ما لفظه: هو قيس أخو مالك بن صعصعة (90)
[4] حبان- بفتح الحاء وتشديد الباء (التقريب) .(3/1294)
والمشهور أَبُو علي: قدم فِي وفد بني تميم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذلك فِي سنة تسع، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هَذَا سيد أهل الوبر. وكان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عاقلا حليما مشهورا بالحلم. قيل للأحنف بْن قَيْس: ممن تعلمت الحلم؟ قَالَ: من قَيْس بْن عَاصِم المنقري، رأيته يوما قاعدا بفناء داره محتبيا بحمائل سيفه يحدث قومه إذ أتي برجل مكتوف، وآخر مقتول، فقيل لَهُ. هَذَا ابْن أخيك قتل ابنك. قَالَ: فو الله مَا حل حبوته، ولا قطع كلامه، فلما أتمه التفت إِلَى ابْن أخيه، فَقَالَ: يَا بْن أخي، بئس مَا فعلت! أثمت بربك، وقطعت رحمك، وقتلت ابْن عمك، ورميت نفسك بسهمك، ثُمَّ قَالَ لابن لَهُ آخر: قم يَا بني فوار أخاك، وحل كتاف ابْن عمك، وسق إِلَى أمك مائة ناقة دية ابنها، فإنها غريبة.
وكان قَيْس بْن عَاصِم قد حرم على نفسه الخمر فِي الجاهلية، وَكَانَ سبب ذَلِكَ أَنَّهُ غمز عكنة ابنته وَهُوَ سكران، وسب أبويها، ورأى القمر فتكلم، وأعطى الخمار كثيرا من ماله، فلما أفاق أخبر بذلك، فحرمها على نفسه، وَقَالَ فيها أشعارا منها قوله:
رأيت الخمر صالحةً وفيها ... خصال تفسد الرجل الحليما
فلا والله أشربها صحيحا ... ولا أشفي بها أبدا سقيما
ولا أعطي بها ثمنا حياتي ... ولا أدعو لَهَا أبدا نديما
فإن الخمر تفضح شاربيها ... وتجنيهم بها الأمر العظيما
ومن جيد قوله:
إِنِّي امرؤ لا يعتري خلقي ... دنس يفنده ولا أفن
من منقرٍ فِي بيت مكرمةٍ ... والغصن ينبت حوله الغصن(3/1295)
خطباء حين يَقُول قائلهم ... بيض الوجوه أعفة لسن
لا يفطنون بغيب جارهم ... وهم لحسن حواره فطن
وقال الْحَسَن: لما حضرت قَيْس بْن عَاصِم الوفاة دعا بنيه، فَقَالَ: يَا بني، احفظوا عني، فلا أحد أنصح لكم مني، إذا مت فسودوا كباركم، ولا تسودوا صغاركم، فيسفه الناس كباركم، وتهونون عليهم. وعليكم بإصلاح المال، فإنه منهة للكريم، ويستغنى بِهِ عَنِ اللئيم. وإياكم ومسألة الناس فإنها آخر كسب الرجل.
روى عَنْهُ الْحَسَن، والأحنف، وخليفة بْن حُصَيْن، وابنه حكيم بْن قَيْس.
وَرَوَى النَّضْر بْن شميل، عَنْ شُعْبَة، عَنْ قَتَادَة، عَنْ مطرف بْن الشخير، عَنْ حكيم بْن قَيْس بْن عَاصِم، عَنْ أَبِيهِ، انه أوصى عِنْدَ موته فَقَالَ: إذ أنا مت فلا تنوحوا علي، فإن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ينح عَلَيْهِ.
قال النَّضْر بْن شميل: قَالَ عبدة بن الطبيب [1] :
عليك سلام الله قَيْس بْن عاصمٍ ... ورحمته مَا شاء أن يترحما
تحية من أوليته منك نعمةً ... إذا زار عَنْ شحط بلادك سلما
فما كَانَ قَيْس هلكة هلك واحدٍ ... ولكنه بنيان قومٍ تهدما
(2141) قيس بْن عائذ الأحمسي،
أَبُو كاهل. هُوَ مشهور بكنيته. مات فِي زمن الْحَجَّاج. وقيل اسم أَبِي كاهل عَبْد اللَّهِ بْن مَالِك، والأول أكثر وأصح، وقد ذكرناه في الكنى بأكثر من هذا.
(2142) قيس بْن عَبْد اللَّهِ الأسدي.
من بني أَسَد بْن خزيمة، هاجر إِلَى أرض الحبشة مع امرأته بركة بِنْت يسار مولاة أَبِي سُفْيَان بْن حرب. قال ابْن عقبة:
كَانَ ظئرا لعبيد الله بْن جَحْش، ولأم حبيبة رضى الله عنها [2]
__________
[1] الإصابة: 3- 100
[2] في الإصابة: وكانت ابنته آمنة ظئر أم حبيبة.(3/1296)
(2143) قيس بن عبد الله بن عمرو بن عدس بْن رَبِيعَة بْن جعدة،
هُوَ النابغة الجعدي الشاعر، وقد تقدم [1] ذكره فِي باب النون.
(2144) قيس بْن عَمْرو بْن سَهْل بْن ثعلبة بْن الْحَارِث بْن زَيْد بْن ثعلبة بْن غنم ابن مَالِك بْن النجار الأَنْصَارِيّ،
مدني، هُوَ جد يَحْيَى، وسعد، وعبد ربه:
بني سَعِيد بْن قَيْس المدنيين الفقهاء، كذلك قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل. ويحيى بْن معين، وجماعة. وقال مصعب: هُوَ جد يَحْيَى بْن سَعِيد الأَنْصَارِيّ، قَيْس بْن قهد. قال ابْن أَبِي خيثمة: غلط مصعب فِي ذَلِكَ، والقول مَا قاله أَحْمَد ويحيى، قَالَ: وقيس بْن قهد، وقيس بْن عَمْرو- وكلاهما من بني مَالِك بْن النجار يقولون: إن سعيدا والد يَحْيَى بْن سَعِيد لم يسمع من أَبِيهِ قَيْس شيئا. وقد روى عن قيس جدّ يحيى ابن سَعِيد مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن الْحَارِث التيمي
(2145) قيس بْن عَمْرو بْن قَيْس الأَنْصَارِيّ،
من بني سواد بْن مَالِك بْن النجار، قتل يَوْم أحد شهيدا. واختلف فِي شهوده بدرا، وقد ذكرنا ذَلِكَ فِي باب أَبِيهِ عَمْرو بْن قَيْس [2] ، لأنهما قتلا جميعا يَوْم أحد.
(2146) قيس بْن أَبِي غرزة [3] بْن عُمَيْر بْن وَهْب الغفاري.
وقيل الجهني.
سكن الكوفة ومات بها، وله حديث واحد، ليس لَهُ غيره، رواه عَنْهُ أَبُو وائل أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل السوق، وَقَالَ لهم، يَا معشر التجار، إن بيعكم هَذَا مما يحضره الحلف، فشوبوه بالصدقة. وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن التجار هم الفجار إلا من بر وصدق. ومنهم من يجعلهما حديثين. روى عَنْهُ الحكم بْن عتيبة، ولا أدري أسمع منه أم لا؟
__________
[1] سيأتي على حسب الترتيب الجديد للكتاب.
[2] صفحة 1199
[3] في الإصابة: بفتح المعجمة والراء ثم الزاء المنقوطة. وقال في التقريب: بمعجمة وراء وزاي مفتوحات.(3/1297)
(2147) قيس بْن قهد الأَنْصَارِيّ،
من بني مَالِك بن النجار، هو قيس بن قهد ابن قَيْس [بْن عُبَيْد] [1] بْن ثعلبة بْن غنم بْن مَالِك بْن النجار. قَالَ مصعب الزُّبَيْرِيّ: هُوَ جد يَحْيَى بْن سَعِيد الأَنْصَارِيّ، قَالَ: ولم يكن قَيْس بْن قهد بالمحمود فِي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابْن أَبِي خيثمة: هَذَا وهم من أَبِي عُبَيْد الله، وإنما جد يَحْيَى بْن سَعِيد قَيْس بْن عَمْرو. قال: وقيس بْن قهد هُوَ جد أَبِي مَرْيَم عبد الغفار بْن الْقَاسِم الأَنْصَارِيّ الكوفي. قال أَبُو عُمَر: وَهُوَ كما قَالَ ابْن أَبِي خيثمة، وقد غلط فِيهِ مصعب، وكلهم خطأه فِي قوله هذا.
(2148) قيس بْن أَبِي قَيْس.
شهد مع علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صفين، ذكره ابْن الكلبي فيمن شهد صفين مع علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ من الصحابة.
(2149) قيس بْن كلاب الكلابي.
لَهُ صحبة، رَوَى عَنْهُ عَبْد اللَّهِ بْن حكم الكلابي، حديثه عِنْدَ أهل مصر.
(2150) قيس بْن مَالِك بْن أنس الأَنْصَارِيّ،
أَبُو صرمة [2] . وهو مشهور بكنيته، واختلف في اسمه، فقيل: قَيْس بْن مَالِك. وقيل مَالِك بْن قَيْس، وقد ذكرناه فِي الكنى بأكثر من ذَلِكَ فأغنى عَنِ الإعادة هاهنا. رَوَى عَنْهُ ابْن محيريز، ولؤلؤة، وَمُحَمَّد بْن كَعْب القرظي.
(2151) قيس بْن المحسر [3] ،
كَانَ خرج مع زَيْد بْن حارثة فِي السرية التي قدم فيها إِلَى أم قرفة فأخذها، وَهُوَ الَّذِي تولى قتلها، وقتل الفزاريين أيضا، وذلك فِي رمضان فِي سنة ستّ من الهجرة.
__________
[1] ليس في أسد الغابة.
[2] بكسر أوله وسكون الراء (التقريب) .
[3] بضم الميم وفتح الحاء والسين المهملتين (أسد الغابة) . وفي هوامش الاستيعاب:
بخط كاتب الأصل: في الهامش المسحر- بتقديم السين.(3/1298)
(2152) قيس بْن محصن بْن خَالِد بْن مخلد الأَنْصَارِيّ الزرقي.
ويقال: قَيْس بْن حصن، شهد بدرا وشهد أحدا.
(2153) قيس بْن مخرمة بْن المطلب بْن عبد مناف بْن قصي القرشي المطلبي،
أَبُو مُحَمَّد. ويقال أَبُو السائب، ولد هُوَ ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الفيل، فهو ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لدة. وروى ذَلِكَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ولدت أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الفيل، فنحن لدان. أمه أم ولد. هو أحد المؤلفة قلوبهم، وممن حسن إسلامه منهم، ولم يبلغه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مائة من الإبل عام حنين، لا هو ولا عباس بن مرادس، وم ذكرنا معهما، كما صنع بسائر المؤلفة قلوبهم، وكل هؤلاء إِلَى إيمانهم وأطعمه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخيبر خمسين وسقا، وقيل ثلاثين وسقا. روى عَنْهُ ابنه عَبْد الله ابن قَيْس، وَكَانَ عَبْد اللَّهِ من الفضلاء النجباء.
(2154) قيس بْن مخلد بْن ثعلبة بْن صَخْر بْن حَبِيب بْن الْحَارِث بْن ثعلبة بْن مازن بْن النجار الأَنْصَارِيّ المازني.
شهد بدرا، وقتل يَوْم أحد شهيدا.
(2155) قيس بْن المكشوح،
أَبُو شداد. واختلف فِي اسم المكشوح، فقيل هبيرة بْن هِلال، وَهُوَ الأكثر. وقيل عبد يغوث بن هبيرة بن هلال ابن الْحَارِث بْن عَمْرو بْن عَامِر بْن أسلم بن أحمس [بن الغوث] [1] بن أنمار ابن أراش بْن عَمْرو بْن الغوث بْن النبيت بْن مَالِك بْن زَيْد بْن كهلان بْن سبأ الْبَجَلِيّ، حليف مراد، وعداده فيهم. وبجيلة وخثعم ابنا أنمار بْن أراش. قيل: لا صحبة لَهُ. وقيل: بل لقيس بْن مكشوح صحبة باللقاء
__________
[1] ليس في أسد الغابة.(3/1299)
والرواية، ولا أعلم لَهُ رواية. ومن قَالَ: لا صحبة لَهُ يَقُول: أَنَّهُ لم يسلم إلا فِي أيام أَبِي بكر. وقيل: فِي أيام عُمَر. وَهُوَ أحد الصحابة الذين شهدوا مع النعمان بْن مقرن فتح نهاوند. له ذكر صَالِح فِي الفتوحات بالقادسية وغيرها زمن عُمَر وعثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَهُوَ أحد الذين قتلوا الأسود العنسي، وهم: قَيْس بْن مكشوح، وذادويه، وفيروز الديلمي. وقتله الأسود العنسي يدل على أن إسلامه كَانَ فِي مرض النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قتل قيس بن مكشوح ورحمه الله بصفين مع علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وكان يومئذ صاحب راية بجيلة، وكانت فِيهِ نجدة وبسالة، وَكَانَ قَيْس شجاعا فارسا بطلا شاعرا، وهو ابن أخت عمرو بن معديكرب، وَكَانَ يناقضه فِي الجاهلية، وكانا فِي الإسلام متباغضين، وهو القائل لعمرو بن معديكرب:
فلو لاقيتني لاقيت قرنا ... وودعت الحبائب [1] بالسلام
لعلك موعدي ببني زبيدٍ ... وما قامعت من تلك اللئام
ومثلك قد قرنت لَهُ يديه ... إلى اللحيين يمشي فِي الخطام
ومن خبره فِي صفين أن بجيلة قالت لَهُ: يَا أَبَا شداد، خذ رايتنا اليوم فَقَالَ: غيري خير لكم. قالوا: مَا نريد غيرك. قال: فو الله لئن أعطيتمونيها لا أنتهي بكم دون صاحب الترس المذهب- قَالَ: وعلى رأس مُعَاوِيَة رجل قائم معه ترس مذهب يستر بِهِ مُعَاوِيَة من الشمس- فقالوا لَهُ: اصنع مَا شئت. فأخذ الراية ثُمَّ زحف، فجعل يطاعنهم حَتَّى انتهى إِلَى صاحب الترس- وَكَانَ فِي خيل عظيمة- فاقتتل الناس هنالك قتالا شديدا، وَكَانَ على خيل مُعَاوِيَة عَبْد الرَّحْمَنِ بْن خَالِد بْن الْوَلِيد فشد أَبُو شداد بسيفه نحو
__________
[1] في الإصابة: الأحبة.(3/1300)
صاحب الترس فعارضه دونه رومي لمعاوية، فضرب قدم أَبِي شداد فقطعها، وضربه قَيْس فقتله، وأشرعت إِلَيْهِ الرماح، فقتل رحمة الله تعالى عليه.
(2156) قيس بْن النعمان السكوني.
كوفي، يقال: إنه كَانَ قد قرأ القرآن على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأحصاه على عهد عُمَر.
من حديثه قَالَ: أتيت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأهديت إِلَيْهِ، فأبى.
وانطلق النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى الغار. روى عَنْهُ إياد بْن لقيط السدوسي، وَكَانَ جارا لَهُ.
رَوَى أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: لَمَّا انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ يَسْتَخْفِيَانِ مَرَّا بِعَبْدٍ يَرْعَى غَنَمًا، فَاسْتَسْقَيَاهُ مِنَ اللَّبَنِ، فَقَالَ:
مَا عِنْدِي شَاةٌ تَحْلِبُ، غَيْرَ أَنَّ هَاهُنَا عُنَاقًا [1] حَمَلَتْ أَوَّلَ الشَّاءِ، وَقَدْ أَجْدَبَتْ، وَمَا بَقِيَ لَهَا لَبَنٌ. فَقَالَ: ادْعُ بِهَا عِنْدِي. فَدَعَا بِهَا، فَاعْتَقَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسَحَ ضَرْعَهَا، وَدَعَا حَتَّى أَنْزَلَتْ. قَالَ: وَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَحَلَبَ فَسَقَى أَبَا بَكْرٍ، وَحَلَبَ فَسَقَى الرَّاعِي، ثُمَّ حَلَبَ فَشَرِبَ، فَقَالَ الرَّاعِي: باللَّه مَنْ أَنْتَ؟ فو الله مَا رَأَيْتُ مِثْلَكَ قَطُّ! قَالَ: وَتَرَاكَ تُكَتِّمُ عَلَيَّ حَتَّى أُخْبِرَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنِّي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: أَنْتَ الَّذِي تَزْعُمُ قريش أنك صابئ! قال: إنهم ليقولون ذَلِكَ. قَالَ: فَأَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ حَقٌّ، وَأَنَّهُ لا يَفْعَلُ مَا فَعَلْتَهُ إِلا نَبِيٌّ وَإِنِّي مُتَّبِعُكَ. قَالَ: إنك لا تستطيع ذَلِكَ يَوْمَكَ. فَإِذَا بَلَغَكَ أَنِّي قَدْ ظَهَرْتُ فأتنا.
__________
[1] العناق: الأنثى من أولاد المعز.(3/1301)
(2157) قيس بْن النعمان العبدي.
أحد وفد عبد القيس، حديثه فِي البصريين، رَوَى عَنْهُ أَبُو القموص زَيْد بْن علي أَنَّهُ أتى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حديث ذكره.
(2158) قيس بن الهيثم الشامي. بصرى.
هو حدّ عبد القاهر بْن السري، لَهُ صحبة. روى عنه عطية الدعاء.
(2159) قيس، أَبُو جُبَيْرة، بْن الضحاك،
قَالَ: فينا نزلت [1] : وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ 49: 11 حديثه كثير الاضطراب.
(2160) قيس أبو عنيم الأسدي.
والد غنيم بْن قَيْس. كوفي لَهُ صحبة.
وقد قيل: إنه سكن البصرة. رَوَى عَنْهُ ابنه غنيم بْن قَيْس.
(2161) قيس الأَنْصَارِيّ جد عدي بْن ثَابِت.
حديثه مرفوع فِي المستحاضة تنتظر أيام أقرائها وتغتسل وتتوضأ لكل صلاة.
(2162) قيس التميمي.
رَوَى عَنْهُ الْمُغِيرَة بْن شبيل [2] . قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب أصفر، ورأيته يسلم على يساره. وفي خبر آخر عَنْهُ، قَالَ: بعثني جَرِير وافدا على النبي صلى الله عليه وسلم.
(2163) قيس الجذامي.
اختلف فِي اسم أَبِيهِ، فقيل: قَيْس بْن عَامِر، وقيل: قَيْس بْن زَيْد. سكن الشام. روى عَنْهُ كَثِير بْن مُرَّةَ، وعبد الرحمن ابن عائذ. وقد قيل: إنّ حديثه مرسل.
__________
[1] سورة الحجرات، آية 11
[2] في التقريب: ابن شبل- بكسر المعجمة وسكون الموحدة- ويقال بالتصغير.(3/1302)
باب الأفراد فِي حرف القاف
(2164) قارب بْن الأسود الثقفي،
هُوَ قارب بْن عَبْد اللَّهِ بْن الأسود بْن مَسْعُود الثقفي، هُوَ جد وَهْب بْن عَبْد اللَّهِ بْن قارب، لَهُ صحبة ورواية، رَوَى عَنْهُ ابنه عَبْد اللَّهِ بْن قارب حديثه عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رحم الله المحلقين. قال فِيهِ الحميدي، عَنِ ابْن عُيَيْنَة، عَنْ إِبْرَاهِيم بْن ميسرة، عَنْ وَهْب بْن عَبْد اللَّهِ بْن قارب أو مارب- هكذا على الشك- عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده، ولا أحفظ هَذَا الحديث من غير رواية ابْن عُيَيْنَة. وغير الحميدي يرويه قارب من غير شك.
وهو الصواب، وَهُوَ مَعْرُوف مشهور. من وجوه ثقيف، ومعه كانت راية الأحلاف أيام قتال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثقيفا، وحصاره لهم، ثُمَّ وفد فِي وفد ثقيف فأسلم.
(2165) قباث [1] بْن أشيم بْن عَامِر بْن الملوح الكناني.
ويقال اللَّيْثِيّ ويقال التميمي [2] ، والأكثر قول من نسبه فِي كنانة، سكن دمشق. روى عَنْهُ عامر ابن زِيَاد اللَّيْثِيّ وَأَبُو الحويرث، فرواية عَامِر عَنْهُ مرفوعة فِي فضل صلاة الجماعة.
وأما أَبُو الحويرث فإنه قَالَ: سمعت عَبْد الْمَلِكِ بْن مَرَوَان يَقُول لقباث بْن أشيم الكناني، ثُمَّ اللَّيْثِيّ: يَا قباث، أنت أكبر أم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
قَالَ: بل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكبر مني وأنا أسن منه، ولد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الفيل، ووقفت بي أمي على روث الفيل، وأنا أعقله.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ثَوْرٌ، عَنْ يُونُسَ بْنِ سَيْفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ قَبَاثِ بْنِ أَشْيَمَ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة رجلين يؤمهما أحدهما أزكى
__________
[1] المشهور فتح أوله، وقبل بالضم، وبه جزم ابن ماكولا (الإصابة 3- 213) .
[2] في ى: التيمي.(3/1303)
عِنْدَ اللَّهِ مِنْ صَلاةِ ثَمَانِيَةٍ تَتْرَى، وَصَلاةُ ثَمَانِيَةٍ يَؤُمُّهُمْ أَحَدُهُمْ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ مِنْ صَلاةِ مِائَةٍ تَتْرَى. ذكره الْبُخَارِيّ فِي التاريخ.
(1266) قثم بْن الْعَبَّاس بْن عبد المطلب بْن هاشم القرشي الهاشمي.
قال عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَر: كنت أنا وعبيد الله وقثم ابنا الْعَبَّاس نلعب. فمر بنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ارفعوا إلي هَذَا- يَعْنِي قثم- فرفع إِلَيْهِ، فأردفه خلفه، وجعلني بين يديه، ودعا لنا. واستشهد قثم بسمرقند. قَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ آخر الناس عهدا برسول الله الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذلك أَنَّهُ كَانَ آخر من خرج من قبره ممن نزل فِيهِ، وقد ادعى ذَلِكَ الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة لقصة ذكرها فأنكر ذَلِكَ ابْن عَبَّاس، وَقَالَ:
آخر الناس عهدا بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قثم بْن الْعَبَّاس. وقد روي عَنْ علي مثل ذَلِكَ سواء فِي أَنَّهُ أنكر مَا ادعى الْمُغِيرَة من ذَلِكَ، وَقَالَ: آخر الناس عهدا بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قثم بْن الْعَبَّاس.
وكان قثم بْن الْعَبَّاس واليا لعلي بْن أَبِي طالب على مكة، وذلك أن عليا لما ولي الخلافة عزل خَالِد بْن العاصي بْن هِشَام بْن الْمُغِيرَة الْمَخْزُومِيّ عَنْ مكة، وولاها أَبَا قَتَادَة الأَنْصَارِيّ، ثُمَّ عزله، وولى قثم بْن الْعَبَّاس، فلم يزل واليا عليها حَتَّى قتل علي رحمه الله هَذَا قول خليفة. وقال الزُّبَيْر: استعمل على بْن أَبِي طالب قثم بْن الْعَبَّاس، على المدينة.
رَوَى عَنْهُ أَبُو إِسْحَاق السبيعي وغيره. مات قثم بْن الْعَبَّاس بسمرقند، واستشهد بها، وَكَانَ خرج إليها مع سَعِيد بْن عُثْمَان بْن عَفَّان زمن مُعَاوِيَة، وَكَانَ قثم بْن الْعَبَّاس يشبه بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفيه يَقُول دَاوُد بْن سُلَيْم [1] :
__________
[1] في ع: سليم.(3/1304)
عتقت من حلي ومن رحلتي ... يَا ناق إن أدنيتني من قثم
أنك إن أدنيت منه غدا ... حالفني اليسر ومات العدم
فِي كفه بحر، وفي وجهه ... بدر، وفي العرنين منه شمم
أصم عَنْ فعل الخنا سمعه ... وما عَنِ الخير بِهِ من صمم
لم يدر مالا، وبلى قد درى ... فعافها واعتاض منها نعم
وقال الزُّبَيْر- فِي الشعر الَّذِي أوله:
هَذَا الَّذِي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم
[إنه] [1] قاله بعض شعراء المدينة فِي قثم بْن الْعَبَّاس، وزاد الزُّبَيْر فِي الشعر بيتين أو ثلاثة منها قوله:
كم صارخٍ بك مكروب وصارخةٍ ... يدعوك يَا قثم الخيرات يَا قثم
وقد ذكرنا فِي «بهجة المجالس» الشعر الَّذِي أوله: هَذَا الَّذِي تعرف البطحاء وطأته. ولمن هُوَ، والاختلاف فِيهِ، ولا يصح أَنَّهُ قثم بْن الْعَبَّاس، وذلك شعر آخر على عروضه وقافيته، وما قاله الزُّبَيْر فغير صحيح. والله أعلم.
(1267) قردة [2] بْن نفاثة [3] السلولي،
من بني عَمْرو بْن مُرَّةَ بْن صعصعة بن معاوية ابن بَكْر بْن هوازن، كَانَ شاعرا، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في فِي جماعة من بني سلول، فأمره عليهم بعد أن أسلم وأسلموا، فأنشأ يقول:
بان الشباب فلم أحفل بِهِ بالا ... وأقبل الشيب والإسلام إقبالا
وقد أروّي نديمي [4] من مشعشعةٍ ... وقد أقلب أوراكا وأكفالا
__________
[1] من س.
[2] في أسد الغابة: قال أبو موسى: كذا أورده أبو الفتح الأزدي وابن شاهين، وهو تصحيف. وإنما هو فروة بالفاء (4- 301) . وفي الإصابة بعد أن أورد قول ابن الأثير- فروة الّذي تقدم غير هذا، ذلك جذامى، وهذا سلولي، فأنى يجتمعان (3- 222) .
[3] بنون مضمومة وفاء خفيفة وبعد الألف مثلثة (التقريب)
[4] أديمى في س.(3/1305)
الحمد للَّه إذ لم يأتني أجلي ... حتى اكتسيت من الإسلام سربالا
وقد قيل: إن البيت قوله: الحمد للَّه إذ لم يأتني أجلي للبيد. قال أَبُو عُبَيْدَة: لم يقل لبيد فِي الإسلام غيره. وكان قد عُمَر مائة وخمسين سنة. وقردة هَذَا هُوَ الَّذِي يقول:
أصبحت شيخا أرى الشخصين أربعةً ... والشخص شخصين لما مسني الكبر
لا أسمع الصوت حَتَّى أستدير لَهُ ... وحال بالسمع دوني المنظر العسر [1]
وكنت أمشي على الساقين معتدلا ... فصرت أمشي على مَا ينبت الشجر
إذا أقوم عجنت الأرض متكئا ... على البراجم حَتَّى يذهب النفر
(1268) قرظة [2] بْن كَعْب بْن ثعلبة بْن عَمْرو بْن كَعْب بْن الإطنابة الأَنْصَارِيّ الخزرجي،
من بني الْحَارِث بْن الخزرج، حليف بني عبد الأشهل، يكنى أَبَا عَمْرو، شهد أحدا وما بعدها من المشاهد، ثُمَّ فتح الله على يديه الري فِي زمن عُمَر سنة ثلاث وعشرين، وهو أحد العشرة الذين وجّههم عُمَر إِلَى الكوفة من الأنصار، وَكَانَ فاضلا، ولاه علي بْن أَبِي طالب على الكوفة، فلما خرج علي إِلَى صفين حمله معه وولاها أَبَا مَسْعُود البدري، وَرَوَى زكريا بْن أَبِي زائدة، عَنِ ابْن إِسْحَاق، عَنْ عَامِر بْن سَعْد، قَالَ: دخلت على أَبِي مَسْعُود الأَنْصَارِيّ وقرظة بْن كَعْب، وثابت بْن زَيْد، وهم فِي عرس، لهم، وجوار يتغنين، فقلت: أتسمعون هَذَا وأنتم أصحاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقالوا: إنه قد رخص لنا فِي الغناء فِي العرس والبكاء على الميت من غير نوح. شهد قرظة بْن كَعْب مع علي مشاهده كلها، وتوفي فِي خلافته فِي دار ابتناها بالكوفة، وصلى عَلَيْهِ علي بْن أَبِي طالب.
وقيل: بل توفي فِي إمارة المغيرة بن شعبة بالكوفة فِي صدر أيام مُعَاوِيَة.
والأول أصح [3] إن شاء الله تعالى.
(1269) قطن بْن حارثة العليمي الكلبي، من بني عليم بْن جناب [4] بْن كلب بْن وبرة.
__________
[1] في س: العصر.
[2] بفتحتين وظاء (التقريب) .
[3] في هوامش الاستيعاب، بل الثاني أصح.
[4] في ى: حباب وهو تحريف.(3/1306)
قدم على رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فسأله الدعاء لَهُ ولقومه فِي غيث السماء فِي حديث فصيح كَثِير الغريب من رواية ابْن شهاب عَنْ عُرْوَة. وله خبر آخر يرويه ابْن الكلبي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِبْرَاهِيم بْن سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب مع قطن بْن حارثة العليمي كتابا بعمل من كلب وأحلافها في خبر ذكره.
(1270) قنان [1] بن دارم بْن أفلت العبسي.
أحد التسعة العبسيين الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا. ذكرهم الدار قطنى والطبري.
(1271) قنفذ [2] بْن عُمَيْر بْن جدعان التميمي [3] .
له صحبة، ولاه عُمَر مكة ثُمَّ عزله، وولى نَافِع بْن عبد الْحَارِث.
(1272) قهيد [4] بْن مطرف، أو ابْن أَبِي مطرف، والأكثر يقولون ابْن مطرف الغفاري.
روى عَنْهُ المطلب بْن عَبْد اللَّهِ بْن حنطب، يختلف فِي صحبته، ويقول بعضهم: إن حديثه مرسل، لأنه يروي عَنْهُ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ عَنْ أَخِيهِ الْحَكَمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قُهَيْدٍ الْغِفَارِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ: سَأَلَ سَائِلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنْ عَدَا عَلَيَّ عَادٍ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَكِّرْهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنْ أبى فَقَاتِلْهُ، فَإِنْ قَتَلَكَ فَأَنْتَ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنْ قتلته فهو النَّارِ وَرَوَى عَنْهُ [5] عَمْرو مولى المطلب عَنْ قهيد بْن مطرف الغفاري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. وفي حديث عَمْرو هَذَا عَنْهُ ناشده الله والإسلام ثلاثا.
(1273) قيظي بن قيس بن لوذان بن ثعلبة بْن عدي بْن مجدعة بْن حارثة الأَنْصَارِيّ الخزرجي،
شهد أحدا في قول الواقدي.
__________
[1] بنون خفيفة كما في التقريب. وهذه الترجمة ليست في س.
[2] في س، وأسد الغابة: قنفد- بالدال. وفي الإصابة مثل ى.
[3] في س: التيمي.
[4] بالتصغير- كما في التقريب.
[5] في س: ورواه عمرو.(3/1307)
حرف الكاف
باب كثير
(2174) كثير،
خال البراء، رَوَى الشَّعْبِيّ، عَنِ البراء بن عازب، قال:
كان اسم خالي قليلا، فسماه رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ كثيرا. من حديثه، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنما نسكنا بعد صلاتنا.
(2175) كثير بْن شهاب الحارثي.
فِي صحبته نظر. وقد رَوَى عَنْ عُمَر، وَهُوَ الَّذِي قتل يَوْم القادسية جالينوس، وأخذ سلبه، لا أعلم لَهُ رواية.
وقيل: بل قتل جالينوس زهرة بن حوية [1] .
(2176) كثير بن الصلت بن معديكرب الْكِنْدِيّ.
وعدادهم فِي بني جمح، يكنى أَبَا عَبْد اللَّهِ، ولد على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسماه كثيرا، وَكَانَ اسمه قليلا. هو أخو زبيد بْن الصلت. يروي كَثِير بْن الصلت عَنْ أَبِي بَكْر، وعمر، وعثمان، وزيد بن ثابت.
(2177) كثير بْن الْعَبَّاس بْن عبد المطلب.
يكنى أَبَا تمام، ولد قبل وفاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأشهر فِي سنة عشر من الهجرة، ليس لَهُ صحبة، ولكن ذكرناه بشرطنا. أم كَثِير بْن الْعَبَّاس رومية، تسمى سبأ، وقيل:
أمه حميرية، وَكَانَ فقيها ذكيا فاضلا. روى عَنْهُ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن هرمز الأعرج، وَرَوَى عَنْهُ ابْن شهاب.
(2178) كثير بْن عَمْرو السُّلَمِيّ،
حليف بني أَسَد. ويقال: حليف بني عبد شمس، وبنو أَسَد حلفاء بني عبد شمس شهد بدرا فيما ذكر ابْن إسحاق
__________
[1] في الاشتقاق: زهرة بن عبد الله بن الحوية (254) .(3/1308)
من رواية زِيَاد، وليس فِي رواية ابْن هِشَام. ذكره ابْن السَّرَّاج، عَنْ عُمَر [1] بْن محمد ابن الْحَسَن الأسدي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زِيَاد، عَنِ ابْن إِسْحَاق، قَالَ: وشهد بدرا من حلفاء بني أَسَد كَثِير بْن عَمْرو، وأخواه: مَالِك بْن عَمْرو، وثقف [2] بْن عَمْرو، لم أر كثيرا فِي غير هَذِهِ الرواية، ولعله أن يكون ثقف لقبا لَهُ، واسمه كَثِير.
(2179) كثير بْن قَيْس.
ذكره ابْن قانع، وذكر لَهُ حديثا من رواية داود ابن جميل، عَنْهُ، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من سلك طريق العلم سَهْل الله لَهُ طريقا إِلَى الجنة. كذا جعله ابْن قانع فِي الصحابة. وهذا وهم، فإن الحديث إنما رواه أَبُو دَاوُد فِي مصنفه، عَنْ دَاوُد بْن جميل، عَنْ كَثِير بْن قَيْس، عَنْ أَبِي الدرداء، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، وهو الصحيح، وداود ابن جميل مجهول- قاله الدار قطنى، وذكر أن الأوزاعي رَوَى هَذَا الحديث عَنْ كثير بن قيس، عن سمرة، عن أبى الدرداء
(2180) كثير الأزدي.
رأى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكل طعاما مسته النار، ثُمَّ صَلَّى، ولم يتوضأ. روى عَنْهُ عقبة بْن مُسْلِم التجيبي. سكن كَثِير هَذَا مصر، ويعد فِي أهلها
(2181) كثير الأَنْصَارِيّ.
سكن البصرة. روى عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا صَلَّى المكتوبة انصرف عَنْ يساره. وقد قيل: حديثه مرسل روى عَنْهُ ابنه جَعْفَر بْن كثير.
__________
[1] في ع: عمرو بن محمد.
[2] بفتح التاء وسكون القاف.(3/1309)
باب كردم
(2182) كردم بْن سُفْيَان [1] الثقفي.
روت عَنْهُ ابنته ميمونة بِنْت كردم عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النذر [2] .
(2183) كردم بْن أَبِي السنابل الأَنْصَارِيّ
ويقال الثقفي لَهُ صحبة. سكن المدينة ومخرج حديثه عَنْ أهل الكوفة.
(2184) كردم بْن قَيْس الثقفي.
حديثه عِنْدَ جَعْفَر بْن عمرو بن أمية، عن إبراهيم ابن عمر، عنه.
باب كرز
(2185) كرز بْن جَابِر بْن حسيل.
ويقال ابْن حسل بْن لاحب بْن حَبِيب بْن عَمْرو بن شيبان [3] بن محارب بن فهر بن مَالِك القرشي الفهري. أسلم بعد الهجرة، قَالَ ابْن إِسْحَاق: أغار كرز بْن جَابِر الفهري على سرح المدينة، فخرج رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طلبه، حَتَّى بلغ واديا يقال له سفوان ناحية بدر، وفإنه كرز، فلم يدركه- وهي بدر الأولى، ثُمَّ أسلم كرز بْن جَابِر، وحسن إسلامه، وولاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجيش الذين بعثهم فِي أثر العرنيين الذين قتلوا راعيه، وقتل كرز بْن جَابِر يَوْم الْفَتْح، وذلك سنة ثمانٍ من الهجرة فِي رمضان. وكان قد أخطأ الطريق. وسار فِي غير طريق رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلقيه المشركون، فقتلوه رحمه الله. وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ، عَنِ ابن حميد، عن سلمة، عن ابن إسحاق- أَنَّ كُرْزَ بْنَ جَابِرٍ، وَحُبَيْشَ [4] بْنَ خَالِدٍ الكعبي
__________
[1] هذه الترجمة ليست في ع
[2] وانظر الطبقات (5- 377) .
[3] في الإصابة: بن سفيان.
[4] في الطبري: خنيس. وفي هوامش الاستيعاب: صوابه حبيش.(3/1310)
كَانَا فِي خَيْلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَشَذَّا عَنْهُ، وَسَلَكَا طَرِيقًا غَيْرَ طَرِيقِهِ جَمِيعًا، فَقُتِلَ قَبْلَ كُرْزٍ، فَجَعَلَهُ كُرْزٌ بَيْنَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَهُوَ يرتجز [1] :
قَدْ عَلِمَتْ صَفْرَاءُ مِنْ بَنِي فِهْرٍ ... نَقِيَّةَ الْوَجْهِ نَقِيَّةَ الصَّدْرِ
لأَضْرِبَنَّ الْيَوْمَ عَنْ أَبِي صَخْرٍ ... وكان حبيش يكنى أَبَا صَخْر.
(2186) كرز بْن عَلْقَمَة الخزاعي.
ينسبونه كرز بْن عَلْقَمَة بْن هِلال [2] بْن جريبة [3] بْن عبد نهم بْن حليل [4] بْن حبشية [5] بْن سلول الخزاعي. أسلم يَوْم فتح مكة، وَعُمَر عمرا طويلا، وَهُوَ الَّذِي نصب أعلام الحرم فِي خلافة.
مُعَاوِيَة، وإمارة مَرَوَان بْن الحكم. روى عَنْهُ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر. مِنْ حَدِيثِهِ مَا رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لِلإِسْلامِ مِنْ مُنْتَهًى؟
قَالَ: نَعَمْ، أَيُّ أَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ أَوِ الْعَجَمِ أَرَادَ بِهِمُ اللَّهُ خَيْرًا أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الإِسْلامَ. قال الرجل: ثُمَّ مه؟ قَالَ: ثُمَّ تقع فتن كأنها الظلل.
قال الرجل: كلا، والله إن شاء الله تعالى قَالَ: بلى، وَالَّذِي بنفسي بيده، ثُمَّ يعودون فيها أساود حَتَّى يضرب بعضهم رقاب بعض.
(2187) كرز رجل آخر.
رَوَى عَنْهُ عَبْد اللَّهِ بن الوليد.
__________
[1] الطبري: 4- 79
[2] في ى: بلال.
[3] جريبة- بجيم وراء ومثناة تحتية وموحدة مصغر (الإصابة) .
[4] في ى: خليل.
[5] في ى: حبيشة. وانظر الطبقات (5- 338) .
(ظهر الاستيعاب ج 3- م 11)(3/1311)
(2188) كرز،
قَالَ: أتيت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرأيته يصلي فوق جبل. روت عَنْهُ ابنته، لا أدري أهو الَّذِي رَوَى عَنْهُ عَبْد اللَّهِ بْن الْوَلِيد أو غيره.
باب كعب
(2189) كعب بْن جماز [1] بْن مَالِك بْن ثعلبة الجهني،
كذا قَالَ ابْن إِسْحَاق.
وَقَالَ ابْن هِشَام: هُوَ من [بني [2]] غسان، حليف لبني ساعدة من الأنصار، شهد بدرا، وَهُوَ أخو سَعْد بْن جماز، وقال الطبري: لهما أخ ثالث اسمه الْحَارِث بْن جماز بْن مَالِك بْن ثعلبة من غسان، كذا قَالَ الطبري من غسان، ولم يذكر أحد الْحَارِث بْن جماز هَذَا غيره. والله أعلم.
وأما كَعْب بْن جماز وأخوه سَعْد بْن جماز فمذكوران، شهد كَعْب بدرا وشهد سَعْد أحدا، وقتل يَوْم اليمامة. ولا خلاف أنهما من حلفاء بني ساعدة من الأنصار، ولم يختلف أهل المغازي أن أباهما جماز بالجيم والزاي.
وذكر الدار قطنى قَالَ: قرأت بخط أَحْمَد بْن أَبِي سَهْل الحلواني فِي سماعه من أَبِي سَعِيد السكري، عَنْ مُحَمَّد بْن حَبِيب، عَنِ ابْن الكلبي- فِي نسب قضاعة- قَالَ: وكعب بْن حمان بالحاء والنون ابن ثعلبة بْن خرشة بْن عَمْرو بْن سَعْد بْن ذبيان بْن راشد [3] بْن قَيْس بْن جهينة بْن زَيْد بْن لَيْث بْن أسود بْن أسلم بْن الحاف بْن قضاعة، شهد بدرا والمشاهد كلها. قَالَ أَبُو عُمَر رحمه الله:
__________
[1] في أسد الغابة: بن جماز بن ثعلبة بن خراشة. ثم قال: وقيل جماز بن مالك بن ثعلبة.
وقيل حمان- بالحاء والنون. وفي الإصابة: ضبطه ابن حبيب عن ابن الكلبي بحاء مهملة مكسورة وتشديد الميم وآخره نون. وضبطه ابن ماكولا وأبو عمر بفتح الجيم وآخره زاي منقوطة.
ورأيت في نسخة قديمة من معجم البغوي بتحتانية بدل الميم براء غير منقوطة. وقيل هو تصحيف (3- 287) . وفي هوامش الاستيعاب: وقال غيره: بالحاء والراء (46)
[2] من ع.
[3] في ع: رشدان.
(ظهر الاستيعاب ج 3- م 11)(3/1312)
هُوَ جهني حليف لبني ساعدة، وَهُوَ عندي ابْن جماز بالجيم والزاي، والله أعلم، كما قال أهل المغازي.
(2190) كعب بْن الخدارية [1]
ذكر ابْن أَبِي خيثمة في كتابه بإسناد متصل أن لقيط بْن عَامِر خرج وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، ومعه صاحب لَهُ يقال لَهُ: نهيك بْن عَاصِم بْن المنتفق، ذكر حديثا طويلا فَقَالَ: ها إن ذين، ها إن ذين لمن نفر لعمر الملك إن حدثت إنهم لمن أتقى الناس فِي الدنيا والآخرة، فَقَالَ لَهُ كَعْب بْن الخدارية أحد بني بَكْر بْن كلاب: من هم يَا رَسُول اللَّهِ؟
قَالَ: بنو المنتفق- قالها ثلاثا.
(2191) كعب بْن زهير بن أبي سلمى [2] ،
واسم أبي سلمى رَبِيعَة بْن رياح الْمُزْنِيّ، من مزينة بْن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر، وكانت محلتهم فِي بلاد غطفان، فيظن الناس أنهم من غطفان- أعنى زهيرا وبنيه، وَهُوَ غلط. قدم كَعْب بْن زُهَيْر على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد انصرافه من الطائف، فأنشده قصيدته التي أولها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
القصيدة بأسرها، وأثنى فيها على المهاجرين، ولم يذكر الأنصار، فكلّمته الأنصار، فصنع فيهم حينئذ شعرا، ولا أعلم لَهُ فِي صحبته وروايته غير هَذَا الخبر.
وكان قد خرج هُوَ وأخوه بجير بْن زُهَيْر إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بلغا أبرق العزاف [3] ، فَقَالَ كَعْب لبجير: الق هَذَا الرجل [4] وأنا مقيم
__________
[1] ليست هذه الترجمة في ع. والخدارية- بضم المعجمة وتخفيف الدال (الإصابة) .
[2] سلمى- بضم أوله (الإصابة) .
[3] في ى: أبرق العراق. وهو تحريف صوابه من ع، وياقوت. وأبرق العزاف:
ماء لبني أسد بن خزيمة، وهو في طريق القاصد إلى المدينة من البصرة (ياقوت) .
[4] يعنى رسول الله (أسد الغابة) .(3/1313)
لك هاهنا. فقدم بجير على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسمع منه وأسلم، وبلغ ذلك كعبا، فقال [1] :
ألا أبلغا عني بجيرا رسالةً ... على أي شيء ويك غيرك دلكا [2]
على خلقٍ لم تلف أما ولا أَبَا ... عَلَيْهِ ولم تدرك عَلَيْهِ أخا لكا
فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أجل، لم يلف عَلَيْهِ أباه ولا أمه. وفيها:
شربت بكأسٍ عِنْدَ آل مُحَمَّد ... وأنهلك المأمون منها وعلكا [3]
فكتب إِلَيْهِ بجير: أقبل إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنك إن فعلت ذَلِكَ قبل منك، وأسقط مَا كَانَ منك قبل ذَلِكَ فقدم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مسلما، ودخل عَلَيْهِ مسجده، وأنشده:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
فلما بلغ إلى قوله [4] :
إن الرسول لسيف يستضاء بِهِ ... مهند من سيوف الله مسلول
أنبئت أن رَسُول اللَّهِ أوعدني ... والعفو عِنْدَ رَسُول اللَّهِ مأمول [5]
ومنها:
فِي فتيةٍ [6] من قريشٍ قَالَ قائلهم ... ببطن مكة لما أسلموا زولوا
__________
[1] ديوانه صفحة 1.
[2] في ع: ويب غيرك دلكا. وفي الديوان: فهل لك فيما قلت بالحيف هل لكا وويب مثل ويل: عجبا.
[3] في ع: فأنهلك. وفي الديوان. شربت مع المأمون كأسا روبة.
[4] ديوانه 23
[5] في ع: مقبول.
[6] في الديوان: عصبة.(3/1314)
قال الخليل: أي قَالَ لهم: هاجروا إِلَى المدينة- فأشار رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى من معه أن اسمعوا.
قال أَبُو عُمَر رحمة الله عَلَيْهِ: كَانَ كَعْب بْن زُهَيْر شاعرا مجودا كَثِير الشعر، مقدما فِي طبقته هُوَ وأخوه بجير. وكعب أشعرهما، وأبو هما زُهَيْر فوقهما.
قال خَلَف الأحمر: لولا قصائد لزهير مَا فضلته على ابنه كَعْب، ولكعب ابن شاعر اسمه عقبة، ولقبه المضرّ، لأنه شبب بامرأةٍ، فضربه أخوها بالسيف ضربات كثيرة، فلم يمت، وله ابْن أيضا يقال لَهُ العوام شاعر.
وَقَالَ الحطيئة لكعب بْن زُهَيْر: أنتم أهل بيت ينظر إليكم فِي الشعر، فاذكرني فِي شعرك، فَقَالَ كَعْب فِي ذَلِكَ شعرا ذكره أهل الأخبار.
ومما يستجاد لكعب بن زهير قوله [1] :
لو كنت أعجب من شيء لا عجبني ... سعي الفتى وَهُوَ مخبوء لَهُ القدر
يسعى الفتى لأمورٍ ليس يدركها [2] ... فالنفس واحدة والهم منتشر
والمرء ما عاش ممدو لَهُ أمل ... لا تنتهي العين حَتَّى ينتهي الأثر
ومما يستجاد له أيضا قوله:
إن كنت لا ترهب ذمي لما ... تعرف من صفحي عَنِ الجاهل
فاخش سكوتي إذ أنا منصت ... فيك لمسموع خنى القائل
فالسامع الذام [3] شُرَيْك لَهُ ... ومطعم المأكول كالآكل
مقالة السوء إِلَى أهلها ... أسرع من منحدرٍ سائل
ومن دعا الناس إِلَى ذمه ... ذموه بالحق وبالباطل
__________
[1] الديوان: 229.
[2] في الديوان: مدركها.
[3] في ع: الذم و.(3/1315)
في أبيات كثيرة من هذه، وله ولأبيه قبله ضروب من حكم الشعر.
ومن جيد شعره قصيدته التي يفتخر فيها على مراد أولها [1] :
أتعرف رسما بين دهمان [2] فالرقم ... إلى ذي مراهيط كما خط بالقلم
عفته رياح الصيف بعدي بمورها ... وأندية [3] الجوزاء بالوبل والديم
ديار التي بتت [4] حبالي وصرمت ... وكنت إذا مَا الحبل من خلة صرم
فزعت إِلَى أدماء [5] حرفٍ كأنما ... بأقرابها قار إذا جلدها استحم
ألا أبلغا هَذَا المعرض أَنَّهُ ... أيقظان قَالَ القول إذ قَالَ أو حلم
فإن تسألي الأقوام عني فإنني ... أنا ابْن أَبِي سلمى على رغم من رغم [6]
أنا ابْن الَّذِي قد عاش تسعين حجةً ... فلم يخز يوما فِي معد ولم يلم
وأكرمه الأكفاء من كلّ معشر ... كرام فإن كذّبتى فاسأل الأمم
أقول شبيهاتٍ بما قَالَ عالما ... بهن، ومن يشبه أباه فما ظلم
فأشبهته من بين من وطئ [7] الحصى ... ولم ينتزعني شبه خال ولا ابن عم
إذ شئت أعلكت الجموع إذا بدت ... نواجذ لحييه بأغلظ مَا عجم
أعيرتني عزا قديما وسادة ... كراما بنوا لي المجد فِي باذخ الشمم [8]
هم الأصل منى حيث كنت وإني ... من المزنيّين المضيفين للكرم [9]
__________
[1] الديوان: 61.
[2] في الديوان: رهمان- بفتح الراء وسكون الهاء، وقال شارحه: إنها وردت في الاستيعاب بالدال وهو خطأ. ورهمان: واد في ديار عبد الله بن غطفان وفي معجم ما استعجم: زهمان- بالزاي، كعثمان- وفي ع: دهمان مثل ى.
[3] في ى: وأبرته. والمثبت من ى، وفي الديوان: وأندية الجوزاء- يعنى أمطارا.
[4] في الديوان: تبت قوانا.
[5] في ع: وجناء.
[6] في ى: زعم من زعم.
[7] في ى: من بين وعيتى ...
[8] وفي الديوان:
أعيّرتني عزا عزيزا ومعشرا.
وفي ع، والديوان: في باذج أشم.
[9] في ع، والديوان: المصفين للكرم.(3/1316)
هم ضربوكم حين جزتم [1] عَنِ الهدى ... بأسيافهم حَتَّى استقمتم على أمم [2]
وساقتك منهم عصبة خندفية ... فما لك منها قيد شبرٍ [3] ولا قدم
هم الأسد عِنْدَ الناس والحشد [4] فِي القرى ... وهم عِنْدَ عقد الجار يوفون بالذمم
هم منعوا سَهْل الحجاز وحزنه ... قديما وهم أجلوا أباك عَنِ الحرم
متى أدع فِي أوسٍ وعثمان تأتني ... ساعر حربٍ كلهم سادة وعم [5]
فكم فيهم من سيدٍ. وَابْن سيدٍ ... ومن عاملٍ [6] للخير إن قال أو زعم
(2192) كعب بْن زَيْد بْن قَيْس بْن مَالِك بْن كَعْب بْن حارثة بْن دينار بْن النجار الأَنْصَارِيّ.
شهد بدرا وقتل يَوْم الخندق شهيدا، قتله ضرار بْن الخطاب فِي قول الْوَاقِدِيّ. وقال ابْن إِسْحَاق: أصابه سهم فقتله. قال: ويذكرون أن الَّذِي أصابه سهم أُمَيَّة بْن رَبِيعَة بْن صَخْر الدؤلي، وَكَانَ قد نجا يَوْم بئر معونة وحده، وقتل سائر أصحابه. ذكره ابْن عقبة وَابْن إِسْحَاق فِي البدريّين.
(2193) كعب بْن زَيْد.
ويقال: زَيْد بْن كَعْب [7] . روى قصة الغفارية التي وجد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بها بياضا، فَقَالَ: شدي عليك ثيابك، والحقي بأهلك. وكان البياض بكشحها. روى عَنْهُ جميل بْن زَيْد [8] . وفي هَذَا الخبر اضطراب كَثِير.
(2194) كعب بْن سُلَيْم القرظي، ثُمَّ الأوسي.
وبنو قريظة حلفاء الأوس كان سبى
__________
[1] في ع، والديوان: جرتم.
[2] في الديوان: حتى استقمتم على القيم.
[3] في ع: قدر شبر. وفي الديوان: فيهم قيد كيف.
[4] في ى: والحشر.
[5] في ع، والديوان: دعم.
[6] في ع، والديوان: فاعل للخير إن قال أو عزم.
[7] في أسد الغابة: لم يرفع أبو عمر نسبه فوق هذا، ولو ساق نسبه مثل أبى نعيم لعلم أنه الّذي قبله أو غيره.
[8] في أسد الغابة: روى عنه جميل بن قيس.(3/1317)
قريظة الذين استحيوا إذ وجدوا لم ينبتوا [1] بحكم سَعْد بْن مُعَاذ فيهم. لا أحفظ لَهُ رواية. وأما ابنه مُحَمَّد فمن العلماء الجلّة التابعين.
(2195) كعب بْن سور [2] الأزدي.
كَانَ مسلما على عهد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. معدود فِي كبار التابعين. قال الأصمعي: هُوَ كَعْب بن سور ابن بَكْر بْن عُبَيْد [3] بْن ثعلبة بْن سُلَيْم بْن ذهل بْن لقيط بْن الْحَارِث بْن مَالِك بْن فهم بْن غنم بْن دوس بْن عدنان بْن عَبْد اللَّهِ بْن هوازن بن كعب ابن الْحَارِث بْن كَعْب بْن عَبْد اللَّهِ بْن مَالِك بْن نَصْر بْن الأزد، الأزدي، بعثه عمر بن الخطاب بن قاضيا على البصرة لخبر عجيب مشهور، جرى لَهُ معه فِي امرأة شكت زوجها إِلَى عُمَر، فقالت: إن زوجي يقوم الليل ويصوم النهار، وأنا أكره أن أشكوه إليك، فهو يعمل بطاعة الله. فكأن عُمَر لم يفهم عنها. وكعب بْن سور هَذَا جالس معه، فأخبره أَنَّهَا تشكو أَنَّهَا ليس لَهَا من زوجها نصيب. فأمره عُمَر بْن الخطاب أن يسمع منها، ويقضي بينهما، فقضى للمرأة بيوم من أربعة أيام أو ليلة من أربع ليال، فسأله عُمَر عَنْ ذَلِكَ، فنزع بأن الله عز وجل أحل لَهُ أربع نسوة لا زيادة، فلها الليلة من أربع ليال، هَذَا معنى الخبر اختصرت لفظه وجئت بمعناه.
وأما مَا حكاه الشَّعْبِيّ فِي هَذَا الخبر، فذكر أن كَعْب بْن سور كَانَ جالسا عِنْدَ عُمَر بْن الخطاب، فجاءت امرأة فقالت: مَا رأيت رجلا قط أفضل من زوجي، إنه ليبيت ليله قائما، ويظل نهاره صائما فِي اليوم الحار مَا يفطر، فاستغفر لَهَا عُمَر، وأثنى عليها، وَقَالَ: مثلك أثنى بالخير وقاله:
__________
[1] في ع: يلبسوا وفي أسد الغابة: ينبثوا.
[2] بضم السين المهملة وسكون الواو (الإصابة: 3- 297) .
[3] في أسد الغابة: بن عبد. وفي ع: بن عبد الله.(3/1318)
فاستحيت المرأة، وقامت راجعة، فَقَالَ كَعْب بْن سور: يَا أمير المؤمنين، هلا أعديت المرأة على زوجها إذ جاءتك نستعديك! فَقَالَ: أكذلك أرادت؟ قَالَ: نعم. قَالَ: ردوا علي المرأة. فردت. فقال لَهَا: لا بأس بالحق أن تقوليه، إن هَذَا يزعم أنك جئت تشتكين أَنَّهُ يجتنب فراشك.
قالت: أجل إِنِّي امرأة شابة، وإني أبتغي مَا تبتغي النساء. فأرسل إِلَى زوجها، فجاء، فَقَالَ لكعب: اقض بينهما فقال: أمير المؤمنين أحق بأن يقضي بينهما. فقال: عزمت عليك لتقضين بينهما، فإنك فهمت من أمرهما مَا لم أفهم. قال: فإني أرى أن لَهَا يوما من أربعة أيام، كأن زوجها لَهُ أربع نسوة، فإذا لم يكن لَهُ غيرها فإني أقضي لَهُ بثلاثة أيام ولياليهن يتعبد فيهن. ولها يَوْم وليلة. فقال عُمَر: والله مَا رأيك الأول بأعجب من الآخر، اذهب فأنت قاضٍ على أهل البصرة.
وَرَوَى وَكِيعٌ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: يُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ عَلَى قَضَاءِ الْبَصْرَةِ بَعْدَ كَعْبِ بْنِ سُورٍ أَبُو زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ عَمْرُو بْنُ أَخْطَبَ.
قال أَبُو عُمَر- رحمه الله: فأعجب عُمَر مَا قضى بِهِ بينهما، فبعثه قاضيا على البصرة، وأمر عُثْمَان أَبَا مُوسَى أن يقضي كَعْب بْن سور بين الناس، ثم ولى ابن عامر فاستقضى بن سور فلم يزل قاضيا بالبصرة حَتَّى كَانَ يوم الجمل، فلما اجتمع الناس بالحربية [1] ، واصطفّوا للقتال خرج وبيده المصحف. فبشره وشهره رجال بين الصفين- يناشد الناس الله فِي دمائهم، فقتل على تلك الحال، أتاه سهم غرب [2] فقتله. وقد قيل: إنه كَانَ المصحف فِي عنقه وبيده عصا، ويليه ابْن يريش وَهُوَ يأخذ الجمل، فأتاه سهم فقتله رحمة الله عَلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال
__________
[1] الحربية: محلة كبيرة مشهورة ببغداد.
[2] غرب- بسكون الراء وفتحها.(3/1319)
حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو تَمِيمِ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَتْ: إِنَّ زَوْجِي يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ. فَقَالَ: مَا تُرِيدِينَ؟
أَتُرِيدِينَ أَنْ أَنْهَاهُ عَنْ صِيَامِ النَّهَارِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ! قَالَ: ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: إِنَّ زَوْجِي يَصُومُ النهار ويقول اللَّيْلَ. قَالَ: أَفَتُرِيدِينَ أَنْ أَنْهَاهُ عَنْ صِيَامِ النَّهَارِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ؟ ثُمَّ جَاءَتْهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَتْ: إنّ زوجي يصوم النهار ويقول اللَّيْلَ! قَالَ: أَفَتُرِيدِينَ أَنْ أَنْهَاهُ عَنْ صِيَامِ النَّهَارِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ؟ قَالَ:
وَكَانَ عِنْدَهُ كَعْبُ بْنُ سُورٍ، فَقَالَ كَعْبٌ: إِنَّهَا امْرَأَةٌ تَشْتَكِي زَوْجَهَا.
فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا إِذًا فَطِنْتَ لَهَا فَاحْكُمْ بَيْنَهُمَا. قَالَ فَقَامَ كَعْبٌ وَجَاءَتْ بِزَوْجِهَا فقالت [1] :
يا أيها القاضي الفقيه أرشده ... أَلْهَى خَلِيلِي عَنْ فِرَاشِي مَسْجِدُهْ
زَهَّدَهُ فِي مضجعي وتعبده ... نَهَارَهُ وَلَيْلَهُ مَا يَرْقُدُهْ
وَلَسْتُ فِي أَمْرِ النِّسَاءِ أَحْمَدُهْ ... فَامْضِ الْقَضَايَا كَعْبُ لا تَرَدَّدُهْ
فقال الزوج [2] :
إِنِّي امْرُؤٌ قَدْ شَفَّنِي مَا قَدْ نَزَلْ ... فِي سُورَةِ النُّورِ وَفِي السَّبْعِ الطُّوَلْ
وَفِي الحواميم الشفاء وفي النحل ... فرّها عنى وعن سوء الجدل
فقال كعب:
إِنَّ السَّعِيدَ بِالْقَضَاءِ مَنْ فَصَلْ ... وَمَنْ قَضَى بالحق حقّا وعدل
__________
[1] في ع: أنصاف الأبيات الثلاثة الأخيرة وحدها.
[2] في ع بعد البيت الأول:
وفي كتاب الله تحويف جلل
والبيت الثاني غير موجود في هذه النسخة.(3/1320)
إِنَّ لَهَا حَقًّا عَلَيْكَ يَا بَعَلْ ... مِنْ أَرْبَعٍ وَاحِدَةٌ لِمَنْ عَقَلْ
أَمْضِ لَهَا ذَاكَ وَدَعْ عَنْكَ الْعِلَلْ
ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّ لَكَ أَنْ تَزَوَّجَ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ، فَلَكَ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ، وَلامْرَأَتِكَ هَذِهِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ يَوْمٌ. وَمِنْ أَرْبَعِ لَيَالٍ لَيْلَةٌ، فَلا تُصَلِّ فِي لَيْلَتِهَا إِلا الْفَرِيضَةَ، فَبَعَثَهُ عُمَرُ قَاضِيًا عَلَى الْبَصْرَةِ.
(2196) كعب بْن عَاصِم الأشعري.
روت عَنْهُ أم الدرداء. مخرج حديثه عَنْ أهل المدينة. ويقال [1] : هُوَ أَبُو مَالِك الأشعري الَّذِي رَوَى عَنْهُ عَبْد الرحمن ابن غنم والشاميون. وقيل: إنهما اثنان. والله أعلم. ولا يختلفون أن اسم أَبِي مَالِك الأشعري كَعْب بْن عَاصِم إلا من شذ فَقَالَ فِيهِ: عَمْرو بْن عَاصِم، وليس بشيء. وباللَّه التوفيق.
(2197) كعب ابن عجرة بْن أُمَيَّة بْن عدي بْن عُبَيْد بْن الْحَارِث البلوي
ثُمَّ السوادي، من بني سواد بْن مري، من بلي بْن عَمْرو بْن الْحَارِث بْن قضاعة حليف الأنصار قيل: حليف لبني حارثة بْن الْحَارِث بْن الخزرج وقيل:
[بل] [2] هُوَ حليف لبني عوف بْن الخزرج. وقيل: إنه حليف لبني سَالِم من الأنصار. وقال الْوَاقِدِيّ: ليس بحليف للأنصار، ولكنه من أنفسهم. وقال ابن سعد: طلبت اسمه فِي نسب الأنصار فلم أجده.
ويكنى أَبَا مُحَمَّد، فِيهِ نزلت [3] : فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ 2: 196.
نزل الكوفة ومات بالمدينة سنة ثلاث أو إحدى وخمسين. وقيل: سنة اثنتين وخمسين، وهو ابْن خمس وسبعين سنة. روى عَنْهُ أهل المدينة وأهل الكوفة.
__________
[1] في أسد الغابة: كنيته أبو مالك. وقيل اسم أبي مالك عمرو (4- 243) .
[2] من ع.
[3] سورة البقرة آية 196.(3/1321)
(2198) كعب بْن عدي التنوخي. مخرج حديثه عَنْ أهل مصر.
روى عَنْهُ ناعم بْن أجيل [1] حديثا حسنا.
(2199) كعب بْن عَمْرو،
أَبُو شريح الخزاعي الكعبي. هو مشهور بكنيته. وقد اختلف في اسمه على مَا تقدم ذكره فِي باب خويلد، ويأتي ذكره فِي الكنى إن شاء الله.
(2200) كعب بْن عَمْرو بْن عباد بْن عَمْرو بْن سواد الأَنْصَارِيّ السُّلَمِيّ.
من بني سَلَمَة، أَبُو اليسر، وَهُوَ مشهور بكنيته. شهد العقبة ثُمَّ بدرا، وَهُوَ ابْن عشرين سنة. ومات بالمدينة سنة خمس وخمسين، وسنذكره فِي الكنى إن شاء الله تعالى بأتم من ذكره هاهنا. روى عَنْهُ حَنْظَلَة بْن قَيْس، وربعي بْن حراش [2] وعبادة [3] بْن الْوَلِيد.
(2201) كعب بْن عَمْرو بْن عُبَيْد بْن الْحَارِث بْن كَعْب بْن معاوية بن عمرو ابن مالك بن النجار.
شهد أحدا والمشاهد بعدها. استشهد يَوْم اليمامة- قاله العدوي.
(2202) كعب بْن عَمْرو اليامي الهمداني،
جد طَلْحَة بْن مصرف، من نسبه يَقُول فِيهِ: كَعْب بن عمرو. وبعضهم يقول: كعب بن عمرو.
والأشهر ابْن عَمْرو بْن جحدب بْن مُعَاوِيَة بْن سَعْد بْن الْحَارِث بْن ذهل بْن سلفة بْن دؤل بْن جشم بْن يام بْن [4] همدان، سكن الكوفة. له صحبة.
ومنهم من ينكرها، ولا وجه لإنكار من أنكر ذَلِكَ. مِنْ حَدِيثِهِ مَا رَوَاهُ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ: رأيت النبيّ صلى الله
__________
[1] بجيم مصغر (التقريب) .
[2] ربعي- بكسر أوله وسكون الموحدة. وحراس بكسر المهملة وآخره معجمة (التقريب) .
[3] عبادة- بالضم والتخفيف (التقريب) .
[4] في ع: من.(3/1322)
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ فَأَمَرَّ يَدَهُ عَلَى سَالِفَتِهِ. وقد اختلف فِيهِ. وهذا أصح مَا قيل فيه.
(2203) كعب بْن عُمَيْر الغفاري.
من كبار الصحابة، كان قد بعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرةً بعد مرة على السرايا، وهو الذي بعثه رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذات أطلاح، فأصيب أصحابه جميعا، وسلم هُوَ جريحا، قتلتهم قضاعة. قال الدولابي وغيره: وذلك فِي السنة الثامنة من الهجرة. وقال ابْن إِسْحَاق، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي بَكْر: إنه أصيب بها هُوَ وأصحابه.
(2204) كعب بْن عِيَاض الأشعري [1] .
معدود فِي الشاميين. روى عنه جبير ابن نُفَيْر حديثه عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أنه سمع رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: لكل أمة فتنة، وفتنة أمتي المال. وهو حديث صحيح.
وقد رَوَى عَنْهُ جَابِر بْن عَبْد اللَّهِ. وقيل: إنه روت عَنْهُ أم الدرداء.
(2205) كعب بْن مَالِك بْن أَبِي كَعْب.
واسم أَبِي كَعْب عَمْرو بن القين بن كعب بن سواد بن غنم بْن كَعْب بْن سَلَمَة بْن سَعِيد [2] بْن علي بْن أَسَد بْن ساردة بْن يَزِيد بْن جشم بْن الخزرج الأَنْصَارِيّ السُّلَمِيّ. يكنى أبا عبد الله.
وقيل: أبا عبد الرَّحْمَنِ، أمه ليلى بِنْت زَيْد بْن ثعلبة، من بني سَلَمَة أيضا. شهد العقبة الثانية، واختلف فِي شهوده بدرا، ولما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة آخى بين كَعْب وبين طَلْحَة بْن عُبَيْد الله حين آخى بين المهاجرين والأنصار. كان أحد شعراء رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم الذين كانوا يردّون
__________
[1] في أسد الغابة: المازني. قال أبو موسى. أفرده جعفر عن الأشعري (4- 246)
[2] في ع، والإصابة: سعد.(3/1323)
الأذى عَنْهُ، وَكَانَ مجودا مطبوعا، قد غلب عَلَيْهِ فِي الجاهلية أمر الشعر، وعرف بِهِ، ثُمَّ أسلم وشهد العقبة، ولم يشهد بدرا، وشهد أحدا والمشاهد كلها حاشا تبوك، فإنه تخلف عنها. وقد قيل: إنه شهد بدرا، فاللَّه تعالى أعلم. وهو أحد الثلاثة الأنصار الذين قَالَ الله فيهم [1] : وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ ... 9: 118 الآية، وهم: كَعْب بْن مَالِك الشاعر هَذَا، وهلال بن أمية، ومرارة بن رَبِيعَة، تخلفوا عَنْ غزوة تبوك، فتاب الله عليهم، وعذرهم، وغفر لهم، ونزل القرآن المتلو فِي شانهم. وكان كَعْب بْن مَالِك يَوْم أحد لبس لأمة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكانت صفراء، ولبس النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأمته، فجرح كَعْب بْن مَالِك أحد عشر جرحا.
وتوفي كَعْب بْن مَالِك فِي زمن مُعَاوِيَة، سنة خمسين. وقيل سنة ثلاث وخمسين، وَهُوَ ابْن سبع وسبعين، وَكَانَ قد عمي وذهب بصره فِي آخر عمره. يعد فِي المدنيين. روى عَنْهُ جماعة من التابعين.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، حَدَّثَنَا الرِّيَاشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عقيل، قال. حدثنا جرير ابن حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ. كَانَ شُعَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ: حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ، وَكَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، فَكَانَ كَعْبٌ يُخَوِّفُهُمُ الْحَرْبَ، وَعَبْدُ اللَّهِ يُعَيِّرُهُمْ بِالْكُفْرِ، وَكَانَ حَسَّانُ يُقْبِلُ عَلَى الأَنْسَابِ. قال ابْن سِيرِين:
فبلغني أن دوسا إنما أسلمت فرقا من قول كعب بن مالك:
قضينا من تهامة كل وترٍ ... وخيبر ثُمَّ أغمدنا السّيوفا
__________
[1] سورة التوبة، آية 119.(3/1324)
نخبرها [1] ولو نطقت لقالت ... قواطعهن [2] دوسا أو ثقيفا
وفي رواية ابن إسحاق:
قضينا من تهامة كل ريبٍ ... وخيبر ثُمَّ أجمعنا السيوفا
فقالت دوس: انطلقوا فخذوا لأنفسكم لا ينزل بكم مَا نزل بثقيف.
وقال ابْن سِيرِين: وأما شعراء المشركين فعمرو بْن العاص، وعبد الله ابن الزبعري، وَأَبُو سُفْيَان بْن الْحَارِث. قَالَ الزُّبَيْرِيّ: وضرار بْن الخطاب.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِيُّ [3] ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ- أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَاذَا تَرَى فِي الشِّعْرِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُؤْمِنُ يُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ، قَالَ أَبُو عُمَر: وَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكعب بْن مَالِك: أترى الله عزّ وجلّ شكر لك [4] قولك:
زعمت سخينة أن ستغلب ربها ... فليغلبن مغالب الغلاب
هَذِهِ رواية مُحَمَّد بْن سلام. وفي رواية ابْن هِشَام قَالَ: لما قَالَ كَعْب بْن مَالِك:
جاءت سخينة كي تغالب ربها ... فليغلبن مغالب الغلاب
قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لقد شكرك الله يَا كعب على قولك هذا.
__________
[1] في الإصابة: تخبرنا. وفي ع: نسائلها.
[2] في ع: مغا مدهن.
[3] الأيلي- بفتح الألف وسكون الياء والمنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها اللام (اللباب)
[4] في ع: ينسى لك قولك. وانظر البيت في اللسان (سخن) .(3/1325)
وله أشعار حَسَّان جدا فِي المغازي وغيرها.
وروى ابن وهب، عن يونس، عن ابن شِهَابٍ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ- يَوْمَ الدَّارِ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، انْصُرُوا اللَّهَ مَرَّتَيْنِ. وقال أَبُو صَالِح السمان: قَالَ ذَلِكَ زَيْد بْن ثَابِت.
(2206) كعب بْن مُرَّةَ البهزي السّلمى.
وقد قيل فِي البهزي هَذَا إنه مرة بْن كَعْب، والأكثر يقولون: كَعْب بْن مُرَّةَ، لَهُ صحبة، سكن الأردن من الشام.
ومات بها سنة تسع وخمسين. روى عَنْهُ شرحبيل بْن السمط، وَأَبُو الأَشْعَث الصنعاني، وَأَبُو صَالِح الخولاني، وله أحاديث مخرجها عَنْ أهل الكوفة، يروونها عَنْ شرحبيل بْن السمط، عَنْ كَعْب بن مرة السلمي البهزي. وأهل الشام يروون تلك الأحاديث بأعيانها عَنْ شرحبيل بْن السمط، عن عمرو ابن عبسة. والله أعلم. وقد قيل: إن كَعْب بْن مُرَّةَ البهزي مات بالشام سنة سبع وخمسين.
(2207) كعب بْن يسار بْن ضبة بْن رَبِيعَة العبسي،
لَهُ صحبة، وشهد فتح مصر، وله خطة بمصر معروفة. روى عَنْهُ عَمَّار بْن سَعْد التجيبي، أراد عَمْرو بْن الْعَاص أن يستعمله على القضاء- وَكَانَ عُمَر كتب إِلَيْهِ في ذلك- فأبى.
(2208) كعب، رجل من الصحابة،
قطعت يده يَوْم اليمامة. حدث عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صلاة الخوف أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بكل طائفة ركعة وسجدتين. روى عَنْهُ زِيَاد بْن نَافِع. حديثه عِنْدَ أهل مصر.(3/1326)
باب كلثوم
(2209) كلثوم بْن الحصين بْن خَلَف بْن عُبَيْد [1] ،
أبو رهم الغفاريّ. هو مشهور بكنيته. أسلم بعد قدوم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، ولم يشهد بدرا وشهد أحدا، وَكَانَ ممن بايع تحت الشجرة، وَكَانَ إذ شهد مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحدا قد رمى بسهم فِي نحره، فجاء إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبصق فِيهِ، فكان أَبُو رهم يسمى المنحور، واستخلفه رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم على المدينة مرتين: مرة فِي عمرة القضاء، ومرة فِي عام الْفَتْح فِي خروجه إِلَى مكة وحنين والطائف. كان يسكن المدينة، وَكَانَ لَهُ منزل ببني غفار.
(2210) كلثوم بْن عَلْقَمَة بْن ناجية المصطلقي الخزاعي.
روى عَنْهُ جامع بْن شداد، وابنه الحضرمي بْن كلثوم، أحاديثه مرسلة لا تصح، لَهُ صحبة، وسمع ابْن مَسْعُود.
(2211) كلثوم بْن الهدم [2] الأنصاري
من عمرو بن عوف، وينسبونه كلثوم ابن الهدم بْن امرئ القيس بْن الْحَارِث بْن زيد بن عبيد بن زيد بن مالك بْن عوف [3] بْن عَمْرو بْن عوف، صاحب رحل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يعرف بذلك، وَكَانَ شيخا كبيرا، أسلم قبل نزول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، وَهُوَ الَّذِي نزل عَلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حين قدومه فِي هجرته من مكة إِلَى المدينة، اتفق على ذَلِكَ ابْن إِسْحَاق وموسى والواقدي، فأقام عنده أربعة أيام، ثُمَّ خرج إِلَى أَبِي أَيُّوب الأنصاري، فنزل عليه، حَتَّى بنى مساكنه، وانتقل إليها. ويقال: بل كان نزوله في بنى عمرو بن عوف على سعد بن خيثمة وقال محمد
__________
[1] في أسد الغابة: بن عبيد بن خلف.
[2] بكسر الهاء وسكون الدال (الإصابة والطبقات) . وفي أسد الغابة: بن هرم.
[3] في الإصابة: بن مالك بن عوف بن مالك بن الأوس.(3/1327)
ابن عُمَر: نزل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على كلثوم بْن الهدم، وَكَانَ يتحدث فِي منزل سَعْد بْن خيثمة، وَكَانَ يسمى منزل القرآن [1] ، فلذلك قيل: نزل على سَعْد ابن خيثمة، وأقام رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببني عَمْرو بْن عوف يَوْم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، وأسس مسجدهم، وخرج من بني عَمْرو، فأدركته الجمعة فِي بني سَالِم بْن عوف، فصلاها فِي بطن الوادي، ثُمَّ نزل على أَبِي أَيُّوب الأَنْصَارِيّ.
توفي كلثوم ابن الهدم قبل بدر بيسير. وقيل: أن كلثوم بْن الهدم أول من مات من أصحاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد قدومه المدينة، لم يدرك شيئا من مشاهده.
وذكر الطبري أن كلثوم بْن الهدم أول من مات من الأنصار بعد قدوم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، مات بعد قدومه بأيام فِي حين ابتداء بنيان مسجده وبيوته، وَكَانَ موته قبل موت أَبِي أمامة أسعد بْن زرارة بأيام، ولم يلبث بعد مقدمه إلا يسيرا حَتَّى مات، ثُمَّ توفي بعده أسعد بْن زرارة.
باب كليبٍ
(2212) كليب بْن بشر بْن تميم [2] ،
حليف لبني الْحَارِث بْن الخزرج، قتل يَوْم اليمامة شهيدا، وقيل فِي هَذَا كليب بْن بشر بْن عَمْرو بْن الحارث بن
__________
[1] منزله كان منزل العرب (الإصابة) في الطبقات: العزاب. وفي أسد الغابة: الغراب.
[2] في أسد الغابة. بن تميم بن بشر. وفي ع مثل د. وفي الإصابة: كليب بن تميم، وهو ابن بشر بن تميم نسبه لجده. وأبوه بنون ومهملة. قال وضبط أبوه في الاستيعاب بكسر الموحدة وسكون المعجمة. وتعقبه ابن الأثير بأنه بالنون والمهملة وهو كما مال (3- 289) .(3/1328)
كَعْب بْن زَيْد بْن الْحَارِث بْن الخزرج. شهد أحدا وما بعدها، وقتل يَوْم اليمامة شهيدا.
(2213) كليب بْن جرز [1] بْن كليب،
أدرك النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
أخذ منا النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المائة جذعتين.
(2214) كليب بْن شهاب الجرمي،
والد عَاصِم بْن كليب. له ولأبيه شهاب صحبة. قال عَاصِم: إن أباه كليبا خرج مع أَبِيهِ إِلَى جنازة شهدها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: وأنا غلام أفهم وأعقل، قَالَ: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل يحب من العامل إذا عمل عملا أن يحسنه. وقد رَوَى، عَنْ رجل، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم. وروى عن عمر، وعليّ.
(2215) كليب الجهني.
رَوَى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الأكبر من الإخوة بمنزلة الأب. لا أقف على اسم أَبِيهِ. روى أيضا كليب الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتاه ليبايعه، فَقَالَ لَهُ: احلق عنك [2] شعر الكفر. رَوَى عَنْهُ ابنه كَثِير بْن كليب.
(2216) كليب، رجل من الصحابة.
قتله أَبُو لؤلؤة يَوْم قتل عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. ذكر عبد الرزاق، عن معمر، قال: سمعت الزهري يَقُول: إن أَبَا لؤلؤة طعن اثني عشر رجلا، فمات منهم ستة، منهم عُمَر، وكليب، وعاش منهم ستة، ثُمَّ نحر نفسه بخنجره. قَالَ مَعْمَرٌ: وَأَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ:
__________
[1] بضم الجيم وسكون الراء ثم زاي كما في الإصابة ثم قال: وهو تصحيف وعند ابن حبان: كليب بن حزم. وقال الأنباري: والصواب عندي ابن جزى- يعنى بفتح الجيم وكسر الزاى بعدها ياء آخر الحروف. وهذا الّذي صوبه مخالف لما رواه غيره.
[2] في ع: عنا.(3/1329)
ذُكِرَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ امْرَأَةٌ تُوُفِّيَتْ بِالْبَيْدَاءِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَلا يَدْفِنُونَهَا، حَتَّى مَرَّ عَلَيْهَا كُلَيْبٌ، فَدَفَنَهَا، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنِّي لأَرْجُو لِكُلَيْبٍ بِهَا خَيْرًا، وَسَأَلَ عَنْهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: لَمْ أَرَهَا فَقَالَ: لَوْ رَأَيْتَهَا وَلَمْ تَدْفِنَهَا لَجَعَلْتُكَ نَكَالا.
باب كنانة
(2217) كنانة بْن عبد ياليل الثقفي.
كان من أشراف أهل الطائف الذين قدموا على رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد منصرفه من الطائف، وبعد قتلهم عُرْوَة بْن مَسْعُود، فأسلموا وفيهم عُثْمَان بْن أَبِي الْعَاص.
(2218) كنانة بْن عدي بْن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس بْن عبد مناف،
هُوَ الَّذِي خرج بزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إِلَى المدينة.
باب كيسان
(2219) كيسان،
أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ بْن كيسان. يقال: هُوَ مولى خَالِد بْن أسيد. سكن مكة والمدينة. روى عَنْهُ ابنه عَبْد الرَّحْمَنِ حديثه، قَالَ رأيت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي في ثوب واحد عند البئر [1] العليا.
(2220) كيسيان بْن عبد [2] ،
أَبُو نَافِع بْن كيسان. يقال: هُوَ كيسان بْن عَبْد اللَّهِ بْن طارق. سكن الطائف، رَوَى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الخمر أَنَّهَا حرمت وحرم تمنها. روى عَنْهُ ابنه نَافِع. وله حديث آخر، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يَقُول: ينزل عِيسَى ابْن مَرْيَم [عِنْدَ المنارة البيضاء] [3] بشرقى دمشق،
__________
[1] في ع: عند بئر العليا. وفي الطبقات مثل د، وفي رواية بثينة العليا.
[2] في ع: بن عبد الرحمن أبو نافع.
[3] ليس في ع.(3/1330)
بإسناد صَالِح من حديث أهل الشام. وقد قيل فِي هَذَا: كيسان بْن عَبْد اللَّهِ ابن طارق [1] .
(2221) كيسان الأَنْصَارِيّ،
مولى لبني عدي بْن النجار. ذكر فيمن قتل فِي يَوْم أحد. وقد قيل: إنه من بني مازن بْن النجار. وقيل: إنه مولى بنى مازن ابن النجار [2] .
(2222) كيسان،
أو مِهْرَان، مولى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ويقال اسمه هرمز.
ويكنى أَبَا كيسان، اختلف فِيهِ على عَطَاء بْن السائب، فقيل كيسان. وقيل مِهْرَان. وقيل: طهمان. وقيل: ذكوان، كل ذَلِكَ فِي حديث تحريم الصدقة على آل النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
باب الأفراد فِي حرف الكاف
(2223) كباثة [3] بْن أوس بْن قيظي الأَنْصَارِيّ الأوسي.
وهو أخو عرابة الأوسي. له صحبة، شهد أحدا مع النبي صلى الله عليه وسلم. قال الدار قطنى: كباثة بالباء والثاء.
(2224) كبيس [4] بْن هوذة السدوسي.
روى عنه إياد بن لقيط.
__________
[1] في أسد الغابة: جعل ابن مندة هذا أبا عبد الرحمن وأبا نافع وفرق بينهما أبو نعيم فجعلهما اثنين أحدهما هذا (4- 257) .
[2] في الإصابة نقلا عن أبى عمر: قال: ويحتمل أن يكونا اثنين (4- 294) .
[3] بموحدة خفيفة وبعد الألف مثلثة (الإصابة) . وفي أسد الغابة- يعنى بفتح الكاف والباء الموحدة والثاء المثلثة
[4] بموحدة ومهملة مصغر (الإصابة) . قال: وفي نسخة من معجم ابن شاهين قديمة:
بنون بدل الموحدة (3- 218) .(3/1331)
(2225) كدن [1] بْن عبد العتكي [2] ،
قدم على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبايع وأسلم. روى عَنْهُ ابنه لفاف [3] بْن كدن.
(2226) كدير [4] الضبي.
كوفي. روى عَنْهُ أَبُو إِسْحَاق السبيعي، يختلف فِي صحبته، وحديثه عِنْدَ أكثرهم مرسل رَوَى أَبُو إِسْحَاق السبيعي، عَنْ كدير الضبي- أن رجلا أتى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: دلني على عمل يدخلني الجنة، فَقَالَ: قل العدل، وأعط الفضل ... وذكر الحديث.
(2227) كرامة بْن ثَابِت الأَنْصَارِيّ،
شهد صفين، فِي صحبة نظر. ذكره ابْن الكلبي فيمن شهد صفين من الصحابة.
(2228) كريب بْن أبرهة.
فِي صحبته نظر، وقد نظرنا فلم نجد لَهُ رواية إلا عَنِ الصحابة: حذيفة بْن اليمان، وَأَبِي الدرداء، وَأَبِي ريحانة، إلا أَنَّهُ رَوَى عَنْهُ كبار التابعين من الشاميين، منهم كعب الخبر، وسليم بن عامر، ومرة ابن كعب، وغيرهم.
(2229) كريز بن سامة،
ويقال ابْن أُسَامَة العامري. وفد على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع النابغة الجعدي فأسلم، وَقَالَ لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: العن بنى عار يَا رَسُول اللَّهِ. فقال: لم أبعث لعانا. حديثه يدور على الرحال بْن المنذر، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده، ويقال هُوَ كرز- وقد ذكرناه.
(2230) كلدة بْن الحنبل [5] .
ويقال كلدة بْن عَبْد اللَّهِ بْن الحنبل، والصواب كلدة بْن حَنْبَل بْن مليل. قال ابْن إِسْحَاق، والواقدي، ومصعب: كان كلدة
__________
[1] بفتح أوله وثانيه وبنون. ويقال: بضم أوله وسكون ثانيه وآخره راء، والأول أولى.
[2] في ع، والإصابة: العكي.
[3] في ع: لفاف.
[4] بالتصغير (الإصابة) .
[5] في الإصابة: حسل. وانظر الطبقات (5- 338) . والضبط من الطبقات.(3/1332)
ابن الحنبل أخا صَفْوَان بْن أُمَيَّة لأمه، أمهما صفية بِنْت مَعْمَر بْن حَبِيب بْن وَهْب ابن حُذَافَة بْن جمح. وقال ابْن الكلبي، والهيثم بْن عدي: كلدة بْن الحنبل ابْن أخي صَفْوَان بْن أُمَيَّة لأمه. وقال ابْن إِسْحَاق: كَانَ الحنبل مولى لمعمر بْن حَبِيب بْن وَهْب بْن حُذَافَة بْن جمح، وَكَانَ أخا صَفْوَان بْن أُمَيَّة لأمه، وشهد الحنبل مع صَفْوَان يَوْم حنين، فلما انهزم المسلمون قَالَ الحنبل: بطل سحر ابْن أَبِي كبشة اليوم. فقال لَهُ صَفْوَان: فض الله فاك، لأن يربني [1] رجل من قريش أحب إلي من يربني رجل من هوازن.
قال أَبُو عُمَر: كلدة بْن الحنبل هُوَ الَّذِي بعثه صَفْوَان بْن أُمَيَّة إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهدايا فيها لبن وجدايا وضغابيس [2] . وكلدة هَذَا هُوَ وأخوه عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الحنبل شقيقان، وَكَانَ ممن سقط من اليمن إِلَى مكة فيما قَالَ مصعب وغيره. وقال غيرهم: كَانَ كلدة بْن الحنبل أسود من سودان مكة، وَكَانَ متصلا بصفوان بْن أُمَيَّة يخدمه، لا يفارقه فِي سفر ولا حضر، ثُمَّ أسلم بإسلام صَفْوَان، ولم يزل مقيما بها حَتَّى توفي بها. روى عَنْهُ عَمْرو بْن عَبْد اللَّهِ بْن صَفْوَان.
(2231) كناز [3] بْن حصن.
ويقال ابْن حُصَيْن، أَبُو مرثد الغنوي. قال ابْن إِسْحَاق: وَهُوَ كناز بْن حُصَيْن بْن يربوع بْن عَمْرو بْن يربوع بْن خرشة بْن سَعْد بْن طريف بْن جلان [4] بْن غنم [5] بْن غني بْن يعصر بْن سَعْد بن قيس بن
__________
[1] أي يكونون على أمراء وسادة مقدمين (النهاية) .
[2] في الطبقات: فيها لبا وجداية وضغابيس.
الضغابيس: صغار القثاء. والجدايا جمع جداية، وهي من أولاد الظباء ما بلغ ستة أشهر أو سبعة بمنزلة الجدي من المعز (النهاية) .
[3] بتشديد النون، وآخره زاي (التقريب) .
[4] في الإصابة: سعد بْن عوف بْن كعب بْن جلان.
[5] في ع: بن غنم بن عدي بن غنى.(3/1333)
غيلان بْن مضر. شهد بدرا هُوَ وابنه مرثد، وهما حليفا حَمْزَة بْن عبد المطلب، وَهُوَ من كبار الصحابة. روى عَنْهُ واثلة بْن الأسقع. يقال: إنه مات فِي خلافة أَبِي بَكْر الصديق سنة اثنتي عشرة، وَهُوَ ابْن ست وستين سنة، وسنذكره فِي الكنى بأتم من ذكره هنا إن شاء الله.
(2232) كهمس الهلالي.
وَهُوَ كهمس بْن مُعَاوِيَة بْن أَبِي رَبِيعَة، معدود فِي البصريين روى عَنْهُ مُعَاوِيَة بْن قرة. رَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عن معاوية ابن قُرَّةَ، عَنْ كَهْمَسٍ الْهِلالِيِّ، قَالَ: أَسْلَمْتُ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِإِسْلامِي، ثُمَّ غِبْتُ عَنْهُ حَوْلا، وَرَجَعْتُ إِلَيْهِ وَقَدْ ضَمُرَ بَطْنِي، وَنَحَلَ جِسْمِي، فَخَفَضَ فِيَّ الْبَصَرَ وَرَفَعَهُ، قُلْتُ: أَمَا تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟
قلت: أبا كَهْمَسٌ الْهِلالِيُّ الَّذِي أَتَيْتُكَ عَامَ أَوَّلٍ. قَالَ: مَا بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى؟
قُلْتُ: مَا نِمْتُ بَعْدَكَ لَيْلا، وَلا أَفْطَرْتُ نَهَارًا. قَالَ: وَمَنْ أَمَرَكَ أَنْ تُعَذِّبَ نَفْسَكَ، صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ وَمِنْ كُلِّ شَهْرٍ يَوْمًا. قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ:
صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ، وَمِنْ كُلِّ شَهْرٍ يَوْمَيْنِ. قُلْتُ: زِدْنِي، فَإِنِّي أَجِدُ قُوَّةً. قَالَ:
صم الصَّبْرِ، وَمِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ
.(3/1334)
حرف اللام
باب لبيدٍ
(2233) لبيد بْن رَبِيعَة العامري الشاعر.
أبو عُقَيْل، قدم على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنة وفد قومه بنو جَعْفَر بْن كلاب بْن رَبِيعَة بْن عَامِر بْن صعصعة، فأسلم وحسن إسلامه، وَهُوَ لبيد بْن رَبِيعَة بْن عَامِر بْن مَالِك بْن جَعْفَر بْن كلاب بْن رَبِيعَة بْن عَامِر بْن صعصعة. روى عَبْد الْمَلِكِ بْن عُمَيْر، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أصدق كلمةٍ قالها الشاعر كلمة لبيدٍ:
«ألا كل شيءٍ مَا خلا الله باطل»
وَهُوَ شعر حسن. وفي هَذِهِ القصيدة مَا يدل على أَنَّهُ قالها فِي الإسلام. والله أعلم، وذلك قوله:
وكلّ أمري يوما سيعلم سعيه ... إذا كشفت عِنْدَ الإله المحاصل [1]
وقد قَالَ أكثر أهل الأخبار: إن لبيدا لم يقل شعرا منذ أسلم. وقال بعضهم: لم يقل فِي الإسلام إلا قوله:
الحمد للَّه إذ لم يأتني أجلي ... حتى اكتسيت من الإسلام سربالا
وقد قيل: إن هَذَا البيت لقردة بْن نفاثة السلولي، وَهُوَ أصح عندي، وسيأتي [2] فِي موضعه من كتابنا هَذَا إن شاء الله تعالى. وقال غيره: بل البيت الَّذِي قاله فِي الإسلام قوله:
مَا عاتب المرء الكريم كنفسه ... والمرء يصلحه القرين الصالح
وذكر المبرد وغيره أن لبيد بْن رَبِيعَة العامري الشاعر كَانَ شريفا فِي الجاهلية والإسلام، وَكَانَ قد نذر ألا تهب الصبا إلا نحر وأطعم، ثم نزل
__________
[1] في ع: المحاصد.
[2] سبق، على حسب الترتيب الجديد للكتاب صفحة 1305(3/1335)
الكوفة، فكان الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة إذا هبت الصبا يَقُول: أعينوا أَبَا عُقَيْل على مروءته، وليس هَذَا فِي خبر المبرد. وفي خبر المبرد أن الصبا هبت يوما وَهُوَ بالكوفة مقتر مملق، فعلم بذلك الْوَلِيد بْن عقبة بْن أَبِي معيط- وَكَانَ أميرا عليها لعثمان، فخطب الناس، فَقَالَ: إنكم قد عرفتم نذر أَبِي عُقَيْل، وما وكد على نفسه، فأعينوا أخاكم. ثم نزل. فبعث إِلَيْهِ بمائة ناقة، وبعث إِلَيْهِ الناس، فقضى نذره. وفي خبر غير المبرد: فاجتمعت عنده ألف راحلة، وكتب إليه الوليد:
أرى الجزار يشحذ شفرتيه ... إذا هبت رياح أَبِي عُقَيْل
أغر الوجه أبيض [1] عامري ... طويل الباع كالسيف الصقيل
وفي ابْن الجعفري بحلفتيه ... على العلات والمال القليل
بنحر الكوم إذ سحبت عليه [2] ... ذبول صبا تجاوب بالأصيل
قَالَ: فلما أتاه الشعر- وَكَانَ قد ترك قول الشعر- قَالَ لابنته: أجيبيه، فقد رأيتني وما أعيا بجواب شاعر، فأنشأت تقول:
إذا هبت رياح أَبِي عقيلٍ ... دعونا عِنْدَ هبتها الوليدا
أشم الأنف أصيد [3] عبشميا ... أعان على مروءته لبيدا
بأمثال الهضاب كأن ركبا ... عليها من بني حامٍ قعودا
أبا وهبٍ جزاك الله خيرا ... نحرناها وأطعمنا الثريدا
فعد إن الكريم لَهُ معاد ... وظني يا بن أروى أن يعودا
ثم عرضت الشعر على أبيها، فَقَالَ: أحسنت لولا أنك استزدته. فقالت:
والله مَا استزدته إلا لأنه ملك، ولو كان سوقة لم أفعل.
__________
[1] في مهذب الأغاني: أسيد.
[2] في مهذب الأغاني: إليه ... تجاذب.
[3] في مهذب الأغاني: أروع.(3/1336)
وقالت عَائِشَة: رحم الله لبيدا حيث يَقُول:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب
لا ينفعون ولا يرجى خيرهم ... ويعاب قائلهم وإن لم يطرب
ويروي: وإن لم يشغب. قلت: فكيف لو أدرك زماننا هَذَا.
ولبيد بْن رَبِيعَة، وعلقمة بْن علاثة العامريان، من المؤلفة قلوبهم، وَهُوَ معدود فِي فحول الشعراء المجودين المطبوعين. ومما يستجاد من شعره قوله فِي قصيدته التي يرثي بها أخاه [أربد] [1] :
أعاذل مَا يدريك إلا تظنيا ... إذا رحل السفار [2] من هُوَ راجع
أتجزع مما أحدث الدهر للفتى ... وأي كريمٍ لم تصبه القوارع
لعمرك مَا تدري الضوارب بالحصى ... ولا زاجرات الطير مَا الله صانع
وما المرء إلا كالشهاب وضوءه ... يحور رمادا بعد إذ هُوَ ساطع
وما البر إلا مضمرات من التقى ... وما المال إلا معمرات [3] ودائع
فقال لَهُ عُمَر بْن الخطاب يوما: يَا أَبَا عُقَيْل، أنشدني شيئا من شعرك.
فقال: مَا كنت لأقول شعرا بعد أن علمني الله البقرة وآل عِمْرَان، فزاده عُمَر فِي عطائه خمسمائة، وَكَانَ ألفين، فلما كَانَ فِي زمن مُعَاوِيَة قَالَ لَهُ مُعَاوِيَة: هذان الفودان فما بال العلاوة؟ يَعْنِي بالفودين الألفين وبالعلاوة الخمسمائة- وأراد أن يحطها، فَقَالَ: أموت الآن، فتبقى لك العلاوة والفودان.
فرق لَهُ، وترك عطاءه على حاله، فمات بعد ذَلِكَ بيسير. وقد قيل: إنه مات بالكوفة أيام الْوَلِيد بْن عقبة فِي خلافة عُثْمَان، وَهُوَ أصح، فبعث الْوَلِيد
__________
[1] ليس في ش.
[2] في المهذب: الفتيان.
[3] في المهذب: عاريات.(3/1337)
إِلَى منزله عشرين جزورا فنحرت عَنْهُ. وقال الشَّعْبِيّ لعبد الملك: بل تعيش يَا أمير المؤمنين مَا عاش لبيد بْن رَبِيعَة، وذلك أَنَّهُ لما بلغ سبعا وسبعين سنة أنشأ يقول:
باتت تشكي إِلَى النفس مجهشة ... وقد حملتك سبعا بعد سبعينا
فإن تزادي ثلاثا تبلغي أملا ... وفي الثلاث وفاة للثمانينا
ثم عاش حَتَّى بلغ تسعين سنة، فأنشأ يقول:
كأني وقد جاوزت تسعين حجةً ... خلعت بها عَنْ منكبي ردائيا
ثم عاش حَتَّى بلغ مائة حجّة وعشرا، فأنشأ يقول:
أليس فِي مائة قد عاشها رجل ... وفي تكامل عشر بعدها عُمَر [1]
ثم عاش حَتَّى بلغ مائة وعشرين سنة، فأنشأ يقول:
ولقد سئمت من الحياة وطولها ... وسؤال هَذَا الناس كيف لبيد!
وقال مَالِك بْن أنس: بلغني أن لبيد بْن رَبِيعَة مات وَهُوَ ابْن مائة وأربعين سنة. وقيل: إنه مات وَهُوَ ابْن سبع وخمسين ومائة سنة، فِي أول خلافة مُعَاوِيَة. وقال ابْن عفير: مات لبيد سنة إحدى وأربعين من الهجرة يَوْم دخل مُعَاوِيَة الكوفة، ونزل بالنخيلة [2] . وَرَوَى يُوسُفُ بْنُ عَمْرٍو- وَكَانَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ ابْنِ وَهْبٍ: عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: رَوَيْتُ لِلَبِيدٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ بَيْتٍ
(2234) لبيد بْن سَهْل الأَنْصَارِيّ،
لا أدري أهو من أنفسهم [3] أو حليف
__________
[1] في المهذب: عشر.
[2] موضع قرب الكوفة (ياقوت) .
[3] في أسد الغابة: قلت قد ذكر ابن الكلبي نسب لبيد هذا فقال: هو عمر بن سهل ابن الحارث بن عروة بن عبد رزاح، وعجب لأبي عمر كيف يقول: لا أدري أهو من أنفسهم أو حليف مع علمه بالنسب (4- 263) .(3/1338)
لهم، جاء ذكره فِي التفسير عِنْدَ قوله تعالى [1] : وَمن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ به بَرِيئاً 4: 112. وقيل البريء هَذَا لبيد بْن سَهْل. وقيل: رجل من اليهود، وَالَّذِي رماه ابْن أبيرق، ويقال: ابْن أبرق- بالدرع التي سرقها، ورماها فِي داره ورماه بسرقتها.
(2235) لبيد بْن عطارد التميمي.
أحد الوفد القادمين على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بني تميم، وأحد وجوههم، إسلامهم فِي سنة تسع، ولا أعلم لَهُ خبرا غير ذكره فِي ذَلِكَ لوفد.
(2236) لبيد بْن عقبة بْن رَافِع بْن امرئ القيس.
ويقال: لبيد بن رافع ابن امرئ القيس بْن زَيْد [2] ، من بني عبد الأشهل الأنصاري الأشهلي، وهو والد محمود بْن لبيد، لَهُ صحبة ولابنه أيضا على مَا قد ذكرناه [3] فِي بابه من هَذَا الكتاب.
باب لقيط
(2237) لقيط بْن أرطاة السكوني،
يروى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: قتلت تسعة وتسعين من المشركين مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم. روى عنه عبد الرحمن بن عائذ، وحديثه عندي لا يصح، لأنه يدور على مسلمة بْن علي الخشني، عَنْ نَصْر بن علقمة، عن أخيه، عن الرَّحْمَنِ بْن عائذ.
(2238) لقيط بْن الربيع بْن عبد العزى بْن عبد شمس بْن عبد مناف.
هذا أصح مَا قيل فِي اسم أَبِي الْعَاص بْن الربيع وقيل اسمه الْقَاسِم، وقيل مقسم،
__________
[1] سورة النساء آية 111.
[2] في أسد الغابة: يزيد.
[3] سيأتي على حسب الترتيب الجديد للكتاب(3/1339)
والله أعلم، وَهُوَ مشهور بكنيته، وقد استوعبنا خبره فِي كتاب الكنى، لأنه غلبت عَلَيْهِ كنيته.
(2239) لقيط بْن عَامِر العقيلي.
أبو رزين، وهذا أيضا ممن غلبت عَلَيْهِ كنيته. ويقال لقيط بْن صبرة [1] بْن عَبْد اللَّهِ بْن المنتفق بن عامر بن عقيل ابن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وَهُوَ وافد بني المنتفق إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد قيل: إن لقيط بْن عَامِر غير لقيط بْن صبرة [2] ، وليس بشيء. روى عَنْهُ وَكِيع بْن عدس وابنه عاصم بن لقيط.
باب الأفراد فِي حرف اللام
(2240) لبي بْن لبا [3] .
لَهُ صحبة، كَانَ يلبس الخز الأحمر قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَلْجٍ- جَارِيَةُ بْنُ بَلْجٍ، قَالَ: رَأَيْتُ لُبَيَّ بْنَ لَبًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ مِطْرَفُ خَزٍّ أحمر.
(2241) اللجلاج العامري.
لَهُ صحبة، ولكن روايته عَنْ مُعَاذ. هو من بني عَامِر بْن صعصعة. وَذَكَرَ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ قَالَ:
أَخْبَرَنَا هَمَّامُ السَّكُونِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَلَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ اللَّجْلاجِ الْعَامِرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: أَسْلَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ خَمْسِينَ سَنَةً: ومات اللجلاج وَهُوَ ابْن مائة وعشرين سنة، قَالَ: وما ملأت بطني من طعام منذ أسلمت، آكل حسبي وأشرب حسبي.
__________
[1] في أسد الغابة: نسبه إلى جده، وهو لقيط بن عامر بن صبر. (4- 266) .
[2] في التقريب: يقال: إنه جده، واسم أبيه عامر، والأكثر على أنهما اثنان.
[3] لبى- بضم اللام وبعدها موحدة- مصغرة. ولبا- بوزن عصا. وقال ابن فتحون:
ضبطناه بوزن عصا. وضبطناه عن الاستيعاب بضم اللام وتشديد الموحدة، ورايته بخط ابن مفرج مثله، وكذلك في لبى (الإصابة، وهوامش الاستيعاب (48)) .(3/1340)
(2242) لقمان بْن شَبَّة بْن معيط،
أَبُو حُصَيْن العبسي. قال أَبُو جَعْفَر الطبري:
هُوَ أحد التسعة العبسيين الذين وفدوا على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلموا.
(2243) لهيب [1] بْن مَالِك اللهبي.
ويقال لهب. روى خبرا عجيبا فِي الكهانة وأعلام النبوة، رأيت أن أذكره لما فِيهِ من ذَلِكَ، قَالَ لهيب:
حضرت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت عنده الكهانة، فقلت:
بأبي وأمي! نحن أول من عرف حراسة السماء، وزجر الشياطين، ومنعهم من استراق السمع عِنْدَ قذف النجوم، وذلك أنا اجتمعنا إِلَى كاهن لنا يقال لَهُ خطر بْن مَالِك، وَكَانَ شيخا كبيرا قد أتت عَلَيْهِ مائتا سنة وثمانون سنة، وَكَانَ من أعلم كهاننا، فقلنا: يَا خطر، هل عندكم من علم هَذِهِ النجوم التي يرمى بها، فإنا قد فزعنا لَهَا وخفنا سوء عاقبتها، فقال:
عودوا إِلَى السحر ... إيتوني بسحر
أخبركم الخبر ... ألخيرٍ أم ضرر
أو [2] لأمن أو حذر
قَالَ: فانصرفنا يومنا، فلما كَانَ فِي غد فِي وجه السحر أتيناه، فإذا هُوَ قائم على قدميه شاخص فِي السماء بعينه، فناديناه يَا خطر، فأومى إلينا أن أمسكوا، فأمسكنا فانقض نجم عظيم من السماء، وصرخ الكاهن رافعا صوته:
أصابه أصابه ... خامره عقابه
عاجله عذابه ... أحرقه شهابه
زايله جوابه
__________
[1] لهيب- مصغر (الإصابة) .
[2] في ش، والإصابة: أم.(3/1341)
يا ويله ما حاله ... بلبلة بلباله
عاوده خباله ... فقطعت [1] حباله
وغيرت أحواله ثم أمسك طويلا، وهو يقول:
يَا معشر بني قحطان ... أخبركم بالحق والبيان
أقسمت بالكعبة والأركان ... والبلد المؤمن السدان [2]
قد منع السمع عتاة الجان ... بثاقب بكف ذي سلطان
من أجل مبعوث عظيم الشان ... يبعث بالتنزيل والقرآن
وبالهدى وفاصل الفرقان ... تبطل بِهِ عبادة الأوثان
قال: فقلت: ويحك يَا خطر، إنك لتذكر أمرا عظيما، فماذا ترى لقومك؟ فقال:
أرى لقومي مَا أرى لنفسي ... إن تتبعوا خير نبي الإنس
برهانه [3] مثل شعاع الشمس ... يبعث فِي مكة دار الحمس
بمحكم التنزيل غير اللبس
فقلنا لَهُ: يَا خطر، وممن هُوَ؟ فَقَالَ: والحياة والعيش، إنه لمن قريش، مَا فِي حلمه طيش، ولا فِي خلقه طيش [4] ، ولا فِي خلقه طيش [4] ، يكون فِي حيش، وأي جيش، من آل قحطان وآل أيش.
فقلنا: بين لنا من أي قريش هُوَ؟ فقال: والبيت ذي الدعائم. والركن
__________
[1] فيء: تقطعت.
[2] هكذا بالأصول.
[3] في الإصابة: شعاعه.
[4] في ع، ش: هيش.(3/1342)
والأحائم. إنه لمن نجل هاشم. من معشر أكارم. يبعث بالملاحم. وقتل كل ظالم.
ثم قَالَ: هَذَا هُوَ البيان. أخبرني بِهِ رئيس الجان.
ثم قَالَ: الله أكبر. جاء الحق وظهر. وانقطع عَنِ الجن الخبر.
ثم سكت وأغمي عَلَيْهِ، فما أفاق إلا بعد ثلاثة، فَقَالَ: لا إله إلا الله! فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سبحان الله، لقد نطق على [1] مثل نبوة، وإنه ليبعث يَوْم القيامة أمةً وحده. وذكر هَذَا الخبر أَبُو جَعْفَر العقيلي فِي كتاب الصحابة لَهُ، فقال: أخبرنا عبد الله ابن أَحْمَد البلوي المدني، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَارَة بْن يَزِيد، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْد الله بْن العلاء، عَنْ أَبِي الشعشاع زنباع بْن الشعشاع، قَالَ: حدثني أبىّ، عن لهيب ابن مَالِك اللَّيْثِيّ، قَالَ: حضرت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرت عنده الكهانة ... وساق الحديث إِلَى آخره.
قال أَبُو عُمَر: إسناد هَذَا الحديث ضعيف، ولو كَانَ فِيهِ حكم لم أذكره، لأن رواته مجهولون، وعمارة بْن زَيْد متهم بوضع الحديث، ولكنه فِي معنى حسن من أعلام النبوة، والأصول فِي مثله لا تدفعه، بل تصححه وتشهد لَهُ [2] ، والحمد الله.
__________
[1] في ع، ش: عن.
[2] في الإصابة: قلت: يستفاد من هذا أنه تجوز رواية الحديث الموضوع إذا كان بهذين الشرطين، وهو بخلاف ما نقلوه (3- 313) .
(ظهر الاستيعاب ج 3- م 11)(3/1343)
حرف الميم
باب مازن
(2244) مازن بْن خيثمة السكوني.
بَعَثَ بِهِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَافِدًا إلى النبي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَائِرَةٍ بَيْنَ السُّكُونِ وَالسَّكَاسِكِ. حَدِيثُهُ عِنْدَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ صفوان بن عمرو، عن عمرو بْنِ قَيْسِ بْنِ ثَوْرِ بْنِ مَازِنِ بْنِ خَيْثَمَةَ، عَنْ جَدِّهِ مَازِنٍ بِذَلِكَ.
(2245) مازن بْن العضوبة.
ويقال الغضوب الخطامى، فخذ من طى، الطائي العماني، لَهُ صحبة، وَهُوَ جد أَحْمَد بْن حرب وعلي بْن حرب الطائي، وخبره عجيب، مخرج فِي أعلام النبوة من أخبار الكهان. وفي خبره قَالَ:
قلت: يَا رَسُول الله، إني امرؤ من خطامة طى، وإني لمولع بالطرب، وأحب الخمر والنساء، فيذهب مالي، ولا أَحْمَد حالي، فادع لي الله أن يذهب ذَلِكَ عني، وليس لي ولد، فادع الله أن يهب لي ولدا، قَالَ: فدعا لي، فأذهب الله عني مَا كنت أجد، وتزوجت أربع حرائر فرزقت الولد، وحفظت شطر القرآن، وحججت حججا، وأنشد:
إليك رَسُول اللَّهِ خبت مطيتي ... تجوب الفيافي من عمان إلى العرج
لنشفع لي يَا خير من وطئ الحصى ... فيغفر لي ربي فأرجع بالفلج
إلي معشر جانبت فِي الله دينهم ... فلا دينهم ديني ولا شرجهم شرجي
وكنت امرأً باللهو والخمر مولعا ... شبابي إِلَى أن آذن الجسم بالنهج
فبدلني بالخمر خوفا وخشيةً ... وبالعهر إحصانا فحصن لي فرجي
فأصبحت همي فِي الجهاد ونيتي ... فلله مَا صومي وللَّه مَا حجي
وحديثه فِي أعلام النبوة من حديث ابْن الكلبي عَنْ أبيه.
(ظهر الاستيعاب ج 3- م 11)(3/1344)
باب ماعز
(2246) ماعز بْن مَالِك الأسلمي.
معدود فِي المدنيين، وكتب له رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ كتابا بإسلام قومه، وَهُوَ الَّذِي اعترف على نفسه بالزنا تائبا منيبا، وَكَانَ محصنا فرجم. روى عَنْهُ ابنه عَبْد اللَّهِ بْن ماعز حديثا واحدا.
(2247) ماعز،
رجل آخر. لا أقف لَهُ على نسب، سأل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي الأعمال أفضل؟
باب مَالِك
(2248) مالك بْن أحمر الجذامي.
قدم على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بتبوك، وكتب لَهُ كتابا فيما رَوَى الْوَلِيد بْن مُسْلِم عَنِ ابنه سَعِيد بْن مَنْصُور بْن مَالِك بْن أحمر، عَنْ جده مَالِك بْن أحمر.
(2249) مالك بن أحمر اليمامي،
ويقال ابْن أخيمر، والصحيح ابْن أخيمر [1] ، رَوَى عَنْهُ أَبُو رزين الباهلي مرفوعا: ملعون- يَعْنِي الَّذِي يدخل على أهله الرجال يقال حديثه مرسل، لأنه لم يسمع من النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. توفي فِي أيام عبد الملك بن مروان.
__________
[1] في أسد الغابة: مالك بن أخيمر الباهلي، ويقال أخامر. وقال: وقد رايته في الاستيعاب في عدة نسخ صحاح: أخيمر بالخاء المعجمة. وفي حاشية أحدها مكتوب بالخاء المعجمة أيضا (4- 272) . وفي ع، ش: ابن أخيمر، ويقال ابن أخامر. والصحيح ابن أخيمر.
وفي الإصابة: مالك بن أخامر- بالمعجمة. ويقال: ابن أخيمر- بالتصغير» ويقال بالمهملة مع التصغير (3- 318) ، وانظر هوامش الاستيعاب (49) .(3/1345)
(2250) مالك بْن أَزهَر [1] .
أدرك النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وروى عَنْهُ سَعِيد بْن أَبِي ثمر [2] . يعدّ في المصريين.
(2251) مالك بْن أُمَيَّة بْن عَمْرو السُّلَمِيّ.
من حلفاء بني أَسَد بْن خزيمة، بدري، استشهد يوم اليمامة.
(2252) مالك بْن أوس بْن عَبْد اللَّهِ الاسلمي.
لَهُ صحبة فيما ذكر بعضهم، وفيه نظر.
(2253) مالك بْن أوس بْن الحدثان بْن عوف بْن رَبِيعَة النصري.
من بني نَصْر بْن مُعَاوِيَة، يكنى أَبَا سَعْد [3] ، زعم أَحْمَد بْن صَالِح المصري- وَكَانَ من جلة أهل هَذَا الشأن- أن لَهُ صحبة. وقال سَلَمَة بْن وردان: رأيت جماعة من أصحاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكرهم، وذكر منهم مَالِك بْن أوس بْن الحدثان النصري. وذكر الْوَاقِدِيّ- عَنْ شيوخه- أن مَالِك بْن أوس بْن الحدثان ركب الخيل فِي الجاهلية، وذكر ذَلِكَ غير الْوَاقِدِيّ. وروى أنس بْن عِيَاض، عَنْ سَلَمَة بْن وردان، عَنْ مَالِك بْن أوس بْن الحدثان، قَالَ: كنا عِنْدَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: وجبت وجبت ... وذكر الحديث. قال ابْن رشدين:
فسألت أَحْمَد بْن صَالِح عَنْ هَذَا الحديث، فَقَالَ: هُوَ صحيح، قد رواه أنس ابن عِيَاض، فقلت لأحمد بْن صَالِح: لمالك بْن أوس بْن الحدثان صحبة؟ فَقَالَ:
نعم وذكر الْبُخَارِيّ فِي التاريخ الكبير، قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ:
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَرْدَانَ، قَالَ: رَأَيْتُ أنس بن مالك،
__________
[1] في أسد الغابة: وقيل ابن أبي أزهر. قال- بتقديم الزاى على الألف لا غير. والأول- أزهر- أكثر. وفي ش: مالك بن زاهر.
[2] فيء شمل. والمثبت من ع، ش.
[3] فيء: سعيد.(3/1346)
وَمَالِكَ بْنَ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، وَسَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَشْيَمَ، وَكُلُّهُمْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا يُغَيِّرُونَ الشَّيْبَ.
قال أَبُو عُمَر: لا أعرف لَهُ خبرا فِي صحبته أكثر مما ذكرت، ولا أعلم له رواية عن النبي صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأما روايته عَنْ عُمَر فأشهر من أن تذكر، وَرَوَى عَنِ العشرة المهاجرين، وعن الْعَبَّاس بْن عبد المطلب. روى عَنْهُ مُحَمَّد بْن جُبَيْر بْن مطعم، والزهري، وَمُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر، وجماعة، منهم: عكرمة بْن خَالِد، وَأَبُو الزُّبَيْر، وَمُحَمَّد بْن عَمْرو بْن حلحلة.
وتوفي مَالِك بْن أوس بْن الحدثان بالمدينة سنة اثنتين وتسعين. وقيل:
سنة اثنتين وخمسين، وَهُوَ ابْن أربع وتسعين سنة.
(2254) مالك بْن أوس بن عتيك بن عمرو بن عبد الأعلم بن عامر بن زعوراء ابن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس،
وزعوراء بن جشم أخو عبد الأشهل، وهم من ساكني راتج [1] . شهد مَالِك بْن الأوس أحدا، والخندق، وما بعدها من المشاهد، وقتل باليمامة شهيدا.
(2255) مالك بْن إِيَاس الأَنْصَارِيّ الخزرجي قتل يَوْم أحد شهيدا، لم يذكره ابْن إِسْحَاق.
(2256) مالك بْن أيفع بْن كرب الناعطي [2] .
قدم على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم في وفد همدان، وناعط هو ربيعة بن مرثد، بطن من همدان، ومجالد ابن سعيد المحدّث من رهطهم.
__________
[1] راتج: أطم من آطام المدينة، وهي لبني زعوراء بن جشم (ياقوت) .
[2] فيء: الناعظى- بالظاء. والصواب من ش، ع، واللباب. وفي هوامش الاستيعاب والاشتقاق: ناعط جبل معرف وليس بأب ولا أم (49) .(3/1347)
(2257) مالك ابْن بحينة [1] .
هُوَ مَالِك بْن القشب الأزدي، من الأزد، والد عَبْد اللَّهِ بْن مَالِك ابْن بحينة، لم أجد أحدا منهم يَزِيد فِي نسب مَالِك هَذَا شيئا، وأجمعوا أَنَّهُ أزدي، وأن أمه بحينة قرشية مطلبية، من بنى المطلب ابن عبد مناف، إلا أن منهم من يَقُول: إن بحينة أم ابنه عَبْد اللَّهِ بْن مَالِك ابْن بحينة. وسنذكر [2] عَبْد اللَّهِ بْن مَالِك ابْن بحينة فِي بابه إن شاء الله تعالى، لأن لعبد الله بْن مَالِك ولأبيه جميعا صحبة، وتوفي ابْن بحينة فِي آخر خلافة مُعَاوِيَة.
(2258) مالك بْن التيهان بْن مَالِك بْن عُبَيْد بْن عَمْرو بْن عبد الأعلم،
أَبُو الهيثم البلوي، من بلي بْن الحاف بْن قضاعة، ثُمَّ الأَنْصَارِيّ، حليف بني عبد الأشهل، وقالت طائفة من أهل العلم: إنه أنصاري من أنفسهم من الأوس، وَهُوَ مشهور بكنيته. شهد بيعة العقبة الأولى والثانية، وَكَانَ أحد الستة الذين لقوا قبل ذَلِكَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعقبة، وَهُوَ أول من بايع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة العقبة فيما زعم بنو عبد الأشهل. وأما بنو النجار فزعموا أن أول من بايعه ليلة العقبة أَبُو أمامة أسعد بْن زرارة، وزعم بنو سَلَمَة كَعْب بْن مَالِك وغيره أن أول من بايع تلك الليلة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البراء بْن معرور، والله أعلم. وشهد أَبُو الهيثم مَالِك بْن التيهان بدرا، وأحدا والمشاهد كلها.
وتوفي فِي خلافة عُمَر بالمدينة سنة عشرين. وقيل سنة إحدى وعشرين.
وقيل: بل قتل بصفين مع علي بْن أبى طالب سنة سبع وثلاثين. وقيل:
__________
[1] بضم الموحدة وفتح المهملة، آخره نون- مصفر (التقريب) .
[2] سبق ذكره على حسب الترتيب الجديد للكتاب، صفحة 982.(3/1348)
أَنَّهُ شهد صفين مع علي، ومات بعدها بيسير. وأما عُبَيْد أخوه فقتل بصفين سنة سبع وثلاثين.
(2259) مالك بْن ثَابِت الأَنْصَارِيّ،
من بني النبيت [1] ، قتل يَوْم بئر معونة شهيدا مع أخيه سُفْيَان بْن ثَابِت، ذكر ذَلِكَ الْوَاقِدِيّ.
(2260) مالك بن حمرة [2] بْن أيفع بْن كرب الناعطي [3] الهمداني.
أسلم هُوَ وعماه عَمْرو ومالك ابنا أيفع بْن كرب الناعطي [3] . وناعط هُوَ رَبِيعَة بْن مرثد الهمداني، وَهُوَ رهط مجالد بْن سَعِيد المحدث، ورهط عَامِر بْن شهر صاحب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(2261) مَالِك بْن الحويرث بْن أشيم اللَّيْثِيّ.
يختلفون فِي نسبته إِلَى لَيْث، ولم يختلفوا أَنَّهُ ليثي من بني لَيْث بْن بَكْر بْن عبد مناة، يكنى أَبَا سُلَيْمَان. ويقال مَالِك بْن الْحَارِث. وقال شُعْبَة: مَالِك بْن حويرثة، والأول هُوَ الصحيح.
سكن البصرة، ومات بها سنة أربع وتسعين. روى عَنْهُ أَبُو قلابة، وَأَبُو عطية، وسلمة الجرمي، وابنه عَبْد اللَّهِ بْن مَالِك بْن الحويرث.
(2262) مالك بْن الخشخاش العنبري.
روى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كتب لأبيه ولأخويه- قَيْس، وعبيد ابني الخشخاش- كتاب أمان. روى عَنْهُ حُصَيْن بْن أَبِي الحر العنبري. مخرج حديثه عَنِ البصريين وعداده فيهم.
(2263) مالك بْن أَبِي خولي العجلي.
هكذا نسبه ابْن سلام في بنى عجل
__________
[1] النبيت: أبو حي باليمن، واسمه عمرو بن مالك (القاموس، وأسد الغابة) .
[2] حمرة- بضم المهملة والراء (الإصابة) ، وفي أسد الغابة: بضم الحاء المهملة وتسكين الميم، وبالراء (4- 277) . وفي هوامش الاستيعاب: حمزة بالزاي (49) .
[3] فيء: الناعظى- بالظاء. وانظر هامش صفحة 1347.(3/1349)
ابن لجيم [1] . ونسبه ابْن إِسْحَاق وغيره فِي جعف [2] من مذحج. شهد بدرا هُوَ وأخوه خولي بْن أَبِي خولي، هكذا قَالَ ابْن هِشَام: إنه من بني عجل بْن لجيم [1] . وقال إِبْرَاهِيم بْن سَعْد: مَالِك بْن أَبِي خولي، وخولي بْن أَبِي خولي هما جعفيان من جعف، وهما ابنا عَمْرو بْن خيثمة بْن الحارث بن معاوية بن عوف ابن سَعْد بْن جعف، حليفان لبني عدي بْن كَعْب. قال أَبُو عُمَر: هَذَا هُوَ الصواب لا مَا قَالَ ابْن هِشَام. والله أعلم.
(2264) مالك بْن الدخشم [3] بْن مَالِك بْن الدخشم بن غنم بن عوف ابن عَمْرو بْن عوف.
شهد العقبة فِي قول ابْن إِسْحَاق، وموسى، والواقدي.
وقال أَبُو معشر: لم يشهد مَالِك بْن الدخشم العقبة. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَيْضًا، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ [4] ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، قَالَ: لَمْ يَشْهَدْ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُمِ الْعَقَبَةَ. قال أَبُو عُمَر: لم يختلفوا أَنَّهُ شهد بدرا وما بعدها من المشاهد. وهو الَّذِي أسر يَوْم بدر سهيل بْن عَمْرو، وَكَانَ يتهم بالنفاق، وَهُوَ الَّذِي أسر فِيهِ الرجل إِلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أليس يشهد أن لا إله الله! فَقَالَ الرجل: بلى. ولا شهادة لَهُ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أليس يصلي! قَالَ: بلى، ولا صلاه لَهُ، فقال رسول الله صلى الله صلى الله عليه: أولئك الذين نهاني الله عنهم. والرجل الَّذِي سار رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ هُوَ عتبان بْن مَالِك. وَرَوَى قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: ذُكِرَ مَالِكُ بن الدّخشم عند النبي صلى الله
__________
[1] فيء: نجيم.
[2] في أسد: الغابة والصواب أنه جعفي.
[3] في الإصابة: الدخشم- بضم المهملة والمعجمة، بينهما خاء معجمة. ويقال بالنون بدل الميم. ويقال كذلك بالتصغير.
[4] في ش: حنيفة.(3/1350)
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَبُّوهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي. قال أَبُو عُمَر: لا يصح عَنْهُ النفاق، وقد ظهر من حسن إسلامه مَا يمنع من اتهامه. والله أعلم.
(2265) مالك بْن رَافِع بْن مَالِك بْن العجلان،
قد نسبنا أباه رَافِع بْن مَالِك فِي بابه [1] . شهد مَالِك بْن رَافِع هَذَا بدرا مع أخويه: خلاد، ورفاعة ابني رَافِع مع النبي صلى الله عليه وسلم فيما ذكر الْوَاقِدِيّ. قال أَبُو عُمَر: لمالك بْن رَافِع هَذَا حديث فِي الوضوء والصلاة.
(2266) مالك بْن رَبِيعَة بْن البدن [2] بْن عَامِر بْن عوف بن حارثة بن عمرو ابن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج،
أَبُو أسيد [3] الأَنْصَارِيّ الساعدي.
صح عَنِ ابْن إسحاق ابن البدن بالباء والنون، كذلك قَالَ يُونُس بْن بكير، وإبراهيم بْن سَعْد عَنْهُ، وكذلك رواه مُحَمَّد بْن فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب: مَالِك بْن رَبِيعَة بْن البدن بالنون. وقال إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمه مُوسَى بْن عقبة، عَنِ الزُّهْرِيّ: مَالِك بْن رَبِيعَة بْن البدي- بالياء، فصحف. والله أعلم. وهو مشهور بكنيته. شهد بدرا، وأحدا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ومات بالمدينة سنة ستين فيما ذكر المدائني. قال: توفي أَبُو أسيد فِي العام الَّذِي مات فِيهِ مُعَاوِيَة وقيس بْن سَعْد. وقيل: إن أَبَا أسيد توفي سنة ثلاثين، ذكر ذَلِكَ الْوَاقِدِيّ، وخليفة. وهذا خلاف متباين جدا. وقيل: مات وَهُوَ ابْن خمس وسبعين سنة. وقيل: بل كَانَ أَبُو أسيد إذ مات ابن ثمان وسبعين سنة،
__________
[1] صفحة 484
[2] بفتح الموحدة والمهملة (التقريب)
[3] بضم أوله (التقريب)(3/1351)
قد ذهب بصره، وَهُوَ آخر من مات من البدريين. هذا إنما يصح على قول من قَالَ: توفي سنة ستين أو بعدها، وقد نبهنا عَلَيْهِ فِي الكنى.
(2267) مالك بْن رَبِيعَة السلولي [1] .
من بني سلول بْن عَمْرو بْن صعصعة، أَبُو مَرْيَم السلولي. هو مشهور بكنيته، يقال: إنه من أصحاب الشجرة، هُوَ والد يَزِيد بْن أَبِي مَرْيَم، يعد فِي الكوفيين.
(2268) مالك بْن زمعة [2] بْن قَيْس بْن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤي القرشي العامري،
كَانَ قديم الإسلام. هاجر إِلَى أرض الحبشة، ومعه امرأته عمرة بِنْت السعدي العامرية، هُوَ أخو سودة بِنْت زمعة زوج النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(2269) مالك بْن سنان بْن عُبَيْد بْن ثعلبة بْن الأبجر،
والأبجر هُوَ خدرة بن عوف ابن الحارث بن الخزرج. قتل يوم أحد شهيدا، وَهُوَ والد أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ الأَنْصَارِيّ، قتله عراب بْن سُفْيَان الكناني.
(2270) مالك بْن صعصعة الأنصاري المازني،
من بني مازن بن النجار.
روى عَنْهُ أنس بْن مَالِك حديث الاسراء.
(2271) مالك بْن عبادة الغافقي.
وغافق هُوَ ابْن العاص بن عمرو بن مازن ابن الأزد بْن الغوث المصري [أَبُو مُوسَى. مصري] [3] ، ويقال شامي، لَهُ صحبة، رَوَى عَنْهُ أَبُو وداعة [4] الحميدي حديثه فِي المصريين. مات سنة ثمان وخمسين
__________
[1] السلولي- بفتح المهملة وضم اللام الخفيفة (التقريب) .
[2] في ع: ربيعة.
[3] من ش، ع.
[4] في ش: عنه وداعة.(3/1352)
(2272) مالك بْن عبادة الهمداني.
قدم على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وفد همدان مع مَالِك بْن مُرَّةَ، وعقبة بْن مُرَّةَ، فأسلموا
(2273) مالك بْن عَبْد اللَّهِ الأوسي.
رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا زَنَتِ الأَمَةُ وَلَمْ تُحْصَنْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا..
الْحَدِيثَ. كَذَا قَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ شِبْلِ بْنِ حَامِدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَوْسِيِّ. وقد اختلف عَنِ ابْن شهاب فِي هَذَا الحديث اختلافا كثيرا، والصواب فِيهِ عِنْدَ أكثر أهل العلم بالحديث رواية يُونُس هَذَا عَنِ ابن شهاب.
(2274) مالك بْن [1] عَبْد اللَّهِ بْن خبيري بْن أفلت بْن سلسلة بْن عَمْرو بْن سلسلة ابن غنم بْن ثوب بْن معن بْن عتود بْن سلامان بْن عنين بْن سلامان بْن ثعل بْن عَمْرو بْن الغوث بْن طي الطائي.
وفد إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ ابناه: مَرَوَان وإياس شاعرين. وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع زَيْد الخيل فأسلم.
(2275) مالك بْن عَبْد اللَّهِ الخثعمي.
كَانَ أميرا على الجيوش فِي خلافة مُعَاوِيَة، وقبل ذَلِكَ. روى عَنْهُ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد، وعبد الله بْن سُلَيْمَان الْبَصْرِيّ [2] .
قال الْقَاسِم بْن مُحَمَّد: كَانَ مَالِك بْن عَبْد الله الخثعميّ رجلا صالحا. قال على ابن أَبِي جميلة: مَا يضرب الناقوس قط بليل- وكانوا يضربونه نصف الليل- إلا ومالك بْن عَبْد اللَّهِ الخثعمي قد جمع عَلَيْهِ ثيابه فِي مسجد بيته يصلي.
ولمالك بْن عَبْد اللَّهِ الخثعمي فضائل جمة عِنْدَ أهل الشام يروونها يطول
__________
[1] ليست هذه الترجمة ليست في ش، ع. ونسبه في هوامش الاستيعاب مختلف عنه هنا.
[2] في ش، ع: المصري.(3/1353)
ذكرها. يعد فِي البصريين، ومنهم من يجعل حديثه مرسلا، ويجعله من التابعين.
(2276) مالك بْن عَبْد اللَّهِ الخزاعي،
ويقال ابْن عُبَيْد الله. ويقال مَالِك بْن أَبِي عَبْد اللَّهِ [1] ، والأول أكثر. وهو معدود فِي الكوفيين، رَوَى عَنْهُ ابْن أخيه سُلَيْمَان بْن بشر الخزاعي. قَالَ البخاري: قال سُلَيْمَان بْن بشر، ويقال سلمان بْن بشر [2] .
(2277) مالك بْن عَبْد اللَّهِ المعافري.
يعد فِي أهل مصر، حديثه عندهم.
روى عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تكثر همك فإنه مَا قدر يكن، وما ترزق يأتك.
(2278) مالك بْن عتاهية بْن حرب بْن سَعْد الْكِنْدِيّ.
معدود فِي أهل مصر من الصحابة، وفيها كان سكناه.
(2279) مالك بْن عقبة، أو عقبة بْن مَالِك،
هكذا جرى ذكره على الشك، هُوَ مذكور فِي الصحابة، رَوَى عَنْهُ بشير بْن عَاصِم.
(2280) مالك بْن عَمْرو.
مذكور فيمن قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد بنى تيم.
(2281) مالك بْن عَمْرو بْن ثَابِت [بْن عَمْرو] [3] الأَنْصَارِيّ.
من بني عَمْرو بْن عوف، يكنى أَبَا حبة [4] . هكذا ذكره أَبُو حَاتِم الرازي.
(2282) مالك بْن عَمْرو الرواسي.
رَوَى عَنْهُ طارق بن علقمة، أظنّه مالك
__________
[1] في ع: ابن بى عبيد الله
[2] في ش، ع: ويقال سليمان بن بسر.
[3] ليس في ش، ع.
[4] في ش: حنة.(3/1354)
ابن عَمْرو الكلابي الَّذِي رَوَى عَنْهُ زرارة بْن أَبِي أوفى، لأن رواسا هُوَ ابْن كلاب، وقد تقدم الاختلاف فِي مَالِك ذَلِكَ.
(2283) مالك بْن عَمْرو السُّلَمِيّ.
حليف بني عبد شمس. شهد بدرا هُوَ وأخوه ثقف بْن عَمْرو، ومدلج بْن عَمْرو، وقتل مَالِك بْن عَمْرو يَوْم اليمامة شهيدا.
وقال ابْن إِسْحَاق: شهد بدرا من حلفاء بني عبد شمس مَالِك بْن عَمْرو، وأخوه مدلج بْن عَمْرو، وكثير بن عمرو.
(2284) مالك بْن عَمْرو [1] بْن عَتِيك بْن عَمْرو بن مبذول، وهو عامر بن مالك بن النجار،
ومات يَوْم الجمعة اليوم الَّذِي خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد، فصلى عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، وَهُوَ قد لبس لامته فِي موضع الجنائز، ثُمَّ ركب دابته إِلَى أحد.
(2285) مالك بْن عَمْرو العقيلي، [
ويقال الكلابي] [2] ، ويقال مَالِك بْن الْحَارِث [3] الخزاعي. ويقال مَالِك بْن عَمْرو القشيري، ويقال الأَنْصَارِيّ.
وقال الثوري: مَالِك بْن عَمْرو، أو عَمْرو بْن مَالِك- على الشك. وقال فِيهِ هشيم:
مَالِك بْن الْحَارِث. والاختلاف فِي حديثه على علي بْن يَزِيد، هُوَ انفرد بِهِ عَنْ زرارة بْن أَبِي أوفى، عَنْ مَالِك هَذَا على حسب مَا ذكرناه من الاختلاف فِيهِ أَنَّهُ سمع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: من ضم يتيما بين أبوين مسلمين إِلَى طعامه وشرابه حَتَّى يستغني وجبت لَهُ الجنة. يعد فِي أهل البصرة، وجعل الْبُخَارِيّ مَالِك بْن عَمْرو العقيلي غير مَالِك بْن عَمْرو القشيري، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: هما واحد.
__________
[1] فيء: همر.
[2] من ش، ع.
[3] فيء: الحرثان. والمثبت من ع، ش، وأسد الغابة.(3/1355)
(2286) مالك بْن عُمَيْر الحنفي.
كوفي، أدرك الجاهلية. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، وَرَوَى عَنْ علي. روى عَنْهُ إِسْمَاعِيل بن سميع
(2287) مالك بْن عُمَيْر السُّلَمِيّ.
شهد مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الفتح وحنينا والطائف، وَكَانَ شاعرا. روى عَنْهُ يَزِيد بْن واصل السُّلَمِيّ. من حديثه قَالَ: أتيت رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول اللَّهِ، إِنِّي رجل شاعر، فهل على شيء فِي الشعر؟ فَقَالَ: لأن تمتلئ مَا بين لبتك إِلَى عاتقك [1] قيحا ودما خير من أن يمتلئ شعرا.
(2288) مالك بْن عميرة [2] .
أَبُو صَفْوَان. باع من النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل سراويل [3] قبل الهجرة. قال: فأمر الوزان فأرجح لي، وأعطى الوزان أجره. وروى عَنْهُ سماك بْن حرب، وقد قيل فِيهِ مَالِك بْن عُمَيْر، والأول أكثر.
(2289) مالك بن عميلة بن السباق بن عبد الدار.
شهد بدرا. ذكره مُوسَى بْن عقبة فيمن شهد بدرا.
(2290) مالك بْن عوف بْن سَعْد بْن رَبِيعَة بن يربوع بن واثلة بن دهمان ابن نَصْر بْن مُعَاوِيَة بْن بَكْر بْن هوازن النصري،
انهزم يَوْم حنين كافرا، وَهُوَ كَانَ رئيس جيش المشركين يومئذ، ولحق فِي انهزامه بالطائف، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لو أتاني مُسْلِم لرددت إِلَيْهِ أهله وماله، فبلغه ذَلِكَ، فلحق برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد خرج من الجعرانة، فأسلم
__________
[1] في أسد الغابة، ش، ع: عانتك.
[2] في ش: عمير. وعميرة- بفتح أوله كما في التقريب.
[3] يريد رجلي سراويل. لأن السراويل من لباس الرجلين. وبعضهم يسمى السراويل رجلا (النهاية) .(3/1356)
فأعطاه أهله وماله، وأعطاه مائة من الإبل، كما أعطى سائر المؤلفة قلوبهم- وَهُوَ أحدهم ومعدود فيهم- وَكَانَ مَالِك بْن عوف شاعرا، واستعمل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالِك بْن عوف النصري على من أسلم من قومه، ومن قبائل قَيْس، وأمره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمعاودة ثقيف، ففعل، وضيق عليهم، وحسن إسلامه، وَقَالَ حين أسلم:
مَا إن رأيت ولا سمعت بما أرى ... في الناس كلهم كمثل مُحَمَّد
(2291) مالك بْن قدامة بْن عرفجة بْن كَعْب بْن النحاط بن كعب بن حارثة ابن غنم بن السلم بن امرئ القيس بن مَالِك بْن الأوس الأَنْصَارِيّ،
شهد بدرا هُوَ وأخوه منذر بْن قدامة.
(2292) مالك بْن قطبة.
رَوَى عَنْهُ زِيَاد بْن علاقة.
(2293) مالك بْن قهطم.
ويقال قحطم- بالحاء. وهو والد أَبِي العشراء [1] الدارمي. واختلف فِي اسم أَبِي العشراء واسم أَبِيهِ، فَقَالَ الْبُخَارِيّ: أَبُو العشراء اسمه أُسَامَة بْن مَالِك بْن قحطم، قاله أَحْمَد بن حنبل. وقال بعضهم: اسمه عطارد ابن بلز، قَالَ: ويقال يسار بْن بلز بْن مَسْعُود بْن خولي بْن حرملة بْن قَتَادَة، من بني موله بْن عَبْد اللَّهِ بْن فقيم بْن دارم. نزل البصرة. هذا كله كلام الْبُخَارِيّ فِي أَبِي العشراء وَقَالَ أَحْمَد بن زهير: سمعت يحيى [2] بن معين، وأحمد بْن حَنْبَل يقولان: اسم أَبِي العشراء الدارمي أُسَامَة بْن مَالِك.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: وقد قيل فِي اسم فِي أَبِي العشراء بلز بن قهطم.
__________
[1] أبو العشراء- بضم أوله وفتح المعجمة والراء والد (التقريب) . وفيه: قيل اسمه أسامة بن مالك بن قهطم. وقيل عطاء. وقبل يسار. وقيل؟ سنان بن برز أو بلز. وقيل اسمه بلال بن يسار.
[2] في ع: بكر.(3/1357)
وقيل: عطارد بْن برز- بتحريك الراء وتسكينها أيضا. وقيل برز بْن قهطم، وَهُوَ من بني دارم بْن مَالِك بْن زَيْد مناة بْن تميم. وأبو العشراء لا أعرف لَهُ ولا لأبيه غير حديث ذكاة الضرورة قوله: إذا لم يوصل إِلَى الحلق واللبة لو طعنت فِي فخذها أجزاك. ولم يرو عَنْ أَبِي العشراء فيما علمت غير حَمَّاد بْن سَلَمَة، وحديثه هَذَا فِي الذكاة قَالَ بِهِ أكثر الفقهاء فِي ذكاة الضرورة، وجعلوها كالصيد، وبعضهم يأباه. وممن أنكر معناه ولم يقل به مالك ابن أنس رحمة الله عَلَيْهِ.
(2294) مالك بْن قَيْس بْن بجيد بْن رواس بْن كلاب بْن رَبِيعَة الرواسي.
وفد على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع ابنه عَمْرو بْن مَالِك وأسلما. فيه وفي الَّذِي قبله نظر [1] .
(2295) مالك بْن قَيْس أَبُو صرمة [2] الأَنْصَارِيّ،
مشهور بكنيته. وقد ذكرنا الاختلاف فِي اسمه فِي باب الكنى، وَهُوَ معدود فِي أهل المدينة. حديثه عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ضار أضر الله بِهِ، ومن شاق شق الله عليه.
(2296) مالك بْن مرارة.
ويقال ابْن فزارة [3] . والصحيح ابن مرارة- قَالَ بعضهم: الرهاوي [4] ، ولا يصح الرهاوي، والله أعلم. مذكور فِي حديث ابْن مَسْعُود الَّذِي يرويه حميد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ الحميري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: البغي إنما هُوَ من سفه الحق وغمط الناس.
__________
[1] الّذي كان قبله في الترتيب الأول للكتاب: مالك بن عمرو. وهو برقم 2289 في هذه الطبعة.
[2] بكسر أوله وسكون الراء.
[3] في أسد الغابة: وقيل ابن مرة. والصحيح مرارة. وفي الإصابة: ويقال ابن مرة.
ويقال ابن مزرد.
[4] في أسد الغابة- بفتح الراء. وفي الاشتقاق بضم الراء.
وفي هوامش الاستيعاب: بالفتح منسوب إلى قبيلة. وبالضم منسوب إلى الرها من أرض الحجاز (49) .(3/1358)
رَوَى عَطَاءُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حبة من خردل من كبر. وليس مَالِك بْن مرارة هَذَا مشهور فِي الصحابة.
(2297) مالك بْن مُرَّةَ الهمداني،
وفد على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم في وفد همدان مع مَالِك بْن عبادة، وعقبة بْن عُمَر، وأسلموا، وقد ذكر فِي ترجمة مَالِك بن عبادة [1] .
(2298) مالك بْن مَسْعُود بْن البدن بْن عَامِر بن عوف بن حارثة بن عمرو ابن الجموح بْن ساعدة،
الأَنْصَارِيّ الساعدي. شهد بدرا، وَهُوَ ابْن عم أَبِي أسيد الساعدي. قال مُوسَى بْن عقبة: مَالِك بْن مَسْعُود هُوَ ابْن البدن. وذكره فِي البدريين، ولم يختلفوا أَنَّهُ شهد بدرا، وأحدا
(2299) مالك بْن نضلة.
ويقال مَالِك بْن عوف بْن نضلة بْن جريج [2] ابن حَبِيب بْن حديد بْن غنم بْن كَعْب بْن عصمة [3] بْن جشم بْن مُعَاوِيَة بْن بَكْر بْن هوازن الْجُشَمِيّ، والد أَبِي الأحوص الْجُشَمِيّ صاحب ابْن مَسْعُود.
روى عَنْهُ ابنه الأحوص، واسمه عوف بْن مَالِك. مِنْ حَدِيثِهِ مَا حَدَّثَنَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ [4] بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْعَيْشِيُّ [5] ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو عبد الله بن محمد بن عبد اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ التُّسْتَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بكر بن عياش، عن
__________
[1] هذه الترجمة من ش وحدها.
[2] في أسد الغابة: خديج
[3] في ش، ع: عصيمة.
[4] في ش، ع: عثمان بن محمد بن عبد الرحمن.
[5] في ش: العتبى.(3/1359)
أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِيهِ مَالِكِ بْنِ نَضْلَةَ، قَالَ: أَبْصَرَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبًا خَلِقًا، فَقَالَ: لَكَ مَالٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ:
أَنْعِمْ عَلَى نَفْسِكَ كَمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْكَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ رَجُلا مَرَّ بِي فَقَرَيْتُهُ، فَمَرَرْتُ بِهِ فَلَمْ يُقْرِنِي أَفَأُقْرِيهِ؟ قَالَ: نعم.
(2300) مالك بْن نمط الهمداني،
ثُمَّ الخارفي، وقيل اليامي. يكنى أَبَا ثور، يقال لَهُ الخارفي، وَهُوَ الوافد ذو المشعار. وفد على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وكتب له كتابا فِيهِ إقطاع، ذكر حديثه أهل الغريب وأهل الأخبار بطوله، لما فِيهِ من الغريب، ورواية أهل الحديث لَهُ مختصرة.
وقد رويناه عَنْ أَبِي إِسْحَاق السبيعي الهمداني قَالَ: قدم وفد همدان على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منهم مَالِك بْن نمط- أَبُو ثور، وَهُوَ ذو المشعار، ومالك بْن أيفع، وصمام بْن مَالِك السلماني، وعميرة بْن مَالِك الخارفي [1] ، فلقوا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرجعه من تبوك، وعليهم مقطعات الحبرات والعمائم العدنية على الرواحل المهرية الأرحبية. ومالك بْن نمط يرتجز بين يدي رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ويقول [2] :
إليك جاوزن سواد الريف ... في هبوات الصيف والخريف
محطمات بحبال الليف
وذكروا لَهُ كلاما كثيرا حسنا فصيحا. فكتب لهم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتابا أقطعهم فِيهِ مَا سألوه. فأمر عليهم مَالِك بْن نمط، واستعمله
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: لم يذكر أبو عمر صمام بن مالك ولا عميرة بن مالك (49) .
[2] سيرة ابن هشام: 4- 269.(3/1360)
على من أسلم من قومه، وأمره بقتال ثقيف، وَكَانَ لا يخرج لهم سرح إلا أغار عَلَيْهِ، وَكَانَ مَالِك بْن نمط شاعرا محسنا فقال:
ذكرت رَسُول اللَّهِ فِي فحمة الدجى ... ونحن بأعلى رحرحان وصلدد [1]
وهن بنا خوص قلائص [2] تعتلي [3] ... بركبانها فِي لاحب متمدد
على كل فتلاء الذراعين جعدة [4] ... تمر بنا مر الهجف الخفيدد [5]
حلفت برب الراقصات إِلَى منى ... صوادر بالركبان من هضب قردد
بأن رَسُول اللَّهِ فينا مصدق ... رسول أتى من عِنْدَ ذي العرش مهتد
لما حملت من ناقة فوق رحلها ... أشد على أعدائه من مُحَمَّد
وأعطى إذا مَا طالب العرف جاءه ... وأمضى لحد المشرفيّ المهنّد
(2301) مالك ابْن نميلة.
ونميلة أمه، وَهُوَ مَالِك بْن ثَابِت الْمُزْنِيّ، من مزينة، حليف لبني مُعَاوِيَة بْن عوف بْن عَمْرو [بْن عوف] [6] بن مالك ابن الأوس. يعد فِي الأنصار، وَهُوَ حليف لهم من مزينة، شهد بدرا، وقتل يَوْم أحد شهيدا. لم يذكره ابْن إِسْحَاق فِي رواية ابْن هِشَام، وذكره إِبْرَاهِيم بْن سَعْد عَنِ ابن إسحاق.
(2302) مالك بْن هبيرة بْن خَالِد بْن مُسْلِم الْكِنْدِيّ.
معدود فِي الشاميين، ومنهم من يعده فِي المصريين. له حديث واحد فِي الصف على الجنازة،
__________
[1] رحرحان وصلدد: موضعان
[2] في السيرة، ش، ع: طلائح.
[3] في السيرة: تغتلى: أي تشتد في سيرها وفي هوامش الاستيعاب: يغتلى، والمغالاة:
المساعدة (49) .
[4] في ش، ع، والسيرة: جسرة.
[5] الهجف: الذكر من النعام. وفيء: الهجيف. والخفيدد: السريع.
[6] من ش، ع.(3/1361)
رواه عنه مرثد بن عبد الله البزنى؟، وَكَانَ أميرا لمعاوية على الجيوش فِي غزو الروم.
(2303) مالك بْن نويرة بْن حَمْزَة اليربوعي التميمي.
قال الطبري: بعث النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالِك بْن نويرة على صدقة بني يربوع. وكان قد أسلم هو وأخوه متمم بْن نويرة الشاعر، فقتل خَالِد بْن الْوَلِيد مالكا- يظن أَنَّهُ ارتد حين وجهه أَبُو بَكْر لقتال أهل الردة. واختلف فِيهِ هل قتله مسلما أو مرتدا؟ وأراه- والله أعلم- قتله خطأ. وأما متمم فلا شك فِي إسلامه [1] .
(2304) مالك بْن يسار السكوني،
ثُمَّ العوفي، شامي، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: إذا سألتم الله فسلوه ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها روى عَنْهُ أَبُو بحرية، مذكور فيمن نزل حمص.
(2305) مالك الهلالي.
رَوَى عَنْهُ ابنه عَبْد اللَّهِ بْن مَالِك فِي أصحاب الأعراف.
باب مجمع
(2306) مجمع بْن جارية بن عامر بن مجمع بن العطاف الأنصاري.
من بني عمرو بن عوف بن مَالِك بْن الأوس، المعدود فِي أهل [2] المدينة، توفي فِي آخر خلافة مُعَاوِيَة. وروى عَنْهُ ابْن أخيه عَبْد الرَّحْمَنِ بْن يَزِيد بْن جارية قال ابْن إِسْحَاق: كَانَ المجمع بْن جارية غلاما حدثا قد جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبوه جارية ممن اتخذ مسجد الصرار. من حديثه عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ مَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ عَنْ [3] عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ عَمِّهِ مجمع بن جارية، قال:
__________
[1] هذه الترجمة من أوحدها.
[2] فيء: يعد في أهل مكة. والمثبت من ش وأسد الغابة.
[3] فيء: بن.(3/1362)
ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: يَقْتُلُهُ ابْنُ مَرْيَمَ بِبَابِ لُدٍّ. قال أَبُو عُمَر: هُوَ أخو زَيْد بْن جارية، وأبو هما يعرف بحمار الدار.
(2307) مجمع بْن يَزِيد بْن جارية ابْن أخي الأول،
وأخو عَبْد الرَّحْمَنِ بْن يَزِيد بْن جارية، أدرك النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَرَوَى: لا يمنع أحدكم أخاه أن يغرز خشبته فِي جداره. مثل حديث أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قصة ذكرها.
حديثه بذلك عِنْدَ ابْن جريج. قيل: إن حديثه هَذَا مرسل، وإنما يروي عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وربما رواه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
باب محجن
(2308) محجن بْن الأدرع الأسلمي.
من ولد أسلم بن أفصى بن حارثه بن عمرو ابن عَامِر. كان قديم الإسلام، وفيه قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ارموا وأنا مع ابْن الأدرع. سكن البصرة، واختط مسجدها وَعُمَر طويلا، يقال:
إنه مات فِي آخر خلافة مُعَاوِيَة. وروى عَنْهُ حَنْظَلَة بْن علي، وعبد الله بْن شقيق العقيلي، ورجاء بْن أبى رجاء
(2309) محجن الديلي،
من بني الديل بْن بَكْر بْن عبد مناة بْن كنانة. معدود فِي أهل المدينة. روى عَنْهُ ابنه بسر [1] بْن محجن، ويقال بشر. قال أَبُو نُعَيْم:
والصواب بسر. وذكر الطحاوي، عن أبى داود البرنسي، عَنْ أَحْمَد بْن صَالِح المصري، قَالَ: سألت جماعة من ولده ومن رهطه فما اختلف علي منهم اثنان أَنَّهُ بشر كما قَالَ الثوري. قال أَبُو عُمَر: مَالِك يَقُول بسر، والثوري يَقُول بشر، والأكثر على مَا قَالَ مالك.
__________
[1] بضم الباء والسين المهملة (أسد الغابة) .(3/1363)
باب محرز
(2310) محرز بْن زهر الأسلمي،
لَهُ صحبة.
(2311) محرز بْن زُهَيْر الأسلمي،
يقال: لَهُ صحبة، حديثه عِنْدَ كَثِير بْن زَيْد، عَنْ أم ولد لَهُ. رَوَى عَنْهُ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِمُحْرِزِ بْنِ زُهَيْرٍ: رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ- أَنَّهَا كَانَتْ تَسْمَعُ مُحْرِزًا مَوْلاهَا يَقُولُ: اللَّهمّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ زَمَنِ الْكَذَّابِينَ قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهُ: وَمَا زَمَنُ الْكَذَّابِينَ؟ قَالَ: زَمَنٌ يَظْهَرُ فِيهِ الْكَذِبُ، فَيَذْهَبَ الَّذِي لا يُرِيدُ أَنْ يَكْذِبَ فَيَتَحَدَّثَ بِحَدِيثٍ لَهُمْ فَإِذَا هُوَ قَدْ دَخَلَ مَعَهُمْ فِي كَذِبِهِمْ. قال علي بْن عُمَر: محرز بْن زُهَيْر لَهُ صحبة.
(2312) محرز بْن عَامِر بْن مَالِك بْن عدي بْن عَامِر بن غنم بن عدي بن النجار الأنصاري.
شهد بدرا.
وتوفي صبيحة اليوم الَّذِي غدا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى أحد فهو معدود فيمن شهد أحدا كذلك، لا عقب له
(2313) محرز القصاب.
أدرك الجاهلية. ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ جِدَّتِهِ أُمِّ مُوسَى- أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ قَالَ: لا يَذْبَحُ لِلْمُسْلِمِينَ إِلا مَنْ يَقْرَأَ أُمَّ الْكِتَابِ، فلم يقرأها إلا محرز القصاب هذا، مولى بني عدي أحد بني ملكان وكان من سبي الجاهلية، فذبح وحده.
(2314) محرز بْن نضلة بْن عَبْد اللَّهِ بْن مُرَّةَ بْن كثير بن غنم بن دودان ابن أَسَد الأسدي.
من بني أَسَد بْن خزيمة، يكنى أَبَا نضلة، حليف لبني عبد شمس، وكانت بنو عبد الأشهل يذكرون أَنَّهُ حليف لهم.(3/1364)
شهد بدرا وأحدا والخندق، وخرج مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى غزوة الغابة بوم السرح حين أغير على نعاج رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ صاحبه ذَلِكَ اليوم، وهي غزوة ذي قرد، سنة ست، فقتله مسعدة بْن حكمة، وَكَانَ يَوْم قتل ابْن سبع وثلاثين أو ثمان وثلاثين سنة. يقال له الأحزم، ويلقب فهبرة، فَقَالَ فِيهِ مُوسَى بْن عقبة: محرز بْن وَهْب، ولم يقل محرز بْن نضلة، وذكره فيمن شهد بدرا من حلفاء بني عبد شمس.
باب مُحَمَّد
(2315) محمد بْن أَبِي بْن كَعْب الأَنْصَارِيّ
ولد على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يكنى أَبَا مُعَاذ، روايته عَنْ أَبِيهِ وعن عُمَر. روى عَنْهُ بشر بْن سَعِيد الحضرمي، والحضرمي بْن لاحق. وقتل يَوْم الحرة سنة ثلاث وستين، كل هذا عن الواقدي
(2316) محمد بْن أسلم.
روى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. حديثه مرسل.
(2317) محمد بْن أنس [1] بْن فَضَالَة الظفري الأَنْصَارِيّ.
روى عَنْهُ ابنه يُونُس بْن مُحَمَّد، قَالَ: قدم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأنا ابْن أسبوعين، فأتى بي إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمسح على رأسي، وَقَالَ: سموه باسمي، ولا تكنوه بكنيتي. قال: وحج بي معه وأنا ابْن عشر سنين. قال يُونُس:
فلقد عُمَر أَبِي حَتَّى شاب شعره كله وما شاب موضع يد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(2318) محمد بْن بشر الأَنْصَارِيّ.
رَوَى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. روى عَنْهُ ابنه يَحْيَى زعم بعضهم أنّ حديثه مرسل.
__________
[1] هذه الترجمة ليست في ش. وفي أسد الغابة: وقيل محمد بن فضالة بن أنس.(3/1365)
(2319) محمد بْن بشير الأَنْصَارِيّ [1] ،
وَهُوَ الَّذِي شهد لخريم بْن أوس مع مُحَمَّد بْن مسلمة عِنْدَ خَالِد بْن الْوَلِيد أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهْب لَهُ الشماء بِنْت نفيلة بعد فتح الحيرة ... الحديث ذكره الدار الدارقطني فِي باب خريم.
(2320) محمد بْن أَبِي بَكْر الصديق،
أمه أَسْمَاء بِنْت عميس الخثعمية، ولد عام حجة الوداع فِي عقب ذي القعدة بذي الحليفة أو بالشجرة فِي حين توجه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى حجته، ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي عَاتِكَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ- أَنَّ عَائِشَةَ سَمَّتْ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ وَكَنَّتْهُ أَبَا الْقَاسِمِ. وذكر أبو حاتم الحنظليّ الرازيّ. حدثنا عبد العزيز ابن عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيُّ، قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَدْ سَمَّى ابْنَهُ الْقَاسِمَ، فَكَانَ يُكَنَّى بِأَبِي الْقَاسِمِ، وَإِنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تُكَنِّيهِ بِهَا، وَذَلِكَ فِي زَمَانِ الصَّحَابَةِ، فَلا يَرَوْنَ بِذَلِكَ بَأْسًا، ثُمَّ كَانَ فِي حَجْرِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، إِذْ تَزَوَّجَ أُمَّهُ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ، وَكَانَ عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ الْجَمَلِ، وَشَهِدَ مَعَهُ صِفِّينَ، ثُمَّ وَلاهُ مِصْرَ، فَقُتِلَ بِهَا، قَتَلَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ [2] صَبْرًا، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ.
ومن خبره أن علي بْن أَبِي طالب ولى فِي هَذِهِ السنة مَالِك بْن الْحَارِث الأشتر النخعي مصر، فمات بالقلزم قبل أن يصل إليها، سم فِي زبد وعسل، قدم بين يديه فأكل منه، فمات، فولى علي مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر، فسار إِلَيْهِ عَمْرو بْن الْعَاص فاقتتلوا، فانهزم مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر، فدخل فِي خربة فيها حمار ميت، فدخل فِي جوفه فأحرق فِي جوف الحمار. وقيل: بل قتله معاوية بن حديج [2]
__________
[1] ليست هذه الترجمة في شن. وبشير- يوزن عظيم، كما في الإصابة.
[2] حديج- بمهملة ثم جيم- مصغر (التقريب) وفي ش. خديج.(3/1366)
فِي المعركة، ثُمَّ أحرق فِي جوف الحمار بعد. ويقال: إنه أتي عَمْرو بْن الْعَاص بمحمد بْن أَبِي بَكْر أسيرا، فَقَالَ: هل معك عهد؟ هل معك عقد من أحد؟
قَالَ: لا. فأمر بِهِ فقتل، وَكَانَ علي بْن أَبِي طالب يثني على مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر ويفضله، لأنه كانت لَهُ عبادة واجتهاد، وَكَانَ ممن حضر قتل عُثْمَان. وقيل:
إنه شارك فِي دمه، وقد نفى جماعة من أهل العلم والخبر أَنَّهُ شارك فِي دمه وأنه لما قَالَ لَهُ عُثْمَان: لو رآك أبوك لم يرض هَذَا المقام منك- خرج عَنْهُ وتركه، ثُمَّ دخل عَلَيْهِ من قتله. وقيل: إنه أشار على من كَانَ معه فقتلوه.
وَرَوَى أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا كِنَانَةُ مَوْلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، وَكَانَ شَهِدَ يَوْمَ الدَّارِ- إِنَّهُ لَمْ يَنَلْ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ بِشَيْءٍ. قال مُحَمَّد بْن طَلْحَة: فقلت لكنانة: فلم قيل إنه قتله؟ قَالَ:
مُعَاذ الله أن يكون قتله، إنما دخل عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَان: يَا بْن أخي، لست بصاحبي، وكلمه بكلام، فخرج ولم ينل من دمه بشيء. فقلت لكنانة: فمن قتله، قَالَ: رجل من أهل مصر يقال لَهُ جبلة بْن الأيهم
(2321) محمد بْن ثَابِت [1] بن قيس بن شماس الأنصاري.
أنى به أبوه إلى النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فسماه محمدا. وحنكه بتمرة عجوة روى عنه ابنه إسماعيل ابن مُحَمَّد، حديثه عِنْدَ زَيْد بْن الْحُبَاب.
(2322) محمد بْن جَعْفَر بْن أَبِي طالب.
ولد على عهد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أمه أَسْمَاء بِنْت عميس، حلق رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم رأسه ورءوس إخوته حين جاء نعي أَبِيهِ جَعْفَر سنة ثمان، ودعا لهم، وَقَالَ: أنا وليهم فِي الدنيا والآخرة. وقال: أما مُحَمَّد فشبيه عمنا أَبِي طالب. ومحمد بْن جَعْفَر بْن أَبِي طالب هَذَا هُوَ الَّذِي تزوج أم كلثوم بِنْت علي بْن أَبِي طالب بعد موت عُمَر بْن الخطاب. قال الْوَاقِدِيّ: كَانَ مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن أَبِي طالب، وَمُحَمَّد ابْن
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: قال ابن عمر: قتل يوم الحرة سنة ثلاث وستين (48) .(3/1367)
الحنفية، وَمُحَمَّد بْن الأَشْعَث، وَمُحَمَّد بْن أَبِي حذيفة كلهم يكنى أَبَا الْقَاسِم، واستشهد مُحَمَّد بْن جَعْفَر بتستر.
(2323) محمد بْن أَبِي جهم بْن حذيفة بْن غنم [1] العدوي.
ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقتل يَوْم الحرة، وذلك سنة ثلاث وستين.
(2324) محمد بْن حاطب بْن الْحَارِث بْن مَعْمَر بن حبيب بن وهب بن حذافة ابن جمح القرشي الْجُمَحِيّ.
ولد بأرض الحبشة، كانت أمه أم جميل فاطمة بِنْت المجلل. وقيل جويرية، [وقيل أَسْمَاء] [2] بِنْت المجلل بْن عَبْد الله بن أبى قيس ابن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل ابن عَامِر بْن لؤي القرشية العامرية، قد هاجرت إليها مع زوجها حاطب، فولدت لَهُ هناك محمدا والحارث ابني حاطب، وَكَانَ مُحَمَّد بْن حاطب يكنى أَبَا الْقَاسِم وقيل: أَبَا إِبْرَاهِيم. توفي فِي خلافة عَبْد الْمَلِكِ بْن مَرَوَان سنة أربع وسبعين بمكة فِي العام الَّذِي توفي فِيهِ عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بمكة. وقيل بالكوفة، وعداده فِي الكوفيين وَقَالَ مصعب: كَانَ ابْن حاطب فِي حين قدومه من أرض الحبشة وَهُوَ صبي قد أصابته نار فِي إحدى يديه وأحرقته، فذهبت بِهِ أم جميل بِنْت المجلل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرقاه ونفث عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بن عثمان ابن إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عُثْمَانُ، عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ جَمِيلٍ أُمِّ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالَتْ: خَرَجْتُ بِكَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، حَتَّى إِذَا كُنْتَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى لَيْلَةٍ أَوْ لَيْلَتَيْنِ طَبَخْتُ لَكَ طَعَامًا، فَتَنَاوَلْتُ الْقِدْرَ، فَانْكَفَأَتْ عَلَى ذِرَاعِكَ، فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، وَأَتَيْتُ بِكَ النبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ، وَهُوَ أول من
__________
[1] في أسد الغابة: غانم. وفي ش: ابن غنم بن غانم.
[2] من أسد الغابة.(3/1368)
سُمِّيَ بِكَ، فَمَسَحَ عَلَى رَأْسِكَ، وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيكَ، وَجَعَلَ يَتْفُلُ عَلَى يَدِكَ، وَيَقُولُ: أَذْهِبِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إِلا شِفَاؤُكَ. شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا قالت: فما قمت بك من عنده حَتَّى برئت يدك.
وقال مصعب: كانت أَسْمَاء بِنْت عميس أرضعت مُحَمَّد بْن حاطب مع ابنها عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَر، فكانا يتواصلان على ذَلِكَ حَتَّى ماتا. روى عَنْهُ أَبُو بلج، وسماك بْن حرب، وَأَبُو عون الثقفي.
(2325) محمد بْن حَبِيب المصري.
ويقال النصري. والصواب المصري [1] .
روى عَنْهُ عَبْد اللَّهِ بْن السعدي مرفوعا: لا تنقطع الهجرة مَا قوتل الكفار.
يختلفون فِي حديثه هَذَا. وروى عَنْهُ أَبُو إدريس الخولاني أَنَّهُ قَالَ: أتيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألته عَنِ الهجرة.
(2326) محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي،
أَبُو الْقَاسِم، ولد بأرض الحبشة على عهد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، أمه سهلة بِنْت سهيل بْن عَمْرو العامرية، قَالَ خليفة بْن خياط:
ولي علي بْن أَبِي طالب مصر مُحَمَّد بْن أَبِي حذيفة، ثُمَّ عزله، وولى قَيْس بْن سَعْد بْن عبادة، ثُمَّ عزله وولى الأشتر مَالِك بْن الْحَارِث النخعي، فمات قبل أن يصل إليها، فولى مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر فقتل بها، وغلب عَمْرو بْن الْعَاص على مصر، وَكَانَ مُحَمَّد بْن أَبِي حذيفة أشد الناس تأليبا على عُثْمَان، وكذلك كَانَ عَمْرو بْن الْعَاص مذ عزله عَنْ مصر يعمل حيله فِي التأليب والطعن على عُثْمَان، وَكَانَ عُثْمَان قد كفل مُحَمَّد بْن أَبِي حذيفة، بعد موت أَبِيهِ أَبِي حذيفة، ولم يزل فِي كفالته ونفقته سنين، فلما قاموا على عُثْمَان كَانَ مُحَمَّد بْن أَبِي حذيفة أحد من أعان عَلَيْهِ، وألب وحرض أهل مصر فلما قتل عثمان
__________
[1] هكذا فيء، وأسد الغابة وتصويب هوامش الاستيعاب (48) . وفي ش: المضري.(3/1369)
هرب إِلَى الشام، فوجده رشدين مولى مُعَاوِيَة فقتله. وقال أهل النسب:
انقرض ولد أَبِي حذيفة وولده أَبِيهِ عُتْبَة إلا من قبل الْوَلِيد بْن عُتْبَة، فإن منهم طائفة بالشام. قال الْوَاقِدِيّ: كَانَ مُحَمَّد ابْن الحنفية، وَمُحَمَّد بْن أَبِي حذيفة، وَمُحَمَّد بْن الأَشْعَث يكنون أبا القاسم.
(2327) محمد بْن حطاب بْن الْحَارِث بْن مَعْمَر القرشي الْجُمَحِيّ،
ابْن عم مُحَمَّد بْن حاطب، أتي بِهِ أيضا من أرض الحبشة بعد أن ولد بها وقيل: إنه ولد قبل خروجهم إِلَى أرض الحبشة، وَهُوَ أسن [1] من مُحَمَّد بْن حاطب.
(2328) محمد بْن حويطب القرشي.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثه عِنْدَ خصيف الخزرجي [2] .
(2329) محمد بْن خثيم
قَالَ ابْن السَّكَن: ولد على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. روى عن عمار بن ياسر
(2330) محمد بْن زَيْد.
رَوَى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أهدى إِلَيْهِ لحم صيد وَهُوَ محرم. روى عَنْهُ عَطَاء بْن أبى رباح [3] .
(2331) محمد بْن صَفْوَان.
أو صَفْوَان بْن مُحَمَّد. كذا يروى على الشك، والأكثر يروون مُحَمَّد بْن صَفْوَان، يكنى أَبَا مرحب، وَهُوَ رجل من الأنصار، لم يحدث عَنْهُ إلا الشَّعْبِيّ حديثه أَنَّهُ قَالَ لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِنِّي صدت هذين الأرنبين، ولم أجد حديدة أذكّيهما بها فذكّيتهما بمروة، فآكلهما؟ قَالَ: كل. ويقال: مُحَمَّد بْن صَفْوَان هَذَا، وَمُحَمَّد بْن صيفي واحد، لأنه لم يحدث عَنْهُمَا غير الشَّعْبِيّ وقيل: إنهما اثنان، وَهُوَ أصح عندي. والله أعلم.
قال أحمد بن زهير: لا أدري من أي الأنصار هما؟ قَالَ الْوَاقِدِيّ: أَبُو مرحب مُحَمَّد بْن صَفْوَان رَوَى عَنْهُ الشَّعْبِيّ فِي الأرنب.
__________
[1] في أسد الغابة: فإن كان كذلك فهو أول من سمى محمدا.
[2] في ش: الجزري. وفي أسد الغابة: الخزري.
[3] في هوامش الاستيعاب: ما لفظه: محمد بن كعب القرظي (49) .(3/1370)
(2332) محمد بْن صيفي بْن أُمَيَّة بْن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي الْمَخْزُومِيّ.
لا رواية لَهُ، فِي صحبته نظر.
(2333) محمد بْن صيفي الأَنْصَارِيّ
لم يرو لَهُ غير الشَّعْبِيّ، حديثه فِي صوم يَوْم عاشوراء، ليس له غيره.
(2334) محمد بْن طَلْحَة بْن عُبَيْد الله القرشي التيمي.
المعروف بالسجاد. أمه حمنة بِنْت جَحْش أخت زينب بنت جحش، أنى بِهِ أبوه طَلْحَة إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمسح رأسه وسماه محمدا، وكناه بأبي الْقَاسِم. وقد قيل: كنيته أَبُو سُلَيْمَان. والصحيح أَبُو الْقَاسِم. رَوَى يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عن أبى شيبة إبراهيم ابن عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلًى لِطَلْحَةَ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ:
حَدَّثَتْنِي ظِئْرُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، قَالَتْ: لَمَّا وُلِدَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ أَتَيْنَا بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟ قُلْنَا: مُحَمَّدًا. فَقَالَ: هَذَا سُمَيِّي، وَكُنْيَتُهُ أَبُو الْقَاسِمِ. ومن قَالَ: كنيته أَبُو سُلَيْمَان احتج بما روي عَنْ مُحَمَّد بْن زَيْد بْن المهاجر بْن قنفذ قَالَ: لما ولد مُحَمَّد بْن طَلْحَة أتى بِهِ أبوه طَلْحَة إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: سمه محمدا، فقال: يا رسول الله، أكنّيه أَبَا الْقَاسِم؟
فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا أجمعهما لَهُ هُوَ أَبُو سُلَيْمَان. وروي عَنْ مُحَمَّد بْن زَيْد بْن المهاجر بْن قنفذ، عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن طَلْحَة، قَالَ: لما ولدت حمنة بِنْت جَحْش مُحَمَّد بْن طَلْحَة بْن عُبَيْد الله جاءت بِهِ إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسماه محمدا، وكناه أَبَا سُلَيْمَان.
وقال أَبُو راشد [1] بْن حفص الزُّهْرِيّ: أدركت أربعة من أبناء أصحاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلهم يسمى محمدا، ويكنى أَبَا القاسم: محمد بن على،
__________
[1] في ش: وقال راشد بن خلف.(3/1371)
وَمُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر، وَمُحَمَّد بْن طَلْحَة، وَمُحَمَّد بْن سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص. وقتل مُحَمَّد بْن طَلْحَة يَوْم الجمل مع أَبِيهِ، وَكَانَ هواه فيما ذكروا مع علي بْن أَبِي طالب، وَكَانَ قد نهى عَنْ قتله فِي ذَلِكَ اليوم، وَقَالَ: إياكم وصاحب البرنس وروى أن عليا مر بِهِ وَهُوَ قتيل يَوْم الجمل، فَقَالَ: هَذَا السجاد ورب الكعبة، هَذَا الَّذِي قتله بره بأبيه، يَعْنِي أن أباه أكرهه على الخروج فِي ذَلِكَ اليوم. وكان طَلْحَة قد أمره أن يتقدم للقتال، فتقدم، ونثل درعه بين رجليه، وقام عليها، وجعل كلما حمل عَلَيْهِ رجل، قَالَ: نشدتك بحاميم، حَتَّى شد عَلَيْهِ رجل فقتله، وأنشد يقول:
وأشعث قوامٍ بآيات ربه ... قليل الأذى فيما ترى العين مُسْلِم
ضممت إِلَيْهِ بالقناة قميصه ... فخر صريعا لليدين وللفم
على غير ذنبٍ غير أن ليس تابعا ... عليا، ومن لا يتبع الحق يظلم
يذكرني حاميم والرمح شاجر ... فهلا تلا حاميم قبل التقدم
ويروي فِي رواية أخرى:
خرقت لَهُ بالرمح جيب قميصه ... فخر صريعا لليدين وللفم
والبيت الرابع:
يناشدني حاميم والرمح شارع.
يقال: قتله رجل من بني أَسَد بْن خزيمة يقال لَهُ كَعْب بْن مدلج. وقيل:
بل قتله شداد بْن مُعَاوِيَة العبسي. وقيل: بل قتله الأشتر. وقيل: بل قتله عصام بْن مقشعر النصري، وَهُوَ قول أكثرهم. وهو الّذي يقول:
وأشعث قوامٍ بآيات ربه ... قليل الأذى فيما ترى العين مُسْلِم
دلفت لَهُ بالرمح من تحت نحره ... فخر صريعا لليدين وللفم
شككت إِلَيْهِ بالسنان قميصه ... فأذريته عَنْ [1] ظهر طرف مسوم
__________
[1] في ش: على.(3/1372)
أقمت لَهُ فِي دفعه الخيل صلبه ... بمثل قدامى النسر حران لهذم
على غير شيءٍ غير أن ليس تابعا ... عليا ومن لا يتبع الحق يظلم
يذكرني حاميم لما طعنته ... فهلا تلا حاميم قبل التقدم
وروينا عَنْ مُحَمَّد بْن حاطب قَالَ: لما فرغنا من قتال يَوْم الجمل قام علي بْن أَبِي طالب، والحسن بْن علي، وعمار بْن يَاسِر، وصعصعة بْن صوحان، والأشتر، وَمُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر، يطوفون فِي القتلى، فأبصر الْحَسَن بْن علي قتيلا مكبوبا على وجهه، فأكبه على قفاه، فَقَالَ: إنا للَّه وإنا إِلَيْهِ راجعون، هَذَا فرع قريش، والله! فَقَالَ لَهُ أبوه: ومن هُوَ يَا بني؟ فَقَالَ: مُحَمَّد بْن طلحة.
فقال: إنا للَّه وإنا راجعون، إن كَانَ- مَا علمته- لشابا صالحا، ثم قعد كثيبا حزينا. فقال لَهُ الْحَسَن: يَا أبت، قد كنت أنهاك عَنْ هَذَا المسير، فغلبك على رأيك فلان وفلان. قال: قد كَانَ ذَلِكَ يا بني، فلوددت أني مت قبل هَذَا بعشرين سنة. روى عَنْهُ ابنه إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن طَلْحَة، وعبد الرحمن بْن أَبِي ليلى. وقال سيف: ادعى قتل مُحَمَّد بْن طَلْحَة جماعة منهم بْن المكعبر الضبي، وغفار بْن المسعر الْبَصْرِيّ [1] .
(2335) محمد بن عبد الله بن جحش بن رياب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بْن مضر،
وَهُوَ من حلفاء بني عبد شمس. وقيل حلفاء حرب بْن أُمَيَّة يكنى أَبَا عَبْد اللَّهِ، كَانَ قد هاجر مع أَبِيهِ وعميه إِلَى أرض الحبشة، ثُمَّ هاجر من مكة إِلَى المدينة مع أَبِيهِ. له صحبة ورواية، وقد ذكرنا أباه وعمه وعماته كلهم فِي مواضعهم من هَذَا الكتاب، والحمد للَّه.
وكان عَبْد اللَّهِ بْن جَحْش قد أوصى بابنه مُحَمَّد هَذَا إِلَى رَسُول اللَّهِ صلى
__________
[1] لعله عصام بن مقشعر النصري المتقدم. وفي ش: النصري.(3/1373)
اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ فاشترى لَهُ مالا بخيبر وأقطعه دارا بسوق الرقيق بالمدينة. وكان مولده قبل الهجرة بخمس سنين- ذكره مُحَمَّد بْن عُمَر. روى عَنْهُ أَبُو كَثِير مولاه حديثا حسنا فِي أن المؤمن لا يدخل الجنة وإن رزق الشهادة حَتَّى يقضي دينه.
(2336) محمد بْن عَبْد اللَّهِ بْن سلام الخزرجي الأَنْصَارِيّ.
حليف لهم، وَهُوَ من بني إسرائيل، ومن ولد يوسف بن يعقوب، كَانَ أبوه من أحبار اليهود من كبار الصحابة، وقد ذكرناه فِي بابه من هَذَا الكتاب، ولابنه مُحَمَّد هَذَا رؤية ورواية محفوظة. روى مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ هَذَا عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أهل قباء. حديثه مخرج فِي التفسير المسند فِي قوله عز وجل [1] : فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا 9: 108 ويختلف فِي إسناد حديثه هَذَا، ومنهم من يجعله مرسلا.
(2337) محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق،
أَبُو عتيق القرشي التيمي.
أدرك النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ وأبوه وجده وأبوه جده أَبُو قحافة أربعتهم، وليست هَذِهِ المنقبة لغيرهم، ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: مَا نَعْلَمُ أَحَدًا فِي الإِسْلامِ أَدْرَكُوا هُمْ وَأَبْنَاؤُهُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةٌ إِلا هَؤُلاءِ الأَرْبَعَةُ: أَبُو قحافة، وابنه أبو بكر، وابنه عبد الرحمن بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَابْنُهُ أَبُو عَتِيقِ بْنُ عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قُحَافَةَ. قال عَبْد الرَّحْمَنِ بْن شيبة: واسم أبى عتيق محمد.
(2338) محمد بْن عبلة.
ذكره عبد الغني فِي المؤتلف والمختلف، وَقَالَ:
لَهُ صحبة [2] .
(2339) محمد بْن عَمْرو بْن حزم الأَنْصَارِيّ.
ولد فِي سنة عشر من الهجرة
__________
[1] سورة التوبة، آية 105.
[2] ليست هذه الترجمة في ش.(3/1374)
بنجران، وأبوه عامل لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقيل: ولد قبل وفاة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بسنتين، سماه أبوه محمدا، وكناه أَبَا سُلَيْمَان، وكتب بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: سمه محمدا، وكنه أَبَا عَبْد الْمَلِكِ، ففعل، فلا تكاد تجد فِي آل عَمْرو بْن حزم مولودا يسمى محمدا إلا وكنيته أَبُو عَبْد الْمَلِكِ.
وكان مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن حزم فقيها، رَوَى عَنْهُ جماعة من أهل المدينة، ويروى عَنْ أَبِيهِ وغيره من الصحابة. وروي عَنْهُ أيضا أَنَّهُ قَالَ: كنت أتكنى أَبَا الْقَاسِم عِنْدَ أخوالي بني ساعدة، فنهوني فحولت كنيتي إِلَى أَبِي عَبْد الْمَلِكِ.
قتل يَوْم الحرة، وَهُوَ ابْن ثلاث وخمسين سنة، وكانت الحرة سنة ثلاث وستين. ويقال: إنه قتل يَوْم الحرة مع مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن حزم ثلاثة عشر رجلا من أهل بيته، يقال: إنه كَانَ أشد الناس على عُثْمَان المحمدون:
مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر، مُحَمَّد بْن أَبِي حذيفة، وَمُحَمَّد بْن عَمْرو بن حزم.
(2340) محمد بْن عَمْرو بْن الْعَاص، القرشي السهمي.
قال العدوي: صحب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتوفي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حدث. قال الْوَاقِدِيّ:
شهد صفين، وقاتل فيها، ولم يقاتل أخوه عَبْد اللَّهِ. وقال الزُّبَيْر مثل ذَلِكَ، وَقَالَ: لا عقب لمحمد بْن عَمْرو بْن الْعَاص. وَذُكِرَ عَنِ الْمَوْصِلِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَبْلَى مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِصِفِّينَ، وَقَالَ فِي ذَلِكَ أبيات شعر:
ولو شهدت جمل مقامي ومشهدي ... بصفين يوما شاب منها الذوائب
غداة أتى أهل العراق كأنهم ... من البحر لج موجه متراكب
وجئناهم نمشي كأن صفوفنا ... سحائب جونٍ رققتها الجنائب
فقالوا لنا: إنا نرى أن تبايعوا ... عليا فقلنا: بل نرى أن تضاربوا(3/1375)
فطارت إلينا بالرماح كماتهم ... وطرنا إليهم فِي الأكف قواضب
إذا مَا أقول استهزموا عرضت لنا ... كتائب منهم وارجحنت كتائب
فلا هم يولون الظهور فيدبروا ... ونحن كما هم نلتقي ونضارب
(2341) محمد بْن أَبِي عميرة [1] الْمُزْنِيّ
سكن الشام روى عنه جبير بن؟ فير، يروي عَنْ كبار الصحابة أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْرُورٍ الْعَبْشَانِيُّ بِالْقَيْرَوَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُعَتِّبٍ [2] قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرَةَ- وَكَانَ مِنْ أَصْحَاب رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: لَوْ أَنَّ عَبْدًا خَرَّ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ يَوْمِ وُلِدَ إِلَى أَنْ يَمُوتَ هَرِمًا فِي طَاعَةِ اللَّهِ لَحَقَّرَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ [3] ، وَلَوْ أَنَّهُ يُعَادُ لكيما يَزْدَادُ مِنَ الأَجْرِ وَالثَّوَابِ.
(2342) محمد بْن كَعْب بْن مَالِك الأَنْصَارِيّ،
من بني جشم بْن الخزرج.
ذكر التِّرْمِذِيّ، عَنْ قتيبة- أَنَّهُ ولد فِي زمان النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذكره ابْن السَّكَن، وَقَالَ: ذكر فِي بعض الروايات أَنَّهُ أدرك النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسأله عَنْ حديث، وإسناده صَالِح، وساقه إِلَى عَبْد اللَّهِ بْن كَعْب، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو أمامة، قَالَ: كنت أنا وأبوك كَعْب وأخوك مُحَمَّد بْن كَعْب قعودا، ونحن نذكر الرجل يحلف على مال الآخر كاذبا، فيقتطعه بيمينه، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: أيما رجل حلف على مال رجل كاذبا فاقتطعه بيمينه فقد برئت منه الذمة، ووجبت لَهُ النار فَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب: وإن كَانَ قليلا؟
قَالَ: فقلب سواكا بين إصبعيه، وقال: وإن كان سواك أراك.
__________
[1] عميرة- بفتح العين وكسر الميم (أسد الغابة) .
[2] في ش: مغيث.
[3] في أسد الغابة: لحقر ذلك يوم القيامة. وفي ش: لحقره ذلك اليوم.
(ظهر الاستيعاب ج 3- م 13)(3/1376)
(2343) محمد بْن كَعْب القرظي.
يكنى أَبَا حَمْزَة. قال التِّرْمِذِيّ: سمعت قتيبة يَقُول: بلغني أن مُحَمَّد بْن كَعْب القرظي ولد فِي حياة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(2344) محمد بْن مسلمة الأَنْصَارِيّ الحارثي،
يكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ. ويقال:
بل يكنى أَبَا عَبْد اللَّهِ. وهو مُحَمَّد بْن مسلمة [بْن سَلَمَة] [1] بْن خَالِد بن عدي ابن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بْن عَمْرو بْن مَالِك بْن الأوس، حليف لبني عبد الأشهل، شهد بدرا والمشاهد كلها، ومات بالمدينة، ولم يستوطن غيرها، وكانت وفاته بها فِي صفر سنة ثلاث وأربعين. وقيل: سنة ست وأربعين. وقيل: سنة سبع وأربعين، وَهُوَ ابْن سبع وسبعين سنة، وصلى عَلَيْهِ مَرَوَان بْن الحكم، وَهُوَ يومئذ أمير على المدينة.
يقال: كَانَ أسمر شديد السمرة، طويلا أصلع ذا جثة. وكان مُحَمَّد بْن مسلمة من فضلاء الصحابة. وهو أحد الذين قتلوا كَعْب بْن الأشرف، واستخلفه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المدينة فِي بعض غزواته. وقيل: استخلفه فِي غزوة قرقرة الكدر، وقيل: إنه استخلفه عام تبوك. واعتزل الفتنة واتخذ سيفا من خشب، وجعله فِي جفن، وذكر أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره بذلك، ولم يشهد الجمل ولا صفين، وأقام بالربذة. وقد تقدم [2] فِي باب أُسَامَة بْن زَيْد أن الذين قعدوا فِي الفتنة: سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص، وعبد الله بْنُ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْد. وقد قيل: إنه الَّذِي قتل مرحبا اليهودي بخيبر. وقيل: قتله الزُّبَيْر. والصحيح الَّذِي عَلَيْهِ أكثر أهل السير وأهل الحديث أن عليا هُوَ الَّذِي قتل مرحبا اليهودي بخيبر. يقال: إنه كَانَ لمحمد بْن مسلمة من الولد عشرة ذكور وست بنات.
__________
[1] ليس في أسد الغابة.
[2] صفحة 75.(3/1377)
باب محمود
(2345) محمود بْن الربيع بْن سراقة الخزرجي الأَنْصَارِيّ،
من بني عبد الأشهل.
وقيل: إنه من بني الْحَارِث بْن الخزرج، وقيل: إنه من بني سَالِم بْن عوف، يكنى أَبَا نُعَيْم. وقيل: يكنى أَبَا مُحَمَّد. معدود فِي أهل المدينة. قال إِبْرَاهِيم بْن المنذر: مات سنة سبع وتسعين وهو ابن ثلاث وتسعين سنة.
قال أَبُو عُمَر: عقل عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مجة مجها من دلو من بئرهم، وحفظ ذَلِكَ عَنْهُ، وَهُوَ ابْن أربع سنين أو خمس سنين. وحدث عَنْهُ أنس بْن مَالِك حديث عتبان وقيل: مات مَحْمُود بْن الربيع سنة ست وتسعين، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ مُسْهِرٌ [1] ، وقال: محمد بن على ابن مَرَوَانَ: أَبُو مُسْهِرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ يَزْعُمُ أَنَّهُ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ، وَزَعَمَ أَنَّهُ عَقِلَ مَجَّةً مَجَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِهِ مِنْ دَلْوٍ مُعَلَّقٍ فِي بِئْرِهِمْ. وروى عَنْهُ ابْن شهاب ورجاء بْن حيوة أَبُو المقدام.
(2346) محمود بْن رَبِيعَة،
رجل من الأنصار، مخرج حديثه عَنْ أهل مصر وأهل خراسان فِي كالئ المرأة والدين الَّذِي لا يؤدى.
(2347) محمود بْن لبيد بْن رَافِع بْن امرئ القيس بْن زَيْد الأَنْصَارِيّ الأشهلي.
من بني عبد الأشهل ولد على عهد رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد حدث عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأحاديث، منها أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أحب الله عبدا حماه الدنيا كما يحمي أحدهم سقيمه الماء. ذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن الغسيل، عن عاصم بن عمر،
__________
[1] في ش: أبو مسهر.(3/1378)
عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: كُسِفَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّاسُ: كُسِفَتِ الشَّمْسُ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِمْ، فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى أَمَّنَا فِي الْمَسْجِدِ، فَأَطَالَ الْقِيَامَ ... وذكر الحديث.
وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ عبد الرحمن بن الغسيل، عن عاصم بن عُمَرَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، قَالَ: أَسْرَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَا حَتَّى انْقَطَعَتْ نِعَالُنَا يَوْمَ مَاتَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ. وَأَدْخَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي الْمُسْنَدِ. وذكره الْبُخَارِيّ بعد مَحْمُود بْن الربيع فِي أول باب مَحْمُود، وذكر ابْن أَبِي حَاتِم أن الْبُخَارِيّ قَالَ لَهُ صحبة. قال: وَقَالَ: إِنِّي لا أعرف لَهُ صحبة.
قال أَبُو عُمَر: قول الْبُخَارِيّ أولى، وقد ذكرنا من الأحاديث مَا يشهد لَهُ، وَهُوَ أولى بأن يذكر فِي الصحابة من مَحْمُود بْن الربيع، فإنه أسن منه. وذكره مُسْلِم فِي الطبقة الثانية منهم، فلم يصنع شيئا، ولا علم منه مَا علم غيره.
وكان مَحْمُود بْن لبيد أحد العلماء، وَرَوَى مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ: وُلِدَ مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ عَلَى عَهْدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومات سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بن أبى عمرو، عن عاصم ابن عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّ اللَّهَ يَحْمِي عِبَادَهُ الدُّنْيَا كَمَا تَحْمُونَ مرضاكم الطعام والشراب تحافون عليهم.
(2348) محمود بْن مسلمة،
أخو مُحَمَّد بْن مسلمة الأَنْصَارِيّ قد تقدم ذكر نسبه عِنْدَ ذكر أخيه. شهد مَحْمُود بْن مسلمة أحدا والخندق وخيبر، وقتل(3/1379)
بخيبر، أدلى عَلَيْهِ مرحب رحى، فأصابت رأسه، فهشمت البيضة رأسه، وسقطت جلدة جبينه على وجهه، فأتى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرد الجلدة فعادت كما كانت، وعصبها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بثوبه فمكث ثلاثة أيام ومات. وذكر مُوسَى بْن عقبة، عَنِ ابْن شهاب- أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ- فيما زعموا، والله أعلم، يومئذ: لَهُ أجر شهيدين. روى عَنْهُ جَابِر بْن عَبْد اللَّهِ.
باب مخرمة
(2348) مخرمة بْن شريح الحضرمي.
حليف لبني عبد شمس. استشهد يَوْم اليمامة. ذكر اللَّيْث، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ مَخْرَمَةَ بْنَ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيَّ ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فقال: ذلك رجل لا يتوسد القرآن.
(2349) مخرمة بْن نوفل بْن أهيب بْن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري.
أمه رقيقة بِنْت أَبِي صيفي بْن هاشم بن عبد مناف، وهو والد المسور ابن مخرمة، كَانَ من مسلمة الْفَتْح، وَكَانَ لَهُ سن وعلم بأيام قريش، كَانَ يؤخذ عَنْهُ النسب، وَكَانَ أحد علماء قريش، يكنى أَبَا صَفْوَان. وقيل:
أَبَا المسور بابنه المسور. وقيل: أَبُو الأسود. وَأَبُو صَفْوَان أكثر. رَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، قَالَ:
قَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَبِي: يَا أَبَا صَفْوَانَ- فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ، وكان نبيها، أبيا، شهد حنينا، وَهُوَ أحد المؤلفة قلوبهم، وممن حسن إسلامه منهم، وأحد الذين نصبوا أعلام الحرم لعمر. مات بالمدينة زمن مُعَاوِيَة سنة ربع وخمسين، وقد بلغ مائة سنة وخمس عشرة سنة، وكف بصره فِي زمن عُثْمَان. يعد فِي أهل الحجاز.(3/1380)
باب مخشى
(2350) مخشي بْن حمير الأشجعي.
حليف لبني سَلَمَة من الأنصار، كَانَ من المنافقين، وسار مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى تبوك حين أرجفوا برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، ثُمَّ تاب وحسنت توبته، وسمي عَبْد الرَّحْمَنِ، وسأل الله أن يقتله شهيدا. لا يعلم مكانه، فقتل يَوْم اليمامة، فلم يوجد له أثر.
(2351) مخشى بن وبرة
يقال وبرة بْن مخشي ويقال: وبرة بْن يحنس، وَهُوَ الأولى عندهم بالصواب، كَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد بعثه إِلَى الأبناء باليمن.
باب مدرك
(2352) مدرك بْن الْحَارِث العامري.
روى عَنْهُ الْوَلِيد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ الجرشي أَنَّهُ حج مع أَبِيهِ فِي بدء الإسلام، فذكر قصة زينب بِنْت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ ناولت أباها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القدح وهي تبكي، وهي مكشوفة النحر، فَقَالَ لَهَا: خمري عليك نحرك، فلن تخافي على أبيك غلبةً ولا ذلا بعد اليوم. ويروى: غيلة ولا ذلا. وذكر الحديث بتمامه رَضِيَ اللَّهُ عنه.
(2353) مدرك بْن عُمَارَة،
أتى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليبايعه، فقبض يده عَنْهُ لخلوق رآه فيها، فلما غسله بايعه. في حديثه هَذَا اضطراب، وفي صحبته نظر، فإن كَانَ مدرك بْن عُمَارَة بْن عقبة بْن أَبِي معيط فلا تصح لَهُ صحبة ولا لقاء ولا رواية. وحديثه هَذَا لا أصل لَهُ، وإنما روي ذَلِكَ فِي أَبِيهِ عُمَارَة، ولا يصح ذَلِكَ أيضا، وقد أوضحت [1] ذَلِكَ فِي باب الْوَلِيد بْن عقبة
(2354) مدرك بْن عوف الْبَجَلِيّ.
مختلف فِي صحبته واتصال حديثه. روى عَنْهُ قَيْس بْن أَبِي حَازِم وقيس، يروي عَنْ كبار الصحابة، ويروي مدرك هَذَا عَنْ عمر بن الخطاب.
__________
[1] سيأتي على حسب الترتيب الجديد للكتاب.(3/1381)
(2355) مدرك الغفاري،
جد خَالِد بْن الطفيل بْن مدرك، لَهُ صحبة.
باب مرة
(2356) مرة بْن الْحُبَاب بْن عدي بْن الجد بْن العجلان البلوي الأَنْصَارِيّ،
من بلي، حليف لبني عَمْرو بْن عوف. وقال الطبري: مرة بْن الْحُبَاب ابن العجلان: شهد أحدا مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وقال ابن الكلبي [1] : مرة ابن الْحُبَاب بْن عدي بْن العجلان شهد بدرا مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقاله غير ابْن الكلبي أيضا.
(2357) مرة بْن سراقة،
أحد النفر الذين قتلوا بحنين من المسلمين شهيدا.
(2358) مرة بْن عَمْرو بْن حَبِيب القرشي الفهري. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا: أنا وكافل اليتيم كهاتين فِي الجنة. روت عنه ابنته أم سعد.
يعد فِي أهل المدينة.
(2359) مرة بْن كَعْب البهزي،
من بهز بن الحارث بن سليم بْن مَنْصُور، نزل البصرة، ثُمَّ نزل بالشام. وقد قيل: إن اسم البهزي هَذَا كَعْب بْن مُرَّةَ.
والصحيح- والله أعلم- مرة بْن كَعْب. وقد قيل: إنهما اثنان، وليس بشيء.
وتوفى مرّة ابن كَعْب البهزي بالأردن سنة سبع وخمسين. روى فِي فضل عُثْمَان.
روى عَنْهُ أَبُو الأَشْعَث الصنعاني، وجبير بْن نُفَيْر، وعبد الله بْن شقيق.
(2360) مرة العامري،
والد يعلى بْن مُرَّةَ، كوفي، لَهُ ولابنه يعلى بْن مُرَّةَ صحبة ورواية، وَهُوَ مرة بْن وهيب [2] بْن جَابِر.
باب مرارة
(2361) مرارة بْن رَبِيعَة.
ويقال ابْن ربيع العمري الأنصاري. من بنى عمرو
__________
[1] وفي أسد الغابة: وقال الكلبي وغيره: إنه شهد بدرا أيضا.
[2] في ى: وهب.(3/1382)
ابن عوف، شهد بدرا، وَهُوَ أحد الثلاثة الذين تخلفوا عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غزوة تبوك، وتاب الله عليهم، ونزل القرآن فِي شأنهم.
(2362) مرارة بْن مربع.
صحب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ أخو زَيْد بْن مربع، وعبد الرحمن بْن مربع بْن قيظي بْن عَمْرو من بني حارثة من الأنصار، وَكَانَ أبوهم مربع بْن قيظي أحد المنافقين، وَهُوَ الأعمى القائل: لو كنت نبيا مَا دخلت حائطي بغير إذني.
باب مرثد
(2363) مرثد بْن الصلت الْجُعْفِيّ.
سكن البصرة، وعن اهلها يخرج حديثه روى عَنْهُ ابنه عَبْد الرَّحْمَنِ بْن مرثد بْن الصلت الْجُعْفِيّ أَنَّهُ وفد على رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فسأله عَنْ مس الذكر، فَقَالَ: إنه هُوَ بضعة منك
(2364) مرثد بْن أَبِي مرثد الغنوي.
اسم أَبِي مرثد كناز [1] بْن حُصَيْن. ويقال ابْن حصن. وقد تقدم ذكره فِي باب الكاف [2] ، ونسبناه هناك إِلَى غني بْن يعصر بن سعد بن قيس بن عيلان بْن مضر. شهد مرثد وأبوه أَبُو مرثد جميعا بدرا، كانا حليفين لحمزة بْن عبد المطلب، آخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينه وبين أوس بْن الصامت أخي عبادة بن الصامت، وشهد مرثد بدرا وأحدا، وقتل يَوْم الرجيع شهيدا، أمره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على السرية التي وجهها معه إِلَى مكة، وذلك فِي صفر على رأس ستة وثلاثين شهرا من مهاجر رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم إلى المدينة.
وزعم بن إِسْحَاق أن مرثد بْن أَبِي مرثد الغنوي أمره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على السرية التي بعث فيها عَاصِم بْن ثابت بن أبى الأقلح، وخبيب ابن عدي، إِلَى عضل والقارة وبني لحيان، وذلك فِي آخر سنة الهجرة، وكانوا سبعة نفر، منهم مرثد هَذَا، وَهُوَ كَانَ الأمير عليهم فيما ذكر ابن إسحاق.
__________
[1] بنون ثقيلة وزاي (الإصابة) .
[2] صفحة 1333.(3/1383)
وذكر مَعْمَر، عَنِ ابْن شهاب- أن أميرهم كَانَ عَاصِم بْن ثَابِت بْن أَبِي الأقلح.
والستة: مرثد بْن أَبِي مرثد، وعاصم بْن ثَابِت بْن أَبِي الأقلح، وخبيب بْن عدي، وخالد بْن البكير، وزيد بْن الدثنة، وعبد الله بْن طارق حليف بني ظفر، كَانَ هؤلاء الستة قد بعثوا إِلَى عضل والقارة ليفقهوهم فِي الدين، ويعلموهم القرآن وشرائع الإسلام، فغدروا بهم، واستصرخوا عليهم هذيلا، وقتل حينئذ مرثد بْن أَبِي مرثد، وعاصم، وخالد، وقاتلوا حَتَّى قتلوا، وألقى خبيب وعبد الله وزيد بأيديهم، فأسروا. وقد ذكرنا خبر كل واحد منهم فِي موضعه من هَذَا الكتاب.
من حديث مرثد الغنوي عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: إن سركم أن تقبل صلاتكم فليؤمكم خياركم، فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم. رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الأَسْلَمِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، عَنِ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّامِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ، وَكَانَ بَدْرِيًّا أَن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن سركم أن تقبل صلاتكم فليؤمكم خياركم، فإنهم وَفْدُكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ. قال أَبُو عُمَر: هكذا فِي هَذَا الحديث بهذا الإسناد، عَنِ الْقَاسِم أَبِي عَبْد الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مرثد بْن أَبِي مرثد. وهو عندي وهم وغلط، لأنه قد قتل فِي حياة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومغازيه، لم يدركه الْقَاسِم المذكور ولا رآه، فلا يجوز أن يقال فِيهِ حَدَّثَنِي، لأنه منقطع أرسله الْقَاسِم أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ، عَنْ مرثد بْن أَبِي مرثد هَذَا، إلا أن يكون رجل آخر وافق اسمه اسم أبيه، وشهد أيضا بدرا.
وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَخْنَسِ، عَنْ عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ، وَكَانَ يَحْمِلُ الأَسْرَى مِنْ مَكَّةَ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِمُ الْمَدِينَةَ، قَالَ: وَكَانَ بِمَكَّةَ بَغِيٌّ يُقَالُ لَهَا عَنَاقُ، وَكَانَتْ(3/1384)
صَدِيقَةٌ لَهُ، وَكَانَ وَعَد رَجُلا أَنْ يَحْمِلَهُ مِنْ أَسْرَى مَكَّةَ، قَالَ: فَجِئْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ مَكَّةَ فِي لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ، فَجَاءَتْ عَنَاقُ فَأَبْصَرَتْ سَوَادَ ظِلِّي بِجَانِبِ الْحَائِطِ، فَلَمَّا انْتَهَتْ إِلَيَّ عَرَفَتْنِي فَقَالَتْ: مَرْثَدٌ! قُلْتُ: مَرْثَدٌ! قَالَتْ:
مَرْحَبًا وَأَهْلا، هَلُمَّ فَبِتْ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ. قَالَ: قُلْتُ: يَا عَنَاقُ، إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الزِّنَا قَالَتْ: يَا أَهْلَ الْخِبَاءِ، هَذَا الَّذِي يَحْمِلُ الأَسْرَى. قَالَ: فَاتَّبَعَنِي ثَمَانِيَةُ رِجَالٍ وَسَلَكْتُ الْخَنْدَمَةَ [1] حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى كَهْفٍ أَوْ غَارٍ، فَدَخَلْتُهُ، وَجَاءُوا حَتَّى قَامُوا عَلَى رَأْسِي، وَأَعْمَاهُمُ اللَّهُ عَنِّي، ثُمَّ رَجَعُوا وَرَجَعْتُ إِلَى صَاحِبِي، فَحَمَلْتُهُ، وَكَانَ رَجُلا ثَقِيلا حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى الإِذْخَرِ، فَفَكَكْتُ عَنْهُ كَبْلَهُ، ثُمَّ جَعَلْتُ أَحْمِلُهُ حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقلت:
يا رسول الله، أنكح عناقا؟ فَأَمْسَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ شَيْئًا حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةَ [2] : الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مشركة ...
الآية. فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ وَقَالَ: لا تَنْكِحْهَا. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الأَخْنَسِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، رَوَى عَنْ جَدِّهِ- أَنَّ مرثد الْغَنَوِيَّ كَانَ يَحْمِلُ الأَسَارَى بِمَكَّةَ، وَكَانَ بِمَكَّةَ بَغِيٌّ يُقَالُ لَهَا عَنَاقُ، وَكَانَتْ صَدِيقَتَهُ، قَالَ: جِئْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقُلْتُ: يا رسول الله، أنكح عناقا؟ قَالَ: فَسَكَتَ عَنِّي، وَنَزَلَتْ [2] :
الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زانية ... الآية، فَدَعَانِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَرَأَهَا عَلَيَّ، وَقَالَ: لا تَتَزَوَّجَهَا. قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَأَبُو مَعْمَرٍ، قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قال
__________
[1] الخندمة: جبل بمكة.
[2] سورة النور، آية 3.(3/1385)
رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يَنْكِحُ الزَّانِي الْمَجْلُودُ فِي حَدٍّ إِلا مِثْلَهُ. وَقَالَ أَبُو مَعْمَر: حَدَّثَنَا حَبِيب المعلم، عَنْ عمرو بن شعيب.
(2365) مرثد بْن وداعة،
أَبُو قتيلة، الْكِنْدِيّ. ويقال الْجُعْفِيّ. ويقال: إنه من ساكني مصر. له صحبة فيما ذكر الْبُخَارِيّ. وقال أَبُو حَاتِم الرازي: ليست لَهُ صحبة، وإنما يروي عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن حَوَالَةَ. وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرِيزٌ، سَمِعَ حُمَيْدَ بْنَ يَزِيدَ الرَّحْبِيَّ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا قُتَيْلَةَ مَرْثَدَ بْنَ وَدَاعَةَ صَاحِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، وَرُبَّمَا قَتَلَ الْبَرْغُوثَ فِي الصَّلاةِ. وذكره مُسْلِم بْن الْحَجَّاج فِي التابعين.
باب مرداس
(2366) مرداس بْن عُرْوَة،
لَهُ صحبة. روى عَنْهُ زِيَاد بْن عَلْقَمَة.
(2367) مرداس بْن مَالِك الأسلمي،
كَانَ ممن بايع تحت الشجرة ثُمَّ سكن الكوفة، وَهُوَ معدود فِي أهلها. روي عَنْهُ حديث واحد ليس لَهُ غيره- أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يقبض الصالحون الأول فالأول، وتبقى حثالة كحثالة التمر، رَوَى عَنْهُ قَيْس بْن أَبِي حَازِم
(2368) مرداس بْن أَبِي مرداس،
وَهُوَ مرداس بْن عقفان التميمي العنبري. له صحبة، قَالَ: أتيت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فدعا لي بالبركة، روى عَنْهُ ابنه بَكْر بْن مرداس.
(2369) مرداس بْن نهيك الفزاري،
فِيهِ نزلت [1] . وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً ... 4: 94 الآية، كَانَ يرعى غنما لَهُ فهجمت عَلَيْهِ سرية رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفيها أُسَامَة بْن زَيْد، وأميرها سَلَمَة بْن الأكوع، فلقيه أُسَامَة وألقى إِلَيْهِ السلام، وَقَالَ: السلام عليكم، أنا مؤمن، فحسب أُسَامَة أَنَّهُ ألقى إِلَيْهِ السلام متعوذا، فقتله، فأنزل الله عز وجل [1] : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا 4: 94
__________
[1] سورة النساء، آية 93.(3/1386)
ضَرَبْتُمْ في سَبِيلِ الله فَتَبَيَّنُوا ... 4: 94 الآية. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تحبّ أُسَامَة ويحب أن يثني الناس عَلَيْهِ خيرا إذا بعثه بعثا، وَكَانَ مع ذَلِكَ يسأل عَنْهُ، فلما قتل هَذَا المسلم مرداسا لم تكتم السريّة ذلك عن رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما أعلنوه بذلك رفع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسه إِلَى أُسَامَة، فَقَالَ لَهُ: كيف أنت ولا إله إلا الله! فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ، إنما قالها متعوذا. فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هلا شققت عَنْ قلبه، فنظرت إِلَيْهِ، فأنزل الله هَذِهِ الآية، وأخبر أَنَّهُ إنما قتله من أجل عرض الدنيا: غنيمته، وجمله، فحلف أُسَامَة ألا يقاتل رجلا يَقُول: لا إله إلا الله أبدا. هذا فِي تفسير السدي، وتفسير ابْن جريج، عَنْ عكرمة. وفي تفسير سَعِيد عَنْ قَتَادَة وقاله غيرهم أيضا. ولم يختلفوا فِي أن المقتول يومئذ الَّذِي ألقى إِلَيْهِ السلام، وَقَالَ: إِنِّي مؤمن- رجل يسمى مرداسا، واختلفوا فِي قاتله، وفي أمير تلك السرية اختلافا كثيرا، وقد ذكرنا جملته في باب محكم بْن جثامة من هَذَا الكتاب [1] .
باب مَرْوَان
(2370) مروان بْن الحكم بْن أَبِي الْعَاص بْن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي.
يكنى أَبَا عَبْد الْمَلِكِ. ولد على عهد رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنة اثنتين من الهجرة. وقيل: عام الخندق. وقال مَالِك: ولد مَرَوَان بْن الحكم يَوْم أحد. وقال غيره: ولد مَرَوَان بمكة. ويقال: ولد بالطائف، فعلى قول مَالِك توفي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْن ثمان سنين أو نحوها، ولم يره لأنه خرج إِلَى الطائف طفلا لا يعقل، وذلك أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قد نفى أباه الحكم إليها، فلم يزل بها حَتَّى ولي عُثْمَان بْن عَفَّان، فرده عُثْمَان، فقدم المدينة هُوَ وولده فِي خلافة عُثْمَان، وتوفي أبوه فاستكتبه عثمان، وكتب له،
__________
[1] سيأتي على حسب الترتيب الجديد للكتاب في الأفراد.(3/1387)
فاستولى عَلَيْهِ إِلَى أن قتل عُثْمَان، ونظر إِلَيْهِ علي يوما. فقال لَهُ: ويلك وويل أمة مُحَمَّد منك، ومن بنيك إذا ساءت درعك! وَكَانَ مَرَوَان يقال لَهُ خيط باطل، وضرب بِهِ يَوْم الدار على قفاه، فجرى لقبه، فلما بويع لَهُ بالإمارة قَالَ فِيهِ أخوه عبد الرحمن بن الحكم- وكان ما جنا شاعرا محسنا، وَكَانَ لا يرى رأي مَرَوَان:
فو الله مَا أدري وأني لسائل ... حليلة مضروب القفا كيف يصنع
لحا الله قوما أمروا خيط باطل ... على الناس يعطي مَا [1] يشاء ويمنع
[وقيل: إنما قَالَ لَهُ أخوه عَبْد الرَّحْمَنِ ذَلِكَ حين ولاه مُعَاوِيَة أمر المدينة] [2] ، وَكَانَ كثيرا ما يهجوه. ومن قوله فيه:
وهبت نصيبي فيك يَا مرو كله ... لعمرو ومروان الطويل وخالد
فكل ابْن أم زائد غير ناقص ... وأنت ابْن أم ناقص غير زائد
وقال مَالِك بْن الريب يهجو مَرَوَان:
لعمرك مَا مَرَوَان يقضي أمورنا ... ولكنما تقضي لنا بِنْت جَعْفَر
فيا ليتها كانت علينا أميرةً ... وليتك يَا مَرَوَان أمسيت آخر [3]
وكان مُعَاوِيَة لما صار الأمر إِلَيْهِ ولاه المدينة، ثم جمع له إلى المدينة مكة والطائف، ثُمَّ عزله عَنِ المدينة سنة ثمان وأربعين، وولاها سَعِيد بْن أَبِي الْعَاص، فأقام عليها أميرا إِلَى سنة أربع وخمسين، ثُمَّ عزله، وولى مَرَوَان، ثُمَّ عزله، وولى الْوَلِيد بْن عُتْبَة، فلم يزل واليا على المدينة حَتَّى مات مُعَاوِيَة وولى يَزِيد، فلما كف الْوَلِيد بْن عُتْبَة عَنِ الْحُسَيْن وَابْن الزُّبَيْر فِي شأن البيعة ليزيد، وَكَانَ الْوَلِيد رحيما حليما سريا، عزله وولى يَزِيد عَمْرو بْن سَعِيد الأشدق، ثُمَّ عزله وصرف الْوَلِيد بْن عُتْبَة، ثُمَّ عزله، وولى عُثْمَان بْن محمد بن أبى سفيان، وعليه قامت
__________
[1] في ش: من.
[2] من ش.
[3] في ش: ذاخر.(3/1388)
الحرّة، ثم لما مات يزيد، وولىّ ابنه أَبُو ليلى مُعَاوِيَة بْن يَزِيد، وذلك سنة أربع وستين. عاش بعد أَبِيهِ يَزِيد أربعين ليلة، ومات وَهُوَ ابْن إحدى وعشرين سنة، وَكَانَ موته من قرحة يقال لَهَا السكتة، وكانت أمه أم خَالِد بِنْت هاشم ابن عُتْبَة بْن رَبِيعَة، وقالت لَهُ: اجعل الخلافة من بعدك لأخيك، فأبى، وَقَالَ:
لا يكون لي مرها ولكم حلوها، فوثب مَرَوَان حينئذ عليها وأنشد:
إِنِّي أرى فتنةً تغلي مراجلها ... والملك بعد أَبِي ليلى لمن غلبا
ثم التقى هُوَ والضحاك بْن قَيْس بمرج راهط على أميال من دمشق، فقتل الضحاك، وَكَانَ مَرَوَان قد تزوج أم خَالِد بْن يَزِيد ليضع منه، فوقع بينه وبين خَالِد يوما كلام، فَقَالَ لَهُ مَرَوَان- واغلظ لَهُ فِي القول: اسكت يَا بْن الرطبة. فقال لَهُ خَالِد: مؤتمن خائن. فندم مَرَوَان، وَقَالَ: مَا أدى الأمانة إذا أؤتمن، ثُمَّ دخل خَالِد على أمه فَقَالَ لَهَا: هكذا أردت، يَقُول لي مَرَوَان على رءوس الناس كذا وكذا! فقالت لَهُ: اسكت، لا ترى بعد منه شيئا تكرهه، وسأقرب عليك مَا بعد، فسمته، ثُمَّ قامت إِلَيْهِ مع جواريها فغممته حَتَّى مات، فكانت خلافته تسعة أشهر وقيل عشرة أشهر.
ومات فِي صدر رمضان سنة خمس وستين، وَهُوَ ابْن ثلاث وستين. وقيل: ابْن ثمانية وستين، وقيل ابْن أربع وستين، وَهُوَ معدود فيمن قتله النساء. روى عَنْهُ من الصحابة سَهْل بْن سَعْد فيما ذكر صَالِح بْن كيسان. وعبد الرحمن بْن إِسْحَاق، عَنِ ابْن شهاب، بْن سَهْل بْن سَعْد، عَنْ مَرَوَان، عَنْ زَيْد بْن ثَابِت فِي قول الله عز وجل [1] : لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ من الْمُؤْمِنِينَ ... 4: 95 الآية.
ورواه مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيّ، عَنْ قبيصة بْن ذؤيب. عن زيد بن ثابت. وممن
__________
[1] سورة النساء، آية 94.(3/1389)
رَوَى عَنْهُ من التابعين عُرْوَة بْن الزُّبَيْر، وعلي بْن الْحُسَيْن. وقال عُرْوَة: كَانَ مَرَوَان لا يتهم فِي الحديث، ومن شعر عَبْد الرحمن فيه:
ألا من مبلغ مَرَوَان عني ... رسولا والرسول من البيان
بأنك لن ترى طردا لحر ... كإلصاق بِهِ بعض [1] الهوان
وهل حدثت قبلي عَنْ كريم ... معين فِي الحوادث أو معان
يقيم بدار مضيقة إذا لم ... يكن حيران أو خفق الجنان
فلا تقذف بي الرجوين إِنِّي ... أقل القوم من يغني مكاني
سأكفيك الَّذِي استكفيت مني ... بأمر لا تخالجه يدان [2]
ولو أنا بمنزلة جميعا ... جريت وأنت مضطرب العنان
ولولا أن أم أبيك أمي ... وأن من قد هجاك فقد هجاني
لقد جاهرت بالبغضاء إِنِّي ... إلى أمر الجهارة والعلان
(2371) مروان بْن قَيْس الأسدي
ويقال: السُّلَمِيّ، لَهُ صحبة. روى عَنْهُ عِمْرَان ابن يَحْيَى وابنه خثيم بْن مَرَوَان [3] .
باب مَسْعُود
(2372) مسعود بْن الأسود بْن حارثة بْن نضلة بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب القرشي العدوي.
كان من السبعين الذين هاجروا من بني عدي هُوَ وأخوه مطيع بْن الأسود، وأمهما العجماء بِنْت عَامِر بْن الْفَضْل بْن عَفِيف بْن كليب ابن حبشية [4] بْن سلول. كَانَ من أصحاب الشجرة، واستشهد يَوْم مؤتة.
(2373) مسعود بْن الأسود البلوي،
من بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة.
__________
[1] في ش: طرف.
[2] في ش: اليدان.
[3] في د: خيثم وهو تحريف.
هذا الباب أول الجزء الثالث من النسخة التي نرمز إليها بالحرف (1) .
[4] في أ: حبشه والمثبت من ت وأسد الغابة.(3/1390)
ويقال فِيهِ مَسْعُود بْن المسور. يعد فِي أهل مصر، شهد الحديبية، وبايع تحت الشجرة، وَكَانَ قد استأذن عُمَر فِي غزوة إِلَى إفريقية، فقال عمر: إفريقية غادرة ومغدور بها.
روى عَنْهُ علي بْن رباح وغيره من المصريين. وَحَدِيثُهُ عِنْدَ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنِ الْحَارِثِ ابن يَزِيدَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْمِسْوَرِ صَاحَبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ قَدْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَأَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عُمَرَ فِي غَزْوِ إِفْرِيقْيَةَ، فَقَالَ عُمَرُ: إِفْرِيقْيَةُ غَادِرَةٌ وَمَغْدُورٌ بِهَا.
(2374) مسعود بْن أوس بن زيد بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك ابن النجار.
هكذا نسبه الْوَاقِدِيّ وَأَبُو عُمَارَة. وأما ابْن إِسْحَاق وَأَبُو معشر فإنهما قَالا: هُوَ مَسْعُود بْن أوس بْن أصرم بْن زَيْد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار. قال أَبُو عُمَر: هُوَ أَبُو مُحَمَّد، غلبت عَلَيْهِ كنيته، وَهُوَ الَّذِي زعم أن الوتر واجب، فَقَالَ عبادة بْن الصامت: كذب أَبُو مُحَمَّد.
شهد بدرا وما بعدها من المشاهد، ولم يذكره ابْن إِسْحَاق فِي البدريين، وذكره غيره. قيل: توفي فِي خلافة عُمَر بْن الخطاب. وقال الكلبي:
شهد بدرا، وشهد صفّين مع على.
(2375) مسعود بْن حراش،
أخو ربعي بْن حراش. قال البخاري:
له صحبة. وقال أبو حاتم الرازي: ليست لَهُ صحبة روى عَنْ عُمَر، وطلحة ابن عُبَيْد الله. روى عَنْهُ أَبُو بردة.
(2376) مسعود بْن الحكم بْن الربيع بْن عَامِر [بْن خالد بن عامر [1]] ابن زريق الأَنْصَارِيّ الزرقي.
أمه حبيبة [2] بِنْت شريق بْن أَبِي خيثمة من [3] هذيل، يكنى أَبَا هارون. ولد على عهد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ سريا لَهُ قدر وجلالة بالمدينة، ويعد من أجلة التابعين وكبارهم. روى عَنْ عُمَر وعثمان وعلي، وَهُوَ الَّذِي يروى عَنْ علي بْن أَبِي طالب عَنِ النَّبِيّ
__________
[1] ليس في أ.
[2] في أ، ش، وأسد الغابة: أم حبيبة.
[3] في ى: بن.(3/1391)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قام فِي الجنائز، ثُمَّ جلس بعد. روى عَنْهُ نَافِع بْن جُبَيْر بْن مطعم، وَمُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر، وأبو الزناد.
(2377) مسعود بْن خلدة [1] بْن عَامِر [بْن مخلد بن عامر] [2] بن زريق الأنصاري الزرقي.
شهد بدرا وأحدا وقتل يَوْم بئر معونة شهيدا فِي قول مُحَمَّد بْن عُمَر. وأما عَبْد الله بن محمد بن عمارة فإنه قال: قتل يَوْم خيبر [شهيدا] [3] .
(2378) مسعود بْن الربيع.
ويقال مَسْعُود بْن رَبِيعَة بْن عَمْرو بْن سعد ابن عبد العزى القاري، يكنى أَبَا عُمَيْر، من القارة، وهم الهون بن خزيمة ابن مدركة. أسلم قديما بمكة قبل دخول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دار الأرقم، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عُبَيْد بْن التيهان. شهد بدرا وَهُوَ أحد حلفاء بني زهرة. قال مُوسَى بْن عقبة، وَابْن إِسْحَاق: مَسْعُود بْن رَبِيعَة. وقال أبو معشر والواقدي: مسعود ابن الربيع.
مات سنة ثلاثين، وقد زاد سنه على الستين، يكنى أَبَا عُمَيْر.
(2379) مسعود بْن رخيلة [4] بْن عائذ الأشجعي.
كان قائد أشجع يَوْم الأحزاب مع المشركين، ثُمَّ أسلم فحسن إسلامه، ذكر ذَلِكَ أَبُو جَعْفَر الطبري.
(2380) مسعود بْن سَعْد بْن قَيْس بْن خَالِد بْن عَامِر بْن زريق الأَنْصَارِيّ الزرقي.
قال الْوَاقِدِيّ: شهد بدرا وأحدا، وقتل يوم بئر معونة شهيدا.
(2381) مسعود بْن سنان بْن الأسود،
حليف لبني غنم بْن سَلَمَة من الأنصار، شهد أحدا، وقتل يَوْم اليمامة شهيدا.
(2382) مسعود بْن سويد بن حارثة بن فضلة بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب القرشي العدوي.
__________
[1] في أسد الغابة: خالد.
[2] من أ، ش.
[3] ليس في أ، ش.
[4] بالخاء المعجمة- مصغر.(3/1392)
كان أيضا من السبعين الذين هاجروا من بني عدي، واستشهد يَوْم مؤتة فيما زعم ابْن الكلبي وحده، وَهُوَ ابْن عم الَّذِي قبله [1] . قال العدوي: لم يذكر ذَلِكَ غير ابْن الكلبي. وقال الزُّبَيْر:
قتل مَسْعُود بْن سويد يَوْم مؤتة شهيدا وليس لَهُ عقب.
(2383) مسعود بْن عدي [2] بْن حرملة اللخمي،
يزعم أهله وولده أن لَهُ صحبة.
روى الحديث عَنْهُ جماعة من ولده.
(2384) مسعود بْن عبد سَعْد،
هكذا قَالَ مُوسَى بْن عقبة، وَأَبُو معشر، وعبد الله بْن مُحَمَّد بْن عُمَارَة الأَنْصَارِيّ. وقال الْوَاقِدِيّ: مَسْعُود بْن عبد مَسْعُود.
وقال ابْن إِسْحَاق: مَسْعُود بْن سَعْد، وكلهم ينتسب [3] فِي الأوس. قال ابْن إِسْحَاق: مَسْعُود بْن سَعْد بْن عَامِر بْن عدي بْن جشم بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بْن الخزرج بْن عَمْرو بْن خَالِد [4] بْن الأوس. شهد بدرا، وقتل يَوْم خيبر شهيدا.
(2385) مسعود بْن عبدة بْن مظهر [5] ،
قَالَ الطبري: شهد أحدا هُوَ وابنه نيار بْن مَسْعُود مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(2386) مسعود بْن عُرْوَة،
لَهُ صحبة. قتل فِي غزوة أَبِي سَلَمَة بْن عبد الأسد إِلَى ماء من مياه بني أَسَد من ناحية نجد.
(2387) مسعود بْن عَمْرو الثقفي [6] .
رَوَى عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
__________
[1] الّذي قبله في الترتيب الأول للكتاب هو مسعود بن عروة.
[2] في أ: بن عيسى. وش مثل ى.
[3] في ش: وكلهم نسبه.
[4] في ش: مالك.
[5] بضم الميم وسكون الظاء وكسر الهاء (الإصابة، وأسد الغابة) .
[6] في أ: الغفاريّ.(3/1393)
فِي كراهية السؤال. روى عَنْهُ سَعِيد بْن يزيد، والّذي انفرد بحديثه محمد ابن جامع العطار، متروك الحديث. [روى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يحبس السبايا والأموال بالجعرانة] [1] .
(2388) مسعود بْن عَمْرو القاري،
من القارة. وكان على المغانم يَوْم حنين، وأمره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يحبس السبايا والأموال بالجعرانة، قال الكلبي: هُوَ مَسْعُود بْن عَامِر بْن رَبِيعَة بْن عَمْرو [بْن سَعْد] [2] بن عبد العزّى ابن محلم صاحب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يقال لَهُ القاري.
(2389) مسعود بْن قَيْس.
فيه نظر.
(2390) مسعود بن يزيد بْن سبيع بْن خنساء بْن سنان بْن عبيد بن عدي ابن كعب بن غنم بن [كعب] [2] بن سلمة الأَنْصَارِيّ.
شهد العقبة، ولم يشهد بدرا.
(2391) مسعود
غلام فروة الأسلمي، لَهُ صحبة، وفروة هُوَ جد بريدة بْن سُفْيَان بْن فروة، ويقال مَسْعُود هَذَا مولى أَبِي تميم [3] بْن حجير الأسلمي غلام فروة، وفي ذَلِكَ نظر، وذكره مُحَمَّد بْن سَعْد، وَقَالَ [4] : مَسْعُود مولى تميم بْن حجير الأسلمي غلام فروة، وَهُوَ كَانَ دليل النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد حفظ عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المريسيع فِي الخمس، أَخْبَرَنِي ذَلِكَ مُحَمَّد ابن عُمَر.
[حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا زَيْدٌ هُوَ ابْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ فَرْوَةَ الأَسْلَمِيُّ عَنْ غُلامٍ لِجَدِّهِ يُقَالُ لَهُ
__________
[1] ليس في أ، ش. وهي عبارة مضطربة ستأتي واضحة في الترجمة التالية.
[2] من أ، ش.
[3] في هوامش الاستيعاب: مولى ابن أبي تميم. (53) .
[4] في أسد الغابة: وقيل: اسمه سعد. بدل مسعود وقد تقدم (4- 360) .(3/1394)
مَسْعُودٌ، قَالَ: مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ: يَا مَسْعُودُ، إِيتِ أَبَا تَمِيمٍ- يَعْنِي مَوْلاهُ- فَقُلْ لَهُ: يَلُمُّنَا عَلَى بَعِيرٍ، وَيَبْعَثُ إِلَيْنَا بِزَادٍ وَدَلِيلٍ يَدُلُّنَا فَجِئْتُ إِلَى مَوْلايَ فَأَخْبَرْتُهُ فَبَعَثَ مَعِي بِبَعِيرٍ وَوَطْبٍ مِنْ لبن، فجعلت آخُذُ بِهِمْ فِي إِخْفَاءِ الطَّرِيقِ. وَحَضَرَتِ الصَّلاةُ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ يَمِينِهِ، وَقَدْ عَرَفْتُ الإِسْلامَ وَأَنَا مَعَهُمَا، فَجِئْتُ فَقُمْتُ خَلْفَهُمَا، فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ، فَقُمْنَا خَلْفَهُ] [1] .
باب مُسْلِم
(2392) مسلم بْن الْحَارِث التميمي.
له صحبة. حديثه عِنْدَ الشاميين وعداده فيهم. روى عَنْهُ ابنه الْحَارِث بْن مُسْلِم. وقد قيل فِيهِ: الْحَارِث بْن مُسْلِم.
والصحيح مُسْلِم بْن الْحَارِث.
(2393) مسلم بْن رياح [2] الثقفي.
رَوَى عَنْهُ عون بْن أَبِي جحيفة [3] مرفوعا فِي فضل الأذان حديثا حسنا.
(2394) مسلم بن السائب بن خباب.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا. وقد ذكره بعضهم فِي الصحابة. روى عَنْهُ ابنه مُحَمَّد بْن مُسْلِم.
(2395) مسلم بْن عَبْد اللَّهِ الأزدي
رَوَى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تغيير اسم عَبْد اللَّهِ بْن قرط، قَالَ: جاء عَبْد اللَّهِ بْن قرط الأزدي إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فقال له: ما اسمك؟ قال: شيطان بْن قرط. قال:
بل أنت عَبْد اللَّهِ بْن قرط. رَوَى عَنْهُ بَكْر بْن زرعة الخولانيّ.
__________
[1] من أ.
[2] رياح- بكسر الراء وبالمثناة التحتانية، (الإصابة وأسد الغابة) .
[3] بضم الجيم وفتح المهملة- مصغر (التقريب) .(3/1395)
(2396) مسلم بْن عَبْد الرَّحْمَنِ.
لَهُ صحبة. روت عَنْهُ شميسة بِنْت نبهان، وَهُوَ مولاها.
(2397) مسلم بْن عُبَيْد [1] الله القرشي أيضا،
وليس بوالد رائطة.
ولا أدري أيضا من أي قريش هُوَ. واختلف فِيهِ فقيل: مُسْلِم بْن عُبَيْد الله، وقيل: عُبَيْد الله بْن مُسْلِم ومن قَالَ عُبَيْد الله عندي أحفظ. له حديث واحد فِي صوم رمضان، وَالَّذِي يليه وصوم كل أربعاء وخميس، وكراهية صوم الدهر. وقد قيل: إن الصحبة لأبيه عُبَيْد الله القرشي.
(2398) مسلم بْن [عَمْرو بْن أَبِي] [2] عقرب الأزدي.
روى عن النبيّ صلى الله عليه سلم، وَكَانَ قد أدركه من حلف على مملوك ليضربنه فإن كفارته أن يدعه، وله مع الكفارة خير. أو قَالَ أجر. روى عَنْهُ بكر بن وائل بن دواد، وبكر هَذَا كوفي ثقة.
(2399) مُسْلِم بْن عُمَيْر الثقفي.
رَوَى عَنْهُ مزاحم بْن عَبْد الْعَزِيزِ الثقفي، حديثه فِي الإنباذ فِي الجرة الخضراء.
(2400) مسلم القرشي،
والد رائطة بِنْت مُسْلِم الأزدي. لا أدري من أي قريش هُوَ. يعد فِي أهل مكة، كَانَ اسمه غرابا، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما. روت عَنْهُ ابنته رائطة.
(2401) مسلم [3] المصطلقي الخزاعي.
حديثه عِنْدَ يعقوب بْن مُحَمَّد الزُّهْرِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ الْخُزَاعِيُّ. قال: أخبرنى أبى عن أبيه، قال:
__________
[1] في ش: بن عبد الله. وفي أسد الغابة: أبو عبد الله القرشي. وقيل عبيد الله بن مسلم قال: وقد تقدم في عبيد الله بن مسلم (4- 363) .
[2] من التقريب.
[3] في الإصابة وأسد الغابة: مسلم بن الحارث الخزاعي ثم المصطلقي.(3/1396)
كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُنْشِدٌ يُنْشِدُ قَوْلَ سُوَيْدِ بْنِ عَامِرٍ المصطلقي [1] :
لا تَأْمَنَنَّ وَإِنْ أَمْسَيْتَ فِي حَرَمٍ ... إِنَّ الْمَنَايَا بِجَنْبَيْ كُلِّ إِنْسَانٍ
وَاسْلُكْ طَرِيقَكَ تَمْشِي غَيْرَ مُخْتَشِعٍ ... حَتَّى [2] تُلاقِي مَا يُمْنِي لَكَ الْمَانِي [3]
وَكُلُّ ذِي صَاحِبٍ يَوْمًا مُفَارِقُهُ ... وَكُلُّ زَادٍ وَإِنْ أَبْقَيْتَهُ فَانِي
وَالْخَيْرُ وَالشَّرُّ مَقْرُونَانِ فِي قَرَنٍ [4] ... بِكُلِّ ذَلِكَ يَأْتِيكَ الْجَدِيدَانِ
فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أَدْرَكَ هَذَا الإِسْلامَ لأَسْلَمَ، فَبَكَى أَبِي، فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ، تَبْكِي لِمُشْرِكٍ مَاتَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ! فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مُشْرِكًا خَيْرًا مِنْ سُوَيْدِ بْنِ عَامِرٍ. وقال الزُّبَيْر بْن بكار:
هَذَا الشعر لأبي قلابة الشاعر الهذلي، وَهُوَ أول من قَالَ الشعر فِي هذيل.
قال: واسم أَبِي قلابة الْحَارِث بْن صعصعة بْن كَعْب بْن طَلْحَة بْن لحيان ابن هذيل.
قال أَبُو عُمَر: مَا رواه يعقوب الزُّهْرِيّ أثبت من قول الزُّبَيْر. والله أعلم.
باب مسلمة
(2402) مسلمة بْن أسلم بْن حريش بْن عدي بْن مجدعة بْن حارثة الأَنْصَارِيّ.
قتل يَوْم جسر أَبِي عُبَيْد شهيدا.
(2403) مسلمة بْن مخلد بْن الصامت بْن نيار، الأَنْصَارِيّ الساعدي.
وقيل
__________
[1] وردت هذه الأبيات في أشعار الهذليين جزء 3 صفحة 39 من قصيدة لأبي قلابة.
[2] في أشعار الهذليين: ولا تقولن لشيء سوف أفعله حتى تبين ...
[3] في ى: ما يفنى لك البان.
[4] في أشعار الهذليين: إن الرشاد وإن الغي في قرن.(3/1397)
الزرقي. يكنى أَبَا معن. وقيل أَبَا مَسْعُود. وقيل أَبَا مُعَاوِيَة. وقيل أَبَا مَعْمَر.
ولد مقدم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، ومات رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْن عشر سنين. وقيل: إنه كَانَ ابْن أربع سنين مقدم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ، قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَتُوُفِّيَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ. قال أَحْمَد بْن حَنْبَل: وَحَدَّثَنَا وَكِيع، عَنْ مُوسَى بْن علي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سمعت مسلمة بْن مخلد، قَالَ: ولدت حين قدم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم المدينة، ومات وأنا ابْن عشر سنين. ثم شهد فتح مصر وسكنها، ثُمَّ تحول إِلَى المدينة، ثُمَّ ولاه مُعَاوِيَة مصر. قال الْوَاقِدِيّ: قدم مسلمة بْن مخلد واليا على مصر وإفريقية سنة خمسين، وَهُوَ أول من جمع لَهُ مصر والمغرب، لم يزل على ذَلِكَ حَتَّى توفي مُعَاوِيَة، وَهُوَ أول من جعل بمصر بنيان المنار فِي المساجد سنة ثلاث وخمسين، وكانت ولايته على مصر وإفريقية ست عشرة سنة، ولم يعقب، وَكَانَ يغزى مُعَاوِيَة بْن حديج إِلَى المغرب والثغور، ويقال: مات بمصر. ويقال: مات بالمدينة سنة اثنتين وستين. وقد قيل: إن مسلمة بْن مخلد توفي فِي آخر خلافة مُعَاوِيَة. رَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كُنْتُ أَرَى أَنِّي أَحْفَظُ النَّاسَ لِلْقُرْآنِ حَتَّى صَلَّيْتُ خلف مسلمة ابن مَخْلَدٍ الصُّبْحَ، فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَمَا أَخْطَأَ واوا ولا ألفا.
(2404) مسلمة الفهري،
والد حَبِيب بْن مسلمة. روى عنه ابنه حبيب ابن مسلمة.(3/1398)
باب مسور
(2405) المسور [1] بْن مخرمة بْن نوفل القرشي الزُّهْرِيّ.
أبو عَبْد الرَّحْمَنِ، قد ذكرنا نسب أَبِيهِ مخرمة بْن نوفل إِلَى زهرة فغنينا بذلك. أمه الشفاء بِنْت عوف أخت عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عوف، ولد بمكة بعد الهجرة بسنتين، وقدم بِهِ أبوه المدينة فِي عقب ذي الحجة سنة ثمان، وَهُوَ أصغر من ابْن الزُّبَيْر بأربعة أشهر، وقبض النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمسور ابْن ثمان سنين، وسمع من النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحفظ عَنْهُ. وحدث عَنْ عُمَر بْن الخطاب، وعبد الرحمن ابن عوف، وَعَمْرو بْن عوف. وكان فقيها من أهل الْفَضْل والدين، لم يزل مع خاله عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عوف مقبلا ومدبرا فِي أمر الشورى، وبقي بالمدينة إِلَى أن قتل عُثْمَان، ثُمَّ انحدر إِلَى مكة، فلم يزل بها حَتَّى توفي مُعَاوِيَة- ذكره رَبِيعَة بْن يَزِيد، فلم يزل بمكة حَتَّى قدم الحصين بْن نمير مكة لقتال ابْن الزُّبَيْر، وذلك فِي عقب المحرم، أو صدر صفر، وحاصر مكة، وفي حصاره ومحاربته أهل مكة أصاب المسور حجر من حجارة المنجنيق، وَهُوَ يصلي فِي الحجر، فقتله، وذلك مستهل ربيع الأول سنة أربع وستين، وصلى عَلَيْهِ ابْن الزُّبَيْر بالحجون، وَهُوَ معدود فِي المكيين. توفي وَهُوَ ابْن اثنتين وستين سنة. وقيل:
وفاته كانت يَوْم جاء نعي يَزِيد إِلَى ابْن الزُّبَيْر، وحصين بْن نمير محاصر لابن الزُّبَيْر، وجاء نعي يَزِيد إِلَى مكة يَوْم ثلاثاء عشرة ربيع الآخر سنة أربع وستين.
روى عَنْهُ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر، وعلي بْن الْحُسَيْن، وعبيد الله بْن عَبْد اللَّهِ بْن عُتْبَة وَكَانَ المسور لفضله ودينه وحسن رأيه تغشاه الخوارج، وتعظمه وتبجل رأيه، وقد برأه الله منهم. وروى ابْن الْقَاسِم، عَنْ مَالِك، قَالَ: بلغني أن المسور
__________
[1] بكسر الميم وسكون السين (أسد الغابة) .(3/1399)
ابن مخرمة دخل على مَرَوَان فجلس معه، وحادثه، فَقَالَ المسور لمروان فِي شيء سمعه: بئس مَا قلت! فركضه مَرَوَان برجله، فخرج المسور. ثم إن مَرَوَان نام فأتي فِي المنام فقيل له: مالك وللمسور! كل يعمل على شاكلته، فربكم أعلم بمن هُوَ أهدى سبيلا، قَالَ: فأرسل مَرَوَان إِلَى المسور، فَقَالَ: إِنِّي زجرت عنك فِي المنام، وأخبره بالذي رأى. فقال المسور: لقد نهيت عَنْهُ فِي اليقظة والنوم، وما أراك تنتهي
(2406) المسور [1] بْن يَزِيد المالكي الأسدي.
له صحبة ورواية، نزل الكوفة.
من حديث المسور بْن يَزِيد هَذَا قَالَ: سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ فِي الصبح، فترك شيئا لم يقرأه، وَقَالَ رجل: يَا رَسُول اللَّهِ، تركت آية كذا وكذا. قال: أفلا ذكرتنيها إذن قَالَ: كنت أراها نسخت. حديثه عِنْدَ مَرَوَان بْن مُعَاوِيَة، عَنْ يَحْيَى بْن كَثِير الأسدي الكاهلي، عَنْهُ.
باب المسيب
(2407) المسيب بن حزن [2] بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشي الْمَخْزُومِيّ.
يكنى أَبَا سَعِيد، والد سَعِيد بْن المسيب الفقيه. هاجر مع أَبِيهِ حزن بْن أبى وهب [3] . كان المسيب ممن بايع تحت الشجرة.
رَوَى سُفْيَانُ، عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: شَهِدْتُ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ مَعَهُمْ، ثُمَّ أُنْسُوهَا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ.
روى بكير بْن الأشج، عَنْ سَعِيد بْن المسيب، قَالَ: كَانَ المسيب رجلا تاجرا، فدخل عَلَيْهِ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن سلام، فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيد- فِي حديث ذكره. روى عنه ابنه سعيد.
__________
[1] بضم الميم وفتح السين المهملة وتشديد الواو وفتحها- قاله ابن ماكولا (أسد الغابة) .
[2] بفتح المهملة وسكون الزاى (التقريب)
[3] في التقريب: ابن وهب.(3/1400)
(2408) المسيب بْن أَبِي السائب بْن عائذ بْن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشي الْمَخْزُومِيّ.
واسم أَبِي السائب صيفي، والمسيب هَذَا هُوَ أخو السائب بْن أَبِي السائب. قال أَبُو معشر: هاجر المسيب بْن أَبِي السائب بعد مرجع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من خيبر.
باب مطرف
(2409) مطرف [1] بْن بهصل المازني من بني مازن بْن عَمْرو بْن تميم.
خبره مذكور فِي قصة أعشى بني مازن، لَهُ صحبة، ولا أعلم لَهُ رواية.
(2410) مطرف بْن مَالِك، أَبُو الريان [2] القشيري.
لا أعلم لَهُ رواية. شهد فتح تستر مع أَبِي مُوسَى. روى عَنْهُ زرارة بْن أوفى بْن مُحَمَّد بْن سِيرِين. خبره فِي شهوده فتح تستر.
باب المطلب
(2411) المطلب بْن أَزهَر بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بْن زهرة
أخو عَبْد الرَّحْمَنِ وطليب ابني أَزهَر، كَانَ المطلب وطليب من مهاجرة الحبشة، وبها ماتا جميعا، وَكَانَ خروج المطلب بْن أَزهَر إِلَى الحبشة مع امرأته رملة بِنْت أبي عوف بن ضبيرة [3] بن سعيد بن [سَعْد بْن] [4] سهم. وولدت لَهُ بأرض الحبشة عَبْد اللَّهِ بْن المطلب.
(2412) المطلب بْن حنطب بْن الْحَارِث بْن عُبَيْد بْن عُمَر [5] بْن مخزوم القرشي الْمَخْزُومِيّ.
روى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبُو بَكْر وَعُمَر مني بمنزلة السمع
__________
[1] بضم أوله وفتح ثانيه وتشديد الراء المكسورة (التقريب) . وفي الإصابة: بن بهصلة.
[2] في الإصابة: أبو الرباب.
[3] في ى: صبرة.
[4] من الاشتقاق.
[5] في ى. عمرو.(3/1401)
والبصر من الرأس. إسناده ليس بالقوي، ومن ولد المطلب بْن حنطب هَذَا الحكم بْن المطلب بْن عَبْد اللَّهِ بْن المطلب بْن حنطب، كَانَ أكرم أهل زمانه وأسخاهم، ثُمَّ زهد فِي آخر عمره، ومات بمنبج، وفيه يقول الراتجي يرثيه:
سألوا عَنِ الجود والمعروف مَا فعلا ... فقلت إنهما ماتا مع الحكم
ماتا مع الراجل الموفي بذمته ... قبل السؤال إذا لم يوف بالذمم
(2413) المطلب بْن رَبِيعَة بْن الْحَارِث بْن عبد المطلب بْن هاشم.
كَانَ غلاما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى عَنْهُ عَبْد اللَّهِ بْن الْحَارِث.
(2414) المطلب بْن أَبِي وداعة القرشي السهمي.
واسم أَبِي وداعة الْحَارِث بْن ضبيرة بْن سَعِيد بْن سَعْد بن سهم بن عرمو بْن هصيص بْن كَعْب بْن لؤي.
أسلم يَوْم فتح مكة، ثُمَّ نزل الكوفة، ثُمَّ نزل بعد ذَلِكَ المدينة، وله بها دار رَوَى عَنْهُ أهل المدينة. قال مصعب الزُّبَيْرِيّ: أسر أَبُو وداعة يَوْم بدر، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تمسكوا بِهِ، فإن لَهُ ابنا كيسا بمكة، فخرج المطلب بْن أَبِي وداعة سرا حَتَّى فدى أباه بأربعة آلاف درهم، وَهُوَ أول أسير فدي من بدر، ولامته قريش فِي بداره ودفعه فِي الفداء، فَقَالَ: مَا كنت لأدع أَبِي أسيرا، فشخص الناس بعده ففدوا أسراهم بعد أن قَالُوا: لا تعجلوا فِي فدائهم، فيطمع مُحَمَّد فِي أموالكم. روى عَنْهُ المطلب بْن السائب بْن أَبِي وداعة وغيره، وَرَوَى عَنْهُ ابناه كَثِير وَجَعْفَر.
باب مُعَاذ
(2415) معاذ بْن أنس الجهني،
معدود فِي أهل مصر، وَهُوَ والد سَهْل بْن مُعَاذ، وسهل بْن مُعَاذ لين الحديث، إلا أن أحاديثه حَسَّان فِي الرغائب والفضائل
(2416) معاذ بْن جبل بْن عَمْرو بْن أوس بْن عائذ بْن عدي بْن كَعْب بْن عمرو ابن أدي بْن سَعْد بْن علي بْن أَسَد بن ساردة بن يزيد بن جشم بن الخزرج، الأنصاري،(3/1402)
الخزرجي، ثُمَّ الْجُشَمِيّ، يكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ. وقد نسبه بعضهم فِي بني سَلَمَة بْن سَعْد بْن علي. وقال ابْن إِسْحَاق: مُعَاذ بْن جبل من بني جشم بْن الخزرج، وإنما ادعته بنو سَلَمَة لأنه كَانَ أخا سَهْل بْن مُحَمَّد بْن الجد بْن قَيْس لأمه ذكر الزُّبَيْر، عَنِ الأثرم، عَنِ ابْن الكلبي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رهط مُعَاذ بْن جبل بنو أدي بْن سَعْد أخي سَلَمَة بْن سَعْد بْن الخزرج.
قال: ولم يبق من بني أدي أحد، وعدادهم فِي بني سَلَمَة، وَكَانَ آخر من بقي منهم عَبْد الرحمن بن معاذ بن جبل. مات بالشام فِي الطاعون فانقرضوا.
قال الْوَاقِدِيّ وغيره: كَانَ مُعَاذ بْن جبل طوالا، حسن الشعر، عظيم العينين، أبيض، براق الثنايا، لم يولد لَهُ قط قال أَبُو عُمَر: قد قيل: إنه ولد لَهُ ولد سمي عَبْد الرَّحْمَنِ، وإنه قاتل معه يَوْم اليرموك، وبه كَانَ يكنى، ولم يختلفوا أَنَّهُ كَانَ يكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ، وَهُوَ أحد السبعين الذين شهدوا العقبة من الأنصار، وآخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بينه وبين عبد الله بن مَسْعُود. قال الْوَاقِدِيّ: هَذَا مالا اختلاف فِيهِ عندنا. وقال ابْن إِسْحَاق: آخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين مُعَاذ بْن جبل وبين جَعْفَر بْن أَبِي طالب، شهد العقبة وبدرا والمشاهد كلها، وبعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاضيا إِلَى الجند من اليمن، يعلم الناس القرآن وشرائع الإسلام، ويقضي بينهم، وجعل إِلَيْهِ قبض الصدقات من العمّال الذين باليمين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قسم اليمن على خمسة رجال:
خَالِد بْن سَعِيد على صنعاء، والمهاجر بْن أَبِي أُمَيَّة على كندة، وزياد بْن لبيد على حضرموت، ومعاذ بْن جبل على الجند، وَأَبِي مُوسَى الأشعري على زبيد وعدن والساحل، وَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاذ بْن جبل- حين(3/1403)
وجهه إِلَى اليمن: بم تقضي؟ قَالَ: بما فِي كتاب الله. قال: فإن لم تجد.
قال: بما فِي سنة رَسُول اللَّهِ. قال: فإن لم تجد. قال: أجتهد رأيي فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحمد للَّه الَّذِي وفق رسول رَسُول اللَّهِ لما يحب رَسُول اللَّهِ. قال ابْن إِسْحَاق: والذين كسروا آلهة بني سلمة معاذ بن جبل، وعبد الله ابن أنيس، وثعلبة بْن غنمة، وَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أعلمهم بالحلال والحرام مُعَاذ بْن جبل. وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يأتي مُعَاذ بْن جبل يَوْم القيامة أمام العلماء. حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُفَسِّرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
كَانَ مُعَاذٌ رَجُلا شَابًّا جَمِيلا مِنْ أَفْضَلِ سَادَاتِ [1] قَوْمِهِ، سَمْحًا لا يُمْسِكُ، فَلَمْ يَزَلْ يُدَانُ حَتَّى أُغْلِقَ مَالُهُ كُلُّهُ مِنَ الدَّيْنِ، فَأَتَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ غُرَمَاءَهُ أَنْ يَضَعُوا لَهُ، فَأَبَوْا، وَلَوْ تَرَكُوا لأَحَدٍ مِنْ أَجْلِ أَحَدٍ لَتَرَكُوا لِمُعَاذٍ مِنْ أَجْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَاعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالَهُ كُلَّهُ فِي دَيْنِهِ، حَتَّى قَامَ مُعَاذٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ، حَتَّى إِذَا كَانَ عَامُ فَتْحِ مَكَّةَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ لِيُجْبِرَهُ، فَمَكَثَ مُعَاذٌ بِالْيَمَنِ أَمِيرًا، وَكَانَ أَوَّلُ مَنِ اتَّجَرَ فِي مَالِ اللَّهِ هُوَ. فَمَكَثَ حَتَّى أَصَابَ، وَحَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ عُمَرُ لأَبِي بَكْرٍ: أَرْسِلْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَدَعْ لَهُ مَا يُعِيشُهُ، وَخُذْ سَائِرَهُ مِنْهُ، فَقَالَ أبو بكر: إنما بعثه النبيّ
__________
[1] في ش: شباب.(3/1404)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَسْتُ بِآخِذٍ مِنْهُ شَيْئًا إِلا أَنْ يُعْطِيَنِي، فَانْطَلَقَ عُمَرُ إِلَيْهِ إِذْ لَمْ يُطِعْهُ أَبُو بَكْرٍ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِمُعَاذٍ، فَقَالَ مُعَاذٌ: إِنَّمَا أَرْسَلَنِي إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُجْبِرَنِي، وَلَسْتُ بِفَاعِلٍ. بم أَتَى مُعَاذٌ عُمَرَ، فَقَالَ: قَدْ أَطَعْتُكَ وَأَنَا فَاعِلٌ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ، فَإِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي فِي حَوْمَةِ مَاءٍ قَدْ خَشِيتُ الْغَرَقَ، فَخَلَّصْتَنِي مِنْهُ يَا عُمَرُ. فَأَتَى مُعَاذٌ أَبَا بَكْرٍ، فَذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ لَهُ، وَحَلَفَ لا يَكْتُمُ شَيْئًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لا آخُذُ مِنْكَ شَيْئًا، قَدْ وَهَبْتُهُ لَكَ. فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا خَيْرٌ حَلَّ وَطَابَ، فَخَرَجَ مُعَاذٌ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَى الشَّامِ.
وقال المدائني: مات مُعَاذ بْن جبل بناحية الأردن فِي طاعون عمواس سنة ثمان عشرة، وَهُوَ ابْن ثمان وثلاثين سنة، قَالَ: ولم يولد لَهُ قط، كما قَالَ الْوَاقِدِيّ. وذكر أَبُو حَاتِم الرازي أَنَّهُ مات وَهُوَ ابْن ثمان وعشرين سنة.
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّا النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ الْمِصْرِيِّ، قَالَ: تُوُفِّيَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً. وقال غيره:
كَانَ سنه يَوْم مات ثلاثا وثلاثين سنة.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: كَانَ عُمَرُ قَدِ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الشَّامِ حِينَ مَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَمَاتَ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الطَّاعُونِ، فَاسْتَعْمَلَ مَوْضِعَهُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ. وَعَمْوَاسُ قَرْيَةٌ بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْمَيْمُونِ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ، عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ، قَالَ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ زَيْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ تُوُفِّيَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ. قال أَبُو زُرْعَة، قَالَ لي أَحْمَد بْن حَنْبَل: كَانَ طاعون عمواس سنة ثمان عشرة، وفيه مات مُعَاذ وَأَبُو عُبَيْدَة. وقال أَبُو زرعة: كان الطاعون(3/1405)
سنة سبع عشرة وثمان عشرة، وفي سنة سبع عشرة رجع عُمَر من سرغ بجيش المسلمين لئلا يقدمهم على الطاعون، ثُمَّ عاد فِي العام المقبل سنة ثمان عشرة حَتَّى أنى الجابية، فاجتمع إِلَيْهِ المسلمون، فجند الأجناد. ومصر الأمصار، وفرض الأعطية والأرزاق، ثُمَّ قفل إِلَى المدينة فيما حَدَّثَنِي دحيم عَنِ الْوَلِيد بْن مُسْلِم، وَذَكَرَ دُحَيْمٌ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْمُوَقَّرِيِّ [1] ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَصَابَ النَّاسَ الطَّاعُونَ بِالْجَابِيَةِ، فَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَقَالَ: تَفَرَّقُوا عَنْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ نَارٍ، فَقَامَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَقَالَ: لَقَدْ كُنْتَ فِينَا وَلأَنْتَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِكَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: هُوَ رَحْمَةٌ لِهَذِهِ الأُمَّةِ، اللَّهمّ فَاذْكُرْ مُعَاذًا وَآلَ مُعَاذٍ فِيمَنْ تَذْكُرُهُ بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ. روى عَنْ مُعَاذ بْن جبل من الصحابة عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن الْعَاص، وعبد الله بْن عَبَّاس، وعبد الله بْن أَبِي أوفى، وأنس بْن مَالِك، وَأَبُو أمامة الباهلي، وَأَبُو قَتَادَة الأَنْصَارِيّ، وَأَبُو ثعلبة الخشني، وعبد الرحمن بْن سمرة العبشمي، وجابر بْن سمرة السوائي. حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ- النَّجَّادُ- بِبَغْدَادَ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هُشَيْمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قُبِضَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً. رَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ ثَوْرِ بن يزيد، عن خالد بن معدان، قال:
كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَقُولُ: حُدِّثْنَا [2] عَنِ الْعَاقِلِينَ. قَالَ: مَنْ هُمَا؟ قَالَ: هُمَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ.
وروى الشَّعْبِيّ، عَنْ فروة بْن نوفل الأشجعي ومسروق، ولفظ الحديث
__________
[1] بضم الميم وفتح الواو والقاف المشددة وفي آخرها الياء (اللباب) .
[2] في ش: حدثونا عن العاقلين العالمين.(3/1406)
لفروة الأشجعي، قَالَ: كنت جالسا مع ابْن مَسْعُود، فَقَالَ: إن معاذا كَانَ أمةً قانتا للَّه حنيفا ولم يك من المشركين. فقلت: يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ، إنما قَالَ الله تعالى [1] : إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا للَّه حنيفا. فأعاد قوله: إن معاذا، فلما رأيته أعاد عرفت أَنَّهُ تعمد الأمر، فسكت. فقال: أتدري مَا الأمة؟ وما القانت؟
قلت: الله أعلم. قال: الأمة الَّذِي يعلم الخير ويؤتم بِهِ ويقتدي، والقانت المطيع للَّه، وكذلك كَانَ مُعَاذ بْن جبل معلما للخير مطيعا للَّه ولرسوله.
(2417) معاذ بْن الْحَارِث الأَنْصَارِيّ.
من بني النجار. شهد الخندق.
وقد قيل: إنه لم يدرك من حياة النبي صلى الله عليه وسلم إلا ست سنين، ويكنى أَبَا حليمة. وقال الطبري: يكنى أَبَا الْحَارِث، يعرف بالقاري، مدني. روى عَنْهُ عِمْرَان بْن أَبِي أنس. غلب عَلَيْهِ مُعَاذ القاري، وعرف بذلك، وَهُوَ الَّذِي أقامه عُمَر بْن الخطاب فيمن أقام فِي شهر رمضان ليصلي التراويح، وَكَانَ ممن شهد يَوْم الجسر مع أَبِي عُبَيْد، ففر حين فروا، فَقَالَ عُمَر: أنا لهم فئة. روى عَنْهُ نَافِع، وسعيد المقبري، وعبد الله بْن الْحَارِث الْبَصْرِيّ. وقتل يَوْم الحرة سنة ثلاث وسنتين، قَالَ أَبُو عُمَر: يكنى أَبَا الْحَارِث، وَأَبُو حليمة أكثر.
(2418) معاذ بْن زرارة بْن عَمْرو بْن عدي بْن الْحَارِث بْن مر بْن ظفر الأَنْصَارِيّ الظفري.
شهد أحدا هُوَ وابناه أَبُو نملة وأبو درة.
(2419) معاذ بْن الصمة بْن عَمْرو الجموح بْن حرام،
شهد أحدا، وقتل يَوْم الحرة- قاله العدوي.
(2420) معاذ بن عثمان،
أو عثمان بن معاذ، القرشي التيمي. هكذا قال ابن عيينة،
__________
[1] سورة النحل، آية 21.
(ظهر الاستيعاب ج 3- م 18)(3/1407)
عَنِ ابْن قَيْس، عَنْ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بن الحارث التيمي، عن رجل من قومه، يقال لَهُ عُثْمَان بْن مُعَاذ أو مُعَاذ بْن عُثْمَان، من بني تيم- أَنَّهُ سمع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلم الناس مناسكهم، فكان فيما قَالَ لهم: فارموا الجمرة بمثل حصى الخذف.
(2421) معاذ ابْن عفراء،
ونسب إِلَى أمه عفراء بِنْت عُبَيْد بْن ثعلبة بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بْن مَالِك بْن النجار، وَهُوَ مُعَاذ بْن الْحَارِث بْن رفاعة بْن سواد، هكذا قَالَ ابْن إِسْحَاق. وقال ابْن هِشَام: هُوَ مُعَاذ بن الحارث بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بْن النجار. وقال مُوسَى بْن عقبة: مُعَاذ بْن الْحَارِث بْن رفاعة بْن الْحَارِث، شهد بدرا هُوَ وأخوه عوف ومعوذ بنو عفراء، وهم بنو الْحَارِث بْن رفاعة. وقتل عوف ومعوذ ببدر شهيدين، وشهد مُعَاذ بعد بدر أحدا، والخندق والمشاهد كلها فِي قول بعضهم. وبعضهم يَقُول: إنه جرح يَوْم بدر، جرحه ابْن ماعض أحد بني زريق، فمات من جراحته بالمدينة، كذا ذكره خليفة. وذكر ابْن إدريس عَنِ ابْن إِسْحَاق أَنَّهُ عاش إِلَى زمن عُثْمَان.
وقال خليفة بْن خياط: مات معاذ ابن عفراء فِي خلافة علي بْن أَبِي طالب.
وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: يروى أن مُعَاذ بْن الْحَارِث، ورافع بْن مَالِك الزرقي أول من أسلم من الأنصار بمكة، ويجعل مُعَاذ هَذَا فِي المفر الثمانية الذين أسلموا أول من أسلم من الأنصار بمكة، ويجعل معاذ هذا في المفر الثمانية الذين أسلموا أول من أسلم من الأنصار بمكة، ويجعل فِي النفر الستة الذين يروى أنهم أول من لقي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الأنصار فأسلموا لم يتقدمهم أحد. وقال الْوَاقِدِيّ: وأمر الستة [1] أثبت الأقاويل عندنا. قال: وآخى رَسُول اللَّهِ
__________
[1] في أسد الغابة: وأمر الستة النفر الذين هم أول من لقي رسول الله أثبت.
(ظهر الاستيعاب ج 3- م 18)(3/1408)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين مُعَاذ بْن الْحَارِث- ابْن عفراء- ومعمر بْن الْحَارِث.
قال الْوَاقِدِيّ: وتوفي مُعَاذ بْن الْحَارِث بعد قتل عُثْمَان أيام حرب علي ومعاوية.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قال:
حدثنا عبد الله بن أبي بكر وَرَجُلٌ آخَرُ، كِلاهُمَا عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ مُعَاذُ ابْنُ عَفْرَاءَ: سَمِعْتُ الْقَوْمَ وَهُمْ فِي مِثْلِ الْحَرَجَةِ، وَأَبُو جَهْلٍ فِيهِمْ، وَهُمْ يَقُولُونَ: أَبُو الْحَكَمِ لا يُخْلَصُ إِلَيْهِ. قَالَ: فَلَمَّا سَمِعْتُهَا جَعَلْتُهُ مِنْ شَأْنِي، فَقَصَدْتُ نَحْوَهُ، فَلَمَّا أَمْكَنَنِي حَمَلْتُ عَلَيْهِ فَضَرَبْتُهُ ضربة، فطننت قَدَمَهُ بِنِصْفِ سَاقِهِ، وَضَرَبَنِي ابْنُهُ عِكْرِمَةُ عَلَى عَاتِقِي فَطَرَح يَدِي، فَتَعَلَّقَتْ بِجِلْدَةٍ مِنْ جَنْبِي، وَأَجْهَضَنِي الْقِتَالُ عَنْهُ. وَلَقَدْ قَاتَلْتُ عَامَّةَ يَوْمِي وَإِنِّي لأَسْحَبُهَا خَلْفِي، فَلَمَّا آذَتْنِي وَضَعْتُ عَلَيْهَا قَدَمِي، ثُمَّ تَمَطَّيْتُ بِهَا حَتَّى طَرَحْتُهَا. ثم عاش حَتَّى كَانَ زمن عُثْمَان. هكذا ذكر ابْن أَبِي خيثمة هَذَا الخبر بالإسناد المذكور عَنِ ابْن إِسْحَاق لمعاذ ابْن عفراء.
وذكره عَبْد الْمَلِكِ بْن هِشَام، عَنْ زِيَاد، عَنِ ابْن إِسْحَاق لمعاذ بْن عَمْرو بْن الجموح. والله أعلم. وَأَصَحُّ مِنْ هَذَا كُلِّهِ- وَاللَّهُ أعلم- ما رواه أبو خيثمة زهير ابن مُعَاوِيَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ- أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: مَنْ يَنْظُرُ مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ؟ فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ [1] حَتَّى بَرَدَ. وصح أيضا عَنِ ابْن مَسْعُود أَنَّهُ وجده يومئذ وبه رمق، فأجهز عَلَيْهِ، وأخذ سيفه وبه أجهز عَلَيْهِ فنفله رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياه. ولمعاذ ابْن عفراء عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رواية فِي النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر.
__________
[1] هما معاذ ومعوذ.(3/1409)
مات مُعَاذ بْن عفراء فِي خلافة علي بن أبى طالب.
(2422) معاذ بن عمرو بْن الجموح بْن يَزِيد بْن حرام بْن كعب بن غنم بن كعب ابن سَلَمَة بْن سَعْد بْن علي بْن أَسَد بن ساردة بن يزيد بن جشم بن الخزرج السُّلَمِيّ الخزرجي الأَنْصَارِيّ.
شهد العقبة، وبدرا هُوَ وأبوه عَمْرو بْن الجموح، وقتل عَمْرو بْن الجموح يَوْم أحد. وأما مُعَاذ بْن عَمْرو بْن الجموح فذكر ابْن هِشَام عَنْ زِيَاد عَنِ ابْن إِسْحَاق أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قطع رجل أَبِي جهل بْن هِشَام، وصرعه، قَالَ: فضرب ابنه عكرمة بْن أَبِي جهل يد مُعَاذ، فطرحها، ثُمَّ ضربه معوذ ابْن عفراء حَتَّى أثبته، ثُمَّ تركه وبه رمق، ثُمَّ ذفف عَلَيْهِ عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود، واحتز رأسه حين أمره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يلتمس أَبَا جهل فِي القتلى.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قد حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَيْضًا- قَالا: قَالَ مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ أَحَدُ بَنِي سَلَمَةَ: سَمِعْتُ الْقَوْمَ وَأَبُو جَهْلٍ فِي مِثْلِ الْحَرَجَةِ- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ:
الْحَرَجَةُ: الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ- وَهُمْ يَقُولُونَ: أَبُو الْحَكَمِ [1] لا يُخْلَصُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا سَمِعْتُهَا جَعَلْتُهُ مِنْ شَأْنِي، فَصَمَدْتُ نَحْوَهُ، فَلَمَّا أَمْكَنَنِي حَمَلْتُ عَلَيْهِ فَضَرَبْتُهُ ضَرْبَةً أَطَنَّتْ قَدَمَهُ بِنِصْفِ سَاقِهِ، فو الله مَا شَبَّهْتُهَا حِينَ طَاحَتْ إِلا بِالنَّوَاةِ تَطِيرُ مِنْ تَحْتِ مِرْضَخَةِ النَّوَى. قَالَ: وَضَرَبَنِي ابْنُهُ عِكْرِمَةُ عَلَى عَاتِقِي فَطَرَحَ بِيَدِي فَتَعَلَّقَتْ بِجِلْدَةٍ مِنْ جَنْبِي، وَأَجْهَضَنِي الْقِتَالُ عَنْهُ، فَلَقَدْ قَاتَلْتُ عامّة نهاري، وإني لأسحبها خلفي، فلما آذنني وَضَعْتُ عَلَيْهَا قَدَمِي ثُمَّ تَمَطَّيْتُ بِهَا حَتَّى طَرَحْتُهَا. قال ابْن إِسْحَاق: ثُمَّ عاش بعد ذَلِكَ حَتَّى كَانَ زمان عُثْمَان. ثُمَّ قَالَ: مر بأبي جهل وَهُوَ عقير معوذ ابْن عفراء، فضربه حَتَّى أثبته- فتركه وبه رمق، وقاتل
__________
[1] يعنى أبا جهل (أسد الغابة) .(3/1410)
معوذ ابْن عفراء حَتَّى قتل يومئذ، ومر عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود بأبي جهل فأجهز عَلَيْهِ، وأخذ رأسه. هكذا ذكر ابْن إِسْحَاق هَذَا الخبر فِي السيرة من رواية ابْن هِشَام، عَنْ زِيَاد البكائي، عَنْ مُعَاذ بْن عَمْرو بْن الجموح، وذكره ابْن إدريس عَنِ ابن إسحاق لمعاذ ابن عفراء.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ سَنْجَرَ، عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ الْمَاجِشُونِ، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ فَإِذَا أَنَا بَيْنَ غُلامَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ حَدِيثُهُ أَسْنَانَهُمَا، فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بَيْنَ أَضْلُعٍ مِنْهُمَا، فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا، فَقَالَ: يَا عَمِّ، أَتَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَمَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا بن أَخِي؟ قَالَ: أُنْبِئْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده، لَوْ رَأَيْتُهُ لا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يقتل الأعجل منّا. قَالَ: فَعَجِبْتُ وَغَمَزَنِي الآخَرُ فَقَالَ مِثْلَهَا، فَلَمْ ألبث أن نظرت إلى أنى جَهْلٍ يَجُولُ فِي النَّاسِ، فَقُلْتُ:
أَلا تَرَيَانِ؟ هذا صاحبكم الّذي تسألان عنه، فابتداره بِأَسْيَافِهِمَا فَضَرَبَاهُ حَتَّى قَتَلاهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَاهُ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ قَتَلَهُ؟
فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ. فَقَالَ: هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟ قَالا: لا، فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ، فَقَالَ: كِلاكُمَا قَتَلَهُ، وَقَضَى بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ وَالآخَرُ مُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ. مات مُعَاذ بْن الجموح في خلافة عثمان.
(2423) معاذ بْن عَمْرو بْن قَيْس بْن عبد العزى بْن غزية بْن عَمْرو بْن عدي بن عوف [بن غنم [1]] بن مالك بن النجار.
شهد أحدا والمشاهد، واستشهد يَوْم اليمامة كما قال ابن القداح، ذكره العدوي.
__________
[1] ليس في أسد الغابة.(3/1411)
(2424) معاذ بن ما عض [1] بن قيس بن خلدة بن عامر بن زريق الأَنْصَارِيّ الزرقي:
شهد بدرا، وأحدا، وقتل يَوْم بئر معونة فِي قول الْوَاقِدِيّ. وَقَالَ غيره: إنه جرح ببدر ومات من جرحه ذَلِكَ بالمدينة، وَكَانَ فارسا أعطاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرس أَبِي عَيَّاش الزرقي، إذ سقط عنها أَبُو عَيَّاش فِي خبر ذكره ابْن إِسْحَاق. وقيل: بل أعطاها أخاه عائذ بْن ماعض.
(2425) معاذ بْن معدان.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قطبة بْن جَرِير أتى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلم وبايعه. رَوَى عَنْهُ عِمْرَان بْن جدير. قيل:
إن حديثه مرسل.
(2426) معاذ بْن يَزِيد بْن السَّكَن [2] .
ذكره العدوي، وقال فيه: إنه قتل يوم أحد شهيد قَالَ: وَهُوَ أخو حواء بِنْت يَزِيد أم ثَابِت بْن قَيْس بْن الخطيم. وذكر أَبُو عمر في باب زِيَاد: المستشهد يَوْم أحد إنما هُوَ زِيَاد بْن السَّكَن، لا يَزِيد، فانظر.
(2427) معاذ بْن يَزِيد
كَانَ [3] خطيبا فِي بني عَامِر يحضهم بالتمسك على الإسلام أيام الردة. ذكره أثيمة عَنِ ابْن إِسْحَاق، وَكَانَ لَهُ شأن في الشام.
(2428) معاذ التميمي [2]
ذكره صاحب الوحدان. وذكر بسنده عن السائب ابن يَزِيد، عَنْ رجل من بني تميم يقال لَهُ مُعَاذ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظاهر يَوْم الحديبية بين درعين.
(2429) معاذ،
أَبُو زُهَيْر الثقفي وَهُوَ ولد أَبِي بَكْر بْن أَبِي زُهَيْر، واسم أَبِي زُهَيْر مُعَاذ. حديثه عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوشك أن تعلموا أهل الجنة من أهل النار بالثناء الحسن والسيئ.
__________
[1] في الإصابة: ويقال ابن معاض، ويقال ابن ناعض- بالنون (3- 409)
[2] ليست هذه الترجمة في ش.
[3] في أسد الغابة: قام(3/1412)
باب مُعَاوِيَة
(2430) معاوية بْن ثور بْن عبادة.
كذا ذكره [1] العقيلي بكسر العين عَنْ هِشَام ابن مُحَمَّد بْن السائب الكلبي، قَالَ: وفد على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ شيخ كبير، ومعه ابْن لَهُ يقال لَهُ بشر، والفجيع بْن عَبْد اللَّهِ بْن حندج بْن البكاء، والأشج- وَهُوَ عبد عَمْرو بْن كَعْب بْن عبادة، فَقَالَ مُعَاوِيَة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا نبي الله، بأبي أنت وأمي! امسح وجه ابني. فمسح رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأعطاه أعنزا سبعا عفرا وبرك عَلَيْهِ. حديثه عِنْدَ الْجَعْد بْن عَبْد اللَّهِ بْن ماعز بْن مجالد بْن ثور بْن عبادة بْن البكاء. ذكره ابْن الكلبي عَنْ أَبِي مسكين مولى أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ الْجَعْد، قَالَ الْجَعْد: فالسنة [2] ربما أصابت بني البكاء ولم تصبهم، وكتب للفجيع كتابا فهو عندهم.
(2431) معاوية بْن جاهمة السُّلَمِيّ.
قَالَ: أتيت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أستأذنه فِي الجهاد، قَالَ: لك أم؟ قلت: نعم. قَالَ: فالزمها، فإن الجنة تحت قدميها. رَوَى عَنْهُ طَلْحَة بْن يَزِيد بْن ركانة، وقد رَوَى أن هَذَا الحديث لجاهمة أَبِيهِ، رواه عَنْهُ ابنه مُعَاوِيَة بْن جاهمة. ونسبه بعضهم فَقَالَ: مُعَاوِيَة بن جاهمة ابن الْعَبَّاس بْن مرداس السُّلَمِيّ، رَوَى عَنْهُ مُحَمَّد بْن طَلْحَة وعكرمة بْن روح- مجهول.
(2432) معاوية بْن حديج [3] بْن جفنة بْن قنبرة [4] بْن حارثة بن عبد شمس.
ابن مُعَاوِيَة بْن جَعْفَر بْن أُسَامَة بْن سَعْد بْن أشرس بْن شبيب بْن السكون السكوني.
__________
[1] أي عبادة، وقد نص على ذلك في الإصابة (4- 410) .
[2] في ى: فأمسيته ربما أصابت من البكاء والمثبت من ش.
[3] بمهملة ثم جيم- مصغر (التقريب) .
[4] : قنبر. في ش(3/1413)
وقد قيل: الكندي. وقد قيل الخولانيّ وقيل التجيبي. والصواب- إن شاء الله تعالى- السكوني. قَالَ خليفة: يكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ. وَقَالَ غيره: يكنى أبا نعيم. يد فِي أهل مصر، وعندهم حديثه. رَوَى عَنْهُ سويد بن قيس، وعرفطة ابن عُمَر، ومات قبل عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بيسير، يقولون: إنه الَّذِي قتل مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بأمر عَمْرو بْن الْعَاص لَهُ بذلك.
قَالَ أَبُو عُمَر: كَانَ مُعَاوِيَة بْن حديج قد غزا إفريقية ثلاث مرات مفترقات فيما ذكر ابْن وَهْب وغيره، أصيبت عينه فِي مرة منها. وقيل: بل غزا الحبشة مع ابْن أَبِي سرح، فأصيبت عينه هناك. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بإسناده، وعن عَمْرِو بْنِ حَرْمَلَةَ بْنِ عِمْرَانَ بِإِسْنَادِهِ- أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ ثُمَامَةَ الْمَهْرِيَّ قَالَ: دَخَلْنَا على عائشة، فسألتنا كيف كان أميركم هذا وَصَاحِبُكُمْ فِي غَزَاتِكُمْ- تَعْنِي مُعَاوِيَةَ بْنَ حُدَيْجٍ؟ فَقَالُوا: مَا نَقَمْنَا عَلَيْهِ شَيْئًا، وَأَثْنُوا عَلَيْهِ خَيْرًا، قَالُوا: إِنْ هَلَكَ بَعِيرٌ أَخْلَفَ بَعِيرًا، وَإِنْ هَلَكَ فَرَسٌ أَخْلَفَ فَرَسًا، وَإِنْ أَبَقَ خَادِمٌ أَخْلَفَ خَادِمًا. فَقَالَتْ حِينَئِذٍ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، اللَّهمّ اغْفِرْ لِي، إِنْ كُنْتُ لأَبْغَضُهُ. مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَتَلَ أَخِي، وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: اللَّهمّ مَنْ رَفَقَ بِأُمَّتِي فَارْفُقْ بِهِ، وَمَنْ شَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ. قال أهل السير: غزا مُعَاوِيَة بْن حديج فِي ذَلِكَ العام فنزل جبلا، فأصابته أمطار فسمي الجبل الممطور، ثُمَّ غزا مُعَاوِيَة فِي ذَلِكَ العام مرة أخرى فقتل وسبي. قَالَ ابْن لهيعة: حَدَّثَنِي بَكْر بْن الأشج، عَنْ سُلَيْمَان بْن يسار، قَالَ:
غزونا مع مُعَاوِيَة بْن حديج إفريقية.
(2433) معاوية بْن الحكم السُّلَمِيّ.
كَانَ ينزل المدينة، ويسكن فِي بني سُلَيْم. لَهُ عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث واحد حسن، فِي الكهانة والطيرة والخط(3/1414)
وفي تشميت العاطس فِي الصلاة جاهلا وفي عتق الجارية، أحسن الناس سياقا لَهُ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير، عَنْ هِلال بْن أَبِي ميمونة، ومنهم من يقطعه فيجعله أحاديث، وأصله حديث واحد. ومعاوية بْن الحكم هَذَا معدود فِي أهل المدينة. رَوَى عَنْهُ عَطَاء بْن يسار. وَرَوَى كَثِير بْن مُعَاوِيَة بْن الحكم عن أبيه، قال: كنا مع النبي صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنزى علي بْن الحكم أخي فرسه خندقا، فقصرت الفرس، فدق جدار الخندق ساقه، فأتينا بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمسح ساقه، فما نزل حَتَّى برأ، فَقَالَ مُعَاوِيَة بْن الحكم فِي قصيدة له:
فأنزاها علي فهو [1] يهوي ... هوي الدلو مشرعةً [2] بحبل
فعصب [3] رجله فسما عليها ... سمو الصقر صادف يَوْم ظل
فقال مُحَمَّد صَلَّى عَلَيْهِ ... مليك الناس قولا ير فعل
لعا لك فاستمر بها سويا ... وكانت بعد ذاك أصح رجل
(2434) معاوية بْن حيدة بْن مُعَاوِيَة [بْن حيدة [4]] بْن قشير بْن كَعْب القشيري،
معدود فِي أهل البصرة، غزا خراسان، ومات بها، ومن ولده بهز بْن حكيم الَّذِي كَانَ بالبصرة، وَهُوَ بهز بْن حكيم بْن مُعَاوِيَة بْن حيدة. روى عَنْ معاوية ابن حيدة ابنه حكيم بْن مُعَاوِيَة وحميد الْمُزْنِيّ، والد عَبْد اللَّهِ بْن حميد الْمُزْنِيّ.
وَرَوَى عَنْ بهز بْن حكيم هَذَا جماعة من الأئمة أكبرهم الزُّهْرِيّ فيما يقال- إن صح- إنه رَوَى عَنْهُ، والطبقة التي تروي عَنْ بهز بْن حكيم حَمَّاد بْن زَيْد، والثوري، وحماد بْن سَلَمَة، وعبد الوارث بْن سَعِيد. وقد رَوَى عَنْهُ أصغر من هؤلاء مثل يَزِيد بْن هارون، وبشر بْن المفضل. ويستحيل عندي أن يروى عنه
__________
[1] في ش. فهي تهوى.
[2] في ش: ينزعه برجل.
[3] في ش: فقضت رجله.
[4] ليس في الإصابة وأسد الغابة. وفي التقريب: معاوية بن حيدة بن معاوية بن كعب.(3/1415)
الزُّهْرِيّ. وأما أبوه حكيم بْن مُعَاوِيَة بْن حيدة فقد رَوَى عَنْهُ قوم من الجلة، منهم عَمْرو بْن دينار، وغير بعيد أن يروي الزُّهْرِيّ عَنْ حكيم هَذَا، فأما عَنِ ابنه بهز فما أظنه. وحكيم بْن مُعَاوِيَة روايته كلها عَنْ أَبِيهِ مُعَاوِيَة بْن حيدة.
وسئل يَحْيَى بْن معين عَنْ بهز بْن حكيم عن أبيه عن جده، فقال: إسناد صحيح إذا كَانَ دون بهز ثقة.
(2435) معاوية بْن أَبِي سُفْيَان.
واسم أَبِي سُفْيَان صَخْر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بْن عبد مناف، وأمه هند بِنْت عُتْبَة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، يكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ، كَانَ هُوَ وأبوه وأخوه من مسلمة الْفَتْح. وقد رَوَى عَنْ مُعَاوِيَة أَنَّهُ قَالَ: أسلمت يَوْم القضية [1] ، ولقيت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسلما.
قَالَ أَبُو عُمَر: مُعَاوِيَة وأبوه من المؤلفة قلوبهم، ذكره فِي ذَلِكَ بعضهم، وَهُوَ أحد الذين كتبوا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وولاه عُمَر على الشام عِنْدَ موت أخيه يَزِيد. وَقَالَ صَالِح بْن الوجيه: فِي سنة تسع عشرة كتب عُمَر إِلَى يَزِيد بْن أَبِي سُفْيَان يأمره بغزو قيسارية، فغزاها، وبها بطارقة الروم، فحاصرها أياما، وَكَانَ بها مُعَاوِيَة أخوه، فخلفه عليها، وصار يَزِيد إِلَى دمشق، فأقام مُعَاوِيَة على قيسارية حَتَّى فتحها فِي شوال سنة تسع عشرة.
وتوفي يَزِيد فِي ذي الحجة من ذَلِكَ العام فِي دمشق، واستخلف أخاه مُعَاوِيَة على عمله، فكتب إِلَيْهِ عُمَر بعهده على مَا كَانَ يَزِيد يلي من عمل الشام، ورزقه ألف دينار فِي كل شهر، هكذا قَالَ صَالِح بْن الوجيه، وخالفه الْوَلِيد بْن مُسْلِم.
حَدَّثَنَا خَلَف بْن الْقَاسِم، حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُون، حَدَّثَنَا أَبُو زرعة، حدثنا
__________
[1] يعنى في عمرة القضاء (هامش ى) .(3/1416)
دحيم، حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم- أن فتح بيت المقدس كَانَ سنة ست عشرة صلحا، وأن عُمَر شهد فتحها فِي حين دخوله الشام قَالَ: وفي سنة تسع عشرة كَانَ فتح جلولاء، وأميرها سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص، ثُمَّ كانت قيسارية فِي ذَلِكَ العام، وأميرها مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان. وَذَكَرَ الدُّولابِيُّ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: جَزَعَ عُمَرُ عَلَى يَزِيدَ جَزَعًا شَدِيدًا، وَكَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِوِلايَتِهِ الشَّامَ، فَأَقَامَ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَمَاتَ، فَأَقَرَّهُ عُثْمَانُ عَلَيْهَا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً إِلَى أَنْ مَاتَ، ثُمَّ كَانَتِ الْفِتْنَةُ، فَحَارَبَ مُعَاوِيَةُ عَلِيًّا خَمْسَ سِنِينَ.
قَالَ أَبُو عُمَر: صوابه أربع سنين، وَقَالَ غيره: ورد البريد بموت يَزِيد على عُمَر، وَأَبُو سُفْيَان عنده، فلما قرأ الكتاب بموت يَزِيد قَالَ لأبي سُفْيَان: أحسن الله عزاك فِي يَزِيد ورحمه، ثُمَّ قَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَان: من وليت مكانه يَا أمير المؤمنين؟ قَالَ: أخاه مُعَاوِيَة، قَالَ: وصلتك رحم يَا أمير المؤمنين.
وقال عُمَر إذ دخل الشام، ورأى مُعَاوِيَة: هَذَا كسرى العرب، وَكَانَ قد تلقاه مُعَاوِيَة فِي موكب عظيم، فلما دنا منه قَالَ لَهُ: أنت صاحب الموكب العظيم؟ قَالَ: نعم يَا أمير المؤمنين قَالَ: مع مَا يبلغني من وقوف ذوي الحاجات ببابك! قَالَ: مع مَا يبلغك من ذَلِكَ. قَالَ: ولم تفعل هَذَا؟ قَالَ:
نحن بأرض جواسيس العدو بها كثيرة. فيجب أن نظهر من عز السلطان مَا نرهبهم بِهِ، فإن أمرتني فعلت، وإن نهيتني انتهيت. فَقَالَ عُمَر لمعاوية:
مَا أسألك عَنْ شيء إلا تركتني فِي مثل رواجب الضرس، إن كَانَ مَا قلت حقا إنه لرأي أريب، وإن كَانَ باطلا إنه لخدعة أديب. قَالَ: فمرني يَا أمير المؤمنين.
قَالَ: لا آمرك ولا أنهاك. فَقَالَ عَمْرو: يَا أمير المؤمنين، مَا أحسن مَا صدر(3/1417)